منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t207852.html)

Rehana 26-12-20 09:46 PM

26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
https://b.top4top.io/p_18212lzn91.jpg

راح نزل رواية... وعاد في المساء
للكاتبة... ماري ويبرلي

رواية من تدقيقي ... وشكرا لكاتبات رواية

المخلص

بعض الناس يتعودون تمضية العطلة في مكان معين ويحافظون على هذا التقليد كل عام .هكذا كانت ساشا التي لم تكن تدري ما ينتظرها في المنزل المعروف لافاليز في الريف الفرنسي ... هناك كانت تمضي عطلتها كل عام , وهذا العام وجدت نفسها أسيرة أشخاص غريبي الأطوار. حارسها مارك الروسي الأصل , القاسي الذي لا يرحم ,الى أين يستطيع ان يتبعها ، وكيف تستطيع ان تنساه ؟

الغلاف الاصلي للرواية

http://www.liillas.com/up3//uploads/...4bd1ec55d7.jpg

Rehana 26-12-20 09:46 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
روابط فصول الرواية

الفصل الأول

الفصل الثاني

الفصل الثالث

الفصل الرابع

الفصل الخامس

الفصل السادس

الفصل السابع

Rehana 28-12-20 09:59 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
1-العطلة المخطوفة

بدات تظهر من بين الأشجار الكثيفة معالم لافاليز ، احد المنازل القديمة ، وساشا تقود سيارتها الستروين الصغيرة وتقترب من نهاية الرحلة.
وإرتسمت على شفتيها إبتسامة وهي تمسك بعجلة القيادة ، فكان الطريق في هذه المنطقة وعرا الى حد ما ، ودخلت في السيارة احد المنحنيات وقد انساها شعور الوصول الى المنزل الذي تقصده لقضاء عطلتها متاعب الرحلة بالطائرة الى مطار نيس ثم الرحلة الطويلة التي اعقبت ذلك في السيارة التي إستأجرتها من المطار ، وتساءلت ساشا إذا كانت ستجد السيدة كاسيل في إنتظارها وقد إعتادت السيدة كاسيل أن تقدم للقادمين عصير الليمون المثلج وربما وجبة خفيفة من اللحم المقدد والزيتون.
كان الطريق وعرا ، فقد كان ممرا حجريا يصل المنزل بالطريق العام وكان الجو حارا للغاية بالنسبة الى هذا الوقت من العام في نهاية شهر ايار / مايو ، وقد بدت السماء كانها على وشك ان تمطر ، وتمنت ساشا أن تمطر السماء أن تمطر فعلا حتى يخفف ذلك من شدة حرارة الجو ، وأخرجت منديل ورق من حقيبتها ومسحت وجهها الذي إمتلأ بحبات العرق وهي تتعجل الوصول الى المنزل لتأخذ حماما باردا ، صحيح ان المنزل القديم لم يكن يحتوي حماما بمعنى الكلمة ، ولكن كانت فيه غرفة صغيرة مزودة بدوش ، وبدا لساشا وهي تمشي في الممر الضيق المؤدي الى المنزل ، أن الأسوار الحجرية العالية التي تحيط به على وشك السقوط لكنها تذكرت أنها كانت هكذا دائما منذ ثمانية اعوام ، حين جاءت الى المنزل لأول مرة وكانت في ذلك الوقت في الرابعة عشرة من عمرها.

Rehana 28-12-20 10:03 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وحوّلت نظرها لحظة عن الطريق وهي تنظر الى طير جميل وقف على احد النتوءات الحجرية البارزة في السور ، وعندما إلتفتت الى الطريق من جديد فوجئت بشيء غير متوقع ، دراجة بخارية تندفع مقبلة بسرعة من ناحية المنزل ثم تدور لتقف فجأة على بعد خطوات من سيارتها ، فضغطت بقدمها بطريقة لا شعورية على كابح السيارة لتوقفها.
وأعقب ذلك فترة من السكون يشبه ذلك الذي يسبق العاصفة وبعدما تمالكت أعصابها من جديد نظرت من نافذة السيارة، فرأت شابا ينزل عن الدراجة البخارية ويتجه اليها.
كان الشاب فارع القامة يصل طوله الى حوالي ستة اقدام وكان قوي البنية بدرجة واضحة ، اما وجهه الذي لوّحته الشمس فإكتسى باللون الأسمر الجذاب فظهر قويا بوجنتيه البارزتين وعينيه السوداوين وقد تهدل شعره الأسود فوق جبينه ، وكان يلبس سروالا قصيرا أزرق اللون ، وقميصا تركه مفتوحا في هذا الجو الحار وقد إنتعل حذاء من احذية الرياضة الخفيفة ، وبدت ساقاه وذراعاه وقد كساها الشعر الكثيف ، كان مظهره بوجه عام ينم عن القوة والرجولة.
ونظرت ساشا الى وجهه فلم تلمح اية مظاهر للغضب ، بل بدا لها كأنه يبتسم ، وفتحت ساشا باب سيارتها لتقف في مواجهة الشاب الذي بدا فارعا بالنسبة اليها برغم كونها لم تكن قصيرة وإبتسم الشاب وهو يقول بالفرنسية:
" انا آسف يا آنسة وأرجو ألا أكون قد سببت لك أي إزعاج ، لكنني لم أكن اتوقع ان أرى أي شخص هنا فهذا الطريق كما ترين ممر خاص".
فأجابت ساشا بالفرنسية ايضا:
" نعم... اعرف أنه ممر خاص".
قاطعها الشاب قائلا بالإنكليزية :
" أوه .>. أنت إنكليزية !".
نظرت ساشا اليه وقد بدت على وجهها معالم الحيرة وهي تقول :
" نعم... إنني إنكليزية ... ولكن ... كيف... عرفت ذلك؟".
فضحك الشاب الأسمر وبدت اسنانه ناصعة البياض وسط وجهه الذي لوّحته الشمس.
" عرفت ذلك من لهجتك... لا يستطيع أحد ان يخطىء في معرفة اللهجة الإنكليزية .... اليس كذلك؟".
ونظرت اليه ساشا من جديد وكان واضحا لها أنه لا يمكن باي حال من الأحوال ان يكون هذا الشاب الجذاب الذي يقف مواجهتها إنكليزيا أو فرنسيا وودت لو عرفت جنسيته ، لكنها لم تسأله وإكتفت بالرد قائلة:
" نعم هذا صحيح ... لكنني آسفة ايضا... فلم أوقع ان أقابل أي شخص في هذا الممر لأنني أعتقد أنه يؤدي فقط الى المنزل الذي اقصده".
ورد الشاب قائلا:
" هو كذلك فعلا... ولكن لماذا؟".
ولمحت ساشا في وجهه لحظة تعبير ينم عن الضيق ولكنه إختفى سريعا فردت قائلة :
" لآنني متجهة الى هذا المنزل".
ونظرت اليه ساشا وهي تبتسم فقد كان شابا وسيما ولو انه كان بادي الرجولة والخشونة وشعرت ساشا وهي تنظر اليه برجفة خفيفة ولكنها لم تستطع ان تعرف سبب ذلك.
ورد الشاب وقد بدأت الإبتسامة تغيب عن وجهه:
" لا بد أن هناك خطأ ما، فإنني اقيم في هذا المنزل ايضا".

Rehana 28-12-20 10:04 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وتوقف قليلا قبل أن يضيف:
" مع عائلتي ، وسنمكث فيه لعدة اسابيع ، ثم اضاف وهو يهز كتفيه بطريقة بدت لها جذابة ، ولذلك لم تدعه ساشا يكمل كلامه فقد بدأت تشعر بالضيق فردت عليه في لهجة حازمة:
" لا... لا... إنني آسفة ... ولكن معي رسالة هنا في حقيبتي".
وإنحنت ساشا تبحث في حقيبتها عن الرسالة لتريها للشاب، ولذلك فقد فاتها ان ترى أحد الرجال يأتي من ناحية المنزل ، وفوجئت وهي تعبث بمحتويات الحقيبة بصوت رجل ينادي على الشاب بإسم مارك ثم يقول شيئا بلغة لم تعرفها.
ونظرت ساشا الى اعلى لتفاجأ على بعد خطوات منها برجل رمادي الشعر أتى على ما يبدو من المنزل في حيرة ينظر اليها وكأنه فوجىء بوجودها مع الشاب.
وإلتفت الشاب الى الرجل وتحدث اليه بضع كلمات سريعة غاضبة بلغة لم تكن غريبة على مسمعها وإن لم تكن تعرف ما هي فإتجه الرجل ناحية المنزل من جديد وهو يلوح بيديه كانه يعتذر ويقول أنه لم يكن يعرف.
وإلتفت الشاب الى ساشا وفي هذه اللحظة إكتشفت ساشا سببين مهمين أولهما أن وجه الرجل الرمادي الشعر ليس غريبا عليها وربما تكون رأته من قبل مرة واحدة ، والثاني أن هذا الشاب الذي يقف معها إسمه مارك وبدا لها هذا الإسم جذابا.
وبدا لساشا أن شيئا ما حدث وإن لم تكن تعرف ما هو وبدا الشاب نافذ الصبر وأشار اليها بيده وهي ما زالت تبحث عن الرسالة في حقيبتها بما يعني أنه لا داعي للبحث فالمسألة لم تعد تهمه.... ثم مد يده ليمسك بذراع ساشا وهو يقول:
" إسمعي يا آنسة ، يبدو واضحا أن هناك سوء تفاهم ، تعالي معي الى المنزل لنبحث هذا الأمر بينما نتناول بعض الشراب ، فالجو حار هنا".
وشعرت ساشا بيد دافئة تكاد تحرق ذراعها فنظرت اليه وإلتقت نظراتهما وفي هذه اللحظة رأت في عيني الشاب شيئا افزعها قليلا وجعلها تدرك على الفور أنه يجب عليها ان تمضي من هذا المكان ، ولم تكن تعرف تماما ما هو هذا الشيء ولكن كل ما تعرفه ان شعورا قويا بداخلها كان يحذرها من هذا الشاب ويدفعها الى الهرب بعيدا عن المكان.
حسنا حاولت ان تتماسك وان تبدو طبيعيةب قدر الإمكان وهي تقول له:
" حسنا ، ربما كنت على حق .... وربما يكون حدث خطأ ما... في أي حال لي عمة تقيم في كان ويمكنني ان اذهب اليها وزيارتها و....".
ولم يدعها الشاب تكمل حديثها ، بل قاطعها سريعا وهو يقول في لهجة لطيفة.
" لا.... لا أعتقد أنه يمكنك ذلك ، فليس من العدل أن ادعك تعودين أدراجك بعد كل هذه الرحلة الطويلة ، تعالي الآن".
ثم اضاف وهو يهز كتفيه بالطريقة الجذابة نفسها قائلا:
" سنعود الى المنزل الآن ، حيث نقرر ما يمكن أن نفعله ، وانا اكرر لك أسفي".
وإإلتفتت ساشا الى سيارتها وودت لو أنها عادت أدراجها فورا برغم مشقة الرحلة فقد إزداد هذا الشعور الغامض الذي يدفعها الى الإسراع بالهرب.
وإتجهت ساشا الى السيارة ومدت يدها الى الباب لتفتحه وهي تنظر الى الشاب بدا لها الآن كما بدا لها لأول وهلة جذابا الى درجة كبيرة ، هناك شيء آخر يبدو عليه الآن ، لا تستطيع ان تصفه ولكنه يملأها بالخوف ، ونظرت اليه وهي تحاول أن ترسم على شفتيها إبتسامة وهي تقول:
" لا بد أن اذهب الآن...".

Rehana 28-12-20 10:07 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
لكن الشاب المدعو مارك تقدم بسرعة لينحني داخل السيارة ويخطف المفاتيح ثم يطوّح بها في الهواء ليلتقطها من جديد قائلا:
" لا... ليس الآن".
كانت ساشا فتاة شجاعة واسعة الحيلة وقد تمكنت مرة من القبض على مجرم كان يحاول مهاجمة إحدى السيدات وسرقتها فضربته ساشا بكل قوتها واوقعته على الأرض الى أن تمكن الناس من الإمساك به ، ولكن شيئا ما بداخلها كان يقول لها ان هذا الشاب يختلف تماما عن المجرمين وربما يكون نوعه فريدا ، لذلك حاولت التماسك ورفعت رأسها في تحد واضح وهي تقول له:
" أنا لا أدري تماما ما هي هذه اللعبة التي تحاول ان تقوم بها... ولكنني اريد مفاتيح السيارة...الآن... لو سمحت".
ومدت اليه يدها وهي تنظر في عينيه الداكنتين ولكنه نظر اليها وقد لاحت على شفتيه إبتسامة وهو يقول في تعجب:
" لعبة... إنني آسف فأنا لا أفهم ما تقصدين بذلك... كل ما اريده...".
ولم يكمل حديثه فقد مدت ساشا يدها بسرعة في محاولة منها لإختطاف مفاتيح السيارة التي كان يمسك بها بغير إكتراث فأسرع الشاب يمسك بيدها بلطف ولكن بحزم وقوة ، فتخلصت منه لتطلق يدها وقد تسارعت دقات قلبها وسرت في جسمها قشعريرة الخوف وظلت لحظة لا تدري ماذا تفعل ثم فجأة وجدت نفسها تندفع لتركض مبتعدة عن الشاب ، لتهبط الممر الحجري الضيق متجهة الى الطريق الرئيسي الذي كان يبعد نحو ميل.... أدركت في هذه اللحظة ما يحدث حولها وادركت أنه يجب عليها أن تهرب باسرع ما يمكن وليحدث ما يحدث ، ولم تكن ساشا تدري وهي تجري على الممر الحجري وقد أحاطت بها الأسوار العالية ، إذا كان ما يحدث لها مجرد كابوس سرعان ما يزول أم هو حقيقة واقعة ، ولكنها أفاقت الى الشاب يتبعها ويمسك بها بقوة ، وحاولت ساشا التخلص منه واخذت تركله بعنف وتضربه بيديها في محاولة لإبعاده بدون فائدة... وكانت ساشا تعرف انها لن تفلت فقد كان قويا ، لكنه على الأقل كان يجب عليها أن تحاول.
واخيرا قال الشاب:
" أرجوك ... لا داعي للمقاومة... إنك بذلك لن تؤذي غير نفسك... تعالي يجب ان تأتي معي الآن ... الا تدركين ذلك ، لو انك لم ترني ... لو أنت جئت في وقت آخر... لو...".
ثم توقف الشاب فجأة عن الحديث كانه أدرك انه أفصح أكثر مما يجب.
وسحبها معه الى اعلى الممر في الطريق الى المنزل وهو يحيطها بذراعه بقوة ، وفكرت ساشا في مرارة بان أي شخص يراها الآن وقد إلتصقا ببعضهما وهو يحيطها بذراعه لا بد سيعتقد انهما عاشقان ، وتمنت ساشا لو ان الأمر كان هكذا فعلا.
وحاولت ساشا إلتقاط أنفاسها وهي تقول في عصبية:
" ابعد يديك عني".
وأبعد الشاب يديه عنها فورا وهو يقول:
" حسنا... ولكن إذا حاولت الهرب مرة أخرى لن استمع الى كلامك بعد ذلك ، وارجو أن تفهمي هذا جيدا".
وإقتربا في هذه اللحظة من المنزل وبدا لساشا مألوفا لديها ويوحي بالأمان كما عهدته من قبل ، اما الآن فإن الوضع يختلف ولم تكن تعرف ما ينتظرها فيه.
ولم تدهش ساشا هذه المرة وهي ترى رجلا آخر يقف أمام باب المنزل ، وعندما إقتربا منه إستطاعت ساشا أن تراه جيدا ولم تدر لماذا شعرت بخوف مبهم ، وسمعت ساشا الشاب المدعو مارك يهمس اليها قائلا:
" لا تخافي... إنه لن يؤذيك".

Rehana 28-12-20 10:09 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وأخذت ساشا تفكر بسرعة انه لا بد ان السيدة كاسبل موجودة في مكان قريب ، فإنها تتولى إدارة المنزل دائما في حال تأجيره لأي شخص ، واخذت تطمئن نفسها بان السيدة كاسيل ستضع الأمور في نصابها ويجب عليها ان تفعل ذلك.
وافاقت ساشا من أفكارها على صوت الشاب وهو يقول لها:
" تفضلي بالدخول".
ولاحظت بشيء من الراحة إختفاء الرجل الذي كان يقف في الباب ، ولم تجد ساشا مفرا من الإنصياع لأمر الشاب الذي فتح باب المنزل لتدخل ، وشعرت في هذه اللحظة وهي تخطو الى داخل المنزل وكانها تساق الى حتفها ، وتوقفت للحظة فقد كان المكان مظلما للغاية بالمقارنة مع ضوء الشمس الساطع في الخارج ، وشعرت وهي تطأ عتبة المنزل بان المكان ما زال مألوفا لديها كما كان دائما وان المنزل القديم ما زال كما هو على الرغم من وجود بعض الأغراب فيه.
وتيقظت من جديد على صوت الشاب وهو يقول لها:
" أرجوك... أجلسي... هل ترغبين في قدح من الشاي او القهوة؟".
وعلى الرغم من ساشا كانت تشعر بعطش شديد إلا ان الخوف والشك كانا يملآن نفسها فردت بسرعة وبدون تفكير :
" حسنا ، ولكن شرط أن أقوم أنا بإعداده".
وضحك الشاب بطريقة لطيفة وبصوت عال وقال وهو يرجع برأسه الى الخلف.
" هل تعتقدين أنني سأضع لك مخدرا في المشروب ... حسنا تعالي معي".
قال ذلك وهو يشير الى المطبخ الذي يفتح على غرفة الجلوس الكبيرة الرئيسية في المنزل ، وإتجهت ساشا معه الى المطبخ وهي تتلفت وتجول ببصرها في أنحاء المكان لترى إذا حدثت بعض التغييرات لكن كل شيء بدا لها كما كان دائما حتى كان بوسعها ان تقسم أن حزمة البصل المدلاة على الحائط ما زالت مكانها منذ قامت بزيارة المنزل آخر مرة.
وتنهدت ساشا وهي تتجول ببصرها في انحاء المطبخ ، لون الحائط كما هو لم يتغير ، الموقد القديم نفسه والخزانة الضخمة... كل شيء كما هو وكأن شيئا جديدا لم يحدث على الإطلاق.
وإنحنى مارك ليلتقط علبة من الخزانة وفتحها وهو يقول:
" هل ترغبين في شرب الشاي... أعرف ان الإنكليز يحبون الشاي ، اليس كذلك ؟واعتقد أنك أيضا تفضلينه".
واجابت ساشا بالإيجاب وقبل ان تصل الى الأبريق الموضوع فوق الموقد ، كان مارك قد سارع برفعه وتوجه الى الحوض يملأه بالماء.
ووقفت ساشا تراقبه وهو يتحرك بسرعة ليشعل الموقد ويضع الابريق فوقه ثم سألته وهي ما زالت تشعر بملمس ذراعه حول خصرها.
" من أين أتيت؟".
فإلتفت مارك اليها وهزراسه وهو يقول:
" دعينا نشرب الشاي أولا ... ثم أجيب على اسئلتك".
" ولكني أريد ان أعرف الآن".
وفي هذه اللحظة رات ساشا قضيبا من الخشب يستند الى الخزانة وفكرت انه قد يصلح سلاحا فعالا لو أنها ضربت مارك بقوة ، ولم يكن الخوف يمنع ساشا من تنفيذ هذه الفكرة ولكن ما كان يقلقها هو أنه لم تكن تعرف بالتحديد عدد الرجال الآخرين الموجودين في المنزل.
رأت حتى الآن رجلين يبدو انهما الآن بعيدان عن المنزل ولكن مارك أبلغها من قبل أنه يقيم مع عائلته.

Rehana 28-12-20 10:09 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
واخذت تعمل ذهنها بسرعة ، ربما لا يكون احد الرجال في المنزل الآن ولكن ماذا لو رآها احد وهي تهرب بمفردها بدون ان يكون مارك معها.
كان احد الرجلين الذي قابلته في الممر الحجري يناهز الستين من عمره اما الآخر الذي كان يقف بباب المنزل فإنه أصلع وبدين ولن يمكنه الركض بسرعة للحاق بها ، وعندما وصل تفكير ساشا الى هذا الحد نظرت من جديد وبحذر شديد الى القضيب الخشبي ، فقد كانت تخشى أن يلاحظ مارك شيئا برغم إنشغاله في اعداد الشاي إذ كان يبدو لها يقظا أكثر من اللازم.
ترددت ساشا لحظة لكنها كانت تريد مغادرة المكان باسرع ما يمكن ... اين وضع مارك مفاتيح السيارة وتذكرت انها رأته يضعها في جيب السروال القصير الخلفي ، واخيرا قررت ساشا ان تنفذ خطتها وتضرب مارك بقضيب الخشب ثم تأخذ المفاتيح من جيبه وتهرب بالسيارة الى منزل العمة ماري في كان حيث يمكنها أن تتصل برجال الشرطة بعد أن تشعر بالامان وتبلغهم بأمر الرجال المجانين الذين يحتلون المنزل.
وإرتجفت ساشا وهي ترى مارك يلتفت اليها فجاة وهو يسألها:
" هل تريدين بعض السكر؟".
وتلعثمت ساشا وهي تجيب بالنفي فالأمر لا يهمها الآن إذ قررت الهرب ولن تشرب الشاي في أي حال.
ووضعت ساشا حقيبتها على المائدة بصورة بدت طبيعية وإتجهت الى الحائط القريب من القضيب الخشبي الذي اصبح في متناول يدها... لكن الموقف لم يكن قد حان بعد أن كان مارك يلتفت اليها قائلا:
" الماء يغلي في الأبريق ... هل تضعين الشاي؟".
فردت ساشا بالإيجاب وإتجه مارك الى أحد الرفوف ليحضر الاقداح وفي هذه اللحظة اسرعت ساشا بإلتقاط القضيب الخشبي وقد ملأها الخوف واليأس بالقوة ووجهته الى رأس مارك في ضربة قوية ، ولكن القضيب لم يصب رأسه بل أصاب كتفه الأيسر وتنبه مارك في اللحظة الخيرة لما تجرأت لما يحدث خلفه وأمكنه تلافي الضربة القوية على رأسه.
ولم تشعر ساشا إلا والقضيب الخشبي يختطف من يدها بسرعة ويسقط على الأرض بعيدا ، ووجدت نفسها فجأة وجها لوجه مع رجل تملّكه غضب جنوني وحشي ، وشحب وجهه وسقطت ذراعه اليسرى الى جانبه.
وتجمدت الدماء في عروق ساشا التي إندفعت تركض الى باب المطبخ في محاولة للهرب ، لكن مارك تبعها وأمسك بها وهو يصر أسنانه وبدت على وجهها علامات الألم وهو يزمجر قائلا:
" هكذا... في الوقت الذي تحاولين أن تقنعيني فيه انك بريئة".
قال مارك هذه الجملة المبهمة التي لم تستطع ساشا أن تفهم لها معنى ، وهو يسحبها الى غرفة الجلوس ويدفعها فوق أحد المقاعد ، ووقف مارك مواجهتها وهو يدلك كتفه اليسرى بيده اليمنى ، وإنكمشت في مكانها فوق الكرسي تنظر اليه ولكن شعورها بالخوف بدأ يخف الى حد ما ، لأنها أقنعت نفسها بأنه لو كان كان مارك يريد الإنتقام منها لفعل ذلك في لحظات الغضب الأعمى التي أعقبت محاولتها ضربه في المطبخ.
واخيرا قال مارك:
" والآن اريد أن أعرف منك كل شيء ، من أنت ومن اين اتيت ، وحاذري ان تقولي غير الحقيقة ، اين جواز سفرك؟".
" في حقيبتي في المطبخ".
قالت ساشا ذلك وهي لا تقوى على الكلام إذ شعرت بحلقها يجف فجأة وبدا لها ، وكأن الجو إزداد حرارة وتوجه مارك بدون ان ينطق بكلمة أخرى الى المطبخ وعاد حاملا الحقيبة التي قذف بها على ركبتيها وهو يقول:
" إفتحي هذه الحقيبة ، وأخرجي منها جواز سفرك فقط ولا شيء غير ذلك ، هل تفهمين؟".

Rehana 28-12-20 10:10 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وفتحت ساشا الحقيبة بصمت وقد شعرت ان فرصتها الوحيدة الآن للهرب من هذا المكان هي الإحتفاظ بهدوئها والتصرف بطريقة متزنة غير متهورة قدر الإمكان.
واخرجت ساشا جواز سفرها وسلّمته الى مارك فأخذ هذا يدقق النظر في الصورة الملصقة به ثم نظر اليها كأنه يريد التأكد من ان هذه صورتها بالفعل ، وأخيرا نظر اليها وهو يقول في لهجة اقلقتها بعض الشيء:
" جواز سفرك يقول أنك صحفية".
فتلعثمت وهي ترد قائلة:
" نعم ، ولكنني صحفية في....".
كانت تود أن تقول انها صحفية في صحيفة محلية صغيرة ، لكن مارك لم يدعها تكمل حديثها بل سارع بمقاطعتها قائلا:
" إذن انت تريدين إيهامي بأنك حضرت الى هنا لقضاء عطلتك؟".
ونظرت ساشا اليه والغضب ما زال يملأ عينيه ، لكنها في هذه اللحظة رات فيهما شيئا آخر فقد بدأتا تزدادان بريقا بصورة جعلت الفزع يتملّكها من جديد وهي لا تدري تماما ما الذي يحدث من حولها فردت قائلة:
" نعم... هذا حقيقي ، معي رسالة من السيدة كاسيل يؤكد كلامي".
" لا يهم هذا الآن .... ارجوك ان تفرغي محتويات حقيبتك كلها على الأرض".
وشعرت ساشا بغضب مفاجىء ، فاجابت وهي تنظر اليه بتحدّ:
" لا لن أفعل ...من أنت بحق الجحيم ،حتى تامرني بذلك؟".
" اعتقد انك تعرفين الآن الإجابة على هذا السؤال... والآن هل تقومين بفتح حقيبتك ام اقوم انا بذلك؟".
" لن تجد فيها ما يهمك ".
" حسنا ، الأمر لن يستغرق طويلا ، والآن ارجوك ان تفعلي ما طلبته منك".
قال مارك ذلك بلهجة هادئة ، لكنها تنطوي على رنة تحذير فأذعنت ساشا وفتحت حقيبتها ثم اخرجت جميع محتوياتها ووضعتها على الأرض ، وكان فيها تذاكر طائرة وإيصال إيجار السيارة من مطار نيس ورخصة قيادة وبعض الأدوية المهدئة للصداع الى جانب بعض أدوات المكياج.
ونظر مارك الى محتويات الحقيبة التي وضعت على الأرض وهو يسال:
" هل هذا كل شيء؟".
ولم ترد ساشا عليه بل إكتفت بفتح حقيبتها واخذت تنفضها وقرّبتها من وجهه ليرى بنفسه أنه لم يعد فيها شيء فقال:
" حسنا يمكنك الآن وضع حاجياتك في الحقيبة من جديد".
وبدات ساشا تشعر بالإرهاق إذ تكاتفت عليها عوامل الخوف والغضب والحرارة الشديدة لتصيبها بصداع شديد ، وبدأت أصابعها ترتعش وهي تدفع بحاجياتها من جديد في الحقيبة فأخرجت قرصين من الأسبرين وهي تتحاشى النظر الى مارك لكنها قبل ان تضعهما في فمها سمعت مارك يسألها:
" ماذا تفعلين؟".
فاجابت ساشا:
" إنني أشعر بالصداع... ثم اردفت وهي تنظر اليه:
" واريد أن آخذ قرصين من الأسبرين ... هل تمانع في ذلك؟".
فاشار اليها براسه موافقا ولمحت ساشا عضلات فكه ترتعش وهو يقول وقد إرتسمت على وجهها إبتسامة خفيفة:
" أرجو الا يكون صداعك مؤلما كما هو الحال مع كتفي...".
ثم أضاف بلطف:
" تعالي الآن.... لنننتهي من إعداد الشاي ... إسبقيني في السير فإنني افضّل أن اراك أمامي....".

Rehana 28-12-20 10:11 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ودخلا المطبخ ووقف مارك في فتحة الباب يراقبها وهي تقوم بصب الماء المغلي في ابريق الشاي وكانت ساشا تدرك تماما حتى بدون ان تنظر الى مارك أنه يقف متحفزا للإنقضاض في حالة قيامها باية حركة.
وقال مارك:
" لا يوجد هنا حليب ، بل يوجد بعض عصير الليمون الطازج".
فردّت ساشا وهي تصب قدحين من الشاي:
" هذا يكفي".
ثم وضعت بعض قطرات من زجاجة عصير الليمون في الاقداح وقال مارك:
" سنشرب الشاي هنا في المطبخ .... ضعي الأقداح على المائدة".
وفعلت ساشا ما أمر به مارك الذي سحب مقعدا ليجلس في مواجهتها حول المائدة الخشبية الكبيرة التي تتوسط المطبخ ، ثم أخرج من جيبه علبة سكائر وهو يسألها:
" هل تودين التدخين؟".
فاجابت ساشا وهي تأخذ رشفة من الشاي لتبلع بها الاسبرين بأنها لا تدخن... وأخذت تراقب مارك وهو يجلس امامها يدخن سيكارته واخذت تسائل نفسها ما هذا الذي يحدث حولها وإنتابها شعور بالحيرة لم تعرف مثله من قبل طوال حياتها ... كانت تتمنى الوصول الى هذا المنزل لقضاء ثلاثة أسابيع في هدوء حيث يمكنها ان تمارس هوايتها في الرسم والسباحة والتمتع بأشعة الشمس والإبتعاد عن نيجل في محاولة لإقصائه تماما عن حياتها ، ولكن الآن ، إنها لا تود شيئا أكثر من الإبتعاد فورا وبأسرع ما يمكن عن هذا المكان ، وتذكرت العمة ماري وتمنت في هذه اللحظة أن تذهب اليها في شقتها في كان التي كانت تبدو لها كمرفأ آمن في هذه الظروف التي تمر بها ، وكانت قد وعدتها بالزيارة ، أما الآن فإن هذا الأمر يبدو مستحيلا.
وتوقفت ساشا عن الإسترسال في تفكيرها ونظرت الى مارك تسأله فجأة :
" ارجوك... لو سمحت اريد ان أعرف لماذا تحتجزني هنا... لم افعل شيئا ...وقد حضرت الى هذا المكان لقضاء عطلتي".
وإمتلت عينا ساشا بالدموع وهي تقول هذا ، وربما كان بسبب إرتشافها جرعة كبيرة من الشاي الساخن ، لكنها لاحظت ان وجه مارك بدا يلين قليلا وهو ينفض دخان سيكارته في المنفضة الزجاجية الموضوعة امامه ثم نظر اليها قائلا بعد لحظة:
" أميل الى تصديقك ، وأتمنى ان اصدقك بالفعل ، فإنني اشعر أنه ليس من المناسب إطلاقا الإحتفاظ بك هنا في المنزل ، لكنني اجد نفسي مضطرا لذلك إذ لا يمكنني المجازفة ، في أي حال ستتمكنين من قضاء عطلتك بعد بضعة ايام ولكن حتى يحين ذلك الوقت ستقيمين في هذا المنزل كضيفة".
وشعرت ساشا في هذه اللحظة بيأس شديد وإنتابتها برودة مفاجئة ، وظلت تنظر اليه بعض الوقت وهي لا تقوى على الكلام ، واخيرا تساءلت في صوت خافت:
" ولكن لماذا... لماذا؟".
" إذا كنت تعرفين السبب كما أعتقد فلا حاجة بي الى الرد على سؤالك ، وإذا لم تكوني تعرفين حقا فمن الأفضل لك أن تظلي كذلك".
وهزت ساشا رأسها في يأس واحست بالدموع الحقيقية تندفع الى عينيها ، إذ كانت مرهقة وجائعة وحضرت الى هذا المكان طلبا للراحة بعد المشادة العنيفة التي وقعت بينها وبين نيجل فإندفعت تقول:
" صدقني... إنني لا أعرف شيئا... والسيدة كاسيل ستؤكد لك ذلك ، أنا أحضر الى هذا المكان كل عام في تموز / يوليو مع والدي لقضاء العطلة وقد حضرت هذا العام مبكرة".

Rehana 28-12-20 10:12 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وكانت ساشا على وشك أن تضيف انها جاءت بمفردها ، ولكنها توقفت فقد خطرت لها فجأة فكرة ، فإستطردت تقول:
" السيدة كاسيل ستشهد بانني أقول الحقيقة ، ولكن اين هي".
فرد مارك وهو يبتسم لها:
" ذهبت لزيارة إبنتها في فريجي".
" لا... ليس هذا صحيحا فالسيدة كاسيل لا تترك المنزل أبدا في حالة وجود احد فيه....".
ثم توقفت فجأة ، وبدا مارك كأنه قرأ افكارها .... إذ هز رأسه برفق وهو يقول:
" لم نمسها باذى وهي تقيم فعلا عند إبنتها في فريجي وفي صحة جيدة ".
وإزداد إضطراب ساشا وإشتد الصداع عليها ، لكنها صممت على معرفة ما يدور حولها فمضت في تساؤلها قائلة:
" ولكن لا يمكن أبدا للسيدة كاسيل ان تترك المنزل خاصة إذا كانت تنتظر وصول بعض الضيوف".
" ارسلت السيدة كاسيل رسائل الى الأشخاص الذين كان من المفروض ان يستاجروا المنزل خلال الشهر الحالي ومن بينهم انت لتبلغهم بإلغاء الحجز بسبب مرضها".
ثم إستطرد مارك وهو ينظر اليها مبتسما:
" وبعد ذلك تريدين إقناعي بانك لم تتلق مثل هذه الرسالة".
فهزت ساشا رأسها بالنفي وبدت عليها مظاهر الحيرة وهي تقول:
" لا افهم شيئا ، ولم استلم منها مثل هذه الرسالة ، بل إستلمت منها رسالة تؤكد لي أنها في إنتظارنا".
" المسالة في منتهى البساطة ، ابلغت السيدة كاسيل أنني حضرت الى المنزل لقضاء شهر العسل مع عروسي وأننا لا نرغب في وجود احد معنا في المنزل ، ثم أعطيتها مبلغا كبيرا من المال ، وقد صدقت قولي بالفعل فانت تعرفين ان الفرنسيين عاطفيون كما انهم عمليون أيضا".
" ولكن هل انت حقا تقضي شهر العسل هنا؟".
فضحك مارك ووجدت ساشا نفسها رغما عنها تنظر اليه بإعجاب إذ كان وجهه يبدو جذابا للغاية عندما يضحك ثم نظر اليها وهو يسأل:
" هل تعتقدين ذلك؟".
فتلعثمت ساشا وهي تجيب قائلة:
" لا اعتقد ذلك مع وجود هذين الرجلين في المنزل".
وفجأة تنبهت ساشا من جديد الى حقيقة الوضع الذي وجدت نفسها فيه وتذكرت قول مارك لها انه سيحتفظ بها في المنزل لبضعة أيام ، فشعرت بالإضطراب ولم تدر ماذا تفعل وتركت مقعدها وإتجهت الى النافذة واسندت رإسها اليها وقد بدا عليها اليأس الشديد وهي لا تدري ماذا يمكن أن تفعل.
وسمعت ساشا صوت مارك يسألها:
" الا زلت تشعرين بالصداع؟".
أغمضت ساشا عينيها وهي ترد بالإيجاب ، لم تكن ساشا تريد ان تعترف بانها تشعر بالخوف ، ولكن ماذا يمكنها ان تفعل وأي فرصة لها في الهروب مع وجود الرجال الثلاثة في المنزل ، كان الرجل الأكبر ذو الشعر الرمادي يبدو لطيفا وطيبا وأما الرجل الآخر الأصلع فلا يبدو لها كذلك.
وبدات ساشا ترتعش وإنتبهت الى يد مارك وهو يلمس ذراعها برفق ويقول لها:
" لن يصيبك أي أذى أثناء وجودك هنا" ولكن لم يكن بمقدورها ذلك فإلتفتت اليه في توسل قائلة:
" ولكن ... لماذا ...لماذا ... اريد ان أعرف".

Rehana 28-12-20 10:12 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فنظر مارك اليها في صمت لبضع ثوان ثم اجاب:
" لأنك رأيت بمحض الصدفة ما لم يكن مفروضا أن تريه... وهذا هو السبب في أنني إحتجزتك هنا... حتى لو كنت صادقة فيما تقولين وتركتك تذهبين ما الذي يضمن لي انك لن تقولي شيئا".
" أعدك بذلك... لن اتفوه بكلمة...".
ولكن مارك هزّ رأسه وهو يقول:
"لا...فالمسالة لا تحتمل المجازفة أبدا ... حضرت للإقامة في هذا المنزل ...وهذا ما سيحدث بالفعل ولكنك ستضطرين الى البقاء لبضعة ايام في صحبة اشخاص آخرين".
فاندفعت ساشا تقول في يأس محاولة إيهامه أنها لم تحضر بمفردها :
" والدي سيحضر الى المنزل الليلة".
وتوقف مارك لحظة ثم هز كتفيه وهو يقول:
" إذا حضر والدك فسيكون على الرحب والسعة".
ثم إستطرد وقد إرتسمت على فمه إبتسامة ساخرة:
" ولكنني اعتقد انك لا تقولين الحقيقة... لماذا تكذبين؟".
فأجابت ساشا في تحدّ دون أن تجرؤ على النظر في عينيه:
" سنرى إذا ما كنت صادقة أم لا؟".
مد مارك يده ليمسك بذقنها ويرفع وجهها الى أعلى ونظر في عينيها قائلا:
" ربما كنت صادقة ...والآن أنت تبدين مرهقة... هل تريدين أخذ حمام... إنتظري هنا وسأحضر حقائبك من السيارة".
وخرج مارك من المطبخ وقد أمسك بالمفاتيح في يده ونظرت اليه ساشا وهي تدرك انه برغم إصابة يده اليسرى ما زال أقوى منها بكثير ، ثم سمعته ينادي أحد الأشخاص في الطابق العلوي ... وإنضمت ساشا وفجأة أدركت انه لا يتكلم الإنكليزية أو الفرنسية وعرفت أنه يتحدث الروسية مما زاد من شعورها بالقلق.
وبعد قليل عاد مارك الى المطبخ وهو يقول:
"لن يستغرق إحضار حقائبك من السيارة وقتا طويلا.....هل تريدين أن تأكلي شيئا".
فسألته ساشا بطريقة مفاجئة:
" هل اجد عندك كافيار؟".
نظر اليها مارك قائلا وهو يجلس في مواجهتها:
" إذن أنت تعرفين... هل تتحدثين اللغة الروسية؟".
ردت ساشا بالنفي فكانت تعرف أنه يتحدث الروسية ولكنها لم تكن تعرف اللغة ، وكانت تدرك أن مارك لن يصدقها.
وفعلا هزّ رأسه قائلا:
" حتى لو كنت صادقة في قولك يجب أن ناخذ حذرنا في الحديث".
ولم ترد ساشا بل أدركت في هذه اللحظة انها اخطأت إذ جعلت مارك يعرف انها إكتشفت جنسيته وساءلت نفسها كيف لم تكتشف ذلك من قبل فملامح وجهه السلافية بوجنتيه البارزتين وعينيه الغائرتين تنطق بذلك ، وصممت ساشا على مغادرة المكان في أسرع وقت ممكن بمجرد ان تتاح لها الفرصة لذلك ، ولكن عليها أن تفكر في هدوء ، والتظاهر بعدم الخوف وبأنها قبلت الأمر الواقع ثم تفكر في طريقة للهرب عندما تنفرد بنفسها في غرفتها.

Rehana 28-12-20 10:13 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وبالفعل بدأت ساشا تنفيذ هذه الفكرة فتظاهرت بالإسترخاء وهي تتحدث مع مارك وسألته وهي تسمع صوت الرجل الآخر يعود بالحقائب من السيارة .
" هل يمكنني أخذ المزيد من الشاي وبعض الطعام ... أحضرت معي بعض الطعام من نيس واشعر بجوع شديد".
فوقف مارك قائلا:
" حسنا... إنتظري هنا".
ثم عاد يحمل حقيبة من البلاستيك كانت ضمن حقائبها ، وسمعت صوت اقدام ثقيلة تصعد الدرج المؤدي الى غرفة النوم ، وتنفست ساشا الصعداء ، إذ كان وجود الرجل الأصلع الذي يحمل الحقائب يملأها بالرعب.
وكانت ساشا تشعر بجوع شديد ، ولكنها إضطرت الى الإنتظار حتى يخرج مارك جميع المأكولات من حقيبة البلاستيك وهو يفتش كل شيء بدقة ، وبعد أن إنتهى من ذلك قال لها:
" حسنا يمكنك الآن تناول الطعام... ولكن لماذا لا تغتسلين أولا ! يوجد حمام في الطابق العلوي".
" اعرف ذلك فقد حضرت الى هذا المنزل من قبل كما أخبرتك".
ثم أضافت في لهجة حاولت أن تبدو لطيفة:
" ساصعد الآن ... اين حقائبي؟".
"هنا... بالداخل...تعالي سأحملها لك الى الطابق العلوي".
ولم تستطع ساشا ان تمنع نفسها من التساؤل كيف يمكنه أن يحمل الحقائب وذراعه اليسرى مصابة وأقنعت نفسها أنها لا تهتم كثيرا بذلك فكل ما تريده الآن هو الخروج من هذا المنزل في أسرع وقت ممكن حتى لو إضطرت الى ترك متاعها كله وراءها.
وحمل مارك الحقائب وقد امسك بأخفها وزنا وفي يده اليسرى المصابة وأومأ اليها برأسه وهو يرشدها الى الطريق.
ونظرت اليه ساشا وشعرت بأنه على الرغم من ان يديه كانتا مشغولتين في حمل الحقائب ما زال متحفزا لأي حركة قد تقوم بها.
وأوصلها مارك الى حجرة في مقدمة المنزل إعتادت على النوم فيها عندما كانت تفد الى المنزل في المرات السابقة ، ودخلت ساشا الغرفة حيث عاودتها الذكريات من زياراتها السابقة للمنزل كان كل شيء كما هو في الغرفة وتوقفت ساشا ساكنة وقد تملكها شعور بالحزن والياس معا ، لم تكن تفكر أبدا في انها ستضطر الى مواجهة مثل هذا الموقف في وقت من الأوقات.
ويبدو أن مارك لاحظ علامات الإنفعال التي إنعكست على وجهها في هذه اللحظة فبدا التساؤل على وجهه وهو يقول:
" ماذا حدث؟".
" لا شيء... هل هذا المكان الذي ساقضي فيه الليل؟".
"نعم ... وأنت تعرفين مكان الدوش في الغرفة الصغيرة المجاورة".
" بالطبع أعرف ذلك".
ثم نظرت اليه وهي تسأل:
" ولكن هل تنوي البقاء في الغرفة بينما أستعد للإغتسال؟".
إبتسم مارك وهو ينظر اليها وقد لاحت ملامح وجهه الأسمر الذي لوّحته الشمس ، فبدا لها أكثر جاذبية ورجولة ، ولكن ساشا لم تكن في هذه اللحظة في حال يسمح لها بالإهتمام بذلك ، فقد كانت تشعر بالخوف وتحاول جاهدة إخفاءها .
ورد مارك قائلا:
" بالطبع لا انوي البقاء... ولكنني أحذّرك من محاولة الهرب مرة اخرى ، فالغرفة كما ترين لا يوجد فيها سوى نافذة صغيرة جدا تستحق عناء محاولتك الهرب منها".
نظرت اليه ساشا بطريقة ساخرة وهي تقول :
" كنت اعتقد أنني ضيفتك ".
ثم اضافت وهي تميل برأسها قليلا:
" والضيف لن يحاول الهرب... اليس كذلك؟".
فردّ مارك ويده على مقبض الباب:
" بالطبع لا... لا تؤاخذينني".
ثم أحنى لها راسه بالتحية ونظر اليها وقد بدا لها في عينيه ، تلك اللحظة ، تعبير غريب وهو يقول لها:
" إنك تبدين جميلة جدا وانت غاضبة ... إنك جميلة حتى وانت غير غاضبة".
وتركها بعدما أغلق الباب وراءه ووقفت ساشا وسط الغرفة وقد اثارها كلامه وأخذت تسائل نفسها من هو هذا الشاب الروسي وماذا يفعل مع رفاقه في هذا المنزل؟
ولما لم تجد إجابة على هذه التساؤلات إنحنت ساشا على حقيبتها في يأس وأخذت تعبث بمحتوياتها بانامل مرتعشة.

نهاية الفصل

Rehana 29-12-20 07:31 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
2- الغامض والسكين

لم تقابل ساشا أحدا في طريقها الى الحمام ولا في عودتها ، ولكنها زيادة في الإطمئنان اغلقت الباب خلفها بالمفتاح وشعرت بإنتعاش غريب بعد الحمام البارد الذي اخذته وكأنها وهي تغسل عنها آثار تعب الطريق أزاحت عن نفسها بعض الخوف.
وجلست ساشا على السرير امام المرآة التي تعلو الخزانة الكبيرة ، تمشط شعرها الأسود الناعم ، ثم عقصته الى الخلف بشريط أحمر ، ونظرت الى نفسها ووجدت نفسها رغما عنها تفكر في الشاب الاسمر مارك وتساءلت ماذا يا ترى قرأ في عينيها ، وتذكرت مجاملته لها التي إنفلتت منه عفوا وهو يخرج من الغرفة وكأنه تعمد أن يعنيها بالفعل... ولكن ساشا حدّثت نفسها بأن عليها ألا تلقي بالاً الى مثل هذه المجاملات ، فإنها في امس الحاجة في الوقت الحاضر الى تركيز أفكارها لتدبر أمر هروبها من هذا المكان ولن يمكنها ذلك إذا سمحت لنفسها بالتأثر بنظرات مثل هذا الشاب الجذاب.
كانت ساشا جميلة ذات عينين زرقاوين جميلتين يزيدهما جمالا رموشها السوداء وكانت تتمتع بفم أنثوي جميل ، وكانت تدرك تماما مدى جاذبيتها فطالما سمعت كلمات الإعجاب والإطراء من الشبان.

Rehana 29-12-20 07:33 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وتذكرت ساشا في هذه اللحظة نيجل الذي أحبته وتعلّقت به وعاشا حلما جميلا على مدى ثلاثة أشهر ، حتى كان ذلك اليوم منذ بضعة اسابيع مكالمة تطوّع مجهول أن يخبرها بأن نيجل متزوج ، لقد كانت صدمة عنيفة.
وتجهّم وجه ساشا وهي تستعيد موقفها مع نيجيل بعدما عرفت بامر زواجه وكيف حاول تبرير موقفه ، حاول بشتى الوسائل ان يقنعها بانه كان يريد ان يقول لها الحقيقة وأنه على وشك ان يحصل على الطلاق من زوجته ولكنها لم تغفر له أبدا خداعه ، وارتسمت على فم ساشا إبتسامة حزينة وهي تتذكر أنه كان من المفروض ان يحضر نيجل معها خلال هذه العطلة لولا المكالمة.
وإنتزعت ساشا نفسها من أفكارها الحزينة وتنهدت بعمق وهي تتجه الى حيث وضعت حقائبها في الغرفة وقد عادت الى واقع الموضوع الذي وجدت فيه نفسها الآن.
وأغلقت ساشا الحقائب بالمفتاح لأنها كانت تكره ان يحاول أي شخص العبث بحاجياتها الشخصية ، التي يمكن ان تتركها وراءها إذا إستطاعت مغادرة هذا المنزل.
وبعد فترة قصيرة غادرت ساشا الغرفة ، كان المنزل يلفه السكون وبدا الظلام ينتشر في أنحاء المكان وهي تهبط السلم متجهة الى المطبخ.
كان مارك يقف أمام الموقد وقد وضع منشفة حول خصره ، واعدّت المائدة لأربعة أشخاص بعدما رفع عنها الطعام الذي احضرته معها من نيس.
وقال مارك وقد شعر بحضورها:
" هل أنت على إستعداد ... إنني أقوم بإعداد الحساء... هل تريدين بعضا منه؟".
كانت رائحة الطعام لذيذة ولكن ساشا سألته:
" ولكن أين الطعام الذي أحضرته معي؟".
" وضعته في مكان آخر لأن الذباب يملأ المكان هنا... ولكن ألا تتناولين الحساء أولا؟".
ثم نظر اليها وهو يقول:
" لا تخافي سأتناول الحساء لتتأكدي أنني لم أضع فيه مخدرا".
وجلست ساشا على مقعد امام المائدة وهي تسأل عن الرجلين الآخرين بطريقة حاولت ان تبدو طبيعية وكأن الأمر لا يعنيها في شيء ، لكنها كانت تريد أن تتأكد من وجودهما خارج المنزل ، فربما أتيحت لها الفرصة الآن للهرب من مارك ، لكنها في هذه اللحظة كانت تشعر بجوع شديد ولا بد ان تمل معدتها باي طعام قبل أن تفكر في الهروب.
ورد مارك:
" ذهبا للتريّض سيرا على الأقدام قليلا... فالظلام بدأ يحل كما ترين".
ولم تفهم ساشا ماذا يعني مارك لكنها قالت:
" ارى ذلك... ولكن ألا تعتقد ان السماء ستمطر !".
" ممكن".
وإتجه مارك الى النافذة لينظر منها ثم قال موجها كلامه اليها وهو يبتعد عن النافذة:
" هل يمكنك أن تعدي لي بعض الخبز بالزبدة؟".
فأجابت بالإيجاب وهي تسأله عن مكان الزبدة وعندما إتجهت لإحضارها لاحظت إختفاء القضيب الخشبي ، وابتسمت وهي تحدث نفسها بأن مارك ليس بهذا القدر من الغباء حتى يترك القضيب الخشبي في مكانه ليتيح لها فرصة أخرى.

Rehana 29-12-20 07:35 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ونظرت الى مارك وكان من الواضح أن ذراعه اليسرى ما زالت تؤلمه وهو يحمل قدر الحساء ليفرغ منه في الأطباق ، ووجدت ساشا نفسها تسأله:
" هل تؤلمك كتفك كثيرا؟".
توقف قليلا وهو يسكب الحساء قبل أن يقول:
" نعم... ولكن لماذا تسألين؟".
فإضطربت ساشا لأنها لم تكن تدري لماذا تهتم بالسؤال عن كتفه وتلعثمت وهي ترد قائلة:
" لم اقصد... لم أكن لأفعل... وإنني آسفة لأنها تؤلمك ".
وتوقفت ساشا عن الكلام فجأة وقد راعها انها تحاول الإعتذار لمارك الذي إنتهى من سكب الحساء في الأطباق ، ووضع القدر على الموقد قبل أن يتجه الى المائدة ليجلس اليها ، ثم نظر الى ساشا طويلا وهو يلتقط ملعقته وقال:
" لو ان رجلا فعل ذلك معي كان من المحتمل ان أقتله".
ولم ترد ساشا فكانت على يقين انه يعني حقا ما يقول وشعرت بالبرودة تسري في جسمها ، وهي تسائل نفسها من يكون هذا الشاب الذي يجلس امامها؟
وإنحنت ساشا على حسائها ترتشف منه ، والتقطت قطعة خبز وقضمتها وهي تختلس النظر الى مارك الذي كان يجلس في مواجهتها بإسترخاء ، يتناول طعامه بشهية واضحة ، ورفع مارك رأسه والتقت نظراتهما فسألها:
" هل أخفتك بكلامي؟".
فهزت ساشا رأسها نافية وإن كانت تعرف تماما انها تكذب ، فأضاف قائلا:
" حسنا... لم أكن أعني ما أقوله تماما... يجب ألا تخشي شيئا ، انا وزملائي لن نلحق بك أي اذى".
ردت ساشا بطريقة حاولت معها أن تبدو لطيفة:
" وكيف لي أن أعرف؟".
" لأنني الرئيس هنا ، وانا لا اصارع النساء".
وأخذ مارك لنفسه قطعة جبن ثم نظر اليها مبتسما وقال:
" إنني أدعى نيكولاي تور لينكوف والجميع يدعونني مارك... وأنت الآنسة ساشا دونيللي ، وسأدعوك ساشا إذا سمحت لي بذلك ، بالطبع".
وشعرت ساشا بإسمها يبدو غريبا عليها ومارك ينطقه بلهجة روسية فأجابت:
" وهل أمامي مجال للإختيار؟".
" لن تضطري الى البقاء معنا أكثر من بضعة أيام ولكني لن أناديك بإسمك مجردا إذا كنت لا ترغبين في ذلك".
" حسنا ، يمكنك أن تدعوني ساشا ، ولكن ما إسم الرجلين الآخرين؟".
" الرجل الاصغر الذي أخافك مظهره يدعى جانوس أما الآخر ذو الشعر الرمادي فيدعى سيرج".
ولاحظت ساشا أنه تردد قليلا قبل ان ينطق بإسم الرجل الآخر ولكنها إستطردت تسأل:
" ولكن ألا يعودان من الخارج الآن ؟".
ورد مارك بالإيجاب وهو ينظر الى ساعة يده التي إستطاعت ساشا أن تراها بوضوح وقد قاربت الثامنة.
واخذت ساشا تفكر في وسيلة يمكنها بها التخلص من هذا الموقف الذي ساقتها اليه الأقدار وقد فشلت محاولتها السابقة للهرب.

Rehana 29-12-20 07:37 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فتثاءبت ونظرت الى مارك وهي تبتسم في خجل قائلة:
" معذرة ، فإنني تعبة للغاية".
فسألها وهو يرفع الطبق من أمامها:
" هل جئت اليوم من انكلترا ؟".
فردت بالإيجاب وهي تحاول التظاهر بالتعب والإرهاق حتى يطمئن اليها مارك ويكفّ عن مراقبتها بهذه الدقة ثم أضافت:
" السفر يشعرني دائما برغبة في النوم ، كانت الرحلة من المطار الى هنا متعبة للغاية وكنت أرجو ان انام في وقت مبكر".
وإنحنت ساشا وهي تتظاهر باخذ قطعة من الجبن حتى لا يرى مارك تعبيرات وجهها.
" يمكنك ذلك بالطبع...".
ووجدت ساشا نفسها تعجب بمارك رغما عنها ، كان يتمتع بجاذبية خاصة حتى طريقته في الحديث كانت جذابة وعجبت ساشا من نفسها كيف تعجب به وهي تعرف تماما ان سبب وجوده هو وزملائه في المنزل الآن لا بد وأن ينطوي على الشر ، ربما كانوا من المجرمين ، او المهربين ، أو ما هو أسوأ من ذلك...".
وشعرت ساشا بالخوف الشديد وإتجهت افكارها الى السيدة كاسيل ، ترى ماذا حدث لها ؟ لقد اكّد لها مارك انها بخير ، ولكن كيف لها أن تصدق ، وتذكرت فجأة أن السيدة كاسيل إعتادت المبيت أحيانا في كوخها الصغير الذي يبعد عن المنزل بضع مئات من الياردات ، ووردت الى ذهنها فكرة مفاجئة وهي أن تتجه الى الكوخ لتتأكد من أن مارك وزملاءه لا يحتفظون بالسيدة العجوز مقيّدة في كوخها الصغير... أو ربما...
في هذه اللحظة عاد الرجلان الى المنزل ودخلا المطبخ واستطاعت ساشا ان تدقق النظر فيهما عن قرب.
كان الرجل المدعو جانوس أصلع تماما قوي البنية يبلغ من العمر حوالي الخمسين عاما ، وكان وجهه يبدو خاليا تماما من أي تعبير وقد إرتسمت في عينيه الزرقاوين نظرة باردة ، إنحنى امام ساشا عند دخوله بطريقة سريعة جافة وقدّمه مارك اليها قائلا:
" جانوس لا يتكلم الإنكليزية يا ساشا."
أما الرجل الآخر المدعو سيرج فقد كان مختلفا عن جانوس تمام الإختلاف بوجهه الذي يبدو متعبا وقد إرتسمت عليه إبتسامة لم تستطع ساشا أن تمنع نفسها من التجاوب معها.
كان يبدو وقد ناهز الستين من عمره نحيلا للغاية ذا عينين سوداوين ، لوّحت الشمس وجهه الذي أحاط به شعر رمادي ، وعندما دخل سيرج المطبخ تقدّم منها ومد لها يده وهو ينطق ببضع كلمات فهمت بعد ذلك من مارك أنه يعبّر لها عن أسفه لهذه الطريقة التي بدأت بها عطلتها.
ونظرت ساشا الى سيرج مبتسمة تشكره ، وبينما جلس الرجلان الى المائدة يتناولان الطعام أخذت ساشا تنظر من طرف خفي الى مارك وهي لا تدري تماما ماذا تفعل؟
وتزاحمت في ذهنها بعض الخطط غير المحددة للهرب من هذا المكان لكنها لم تكن تدري كيف تنفّذها فآثرت الإلتزام بالهدوء والإنتظار حتى تتاح لها الفرصة المناسبة لتنفيذ أي منها.
وكان واضحا لساشا ان مارك لا يريدها أن تبقى الآن في المطبخ وقد دخل الرجلان اليه ، وفعلا أشار اليها بالخروج الى غرفة الجلوس ، وامسك بذراعها وهو يوجه بعض الكلمات الى الرجلين وقال:
" تعالي الآن...لنتركهما يتناولان طعامهما".

Rehana 29-12-20 07:37 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ثم نظر اليها وأضاف:
" إنك تبدين متعبة اليس كذلك؟".
فردّت ساشا بالإيجاب وقد خطرت لها فكرة مفاجئة ، واضافت:
" ولكنني اود ان اذهب للسير قليلا في الخارج ... فقد تعوّدت ان أفعل ذلك قبل الذهاب الى النوم".
وكتمت ساشا انفاسها في إنتظار رد مارك الذي هزّ كتفيه قائلا:
" إذا كنت ترغبين في ذلك... ولكن الجو بارد الآن في الخارج ، هل لديك معطف؟".
وقفز قلبها فرحا بين ضلوعها لكنها حاولت أن تخفي إنفعالاتها وهي تقول:
" سأصعد الى حجرتي لأحضره".
واندفعت ساشا الى حنجرتها حيث احضرت معطفا أحمر اللون ، وتمنت لو انه كان لديها معطف داكن حتى لا يمكن رؤيتها بوضوح في الظلام إذا ما أتيحت لها فرصة الهرب من مارك.
وعندما عادت الى غرفة الجلوس نظرت الى مارك وقد رسمت إبتسامة على وجهها وهي تقول:
" أعتقد أنك ستصحبني في هذه النزهة".
فإبتسم إبتسامة عريضة وهو يقول لها:
" هل تعتقدين أنني سأتركك تخرجين بمفردك في مثل هذا الظلام؟".
وأضاف في لهجة إتسمت بروح الفكاهة:
" من مصلحتك ان اصحبك فلا يمكن أن تعرفي من قد تصادفين في الخارج؟".
واتجه مارك الى الباب الأمامي وخرجا معا ، وكان مارك يرتدي صدرية بيضاء ، وفكرت ساشا وهي تتجه نحو كوخ السيدة كاسي ان هذا سيساعدها كثيرا عندما تتمكن من الهرب إذ أنه سيمكنها رؤيته بسهولة في الظلام.
كان الظلام شديدا بدت الأشجار كالأشباح وسط الحديقة وفكرت ساشا انها لم تكن تجرؤ على الخروج الى الحديقة بمفردها في الظروف العادية ، اما الإن فإنها على إستعداد للسير مئات الأميال في هذا الظلام الدامس إذا ساعدتها الفرصة على التخلص من مارك.
سارت ساشا في صمت الى جانب مارك وكانت تسمع أصوات الحشائش تتكسر تحت اقدامهما وفجأة ! اجفلت وهي تنتبه الى صوت تكسر بعض فروع الأشجار فنظر اليها مارك متسائلا:
" هل تشعرين بالبرودة؟".
" لا... ولكنني سمعت صوتا... إنني.... إنني سعيدة لأنك معي فالظلام يبدو مخيفا والمكان يبدو مليئا بالأشباح".
وابتسمت ساشا في الظلام وهي تحاول أن تظهر جزعها وخوفها من الشباح إذ كانت تريده ان يعتقد انها لن تحاول الهرب منه حتى لو اتيحت لها الفرصة لذلك.
ونظرت ساشا الى مارك وهو يسير بجانبها فأحست بضعف موقفها لأنه كان ضخما جدا بالنسبة اليها ، ولكنها صممت على المضي في خطتها لأقناعه بأنها لم تعد تفكر في الهرب منه وسألته:
" كم مضى عليك هنا... أم هل تريد ان تحتفظ بذلك سرا؟".
" بضعة ايام فقط... أخبريني يا ساشا من أي مكان من انكلترا انت؟".
وشعرت ساشا بأن مارك لا يريد ان يجيب على اسئلتها ، كانت تعرف ان المجرمين لا يحبذون الخوض في الحديث عن حياتهم.

Rehana 29-12-20 07:38 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولكن مارك لا يبدو لها مجرما ، حقا إنها لم تتعامل مع مجرمين من قبل ، ولكن تصرفات مارك وثقته الزائدة بنفسه وكبرياءه كل ذلك يتعارض مع فكرتها السابقة عن المجرمين ، ولكن من يدري!
وافاقت ساشا من أفكارها واجابته قائلة:
"اعيش بالقرب من برمنغهام في مكان يدعى والسال ، هل تعرفه؟".
" لا للاسف ، لم تتح لي الفرصة ابدا لزيارة انكلترا ،ولكنني آمل أن يحدث ذلك في يوم من الأيام لأنني احب الإنكليز".
وأوشكت ساشا ان تقول: هل حقا تقول؟ وهل تقوم بإختطاف الفتيات الإنكليزيات اللواتي ستقابلهن؟".
ولكنها أحجمت عن ذلك فقد صممت على ان تكون لطيفة معه مهما كلّفها ذلك من جهد ، وقالت موجهة كلامها اليه:
" أخشى ألا تجد الجو في انكلترا دافئا كالجو هنا ، ولكن في أي حال ، فالجو في روسيا بارد جدا في الغالب".
إقتربا في سيرهما من كوخ السيدة كاسيل ولم تلحظ ساشا أي مظهر من مظاهر الإضطراب على وجه مارك وهما يتّجهان الى الكوخ الذي لفّه الظلام .
وفجأة توقف مارك وامسك ذراعها وهو يقول في صوت هامس:
" إنتظري".
وشعرت ساشا بأطرافها تجمد خوفا وهي تسأله عما حدث:
" هس... انصتي معي... إنني اسمع صوتا".
كانا يقفان في ظل شجرة ضخمة يلفهما الظلام من كل جانب وانصتت ساشا ولم تسمع سوى صوت تنفس مارك وحفيف اوراق الأشجار تتحرك ، وشعرت بخوف لم تشعر به من قبل ، وكتمت أنفاسها عندما سمعته يضحك بلطف قائلا:
" آه... نسيت".
وبدأت ساشا تسترد أنفاسها قليلا وهي تسأله:
" ماذا...نسيت؟".
" تعالي ... ساريك".
وامسكها مارك من ذراعها وهو يدفعها الى حديقة الكوخ الخلفية حيث رأت في الظلام الذي يسود المكان الاشباح الصغيرة لبعض الدواجن وهي تتزاحم لتلتصق ببعضها إلتماسا للدفء ... وقالت ساشا وقد شعرت بالدماء الدافئة تجري في عروقها من جديد.
" الدواجن ... نسيت كل شيء عنها... ولكن من يقوم بإطعامها ، فالسيدة كاسيل لا يمكن ان تتركها هكذا بدون طعام".
" أنا اقوم بإطعامها".
ثم أضاف بلهجة ضاحكة:
" وفي مقابل ذلك نحصل على بيضها الذي نستخدمه في جميع وجباتنا... وعلى فكرة، هل تعرفين بعض الطرق الحديثة لعمل وجبات من البيض؟".
" نعم ، ولكنك لم تقدم لنا البيض مع الحساء".
" سنقدم لك البيض المقلي على العشاء ، هل تحبين ذلك؟".
" لا ، شكرا سأكتفي ببعض الشراب".
واضافت وهي تحدث نفسها:
" إذا قدّر لي العودة الى المنزل...".

Rehana 29-12-20 07:38 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وسارا معا عبر الحديقة وكان الجو معبأ برائحة الزهور ، وشعرت ساشا بالدفء ، فنزعت معطفها عن كتفيها ووضعته فوق ذراعها، وكان قد وصلا في سيرهما الى حافة الحديقة وبدا البحر منبسطا أمامهما على البعد ، كما بدت أنوار الطريق متقاربة كعقد من الماس وضع فوق غطاء من القطيفة السوداء يتلألأ في الظلام وقد بدت في السماء من خلال السحب التي تكتنفها بعض الكواكب المتناثرة.
وقفت ساشا واخذت تتنفس بعمق وهي تتنشق هواء البحر النقي ، كان المنظر رائعا ، على البعد أضواء أحد اليخوت يتحرّك على سطح الماء ، فسرحت افكارها وهي تتساءل ، ترى من يكون على ظهر اليخت وما إذا كان هناك إحتفال ما يجري على سطح البحر ، وتنهدت وهزّت كتفيها في يأس.
ويبدو ان مارك رآها تهز كتفيها فسألها بطريقة لطيفة:
" هل تشعرين بالبرد ؟ هيا بنا للعودة الى المنزل".
فإنتبهت ساشا وكانت قد أوشكت ان تنسى وجود تور الى جانبها وقالت :
" لا ، لا اشعر بالبرد ، إنني أنظر فقط الى ذلك اليخت ".
وسقط المعطف عن ذراعها وهي تشير بيدها الى اليخت وقبل أن تنحني للتقاطه كان مارك قد سبقها الى ذلك وهو يقول:
" ساحمله عنك ام تفضلين أن تضعيه فوق كتفيك؟".
وأجابت ساشا بالنفي ، وكان مارك يقف قريبا منها ولا تدري ماذا حدث لها في هذه اللحظة إذ بدأ قلبها يخفق بعنف ، وبدأت تشعر فجأة بوجود مارك معها كرجل ذي جاذبية لا تقاوم، ربما كان الجو الذي يحيط بها قد ساعد على ذلك ، وشعرت بإضطراب شديد وهي تسائل نفسها كيف تجرأت على الخروج معه بمفردها في مثل هذا الوقت.
وإبتعدت عنه قليلا وأخذت تنظر الى البحر وهي تتساءل متى تحين فرصتها للتخلص من هذا الرجل الذي يقف بجوارها.
كانت ساشا تعرف أنها قوية ولكنها كانت على يقين أيضا من أن مارك يفوقها قوة بكثير فقد كان ذلك واضحا في بنيته القوية ورجولته التي لا تخطئها العين وفي وقفته وهو يرفع وجهه كانه يتحداها أن تحاول الهرب.
وفكرت ساشا أنها لو حاولت الهرب سيأتى لها فقط عن طريق إستخدام الحيلة ، بدا لها أيضا بعيد الإحتمال لأنه كان واضحا أن مارك ليس رجلا غبيا كما كان يراقبها طوال الوقت.
وتنهدت ساشا في يأس وهي تقنع نفسها بأن عليها الإنتظار حتى تنفرد بنفسها في غرفتها لتفكر في الأمر جيدا وربما امكنها الهرب من النافذة فإنها لا تبتعد كثيرا عن الأرض وتطل على الحديقة حيث تنمو الحشائش الغزيرة.
وأفاقت ساشا من أفكارها على صوت مارك يسألها:
" ماذا حدث؟".
" لا شيء... كنت أفكر كم كان الوضع يختلف لو....".
وتوقفت عن الكلام فقد تذكرت انها لا تريده أن يعرف حقيقة مشاعرها أو الطريقة التي تفكر بها لأن ذلك لن يخدم خطتها في إقناعه بأنها قبلت الأمر الواقع.
" نعم ، اعرف ذلك وأشعر بأسف شديد ، ولكن هذا الوضع لن يستمر طويلا وقريبا جدا خلال ايام سينتهي كل شيء وسيكون المنزل تحت تصرفك وحدك".
ولم ترد ساشا على حديثه بل كانت تشعر أنه لم تعد هناك فائدة من الحديث ، كما أنه لم يعد بمقدورها أن تصدقه ، إختلط عليها كل شيء ، التجربة التي تمر بها تصلح موضوعا للصحافة او نادرة يتحدث عنها الناس في المقاهي ولكنها نادرا ما تتحدث لأناس تعرفهم ، ولم تكن تفكر في أي يوم من الأيام ان تتعرض لمثلها ، حتى في الصحيفة حيث تعمل سيتهمونها بالجنون لو قدمت لهم مثل هذه القصة.

Rehana 29-12-20 07:39 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وحاولت ساشا إستجماع شتات ذهنها وخطرت لها فكرة بدت لها جريئة ولكنها عمدت الى تنفيذها فورا.
نظرت الى مارك وهو يقول:
" ربما يكون هذا حقيقيا ولكنني يجب أن اتحدث الى والدي هاتفيا ، الليلة وإلا فإنه سيقلق بشأني وقد يطلب من رجال الشرطة البحث عني هنا".
كانت ساشا تحاول ان تبدو مقنعة تماما وهي تقول ذلك، لكنها شعرت بمدى سذاجتها عندما امسك مارك بذراعيها وجذبها لتصبح في مواجهته وقال في رنة متناهية:
" قلت ان والدك سيلحق بك هنا ... اليس كذلك؟".
ونظرت اليه بعينين ملأهما الخوف ، ولم تدر ماذا تقول وأخيرا ردت عليه قائلة:
" نعم هذا صحيح ، ولكنه لم يفعل ذلك قبل اليوم ، ويجب أن احدثه في الهاتف ، فهو موجود في باريس الليلة ، وسيطير الى نيس غدا ويجب ان اتصل به لأعرف موعد وصوله".
" آه! حسنا في أي حال يمكنني ان أتصل به نيابة عنك ، إذا عرفت رقم الهاتف ".
فقاطعته ساشا قائلة:
" لا ... لا يمكنك ان تفعل ذلك... ماذا يظن والدي إذا تحدثت أنت اليه !".
كان مارك ما زال ممسكا بذراعيها وكانت تشعر بحرارة ملمس يده كالنار وأرادت ان تبتعد عنه ولكن لدهشتها الشديدة شعرت في قرارة نفسها بانها لا تود ذلك.
وتنبهت ساشا الى مارك يرد عليها قائلا:
" ساقول لوالدك انني إبن أخ السيدة كاسيل ، وأنك طلبت مني الإتصال به لأنك متعبة جدا".
" لا... لن ينفع ذلك فهو يتوقع سماع صوتي".
نظر اليها مارك طويلا وهزّها برفق وهو يقول:
" إنك لا تقولين الصدق يا ساشا ... إنك تحاولين أن تبدي صادقة ولكنني أعرف أنك تكذبين ، إنني الومك لأن....".
ولكن ساشا لم تمهله ليكمل حديثه فقد صاحت قائلة وقد فاض بها الكيل ولم تعد تحتمل ملمس يديه على ذراعيها .
" لا تلمسني".
وتردد مارك قليلا قبل ان يرفع يديه عنها وهو يتساءل قائلا:
" هل آذيتك؟ هل تعتقدين انني سالحق بك أي اذى؟".
وحاولت ساشا أن تتمالك اعصابها إذ كان عليها أن تبدو هادئة فردت قائلة:
" لا...كل ما في الأمر أنني... لا احب ان يلمسني احد".
ونظرت اليه فرأته يبتسم وقد لمعت اسنانه البيضاء في الظلام وقال:
" آه... انتم الإنكليز لا تحبون ان يلمسكم احد، نعم ، نعم ، ولكن نحن في روسيا لسنا كذلك؟".
" ربما ، فإنني لا أعرف ذلك ، اليس من الافضل ان نعود الى المنزل؟".
" كما تريدين ، هل ترتدين معطفك؟".
وفجأة بدأت السماء تمطر ، لم يكن المطر غزيرا بل خفيفا وشعرت ساشا بقطرات الماء على وجهها فصاحت قائلة:
" إنه شيء رائع".
ثم بدا وكانها تذكرت شيئا فصاحت:
" شعري".

Rehana 29-12-20 07:49 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فامسك مارك بيدها وهو يجذبها ضاحكا الى الكوخ وجذبها تحت إحدى الخمائل وهو يقول:
" ماذا حدث لشعرك؟".
فهزت ساشا رأسها وهي تضحك وتقول:
" صففته أمس ولا اريد ان يفقد رونقه سريعا".
ونظر مارك الى شعرها ومدّ يده فربت عليه وهو يقول:
" شعرك جميل... مثلك يا ساشا".
فرفعت ساشا وجهها اليه وأخذت تهز رأسها كأنها كانت تحتج على قوله وقالت:
" لا...لا ... إنك...".
ولم تستطع ساشا ان تكمل كلامها ، إذ احست بمارك يقترب منها ولكنها تنبّهت فجأة وحاولت التملص منه فلم تستطع بل كان يمسك كتفيها بقوة، وكانت تشعر بالدفء.
وأخذ مارك يمسح وجنتيها وشعرها وهي تحاول ان تبتعد عنه حتى نجحت في ذلك اخيرا وابتعدت وهي تقول:
" لا !".
ضحك مارك وهو ينظر اليها قائلا:
" ولم لا ؟ هل أنتم معشر الإنكليز لا تحبون العناق؟ إذا كان الأمر كذلك فإنني لا أتوق الى زيارة بلدكم".
وشعرت ساشا بكيانها يهتز وقد تسارعت ضربات قلبها واعتراها غضب مفاجىء من نفسها ومن هذا الرجل الوقح الذي يقف أمامها.
وجاهدت ساشا لإستعادة هدوئها ، وكان الظلام شديدا وإستندت بظهرها الى حائط الكوخ الحجري واخذت تنظر الى المطر وقد بدا ينهمر بغزارة.
وقال مارك وهو ينظر اليها:
" شفتاك جميلتان ، لماذا تقاومينني هكذا؟".
وردت ساشا بغضب قائلة:
" لا تكن غبيا ، ولماذا اسمح لك وأنت غريب عني تماما ، هل اسمح لك لمجرد انك تريد ذلك؟".
قالت ساشا وقد ادهشتها وقاحته وأدهشها أكثر من ذلك إضطرابها أمامه وهو كما تعرف ليس سوى أحد المجرمين.
فرد مارك قائلا:
" لا ، إنك على حق ، لم يكن لطيفا مني ان افعل ذلك ، وإنني أعتذر بشدة يا آنسة ساشا دونيللي".
قال مارك الجملة الأخيرة وهو ينحني أمام ساشا بقدر ما يسمح له به المكان الضيق الذي يقفان به.
وحاولت ساشا التغلب على مشاعر الغضب التي أثارتها كلمات مارك وهي تقنع نفسها بأنه عليها إلتزام الهدوء إذا كانت تريد أن تهرب من هذا المكان بأسرع ما يمكن ، فقد كان مارك ذكيا ولمّاحا بدرجة كبيرة.
وأشاحت ساشا بوجهها بعيدا وهي تحاول التغلب على رغبتها القوية في رفع يدها وصفعه على وجهه لتمحو هذه الإبتسامة الساخرة التي ترتسم عليه .
كانت ساشا تقف مكانها وقد اسندت ظهرها الى الجدار وباب الكوخ على يسارها ، فمدت يدها خلسة في الظلام تحاول أن تتحسس مقبض الباب محاولة فتحه ولو أنها لم تكن تعرف ما يمكنها أن تفعل بعد ذلك ، وفجاة شعرت بيد مارك تنقض على يدها لتمسك بها وهو يتنهد بعمق ويقول لها:

Rehana 29-12-20 07:50 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" حسنا ... ارجوك أخبريني ماذا تقصدين؟".
ونزعت ساشا يدها من يده وهي تقول:
" لا شيء ... لم اكن أتذكر كيف يفتح الباب".
بدا عذرها سخيفا بالنسبة اليها ، فضحك مارك كثيرا وهو يقول:
" لا... لا أعتقد ذلك... إنك لا تثقين في كلامي ... والآن اعرف لماذا تعمدت الحضور الى الكوخ ... إنك تعتقدين أن السيدة العجوز في الداخل".
ولما لم تجب ساشا رفع مارك يده ولمس خدّها برفق وهو يقول:
" أليس هذا صحيحا؟".
وشعرت ساشا بثورة تجتاحها فابعدت يده عنها بعنف والتفتت اليه وهي تقول في غضب:
" أبعد يدك القذرة عني... لا تحاول لمسي بين كل آونة واخرى لقد قلت لك أنني لا أحب ذلك ... من تظن نفسك بحق الجحيم؟".
وانطلق من فم مارك صفير خفيف وهو يقول:
" آه... هذا أحسن كثيرا ، هذه أنت على طبيعتك من جديد ، نعم كنت هادئة بدرجة إعتقدت معها أنك تدبرين أمرا".
وصعقت ساشا وهي تسمع مارك يقول ذلك وقد ادركت أنه أذكى بكثير مما كانت تظن ، وسكتت وهي لا تدري ماذا تقول أو حتى ماذا تفعل بعد ذلك.
وبعد فترة مد مارك يده الى جيبه وأخرج سلسلة من المفاتيح ولدهشتها وجدته يدفع بأحدها الى الباب ليفتحه وهو يقول لها:
"أدخلي ، لتري بنفسك أنني لا أحتفظ بالسيدة كاسيل مقيّدة مكمومة في المنزل".
ووقفت ساشا على الباب مترددة فقال مارك وقد نفذ صبره:
" ألا تريدين الدخول؟".
" ولكن ...لماذا... لماذا اعطتك السيدة كاسيل مفتاح الكوخ؟".
فإبتسم مارك في سخرية وهو يرد قائلا:
" حتى يمكنني إحضار الطعام للدجاج ، وأيضا لإطعام الأسماك الموجودة داخل الكوخ ،والآن ، ارجوك هل تريدين الدخول أم لا؟".
وأخذت ساشا نفسا عميقا وهي ترد بالإيجاب ، وإتجهت الى الداخل ولم يستغرق الأمر دقائق لتتأكد أنه لا يوجد أحد في الكوخ ، ووقف تور على الباب ينتظرها وكان حريصا للغاية ألا يلمسها وهي تمر به في طريقها الى الخروج.
وبعدما خرجت من الكوخ أطفأ النور واغلق الباب وبدا الظلام في الخارج وقد إزداد عن ذي قبل كما ان المطر ما زال مستمرا ، ولكن ساشا لم تكن ترغب في البقاء أكثر من ذلك في هذا المكان مع مارك فوضعت معطفها فوق رأسها وهي تقول:
" ساعود الى المنزل".
ثم ترددت قليلا وهي تنظر اليه وتقول:
" هل تريد أن تستعمل المعطف معي لتحتمي من المطر؟".
ولكن مارك أجاب بلهجة ساخرة:
" هل تعتقدين أنه يمكنني أن أن أفعل ذلك ؟لا ، أخشى ما قد يحدث لي لو انني لمستك بطريق الصدفة".
ولم ترد ساشا وأخذت تمشي بسرعة متجهة الى المنزل وعندما وصلا كان الرجلان قد ذهبا ورأت ساشا النور مضاء في غرفة النوم الكبيرة ، كان كل شيء هادئا تماما في المنزل ، وبدا المطبخ نظيفا ومنظما ، ووقفت ساشا في غرفة الجلوس تنتظر ودخل مارك الى المطبخ وهو يسألها:
" هل تريدين بعض الشراب أو الطعام؟".

Rehana 29-12-20 07:51 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وردت ساشا بالإيجاب وهي تفكر في انها قد تحتاج الى كل قوتها إذا قدّر لها الخروج من هذا المنزل فإنه سيكون عليها ان تسير مسافة طويلة قبل الوصول الى الطريق الرئيسي.
وقالت ساشا :
" سآخذ شريحة من الخبز وبعض اللحم الذي أحضرته معي من المطار ,هل تريد شيئا منه؟".
" لا... شكرا... أفضّل البيض".
ونزع مارك صدريته البيضاء وألقى بها على احد المقاعد وكانت قطرات المطر تلمع فوق وجهه وشعره وأخذ يمسح ذقنه بيده.
ونظرت اليه ساشا واخذت تراقبه وهي تحدث نفسها بأنه كان حتى الآن مهذبا معها ولم يبدر منه ما يدل على غير ذلك.
ثم نظر اليها مارك قائلا:
" إستريحي انت ، وسأتولى انا إعداد كل شيء ، فانت ضيفتي ، لا تنسي ذلك".
ردت عليه ساشا وقد شابت لهجتها سخرية خفيفة:
"وهل اتيحت لي الفرصة لأنسى ذلك؟".
وكانت ساشا تشعر بنوع من الراحة لأنه لم تعد هناك ضرورة للتظاهر بالهدوء والرقة مع مارك وخاصة بعد ما حدث في الكوخ ... حقا كان مهذبا ولكنه شخص مغرور للغاية.
وجلست ساشا الى المائدة وأخذت تراقب مارك وهو يعمل وقد لاحظت كيف غسل يديه جيدا قبل ان يلمس أي شيء.
ثم احضر الطعام الذي طلبته ساشا وهو يقول:
" ساقوم بإعداد الشاي ، أم تفضّلين بعض الشراب مع الطعام؟".
وفكرت ساشا بسرعة أنها في حاجة الى الإحتفاظ بجميع حواسها في حالة تيقظ ولكنها إذار رفضت فربما إمتنع مارك أيضا واكتفى بشرب الشاي ، وربما كان من الأفضل ان تدفعه الى الشراب مما قد يساعدها إذا حاولت الهرب منه .
فردت قائلة:
" سآخذ قليلا من الشراب".
واخرج مارك قنينة رخيصة من خزانة المطبخ ثم ملأ كأسين وضع احدهما امام ساشا ورفع كأسه ليشرب نخبا في صحتها إجترعه حتى الحثالة جرعة واحدة ، أما ساشا فأخذت رشفة صغيرة وهي تفكر في وسيلة تدفع مارك بها الى المزيد من الشراب وأخذت ساشا تضع الزبد على الخبز بينما كان مارك يقوم بإعداد البيض وكان ظهره اليها ، فقالت في لهجة حاولت أن تبدو طبيعية وهادئة:
" هل تريد المزيد من الشراب؟".
فرد مارك بالإيجاب بدون ان ينظر اليها.
إنتهزت ساشا هذه الفرصة لتفرغ معظم ما في كأسها في كأس مارك ثم اضافت اليه المزيد من الزجاجة.
وشعرت ساشا في هذه اللحظة بإضطراب شديد وأخذ قلبها يخفق بعنف وقد جفّ حلقها ولكنها في أي حال نفّذت ما تريد.
وبعد قليل إنتهى مارك من إعداد البيض وجلس امامها الى المائدة وكانت رائحة البيض تفوح شهية وتمنت ساشا لو أنها وافقت عندما سألها إذا كانت تريد أن يعد لها بعضاً منه.

Rehana 29-12-20 07:52 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وبعد أن فرغ مارك من شرب كأسه الثانية رفع الزجاجة وهو يسأل ساشا إذا كانت تريد المزيد ولكن ساشا ردت قائلة:
" لا شكرا..." ثم أضافت وهي تتظاهر بالنعاس " الشراب يجعلني أشعر برغبة في النوم".
فنظر مارك الى الكأس الفارغة امام ساشا وهو يقول:
" حسنا... أعتقد انك ستنامين جيدا".
ثم فوجئت به يقول :
" أخشى أنني سأضطر الى البقاء معك".
ونظرت اليه وقد علت وجهها الحيرة والدهشة وهي تسأل:
" تبقى معي... أين؟".
فرد وهو يهز كتفيه كمن يحاول الإعتذار لها :
" الليلة ... في غرفتك".
فقفزت ساشا عن مقعدها الذي سقط وقد فوجئت بهذا الرد وشعرت بالدماء تتجمد في عروقها وأخذت تنظر اليه وقد فقدت القدرة على النطق ، وظنت لوهلة أنها ربما تكون قد افرطت في الشراب ولكنها تذكرت انها لم تشرب منه إلا القليل وانها في كامل وعيها.
وجاهدت ساشا طويلا لتتمالك نفسها واخيرا قالت وهي تحاول التظاهر بالهدوء:
" لا أفهم تماما ما تعني بكلامك هذا".
" أعتقد انك تفهمين قصدي تماما...".
ثم اردف قائلا:
" كان لطيفا منك ان تفرغي محتويات كأسك في كأسي... ولكن لماذا فعلت ذلك وقد كان يمكن أن ترفضي الشراب عندما عرضته عليك".
ولم ترد ساشا فلم تكن قد أفاقت بعد من تأثير هذه المفاجأة وشعرت بيأس شديد ولم تدر ماذا تفعل أو كيف عرف مارك بهذا الأمر مع انه لم يكن ينظر اليها ، هزّت رأسها في يأس وهي تنظر الى مارك الذي جلس في مواجهتها الى المائدة وساد بينهما في هذه اللحظة جو من التوتر ينذر بالإنفجار في أي لحظة ، ثم اخذت ساشا تنقل بصرها في انحاء المطبخ قبل ان تتمالك نفسها وتسأله بصوت خافت:
" هل تتوقع مني بالفعل ان اقضي الليل معك... في الغرفة نفسها وخاصة بعد ما حدث في....".
واشارت بيدها في اتجاه كوخ السيدة كاسيل , ثم اضافت وهي تهز راسها :
" لا بد انك تهذي او تمزح ".
" إنني اقدّر شعورك .... ولكنني آسف".
ونظرت ساشا اليه وشعرت أنه لا يبدو عليه الأسف كما يقول ، فابتعدت عن المائدة في غضب إذ لم يكن بمقدورها البقاء لفترة أطول في مواجهة مارك ، واختطفت حقيبتها واتجهت مسرعة الى غرفة الجلوس ثم فتحت الباب الأمامي للمنزل ونظرت الى الخارج ، لكنها توقفت فجأة... حقا ان الحرية أمامها تبدو في متناول يدها لكنها في الواقع بعيدة المنال ، فإن مارك لن يدعها تفلت منه وسيلحق بها حتما.
وبينما هي في وقفتها سمعت صوت مارك من خلفها وهو يقول:
" أنت تعرفين جيدا أنه لن يمكنك مغادرة المنزل".

Rehana 29-12-20 07:52 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كان مارك يقف قريبا منها جدا حتى كادت تشعر بملمس يده على ذراعها مع انه لم يحاول لمسها على الإطلاق وشعرت ساشا بالإضطراب لكنها ردت في لهجة حاولت أن تبدو هادئة تماما:
" إنني ارفض أن... ان أبقى معك...".
فردّ في لهجة باردة:
" يبدو أنه ليس أمامك مجال للإختيار".
والتفتت اليه ساشا ونظرت في عينيه فرأت فيهما هذه القوة التي طالما شعرت بها في كل تصرفاته ، وفي هذه اللحظة رأته على حقيقته بعد أن نزع عنه الرقة والمرح وأخذت تنظر اليه في صمت ، كانت تتمنى في هذه اللحظة ان تنظر الى أي شيء في العالم إلا وجه مارك ، ولكنها رغما عنها ظلت تحدق فيه وكان هناك جاذبية لا تدري مصدرها تدفعها الى ذلك ، وشعرت في تلك الهنيهات والضوء من خلفه لا يكاد يظهر ملامح وجهه بانه رجل غير عادي... أدركت أنه رجل قوي وأنه يعني حقا كل ما يقول وليس أمامها بالفعل أي مجال للإختيار.
وشعرت ساشا ببرودة مفاجئة فأخذت ترتعش ثم رأت مارك يبحث عن شيء في جيبه وفوجئت به وقد اخرج سكينا ، فتملّكها الرعب ، وحاولت ان تركض لكنها لم تستطع بل تسمّرت اقدامها ولم تقدر أن تفعل شيئا سوى أن تراقب ما يفعله فوجدته يخرج السكين من جرابها ببطء ثم يرفعها الى اعلى في الضوء لتراها وهو يقول في صوت هادىء:
" هذه لك يا ساشا....".

نهاية الفصل

Rehana 30-12-20 06:37 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
3- الدراجة النارية

شعرت ساشا برعب شديد وهي تنظر الى السكين في يد مارك وخيّل اليها ان ساقيها لا تقويان على حملها ، فتشبثت بحقيبتها وأستعدت لقذفها في وجهه إذا حاول طعنها ، ولكن مارك وضع السكين في جرابها الجلدي في هدوء ،ثم مدّ يده اليها قائلا ببساطة:
" خذي... إحتفظي بها معك".
وتلعثمت ساشا ولم تقو ى على الرد ، ونظر مارك الى وجهها وقد إكتسى برعب كبير ، فقال لها وقد ضاقت عيناه وإمتلأ وجهه بتعبير غريب:
" ما بالك...هل كنت تعتقدين انني سأطعنك بهذه السكين؟".
هزّت ساشا رأسها بالإيجاب ، فلم تكن تقوى بعد على الكلام ، ومدّ مارك يده فأمسك بيدها وفتح راحتها ووضع السكين فيها ثم اغلقها وهو يقول وقد إرتسم على وجهه شبح إبتسامة:
" هذه السكين لك... لتدافعي بها عن نفس.... لو انني حاولت مثلا الإعتداء عليك".
وأخيرا بدأت ساشا تستعيد هدوءها فتنهدت بعمق وهي تقول:
" أنت تعني ... انه يمكنني ان... ان أحتفظ بها".
ونظرت ساشا الى السكين بخوف ثم سحبتها من جرابها فلمع نصلها الحاد في الضوء وشعرت بالرعب وسارعت بوضعها في الجراب من جديد بيد مرتعشة ، ثم نظرت الى مارك متسائلة:
" ولكن كيف تضمن أنني لن أستخدم هذه السكين لأطعنك بها حتى اتمكن من الهرب".

Rehana 30-12-20 06:39 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" اعرف أنك لن تفعلي هذا".
والتقت نظراتهما لفترة ثم اضاف قائلا:
" انت لا يمكنك إستخدام هذه السكين ضدي وانت في حالتك الطبيعية ، لكنني أعتقد أنه يمكنك ذلك في حالة الدفاع عن نفسك".
وبعد فترة صمت اضاف مارك وهو يهز كتفيه بالطريقة الجذابة التي اعجبتها منذ التقته.
" ولكن ... هل تعتقدين انني قد احاول ان أفعل أي شيء... لا تخافي ، ستكونين في امان معي وستشعرين بالمزيد من الأمان وانت تحتفظين بهذه السكين معك ، أليس كذلك؟".
ونظرت ساشا اليه وهي تحس أنها امام شخص غير عادي ، يمكنه ان يفهم تماما كل ما تفكر فيه ولم تدر كيف أمكنه ذلك وبهذه الدقة وبدأ اليأس يزحف الى نفسها إذ اصبح واضحا لها الآن أنه لن يمكنها الهرب من مارك ، فهو لن يتيح لها ابدا الفرصة لتحقيق ذلك ... رفعت يدها ووضعتها على عينيها حتى لا يرى مارك دموع اليأس والإرهاق التي بدأت تتجمع فيهما ... واخذت تفكر فيما كان يمكن أن يحدث لو ان نيجل حضر معها الى المنزل وماذا كان يفعل في مواجهة مثل هذا الموقف ، ثم فكرت في والدها .... لا بد أنه سيشعر بالقلق عليها إذ إعتادت الإتصال به هاتفيا او كتابيا بعد وصولهما ، لكنها تذكرت أنه منهمك في رسومه ولن يشعر بمضي الوقت قبل يومين أوثلاثة ... لكن ما الفائدة ، فإن مارك سيكون قد افرج عنها.. هل حقا سيفرج عنها؟
وأفاقت ساشا من أفكارها على صوت مارك يقول لها في صوت هادىء.
" والآن ... إصعدي الى الطابق العلوي... وسأتبعك بعد قليل".
ووقف مارك ينظر اليها وهي تعبر غرفة الجلوس ببطء لتصعد درجات السلم في طريقها الى الطابق العلوي ، ولم تحاول ساشا أن تنظر الى الخلف ولذلك فاتها ان ترى التعبير الذي ارتسم على وجه مارك في هذه اللحظة وإختلاج عضلات فكه.
وتوجهت ساشا الى الحمام لتغتسل وتوقفت وهي في طريقها اليه بباب إحدى الغرف، كان الضوء ينبعث من تحته وكانت اصوات الموسيقى الخفيفة تنبعث منها كما امكنها ان تسمع صوتا يشبه صوت قطع الشطرنج تتحرك فوق طاولة وفكرت انهم ربما كانوا يمضون الوقت في لعب الشطرنج بإنتظار شيء ما... ولكن ماذا ينتظرون ؟ ولما لم تجد ساشا جوابا لهذا التساؤل ، مضت بحذر الى الغرفة حيث ستنام ، وهي على يقين من عدم جدوى النزول الى البهو ومحاولة الهرب إذ سمعت مارك يغلق الباب بالمزلاج وهي تعرف تماما أنه لن يمكنها فتح المزلاج لأنه قديم وسيحدث صوتا عاليا يوقظ كل من في المنزل.
ودخلت ساشا الى الغرفة وإرتمت تحت الوسادة ثم سحبت ملاءة خفيفة وضعتها فوقها.
كان المطر ما زال يتساقط في الخارج ، ورقدت ساشا في سكون وهي لا تدري ما تفعل ، وبعد فترة سمعت صوت باب الغرفة يفتح فإمتدت يدها لا شعوريا تحت الوسادة لتطمئن على وجود السكين ، ثم حاولت التظاهر بالنوم ، وشعرت بمارك يقف في جوار السرير ساكنا... كانت تعرف أنه ينظر اليها فجاهدت لتبدو مستغرقة في النوم ويبدو ان المظهر اقنعه بذلك فعلا ، إذ شعرت بدون ان يحاول أن يلمسها ثم سمعته بعد ذلك يتجه الى السرير الآخر المجاور لسريرها ليستلقي عليه.

Rehana 30-12-20 06:50 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وحاولت ساشا أن تستعيد هدوءها وهي تستمع الى صوت المطر يتساقط في الخارج ، لكنها كانت تشعر بالإضطراب الشديد وهي تعلم أنها تنام في غرفة واحدة مع هذا الشخص الغريب الذي لم تتعرف اليه إلا منذ ساعات قليلة... الشخص الغريب العنيف السريع الغضب يرقد على بضة أقدام منها.
وأذهلت ساشا هذه الحقيقة وحاولت أن تفكر في مخرج من هذا الموقف ، لكن عقلها قد توقف تماما عن التفكير بعدما أرهقته احداث الساعات الماضية.
وحاولت ساشا ان تظل مستيقظة لكنها كانت تشعر بإرهاق شديد كما ان القدر الضئيل الذي تناولته من الشراب جعلها تشعر برغبة في النوم ، فأغمضت عينيها ووضعت يدها على السكين إستعدادا لأي حركة قد تبدو من مارك.
وعندما فتحت ساشا عينيها من جديد ، كان صوت المطر قد توقف وتسلّل ضوء القمر الى الغرفة ونظرت ساشا حولها فرأت مارك يرقد في سريره ، فتذكرت فجأة الوضع الغريب الذي وجدت نفسها فيه ، جلست في السرير وقد تصبب وجهها عرقا ، ورفعت يدها تتحسسه ، فقد رأت في منامها شخصا يضربها بسكين فيصيبها في وجهها... وتذكرت السكين التي أعطاها لها مارك ، فمدت يدها تحت الوسادة تطمئن الى وجودها.
ونظرت ساشا الى مارك وكان يستلقي على جانبه مديرا ظهره اليها ، وكان نفسه عميقا ومنتظما ، ووضع إحدى ذراعيه تحت رأسه ، اما ذراعه الأخرى فتدلّت من السرير ، وكان نصفه الأعلى عاريا وانعكس ضوء القمر على جلده النحاسي فبدا لامعا.
وانزلقت ساشا من سريرها في هدوء واتجهت حافية القدمين في حذر شديد الى باب الغرفة وفجأة سمعت صوت مارك القوي يسأل:
" اين تذهبين؟".
وتجمدت ساشا في مكانها وإرتفعت دقات قلبها وهي تجيب في تلعثم:
" الى ...الى الحمام."
" إذن إذهبي... وتذكري جيدا أنني احكمت إغلاق الأبواب وإذا حاولت فتح أي باب ساسمعك ، ولن يمكنك الهرب مني".
وخرجت ساشا ، وعندما عادت كان مارك ما زال مستلقيا فوق سريره ، فإتجهت الى النافذة لأنها شعرت بحاجة الى هواء الليل المنعش ، وكان الوقت حوالي الثالثة صباحا وخيّل اليها وهي تنظر من النافذة انها تسمع صوت موسيقى يأتي من بعيد ، فشعرت بالوحدة والضياع وهي تتخيّل أن الجميع يمرحون في الخارج وما زالوا يسهرون حتى الآن وهي محبوسة هنا وحيدة.
وامسكت بحافة النافذة وتدلت منها لتنظر الى الأرض تحتها وكانت قريبة منها وتمنت في هذه اللحظة لو أن معها حبلا تتدلى به وتهرب.
ولاحظت وهي تقف بجوار النافذة ان مارك يتقلب في فراشه ويبدو كأنه يفقد صبره لكنها ظلت في مكانها وسمعته يناديها وتجاهلت ذلك فكرر نداءه فالتفتت اليه وهي تقول:
" حسنا... ماذا تريد؟".
فقال متسائلا:
" ألا يمكنك النوم؟".
فردت بالنفي وكانت صادقة في ردها ، كانت حواسها متيقظة تماما في ذلك الوقت ، ثم اجابت وهي تتعمد مضايقته:
" اريد الخروج للتريّض قليلا".

Rehana 30-12-20 06:53 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولم تدر ساشا ما إذا كانت قد نجحت بالفعل في مضايقته لأنه لم يكن بإمكانها رؤية وجهه ، بل سمعته يضحك قائلا:
" عودي الآن الى سريرك".
" لا ، فإنني افضل الوقوف بجوار النافذة".
" اتفضلين ذلك حقا ... إذن ساقف الى جانبك نشاهد معا ضوء القمر ، هل تريدين ذلك ، اعتقد أنه سيكون شيئا جميلا".
واحست ساشا بمارك يزيح الغطاء كأنه يستعد لمغادرة السرير فالتفتت اليه سريعا إذ كان وقوفه الى جانبها أبعد شيء تتمناه في هذه اللحظة ، وسمعته يضحك كأنه كان يعرف شعورها تماما.
وشعرت ساشا في هذه اللحظة باليأس والضعف إزاء هذا الرجل القوي الذي يمكنه أن يحبط أي محاولة من جانبها للهرب.
واحست بغضب مفاجىء فإندفعت بدون وعي منها لتقذف بنفسها فوق السرير وهي تضربه بقبضتها على صدره بعصبية وبلا هوادة.
وبدا مارك كأنه يتوقع منها مثل هذا التصرف فجذبها بقوة لتسقط فوقه ثم فوجئت بنفسها بعد ذلك ومارك يجثم ممسكا بكلتي يديها ولا حيلة لها كحشرة صغيرة بين خيوط العنكبوت.
ثم قال مارك في لهجة جادة:
" والآن... يا آنسة ساشا هل يعجبك هذا؟".
واستلقت ساشا في هذا الوضع ساكنة تماما وهي تعجب من نفسها لأنها لم تشعر بالإستياء لذلك كما ان مارك لم يكن يمسك بيديها بطريقة تسبب لها أي ألم واخذت تفكر بما يمكنها ان تفعل ، وأخيرا سمعته يقول:
" يجب ان تعرفي أنني اخذت الحزام الأسود في الجودو والكاراتيه وحتى لو لم يكن ذلك ، كيف تتخيّلين أنه يمكنك وأنت الفتاة الرقيقة التغلب عليّ؟".
ولم ترد ساشا لأنه لم يكن هناك أي مجال للمجادلة ، وأخذت تحرك رأسها في محاولة للتخلص منه ولكن مارك لم يتركها.
ثم شعرت بيده تتحرك لتلمس وجهها وهو يقول في صوت هامس:
" إنك جميلة جدا ، جميلة يا آنسة ساشا دونيلي".
وشعرت ساشا بشفتيها تحترقان فإضطربت وحاولت التخلص منه فجذبها مارك بقوة ليجلسها فوق السرير ، ثم ركع الى جوارها وهو يلهث قائلا في صوت خشن:
" لا تحاولي ان تفعلي ذلك مرة اخرى يا صغيرتي ، ألا تدركين ما تفعلين أم أنك بريئة الى درجة انه لا يمكنك ان تدركي ما يمكن أن يفعله أي رجل في مثل هذا الموقف؟".
ثم ترك السرير فجأة ووقف وهو يجذب ساشا ليوقفها قائلا في صوت رقيق:
" ما زلت في إنتظار ردك".
وكان مارك ما زال محتفظاً بيدها في يده وشعرت باصابعه وهي تضغط برفق على رسغها وتملّكها شعور بالراحة لكنها ردت وهي تتظاهر بأنها لا تفهم قصده .
" لا افهم ماذا تعني، هل تعتقد أنني ما دمت هنا ...ضيفة كما يحلو لك أن تقول فإنه يمكنك أن تفعل معي أي شيء".
ثم إضطرب صوتها وهي تقول:
" إنني أكرهك".

Rehana 30-12-20 06:55 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" لا إنك لا تكرهينني فأنت لم تعرفيني بما فيه الكفاية حتى تقولي ذلك ، ربما لا تحبينني بسبب تصرفاتي معك ولكن تكرهينني...لا... وإنني على يقين من انه لا يمكنك ان تكرهي احدا".
ونظرت ساشا الى وجهه الذي كان يلمع تحت ضوء القمر وقالت:
" أنت لا تعرف عني شيئا على الإطلاق".
" ولكنني أشعر أنني أعرفك حق المعرفة".
ثم توقف لحظة قبل أن يقول:
" ولكنك لم تردي على سؤالي ، ألا تعرفين ما يمكن ان يحدث عندما ترتمين في أحضان رجل مستلق فوق سريره ، اجيبي على سؤالي لأنك إذا كنت تجهلين ذلك فيجب ان تعرفي الآن قبل ان تجدي نفسك في موقف صعب".
وجذبت ساشا يدها من يد مارك في غضب وهي تقول:
" لست في حاجة لأن اتعلم منك".
فابتسم مارك وهو يهز كتفيه قائلا:
" حقا؟ في أي حال وعدتك بعدم التعرض لك ، كما ان معك السكين".
ثم أضاف في لهجة ساخرة:
" وأكون غبيا جدا لو أنني حاولت التعرض لك في مثل هذه الحالة ، أليس كذلك؟".
ولم ترد ساشا عليه بل إتجهت الى سريرها ثم سمعته يقول لها:
" كنت أعتقد انك تريدين الخروج للتريض قليلا".
فتنهدت ساشا بعمق وهي تقول:
" كنت اود ذلك... ولكن...".
" إذن فلنذهب ... تعالي فإنني لم اعد اشعر برغبة في النوم... سنذهب للتريض قليلا ثم نعود لنشرب بعض الشاي او القهوة ثم نعود للنوم بعد ذلك".
قال مارك ذلك في لهجة جعلت ساشا تشعر كأنها تمضي معه إجازة لطيفة وشعرت بنوع من الإضطراب وهي تفكر في أنها ستقوم معه بنزهة في ضوء القمر في الفجر ، إنها لم تفعل ذلك من قبل ولذلك فالمسألة تبدو مثيرة بالنسبة اليها حقا إنها لا تحب مارك ولكنها تشعر بالراحة للخروج معه الآن لأنها لا تستطيع النوم ، وتشعر بأمس الحاجة الى الخروج في الهواء المنعش خاصة بعد الموقف العنيف الذي حدث بينهما.
واندفعت الدماء الحارة في عروقها وهي تستعيد ما حدث ، فأشاحت بوجهها بعيدا عن مارك حتى لا يرى ما إرتسم عليه من تعبير ثم قالت وهي تنحني فوق حقيبة ملابسها.
" حسنا...ساحضر معطفا خفيفا لأضعه فوق كتفي".
واتجه مارك الى باب الغرفة وأضاء النور ثم وضع قميصه فنظرت اليه ساشا وهي تقول:
" هل هذا يكفي... ألن تشعر بالبرد؟".
" ان صدريتي في المطبخ ، فلنذهب الآن".
ثم بدا وكأنه تذكّر شيئا فقال:
" نسيت السكين... اين هي؟".
" تحت الوسادة... ولكن لماذا تسأل؟".
وراقبته ينحني ليأخذ السكين فسألته في لهجة حاولت أن تبدو هادئة وقد بدأت تشعر بالخوف والشك .
" ولكن... لماذا تاخذ السكين؟".
" لماذا... لأنه...".
ثم هزّ كتفيه وقد بدا عليه أنه لا يعرف ماذا يقول ثم أضاف:
" لأن الليل قد يكون خطرا ، تعالي الآن...".

Rehana 30-12-20 06:56 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وتبعته ساشا الى أسفل وعندما وصلا الى البهو قال بصوت هامس:
" ساذهب الى المطبخ لأحضر صدريتي ، انتظري هنا".
وبعد قليل عاد وخرجا معا من المنزل وسارا في الممر الحجري متجهين الى الطريق الرئيسي وعندما وصلا الى المنطقة التي تقابلا فيها أول مرة ، توقفت ساشا وهي تسأل:
" اين سيارتي؟".
" لا تخافي ، سيارتك في أمان ، وضعتها في الكارج خلف المنزل."
" وهل أدوات الرسم الخاصة بي موجودة فيها؟".
" نعم ، ويمكنك أخذها غدا لترسمي ان اردت".
وسألت ساشا في نوع من التهكم:
" واين ارسم ... على الشاطىء؟".
فابتسم مارك وهو يقول:
" في الحديقة .... حيث يمكنني ان أراك".
وشعرت ساشا بأن شيئا ما قد تغيّر في مارك ، وان لم تكن تعرف تماما ما هو وشعرت بان التوتر بينهما بدأ يخف الى حد ما.
وكان الطريق وعرا ومن الصعب في الظلام رؤية النتوءات الحجرية البارزة ، لكن مارك كان يمشي في ثقة تامة ، وتذكرت قوله أنه حائز على الحزام الاسود في الجودو والكاراتيه ، انها تصدقه ، وهي في الحقيقة تصدق كل ما يقول كما تؤمن انه لن يؤذيها متعمدا ، في أي حال مهما كان مارك سيئا فإنها ترى فيه بعض صفات الفروسية ومن أهمها عدم ايذاء اية سيدة ، وكان ذلك يشعرها بالأمان الى حد ما ، ولكن في الوقت نفسه كانت هناك أشياء كثيرة أخرى تثير قلقها ومخاوفها لا تستطيع أن تجد لها تفسيرا.
وفجأة تعثرت قدم ساشا فاستندت الى ذراع مارك فشعرت به وهو يتألم من أثر محاولتها ضربه بالقضيب الخشبي في المطبخ وسألته:
" هل يوجد في المنزل بعض الاسعافات الأولية؟".
فقال وقد بدت الحيرة على وجهه:
" نعم... ولكن لماذا تسألين؟".
" لأنني اريد ان أضمد لك كتفك".
فضحك مارك وهو يحيط خصرها بذراعه وقال:
لا تلق بالا الى ذلك فإن ذراعي قوية كما ترين ، ويمكنها ان تعنى بفتاة جميلة مثلك".
لم تشعر ساشا بالضيق ومارك يضع ذراعه حول خصرها ، لكنها لم تكن تريده ان يشعر بذلك فتظاهرت بعدم الارتياح.
كان الجو جميلا في ذلك الوقت وصفت السماء تماما من السحب فبدت لامعة وظهر القمر عاليا وواضحا في السماء وتوقفت ساشا عن السير ووقفت تنظر الى القمر وصاحت قائلة:
" أوه... أنظر الى القمر ، كنت أعتقد أن شكله سيتغير بعد وصول الانسان اليه ، لكنه كما كان دائما".
ونظر مارك وهو يبتسم لكنه لم يعلق بشيء ووقفا صامتين بعض الوقت على الطريق الذي تحيط به الأسوار العالية ، وفجأة شعرت ساشا بالبرودة تسري في أوصالها فقالت في صوت هامس:
"أريد العودة الى المنزل ".
" لماذا... ماذا حدث؟".

Rehana 30-12-20 06:56 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" لا شيء أنه مجرد...".
ولم تدر ساشا ماذا تقول فقد شعرت في هذه اللحظة بان هناك شخصا ما يراقبهما ، فقالت:
" انني ... خائفة".
" خائفة... مني؟".
" لا... ليس منك... انني خائفة من شيء... من شخص... أشعر أن هناك من يراقبنا".
ونظرت ساشا الى وجه مارك فرأته وقد اختنقت الابتسامة عن شفتيه ثم فوجئت به يحتضنها ويقول شيئا باللغة الروسية ثم عانقها وهمس في أذنها قائلا:
" حاولي التصرف بطريقة طبيعية ، وضعي ذراعك حول خصري ونحن نعود الى المنزل ، هل تفهمين؟".
وسارا معا ببطء في اتجاه المنزل وهو يتعمّد الضحك بصوت مسموع بين آن وآخر كما لو كانا يتهامسان بما يثير الضحك.
وادركت ساشا فجأة سبب التغيير الذي طرأ على مارك ولماذا وافق على الخروج معها ، اراد استعمالها كآداة ليضلل احدهم.
ودخلا الى المنزل وبعد ان أغلق مارك الباب التفتت اليه ساشا وصفعته بكل قوتها واعقب ذلك فترة صمت قال بعدها مارك في صوت غاضب:
" لماذا فعلت ذلك؟".
" انت تعرف لماذا، لأنك استخدمتني كآداة لتحقيق اغراضك".
وبدت آثار اصابعها بوضوح على وجهه ولكنه لم يحاول ان يرفع يده ليتحسّس الصفعة ، واكتفى بالنظر اليها وقد ظهرت في عينيه نظرة مخيفة وهو يقول:
" ولنفرض انني فعلت ذلك".
" انني لا أحب ان استخدم كآداة ... اعرف انك تقوم بعمل سيء ، وربما يكون الأشخاص الذين يراقبوننا كذلك أيضا ولكنني ارفض ان يستخدمني احد لتحقيق اغراضه ... هل تعتقد كذلك أيضا وانهم ظنوا أنني زوجتك المفروض ان تكون معك الآن لقضاء شهر العسل؟".
فهز مارك كتفيه قائلا:
" ربما... لست أدري ...ربما خيّل اليك أن احدا يراقبنا ، فانكم معشر النساء تتوهمن احيانا رؤية أشياء أو سماع اصوات".
" من المؤكد انك أيضا توهمت ذلك ، ونظرت الى وجهك ورأيت التغيير الذي طرأ على تعبيراتك في تلك اللحظة ، وربما كان هذا هو السبب في انك اخذت السكين معك".
قالت ساشا وهي ترفع يدها الى فمها اذ شعرت بتعب مفاجىء فاخرج مارك السكين من جيبه وناولها اياها قائلا:
" خذي ... احتفظي بها معك".
ولكن ساشا كانت تشعر بغضب شديد فطوحت السكين من يده في عصبية لتقع على الأرض على بعد بضعة اقدام منها وقالت:
" احتفظ انت بها انا على يقين انك أقدر مني على استخدامها".
ثم صاحت في ضيق وهي تطلب منه ان يترك ذراعها فقد شعرت بقبضته كالفولاذ وهو في قمة غضبه.
فرد مارك وهو يزمجر قائلا:
" أحيانا أشعر انه قد يكون من السهل جدا بالنسبة اليّ لو انك رجل".
" حقا ؟ اترك ذراعي ، فانت اقوى بكثير من أي شخص آخر ، اليس كذلك؟".

Rehana 30-12-20 06:57 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ثم أضافت وهي تدلك رسغها بعدما تركها:
" قلت لي من قبل ، أنني يجب ان أعرف أي شخص جيدا قبل أن أصرح بانني أكرهه ... حسنا... اعرفك الآن جيدا وأكرهك".
ثم اندفعت ساشا بعد ذلك تصعد درجات السلم وهي تركض متجهة الى غرفتها من غير أن تحاول الالتفات الى الخلف.
لم يصعد مارك الى الغرفة مرة أخرى ، واستلقت ساشا على سريرها وقد جفاها النوم طويلا ،وعندما استيقظت بعد ذلك كانت اشعة الشمس تملأ الغرفة ونظرت الى سرير مارك فوجدته خاليا وظنت للحظة ربما حدث له شيء وراعها هذا الخاطر ، ولكنها أدركت ان شيئا لم يحدث فقد بدأ الهواء يحمل اليها رائحة الطعام والقهوة.
جلست ساشا في سريرها وقد بدأت احداث الليلة الماضية تعود الى ذهنها ، وكان الباب مواربا ورائحة الطعام النفاذة تصل اليها فشعرت بالجوع... لكنها لم تكن تستطيع النزول ومواجهة مارك بهذه البساطة ، بعد كل ما حدث وبعد كل ما قالته وفعلته معه.
وبينما هي تجلس في سريرها عاقدة اليدين حول ركبتيها تفكر في أمرها ، سمعت نقرا خفيفا على الباب ثم سمعت صوت مارك يسأل:
" هل يمكنني الدخول؟".
ونظرت ساشا الى الباب وهي لا تدري ماذا تقول ثم قالت:
" نعم يمكنك الدخول".
ودخل مارك يحمل قدحا وهو يقول في صوت بدا باردا:
" صباح الخير ، أحضرت لك قدحا من القهوة ، هل تريدين ان أحضر لك فطورك الى الغرفة".
" لا ، ساتناوله في المطبخ اذا كان ذلك ممكنا!".
" بالطبع ، ولكن ليس قبل ان تشربي القهوة وتغتسلي ".
وجلست ساشا واخذت تفكر وتجول بصرها في انحاء الغرفة ، اليوم هو الجمعة وهو اول ايام عطلتها والجو يبدو صحوا وجميلا ، ومن المؤكد أن تستمتع به أي استمتاع ، ولو سارت الامور بطريقة طبيعية فربما توجهت اليوم لزيارة العمة ماري في كان كما وعدتها من قبل ، ثم ربما مارست هوايتها في الرسم بعد ذلك في حديقة المنزل ، ولكن كل شيء تغيّر وهي لا تدري ماذا تفعل.
وفجأة خطرت لها فكرة صممت على تنفيذها ، لن تخسر شيئا ، كل ما يمكن ان يحدث هو ان يرفض مارك ولن يضيرها ذلك في شي ، فهي تتوقع معه مثل هذا الموقف.
وعندما جلست الى مائدة الافطار قالت له:
" وعدت عمتي بزيارتها في كان اليوم ، ولذلك فإنها سوف تكون بانتظاري ولا اريد ان اسبب لها أي قلق فهي سيدة عجوز...".
ثم استطردت بعد أن استجمعت شجاعتها:
" هل يمكنني الذهاب لزيارتها!".
" حسنا... يمكنك الذهاب... شرط ان أذهب معك".
ونظرت ساشا الى مارك الذي رفع قدحه وهو ينظر اليها بنوع من السخرية ثم قال:
" هل اعتقدت أني سأرفض طلبك؟".
فلما ردت بالايجاب اضاف قائلا:
" هل تعرفين لماذا وافقت على طلبك؟ لأنني اعتقد انك تقولين الصدق هذه المرة ، لا كما حدث بالنسبة الى والدك ، فانت لا تحسنين الكذب يا ساشا".

Rehana 30-12-20 06:57 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ثم نظر اليها وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة وقال:
" سنذهب في الحال... ان اردت ذلك".
فخفضت ساشا بصرها سريعا وهي تحاول اخفاء نظرة الفوز التي ارتسمت في عينيها وقد تزاحمت في رأسها جميع الاحتمالات.
ثم استطرد مارك :
" ولكنني أحذّرك منذ الآن ، لا تحاولي الهرب ، ساراقبك بدقة".
وحاولت ساشا ان تضحك وهي تقول:
" يا الهي ، بالطبع لن افعل ذلك ،فإن أي شيء من هذا القبيل قد يقتل عمتي العجوز".
فسألها مارك:
" هل لي ان اسأل ، كيف يكون لك عمة فرنسية؟".
" انها ليست في الواقع عمتي بمعنى الكلمة ، ولكن والدي كانت له صداقات وطيدة في فرنسا أثناء الحرب حيث كان في مهمة سرية ، والعمة ماري والدة أحد أصدقائه الذي توفى منذ فترة ، لكن والدي استمر على علاقته بالسيدة العجوز التي نقوم بزيارتها من وقت لآخر ، وهي تبلغ من السن الآن حوالي الثمانين عاما".
ثم خطرت لساشا فكرة مفاجئة فنظرت الى مارك في خوف وهي تسأل :
" إنك لن... اعني...".
" ماذا؟ هل تعتقدين انني قد اقوم باختطافها".
ثم اضاف وهو يبتسم:
" أعتقد أنه لا يوجد مكان في المنزل للمزيد من الاشخاص ، اليس كذلك ؟ في أي حال تذكّري أن كل شيء يتوقف على الطريقة التي ستتصرفين بها ؟ هل تفهمين ما أعني؟".
فردت ساشا بالايجاب وهي تدرك تماما معنى كلامه.
قال مارك وهو يرفع طبقه عن المائدة:
" حسنا ، بدات في التعقل قليلا ، واعتقد أنك ربما تصدقين الآن أنني أعني تماما ما سبق ان قلته لك ، انني لن أحاول ايذاءك".
ولم ترد ساشا بل رفعت طبقها عن المائدة واتجهت الى المغسلة وهي تقول:
" ساقوم أنا بغسل الأطباق ".
" إذا كنت تودين ذلك حقا".
وشكرها مارك ثم خرج من المطبخ وتركها بمفردها ، ونظرت اليه ساشا وهو يخرج من المطبخ وشعرت في هذه اللحظة وهي تنظر الى ظهره بعواطف مختلفة تتنازعها ولم تكن تفهم تماما شعورها ، ولكن الشيء الوحيد الذي كان مؤكدا لها أنه لا يمكنها أبدا ان تفهم هذا الرجل المدعو مارك.
وصعدت ساشا الى حجرتها حيث بدّلت ثيابها وغسلت ثياب اليوم السابق وعلّقتها لتجف وكان الجو حارا والسماء صافية تماما ورأت ساشا في البعيد طائرة تحلّق في السماء وامتلأ الجو بشذى الازهار ، وكانت تترامى الى اذنيها زقزقة العصافير وهي تغرّد فوق اغصان الأشجار.
واخذت ساشا تفكر فيما يحدث بعدئذ ، وهل سيتركها مارك تقود سيارتها السيتروين الصغيرة أم سيصر هو على قيادتها.
وبعد تناول الغداء صعد مارك الى الطابق العلوي ثم نزل الى البهو وقد بدّل ملابسه وبدا وهو يهبط السلم شخصا آخر وبدت عليها الدهشة فنظر اليها مارك مبتسما وهو يقول:
" لا تخافي... انا حقيقة".

Rehana 30-12-20 06:58 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فسألته في برود:
" هل اعتدت التنكر عند الخروج؟".
" أتنكر؟".
قال مارك في دهشة وهو يخلع نظارته الشمسية وينزع عن رأسه قبعة من القش كانت مناسبة تماما مع الذي يرتديه ، ثم اضاف:
" هل تسمين ذلك تنكرا !".
ولم يكن مارك قد غيّر كثيرا من ملابسه ، لكنه كان يبدو في شكل مختلف ولاحظت ساشا أنه يضع في جيب سرواله الخلفي سكينا.
ووضع مارك النظارة الشمسية فوق عينيه من جديد وبدا لها جذابا للغاية وهو يضع قبعة القش فوق رأسه في غير اكتراث ثم تقدم من ساشا وامسك بذراعها وخرجا معا من المنزل.
واتجها الى الحديقة الخلفية وانتظرت ساشا مارك وهي تعتقد انه سيحضر سيارتها بدلا من ذلك فوجئت به وقد احضر دراجته النارية.
وتملّكها رعب شديد وهي تنظر الى الدراجة وصاحت قائلة:
" أوه... لا... أرجوك".
فنظر مارك حوله وقد أدهشه موقفها ثم ارتسمت على جبينه تقطيبة وهو يسألها:
" ماذا حدث الآن؟".
" كنت أعتقد اننا سنذهب بالسيارة ...".
" لا، فالدرّاجة افضل واسرع ، تعالي اجلسي خلفي على المقعد وضعي ذراعيك حولي".
وعضّت ساشا على شفتيها في غيظ ولكنها لم تفعل شيئا سوى ان تمتثل لأمره وتجلس خلفه على الدراجة البخارية في حذر فالتفت اليها وهو يقول:
" ضعي ذراعيك حولي ، والا تعرضت للسقوط".
فردّت وهي تصر على أسنانها:
" لم اركب دراجة من قبل".
" حقا تقولين ..... " ثم اضاف ضاحكا "اذن فستكون تجربة مثيرة بالنسبة اليك".
ردت ساشا بالايجاب في صوت مضطرب ووضعت ذراعيها حول مارك وقد التصقت به ودفنت وجهها بين كتفيه العريضتين ، وشعرت بالدفء والقوة ولدهشتها الشديدة وجدت انها ترتاح الى وجودها بالقرب منه .
ثم سمعت صوت مارك يقول لها:
" أمسكي بي جيدا يا ساشا فاننا سنبدأ السير".
وادار الدراجة وانطلق بها فأغمضت ساشا عينيها وقد تملكها رعب شديد ، كان الموقف اصعب مما كانت تتصور وتشبثت به بقوة وهما يهبطان الممر الحجري ، وكانت تتصور في كل لحظة أنها ستسقط عن الدراجة ، ثم أخذ يدور بالدراجة وهو يحاول تحاشي النتوءات الحجرية البارزة فازدادت تشبثا به ودفنت وجهها في ظهره في انتظار ما سيحدث.
ثم هدأت السرعة فجأة ففتحت احدى عينيها وهي تسائل نفسها اذا كانوا وصلوا الى المكان وجاءها صوته متسائلا:
" ساشا ، هل يعجبك ذلك... امسكي بي جيدا".
فاجابت في صوت ضعيف:
" انني أصلي".

Rehana 30-12-20 06:58 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فضحك مارك ونظرت هي حولها فاكتشفت انه خفّف السرعة لأنهما وصلا الى نهاية الممر حيث يلتقي بالطريق الرئيسية من السيارات ثم التفت اليها يسألها:
" هل تشعرين حقا بالخوف؟".
فأجابته بالايجاب فاوقف الدراجة وهو يقول:
" انني آسف ، هل ترغبين في العودة الى المنزل لنستقل السيارة؟".
وظنت ساشا للحظة أنه يمزح فنظرت اليه سريعا ولكن وجهه كان جادا وكان ينتظر اجابتها ، فهزت رأسها ببطء وهي تقول:
" لا ، ان كل شيء على ما يرام ، كل ما في الأمر انني لم أمر بمثل هذه التجربة من قبل".
" تركنا الطريق الوعرة ، أما الآن فان هذا الطريق ممهّد ولن أمضي سريعا".
وابتلعت ساشا ريقها وهي تقول:
" أعرف ذلك ، أشعر أنني سخيفة ، ارجوك ان تمضي في طريقك".
وأدار مارك الدراجة من جديد وانطلق بها ولدهشتها الشديدة لم تعد تشعر باي خوف وأحاطته بذراعيها بدون ان تتشبث به كما كانت تفعل من قبل.
وبدأت تتمتع بالركوب على الدراجة ومارك يندفع بها بين السيارات في سرعة متوسطة ويبدو ان مارك لاحظ ذلك فصاح قائلا:
" تشعرين الآن بتحسن ... أليس كذلك؟".
فردت في صوت عال حتى يمكنه سماعها :
" نعم .... انه شيء رائع فعلا".
وتوقفا بالقرب من كان للتزود بالوقود وفي مواجهة محطة الوقود مقهى صغير مع حديقة ، ووقفت ساشا تنتظر يقف بجانبها مارك ، وكانت تشعر بساقيها ترتعشان بعد طول جلوسها فوق مقعد الدراجة ثم التفت اليها مارك وقال:
" هل تريدين شرابا؟".
فنظرت اليه متسائلة:
" هل يمكننا... أعني".
فابتسم مارك وقد فهم قصدها وكان يبدو جذابا للغاية وقد غطى عينيه بالنظارة الشمسية وقال:
" يمكننا ذلك .. ما دمت تتصرفين بحكمة ، هل تفهمين ما اعني؟".
فاجابت بالايجاب ، كانت تشعر بعطش شديد فقال مارك.
" تعالي وستصفين لي مكان منزل عمتك بينما نجلس ونتناول الشراب ".
وترك مارك الدراجة في المحطة وأمسك بذراعها وهما يعبران الطريق الى المقهى وشعرت ساشا في هذه اللحظة بمدى ضآلة حجمها بالمقارنة معه ، ثم قال:
" هل نجلس في هذه الحديقة؟ أعتقد أنها أفضل".
فردّت ساشا في صوت خافت:
" ولا يوجد فيها أحد".
ولكن مارك سمعها فانفجر ضاحكا وهو يقول:
" انك تبدين في حال أحسن الآن ، ويخيّل إلي أنك بدأت تعودين الى حالتك الطبيعية".
ثم اضاف وهو يسحب أحد المقاعد في ركن الحديقة لتجلس عليه:
" هل تعرفين يا ساشا أنني بدأت اشعر بالقلق عليك؟".
" هل حقا ما تقول؟".

Rehana 30-12-20 06:59 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
قالت ساشا ذلك وهي تجول ببصرها في انحاء المكان اذ كانت لسبب لا تدريه تحاول أن تختزن في ذاكرتها صورة دقيقة لكل ما يحيط بها ، كان المكان لطيفا ويحيط بالحديقة من الخلف جدار حجري نمت عليه بعض النباتات المتسلقة وانتشرت في المكان بعض الزهور الصفراء وكان المكان يفوح برائحة الوقود والثوم نوع من العطر لم تستطع أن تميزه.
وجاء الخادم يسأل مارك عما يريد ، وقد بدا عليه انه في عجلة من أمره ليعود الى المائدة التي تجلس اليها فتاة شقراء بمفردها خارج الحديقة.
وبعدما طلب مارك قدحين من عصير الليمون اخرج علبة سكائر وقدم سيكارة لساشا لكنها رفضت وجلست تراقبه وهو يشعل سيكارته ويضع الولاعة على المائدة أمامه ، وكان يجلس في نوع من الاسترخاء ، وقد غطى جبهته بالقبعة ، وعلى الرغم من أنه لم يكن بمقدورها أن ترى عينيه اللتين أختبأتا وراء النظارة الشمسية لكنها كانت تدرك تماما أنه يراقبها مما جعلها تشعر بالاضطراب.
ونظرت ساشا حولها ، كانت الحديقة خالية إلا منهما... وقطة سوداء صغيرة تجلس فوق الحائط الحجري... وفتحت ساشا حقيبتها تبحث عن مرآتها فاكتشفت اختفاء جواز سفرها ، ورآها مارك تفتش في محتويات الحقيبة فسألها:
" عم تبحثين .... هل فقد منك شيء؟".
"نعم ، جواز سفري ، لا اجده في الحقيبة ".
ثم نظرت اليه عبر المائدة وسألته:
" هل اخذته؟".
" أنا؟ ولماذا افعل ذلك؟".
فردت ساشا وقد شعرت أن مارك وراء اختفاء جواز سفرها .
" هل من الضروري أن تختبىء وراء هذه النظارة؟ ، لا استطيع رؤية وجهك".
فخلع مارك النظارة ببطء وهو يقول:
" هل هذا حسن؟".
أضاف وهو يضع النظارة فوق المائدة :
" قد تعثرين على جواز سفرك عند العودة الى المنزل".
" ربما اجده ولكنني على يقين انه لم يسقط من حقيبتي ، اذا كنت تريد أن توهمني بذلك".
ثم توقف فقد حضر الخادم في ذلك الوقت قدحين من عصير الليمون ثم استطردت:
" انني أغلق الحقيبة جيدا ولا يمكن أن يسقط منها شيء كما أنك دخلت الغرفة بينما كنت مستغرقة في النوم".
" آه... انك تفكرين بطريقة سليمة".
فسألته ساشا في انفعال:
" هل فعلت ذلك؟".
" فعلت ماذا؟".
" أخذت جواز سفري".
وشعرت ساشا في هذه اللحظة بغضب مفاجىء ، إنها لم تقابل في حياتها رجلا يمكنه ان يدفعها الى الغضب بهذه الصورة ، كان يشعرها دائما وفي كل لحظة انه سيد الموقف.
وهزّ مارك رأسه وهو يقول في هدوء:
" نعم أخذته ، ولكنه في أمان وسأعيده إليك فإننا نريد الاحتفاظ به لبعض الوقت".
واتسعت عيناها وشحب وجهها من شدة الغضب وهي تسأل:
" ولكن لماذا؟".

Rehana 30-12-20 06:59 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" لنتأكد من أنك فعلا ساشا دونيلي كما تقولين".
"ولكن كيف؟ كيف يمكنكم ذلك؟".
" لنا وسائلنا الخاصة".
فنظرت اليه ساشا وهي تقول في اصرار:
" انني كما قلت لك من قبل ، ساشا دونيللي".
ثم امتدت يدها في حركة يائسة الى عنقها لتنزع منه سلسلة فيها قلادة صغيرة وهي تقول:
" أنظر ، افتح هذه واقرأ ما كتب بها ، اعطتها لي امي قبل موتها وقد احتفظت بها دائما".
ومد مارك يده واخذ منها القلادة ثم فتحها بعناية وكانت بداخلها صورة السيدة دونيللي وقد حفر على غطاء القلادة تاريخ اهداء الصورة مع عبارة الى ساشا من ماما".
وبعد ان انتهى من قراءة ما كتب عليها مدت ساشا يدها فأخذتها منه وهي تسأل:
" هل تعتقد انني زورت ذلك؟".
واندفعت الدموع الى عينيها وهي تكرر سؤالها:
" هل تعتقد ذلك فعلا؟".
" لا... لا أعتقد ذلك".
وأحنت ساشا رأسها لتضع القلادة من جديد حول عنقها وكانت اصابعها ترتعش فلم تتمكن من اغلاق السلسلة فقام مارك من مقعده ووقف خلفها وهو يزيح شعرها الحريري عن عنقها في محاولة لمساعدتها.
وشعرت ساشا بعنقها يحترق تحت ملمس يده الدافئة وظلت ساكنة حتى انتهى من اغلاق السلسلة وهو يقول:
" كان من الضروري ان نفعل ذلك ، وأن نتأكد من شخصيتك".
ثم عاد الى مقعده ولم تقوى ساشا على النظر اليه في هذه اللحظة وهي تقول:
" انني لا ارى داعيا لذلك."
" ستعرفين كل شيء ، بعد وقت قليل ، والآن اعطيني عنوان عمتك".
" انها تقيم في رقم 14 شارع تبسو".
" نعم ، أعرف المكان".
واشار مارك الى الخادم ودفع الحساب ، وبعدما انتهت من شرب قدحها وقفت ساشا وتبعها مارك واضعا نظارته من جديد ثم أمسك بذراعها ليعبرا معا الطريق متجهين الى حيث توجد الدراجة البخارية.
وقالت ساشا في لهجة انطوت على كثير من المرارة:
" اطمئن فلن أهرب منك، اعرف تماما عدم جدوى أي محاولة معك".
فابتسم مارك وهو يقول:
" حسنا هذا يجعل المسالة أسهل بالنسبة اليّ".
وشعرت ساشا في هذه اللحظة ان مارك يمكنه دائما التحكم في انفعالاته وأنه لن يكون من السهل عليها اثارته أو محاولة مضايقته.
وجلست ساشا مرة اخرى وراء مارك على الدراجة البخارية وقد احاطته بذراعيها واتجها معا الى حيث يوجد منزل عمتها في كان وهي تتساءل عما يمكن ان يحدث بعد ذلك...

نهاية الفصل

Rehana 31-12-20 12:01 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
4- لا العمة ولا اليخت!

وصلت ساشا ومارك الى منزل العمة ماري وكان المصعد معطلا وبينما كانا يصعدان السلم التفت اليها مارك قائلا:
" تذكّري ، انني أقيم في منزل السيدة كاسيل بمفردي ، هل تفهمين؟".
ولما ردّت ساشا بالإيجاب اضاف مارك:
" وتذكّري ايضا أنني اراقبك بدقة فلا تحاولي أن تفعلي أي شيء"
فردّت ساشا قائلة:
" أخبرتك من قبل أنها سيدة عجوز".
"نعم ، أعرف ذلك ، وعلى فكرة هل تتحدثين معها بالفرنسية ام بالانكليزية؟".
" اتحدث معها باللغتين فهي تود احيانا التحدث بالإنكليزية ، وعندما تشعر بالتعب من ذلك تعود الى التحدث بالفرنسية."
وهز مارك رأسه ولم يقل شيئا ، وبدأت ساشا تسائل نفسها اذا أخطأت عندما فكرت في زيارة العمة ماري ، لقد كانت الفكرة تبدو رائعة لها ، ولكن ربما كان عليها ان تكون أكثر حذرا.
وتحسست حقيبتها وكانت قد وضعت فيها ورقة وقلما ، اذ كانت ترجو ان تتمكن من كتابة مذكرة صغيرة لوصيفة العمة ماري وتدعى هورتونس وهي تغادر المنزل كل مساء بعد تأدية أعمالها ، وان لم تكن قد قررت بعد ماذا تكتب في هذه المذكرة.
وكان باب شقة العمة ماري مواربا واستقبلتهما وهي تجلس في الشرفة ودعتهما مرحبة الى الدخول ، وكانت العمة ماري قصيرة القامة سمينة الى حد ما ولم تكن تستطيع المشي الا بصعوبة ، لذلك كانت تقضي معظم وقتها في الشرفة الواسعة تحيط بها أصص الزرع التي تحبها والتي تقول عنها أنها صديقتها.
وكان شعرها معقوصا الى الخلف وظهر أثر الزمن واضحا في عينيها فتحوّل لونها الى الأزرق الباهت وكانت ترتدي دائما زيا أسود يحلّي ياقته بروش صغير.
وشعرت ساشا بغصة في حلقها وهي تتقدم لتحية السيدة العجوز وتنحني الى جانب المقعد ذي العجلات الذي تجلس عليه ، ثم قالت:
" أهلا ، يا عمتي ماري ، إنه شيء جميل حقا ان اراك مرة اخرى".
" أهلا بك يا صغيرتي ، ولكن من هذا الشخص الذي حضر معك ، هل هو صديق؟".
" نعم ، أود ان أقدم لك ...".
وترددت للحظة قبل ان تضيف:
" مارك انه يقيم في منزل السيدة كاسيل".
ثم قدمت العجوز الى مارك الذي اقترب منها وقد امسك في يده اليسرى بالقبعة والنظارة الشمسية ومد يده اليمنى لتحيتها ، وانحنى على يد السيدة العجوز بطريقة لطيفة جعلت ساشا تشعر انه لا يمكن أن يكون هو الشخص الذي عرفته من قبل.
ورفعت العمة ماري حاجبيها وهي تنظر اليه وادركت ساشا على الفور أن السيدة العجوز اعجبها مارك الذي بدا فعلا في مظهر جذاب ومهذب للغاية ونظرت العمة ماري اليه وهي تقول بالفرنسية:
"أهلا..." ثم اضافت بالانكليزية " ولكن من أي بلد انت ايها الشاب ، اجلس ، أجلسي انت ايضا يا ساشا فأن عنقي يؤلمني وانا انظر الى أعلى هكذا افضل!".

Rehana 31-12-20 12:04 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
قالت السيدة العجوز ذلك بعدما احضر مارك مقعدين وضعهما متجاورين امامها ، وشعرت ساشا في هذه اللحظة برغبة هستيرية في الضحك اذ حضر معها وهو لا شك يطمع في استجواب السيدة العجوز ومعرفة بعض التفصيلات منها ، ولكن يبدو ان العكس تماما يحدث فالعمة ماري هي التي بدأت في استجوابه ، كما تعودت ان تفعل دائما ، اذ كانت على درجة كبيرة من حب الاستطلاع.
وسألت ساشا:
" أين هورتونس؟".
لكن السيدة العجوز لم تنتبه اليها بل كانت تتحدث مع مارك.
واستمعت ساشا في نوع من الاستياء والدهشة الى الحديث بين مارك وعمتها التي أضاء وجهها وهي تسأل في دهشة:
" موسكو ، ان حديثك هذا يعيد الذكريات الى نفسي".
" هل ذهبت الى موسكو؟".
" نعم ، الم تقل ساشا لك ذلك؟ اقمت في موسكو بضع سنوات عندما كنت طفلة صغيرة ، كما اقمت في احدى ضواحي لينينغراد ، وكان والدي في ذلك الوقت يعمل مهندسا".
واخذت ساشا تراقب مارك يستمع الى السيدة العجوز فبدا لها وجهه ، وقد فارقته الخشونة التي كانت تلازمه ، كما فارقت شفتيه تلك الابتسامة المتكلفة التي لا تعني شيئا ، وكان يستمع اليها في هدوء تام ويجيب على أسئلتها ويوجّه اليها بدوره أسئلته ، وبدا لساشا في هذا الوقت كانما قد نسي وجودها تماما وانتهزت فرصة صمت سادت بينهما لتسأل من جديد عن الوصيفة ، وبدا كأنهما فوجئتا بهذا السؤال اذ نظر مارك والسيدة العجوز كأنهما ينظران الى دخيل قطع عليهما حبل الحديث فجأة ، وأجابت العمة ماري:
" هذه المرأة الغبية ..ذهبت لحضور زفاف احدى اقاربها ، ولا بد أنها ستشعر بالأسف لأنها لم تتمكن من مقابلتك".
ثم أضافت:
" ارجوك يا ساشا احضري لي الصندوق الذي احتفظ فيه بصوري ستجدينه هناك ، في ذلك الركن".
واحضرت ساشا الصندوق فوضعته العمة ماري على ركبتيها وأخذت تفك الأشرطة الموضوعة حوله باصابع مرتعشة فتقدم مارك لفتحه وهو يقول:
" أستأذنك يا سيدتي...".
ونظرت العمة ماري الى ساشا وغمزت لها بركن عينها بينما كان مارك يحني رأسه لفك الأشرطة وكانت ساشا تعرف تماما مغزى هذه النظرة من السيدة العجوز فشعرت بالاسف وهي تود لو أن عمتها عرفت حقيقة مارك.
ثم خطرت لها فكرة فقامت من مقعدها بطريقة حاولت ان تبدو عفوية وأمسكت بحقيبتها في يدها وقالت:
" ساذهب لإعداد القهوة بينما يشاهد مارك هذه الصور ، أتودين ذلك يا عمتي؟".
" نعم ، بالتأكيد " قالتها السيدة العجوز بالفرنسية ثم أضافت بالأنكليزية " تعرفين مكان كل شيء ، وستجدين أيضا كعكة شوكولاتة صنعتها هورتونس قبل مغادرتها المنزل ".
وهزّت ساشا رأسها وهي تبتسم وتسرع في اتجاه المطبخ وقد وضعت حقيبتها تحت إبطها.

Rehana 31-12-20 12:05 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كان المطبخ في نهاية ممر ضيق يؤدي الى غرفة النوم والحمام وغرفة الملابس ، وشعرت ساشا وهي تدخل المطبخ بأن الحظ يخدمها فلم تكن تحلم بمثل هذه الفرصة ، وضعت ابريق القهوة فوق الموقد وفتحت حقيبتها بسرعة لتبحث عن الورقة والقلم لكنها سمعت فجأة صوت مارك وقد وقف بباب المطبخ وهو يسألها:
" هل اقوم انا باعداد القهوة او تقطيع الكعكة ؟!".
واضطربت ساشا فسقطت حقيبتها على الأرض وقبل ان تنحني لالتقاطها انحنى مارك والتقطها فسقط القلم منها فوق ارضية المطبخ.
فقال مارك وهو يقدم لها الحقيبة والقلم :
" آسف جدا ... فقد كسر سن القلم".
وبدأت ساشا تستعيد هدوءها وهي تقول:
" كنت أظن انك تشاهد صور العمة ماري".
" ليس بعد ، فالسيدة بوفيه ما زالت تفتش عن الصور التي تريدني مشاهدتها ولذلك فكرت في الحضور الى المطبخ لمساعدتك ولا تقلقي بشأن عمتك فقد وضعت المائدة الصغيرة الى جوارها وهي سعيدة الآن تفتش في صندوق الصور ".
ثم اضاف بلطف:
" هل كنت تعتقدين أنني ساتركك تغيبين عن نظري؟".
" لا اعرف تماما ، هل هذا يهم؟ في أي حال اذا كنت تريد مساعدتي فإنك ستجد الصندوق الذي توضع فيه الكعكة فوق ذلك الرف اما الاطباق فستجدها داخل الدولاب".
وتظاهرت ساشا بعدم الاهتمام لوجود مارك معها في المطبخ وهي تتأمل موقفها لو دخلت الى الحمام فانه سيكون من الصعب عليه ان يتبعها.
وبعدما انتهت من اعداد القهوة توجهت مع مارك الى الشرفة حيث جلس ثلاثتهم يتناولون كعكة الشوكولاتة مع القهوة وقد جلست العمة ماري تتجاذب أطراف الحديث بلغة روسية ضعيفة مع مارك.
ووجدت ساشا نفسها تستمع الى الحديث الذي كان خليطا من الانكليزية والروسية ، كان الحديث شيقا فقد تمكنت من خلاله معرفة تفصيلات عن حياة مارك منذ كان صغيرا يذهب الى المدرسة ويمشي في دروب موسكو التي يكسوها الجليد في الشتاء ، وكانت ساشا تشعر أنه برغم أي شيء فانه يقول الصدق وهو يستعيد ذكرياته مع السيدة العجوز التي كانت تريد معرفة كل شيء عنه.
وأخذت ساشا تراقبه وهو يتحدث ... وكانت تجد نفسها وكأن شيئا يجذبها الى ان تستمر في النظر اليه مع أنها كانت تريد أن تركز افكارها على ما ستكتبه في المذكرة التي تود أن تتركها لهورتونس.
كان مارك يجلس على مقعد خشبي وقد انحنى الى الامام يشاهد الصور التي تعرضها عليه السيدة العجوز كانت اشعة الشمس تنعكس على وجهه فبدا في لون ذهبي ، وكان يعلّق على كل صورة باللغة الفرنسية أحيانا وبالروسية أحيانا اخرى ، ويبدو أن تعليقاته اعجبت السيدة العجوز التي بدت السعادة واضحة على وجهها واخذت تضحك حتى دمعت عيناها وقالت:
" إنك لعوب ايها الشاب... ما كان يجب أن أسمح لك بالتحدث إليّ بهذه لطريقة ولكنني سعيدة بحديثك".
وانسحبت ساشا في سكون وتوجهت الى الحمام وقد اختمرت الفكرة في ذهنها وقطعت الورقة التي كانت تحتفظ بها في حقيبتها الى نصفين لأنها اعتقدت أن مارك سيفتش الحمام بعد خروجها منه وستدعه يجد أحد نصفي الورقة ، أما النصف اللاخر فستضعه لهورتونس في المطبخ داخل ابريق القهوة حيث سيكون اول شيء تراه في الصباح بعد عودتها.

Rehana 31-12-20 12:06 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وبدأت ساشا تكتب بعناية ووضوح على نصفي الورقة واستخدمت في ذلك قلم الحواجب وبعدما انتهت وضعت احدى الورقتين تحت كوم المناشف في خزانة الحمام اما الأخرى فخباتها في صدرها وعادت الى غرفة الجلوس وقد تسارعت دقات قلبها.
وبعد فترة نظر مارك الى ساعته ثم نظر الى ساشا قائلا:
" أعتقد انه يجب ان نمضي الآن ".
وظهر الضيق على وجه العمة ماري التي قالت:
" ولكن لا يمكن ان تمضيا بدون ان تشربا معي قليلا".
فأسرعت ساشا بموافقتها على ذلك... واستغرق الشراب بضع دقائق ، ثم سألت العمة ماري مارك فجأة :
" الا تدخن ايها الشاب؟".
ورفع مارك حاجبيه في حيرة وهو يقول:
" نعم أدخن... ولكنني ...".
فقاطعته السيدة العجوز قائلة:
" اذن ، اعطني سيكارة أود ان أدخن وانا أتناول الشراب".
وبدت الدهشة على وجه مارك فضحكت العمة ماري وهي تقول:
" هل تعتقد أنني سيدة عجوز مخرفة ، انك لم تعرف عني كل شيء بعد ، هل تحضر لرؤيتي مرة أخرى؟".
" يسعدني ذلك يا سيدتي"
قال مارك ذلك وهو يشعل لها سيكارة ثم نظر حوله يبحث عن منفضة السكائر فسارعت ساشا بالوقوف وهي تقول:
" سأحضر لك واحدة من المطبخ".
وتوجهت الى المطبخ وقد أتيحت لها الفرصة أخيرا لتنفيذ خطتها ثم عادت الى الشرفة بعدما وضعت الورقة في أبريق القهوة وشعرت براحة حاولت جاهدة الا تنعكس على وجهها وهي تنظر الى مارك.
وتوجه مارك بعد ذلك الى الحمام فانتهزت العمة ماري فرصة غيابه فانحنت وأمسكت بيد ساشا وجذبتها اليها وهي تقول:
" ان هذا الرجل لطيف للغاية ... هل ستحضرينه معك مرة اخرى ، جعلني بحديثه اعود اربعين سنة الى الوراء".
فابتسمت ساشا وهي تقول:
" بالطبع يا عمتي ...سأحاول ذلك".
" لا تدعيه يفلت منك ، لن تجدي رجلا مثله بسهولة".
وافقت ساشا على كلام عمتها وهي تشعر بانها تكره نفسها بسبب ما تنوي فعله ، لكن لم يكن أمامها ما تفعله غير ذلك والعمة ماري سيصيبها الذهول عندما تعرف حقيقة هذا الشاب الذي اعجبها كثيرا.
وأخيرا غادرا شقة العمة ماري وعندما وصلا الى أسفل السلم وضع مارك يده فوق جبينه وهمهم شيئا بالروسية ثم قال:
" نسيت علبة سكائري وولاعتي عند عمتك على المائدة ، انتظري هنا ساعود فورا".
وخرجت ساشا الى الطريق ووقفت تحت شرفة العمة ماري تلوّح لها ، ولم تفكر في الهرب فلن يمكنها ان تبعد كثيرا لو حاولت ذلك الآن وسيتمكن مارك من اللحاق بها ، وصاحت تقول لعمتها:
" نسي مارك سكائره وولاعته".

Rehana 31-12-20 12:06 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" حسنا... إنها هنا".
وأخذت ساشا تفكر ، هل عاد مارك الى شقة عمتها ليفتش الحمام ، هل من المعقول أنه لم يجد الورقة التي تركتها بالحمام؟.
ونظرت ساشا الى اعلى من جديد فرأت عمتها وهي تتحدث الى مارك الذي سمعت صوته يرد عليها ثم رأته يدخل الى الشرفة ويأخذ علبة سكائره وولاعته ثم انحنى وقبّل السيدة العجوز في وجنتها ولم تدر ساشا لماذا شعرت بهذه الغصّة في حلقها وهي ترى مارك يقبّل عمتها.
ووقفت ساشا في انتظار مارك أمام المنزل وكانت اصوات الاطفال الذين يلعبون في مكان قريب تصل اليها كما ترامت ال أذنيها من مكان بعيد اصوات الأطفال الذين يلعبون في مكان قريب تصل اليها كما ترامت إلى أذنيها من مكان بعيد اصوات السيارات وهي تتزاحم ، ثم سمعت صوت عمتها تودع مارك قائلة :
" ارجوان تعود الى زيارتي قريبا".
وعاد مارك ووقف الى جانب ساشا واخذ كلاهما يلوحان لعمتها التي جلست في الشرفة تراقبهما وهما يركبان الدراجة البخارية.
كانت ساشا تعرف ان عمتها استمتعت تماما بزيارتهما لها وتولاها في هذه اللحظة شعور بعدم الارتياح وهي تفكر في أمر الورقة التي تركتها لوصيفة عمتها وماذا يمكن ان يحدث.
التزم مارك الصمت وهما في طريق العودة ، وتوقفا في طريقها لشراء بعض الطعام ، وعندما وصلا الى بداية الممر الحجري الذي يوصل الى منزل لسيدة كاسيل تشبثت ساشا بمارك استعدادا لمتاعب هذا الممر الوعر.
وفجأة توقف مارك في منتصف الممر وأدركت ساشا السبب في ذلك ، او ربما ظنت أنها تعرف السبب ولكنها كانت مخطئة الى حد ما.
وطلب منها مارك النزول عن الدراجة فامتثلت لأمره وهي تعد نفسها للتظاهر بالأسف والدهشة عندما يخبرها بعثوره على الورقة في الحمام وسألهامارك:
" هل تعرفين سبب توقفي هنا؟".
فقالت وهي تتظاهر بالبراءة :
" هل حدث خلل ما في الدراجة؟".
" أحيانا اشعر برغبة شديدة في ان أصفعك على وجهك ، طلبت منك ان تكوني صريحة في تصرفاتك ... فماذا حدث؟".
قال مارك ذلك وهو يخرج من جيبه ورقة مطوية ثم فتحها وأخذ يقرأ :
" هورتونس توجهي الى مركز الشرطة وأخبريهم انني سجينة في ايدي ثلاثة رجال روس في منزل السيدة كاسيل... لا تبلغي عمتي ماري بذلك ان الامر عاجل ... صدقيني".
وعضت ساشا على شفتيها وأحنت رأسها وهي تتظاهر بالأسف وخيبة الأمل وعندما رفعت رأسها من جديد لتنظر الى مارك كانت عيناها تمتلئان بالدموع... وقالت وهي تهز رأسها من جانب لآخر بينما تتظاهر بالخوف .
" ارجوك لا تحاول ضربي ...".
لم يكن الغضب الشديد يبدو على مارك الذي اخذ يقلد صوتها وهي تقول له أرجوك لا تضربني ثم قال:
" إذا كررت مثل هذا التصرف فسوف اضطر الى ذلك... صدقيني....".
ووقفت ساشا تحملق فيه وهي تنظر فرأته يخرج ولاعته من جيبه ثم اشعلها وأحرق الورقة التي كان يحتفظ بها بين اصابعه.

Rehana 31-12-20 12:07 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ثم لدهشتها الشديدة فوجئت به يخرج الورقة الثانية التي تركتها في المطبخ وهو ينظر الى وجهها ، ولم تكن ساشا في حاجة هذه المرة الى التظاهر بالجزع أو خيبة الأمل فقد شعرت في هذه اللحظة بان الدنيا تدور من حولها وان الارض تميل تحت قدميها وشعرت انها على وشك الاغماء فاستندت الى مقعد الدراجة لتمنع نفسها من السقوط.
وسألت وهي لا تكاد تقوى على النطق:
" ولكن... كيف...؟".
فقال وهو يحرق الورقة:
" هل ابدو لك غبيا الى هذه الدرجة؟".
وأخذت ساشا تنظر في فزع شديد الى الورقة وهي تحترق ثم سمعت مارك يقول لها:
" والآن... اصعدي خلفي !".
فنظرت اليه في يأس وهي تقول:
"لا لن أفعل...".
فصاح مارك مزمجرا :
" إصعدي ! نفد صبري معك ، أحذرك مما قد يحدث لو انني فقدت اعصابي".
فهزت ساشا رأسها وهي تقول :
"إنني لا اهتم بذلك....".
وكانت ساشا صادقة انها شعرت في هذه اللحظة بأنها لم تعد تهتم بشيء بعدما امتلأت نفسها باليأس.
ولم تجد ساشا مكانا تتجه اليه سوى المنزل فكيف يمكنها الهرب ومارك معه الدراجة ، سارت في اتجاه المنزل ولكن مارك جذبها بقوة من الخلف لتصبح في مواجهته وهو يأمرها بركوب الدراجة.
والتقت نظراتهما فقالت ساشا:
" ليت العمة ماري تراك الآن ... لقد اعجبت بك ... لا لن ركب الدراجة وساسير على قدمي الى المنزل".
وازداد الموقف توترا وهما يقفان في مكانهما في صمت تام ... ولم تعد ساشا تخشى مواجهة نظراته كأن الامر لم يعد يعنيها وأخيرا قال مارك:
" انت تعرفين جيدا انه يمكنني اجبارك على ركوب الدراجة لو اردت ذلك ".
" هل حقا تستطيع ذلك؟ اذن لماذا لا تفعل ؟".
ونظرت ساشا اليه في تحد فرأت في عينيه نظرة جعلتها تضطرب ثم قال في صوت هادىء جدا :
" إنني معجب بشجاعتك".
" انا لا أخاف منك".
وكانت ساشا في هذه اللحظة تشعر فعلا أنها تخطت مرحلة الخوف بعد كل ما تعرضت له من أحداث ... فقال مارك:
" لا أنوي ان أدفعك الى الخوف مني...".
ثم علت شفتيه ابتسامة خفيفة وهو يضيف:
" حسنا... سيري الى المنزل كما تشائين وسوف اتبعك".
وبدأت ساشا في السير متجهة الى المنزل وهي تشعر بالعرق يملأ وجهها وعنقها وكل جزء من جسمها وشعرت بجلدها يحترق تحت أشعة الشمس وتمنت في هذه اللحظة أن تجد نفسها في مطبخ المنزل الهادىء تتناول شرابا مثلجا.
وسمعت ساشا صوت الدراجة البخارية خلفها لكنها لم تحاول الالتفات الى الخلف وشعرت في هذه اللحظة أنها انتصرت على مارك ولكن ما الفائدة.

Rehana 31-12-20 12:08 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وبدا على مارك أنه يحاول الانتظار حتى تبتعد قليلا ليلحق بها في الدراجة فتباطأت في سيرها ، ربما لشدة الحرارة ، وربما لأنها كانت تريد مضايقته.
كان الوقت اصيلا وهو موعد تناول الشاي وتساءلت ساشا في سرها ترى ماذا أعدوا من طعام وكانت تشعر بجوع شديد، وتمنت لو أنها لم ترفض ركوب الدراجة وراء مارك لتصل الى المنزل سريعا.
وتوقفت ساشا اذ شعرت ان قطعة من الحجر دخلت في حذائها المفتوح وانحنت لاخراجها ، وفي هذه اللحظة بدأ مارك يتحرك بدراجته البخارية وداخلها شعور بأنه ربما دهمها بالدراجة فاسرعت خطاها بطريقة لا شعورية والتفتت الى الخلف لتراه.
ولم تنتبه ساشا الى الحفر في الممر فوجدت نفسها فجأة وهي تهوي الى الارض وقد سقطت حقيبتها لتستقر على الحشائش بعيدا عنها.
وشعرت بالدوار ولم تدر إلا ويد مارك تمتد اليها وتوقفها على قدميها من جديد ، ونظرت في استياء شديد الى ثوبها وقد لطخته الاقذار ، وفجأة شعرت بأنها لم تعد تحتمل اكثر من ذلك فانفجرت باكية ، جذبها مارك اليه واحاطها بذراعيه فاصبح وجهها ملاصقا لصدره.
وشعرت ساشا لدهشتها الشديدة براحة كبيرة وهي تضع وجهها على صدر مارك وتستمع الى دقات قلبه ، وبعد ان هدأت قليلا سمعت مارك يسألها:
" هل أصبت؟".
فهزت رأسها بالنفي وهي تقول:
" لا ، لا أعتقد ذلك ، ولكن ثوبي...".
" لا يهم ، يمكنك ان تغسليه".
ومد مارك يده الى شعرها وأخذ يربت على رأسها وعنقها وشعرت ساشا براحة ورغبة في النوم ،واكتشفت لفزعها الشديد انها تستمتع بوجودها بين ذراعي مارك وهو يربت على رأسها في حنان ، وأنها لا ترغب في الابتعاد عنه ، وحاولت أن تقنع نفسها بأنها حتى لو ارادت الابتعاد عنه فلن تتمكن من ذلك اذ كان يمسك بها بقوة.
وسألها مارك:
" هل تشعرين بتحسن الآن ؟".
فأجابت بالنفي وفي صوت هادىء رقيق قال:
" لماذا؟".
" لأن ساقي تؤلمني الآن... وانا ... لم اسمح لك بأن تعانقني؟".
" لا تغضبي ...لن تعودي الى البكاء من جديد؟ لم افعل ذلك الا لتهدئتك لأنك كنت تبكين ... وأنت تعرفين أننا نقبّل الأطفال دائما ليكفوا عن البكاء اذا سقطوا أو اصابهم اذى".
وشعرت ساشا بالغضب فجأة فقد ظنت انه يسخر منها من جديد فدفعته بكل قوتها بعيدا عنها ، وظهر الغضب والاستياء على مارك وهو يسألها في دهشة:
" لماذا فعلت ذلك؟".
فأجأبت وهي تحك أذنها:
" انت تعرف لماذا فعلت ذلك... انكم معشر الرجال كلكم سواء...".
" لا... لسنا كلنا سواء".
ثم نظر مارك الى ساقها وظهر الاهتمام على وجهه فانحنى قليلا وهو يقول:
" ارفعي طرف رداءك قليلا".
" كيف تجرؤ....".
ولم تتم ساشا حديثها اذ ضحك مارك وهو ينحني بسرعة ليرفع طرف ردائها فوق ركبتها فاندفعت تضربه بيديها في ثورة دفعته الى الابتعاد عنها وهو يضحك ويقول:
" ارجوك... انظري الى ساقك ... الدماء تلطخ ثوبك ... صدقيني لم أقصد شيئا وهذا هو كل ما في الأمر".

Rehana 31-12-20 12:08 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ونظرت ساشا الى أسفل فرأت الدماء تلطخ ثوبها بالفعل وقد خدشت ركبتها نتيجة سقوطها في الطريق... وشعرت ساشا بالخجل لتصرفها مع مارك فقالت فيما يشبه الاعتذار:
" أوه... كان بوسعك أن تقول ذلك منذ البداية...".
فرفع مارك يديه في يأس وهو يقول:
" حاولت ذلك ... في أي حال ... تعالي الآن ... اركبي فوق الدراجة لنعود الى المنزل حيث يمكنني ان اضمّد لك جرح ركبتك".
وامسك مارك بيدها واتجه الى حيث تقف الدراجة وانحنى في الطريق يلتقط حقيبتها.
وبعد دقيقة وصلا الى الكاراج الذي يقع خلف المنزل ودخلت ساشا الى المنزل وهي ترفع طرف ثوبها في حذر وبعد ان دخلا قال مارك:
" اجلسي في المطبخ فإنني ساضمد ركبتك اولا ثم يمكنك بعد ذلك ان تغيّري ثوبك ".
جلست ساشا في سكون وقد شعرت انها تعبت من كثرة تحديها وعنادها الذي لم يجر عليها سوى المتاعب... وربما يكون من الأسهل الآن أن تفعل كل ما يطلبه منها.
وأحضر مارك صندوق الاسعافات الأولية وانحنى أمامها فقالت له:
" لا داعي لذلك ، أستطيع أن اقوم أنا بهذه العملية".
فنظر مارك اليها بدون أن يفتح فمه بكلمة ثم اخذ يطهّر ساقها بقطعة من الشاش...واخذت تراقبه وهو يقوم بهذه العملية وهي تحاول ان تكتم صيحات الألم لكن صيحة أفلتت منها فنظر مارك اليها مبتسما ، فقالت له وكأنها تتهمه:
" أنت سعيد الآن ... اليس كذلك؟ إن وجهك ينطق بذلك".
" لا ... ليس هذا صحيحا، ولكن كنت أنت السبب في كل ما اصابك باصرارك على المشي".
" كنت أنظر الى الخلف عندما سقطت ، اعتقدت أنك ربما تحاول أن تدهسني بالدراجة".
وتوقف مارك فجأة عن تضميد ساقها ونظر اليها وقد تغيرت تعبيرات وجهه وبدا عليه الغضب لكنه تمالك نفسه سريعا وهو يسألها في صوت هادىء :
" هل اعتقدت ذلك ذلك حقا ؟ هل اعتقدت أنني افعل ذلك حقا؟".
فشعرت ساشا بالأسف لأنها اغضبته بكلامها وبدا لها كأنه يوشك على الانفجار فابتلعت لعابها وهي تقول جاهدة:
" لا ... ربما كان ذلك... للحظة فقط... لم اعتقد ذلك في الحقيقة ، انني آسفة".
"يجب ان تكوني كذلك".
كان مارك ما يزال غاضبا ولم تكن ساشا تدري لماذا اغضبته كلماتها الى هذه الدرجة والتزم الصمت وهو يضمّد ساقها ولم تحاول هي من ناحيتها أن تقول شيئا ،وأخذ قلبها يخفق في عنف وهي تنظر اليه بتعجب من التغيير الذي كان معها عند زيارتها للعمة ماري.
وبعد ان انتهى من تضميد جراجها وقفت ساشا قائلة:
" شكرا لك... سأذهب الآن لأبدل ثيابي".

Rehana 31-12-20 12:13 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولم يلتفت اليها مارك او يرد عليها بل اتجه الى حوض المطبخ ليغسل يديه فترددت ساشا لحظة ثم خرجت واتجهت الى الغرفة في الطابق العلوي حيث غيّرت ثيابها.
وبعدما غسلت ثوبها الملطّخ بالدماء نزلت الى البهو لأنها لم تكن ترغب في الدخول الى المطبخ ما دام مارك موجودا فيه ، كانت تشعر بالجوع والعطش ، لكن كبرياءها تمنعها من الدخول الى المطبخ لتطلب الطعام أو الشراب من مارك.
ولما لم تجد شيئا تفعله اخذت تنظر حولها فلاحظت اتساخ البهو وكانت تعرف اين تجد المكنسة والجاروف فاتجهت الى الخزانة الموجودة في البهو وأخذت تنظف المكان وهي تزيح المقاعد من مكانها ، واستغرقت ساشا وقتا طويلا في عملها وقاربت على الانتهاء منه واتجهت ببصرها الى باب المطبخ لترى مارك يقف وهو يراقبها ثم قال:
" انتهيت من اعداد الشاي... ألا تشعرين بالعطش؟".
فترددت ساشا قليلا ولكن مارك اضاف:
" اذن تعالي الى المطبخ لتأخذي قدحا من الشاي".
ولم ينتظر مارك ردّها بل اتجه الى داخل المطبخ فأسندت ساشا المكنسة الى الحائط وتبعته ، ثم جلست في وداعة الى المائدة وهي لا تقوى على الكلام، ولزم مارك الصمت وأخيرا لم تتمكن ساشا من تحمل هذا الموقف المتوتر فانفجرت قائلة:
" كنت أحاول فقط تنظيف المكان... كان متسخا للغاية".
اشعل مارك سيكارة ثم وضع الولاعة فوق المائدة وهو يقول:
" هكذا...".
نظرت اليه وهي تقول:
" كنت أريد ان أقول لك...".
" والآن ....قلت ما تريدين...".
قال مارك ذلك في برود ثم اتجه الى النافذة ووقف بجوارها وهو يدير ظهره لساشا وأمسك في احدى يديه بقدح الشاي وبالأخرى سيكارة وبدا لها في وقفته هذه وقد انتصب ظهره ورفع رأسه عاليا كالجندي.
وأدركت ساشا وهي تنظر اليه أنها لم تتمكن أبدا من معرفة هذا الرجل.... ولكن لماذا تعرفه.
كان الجو حارا ومشبعا بالرطوبة وشعرت ساشا بأنها فقدت شهيتها للطعام فاكتفت بقطعة من الخبز وبعض الجبن ، ولم يبد على مارك أي اهتمام بذلك وهو يجلس في مواجهتها على المائدة يتناول وجبة دسمة من اللحم المحفوظ والبيض والجبن.
وأخذت ساشا تفكر في موقفها وهي تتساءل عن الرجلين الآخرين وماذا يفعلان الآن وتذكرت أنها سمعت بعض الأصوات بينما كانت تقوم بغسل ثوبها في الحمام ، وتصورت في ذلك الوقت ان هناك أكثر من شخصين.
ونظرت الى مارك فبدا كأنه يشعر بوطأة الحرارة مثلها ،وفتح قميصه ...وبعد أن انتهى من تناول طعامه رفعت ساشا الأطباق وتوجهت بها الى المغسلة لتغسلها اذ كانت تريد عمل أي شيء.
وتمنت ساشا في هذه اللحظة النزول الى البحر والسباحة ووجدت نفسها رغما عنها تبتسم وهي تفكر فيما سيقول مارك لو أنها طلبت منه ذلك ، إنها لم تسبح في البحر منذ عام وكم تتمنى ذلك الآن.

Rehana 31-12-20 12:13 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ووجدت ساشا نفسها تندفع قائلة:
" اريد أن أذهب للسباحة...".
" حقا تريدين ذلك؟".
قالها مارك وهو يجلس في استرخاء وقد استند بقدمه الى المائدة ورجع بمقعده الى الخلف وهو ينفث دخان سيكارته.
ونظرت ساشا اليه وهي تعجب من نفسها كيف بدا لها شخصا مهذبا وهو يجلس مع العمة ماري يتبادلان الحديث وتملّكها شعور بالاشمئزاز وهي تفكر أنها استمتعت فعلا بوجودها بين ذراعي مارك بعد سقوطها على الممر الحجري ، واضطربت وهي تسترجع ملمس يده وهو يربت في حنان على شعرها وعنقها.
ثم قالت في صوت بدا فيه التصميم:
"نعم ... اريد ان اذهب للسباحة ... فان الجو حار جدا ولا اجد شيئا افعله سوى ذلك..ولا اعتقد أنك ستسمح لي بالذهاب الى كان لاقضي سهرتي في أي مكان".
"كم أنت ذكية حقا...".
ونظرت ساشا الى مارك الذي كان يجلس في هدوء تام وتمنت في هذه اللحظة لو أمكنها ان تدفع المقعدين تحته ليقع على الارض....
كان مارك ما زال غاضبا ولم تكن ساشا تدري السبب في ذلك ، ولم تكن تجرؤ على سؤاله.
ثم التفت مارك إليها فجأة وهو يقول:
" هل تعتقدين انك تستحقين ذلك؟".
فردت ساشا في تحد:
" لا... ولكنني اعرف انه لولا وجودك هنا وافسادك عطلتي لأمكنني ان أذهب للسباحة في أي وقت بدون ان اطلب الأذن بذلك".
فقال مارك وهو يصر على أسنانه وينظر الى ساعة يده:
" حسنا... فلنذهب للسباحة".
لم تصدق ساشا أذنيها ، لكنها لم تقل شيئا بل أخذت تنظر اليه في صمت وهو ينزل قدمه عن المائدة ويعتدل واقفا وهو يقول:
" ساحضر الدراجة ام هل تفضلين المشي؟".
وكان شاطىء البحر يبعد أكثر من ميل عن المنزل وترددت ساشا وهي تفكر هل من الافضل لها ان تركب وراءه على الدراجة وتحيطه بذراعيها أم تمشي معه الى الشاطىء وهو على هذه الحالة من الصمت التام وأخيرا قالت:
" دعنا نمشي... ارجوك".
" كما تشائين".
ثم اضاف مارك وقد وجدها ما زالت في مكانها لم تتحرك.
" هل تسبحين وأنت عارية؟".
فوجئت ساشا بهذا السؤال وشعرت بالدماء تندفع الى وجهها وهي ترد بالنفي فقال مارك:
" اذن لماذا... لا تذهبين لاحضار ثوب الاستحمام؟".
فاندفعت ساشا خارج المطبخ وهي تشعر بالخجل ... وتبعها مارك بعد لحظة ثم سمعته يدخل الى الغرفة الأخرى ويقول شيئا للرجال الموجودين فيها.
وفتحت ساشا حقيبتها بسرعة واخرجت ثوب الاستحمام الابيض ومنشفتها ثم اغلقت باب الغرفة بالمفتاح وبدلت ملابسها ثم نزلت بسرعة بعد ذلك الى البهو.

Rehana 31-12-20 12:14 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ووجدت ساشا مارك في انتظارها عند الباب الأمامي وقد ارتسمت على وجهه امارات عدم الاهتمام... فشعرت ساشا بالحزن لذلك لأنه برغم أي شيء ، كان من الممكن ان تكون صحبته لطيفة.
وجهه امارات عدم الاهتمام...فشعرت ساشا بالحزن لأنه برغم أي شيء كان من الممكن أن تكون صحبته لطيفة.
و بينما هما في الطريق سألته ساشا:
"ألن تسبح معي ؟"
فرد باقتضاب بالنفي فسألته من جديد:
"ولمادا لا تسبح؟"
"لأنني لا أريد ذلك."
فقالت ساشا و قد ضايقها موقفه:
"و...و هل تستمر على صمتك هذا طوال الطريق."
"أعتقد أن هدا أفضل ...فإننا نتشاجر كل مرة نتحدث فيها معا."
ثم هز كتفيه و هو يسرع الخطى لينزل الممر الحجري مما اضطر ساشا الى الإسراع للحاق به ...ثم أضاف:
"و لذلك ، أوثر التزام الصمت حتى لا نتشاجر من جديد ، وأعتقد أن ذلك سيجعلك سعيدة".
كانت ساشا تشعر بتعاسة حقيقية في هذه اللحظة و كانت تود لو تقول له ذلك و لكنها قالت في سخرية باردة:
"حسنا...إنني أشكرك لأنك أخبرتني بذلك".
و لم يرد مارك و سارا في صمت و هي تفكر في هذا الوضع الشاذ و الموقف الغريب بينما تسير في أجمل بقعة في الريف الفرنسي الى جانب مارك وأخذت تفكر ماذا يكون الوضع الآن لو أنها تسير في هدا المكان متجهة الى احد الشواطئ الهادئة مع الرجل المناسب...ولكن من هو الرجل المناسب؟هل هو نيجل الرجل الدي جاءت الى فرنسا في محاولة لنسيانه ،من المؤكد انها لا ترحب في هده اللحظة بالبقاء أسيرة في ايدي الرجال الروس الثلاثة اذا كان ذلك سيساعدها على نسيان نيجل...ووجدت ساشا نفسها تفكر في نيجل...
ترى مادا يفعل الآن؟انه يعرف أنها تقضي عطلتها في هدا المنزل و لا بد انه يعتقد الآن انها تمضي اياما سعيدة مع أصدقائها و تمضي أمسياتها في الحفلات، إنه لا يعرف للأسف أنها اسيرة يقوم بحراستها ليلا و نهارا ذلك الدب الروسي الدي يمشي الى جانبها.
و نظرت ساشا الى مارك بطرف عينيها ،انها لم تقابل في حياتها من قبل رجلا بمثل هده الخشونة و القوة، وفكرت أنه ربما لا يعرف السباحة و لكنها كتمت ضحكة كادت تفلت منها و هي لا تكاد تصدق ان مثل هدا الرجل الحائز على الحزام الذهبي في الكاراتيه لا يعرف السباحة، اذن لماذا يرفض في مثل هذا المساء الحار و قد اكتمل القمر منيرا المكان عاكسا ضوءه على البحر الدي بدا كبساط جميل ... لكنها لن تسأله بل لن تجروء على ذلك و لو أنها تود ان تعرف السبب.
كان الشاطئ صغيرا في تلك المنطقة محاطا بالصخور لدرجة أنه من الصعب على اي شخص لا يعرف المنطقة ان يجده، و صلا الى الشاطئ اخيرا بعد ان عبرا الطريق الرئيسي ،وكان مارك يمسك بذراعها و هما يعبران الطريق لكنه تركها بمجرد الوصول الى المرحلة الأخيرة.
و أخيرا قال مارك و هو يشير الى احدى الصخور المنبسطة:
"سأجلس هنا في انتظارك...يمكنك ان تذهبي للاستحمام...ولكن لا تغيبي عن نظري، هل تفهمين؟"
"أعرف ذلك جيدا، في اي حال ان طريقتك في توضيح كلامك تجعلني أفهمك حتى و لو كنت تتحدث بلغة اخرى"

Rehana 31-12-20 12:15 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولم يرد مارك عليها بل أسند ظهره الى احدى الصخور و بدأ يبحث في جيبه عن علبة سكارته.
وخلعت ساشا ثيابها و هي تركض الى البحر و بدت رشيقة و جميلة في ثوب استحمامها الأبيض الذي بدا لامعا في ضوء القمر. ولم تنظر ساشا الى الخلف لترى مارك و قد اخذ بمنظرها الجذاب فراح ينظر إليها بدون ان يتمكن من رفع عينيه عنها.
و نزلت ساشا الى البحر و شعرت بالانتعاش و ماء البحر يغطي قدميها ثم ساقيها ثم يصل الى خصرها.ثم اخذت نفسا عميقا و هي تقذف بنفسها في الماء استلقت على ظهرها و هي تنظر الى السماء التى امتلات بالنجوم.
أخذت ساشا تسبح ببطء ثم توقفت و هي تنظر الى يخت كان يرسو على بعد حوالي نصف ميل و كان الضوء ينبعث منه و صوت الموسيقى يصل اليها بوضوح فشعرت بالحزن اذ كانت وحيدة بينما كان الجميع يتمتعون بأوقاتهم يشربون و يمرحون.
و نظرت ساشا الى الخلف لترى اذا كان مارك قد رأى اليخت، و لكنها لم تتمكن من رؤيته لأنه كان مختبئا خلف احدى الصخور وطرأت على ذهنها في هذه اللحظة فكرة، ولكن هل يمكنها ان تسبح الى مكان اليخت ووقفت في مكانها تفكر فلا يكمن تقدير المسافة تماما بينها و بين اليخت، وربما كانت اكثر من نصف ميل و هي لا يمكنها السباحة لأكثر من هذه المسافة، ونظرت ساشا الى اليخت من جديد و كان الاغراء شديدا فأخذت نفسا عميقا و بدأت تسبح في اتجاه اليخت الذي بدا لها المرفأ الوحيد وسط العاصفة التي تمر بها.
وسمعت صوتا ضعيفا يناديها من الشاطئ فنظرت الى الخلف فرأت مارك يأمرها بالعودة فأشارت اليه بذراعها كأنها تنوي ذلك بالفعل و لكنها غطست تحت الماء واخذت تسبح الى ان احست ان رئتيها ستنفجران.
لكنها كانت قد بعدت عنه مسافة كبيرة و لم تعد تهتم به الآن ، فإن مارك لا يعرف السباحة.
و جاء صوت الموسيقى عاليا هذه المرة و بدأت تشعر بالتعب لكن صوت الموسيقى و شعورها بأنها اوشكت على الوصول امدها بالقوة فبدأت تسبح من جديد ثم فكرت في مارك و ماذا يفعل الآن و التفتت لكنها لم تتمكن من رؤيته.
و شعرت ساشا بوخزة في عنقها فتوقفت عن السباحة قليلا لتستريح ...وفجأة لاحظت ان شيئا يتحرك في البحر متجها اليها من ناحية الشاطئ ثم تبينت رأس شخص يسبح أدركت على الفور أنه مارك!

نهاية الفصل

bluemay 31-12-20 08:22 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعيدة بتواجدي معك ريحانتي

متشوقة للقادم

تقبلي خالص ودي

Rehana 01-01-21 08:37 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3735835)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سعيدة بتواجدي معك ريحانتي

متشوقة للقادم

تقبلي خالص ودي

وعليكم السلام والرحمة

اهلا وسهلا فيك .. منورتني عزيزتي
وشكرا لمرورك وتعليقك
ولك كذلك ودي

Rehana 01-01-21 08:46 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
5 - يجدب الطيور...

أسرعت ساشا في السباحة و قد تملكها الفزع نحو اليخت وأخذت تضرب الماء بذراعيها بكل قوتها و شعرت قلبها يكاد يتوقف عن الحركة ،ولكن اليخت بدا قريبا جدا منها الآن حتى انها استطاعت رؤية شاب وفتاة يتعانقان فوق سطحه...و استمرت في السباحة...ثم فجأة شعرت بشيء يقبض على ذراعها و رغم فزعها لم تتمكن من الصراخ اذ كانت مرهقة للغاية ...ثم سمعت صوت مارك يهمس في اذنها ووضع يده حول عنقها.
"اذا صدر منك اي صوت سأضربك حتى افقدك وعيك...هل تسمعيني؟"
وادركت ساشا في هده اللحظة ان مارك يعني تماما ما يقول و فجأة وجدت نفسها تهوي تحت الماء و هي تحاول جاهدة البقاء فوق السطح فانتشلها مارك بقوة وهو يقول:
"استلقي على ظهرك"
قالت ساشا و هي تحاول بدون جدوى دفعه بعيدا عنها:
"لا..أريد التوجه الى هناك..."
"كفاك مقاومة...استلقي على ظهرك و سأسحبك الى الشاطئ"
كانت ساشا تعرف بالفعل انه لا جدوى من المقاومة، بل كانت تعرف ذلك طوال الوقت، لكن الرغبة في الهرب كانت أقوى من اي شيء و هاهي الآن تحاول و تفشل من جديد...و هذه المرة لم تعد لديها القوة لمقاومته او حتى لمجادلته، فاستلقت على ظهرها و شعرت بيديه تحت ظهرها .و استلقت بدون حراك بينما أخذ مارك يضرب الماء بقدميه عائدا بها الى الشاطئ.
ثم شعرت بقوتها تعود اليها بعدما استردت انفاسها فحاولت التخلص منه و السباحة بمفردها و كان اليخت قد اصبح بعيدا عنهما الآن فقالت و هي تدفع يديه عنها:
"دعني أسبح بمفردي...أبعد عني"
و تركها مارك واخذ يسبح بجانبها ...كانت ساشا تشعر بارهاق شديد وكانت قدماها وذراعاها تؤلمها بشدة و هي تحاول السباحة الى الشاطئ و شعرت ساشا بالأرض الصلبة تحت قدميها فوقفت و هي تترنح ثم سقطت لتقف من جديد ثم جرت نفسها جرا لتسقط فوق رمال الشاطئ وتستلقي على ظهرها في انهاك تام.
وفجأة شعرت بمارك يمسك بها بقوة..و شعرت انها تكاد تختنق فصاحت تقول:
"دعني..."
لكنها لم تستطع ان تتفوه بأكثر من ذلك و رقدت لا حول لها ولا قوة . وتذكرت في هده اللحظة ما حدث في غر قة النوم فارتجفت و حاولت دفعه بعيدا عنها وهي تقول:
"لا...يا مارك ...كفى.."
ولكنه بدلا من ان يتوقف أمسك شعرها في يده ليمنعها من الحركة. ورغما عنها و بالرغم من كل شيء شعرت ساشا بالدفء في جسمها ووجدت نفسها تستجيب لعاطفته الجامحة و تغيب معه في عناق طويل قطعه مارك ليلتقط انفاسه ، وافاقت ساشا لنفسها و فتحت عينيها و تنفست بعمق،كانت تشعر بعياء شديد لكنها رفعت يدها الى وجهها لتغطي فمها عندما حاول من جديد و قالت:
"أرجوك ...يا مارك دعني فانك تؤلمني".

Rehana 01-01-21 08:48 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
تركها مارك ووقف و هو يجذبها لتقف أمامه و اخذ صدره يهبط و يعلو و هو يحاول التقاط انفاسه و جاء صوته خشنا و قويا و هو يقول:
"أود ان اضربك..."
فقالت ساشا في صوت مرتعش و هي تطلق يدها من يده:
"ولكنك لم تكن تفعل ذلك الآن..."
"لا..."
ثم مر اصابعه خلال شعره المبتل و هو يضيف:
"اذهبي ...والبسي الآن.."
"و لكنني ما زلت مبتلة.."
فجذبها مارك بعنف وذهب بها الى المكان حيث تركت ملاسبها و التقط المنشفة ووضعها فوقها وقال:
" لا تقولي شيئا...و لا تحاولي ان تجادليني الآن...جففي نفسك فقط، لقد فعلت ما فيه الكفاية الليلة،صدقيني انك ستندمين اذا حاولت اثارتي الآن"
و نظرت ساشا اليه كان يقف في مواجهتها كالمارد في قمة ثورته و كان يبدو قادرا ان يفعل اي شي و قد بدا لها في هذه اللحظة و قد تخلى عن كل مظاهر المدنية و بدا رجلا بدائيا تحركه غرائزه.
و شعرت ساشا بالخوف وبدا مارك قلقا و هو يغدو و يروح كأنه على وشك أن يفعل اي شيء.
و بدأت ساشا تستعيد أنفاسها و هي تجفف شعرها ثم انحنت تجفف ساقيها و قدميها و كادت تسقط و هي تفعل ذلك، ثم وضعت المنشفة و انحنت تلتقط بنطلونها و لبسته فوق رداء استحمامها المبتل .و كانت البرودة قد بدأت تسري في الجو فلاحظ مارك انها تعطس و ترتعش فالتفت اليها قائلا:
"اخلعي رداء الاستحمام المبتل، فالطريق أمامنا طويل"
"ولكن ...ليس اثناء وقوفك معي هنا"
"سأدير وجهي ...افعلي كما أقول"
فاتجهت ساشا الى بعض الصخور و اختبأت ورائها و خلعت رداء الاستحمام بسرعة ثم لبست ثيابها وخرجت من وراء الصخور و هي تقول:
"إنني على استعداد"
وكان مارك يقف و ظهره إليها ينظر الى البحر ثم التفت اليها قائلا:
"إذن هيا بنا لنعود"
و سألته ساشا:
"الن تجفف نفسك؟"
لم تكن ساشا تهتم حقا بذلك فكل ما كانت تشعر به في هده اللحظة هو الأسف في الوصول الى اليخت و الفزع لما حدث بينها و بين مارك على الشاطئ ،فعل مارك ما فعل كعقاب لها على محاولتها الهرب إنها تعرف ذلك و لم يكن عناقه العنيف لها إلا محاولة للتنفيس عن الغضب و العنف و الرغبة في ايذائها...أما بالنسبة إليها فإنها لا يمكنها ابداً ان تتجاهل الحقيقة و هي ان عناق مارك أحيا بداخلها مشاعر كانت تعتقد أنها انتهت إلى الأبد بعدما تركت نيجل، لقد أحيا بداخلها مشاعر كانت تعتقد أنها انتهت الى الأبد بعدما تركت نيجل ، لقد احيا مارك بداخلها من جديد شعورها بإنها انثى!

Rehana 01-01-21 08:50 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وقال مارك:
"لا سأقوم بتجفيف نفسي بينما نمضي في الطريق تعالي الآن"
و اخذ مارك ملابسه عن رمال الشاطئ , ووضع السكين و المفاتيح في جيب بنطلونه الذي لم يكن قد خلعه ثم وضع ساعته في معصمه.
ووقفت ساشا تنظر اليه و هي تعجب لأنه في لهفة للحاق بها في البحر لم ينس ان يترك اشياءه الثمينة على الشاطئ و سخرت من نفسها في هده اللحظة لأنها كانت تعتقد انه لا يجيد السباحة.
ألقت ساشا بالمنشفة الى مارك و سبقته بعدما حملت رداء الاستحمام المبتل فوق ذراعها و تسلقت الصخور لتصعد الى الطريق العام و هي تتمنى في هذه اللحظة لو انها وافقت مارك على ركوب الدراجة البخارية.
كانت تشعر بالدفء بعدما خلعت رداء الاستحمام المبتل و لكنها كانت تجاهد للتمسك بما تبقى لديها من قوة لتتمكن من السير و العودة الى المنزل .
و عندما وصلا الى الطريق العام ، توقفت ساشا وهي تنظر الى الطريق و قد ازدحم بالسيارات المسرعة في الاتجاهين ، كانت تشعر باعياء شديد و شعرت برعب مفاجئ لأنها قد لا تتمكن وهي في هذه الحالة من عبور الطريق.
و امسك مارك بيدها يجذبها و هو يقول:
"الآن...تعالي بسرعة"
ثم توقفا في منتصف الطريق و انتظرا مرور بعض السيارات من الاتجاه المعاكس و عبرا الى الناحية الاخرى، وبعد ان وصلا بسلام ترك مارك يدها وسار الى جوارها في صمت.
و اخذت ساشا تفكر...لقد كان مارك غاضبا قبل مغادرتها المنزل ،و لكنها لا تدري موقفه الآن، ربما يكون ازداد غضبا و شعرت ساشا باليأس و هي تفكر في وضعها ، و كيف تكون نهاية هدا الكابوس الذي تعيشه الآن وبدت لها الحرية أبعد منها في اي وقت آخر.
كانت السباحة الى اليخت آخر محاولات الهرب فقد استنفدت كل قوتها، ولم تعد تستطيع السير بسرعة و كان مارك يتوقف بين لحظة و اخرى لينظر الى الخلف و ينتظرها لتلحق به ، و كانت ساشا تعرف انه يعتقد انها تفعل ذلك متعمدة ،لكنها لم تسرع الخطى بل كانت تشعر بقدميها ثقيلتين و لم يكن امامها إلا ان تجرهما جرا حتى تصل الى المنزل الدي بدا لها بعيدا جدا في دلك الوقت.
وسارا جنبا الى جنب في الطريق بصمت تام ، وكان السكون يلف المكان باستثناء صوت زمامير بعض السيارات بين آن و اخر، او صوت أرنب يقفز ليختبئ بين الحشائش على جانب الطريق . واخيرا وصلا المنزل .
و عندما دخلا و اغلق مارك الباب نادى احد الرجلين من الطابق العلوي فالتفت مارك الى ساشا و اعطاها المنشفة التي كان يحملها قائلا:
"انتظري هنا"
ثم هرع مسرعا الى الطابق العلوي.
ووقفت ساشا تنصت في سكون تام فسمعت اصوات حديث ، ثم اغلق باب غرفة في الطابق العلوي فخفت صوت الحديث ، حتى انها لم تعد تسمع شيئا.
وبدا لها غريبا ان مارك يتحدث الانجليزية برغم ان الرجلين اللذين رأتهما من قبل في المنزل لا يعرفان الانجليزية على الطلاق.
و لم تنتظر ساشا في البهو كما طلب منها مارك بل كانت تشعر بارهاق شديد فاتجهت بسرعة الى المطبخ حيث وضعت الحليب على الموقد لتدفئته ثم وضعت فيه بيضة و بعدما قلبته جيدا شربته دفعة واحدة. وكانت تشعر بالآم شديدة في معدتها و تعتقد ان ذلك ربما يكون بسبب الجوع الشديد الذي تشعر به لكنها مع ذلك لم يكن بمقدروها في هده اللحظة تناول اي طعام جاف .

Rehana 01-01-21 08:53 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
جلست ساشا بعد ذلك إلى المائدة تنتظر وصول مارك و لكن مضت بضع دقائق و لم ينزل مارك من الطابق العلوي فاتجهت إلى حجرتها و قذفت بنفسها فوق السرير ... لم يكن يهمها في هذه اللحظة ماذا سيفعل مارك عندما يكتشف أنها لم تنفذ أوامره كما طلب منها . لم تكن تفكر في شئ على الاطلاق في هذا الوقت سوى أن تنال قسطاً من النوم .
و عندما استيقظت ساشا أخذت تنظر حولها وهي لا تكاد تعرف أين هي ... و كانت ما تزال تنتحب اذ رأت في منامها حلما مرعباً . رأت نفسها ضالة في أرض غريبة فيها مخلوقات غريبة الشكل تختفي بمجرد النظر إليها ...
و جلست ساشا في السرير وهي تضع يدها على جبهتها و أخذ صدرها يعلو و يهبط بسرعة و هي تجاهد لاستعادة هدوئها .
ثم تذكرت فجأة أين هى ووجدت أن الحقيقة أسوأ من الحلك الذي رأت ، فالتفتت إلى السرير الآخر المجاور و رأت مارك يستلقي و يراقبها .
وضعت ساشا يدا على فمها لتمنع صرخة فزع من الانطلاق فتحرك مارك من مكانه و هو يسأل :
" ماذا حدث ؟ "
" لا.. شيء .. "
ثم أضافت و قد رأته يجلس على السرير .
" لا .. أرجوك .. اتركني " .
و توقف مارك في مكانه فجأة و هو يقول :
" لم أكن أنوي أن ألمسك ... كنت أود النزول إلى المطبخ لأحضر لك بعض الشراب ، فأنت في حاجة إلى بعض منه ، إنك تصيحين منذ فترة " .
" سأنزل أنا ... أرجوك دعني أنزل بنفسي"
" حسناً ... يوجد زجاجة في الخزانة . ستفيدك كثيراً في استعادة هدوئك " .
و نزلت ساشا إلى البهو حافية القدمين ، و أضاءت النور . كانت الساعة الرابعة و ما زال الظلام منتشراً ... و بينما كانت تعبر غرفة الجلوس في طريقها إلى المطبخ سمعت صوتاً فتجمدت في مكانها و هي تنظر إلى الباب الأمامى الذي لاحظت أنه يفتح ببطء شديد .
و صرخت ساشا و هى تنادي مارك و هرعت إلى السلالم تصعدها بسرعة ... و لم تكد تصعد بضعة سلالم حتى رأت مارك ينزل مهرولاً إليها و أمسك بها و دفعها خلفه ثم ... رأت رجلاً طويل القامة يدخل إلى المنزل و يقول فى لهجة أمريكية :
" ما هذا ... لماذا كل هذه الأضواء ... هل أفتقدتموني أم حدث شئ خطير ؟ "
و سمعت ساشا مارك يسبه بالروسية ... حقاً لم تكن تعرف الروسية و لكنها كانت تعرف ألفاظ الشتائم عندما تسمعها .
و نظر إليها الشاب الأمريكى و رفع حاجبيه في دهشة وهو يسأل :
" هل حدث شئ هل أخطأت في شئ ؟ خرجت من المنزل لتفقد الأمور فى الخارج " .
فقال مارك :
" أفزعت ساشا حتى الموت ... هذا كل ما فى الأمر " .
و شعرت ساشا بأن ساقيها لا تقويان على حملها فجلست في مكانها على السلم و أدركت في هذه اللحظة السرّ في أن مارك كان يتحدث الانكليزية بعدما عاد إلى المنزل و لكن المسألة ازدادت غموضاً بالنسبة إليها و كثرت الاسئلة التى لا تجد لها جوابا حتى الآن .

Rehana 01-01-21 08:54 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
و قال الشاب الأمريكي :
"أنا آسف عزيزتي ... حقاً أنا آسف ... ألن تقدمني يا مارك ؟ "
فالتفت مارك إلى ساشا و هو يقدم الشاب قائلاً :
" ساشا هذا واين أوماللي من امريكا " .
ثم التفت إلى الشاب قائلاً :
" و هذه الآنسة ساشا دونيللي ".
فتقدم واين منها و مد يده مصافحاً .
كان واين يبدو و قد قارب الثلاثين من عمره ، طويلاً مثل مارك تقريباً و رشيقاً و لطيفاً بشعره البني الفاتح المتموج و الابتسامة التي تتراقص داخل عينيه .
و قال واين :
" آسف حقاً يا عزيزتي لأننا تقابلنا على هذه الصورة ... و أجدني مضطراً لأشرح لك الأمر ، و لكن لا يمكن أن أفعل ذلك في الساعة الرابعة صباحاً " .
فقاطعه مارك قائلاً :
" لا أعتقد أن الوقت مناسب لذلك الآن يا واين ، ساشا متعبة ، كلنا متعبون ... أليس كذلك ؟ "
و أخيراً نطقت ساشا لتقول :
"انتظر لحظة " .
فتوقف الرجلان عن الحديث و هما ينظران إليها و أضافت :
" نعم ... أعتقد الآن هو الوقت المناسب ، إذا كنتما تعتقدان أنني سأعود ببساطة للنوم ".
ثم توقفت فنظر إليها مارك بقلق و كان يقف أمامها حافي القدمين و قال :
" إنك في حاجة إلى كأس ، تعالي ، اجلسى فوق هذا المقعد و لا تجلسي على السلالم الباردة حتي لا تصابي بالبرد " .
و مد مارك يده ليمسك بذراعها لكنها سارعت بالوقوف و نزلت السلالم في بطء ، كان شعرها مشعثاً لأنها لم تمشطه بعد عودتها من الشاطئ ، و كان وجهها شاحباً للغاية بسبب الاجهاد الذي تعرضت له . و قد امتلأت عيناها بنظرات الخوف كشبح ضيئل و هي تتحرك ببطء متجهة إلى المقعد المريح لتجلس ، و لكن على الرغم من ذلك كانت تبدو انثى رقيقة هادئة و بدا ذلك واضحاً في نظرت الرجلين اللذين وقفا يحدقان فيها .
و بعد أن جلست ساشا فوق المقعد توجه مارك إلى المطبخ ثم عاد يحمل ثلاثة أقداح و زجاجة وضعها فوق المائدة . و سكب بعض الشراب في كأس قدمها إلى ساشا التى كانت تجلس في هدوء تام و هي تضع يديها فوق ركبتيها و لا تدري إذا كان يمكنها تناول الشراب أم لا و قالت بينما مارك يقدم لها الكأس:" لا أريد كل هذا القدر " .
" لن يؤذيك " .
لما نظرت إليه أضاف :
" أرجوك يا ساشا ".
و نظرت ساشا في عينيه ، لم يكن غاضباً الآن ، بل خفت نظرة الغضب من عينيه و بدا لطيفاً ، و شعرت ساشا بقلبها ينتفض و هي تنظر إليه و قد بدأ شعره الداكن مشعثاً و بدأت لحيته في الظهور فظهر وجهه داكناً .
و رفع واين كأسه قائلاً :
" في صحتك يا ساشا" ثم استدرك قائلاً " هل يمكنني أن أناديك باسمك مجرداً ، إنني أشعر و كأنني أعرفك ، أريد أن أخبرك بشئ ، لن أطيل عليك فالوقت غير مناسب و من الممكن الانتظار حتى الصباح ، جواز سفرك معي و سأعيده إليك. أسف لأخذه بهذه الطريقة و لكننا نريد فقط التأكد من شخصيتك " .

Rehana 01-01-21 08:56 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
و نظرت إليه ساشا بدون أن تقول شيئاً و كان الأمر كله يبدو غامضاً لها . ثم أضاف واين :
" كل ما يحدث سببه ذلك الرجل العجوز الموجود هنا في المنزل " .
ثم التفت إلى مارك يسأله :
" ما اسمه ... سيرج "
فهز مارك رأسه بالايجاب فاستطرد واين :
" حسنا إن اسمه الحقيقى ليس سيرج إنه يدعى ايغور مايفسكي البروفسور مايفسكي و قد هرب منذ عشرة أيام " .
و تذكرت ساشا في هذه اللحظة أين رأت وجه الرجل العجوز الذى بدأ أليفاً منذ رأته اول مرة في الممر الحجري ... رأته من قبل في الصحف منذ أسبوع اذ نشرت الصحف صورته تتحدث عن اختفاء عالم سوفيتي كبير خلال حضوره أحد المؤتمرات في برلين الشرقية .
و أضاف واين :
" و قد تولى مارك و جانوس حراسته منذ ذلك الوقت وحدث في أحد الأيام أن ذهب جانوس للاغتسال و كان الرجل العجوز يريد سيكاراً فلحق بمارك الذي تصادف وقوفه معك في ذلك الوقت فرأك و رأيته أنت بمحض الصدفة أيضاً " .
و اخذت ساشا رشفة من كأسها و شعرت بأن كل شئ من حولها في الحجرة يدور فوضعت الكأس على المائدة بسرعة و هي تشعر أنها على وشك الاغماء ... و خيّل إليها أن صوت واين يأتي من بعد سحيق .
ثم سمعت بعد ذلك صوتاً يقول إنها على وشك الاغماء ... و لم تشعر بشئ بعد ذلك .
و عندما أفاقت ساشا وجدت نفسها فوق السرير و شعرت بشئ بارد فوق وجهها فرفعت يدها لتزيحه فرأت مارك و قد جلس إلى جوارها على السرير و انحنى فوقها و هو يمسك بقطعة من القماش مبللة بالماء المثلج ، يضعها فوق جبهتها فأشاحت برأسها بعيداً عنه و هي ترجوه أن يبتعد عنها و يتركها بمفردها و امتلأت عيناها بالدموع و سمعت مارك يقول لها في صوت هادئ .
" ساشا ... هل أنت متيقظة ؟ "
و لما لم ترد عليه امسك بوجهها برفق لتنظر إليه و قال :
" لقد أغمى عليك ... و أنت الآن فى سريرك ... هل تريدين شيئاً ؟ "
فهزت رأسها بالنفي فوقف و هو يقول :
" سأذهب الآن ... و أرجو أن تتمكني من النوم " .
و خرج مارك و تركها و ظلت مكانها ترقد في هدوء تام في السرير .
كانت تشعر بارهاق شديد حتى إنها لم تقو على التفكير ... و لكنها كانت تدرك شيئاً هاماً و هو ان مارك و الرجال الآخرين الذين معه ليسوا مجرمين كما كانت تعتقد من قبل مما جعلها تشعر بالراحة .
في الصباح جلست ساشا مع الرجال الاربعة في المطبخ يتناولون طعام الافطار ، و بدا لها جانوس الرجل الاصلع لطيفا و ليس كما تصورته من قبل .
كان مارك و واين يقومان باعداد البيض و اللحم المحفوظ و عش الغراب الطازج بينما جلست ساشا كملكة متوجة إلى المائدة و جلس الاستاذ العجوز إلى جوارها و اخذ مارك يترجم لها كل شئ يقوله الاستاذ بالروسية .
كان الجو مختلفا تماما هذه المرة فلم يعد هناك اي توتر يخيّم على المكان و بدلا من ذلك كان الهدوء يسود جو المطبخ و اصوات الضحكات تتردد فيه .

Rehana 01-01-21 08:57 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كان مارك طاهيا ممتاز كما اتضح لها منذ البداية والطعام لذيذا فأكلت ساشا بشهية وكانت تشعر بالجوع بعد كل ما تعرضت له من انفعالات نفسية .
و كانت ساشا تبدو جميلة بشعرها المنسدل فوق ظهرها ترتدي بنطلونا قصيرا ابيض وصدرية خفيفة من القطن الازرق اظهرت لون عينيها الجميل ، و كانت تشعر بالاضطراب كلما التقت نظراتها بنظرات مارك فتتورد وجنتاها . و بدا مارك هادئا تماما وقد زال غضبه فبدا لها شخصا مختلفا تماما عن ذي قبل .
و بعد الانتهاء من الافطار قال واين :
"هل تخرجين للمشي معي قليلا فهناك الكثير اود ان اوضحه لك ، و اعتقد كما يعتقد مارك انك لن تصدقيه "
و نظر واين إلى مارك و هو يغمز له بطرف عينه و بدا كأن مارك يريد ان يقول شيئا لكنه عدل عن ذلك و اكتفى بالابتسام .
فردت ساشا بالايجاب و قالت :
" بالطبع يمكننى ذلك ... و لكن يجب ان اذهب إلى غرفتي اولاً لاأتب السرير ، لن يستغرق مني ذلك وقتا طويلا" .
و صعدت ساشا إلى الغرفة بينما كانت تقف إلى جانب سريرها تفكر في كل ما حدث لها سمعت طرقا خفيفا على الباب و سمعت صوت مارك يقول :
" هل يمكنني الدخول يا ساشا ؟ "
فردت ساشا بالايجاب و دخل مارك و وقف في مواجهتها بعد ان اغلق الباب وراءه وقال :
"حضرت لأقول لك انني آسف لما بدر مني ... امس ... على الشاطئ " .
و اضطربت ساشا فقد تذكرت ما حدث بالأمس و اشاحت بوجهها سريعا وهي تقول :
" اوه ... إن ... إن الأمر لا يهم " .
فتقدم مارك منها و لمس ذراعها برفق شديد وهو يقول :
" و لكن الامر يهمني ... فقد تصرفت بطريقة فظيعة لأنني كنت في ثورة من الغضب ، و لكنني اعرف ان هذا لا يبرر تصرفي " .
فردت ساشا في بطء :
" اعرف الآن لماذا كنت تخشى ان اخبر اي شخص ، و لكن لو انك اخبرتني بحقيقة الأمر منذ البداية ؟ "
" لم يكن بمقدوري ذلك ، لم اكن اعرف من انت حتى بعد ان رأيت جواز سفرك و عرفت منك بعض المعلومات عن شخصيتك ، كان علينا التأكد من كل شئ و إلى ان تأكد لنا صدق كلامك كان عليّ ان اراقبك بدقة " .
ثم اضاف و هو يشير برأسه ناحية السرير المجاور :
" و لهذا كان لابد ان ابقى معك ، حقا كان الوضع محرجا بالنسبة اليك ايضا ، و لكن و قد انتهى كل شئ الآن يمكنك ان تنامي في امان الليلة "
و سألته ساشا في صوت ضعيف :
" متى تغادر المنزل يا مارك "
فهز كتفيه و هو يجيب :
" في اسرع وقت ممكن ، و بعد ذلك يمكنك ان تتمتعي بإجازتك و تفعلي كل ما تريدين " .
و سكتت ساشا للحظة فكيف تخبره بشعورها الحقيقي و بأن إجازتها لن يكون لها معنى الآن إذا امضتها بمفردها في المنزل ... كانت تشعر بأن شيئاً يعتصر قلبها و لكنها قالت :
"حسنا ارى انه من الأفضل ان انتهي من ترتيب سريري و سارتب لك سريرك ، خاصة بعد هذا الافطار اللذيذ الذي قمت باعداده " .

Rehana 01-01-21 08:58 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" شكرا يا ساشا و على فكرة لقد علقت رداء استحمامك و منشفتك ليجفا فقد تركتهما امس فى المطبخ " .
" شكرا ، لقد نسيتهما " .
كانت ساشا تشعر بأن جوا من التوتر يخيّم على الغرفة ، لم يكن بوسعها احتماله اكثر من ذلك فنظرت إلى مارك و ادركت ان لديه الشعور نفسه . كان هناك شئ ما لا تدري كنهه يخيّم على الجو و يجعلها تشعر بالاضطراب ، فاغمضت عينيها و هي ترفع يدها لتضعها فوق جبهتها فسألها مارك :
" هل تشعرين بتعب ؟ "
" انا متعبة قليلا ، و لكنني سأكون على ما يرام بعد ان انال قسطا وفيرا من النوم الليلة " .
" نعم و انا ايضا "
ثم نظر إليها و هو يبتسم و قال :
" حسنا ، اظن انه من الأفضل ان امضي الآن ، ربما ذهبت لشراء بعض الاشياء من القرية . هل تحتاجين لشئ ؟ "
ففكرت ساشا ، ثم قالت :
" لم اتصل بوالدى منذ حضوري ... فهل يمكنك ان ترسل برقية باسمي ليطمئن عليّ "
" بالطبع ... اكتبي ما تريدين و لا داعي للاستعجال فساذهب اولا لإطعام الدجاج " قال مارك ذلك ثم تركها و غادر الغرفة .
خرجت ساشا مع واين و سارا معا حتى وصلا إلى كوخ السيدة كاسيل حيث توقفا يشاهدان الدجاج يلتقط الحب الذى القاه مارك .
و شرح واين لساشا كل ما يتصل بمسألة الاستاذ مايفسكي و هي تنصت إليه باهتمام شديد و قال واين و هما يستندان إلى جدار الكوخ .
" كانت عملية دقيقة للغاية ... فقد ترددت بعض انباء عن اعتزام الاستاذ ما يفسكي الهروب منذ وصوله إلى برلين الشرقية لحضور المؤتمر ... و كان علينا ان نتحرك بسرعة لنكون على استعداد ، اما كيف تمكّن من الهرب من برلين الشرقية ... فكل ما استطيع قوله انه وصل إلى مارسيليا منذ اسبوع ثم حضر إلى هذا المنزل المنعزل على الفور ".
و توقف واين قليلا عن الحديث ليشعل سيكارة ثم اضاف :
" و قد عين كل من جانوس و مارك لحراسته و لكن مارك يقيم اصلا في فرنسا لأن له جنسية مزدوجة فهو نصف فرنسي ، و انت تعرفين ذلك بالطبع ... "
و لم تكن ساشا تعرف هذه الحقيقة لكنها لم تشأ ان تقاطع واين الذي استطرد يقول :
" اما بالنسبة اليّ فقد جئت لأنني ساتولى المرحلة المقبلة و هي ترحيل الاستاذ مايفسكي إلى امريكا و إلى هنا تنتهي مهمة مارك اما جانوس سيتوجه معنا إلى امريكا ".
و سألت ساشا :
"و ماذا يفعل مارك بعد ذلك ؟ "
ابتسم واين و هو يقول :
" سيعود إلى مطعمه ، انه يمتلك مطعما من افخم واشهر المطاعم في مكان ما في وادى اللوار ، و هو مشهور بطعامه الممتاز . جاء مارك إلى فرنسا منذ حوالي خمس سنوات و لذلك اعتقد انه فرنسي الآن اكثر مما هو روسي " .

Rehana 01-01-21 09:01 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
و توقف واين ليلقي بقايا السيكارة و اضاف :
" زوجته تقوم بالاشراف على المطعم اثناء غيابه و على المرء ان يحجز مائدة قبل التوجه إلى مثل هذ المطعم ببضعة ايام ... "
لم تكن ساشا تستمع إلى واين في هذه اللحظة بل فؤجئت بحديثه عن زوجة مارك ... طبيعي ان يكون مارك متزوجا فهو يبدو في الثلاثين من عمره ، لكنها شعرت بغصة في حلقها و بدا كأن قلبها يوشك على التوقف عن الخفقان فقالت في لهجة حاولت ن تكون طبيعية :
" لكننى لم اكن اعرف ان مارك متزوج " .
"انه متزوج و له طفلان ايضاً ... لم اقابل عائلته من قبل ، لكنني سمعت بذلك ... "
و شعرت ساشا بالحزن يملأ نفسها ، اذن فإن مارك أب ايضاً ، و فكرت في نيجل . انه على الاقل لم يكن اباً ... و لكن الوضع متشابه فكلاهما متزوجان . من حسن حظها ان اكتشفت هذه الحقيقة الآن قبل التوّرط مع مارك اكثر من ذلك .
و جاهدت ساشا لتبدو طبيعية فسألت واين وهي ترسم على شفتيها ابتسامة واهنة :
" اريد ان اعرف شيئاً ... هل كان هناك من يراقب المنزل اثناء الليل . اذ شعرت بذلك عندما خرجنا انا و مارك للسير في الصباح الباكر " .
" نعم ... كان هناك شخصان يقومان بهذه المهمة و كانا على اتصال لاسلكي بمارك معظم الوقت " .
و حاولت ساشا التماسك و تظاهرت بالاستماع إلى واين و لكنها سرحت بافكارها قليلا ... كان الألم يعتصر نفسها في هذه اللحظة .. يا لسخرية القدر .. جاءت إلى هذا المكان المنعزل لتنسى قصة حبها مع نيجل و نجحت في ذلك بالفعل , و الآن تعود الى بلدها بقصة اخرى و ألم جديد .
ثم انتبهت ساشا و سألت واين :
"ذلك يعني ... انني لو لم احضر الى المنزل في تلك اللحظة ... و أرى الاستاذ مايفسكي لما حدث لي أي شئ مما حدث ؟ "
" بالطبع لا ، كل ما كان سيحدث لو انك لم تشاهدي مايفسكي هو اننا كنا سنحاول مراقبتك لبعض الوقت كاجراء احتياطي ... لكنك كنت سيئة الحظ . اذ عرفت من مارك انك حاولت الهرب عدداً من المرات "
فابتسمت ساشا و هي تسأل :
" و ماذا قال لك مارك بالضبط ؟"
فضحك واين و هو يقول :
" لا ... لن احاول ان انقل اي كلام ، فأنا اتحاشى التعرض لأي شخص مثل مارك و افضل الاحتفاظ به إلى جانبي" .
و لكن ساشا اصرت على معرفة ما قاله مارك فهز واين كتفيه و ضحك قبل ان يقول :
" ابلغني من بين ما ابلغني انه برغم مظهرك الرقيق فانك عنيفة جداً "
لم تكن ساشا تدري لماذا تهتم كثيراً بمعرفة ما قاله مارك عنها و لكنها لم تكن تستطيع ان تمنع نفسها من ذلك فقالت :
" اعتقد انه يعني بذلك محاولتي ضربه بقضيب الخشب على رأسه ، و لكن كان من حسن حظه ان انتبه إلى ذلك " .

Rehana 01-01-21 09:03 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
نظر إليها واين باعجاب شديد و هو يقول :
" حقاً ... انت فعلت ذلك يا عزيزتي ! "
ثم اضاف و هو يطلق صفيرا من فمه :
" اعتقد ان ذلك اغضبه كثيرا "
فقالت ساشا :
" قال لي في ذلك الوقت ... لو انك رجل لقتلتك "
"و هو يعني ذلك حقاً ، رأيته يقطع لوحا من الخشب إلى نصفين بضربة واحدة بجانب من يده ... الم تشعري بأي خوف و انت تحاولين ضربه ؟ "
"نعم شعرت بالخوف اول الأمر ، و لكن كان عليّ ان احاول ، لأتمكن من الهرب "
"بالطبع يا عزيزتي ... يا لك من فتاة رائعة "
ثم امسك واين بذراعها و هو يقول :
" لنعد الآن إلى المنزل فلا اريد ان يشعر مارك بالغيرة "
"هذا شئ مستبعد لأن هناك حبا مفقودا بيننا ... ذلك إلى جانب انه رجل متزوج "
"في اى حال فلنعد الآن إلى المنزل "
عندما عادا إلى المنزل كان مارك مازال في القرية و شعرت ساشا بالراحة لذلك . اذ اتاح لها فرصة اكبر للاستعداد نفسيا لملاقاته . بعد ان عرفت من واين بأمر زواجه ، و كانت تريد ان تبدو طبيعية في تصرفاتها معه حتى لا يبدو عليها اي انفعال ، انه حتما لن يعرف مشاعرها تجاهه . و ربما استطاعت ان تنساه بعد ذهابه و لكنها كانت تدرك تماما انها لن تستطيع ذلك .
و عندما عاد مارك من الخارج كان محملا بالاطعمة التى احضرها من القرية و دخل المطبخ ، و كانت ساشا تجلس فيه بمفردها فقدم لها لفافة صغيرة و هو ينحني لها قائلا :
"هذه لك يا ساشا ... "
فأخذتها ساشا و هي تشكره و لدهشتها وجدتها ثقيلة فقالت :
" هل يمكنني فتحها الآن ؟ "
فضحك مارك و هو يقول لها :
" بالطبع "
و جلست ساشا إلى المائدة و اخذت تفض اللفافة لتجد في داخلها صندوقا صغيرا بداخله ثقل من الاثقال التي توضع على الورق لتمنعه من التطاير و كان على هيئة كرة من الكريستال على شكل وردة جميلة .
فنظرت ساشا إلى مارك و هي تقاوم رغبتها في البكاء و حاولت الابتسام و هي تقول :
" انها رائعة حقا ... شكرا لك يا مارك "
و التقت نظراتهما فشعرت ساشا بالدماء تندفع إلى وجهها فاشاحت بوجهها سريعاً و هي تنظر إلى الصندوق الصغير الموضوع امامها على المائدة و قالت :
" سأذهب لأضعه في مكان آمن ... اخشى ان يسقط فتكسر الكرة "
و وضعت كرة الكريستال في الصندوق من جديد و وقفت قائلة :
" عن إذنك " .
كان عليها ان تمّر به و هي في طريقها إلى باب المطبخ ، لكن مارك لم يفسح لها الطريق فلامست جسمه و هى تمّر مما جعلها تشعر بالاضطراب و الحزن معا .
و عندما عادت ساشا إلى حجرتها قررت شيئاً و هو ان تتحاشى بقدر الامكان الانفراد بمارك طول فترة وجوده في المنزل . و لا يهم إذا كان لا يعرف السبب في ذلك ... لكنها لم تكن تستطيع ان تتصوره و هو الرجل المتزوج ... كيف يحاول التودد إليها كما يفعل . ألا يشعر بتأنيب ضميره . ربما اصبح مارك بعد بقائه هذه الفترة الطويلة في فرنسا . مثل اي زوج فرنسي تجتاحه نزوات غرامية .

Rehana 01-01-21 09:03 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
و نزلت ساشا من غرفتها بعد ذلك و اتجهت إلى سيارتها في الكراج حيث اخذت ادوات الرسم ، و توجهت إلى المطبخ لاحضار احد المقاعد و صينية لاستخدامهما كحامل للصورة ، و بينما هي متجهة إلى غرفة الجلوس رأت واين يهبط السلم فلم رآها حياها قائلا :
" دعيني اساعدك "
ثم اخذ منها المقعد و الصينية و هو يسألها اين تريد وضع المقعد .
" في الحديقة الامامية ... إذا تكّرمت ... اين الجميع ؟ "
" فى الطابق العلوي ... يضعون الخطط النهائية ، كل شئ سينتهي هنا الليلة او في الصباح الباكر "
و شعرت ساشا بالألم ، فكل شئ سينتهي و لن تتمكن من رؤية مارك بعدئذ و لكن يجب عليها التماسك فلا مفر من ذلك .
ووضع واين الاشياء إلى جانب ادوات الرسم و هو يسألها :
"هل تريدين ان اساعدك في وضع حامل الصورة ؟"
فابتسمت و هي تقول :
" كيف عرفت انني ساستخدم المقعد لهذا الغرض "
" انهم هنا لا يطلقون عليّ العقل المدّبر اعتباطاً يا عزيزتي ... اين تجلسين ؟"
" ساحضر مقعداً صغيراً من غرفة الجلوس "
و توجهت ساشا إلى داخل المنزل و رأت مارك يهبط السلم فبادرها بقوله :
" هل تسمحين لي باستخدام سيارتك في الصباح يا ساشا ، اريد احضار السيدة كاسيل "
" نعم بالطبع ، و لكن ماذا تقول للسيدة كاسيل . كنت اعتقد انك استأجرت المنزل لمدة اسبوع آخر او اسبوعين "
"صحيح ، و لكنني اوضحت لها اننا ربما اضطررنا إلى ترك المنزل قبل ذلك ، و انني ساعلمها بذلك في حينه . لا تقلقي ساحاول ان اشرح لها الامر على قدر الامكان لابرر حضورك إلى المنزل ."
و فهمت ساشا انه يعمل حساب كل شئ . كل شئ باستثناء شئ واحد فقط و هو كيف يمنع فتاة غبية مثلها من الوقوع في حبه .
و تمنت ساشا في هذه اللحظة لو انها تكرهه كما كانت تكرهه من قبل ... و لكنها تعرف تماما انه لا يمكنها ذلك الآن ... و ربما لم تكرهه من قبل على الاطلاق ... انها تنسى اول لقائهما على الممر الحجرى و هو يتجه إليهما مبتسما كالمارد الاسمر .
و اخذت ساشا تنظر إليه و هو يتجه إلى المطبخ . ثم توقف و هو يقول :
" ساعد القهوة لنا جميعا . هل تريدين قدحا يا ساشا ؟ "
" نعم ، ارجوك "
انه يبدو جذابا فعلا ، كانت العمة مارى على حق عندما اعجبت به اذ يمكنه ان يجذب إليه حتى الطيور من اعشاشها .
ثم تذكرت ساشا فجأة القرار الذي اتخذته بعدم الانفراد بمارك فأخذت احد المقاعد و اتجهت إلى الخارج .
و امضت بقية اليوم في الحديقة ترسم . كانت تشعر بالأمان و هي بعيدة عن المنزل حتى انها لم تدخل لتناول الغداء و اكتفت بتناول بعض الشطائر و هي تجلس على الحشائش .
لكنها مع حلول الظلام اضطرت إلى دخول المنزل ، و كان الرجال في غرفة الجلوس يلعبون الورق و تولاها شعور بالضيق . و شعرت فجأة انها بعيدة عن هذه المجموعة من الرجال و انه لا مكان لها بينهم .
و لاحظت ساشا ان مارك و واين يحاولان الوقوف عندما دخلت غرفة الجلوس فقالت :
" ارجو ان تظلا في مكانكما ، ساجلس لمشاهدتكم بعض الوقت "
فسألها مارك :
"هل تودين الاشتراك معنا ؟"
هزّت راسها بالنفي و هي تقول :
" اخسر دائما في لعب الورق ... و لذلك افضّل الاكتفاء بمشاهدتكم "
و وضعت ساشا ادوات الرسم بعناية في احد اركان الغرفة و جلست لمشاهدة الرجال و هم يلعبون الورق و هي تسائل نفسها : متى يغادرون المنزل و كيف ... و ادركت اخيرا من الحديث ان مارك لن يذهب معهم و انه سيبقى في المنزل .وجلست في مكانها بين واين و جانوس ساكنة تماما و هي تفكر في هذا الامر .
مارك لن يذهب مع الرجال و هذا يعني انها ستبقى بمفردها معه في المنزل .

نهاية الفصل

Rehana 02-01-21 08:50 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
6-أفلاطون

صعد واين إلى الطابق العلوي بعد العشاء وعندما نزل مرة أخرى إلى غرفة الجلوس كان يحمل معه جهازاً غريباً بدا لساشا كأنه راديو ترانزيستور.
وقال واين:
"هذا هو الجهاز ... أبلغ يا مارك الرجال بأن يستعدوا عند منصف الليل".
وأعقب ذلك حديث صغير باللغة الروسية ثم أحضر مارك زجاجة شراب وعدداً من الكؤوس وجلس الجميع يتناولون الشراب ويدخنون.
وبدأت سحب الدخان تملأ الغرفة مما جعل ساشا تشعر بالرغبة في النوم، لكنها كانت تريد أن تظل مستيقظة لتودع الرجال الثلاثة قبل مغادرتهم المنزل فاسترخت في أحد المقاعد الوثيرة بعيداً عن الرجال الذين جلسوا يتجاذبون أطراف الحديث.
وأخذت ساشا تتثاءب وشيئاً فشيئاً خيّل إليها أن أصوات الرجال تبدو بعيدة، وبدأت حلقات الدخان تتراقص من حولها وبدت لها الغرفة كمشهد في أحد الأفلام السينمائية... راحت في سبات عميق.
لم تشعر ساشا بشيء بعد ذلك إلا و واين يهزها برفق، ففتحت عينيها وهي تتلفت حولها خائفة متسائلة:
" ماذا حدث؟"

Rehana 02-01-21 09:08 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
"سنغادر المنزل الآن عزيزتي, الساعة قاربت الثانية عشرة".
اعتدلت في جلستها وبسرعة وهي تفرك عينيها وقالت:
"آسفة... لا بد أن عيني غفلت قليلاً، كنت متعبة للغاية".
فضحك واين وهو يقول:
"أعرف ذلك... هذا يحدث دائماً في بعض الأوقات ... كنت تنامين في سلام وتتنفسين بصوت عال".
"حقاً فعلت ذلك؟"
فضحك واين وأجاب:
"إنما أداعبك فقط يا ساشا , لم يصدر منك أي صوت!"
ونظرت ساشا حولها فلم تجد أحداً من الرجال فقال واين:
"إنهم يستعدون للرحيل ويجمعون حاجاتهم... أما أنا فليس لدي ما أجمعه لأنني أفضل ألا أحمل معي أشياء في تنقلاتي".
وسمعت صوتاً عالياً فوقف واين وهو يقول:
" إنها هي ... تعالي يا ساشا وانظري".
لم تكن ساشا قد رأت في حياتها من قبل طائرة هيلوكوبتر عن قرب وتمنت في هذه اللحظة لو معها آلة تصوير لالتقاط صورة لها فيراها والدها الذي لن يصدق أبداً أن طائرة هيلوكوبتر هبطت في الحديقة الأمامية للمنزل.
ونزل الرجال مسرعين من الطابق العلوي بينما بدأت مراوح الطائرة في التوقف... وفتح مارك باب المنزل ولوح بيده ثم التفت إلى جانوس ومايفسكي وهو يقول شيئاً باللغة الروسية.
والتفت مايفسكي إلى ساشا ومدّ لها يده مودعاً فقالت له بالانجليزية :
" مع السلامة وأتمنى لك رحلة آمنة".
وبدا كأنه فهم ما قالته فقد ابتسم لها وودعت جانوس الذي انحنى وهو يخرج من المنزل ثم عانقها واين مودعاً وهو يقول:
" سأراك مرة أخرى يا ساشا وعلى فكرة هل استعدت جواز سفرك؟"
فرد عليه مارك قائلاً:
" إنه معي ... وسأعطيه لها فيما بعد".
ووقفت ساشا في باب المنزل تشاهد الرجال الثلاثة يتقدمون إلى حيث تقف الطائرة... وخرج مارك معهم ليساعدهم في الصعود ثم صافحهم وابتعد عن الطائرة التي بدأت الاستعداد للتحرك وأخذت ترتفع حتى غابت عن النظر وانتهى كل شيء.
وشعرت ساشا بحزن شديد وهي ترى الطائرة تغيب بعيداً ووقف مارك قليلاً يلوح ثم اتجه عائداً إلى المنزل. تركت ساشا مكانها قرب الباب، واتجهت إلى الداخل فقد قررت تحاشي الانفراد بمارك ... ولكن الأمر بدا لها صعباً الآن وقد أصبحا بمفردهما في المنزل. وكانت الساعة تتجاوز الثانية عشر وساشا تشعر بالارهاق وبعدما دخل مارك إلى المنزل أغلق الباب سألها:
" هل تريدين بعض الشراب؟"
فأجابته قائلة:
"لا شكراً... أنا متعبة للغاية وسأذهب للنوم".
"حسناً... تصبحين على خير يا ساشا ".
وكان مارك يبدو حزيناً لذهاب الرجال الآخرين ونظرت إليه ساشا، كان يبدو مرهقاً وقد ظهرت آثار التعب تحت عينيه فتمنت له ساشا نوماً طيباً واتجهت إلى السلالم تصعدها في بطء متجهة إلى الطابق العلوي، وبعد أن اغتسلت ذهبت إلى غرفتها وأغلقت بابها من الداخل بالمزلاج.

Rehana 02-01-21 09:09 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
عندما استيقظت ساشا في الصباح كانت أشعة الشمس تملأ الغرفة فنظرت في ساعتها وكانت حوالي العاشرة.
وعندما اتجهت ساشا إلى الحمام كان كل شيء هادئاً تماماً في المنزل وسألت ساشا نفسها إذا كان مارك ما زال نائماً... وهي تتمنى ذلك.
وبعد أن اغتسلت بدّلت ملابسها وانتقت الثوب الأبيض الذي كانت تلبسه عند زيارتها العمة ماري... وفي هذه اللحظة شعرت ساشا بأنها أصبحت حرة تفعل ما يبدو لها، تذهب لزيارة عمتها في أي وقت تريد أو للسباحة أو للتريّض قليلاً أو تذهب إلى كان إنها الآن حرة، والتفتت إلى المرآة فرأت جواز سفرها على الرف تحت المرآة. وفجأة تذكرت مارك وشعرت بالحزن يملأ نفسها. إنها حقاً حرة الآن تقضي عطلتها كما يحلو لها ولكن ما معنى الحرية الآن وهي تشعر بالألم يعتصر قلبها وهي تحب شخصاً لا يبادلها شعورها. وأغلقت ساشا عينيها بعصبية: ما هذا الجنون؟ وكيف تسمح لنفسها بأن تقع في حب شخص مغامر مثل مارك، يختلف تماما عن كل من عرفتهم من قبل.
وجلست ساشا أمام المرآة تمشط شعرها وهي تحاول أن تقنع نفسها بأن ما تشعر به تجاه مارك لا يمكن أبداً أن يكون حباً وأنه مجرد نوع من الإعجاب أو الافتتان بهذا الرجل الجذاب الخبير بشؤون الحب، وكلما أسرعت في الابتعاد عنه كلما كان ذلك أفضل لها.
واستمرت ساشا تمشط شعرها بعصبية وهي تفكر في مارك وعودته بأسرع ما يمكن إلى زوجته وولديه.
وانتبهت ساشا فجأة إلى صوت سيارة تتجه إلى المنزل فخرجت إلى النافذة مسرعة لترى سيارتها الصغيرة تتجه ببطء من الممر الحجري لتقف أمام المنزل. وتذكرت ساشا أن مارك طلب منها استخدام سيارتها لإحضار السيدة كاسيل، وتوقفت السيارة أمام المنزل ليهبط منها مارك، ثم رأته يساعد السيدة كاسيل في الهبوط ثم حاملاً حقيبتها ، واتجها إلى الباب.
أسرعت ساشا بالهبوط وهرعت لملاقاة السيدة كاسيل التي كانت بالنسبة اليها في منزلة العمة ماري، وما إن رأتها حتى ألقت بنفسها بين أحضانها وهي تقول:
"مدام... كم أنا سعيدة برؤيتك".
" وأنا كذلك يا ابنتي... ولكن ما الذي يحدث هنا؟"
وتقدم مارك الذي كان يقف قرب الباب إلى الداخل وهو يقول بالفرنسية:
"كنت أحاول أن أشرح للسيدة كاسيل سوء التفاهم الذي حدث... وكيف أن كل شيء على ما يرام الآن لأننا تلقينا دعوة لقضاء عطلتنا في الفيللا التي يمتلكها أحد الأصدقاء في نيس، والآن يمكنك البقاء في المنزل لقضاء عطلتك يا آنسة دونيللي.."
ونظرت ساشا إلى مارك وأدركت أنه كذب على السيدة كاسيل واختلق قصة ليبرر بها الموقف، ولكن لا بد أنه معتاد على الكذب..
وسألت السيدة كاسيل:
"ولكن عروسك يا سيدي ، هل هي موجودة هنا؟"
فهز كتفيه قائلاً:
" غادرت المنزل بعد ما حملت معها جميع الأمتعة، وسألحق بها، لكنني كنت أريد أن أطمئن أولاً إلى عودتك للعناية بالآنسة دونيللي، والدواجن بالطبع".
وضحك بطريقة صبيانية لطيفة وهو يقول ذلك ثم أشار بيده إلى حقيبة السيدة كاسيل مضيفاً:
" هل تسمحين بحمل حقيبتك إلى الكوخ، معي المفتاح".

Rehana 02-01-21 09:09 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
" نعم، نعم شكراً لك، سأعود فوراً يا ساشا للعناية بك"
فقالت ساشا:
"لا داعي لأن تتعبي نفسك يا مدام، ليس في الصباح فإنني أنوي قضاء بضع ساعات في الرسم ولا أحتاج لشيء"
وبدا على السيدة كاسيل أنها ترحب بالبقاء في كوخها ولو لفترة قصيرة للعناية بشؤونها فقالت:
"كما تشائين يا عزيزتي".
ووقفت ساشا تنظر للسيدة العجوز وهي تبتعد بمشاعر مختلطة. وبعد بضع دقائق عاد مارك وكانت ساشا في المطبخ تعد القهوة فوقف بالباب يراقبها للحظة ثم قال:
" الآن وقد عادت السيدة كاسيل يمكنني الذهاب".
"هل تعني أنك لم تكن لتغادر المنزل لو أن السيدة كاسيل لم تعد اليوم؟"
"لا ... بالطبع فلم أكن لأتركك هنا وحيدة بمفردك".
فقالت ساشا بدون أن تحاول النظر إليه:
" أنا قادرة على العناية بنفسي".
" لم أقصد ذلك... كل ما في الأمر أنك كنت تتوقعين وجودها عند حضورك لقضاء عطلتك، والآن لقد حضرت بالفعل".
فالتفتت ساشا إليه وهي تقول:
" حقاً، تأخرت عن الحضور يومين ولكنها عادت في أي حال، هل انتهيت من إعداد حاجياتك؟"
" نعم، وضعت كل شيء على الدراجة، وهذه هي مفاتيح سيارتك، وهي مليئة بالوقود".
ثم تقدم مارك ببطء منها وهو يقول:
" ساشا أريد أن أراك مرة أخرى ... هل يمكنني الحضور غداً؟"
ونظرت ساشا إلى مفاتيح السيارة على المائدة... أخذها منها مارك منذ ثلاثة أيام فقط ولكنها تبدو لها فترة بعيدة جداً، والآن أعادها إليها وقد انتهى كل شيء.
فقالت ساشا:
" كنت أعتقد أنك ستعود إلى منزلك".
وتمنت في هذه اللحظة لو أنه يخبرها الحقيقة... ربما كان ذلك سيخفف عنها إلى حد ما، ولكنه قال:
" سأقضي عدة أيام في كان فليس هناك ما يستدعي عودتي السريعة إلى منزلي".
شعرت ساشا بالبرودة تسري في كيانها فالتقطت المفاتيح عن المائدة ووضعتها في جيبها وهي تقول بهدوء:
" لا ، يا مارك، لا يمكنك أن تأتي غداً أو بعد غد، فإنني لا أريد أن أراك".
تجهم وجه مارك وسألها:
" ولكن هل يمكنني أن أعرف السبب؟"
" لأن كل شيء انتهى ، انتهى كل هذا ..."
وأشارت بيدها في يأس. ثم أضافت:
" لم يعد هناك شيء... رحل الجميع ويمكنك أن ترحل أنت بدورك الآن، وسأقضي عطلتي كما خططت لها من قبل. لم أضعك في اعتباري عندما حضرت إلى هذا المنزل لأقضي عطلتي ولا أنوي ذلك الآن".

Rehana 02-01-21 09:10 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كانت ساشا تبذل مجهوداً كبيراً وهي تتحدث وتحاول أن تمنع الدموع عن عينيها ... ونظرت إلى مارك وقد تغير وجهه تماماً وهو يستمع إليها تقول ذلك، ورأت في عينيه نظرات لم يكن من السهل عليها أن تنساها لفترة طويلة.
وانتظرت ساشا أن يرد مارك عليها أو يناقشها لكنه لم يفعل بل بدأ في هدوء يغادر المطبخ. ثم سمعت صوت الباب الأمامي يفتح ثم يغلق ثم رأته يمر أمام النافذة... وبعد دقيقة رأته يهبط الممر إلى دراجته بدون أن يحاول الالتفات ولو مرة واحدة... وما أن اختفى عن نظرها حتى انفجرت باكية.
لا تدري ساشا كيف أمضت الأيام القليلة التي أعقبت هذا اللقاء العاصف مع مارك. قامت بإتمام كل ما كانت تود أن تؤديه أو تتمنى أن تفعله في عطلتها من قبل ... وقضت وقتاً كبيراً في الرسم وذهبت إلى الشاطئ مراراً للاستحمام، لكنها كانت تشعر بفراغ قاتل وكل شيء حولها يذكرها بمارك.
ووجدت في إحدى الغرف زجاجة فيها قليل من سائل يستعمل بعد الحلاقة، ذكرتها رائحته بالرائحة الغريبة التي كانت تملأ حديقة الكازينو الصغيرة حيث جلست مع مارك، فوضعت الزجاجة في حقيبتها لأنها كانت تود الاحتفاظ بها ذكرى بعد مغادرتها المنزل.
بقي أسبوعان على انتهاء عطلتها ولكن ساشا لم تكن تعرف كيف يمكنها احتمال البقاء في المنزل طوال هذه الفترة وكل شيء فيه يذكرها بمارك لم تكن تستطيع النوم وكلما نظرت إلى السرير المجاور لها كانت تتخيل مارك ينام فيه فكانت تبكي في الظلام وتتمنى أن تنتهي العطلة سريعاً لتبعد عن هذه الذكريات. والدها سيرحب بعودتها ولن يسألها عن أي شيء.
وعندما حل يوم الأحد كانت ساشا قد صممت على مغادرة المنزل، وشعرت بالراحة وهي تتخذ هذا القرار فهرعت إلى غرفتها تحزم أمتعتها وهبطت إلى البهو حيث تركت ورقة صغيرة للسيدة كاسيل تقول فيها أنها ستعود سريعاً، كانت تعرف أن السيدة كاسيل ستحضر إلى المنزل بعد حوالي ساعة وأنها ستشعر بالقلق لغيابها.
واستقلت ساشا سيارتها إلى المكان الوحيد الذي كانت تتمنى الذهاب إليه في هذه اللحظة... إلى منزل العمة ماري.
عندما وصلت كان باب الشقة موارباً كالمعتاد فنادت عمتها وهي تقول:
"هل يمكنني الدخول؟"
وجاءها صوت عمتها من الداخل يقول:
" بالطبع .... ساشا ؟ أهلاً يا طفلتي الصغيرة ادخلي".
كانت العمة ماري تجلس في مقعدها قرب النافذة فلما دخلت ساشا فتحت لها ذراعيها مرحبة وهي تقول:
" لماذا حضرت في هذا الوقت المبكر... إنني سعيدة برؤيتك..."
ثم قالت وهي تحتضن ساشا وتشير إلى باقة جميلة من الزهور وضعت إلى جوارها فوق المائدة:
" انظري إلى هذه الزهور الجميلة، أحضرها صديقك الشاب اللطيف"
فانتفضت ساشا واقفة وهي تسأل وكأنها لا تصدق أذنيها:
" ما...ماذا قلت يا عمتي؟"
ولاحظت العمة ماري التغير الذي طرأ على وجه ساشا فنظرت إليها وأخذت تربت بيدها على يد المقعد ثم قالت:
" اجلسي يا عزيزتي؟ وأخبريني بحقيقة الأمر، ماذا حدث؟"

Rehana 02-01-21 09:11 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فجلست ساشا وهي تمسك بيد السيدة العجوز الممتدة لها وقالت:
"سأعود إلى المنزل يا عمتي، هل يمكنني الاتصال بوالدي من هنا ليحجز تذكرة لي على الطائرة؟"
ثم أخذت ساشا تسرد على عمتها كل ما حدث منذ أول لقاء لها مع مارك في الممر الحجري حتى لحظة معرفتها من واين بأمر زواجه ولقائه الأخير معها في المطبخ... وكانت السيدة العجوز تستمع إليها في سكون وهي تهز رأسها أحياناً وتضغط على يدها بقوة وكأنها تريد أن تشجعها على الاستمرار في الحديث، الذي لم تحاول أبداً أن تقطعه وبعد أن انتهت ساشا تنهدت العمة ماري بعمق وهي تقول:
"اوه يا عزيزتي، إنه شيء مؤسف ان يحدث ذلك، ولكن ماذا يمكنني أن أقول، أعجبت جداً بهذا الشاب، كان يبدو لطيفاً وقوياً ومهذباً كأنه ولد ليكون أميراً، انظري لقد وصلتني هذه الزهور منه مع هذه الورقة".
ولم تستطع ساشا أن تمنع نفسها من سؤال عمتها :
" ماذا يقول في هذه الورقة؟"
فضحكت العمة ماري وهي تقول:
" ان تعبيراته لطيفة للغاية، انه يقول في إهدائه إلى أجمل سيدة في كان مع حبي ... أسلوبه يعيد إلي شبابي من جديد".
فابتسمت ساشا وهي تنحني فوق الزهور تستنشق عبيرها. كانت الزهور تبدو جميلة وقد توسطتها وردة حمراء اللون. فلمست ساشا الوردة وهي تتذكر أن مارك أعطاها وردة مماثلة، لكنها داخل كرة من الكريستال ولن تذبل أبداً كما سيحدث لهذه الوردة. ثم التفتت إلى السيدة العجوز وهي تقول:
" ولهذا, سأعود إلى المنزل، أنت تعرفين أن والدي لن يوجه إليّ أي أسئلة، لكنني فضلت الحضور إليك أولاً لأقول لك كل شيء حتى لا تشعري بالاستياء إذا لم يحضر مارك لزيارتك مرة أخرى".
"لا يا عزيزتي، لم أكن لأشعر بالاستياء لذلك أبداً، فالإنسان في مثل سني يعيش يومه فقط ولا يفكر في شيء آخر.. صدقيني يا ساشا كل شيء سيكون على ما يرام. وستتغلبين على هذا الموقف يا طفلتي الصغيرة".
ورفعت ساشا يد السيدة العجوز لتضعها على خدها في حنان قائلة:
" أعرف ذلك يا عمتي... وأشكرك لاستماعك إلي... كنت أعرف أنك ستتفهمين الموقف".
وظلت ساشا مع عمتها حوالي ساعة اتصلت خلالها بمطار نيس حيث حجزت مقعداً على إحدى طائرات اليوم نفسه ثم غادرت منزل العمة ماري بعدما وعدتها بالكتابة إليها فور وصولها.
كان الوقت متأخر جداً عندما توقفت سيارة الأجرة التي استقلتها ساشا من المطار أمام منزلها الذي يقع في طريق هادئ تحيط به الأشجار، وكان المنزل مظلماً تماماً كما توقعت لأنها لم تتمكن من الاتصال بوالدها في فرنسا لتبلغه بقدومها.
ودخلت ساشا إلى المنزل حيث تركت حقائبها في البهو ثم توجهت إلى حجرة والدها وهي تقول في صوت هادئ:
" أبي... أنا ساشا ... هل أنت نائم؟"
" ماذا.. ساشا أهلاً يا ابنتي تعالي إنني لست نائماً".
دخلت ساشا إلى الغرفة وكان والدها يجلس في سريره فقال وهو يمد يده ليأخذ نظارته عن الطاولة الصغيرة المجاورة:
" يا إلهي... هل مضت الأيام بهذه السرعة... كنت أعتقد ... "

Rehana 02-01-21 09:11 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولكن ساشا قاطعته قائلة وهي تقبله فوق وجنته:
" لا يا أبي... إنك على حق... فضلت العودة باكراً وهذا كل ما في الأمر".
" آه ... حسناً وها أنت قد عدت ... هل تشعرين بالجوع؟"
فابتسمت ساشا إذ كانت تعرف أن والدها قليلاً ما يفكر في الطعام أثناء النهار وهو منهمك في الرسم، أما أثناء الليل فكثيراً ما كان يتوجه إلى المطبخ لأخذ بعض الشطائر، فردت عليه بالإيجاب وهي تقول:
" أود أن أتناول بعض الحساء... هل ترغب في شيء منه؟"
" نعم ... وسألحق بك بعد دقيقة ريثما أبدل ملابسي".
وغادرت ساشا غرفة والدها ونزلت إلى البهو وهي تشعر بالسعادة لعودتها إلى منزلها الذي لا يوجد فيه مكان لمارك وأمثاله، كانت ساشا تعيش في هذا المنزل الهادئ مع والدها جون دونيللي الذي ورث عن والده شركة هندسية كبيرة. ولم يكن يميل إلى هذا العمل بل ركّز اهتمامه الرئيسي على الرسم، فاستطاع الجمع بين العمل في الشركة والرسم بنجاح تام، شخصيته الجذابة جمعت حوله عدداً من الراغبين في التعاون بإخلاص.
وتوجهت ساشا إلى المطبخ وأضاءت النور. كان مطبخاً متسعاً وكان بوب كلب الحراسة الضخم يقبع في أحد أركانه فلما دخلت ساشا رفع رأسه يتثاءب وما أن رآها حتى قفز من مكانه واتجه إليها في سعادة فانحنت ساشا تربت على ظهره وهي تقول:
" أين كنت عندما دخلت إلى المنزل إذن؟"
فغمز بعينه كأنه يعتذر لها وهو يهز ذيله في سعادة فألقت إليه ساشا بعض الفطائر، ثم أخذت تعد وجبة خفيفة، كان الوقت قد قارب منتصف الليل وبعد دقائق سيبدأ يوم جديد وكان يوم الأثنين... لقد مضى أسبوع بأكمله منذ آخر لقاء لها مع مارك ووجدت نفسها رغماّ عنها تعود بذاكرتها إلى المنزل المنعزل في فرنسا ووجه مارك وهو يستمع إليها تطلب منه عدم القيام بمحاولة مرة أخرى وكيف أنه لم يحاول أن يناقشها أو يودعها بل خرج من المنزل في هدوء وقد شحب وجهه وكساه تعبير غريب لم تعرف منه إذا كان غاضباً... أو حزيناً، وربما لم يكن كذلك .
وانتبهت ساشا إلى صوت أقدام والدها يهبط الدرج ويتجه إلى المطبخ فأسرعت بإخراج إحدى المعلبات من الخزانة وهي تقول:
" سأعد كل شيء خلال دقيقة، اجلس أبي ".
وأخذت ساشا تعد الحساء وتقطع الخبز بطريقة آلية وهي تفكر في مارك عندما كان يعد الطعام في المطبخ وقد وضع المنشفة حول خصره، فقالت تحدث نفسها... " كفى هذا " ... ولم تدرك ساشا أنها تحدثت بصوت مسموع إلى أن سألها والدها:
" كفى ... ماذا ... "
" أوه ... لا شيء أبي، لقد كنت أحدث نفسي".
" آه ... إنني أفعل ذلك أحياناً... إنها عادة سيئة، السيدة براون تعتقد أنني وصلت إلى سن الشيخوخة".
كانت السيدة براون تحضر إلى المنزل خمسة أيام خلال الأسبوع للعناية بنظافته وإعداد الوجبات لوالد ساشا أما في أيام العطلات فإن ساشا تتولى هذه المهمة، وتشعر بالسعادة وهي تجلس مع والدها بمفردها ... وعندما كانت تحضر معها أصدقائها إلى المنزل فإن والدها يعتذر بأنه متعب ليتركهما بمفردهما.

Rehana 02-01-21 09:12 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كان والد ساشا يعرف قصتها مع نيجل ولم يكن يحبه أبداً، ولكنه لم يحاول أن يظهر ذلك لساشا ولم يدهشه بعد ذلك أن يعلم أن نيجل كان متزوجاً وشعر بالسعادة لأن ساشا عرفت بذلك قبل فوات الأوان.
ساشا ستقص عليه بعض ما حدث مع مارك ذات يوم ولكن ليس كل ما حدث... إنها لم تقص على العمة ماري كل ما حدث بالتفصيل وتحاشت تماماً الحديث عن عناق مارك لها. وموقفه منها فقد كانت تشعر أن هذه المسائل خاصة جداً.
وجلست ساشا ووالدها يتناولان الحساء في سكون ثم توقف والدها لإعداد بعض الحليب بالكاكاو وشعرت ساشا بالإرهاق فرفعت يدها إلى جبهتها، فسألها والدها:
" هل تشعرين بالصداع؟ "
" لا... ولكنني مرهقة... أستأذنك أن أصعد إلى غرفتي".
" حسناً... سأحمل إليك قدحاً من الحليب".
ولم تلاحظ ساشا وهي تغادر المطبخ وجه والدها، يراقبها وقد بدا عليه القلق، كان يعرف أن شيئاً ما حدث ولكنه لم يحاول أن يسألها.
كان ما زال أمام ساشا أسبوع قبل العودة إلى عملها وكم كانت تود العودة فوراً، ولكن ذلك لا بد أن يثير العديد من التساؤلات والتعليقات فهيئة التحرير في الصحيفة الصغيرة حيث تعمل كانت كأنها عائلة واحدة، كل واحد يعرف الآخر تمام المعرفة.
واستيقظت ساشا متأخرة صباح اليوم التالي وهي لا تعرف ماذا تفعل خلال الأيام المتبقية من عطلتها، وسمعت وهي ترتدي ملابسها في غرفة نومها صوت المكنسة الكهربائية فأدركت أن السيدة براون وصلت إلى المنزل فنزلت من غرفتها وهي تعد نفسها للإجابة على أسئلتها لأن السيدة براون كانت تعرف أن ساشا لن تعود إلى المنزل قبل أسبوع.
وجلست ساشا تتناول إفطارها في المطبخ، والدها ذهب إلى عمله كالعادة كل يوم اثنين، ثم يحاول التفرغ بعد ذلك للرسم في الأستوديو الخاص به في المنزل والذي لا يسمح لأحد غير ساشا بالدخول إليه.
واتجهت ساشا في الطريق إلى مكتب البرق والبريد حيث تبعث ببرقية إلى العمة ماري تبلغها فيها أنها عادت إلى المنزل بسلام، ثم اتجهت إلى الحديقة العامة حيث جلست على إحدى الأرائك بينما انطلق بوب يطارد الطيور.
وشعرت ساشا وهي تجلس بسكون في الحديقة أنها بدأت تعود إلى حالتها الطبيعية إذ كانت تتمتع بشخصية قوية وأقنعت نفسها بأنه لا طائل في التفكير بأشياء يصعب تحقيقها.
وعندما عادت إلى المنزل بعد حوالي ساعة قضتها في الحديقة تفكر في أمرها كانت قد تغلبت إلى حد كبير على ضعفها وصممت أن تعود إلى حالتها الطبيعية وكأن شيئاً لم يكن.
وعندما حان موعد الغداء اتصلت هاتفياً بصديقتها جانيت التي كانت تعمل سكرتيرة... وكانت صداقتهما تعود إلى زمن الدراسة وميولهما واحدة في كل شيء وكانت في مثل عمرها تماماً في الحادية والعشرين.
وجاءها صوت جانيت تسأل في دهشة :
" ماذا كنت تفعلين في انجلترا بحق السماء... كنت أنتظر وصول رسالة منك".
" إنها قصة طويلة ستعرفينها عندما أراك... هل لديك ما يشغلك الليلة هناك فيلم أود مشاهدته".
" لدي بعض الأشغال البسيطة، هل يمكنك أن تتصلي بي في الساعة السادسة، بعد الانتهاء من تناول طعامي".

Rehana 02-01-21 09:12 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ووضعت ساشا السماعة وهي تفكر في جانيت إذ كانت لها أفضل صديقة في محنتها مع نيجل، لم تظهر الكثير من الفضول لكنها كانت متفهمة تماماً لظروفها، فهل يمكنها أن تخبرها بكل شيء عن مارك؟ ربما تفعل ذلك عندما تراها.
كان الفيلم لطيفاً ومسلياً وقد استمتعت به ساشا إلى درجة لم تكن تتوقعها، ثم توجها بعد انتهاء العرض إلى أحد المقاهي حيث تناولا قدحين من القهوة وأخذت جانيت تقص على ساشا آخر الأخبار، ولم تحاول أن تسألها عن السبب في عودتها السريعة إلى المنزل، ربما كانت تشعر بأن شيئاً ما قد حدث، وبينما هما في طريق عودتها إلى المنزل أخبرتها ساشا بكل ما حدث لها فقالت جانيت:
" أوه يا ساشا إنه شيء لا يكاد يصدقه العقل. إنني بالطبع أعرف أنك تقولين الحقيقة ولكنني لو قرأت ذلك في إحدى الصحف لاعتقدت أنه مجرد خيال أدبي."
ثم توقفت قليلاً قبل أن تقول:
" هذا الشخص المدعو مارك يبدو لي مما سمعته جذاباً، هل آلمك كثيراً ما حدث؟"
فهزت ساشا رأسها بالإيجاب وهي تقول:
" نعم، فإنني أتألم كثيراً يا جانيت، ولكنني سأتغلب على هذه الآلام، تغلبت من قبل على آلام فراق نيجيل أليس كذلك؟"
فهزت جانيت رأسها مصادقة على كلامها ثم قالت في تردد:
" سأذهب إلى حفل مساء الأربعاء المقبل.... "
وهمت ساشا بمقاطعتها ولكنها استطردت تقول:
" لا ... انتظري... أعرف أنك لا تريدين الذهاب معي وأنك لن تتمتعي بوقتك ولكن يجب أن تحاولي، وبالتدريج ستتغلبين على آلامك لن تخسري شيئاً، وبالمناسبة انتهت علاقتي بروبرت في الأسبوع الماضي".
" أوه يا جانيت كم أنا آسفة لذلك، لماذا لم تخبريني من قبل وتركتني أستطرد في الحديث عن متاعبي".
فضحكت جانيت وهي تقول:
" الأمر لا يهم... صدقيني يا ساشا، أصبح مسيطراً إلى درجة كبيرة في الفترة الأخيرة وما عدت أطيقه..." وفجأة التفتت إليه في أحد الأيام وقلت له" لا أتخيل أنه يمكنني أن أرى وجهك صباح كل يوم على مائدة الإفطار طول حياتي".
ثم أضافت وهي تهز كتفيها:
" ولذلك أنهينا قصة حبنا في هدوء وبدون غضب، وربما يحضر إلى الحفل الليلة".
" ولكنك كنت على وشك إعلان خطبتك إليه في عيد ميلادك؟"
" على أي حال، كان من حسن حظي أنني اكتشفت عدم رغبتي في الزواج منه قبل فوات الأوان، والآن ما رأيك في حضور إلى الحفل؟"
" حسناً، سأحضر وشكراً لك، وإذا كان يمكنك التغلب على مشكلتك في الحب فمن الطبيعي أنه يمكنني ذلك أيضاً".
وافترقتا وتوجهت ساشا إلى المنزل وهي تشعر بأنها أحسن حالاً منذ تمتعت بوقتها في الخارج وها هي قد اتفقت مع جانيت على الذهاب معها إلى الحفل في المساء. وفكرت في أنها لو حاولت شغل وقتها بهذه الطريقة سيمكنها التغلب على آلامها لفراق مارك وربما يصبح كل ما حدث لها معه مجرد ذكرى باهتة بمرور بضعة أيام أخرى.

Rehana 02-01-21 09:13 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وجاهدت ساشا نفسها كثيراً حتى لا تتراجع عن الذهاب إلى الحفل كما وعدت صديقتها ومساء الأربعاء استعدت للذهاب بالفعل وارتدت ثوباً جميلاً أظهر جمالها. وكان الحفل يقام في منزل إحدى صديقات جانيت على بعد بضعة أميال من منزلها، وكانت جانيت قد اتفقت مع ساشا أن تمر بها في منزلها لاصطحابها، لأنها لم تكن تعرف الطريق، وأصر والد ساشا على ألا تذهب بسيارتها وأن تذهب في سيارة تاكسي لئلا تقود سيارتها في طريق العودة وهي مجهدة، وقد وافقته ساشا على ذلك لأنه نادراً ما كان يتدخل في شؤونها ولأنها وجدت كلامه صحيح.
وغادرت الفتاتان المنزل في الثامنة مساء وعندما وصلتا إلى مكان الحفل شعرت ساشا بادئ الأمر بالحرج والخجل وهي تدلف إلى الحجرة التي ازدحمت عن آخرها بالضيوف من الجنسين يرقصون على أنغام تنبعث من أحد مسجلات الصوت في ركن الغرفة الواسعة.
وجاهدت ساشا لتبدو طبيعية، وأخذت تتلفت حولها فوجدت الجميع يمرحون ويضحكون فشعرت بالحزن، لكنها صممت على أن تتغلب على مشاعرها ومحاولة الاستمتاع بوقتها بقدر الإمكان.
ولم يكن ذلك صعباً بالنسبة لساشا فقد كانت جذابة يتهافت الشباب للتعرف إليها، وسرعان ما تقدم شابان حيث كانت تجلس قرب جانيت وتقدم أحدهما وانحنى أمامها وهو يقدم نفسه قائلاً:
" أدعى بول وأنت ساشا أليس كذلك؟ ولقد حجزت الرقصة التالية".
وكان الزحام قد خف في الغرفة قليلاً إذ توجه الكثير من الموجودين إلى الغرفة المجاورة لتناول الطعام، أما ساشا فبقيت في مكانها ولم تكن تشعر بالجوع. ونظرت إلى الشاب الممشوق القوام الذي وقف أمامها وابتسمت وهي تقول:
" أحقاً ما تقول... ولكن هل يحجزون الرقصات هنا مقدماً؟"
وتركها الشاب وتوجه إلى حيث مسجل الصوت ووضع اسطوانة من فرانك سيناترا... وكان يتحرك بحرية تامة كأنه يمتلك المكان وخامر ساشا الظن أنه ربما كان حقاً يمتلكه فهي لم تكن تعرف أصحاب الحفل.
وانطلق صوت الموسيقى هادئاً وسرعان ما شعرت ساشا بنوع من الاسترخاء وتملكها شعور بأنه سيكون من السهل عليها الاستمتاع بوقتها إذا كفت عن التفكير فيما مضى.
وانتبهت ساشا إلى بول يقف بجانبها وكانت الغرفة خالية بعدما ذهب الجميع لتناول الشراب والطعام... وجدت نفسها تجلس وحيدة مع هذا الشاب... كان يبدو في الخامسة والعشرين من عمره واثقاً من نفسه تماماً ونظرت إليه فلاحظت أنه جذاب إلى درجة كبيرة... وصحبها إلى الشرفة ثم اتجها إلى أحد الممرات المظلمة وفجأة ودون أن تدري ماذا حدث احتضنها بدون أن يترك لها فرصة للاعتراض.
وانتهزت ساشا فرصة توقفه قليلاً لالتقاط أنفاسه وقالت وهي تحاول التخلص منه:
" لحظة أرجوك... أياً كان اسمك إنني لا ... "
ولكن الشاب قاطعها قائلاً:
" إن اسمي بول جامسون... وقدمت إليك نفسي من قبل في الداخل".
ثم أردف ضاحكاً:
" لا تقولي أنك نسيت اسمي".
فقالت ساشا:
" حسناً يا بول إنني لم ...".
ولكنه لم يتح لها الفرصة لتتم حديثها فقد قاطعها من جديد قائلاً:
" لا تقولي شيئاً... إنني أشعر بضعف أمام النساء الجميلات وأنت جذابة جداً وقد تجاهلتني طوال المساء".

Rehana 02-01-21 09:14 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ثم أحاط خصرها بذراعه فضحكت ساشا رغماً عنها وهي تقول :
" ولكنني لم أرك في حياتي من قبل".
فقال بول وقد رآها تنفجر بالضحك:
" هذا أفضل... والآن تعالي ندخل ونتناول بعض الطعام لأنني أكاد أموت جوعاً".
وبعد ساعتين بدأ الزحام يخف في الغرفة وبدأ الجميع بالانصراف وكانت ساشا تجلس مع بول يتجاذبان الحديث فلم تشعر بمرور الوقت فقد كان بول متحدثاً لبقاً للغاية واستمتعت ساشا بصحبته لكنها كانت تشعر أنه بالنسبة إليها مجرد شاب جذاب يمكنها أن تمضي معه بعض الوقت لأنه لم يثر في نفسها أي مشاعر أو عاطفة.
وألقى بول نظرة سريعة إلى ساعة يده وسألها:
" هل يمكنني أن أوصلك إلى المنزل؟"
وأخذت ساشا تجول بعينيها في أنحاء المكان تبحث عن جانيت التي كانت تقف في أحد أركان الغرفة وقد انشغلت تماماً عن كل ما حولها بحديث هامس مع أحد الشبان.
وأجابت ساشا:
" حسناً ... ولكنني حضرت مع جانيت ويجب أن أستأذنها".
فنظر بول إلى حيث كانت تقف جانيت وقال ضاحكاً:
" ولكن يبدو أن جانيت وجدت من يعتني بها ولن تكون في حاجة إلى صحبتك... في أي حال يمكنك الاستئذان منها".
وتوجهت ساشا إلى جانيت لتسألها إذا كانت ترغب في العودة معها.
وبدا واضحاً لها أنها لا ترغب في ذلك، فعادت ساشا إلى حيث يقف بول مبتسماً في انتظارها وقالت:
" كنت على حق... وجدت جانيت من يعتني بها فعلاً... ولكن اسمع... إنني أريد أن أوضح لك بعض الأمور منذ البداية إنني ... ".
فأسرع بول بمقاطعتها وهو يقول:
" أعرف تماماً ما تريدين قوله ولست في حاجة لأن تقولي لي ذلك ... ".
" أقول ماذا؟ "
" يجب أن أتصرف معك بأدب تام... وألا أقود السيارة بسرعة وأن أضع يدي على عجلة القيادة وألا ... وألا أدعي نفاد الوقود في إحدى المناطق المعزولة".
فضحكت ساشا وهي تقول:
" هذا كل ما أردت قوله بالفعل ... في أي حال إذا كنت تشعر بأنك لن ...".
ولكن بول قاطعها من جديد وهو يقول:
" كفى ... تعالي الآن فلنذهب وأعدك بأنني سأكون عند حسن ظنك... ".
والتزم بول بوعده لها طوال الطريق وبعد حوالي عشرين دقيقة وصلا إلى المنزل وأوقف بول السيارة والتفت إليها قائلاً:
" حسناً... ها قد وصلنا... متى يمكنني أن أراك مرة أخرى؟"
فردت ساشا قائلة:
" لن تراني مرة أخرى، أعني ... حسناً، تمتعت بصحبتك هذا المساء إلى درجة كبيرة ولكنني لا أرى داعياً...".
فقاطعها بول قائلاً:
" آه ، هل هناك قصة حب أخرى... ومن هو الشخص الآخر حتى أحطم أنفه".
فابتسمت ساشا رغماً عنها وهي ترد قائلة:
"شيء من هذا القبيل".

Rehana 02-01-21 09:14 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فقال بول:
" حسناً.. ما دمنا قد تحدثنا بصراحة فأرجو أن توافقي على لقاء رجل يمر بظروف مشابهة إذا كنت تفهمين ما أعني".
" تعني أنت؟"
فأجاب بول وقد شاب صوته شيء من الحزن:
" نعم أنا، فخلف هذا المظهر المرح يختفي قلب يتألم... والآن سأكون أميناً معك ... ما رأيك في أن نمضي في علاقتنا معاً على أساس من الحب الأفلاطوني؟"
فنظرت إليه ساشا وبعد تردد ابتسمت وهي تقول:
" حسناً... يبدو لي هذا الحل معقولاً".
" حسناً... فلنتصافح ... أو ربما سمحت لي بقبلة أفلاطونية!".
فضحكت ساشا وهي تقول:
" حسناً إذا كنت تريد ذلك حقاً ".
وقبّلها بول على وجنتها ومضى، ووقفت ساشا تراقبه يبتعد في السيارة بعدما اتفقا على اللقاء بعد يومين لتناول العشاء معاً.
وعندما دخلت ساشا إلى غرفتها هذه الليلة واستلقت في فراشها ... استغرقت في نوم عميق لأول مرة منذ ما يزيد على أسبوع منذ فراقها لمارك.
وعندما حلّ مساء يوم الجمعة موعد لقائها مع بول استعدت ساشا للقائه وقد وضعت ثوباً بسيطاً أزرق اللون فبدت جذابة للغاية... وصحبها بول إلى أحد المحلات العامة على الطريق وكان يبعد عن منزلها حوالي سبعة أميال... وكان المكان جميلاً شاعرياً. وجدت ساشا نفسها ولدهشتها الشديدة تستمتع بقضائها الوقت مع بوب وتتوقف عن التفكير في مارك لمدة نصف ساعة كاملة.
وبينما جلسا يتناولان طعام العشاء على ضوء الشموع أخذ بول يقص عليها قصته ... كان الحزن يبدو واضحاً على وجهه وكان يبدو في حاجة إلى من يستمع إليه ويسرّي عنه فجلست ساشا تستمع إليه في اهتمام شديد.
وقال بول أنه كان يحب فتاة اسمها آن، واستمرت علاقتهما لما يزيد على عام ثم حدث بينهما خلاف منذ بضعة أسابيع حول مسألة يعتبرها هو مهمة جداً بالنسبة إليه... كان بول معتداً بنفسه ولهذا رفض قبول عرض والدها وهو رجل أعمال غني للعمل معه على أن يضاعف له الأجر الذي يتقاضاه في عمله الحالي ولم تفهم أن سرّ رفضه لهذا العرض أن بول كان يفضل الاستقلال في عمله وأصرّ على الرفض وتطوّر الخلاف بينهما ليصل إلى نقطة الانفجار وافترقا... وتوقف بول قليلاً بعدما انتهى من سرد قصته ثم قال وهو ينفض دخان سيكارته ببطء "إن آن لم تستطع أن تفهم موقفي، كانت تعتقد أنني يجب أن أكون سعيداً بالعمل مع والدها وخاصة أن العرض مغري... ولكنني أريد أن أشق طريقي في الحياة وحدي كما أشاء بدون أن أعتمد على أحد... ولو أنها كانت تحبني حقيقة لأدركت ذلك ولعرفت أنني لا أقبل أن أكون تابعاً لأي شخص أياً كان."
وسألته ساشا:
" ألم تحاول لقاءها مرة أخرى لمناقشة المسألة؟"
فنظر إليها وقد بدت في عينيه نظرة كبرياء وهو يقول:
" لا ، لن أذهب إليها زاحفاً على ركبتي، وهي أيضاً أكثر مني عناداً ولهذا ... "
ثم هز كتفيه في يأس.

Rehana 02-01-21 09:15 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وتنهدت ساشا وودت لو أنها قصت عليه قصتها مع مارك ولكنها لم تكن تقوى على ذلك... ومدّ بول يده فأمسك بيدها عبر المائدة وهو يقول وقد استعاد مرحه:
" تعالي الآن لنرقص ونمرح فلم نحضر إلى هذا المكان الجميل لأقص عليك هذه الأشياء المحزنة... هذا بالإضافة إلى أنني ... أراك جذابة جداً ولولا هذا الاتفاق الأفلاطوني بيننا...".
فابتسمت ساشا وقد شعرت أنه عاد إلى طبيعته من جديد وتمنت لو أتيحت لها الفرصة لمساعدته في العودة إلى حبيبته.
وفي اليوم التالي دعاها بول للذهاب معه إلى حفل يقيمه أحد أصدقائه ورحبت ساشا بذلك لأنها كانت قد صممت أن تشغل وقتها بأي وسيلة حتى لا تفكر في مارك وبعد حوالي نصف ساعة من وصولها إلى مكان الحفل بدأ بول متوتراً للغاية وكان يبدو عصبياً وهو يختلس النظرات إلى إحدى الزوايا... ونظرت ساشا إلى حيث تتجه نظراته فرأت فتاة شقراء ممشوقة القد جميلة تقف مع أحد الشبان وهي تختلس النظرات إليهما وقد بدا الألم والغيظ على وجهها.
فنظرت ساشا إلى بول متسائلة:
" هل آن موجودة في هذا الحفل؟"
فأجاب بول في حزن:
" نعم... ولكنني أقسم لك أنني لم أكن أعرف أنها ستحضر وإلا ما حضرت".
ثم قال في عصبية وهو يحاول الانصراف:
" لا يمكنني البقاء في هذا المكان أكثر من ذلك...".
ولكن ساشا أمسكت بذراعه وردت في هدوء:
"بل ستبقى ولن أدعك تنصرف".
ونظرت ساشا إلى وجه الفتاة وأدركت على الفور أنها تحب بول وأنها تشعر بالغيرة لوجوده معها وشعرت ساشا أنه لو كانت النظرات تقتل لأصبحت الآن صريعة نظرات الغيرة التي كانت توجهها إليها.
وبدا وكأن الفتاة تريد الانصراف بدورها،لكن الشاب الذي يقف معها أمسك بذراعها ليمنعها من ذلك. وشعرت ساشا بالألم وهي ترقص مع بول إذ كانت أن تراقبهما ووجهها ينطق بالألم وكانت ساشا تدرك حقيقة شعورها وتعرف مدى ما تعانيه، ولكنها شعرت أن آن سعيدة الحظ ويمكنها بمجهود بسيط العودة إلى بول في هذه اللحظة وخطرت في ذهن ساشا فكرة صممت على تنفيذها متى أتيحت لها الفرصة لإعادة المياه إلى مجاريها بين بول وآن إذ كانت تود مساعدة بول الذي ساعدها ، بدون أن يشعر، على التغلب على آلامها في الأيام الأولى التي أعقبت فراقها لمارك.
وأخيراً سنحت لساشا هذه الفرصة حين شاهدت آن تتجه إلى الطابق العلوي فأسرعت بالاعتذار من بول بأنها تريد أن تصلح زينتها وتبعت آن إلى الطابق العلوي ورأت آن تتجه إلى إحدى الغرف حيث توجد المعاطف فتبعتها وبعدما دخلت أقفلت الباب وراءها فالتفتت آن إليها في دهشة وما أن عرفتها حتى اندفعت الدماء إلى وجهها فبادرتها ساشا قائلة:
" إنك لا تعرفينني... ولكنني أؤكد لك أن هناك شخصاً يحبك إلى درجة الجنون وهو موجود في الطابق الأرضي ويدعى بول".
وانتفضت آن واقفة وهي تقول :
" أعتقد أنني لا ...".

Rehana 02-01-21 09:15 PM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
ولكن ساشا لم تدعها تكمل حديثها فقد قاطعتها قائلة:
" استمعي إلي جيداً لأنني أريد مساعدتك وأنا أقدّر شعورك لأنني أيضاً أحب مثلك، ولكن الشخص الذي أحبه لا يبادلني شعوري... التقيت بول خلال حفل أقامته إحدى الصديقات في الأسبوع الفائت وخرجنا بضع مرات معاً لأننا بحاجة إلى المواساة، لكنني لا أحب بوب وهو أيضاً لا يحبني، أنا معجبة به فقط فهو شخص لطيف، ولكنني شعرت بأنه غير سعيد وأود مساعدته، لأنني ... أعرف شعوره وأدرك مدى الألم الذي يعانيه".
واضطربت ساشا وقد تراءى لها في هذه اللحظة وجه مارك فقالت في صوت مضطرب:
" آسفة... ولكنني أريد أن أقدم مساعدتي فقط".
فجلست آن إلى جوارها وهي تقول:
" أنا آسفة أيضاً... إنني ... إنني أصدقك ... ما اسمك؟"
" ساشا دونيللي...".
" وأنا آن كارلين...".
ثم سألتها آن في هدوء:
" ولكن ما الذي يمكنني عمله؟"
فسألتها ساشا:
" هل تحبينه؟"
فهزت آن رأسها بالإيجاب وهي تقول:
" أشعر بالتعاسة منذ فراقه... ولكن عندما شاهدتكما الليلة معاً... ".
فقاطعتها ساشا قائلة:
" هيا ننزل إلى الطابق الأرضي الآن".
" ولكن ما الذي تنوين عمله؟"
" تعالي وسترين بنفسك، ألا تثقين بي يا آن؟"
فردت آن بالإيجاب وصحبتها ساشا إلى الطابق الأرضي واتجهتا إلى حيث يقف بول الذي نظر إليهما في ذهول وهما تقتربان منه وقد وضعت ساشا ذراعها في ذراع آن ...
وتقدمت منه ساشا وهي تقول لآن:
" أحب أن أقدم إليك بول جامسون".
ثم أضافت:
" بول هذه آن كارلين التي تود أن تنضم إلينا".
وأدركت ساشا في هذه اللحظة أن محاولتها نجحت فقد بدا ذلك واضحاً في البريق الذي لمع في عيني آن وهي تنظر إلى بول وفي الدفء والحنان الذي بدا في عيني بول وهو ينظر إليها.
ثم التفتت إليهما ساشا قائلة:
" أشعر بصداع مفاجئ ... سأذهب لأستدعي سيارة تاكسي للعودة إلى المنزل".
فقال بول:
" لا... لن تذهبي وحدك".
ثم التفت إلى آن يسألها :
" هل لديك مانع في أن نوصل ساشا إلى منزلها... خاصة أن الجو هنا حار للغاية؟".
فوافقته آن على ذلك وهي تنظر إليه مبتسمة.
وعندما وصلوا إلى المنزل دعتهما ساشا لتناول قدح من القهوة معها وكانت الساعة قاربت الثانية عشرة وكان نور المنزل مضاء برغم أن والدها لم يكن معتاداً على السهر.
ولكن آن وبول تبادلا النظرات ثم ابتسما وقال بول:
" شكراً يا ساشا، ليس الليلة فلدينا ما نريد مناقشته والوقت الآن متأخر: في أي حال شكراً على كل شيء".
" شكراً لك أنت فقد كنت عوناً لي عندما كنت في حاجة لمن يقف بجانبي".
ونزل بول من السيارة وهمس لساشا وهو يفتح لها باب السيارة الخلفي لتهبط:
" سنبعث لك بدعوة لحضور حفل زفافنا".
ووقفت ساشا تلوح لهما وهما يبتعدان بالسيارة ثم اتجهت إلى باب المنزل تفتحه وهي تعجب كيف أن والدها ما زال مستيقظاً حتى هذه الساعة... وعندما فتحت الباب كان أول ما ترامى إلى أذنها أصوات رجال يتحدثون ثم اندفع كلبها بوب لتحيتها ثم سمعت صوت والدها يقول:
" ها هي وصلت مبكرة... لم أكن أتوقع حضورها الآن".
واتجهت ساشا في بطء إلى باب المطبخ وفي داخلها شعور بأنها سترى مارك، وعندما وقفت بباب المطبخ رأت شخصاً يقف أمام الموقد وظهره لها وعندما استدار رأت وجهه كان مارك ...

نهاية الفصل

Rehana 03-01-21 10:11 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
7- شكراً للعمة

استندت ساشا إلى الباب لتمنع نفسها من السقوط ثم سمعت صوت مارك يقول لها :
" أهلاً ساشا".
فردت وهي ما زالت مكانها:
" أهلاً ...".
كان مارك ووالدها يعدان القهوة وكان مارك يبدو أنيقاً وهو يرتدي حلة زرقاء اللون وقميصاً أبيض وربطة عنق مناسبة، وبدا لها مختلفاً تماماً وأخذت تنظر إليه وقد اندفعت الدماء إلى وجهها وسمعت والدها يقول:
" اسمحا لي بالانصراف للحظة... يجب أن... ".
ولم تكن ساشا تستمع إليه ... وتنبهت أخيراً إلى أنها تقف مع مارك بمفردها في المطبخ وقد ذهب والدها وتبعه الكلب بوب.
وأخيراً تحدثت ساشا فسألته في تلعثم وهي تحاول جاهدة التماسك :
" كيف ... كيف حضرت إلى هنا؟"
" أخذت الطائرة إلى لندن ثم أخذت قطاراً لأصل إلى هنا... ذهبت أمس لزيارة العمة ماري حيث قضيت معظم اليوم معها وبعد أن تركتها توجهت إلى مطار نيس لأحجز تذكرة على الطائرة ولكنني لم أجد مكاناً خالياً سوى اليوم".

Rehana 03-01-21 10:12 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وتقدم مارك من ساشا لكنها تراجعت إلى الوراء وهي تقول:
" أرجوك لا تقترب مني أكثر من ذلك".
كانت تشعر أنها على وشك الإغماء وكانت تخشى أن يقترب منها أو يلمسها لأنها شعرت في هذه اللحظة أنها لا تستطيع أن تقاومه أكثر من ذلك وأنها تود لو ترتمي بين أحضانه... ولكن يجب عليها التماسك حتى لا يلاحظ ذلك. فقال مارك:
" إذا كنت تعتقدين أنني حضرت كل هذه المسافة لتطرديني من جديد فأنت مخطئة... لماذا لم تخبريني في منزل السيدة كاسيل بالسبب الذي من أجله طلبت مني عدم رؤيتك مرة أخرى؟"
فتنفست ساشا بعمق ثم قالت :
" من المؤكد أنك تعرف السبب... هل من الضروري أن أقول لك السبب بنفسي؟ حسناً، إنني لا أصادق الرجال المتزوجين".
" ولكنني لست متزوجاً يا ساشا".
فهزت ساشا رأسها ولوت شفتيها باحتقار وهي تقول:
" إنني أعرف أن الكذب شيء سهل بالنسبة إليك... إنه جزء من عملك أليس كذلك؟ ولكن أن تنكر أن لك زوجة وأطفال...".
فقاطعها مارك قائلاً:
" إنها ليست زوجتي ... إنها شقيقتي وأنا لست والد الأطفال ولكنني خالهم، أقسم لك على ذلك، لست متزوجاً ولم أتزوج في حياتي وليس لي أطفال".
وشعرت ساشا بدوار وأنها على وشك السقوط فقالت:
" إنني ... إنني لا ..".
ولكنها لم تستطع أن تكمل حديثها فمدت يدها فأسرع مارك إليها يقف بجانبها ووضع ذراعه حول خصرها، ولم تحاول أن تبتعد عنه أو تقاومه بل ارتمت بين أحضانه وغابت في عناق طويل.
وأخيراً التقط مارك أنفاسه ونظر إليها في حب وحنان وهو يقول:
" ساشا يا عزيزتي".
قال مارك ذلك باللغة الروسية ثم أضاف بالانجليزية:
" ألا تعرفين أنني أحبك أكثر من أي شيء في الحياة... لقد تحملت من العذاب ما لم يتحمله شخص آخر منذ ذلك اليوم الفظيع عندما قلت أنك لا تريدين رؤيتي مرة أخرى".
كانت ساشا تقف مستندة إلى خزانة المطبخ وكان مارك يقف ملاصقاً لها وقد أحاطها بذراعيه فمنعها من الحركة، لكنها لم تكن تريد أن تتحرك أو تتركه، كانت تتمنى لو تظل هكذا بين ذراعيه للأبد.
وهمست ساشا قائلة :
" أنا أحبك أيضاً... ولم تكن الشخص الوحيد الذي تألم فقد تألمت كثيراً، لفراقك... ولكن كيف... ولماذا قال واين كذلك".
" واين لم يكذب بل أخبرك بما سمعه واعتقد أنه الحقيقة ... لو أنني عرفت ذلك قبل أن يغادر المنزل... شعرت بأنك تغيرت بعد عودتك معه من الخارج ولم أعرف السبب في ذلك... وعندما أخبرتني في صباح اليوم التالي أنك لا تريدين رؤيتي مرة اخرى... منعني كبريائي من محاولة معرفة السبب لأنني لم أتعود التذلل لأي إنسان مهما كان".
ورفع مارك رأسه بكبرياء وهو يقول ذلك ثم ابتسم فرفعت ساشا يدها وأخذت تتحسس وجهه في حنان وحب فانحنى مارك يمسح جبهتها وهو يقول :
" لا تفعلي ذلك يا ساشا...أنت لا تعرفين تأثير ذلك عليّ".

Rehana 03-01-21 10:12 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
فضحكت ساشا وفاض وجهها بالسعادة فأضاف مارك:
" عندما هربت مع أختي آنا منذ عدة سنوات كان علينا التظاهر بأننا زوجان... ربما كان ذلك هو السبب في أن واين قال لك أنني متزوج، لأنه لابد أنه سمع بذلك من أي شخص ولم تتح له الفرصة لمعرفة الحقيقة... وبعد هروبنا تزوجت آنا من ضابط بحري فرنسي وافتتحنا معاً أحد المطاعم ... أما الآن فقد استقال زوجها من وظيفته وأفكر في أن أبيع له حصتي في المطعم... ولقد رزقت شقيقتي من زوجها بطفلين".
ثم ضحك مارك وهو يضيف:
" ونسيت أن أقول لك أيضاً أن عندها قطة تدعى مينو تصطاد الفئران، وأنا الآن رجل عجوز في الثالثة والثلاثين من عمري... وأكثر شيء أحبه هو الطهي ... ولكن ليس مثل حبي لك".
وأخيراً تركها مارك فقامت بإعداد قدحين من القهوة وجلسا معاً إلى المائدة يتناولانها وهو يمسك بيدها وكأنه يخشى أن تبتعد عنه مرة أخرى.
ثم سألته ساشا:
" ولكن لماذا ذهبت لزيارة العمة ماري؟".
" لأنني وعدتها بذلك... وكنت على وشك العودة إلى بلدتي".
ثم ربت بلطف على يدها وهو يضيف:
" لولا العمة ماري لما حضرت إلى هنا، فقد أبلغتني بأنك تحبيني".
وبدت الدهشة على وجه ساشا فضحك مارك وهو يقول:
" نعم... قالت لي ذلك... إنها سيدة حكيمة للغاية... ثم أبلغتني بأنك رفضت مقابلتي مرة أخرى لأنني متزوج... ".
وتوقف مارك قليلاً ليأخذ رشفة من قدحه ونظرت ساشا إليه ... لقد لازمها وجهه ولم يفارقها لحظة واحدة منذ لقائهما العاصف في فرنسا ثم أضاف مارك:
" شرحت لها الأمر وأوضحت أنني لم أتزوج من قبل ثم تركتها لأتوجه إليك في منزل السيدة كاسيل، لكنها أبلغتني بأنك عدت إلى انكلترا".
وأغمض مارك عينيه ورفع يدها إلى فمه يقبّلها في حنان ثم قال:
" لا تستطيعين أن تتخيلي شعوري في ذلك الوقت، حدثتني العمة ماري بكل شيء عنك ولكنني لم أكن في حاجة إلى ذلك، كنت أشعر أنني أعرفك جيداً... بل أشعر أنني عرفتك طوال حياتي، ولقد كرهت نفسي عندما كنا في المنزل وكنت أعاملك بقسوة إنني لم أتعوّد أن أعامل أي فتاة بقسوة... كنت فظيعاً معك ... إنني أعرف ذلك... هل يمكنك أن تسامحيني يا ساشا؟"
فردت ساشا في بساطة:
" ليس هناك ما يمكن أن أسامحك عنه، ليس هناك شيء على الإطلاق، ربما كان ما حدث بيننا من فراق فيه خير لنا، فقد شعرت بأنني لا يمكن أن أحيا بدونك...".
فسألها مارك:
" متى يمكننا الزواج؟ هل نتزوج غداً؟"
فضحكت ساشا وهي تقول:
" أوه... يا مارك غداً! كم أتمنى ذلك!"
ولم تدر ساشا إلا وهي تندفع لتحتضن مارك!
وبعد شهر عقد قران ساشا ومارك... وكان احتفالاً بسيطاً حضره الأقارب والأصدقاء المقربون وكانت جانيت وصيفة العروس، كما حضر الاحتفال بول زوج شقيقة مارك الذي جاء إلى انجلترا خصيصاً لهذا الغرض.

Rehana 03-01-21 10:13 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وعندما خرجا من الكنيسة رأت ساشا آن تقف مع بول وابتسمت ساشا لأنها لم تكن تدري ما إذا كانت ستراهما مرة أخرى ولكن ها هي تراهما يوم زواجها من مارك ونظرت ساشا إلى يد آن فرأت خاتماً من الماس يلمع في إصبعها.
كان هناك شخص واحد لم يحضر حفل زواجهما وكم كان ذلك يحز في نفسيهما... إنها العمة ماري التي لم تتمكن من السفر والحضور إلى انجلترا.
ولكن ساشا ومارك سافرا إلى باريس بعدئذ لمدة واستأجرا سيارة وتوجها إلى الجنوب وتوقفا في الطريق بالمطعم الذي تديره شقيقة مارك حيث أمضيا وقتاً ممتعاّ مع عائلتها.
وبعد ذلك توجهت ساشا ومارك إلى كان حيث قضيا ليلتهما في أحد الفنادق. واستلقت ساشا في سريرها تنظر إلى الرجل الراقد بجوارها وقد انعكس ضوء القمر على وجهه فهُيء لها أنها ما زالت في منزل السيدة كاسيل فمدت يدها تتحسس مارك لتتأكد أنه ينام إلى جوارها فعلاً وأنها لا تحلم فتحرك في نومه وهو يقول بالروسية:
" ساشا يا عزيزتي!"
فابتسمت ساشا وهي تعتقد أنه يحاول أن يلقنها الروسية، وفي الصباح جلسا يتناولان الإفطار في الشرفة الملحقة بغرفتهما فسألها وهو يمد لها يده بإحدى الفطائر:
" هل تعتقدين أنها ستفاجأ بزيارتنا؟"
" نعم أعتقد ذلك ... ولولا حضورنا لزيارتها لما كنا نجلس الآن معاً في هذا المكان الجميل... حقاً إننا ندين للعمة ماري بالكثير".
وبعد الإفطار استقلا السيارة وتوجها إلى منزل العمة ماري وكانت تجلس في الشرفة كأنها في انتظارهما. وما أن رأتهما حتى أخذت تلوّح لهما بيدها وأخذت تناديهما وانحدرت الدموع على وجنتيها وصاحت تقول:
" هيا إليّ... اصعدا ... كم أنا سعيدة بحضوركما!"
ولكن كان على العمة ماري الانتظار قليلاً لأن المصعد كان معطلاً وكان عليهما الصعود على السلم... وقد انتهز مارك هذه الفرصة ليقبّل ساشا عند كل منحنى قبل أن يصلا إلى شقة العمة ماري التي تحركت ببطء صوب الباب لتحيتهما وهي تقول:
" لا أعرف ما الذي عطّلكما ولكنني أشعر أنكما استغرقتما وقتاً طويلاً جداً في صعود السلم..."
قالت العمة ماري ذلك وهي تغمز وتقودهما إلى الداخل.
استندت ساشا إلى الباب لتمنع نفسها من السقوط ثم سمعت صوت مارك يقول لها :
" أهلاً ساشا".
فردت وهي ما زالت مكانها:
" أهلاً ...".
كان مارك ووالدها يعدان القهوة وكان مارك يبدو أنيقاً وهو يرتدي حلة زرقاء اللون وقميصاً أبيض وربطة عنق مناسبة، وبدا لها مختلفاً تماماً وأخذت تنظر إليه وقد اندفعت الدماء إلى وجهها وسمعت والدها يقول:
" اسمحا لي بالانصراف للحظة... يجب أن... ".
ولم تكن ساشا تستمع إليه ... وتنبهت أخيراً إلى أنها تقف مع مارك بمفردها في المطبخ وقد ذهب والدها وتبعه الكلب بوب.
وأخيراً تحدثت ساشا فسألته في تلعثم وهي تحاول جاهدة التماسك :
" كيف ... كيف حضرت إلى هنا؟"
" أخذت الطائرة إلى لندن ثم أخذت قطاراً لأصل إلى هنا... ذهبت أمس لزيارة العمة ماري حيث قضيت معظم اليوم معها وبعد أن تركتها توجهت إلى مطار نيس لأحجز تذكرة على الطائرة ولكنني لم أجد مكاناً خالياً سوى اليوم".
وتقدم مارك من ساشا لكنها تراجعت إلى الوراء وهي تقول:
" أرجوك لا تقترب مني أكثر من ذلك".

Rehana 03-01-21 10:19 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
كانت تشعر أنها على وشك الإغماء وكانت تخشى أن يقترب منها أو يلمسها لأنها شعرت في هذه اللحظة أنها لا تستطيع أن تقاومه أكثر من ذلك وأنها تود لو ترتمي بين أحضانه... ولكن يجب عليها التماسك حتى لا يلاحظ ذلك. فقال مارك:
" إذا كنت تعتقدين أنني حضرت كل هذه المسافة لتطرديني من جديد فأنت مخطئة... لماذا لم تخبريني في منزل السيدة كاسيل بالسبب الذي من أجله طلبت مني عدم رؤيتك مرة أخرى؟"
فتنفست ساشا بعمق ثم قالت :
" من المؤكد أنك تعرف السبب... هل من الضروري أن أقول لك السبب بنفسي؟ حسناً، إنني لا أصادق الرجال المتزوجين".
" ولكنني لست متزوجاً يا ساشا".
فهزت ساشا رأسها ولوت شفتيها باحتقار وهي تقول:
" إنني أعرف أن الكذب شيء سهل بالنسبة إليك... إنه جزء من عملك أليس كذلك؟ ولكن أن تنكر أن لك زوجة وأطفال...".
فقاطعها مارك قائلاً:
" إنها ليست زوجتي ... إنها شقيقتي وأنا لست والد الأطفال ولكنني خالهم، أقسم لك على ذلك، لست متزوجاً ولم أتزوج في حياتي وليس لي أطفال".
وشعرت ساشا بدوار وأنها على وشك السقوط فقالت:
" إنني ... إنني لا ..".
ولكنها لم تستطع أن تكمل حديثها فمدت يدها فأسرع مارك إليها يقف بجانبها ووضع ذراعه حول خصرها، ولم تحاول أن تبتعد عنه أو تقاومه بل ارتمت بين أحضانه وغابت في عناق طويل.
وأخيراً التقط مارك أنفاسه ونظر إليها في حب وحنان وهو يقول:
" ساشا يا عزيزتي".
قال مارك ذلك باللغة الروسية ثم أضاف بالانجليزية:
" ألا تعرفين أنني أحبك أكثر من أي شيء في الحياة... لقد تحملت من العذاب ما لم يتحمله شخص آخر منذ ذلك اليوم الفظيع عندما قلت أنك لا تريدين رؤيتي مرة أخرى".
كانت ساشا تقف مستندة إلى خزانة المطبخ وكان مارك يقف ملاصقاً لها وقد أحاطها بذراعيه فمنعها من الحركة، لكنها لم تكن تريد أن تتحرك أو تتركه، كانت تتمنى لو تظل هكذا بين ذراعيه للأبد.
وهمست ساشا قائلة :
" أنا أحبك أيضاً... ولم تكن الشخص الوحيد الذي تألم فقد تألمت كثيراً، لفراقك... ولكن كيف... ولماذا قال واين كذلك".
" واين لم يكذب بل أخبرك بما سمعه واعتقد أنه الحقيقة ... لو أنني عرفت ذلك قبل أن يغادر المنزل... شعرت بأنك تغيرت بعد عودتك معه من الخارج ولم أعرف السبب في ذلك... وعندما أخبرتني في صباح اليوم التالي أنك لا تريدين رؤيتي مرة اخرى... منعني كبريائي من محاولة معرفة السبب لأنني لم أتعود التذلل لأي إنسان مهما كان".
ورفع مارك رأسه بكبرياء وهو يقول ذلك ثم ابتسم فرفعت ساشا يدها وأخذت تتحسس وجهه في حنان وحب فانحنى مارك يمسح جبهتها وهو يقول :
" لا تفعلي ذلك يا ساشا...أنت لا تعرفين تأثير ذلك عليّ".
فضحكت ساشا وفاض وجهها بالسعادة فأضاف مارك:
" عندما هربت مع أختي آنا منذ عدة سنوات كان علينا التظاهر بأننا زوجان... ربما كان ذلك هو السبب في أن واين قال لك أنني متزوج، لأنه لا بد أنه سمع بذلك من أي شخص ولك تتح له الفرصة لمعرفة الحقيقة... وبعد هروبنا تزوجت آنا من ضابط بحري فرنسي وافتتحنا معاً أحد المطاعم ... أما الآن فقد استقال زوجها من وظيفته وأفكر في أن أبيع له حصتي في المطعم... ولقد رزقت شقيقتي من زوجها بطفلين".
ثم ضحك مارك وهو يضيف:
" ونسيت أن أقول لك أيضاً أن عندها قطة تدعى مينو تصطاد الفئران، وأنا الآن رجل عجوز في الثالثة والثلاثين من عمري... وأكثر شيء أحبه هو الطهي ... ولكن ليس مثل حبي لك".
وأخيراً تركها مارك فقامت بإعداد قدحين من القهوة وجلسا معاً إلى المائدة يتناولانها وهو يمسك بيدها وكأنه يخشى أن تبتعد عنه مرة أخرى.
ثم سألته ساشا:
" ولكن لماذا ذهبت لزيارة العمة ماري".
" لأنني وعدتها بذلك... وكنت على وشك العودة إلى بلدتي".
ثم ربت بلطف على يدها وهو يضيف:
" لولا العمة ماري لما حضرت إلى هنا، فقد أبلغتني بأنك تحبيني".

Rehana 03-01-21 10:24 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير قديمة
 
وبدت الدهشة على وجه ساشا فضحك مارك وهو يقول:
" نعم... قالت لي ذلك... إنها سيدة حكيمة للغاية... ثم أبلغتني بأنك رفضت مقابلتي مرة أخرى لأنني متزوج... ".
وتوقف مارك قليلاً ليأخذ رشفة من قدحه ونظرت ساشا إليه ... لقد لازمها وجهه ولم يفارقها لحظة واحدة منذ لقائهما العاصف في فرنسا ثم أضاف مارك:
" شرحت لها الأمر وأوضحت أنني لم أتزوج من قبل ثم تركتها لأتوجه إليك في منزل السيدة كاسيل، لكنها أبلغتني بأنك عدت إلى انكلترا".
وأغمض مارك عينيه ورفع يدها إلى فمه يقبّلها في حنان ثم قال:
" لا تستطيعين أن تتخيلي شعوري في ذلك الوقت، حدثتني العمة ماري بكل شيء عنك ولكنني لم أكن في حاجة إلى ذلك، كنت أشعر أنني أعرفك جيداً... بل أشعر أنني عرفتك طوال حياتي، ولقد كرهت نفسي عندما كنا في المنزل وكنت أعاملك بقسوة إنني لم أتعوّد أن أعامل أي فتاة بقسوة... كنت فظيعاً معك ... إنني أعرف ذلك... هل يمكنك أن تسامحيني يا ساشا؟"
فردت ساشا في بساطة:
" ليس هناك ما يمكن أن أسامحك عنه، ليس هناك شيء على الإطلاق، ربما كان ما حدث بيننا من فراق فيه خير لنا، فقد شعرت بأنني لا يمكن أن أحيا بدونك...".
فسألها مارك:
" متى يمكننا الزواج؟ هل نتزوج غداً؟"
فضحكت ساشا وهي تقول:
" أوه... يا مارك غداً! كم أتمنى ذلك!"
ولم تدر ساشا إلا وهي تندفع لتحتضن مارك!
وبعد شهر عقد قران ساشا ومارك... وكان احتفالاً بسيطاً حضره الأقارب والأصدقاء المقربون وكانت جانيت وصيفة العروس، كما حضر الاحتفال بول زوج شقيقة مارك مارك الذي جاء إلى انجلترا خصيصاً لهذا الغرض.
وعندما خرجا من الكنيسة رأت ساشا آن تقف مع بول وابتسمت ساشا لأنها لم تكن تدري ما إذا كانت ستراهما مرة أخرى ولكن ها هي تراهما يوم زواجها من مارك ونظرت ساشا إلى يد آن فرأت خاتماً من الماس يلمع في إصبعها.
كان هناك شخص واحد لم يحضر حفل زواجهما وكم كان ذلك يحز في نفسيهما... إنها العمة ماري التي لم تتمكن من السفر والحضور إلى انجلترا.
ولكن ساشا ومارك سافرا إلى باريس بعدئذ لمدة واستأجرا سيارة وتوجها إلى الجنوب وتوقفا في الطريق بالمطعم الذي تديره شقيقة مارك حيث أمضيا وقتاً ممتعاّ مع عائلتها.
وبعد ذلك توجهت ساشا ومارك إلى كان حيث قضيا ليلتهما في أحد الفنادق. واستلقت ساشا في سريرها تنظر إلى الرجل الراقد بجوارها وقد انعكس ضوء القمر على وجهه فهيء لها أنها ما زالت في منزل السيدة كاسيل فمدت يدها تتحسس مارك لتتأكد أنه ينام إلى جوارها فعلاً وأنها لا تحلم فتحرك في نومه وهو يقول بالروسية:
" ساشا يا عزيزتي!"
فابتسمت ساشا وهي تعتقد أنه يحاول أن يلقنها الروسية، وفي الصباح جلسا يتناولان الإفطار في الشرفة الملحقة بغرفتهما فسألها وهو يمد لها يده بإحدى الفطائر:
" هل تعتقدين أنها ستفاجأ بزيارتنا؟"
" نعم أعتقد ذلك ... ولولا حضورنا لزيارتها لما كنا نجلس الآن معاً في هذا المكان الجميل... حقاً إننا ندين للعمة ماري بالكثير".
وبعد الإفطار استقلا السيارة وتوجها إلى منزل العمة ماري وكانت تجلس في الشرفة كأنها في انتظارهما. وما أن رأتهما حتى أخذت تلوّح لهما بيدها وأخذت تناديهما وانحدرت الدموع على وجنتيها وصاحت تقول:
" هيا إليّ... اصعدا ... كم أنا سعيدة بحضوركما!"
ولكن كان على العمة ماري الانتظار قليلاً لأن المصعد كان معطلاً وكان عليهما الصعود على السلم... وقد انتهز مارك هذه الفرصة ليقبّل ساشا عند كل منحنى قبل أن يصلا إلى شقة العمة ماري التي تحركت ببطء صوب الباب لتحيتهما وهي تقول:
" لا أعرف ما الذي عطّلكما ولكنني أشعر أنكما استغرقتما وقتاً طويلاً جداً في صعود السلم..."
قالت العمة ماري ذلك وهي تغمز وتقودهما إلى الداخل.

تمت بحمد الله

سماري كول 07-01-21 10:14 AM

رد: 26 - وعاد في المساء - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموا ع الرواية


الساعة الآن 08:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية