لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-06-09, 05:54 PM   المشاركة رقم: 6
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

3- طعم لسمكة أخرى



توطدت أواصر الصداقة بين بريل ومديرها جيمس كارنيش. قالت بريل تحادث لورين بلطف وحنان:



" يريد جيمس مقابلتك يا لورين, هل لديك مانع لعلاقتي به؟".

منتديات ليلاس

" أماه , أنني سعيدة جدا( وقبلتها فوق خدها) يمكنك التمتع بوقتك معه قدر المستطاع ولكنني أرجو أن تعطيني مهلة كافية يوم تودين أن أخرج من البيت وأستأجر غرفة لي".



" لا تكوني غليظة التفكير . فأنت ستبقين دائما معي ومكانك الطبيعي هنا".



كانت لورين واثقة من أنها , يوما ما , ستخرج من حياة والدتها ويتوجب عليها مغادرة المنزل, شعورها بالوحدة بدأ يضايقها أكثر بعد قطع علاقتها بهوغ, كل شخص حولها له صديق... وهي تبقى كل مساء وحيدة. الساعات التعليمية في الكلية التقنية مساء كل أثنين تسليها, والعمل هو منفذها الوحيد لتشغل لياليها في التحضير أو التصليح.



في تشرين الأول( أكتوبر) تغير موعد صفها المسائي لأسبوع واحد, صعدت بالمصعد الى الطابق الثالث وحاولت أن تتذكر رقم غرفتها. حملت دفتر التسجيل لصفها من المكتب ومشت في الممر الطويل الى داخل الغرف علها تتعرف الى تلاميذها , نظرت الى داخل احدى الغرف ودهشت لرؤية جان داربي واقفا ويحاضر في تلاميذ أحد الصفوف, هل هو خيالها الذي أوحى لها بشكله؟ أنه يلاحقها في كل مكان كالشبح ... أعادت الكرة ونظرت من جديد وتأكدت انه هو بشحمه ولحمه, أنه حقيقة يعلم في هذه الكلية التقنية , لقد كتب على اللوح : اللغة الأنكليزية, ارتبكت , كيف يمكنه أن يعلم التلاميذ وهو صحافي؟ أنه يتعدى على المهنة. أرادت أن تقتحم عليه الغرفة وتعلن للجميع كذبه وعدم كفاءته...



ارتفع غضبها ولكنها أكملت مشوارها عبر الغرف حتى وجدت تلاميذها في غرفة في نهاية الممر, اعتذرت لهم عن تأخرها وبدأت في تعليمهم , كانت أفكارها مشتتة بين محاضرتها وبين التفكير في جان داربي الذي كان يعلم في غرفة مجاورة , ربما يكون المسؤولون في الكلية قد ارتبطوا معه ليعلم قسما من الوقت عن حسن نية, وهم يجهلون عدم كفاءته ومقدرته , فهو صحافي غير قدير على تمييز اللغة الجيدة من اللغة الرديئة التي يطبعها كل يوم في جريدته.
بعد الحصة, فوجئت لورين به في المكتب يضع دفتر التسجيل لصفه في أحد جوارير المكتب , لم يخطر ببالها أنها ستلتقيه بعد الحصة, أرادت أن تركض هاربة منه حتى لا تتعرف اليه ولكنه بكل برودة أعصاب نظر اليها نظرة العارف وكأنها لم تقبض عليه بالجرم المشهود, بل بدا طبيعيا وهادئا كعادته.



بدأت ضربات قلبها تسرع وشعرت بعد فترة كأنها توقفت لفترة رهيبة وهو يقول لها بلطف:



" أهلا يا آنسة فارس".



" مساء الخير يا سيد داربي "



تنحى لها قليلا وأفسح لها المجال لتضع دفتر التسجيل لصفها في الجارور ثم التقت نظراتهما لفترة دون أن يعرفا ماذا يفعلان, وأخيرا خرق جان جدار الصمت بينهما قائلا:



" هل ترغبين أن أوصلك بسيارتي الى البيت؟".



لم يشرح لها أسباب وجوده بالكليه أو يعتذر عن انتحاله شخصية المعلم المحترم... فقط دعاها لمرافقته, أرادت أن ترفض ولكنها في آخر لحظة غيرت رأيها.



" نعم , شكرا".



رفع حاجبيه مستغبربا قبولها ولكن السرور بدا عليه, غادرا المكتب ونزلا السلالم صامتين ثم مشيا الى مرآب السيارات حيث دخلت سيارته دون أن تبادله كلمة واحدة, بقيا صامتين طوال الطريق الى المنزل. أوقف سيارته أمام المدخل وللحال فتحت لورين الباب ونزلت منه في نفس الوقت الذي نزل جان أيضا, أخرجت لورين مفتاح المنزل وفتحت الباب الخارجي, تبعها جان الى غرفة الجلوس حيث قال:

" حسنا يا آنسة فارس, صمتك كان معبرا للغاية, تكلمي , ماذا يزعجك؟ أي جريمة أقترفت الآن؟".
" جريمة؟ نعم, هذا صحيح يا سيد داربي (بدأت عيناها تشعان والأنفعالات تجتاحها, رمقته بنظرة قاسية حادة وأكملت) أريد ان أعرف هل يعمل المسؤولين في الكلية أنك دخيل على مهنة التعليم ولا تملك المؤهلات لهذا العمل؟ ربما وافقوا على اعطائك هذه الوظيفة عن حسن نية وصدق... أنت صحافي يكسب قوته في كتابة توافه واشاعات وأقاويل حقيرة , ولا تملك المقدرة لتعليم اللغة الأنكليزية الصحيحة".
أمسك بها بقسوة وهزها, رفع حاجبيه مستنكرا ما سمع, والأبتهاج والسخرية أخذا يتصارعان في نظرات عينيه وهو يقول :
" عملي الأساسي في الحياة أن أعدي الغالبية من السكان بالقراءة السهلة, وبنظرك عملي يسيء الى اللغة الأنكليزية لأن المستوى الذي أكتب فيه لا يتعدى التافه من الكلمات...".
" حتما, هذا عملك".
حاولت أن تتحداه وتتجاهل الغضب الذي برز في عينيه كما يبرز النمر فجأة من وسط الغابة.
" وماذا ستفعلين ؟ هل ستخبرين المسؤولين عني وتعلنين عدم جدارتي بالوظيفة؟".
حاولت أن تتصدى لتحديه ولكن عينيها انخفضتا تحت سطوة عينيه , أنزل حاجبيه وتكلم بصوت بطيء وهادىء:
"أنت حمقاء درجة أولى ولا أستطيع أن أصفك بنعت أفضل من ذلك....".
نظرت اليه مستغربة تهجمه عليها ورأت سخريته في ابتسامة خبيثة, قال:
" حسنا يا آنسة فارس , اذهبي الى المسؤولين وأفعلي ما يحلو لك وأنا بانتظارك, يسرني أن أسمع رأي المسؤولين في الكلية حين يستمعون لقصتك المشينة".
بدأ جان يصعد السلالم باتجاه غرفته ولكنه توقف في منتصف الطريق وعاد:
" كلا, لقد غيرت رأيي , سأوفر عليك تلك المشقة".
" هل ستخبرهم أنت بنفسك وتستقيل من عملك؟".
" لا, لن أستقيل بل سأخبرك شيئا آخر, قفي أمامي يا آنسة فارس.( أمسك بها بقسوة وجذبها لتقف تحت الأضواء في غرفة الجلوس) هنا حيث أستطيع أن أرى ردة الفعل ترتسم في تعابير وجهك".
ارتبكت من تشدقه وهي ترى سروره الظاهر في وجهه .
" أنا يا عزيزتي آنسة فارس أملك مؤهلات تفوق مؤهلاتك..".
حاولت لورين أن تفتح فمها لتعترض ولكنه رفع يده وأكمل:
" اصمتي أرجوك فأنا لم أنته بعد من كلامي.( زاد عبوسها وهو يكمل حديثة بتأن واضح) لمعلوماتك الخاصة , أنا أحمل اجازة جامعية ولو رغبت لوضعت بالقرب من اسمي : ماجيستير في الأدب من جامعة أكسفورد , تخرجت بامتياز درجة أولى, ولدي قبول لمتابعة تحصيلي العالي لو رغبت ( ابتسم بخبث) نعم كنت واثقا أن الدماء ستصعد الى وجنتيك حين أخبرك , ولذلك أردت أن أشاهد ردة فعلك حين أخبرك وأراقب ارتباك الخجل يكسو وجهك كما تفعلين الآن".
مشى قريبا منها ويداه في جيوبه , حاولت أن تتمتم معتذرة ولكنه لم يسمح لها بذلك.
" عليك أن تسترجعي كل اتهام تفوهت به ضدي , وكل أهانة رميتني بها منذ وطأت قدماي عتبة الدار, الحقيقة, أريد أن أجعلك تجثين على قدمي وتطلبين السماح".
فتحت لورين من جديد فمها في محاولة للأعتذار ولكنها لم تتفوه بأكثر من :
" ولكن .... لكن... لماذا؟".
"لماذا؟ لماذا في رأيك أخبر العالم بأسره عن شهادتي العالية؟ ما دمت في مهنة الصحافة حيث الخبر أهم من أي شيء آخر... تحصيلي العلمي لا يهم قدر ما تهم خبرتي , لا أريد أن أتباهى وأزدهي بتحصيلي الجامعي أمام زملائي في العمل, سيعتقدون أنني عنيد ورأسي ناشف اذ أترك المناصب العلمية الرفيعة وأكتفي بالعمل بالصحافة(ضحك ساخرا) هذا من سخرية القدر وغير معقول , وكما قلتأنت بنفسك, أن أحمل مؤهلات علمية رفيعة وأعمل في مهنة الصحافة...".
أصبحت لورين في موقف لا تحسد عليه , لقد نجح جان في السيطرة على نوع العلاقة التي باتت تربطهما, كانت ذليلة خجلة وتتمنى لو تنشق الأرض لتبتلعها.
" ولكن... ولكن لماذا عملت في الصحافة؟".
" لماذا اخترت الصحافة؟ ولماذا لم أتابع حياتي العملية في وظيفة تتطلب مؤهلات علمية كمؤهلاتي؟ سأخبرك بالتفصيل".
أخرج سيكارة وأشعلها بيد متوترة, وببطء أكيد سحب نفسا عميقا منها قبل أن يتابع حديثه, كانت لورين تابع حركاته وسكناته وهي لا تصدق ماتسمع.
" بعد تخرجي مباشرة التحقت بسلك التعليم يا آنستي , اعتقدت أن ذلك سيكون مفاجأة لك , بقيت أعلم سنتين أصارع الصبية الأشرار غير المطيعين وسييئي الخلق ولم أحتمل أكثر, لم أحتمل الجو الصارم في المدرسة التقليدية والنظام المحافظ , ومن المفارقات التاريخية أنني لم أحتمل نظرة الزملاء الضيقة أمثالك يا آنسة فارس, وهي تضيق في مواد التعليم المقررة أكثر مما ينبغي , المعلمون أمثالك يرفضون الهواء النظيف والآراء الجديدة أن تتناول مواد التعليم أو وسائل وطرق التعليم , يوما ما يا آنسة فارس (نفخ دخان سيكارته في الهواء) سأعطيك درسا في كيفية تدريس اللغة الأنكليزية الحديثة... أي طرق ووسائل التعليم في الحقبة الأخيرة من القرن العشرين. يمكنك الحضور الى الكلية التقنية في الأسبوع المقبل والأستماع الى محاضرتي التي سألقيها على تلاميذ المدرسة الليلية

وربما تستفيدين من بعض المعلومات أو الأرشادات الهامة, ليس فقط لتحسين معلوماتك في اللغة , بل أيضا لتحسين وسائل وطرق تدريسك".
انهى جملته الأخيرة وقفز بسرعة ذاهبا الى غرفته, تاركا خلفه فتاة مشدوهة متحجرة تسمرت في مكانها لا تعي ما حصل لها.
في غرفة الطعام في المدرسة التقت لورين صديقتها آن وسألتها"
|" كيف حال قلبك؟".
" قلبي؟ أنه في مكانه ويضرب ضربات منتظمة ... لقد أخفتني...".
" ربما كان علي أن أسأل عن مغامراتك... كيف تسير؟".
" لقد أثرت فضولي وهذا سيء جدا للقلب ... أخبريني أي مغامرة تقصدين ومع من؟".
" غرامك مع جان داربي بالطبع!".
ضحكت آن كثيرا وقالت:
" لا يمكنك أن تكوني جادة , لا يجمعنا حب ما بالرغم من الشائعات التي تدور حولنا".
" ولكنه أخبرني أنكما متفاهمان".
عبست آن بعد أن سمعت تعليق لورين وقالت:
"أنني أعرف ماذا يقصد ولكنني لست متأكدة أننا متفاهمان كما يقول".
" اذن أنتما صديقان؟".
" لا , لسنا صديقين!".
" ولماذا يصر على أن ترافقيه في مواعيده؟".
" الحقيقة بدأت أشك في هذا الأمر , ربما يستغلني كطعم ليصطاد سمكة أخرى".
" تقصدين مارغو فرنش..".
" ربما... ربما...".
" هل يريد من وجودك معه أن يحمل مارغو على الغيرة منك؟".
" ربما... ربما...".
نظرت آن اليها نظرة تنم عن أنها غبية حتما , ثم تابعت:
" أنت تعرفين يا لورين أنني سأرافقه غدا الى معرض السمعيات في لندن , سأكون في موضع حرج للغاية, لا أعرف أذا كنت صديقة هوغ أو رفيقة جان, الرجلان سيقتتلان للفوز بالفتاة اللعوب مارغو وفي النهاية سيكون الرجل المغلوب من نصيبي...".
" وهل لديك مانع؟".
" مانع؟ لا يا صديقتي فأنا أستمتع بوقتي كما أنني محصنة ضد الغيرة وأنا في عمري ... أنا لم أكن راغبة أبدا في الزواج ولذلك أفضل العلاقة السهلة والشاب الوسيم لأمضي برفقته ساعات مسلية ليس الا... لم تكن لدي أهداف للزواج في يوم من الأيام , لا تهتمي لأمري, لقد اشتريت للمناسبة بدلة جديدة لأنافس بها مارغو في الأناقة ... بالمناسبة , لماذا لا تحذين حذوي وتشترين لنفسك ثيابا جديدة؟ خذي نصيحتي ولا تجعلي من نفسك الفتاة الرثة الثياب والمحافظة المتزمتة... ستندمين بقية عمرك... علينا أن نقلد مارغو ونعتني بأناقتنا ... وأنا صادقة في نصيحتي لك".
" ربما من الأفضل أن أعمل بنصيحتك".
" هذا أفضل , أسرعي, سأتأكد من تنفيذك هذا الوعد".
وفي المساء التقت لورين بجيمس كارنيش في المطبخ, رجل نحيل شعره رمادي وجهه بشوش ومرح, شخصيته مرنة وسهل التعامل مع الآخرين ,وربما يكبر والدتها بسنوات قليلة, أمسك بيدي لورين بحنان وطلب منها أن تقبله على وجنتيه كما قبلها هو على وجنتيها , أبعدها عنه قليلا ومدح جمالها وأنوثتها وأثنى على أخلاقها وعقلها ثم وضع ذراعه حول كتفي بريل وقال:
" فتاة رائعة, كم أنت فخورة بها!".
عندما غادرا البيت كانت السعادة بادية جليا في وجهيهما مما جعل لورين تحزن على نفسها, خوفا من أن تذبل وتذوي في أوج شبابها .
وصلت آن أولا الى البيت , اليوم هو السبت موعد العرض , دخلت غرفة الطعام لترى لورين بدلتها الجديدة الزرقاء.
" أنظري يا لورين الى بدلتي الجديدة , لقد اشتريت أيضا قفازات وحذاء وحقيبة يد . لن أرتاح قبل أن أراك اشتريت لنفسك أثوابا جديدة, (ونظرت الى شعر لورين) لماذا لا تسدلينه بدلا من عقصه في هذا الشريط الى الوراء؟ اتركيه ينساب كالشلال على كتفيك".
" لماذا يا آن؟ لا أحتاج أن أبدو جميلة لأي رجل!".
وصلت بعد ذلك مارغو وتبعها هوغ , صعدوا جميعهم الى غرفة جان وسمعت لورين ضحكاتهم ومناقشاتهم وأصوات كؤوسهم وتسامرهم . بقيوا حوالي نصف ساعة ثم نزلوا ووجهتهم المعرض في لندن , كانت لورين تراقبهم مغمومة , نزلت مارغو وهي ترتدي قبعة بيضاء كبيرة فوق طقم أبيض وأخضر, كانت تمسك بهوغ يدا بيد, ثم نزلت آن وتبعها جان, كان يحمل كتابا بيده, تقدم من لورين وقال:
" هذا كتاب يتناول وسائل تعليم اللغة الأنكليزية الحديثة, أقرأيه يا آنسة فارس ومتى انتهيت منه أعيديه الي".
أمسكته لورين بتأن , كأنها تستلم ماسة ثمينة وشكرته, ابتسم لها ابتسامة وغادر المنزل.
وفي طريقهم الى السيارة كانت مارغو متأبطة ذراع هوغ من جهة وجان من جهة أخرى , بينما آن تتبعهم واجمة.
شعرت لورين بغصة, تزمتها يجعلها بعيدة عن الصداقة , تصرفات مارغو معيبة ولك، آن بالرغم من عدم موافقتها على تصرفات مارغو, تبدو سعيدة في رفقة جان.

نزلت لورين بعد الظهر الى السوق, سحبت معظم مدخراتها وهرعت تجوب المخازن بحثا عن الأثواب الجديدة.
يوم الأحد رغبت لورين أن تنفرد بنفسها بعد الغداء لتقوم بنزهة في الحديقة العامة, أخبرت والدتها بذلك , قالت بريل:
" كم أنت أنيقة يا حبيبتي في ثيابك الجديدة , هذا البطلون الأحمر يليق بك وكذلك الجاكيت الصوفي, من أين أشتريتها وبكم؟".|" لقد صرفت الكثير من حساب التوفير , أقنعتني صديقتي آن بضرورة تجديد ثيابي".
" لا بأس , عما قريب يزداد حساب توفيرك من جديد".
فتح جان باب غرفته ويبدو أنه سمع ما دار بينهما من حديث.
" وداعا يا ماما , تمتعي بوقتك مع جيمس!".
خرجت وأغلقت الباب.
كانت الحديقة العامة شبه فارغة , صعدت لورين التلة وهي تتنفس ملء رئتيها من الهواء النظيف وتقول في نفسها ... ما أجمل الحرية, عبت من الهواء النظيف ما طاب لها وحتى الثمالة , كما قلبت ناظريها في المناظر الخلابة حولها والعشب الذي غطى الأرض ببساطه الأخضر.
مرت طائرة فوقها تهدر وتصرخ كأنها تقول لها: أنت وحيدة... وحيدة, وضعت لورين يديها في جيوبها وضربت الأرض برجليها , كان عليها أن تواجه الحقيقة وتعيش معها, وهي تحب رجلا ولا أمل من حبه, لن تفوز به أبدا لأن منافساتها الجميلات لن يتركن لها المجال, ستعتاد أن تكون الخاسرة في معركتها مع الرجل فهي لا تملك من المؤهلات الأنثوية ما يؤملها بالفوز.
نهاية شهر تشرين الأول ( أكتوبر) والطقس دافىء نسبيا , والشمس بعد الظهر خفيفة الحرارة, تمددت لورين تحت شجرة كبيرة خالية من الأورا بعد أن تساقطت في فصل الخريف, ولكن أغصانها تطاولت عاليا الى السماء, تمددت على بطنها وأرجحت رجليها في الهواء كما يفعل الصغار, ثم وضعت ذراعيها تحت رأسها كوسادة ونامت فترة طويلة في هدوء وسكينة.
سمعت وقع أقدام تقترب منها بقوة وعزم. كانت الأقدام تقترب تدريجيا من موضعها , كادت تصرخ عندما توقفت الأقدام عن متابعة السير قربها لأنها لا تريد أزعاجا من أحد.
" آنسة فارس؟".
حركت رأسها نحو الصوت وأت الرجلين الكبيرتين والبنطلون العادي والكنزة ذات الياقة العالية يطل عنها رأس حاد دون أن يبتسم.
" أليس هذا يوما جميلا يا آنسة؟".
هزت رأسها موافقة.
" ودافئا؟".
ارتجفت ثم هزت رأسها من جديد.
هل تستطيع أن تطرده لتبقى في وحدتها الهانئة ؟ هل من الممكن أن يترك لها صفاء ذهنها ويكف عن تعذيبها ؟ أن يتركها وشأنها؟".
جلس قربها على العشب , ابتعدت عنه بعصبية والتقطت بعض أوراق الشجر من على الأرض وسحقتها بشدة واضطراب , عقد لسانها ولم تقو على الحركة داخل فمها, أحست بضعفها واستكانتها أكثر من أي وقت مضى, هي لا تجرؤ على التعامل مع الجنس الآخر وخاصة مع هذا الرجل, ليس عندها ما يسحره أو يجذبه... لا تستطيع أن تحدثه حديثا مرحا لتجعله يضحك معها , هي لا تعرف الثرثرة ولا يمكنها أن تغازله بنظرة وتجعله يتمنى ان يلمسها أو يعانقها .. أنها فاشلة كأمرأة ... فاشلة في اجتذاب الرجل اليها ... لا يمكنها أن تعطيه أي شيء , وهو حتما يعرف كل ذلك فلماذا لا يتركها ويرحل عنها؟ سمعت حركة قربها , جزعت وجمدت في مكانها , التفتت اليه , كان قد تمدد كليا فوق الآرض بالقرب منها, بقيا على هذه الحال فترة طويلة.
" ماذا تقصد؟".
استدارت لتواجهه وقد فتحت عينيها الواسعتين :
" هل نحن متخاصمان؟".
" لا , لا يوجد لدي ما أقوله".
" حسنا , دعيني أفتش عن موضوع للحديث, عادة لا ينقصني الكلام, ( حك رأسه عمدا) آه , هل ألقيت نظرة على الكتاب الذي أعرتك أياه البارحة؟".
" نعم, لقد قرأته".
رفع رأسه مستغربا:
" هل أنتهيت من قراءته ؟".
" نعم, لم يكن لدي ما أفعله!".
" بقيت لوحدك كل النهار؟".
" نزلت الى السوق لبعض الوقت".
بقيا صامتين فترة طويلة.
" ما رأيك في الكتاب؟".
" أحببته كثيرا".
" حسنا , يجب أن نناقشه سويا من يوم من الأيام
كانت لورين متأكدة من أنه لا يقصد ما يقول ولا يمكنه أن يفي بوهده, كيف تناقشه رأيه في هذا الكتاب اذا كان لا يسمح لها حتى بدخول حديقته كما أخبرها بنفسه؟ هل من الممكن أن تكون حديقته بعيدة جدا عن متناولها ؟ هل هي جنة عدن الموعودة؟.
ران الصمت بينهما من جديد وبقيت لورين بالقرب منه , قال :
" جاء دورك في الكلام".
أدارت رأسها وقالت:
" أوه( ضحكت) حسنا , كيف أمضيت وقتك في المعرض السمعي؟".
" شكرا, لقد تمتعنا كثيرا ولكن آن تعبت من كثرة المشي وأحست أن رجليها قد انعدم الأحساس بهما من شدة التعب".
ضحكت لورين:
" نعم _ هذه هي آن (صمتت قليلا ثم سألت من جديد) ومارغو؟".
" مارغو تستمتع بكل شيء , لديها مقدرة فائقة على العطاء وفي هذه الحياة ينال الأنسان بقدر ما يعطي...".
قالت لورين في نفسها...." هذا صحيح ... أنا لا أعطي شيئا ولذلك لا أحصل على أي شيء بالمقابل".
قال جان:
"في منتصف الطريق تبادلنا الصديقات...".
ضحكت لورين كثيرا . سألها جان عن السبب...
" كما يتبادلون الزوجات؟".
"آه , نعم ( استدار ليواجهها بقربه أكثر من ذي قبل) هل تروق لك هذه الفكرة؟
" تعني تبادل الزوجات؟( هزت رأسها .نفيا) بالطبع لا ".
وعندما تتزوجين ستخافين على زوجك لنهاية العمر؟".
بالطبع اذا كان رجلا طيبا . ولكن بالنسبة الي لن تكون لدي مشكلة من هذا النوع, لأنني واثقة من عدم الزواج, فأنا لا أملك المؤهلات الضرورية المرغوبة في الزوجة".
وقف جان للحال وقال بنزق:
" حان وقت العودة".
أمسك بيدها وساعدها على النهوض وتمشيا نزولا الى أسفل التلة, أوقفها جان ووضع يديه على كتفيها برفق وحنان وخافت لورين وأحتارت بانتظار ما سيفعل ... نظر الى وجهها الخالي من المساحيق ثم مر بيده الى خلف عنقها وبسرعة حل الشريط الذي يربط شعرها , وللحال انسدل على كتفيها وخديها , حاولت أن تبعده الى الخلف بيد مرتجفة ولكنه منعها من ذلك قائلا :
" لا , أتركيه مسترسلا هكذا الى الأبد".
وضع الشريط في جيبه.
" أرجوك أعطني الشريط".
" لا . من غير المعقول أن تفسدي شكلك على هذا النحو...".
أكملا نزولهما بهدوء قال:
" أنت لست ثرثارة".
" اذا كنت لا تسر برفقتي يمكنك أن ترحل, أنا لم أدعك لمرافقتي, أنني آسفة , فأنا لا أستطيع أن أسحرك بحديثي مثل مارغو".
لم يجب بكلمة واحدة بل أحست لورين طيف ابتسامة خفيفة تعلو شفتيه.
" هل نسيت أنني مملة ومعلمة مدرسة محترمة ومتزمتة؟".
أغلق جان فمها بيده, كادت أن تعضه ولكنها أفلتت منه وركضت هاربة.
وعندما وصلت الى البيت فتشت عن شريط جديد عقصت به شعرها الى الخلف واستراحت قليلا فوق سريرها تحاول أن تستعيد رباطة جأشها وتوازنها , ماذا حصل لها؟ لماذا هي مرتبكة تشعر بتوتر لم تعرفه من قبل؟ اين هدوء أعصابها وراحة بالها؟
مشت في الممر تريد السلالم لتنزل الى غرفة الجلوس, كان جان قد وصل أيضا الى الممر , مرت أمامه باتجاه السلالم فما كان منه الا أن سحب الشريط من شعرها بسرعة فائقة وعاد شعرها مسترسلا فوق كتفيها , التفتت اليه والشرر يتطاير من عينيها وقالت:
" أعطني الشريط".
" لا. أنها جائزة لي(قال ساخرا) لن أدعك تعقدي شرائط في شعرك من جديد".
" سأجمعه الى الخلف بواسطة الدبابيس".
" سأسحبها واحدا واحدا من شعرك".
" وهل سأقف أمامك وأتركك تفعل ذلك؟".
" لا تستطيعين منعي... لدي وسائلي الخاصة( وأكمل بلطف وخبث) ومن قال أننا سنقف؟".
ضحك ضحكة خبيثة أشعلت نار الغضب في كيانها , وخرج الأمر من يدها فجمعت قبضة يدها وشرعت تضربه على صدره بقسوة. أمسك بيديها وأبعدها عن صدره وهو يقهقه , أرادت أن تستعمل أسنانها أو رجليها أو حتى أظافرها ... حاولت الأفلات من قبضته الفولاذية , وكلما زادت من صراعها ضده كلما أحكم قبضته حولها أكثر من السابق وبدأت دموعها تتسلقط...
توقفت عن الصراع , وتركها على الفور, تمتمت معتذرة ثم أكملت سيرها الى الطابق السفلي, لقد تخطت العتبة ودخلت الى بحر من الأمواج العاتية, خافت من لهيب عواطفها وأحاسيسها الجديدة, لقد حرك جان كوامنها بشكل لم تعهده من قبل, وتركها ودخل غرفته وهو يحمل شريط شعرها في يده.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 22-06-09, 05:59 PM   المشاركة رقم: 7
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

4- حبي لك يشبه وردة حمراء
كانت لورين تجلس في غرفة الطعام تصلح دفاتر الأنشاء لتلاميذها دخل جان دون أستأذان وسألها:
" هل أنت مشغولة؟".
" هذا واضح , أليس كذلك؟".
وقف خلفها يطل من فوق كتفيها وبدأ يقرأ في دفتر تلميذة صححت لها لورين وأعطتها علامة كاملة, كان جان يقرأ ويده تمر فوق شعرها المنسدل حول كتفيها ... لقد تركته مسترسلا بعد أن أعياها عقده بشرائط لكثرة ما عاكسها جان... وأخيرا استسلمت للفكرة.
أبعدت لورين يده بنزق من فوق شعرها , نظر اليها جان نظرة ساخرة وهو يبتسم ابتسامة غامضة, كان واثقا مما يفعل ... وقد لاحظت لورين تغيرا في الأستراتيجية المتبعة, لقد انتهى من فترة ابعاد أصدقائها عنها, وبدأ خططا جديدة.
كلما اقترب منها أحست شعورا جديدا يخيفها , هي لا تستطيع أن تتحمل قربه منها لما يثيره فيها من أحاسيس غريبة عليها, قربه منها يجعلها مرتبكة وعصبية وبالتالي يختل توازنها وهدوء بالها , وهي لا تستطيع أن تفعل أي شيء حيال هذه الأحاسيس التي يثيرها في داخلها.
" لقد أعطيت هذه الأنشاء علامة كاملة!".
" نعم, أعتقد أنها جيدة".
" هل تعرفين كيف أصححها ؟ (أخذ القلم من يدها وبدا) هكذا...(شطب بعض الكلمات) وهكذا( حذف جملة هناك) وأسلمها للفتاة لأعادة كتابتها(ترك القلم) عليها أعادة صياغتها من جديد, لغتها بغيضة ووحشية".
أخذت لورين ممحاة لأعادة الأنشاء كما كان وقالت معترضة:
" أنظر الى هذه الفوضى, لو تهتم بشؤونك فقط وتتركني أهتم بعملي!".
وبدلا من أن يدافع عن نفسه سحب كرسيا الى الطاولة وجلس عليه:
" أعطيني انشاء آخر:
وضعت لورين يديها فوق الكراسات تحميها وقالت بعصبية:
" لا يحق لك أن تلمسها , هذا عملي وأنا أصلحها وليس أنت".
" حسنا . أعدك بأن لا أكتب عليها بالقلم ولا أحذف منها ولا كلمة... مع أنني أرغب كثيرا في ذلك . ولكن أرجوك أسمحي لي بقراءتها . أنا لم أقرأ ما تكتبه المراهقات منذ سنوات, وهذا يفيد روحي وينعش ذاكرتي ( مد يده راجيا أن تسمح له) أرجوك. لقد وعدتك...".
وبعد تردد سمحت له لورين بقراءة المواضيع الأنشائية التي كتبتها الطالبات في صفها , اقترب بكرسيه من لورين , ولكنها حاولت أن تبتعد عنه , ترك ذراعه تلامس ذراعها وحين لم تعد تحتمل قربه بدأت تبتعد من جديد , ولكنه ربط رجليه برجل كرسيها ومنعها من التحرك بعد أن أمرها:
" ابقي سامنة أرجوك, أريد أن أركز تفكيري في القراءة , آه و هذا مجهود جبار.( قلب الصفحة وقرأ العلامة المتدنية التي وضعتها لورين) ماذا؟ أنت حتما بدون تفكير يا امرأة ... هذا الموضوع الأنشائي ممتاز .
" وكيف ذلك؟ التراكيب خاطئة والقواعد رديئة واللغة عادية ومستعملة في حياتنا اليومية , لغة الشارع , لقد تجاهلت جميع القوانين المرعية في كتابة موضوع أنشاء..",
" انظري اليها من جديد. أنها تستعمل لغة حديثة لاذعة وتعابيرها مستجدة, أنها اللغة التي نسمعها حولنا كل يوم, لقد صممت أذنيك عن سماعها بأرادتك".
" ولكن اللغة المحكية لا يمكن أن نستعملها في كتابة الأنشاء , تراكيبها مفككة ومزرية".
" ولكني أعتقد أنها جيدة بل مبتكرة وغير عادية, هذه الفتاة تكره الطرق التقليدية في التعليم ولا تريد اتباع
الوسائل القديمة التي تشربينها لهن كدواء فاسد مر عليه الزمن. أنني مستعد أن أمنح هذه الفتاة وظيفة مراسل مبتدىء في جريدتي اذا تقدمت تطلب عملا...".
بدأ جان يقرأ موضوعا آخر. قال:
" هذا القول غير صحيح , ألا تصرين على كتابة الحقائق؟ أول قواعد الكتابة الصحيحة هي كتابة الحقائق".
" ولكنني معلمة لغة وأنا لا أهتم بالحقائق كلها قدر اهتمامي بالخيال وصحة التعبير عن الرأي".
" أي رأي ؟ عليك تلقينهن الحقائق كلها ومن ثم يتكون لديهن الرأي الصحيح".
هزت رأسها متعجبة:
" لقد أعطيتهن الحقائق المتعلقة بكتابةالموضوعات الأنشائية والمقالة, واذا أثرت موضوعا يحرك عقولهن وتفكيرهن فأن الأهالي يتساءلون عن السبب وربما يعتقدون أن مستوى المدرسة قد بدأ ينحدر , وربما يعتقد البعض أن هذا الموضوع يعود لأنحدار في أخلاق المعلمة بالذات , وربما يرمي حولها ظلالا من الشك".
" أذن عليك تثقيف الأهالي أولا , اليس كذلك؟ (نظر اليها مشككا) طريقتك في تصحيح المواضيع الأنشائية تشير الى مقدار ما ينقصك من شجاعة كمعلمة للغة الأنكليزية , لقد قرأت الكتاب الذي أعرتك أياه ولكن شجاعتك الأدبية ليست كافية بما يسمح لك بتطبيق نظرية واحدة جديدة".
احمر وجهها خجلا وهو يراقبها عن كثب:
" أنت تشبهين المعلمين الذين جعلوني أهرب من مهنة التعليم . لم أحتمل شدة تعصبم وعدم استعمال عقولهم وتزمتهم".
ضربت لورين يدها على الطاولة بحركة عصبية غاضبة , لم تعد تحتمل استفزازه وتهجمه عليها.
" يمكنك أن تخرج وتتركني وحدي".
بدأت لورين تفقد ثقتها بنفسها , وسائل التعليم التي تتبعها لا تفي بالقبول وأهتزت مبادئها جملة وتفصيلا , أحست أن كل شيء قد أختلط في عقلها.
" عندما أنتهي من عملي معك سأخرج(ابتسم وهو يرى كراهيتها واضحة في عينيها) ما هذا؟ ( مد يده وأمسك بمقالة كتبتها لورين) مقالة(قرأ اسم الكاتبة وابتسم بخبث ظاهر) موضوع من تأليف معلمة اللغة الأنكليزية نفسها(فرك يديه) سيكون مسليا للغاية".
" هذا المقال مطلوب من مجلة المدرسة (حاولت أن تهرب المقال من بين يديه عبثا , ضحك كثيرا وهو يقرأ) وأنت مديرة التحرير, حتما أنها قصة العام".
" لا أسمح لك بقراءته!".
" لا بأس فأنا لم أسألك السماح".
بدأ يقرأ وهي تتقوقع قربه خجلا , قرأ المقال حتى النهاية وهي صامتة تنتظر ردة فعله أو تقييمه".
سألته بلهفة:
"هل هو جيد؟".
" ماذا أستطيع أن أقول؟".
"اذن المقالة رديئة!".
ضحك كثيرا لتلهفها , كانت كطفلة صغيرة تنتظر بعض التشجيع .
" نعم (مد يده ليمسك القلم: أنها رديئة . هذا ما كنت أنتظر , ولكن الآراء جيدة ومبتكرة(بدأ يشطب بالقلم جملة هنا وأخرى هناك, يحذف ويبدل... وأخيرا رفع حاجبيه وسألها) : هل أستطيع تصحيحها؟".
هزت لورين رأسها موافقة, كانت تعلم ما الذي سيحصل للمقالة .
" عندما أنتهي لن تتعرفي الى مقالتك...".
كان جان يعمل بموضوعية فائقة , يحرك القلم ويغير في ترتيب الكلمات في كل جملة, كانت كالمريض يشاهد عملية جراحية تجرى له... راقبته وقرأت ملاحظاته القاسية في الحواشي, كانت واثقة أنه تعمد جرحها قدر المستطاع ولكنها لم تحس ألم الجراح, وأخيرا ناولها المقالة بعد أن أنتهى من عملية التصحيح وعادت لكامل أحاسيسها من جديد.
لقد تحسنت المقالة أكثر مما انتظرت , نظرت اليه محدقة لا تصدق نظراته الساخرة وهو يقول:
" هل ستسامحينني على فعلتي؟ (مشى نحو الباب) بعد تفكير , أريد الخروج من هنا قبل أن أنال نصيبي من الأهانات الضارية, لقد قررت أن أقاضيك أمام المحاكم لكثرة أستعمالك الشتائم والأعتداءات على شخصي".
ابتسم جان ابتسامة عريضة ثم غادر الغرفة.
كانت لورين تستعد لزيارة صديقتها آن لمساعدتها في تقصير ذيل فستانها, ارتدت تنورة جديدة واسعة وفوقها كنزة بيضاء ذات ياقة عالية .
دخلت والدتها الى غرفتها وسرت من شكلها الجديد , وقالت:
" أنت جميلةوجسمك متناسق وهذه الكنزة الجديدة تبرز معالم جمالك, لماذا لا تضعين بعض مساحيق التجميل على وجهك؟".
وللحال باشرت لورين بوضع بعض مساحيق التجميل على وجهها من ظل للعينين وبعض الكحل حول العينين ثم رشة بودرة خفيفة على الوجه , ثم خططت بقل الحواجب فوق حاجبيها وبدأت تمشط شعرها وترتبه.
فتح جان باب غرفته ونادته بريل على الفور طالبة منه الحضور:
" تعال يا جان الى غرفة لورين وانظر لجمال ابنتي!".
" لماذا يا ماما؟".
ولكنه حضر على الفور ولم ينفع اعتراض لورين.
مد جان رأسه الى داخل الغرفة وابتسم بمكر وهو يراقبها ترتب شعرها الأملس المنسدل بأغراء حول كتفيها.
" استديري يا لورين ليراك جيدا".
بدت تعابير وجه جان شبيهة بما شاهدته أول مرة عندما خطا على عتبة البيت , تفحصها مليا ... حللها وجزأها ثم أعاد تركيب أجزائها خلال ثوان قليلة. وجدت لورين صعوبة في تفسير نظراته , خجلت واحمرت وجنتاها واستدارت من جديد تواجه مرآتها وتكمل ترتيب نفسها.
" هناك أنقلاب كلي وتحول سحري وتغير ظاهر".
نظر جان الى داخل الغرفة يتفحص محتوياتها , نظر الى سريرها وخزانتها وطاولة الزينة وما تحويه من أدوات تجميل وسأل:
" هل ستخرجين؟".
قالت بريل تجيب بالنيابة عنها:
" ستخرج لزيارة صديقتها آن".
" بلغيها حبي".
ثم خرج على أعقابه.
وصلت لورين لعند آن واستقبلتها صديقتها مهللة ومرحبة بانحناءة تمثيلية وهي تطري أناقتها وجمالها وقالت:
" أنت فتاة مختلفة عما تعودت , بدأت تنافسين مارغو في أناقتها وترتيبها , هل هناك تغير في منزلكم؟".
فهمت لورين قصدها , احمرت وجنتاها خجلا قبل أن تجيب قائلة:
" لقد قال أنني تحولت وتبدلت...".
" هل قال ذلك... لقد لحظ شكلك الجديد , نصحتك ونفعت معك النصيحة وأدت الى نتائج ملموسة".
" ولكنه حتما لا يعني بكلامه أي شيء يا آن ... هيا دعينا ننتهي من خياطة ذيل الفستان فهذا هو المهم الآن".
صعدت آن فوق طاولة صغيرة واستدارت ببطء , بدأت لورين تشبك الذيل بدبابيس صغيرة للطول المطلوب, وبعد أن أنتهيتا من عملهما صنعت آن بعض الشاي وشربتاه سوية ثم عادت لورين الى بيتها وتركت آن لتكمل خياطة فستانها.
دخلت لورين البيت وسمعت موسيقى تنساب برفق من غرفة جان , كانت المقطوعة الموسيقية التي تحبها كثيرا, وقفت بالممر أمام غرفته تستمع صامتة دون حراك, انخفضت الموسيقى بشكل ملحوظ وتحركت لورين فوق الأرضية الخشبية فصدرت بعض الأصوات والأهتزازات في الأرضية , حبست أنفاسها وهي تتمنى أن لا يكون جان قد سمعها , ولكن باب غرفته فتح بسرعة وظهر جان بادي الأنزعاج وهو يسأل بعصبية:
" ماذ تفعلين عندك؟".
" آسفة, كنت أسمع القطعة الموسيقية".
بدأت السير باتجاه غرفتها ولكنه تبعها وأمسك بها وجذبها الى داخل غرفته دون أن تدري ماذا يحصل, ثم أغلق الباب وراءها وأجلسها على كرسي مريح وقال:
" اصمتي الآن ودعيني أسمع الموسيقى...".
أغلق جان عيتيه وسرح مع الموسيقى بينما لورين تراقبه قلقة مرتبكة, بدا صامتا رزينا وطيبا للغاية , عاد الصبي الهادىء بل الرجل المثير في حياتها, الرجل الذي يثير ويحرك عواطفها أكثر من أي رجل في العالم ... فتح جان عينيه ونظر اليها نظرة مطولة كأنه يقرأ أفكارها.
أدارت لورين رأسها الى الناحية الأخرى للتحاشى نظراته النفاذة, تمنت لو ترتمي بين ذراعيه وتطلب منه أن لا يبتعد عنها أبدا, ولا يسمح لها أن تخرج من حياته, تمسكت بكرسيها وتحركت بقلق ظاهر... وصلت المقطوعة الموسيقية الى نهايتها ولكنها لم تستطع أن تسترخي في جلستها أو تطرد ارتباكها وتهدىء من تشويش أفكارها, انتهت الموسيقى وأقفل جان الراديو, نهضت لورين تريد مغامرة الغرفة هاربة, قال جان برقة واضحة :
" لا , لا تذهبي, أريد أن أسمعك هذه الأسطوانة . أنها أغنية شائعة جميلة الموسيقى تدعى, حبي يشبه وردة حمراء... هل تعرفين الأغنية؟".
هزت لورين رأسها موافقة.
" أريدك أن تأخذي بالك من كلماتها الجميلة".
أدار الأسطوانة وأنساب اللحن المغني يقول:
أنت يا فتاتي حسناء جميلة
وأنا غارق في حبك
سأحبك أكثر يا حبيبتي

سأحبك حتى تجف مياه البحار
سأحبك حتى تذوب الصخور تحت أشعة الشمس
سأحبك أكثر يا حبيبتي
سأحبك ما دامت الحياة تنبض في عروقي
أغمضت لورين عينيها وهي تستمع بكل جوارحها الى الأغنية العاطفية الجميلة , وحين انتهت الأغنية فتحت عينيها وألتقت نظرات جان وهو يبحث في تعابير عينيها ليقرأ أحاسيسها الداخلية, ارتبكت حين التقت عيناها عينيه واختل توازنها , حاولت جاهدة أن تستعيد رباطة جأشها وهدوء روحها ... توقف قلبها عن الحركة بعد أن ضرب ضربات عنيفة , ران صمت ثقيل يشبه السحر , واذا به يقطع الصمت قائلا بلهجة تهكمية:
" كلمات الأغنية تشيد بالأخلاص ... كما تؤمنين أنت حين قلت أنك ستخلصين للرجل الذي ستتزوجين(مال نحوها وقال) اسمعيني مرة ثانية رأيك في الموضوع".
رددت لورين طائعة وكررت كلماتها على مسمعه قائلة:
" لو تزوجت سأخلص لرجلي طوال حياتي معه... اذا كان رجلا طيبا ".
هز جان رأسه موافقا وغرق في كرسيه مرتاح البال.
" ولماذا تريدني أن أكرر رأيي عليك؟".
" لماذا؟ لأن ذلك أصبح عملة نادرة, فتيات هذا العصر لا يؤمن بهذه المبادىء , وفي السنوات المقبلة, واذا كنت لا أزال على معرفة بك, ربما سأذكرك برأيك هذا وأجبرك على الأخلاص والوفاء للرجل الذي ستختارينه زوجا لك".
" وانت... الا تزال تدخل الفتيات الحسناوات الى حديقتك وتعتني بتربيتهن , ثم تقطفهن عندما يزهرن وينضجن وبعد ذلك ترميهن...".
"تماما, أقطفهن حين يزهرن".
" كم أنا مسرورو لأنني لست زهرة في حديقتك...".
" لا, لن تكوني زهرة في حديقتي أبدا, مبادئنا في العشق لا تتشابه".
وابتسم ابتسامة ساخرة:
" ولكنني كما تعرفين صحافي, وأنا لا أختلف عن زملائي الصحافيين , نحن شياطين دون أخلاق أو مبادىء...".
حاولت النهوض لتخرج وتحتمي في غرفتها ولكنه منعها قائلا:
" هل تشاركينني شرابي؟".
" لا بأس, سأشرب كأسا من شراب الكرز".
فتح زجاجةالشراب وصب لها كأسا وناولها اياها قائلا:
" لا تجزعي فأنا لا أخطط للنيل منك( ونظر اليها نظرة حالمة) مع أن الفكرة تراودني ... تخيلي لو حصل ذلك, ستصدر صحف المساء بعناوين عريضة تتصدر الصفحة الأولى, ستكون قصة الموسم( عاد لجديته وسألها) أخبريني عن المدرسة".
سردت له لورين ما طرأ على خاطرها حول أحوال المدرسة والتعليم, كانت مسرورة جدا لأنها دخلت غرفته واستمعت الى الموسيقى معه ودعاها لمشاركته الشراب وتجاذب واياها أطراف الحديث... تماما كما فعل مع أصدقائها من قبل, لقد استمتع برفقتها وتقبل صداقتها ... ولكن ربما يكون قد اختار بينها وبين أن يمضي أمسيته وحيدا ضجرا, وجودها يبدد من ضجره وحسب".
قالت:
" المدرسة قديمة البناء وتتميز بالمحافظة على التقاليد في طرق التعليم , مديرة المدرسة أمرأة مسنة تحاكي عمر البناء المدرسي في قدمه(ضحك كثيرا) وتلميذاتها فتيات يانعات جميلات , لقد دربن أفضل تدريب".
هل تدربن في العقل والجسم, العقل السليم في الجسم السليم؟".
" هذا صحيح".
" تدربن في التقليد دون الأبتكار ".
هزت رأسها موافقة وأخفضت رأسها وهي تفكر بجملته الصحيحة.
" النظام المدرسي الصارم لم يتبدل منذ نصف قرن".
" وربما سيبقى على حاله للنصف المقبل".
" صحيح , أن المعلمين والمعلمات يتمتعن بنظرة ضيقة للحياة, لا خيال أو بعد نظر...".
" نعم, جميعهم من طينة واحدة, عقول صغيرة وخيال مفقود".
" كما كنت قبل أن أعرفك".
أحست لورين بما يرمي اليه في كلامه, الأراء التي تفوهت بها هي أراؤه وأفكاره وتعاليمه , لقد تمكن من تغييرها بمهارة فائقة ودون أن تدري أصبحت تتشدق بكلماته وأفكاره...".
أحست لورين بما يرمي اليه في كلامه, لآراء التي تفهوت بها هي آراؤه وأفكاره وتاليمه, لقد تمكن من تغييرها بمهارة فائقة ودون أن تدري أصبحت تتشدق بكلماته وأفكاره...
قال:
" قبل أن أعمل على تغييرك , لقد أيقظتك من سباتك وجعلتك تؤمنين لأن الزمن يمشي الى الأمام ويغير كل شيء... ألست على حق؟".
لم ترد عله , تريد الخروج من قبضته, نظرت اليه وقد بدا الأنزعاج جليا في تعابيره, أستدارت بسرعة مودعة:
" مساء الخير يا سيد داربي , أشكرك على الشراب".
انحنى لها أنحناءة تمثيلية ساخرة وقال:
" مساء الخير يا آنسة فارس, سررت برفقتك , جلوسي معك كان ممتعا, أنت ولا شك مسرورة لخلاصك من براثني سالمة دون ـية خدوش. ولكن في المرة المقبلة لن يكون الحال كهذه المرة... لا تنسي أنك بصحبة صحافي رديء . أليس كذلك؟".
تركته ودخلت غرفتها وأغلقت بابها وهي تحاول أن تبعده عن أفكارها .
وفي المدرسة, سألتها صديقتها آن:
" هل ذكر لك جان اللأحتفال المئوي لجريدته؟ (نظرت اليها لورين نظرة تعبر عن رأيها بالموضوع) ستقيم الجريدة سهرة بمناسبة الأحتفال بالذكرى المئوية لتأسيسها في فندق كبير في المدينة ولقد دعاني لرفقته اليها".
أخفت لورين غيرتها وسألتها:
" وهل ستذهبين معه؟".
" لا يا عزيزتي. أنا لا أحب ذلك, ولقد طلبت منه أن يدعوك بدلا مني".
" وماذا كان رده؟".
" آه, لا أعتقد أنه سيفعل , لقد ذكر أن الشجار بينكما سجال ولا يريد أن يفسد سهرته تلك بالجدال المكرب... لقد قدَم لوالدتك تذكرتين وأخبرني أن هوغ سيصحب مارغو الى السهرة وعليه أن يجد زميلة لترافقه...".
شحب وجه لورين وحاولت جاهدة أن تتحكم بأعصابها وتحفظ أتزانها , قالت آن:
" لا أعتقد يا لورين أنك ستفلحين معه... أنه ليس من النوع الذي يريد الأستقرار أو الزواج".
" أعرف ذلك(تنهدت بعمق) وأنا أتفهم الموضوع جيدا".
" من المؤسف أن هذه هي الحقيقة , وكنت آمل أن تتفاهما ... عندما زرته في غرفته كنا نمضي معظم الوقت نتحدث عنك , وأعتقدت أنه...".
" ربما لأنني أثير أعصابه وأفضل طريقة ليخرجني من تفكيره هي في الكلام علي ولو من وراء ظهري...".
عبست آن وقالت بهدوء:
"لم يكن الأمر كما تقولين يا لورين... ( ونظرت الى ساعتها) حان الوقت لندخل الى صفوفنا...".
حاولت لورين جاهدة أن تحسن طرق تعليمها , وهي في عملها ذلك تريد أن ترضي جان قبل كل شيء, ربما يسر بعملها ويعرف أنها ليست معلمة متحجرة متزمتة , بل بدأت تتقبل نصائحه وتقدم لطالباتها أساليب جديدة في التعليم مما يشجعهن على الخيال والأبتكار , وهن بدورهن تقبلن طرقها الجديدة برغبة واهتمام , وبدا التفكير الصحيح ينضج في بعض تقاريرهن أو مواضيع الأنشاء...
منتديات ليلاس
وفي ليلة تالية بينما كانت لورين تصحح أوراق تلميذاتها قالت لها والدتها:
" لورين , خذي تذاكر الحفلة الراقصة بمناسبة الأحتفال المئوي للجريدة, فأنا لا أريدها , لقد سألت جيمس أن يرافقني اليها ولكنه أعتذر عن حضور مثل هذه الحفلات الراقصة... الذهاب الى الحفلة يفيدك فأنت شابة صغيرة ونادرا ما تخرجين من البيت في الليل, يمكنك دعوة أحد المعلمين معك في المدرسة لمرافقتك".
أرادت لورين أن ترفض عرض والدتها ولكنها غيرت رأيها بسرعة وقالت:
"حسنا يا أماه , سأذهب الى الحفلة الراقصة سأشتري ثوبا جديدا للمناسبة".
فرحت بريل كثيرا بقرار ابنتها وقالت مبتهجة:
" كم أنا مسرورة لقرارك يا عزيزتي , ستكون فرصة سانحة لك لتتمتعي بوقت طيب وتلتقي الشباب من جيلك".
قررت لورين أن تأوي باكرا الى فراشها في المساء, استعدت للنوم ودخلت سريرها وبدأت تقرأ حين سمعت نقرا خفيفا على باب غرفتها.
" أدخل".
كان جان بالباب, بادرها قائلا:
" ما الأمر؟ لقد أويت باكرا الى فراشك؟".
ارتبكت لورين لوضعها وحاولت أن تلف كتفيها بروب المنزل.
" ماذا تريد؟ لماذا حضرت الى غرفتي؟".
بدأ جان يتفحصها في وضعها المغر ي حتى أضحى لون وجهها بلون ثوب نومها الأحمر الرقيق.
" قبل أن تنامي , أريد أن أتحدث قليلا معك أيتها الفتاة تاحفيصة الرزينة الطاهرة...".
جلست لورين في سريرها وجلس جان على حافة السرير , وأحاطها بذراعيه بحركة عفوية يريد أثارة أعصابها ونرفزتها قال:
" لا لزوم للخوف, ليس في نيتي الصدام معك رغم أن المكان والزمان مناسبان لذلك(نظر اليها متمتما) الا اذا رغبت في ذلك...".
ضحكت لورين على طريقته في المزاح وشاركها ضحكها وقال :
" أنت ضاحكة أجمل بكثير مما أنت عابسة , والآن اليك هذا الكتاب ( دفع اليها بكتاب كان قد جلبه معه) ربما يروقك أيضا... أنه يبحث في أمور الصحافة والطباعة والتحرير وهو مؤلف خصيصا ليفيد طلاب المدارس...".
فتحت لورين الكتاب باهتمام وتصفحت فصوله:
" أنه ممتاز وسيساعدني كثيرا في مهنتي , أشكرك , لقد غيَرت كثيرا من طرق تعليمي في صفوفي بعد أن تعلمت بعض أقتراحات كتابك السابق".
" أنظري الى هذا الفصل ... أنه يتناول مصادر المعلومات والأخبار التي يحصل عليها الصحافي ويشرح بالتفصيل تبويب الجريدة, سيتعرف التلاميذ الى أبواب الجريدة الدائمة وسيكتشفون طرقا مختلفة لكتابة القصة الواحدة وما هية سياسة التحرير , سيتمكنون بعد ذلك من تقييم الجريدة وأهدافها...".
" سيكون موضوعا شيقا للبحث في غرفة الصف وسيشارك الجميع في الرأي".
شاهد جان حماسها وأندفاعها واهتمامها وهو يقول:
" الصحافة قسم من حياتهن اليومية وسيهمهن التعرف اليها, سيتعلمن كيفية كتابة تقرير عن الحوادث اليومية بكلمات مختصرة وسهلة , كل مراسل صحافي يتعلم الكتابة المختصرة (قال ساخرا) مما يجعل عمل المحرر عملا شاقا مميزا. (صمت قليلا ثم أكمل) سأحاو أن ألخص لك بعض الملاحظات الهامة التي يجب مراعاتها في غرفة الصف ... ما رأيك؟".
فتح الباب الخارجي وحضرت السيدة فارس من الخارج , صعدت على الفور الى غرفة ابنتها تريد الأطمئنان عليها كعادتها.
قالت لورين:
" ملاحظاتك تلك ستساعدني ولا شك , شكرا جزيلا".
هز جان رأسه موافقا وقال:
" طبعا".
صرخت السيدة فارس وقد فوجئت بوجوده جالسا على حافة سرير ابنتها , قال جان مبررا وجوده:
"لا شيء مهم يا سيدة فارس, فأنا لم أتحرش بأبنتك مع أنني فعلا سألتها(قال مازحا) ولكنها رفضت بالطبع".
ابتسمت بريل وقالت:
" أنا لا أفكر بك على هذا النحو يا جان , فأنا أعرفك جيدا".
" صحيح , أنا مسرور لثقتك الغالية".
" بالمناسبة أن لورين تريد أن تذهب الى الحفلة الراقصة التي ستقام بمناسبة مرور مئة سنة على تأسيس الجريدة التي تعمل بها عوضا عني, جيمس لا يحب الحفلات الراقصة ولورين ستستمتع بحضورها , أليس كذلك يا صغيرتي؟".
هزت لورين رأسها موافقة , قام جان من جلسته في طريقه الى الخارج وقال:
" هذا سيوفر علي عناء التفتيش عن رفيقة, عمتما مساء".
وبعد أن خرج جان , خرجت بريل أيضا وأغلقت باب الغرفة دونها وتركت لورين لتستري , ولكن النوم جفاها ... وكيف تنام وقد غمرتها الفرحة... سترافق جان الى الحفلة الراقصة كصديقته...".
وجدت لورين صعوبات جمة في تبويب مجلة المدرسة وترتيب عناوينها, حاولت بمساعدة آن خلال فترة الظهيرة ولكنهما لم تفلحا, تنهدت آن تعبة وقالت:
" أنها ليست كما يجب, عليك طلب مساعدة جان في هذا العمل, اطلبي نصيحته وأطلعيه على محاولتنا الفاشلة... لن يتأخر في مد يد المعونة...".
لم توافق لورين على طلب أية خدمة من جان, ولكن آن أقنعتها بالضرورة الملحة لهذه الخدمة وقالت:
" في أسوأ الحالات سيرفض مساعدتك... لن يأكلك".
وفي المساء بقيت لورين تعمل في غرفة الطعام وتصحح بعض المواضيع الأنشائية في انتظار جان لتعرض عليه ما أنجزته في ترتيب مجلة المدرسة , وحين وصل حملت اليه مشروع الجريدة ودخلت غرفة الجلوس... دخل جان بصحبة مارغو فرنش... ابتسمت مارغو ابتسامة ساخرة وهي تسلم على لورين وتتفحصها بنظرة خبيثة من أخمص قدميها الى قمة رأسها , ثم خطت خطوات كلها غنج ودلال نحو السلالم في طريقها الى غرفة جان...
حاولت لورين أن تخفي خيبة أملها وهي نعود أدراجها الى غرفة الطعام, شاهدها جان على هذا الحال وسألها عما تريد...
كانت مارغو لا تزال في غرفة جان حين صعدت لورين لتأوي الى فراشها , بقيت تسمع ضحكاتها وثرثرتها مختلطة بالموسيقى... وفي النهاية غلبها النعاس ونامت قبل أن تغادر مارغو المنزل.
وفي الصباح التالي عاود جان سؤاله لها:

" ماذا كنت تريدين؟".
ولكن لورين أصرت على أن لا شيء مهم... بدا عليها الأنزعاج والغضب , قالت في نفسها... هو حر في استقبال من يشاء من الضيوف في غرفته, ثم أن والدتها لم تحدد له أوقات الزيارات ومواعيد انتهائها...
وفي المساء حضر باكرا وأمسك بها وجها لوجه وأعاد سؤاله:
" يجب أن أعرف ماذا كنت تريدين؟".
حاولت أن تفلت من قبضته وقالت:
" لا شيء مهم...".
هربت الى غرفة الطعام , تبعها وشاهدها تفرغ حقيبة العمل وتخرج منها ملف مشروع الجريدة , ثم تدفعه من جديد الى داخل الحقيبة , ولكنه لاحظ حركتها وأخرج الملف بالقوة ورأى أجزاء الجريدة...
" الآن عرفت ...( بدأ يتصفح المقالات المبوبة ويتعرف الى عملها وابتسم ساخرا) أنت لست ****ة عن ترتيب الجريدة , أليس كذلك!".
" نحن لسنا صحافيين , نحن معلمات لا نفهم الكثير في عمل الصحافة,( رفع حاجبيه) بذلنا جهدا جبارا دون فائدة".
" وماذا تريدين؟".
" أرجوك, هل تستطبع مد يد المساعدة لنقوم بعمل أفضل؟".
أخرج كرسيا وجلس الى الطاولة , أصبح هو الأستاذ وهي الطالبة , بدأ يشرح لها أسس توضيب المجلة وتبويبها وعمل رئيس التحرير , يشطب ما يلزم, ويختصر متى وجب الأختصار , ويشير الى القصص التي يمكن تفصيلها أكثر.
وحين أنتهى من عمله, أخبرته أن ثمار جهوده ستظهر قريبا في اخراج مجلة المدرسة كأفضل مجلة ظهرت حتى الآن.
ابتسم وقال:
" وأنت مديرة التحرير ستنالين كل المديح والأطراء , بينما أنا الذي قمث بالعمل المضني".
" وهل تريد أن أشكرك على جهودك ونشير الى كونك ساعدت في التحرير؟".
"كمساعد لمديرة التحرير؟".
كاد جان أن ينفجر غيظا وهو يردد:
"أنا مساعد مديرة التحرير ؟ وتقولينها بملء فمك...".
خرج من الغرفة مقهقها وقال:
" أنت فتاة لعوب وشيطانة ووقحة".
اشترت لورين حقيبة يد جديدة وأخرجت محتويات حقيبة يدها القديمة فوضعتها في الحقيبة البنية الجديدة, وصلت الى المدرسة تحمل الحقيبة الجديدة التي نالت اعجاب المعلمات وحسدن.
اهتمام لورين بهندامها أصبح ملموسا من الجميع حتى أن هوغ بدأ يطري ذوقها في اختيار ثيابها , ويحاول التودد اليها من جديد , أعتقدت لورين أنه على خلاف مع مارغو التي عادت لمصاحبة جان وتركته يلهث خلفها وحيدا, ولكن ذلك غير معقول لأنه سيرافقها الى الحفلة الراقصة... من الواضح الآن أن مارغو تستطيع أن تحتفظ برجلين تحت سيطرتها , تشدهما متى ترغب, وتبعدهما متى تريد, أنها تتمتع بأنوثة تحسد عليها.
عادت لورين من المدرسة وقد رتبت أمرها على تمضية أمسيتها منفردة, لقد ذهبت والدتها برفقة جيمس الى فرع للشركة التي تعمل بها يبعد أميالا قليلة عن المدينة, وكذلك جان كان عليه أن يعمل متأخرا في الليل.
وصلت الى البيت وفتشت عن مفتاحها في الحقيبة الجديدة ولم تجده, لا بد وأنها تركته يقع في جيبة صغيرة في الحقيبة القديمة, وأغفلت أن تنقله الى الحقيبة الجديدة , جلست على عتبى الباب الخارجي تفكر بوسيلة تمكنها من دخول بيتها , الشبابيك محكمة الأغلاق من الداخل ولا منفذ لها الا بواسطة المفتاح الخارجي.
حاولت أن تجد وسيلة ممكنة للخلاص من ورطتها , لا بد لها من الذهاب الى جان في مكتبه بالجريدة لتستعير مفتاحه..
هذا هو الحل الوحيد لمشكلتها السخيفة والمربكة... قامت على الفور ودخلت منزل الجيران وتكلمت مع جان بالهاتف , وبعد أن تعرف الى صوتها انفجر ضاحكا.
" اذا كنت تعتقد أن ذلك مضحك لهذا الحد فلن أزعجك".
كادت أن تقفل السماعة.
" لا تكوني غبية , بالطبع يمكنك الحضور الى المكتب , تعالي بالباص , سأنتظرك".
وضعت لورين سماعة الهاتف وذهبت الى مكاتب الجريدة , وحين وصلت قالت لها موظفة الأستقبال:
" خذي المصعد الى الطابق الثالث , المكتب هو أول باب الى اليمين".
دخلت لورين المكتب واستقبلها ستة شبان بعيونهم النهمة, والتفوا حولها محدقين كأنهم يرون فتاة جميلة لأول مرة , الغرفة واسعة ودافئة ومنيرة, جالت ببصرها في الحاضرين تفتش عن جان حتى وجدته, ركضت اليه تحتمي من نظرات الشباب الجائعة , قدم لها كرسيا لتجلس ولكنها بقيت واقفة تريد أن تأخذ المفتاح وتركض هاربة من الغرفة بأقصى سرعة... ولكن جان يريد أن يتسلى بوجودها وبدأ يقول:
" ما سبب زيارتك؟".
" أنت تعرف جيدا أنني حضرت في طلب المفتاح".
" آه , تذكرت.( ابتسم وفتش في جيوله) ولكنك لم تطلبيه بعد, اجلسي واستريحي".
بدا عليها الأنزعاج والأرتباك وهذا ما ضاعف سروره , اقترب أحدهم منها , جلست على الفور من خوفها, أحاط بها آخران وجلس رابع فوق مكتب جان يحدق بها.
قال جان مبتسما:
"ما هذا ؟ هل نحن في مؤتمر صحافي أم أنكم تجرون مقابلة مع الآنسة؟".
أحاط بها الشباب وقالوا تباعا:
" هيا يا جان , عرفنا".
قال أحدهم:
" هل هي صديقتك؟".
سأل آخر:
" هل هي آخر صديقة لك؟".
رد آخر:
" أشك في ذلك".
تمتم آخر:
" أنها ليست من النوع الذي يستهويه".
قال الأول:
" هيا يا جان, تكلم, اعترف, كل ما ستقوله سيبقى سرا ولن نذيعه أو ننشره في الجريدة".
قال أحدهم :
" العصافير يحمن حوله باستمرار وكل يوم عصفورة جديدة . نحن لا نرى العصفورة برفقته مرتين...".
قطب جان حاجبيه ووجد أن لا مفر أمامه سوى أن يعرفها اليهم قائلا:
" الآنسة فارس. معلمة اللغة الأنكليزية في مدرسة للبنات في المدينة".
قال أحدهم:
" معلمة مدرسة؟".
قال جان:
"أنني أستأجر غرفة في منزل والدتها".
قال أحدهم :
" تعيشان تحت سقف واحد".
قال آخر:
" صديقان حميمان".
قال جان:
" أنتم مخطئون , نحن لسنا صديقين ... أليس كذلك يا آنسة فارس؟".
ضحك الجميع.
"سأقول لكم يا شباب أن هذه الفتاة تعض ...( حاول الشباب الأقتراب منها) وأنا أعني ذلك بالمعنى الحقيقي وليس بالمعنى المجازي فقط. رأيها في الصحفيين لن يعجبكم...".
صرخ الشباب:
" أوه".
قال جان:
" هل تعرفون ما قالته لي يوم وطئت قدماي عتبة بيتهم لأول مرة؟".
قالت لورين:
" أرجوك , لا تتكلم...".
ولكنه صمم أن يكمل حديثه بالرغم من رجائها فقال:
"سأقول لكم, ولكن عندما أنتهي لا تعتدوا عليها لأنني لن أسمح لكم بذلك . ( وبدأ يعد على أصابعه) قالت : أن وجود صحافي في البيت كوجود جاسوس , وأنه قد وضع مسجلا في المنزل يحصي الأقوال والأفعال , وقالت: باعتقادي أن الصحافيين يتقاضون أجورا مرتفعة مقابل عمل لا يحتاج الى مهارة.( حبست لورين أنفاسها بانتظار العقاب الذي ستناله من الجميع. وأكمل جان) وأن المراسلين الصحافيين ينقبون في الحياة عن الدبابيس الصدئة العفنة وينشرونها على العالم كحقيقة يجب تقبلها ".
ضحك الجميع... لم يغضب أحد منها , بل على العكس شاهدت نظرات الأعجاب تلفها مما زاد من أستغرابها .
قال أحدهم:
" أنها ليست مخطئة".
قال آخر:
" لديك فتاة ملتهبة تعيش معك في منزل واحد وتقول أنكما لستما ...".
قال جان:
" أقسم لكم , أننا لم نمسك بأيدي بعض ... أليس كذلك يا آنسة فارس؟".
قال أحدهم:
"كن صادقا.. لا بد وأنكما تتفاهمان ولو لبعض...".
قال جان مقاطعا:
"يا شباب , حضرت الآنسة لمقابلتي وليس لمقابلتكم ".
نظر اليهم نظرة آمرة صارمة وعلى الفور تفرق كل الى عمله.
طلب جان فنجان شاي من الموظفة المسؤولة وللفور لبي طلبه.
قال جان :
" استريحي وتناولي فنجان الشاي فسيساعدك في طريق العودة".
أخرج بعض الأوراق من درج المكتب وقال:
" أقتربي بكرسيك وأقرأي هذا التقرير".
فعلت لورين كما أمرها وهي تتناول فنجان الشاي.
" سأعلمك أول درس في قواعد التحرير, أقرأي وقولي اذا كانت المقالة تحتاج لبعض الأختصار".
وبعد أن قرأتها وضعت كفها وغطت بها آخر ثلاثة أسطر...
" تفعلين ذلك؟ المعلومات الأساسية موجودة في الثلاثة أسطر الأخيرة...".
قرأت المقالة من جديد وقالت:
" آسفة , لم أنتبه".
" عملية الأختصار تتناول الكلمات , عليك أن تستبدلي بعض الكلمات الكبيرة بأخرى صغيرة سهلة تستعمل كل يوم, مثلا , أرتدى ثيابه تصبح لبس ثيابه , راقب البرج تصبح نظر ... وهكذا ...( كان يشطب أمامها ويغير وهي تراقبه باهتمام) وأذا لزم الأمر تعاد كتابة المقالة من البداية...".
كانت لورين تستمع الى شرحه باهتمام وتفهم , تمنت لو تبقى وقتا أطول تتعلم منه دروسا في التحرير, نظرت الى ساعتها تستطلع الوقت.
قال:
" أفهم أنك تأخرت وتريدين المفتاح".
أخرجه من مجموعة مفاتيحه ووضعه في كفها , وضغط بكفه فوقها فترة أطول مما يجب... بدأ قلبها يسرع في ضرباته وهو ينظر اليها نظرات تعبر عن الرقة والحنان, وقال مازحا:
" طالما أنك تطلبين مفتاح قلبي...".
وصلت الى باب المكتب حين ناداها قائلا:
" ألن تقولي وداعا يا آنسة فارس؟ ربما نكون من أكلة اللحوم , ولكننا لا نأكل لحوم البشر...".
نظرت اليه تودعه ورأت خيبة الأمل بادية على محياه ولم يبتسم مودعا ... ولكنها ضحكت ضحكة بريئة وهي تراه على هذا النحو , التفت الشباب على رنة ضحكتها , وبدت السعادة على وجوههم كأن الشمس قد أشرقت دون أنتظار...

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 22-06-09, 06:08 PM   المشاركة رقم: 8
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

5- الحفلة الراقصة
أواخر تشرين الثاني(نوفمبر) والحفلة الراقصة التي ستقام بمناسبة مرور مئة عام على تأسيس الجريدة التي يعمل بها جان مدير تحرير الأخبار فيها وقد أقترب موعدها , لورين متحمسة جدا لرفقة جان الى هذه الحفلة, وحماسها يزداد يوما بعد يوم وتعتبر موعدها نعمة كبرى.
نزلت لورين الى السوق برفقة والدتها وأنتقت ثوبا جديدا يليق بالمناسبة المرتقبة, اشترت فستانا من المخمل الأحمر , يظهر جمال وتناسق تقاطيع جسمها , دون أكمام , وقبة مفتوحة مستديرة تكشف عن قسم كبير من الرقبة والصدي , وستعيرها والدتها عقدها اللؤلؤ المكون من دورين لتجمل به صدرها.
منتديات ليلاس
في طريقهما الى المنزل أخبرت بريل أبنتها لورين أن أبن جيمس سيعود الى أنكلترا خلال الأيام القليلة المقبلة.
قالت لورين مندهشة:
" لم أكن أعرف أن عنده أبنا شابا".
" أنا متأكدة أنني أخبرتك ذلك, وقلت أيضا أن اسمه ماتيو".
" ما شكله؟ هل هو كتزوج؟".
" رأيت صورته عند جيمس , شاب وسيم شعره كثيف ويشبه والده بوجهه المستدير البشوش .... أنه غير متزوج ولكن جيمس يتوق أن يراه مستقرا وهو في هذا العمر , أخبرني والده أن لديه صديقة حميمة في الخارج وهو يعرفها منذ سنتين أو أكثر, ماتيو مهندس مدني يقوم ببناء الجسوء في خارج أنكلترا".
وعندما وصلتا الى المنزل دخلت لورين الى غرفتها وأعادت تجربة فستانها الجديد وهي مسرورة فرحة, وقفت في غرفة والدتها تعيد النظر اليه في المرآة عندما سمعتا صوت سيارة جان تقف في المدخل , دفعت بريل لورين الى غرفتها وقالت:
" أسرعي يا عزيزتي وبدلي ثيابك... لا تدعيه يراك في الفستان الجديد قبل الحفلة , نريد أن نفاجئه".
بدلت لورين بسرعة فائقة وعادت الى ثيابها التي كانت ترتديها في السوق, ونزلت من غرفتها باتجاه غرفة الجلوس , التقت جان في طريقها , بصحبة فتاة أخرى غير مارغو ولكنها تفوقها أناقة وأنوثة وأكثر شموخا وتكبرا , لم يدع جان الفتاة تتكلم بل دفعها بسرعة الى داخل غرفته وأغلق الباب دونهما.
قالت لورين في نفسها: أنه وردة جديدة في حديقته... وأحست وجعا أليما في قلبها وحزنا في كيانها , بقيت الزائرة الجديدة مدة طويلة معه في الغرفة , لم تسمع لورين الضحك المعتاد أو الثرثرة وحتى الموسيقى... الهدوء يخيم كليا على جو الغرفة , وكانت تفضل لو تسمع الضجيج والقهقهات ورائحة السكائر تنساب عبر الباب المغلق أكثر بكثير من هذا الصمت المخيف... الذي غالبا ما يلف المحبين والعاشقين.
وبعد مدة طويلة خرج جان بصحبة الفتاة وأوصلها الى الباب الخارجي مودعا , وعاد الى غرفة الجلوس حيث التقى لورين وبادرها قائلا:
" أهلا لورين".
لم تجب, نظرت اليه نظرة حادة غاضبة وكأنها لا تصدق ما الذي يجري حولها, حدق اليها وقال متسائلا:
" لماذا؟ هل تغارين؟".
قالت بنزق:
"ولم أغار؟ أنت لا تعني لي شيئا البتة , لا تخدع نفسك وتعتقد أن سحرك لا يقاوم ... فأنا لست وردة في حديقتك...".
كانت لورين تريد أن تسخر منه ولكن الألم كان يعصر فؤادها , دخلت الحمام تحنمي فيه وأطلقت لدموعها العنان , وبقيت تغسل وجهها من الدموع المتساقطة

رغما عنها حتى هدأت نفسها وارتاحت , دخلت سريرها تحاول النوم ولكن النوم جفاها...
وفي صباح اليوم التالي التقاها جان وهو في طريقه الى عمله, قال يخاطبها كأن الحديث بينهما لم ينقطع منذ البارحة:
" اذا كنت تصرين على معرفة ما كنا نفعل البارحة... كنا ننجز بعض الأعمال الصحافية...( وسعت لورين عينيها غير مصدقة) واذا نظرت ال] يا آنسة فارس هذه النظرة كأنك لا تصدقين ما أقول, فحماقتك لا حدود لها...".
احمرت لورين خجلا بل غضبا, وصعقت من وقاحته في مخاطبتها وركضت تلملم أذيال الخيبة والمهانة.
وبعد بضع ليال قالت بريل تحادث أبنتها:
" لقد قابلت ماتيو...".
" ماتيو؟".
" أنه ابن جيمس , هل تذكرين؟ أنه شاب مهذب وقد دعوته للعشاء مع جيمس في الأسبوع القادم, في الليلة التالية للحفلة الراقصة لأهل الصحافة".
" صحيح, حسنا. سأكون جاهزة للقائه".
وصل موعد الحفلة الراقصة, كانت لورين تترقب بلهفة كبرى حلول الموعد كطفلة صغيرة, أرتدت ثيابها بمساعد ة والدتها وبحماس ولضح, كانت تلبس تنورتها عندما سمعت طرقا خفيفا على باب غرفتها , وعلى الفور فتح الباب وأطل جان برأسه دون أن ينتظر السماح له بالدخول , فتشت لورين عن روب المنزل لتستر به نفسها ولكنها كانت قد علقته خلف الباب.
ضحك جان ببراءة وقال:
" هل ستذهبين هكذا الى الحفلة؟ ستكونين أجمل الفتيات وأكثرهن أغراء".
صرخت لورين بصوت غاضب:
" وماذا تريد الآن؟".
" جئت لأعلمك أن هوغ سيمر عليك ليصحبك الى الحفلة".
غطت وجنتيها بيديها من الخجل وبانت جيبة الأمل في عينيها:
"ولكن... ولكن كنت أعتقد أنني سأذهب برفقتك...".
هز كتفيه وقال:
" أسف, لقد غيرت مارغو رأيها في آخر لحظة... تريدني أن أرافقها ... وما تريده مارغو تحصل عليه...".
ثارت ثائرتها وشدت على قبضة يدها بانفعال ظاهر, لم يعد يهمها أن تخفي غضبها أو أنفعالها.
بصقت في الهواء وقالت:
" أنت شهم وشجاع, أنك تحافظ على مواعيدك وأرتباطاتك وتفي بوعودك".
" من يسمعك( كان يحدق بها بنهم وخبث ويتفحصها من قمة رأسها الى أخمص قدميها) يعتقد أن أملك قد خاب...".
بقيت برل صامتة تراقب ما يجري حولها دون أن تتكلم , ولكنها أخيرا قالت بحماس:
" نعم ,لقد خاب أملها فعلا , كانت تريد أن تذهب الى الحفلة برفقتك أنت".
استدارت لورين تخاطب والدتها وقد ازداد غضبها أضعافا لتعليق والدتها:
" هذا ليس صحيحا , لا يهمني أن أرافقه".
فتحت بريل فمها مستغربة كليا ما يجري, ولكنها لم تتكلم.
قال جان:
" أهكذا؟ يراودني خاطر أكيد أن أتصل بمارغو وأعتذر منها وأصحبك أنت فقط لأثير غضبك وأزعجك".
ضحكت بريل ضحكة متكلفة في محاولة لتهدئة الجو وقالت:
" لا , لا تفعل , لا يهم الآن أن نزيد الأمور سوءا , سيصحبها هوغ".
استدار جان وخرج:
" مساء الخير يا سيدة فارس( والتفت الى لورين) سأراك في الحفلة فيما بعد".
" لا أريد أن أذهب, آسفة يا أماه ولكن حماسي قد تبخر ولم أعد راغبة في الذهاب".
قالت بريل:
" من الواضح أن أملك قد خاب يا صغيرتي , ولكن لا بأس , سترينه هناك وربما سترقصين معه أيضا...".
أنهت لورين أرتداء ثيابها وتحضير نفسها , ألقت نظرة أخيرة على نفسها في المرآة وشاهدت تعابير وجهها الحزينة , قالت في نفسها :أنا لا أريد رفقة هوغ وهو أيضا لا يريد صحبتي , كلانا يتطلع الى رفيق آخر... تجمعنا المصيبة الواحدة.
بدأت والدتها تطري محاسنها في محاولة لرفع معنوياته , استعارت لورين منديله الأحمر وربطته في شعرها متحدية.
قالت بريل:
" لماذا؟ اتركيه منسدلا أكثر ويضفي عليك جمالا فوق جملك ".
" لا أريد, أنه يضايقني وينساب على وجهي ويثير عصبيتي".
استقبلت لورين هوغ بفتور ظاهر وابتسامة متكلفة , كانت جامدة النظرات حائرة... ترد على مجاملته بكلمات تافهة لا معنى لها , قاد سيارته الى الفندق حيث ستقام الحفلة , أوقفها في المرآب , وجدت سيارة جان تقف بالقرب من سيارة وغ , نزلت من السيارة بعد أن لفت نفسها بمعطفها الواسع , وأنتظرت هوغ حتى أقفل السيارة ومشى صوبها ووضع ذراعه وقادها الى داخل
الفندق . دخلت لورين الى غرفة السيدات لترتب زينتها وتخلع معطفها وقالت تخاطب هوغ:


" سألقاك هنا بعد دقائق قليلة".


ألقت لورين نظرة أخيرة على المرآة تطمئن الى جمالها وأناقتها , كانت تظن ثوبها جميلا ولكنها بعد أن شاهدت أثواب الأخريات حولها وجدت أن فستانها يبدو بالمقارنة عاديا جدا.


قالت مارغو حين شاهدت لورين في غرفة السيدات:


" أهلا يا آنسة فارس".


كانت موردة الخدين وسحرها طاغيا بفستان أبيض واسع محلى بالكشاكش , ترتدي معه جزمة بيضاء , وتضع كذلك وردة بيضاء في شعرها.


"مساء الخير يا آنسة فرنش".


" هل هوغ معك؟".


" أنه ينتظرني في الخارج".


"حسنا علي أن أجد جان, أنه شاب لطيف , خفيف الظل ... قال أنه لا يمانع في تبديل المرافقين لنا في آخر لحظة, جان راقص ماهر بينما هوغ لا يجيد الرقص... كان لا بد من مرافقة جان بدلا من هوغ كي أتمتع بالرقص في هذه الحفلة ... وأنت لا ما مانع عندك يا آنسة فارس!".


تصرفات مارغو سخيفة وطفولية للغاية مما جعل لورين تشعر بأنها تكبرها بمئة سنة أو أكثر, ابتسمت لورين وهزت رأسها موافقة دون أن تجيب بكلمة واحدة , ثم تبعت مارغو الى خارج غرفة السيدات وشاهدتها وهي تحيي هوغ وترفع له يدها ثم تدخل الى قاعة الفندق حيث ستقام الحفلة الراقصة , وغابت وسط الجموع.








حاول هوغ اللحاق بمارغو ولكنه توقف حين لمح لورين تقترب منه, كانت خيبة أمله كبيرة أكبر من خيبة أملها... لأو هكذا أعتقدت لورين .


أمسك هوغ بذراعها ومشى واياها في القاعة الكبرى حيث دخلت مارغو, كان يأمل أن يلتقي جان ومارغو لينضم اليهما, ولكنهما كانا في وسط القاعة ضمن مجموعة من الزملاء الصحافيين, جلس الجميع حول طاولة مستديرة يضجون بالضحك ويثرثرون.


قالت لورين في نفسها: لا أحد يستطيع منافسة مارغو ... رغباتها تنفذ على الفور, جلست مع هوغ الى طاولة صغيرة ونظرت باتجاه طاولة جان فوجدته يحدق في وجه مارغو التي كانت تردد نكتة للمجموعة , ضحك الجميع من جديد , كان الرجال يحيطون بها أحاطة السوار بالمعصم.


شعرت لورين بالغيرة القاتلة أكثر من أي وقت مضى, كادت تختنق من شدة أنفعالها وغضبها, حاولت أن تبتسم لمرافقها رغما عنها , ولكنها وجدته يحدق بمارغو من أقصى الغرفة.


قالت بعصبية واضحة:


" أريد بعض الشراب يا هوغ".


اعتذر عن اغفاله هذا الأمر وقام على الفور لتلبية طلبها , بقيت لورين تجلس منفردة وسط المدعوين, نظر اليها جان من بعيد نظرة باردة قاسية وشعرت كأنها دمية لا تروق لأحد.


نظرت حولها وهي تفكر في طريقة للهرب من الحفلة قبل عودة هوغ , كانت واثقة بأنها لو فعلت هذا فلن يفتقدها رفيقها أبدا, كل ما سيفعله هو أن يمشي باتجاه مارغو وينضم الى مجموعة المعجبين.


حضر هوغ وبيده كأس شراب الكرز, تناولته منه وشكرته بابتسامة خفيفة ولكنه لم يلحظها , أخذ سيكارة من علبته بتأن وجلس قربها يدخن, انسابت الموسيقى الراقصة وشاهدت لورين جان يسير برفقة مارغو الى حلبة الرقص ويبدو عليه المرح.


أحست لورين تشنج هوغ وهو يراقب جان يراقص مارغو ويتثنى بها مع تناغم الموسيقى برشاقة وانسجام تام, أما هي فكانت تراقبهما بشعور المغلوب على أمره , لا تستطيع أن تفعل أي شيء حيال نجاح مارغو باقتناص جان والأستيلاء عليه.


قال هوغ كأنه يقوم بواجب وهو مجبر عليه:


"هل ترقصين يا لورين؟".


قامت تسايره ودخلت واياه الحلبة , كانت تتعثر في حركتها وتجاوبها مع الموسيقى مما جعلها تطأ رجلي هوغ مع كل خطوة, وأقتصر الكلام بينهما على الأعتذار عن تعثرهما... ضحك هوغ أخيرا من ارتباكها وانتهت المعضلة مع نهاية الرقصة, عادا الى طاولتهما وكأنه ارتاح من عملية أنهكت قواه.


" هل تريدين كأسا ثانية؟".


كان هوغ يريد الهروب ولو لدقائق.


" لا شكرا, يمكنك أن تشرب أنت".


قام هوغ على الفور وتركها من جديد, غاب طويلا , تعجبت لورين من تأخره, نظرت الى طاولة مارغو فوجدته يقف قربها يضحك ويثرثر وهو بادي الأنشراح.


والآن حان الوقت لتهرب من الحفلة, وماذا ستنتظر ؟ لقد هجرها رفيقها ونسي وجودها , جملت حقيبتها وحاولت النهوض...


"ماذا تفعل فتاة شابة جميلة مثلك في حفلة راقصة دون رفيق؟ هل تحتاجين لشراب؟".


حضر رجل آخر وقال:


"هل تراقصينني؟".


حضر جان من ورائها ووضع يده على كتفها وصرخ بالشباب الذين تحلقوا حولها:


" أبعدوا أيديكم عنها. أتركوا هذه الفتاة وشأنها".


" وهل هي رفيقتك؟".


قال آخر:


" ربما هي آخر صديقة له".


" لا مانع لدي يا حبيبي,هوغ هو رفيقي أليس كذلك؟ أنت لست الحصاة الوحيدة على الشاطىء( وتمتمت في أذن لورين) أنا أستطيع أن أسترده متى أرغب, والى ذلك الحين فأنا أعيره لك يا آنسة فارس(رق صوتها كأنها قطة تموء) سيكون بأمان معك ولا خوف عليه برفقتك يا آنسة فارس...".
رفع جان حاجبيه ساخرا, وابتسم وهو ينظر الى خطوط كغه كمن يقرأ خطوط المستقبل وقال:
" لا تكوني واثقة جدا مما تقولين, فأنا لست شيئا للأعارة والتأجير , أنني أنسان أملك نفسي ولست ملك أحد".
أعجبت لورين بجرأته في محاولة التملص من براثن مارغو لأستعادة حريته... ولكنها كانت تعتقد أن معركته خاسرة في النهاية ... وكما قال جان في بداية السهرية ( ما تريده مارغو تحصل عليه...".
نهضت مارغو غاضبة وجرت هوغ خلفها الى حلبة الرقص بينما وقف جان يراقبهما مبتسما.
" هل تشربين شيئا يا لورين؟".
هزت رأسها موافقة وتمتم في أذنها وهو يمشي ليجلب لها كأس الشراب:
"أسمي جان...".
" شكرا ... يا ... جا...ن... يا جان".
شرب جان كأسه وأنتظر أن تنتهي من شرابها , ثم قال كمن نفذصبره:
" أريد أن أرقص".
مشت معه فضمها ورقصا صامتين رقصة حالمة هادئة ... تمتم جان في أذنها:
" وتقولين أنك لا تجيدين الرقص؟".
" من الغريب أنني أرقص معك بليونة لم أعهدها في نفسي من قبل ...".
ابتسم ابتسامة عريضة , ولما انتهت الرقصة قالت لورين:
" أعتقد أن علي أن أعود الى البيت".
" هل تمتعت بالحفلة؟".
" نعم, تمتعت بها كثيرا ولكن أرجوك أن توصلني الى البيت".
حملت معطفها وركبت قربه في سيارته وقادها في صمت ثقيل, حين وصلا أقفل محرك السيارة وبقيا على صمتهما, أحست بتشنج وتوتر في كل عصب من أعصابها لوجوده قربها , أمسك بذقنها بين أصابعه وأدار رأسها اليه, جنت ضربات قلبها وازداد خفقانه, وصلت يده الى عنقها من الخلف وأفلت المنديل الذي عقصت به شعرها , وللحال انسدل على كتفيها ووقع المنديل الى أرض السيارة.
مد يده بحنان وضمها اليه, غاصت في بحر العاطفة الهوجاء وغرقت في لججه , حاول أن يتراجع قليلا ولكنها تشبثت به كما يتعلق الغريق بدفة النجاة, وهي مسحورة مسرورة وقد أفلتت لأحاسيسها العنان فطارت بها الى السماء السابعة... ولم تعد تريد أن تفكر بشيء... تراجع كل منهما الى مقعده وبقيا صامتين مبهورين.
تمتم جان:
" يا الهي...".
وكررها عدة مرات.
أسندت لورين رأسها الى مقعدها وأغمضت عينيها وبقيت صامتة, وبعد وقت قليل تمالكت توازنها واستعادت طبيعتها المحافظة وارتبكت كثيرا وهي تستعيد في ذهنها ما حل بها وما شعرت به...لقد استسلمت لعواطفها كليا وتركت نفسها على سجيتها دون رادع , ارتبكت أكثر لأنه أحس تجاوبها مع عاطفته دون الحاجة بها الى الأفصاح ... لقد لمس تعلقها به وحبها الذي لا يعرف حدودا.
أدركت أخيرا أنها دخلت حديقته بارادتها ... دخلتها دون أذنه, دخلتها رغم معارضته السماح لها بالدخول.
قالت وهي شاردة الذهن:
" آسفة, لقد دخلت حديقتك سهوا, لقد كبرت وأينعت تحت رعايتك الخبيرة في الورود , أليس كذلك؟ بقي أن تقطفني وترميني كالأعشاب اليابسة( حاولت أن تفتح باب السيارة لتخرج) سأوفر عليك التعب, سأخرج من الباب الصغير الخلفي وسأغلقه ورائي , كن مطمئنا فلن أدخلها مرة ثانية( خرجت من السيارة وأكملت ) شكرا لأيصالي الى المنزل وعمت مساء".
" عمت مساء يا لورين".
صوته دافىء هادىء ومتوازن وهو يودعها ... أدار محرك سيارته من جديد وغاب وسط العتمة..




 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 22-06-09, 06:17 PM   المشاركة رقم: 9
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


وقف ابنه ماتيو بالقرب منه, كان أطول منه قليلا , ممشوق القوام , كثيف الشعر وعيناه ضاحكتان كعيني والده.


أغلقت بريل الباب الخارجي وتم التعارف بين الجميع وتصافح ماتيو ولورين.


قال ماتيو:


" لم أكن أتصور أنني بعد ثلاثين سنة من عمري ستكون لدي شقيقة (عبس بشكل تمثيلي) لن تتشاجري معي ولن تعضينني يا لورين, أليس كذلك؟".


ضحك الجميع وعلق جيمس قائلا:


"لا تكن أحمق يا ماتيو فهي ليست شقيقتك...".


" صحيح , وربما هذا لحسن حظي أيضا...".


" لا تتسرع يا ولدي ودع الأمور تأخذ مجراها".


دخلوا غرفة الجلوس وطلبت بريل من جيمس أن يجلس قربها على الأريكة ففعل , وجلس ماتيو أمامها.


قالت لورين:


" نتناول الشاي؟".


نظرت الى الجميع تستطلعهم الرأي.


فقالت بريل:


" هل يمكنك يا عزيزتي أن تسألي جان ان كان يريد تناول الشاي معنا؟ وذكريه بوعده للقاء جيمس وابنه ماتيو في وقت لاحق قبل مغادرته".


شرحت بريل لماتيو أن لديها مستأجرا شابا, وهو صحافي ... قررت لورين أن تقدم الشاي للجميع دون أن تسأل جان, ستحمل له فنجان الشاي وبذلك ستراه مرة واحدة فقط.


قرعت بابه قرعا خفيفا وبدأ قلبها يضرب ضرباته القوية , فتح لها الباب وتناول فنجاي الشاي من يدها وشكرها , بدا التعب واضحا على قسمات وجهه, سألها:


" هل حضر الزوار؟".


" نعم, وتذكرك والدتي بوعدك في ملاقاتهما قبل رحيلك".


هز جان رأسه موافقا وقال:


" حاضر, وشكرا على الشاي".


أغلق الباب في وجهها وشعرت كأنه صفعها صفعة شديدة دون أن يدري, نزلت غاضبة الى غرفة الجلوس وقد خاب أملها وازدادت كآبتها, الجميع في غرفة الجلوس يمرحون ويضحكون ويثرثرون وهم يشربون الشاي, تركتهم لورين ودخلت المطبخ تحاول أن تتلهى بتحضير الطعام ووضع آخر لمساتها هنا وهناك, ولما حان موعد العشاء دعتهم الى غرفة الطعام وقامت على خدمتهم بلباقة واحترام. وبعد أن فرغوا من تناول العشاء صنعت القهوة وطلبت اليهم تناولها في غرفة الجلوس.


قالت بريل:


" نادي جان ليتناول قهوته معنا".


نزل جان وقد رتب نفسه وحلق ذقنه وشد ربطة عنقه , سلم على الجميع وحمل فنجان قهوته بعد أن أضاف اليه قطعة سكر, وشكر لورين بطريقة مهذبة.


حاولت أن تقرأ تعابير وجهه ولكنها لم تفلح , حدقت في عينيه والتقت نظراتهما, وأحست سرعة هائلة في نبضها , استدارت لتخفي ارتباكها...


تناول جان قهوته بتأن وهو يتجاذب أطراف الحديث مع ماثيو , بينما كان جيمس يتحدث مع عروسه وهو ممسك بيديها بحنان ومودة ظاهرين.






عرف جان بأمر الخطوبة , قال أنه كان يتوقعها , ضحك ماتيو وقال معلقا:


" أن حاسة الصحافي القوية أنبأتك بأمر الخطوبة المرتقبة قبل حدوثها...( ضحك جان وشاركه ماتيو والآخرون الضحك) الصحافيون يجمعون اثنين مع اثنين خمسة بدلا من أربعة, ولكنك توصلت الى العدد الصحيح هذه المرة.


ضحك جان أكثر من الآخرين رغما عنه, قام وقبل بريل مهنئا وصافح جيمس وتمنى لهما السعادة في حياتهما الجديدة.


قال ماتيو:


" للنضم جميعا الى العروسين ونقبل العروس".


ثم قبل لورين أيضا.


" هل تمانعين يا شقيقتي الصغيرة أن أقبلك قبلة أخوية للمناسبة السعيدة؟".


" تعال يا جان وقبل الآنسة ما دامت لا تمانع".

تراجعت لورين مصعوقة وقالت:
" لا , لا لزوم".
ضحك ماتيو وقال:
" الشابة تخجل , ولا يهمك يا جان , لا تقبل عذرها , الفتاة الخجولة هي أفضل الفتيات ".
قال جان:
" ولماذا لا أفعل؟ الجميع يقبلون ولماذا أبقى خارج اللعبة؟".
حاولت لورين المقاومة, ابتسم جان وقال ساخرا:
"هل أنت خجولة مني يا لورين؟ بالطبع لا!".
كان على لورين أن ترضخ للأمر الواقع , تركته يقبلها أمام الجميع , كانت قبلة عذبة حنونة وسريعة, ابتعد جان بعد ذلك مبتسما وقال:
" من يراك يعتقد أنها أول قبلة لك ".
كان ساخرا وخبيثا.
ضحك الجميع وارتبكت لورين وقالت تحاول أن تبعد نظرات المجتمعين عنها:
" متى موعد الزواج يا أماه؟".
قال جيمس:
" أوه. بعد شهرين أو ثلاثة, نحتاج أن نرتب بعض الأمور".
هزت بريل رأسها موافقة.
قال جان:
"على فكرة( أخرج ن جيبه المنديل الأحمر) وجدت هذا المنديل في سيارتي وأعتقد أنه لك(قالها مخاطبا لورين وهو يرفع حاجبيه متسائلا)".
حدقت لورين به وقالت في نفسها: أنه يعرف ذلك حق المعرفة.... أخذت المنديل منه ووضعته خلف الوسائد ولم تشكره.
قالت بريل:
" أوه , أنه منديلي وقد أعرته لك البارحة ولكن كيف وصل الى سيارة جان؟".
بان الغضب في عيني لورين وهي تجيب والدتها قائلة:
" ربما وقع مني حين أوصلني البارحة بسيارته الى البيت بعد الحفلة الراقصة".
كان جان يبتسم ابتسامة ساخرة بينما بدا التساؤل على وجه ماتيو , نظر الجميع باتجاهها واحمرت وجنتاها من الخجل والغضب والأرتباك.
ماذا يمكن أن يستنتج ماتيو من ذلك؟ كان ماتيو يبتسم ابتسامة خبيثة , مشى الى جانبها وجلس على ذراع الكرسي الذي تجلس عليه بينما بقي جان في وقفته الهازئة.
قالت بريل:
"مشكلة لورين أنها لا تخرج دائما للسهرات , وعملها في هذه المدرسة المحافظة في النهار وبعض الوقت في الكلية التقنية في المساء يستغرق معظم وقتها ويمنعها من الأستمتاع بشبابها كما يجب".
نظر اليها ماتيو وسألها:
" ماذا أسمع يا لورين؟ أليس لديك صديق تخرجين برفقته؟".
تمنت لورين لو يمسح جان ابتسامته الساخرة عن وجهه ... أو أن يخرج ... قالت:
" كان لدي صديق ولكننا لم نتفق , أفترقنا".
قال ماتيو:
" الساحة نظيفة وأستطيع أن أجرب حظي معك . أنا أيضا أفترقت عن صديقتي قبل وصولي الى أنكلترا".
قال جيمس مستغربا:
" أعتقدت أن لديك صديقة!".
قال ماتيو:
" كانت لدي صديقة , ولكنها فضلت أن نفترق حين علمت أنني عائد الى أنكلترا , وطلبت مني أن أختفي من حياتها الى الأبد( التفت الى لورين يخاطبها) أقدم لك نفسي وقلبي المجروح , ولكنه ليس مكسورا ... سأكون في خدمتك وأرافقك الى كل مكان تريدين بدلا من الصديق , يسرني أن أجوب البلاد معك".
نظر جان الى ساعته بانزعاج وقال:
" أعتذر, علي الذهاب الآن , لدي موعد .(نظر الى بريل مستأذنا) هل تأذنين لي؟".
ضحك جيمس وغمز له:
" ما شكلها ياجان؟ سمراء شقراء, أم حمراء الشعر؟".
قال جان ضاحكا:
" أنها آية في الجمال وشعرها كستنائي على احمرار وتملك كل ما يشتهي الرجل في فتاته( نظر الى لورين وغمز, شعرت كأن سوطا حادا يلسعها) وأسمها مارغو".
رفع يده مودعا الجميع وغادرهم بسرعة.
وجود ماتيو في حياة لورين أدخل تبدلا جذريا في برنامج حياتها, كانت ترافقه الى الأماكن المختلفة التي لم تحلم بزيارتها مطلقا وذهبت بفقته الى عدة معرض وحفلات راقصة ونزهات بالسيارة في أيام الآحاد المشمسة... وتناولا الطعام سوية في فنادق الدرجة الأولى والأماكن المنعزلة والمرابع الليلية الخافتة الأضواء ... وبقيا أحيانا سوية في البيت يشاهدان برامج التلفزيون , أو يغرقان في القراءة أو التسلية البريئة.
كانا يجلسان في قاعة الجلوس بعد أن شاهدا فيلما مثيرا على شاشة التلفزيون , أغلقا جهاز التلفزيون ونظرت اليه بامتنان وشكرته على أهتمامه بها , قال:
" شابة جميلة ومثيرة مثلك لا يجوز أن تشكر شابا لرفقته لها , أنا الذي أشكرك على بهجة وجودك معي ( أمسك بيدها بين كفيه) ألم يخطر ببالك أي سبب لما أقوم به اتجاهك؟".
تسمرت في مكانها وهزت رأسها نفيا.
قال:
" ألم يخطر ببالك أنني وقعت في غرامك؟".
هزت رأسها نفيا وبشدة ظاهرة وقالت:

"لا يمكن أن أعجب شابا مثلك؟".
" وهل تبحثين عن مديح وأطراء؟".
" لا , أنني أقول الحقيقة ... أنا أعرف طبيعتي وحدودي...".
ضحك مقهقها كأن ما يسمعه هو نكتة الموسم وقال:
" أنت لا تعرفين نفسك أبدا يا شقيقتي الصغيرة .( ابتعدت لورين عنه ) آسف , كلمة شقيقتي لا معنى لها وسأبدلها بكلمة حبيبتي , هل هذا أفضل؟".
" بل أسوأ".
" يا آلهي( نظر اليها وهو يتساءل ) لورين؟".
وقبل أن تجيبه عانقها بشكل لم يعجبها أبدا , تيبست وتشنجت وابتعدت عنه ما استطاعت , وبدت خيبة الأمل على محياه... أرادت أن تعتذر منه وتقول : أنا أحب رجلا ولا أختمل أن أكون مع غيره....
سمع قرع خفيف على الباب, قال ماتيو:
" ادخل.
كان جان هو القادم , حدق بهما وتراجع على الفور يريد الخروج, استدار ماتيو اليه بينما حاولت لورين أن تنهض من مجلسها , ولكن ماتيو أمسك بها وأعادها قربه كما كانت...
قال ماتيو:
" أوه , جان , أدخل".
" يمكنني الأنتظار وآسف للأزعاج".
" أنك لم تزعجنا يا رجل , تعال واجلس معنا".
بقي جان واقفا.
" حاولت معها ولكنني لم أفلح, هذه الفتاة قطعة من الجليد".
ابتسم جان ابتسامة رضا ولكنه ظل يشك بصحة ما يسمع .
" هل تعتقد يا ماتيو أن لورين فتاة باردة؟ أعجب لهذا الأمر , ولكنني دائما كنت أؤمن أن معلمة المدرسة فتاة...".
قطعت لورين كلامه قائلة:
" مملة ومضجرة ومحترمة أكثر من اللزوم...".
قال جان متمما كلامها:
" وليست مثيرة...".
ال ماتيو:
" وها أنت تعرف... آه ... ماذا لو جربت بنفسك يا جان! تفضل , ربما تتجاوب معك أكثر مما تجاوبت معي".
قالت لورين والشرر يتطاير من عينيها :
" ماذا تريد يا جان؟".
" يمكنني الأنتظار".
" ولماذا حضرت أذن؟".
" أريد والدتك , ظننت أنها موجودة في غرفة الجلوس".
" وهل يمكنني مساعدتك؟".
" لا يا آنسة فارس".
كان يتكلن ببطء شديد وتهكم ظاهر.
" آسفة ( أستدارت لتخفي خجلها) كنت أريد المساعدة فقط".
غادر جان القاعة وتركهما على حالهما , وبعد قليل نهض ماتيو مودعا.
عادت بريل من الخارج ودخلت المطبخ تتكلم مع أبنتها , سمعها جان ونزل من غرفته اليهما وهو يحمل بيده رسالة وقال:
" رسالة من والدتي".
فقالت بريل:
" كيف صحتها؟".
" بخير على ما يبدو وهي تسألني عن عطلة الميلاد واذا كنت سأذهب لزيارتهم في البيت ... قررت أن آخذ عطلة ثلاثة أيام لأزورهم. هل لديك مانع؟".
" ولماذا أمانع يا جان؟ (ضحكت) غرفتك ستظل بانتظار عودتك".
" على فكرة , متى تريدين أن أغادر المنزل؟ أرجو أن تعطيني مهلة كافية لأفتش عن غرفة غيرها...".
نظرت لورين وجان اليها نفس النظرة.
" ولماذا تترك المنزل؟ هل تقصد عندما أتزوج من جيمس؟".
هز رأسه موافقا فأكملت حديثها:
" لا تهتم الآن بهذا الأمر . الوقت مبكر على هذا الموضوع. حتى لورين سألتني السؤال نفسه منزعجة وهي تريد أن تعرف الموعد... حين ستغادر
نظرت لورين وجان اليها نفس النظرة.
" ولماذا تترك المنزل؟ هل تقصد عندما أتزوج من جيمس؟".
هز رأسه موافقا فأكملت حديثها:
" لا تهتم الآن بهذا الأمر. الأمر مبكر على هذا الموضوع , حتى لورين سألتني السؤال نفسه منزعجة وهي تريد أن تعرف الموعد... حين ستغادر المنزل".
نظرت لورين نظرة تساؤل الى عيني جان ولكنها لم تجبه, قالت بريل:
" أريد رؤية والدتك من جديد , يمكننا أن نتحدث في ذكرياتنا الماضية وأريد كذلك أن أخبرها عن جيمس. هل تعتقد أنها تقبل ددعوتي؟".
سر جان لدعوتها والدته وقال:
"أسأليها وأنا واثق بأن الفكرة ستروق لها كثيرا , وهي تحب الثرثرة مع الصديقات شأن كل النساء".
" وما رأيك بالرجال؟ ألا يحبون الثرثرة أيضا؟".
" بالطبع لا, عقولهم في مستوى فكري أرفع بكثير(التفت الى لورين) لقد وعدتك سابقا بأن أسجل لك بعض الملاحظات عن نظام مؤسسة الصحافة وسأنتهي
منها قريبا جدا, سأتحدث معك بشأنها قريبا وأشرح لك بعض النقاط".


" أشكرك جزيل الشكر , هذا لطف منك. وأنا واثقة أنني سأستفيد منها".


" وأنا أيضا واثق من ذلك".


ذات أمسية ذهبت لورين برفقة ماتيو للعشاء . ارتدت بدلة جديدة ذات لون فستقي محلاة بأزرار برونزية لامعة , اعتادت أن تتجمل بسخاء ربما لتخفي خيبة أملها وحزنها , وربما لترفع قليلا من معنوياتها الكئيبة ونفسيتها المحطمة.


بعد أن انتهيا من تناول العشاء وهما يشربان القهوة سألها ماتيو فجأة:


" هل هناك رجل في حياتك؟".


فوجئت بسؤاله , أختنقت وسعلت واحمرت وارتبكت , اعتذرت ورفت رموشها دون أرادتها...


" أعتقد أنني أعرف جوابك".


نظر اليها ليتأكد من قوله ولكنها طأطأت رأسها وقالت حزينة:


" آسفة يا ماتيو , أنه حب لا نهاية له, حب ميؤوس منه".


" وهل أستطيع المساعدة؟".


هزت رأسها نفيا وقالت:


" لا أحد يستطيع , نحن لا نستطيع أن نغير من طبيعة هذا الرجل , لقد قال لي بنفسه أنه يفضل تشكيلة منوعة من النساء في حياته بدلا من واحدة".


" وهل أخبرك ذلك بنفسه(هزت رأسها ايجابا) قال لك أن النساء في حياته كالورود في حديقته(ضحك وهو لا يصدق) الصحافة تساعده في تحقيق تجاربه الرابحة...".


" أننا نختلف في معتقداتنا ومبادئنا...".


" وكيف ذلك؟".


" أنني مخلصة في حبي وهو غير مخلص".


" كم أتمنى أن أعرف مراده".


" أرجوك أن لا تسأله يا ماتيو".


وفي المدرسة سألتها آن عن علاقتها بشقيقها...


" علاقة ممتازة ونحن متفاهمان".


" هل تحبينه؟".


"بالطبع لا, حبي له يختلف , أنني أرتاح لوجوده قربي , هل ترغبين في لقائه يا آن؟".


" اذا كان وسيما... وقويا... وممشوق القوام".


" تعالي في المساء , عنتد الثامنة وسأعرفك اليه".


"سأحضر , بالمناسبة , شكلك الجديد أفضل بكثير من ذي قبل , اهتمامك بمظهرك باهر ولائق ويبرز جمالك".


"شكرا يا آن, كل ذلك بفضل تشجيعك لي وحسب نصائحك الثمينة, ألم تطلبي مني أن أترك التزمت وأشتري الأثواب الجديدة على الموضة؟".


" ما رأي صديقك اياه؟".


احمرت لورين خجلا وفهمت على الفور قصدها, لن تخبر آن بما حصل معها ليلة الحفلة الراقصة, ولن تخبر أحدا, ذكرياتها الجميلة ستبقيها لنفسها ولن تفرط بها لكائن من كان.


" لا شيء جديد... لو كان هناك ما يقال لأخبرتك قبل أي شخص آخر يا آن , فأنت صديقتي المفضلة, على كل حال أنتظرك هذا المساء كما وعدت".


أخبرت لورين ماتيو بزيارة آن المرتقبة في المساء, أنتظرا قدومها في قاعة الجلوس, وحين حضرت رحبا بها ترحيبا صادقا , كانت آن ترتدي معطفا جديدا وفستانا أحمر يليق بها.


قالت آن:


" أنظري يا لورين الى فستاني الجديد, أنه جميل أليس كذلك؟ ولونه أحمر دافىء فأنا أحتاج الدفء في هذا الطقس البارد".


صافحت آن ماتيو وقالت:


" يدك دافئة ... هل أنت كذلك؟".


" أنت على حق ( ضحك وهو يغمز بعينيه) هل تريدين أن أبرهن لك؟".


ظهر جان ورفعت آن يدها تحييه قائلة:


" تسرني رؤيتك يا جان من جديد.... لماذا طردتني من حياتك؟".


" عزيزتي آن , لن أقبل أن يقول أحدهم أنني أعاملك كما أعامل بقية فتياتي , فأنت تختلفين عنهن كثيرا".


" أليس هذا ما تقوله لكل واحدة منهن؟".


هز جان رأسه ساخرا:


"أنها سيرتي المميزة يا آن, والنساء يغَرنهن الثناء (التفت الى ماتيو) هل أنتم في اجتماع خاص؟".


ابتسم له ماتيو وقال:


" أنه يدعو نفسه للسهرة... هل لديكما مانع في أن ينضم الينا؟".


قال جان على الفور:


" كنت سأقترح أن نصعد الى غرفتي لنشرب شيئا هناك ونسمع الموسيقى...".


قال ماتيو:


" لا مانع لدي".


نظر الى لورين وآن يستطلعهما الرأي.


قالت آن:


" حسنا".


وقالت لورين ممتعضة:


" من الواضح أن الجميع موافقون...".


قال جان:


"هيا بنا , ولكن أعذروني على الفوضى في الغرفة...".


توقف قليلا وأكمل:


" الأوراق في كل مكان قرب الآلة الكاتبة , كما أنني أكدس الجرائد قرب الشباك وعلى الأرض وفوق السرير...".


قال ماتيو:


" تريد أن تبرهن لنا أنك تعمل بجد واجتهاد".


ضحك جان وقال:


" صدق أو لا تصدق, أنني أعمل بجد وتعب مع أنني صحافي ( نظر الى لورين ساخرا) وأتسلى بالعمل بين فتاة وأخرى".


قالت آن:


" لا أفهم لماذا تريد أن تبدو ماجنا وأنت لست كذلك".


" صحيح ؟ يمكنك سؤال زملائي".


قالت لورين في نفسها وهي حزينة: لا لزوم لذلك , فلقد سمعت رأيهمفيك سابقا.


وأكمل جان قوله:


" أذا كنت ماجنا أو خلاف ذلك فهذا ليس مهما , الصفات التي تلازم شخصيتي هي المهمة , أليس كذلك؟".


قالت لورين:


" نعم , كذلك الصفات التي تلازم شخصيتي, فأنا مملة ومحترمة...".


ضحكت آن مقهقهة وقالت:


" انتبهي يا لورين , لقد صمم ماتيو على أنتزاع صفة الأحترام عنك".


كان ماتيو يحاول التقرب منها بشكل واضح.


قال جان:


"ماذا تشرب يا ماتيو؟".


"شراب الكرز ولا أريده حلوا".


" وأنت يا لورين؟ هل تشربين شراب الكرز حلوا؟".


قال ماتيو:


" نعم هي تشربه محلى, لقد أصبحت أعرف ذوق لورين في الشراب لكثرة ما خرجت برفقتها".


قالت آن:


" ولكن جان لا يخرج مع فتاة واحدة كافية ليتعرف الى ذوقها...".


" لنغير الموضوع , موضوع النساء يضجرني".


" نتكلم في موضوع الرجال. لقد لاحظت يا لورين أن هوغ بدأ يهتم بك مؤخرا , أنه يبدي الأهتمام الأكيد بك أمام الجميع".


قالت لورين:


" أنت على حق , لقد سألني أن أخرج معه للسهرة منذ أيام ولكنني أعتذرت منه ".


" ربما هيامه بمارغو قد أنتهى, أو ربما تكون هي التي قاطعته ورفضت حبه, على كل( نظرت الى جان) بات الطريق أمامك خاليا يا جان".


قال جان:


"تصرفات مارغو العابثة مع بقية الرجال لا تثيرني أو تقلقني , دائما تعود الى حظيرتها بأمان".


قالت لورين بهدوء:


" أنت تقول أنها مخلصة في حبها, بالرغم من المظاهر الكاذبة؟ هي من النوع الذي يبقى مخلصا الى الأبد".


قال جان بحدة:


" نعم, هي مخلصة مثلك...".


وجدت نفسها في متاهات أقاويل مزعجة وقد توتر الجو , آن وماتيو يراقبانهما دون أن يعرفا طبيعة النقاش أو مراميه, صمتت لورين رغما عنها .


نهضت آن وأخرجت أسطوانة وهي تحاول أن تهدىء من توتر الجو وقالت:


" نحتاج للموسيقى الهادئة يا جان, هل نستطيع أن نستمع الى هذه الأسطوانة؟".


قال جان مرحا:


" طبعا".


أخرج أسطوانة أخرى من بين الأسطوانات وأدارها على الفور.


عرفت لورين الأسطوانة التي وضعها جان مسبقا حتى قبل أن تسمعها.


كانت الأسطوانة التي استمعت اليها معه من قبل, انسابت الموسيقى ومعها الكلمات الجميلة للأغنية التي تقول:


" سأحبك , سأحبك حتى تجف مياه البحار...".


أغمضت لورين عينيها حتى تتفادى نظرات جان المعبرة , تذكرت حين سمعتها لأول مرة وهي في غرفته... فتحت عينيها بعد أن أنتهت الأسطوانة ونظرت الى جان.


كان يحدق بها ساخرا ويرميها بنظراته الحادة المحرقة.


غير جان الأسطوانة ووضع غيرها.


قال ماتيو:


" هل أعجبتك الأغنية يا لورين؟".


هزت لورين رأسها موافقة , ضمها ماتيو اليه بحنان , كانت أفكارها تدور بسرعة وكانت تتساءا : لماذا وضع جان هذه الأسطوانة الآن؟ لماذا؟ لماذا...؟


تمتم ماتيو في أذنها:


" ربما هي رسالة مني اليك".


ابتعدت عنه فزعة , أنها ترفض هذا الرأي تماما , كانت الأسطوانة التالية خفيفة وحالمة, صمت الجميع وهم يستمعون اليها.


أخرج جان علبة الشوكولا وقدم السكائر لماتيو ولكنه رفض شاكرا, أخذ هو سيكارة وأشعلها بنزق ظاهر وسحي نفسا عميقا منها.


دار الحديث بعد ذلك في أمور عادية , نزلت لورين برفقة آن لصنع القهوة وبعض السندويشات والبسكويت والكعك الصغير, وحين عادتا بالطعام والقهوة شكرهما جان وقام الى درج صغير قرب سريره و أخرج أربع تذاكر وقال:


" لدي أربع تذاكر لحفلة موسيقية في البلد, دعوة للصحافة, هل تذهبون؟".


سأل ماتيو:


"ما هو برنامج الحفلة؟".


" لا أذكر البرنامج بكامله ولكنهم سيعزفون سيمفونية (العالم الجديد) ".


ناول ماتيو أثنين وقال:


"هل تأخذهما؟".


" بالطبع. ومع الشكر(نظر الى لورين) لدينا موعد لنسمع الموسيقى".


هزت لورين رأسها موافقة وقالت:


" وأنا أحب الأستماع الى سيمفونية( العالم الجديد) ".


قال جان لآن:


" هل أبقي لنا تذكرتين؟".


قالت آن مبتسمة:


" وأنا أحب أن أرافقك بكل سرور, ولكن أليس من الأفضل أن تدعو مارغو عوضا عني؟".


(ثم سألت)


" الأماكل الأربعة متجاورة؟".


" نعم".


" كيف سنذهب؟ ربما يكون مزعجا أن تمر لتأخذني مع أنك تعيش مع لورين في منزل واحد...".


قال جان مازحا:


" سأمر عليك يا آن في الوقت المحدد".


قال ماتيو:


" وأنا سأمر على فتاتي الجميلة أيضا لأصحبها".


قالت آن:


" أتفقنا أذن , شكرا يا جان على الدعوة".


هز جان كتفيه دون أكتراث وسحب نفسا عميقا من سيكارته, فتحت آن مفكرتها وقالت:


" أقترب عيد الميلاد( نظرت الى لورين) هل أشتريت جميع الهدايا؟".


" ليس بعد (نظرت الى ماتيو) علي أن أزيد في لائحة الأهل لهذه السنة, لدي عمي , زوج أمي , وكذلك شقيقي...".


أمسك ماتيو لورين بشعرها قائلا:


" اذا تفوهت مرة ثانية بكلمة(شقيقي) سأضربك يا آنستي , أنا صديقك ولست شقيقك".


وترك شعرها ينسدل مرة أخرى.


بدأت لورين تفرك فروة رأسها من الألم الذي سببه لها ماتيو , قالت:


" حسنا يا صديقي... ولكنني لا أعرف ذوقك وما تحب أن أشتري لك من هدية...".


" وأنا أيضا لا أعرف ذوقك ومع ذلك سأشتري لك شيئا ... أخبريني , هل يعجبك خاتم ماسي في أطار من البلاتين؟".


دار رأس لورين, صعقت ولم تدر ما تقول.


أكمل ماتيو قوله:


" أهدئي , من يسمعني يعتقد أنني أتقدم لخطبتك ... وهل يعقل أن أفعل مثل هذا أمام الجميع؟".


نظرت آن اليه مبتسمة بينما بقي جان صامتا جامدا وأشعل سيكارته الثالثة وسحب منها نفسا عميقا.


تنهدت آن وقالت مازحة:


" أين أجد صديقا يقدم الماس مع البلاتين؟".


ضحكوا جميعا , نظرت آن الى ساعتها تستطلع الوقت وقالت:


" آسفة جدا ولكن وقت عودتي قد حان".


شكرت جان على السهرة اللطيفة في غرفته, وعرض عليها ماتيو أن يوصلها بسيارته فشكرته ممتنة.


نزلت لورين لوداعهما ثم عادت الى غرفة جان لتساعده في التنظيف , ساعدها جان في جمع الصحون والكؤوس ووضعها في الصينية المخصصة لها وقال لها:


" سأساعدك في غسلها".


" لا , شكرا , لا يضايقني تنظيفها وحدي".


" كما تريدين".


وتلامست ؟أيديهما عفوا وهما يتناولان بعض الكؤوس , التهبت يدها من حرارة يده, نظرت اليه ونظر اليها , وتشابكت النظرات. كانت تعابير عينيه تخيفها وتثير أشجانها وعواطفها الكامنة, شعرت بانجذابها اليه رغما عنها.


رفع حاجبيه متسائلا:


" ماذا حصل؟".


احمرت وجنتاها وحملت الصينية وركضت خارجة من الغرفة وهي واثقة من أنه يقف مبتسما ابتسامة النصر.




 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 22-06-09, 06:21 PM   المشاركة رقم: 10
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

7- وحيدة , ولكن...


اشترت لورين ثوبا جديدا لحضور الحفلة الموسيقية, انتقته من اللون الأسود , مفتوح الصدر يظهر جمال جيدها بشكل مغر , قالت بريل عندما ألقت عليها نظرة:
"الفستان أنيق يبرز جمال عنقك يا صغيرتي ويزيد من بياض بشرتك ".
مشت لورين الى والدتها بغنج ودلال وقبلتها شاكرة.
" هنيئا لي فأنني أحظى بكل مديحك يا أماه , رشي لي بعض الملح خوفا من أن أصاب بالعين الحاسدة , مديحك يرفع من معنوياتي ويطيب لي سماعه في كل وقت".
" ولكنني أقول الحقيقة , لقد تغيرت كثيرا وأصبحت شابة فاتنة بعدما خرجت من قوقعتك".
" لا زالت القوقعة قريبة مني وسأدخلها متى أحتجت الى الأنزواء , لا أحد يعرف مكان وجودها أو يراها سواي".
" صحيح(. ضحكت بريل ) اليك عقدي الؤلؤ , ألبسيه في جيدك فأنه يضغي على الثوب جمالا ويزيدك فتنة, هل ستذهبين برفقة جان الى الحفلة الموسيقية؟".
" لا , سيمر علي ماتيو لأن جان سيذهب برفقة آن".
" ولكن هذا التدبير سخيف... أنت وجان تعيشان في منزل واحد".
" ومع ذلك يريد الذهاب برفقة آن".
حضر ماتيو بعد قليل , وعانق بريل ولورين مرحبا. ألقى نظرة الى ثوب لورين الجديد وصفر اعجابا بعد أن أطرى جمالها.
كان جان وآن ينتظرانهما في مدخل قاعة الحفلة الموسيقية, دخلت لورين برفقة ماتيو وتنفست الرائحة العطرية التي كانت تعبق في مدخل القاعة من وجود مزهريات كبيرة مليئة بالزهور في المدخل, كأن الربيع قد أقبل برياحينه العطرة, أرض المدخل مفروشة بالسجاد الطري مما زاد في راحة الحاضرين, أحست لورين ببهجة لم تعرف أسبابها , وفي محاولة لتبرير شعورها المرح قالت في نفسها: سأمضي ساعتين ساحرتين برفقة جان, وسنشارك في سماع الموسيقى التي نحب....
بدأت حشود الوافدين تتدافع للدخول الى القاعة , كان جان يرفع يده محييا معارفه وأصدقاءه وهو في طريقه الى القاعة مما يدل على كثرة أصدقائه وعلاقاته الأجتماعية الطيبة في محيط عمله, أكثر أصدقائه من رجال الصحافة أو العاملين فيها , كان بعض أصحابه يقف ليعرفه على فتاته وهو بالتالي يعرفهم الى ضيوفه, كان يقف في بعض الأحيان يتكلم معهم في شؤون العمل ولو لدقائق قليلة....
وأخيرا وصلوا الى المقاعد المخصصة لهم , دخلت لورين وتبعها ماتيو ثم جلست آن وأخيرا دخل جان ليجلس قربها , مقعدها بعيد كثيرا عن مقعده... ربما تعمد ذلك ليبتعد قدر الأمكان عن الأرتباط بها , وللحال تعكر مزاجها وبانت خيبة أملها في عينيها.
نظرت من مكانها تراقبه, كان يقترب برأسه من رأس آن وهما يقرآن معا برنامج الحفلة المقرر, شعرت لورين بالغيرة تملأ كيانها ولكنها ضبطت أعصابها على الفور اذ ليس من المعقول أن تغار من أقرب صديقة

لها, غيرتها الآن لا مبرر لها , ولكنها حسدتها لقربها منه ولمشاركتها اياه في قراءة البرنامج بشكل ودي.
سحب ماتيو يدها واحتواها بين يديه وقال متوددا:
"ما بالك يا حبيبتي سارحة في بحر أحلام اليقظة ... تعابير وجهك تنم عن بعض الأنزعاج وقد غابت الفرحة التي كانت تطل من عينيك منذ فترة قصيرة, ما الأمر؟".
تمتمت معتذرة:
" آسفة يا ماتيو".
دخل أفراد الأوركسترا وجلس كل في مكانه , ناولها ماتيو برنامج الحفلة
وقرأه معها ورأساهما متقاربان بود ظاهر, قبلها ماتيو قبلة أخوية على خدها وتمنت لو شاهد جان ذلك.
قالت آن تخاطب جان: " أنظر الى عصفوري الغرام هذين".
ضحك ماتيو من قولها وأعاد الكرة.
الفصل الأول من الحفلة الموسيقية ضم موسيقى لبيتهوفن , وموسيقى لمؤلفين معاصرين , صفق الحاضرون تصفيقا حادا بعد انتهاء القسم الأول وخرج قسم منهم في فترة الأستراحة في طلب الشراب والتدخين.
قالت آن تخاطب ماتيو ولورين:
" جان يريد بعض الشراب , ما رأيكما؟".
هزت لورين رأسها موافقة وخرجوا جميعهم ببطء وتكاسل, ذهب جان وماتيو وعادا بالشراب المطلوب, سلم جان وهو في طريقه اليهم على المزيد من الأصدقاء والصديقات, ثم أنتحى جانبا يتكلم مع فتاتين جميلتين.
قالت لورين في نفسها: لا بد وأنهما ينتظران دورهما للدخول الى حديقته...
كان جان يتكلم مع كل فتاة منهما باسهاب.
قالت آن تعلق:
" ما هذا يا جان".
ضحك جان بانزعاج واضح بينما علق ماتيو قائلا:
" لا تسألي أسئلة محرجة حتى لا تتلقي أجوبة محرجة...".
قال جان:
" أنهما صديقتان قديمتان".
ولم يرد أن يزيد في الكلام.
قالت لورين بخبث:
" هل هما وردتان قطفتهما من حديقتك؟".
استغربت آن جرأة لورين على غير انتظار , بينما ضحك ماتيو كأنه يسمع نكتة فاضحة وبدا على جان أن لديه رغبة أكيدة في خنق لورين بيديه...
قرع جرس ايذانا ببدء الفصل الثاني من الحفلة الموسيقية, دخلوا من جديد ألى أماكنهم المخصصة , ذهبت لورين برفقة آن الى غرفة السيدات ولكن آن تركتها وعادت الى القاعة ولم تنتظرها , وحين عادت لورين وجدت أن آن قد تعمدت استبدال مكانها معها, دخلت آن وجلست في بداية الصف بالقرب من ماتيو وتركت لورين تجلس بين ماتيو وجان.
حين جلست لورين في المكان الذي ترك لها شعرت أن جان قد تضايق من الترتيب الجديد , نظر اليها في الضوء الخافت نظرة مقرفة كأنها قازورات تركت على عتبة بيته.
قالت لورين ببراءة:
" هذه الفكرة ليست من تدبيري".
قال جان:
" أنها ليست أيضا من تدبيري".
ورمى بالبرنامج في حضنها.
أدركت من تصرفاته أنه لن يتقاسم واياها البرنامج كما فعل مع آن , لن يلمس رأسها برأسه أو يده بيدها... دمعت عيناها دون أرادتها .
أخذت البرنامج ورمته في حضنه من جديد , تناوله كارها ولم ينبس ببنت شفة , أما ماتيو وآن فكانا يتحادثان حديثا طبيعيا كأن شيئا لم يحدث...
بدأت الموسيقى الساحرة تنساب , تشنجت لورين بعصبية من وجود جان قربها , اختل توازنها واهتاجت عواطفها ولم تدر كيف تهدىء من روعها , تفكيرها تركز في كونه قريبا منها , بدأت تتململ في مقعدها وتعبث بأصابعها في حقيبة يدها, خلعت قفازاتها , طوت رجليها ثم فردتهما وغيرت جلستها.
تنهد جان في أذنها وفهمت أنه انزعج من تحركها الدائم , حاولت أن تخفف من حركته ولكن يدها عادت تعبث في حقيبة يدها بحركة عصبية.
قال يخاطبها بلهجة آمرة:
" أجلسي هادئة يا أمرأة, هيا أعطيني يدك".
أطبق بأصابعه فوق يدها وتمتم:
" بحق السماء اهدئي ودعيني أستمع الى الموسيقى , وأن لم تهدئي سأمسك بيدك الأخرى أيضا".
ارتبكت لورين من تصرفاته ونظرت حولها تستطلع , هل شاهد ماتيو ما حصل بينهما؟ ولكنه كان يجلس مأخوذا بسحر الموسيقى التي كانت تملأ القاعة بأنغامها الخلابة.
حاولت لورين أن تتملص من قبضته , ولكنه كان قد صمم على أن يبقي يدها بالقوة بين يديه, وببطء زال توترها تدريجيا واسترخت أعصابها وشعرت أن تشنجها قد هدأ , استراحت وتركت للموسيقى أن تملأ كيانها.
الموسيقى أعذب وأعمق تأثيرا وهو قربها , شعرت بلمسته ترق وتزداد ودا وحنانا , كان بأمكانها أن تسحب يدها من بين يديه الآن, ولكنها فضلت أن تتركها ترتاح معه , استرقت النظر الى عينيه وكذلك نظر هو اليها نظرة حانية , تبادلا الأبتسام تلقائيا, تفاهما على الفور , وللحظات غمرها سلام وسكينة ... واعتقدت أن ذلك تم بفعل الموسيقى الساحرة التي غمرتها ليس الا
مع أنتهاء الحفلة خرجوا مسحورين مع بقية الحاضرين الى خارج القاعة... الهواء البارد استقبلهم على مدخل القاعة , وارتجفت لورين من شدة البرد.
منتديات ليلاس
نظرت آن الى ماتيو وقالت تخاطب لورين:
" أليس من السخافة أن يوصلني جان الى بيتي بينما أنتما تعيشان في منزل واحد؟".
قال ماتيو:
" هذا صحيح , سأوصل آن في طريقي وأنتما اذهبا معا, مساء الخير وشكرا على الأمسية الحالمة, تعالي يا آن لنخرج بسرعة الى السيارة".
أصبحا في الخارج قبل أن تتمكن لورين من فتح فمها في محاولة للأعتراض.
قال جان مخاطبا لورين:
" الظاهر أننا علقنا سوية من جديد, من المؤسف أن ذلك يزعجك".
وضع يده على ذراعها وسار بها الى سيارته.
" كفى تصرفات طفولية , أنها ليست غلطتي اذا كان صديقك يفضل فتاة أخرى عليك".
دهشت لورين من تفسيره لما حدث, ووجدت نفسها تمشي بصحبته مطيعة صامتة , لم يتكلما في السيارة , وحين وصلا فتحت لورين الباب الخارجي بمفتاحها بينما أدخل جان سيارته الى المرآب, كان المنزل فارغا لأن بريل تمضي سهرتها في الخارج مع جيمس , دخلت لورين الى المطبخ لتصنع شوكولا ساخنة , ووقف جان في الباب ينظر اليها .
سألته:
" سأصنع بعض الشوكولا , هل ترغب في ذلك؟".
كان صوتها باردا كالطقس في الخارج.
" أحتاج لشيء يدفئني( رفع ياقة الجاكيت) توجد رطوبة في هذا الجو .
بقي صامتا بينما انتهت من صنع الشوكولا , ساعدها بحمل الصينية الى غرفة الجلوس ومشت هي باألأبريق , كانا لا يزالان يسمعان صدى الموسيقى الساحرة.
قالت لورين في نفسها:
" أنه الرجل الهادىء ... الرجل الذي أحاول جاهدة أن أصل اليه دون جدوى, أريد الرجل الذي في داخله, والذي يختبىء داخل غلاف سميك من السخرية والخبث.
قال جان ببرودة:
" هل أعجبتك الحفلة؟ هل تمتعت بوقتك؟".
" شكرا, نعم".
نظر الى ساعته ثم وقف وقال :
" حان وقت النوم ( نظر اليها نظرة خبيثة وارتجفت بانتظار ما يمكن أن يحصل) ألن تشكريني؟".
" من أجل التذاكر؟".
" ومن أجل توصيلك الى البيت".
" شكرا للتذاكر ولأنك أوصلتني الى البيت".
هز رأسه غير موافق:
" ليس كما يجب! أريد شكرا يوازي ثمن ما تكبدت من مصاريف ( استغربت وبدأت تشك) ألا تعرفين ما أقصد؟ وماذا ينتظر الشاب عادة من الفتاة التي يعود بها لبيتها؟".
" لا تكن غبيا, الأمر معنا مختلف".
" لماذا ؟ أنا لا أوافقك الرأي".
حاولت أن تتكلم في أي شيء اتبعد أفكاره عنها:
" لقد سررت بالحفلة ".
" لقد قلت ذلك من قبل".
أقترب منها ببطء.
" الأوركسترا عزفت... بمها...رة".
" أجل".
اقترب منها أكثر.
خافت من النظرة التي ارتسمت على وجهه وبدأ قلبها يسرع في ضرباته, ابتعدت الى الوراء ولكنه تبعها ببطء وتصميم حتى وصلت الى النافذة , أمسك بها , حبست أنفاسها , ليس هناك مهرب , ولم يعد بمقدورها المقاومة أو الأبتعاد , نظر الى وجهها وهو يبتسم وقال:
" هيا أنني أنتظر أن تشكريني".
لم تستطع أن تفعل , ارتبكت.
" أغلقي عينيك وتخيلي أنني دواء مر عليك شربه والأنتهاء منه".
ضحكت بعصبية وترددت , لم تستطع.
" ربما من الأفضل أن تتصوري أنني ماتيو أمامك... ربما يساعدك ذلك...".
مال نحوها ينتظر وأدركت أن لا مفر من تلبية رغبته.
" مسكين ماتيو, هل تعاملينه هكذا؟".
أحاطها بذراعيه وقال:
" سأعانقك كما أعانق مارغو...".
حاولت الأفلات , قال :
" لا , لا تفعلي ذلك (ابتسم يستفزها ) أن مارغو لا تقاوم , هي دائما مستعدة".
مال عليها فأطبقت عينيها وغابت كليا عن الوجود ... غرقت في عواطفها وعاد وأنتشلها كما ينتشل السباح الماهر الغريق , بقيت جامدة لا تتحرك... لدقائق بقيت مصعوقة.
ابتعدت أخيرا بعد أن تركها , كانت مخدرة , جلست على كرسي قربها , وهما على هذا الحال سمعا مفتاحا يدور في قفل الباب الخارجي , دخل جيمس بصحبة بريل , التقاهما جان عند مدخل غرفة الطعام , وبصعوبة فائقة لملمت لورين توازنها ورحبت بمقدمهما .
نظرت بريل اليهما وقالت:
" هل عدتما؟ كيف كانت الحفلة الموسيقية؟ هل استمتعتما بوقتكما؟".
قال جان:
" تماما , شكرا".
سأل جيمس:
" هل ماتيو هنا؟ أعتقدت أنه سيكون هنا؟".
فقالت لورين:
" لقد أخذ آن ليوصلها الى بيتها بينما عدت بصحبة جان".
قالت بريل:
" أعتقد أن ذلك أكثر ملائمة من التدبير الأول , اجلس يا جان , الوقت مبكر جدا لتذهب للنوم".
جلس جان على ذراع كرسي لورين ونظر اليها نظرة خبيثة ساخرة وقال:
" هل تمانعين في أن أشاركك كرسيك؟".
" وهل تهتم كثيرا لرأيي؟".
كانت لهجتها مؤنبة بينما نظرتها تشع حبا.
نظر جيمس اليها وقال:
" تبدين فاتنة يا صغيرتي".
قال جان:
"هي فاتنة دائما وخصوصا عندما تغضب , وهي دائمة الغضب معي".
"هل هذا صحيح ؟ ألا تتفاهمان؟".
" نحن نتشاجر دائما , أنها تصارع بمهارة فائقة وتصارع كل شيء يقف في وجهها حتى القدر".
نظرت اليه لورين مستغربة ما يقول, ولكنه كان يضحك ضحكة خبيثة لم تفهمها , رمته بنظرة مؤنبة قاسية ولكنه لم يحفل بها بل ضحك مقهقها وقال:
" أنظر اليها , أنها تصارعني الآن بنظراتها الحادة".
قدمت بريل فنجانا ساخنا من الشوكولا الى جيمس وجلس يشربه ببطء.
قالت بريل :
" ألا تعتقد أن لورين قد خرجت من قوقعتها؟".
فقالت لورين:
" لماذا تتخيلين يا أماه أنني بزاقة أعيش في صدفة؟".
أمسك جان بوجهها وتفحصها بنظراته الخبيرة وأجاب:
" لا أعرف بالضبط , ولكنني لا زلت أعتقد أن لديها مخبأ سريا صغيرا تهرع اليه متى تريد( أضاف موضحا) لا زلت أحاول أن أغيرها ما استطعت , وأنا دائما مستعد لمساعدتها...".
وقفت لورين بنزق واضح:
" لقد تعبت...".
وقف جان أيضا:
" أفهم ما ترمين اليه ( ضحك جيمس وبريل) مساء الخير جميعا ( نظر الى لورين يستفزها من جديد) مساء الخير يا بزاقة".
رفع يديه ليحمي وجهه وهو خارج من القاعة.
اقترب عيد الميلاد واشترت لورين جميع الهدايا التي تلزمها , صنعت بريل كعكة العيد وزينتها باللوز المفروم , وقررت لورين أن تزينها بطبقة من الكريمة بينما والدتها خارج المنزل , تشنجت وهي تسمع جان ينزل السلالم باتجاهها , وقف في باب المطبخ يراقب عملها وهو يبتسم.
" أنها تسيل اللعاب, كم أتمنى أن أمضي العيد هنا لأشاركك في أكلها ".
نظرت لورين اليه نظرة باردة وسألته دون أكتراث:
"وهل يجب أن تذهب؟".
" نعم , أنها والدتي , لن أتركها تمضي العيد منفردة".
سألها:
" هل لديكم زوار في العيد؟".
هزت لورين رأسها موافقة:
" جيمس وماتيو. سيحضرون كل يوم لعندنا ( نظرت اليه حانقة) هل تريدني في أمر ما؟".
" نعم,تذكرت وعدي لك بكتابة بعض الملاحظات عن عمل الصحافة...".
" أذكر , ولكنني لم أعتقد أنك ستفي بوعدك".
قال ساخرا:
" أنا لا أفي بوعدي؟ هذه صفة من صفاتي الحميدة التي تعتقدين أنني أحملها , ومع ذلك كتبت الملاحظات وهي جاهزة , اذا كنت غير مشغولة الآن يمكننا مراجعتها سويا في غرفتي حيث أشرحها لك( كان يستنزفها من جديد) هذا أذا كنت تثقين بشخص مثلي لا أخلاق له, وقح وصحافي...
" أنا أثق بك".
" هل أنت متأكدة ؟ لو صرخت طلبا للنجدة فلا يوجد أحد في المنزل لنجدتك".
دخلت غرفته متحدية , تبعها وأغلق الباب دونهما ورفع يديه الى أعلى وقال:
" يا ألهي , الفتاة تثق بي...".
ضحكا كثيرا.
جلست على كرسي قرب الطاولة ونظرت الى الأوراق التي أمامها باهتمام وبدأت تقرأ ... توقفت ونظرت اليه مستفسرة:
" لا أفهم كيف يمكن لشاب في مثل ذكائك وعلمك أن يتواضع ويقبل أن يعمل في الصحافة...".
نظر اليها نظرة قاسية وقال:
" قبل أن نكمل عملنا يجب أن أتوقف قليلا لألقي محاضرة ضرورية عليك والا سيكون عملي كله مضيعة لوقتي ووقتك (جلس على كرسي أمامها وطوى رجليه وقال) كرهك واضح للصحافة وخاصة الصحافيين ومع ذلك هل تؤمنين أن القانون يجب أن يغلق مكاتب الصحافة بالقوة ويطرد الصحافيين من عملهم؟".
" طبعا لا!".
" أوه, ولماذا؟".
ترددت كثيرا قبل أن تجيب:
"أعتقد أن لهم دورا في ايصال الأخبار الى عامة الشعب ليعرفوا ماذا يدور حولهم في العالم من الأحداث".
" حسنا , نحن نتفق على دور الصحافي وسنبدأ في الأنطلاق من هذا المبدأ ... هناك أحداث تجري خلف الكواليس ولا يراها الناس , ولكن الصحافي يبرزها في أخباره من أجل المصلحة العامة وينشرها في جريدته. هل توافقين؟( هزت لورين رأسها موافقة) يجب عليك الآن الأعتراف بأن ربط الأحداث يتم بواسطة الصحافة اليومية , ويقوم بها المخبر الصحافي المدرب والمتخصص في كشف المعاني الخفية التي تدور خلف الأحداث".
وقف جان ينتظر جوابها. كانت لورين تفكر بما يقول ثم هزت رأسهاموافقة مرة ثانية , سره تفهمها لشرحه وعاد يكمل محاضرته:
" يستطيع المخبر أو المراسل الصحافي أن يكشف ما خفي من الأمور للناس العاديين , عمله ضرورة قصوى تعود بالمنفعة العامة على الرأي العام, الا يحق للناس معرفة ما يجري حولهم ؟".
" نعم".
" حسنا , والآن أخبريني : هل جميع الناس في مستوى علمي رفيع كمستواك؟".
" طبعا لا".
" أهم وظيفة للصحافي هي الأتصال بالرأي العام وعليه بالتالي أن يستعمل لغة سهلة ليفهم غالبية الناس ما يقول لهم في جريدته".
هزت رأسها موافقة.
وأكمل يقول:
" لا يمكن للصحافي أن يكتب بلغة أدبية رفيعة ويستعمل كلمات لا يعرفها الا المتعلمون والمتخصصون في الأدب واللغة , والا لما اشترى الجريدة من لا يفهم ما كتب فيها , الصحافي في رأيك يضر بالأدب واللغة ويقلل من شأنها لأستعماله الكلمات البسيطة والسهلة ذات الحروف القليلة والمقاطع الواحدة , لكن المراسل الصحافي يستعمل هذه الكلمات فقط ليتسنى لتسعة من عشرة فهمها".
صمتت لورين وهزت رأسها موافقة من جديد على كل ما قاله , أنه على حق, نظر اليها في صمتها يراقبها , ثم مد يده اليها قائلا:
" أتفقنا , سلام".
وضعت يدها في يده وقالت ببراءة:
" هل تقصد الصلح بيننا؟".
" بالطبع( أمسك يدها برقة ولطف) لقد تفاهمنا حقا على الخطوط العريضة.( ابتسم أبتسامة عريضة) . وكما يقول عامة الناس : سلام دائم ".
تابعا عملهما بكل تفاهم وأخيرا توقف قائلا:
" أحتاج لبعض القهوة, هل يمكنك صنعها؟".
قامت لورين مسرعة ونزلت الى المطبخ وتبعها جان ليساعدها , حمل الصينية الى غرفته بعد أن أنتهت من صنع القهوة وشرباها في الغرفة وأكملا عملهما:
قال:
"هذا أحسن".
" ماذا؟".
" أن نتفاهم معا بسلام , الحرب بين الأمم مضنية وكذلك بين الأفراد , هي أكثر ايلاما خاصة عندما يكون الخصم فتاة ذكية جذابة ومثيرة ومولعة بالقتال.( تشنجت لورين على الفور ولكنه طمئنها قائلا) أهدئي , عليك الأمان".
رن جرس الهاتف... ركضا سوية ولكن جان قال:
" أبقي مكانك واذا كنت مطلوبة على الهاتف سأناديك...".
نزل مسرعا وسمعته لورين يقول:
" مارغو؟ ماذا تريدين؟ لا أفهمك؟ ماذا؟ وصلت الآن من حفلة؟ أنا؟ أنني مشغول الآن . نعم أعمل مع الآنسة فارس , أعرف أنها معلمة (ضحك) وأعرف أنني لن أتوصل معها الى نتيجة . سأجرب دائما .( بدأت لورين تجمع أوراقها لتغادر غرفته) لا أعتقد أنك تغارين من الآنسة فارس , لا , كما تقولين هي لا تناسب ذوقي... يمكنك الحضور اذا كنت ترغبين".
وضع السماعة وقفز السلالم وأمسك بلورين وأدخلها الى غرفته من جديد.
" ألى أين تذهبين؟ لم ننه عملنا بعد!".
" أعتقد أننا أنتهينا وعلي أن أفسح المجال للزائرة الجديدة".
" بل ستمكثين".
" لا يمكنني , ( أغلق الباب بالمفتاح).
" ستبقين هنا , لدي أسبابي...".
أجلسها عنوة على كرسي وقال:
" والآن أين وصلنا في بحثنا؟".
" أرجوك, أريد أن أخرج".
" لا, حتى لو تهجمت علي كما فعلت من قبل..".
رن جرس الباب الخارجي, تبعته لورين تريد الخروج في أثره , دفعها الى الداخل وتركها داخل الغرفة , وجدت لورين أن عليها أن تقبل بالأمر الواقع وتهييء نفسها لمقابلة مارغو ... منافستها تحتاج لتوازنها وتفكيرها السليم.
ابتسم جان بخبث وهو يواجههما ببعض , استدارت مارغو معترضة بوقاحة:
" يا عزيزي , أعتقدت أنك وحدك في الغرفة".
ابتسم ابتسامته الخبيثة وقال:
" لا أستطيع أن أخرج أمرأة من حياتي لو رغبت هي التشبث بي... أليس كذلك؟".
ابتلعت لورين غضبها وشحب وجهها , اقترب جان منها وجذبها لتبقى في جلستها , حاولت التملص ولكن أظافره اشتبكت في ذراعها بقوة وخشونة.
قالت مارغو:
" ماذا تنوي يا عزيزي؟ هل تريد أن نتنافس من أجلك؟".
" ربما أجعلكما تغاران".
" لن أغار لأنني واثقة من أنك لي وحدي".
جذبته ليجلس على كرسي قربها ثم وضعت ذراعيها حوله.
" لماذا لا تغازلني؟".
سايرها جان حسب رغبتها ثم أبعدها عنه بقسوة.
قال:
" أنت تحلمين... عليك أن تستفيقي يا صغيرتي".
هزت مارغو رأسها ببطء وقالت:
" ولكنني أفضل أن أبقى هكذا حتى أتصرف بحرية أكثر وأنسى خجلي".
ضحك جان ساخرا وقال:
"أنت تخجلين؟( التفت الى لورين وخاطبها) هل لديك مزيد من القهوة الساخنة؟".
قالت لورين:
" أما سمعت الآنسة فرنش؟أنها تفضل أن تبقى على حالها...".
خرجت لورين من الغرفة وتبعها جان قائلا:
" لا تكوني لئيمة...".
التفتت لورين اليه بنزق وقالت:
" وماذا تنتظر مني؟ أنت تريدني أن أبقى في الغرفة لتجعل فتاتك تغار... ولتعرض علي تفوقك مع الجنس الآخر, ثم تنتظر مني أن أساعدك".
أفلتت زمام الأمور من يدها ولم تعد حذرة في كلامها أو تصرفاتها , ارتفع صوتها غاضبا وهي تحاول أن تمسح دموعها المتساقطة , التفتت اليه قائلة:
" لماذا لا تعود الى فتاتك وتعطيها ما تطلب منك بحرية؟ أم أنك لا تستطيع أرضاءها... من الواضح أنها سترضخ ****ة , أنها صيد سهل وأنا لست كذلك, عليك أن تبذل جهدا أكبر في أصطيادي , أليس كذلك؟ لا تهتم بأمري أرجوك".
انسابت دموعها سريعة على خديها وسمعته يقول:
"سأعمل بنصيحتك يا عزيزتي".
دخل غرفته وأغلق الباب.
ذهبت لورين الى غرفتها حيث جلست على سريرها وغطت وجهها بيديها وبكت بحرقة, كانت تبكي وحدتها , الآن كما في السابق هي فتاة وحيدة وستبقى وحيدة. ليس بمقدورها أن تجذب رجلا ولن تستطيع أن تنافس أية أمرأة , وخاصة اذا كانت المرأة مثل منافستها , مارغو...
خرجت مارغو بعد قليل من غرفة جان وغادرت المنزل, كانت لورين لا تزال تنتحب في غرفتها , قامت من جلستها تريد أن تحضر نفسها للنوم الباكر, لبست روب البيت وخرجت قاصدة الحمام.
فتح جان باب غرفته يريد دخول الحمام أيضا, بدت ربطة عنقه محلولة وقميصه مفتوح الصدر الى الخصر ... نظرت اليه لورين نظرة قاسية, جمد في مكانه بعد أن شاهد احمرار عينيها وتورمهما من كثرة البكاء, أراد أن يقترب منها يلطف من حالها ولكنه أمسك نفسه وعاد الى غرفته وأغلق بابه ينتظر أن تنتهي...
في المساء التالي حمل جان صحونه الوسخة من غرفته ليضعها في المطبخ, ناولها الى بريل التي كانت تقف على المغسلة تغسل الصحون , كانت لورين قد حضرت نفسها للخروج بصحبة ماتيو.
تجاهلها جان وتكلم مع بريل , استدارت لورين وقالت له بطريقة تبدو عفوية:
"نسيت أن أشكرك لمساعدتك لي البارحة , أنني ممتنة من ملاحظاتك القيمة ونصائحك المفيدة".
هز جان رأسه ولم يتكلم.
أكملت لورين قائلة:
" سأجرب ملاحظاتك مع تلميذاتي في المدرسة".
هز جان رأسه أيضا ولكنه لم يتكلم ظل وجهه قاسيا باردا خاليا من التعبير, رن جرس الباب وركضت لورين تفتح , حضر ماتيو وفتح ذراعيه ليحتويها, هرعت لورين اليه وللحال عاد جان الى غرفته صامتا.
ذهب ماتيو برفقة لورين لمشاهدة مسرحية يقوم فريق من الهواة بتمثيلها من تأليف الكاتب الساخر برنارد شو. قام الممثلون بأدوارهم خير قيام مما أدهش المشاهدين , واستقبلوهم بالتصفيق الحاد والحماس...
وبعد المسرحية تناولا طعام العشاء في مطعم قريب من المسرح سألها ماتيو دون مقدمات:
" هل لا زالت عواطفك متعلقة بجان؟".
هزت لورين رأسها موافقة وقالت:
"" أنا آسفة يا ماتيو...".
ضحك ماتيو بخبث وقال:
" أعتقدت ذلك لأنك لا تشعين سعادة الا في وجوده".
قالت بانزعاج:
" هل حبي له بهذا الوضوح؟".
" أنا خبير في هذه الأمور ... ومع ذلك فلن أفقد الأمل".
أوصلها الى البيت وعانقها مودعا, نزلت لورين من السيارة ورفعت يدها تودعه بينما أكمل ماتيو طريقه وأختفى في الظلام.

 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
a girl alone, لا أحد سواك, ليليان بيك, lilian peake, روايات, روايات مكتوبة, روايات رومانسية, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, عبير القديمة
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 02:21 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية