لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-05-10, 07:06 PM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165861
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: هناء الوكيلي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هناء الوكيلي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هناء الوكيلي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رباب فؤاد مشاهدة المشاركة
   السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شفتيني وراكي وراكي من منتدى لمنتدى، ومتابعاكي بقوة
وزي ما قلتلك...احنا حنكتب اللي احنا مقتنعين بيه وبأسلوبنا، وأكيد حنلاقي اللي يعجبوا بشغلنا ويقدروه، والردود في هذا الصرح الكبير تشهد
تمنياتي لك بكل التوفيق
اختك
رباب

أهلا بالغالية روووبي

ومرحبا بك في بيتك الثاني هههه انا هنا بيرحبو فيا أديني برحب بيك

سعدت بقرارك أخيرا وتشجعك لتتسجلي معانا وننتظرك ككاتبة لتنيري صفحات منتدانا الغالي..
شرف لي اليوم أن أقدم لكم الغالية رباب وأنا بصراحة من أشد المعجبين بقلمها حتى قبل أن تنشأ صداقتنا..
وأتمنى أن تضع مولودتها الأولى هنا، حتى يتعرف عليها قراء ليلااااااس

وشكر يعجز عليه اللسان لتسجيلك وردك الرائع..

ننتظرك قريبا بكل شوق

 
 

 

عرض البوم صور هناء الوكيلي   رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 08:16 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165861
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: هناء الوكيلي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هناء الوكيلي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هناء الوكيلي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

اقتباس :-  
السلام عليكم

رجعت من جديد يا هناء وانا محمله بكم هائل من الاسئله هههههه الله يعينك...
القصه كل مالها تحلو اكثر واكثر والغموض هو اساسها...

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اهلا بيك من جديد أسعد دائما بزيارتك،إن شاء الله سنجيب معا على كل
الأسئلة التي تشغلنا جميعا..
الأحلى وجودك غاليتي


اقتباس :-  
أنور وأااااه من انور ما الذي دفعه على التعاطي وشرب الخمر هل هي البيئه التي يعيش فيها صنعت منه انسانا فاسدا ام مثل ما قالته زارا
بسبب الغيره من صلاح وهل سينفذ تهديده ام انه تهديد عابر؟

ربما هي كل تلك الأسباب إنها كافية جدا لتصنع منه أنور..
والتهديد سنعرف قريبا..


اقتباس :-  
خالد الصديق الذي لولاه لعانى صلاح كثيرالكل من يعترضون طريقه ليبرزوا قوتهم وعضلاتهم عليه والشرط الذي اشترطه صلاح لخالدهو بان يضمه الى عصابته لكي لايتعرض لتهديد المتسكعين له وان يجعله تحت حمايته ام هو شي اخر يبعد عن تخميني؟

ربما يكون تخمينك صحيحا وربما يكون هو شيء بعيد عنه وربما يكون بينهما..
سنعرف بالتأكيد


اقتباس :-  
الوظيفه التي يعمل فيها صلاح هل ستكون بوابته الى السجن وما دور السيد ماركو في حياة صلاح؟من سيكشف سر الصناديق هل هو صلاح او كريم ام انه خالد؟

عمله سيجلب له الكثير من المتعب لكن من أي ناحية لازلنا لا نعلم ذلك..
وهل سيتحسن مستواه يوما ما؟؟ ام انه سيظل مجرد عامل هناك
أما ماركو فسنعرف ذلك في الأجزاء القادمة
شأنه شأن من سيعرف مافي داخل الصندوق


اقتباس :-  
طريقة تأمل صلاح لجثة الفتاه ومقارنتها بجثه ابو سكه بنفس الاعراض تحليل ذكي جدا ولو ربط سر وصول الجثتتين الى المستشفى تقريبا في نفس الفترات الزمنيه

كانا في يوم واحد وصلاح يعرف عنه بسرعة البديهة، والذكاء
لكن ليس هناك من سيثبت نزريته سوااااه بكر..
في القادم سنعرفه من هو وأي دور يلعبه في حياة عفاف..؟؟



اقتباس :-  
سمرا انتحالها لشخصية عفاف الى اين ستؤدي بها وما الذى ينتظرها مع بكر هل ستقابله وتكشف لنا بعض من الغموض الذي يلف بالقصه

ما أعرفه عن سمرا هو ان حياتها ستتغير قريبا

اقتباس :-  
هناء العواءات حملت الكثير من الغموض والتشويق ننتظر عنصر الاكشن في الاجزاء القادمه>>> وحده تحب الاكشن هع

بوركتي يا رائعه ننتظر يوم الاثنين بكل تشويق



هناك المزيد من الغموض لا يزال يكتنف قصتنا اما عن الاكشن فلا تقلقي فلا حياة ذئب خالية من الأكشن..

لكن فقط كوني صبورة

الغالية لقد أسعدت بردك وودت لو ان اجيبك عن كل الأسئلة

لكن الذئب يرفض تسريب المعلووومات/ واحدة عايشة في الدور

تحياتي لطيبة قلبك

 
 

 

عرض البوم صور هناء الوكيلي   رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 10:31 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165861
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: هناء الوكيلي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هناء الوكيلي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هناء الوكيلي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نظرا لأني لا اعلم إن كنت سأكون

متفرغة غدا بحول الله بسبب عملي ولأني لاأريد

التأخر على قرائي الاعزاء سأنزل البارت الليلة

وهناك مفأجآة أخرى وهي بارت أخر جديد ليصبح بارتين

لهذا الأسبوع

أتمنى لكم قراءة ممتعة

سأعود بعد قليل بإذن الله..
فانتظروني

 
 

 

عرض البوم صور هناء الوكيلي   رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 10:32 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165861
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: هناء الوكيلي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هناء الوكيلي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هناء الوكيلي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

العواء الثالث


-حسنا الآن هل اذهب للنوم؟؟

ابتسم صلاح بخبث لأخته وهو يقول:

-اذهبي وحسابي معك في الآخر

ارتبكت وهي تتساءل:

-لم؟؟ يا صلاح ماذا فعلت؟؟

ضحك وهو يسألها:

-من أين تعلمت كل هذا، ها اخبرني

وبدا يفتش ملابسها بينما هي كانت تضحك فقد شعرت

بدغدغة وهي تترنح وتقول:

-كفى يا صلاح..عم تبحث؟

-أين تخبئينه اعترفي

لم تستطع أن تهدأ من موجة الضحك التي اعترتها وأخوها يفتش عن شيء لم تعرفه إلا

حينما قال بعدما فشل في إيجاده:

-اعترفي أين تخفين هاتفك

علت ضحكاتها أكثر وهي تجيب:

-لا لقد جننت

-أنا جننت؟؟ أم أنت التي فاجأتني بكل هذا من أين تعلمت ذلك "وأضاف بخبث"هل تكلمين

أحدا ما؟؟

شعرت بحمرة الخجل تطفو على وجهها وهي تقول مدعية غضبها:

-حسنا يا صلاح أنا الملامة لأني وافقت على مساعدتك أنت وهذا الأحمق

قطب خالد حاجبيه ليقول:

-وماذا فعلت لك يا سليطة اللسان؟ ألا تحترمين الضيوف؟

ضحكت بسخرية وهي تلوح لهما قائلة:

-سأذهب لأنام و لا تتكلا علي غدا بحول الله إنها آخر مساعدة لكما مني..

وتركتهما يفكران فيما سيفعلانه..

-ألم أقل لك أن الفتاة كانت تتعاطى للمخدر؟؟

ضاقت عيون صلاح وهو يفكر في أمر ما قائلا:

-لا اعتقد ذلك يا خالد لقد سمعت كلام المدعو بكر، والذي كما يبدو أنها كانت غاضبة منه

لتعاطيه للمخدرات.."صمت طويلا ثم قال"لدي إحساس أن موت الفتاة له علاقة بموت

" أبو سكة ".

نظر خالد لساعته وهو يقترح:

-إنها الثالثة صباحا، سأنزل للمقهى قليلا، واعرف إن كان هناك من جديد في القضية..

ونلتقي في الدفن..

-حسنا تصبح على خير

ابتسم له خالد وهو يخرج..

أما صلاح فلم يستطع النوم، أبدا فقد كانت صورة الفتاة وهي تتخبط فوق اللوح، تمنعه من


ذلك، ماذا لو كان لها أهل يبحثون عنها الآن؟؟ لكن لم يتصل أحد بها عدا بكر هذا؟؟ هل حقا

تتعاطى للمخدر؟؟

كل هذه الأسئلة كانت تضج في عقله، وتمنعه من الإسترخاء..لذلك نهض من مكانه متجها

نحو غرفة أخته، فتح الباب بهدوء..

بدت له ملامحها الهادئة بفضل ضوء القمر الذي يسطع من نافذتها الصغيرة، لقد كان هو

المنظر الوحيد الذي يجعل من الغرفة جميلة، والتي للأسف كانت تطل على أرض خربة يتوافد

إليها كل المتسكعين ليلا وكذا اللصوص للإختباء من الشرطة بين خرد السيارات وصناديق

البنزين الكثيرة والفارغة التي يحتاجها عادة أولاد الحي في فترة عيد الأضحى لتشتعل

نيرانها ويشوى عليها رؤوس الأكباش، والتي يتقاضى الشاب على كل رأس عشرة

دراهم.

سحب بخفة الهاتف النقال من تحت رأسها، وخرج من الغرفة على رؤوس أصابعه..

بعدها مر على غرفة والدته التي كانت تئن وهي نائمة، وقبل جبينها ليتمنى لها الشفاء

العاجل، أما غرفة أنور فهي مغلقة بالمفتاح كعادته لم يبت ليلته هنا، دخل لغرفة

الجلوس ورمى نفسه على أريكة جلدها أسود، مريحا قدميه على طاولة صغيرة أمامه

توجه لقائمة المتصلين واستغرب، حيث لم يكن هناك إلا ثلاث أشخاص "بكر" و

"جميلة"و"نوفل"لم تمنحه تلك القائمة أي معلومة عنها اللهم إلا أنه لا يوجد لها

أشخاص كثيرين في حياتها، فضغط على الرسائل بصندوق الوارد، كانت سبع رسائل فقط

هي الأخرى..

قرأ الرسالة الأولى وكانت من جميلة والتي تقول جوابا على رسالة عفاف:

-اسمعيني جيدا كم مرة علي أن أخبرك أنه لم يتناول شيئا، لقد أقسم نوفل على ذلك عدة

مرات لي، عفاف انتبهي جيدا لتصرفاتك..

استغرب ماذا تقصد بانتبهي جيدا لتصرفاتك؟؟

انتقل للرسائل في صندوق الصادرات وهكذا سيقرأ أولا ما كتبته عفاف، ويقرأ الرد

حتى يتسنى له معرفة إحدى خيوط هذه القضية..

نظر أولا للساعة إنها الرابعة والنصف ولم يغمض له جفن أبدا..

-جميلة كيف حالك؟؟ اسمعيني لقد تشاجرت مع بكر، ليلة أمس وأقسم هذه المرة لن أعود

إليه ولو اضطررت لقتلت نفسي حتى امنعها من العودة إليه..آه لقد آلمني الأمر

كثيرا، اكتشفت أنه لم يكتفي بشرب الخمر، بل زاد عليه الكوك..

-كيف عرفت ذلك؟؟ هل أنت متأكدة أم ربما هي إشاعة؟؟

-أنا متأكدة جدا، لقد وقع أمس في المباراة مغشيا عليه وحينما حمل للتطبيب وجودوا أنه

تحت تأثير جرعة زائدة من المخدر ولولا أن تم إنقاذه لكان قد مات وحينما واجهته بالأمر

نفى ذلك وأقسم انه لا يعرف كيف وصل المخدر لدمه؟؟أرجوك اسألي نوفل عن الموضوع


-حسنا لقد أرسلت رسالة لنوفل ولم يرد علي للآن، اسمعي حبيبتي أعتقد أنه صادق رغم

أن الأمر غريب لكن أنت تعرفين طبيعة بكر لا يمكنه أن يكذب عليك..

لم تجبها عفاف فقرأ رسالة جميلة إليها والتي كانت تقول فيها:

-صباح الخير، كيف حالك؟؟ لقد أرسل لي نوفل رسالة وقد أقسم هو أيضا أن بكر صادق

ولم يكذب عليك والأمر كما شرحه لك أجيبيني أرجوك..

لم تحصل على رد أيضا منها فكتبت ثلاث رسائل تحثها كلها على الإجابة قائلة:

-أرجوك عفاف لا تقلقيني عليك أجيبيني..

هذه المرة كتبت عفاف تقول:

-لقد أخذت قراري ولن أرجع عنه وداعا يا جميلة..

ردت عليها جميلة بتلك الرسالة التي كان قد قرأها في البداية، وعاد يقرأها مرة أخرى:

- اسمعيني جيدا كم مرة علي أن أخبرك أنه لم يتناول شيئا، لقد أقسم نوفل على ذلك عدة

مرات لي، عفاف انتبهي جيدا لتصرفاتك..

لم تزده تلك الرسائل إلا حيرة على أخرى، هل انتحرت؟؟

لم يشعر بنفسه إلا وسمرا توقظه في السادسة صباحا بلطف كعادتها:

-أخي انهض ستتأخر

تثاءب وهو يمدد عنقه، وذراعيه التي تقلصت عضلاتها، ثم قال بصوت متقطع:

-صباح الخير

ابتسمت له وهي ترتب المكان من حوله:

-صباح النور

-هل جهزت الغذاء يا سمرا؟؟

-اجل إنه في المطبخ،لقد حضرت لصديقك فقط

-شكرا لك فأنا سأطلب الإذن اليوم..

-حسنا لكن اسمع عليك أن تحضر معك بعضا من التوابل لقد انتهت، وقد وضعت

الورقة لك في سلة الأكل..

أجابها بتأفف:

-أصبحنا ولله الحمد

ضحكت وقد فهمت المعنى الذي يرمي إليه..

غسل وجهه ولم يهتم لتغيير ملابسه التي نام بها، واخذ بعضا من الخبز الحاف وكوب من

الشاي الساخن وبعدما فطر حمل سلة الأكل وودع أخته ووالدته التي كانت قد صحت

لتوها..وخرج.

نزل إلى الحي، يبدو أن أحدا لم ينم ليلته، فموت أبو سكة أثار تخوف الجميع، وبدأت

الإشاعات في التكاثر كالطفيليات في جسم الحيوان الميت..

وأصبح كل متفلسف يتفلسف حسب مزاجه، كانت قد جهزت الكراسي المخصصة للجنائز

ونصبت الخيمة الكبيرة وفرشت الزرابي، ورصت الموائد ووضعت عليها، صحون صغيرة

من الزيتون الأسود المملح، وقطع الزبدة، والعسل والخبز وصواني القهوة وكان كل من

يمر، للتعزية يدخل للخيمة لتناول الفطور..إنها عادات كل الناس هنا..في الجنائز لا ترفع

أبدا صحون الزيتون والعسل والزبدة من فوق الموائد طوال اليوم..والتي يتم تجهيزها من

قبل الجيران، هنا في الأحياء الفقيرة، والذين يتضامنون في السراء والضراء.

كان خالد واقفا كعادته طوله الفاره، وجسمه القوي يجعله مميزا أمام الجميع، اتجه نحوه

صلاح ليهمس في أذنه قائلا:

-هل دفن؟؟

-لا لا تزال الجثة في المستشفى بالعاصمة وبعد الظهر سنأخذها إلى الصويرة مدينته

الأصلية..

هز رأسه متفهما ثم سأله:

-من اهتم بالجنازة؟؟

التفت إليه خالد وقد كانت دموعه متحجرة في عيونه:

-رجال الذئب لا يتكفل بهم إلا الذئب يا صاحبي..

عانقه صلاح بقوة وبصمت..

تقدمت عائشة نحوهما، وهي ترتدي جلبابها وتحجب شعرها بطرحة لتتساءل في خفوت:

-ألم يذهب أحد من الرجال للسوق؟؟

تنهد خالد وهو يجيب:

-لقد ذهب ابن الحاج أحمد وأيضا مصطفى "ونظر لساعته وتابع يقول"لا تقلقي سيعودون

بعد قليل..

ابتسمت في خفوت وهي تقول:

-حسنا أخبرهم أن يجلبوا الخضر إلى بيت فاطمة العرجاء..

-حسنا..

بعدما ذهبت التفت صلاح قائلا :

-اسمع سأذهب بالغذاء لصديقي كريم فأنت تعلم ليس هناك من يعتني به، وسأطلب من

رئيس العمل إجازة ليومين..

استغرب خالد وهو يقول:

-ستجلس يومين؟؟

ربت على كتفه وهو يقول:

-أجل يا صديقي وربما أكثر..

توجه إلى عمله مشيا ذلك الصباح، كعادته طبعا، لكن الآن الساعة السابعة مما يعني أنه

سيصل في الثامنة إلا ربع كأقل تقدير..

ابتسم لذلك الرجل الذي يدعي انه أعمى ويتجول في الطرقات يتسول ويستعطف قلوب

الموظفين والتجار وحتى الطلبة، والذين على رأيه لا يتكرمون عليه بالدراهم إلا في أوقات

الامتحانات، رد الرجل ابتسامته وهو يلقي عليه التحية قائلا:

-كيف حال المهندس؟؟

-بخير..وأنت أيها الأعمى؟

أبان عن أسنانه المسوسة وهو يجيب:

-الحمد لله على كل حال

ضحك منه وتابع سيره، غريبة هي الحياة، مثلا هذا الرجل الذي سمعتموني أتحدث إليه،

إنه من أبناء حيي كان في الجيش قبل أن يتقاعد قضى هناك أزيد من خمسة وعشرون سنة

وأثناء الخدمة العسكرية كان يتقاضى حوالي ألفين وخمس مائة درهم أي بما يعادل مائتي

وخمسين أورو، متزوج وله سبع أبناء أكبرهم الآن يبلغ الثلاثين من عمره وهو ياسين

هاجر لاسبانيا منذ أزيد من خمس سنوات ولم نسمع عنه شيئا..وبعدما انتهت مدة خدمته

وأحيل على المعاش، تركت له الدولة مبلغا يقدر بنصف راتبه الذي كان يتقاضاه..

ومرض السكري الذي أصابه، وأربع بنات لم يبلغن سن الزواج بعد، أما الذكور فالكبير

بعدما تغير الوضع وأصبح والده متقاعدا، ولم يعد الراتب الضئيل يسد حاجياتهم ارتأى أن

يهاجر للديار الاسبانية واعدا أباه أنه سيعود يوما ما..

أما الابن معاد والذي يصغر ياسين بعام واحد فقد اشتغل مؤخرا نشالا في الحافلات،

واختص في محافظ الموظفين والعمال بالمصانع و لا يبدأ عمله إلا في فترات الأجور أي

منذ اليوم السادس والعشرون من كل شهر فرنسي حتى اليوم الخامس أو السادس من

الشهر الذي يليه..وهو مكلف بأربع خطوط في العاصمة والتي لا يمكنه تغييرها أبدا..

نظرا لأن كل الخطوط تكون مشغولة، ولها ناسها وتفاديا للمشاكل فهم يحاولون أن يعملوا

في نظام محدد وقانون مسير الغريبة أنهم يحترمون ذلك القانون وبشكل كبير ربما لعلمهم

أنهم إن لم يحافظوا عليه فسيحكمون على نفسهم بالموت، لست أدري من يسن ذلك

القانون لكنه على الأقل يفرض احترامه من قبل الجميع..

أما الابن الثالث فلم يكن مهتما بشيء اللهم سوى جلسات القيتارة مع أصحابه بجانب البحر

وسراويل الجنز المقطعة والتي تهبط دائما على مؤخرته شأنه شأن بعض الشباب التافهين

الذين لم يفلحوا في دراستهم أبدا، ليلفوا سجائر الحشيش، وتناول المعجون "وهو مزيج

من بذور الكيف واللوز وزيت الزيتون والعسل "يتناوله المراهقون عادة ليجعلهم ينسون

في نظرهم تلك المشاكل المحيطة بهم، وهو يعتبر أقل من الحشيش حتى أن بعض البنات

هن أيضا يأكلنه..ويضيفون إليه كؤوس الشاي، حتى يصلن لقمة النشوة..

ألقى عليه الحارس تحيته الصباحية وكذلك فعل صلاح، ليدخل وتوجه أولا إلى صديقه الذي

كان يعمل كعادته:

-صباح الخير يا كريم

كريم بلهفة:

-حمدا لله على سلامتك أقلقتني عليك

ابتسم له صديقه وهو يهدئ خوفه:

-أنا الحمد لله يا أخي لكن لقد توفى ابن الجيران وأنت تعلم علي أن أكون حاضرا معهم

-عظم الله أجركم جميعا، " وربت على كتفه وهو يتابع"عليك أن تأخذ الإذن من المسئول

-نحن و إياكم، اسمع خذ سلة الأكل لقد جهزتها لك سمرا وستجد بعض البرتقال تناوله

أيضا..

فتش محتويات السلة في فضول وهو يقول:

-بلغها سلامي ودعائي لها بتيسير كل صعب لها، "وتابع بمرح"أما البرتقال يا صاحبي

خذه وكله فأنا لا أحبه..

غمزه صلاح وهو يتابع سيره نحو إدارة المعمل حيث يتواجد والد ليلى:

-أنت أيضا مثلي لذلك نحن ناقصان فيتامينات

ضحك كريم وهو يقول:
.
-أو ربما ذلك هو سبب قوتنا ..اسمع سأوزعه على الرفاق

هز صلاح رأسه وهو يقول:

-فلتفعل به ما تشاء..

تأمل ذلك المكتب الصغير الذي بالمخزن، حيث يضع صلاح ورفاقه الصناديق كل في

جهته الخاصة، حتى يعلم المسئول من وضع تلك المجموعة من الصناديق، احتمالا لأي

تكسير أو إتلاف لتك المواد التي بداخله..فإن حصل لا قدر الله شيئا سيخصم من راتبه لكن

الحمد لله لحد الساعة لم تسجل لأي أحد فيهم أي شكاية في الموضوع،

رغم تلك القوة التي يضعون بها تلك الصناديق الخشبية القوية، والتي خشبها وحدها يزن

نصف وزن الصندوق.

أوقفه الحارس هناك بنبرة ساخطة:

-هيه أنت عد لعملك

رمقه صلاح بنظرة غاضبة وهو يقول:

-اسمي صلاح وأريد مقابلة السيد البشير

ضحك وهو ينفث سيجارته "العذراء"لفظ يطلق على السجائر الخالية من الحشيش

-اسمع السيد البشير في المخزن تحت، مع السيد ماركو لذلك فهو لن يستطيع التحدث إليك

عد في وقت لا حق أيها الفتى..

دفعه صلاح بقوة وهو يقول بنبرة محذرا إياه:

-اسمع لا تتحدث معي بهذه الطريقة وإلا قطعت لسانك أيها الغبي

دفعه الحارس مرة أخرى في حين بدأت كلابه تزمجر وتحاول التخلص من بين تلك

السلاسل القوية التي أحكم الحارس لفها جيدا على يديه وهو يأمرها بالصمت، لكنها لم

تمتثل لأوامره وإن خفت حركتها لكن صوتها لا زال يصطك بأسنانها..ونظراتها غاضبة

تتجه نحو صلاح الذي لم تعد تشعره مثل تلك النظرات بالخوف منذ زمن طويل..

في هذه الأثناء خرج السيد البشير وهو يتحدث إلى رجل ضخم البنية، وأصلع الرأس

فكر صلاح أن شكله لا يوحي برئيس المصنع، هو لم يسبق له وأن رأى السيد ماركو هذا

لكنه خيل إليه الآن وهو يراه يتحدث مع السيد البشير وكأنه احد رجال العصابات في الأفلام

العربية القديمة، واليد اليمنى لرئيس العصابة..

إنها الصورة الأقرب لهذا الضخم والذي بالكاد يستطيع المشي، لم يشعر صلاح بنفسه وهو

يراقبهما إلا حينما رمقه الضخم بنظرات حانقة خيل لصلاح انه سيقضي عليه فو انتهائه

من حديثه مع والد ليلى..

أخيرا ابتسم ببطء وهو يصافح العجوز، الذي يبدو أنه كان يطمئنه على العمل هنا

ليلتفت بجسمه كله، وتوجه نحو سيارة كانت على يمين المخزن، لم ينتبه لها صلاح إلا

الآن وهذا الكم من اللحم يركبها..

حينما توارت السيارة عن الأنظار، أشار البشير لصلاح بيده أن اتبعني ففعل ذلك..

تسلمت النسوة صناديق الخضر التي اشتراها خالد، من ماله لجنازة احد رجاله الأقوياء

فعدت عائشة بعينيها الصناديق وهي تضع يديها على خاصرتها:

-صندوق الجزر، وآخر للفت ، الكرمب، القرع الأحمر، والقرع الأخضر، البصل.... ثم

سألت الشاب الذي كان يقف بجانبها وهو يضع كيسا كبيرا أمام قديمها ويمسح العرق الذي

تصبب على جبهته:

-ما شاء الله إن هذا كثير..

لم يجبها فقد كان يشرب الماء ويروي عطشه، فتابعت تسأله وهي تفتح ذلك الكيس:

-كم هنا يا مصطفى من اللحم؟

-لقد جلبنا سبعين كيلو من اللحم لهذا اليوم وغدا إن شاء الله سنجلب كمية أخرى

رفع سبابته محذرا إياها بما أنها التي ستتكلف بإعداد الطعام هي و فاطمة:

-اسمعي لقد أوصى الذئب ألا ينام بيت في الحي بدون أكل اليوم ولا المساجد أيضا..

هزت يديها وشمرت على ساعديها وهي تقول:

-اخبره أني سأتكفل بتوزيع صحون الكسكس على البيوت بنفسي..لكن على بعض أولاد

الحي أن يأتوا لمساعدتي بعد صلاة العشاء..

-حسنا يا خالة وقبل أن يخرج اعلمها أن كل ما تحتاجه من التوابل وأيضا فرن الأكل

وأكياس الكسكس ستكون في حوزتها بعد أقل من ربع ساعة..

حولت بصرها للنسوة اللواتي كن يساعدنها وكذلك ليلى وسمرا اللتان سيتكفلان بغسل

الأواني وتحضير موائد الأكل،وصواني القهوة كلما فرغت الأباريق منها ..ليضعها الشبان

في الخيمة..

همست ليلى وهي تأخذ أحد الكؤوس من يد صديقتها لتمسحها بينما انهمكت باقي النسوة

في تقطيع الخضر وتجهيز طعام العشاء..

-وصلاح ألن يأتي؟؟

هزت كتفيها وهي تقول:

-لست أدري لكنه أخبرني أن أجهز طعام الأكل لصديقه فقط، اعتقد أنه سيظهر بعد..

وقبل أن تنهي جملتها سمعت صوته يتحدث إلى خالد وهما يتقدمان إلى ساحة المنزل

الواسع والتي فرغت من كل شيء لكي يتم تجهيز طعام العشاء فيها..

هز صلاح بصره إلى ليلى التي كانت تعطيه بظهرها، لكنه شعر بارتباكها، ثم قال :

-صباح الخير جميعا

أخيرا التفت إليه وردت مع الجميع:

-صباح النور

وحول بصره للخالة عائشة وهو يقول:

-خالتي هل تحتاجون لشيء آخر؟

ربتت على كتفهما معا وهي تقول:

-بارك الله فيكما نحن لا نحتاج لشيء..

أضاف خالد بصوت حازم:

-اسمعي لا تترددي أبدا في طلب المال، أو أي شيء ومد يده إلى جيبه ليخرج بعضا من

المال لم يستطع صلاح معرفة كم بالضبط لكنها سعدت به وهي تقول:

-لا تقلق سيكون كل شيء على أكمل وجه..

أشار صلاح لأخته، فتبعته وهي ترفع حواجبها لليلى التي ابتسمت لها:

لف يده حول عنقها وتوجه بها إلى جانب الباب الرئيسي وهو يقول:

-سمرا ماذا لدينا في خزين الكوارث المفاجئة؟

قطبت حواجبها لتقول:

-لا يوجد إلا خمس مائة درهم"ورفعت سبابتها وهي تقول"ولا تقل لي أنك ستصرفهم

هز حواجبه وكتفيه وهو يقول:

-لقد حان وقت استعمالهم

أحنت رأسها في تخاذل وهي تقول:

-حسنا سأجلبها لك

وأقرنت القول بالفعل لكنه أوقفها قائلا:

-انتظري لن احتاج منها الآن إلا مائة درهم،والباقي "رفع سبابته هو أيضا يحذرها قائلا"

-أرجوك تقشفي عليه..

-حسنا ..سأذهب لأجلب لك المائة درهم..

حينها خرج خالد وهو يضرب كتف صديقه ليذهبا، وأثناء مشيهما التقيا بسمرا أمام بيتهما

وهي تحمل الهاتف الذي يرن قالت برعب:

-إنه بكر..ماذا اخبره؟؟

أمسك كتفها ليثبتها وهو يقول:

-اسمعي أخبريه أن تلتقيا الآن بمقهى الفن السابع

وكذلك فعلت وبعدما أنهت المكالمة قالت بحماس:

-علي أن أغير ملابسي

سال ببلاهة:

-ولم؟؟

قالت بتشكك:

-ألن نذهب إلى بكر؟

ضحك في استخفاف شأنه شأن خالد واخذ منها الهاتف والمائة درهم وهو يقول:

-اذهبي لمساعدة النسوة في عملهن ولا تخبري أيا كان عن القضية

قطبت حاجبيها وهي تقول:

-من تقصد؟؟

أجاب خالد:

-أي شخص "وتابع في سخرية"حتى السنيورة هذا إن لم تكوني يا صاحبة اللسان الطويل

قد أخبرتها بالفعل..

ضربه صلاح على رقبته وهو يقول:

-كم مرة علي أن أخبرك ألا تتحدث عن أختي؟

استنكر خالد وهو يقول:

-لقد قلت السنيورة فقط والآن أضفت أختك ؟؟ ثم ماذا قلت أنا لكل هذا؟؟

هز صلاح رأسه وهو يقول:

-هيا لنذهب فأمامنا نهار طويل.."وضربه ضربة أخرى وهو يقول"ستكون السنيورة هي

سبب فراقنا يا خالد..

عدل ملابسه وهو يقول:

-حسنا أيها المهندس لكنك لم تخبرني ماذا سنفعل؟؟

تأمل الهاتف الصغير ثم قال سنلتقي ببكر.

تابع كريم عمله ذلك الصباح وقد ساعده في نقل الصناديق زميل له من المجموعة الثانية

لكنه لم يشاركه الحديث إلا نادرا، كانت الساعة الحادية عشر صباحا، حينما دخل بصندوق

آخر إلى المخزن، وقد كان وحده، التفت بسرعة نحو الحارس الذي كان بالمطبخ الصغير

الذي تتوسطه نافذة كبيرة يستطيع أن يرى من خلالها المخزن كله حتى لو كان في المطبخ،

لكنه بدا منشغلا بتحضير الشاي، تنفس بعمق وهو يراقب ذلك الصندوق الموضوع مند

أسبوع هناك وكلما سنحت له الفرصة، يحاول أن يوسع الثقب الذي كان قد صنعه أول مرة

نظر مرة أخرى نظرة جانبية إلى الحارس الذي كان يضع البراد فوق النار وهو يغني، ويبدو

أنه لم ينتبه لكريم فسحب مسمارا كبيرا، وادعى أنه يعدل الصناديق ووضعه بين خشبة

وأخرى، ثم رفع المسمار بقوة لينقلع طرف آخر من الخشب، ثم خبأ الصندوق جيدا،وفي

المساء سيستطيع أن يعرف ما في الصندوق..

اقترب حل اللغز، الذي شغل فكره منذ وقت طويل

-هيه أنت أرى أنك أصبحت تتلكأ في عملك مؤخرا

حك رأسه وهو يجيب:

-لا لقد تعبت قليلا

قال بصوت حازم وإن كان يبدو ساخرا:

-إن تعبت يا فتاة فيمكنك الذهاب لمنزلك

بلع تلك الاهانة وهو يدعي مرحه قائلا:

-لا على كثرة الخطاب العمل أحسن

تمتم بضيق:

-جيد إذن فلتتابع عملك وإلا أخبرت السيد البشير ولن يعجبه الأمر أبدا..

*****************

-ألو بكر كيف حالك؟؟

أجاب بكر في اقتضاب:

-لست بخير يا نوفل لا زلت اشعر بتوعك

بدا صوت نوفل قلقا وهو يتساءل:

-بكر هل كنت تقول الحقيقة؟؟

تأفف من كثرة ما طرح عليه هذا السؤال من الجميع:

- لا يا نوفل لا تبدأ سأقابل عفاف بعد قليل وأنت تعلم لن تسامحني أبدا قبل أن تسمعني

محاضرتها الطويلة..

ضحك صديقه وهو يقول:

-أعانك الله

هز بكر رأسه وحينما بدت له والدته تقف عند باب غرفته استأذن من صديقه وأقفل الخط

قال بنبرة متأففة:

-ماذا هناك يا أمي؟؟

أحكمت قبضتها على دفة الباب وبدت متوترة وهي تقول:

-اسمع يا بكر مند مدة لم أعد أتدخل في حياتك، لكن صدقني إن علمت أنك تضحك على

عفاف فأقسم أني سأرميك خارجا

نهض وقد بدا عليه القلق وهو يقول بصوت هادئ:

-لم تقولين ذلك يا أمي؟؟

مسحت إحدى دمعاتها التي فرت من عينيها وهي تقول:

-لقد سمعت أنك تركت عفاف وتشاجرت معها ليلة المباراة

ضرب يدا في الهواء وهو يخرج من بين أسنانه سبة،

-تبا لهم كم يعشقون إثارة الإشاعات الزائفة، اسمعي أنا وعفاف تناقشنا لا أنكر ذلك، لكن

لم يصل الأمر لنترك بعض ثم لا تقلقي الزواج لا يزال قائما "وتابع بمرح"وانظري إلي في

نظرك لم كل هذه الأناقة إن لم تكن لعفاف؟

ابتسمت له والدته وهي تقول:

-ما شاء الله عليك يا بني "وربتت على وجهه قائلة"الفتاة يا ابني يتيمة وليس لها في

الدنيا سوانا بعد الله عز وجل..فلا تنهرها يا بني

-أمي إن قلت لك أني أحب عفاف فسأكون كاذبا

قطبت حاجبيها في قلق في حين ابتسم وهو يتجاوزها قائلا:

-إني أعشقها يا والدتي

كان قلبها سيقع..

كم أن هذا الولد شقي يوما ما سيسبب لها جلطة..

أوصى خالد بقية رجاله بالاهتمام جيدا بالناس، وأيضا مراقبة المكان..

بعدها ركبا سيار واتجها إلى العاصمة، نحو المقهى الذي اتفقت سمرا عليه مع بكر

-والآن اخبرني ماذا سنفعل يا صاحبي؟؟

أجابه باستفهام آخر:

-لم شعرت أن أبو سكة قتل؟؟

ضاقت عيون خالد وهو يقول:

-لأني أعرفه جيدا قضى عمره كله مع المخدرات، والحشيش، والكيف لن يتوه عن الكمية

التي سيحتاجها أبدا..

-لكن لم تسأل يا صديقي؟

تنهد بعنف حتى يسمح للهواء بالخروج ساخنا من رئتيه، وهو يراقب المارة، من حوله

حرارة الصيف تزيد من توتر الجميع، وبائعو الماء يرتزقون في مثل هذا الفصل جيدا، فهم

يعترضون طريقك بلباسهم الخاص وقبعاتهم المزركشة والتي تتدلى منها أهداب بشتى

الألوان، يحملون حول جنبهم قربة من جلد الماعز وهي التي تحافظ على برودة الماء،

تتدلى من فمها سقاية بلون الذهب يتحكم في إغلاقها وفتحها، ليتعلق حول خاصرتهم حزام

يتدلى منه مجموعة من الكؤوس ، المصبوغة بالقطران، يتواجدون بكثرة في المدن

القديمة بالمملكة..

أخيرا بعدما انتهى من جولته البصرية كعادته، يشرد في كل شيء أجاب:

-لا شيء لكن علي أن أتأكد إن كانت عفاف هي أيضا تتعاطى للمخدر أولا..

أشار خالد نحو المقهى وهو يقول:

-هيا لقد وصلنا..

كانت المقهى شبه فارغة، في ركن منها يجلس شابان يحمل أحدهما حاسوبا نقالا بينما

الآخر كان يضع أمامه مجموعة من الأوراق وقد بدا كل منهما منهمكا في عمله..

بينما في الطاولة التي كانت يمين الباب، جلس شاب لوحده وهو يتطلع لساعته في ضيق

وأمامهما شاب أخر يطقطق بأصابعه فوق الطاولة،

تملكتهما الحيرة، خصوصا بعدما دخل شاب آخر للمقهى وجلس في ركن آخر لوحده، تمتم

صلاح بضيق:

-يبدو أن هذه المقهى لا يحضرها إلا الشباب

كتم خالد ضحكته وهو يتساءل:

-كيف سنعرف المدعو بكر هذا؟؟

هز صلاح كتفيه دلالة جهله وهو يقول:

-لست أدري يا خالد، دعني أفكر

لكن خالد لم يترك له مجالا للتفكير بل صاح بصوته الغليظ:

-بكر..من اسمه هنا بكر؟؟

التفت إليه الجميع، بعدما أثارهم صوته، ثم تبادلوا نظرات فيما بينهم ليتابع كل عمله

تبادلا خالد وصلاح نظرات غريبة، قبل أن يقطع النادل صمتهما قائلا:

-هاهو بكر الذي تبحثون عنه

وأشار لشاب وسيم جدا كان يدخل للمقهى لتوه..

توقف مباشرة أمامهما ليقول بنبرة محترمة جدا:

-كيف أساعدكما؟؟

ربت خالد على كتفيه وهو يقول:

-علينا أن نتحدث قليلا معك..

"وأشار له لمكان بعيد عن البقية وهو يقول"هيا معنا أرجوك..

كانت الحيرة تتملك بكر لكنه تبعهما بصمت...























































 
 

 

عرض البوم صور هناء الوكيلي   رد مع اقتباس
قديم 23-05-10, 10:34 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 165861
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: هناء الوكيلي عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 25

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
هناء الوكيلي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : هناء الوكيلي المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

العواء الرابع

-لكن أرجو أن تسرعا فلدي موعد هام

رمقه خالد بنظرات مسلية، قبل أن يزيح كرسيا ويرمي جسده عليه في خمول، أما صلاح

فقد قال بنبرة هادئة وهو يحثه على الجلوس:

-أرجوك تفضل لقد قدمنا من أجل هذا الموضوع

تساءل في قلق:

-هل عفاف بخير؟؟

تسمرت نظراتهما ببعض، أحال بين حديثهما النادل الذي تقدم إليهما وهو يقول:

-ماذا تشربون يا سادة؟؟

رفع صلاح رأسه نحو بكر وهو يسأله:

-ماذا تشرب؟؟

نظر إليه بضيق ثم قال:

-قهوة بدون سكر

ابتسم له صلاح وهو يحول بصره للنادل ويقول:

-ثلاث فناجين من القهوة بدون سكر..

وقبل أن يذهب صرح خالد

-أرجوك اجلبها لي في كأس شاي

استغرب النادل لكنه لم يعلق..

مسح بكر على جبهته وقد ظهر على ملامحه الضيق وهو يعيد السؤال:

-اخبرني كيف هي عفاف لم لم تأتي؟؟ ومن أنتما؟؟

وجد صلاح صعوبة في الحديث مع بكر ذلك الشاب الطويل والتي توحي ملامحه بالبراءة

والطيبة، يبدو أنيقا جدا مما يدل على انه غني، شعره مرتب ورائحة عطره تسبقه، عكس

الفوضى التي تعم ملابسهما هو وخالد..

جلب لهم النادل طلبهم، وبعد ذهابه قال صلاح بنبرة جدية، وصريحة:

-لقد توفيت عفاف..

جحظ بكر بعينيه وفتح فمه ليطبقه مرة أخرى، ثم نهض من مكانه، وعاد يجلس..

راقبه كل من صلاح وخالد الذي عقد ساعديه أمام صدره وهو يقول:

-هون عليك يا أخي إنها إرادة الله

بدأ يلوح بيديه في عجز، ويقول كلمات غير مسموعة، أو غير مفهومة..من شدة الصدمة

أخيرا قال بصوت متقطع ومرتعش بعدما كانت دموعه تصنع أخاديد على وجهه:


-كيف ماتت؟؟ انتحرت أليس كذلك؟؟

توتر فك صلاح حينما سمع كلام بكر، ثم مال بجسده نحوه وهو يسأله:

-ما الذي يجعلك تقول أنها تكون قد انتحرت؟؟

توتر بكر وهو يتساءل في حذر:

-هل أنتما من الشرطة؟؟

لو لم يكن الوضع متأزما لانفجر خالد ضاحكا لكنه كتم ضحكته بصعوبة وهو يقول:

-قد تقول أننا نعمل لحسابنا..

زاد خوف بكر وارتباكه وقد هم بالنهوض قائلا بصوت عال:

-اعتقد أنه قد انتهى حوارنا

أمسكه صلاح من يديه وهو يقول:

-اسمع نحن نود أن نتعاون معا، علينا أن نكتشف الحقيقة

جلس مرة أخرى وهو يتساءل في حيرة:

-أي حقيقة؟؟ ومن أنتم بالضبط؟؟

هم خالد بالتدخل لكن صلاح أوقفه وهو يتحدث برجاحة إلى بكر:

-اسمع لقد فقدنا صديقنا في نفس اليوم الذي ماتت فيه عفاف، ونحن عكس ما تشك فيه

أنت نحن نعتقد أن صديقنا قتل..

ارتعشت يد بكر للكلمة وهو يقول في ذهول:

-قتل؟؟

"هز كل من خالد وصلاح رأسه ليتابع بكر في ذهول أكبر"اسمعا أنا لم أفهم شيئا مما

أسمعتماني به لذلك فلتخبراني كيف ماتت عفاف؟؟

تنهد صلاح وهو يقول:

-حسب التقرير الطبي فلقد ماتت بجرعة زائدة من الكوكايين ..

ضرب بكر الطاولة بعنف وهو يقول:

-هل جننتما؟؟ لن أسمع لهذه التفاهات

وهم بالرحيل لكن خالد أوقفه بصرامة وهو يقول:

-اسمع إن لم تكن مهتما بموت حبيبتك، فنحن مهتمان بصديقنا ومهتمان جدا

وضغط على كلمته الأخيرة أما صلاح فقال بنفس نبرته الهادئة:

-أرجوك تفضل معنا..

تأفف بكر، وعاد معهما

صحيح أنه لا يعرف من هما هذان الشابان، لكنه يشعر بالفضول نحوهما يجعله، يجلس

ليستمع إلى قصتهما..ويعرف ما وراءهما..

روى له صلاح كل شيء، بداية من رؤيته لعفاف وهي تتخبط بتألم فوق اللوح إلى أن

تحدثت إليه سمرا وأخبرته بلقائهما..

-وها نحن جئنا مكان سمرا، حتى نعرف منك

قال بعصبية:

-إذن من كانت تكلمني ليست عفاف

هز صلاح رأسه بالإيجاب وهو يقول:

-والآن أخبرنا ما لديك؟؟

لم يفهم بكر في البداية سؤالهما، لكن خالد قال بصوت حازم:

-أخبرنا منذ أن تعرفت على عفاف حتى الآن

تساءل بتهكم:

-ألا تعتقد أن قصتي مع عفاف هي أكثر خصوصية من أن أخبرك بها

أجابه بتهكم اكبر وإن كان يحمل بين حروفه سخرية كبيرة:

-لا تخبرنا بالخصوصيات إن كان ذلك سيقلقك، نحن فقط نريد أن نعرف ما ينفعنا

في قضيتنا هذه..

سأل بخبث:

-ألا تعتقدا أن هذا الأمر تختص به الشرطة؟؟

وقف خالد وقد بدا ساخطا، قال بنبرة أمرة موجها كلامه لصلاح:

-أعطني الهاتف

مد له الهاتف في حين وضعه بين يدي بكر وهو يقول:

-اسمع اذهب إلى الشرطة الآن وسترى كيف ستساعدك، أما إن لم تعجبك طريقة عملها

فخذ الحافلة التي تتوجه إلى المدينة القديمة وهناك اسأل عن الذئب، تأكد اصغر طفل هناك

سيجلبك إلي..

'وتابع بسخرية أكبر'أرجو أن تحاسب على القهوة التي لم نشربها..

حينما أصبحا بالشارع تساءل صلاح بغضب:

-ماذا فعلت؟؟

أجابه ببلاهة مصطنعة:

-ماذا أكنت تريدني أن أحاسب على قهوة لم أشربها؟؟

زمجر صلاح بغضب شديد، وهو يقول:

-تبا لك أيها الأحمق تعرف أني لا أتحدث عن القهوة

كان خالد باردا عكسه وهو يجيب:

-سيعود يا صلاح لا تقلق..

أما بكر فلم يكن في نيته أبدا العودة مرة أخرى إلى هذان الشابان، تأمل هاتف عفاف ثم

حمل هاتفه وضغط على رقم خمسة، ليرن الهاتف مطولا قبل أن تجيب جميلة وهي تبكي:

-أوووه بكر أين أنت؟؟

تساءل بخوف:

-ما بك يا جميلة؟؟

جاءه صوتها المخنوق وهي تقول:

-ألم تعلم بعد؟؟ لقد ماتت عفاف..

صمت مطولا وكأنه تأكد لوته من الخبر، وأقفل هاتفه سامحا لدموعه بالنزول بسخاء..

تأمل الذبلة التي بإصبعه، والتي ركبتها له عفاف في حفل الخطوبة قبل شهر..

كم بدت جميلة بفستانها الزهري، وتلك الوردة البيضاء تزين جانب أذنها اليمنى، وهي

تسقيه من كأس الحليب المنسم بالزهر، وكذلك هو وبيدين مرتعشتين أطعمته من تمرة

محشوة باللوز..

كم كانت والدته سعيدة جدا بخطوبتهما، وكذلك هو كان يشعر أنه سيطير في السماء من

شدة الفرح، ليس لأنه يحبها فقط، ولكن لأنها كانت فعلا رائعة..

صحيح أن غيرتها أحيانا تبدو متسلطة، لكنه كان يعشق تصرفاتها المجنونة، وارتباكاتها

كلما ذكرها باقتراب موعد الزفاف ليغلق عليهم بيت واحد..

لم يشعر بقدميه إلا حينما توقف أمام مركز الشرطة بالمدينة، ودخل ليقابل الضابط هناك

والذي أخبره بتعال:

-لقد كانت المتوفاة تتعاطى للمخدرات..

قاطعه بكر وهو يقول بنبرة متهكمة:

-لا يا سيدي خطيبتي لم تكن تتعاطى لشيء

هز كتفيه في استهزاء وهو يقول:

-لقد وجد الأطباء كمية كبيرة من المخدر في دمها، أليس الأمر كافيا بالنسبة لك؟

ازدرد لعابه وهو يقول:

-بلى شكرا لك

حينها فقط عاد يتأمل الهاتف الذي بين يديه، وقد تبادر لذهنه كلام خالد..

تنهد بعمق وقد لا حظ انه سار كل هذه المسافة بدون سيارته، فأخذ سيارة أجرة، ليتوجه

إلى المقهى، ويأخذ سيارته ثم بعدها ذهب إلى منزل عفاف حيث أقام لها الجيران جنازة

تليق بفتاة كان يقول عنها الجميع أنها اسم على مسمى..

تناهى إلى مسامعه صوت إحدى النساء وهي تهمس في أذن جارتها:

-هذا هو خطيبها

أجابتها الأخرى

-لا بد أنهما كانا يشربان ذلك السم مع بعض..

دفنت جميلة وجهها بين يدها وبكت بعمق، على موت صديقتها بهذه الطريقة..

تأملها من بعيد و تساءل هل هي أيضا تصدق أن عفاف كانت تتعاطى للمخدرات؟؟

حينما بدا لها يقف واجما أمام عتبة البيت الصغير الذي كانت تمتلكه عفاف منذ أن كانت في

الخامسة عشر من عمرها، بعدما توفي أهلها في حادث لم تنجوا منه إلا هي، وبأعجوبة

عاشت وسط جيرانها الذين فتحت عيونها عليهم، وكانت تصرف على نفسها وكذلك

دراستها من الراتب الصغير الذي تركته لها الدولة..

سارعت إليه وهي تزيد من دموعها الساخنة، لتقول في استنكار:

-أتصدق أنها قد تفعل شيئا كهذا يا بكر؟؟

أجابها بسؤال:

-وهل تصدقين ذلك يا جميلة؟؟

نفت وهي تمسح دموعها لتقول:

-لا يا بكر حتى لو استيقظت عفاف بنفسها وأخبرتني بذلك لن أصدق

قال بنبرة مخنوقة:

-إذن فلا تصدقي ذلك أبدا

تساءلت في خفوت:

-وهل سندع هؤلاء الكلاب ينهشون في لحمها وهي ميتة؟؟

-لا يا جميلة أقسم أن أثبت عفافها حتى لو كلفني ذلك حياتي..

"نظر لساعته قبل أن يتابع قائلا"

علي أن أذهب الآن..

-إلى أين؟؟

توقف للحظة قبل أن يلتفت ويقول:

-سأجعل روح عفاف ترتاح

نزل السلالم بسرعة وعقله يبدو مشوشا كثيرا، لا يعرف أين سيجد ذلك الشابان

وأي اسم قاله ذلك الشاب الضخم؟؟

ما يتذكره هو شيء ما عن المدينة القديمة..

لذلك توجه إليها وحينما توقف أمام أبوابها المقوسة، نزل ببطء وأخذ يتجول بغير هدى بين

أزقتها الضيقة، ودروبها الطويلة، إلى أن وصل إلى طريق مسدود..وعاد لأدراجه مرة

أخرى..

ثم دخل لدرب آخر حينما هبط عليه رجلان ومن مكان لا يعلمه، لوح احدهما بسكين حاد

على وجهه وكان سيصيبه لولا انه أبعده، أما الثاني فقد لوى ذراعه وهو يهمس في أذنه

قائلا:

-اخلع ملابسك

جحظت عيون بكر وهو يتمتم في ذهول:

-ماذا؟؟

مرر سكينه على رقبته وهو يقول:

-"نفيحة"لا يحب أن يكرر كلامه مرتين"النفحة هي عشبه لونها اخطر،تسحق

أوراقها وتمزج مع رماد النار، حتى يصبح لونها مائلا للسواد، يشمها

بعض المتسكعين وهي تنشي الشخص كثيرا..أما "نفيحة" فقد سمي بهذا الاسم لكثرة

استعمالها وهي على فكرة تستعمل بنفس طريقة الكوكايين أي يصنع الشخص سطرا منها

على كفيه ثم يغلق أحد ثقوب أنفه ليستنشقها وهكذا مع الثقب الثاني.."

ارتفعت حرارة بكر في البداية ولسبب ما شعر بالخوف..

رغم قوته لم يكن يثير الشجار أبدا، لكنه هذه المرة كان مضطرا لذلك

وفي حركة مباغتة أمسك "نفيحة" من معصمه ليضرب به ركبته بقوة حتى سقط السكين

من بين يده، زمجر" نفيحة" من بين أسنانه:

-تصرف أيها الأحمق

وقبل أن يتصرف صديقه ارتفعت إحدى أرجل بكر لتستقر على وجهه ويطيح به أرضا، ثم

وجه لكمة "لنفيحة" وهو يرميه على الأرض..

لم يكن الأمر صعبا كما تخيل في البداية، لكنه لا ينكر انه شعر بالرعب، فلم يسبق أن أشهر

احد أمامه السلاح قبل هذين المتسكعين..

أوقف كرة كانت تتدحرج أمام قدميه قبل أن يجثو طفل صغير يبلغ حوالي ست سنوات أو

سبع، أمامه ويحاول تحرير الكرة من بين قدميه..

تأمله بكر وهو يتصارع حافرا أظافره في التراب، وقد توسخ الشرط الصغير الذي كان

يرتديه، والذي على ما يبدو كان لونه الأصلي أبيضا قبل أن يصبغ بحمرة التراب..

وقدماه حافية متشققة الأطراف، بينما كانت ركبه متسخة وكذلك وجهه..

حالة أقل شيء يقال عنها أنها يرثى لها..

ابتسم له أخيرا وهو ينحني أمامه سائلا إياه:

-هل تريد الكرة؟؟

لم يجبه الطفل فقد تابع محاولة تحريره للكرة، وهو يلهث، فأحس بكر وكأن الطفل اعتبر

ذلك تحديا، فأرخى قبضته قليلا حتى يتسنى له أخذها، وبالفعل فقد انتزعها وقام إلى

أصحابه وهو يعتز بنصره..

اقترب منهما بكر وسأل بصوت عال بعدما كان يحاول جاهدا طوال الطريق تذكر الاسم:

-أين يسكن الذئب؟؟

ران صمت طويل صاحبه توقف الجميع عن اللعب والهتاف، ليتأملوه جيدا..

هل أوقعت نفسي في مأزق؟؟

وقبل أن تجيبه نفسه، تقدم نحوه نفس الطفل وهو يقول بنبرة محترمة:

-إنه يقطن في الحي الآخر

"تابعه بكر ببصره، وكان سيتوجه نحو الحي الذي أشار له الطفل، قبل أن يوقفه قائلا:"

لكنك لن تجده هناك"قطب بكر حاجبيه في تساؤل

فقال الطفل:

"-تعال معي سأخذك إلى مكانه..

أخذ المشوار للذهاب للمكان، حوالي عشر دقائق مشيا، على الأقدام و أخيرا توقفا

أمام خيمة كبيرة منصوبة أمام ساحة كبيرة، عرفها بكر فهي شبيهة بالتي نصبت أمام بيت

عفاف، التفت للصبي وهو يقول:

-شكرا لك

-لا عليك

وسارع للالتحاق برفاقه..

بدا له ذلك الجسد الضخم يقف في اعتزاز بين مجموعة من الرجال وهو يتحدث، ومعه

نفس الشاب الذي كان برفقته في الصباح..

همس خالد في أذن صلاح قائلا:

-لقد وصلك ضيفك

ابتسم صلاح وتوجه نحو بكر وهو يصافحه قائلا بثقة:

-كنا نعلم أنك ستأتي

أجاب:

-لم أكن أعلم بأني سآتي..

صافحه خالد وهو يقول:

-هيا لنتكلم في مكان آخر..

وقف ثلاثتهم أمام مقهى صغير، قبل أن يتقدمهم خالد ويصفق بيديه القويتين فينتبه له

الجميع، كان المنظر أشبه بالأفلام القديمة حتى أن بكر عرف ما يقصده خالد بحركته هذه

والتي سرعان ما تبعها إخلاء للمقهى، بصمت..

تساءل سعد النادل بفضول وهو يضع كؤوس الشاي والبراد بالنعناع:


-اهو اجتماع؟؟

نظرة خالد جعلته ينسحب بهدوء دون أن ينتظر رده

-أرى انك تثير الرعب هنا في هذا الحي

نفث خالد سيجارته بعدما أحرق قطعة من الحشيش بولاعته، واخذ يفركها بين يديه

ليمزجها جيدا مع التبغ ثم يلفها بإتقان وهو يقول:

-صدقني ليس في الحي فقط بل المدينة..

رفع حاجبيه ليس استغرابا ولا دهشة وإنما سخرية، وذلك لم يخف على خالد الذي بدأت

ملامحه تتوتر، لكنه كان يعلم جيدا أنه عليه أن يثبت قوته في مكان وموقف آخر غير

هذا..

كانت المقهى صغيرة جدا بأحد الأسواق الشعبية بالمدينة والقريبة من حيهم، يجتمع فيها

كل متسكع ومتسول، وعابر سبيل، وكذا كل شرطي يحتاج لدليل أو خيط على قضية ما..

والمقهى لا يخلو أيضا من بعض المثقفين، وبقايا الحروب ممن أضاع رجلا أو يدا أيام

الحرب بين فرنسا والمغرب، أو اسبانيا والمغرب..

دخل أحد المحاربين القدامى، يقال عنه انه جاسوس يعمل على حساب الشرطة، لذلك

فأغلب الناس تخشى مرافقته أو الحديث معه، كي لا يسل لسانهم ويعترفون بشيء ربما قد

يدفعون حياته مقابله..

ابتسم له خالد وهو يقول بصوت غليظ:

-ماذا يا روح والدتك؟

أجابه وهو يكاد يقع، من شدة ثمالته وقد كان يحمل بين يديه زجاجة شراب، رخيصة جدا

عادة لا يشربها إلا المتسكعون وفي اليد الأخرى كان يضع كيسا بلاستيكيا على فمه

يستنشقه ملئ رئتيه، به مادة السليسيون

-أريد أن أعرف من هذا الوسيم؟؟

ضحك خالد بينما ظل صلاح وبكر يراقبانهما، وهو يجيب:

-وما شأنك؟؟ اذهب أخبر سعد أن يعطيك قطعة وانتشي في ليلتك هذه..

أراد أن يعارضه لكن خالد ادعى أنه سيقف، وإذا وقف فطبعا سيبرحه ضربا

فرفع كلتا يديه وهو يقول:

-حسنا..حسنا لا تتعب نفسك أنا ذاهب

وأغلق باب المقهى وراءه، وكالعادة كلما خرج بدأ يسب خالد، ويتحداه إن كان رجلا

فليخرج إليه، لم يكن خالد ليهتم به فهو كعادته ما إن تقع قطرة الخمر في فمه يصبح كالفأر

الذي يعتبر نفسه أسدا، وإن رآه قادما نحوه يهرول هاربا..

دفع علبة السجائر ناحية بكر وهو يسأله:

-عذراء أو ملفوفة؟؟

قال بنبرة حانقة:

-لا هذه ولا تلك أشكرك

هز رأسه والتفت إلى صلاح وهو يقول:

-وأنت طبعا

"وقبل أن يجيبه تذمر وهو يطلق كلتا رجليه، ليريح جسده على أحد الكراسي الخشبية

الرثة"أشعر وكأني اجلس مع أولادي..

نقل بكر نظرته بينهما، وهو يقول:

-حسنا الآن أخبراني ماذا تريدان مني بالضبط؟؟

تنهد صلاح بعنف وهو يصب الشاي في كأس كل واحد منهم ثم قال:

-اسمع زميلنا الذي مات نحن نعرف أنه شأنه شان الأغلب هنا في هذا الحي، يتعاطى

للمخدرات والحشيش، كل أنواعها منذ أن كان طفلا..لكن رغم كل شيء فالأمر بالنسبة لنا

غريب جدا، فهو متعود ولم يكن ليخطئ أبدا في الكمية التي يحتاجها جسده..

-الخطأ وارد دائما

-أجل ربما لكن هذا لا يمنع من أنه علينا أن نتأكد..

-لا يا صاحبي أبو سكة لم يكن ليخطئ أبدا في مسألة كهذه، أنا أعرفه جيدا

نظر إليه بكر ثم حول بصره نحو صلاح وهو يقول:

-عفاف لم تكن مدمنة أبدا كما ادعوا،

اختنق صوته فربت عليه صلاح وهو يقول

-لأجل كل هذا نحن نريد أن نصل للحقيقة، من حقهم أن يرتاحوا في موتهم،

-أجل لديك حق من أجل أن ترتاح عفاف في تربتها فأنا مستعد أن أفعل كل شيء

-حسنا إذن يا صديقي أخبرنا كل ما تعرفه عن عفاف

أضاف خالد بنبرة ساخرة:

-ما عدا الخصوصيات طبعا

أغمض بكر عينيه بنفاذ صبر، وهو يقول:

-اسمع إن كنا سنتابع الأمر بهذه الطريقة فأفضل أن يعمل كل على حسابه

استدركه صلاح قائلا:

-اسمعا أنتما معا لا اعرف ما هي مشكلتكما بالضبط لكن تأكدا لن أسمح لهذه التفاهات أن

تؤخرنا في عملنا هل اتفقنا..

تبادل خالد وبكر نظرات متمردة قبل أن يهز كل منهما رأسه ليبدأ بكر بالحديث:

-تعرفت بعفاف حينما كنت في السابعة عشر وهي في الخامسة عشر كنا وقتها في

مستشفى واحد كسرت إحدى قدماي في نفس الحادث الذي فقدت فيه والديها وأنا فقدت

والدي الذي كان مسرعا جدا وقتها وهو من تسبب في الحادث، طبعا بعدها علمنا أنا وأمي

أن الطفلة لم يعد لها أحد في الحياة، فارتأينا في البداية أن تنتقل للعيش معنا لكنها رفضت

وأصرت أن تتابع حياتها كما لو أن والديها لا يزالون على قيد الحياة، كانت مثابرة جدا، لم

تهتم لكلام الناس في بداية عمرها، بالعكس تابعت دراستها وحصلت على المراكز الأولى،

حتى المساعدة التي اقترحتها عليها والدتي مرارا رفضتها، ولم تكن تسمح لي بالدخول

وحدي لشقتها لأي سبب كان، وفي مناسبات العيد كنت أنا ووالدتي نأتي لقضائه معها، بما

أنها ترفض ترك البيت، لست أدري كيف أحبتها ولا لم لكني كنت اعشقها يوما بعد يوم

"ابتسم والدموع تملا مقلتيه وهز كتفيه ليقول في تخاذل"لست أدري ما أقوله لكما فعلا لم

تكن لتفعل بنفسها ذلك..

سأله خالد في اهتمام:

-حينما أخبرناك أنها ماتت قلت شبه متأكد أنها انتحرت لم تقول عنها مادامت بكل هذه

الصفات التي وصفتها بها..

ارتبك وقد بدا يعصر جبهته وكأنه أمام سؤال صعب في الامتحان:

-أنت تعلم أن كل شخص كيف يتقبل الصدمة، لقد كنت فعلا مصدوما ولا اعرف ما أقوله

-حسنا يا بكر الحالة التي كانت فيها عفاف هي نفسها التي عان منها زميلنا، رحمه الله

نفس تلك الزرقة المريبة، وصفرة العينين وتصلب الأعضاء، هل كانت عفاف تشرب أي

نوع من الأدوية؟

هذه المرة بدا الارتباك جليا ببكر فنصحه خالد قائلا:

-أرجو ألا تخفي علينا شيئا قد يفيدنا في الأمر..

-أعتقد أنها كانت تتناول دواء منوما لأنها كانت تعاني من الأرق أما عدا ذلك فأنا لا اعلم

شيئا

في هذه الأثناء دخل أحد رجال خالد وهمس في أذنيه، قبل أن يقول خالد:

-حسنا تأكد من الأمر وأبلغني فورا

أراد صلاح أن يستفسر منه ماذا وقع لكن خالد تابع يقول:

-لحد الساعة ليس لدينا أي خيط نتبعه، لكن ذلك لن يجعلنا نستسلم أبدا "ووقف ليصافح

بكر وهو يتابع"أتمنى ألا تبخل علينا بأي معلومات جديدة

صافحه الشاب بقوة وهو يقول:

-أتمنى ألا تعتبراني غريبا فقضيتنا واحدة، وأحب أن اعلم بكل تطور "ثم اخرج هاتف

عفاف ومنحه لصلاح وهو يقول"هكذا لن يكون لك حجة بعدم إخباري وأنا أيضا "أراد

صلاح أن يعترض لكنه تابع يحثه" تأكد سنحتاجه إنه اشتراك يمكنك مها تفتي متى شئت

تأمل صلاح الهاتف جيدا، ثم قال:

-سأعيده لك حينما نثبت براءة عفاف

ابتسم له بود وهو يودعهما على أمل أن يلتقوا مرة أخرى..

تنفس صلاح بارتياح وهو يقول:

-حسنا علينا أن نتابع مراسيم الدفن

وأراد أن يسبق خالد بخطوة حينما أوقفه قائلا بنبرة محذرة:

-اسمع عليك أن تكون حذرا

تساءل في قلق:

-هل تشك في بكر؟؟

تأفف خالد وهو يقول:

-الآمر لا يعني بكر بل أنور

-ماذا تقصد؟؟

ازدرد خالد لعابه بصعوبة وهو يصرح قائلا:

-هناك إشاعة تقول أن أنور ينوي إدخالك للسجن

أجاب مستنكرا:

-ماذا هل جننت؟؟

كان رد خالد هادئا وواثقا:

-لا ليس بعد لكن ما أقوله لك هو ما يجول الآن في الحي، وقد أرسلت قاسم ليتأكد من الأمر

هز صلاح رأسه في استخفاف وهو يقول:

-هراء

أوقفه خالد وهو يقول بنبرة حازمة

-كن حذرا لا اطلب منك المستحيل

عاد يستنكر مرة أخرى:

-إنه آخي يا خالد هل تفهم ذلك؟؟

-افهم جيدا أنه لا يمكن الوثوق في أي كان يا صديقي، لكل منا جانبه المظلم..

وتركه وحده يتصارع مع تلك الأحاسيس التي انتابته

نفس تلك الكلمة، أجل لقد قالها ذات يوم لخالد "لكل منا جانبه المظلم"

مر أسبوع بعد وفاة "أبو سكة" وعفاف وسرعان ما بدأت تعود الأيام كما كانت، وبدا

الجميع يتعود رحيل أبو سكة عنهم..

ليسقط الكثيرون في حملة بين يدي الشرطة، وكل من له سوابق يحقق معه في لاشيء

وفي كل شيء روتين الحياة كلما لم يجد الشرطة عملا لهم، يلقون القبض على أصحاب

السوابق كالمتاجرة بالحشيش، و التعرض بالسلاح الأبيض للمارة، واللصوص ومخترقي

الحواسيب، وحتى بائعات الهوى لم يكن يسلمن من تحقيقات الشرطة معهن، لذلك حينما

يعلم الجميع بأن هناك حملة جديدة يتوقف نشاطهم، ويغيرون حرفتهم..

ويهدأ الحي..

كانت الساعة السابعة حينما كان صلاح عائدا من عمله، وليلى تخرج من بيتهم، التقى بها

عند عتبة الباب ليقول بصوت دافئ:

-أرى أني محظوظ دائما ألتقي بك هنا

ابتسمت وهي تدفعه قائلة:

-أنا غاضبة منك

رفع حاجبيه في دهشة مصطنعة وهو يقول:

-خير إن شاء الله

رمقته بنظرة معاتبة وهي تقول:

-كنت مريضة ولم تفكر أبدا في السؤال عني

هذه المرة بدا مهتما وهو يتساءل:

-خير؟؟ أقسم لم أكن اعلم بذلك بما كنت تشعرين؟؟

ابتسمت وقد لاحظ شحوب وجهها لأول مرة، وهي تقول:

-يبدو أني أكلت شيئا لم يناسبني

-وهل ذهبت للطبيب؟؟

لوحت بيديها وهي تقول:

-لقد جلب لي أبي طبيبا للمنزل

قال مستغربا:

-طبيبا للمنزل؟؟

ضحكت وهي تقول ببراءة:

-أجل تصور لقد تكبد عناء الطبيب ومصاريفه، لحد البيت" وتابعت بخبث" هل أدركت كم

أنا غالية لديه؟؟

-لديه فقط؟؟

شعرت بحمرة وهي تحني رأسها حياء فسأل باهتمام:

-ومن أين حصل على هذا المال؟؟

بدا الحزن عليها وهي تقول:

-لقد تدين من رئيس العمل وسيخصمه له من راتبه

بدا العطف على ملامح صلاح وهو يقول:

-ألف لا بأس عليك..مسكين عمي إنه رجل رائع

ابتسمت وهي معاتبة:

-لن أقبل بأقل من زيارة خاصة لي في المنزل فأنا كنت سأموت لولا رحمة الله

ابتسم وهو يجيبها

-تأكدي ستكون الزيارة عما قريب

ابتسمت وقد شعرت بالخجل، وهي تتركه..

تأملها وهي تتهادى بثوبها الصيفي الجميل، والبسيط، لينتبه أخيرا لهاتفه الذي يرن،

إنه بكر..

لقد اتفقوا على أنهم لن يتصلوا ببعض إلا إذا كان هناك جديدا

ترى ما الجديد الذي تحمله لنا يا بكر؟؟؟



































 
 

 

عرض البوم صور هناء الوكيلي   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مرحبا هناء بروايتك وتعوي الذئاب تحية خالصة من القلب من جوهرة, حينما تعوي الذئاب،الذئب،هناء الوكيلي
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 12:00 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية