لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتملة (بدون ردود)
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


موضوع مغلق
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (5) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-08-09, 12:08 PM   المشاركة رقم: 81
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

نبضات قلبي
فيه كلام مهم يا ليت تقرونه قبل ماتقرون البارت

.
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وحشتوني يا قلبي.. وحشتوني
وحشتوني كثير.. عساكم كلكم بخير الله لا يحرمني منكم
.
بارت اليوم أنا اللي طبعته بنفسي لسببين
السبب الأول إن الآنسة الرقيقة أختي الصغيرة تمللت وتعبت
أول بارت طبعته كانت مبسوطة لأنها كان مثلها مثلكم تقرأ البارت لما ينزل
فكانت مبسوطة إنها تعرف الحدث قبل ما يصير
ثاني بارت بدت تملل من تشديدي عليها في الطباعة ودقتي مع كثرة الأخطاء اللي تطلع عندها
وأنا اليوم حابة أشكرها شكر خاص
وأقول الله لا يحرمني منك ياغزالتي واستحمليني شوي

السبب الثاني لطباعتي بارت اليوم
إنه بارت اليوم بارت مهم جدا جدا..بارت مفصلي جوهري يعتمد عليه كثير من مسمى الرواية
كل كلمة وكل حرف وكل موقف مقصودين لأبعد حد
أنا أعرف إن بعض قارئاتي وصديقاتي وممكن أذكرهم بالاسم بيلتقطون كل الإشارات اللي في البارت
البارت هذا من زمان وأن أجهز له فكريا وتراتبيا
يعني كثير من الأحداث اللي صارت في البارتات الماضية كانت تهيئة لبارت اليوم

ثلاث مواقف ستكون مؤلمة وموجعة ومقصودة
أعرف أنه البعض قد يقول إنها قد تكون مبالغة أن تجتمع المواقف الثلاثة في بارت واحد
ولكن هذه المبالغة كانت مقصودة جدا جدا جدا
وأنا تعبت فوق ما تتخيلون في صناعة الأحداث وترتيبها حتى أوصل المواقف الثلاثة إنها تكون في بارت واحد
.
.
همسة: أحيانا المرأة قد تتسبب أن يمد زوجها يده عليها
ولكن الشرع قال أن تأديب الزوجة على 3 مراحل
الزجر.. ثم الهجر.. ثم الضرب غير المبرح
فلو أن كل رجل اتبع المراحل الثلاث.. لم يكونوا أبدا ليصلوا للمرحلة الثالثة التي تجرح وتهين وتمتهن وتكسر كثيرا من المشاعر الرائعة
.
.
نجي لبارت اليوم مرة ثانية
اسمعوني يا نبضات قلبي والله العظيم إني توني خلصت كتابة البارت قبل عشر دقايق..
ولو كان عندي حرف زيادة كنت نزلته
وهذا أنا أحاول أمشي معكم لين نوصل رمضان.. وفي رمضان بأوقف
لاني بأكون دخلت الشهر التاسع
اللهم أعنا على حسن صيامه وقيامه وجعلنا من عتقاءه يا أرحم الراحمين
والشيء الثاني يا بنات تأكدوا إني مستحيل أختصر في القصة ومستحيل أمطط
مثل ما قررت لها من البداية بأكمل دون زيادة أو نقصان
لأن أسى الهجران تستحق إنها تستمر وتنتهي مثل مابدت
.
.
وفيما يخص بارت اليوم.. أنا باحذر تحذير صغنون.. اللي قلبها ضعيف وما تستحمل ضغط الأحداث ثم القفلات لا تقرأ لين ينزل البارت الجاي
وتقرأهم كلهم مع بعض
والبارت الجاي والله العظيم مابعد كتبت فيه حرف واحد.. لأني لي فترة أكتب كل بارت ببارته
فموعدنا إن شاء الله يوم الاثنين الساعة وحدة الظهر نفس هالوقت
.
.
استلمو
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.

أسى الهجران/ الجزء الحادي والتسعون


بيت محمد بن مشعل
بعد الغداء

موضي ومشاعل تجلسان متجاورتان تتهامسان بعد أن غادرت أم مشعل لغرفتها لترتاح
واستأذنت مريم متحججة برغبتها بالراحة بعد عودتها من عملها
والسبب الحقيقي هو شعورها بالتوتر من موعد زواجها القريب الذي يتزايد شيئا فشيئا

موضي همست لمشاعل: هاه بشريني عنش أنت وناصر.. شأخباركم الحين؟؟

مشاعل صمتت بحرج

موضي ابتسمت: شكلها علوم

مشاعل بتردد: بصراحة محتاجة النصيحة.. أنا ماقلت للطيفة لأني عارفة إنها بتغسل شراعي
هي قالت لي تدلعي على ناصر بس لا تطولين الدلع
لكن أنا طولت الدلع.. طولته بزيادة.. بس غصبا عني والله مستحية
وهو مخليني على كيفي.. يعني يمكن لو هو بادر شوي أنا أتجرأ شوي

ثم أردفت مشاعل بحزن: تدرين موضي
أنا والله العظيم أحب ناصر.. أحبه فوق ما تتخيلين
ونفسي أعوضه عن اللي شافه مني ومن ذا الدنيا
وهو يستاهل كل خير.. بس والله ما أدري وش أسوي

موضي غمزت بعينها: عطيه إشارة

مشاعل بجزع خجول شهقت: إشارة؟؟ أنا؟؟

موضي ضحكت بخفوت: إذا كذا من أولها.. ما منش فايدة

مشاعل بتردد: زين أنتي قولي وأنا بأفكر

موضي بحزم رقيق: لا ما فيه تفكرين.. تبين مساعدة.. أنا بأقول وأنتي تنفذين

مشاعل تنهدت: أنفذ شنو

التمعت عينا موضي وهي تهمس بحماس: مخطط على كبير
أول خطوة قومي نروح مشوار الحين
ثاني شيء استأذني ناصر تنامين في بيت هلي الليلة

مشاعل بتردد: المشوار مقدور عليه.. ولو أن ناصر مايحب أطلع من البيت وهو موجود.. وهو راجع الحين من الغداء في المجلس
بس بيات في بيت هلي.. ماظني يرضى

موضي تقف وهي تلبس جلالها على رأسها وتغطي وجهها به وتهمس بحماس طفولي:
أهم شيء فكرة النوم عند هلي اقنعيه فيها لازم ضروري.. وأنتي وشطارتش
وانا رايحة بيتي بأستاذن راكان عشان الطلعة..
شوفي نص ساعة تقريبا ونطلع.. تجهزي


موضي عادت لبيتها
وجدت راكان جالسا في الصالة يتصفح الجريدة

خلعت جلالها ووضعته على المقعد وسلمت
رد عليها السلام وابتسم: طولتو في غداكم

موضي بابتسامة: خبرك غداء وعقبه مباحثات رسمية ومداولات

راكان بابتسامة: والمدوالات لازم ينتج عنها قررات.. إلا لو كانت مداولات قمة عربية

موضي تجلس وهي تضحك بعذوبة: أكيد قرارات سريعة وغير قابلة للتأجيل
وتنتظر موافقة حضرتكم للبدء في التنفيذ

راكان بمودة: آمري

موضب بذوق: بروح أنا ومشاعل مشوار صغير.. خبرك أمي أم مشعل مسوية عشا الليلة ونبي شوي أغراض

راكان بهدوء: زين أنا أوديش

موضي برفض رقيق: مشاعل بتروح معي.. وهي تستحي واجد
بنروح مع سواق بيت هلي وبتروح معنا فاطمة

راكان بهدوء: زين مشاعل أختي الصغيرة.. وشو له تستحي مني؟؟

موضي بمناشدة: خلاص راكان تكفى.. ساعة ساعتين بالكثير ونرجع

راكان يتمدد على الكنبة ويقول بهدوء حازم: خلاص خذي فلوس من بوكي في ثوبي المعلق وحاولي ما تتأخرين

موضي وهي تدخل للداخل لتأخذ عباءتها همست: معي فلوس.. تسلم

كانت تجلس أمام التسريحة لتمسح زينتها حين فوجئت براكان يدخل خلفها ويتوجه لثوبه المعلق ليخرج محفظته وهو يهمس لها بحزم:
خلاص موضي.. قلت لش خذي فلوس.. اخذي.. وشو له المرادد؟!!

موضي تبتسم: أنت ناسي إني قبل سفرة لندن بفترة بادية شغلي.. وراتبي كبير.. وأنت توك حاط مهري في حسابي.. وش بأسوي بذا الفلوس كلها

راكان يبتسم: فلوسش لش.. كيفش فيها
يا الله توكلي على الله

موضي شرعت في ارتداء نقابها وشيلتها وعباءتها على عجل.. وانتبه إلى أنها مسحت كامل زينتها قبل أن تلبس

لا يجد شيئا ينبهها له..دائما تتصرف كما يريدها أن تتصرف تماما
فهو حين دخل خلفها ليعطيها المال كان يريد أن يأمرها بمسح زينتها قبل أن تخرج
قد تكون فعلا لا يظهر منها أدنى شيء مع إضفاءها لعباءتها عليها
ولكنه في ذات الوقت لا يستطيع منع نفسه من الشعور بالضيق أن هناك عينا ما قد تلمح شيئا من زينتها هو حق له
لـــه فقط..
لم يعد يطالب نفسه بتفسيرات.. فغرابته -كما يراها- أصبحت عصية على كل تفسير
والغرابة الأكثر غرابة هو رغبته التي يشعر بها الآن
يتمنى وهو يراها الآن تستعد للخروج وتضع محفظتها وهاتفها في حقيبتها
أن يستوقفها
ليحتضنها بكل قوته
ليدفنها بين ضلوعه
ويهمس في أذنها : "عاجز عن شكرك
بالفعل عاجز
لولا تلك الليلة الاستثنائية التي أجبت فيها استثنائيا على هاتف مشعل
لتصدميني بطلب استثنائي مستحيل هو إعادتكِ إلى بؤرة حياتي
لم أكن لأشعر بكل هذه السعادة التي اعتقدتها حلما بعيدا المنال
عاجز عن التفسير
وماعدت أبحث عن التفسير
يكفيني وجودكِ في حياتي
وبأي صورة أنتِ ترتضينها)

ولكن الأمنية تبقى أمنية.. وموضي خرجت خالية الوفاض من حلم احتضان

وراكان أبدل ملابسه بعد خروجها
وارتدى ملابس التدريب ليخرج لميدان الرماية



قبل ذلك بقليل
على الجبهة الأخرى

مشاعل في غرفتها تنتظر ناصر
حين دخل قفزت تستأذنه في الذهاب مع موضي

همس بهدوء وهو يخلع ثوبه ثم يتوجه للتمدد على سريره:
يعني أنا ما أقعد عندش إلا شوي الظهر وشوي أخر الليل
وأحب أشوفش قدامي
اصبروا لعقب صلاة العصر وروحو

مشاعل بخجل: تكفى فديتك.. ماراح نتأخر شوي وبنرجع

ناصر ابتسم: قلتي لي فديتك.. خلاص أنا رحت وطي
روحي حبيبتي.. وأنا الله يعيني.. وش أسوي

مشاعل بتردد: وشيء ثاني

ناصر يضع رأسه على المخدة ويهمس بمودة مصفاة: تدللي ياقلب ناصر

مشاعل تختنق بكلماتها: أبي أبات الليلة في بيت هلي

ناصر قفز جالسا وهو يقول بنبرة حادة: نعم؟؟ رجعنا على طير يا اللي

مشاعل تراجعت خطوة للخلف وهي تقول بضعف: تكفى ناصر.. بس الليلة.. تكفى

نحرت روحها نظرة خيبة الأمل التي جللت محياه وهو يعاود التمدد ويقول ببرود موجع:
مافيه داعين ترّجين
براحتش مشاعل.. باتي كثر ماتبين.. وبيتش تدلينه
إذا شبعتي من بيت هلش حياش الله

ثم أردف بألم لم يستطع منعه من التسلل لنبرات صوته العميقة:
أنا تعبت في رجا وصلش.. وكل يوم أصبر روحي وأقول بكرة
وانتي ما احترمتي ولا قدرتي إن اللي قدامش رجّال كبته لمشاعره ورغباته شيء فوق الاحتمال
وأخرتها تبين تروحين بيت هلش وأنتي مالش كم يوم راجعة عندي
خلاص مشاعل الرسالة وصلت
ومشكورة

مشاعل شعرت بألم عميق وهي تسب نفسها
كانت تنزف ألما بكل معنى الكلمة.. ألما مزق روحها الشفافة
لأنها تعلم أنها -وفقا لتفكيره- جرحته جرحا عميقا
وكأنها تخبره برفضها لقربه بطريقة مبطنة
(ليتني ما طعت موضي
الحين وش بيرضيه علي
أنا ماصدقت نتصافي
لا حول ولاقوة إلا بالله
يعني ابي أكحلها عميتها)

ارتدت عباءتها بآلية وهي تحاول ألا تنخرط في البكاء أمامه
ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها وآخر ما تراه هو ظهره الطويل المتمدد على السرير
ونزلت بهدوء حتى وصلت للسيارة وركبت جوار موضي
ما إن تحركت السيارة
حتى انكبت على كتف موضي تبكي بهستيرية



************************



بيت فارس بن سعود
بعد الغداء
الجو مشحون تماما في البيت منذ ليلة البارحة
حتى إن أم فارس لاحظت
فالعنود لأول مرة لم تنزل مع فارس صباحا قبل ذهابه لعمله

والمشكلة أنه ليس هناك مشكلة سوى عِند الطرفين
وكل طرف يرى أن الطرف الآخر هو من يضخم الحكاية
العنود لا تريد أن يستهين فارس بمده ليده عليها.. حتى وإن كان لم يقصد
ولكنه بات يعلم أنه دفعها وأوقعها أرضا
وأقل ما يستوجب فعله أن يعتذر لها ويطيب خاطرها
ولكن أن يرفض حتى الاعتراف بخطئه.. وكأن هذا التصرف شيء اعتيادي
فهذا الشيء هي لا ترتضيه لنفسها
لأنها إن سمحت له أن يستهين بها منذ البداية فالاستهانة قد تمتد لمستويات أخرى


وفارس من ناحيته يرى أنها بالغت في الدلال
فهو لم يفعل ما يستوجب أن تغضب منه
فهي تعلم أنه يستحيل أن يمد يده عليها متعمدا
وهي تعلم أنه تغير كثيرا من أجلها
لذا فلابد أن تتقبل طباعه المتأصلة وتتأقلم عليها
ومن ناحية أخرى يرى أنها مدللة كثيرا وهي لم تعد طفلة صغيرة
بل هي سيدة متزوجة لابد أن تتقبل أن الحياة الزوجية لن تكون فصل ربيع مستمر بنسيم عليل
بل قد تعتوره فصول مختلفة وأعاصير ورياح وأنواء
وإن كانت قد اعتصمت بغضب طفولي من موضوع تافه مثل هذا
فكيف ستتصرف في مشاكل الحياة الأكبر؟!!

كانت العنود في غرفتها تفاضل بين عدة فساتين لتختار واحدا تلبسه الليلة

دخل عليها.. سلم بهدوء.. وردت عليه بذات الهدوء

جلس على السرير يراقبها تقوم بمهمتها التي باتت ثقيلة جدا على قلبها تحت مراقبة عينيه

وهو يشعر بثقل أكبر وهو يتمنى أن ينهي هذه السخافة غير المبررة ليزرعها بين أضلاعه ويغمر وجهها بقبلاته

بعد أن طال الصمت همست العنود بخفوت: ممكن أروح الصالون العصر

فارس بكلمة واحدة حادة: لا

العنود تعرف أنه يرفض مطلقا ذهابها للصالونات ومراكز التجميل
ففارس الغيور يرفض أن تخلع عباءتها أو شيلتها في مكان غير بيتها..
وهي اعتادت منذ زواجهما الاتصال بالخبيرات وهن يأتينها للبيت

ولكنها هذه المرة وجدتهن جميعا مشغولات.. لذا همست برجاء: فارس بأروح الصالون القريب بس بأسوي شعري وأرجع بسرعة

فارس بغضب: العنود أنا ما أحكي هندي.. أظني قلت لش لا
وهالموضوع متفقين عليه من بداية زواجنا
وش اللي تغير اليوم؟؟
ثم أردف بنبرة مقصودة: أو وش اللي تغير من البارحة؟؟

صمتت العنود وهي تشعر بتأثر عميق من نبرته الحادة معه
إلى متى وهذه النبرة مستمرة في الحضور بينهما؟!!
هل سيكتب عليها أن تعيش حياتها كلها مع عصبيته وغضبه وغيرته؟!!
وهل ستحتمل هي؟!!
وهل لديها جَلد احتمال فعلي حتى وإن كانت تحبه كل هذا الحب؟!!



*******************************



واشنطن
بعد صلاة الظهر
بيت يوسف

يوسف يدخل إلى بيته ..
كان وجهه متغيرا.. محمرا.. متفجرا.. غامضا.. مريبا..مرعبا.. متألما
يمور بعشرات الانفعالات

كانت باكينام مع جدتيها تجلسن عند المدفأة

يوسف دخل كالسهم وهو يصعد للأعلى
لم يلقِ السلام حتى.. ولم يتوقف

شعرت باكينام بالقلق المتزايد
ترددت .. هل تصعد خلفه؟؟
أو تتركه؟؟
عقلها قال لها أن تتركه.. فيوسف شديد التحكم في أعصابه
واعتاد على التمثيل ببراعة أمام جدتيها
ومادام هذه المرة ولأول مرة لا يمثل أمامهما
فمعنى ذلك أن هناك غضب تجاوز الحد يعصف به

ولكن قلبها أمرها أن تصعد وراءه
لا تستطيع تركه وهي رأت كيف كان وجهه مشبعا بالأسى
قلقها يمزقها عليه

لذا استجابت لقلبها وهي تصعد بخطوات مترددة له
وليتها استجابت لعقلها
لأن يوسف ذاته لم يكن يريد الاحتكاك به وهو غاضب هكذا
أو ربما أراد!!!
لذا عاد للبيت مباشرة بعد مقابلته لمشعل

ولكن دائما لنداء العقل منطقيته
فلوكانت استجابت لنداء عقلها لم تكن لتتلقى جواب يوسف عن سؤالها

حين صعدت وجدته يدور في الغرفة كالأسد الحبيس.. وكأن نيران الحرائق تنفث دخانا من أذنيه

توجهت ناحيته وهمست بقلق: فيه إيه يا يوسف؟؟؟

كان رده المباشر عليها

صفعة حادة
مباشرة قوية على خدها الأيسر ألقت بها على الأرض بعنف

وكان ردها على صفعته
أن نهضت عن الأرض بكل هدوء وهي تتجه للسرير وتخرج حقيبتها الفارغة من أسفله
وتضعها على السرير لتبدأ بوضع ملابسها فيها

يوسف انتبه لفعلته الشنيعة وهو ينظر بذهول ليمناه الضخمة التي تركت أثرا شديد الوضوح على بياض خدها
زالت السكرة وحلت الفكرة
فرغ طاقة غضبه الأولي وبأبسط طريقة ولكن أشنع طريقة

توجه للباب وأغلقه بالمفتاح ووضع المفتاح في جيب بنطاله
يبدو أن فضيحتهما أمام العجوزين قادمة قادمة
أما أنهما ستريان أثار كفه على وجه باكينام وحينها ستندلع الحرب العالمية الثالثة عليه بتحالف تركي إيرلندي
وأما أنهما ستسمعان صوت المعركة التي ستندلع الآن
ولكن أقله أنه هنا يغلق على باكينام وسيحاول أن يتحكم بتعالي صوتيهما

توجه لباكينام بوجهها المحمر وهي تحاول مغالبة دموعها وهي تضع ملابسها في الحقيبة بحركة سريعة جنونية

اقترب منها وأمسك بمعصميها ومنعها من التحرك.. حينها بدأت بالصراخ:
سيبني أنا بأكرهك.. بأكرهك
أنا تضربني بالألم ياحقير.. ياندل

حينها أدارها ناحيته ليلصق ظهرها بصدره ووضع يده على فمها ليسكت سيل شتائمها المنهال بعنف
ويده الأخرى كتف بها جسدها

بدأت ترفس بعنف وهي تحاول عض يده
ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل مع قوته الجسدية التي لم تأثر فيها مطلقا محاولاتها البائسة
رفست مطولا حتى انهارت من التعب
حينها جلس بها يوسف على أرضية الغرفة وهما على نفس الوضعية
ثم مدد ساقيه وأجلسها عليهما
وهمس في أذنها: بس يا مجنونة.. هلكتيني
شوفي أنا هاسيبك بس أوعي تصوطي

ما أن أفلتها حتى انهارت في البكاء وهي تبتعد عنه وتبكي و تدفن وجهها بين ركبتيها وهي جالسة على الأرض
حينها اقترب منها وهمس بعمق: أنا آسف ومش آسف

رفعت وجهها المحمر له وهي تهمس بغضب بين دموعها: وأنا مش عاوزة أسفك وعدم أسفك
أنا باكرهك.. باكرهك.. باكرهك.. ولو فيه حاجة فوء الكره تبئ شعوري ناحيتك

يوسف تنهد بعمق وألم وهو يمد يده ليمسح وجهها ولكنه لطمت يده وابعدتها عنها

يوسف يشعر بألم عميق كثيف ومعقد..
يعرف الآن أنها لم تخنه.. ولم تحب أحدا قبله.. ولكنها لا تحبه هو أيضا.. ومافعله الآن أنهى أي مساحة أو أمل للحب في قلبها

منذ البداية لم تعطه أي دليل على رغبتها في الاستمرار معه
حتى أنها لم تحاول أن تبرئ ساحتها أمامه
تركته يحترق مع شكوكه
جعلته يعيش في أسوأ كابوس قد يعيشه رجل ما
"العيش مع امرأة خائنة .. تفكر في سواه بينما هو يذوب في هواها"

بل تعايش مع مشاعر أشد قسوة ووحشية
تعايش مع احتقاره لنفسه
فهو منذ ظنه بوجود علاقة بينها وبين آخر
تمنى في داخله أن يطلقها وينهي علاقته بها
ولكن قلبه لم يسمح له بهذا.. وأجبره أن يتنازل عن كرامته واحترامه لذاته
ليرتبط بامرأة يحتقرها ويحتقر حبه الجنوني لها
ثم استولت عليه جسدا وروحا
ليكره جسده الذي اكتوى بقربها
ويكره روحه التي ذابت في أطياف روحها
عاش عذابا مأساويا لا يمكن أن يخطر ببال بشر
بين عشقه واحتقاره لها وكراهيته واحتقاره لنفسه

ثم يكتشف وبكل بساطة
أنه لا شيء يربطها بسواه.. وأن كل العذاب الذي عاشه هو نتيجة لغرورها وكبرياءها الذي رفض التنازل والتبرير
أو ربما كان السبب ببساطة أنها تكرهه ووجدت لها طريقة مجانية لتعذيبه والانتقام منه على إجبارها على الزواج به



*****************************



الدوحة
سيارة بيت عبدالله بن مشعل

مازالت مشاعل مستمرة في البكاء بعد أن حكت لموضي كل شيء
موضي تبتسم: بس يا الخبلة.. بسش بكاء.. تنفخين وجهش وتخربين مخططي علي

مشاعل بين شهقاتها: أي مخطط وناصر زعلان علي.. ويظن إني رحت أبيت عند هلي عشاني ما أبيه

موضي تغمز: ليه أنتي صدقتي أنه أنتي بتبيتين عند هلي؟!!

مشاعل ترفع رأسها: عجل ويش؟؟

موضي بنبرة خبث مقصودة: المهم هو يصدق
بس اللي أنتي بتسوينه شيء ثاني

مشاعل باستغراب: ويش؟؟

موضي تتنهد وابتسامتها تتسع: خطة ثورية (ميد ان موضيز مايند)
اسمعي ومخخي



*************************




بيت فارس بن سعود
غرفة العنود وفارس

بعد صلاة العصر بساعة

العنود تستخرج مكواة السيراميك الخاصة بها وتقرر البدء في فرد شعرها
فهي أساسا شديدة المهارة في عمل الزينة والشعر
ولكنها كانت مرهقة لأنها لم تنم جيدا منذ البارحة وكانت تتمنى أن يكفيها أحد عناء المهمة
ولكنها في غنى عن إغضاب فارس ولسبب تافه
تنهدت بعمق.. فبما أن فارس نهاها عن الذهاب لمكان معين.. فيجب أن تطيعه حتى وإن كانت غير مقتنعة

كانت تنتظر أن تسخن المكواة
رن هاتفها.. ابتسمت وهي ترد: هلا علوي

معالي بنبرتها الحماسية المعتادة: هلا مدام فارس..تروحين معنا؟؟

العنود بتساءل: وين؟؟

معالي: بأروح للصالون.. أمانة امشي معي.. بنبسط سوا

العنود برفض: لا ما أقدر

معالي برجاء: تكفين عنودة.. خواتي شعورهم حرير.. ماشاء مهوب محتاجين
أنا الكشة..
ثم أكملت (بعيارة): وبعدين أمي بتروح معنا بودي جارد

العنود بتردد: ما أقدر علوي

معالي تحايلها: يا الله يا الدبة.. كلها شغلة ساعة بنروح الصالون القريب ونرجع
يا الله البسي.. احنا جاينش

لم تعطها معالي فرصة للرد وهي تغلق الهاتف
والعنود تفكر أن فارس لن يعود سوى ليلا
وحتى إن لم يجدها سيظنها ذهبت لبيت أهلها
فلِمَ لا تذهب مع معالي وعمتها؟!!
لذا أعدت أغراضها لتذهب معهم.. وأخذت الفستان لتتركه في السيارة
وتطلب منهم أن ينزلوها عند بيت أهلها

ولكن ما لم تعلمه العنود أن المخططات لا تسير دائما كما خُطط له
وأن طريق السلامة هو طريق السلامة
والمرأة حينما ينهاها زوجها من أي شيء مهما كانت ترى أو تظن أن هذا الشيء تافها فطاعته واجبة

فحينها كان فارس عائدا للبيت.. ولأي سبب؟؟
كان معه هدية للعنود
فهو قرر ختاما أن يكون من يحتوي دلالها
لأنه كان قاسيا عليها وهي ما اعتادت على هذه القسوة
وهو يعلم يقينا أنه يتنفس هواها.. ويذوب من نظرة عينيها
وترتعش عروقه من همساتها
فلِـمَ المكابرة؟؟
إن كان فعلا دفعها أسقطها أرضا..فهي تستحق أن يرضيها
فليس لها علاقة بنواياه.. ولكن بما حدث فعلا
وما حدث أنه كان عنيفا معها حتى وإن لم يقصد هذا العنف
وماهدف له في البداية لابد أن يكون وصلها..وهو أنها لا بد أن تكون أكثر تقبلا لتصرفاته
وتكون أكثر جلدا ومسؤولية

رأى سيارة بيت عمته تخرج من بيتهم.. صعد لغرفته ولم يجد العنود
اتصل بها.. فلم ترد..
فالعنود التي ارتعشت بعنف وهي ترى اسمه يضيء شاشة هاتفها تمنت لو تستطيع العودة للبيت الآن
وهي تشعر بعظم جريمتها التي ارتكبتها.. فلو علم فارس بمخالفتها أوامره فهي لا تستطيع تخيل ردة فعله
فهو يغضب ويحتد دون سبب فعلي.. فكيف عندما يجد له سببا.. وسببا وجيها أيضا

فارس حين لم ترد عليه ترك الهدية على السرير حتى تجدها حينما تعود
ثم قرر الاتصال بعمته ليسألها عن سبب الزيارة ولِـمَ لم تبقَ حتى يراها؟؟

كانت العمة نورة حينها قد أصبحت في الصالون وتجلس في صالة انتظاره
رن هاتفها
- السلام عليكم ياعمة
- هلا ياقلب عمتك
- أشلونش يالغالية؟؟
- طيبة فديتك
- شفتش طالعة من بيتي.. ليه ماقعدتي لين أواجهش أسلم عليش؟؟
- تدل بيتي يأمك والحق لي.. وأنا كنت جاية مستعجلة أبي أخذ العنود
- تأخذينها وين؟؟ (جأتها النبرة غامضة متحفزة مستعدة للانفجار)
- الصالون يأمك



***************************



بعد صلاة العشاء

حديقة بيت محمد بن مشعل
الجو منعش لأبعد حد ويميل لبرودة خفيفة غاية في اللطف
أجواء أواخر شهر فبراير المثالية
الكشافات مسلطة على الحديقة التي امتلئت حتى أخرها بالحاضرات
وأميرات آل مشعل غاية في التألق
ولكن أكثرهن تألقا الليلة اثنتين
موضي...... ومشاعل

بينما أكثرهن انطفاء وعلى غير العادة... العنود
العنود كانت تشعر بتوجس كاتم
لم يسبق لها مطلقا أن خالفت والدها أو أشقائها
حتى فارس منذ بداية زواجهما لم تخالفه في شيء مطلقا
فماذا استفادت من مخالفته؟؟
قلبها مقبوض.. وعاجزة عن التنفس
عاجزة عن تخيل ردة فعله لو علم بما فعلته..
فهو لم يعاود الاتصال بها بعد مكالمته الأخيرة
ولكنها حاولت التبرير أنه مازال يعاند بعد موقفهما البارحة
فمن أين سيعلم أنها ذهبت؟؟!!!!!!


زاوية في الحديقة
لطيفة وشيخة
لطيفة بمودة: يعني شيوخ ما أشوفش إلا في مناسبة أو عزيمة
يأختي سيري علي.. خلي عيالش يلعبون عيالي

شيخة بمرح: يأختي خبرش طلال داخل صف أول ابتدائي.. جنني على الواجبات
الواجب كله صفحة نقعد عليه من الظهر لين ننام
وسميتش ليتني ما سميتها عليش.. أبيها تطلع ذكية مثلش.. طلعت بقرة بعيد عن السامعين.. مهما أدرس فيها ما تفهم

لطيفة تضحك بخفوت: عاد حدش كله ولا لطوف.. حبيبتي هذي
ثم أردفت لطيفة بنبرة جدية: تدرين شيخة اللي يشوف خفة دمش ما يصدق صكتش على ذا البزران
حرام يأختي هلكتيهم بالدراسة.. وهم ماشاء الله مستواهم زين.. والله يخليهم لش ماشفت مثل أدبهم وشطارتهم.. لا تعقدينهم

شيخة برنة حزن غير معتادة: أخاف عليهم يا لطيفة من كل شيء.. وأبي لهم الأحسن.. أنا ما طلعت من الدنيا إلا بذا البزرين
أخاف ربي يحاسبني إذا قصرت في حق ذا الأيتام..

لطيفة تبتسم: ليت كل الأمهات مثلش.. ما يلحقش قصور يأم طلال..

شيخة تبتسم: قلت لي أم طلال ذكرتيني بمسؤولياتي.. خليني أبقق عويناتي
أشوف البنات المزايين.. يمكن ألاقي وحدة ترضى في القرد اللي عندي في البيت

لطيفة تضحك: الله يعين راشد عليش



زاوية أخرى
معالي ومشاعل

معالي (بعيارة): ميشو لا يكون حد قص عليش وقال إنش العروس
وش ذا الزين يا بنية؟؟ ما خليتي للآنسات طالبات النصيب مثلي شي
النسوان يسألون عنش أنتي وأنا ماحد طل في وجهي

مشاعل بحرج: ياحبش للمبالغة بس

معالي تغمز بعينها: أنا أبالغ.. ليه ماطالعتي المرايه.. أو..
أكملت بخبث:
أو.. ما سألتي الخيّال راعي الجليلة؟؟

مشاعل تهرب بخجل: بأروح أشوف النسوان اللي هناك تقهوا وإلا لأ



زاوية ثالثة
موضي ومريم
موضي تجلس بجوار مريم التي كانت مستغرقة في أفكارها العميقة
تهمس بمودة مرحة: وش فيها عروستنا مكتمة؟؟

مريم تنتبه وترد بعذوبة: العروس أنتي

موضي تبتسم: لا خلاص راحت علي.. خربتي علي.. كلتي الجو علينا

صمتت مريم وهي تتنهد بعمق

موضي احتضنت كف مريم واقتربت منها هامسة: ترا سعد رجّال كلن يمدحه
أكيد التوتر شر لا بد منه
بس المهم ما تخلين التوتر يخرب عليش ويضايقش

مريم ربتت على كف موضي وهي تهمس بهدوء عميق: أنا ماني بمتوترة أنا قلقة يا موضي
أنا مرة كبيرة وضريرة..يعني التغيير شيء مرعب بالنسبة لي
أنا كنت عايشة طول عمري على نظام معين تعودت عليه
وتناسيت جانبي الأنثوي أو أني أنثى حتى
والضغط والخوف اللي أنا حاسة فيه ذابحني..
حياة جديدة تلزمها أنثى جديدة بمسؤوليات جديدة
وأنا خايفة أكون حمل ثقيل على سعد

موضي بمودة وعمق: عمرنا مااعتبرناش ضريرة يامريم.. بالعكس كلنا نحس إنش تشوفين أحسن منا كلنا
وأنتي تستحقين كل الخير والسعادة في حياتش مع سعد..
لا تحسسين سعد إنه أنتي حمل
لأنه أنتي عمرش ماكنتي حمل على حد.. ماشاء الله عليش مريم

مريم تتنهد: الكلام مافيه أسهل منه ياموضي.. وأنا اكثر من مارس مهارات الكلام..
بس وقت الفعل.. كل الكلام يتبخر إذا ماكان تحته استعداد للفعل


سكتت موضي وجملة مريم ترن في رأسها
(وقت الفعل.. كل الكلام يتبخر إذا ما كان تحته استعداد للفعل)
لا تعلم لِـمَ بدت لها هذه الجملة موجعة حادة عميقة...... وغريبة..
ربما كانت تحتاج هذه الجملة في حياتها
ولكن من يحتاجها الليلة فعلا هي مشاعل
فهي حشت رأس مشاعل بالكلام والنصائح
ولكن حين يحين أوان الفعل.. تخشى أن تخذلها مشاعل وتهرب



جبهة قريبة
مجلس آل مشعل


مشعل يهمس لراكان الجالس جواره: وش فيهم فارس وناصر مكتمين الليلة؟؟

راكان بهدوء: والله ما أدري.. سألتهم.. وكل واحد منهم يقول مافيه شيء

مشعل باستغراب: يعني فارس بنعديها... أحيانا يكتم بدون سبب معروف ومستحيل حد يعرف وش اللي وراه.. تربيتي وعارفه
بس ناصر مهوب عوايده أبد

راكان بمودة: يا ابن الحلال لا تشغل بالك.. إذا حد منهم عنده مشكلة أو متضايق يعرف يتصرف
ولو حبوا يتكلمون احنا حاضرين..
خلنا فيك.. الوالد يقول أنك تبتي تعتمر على خير الأسبوع الجاي

مشعل يبتسم: إيه طال عمرك.. أتناك توكل على الله وتروح بطولتك
عشان نقط عيالنا على مرتك.. ونروح أنا وأم محمد شهر عسل جديد

راكان يبتسم: يا سلام عليكم.. أنت وأم محمد تروحون شهر عسل جديد
وتقطون شواذيكم على مرتي.. أرجع ألاقيها مستخفة من عيالك

مشعل يضحك: ياويلك من ربي.. عيالي ملايكة مثل ابيهم

راكان بابتسامة: أمّا ملايكة ومثل ابيهم فكثر منها طال عمرك




عودة لحفل النساء

مازالت لطيفة تجلس بجوار شيخة.. رن هاتفها برقم غريب ومميز
ردت بحذر: ألو
جاءها الصوت الأنثوي الواثق الذي عرفته جيدا: هلا أم محمد

لطيفة بذوق رغم استغرابها: هلا أم علي

فاتن بشكل مباشر: عندج 5 دقايق نتكلم؟؟

لطيفة بحذر: دقيقة واتصل لش

لطيفة استاذنت من شيخة وتوجهت للداخل وأغلقت على نفسها في غرفة فارغة واتصلت بفاتن: هلا أم علي.. أخدمش بشيء؟؟

فاتن بثقة: أتمنى إنج تقدرين تخدميني

لطيفة بحذر وتحفز: تفضلي

فاتن بمهنية: اسمعيني يأم محمد.. أنا بيزنس ومن.. وكل شيء في حياتي واحد زائد واحد يساوي اثنين إلا ولدي علي.. هو عندي كل شيء
وعشانه مستعدة أسوي كل شيء.. واعترف إني فاشلة في تربيته لأني دللته زيادة عن اللزوم
علي محتاي ريال شديد يحكمه..

لطيفة باستغراب رغم انها بدئت تشتم رائحة غير مريحة: طيب أم علي.. وأنا بويش أقدر أخدمش؟؟

أم علي بثقة: أنا في كل رجال الأعمال اللي عرفتهم.. ماشفت حد مثل أبو محمد
وشفت بنفسي أشلون يتعامل مع عياله.. وعياله سابقين سنهم
خليني أكمل ولا تعصبين.. أنا أتكلم في بيزنس از بيزنس.. لأنه بيني وبين مشعل شغل وايد
أدري أبو محمد يحبج وايد.. وأنا بعد التفكير شفت إنه هالشي أريح لي
أنا أصلا موب حمل زوج ولا اتحمل تحكم ريل فيني... أنا أبي أبو لولدي وبس..حد ولدي يخاف منه ويعمل حسابه....

كانت فاتن مازالت ستكمل شرح وجهة نظرها الغريبة لولا أن لطيفة قاطعتها وهي تقول ببرود:
بصراحة عمري ماشفت قلة حيا كذا.. متصلة تبيني أوافق أنش تزوجين رجّالي
وأكيد إنش ما اتصلتي لي إلا عقب ما فشلت محاولاتش مع مشعل وماعطاش وجه.. فتبين تدخلين له عن طريقي
اسمعيني يام علي..دام انش منتي بعارفة تربين ولدش.. ولاهية في مشاريعش ومطاردة الرياجيل..و تبين حد يربي ولدش..
هذا أنتي عندش فلوس وخير... دخلي ولدش أكاديمية القادة وأنا متأكدة أنهم بيحكونه لش ويطلعونه رجّال
ومشعل مالش شغل فيه.. واحترمي نفسش وولدش

ثم أنهت لطيفة الاتصال وهي تغلي من الغضب.. فمجرد تفكيرها أن فاتن عرضت نفسها على مشعل أشعل غيرتها لاقصى حد
وهاهي لطيفة تشتعل.. وتشتعل.. وعلى وشك الانفجار
نعم هي كانت تظن أن فاتن قد تكون تخطط على مشعل.. لذا كانت تستعيذ بالله من سوء الظن..
ولكن أن تتيقن أن الظن أصبح حقيقة فهذا شيء لا يمكن أن تحتمله.. لا يمكن


(أكاديمية القادة.. لمن هم خارج قطر.. هي مدرسة أولاد داخلية بنظام عسكري صارم..
تستقبل الطلاب من الصف السابع حتى ينهون الصف الثاني عشر بنظام البكلوريا الدولية)


*******************************



انتهى الحفل
وعاد الجميع كلٌ إلى بيته
وهناك أربع جبهات
اثنتين منها على وشك الاشتعال
واثنتين على أبواب التحفز

راكان وناصر
كلاهما يدخلان باحة البيت قادمان من المجلس
ناصر لو كان الأمر بيده
لم يكن ليرجع للبيت.. فهو يشعر بضيق عميق
كلما اعتاد على وجودها العذب جواره
استكثرت عليه حتى هذا الوجود
استكثرت عليه متعته بمجرد وجودها جواره
أي حياة هذه؟؟!!
أي حياة؟!!
وإلى متى ستكتب عليه هذه الحياة الجافة؟!!
تكاد عروق قلبه تجدب من الجفاف والقحط
تكاد مشاعره تذوي وتضمحل يأسا واشتياقا


راكان يدخل إلى بيته وهو يشير لناصر بالتحية
بينما ناصر توجه لداخل البيت بخطوات ثقيلة مثقلة
وهو يصعد الدرج متوجها لغرفته



**********************



بيت فارس بن سعود
غرفة فارس والعنود


العنود وصلت أولا.. فهي لم تستطع البقاء حتى انتهاء العشاء حتى
فشعورها بالضيق والندم خنقاها
لذا قررت القدوم مبكرة لانتظار فارس والاعتذار له عن خروجها اليوم دون أذنه
فالخطأ يُبنى عليه أخطاء
وهي غير مستعدة لبناء حياتها مع فارس على سلسلة من الأخطاء
ولطالما كانت قادرة على امتصاص غضبه بلباقتها ورقتها
فلتحاول هذه المرة.. وبجدية


دخلت بخطوات متوترة مترددة
وجدت كيسا فخما على السرير
شعرت بتوتر أكبر
اقتربت وفتحت البطاقة المعلقة على الكيس
كان خطه الأنيق يتلوى بفخامة على الفضاء الأبيض
لينغرز في عمق قلبها الموجوع والنادم والمتوتر

"لحبيبتي اللي مايهون علي زعلها
الله لا يحرمني منها

فارس"


لم تستطع فتح الهدية
فهي تمددت على سريرها وانخرطت في بكاء حاد
فالألم كان أكبر من احتمال قلبها الغض
بكت كثيرا ومطولا..
لم تعلم كم مضى عليها وهي تبكي
نص ساعة!! ساعة ربما

حتى تعبت من البكاء.. وحان أوان الفعل
نهضت من سريرها وقررت أن تستحم
فوجهها اختلطت ألوانه
وشعرها أصبحت تكره تسريحته التي كانت سبب خروجها بدون إذن فارس
وهاهي تريد أن تعيد شعرها لطبيعته

استحمت
ثم صلت
ارتدت قميص نوم أنيقا وتأنقت كما لم تتأنق قبلا

ثم عادت بخطوات مترددة لفتح الهدية
فهي قررت أن تلبسها حتى يراها فارس عليها عندما يعود
فتحت العلبة بأنامل ترتجف
كانت سلسلة ناعمة من الذهب الأبيض
يتدلى منها قلب ماسي يحتضن كلمة ألماسية مرصعة بالألماس
(أحـــبــــك)

شعرت بألم أكبر.. وأكبر
والكلمة تنغرز في عمق قلبها المثقل
(أحبك)

(وأنا أيضا أحبك فارس
أحبك أكثر مما يمكنك أن تتخيل
أعلم أنك قاسٍ وأنا مدللة
ونختلف كثيرا
ولكني أحبك حتى آخر نبض وشريان
أقسم أني أحبك)

كانت تريد العودة للبكاء وتأثرها العميق يغلبها ويهز مشاعرها
ولكنها حاولت مغالبة دموعها وهي تتناول السلسلة بارتعاش وترتديها
كان منظر السلسة على نحرها الرائع أكثر من مبهر
ولكنها شعرت كما لو أن ملامسة المعدن لبشرتها كملمس النار
وهي تنظر لانعكاس صورتها في المرآة
حينها دخل عليها فارس



*************************



بيت مشعل بن محمد
غرفة لطيفة ومشعل


لطيفة عادت أيضا أولا من أجل أولادها
تأكدت أنهم ناموا جميعا
ثم بدأت تدور في البيت كالأسد الحبيس
قررت أن تستحم لتهدئ أعصابها ثم صلت
ولكن أعصابها مازالت تشتعل
فهي تعلم تماما أن فاتن لم تكن لتتوجه إليها لو لم تكن يأست من استجابة مشعل
لطيفة لا تشك مطلقا في مشعل
ربما لو كان هذا الموقف حدث قبل عدة أشهر لكانت لطيفة شعرت بالجزع
ولكنها تعلم الآن أنها تحكم سيطرتها على قلب مشعل
ولكن كل هذا لا يمنعها من الاحتراق غيرة.. الاحتراق حتى الترمد
فلطيفة مغرمة حتى أقصى خلاياها وشرايينها بمشعل
وفاتن قررت أن تلعب بورق مكشوف.. ولطيفة لا تحتمل مطلقا فكرة وجودها قريبا من مشعل بعد أن أعلنت نواياها.. حتى وإن كان لمجرد العمل
فالمثل الشعبي يقول (كثر الدق يفك اللِحام)
ولطيفة تخشى أن يكون قرب فاتن من مشعل "هو الدق اللي يفك اللِحام"


لطيفة كانت جالسة على الأريكة.. غارقة في أفكارها
دخل عليها مشعل لم تنتبه لدخوله ولا حتى للسلام الذي ألقاه
لم تنتبه حتى شعرت باحتكاك شعيرات عارضه بخدها وهو يلصق خده بخدها ويهمس: اللي ماخذ عقلش

تنهدت لطيفة: أنت اللي ماخذ عقلي..

ابتسم مشعل: ياحظي اللي خذت عقل شيخة الحريم

عاودت لطيفة التنهد: اقعد حبيبي أبيك في موضوع مهم

مشعل جلس جوارها واحتضن كفها: آمريني ياقلبي

لطيفة تحاول التمسك بالهدوء: مشعل أنا عمري ما تدخلت في شغلك.. صح؟؟

مشعل بهدوء: صح

لطيفة بذات الهدوء: بس لما شغلك يتدخل في بيتي وحياتي.. ما أقدر أسكت

مشعل بحذر: والمعنى؟؟

لطيفة تتنهد بعمق ثم تلقي جملتها كالقنبلة: أبيك تفسخ كل شغل بينك وبين فاتن الفرج

مشعل بغضب مفاجئ: نعم؟؟

لطيفة بهدوء مازالت تحاول التمسك به: أظني أنك سمعتني عدل

مشعل يعاود البرود: آسف ما أقدر

لطيفة هذه المرة من ردت بغضب مفاجئ: نعم؟؟

مشعل بهدوء بارد: أظني إنش أنتي الحين سمعتيني عدل

لطيفة من بين أسنانها: وممكن أعرف السبب

مشعل بهدوء: لطيفة أنا ماني بمستعد أخلي غيرة النسوان تخرب شغلي
يعني قال لش إني ماني بمنبه لحركات فاتن من سنين
ولو أنا بعطيها وجه كان عطيتها من زمان.. يعني أنا ما التفتت لها قبل ما نتصافى
ألتفت لها الحين

لطيفة بمناشدة: تكفى مشعل عشان خاطري.. أدري إنك أنت منت بمتفكر فيها
بس أنا باجن من الغيرة وانا عارفة إنها طامعة فيك وجنبك

مشعل بهدوء وهو يقف كاعلان لإنهاء الحوار: أنا آسف لطيفة
أنا ما أشوف في ففاتن إلا شريك شغل مثلها مثل أي رجّال
وبيني وبينها شغل بالملايين.. هذي عقود وسلفيات بنك وشروط جزائية.. مهوب لعب
والمجمع الأخير اللي نسويه لها بيقفز بشركتي قدام.. ماني بمستعد أخاطر بذا كله عشان أفكار في رأسش أنتي
أنتي تاكدي إن القلب مافيه غيرش.. بس شغلي مالش دخل فيه

حينها لطيفة تنهدت بحزم: مشعل أنا ماني بغبية
أدري إنك تقدر تحول شغل مجمعها لأي شركة
وأي شركة تتمنى تسوي مجمع مثل ذا

حينها رد مشعل عليها بحزم أكبر: وأنا بعد ماني بغبي
وهذا أنتي قلتيها ..أي شركة تتمنى تسوي مجمع مثل مجمعها..
فليش أعطيه لأي شركة على طبق من ذهب عقب ما مهندسيني أنا خلصوا تصاميمه
وخلصنا تعقيدات تراخيصه.. وبدينا الأساسات..
وش استفدت أنا؟؟
عدا أنه تحويله لشركة ثانية لازم فاتن توافق عليه عشان ما تقاضيني.. مهوب قراري بروحي

لطيفة بغضب: يعني ويش؟؟ خايف منها؟؟ وإلا خايف على مشاعرها؟؟

مشعل يتناول غترته ويقول بحزم غاضب: أنتي اللي ما أدري أشلون تسمعيني
أقول لش خساير مالها حد لشركتي.. وأنتي راسش مافيه إلا فاتن
أنا بأروح للمجلس ساعة وأرجع.. تكونين فكرتي وهديتي
قبل ما أعصب أنا.. وأقول شيء يزعلش مني

مشعل خرج من الغرفة ولكن لطيفة المرأة المطعونة بوهم الغيرة كانت مازالت تشتعل
فكل ما خرجت به من الحوار العقيم من وجهة نظرها هو أن عمل مشعل مستمر مع فاتن.. وهذا الشيء يستحيل أن تحتمله
كان مشعل قد وصل لأسفل الدرج وتبقى سلمتين اثنتين حين وصلته
وأمسكت بعضده وهو تهمس من بين أسنانها بخفوت
والغضب والغيرة يحولان تفكيرها في اتجاه كلمات لا تقصدها بحذافيرها: وقف كلمني مثل الرياجيل
مهوب تطق وتخليني احترق

حينها التفت لها مشعل بحدة وعيناه تطلقان شررا مرعبا وصوته يشتعل وهو يصر على أسنانه..
فرغم الغضب الذي التهم الاثنين إلا أن ابنائهما كان حاضرين في تفكيريهما كلاهما ..وهما يخفضان أصواتهما حتى لايسمعونهما:
هذي اخرتها لطيفة.. أنا ماني برجّال عشان أوقف أكلمش مثل الرياجيل

لطيفة بغضب عارم حمله صوتها المكتوم: لا منت برجال.. لو أنك رجّال ماكان خفت من مرة

كان رد مشعل عليها

ولأول مرة

وبعد أكثر من ثلاثة عشر عاما من العشرة


صفعة قوية
جعلتها تتعثر عبر السلمتين الباقيتين لتسقطها على الأرض بحدة



*****************************



عودة لغرفة فارس والعنود

كان منظر السلسة على نحرها الرائع أكثر من مبهر
ولكنها شعرت كما لو أن ملامسة المعدن لبشرتها كملمس النار
وهي تنظر لانعكاس صورتها في المرآة
حينها دخل عليها فارس

انتفضت بعنف حين دخل
وانتفضت بعنف أكبر وهي ترى وجهه المتغير
وقبضته التي كان يعتصرها ويبدو كما لو كان يحاول مغالبة غضب لا حدود له

توجه ناحيتها وهو يقترب منها بخطوات ثابتة
والعنود تتراجع للخلف وهي تشعر برعب حقيقي مؤلم
كانت تتراجع وهو يتقدم حتى حجزها السرير فوقعت جالسة عليه
حينها أنحنى وهو يغرز أصابع كفيه في عضديها العاريين ليوقفها بحدة
تقافزت دموعها من عينيها وهي تشعر بألم اعتصاره لعضديها وترى عن قرب عينيه الناعستين وهما تشتعلان غضبا متوحشا
همس بصوت بارد حاد غاضب: وين رحتي اليوم بدون حتى ما تعطيني خبر؟؟

حينها انفجرت في البكاء : آسفة فارس.. آسفة
والله ما أعيدها.. والله ما أعيدها


كان رده عليها كرد من رباه.. رغم اختلاف موقف المرأتين
فإن كانت الأولى تحدت وأهانت بدون خوف
فإن الثانية كانت تذوب خوفا ووجلا وهي تناشد وتترجى وتعتذر
وإن كان من رباه حاول بالفعل أن يتفادى هذا الرد
فإن فارس كان يتقدم إليها وهذا الرد هو كل ما يلتهم تفكيره وهو بظنه ما سيطفئ نار غضبه عليها


كان صوتها الباكي.. صوتها الساحرالذي لطالما أذاب قلبه عامرا بالرجاءات الموجعة:
آسفة حبيبي.. والله إني ندمانة..
تكفى لا تزعل علي.. أمنتك الله تسامحني
والله ما أعيدها.. تنقص رجلي لو خطيت برا البيت من غير أذنك
أو رحت مكان أنت ما ترضاه
آسفة.. والله إني آسفة
.................

قطع سيل كلماتها الموجع

صفعة موجعة ألقت بها على السرير


#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 17-08-09, 11:55 AM   المشاركة رقم: 82
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نهارات الإشراق والبهجة والإشتياق
كتب الله لكم في كل خطوة توفيق ورحمة ومغفرة وسعادة
وجعل أيامكم ولياليكم عامرة بالبركة والرحمات
.
.
اليوم نوقف شوي عند الغوالي اللي قالوا إن استفزاز لطيفة لمشعل تصرف يختلف عن شخصية لطيفة مثل ما أنا رسمتها
لهالغوالي أقول:
أنا قد ما أقدر حريصة جدا في رسم الحوار وصنع كل شخصية وحتى تناقضاتها على المدى البعيد
أكيد هذا عمل انساني ولازم يصير فيه نقص لكني أحاول قد ما أقدر أكون دقيقة
وأنا كثير أعطي إشارات لأشياء بتصير عقب..
ارجعو للبارتات الأولى أيام زعلة لطيفة من مشعل
تذكرون ثاني مرة عصبت عليه؟؟
طولت لسانها عليه واتهمته إنه عمرها ما احترمها ولا قدرها
فهو قال لها اتقي الله لا تبهتيني وتكونين من مكفرات العشير
وعقبه سبته وقالت له ياحقير.. فهو قال لها: أنا سمحت لش تعصبين بس ما اسمح لش تسبين وذا المرة باعديها لش بس ثاني مرة لا

يعني يا نبضات القلب
لطيفة موب أول مرة يخونها التفكير المنطقي عند مشعل وغيرتها عليه
ومشعل سبق له حذرها ما تطول لسانها عليه
.
.
ونجي عند توقع قديم جدا أنا ما هضمته من أول مرة واستغربت رجعته الحين
وأنا قبل ما تكلمت عنه لأني ما أحب أوجه تفكيركم
لكني كنت مستغربة إنه كثير من قارئاتي العتيدات الأثيرات توقعوه زمان
لكن إنه يستمر حتى الحين... فغريبة!!!
فاليوم باتكلم عنه
(زواج راكان من معالي)
نبضات القلب اللي شافو معالي تناسب راكان
الحين بنت مراهقة في ثاني ثانوي عمرها 17 سنة فيها تهور الشباب وانطلاقه
تناسب راكان اللي عمره 30 وشخصيته تتسم بالهدوء والعمق؟؟؟!!!
لا وتذكرون إن راكان قال لموضي إن طبيعة شغله تفرض على زوجته مجاملة زوجات زملائه في الديوان
هل تعتقدون إن معالي تنفع لحياة الاتيكيت هذه والقيود والمجاملات ؟؟أو تنفع قبلها أن تكون زوجة تحتوي راكان ووجعه وعمقه؟؟!!
.
.
بارت اليوم
بارت صغنون شوي بس كثيف
وموعدكم الجاي ماراح يكون بعيد إن شاء الله
بيكون بعد بكرة الأربعاء الساعة 11 قبل الظهر
وبيكون البارت الأخير قبل رمضان إن شاء الله
وهذا أنا كتبت منه كثير لكني أبيه يكون جزء طويل طويل عشان يرضيكم
والله العظيم باشتاق لكم
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
. لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


أسى الهجران/ الجزء الثاني والتسعون



واشنطن
بيت يوسف
غرفته تحديدا


مازال الاثنان يجلسان على الأرض
باكينام تسند ظهرها للحائط.. تحتضن ساقيها المثنيتين وتدفن وجهها بين ركبتيها وتبكي
بكت كما لم تبكِ طوال عمرها
ويوسف كان يجلس جوارها وهو يمدد ساقيه الطويلتين
وينظر أمامه إلى اللاشيء وصوت بكاءها يمزق أوردته وينثر دماءها

لم يعلما كم مضى عليهما من الوقت وهما على هذا الوضع البائس المحزن
وكلاهما غارق في أساه وبحر مشاعره المتلاطم الأمواج

كان يوسف أول من تحرك وهو يحرك جسده ليجلس جوار بكينام بشكل معاكس وهو يثني ركبتيه ويلصق قدميه بالحائط
ثم يمد يديه ليرفع رأسها
حاولت أن تقاومه بشدة ولكنها لم تستطع منعه وهو يرفع وجهها إجباريا
وتغرق عيناه في بحر عينيها الخضراوين التي أصبح بياضهما إحمرارا موجعا
وخطان لا يتوقفان يسيلان على خديها
وأثر كفه بدا شديد الوضوح والاحمرار على صفحة خدها الثلجي

ثبت وجهها بكفيه ثم همس لها من قرب بنبرة شديدة العمق ومغرقة في الوجع:
أنا بحبك يا باكينام

انتفضت باكينام بعنف وشرايين قلبها تتهاوى وهي تسمع اعترافا لم تتوقع أنها قد تسمعه يوما
الاعتراف المستحيل وجعا وألما وشجنا
الاعتراف الذي حلمت به وتمنته.. وظنته حلما بعيدا المنال
هاهي تسمعه من رجل حياتها وبنبرته الموجعة

ولكنها سمعته في وقت متأخر... متأخر جدا
ربما لو كان اعترف لها بمشاعره من قبل.. لكانت اعترفت بعشقها له وأنه الرجل الأول والأخير في حياتها
ولكن الآن.. لا.. لا
لا..
لا..

اقترب أكثر وهو يهمس بعمق أكبر ويشدد احتضانه لوجهها حتى لا يسمح لها بإبعاد عينيها عن مدى عينيه:
أنا مش بحبك بس
أنا بعشئك.. باتنفسك..
كل نبض في ئلبي ليكي
وكل نئطة دم اسمك مكتوب عليها

حاولت باكينام أن تهرب من كلماته التي لا تريد سماعها.. تتأخر للخلف
لولا أن الحائط احتجزها
ووجهها الساكن بين كفيه مثبت بين أنامله
قرب وجهه من وجهها ليمنعها من محاولة الهرب وليغمره بقبلاته
لكنها حينها بدأت بالصراخ: لأ.. لأ
الوش اللي ضربته ما تحلمش ترجع تبوسه

يوسف وضع يده على فمها وهو يهتف بحزم: باكي ما تفضحيناش في ستاتك

باكينام أزالت يده بغضب: هو أنته هامك فضيحة وإلا غيرها
لحد هنا وكفاية يا يوسف
ليلة جوازنا واحنا لسه في مصر لما شديت شعري..
ئلت لك لو مديت إيدك عليا تاني
هاخربها وائعد على تلها.. ولا يهمني بنت دبلوماسي ولا ابن عمدة
واديك الليلة مش مديت ايدك بس
اديتني بالألم على وشي ومن غير سبب
خلاص خلي ستاتي يعرفوا كل حاجة.. لأنك الليلة هتطلئني هتطلئني

يوسف يتجاهل كل ماقالته ويهمس بعمق موجوع:
ليه ما ئلتيليش إن الراجل اللي كنت بتزوريه يبئى ابن عمة صاحبتك؟؟
هان عليكي تعزبيني بالشك كل ده؟!!

باكينام انتفضت بغضب: كده يا هيا.. طيب حسابك معايا
ده وأنا منبهه عليها ما تئولش ليك

يوسف بصدمة: وكمان منبهة عليها ما تئولش.. للدرجة دي بتكرهيني؟؟!!
وكنتي مبسوطة وأنا بتعزب؟!!

باكينام بحدة: وئتها ماكنتش باكرهك.. وكان عندي استعداد أعيش معاك
لكن أنته سمحت لنفسك تشك فيا
وأنا كان مستحيل أسمح لك تحطني في موضع شك
لأنو عمري ما كنتش موضع شك.. واخلائي فوء مستوى أي شك
ومفترض إنه البنت اللي انته حفيت عشان تتجوزها وغصبت عليها تتجوزك
وسلمتها اسمك وشرفك يكون عندك ثقة فيها

يوسف من بين أسنانه: ومفترض إنه الست المتجوزة لما جوزها يسألها تجاوبه
وتكون ئد ثقته فيها
يعني كان هينئص منك رجل والا إيد لو كنتي ئلتي لي إنه مافيش حاجة بينك وبينه

باكينام ببرود ساخر: وأديك عرفت.. كان مكافئتي على محافظتي على شرفك الغالي إيه؟؟
ضربتني زي كلبة

يوسف بغضب موجع: أنا مجروح أوي من اللي عملتيه فيا.. وفي النهاية يكون كل عزابي من غير سبب
حرام عليكي اللي عملتيه فيا.. انا اتعزبت عزاب مستحيل يخطر ببالك

باكينام بغضب موجع مشابه: وأنا تعزبت أكثر
ومش مستعدة أكمل حياتي في العزاب ده
طلئني يا يوسف.. طلئني



*****************************



بيت مشعل بن محمد
الصالة السفلية


فور وقوع لطيفة الموجع على الأرض
انتفض مشعل بجزع وهو يركض لينحني عليها
ويهمس لها بجزع حقيقي: لطيفة حبيبتي أنتي بخير؟؟

لطيفة اعتدلت ومشعل يساعدها وهي تجلس بشكل مائل على وركها وتستند على كفها دون أن تنظر ناحيته

مشعل بألم: الله يهداش لطيفة أنتي شايفتني معصب
وأبي أخلي البيت
وأنتي إلا تلحقيني وتستفزيني..
السموحة يأم محمد.. تنقص يدي لو مديتها عليش مرة ثانية
السموحة يالغالية

لطيفة مازالت عاجزة عن النظر ناحيته
تجلس على ذات الوضعية وهي تشعر بألم حاد في أسفل بطنها وأسفل ظهرها
ولكن كل الآلام الجسدية تهون أمام ألم الروح الذي لا حدود له ولا مساحات
ألم الروح الذي تشعر به يخنقها.... يبعثرها..... ينهيها

لم يخطر ببالها ولا حتى في أسوأ كوابيسها أن مشعلا قد يضربها يوما
وبعد مرور كل هذه السنوات
وبعد هذه العشرة الطويلة
يمد يده عليها
تعلم أنها أخطأت باستفزازه.. ولكنها لم تظن أنه مهما غضب قد يضربها يوما
شيء ما انكسر في روحها
شيء عظيم وثمين وشديد السمو

مشعل مازال هو من يتكلم: تكفين يا قلبي ردي علي..

لطيفة تكلمت أخيرا.. بصوت خال من الحياة: مشعل روح الحين
خلني لين أهدأ

مشعل بتردد موجوع: بس لطيفة...

قاطعته بنفس النبرة الميتة وهي تستند على الأرض بكف وتضع الكف الأخرى على أسفل بطنها:
خلاص مشعل.. إذا لي خاطر عندك.. روح



************************



بيت فارس بن سعود
غرفة فارس والعنود
الغرفة التي ستصبح لفارس وحده الليلة


مرت لحظات ساكنة مثقلة
العنود ترتمي على السرير وأثر كف فارس واضح جزئيا على صفحة خدها الناعم
بينما فارس واقف كتمثال حجري دون أن ينظر ناحيتها
كان يعتصر كفه وندم عميق عميق يتسلل لروحه
يتذكر الآن رجاءاتها الموجعة وبكاءها المؤلم
يشعر بالألم والندم يمزقان روحه
فهي لم تكن مطلقا بالعنيدة أو المكابرة على الخطأ
اعترفت فورا بخطئها..وبكت بكاءها الذي ينحره
كان يستطيع تأنيبها بالكلام.. ويعلم أنها حتى الكلام بالكاد تحتمله لشدة رقتها
فلماذا يجرحها ويهينها بصفعها على وجهها؟؟!!
ألم يجد له حلا آخر؟؟ أو وسيلة أخرى؟؟

العنود نهضت دون أن تنظر إليه.. دون أن تعاتب.. دون أن تبكي.. دون أن تتكلم
توجهت لدولاب عباءاتها وارتدت عباءة مغلقة كالثوب فوق قميص نومها
فارس فُجع وهو يراها ترتدي العباءة.. ولكنه لم يتحرك من مكانه..
ولم ينطق بحرف وعزة نفسه تمنعه من التنازل أو التصرف وهو يراقبها بطرف عينه
ارتدت شيلتها كيفما اتفق على رأسها

ثم توجهت بخطوات ثابتة هادئة لباب الغرفة
خرجت
وأغلقته خلفها بذات الهدوء



**************************



واشنطن
شقة مشعل


مشعل يعود للشقة بعد مقابلته مع يوسف ثم توجهه للجامعة

يدخل بهدوء وهو يبحث عن هيا.. وجدها في المطبخ.. تضع الملح في قدر الغداء

سلم بمودة وردت عليه وهي تبتسم.. اقترب منها واحتضنها من الخلف
ثم همس في أذنها: يا قلبي يا هيا ألف مرة قايل لش لا عاد تعبين نفسش

وضعت كفها على خده وهي تهمس برقة: والله العظيم انطونيا توها طالعة الحين
استأذنت تبي تجيب ولدها من المدرسة توديه للبيت وبترجع.. يعني هي قطعت كل شيء وغسلت كل شيء.. وهي اللي حمست
أنا بس بهرت وملحت

مشعل بابتسامة شاسعة: زين تعالي للصالة عندي لش بشارتين

هيا خلعت المريلة وتوجهت خلفه
جلست قريبا منه وهمست بفضول: يالله بشرني

مشعل بابتسامة دافئة: البشارة الأولى.. خلصنا من موضوع يوسف
والرجّال بان عليه التأثر واجد ولو أنه حاول عقب يبين أنه الموضوع عادي

هيا بسعادة: الحمدلله.. والله العظيم انبسطت بذا الخبر

مشعل بمودة وسعادة حقيقية: انتظري الخبر الثاني وانبسطي أكثر

هيا بفضول أكبر: يالله حبيبي بلاها حرقة الأعصاب ذي

مشعل بابتسامة شاسعة: موعد مناقشتي قدموه من شهر 7 لشهر 5 يعني بأخلص معش
وبنرجع للدوحة قبل موعدنا بشهرين

هيا قفزت لترتمي في حضنه وتحتضن عنقه وهي تهتف بسعادة: جد مشعل؟؟ جد؟؟

مشعل يحتضنها بحنو ويهمس: وهذا موضوع فيه مزح



*****************************



بيت محمد بن مشعل
قسم راكان

راكان دخل بخطوات هادئة رزينة وهو ينادي: موضي موضي

ولكنه لم يحضَ بجواب
دخل للداخل وهو ينادي ويبحث عنها
ولكنه لم يجدها

استغرب.. أين ستذهب في هذا الوقت المتأخر من الليل؟؟

توتر نوعا ما.. وقلق ما يتسلل لروحه
كان على وشك الاتصال بهاتفها لولا أنه سمع صوت باب البيت يُفتح

توجه للصالة
كانت تعطيه ظهرها وهي تخلع جلالها بخفة وتطويه

التفتت لتجده أمامها
انتفضت بخفة.. ثم ابتسمت: خوفتني.. تنحنح.. قل شيء

بقي صامتا للحظة وعيناه تطوفان بكل تفاصيلها
لا يعلم لِـمَ منظرها الفاتن أشعره بالألم.. الكثير من الألم
ألم عميق في قرارة قلبه.. في أعمق نقطة في قلبه..
يراها تحفة فنية نادرة غاية في البهاء.. يشتهي فقط أن يتحسس وجهها
حاجبيها.. أهدابها.. حد أنفها .. خديها.. شفتيها.. ذقنها
أن تعانق أنامله تفاصيلها الباذخة روعة الموغلة حسنا
أن يفكك خُصل شعرها الملتفة في حلقات لولبية خصلة خصلة

ولكنها كأي تحفة ثمينة كُتب عليها "ممنوع اللمس"
لذا فلابد أن يكتفي مجبرا بمجرد النظر

ابتسم لها وهو يرد بعمق ودود: بصراحة أنتي اللي خوفتيني

موضي باستغراب: أنا؟؟

راكان بابتسامة: ايه أنتي.. ولسببين
أول شيء خفت عليش لما لقيتش

موضي تبتسم: كان عندي مهمة في البيت العود.. خلصتها وجيت
وش ثاني شيء؟؟

راكان بنبرة عمق مقصودة: ثاني شيء خفت منش لما لقيتش

موضي بحرج حزين وهي تلف إحدى خصلاتها على أصبعها بتوتر:
شكلي يخرع يعني؟؟ ما عجبتك؟؟

راكان اقترب منها حتى وقف خلفها ثم همس في أذنها بعمق موجع:
ماعجبتيني؟!! صاحية أنتي؟!!
أنتي الليلة جمالش خطير ويخوف

موضي تبتعد عنه وعن دفء أنفاسه على أذنها الذي بعث قشعريرة حادة في كل جسدها
وتهمس بخجل: دايما تحب ترفع معنوياتي

راكان يبتسم وهو يجلس: رفع المعنويات للي يحتاجونه.. لكن أنتي ما تحتاجين

موضي جلست وهي تبتسم لتسأله بمودة: شأخبار التدريب اليوم؟؟

راكان بهدوء: تمام.. دعواتش بالذهبية

موضي تبتسم: إذا على الدعاء أنا بأدعي لك واجد اللهم استجب
المهم تكون مستعد

راكان بثبات: وأنا مستعد إن شاء الله
ثم أردف: أقولش سر؟؟

موضي بحذر: قول

راكان بجدية: هذي البطولة بتكون آخر بطولة أشارك فيها
عقبها باعتزل البطولات.. عشان كذا أقول يا الله ذهبية.. عشان يكون اعتزال مشرف

موضي باستغراب: توك راكان على الاعتزال
يعني الرماية مهيب رياضة مرتبطة بالعمر مثل الكورة وإلا السباحة
دام يدك ثابتة تقدر تشارك.. يعني ممكن توصل 45 سنة وأنت تشارك في البطولات

راكان هز كتفيه وابتسم: خلاص كفاية علي شغلي.. وانا توني استلمت رئاسة قسم
وكفاية علي من ناحية ثانية الشطرنج.. ولو أني ناوي بعد أقلل مبارياتي فيها

موضي بعفوية: أحسن.. خلك جنبي

موضي شعرت بحرج بعد خروج جملتها العفوية وراكان ينظر لها بعمق
تحججت بتبديل ملابسها لتهرب من أسر نظراته

وراكان تنهد وهي يرى خيالها الهارب
(ليتكِ تعلمين أن هذا هو السبب الوحيد
أريد البقاء إلى جانبكِ
أريد التخلص من كل ماقد يبعدني عنكِ
سابقا كنت أريد ما يشغلني ليملأ خواء حياتي ويشغلني عن برودة أيامي
ولكني أشعر الآن أن حياتي ممتلئة.. ممتلئة تماما
ممتلئة بكِ ومن أجلكِ
لم أعد أعرف سر هذه الغرابة
أو ماذا فعلتي بي
وماعاد يهمني
المهم أن نبقى معا.. وتبقين لي وحدي
لي وحدي فقط)




*****************************



قبل ذلك بوقت
بيت محمد بن مشعل


ناصر يصعد بخطوات مثقلة
كانت موضي تغادر غرفته للتو
حين سمعت صوت الخطوات على الدرج.. اختبئت حتى تأكدت من دخول ناصر لغرفته
وهي تحمدالله على خروجها قبل وصول ناصر وإلا كانت كل مخططاتها باءت بالفشل
التفت بجلالها وهي تنزل الدرج بسرعة لتتوجه لبيتها
بعد أن وصت مشاعل أن تقول لناصر أن المخطط كاملا هو من تخطيطها هي وألا تذكر اسم موضي
حتى يتأكد أنه هو من يشغل تفكيرها فقط


قبل ذلك بلحظات

ناصر يقف أمام باب غرفته
يتنهد بعمق
يشعر بضيق عميق.. ويتمنى لو يعود أدراجه
ولكنه وصل إلى باب الغرفة.. وليس لديه رغبة بالذهاب إلى أي مكان
ويبدو أنه مجبر الليلة على البقاء مع ذكرى أطيافها الموجعة

فتح الباب وأغلقه دون أن ينتبه للغرفة
أولا صدمته الرائحة العطرة العذبة والكثيفة
ثم حين تلفت حوله شعر بالغرابة وهو يظن أنه ربما أخطأ بالغرفة
فالغرفة كانت مطفأة الأنوار..وتغرق في أضواء عشرات الشموع بمختلف الأحجام والأشكال
عدا عن صفين من شموع صغيرة كانت تصنع مسارا محددا بدءا من باب الغرفة
والباب يفتح أولا على الصالة ثم غرفة النوم وكلاهما شاسعتان
لأنهما كانتا أساسا غرفته وغرفة راكان

ناصر شعر بالغرابة تتزايد وهو يتتبع مسار الشموع
من وضع كل هذه الشموع؟؟ ولماذا؟؟
مشى ناصر في المسار حتى وصل غرفة النوم
ليجد المفاجأة الصادمة أمامه
المفاجأة العصية على التصديق والتخيل

فتح عينيه وأغلقهما عشرات المرات.. كان عاجزا عن تصديق مايراه أمامه
بل كان عاجزا عن مجرد التخيل
كانت مشاعل تقف أمامه يلتهمها خجلها وتوترها
ولم يكن هذا هو سبب عجزه عن التخيل
بل ما كانت ترتديه



فمشاعل كانت تقف أمامه بفستان عروس أبيض حقيقي غاية في الرقي والنعومة
وبطرحتها الطويلة الناعمة
بل وحتى مسكة الورد بين يديها



#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 18-08-09, 09:56 AM   المشاركة رقم: 83
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباح الألق والروعة واستكمال الفرح والوجع
كما وعدتكن بالأمس
جزء صغير مجتزأ من بارت الغد
فيه كثير من البهجة وكثير من الألم
وهكذا الحياة!!
إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى...ضمئت، وأي الناس تصفو مشاربه؟!!
.
.
قراءة ممتعة مقدما
.
لا حول ولاقوة إلا بالله
.
.

إيه قبل البارت أحب أقول ألف حمدلله على سلامة جاكلين
اللي تابعتنا وهي حامل وتوها ولدت من أربع أيام
جعله الله أو جعلها عبدا صالحا مباركا
ورزقك الله وإياه العفو والعافية
.
.


أسى الهجران/ الجزء الثالث التسعون


بيت محمد بن مشعل

ناصر يقف أمام باب غرفته
يتنهد بعمق
يشعر بضيق عميق.. ويتمنى لو يعود أدراجه
ولكنه وصل إلى باب الغرفة.. وليس لديه رغبة بالذهاب إلى أي مكان
ويبدو أنه مجبر الليلة على البقاء مع ذكرى أطيافها الموجعة

فتح الباب وأغلقه دون أن ينتبه للغرفة
أولا صدمته الرائحة العطرة العذبة والكثيفة
ثم حين تلفت حوله شعر بالغرابة وهو يظن أنه ربما أخطأ بالغرفة
فالغرفة كانت مطفأة الأنوار..وتغرق في أضواء عشرات الشموع بمختلف الأحجام والأشكال
عدا عن صفين من شموع صغيرة كانت تصنع مسارا محددا بدءا من باب الغرفة
والباب يفتح أولا على الصالة ثم غرفة النوم وكلاهما شاسعتان
لأنهما كانتا أساسا غرفته وغرفة راكان

ناصر شعر بالغرابة تتزايد وهو يتتبع مسار الشموع
من وضع كل هذه الشموع؟؟ ولماذا؟؟
مشى ناصر في المسار حتى وصل غرفة النوم
ليجد المفاجأة الصادمة أمامه
المفاجأة العصية على التصديق والتخيل

فتح عينيه وأغلقهما عشرات المرات.. كان عاجزا عن تصديق مايراه أمامه
بل كان عاجزا عن مجرد التخيل
كانت مشاعل تقف أمامه يلتهمها خجلها وتوترها
ولم يكن هذا هو سبب عجزه عن التخيل
بل ما كانت ترتديه



فمشاعل كانت تقف أمامه بفستان عروس أبيض حقيقي غاية في الرقي والنعومة
وبطرحتها الطويلة الناعمة
بل وحتى مسكة الورد بين يديها


ناصر تقدم أكثر
حتى وقف أمامها
فهو خطر بباله أنه من المؤكد أنه يهلوس
وأن اشتياقه لمشاعل صور له وجودها أمامه وبهذه الصورة الموغلة في العذوبة والتعذيب

كان ينظر لها بتمعن وهو مازال يظن أنه يحلم
كانت عروسا حقيقية بكل معنى الكلمة
بل أجمل وأبهى من ليلة زواجهما قبل شهرين
كانت رقيقة إلى حد الوجع
وفاتنة إلى حد الهلوسة

كانت مشاعل هي من تكلمت وهي تهمس بصوت مرتعش:
ناصر ترا بيغمى علي من الحرج لا تقعد تخزني كذا كررت سالفة الحمام وخربت الدنيا

ناصر انتفض بخفة وهو يهمس بعمق ويمد يده ليتحسس خدها ليتأكد أنها أمامه فعلا:
أنتي قدامي صدق وإلا أنا أحلم
إن كنت أحلم تكفين لا تصحيني
وإن كنت صاحي يا ويلش تجيبين لي طاري الحمام

مشاعل بخجل: ما أدري تحلم حلم حلو وإلا كابوس؟؟

ناصر اقترب أكثر ليتناول الورد من يدها ويضعه على السرير ويمسك بكفها ويحتضنها ويهمس بعمق دافئ:
أخاف من كثر ماهو حلو أشرق بحلاه

مشاعل صمتت وخجلها يحتويها ودقات قلبها تتصاعد وهي تدعو الله بعمق ألا تخذل ناصر وتفسد فرحته

ناصر رفع كفها لشفتيه وهو يطبع في باطن كفها ومعصمها قبلات دافئة رقيقة مشتاقة
ثم
أفلت يدها فجأة
وهو يهمس بمرح مقصود: دقيقة باروح أقفل باب الغرفة ثم أسحب كل المفاتيح
وخصوصا مفاتيح الحمامات
لا وعندنا حمامين هنا.. على أي حمام بألحق لو قررتي تستخدمينها كلها

مشاعل بصدمة رقيقة: ناصر أنت من جدك؟؟

ناصر تحرك وهو ينفذ ماقاله: إيه والله من جدي

وبالفعل أغلق ناصر باب الغرفة ثم سحب المفتاح وتوجه للحمامات وسحب مفاتيحها
وهو في هذا يقصد إلى إثارة مرح يمتص به توتر مشاعل وخجلها لأنه لاحظ شدة ارتعاش يدها بين يديه

ثم تذكر شيئا هاما بالفعل وهمس لها بمرح: شكلش وأنتي عروس صدق.. ذكرني بشيء كان المفروض عطيتش إياه قبل شهرين
بس تيك الليلة الله لا يعيدها مخي اختبص.. وعقب نسيت أو يمكن ماجات فرصة

وبالفعل بدأت مشاعل تتخلص من توترها وهي ترى أن ناصر يفسح ويترك لها مجالا للتنفس ويثير فضولها

ناصر وضع المفاتيح على التسريحة ثم توجه لحقيبة رسمية كانت تقبع فوق الدولاب
مد قامته الرفيعة ثم أنزلها بخفة
أدار أرقامها ثم فتحها.. استخرج علبة مغلفة بتغليف شديد الفخامة والأناقة
ثم اقترب من مشاعل وشدها بلطف وأجلسها على السرير وجلس جوارها
ثم وضع العلبة بين يديها
وهمس بعمق لطيف: هذي هدية عرسش متأخرة شوي
ثم أردف بنبرة مقصودة: أو يمكن في وقتها

ابتسمت مشاعل وهي تفتح الغلاف: تدري إني كنت أقول اللي ماعنده ذوق ماجاب لي شيء

ناصر ضحك: بعد تبين أجيب لش هدية وأنتي مخليتني أنام على باب الحمام

مشاعل ضحكت برقة مصفاة وهي تكاد تفتح الهدية: مهوب شغلي.. الهدية حقي لو وين ما نمت

ناصر وضع يده على قلبه: يا ويل قلبي.. اضحكي بعد مرة.. بعد مرة تكفين

ولكنها لم تكن تضحك ولا حتى تبتسم...بل تغرغرت عيناها بالدموع وهي ترى الهدية

ناصر بشجن: ياحبيبتي.. وشو له الدموع بعد؟؟ حرام عليش.. أقول سمعيني ضحكتش اللي تذبح.. تبكين

مشاعل ارتمت على صدره وهي تبكي: أنا أسفة يا ناصر.. آسفة على كل شيء
والله أنا ما أستاهلك.. ما أستاهلك

ناصر احتضنها بحنو وهو يطبع قبلاته على شعرها: بس يا قلبي.. وش ذا الكلام؟؟

رفعت رأسها عن صدره وهي تمسح وجهها وتهمس بتأثر: وهذا أنا خربت المكياج ووصخت ثوبك بعد

ناصر بعمق حنون: أنتي عندي أحلى من شافت عيني.. ويفداش الثوب وراعيه
والحين عطيني يدش ألبسش الساعة

ناصر مد يده للعلبة واستخرج الساعة البلاتينية الأنيقة التي حُفر على ميناها الداخلي حرفان مرصعان بالألماس
N&M
ليغلف بها معصمها الرقيق



*******************************



ذات الوقت
وذات المكان
بيت محمد بن مشعل


العنود وصلت ولكنها قررت ألا تدخل من الباب الأمامي
بل توجهت إلى غرف الخادمات بجوار المطبخ الخارجي
فالعنود رغم الحزن الموجع الذي يثقل روحها
إلا أنها لا تريد إثارة فضيحة في هذا الليل
ولا تريد أن يتعارك أشقائها مع ابن عمهم وتكون هي سببا لشرخ في العلاقة بين شباب آل مشعل التي كانت دائما مضربا للمثل في القوة والمتانة
فهي تعلم يقينا أن والدها وأشقائها لن يرضوا مطلقا بضرب فارس لها
لو لم يضربها لبقي الحق معه.. ولكنه بضربها منحها كل الحق.. وجعلها في موقع القوة

طرقت الباب على الخادمات حتى فتحن الباب.. نادت سونيا سائقة مريم وطلبت من البقية العودة للنوم
ثم توجهت للمطبخ دون أن تلتفت للسائقة حتى لا ترى وجهها
ثم طلبت منها أن تتوجه لغرفتها لتحضر لها بجامة
فدخول سائقة مريم للبيت في وقت متأخر ليس مستغربا
والعنود لا تريد إثارة ريبة أحد
فسونيا تبقى أحيانا مع مريم لوقت متأخر.. ترتب معها أغراضها أو حتى تحادثها
سونيا توجهت للداخل وهي تعرف أن هناك خطب ما
ولكنها وبعد سنوات من العمل مع مريم
تعودت أن تصمت أكثر مما تتكلم
بينما العنود غسلت ما تبقى من زينتها عن وجهها
ثم تناولت ثلجا من الثلاجة وبدأت بتدليك خدها به
فأثر كف فارس على وجهها لم يكن قويا.. وهي تتمنى أن يزول قبل صباح الغد

سونيا أحضرت البيجامة وعادت وهي تتسحب حتى لا يراها أحد

العنود همست لها بخفوت: حد شافش؟؟

سونيا بنبرة محايدة: نو
ثم عادت لغرفتها

بينما العنود أغلقت عليها باب المطبخ وأبدلت ملابسها
ثم طوت قميصها وعباءتها ووضعتهما في كيس قمامة وربطته ثم ألقته في القمامة
فهي ماعادت تريد شيئا يذكرها بهذه الليلة المرعبة
ثم عادت لتدليك وجهها بالثلج لفترة من الزمن وهي غارقة في أفكارها.. حزنها.. ومرارتها

تعلم يقينا أنها أخطأت خطئا كبيرا.. وتعلم يقينا كذلك أن فارس قاسٍ
ولكنها اعترفت بخطئها وندمت عليه واعتذرت
فلماذا يهينها بهذه الطريقة؟؟
لماذا يجرحها بهذه الطريقة؟؟
كيف هانت عليه حبيبته العنود؟!!
هل تغلبت القسوة في قلبه على حبها؟!!
هذه ليست القشة التي قصمت ظهر البعير
ولكنها الجبل الذي طحن البعير طحنا
تعلم أنه يحبها وهي أيضا تحبه
ولكنها لا تستطيع أن تكمل حياتها معه.. لا تستطيع
فالحب في قلبها سيموت ويجف مع قسوته
مع خوفها منه
الخوف ينحر الحب.. ولا يمكن أن يتعايشا معا
الحب نبتة تحتاج للشعور بالأمان حتى تعيش وتترعرع وتقوى وتزهر
ومع فارس بدأ شعورها بالأمان يهتز
لذا لن تعود..
لن تعود..


كانت أفكارها تذهب بها للبعيد في دوامات سريعة وعميقة
حتى سمعت أذان الفجر
حينها تنهدت بعمق وهي تنزل شعرها على وجهها
ثم تتوجه للداخل بثقة زائفة
وهي تستعد لاخبار من سيراها أنها باتت هنا أساسا بعد سهرة البارحة



***************************



قبل ذلك
بيت مشعل بن محمد


مشعل يعود للبيت بعد نصف ساعة من مغادرته له
فهو لم يستطع ترك لطيفة أكثر من هذا
وهو يعلم أنه جرحها وأهانها
وكأنه جرح نفسه وأهانها
يشعر بألم عميق متجذر.. يتمنى بالفعل لو استطاع قطع يده التي امتدت على لطيفة
فلطيفة ليست مجرد زوجة أو حتى حبيبة
هي أمه وأم أطفاله ورفيقة دربه.. كانت معه في كل شيء.. في فشله ونجاحاته
في كل مامر به في حياته كانت معه
لا يستطيع الآن أن يتذكر شيئا في حياته لم تكن معه فيه
حتى أيام بروده معها.. لم يكن يستطيع الاستغناء عنها أو عن وجودها جواره

دخل للبيت على عجل
فوجئ بأضواء الصالة السفلية جميعها منارة
ثم فُجع بمنظر أحد الخادمات وهي تمسح الرخام مكان سقوط لطيفة

سألها بحدة: وش تسوين؟؟

الخادمة بخوف: أنظف دم

مشعل برعب حقيقي موجوع: نعم؟؟ دم؟؟

ثم فُجع أكثر بل تمزق وهو يرى نقاط دم متباعدة بين مكان سقوط لطيفة والمطبخ الداخلي
حيث تسندت لطيفة حتى وصلت للمطبخ ونقرت على جرس الاستدعاء

مشعل شعر قلبه يهوي ويهوي من علو وهو يتوجه للخادمة بالسؤال بنبرة مرعبة: وين مدام؟؟

ثم شعر قلبه يصل الأرض ليتحطم شظايا متناثرة والخادمة تجيبه:
روح مع درايفر ونور تو ومن هوسبيتال

مشعل توجه بسرعة جنونية لسيارته ليقود بسرعة أكثر جنونا متوجها لمستشفى النساء
وهو يشعر بالاستغراب المشبع بالألم
لماذا مستشفى النساء وليس مستشفى حمد؟؟؟

كان يتصل بهاتف لطيفة ولكن لا مجيب
ثم اتصل بهاتف السائق الذي أخبره أنه أنزل لطيفة ومعها الخادمة في طوارئ مستشفى النساء

استغرق وصوله للمستشفى أقل من ربع ساعة مع سرعته الجنونية
توجه من فوره لسؤال الاستقبال عن لطيفة
أجابته الموظفة بنبرة مهنية رتيبة: توها دخلت الحين
تسقيط عادي..
بس يسوون لها تنظيف ونطلعها فوق

مشعل جلس بتثاقل على أقرب مقعد
الموظفة وصفته بـ "تسقيط عادي"
لكنه بدا له "جريمة قتل غير عادية"
هل قتل طفله حقا؟؟
هل قتله؟!!
هذا الجنين رغم أنه لم يعلم به.. ولكنه تمناه.. تمناه بكل القوة والوجع
فهذا الجنين بالذات هو ثمرة حب مصفى وولع وغرام لا متناهي
فلماذا ذهب؟؟
لماذا؟؟
ولماذا يذهب بسببه.. بسببه هو؟!!

خطرت له فكرة مرعبة.. موجعة..متوحشة في ألمها.. ولا يعلم لها سببا

"هل موت ثمرة الحب يعني موت الحب نفسه؟!!"



*******************************



بيت فارس بن سعود
قبل أذان الفجر بقليل
غرفة فارس


جالس في الصالة.. يسند رأسه إلى كفيه وأنامله تتخلل خصلات شعره
مشبع بالأسى
بل هو مشبع فوق الإشباع
يرفع رأسه للمرة الألف ليجول بنظره في المكان
ليس سوى صحراء قاحلة دون عطر أنفاسها ورقة خطواتها
أي جناية جناها على نفسها؟!!
أي جناية؟!!

يعلم أنها تحبه كثيرا
ولكنه يعلم أيضا أنه يحبها أكثر مما تحبه.. أكثر بكثير
ستصبر هي على بعده
ولكن هو كيف سيصبر؟؟ كيف؟؟
سيموت بعيدا عنها.. سيموت

وعلى الطرف الآخر يعلم يقينا أن كبرياءه الأحمق لن يسمح له أن يقف أمام عمه وأبناء عمه في موقف المذنب لطلب السماح
لوكان لم يمد يده عليها لكان الحق معه ولكان عمه وأبناء عمه وقفوا معه
فهي أخطأت بخروجها دون أذنه ولمكان نهاها عنه
ولكنه بمد يده لم يترك له حقا عليها... ففي عرفهم لم يكن الضرب يوما هو وسيلة للتفاهم أو العقاب
يستطيع تماما معرفة مشاعر أبناء عمه
فهو رغم محبته لهم جميعا على استعداد تام أن يمزق من سيمد منهم يده على لطيفة أو موضي أو مشاعل
بل هو يكاد يجن من مجرد فكرة أن واحدا منهم قد يمد يده على زوجته العنود لأي سبب وبأي طريقة
فكيف وهو من فعلها؟؟
هو من فعلها!!

مثقل بالتفكير والحزن واليأس
يريدها أن تعود اليوم قبل الغد
قبل أن ينحره غيابها
سينحره غيابها
فهو مجنون بها.. عاشق متيم.. مدله في الغرام حتى أقصى عروقه وخلاياه وأنفاسه
ولكن
كيف يعيدها؟؟
كيف؟؟



#أنفاس_قطر#
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 19-08-09, 10:02 AM   المشاركة رقم: 84
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 



[COLOR="Green"]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صباحات الاختلاف والعمق والانثيال
كاختلاف جزء اليوم وعمقه وانثياله
جزء اليوم استنفذني تماما نفسيا وجسديا وفكريا




النص بالمرفقات


#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

الملفات المرفقة
نوع الملف: zip 2.txt.zip‏ (23.4 كيلوبايت, المشاهدات 35)
عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
قديم 25-09-09, 11:01 PM   المشاركة رقم: 85
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
VIP




البيانات
التسجيل: Jan 2009
العضوية: 117447
المشاركات: 738
الجنس أنثى
معدل التقييم: #أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم#أنفاس_قطر# عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1255

االدولة
البلدQatar
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
#أنفاس_قطر# غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : #أنفاس_قطر# المنتدى : القصص المكتملة (بدون ردود)
افتراضي

 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بألف ألف خير
تقبل الله طاعتكم وعبادتكم وجعلكم من عتقاء الشهر الكريم الذي مضى بحلو أيامه وطهارة لياليه
.
.
ساكنات شغاف القلب ونبضاته الغالية
اشتقت لكن جميعا
اشتقت لكن كثيرا.. كثيرا
بل اشتياقي لكن تجاوز مفردات الشوق
وهأنا أعود لكن غير ماكنت معكن في أخر مرة
أعود لكن أما..

"أم.. أم !!"

يالا روعة هذه الكلمة وعظمها
لا نعرف قيمة أمهاتنا كما يجب إلا حينما نمر بالتجربة العظيمة ذاتها
حفظ الله لنا أمهاتنا وأطال في أعمارهن على الطاعة
ولا حرم كل زوجة من نعمة الأمومة ومن نعمة احتضان طفل في أحضانها
.
.
خالص خالص شكري لمشاعركن النبيلة التي أغرقتموني فيها
عاجزة عن التعبير فعلا ومشاعري تخونني أمام فيض مشاعركن الذي كان أكثر مما استحق
.
.
.

أعود لتشريع أبواب "أسى الهجران" مرة أخرى وللمرة الأخيرة
لأني هذه المرة لن أتوقف حتى تنتهي الرواية إن شاء الله
لأنها انتهت فعليا
فأنا أنتهيت من كتابة أخر جزء منها قبل ولادتي بيوم واحد
وشعرت حينها بالفراغ وبافتقاد موجع لكل شخصيات أسى الهجران
ليأتي ابني ويشغلني عن كل شيء
والحمدلله أنني أنهيت الكتابة قبل أن ألد.. أو ربما كنت توقفت عن الكتابة.. فهذا الصغير الباكي حفظه الله يستنزف وقتي وتفكيري
.
.

الرواية انتهت.. ولكن متى ستنتهي تحديدا لن أخبركن
سترون الجزء الأخير ماثلا أمامكن
قد تتوقعنه أنتن ولكن أنا لن أنبه له.. سيمر عليكن كغيره من الأجزاء
وما أريده الآن وأتمناه.. ألا تستعجلنني.. فأنتن أصبحتن تعلمن أنها انتهت وانتظاركن سيكون له آخر إن شاء الله
لذا دعونا نتمتع معا بما تبقى

تمتعت كثيرا في كتابة هذه الأجزاء التي كتبتها دون ضغط وبراحة نفسية عميقة
لأنهي "اسى الهجران" كما تمنيت تماما دون زيادة أو نقصان
وأتمنى أن تشعرن بمتعة مماثلة وأنتن تقرأن

والأجزاء هذه المرة جعلتها طويلة طويلة
الجزء الواحد مابين جزئين إلى أربع أجزاء من الأجزاء التي كنت أنزلها بشكل يومي
لذا وحتى لا تصبن بالتخمة اسمحن لي أرجوكن أن أنزل يوم وراء يومين أو يوم وراء يوم على حسب ظروفي الجديدة
ولكن ما أعدكن به أن أكون دقيقة في مواعيدي كما اعتدن مني إن شاء الله
وعلى كل الأحوال ما سيرضيكن أنتن هو ما سيحدث.. تدللن نبضات قلبي
.
.
قبل جزء اليوم اسمحن لي أن أعيد تذكيركن بأحداث الجزء الأخير قبل رمضان
فأحداث جزء اليوم تكملة لها:

كنا في الليلة الثانية من غضب لطيفة والعنود وباكينام على مشعل وفارس ويوسف
لطيفة أجهضت وتتعامل مع مشعل ببرود
العنود عادت لبيت والدها ولا أحد يعلم بغضبها وسببه سوى مريم
يوسف هو من ترك البيت لباكينام

ناصر طلب من مشاعل أن تختار مكانا ليسافرا له في شهر عسل متأخر

حمد أخبر أهله أنه سيعود قريبا

راكان غاضب من موضي بسبب قلة ثقتها بنفسها على خلفية ماحدث حين رآها تنظف ورأى إصابة كتفها فهربت من أمامه
لتعود بعدها ويتناقشان في الموضوع
فيشعر راكان أنه قد يثور عليها لذا يقرر أن يذهب ليستحم"

الجزء الجديد سيكمل من هذه النقطة
وموعدنا القادم سيكون يوم الإثنين الساعة التاسعة والنصف صباحا إن شاء الله
فجزء اليوم طويل وأريد أن أتيح لكن القراءة وإعادة التواصل مع القصة
.
استلموا
.
الجزء الخامس والتسعين
.
قراءة ممتعة مقدما
.
.
لا حول ولا قوة إلا بالله
.
.


أسى الهجران/ الجزء الخامس والتسعون




ذات الليلة الطويلة
بيت راكان

موضي بقيت في الصالة جالسة يلفها حزنها وأساها ويحيط بروحها إحاطة السوار بالمعصم..
وأكثر ما يضايقها أنها ضايقت راكان.. بل ضيقها كله تحول ليكون من أجله.. ومن أجله فقط!!
توقعت أنه سيعود بعد أن يستحم.. لذا بقيت جالسة لتطيب خاطره.. لتنتزع ضيقه وغضبه
ولكنه لم يعد.. وانتظارها طال
حينما طال انتظارها كثيرا.. توجهت للغرفة بخطوات مترددة
وجدته فرش فراشه وتمدد

آلمها أنه فرش فراشه بنفسه.. فهي من اعتادت على فعل ذلك
وآلمها أكثر أنه نام وهو عاتب عليها.. أو ربما غاضب!!

تنهدت وهي تتوجه للحمام لتغتسل
وتنهد هو تنهيدة أعمق وهو يسمع صوت باب الحمام يُغلَق
فهو تحاشى فتح حوار معها لأنه يخشى أن يثور..وهو يعلم أن ثورته ستكون مرعبة
وهو لا يريد أن يثور عليها.. بل يريد أن يحتويها
ولكن مبالغتها في الضعف والانكسار أصبحت تثير غضبه فعلا لأنه لا يرى مبررا لها
حين عرضت عليه أن يتزوجها قبل أكثر من شهرين وهي تصف نفسها أنها ماعادت تصلح لرجل لا جسديا ولا نفسيا
توقع أنها لابد أصبحت في شبابها امرأة دميمة أو معدومة الجمال أو تعاني من تشويهات حادة.. ومع ذلك وافق أن يتزوجها
ولكنه وجد أمامه وفي عينيه هـو آية من الجمال..رآها معجزة لا تتكرر.. وفتنة خالصة ماحسب أنه قد خُلق على الأرض مثلها
فتنة هزته بكل العنف والحدة.. علمته معنى الاشتياق والرغبة والالتياع بأقصى معانيها
فتنة لا تشبع عيناه من النظر لها بضراعة وإعجاب تجاوز كل مفاهيم الإعجاب!!
ومع كل ذلك بقيت تظن أنها تعاني نقصا ما
فأين هو هذا النقص سوى في عقلها الذي لا يريد التزحزح عن أفكاره؟!!


موضي خرجت من الحمام
توجهت لسريرها وتمددت في الناحية القريبة منه كما اعتادت

دقائق مرت
ثم همست موضي بخفوت: راكان.. (لم تستطع أن تنام.. ولديها أمل أن يكون لم ينم مثلها حتى ترضيه)

راكان رد عليها بخفوت مشابه وهو ينام على جنبه وظهره لها: أنا نايم.. ولا تكلميني

موضي اعتدلت جالسة وهمست برجاء عميق: تكفى راكان ما تزعل علي.. والله العظيم ضايقة علي الوسيعة مع زعلك

راكان بهدوء حازم: دامش مخلية ذا الأثر السخيف التافه بيننا.. بأزعل

صمت عميق استحكم للحظات

وراكان مازال يعتصم بوضعيته وهو يعطيها ظهره.. حتى صدمته نقرات ناعمة على كتفه
التفت ناحيتها
كانت تجلس جواره على الارض بكامل عذوبتها التي تعذبه
جلس احتراما لها.. وهما يتبادلان النظرات العميقة

موضي همست بانكسار موجع وهي تمد يدها لأزرار قميص بيجامتها لتفتحها:
دام شوفته بتريحه.. أنا ما أبي إلا الشيء اللي يريحك

كانت لم تفتح إلا الزر الأول حين امتدت يد راكان لتمسك يدها بقوة ويهتف لها بحزم: لا .. موضي.. لا

ثم تناول كفيها واحتضنهما وهي أنزلت عينيها للاسفل
همس راكان بحنان رجولي: أنا ما أبي أشوفه لمجرد الشوفة
أنا أبي يوم أشوفه ما أشوف نظرة الانكسار ذي
أبي يوم أشوفه.. أشوفه برضاش ولأنش أنتي تشوفينه شيء عادي ما يستلزم تدسينه عني
أنا ماطالبتش بشي يا موضي ولا أبي أضايقش.. بس على الأقل أبي أحس إنه إحنا أصحاب جد وما بيننا حواجز


قال "أصحاب".. ولا يعلم لماذا بدت هذه المرة ثقيلة جدا على لسانه!!
تمنى لو يقول كلمة أخرى..
أخرى تماما!!

نفض رأسه وكأنه ينفض أفكاره..
بينما الأفكار تبقى ملتصقة بجزيئات الرأس مهما اهتز!!



*************************



اليوم التالي
يوم جمعة
صباح الدوحة


بيت محمد بن مشعل
الساعة التاسعة والنصف صباحا
الصالة السفلية


مريم تجلس مع والدتها أمامهما فطور الصباح
العنود نزلت بعد لحظات
سلّمت.. ثم قبلت رأس والدتها ورأس مريم وجلست

أم مشعل بنبرة مقصودة: أشوفش ممسية عندنا اليوم بعد؟؟

العنود بابتسامة مُغتصبة: وبأمسي عندكم الليلة بعد..

أم مشعل بحزم: إذا أنتي حامل وتوحمين ومقروفة من بيتش.. حياش الله بدال الشهر سنة
أي شيء ثاني.. بيتنا يتعذرش.. وقومي لبيت رجّالش

العنود شهقت بصدمة: كذا يمه؟!!

أم مشعل بذات الحزم: إيه كذا..
المرة العاقلة تحل مشاكلها في بيتها.. ولو رجّالها هو الغلطان تعاتبه أو حتى تأدبه وهي عنده..
ما تطلع من بيتها وتشمت الناس فيها وتفضح روحها

العنود وقفت.. وعيناها تتغرغران بالدموع
وهمست بصوت باكٍ: رجعة لبيت فارس ماني براجعة
وإذا بيتش يمه ضايق فيني.. رحت لبيت اخي مشعل

قالت جملتها وركضت للأعلى وهي تنشج وتسف دموعها

مريم تنهدت وهي تهمس لأمها: يمه قسيتي عليها واجد

أم مشعل بألم: لو علي يامريم أنتي أكثر وحدة عارفة إنه العنود غلاها غير..
هي حشاشتي (الحشاشة=آخر العنقود) ..
ويوم جبتها ناصر عمره 8 سنين وأنا متشفقة عليها (متشفقة=تتمناها)
وأنتي عارفة إنه حتى المرض مرضت يوم تزوجت وراحت.. وأفرح ماعلي تقعد عندي وماتفارقني..
لكني ما أبي أكبّر رأسها على رجّالها
فارس رجّال مهيب معينه مثله.. أدري إنه فيه ثقل شوي.. لكن حلات الرجّال بثقله.. وهي لازم تعوّد على طبايع رجّالها

مريم تقف لتذهب للعنود وتهمس برقة: بس بعد يمه مهوب كذا.. لأنش ما بعد تعرفين وش بينها وبين رجّالها
هي إن شاء الله بترجع بس عطيها وقت


مريم تصعد للطابق العلوي بخطوات ثابتة هادئة حتى وصلت لغرفة العنود
طرقت الباب بخفة
ثم دخلت
كما توقعت: كانت العنود تبكي
مشت حتى وصلت السرير ثم جلست جوار جسدها الممدد لتمسح عليها وتهمس بحنان خالص:
بس يا قلبي.. أمي تبي مصلحتش

العنود بين شهقاتها: أمي عمرها ما كانت قاسية كذا
تقسى علي.. وعشان فارس؟!

مريم صمتت فهي تعرف العنود جيدا ومادامت بدأت بالبكاء فهي لن تتوقف حتى تنهي طاقة البكاء لديها وتهدأ

مضت فترة من الزمن والعنود تبكي ومريم تمسح على شعرها حتى هدأت
حينها رفعت رأسها وهمست بصوت مبحوح من أثر البكاء:
ممكن خدمة مريم؟؟

مريم بحنان مرح: بالعادة يقولون عيوني لش.. أنا بأقول أذانيي لش.. لأنها هي اللي مقام العيون عندي

العنود بخجل: أنا سألت أم فارس البارحة عن تلفوني قالت ما تدري
أنا خليته في الغرفة عند فارس
تكفين كلمي فارس خليه ينزله عند أمه تحت.. وأرسلي سونيا تجيبه

مريم بنبرة مقصودة: اخذي التلفون وكلميه

العنود بعتب: مريم تستهبلين علي؟!!
ثم أردفت برجاء: تكفين مريم تكفين
أبي تلفوني.. عندي كويز يوم الأحد وما أدري وش اللي داخل معنا لأني ماحضرت محاضرة أمس الخميس.. أبي اتصل في البنات

مريم تنهدت: زين ظنش فارس صحا من نومه؟؟

العنود بعفوية: عمره ما تأخر في النوم يوم الجمعة.. على ثقل نومه إلا إنه يقوم بدري

العنود بترت جملتها وهي تشعر بغصة كبيرة تتجمع في حلقها وهي تشعر برغبة حادة للعودة للبكاء
كيف هو حاضر في مخيلتها حتى بعاداته التي رسخت بتلقائية في فكرها!!

مريم تشعر بها تماما.. تشعر بألمها ووجيعتها
تتمنى لو كانت تستطيع حمل بعض آلام صغيرتها المثقلة بوجعها الشفاف
ما اعتادت على الألم ولطالما كانت مريم تحاول احتواءها واحتواء وجعها
فلماذا فشلت يافارس؟؟ لماذا؟؟!!

مريم تناولت هاتفها واتصلت به
ولكن مالم تعلمه العنود أن عادات راسخة قد تتغير في يومين
حينما يأتيها ماهو أقوى من رسوخها
ففارس لم ينم مطلقا خلال اليومين الماضيين
حتى انهار جسده من الإرهاق ونام بعد صلاة الفجر
لذا حينما رن هاتفه كان مايزال نائما
رن الهاتف مطولا وهو لم يشعر به

ولكنه نهض من نومه على الرنة الأخيرة والتقط الهاتف دون أن ينظر للاسم وهمس بنعاس غاضب: نعم

مريم باحترام: الله ينعم عليك

فارس حين سمع صوت مريم تحفزت حواسه كلها وهو يقفز جالسا
لأنه علم أن مريم لن تتصل إلاَّ من أجل العنود
وآه من العنود.. ومن كل ما يخصُّ العنود!!

همس باحترام: هلا والله ببنت محمد.. السموحة يأخيش ماشفت اسمش

مريم برزانة: مسموح طال عمرك في الطاعة
أشلونك فارس؟؟

فارس بهدوء راقٍ: طيب طاب حالش... بشريني منش؟؟

مريم بهدوء: يسرك الحال
ثم أردفت لتنهي سلسلة السلامات التي يتحرق كلاهما لإنهائها:
ممكن خدمة ولا عليك أمر؟؟

فارس شعر بتحفز لم يظهر في صوته الهادئ الواثق: آمري

مريم بذوق: تلفون العنود عندك في الغرفة يا ليت تخليه عند الوالدة تحت وبتجي سواقتي تاخذه

فارس تنهد تنهيدة لم تتجاوز أعماقه.. ثم همس بحزم: وليش العنود ما اتصلت تطلبه مني؟!!
يعني عشان زعلانة مني.. حتى من الكلام بتقاطعني ؟؟
أشلون بنتفاهم زين؟؟ بالحمام الزاجل؟!!

مريم ابتسمت: لا تعقدها يا ابن الحلال
عطها وقت

فارس بصراحة وثقة: ما أبي أعطيها وقت يامريم.. أبيها ترجع

العنود تهمس لمريم التي تراها تبتسم.. وحوار بدا لها غامضا بدأ يدور: "مريم وش يقول لش؟"

مريم تشير لها أن تصبر وتهمس لفارس برزانة: فارس مافيه شيء ينحل بذا الطريقة
لازم تراضيها

فارس بحزم: إذا رجعت لبيتها راضيتها.. قبل كذا لا..

مريم تنهدت: بأقول لها..

فارس بحزم صارم يخفي وراءه أملا شاسعا: عطيني إياها أكلمها

مريم همست للعنود: فارس يبي يكلمش

العنود برفض حازم وصل لمسامع فارس: مستحيل.. ما أبي أكلمه

قبل أن ترد عليه مريم همس فارس بنفس نبرته الحازمة: خلاص مريم خلي سواقتش تجي
أنا رايح للصلاة وبأخلي التلفون عند أمي


حينما أنهى الاتصال
همست مريم للعنود بخفوت: يقول لش ارجعي لبيتش وعقب بيراضيش

العنود بغيظ رقيق: أمانة عليش شفتي واحد مقفل مثل هذا؟!!
أنا أعرف الرضاوة قبل الرجعة
وهذا يبيني أرضى وأرجع بدون هو ما يتنازل وينزل من برجه العالي
خليه يولي يامريم

مريم بحنان: فكري ياقلبي فكري..المسائل ماتحل بذا الطريقة وأنتي عارفة إنش تحبينه

تنهدت العنود: الحياة الزوجية تحتاج شيء أكثر من الحب
تحتاج التفاهم والاحتواء أكثر
ثم أردفت: خلينا الحين من ذا السالفة.. أنا بأقوم أتسبح
قولي لسونيا إذا راحت تجيب تلفوني.. تستأذن أم فارس وتجيب كل الكتب والأوراق اللي على مكتبي وفي أدراجه ..أبي أدرس



على الطرف الآخر
حينما أنهى فارس الاتصال مع مريم
نهض ليبحث عن هاتف العنود واتصل به ليرى أين مكانه..
كان يرن ولكنه لا يسمع صوته
ثم وجده على ناحيتها التي كانت تنام عليها وكان مكتوم الصوت
وكان اسمه مازال يضيء على الشاشة
"فــارس قـلـبـي"

شعر بألم عميق ينتاب روحه.. فهو حتى لم يعرف بماذا كانت تحفظ اسمه في هاتفها
فهو لم يسبق أن فتش في هاتفها مطلقا
فهو مع شدة غيرتها عليها
لم يكن مطلقا يخطر له أن يشك فيها أو أن يفتش في هاتفها
فهي عنده كانت فوق كل الشبهات
أطهر من الطهر
حمامة بيضاء عذبة مثقلة بالطهارة
كم كان سعيدا ومحلقا بها ومعها!!

(آه.. يا أميرة قلبي أنتِ وحمامتي البيضاء
يابهجة أيامي.. ياخارطة عشقي ومسامات روحي النازفة ولهاً
أي جريمة ارتكبتها بحق نفسي قبل أن ارتكبها بحقكِ؟!!
حبيبتي لا تطيلي أيام عذابي
ماعاد بي صبر
يومان مرا كأنهما قرنان متطاولان وجعا وألما ويأسا
الشمس تشرق باهتة لأنها لا تشرق على محياكِ
والنسيم يمر متثاقلا لأنه لا يحمل رائحة عطرك
عودي إليَ حبيبتي.. عودي إليَ
عودي إلى حبيبكِ المتغطرس المتكبر
فهكذا هو فارس الذائب في غرامكِ!!
هكذا خُلقت!!
فلا تحاولي كسري)

فارس تنهد وهو يعود للهاتف في يده والذي أخذته ذكرى صاحبته إلى عوالم أخرى
عوالم مثقلة بالشوق اللا متناهي..
فتح الهاتف.. كان هناك عدد من الاتصالات لم يُرد عليها
من أشقائها وصديقاتها
وكان على الشاشة تذكيرا لورقة عمل لأحد مقرراتها
فتح فارس التقويم
كان على التقويم تحديد دقيق لأيام دورتها الشهرية خلال الشهرين الماضيين
ثم لأيام التبويض بدايتها ونهايتها
كانت العنود تخطط (بإذن الله ومشيئته) للحمل بأمل عميق
ولكنه جاء بقسوته لينسف كل أحلامها ويفسد كل ماهو جميل بينهما

تنهد بعمق موجع لاسع.. بصق وجعه نزفا وهو يتوجه للحمام ليستحم
حينما انتهى وارتدى ملابسه تناول الهاتف بحرص وهو يحتضنه في كفه بحنو وكأنه يحتضن بعض رائحة العنود
أعطاه لوالدته في الأسفل ثم توجه للمسجد


حينما عاد بعد الغداء في المجلس
جلس مع والدته قليلا ثم توجه لغرفته
عاد بعد أقل من دقيقة وهو يهمس بغضب حاد: يمه وين كتب العنود؟؟

أمه ببعض حزن لأنها عرفت ما أغضبه: عطيتهم سواقة أختها لأنها جات تبيهم
البنية تبي تدرس دورسها

تنهد فارس بحزن عميق..موغل في روحه المثقلة بالوجع
روحه ماعادت تحتمل.. فأي هم جديد هذا؟!!
اليوم أخذت كتبها.. سحبت بعضا من عبقها من حياته
ما يدريه أنها غدا لن تأخذ ملابسها وبقية أغراضها
لتتركه محروما حتى من رائحتها التي تصبره على بعض غيابها
ولتعطيه بذلك إشارة نهائية إنها لن تعود



*********************



ذات يوم الجمعة
الساعة التاسعة والنصف صباحا
بيت مشعل بن محمد


لطيفة تصحو من نومها على مداعبة جود لخدها
ابتسمت بعمق وهي ترى وجه صغيرتها وابتسامتها البريئة
ولكن ابتسامتها تحولت لكدر عفوي وهي ترى مشعلا يقف بجوار سريرها
رغم تضايق مشعل من تغير وجهها حين رأته..
لكنه استمر في ابتسامته وهو يهمس بعمق حنون عامر بعبق رجولة خاصّ: صباح الخير حبيبتي

همست بذات النبرة المحايدة التي باتت نبرتها معه مؤخرا: صباح النور

مشعل بحنان: أشلونش اليوم ياقلبي؟؟

لطيفة بهدوء: الحمدلله

مشعل بهدوء حانٍ: ترا عمتي أم مشعل هنا من الساعة سبع جابت لش ريوق.. وسبحت جود وعبودي
ومشطت شعر مريم عقب ماخلتها تسبح
وقعدت ورا حمود لين سبح ولبس.. وتوها راحت الحين

حينها ابتسمت لطيفة بشفافية: فديت قلبها.. وليه ماصحتني؟ وإلا قعدت؟؟

مشعل ابتسم بعمق لعودة ابتسامتها: تقول بترجع بس تبي تشوف أخوانش وجدتي أول

عادت لطيفة للكدر وابتسامتها للاختفاء ولكنها قربت جود منها وهي تحتضنها بحنان وشجن كبيرين

مشعل جلس جوارهما واحتضن الاثنتين
لم تمنعه من احتضانها لكنها في ذات الوقت لم تتجاوب معه

شعور كريه ومؤذٍ وجارح ومتوحش لأبعد حد
كما لو كنت تحتضن تمثالا.. لا يشعر بدفء أحضانك
تمثال خالٍ من الحياة والدفء والتدفق الإنساني

أكثر ما كان يفتن مشعل في لطيفة هو ذوبانها بين يديه
كانت تنصهر بعذوبة في أحضانه
ولكنها الآن تبدو كما لو كانت مخلوقا مجردا من أي إحساس معه بالذات
لأنه يرى لطيفة الطبيعية المتدفقة مع كل أحبابها عداه

"أحبابها؟!!"

هم أحبابها..
و هــو ماذا؟؟!!



************************



بيت محمد بن مشعل
غرفة ناصر ومشاعل
الساعة 10 صباحا


"أسبانيا"
همس عذب خافت

ناصر يفتح عينيه ويبتسم بشفافية وهو يرى وجه مشاعل القريب منه
وهي تتمدد جواره على بطنها وترفع جزئها العلوي استنادا على كوعيها وذراعيها
وتهمس له من قرب

يهمس بنعاس: يالله صباح خير..الناس يقولون صباح الخير
وإلا قوم ياحبيبي
وانتي مقومتني بأسبانيا

مشاعل بدلال رقيق: أبي أسافر أسبانيا

ناصر يبتسم وهو يضع كفيه تحت رأسه: وش معنى؟؟

مشاعل بعذوبة: ماجيتها قبل وحابة أشوفها

ناصر بخبث رقيق: وغيرها ماله من الحب نصيب؟؟

مشاعل بمودة دافئة: غيرها الحب كله له

ناصر بتمثيل مصطنع لطيف: إيه كلام في كلام..

مشاعل مالت عليه وطبعت على وجهه عدة قبلات رقيقة ثم همست بخجل: مهوب كلام بس

ناصر بانشراح ودود: آه يا قلبي..
وش أفطرتي اليوم الصبح؟؟ كل يوم لازم تاكلينه

مشاعل برقة: مابعد أفطرت.. ليه أنا تعودت افطر قبلك؟!!
ثم أكملت بمرح لطيف: وبعدين هذا شغل تمسيح حق سفرة أسبانيا

ناصر يلقي بالغطاء ليجلس وهو يهمس بمرح: صدق إن كيدهن عظيم

ثم مد يده لتحت السرير ليتناول ساقه.. مشاعل أمسكت بيده وهي تحتضن ظهره ثم تهمس عند إذنه برقة: أنا وش قلت؟؟
هذي مهمتي أنا

ناصر احتضن ذراعيها المحيطتين بصدره بقوة وحنان..
ثم أفلتها وهو يبتسم: زين ياصاحبة المهمات الصعبة.. قومي خلصيني
عشان أسبح وأروح لصلاة الجمعة



**************************




مرت أيام ستة على الأحداث الماضية
ومازال الوضع على ماهو عليه كل الجبهات
عدا جبهة ناصر ومشاعل اللذين سافرا قبل ثلاثة أيام إلى أسبانيا بعد انجاز الفيزا على أن يعودا قبل موعد زواج مريم
وكان وضعهما أكثر من رائع مودة وتفاهما وحبا
بالتأكيد مازالت مشاعل خجولة ولكنه الخجل الأنثوي الرقيق الذي بات يفتن ناصر ويراه يميز شخصيتها العذبة
وناصر بات يعرف كيف يتعامل معها تماما وكيف يحتوي خجلها بحنانه ومرحه
وهي من ناحيتها باتت شديدة التعلق به وتحكم سيطرتها على حياته وقلبه في ذات الوقت الذي برع فيه هو في العزف على أوتار قلبها


راكان وموضي وضعهما على ماهو عليه
"أصـــــــــحـــــــــاب"

صحبة عميقة وود متأصل واحترام متبادل
ولكن الوضع بات صعبا على راكان خصوصا
مازال يحكم سيطرته على نفسه
ولكنه لم يتوقع أن قرب موضي جواره سيحيي مشاعر من أي نوع فيه
وهي تقتحم بدون قصد منها كل حصونه لتدكها دكاً

سفره لسنغافورة سيكون الليلة وهو يراه جاء في موعده تماما حتى يبتعد قليلا عن الجو المشحون
ولكنه في ذات الوقت لا يريد الابتعاد عن هذا الجو ولا عنها
بقربها أصبح لحياته معنى آخر ونكهة أخرى أكثر سعادة وحلاوة واختلافا

موضي قررت أن تعود لعملها فور سفر راكان
حتى تلتهي عن غياب راكان عنها
لا تستطيع أن تنكر أنها ستفتقده وستفتقده بشدة
تشعر مع اقتراب موعد سفره بما يشبه الضياع.. شيء يشبه الحرقة والوجع غير المفهومين
لا تعلم ماذا فعل بها راكان.. لكن الأحاسيس التي تعيشها جديدة عليها
ولذيذة.. لذيذة جدا
"أ هكذا تكون المشاعر بين الأصحاب؟!!!!!!!!"



جبهة العقاب والعقاب المضاد
مشعل ولطيفة.. فارس والعنود.. يوسف وباكينام
مازال الحال على ماهو عليه

لطيفة تحسنت بعد يومين وعادت لممارسة حياتها بصورة طبيعية
مع الجميع هي لطيفة التي يعرفها الجميع
عدا مشعل.. هي أنثى أخرى مثقلة بالبرود
تمارس مهامها بطريقة آلية.. فهي عادت لترتيب أغراضه وملابسه والاهتمام بكل ما يخصه.. ولكن بطريقة آلية تماما
يفتقد لمستها الحانية الدافئة إلى حد الوجع المتوحش
لا تناقشه ولا تشاكسه ولا تعانده.. بل لا شيء.. لا شيء إطلاقا
إن أمسك بيدها لن تمنعه.. ولكنه ما أن يمسكها على أمل أن يقرأ على رعشة أناملها عودة حبيبته حتى يعود لإفلاتها
لأن هذه الأنامل الساكنة المسكونة بالجليد ليست أنامل حبيبته!!


فارس والعنود مازال كل منهما في مكانه
ولكن قضيتهما باتت أكثر تعقيدا
العنود أخبرت والدها أن هناك خلافا بينها وبين فارس ولا تريد العودة له
حاول محمد ومعه أبناؤه مشعل وراكان وحتى ناصر قبل سفره إقناعها بالعودة لبيتها
ولكنهم فشلوا مع إصرارها على رأيها ثم انهيارها في البكاء الذي نحر قلب والدها الشيخ وهو يراها تنتحب في حضنه
لذا طلب من أشقائها وقبلها من فارس أن يصبروا عليها قليلا
لأنه لا يستطيع إجبارها على العيش مع فارس إن كانت رافضة للعودة بهذه الصورة الحادة


فارس يعاني بصمت من غيابها..ويعتصم بكبريائه العتيد وإن كان يكاد يجن اشتياقا لها
ومايصبره أنها مطلقا لم تأخذ أي شيء من أغراضها
مازالت كل أغراضها عنده
وهو يتصبر على أمل أنها تركتها لأنها ستعود لها
ولكن مالم يعلمه أن العنود لم تأخذها لأنها لا تحتاجها فعليا
فلديها من الملابس الكثير في غرفتها في بيت أهلها
وهي تشعر بالخجل أن تتوجه لأخذ ملابسها من بيت فارس


يوسف وباكينام
يوسف استأجر له غرفة في سكن طلابي قريب من الجامعة
ولم يعاود الاتصال بباكينام مطلقا
ولكنه يعرف أخبارها من ماريا وسانتياغو
لذا كان إصراره عليها أن تبقى في البيت.. حتى يستطيع الاطمئنان عليها وعلى كل أخبارها
وباكينام خفت كدمة خدها وعادت للجامعة
ولكنها تشعر بألم وحشة متزايد
لأن جدتيها سافرتا اليوم عائدتين كلٌ لبلدها التي لا تحبها ولكنها لا تستغني عنها
صفية لمصر.. وفيكتوريا لبريطانيا
كان بود الجدتين البقاء مع باكينام ولكنهما تعلمان أن حفيدتهما قوية وتعرف كيف تتصرف في حياتها
الجدتان لم تخبرا أحدا بما حدث بين باكينام ويوسف ولا تنويان إخبار أحد
فبما أن باكينام لا تريد أن يتدخل أحدا بينها وبين زوجها فهما لابد أن تستجيبا لطلبها وتحترمانه


ساكنا واشنطن الآخران: مشعل وهيا
وضعهما مستقر ودافئ وربيعي ومنعش
مستغرقان في الدراسة.. والتفاهم بينهما أكثر من مدهش


الصغار..
سلطان الصغير سعيد وغير سعيد.. سعيد لأنه حصل على الكثير من البشارات على تبشيره برجعة مشعل
وغير سعيد لأن مشاعل سافرت وستغيب لفترة يراها طويلة وهو حاقد على ناصر الذي سافر بها


فيصل وفهد أبناء سعد.. يشعرون بالتوجس والترقب
كيف سيكون هذا الوجود الأنثوي في حياتهم؟؟ وهذه الأم الجديدة؟؟
أمهما توفيت وهما صغيران.. فهد بالذات لا يذكرها جيدا
ولم يعرفا لهما أما سوى عمتهما وضحى وجدتهما أم والدتهما قبل أن تتوفى
أو ربما بمعنى أصح لم يعرفا لهما أما وأبا سوى والدهما الذي حاول أن يقوم بالمهمتين معا



***************************



واشنطن
الساعة العاشرة والنصف مساء
بيت يوسف


باكينام تدور في البيت.. تشعر بوحشة عميقة
اشتياق عميق لجدتيها
واشتياق موجع.... لـــــه
تتمنى لو تعود للسكن.. ولكنها عاجزة عن التنفيذ ولا تعلم السبب
هل لأنها هنا قريبة من رائحة ذلك المتوحش الكريه؟!!
رغم كل شيء.. وبكل الجنون غير المفهوم: قربها من عبق رائحته يهدئ ألم قلبها ويبعث إحساسا عميقا بالأمان في روحها


قررت أخيرا أن تجلس في في الصالة السفلية وتقرأ لها كتابا
كانت حينا تقرأ وحينا تسرح في عالم أفكارها
ثم
سمعت صوت باب البيت يتحرك
شعرت بالرعب وهي تقفز لتتناول السيخ الذي يقلب به الحطب من المدفأة المطفأة
وتقترب بتحفز من الباب
كانت تقرأ آيات من القرآن الكريم في قلبها وهي تحاول أن تستمد بعض القوة رغم الخوف الشديد الذي تشعر به

فُتح الباب بهدوء وهي شهقت من الرعب وهي ترفع السيخ لتهوي به على رأس اللص المقتحم
لتتفاجأ أن اللص ليس سوى يوسف

باكينام تنهدت براحة وهي تنزل السيخ
ولكنها عادت للتقطيب وهي تهمس بغضب مكتوم: انته جاي ليه؟؟ وفي الوئت ده؟؟

يوسف ينظر لها باستغراب: إيه الاسئبال الغريب ده؟؟

باكينام من بين أسنانها: فزعتني.. كنت فكراك حرامي

يوسف يجيل بصره فيها وفي قميص نومها القصير: وأنتي كنت ناوية تضربي الحرامي وأنتي لابسة كده
ده أنتي كده خطر أكتر من الحرامي

باكينام تراجعت بخجل وهي تنتبه للبسها: ليه كنت عاوزني أئول للحرامي استنى لحد ما أغير ملابسي وأرجع لك

يوسف بهدوء حازم وهو يقول بجدية: ما يهمنيش.. لو كان فيه حرامي بجد
خليه يسرء اللي هو عاوزه بس أنتي ما تطلعيش ئدام أي حد كده

ثم همس بعمق وهو يقترب من أذنها: أنا ما أسمحش لحد يشوف حاجة بتاعتي أنا وبس

باكينام تراجعت بوجل وهي تهمس بحياد: أنته جاي ليه؟؟

يوسف تجاوزها وهو يخلع جاكيته ويلقي به على المقعد: مش هادايئك
محتاج شوية كتب من مكتبي وهامشي

باكينام بنبرة محايدة: الليلة؟؟

يوسف يبتسم: زي ما تحبي.. لو عاوزاني أمشي الليلة هامشي

يوسف فعليا لا يريد شيئا.. لكنه علم من ماريا أن العجوزين سافرتا
لذا قدم يريد الاطمئنان على باكينام فقط

تنهدت باكينام بحزم: آه عاوزاك تمشي الليلة

يوسف قطب حاجبيه ثم همس بحزم مشابه: عشر دئايئ..بس أخد كتبي وأمشي حالا
وبما إن ستاتك مشيو..لما تخرجي مكان ابئي اديني خبر رايحة فين وراجعة امتى.. ولو هتخرجي بالليل أنا اللي أوديكي وأرجعك



******************************



ذات الوقت في الدوحة
ولكن توقيت مختلف
الساعة السابعة والنصف صباحا
بيت مشعل بن محمد


لطيفة تعود لغرفتها بعد ذهاب أولادها لمدارسهم وإنهائها لجولتها الصباحية في أرجاء البيت

كان مشعل يستحم حين دخلت للغرفة
أخرجت ملابسه وعطرتها كما اعتادت ووضعتها في غرفة التبديل..
فعلت ذلك كعادة.. كواجب.. كالتزام اعتادت عليه.. وليس كروح!!

حين خرج مشعل وارتدى ملابسه
وجدها ترتب السرير
اقترب منها ليحتضن ظهرها بقوة حانية وهو يطبع قبلة دافئة على جانب عنقها
لم تتحرك مطلقا ولم تتجاوب.... كما لم تمنعه
تنهد مشعل في داخله بألم محرق يخترم روحه كالجمر.. ولكنه حاول الابتسام وهو يهمس في أذنها:
لطيفة حبيبتي.. ترا مشروع العمرة ما انلغى بس مؤجل شوي لين تطهرين ونروح
وش رايش؟؟

لطيفة بهدوء تام: على راحتك

مضى لها فترة وهي لا تهمس باسمه مطلقا..مــطـــلــــقـــا!!
اسمه غائب تماما في حوارتهما.. وهو بدأ يلاحظ هذا
ولكنه يعلم أن مافعله بحقها ليس بسيطا ولا سهلا
لذا (مــــــازال) يبحث عن العذر لها
وهو مستمر في محاولاته الدؤوبة لإذابة جليدها



*************************



الدوحة
بعد صلاة المغرب

بيت راكان

موضي تغلق حقيبة راكان بعد أن أنهت ترتيب ملابسه وأغراضه بعناية بالغة
بينما كان راكان يقف عند التسريحة ويضع جواز سفره وتذكرته في حقيبة رسمية صغيرة
موضي تتحاشى النظر لراكان
وتشعر أنها على وشك البكاء وهي تتمترس خلف قوة زائفة وتحاول ألا تنظر لناحية راكان حتى لا تتبخر هذه القوة

همست بصوت حاولت جعله طبيعيا: راكان خلصت شنطتك

راكان التفت لها ولاحظ أنها تتلهى بإعادة ترتيب بعض الأشياء في الدولاب
همس بهدوء: موضي تعالي

موضي اقتربت بتردد ودون أن ترفع بصرها إليه
همس لها بلطف: تدرين إنش اليوم من صبح ماحطيتي عينش في عيني
تعاقبيني أنتي؟؟

همست بجزع: لا والله.. بس
ثم صمتت

حينها مد راكان يده لذقنها ورفع وجهها بحنان
لتلتقي عيناها الدامعتان الوجلتان بعينيه الحنونتين العميقتين
وحـيـنـهـا.......... سالت دموعها بصمت
مد راكان كفيه الاثنين ومسح دموعها بحنان مصفى ثم همس برجاء فخم:
موضي لا تبكين واللي يرحم والديش

موضي بمصارحة شفافة وصوتها يختنق: باشتاق لك

راكان بذات الشفافية الموجعة: وأنا باشتاق لش بأكثر

غريبة هذه الشفافية!!..
ومصارحتهما العذبة بمشاعرهما دون ارتباك أو حواجز!!!
ولكن أ ليس الأغرب هو عجزهما عن تصنيف هذه المشاعر وإدخالها في خانتها الفعلية التي تنتمي لها؟!!

همست له بحنان ودموعها مازالت تسيل برقة على خديها: خلي بالك من نفسك.. ونبي ذهبية

همس لها بذات حنانه المصفى: إن شاء الله.. بس ما أبي أروح وأنا آخر شيء أشوفه دموعش.. تكفين

موضي مسحت دموعها وابتسمت: خبرك حن النسوان نحب نسوي أفلام هندية أو ما نرتاح

راكان بفخامة: مافيه في النسوان مثلش.. فلا تحطين نفسش معهم في الخطاب
ولا تقارنين نفسش بحد

انتفضت موضي بخفة وهي تنظر بشجن عميق لراكان
(هل تقصدها ياراكان؟!!
هل تقصدها؟!!
أ حقا لا ترى من تساويني؟!!)

قطع لحظاتهما الخاصة رنين هاتف راكان.. كان مشعل يستعجله وينتظره في الخارج ليوصله للمطار

همس راكان بهدوء: هذا مشعل ينتظرني برا.. ما تبين شيء

موضي تتذكر شيئا: بعد أذنك أبي أستأذنك.. فيه ناس محتاجين مساعدة.. وحدة من صديقاتي قالت لي عنهم..
تقول حالتهم تعبانة تعبانة.. أبي أروح لهم أعطيهم المقسوم..
ماني بنازلة.. بس بأروح مع السواق والخدامة.. عشان أتأكد إن السواق بيعطيهم اللي أنا عطيته كله
أروح؟؟؟

راكان ابتسم بحنان: جعل خيرش واجد والله يكتبه في ميزان حسناتش.. روحي

قالها وهو يمد يده لمحفظته ويستخرج كل مافيها ويمدها لها ويردف: وعطيهم هذي بعد

موضي بهمس متأثر: ماخليت معك شيء

راكان بهدوء عميق: الخير واجد يابنت الحلال.. ولئن شكرتم لأزيدنكم.. الحمد لله وألف شكر

موضي بتأثر: جعل خيرك واجد.. والله يردك سالم غانم


راكان علق حقيبته الرسمية في حقيبة ملابسه وكلاهما من طقم واحد بالغ الفخامة بلونه الأسود اللون الذي قد يمثل راكان بفخامته وغموضه
سحبهما بيد واحدة وهو يتجه للخارج وموضي معه
وتشعر بضيق عميق كما لو كانت روحها تغادرها
تكاد تشعر بألم حقيقي يمزق شرايينها وكأن الدم توقف عن عبور شرايينها احتجاجا على سفر راكان

حين وصل راكان للباب التفت لها وهمس بحنان حازم: خلي بالش من نفسش ولا تقعدين في البيت بروحش.. وأي شيء تبينه دقي علي في أي وقت

ابتسمت له: لا تحاتيني راكان.. الحين بأسكر البيت وبأروح لبيت هلي
وما أبي شيء إلا سلامتك بس

كان راكان على وشك الخروج لكنه عاد بنظرة عميقة مختلفة.. وموضي نظرت له مستفهمة

همس راكان بعمق خرافي: لو بغيت منش شيء.. ممكن ما تسألين ولا تزعلين ولا تحملينه بأي تفسيرات؟؟

موضي باستغراب: وش ذا الطلب الغريب؟؟ بس على العموم عيوني لك

حينها اقترب راكان منها.. اقترب كثيرا
وضع كفه على مؤخرة رأسها بحنو ليقربها منه أكثر
موضي شعرت أن قلبها سيتوقف.. بل ربما توقف وهي تتلقى قبلته التي لم تتوقعها مطلقا
قبلة تشبهه في عمقها وحنانها واختلافها
شعور صادم وثوري وعميق ورائع ومختلف وموجع تبادله الاثنان
لم يستطع أن يسافر دون أن يحمل معه ذكرى تصبره على بعد هذه المرأة التي أصبحت تزحف عبر كل مسامات جسده إلى حد الامتلاء
لم يعد يسأل كيف؟؟ ولماذا؟؟
فهذه المشاعر الثورية أعمق من كل شيء مُتخيل أو كوني أو معقول
شيء يتجاوز الأساطير والخيالات مهما كان كانت عصية على التصديق

ثم كما فاجئها بقبلته... فاجئها بافلاتها برقة
وهو يلوح لها بيده ويخرج ويغلق الباب خلفه
لتنهار موضي على أقرب مقعد
عاجزة عن التنفس
عاجزة عن التخيل
عاجزة عن الاحتمال
أي فيض مشاعر هذا !!
أي فــيــض!!




*************************



بيت عبدالله بن مشعل
بعد ذلك بساعة


"هيه.. هيه أنتي ماتسمعين"

"نعم.. هلا لطيفة"

لطيفة تبتسم: انبح صوتي أدعيش..ياموضي.. ياموضي
ثم أردفت بخبث: اللي ماخذ عقلش.. تو الطيارة ماطارت

موضي بحنين حقيقي لم تحاول أبدا إخفاءه: الله يرده سالم.. كن الدوحة خالية بسلامة أهلها كلهم

لطيفة بنبرة تمثيلية: تارارارااااااااااا.. وانزلوا الستار.. وعاشو في سبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات

موضي تقذفها بإحدى مخدات المقعد الصغيرة: تدرين إنش سخيفة

لطيفة تضحك: مافيه سخيف غيرش.. وعلى طاري الصبيان والبنات خلصينا انتي واختش.. دمكم ثقيل
بأموت أبي بيبي ألاعبه

موضي تبتسم: صدق مشفوحة.. انتظري ست الشهور الراحة اللي عقب التسقيط وعقبه جيبي لش واحد حقش..

لطيفة ترقص حاجبيها وهي تعيش شخصيتها الطبيعية بعيدا عن مشعل: لا يأختي أبي واحد جاهز ألاعبه متى ما كنت رايقة
مهوب في حلقي 24 ساعة

موضي بخجل تحاول اخفائه بالمرح: مشاعل وناصر أول

لطيفة تبتسم: بس أنتي وراكان أكبر

موضي تحاول تغيير الموضوع: زين أنتي وش كنتي تبين؟؟

لطيفة تتنهد: أبيش تروحين معي بكرة السوق.. فيه أغراض كثيرة أبي اشتريها لمريم وأبي مساعدة

موضي بأريحية: حاضرين.. مريم لو تبي عيوني ما تغلى عليها
يالله ياكريم سعد يعرف قيمتها ويسعدها

لطيفة بعمق: أنا والله خايفة عليها.. شايفتها متوترة أكثر من طبيعتها.. بالعادة مريم تتحكم بنفسها عدل

موضي بهمس: ما تنلام.. الموقف صعب على أي وحدة.. أشلون وحدة بوضعها



******************************



ذات الوقت
بيت محمد بن مشعل
غرفة مريم


العنود تقف أمام المرآة وتجرب أحمر شفاه جديد ثم تهمس لمريم:
ترا خلاص حجزت لش وحدة مكياج ووحدة شعر بس شنو شغلهم... خيااااااااال

مريم بهدوء رقيق: ماكان فيه داعي العنود

العنود باستنكار: وليه مافيه داعي.. أنتي عروس
وبعدين أنتي حلوة وتهبلين ولازم سعد يشوفش متعدلة ويعرف إنه انتي عروس صدق
حقه وإلا لأ؟؟

مريم تبتسم: حقه... وصايرة تعرفين تكلمين في الحقوق

العنود تبتسم: أفا عليش.. تربيتش

العنود مازالت تنظر للمرآة.. انتقلت لشعرها تمشطه
وتنظر لطوله
ثم همست لمريم: تدرين مرايم شعري يبي له شوي قص
أبي أقص لي قصة جديدة قبل عرسش

مريم بأمر هادئ: استأذني فارس قبل

العنود باستنكار جزع: نعم؟؟

مريم بذات الهدوء: سمعتيني عدل

العنود بذات الاستنكار الجازع: وليش استأذن حضرة جنابه إن شاء الله

مريم تبتسم: توش تكلمين في الحقوق.. وهذا حقه
أنتي مرته وعلى ذمته

العنود بغيظ: خلاص ما أبي أقصه إذا فيها مكالمة فارس

مريم بذات الابتسامة: والله أنتي غريبة

العنود تبتسم: أنا.. ليش؟؟

مريم بهدوء باسم تهدف لما هو أبعد منه.. أبعد بكثير: الحين أنتي ما تبين ترجعين له..
وفي نفس الوقت لا جبتي سيرة انفصال ولا طلاق ولا شيء
وش يعني؟؟ تبين تقعدين معلقة كذا؟!!

العنود بتوتر خجول: ما أبي أرجع.. بس بعد ما أبي أتطلق..
ما أتخيل نفسي وأنا ماني بمرت فارس
بس رجعة لا لا.. مابي.. أنا هنا مرتاحة من عصبيته

مريم تريد أن تضحك فعلا على غرابة شقيقتها التي تمثل نموذجا لغرابة المحبين
ولكنها اعتصمت بالهدوء وهي تهمس بخبث مُغطى: زين ولو بغى يتزوج.. يخليش على ذمته بعد؟؟

العنود بحزع مفجوع حقيقي: ويش؟؟ يتزوج؟؟

هنا كادت مريم أن تنفجر ضحكا من نبرة أختها المفجوعة ولكنها أكملت بذات الهدوء الخبيث وهي تشدد النبر على كل كلمة:
إيه يتزوج.. أنتي ما تبين ترجعين..
وفارس شاب توه صغير ومزيون..
مزيون زيادة عن اللزوم..
ولازم يحصن نفسه

حينها توجهت العنود للباب وهي تقول لمريم بنبرة غضب انفعالي:
تدرين إنش سخيفة يامريم..
وإن شاء الله سعد ليلة عرسكم يعطيش طراق مثل اللي فارس عطاني
عشان تعرفين تحريني وتحرقين قلبي كذا

ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها بصوت مسموع
حينها انفجرت مريم بالضحك الذي كتمته حتى كادت تنفجر حين كانت العنود معها



*****************************



اليوم التالي
مع آذن الفجر
الدوحة... مكانان مختلفان
غرفة فارس.. غرفة موضي في بيت أهلها



فارس نهض من نومه قبل الآذان بدقائق فتناول هاتفه ليغلق الجرس قبل أن يرن
فتفاجأ بل صُدم وهو يرى اتصالا لم يرد عليه من العنود
شعر بقلق عميق وأمل أعمق
ماذا تريد منه؟؟
ولماذا اتصلت في هذا الوقت المتأخر؟؟
الاتصال كان في الساعة الواحدة وهو كان قد نام وقت الاتصال ولم يصحُ عليه

وطبعا ما يستحيل أن يعلمه
أن العنود من بعد محادثتها مع مريم البارحة وهي تغلي وتغلي وتكاد تشعر ببخار حرائقها يخرج مع مسامات جسدها الذي اشتعل غضبا وغيرة
فهي تثق كثيرا بكلام مريم.. ومريم لن تقول أنه سيتزوج مالم تكن قد سمعت شيئا بهذا الخصوص
(ما لي إلا أسبوع وشوي من طلعت من بيته
بدل ما يراضيني يبي يتزوج الأخ
يمكن الشيخ فارس من أنصار نظرية أدّب النساء بالنساء)

لذا تهورت واتصلت به حينما بلغ غليانها منتهاها
كانت تريد أن تسمع صوته فقط.. فهي تعرف أنه لا يقاوم صوتها
تريد أن تثبت لنفسها سيطرتها عليه وعجزه عن مقاومتها
وتثبت هي لنفسها شيئا..
شـيــئـا مــا!!!

ولكن ما أن رن هاتفه رنة واحدة حتى قطعت الاتصال وهي تشعر بالندم على تهورها
بدا لها تصرفها سخيفا وخاليا من العقلانية
وربما أن هذا ما أرادته مريم.. أن تثبت لها أنها تغار عليه إلى حد التصرفات المجنونة.. كما كان هو يغار عليها إلى حد التصرفات القاسية

لذا حمدت الله أنه لم يرد وحمدت الله أنه لم يعاود الاتصال
وأرجعت ذلك إلى كبريائه العتيد الذي لم يسمح له بالتنازل للاتصال بها..
لتعود للشعور بالحزن لأنه تجاهلها وهي تدور في دائرة مغلقة متناقضة من المشاعر


وهاهي ماتزال نائمة.. لأنها في بيت أهلها تحب أن تصحيها مريم للصلاة لذا لا تنبه هاتفها
رن هاتفها تناولته بنعاس وهي تهمس: وش ذا الإزعاج؟؟

لتتساقط شرايين قلب فارس شريانا شريانا
وصوتها الخرافي يهزه كأعصار استوائي هادر ويقلب كيانه
حتى بعد ما أصبحت العنود زوجته واستماعه واستمتاعه اليومي والدائم لصوتها وبصوتها
ولكن صوتها بقي له ذات السحر الأسطوري الذي يشعر الآن كما لو أنه تضاعف أضعافا موجعة
وخصوصا مع بحة النعاس التي تأسره وتذيبه وتبعثره

ولكنه يبقى ملك التحكم في الأعصاب.. همس بهدوء: صباح الخير

العنود قفزت وهي تكح من الحرج ثم شرقت وهي تسمع الصوت الرجولي الخشن والعميق

فارس ابتسم ابتسامة شاسعة ولكن الابتسامة لم تتسلل لصوته الثابت: سلامات

العنود بحرج: الله يسلمك

فارس بهدوء: أنتو كلكم بخير؟؟

العنود تكاد تبكي من الحرج وهي تسب نفسها على تهورها البارحة: كلنا طيبين

فارس بتساؤل خبيث: زين ليش اتصلتي البارحة؟؟اشتقتي لي؟!!

العنود توشك على البكاء فعلا ووجهها يحمر حرجا وهي تفكر بشيء ما تقوله..
ثم وجدت شيئا غبيا لتقوله: كنت أبي أسالك عن ساعتي اللي وديتها لوكالتها

فارس يرفع حاجبا وينزل آخر: متصلة فيني الساعة وحدة في الليل عشان تسأليني عن ساعتش؟؟

صمتت وهي تكاد تختنق حرجا وخجلا ووجهها يشتعل احمرار وحرارة

فارس تنهد ثم أردف بعمق حازم: العنود خلش من لعب البزارين وارجعي لبيتش

العنود بهمس مختنق: وليش أرجع؟؟

فارس بذات الحزم: لأن المرة مكانها بيتها

العنود بخيبة أمل: وبس؟؟

فارس بثقة: وبس

العنود بألم: زين يافارس وأنا ما أبي أرجع لبيتي عشانه هو مكان المرة
ولاحظ فارس إنه هذا ثاني حوار يصير بيننا عقب ماطلعت بيتك
وأنك ما فكرت تراضيني أو حتى تعتذر عن اللي سويته فيني
وأنا مستحيل أرجع وأنت ما عرفت ولا اعترفت بغلطتك في حقي

فارس بحزم: وأنا قلتها لمريم وقلتها لش.. أراضيش إذا رجعتي لبيتش
المكان اللي زعلتش فيه هو المكان اللي بأراضيش فيه

العنود بحزم مشابه: وأنا آسفة.. ماني براجعة يا فارس



***************************



ذات الوقت
بيت عبدالله بن مشعل
غرفة موضي


كانت موضي تخرج من الحمام وهي تجفف وجهها ويديها بالمنشفة من أثر الوضوء
رن هاتفها.. ركضت له بلهفة لأنها علمت أنه لن يتصل بها أحد في هذا الوقت إلا هو
التقطته لترد بلهفة حقيقية: هلا والله

جاءه صوته العميق مثقلا ببعض إرهاق: هلا بش

موضي بحنان ممزوج بالحنين الغامر: الحمد لله على السلامة.. وبشرني عنك عسى ما تعبت؟؟

راكان بهدوء: الله يسلمش.. والتعب شوي.. الرحلة كانت متعبة شوي

موضي بحنان: خلاص ارتاح لا تنسى البطولة تبدأ بكرة..وانت وعدتني بذهبية

راكان بمودة صافية: زين بسولف معش لين أنام.. تعودت أخر شيء أسمعه قبل أنام صوتش

موضي بتأثر عميق: زين بأصلي الصبح وأنا بأدق عليك



***************************



بعد خمسة أيام
يوم السبت
الدوحة

الساعة التاسعة والنصف صباحا


موضي متخشبة أمام شاشة التلفاز تتنظر انطلاق المباريات اليوم بقلق حاد
فراكان تجاوز التصفيات وسيشارك اليوم في نهايات الفردي
كان تلفزيون قطر ممثلا بقناة الكأس لم ينقل التصفيات الأولى
ولكن مع وصول أحد لاعبين الفريق القطري للنهائيات قرروا نقل النهائيات
طوال الأيام الخمسة الماضية كان راكان يبدأ يومه بصوت موضي وينهيه به
في مكالمات شديدة الطول مشبعة بالمشاعر الدافئة وبرونق الحديث ومتعته
ورغم الفارق الكبير بين توقيت الدوحة وسنغافورة ولكن هذا لم يكن عائقا بينهما وموضي تقلب جدولها اليومي على توقيت سنغافورة
وحمدت الله أن المنافسات اليوم في يوم إجازتها من العمل

كانت المنافسات ستبدأ بعد نصف ساعة لذا هاهي تجلس متخشبة وبيدها كأس من (الكرك)
فوجئت بدخول لطيفة يتبعها أولادها الأربعة
موضي بانزعاج لطيف: وش جايبكم يالمزعجين؟؟ اليوم نهائي راكان
اسحبي شواذيش واطلعي برا

الأطفال الأربعة ركضوا للأعلى
ولطيفة ألقت بحقيبتها على المقعد: نعنبو دار عدوينش حتى السلام ماخليتني أسلم
وبعدين وش نهائي راكان.. أبي أروح أنا وأنتي للسوق.. قومي

موضي برفض استنكاري: وش سوقه أنتي بعد؟؟ أقول لش نهائي راكان تقولين لي سوق؟؟
وبعدين كل يوم كنت أروح معش.. اليوم سوري.. نهائي راكان

لطيفة تضحك: سجليه وشوفيه عقب

موضي تضحك ضحكة تمثيلية: الله يخلف على مشعل اللي أنتي مرته وأمي اللي أنتي أكبر بناتها
قومي طسي روحي للسوق بروحش.. حافظة أسواق قطر مجمع مجمع وشارع شارع وداعوس داعوس
يمكن لو احتاجوا خبير في الأسواق يأخذونش

لطيفة تضحك: الله وأكبر عليش يأم عيون
وش أسوي يوم إنكم كلكم مافيكم فايدة.. لا سوق عرايس نافعين
ولا سوق عيد نافعين.. ولا حتى سوق رمضان نافعين

موضي ترقص حاجبيها: وليش نتعب نفسنا وعندنا وحدة مشفوحة على السوق
وممنونة تسّوق وتشرى لنا وللجيران بعد

لطيفة تبتسم: الشرهة علي مهيب عليش.. وإلا حد يتكلم مع وحدة عقلها في سنغافورة
أنتي وأنتي عقلش في رأسش مامنش فود.. وأشلون لا صار في ديرة ثانية
ثم ألتفتت لطيفة حولها: زين وين أمي وجدتي؟؟

موضي بابتسامة: مسيرين على بيت عمي محمد يتقهوون عندهم

لطيفة تضحك: مسيرين؟؟ وإلا أمي هيا درت بزعل العنود على فارس ورايحة تغسل شراعها.. كل شيء عندها ولا فارس

موضي تضحك: هذا أنتي عارفة سبب الزيارة.. والله يعين العنود عليها
ثم أردفت باهتمام: إلا الشباب وش مزعلهم من بعض؟؟

لطيفة هزت كتفيها: ماحد منهم راضي يقول.. يقولون خلاف وبس
ثم أكملت بجدية: وبعدين أنتي وفارس اللي صحوبية.. إسأليه

موضي باستنكار: لا لا لا.. أنتي صاحية؟؟؟.. كنش ما تعرفين فارس.. ما يحب حد يتدخل في خصوصياته


وهما في حوارهما نزل سلطان بوجه منقلب وبه آثار النوم
قبل رأس كل من شقيقتيه ثم جلس وهو يسكب لنفسه كأسا من الحليب

لطيفة همست لموضي: وش فيه الأخ ماد البوز شبرين؟؟

موضي ابتسمت وهمست لها بخفوت: عطيه دقيقة وبتدرين
كل يوم على ذا الموال

وبعد أقل من دقيقة كان سلطان يهمس من بين أسنانه: لطيفة.. حماش الشيخ ناصر بيطول وهو ذالف بأختي

لطيفة تبادلت النظرات مع موضي وهي تكاد تنفجر من الضحك
ثم همست بمرح: "أختك"؟؟؟
ليه أنا وموضي وريم ويش؟؟ قطاوة الفريج؟؟

سلطان بمزاج مقلوب: لطيفة تكفين لا تستهبلين علي
أنتي عارفة أنكم كلكم خواتي وعلى الرأس والعين
بس هذا أنتو ثلاثتكم قدامي وملوعين كبدي.. أسال عن مشاعل لأنها هي اللي مسافرة

لطيفة تعيد جملته: "تسأل عن مشاعل لأنها هي اللي مسافرة"؟؟
ثم أردفت بنبرة عادية مصنوعة: أمس ناصر اللي هو رجّال مشاعل اتصل في مشعل ويقول هناك خوش جو
ويبون يسوون جولة على كل أسبانيا..فيقول يمكن يأخذون شهر كامل

كان سلطان يرتشف من كأسه وهي تتكلم.. فشرق وكح
وموضي قفزت مرعوبة وهي تتناول الكأس يده وتمسح وجهها و تهمس بغضب للطيفة التي استغرقت في الضحك: حرام عليش بغيتي تذبحين الصبي

لطيفة تضحك: خليه.. لمتى وهو واقف للمرة ورجّالها
ماعاد هو ببزر خليه يصطلب شوي

سلطان وقف وهو يهمس بغيظ: بأروح أبدل ثيابي
ما يسوى علينا ذا السؤال.. طلع علينا بأكثر من بيع السوق

لطيفة مازالت تضحك وهي ترى سلطان يغادر.. وموضي التفتت لها: حرام عليش فجعتيه

لطيفة تحاول أن تتماسك لتهمس بهدوء: يأختي خليه يفك من مشاعل شوي ماصدقنا يزين وضعها هي وناصر
ثم أردفت باستعجال: هاه بتروحين معي؟؟

موضي بهدوء ثابت: لا فديت عينش.. أصلا كلها خمس دقايق وتبدأ منافسات النهائي
فأنتي توكلي على الله

لطيفة وقفت لترتدي نقابها وتعدل عباءتها: خلاص بأروح بروحي ولو أنه مشعل ما يحب أطول في السوق وأنا ما معي إلا الخدامة

وهي تقف عند الباب همست لموضي بعفوية: إيه نسيت أقول لش
حمد ولد عمتي وصل من السفر البارحة في الليل
قولي لأمي عشان تهني خالي وعمتي بسلامته

وقتها كانت موضي تصب لنفسها كأسا آخر من الكرك وعائدة لمقعدها
ولطيفة قالت جملتها وخرجت
ليسقط الكأس من يد موضي على الرخام
وينكسر بصوت مدوٍ
ويتناثر السائل الساخن على قدميها



#أنفاس_قطر#
.
.
.
.

 
 

 

عرض البوم صور #أنفاس_قطر#  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
اسى الهجران, انفاس قطر, قصص من وحي الاعضاء
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتملة (بدون ردود)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t121341.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 01-06-15 01:25 AM
Untitled document This thread Refback 03-01-15 05:49 PM
ط±ظˆط§ظٹط© ط§ط³ظ‰ ط§ظ„ظ‡ط¬ط±ط§ظ† ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ظ„ظٹظ„ط§ط³ ط¨ط¯ظˆظ† ط±ط¯ظˆط¯ This thread Refback 05-09-14 06:38 PM
ط®ظ„ظٹظ†ظ‰ ط°ظƒط±ظ‰ ظ„ظٹظ‡ ظƒط¯ظ‡ ط¨ط³ ظٹط§ ظ‡ط§ظ„ط© ط¯ظ‡ ط§ظ†ط§ ظƒظ†طھ ط¨ط­طھط±ظ…ظƒ ط´ظˆظپ Facebook This thread Refback 05-09-14 02:11 AM
ظ…ظˆط¶ظٹ طھط±ظ‰ ط§ظ„ظˆط¹ط¯ ط±ط§ط³ طھظ†ظˆط±ظ‡ This thread Refback 08-08-14 08:55 AM


الساعة الآن 01:15 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية