لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


315 - شمس الحب لا تحرق - رينيه روزيل ( كاملة )

مرحبآ .. معايآ هل المرة رواية أسمها :> شمس الحب... لا تحرق < أن شاء الله تحبوهآ عاد .. الملخص

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-07-09, 07:05 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Girl 315 - شمس الحب لا تحرق - رينيه روزيل ( كاملة )

 

مرحبآ ..

معايآ هل المرة رواية أسمها :> شمس الحب... لا تحرق <

أن شاء الله تحبوهآ عاد ..

الملخص


بدأت جنيفر سانكروفت إجراء مقابلات لاختيار زوج لها بعد أن نشرت إعلانا بهذا الخصوص في صحيفة. فوجود زوج إلى جانبها سيضمن لها الترقية في وظيفتها. أما الحب فلم يكن له مكان في جدول مواعيدها..
لكن حين حضر كول بارنجر الرجل المثير البالغ الجاذبية هدد أمانها النفسي وزعزع ثقتها بنفسها ولم تستطع اختيار غيره من الرجال الذين قابلتهم.
فهل تفشل خطتها في اختيار زوج قبل موعد الترقية. أم أن كول خشبة خلاصها الوحيدة وإذا كان سيجاريها في مشروعها، فهل سيقودها حقا إلى الخلاص أم إلى الغرق؟



منتديات ليلاس

 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس

قديم 02-07-09, 07:07 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
Girl

 

- 1 -


صيد الأزواج

http://www.liilas.com/vb3

ما استرعى انتباه جينيفر سانكروفت وخطف أنفاسها لم يكن خليج المكسيك الرائع أمامها، إنما عضلات ذاك الشاب وكتفيه العريضتين. كان الشاب الطويل القامة، الأسمر البشرة والعاري الصدر يدهن باللون الأبيض سياجا حديديا يفصل بين حديقة مشذبة وشاطئ نضيف.
أرغمت جين نظراتها على الابتعاد عن ذلك المشهد الجذاب ثم أطفأت محرك سيارتها المستأجرة، وهي تفكر في التعقيدات التي قد يشكلها وجود ذاك الرجل.
ـ كيف يفترض بأن أجري مقابلات سرية بحثا عن زوج بوجود رجل يراقبنا؟
كانت روثي توتل مساعدة جين قد فتحت باب السيارة وهمت بالخروج عندما سمعت تعليق جين، فاستدارت إليها مستفهمة:(هل قلت شيئا؟)
هزت جين رأسها نفيا: لا كنت أفكر بصوت عال
ثم أشارت باتجاه الرجل عاري الصدر قائلة: آمل أن ينتهي عمله مع انتهاء العطلة الأسبوعية. لا أريده أن يبعد المتقدمين للوظيفة.
نظرت روثي بالاتجاه الذي تشير إليه ربة عملها، فتحولت تعابيرها من الفضول إلى الذهول، بقيت صامتة لبرهة إلى أن استطاعت أخيرا أن تقول بتعبير إعجاب: عجبا...عجبا
لم تر يوما مثل هذا التعبير على وجه مساعدتها. فضربت المرأة الأخرى ممازحة،موقظة إياها من دنيا الأحلام: (توتل،زوجك رائع اقفلي فمك)
أجلت روثي حنجرتها وحولت نظرها إلى رئيستها قائلة:"إذا كنت مرتبطة فهذا لا يعني أنه لا يمكنني التكلم. ثم ألم أقل لك إن وكيل الإيجار قال إنه من المحتمل أن يكون عامل الصيانة في المكان؟"
ـ لا، لم تقولي لي ذلك
أجابت جين بذلك بصوت حاد، بينما روثي تنظر بلا ملل إلى ذلك الرجل الغريب:"بصراحة إنه مثال رائع عن عامل الصيانة الممتاز!"
حملقت جين بمساعدتها. وإن يكن ممتازا؟ هذا الأمر لا ينفي أنه حجر عثرة تعيق مخططاتها.
حولت نظراتها عن روثي لتحدق إلى يديها المتشبثتين بمقود السيارة.
لم لا تسير الأمور كما يجب؟ هذا المنزل الذي تملكه الشركة حيث تعمل والذي استأجرته لثلاثة أسابيع كان معزولا جداً ولكن لا يمكنها الاشتراط وهذا المكان هو الوحيد المتوفر حاليا. لقد أُثيرت مسالة رئاسة شركة المحاسبة بشكل فجائي وسريع فاضطرت لاتخاذ بعض القرارات السريعة وربما المتسرعة.
لم تجرُأ على القيام بالمقابلات للأزواج المرشحين في دالاس. فمن المحتمل جدا أن تعرف الشركة أنها ليست في شهر العسل. واتهامها بالكذب سيسلبها كل فرصة لترؤس الشركة، ناهيك عن أنها قد تضطر للتخلي عن عملها!
لا! لن تدع ذلك يحصل! لقد عملت طويلا وبجهد لشركة دالاس للمحاسبة ووهبت نفسها جسدا وروحا لتلك الشركة طيلة عشرة أعوام، وبالتالي فهي تستحق منصب الرئاسة فيها. وللحصول عليه، قررت أن تقلب الدنيا رأسا على عقب إن اضطرت لذلك.
تمتمت قائلة"الأجدر بهذا الرجل ألا يقف في طريقي، لدي أقل من شهر لأجد زوجا مناسبا وأتزوجه، لا أريد لأجير ضخم أن يفسد جدول أعمالي"
ونظرت إلى مساعدتها المكتنزة الجسم التي كانت سابقا في البحرية:" قد اضطر إلى أن أحرضك عليه، توتل"
أطلقت روثي ضحكة سريعة :" انه ضخم الجثة سأحتاج إلى المزيد من جنرالات البحرية"
ثم ضغطت على شفتيها وعقدت حاجبيها:" أو قد اضطر للإرسال في طلب أهل زوجي، حيث بإمكانهم إن يطردوا أيا كان بعيدا"
ثم كشرت بسخرية:" لو أن حماي وحماتي أو كما أحب أن اسميهما الساحرة الشريرة والرجل الضفدع، لم يقرروا غزو مسكن عائلة توتل في زيارة مطولة لما تمكنت من إبعادي ثلاثة أسابيع عن راي والأولاد"
نزعت جين يدها عن المقود وربتت على ذراع مساعدتها " أحتاجك في الالتزام بالبرنامج وفي حفظ السرية التامة"
ألقت جين نضرة سريعة على المكان ثم تابعت قائلة:" وبما أن المكان منعزل جدا هنا وبما أنني سأقابل الكثير من الرجال العازبين، يُحتمل أن أحتاج مهارتك في الفنون القتالية"
فتحت جين باب السيارة وترجلت قائلة:" وبما أننا نتكلم عن الرجال سأذهب لاكتشف ما خطب هذا العامل"
صفقت باب السيارة واجتازت الحديقة متجهة نحو طريدتها. كانت تسرع نحوه بينما بدا غافلا عن وجودها. وحيث أنها كانت مسرعة, بالكاد لاحظت المنزل البحري المؤلف من طابقين. حتى أنها لم تلحظ الكوخ الأبيض والأزرق إلى يسارها ولا الأحواض المزينة بالأزهار الحمراء والصفراء.
جين بطبيعتها امرأة ايجابية منطقية وواثقة من نفسها، غير أنها في الوقت الحاضر عكس ذلك تماما، إذ مقيدة ببرنامج زمني، كما أنها غاضبة بعض الشيء، لن تقبل بان يتم إبعادها عن الترقية التي تستحق ليس هذه المرة!
كانت رائحة البحر تعبق في الجو لكن جين لم تشعر بها، إذ كانت حواسها كلها منصبة على المهمة التي أمامها.
زاد التوتر من عدائها إزاء دلك الدخيل الذي تجرأ على اقتحام مكانها السري لم تكن بحاجة إلى غريب يدس أنفه في شؤونها الخاصة، فهي لا تظن نفسها قادرة على تحمل شخص آخر ينظر لها وكأنها غبية.. أو حتى مجنونة.
لم يكن من شان احد كيف تختار زوجها! لقد تبعت قلبها مرة ووقعت في حب طوني حتى الجنون.
تملكها الارتباك لهذه الذكرى لكنها تمالكت نفسها حتى بعد مرور سنوات على تلك العلاقة ، ما زال التفكير باسمه يؤلمها
عُين طوني لاند في شركة دالاس للمحاسبة، الرئيس المباشر لجين ومنذ اللحظة الأولى التي انفتح فيها باب المصعد وخرج طوني، دخل قلب جين فأحست بالضياع كان وسيما رقيقا ولامعا، يعرف تماما ما عليه قوله ليحرك أحاسيسها، حتى ابتسامته العادية وهو يجتاز ممر الشركة كانت تدير رأسها.
استغرق من جين ستة أشهر لتلفت انتباه طوني، كامرأة وليس كمجرد زميلة عمل، وحصلت تلك اللحظة السحرية في حفلة عيد الميلاد التي تقيمها الشركة وقد جاهدت كثيرا لتختار ما ترتديه إلى أن استطاعت أخيرا أن تتألق من اجل رجل بدلا من أن تتألق من اجل النجاح قبل طوني، كانت منشغلة جدا بمهنتها، لكنها وجدت نفسها فجأة تقوم بشتى الألاعيب النسائية لتجذب انتباه طوني إليها.
كان طوني معروفا كزير نساء في الشركة، لكن جين كانت تكره الثرثرة فتجاهلت كل الأقاويل
كانت ليلة رأس السنة موعدهما الرسميgolya الأول وكان طوني قمة في اللباقة والاحترام خبيرا بما يكفي ليشعر بانسجامها كلما حاول الاقتراب منها.
بعد شهر من التواعد والخروج معا، اعترف طوني بحبه لها وعلى الرغم من حذرها وتحفظها الشديد، كانت جين مستعدة أن تهبه كل ما عندها، وجل ما أرادته في الدنيا هو أن تكون زوجة طوني وأم أولاده
في يوم عيد العشاق، شعرت جين بأنها أسعد امرأة في تكساس وبدت في فستانها الجديد، أشبه بمراهقة طائشة، كانت تنتظر طوني ليصطحبها في أمسية رومانسية ستغير مجرى حياتها عل حد قوله، عندما رن جرس الهاتف، سمعت جين أمها تجهش بالبكاء وكانت تتصل من المستشفى باكية مضطربة فاتصلت بطوني لتلغي موعدهما.
انتهى عيد العشاق بشكل مأساوي عندما توفيت خالة جين إثر حادث، كان الحزن يمزق جين، فوجدت نفسها تقود سيارتها في الليل لتعود إلى دالاس إلى شقة طوني، إذ كانت بأمس الحاجة إلى التعزية والمواساة
عندما فتح لها الباب، عرفت على الفور أن ثمة خطب ما. كان طوني عاري الصدر، لا يرتدي سوى بيجاما حريرية سوداء، منحها تلك الابتسامة السحرية، فوجدته رائع الجمال حتى وهو نصف نائم
غير أن شيئا في عينيه أخافها فأنبئها حدسها أن تتخطاه وتدخل مباشرة إلى غرفة نومه، مرتعدة مما قد تجده فيها. وإذا بها ترى امرأة أخرى ارتبكت عند دخولها. وبينما كانت المرأتان تحدقان إلى بعضهما أمسك طوني جين من ذراعها هامسا في أذنها بلهجة ناعسة أكثر منها نادمة "لقد حصل الأمر من تلقاء نفسه"
تذكرت بألم حاد كيف أدارها بين ذراعيه، محاولا أن يخرجها من الغرفة ويقفل الباب خلفه، كان هادئا رغم أنها فاجأته بالجرم المشهود.




قال لها إنه يحبها وأن ما حصل "مجرد علاقة عابرة"، وراح يبتسم لها محاولا تليين موقفها. ياله من مخادع!
وقفت هناك محطمة القلب مدمرة المشاعر كان الرجل الذي كادت تهبه حياتها يخدعها بكل برودة أعصاب في حين أن امرأة أخرى تحتل غرفته.
ابتعدت عنه، محدقة باشمئزاز وعدم تصديق إلى تعابيره المرتبكة لم يكن يتحلى باللياقة الكافية ليقر بخيانته، فشعرت بقلبها يهبط وبحزنها يبلغ أقصى درجاته. لقد أحبته لدرجة أن الحب أعماها عن أكاذيبه وخياناته، مع أن أصدقاءها حاولوا مرارا وتكرارا تحذيرها منه.
في تلك الليلة، شهدت جين حالتي موت مأساويتين، موت شخص عزيز من عائلتها وموت رغبتها في الوقوع في الحب مجددا! لقد فقدت السيطرة على نفسها مرة وحطمها ذلك، ولكنها لن تعيد الكرة مطلقا!
كان طوني من الوقاحة بحيث اتصل بها مرات عدة في وقت لاحق وكان كلامه معسولا، يقطر عاطفة جياشة، فقاومت جين الوقوع تحت تأثير سحره.
مر شهران طويلان كان على جين أن تحتمل فيهما وجوده في العمل ونظراته الساحرة وعينيه الدافئتين، تينك العينين اللتين بدتا وكأنهما تعدانها بالصدق مع أنهما كاذبتان، تينك العينين اللتين قد تُفقدان أي امرأة عاقلة صوابها وتحولان أي امرأة ذكية إلى مغفلة.
كانت توسلاته الماكرة في المكتب من الرقة والبراعة بحيث صعب عليها المقاومة. وبدأت جين تخشى أن تضعف أمامها. ثم رحل طوني فجأة كما أتى، عندما سمحت له فطنته في العمل وسحره ان يتبؤ أحد المناصب الكبيرة.
وجدت جين أن الألم والحس بالخيانة لم يخفّا للأسف بعد خروج طوني من حياتها. نكثه بالوعود واستغلاله ثقتها علماها درسا مؤلما لن تنساه. ولم يكن طوني الخائن الوحيد في تلك العلاقة، فقد خانتها أيضا مشاعرها وسمحت لها بأن تُغمض عينيها وتسد أذنيها عن حقيقة ذلك الرجل، لن تدع نفسها تطلق العنان لمشاعرها بعد اليوم...مُطلقا !
ولا بد أن العثور على شريك حياة يتمتع بالعقل والفكر بدلا من المشاعر والغرائز، ممكن جدا. فوالداها خير دليل على الثنائي المتناسق، فهما ينسجمان من حيث الأفكار، من دون أن يكون أحدهما شديد التعلق بالآخر.
كانت جين بحاجة إلى خطة وبعض المرشحين الجيدين وإلى شيء من الخصوصية، وهنا تكمن المشكلة الآن!
سارت في الحديقة المنحدرة ونظراتها شاخصة إلى الرجل الذي يدهن السياج وعندما كادت تصل إليه، أجفلها بالنظرة التي رمقها بها. كانت التكشيرة تعلو وجهه تماما مثلها، لكن اقترابها منه لم يفاجئه.
وقبل أن تصل إليه، وضع الفرشاة من يده ووقف واضعا يديه عل خصره، بدا من تصرفه غير الودود ذاك أنها هي الدخيلة
إنه وقح فعلا! من تراه المستأجر ومن هو الأجير هنا؟
قال لها:"إذا أنت المستأجرة؟"
بدا وكأنه كان يتوقع حضورها لكنه ما كان ليأسف البتة لو أنها لم تأت مطلقا
أجابت باللهجة نفسها:"نعم، أنا هي متى ستنهي عملك؟ في نهاية العطلة الأسبوعية على ما آمل، لأنني صباح الاثنين سأبدأ ببعض... الإجتماعات المهمة، ولا أريد ضجة في المكان أو... ما شابه".
بقي صامتا ونظراته المتشككة تنضح عجرفة وغطرسة. وعلى الرغم من انزعاجها لوقاحته، همس صوت في داخلها ينبهها إلى وسامته. كانت عيناه الفاتحتان مذهلتين وكأنهما من عالم آخر
ظنت جين أنهما زرقاوان ولكن تحت شمس حزيران المشرقة. ظهر فيهما بريق ألوان متلألئة، قطع حبل أفكارها وهي تحدق إليه
ضاقت عيناه الآسرتان اللتان تظللهما أهداب داكنة اللون. زم شفتيه وهز كتفيه بلا مبالاة قائلا بسخرية:"لا يسعني شيئا بالنسبة إلى الضجة ولكنني سأحاول أن أبقي صوت "ما شابه" منخفضا"
قطبت جين حاجبيها مضطربة. عم يتكلم؟
ـ عفوا؟
أفلت السؤال من فمها لاهثا أكثر مما ودت أن يبدو. أما هو فتنهد، جاذبا انتباهها إلى انفه المستقيم وتناسبه مع فمه الجميل الملتوي بسخرية
ـ اسمعي آنستي..
وعندما توقف لحظة عن الكلام، راحت تحصر أفكارها لتستعيد تركيزها عما جعلها تواجهه
وقبل أن يكمل فكرته، مال قليلا إلى الأمام. لو كان شخصاً آخر لما لاحظت جين تلك الحركة ولكنه ضخم للغاية وحركته هذه دفعتها خطوة إلى الوراء
قال لها:" شئت أم أبين، أنا هنا طيلة شهر حزيران ووكيل الإيجار ارتكب خطأًً".
ورمقها بنظرة سريعة وقحة ثم تابع:" بما أنك امرأة أقرت بنفسها أنها لا تحب الضجة، فأقترح عليك القيام بترتيبات أخرى"
حدقت إليه، آملة أن تكون ملاحظته مجردة من أي معنى مبطن. بالطبع لا! لا يمكن أن يكون حدقا لدرجة اللعب على الكلام.
سألته:"ماذا تعني بخطأ؟"
عقد حاجبيه عند سماع سؤالها وأجاب ساخرا:"أعني غلطة، سهو، زلة.."
قاطعته قائلة:" أفهم جيدا معنى الكلمة، ولكن أي خطأ؟"
ـ الشركة لا تؤجر هذا المكان أبدا في شهر حزيران.
ـ بلى، بالطبع، ما دمت أنا هنا
ـ هذا هوا الخطأ بالضبط
شعرت بقلبها يغوص ولكنها لم تجب، في حين كرر شرحه:"السماح لك باستئجار هذا المكان كان خطأ"
وإذ رفضت تصديقه، سألته "ولم علي أن أصدقك؟"
ـ اتصلي واسألي



لم تكن جين تحب أن يتفوق عليها أحد، فسحبت هاتفها الخلوي من حقيبة يدها وطلبت رقم الشركة، فقال لها :"إنه يوم السبت"




أدركت ما يعنيه بدلك، فكشرت وأقفلت الهاتف:" هذا صحيح"




أعادت هاتفها إلى الحقيبة، محاولة استعادة ثقتها بنفسها:"اسمع، لا يهمني في أي يوم نحن، لقد استأجرت هذا المنزل لمدة ثلاثة أسابيع وهذا كل شيء"




كان نسيم البحر يداعب خصلات شعره الأسود اللامع، فوقعت خصلة على حاجبيه وبقيت هناك لحظات قبل أن تنضم مجددا إلى تموجات شعره




اضطربت جين ، فحولت نضرها إلى عينيه اللامعتين لكنها شعرت بارتباك قوي عندما تلاقت نظراتهما




قال بحدة "طيلة سنوات، كان شهر حزيران مخصصا للصيانة، يبدو أن السؤال الجديد غريب عن كل ما يجري"




علق قوله في دهنها وشعرت بمزيد من الشك والريبة للطريقة التي لمعتا فيها عيناه العدائيتان




قال:"لا يمكنك أن تبقي"

http://www.liilas.com/vb3


فأجابته:"علي ذلك لقد قمت بالكثير من الترتيبات ولدي العديد من المواعيد طيلة الأسبوع، إن بعضا من.. المتقدمين للوظيفة سيأتون من ولايات بعيدة. الإعلان الذي وضعته سيبقى ساريا طيلة الأسبوع المقبل وقد وضعت فيه هذا العنوان لا يمكنني أن أغير خططي"




ـ ولا أنا




لم تستشف جين من قوله أي قلق أو اعتذار وان شعرت بشيء كالسكين في نبرة صوته




استقامت في وقفتها وأرجعت كتفيها إلى الخلف وعلى الرغم من أن جين لم تكن قصيرة القامة، إلا إن فارق الطول بينهما بقي مضحكا




لم تشأ أن تدعه يرهبها بعدائيته فراحت تواجه كل تكشيرة منه بواحدة منها. هذا الشاب لا يعرف من تكون جينيفر سانكروفت عندما تصمم على شيء




قالت بصوت هادئ:"يبدو أننا وصلنا إلى طريق مسدود"




حدق إليها لحظة طويلة ثم أومأ قائلا:" على ما يبدو"




لم تكن جين تحب الموسامة، لا سيما مع شخص يجب أن يكون التعامل معه سهلا، لقد أساءت الحكم على هذا الضخم ظنت انه سينحني ويتوسلها أن تسامحه، لكن يبدو انه يأخذ برنامجه على محمل الجد بقدر ما تأخد هي برنامجها




ربما إرجاء هذا العمل إلى وقت لاحق إلى إلغاء عمل آخر الأمر الذي قد يقف في طريق رزقه. يمكنها أن تفهم عناده فإذا سمح لها بإبعاده عن المنزل قد تمنعه ربما من شراء الطعام لعائلته




هزت جين كتفيها وتملكها الارتياب ولكن من المحتمل أن تصل ثرثارات عامل الصيانة من تكساس إلى شركة محاسبة في دالاس ثم يبدو انه ليس من النوع الذي يثرثر




ـ حسنا، أظن




وماتت الكلمات على شفتيها لقلة حماسها، لكنها جاهدت لكي تتابع كلامها إذ لم يكن أمامها خيار آخر:" أظن يمكنك البقاء لكنني أسألك ألا تصدر ضجة في المنزل بينما أنا .. أجري المقابلات"




والتقت بنضرته القاسية:" ستبقى بعيدا، اتفقنا؟"




على الرغم من الحيوية التي تنضح بها عيناه اللامعتان، بدتا مخيفتين، وبعد برهة من الصمت بدت دهرا، أحنى رأسه بشبه إيماءة بطيئة




حملق 'كول' بالمرأة الواقفة أمامه، ذاهلا لموافقته على أول تنازل قامت به.




كان ينوي أن يمسك المستأجر، أيا كان، بعنقه ويجره بعيدا عن هذا المكان، ما الذي في تلك المرأة جعله يغير رأيه؟ أو الأصح من ذلك، يفقد عقله؟




وفيما كان ينظر إليها، استوقفه مظهر بذلتها التبنية اللون وقد بدت فيها وكأنها ترتدي علبتين من الكرتون تخفيان كل أثر للأنوثة فيها، أما شعرها فكان مفروقا في الوسط ومربوطا من الخلف. كل ما كان ينقصها هو أن تعلق في عنقها لافتة تقول: أنا عذراء عجوز. اقترب على مسؤوليتك الخاصة!




من سوء حظه، كانت عيناها المتلألئتان تقولان شيئا آخر.كانتا كبيرتين براقتان. وكان جفناها يعلوان أجمل لون أخضر رآه يوما. أما أهدابها الطويلة فتنطق بالإثارة الخجولة لكنه لم يستطع أن يتجاهل ذلك الإحساس الذي غمره وعلى الرغم من أن شفتيها كانتا وسط ذلك القماش التبني وذاك الشعر المسرّح إلى الخلف، إلاّ أنهما بدتا مثيرتين.




و انتابه شعور قوي بان الإثارة التي تنضح من تلك المرأة لم تكن متعمدة، على عكس معظم النساء اللواتي سعين وراءه لمصلحة شخصية. ولكن ليس هذه! هي لم تعرض نفسها عليه، بل كانت أبعد ما يمكن عن ذلك. تلك الإثارة الكامنة فيها شوشت ذهنه لدرجة أنه قبل بتلك التسوية..




فجأة بدا له أن شهر حزيران الهادئ الذي طالما ينتظره بفارغ الصبر ليمضي إجازته في منزل العائلة الصيفي على الخليج، لن يكون هادئا كما ظن.




أطلق شتيمة خافتة ثم استدار بعيدا وأمسك فرشاة الدهان غاضبا من نفسه لأنه ضعف أمامها، كان يتطلع بشوق إلى هذه الإجازة ليبلسم جراحه ويهدئ ألمه إثر موت والده، ناهيك عن حاجته للابتعاد عن ضغط العمل. كان مرهقا ومستنزف القوى بعد كل تلك الأيام التي عمل فيها أكثر من ثماني عشرة ساعة في اليوم. وأحس بحاجة إلى للهروب والاسترخاء والاستمتاع إلى صوت البحر أو القيام ببعض التمارين الجسدية.

golya




كان يحب هذا المنزل والذكريات التي يحملها في طياته عن الطفولة واللحظات السعيدة مع والده الحبيب الرجل الذي في سن الخامسة والخمسين، استقبل طفلا رضيعا وأعطاه اسما ورباه وأطعمه. وبحرصه على صيانة هذا المكان، كان كول يسعد أباه فكان يعتني سنة بعد سنة بهذا المكان ويهتم بنظافته وتألقه.




وحيث أنه كان يعمل بمفرده قرب الشاطئ، كان بإمكان كول أن يفكر بهدوء ويمضي الوقت بالتأمل والتخيل.




كانت تلك الإجازات المنعزلة تنشطه فكرا وروحا وجسدا وكل سنة كان يتطلع شوقا إلى شهر حزيران وإلى هذا المكان الذي يرحل منه نشيطا، حيويا ومستعدا للعمل مجددا.




عاد يدهن السياج باللون الأبيض، منزعجا لعجزه عن التعامل مع تلك المتطفلة كما كان قد خطط مسبقا. ما خطبه؟ وماذا في تلك المرأة يعيق مخططاته؟




ـ ربما علينا أن نتعارف. أليس كذلك؟




رمقها بنظرة مضطربة بينما كانت هي تحدق إليه. بدا انزعاجها جليا نظرا لخديها الأحمرين وعينايها اللامعتين فشعر بوخزه إعجاب مفاجئة. اللعنة! إنها عنيدة جدا. راح يتساءل عن موضوع وعن الوظيفة التي يتقدم لأجلها قراء الإعلان! لم يشك بشيء مثير للريبة فهي بريئة ومتحفظة جدا لتقوم بأي خدع لا أخلاقية.




تمتم قائلا: " يمكنك أن تناديني كول...كول لا أحد




على الرغم من أن أصدقاءه ينادونه كول، إلا أنه ابتسم في سره لاسم الشهرة الذي اخترعه بسرعة. لقد ظنته عامل الصيانة وسيدعها تظن ذلك سيكون من المثير للاهتمام أن يراقب رد فعل امرأة لا تعرف أنه ج.س بارينجر، الرأسمالي الثري. فالنساء عادة يتوددن إليه ويتدللن عليه ويرفرفن بأهدابهن لكنه لم يلحظ حتى الآن أي تودد أو تقرب من قبل هذه المرأة.




فأجابته عندما مدت يدها لتصافحه: "أنا جينيفر سانكروفت




اسمها استرعى انتباهه. جينيفر سانكروفت! لم يبدو هذا الاسم مألوفا؟ أغمض عينيه لحظة وقد أزعجه أن يقلق لهذا. سيتذكر من تلقاء نفسه، بما أنها تستأجر منزلا يخص الشركة فلا بد أنها تعمل في إحدى شركاته أو شركات والده التي أصبحت الآن ملكه.




لسبب يجهله، وربما بتأثير من تلك الشفتين المغريتين، أمسك بيدها كانت بشرتها باردة، كما توقع، صافحته بحزم.




سألها بلهجة باردة لا تمت للترحيب بصلة:"كيف حالك، آنسة سانكروفت؟




ـ كيف عرفت أنني آنسة؟




كانت تعابيرها تنم عن السخرية وهي تسأله ذلك.




لم يستطع كبح التسلية التي شعر بها هل كانت تمزح؟ فأجابها:" افترضت ذلك




غزا الاحمرار خديها عندما استشفت سخريته سحبت أصابعها من يده ورفعت كتفيها ثم تراجعت خطوة إلى الوراء وقالت: " حسنا... سأذهب لأحضر حقائبي




ثم استدارت وعادت عبر الحديقة





عندما بلغت السيارة، فتحت الصندوق وسحبت منه حقيبتها
فتحت روثي الباب الأمامي عندما رأت رئيستها تقترب
ـ إذا؟ سيرحل يوم الأحد؟
سألت روثي ذلك وقد بدت قلقة أكثر منها متأملة ثم أسرعت نحو جين وأخذت عنها بعض الأكياس.
أطلقت جين تنهيدة طويلة وهي تسعد الدرجتين المؤديتين إلى شرفة المنزل " لن يرحل"
وما أن أصبحت في الداخل حتى وضعت أغراضها أرضا وراحت تنظر حولها ذاهلة
ـ يبدو أنه يعارض فكرة تغيير مخططاته، ومن المحتمل جدا أن يبقى.
ـ أشرقت تعابير روثي فهتفت قائلة: "" ممتاز! نحتاج إلى منظر جميل هنا"
ـ لديك خليج المكسيك في الخلف.
لوحت روثي بيدها، معتبرة اقتراح جين تافها:"لا أقصد الإهانة، لكن نظرا للسبب الذي جئت من أجله إلى هنا، يجدر بك أن تهتمي أكثر بالنظر إلى الرجال"
تجاهلت جين تعبير مساعدتها:"نعم، في الواقع...إنها مسألة شراكة أكثر منها علاقة ... انجذاب"
لم يعجبها التعبير المرتسم على وجه روثي، فتابعت قائلة:" ما من سبب منطقي يحول دون عثوري على زوج محترم بهذه الطريقة. الانسجام والمصالح المشتركة أمران مهمان جدا. لماذا والداي.."
قاطعتها روثي بنبرة مفكرة تكاد تكون مشفقة:"أعلم ذلك، والداك ثنائي رائع.. ولديهما أهداف مشتركة. إنهما مثال رائع عن الزواج العقلاني"
ـ لا تنسي.. أعرف جيدا ما يؤدي إليه الحب الأعمى.
قالت جين ذلك بطريقة دفاعية فأومأت روثي حزينة:"طوني"
والتقت نظراتها بنظرات رئيستها:" لا تنسي أنني كنت مساعدتك يوم فطر قلبك، ولكن أظن أن من الخطأ أن تتخلي عن الحب بسبب نذل مثله"
ـ أنا لست أتخلى عن الحب
قالت جين ذلك محاولة أن تجعل روثي تفهم قصدها. فتمتمت روثي: "طبعا. أنت تؤمنين أن الحب ينمو إذا عمل شخصان منسجمان على ذلك"
لم تستطع تبسيط الأمر أكثر من ذلك فهي لم تكن مطلعة تماما على نظرية جين.
شدت جين على أسنانها، رافضة الدفاع مجددا عن أسبابها. لقد سبق وأوضحت تماما لما قررت البحث عن زوج بهذه الطريقة غير التقليدية
شعرت جين أنها محظوظة لأن مساعدتها معتادة على إبقاء الأمور طي الكتمان. الجميع في شركة المحاسبة يظن أن جين ستتزوج بهدوء وأن إجازتها هذه هي لتمضية شهر العسل. الجميع باستثناء روثي
ـ على الأقل، هذا المكان جميل
تعليق روثي أعاد جين من أفكارها إلى عالم الواقع أشارت المساعدة إلى درج في آخر الردهة الواسعة وتوجهت إلى هناك
ـ هذا الدرج يؤدي إلى غرف النوم بالطبع ستأخذين الغرفة الرئيسية. هناك غرفة للضيوف ستكون لي
ألقت جين نظرة على الدرج، فلفت انتباهها فسحة في وسطه وخلفها نافذة طويلة تبرز منها السماء الخلية من الغيوم
ـ أظن أن بإمكاننا إجراء المقابلات الرسمية إلى يسار الردهة
رأت خزانة صينية مزخرفة تحتل الحائط القائم خلف المائدة التي يعلوها لوح من الزجاج. لم تكن الطاولة كبيرة ولكنها واسعة بما يكفي وفي كل جهة منها كرسي أنيق من الخشب
ـ إلا إذا كنت تفضلين إجراءها هناك
وأشارت روثي إلى مكان خلف جين، فاستدارت لتجد غرفة جلوس شاسعة في آخرها موقدة يحيط بها إطار من الرخام الأبيض. ورغم أن هذه الغرفة تقع في الجهة الشمالية من المنزل، إلا أن النور يغمرها وكانت الألوان الفاتحة المستعملة في تزيين الغرفة تضفي طابعا مشرقا على المكان. أما النباتات الخضراء المزروعة في أحواض من السيراميك فتزين الغرفة ومفعمة بالحياة. هذا التدرج في الألوان والإشراق الناعم ذكر جين بعينين جميلتين رأتهما.
تمتمت روثي وهي تقترب من رئيستها:"جميل"
ـ نعم إنه وسيم
ـ ماذا؟
سؤال روثي انتزع جين من أفكارها:" كنت أتكلم عن المنزل وليس عن ذاك الرجل"
أحست جين أنها قالت شيئا لم تقصد قوله وقررت أن تنفي ما أفلت منها، فقالت بلهجة وتعبير لا يدعان مجالا للجدال:" وأنا أيضا.. كنت أتكلم عن المنزل } ~




********


نهاية الفصل الاول ..

http://www.liilas.com/vb3








 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
قديم 02-07-09, 07:18 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

-2-
صعبة الإرضاء .

http://www.liilas.com/vb3

لاحظ كول أن مقتحمة المنازل الصعبة المراس تلك بقيت متوارية عن الأنظار طيلة العطلة الأسبوعية في حين أن الأخرى التي تضحك بصوت عال كانت اجتماعية أكثر، حيث أنها تحييه كلما صادف والتقته بينما بقيت الآنسة الباردة في الداخل، للأسف! هذا لا يعني أنه كان متشوقا لرؤيتها، لا مطلقا كل ما في الأمر أنها شاحبة اللون وسيفيدها أن تتنزه قليلا على الشاطئ تحت الشمس
صباح الاثنين، وبينما كان كول يخرج من الماء بعد ساعة من السباحة المنشطة، لاحظ سيارة غريبة في الطريق الخاص المؤدي إلى المنزل. فراح يتساءل وهو ينشف شعره، عن نوع المقابلات التي تجريها هاتان المرأتان ولكن ما همه هو؟ ولم يبالي؟ لديه أمور يقوم بها.
وعلى الرغم من أنه جاهد ليحافظ على لا مبالاته، لم يستطع إلا أن يلاحظ أن كل نصف ساعة تأتي سيارة وترحل أخرى. وعند الساعة الثانية بعد الظهر قرر أن يشذب الأغصان اليابسة من شجرة السنديان العالية القائمة أمام المنزل كانت الرؤية ممتازة من فوق. وسمع صوت إطارات سيارة على الحجارة المرصوفة في الطريق الخاص، فالتفت ورأى سيارة أخرى تركن أمام الباب الأمامي ليترجل منها رجل نحيل أصلع يرتدي بذلة بنية اللون. وما استرعى انتباه كول هو أن كل الزائرين من الرجال الأنيقين وليس من الإناث وأن امرأة واحدة لم تأت إلى المكان وكان معظم الرجال يحملون حقائب أوراق.
تملك الفضول كول رغم أنه ليس من النوع المتطفل. انتهى عند الساعة الرابعة من تشذيب الشجرة فنزل منها وأمسك صندوق العدة غاضبا من نفسه لهذا القلق الذي ينتابه بسبب ما يجري في المنزل. كان يود أن يعرف ما تقدم عليه هاتان المرأتان. لقد أوضحت الآنسة الصعبة الإرضاء أنها لا تريده أن يصدر ضجة في المنزل. ولكن الحنفية التي تسرب الماء في المطبخ لا يتطلب إصلاحها سوى جلدة مطاطية وذلك لا يسبب أي ضجة، وبالتالي يمكنه إصلاحها من دون أن يزعج أحدا.
استدار حول المنزل وصعد الدرجات الخشبية الثماني بأقل ضجة ممكنة ثم انسل إلى الداخل من الباب الخلفي الذي يؤدي إلى مطبخ قديم الطراز كان هذا المكان هو المفضل لديه في المنزل الكبير، حيث أنه أكثر حميمية من الغرف الأمامية وكان يعجبه الأثاث الجلدي والديكور الهندي الذي يطبعه. وعلى الرغم من أنه يستمتع بالبقاء في الكوخ في زياراته المنفردة، إلا أن المنزل الكبير يعيده إلى الماضي وإلى الذكريات.
استدار بهدوء حول المائدة الرخامية المرقطة باللونين الأخضر والذهبي، التي تفصل المطبخ عن الغرفة لتي تتم فيها المقابلات، ووضع صندوق العدة على الطاولة، فصدر صوت قوي عن احتكاك الحديد بالرخام أتت على إثره تلك السيدة ذات الوجه الضحوك. وعندما رأته تحولت تعابير القلق على وجهها إلى ابتسامة عريضة وهمست قائلة"ظننت أنك لص"
ألقى عليها نظرة مشككة، وسألها:"وماذا كنت لتفعلي لو أني لص فعلا؟"
ـ كنت لأبرحك ضربا أيها الوسيم
قالت ذلك وهي تدخل المطبخ وتستند إلى الطاولة بالبرب من الباب
ـ كنت ملازما في البحرية ولو أردت ذلك، لأوقعتك أرضا تماما حيث تقف
ـ وهل هذا نوع من الغزل غير الإعتيادي؟
ضحكت ورفعت له يدها اليسرى لتريه محبس الزواج:"لا ولكن... خطرت لي الفكرة"
وفجأة سمعا صوت الآنسة الصعبة الإرضاء تنده من غرفة الجلوس ."روثي؟ لقد رحل المرشح الأخير"
ـ إذا، اسمك روثي؟
سأل كول ذلك بصوت خافت بما يكفي لئلا يسمعه من هو خارج المطبخ
ـ روثي توتل
ثم توجهت نحوه ومدت يدها وهي تتابع:" وتقول رئيستي إنك تدعى كول لا أحد، تشرفت بلقائك لا أحد
أمسك يدها مصافحا ودنا منها وهو يهمس:"أظن أن من الأفضل ألا تذكري أنني هنا
غمزت بشكل تآمري:"فهمت. لكن رئيستي ستقطع رقبتي لو عرفت. ثم إنني أريد فعلا لهذا الهراء أن ينتهي. في الليلتين الماضيتين، كدت أجن"
قرع جرس الباب:"روثي ماذا تفعلين في الداخل؟ أرجوك افتحي الباب"
فبدت التكشيرة على وجه المساعدة الحمراء الشعر
ـ الواجب يناديني
وأسرعت نحو الباب:"أنا قادمة"
عاد كول إلى عمله وأمضى ربع الساعة التالية وهو يصلح الحنفية بهدوء وكان انتباهه مركزا على المقابلة الجارية في غرفة الجلوس أكثر منه على عمل التصليح الذي يقوم به. لم يستطع سماع الحديث بأكمله ولكن ما سمعه كان صعب التصديق. بدا له أن الآنسة سانكروفت تجري المقابلات بحثا عن زوج. انتهى كول من عمله وبسط راحتيه على الرخام البارد وهو يهز رأسه خائب الأمل. لم يكن أي شيء يفاجئه ولكن ما سمعه أدهشه فكان من الصعب عليه أن يكبح انزعاجه. لم بحق الله، تلجأ هذه المرأة إلى مخطط سخيف عقيم كهذا؟.
ـ حسنا... شكرا على وقتك، سيد روبرتسون
ألقى كول نظرة من فوق كتفه. يبدو أن الآنسة ذات الشفتين المثيرتين أصبحت قريبة منه
أجاب الرجل ضاحكا:"كان ذلك...مثيرا للاهتمام. إلى اللقاء آنسة سانكروفت وحظا سعيدا"
ـ شكرا على مجيئك
سمع كول صوت الباب ينغلق ثم ساد الصمت.
ـ متى يحين الموعد التالي، روثي؟
ـ ليس قبل خمس عشرة أو عشرين دقيقة اتصل ليبلغنا أنه سيتأخر قليلا
ـ الحمد لله أحتاج لقليل من الراحة وإلى كوب من..
وإذ دخلت المطبخ ورأته، ماتت الكلمات على شفتيها وانشلت فيها كل حركة وتغيرت تعابير وجهها:"أنت !"

استدار ليواجهها تماما واستند إلى الطاولة، شابكا ذراعيه على صدره العاري. كانت ترتدي قميصا أبيض طويل الكمين، محتشما للغاية وتنوره رمادية تصل إلى ركبتيها ولا تظهر شيئا من شكل جسمها. أما شعرها فكان مسرحا إلى الخلف تماما مثلما رآه يوم السبت، مجردا من كل جاذبية. ومع ذلك، لم تستطع تلك الطريقة التي اتبعتها في لباسها وتسريح شعرها أن تخفي جاذبيتها إذ كان من الصعب إخفاء تينك العينين الخضراوين والشفتين الممتلئتين وذلك القوام الجميل مهما حاولت جاهدة، وراح يتساءل عما يدفعها للقيام بذلك
كان الصمت مشبعا بالتوتر. لم يكن كول معتادا على أن تحدق إليه امرأة. لكنه تجاهل الوخزة التي تملكته ونظر إليها من دون أن يبتسم"مرحبا"
بدا وكأن تحيته الباردة أيقظتها من الشلل الذي أصبها، فقالت له بلهجة حادة:أنت، لا يفترض بك أن تكون هنا
أمر آخر لم يكن معتادا عليه هو أن يقول له أحدهم إنه لا يفترض به أن يكون في مكان ما. ازداد انزعاجه أضعافا، لكنه لم يظهر على وجهه
ـ لم أصدر أي ضجة
أجابته لاهثة " هذا... هذا ليس مقصدي. المسألة هي أنه لا يفترض بك أن تدخل المنزل خلال المقابلات! لقد أمرتك بألا تفعل ذلك"!
حدق إليها لحظات وكانت خلال هذا الصمت تلهث غضبة لتأخره عن الانحناء أمامها والاعتذار. إذ كان هذا ما تريده، فعليها ذا أن تنتظر طويلا
ـ أنا لا أتلقى الأوامر
قال ذلك واستدار حول الطاولة ليأخذ صندوق العدة ويخرج من الباب الخلفي. وبينما كانت يده على مقبض الباب، استدار ونظر إليها مستفسرا:"لم بحق الله تبحثين عن زوج بهذه الطريقة؟"
فتحت فمها مشدوهة لفظاظته وقالت له بصوت بالكاد يشبه صوتها:"اخرج من هنا"

***

شعرت جين بأنها مصدومة. وبعد مرور حوالي ثلاثة أيام على حبس نفسها داخل ذلك المنزل، أحست بحاجة تدفعها للخروج والتنفيس عن كبتها. حتى لو كان ذلك يعني أن تلتقي ذاك العامل الوقح. لم عليها أن تختبئ؟ هي المستأجرة الشرعية لهذا المكان ومن حقها أن تستمتع بالشاطئ. وبعد هذا اليوم الرهيب الذي شهدته، يحتمل جدا أن تصاب بالجنون لو بقيت في المنزل تحدق إلى الجدران.
مي عادة متفائلة وواثقة من نفسها ولكن تفاؤلها وثقتها بنفسها خضعا اليوم لامتحان أليم
وثبت عن الكنبة حيث أجرت العديد من المقابلات العقيمة وقالت:'"أنا ذاهبة لأتمشى روثي
كانت مساعدتها جالسة على كرسي عند زاوية الأريكة، فنظرت إليها وأغلقت دفتر ملاحظاتها
ـ حان الوقت لتخرجي وتستمتعي قليلا بالطقس الجميل
ثم وقفت وتابعت قائلة:" سأصعد لأتصل برايموند وأرى كيف تسير أموره وأمور الأولاد وكيف يتعاملون مع زيارة أهله. أنا فعلا متشوقة لكي أعرف
ـ حسنا
تمتمت جين بذلك مشغولة الفكر بمقابلات اليوم التافهة. كانت قد خرجت من غرفة الجلوس وأصبحت في المطبخ تقريبا عندما نادتها روثي
ـ هل أطلب العشاء من الخارج؟
كشرت جين إذ لم تكن ترغب كثيرا في تناول الطعام، لكنها قالت:"طبعا"
ـ بعد ساعة.. الآن؟
ـ نعم
ألقت نظرة على ساعة يدها، فوجدتها الخمسة والنصف، ورأت أن لديها متسعا من الوقت لتروح عن نفسها
خرجت من الباب الخلفي ووقفت لحظة على الشرفة المكسوة بالخشب. كان الأثاث المصنوع من الخيزران المجدول والمكسو بالوسادات المخططة باللونين الأزرق والأحمر يضيء المكان بإشراقه. وكانت شتول الغار دينيا بأوراقها اللامعة وأزهارها المتفتحة البيضاء تتدلى من الأحواض، ليمتزج أريجها مع رائحة البحر الساحرة.
صوت الريح الذي ينفخ في الأعشاب البحرية خلف السياج المطل حديثا وتمايل الأمواج بددا توترها نسبيا. إنها فعلا معجزة أن يكون للحظة واحدة من سحر الطبيعة هذه كل هذا التأثير.
تنشقت ملء رئتيها وأحست بأنه كان عليها القيام بهذه النزهة منذ أيام. كانت بحاجة إلى ذلك، إلى الشمس والأمواج لتهدئ القلق الذي استحوذ عليها

نزلت الدرجات المؤدية إلى الحديقة، مركزة نظرتها على الشاطئ. مشت بخطوات واسعة حتى السياج الحديدي وفتحت البوابة ثم اتجهت نحو الشاطئ الرملي. كان كل شيء هادئا، مريحا لدرجة أنها شعرت بضغط ذلك اليوم تتبدد وتتبخر كالسحر
حاولت بعض الأفكار المقلقة أن تراودها: لماذا هي في هذا المنزل؟ وماذا سيحصل في الأسبوعيين التاليين؟...لكنها جاهدت لئلا تدع غضبها وإحساسها بالظلم يطفوان فقد أمضت مؤخرا الكثير من الوقت وهي في هذه الحالة
لقد تمكنت بعملها الشق و الدءوب وتكريسها نفسها لمهنتها أن تصبح إحدى نواب الرئيس الثلاثة في الشركة. وهي المرأة الوحيدة بينهم والأصغر سنا. وفي الأسبوع لفائت، عندما أعلن الرئيس الحالي فجأة أنه سيغادر الولاية من أجل عمل ما، عرفت جين أنها هي من تستحق الرئاسة.
لكن من سوء حظها أن مالك الشركة ومديرها التنفيذي الغائب يستبعد دائما النساء من منصب رئاسة الشركة، ويفضل الرجال المتزوجين
ورغم أن المالك العجوز توفي حديثا وانتقلت السلطة إلى يد ابنه، إلا أن جين خشيت أن تكون معتقدات الوريث وأفكاره حول السلطة نسخة عن أفكار أبيه ومعتقداته. ما هم المالك الجديد إن كان المسؤول عن الشركة متزوجا أم لا؟ كونها امرأة عازبة في الواحدة والثلاثين من العمر يجب ألا يكون مهما إلى هذا الحد
كان المدير التنفيذي الجديد ، الرجعي والمتسلط، قد أرسل كتابا إلى كل من نواب الرئيس الثلاثة يطلب فيها مقابلتهم خلال الأسابيع الثلاثة التالية. وكان اكتشاف جين بأن مقابلتها هي الأخيرة، أشبه بصفعة على وجهها ووجدت هذه العلامة غير مشجعة نظرا لمنصبها كنائب رئيس الضرائب، والذي يُعتبر الأفضل. ورأت في ذلك نذير شؤم بمستقبل لا يعد بشيء http://www.liilas.com/vb3
ربما جُنّت بعض الشيء، لأن طموحها تضاعف خلال السنة الماضية وما بدأ مجرد فكرة أصبح هاجسا في الحياة أكثر منه في العمل بالإضافة إلى رغبتها في تربية الأطفال
كانت تريد حياة مهنية وعائلة. ومنصب رئاسة الشركة يجمع الاثنين معا. أما مشاريعها فتتضمن برامج تدعم المرأة العاملة والموظفات الراغبات بالعمل بدوام جزئي، ليتمكنّ من إمضاء بعض الوقت مع أولادهنّ. كما خططت جين لإعطاء ثمانية أسابيع مدفوعة كإجازة للنساء الحوامل، وبوسع الأمهات إحضار أطفالهنّ إلى العمل حيث تقوم حاضنة مختصة بالاهتمام بهم
هي لم تخطط للزواج بهذه السرعة أو بالأحرى بهذه الطريقة ولكن إذا أرادت الحصول على منصب رئاسة الشركة، فعليها أن تكون متزوجة ومستقرة وعلى جينيفر سانكروفت أن تصل إلى الاجتماع، والمحبس في يده ليس أمامها خيار سوى التصرف، والآن عليها أن تصحح وضعها العائلي بأسرع ما يمكن فبالكاد أمامها ثمانية عشر يوما قبل المواجهة المصيرية مع المدير التنفيذي، ما يعني أن عليها التركيز كما لم تركّز يوما م ن قبل. يجب أن تحصل على زوج يدعمها ويجب أن تستقر بإذن الله سوف تنجح
مطت جين ذراعيها ثم أخفضتهما وهي تستنشق بملء رئتيها. ثم رفعتهما مجددا وأخذت نفسا عميقا تستعيد به ثقتها بنفسها. وراحت تحدث نفسها:"لا تقلقي، جين! غدا سيكون أفضل. لن يكونوا جميعهم غير ملائمين.وماذا في الأمر لو نظر ليك بعضهم وكأنك مجنونة؟"
ربما كان عليها أن تذكر كلمة "زواج" في الإعلان الذي وضعته في صحيفة "وال ستريت". حيث أن أقرب ما يشير إلى الزواج كان مجرد تلميحات مثل:"رجل أعمال ناجح يبحث عن تحديات جديدة" بالإضافة إلى شروط أخرى قد توحي بأي وظيفة، مثل"مهارات في التواصل مع الناس" و "الإخلاص شرط إضافي"
ماذا كانت تنتظر؟ أن يدخل الرجل المناسب فجأة ويلقي عليها نظرة ليركع بعد ذلك عند قدميها ويتوسّلها أن تتزوجه؟
لم تقدر حتى أن تضع إعلاناً شخصياً حيث بدا لها ذلك فظيعاً بالنسبة إلى ما تنوي القيام به. ونظراً لتربيتها المتحفّظة، بدت لها فكرة نشر إعلان مهني في صحيفة "وال ستريت"

الاقتصادية، طريقة متحضرة ومحترمة. كما أن بحثها على الصعيد المهني سيبعد احتمال إصابتها بخيبة الأمل. لكنها قالت في سرّها إن هذا الصعيد المهني لسوء الحظ لم يمنع نظرات الرعب على بعض الوجوه التي قابلتها

أخفضت ذراعيها على جنبيها، منكمشة. فمقابلات اليوم كانت محبطة جداً. شعرت بالبلل، فخفضت ناظريها لتجد أن ماء البحر تسلّل إلى حذائها، تراجعت إلى الوراء لكن الأوان كان قد فات. خلعت أحد خفيها ثم الآخر وأفرغتهما من الماء وقالت:"هذا ما كان ينقصني"
ـ ماذا تتوقعين غير ذلك وقد جئت إلى هنا بهذا الحذاء؟.
أتى هذا الصوت من خلفها، فأجفلت جين لقرب هذا الصوت ألذكوري ورغبت لو يختفي
ـ لِم لا تخلعين جاربيك، آنسة سانكروفت؟ فأجمل ما في رمل البحر هو أنه ينسل بين الأصابع
حاولت أن تُخفي انزعاجها، فلم تُجب أو تستدر نحوه إنما تابعت تفرغ الماء من حذائها.
ـ تفضلي!
ولمس ذراعها مسترعياً ا انتباهها لم تشأ الاعتراف بذلك لكنه كان يصعّب الأمر عليها بدا وكأنها لا تستطيع منع نفسها، فنظرت باتجاهه. وإذا بها تتفاجأ برؤيته يمسك كوبا من الشاي المثلج حدقت إلى الكوب ثم حولت نظراتها إلى وجهه:"ما هذا؟"
التوت شفتاه وكأنه وجد سؤالها سخيفا"احزري"
واجهته، حاملة حذاءً في كل يد:"كيف أمسكه؟"
وحدّقت إلى يديها المحمّلتين. ومن دون أن يتلفظ بكلمة، أخذ منها الفردة الأولى ثم الثانية ورماهما من فوق كتفه. شهقت جين عندما رأت حذائها يحلّق فوق السياج الحديدي ويغط في حديقة المنزل.
ـ والآن، بإمكانك أن تمسكيه!
حدّقت إليه غير مصدّقة:"لقد رميت حذائي!"
كانت ضحكته عميقة وفيها شيء من السخرية، فشعرت بوخزه خفيفة في ظهرها.
ـ خذي الشاي، آنسة سانكروفت لا بدّ أنك تختنقين حرّا في هذه الثياب.
لم تكد تصدّق جرأته:"لا أريد الشاي، كما أنّني لا أشعر بالحر مطلقاً"
التوت شفتاه مجدداً كما لو أنه يسخر منها"لن أناقش ذلك"
نظرت إليه بعينين متشككتين golya هل أذعن لكلامها أم أنه أهانها؟
رفع الكوب وكأنه يشرب نخبها وأخذ منه رشفة
ـ أنت تسخرين لكني أعدّ شايا لذيذا جداً
لم تشأ أن تقرّ بذلك ولكنها فعلا تشعر بالحرّ والانزعاج كما أنها أفسدت جاربيها. استدارت مبتعدة قليلا عنه، ثم رفعت تنورتها الطويلة بعض الشيء إلى أن استطاعت الإمساك بطرف الجاربين المطاطي وبدأت تخلعهما
ـ ماذا تفعلين؟.
ـ اذهب من هنا
ـ آه تخلعين جاربيك
رمقته بنظرة متجهمة:"آمل أنك تستمتع بالعرض"
مال برأسه ليراقبها بشكل أفضل وهي تخلع جاربيها بطريقة مثيرة. وعندما تلاقت نظراتهما. رفع كوبه ناحيتها فاشتعلت النار في خدّيها و أخفضت تنورتها بسرعة
أشر إليها بكوبه "أدين لك برشفة الآن
ـ أنا لا أخلع جاربي لإرضائك، سيد لا أحد!.
قالت هذا قبل أن تستدير مجدداً لتكمل خلع جرابيها
لم يكن توازنها جيداً على الرمل، لكنها تدبرت أمرها بشكل حسن
ـ ينقص العرض بعض الموسيقى
تجاهلت جين كلامه لكن وجهها اشتعل ناراً حارقة. استقامت في وقفتها بعد أن خلعت جاربيها، وفكّت زر كمّها ورفعته حتى مرفقها وفعلت الأمر عينه بكمّها الآخر
لم تسمع منه أن تعليق مزعج خلال الدقيقة التالية، فأملت أن يكون قد رحل بهدوء تماماً كما أتى حدّقت حولها فوجدته جالساً على الرمل، شابكا ساقيه عند مستوى الكاحلين، وهو يراقبها
ـ لا تتوقفي الآن!.
واجهته متضايقة لكنها قررت ألاّ تدع ذاك الرجل يربكها، فتحكمت بصوتها "لقد انتهى العرض"
ـ ياللأسف!
قال ذلك بسخرية واضحة، ثم رفع كوبه مجدداً وسألها: " هل تشعرين بالعطش؟"
هزت رأسها نفيا، رافضة الإقرار بأنها تشعر فعلا بالظمأ:"أنا ذاهبة لأتمشى"
أومأ لها قائلاً:"إنها فكرة جيدة"

ثم أشار إلى الموجة المقبلة نحوهما" تمشي في المياه، فيُخفف ذلك من شعورك بالحرّ"
أجابته خانقة وقد بدا ذلك جليّاً في صوتها:"أنا من دالاس وأعرف كل شيء عن المشي على شواطئ خليج مكسيكو"
ألقى نظرة ثاقبة إلى الجاربين اللذين وضعتهما على كتفها وتابع قائلاً: "تعرفين كل شيء عدا أن الناس يخلعون جواربهم قبل التمشي على الرمل"
تنهدت بقوة، آملة أن يبرّد الهواء الذي خرج من فمها بشرتها المتصببة عرقا
ـ نحن في بلد حرّ ومن حق المرء أن يغض الطرف عن نصيحة لم تعجبه
قالت هذا ثم استدارت مبتعدة عنه، ومتجهة نحو المياه كان محقاً بالطبع، فالمياه التي تداعب كاحليها أشعرتها بالبرودة
وعندما جاء الموج ليقبّل قدميها، شعرت بانتعاش غريب ولو كانت بمفردها، لابتسمت بكل تأكيد.
ـ لم تقولي لي لما تجرين المقابلات بحثا عن زوج؟.
قال ذلك وقد بدا أنه نهض من مكانه وتبعها
ـ هل أنت حامل؟
انزعجت جين لقربه منها وللمواضيع التي يختارها للتحدث، فرمقته بنظرة حادة كطعنة الخنجر:"لا تتبعني! ولا طبعا لست حاملاً"
بقي يزعجها بأسئلته فقال:"أقرّ بأنك لست أكثر النساء جاذبية ولكنك لست بشعة جداً. فلم الإعلان؟"
توقفت وحدّقت إليه" هل أنت عديم الإحساس أو أنك غبي؟"
توقف بجانبها وأخذ رشفة أخرى من الشاي، وهو ينظر إليها من فوق حافة الكوب. تشابكت نظراتهما لوقت بدا وكأنه لن ينتهي وبدأت جين تشعر بطنين غريب في رأسها. كان لعينيه تأثير قويي عليها لكنها جاهدت لتتحمل هذه النظرات. فإن كان يظن أنها ستبرر تصرفها، فهو مخطئ تماماً
أخفض كوب الشاي وقال ببرودة:" أنا فضولي ليس إلاّ"
فانفجرت غاضبة:"اسمع...لديك عمل تقوم به، لذا قم بما عليك فعله وابق بعيداً عن حياتي الخاصة"
تراقصت خصلات شعره الداكن عندما تلاعب بها نسيم البحر العليل حدّق إليها كول عدة ثوانٍ وقال بملامح قاسية:"لو أقدمت إحدى الموظفات عندي على أمر غبي مثل وضع إعلان للزواج، لطردتها في الحال"
كانت نظراته ثاقبة مباشرة لدرجة أنها شعرت بالانزعاج واضطرت للإشحة بنظرها عنه. كيف يجرؤ على التكلم معها بهذه الطريقة؟ ثم حدّقت إليه غضبة لدرجة أنها بالكاد استطاعت أن تتنفس:" الطريقة التي أختار بها عريسي ليست من شأن رب عملي. لذا نظرا للدعوى التي سأرفعها ضدّه، اعتبر نفسك محظوظا لأنني لا أعمل لحسابك"
راقبها كول وهي تبتعد متشامخة، وقد شعر بسخرية تهديدها البارد تحوم حوله. بما أن منزله هذا مخصص فقط لموظفي الشركات التي يملكها، فإن هذه الآنسة تعمل لحسابه، وإن لم يكن بطريقة مباشرة لكنها محقة بشأن الدعوى، فاختيارها لزوجها المستقبلي ليس من شأنه طلما أنها تقوم بعملها خير قيام.
لن يخبرها أنها تعمل فعلا لحسابه، أقله ليس في الوقت الحاضر. فهي تعتقد حتى الآن أنه ليس سوى عامل الصيانة، ولهذا السبب وحده سيبقى صامتا، ليرى كيف تعامله امرأة تجهل كل شيء عن ثروته وسلطته. كان الفضول يقوده نحو الجنون. عليه أن يعرف لما عليها اللجوء إلى مخطط غريب للحصول على زوج بالطريقة التي يتبعها معظم الناس لشراء تلفزيون مستعمل.
كان متحمسا لمعرفة نتائج هذا المشروع، ناهيك عن أسبابه، إلاّ أنّ مجرد التفكير بما هي مقدمة عليه، يغيظه أشدّ غيظ.
ازداد غضبه حدّة، فتمتم قائلا:"يا لها من غبية عنيدة".
ثم هزّ رأسه وحدّق إليها:"كيد اشتهرت النساء بأنهنّ الجنس الأكثر رومانسية؟"
لقد عرف كول في حياته نساءً كثيرات لا يأخذن الحب بعين الاعتبار عند اختير شريك حياتهنّ وكان له حصة لا بأس بها من النساء الانتهازيات اللواتي يسعين لتحقيق دوافع أنانية كالمال والسلطة والجاه

والشهرة وإلى ما هنالك. لكن ما هو دافع الآنسة الصعبة الإرضاء هذه؟ وماذا لديها ضد الوقوع في الحب؟
عرف كول كم يمكن للحب أن يكون قويّاً. فوالده ألبير بارينجر، لم يتخطّ يوماً حبّه لأدريان بورن، عارضة الأزياء ابنة العشرين عاماً التي أقام معها علاقة لم تدم طويلاً. كان الرجل المسنّ حكيما بما يكفي ليفهم أن الشابة الجميلة تستغله لتحصل على ثروته. لكن ألبير كان واقعاً في الحب حتى أذنيه فاكتفى بما قدمته له. خلال السنوات التي تلت رحيل أدريان، لم يتكلم ألبير يوماً بالسوء عنها، رغم أنها تخلّت عن ابنهما المولود حديثا مقابل الحصول على عناوين أصدقاء ألبير في هوليوود.
وكان من الصعب على كول خلال كل تلك السنوات أن يتكيف مع حقيقة أن أمّه قايضته بالنجومية. لكن تفاني أبيه وتضحيته عوّضا له حنان الأم. لقد علّمه والده كل شيء عن عالم الأعمال بالإضافة إلى أمر آخر حزين قرأه كول دائما في عيني ألبير وهو أن الحب يمكن أن يكون مأساوياً أحياناً
ومنذ زمن بعيد، قرر كول ألاّ يخسر قلبه، إلاّ إذا كان الحب حقيقياً من جهته ومن جهة المرأة المميزة التي يختارها، لن ينتهي به الأمر مثل والده الذي لم يتبق له سوى ذكريات الحب البعيد الأليمة
نظر إلى المرأة الواقفة عند الشاطئ وقد انحنت لتلتقط صدفة، ثم استقامت لتنفض الرمال عنها
تمتم قائلا:" الحب خطير لا يمكن العبث به، آنسة سانكروفت. فماذا تخططين بحق الله؟" http://www.liilas.com/vb3






















******

 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
قديم 02-07-09, 07:28 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

-3-
شبه امرأة ..

حظي كول بكثير من الوقت ليفكر بالآنسة سانكروفت المذهلة والمثيرة للإحباط بينما كان يقطّع الأغصان اليابسة التي شذّبها في اليوم السابق من شجرة السنديان ويجمعها خلف المنزل.
ومع ذلك، استطاع أن يسمع السيارات تأتي وترحل طيلة النهار ومع توقف كل سيارة أمام باب المنزل، كان غضبه يزداد والذكريات القديمة عن صباه عندما كان يرى أمه في الأفلام السينمائية تصبّ الزيت على النار .أدريان بورن، ملكة الجشعات، أصبحت النجمة الهوليودية التي حلمت أن تكونها والآن في منتصف الخمسين من العمر، لا تزال جميلة وتلعب أدواراً رئيسية ولعل أدريان المتزوّجة الآن من ضحيتها الخامسة، معبودة الجماهير، لكنها بالنسبة لكول، تبقى الأم المتحجرة القلب التي لم تسأل يوما عن ابنها الوحيد.
عندما دقت الساعة السادسة كان كول يشعر بالحرّ والتعب كما كان ساخطاً من نفسه بشكل خاص لأنه ترك تلك المرأة تجري مقابلات دنيئة في منزله.
ما دخله هو؟ ولكن لتفعل ما تشاء
خرجت جين من الباب الخلفي إلى الشرفة وراحت تتأمل البحر، فتوقف عن العمل واستند إلى الجدار وأخذ يراقبها من خلف كومة الحطب التي قطّعها.
تقدمت نحو كرسي وجلست عليه، وتفاجأ برؤيتها تخلع حذاءها الجلدي وتضعه جانباً ومن ثم تمدّ يدها من تحت تنورتها لتخلع جاربيها يبدو أنها مستغرقة في أفكارها لدرجة أنها لم تحسب أن أحدهم يمكن أن يتواجد في الجوار.
بعد أن خلعت فردة من جاربيها، ثنتها ووضعتها داخل حذائها ثم شرعت تخلع الأخرى. عندئذ، شعر بأن عليه أن يظهر لها نفسه أو أن يرحل، لكنه لم يفعل أيّاً منهما.
وضعت الفردة الأخرى في حذائها ثم وقفت وسوّت تنورتها قبل أن تعود إلى مراقبة البحر مجددا.
بدت في تنورتها الزرقاء التي لا شكل لها وفي قميصها القصير الكمّين الذي يليق برجل أكثر منه بامرأة، أشبه بناظرة مدرسة مكبوتة.
بعد لحظة أخرى من التحديق الصامت، استدارت ناحيته واتجهت نحو الدرجتين المؤديتين إلى الحديقة.
كان التفكير بادياً على تعابيرها وكان جبينها مغضناً وكأن أفكاراً سوداء تراودها.
ولكن لسوء حظ كول، لم يخفف تعبيرها المتجهم من تأثير شفتيها الممتلئتين عليه وقد استحوذتا على كل تفكيره وانتباهه.
كانت جميلة رغم تسريحة شعرها القديمة الطراز، وهذه الحقيقة لم تعجبه
كانت تنزل الدرج عندما أوقع قطعة حطب عمداً على الأرض. أجفلت العينان الخضراوان واتجهتا ناحيته
أومأ من دون أن يبتسم:"مساء الخير"
ـ كنت هنا طيلة الوقت؟.
خلع قفّازي العمل اللذين كان يرتديهما وألقى بهما على كومة الحطب
ـ معظم الوقت
انكمشت تعابير وجهها وهي تقول.
"كان بإمكانك أن تقول إنك هنا
وسمح لنفسه بضحكة هازئة:

- إذا كنت تتكلمين عن عرض خلع الجاربين يا عزيزتي، فقد رأيت أفلاماً أكثر إثارة منه

ـ ربما كان عليك أن تبقي عينيك على الشاشة !
أطلق ضحكة رنّانة كانت سريعة البديهة، وعليه أن يقرّ بذلك
ـ هل كان نهارك سيئاً؟
طرفت بعينيها ثم حوّلت نظرها ناحية الخلي:"كان نهاراً ممتازاً"
اجتازت الحديقة واتجهت نحو الماء:"إلى اللقاء"
ابتسم كول لقولها أتظن أن التخلص منه سيكون بمثل هذه السهولة؟.
ـ ممتاز! أعتقد أنك عثرت على أزواج محتملين اليوم، أليس كذلك؟
لحق بها إلى أن بلغت البوابة الحديدية حيث أرخى المزلاج وأشار إليها بالخروج قبله ففعلت ذلك شامخة الرأس وتمتمت شاكرة
سبقته بعدة أمتار فيما كان يغلق البوابة، فسار بخطوات واسعة حتى يستطيع اللحاق بها
ـ لا تقولي لي! بهذا العدد؟
دسّ يديه في جيبه الخلفيين، محاولاً أن يبدو فضولياً أكثر منه حاقداً.
رمقته بنظرة مظلمة لكنها لم تقل شيئاً، فتابع الضغط عليها، رغم أنه يعرف أنها تكره ذلك!
ـ لِم قلت لي إنك تجرين مقابلات بحثاً عن زوج؟ لقد نسيت
حوّلت نظرها ليه ليبدو تماماً من تعابيرها أنها لا تحتمل إزعاجه لها

ـ اسمع .أريد فقط أن أمشي على الشاطئ انه لي وقد دفعت المال لقاء استخدامه.
نظراتها القاتلة كانت لتقضي على أي رجل، حتى أن كول شعر بطعنتها
ابتعدت عنه مسرعة، فقرر أن يتكهّن بنفسه بسبب وجودها هنا:"لهذا علاقة بالعمل، أليس كذلك؟"

ارتبكت وكادت تترنّح لهول ما سمعته، لكنها تمالكت نفسها وحاولت مواجهته:
" أنا لم أخبرك عن الترقية هل فعلت روثي ذلك؟"
تباً! لِمَ عليه أن يكون محقاً؟ أخفى غضبه خلف قناع من اللامبالاة وسار نحوها لينضمّ إليها
"روثي لم تقل كلمة واحدة أنت قلت الآن".

تنهّدت بقوةgolya وغزا الاحمرار وجهها :"كانت هذه خدعة قذرة"
هزّ رأسه قائلا "لكنها أقل قذارة من تلك التي تنوين أن تلعبيها على أحدهم "
اتّسعت عيناها عندما سمعته" عمّا تتكلم ؟"
لم يستطع كول كبح غضبه مدّة أطول. فاقترب منها، متفوّقاً عليها بطول قامته، مركّزاً عينيه عليها كقنبلتين من النّار الحارقة:
" أنا أتكلم عن المسكين الذي ستتزوّجينه. ماذا سيحصل بعد أن تنتهي من استغلاله؟"
قال ذلك من دون أن يمنحها فرصة لتجيب وتابع سائلاً إيّاها:
"أي وظيفة هي على هذا القدر من الأهمية لتقومي بهذا العمل الجنوني؟ وأي من نوع من الأعمال يشترط وجود زوج؟"
تراجعت جين خطوة إلى الوراء وقد أخافها طول قامته، لكنها تحدته بالطريقة نفسها:
" الوظيفة ليست من شأنك وليكن واضحاً عندك أن الرجل الذي سأنوي الزواج به، سأتزوّجه إلى الأبد!"
لم يستطع أن يصدّق هذه السخرية فأجابها بضحكة فارغة "نعم، طبعاً ثم ترسلين له ورقة فسخ الزواج في البريد"
ـ هل تتهمني بالكذب؟
ماتت الضحكة على شفتيه وكذلك الابتسامة
"قد لا تكونين كاذبة ولكنك مخادعة"
ـ أنت وقح حقاً!
ودلّكت صدغيها وكأنها تحاول التخفيف من صداعها
ـ أنت لا تعرفني ولا يحقّ لك أن تفترض أي شيء عني
ـ أعرف كثيرات أمثالك
شدّت على شفتيها وأصدرت صوتا خافتا أشبه بالشتيمة، فتحضر كول للهجوم الذي كان يعرف أنها ستشنّه عليه
رفعت يدها لتصفعه ولكنه أمسك بها قبل أن تتمكن من ملامسة وجهه
قالت من بين أسنانها ويدها مسمرة في قبضته
-لا أعلم أي نوع من النساء تعرف وأؤكد لك أنني لا أود أن أعرف مطلقا
ثم حاولت إفلات يدها من قبضته "دعني"
ـ لكي تحاولي صفعي مرة أخرى؟ أتضنينني غبياً؟
حدّقت إليه من دون أن تنبس ببنت شفة. لم تكن مضطرة لذلك فعيناها كانتا تقولان:
طبعا، أظنك غبياً.
أفلتها وهو يطلق شتيمة خافتة، وإذ لم تكن تتوقع ذلك، كادت تتعثر وتسقط أرضا.
ـ ربما لا يجدر بك أن تتفوهي بالحماقات، عزيزتي وحده رجل عديم الفكر يوافق على زواج كهذا
ـ أنت إذا ممتاز لهذا العمل!
قالت هذا وهي على شفير البكاء
ـ أين أقف في الصف؟
هذا السؤال الجنوني سبب لها صدمة بدت جلية على وجهها ولكنها لم تكن أقوى من الصدمة التي أصابته هو عند سماع هذا السؤال يصدر عنه.


أغلقت فمها وابتلعت ريقها ثم همست بصوت أبح :"ماذا؟"
مرر يده في شعره وحاول أن يستعيد رباطة جأشه. سخريته هزّتها وقد نجح في ذلك. قال بضحكة ملتوية:"أنا بنظرك غبي بما يكفي لذا أين تريدينني أن أصطف؟"
تحولت تعابيرها الذاهلة إلى نظرات قاتلة :"لا تكن سخيفا! على زوجي أن يكون حائزا أقلّه على إجازة جامعية، ومن الأفضل أن يكون حائزاً على دراسات عليا"
مررت لسانها على شفتيها الجافتين وقد بدا أنها تتعلق بأي شيء يقنع هذا العامل الوضيع بأن فرصه معدومةgolya معها، مهما بلغ بها اليأس
ـثم عليه أن يعرف كيف يتحدث إلى رجل أعمال ذكي ومثقف يملك المال والسلطة..
نظر إلى السماء بشكل مسرحي وقد وجد أن الكلام لن يجدي للتعبير عن احتقاره وازدرائه
ـ لا يهمني ما تفكر فيه ثمة رجال منطقيون يتمتعون بمستوى معين، يفهمون أن بإمكان شخصين منسجمين لديهما أهداف متشابهة، أن يتوصلا إلى زواج جيد
ـ هراء !
بدا العداء في عينيها قبل أن تجيب:"لم أتوقع منك أساسا أن تفهم أتخيل أنه يصعب عليك أن تفهم شيئا أكثر تعقيدا من تقشير الموز بقدميك أو القفز من شجرة إلى أخرى!"
ـ هل تقولين إنّني قرد؟
أجفلت لسؤاله، فأدركت أنها ليست معتادة على إهانة الناس
ـ إنس الأمر!
ثم أشاحت بنظرها عنه وراحت تحدق إلى البحر "أريد أن أبقى بمفردي حتى قرد غبي يمكنه أن يلحظ ذلك"

شعر بشيء من التعاطف غير المتوقع معها، لكنه سرعان ما تخلى عنه. إنها تخطط لاستغلال رجل مسكين لتتقدم في مهنتها، لذا فهي لا تستحق تعاطفه
ـ بالمناسبة، كم رجلاً منطقياً مثقّفاً أُعجب حتى الآن بعرضك؟
سألها هذا فعضت على شفتيها وكانت هذه ردّة فعلها الوحيدة
ـ أبهذا القدر؟
ألقت عليه نظرة سريعة متهرّبة :"لدي معايير عالية وأنا متطلبة بعض الشيء"
بدا من ارتباكها أن الأمور لم تكن لصالحها، فراح يدور حولها ويتفحصها من كل الجهات من رأسها حتى أخمص قدميها.
وعندما انتهى من مراقبتها، حدّقت إليه مستفهمة: "ماذا يُفترض بهذا أن يعني؟"

ـ هذا يعني أن الرجال أيضاً لديهم معايير، آنسة سانكروفت
ومضة انزعاج في عينيها قالت له إنه ضرب وتراً حساساً
ـ ماذا.. ماذا تقول؟
أشار بيديه إليها :"قد لا أكون أكثر الرجال أهلاً للزواج، ولكنني أعرف تماماً ما يريده الرجال"

ترك كول الصمت يطول بينهما قبل أن يقول لها مباشرة ومن دون أي مراوغة" الرجال حتماً لا يريدون فتاة باردة"
ـ متزمتة؟ باردة؟ كيف تجرأ؟ أنت لا تعرف عما تتكلم
قالت ذلك بنبرة بدت الصدمة فيها، ثم استدارت على عاقبيها وهمّت بالرحيل، لكنه لحق بها وأمسكها من ذراعها
ـ لا، لا أعرف! ولكن إذا احتجت إلى نصيحة، آنسة سانكروفت، فعليك أن تسمعيها من خبير.
واجهته مضطربة :"وهل أنت خبير في النساء؟"

ابتسامته كانت أشبه بإجابة، فحاولت الإفلات من قبضته وهي تقول" حسناً، أنا لا أحول اجتذاب الرجال من نوعك"
ـ عزيزتي، عندما يتعلق الأمر بما يريده الرجال من النساء، فأنا هو النوع الوحيد
أفلت ذراعها واستدار حولها ثم مدّ يده إلى شعرها ونزع منه بعض الدبابيس، فبدت خصلاته تتحرر من قيودها
ـ ماذا تظن نفسك....؟
ـ اسكتي وأعيريني انتباهك
شد برفق على شعرها إلى أن انسدل كالشلال على ظهرها:"انفضيه"
http://www.liilas.com/vb3
حدّقت إليه وكأنه يتكلم لغة غريبة، فعرف أنها لم تفهم ما يقوله لها. عندئذٍ أمسكها من كتفها وأدار ظهرها ناحيته ثم راح يمشّط شعرها بأصابعه. كانت خصلاته حريرية الملمس وأطول مما كان يظن، إذ تخطت كتفيها بعدة سنتمترات
تمايل شعرها مع ا لنسيم بينما كان يديرها لتواجهه، فتركز انتباهه عليه وهو يتراقص في الهواء فبعد أن رآه بنيّاً مجردا من الحيوية، ها هو الآن يلمع تحت الشمس مشرقاً، متموجا، فشعر كول بالاضطراب. كان ينوي أن يسخر منها، لكن خطته تلك انقلبت ضده وزعزعت أحاسيسه. فتراجع خطوة إلى الوراء لا ليفسح لها المجال، إنما ليبعدها عن متناوله.
حاول أن يستعيد صوابه ويزيل هذه الأفكار من رأسه، فقال لها ملوّحاً بيده:

"لن تحصلي على رجل يقبل بمنصب الزوج ذاك إن لم تبيعي نفسك"
بدا فظا حتى لنفسه وأسف لكونه ابتدأ بمزحة الخبير تلك. في الواقع لم يعد يعرف من يتألم أكثر من الآخر، هي أم هو
ـ المرأة الذكية تُظهر شيئا من جاذبيتها ليعرف الرجل ما سيحصل عليه
هزت جين رأسها فتمايل معه شعرها اللامع المخملي. هل عرفت ما فعلت به هذه الحركة؟. سألته وعيناها تتوهجان:"أتظن أنه يجب أن أبيع نفسي؟ هل تعتقد أن كل الرجال يفكرون بشهواتهم وغرائزهم؟"
ـ لا تضحكي على نفسك حبيبتي
حبيبتي؟ لم يقل هذه الكلمة يوماً لامرأة. أجلى حنجرته وتابع حديثه الذي فقد كل أثر للهزل والتسلية
ـ الرجال يولون أهمية كبرى لما يرونه يمكنك أن تقدمي له كل العناية الصحية والتقاعدية التي يحلم بها ولكن إن لم تعطي شيئا من نفسك، قد تنفجرين
صرخت به:
_ما أدراك أنت؟ الزيجات القائمة على التحسين والإصلاح المتبادل تتم كل يوم. والداي مثلاً يشكلان ثنائيا منسجما لديهما الأهداف والقيم نفسها, هما ثنائي مستقر وليس دائما ملتصقين يبعضهما البعض


ـ لا أشك بذلك
انكمش وجهها ولمع الألم في عينيها. ورغم أنها هي الملامة لانزعاجه وإحباطه، شعر كول بالذنب لما قاله أخيراً، لكن برودتها إزاء علاقة مفعمة بالعاطفة والحميمية تغيظه
طرفت بعينيها محاولة حبس دموعها ثم قالت بعناد" لا أعرف لماذا أزعج نفسي وأخبرك هذا، لكن إذا كنت مصرّاً على دور الحب، فإن قصة جدّيّ تثبت صحة نظريتي، كانت جدتي أرملة ترك لها زوجها الأول صبيين ولم يكن لديهم أي مدخول، وكان جدي أرمل أيضا لديه مزرعة يديرها.
تزوجا بسبب حاجة أحدهما للآخر ولكي لا أطيل عليك الحديث، رُزقا بأربعة أطفال آخرين، والدي كان أحدهم. وفي مرحلة ما من حياتهما، أحبا بعضهما بجنون"
أزاحت خصلة شعر عن عينيها وبدت تعابيرها متمرّدة
ـ لمعلوماتك، سيدي، يمكن للحب إذاً أن ينمو بين شخصين لديهما أفكار وأهداف مشتركة، إن عملا على ذلك. وأظن أن هذا النوع من الحب أكثر... صدقا وعقلانية من ذلك الإحساس الهستيري الأعمى،ثم...
ترددت قليلا ثم هزت رأسها" هذا كل ما كنت أنوي قوله"
تساءل عما كانت على وشك أن تقوله ولم تقله، لكنه تجاهل الأمر
ـ يبدو أنك خططت لكل شيء
نظرت إليه متشككة وكأنها لا تصدق أنه اقتنع :" أنا لا أقوم بأي شيء من دون أن أفكر"

ـ وهل تنوين الإنجاب من هذا الرجل؟
كان هذا سؤالاً لم يتوقع أن يطرحه. ولكن الآن وقد فعل، تملكه الفضول ليعرف الجواب
انفرجت شفتاها وقد أذهلتها فظاظته لكنها تمالكت نفسها وهزت رأسها
ـ هذا ليس من شأنك ونعم أريد أولادا
لم يستطع أن يصدق ذلك. لقد وضعت إعلانا تطلب فيه زوجا لكي تترقى في عملها وكانت من الوقحة بحيث تقول إنها تنوي إنجاب الأولاد لتورطهم في مخططا الدنيء هذا.
ـ كم أنت مخادعة من غير المحتمل أن يتخلى رجل مثقف وذكي عن مهنته ليصبح زوجك ومربية أولادك.!
ربما من الأفضل لك أن تبحثي عن رجل في عمر التقاعد يخطط للبقاء في المنزل مع الأولاد، أو ربما عن رجل لا يستطيع الاستمرار في وظيفة جيدة واحدة
ـ مثلك، مثلا؟
قالت ذاك وقبل أن يتمكن من الإجابة، استدارت وابتعدت عنه
راقبها كول تبتعد، وهو يفكر على مضض بنفسيتها. فهو لم يجد الآنسة سانكروفت مفعمة بالحيوية وحسب، وإنما مثيرة وبشكل كبير، رغم مخططاتها ومكائدها الأنانية
استدار بدوره واتجه إلى كوخه، ناشدا السلام والهدوء والانفراد.

لم تستطع جين أن تحتمل وجود ذاك العامل المزعج في الخارج يشوي اللحم على الفحم خلف كوخه
لم تستطع أن تتحمل أيّاً من هذا. كانت بحاجة إلى الخروج ممّا بدأت تسمّيه"منزل الرفض".
ولكي تستعيد تفاؤلها ونظرتها الإيجابية إلى الأمور، كان لا بد لها أن تخرج إلى حيث المياه المهدّئة والنسيم المشبّع بمياه البحر المالحة وأن تتأمل مغيب الشمس البرتقالية.
أخذت نفساً عميقاً وخرجت من الباب الخلفي، مصممة على ألاّ تعير أي انتباه لهذا الرجل وأن تبلغ الشاطئ بأسرع ما يمكن.
أغلقت الباب بهدوء راجية أن يكون كول منهمكا بالشيّ بحيث لا يلاحظها. اتجهت بسرعة نحو الدرجات ونزلتها مهرولة ثم اجتازت السياج. وما أن أصبحت في الجهة الأخرى حتى رمت نفسها على الرمال ولم تلتقط أنفاسها إلاّ عندما داست قدماها الحافيتان الرمل الدافئ.
فكّرت بصوت عال: "كان ذلك أسهل مما ظننت "
وقبل أن تدرك ما تفعله، استدارت لتنظر إلى كول. فأجفلت لرؤيته غافلاً عن الطعام الذي يعده، إذ كان ينظر إليها وعندما التقت عيونهما، رفع شوكة الطعام التي كان يحملها في تحية صامتة مجرّدة من كل ابتسامة.
ابتعدت عنه من دون أن تبادله التحية وسارت على الشاطئ في الاتجاه المعاكس. تنفست بعمق، فلم تمتلئ رئتاها بالهواء النقي فحسب إنما أيضا برائحة ما كان كول يطهوه. تلك الرائحة الشهية جعلتها تدرك مدى الجوع الذي تشعر به. فبسبب اختلاط المواعيد الذي حصل، اضطرت لإجراء مقابلة عند وقت الغداء أمّا فطورها فكان عبارة عن فنجان من القهوة وفطيرة صغيرة.
من المؤسف أن روثي ليست أفضل من جين في الطهي. فكانتا تطلبان العشاء كل مساء وقد أصبح الأمر مملاً، لذا شعرت بأنها قد تعطي أي شيء مقابل وجبة منزلية.
حاولت وهي تتمشى أن تنسى كم كان نهارها سيئاً. وبدأت تخشى ألا يكون هناك أي رجال منطقيين، كما افترضت.
رنّت كلمات كول التحذيرية في أذنيها. ربما استعجلت في التفكير بأن رجلا ناجحا سيوافق على أن يتزوجها ويكون "ربة منزلها" وينتقل إلى دالاس ليساهم في تربية أولادها ويكون شريكاً في وظيفتها.

عديد من الرجال تزوّجوا نساءً كرّسن أنفسهنّ لمساعدة أزواجهنّ في عملهم.
فأمّها كانت الذراع اليمنى لأبيها، وشريكة في مهنته، تنظم الأعمال الكثيرة التي عليه القيام بها بصفته رئيس إحدى مدارس تكساس.
رفست الرمل بقدميها منزعجة لأن كول محق نوعا ما. وقالت هامسة:
"أنا فعلا بحاجة إلى"زوجة " لِمَ عالم الأعمال ظالم إلى هذا الحد؟"
وبعد ساعة، شعرت جين بتحسن طفيف بعد الأيام الثلاثة المحبطة التي عاشتها على صعيد المقابلات، لكنها كانت تشعر بجوع شديد. وهذا الأمر بدا واضحا بشكل أليم عندما اقتربت بما يكفي لتشم رائحة المشاوي التي يعدّها كول اختلست نظرة ناحية الكوخ ووقفت مجفلة.
لم يكن كول وحده هناك، فروثي برفقته!. لقد وضعا طاولة عليها شرشف أحمر وأبيض وحولها ثلاثة كراسي، أحدها شاغر فأحسّت بأنها الشخص الذي حجزا له هذا الكرسي، من المؤسف أنها تشعر بالجوع وتحب المشاوي، فهي لن تفكر حتى في الانضمام إليهما.
لكن قوتها وعزمها كانا ضعيفين وحتى لو وجدت الشجاعة لترفض الانضمام إليهما فأي عذر سوف تتحجّج به؟
هزت رأسها متمتمة" روثي، عليك أن تشرحي لي أمورا كثيرة"
ماذا ستفعل الآن؟ أتكذب وتقول إن عليها إجراء مكالمة هاتفية أو تأكل المزيد من فطائر الفطور تلك وتشرب كوبا من القهوة وتسمّي ذلك عشاءً؟ أو تقصد أحد المقاهي وتأكل وحدها؟ أو في أسوأ الحالات تستسلم لحبّها للمشاوي وتنضمّ إليهما؟
انحسم القرار بسرعة عندما رأتها روثي وراحت تقفز وتلوّح لها وتنادي باسمها. لم يكن بوسع جين أن تتجاهله ولم يكن لديها أي عذر مقنع.
اجتازت البوابة بقلب مثقل وساقين متردّدتين ودخلت الحديقة.
قادتها رائحة الدجاج المشوي مباشرة إلى المائدة. ونظراً للأصناف الموضوعة عليها، لن تبق معدة جين تتعذب مدّة طويلة
ـ أخيراً!
قالت روثي هذا بضحكة عريضة ثم أضافت:" خفنا أن يكون البحر قد ابتلعك"

أجفلت جين وأملت ألاّ تكون روثي قد أخبرت كول عن هذا اليوم المريع.
نهضت المساعدة ذات الشعر المجعد ونفضت فتات الخبز عن بنطلونها.
ـ حان الوقت لأتصل برايموند.

ومدّت يدها إلى كول:"لقد أنقذتني، كول.. أقسم بأنني لو أكلت مجدّداً من الطعام الجاهز، لكنت أُصبت بانهيار عصبي"
نظرت إليها جين مجفلة وكادت تفقد صوابها:" ماذا...ماذا؟ روثي لن ترحلي الآن"
ابتسمت لها روثي بمكر:"لقد استغرقت وقتا طويلا في التنزه وأنا كنت أتضوّر جوعا، فأكلت ثم أنت تعرفين أن رايموند ينتظر اتصالي عند الساعة السابعة"
ـ أليس لديك هاتف خليوي؟
لم تأبه لكونها بدت متلهفة جدّا لكي تبقى روثي، فكول يعرف أساسا أنها لا تحب البقاء معه بمفردها، لا سيما بعد ليلة البارحة عندما قام بكل وقاحة بفكّ شعرها و... حسناً لنقل إنها لا تشعر بالراحة معه خاصة وأنّها اتبعت نصيحته على مضض في ما يخص ثيابها.
ارتدت اليوم تنوره قطنية رمادية اللون وقميصا يكشف عنقها ثم ربطت حول عنقها وأعلى صدرها منديلا زهريا أضفى على ملابسها لمسة من الألوان، وخفف قليلا من المساحة المكشوفة من جسمها كما أنها أبقت شعرها منسدلا على كتفيها.
وبعد أن انتهت من المقابلات، استعملت المنديل الزهري لتربط به شعرها إلى الخلف لئلا ينفخه الهواء في وجهها وهي تمشي على الشاطئ
كان المنديل على رأسها وليس حول عنقها !
تذكرت جين ذلك وأدركت أن ياقة قميصها منخفضة، فسارعت إلى فك المنديل ولفه حول عنقها لتغطي ما كان مكشوفا من بشرتها، آملة ألاّ يكون كول قد لاحظ ذلك، أو انتبه إلى أن تنورتها تعلو ركبتيها بعدة سنتيمترات.
على الرغم من هذه الجهود الأنثوية كان يومها عقيما, الفرق الوحيد الذي لاحظته هو أنه صعب عليها النظر طيلة الوقت في عيني المتقدمين للعمل، ذلك أنهم كانوا منشغلين باستراق النظر إلى ساقيها المشبوكتين عند ركبتيها المكشوفتين ولم تستطع أن تصدق بأن كل الرجال مثل كول عندما يتعلق الأمر بما"يريده الرجل من المرأة", إلاّ أن من رأتهم اليوم أثبتوا نظريته على ما يبدو.

ـ لقد تركت هاتفي في المنزل
قالت روثي هذا، معيدة جين إلى دنيا الواقع والحاضر، ثم تابعت كلامها قائلة" كما أنك لن ترغبي بسماعي أتكلم مع راي فعندما نفترق لأكثر من ليلتين، نتغزل كثيرا ببضعنا على الهاتف"
شعرت جين بخديها تشتعلان لكنها لم تستطع أن تفكر في شيء تقوله. كانت ضحكة كول مثيرة للغاية لكن جين حاولت أن تبقى نظراتها على مساعدتها.
غمزت روثي رئيستها ثم أشارت إلى المائدة الوافرة بالطعام" كان العشاء لذيذا. وقلت لكول إنه يستطيع أن يحضّر لي المشاوي متى شاء"
ثم أرسلت لمضيفها قبلة لعوب:"إلى اللقاء يا من أنقذت حياتي"

أومأ إليها بتحية دافئة وهو يضحك لها. بعد لحظة، تحوّل انتباهه إلى جين ، فأجفلت إذ جعلها ذلك تدرك أنها كانت تراقبه.
عندما نظر إليها، اختفت الابتسامة عن ثغره" تبدين… شبه امرأة اليوم"
.لم تعرف لما كانت نبضات قلبها تتسارع لا يمكن أن يكون مردّ ذلك إلى أنها تقف أمام شاب وسيم للغاية.
وأملت ألا يكون هذا هو السبب، طالما أنه ينظر إليها وكأنها"شبه امرأة". مند رحيل طوني, لم ينتبها يوماً شعور كهذا نحو أي رجل فما بالها الآن تقف أمام رجل يهينها فيستمر نبضها بالتسارع وكأنه حصان سباق؟
ـ شبه امرأة.
كررت هذه العبارة محاولة أن تبدي ردة فعل عنيفة، لكنه استرخى في كرسيه وشبك ذراعيه على صدره العاري كالعادة, أتراه لا يملك قميصاً؟
- تفضلي بالجلوس. تبدين مرهقة.
ابتلعت ريقها، متمنية لو بإمكانها أن تختفي. ولكنها تشعر بجوع شديد والطعام أمامها بدا لذيذا جدا
أحسّت بأنها خسرت المعركة معه، فغاصت في الكرسي الذي أشار إليه ثم استندت إلى الخلف لتحدّق إلى الأغصان المتدلية فوقهما
ـ حسنا. أنا مرهقة جداً لكي أجادل وجائعة جدا لكي أتحلّى بأي كبرياء
لم تعرف ما الذي حصل في الثانيتين التاليتين لأنه لم يتكلم كما لم تسمع أي حركة.
ـ لحم مشوي؟
سألها ذلك ثم سمعت صوتا مكتوما، فعرفت أنه رفع طبق الدجاج. ألقت عليه نظرة وأجابته" أي شيء"
أمسك لها الطبق لتسكب، فاختارت فخذا. وقبل أن يتمكن من إعادة الطبق إلى مكانه، أخذت فخذ دجاج آخر. ثم قدم لها الأطباق الأخرى لتختار ما يلذّ لها من دون أن يعلق بكلمة واحدة.
بدأت تأكل بينما سكب لها كأسا من العصير. مرّت دقيقة طويلة لم تستطع خلالها أن تحتمل الصمت المطبق، فحوّلت انتباهها من الطعام إليه. كان جالسا، شابكا ذراعيه ينظر إليها

ـ آه... إنه لذيذ جداً
قالت ذلك لتكسر الصمت ولكن ما قالته كان الحقيقة المجرّدة، فحتى ما يطهوه والدها لا يضاهي هذا الطعام لذة.فهو ربما متطفل ولكنه طاه ماهر كان عليها أن تعترف له بذلك
رفع ذقنه ليعبّر عن شكره لكنه لم يُجب. فشعرت بشيء من الخوف والترقب وهي تتساءل عما يفكر فيه خلال هذا الصمت كله وهو يراقبها.
ومع كل لقمة تأكلها وكل لحظة تمر، كانت جين تجد صعوبة أكبر أن تبتلع طعامها، وبدأ القلق ينتابها.
وعندما لم تعد تحتمل هذا التوتر، وضعت الشوكة من يدها وواجهته:
"لا يمكنني أن آكل وأنت تحدق بي على هذا النحو. أيّاً كان ما تفكر فيه أفصح عنه"
استمر يراقبها لبرهة وهو لا يزال يفكر ثم هز رأسه:"أنا حائر! أي وظيفة تبرر نشر إعلان في الصحيفة تطلبين فيه زوجا؟ لم عليك أن تتزوجي لتحصلي على ترقيتك؟"
هز كتفيه، فبرزت عضلات صدره وكتفيه القوية:"ألا تثقين بقدراتك الشخصية؟"
لقد شهدت يوما مرهقا جدا وكانت هذه القشة التي قسمت ظهر البعير ضربت بقبضتيها على الطاولة ونهضت بعنف، فوقع الكرسي أرضا.
ـ بالطبع أثق بقدراتي الشخصية
ثم بسطت راحتيها على الطاولة، ومالت نحوه إلى الأمام. تطاير شعرها مع الهواء فاختفى وجهها للحظة خلف ستارة الشعر البنية المتموجة. رفعت رأسها لتزيح شعرها وتراه بشكل أفضل.
ـ مشكلتي ليست قدراتي ومؤهلاتي. لكنني أعمل لحساب شركة متحفظة ورب عمل متزمت. وهو السبب في هذا كله فلكي أحصل على الترقية عليّ أن أرضيه!
نظر كول إليها والشك في عينيه" فهمت ولكن ما دخل الزواج في هذا الموضوع؟"
ـ إنه الموضوع بحد ذاته!
قالت ذلك بحرقة. لقد كبتت مشاعرها الحقيقية الدفينة لمدة طويلة وها هي مرارتها تتدفق انتقاما، ما أشعرها بالارتياح نوعا ما.
ـ رب عملي وغد قديم الطراز من العصور القديمة، لا يرقّي أشخاصا عاز بين لمنصب الرئاسة
ـ الرئاسة؟
رفع حاجبيه فأغاظها تفاجئه وعدم تصديقه
ـ نعم، الرئاسة لِمَ تبدو مصدوما؟ قد أكون امرأة، وامرأة شابة نسبيا لكنني بارعة في عملي وأستحق منصب الرئاسة.
نظرت إليه من دون أن تطرف عيناها وقد أحست بهدوء مميت:" عندما أضع هدفا نصب عيني، لا أتراجع عنه ولا أنظر إلى الخلف. صحيح أن ما أفعله مخاطرة، ولكن كل شيء في الحياة هكذا"
قالت هذا واستقامت في وقفتها، شاعرة بأنها أفضل حالا مما كانت عليه منذ أيام.
ـ لقد نعتّني بالغبية بأكثر من طريقة وأكثر من مرة. ولكن أحد الفلاسفة الحكماء قال مرة" إذا كنت تريد التقدم، لا تحزن إن ظنك الناس غبيا"
ثم ألقت عليه نظرة تنضح بالعزم والتصميم." لكي أحصل على ما أريد أو بالأحرى على ما أستحقه، سأفعل أي شيء"
أخفضت نظرها مستفهمة" مزيد من الأسئلة؟"
بدا متشككا ولكنها لم تأبه البتة ليفكر بأنها أكتر الناس جنونا!. إنها تعرف ما تريد ولا يهم إن كان غيرها يوافقها الرأي أو لا... لا سيّما هذا العامل الوقح!!
ـ لديّ سؤال أخير
قال هذا وهو ينحني ليضع الكرسي الذي أوقعته في مكانه
ـ هلا قلت لي اسم ذلك الوغد العديم الفهم؟
ـ آه.. إنه عجوز يدعى ج س بارينجر.
بقي كول جاثيا على ركبة واحدة أمام الكرسي وهو ينظر إليها. كانت نظراته باردة أثلجت قلبها
ولمعت عيناه بشكل أثر في أعماقها لكنها لم تستطع أن تفهم ردة فعله الغريزية. http://www.liilas.com/vb3

********










 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
قديم 02-07-09, 07:29 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو راقي


البيانات
التسجيل: May 2007
العضوية: 28161
المشاركات: 4,762
الجنس أنثى
معدل التقييم: golya عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 56

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
golya غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : golya المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

استنى دعمكم وتشجيعكم ..

 
 

 

عرض البوم صور golya   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احلام, دار الفراشة, رينيه روزيل, روايات مكتوبة, روايات رومنسية, روايه, شمس الحب لاتحرق .
facebook



جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:56 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية