لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-08-09, 12:51 PM   المشاركة رقم: 31
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 131874
المشاركات: 3,755
الجنس أنثى
معدل التقييم: dede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4768

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dede77 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : dede77 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

5 -نسر فوق الضباب


لم تكن مايا تظن أبدآ أنه قد يأتي وقت في حياتها ستشعر فيه بأنها غير مستقرة ، وأنها عندما تنام ستحلم بأحلام غريبة تجعلها تستيقظ قبل الفجر ، والضباب لايزال يغطي الأراضي ، لتضع السرج فوق مايجور ، وتركبه خارجة على غير عادتها ، وتواجه يومها باكرة هكذا .
ما من أحد استطاع اكتشاف أنها كانت تمسك عنان نفسها بسرية ، تصرخ فيها لتتخلص من التحضيرات الشعائرية المتشوقة ليوم زفافها .
ذلك اليوم الذي ستصبح فيه ، وإلى الأبد ، من أملاك هؤلاء الناس الذين يرون فيها العروس الكاملة ، التي ستصبح مضيفة شابة فاتنة للبيت الذي يشاد على قطعة من الأرض ضمن أملاك دينغول ، حيث ستؤسس هناك عائلة صغيرة ملائمة مع باد .منتديات ليلاس
بلغت التحضيرات الآن ذروتها ، وبدأت القياسات للثوب الساتان الجميل .. القماش اللماع مصنوع في سيلان . حيث حيك بصناعة يدوية ، عدة ياردات منه ، ستكون كافية لصنع ديل طويل على أطرافه تطريز نمساوي لم تستعمله غلوريا من قبل . وحذاء يناسب الثوب .
وشعرت مايا بأن مايجري هو نوع من الإنتاج أكثر مما هو زفاف ولكنها حافظت على هدوئها واستطاعت أن تمر في اول القياسات دون أن يظهر عليها ما كانت تشعر به . المشاعر التي كانت تحول نومها إلى دوامة بين الواقع و الخيال .
لم يكن هناك أي شك في ذهنها بأنها سوف تمضي في زواجها ولكن كان من الممكن أن يكون الأمر أسهل لو أن باد وافق على زواجهما بهدوء .. وأن يتركا وراءهما كل هذا الضجيج ويعبرا الحدود ويتزوجا بمراسم سريعة يشهد عليها غرباء ، لا يحدقون بهم ويتهامسون ، ويلقون بالترحيبات و التهاني طوال حفلة استقبال .
ولكن باد كان مخلصآ لوالدته ، وكونه الولد الوحيد شعر أن من واجبه أن يوفر لها يوم زفاف حقيقي .. يوم تستطيع أن تتذكره بفخر مع كل المراسيم الصحيحة و الملائمة ، مثل حلوى الزفاف المرتفعة التي ستقطع بسيف كان أحد أفراد العائلة يحمله في المعركة أيام الحرب الأهلية بين الولايات . وحيث تؤخذ الصور لتوضع في ألبوم صنع خصيصآ منقوش عليه اسم العائلة ، ولا ينسى فيه عادة أن ترمي العروس باقة الزهور إلى الوصيفات قبل أن يسرع العروسان السعيدان في أولى خطواتهما إلى شهر العسل .
بدا الأمر وكأنه عرس لغلوريا و السيدة دينغول ، لأن سعادتهما كانت تطغى على سعادة مايا .. وكان أمام غلوريا الكثير لتفكر به ، و الذى كان بعد ظهر يوم القياس النهائي حيث أصيبت بصداع أليم كانت مايا تعلم أنه يؤلمها كثيرآ ، وان لا شيء يهدئه سوى الراحة التامة في غرفة مظلمة ، ولكن عندما عرضت مايا أن تبقى معها ثارت غلوريا وأصرت على حضور القياس النهائي للثوب ، الأخير قياس الخياطة النهائية ووصل الذيل به .
-لا أحب أن أتركك هكذا ...
وتوسلت إليها غلوريا .
-اذهبي .. تعرفين كم أريد أن يكون كل شيء على مايرام ، والثوب مهم جدآ ، أوه .. فليذهب هذا الصداع إلى الشيطان ! لماذا يجب أن يحدث لي اليوم ؟
-لأنك كنتي تبذلين الجهد و تقلقين ، وتتعبين نفسك .
وانحنت مايا فوق عرابتها وطبعت قبلة على خدها وتابعت : حاولي أن تنامي يا عزيزتي .
وأمسكت بها غلوريا بيدين جافتين حارتين :
-مايا .. لم أقل لك هذا من قبل .. ولكنني كنت أكن مشاعر نحو أبيك كانت أكثر من الود . وشعرت بالحزن عندما دمر حياته . ولا أريد شيئآ كهذا أن يحصل لك . وباد شاب لطيف ، ودماؤه أصيلة ، ومندفع لأن يفعل دائمآ الأشياء الشريفة . وسيكون لك زوجآ رائعآ ، ومع الوقت لن يكون هناك ما تندمين عليه .
-أوه يا غلوريا ماهو الندم الذي قد أشعر به ... ؟
-وهل تظنين بأنني عمياء يا مايا ؟ لقد كنت الاحظ نظرة على وجهك في بعض الأوقات سببت لي قلقآ أكثر مما قد تتصورين . أعرف أن الفتيات تحلمن بالعواطف التي تجرفهن وتجعل من كل شيء يبدو ساحرآ ، ولكن هذا لا يدوم . في الأفلام فقط يسقط الثلج دون أن يتحول الى جليد ، وحيث يلمع الجليد فقط عند نهاية القصة .
صدقيني ، سيكون عندك شيء أبعد من الأحلام الحقيقية ، سيكون عندك مركز ، أمان ، ولن تشعري بألم القلب الذي قد يسببه الحب .
ستكونين جزء من سلالة ، لأن آل دينغول هم من بين العائلات التي أسست كاليفورنيا ، وشجرة عائلتهم شجرة صلبة . أترين يا طفلتي العزيزة ، نحن لا نبقى صغارآ ومثاليين ، نحن نكبر في السن و نتعلم أن الحقائق لها أساس أمتن من أحلام الشباب ، وعلي أن أعلمك الحكمة ... هل تدركين هذا ؟
واشتدت قبضة أصابعها المحمومة على يد مايا ، وتابعت :
-أنت ابنة موريس ، وحبه لعدم الاستقرار طالما أقلقني خوفآ من أن ترثي هذا .. هل ستطيعين رغباتي ؟ وهل ستتزوجين باد مهما همس الشيطان في قلبك بأنه لن يكون لك المحب المجنون المندفع ؟
أوه .. يالرأسي اللعين ! لقد بدأت أرى .. البرق ..
-ارتاحي يا غلوريا . وإلا سيزداد الصداع .
-عديني ...
-أنا لا أحنث بوعودي أبدآ وأنت تعرفين هذا .
-لم تفعلي هذا من قبل ، ولكن مؤخرآ لاحظت عليك بعض التغيير الحاد . هل السبب هو ذلك الرجل ؟
-لا ...!
وأحست مايا بالصدمة وكأن أحد ما ضربها على رئتيها ... فلم يكن هناك أي شك في ذهنها ان غلوريا تشير إلى براد دونللي .
-أعلم أنه جعلك مضطربة ... وهذا أمر نفسي ، موريس دمره واحد من نوع ذلك الرجل ..
-لا أنوي ان يدمرني أي رجل .. سأذهب إلى قياس الثوب الذي أنت قلقة عليه . وسأزور محل الأحذية لأرى إذا كان حذاء الساتان قد أصبح جاهزآ . وسأجلبه معي وستصبحين احسن حالآ قريبآ وسترينه بنفسك ، وتتأكدي من أنه حسب رغبتك تمامآ ..
-هل كنت مستبدة... ؟ لقد كنت أريد أن يكون كل شيء كاملآ . هذا كل شيء ، وأن يتذكر الناس لفترة طويلة حفلة زفافك ويقولون إن لا مثيل لها . أنا .. أنا لا أريد أن يحدث شيء خاطئ ... ستذهبين رأسآ لقياس الثوب ، ثم لتسألي عن حذائك وتعودين فورآ إلى المنزل .
-بالطبع سأفعل . أغلقي عينيك الآن و نامي ... وعندما تستيقظين سيكون الصداع قد ذهب عنك .
-أنت طفلة طيبة ، ولكن لا تتأخري .. القياس عند الثالثة تمامآ .
-سأذهب ! وداعآ !
ذلك اليوم كان الضباب أكثر كثافة ، ولم يكن قد زال عندما وصلت مايا إلى دار الأزياء . وصعدت في المصعد إلى الطابق الثالث و استقبلت على الفور على انها زبونة مهمة . وأمضت الساعة التالية في قياس الثوب الذي أصبح تقريبآ كاملآ .
كان جميلآ ، دون اي عيوب قديم الطراز ببساطته ، القماش اللماع أظهر كل ميزاته ، كما سيظهر العقد الماسي الذي سترتديه يوم الزفاف ووجدت مايا أن ذيل الثوب ثقيل قليلآ ، ولكن وصيفاتها سوف يتدبرون أمره ، لذا لم تقل شيئآ . وابتسمت ثم أطرقت موافقة .
وشعرت بالراحة عندما تخلصت أخيرآ من كل هذا ، ورافقها مصمم الثوب إلى الباب .
-لم أكن أبدآ سعيدآ بثوب صممته من قبل كهذا . أنا مسرور جدآ و أتمنى أن تكون الآنسة كولين سعيدة أيضآ .
-مذهولة هي الكلمة المناسبة مسيو ...
ووقفت وهو يقبل يدها . وينظر إلى خاتمها وكأنه يثمنه حتى آخر سنتيمتر .
-سوف تكونين عروسة تصيب بالدوار .. لم أشاهد بشرة وشعرآ بهذا الصفاء من قبل يا آنسة كولين .. إنه شعر أشقر طبيعي وليس مصبوغآ كما هو الحال غالبآ في هذه المدينة من هوليوود .
-أنت أكثر من لطيف لقولك هذا مسيو .. والآن لدي موعد آخر .. أورافوار ، مسيو ...
وأسرعت مايا نحو محلات الأحذية ، كان الضباب يتجمع عند أعالي الأشجار ويلتف كالرباط الفضي حول جذوعها ، ونظرت إلى فوق ، وفجأة اصطدمت بشخص ، وشعرت بأن يدين كالفولاذ أمسكتا بها . فأسرعت تقول : أوه .. أنا آسفة ..
وتصلبت مايا وكان تيارآ كهربائيآ قد صدمها ، ووقفت تواجه رجلآ يرتدي بذلة "سافاري" بنية فاتحة ... وبينما هي تحدق به اخترقت طائرة السحاب الأبيض فوق الرؤوس وأحست بهديرها داخل رأسها حتى أنها شعرت بالدوار ، وكأنها ستقع .
" لقد هربت منه ، طوال ليالي وطوال أيام ".. ثم أستيقظت من جديد وكل مشاعرها ترتجف داخل جسدا الذي لم يكن يتحرك المختبئ وراء قناع شاحب يغطي وجهها . بالنسبة لمن يمشوا حولهما كانا مجرد رجل أسمر وامرأة شابة شقراء مذهلة ... ولا يعلمون أن مايا قد سارت لتوها إلى داخل شرك الشيطان .
-كم هذه مفاجأة غير متوقعة .
وابتسم لها وانحنى نصف انحناءة ، وكلا التصرفين كان فيهما شيء من السخرية . ووقفت مايا غير قادرة على الكلام . متذكرة الألم الذي سببته له ... وعندما نظرت إلى عينيه اللامعتين الخطرتين ، أدركت تمامآ أن مامن شيء بينهما قد نسي ، وآخر شيء هو أنها فتاة على وشك الزواج من رجل آخر .
-أنا .. أنا في طريقي لأرى .. ما إذا كان حذاء ثوب زفافي قد أصبح جاهزآ .
-وتظنين أنك ستصلين في الوقت المناسب هه ؟ إذآ سأتمشى معك إلى هناك .
-لا، يا براد ...
وابتعدت عنه ، وكادت تصطدم بعربة أطفال تجرها مربية ومد يراد يده ليمسك بها ، وأجفلت ونظرت إليه بعينين متوسلتين . ولكن وجهه لم يلن ، عيناه كالفولاذ ، تتناسبان مع أصابعه الممسكة بها .
-لا تستطيعين منعي يا مايا ، فأنا بطريقي إلى هناك لآخذ حذاء ركوبي . ولامعنى لذهابنا منفردين بينما نستطيع أن نترافق .. ماذا دهاك ؟ هل أحرجك ؟
-بالطبع لا .. وتوقف عن إمساك يدي ! فقد يرانا أحد ، و .. و أنت تعلم كيف يتكلم الناس .
-أجل .. إنها عظمة صغيرة مليئة باللحم ستنشب قطط الفضائح أسنانها بها .. ولكن قولي لي .. هل تهتمين فعلآ بما يفكر به هؤلاء الأشخاص .
-لا .. على الأقل .. ولكنني مهتمة أن لا يسيء تصرفي لاسم باد بأية طريقة .
-ومشاهدتك معي سيسيء إليه بالتأكيد ؟
-وسوف يسعدك هذا ... لقد حاولت أن تمسح به الأرض في ملعب التنس ، ولكنك وجدت أن الأمر ليس سهلآ .
-يا عزيزتي مايا .. لقد فقدت اللعبة حيويتها عندما اخترت الهرب ... هل تجرين ذيلك دائمآ عندما تصبح اللعبة حامية ؟ وهل ستحاولين هذا الآن ؟
-وأنت لن تسمح لي .. أليس كذلك ؟ .. أوه .. لنمض في طريقنا .. ! إننا نجتذب الانتباه .
-تبدين قلقة ، و متوترة
ومضيا جنبآ إلى جنب عبر الرصيف نحو محل الأحذية ، محل مكتظ ، حيث أكثر أقدام مشاهير هوليود تقاس لصنع أحذية باليد من أفضل الجلود . وكون براد زبون هناك لم يدهش مايا . ولكن ما صدمها أن تلتقي به على نفس الطريق الذي تقصده . وتمنت لو أنه بعد خروجهما من المحل يتركها تذهب إلى منزلها ...
وبينما هي تتفحص حذاءها الساتان ، كانت تشعر تمامآ بتفحصه الدقيق لها، وقفزت أعصابها عندما اخذ فردة من الحذاء بيده السمراء النحيلة ونظر إلى وجهها . ولم تجرؤ أن تلاقي عينيه ، وسرت عندما لُف الحذاء في الورق ووضع بعناية في صندوق أبيض ، لتأخذه معها .
-عليك أن تسأل عن حذائك .. لذا سأذهب ..
-تناولي الشاي معي .. أرجوك !
لم يكن قد أستخدم هذه الكلمة في خلال لقاءاتهما من قبل ، واسترعت انتباه مايا ، ونظرت إليه ، ولاحظت الهدوء في عينيه ، والانتظار ، وكأنه يتوقع الرفض وسيرضى به لو أنها اختارته .
-لقد وعدت بالعودة رأسآ إلى المنزل .
ولكن بظهور السخرية في عينيه ثانية ، صدمت بحدة لإدراكها أن هذه قد تكون آخر مرة يلتقيان بها معآ ، لأنها ما إن تتزوج ، فلن يكون هناك أي لقاء معه .
-حسن جدآ .. في الواقع انا عطشانة .
-شكرآ لك .

 
 

 

عرض البوم صور dede77   رد مع اقتباس
قديم 31-08-09, 02:49 PM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 131874
المشاركات: 3,755
الجنس أنثى
معدل التقييم: dede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4768

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dede77 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : dede77 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

وكان هذا كل ما قاله ، دون أي ابتسام على وجهه ، وعاد للاهتمام بحذاء ركوبه ، طويل وطري ، ولون الجلد أحمر لماع . ومرر يده فوق الجلد ، وأحست مايا بتوتر الأعصاب الدقيقة في صدرها . ولم تكن ساذجة حتى لا تعرف سبب هذه المشاعر وهي تنظر الى تلك اليد وكأنها يد السياف ، بأظافرها المقلمة .. ماذا كان يا ترى في وجوده السابق ؟ ساحر ، أم أحد أبناء طبقة النبلاء في بلاده ؟ واستدار إليها مبتسمآ .
-ما رأيك ؟ هل هو أنيق أكثر من اللزوم على مدير فندق ؟
-إنه يشبه حذاء " الكوندوتيير".
-آه .. الجنود المرتزقة ... ؟ أعتقد بإمكانك أن تقولي إنني نسخة عصرية من واحد منهم .
وتركا المحل ، حاملين الرزمتين . وفي الخارج عند الرصيف شعرت مايا بميل متوتر لأن تقول له أنها غيرت رأيها بشرب الشاي معه . ونظرت إليه ، وتوقف النفس في حلقها ، لأنه بدا وكأنه يقرأ افكارها .. و قال لها :
-كم أنت جميلة بشكل شيطاني .. أنت مخلوق نادر يا مايا كولين ..
-أوه .. و لماذا ؟
وتصاعد الدفء إلى وجنتيها ، وتسارعت ضربات نبضها عند أسفل حنجرتها لا شيء أكثر خطرآ من أن يفكر هذا الرجل بأنها جذابة ...
ولاشيء أكثر غباء من البقاء رغم إدراكها أنها راغبة بأن يطول هذا اللقاء المر الحلو .
-لديك زوج من الأذنين الرائعتين ، ألا تلاحظين هذا لا يملك مثلهما الكثير من الناس .
-براد ...
-لا تتجرأي على قول ما أراه مكتوب في عينيك . تستطيعين ترك سيارتك حيث هي وسنذهب إلى المكان الذي في ذهني لنتناول الشاي . هل هذا كثير علي .. بينما باد دينغول سيحصل عليك لإفطاره وغذائه وعشائه ؟
-وهل هذا أمر حكيم ؟
-انها يا مايا ، أدركت هذا براءتك المطلقة ام لا ، ملاحظة استفزازية . اذا كنت تريدين التساؤل عن الحكمة من وجودك معي .. ياعزيزتي .. في المرة الأخيرة أنا من تلقيت الضربة بركبتك .
-أنت لاتنسى أبدآ ، أو تغفر بسهولة . أليس كذلك يا براد ؟
-لازلت أملك الروح الايطالية يا مايا ، وليس لدي الوقت للنساء اللواتي دون أخلاق . قد آلمني ذلك ، ولكنني كنت أستحقه ...
وهذا جيد لك .. يا إلهي هذه الشيطانة الرقيقة كيف تملك ركبة حادة بهذا الشكل !
-براد .. كان يمكن أن تقتلني !
-في تلك اللحظة الثمينة ؟ تعالي ، سيارتي عند المنعطف وسأسحبك تحت ذراعي إذا لم تسيري معي .
واشتدت قبضة أصابعها على الصندوق الذي تحمله ، كانت محنة بالنسبة لها أن تذهب معه أو لا تذهب . وخطا نحوها خطوة تهديد . إنه قادر على تنفيذ تهديده . وسارت مايا معه إلى سيارته . وهي تشعر بأن الأرض تميل تحت قدميها ... وسارت السيارة بهما عبر بولفار "سان سيت " باتجاه أودية بيفرلي هيلز ، ثم خرجت الى شارع عريض يقود نحو لاس بالماس . إنهما متجهان نحو فندق " برج الشمس ".
_انت مضطربة كقطة متواجدة على الجانب الخاطئ من السياج ... أرتاحي .. وستتمتعين بالمشوار ... نا فأنا لن اختطفك ، على الرغم من أن الفكرة مغرية . أتعلمين ، في مناطق معينة من إيطاليا عندما يكون هناك إعتراض عائلي على زواج محبوبين ، يقم الشاب باختطاف الفتاة ويهرب معها . وبعد قضاء ليلة معه ، لا يعود هناك إي اعتراض على الزواج ، وهكذا يتم تزويجهما لاستعادة سمعة الفتاة ... هل تظنين أن مثل هذا ينجح في أميركا ؟
-لا أنصحك بالمحاولة .. فالفتيات الأميركيات لسن ، رومنسيات هكذا ، إذا كان هذا ما يجري في تلال ايطاليا المجنونة ...
-ألايبدو مثل هذا الهروب رومانسيآ لك ؟ وهل أنت متمسكة جدآ بكل التعقيدات و الطقوس لما يسمى بالزواج الحديث ؟ انك متحفظة كثيرآ يا مايا ، و لا أستطيع تصور أنك تحبين فكرة كونك نجمة ملفوفة بالساتان لزواج ضخم ، يدعى إليه العديد من الناس ، والعديد من الهدايا ، و العيون الحاسدة عليك منذ اللحظة التي تأخذين فيها مكانك إلى جانب العريس ، وكأنك شبح جميل .. أعتقد أنك تفضلين الهرب عبر الحدود إلى بلدة هادئة ، وتنهين الأمر بأسرع وقت ممكن .. هل أنا على حق ؟
-أنا واثقة أنك تظن نفسك محقآ
-لقد راقبت التعبيرات على وجهك وأنت تشاهدين حذاء الزفاف . هل شاهدت فيه ابتسامة سندريللا ؟
-لديك مخيلة نشطة يا براد، وموهبة اللاتين في صنع الغموض حيث لا يوجد أي غموض .
-لقد فهمت ، أنت لا تثقين سوى بقلبك .. هه ؟
-صعب علي ان أثق بك .
-لا أستطيع فهم لماذا لآ .. في وقت أملك فيه حب اللاتين للتكتم . هل هناك أشياء في قلبك لا يجب أن تقوليها لي ، يا ماريا ؟
-قلبي يا سنيور ، شأني الخاص ، وإذا كنت ستمثل دور المحقق ، سأضطر للإصرار على أن تعيدني بسيارتك إلى حيث تقف سيارتي ...
-آه ... ألن يكون ملائمآ لو تناولت الشاي معك وتبادلنا حديثآ مهذبآ ، وأبقيت نفسي بعيدآ عنك ؟ كم هو ممل يا مايا .. كم هو مثير للضجر أن تمتنعي عن قول ماهو محرم .. على كل الأحوال من سيعرف لو فعلتي ؟
-أنا سأعرف ..
-أليس هذا عناية زائدة بالطهارة ؟ أنا واثق أن خطيبك الشاب ماهر في تسديد ضربة في التنس ، ولكنني اشك في قدرته على قراءة مافي فكر امرأة .. على الأقل فكرك يا مايا ...
-أنا لا أملك فكرآ مخادعآ ، شكرآ لك ، لا أملك فكرآ اسود مشابهآ لما في داخل سمكة نهرية .
-وهل يعرف باد دينغول أن لك طبع غاضب ، ولسان صغير سليط بعض الأحيان ! بالطبع لا يعرف ! إنه لا يعرف شيئآ حقيقيآ عنك . سوف يصدم حتى العظام لو عرف أن عذراء الثلج تستطيع أن تغلي بالغضب وتعرف بالضبط أين تجرد الرجل من سلاحه ... آه كم هذا مضيعة للطاقة ! كرجل أعمال أكره أن أرى أي شيء يعمل بنصف طاقته .
-شكرآ ، إذا كانت طاقتي هي منخفضة لهذا القدر ، إذآ أستطيع القول إنك ستكون سعيدآ للعودة إلى نوع النساء اللواتي يتنازلن أكثرمما أفعل أنا ... بعد أن تكون قد أرضيت فضولك عني ... وهل كنت تظن أنني سأخوض تجربة مجنونة قبل أن أتزوج ... معك ؟
-السماء لا تسمح بأن أكون محظوظآ لهذه الدرجة .
كان يقول هذا ويدخل بسيارته إلى باحة فندقه ، إنه قصره الفضي .. ونزلت من السيارة ووقفت تحدق في المبنى المضاء الذي تختفي بروجه العليا في الضباب . آخر مرة كانت هنا برفقة غلوريا ، ولم تكن تعرف أن المكان ملك براد دونللي ، ولم تكن تحلم بأنه قد راقبها و تساءل ما إذا كانت من النوع الذي يقيم علاقة معه .
واستدارت لتواجهه ... وخفق قلبها عندما التقت بعينيه ، اللامعتين كالكريستال في وجهه الأسمر النحيل ، و قال :
-ماتفكرين به ليس صحيحآ أبدآ أنا أحسد الرجل الأمريكي الذي سيمتلكك ، ولكنني لم أفكر قط ولو للحظة واحدة انك قد تنغمسين في الملذات ، أكان في اللحظة الأخيرة أم العكس .. أتدرين ... ليت أن صنارة تنتزع حلقي لو استطعت أن أصدق أنك مثل بقية النساء لا تهتمين بأن تخادعي ، فاسدة ، تتمسكين بيومك ، ولا تهتمين بغيرك . ولكن يبدو ، علي أن أبتلع تلك الصنارة ، أو أعلق بها .
-لا تتكلم هذا .. هل سنذهب إلى المطعم ؟
وتحركت كأنما تريد أن تعبر إلى الدرج الرخامي الذي يقود إليه الرواق المفروش بالكراسي و السجاد العجمي .. ولكن أصابعه أمسكت بمعصمها .
-بل إلى شقتي .. ولا ترفضي يا سيدتي .. ستكونين آمنة ، وأقسم على هذا !
لمسته كانت دافئة على بشرتها ، حميمة مطمئنة أكثر من أي شيء ، أحست به .. وتمتمت مايا "لا بأس" ورافقها إلى المصعد المكشوف للفندق ، المصنوع من الزجاج و الفولاذ ، الذي حملهما إلى شقته عند قمة تاج المبنى . وأطبق الضباب من حولهما ، وشعرت وكأن نسرآ قد أمسك بها وحملها نحو السماء .
وقطعا ردهة صغيرة مكسوة بالخشب الذهبي اللماع ، وفتح بابآ يوصل إلى غرفة استقبال فرشت أرضيتها بقطع من السجاد الصوفية الخشنة ، من النوع الذي يمكن أن يكون أتى به من ايطاليا . وشاهدت زوجآ من المقاعد الرائعة مكسوة بالأبيض وكأنها مخبأة في فجوات من خشب الماهوغوني الأسود اللماع ... وعلى الجدار ، قناع برونزي مثير ، له وجه شيطاني .. ولم تكن بحاجة لأن تسأل لمن هذه الملامح الإيطالية فيه تلك الشفاه لها نفس الانحناءات التي لبراد عندما يبدأ في سخريته .
وأحست به خلفها ، قريب جدآ كي يشعر به بكل عصب في جسدها . وهمس بها :
-أجل .. هذا دون سيسرو .. أترين شبهي الشديد بجدي الشهير ؟ أتتساءلين مجددآ ما إذا كان الشبه يتجاوز البشرة الداكنة ؟ وما إذا كنت عضوآ في تلك العصابة ومن هناك حصلت على مالي ؟ أهذا ما غرسته عرابتك في رأسك .. هه ؟ وهل تصدقينها ؟
-لا .. صحيح أنني أظن أن لك تفكيرآ قاسيآ لا يرحم ، ولكنك تفضل التحدي بالحصول على مالك بنفسك بدل أن تسرقه .. وأن والدك ووالدتك قد تأذيا أيضآ بسمعته .. ولكن لماذا صنع هذا القناع ؟ ولماذا تلقه على جدارك ؟
-لقد صنعه والدي بناء لطلب سيسرو ، ليذكرني دائمآ ، وأنا حفيده ، بأن الجريمة لا تقود إلى نهاية معروفة ، فقط إلى الموت . كان من المؤسف أنه ترك ايطاليا .. هل يبدو لك أن له وجهه الكافر ؟
-لا .. ولكن الوجوه ممكن أن تكون مخادعة .. أليس كذلك ؟
-وهل تجدين وجهي مخادعآ ؟
ووضع يديه على كتفيها وأدارها لتواجهه ، وحدقت به ، وبدا لها أن له وجه الغازي ، بشعره المنسدل على جبهته ، بأنفه الروماني ، وبفكيه اللذين يمتلكان قوة حادة لا ترحم . ولم يكن لديه أية شكوك حول قواه ، ولم يكن بحاجة أبدآ لأن يكون عضوآ في عصابة .. إنه يقف وحيدآ أمام التحدي ، و "برج الشمس" هو رمزه عن نفسه .
-أنت هنا معزول .. كما النسر ، وهنا وكرك .
-أهلآ بك في وكري .
وقادها عبر الغرفة وفتح بابآ زجاجيآ نحو تراسه الخاص . حيث في وضح النهار هناك منظر رائع للاس بالماس ، وفي الامسيات هناك سحر خيالي من الأضواء و الظلال وكأن المرء عالق في زجاجة جميلة ..
-لا تزالين متوترة .. ألا يعجبك الجانب الآخر من السياج عندي ؟
-كلانا نعرف أنني ألعب دور الهاربة من المنزل ، أليس كذلك يا براد ؟
-لقد ألتقينا صدفة .. ولم نخطط لهذا اللقاء وكأننا متآمران .
-اليست الصدفة تسمية المغفلين للقدر ؟ هناك شيء مقدر بالطريقة التي نلتقي فيها و .. هذا ما يخيفني .. ما كان يجب أن آتي إلى هنا ! كان علي أن أرفض عندما سألتني ...
-القدر لا يسمح لنا دائمآ أن نرفض .. هل لي أن أخذ عنك معطفك .
كان قد صمم على أن يجعلها تبقى وهكذا بأصابع مرتجفة بدأت تفك أزرار معطفها واعطته له . وبما أن التراس عنده مغلق كله بالزجاج فلن يكون هناك أي أثر للبرد ، مع أن البناء الشماخ بدا وكأنه يسبح بين الغيوم ...
-ألن تشتاق إلى هذا عندما تنتقل إلى قصرك الريفي ؟
-لن يبدو ريفيآ بعد أن ينتهي البناؤون وعمال الديكور منه . على كل الأحوال ، سأستخدمه على الأرجح كمركز ريفي ، وسأمضي معظم وقتي هنا .. وهل تعتقدين أن لدي خططآ لاصبح رجل أسرة ؟
-وهل سيكون هذا أمرآ مفاجئآ ؟ حتى النسر عليه أن يشارك في يوم ما بوكره .. أليس هذا قانون الطبيعة ؟
-بالتأكيد .. هذا إذا وجد من تناسبه . فالنسور عنيدون عندما يصل الأمر إلى المشاركة في وكرهم وإذا لم يجدوا رفيقة مختارة يفضلون أن يطيروا لوحدهم .
-وهل هذا ينطبق على نسور ايطاليا ؟ أظن أنه جزء من طبيعتهم أن يرغبوا في ابن يرثهم ويحمل اسمهم .
-على الأرجح هذه رغبة كل رجل طبيعي . ولكنني قيدت رغبتي في نوع خاص من النساء ... هل فكرتي بهذا ؟
مع براد .. تستطيع أن تقول كل ما يجول في رأسها ... وهذا أمر يجب ان تتهرب منه .. ولكن إلى أين ؟ لقد اصطادها في مكان مرتفع فوق العالم الآخر حيث ، الساتان و الفضة ، والأحجار اللامعة ، تتألف معآ لتصنع سلاسل ستربطها بشاب اجتماعي مرغوب ، قلبه لطيف ولكن عيناه لم تجعلاها أبدآ تشعر بالضعف عندما ينظر إليها .
وبدأت العينان الرماديتين تمزقان القميص الحريري عن جسدها النحيل ، ونظرت إليه نظرة ضعيفة .
-لا تفعل هذا يا براد ، لقد وعدتني أن تكون طيبآ ...
-بالنسبة لي .. أنا الآن قديس .. اجلسي بينما أتصل ليجلبوا لنا الشاي .. هل أنت جائعة ؟ لقد حضرت اجتماعآ وفاتني الغداء . وبصراحة أشعر أن علي أن أتناول أكثر من صحن الحلوى العادي المقدم مع الشاي .. ما رأيك ؟ لم تكن قد تناولت غداءً مناسبآ لأنها كانت قلقة على غلوريا .
وهناك بالأحرى شعور فارغ في معدتها . وبدا لها أن براد لو انشغل في تناول الأكل فقد ينشغل عن النظر إليها بهاتين العينين المفترستين .
-أنا جائعة قليلآ .. ماذا في ذهنك .. بالنسبة للطعام .. أعني !
-اراهن أنك في ساتا نيتا لم تتناولي أبدآ الطعام الإيطالي . ولدي رئيس طباخين ماهر ، فهل تتركين الطلبات عليّ ؟
-سأكون مسرورة .
-حسنآ ! اجلسي ، وحاولي أن ترتاحي .. وأنت واقفة هكذا تبدين كفراشة تحاول الهرب .
وابتعد نحو غرفة الجلوس ثم إلى المدخل بعيدآ عن مجال نظرها .
ووقفت مايا جامدة لفترة . وبدا لها الصمت وكأنه يتصاعد مع دقات قلبها .. أرادت فقط أن تذهب ، لأنها لن تستطيع البقاء إلى الأبد ..
وشعرت وكأنها السجين المذنب فغرقت في أحد المقاعد على التراس .
وألقت رأسها إلى الخلف ، وأغلقت عينيها ، وحاولت أن لا تفكر بما سيأتي ، حين يكون عليها أن تواجه عرابتها وتقدم تفسيرآ مناسبآ لوصولها إلى المنزل متأخرة أكثر مما وعدت .. وشعرت بطعنة في ضميرها عندما فكرت بغلوريا وهي مستلقية تعاني صداعآ نتيجة لانهيار عصبي ، سببه القلق على الزفاف ، وذلك الاهتمام المحموم بكل تفصيل دقيق .
وأمسكت مايا بذراعي المقعد ، وتمنت لو تستطيع الاختباء وأن لا تكون النجمة الجذابة في الزفاف . فكيف ستستطيع مواجهة كل هؤلاء الناس . وتلك الأنوار الساطعة لماكنات التصوير والتي ستضيء وجهها لتكشف الظلال التي تحيط بعينيها ؟ وكيف ستقدر أن تبعد ذلك الظل الأسمر ؟ وأقبل ذلك الظل عبرالباب الزجاجي ليقف وينظر إليها .
-أظن أن هذه أول مرة منذ أيام تجلسين دون أن تسمعي في اذنيك الاصوات الجهنمية للنساء في حمى هستيريا الزفاف . أليس كذلك يا مايا ؟
وحركت رأسها بالموافقة ، أذ لم يكن هناك مجال للإنكار بأنها تشعر وكأنها معلقة بين الزمان و المكان ، حيث لا يستطيع أي كان أن يجدها ، حيث تستطيع أن تنسى لفترة بأنها ليست حرة لتكون لوحدها ... كما هو براد حر ، وسيكون دائمآ حرآ ، مثل النسر .
-وكأنك تستعدين للسير نحو الأعدام .. هه ؟
-اوه .. ليس الأمر مخيفآ إلى هذه الدرجة .. ماهذه المخيلة التي عندك يا براد ! أنت ترى الأشياء بالأبيض أو الأسود ، أليست كذلك ؟
-ليس بالكامل .. فأنا أيضآ أرى الأشعة الذهبية و الفضية ... وأظن أنني وإياك سوف نتناول شيئآ لنشربه قبل وصول الطعام . شيء خاص أحتفظ به للأصدقاء .
-إنها صداقة يجب أن تنتهي بعد ساعة .
-عندما لا يعود هناك وقت لدى أميرة الثلج لفارسها ؟
-أنا لست أميرة .. وأنت لست بفارس .
-ماذا أنا إذآ ؟
ونظر مباشرة إلى عينيها ، وتذكرت أول لقاء لها معه ، وكم اعتقدت أنه شرير خطر . كل شيء كان ممكنآ أن يكون صحيحآ حوله ، ما عدا الحقيقة المطلقة ... إنه بالنسبة لمن يحب ، يكون من الكرم بحيث يتركهم يرحلون عنه ... إنه بالنسبة لمن يحب ، يكون من الكرم بحيث يتركهم يرحلون عنه ... والداه في ايطاليا .. شقيقتاه بعيدتان وهو يعيش وحيدآ في برجه العاجي ..
-أنت رجل وحيد .. أراهن أن أمك وأبيك يقولان لك دائمآ أن تجد فتاة ايطالية لتستقر معها .. أتمنى لو أنك تفعل يا براد .
-وهل تتمنين ذلك حقآ ؟
-إنه أفضل من الوحدة .
-إذآ سنتشارك في الوحدة .
ومد يده ، وسحب يديها عن ذراعي المقعد وأمسكها .
-ألن أكون صديقآ إذآ .. حتى هذا ؟ أتحرميني من أكون عمآ لأطفالك الدينغول ؟
-لا تقل هذا يا براد ؟
-لن أفعل .. ولكن كلانا سيفعل .. أنت في طريق مسدود يا مايا .. وقطعة قطعة سوف تتمزقين إلى أن لن يعود باقيآ منك سوى قلبك الباكي .. أنت لا تحبين الرجل الذي سيمتلك كل قطعة حية فيك .
وأدرات رأسها ، غير قادرة أن تلتقي بعينينه . وساد الصمت حولهما مثل ذلك الضباب حول البرج ، واستطاعت أن تشعر بأصابعه تشد حول أصابعها ، والألم من ضغط خاتم باد على عظام أصبعها . أرادت ان تصرخ برعب للصورة التي أثارها ، فهي مخلوقة لأن تكون لرجل واحد فقط ... وذلك الرجل ليس باد دينغول ...
-أنت لا تحبينه ، ولكن هذا لا يهم كل هؤلاء الذين يحضّرون للزفاف ويتمنون لك وله الفرح و السعادة .
-هذا سيجعل غلوريا سعيدة ... أنا مدينة لها ... كثيرآ .
-لتذهب غلوريا إلى الجحيم .!
-لا.. كنت سأوضع في دار للأيتام لولاها ، والدي كان سكيرآ لا أمل فيه .. ولم اكن أحصل على كل ما قدمته لي ... تعليمي ، كسائي ، اصدقائي ... إنه ثمن صغير عليّ أن أدفعه .
-ولن تتوقفي عن الدفع . أنت مدركة لهذا كما أعتقد ؟
-لن تكون حياة سيئة لهذه الدرجة ...
-وهل ستكون حياة سعيدة ؟ يا للسماوات المقدسة ، هل ستكون حياة مثيرة ومكافئة .. شيء تريدين أن تستيقظي عليه ، فرح سوف تتوقين اليه عندما يهبط الظلام ؟
-وهل الرغبة هي كل شيء ؟
-أجل .. إذا التقطها الإنسان في زوج من العيون !
-وهل تظن أنني فعلت هذا ؟
-أنا لا أظن .. يا سيدتي ، بل أعرف .
وحدقت مايا خارج نوافذ التراس ، بعد أن تركها ليصب الشراب ، وأحست كأن الضباب قد بدأ يضغط أكثر على الزجاج ، وبدأت قطرات الماء تنساب عليه مثل الماس ، وجعلها المنظر الغامض الكئيب هذا مسلوبة الإرادة ، وكأنها هنا مع براد قد جنحت فوق قمة الجبل . اوه .. كم من السهولة أن تتمسك بهذا الحلم الغريب ، ولكن كل الأحلام تتبدد أمام الواقع .
وعندما عاد براد قالت :
-يبدو ان الضباب يشتد .. أنا .. أنا في الواقع يجب أن أعود بعد قليل ... قد ينقلب هذا الضباب كثيف يحجب الرؤية .
-سوف أوصلك .. لا تقلقي .. سوف ترين الجحيم و الشهامة في عينيّ قبل أن ينقضي النهار .
ونظرت في عينيه ، ثاقبتان كحد الفأس على رقبتها النحيلة . وأتكأ براد على جدار التراس ، وانعكس وجهه على الزجاج المبلل من الخارج ، وبدا أن بخار الماء يتكثف كلما مرت اللحظات . والرؤية تتلاشى . والأصوات من الأسفل تبتعد وأكثر مما مضى كانا وكأنهما قد انفصلا عن بقية العالم .
-أنت منعزل جدآ هنا .. هل يعطيك هذا شعورآ بالقوة ، وكأنك أمير في قصرك الخاص ، سيد قدرك . الساحر في معقله ، يتآمر لحركته التالية في لعبة مختلفة .. بقدرة عالية الكمال ؟ هل تنظر إلى لاس بالماس وتشعر وبأنك تمتلك روحك الخاصة بك ؟
-شيء من هذا القبيل .. وماذا عن روحك يا مايا ؟ هل هي مغلولة بالقيود ؟
-لا ...
-لا يمكنك الإدعاء معي ، وأنت تعرفين ذلك ، وتعرفين منذ البداية أننا نتشارك في خصائص أكثر فعالية ، أكثر سحرآ ، أكثر أثارة . هل بإمكانك حقآ أن تنكري كل هذا لتلتصقي بمجرد صبي .. سينظر إليك كملك خاص له أكثر فائدة وجاذبية . مثل مضرب التنس أو مضارب الغولف وجياد البولو المدربة ؟ لقد شاهدتيه يلعب ضدي في ملعب التنس ، وجعلته يبدو مضطربآ .. صدقيني .. ليس لديه فكرة عن كيفية التعامل مع امرأة حساسة ، إنه يظن الأمر مجرد أخلاق جيدة وتبريرات بيولوجية .
-إن لك لسانآ حادآ يا براد ، ولكنك لن تجعلني أغير رأيي ، ولن تغلبني ، ولن تصبح سيدي لن أسمح لك !
-وماذا إذا لم تستطيعي المقاومة ؟ .. هيا .. أنت تعرفين أنني سيدك من اللحظة الأولى التي تلاقت فيها عيوننا .
-كم أنت ديك متعجرف واثق من نفسه يا براد !
ورفعت رأسها ، وبدأت تلعب لعبتها ، لأنها كانت لعبة ولن تكون شيئآ غير هذا .
-أنت سيد الكلمة و النساء إضافة الى أنك ساحر مالي . وأنا أعلم ماذا تحاول أن تفعل .. ولكن هذا لن ينجح .
-وماذا أحاول أن أفعل ؟
-أن تشعل شكوكي ، وتزيد من مخاوفي ، وتهمس كالشيطان في أذني .. توقف عن هذا في الحال يابراد .
-وماذا سيحدث إذا لم أفعل ؟ هل سأحرم من النعمة الالهية ؟
-أظن أنك قد تحرم .
-في هذه الحالة ستشاهدين إبليس يسقط كالقذيفة من السماء ... ماعدا أنني لم أكن هناك أبدآ . لقد استرقت النظر عند الأبواب ثم لمعت عينا ملاك ذهبية وأمرني أن أذهب .
ووقف هناك ، حر من أي سيطرة لأي أحد ، سيد نفسه ، ثم اصبح صوته خفيفآ .
-لماذا لا تتوقفين عن أن تكوني شهيدة ؟ وابدأي أن تكوني امرأة . امرأة ترغب في رجل .. وليس بصبي يافع لعين ...!
-ارغب.. وخذ .. واركب الحياة وكأنك القرصان ! أنا لست أنت يا براد ! أنت ذو قلب وثني ! أنت تدفعني لأن أنكث بالوعود ، وأن اخذل الناس ، وأنكر واجباتي التي يجب أن أتممها كي أحافظ على كبريائي . لم يعد لدي سوى هذا . وهذا ماتبقى لي من حياة والدي التي دمرها بيده .
-كل هذا نبيل يا مايا ، ولكنك سوف تتزوجين ضد إرادتك ، وليس هناك في الدنيا أشق على المرأة من ان تعطي نفسها بقلب بارد لرجل ...
-انا .. انا لن أستمع اليك ! سأذهب .. الآن ...
-لن تذهبي إلى أي مكان .. الهروب ثانية من الحقيقة المرة .. مايا ، لن تستطيعي أن تتخلي عن الحب .. أنه أمر رهيب وسوف تبقين مثل شجرة الزيتون بين الصخور .
-ولكنها لن تطرح الثمار ..
-ولكنها ستحمل الذكريات يا مايا بين أوراقها الفضية المرتجفة . لا أنت ، ولا أنا ، ولا باد دينغول ، يستطيع منع نموها ، سوف تكونين مذهولة كيف تستطيع الذكريات أن تنمو مع السنين ، وخاصة في قلب امرأة تنكر حقيقة نفسها ، قدرها الحقيقي ، وتجعل من نفسها لعبة اجتماعية ميكانيكية . تستفيق عند الصباح على القهوة المّرة ، وتستعيد قوتها عند منتصف الصباح بقليل من المشروب ، وتدهن نفسها بالمساحيق عند العشاء أو على حفلة لعب الورق ، أو حفلة راقصة في النادي .
كان يتكلم بعنف يسيطر عليه بقوة ، ولكن عيناه هي التي كانت ترعب مايا . لقد أصبحتا كالفضة الذائبة في وجهه الأسمر وبؤبؤهما فيهما لهيب غريب .. لهيب الحب ! وقال تلك الكلمة أخيرآ .. واخترقتها الكلمة وكأنها شوكة ، مثبتة نفسها في قلبها ، متسببة بألم شخصي حاد .. فهي لا تجروء أن تحبه ... إلا في أعماقها ، في الزوايا السرية في جسدها وفكرها . ولم يبق لها سوى فرحة أنه يحبها .. فرح حلو ومر لا تستطيع أبدآ أن تكشف عنه .
كان عليها أن تجد مافي نفسها لترمي الماء البارد على حماسته ، وتراقب اللهب ينطفئ فجأة في عينيه الملتهبتين هاتين العينين اللتين تظهران لها ان الحب قد يكون رغبة لا مجال فيها لمرور العواطف بين الاصدقاء .. هذا مايجب أن تضحي به لمصلحة شعلة خاصة لا تضيء اي لهيب في دمها . يجب ان تطفئ هذا بينما كل شيء خاص فيها يتوق لأن يذوب في دفء براد القوي و المتقد ، و الذي يعرضه عليها .. نشوة مشاعر لن تستطيع بعدها العودة إلى طهارتها التي تتمسك بها اكثر من اي شيء . طيران مع نسر ليس لها . واستجمعت قواها تحضيرآ للمواجهة بين الحب و الواجب
انتهى الفصل الخامس

 
 

 

عرض البوم صور dede77   رد مع اقتباس
قديم 01-09-09, 01:37 AM   المشاركة رقم: 33
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 107705
المشاركات: 578
الجنس أنثى
معدل التقييم: جين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداعجين استين333 عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 436

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جين استين333 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : dede77 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

جزاكي الله خير حبيبتي


ومنتظرة التكملة عزيزتي

 
 

 

عرض البوم صور جين استين333   رد مع اقتباس
قديم 02-09-09, 03:00 PM   المشاركة رقم: 34
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 131874
المشاركات: 3,755
الجنس أنثى
معدل التقييم: dede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4768

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dede77 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : dede77 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية . ودة اخر فصل عشان خطرك يا جميل

 
 

 

عرض البوم صور dede77   رد مع اقتباس
قديم 02-09-09, 03:03 PM   المشاركة رقم: 35
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Mar 2009
العضوية: 131874
المشاركات: 3,755
الجنس أنثى
معدل التقييم: dede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسيdede77 عضو ماسي
نقاط التقييم: 4768

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dede77 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : dede77 المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

6- بعد أن أحبت...

ما اختار ان افعله في حياتي لا علاقة لك به ابدا .. لقد اتيت الى هنا لانني لم احب ان ارفض طلبك ، لكن اذا كنت ستصخب وتهذي فسأفضل ان اعود الى المنزل .منتديات ليلاس
ووقفت على قدميها وهي تتكلم ، وتجاوزته . ومد يده وامسك بمعصمها ، فأفلت الكأس الجميل من يدها ، ووقع على ارضية التراس وتحطم ، وانتشر كقطع الماس . وحدق به براد ثم افلت كأسه متعمدا ، قائلا:
-هذه هي الطريقة التقليدية لانهاء خلاف .
-أوه ، ياللاسف ، انها خسارة .
-خسارة رمزية ياعزيزتي... هيا بنا نأكل .
ولف ذراعه على خصرها ، وجرها عبر الغرفة الرئيسية الى غرفة الطعام ، حيث اعدت الطاولة لشخصين ، والزهور الرائعة في وسطها .
-ابقي معي ، كل شيء اصبح جاهزا .
وعندما شاهدت مايا ساقيا يقف الى جانب المائدة ، لم تعد تعارض وجلست على الكرسي الذي قدمه براد لها ، وانحنى لها الساقي ، ووضع منديلا على ركبتيها ، وتابع تقديم اول دورة الطعام . وقال له براد :
-سأتدبر أمر الباقي يا سالفادور ، اشكر رئيس الطهاة عني .. واذهب لترتاح .
-اجل ياسيدي .. شكرا .
واغلق الباب وراءه ، وحدق براد عبر الطاولة من فوق الزهور الى مايا ، واصابعه الطويلة تقسم قطعة الخبز .
-هذه عزلة "الغذاء الاخير" هه ؟
-الن تمثل دور"يوضاس" وتخونني لانني وثقت بك ؟
-انا لست بحاجة الى الثلاثين قطعة من الفضة ، ولكنني مستعد لان ابيع روحي . لـ .. لايهم .. هل تحبين القريدس ؟
-انه رائع .. عمالك اما يخافون منك او انهم مخلصون ، كي يحضروا مثل هذه الوجبة من الطعام ، بعد صباح متعب من خدمة المطعم. .
-وماذا تظنين .. الخوف ام الاخلاص ؟
-انه مزيج من الاثنين .. واعتقد ان كل اعمالك مبنية على هذين العاملين .
-انت تجعليني ابدو كالاقطاعي .
-الست هكذا ؟
-ربما .. من وجهة نظري انني اهتم بمن هم لي ، واقدم لهم افضل خدمة اقدر عليها . علي ان اجعل اسم دونللي محترما واهل للثقة ، وسأحارب عرابتك بأسناني واظافري اذا تجرأت على ان تنبش ما دفنته بنجاح . وكما قلت لك من قبل ، الانتقام في دمي وغلوريا آرثر ستتعلم كيف ستبكي لو انها فعلت اي شيء قد يغيظني .
-لاتفعل هذا يابراد! عندما تبدو نظرتك هكذا تجعل قلبي يتجمد خوفا . الايكفيك انك اشتريت "ادامز تشالنج" ؟
-عرابتك لاتملك اي شيء ، فنحن بنعمة الله ، قد اعطينا فرصة لنجعل من حياتنا مرضية لنا ، وفي النهاية لن تأخذ معنا سوى ارواحنا والحب المحتمل لانسان آخر ... انا لست قديسا ، ولكن وحق السماء ، ستدفع تلك المرأة كالشيطان لو ... آه.. لننسى امرها الان !.
ووقف وهو يتكلم ، وجمع الاطباق الفارغة ، واخذها الى طاولة جانبية . وبينما هو يقدم ثاني دورة من الطعام ، تجولت مايا بنظرها في غرفة الطعام. فقال لها :
-انها ملفتة للنظر ، اليست كذلك ؟
-هل انت مولع بالاشياء الكلاسيكية ؟
-بالضبط ... هيا ... تناولي طعامك قبل ان يبرد .
واخذت مايا ملء شوكتها من الجبنة الساخنة والمعكرونة ، مع صلصة البندورة ، والتوابل والقريدس . وكانت لذيذه ومن الواضح انها من صنع طباخ ايطالي حقيقي .
-انتم لا تتناولون مثل هذا في ساتا نيتا .. هه ؟ ان هذا الطعام يبدو افضل عندما يقدم على ساحل " الادرباتيك" حيث الشمس فوق المياة ، والاصوات الايطالية تملا الجو ، ان متعة الحياة والحب ، شيء ثمين جدا عند شعبي .
-اخبرني عن ايطاليا .
قالت هذا وهي تشعر انه سيكون موضوعا اكثر امانا من اي موضوع اخر ... فكل قنوات الحديث ستقود الى اشياء خطيرة . فقد جعلها مدركة لمشاعرها كما لم يفعل اي انسان من قبل ... وجعل من كل لحظة برفقته ، حلما صغيرا مستقلا بنفسه .
-الم تذهبي الى هناك ابدا يامايا ؟
-سأذهب ...
وتوقفت لتمسح طرف فمها .. لقد حدث هذا من جديد . ودون انذار عاد الحديث الخطر .
-في شهر عسلك .. هه ؟ اتوقع ان يريك العريس كل الامكنة الفاخرة المسجلة في دليل السائح ، وستعودين الى اميركا وانت مؤمنة انك شاهدت ايطاليا .
-لاحاجة بك لان تكون ساخرا يا براد .
-انه امر يسليني ، كيف ان الاميركيين يقومون بالتفرج على بلاد غريبة . طالما ان الاماكن المعروفة قد تمت مشاهدتها بسرعة ، لايهم هؤلاء ان يروا القرى الجميلة ، حيث الكثير من الطرق القديمة في الحياة لاتزال سارية ولم تفقد بعد سحرها الغريب . هل ستزورين فينيسيا .. المدينة الرائعة للمحبين ؟
-هذا سيعود امره لباد .
-فهمت .. اذا انت تنوين لعب دور العروس المطيعة ، تتبعين خطوات زوجك ؟
-اليس هذا تصورك لما يجب ان تكون عليه الزوجة ؟
كان قد وضع شعلة على غضبها ... كما من المحتمل ان يقص ، وعندما التقت عينا مايا بعينيه وجدتهما فرحتين .. ومع ذلك فيهما ظلال خفيفة .. ام ان هذا فقط هو شكل العيون الايطالية ، وقد حجبهما برموشه الكثيفة ؟
-الايطالي يختار زوجة ويأمل ان تكون مخلصة له وحده كانثى النمر تماما . والنمر ليس مخلوقا قابلا للتدجين ، يامايا ، وهما يقاتلان معا ، ويالهي كم يحبان بعضهما!
وحدقت مايا بعينه ، ورأت فيهما لهيبا مخيفا ، وكان يتوقد ثم يخبو ، ورأت وجهه يتقلص وكأنه يتألم .
-اوه يابراد ، لو كنت تهتم ، ارجوك لاتجعل الامور صعبة علي ...
-اذا انت تعرفين ان الامور لن تكون سهلة ؟
-وهل هناك شيء سهل في هذه الحياة ؟ اتمنى لو انني لم اقابلك ! لماذا .. لماذا اتيت لتتحدث معي ؟
-انه قانون الغابة يامايا .. لقد رأيت من يشابهني ، ند لي ، وكان علي ان اتحدث معك ، وكنت ارغب في المزيد ، من كل شيء ولكنك مستقيمة ، ولا اريد ان اكسر هذه الروح فيك .. انت اصلية ، ولا يستطيع احد ان يستخدم السوط معك .
وجلست صامتة، وهي تحرك الشوكة في صحنها . كانت تحبه ، كما لم تحب احدا من قبل . لا بسبب ما يظنه بها ، ولكن لانه لم يمد يده اليها وحافظ على سيطرته على المشاعر التي تبدو في عينيه .
-انها لسخرية ، اليست هكذا ؟ ان يقع ايطالي بحب فتاة من اصل ، ودين ، وطبقة مختلفين ، وسوف يصدم والداي ، وشقيقتاي ستسخران مني ، وكاهني سينصحني بالحذر، ولكنني سأتخلى عنهم جميعا لو استطعت ان احصل عليك دون ان اؤلمك . لم اشعر هكذا من قبل .. احمي امرأة وارغب فيها في نفس الوقت . كان يجب ان يحدث لي هذا وانا شاب ، حب المراهقة قد يكون مؤلما ، لكنه ليس غير قابل للشفاء .
لم تكن مايا ترغب في ان تؤثر فيها كلماته ، ولكنها اثرت ، فتوترت بشرتها وارتجفت . لم يكن لاحد ذلك السحر الغريب عليها كما لبراد ، ومع ذلك عليها ان تنكره ، وتبتعد ... انها مدينة كثيرا لغلوريا ، وبراد قوي بما فيه الكفاية لينساها ويجد من تحل مكانها .
-سيكون والداك على حق بأن يصدما .. وانت تحب وتعجب بشعبك ... وماتشعر به لايمكن ان يكون . انها مسرحية قصيرة ، جدا براد . عدة قطع من الموسيقى عزفت في الهواء . لتترك الامر كما لو ، دون ندم .
-لاتكوني واثقه هكذا بخصوص الندم .. انت معي هنا الان ، ولن يكون سهلا علي ان اتركك تذهبين ...
-ولكنك ستتركني اذهب ؟
-لا استطيع ان اكون واثقا ... هناك شيطان يسكنني .
-ولكنك مسيطر عليه .
-حتى هذه اللحظة يامايا ... ولكن ماذا سيحدث عندما اضطر لفتح بابي لادعك تخرجين من حياتي ؟
والتقت عيناه بعينيها ، وفيهما جاذبية خطيرة ، واضاف :
-هل تتناولين بعض الحلوى ؟
-الحلوى ؟
-انه نوع خاص يدعى "كاساتا" من الايس كريم وقطع الفواكه المغموسة بالكريما ...
-تبدو لذيذه يابراد ...
واخذ ينظر اليها ، ويحرك عينيه ببطء على وجهها ، وشعرها ، على الاقراط الجميلة في اذنيها ، وعلى رقبتها الرقيقة الطويلة ..
-بالنسبة لي هذا الوصف ينطبق عليك ...
-براد .. انك تحنث بالوعد الذي قطعته لي !.
-انا لم المسك ، انا انظر اليك فقط .
-نظرة منك .. تكفي ، وانت تعرف هذا !
-انت... ترتجفين ... هه يامايا.. لماذا تنكرين علي ، على نفسك ، انت تريديني ان المسك باكثر من عيني ؟ انت تتألمين اكثر مني .. وبحق كل القديسين ... انا لست من النوع الشهيد ، حتى ولو كنت انت هكذا!
ودفع كرسيه الى الخلف ، لتسقط وترتطم بالارض . وبخطوتين كان الى جانبها ، وامسك بها ، وحرارة يديه تحرق عبر القماش الحريري لقميصها .... واحست بهمسة حنجرته وحرارة ذراعيه ... وشعرت بشعلة تنطلق في دمها ، وتجاوبها معه ، كان كارتجاف مصباح يحترق ليضيء بنور ثابت ومستمر .
وللحظة واحدة قاومته ، ثم لتكون قريبة جدا من الاستسلام كان امرا كثيرا عليها ، ولكنها تركت لقلبها ولعظامها ان تمتلئ بحبه وتعلقا ببعضهما كاثنين على متن سفينة تغرق . . وكأنهما حبيبان يودعان بعضهما قبل ان يقفزا من بناء يحترق . كان الأمر بالنسبة لهما صحيحا فلم يكن لهما شيء غير هذه اللحظات .
- اتركيني احبك . . .
- لا . . لا . . أوه براد . . لن تكون لدي القوة ، ولا الإرادة على ان اذهب . . . ولكن علي ان اتركك .
واستدارت ، ثم هربت إلى غرفة الجلوس ، حيث اصبحت ساقاها ضعيفتان حتى انها رمت نفسها على اقرب اريكة ، تدفن وجهها بين يديها . . وارتجفت كتفاها عندما لمسهما ، وسرت الرجفة إلى لحمها وعظامها ، جزء منها اراد ان يصل إلى يده ويجذبه إلى داخل قلبها . . . القلب الذي منحته له في الجسد الذي يجب ان تمنعه عنه . لو انه اخذ جسدها فسيأخذ كل شيء . . . ولكن عليها دين من الكبرياء والشرف يجب ان تفي به .
- هذا يؤلمني وكأنه جحيم . . . انت لي . . . ولن اتخلى عنك .
- ولماذا افعل ؟ إن لدي الحق بما يتعلق بي ، يحترق لأجلي ، كما احترق انا . . انتِ كالثلج . . . كالثلج المتجمد تجاه اي رجل آخر .وانت تعرفين هذا .
- ارجوك خذني إلى منزلي . . . لا استطيع تحمل المزيد .
- منزلك هو حيث انا . .
ولف يده حول رقبتها واجبرها ان ترفع رأسها لتنظر اليه . . .
ونقلت عيناه إلى عينيها نوعا من التوهج المختلط من الحب والرغبة . . . من العبادة والرغبة التي لن ترى مثلها بعد هذه اللحظات . . . براد . . تحبه للمرة الاولى حين تحب . . . وللمرة الأخيرة بعد ان احبت.
- ارحمني قليلا . . . ياحبيبي . . . لقد قلت عني اني مستقيمة قلت ان لي جو من الطهارة المعينة . . . فإذا كانت هذه الصفات هي التي اثرت عليك وجعلتك تهتم بي ، إذا . . لاتطلب مني ان اخضعها وان الوثها .
- ولماذا اهتم بها إذا حصلت عليك ؟
- ستحصل على الجسد . . . ولكن هل ستحصل على الروح ؟ هل ستحصل عليها فيما لو ارغمتني . . . ارغمتني على إعطائك نفسي .
- سيكون هذا شيء احصل عليه على الأقل ، فعلى ماذا احصل لو تركتك تذهبين من هنا . . إليه . . ولا شيء لي ؟ لدي مشاعري يامايا . . وانا لست آلة لعينة ؟
- وانا لدي مشاعر ايضا . . . الا تظن ان لدي ؟
- وامتلأت عيناها فجأة بالدموع ، وتاقت بكل جزء منها ان تمد يديها الى وجهه النحيل المليء بالحب . . . ارادت ان تقبل عينيه وتذيب نفسها بجسده . . . ولكن ماذا عن الذنب الذي ستشعر به فيما بعد ،
والخوف مما قد تفعل به غلوريا . إن لها اصدقاء في مراكز عالية وماضي براد كحفيد للمجرم الشرير قد ينبعث من جديد والحياة الامعة التي صنعها لنفسه في اميركا قد تتدمر . . . وهذه امور قد تحدث بسهولة . . ومايا تعلم ان عرابتها امرأة لارحمة عندها . . .
اكثر بكثير مما قد يكون عليه براد .
اما كان يجب ان تكوني امرأة اقل شأنا ولماذا عليك ان تكوني ملاكا ؟ انا لم ارغب ابدا في ملاك . . . كل ماأرغب به زوجة تشاركني الأشياء التي عملت جاهدا لها .
- ستجد واحدة يابراد . . . وستصنع لنفسك حياة سعيدة . . .
- اطفال و . . . .
وتوقفت عن الكلام ، غير قادرة على ان تكبح آهة صعدت من اعماقها .
- انا اريد الأطفال منك . . ان يولدوا من جسدك وقلبك . ولن اقبل بغيرهم . . اقسم على ذلك لن يكون لي ابن ولا أبنة مالم تعطيني انت اياهم . . . الم تفهمي بعد ؟ انا احبك . . . بكل مافي الكلمة من معنى ، بعظامي بجسدي ، بعقلي . .. وإذا لم احصل عليك . . فلن احصل على شيء ولا على احد هكذا انا يامايا . . . إما كل شيء . . . او لا شيء . . .
ولم يكن هناك اي شك بما يقول وجهه تجعد من الألم واصبحت عيناه قاتمتان . بدا كرجل يتعذب ، في بحر من الوجد والألم المبرح . . . وكان هذا مخيفا لمايا . . ان تراه هكذا . . هو من كان كالنسر الوحيد يطير بكبرياء وثقة بالنفس ، سيد نفسه .
وهاهو الأن عبد لما يشعر به نحوها ، وكل خلجة في جسد مايا ارادت ان تتجاوب معه ، في شفقة ، وعاطفة ، في الحب والرغبة .
- انا . . انا آسفة جدا يابراد .
كان هذا كل ما استطاعت ان تقول ، وعرفت كم بدت هذه الكلمات غير مناسبة ، لأنها لم تكن قادرة على ان تتحدث عاليا بما تشعر به في قلبها . لم تكن تجرؤ على كشف عمق وعذاب ماتعانيه ...
لم تكن قد شعرت بمثل هذا الألم الشخصي من قبل .. عميق هكذا من منابع كيانها كامرأة . إنها متشوقة لأن تكون قريبة من هذا الرجل ولاتعرف ابدا معنى الشعور بالفراق عنه ، ولكن . . اقوى من رغبتها كانت الحاجة إلى إبقائه سالما من اي نوع من الانتقام ولأنه يحبها ، فهو لايستحق ان تدمر حياته . . ولم تكن لتتحمل مجرد التفكير بهذا . لقد تعب طويلا وبجهد ، ودفن الماضي ، ويجب ان يبقى مدفونا . .
وإذا كان هذا ماتستطيع ان تعطيه له ، فستعطيه بكلتا يديها ومن كل قبلها .
- الا يقولون في ايطاليا "كي سيرا" ماهو مقدر ليحدث ...
- سيحدث ؟ لقد كنت تعلم عندما تحدثت معي اول مرة انني لست .. حرة .
- كنت اعرف بخطبتك . . . ولكن عندما تحدثنا معا عرفت انك لا تحبين الرجل الذي تلبسين خاتمه . لقد نظرت في عينيك ، ووجدت الوحدة التي يجب على الحب المشترك ان يمحيها من حياتك ...
ولتكوني واقعة في الحب ، فلن تكوني إذا وحيدة ، حتى ولو كنت بعيدة عن الشخص الذي تحبينه ، ويريدك، ويحتاج اليك . . ولهذا تقدمت منك ، وتكلمت معك . لقد كنت متشوقا لأعرف إذا كنت تحملين في عينيك النور الذي لايمكن إلا ان يرى الحب ، ولكن بدلا منه رأيت الجمال الذهبي البارد في نظرتك وعلمت بأنك سيضحى بك على مذبح الزواج الاجتماعي المرغوب . ولن تعرفي ابدا مقدار قوة اندفاعي لأحملك بعيدا معي . بعيدا عن اناس يعتبرون انفسهم نخبة الحياة المدنية ، ومع ذلك يعيشون على قوانين المجتمع الروماني القديم ، قانون اليونان الغارق في القدم حيث كانت الشابات والجميلات إما ان يفرض عليهن الرهبنة العذرية او يتزوجن من عائلات ثرية على الرغم من رغباتهن .
وخفت صوته وقد ركع إلى جانب الاريكة حيث تجلس .
- آه مايا .
ومد يده ليمسك بيدها ، وكانت تعرف انها قطعة من الثلج بين يديه الدافئتين . . . القويتين . . . المليئتين بالحياة . ونظرت إليه ، وفي النور الغريب الذي يدخل الغرفة من النوافذ ، بدا لها وجهه مثل وجوه الفرسان في القرون الوسطى . . . والفروسية في نفسه التي يجب عليها ان تخاطبها .
- إذا كانت حقا تهتم بي براد ، إذا يجب ان تكون متفهما لما يجب علي ان افعل . . إنه صليب آلامي . . ولااريدك ان تتحدث عن وحدتك . . فأنا لا أتحمل هذا ، فأنت لم تخلق لأن تكون وحيدا.
- لا . . انا لا املك مزايا الراهب . . ولكن الطبيعة جعلتني كثير الدقة في الاختيار . . ولا اظن ان بمقدوري ابدا ان اجد فتاة هي تماما "كالكاساتا" مزيج لذيذ من البارد والساخن . ملفوفة ببشرة من الكريما الصافية . . يا إلهي لااستطيع ان اكون قربك ولا . . .
وقفز واقفا نابضا بالحياة كحيوان خطر على حافة الهجوم ووقف جامدا ، يحدق بتوتر الى النوافذ المبللة بالضباب ، وقد اختفت كل الاصوات ، وبدا وكأن خيمة من اللهب تنتشر خلف الضباب وتمتم ...
- الشمس تغيب والمدينة غارقة ببخار الماء يجب ان تأكلي "الكاساتا" معي . . . ثم سآخذك إلى منزلك . . إذا كان هذا ماتريدين ان افعله ؟
ولم تجرؤ مايا ان تفكر بما تريده حقا . . . مجرد النظر اليه سيشعرها بسلطة الإثارة والقدر . . .
- انا . . . انا لا اظن انني استطيع ان آكل شيئا بعد . . .
- حاولي . . دعيني ادعي لمرة واحدة انني شاركتك في حلوى ايطالية حقيقية على شاطئ منعزل ، حيث ستلتقين بعدها بين ذراعي دون ان تستخدمي الجودو ضدي . .
وضحك ضحكة خفيفة واتجه إلى غرفة الطعام . . ونهضت مايا بسرعة وتناولت حقيبة يدها والعلبة التي تحتوي على حذاء الزفاف واتجهت نحو الباب الذي يقود الى الردهة . قلبها كان يضرب بشدة يجب ان تصل الى المصعد قبل ان يحس بها براد ، وعندما تصل الى الاسفل ستأخذ تاكسيا وتذهب . . . دون ان تنظر الى الخلف حتى لاتتألم وتبكي .
كانت في منتصف الطريق عبر الردهة عندما دق جرس الهاتف الصوت المفاجئ جعل اعصابها تقفز ، ووقعت العلبة من يدها وبذعر محموم التقطت العلبة وركضت نحو المصعد . .
وصرخ ورائها ، وقد سمع الهاتف واقبل مسرعا للرد عليه:
- لا . . . مايا . . ارجوك
- كان امرا . . ورجاءا مؤلما . . وقفت هناك وكأنها شخص يتأرجح عند حافة هوة سوداء . . . الزر الذي سيجيء بالمصعد اليها كان على مدى يدها . . . وكان عليها ان تجبر نفسها على ان تلمس ذلك الزر بقوة كافية لتأتي بالمصعد .
- وسمعت براد يتحدث في الهاتف . . . ولازال قلبها يخفق وكأنها كانت تركض ، ووضعت يدها على حنجرتها ، واخذت تصلي لتعود اليها الحياة قبل ان يتهي حديثه
- لن تذهبي . . . ليس الآن
كان يسير مسرعا نحوها ، واستدارت لتواجه وجها تحول الى حجر عيناه كانتا تحتويان على شعلة مخيفة. وتراجعت مايا عنه ، وسمعت صوت باب المصعد يفتح من خلفها في اللحظة التي امسك بها براد بخشونة .
- ستبقين معي . . لا شيء . . ولا اي انسان . . يستطيع الآن ان يفعل شيئا ضد هذا . انا اطالب بما هو لي
- براد ، يجب ان تتركني اذهب ارجوك ، لاتسبب لي فضيحة وقاومته ، ولكنه بقوة متعجرفة ، حملها بين ذراعيه عائدا بها الى الداخل . ذراعاه كانتا كالفولاذ من حولها ، وحملها بقوة لم تستطع مقاومتها . . .
- براد . . . من كان يتكلم على الهاتف ؟
- إنه رئيس فرقة الإطفاء في باسادينا . . . "ادامز تشالنج" احرق حتى الارض وقبضوا على الفاعل فيما بعد فورا . . وكان ولد دفع له لإشعال النار في املاكي . . والبوليس لايتساهل مع مشعلي النار واستطاعوا ان ينتزعوا منه اسم الشخص الذي دفع اليه .
وتوقف براد ، وشاهدت مايا الغضب على شفتيه . . وضمها قريبا منه ، وشعرت بضربات قلبه القوية عليها وتابع :
- يبدو ان عرابتك اتصلت بمحل صنع الاحذية لتسأل عنك ، وقالوا لها انك اتيتي وكنت برفقة سنيور دونيللي . . وهذا قول يكفي . . هه ؟
واتصلت غلوريا آرثر ثانية من فراش مرضها ، وفي وقت قصير بعد ذلك كان منزلي قد اصبح نارا متقدة وفيه علب الدهان وسوائل التنظيف . . والشكر لله بأن العمال كانوا قد تركوا العمل
-لا . . ارادت مايا ان تنكر هذا الادعاء بأن غلوريا تورطت في عمل إجرامي كهذا . . وبللت شفتيها الجافتين ، ولكن الكلمات لم تخرج وفي عينيها افكارها ، رأت اللهب يرتفع في سماء الليل ، وسمعت صوت وقوع الأخشاب المحترقة ، ورأت لوحة صورة ابنة بنروز تقع من على الجدار إلى اللهيب الجشع . . لقد ذهب معه حلم براد بتحويل ذلك المنزل القديم إلى منزل حقيقي . . .
أوه . . يالله . . لم يكن في مقدورها ان تصدق بأن غلوريا يمكن ان تدبر مثل هذا الانتقام ، على الآقل ليس في وقت تركتها فيه على فراش المرض . وبعد ان وعدتها حال ان تنتهي قياس ثوب العرس .
- انت لن تعودي الى تلك المرأة ستبقين هنا معي . . حيث تنتمين . لقد رأيت الآن كم ستتطرف لتحصل على ماتريد . لقد اعطتك بيد ، وبالأخرى سجلت عليك ديونك ، ولتدفعي ثمن كل معروف صغير قدمته لك . . . لقد ادخلت هذا برأسك الى ان لم تعودي تدرين ما إذا كنت تعيشين لها حياتها . . ام تعيشين حياتك لنفسك . . . والآن .
- الآن قد حررتك بيديها الانانيتين . . . والآن سوف تعيشين حياتك الخاصة . . معي .
- وسمعته مايا وكأنها في حلم ، ورأسها ملقى على كتفه . . . هل من الممكن لها ان تفعل مايقول لها وان تتحرر من قيودها وان تبقى معه بحب وشرف ؟
- لا . . . يجب ان اتحدث معها . . يجب ان اسمع ماستقول . . . لا استطيع . . سوى ان اعود الى هناك . . . الا ترى هذا ؟
- ارى فقط وجهك الشاحب وعينيك الواسعتين . . . واعرف فقط انني اريد ان احميك منها .
- وانزل مايا الى الاريكة وجلس قربها ممسكا بيديها ، ليعيد اليهما الدفء .
- اوه يابراد . . . ماذا يمكن ان يكون قد اغراها لان تفعل مثل هذا ؟ وتعلقت عيناها به ولم تستطع سوى التفكير بأن اعمق مخاوفها قد تحققت . . وبسببها اصبح براد في خطر ، ولأنها هنا معه احترق منزله . . .
- ماعرفها انني احبك . . ولأنك تحبينني . . هناك اناس لم يعرفوا الحب من قبل . . . وهي واحدة منهم . . . وأظن انها صممت رأيها منذ زمن بعيد ان تستخدمك لتنتقم من موريس كولين لأنه ادار ظهره لها واغرق نفسه في البحر . . . اخبريني الآن يامايا . . هل ستبادلين ما أقدمه لك بما اعطتك إياه بقلب امرأة بارد. ومحاسب صمم على ان يراك تعيسة في زواجك كما كانت هي تعسة في زواجها ؟ زوجها مات ميتة غريبة . . . هل وقع ام دفع ؟
وجلست مايا ، وبدأت تستوعب كلماته . . . الرعب فيها ، والحقيقة المرعبة المحتملة ، فتمتمت :
- ماذا سيحدث الآن يابراد ؟ هل سيكون هناك . . . متاعب ؟
- اجل . . . لايمكن تجنب هذا ، فالفتى قد القي القبض عليه ، كما يحصل لأمثاله عادة ، إذ لايستطيعون مقاومة انبهارهم بالنار التي يشعلونها .
- اوه . . . وماذا علي ان افعل . . . لقد كبرت في منزلها . . . وعاملتني كأبنتها . . . ثم ، بدا لايستأهل ان تؤذى من جراء كل هذا .
- وهل استحق انا يا مايا ؟
وحدقت به ، وبدا في عينيها وميض من الحنان والحب :
- لا . . . ليس انت . . . ليس انت . . . ولكن يجب ان انهي الأمر بصدق وشرف . . براد ، يجب ان اراهما . . كليهما . . لااستطيع ان اتركهما واذهب هكذا .
- انت تتبعين الطريق المستقيم دائما . . اليس كذلك يا حبيبتي ؟ لابد لي ان اكون كريم الأخلاق كما اعتقد ، إذا كان لي ان احصل اخيرا على حلمي ليصبح حقيقة على شكل مايا . احبك من كل قلبي ، ياأعز الناس . . . احب شعورك بالكبرياء والشرف . . احب عينيك ، واحب ان احس بيدي في يدك . سأكون رجلا يبرز حبه لك حتى ينسى والداي ان يعترضا ، ويأخذانك الى قلبيهما . . اتساءل هل ستحبين العيش معي في ايطاليا ؟
- معك ياعزيزي براد ؟ بعيدا جدا عن كل مابنيته ؟ برج الشمس مثلا ؟ وهل سترغب في هذا ؟
- معك يامايا . . اي مكان في العالم سيكون لي الجنة ، وماهو برج الشمس بالمقارنة مع برج الحب ؟ سنذهب لنواجه الاثنين معا . .
- ولكن . . لم يكن مقدرا لمايا ان تواجه عرابتها ثانية . . . فبعد المسافة الطويلة التي قطعاها عبر الضباب الكثيف ، وصلا الى ساتا نيتا ليجدا غلوريا في غيبوبة . . . فهي لم تستيقظ من آخر نوم لها . . وقد خدرت نفسها بدواء خاص ، ولكنها تركت رسالة لمايا تقول فيها بكل بساطة :
لا استطيع تحمل ان يأخذ مني اي رجل ابنة موريس . . باد لن يفعل هذا . . . ولكن برناردو دونللي سيمتلكك بالكامل . . . لقد نوى هذا منذ ذلك الصباح الذي دخل فيه حديقتي على صهوة جواده . مثل الملاك الأسود . . لقد كرهته حتى وانا اراقبك وانتي تحبينه . . .
اتمنى لو انه كان في ادامز تشالنج عندما اشتعلت فيه النيران . .
احب ان اراه يحترق في جهنم ، ولكنه بدلا من ذلك سيكون معك . . فالحب هو الجنة . . كما اعتقد .
وقرأ براد الرسالة دون ان يقول شيئا ، ثم وضعها على الطاولة . .
وسارا دون ارادة منهما الى الحديقة ، حيث كان الضباب يختفي ليكشف عن اشكال الأشجار . ولايزال امامهما ايصال الخبر الى باد .
ولكن مع براد وذراعه القوية من حولها كانت مايا تعلم انها تستطيع مواجهة العالم . . . ورفعت رأسها تنظر اليه . . . اجل . . لقد كانت تعرف ان خيوط حياتها في النهاية ستحاك مع خيوط حياته ، لينتج عن هذا تصميم كانت ستجده عرابتها كارثة . . . لقد كان مقدرا للأمور ان تحدث كهذا . . . ولأن مايا كريمة الأصل . . ستبقى تتذكر الأيام الجميلة التي قضتها في ساتا نيتا . . وبالتدريج ستنسى آخر لحظات حزينة من حياتها هنا . . .
اليوم ستعود مع براد إلى برج الشمس ، لتبقى هناك كضيفة الى ان يحصلا على الترخيص ويذهبا بهدوء ليصبحا رجلا وزوجته . . .
وهكذا سيكون . . ووقفت هناك ، منطوية بين ذراعيه والشمس ترتفع فوق قمم الأشجار ، والنهار يلتمع اكثر ، والظلال المظلمة تتراجع . .
وتنفست مايا تنفسا عميقا ، وشعرت بذراعي براد تشتدان عليها ، وتمتم لها :
- الزمن سيتكفل بالذكريات . . . وسأ تكفل بهذا . . ياحبيبتي . . .
- صدقيني . . .
- انا اصدقك . . بكل مافي الكلمة من معنى .
واستدارت اليه ، وهي تعلم ان حاجته لها قوية كحاجتها اليه . . .
وسيكون هذا الحب رائعا ، مع مضي العديد والعديد من الأيام إلى ما لا نهاية .
- اوه . . . براد
- وضاع صوتها في دفء صدره . . . وكل الشكوك تبخرت بينما كانت الشمس تسطع لتصبح كرة ذهبية

 
 

 

عرض البوم صور dede77   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أحلام, القديمة, دار الفراشة, روايات, وعود إبليس, كاترين فوكس
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t117259.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
ظ…ظ†طھط¯ظ‰ ط±ظˆط§ظٹط§طھ ط§ط­ظ„ط§ظ… ط§ظ„ظ…ظƒطھظˆط¨ط© review at Kaboodle This thread Refback 11-11-09 10:21 AM


الساعة الآن 06:01 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية