منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   كبـير العيلة (https://www.liilas.com/vb3/t202801.html)

منى لطفي 20-09-16 11:45 PM

كبـير العيلة
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته آل ليلاس الكرام وكل عام وأنتم بخير...
ورجعت لمنتدانا الجميل... وصحبته الطيبة، بجد وحشتووووووووني حجم السماء، أنا جاية انهرده ومعايا رواية من صعيد مصر... اجتماعية... دراماية... وأكيد روماااااااااانسية...
بالنسبة لي الرواية دي من أحب الروايات لقلبي ومن أجمل ما كتبت، لأنها فيها كذا لون من الدراما، اجتماعي وأكشن وبوليسي ورومانسي وكوميديا كمان... يعني تقدروا تقولوا.. كوكتيل درامي...
يارب تعجبكم وتقضوا معها وقت ممكن ...
أسيبكم دلوقتي مع الملخص..
الملخص:

عادات وتقاليد أي مجتمع كثيرا بل غالبا ما تتحكم بالأفراد اللذين ينتمون إليه, مهما تباينت ظروف معيشتهم أو مستوى ثقافتهم وتعليمهم, فالعادات الراسخة تتوارثها الأجيال جيلا بعد آخر, فما بالنا إن كان هذا المجتمع ..... مجتمع يتمسك وبشدة بعاداته الموروثة, بل من يخالفها يعتبر من المنبوذين, فيلفظه دون أدنى شفقة أو رحمة, مهما بلغت مكانته لديه!!..
أحب رؤوف زميلته ألفت وتوجا هذا الحب النقي الطاهر بالزواج ولكن.... كان لا بد لرؤوف من دفع ثمن هذه الزيجة ألا وهو.... الطرد من عائلته وبلاااا رجعة!!
ولكن... يُضطّر رؤوف الى العودة إلى بلدته برفقة زوجته وابنتيْه, ترى ماذا تخبأ لهم الأيام؟, وهل ستكون بناته هما ثمن رجوعه الى كنف عائلته من جديد؟...
صراع بين الماضي والحاضر مليء بالحقد والكراهية, الغيرة والعشق الملتهب!, فهل سينتصر الحب في النهاية على عادات وتقاليد عفا عليها الزمان وشرب؟!..
**************************************************
ودي صورة الغلاف...
[IMG]http://b.top4top.net/p_263jzcw1.jpg[/IMG]

بإذن الله هيكون موعدنا أيام الثلاثاء والسبت من كل أسبوع، ولو فيه تفاعل مع الرواية ممكن أزود عدد أيام التنزيل... شكرا لكم أعزائي... دمتم لي بود...


فصول الروايه
الفصل الاول .. في نفس الصفحه
الفصل الثاني
الفصلين الثالث و الرابع
الفصل الخامس
الفصل السادس
الفصل السابع
الفصل الثامن
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادي عشر
الفصل الثاني عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
الفصل السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
الفصل التاسع عشر
الفصل العشرون
الفصل الواحد والعشرون
الفصل الثاني و العشرون
الفصل الثالث و العشرون
الفصل الرابع و العشرون
الفصلين الخامس و السادس و العشرون
الفصلين السابع والثامن و العشرون
الفصلين التاسع و العشرون و الثلاثون
الفصلين الواحد و الثاني و الثلاثون
الفصل الثالث و الثلاثون
الفصل الرابع و الثلاثون
الفصل الخامس و الثلاثون
الفصلين السادس و السابع والثلاثون
الفصل الثامن والثلاثون
الفصل التاسع و الثلاثون
الفصل الأربعون و الأخير

حسن الخلق 20-09-16 11:48 PM

رد: كبـير العيلة
 
الف مبروك افتتاح الموضوع يا منى
اتمنى لك فصول يوميه هههههههههههه
يعني متابعة و تعليقات زي المطر :waves::waves::waves:
بالتوفيق يا قمر الله يزيدك من فضله و يرزقك كل ما تتمني :welcome3:

منى لطفي 20-09-16 11:49 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة – 1 –
ركنت سيارتها الرياضية الصغيرة بجوار المبنى الذي تقطن فيه مع عائلتها, ألقت السلام على حارس العقار بطريقتها المرحة المحببة ثم اتجهت لتركب المصعد لتصل الى شقتها حيث تسكن مع ابيها وامها وشقيقتها الوحيدة, فتحت الباب ودخلت وهى تلقي بالتحية بمرح هاتفة:
- السلام عليكم يا أهل الدار, أنا جيييييت..
لم تسمع أي إجابة فقطبت ودمدمت بصوت منخفض:
- إيه دا, أومال فين آل الخولي؟..
تلفتت حولها ولم تشاهد والدتها, نظرت جيدا في الردهة الواسعة والتي تحوي على طقم صالون مدهب وفي أحد الأركان سفرة مدهبة مكونة من مائدة زجاجية بيضاوية الشكل ذات 6 كراسي و بوفيه ذو مرايا كبيرة ودولاب لحفظ الصيني والاكواب الكريستال, صعدت الدرجات التي تفصل بين الردهة وغرف المنزل الداخلية والتي هي عبارة عن غرفة للجلوس بها طقم للجلوس مكون من أريكة عريضة كبيرة وأخرى اصغر قليلا ومقعدين كبيرين وطاولة زجاجية وجهاز التلفاز ذو الشاشة العريضة الحديثة ( ال . سي . دي ) وجهاز استقبال لجميع القنوات الفضائية..
سارت قليلا ثم عرجت الى يمينها حيث المطبخ الواسع والذي يتناولون فيه وجباتهم لما فيه من حميمية ودفيء فرأت والدتها وهي تقلب الطعام فوق موقد النار فقفزت اليها قائلة وهي تقبل رأسها بحب :
- ازيك يا لولو!, ايه دا ... انا هنا بئالي نص ساعه يا شيخه وعماله انادي انادي ولا هنا حد! ...
ثم غمزت بمكر وتابعت ضاحكة:
- اومال فين قيس بن الملوح يا ليلى ؟
ضربتها امها خفيفا على يدها الموضوعة على كتفها وقالت بتأنيب :
- عيب يا بنت, انتي مش صغيرة على كدا, وبعدين هكون فين يعني؟, في المطبخ بجهز الغدا يا هانم على ما انتي والست سلمى اختك تشرفوا, وبابا جوا في اودة المكتب... فهمتي يا سُلافة هانم يا لميضة؟!
ابتعدت سُلافة قليلا عن والدتها وقالت بنصف عين :
- مامتي.. لو سمحتي انتي عارفة كويس اني مش بحب حد ينادي لي سلافة!, حد يسمي بنته في القرن الـ21 سلافة؟ نهرتها امها قائلة:
- انتي عارفة اسمك دا معنى ايه؟, انتي خسارة فيكي الإسم تصدقي!, سلافة دا يا هانم معناه عصارة او خلاصة الشيء الصافي النقي الخام اللي لسه ما انضافش له حاجة, على طبيعته.. فهمت يا.... سلافة؟
مالت على أمها مقبلة كتفها وقالت بمداهنة محاولة إرضائها:
- خلاص يا ام سلمى ماتزعليش.. بس يعني سلمى مبلوعة شوية انما سلافة...أهي دي اللي انا مش بالعاها خالص!, علشان كدا قلت لكم ولاصحابي تقولولي سولي!!
قطبت امها وأجابت بإستهزاء :
- أهي سولي دي اللي أنا مش بالعاها ولا يمكن أبلعها خالص!, ايه سولي دا... كلب؟
غضبت سلافة وقالت حانقة:
- ايه يا ماما دا... كلب ايه؟, دا اسم الدلع بتاعي.. سولي!, على فكرة بقه انتو هنا اللي بتتريقوا عليه لكن كل اصحابي بيقولولي انه اسم حلو وشيك أووي...
قالت امها وهى تهز برأسها يمينا ويسارا :
- ربنا يهديكي يا حبيبتي, بس ياريت بلاش السيرة دي قودام باباكي.. مش كل مرة تفتحي لنا الكلام دا وتخلِّيه يتضايق انت عارفة انه هو اللي ...
قاطعتها بتنهيدة عميقة:
- عارفة, هو اللي مختار لي اسمي, وانكم اتفقتوا.. حضرتك اخترتِي اسم سلمى يبقى هو يختار اسم التاني, وجيت انا من قرعتي سلافة!
قالت الأم وهي تحاول كتم ابتسامة كادت ان تظهر فتتصدع الجدية المرسومة على ملامحها :
- طيب خلاص بطلي رغي وروحي غيّري هدومك وتعالي علشان تحضري الغدا معايا, سلمى أختك عندها نبطشية انهارده, مش هتخلص الا بعد 8 ان شاءالله. كلمتني من المستشفى وقالت لى..
أجابت سلافة وهى تمد يدها لتتناول واحدا من محشي ورق العنب والذي تبرع به والدتها :
- هي اللي جابته لنفسها, حد قالها تدخل طب؟, لا وايه.. تتخصص جراحة باطنه كمان ... واحدة عندها 28 سنة وخلصت الكلية والماجستير وبتحضر الدكتوراه, واحدة فاضية من الآخر, وربنا مالها كمبيوتر ساينس؟, أنا أهو... درست كمبيوتر ساينس 5 سنين في الأي . يو . سي .. وخلاص, دراسة لذيذة وشغلها جميل وأديني بشتغل في شركة أجنبية ومرتبي كبير وساعات العمل محددة من 9 الصبح لـ 5 مساءا ويومين اجازة .. مش هيَّ كل شوية نبطشية وشغل وهدَّة حيل, دا غير العيادة الشعبية اللي بتروحها يومين في الاسبوع, ماينفعش كدا.. دي مش حاسة بشبابها خالص, انا اعرف هتتجوز مين؟, اكيد أبو بكر الرازي!!
علقت امها وهي تدفعها خارج المطبخ :
- ما تتعبيش نفسك اختك دكتورة شاطرة وجميلة ولسه صغيرة وألف مين يتمناها, المهم انتي بطلي رغي, واتفضلي روحى غيّري وتعالي اعملي السلاطة على ما اروح اشوف باباكي ...
خرجت سلافة متجهة الى غرفتها بينما اتجهت ألفت الى غرفة مكتب زوجها ورفيق عمرها ( رؤوف ), دخلت بعد أن طرقت الباب فسمعت صوته داعيا للدخول, لتجده جالسا الى مكتبه واضعا نظارته الطبية فوق أنفه ويطالع بعض الاوراق بيده, ابتسمت بحنان وسارت متجهة اليه فإنتبه لقدومها ليبتسم بحنان مقابل بينما أحاطت كتفه بذراعها ومالت عليه هامسة بحنان :
- ايه يا حبيبي مش جعان؟, الغدا خلص ..
أمسك يدها مقبلا اياها قبل ان يقول :
- تسلم ايديكي يا أم البنات ...انت بتتعبي اووي يا حبيبتي.. قلت لك اجيب لك واحده تريحك وتساعدك في شغل البيت ما سمعتيش كلامي..
أجابته وهى تميل برأسها لتنظر اليه :
- حبيبي انا احلى وقت بقضيه و وانا بعملكم كل طلباتكم في البيت .. انت ناسي اني سِبت شغلي مخصوص علشان أتفرغ لك انت والبنات؟, وبعدين يا سيدي.. ما أم سعيد بتجيني مرتين في الاسبوع تنضف الشقة وتروقها كفاية أووي....
قال رؤوف مبتسما :
- ربنا ما يحرمنا منك ابدا يا حبيبتي .. عارفة كل يوم حبي ليكي بيزيد وبتأكد اني كنت هخسر اغلى حاجه في عمري لو ما كنتش اتجوزتك ! ,
نظرت اليه وقد شاب صوتها بعض الحزن كلما صادف ان طرأ على بالها هذا الأمر أو تحدثا بشأنه:
- يعني انت مش ندمان يا رؤوف انى السبب ان اهلك زعلوا منك وقاطعوك؟
هز برأسه نافيا بقوة وهو يهتف مجيبا:
- ابدا.. وانا متأكد انهم من لو عرفوكي هيحبوكي ويحترموكي, بس هي عوايد بأه اتربوا عليها..
سألته مستفهمة :
- انت لسه عند قرارك؟
هز برأسه مؤكدا وهو يقول :
- اكيد ... وهبلغ البنات بقراري دا انهارده ان شاء الله, لأنهم لازم يعملوا حسابهم وكل واحدة ترتب أمورها وتاخد أجازة من شغلها علشان احنا مش هنقعد يوم ولا اتنين بس.. لأ, انا رايح المرة دي علشان لازم بناتي يتعرفوا على اهلهم .. انا مش دايم لهم يا ألفت ... واهلهم همّا دول عزوتهم اللي هيتقووا بيهم ويبقوا ضهرهم وسندهم من بعدي...
قبلت ألفت رأسه وقالت وهى تربت على كتفه:
- ربنا يخليك لينا يا حبيبي وما يحرمناش منك أبدا, عموما براحتك حبيبي وانا معاك في أي قرار تاخده .. انا هروح أجهز السفرة على ما إنت تخلص اللي في ايدك وتحصلني علشان نتغدى, عن اذنك..
وانصرفت تاركة زوجها وقد غامت عيناه ببريق الذكريات وهو يقول في نفسه :
- آن أوان الطير المهاجر يرجع لعشّه !! ....
==================
- صباح الخير يا جدي..
ومال مقبّلاً يد جده فقالت سيدة مسنة بلهجة صعيدية:
- وجدتك مالهاشي نفس يا وِلد ولدي؟
ابتسم الشاب ثم اتجه إليها ومد يده متناولا يدها المغضنة ومال عليها مقبلا إياها وهو يجيب:
- هو انا أجدر يا جدتي ...انت الخير والبركة..
اشار له الجد بالجلوس لتناول طعام الافطار وقال :
- أجعد يا غيث يا ولدي .. جدتك فاطنة شكلها إكده رايجة على الصبح...
قالت الجدة بابتسامة:
- وايه اللي مش هيروج بالي يا حاج؟, الحمد لله ولادي بخير وصحة وولادهم ماليين علينا الدار, يبجى ايه اللي يضايجني بعد الشر؟
أجاب الجد ناظرا إليها بتركيز بينما طغى على صوته نبرة الحزن :
- كل ولادك يا فاطنة؟
قالت الجدة وقد شحب وجهها وغابت إبتسامتها:
- الله يسامحك يا حاج ..هو انا كنت بنسى عشان تفكِّرني؟, حدا ينسى ضناه؟
قال غيث بإبتسامة صغيرة محاولا تصفية الاجواء :
- خلاص يا جماعه صلوا على النبي أومال مش إكده,,
ثم التفتت الى جده متابعا:
- عوض البرهامي عاوز يشيل المحصول السنة دي كُمان, ايه رايك يا جدي ؟ ,
قال الجد الذي لا يزال هو صاحب الكلمة الاولى والاخيرة والمتصرف في جميع شؤون عائلة الخولي من صغيرها لكبيرها:
- أني شايف اننا بنتعامل معاه بجالنا كتير, وهو راجل جد كلمته وبيدفع اللي عليه في وجته مش بيمطوح فينا, خلاص.. كلمه يا غيث يا ولدي وجوله ع البركة...
تفاجئوا بمن يسحب كرسيا للجلوس عليه وهو يقول :
- صباح الخير عليكم جميعا...
هز الجد برأسه غير راض عن سلوك حفيده الآخر بينما قالت جدته بحب :
- صباح الفل والياسمين ...
قال الجد منتقدا :
- صباح الخير يا شهاب بيه.. تجدر سعادتك إتجوللي كنت فين البارحة؟, انا نمت وانت لساتك كنت ما عاودت؟
أجاب شهاب وهو ينظر الى الجد بهدوء:
- انا مش عيل صغير يا جدي !
تدخل غيث زاجرا اياه بعنف :
- شهاب!, لما جدك يسألك سؤال تجاوبه كويس !
نظر اليه شهاب ببرود وأجاب:
- وهو انا عملت ايه يا اخويا الكبير؟, جدى قلقان عليا وانا بقوله انه ما يقلقش .. عموما هريحكم.. كنت مع عزت.. نزلنا البلد وسهرنا مع بعض شوية وجيت.. اطمنت يا جدي ؟
موجها سؤاله الى الجد الذي انتفض في مكانه وهتف بسخط زاغرا اياه:
- عزت وِلد عبدالمجيد أبو سويلم؟
أومأ شهاب برأسه إيجابا وقد بدأ قناع البرود بالتصدع وبدأت عصبيته المشهور بها بالظهور :
- ايوة يا جدي عزت ابوسويلم !
قال الجد منتقدا :
- وما لاجيتش غير الواد التلفان ديه تمشي معاه ؟
أجاب شهاب بعد أن زفر بعمق محاولا الهدوء:
- اولا يا جدي عزت مش واد.. دا مهندس زراعي ودفعتي, تاني حاجه... هو مش تلفان ولا حاجه بالعكس.. ابوه وعيلته كلها بيتشرفوا بيه...
سخر الجد مشيحا برأسه:
- آه ... ديه دلوقيت, لكن في الوّلْ كانوا مش طايجينه ولا طايجين سيرته, لولا وعكة أبوه اللي خالته يرجع تاني عشان يجف جنب أهله وناسه ولا كان خطاها برجليه تاني ..
علق شهاب مهاجما :
- وكل دا ليه يا جدي ها ؟, علشان ابوه كان مرتب له جوازة هو مرضيش بيها ؟, مرضيش يسوقوه زي الدبيحة ؟, وعمل ايه يعني؟, اتجوز واحدة كويسة من عيلة وبنت ناس واصل طيّب, ورضيت تعيش معاه هنا في كفر الخولي مع اهله .... يبقى ايه الغلط اللي عمله ؟, انه استخدم حقه اللي ربنا اداهوله ؟ هتف غيث زاجرا شهاب:
- شهاب .. بيتهيألي تجفّل ع الموضوع ديه, وياللا عشان تروح المزرعه تشوف شغلك ..
تحدث الجد بصرامة مقاطعا غيث :
- استنى يا غيث لما أجول لاخوك حاجه غايبة عنِّييه ...
ثم أولى انتباهه لشهاب متابعا:
- إهنِه في البلد غير البندر, إهنه لينا عوايدنا وتجاليدنا ...لازمن نحافظ عليها ونراعيها ..احنا كلاتنا إهنه في البلد زي العيلة الواحده ماينفعشي واحد يمشي بدماغه ويفوت الباجيين !!, انت بتجول هو عمل ايه غلط ؟, انا اجولك .. صغَّر بأبوه وسط الناس بعد ما كان جال للناس انه رايد بتِّهم لولده... جيه ولده ورفض الجوازة ولبنية وصغر بيه بين الخلايج !, حاجة كبيرة ديه ولا لاه؟, الكلام كان كلام رجالة, مش كلام اعيال اصغيرين ولا كلام حريم!!
أجاب شهاب ناظرا الى جده بتركيز :
- قصدك زي عمي رؤوف كدا ؟
كان الصوت الذي نهره هذه المرة صوت جدته التى قالت بمنتهى البرود والقوة :
- شهاب .... ديه كلام كبار ماينفعشي الصغار يتكلموا فيه, خلص وكلك واتيسر على شغلك ... واحمد ربك ان ابوك ماحاضرش الكلام اللي بتجوله ديه ولا كان إداك حجك صوح..
ثم التفتت الى غيث متابعة راغبة في تغيير الحديث:
-بوك وامك ماجالوش هييجوا ميتى من العمرة ؟
فهم غيث رغبتها بتغيير سير الحديث فأجاب بهدوء وهو يسترق النظر الى شهاب الذي سادت الحمرة وجهه غضبا وغيظا :
- ان شاء الله انهارده آخر النهار هروح اجابلهم في المطار... قالت الجدة بابتسامة :
- ياجوا بالسلامة يارب ..
ثم أولت زوجها اهتمامها وقالت :
- حاج عبد الحميد اعملك جهوة ولا حاجة تشربها ؟..
نظر اليها عبد الحميد مجيبا بهدوء نسبي :
- ايوة يا فاطنه ياريت فنجان جهوة من يدك, بلاش البت صباح بتعملها ماسخة مالهاش طعم .
ابتسمت وقالت وهى تنهض واقفة:
- من عينيا يا حاج. انت تؤمر.
وغادرت المائدة متجهة لصنع القهوة بينما مهض شهاب مستئذنا بالانصراف وهو يقول :
- وانا عن اذنكم هروح المزرعه ...
اشار له الجد بالذهاب فقال غيث ما ان اختفى أخاه عن الانظار:
- معلهش يا جدي, انت خابر شهاب بيحب عزت جد ايه, وهو تجريبا صاحبه الوحيد..
تنهد الجد وأجاب:
- عارف يا ولدي, وديه اللي جالجني عليه... اللي يشوفه ما يصدجش انه بينكم وبين بعض 5 دجايج بس !!, معجوول انتو تووم !, انت اكبر منيه بكتير يا ولدي بعجلك ورجاحة مخك لكن هو ربنا يهديه يارب ..لاه وكله كوم وعصبيته الشديدة ديه كوم تاني, مش بتخلي عنديه فرصة انه يفهم ولا يجدر الكلام اللي بيتجالو, على طول بيهب كيف وابور الجاز الخربان اكده! ابتسم غيث وقال :
- معلهش يا جدي ..انت خابر انه طبعه عصبي بس جلبه طيب وبيروج بسرعه, وبعدين انت اللي صممت انى ادرس تجارة علشان امسك حسابات المزرعة ومصنع اللحوم, وانه يدرس زراعة علشان يمسك المزرعة, شكله إكده من كتر عشرته للبهايم مابجاش بيفهم زين وبجى بينطح زييهم!
ضحك الجد وقال لغيث وهو يهم بالوقوف, فوقف غيث سريعا لمساعدته على السير مستندا على عصاه العاجية :
- تصدج يا غيث يا ولدي.. انت اللي بتخليني اعرف ارووج كيف.. يا ما نفسي افرح بيك انت واخوك في ليلة واحده جبل ما اموت...
سار معه غيث حتى وصلا الى الشرفة التى تطل على الحديقة الواسعه المحيطة بالمنزل ثم جلسا فوق الكراسي الخيزران, وما إن ارتاح جده في جلسته حتى قال غيث:
- طولة العمر ليك يا جدي ان شاء الله ... ما تستعجلش يا جدي كل شيء في أوانه حلو...
قال الجد بلهجة غامضة :
- فعلا يا ولدي كل شيج في اوانه حلو ...وعامة هانت .. فات الكتير ما بجى غير الجليل !!
قطب غيث مستغربا عبارة جده ولكنه لم يتوقف عندها كثيرا وبدلا من التعليق عليها قال مستئذنا بالإنصراف:
- معلهش يا حاج هستأذنك انا علشان أتاخرت يدوب ألحج أروح الديوان أشوف الحسابات وإكده.. في أمان الله يا جدي.. اجابه الجد قائلا :
- في أمان الله يا ولدي في امان الله
انصرف غيث بينما تنهد الجد بعمق وقال بخفوت :
- ايييه يا رؤوف يا ولديْ .... اتوحشتك جوي .. ما توحشتناش انت كُمان ؟, أكتر من تلاتين سنة من يوم ما فارجتنا, سافرت برات مصر ورجعت تاني وأدالك عشر سنين في مصر, من يوم ما تركت البلد وانت رجلك ما طابتش حدانا واصل .. كنت اشوفك سرجه في مصر انا وأمك وماحدش هنا في البلد يعرف اننا عارفين سكتك ... مش آن اوان الطير المهاجر انه يرجع إلـ عشّه يا ولدي ؟!!, ورفع رأسه للسماء ليشاهد صقرا محلقا فاردا جناحيه يطير مخترقا السماء بقوة وسرعه فقال الجد وهو يبتسم ابتسامة خفيفة :
- هتعود يا ولدي.. جلبي بيجوللي انك هتعود إلـ عشّك من تاني, ووجتها ماهاسيبكش تخرج منيه واصل!! .......
- يتبع -

منى لطفي 20-09-16 11:52 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن الخلق (المشاركة 3660334)
الف مبروك افتتاح الموضوع يا منى
اتمنى لك فصول يوميه هههههههههههه
يعني متابعة و تعليقات زي المطر :waves::waves::waves:
بالتوفيق يا قمر الله يزيدك من فضله و يرزقك كل ما تتمني :welcome3:

تسلميلي يا قلبي، أنا كفاية أني بينكم ومعاكم ومعاكي أنتي بالذات... تسلميلي حبيبتي يا رب ويا رب النجاح لينا كلنا ولمنتدانا الجميل... :welcome3::8_4_134:

امونتى المسكرة 21-09-16 02:29 AM

رد: كبـير العيلة
 
رواية روووووووووووووووعة تسلم ايدك

منى لطفي 21-09-16 04:58 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امونتى المسكرة (المشاركة 3660347)
رواية روووووووووووووووعة تسلم ايدك

تسلمي يا قمر اموووووووواه...

bluemay 21-09-16 08:36 AM

رد: كبـير العيلة
 
الـسـلام عـليكـم ورحمة الله وبركاته,

يا هلا مية غلااا

نورت برجوعك منمن ...

لسه ما قرأت الفصل الاول ولكن متاكدة انها رح تكون مشعللة متل عوايدك ..

متشوقة للمتابعة

تقبلي مروري مع خالص ودي




بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ

همس الريح 21-09-16 08:40 AM

رد: كبـير العيلة
 
هلا و غلا
و كرتوووووووووووووووووون حلا

نورتين ا يا شهرزاد


لي عوده بعد القراءه ..

قبلات من عندي ليييييييييييييييين عندش

همس الريح 21-09-16 09:00 AM

رد: كبـير العيلة
 
احم احم ..

قريت و رديت

الصراحه ما قرات المقدمه ..
ما احب اقرا المقدمات ..ههههههههههههه

عائلة رؤوف

سولي .. حبيتها ..تراه ام به ..يعني دلع و دلال
حبيت تلقائيتها و اندفاعها و ردودها الحلوه ..

سلمي بعد حبيتها .. شكلها العاقله بين الثنتين .. نفس عقلي كذا ..
هييييييييييييييييييح يا مني

قصة حب و قيس و ليلي
قصدي الفت و رؤوف
و الاحلي ان حبهم شرا الماس
كل ما مر عليه وقت ما يتاثر
ربي يديم عليهم النعمه

يا لهويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييز
يا خراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااابي
موديهن عرين الاسود ؟؟
وكر الذئاب ؟؟

احم
قصدي ديرتهم

اهي الرحم معلقه بالعرش و القطاعه حرام

ب احس روحتهم ذي بتحوس حياتهم فوق حدر
غير اني اتوقع ايام سسودا ... وش التفاؤل ذا

نروح الديره

الجد و الجده حبيتهم و حسيتهم عمود العيله ..
و كلام الجد عن الزيجه كان ليم ميه بالميه
بس المفروض
قبل لا يوهق روحه و يتسرع و يخطب يشوف وش بيقول ولده ..

و العادات و السلوم سيف فوق رقبة الكل ..

غيث ..
اللمحه الاولي تقول انه مرضي رضي ..
ماسك الشغل و عاقل و رزين وووووووو

بس ما حبيته ..هههههههههههههههه المحبه من الله يختي
احسه له وجه اقشر
عكس شهاب
تؤامه و سبحان من طابق و فرق
احسه مع كل عصبيته ابيض القلب

ادري تو الناس علي الاحزاب و كذا

بس اقول غيث لو كان نصيبه مع سلمي و مرمرها .. جمع مرر حياتها
بسحبه من كشته و علي قم شرطة ليلا

شهاب بعطيه فرصه و ثنتين و ثلاث ..

في الانتظار يا قمر

البارت صغنون .. نطمع في بارت ثاني هديه ؟؟
انتي كريمه و حنا نستاهل ..
امممممممممممممممممممووووووووووووووووااااااااح

منى لطفي 21-09-16 01:55 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660374)
احم احم ..

قريت و رديت

الصراحه ما قرات المقدمه ..
ما احب اقرا المقدمات ..ههههههههههههه

عائلة رؤوف

سولي .. حبيتها ..تراه ام به ..يعني دلع و دلال
حبيت تلقائيتها و اندفاعها و ردودها الحلوه ..

سلمي بعد حبيتها .. شكلها العاقله بين الثنتين .. نفس عقلي كذا ..
هييييييييييييييييييح يا مني

قصة حب و قيس و ليلي
قصدي الفت و رؤوف
و الاحلي ان حبهم شرا الماس
كل ما مر عليه وقت ما يتاثر
ربي يديم عليهم النعمه

يا لهويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييز
يا خراااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااابي
موديهن عرين الاسود ؟؟
وكر الذئاب ؟؟

احم
قصدي ديرتهم

اهي الرحم معلقه بالعرش و القطاعه حرام

ب احس روحتهم ذي بتحوس حياتهم فوق حدر
غير اني اتوقع ايام سسودا ... وش التفاؤل ذا

نروح الديره

الجد و الجده حبيتهم و حسيتهم عمود العيله ..
و كلام الجد عن الزيجه كان ليم ميه بالميه
بس المفروض
قبل لا يوهق روحه و يتسرع و يخطب يشوف وش بيقول ولده ..

و العادات و السلوم سيف فوق رقبة الكل ..

غيث ..
اللمحه الاولي تقول انه مرضي رضي ..
ماسك الشغل و عاقل و رزين وووووووو

بس ما حبيته ..هههههههههههههههه المحبه من الله يختي
احسه له وجه اقشر
عكس شهاب
تؤامه و سبحان من طابق و فرق
احسه مع كل عصبيته ابيض القلب

ادري تو الناس علي الاحزاب و كذا

بس اقول غيث لو كان نصيبه مع سلمي و مرمرها .. جمع مرر حياتها
بسحبه من كشته و علي قم شرطة ليلا

شهاب بعطيه فرصه و ثنتين و ثلاث ..

في الانتظار يا قمر

البارت صغنون .. نطمع في بارت ثاني هديه ؟؟
انتي كريمه و حنا نستاهل ..
امممممممممممممممممممووووووووووووووووااااااااح

همووووووووووس وحشاااااااااااااني حبيبتي من هنا لييييييييين عندك هههههههههههه.....، بجد فرحت جدااااااااااا لما شوفت تعليقك على الرواية والاحداث، وانتي عندك حق بدري على الاحزاب وخلي بالك ما تتسرعي وتاخدي حزب معين لأنه لسه الكبييييييييير جاااي هههههههههه وما ينفع تغيري بعد كدا فروستخ روستخ يا زكي يا روستخ :lol:
الجد... بالنسبة لي هو البطل الأساسي بالرواية ، ومع الوقت بتعرفي ليه، ولعيونك بارت هدية ولو كم هموووس عندي أنا.. ربي ما يحرمني منك حبيبتي.. قبلاتي لكي غاليتي... :e418::e418::e418::e418::e418::e418:

منى لطفي 21-09-16 01:56 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660369)
هلا و غلا
و كرتوووووووووووووووووون حلا

نورتين ا يا شهرزاد


لي عوده بعد القراءه ..

قبلات من عندي ليييييييييييييييين عندش

منورة بيكم حبيبتي وبكل أعضاء ليلاس الحلوين.. :8_4_134:

منى لطفي 21-09-16 02:00 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3660368)
الـسـلام عـليكـم ورحمة الله وبركاته,

يا هلا مية غلااا

نورت برجوعك منمن ...

لسه ما قرأت الفصل الاول ولكن متاكدة انها رح تكون مشعللة متل عوايدك ..

متشوقة للمتابعة

تقبلي مروري مع خالص ودي




بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ

هلاااااااااااااااا وغلااااااااااااااااا.. أسفرت وأنورت واستهلت وأمطرت .. هههههههه حبيبتي وحشااااااااااني والله جدااااااااااااا، كلكم وحشيني فوق ما تتصوروا، طولت الغياب أنا عارفة لكن بإذن الله غلطة ومش هتعود ههههههههه...
في انتظار تعليقك بشووووووووووق على الاحداث غاليتي تسلميلي يارب اموووووووووواه... :welcome3::8_4_134::e418::e418::e418::e418::e418:

منى لطفي 21-09-16 02:03 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة – 2 – (بارت هدية لعيونك هموووس)..
طرقت ألفت باب حجرة ابنتيها قبل ان تدخل لتشاهد ابنتها الكبرى وهي جالسة الى مكتب صغير منزو في ركن بالغرفة تقوم بالعمل على حاسوبها الشخصي بينما ابنتها الصغرى ترقد فوق الفراش نائمة على بطنها تتلاعب بقدميها صعودا وهبوطا وهى تتصفح في مجلة من مجلات الازياء والموضة, دخلت وقالت لابنتيها اللتان لم تنتبها لطرقاتها :
- نحن هنا .. كل التخبيط دا وما اخدتوش بالكم ؟
اعتدلت سلافة من فورها في جلستها ورتبت منامتها القطنية المرسوم عليها احدى الشخصيات الكارتونية الشهيرة بينما التفتت سلمى القابعة امام حاسوبها الى امها وابتسمت ثم وقفت وسارت متقدمة منها وهي تقول بابتسامة ناعمه :
- اهلا.. اهلا بست الكل.. معلهش كنت مركزة مع عم جوجل والسيرشيز اللي بيطلعهالي!
قالت ألفت وهى ترفع حاجبها بدهاء ناظرة الى سلافة :
- طيب انتي علشان بتتابعي حاجات متعلقة برسالة الدكتوراة بتاعتك على النت, والست سلافة هي كمان مركزة علشان هتعمل دكتوراة في احدث صيحات الموضة ؟
صاحت سلافة معترضة :
- ماما ! انا كنت بقرا المجلة.. عادي يعني
أجابت امها إمعانا في غيظها وهى على يقين من ان سبب غضب ابنتها ليس سخريتها منها لشرودها بل لأنها نادتها باسمها سلافة بدون اسم التدليل الذي اختارته لنفسها :
- معلهش يا سلافة بس تقولي ايه؟, اصل مامتك مالهاش في موضة اليومين دول.
نهضت سلافة من فورها وقد اضطربت تعابير وجهها واتجهت الى والدتها حيث قبّلت كتفها وقالت بدلال لا يليق الا بها :
- مين قال كدا؟, حد يقدر يقول حاجه عليك انت يا جميل!, هو في فيه شياكتك وجمالك؟, وهو كان ايه اللي وقع قيس بن الملوح في دباديبك انت يا قمر؟
قالت امها موبخة اياها :
- انت هتفضلي لسانك طويل كدا لغاية امتى؟, انا مش قلت لك 100 مرة قبل كدا انت كبرت على الدلع دا؟
علقت سلمى بهدوء وابتسامة رقيقة تزين ملامحها :
- معهلش يا ماما سامحيها .. عيلة وغلطت!!
قالت سلافة بدلال وقد احاطت عنق أمها بذراعيها البضتين :
- مالكيش دعوه, انا الصغيرة آخر العنقود سكر معقود .. اتغاظي وفلفلي يا أبلة الناظرة انت !
زفرت ألفت في ضيق ثم نقلت نظراتها بينهما هما الاثنتين وقالت بهدوء :
- بطلوا دلع ومجادلة بينكم انتم الاتنين .. وياللا اتفضلوا قودامي بابا عاوزكم في موضوع مهم في الليفنج ( غرفة المعيشة )..
تقدمتهما الفت بينما تبدلتا النظرات المتسائلة فيما بينهما, فقد استشعرا حدة خفيفة تلوّن سلوك والدتهما ولكنهما اكتفيا برفع كتفيهما علامة عدم الفهم ولحقا بها حيث ينتظرهما والدهما....
- بصوا حبايبي انا عاوزكم في موضوع مهم ...انتو دلوقتي مابئيتوش صغيرين وفيه حاجات لازم تعرفوها!
قالت سلمى مقطبة بين حاجبيها بهدوء حائر:
- حاجات ؟ حاجات زي ايه يا بابا ؟
ابتسم والدها بحنان وأجاب:
- اصبري يا دكتورة... هتعرفي كل حاجه دلوقتي .
ثم تابع حديثه ناظرا لابنتيه الجالستين على المقعدين امامه بينما جلست زوجته بجواره وقال :
- انا عاوزكم تتعرفوا على أهلكم ..أهلي ... جدكم وجدتكم وعمكم وعمتكم وولادهم .. عاوزكم تتعرفوا على عيلتنا .. عيلة الخولي ..أكبر عيلة في كفر الخولي !
قالت سلافة مقطبة :
- كفر الخولي؟, عيلتنا؟, كانوا فين من زمان يا بابا ؟, اول مرة اسمع حضرتك تتكلم عنهم !
أجاب والدها ناظرة اليها بتأنيب:
- ما هو انتم لو تبطلوا تقاطعونى.. هتفهموا كل حاجه!
غطت سلافة فمها بيدها وقالت بخفوت :
- سوري بابايا .. اتفضل حضرتك كمل..
تنهد ثم تابع وقد شاب نبرته بعض التردد البسيط :
- انا عارف انه صعب عليكم دلوقتي انى اقولكم انه ليكم عيلة وزي ما قلتلكم عيلة كبيرة أكبر عيلة في كفر الخولي اللي اتسمى الكفر اساسا على اسم جدكم الخولي الكبير, انتم ليكم أهل وناس وعزوة, مش مقطوعين من شجرة بعد الشر ولا حاجة...
قالت سلمى بهدوء كعادتها:
- معلهش يا بابا بعد اذن حضرتك... كل دا كويس, بس ممكن نعرف هما كانوا فين السنين دي كلها؟, ليه ما كانوش بيزورونا ولا بنزورهم؟, ليه حضرتك ماجيبتش سيرتهم غير دلوقتي ؟
تنهد رؤوف عميقا وأجاب:
- بصوا حبايبي.. في ظروف حصلت خلت من الصعب انى اكون على تواصل معهم .. انا زمان ماحاكيتش حاجه لكم علشان كنتم صغيرين, لكن دلوقتي لازم تعرفوا كل حاجه.. خصوصا قبل ما نروح هناك والموضوع يتحكي لكم بطريقة تانية!!
أرهفت سلمى وسلافة آذانهما في حين تابع والدهما قائلا :
- احنا عندنا في الصعيد البنت بتكون لابن عمها وبتتقري فاتحتهم من وهي لسه في اللفة .. انا عارف انكم هتقولو ان دا كان زمان بس هقولكم العائلات الكبيرة بتكون أحرص الناس على التمسك بالعادات والتقاليد دي .... وانا واخويا الكبير عثمان طبعا كان معروف احنا هنرتبط بمين لما نكبر, ببنات عمى طه .. اخويا عثمان الكبير ياخد راوية بنته وانا اخد اختها زينب ... عثمان ما كملش تعليم ونزل الارض مع ابويا اللي ماسِّكه الشغل كله, انا كانت سكِّتي حاجه تانية .. اخدت الثانوية العامة ودخلت كلية الآداب قسم صحافة في مصر وماكنتش بسافر البلد الا في الاجازات .. وطبعا لما خلصت الكلية لاقيت ابويا بيفاتحني في موضوع ارتباطي بزينب بنت عمي .. انا في الوقت دا كنت طلعت من الاوائل على دفعتي واتعينت معيد في الجامعه واتعرفت على أمكم ألفت !!
حانت منه نظرة حنان الى ألفت زوجه الجالسة بجواره فيما ربتت ألفت على ذراع زوجها والذي تبادل معها نظرة تفيض بمشاعر الحب ثم أكمل قائلا :
- ألفت باباها كان أستاذي وهي كانت طالبة في سنة أولى لما اتعينت معيد في الجامعه ... شدتني ليها من اول يوم ... وسافرت البلد علشان افاتح ابويا انه يخطبها لي وطبعا اتفاجئت بحكاية بنت عمي وان ابويا كان مستني لما اخلص جامعة علشان يفرح بيا انا وعثمان اخويا في ليلة واحدة.. بس أنا رفضت وخيّرني يا اما اكون ابنه طوعه وما صغِّرش بيه مع عمي طه يا إما أنفذ اللي في دماغي وساعتها ابقى لا ابنه ولا يعرفه, وطبعا انا رفضت!, انا مش بنت يجوزوني زي ما هما عاوزين... واتجوزت أمكم وخلصت الماجستير والدكتوراه, وسافرت إعارة في الخليج وهناك جيتي انتي يا سلمى وبعد 4 سنين جات سلافة, ورجعنا مصر, لما سلمى خدت الثانوية العامة علشان تدخل الكلية هنا, وقتها حاسيت بشوق جامد أووي لأهلي وكلمتهم, أبويا اللي رد عليا وخد عنواني وجه زارني هو وأمي, وماقدرتش أقولكم كنتم ساعتها لسه صغيرين سلمى 18 سنة وانت يا سلافة 14 سنة, ما كانش حُكْمُكُمْ على عيلتي هيبقى صح, كنتو هتبقوا مندفعين ليا ولمامتكم, لكن انتم دلوقتي كبرتوا وتخرجتوا وبتشتغلوا وتقدروا توزنوا الأمور صح.
سكت قليلا ليتأكد من استيعابهم لكلامه ثم واصل:
- عموما نرجع لموضوعنا, انا ماقدرتش انزل البلد... اخويا عثمان مقاطعني من يومها.. بيقول لي انى صغّرت بأبويا, وعمي طه علاقته بأبويا بئيت وحشة بس اللي رضاه انه عرف ان ابويا طردني ...احنا رجعنا من 10 سنين ماشوفتش فيها ابويا إلا 3 مرات بس وسرقة, لكن انتم دلوقتي كبرتم ولكم حق على العيلة دي .... انتم لكم أهل لازم تتعرفوا عليهم, علشان كدا أنا عاوز كل واحده فيكم تقدم على أجازة من شغلها علشان أنا قررت إننا نسافر كفر الخولي في اقرب وقت..
علّقت سلمى بدهشة:
- أيوة يا بابا, بس حضرتك عارف طبيعة شغلي مش هقدر آخد اجازة طويلة... دا غير الرسالة بتاعتي..
قال والدها بهدوء:
- سلمى حبيبتي... السفرية دي ضروري نقوم بيها, وبعدين يا ستّي العربية موجودة.. وقت ما تحتاجي تنزلي مصر مافيش مشكلة ...
تدخلت سلافة في الحديث قائلة:
- بص يا بابايا.. انت عارف انى مقدرش ارفض لك طلب, من بكرة هقدم على أجازة, وأنا عموما عندي رصيد أجازات يسمح إنى آخد أجازة كويسة .
قال الأب مبتسما:
- يبقى كدا تمام .... رتبوا نفسكم في خلال يومين هنكون مسافرين ان شاءالله..
هتفت سلمى متسائلة:
- هتقول لجدي يا بابا؟
أظلمت عينا والدها بنظرة غموض وأجاب:
- أكيد لازم أقوله, جدكم هو اللي في إيده كل حاجه ..
ثم نهض قائلا : ها اقولكم تصبحوا على خير بأه ..
نهضت ألفت وقد ألقت بتحية المساء على ابنتيها وخرجت برفقة زوجها متجهان الى غرفتهما بينما تبادل كلا من سلمى وسلافة نظرات الاستفهام والتساؤل !!
=======================
- حمدلله ع السلامة يا عتمان يا ولدي.
قبل عثمان يد أبوه وأمه وقال وهو يجلس بجوارهما بينما قبلت راوية بدورها يد حماها وحماتها :
- الله يسلمك يا بووي ...اتوحشتكم جوي والرحلة كانت ناجصاكم والله انت وأمي.
قالت أمه ببشاشة:
- ان شاء الله المرة الجاية نكون صحبة عند النبي عليه الصلاة والسلام.
ثم التفتت الى راوية زوجة ولدها وتابعت بإبتسامتها الحنون: -
- كيفك يا أم غيث؟
أجابت راوية بابتسامة صغيرة :
- الحمدلله يا مرات عمي, الواحد ماكانِش عاوز يفوت الحرم واصل ويرجع, الود ودنا كنا نجعد إهناك على جد ما ربنا يجدرنا, لكن ماعينفعش, الحملة اللي طلعنا تبعها لها وجت مخصوص .
قال الحاج عبد الحميد بابتسامة :
- ان شاء الله تسافري في رمضان اللي جاي متل كل سنة.
قال غيث مستفهما :
- اومال وينه شهاب يا جدي ؟
زفر الجد بغيظ وضرب بعصاه العاجية الارض وأجاب بحنق ونظراته يعتليها الضيق:
- خووك خرج مع عزت ولد أبو سويلم زي كل ليلة.. وجال مش هيعوَّج... ساعة زمن وياجي وبجالو فوج عن ساعتين زمن !!
هتفت راوية بقلق:
- هو لساتو مصاحب ولد أبو سويلم ؟
فيما جحظت عينا عثمان غضبا وكتم انفعاله بصعوبة احتراما لجلوس والده وقال بغضب مكتوم:
- ولا يهمك يا حاج, ما تشيليش هم, أني لما أشوفه ليَّا معاه كلام كتير جووي, شهاب ماعادش إصغير, وماهواش جاعد إلحاله عشان يتصرف على مزاجه... لاه ... فيه حاجه اسمها الكبير.. والكبير كلمته لازمن تُحترم وتمشي على الكبير جبل الصغير..
دلف شهاب بمرح وهو يلقي السلام وقال بينما يتجه ليقبل يد والديْه وجديْه :
- ألف حمدلله ع السلامة يا حاج انت وامي..
قال ابوه بعد ان جلس بجواره شهاب وهو يتطلع الى ولده بجدية وصرامة:
- شهاب.. إوعاك تكون فاهم اكمنك درست وجعدت في البندر سنين دراستك انك خلاص... تجلع توبك وتلبس توب البنادر!, أنا كم مرة منبه عليك عزت ابوسويلم لع؟, لكن انت اللي في راسك لازمن تعمله .... راسك يابس كيف الصخر.. وأنا مش هعيد كلامي تاني يا شهاب .. وانت ما انتاشِ إصغير عشان أجولك تصاحب مين وتسيب مين .. عزت صاحبك ماجولناش حاجه.. بس مش لدرجة كل ليلة سهر إمعاه .. انت عارف اللي حُصل منِّيه كويس والحديت ديه مش عاوز أجوله تاني كنِّهُ جصِّة أبو زيد, صاحبك ديه خف عنِّيه شوية... مفهوم يا باشمهندز؟
أومأ شهاب برأسه الى أعلى وأسفل وأجاب وهو يكتم غضبه وغيظه بصعوبة :
- ماشي يا حاج, اللي تؤمر بيه... عن إذنكم وحمد لله على السلامة مرة تانية ...
ونهض مستئذنا في الانصراف مغادرا الى غرفته بينما قالت الجدة :
- معلهش يا عتمان يا ولدي, شهاب لساتو شاب وانت خابر طيش الشباب زين, بس أني متأكده انه مش هيعمل حاجه غلط واصل ,
قال عثمان زافرا بضيق :
- ان شاء الله يا ام عتمان ان شاء الله ...
قال الجد ناظرا الى عثمان بجدية :
- عتمان يا ولدي بعد ما اتغير خلجاتك وتريح اشويْ عاوزك تلافيني لداري, في موضوع إكده عاوز أجولك عليه...
نظر عثمان الى ابيه وقال بلهفة وقلق:
- خير يا حاج ؟
أجاب الجد ونظرات الغموض تكتنف مقلتيه :
- خير يا ولدي, ان شاء الله خير ...
- انت بتجول ايه يا أبوي.. خوي رؤوف هياجي أهنه ؟
هتف عثمان بعبارته بتساؤل ودهشة وعدم تصديق, فيما أومأ الجد بالايجاب وأجاب متنهدا بعمق:
- أيوة يا ولدي .. خوك هياجي...كلها ييمين.. تلاته.. وتلاجيه إهنه.. وسط أهله وناسه, لازمن الطير المهاجر يعاود لعشه من تاني يا عتمان يا ولدي.
قال عثمان وهو لا يدري أيفرح لعودة شقيقه الصغير الغائب منذ ما يقرب الثلاثين عاما... أم يغضب لابتعاده عنهم طوال هذه السنوات دون أي محاولة منه للتواصل معه على أق تقدير شقيقه الأكبر؟!, ولكن الإنطباع الذي غلب عليه هو الحيرة!, نعم.. لِما الآن؟, ما الذي حدث وجعله يقرر العودة الى أهله وبلدته؟, فهو منذ أن غادرهم بعد ان حصل على ليسانس الآداب وقرر ان يقترن بمن اختارها رغما عن رأي والده بل ورأي كبار العائلة وهو لم يسمع منه او عنه شيئا... وان كان يشك ان والده يعرف عنه ولكنه لا يصرّح بهذا...
التفت الى والده وقال :
- وانت عرفت من وين يا حاج ؟
نظر الجد اليه وقال بصرامة :
- انت عارف انى ما انجطعتش عن ولدي يا عتمان ... رؤوف خوك كان بيكلمني ويتحدت إمعايْ ويطمني عن أخباره أول بأول, ولو عليه كان رجع لنا من زمان... بس كان عامل حساب عمك طه وزعله منِّيه... ولمان عرف بمرض عمك جبل ما يموت زاره في المشتشفى واستسمح منه وحبْ على راسه... انا كنت يومها إهناك... وهو اللي طلب مني انه يزوره وسمحت له, وعمك طه سامحه, وكان نفسه يرجع تاني لهله وناسه, بس ولد عمك عدنان ربنا يهديه كان رافض انه يشوفه... بيجول خلا سيرتنا على لسان اهل البلد كلاتهم, الكل كان مستغرب وِلْد عمها فاتها ليه.. وكلام الناس كتير... حتى لو عاوز يتجوز من مصر.. الشرع حلل له أربعة.. يُبجى فاتها ليه جبل الجواز بحاجة بسيطة؟, وحلف ما عاد له ولد عم اسمه رؤوف ولو شافه هيدفنه مكانه!, وانت خابر عدنان ولد عمك ماعيتفاهمش واللي براسه ما في مخلوج يجدر يخرّجه منِّيه!!
قال عثمان مشفق على حال ابن عمه:
- ما هو رؤوف محجوج يا حاج .. كلاتنا غلطناه.. وانا بنفسي نصحته وجولت له لو عاوز يتجوز من مصر ماشي بس ما يصغرش بيك ولا بعمه وبت عمه, جعد يجولي كلام كبير زي انا لو اتجوزتها هظلمها وانا ماعينفعش اكون منافج واخبي على مرتي اللي في مصر, وانه زينب من حجها تتجوز راجل يكون رايدها هيا مش عشان كلام الناس, وركب راسه وعمل اللي في دماغه هو وبس ... بس عموما الكلام ديه من زمن وعدنان ماعادشِ الشاب الصّغيّر اللي بيتحِمِجْ على أجلّها حاجه, هو كبير عيلته دِلْوَكْ بعد عمي طه الله يرحمه ما اتوفى, وانا متأكد انه سامح رؤوف, وخلاص زينب اتجوزت راجل زين وبيحترمها ومن عيلة كبيرة ... رياض طول عمره محترم إمعانا وبيكبر بينا, وربنا بيحب عمي وبت عمي انه عوضهم بواحد زييه...
قال الجد منهيا الحوار :
- جُصر الكلام ... خوك هيوصل في ظرف ييمين تلاته بالكَتير, ومش عاوز حد يفتّح في كلام فات.. خلاص اللي فات مات واحنا ولاد انّهاردِه, ولازمن تاخد خوك وولاده في حضنك وتحت جناحك, انت دلوَكْ عمهم الكبير وهما بنات مالهومش بعد ربنا سبحانه وتعالى الا ابوهم واحنا !!
ارتسمت بسمة حانية على شفاه عثمان وقال :
- هو رؤوف عنديه بنات ؟
أجاب الجد بإبتسامة هادئة:
- إيوة عنديه بتتين !
قطب عثمان وقال :
- مافيش إولاد ؟
هز الجد برأسه نافيا :
- لع... مافيشي ولاد... بتتين واحده دَكتورة والتانية مش عارف بتشتغل في شركة اجنبية ومخلصة حاجه اكده خووك بيجول انها شهادة عالية جووي, لكن انا ماهيمنيش همّا بيشتغلوا ايه, بناتنا مش بيشتغلوا حدا حد.. اللي يهمني انهم يتعلّموا سلوْ بلدنا وعوايدنا وتجاليدنا, ويعيشوا معانا إهنه, خلاص كفاياه خوك سفر وغربة وشحططة!!
قال عثمان ساخرا :
- وبت البندر مرته هترضى تعيش حدانا في الكفر؟, واكيد بناتها طالعين لها .... هيسيبو البندر وياجو يعيشو إهنه؟
أجاب الجد بحزم:
- الحريم مالهومِش شور .. الراي في الاول والاخير راي راجلها وهي اتنفذ وبس!, واذا كان خوك جعدته في البندر نسيته عوايدنا احنا هنفكرو بيها ..اهم شيء انت تكلم عدنان ولد عمك .. هو هياجي الليلة يتحمد لك بالسلامة هو وعايدة اختك مراته وهتاجي سلسبيل بتِّك معهم, زوجها مسافر كم يوم اسكَندرية عشان شغل, واستأذنته انها تاجي مع ابوه وامه تسلم عليكم وهو وافق...
هز عثمان برأسه راضيا وقال :
- راضي طول عمره طيب ومش بيرضى يزعل سلسبيل واصل, عكس خووه ليث.. نار جايده طول الوجت اسم على مسمى صوح ليث وهو كيف الليث في غضبه وعصبيته!, هو وراضي خوه تمام كيف ولدي شهاب وخوه, اللي يشوفه ماهيصدجش انه وغيث توم حتى مش شبه بعض ..عموما اطمن يا ... رؤوف خوي هيرجع بلده وبيته واهله بالسلامة وبناته بناتنا ومرته هنشيلها فووج روسنا كرامة له, لكن هي برضيك لازم تراعي الاصول معانا .
هز الجد برأسه مبتسما وقال :
- اني شوفتها نوبتين تلاته إكده, وعاوز اطمنك إنها كانت في منتهى الاحترام معاي انا وامك ..عموما انا متأكد انها هتراعي جوزها وهتعرف تعيش وسطينا ... طمنت جلبي يا عتمان يا ولدي ربنا يطمن جلبك...
نهض عثمان ومال على والده مقبلا كتفه وقال :
- طب عن اذنك أني يا حاج, هروح أريح شوي... وماتشيلش هم حاجه واصل, ولادك كيف ما ربيتهم... مش احنا اللي نرفض ولدنا ونطلعه من وسطينا, الزمن فات يا حاج والكل شاف حاله وعيال البارحة بجوا رجالة انهاردِه وولادنا بيتزوجوا, وعمي الله يرحمه مات وهو مسامحه وعدنان أنا خابره زين, جلبه كيف الجُطن الابيض, رؤف خويْ هياجي يلاجي بيتنا ودراعتنا وجلوبنا مفتوحا له هو ومرته وبناته!
ابتسم الجد وعقّب:
- الله يرضى عنيك يا ولدي.. روح يا ولدي دارك ريح جتتك شويْ ربنا يبارك فيك وفي عيالك, انت كبير عيلة الخولي من بعدي, اني إكده اطمنت ع العيلة من بعديْ...
انصرف عثمان وهو يدعو لوالده بطول العمر تاركا والده والابتسامة تزين ملامحه .......
================================
صعدوا الى سيارتهم العائلية والتي تقودها سلمى - فوالدها ممنوع بأمر الاطباء من القيادة نظرا لحالة قلبه - وقد جلس والدها بجوارها بينما والدتها وشقيقتها تجلسان في الخلف وقال ابوها بابتسامة :
- ياللا يا سلمى يا حبيبتي رجّعينا بلدنا.. اشتقت لريحتها ولناسها ولزرعها وسماها .
ابتسمت سلمى في حنان وهزت برأسها إيجابا ثم أدارت المحرك وانطلقت في حين نظر رؤوف الى السماء وقال :
- يارب انا استخرتك في الخطوة دي .... اجعل اللي جاي سهل واحفظ لي بناتى ومراتي .....
وبدأت رحلة العودة .... ترى هل سيندم رؤوف على عودته وما مصير بناته ؟؟؟
- يتبع -

همس الريح 21-09-16 02:04 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى لطفي (المشاركة 3660414)


همووووووووووس وحشاااااااااااااني حبيبتي من هنا لييييييييين عندك هههههههههههه.....، بجد فرحت جدااااااااااا لما شوفت تعليقك على الرواية والاحداث، وانتي عندك حق بدري على الاحزاب وخلي بالك ما تتسرعي وتاخدي حزب معين لأنه لسه الكبييييييييير جاااي هههههههههه وما ينفع تغيري بعد كدا فروستخ روستخ يا زكي يا روستخ :lol:
الجد... بالنسبة لي هو البطل الأساسي بالرواية ، ومع الوقت بتعرفي ليه، ولعيونك بارت هدية ولو كم هموووس عندي أنا.. ربي ما يحرمني منك حبيبتي.. قبلاتي لكي غاليتي... :e418::e418::e418::e418::e418::e418:

حبيبتي انتي


وه بس وه فديت حبيبتي
منورة ليلاس بكبره يا عسل
اممممممممممممممممممممم ..زين بنتظر
بس غيث ما حبيته ..ههههههههههههههه صامله ما اغير رايي
و الجد حبيته حبيته

تسلميييييييييييييييييييييييييييين فديتش ..

في انتظار البارت :party0033::party0033::party0033:

أنجيلا 21-09-16 05:02 PM

رد: كبـير العيلة
 
:4redf54r::4redf54r::4redf54r::4redf54r::4redf54r:

منى لطفي 21-09-16 05:04 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660418)
حبيبتي انتي


وه بس وه فديت حبيبتي
منورة ليلاس بكبره يا عسل
اممممممممممممممممممممم ..زين بنتظر
بس غيث ما حبيته ..ههههههههههههههه صامله ما اغير رايي
و الجد حبيته حبيته

تسلميييييييييييييييييييييييييييين فديتش ..

في انتظار البارت :party0033::party0033::party0033:

ههههههههه ما محبة الا بعد عداوة، عامة اختاري اللي نفسك فيه الرواية لسّه فيها أبطال انما إيه من الآخر ههههههه.. وليلاس منور بيكم وبصحبتنا الطيبة الحلوة تسلميلي حبيبتي... على فكرة البارت نزل في انتظار رأيك يا قمر اموووووووواه.. :welcome3:

sasogamal 21-09-16 05:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
مقدمة جميلة بتوفيق حبيبتي

منى لطفي 22-09-16 12:04 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة sasogamal (المشاركة 3660468)
مقدمة جميلة بتوفيق حبيبتي

تسلميلي يا قمر وان شاء الله الرواية تنال اعجباكم :welcome3:

همس الريح 22-09-16 08:27 AM

رد: كبـير العيلة
 
البارت نزل من امس و انا يا غافل لك الله ..

هههههههههههههههههههههه

مشكوووووووووووووووووووووورة فديتش علي الهديه

ممتعه ممتعه ممتعه
و تونا في البدايه و مرحلة التعريف بالابطال و توضيح احداث الماضي

حبيت حوار الاب رؤوف مع البنات .. ما شاء الله و نعم التربيه ..
بس احسهم بيصطدمون بواقع مر مر .. يعني مراير من الاخر يوم يروحون كفر الخولي ..

ابي التؤام .. اخ رؤوف .. يمممممممه منه .. يختي تخيلته بوجه واحد من طاريد الجبل هههههههههههههه
اهم شي انهم مع امتعاضهم من اللي صار بس يبي اخيه يرد لهله و بيته

المشكله انهم يتكلمون عن عودة دائمه
و البنات و ابيهم عن زياره طويله نسبيا عقبا ترد العلاقات لطبيعتها و البنات يردون لحياتهن مع زيارات مستمره لجذورهم و اتوقع ذي بداية الخلاف

غير اني احس ان ابيهم وراه علم ..
ان شاء الله توقعي ما يصيب لان البنات بغير ابيهم بيتغربلون

التؤام المختلف ..ذكروني بتؤام اعرفهم ..ههههههههههههههه

نشوف وش بيكون تقبلهم لبنات عمومتهم
و لا زلت لا احب غيث .. فيس صامل

ولد عمهم .. ما الومه علي تشنجه بالنسبه لرؤوف
ما ندري الحين شلون بيتقبله
بس في مجتمعاتنا العربيه .. المحافظه يوم البنت ولد عمها يهون عنها معناها فيها بلا
و ما يفهمون ان رؤوف ما دري عن كل ابي الالفه غير لحظة رفضه
ما علينا
عسي البنت تزوجت و عاشت حياتها بهنا بس

في الانتظار ..
علي احر من الجمر
جالس اتريا البارت
فوق احر من الجمر
فوووق احر من الجمر

bluemay 22-09-16 05:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لسه طبعا ما استوضحت الاحداث بالنسبة الي .. ومو عرفانة مين هم الكوبلز تبعون هالرواية

بس اتوقع غيث وسلمى

وسولي وشهاب ..


لو ما خاب ظني يعني وطلع انجذاب الاضداد هو اسلوبك .


رؤوف كان لازم يرجع بس عندي شعور انه في شي منتظره هناك والقلوب مو متصافية 100%

اتوقع انه ممكن يغتال ويصير مصير بناته مرتبط ببقائهم مع اهل ابوهم اجباري ..


يسلمو يا عسل وبإنتظارك تنقليلنا اجواء الصعيد الحلوة وخصوصا الطعام الشهي اللي بشتهروا فيه .

تقبلي مروري و خالص ودي

همس الريح 22-09-16 06:56 PM

رد: كبـير العيلة
 
ما طمنتيني ميمي

ترا عندي نفس الاحساس ان بيصير شي لرؤوف و البنات يظلن من وراه في كفر الذئاب

ترا مقصوده ..
احس به ذئب متوحش باقي ما ظهر ..

منى لطفي 22-09-16 09:35 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660524)
البارت نزل من امس و انا يا غافل لك الله ..

هههههههههههههههههههههه

مشكوووووووووووووووووووووورة فديتش علي الهديه

ممتعه ممتعه ممتعه
و تونا في البدايه و مرحلة التعريف بالابطال و توضيح احداث الماضي

حبيت حوار الاب رؤوف مع البنات .. ما شاء الله و نعم التربيه ..
بس احسهم بيصطدمون بواقع مر مر .. يعني مراير من الاخر يوم يروحون كفر الخولي ..

ابي التؤام .. اخ رؤوف .. يمممممممه منه .. يختي تخيلته بوجه واحد من طاريد الجبل هههههههههههههه
اهم شي انهم مع امتعاضهم من اللي صار بس يبي اخيه يرد لهله و بيته

المشكله انهم يتكلمون عن عودة دائمه
و البنات و ابيهم عن زياره طويله نسبيا عقبا ترد العلاقات لطبيعتها و البنات يردون لحياتهن مع زيارات مستمره لجذورهم و اتوقع ذي بداية الخلاف

غير اني احس ان ابيهم وراه علم ..
ان شاء الله توقعي ما يصيب لان البنات بغير ابيهم بيتغربلون

التؤام المختلف ..ذكروني بتؤام اعرفهم ..ههههههههههههههه

نشوف وش بيكون تقبلهم لبنات عمومتهم
و لا زلت لا احب غيث .. فيس صامل

ولد عمهم .. ما الومه علي تشنجه بالنسبه لرؤوف
ما ندري الحين شلون بيتقبله
بس في مجتمعاتنا العربيه .. المحافظه يوم البنت ولد عمها يهون عنها معناها فيها بلا
و ما يفهمون ان رؤوف ما دري عن كل ابي الالفه غير لحظة رفضه
ما علينا
عسي البنت تزوجت و عاشت حياتها بهنا بس

في الانتظار ..
علي احر من الجمر
جالس اتريا البارت
فوق احر من الجمر
فوووق احر من الجمر

همووووووووس حبيبتي... هههههههههه اللي بيبحب ما بيكره لكن اللي بيكره ممكن يحب وانا لسه على رأيي انك بتحبي لا مو تحبي بتتقبلي غيث لاني عارفة بل ومتأكده هتحبي مين .. هههههههه لا مش شهاب اكيد لسه البطل الغامض بسلامته...
المشكلة في عودة رؤوف هي اللي انتي ذكرتيها ابن عمها يتركها في اخر لحظة يبقى اكيد فيها إن وأخواتها كمان عشان كدا اتحرم انه يدخل البلد تاني وعيلته قاطعته لفترة طويلة قبل ما ابوه يحن من تاني...
بالنسبة للزيارة ولا العودة النهائية فمفاجآآآآآآآآت بانتظارهم هناك صدقيني أهونها هو يا ترى هيرجعوا ولا هيستمروا المشكله انهم رايحين مجتمع غريب عليهم في كل شيء وعادات المجتمع دا مش قريب حتى من اللي اتعودوا عليه ومن هنا هيحصل الصدام و.. الاصطدام!!!!!!!!!!!!!!!..
في انتظارك يا قمر البارت اللي جاي تسلميلي حبيبتي...

منى لطفي 22-09-16 09:37 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660615)
ما طمنتيني ميمي

ترا عندي نفس الاحساس ان بيصير شي لرؤوف و البنات يظلن من وراه في كفر الذئاب

ترا مقصوده ..
احس به ذئب متوحش باقي ما ظهر ..

ههههههههه لا مش كفر الذئاب دا وادي الذئاب وانتي الصادقة ، وبالنسبة للي هيحصل للبنات فدا مش احساس حضرتك دا واااااااقع هههههههه اللي هيحصل لا يتحكي ولا يتقرى... شيء من ورا العقل.... :party0033:

منى لطفي 22-09-16 09:41 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3660604)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لسه طبعا ما استوضحت الاحداث بالنسبة الي .. ومو عرفانة مين هم الكوبلز تبعون هالرواية

بس اتوقع غيث وسلمى

وسولي وشهاب ..


لو ما خاب ظني يعني وطلع انجذاب الاضداد هو اسلوبك .


رؤوف كان لازم يرجع بس عندي شعور انه في شي منتظره هناك والقلوب مو متصافية 100%

اتوقع انه ممكن يغتال ويصير مصير بناته مرتبط ببقائهم مع اهل ابوهم اجباري ..


يسلمو يا عسل وبإنتظارك تنقليلنا اجواء الصعيد الحلوة وخصوصا الطعام الشهي اللي بشتهروا فيه .

تقبلي مروري و خالص ودي

ميووووش حبيبتي سعيييدة جدا لمتابعتك الرواية يا قمر، تسلميلي يارب
ما تخافي بالنسبة انكم هتنقلوا لأجواء الصعيد فهتتنقلوا لا تقلقي من الناحية دي ههههههههه هتتنقلوا للحياة هناك بكافة أنواعها، من الاخر مش هخلي نفسكم في حاجة... وربنا يستر...
:e418::e418:

همس الريح 22-09-16 11:52 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى لطفي (المشاركة 3660633)


ههههههههه لا مش كفر الذئاب دا وادي الذئاب وانتي الصادقة ، وبالنسبة للي هيحصل للبنات فدا مش احساس حضرتك دا واااااااقع هههههههه اللي هيحصل لا يتحكي ولا يتقرى... شيء من ورا العقل.... :party0033:

يا شريييييييييييييييييييييييييييره ..

كان قلبي حاسس ان به مصيبه .
و ان الهدوء النسبي للبارتين وراه حروب و معارك

في الانتظار

علي نااااااااااااااااااااااااار

فيت المشاكسه 23-09-16 05:36 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم بدايه شيقه حبيت الجو الصعيدي وحبيت اللهجه شهاب وسلافه تعجبني الشخصيه المتمرده عكس غيث احساسي المبدئي له بعدم استلطاف وعندي احساس بإن ليث قريب عدنان حيكون له دور قوي مع احدي البنات كاخذ للثار او ايقاف العداوه ممكن سلافه لان شخصيتها حتجيبلها مصايب ^=^ شطحت بتوقعاتي موفقه تقبليني متابعه لك من ليبيا

مملكة الغيوم 24-09-16 12:42 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
يا هلا وغلا والف مرحبا منمن وحشتينى ووحشنى ابطالك الصعايده عودا حميدا بروايه باين من اولها انها ناريه حماسيه مشتعله واللهجه الجنوبى يابوى لها مفعول السحر على الودن احب اوى لغة اهل الجنوب تحسى فيها فخامة وضخامه
ابطالنا الحلوين البنات طبعا واضح خفة الدم من سولى والرزانه والعقل مع سلمى ورؤف وحرمه الشوق والحب تالتهم
اهل كفر الخولى الجد والجده الطيبه غالبه عليهم لكن التعصب طبع اهل الريف والصعيد
الاخ عثمان وولاده هما حيبقو محور التعصب الجديد والبنت لابن عمها وحورات وخنقات ربنا يستر من باقى الابطال اللى لسه مظهروش
مبارك علينا نزول روايتك الجديده يا منمن وربنا يتممهالك على خير وان شاء الله تلاقى صدى وقبول وتكسر الدنيا وتعدى كل المقاييس ونحتفلو معاكى بختامها زى جوازة نت مممممممممممممممممممممممواه

منى لطفي 24-09-16 03:53 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3660770)
السلام عليكم ورحمة الله
يا هلا وغلا والف مرحبا منمن وحشتينى ووحشنى ابطالك الصعايده عودا حميدا بروايه باين من اولها انها ناريه حماسيه مشتعله واللهجه الجنوبى يابوى لها مفعول السحر على الودن احب اوى لغة اهل الجنوب تحسى فيها فخامة وضخامه
ابطالنا الحلوين البنات طبعا واضح خفة الدم من سولى والرزانه والعقل مع سلمى ورؤف وحرمه الشوق والحب تالتهم
اهل كفر الخولى الجد والجده الطيبه غالبه عليهم لكن التعصب طبع اهل الريف والصعيد
الاخ عثمان وولاده هما حيبقو محور التعصب الجديد والبنت لابن عمها وحورات وخنقات ربنا يستر من باقى الابطال اللى لسه مظهروش
مبارك علينا نزول روايتك الجديده يا منمن وربنا يتممهالك على خير وان شاء الله تلاقى صدى وقبول وتكسر الدنيا وتعدى كل المقاييس ونحتفلو معاكى بختامها زى جوازة نت مممممممممممممممممممممممواه

حبيبتي وحشااااااااااااااااااااااااااااااني جدااااااااااااااااااااااااا، هههههههه عود أحمد وايث وغيث وشهاب وكله هههههههههه.... تسلميلي يا قلبي..
يارب الرواية تعجبكم أنا بقول لهموس هي كوكتيل يعني الي بيحب الاكشن هيلاقي، دراما شغال ، كوميدي موجود وطبعا الهييييييييييح أو الرومانسي دا الاصل ههههههههه يعني كله في واحد all in 1 تسلميلي قلبي امووووووواه

منى لطفي 24-09-16 03:56 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3660665)
السلام عليكم بدايه شيقه حبيت الجو الصعيدي وحبيت اللهجه شهاب وسلافه تعجبني الشخصيه المتمرده عكس غيث احساسي المبدئي له بعدم استلطاف وعندي احساس بإن ليث قريب عدنان حيكون له دور قوي مع احدي البنات كاخذ للثار او ايقاف العداوه ممكن سلافه لان شخصيتها حتجيبلها مصايب ^=^ شطحت بتوقعاتي موفقه تقبليني متابعه لك من ليبيا

حبيبتي يشرفني متابعتك ليا يا قمر تسلميلي ويارب الرواةي تنول اعجابك ويا ريت ما تحرميني تعليقك على الفصول... تقبلي تحياتي .. :welcome3::smile:

منى لطفي 24-09-16 03:58 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3660651)
يا شريييييييييييييييييييييييييييره ..

كان قلبي حاسس ان به مصيبه .
و ان الهدوء النسبي للبارتين وراه حروب و معارك

في الانتظار

علي نااااااااااااااااااااااااار

:welcomepirate1::56::tyr456es:

منى لطفي 24-09-16 04:05 AM

رد: كبـير العيلة
 
حبيباتي بنزل البارت الجديد الآن لأني غدا ظروفي ملخبطة شوية .. عامة احنا بكرة خلاص ههههههه صباح الورد... البارت الجديد في المشاركة التالية....

منى لطفي 24-09-16 04:07 AM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة – 3 –
[COLOR="Blue"]وصلت عائلة رؤوف الى مشارف البلدة وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يقول محدثا زوجته وابنتيه :
- شوفتوا بلدكم جميلة ازاي؟, شوفتوا الخضار اللي ملون أرضها.. لونه نفس لون قلوب ناسها.. أخضر وصافي...
قالت سلمى بابتسامة خفيفة :
- جرى ايه يا بابا؟, انا عارفة انك بتحب الأدب والشعر بس دي أول مرة أسمعك بتقول شعر بالطريقة دي.. من ساعة ما ركبنا العربية واحنا في مصر وانت زي الحبيب اللي راجع لحبيبته بعد طول غياب وعمّال يتغزل فيها !!
ضحك والدها ضحكة صافية بينما سارعت سلافة بالهتاف بمرحها المعهود موجهة حديثها الى أمها الجالسة بجوارها على المقعد الخلفي تبتسم بسعادة لسعادة زوجها:
- أوباااا.. خلِّي بالك يا ليلى.. إنِّي ألمح شبح حب قديم يلوح في الأفق غاليتي!!
ضحك الجميع وعلقت ألفت بمرح :
- لا تهتمي يا فتاة.. فقلبه معي ولم يسكنه غيري ..
قال رؤوف مكملا حديثهم بالعربية الفصحى:
- ولن يسكنه غيرك يا ليلايْ!
وانطلقت سلمى متابعة طريقها وسط الضحكات التي تتعالى في السيارة ...
**************************************************
فُتحت بوابة حديدية ضخمة على مصراعيها بعد أن إنطلق زمور سيارة عائلة رؤوف وانطلقت سلمى عابرة اياها بسرعة لتبطيء بعد ذلك من حركتها ما إن اقتربت من البوابة الداخلية للمنزل بينما تلفت شهاب على صوت السيارة المتقدمة للداخل ليرمقها بتساؤل من فوق جواده العربي الاصيل (عنتر)...والذي كان جواداً اسود كالليل البهيم كان شهاب هو من روّضه, فقد كان فرس عربي جامح ولكن شهاب استطاع ترويضه وأصبح فارسه الأوحد ...
- ستِّي الحاجة...يا ستِّي الحاجة الضيوف جوم بالسلامة...
اندفعت وردة تهتف بالبشارة لسيدتها وهي تركض فرحة, بينما قامت فاطمة من مجلسها بسرعة وهي تستند على ركبتيها بوهن وقالت وهى ترتدي خفها الذي لم تستطع ارتداؤه بسهولة من اول مرة لاستعجالها بينما نادت وهى تحاول الإسراع في سيرها بما يسمح لها جسدها الكهل:
- نادمي على الحاج يا بت يا وردة..
قالت وردة الفتاة ذات الرابعة عشر ربيعا وهي تهم بتلبية أمر سيدتها:
- من عينيا.. حاضر, يا حاج.... يا حاج ...
بينما وقفت فاطمة وهي تنظر الى الباب حيث دخل راجح غفيرهم الخاص يحمل حقائب عدة إحداها فوق كتفه الأيمن يسندها براحته اليمنى الغليظة وأخرى تحت إبطه الأيسر وثالثة ورابعة يمسك بمقبضيهما بكفّه الأيسر الغليظ!!
تنحنح راجح وهويسعل هاتفا بضخامة صوته الجهوري:
- يا رب يا ساتر....
ووضع الحقائب جانبا بينما تقف فاطة تنظر بلهفة الى الباب والدموع تتلألأ في عينيها وإبتسامة ترقب ترتسم على شفتيها المشققتين, حبست أنفاسها حين طالعتها قامة مديدة يعلوها رأس اسود غزا الشيب شعره, ارتجفت شفتيها ومدت يديها فاتحة ذراعيها وهى تقول بتلعثم وإبتسامة سعادة وعدم تصديق لما تراه عينيها تشق طريقها الى وجهها المتغضن فيما تتدافع الكلمات من فمها بينما ترتعش شفتاها وتغيم عيناها بالدموع التي فاضت ما ان نطقت قائلة :
- و.. ولـ... ولدي, ولداااااااي .....
ركض رؤوف الى أمه في سرعة وكأنه قد غدا شابا في العشرين من عمره, ليلقي بنفسه بين أحضانها الدافئة, هذا الحضن الذي حُرم منه طويلا, كانت تغسل وجهيهما بدموعها بينما يقبل هو كل إِنش في وجهها وتقبل هي رأسه ووجهه وهي تهتف منادية بإسمه ثم ابتعدت قليلا عنه لتملأ عينيها برؤية وجهه الذي اشتاقت له حتى أمرضها شوقها ذلك, ثم أحاطت وجهه بكفيها المغضنتين وهي تقول من بين غصات بكائها الحار والذي يناقض الابتسامة الواسعة التي ارتسمت على وجهها لتنيره:
- رؤوف .. ولدي, يا حتة من جلبي, اتوحشتك جوووي.. جووي يا ولدي...
امسك رؤوف بيديها المحيطة بوجهه ليقبل باطن كفيها وهو يقول بينما دموعه قد غلبته رغما عنه لتغرق وجنتيه:
- وانتي كمان يا أمي.. وحشتيني اووي... اوووي ...
سمع صوتا على الرغم من عدد السنين التي مرّت ولكنه لا يزال محتفظا بقوته وثباته وهو يهتف آمرا:
- كفاياكي يا فاطنة... خليني اعرف اسلم على الغالي...
رفع رؤوف رأسه ليشاهد نظرات والده المشتاقة وهو يتابع بابتسامة مرتجفة رغما عنه فاتحا ذراعيه على وسعهما:
- ايه .. ما اتوحشتنيش آني كُمااان ولا ايه يا ابن عبد الحميد؟!.
ابتعد رؤوف قليلا عن والدته وسار حتى والده وهو يجيب بابتسامة مشتاقة ودموع تسيل رغما عنه مغرقة وجهه الأسمر:
- ابن عبد الحميد اشتاق لريحة عبد الحميد يا حاج..
ورمى نفسه بين ذراعي والده ليتلقفه حضنه القوي الدافيء ورفع يد والده يقبل ظاهرها وسط عبارات الحمد والشكر لله التي صدرت من عبد الحميد أن منّ عليه الله بإحتواء ابنه ثانية بين ذراعيه ورؤيته وسط عائلته قبل ان توافيه المنية...
راقبت عائلته الصغيرة ما حدث من لقاء عائلها الحبيب مع والديْه والدموع تجري مدراراً من فيض المشاعر التي تراه امامها, ابتعد قليلا رؤوف عن والده واشار بيده الى عائلته الصغيرة الواقفة بجوار بعضها البعض وهو يقول وابتسامة فخر صغيرة ترتسم على وجهه :
- عيلتي يا حاج ...
قالت فاطمة وهى تحاول ايقاف دموعها بإبتسامة أمومية حانية:
- ما شاء الله يا ولدي ...
بينما واصل رؤوف حاثًّا عائلته على التقدم والسلام على والديه:
- سلمى, سلافة, تعالوا حبايبي سلموا..., ثم تابع بفخر مشيرا الى والديْه:
- دا جدكم.. أبويا الحاج عبد الحميد, وجدتكم... أمي الحاجة فاطمة...
اقتربت ألفت للسلام على حماها وحماتها وقالت بابتسامة هادئة صافية وهي تقبل رأسيهما:
- انا مبسوطة جدا انى شوفتكم.. رؤوف بيتكلم عنكم كتير وما صادفش في الكم مرة اللي اتقابلتوا فيها إني أكون موجودة..
رحبت بها فاطمة قائلة بابتسامة صغيرة:
- بيتك وُمطرحك يا مرات الغالي.., بينما صافحها الجد مرحبا بها بابتسامة هادئة.....
قدّم رؤوف سلمى قائلا بفخر أبوي:
- دي سلمى يا حاج... الدكتورة سلمى رؤوف عبد الحميد الخولي...
اقتربت سلمى وصافحت جدها مقبلة رأسه بينما تلقفتها جدتها بين أحضانها وهى تهتف بحب:
- بسم الله ما شاء الله.... دَكتووورة !, أهلا بيكي يا بتِّي... نورتي بيتك ومُطرحك يا ست الدكتووورة..
اقتربت سلافة بينما تزين ثغرها ابتسامة واسعة وهي تسبق والدها في التعريف بنفسها بمرحها المعهود:
- وانا بأه آخر العنقود سكر معقود...
التفتت اليها جدتها وقالت وهى تفتح ذراعيها اليها :
- تعالي يا سكر إنتي, شكلك سكر ودمك احلى من السكر كومان...
احتضنتها سلافة وهى تقبل راسها وهتفت بشقاوتها المحببة:
- انت اللي احلى من العسل يا ماما ستو...
قطبت جدتها قليلا وابعدتها عنها وهي تستفهم بحيرة:
- واه!, ايه؟, ماما ستو؟, ايه ماما ستو دايْ؟..
أجاب رؤوف بابتسامة صغيرة:
- ماما ستو يعني جدتي يا أم رؤوف بس في البندر بيقولوها كدا.
قالت الجدة وهى تحيط كتفي سلافة بذراعها بضحكة سعيدة:
- ماما ستو... ماما ستو, ماعيفرجش.. اهنه بيجولو جدتي.. لكن أي حاجه منيكي مجبولة يا بت الغالي, وانت بجاه اسمك ايه على اكده؟, بوكي جالو بس ما تواخزنيش يا بتّي راح من بالي!.
قطبت سلافة بينما ضحك والدها وهو يجيب:
- معلهش يا حاجه.. اصل اسمها مش عاجبها!
قطبت امه سائلة :
- ايه ؟, مش عاجبها ؟, ليه يعني؟!, عيكون اسمها ايه ان شاء الله.... زليخة؟
ضحك رؤوف قائلا :
- لأ ... سلافة!
كررت فاطمة هاتفة:
- ايه؟, مين؟, كيف سُلفة يعني؟, تاجي إزايْ ديْ؟!
تبرّمت سلافة وقالت لوالدها بحزن مصطنع:
- شوفت يا بابايا... أهي ماما ستو مش عاجبها الاسم وبتقول سلفة!!, لا يا ماما ستو مش سلفة... سلافة.. اقولك.. قوليلي سولي!
هتفت جدتها باستهجان :
- واه... ايه؟, سولي؟, ديه كلب دِه؟, كيف يا بتي أناديكي باسم كلب الله يرضى عنيكي بس؟!!
ضحكت ألفت قائلة :
- شوفتي.. مش انا لوحدي اللي مش عاجبني اسم الدلع بتاعك! قالت سلافة بحنق :
- خلاص يا ماما ستو قولي لي.. لولو!, ايه رأيك؟, أظن سهلة أهي؟!
أجابت فاطمة وهي تشيح بيدها :
- مِشِ إمهمْ... لولو.. لولو, إلِمهم انك أحلى من اسمك..
ضحك الجميع بينما اقترب الجد وهو يقول :
- طيب ولولو مش ناوية تسلم على جدها ولا ايه؟
اقتربت سلافة وهي تجيب بضحكتها التي تدخل القلوب:
- معقولة يا بابا جدو؟, أنا من ساعة بابايا ما كلمنى على حضرتك ونفسي اشوفك...
احتواها جدها بين ذراعيه وهي يقول بحنان أبويّ:
- شكلك إكده.. نصابة إصغيرة كيف بووكي وهو في سنّك إكده.. كان بياكل بعجلي ياما حلاوة!
سمعوا صوتا جهوريا يقول :
- وكانت النتيجة انه بعد عنِّنا اكتر من 30 سنة !.
التفتوا جميعا ليشاهدوا عثمان وهو يتقدم منهم وما لبث ان وقف قليلا يطالع في أخيه الواقف وسط عائلته الصغيرة التي استطاعت نيل اعجاب والده ووالدته منذ لحظة دخولهم, نظر مليا الى شقيقه الذي وقف يبادله النظرات بأخرى هادئة.. متسائلة.... قلقة!!, بينما نظرات عثمان يشوبها الغموض, وساد الصمت المترقب بين الجميع, وكان عثمان أول من خرقه عندما ترك العصا الأبنوسية التي يحملها جانبا ومد ذراعيه قائلا وابتسامة بدأت في الظهور على محياه :
- نورت بيتك يا وِلد أبوي...
ليسارع رؤوف باحتضان شقيقه وهو يتشمم رائحته بلهفة كبيرة, تلك الرائحة العابقة برائحة هذه الارض الطيبة والتي اشتاق اليها اشتياق العطشان للماء ..
أشارت فاطمة لإمرأة تقف بعيدا تراقب ما يحدث أمامها وتعابير وجهها لا تنم عما يجيش في صدرها من مخاوف وتساؤلات, وبعضا من الغيرة لدى رؤيتها لفرحة الجميع بعودة الغائب بصحبة عائلته, هتفت فاطمة بابتسامة واسعة:
- جدّمي يا أم غيث سلِّمِي على ولد عمك رؤوف ومَرَتُه وبناته...
تقدمت راوية وهي تعدل من وضع وشاحها الملون العريض فوق رأسها ورسمت ابتسامة هادئة وقالت مرحبة وهي تنظر بطرف عينها الى رؤوف:
- حمدلله ع السلامة يا وِلد عمي...
رد رؤوف تحيتها بإيماءة صغيرة من رأسه وقال ببشاشة:
- الله يسلمك يا أم غيث...
تقدمت باتجاه ألفت ووقفت أمامها ومدت يدها لتصافحها وهي تقول برسمية:
- البلد نورت بوجودكم....
ومالت عليها لتقبلها قبلة خفيفة باردة ولكن ألفت لم تقف عندها وأجابت بابتسامة صافية:
- منورة بيكم يا أم غيث....
ابتعدت راوية بعد ذلك وهي ترمق البنتين بغموض, سارعت سلمى لمصافحتها وهي تقبلها قائلة:
- أزيك يا طنط؟..
وتبعتها سلافة وهي تكمل:
- عاملة ايه يا طنط؟..
أخفت راوية امتعاضها من اسلوب البنتين في الكلام, واستهجنت في داخلها هامسة مع نفسها:
- طنط وطنط, ايه الكلام الماسخ ديه؟, كَنْهُمْ بيجولوا طنطا!, انما هجول إيه؟, طالعين لامهم, مجايبك يا ولد عمي!!
قال الجد قاطعا السلام البارد الذي استشعره من كنَّته راوية تجاه عائلة ولده الآخر رؤوف:
- جرى ايه يا أم غيث, فين الغدا, ضيوفنا أكيد جاعوا من تعب المشوار والطريج!!..
هنا تبدلت تعابير راوية من البرود للهفة وسرعة الاستجابة مما دل على مدى الاحترام والهيبة التي يمثلها هذا الصرح الشامخ الواقف أمامهم والذي مهما مرت عليه السنون فإنها لا تنقص من مكانته وهيبته وسط أفراد عائلته شيئا, قالت راوية وهي تهم بالذهاب:
- حالا يا بويا الحاج, هجولهم يجهزوا الغدا...

************************************************
جلس الجميع في غرفة الجلوس الكبيرة بمقاعدها الخشبية الثمينة المنحوتة على هيئة الأرابيسك, كان رؤوف أول من قطع الحديث الدائر حول أحوال البلدة والأهل والأقارب حينما توجه بالسؤال الى شقيقه الأكبر قائلا:
- أومال فين أولادك يا أبو غيث؟, غيث وشهاب وسلسبيل صح؟
أجاب عثمان بابتسامة فخورة:
- صوح يا ولد أبويْ, غيث في الديوان دِلوكْ, وشهاب في المزرعة أما سلسبيل بجه فهي ببيت جوزها... راضي وِلد عدنان إبن عمنا طه الله يِّرحَمُهْ, ما كانوش يعرفوا انك هتاجي انّهارْدِهْ, ولا كانوا هيبجوا في استجبالكم...
قال رؤوف بابتسامة حانية:
- ربنا يخليهوملك ويفرحك بيهم, انما غيث وشهاب ما اتجوزوش؟
أجاب الجد وهو ينظر الى ولده عثمان بغموض:
- لع, لسّاتهم من غير جواز, كل واحد بيستنى نصيبه, ولمّن النصيب بياجي ما في حد يجدر يوجف جُصاده!!..
قطب عثمان لدى سماعه عبارة والده, وتذكر معارضة والده في زواج ابنيه خاصة وأنهما قد تخطيا سن الزواج بالنسبة لعاداتهم, فالشاب ما ان يبلغ العشرون عاما حتى يبدأ الأهل بالتخطيط لزواجه, وكلما فاتح أباه في مسألة زواج الأبناء, أغلق الوالد الحديث في هذا الأمر بغموض قائلا أن النصيب لم يأت بعد, وعندما حاول دفع غيث بالحديث في هذا الشأن مع جده فاجئه غيث بأن هذا ليس بالأمر الجلل, وأنه واثق ما إن يزمع على الزواج بجدية فإنه قادر على إقناع جدّه, بينما شهاب رفض النقاش في الأمر جملة وتفصيلا هاتفا أنه لا يفكر بهذا الأمر ولو قدر أنملة الآن!!...
همس عثمان في نفسه وهو يطالع أبوه يتبادل المزاح مع حفيدتيْه:
- يا ترى يا أبو عتمان ناوي على ايه؟, أنا خابرك زين, ما بتجولش كلام والسلام, كل حرف بيطلع من خاشمك بتكون واعي له زين!, ربنا يستر من اللي جاي يا حاج...
وهو يعلم يقينا في قرارة نفسه أن والده قد وضع قرارا بشأن أحفاده ولم يبقى سوى الإفصاح عنه و.....التنفيذ!!
--------------------------------------------------------
تجمعت العائلة حول مائدة عامرة بكل ما لذ وطاب من أكلات مختلفة شهية المذاق, جلس الجميع, الجد على رأس المائدة والى يمينه عثمان ويساره رؤوف, والى يمين عثمان راوية, بينما الى يسار رؤوف ألفت فسلمى ثم سلافة, وعلى الجهة المقابلة للجد كانت فاطمة والتي لم تجلس طوال مدة تناولهم الطعام, بل اتخذت مكانها واقفة بجوار رؤوف ابنها تهتم بوضع شتى أنواع المأكولات في صحنه, قال رؤوف وهو لم يعد يستطيع وضع لقمة اضافية في فمه:
- كفاية يا أمي, بطني هتنفجر من كتر الأكل..
شهقت فاطمة مفجوعة وخبطت على صدرها هاتفة بلوم:
- بعد الشر عنيك يا ولد بطني, ان شالله اللي يكرهك, خد يا ضنايا اشرب بوج الماية ديِه وانت هتُبجى منيح...
ومدت اليه كوبا من الماء فتناوله منها وأمسك بيدها قبل أن تبعدها ومال عليها مقبلا ظاهرها وهو يقول بابتسامة:
- ربنا يخليكي ليا يا غالية وما يحرمنيش منك ابدا انتي والحاج...
ورفع كوب الماء ليشربه بينما مالت سلافة على أذن سلمى بجوارها وهمست لها بابتسامة مكتومة:
- الحقي شكل جدتك هتاخد قيس ابن الملوح من ليلى, وشكله كدا ليلى راح عليها خلاص!!..
وكزت سلمى سلافة بمرفقها في خاصرتها فتأوهت الأخيرة بألم ونظرت اليها بعتب بينما تحدثت سلمى بحزم وهي تطالع صحنها:
- سلافة... بطلي تهريجك دا, هما هنا ميعرفوناش ولا يعرفوا طريقتك في الكلام, فلو سمحتي تراعي دا كويس اوي, ولا انتي مش واخده بالك من مرات عمك من ساعة ما قعدنا وعينها ما نزلتش من علينا, وبتبص لنا بنظرات غريبة تخض, زي ما نكون جايين علشان نطردها ونقعد مكانها!!..
تأففت سلافة وقالت بهمس:
- خلاص خلاص, آسفة, بس انا كنت بكلمك انتي بس, احنا هنبتيدها حبسة نَفَس!, وبعدين مرات عمك مع نفسها... أهم حاجة ما نحاولش نحتكْ بيها خالص...
ثم انفرجت أساريرها وتابعت بابتسامة صغيرة:
- والأهم بقه ان جدك وجدتك الفرحة مش سيعاهُم, وحاسة انه عمك كدا كمان, وكفاية فرحة بابا, شوفي ماما حتى من ساعة ما جينا وهي بتبتسم وعينها ما نزلتش من على بابا فرحانه لفرحته, وبصراحه مقابلتهم كلهم لينا حلوة, ما فيش غير مرات عمك ودي شكلها كدا بيعمل لجدك ألف مليون حساب, انا متفائلة بالاجازة دي ان شاء الله..
أجابت سلمى بخفوت:
- بس لسه باقي العيلة.... ولاد عمك, يا ترى هيتبسطوا هما كمان ولا هيطلعوا لمرات عمك؟!!..
هزت سلافة بكتفيها علامة الجهل, ثم انصرفت تتابع تناول طعامها وكذلك سلمى....
مر وقت تناول الطعام وسط الاحاديث الخفيفة تتخللها تعليقات سلافة المرحة وابتسامة سلمى الهادئة, وفرحة رؤوف بعودته الى أحضان عائلته مرة أخرى وسعادة ألفت لسعادة زوجها...
================================
تم تخصيص طابق كامل لعائلة رؤوف, كان هذا الطابق وللغرابة قد تم بنيانه منذ أكثر من ثلاثون عاما لكي يعيش فيه رؤوف مع زوجته زينب شقيقة راوية, ولكن تم إقفاله بعد ان رحل رؤوف عن البلدة, وأُعيد فتحه ثانية وتجهيزه عندما تلقى الجد اتصالا من ولده يخبره فيه أنه يزمع على العودة الى البلدة قريبا برفقة عائلته..
كان الطابق عبارة عن شقة واسعة الى حد ما, تتكون من ثلاث غرف, اثنتان للنوم وواحدة للجلوس, وردهة متوسطة, ومطبخ وحمامين, أحدهما في غرفة النوم الرئيسية والآخر بجوار غرفة النوم الأخرى والتي تم تخصيصها لسلمى وسلافة...
دخلتا الى شقّتهما العلوية بعد ان استأذنوا للصعود الى الأعلى للحصول على قدر من الراحة, دارت سلمى بعينيها في المكان حولها, بينما أطلقت سلافة صافرة طويلة وهتفت:
- يا سلااام, شوفتي الجمال, واضح كدا ان جدك جاب مهندس ديكور على أعلى مستوى, الشقة بتاعتنا على أحدث حاجة, سواء في لون الحيطان ولا التشطيب أو حتى الموبيليا....
علقت سلمى بهدوئها المعهود وهي تجول بناظريها في ارجاء المكان:
- فعلا يا سولي, وأهم حاجة الهدوء, علشان أقدر أنجز في الرسالة بتاعتي...
اقتربت سلافة من المرآة التى تتوسط الحائط في ردهة المنزل بينما انسحب والديهما الى غرفتهما ما ان صعدا الى الأعلى, قالت سلافة وهى تطالع نفسها في المرآة:
- تفتكري بابا لما يشوف باقي العيلة بالليل زي ما جدو قال, محدش هيحرجه بأي كلمة؟
تطلعت سلافة الى نفسها في المرآة وهى تنتظر جواب أختها, رأت انعكاس صورتها في المرآة وتذكرت تعليق جدتها حين رأتها أنها قد اكتسبت الشكل الحسن من والدتها ولكن خفة الدم وسرعة البديهة من والدها...
قارنت بينها وبين شقيقتها الواقفة خلفها تدور بعينيها في المكان..
من يراهما لأول وهلة يحسبهما توأمين, مع ان فارق العمر بينهما أكثر من اربعة سنوات, فكلتيهما تملكان نفس الصفات الشكلية مع فروقات بسيطة, وان كانت سلافة قد ورثت قامتها الرقيقة الضئيلة من أمها بينما ورثت سلمى طول القامة من والدهما والاثنتان تشتركان في رشاقة الجسم وخصر غاية في الدقة, وتملكان نفس لون البشرة الأبيض المشرّب بحمرة كوالدتهما والتى ورثتها عن جدتها لأمها التركية, وعينان واسعتان مكللتان برموش غزيرة, بينما تختلفان في لون العينين, فعيني سلافة سوداء عميقة تتيه في ليلها, أما سلمى فزيتونية العينين, تجعلك تشرد في غابات الزيتون الخاصة بها, و لهما شعر أسود كالليل البهيم, يتعدى كتفيهما, فالشعر الطويل هو زينة المرأة كما دأبت والدتهما على القول, وإن كانت سلافة كثيرا ما خالفت رغبة والدتهما وعمدت الى قص شعرها كي يسهل عليها تصفيفه على الرغم من نعومته الزائدة عن الحد لدرجة انها قد عمدت أحيانا الى تجعيده كي يثبت!!..
قالت سلمى مجيبة بهدوء وهي تتجه الى غرفتهما:
- ما تقلقيش, اللي انا شوفته تحت يخليني أقولك ان جدنا هنا الكل بيعمل له ألف حساب, وانه محدش هيقدر يقول لبابا كلمة واحدة تزعله, و.....
وبترت عبارتها بشهقة مباغتة, فاتجهت اليها سلافة ووقفت أمام باب الغرفة مستندة بيديها على حائط الباب بجوارها وقالت قاطبة:
- ايه يا سلمى مالك فيه ايه؟
عقدت سلمى جبينها وزفرت بغيظ وهي تجيب بحنق:
- اللاب بتاعي شكلي كدا نسيته في العربية, اووف.. ياربي – ونفخت بضيق وتابعت – لازم اروح اجيبه من العربية كنت عاوزة أستغل الوقت في الرسالة بتاعتي قبل ما الضيوف بتوع بالليل ما ييجوا...
ثم سارعت بالمغادرة فانتحت سلافة بعيدا لتسمح لها بالمرور فيما تابعت سلمى وقد تناولت مفاتيح السيارة وهي تسرع بالمغادرة:
- هروح أجيب اللاب وآجي على طول, خلي بالك من الجرس لما أرجع , بلاش تحطي لي السماعات في ودانك وأقعد أهاتي علشان تفتحيلي..
أومأت سلافة بالايجاب فيما انطلقت سلمى من فورها وهي تنفخ بضيق فمن ناحية هي تشعر بالتعب الجسماني نظرا لطول المسافة التي قادتها ولم تخلد الى الرائحة مطلقا حتى بعد وصولهم, ومن ناحية أخرى ذلك القلق الطبيعي الذي يساورها بشأن عائلة والدها, وأيضاً أمر رسالة الدكتوراه والذي تريد انجازه في أسرع وقت...
زفرت براحة وهي تخرج حقيبة اللاب من المقعد الخلفي حيث كان موضوعا في الدواسة الخلفية, وابتسمت براحة قبل أن تغلق باب السيارة ثم تسرع بالذهاب وهي تفكر جيدا في الجزئية التالية برسالتها والتي طلب منها أستاذها المشرف على الرسالة تعديلها وكانت غارقة في أفكارها بشدة وذلك حين اصطدمت بقوة في حائط ضخم كاد أن يحطمها!!..
شهقت ملتاعة, فلم يكن الحائط سوى حائط بشري بصدر عضلي عريض كاد يحطم أضلعها التي ارتطمت به, وكرد فعل لمفاجئتها رجعت الى الوراء بسرعة كادت أن تتسبب في سقوطها لولا أن امتدت يدين قويتين أمسكتا بمرفقيها وتعالى صوت خشن غاضب يهتف بغلظة:
- ايه دا؟, مش تشوفي قودامك؟!, واخده في وشّك وماشية كدا زي القطر!!...
انتبهت سلمى من جمودها الذي سببه مفاجئتها في الارتطام بمحدثها, وشعرت بالانزعاج من هذا الضخم المستبد, هي لم تقصد إطلاقا الاصطدام به, وهل هناك عاقلا يرتطم بحائط خرساني مسلح يكاد يصيبه بتهتك في ضلوعه وهو بكامل وعيّه؟!!...
رفعت عينيها إليه وفتحت فمها وهي تهم بالرد عليه بكلمات توقفه بها عند حده, وتجعله يكف عن تمتماته الغاضبة تلك, حينما إصطدمت نظراتها الزيتونية بأخرى مشتعلة كالفحم الملتهب, ليسود الصمت التام, وقد تلاقت الأعين... وهمست الشفاه, و...... رجفت القلوب!!..

- راحت فين يا ربي دي؟..
تأففت سلافة من طول غياب سلمى وقررت الذهاب للتفتيش عنها ومعرفة سبب تأخرها وفجأة طرق سمعها صوت طرقات متتالية على الباب, فسارعت لفتحه وقد علمت أنها سلمى وهتفت وهي تفتح الباب على مصراعيه بسخرية:
- ما بدري يا ست سلمى, ايه كنتي بتمشي جوّه الجزمة الأول؟؟
وقطبت ما إن طالعتها الهيئة الواقفة خلف الباب, كان مديرا لها ظهره ولكن ما إن سمع عبارتها الساخرة حتى التفت في دهشة يطالع صاحبة الصوت الساخر لتطالعه هيئتها وكانت قد أبدلت ثيابها بأخرى خفيفة عبارة عن بنطالا قطني يصل الى منتصف الساق وبلوزة بيتية عليها رسم عروس البحور الشهيرة, بنصف كم, ورقبة مربعة عريضة, وقد رفعت شعرها بمشبك فوق رأسها وتطاير بعض خصلاته حول وجهها ليكسبها رقة وجاذبية مهلكة!!
شهقت سلافة وهي ترى ذلك الكائن الضخم الواقف ببابهم, يطالعها بنظرات مشدوهة يبادلها نظراتها المندهشة بأخرى مذهولة, حاولت التحدث ولكنها سرعان ما سكتت فجأة وهي تسمعه يهمس بإنبهار بالرغم منه وكأنه مغيّب وهو لا يستطيع إبعاد عينيه عن هذه الصورة الملائكية الخلابة التي تمتثل واقفة أمامه:
- بسم الله ما شاء الله, سبحان من خلجك وصوّرك!!..
شهقتها الخجلى جعلته يفيق من التيه الذي شعر به لتتحول نظراته من ذهول وعدم تصديق الى أخرى نارية ملتهبة وهو يطالعها من أعلى رأسها إلى أخمص قدميها بدهشة ممزوجة بحدة وغضب, ثم انتبه الى وقوفهما أمام الباب ليقبض على مرفقها ويدفعها الى الداخل بسرعة صافقا الباب خلفه بعنف وتحدث بحدة من بين أسنانه المطبقة:
- إنتي إتجنيتي؟, كيف تفتحي الباب وانتي لابسة خلجاتك ديْ؟, فين عمي رؤوف؟..
تساءلت سلافة بدهشة بعد أن استطاعت تجميع قواها:
- عمك؟!..
مال عليها وهو لا يزال قابضا على مرفقها بقوة آلمتها بينما تابعت بتساؤل مرتبك من نظراته القوية وهو يطالع عينيها ليتيه في ليلها السرمدي بينما تقابلها سماء رمادية ترعد في دخان عينيه في ليل عاصف:
- إنتَ....
قاطعها ساخرا:
- غيث وِلد عمك يا.. بت عمي!!
شهقت صغيرة أعقبها جذبها لمرفقها بشدة لتفلته من قبضته, ثم وقفت بارتباك هنيهة لا تدري ماذا عليها أن تفعل قبل ان تسارع الى الداخل لتنادي والدها وقد شعرت بأن القط قد أكل لسانها من هذا الكائن الهمجي الضخم وكأنه الأسد ملك الغابة والذي اقتحم عليها ملاذها الآمن!!..
في حين نظر غيث في أعقابها وهي تختفي من أمامه في إحدى الغرف وتمتم بخفوت:
- بجه ديْ تبجي بت عمي رؤوف؟!, لو أنا منِّيه ما عخليش حد يلمح طرفك واصل يا.... بت عمِّي!!
- يتبع -

[/COLOR]

مملكة الغيوم 24-09-16 06:44 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن فصل قصير مكير
لقاء الام وولدها اجرى دموعى وزاد لقاء الاب من وجع قلبى مشاعر خانقه احسست بها وانا اتخيل نفسى مكانهم ولا ارى ولدى كل يوم واضمه الى حضنى والادهى انى لا ارى احفادى صعب صعب وشعور مميت الحمد لله ان الله حرم قطع الارحام وجعل وصلها من وصاله والا ما اهتم احد بحرقة قلب ام ولهفتها لرؤية اولادها واحفادها الصوره اللى صورتى بيها المشهد واقعيه لدرجة انى حسيت انى معاهم ودموعى نزلت وفاضة مشاعرى من قوة اللقاء
وحرارة قبلات الام ولهفتها انها تروى ظماء قلبها لكل حته من ابنها فلذة كبدها
لقاء خفف حدت بكاه خفة دم الحفيده الصغرى سلاف واللتى سكنت قلب الجد والجده باول كلمه وقلبت بخفة دم الموقف الدرامى الى كوميدا نطق اسمها الغريب على اذن ولسان الجده
فتور زوجة العم طبيعى لان رؤف قلب اختها واتجوز الفت فطبيعى تسلم من اطراف اصابعها
لقاء الحوائط البشريه هههههههههههه غيث مع سولاف وسلمى مع تواءمه نسيت اسمه ولغة العيون اشتغلت وربنا يستر من ترتيبات الجد والام اللتى لم تنزل لها البنات من زور ولا هما ولا امهم وشكل الاخ غيث بده يحط بنت العم فى فانوس ويقفل عليها مش عشان هى عفريت لا سمح الله بس عشان تنور له هو بس سلمت يداتك قلبو وطوليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييى البارت حبتين فنحن نستمتع بكل كلمه تخطيها مووووووووووووووووووووووووووووووواة

منى لطفي 24-09-16 07:15 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3660864)
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن فصل قصير مكير
لقاء الام وولدها اجرى دموعى وزاد لقاء الاب من وجع قلبى مشاعر خانقه احسست بها وانا اتخيل نفسى مكانهم ولا ارى ولدى كل يوم واضمه الى حضنى والادهى انى لا ارى احفادى صعب صعب وشعور مميت الحمد لله ان الله حرم قطع الارحام وجعل وصلها من وصاله والا ما اهتم احد بحرقة قلب ام ولهفتها لرؤية اولادها واحفادها الصوره اللى صورتى بيها المشهد واقعيه لدرجة انى حسيت انى معاهم ودموعى نزلت وفاضة مشاعرى من قوة اللقاء
وحرارة قبلات الام ولهفتها انها تروى ظماء قلبها لكل حته من ابنها فلذة كبدها
لقاء خفف حدت بكاه خفة دم الحفيده الصغرى سلاف واللتى سكنت قلب الجد والجده باول كلمه وقلبت بخفة دم الموقف الدرامى الى كوميدا نطق اسمها الغريب على اذن ولسان الجده
فتور زوجة العم طبيعى لان رؤف قلب اختها واتجوز الفت فطبيعى تسلم من اطراف اصابعها
لقاء الحوائط البشريه هههههههههههه غيث مع سولاف وسلمى مع تواءمه نسيت اسمه ولغة العيون اشتغلت وربنا يستر من ترتيبات الجد والام اللتى لم تنزل لها البنات من زور ولا هما ولا امهم وشكل الاخ غيث بده يحط بنت العم فى فانوس ويقفل عليها مش عشان هى عفريت لا سمح الله بس عشان تنور له هو بس سلمت يداتك قلبو وطوليييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييى البارت حبتين فنحن نستمتع بكل كلمه تخطيها مووووووووووووووووووووووووووووووواة

تسلميلي حبيبتي انا اللي بكون اكتر من مستمتعة وانا بكتب لكم وبقرا تعليقاتكم...
مشهد اللقاء بين الام والابن كنت متخيلته وكأني شايفاهم امامي بجد انا المشهد دا فعلا من ضمن المشاهد المؤثرة بالرواية وهي كتييييييير يعني لو ع العياط هنعيط للصبح ههههههههههه ( ربنا يبعد عننا كلنا الهم والغم والحزن)..
وليعونك بارت هدية ملوكة تسلميلي يا قمر امووووووواه..

منى لطفي 24-09-16 07:16 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة الحلقة الرابعة:
*************************
تقدم رؤوف حيث تركت سُلافة غيث واقفا وهو يمد يده مصافحا ويقول ببشاشة:
- أهلا .. أهلا... إيه المفاجأة دي؟؟
بادله غيث المصافحة ومال عليه مقبلا رأسه الأشيب وهو يقول بإحترام تام وابتسامة صغيرة ترتسم على وجهه الأسمر:
- الله يخليك يا عمي, أهلا بحضْرِتَكْ, نورت الكفر والصعيد كلّاته....
أشار رؤوف الى مقعدين كبيرين خلفه داعيا إياه للجلوس, فجلس تبعه غيث بينما أجاب رؤوف:
- منورة بيكم انتم يا إبن أخويا....
ابتسم غيث وعيناه تسترقان النظر رغما عنه حيث اختفت تلك الغزال الشارد ومنع نفسه بصعوبة عن سؤال عمه عمن تكون من بناته الأثنتين؟, فعلى حسب معلوماته من جده أنه يملك ابنتيْ عم من عمه رؤوف..
قطع استرساله وقوف ألفت أمامه وهى تقول بترحيب حاملة صينية عليها كؤوس العصير البارد:
- فرصة سعيدة أوي يا غيث يا بني...
انتفض غيث واقفا ومد يده متناولا الصينية من يدها وهو يجيب بينما يضع الصينية على الطاولة الرخامية التى تتوسط الجلسة:
- أني أسعد يا مَرَتْ عمِّي...
بعد أن استقروا في أماكنهم التفت رؤوف الى ألفت سائلا:
- أومال سلافة فين؟, ماجابتش هي العصير ليه؟؟
تصنع غيث عدم الاهتمام بسماع اجابة السؤال وفي داخله يحترق لسماع الاجابة متزامنا مع انتفاضة صغيرة لخافقه لدى سماعه اسمها الذي أعجب به لغرابته!!..
قالت ألفت بابتسامة:
- أبدا, انت عارفها على ما تجهز نفسها فيها ساعة, قلت أنا أسرع...
لم يمر وقت قليل تبادل فيه غيث الحديث مع عمه ليفاجأ بظهور من نوع آخر لتلك الغزال الشارد وهو يقبل عليهم بخطوات خفيفة وكأنها تطير فوق الأرض لا تسير!, ليرفع عينيه إليها فيرى وجها ملائكيا بملامح طفلة وفتنة إمرأة!!..
تقدمت إليه تبتسم إبتسامة صغيرة وهي تهز برأسها بالتحية قائلة بصوتها ذو النغمة المميزة:
- أهلا يا إبن عمي...
ليقف ناظرا اليها هنيهة قبل ان تعتلي عيناه الغموض وهو يوميء برأسه قليلا مجيبا وقد ارتفعت طرفي شفتيه المغطاة بشارب كثيف قائلا:
- أهلا إنبك يا بت عمي...
جلست سلافة بجوار والدتها تبعها غيث, كانت سلافة تسترق النظر اليه بينما انخرط في الحديث مع والدها, جابت عيناها في هيئته التي أثارت الذعر في قلبها منذ قليل ما إن طالعها أمام الباب بهيئته الضخمة وجلبابه الرمادي وتلك العمامة الملفوفة حول رأسه بإتقان تام ذكرها بعتريس في فيلم شيء من الخوف!
نظرت الى وجهه حيث حاجباه الكثّان المعقودان بتركيز لحديث عمه, وأنفه الطويل المعقوف بدايته بشكل يدل على أنه أثر حادث قديم قد يعود الى طفولته, بينما يبتسم فمه المغطى بشارب أسود كثيف ابتسامة صغيرة لوالدها, ولفت نظرها ذلك النغز العميق في وسط ذقنه العريض بينما ترتكز هذه الرأس على عنق طويل يظهر به تفاحة آدم بوضوح, ولتكمل هذه الصورة بنيته الضخمة بكتفيه العريضتان وكأنه لاعب في كمال الأجسام, ولن تنسى مطلقا نظرة عيناه الرمادية ما إن وقع نظره عليها ولا هتافه بذهول غير مصدق لما تراه عيناه!!..
لم يكن حال غيث بأفضل من حال سلافة, ولكنه برع كالعادة في كتم مشاعره وانفعالاته والتعامل ببرود وكأن شيئا لم يكن بينما هناك فتيل بدأ بالإشتعال منذ أن أبصر تلك الشعلة المتوهجة أمام عينيه منذ برهة ليست بالقصيرة!!..
لن يستطع أن ينكر استحسانه لما يراها عليه الآن فقد أبدلت ثيابها بأخرى محتشمة بدءا من تنورة طويلة حتى الكاحل باللون البني يعلوها قميص قطني يصل أكمامه حتى المرفق باللون الكريمي, ولكن ما جعله يعود ليقطب جبينه غير راض ملاحظته لإحكام هذا القميص تماما على نصفها العلوي مما أوضح دقة خصرها!!..
تمتم في نفسه مستنكرا:
- انتي متعرفيشي تلبسي صوح للآخر ابدا؟, شكلك متجلعة جوي!!..
انتبه من شروده على صوت عمه وهو يهتف قائلا:
- سلمى... كنت فين؟, تعالي سلِّمي على غيث ابن عمك...
رفع عيناه لتطالعه فتاة قريبة الشبه بتلك التي تجلس بجوار والدتها وكأنها قطة فوق صفيح ساخن!, يعتقد من يراهما للوهلة الأولى أنهما توأمين, ولكنه لاحظ بعد أن تمعن فيها أن تلك القادمة أطول قامة من شقيقتها, ومن الواضح أنها تتسم بالاتزان أكثر وإن لم يخفى عليه نظراتها الزائغة وإرتباكها الواضح!!
بعد أن تمتمت سلمى بعبارات الترحيب بغيث استأذنت بالانصراف فلحقت بها سلافة معتذرة بابتسامة صغيرة تاركة غيث ينظر في أعقابهما وقد انعقد جبينه في تقطيبة عميقة!!
- إيه يا بنتي كنتي فين كل دا؟؟
زفرت سلمى بعمق وهي ترتمي جالسة فوق الفراش خلفها وتقول بتعب:
- اسكتي يا سولي, خليني أشم نفسي الأول, أنا مش مصدقة اني وصلت هنا!!...
جلست سلافة فوق الفراش المقابل لها وقطبت بحيرة متسائلة:
- مش مصدقة انك وصلتي هنا؟, ليه يعني هو انتي كنت خرجت في مشوار وتهتي عن السكة؟؟
نظرت اليها سلمى وقالت بتنهيدة عميقة:
- لا... بس من اللي حصل تحت!!..
عقدت سلافة ساعديها ومالت بإتجاهها وقد ارتسمت ابتسامة حماسية على شفتيها الكرزتين وهو تهتف بحماس:
- أيوة وإيه بقه اللي حصل تحت؟
سلمى ببرود:
- خبطت في حيطة!!
عقدت سلافة جبينها ورجعت بجسدها الى الوراء قليلا ورددت:
- نعم؟, خبطتي في حيطة!!
هزت سلمى رأسها بتأكيد قائلة:
- ومش أي حيطة.... حائط خرساني مسلّح ومن النوع التقيل كمان!!
رفعت سلافة ساقيها فوق الفراش وكتفتهما في تربيعة وهتفت بإندفاع:
- لالالا الموضوع عاوز له قاعدة, من الأول خالص وواحدة واحدة....
قصت سلمى على شقيقتها كيف اصطدمت بشهاب ابن عمهما والذي لم تعرف هويته إلا بعد أن ألقى على مسامعها عبارات غاضبة مما جعلها تكيل له بمكيالين, وقد شردت نظراتها وهي تستعيد المشهد ثانية...
************************************************
رفعت عيناها اليه لترد على عباراته النابية بأخرى أغلظ منها, عندما اصطدمت عيناهما, سكتا قليلا قبل أن تكون هي أول من يخرق هذا الصمت وهي تحاول الفكاك من قبضته لمرفقيها هاتفة بإرتباك:
- انت فاكر نفسك بتعمل ايه بالظبط؟؟؟
لينتبه شهاب على شروده في نظراتها التي سمرته, وحاول إستعادة تركيزه فهتف بحدة:
- بسندك يا هانم بدل ما كنت وقعت على وشّك!, هي دي شكرا اللي بتقوليها؟, المفروض مش يبقى فيه رخصة بس للعربيات.. لأ!. لازم كمان يعملوا رخصة للي زيّك... علشان يتعلموا يمشوا في الشارع ازاي!
نظرت اليه بنصف عين وقد شعرت بالحنق من كلماته ولكنها لن تدعه يفرح بإغاظتها وبدلا من ذلك تخصرت أمامه قائلة ببرود:
- والله أنا مش ماشية في الشارع.. أنا هنا في بيتي!!
قطب شهاب بحدة وهتف:
- ايه؟, بيتك!!
أومأت ايجابا مكررة :
- أيوة بيتي, دا يبقى بيت جدي... عبدالحميد الخولي..
ابتسم شهاب بسخرية وأجاب:
- والله؟, امممم... على كدا بقه انتي تبقي بنت عمي رؤوف؟!
قطبت سلمى حائرة وأجابت وقد أسدلت ذراعيها بجانبها مشيرة اليه بسبابتها:
- عمي رؤوف؟, هو انت تبقى..
قاطعها بانحناءة ساخرة منه مومئا برأسه تجاهها وقال:
- شهاب ابن عمك يا....
أجابت بتلقائية:
- سلمى...
لمعت عيناه بغموض وهو يكرر:
- سلمى.., فرصة سعيدة يا سلمى....
أومأت سلمى برأسها وقد نسيت صلافته وغروره التي أزمعت بالرد عليها واستدارت تبغي الانصراف عندما ناداها فالتفتت اليه تنظر اليه بتساؤل عندما قال بابتسامة ساخرة:
- ابقي خلي بالك بعد كدا وانتي ماشية, ربنا ستر وكنت على رجليكي, لو كنتي في العربية المرة الجاية مش هيبقى حيطة من لحم ودم.. لأ... هتبقى حيطة سد!!!
لوت تعابير وجهها استهجانا منه وأجابت ببرود حاولت التمسك به:
- لا ما تخافش, بيتهيألي أنه أي حيطة هتبقى أهون من الحديد مسلح اللي أنا اتخبط فيه دلوقتي!!..
لم تمهله الرد عليها واستدارت مغادرة تحمل في يدها حقيبة حاسوبها الشخصي بينما تشعر بشعاع ناري يلهب مؤخرة عنقها, تكاد تقسم أنه صادر من ذلك الفحم المشتعل الذي سبق وأن رأته في عينيه!!...
بعد أن أنهت سلمى روايتها قفزت سلافة وهي جالسة وتصفق بيديها وعلقت بمرح:
- بداية مشرقة بالتفاؤل... واحدة تخبط في حيطة سد والتانية يطلع لها إنسان الغاب طويل الناب!!..
قطبت سلمى بحيرة:
- نعم؟, ايه حكاية إنسان الغاب دا كمان؟؟
تكتفت سلافة ومالت عليها هاتفة بحماس:
- هقولك...
وطفقت تروي لشقيقتها ما حدث منذ أن فتحت الباب لغيث معتقدة أن الطارق سلمى حتى وقت دخول سلمى عليهم, بينما شردت سلمى بعقلها أثناء إنشغال سلافة برواية ما حدث متذكرة وجه شهاب, هو ليس بالوسيم الذي يأخذ بالألباب ولكنه يملك جاذبية رجولية خشنة, استرجعت وجهها في ذاكرتها بدءا من شعره الاسود القصير المجعد بدرجة بسيطة ثم عيناه الواسعتان بفحمهما المشتعل والذي يشرف عليهما حاجبين كثين, , مرورا بأنفه الطويل ثم شفتاه الغليظتان, يظلل وجهه لحية خفيفة نامية, بينما يرتفع هذا الرأس فوق جسد رياضي طويل يقرب المترين, حتى أنها أضطرت لرفع رأسها وهى تحادثه, مع أن طولها يتعدى المائة وسبعين سنتيمترا, همست في نفسها وهي تستمع لهذر أختها أن هناك أمرا وحيدا لم تخبر به شقيقتها وذلك لأنها هي نفسها لم تفهمه بعد وهو... تلك الرجفة التي أصابت خافقها ما إن أبصرت عيناه وكأنه بنظراته القوية قد أسر عيناها!!
*********************************************
حضر أفراد عائلة الخولي للسلام على الغائب الذي عاد بعد سنين طويلة, كان اللقاء المرتقب بين رؤوف وعدنان, والذي ما إن أبصر رؤوف واقفا مستعدا للسلام عليه وهو يبتسم إبتسامة صافية حتى وقف يطالعه بنظرات غامضة لمدة ثوان لم يقدم فيها لمصافحته مما جعل الباقيين يحبسون أنفاسهم ترقبا, وجعل عثمان يقبض يديه بقوة بينما تبادل النظر مع أبيه الذي جلس بكل هدوء يناقض ما يعتمل بداخله من قلق وهو يدعو الله أن ينهي هذه الخصومة كي يعود ولده ليعيش بينهم بكل راحة, بينما تبادل غيث وشهاب النظرات, الأول ببروده المعهود الذي يخفي انفعالاته, والثاني بعصبيته وحدته المشهور بها, وقد أقسم في نفسه إن صدر من عمه عدنان ما يسيء لجده أو أبوه وعمه فهو من سيتصدى له, ولكن... أشرقت أسارير عدنان لتنهي هذا الموقف الشائك وهو يفتح ذراعيه قائلا:
- بجه تغيب عُمر بحاله وتاجي ونسلم بس؟!, بالحضن يا وِلد عمي!!..
وسارع لاحتضان رؤوف فتنفس عثمان الصعداء بينما أغمض الجد عينيه براحة قبل أن يعود للنظر اليهما من جديد...
--------------------------------------------------------
- ديه تبجى زينب أختي, الست ألفت يا زينب مرت ولد عمنا..
ابتسمت ألفت ابتسامة صغيرة ومدت يدها مصافحة تلك السيدة التي تقف أمامها بجانب راوية زوجة عثمان والتي تقوم بالتعريف بينهما, كانت زينب ترتدي عباءة واسعة من الكتان سوداء اللون, بينما تزين معصميها عدة أساور ذهبية تصدر صليلا كلما حركت يديها, وتغطي شعرها بوشاح أسود مزركش بتطريز يدوي من الأطراف, يحمل وجهها مسحة جمال تدل على أنها كانت تحمل قدرا من الجمال في شبابها, ومن العجيب في الأمر أنها شعرت بالآرتياح اليها منذ الوهلة الأولى عكس راوية التي تشعر بالقلق من ناحيتها!!..
بعد أن سلمت عليها قالت زينب بهدوء:
- البلد نورت يا أم سلمى, مش سلمى برضك؟؟
هزت ألفت برأسها وأجابت بعد أن جلسا بجوار بعضهما على تلك الأريكة الخشبية المشغولة بشكل الأرابيسك:
- أيوة, سلمى الكبيرة وسلافة الصغيرة...
همت زينب بالكلام عندما قاطعتها راوية قائلة بفخر تشير الى شقيقتها وكأنها تقول لألفت أن أختها قد نجحت فيما فشلت هي فيه, وكأن هذا الشيء بيد المخلوق:
- زينب أختي ما شاء الله عندها بدال الواحد أربعة, عندها صابر وإمحمد وعرفان وهند....
ابتسمت ألفت ولم يفُتها ما أرادت راوية الأشارة اليه من حديثها عن أولاد أختها بينما هي لم يرزقها الله سوى ببنتين... وهي راضية بما قسم الله لها, فكله رزق من عند الله..
قالت ألفت بابتسامة:
- ربنا يخليهوملها ويفرحها بيهم, أومال هند فين؟, يا ريتها تيجي تتعرف بسلمى وسلافة..
ألقت زينب بنظرة لوم الى أختها وأجابت بابتسامة هادئة:
- أكيد هتاجي ان شاء الله, بس عندها امتحانات ومش راضية تضيّع وجت....
أشرقت اسارير ألفت وهتفت:
- بجد؟, ماشاء الله... هي بتكمل إيه؟؟
قالت زينب:
- هي ثانوية عامة ونفسها تجيب مجموع كبير وتدخل الجامعة, هتفت ألفت بحماس:
- برافو عليها, خليها تتشطر وتذاكر كويس وهي ان شاء الله تدخل الكلية اللي نفسها فيها, ولو عاوزة أي مساعدة من سلمى أو سلافة ما تتردديش..
قطعت راوية اندماجهما في الحديث ناظرة الى ألفت بنزق وقالت بحنق شديد:
- مالك يا أم سلمى... زي ما تكوني مش إمصدجة ان حدانا بنات في العلام؟..
فوجئت ألفت بالهجوم الذي شنته راوية وارتبكت قائلة بحيرة:
- ليه بتقولي كدا يا أم غيث؟, أنا عارفة طبعا أنه مافيش بنت دلوقتي مش بتتعلم, أنا فرحانه أنه البنت بتذاكر بهمة وعارفة مصلحتها ما شاء الله, رد فعلي دا طبيعي, أنا بحب البنات المجتهدة اللي عارفة مصلحتها كويّس...
قلبت راوية وجهها غير راضية عما قالته ألفت التي نظرت الى زينب بحيرة, أنقذتها تلك الأخيرة عندما هتفت براوية:
- باه, انتي هتاخدينا في الكلام ولا إيه؟, وينه الحلى بتاعك اللي جولتيلي انك عاملاه مخصوص عشاني؟
انبسطت أسراير راوية ونهضت وهي تقول:
- دجايج ويكون عنديكي, سلسبيل جوة في المطبخ بتزيّنه وهتجيبه وتاجي حالا, وما تنسيشيْ تبجي تاخدي منيه لهند أني خابرة انها بتحبه جوي, مرات ولدي بجه ولازمن أعرف بتحب إيه وبتكره ايه!!
وانصرفت متجاهلة ألفت التي نظرت الى زينب وقد تعمق إحساسها بالراحة اليها, بينما حاولت زينب التحدث معها في مواضيع أخرى بعيدا عن راوية...
---------------------------------------------------------
- بس تعرفي يا سلسبيل انتي صغيرة أوي انك تكوني زوجة وأم لولدين؟
هتفت سلافة بتلك العبارة لسلسبيل والتي شعرا معها بالراحة وكأنهما يعرفاها منذ زمن, قالت سلسبيل وعيناها السوداء تلمع بينما ارتسمت ابتسامة عريضة على شفتاها المكتنزة لتظهر غمازة خدها الأيمن بارزة بوضوح:
- أني عندي 23 سنة, وحدانا إهنه في الصعيد بنتزوج أصغيرين, دا غير إني ما كانشي لايد عليا العلام, من الآخر ما كونتش رايداه, يدوب خلصت الابتدائية وجعدت ريح أمي في الدار, لغاية ما راضي خلص جيش واتزوجنا...
ولمعت عيناها بحب عميق ما إن همست بإسم زوجها, وسرعان ما انتبهت سلافة لشرودها ذاك فغمزت قائلة بشقاوتها المحببة:
- احم احم, ايه يا سوسو... اللي يسمعك يفتكركم لسه مخطوبين ولا بتحبوا في بعض.. مش متجوزين بقالكم ييجي 6 سنين وعندكمن ولدين كمان؟!...
قاطعتها سلمى قائلة:
- صحيح يا سلسبيل ولادك اسمهم ايه؟
أجابت سلسبيل بحب:
- عدنان على إسم عمي و..شبل!!
قطبت سلافة مكررة بإستهجان:
- شبل؟, ليه يا بنتي الذعر دا؟, طفل صغير في القرن الـ 21 تسموه شبل؟
زفرت سلسبيل بعمق مجيبة:
- مش احنا اللي سميناه, ديه رغبة عمه الكبير, جال شبل يُبجى شبل!!
تساءلت سلمى عاقدة حاجبيها:
- وليه إن شاء الله؟, وعمه ماله ومال اسم ابنكم؟
أجابت سلسبيل بدهشة:
- واه, كيف ماله؟, ديه عمه الكبير, ولولا اننا سمينا إسم النبي حارسه عدنان على إسم عمي كان هيسميه شبل!!
تأففت سلافة وعلقت:
- أيوة ليه بردو؟, ما يسمي ولاده هو!!...
أجابت سلسيبل بنظرات امتزج بها الخوف:
- معندهوش عيال, وسايجه عليكم النبي جفلوا السيرة ديْ, أني جتتي بتتلبش لما بسمع إسمه, هو جال عاوزه شبل... يبجى شبل, طالما عمه ليث يبجى لازمن هو يبجى شبل!!
شهقت سلمى وسلافة سوية دهشة وبادرت سلافة بالقول بحنق:
- ايه غابة الأسود اللي الواحد وقع فيها دي؟, هو ليث وابنك شبل واللي أنا شوفته ملك الغابة!!
قطبت سلسبيل جبينها وتساءلت:
- إيه؟, كيف ملك الغابة يعني؟..
تأففت سلافة بينما أجابت سلمى بتلعثم طفيف:
- ما تاخديش في بالك يا سلسبيل, بس تعالي هنا قوليلي بقه بتترعبي من عم ولادك ووافقتي ازاي تتجوزي أخوه؟
غامت عينا سلسبيل بنظرة ضبابية واجابت بابتسامة شاردة بينما تتلاعب في وشاحها الملون وقد أفلتت خصلة بنية اللون حريرية لتلتف حول وجنتها الحليبية الذهبية اللون:
- راضي.. راضي مجري فاتحتي عليه من واني لسه في اللفة, كبرت وأنى عارفة انه ديه جسمتي ونصيبي, بس اوعاكو تفتكروا اني اتزوجته غصبانية, لاه!, راضي ما في حد يعرفه إلّا لازمن يحبه, كفاية حنيته وطيبته, كفاية خوفه عليا وعلى عيالنا, دايما بيجف جنبي وما يرضاشي لأي حد يجولي أجلَّها كلمة تزعلني, حتى خوه الكبير ليث, لمن يلاجيه متعصب من حاجة يصده عني, ولما مرت أخوه اللي راحت كانت تعمل خناجات إمعايْ كان يجف لها لأنه عارف إني مش بحب الخناج وكتر الحديت!!
سلافة بفضول طفولي فاتحة عيناها بشدة:
- هو أخو جوزك كان متجوز ؟
أومأت سلسبيل بالايجاب وتلفتت حولها قبل أن تميل اليهما هامسة وكأنها تسر اليهما بسر خطير وتخشى أن يسمعها أحدهم:
- كلام في سركم اتزوج تلات مرات, ما في واحدة عمّرت إمعاه, أكترها واحدة جعدت إمعاه ست شهور وطلجها زي اللي جبلها!
استهجنت سلمى وقالت:
- يا ساتر... تلات مرات واكتر واحده ست شهور!!, وليه كدا؟؟
أجابت سلافة بمنتهى الثقة:
- أكيد يا بنتي, واللي مشيت معاه ست شهور دي لازم تتكتب في موسوعة جينيس للأرقام القياسية, بتقولك ليث... ليثٌ... أسد .. غضنفر!!, حد عاقل يقف قودام الأسد؟!!..
لم تستطع سلسبيل كتم ضحكتها التي انطلقت تصدح عاليا ولكنها سرعان ما كتمتها براحتها وهي تقول من بين ضحكاتها المكتومة:
- الله يسامحك يا بت عمي, كنت هاخد لي كلمتين في عضامي من مرات عمي دلوك!!
قالت سلمى:
- ومرات عمك طيبة معاكي يا سلسبيل؟
أجابت سلسبيل بابتسامة:
- الشهادة لله هي طيبة كيف أمي تومام!!
تمتمت سلافة ساخرة:
- لا اذا كان زي أمك يبقى فعلا طيبة!!
انتبهت سلسبيل على تمتمتها وقالت بتلقائية:
- بتجولي حاجة يا سولي؟
ابتهجت سلافة والتي أخبرتها منذ أن رأتها أن أسمها سولي وأن سلافة هذا للأوراق الرسمية فقط!, أجابت سلافة بابتسامة:
- لالا أبدا يا سوسو, دا أنا بكُح !!
انقضت باقي الامسية وسط الاحاديث الخفيفة والتي كانت مرحة بين الفتيات الثلاث بينما لم تخلو من بعض الكلمات التي تلقيها راوية على مسامع ألفت وتكون محملة بمعاني تخالف ظاهرها..
انصرف الضيوف وذهب كل الى غرفته لنيل قسط من النوم والراحة فقد كان يوما طويلا مرهقا للجميع, أوقفت فاطمة راوية قبل ذهابها الى غرفتها ونظرت اليها جيدا وهي تقول بخفوت:
- راوية أنا مش عاوزة الحديت الناجص والكلام اللي كنت عم بتحدفيه على مرات الغالي كانك بتحدفي طوب يتكرر منِّيكي تاني, أني المرة ديْ هعديها بمزاجي لكن نوبة تانية مش هسكت, وابجي شوفي هتجولي ايه لزوجك لمن يعرف بجلة عجلك!!.
ناظرة اليها بقوة جعلت راوية تشعر بالهلع فزوجها لا يوجد لديه أدنى تفاهم في مثل هذه الأمور, فهو كحماها عبد الحميد تماما, ذو بأس كبير وشخصية قوية ترجف لها الأبدان لدى ذكر اسمها, أومأت برأسها وقالت وهي تنظر الى أسفل:
- حجك عليّا يا مرات عمي, أنا مجصديشي اللي فاهمتيه..
سخرت فاطمة متابعة بصوت خفيض وهما تقفان أسفل السلم الموصل الى أعلى:
- لاه, أنا فاهمتك زين يا مرت الكبير, أنتي لساتك جواتك نار جايدة عليها عشان ولدي اختارها هيّ عن أختك, بس زينب اختك طلعت أوعى منيكي, شوفيها كيفها رحبت بيها انهارده كنْها ضيفه عنديها هيَّا مش انتي!, فوجي لنفسك يا راوية واطردي شيطانك الشاطر ديه جبل ما يوعى لك زوجك ولا الحاج أو أزهج أني من عمايلك وأجولهم يرجعوكي عن اللي بتعمليه...
شهقت راوية عاليا وقالت بهلع:
- لاه يا عمة الحاجة, أحب على يدك, انتي خابرة عتمان زين, ما عيتفهمش, أني مش هجف لها في طريج واصل, وليها عندي حج الضيف وبس...
ربتت فاطمة على كتفها وقالت بابتسامة صغيرة:
- عليكي نور يا أم غيث..
ثم التفتت متابعة صعودها الى أعلى حيث غرف النوم عندما وقفت فجأة واستدارت متابعة وهى تنظر اليها بتركيز:
- آه صحيح يا أم غيث.. أم سلمى مش ضيفة.. ديه صاحبة مكان زييها زيّك تومام!!..
وانصرفت الى أعلى تاركة راوية وقد احمر وجهها غيظا وكمدا!!..
**********************************************
- مالك يا غيث مش جاي لك نوم ولا ايه؟؟
ألقى شهاب بسؤاله الى غيث الذي وجده يقف في الحديقة الواسعة المحيطة بالقصر تحت شجرة باسقة يعود تاريخها الى تاريخ بناء هذا القصر منذ أكثر من ثلاثة عقود, انتبه غيث الى شقيقه فألقى اليه بنظرة عابرة قبل أن يعيد عيناه الى الأعلى حيث يشاهد النجوم التى تلمع في السماء وكأنها ألماسات تلمع فوق غطاء أسود !, أجاب غيث بهدوء:
- ما جانيش نوم جولت أتمشى في الهوا شويّْ....
اقترب منه شهاب وأسند ذراعه على جذع الشجرة بجواره وقال بابتسامة صغيرة:
- وشيخ الشباب ايه اللي طيّر النوم من عينه؟
التفت اليه غيث وهربا من السؤال الذي لا يعلم هو نفسه اجابته قال بتفكّه:
- ما تجول لنفسك الاول؟, ايه اللي مسهّرك لغاية دلوك؟, لاه وايه.. ماروحتش سهرت مع ولد ابو سويلم كيف كل ليلة, ما يتهيأليش انك عامل على زعل بوك لو عرف, انت من ميته بتعمل إحساب لحد!!
زفر شهاب بعمق ونظر اليه بعتب وقال بهدوء غريب عليه:
- لازم نبرة اللوم في كلامك؟, انت عارف علاقتي بعزت عاملة ازاي, عزت أكتر من أخ, وعارف بردو اني مش بحب الحاج يزعل مني بس مش انا الي أتأمر زي الحريم أعرف وما تعرفش... صاحب وما تصاحبش!!, وتصدق أنا غلطان... لاقيتك سهران وأنا كمان مش جايلي نوم قلت نسهر سوا بقالنا كتير معملنهاش, وقبل ما تسأل أنا كمان معرفش سهران ليه؟
قال غيث وهو يربت على كتفه بابتسامة حانية:
- خلاص, جلبك أبيض, ما تزعلش, روح جول للواد راجح يعمل لنا كاستين شاي علشان السهرة إكده شكلها صباحيْ!
تمتم شهاب في نفسه وهو يتذكر غابات زيتونية ضاع فيها وشعر أنه فقد فيها شيئا لم ولن يستعيده أبدا! , قال بهمس:
- ومين سمعك يا ولد أبويْ!
نظر اليه غيث بعدم تصديق وهتف بضحك:
- ولد أبويْ؟!, لاه لاه, إكده المسألة وعرة جوي!, انت من ميته بتتكلم لغوتنا؟, من يوم ما صممت تروح الجامعة في مصر ورفضت تجدم في جامعة أسيوط ورجعت لنا وانت لغوتك عادت لغوة اهل البندر ونسيت لغوتنا واصل, مش بتفتكرها غير لمن يكون بالك مشغول, أو فيك حاجة!, شكلها سهرة صباحي صوح, روح روح خلي راجح يعملنا الشاي وجوله يحصّلك بيه وتعالى ...
انطلق شهاب ليبحث عن راجح بينما نظر غيث في أثره وهو يطلق زفرة عميقة وخانته عيناه لتصعد الى أعلى وتمتم بحنق غاضبا من نفسه:
- إمطيّرة النوم من عينيك ليه؟, انت ما شوفتهاشي غير نوبة واحدة ... كفاية جلعها ولبسها الماسخ!!..
زفر بحنق وتابع:
- هي هتُبجى ليلة واحدة؟, بس لازمن أجول لجدي يتصرف, مش ممكن تفضل إهنه وهي بلبسها وطريجتها ديْ, لازم طريجتها ديه كلاتها تتغير....
ولمعت عيناه ببريق عزم وتصميم...
************************************************
مرت ثلاثة أيام على مكوثهم وسط عائلة والدهم , عندما بدأت سلافة وسلمى تشعران بالتململ, الأولى لرغبتها بالخروج والتنزه مع صديقاتها كما اعتادت والثانية لرغبتها بالذهاب الى الجامعة لإطلاع أستاذها المشرف على رسالتها التعديل الذي أجرته على الجزئية التي طلبه منها, وكانت كلتاهما قد تحاشتا أولاد عمهما كلية, وقد سهلها عليهما كلا من غيث وشهاب واللذان تجنباهما بدورهما, فلم يحدث أن جلسا الى مائدة طعام واحدة فكان التوأمين يتناولان طعام الغذاء كلا في عمله, بينما الإفطار كان يتناولانه في الصباح الباكر قبل الذهاب الى العمل, ولكن بطبيعة الحال لم يعجب هذا الحال الجد والذي أزمع على مفاتحة حفيديه بشأن تجاهلهما لبنات عمهم, ولكنه كان يحاول وضع اجابة مقنعة للسؤال الذي ولا شك سيتساءلانه وهو: ولما يريد منهما الاهتمام بهما؟, عندما جاءه الحل بأيسر الطرق, وعلي يد حفيدتيْه نفسيهما عندما فاتحه رؤوف بأمرهما!!
- معلهش يا حاج, أنا عارف انهم مش متعودين على البلد هنا, فبستأذن حضرتك سلمى عاوزة تنزل مصر علشان الرسالة بتاعتها, أستاذها كان طالب حاجة فيها, وسلافة هتروح مع أختها وبعدين يبقوا يرجعوا تاني ان شاء الله...
الجد باستنكار:
- كيف دِهْ؟, انت جاصدك تجول ان البنات عيسافروا وحديَّتهم؟!
أومأ رؤوف بنعم وهو يهم بالكلام عندما قاطعه الجد بحزم:
- لاه, دا لا يمكن يوحصل واصل!!..
رؤوف بابتسامة هادئة متفهمة:
- يا حاج ليه بس؟, بناتي وانا معودهم انهم يعتمدوا على نفسهم, صدقني يا حاج البنت منهم ب 100 راجل, ما تخافش عليهم..
الجد بإصرار رافض:
- جولت لع يعني لع, لو ما هخافشي عليهم عشان إبنتّة ووحديهم هخاف أجلُّه من الطريج, انتو جيتو وكانت بتك سلمى اللي سايجة بس انت كنت معهم, والطريج طويل ووعر, لو لازمن ولا بد يسافروا.. يبجى مش لوحديهم, خلي شهاب او غيث يكون معهم!!..

شهقت سلمى ونهضت واقفة تلحقها سلافة وهما تطالعان والدهما الذي يجلس أمامهما يخبرهما بقرار جدهما الذي لا رجعة فيه, وقد أخبرهما كيف أنه حاول مرارا معه ولكن لا فائدة لقد أصدر القرار ووجب عليهما التنفيذ!...
قالت ألفت وهي مشفقة على حال زوجها وفي ذات الوقت تعلم صعوبة الأمر على بناتها فهن لم يختبرن قبلا التسلط والاستبداد بالرأي, فقد زرع فيهما رؤوف المناقشة وحرية الاختيار, قالت ألفت بحنان:
- معلهش حبايبي , جدكم وخايف عليكم, والحكاية كلها مشوار كم ساعه بالعربية ابن عمكم هيوصلكم وخلاص..
سكتت سلمى قليلا بينما نظرت اليها سلافة بتضرع, همت سلافة بالاعتراض عندما تحدثت سلمى بهدوء عيناها تلمع بتصميم:
- يعني يا بابا كل اعتراض جدي اننا بنات لوحدنا ماينفعش نقعد هناك من غير حد معانا, وعلشان الطريق صح؟
نظر اليها والدها موافقا على كلامها فجلست بجواره تبعتها سلافة وهي تقول بابتسامة خفيفة:
- خلاص تبقى محلولة ومن غير ما نتعب حد!..
نظرت اليها سلافة بتساؤل سرعان ما أجابت عليه وهي تتابع بينما لم تستطع أن تمنع ابتسامة نصر صغيرة أن ترتسم على وجهها:
- احنا هنسافر بالقطر, أظن دا حل كويس أوي لموضوع الطريق, وبالنسبة اننا هنكون هناك لوحدنا فماما تيجي معانا, الموضوع كله يومين تلاتة بالكتير, ها.. إيه رأيك يا بابا؟..
نظر اليها والدها بسكون باديء الامر ثم ما لبث أن انبسطت أساريره بابتسامة فخر أبوي وقال بإعجاب لذكاء ابنته:
- كنت عارف انك هتلاقي لها حل يا دكتورة, وأعتقد انه جدك لما يسمع الحل دا مش هيرفض!!..
وبالفعل سافرت البنتين برفقة أمهما الى القاهرة في حين قبل الجد بهذا الحل بإمتعاض ولكنه كان شاكرا لهما فقد سبق لهما وأوجدا له الطريقة التي سيقرب بها بين أحفاده وبمنتهى السهولة وذلك عندما عرف بالملل الذي يشعران به لشدة الفراغ الذي لم يعتادانه بعد!!..
---------------------
جلس الجد فوق الأريكة المذهبة الفخمة بغرفته مقابلا لحفيديه, قال غيث بابتسامة:
- طلبتنا يا جدي؟
قال الجد وهو يستند براحته على عصاه العاجية المطعمة بفصوص من الأحجار الكريمة:
- فيه موضوع عاوز أتحدت إمعاكم فيه...
تبادل كلا من غيث وشهاب النظرات قبل أن يقول غيث بابتسامة متسائلة:
- خير جدي؟, أؤمر...
قال الجد بهدوء:
- الأمر لله وحده, بنات عمكم!
نظر شهاب الى غيث بتساؤل فقال غيث:
- مالهم يا جدي؟..
ثم تابع بحنق لم يستطع مداراته:
- ما هما مسافرين, ماجدروش يجعدوا أكتر من يامين تلاتة ورجعوا يرمحوا على مصر!
قال الجد بمكر وقد أخفى ابتسامته فهو يعلم حفيده جيدا, ذلك الذي يبرع في رسم واجهة البرود أمام الجميع بينما بداخله أتون مشتعل!, أجاب الجد:
- هما ما راحوشي لعب ولا فسحة, لاه, الدكتورة سلمى عنديها شغل في الجامعه اهناك وراحوا إمعاها....
صمت قليلا ثم تابع وعيناه تلمعان بغموض:
- بس لو جيتوا للحجيجة هما زهجانين مش عشان مش متعودين على بلدنا.. لاه!, هما بيشتِغلوا... ومش متعودين ع الجاعده إكده... عشان إكده انا لاجيت الحل اللي يخليهم ما يحسوشي بالزهج دِه واصل!...
نظر اليه كلا من غيث وشهاب بتساؤل فأجاب تساؤلهما الصامت بجدية:
- يِّشتغلوا !!, لازمن يشتغلوا, وبما إن بناتنا لا يمكن يشتغلوا حدا حد, فأني هشغلهم في مالهم!!
صرح شهاب بتساؤل:
- ازاي يا حاج؟
قال الجد بصرامة:
- هيشتغلوا إمعاكم انت وخوك, سلافة هتمسك الحسابات إمعاك يا غيث, هي دراستها في إكده كيف بوها ما جالي, وسلمى هوضب لها الاستراحة اللي حداك في المزرعة يا شهاب عشان عمال المزرعة وعوايلهم ولو حد من اهل الكفر احتاج دكتورة ولا حاجة, وأني فعلا اديت أوامري انهم يظبطوا الاستراحه وكلها يامين وتبجى جاهزة, يعني على رجعتهم بالسلامة ان شاء الله هيلاجو شغلهم مستنيهم!!...
ما إن سمع غيث وشهاب قرارات الجد حتى انتفضا واقفين, أحدهما يحاول مداراة مفاجئته من فرمان الجد الصارم والآخر لم يهتم بإخفاء استنكاره لهذا القرار, ولكنهما اتفقا معا بالهتاف بصوت واحد وبلكنتهما الصعيدية:
- انت بتجول إيه يا جدَّيْ؟!!..
محدقين في جدهما بشدة بينما ارتسمت ابتسامة ماكرة على وجه الجد المتغضن وهو يطالعهما بخبث ودهاء!!..
- يتبع -


---------------------------------------------------------


bluemay 24-09-16 09:01 PM

رد: كبـير العيلة
 
واااو ما قدرت اكمل البارت الرابع قبل ما اعلق ع التالت


لقااااء روووعة وعاااصف بالمشاعر ..

وفعلا خالفتي توقعاتي وطلع تجاذب الاضداد هو مسلك ابطالك..

حلوة ردة فعل غيث .. الزلمة اتبلكم لما شافها . منيح ما إجته سكتة قلبية لووول


سلمى والحائط الخرساني ههههه يا ترى كيف رح تكون ردة فعلها ..

رح روح اكمل قراءة وارجع بتعليق


يسلمو منمن يا عسل وشكرا ع كرمك ..


لك ودي

منى لطفي 25-09-16 12:10 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3660900)
واااو ما قدرت اكمل البارت الرابع قبل ما اعلق ع التالت


لقااااء روووعة وعاااصف بالمشاعر ..

وفعلا خالفتي توقعاتي وطلع تجاذب الاضداد هو مسلك ابطالك..

حلوة ردة فعل غيث .. الزلمة اتبلكم لما شافها . منيح ما إجته سكتة قلبية لووول


سلمى والحائط الخرساني ههههه يا ترى كيف رح تكون ردة فعلها ..

رح روح اكمل قراءة وارجع بتعليق


يسلمو منمن يا عسل وشكرا ع كرمك ..


لك ودي

تسلميلي ميوش، هههههههه الاتنين رزقهم في رجليهم ومن اول يوم، واحدة خبطت في حيطة سد والتانية طلع لها انسان الغاب طويل الناب...
منتظرة تعليقك على البارت الجديد بشوووووووووق، تسلميلي يا قمر اموووووووووووواه.

مملكة الغيوم 25-09-16 01:27 AM

رد: كبـير العيلة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
ايه يا منمن كم الاسود اللى فى الروايه ده وانسان الغاب طويل الناب ده الصعيد ولا جنوب افريقيا ههههههههههههه
يسلمولى يسلمولى على الهديه الجميله بارت جونان بدءا من لقاء السحاب بين غيث الليث ابو عيون ضبابيه مع سلافه اللى اكلت القطه لسانها من هول المفاجعه الى لقاء الشهاب النارى اللى كاد ان يحرق سلمى بنظراته السوداء وعلى رائى سى عبده الحليم حافظ العيون السود رموشهم ليل ----- ليل بينده للحبايب ----- علموك تسهر تغنى ----------علموك شوق الحبايب اه يا قلبىي ياللى دايب
اموت انا فى العيون السود واظح ان الاخوه والاخوات وقعو فى الشرك من اول بصه
تانى لقاء الفت وزينب الفت رقيقه ولايدى هانم فى اسلوبها ويغلب عليها طابع الود وزينبوه طيوبه من اوادم الصعيد اللى بتتعامل بطيبه وحسن نيه وحلاوة طبع كما حلاوةالشكل خلاف ام جلمبو راويه اللى بتضرب تحت الحزام وبتلقى الكلام وكائنها بتحدف دبش [طوب] وعم ترمى تلميحه صغيره ان يا الفت ما تتعشميش ان ولدى حياخدبنت من بناتك بعيد عن شنبك ده انا حجوزه بنت اختى هند لو لولى الف مبروك يام غيث بس الجد معلش له ترتيب اخر وهوه ده اللى حيحصل وابتدى فعلا بدفع البنات فى سكة ولاد عمهم سلاف مع رجل الغاب طويل الناب وسلمى مع الحائط الخرسانى ابو عيون جريئه
الجده فاطنه طلعت من صمتها ووقفت راويه بادب عند حدود الادب ولو ما اتلمتيش يا راويه مايردك الا السبع الكبير عتمان اللى معيتفهمش واصل ومعندوش بال للاوع النسوان حيسكك على قفاكى عدل ياما ملكالغابه عمك هو اللى حيتصرف معاكى ويعيد تظبيط برنامجك وزى ماليكى فى البيت الفت ليها مش ضيفه عندك دى صاحبت مكان هى دى الحموات والا فلا
قفله شريره كده الشباب حيفضلو فاتحين بقهم ومبحلقين لحد البارت اللى جاى على فرمان الجد والقنبله اللى فجرها فى انتظارك يا منمن وتسلم ايدك وهديه مقبوله وامطرينا بهداياكى كل يوم مووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

همس الريح 25-09-16 09:41 PM

رد: كبـير العيلة
 
انا جييييييييييييييييييييييييييييييت
فيس يرقع للتاخير
ههههههههههههههههههه
يختي ..ادعين لي بس ربي يعينني

قرات الفصل الثالث ..و قلت لا .. ابد .. مش ممكن اقرا الرابع جبل ما اعلق عالتالت ..فيسي الصعيدي

رحلة العوده ..كانت لطيفه لطيفه لطيفه

حسيت كنش تودعين للعايله راحة البال و بداية الصدام .. يا خووووووووووفي منش

اللقاء كان راااااااااااااااائع
حسيت نفسي معهم و الله .. ربي يبارك فيش يا قلبي

عيال العم غابوا عن الاستقبال لاجل كل واحد يقابل عيال عمه بخصوصيه ..

راويه ذيوش اللي مهوب عاجبها .. بلا فيها .. عساها العنقز ..ما حبيتها
بس طالعه غثيثه لغيث
مالت بس

لقاء سلمي بشهاب ظنتي .. بس ما اتوقع انه شهاب
شهاب مرح ضاحك ..مهوب الكائن المظلم ذا
اتوقع احد غير


اما لقاء غيث بسولي .. هههههههههههههههههههههههههه
لا و يدخلها عقب ما تمقل لين شبع ..
في انتظار توم و جيري
قصدي غيث و سولي


اروح اقرا الرابع

همس الريح 25-09-16 10:28 PM

رد: كبـير العيلة
 
بارت رابع ممتع ممتع ممتع
شوفين يا قلبي

ماني متطمنة لش ابد

انتي ناويه علي مصيبه ..


احلي شي اننا شفنا غيث و شهاب بعيون حبيبات المستقبل

مع ان غيث ذا للحين ما بلعته
يختي المحبه من الله
حاولت ابلعه بماي .. ببيبسي ..ابد ..واقف في حلقي

وواقفه معه امه
هاذي اللي بتطابن لاختها
اذا كان اختش نفسها ما زعلت .. صدق قلة عقل ..

اللقاء الاول مر بسلام و الحمد لله





احم .. احم .. احم
شوفين
المحبه من الله
و ليث ذا انا حبيته
و حجز من الحين ..فيس قلوب من عندي ليييييييييييييييييييييييييييين عنده
و عندي توقع صغنون ..
دام توقع شهاب طلع غلط ..

العم رؤوف بيموت ربي يرحمه و يرحم موتانا جميع
و الجد بيصدر اوامره
حرمة ولدي ما بترجعش البندر ابد
ليث بياخذها ..
هههههههههههههه ..وش رايش ؟؟

في انتظار اللي بيصير بين سولي و انسان الغاب طويل الناب
و سلمي و الاسود المشتعل
و ليث ..فيس قلوب قلوب

منى لطفي 26-09-16 08:03 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3660937)
بسم الله الرحمن الرحيم
ايه يا منمن كم الاسود اللى فى الروايه ده وانسان الغاب طويل الناب ده الصعيد ولا جنوب افريقيا ههههههههههههه
يسلمولى يسلمولى على الهديه الجميله بارت جونان بدءا من لقاء السحاب بين غيث الليث ابو عيون ضبابيه مع سلافه اللى اكلت القطه لسانها من هول المفاجعه الى لقاء الشهاب النارى اللى كاد ان يحرق سلمى بنظراته السوداء وعلى رائى سى عبده الحليم حافظ العيون السود رموشهم ليل ----- ليل بينده للحبايب ----- علموك تسهر تغنى ----------علموك شوق الحبايب اه يا قلبىي ياللى دايب
اموت انا فى العيون السود واظح ان الاخوه والاخوات وقعو فى الشرك من اول بصه
تانى لقاء الفت وزينب الفت رقيقه ولايدى هانم فى اسلوبها ويغلب عليها طابع الود وزينبوه طيوبه من اوادم الصعيد اللى بتتعامل بطيبه وحسن نيه وحلاوة طبع كما حلاوةالشكل خلاف ام جلمبو راويه اللى بتضرب تحت الحزام وبتلقى الكلام وكائنها بتحدف دبش [طوب] وعم ترمى تلميحه صغيره ان يا الفت ما تتعشميش ان ولدى حياخدبنت من بناتك بعيد عن شنبك ده انا حجوزه بنت اختى هند لو لولى الف مبروك يام غيث بس الجد معلش له ترتيب اخر وهوه ده اللى حيحصل وابتدى فعلا بدفع البنات فى سكة ولاد عمهم سلاف مع رجل الغاب طويل الناب وسلمى مع الحائط الخرسانى ابو عيون جريئه
الجده فاطنه طلعت من صمتها ووقفت راويه بادب عند حدود الادب ولو ما اتلمتيش يا راويه مايردك الا السبع الكبير عتمان اللى معيتفهمش واصل ومعندوش بال للاوع النسوان حيسكك على قفاكى عدل ياما ملكالغابه عمك هو اللى حيتصرف معاكى ويعيد تظبيط برنامجك وزى ماليكى فى البيت الفت ليها مش ضيفه عندك دى صاحبت مكان هى دى الحموات والا فلا
قفله شريره كده الشباب حيفضلو فاتحين بقهم ومبحلقين لحد البارت اللى جاى على فرمان الجد والقنبله اللى فجرها فى انتظارك يا منمن وتسلم ايدك وهديه مقبوله وامطرينا بهداياكى كل يوم مووووووووووووووووووووووووووووووووووواه

ملكة قلبي انتي يا قمر، هههههههههه حبيت وصفك ايه الرواية اللي كلها أسود وذئاب دي يا منى؟؟.. ههههههههه لا ولسه دا مليانه حديقة حيوانات، أفريكانوا بحالها جاية لعندكم ههههههه وما خفي كان أعظم.....
هقولك إيه بس على راوية وسنين راوية البلاك المخططة بجراي والخلفية بلوووووو غااااااااامق هههههـ بجد دي كوبرااااااااااااا.. أخطر من الاسد، على الاقل الاسد حيوان مفترس بيهاجم في الوش مو متلها بتلبد وهوب تلدع في الدس وتجري :o9Y04826::e107: ، ربنا يكفينا شرّها...
ولو ع البارتات الهدية انا تحت أمركم ولو... بس أشوف تشجيع شوية... بلوا ريقي انا صارعت أسود ونمور وحيايا ( جمع حية.. الله أكبر) في الرواية دي!!!!
عيوني لإلكم حبيبتي.. ما تنسي فصل بكرة بإذن الله والاحداث هتتصاعد ومش هتنزل أبداااااااااااااا.. بلوبيف بلوبيف ههههههههههه

منى لطفي 26-09-16 08:10 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3661042)
بارت رابع ممتع ممتع ممتع
شوفين يا قلبي

ماني متطمنة لش ابد

انتي ناويه علي مصيبه ..


احلي شي اننا شفنا غيث و شهاب بعيون حبيبات المستقبل

مع ان غيث ذا للحين ما بلعته
يختي المحبه من الله
حاولت ابلعه بماي .. ببيبسي ..ابد ..واقف في حلقي

وواقفه معه امه
هاذي اللي بتطابن لاختها
اذا كان اختش نفسها ما زعلت .. صدق قلة عقل ..

اللقاء الاول مر بسلام و الحمد لله





احم .. احم .. احم
شوفين
المحبه من الله
و ليث ذا انا حبيته
و حجز من الحين ..فيس قلوب من عندي ليييييييييييييييييييييييييييين عنده
و عندي توقع صغنون ..
دام توقع شهاب طلع غلط ..

العم رؤوف بيموت ربي يرحمه و يرحم موتانا جميع
و الجد بيصدر اوامره
حرمة ولدي ما بترجعش البندر ابد
ليث بياخذها ..
هههههههههههههه ..وش رايش ؟؟

في انتظار اللي بيصير بين سولي و انسان الغاب طويل الناب
و سلمي و الاسود المشتعل
و ليث ..فيس قلوب قلوب

هههههههه هموس صدقتيني لما قلتي اخترت شهاب وقتها قلت لك استني ما تستعجلي على رزقك لساتو الكبيييير جااااي هههههههههه وربنا كنت عارفة انه هتختاريه أصله دا حبيبتي لا يختلف عليه اتنين ابنووب ابنووب ابنوووب هههههههههه... لا ولسّه دا يدوب أول ظهور ليه بس، أوعدك على آخر الرواية هتصيري بتهذي باسمه ههههه أصلا كلنا هذينا!!!!!!!!
بالنسبة لغيث احم احم انتي لسه ما شوفتيش منه حاجة اومال لو شوفتي بقه :rolleyes: ههههههه بس ما تتوتريش منه دا كيوووت خالص، أما عن راوية فحارم عليكي ما تحطيها في كفة واحدة مع غيث زلا مع ايتها مخلوق أساسا، دي تتحط مع سحالي، تعابين، عناكب، لكن مش بني آدمين أبدا وبكرة ان شاء الله تتأكدي من كلامي.... عارفة اللي هتعمله هيتخطى بمراحل أي شر تاني هتشوفيه بالرواية.. يعني عاوزة أقولك هيكون أفظع وأشنع من القتل... وتخيلي بقه هتعمل إيه؟؟.. هو فيه أفظع من... الدم!!!!!!!!!!!!!!!!!!! (تشويق ههههه فكري فيها يا هموستى ) :YkE04454:

منى لطفي 27-09-16 09:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الخامسة
بقلمي /احكي ياشهرزاد (منى لطفي)
التفت عائلة عدنان الخولي حول مائدة الطعام, جلس عدنان على رأس المائدة الى يمينه ولده الأكبر ليث والى اليسار راضي وبجانبه زوجه سلسبيل, والى يمين ليث راجية الأم..
- إعملت ايه في سفرك اللي كنت فيه يا راضي, إن شالله إتوفّجت؟
أنزل راضي الملعقة التي يتناول بها الطعام وابتلع لقمته ونظر الى والده مجيبا بحماس:
- الحمد لله يا حاج, البضاعة وصلت سليمة والتجار استلموها واتشوّنت في المخازن كُمان..
نظر اليه شقيقه الأكبر ببرود وتحدث وهو يمسك بملعقته يتناول بها بعض الأرز قبل أن يرفعها لفمه:
- إلمْهِم يدفعوا في المعاد بالمظبوط, ماعاوزينش إيطمحوا فينا شمال ويمين لمّن ياجي معاد الدفع....
هتف راضي:
- لاه يا وِلد أبويْ في دِه أنا مطمن دول كلاتهم تجار تُجال وكلمتهم متْل السيف, وبعدين هما دفعوا مُجدّم فعلا والباجي بشيك كيف ما بنتعامل مع الكل....
قال عدنان بهدوء:
- على خيرة الله, همّن مش اجداد علينا اتعاملنا معهم كَتير جبل سابج, اللهم غير مسعود الراجي, ودِه سُمعته زينة في السوج..
مال راضي على أذن سلسبيل وهمس بابتسامته التي تعشقها:
- أم عدنان مش بتاكل ليِه؟
نظرت اليه بحيائها المعهود وأجابت وهي تسترق النظر لوجوه المحيطين بهما حول المائدة:
- لاه باكل أهاه, ما تشغلشي بالك إنت, بس جولي عجبك الوكْل؟
أجاب بهمس:
- انتي اللي طابخه صوح؟, شميت ريحة يدك في الوكِّل, كَنُّه فيه فل ويَاسَمين!!
كتمت ضحكتها بصعوبة بينما علم مقدار خجلها خاصة في حضور والديه, فابتعد عنها قليلا لتحين منها نظرة الى الأمام فتفاجأ ببرود صقيعي من مقلتين غاية في السواد تماما كسواد قلب صاحبهما, وليس هذا بعجيب.... فتلك القسوة التي تغلف قلبه قد استمدها من إسمه.... ليث!!
*******************
- إلّا جولي يا رؤوف يا ولدي؟
نظر رؤوف الى والدته ومال الى الامام ليضع كوب الشاي الزجاجي من يده فوق الطاولة الزجاجية الصغيرة التي تتوسط الجلسة في غرفة الجلوس بقصرهم وأولاها انتباهه كاملا وهو يقول:
- أؤمري يا حاجة...
ابتسمت مجيبة:
- الأمر لله وحده يا غالي, هما بسلامتهم مَرَتك وبناتك هياجوا ميتى؟, اتوحشتهم جوي جوي يا ولدي, الدار مالهاشي حس من ساعة ما سافروم, خصوصي بتّك إصغيّرة دِيْ, دمها شهد مكرر, وشجاوتها علجتني فيها بزيادة..
صدحت ضحكات الحاج عبد الحميد وقال:
- وانتي الصادجة يا فاطنة, ليهم وحشة كبيرة خصوصي آخر العنجود سكر معجود, كانت طول الوجت تتنطنط حوالي إهنه وإهناك, وحديتها جميل, الواحد ما يزهجش منِّيه!
ابتسمت فاطمة وترقبت جواب ولدها بلهفة لم تخف عن أعين الموجودين بينما هناك آخر قابع في كرسيه يحتسي الشاي على مهل وتعبير وجهه لا يشي مطلقا بلهفته الحارقة لمعرفة جواب جدته: متى سيعود الغائب؟!, قال رؤوف بابتسامة هادئة:
- تسلمي يا أمي, انا لسه مكلمهم انهرده الصبح وسلمى المفروض انهرده الدكتور هيحدد لها الجزء الجديد اللي تشتغل عليه في الرسالة, فبإذن ربنا ممكن على بكرة بالكتير, هعرف هييجوا امتى بالظبط وهقولكم اكيد...
قال شهاب وهو يضع كوبه جانبا بعد أن أنهاه:
- لو لسه ما حجزوش في القطر.. انا ممكن أروح لهم أجيبهم يا عمي, مافيهاش أي مشكلة!..
ابتسم الجد سرورا بحفيده وبعرضه الذي لاقى استحسانا لديه, بينما قبض الآخر على كوبه غير آبه بسخونته ما إن سمع جواب عمه الذي قال بابتسامة:
- والله يا شهاب يا بني تقريبا مش هيرجعوا في القطر, ابن خالتهم موجود وصمم يرجعهم, مرات عمك لسه قايلالي انهرده وأنا وافقت, عموما تُشكر يا شهاب شايلينك لوقت عوزة, لسه يا ما هيسافروا...
امتعض شهاب ولكنه أخفى ضيقه ذلك, بينما تحدث الجد قاطبا جبينه:
- وِلْد خالتهم؟, انت مش بتجول ان مرتك مالهاش خوات؟
أجاب رؤوف بابتسامة وهو يتناول كوبه ليتابع احتساء الشاي:
- أمه يا حاج تبقى بنت خالة ألفت, يعني كريم يعتبر بمقام إبن أختها, دا غير إني تقريبا اللي مربيه, كانوا معانا واحنا في الخليج ولما نزلنا مصر حصولنا بعدها بسنتين, فما تخافش يا حاج ولد متربي وهيعجبك لما تشوفه..
- أستأذن أني يا حاج, عن اذنك يا حاجة, معلهش يا عمي ورايا شوية مصالح لازمن أروح أجضيها!..
هتف غيث بهذه العبارة بعد أن وضع كوبه جانبا لينهض سريعا جعل الجميع يطالعونه بدهشة فأدلى بعبارته تلك ليشرح لهم سبب مقاطعته لهم ونهوضه بذلك الشكل المفاجئ, مال على يد جده يقبلها وجدته وقبل رأس عمه وانصرف بينما تبعه شهاب مناديا:
- استنى يا غيث خدني معك..
ليلحق بشقيقه التوأم وسط نظرات الدهشة من رؤوف وابتسامة كادت تكشف عن نفسها من الجد سارع بإخفائها ولكن ليس بالسرعة الكافية فقد انتبهت لها زوجه والتي تعرفه جيدا وكيف لا وهما زوجان منذ ما يزيد عن نصف قرن, في حين دخل عثمان وهو يلمح ولديه وهما يخرجان سريعا وقال بدهشة:
- فيهم ايه التنين دول؟, واخدين في وشّهم ناجص يرمحوا رمح!
قال الجد بهدوء:
- ابدا يا عتمان يا ولدي, افتكروا مُصلحة وراهم لازمن يجضوها, اومال فينها راوية؟
جلس بجوار أبيه وأجاب بلا مبالاة:
- بتجول راسها مصدّع إشوي وعاوزة تنام, خلّيها براحتها..
نظرت فاطمة جديا الى إبنها الكبير, وهي تتشكك في السبب الحقيقي لاختلاء راوية بنفسها في غرفتها!...
***********************
- ايه يا عم الشباب, مالك بس؟, من ساعة ما ركبت الحصان وطرت بيه وانا طلعت وراك مش عارف أجيبك؟
صمت غيث ولم يجبه, وكان قد ترجل من فوق فرسه العربي الأصيل الضخم الاسود اللون, وقد وقف في فسحة خضراء على تل مرتفع يشرف على البلدة, وكان قد صعد الى غرفته ليبدل ثيابه قبل ان يتجه من فوره الى الاصطبلات ليصعد فوق "عنتر" فرسه الأصيل ليقوم بنزهة طويلة معه, كي يخلو الى نفسه, ويتخلص من تلك الانفعالات التي تمور في صدره, فكما هي عادته أبدا لا تظهر على وجهه أي ردود أفعال لأي أمر كان, فهو من النادر أن يغضب أو ينفعل مهما حدث, وحدها تلك الشيطانة الصغيرة التي منذ أن وطئت بقدمها منزلهم, وهي تصنع منه غيثا غريبا عليه, لم يسبق له وأن عرفه!
أجاب ببرود وهو يقف عاقدا ساعديه السمراوين بينما الهواء يعبث في خصلاته السوداء الشديدة القصر:
- وانت ايه اللي هامك جوي اكده؟, ثم.. ايه اللي جابك ورايْ؟
وقف شهاب بجانبه بعد أن ألقى بنظرة الى الجوادين الواقفين يأكلان بصمت من نبات الأرض, تقدم حتى وقف على بعد خطوات منه وقال بينما يطالع شقيقه الذي يوليه ظهره:
- عادي يا غيث, انت ناسي أني توأمك؟
قطب غيث جبينه ولف إليه بنصف استدارة وسأل:
- جصدك ايه؟
تقدم شهاب حتى أصبح في مرمى بصره ونظر اليه مليّا قبل أن يجيب بابتسامة هادئة:
- يعني أنا أكتر واحد يحس بيك, مهما خبيت على الناس كلها مش هتقدر تخبي عني أنا, احنا واحد يا غيث ولا نسيت؟.
التفت اليه غيث كليّة وقال بابتسامة ساخرة:
- جول لروحك يا باشمهندز!, أني كُمان أكتر واحد يعرفك صوح, اني ملاحظ انك بجالك فترة مش زي عوايدك, فين خروجاتك وسهرك لوش الفجر؟, فينه ولد أبو سويلم؟
أجاب شهاب مشيحا بنظره الى البعيد بهدوء:
- هو انا أسهر مش عاجب ما أسهرش بردو مش عاجب؟, عموما ولا يهمك يا كبير... هخرج انهرده وأسهر ارتحت؟
هز غيث برأسه يأسا من توأمه وأجاب هازئا:
- انت حر وأني مالي, بس المهم دماغك تكون فاضية مش بتونّ كيف النحلِه!
قطب شهاب جبينه في حيرة وهتف:
- إيه؟, قصدك إيه؟
ولكن غيث لم يمهله وانطلق راكبا فرسه في حين ركض خلفه شهاب ليقفز فوق ظهر فرسه الأصهب هو الآخر وهو يصيح عاليا:
- غيث.. ما ينفعش ترمي كلمتين وتمشي, غيث اقف بقولك!
لتصدح ضحكات غيث عاليا يتبعها زمجرة شهاب الغاضبة..
******************
وقفت السيارة لتترجل سلافة سريعا وهي تقفز بخطوات سعيدة حيث والدها يقف في انتظارها مع جدها, لم تنتظر أمها وشقيقتها أو كريم, وأسرعت الى والدها تحتضنه بشوق ولهفة وهي تقول:
- ياااه, وحشتني أوي أوي يا بابايا..
أبعدها عن ذراعيه قليلا ومال عليها مقبلا جبينها وهو يقول بحنان أبوي:
- وانتي وحشتيني أوي يا حبيبة بابا..
قال الجد بمرح وهو يفتح ذراعيه:
- بوكي بس اللي اتوحشتيه يا نصابة؟
ضحكت سلافة بمرح وقالت وهي تلقي بنفسها بين ذراعي الجد الممدوتين حيث يقف بعباءته المخملية الثمينة السوداء اللون:
- معقول يا بابا جدو؟!, حضرتك وحشتني أوي وماما ستو كمان..
أجاب الجد ضاحكا:
- إلا ماما ستُّو ديْ, هتنجنْ عليكو وعليكي انتي بالخصوص.
ابتعدت عنه قليلا وهتفت:
- هي جوّه صح؟, هدخل أسلم عليها...
لتسمع هتافا باسمها, التفتت لترى شقيقتها وهي تصعد درجات السلم الرخامي العريض حيث يقف والدها والجد في استقبالهم, هتفت سلمى ناظرة اليها بتأنيب:
- انتي دايما كدا!, اصبري أما أسلم على بابا وجدو الأول وأدخل معاكي...
صافحت والدها وجدها معانقة إياهما, وجاء دور ألفت التي صافحت الجد الذي رحب بها ثم التفت الى الضيف الذي أتى بصحبتهن, كان شابا يقرب عمر غيث وشهاب, بنيته ضعيفة نوعا ما, شعره مائل للون البني, قمحي البشرة, ليس به شيئا يُلفت النظر سوى مرحه الذي يتجلى في ابتسامته العريضة ونظراته المرَّحبة التي يرسلها الى الواقف أمامه, مد يده مصافحا رؤوف ثم الجد الذي رحب به قائلا:
- حمد لله على سلامتكم يا ولدي, معلهش تعبت من المشوار دِهْ..
نفى كريم بهزة قاطعة من رأسه قائلا:
- أبدا لا تعب ولا حاجة يا حاج, دول أهلي...
حان من الجد التفاتة يمنى ويسرى, فمال رؤوف عليه قائلا:
- بتدور على حاجة يا حاج؟
هتف الجد وهو يفتش بعينيه:
- راحوا فين دول؟, انا موكّد عليهم يبجوا موجودين.. عتمان راح الديوان من الصبح, والتاني معيروحِش المزرعة الا بمزاجه, يبجى راحوا فين؟
قبل أن يجيبه رؤوف أبصرهما الجد وهما يقبلان عليهما من ناحية الاصطبلات, ومن هيئتهما علم أنها كانا في نزهة فوق ظهور الخيل, وقف كلا من غيث وشهاب للسلام عليهم بإيماءة رأس خفيفة منهما الى كل من سلمى وأمها بينما لم تنتبه سلافة التي كانت تتحدث مع كريم جانبا, سعلت سلمى لتنتبه سلافة التي استدارت لتنظر الى ابنيْ عمها وهما يقفان يطالعنها بكل برود, هزت برأسها قائلة بابتسامة:
- اهلا يا غيث, ازيك يا شهاب..
ثم أشارت الى كريم الواقف بجانبها يبتسم بهدوء:
- كريم ابن خالتي..
مد شهاب يده لمصافحته, تبعه غيث الذي ضغط على يده بقوة جعله يطالعه بدهشة, فتمتم من بين أسنانه:
- شرفتنا...
دعا الجد الجميع للدخول, بعد ان استقر بهم المقام في غرفة الجلوس وقد استأذنت ألفت وبناتها للصعود الى طابقهم, التفت الجد الى كريم الجالس ليسأله بابتسامة خفيفة:
- إلا بالحج رؤوف ولدي ما جاليش انت بتشتغل ايه؟
ابتسم كريم قائلا:
- دكتور يا حاج..
كان كريم يجلس الى المقعد يمين الجد الذي جلس على الاريكة, والى اليسار جلس رؤوف بجوار الجد بينما احتل غيث وشهاب الأريكة الثانية المواجهة لكريم, نظر الجد الى وجهي حفيديه ليبتسم في نفسه فأحدهما يعتمد البرود في نظراته بينما داخله يتآكل غيظا يظهر بوضوح من نظراته الخائنة التي لاحقت طيف تلك الجنية الصغيرة وهي تختفي مع أمها وشقيقتها, بينما الآخر فتعبير وجهه ينبأ بوضوح عما يختلج داخله من مشاعر, فمن الواضح انه لا يستسيغ هذا الـ.. كريم!, تدخل رؤوف قائلا:
- كريم دكتور مخ وأعصاب في نفس المستشفى اللي سلمى بنتي بتشتغل فيها, هو اكبر منها بسنتين..
ليتنفس أحد الجالسين براحة جزئية بينما يكور الآخر قبضته في حدة مباغتة, لا يعلم لما غضبه عندما علم بأنه يعمل في نفس المكان الذي تعمل به صاحبة غابات الزيتون!!
قال الجد مسرورا:
- بسم الله ما شاء الله, اعمل إحْسابك يا دكتوُوُر.. انت هتتغدى عندينا إنّهاردِه...
حاول كريم الاعتذار قائلا:
- معلهش وقت تاني يا حاج, حضرتك عارف السكة طويلة, علشان ألحق أرجع في النور..
- أنا قلت لجدي أروح أجيبهم بس عمي قالي انك انت اللي عرضت ترجعهم, لو كدا ما كنتش تعبت نفسك في الأساس!
هتف شهاب بهذه العبارة بحدته المعهودة, نظر اليه الجد زاجراً بينما قطب رؤوف جبينه في حيرة من حدة ابن أخيه, أما غيث فنظر اليه بلوْم وتأنيب , فدائما ما يغلب شقيقه طبعه العصبي الحاد, بينما قطب كريم وأجاب وهو غير راض عما استشفه من حديث شهاب من أنه قد قام بتوصيل خالته وابنتيها عن كره منه, ابتسم وقال:
- أنا مش فاهم انت فهمت ايه من كلامي بالظبط؟!, لكن لو أنا كنت متضايق من المشوار ما كنتش عرضت من الأصل, سلمى وسلافة وخالتي ألفت دول أمانة عندي طول ما عمي رؤوف مش موجود, وبعد إذنك يا عمي أنا طلبت من سلمى في أي وقت عاوزة تنزل مصر , ما تشيلش هم الرجوع أنا هرجعها زي انهرده تمام...
كاد شهاب أن يصرخ بوجهه محتدًّا عندما قبض غيث على رسغه ونظر اليه مهدِّئاً في حين تحدث الجد:
- لا يا ولدي ما حدش فهمك غلط ولا حاجة, كل الحكاية اننا عارفين المشوار وعر كيف, فبدال انك تاجي وتعاود في نفس اليوم كان ابن عمهم هيجيبهوم, وبعدين سلمى ماينفعشي تسافر مصر لوحديها...
أجاب كريم بتلقائية:
- لا سلافة هتكون معاها, انا اتفقتم معهم على كدا!!
كاد غيث هذه المرة أن يقفز من مقعده محتدا على هذا الجالس أمامه والذي أعطى لنفسه حق تقرير ما الأصلح لبنات عمه, ولكن قبضة شهاب القوية على معصمه منعته فنظر اليه ليهز شهاب برأسه مهدِّئًا إياه هو هذه المرة...
تحدث رؤوف الذي شعر بشرارات تتطاير في المكان, وأحس بتململ إبنيْ أخيه من كريم , فقال راغبا بوضع حد لهذا الأمر:
- عموما أنا اتفقت مع سلمى بعد كدا تخلي كل سفرها بالقطر, تروح بالنهار وترجع بالنهار وهتكون معاها سلافة اختها, ودلوقتي بقه احكي لنا يا كريم, جيت على طول.. عرفت البلد على وصفي ليها ولا اضطريت تسأل؟
وهكذا أبدل رؤوف موضوع الحديث, ليتجاذبوا أطراف الكلام بعيدا عن موضوع سفر ابنيته!!
************************
رحل كريم بعد الغذاء رافضا عرض الجد بالمبيت الليلة مؤجلا رحلة العودة الى الغد, ودّع الجميع, ورحل وهو مندهش من العادات السائدة في هذه العائلة والمستقاة من بلدها, فهو لا يستطيع التصديق انه الى الآن لا تجتمع العائلة على مائدة واحدة اذا كان هناك غريب!, هو ليس بغريب, ولكن أثناء تناولهم طعام الغذاء اندهش لعدم وجود أيّا من خالته او ابنتيها وفسر له هذا الأمر عمه رؤوف أنه من عادات بلدته الفصل بين الرجال والنساء إذا ما تواجد ضيف بينهم!
لوحت سلافة بيدها الى كريم وابتسامة كبيرة ترتسم على وجهها, ثم قررت أن تتجول قليلا في الحديقة بينما انصرفت أختها الى غرفتهما لنيل قسط من الراحة تماما كما فعل والديها.
كانت تقف تحت شجرة ورد جوري, وقد قطفت احدى الوردات تتنشق رائحتها العطرة, وأغمضت عينيها وهي تتلاعب بالوردة فتلمس وجنتيها بأوراقها الطريّة عندما تناهى الى سمعها صوت في برود الثلج يقول:
- على فين يا بت عمي؟
فتحت عينيها ونظرت الى مصدر الصوت لتشاهد غيث وكان لا يزال بثياب ركوب الخيل المكونة من بنطال أسود من الكتان يعلوه حذاء الركوب اسود اللون ذو عنق طويل يصل أسفل الركبة, وقميص أسود محكم على جذعه العلوي يفصل عضلات صدره القوية, ويمسك بيده بمهماز الركوب, تحدثت بابتسامة:
- ابدا يا ابن عمي, بتمشى شوية...
أجاب ووجهه لوحة صماء لا تعبر عما يدور بداخله:
- أصلي لاجيتك ما عاودتيش بعد ولد خالتك ما مشي, ايه زعلانه انه راح وهملكم؟
قطبت واجابت بابتسامة حائرة:
- همّلكم؟, قصدك سابنا يعني؟, لا طبعا هزعل من ايه؟, كريم عنده شغله وانا عارفة انه مش هيقدر يتأخر عليه!!
اقترب منها وهو يمسك بنهاية المهماز بيده اليمنى ويضرب به راحة يده اليسرى وقال ببرود بينما فتيلا صغيرا بداخله بدأ بالاشتعال:
- انت خابرة ولد خالتك زين على إكده؟
أجابت بتلقائية شديدة وابتسامة واسعة ترتسم على شفتيها الكرزتين أخذت بلبِّ غيث وجعلته يطالعها بانشداه:
- كريم!, طبعا, كريم دا أنا قعدت معاه عمري كله تقريبا, زي ما اتقول كدا اتربيت على ايده, هو اكبر مني ب 6 سنين, وكنا مع بعض في دبي مكان شغل بابا, وهو وطنط وفاء وعمو نبيل واخته سهى كانوا معانا, الغربة بتخلي الغُرب قرايب فما بالك بالقرايب بقه؟, ورجعنا في نفس التوقيت تقريبا, هما علشان جواز سهى واحنا علشان الكلية, كريم كان بيدرس هنا وينزل في الاجازات, ولما كنا لسه في دبي كنت أنا وسلمى بنستنى نزوله بفروغ صبر, هو اللي كان بيخرجنا ويودينا المكان اللي احنا عاوزينه, طول السنة ما فيش خروج لكن أول ما كريم ييجي بابا بيدينا الاذن نروح في أي مكان طالما هو معانا, كريم.....
ليقطع حديثها المسترسل صرخة غضب محتدة:
- بس خلاص!
قطبت ونظرت الى غيث الذي تصدعت واجهة البرودة التي يعتمدها بينما تابع وقد ألقى المهماز بعنف من يده وهو يقترب منها ليقف أمامها ناظرا في عينيها هاتفا بقوة:
- كفاياكي, ايه.. انتي ما عتكسفيش واصل إكده؟, كريم.. كريم.. كريم... يُبجالك إيه كريم دِه عشان تتكلمي عنّيه بالطريجة ديْ؟..
شهقت باستنكار وقالت:
- إيه؟, انت بتقول ايه؟,أنت...
ليقاطعها مزمجرا:
- بلا إيه بلا تيه بجه!, ايه مش واعيه لروحك؟, كريم دِه لا هو بوكي ولا خوكي عشان تتكلمي عنيه بالشكل الماسخ دِه!..
نظرت اليه بذهول بينما تابع مقلدا إياها محركا يديه الى اليمين والى اليسار:
- كريم وكريم, ويا كريم..., مش واعية لروحك إياك؟!
حاولت تمالك نفسها ووقفت أمامه وهي تهتف بقوة:
- هقول إيه, واضح كدا انك مش ممكن تفهم يعني ايه " رب أخ لك لم تلده أمك!", كريم اللي مش عجبك دا يبقى أخويا اللي أمي ما ولدتوش, وبابا لو كان شايف في أي غلط كان أول واحد وقف لنا, لكن بابا عارف احنا أد ايه مرتبطين بكريم وعيلته, عارف ليه يا غيث بيه؟..
لم تنتظر اجابته وأجابت هي بدلا عنه هاتفة بقوة:
- لأن دول العيلة الوحيدة اللي احنا كبرنا في حضنها, دول العيلة اللي خدتنا في حضنها بجد, اللي حاسينا معهم بطعم العزوة والسند, في وقت عيلتنا الحقيقية كانت متبريه من أبونا علشان سبب ما يستحقش, اللي كريم عمله معايا انا وسلمى المفروض انت واخوك كنتم تعملوه, كم مرة كان نفسي في أخ أو ابن عم يكون دمي وسندي أنا وأختي ومالاقيتش!, يوم ما بابا وقع مالقيناش غير كريم وعمو نبيل نستنجد بيهم, كريم هو اللي شال بابا على كتفه ووداه المستشفى ما استناش الاسعاف, كريم هو اللي كان بيطبطب على ماما ويشد على ايدي أنا وسلمى وبابا في الرعاية ويطمنا انه بابا هيبقى بخير, مش حد من عيلة الخولي, بعد دا كله تيجي تقولي انتي مش واعية, لأ.. آسفة انت اللي مش واعي بالظبط انتو ايه بالنسبة لنا؟, العيلة مش بالاسم, علشان كدا هتقولي مين اللي اقرب لك.. هقولك كريم, كريم دا ابن خالتي وابن عمي وأخويا وكل حاجة.. لكن أنت... ابن عمي الكبير وبس, بيني وبينك اسمنا اللي في شهادة الميلاد, غير كدا معرفوش وما يهمنيش اني أعرفه, عن اذنك!!
لتلقي بالوردة التي كانت بيدها بعنف على الأرض واستدارت مغادرة وسط ذهول غيث الصاعق, فلأول مرة يرى جانبا لم يختبره من ابنة عمه الصغيرة, تلك الجنية الصغيرة لها مخالب تخدش بها, بل إنها تزمجر كالهرة الشرسة, حسنا يا صغيرة آن لك أن تعلمي أنك تنتمين لعائلة الخولي قلبا وقالبا وأنك قد عدت الى مكانك الطبيعي بينهم ومهما حدث لن تفارقي مكانك بين أحضانهم الى الأبد!!, لتحين منه نظرة الى الأرض أسفل قديمه, فركع على ركبتيه ثم نهض واقفا قابضا على شيء في راحة يده, ما لبث أن فتح راحة يده لتظهر تلك الوردة التي ألقتها سلافة, فيقرّبها الى أنفه يتشمم رائحتها, وقال وهو ينظر الى وريقاتها التي تقطعت بعضها وكأنه يلقي بقسم على نفسه:
- هثبت لك يا بنت عمّي انه اللي بيناتنا مش اسمنا اللي في شهادة الميلاد وبس!!
- يتبع -


رهووفا 30-09-16 04:21 PM

رد: كبـير العيلة
 
استمري رائعه مبدعه

همس الريح 30-09-16 05:15 PM

رد: كبـير العيلة
 
حبيت حبيت حبيت حبيييييييييييييييييييييييييييييت

بارت ممتع ممتع و لذيذ ..
تسلميييييييييييييييييييييييين يا قلبي

و ظهر القلب
ظهر الحب
ظهر النبض
هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييح

حبيته حبيته .. خل نشوف وش وراه
ووش النظره السودا الثلجيه ذي
فز قلبي و انا اقراها


ال الخولي
حبيت الترابط امبينهم
و حبيت كريم ..احسه مهوب ظهور عابر .. بيحتاجون له البنات في يوم ..
حبيت الغيره اللي اظهرونها التؤام
مع ان غيث ذا ما حبيته
بس غيرته لذيذه لذيذه ..
اي
يس
القطه الصغيره لها مخالب و تخدش بعد ..

راويه
اممممممممممممممممممممممممممممممممممم
اتوقع تسوي مصيبه
يه توقع البنات في مصيبه
يه امهم ..تبليها ببليه
يه تقل عقلها و تجيب سحر ..و العياذ بالله

في الانتظار يا قلبي
و
البارت قصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يير

منى لطفي 01-10-16 03:22 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3661551)
حبيت حبيت حبيت حبيييييييييييييييييييييييييييييت

بارت ممتع ممتع و لذيذ ..
تسلميييييييييييييييييييييييين يا قلبي

و ظهر القلب
ظهر الحب
ظهر النبض
هييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييح

حبيته حبيته .. خل نشوف وش وراه
ووش النظره السودا الثلجيه ذي
فز قلبي و انا اقراها


ال الخولي
حبيت الترابط امبينهم
و حبيت كريم ..احسه مهوب ظهور عابر .. بيحتاجون له البنات في يوم ..
حبيت الغيره اللي اظهرونها التؤام
مع ان غيث ذا ما حبيته
بس غيرته لذيذه لذيذه ..
اي
يس
القطه الصغيره لها مخالب و تخدش بعد ..

راويه
اممممممممممممممممممممممممممممممممممم
اتوقع تسوي مصيبه
يه توقع البنات في مصيبه
يه امهم ..تبليها ببليه
يه تقل عقلها و تجيب سحر ..و العياذ بالله

في الانتظار يا قلبي
و
البارت قصيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يير

ههههههههههه مش قلت لك ، انت مو بس هتحبيه انتي هتدوبي دووب فيه ههههههههه فيس بيغمز!!..
وغيث وغيرته لسه ما شوفتي فيها حاجة والقطة هتغلبه غلب السنين ههههههههه.. حبيبتي هموسة تسلمي لي يا قمر...
البارت يدوب بسخن بالاول بس، لكن بعد كدا الحب هيولع في الدرة هههههههه

منى لطفي 01-10-16 09:08 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة السادسة
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست فوق الكرسي الصغير أمام مرآة الزينة تصفف شعرها الأسود المجعد والذي تدلى حتى وصل الى أرجل المقعد القصيرة, كانت تفرقه الى نصفين وأمسكت بإحداهما تقوم بتجديله عندما اعترضتها يدا سمراء قوية تبعها همس أجش من صاحبها وهو يميل اليها هامسا في أذنها:
- همِّليه, ما تجدلهوشي, انتي عارفة جد ايه بحب امسكه بين يدِّيني واحس بيه وبنعومته...
ضحكت سلسبيل ضحكة دلال ونظرت الى انعكاس صورة زوجها راضي في المرآة وقالت بغنج أنثوي يناقض حمرة الخجل التي لونت وجنتيها, فمع مرور أكثر من ست سنوات على زواجهما ولكنها الى الآن لا تزال تشعر بالحياء من غزله الدائم بها, أجابت بابتسامة زادتها فتنة:
- ما انت عارف انه بيزهجني, طويل إكده وبيغلبني في التسريح..
مال على عنقها الطويل ليقبله وهو يقول بأنفاس متهدجة:
- هو مغلبك إنتي وبس؟, ديِه إمعذبني إمعاه!, كفاية اللي بحس بيه لما بشوفه جودامي إكده هيطب الارض من طوله, ولا لما ألمسه وهو بينات يديني زي دلوك, آه يا سلسبيل.. كل حاجة فيكي بتجنينني عليكي.
أسدلت سلسبيل عينيها في حياء بينما قبض على كتفيها ليساعدها على الوقوف وأدارها اليه ورفع يديه محيطا بوجهها ليرفعه اليه وهو يتابع بصوت أجش بينما تسدل هي أهدابها الغزيرة المعقوفة الى الأعلى لتغطي بركتي العسل اللتان تجريان في مقلتيْها:
- طالعيني يا جلب راضي...
رفعت عينيها اليه ليبادلها النظر بنظرات مغرمة مشتاقة لها وقال وهو يقربها اليه ببطء:
- أحلى عيون شوفتها في حياتي, عاوز أشوف عيونك دِه وهي بتضحك إكده على طول, مش عاوز التكشيرة تعرف طريجها لعينيكي الحلوين دول واصل ولا لـ.....
وبتر عبارته وهو يضع أصابعه فوق شفتيها الحمراوين المكتنزتين يتحسسهما بشغف ويتابع بأنفاس ساخنة حارقة:
- ولا شفايفك اللي بتطير عجلي دي, ما عاوزشي أشوفها غير وهي بتضحك إو بس!.
قالت بدلال وهي تحاول الابتعاد عن قبضته التي اشتدت بينما تسللت ذراعاه القويتان تحيطان بخصرها الدقيق:
- يوه وبعدهالك بجه يا راضي, مرَت عمي هتستعوجني, همّلني خليني أروح أشوف اللي ورايْ...
باغتها بأن وضع ذراعا أسفل ركبتيها والآخر خلف عنقها وحملها فجأة لتشهق من المفاجأة وقال وهو يتجه بها الى فراشهما الذي يتوسط غرفتهما في قصر والده , بينما ولديْهما بغرفتهما التي تجاور جناحه هو وسلسبيل يلهوان بألعابهما كما سبق ورآهما قبل ان يوافي سلسبيل الى جناحهما, قال وهو يميل ليضعها في منتصف الفراش:
- باه, أهمّلك كيف؟, وبعدين ما تخافيشي أمي مش هتنادم عليكي ولا تستعوجك, هي عارفة اني اتوحشتك جوي, أني غايب عنيكي أديني سبوعين, ما وحشتكيشي زي ما انا اتوحشتك؟, كفاية إني من ساعة ما جيث واني مش عارف ألتم عليكي واصل..
أحاطت عنقه بذراعيها البضتين وهمست بحب يلمع بين عسلي عينيها:
- انت عارف يا راضي وانت مش موجود بكون عامله زي العيل إلصغيِّر اللي من غير ابوه ولا أمه, انت أبوي وأمي وأهلي وعزوتي كلاتها يا راضي, اليوم اللي بتسافر فيه وتفوتني بحس كَنْ روحي بتروح منِّي ولما بترجع بالسلامة بحس إنْها بتعاود جوايا من تاني, ربنا ما يحرمني منيك يا ولد عمي يا رب, ويجعل يومي جبل يومك...
مال عليها راضي مشرفًا فوق بينما ترتاح يديه على جانبي رأسها فوق الفراش, ورفع رأسه هاتفا:
- يا بووووويْ, وبعد إكده عاوزاني أفوتك؟, إنتي عروستي الليلة, أني أفوت روحي ولا افوتك انتي يا روح راضي!
خجلت سلسبيل وهمست باعتراض واه وهي تشيح بعينيها خجلا من نظراته الجريئة:
- راضي...
أجاب وهو يقترب بوجهه منها مسلطا نظراته على شفتيها القرمزيتين بصوت متحشرج من فرط انفعالاته التي تمور بين جنبات صدره:
- يا روح وجلب وعجل راضي انتي....
سلسبيل بخفر:
- أني....
ولم يمهلها المتابعة ليقطف كرز شفتيها في قبلة طويلة عميقة قبل أن يغرق بها في بحر من الأحاسيس والمشاعرالجياشة التي لم تعلم عنه شيئا الا على يديْ حبيبها وزوجها... راضي!!
*************
سارت بخطوات سريعة غاضبة متجهة الى الخروج من الاستراحة هربا من هذا المغرور المتحذلق الذي يكاد أن يفقدها صوابها ويخرجها عن هدوئها المعتاد, سمعت صيحته الآمرة لها بالوقوف وكانت قد وصلت بالفعل الى الباب, فوقفت مكانها وأغمضت عينيها وهي تعد في داخلها من 1 الى 10 محاولة استعادة هدوئها, سمعت خطواته الغاضبة, ثم شعرت به وهو يقف وراءها تماما ويميل عليها هامسا في أذنها بلهجة أمر لا تحتمل النقاش كي لا يلاحظ أحد من العمّال المحيطين بهم ما يدور بينهم:
- حصّليني..
وخرج بينما تسمرت هي واقفة في مكانها تحدق في إثره لتتمتم بإندهاش غاضب:
- حصّليني!, يكون البيه فاكر نفسه سي السيد وأنا أمينة ولا أيه؟..
ثم تنفست بعمق وتابعت محاولة بث الهدوء الى نفسها:
- لا لا مش كدا يا سلمى, ما تخليهوش ينجح انه يفقدك الهدوء بتاعك, دا قرّب يخليني صورة من سلافة في عصبيتها واندفاعها!, بس انا لازم أحط له حد, هو وغروره الفظيع دا.. بس بهدوء وبرود..
والتمعت عيناها بتحد قبل ان تتجه اليه لاحقة به....
وصلت حيث يقف أسفل سقيفة من خشب السنديان تتدلى منها عناقيد العنب, وكان يستند بيده اليمنى على شجرة باسقة أسفلها, ويقف موليا إياها ظهره, وقفت على بعد خطوات منه وكتفت ساعديها وقالت ببرود تام وان لم يخلو صوتها من حدة خفيفة:
- نعم, أفندم؟
حانت منه نصف استدارة ناظرا اليها من فوق ذراعه اليمنى المستندة فوق الشجرة وقال بصوت مكتوم:
- تقدري تفهميني ايه اللي كان بيحصل جوّة دا من شوية؟
عقدت جبينها وقالت بحيرة واضحة:
- وهو ايه اللي حصل من شوية مش فاهمه؟
اعتدل في وقفته لينظر اليها لثوان قبل ان يتقدم عدة خطوات فيقف على بعد أمتار قليلة منها ويجيب بغضب خفي:
- وقفتك مع الصنايعيه بالشكل دا!, انتي فاكرة نفسك فين؟, احنا هنا في الصعيد مش في مصر!, والمقبول عندكم هناك مرفوض وبشدة هنا!!
فكّت ذراعيها وأشارت اليه بسبابتها اليمنى وهي تردد بدهشة:
- هو ايه المقبول والمرفوض والصعيد ومصر؟, انت عارف انت بتقول ايه؟, اللي يسمعك يقول اني كنت واقفة أتسامر معهم!, وبعدين هنا او مصر او في أي حتة تانية.. انا واحده عارفة حدودي كويس أوي وملتزمة بيها!
ضحك ساخرا:
- آه.. بدليل اللي شوفته جوة في الاستراحة من شوية!
ثم قلب وجهه متابعا باستهجان تام:
- انتي تعرفي ايه انتي علشان تقفي مع الرجالة وتقولي لهم اعملوا وما تعملوش؟!, لا ومش بس كدا كمان... تعارضيني وتتدخلي في الكلام اللي بيني وبينهم!
زفرت سلمى بيأس محاولة تمالك أعصابها التي هددت بالانفلات للمرة التي لا تعلم عددها منذ أن بدأ العمل في الاستراحة التي بالمزرعة لتحويلها الى مستوصف خاص بعمال المزرعة ولمن احتاج من أهل البلد, وكانت قد شعرت بالسرور لاقتراح الجد فهي تكاد تجن بعيدا عن مرضاها, ولكن أكثر ما ينقص فرحتها هو هذا الواقف أمامها والمسمى شهاب!, فهو منذ أن بدأت بحضور التشطيبات النهائية للاستراحة حتى تملي على لمهندس المسؤول اقتراحاتها بشأنها وقد وقف لها هذا الشهاب كالشوكة في الخاصرة!
قالت بابتسامة صفراء ساخرة:
- ممكن سؤال.. انت مهندس؟
نظر اليها عاقدا جبينه وأجاب:
- لأ...
تابعت بنفس الابتسامة الصفراء:
- أومال عاوزني أتكلم معاك انت وأقولك اللي انا عاوزاه في الاستراحة ليه؟, انا بتكلم مع مهندس الديكور علشان دي شغلته, لكن اقولك وانت ترجع تقوله.. ليه يعني؟!
هتف بسخط:
- وهو انتي بتتكلمي مع المهندس وبس؟, لو كان على كدا ما كنتش اتكلمت!, لكن حضرتك بتتكلمي مع المهندس والسباك والنقاش والنجار, دا حتى عوضين اللي بيعمل الشاي والقهوة للعمال بتتكلمي معاه!!
هتفت بحنق:
- لا الاه الا الله, وهو انا بهزر ولا بقول نُكت!, حاجة مش عجباني في الشغل والمهندس بيكون مش موجود.. ايه المانع اني اقول للصنايعي عليها؟, ايه اللي يخليني أكلم المهندس ولا أكلمك وانتو تقولولهم؟, افهم يا شهاب بيه.. انا دكتوووورة.. يعني بعالج مرضى كتير.. ستات ورجالة, فمينفعش يعني اني كل ما اعوز حاجة أجري عليك اقولهالك تتكلم بلساني!!

زفر بضيق وأجاب من بين أنفاسه المحتدة:
- يا دكتووورة افهمي, شغلك حاجة ووقفتك بين الصنايعية والعمال حاجة تانية!, خصوصا اني موجود!, جدي كلفني أنا اني اتابع شغلهم, وانتى قعدت مع المهندس وقولتي له على اللي عاوزاه, يبقى مالكيش عندنا غير انك تلاقي كل اللي طلبتيه اتنفذ, يعني وقفتك دي وكل يوم تنطِّي هنا مرفوووضة!, فهمتي ولا أقول كمان!
وقفت سلمى تطالعه مليا بنظرات غامضة قبل ان تقول ببرود صقيعي:
- شوف بقه, علشان واضح كدا اننا هنتعامل مع بعض كتير بما ان المستوصف هيبقى في قلب المزرعة, انت مالكش أي حق أو صفة تدخل في طريقتي لا مع الناس ولا في شغلي!, أنا كبيرة كفاية اني أقدر أعرف انا بتكلم ازاي ومع مين, وأظن اني محترمة تقاليد بلدكم كويس أوي وعارفة الفرق بين مصر وهنا, ولو جدي كان عنده ذرة شك واحدة في كدا ما كانش اقترح فكرة المستوصف دا ولا اتحمس له أوي كمان, علشان كدا.. حتة ينفع وماينفعش ويصح وما يصحش.. يا ريت تشيلها من دماغك خالص, زي ما أنا مش بتدخل في طريقة شغلك ابعد انت نفسك خاااالص عن شغلي!
قطع المسافة التي تفصلهما في خطوتين ووقف أمامها تماما وقال وهو يقرب وجهه منها حتى أنه قد استطاع رؤية مقلتيها اللتيْن يحيط بهما شعيرات ذهبية اللون, وصرّح بوضوح قائلا:
- دا في المشمش!, حساب وهحسابك, وهراقبك, وهعد عليكي أنفاسك كمان ايه رأيك بقه؟
علمت أنه من النوع العصبي والذي كثيرا ما تغلبه انفعالاته من حديث شقيقته سلسبيل عنه, وعلمت أيضا أنه قد يأخذ كلامها على محمل التحد, وتعجبت من طبعه الأحمق هذا والذي لا يتماشى مع عمره الذي تخطى الثلاثين, لذا عمدت الى رسم ابتسامة بلهاء على وجهها وقررت أن تتعامل معه كطفل مشاغب كبير, وقالت:
- وهو كذلك, بس خلي بالك زي ما تعمل هعمل, أنا ما كنتش بحب اتدخل في شغلك بس كويس انك قولت لي على اللي هتعمله علشان انا من ساعة ما جيت هنا وشوفت طريقتك مع اللي معاك هنا وانا في كلمتين محشورين في زوري ومش عاوزة أقولهم وأقول لنفسي وأنا مالي, بس الحمد لله أخيرا هقولك على اللي في بالي...
نظر اليها متسائلا متصنعا عدم الاهتمام بينما نظرت اليه جيدا حتى كاد يتيه في غابات الزيتون خاصتها وتحدثت ببرود مشددة على كل كلمة تقولها كي تضمن فهمه لها جيدا:
- حرام عليك البني آدميين والحيوانات اللي تحت ايدك!, انت بس مش كفّرت البني آدمين في عيشتها..لأ!, دا حتى الحيوانات قربت تصرخ وتقولك ارحمنا بقه من كُتر اللي بتعمله فيهم!, ارحم... ارحم.... من لا يَرحم لا يُرحم!!...
وابتعدت عنه بعد أن منحته إبتسامة ساخرة, وانصرفت تاركة إياه وهو ينظر في أعقابها بذهول متمتما:
- أرحم الحيوانات!, هي بتهلفط تقول ايه؟
ثم انتبه الى مغادرتها, فتابع من بين هسيس أنفاسه الغاضبة وفحم عينيه يبرق كنار مشتعلة:
- ماشي يا سلمى, بتردهالي؟!, بتتريقي عليّا؟, طيب يا أنا يا أنتي؟, يا ناري.. يا تلجك!!
وبرقت عيناه ببريق عزم مخيف.......
********************
جلس عثمان بجوار والده في غرفة المكتب بعد أن انهى اطلاعه على سير العمل, كما يفعل يوميا بعد عودته, فلا بد من أن يقص على والده كلما حدث سواءا في الديوان أو المزرعة واللذان يشرف عليهما يوميا خلافا للتقرير اليومي الذي يوافيه به كلا من توأميه...
قال عثمان ناظرا الى والده بابتسامة:
- معلهش يا حاج, كنت عاوز أسألك من مدة في حاجة إكده بس...
نظر اليه الجد بغموض وأجاب بابتسامة العارف ببواطن الامور:
- وما سألتش ليه يا ولدي؟, عموما إسأل... أني سامع أهاه!
قال عثمان بحيرة:
- انت ليه خليت بنات اخوي يشتغلوا مع شهاب وغيث؟, في الاول أنا جولت عشان عاوز أكيد تجرِّبهم من بعض, بوي وأني خابرك زين, وعارف بتفكر كيف, انت ما عاوزشي بنات خوي يطلعوا لحد من برات العيلة, وأني امعاك في دِه.. هما لحمنا ودمنا وكفاية بوهُم اللي تغرب وبعد عنينا.. جِه الوجت اللي نحضن فيه بناتنا وما يِّفرْجُوناشِ واصل, بس كنت مُتوجِّع انك هتختار سلمى لغيث وسلافة لشهاب, انما اللي حوصل العكس!
استند الجد براحتيه على رأس العصا العاجية المطعمة بفصوص كبيرة من الأحجار الكريمة ونظر اليه مجيبا بابتسامة:
- لو انت خابرني كيف ما بتجول كنت عرفت اني اعملت اكده ليه؟..
تابع وهو ينظر الى ابنه الكبير بابتسامة حانية:
- اني فعلا كيف ما جولت يا ولدي, مش عاوز لحمنا ودمنا يخرجوا برّات العيلة, بس لازمن لما أختار.. أختار صوح, ما هو ما ينفعاشي نلبس طاجية دِه لدِه وخلاص, كل فولة وليها كيّال ولازمن نختار الكيال الصوح, انت لمن تاجي تطفي نار وليعاذ بالله بتطفيها بإيه.. بنزين ولا مايِّهْ؟
أجاب عثمان عاقدا جبينه في حيرة:
- مايَّه طبعا يا حاج!
قال الجد مبتسما رافعا يده اليمنى مشيحا بها أمامه:
- أديك جولتها بعضمة إلسانك, النار لازم لها المايَّة... غيث ولدك هو اللي عيطفي نار سلافة, وسلمى هي اللي هتطفي نار شهاب اللي جايدة طول الوجت ديْ ما بتروحش!, لو عكسنا وشهاب ولدك خد سلافة, سلافة لساتها إصغيرة وعاوزة اللي يحايلها ويبجى رحيم بيها ويصبر عليها وياخدها بالهداوة واحدِة واحدِة, لكن شهاب ما عندوش صبر ولا طولة بال ولا برود غيث, برود غيث هو اللي هيخليه يجدر يستحملها ويطّبعها بطبعه, لكن شهاب... لو خدوا بعض من اول يوم هتجوم حريجة ونار جايدة ويمكن اللي خايف منِّيه يوُحصل وبدل ما نكون بنلم شمل العيلة نُبجى بنبعتِّرها أكتر, واكده برضيك لسلمى وشهاب, شهاب عاوز اللي يتعامل معاه بالراحة, عاوز واحدة صبورة وعندها شوية ابرود اكده علشان تجدر تتحمل اجنانه, اني يمكن كبرت صوح بس لسّاتني بعجلي وعارف اوزن الامور كيف, اني خابر زين كل واحد من ولادك كيف بيفكر وكيف بيتصرف, ومع ان المدة اللي جضيتها مع بنات رؤوف خوك مش كبيرة لكن هو كان مش بيبطل يحكيلي عنيهم لمَّن كنت اشوفه في السنين اللي فاتت, وجدرت اكون فكرة عنيهم اتوكدت منَّيها لما جوم حدانا اهنه وشوفتهم, اطمن يا عتمان يا ولدي... بوك مش ممكن يجازف بعياله ويخليهوم يفارجوه مرة تانية... وصدجني كيف ما جولتلك.. النصيب بينادي صاحبه, وعشان اطمنك زود بعد, كل واحد من عيالك اختار المهرة بتاعته من غير ما أتدخل, أني كل اللي اعملته دلْوك اني عطيت لهم الفرصة انهم يجرِّبوا من بعض ويعرفوا بعض أكتر, عشان تِعرِف ان شعر بوك الشايب دِه مش دليل شيبة وبس لاه!, دِه خبرة في الدنيِّه واللي اني عرفته وشوفته ما تلاجيهوش في أي كُتاب, اطَّمن يا ولدي.. وبكرة تجول بوي عنديه حج!..
*********************
- انتي واجفة عنديكي بتعملي ايه؟
التفتت ألفت الى راوية الواقفة عند باب المطبخ الكبير, وقد ألقت بسؤالها ذلك بحنق استنكارا منها لدخول غريمتها الى المطبخ, بينما كانت ألفت تقوم بصنع كعكة بالمثلجات كما يحبها زوجها وبنتيها فارتأت صنعها لتتناولها العائلة في هذا الجو الخانق, ابتسمت ألفت وأجابت بينما تقف وردة بجانبها لتساعدها:
- راوية!, معلهش اتخضيت.. أبدا لاقيت الجو حر ورؤوف عندي والبنات بيحبوا تورتة الآيس كريم قلت أعملها, ناكلها كلنا , أهي حاجة تطري على الواحد في الحر دا...
اقتربت راوية منها ووقفت أمامها قائلة بلهجة لائمة بينما تطالعها بنصف عين:
- سلامتك من الخضّة يا أم البنات!, ايييه تاعبك الجو عندينا, معجبكيش الحر إهنِهْ, لحجتي تزهجي من بلدنا ولا ايه؟
قطبت ألفت بحيرة واعتدلت واقفة أمامه وهي تمسح يديها في منشفة قطنية وتقول باستفهام:
- ليه يا راوية خدتي كلامي بالشكل دا؟.
ثم ابتسمت بحيرة متابعة:
- أنا لا قصدي اني أنتقد البلد ولا اني زهقت ولا حاجة أبدا, وبعدين ما الحر هنا وفي مصر وفي كل حتة, ليه بتفسري كلامي انه هجوم عليكم؟!
استهجنت راوية وقالت بصوت مرتفع:
- يعني أني بتبلّا عليكي يا ست ألفت؟, جصدك ايه؟, عاوزة تعملي فيها المظلومة وتشعليلي حريجة في البيت؟, طيب أني آسفة.. ما عنتش متحدتة معاكي واصل!..
ثم اقتربت منها وتمتمت أمام وجهها الذي يحمل تعبير الحيرة والذهول مما تسمع:
- بس يكون في معلومك أني خابرة نيّتك زين, ومعخلكيشي توصلي للي انتي رايداه!, أني واعيالك جوي...
هتفت ألفت بحيرة واضحة:
- واعية لأيه بس؟, انتي قصدك ايه يا راوية بالظبط؟
- أني أجولك جصدها ايه؟
شهقت راوية بهلع بينما رفعت ألفت نظراتها الى حماتها الواقفة الى الخلف على بعد عدة خطوات منهما مكّنتها من سماع حديثهما بالكامل, بينما تابعت فاطمة التي تقدمت اليهما بخطوات قوية تنافي سنوات عمرها التي تخطت الستون حتى وقفت بجوار راوية وقالت بنظرات تكاد تخترق راوية لشدّتها:
- أم غيث خايفة انك تزهجي من الجاعده حدانا وممكن رؤوف ولدي يخاف عليكي وع البنتَّهْ وياخدكم ويسافر تاني...
ثم حانت منها نظرة الى راوية الشاحبة بجوارها وتابعت بنظرة تحمل طابع تحذير واضح:
- مش إكده يا أم غيث؟
أجابت راوية بتلعثم بسيط بينما راقبتهما ألفت بحيرة ولا تعلم لما لم تقتنع كليّة بتبرير فاطمة, سمعت راوية تقول:
- إيـ.. أيوة صوح يا حاجة...
هتفت ألفت رافضة:
- بس أنا مش ممكن أعمل كده يا حاجة, أنا مش ممكن أكون السبب وأبعد رؤوف عن عيلته وبلده تاني, وربنا اللي يعلم أنتم بقيتوا في معزة عيلتي تمام, وبحس وسطيكم اني وسط اهلى وناسي دا غير اني فعلا بحب البلد هنا أوي واهلها وناسها..
ربتت فاطمة على كتف ألفت وقالت بابتسامة حانية:
- أني مصدجاكي يا بتّي.. انتي بت ناس, واحده غيرك كانت ممكن ترفض انها تاجي لنا اهنه, لكن انتي طلعتي بنت ناس صوح, واحنا كمان حبيناكي جوي, ومعزتك من معزة ولادي بالظبط, اني من زمان واني نفسي يبجالي بت أحس بحنيتها عليّ, مهما كان رجالتنا جلبهم جامد, وانتي بتّي اللي ما جبتهاشي بطني!..
احتوتها ألفت بين ذراعيها وقبلت رأسها وهي تقول وسط دموع جاهدت ألا تسقط:
- وإنتي يا حاجة, غلاوتك عندي في غلاوة المرحومة أمي تمام, ربنا يديكي طولة العمر, ويديم المحبة بيننا يارب...
ابتعدت عنها فاطمة وقالت بمزاح راغبة في تغيير الحديث واضفاء طابع المرح عليه:
- الّا صحيح, الحلا دِه هيجدر يرطب على جلوبنا حبَّة من الحر الشديد دِه؟
ابتسمت ألفت وأجابت:
- هيعجبك اوي يا حاجة, رؤوف طول الصيف لازم أعملهوله, وعلى فكرة في البلد اللي احنا كنا فيها في الخليج الحرارة كانت كتير جدا بتعدى الخمسين, يعني الصيف هنا بالنسبة له لعب عيال...
أحاطت فاطمة كتف ألفت وقالت:
- طيب لو كنتي خلصتي تعالي اجعدي معانا..
قالت ألفت:
- اه خلصت خلاص, ثم وجهت كلامها لوردة:
- لو سمحتي يا وردة حطي الكيكة في الفريزر بتاع التلاجة..
وخرجت برفقة فاطمة بينما تابعتهما راوية بنظراتها الحاقدة وهي تتوعد في سرها هامسة:
- طويتي الحاجة تحت باطك كيف ما عملتي في ولد عمي!, وأكيد عمي الحاج هو كمان بجه زي الحاجة إكده, لكن لاه, أني عارفة انتي بتخططي انتي وبناتك لايه بالظبط!, وحكاية انهم يشتغلوا مع ولادي دي وراها إنَّهْ.. وما كونشي راوية إمَّا عرفتها, فاكرة انك كيف ما خدتي ولد عمي هتجدري تخلي بناتك ياخدوا ولادي!, لاه.. دِه بُعدك.. كان غيرك أشطر!, ولما نشوف يا بنت البندر أني ولاّ.... إنتي!!
بينما عيناها تحدقان في أثرهما بحقد وكره دفين..
***********************
- جدي المحاسب اللي عندينا انت خابر انه كَبير في السن والبارحة وجع من طوله وجابوله الدكتور وجال انه لازم له راحة شهر إكده, والشغل اكده هيبجى كتير, انت كنت جولتيلي ان بت عمي هتنزل امعايا الشغل, يا ترى الكلام دِه مظبوط ولا خلفتو الحكي؟
أجاب الجد على سؤال غيث الذي ألقاه على مسامعه أثناء تناولهما طعام الافطار في الحديقة بينما لا يزال الباقيين نيام, أما شهاب فهو لم ينم بالمنزل منذ ثلاث ليال, متعذرا بوجود أعمال معلقة في المزرعة مؤثرا البقاء هناك, قال الجد مخفيا ابتسامته:
- لاه الكلام لساتو زي ما هو, بت عمك انى كلمتها في الموضوع, وهي موافجة, هي أي نعم رفضت في الاول وبوها هو كان مستغرب منيها, بس اني جدرت اقنعها انها اتجرب ع الاجل مش عتخسر حاجة!
ثم نظر بمكر الى غيث الجالس بجواره عاقدا جبينه بشدة وتابع:
- إلا صحيح يا ولدي, ايه.. انت وينك اليمين اللي فاتو؟, انهارده اول مرة نفطر سوا من مدة!, بتخرج الصبح بدري وتعاود آخر اليوم تعبان وتروح دارك طوالي, وشهاب خوك بجالو اكتر من تلات ايام بينام في المزرعة وعذره انه فيه شغل كتير في المزرعة عاوز تظبيط؟!
هرب غيث من نظرات الجد الماكرة وأجاب بهدوئه المعتاد:
- ما فيشي يا جدي, شوية شغل وخلاص, ودلوك يا ريت لو جدرت تبجى تجولها انها هتبتدي معانا من بكرة بالكتير ان شاء الله..
لاحت من الجد نظرة خلف غيث لم يفطن الاخير لها وأجاب بغموض:
- واني اجولها ليه؟, ما تجولها انته!
همّ بالغيث بالكلام عندما قاطعه وجها لحورية فاتنة أقبلت عليهما وهي تحمل بين ذراعيها باقة من الزهور المختلفة برائحتها التي فاحت لتنعش المكان, كانت وجنتيها تلمعان بتألق نافس لون وريقات الورد الارجوانية في جمالها, بينما لمعة عيناها تكاد تُذهب بالألباب, هتفت سلافة ولم تكن واعية للعينين اللتان تتشربان تفاصيلها بكل دقة, وكيف لا وقد غابت عنه لأكثر من ثلاثة أيام منذ صدامهما في الحديقة بعد ذهاب قريبها, لم يستطع منع نفسه من التمعن بكل تفصيلة منها, سمعها وهي تهتف بحبور قائلة للجد بينما يجلس هو الى الظل بعيدا عن نظراتها:
- صباح الخير يا أحلى جد, ايه رأيك بقه في الورد دا؟, أنا قطفته بنفسي..
واقتربت من الجد تتناول اناء الورود الموضوع في منتصف المائدة المصنوعة من خشب الزان, لتضع الورود التي قطفتها بعد أن أخرجت الأخرى الذابلة, قال الجد بابتسامة واسعة:
- صباح النور على أحلى سلافة في البر كلاته..
استندت براحتيها على طرف المائدة ومالت على جدها تهتف باعتراض مصطنع قاطبة جبينها:
- يا جدي قلنا.. سولي, سهلة والله أهي وبسيطة, دا حتى ماما ستّو اتعلمتها وبقيت تطلع منها حلو أوي, ياللا يقول معايا.. سو..لي, شوفت سهلة ازاي؟, أسهل من سلافة!
ضحك الجد وقال بينما نظراته تتعداها الى نقطة خلفها:
- بس أني عجبني اسمك اللي اختاره ولدي, سلافة.. اسم جد اكده مش تحس انه ماسخ ومايع, ولا ايه يا غيث يا ولدي؟
اعتدلت سلافة واقفة من ان سمعت اسم غيث, والتفتت حيث يوجه الجد سؤاله, لتطالعها عينان حادتان في وجه هادئ ساكن, أجاب غيث على سؤال الجد وهو يطالعها بنظرات باردة بينما تذكرت سلافة آخر مرة رأته فيها والكلمات التي رمتها في وجهه قبل أن تنصرف غاضبة عازمة على أن تبتعد عن طريقه كلية طوال فترة مكوثهم في المزرعة, وقد نجحت الى حد كبير في ذلك, قال غيث:
- والله يا جدي أنا معرفش في الخرابيط ديْ, انا اللي اعرفه انه كل واحد له اسم بيتنادى بيه, غير اكده ماليش فيه...
نظرت اليه ثم حركة كتفها لا مبالية لكلماته بينما أشار الجد لها للجلوس بجواره فاختارت الجلوس الى يسار الجد حيث غيث يجلس الى اليمين فأصبحت في مواجهة غيث, قال الجد بعد جلوسها:
- فاكرة يا بتِّي الحديت اللي كنا جولناه من يمين انك تشتغلي امعانا اهنه في الديوان؟
أومأت موافقة وقالت وهي تتناول اناء العسل لتضعه أمامها وتغرس الملعقة الصغيرة به لتجيب قبل أن تضع ملعقة العسل في فمها:
- ايوة طبعا فاكرة يا جدو, وانا اتحمست للفكرة اوي, أهو بردو أحسن من القاعدة, انا ما اتعودتش على وقت فراغ طويل كده...
قال الجد وهو يشير برأسه الى غيث بينما تضع معلقة العسل في فمها:
- عال, يبجى جهزي حالك بعد الفطور هتروحي مع ولد عمك عشان تستلمي الشغل...
نظرت سلافة الى جدها بدهشة واسعة فاتحة عينيها على اتساعها وقد نسيت المعلقة في فمها بينما قال غيث ناظرا اليها بسخرية واستفزاز:
- مش لازم انهاردِه يا جدي, خليها من بكرة ان شاء الله, عشان تكون عاملة احسابها...
قطبت سلافة جبينها ناظرة اليه بسخط وهمت بالرد عليه عندما انتبهت الى ملعقة العسل التي لا تزال في فمها, فأخرجتها سريعا, وأجابت بينما قطرات العسل تلتمع على شفتيها لتكسبهما بريقا يخطف الأبصار:
- وليه بكرة ان شاء الله؟, وبعدين ليه يعني اروح معاك؟, ما انا ممكن أشتغل من هنا, هات لي الشغل معاك وانا هشتغل عليه هنا على اللاب بتاعي....
سكت غيث ولم يعقب على كلامها, بينما شردت نظراته في تلك القطرة من العسل التي تتركز على زاوية فمها, وقد غامت عيناه بانفعالات لم يعبر عنها أي اختلاجة في وجهه سوى انقباضة بسيطة لعضلة فكّه, انتبه بعدها لانتظارها سماع جوابه الذي لم يتأخر اذ أشاح بوجهه بعيدا عنها وهو يجيبها بصوت خشن:
- انتي ما عارفاشي الشغل ماشي كيف, لازمن تكوني موجودة الاول, وبعدين هتشتغلي عليه كيف وانتي إهنه؟
أجابت سلافة محدقة به بدهشة بينما الجد يجلس مستمعا ومستمتعا بجدالهم الممتع له:
- نعم؟, ليه.. هو انتو مش عاملين بروجرام للحسابات عندكم ممكن في أي وقت وأي مكان تدخل تشتغل عليه؟؟
ليجيب غيث وهو يزفر بعمق:
- لاه, مش عاملين, الديوان عندينا ماشي كيف مكان ماشي من سنين, ما فيش لا كَمبيوتر ولا يحزنون!..
تدخل الجد في الحوار قائلا بهدوء وابتسامة خفيفة تلون وجهه الكهل الملتحي بلحية بيضاء كثيفة:
- دِه عندي أني يا بنتي, أنى اللي ما رضيتش انه غيث يغيِّر طريجة الشغل, كان هيمشي ناس كتير جوي واني مش بحب جطع الارزاج, دِه جطع الارجاب ولا جطع الارزاج يا بتِّي!
قالت سلافة وقد شعرت بالفخر بهذا الجد العادل الحكيم بينما ابتسامة تزين ثغرها الوردي الذي لا يزال يحمل بصمات العسل الأبيض النقي:
- ربنا يخليك يا أحلى جدو, بس بردو دا ما يمنعش اننا نطوّر من شغلنا, ولو على الموظفين أكيد طبعا بعد ما نطبق البرنامج الجديد فيه ناس كتير هنضطر نستغنى عنهم, انما احنا ممكن نعمل حاجة كويسة, نعمل دورات تدريب على البرنامج الجديد, والمتقدمين دول يتثبتوا عندنا, واكيد هيكون فيه ناس مش هتتقدم خصوصا اللي سنّهم كبير, دول حضرتك ممكن تنقلهم في أماكن تانية عندك, ما شاء الله عندكم مشاريع كتير ممكن تشغلهم فيها, دا غير اللي سنّهم عدّا الستين وصحتهم مش مساعدة.. ايه المانع انه حضرتك تعمل لهم زي معاش شهري كدا يكون تقريبا مساوي لمرتبهم بكدا احنا هنظبط شغلنا صح, وهنعلمهم حاجات جديدة, واللي ميقدرش منهم وتعبان وبينزل يشتغل علشان يقدر يصرف على أهل بيته هنخليه ومن غير ما يحس انه دا احسان مننا ولا حاجة يقعد في بيته معزز مكرم والمعاش يجيله لغاية عنده, والأهم من كل دا كمية الدعوات اللي هتاخدها يا جدو, جرّب يا جدو.. صدقني البرنامج الجديد دا هينفعنا في شغلنا جامد, دا غير انك من هنا من بيتك تقدر تدخل عليه وتشوف الشغل ماشي ازاي...
صمتت لتلتقط أنفاسها بعد خطابها الحماسي, تنظر الى الجد بترقب في انتظار سماع تعليقه بينما ارتسمت على شفاه غيث ابتسامة اعجاب لم يستطع إخفائه بذكاء وحماس ابنة عمه المشاغبة هذه....
نظر الجد اليها وتحدث بعد هنيهة وقال بفخر:
- ربنا يخليكي ويبارك فيكي يا بتّي, وأني موافج, أنتي اللي هتتولي موضوع البرنامج دِه وتشوفي ازاي اندرّب عليه الموظفين عندينا..
ثم نظر الى غيث متابعا:
- غيث يا ولدي من اللحظة ديْ انت وسلافة مسؤولين عن الموضوع دِه, شوف اللي يلزمها واعمله...
قال غيث موافقا:
- وهو كذلك يا جدي, أني هستناكي يا بت عمي عشان نروحو سوا, دِه لو لساتك عاوزة تبتدي من انّهاردِه؟, ثم نهض متابعا:
- عن اذنك يا جدي..
نهضت بدورها هاتفة وهي تنظر اليه بينما أولاها ظهره:
- اكيد طبعا عاوزة ابتدي ومن دلوقتي كمان, عموما انا الحمد لله فطرت, هشرب الشاي وانا هناك....
عقد جبينه واستدار اليها بينما تقدمت منه بضعة خطوات قبل أن يكشر قائلا باستهجان:
- جاهزة كيف يعني؟, طب ع الأجل غيري خلجاتك الاول!
نظرت الى ثيابها المكونة من فستان قصير يصل الى أعلى الركبة بقليل باللون الأبيض المطبوع بأزهار عباد الشمس الكبيرة, ذو حمالات عريضة يضيق من الأعلى ثم يتسع الى أسفل حتى أعلى الركبتين, أسفله بلوزة صيفية بيضاء اللون بنصف كُم, والى الأسفل بنطال قماشي بنيّ اللون, وقد عقدت شعرها بوشاح خفيف بلون أزهار عباد الشمس, وانتعلت حذاءا خفيفا, ولم تضع أي من أدوات الزينة باستثناء كحلاً أسود أكسب عينيها اتساعا ولمعة, رفعت عينيها اليه وهتفت بدهشة:
- خلجات ايه اللي أغيرها؟
أشار بسبابته الى ثيابها وهو يقول ببرود يخفي غيْظ مكتوم:
- يعني ما وعياشي للي انتي لابساه دِه؟
كان الجد يكتم ضحكاته بصعوبة وهو يستمع الى سجالهم, فيما أجابت سلافة بحيرة وحنق:
- وهو ايه دا اللي انا لابساه؟, دا انا تقريبا لابسة هدومي كلها!, فستان وبنطلون وبلوزة, إيه عاوزني أستّف لك الدولاب كله فوقي ولا إيه؟
نظر اليه بغضب خفي وأجاب:
- مش لازم لها تريجة يا بت عمي, وشعرك دِه هتمشي بيه إكده كيف, غطِّيه الاول!
زفرت بعمق وكتفت ذراعيها وهي تقول عاقدة جبينها بنزق:
- اووف يا ربي, شعري ماله, ما هو انا لمّاه أهو؟!, عموما هريّحك!
واتجهت الى مائدة الافطار وتناولت قبعة قش كبيرة لم يكن قد انتبه اليها قبل ذلك, وكانت قد جمعت فيها الأزهار, ثم عادت اليه وهي تضعها فوق رأسها ورفعت حوافها العريضة قليلا وهي تقول في سأم:
- ها كويّس كدا؟
نظر الى قبعة القش البيضاء العريضة الحواف التي تعتمرها, زفر بحنق , تبّا لقد زادتها القبعة فتنة وجمالا!!
نفخ في ضيق وهتف وقد بدأت واجهة بروده بالتصدع:
- خلاص خلصينا, شيليها.. خلّيها مش فارجة, ياللا الحجيني كفاياكي عطلة!
وتقدمها لتهتف به محتدة:
- غيث!
وقف متمسمرا مكانه وهو يسمع اسمه من بين شفتيها فقد كان له وقع موسيقي غريب, فلم تكن تخاطبه باسمه مجردا منذ قدومها, حيث كانت تتحاشى الحديث اليه وان وجهت اليه الكلام وهذا من النادر حدوثه كانت تقول ابن عمي!, تقدمت اليه واستدارت لتقف أمامه وقالت مقطبة حاجبيها في حدة وكأنها تؤنب طفلا صغيرا على فعل طائش قد قام به:
- انت متعرفش يعني ايه " السيدات أولا"؟, فيه حد يقول لبنت – وضخّمت صوتها مقلّدة إيّاه – الحجيني! ( كتم ضحكة كادت أن تخونه وتعمد رسم البرودة على وجهه فيما واصلت)- المفروض تقولي اتفضلي, حاجة كدا, اومال لو ما كنتش متعلّم ومتخرج من جامعة, ما اتعاملتش مع بنات خالص قبل كدا؟, وانا اللي مستغربة انك لغاية ما اتجوزتش ليه؟..
تنفست بعمق وأغمضت عينيها ثم فتحتهما ناظرة اليه وهي تكمل بلهجة الاقرار بالأمر الواقع:
- أبشّرك يا ابن عمي.. لو فضلت كدا ما فيش قطة حتى هترضى بيك!, اللهم الا اذا واحدة بقه طيبة اوي ومن بتوع الافلام الابيض والاسود وما هتصدق ابن العمدة اتقدم لها علشان توافق على طول!.
نظر اليها مليّا بغموض ليميل بعد ذلك باتجاهها وهو يقول بابتسامة هادئة:
- ما تجلجيش يا بت عمّي, وجت ما هعوز أتزوج مش هختار أي حد, ولازمن اخد رأيك الاول!
قلبت وجهها حائرة وهمست ساخرة:
- يا واد يا جامد!, وعاوز ياخد رأيي, وانا مالي انا, عاوز تشيّلني ذنبها ليه؟.
كان غيث قد استدار متابعا سيره عندما توقفته صوت همهماتها فالتفت اليها بنصف استدارة وقال:
- بتجولي حاجة يا سلافة؟
نفخت بحنق ولحقته بخطوات حانقة ووقفت أمامه قائلة وهي تضع يديها في خصرها:
- لا ما قولتش, بص يا ابن عمي, شكلنا كدا هنقعد كتير مع بعض اوي الايام اللي جاية, فيا ريت تناديني سولي, مش عاوزة سلافة دي!
أجاب غيث ببرود:
- بس اسمك سلافة, اني ما جبتوش من بيتنا!.
أجابت بنزق:
- مش بحبه!, أنا اصحابي كلهم بيقولوا لي سولي!
تظاهر بالتفكير ثم قال:
- يعني أني أجف أنادم عليكي وسط الناس واقول سولي؟, لاه.., ما عينفعشي, اختاري سلافة ولا زلافة؟!
صاحت بحنق:
- ايه زلافة دي كمان؟, ما تقول لي زرافة أحسن!
ثم نفخت بضيق متابعة وهي تسدل يديها بجانبها مشيحة بإحداها:
- خلاص, سلافة أرحم بردو..
ابتسم غيث بسخرية وتابع سيره, فيما شردت سلافة قليلا لتنتبه بعد ذلك لابتعاده عنها بمسافة كبيرة فركضت خلفه وهي تصيح قائلة:
- استنى يا كابتن, انت يا باش مهندس..
ثم تابعت بلهجة صعيدية رسمت ابتسامة عريضة على وجهه لم ترها حيث كان يوليها ظهره:
- دِه بيّنها هتكون أيام كحلي مخططة برماديْ اللي جاية ديْ!!
وهرولت لتلحق بخطواته بينما تعالت قهقهات الجد الضاحكة ما إن غابا عن ناظريْه!!

- يتبع -



douaa hammad 01-10-16 11:00 PM

رد: كبـير العيلة
 
يعطيك العافية جاري القراءة

مملكة الغيوم 02-10-16 03:39 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
بارت عسل يا منمن سلافه بدمها العسل عامله شغل جامد والجد طلع واعى مش حاططهم اعتباطا لا حاطط لكل واحد اللى يقدر يمتص زوابعه واعاصيره سلافه كان ناقص عليها تقول لغيث [دى باينها وجعه مربربه صوح] هههههههههههههههه خلاها ترطن صعيدى
اما سلمى وشهاب فيبدو انها بهدوءها حتجيب له شلل
راويه لساتها بتضرب طوب فى ركلات حره مباشره لالفت اللى يا عينى مش فاهم نواياها لكن فاطمه بتلحقها اول باول ربنا يستر من ضرب راويه تحت الحزام نفسها تطفشها هى وبناتها
البارت السابق لم اعلق كان عندى ضيوف لكن عجبنى قوى الليث يبدو اسم على مسمى وكمان الاخ راضى شغال غزل فى سلسبيل والاخ ليث حيفرقع منه
تسلمى منمن على البارتات الجنان كترى منها بلاش بخل كل مره تقصر لما حتبقى فصول تحت الركبه مينى فصل مووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 02-10-16 07:14 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3661752)
السلام عليكم ورحمة الله
بارت عسل يا منمن سلافه بدمها العسل عامله شغل جامد والجد طلع واعى مش حاططهم اعتباطا لا حاطط لكل واحد اللى يقدر يمتص زوابعه واعاصيره سلافه كان ناقص عليها تقول لغيث [دى باينها وجعه مربربه صوح] هههههههههههههههه خلاها ترطن صعيدى
اما سلمى وشهاب فيبدو انها بهدوءها حتجيب له شلل
راويه لساتها بتضرب طوب فى ركلات حره مباشره لالفت اللى يا عينى مش فاهم نواياها لكن فاطمه بتلحقها اول باول ربنا يستر من ضرب راويه تحت الحزام نفسها تطفشها هى وبناتها
البارت السابق لم اعلق كان عندى ضيوف لكن عجبنى قوى الليث يبدو اسم على مسمى وكمان الاخ راضى شغال غزل فى سلسبيل والاخ ليث حيفرقع منه
تسلمى منمن على البارتات الجنان كترى منها بلاش بخل كل مره تقصر لما حتبقى فصول تحت الركبه مينى فصل مووووووووووووووووووووووووواه

ههههههههه عسل يا ملكة قلبي ميني فصل!!.. لا ما تقلقيش حبيبتي هتطول بعد كدا لغاية ما تبقى اسدال هههههههه.... تسلميلي حبيبتي.. أنا بس اللي بيخليني اقتصر على تنزيلها يومين مش اكتر بصراحة الردود لما ما بلاقي تفاعل من القراء بقول يا بخت من زار وخفف ههههههه يعني خليني خفيفة عليكم أحسن.. تسلميلي يا قمراية

مملكة الغيوم 02-10-16 11:25 PM

رد: كبـير العيلة
 
متقوليش اكده يا فتاه والله احلى من العسل واخف من الزبادى يا قلبى

منى لطفي 03-10-16 03:37 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3661822)
متقوليش اكده يا فتاه والله احلى من العسل واخف من الزبادى يا قلبى

حبيبتي تسلميلي يا رب، أنتي اللي أحلى من الشهد يا قمر اموووووواه..

فوفومون 03-10-16 07:17 PM

رد: كبـير العيلة
 
تكفين حبيبة قلبي لا تتاخرين علينا انا من الحين متحمسه للباقي

منى لطفي 05-10-16 06:43 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة السابعة
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
نظرت الى زوجها الجالس فوق الفراش يطالع أوراقا في يده, ترددت في البداية من الحديث اليه ولكنها عزمت أمرها واتجهت اليه قائلة بهدوء وان تلون صوتها برعشة طفيفة لم ينتبه زوجها الغارق في مراجعة الأوراق التي بيده لها:
- كان فيه موضوع إكده عاوزه أشورك فيه يا ابو غيث..
رفع عثمان عينيه اليها وقال بهدوء:
- خير يا ام غيث؟, موضوع ايه دِه؟..
اتجهت اليه لتجلس فوق طرف الفراش بالقرب منه وأجابت بابتسامة:
- خير يا أخويْ ما تجلجش, بس هو موضوع جديم وصار وجته دِلوَكْ اننا نخلّصه!
عقد عثمان حاجبيه في تساؤل ورتك الأوراق التي بيده والتفت اليها ليوليها اهتمامه كليّة وهو يستفسر:
- موضوع جديم ولازم نجفّله!, موضوع إيه دِهْ؟!
تنفست راوية بعمق وشحذت نفسها وقالت وهي لا تستطيع النظر الى عينيه الثاقبة:
- جواز الولاد!, معينفعشي نجعدوا رابطين البنتِّة جارنا إكده!
زادت تقطيبة عثمان وتساءل بحيرة:
- جواز مين وولاد مين وبنتّة مي نديْ اللي بتحكي عنيهم؟!
هتفت ببراءة مصطنعة:
- باه. انت نسيت ولا إيه؟, احنا مش جولنا انه هند بنت اختي زينب رايدينها لغيث ولدنا؟, وهند خلاص كِلها كم شهر وتخلص مُدرسة, يبجى نستنّى إيه بجه؟, أني عاوزة أفرح بولدي انّهاردِه جبل بُكره!
عثمان يفهم جيدا زوجته وما يدور في رأسها ولهذا ابتسم ابتسامة ساخرة صغيرة وقال:
- لاه, ريحي روحك إنتِ, وجت ما ابنك يريد يتزوج هيجول, وبعدين بت اختك لسّاتها اصغيرة واللي اعرِفُهْ انها عاوزة تكمّل علامها, يعني ما أظنيش توافج ع الجواز ..
هتفت راوية باستهجان:
- باه, واحنا عندينا بنات توافج وترفض؟, بوها موافج يبجى خلاص هي مالهاش كلمة تاني بعد كلمته!..
قطب جبينه ومال برأسه تجاهها وهو يردد بتساؤل دَهِشْ:
- انتي بتجولي ايه؟, بوها موافج؟, وانتي عرفتي منين انه موافج؟, اني ما اتحدتيتيش إمعاه خالص في الموضوع ديْ, كان كلام بيني وبينك لمّن جعدت تمدحي لي في بت اختك, وافتكر اني جولتلك اني بفكر فيعا بغيث ما دام هي منيحة اكده كيف ما بتجولي وأظن برضيكي اني جولتلك ونبّهت عليكي ما تجيبيشي سيرة لمخلوج ولا حتى أختك لغاية ما نتوكد انه غيث رايدها وموافج, حوصل ولّا لاه؟!
تلعثمت راوية في الاجابة وقالت وهي تفرك يديها الاثنتين:
- حوصل يا خويْ حوصل, واني ما جولتش حاجة لحد ما غيرها بس حبيت أجس النبض ولمّحت ع الخفيف لزينب أختي ووجتها اسيت انها مرحبة ومنى عينها انه حد من عيالنا ياخد بتّها وجالت لي انه زوجها مش هيوافج وبس لاه, دِه هيطير من الفرح كُمان لو دِه حوصل!
قبض على يدها بقوة شهقت بألم لها, وشدت أصابعه على أصابعها بقوة كادت أن تفتتها وتحدث بغضب مكتوم قائلا:
- كلمة ومش هتنّيها, إوعاكي تفتكري انك بتحطيني انا ولا ابني جودام الامر الواقع بحديتك مع اختك من ورايْ, ولدي مش بت عشان أزوجه بالطريجة ديْ!..
ثم مال هامسا أمام وجهها وهو يطالعها بقوة:
- اوعاكي تكوني فاكرة انى مش خابر انتي بتفكري كيف؟, لاه يا أم الوِلْد.. اني عارفك زين ةخابرك زين الزين كُمان!, ولو على جواز ولادنا خلاص.. تجدري تطمني.. كِلها حاجة بسيطة وتفرحي بيهم التنِّيين سوا!!..
شهقت بدهشة وهتفت ناسية ألمها:
- واه!, هيتجوزوا في ليلة واحدة؟!, على اكده اختاروا العرايس بجه؟!
عمل عقلها كالمكوك وهي تتمنى أن يخيب ظنها ولكنه تحدث بابتسامة ساخرة متشفية:
- اكيد اختاروا العرايس, أومال هيتجوزوا من غير عرايس ولاّ إيه؟.
نظرت اليه قائلة بتشكك:
- ويبجوا مين بالصلاة على النبي إكده؟, مش ع الأجل تجولي, أجلّه ظلني أمهم!
تركها ومال مفترشا السرير بطوله وأجاب بابتسامة صفراء مستهزئة:
- لاه اطّمني, عرايس تشرح الجلب ابصحيح, وأكيد هنجولك, ما تستعجليش على رزجك, ودلوك همّليني عاوز أرتاح شويّ.
نهضت راوية متجهة خارج الغرفة ثم وقفت في المنتصف لتلتفت اليه وتقول وقد قررت شيئا في ضميرها:
- طب ممكن أروح أزور أختي انهارده, اتوحشتها..
لم يكلف نفسه عناء النظر اليها وأجاب ببرود:
- روحي لها وماله....
ثم رفع رأسه وتابع آمرا وبصرامة:ط
- بس إياكي تجوليلها حاجة على زواج وما زواجش, بتّها اصغيرة على ولادك , بيناتهم اكتر من 15 سنة, اعجلي اكده عشان ما تخسريش أختك الوحيدة, اني حذرتك يا راوية ومش هجولك اني ممكن اعمل ايه لو خالفتي اللي جولتلك عليه!
طأطأت برأسها وهي تتمتم بالايجاب ثم استدارت متجهة للخروج بينما احتلت عيناها نظرة كره وحقد واعتلى وجهها تعبير الشر ما ان لفت بظهرها, وتوعدت في سرها قائلة:
- فكرك أني معرفش أنت بترتب لإيه انت وبوك؟, لكن لاه, على جثتي ان بنات ألفت يتزوجوا ولادي, ما كونيش راوية امّا خليت نأبهم يطلع على شونة, مش كفاية امهم خدت بوهم جايين هما كمان عاوزين يخطفوا ولادي منّي!!
*********************
نفخت سلافة في ضيق وهي تنظر الى غيث الواقف أمامها شزرا, عقدت ذراعيها بينما كان يتحدث الى أحد المحاسبين لديهم, وما إن انصرف حتى التفت اليها ليراها وقد وقفت تتحاشى النظر اليه عاقدة جبينها تزفر في حنق كالأطفال, كتم ابتسامته واتجه اليها حيث كانت واقفة بجوار النفاذة العر يضة بغرفة مكتبه في الديوان وانعكست أشعة الشمس على خصلاتها لتلمع كجناح غراب, وقف على بعد خطوات قليلة منها وهو يتطلع اليها عارفا بما سبب ضيقها وحنقها منه, ولكن كيف له أن يسمح لها بأن تقوم هي بتدريب الموظفين على النظام الجديد الذي أدخلته على العمل, لا ينكر أنها قد أجهدت نفسها في الاسبوع المنصرم, كانت تأتي معه باكرا وتقضي الساعات بين الملفات والأوراق حتى غروب الشمس, وأحيانا لما بعد الغروب, فقد نظمت بيانات جميع العملاء بل والفواتير والميزانية السنوية ونظام المدفوعات, وجدولة المديونيات, قامت بعمل كثير وفي مدة بسيطة وبإتقان رائع, وبقي أن يتدرب المحاسبون لديه على النظام الجديد, ولكنه أبى ورفض أن تقوم هي به, كيف تقف أمام عددا كبير من الرجال تتحدث وتشرح وذلك يسأل وهذا يستفسر, وهي تجيب بابتسامتها التي تثلج الصدور وتجعل الواقف أمامها يتيه سابحا في عالم آخر!
انتبه من شروده على صوت تأففها العالي ليضبطها وهي ترنو إليه بنظرة ساخطة, ارتفع طرفي فمه المظلل بشارب كثيف في شبح ابتسامة وتحدث مصطنعا البراءة:
- ايه رايك يا سلافة؟, أها... كل اللي جولتي عليه ماشي زي الساعة..
التفتت اليه وأجابت بحنق مكبوت:
- يا سلام!, هو فين دا؟, بقه أنا أشقى وأتعب وغيري ياخد على الجاهز؟..
اقترب منها وقطب بتساؤل:
- هو مين دِه اللي خد وخد ايه؟
أنزلت ذراعيها وسارت حتى وقفت أمامه وهي تجيب بحدة ساخرة:
- بقه حضرتك متعرفش مين وخد ايه؟, انا اسبوع كامل مواصلة الليل بالنهار لغاية ما رتبت كل الغل من فواتير وملفات وميزانية ومديونيات, كل اللي في الديوان هنا بقه داخل على سيستم الكمبيوتر اللي عممته هنا, ولما آجي بقه أشرح انا عملت ايه وأفهم الموظفين هيشتغلوا ازاي تيجي انت وبكل بساطة وسهولة وتقول – وضخمت صوتها مقلدة له – لاه يا بت عمي, ما عينفعشي انت اللي تدرِّبيهم.. أني هشوف مكتب متخصص في البرمجيات تشيّع لنا حد من عنديهم ايدرّبهم!
لم يستطع غيث كبح جماح ضحكته التى انطلقت عاليا مما جعل سلافة تقف فاغرة فاها, فمن يضحك أمامها ليس هو غيث ابن عمها البارد المتجهم دوما, لا.. ان من يقف أمامها الآن رجل ينضح جاذبية أكسبته ضحكة وسامة لم تنتبه اليها قبلا, ارتسمت ابتسامة شاردة على شفتيها الكرزتين, انتبه غيث الى تركيزها الشديد فيه, فهدأت ضحكاته ثم اقترب منها حتى اشتم رائحة عبيرها الخاص وهمس بصوت أجش:
- ايه يا بت عمي, فيه حاجة غريبه فيّ انهارده؟
نفت بهزة من رأسها وأجابت بصدق أسر لبّه:
- لا بس أول مرة أشوفك بتضحك بالشكل دا!, احنا تقريبا قربنا على 3 اسابيع هنا وفي المدة اللي فاتت دي نادر لو شوفتك ابتسمت على طول مكشّر, زي ما تكون خايف تضحك وشّك يشقق!!.
نظر اليها بدهشة وهتف:
- كيف دِهْ؟, ازاي يشجج يعني؟
زفرت سلافة بعمق وأجابت:
- لا دي شرحها هيطول, المهم حاول تضحك كتير لأن كُتر التكشير بتخلي الوشّ يعجز بسرعة, انت لسه ما دخلتش دنيا, استنى لما تدخل وبعدين اعمل ما بدالك...
ثم تمتمت بينها وبين نفسها:
- لو جدعه مش هتخليك تكشر, ولو اني خايفة شكلك انت اللي هتخليها تكشر, ما هو أصلكم باين عليكم عيلة بتمشي كلمتها في كل حاجة حتى التكشيرة!
قال غيث مقطبا:
- انتي جولتي حاجة يا سلافة؟
أغمضت عينيها ورفعت رأسها الى الأعلى ثم فتحتهما ناظرة الى سقف الغرفة وهي ترفع يديها هاتفة:
- الصبر من عندك يارب!.., ثم التفتت اليه وتابعت:
- أنا عاوزة أعرف حاجة لو ممكن... قبل ما نشتغل سوا ما كنتش بتنادي لي غير بت عمي, ودلوقتي من ساعة ما اشتغلنا مع بعض وانت حلي في عينيك اوي اسمي, كل شوية سلافة وسلافة, ما تنساه وتسكت؟!
واضعة يديها في منتصف خصرها, تظاهر غيث بالبرودة وأجاب:
- كفاياكي كلام مالوش لزمة, واتفضلي علشان نشوف المهندس اللي جاي يدرب الموظفين على البرنامج ابتاعك...
وقف مفسحا لها الطريق فابتسمت واتجهت اليه وما ان أصبحت بالقرب منه حتى نظرت اليه وقالت بابتسامة وكأنها تهنّئه على عمل ممتاز:
- أيوة كدا, السيدات أولا.. ليدز فيرست يا كابتن..
حرك غيث رأسه يمينا ويسارا يأسا من ابنة عمه ولسانها..
دخلت حيث الغرفة التي سيقوم بها مهندس الحاسب الآلي بتدريب الموظفين على كيفية استخدام النظام الجديد, وقف غيث بجانبها وأشار اليها قائلا بينما سكت المهندس عن الشرح:
- أستاذ منير.. أحب أجد ملك الأستاذة.....
هتف المدعو منير بغير تصديق وهو يبتسم ابتسامة واسعة:
- مين؟, سلافة الخولي!, مش ممكن!, أزيك يا.. سولي!
هتفت سلافة بحبور:
- معقول؟, منير عزمي!, أنا مش مصدقة عينيا!, معقول الدنيا صغيرة أوي كدا؟!
مد منير يده مصافحا سلافة وسط نظرات غيث الذاهلة والتي ينقلها بينهما, وما إن لمحها وهي تمد يدها وتخطو ناحيته للسلام عليه حتى سارع بالقبض على راحتها لتضيع بداخل يده العريضة وهو يحدجها بنظرات قوية استغربت لها بينما لفّ الى منير الواقف ولا يزال مادًّا يده أمامه وقال بابتسامة صفراء:
- أهلاً بك يا باشي مهندز!.
ارتبك منير وأنزل يده بينما نظرت سلافة بغيظ الى غيث وحاولت جذب يدها من قبضته القوية والتي اشتدت ما ان شعر بمحاولتها الفاشلة لترك يده, رسمت سلافة ابتسامة صغيرة فوق ثغرها الوردي وقالت موجهة حديثها لمنير وهى تستشعر شرارات تتطاير من ذلك الواقف بجانبها ولكنها تكون ملعونة لو خافت من تهجّمه الواضح, فمنير من أفضل زملائها في الجماعة ولن تدعي غير ذلك ولو من أجل ذلك الـ.. غيث!.
قالت سلافة:
- انا ما صدقتش لما شوفتك, اخبارك ايه يا منير؟
أجاب منير بابتسامة صغيرة وهو يسترق النظر الى ذلك العملاق الضخم الواقف بجانبها ينظر اليه شزرا بينما تعتلي سيمات وجهه البرود:
- الحمد لله يا سولي, انما ايه المفاجأة الحلوة دي, معقول انتي بتشتغلي هنا؟
ضحكت سلافة وأجابت وهي تنظر الى غيث بترفع والذي ضغط على أصابعها بقوة أشد ما أن سمع اسم التدلل الخاص بها يتلفظ به هذا المعتوه الذي ينظر اليها بابتسامة لزجة تتراقص على شفتيه:
- مش بالظبط, أنا جدي يبقى عبد الحميد الخولي صاحب المزرعة!
ليطلق منير صافرة طويلة و.... إلى هنا وكفى!, لم يستطع غيث الصمت أكثر من ذلك, هتف به بخشونة وغلظة:
- باجول ايه يا باشي مهندز, خلص التدريب للناس علشان عاوزين يروحوا بيوتهم, عن إذنك...
وخرج وهو يجذب سلافة معه, والتي رسمت ابتسامة اعتذار خفيفة وهتفت لمنير والذي وقف يراقبهما بتقطيبة حائرة:
- فرصة سعيدة يا منير, هشوفك تاني أكيد...
صاح منير بينما يخطو غيث خطوات واسعة جعلتها أشبه بالراكضة لتلحق به:
- أكيد يا سولي...
زمجر غيث وحاولت سلافة جذب يدها من قبضته بلا فائدة, حتى وصلا الى غرفة المكتب فدفعها الى الداخل بقوة وصفق الباب خلفه ووقف أمامها وهو يرغي ويزبد بينما أخذت تفرك معصمها موضع قبضته وقد تلونت بشرتها الرقيقة باللون الأحمر القاني, فعلمت أنها ستتلون بألوان الطيف السبعة في الغد..
هتف غيث وهو يقترب منها بحنق:
- انتي كيف تسمحي لنفسك انك تتحدتي مع راجل غريب بالطريجة ديْ؟ لاه وفين.. جودام الموظفين كُمان!, انتي جنِّيت أكيد!
هتفت سلافة بغيظ وقد اعتلت وجنتيها حمرة الغضب بينما تناثرت خصلات من شعرها حول وجهها ولمعت عيناها لغضبها الشديد مما أكسبها فتنة ظاهرة لم تنتبه لها:
- انت انسان رجعي ومتخلف!, منير دا يبقى زميلي وانا ما اتعدتش الحدود معاه, انت بتصرفك دا اللي خليت الكل يستغرب!
تقدم منها بخطوات سريعة غاضبة وقبض على مرفقها بقوة آلمتها وصاح بغضب:
- وكما بتعاندي في الغلط!, مية مرة جولتلك عندينا إهنه مش كيف عنديكم في مِصِرْ, جولتلك أي كلمة محسوبة على الحرمى خصوصي اننا اهنه في بلد اصغيرة, مش بندر ولا هو مركز, لاه, اهنه سلونا غير, يعني مينفعشي توجفي تضحكي وهو يجلعك بالطريجة الماسخة ديْ جودامي!, تجدري تجوليلي الموظفين اللي شافوكم دول هيجولوا عليكي ايه؟, ما تونطوجي؟, واحد غريب عم بينادم عليكي باسم ماسخ ومايع زييكي, هيجولوا ايه؟, احمدي ربك اني مسكت نفسي ولا كان هيوبجالي تصريف تاني!!
نظرت اليه بقوة وقالت بجدية بينما تلمع مقلتيها بشدة وكأنها النجوم تلمع في سماء ليلة شديدة السواد:
- انا اللي ماسكة نفسي لغاية دلوقتي احتراما انك ابن عمي الكبير, لكن كلمة زيادة صدقني مش هسكت, وطالما أي حاجة بعملها مش عجباك أنا هريّحك خالص!
وجذبت مرفقها بشدة واندفعت متجهة الى الخارج عندما صدح صوته آمرا لها بالوقوف, بينما سار اليها ليقف أمامها تماما ناظرا اليها ومال عليها وقال وهو مقطبا جبينه بحيرة وتساؤل:
- هتريحيني كيف يعني؟
نظرت اليه مجيبة ببرود:
- حاجة بسيطة جدا, هقطع أجازتي وأنزل مصر, أظن ان الزيارة طوّلت أوي بما فيه الكفاية, والعيلة اتلم شملها, يبقى مالوش لزوم قعاد أكتر من كدا, وقبل ما تتكلم – رفعت يدها مقاطعة اياه عندما وجدته يهم بالكلام وتابعت – انا بتكلم عني أنا, انا مش عاوزة أخلي بابا يسيب جدي وجدتي, انا بتكلم عن نفسي, الموضوع سهل جدا, انا هقطع أجازتي وهرجع مصر, والوقت اللي بابا حابب يقعده هنا هو براحته, فاطمّن خالص, اوعدك انه دي آخر مرة تشوف فيها وشي أو أعمل حاجة مش من عواديكم, عن اذنك!
وغادرت مسرعة تاركة له وهو يقف متسمرا في مكانه, حتى اذا ما انتبه, وجدها قد اختفت من أمامه فخرج مسرعا في إثرها وهو يتمتم بشراسة بينه وبين نفسه:
- انسي انك تخطي بجدمك خطوة واحدة برّات المزرعة يا سلافة, وابجي وريني يا بت عمي هتمشي كيف, خصوصي بعد ما بوكي يسمع اللي هجولهوله!
**************************
- اجعدي يا راوية يا ختي, زارتنا البركة...
جلست راوية على الاريكة المذهبة الكبيرة في غرفة جلوس منزل زينب التي رحبت بها بشدة, قالت راوية بابتسامة:
- منوِّر بوجودك يا اختيْ, عاوزاكي في كلمتين إكده..
قالت زينب بحبور:
- وماله, نشربوا الشاي وبعدين جولي اللي عاوزاه..
- فهمتيني يا زينب!
سألت راوية شقيقتها بعد أن أنهت حديثها, نظرت زينب اليها بتقطيبة خفيفة بين حاجبيها وأجابت:
- لاه, مش فهمانه!
زفرت راوية في ضيق وقالت بتأفف:
- ايه يا بنت أبوي, مش لازم لها نباهة ديْ!, عاوزاكي تشجعي هند بتّك انها تاجي عندينا كتير, عاوزة اللي ما تتسمى اللي حدانا هي وبناتها يعرفوا ان هند اللي داخله وهما اللي طالعين!
هتفت زينب:
- داخلين ايه وخارجين ايه يا أم غيث؟, انتي عم بتجولي ايه؟
راوية بتأن:
- افهمي يا زينب, أني عاوزة هند بتّك لغيث ولدي وأظن اني سبج ولمحت لك بإكده, كل اللي عاوزاه انّا نلحلحوا الموضوع شويْ!, خلي بتّك تعلج الحاج والحاجة فيها, هما اللي هيطلبوها بخشمهم لولدي غيث, ما تشوفي كيف بناتها واكلين بعجول الكل حلاوة!
نظرت زينب بحدة الى راوية وقد اشتمت رائحة غير مستحبة في الأمر وقالت بجدية بالغة:
- بجولك ايه يا راوية أني وبنتي مالناش صالح باللي بينك وبين مَرَتْ ابن عمّي, انتي كارهاها واني خابرة زين ليه, بس اني حاسّاها ست أصيلة والعيبة ما تطلعش منّيها والا ما كانيش عم الحاج وعمتي الحاجة حبوها, وجبلوها بيناتهم..
ارتبكت راوية وقالت بتلعثم خفيف:
- انتي جصدك ايه يا زينب؟, يعني ايه انتي عارفة سبب كرهي ليها؟, هيكون ايه غير انها السبب ان ولد عمي فاتك جبل الفرح وخلّانا سيرة في البلد كلاتها....
زينب بحزم:
- لا يا راوية دِه مش السبب!, وانتي خابرة زين انه وجتها الزعل مان بالأخص بوي وعمي , لكن اهل البلد ماحدش جدر يفتح خشمه منيّهم, ميجدروش يفتحوا عينيهم في عين كبير البلد, لكن اني خابرة زين ان زعلك وكرهك ليها لأنه ولد عمي فضّلها هي عليكي انتي مش عليّا أني!!
هبّت راوية واقفة وهتفت بسخط:
- ايه التخريف اللي عم بتجوليه دِه؟!, احنا كلاتنا عارفين انه بوي وعمك جروا فتحتنا من واحنا صغار اني لعتمان وانتي لرؤوف!
نهضت زينب وربتت على كتفها وقالت بابتسامة:
- ما تزعطيش إكده شين عشانك!, بس اللي بجوله دِه مش تخريف يا راوية, دِه أني سمعته بدناتي التنيين الدول!, كنت وجتها جاية لعمتي فاطنة ولاجيتك واجفة تحت التكعيبة اللي فيآخر الجنينة مع رؤوف, ربنا يسامحنى معرفشي ايه اللي خلاني أتسحب وأجف عشان عرف سبب وجفتكم إكده, يمكن لأني استغربت وجفتك إكده, المهم, وجفت وشفت وسمعت!
راوية باضطراب حاولت إخفائه:
- سمعت ايه وشفتي ايه؟
زينب وهي تدور حولها لتهمس في أذنها الأخرى:
- شوفت اختى الكبيرة وهي بتترجى ولد عمي, سمعتها وهي بتجوله انه يجول لعمي انه رايدها هي مش أختها الصغيرة, وان بوها مش هيرفض, التنيين أختين وهياخدوا ولاد عمهم, مش فارجة بجه مين لمين!
سكتت زينب بينما أحست راوية بالبرودة تغزو أطارفها, تابعت زينب بأسف:
- ولأسف ولد عمي صاحرها انه فعلا هيكلم بوه بس مش عشانها هي لاه!, عشان بيحب زميلة ليه وعاوز يتجوزها!, وسمعته وهو بيجولك انه عتمان طيب وحنين , هو يمكن يبان انه شديد لكن جلبه أبيض, وفاتك واجفة ومشي, وجتها أني اتداريت بسرعة جبل ما يلمحني, وعشان تبجي عارفة عياطي وحالتي اللي حوصلت لمن فاتني مش عشان انه همّلني وراح يتزوج من تلبندر لاه!, دِه عشان اختي بنت امي وبوي هي اللي كانت عاوزة تاخد خطيبي منّي, وراحت رمت بنفسها عليه وجالت له انها بتحبه عشانه احنيّن عليها وانها بتخاف من عتمان, وهو حاول انه يطمنك من ناحية خوه, ويوم فرحك اني كنت شايفة الدموع في عينيكي وانتي بتحاولي تكتميها, ومرت الايام وربنا عوضني برياض, وفكِّرت انك خلاص نسيت الموال الجديم دِه, لكن لاه.. واضح انه لسّاته في بالك, واني ما تزعليش منّي يا ختيْ مش عاوزة أعرض بتي لحكاية جديمة, ومن الآخر إكده.. هند بتّي خوكي عدنان طالبها لوِلده زين وبوها وافج, بس اشترط عليهم انها تكمل علامها كيف ما بدّها!
راوية بغير تصديق:
- كل دِه في جلبك يا زينب وما جولتيشي؟
زينب بابتسامة حزينة:
- هجول ايه يا ختيْ؟, اللي فات مات, وخديها نصيحة من اختك.. انسي اللي فات يا راوية, أم سلمى مرة زينة والعيبة ما تطلعشي منّيها, جربي منها, وانسي حدوتة رؤوف ولد عمك دِه!
راوية بحدة:
- رؤوف ايه و حكاية ايه؟, لو ع الحكاية ديْ اني نسيتها من زمان, لكن اني مش هخليها هي وبناتها يسرجوا اعيالي منّي, ومش بس اكده لاه, والمال والحلال, ده أمي فاطمة مش بتجولها غير بتّي وبتّي, اني في وسطيهم بجالي اكتر من 30 سنة ما سمعتش كلمة بتي ديْ واصل!
زينب بتربيتة عطف على كتف أختها:
- نضفي جلبك يا اختي, وصدجيني هتلاجي الحب مالي جلوبهم من ناحيتك زييها تمام!!
أزاحت راوية يد أختها بحدة ونظرت اليها هاتفة:
- ومستغربة بكرهها ليه؟, اذا كانت جدرت تاخدك انتي اختي مني وتخليكي في صفها, انما ولا يهمك, اني جادرة أجف جوصادها لوحدي, وما بجاش راوية اما خرجتهم من البلد بفضيحة!
وانصرفت مغادرة بسرعة الصاروخ وزينب تركض في أثرها منادية لها ولكنها لم تقف, لتعود زينب أدراجها وهي تدعو في سرها:
- يا رب سلّم يا رب, يا رب اهديها يارب وعجّلها, اختي واني عارفاكي اجنانك مش على حد!
************************
- هتسافر ميتى يا راضي؟
أجاب راضي وهو يعقد عمامته جيدا حول رأسه:
- دلوك يا بوي بإذن الله..
اقترب ليث من راضي الواقف بجواره بينما يطالعهما عدنان بفخر, قال ليث بصوته الخشن الذي يرسل الرعب في النفوس:
- عرفت اللي هتعمله امنيح يا راضي؟, مسعود ولد الراجي لينا عنديه اكتر من 350 الف جنيه, فات شهر وما فيش ميلم واحد اندفع منيهم, اني كنت عاوز أروح له, بس انت اللي اتفجت امعاه من الاول, لو ما وافجش يدفع بالحسنى وجتها تبجى ديْ سكّتي أني!
راضي بابتسامته الطيبة:
- اطمن يا ليث يا خوي, الراجل مش حرامي, السوج بس جصّر امعاه, وان شاء الله هرجع ومعايا الفلوس, احنا ممكن نرفع عليه جضية بالشيكات اللي حدانا من غير رصيد, لكن اني بجول الطيب أحسن!..
عدنان بهدوء:
- تمام يا راضي, روح يا ولدي, تروح وترجع بألف سلامة..
مال راضي على يد والده يقبلها, وصافح أخيه الأكبر مقبلا رأسه ثم اتجه الى خارجا عندما توقفه صوت بكاء ضعيف, عرف مصدره من دقات قلبه المتسارعة’ فتش بعينيه قليلا ليبصر طرف عباءتها من خلف أحد الأبواب, فاتجه اليها ليفتح الباب ويدخل بينما شهقت سلسبيل وتراجعت للخلف, تقدم منها راضي وهو يقول بابتسامة:
- مالك يا جلب راضي؟, خفتيْ!
سلسبيل وهو تمسح وجنتيها بينما اقترب راضي يحيطها بذراعيه:
- طبعا, جلبي كان هيجف, انت المفروض كنت خارج, اعرف منين انك عاودت تاني؟
راضي وهو يحتضنها بقوة:
- سمعتك يا جلب راضي, مالي يا نور عيني, بتبكي ليه؟, هي أول مرة أسافر إيّاكْ؟
سلسبيل بحزن وهى ترفع عينان تلمعان ببريق الدموع:
- ما هى كل مرة بتكون كيف أول مرة, عشان خاطري يا راضي خدني معاك!.
أبعدها راضي عنه وهتف بابتسامة دهشة:
- باه!, جرالك ايه يا سلسبيل؟, تاجي معايا كيف؟, من ميتى وانتي بتاجي معايا في شغلي؟
سلسبيل وهي على شفا الانهيار:
- جلبي مجبوض يا راضي, مش عارفة ليه, عشان خاطري خدني امعاك...
احتواها راضي بين ذراعيه وقال بحنانه المعهودة:
- وانتي فاكرة يا جلب سلسبيل لو ربنا كاتب لي حاجة في السفرية ديْ انتي هتجدري تمنعيها عنِّيْ؟, يا جلب راضي اللي ربنا رايده هيكون ولو كنت في حضنك!
تنشقت سلسبيل عاليا ورفعت رأسها ناظرة اليه وهي تجيب:
- طيب اوعدني انك تاخد بالك من نفسك, راضي أني لو جرالك بعيد الشر هموت يا راضي, هموت!
نهرها راضي وهو يعتصرها بين ذراعيه:
- باه, ما تجيبيشي سيرة الموت, اني ما جادرشي أعيش دجيجة واحده من غيرك, انتي نوارة حياتي..
ورغبة منه بتغيير مزاجها مال عليها حتى ضربت أنفاسه الساخنة وجهها وقال بمكر:
- وبعدين عاوزين أول ما أرجع بالسلامة ان شاء الله نبدا في التالت بجه!, خلاص شبل كبر تلات سنين ما شاء الله عليه, نفسي في بنيّة تكون شبهك بالتمام, جهزي نفسك, مش هفوتك واصل, اعاود بس!..
هتفت سلسبيل وقد تخضب وجهها بحمرة الخجل التي تأخذ بلب راضي وهي تضربه بخفة بقبضتها الصغيرة على كتفه العريض:
- لازمته ايه الكلام ديه؟, أني اللي غلطانه اني بتحددت امعاك من أصله!
قال راضي وهو يعتصرها بين ذراعيه بينما سلط نظراته على ثغرها الشهي:
- لساكي بتخجلي برضيكي؟!, اهو خجلك دِه اللي بيدوبني فيكي دوب....
أسدلت جفنيها معترضة بضعف قضى على البقية الباقية من صبر راضي:
- راضي.. كفاياك!
هتف راضي:
- كفاياكي انتي..
ليلتهم شفتيها في قبلة عميقة, راغبة , شغوفة, متطلبة, ولدهشته بادلته سلسبيل القبلة بقوة, بينما تطوقه بذراعيها النحيفتين بقوة تخالف بنيتها الضئيلة وكأنها تريد إدخاله بين جوانحها, قطع عناقهما صوت جهوري يناديه, ابتعد عنها وقال بابتسامة وهو يلهث:
- دِه ليث, شكله استعوجني, همشي اني وهبجى أطمنك علي لما أوصل ان شاء الله, لا الاه الا الله..
هتفت وهو يسحب يده منها:
- محمد رسول الله..
ووقفت تراقبه من شق الباب وهو ينصرف خارجا, ليصطدم نظرها بعينان سوداوين تطالعانها بنظرة غريبة أثارت الذعر في أوصالها, لتشهق مبتعدة الى الخلف لتختفي عن تلك العينان اللتان تشعر بهما وكأنهما يتغلغلان داخلها!..
******************
- آآآآآآآه, اعوذ بالهل من الشيطان الرجيم, اعوذ بالهش من الشيطان الرجيم..
نهض عدنان مفزوع ليبصر زوجته جالسة بجواره وعيناها مليئتان بالدموع, ناولها كوب الماء وهو يأمرها بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم, بعد ان ارتشفت عدة رشفات, وضع الكوب جانبا وهتف بقلق:
- خير يا أم ليث, ايه اللي حوصل؟
هتفت بصوت ضعيف متقطع:
- كابوس سا ابو ليث, كابوس شين جوي!
وفجأة تتعالى الاصوات خارجا ليعرف من بينها صوت ليث, وقد تسببت هذه الاصوات في ايقاظ سلسبيل التي لم تكن قد استرسلت في النوم بعد فقد جافاها هذه الليلة لمدة طويلة, خرج عدنان من غرفته ليجد ليث وهو يهرول بهلع بينما يديه تعملان بديناميكية للف العمامة البيضاء, نظرت سلسبيل من شق الباب واضعة يدها فوق قلبها تهدأ من ضرباته المتسارعة, هتف عدنان بإبنه الكبير:
- فيه ايه يا ليث يا ولديْ, ايه الصوت دِهْ!
أجابه ليث وهو يلهث:
- معرفش يا بويْ, ارتاح انت اني نازل اشوف مين اللي بيخبط بالطريجة دي!
ليسمعوا جميعهم صوت الغفير صابر وهو يصرخ ما ان فُتح له الباب:
- الحجني يا كبير, الحجنا.. راضي بيه اتجتل..
لتصرخ والدته عاليا وهي تضرب صدرها بقوة:
- ولدااااااااايْ..
بينما تسمرت سلبيل لتردد بدهشة وهي تهز رأسها يمينا ويسارا:
- لاه, راضي!, لاه, راااااااااااااااااضيْ!
وتركت نفسها تسقط في هوة سحيقة تسحبها الى الأسفل, فما رغبتها في حياة تخلو من حبيبها, ولكن....... تتلقفها ذراعين لم تخطيء أذن صاحبهما شهقتها الملتاعة ليحتويها بين ذراعيه القويتين حاميا جسدها من ارتطامه القوي المؤكد بالأرض الرخامية!!
- يتبع -


همس الريح 06-10-16 10:22 AM

رد: كبـير العيلة
 
تسلم يدش مني يا قلبي

بارتين ممتعين ممتعين
و لو ان السابع انتهي بمصيبه ..
اول شي عندي كم نقطه
الاولي الردود .. صبرين شوي عليها و ان شاء الله تحصلين ردود تشرح القلب
يمكن اللهجه الصعيديه غريبه شوي ..
و ذا بيوصلني للنقطه الثانيه ..
كم كلمه ما افهمها بالتحديد بس من السياق استوعبها ..
بس
يطلبونها بخشمهم .. مهوب قصدش يطلبونها علي خشومهم ؟؟ ما فهمتها . المهم من السياق ظنتي قصدش يطلبونها غصب
تزعطيش .. ما فهمتها بعد ..


نجي للبارت ..
غيث .. جعل يدك الكسر .. تراني ما اطيقك كذا من الهوا .. ايش حال اذا اعطيتني سبب
وشوله السحب و مسك اليد ؟؟
اول شي حرام عليك
يعني ما تبيها تسلم علي زميلها تمسك يدها .. عجبت لك يا زمن
اللي خلاني ما اثقل عليه و اعطيه من دعاوي جدتي ان اللي سواه ذا غيره ..
دحنا هنشوف ايام سودا .. هههههههههههههههه

ما شفنا سلمي و جدي و جدتي اليوم .. معوضه البارت الجاي ان شاء الله

بس يا مني به كذا ملاحظه
يعني راضي و حبه لسلسبيل .. تونا نقول هيييييييييييييح و ربي يهنيهم الا و ذبحتينه يالشريره ؟؟

الشي الثاني ..من صاحب العيون السودا ..
يكون ليث حبيب قلبي ؟؟
يعني يبيها ؟؟
يحبها ؟؟
لا لا .. ما ظنتي بس اهو اكيد بياخذها ..
اذا سلوم الصعيد شرا ما فهمت فاهو بياخذها لاجل يربي عيال اخيه ..


في الانتظار علي نااااااااااااااااااااار

منى لطفي 06-10-16 02:34 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3662141)
تسلم يدش مني يا قلبي

بارتين ممتعين ممتعين
و لو ان السابع انتهي بمصيبه ..
اول شي عندي كم نقطه
الاولي الردود .. صبرين شوي عليها و ان شاء الله تحصلين ردود تشرح القلب
يمكن اللهجه الصعيديه غريبه شوي ..
و ذا بيوصلني للنقطه الثانيه ..
كم كلمه ما افهمها بالتحديد بس من السياق استوعبها ..
بس
يطلبونها بخشمهم .. مهوب قصدش يطلبونها علي خشومهم ؟؟ ما فهمتها . المهم من السياق ظنتي قصدش يطلبونها غصب
تزعطيش .. ما فهمتها بعد ..


نجي للبارت ..
غيث .. جعل يدك الكسر .. تراني ما اطيقك كذا من الهوا .. ايش حال اذا اعطيتني سبب
وشوله السحب و مسك اليد ؟؟
اول شي حرام عليك
يعني ما تبيها تسلم علي زميلها تمسك يدها .. عجبت لك يا زمن
اللي خلاني ما اثقل عليه و اعطيه من دعاوي جدتي ان اللي سواه ذا غيره ..
دحنا هنشوف ايام سودا .. هههههههههههههههه

ما شفنا سلمي و جدي و جدتي اليوم .. معوضه البارت الجاي ان شاء الله

بس يا مني به كذا ملاحظه
يعني راضي و حبه لسلسبيل .. تونا نقول هيييييييييييييح و ربي يهنيهم الا و ذبحتينه يالشريره ؟؟

الشي الثاني ..من صاحب العيون السودا ..
يكون ليث حبيب قلبي ؟؟
يعني يبيها ؟؟
يحبها ؟؟
لا لا .. ما ظنتي بس اهو اكيد بياخذها ..
اذا سلوم الصعيد شرا ما فهمت فاهو بياخذها لاجل يربي عيال اخيه ..


في الانتظار علي نااااااااااااااااااااار

همووووس حبيب قلبي... هههههههه نترجم يا قمر.... أولا... يطلبوها بخشمهم يعني لما الجد والجدة يحبوا هند هما اللي هيطلبوها بنفسهم لغيث...
ثانيا.. تزعطيش يعني ما تزعقيش أو لا تصارخي بالخليجي ههههههه... ودي حضرتك أنا سامعاها بذات نفسي من الصعايدة، شاءت الظروف أنه الصيدلية في منطقة يكتر فيها الصعايدة فأنا كنت بشتغل وأذاكر في ذات نفس الوقت ههههههه لدرجة أنه المفروض دا زبون داخل يشتري دوا ويخرج أنا كنت بوقفه وأستفسر منه عن معنى الكلام يعني أفتكر مرة واحد مجروح جامد وتقريبا في قدمه فبيقولي يا دكتور اتجعط جامد في جدمي!!!!!!.. وأنا أقوله إيه؟.. يعيد تاني!!... أقوله وربنا ما واخده بالي عيد لو سمحت، لغاية ما فيين الولد اللي بيتشغل عندنا في الصيدلية طلع بلدياته فقال لي يعني اتجرح يا دكتورة!!!!!!!!!.. ههههههه نا قلت له آه معلهش حضرتك أنا ماليش في اللغة!!!!!!... المهم فخمتوا حبيبتي؟...
نيجي بقه لكابتن غيث ههههههه هو يمسك غيره لأ هههههههه.... هو كان عاوز يمنعها تسلم بأي طريقة وما كان ممكن أنه يصرخ فيها أنها ما تسلمش فمد إيده يسلّم هو بدال التاني ههههههههه....
شهاب وسلمى ولسّه اللي جاي صاروووووخ...
راضي وحبه لسلسبيل غير طبيعي وراضي نفسه مش ممكن وجوده واللي زي دا مش بيطول في دنيتنا كتير هههههه الله يرحمه، وليث ومفاجأت ليث واجهزي لرودو أفعال صاروووووووخية من الاتنين سلسبيل والليث..
في انتظارك الفصل اللي جاي يا قمر تسلميلي حبيبتي... امووووووواه...

مملكة الغيوم 06-10-16 06:23 PM

رد: كبـير العيلة
 
بسم الله الرحمن الرحيم
مساكى ورد ياسمين منمن راويه ابتدت اللت والعجن واتاريها كانت عاوز الولد رؤف لنفسها واعره والله مكفهاش انها كانت عاوز ه تخطفه من اختها كمان غيرانه من اختياره لزوجته بس هوه كده الصح حت لو مكنش عاوز الفت مكنش ينفع ياخد زينب واختها بتحبه كانت حتترصد له فى الطالعه والداخله هو عمل خير وحب واحده تالته والست راويه لساتها منسيتهالوش وعاوز تطلع غلها فى الفت وبناتها الله يخلف علينا صحاب العئول فى راحه وصحاب العجول عندهم زرايب
غيث الليث مش عاجبه سولى تسلم على صديقها وزميل الدراسه ناسى هو فين وبيجلعها وصاحبنا غيث حيولع وناوى يهد المعبد على راسهم ومتوجه دوغرى لعمه وشكله ناوى على خطبه وساعتها عمه حيبقى بين جميع النيران اللى حتفتح عليه
موت راضى متوقع اللى زيه بيتخطف بسرعة البرق ولو ما اتخطفش بيفقد الزاكره ههههه والمكان خلى لصاحب اليدين القويه والنظره السوداء من منطلق جحه اولى بلحم ------ والبقيه تاءتى فصل جميل منمن وفى انتظار الباقى على شوق مووووووووووووووووواه

منى لطفي 07-10-16 02:19 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3662193)
بسم الله الرحمن الرحيم
مساكى ورد ياسمين منمن راويه ابتدت اللت والعجن واتاريها كانت عاوز الولد رؤف لنفسها واعره والله مكفهاش انها كانت عاوز ه تخطفه من اختها كمان غيرانه من اختياره لزوجته بس هوه كده الصح حت لو مكنش عاوز الفت مكنش ينفع ياخد زينب واختها بتحبه كانت حتترصد له فى الطالعه والداخله هو عمل خير وحب واحده تالته والست راويه لساتها منسيتهالوش وعاوز تطلع غلها فى الفت وبناتها الله يخلف علينا صحاب العئول فى راحه وصحاب العجول عندهم زرايب
غيث الليث مش عاجبه سولى تسلم على صديقها وزميل الدراسه ناسى هو فين وبيجلعها وصاحبنا غيث حيولع وناوى يهد المعبد على راسهم ومتوجه دوغرى لعمه وشكله ناوى على خطبه وساعتها عمه حيبقى بين جميع النيران اللى حتفتح عليه
موت راضى متوقع اللى زيه بيتخطف بسرعة البرق ولو ما اتخطفش بيفقد الزاكره ههههه والمكان خلى لصاحب اليدين القويه والنظره السوداء من منطلق جحه اولى بلحم ------ والبقيه تاءتى فصل جميل منمن وفى انتظار الباقى على شوق مووووووووووووووووواه

ملوكة حبيبي تسلم الانامل على تحليلك الجميل يا قمر، وبالنسبة لسلمىوشهاب فوجعتهم امربربة ومجندلة يا بوووي..
راضي وقلت عنه ذات نفس الكلام لهموسة اللي زي راضي دا من النواااااااادر تمام زي المستحيلات الاربع هههههههههههه

مملكة الغيوم 07-10-16 06:30 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى لطفي (المشاركة 3662249)

ملوكة حبيبي تسلم الانامل على تحليلك الجميل يا قمر، وبالنسبة لسلمىوشهاب فوجعتهم امربربة ومجندلة يا بوووي..
راضي وقلت عنه ذات نفس الكلام لهموسة اللي زي راضي دا من النواااااااادر تمام زي المستحيلات الاربع هههههههههههه

ههههههههههه والله يا حبيبتى ده فى ندرة حليب العصافير وزبدة النمل
:mo2::walk01:

منى لطفي 08-10-16 03:33 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3662315)
ههههههههههه والله يا حبيبتى ده فى ندرة حليب العصافير وزبدة النمل
:mo2::walk01:

ههههههههههههههه :welcome_pills3:

فوفومون 08-10-16 01:58 PM

رد: كبـير العيلة
 
سلام ياحلوه مافيش اليوم فصل جديد والا كيف :

منى لطفي 08-10-16 06:49 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3662367)
سلام ياحلوه مافيش اليوم فصل جديد والا كيف :

حالا حبيبتي الفصل الجديد بينزل، تسلميلي يا قمر..

منى لطفي 08-10-16 06:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الثامنة
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)...
صوت آيات الذكر الحكيم بصوت الشيخ المنشاوي يصدح من المذياع, بينما يجلس الجد وابنيه عثمان ورؤوف مع عدنان وولده ليث في الاستراحة التابعة لمنزل عدنان, مع باقي رجال عائلة الخولي فقط, فلم يأت أحد من أهل البلد لتقديم واجب العزاء, فقد أقسم ليث أنه لن يتقبل أي عزاء في وفاة شقيقه الأصغر إلا بعد أن يأخذ بثأره ممن قتله!..
تحدث الجد والذي قصم موْت راضي ظهره, وقد كَبِر عشر سنوات فوق سنون عمره وقال بصوت خافت ولكنه متمالك لنفسه:
- عرفتو مين وِلْد الحرام اللي اعْمِلْها؟.
عدنان بنظرات حزينة وصوت مشروخ وقد شعر أن بموْت ابنه قد مات جزء من قلبه وروحه:
- ليث مش ساكت يا عمِّي, هنجيبوه فين ما يروح, هيروح منينّا فين؟
ليث بنظرات سوداء مرعبة وصوت غليظ:
- ولمّن نجيبه هخليه يتمنى الموت ما يطولوشيْ!
غيث وهو يربت على كتف ليث:
- وأني معاك يا ولد عمي في أي حاجة تريدها, جولي بس أعمل ايه وأني اعمله..
ليث بهدوء:
- تسلم يا ولد عمي, انما دِهْ طاري أني, وأني اللي هاخده بيديْ.
ثم صمت قليلا قبل أن يتابع بصوت قد اهتز بشكل طفيف:
- راضي ما كانِش خويْ وبس!, لاه.. دِه كان ابني كُمان!
تعالى صوت من بين الرجال الجالسين يقول صاحبه:
- احنا كلاتنا تحت امرك يا شيخنا, ابو عدنان ما كانيش ولد لوحديك ولا خوك لوحديك يا ليث, دِه كان ولدنا كلاتنا وابننا واخونا كًمان, واحنا رجابينا فداكم كلاتكم, اؤمروا واحنا علينا التنفيذ..
رؤوف بهدوء:
- دا العشم بردو يا رجالة...
ثم مال الى شهاب الجالس بجواره قائلا:
- طمني يا بني, اختك عاملة ايه؟
زفر شهاب بحزن وأسى وقال:
- 3 ايام لغاية دلوقتي وهي تايهة خالص, ساكتة, تصدق يا عمي انها من ساعة ما وقعت من طولها بعد ما سمعت الخبر وبعد ما فاقت ما عيطتش؟!, انا قلقان عليها اوي يا عمي, سلمى وسلافة معاها من وقتها وكل ما أجي ادخلها علشان أشوفها يقولوا لي انها رافضة خالص تشوف حد, حتى أمي ومرات عمي لما بيدخلوا عندها ولا كأنها حاسة بيهم, أنا بجد قلقان, بفكر فعلا أجيب دكتور يطمنا عليها...
وفجأة على صوت جلبة وضوضاء ثم ركض الغفير صابر الى الداخل بوجهه الملهوف واقترب من عدنان ليُسرّ اليه ببضعة كلمات أنتفض واقفا على أثرها ثم التفت الى رؤوف الذي وقف بدوره ليميل عدنان اليه هامسا:
- رؤوف يا ولد عمي خلِّك مع جدِّي والرجالة اهنه, أني هروح عند الحريم دجايج وجايْ!
انتبه ليث الى وجه والده الذي يعتريه القلق الشديد, تقدم منه وقال مقطبا جبينه يعترض طريق والده أثناء خروجه من الاستراحة:
- فيه ايه يا بويْ؟, رايح فين دلوك؟, الواد صابر جالك ايه خلّاك تنتفض اكده؟
عدنان بقلق وأسى:
- الله يرضى عنِّيك يا ليث يا وَلدي, خليك مع عمك رؤوف وجدك, اني رايح اشوف الحريم ضروري...
ليث وقد تعمقت عقدة جبينه وبدأ القلق يغزوه:
- ليه يا بويْ, أمي جرالها حاجة بعيد الشر؟!
عدنان وهو يحرك رأسه يمينا ويسارا مجيبا بأسى وحزن:
- أستغفر الله العظيم, لاه مش أمك يا ولدي, دِه.. سلسبيل!
ازدرد ليث ريقه وتساءل بتردد طفيف:
- مالها.. مالها أم عدنان؟
عدنان وهو يهم بالسير:
- معرفش يا ليث يا ولدي, صابر بيجول انه أمك شيّعت له ياجي ينادم عليّ ضروري لانها تعبانة جوي...
ليث وهو يمسك بمرفقه ويهم بالسير معه بخطوات واسعة:
- أني جاي معاك يا بويْ..
عدنان وهو يحاول ملاحقة خطوات ليث:
- بالراحة يا ولدي, ما جدرش ألحج عليك..
ليتمهل ليث بالسير بينما اعتلت عيناه نظرة غامضة لا تفصح عما يجيش بداخله...
وقف عدنان أمام غرفة سلسبيل وهو يسأل زوجته وبجانبها والدة سلسبيل التي تبكي بصمت وهي تمسح دموعها بطرف وشاحها الأسود, هتف عدنان بقلق وتساؤل:
- خبر ايه يا أم ليث؟, سلسبيل مالها؟
أجابت أم ليث ودموعها تغسل وجهها:
- معرفاشي يا حاج, حالتها وعرة جويْ...
ثوان وفُتح باب الغرفة لتقبل عليهم سلسبيل والتي ما ان رآها عمها حتى حدق فيها بعينين واسعتين لا يصدقان ما يرتسم أمامهما, فقد كانت سلسبيل ترتدي احدى عباءتها الملونة المزركشة, بل وتتزين كعروس في انتظار عريسها, وهي تضع وشاح باللون الابيض مزين بوردات باللون الزهري, قالت بابتسامة ناعمة وهي تطالع عمها ومن معه بدهشة:
- عمي.. ايه اللي موجفكم اهنه؟, فيه حاجة؟؟
ابتلع عدنان ريقه بصعوبة وقال بصوت متحشرج:
- سلـ.. سلسبيل يا بتي؟
ردت سلسبيل بابتسامة واسعة:
- اؤمرني يا عمي..
عدنان وهو يزدرد بريقه بصعوبة:
- ايه.. ايه اللي انتي لابساه دِه وعاملاه في نفسك دِه؟
سلسبيل بخجل وقد تلونت وجنتيها بحمرة الحياء:
- ابدا يا عمي, أصل راضي بيحب يشوفني بالعباية ديْ, جولت ألبسها عشان لمّن ياجي ينبسط..
أُسقط في يد عدنان وردد بذهول حزين:
- را.. راضيّ!
أومأت سلسبيل برأسها وهي تجيب بابتسامة فرح كبيرة:
- إيوة يا بويْ, راضي, حدتني من شوي وجالي انه جرّب يوصل..
لمح عدنان سلمى وسلافة تقفان خلف سلسبيل, أشارت له سلمى برأسها ألا يتحدث بما يخالف قولها, سارت سلسبيل ونزلت الدرج يتبعها عدنان والباقين, ما ان أكملت نزولها والتفتت حتى وقع نظرها على ليث الذي ما ان رآها حتى انتفض واقفا كمن لسعته أفعى وهو يردد في دهشة وعدم تصديق:
- سلسبيل!
سارت سلسبيل حتى وصلت اليه وهي ترميه بنظرات مشككة قلقة, وصلت اليها والدتها ومدت يدها تتناولها بين أحضانها وتقول بصوت باكي وهي تربت على كتفها:
- اهدي يا سلسبيل, اذكري الله يا بتّيْ..
قطبت سلسبيل وأجابت باندهاش وحيرة:
- ليه بتجولي اكده يا مّايْ؟
الأم بنواح:
- حرام اللي بتعمليه ديْ يا نضري!
هزت سلسبيل برفض يمينا ويسارا وتعبير استهجان تام يعتلي سيمات وجهها الخمري واستنكرت هاتفة:
- هو ايه ديه اللي بعمله؟ ايه.. بلبس لجوزي... حرام ألبس له وأتغندر له؟, مش فاكرة حديتك ليِّ انه لازمن جوزي ما يشوفش مني الا اللي يعجبه!, جوزي وعلى وصول, واني مستنياه, انما انتو اهنه ليه؟, فيه حاجة؟
اقتربت منها سلافة وربتت على كتفها وهي تقول:
- جايين نقعد معاكي يا ستي.. ايه بلاش؟
سلسبيل بارتباك واعتذار:
- لاه ما جصديشي يا بت عمي, أني بس مستغربة ان كلاتكم اهنه؟..
ثم ضحكت متابعة:
- لا يكون بوي وخواتي هما كمان اهنه واني معرِفش؟!
ليصدح صوت قويا من خلفها يقول بنبرات ثابتة:
- مش هما لوحديهم, عمك رؤوف وبوكي واخواتك وجدي وجدتي كمان, بس جدتي بعافية شوية دخلت تريّح شوي!
قطبت سلسبيل وتساءلت وهي تنظر الى غيث بريبة:
- وليه؟, فيه حاجة ولا ايه؟
تقدم منها ليث ليسلط نظراته على عينيها العسليتين وهو يجيب بتأن:
- جايين يجفوا جنبينا, لغاية ما ناخد بحجنا!
ابتلعت سلسبيل ريقها بصعوبة, وحاولت متابعة سيرها بعيدا عنه وهي تقول بابتسامة مهزوزة رافضة الاسترسال في هذا الحديث الذي بدأ يثير سخطها ولكن هذا هو ليث لا يصدر عنه الا كل ما هو مستفز ومغيظ سواء قول او فعل:
- عموما بيتهم ومُطرحهم, عن اذنكم اني هروح اشوف الوكل, راضي على وصول..
ما ان ابتعدت عنه خطوتين حتى سمعت صوته يعلو من ورائها متسائلا بقوة:
- ما عاوزاشي تعرفي حجنا ايه؟
اضطربت انفاس سلسبيل وسريعا اقتربت منها سلمى وسلافة في حين وقفت ألفت وراوية وأمها يتابعان ما يجري ودموعهن تجري بلا انقطاع, هتفت سلسبيل وهي تعود الى الخلف بينما يتقدم منها ليث بثبات:
- اني ما عاوزاشي اعرف حاجه؟
كادت أن تتعثر في المقعد خلفها عندما امتدت يد ليث سريعا تسندها وأجاب بقوة:
- حجنا في دم خويْ وجوزك.. راضي يا سلسبيل!
صرخت سلسبيل وهي تصيح بعنف:
- انت اتجنيت؟, حج ايه؟, راضي ما جرالوشي حاجة, راضي هياجي, هو جالي انه مش هيتأخر عليّ, هياجي وهنجيب البت اللي بيحلم بيها, بعّد عني, فوتني يا ليث!
حاولت دفعه بعيدا عنها ولكن كانت قبضتيه على كتفيها كالكماشة, بينما كانت في حالة من الهذيان, فلأول مرة تلفظ باسم مخيفها, ووحشها الذي يرعبها بصوته.. لأول مرة تلفظ باسم.. ليث!
هتف ليث بقوة وهو يقرص على كتفيها:
- راضي مات يا سلبيل, مااااااااااات!.
أخذت تحرك برأسها يسارا ويمينا عدة مرات وهي تضع يديها فوق أذنيها رافضة الاستماع بينما اهتزت تعابير وجهها, لتقول بصوت بدأ منخفض ليعلو تدريجيا منتهيا بصرخة عالية:
- لا.. راضي.. راضي.. راضي ما ماتِش..راضي.. تعالى يا خويْ... راضي.. راااااااااااااضي....
لتسقط مغشيا ليها ولكن هذه المرة كانت ذراعي شهاب شقيقها من أنقذتها من الارتطام بالأرض!.
*******************
خرجت سلمى من غرفة سلسبيل بعد أن حقنتها بحقنة مهدئة, كان الجميع بانتظارها وما ان رأوها حتى اندفعوا اليها, سأل شهاب وليث في نفس واحد:
- كيفها دلوك/ عاملة ايه دلوقتي؟
أشارت سلمى بيدها لهما بالتزام الهدوء, ثم دعتهما باللحاق بالباقيين في الاسفل حتى لا يصدروا أصواتا تُقلق سلسبيل.
ما ان نزلوا الى الاسفل حتى التفت شهاب الى ليث هاتفا بحنق:
- لو سلسبيل جرالها حاجة يبقى انت السبب!, انت ازاي تعمل كدا؟, ازاي قدرت تخليها تنهار بالشكل دا, مش كفاية اللي هيا فيه؟
ليث بهدوء ينافي النار التي تستعر في داخله:
- اللي اعملته دِه هو الصوح, وكان لازمن يتعمل من زمان, اختك ما انهارتش زي ما انت فاهم, اختك فاجت دلوك!
قطب شهاب صائحا باستهجان:
- يا سلام, عيّل صغير انا بقه وهتضحك عليه بكلمتين؟!, انا ما صدقتش نفسي وانا داخل وانا بسمعك بتصرخ فيها بالكلام دا, يعني لو ما كانش جدي بعتني أشوف فيه ايه.. كنت ناوي تعمل فيها ايه تاني؟
وقفت سلمى واتجهت اليهما وقالت مقاطعة شجارهما الكلامي:
- معلهش يا شهاب.. بس ليث بيتكلم صح!, اللي عمله دا هو اللي أنقذ سلسبيل من اكتئاب حاد كانت رايحاله برجليها وبسرعة كمان, انفجاره فيها هو اللي خلاها تفوق وتوعى للي حصل, يعني هو فعلا أنقذها من انهيار عصبي واكتئاب حاد.. الله اعلم كان ممكن نهايته توصل معاها لإيه؟!
لفّ شهاب رأسه ناظرا اليها بذهول وهتف:
- انت بتخرفي تقولي ايه؟
سلمى ببرود ولم يعجبها طريقته في الحديث اليها وأمام الجميع لذا أجابت ببرود:
- اظن اني الدكتورة هنا, واعتقد اني أفهم أحسن منك في الموضوع دا, سلسبيل زي أي حد داخل في هستريا, أول حاجة بتعملها لشخصي هستيري انك تحاول تفوقه حتى لو اضطريت تضربه بالقلم, سلسبيل كانت داخله في هستيرية اكتئاب حاد ممكن توصلها انها تفكر في الانتحار, كلام ليث ليها هو القلم اللي فوّقها من اللي كانت فيه, عموما انا اديتها حقنة مهدئة, على الصبح ان شاء الله هتكون كويسة!
ثم التفتت الى الحاضرين متابعة:
- بعد اذنك يا ماما أنا وسلافة هنفضل هنا معاها مش هنعرف نسيبها خصوصا في الفترة دي, يار يت تبلغي بابا, وحضرتك يا طنط - موجهة كلامها الى راوية التي كانت تضع يدها فوق رأسها بينما تمسح دموعها التي تهطل بصورة مستمرة براحتيها - حضرتك يا طنط يا ريت تدخلي تنامي, انتي تعبت اوي انهرده.
ثم نظرت الى تلك السيدة التي فقدت ابنها ولكنها تحاول التجلد والصبر واتجهت اليها بخطوات هادئة وقالت وهي تمسك بكتفيها:
- أنا مش عارفة أقولك ايه ولا أواسيكي ازاي, بس علشان خاطري حضرتك ضغطك كان عالي اوي انهرده, يا ريت تحاولي ترتاحي شوية..
ردت ام ليث من وسط بكائها:
- وهتاجي من فين الراحة يا بنيتي؟, هتاجي من فين؟
اومأت سلمى برأسها ثم ابتعدت وهى تشير لسلافة للحاق بها قبل أن تقف وتوجه حديثها الى ليث متجاهلة تماما ذلك الشهاب الذي يتابعها بنظرات ساخطة غاضبة مذهولة:
- البقاء لله يا ليث, ربنا يجعلها آخر الاحزان..
ثم اتجهت الى الدرج للصعود الى الاعلى مع سلافة لقضاء الليلة مع سلسبيل في غرفتها..
شعر شهاب ان أعصابه على وشك الافلات منه وقال وهو يستدير متجها للخارج:
- أنا ماشي..
أوقفته يد ليث التي وضعها على كتفه وقال بتنهيدة عميقة:
- شهاب, ما تزعلشي منِّي, لكن اللي انى اعملته دِه كان في موصلحتها تمام كيف ما الدكتورة سلمى جالت..
أومأ شهاب برأسه وأجاب وهو يربت بدوره على كتفه:
- أنا مش زعلان يا ليث, ربنا يكون في عوننا كلنا...
**************
جلس شهاب فوق فراشه وهو يقبض يده اليمنى ليضرب بها راحة كفه الأيسر بينما ينفخ بضيق, ثم نهض من مكانه وأخذ يسير جيئة وذهابا في المكان حتى كاد يحفر الأرض من قوة خطواته, هتف بحنق وغضب:
- بقى أنا ما بفهمش حاجة وعامله عليا دكتورة؟..
سكت قليلا قبل أن يتابع وهو يقلّد طريقتها في الكلام:
- ليث صح, ليث عمل المفروض يتعمل, القاء لله يا ليث, ما تقلقش يا ليث.., ليث.. ليث.. ليث.. , اللي يسمعها يقول ليث دا عارفاه عمرها كله, دا أنا اللي اسمي ابن عمها وأقرب لها منه ما بتنطقش اسمي خالص الا نادر جدا, ايه دا؟, وبعدين ازاي عمي يوافق انها تقعد هناك؟, سلسبيل علشان العدة مش هينفع تخرج, لكن الواجب أمي هي اللي تقعد وهي.. قصدي هما.. هي وسلافة يرجعوا بقه!..
ثم ضرب بقبضته حافة النافذة التي يقف أمامها وهو ينفخ بضيق وتأفف بالغين!
***************************
بعد شهر
********
- بابا بعد اذن حضرتك, انا عاوزة أنزل مصر أجدد اجازتي وبالمرة أشوف الدكتور المشرف على الرسالة بتاعتي..
نظر رؤوف الى سلمى ابنته الجالسة فوق المقعد الخيزران في الحديقة الى يساره بينما تجاوره من الجهة اليمنى ابنته سلافة, قال رؤوف:
- انا عارف ان الفترة اللي فاتت دي كانت صعبة عليكم اوي, خصوصا ان ولاد عمكم انشغلوا في موضوع ليث والشغل تقريبا بقه على اكتفاكم انتم..
لا يستطيع رؤوف الانكار أنه يشعر بالفخر ببناته, فقد انشغل غيث وشهاب مع ابن عمهم ليث في البحث عن قاتل راضي, فأخذت بناته على عاتقهن أمر الاهتمام بالمزرعة والديوان في غيابهما, تحت اشرافه هو وأخيه عثمان, بينما التزم الجد الهدوء, وقد أنحنت كتفاه بعد مقتل راضي حفيده, والذي كان أقرب أحفاده إليه, وانشغلت الجدة بالاهتمام بصحة الجد بينما دخلت راوية في حالة من الحزن العميق على ابنتها, لتتولى زوجته ألفت شؤون المنزل لتثبت للجميع حُسن اختيار رؤوف لها, وتثبت لهم يوما بعد يوم أنها بالفعل واحدة منهم....
قالت سلافة بهدوء:
- أنا كلمت زمايلي في الشغل, وبعت ايميل للشركة ببلغهم فيها بمد أجازتي, وانا الحمد لله عندي رصيد كبير من الاجازات..
هز رؤوف رأسه وقال موافقا:
- تمام, يبقى سلافة توصلك الصبح لمحطة القطر تخلصي اللي وراكي وترجعي في نفس اليوم, وتبقي تكلمينا علشان نستناكي في المحطة..
- محطة ايه يا عمي ومين اللي هيسافر؟
قاطع صوت شهاب رؤوف, الذي التفت اليه ليبتسم مجيبا بينما جذب شهاب كرسيّا ليجلس في مواجهة عمه والى يسار سلمى:
- ابدا يا بني, دي سلمى عاوزة تسافر تجدد أجازتها وتشوف الدكتور المشرف على الرسالة..
ألقى شهاب بنظرة سريعة عليها بينما تجاهلته كلية فمنذ صدامهما ذاك اليوم ببيت عمه عدنان وهي تتحاشاه, مع انها تتولى مهام المزرعة بشكل مثير للاعجاب فهي تتحكم بالأمور هناك جيدا وتتعامل مع عمال المزرعة بطريقة حازمة وهادئة, قال شهاب ببرود بينما يحاول ان يسترق النظر اليها بين كل كلمة وأخرى:
- تمام يا عمي, تشوف هي عاوزة تسافر امتى وانا هوصلها!
حدقت فيه سلمى بدهشة ولكنها حاولت اخفائها, تحدثت ببرود نسبي:
- لا مالوش لزوم, سلافة هتوصلني المحطة وهاخد القطر وهرد في نفس اليوم, مالوش لزوم تتعب نفسك!
نظر اليها مجيبا بسخرية هي وحدها اشتمت رائحتها من بين أحرف كلماته:
- تعبك راحة يا بنت عمي, بس ما ينفعش يكون ابن عمك موجود وأختك توصلك المحطة وتاخدي قطر, انا هوصلك وأرجعك..
حاولت سلمى كتم زفرة ضيق كادت تفلت منها وقالت محاولة الهروب من مرافقته:
- لا ما فيهاش حاجة, انا بحب السفر بالقطر..
كانت سلافة تتابع بدهشة طفيفة وريبة ما يدور بين أختها وشهاب في الخفاء, لا تعلم لما تشعر وكأن هناك نظرات سخط متبادلة بينهما, ولكن مؤكد أنه يريد فرض سطوته عليها تماما كأخيه غيث, قد يكونان توائم غير متشابهة شكلا ولكنهما متطابقان تماما في صفاتهما, أرادت انقاذ أختها من إصراره الغريب على مرافقتها وهى تعلم أن أبيها قد بدأ يميل لحل شهاب ليطمئن عليها خاصة أنها لا هي أو أمها تستطيعان مرافقتها, فهتفت بأول شيء طرأ على بالها:
- خلاص.. بسيطة.. نكلم كريم يستناكي في محطة مصر, وأنا متأكده انه هيجيبك زي ما عمل معانا المرة اللي فاتت..
ما ان انتهت من عبارتها حتى رسمت بسمة واسعة فرحة بنفسها أنها قد اهتدت للحل الصحيح, ولكنها فوجئت بشرارات تنطلق من مقلتي شهاب, بينما نظرات أختها الباردة لا تفصح عما إذا كانت قد لاقت الفكرة قبول لديها, ولكن لم تنتظر طويلا لتسمع سلمى وهى تقول بإيجاب:
- فكرة بردو, أساسا عمو وطنط وحشونى أوي, وممكن أروح أسلم عليهم بالمرة..
هتف شهاب بحدة رغما عنه مقاطعا لها:
- لا!, أنا اللي هوديكي..
اندهش رؤوف وقال:
- ليه يا شهاب؟, البنات مش عاوزين يتعبوك, وانا شايف انه حل كريم دا حلو, بس بدل ما يرجعها بنفسه ممكن يوصلها المحطة وترجع بالقطر...
التفت شهاب الى عمه وحاول تمالك أعصابه وهو يجيب:
- معلهش يا عمي, بعد اذن حضرتك.. أنا ما فيش مشكلة انى أوصل سلمى وأستناها ونرجع سوا, وبعدين الحركة هتبقى أسهل بالنسبة لها معانا العربية وأنا اللي سايق يعني مش هتسوق في الزحمة ولا هتلف على ركنة ولا مخالفة ولا حاجة أبدا, وبدل ما نزعج الناس, ويضطر يسيب شغله, ايه رأي حضرتك؟
رؤوف باستحسان:
- والله فكرة مش بطالة..
لترتاح أسارير شهاب ولكن يتابع رؤوف:
- لكن مش تعب عليك يا بني تروح وترجع في نفس اليوم؟
نفى شهاب بقوة بهزة رأس منه:
- لا لا لا أبدا يا عمي...
كانت سلمى تنظر اليه وهى تتحرق غيظا, تكلم والدها قائلا:
- جهزى نفسك يا سلمى الصبح هتروحي مع ابن عمك..
ثم التفت الى شهاب متابعا:
- شكرا يا شهاب, هنتعبك معانا..
أجاب شهاب وعيناه تلمعان من الغبطة لقبول عمه رأيه وأنه اخيرا سيجعل تلك المتحذلقة المغرورة تبتلع لسانها ذاك والذي كال له الكلمات النابية ذلك اليوم بعد انهيار سلسبيل..
***********************
- انت بتجول ايه يا حاج عبد الحميد؟
زفر عبد الحميد ورجع الى الخلف ليستند الى ظهر الفراش وأجاب:
- اللي انت سمعته يا ولديْ..
عثمان بغير تصديق:
- غيث اللي جالك إكده؟, وميتى؟
أجاب الجد بصوت هاديء يحمل رنة شجن واضحة:
- جبل ما يجيلنا خبر المرحوم راضي, في نفس اليوم, بس اللي حوصل خلّا الموضوع يوجف, اني عارف وهو عارف انه مش وجته دلوك لكن هو عاوزنا نفاتحو عمّه في الموضوع علشان يكون عنده علم باللي رايده غيث..
قطب عثمان وقال:
- وليه ما جاشي يتحدت معايا أني؟
ابتسم الجد ابتسامة صغيرة وقال:
- عادي يا ولدي, هو جالي انه هيفاتحك في الموضوع, هو اساسا يومها ما كانِش هيجول لي حاجة لوما أني شوفت حالته كيف وضيّجت عليه في الحديت لوما جال لي....
قال عثمان:
- وانت رأيك ايه يا حاج؟, الوجت فعلا كيف ما انت خابر مش الوجت المناسب, واني أخجل اكلم خوي في حاجة زي ديْ خصوصي في الظروف اللي بتمر بيها بتّي, كلّمه انت يا حاج الله يخليك..
هز الجد رأسه موافقا على كلام ابنه الاكبر وقال:
- ماشي يا أبو غيث, أني هفاتحه في الموضوع وهبلغك باللي هيوحصل...
*****************
- ليث بيه, يا ليث بيه...
صاح الغفير صابر مناديا لسيده ليث الجالس تحت سقيفة العنب الخشبية في حديقة المنزل, نهض ليث واقفا مكشّرا في وجه الغفير وصاح به معنفا إياه:
- فيه ايه؟, عم بتنادم بصوت عالي كيف التور اكده ليه؟
كان صابر يلهث محاولا التقاط أنفاسه بشق الأنفس, تكلم من بين أنفاسه المتقطعة وهو ينحني ساندا راحتيه على ركبتيه:
- لا.. لاجيـ.. لاجيناه يا كبير!
لمعت عينا ليث وتقدم من صابر ببطء حتى وقف بجواره وهو يسأل بهدوء مخيف:
- لاجيتو مين؟
رفع صابر رأسه ثم اعتدل في وقفته وأجاب باحترام لسيّده:
- ولد الحرام اللي جتل راضي بيه!
تساءل ليث بينما عيناه تلمعان لمعة عيني الأسد الذي أوشك على اقتناص فريسته:
- مين يا صابر؟
قال صابر وهو يتنفس بعمق:
- عسران أبو الليل, جاطع طريج, مايعرفناشي وما يعرفش راضي بيه, طلع هو ورجالته على راضي بيه وهو راجع, جطعوا الطريج عليه هو والسواج, هددوهم وضربوا السواج, لكن سي راضي ما وافجش يسيب لهم المال والحلال فجتلوه واخدوا كل حاجة.....
ليث بغضب مكتوم يعتمل في أحشائه كبركان يثور بالتدريج قبل أن تندلع حممه عاليا فيحرق الأخضر واليابس:
- عرفت طريجه؟
هتف صابر:
- ايوة عرفت, اللي دلّنا عليه واحد من رجالته كان سهران عند البت بدوية وهلفط بالكلام على كبيرهم واخر عمليه عِملوها, وحضرتك خابر احنا لينا رجالة في كل مُطرح, والليلة يكون راسه عندك..
ليث سريعا وبحدة وعيناه تلمعان بنشوة الانتقام:
- لع, اني عاوزه صاحي.... جيبهولي متكتف من يديه ورجليه كيف الدبيحة!..
صابر بطاعة:
- تمام يا ليث بيه..
وانصرف ليسارع بتنفيذ ما طلبه سيده بينما قبض ليث على أصابع يده اليمنى وهتف بوعيد:
- أنى بجه هعرفك مين هما الخولي؟, إمّا كُتْ أخرّج جلبك ابيدي من صدرك ما كونِش أني ليث الخولي!!
وضغط على يده بشدة حتى ابيضت سلاميات أصابعه بينما يعد الدقائق والثوان التي بدأت عدّها التنازلي ليأخذ بثأر أخيه.. راضي!!
- يتبع -

مملكة الغيوم 08-10-16 10:46 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مراحب منمن الاخوه ابناء الخولى بانو وقت الشده هى دى العيله تتلم فى الافراح والاحزان ويبان التكاتف صوره مشرفه
واضح ان شهاب وسالمى وقعتهم مع بعض مربربه وكل واحد فيهم عامل لسته سوداء للاخر
الليث ابو نظره جريئه اخيرا وقع على ضالته ابو الليل اللى وقعته اسود من اسمه يستاهل حد قاله يمسك ديل الاسد
وغيث قرب من هدفه الجد حيوفق جميع الرؤس فى الحلال ونشوف ايه رائى راويه ولا الحزن هدها ربنا موجود
تسلمى منمن وفىانتظار البارت الاسدال اللى جاى [ فيس بيغمز] موووووووووووووووواه

منى لطفي 08-10-16 11:14 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3662409)
السلام عليكم ورحمة الله
مراحب منمن الاخوه ابناء الخولى بانو وقت الشده هى دى العيله تتلم فى الافراح والاحزان ويبان التكاتف صوره مشرفه
واضح ان شهاب وسالمى وقعتهم مع بعض مربربه وكل واحد فيهم عامل لسته سوداء للاخر
الليث ابو نظره جريئه اخيرا وقع على ضالته ابو الليل اللى وقعته اسود من اسمه يستاهل حد قاله يمسك ديل الاسد
وغيث قرب من هدفه الجد حيوفق جميع الرؤس فى الحلال ونشوف ايه رائى راويه ولا الحزن هدها ربنا موجود
تسلمى منمن وفىانتظار البارت الاسدال اللى جاى [ فيس بيغمز] موووووووووووووووواه

حبيبتي ملكة قلبي هههههههه الليث ابو عيون جريئة هتحمر عيونه او الصب تفضحه عيونه فعلا، لكن هيشوف الويل هييييييييح الحب بهدلة هههههه
اما غيث فسلافة جنية شقية مش هتسلم بسهولة ابداااااااااااااا
وعن شهاب وسلمى فحدث ولا حرج هههههههههه افعال وردود افعال صاروخ ارض جو... نفس الفيس تبعك اللي بيغمز ههههههههههه، تسلميلي يا قمر اموووووووووواه...

همس الريح 09-10-16 11:31 AM

رد: كبـير العيلة
 
هلا و غلا
و كرتووون حلا ..

بارت حزين حزين حزيييييييييييييييييين

ليث و تصرفه السليم ميه بالميه لاجل يطلع سلسبيل من ازمة نفسيه ..
بس سؤال .. اهي ليش تخافه ؟؟
و سؤال ثاني
اهو كان يبيها بس يوم اخيه طلبها كتمها في قلبه ؟؟
الصراحه حبيته ليث ذا ..

الحين نقدر نترحم علي قاطع الطريق .وقع في يد اللي ما بيرحمه ..

اعجبني ترابط الاهل في الفجيعه اللي صارت

شهاب و سلمي .. سبحان من جمع ووفق
وافق شن طبقه
في انتظار داحس و الغبراء في رحلة مصر ..

تسلم يدش يا قمر ..
و سؤالي ..الروايه كم بارت ؟؟

منى لطفي 10-10-16 12:59 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3662488)
هلا و غلا
و كرتووون حلا ..

بارت حزين حزين حزيييييييييييييييييين

ليث و تصرفه السليم ميه بالميه لاجل يطلع سلسبيل من ازمة نفسيه ..
بس سؤال .. اهي ليش تخافه ؟؟
و سؤال ثاني
اهو كان يبيها بس يوم اخيه طلبها كتمها في قلبه ؟؟
الصراحه حبيته ليث ذا ..

الحين نقدر نترحم علي قاطع الطريق .وقع في يد اللي ما بيرحمه ..

اعجبني ترابط الاهل في الفجيعه اللي صارت

شهاب و سلمي .. سبحان من جمع ووفق
وافق شن طبقه
في انتظار داحس و الغبراء في رحلة مصر ..

تسلم يدش يا قمر ..
و سؤالي ..الروايه كم بارت ؟؟

حبيبتي في الاحداث الجاية بيوضح كل شيء بالنسبة لليث وسلسبيل، وسفر مصر هيكون نتيجته كارثية بالنسبة لسلمى ههههههههه، فيس بيغمز، اما عن عدد البارتات فهي احم احم.. العدد في اللمون ما تعدي هههههههه، يعني فيكي تقولي احنا قربنا من ربع البارتات... كويس كدا؟؟... هههههههه بس ما تقلقيش الرواية بتجري بيكي هتخلصي من حاجة تلاقي حاجات مش حاجة تانية هههههههههه، ان شاء الله مش هتملوا منها

همس الريح 10-10-16 08:40 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منى لطفي (المشاركة 3662609)


حبيبتي في الاحداث الجاية بيوضح كل شيء بالنسبة لليث وسلسبيل، وسفر مصر هيكون نتيجته كارثية بالنسبة لسلمى ههههههههه، فيس بيغمز، اما عن عدد البارتات فهي احم احم.. العدد في اللمون ما تعدي هههههههه، يعني فيكي تقولي احنا قربنا من ربع البارتات... كويس كدا؟؟... هههههههه بس ما تقلقيش الرواية بتجري بيكي هتخلصي من حاجة تلاقي حاجات مش حاجة تانية هههههههههه، ان شاء الله مش هتملوا منها

كارثه لسلمي ؟؟ ربي يطمنش
و مشكورة علي توضيح الكلمات يا قلبي ..
ليث و سلسبيل ما اتوقع تكون الامور سلسه بينهم
البنت بليا شي تخافه
شهاب .. الصراحه مشاعري محايده تجاهه بس اذا اللي افكر فيه صح بوديه اللسته السودا مع اخيه .. اقل شي يونسون بعض ..

لا يمل من شهرزاد ..
بس سؤالي عن البارتات ابي اعرف بتخلص قبل شهر 1 الجاي او لا ..
في انتظار البارت الجاي علي نااااااااااار
اي و سلام خاص لليث و قولين له اذا يبي مساعده في اللي ذبح اخيه .. عصابات المافيا في الخدمه ..:peace:

شبيهة القمر 11-10-16 11:33 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم
اهلين منو ازيك يابت ايه القمال دا كله
انا اول مره اقرأ روايه باللهجه المصريه من جد حسستيني بتابع مسلسل هههه حتى الاماكن والملابس بتخيلها ببالي مايحتقش توصفينها لينا فيس متأثر بالمسلسلات المصريه ايام البردعي ههههههه
اكتر ناس رحمتهم بالروايه الرقاله الي غرأنين بالحب والستات مطنشه ولا حتى رف لها قانب
ايه القلوب الي عنديهم ..يأختي الاحساس عنديهم زيرو.. فيس يقول ولاوحده منهم قلبها بيدق هههههههه

منو.. تشكرات حبيبتي روايه ممتعه واصل وبانتظاار بنات رؤوف المتحجره قلوبهم لما تلين ونشوف بقه عيال الخولي بيقدرو عليهم والا لا هههههه..فيس صعيدي من كفر العين هههههه

منى لطفي 12-10-16 06:42 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3662746)
السلام عليكم
اهلين منو ازيك يابت ايه القمال دا كله
انا اول مره اقرأ روايه باللهجه المصريه من جد حسستيني بتابع مسلسل هههه حتى الاماكن والملابس بتخيلها ببالي مايحتقش توصفينها لينا فيس متأثر بالمسلسلات المصريه ايام البردعي ههههههه
اكتر ناس رحمتهم بالروايه الرقاله الي غرأنين بالحب والستات مطنشه ولا حتى رف لها قانب
ايه القلوب الي عنديهم ..يأختي الاحساس عنديهم زيرو.. فيس يقول ولاوحده منهم قلبها بيدق هههههههه

منو.. تشكرات حبيبتي روايه ممتعه واصل وبانتظاار بنات رؤوف المتحجره قلوبهم لما تلين ونشوف بقه عيال الخولي بيقدرو عليهم والا لا هههههه..فيس صعيدي من كفر العين هههههه

ههههههههه يسلم لي كفر العين والغين وكل الحروف الهجائية، ههههههههه وبعدين لازم يتقلوا عليهم، أومال التُقل صنعة على رأي مثلنا الأصيل هههه فيس بيغمز,,, سعيييييييدة جداااااااا لمرورك يا قمر ويا ريت ما تحرميني ردودك الجميلة تسلمي حبيبتي اموووووواه..ِ

منى لطفي 12-10-16 06:44 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3662623)
كارثه لسلمي ؟؟ ربي يطمنش
و مشكورة علي توضيح الكلمات يا قلبي ..
ليث و سلسبيل ما اتوقع تكون الامور سلسه بينهم
البنت بليا شي تخافه
شهاب .. الصراحه مشاعري محايده تجاهه بس اذا اللي افكر فيه صح بوديه اللسته السودا مع اخيه .. اقل شي يونسون بعض ..

لا يمل من شهرزاد ..
بس سؤالي عن البارتات ابي اعرف بتخلص قبل شهر 1 الجاي او لا ..
في انتظار البارت الجاي علي نااااااااااار
اي و سلام خاص لليث و قولين له اذا يبي مساعده في اللي ذبح اخيه .. عصابات المافيا في الخدمه ..:peace:

لا هموسة حبيبتي ان شاء الله قبل شهر يناير بإذن الله بكون خلصتها، ههههههه اليوم الليث بياخد بتار أخوه... حضروا نفسكم لمشهد دموي.... التار ورا العار يا ردالة... فيس غضباااااااااااان..

منى لطفي 12-10-16 06:46 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة التاسعة
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
انطلق شهاب وسلمى في رحلتهما الى القاهرة في ساعات الصباح الباكر, ساد الصمت الرحلة أول الوقت, حتى عرج شهاب على محطة وقود لملأ خزان السيارة, أوقف المحرك ونظر اليها يسأل بهدوء:
- عاوزة حاجة من السوبر ماركت؟, أنا نازل أجيب مايه..
هزت رأسها نفيًّا ونظرت اليه مجيبة بهدوء:
- لا شكرا...
قال شهاب:
- ثواني هجيب مايه, انا فتحت له التانك...
لم يغب سوى عدة دقائق ليعود بكيس كبير, دلف الى السيارة ووضعه في الفراغ بينهما قبل أن يدفع فاتورة الوقود ويمنح العامل الكهل بقشيشا سخيًّا جعل الأخير يبتسم داعيا له بأن يحفظ عليه زوجته!..
احمرت وجنتي سلمى قليلا لدى سماعها وصفها بزوجة شهاب, ولم تلتفت اليه, فيما ابتسم شهاب للعامل ابتسامة صغيرة ورنا اليها بنظرة ليجد البرود هو سمة وجهها كالدارج, كتم زفرة حنق ثم شغل المحرك استعدادا لمواصلة الرحلة, وهو يدعوها لتناول العصير وبعض الشطائر الذين ابتاعهم من السوبر ماركت..
وصلا الى الجامعة, تركته قائلة:
- هشوف الدكتور ولو إتأخرت يبقى عنده محاضرة هستناه يخلصها, لو حبيت ممكن تستناني في كافتيريا الكلية, ولو اني بقول انك تروّح وانا هظبط أموري في الرجوع...
نظر اليها بتركيز وأجاب بتأن وهو يضغط على حروفه:
- شوفي يا سلمى..انا قلت لعمي اني هودِّيكي وأرجعك, فيا ريت ما تفتحيش الموضوع دا تاني, دا أولاً, وثانيا خلّصي اللي وراكي وما تشيليش هم.. أنا مش هزهق, هستناكي في العربية لغاية ما تخلصي, بس يا ريت تديني نمرة موبايلك لأنها مش عندي.. للظروف يعني....
حركت كتفيها صعودا وهبوطا بلا مبالاة وقالت:
- براحتك, هات رقمك أرن لك..
وتبادلا أرقام الهاتف, لتترجل سلمى بعدها من السيارة متجهة الى داخل الجامعة..
لم يمر سوى وقت قصير قبل أن يسمع شهاب طرقات على نافذة السيارة, كان يستند برأسه الى ظهر المقعد مرتديًّا نظارته الشمسية, كانت عينه قد غفت ريثما تعود سلمى, استيقظ من غفوته على صوت طرقات النافذة, نظر الى يساره ثم رفع النظارة فوق رأسه ليرى سلمى وهي تشير اليه بفتح الباب لها, ضغط على الزر التحكم الداخلى بقفل الأبواب, فتحت الباب وصعدت الى مقعدها, نظر اليها بحيرة وتساءل قائلا:
- معقولة!, لحقتي تخلصي؟..
زفرت سلمى بضيق وأجابت:
- لا طبعا, بس على حظي أنا طلع انهرده يوم العمليات بتاع الدكتور, وهو في المستشفى انهرده, يعني يبقى كتّر خير الدنيا لو عرفت ألمحه بس!..
كانت بالنسبة لشهاب المرة الأولى تقريبا التي يشاهد فيها سلمى وقد تخلّت عن برودها المعتاد وتتحدث بحنق طفولي نوعا ما, كتم ابتسامة داخله ووجد نفسه وهو الثائر دوما يحاول تهدئتها وطمأنتها انها ستستطيع مقابلة أستاذها كما خططت اليوم, قال شهاب بابتسامة صغيرة:
- ولا يهمك, يعني هو هيبات في المستشفى مثلا؟, ليكي عليّا يا ستِّي مش هترجعي كفر الخولي إلّا وانتي مقابلاه واللي أنت عاوزاه من سفرية انهرده دي اتحقق!
نظرت اليه بدهشة لم تستطع إخفاؤها وتحدثت بحيرة:
- شكلك متأكد أوي؟
أجاب بتلقائية:
- عادي, أنتي عاوزة تقابليه وهو أكيد في وقت معين هيخلص شغله ساعتها بقه دي فرصتنا تقابليه وتورّيه الرسالة بتاعتك..
انطلق شهاب الى المشفى بعد ذلك من جهة تجدد سلمى أجازتها ومن جهة أخرى تحاول مقابلة أستاذها....
صف شهاب السيارة وانطلقت سلمى الى الداخل فيما جلس هو يراقبها الى ان اختفت عن ناظريه, لترتسم ابتسامة شاردة فوق شفتيه لا يعلم سببها ولكن ما يعلمه جيّدا أن ابنة عمّه تخفي جانبا من شخصيتها, جانبا طفوليّا جذابا على وجه الدقة, ولا يدري لما استساغ عدم ظهور هذا الجانب منها, قد يكون لأنه علم كم أنه جانب بريء طفوليّ ينال إعجاب أيًّا كان, فأراد ألا يظهر لأي أحد سواه!!..
مرّ أكثر من ثلاث ساعات عندما حانت من شهاب القابع في سيارته نظرة الى باب المشفى ليفاجأ بسلمى خارجة وهي تبتسم ولكن تلك الابتسامة لم تكن موجهة إليه بل الى هذا الرجل الذي يرافقها!!..
ترجل شهاب من السيارة في نفس اللحظة التي وصلت فيها سلمى اليه برفقة زميلها والذي ما إن تمّعن شهاب النظر فيه جيّدا حتى علِم أنه كريم قريبهم ذاك, تبادلا التحية, صادقة من جهة كريم, وباردة كالجليد من طرف شهاب, قال كريم لسلمى بابتسامة:
- مافيهاش كلام هتيجي يعني هتيجي!..
ثم وجه حديثه الى شهاب قائلا:
- وطبعا الدعوة لحضرتك بردو, سلمى عارفة الطريق, أنا هسبقكم وهنستناكم اوعوا تتأخروا!..
ما ان غاب كريم عن الأنظار حتى التفت شهاب الى سلمى قاطبا بين حاجبيه متسائلا:
- دعوة ايه ونروح فين؟
أجابت سلمى ولا تزال البسمة تنير وجهها:
- أبدا, طنط وفاء صممت اننا نتغدى عندهم انهرده, وأنا وافقت..
أجاب شهاب :
- وإزاي حضرتك توافقي من غير ما تاخدي رأيي الأول؟, ايه تكونيش فكّرتي اني السواق الخصوصي بتاع حضرتك؟!..
كتمت سلمى تأففها وهي تهمس في نفسها:
- مهما عملت بردو بترجع تاني شهاب المدب!, انا افتكرت انى كنت واخده عنك فكرة غلط لما قعدت تطمني اني هقابل الدكتور زي ما انا عاوزة, أتاري دا اللي كان الاستثنا والقاعدة قلة الذوق!, دا انت حتى ما سألتنيش قابلته ولا لأ؟, ضيعت فرحتي بكلام الدكتور اني قربت أخلّص الرسالة!..
انتبهت من شرودها على صوت شهاب النزق وهو يهتف:
- هاي بكلمك أنا, روحتي فين؟
زفرت بعمق وأغمضت عينيها لتفتحهما بعد ذلك ناظرة اليه وقد رسمت ابتسامة بلهاء على وجهها لتجيب ببرود توصلت انه الطريقة المثلى للتعامل مع ناره المتّقدة دائما:
- ولا في أي حتة!, ما روحتش في حتة, عموما ولا تزعّل نفسك, أنا طبعا عارفة انك مش السواق اللي جابهولي بابا, وعلشان كدا أنا بقولك بمنتهى البساطة أنا معزومة على الغدا وقبلت الدعوة, انت مش عاوز براحتك ارجع انت وانا هتصرف, ما تقلقش من الموضوع دا!..
حاول شهاب تمالك نفسه واقترب منها ليقف أمامها تماما ومال ناحيتها حتى رأى انعكاس صورته في غابات الزيتون خاصتها وهمس من بين أسنانه المطبقة:
- سلمى لآخر مرة أقولك ما تفتحيش موضوع انك ترجعي لوحدك دا تاني, ودلوقتي اتفضلي اركبي, ويا ريت ما تختبريش صبري عليكي أكتر من كدا, أنا مطوّل بالي عليكي لغاية دلوقتي!!
تمتمت سلمى بصوت مسموع بينما تفتح الباب لتصعد:
- كدا ومطوّل بالك؟!, أومال لو مقصّر بقه؟..
أمسك شهاب الباب ما أن همّت بإغلاقه ومال عليها ليدخل رأسه ناحيتها وهو يقول بتقطيبة عميقة:
- نعم؟, انتي بتقولي حاجة؟..
نظرت اليه ببراءة مزيفة وأجابت:
- ولا حاجة أبدا, بقول اتفضل علشان ما نتأخرش!..
كاد أن يصفق باب السيارة بقوة ولكنه تراجع في اللحظة الأخيرة, فما ذنب سيارته في غضبه بسبب هذه الباردة العنيدة التي تقبع ببراءة وكأنها لم توقد نار غضبه منذ لحظات!..
وصلا حيث منزل عائلة كريم, ترجلا من السيارة, وتقدما ناحية مدخل البناية السكنية عندما اكتشف شهاب أنه قد نسيَ هاتفه المحمول في السيارة فطلب منها انتظاره وعاد سريعا لجلبه, لم يغب سوى ثوان معدودة ليعود فيجدها تقف مع كريم منشغلان بالحديث حتى أنهما لم ينتبها لعودته, كانت سلمى تضحك عاليا عندما حانت منها التفاتة ناحيته لتجده يقف على مسافة ليست ببعيدة منهما يعقد ساعديه ناظرا اليهما وعيناه تقذفان شرراً من نار, هدأت ضحكاتها بينما انتبه اليه كريم, ليقول:
- اهلا يا شهاب نورتنا, اتفضل..
انتظروا وصول المصعد وكانت سلمى تقف بجانب كريم بينما يقف شهاب الى الجانب الآخر من المصعد بمفرده, دخلوا الى المصعد ولا تزال سلمى وكريم والذي حاول إشراك شهاب في الحوار يتبادلان الأحاديث, ولم يكن نصيب كريم من حديث شهاب سوى بضعة كلمات متباعدة علم منها كريم أن شهاب قد لا يكون من النوع الأجتماعي فلم يحاول توجيه الحديث اليه مرة أخرى احتراما لما اعتقده من ان شهاب لا يميل للتحدث مع غرباء!
خرجوا من المصعد متجهين الى شقة عائلة كريم الذي تقدمهما, فما كان من شهاب إلّا أن قبض على يد سلمى بقوة جعلتها تشهق دهشة وألما, بينما تحدث شهاب بصوت منخفض يخفي غضبا ناريًّا:
- عارفة لو بعدتي عنِّي خطوة واحدة بعد كدا هعمل فيكي ايه؟, أنا مش السواق ولا البودي جاري بتاع جنابك انتي تمشي قودامي وأنا وراكي!..
لم تستطع الاجابة فقد قاطعها صوت كريم يدعوهما الى الدخول, ما ان دخلا حتى وجدت خالتها وفاء تحتويها بحب بين ذراعيها قابلته بالمثل, بعد السلام والتحية, جلس الجميع في انتظار عودة نبيل والد كريم والذي لم يتأخر, تبادلوا الأحاديث الخفيفة ورحّبوا بوجود شهاب بينهم بطريقة أخجلت شهاب بأن يتعامل معهم ببرود, فانبسطت أساريره نوعا ما خاصة مع نبيل ذلك الرجل الذي يقارب عمّه رؤوف كثيرا سواء في الأسلوب أو الطباع....
تركته سلمى مع نبيل وكريم ولحقت بوفاء في المطبخ لمساعدتها, وما إن تم تجهيز المائدة حتى دعت وفاء الجميع لتناول الطعام, قال كريم لسلمى أثناء جلوسهم الى المائدة البيضاوية الشكل المذهبة ذات الست مقاعد مذهبة أيضا:
- على فكرة ماما أول ما كلمتها وقلت لها انك هنا في مصر وأني شوفتك في المستشفى بالصدفة يا سلمى هانم كانت محتارة تعمل غدا ايه.. بس انا اللي قلت لها على الفكرة دي, انا عارف أد أيه انتي بتحبي السي فوود..
ابتسمت سلمى وقالت:
- ما تحاولش, علشان تبقى عارف أنا قلت لبابا أني هاجي أسلم عليكم, طنط وفاء وعمو نبيل وحشوني أوي بصراحة, يعني حتى لو ما كنتش شوفتك كنت هتلاقيني طبِّيت عليكم هنا, بس بصراحة.. فكرة ممتازة يا كريم, عشرة على عشرة, انا بموت في حاجة اسمها سمك, الأكلات البحرية عموما....
انشغل الجميع بالطعام وكان نبيل بين كل فينة وأخرى يدعو شهاب لتذوق أنواع الأطعمة المختلفة, مالت سلمى الجالسة الى يسار شهاب وهمست:
- ايه يا شهاب انت ما بتحبش السمك ولّا إيه؟
أجاب شهاب بنفي:
- لا لا لا طبعا بحبه..
استغربت سلمى وواصلت:
- أومال مش شايفاك بتاكل غير رز وسلطة بس؟, السمكة بتاعتك لسه زي ما هي ما لمستهاش, حتى الجمبري ما جيتش ناحيته؟!..
لم يعلم شهاب بما يجيبها, ولم يجد بدًّا من أن يقول في الأخير بنزق طفولي:
- مش بعرف أفصص السمك ارتحتي؟.
سكتت سلمى قليلا محاولة استيعاب ما نطقه لتجيب بينما لم ينتبه لهما الآخرون:
- نعم؟, ما بتعرفش تفصص السمك؟, أومال حضرتك مين اللي بيقوم بالمهمة دي؟.
نظر اليها بحنق لتجيب بنفسها على سؤالها:
- ماما؟!..
ثم تابعت بهمس مسموع له فقط:
- امممم, كويس, تمام, ما فيش مشكلة...
لتقوم بتبادل الأطباق في غفلة من المحيطين بهم, هتف شهاب وهو يسترق النظر الى الآخرين خوفا من أن يكون هناك من يراقب ما يجري بينهما:
- انتي بتعملي ايه؟؟
أجابت بعد أن أتمت مهمة تبديل الأطباق بنجاح:
- ولا حاجة أبدا, أنا نضفت سمكتي وفصصتها, والجمبري متقشر وجاهز أهو, اتفضل كول...
تمتم بكلمة بصوت غير مسموع علمت أنها أغلب الظن كلمة شكر!, حركت كتفيها وهي تزفر بحنق, حتى كلمة شكر واضحة لا يرغب بقولها, غريب أمر هذا الشهاب, ثم التفتت الى السمكة الموضوعة في الصحن أمامها لتقوم بنزع الشوْك منها وتقشير الجمبري....
همّت سلمى بتناول الطعام عندما انتبهت أنها لم تبدل ملعقة الطعام مع الصحن, نظرت الى شهاب لتخبره لتجده يتناول طعامه بلذة واضحة, فخجلت من أن تقول له أن هذه الملعقة والتي يبدو أنها قد التصقت بفمه هي ملعقتها هي, وبدلا من ذلك تناولت أخرى نظيفة من أمامها وشرعت في تناول الطعام, وهي لا تعلم أن شهاب كان يراقبها من طرف خفي وأنه شعر باليأس والإحباط عندما وجدها قد انتبهت لأمر الملاعق وتركت ملعقته متناولة أخرى نظيفة, بينما هو يعلم منذ البدء بأن الملعقة التي بيده هي ملعقتها هي والتي ما إن وضعها في فمه متناولا أول ملعقة طعام حتى شعر بلذة لم يختبرها قبلاً, لينكب على الطعام ملتهما إياه وبين كل لقمة وأخرى يترك الملعقة في فمه ما لا يقل عن دقيقة كاملة, كانت كافية لجعله يغيب في إحساس رائع, لا يعلم كنهه, ولا يعلم سببه, أو لعله يعلم السبب ولكنه يأبى الاعتراف.. بأن لذة الطعام تكمن في طعم الشفاه الكرزي العالق في الملعقة مكان شفتيها!!..
****************
- حضرتك بتقولي إيه يا ماما؟
هتفت سلافة غير مصدقة لما تخبرها به أمها, ألفت بابتسامة فابنتها قد غدت عروس يطلب رضاها القاصي والداني:
- بقولك غيث ابن عمك اتقدم لك...
هتفت سلافة بعدم تصديق وذهول حائر:
- معقولة؟, غيث!!..
ثم سكتت قليلا مقطبة وما لبثت أن تمتمت بينها وبين نفسها في دهشة بالغة لِما توصّل اليه عقلها:
- لالا دا مجنون فهمي نظمي رسمي أكيد, يعني لما شافني شاورت لكريم اتخانق معايا ولما شافني بتكلم مع منير عاوز يتجوزني, أومال لو شافني بقه وأنا بضحك مع عمرو هيعمل ايه... ياخد بالتار ولا يضربه بالنار؟!..
قالت ألفت بتقطيبة خفيفة وابتسامة متسائلة:
- بتقولي حاجة يا سلافة؟
أجابت سلافة محاولة رسم ابتسامة على شفتيها:
- ها؟, لا ما فيش يا ماما, طيب هو ما قالش ليه؟
قطبت أمها معلقة:
- ليه إيه؟
سلافة بتلقائية:
- ليه عاوز يتجوزني؟
ألفت بضحكة قصيرة:
- معقول يا سلافة واحد عاوز يتجوز بنتنا هنسأله ليه؟, أكيد يعني زي أي عريس ما بيتقدم, هو كل اللي قاله لجدك أنه عاوز يتقدم لك, لا هو قال ليه ولا احنا طبعا سألنا!..
أجابت سلافة بابتسامة واسعة:
- تمام, وهو طبعا عاوز الرد؟
أومأت أمها في انتظار سماع رأي ابنتها وإن كان داخلها متخوّف منها, فهي تعلمها جيدا وتعلم أنها لن توافق بهذه السهولة التي يتخيلها والدها أو الجد كما ألمح لها رؤوف عندما أخبرها بالأمر وأن تفاتح سلافة بشأن رغبة ابن عمها في الاقتران بها وأخبرها أيضا بأن الجد مرحّب للغاية بهذه الزيجة, قالت سلافة ببراءة:
- معلهش يا ماما, يا ريت بابا يعتذر له ويقوله لأ!..
ألفت بحيرة:
- طيب يا بنتي لأ على طول كدا؟, مش تفكري كويّس الأول؟, وبعدين لأ ليه؟, ايه سبب الرفض؟
حركت سلافة كتفيها ببرود وقالت:
- وهو كان قال عاوز يتجاوزني ليه لما أنا أقول رافضة ليه؟, هو ما قالش ليه وأنا كمان من غير ليه!!..
-----------------------------------------------------
هبّ غيث واقفا وهو يهتف بحنق:
- انت بتجول ايه يا جدّي؟
أجاب الجد محاولا كتم ابتسامته وفي داخله اعجاب بتلك الشيطانة الصغيرة التي ستنجح لا محالة في نزع قشرة البرود التي يغلف بها غيث عواطفه:
- أنا بجولك اللي جالته لامها, جالت هو ما جالش رايد يتزوجني ليه, وأني كمان بجوله لاه ومن غير ليه!..
لمعت عينا غيث ببريق التحد وسارع بالانصراف وهو يقول لجده:
- عن اذنك يا جدي...
كانت تقف أمام حوض الورود الذي نال اعجابها منذ قدومها الى البلدة, كان الجو ليلا وقد أضاء القمر سماء الليل البهيم, وكانت هناك نسمة هواء عليل تحمل رائحة الزرع بين طياتها, عدلت سلافة من وضع الوشاح الخفيف التي تضعه فوق كتفيها, بينما هربت بضع خصلات من شعرها المربوط على هيئة ذيل الفرس, لتحيط بوجهها فتكسبها جمالا فاتنا خاصة مع لمعة عينيها البراقتين, سمعت صوتا من وراءها يقول بنبرة خشنة جعلتها تقفز هلعا فهي لم تشعر بأي خطوات قادمة وكانت تظن أنها بمفردها:
- أجدر أعرف أنت رافضة ليه؟
شهقت سلافة واستدارت الى مصدر الصوت والذي ما إن رأته حتى تنفست الصعداء وهتفت وهي تغمض عينيها براحة:
- غيث!, خضتني...
اقترب منها حتى أصبح في دائرة الضوء الذي يرسله القمر في هذه الليلة المقمرة وقال:
- سلامتك من الخضّة يا بت عمي, بس ما جاوبتنيش على سؤالي.. انتي رفضتي ليه؟
تقدمت منه بضعة خطوات لتقف أمامه تماما وترفع رأسها تنظر في عينيه بقوة ليتيه في سرمدي عينيها وتقول:
- لما تقولي انت الأول ليه عاوز تتجوزني أقولك أنا!
قطب غيث مجيبا بحنق:
- كيف دِه؟, يعني ايه عاوز أتجوزك ليه؟, عاوز أتزوج زي أي واحد مش عَجَبَهْ يعني!.
ابتسمت بخفة وقالت وهي تحرك رأسها يمنيا ويسارا:
- لا يا غيث, أنا ما بقولش عاوز تتجوز ليه, أنا بقول عاوز تتجوزني أنا ليه, وأظن تفرق؟
حاول الهروب من عينيها بعيدا وهو يجيب بتلكؤ بسيط:
- هيكون ليه يعني؟, انتي بت عمي واني وصلت لسن لازمن أتزوج وأعمل عيلة, يبجى ليه ما يكونش انتي؟
نظرت اليه ببرود مجيبة بابتسامة خفيفة:
- مش جواب لسؤالي, أبسط حاجة ولو هنتكلم بالعقل سلمى أختي تناسبك أكتر مني, أولا من ناحية السن هي الكبيرة, يعني سنها مناسب عني, الفرق بينكم تقريبا 4 سنين لكن انا 8, وبعدين هي كمان بنت عمك, يعني رجعنا تاني لنفس السؤال.. ليه؟, أنا ليه؟.
اغتاظ غيث وهتف مشيحا بيده عاليا:
- أني مش فاهم انت بتلفي وتدوري على ايه؟, عريس وجالك ومش أي عريس دِه يُبجى ولد عمك, مش رايداه ليه؟
سلافة بنظرات جديّة غريبة عنها:
- انت اللي بتلف وتدور يا غيث, لكن أنا هجاوب على السؤال اللي انت بتتهرب منه, انا اتكلمت قودامك عن كريم انت اتغاظت وانت شايف طريقتي معاه, وبعد كدا منير اللي كان زميلي من ايام الجامعه, قلت في عقل بالك أتجوزها وأطبعها بطبعنا وعوايدنا, لأنك عارف ومتأكد اني مش هسمح لك تتدخل في طرقة التعامل بتاعتي مع أي حد, صح؟؟
هز غيث برأسه يمينا ويسارا وهو يقول بجدية:
- لاه, غلط, مش دِه السبب, أني كان ممكن أجول لعمي انه يعرّفك عوادينا وطبعنا اهنه, أو أضعف الإيمان أجول لجدي انك ما ينفعش تشتغلي معايا في الديوان, فيه 100 طريجة غير اني اتزوجك..
قطبت وتمتمت بينها وبين نفسها:
- ما هو مش معقول يعني يكون الحب ولّع في الدرّة يا بن عمي علشان كدا عاوز تتجوزني؟!..
غيث بتساؤل:
- انتي بتجولي ايه؟
سلافة وقد انتبهت من شرودها:
- ها؟, لا ما فيش حاجة, بقول انت لسه ما قولتش سبب واحد مقنع, البلد مليانه بنات, وعيلة الخولي مليانه عرايس, أقربهم هند بنت خالتك!, يبقى ايش معنى أنا اللي عاوزها تنول الشرف السامي دا؟
زفر غيث بحنق ومال عليها لتضربها أنفاسه الساخنة بينما يشتم رائحة عبيرها الخاص وتمتم بين شفتيه:
- مش لازم لها تريجة احياة أبوكي, انتي مش كيفك كيف أي بت عاوزة تتجوز, واني ولد عمك, وجحا أولى بلحم توره!
شهقت سلافة عاليا بغيظ وأجابت بحنق وحدة:
- نعم؟, تور!, تور ايه يا عم الجزار إنت؟, ايه تور دا؟, فيه حد في الدنيا يقول للبنت اللي عاوز يخطبها تور؟..
وضعت يديها فوق رأسها وأغمضت عينيها وهي تهتف بأسى زائف:
- يا للهول!, على آخر الزمن يا سولي عريس بيقولك انتي تور؟
ثم فتحت عينيها ونظرت اليه وهي تشيح بيدها اليمنى يمينا ويسارا متابعة:
- لالا دا كتير يا غيث, أبسليوتلي فعلا, مش ممكن, شوف أنا ممكن أديك دورة تدريبية ازاي تتقدم لبنات الناس ودي مجانا علشان غلاوة عمي عثمان وجدي عبد الحميد وعلشان أملهم فيك ما يخيبش, ما هو أصل ما فيش واحده هتوافق على عريس بيقولها تور ولحم ومعرفش ايه؟, ناقص يقول كبدة وفشة وممبار, سارحين على عربية كبدة احنا في السيدة!!..
لم يستطع صدقا لم يقدر كبح جماح ضحكته العالية والتي انطلقت لتلجم لسان سلافة وتجعلها ولأول مرة تنتبه لوسامته الخشنة, وجاذبيته القوية, نعم.. ابن عمها يملك جاذبية ساحقة وجمال رجولي واضح, ولكنها تلك التقطيبة والواجهة الباردة التي يقابل بها الجميع من يجعل من يقف أمامه لا يتمعن في النظر اليه, لقد صغر ما يزيد عن عشر سنوات عندما أطلق هذه الضحكة فانبسطت أساريره وشعرت بنفسها تقف أمامه محدقة به كالبلهاء وكأنها أمام واحد من المشاهير, انتبهت لنفسها ولتحديقها فيه, فحاولت نزع عينيها بعيدا عنه بينما طغى تعبير رقيق على نظرات عينيه وهو يلاحظ تدقيقها في النظر اليه, مما جعل دقات قلبها تتسارع رغما عنها, حاولت الهروب من نظراته المسلطة عليه وقالت وهي تحاول الابتعاد:
- عموما انا قلت ردّي, وانت ما جاوبتش على سؤالي, وانا معنديش كلام تاني أقوله!
ما ان همّت بالابتعاد حتى مد يده قابضا على ذراعها برفق وهو يهتف بصوت أجش:
- استني, أني هجولك ليه؟
اعتدلت في وقفتها أمامه, وما إن هم بالمتابعة حتى تعالى صياح الغفير راجح مناديا له, قطب بحنق ونظر الى الغفير الذي وصل اليه وهو يكاد يلتقط أنفاسه بصعوبة, هتف به غيث بغيظ بينما لا تستطيع سلافة تفسير شعورها الآن فهي من جهة شعرت بالراحة لمقاطعة الغفير لهما وهي لأول مرة تجد نفسها في موقف كهذا, ومن جهة أخرى كانت تتمنى سماع اجابته على سؤالها.. لما هي؟, سمعت غيث وهو يصيح بالغفير مغتاظا فكتمت ضحكتها لعلمها بسبب حدته:
- فيه ايه يا بجم؟, صوتك عالي اكده ليه؟
الغفير وقد بدأت أنفاسه ترتاح:
- فيه حاجة حوصلت ولازمن أجول لجنابك عليها...
انتظر غيث سماعه ولكنه لم يتكلم فنهره قائلا:
- ما تجول يا تور ايه اللي حوصل؟
تمتمت سلافة:
- بردو تور؟, واضح كدا ان تيران مزرعتكم كتير اوي..
لم ينتبه غيث اليها وهو ينتظر سماع الغفير الذي كان مترددا في الاجابة لوجودها ولكنه لم يجد بدًّا من الحديث وإبلاغ سيده بما يحمله من أنباء:
- ليث بيه لجا جاتل سي راضي!..
هتف غيث وعيناه تبرقان بوحشية:
- بتجول ايه؟, عرف مين اللي طخّه؟,,
أومأ راجح بالايجاب فقال غيث وهو يهم بالانصراف سريعا:
- تعالى معايْ بسرعة...
صوت رقيق أوقفه ليلتفت الى صاحبة الصوت التي وقفت أمامه تطالعه بقلق وهي تقول:
- رايح فين يا غيث؟, طالما عرفتوه يبقى بلغ البوليس, بلاش تروح انت...
غيث بابتسامة صغيرة:
- اطلعي دارك انتي دلوك يا بت عمي, تار الخولي ما ياخدوش غير ولادها, القانون اللي في البلد اهنه هو قانوننا احنا, عموما ما تجلجيش, هنعاود بسرعة....
سارع بالانصراف لتهتف منادية له, التفت اليها لتهمس له وعيناها تلمعان:
- خلي بالك من نفسك يا غيث...
أبتسم وأومأ بالإيجاب قبل أن ينصرف سريعا وفي أعقابه غفيره, وما هي الا لحظات حتى رأته يمتطي فرسه الأسود الضخم, وقد خلع عباءته ليعطي صورة متناقضة بين لون الجواد الأسود وبين ثوبه الناصع البياض, رفعت يدها تلوّح له من بعيد بينما لم ينتبه لها فيما تدعو له بالسلامة, رافضة أن تفسر شعورها بالخوف والقلق ناحيته سوى بأنه أمر طبيعي فلو كان شخص غريب كانت أيضا سيصيبها ذات القلق تجاهه فكيف به وهو إبن عمّها؟!!..
************************
انتهت زيارة سلمى وشهاب لعائلة كريم, وبدآ في رحلة العودة, كانت الشمس قد غربت, تبادلا بعض الأحاديث الخفيفة مبتعدين عن مناوشتهما المألوفة, وكان شهاب قد مدح في والديْ كريم, لا يعلم أي هاجس ألح عليه لمعرفة طبيعة العلاقة بينها وبين كريم, رسم ابتسامة صغيرة على وجهه وقال بلامبالاة زائفة:
- انما يعني أنا شايف ان كريم دكتور وشاطر ومن عيلة كويسة, باباه راجل محترم ومامته كمان, وانتو تعرفوهم من زمان, ايه اللي مخلاهوش مثلا يفكر يتقدم لواحده منكم انتي او سلافة مثلا؟
أخفت سلمى ابتسامة ساخرة وساعدها الظلام في ذلك, بينما أجابت مصطنعة الاهتمام:
- يعني انت شايفه انه عريس مناسب؟
قطب شهاب ولا يعلم لما شعر بالانقباض لسؤالها ولكنه تصنع اللامبالاة وأجاب:
- آه طبعا, من اللي باين قودامي أنه عريس كويس ومناسب جدا كمان, علشان كدا مستغرب انه ما اتقدمش لواحده فيكم؟
سلمى بابتسامة مكر لم يرها للظلام السائد بداخل السيارة:
- وانت عرفت منين انه ما اتقدمش لواحده فينا؟
حانت منه لفتة سريعة اليها حتى أن مقود السيارة كاد ينزلق من بين يديه ولكنه استعاد سيطرته على السيارة سريعا حامدا الله أنه لم يكن هناك أي سيارة بجانبهما بعد أن خرجا الى الطريق السريع, أجاب شهاب ببرود:
- معلهش, حصل خير, قولتيلي بقه اتقدم لمين فيكم؟
سلمى ببرود:
- شهاب ممكن تبص قودامك وتاخد بالك من الطريق كويس؟, أنا مش هكلمك لغاية ما نوصل, انا عاوزة أوصل حتة واحدة!
سكت شهاب على مضض, بعد أن حدجها بنظرة نارية...
أكملا الرحلة في صمت تام حتى وقفا لإعادة ملأ خزان الوقود, وكانا قد قاربا على الوصول, خرق شهاب الصمت السائد بسؤالها عما إذا كانت ترغب بشيء من السوبر ماركت الموجود داخل المحطة, نفت بهزة من رأسها, ليستأنفا السير بعد ذلك وبعض الأحاديث الخفيفة عندما نسيت سلمى قرارها بعدم توجيه أي سؤال له وقالت:
- صحيح فيه حاجة محيراني فيك انت وأخوك؟
ألقى أليها بنظرة مستفسرة قبل أن يعيد انتباهه الى الطريق وأجاب:
- ايه هي؟
سلمى باهتمام:
- انتو توأم, مش متشابه في الشكل صحيح, بس بردو بينكم فروقات كتير, أبسط حاجة طريقة اللبس والكلام؟
ابتسم شهاب وأجاب ونظره مثبت على الطريق أمامه والذي بدأ يمر ببعض القرى الصغيرة:
- ولا غريبة ولا حاجة, أنا بعد ثانوية عامة صممت أدخل الجامعة في مصر, دخلت زراعة القاهرة, وقعدت مع صحابي في شقة, وبعد ما خلصت ورجعت البلد أمسك المزرعة كل خروجاتي تقريبا هنا في مصر في آخر الاسبوع, انما غيث حياته كلها في البلد دخل تجارة أسيوط, ومن ساعة ما اتخرج لغاية دلوقتي ما اخدش اجازة يوم واحد, حتى لما كان بينزل مصر علشان يخلص مصالح وبس, دا غير ان غيث بيحب أي حاجة متعلقة بالبلد من لبس لكلام للهجة, وبيرفض يغيّر أي حاجة فيه, وعلى فكرة اوعى تفتكري انى مش بتكلم صعيدي, لا بتكلم بس في مواقف معينة!...
سكت شهاب قليلا ثم قال وقد شجعته بسؤالها عنه وعن غيث:
- انما إنت وسلافة أختك مع ان الفرق بينكم اربع سنين تقريبا لكن قريبين من بعض اوي, زي ما تكونوا توأم...
ابتسمت بحنان لدى ذكره لشقيقتها الصغرى المرحة دائما سلافة وقالت:
- انا وسلافة مش بس أخوات لا وأصحاب كمان, يمكن اللي قرب بيننا اكتر كمان الغربة, اصحابنا كانوا قليلين في المدرسة وبابا كان مانع اننا نزور حد في بيته هما ييجوا أهلا وسهلا احنا نروح لأ, وطبعا اللي هييجي مرة مش هيكررها لغاية ما تترد له الزيارة, فبقيت انا وسلافة أصحاب أكتر مننا أخوات كمان, وطبعا كانت معانا سهى..
شعر بالغبطة لوجود منفذ يستطيع منه أن يعود الى نفس السؤال عن طبيعة العلاقة بينها وبين كريم فقال:
- أخت كريم مش كدا؟
أجابت:
- تمام..
انتهز الفرصة وسأل بلا مبالاة زائفة بينما كانت كل حواسه مترقبة لأجابتها:
- واضح جدا ان عيلتكم كانت قريبة جدا لعيلة كريم, انا فعلا مندهش ازاي ما خطبش واحده فيكم؟
أجابت وقد قررت منحه الجواب الذي يريد:
- وأنا هقولك زي ما سبق وقلت لك مين اللي قالك انه ما خطبش؟..
ألقى أليها بنظرة مستفسرة لتتابع مصطنعة الاهتمام:
- بس بجد يا شهاب أنا عاوزة أعرف يعني انت شايف كريم شاب ما يترفضش صح؟, واضح من كلامك انه عجبك أوي..
شهاب بلا مبالاة زائفة:
- يعني...
أجابت سلمى بجدية مصطنعة:
- تصدق.. رأيك دا هيخليني فعلا أفكر جديّا إني أوافق!
هتف شهاب وهو يلتفت اليها بذهول:
- نعم؟, توافقي على ايه؟
سلمى بلا مبالاة:
- على طلب كريم!, كريم فاتحني انهرده في الجواز!
شاهدت سلمى شيئا يتحرك أمام السيارة مقتربا منها بسرعة مما جعلها تشهق صائحة:
- شهاب خلي بالك!
ولكن يفقد شهاب السيطرة على مقود السيارة, ليفاجأ بذات الشيء الأسود وهو يمرق سريعا من أمامهما فضغط على المكابح بقوة لتدور السيارة حول نفسها عدة مرات, ثم ترتطم بمرتفع رملي ويقف محركها عن العمل تماما!!..
فك شهاب حزام الأمان, ثم مال على سلمى وهو يتحسس وجهها باضطراب واضح متسائلا بقلق فلم يسمع لها أي صوت:
- سلمى, سلمى أنتي كويسة؟!, سلـ....
ليفاجئ بقبضة ضعيفة تهوى على كتفه وسلمى تجيب بصوت حانق غاضب:
- آخر مرة أركب معاك في عربية واحدة, واضح جدا انك نادرها اني مرجعش سليمة أبدا...
ثم دفعت يده بعيدا عنها, وكان لا يزال ملمس نعومة شعرها بين يديه, كتم شهاب احساسه بالراحة لعدم اصابة سلمى بأي سوء وأجاب وهو يترجل من السيارة:
- يا ريت, لأنه واضح كمان ان وشّك عليّا مش ولا بُد, أنا عمري ما عملت حادثة في حياتي وانهرده كم حادثة كانت هتحصل؟, وآخرها دي!...
نظرت اليه ببرود, بينما تناول مصباحا يدويا وفتح مقدمة السيارة, وتطلع الى المحرك قليلا ليغلقها بعد ذلك, ثم يصعد ثانية الى مقعد السائق ويدير المحرك ليصدر صوتا عاليا ولكن ترفض عجلات السايرة الكبيرة التحرك, شتم من بين أسنانه وقال:
- العجل غرز, مش هينفع نمشي, لازم حد يشد العربية!
قالت سلمى بسخرية:
- عربيتك دي لو ما كانتش جيب 4 باي 4 محترمة كان زمانها مقلوبة فوقها تحتها في الرمل مش غارزة في الرمل!!
زفر بحنق وقال:
- تسمحي تسكتي خالص, انتي السبب, اسلوبك مستفز وبارد لازم طبعا كنا نلبس في حاجة, والحمد لله انها جات في الرمل, مش شجرة ولا حيطة!
أجابت سلمى بحدة:
- يعني أنا السبب؟, وبعدين اسلوب ايه واستفزاز ايه, لا وانت الصادق دا علشان مناخيرك الطويلة اللي انت حاشرها في حاجات مالكش فيها!, مالك انت كريم يتقدم ولا يتأخر حتى؟!
تطلع اليها دهشة وهو يتلمس أنفه مردداً بذهول:
- مناخيري طويلة!
وما لبث أن تابع بصرخة غضب ناري:
- شوفي بقه أنا ساكت لك من الصبح, انما كلمة زيادة مش هسمح لك, حطي لسانك جوة بؤك وما تنطقيش بكلمة واحده بس, مفهوم!
لأول مرة تشعر سلمى بالرهبة منه, تكفي لمعة عيناه الشرسة, فآثرت الصمت وهي تدعو الله أن ينقذها من هذا الكائن المجنون المسمى ابن عمها وأقسمت بينها وبين نفسها أنها ستبتعد تماما عن طريقه ما إن تنزاح هذه الغمّة, ولكنها لم تعلم أن خطواتها وخطواته سيسيران معا في طريق واحد وقريبا... قريبا جدا, أقرب مما تتصور!!
- يتبع -



مملكة الغيوم 13-10-16 07:26 PM

رد: كبـير العيلة
 
معلش منمن لى رد لما النت يسبت لانى كتبت رد وما وصلش بسبب النت الزوفت ده مووووووووووووواه

مملكة الغيوم 15-10-16 02:12 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
اسعد الله صباحك منمن بارت يكشف عن الكثير من خبايا القلوب التى لم تعترف اصحابها بعد بلوعة اسمه ايه ده اللى مدوخ الناس وراه المهم سولى قربت تطلع صاحب المسمط [ غيث] من بروده وبئ يقهقه الاول كانت بتئول مفيش قطه حتبص لك دلوئت يائست من اصلاح بعد جحا وتوره مسكت دماغها وحتفتح له مدرسه لتعليم الرومانتك بس بردو قلبها ابتدى يغمز معزوره الولد وسيم وطول بعرض بشبات لازم يدغدغ مشاعرها لا وفارس كمان وحتحبه بردو من غير ليه
سلمى خلت شهاب بيلف حولين نفسه هههههههههههه وهو ماسك منخيره شبه بينوكيو وبيقيس هى طولت ئدايه وخلاته لبس فى تلة الرمل وقريب حيلبس فى حيطه من برودها يا اما حيسلخ كريم قبل الدبح على اعتباره كبش الفدا والاخ غيث رايح يساهم بنصيب فى سلخ فروة راءس ابو الليل ربنا يوفئ الجميع
فى انتظار القادم منمن وسلمت يدا خطت هذا الابداع موووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 15-10-16 05:38 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3663251)
السلام عليكم ورحمة الله
اسعد الله صباحك منمن بارت يكشف عن الكثير من خبايا القلوب التى لم تعترف اصحابها بعد بلوعة اسمه ايه ده اللى مدوخ الناس وراه المهم سولى قربت تطلع صاحب المسمط [ غيث] من بروده وبئ يقهقه الاول كانت بتئول مفيش قطه حتبص لك دلوئت يائست من اصلاح بعد جحا وتوره مسكت دماغها وحتفتح له مدرسه لتعليم الرومانتك بس بردو قلبها ابتدى يغمز معزوره الولد وسيم وطول بعرض بشبات لازم يدغدغ مشاعرها لا وفارس كمان وحتحبه بردو من غير ليه
سلمى خلت شهاب بيلف حولين نفسه هههههههههههه وهو ماسك منخيره شبه بينوكيو وبيقيس هى طولت ئدايه وخلاته لبس فى تلة الرمل وقريب حيلبس فى حيطه من برودها يا اما حيسلخ كريم قبل الدبح على اعتباره كبش الفدا والاخ غيث رايح يساهم بنصيب فى سلخ فروة راءس ابو الليل ربنا يوفئ الجميع
فى انتظار القادم منمن وسلمت يدا خطت هذا الابداع موووووووووووووووووووووواه

حبيبتي ملكة قلبي أنتي يا قمر، تسلميلي على ردك، عجبني شهاب بيلبس في حيطة هههههههه هو من جهة هيلبس فهيلبس في حيطان مش حيطة واحدة، الباتر الجديد بنزله الآن في انتظارك يا قمر تسلميلي امووووووواه..

منى لطفي 15-10-16 05:41 PM

رد: كبـير العيلة
 

كبير العيلة.. الحلقة العاشرة
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
وصل غيث بصحبة غفيره راجح الى مخزن قابع على مشارف البلدة, كان المكان محاط برجال ليث, ابتعد الحارسان الواقفان أمام الباب جانبا ليدلف غيث الى الداخل, كان الظلام يسود المكان الذي يضيئه مصباح قديم موضوع على الحائط في آخر المخزن, تقدم غيث من مصدر الضوء ليشاهد رجلا قابع فوق كرسي خشبي, مقيّد اليدين والقدمين, اتجه ناحيته ليبصر ليث ابن عمه وهو يقف على رأسه وبجواره غفيره صابر الذي انتبه لدخول غيث برفقة غفيره راجح, قال صابر بصوت خشن:
- غيث بيه..
التفت ليث ليرى ابن عمه وهو يقف بجانبه, ثم أعاد نظره ثانية الى ذلك الملقى فوق الكرسي الخشبي المتهالك, مغمى عليه, لم يستطع رؤية معالم وجهه جيدا, أشار ليث لصابر بعينيه, فانصرف صابر ليعود بعد أقل من دقيقة حاملا دلوا مملوءا بالماء, أشار له ليث فقذف بمحتواه فوق رأس ذاك الجالس دفعة واحدة ليشهق عاليا وهو يصحو من غيبوبته تلك, رفع رأسه ونظر حوله وهو يهتف برعب:
- فين؟, أني فين؟, ايه اللي جابني إهنه؟
تحدث ليث ببرود وهو يبتسم بتشف بينما يدور حوله:
- عملك الاسود اللي جابك اهنه..
نظر اليه غيث ليجد رجلا قد تخطى الاربعون عاما بوجه كالح وشارب ضخم يحتل معظم وجهه, بينما عيناه جاحظتان بشكل مخيف, وعندما تحدث لمح أسنانه الصفراء فيما هناك سن ذهبي يتوسطهم, كانت ثيابه عادية جلباب بني اللون وعمامة صوفية تلتف فوق رأسه بينما تهدلت أطرافها, جذبه ليث من مقدمة جلبابه وهو يزأر في وجهه مائلا عليه ينظر في عينيه بقوة:
- فاكر الراجل اللي جتلته من شهر تجريبا حدا اول البلد؟, راضي الخولي؟!..
سكت الرجل قليلا ثم تحدث برعب:
- إيـ..أيوة افتكرته, مالُه دِه؟
ليث وهو يشده بقوة تجاهه:
- أني أبجى خوه, وهو يبجى راضي الخولي, ولد عيلة الخولي, تسمع عنّيها؟
الرجل بالتياع:
- باه!, يا وجعة مجندلة!, ايوة طبعا أسمع..., ومين ميعرفشي عيلة الخولي وكفر الخولي كلاته؟
ليث بغضب ناري:
- جِه الوجت اللي تدفع فيه حساب كل اللي إعملته..
صرخ الرجل بفزع وهو يرى ليث ينتصب واقفا ليأتي آخر يشبهه في البنية والهيبة يقف بجواره, ثم يرفع ليث قبضته لتهوى على فكه بقوة جعلته يطلق صراخا كخوار الثور, لتسقط إحدى أسنانه الأمامية وتنزف لثته, قال ليث بعنف وهو يشير الى صابر:
- أني مش هموّتك وانت مربط اكده كيف الدبيحة.. لاه!, فكّه يا صابر..
قال غيث بتقطيبة:
- ليث يا ولد عمي كيف دِه؟, نجتله ونخلص عليه ونخلص الناس من شره وناخدوا بتارنا..
ليث وهو لا يحيد بعينيه عن ذلك المجرم عسران:
- لاه يا غيث, لازمن يدفع تمن كل فعايله, الموت بالنسبة له راحه وأني مش هنولهاله بسهولة..
فك صابر وثاق عسران الذي دلك معصميه ليهدأ من ألمهما, رفع عسران عيناه لليث وقال بضراعة:
- هدّيك كل الحلال اللي عندي بس اعتجني ابوس يدك...
نزع ليث عمامة عسران المحلولة جانبا ثم أمسك بمقدمة رأسه الأمامية جاذبا لها إلى الوراء بعنف وقال بفحيح غضب قاتل:
- حلالك؟, هو حلالك يا ولد الحرام؟, من ميته السرجة والجتل بتجيب مال حلال, جولي يا ابن الـ..... مين الناس اللي انت أذيتهم, تعرفهم ولا لاه؟
أشار برأسه نافيا وهتف:
- لاه, اني جاطع طريج, بطلع ع الناس سوى اعرفهم ولا معرفهومش, أخد اللي اخده وخلاص!
جذب ليث بشعره حتى تقطعت خصلات منه بين يديه جعلت عسران يطل صيحة ألم عالية وقال ليث بحزم وعينيه تبرقان ببريق مخيف يبعث الرجفة في الأوصال:
- يبجى تكفر عن اللي اعملته..
نظر اليه عسران برعب محدقا فيه بخوف شديد وهو يتساءل بتلعثم واضح:
- كيـ... كيف يعني؟, ما فاهمش!
ليث بابتسامة سخرية صغيرة:
- أني هفهمك...
ثم خلع عباءته الكشميرية الثمينة ملقي بها الى غفيره الذي تلقاها, قطب غيث ورفع يده آمرا الرجال المحيطين بهم بالابتعاد, فهو يعلم غرض ابن عمه, هو يريد قتله بيديه العاريتين..
ابتعد الرجال مشكلين دائرة كبيرة يتوسطها ليث وعسران بينما يقف غيث ليس ببعيد عن ابن عمه تحسبا للظروف, كان ليث يدور حول عسران كمالليث يدور حول فريسته بينما شعر ذلك المجرم بالدوار من شدة الرعب ومراقبته لليث تحسّبا لتصرف مباغت منه..
قبض ليث يديه رافعا لهما أمامه وزأر قائلا:
- دافع عن نفسك لو انك راجل صوح, مش متحامي بشوية عصبجية خلِّصنا عليهم كيف الحشرات, تمام كيف ما هخلص عليك بيديْ كيف البرغوت اللي بيمص دم الناس لكن فعصة اصغيرة تجضي عليه...
زمجر عسران وقد حسبها سريعا, هو في كل الأحوال ميت إذن فليمت بعد أن يقتل ذلك الليث الثائر أولا, هو عسران من ترجف له الأبدان هلعا عند ذكر اسمه, صاح صيحة غضب وهجم هاتفا:
- موتة بموتة يبجى على جولتك أموت راجل أهون...
ورمى بنفسه فوق ليث, لم يكن عسران بالضئيل البنية بل كان ثقيلا وان لم يكن سمين, لكم ليث بقبضته ليتلقى ليث اللكمة على ذراعه ويعاجله بلكمة في معدته بقوة جعلته يقذف دما من فمه, مسح فمه بكم جلبابه ثم عاد لينقض من جديد على ليث راكلا له بقوة فيحاول ليث تفاديها لتتسبب في تعثّره ووقوعه فيقفز فوقه عسران محيطا عنقه بيديه, حاول رجال ليث التدخل فمنعهم غيث رافعا يده عاليا بينما يراقب الموقف بعيون كما الصقر, قد يبدو أن عسران ذاك المسيطر حاليا ولكنه يعلم ابن عمه تماما ويعلم أنه في حالته الطبيعية يستطيع صرع عسران ذلك وبسهولة فكيف بالآن والغضب قد منحه قوة مضاعفة ليس لصرع ذاك القاتل بل وتهشيم عظامه لتصبح فتاتاً!..
التحم ليث وعسران وأخذا يدوران فوق الارض الترابية فمرة يكون عسران فوق ليث وأخرى يكون ليث من يرقد فوق عسران, لتأتي الأخيرة فيكون عسران هو المشرف على ليث ويحيط عنق الأخير بكفيه الغليظين ويضغط محاولا خنقه, انحبس الهواء عن ليث, قطب غيث بقلق وما إن هم بالتدخل حتى ركل ليث عسران بقوة بين ساقيه ليصرخ الأخير كالبهيمة المذبوحة ويرتمي جانبا, يسعل ليث بقوة, ثم ما لبث أن قفز واقفا, أمسك بمقدمة ثوب عسران وأوقفه أمامه بينما الأخير لم يستطع الوقوف بصلابة فلا يزال الألم قويًّا, كال له ليث اللكمات تباعا وهو يصرخ به, حتى شارف عسران على السقوط مغشيا عليه, عندما رماه ليث جانبا وهو يصرخ عاليا متوعدا له أن يصحو ليجهز عليه, وفجأة لا أحد يعلم كيف ذلك, ولكن استطاع ذلك المجرم أن يستل سكينا كان مخبئا أسفل سرواله الذي يرتديه أسفل جلبابه, أمسك بالسكين ونظر الى ليث وهو يشير به بينما يدعوه للاقتراب منه بيده الاخرى وهو يقول بابتسامة صفراء:
- تعالى يا ليث بيه, ما تاجي, خُفت ليه؟, ايه خايف السلاح يطول؟, هيطول ما تخافش, أني ميت ميت بس مش هموت جبل ما اخدك امعايا أجلُّه تروح تطمن على أخوك.. راضي!
وكأنه بذكره اسم راضي قد بعث بقوة غريبة في أطراف ليث الذي زأر عاليا لينقض على عسران في نفس اللحظة الذي أشاح بها عسران بالسكين لتشرط ثوب ليث فتصيب صدره بشق طولي ولكنه سطحي, لم يجد غيث بدّا من التدخل, خلع عمامته ولفّها كحبل, لم ينتبه اليه عسران فقد كان كل تركيزه منصبا على ليث الذي لم تضعفه الإصابة, صرخ عسران وهمّ بالتهجم على ليث عندما سمع صوت صيحة غاضبة من خلفه ولم يُتح له الوقت للالتفات حيث رمى غيث بعمامته التي أصبحت أشبه بحبل ملفوف يمسك بطرفيها, فرمى بها ليحيط بها عنقه جاذباً له بقوة فجحظت عيناه بينما ارتخت يده القابضة على السكين لترتمي أسفل قدميه فأسرع ليث بركلها بعيدا, ثم انقض على عسران الذي إزرق لونه بينما خرج لسانه يلهث كالكلب بحثا عن الهواء, لكمه لكمات متتالية عديدة وشد غيث الرباط حول عنقه من الناحية الأخرى, أمسك ليث برأسه جيدا بين يديه ناظرا في عينيه ببريق مخيف وقال:
- دِه عشان تبجى عبرة لغيرك..
ثم ضربه بقوة من مقدمة رأسه في جبهة ذلك القاتل ليرتد الى الخلف بشدة فيستلم ليث الرباط من غيث ويشده بقوة ثم يلفه حول يده ويشد وكلما سمع صوت أنينه يجذب بقوة أكبر حتى أصدر صوتا كالخوار بينما تدلى رأسه جانبا وجحظت عيناه وتهدل لسانه خارج فمه اعلانا عن موته!!
لهث ليث بقوة وترك الرباط ليسقط عسران مصدرا دويّا قويا, نظر اليه ليث ليركله بمقدمة حذائه في جسده بقرف واضح ويقول آمرا رجاله:
- ارموه للديابة في الجبل تاكله, لازمن يكون عبرة لغيره, كلب وراح ولا له ديّة, والكل لازمن يعرف انه أي واحد يعمل كيف الكلب دِه نهايته هتبجى زييه تمام....
وضع غيث يده مربتا على كتف ليث بينما ربت ليث بدوره على كتف غيثي قائلا بخشونة:
- تسلم يا ولد العم, اكده نجدروا ناخدوا عزا راضي خويْ الله يرحمه..
*******************
- طيب احنا هنفضل كدا, ما تتصرف..
زفر شهاب للمرة التي لا يعلم عددها بضيق والتفت الى سلمى الجالسة بجواره في سيارته المعطلة وقال بحنق:
- اسكتي شوية, دي المرة الكم اللي بتقوليلي فيها نعمل ايه؟, اعملك ايه؟, مافيش شبكة والموبايلات مش شغالة والدنيا ليل, يعني أتصرّف ازاي؟
نظرت اليه سلمى بنزق وقالت:
- ودي مشكلتي؟, مشكلتك انت.. انت اللي حطيتنا في المطب دا, قال وبابا كان مطمن عليا علشان معاك, ييجي يشوف, لو كنت لوحدي ما كانش كل دا حصل!
كتم شهاب شتيمة كادت أن تنطلق من فمه ونظر اليها قائلا بسخرية:
- ولا يهمك يا سلمى هانم, انت قصدك انك لوحدك بتعرفي تتصرفي أحسن مني صح؟, طيب يا ريت يا دكتورة سلمى لو تعرفي تلاقي لنا حل, اتفضلي فكري في حل بقه ولما تلاقيه ابقي صحيني انا ما نمتش ساعتين تلاته من امبارح, تصبحي على خير!
وعقد ساعديه دافعا بمقعده الى الخلف بواسطة زر أسفل المقعد حتى أصبح أشبه بفراش مائل وأغمض عينيه بينما سلمى تطالعه بذهول صاعق وهي تردد بغير تصديق:
- أصبح على خير؟..
ثم هتفت بسخط:
- تصدق انك بارد!
لم يلتفت اليها وما هي إلا ثوان وسمعت صوت انتظام أنفاسه فعلمت أنه قد غطّ في نوم عميق فهتفت بحنق وهي تكور قبضتيها تتمنى لو كالت له اللكمات غيظا وقهرا منه:
- دا بيشخّر كمان!!..
لا تعلم سلمى كم مر من الوقت فلم يغمض لها جفن, وبين كل حين وآخر تلتفت الى شهاب الذي يبدو كمن ينام على ريش نعام, فهو لم يقلق ولو لثوان كما ارتسمت على شفتيه ابتسامة من يرى أحلاما سعيدة في منامه!.
لفت نظر سلمى ضوءا شحيحا من بعيد ليقترب هذا الضوء منهما شيئا فشيئا, ابتلعت سلمى ريقها بوجل, فهما على أطراف البلدة والليل يسود المكان, وتعلم جيدا مخاطر الصعيد, نادت شهاب بصوت خائف:
- شهاب..
ولكن ما من مجيب, والضوء يقترب أكثر فأكثر فوضعت يدها على كتفه لتهزّه منادية بإلحاح وهي تكاد تبكي:
- شهاب قوم يا شهاب اصحى...
وكأن الصوت في الحلم, ليفتح عيناه جاهلا بمكانه باديء الأمر ثم تذكر أنه وابنة عمه العنيدة يقبعان داخل سيارته المعطلة في الصحراء, نظر اليها وهو يمسح وجهه براحتيه قائلا:
- ايه يا سلمى, فيه ايه؟
أشارت الى الخارج باصبعها بينما احتبس صوتها من الخوف, قطب ناظرا اليها لينقل نظره الى الخارج, فيلاحظ شبح انسان يقف بجوار نافذتها, مال عليها هامسا في أذنها وهو يضع يده فوق مقبض الباب:
- أنا هخرج أشوف مين دا, أول ما أخرج اقفلي الباب من السنتر لوك على طول..
قبضت بيديها الاثنتين على ذراعه معيقة خروجه وهي تتوسل اليه بخوف:
- لا يا شهاب ما تخرجش, هو هيزهق ويمشي..
قال شهاب محاولا تهدئتها:
- وافرضي ما زهقش؟, وافرضي كان معاه ناس تانية؟, لازم أخرج أشوف مين دا؟, مش يمكن يقدر يساعدنا؟, عموما ما تخافيش احنا قريبين اوي من البلد يعني يمكن واحد من اهل البلد أو من نواحيها, يعني هيطلع عارفني!, اقفلي انتي الباب ورايا كويس, وخلي بالك في مسدس في التابلوه لو احتجتي تستخدميه, صوّبي على الرِّجلين بس.. ماشي؟
زاد هلعها بعد كلامه وترجته ألا يخرج ولكنه خلّص ذراعه من قبضتها وخرج ففعلت كما أمرها مغلقة الأبواب, غاب دقائق كانت فيها تحاول مراقبة ما يجري بالخارج, وقد أخرجت سلاحه من صندوق السيارة الأمامي تحسّبا للظروف ممسكة به بين يديها ولكنها لم تجذب صمام الأمان, وما هي الا دقائق معدودة حتى فتح شهاب الباب المجاور لها فشهقت لترفع السلاح مصوبة إياه في وجهه فهتف حانقا وهي يجذبه من يدها المتشبثة به:
- انتي بتعملي ايه؟, مش تشوفي الأول مين اللي قودامك؟!
أفلتت السلاح ليتناوله شهاب واضعا اياه أسفل ملابسه, ثم قال:
- أمان ما تخافيش, بيته مش بعيد, هنقضي معاه الليلة ومن الفجر هيتصرف ويقطر لنا العربية..
سلمى برفض قاطع:
- لا طبعا أنا مش موافقة!, افرض طلع نصاب ولا قاطع طريق, ايش عرفك انه بيتكلم بجد؟!
شهاب بصبر:
- علشان سألته عن كم حاجة وطلع عارف البلد واهلها كلهم وكمان كم سؤال كدا تانيين خلوني اتأكدت انه مش كداب, ياللا اتفضلي بقه بدل ما المرة اللي جاية يطلع قاطع طريق بجد!..
ترجلت سلمى من السيارة فأحكم شهاب إغلاق الأبواب بينما تقدمهم الرجل مضيئا بمصباحه اليدوي لهم الطريق, وصلوا الى بيت من الطين, نادى الرجل عاليا لإفساح الطريق, قال الرجل وهو يشيح بنظره بعيدا عن سلمى التي علمت ما ان نظرت اليه أنه رجل في العقد الخامس من العمر:
- اتفضل يا شهاب بيه, وحرمتك تتفضل داخل مع حريمنا!
لم يسنح لسلمى الفرصة للاستفسار عن قصد الرجل فتوجهت حيث أشار لها, دخلت الغرفة لترى ستة أزواج من الأعين تتطلع إليها, شاهدت إمرأة تبدو في أواسط العقد الرابع علمت أنها الزوجة, ثم خمسة أبناء ثلاث بنات يقاربن بعضهن في العمر الفرق بين كل ابنة وأخرى لا يتعدى العامين, وولدين أحدهما يبلغ الـ 11 عاما والآخر السنتين, علمت بعدما رحبت بها الزوجة وتمت عملية التعارف ان البنات صفا وهنا وسما تبلغ الكبيرة 19عاما والوسطى 18 والأخيرة 16 عاما, وان الكبرى متزوجة ولكن زوجها يعمل في البلدة ويأتي نهاية كل اسبوع بينما هنا فهي معقود قرانها على ابن عمها وتنتظر انتهائه من أداء الخدمة العسكرية قبل أن تزف اليه بينما سما فقد تمت خطبتها قريبا لابن عمها الآخر وزفافها مع شقيقتها هنا..
استمتعت سلمى بالجلوس معهن وان كانت شعرت في البداية بالترقب والقلق اللذان ما لبثا أن تلاشيا ما ان انخرطن في الحديث, سألت صفا بينما كانت أم علي الزوجة تقوم بتحضير الطعام:
- وانتي بجه اتزوجت ميتى؟, شكلك اصغيّر؟, انت متعلمة؟, مش من بلادنا صوح؟ شكلك ولبسك بيجول اكده؟
ضحكت هنا وقالت:
- بشويش عليها يا صفا مالك جولتي سؤالاتك كلاتها مرة واحده اكده كيف المدفع الرشاش؟
لم تعلم سلمى بما تجيب, ولا تعلم ما الذي أوحى اليهن أصلا بأنها وشهاب زوجين, قد يكون والدهم استنتج ذلك لوجودهما سوية؟, أنقذها من الجواب صوت الأم وهي تدعوها لتناول الطعام الذي انشغلن به وتركنها, نظرت الى محمود ذلك الطفل البالغ من العمر سنتين, ابتسم وركض سريعا ليجلس في حضنها, كانت الجلسة أرضية, نهرته والدته قائلة:
- محمود عيب اكده, تعالى عندي أني..
قالت سلمى والتي شعرت بالدفيء ما ان احتوت ذلك الصغير بين ذراعيها:
- لا يا أم علي سيبيه, بسم الله ما شاء الله ربنا يخليهولك, اومال فين علي صحيح؟
أجابت سما وهي تهم بوضع قطعة من الخبز المغمسة بالبيض المصنوع بالسمن الطبيعي في فمها:
- تلاجيه عند ابوي, علي ما بيبحش جعدتنا بيجول أني راجل أجعد مع الحريم كيف..
ضحك الجميع وكانت سلمى تتناول لقمة لتطعم محموداً الأخرى..
بعد أن أنهى الجميع تناول العشاء واحتساء الشاي, قالت أم علي لسلمى التي نسيت تماما شهاب وما حدث لهما في الساعات السابقة:
- معلهش جهزنالكم مُطرح اكده مش جد المجام, عشان تريّحوا جتتكم , شكلكم يا نضري من زمان وانتو جاعدين كيف ما ابو علي لاجاكم؟
أومأت سلمى بالايجاب وكان التعب قد أخذ منها كل مأخذ فلم تنتبه لعبارة أم علي كاملة فكل ما اهتمت له أنها أخيرا ستنام فوق فراش آمن:
- ايوة يا ام علي, احنا بقالنا اكتر من 3 ساعات تقريبا!
دخلت سلمى حيث أشارت أم علي بعد أن استخدمت الحمام, كانت تريد الاغتسال ولكنها لم تستطع فاكتفت بغسل يديها ووجهها ورقبتها, دخلت حيث الغرفة, لتجدها مفروشة بأثاث بسيط للغاية عبارة عن سرير خشبي مكتنز وبساط قديم ولكنه معتنى به جيدا فوق الأرض الطينية, ومرآة بطرف مكسور موضوعة فوق الحائط, وأريكة خشبية صغيرة أسفل نافذة صغيرة, أغلقت الباب خلفها لتشاهد عدة مسامير مثبتة خلف الباب لتعليق الثياب, خمّنت أن الغرفة للزوجين, وذلك من الجلباب الأسود الرجالي المعلق خلف الباب وبجانبه وشاحا نسائي ملون..
كانت أم علي قد وضعت لها ثوبا للنوم يظهر عليه القدم لكثرة الغسيل, فلونه الأصفر باهت بشدة, كان قصير الأكمام ويصل الى أعلى قدميها بقليل, علمت أنه لصفا فهي تقصر سلمى بعدة سنتيمترات, بينما مقدمته تعلوها ثلاثة من الأزرار لم تغلق منهما سوى اثنين بينما الثالث يكاد يطبق على حلقها فتركته مفتوحا!, بعد أن أبدلت ثيابها رقدت فوق الفراش ساحبة الغطاء البالي لتغطي قديمها وهي تغمض عينيها فالنوم يلح عليها لتستسلم له وهي ترسم على شفتيها ابتسامة هانئة فأخيرا ستنال قسطا من الراحة في هذا اليوم الطوييييل... ولكن مهلا! ما هذا الصوت الذي تسمعه؟, فتحت عيناها واسعا وهي ترى شهاب يقف على مدخل الغرفة يتحدث موجها كلامه الى الخارج وما لبث أن أغلق الباب ليلتفت فيفاجأ بها جالسة فوق الفراش تنظر اليه بغيظ ورغبة بالقتل واااضحة!!..
********************
لم تستطع سلافة أن يغمض لها جفن حتى أبصرت غيث وهو يعود راكبا جواده الأسود, كانت تقف في شرفتها تتطلع بين كل فينة وأخرى الى الطريق, وما ان شاهدته حتى ركضت خارجا تسابق الدرجات نزولا حتى وصلت الى المدخل في نفس اللحظة التي دخل بها, وقفت تنظر اليه بلهفة تدفعها الرغبة في الاطمئنان عليه والفضول لمعرفة ما حدث, قطب غيث جبينه واقترب منها متسائلا في قلق:
- باه!, ايه اللي مصحيكي لحد دلوكيت يا بت عمي؟, فيه حاجة؟
ابتسمت ابتسامة ناعمة كان لها أثر كبير على غيث الذي تسارعت دقات قلبه بينما لم تفطن هي لما ألمّ به, أجابت محاولة بث الهدوء اليه:
- لا يا غيث احنا الحمد لله بخير, أنا بس ما جاليش نوم كنت عاوزة أطمن وأعرف حصل ايه؟
ابتسم غيث بتعب ومال عليها ناظرا في عينيها اللتين هربت بهما بعيدا وهو يقول:
- عاوزة تطمني على ايه بالظبط يا بت عمي؟
أجابت بتلعثم طفيف:
- على.. على اللي حصل يا غيث, مش بتقول ان ليث ابن عمك مسك القاتل, يا ترى عملتو فيه ايه؟
أجاب غيث:
- خد اللي يستاهله وبزيادة كومان..
تساءلت سلافة ولم يطمئنها جواب غيث:
- يعني ايه يا غيث؟, انتو عملتو فيه ايه بالظبط؟
أجاب غيث وهو يواصل سيره الى الداخل:
- مش وجت حديت دلوك يا بت عمي, اطلعي دارك نامي دلوك والصباح رباح..
قطبت سلافة لتهتف بوجل بعد ذلك:
- داري!, ها... سلمى!
التفت غيث مقطبا وسأل بصوت خشن:
- مالها أختك؟
نظرت اليه سلافة برجاء وهلع وأجابت والخوف يقطر من أحرف كلماتها:
- سلمى وشهاب لسه ما وصلوش يا غيث, وانا من قلقي على موضوع القاتل دا نسيت خالص..
قطب غيث وهتف:
- كيف دِه؟
وسريعا أخرج هاتفه المحمول محاولا الاتصال بشقيقه ليجيبه النداء الآلي ان الهاتف خارج نطاق التغطية, وبالمثل فعلت سلافة, نظرت سلافة الى غيث وقالت بخوف:
- هنعمل ايه دلوقتي يا غيث؟
قاطع حديثهما صوت رؤوف وهو ينزل سريعا تتبعه ألفت, نظر رؤوف اليهما وقال مقطبا وهو ينقل نظراته بينهما:
- فيه ايه؟ ايه اللي موقفكم هنا الساعة دي؟
سعل غيث وقال وهو ينظر الى سلافة سريعا:
- ابدا سلافة جلجت على الدكتورة سلمى وكانت بتخبّرني أحاول أكلم شهاب..
رؤوف بلهفة:
- وكلمته يا غيث يا بني؟
هز غيث برأسه نفيا وقال:
- للأسف المحمول حجُّه مجفول يا اما فاصل شحن او المنطجة اللي هو فيها مافيهاش شبكة, ان شاء الله خير يا عمي ما تجلجش...
ثم نظر الى نقطة خلف عمه وتابع:
- ما تجلجيش يا مرت عمي خير ان شاء الله, تلاجيهم طلعوا متأخرين من مصر ولا حاجة..
أجابت ألفت بقلق قوي:
- لا يا غيث يا بني, سلمى كلمتني وهما خارجين, طلعوا على المغرب تقريبا, الساعه دلوقتي 3 الفجر, يعني المفروض كانوا هنا من 11 بالكتير اوي...
قال رؤوف بتقطيبة حادة:
- انما انت ايه اللي مبهدلك كدا يا غيث؟
تبادل غيث وسلافة النظر قبل أن يجيب غيث بجدية:
- خدنا بتار راضي يا عمي..
هتف رؤوف بينما شهقت ألفت واضعة يدها فوق فمها:
- ايه؟, قصدك لاقيتو القاتل؟
تحدث غيث بفخر:
- لاه, احنا مش بس لاجيناه, احنا لاجينا وخد جزاته على يدينا..
رؤوف بتساؤل بينما نظرت سلافة الى يديْ غيث:
- انتو مين؟
غيث بزفرة عميقة:
- انى وليث يا عمي..
ألفت بتردد:
- قصدك.. قتلتوه؟
أجاب غيث بابتسامة صغيرة:
- ما اسمهاشي جتلناه يا مرت عمي, اسمها خدنا بتارنا وهو خد جزاته, وزمانها الضباع نهشت جتته النتنة..

منى لطفي 15-10-16 05:44 PM

رد: كبـير العيلة
 
تابع كبير العيلة الحلقة 10 بقلمي/ منى لطفي...
***************************************
لتكون سلافة من يشهق عاليا هذه المرة وتهرع ركضا الى شقتهم بالاعلى لتدخل من فورها الى الحمام لتفرغ ما بمعدتها بينما يدي غيث الملطختين بالدماء لا تبرح مخيلتها, لم تكن تظن أن القتل هيّن لهذه الدرجة, هو مجرم وقاتل نعم ولكن هناك قانون وعقاب, ولكن من الواضح أن القانون الوحيد المطبق في هذا البلد هو قانون الخولي كما سبق وأخبرها ليث في وقت سابق!!
**************
- اتفضل شوف لك حتة تانية تنام فيها..
هتفت سلمى بعبارتها تلك بمنتهى الحنق, كانت تتحدث بصوت منخفض وهي تقف في منتصف الغرفة بينما يقف أمامها شهاب وقد بلغ منه التعب أقصى الدرجات, تحدث للمرة المائة يحاول افهامها:
- أروح فين؟, قلت لك الراجل افتكر اننا متجوزين, وانا مقدرتش أنكر لأنه ببساطة حاجة من اتنين يا احنا ناس اخلاقهم بايظة وساعتها ممكن يضربنا بالنار لانه دا شرف واحنا ناس فلتانة, يا اما هيسيبنا مكاننا وكنا هنبقى صيدة سهلة اوي للمطاريد وقطاع الطرق, وأديكي شوفتي اللي جرى لابن عمي راضي!
ضربت سلمى بقدمها في الأرض كالأطفال وأجابت بحنق:
- بردو ماليش دعوه!, انا تعبانه وعاوزة انام ولو اتطبقت السما على الارض لا يمكن أنام معاك في اودة واحدة, ايه رأيك بقه؟
أزاحها جانبا واتجه ناحية الفراش ليجلس ويقول وهو ينزع حذائه جانبا بينما يتأوه محركا أصابع قدميه لإراحتهم من ضغط الحذاء عليهم طوال اليوم:
- بكيفك, انا هنام, اخرجي انتي وقوليلهم اللي عاوزة تقوليه!
اتجهت اليه ووقفت أمامه واضعة يديها في منتصف خصرها وقالت بغضب:
- يا سلام!...
لم يجبها فنفخت بضيق ثم قالت بنزق ولم تجد بدا من الاستسلام ولو مؤقتا:
- خلاص, انما انت هتنام هناك على الكنبة اللي تحت الشباك دي, اتفضل, ووشك يبقى في الحيطة يكون تلتفت ناحيتي..
زفر بضيق ونهض وهو يرفع يديه عاليا ويهتف برجاء ناظرا الى الأعلى:
- الرحمة يااااااارب...
ثم رماها بنظرة غيظ قبل أن يذهب الى الأريكة فيضع احدى وسائدها العريضة كوسادة تحت رأسه, ثم يشرع في خلع قميصه, فقفزت فوق الفراش وهي تهتف بحدة واضعة يدها فوق عينيها:
- ايه ايه, انت بتعمل ايه؟
اتجه اليها بخطوات غير مسموعة, فأزاحت يديها جانبا لترى لما لم يرد على سؤالها لتفاجأ به واقفا أمامها عاري الصدر, شهقت باستنكار بينما مال فوقها يستند باحدى يديه على عارضة السرير الخشبية ويشوح بسبابة الأخرى في وجهها هاتفا بحدة:
- بقولك ايه, انا اللي فيا مكفيني!, خلي اليوم الطويل دا يعدي على خير, ماذا وإلا هتشوفي مني وشّ عمرك ما تخيلتيه أبدا!
ثم نفخ عاليا واتجه الى الاريكة ليرقد معطيا لها ظهره, بينما قدميه تتدليان خارج الأريكة الصغيرة التي بالكاد تتسع لجسمه العضلي الضخم!..
رمقته سلمى بنظرة قلق قبل أن تسحب الغطاء لتغطي جسدها كاملا حتى رأسها, وتوليه ظهرها وهي تدعو الله أن يأتيها النوم سريعا لتمر الساعات المتبقية في هذه الليلة بسرعة, ولكنها تقلبت عدة مرات قبل أن تغفو وقد استغربت كيف نام شهاب ما ان لمست رأسه الوسادة فهو لم يتقلب أو يغير من وضعه ما جعلها تتيقن من تعبه الشديد, وهي لا تعلم أن شهاب كان طوال الوقت يمنع نفسه وبصعوبة من الالتفات ناحيتها لمراقبتها فصورتها وهي تحتضن محمود الصغير تداعبه وتقبله لا تزال في مخيلته وكان قد لمحها وهو يتجه الى الحمام المقابل للغرفة التي كانت تجلس بها, وسؤال يتردد في ذهنه ترى كيف سيكون شكل أولادها؟, وهل سيرثون غابات الزيتون خاصتها؟
***************
بزغ الصبح وكان أبو علي وشهاب بعد أن فرغا من صلاة الفجر وبمساعدة بعض الرجال قد استطاعوا اخراج السيارة من الرمال التى علقت بها, فحصها أحد الرجال سريعا وكان يعمل في ورشة تصليح سيارات وأخبره أنها بحالة جيدة, صافح شهاب الجميع, وفي الداخل ودّعت سلمى أم علي وبناتها على وعد منها بحضور زفاف هنا وسما, صعدت الى السيارة بجوار شهاب الذي انطلق من فوره للوصول الى البلدة..
كانت سلمى تسترق اليه النظر دهشة من أمره, فهو لم يوجه اليها أي حديث سوى بعض الكلمات المقتضبة, هزت كتفيها بلامبالاة واعتقدت ان طبعه النزق قد عاد اليه, خاصة أنها كلما وجهت اليه الحديث كان جوابه حادا مبتورا, فقررت ألا تحادثه الى أن يصلا, وبعد ذلك ستقطع علاقتها نهائيا معه, ولن تكلمه الا في أضيق الحدود..
وصلا بعد قرابة الساعة, ما ان أوقف شهاب السيارة حتى سارعت سلمى بالترجل واتجهت الى المنزل بخطوات سريعة, دخلت لتجد عائلتها جميعها مجتمعة, اتجهت الى والدتها التي احتوتها بين ذراعيها هاتفة بقلق أمومي:
- سلمى حبيبتي كنتو فين كل دا؟
لحق بها شهاب الذي صافح جده ووالده وعمه, بينما ربت غيث على كتفه هامسا:
- كنت فين يا ولد أبويْ؟, احنا منمناشي واصل من ليلة انبارح!
همس شهاب وعيناه على سلمى:
- ومن سمعك يا أخويا, ولا أنا عيني غمضت!
رؤوف وهو يحتضن ابنته:
- حمد لله على سلامتك يا بنتي, ايه اللي حصل, تليفوناتكم مقفولة ليه؟
صافحت سلمى جديْها وجلس الجميع قبل أن تجيب سلمى:
- معلهش يا بابا المكان اللي كنا فيه ما كانش فيه شبكة, واتفاجئنا انهرده ان الموبايلات فاصلة شحن..
سمع الجميع صوتا ساخرا يأتي من أمام غرفة الجلوس يقول بينما تتجه صاحبته اليهم داخل الغرفة:
- وليه ان شاء الله؟, كنتي فين يا دكتورة؟, تلاجيها بيتت في مصر وشهاب ما راضيشي ياجي من غيرها صوح يا ولدي؟
حدقت سلمى دهشة من ظن زوجة عمها الظالم في حين أجاب شهاب بجدية:
- لا يا أمي, أنا وسلمى ما نمناش في مصر!
شهقات بين دهشة واستهجان تعالت في حين رمقت سلافة شقيقتها بتساؤل وحيرة, قالت سلمى بحيرة وهي لا تعلم لما هذا الاستنكار الذي يعلو الوجوه حولها محاولة رسم ابتسامة خفيفة:
- جرى ايه يا جماعة فيه ايه؟, العربية عطلت في اول البلد والحمد لله ربنا رزقنا براجل ابن حلال ضيفنا عنده في بيته والصبح صلحها وجينا..
ثم حانت منها التفاتة الى شهاب وتابعت بابتسامتها الشاحبة بينما نغز في صدرها ينبئها بأن هناك أمر غير سار على وشك الحدوث:
- ما تقولهم يا شهاب!
ليتحدث الجد قاطعا السبيل امام أي أحد للتحدث موجها كلامه الى سلمى وشهاب:
- انتو جصدكم تجولوا انكم بايَّتُّوا حدا راجل غريب؟
علم شهاب ما يعنيه الجد فسارع بالايضاح في لهفة:
- يا جدي الراجل كتر خيره شافنا وعرض اننا ننزل عنده لغاية الصبح, انت عارف الليل مخاطره كتيرة, فوافقت!
الجد بحزم:
- الراجل دِه نعرفوا؟
شهاب وهو يومأ بالإيجاب غير قادر للنظر في وجه الجد أو سلمى فهو لم يصارحها بحقيقة الرجل:
- بيشتغل غفير عند.. عند عيلة أبو سويلم, وسبق له وشافني كم مرة قبل كدا وانا مع عزت!
شهقت الجدة استهجانا ونفخ عثمان بضيق في حين تبادل رؤوف وألفت نظرات التساؤل والجهل بينما زفر غيث بحنق, ونظرت سلافة بقلق الى سلمى التي قطبت في حيرة وكادت تهتف بالجميع حانقة عمّا يجري وما هذه الألغاز كلها؟....
الجد بصرامة:
- وجولت ايه للراجل عنيِّك انت وبت عمك؟
شهاب وهو يسترق النظر الى جده :
- انا ما قولتش يا جدي, هو اللي استنتج لوحده!
انتظر الجد لسماع تتمة جواب شهاب الذي تابع زافرا بضيق:
- فهم انها مراتي وعلشان كدا ضايفنا, ما كنتش أقدر أقوله يا جدي غير كدا, انت أكتر واحد عارف أهل البلد ممكن يفكروا ازاي لو عرفوا اني راجع مع بنت عمي لوحدنا وفي وقت زي دا ومن سفر كمان!!
قال الجد بصرامة:
- طالما الراجل دِه عرفك يبجى كلها ساعتين وهتلاجي الخبر ملا البلد والكل هيعرف ان شهاب ولدنا وعروسته كانوا في ضيافة ابو علي غفير عيلة ابو سويلم..
لم يرق لسلمى الحديث الدائر وخاصة عندما رأت والدها وقد اعترى وجهه الشحوب لينظر الى الأسفل, فالتفتت اليه لتربت على يده وتقول بشبه ابتسامة:
- بابا فيه ايه؟, انا مش فاهمه؟, مين ابو سويلم دول وايه المشكلة في اللي حصل؟, دا ما كانش ذنبنا؟!
ربت والدها على يدها ونظر الى عينيها اللتان تطالعانه بقلق واضح وقال وهو يتمنى أن تمر هذه المشكلة على خير:
- الناس هنا للأسف مالهاش الا الظاهر يا بنتي!
لتهب راوية واقفة وهي تهتف ناسية وجود زوجها وعمها:
- على جثتي!, يستحيل أوافج انك تكوني مرت ولدي!
هتف عثمان عاليا وهو ينهض من فوره واقفا:
- أم غيييييييييييث!, اجفلي خاشمك واصل!, ولا كلمة بعد اكده, ما بجاش غير الحريم اللي هيجولوا اللي يوحصل واللي ما يوحصلش, ياللا روحي دارك ويكون تخرجي برّاه من غير أمري!
لتنصرف راوية بخطوات سريعة غاضبة ولكن ليس قبل أن ترمي بنظرة نارية الى سلمى ووالدتها, قالت سلمى بقلق حقيقي:
- فيه ايه يا جماعة انا بجد مش فاهمه؟
الجدة بصوت حنون:
- فيها اننا هنفرحوا بيكي جريّب يا دكتورة!
هتفت سلمى بذعر وهي تنظر الى والدها تريده ان يكذِّب حدسها:
- هتفرحوا بيا؟, ازاي مش فاهمه؟!
قال الجد وهو يشير الى شهاب الذي يجلس مسلطا نظراته على سلمى, بعينين غير مقروءتيْن, وتعبير غامض يرتسم على وجهه:
- واضحة كيف عين السمس يا دكتورة, وعريسك أهاه.. شهاب ولد عمك!
شهقت في ذهول وقفزت واقفة وهتفت غير مصدقة وهى تهز رأسها يمينا ويسارا:
- لا مش ممكن!, انا يستحيل أوافق!
هتف رؤوف وهو يقف فهو يعلم أنه من المرفوض تماما أن تقف ابنته تصيح برفضها خاصة في وجود جدها وعمها الكبير:
- سلمى, اطلعي على أودتك دلوقتي..
التفتت اليه وقالت بعينان متسعتان من شدة الصدمة:
- لا يا بابا, عشان خاطري قول انك مش موافق على الكلام دا!, ناس ايه وجواز ايه؟, انا مش ممكن أوافق!
هتف رؤوف بصرامة بينما نهضت ألفت لتحيط ابنتها بذراعها:
- سلمى هي كلمة واحدة.. أنا قلت فوق يعني فوق, اتفضلي..
نقلت نظراتها بين الموجودين بحنق لتستقر على شهاب بكره وحقد فيما وقف يبادلها النظرات بأخرى متحدية يشوبها الغموض, هتفت سلمى قبل أن تنصرف يرافقها والدتها وسلافة:
- مهما حصل يا بابا, أنا بقول لحضرتك اني مش موافقة على الجوازة دي, ومش ممكن أوافق!
لترمق شهاب بنظرة غضب ناري أخيرة قبل أن تنصرف, بينما جلس رؤوف ثانية يتبعه شهاب, نظر رؤوف الى شهاب بغموض قبل أن يلتفت الى الجد قائلا بجدية:
- أنا تحت أمرك يا حاج, اللي تقول عليه هنفّذه!!
- يتبع -

مملكة الغيوم 15-10-16 11:48 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
التار ولا العار يا صميده يا ولدى اضروب يا ولد هييييييييييييييييه خلاص خدنا بتارنا وخلصنا على ولد المقطيع ابو الليل وكمان رموه للديابه اكيد الديابه حيجيلها تسمم
غيث الليث كانه جى من نزهه خلويه مش لساته مشارك فى دبيحه ولا حاجه ومنسجم مع نفسه ومتصالح معاها وكاءن اللى مات صرصار الله يكون فى عون سلاف الرقيقه اللى تقيئت بس مدخلتش فى نوبة زعر ولا غيبوبه
سلمى وتاءتى الريح بما لاتشتهى السفن عكست معاها وجت لشهاب على الطبطاب ونال مراده من غير تعب وزمانه بيرقص جواته من الفرحه وبيقول جت من الغفير ولا جتش منك
مهو سبب هناه سوء فهم الغفير للوضع ومصائب قوم يا سلمى فوائد لشهاب
راويه كان نفسها تشكك فى سلوك سلمى جت على راسها وحتتجوز ابنها وقال على جثتى طب اخرسى بجى والزمى موطرحك وانحبسى فى دارك بامر سى عثمان اسد والله يا سيد عثمان كتمتها من الاول فاكر انه ليها رائى عيب ده احنا ورانا رجاله ياكلو الزلط وشكلها كده قريب حنحتفل بفرح الاتنين مع بعض سلمى وشهاب وسلاف وغيث
وافرح يا جدى وانتى يا جده بلمة اولادك واحفادك حواليكى بارت زلزال منمن فى انتظار القادم بشوق موووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 16-10-16 12:14 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3663300)
السلام عليكم ورحمة الله
التار ولا العار يا صميده يا ولدى اضروب يا ولد هييييييييييييييييه خلاص خدنا بتارنا وخلصنا على ولد المقطيع ابو الليل وكمان رموه للديابه اكيد الديابه حيجيلها تسمم
غيث الليث كانه جى من نزهه خلويه مش لساته مشارك فى دبيحه ولا حاجه ومنسجم مع نفسه ومتصالح معاها وكاءن اللى مات صرصار الله يكون فى عون سلاف الرقيقه اللى تقيئت بس مدخلتش فى نوبة زعر ولا غيبوبه
سلمى وتاءتى الريح بما لاتشتهى السفن عكست معاها وجت لشهاب على الطبطاب ونال مراده من غير تعب وزمانه بيرقص جواته من الفرحه وبيقول جت من الغفير ولا جتش منك
مهو سبب هناه سوء فهم الغفير للوضع ومصائب قوم يا سلمى فوائد لشهاب
راويه كان نفسها تشكك فى سلوك سلمى جت على راسها وحتتجوز ابنها وقال على جثتى طب اخرسى بجى والزمى موطرحك وانحبسى فى دارك بامر سى عثمان اسد والله يا سيد عثمان كتمتها من الاول فاكر انه ليها رائى عيب ده احنا ورانا رجاله ياكلو الزلط وشكلها كده قريب حنحتفل بفرح الاتنين مع بعض سلمى وشهاب وسلاف وغيث
وافرح يا جدى وانتى يا جده بلمة اولادك واحفادك حواليكى بارت زلزال منمن فى انتظار القادم بشوق موووووووووووووووووووووووووواه

حبيبتي أسعدتيني فووووووق ما تتصوري بتعليقك، ههههههههه عجبتيني وانتى بتوصفي غيث راجع كأنه كان بنزهة مش قتل انسان، دا اللي بيقتل صرصار على قولتك بيظهر عليه، لكنه كيف ما ليث قال كلب وراح بالنسبة لهم/ لكن مش لسلافة اللي كل ما تشوف غيث هتحس انها شايفة الدم بايده وشامة ريحته كمان، لكن يا ترى هتفضل عند رأيها ولا هيجد شيء هيخي مبادئها تتغير؟؟..
سلمى وشهاب وهو الي جابه لنفسه، فكرك راوية هتسكت؟؟... دي محرات شر، الله يخلصنا منيها الحرمة ديْ..
ههههههههه في انتظارك البارت اللي جاي ان شاء الله يا قمر، تسلميلي حبيبتي امووووووووووواه...

فوفومون 16-10-16 01:50 AM

رد: كبـير العيلة
 
ليه كدى ياربي ايه العذاب داه:ارحمونا هههههههههه

منى لطفي 16-10-16 06:11 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3663325)
ليه كدى ياربي ايه العذاب داه:ارحمونا هههههههههه

ههههههههه ابدا.... لا تراجع ولا استسلام... هو انتو لسه شفتوا حاجة :busted_red:

همس الريح 18-10-16 12:11 PM

رد: كبـير العيلة
 
ليث .. فيس قلوب قلوب من عندي لييييييييييييييييييييييييييييييييييين عنده

و غيث .. بلا يطبك .. ورا ما غسل يدينه في اي مكان و لا حطها في جيوبه بدل لا يفجع سولي ؟؟؟
مالت بس

الزواج بين شهاب و سلمي

السلوم ما منها مفر . و دام قال زوجته ما به حل ثاني

بس استغربت لسالفه
المكان فيه قطاع طرق
و قريب قتلون راضي
شلون ينام في السياره ؟؟؟ ما بلعتها ذي الصراحه
يعني مهم بالصحرا . مكان يعرفه زين ما زين .. بدال النوم و الموقف الخايس كان دور احد قريب يلحق عليهم .. ما بلعت تصرفه ذا الصراحه ..
عموما شهاب ما عندي خلاف معه
في انتظار المعارك و الحروب ..

السموحه علي الرد المختصر بس مكروفه كرف المظلومين

في الانتظار يا شهرزاد
و ذكريني مواعيد التنزيل .. اي يومين بالضبط ..
و به امكانيه يصيرون 3 ؟؟ لا تشرهين علي .. البارتات حلوه و ما ينشبع منها

فيت المشاكسه 19-10-16 02:29 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3663569)
ليث .. فيس قلوب قلوب من عندي لييييييييييييييييييييييييييييييييييين عنده

و غيث .. بلا يطبك .. ورا ما غسل يدينه في اي مكان و لا حطها في جيوبه بدل لا يفجع سولي ؟؟؟
مالت بس

الزواج بين شهاب و سلمي

السلوم ما منها مفر . و دام قال زوجته ما به حل ثاني

بس استغربت لسالفه
المكان فيه قطاع طرق
و قريب قتلون راضي
شلون ينام في السياره ؟؟؟ ما بلعتها ذي الصراحه
يعني مهم بالصحرا . مكان يعرفه زين ما زين .. بدال النوم و الموقف الخايس كان دور احد قريب يلحق عليهم .. ما بلعت تصرفه ذا الصراحه ..
عموما شهاب ما عندي خلاف معه
في انتظار المعارك و الحروب ..

السموحه علي الرد المختصر بس مكروفه كرف المظلومين

في الانتظار يا شهرزاد
و ذكريني مواعيد التنزيل .. اي يومين بالضبط ..
و به امكانيه يصيرون 3 ؟؟ لا تشرهين علي .. البارتات حلوه و ما ينشبع منها

انا مثلك هموسه 💘💘💘💘💘 ليث عمل عمايله معي بعكس غيث ماهضمته وماامصبرني عليه الاحبيبتي سولي عارفاها حتقوم بالواجب معاه

منى لطفي 19-10-16 09:10 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3663569)
ليث .. فيس قلوب قلوب من عندي لييييييييييييييييييييييييييييييييييين عنده

و غيث .. بلا يطبك .. ورا ما غسل يدينه في اي مكان و لا حطها في جيوبه بدل لا يفجع سولي ؟؟؟
مالت بس

الزواج بين شهاب و سلمي

السلوم ما منها مفر . و دام قال زوجته ما به حل ثاني

بس استغربت لسالفه
المكان فيه قطاع طرق
و قريب قتلون راضي
شلون ينام في السياره ؟؟؟ ما بلعتها ذي الصراحه
يعني مهم بالصحرا . مكان يعرفه زين ما زين .. بدال النوم و الموقف الخايس كان دور احد قريب يلحق عليهم .. ما بلعت تصرفه ذا الصراحه ..
عموما شهاب ما عندي خلاف معه
في انتظار المعارك و الحروب ..

السموحه علي الرد المختصر بس مكروفه كرف المظلومين

في الانتظار يا شهرزاد
و ذكريني مواعيد التنزيل .. اي يومين بالضبط ..
و به امكانيه يصيرون 3 ؟؟ لا تشرهين علي .. البارتات حلوه و ما ينشبع منها

هموووووووووس وحشااااااااااااااااااااني ، الله يعينك يا قمر...
بالنسبة لشهاب السيارة عطلت في الصحرا وطبعا مخاطرالصعيد المشهور عندهم المطاريد معروفة وما في مجال يتركها لحالها في السيارة ويفتش عن مساعدة وكمان ما في مجال أنه يكلم موبايلات ما فيه تغطية، مافي حل الا انه ينام ههههههههههه والمسدس معه حماية... والحمد لله انه طلع حبيب مو عدو كفاية اللي هيصير لسلمى بعدين مش ناقصة هي هههههههه فيس بيغمز..
غيث سولي هتطلع على عينيه البلاء والبلى بس قللوا من كرهكم شوية هو لسه حصل حاجة؟؟.. واغتقد انه يمكن بالاخير يمكن تغيروا فكرتكم عنه الله اعلم..
ليث......... اوعى بقه، اللي واقف يقعد والقاعد يقف واللي بيعمل حاجة يبطلها واللي مش بيعمل يعمل.. هههههههههههه يعني لخبطيشن، قلبي الصغير لا يحتمل بصراحة.. هههههههه..
التنزيل الاربعاء والجمعة بإذن الله المفروض التلات بس بكون مشغولة وما بعرف انزل الحلقة بدري... وربنا يسهل تبقى تلاتة لعيونك حبيبتي امووووووووووواه...

منى لطفي 19-10-16 09:12 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3663708)
انا مثلك هموسه 💘💘💘💘💘 ليث عمل عمايله معي بعكس غيث ماهضمته وماامصبرني عليه الاحبيبتي سولي عارفاها حتقوم بالواجب معاه

هههههههه ليث عمل عمايله مع الكل بصراحة، وبالنسبة لغيث ما تخافي سولي هتقوم بالواجب وزيادة شويتين تلاتة اربعة......

مملكة الغيوم 19-10-16 04:15 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ال ليلاس
ايه يا بنات مالكم على غيوث كلكم عليه مفيش عدل خالص الولد ينضح رجوله :lol:وجاذبيه وانتم نزلين فيه سلخ ده حتى عيب شوى على شهاب اللى كانه كبريت اى حكه يولع

منى لطفي 19-10-16 06:19 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الحادية عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
صوت طرقات على الباب تعالت ليدخل بعدها رؤوف الى غرفة ابنتيه فيبصر سلمى تجلس في منتصف الفراش يحيط بها من الجانبين امها وأختها, بينما ترفع هي ركبتيها تحيطهما بذراعيها, نظرت ناحيته ليجد عينيها مليئة بدموع محبوسة وسط نظرات لوم وعتاب, تقدم اليها ووقف أمام الفراش يطالعها بنظرات أبوة حانية, ثم تحدث بصوت هاديء:
- معلهش ممكن تسيبوني مع بنتي الكبيرة لوحدنا شوية؟
نهضت سلافة مقبلة جبين أختها ونظرت الى والدها قبل أن تنصرف وكذلك فعلت ألفت التي ربتت على كتف سلمى, غادرت ألفت وسلافة التي أغلقت الباب خلفهما, تقدم رؤوف ليجلس على طرف الفراش بينما عدلت سلمى من جلستها, تحدث رؤوف بهدوئه المعهود قائلا:
- ممكن نتكلم بالراحه وبهدوء؟
أومأت سلمى بالايجاب وهمهمت بنعم, تنفس رؤوف عاليا وتابع:
- أول حاجة عاوزك تكوني متأكدة منها ان عمري ما هغصبك على شيء, بس في نفس الوقت ما يرضيكيش انه بعد العمر دا كله أطلع معرفتش أربي بناتي!
شهقت سلمى وهتفت باستنكار:
- لا يا بابا ما عاش اللي يقول على حضرتك كدا..
رؤوف بابتسامة صغيرة:
- وقوفك انهرده في وش جدك وعمك ورفضك لابن عمك بالاسلوب دا هيخليهوم يقولوا كدا وأكتر من كدا كمان, مش بس كدا.. أنا لولا اني حاولت أحتوي الموقف كان زمان أبويا زعلان مني, انتي مش عارفة يعني ايه تنتقدي تفكيرهم وعاداتهم؟, كأني بسخر منهم, بيكون فيه نوع من السخرية والتجريح أنا لا يمكن أسمح لنفسي ولا لكم بيه..
سلمى برجاء:
- يعني يا بابا يا أوافق على ابن عمي اللي انا مش مقتنعه بيه أصلا يا اما أبقى بنت عاقة؟, بابا شهاب مش متقدم لي عادي زي أي عريس .. لأ... السبب اللي عاوزيني أوافق عليه مش سبب أساسا وأرفض اني أكون محل شك, بابا حضرتك علمتنا انه طالما أنا صح يبقى ماليش دعوة مين بيقول ايه, وانا معملتش حاجة غلط, مش مشكلتي هما هنا بيفكروا ازاي ولا عوايدهم ايه, الحاجات دي مزروعة جواهم انا مش هربي مجتمع بحاله لكن في نفس الوقت أرفض اني أعيش حياتي بأسلوبهم, بابا أنا مش هفسد حياتي علشان خاطر فلان قال ايه ولا مين هيعمل ايه!...
رؤوف بجدية:
- خلصتي كلامك يا سلمى؟, ممكن تسمعيني بقه؟
تابع بدون أن ينتظر رد منها:
- شوفي يا سلمى انا زمان رفضت جوازة اتفرضت عليا علشان حبيت والدتك, وأول مرة أقولها اني كنت غلطان لما ما حاولتش مرة واتنين وتلاتة, ركبت دماغي والعناد خدني وسيبت اهلى وسافرت, انا مش بقول اني ندمان على جوازي من مامتك... لا طبعا, لو الزمان رجع بيا كنت مش هتجوز الا هي.. انا ندمي على الطريقة نفسها, كرهوا مراتي من قبل ما يشوفوها, عارفة لما بلاقيهم دلوقتي فرحانين بيها وأمي مش بتقولها غير يا بنتي وأشوف فرحتهم بيكم.. على أد فرحتي بكدا على أد ندمي اني حرمتكم من حضن العيلة, سلمى يا بنتي أنا عمري ما هعمل حاجة تكون مش في مصلحتكم, انتو ثروتي الحقيقية اللي طلعت بيها من الدنيا, لازم تكوني واثقة ومتأكده من كدا..
زحفت سلمى لترمي بنفسها بين أحضان والدها وقالت ودموعها تلمع مهددة بالسقوط:
- ربنا ما يحرمنا منك أبدا يا بابا, أنا عارفة ومتأكدة حضرتك بتحبنا أد ايه, وانت محرمتناش من حاجة أبدا, بالعكس كنت دايما لينا الأب والصديق والأخ, ربنا ما يحرمنا منك أبدا انت وماما...
أحاطها رؤوف بين ذراعيه وقبلها على جبينها ثم قال:
- طيب ممكن أسألك سؤال؟
رفعت نظراتها اليه وأجابت:
- اتفضل يا بابا.
رؤوف بهدوء:
- ممكن أعرف سبب رفضك لأبن عمك؟, وقبل أي كلام تاني عن اللي حصل.. ابن عمك صارحني تحت انه فعلا عاوز يخطبك, وكان ناوي يفاتحني أول ما ترجعوا من مصر, بس اللي حصل هو اللي قدّم المسألة شوية, وهو على فكرة متضايق انك تفتكري انه عاوز يتجوزك علشان كلام الناس ولا حاجة, هو قاللي بالحرف الواحد انا مش هلاقي زي سلمى بنت عمي.. هي دي الانسانة اللي أتمنى إني أكمل معاها مشوار حياتي..
سكتت سلمى مشدوهة, لم تستطع التعليق عمّا سمعته من والدها, أمعقول أن شهاب كان ينوي مفاتحة والدها في أمر ارتباطه بها؟, لا مؤكد هناك سببا آخر ولكن ترى.. ماهو؟
أيقظها والدها من شرودها قائلا:
- شوفي يا سلمى أنا مش هطلب منك غير حاجة واحده بس.. شهاب يبقى ابن عمك مهندس محترم واحنا عارفين أخلاقه كويس, ممكن تفكري فيه بعيد عن أي حاجات تانية؟, أنا مش هقولهم ردّك دلوقتي.. بس اوعديني انك تفكري بجدية وتصلّي استخارة, وفي وسط دا كله لازم تكوني عارفة اني هكون مطمّن عليكي وانتي معاه, ممكن؟
زفرت سلمى بيأس وأسدلت أهدابها وهي تتمتم بصوت خفيض:
- ممكن يا بابا, حاضر..
ثم نظرت اليه وهي تردف برجاء:
- بس ممكن محدش يضغط عليا؟, سيبوني أنا أوصل للقرار لوحدي, وأنا أوعد حضرتك انك هتكون مقتنع بيه..
زفر رؤوف براحة وأجاب:
- وانا موافق يا حبيبتي..
ثم قبل جبهتها ونهض وهو يقول:
- أسيبك دلوقتي ترتاحي شوية..
وانصرف تتابعه بعينيها حتى اذا ما أغلق الباب خلفه زفرت بيأس متمتمة:
- يا رب اتصرف ازاي انا دلوقتي؟, وتابعت بحنق:
- لا والاستاذ رايح يقول لبابا انه كان بيفكر فيا من زمان!, يعني عاوز يطلع هو الملاك اللي بجناحين وانا الشرير ولما أرفض يقول شوفتوا هي اللي ر افضة لو عليا أنا موافق!..
برقت عيناها ببريق التحد وقالت بعزم:
- طيب, ماشي يا باش مهندس.. بس ابقى افتكر انت اللي ابتديت, أما أشوف هتعمل ايه بعد ما تعرف ردي, بس مش معنى كدا اني هريحك خليك قلقان كدا كم يوم لغاية ما يجيلي مزاجي أقول رأيي؟!
وارتسمت ابتسامة مكر على كرز شفتيها وهي تتخيل منظر شهاب ما ان يسمع جوابها على طلبه!
******************
دلف رؤوف الى غرفته هو وألفت التي نهضت ما ان رأته, جلس رؤوف الى الصوفا الموضوعة تحت نافذة غرفتهما, تقدمت ألفت لتجلس بجواره فيما أسند رأسه الى الخلف زافرا بتعب, قالت ألفت باستفهام:
- عملت ايه يا رؤوف؟
نظر اليها رؤوف وأجاب بتعب:
- اتكلمت معاها, وربنا يهديها وتوافق...
نظرت ألفت الى زوجها بتقطيبة وصرحت بما يدور بخلدها:

- هو انت موافق يا رؤوف؟, ايش معنى شهاب يعني؟, ما سلافة رفضت غيث وانت سيبتها براحتها؟

تنهد رؤوف بعمق لينظر الى زوجه ويجيب بما يقلقه:
- اولا سلافة غير.. سلمى بنتك الوضع اللي هي فيه غير اختها ولو اني متأكد انه غيث مش هيقبل برفضها دا لكن مش موضوعنا دلوقتي, اهل البلد هنا عندهم عادتهم وتقاليدهم, ما ينفعش اقف في وش ابويا بعد العمر دا كله واقوله لا او معلهش يعني توز في العادات دي, بنتك مش عاوزة تسيب لي فرصة احلها بمعرفتي وقفت قودام الكل وقالت لا..
نظرت أليه ألفت لا تعلم لما يخالجها الشك ان هناك سبب آخر وراء سكوت رؤوف, تحدثت بما يجيش في نفسها من تساؤلات وقالت:
- مش عارفة ليه يا رؤوف حاسة انه فيه سبب تاني, ممكن تصارحني.. انت موافق على شهاب فعلا ولا علشان ما تزعلش والدك؟
نظر اليها رؤوف واعتدل في جلسته ملتفتا اليها وهتف:
- بصراحة آه, تقدري تقوليلي بنتك عندها كم سنة؟, 28 سنة, رفضت كم عريس لغاية دلوقتي؟ احنا مش عايشين لها هي واختها, ماله شهاب مهندس محترم وابن عمها وهيخاف عليها, بنتك لازم تفكر انه فرصها بتقل في الجواز كل ما بتكبر, ومن الاخر كدا كفاية اللي حصلها قبل كدا, انا مش مستعد اكرر حكاية اللي اسمه احمد دا تاني, كفاية اللي جرالها المرة الاولانية دي كانت هتروح من ايدينا, احنا جربنا اختيارها وشوفنا النتيجة خلِّيها هي بقه تجرّب توافق على اختيارنا احنا وانا متأكد انها مش هتندم..
ألفت بدهشة:
- يعني ايه تجرّب يا رؤوف؟, دا جواز!, يعني معنى كلامك انك موافق بجد؟.
رؤوف بحسم:
- أيوة موافق, ولما تعرفي أسبابي انتي كمان هتوافقي!
نظرت اليه ألفت بتساؤل ليجيب بجدية بالغة:
-احمد رجع يا ألفت, عارفة يعني ايه رجع؟!, رجع ومصمم يعيد اللي فات بينه وبين بنتك, ايه رأيك بقه؟
شهقت ألفت عاليا واضعة يدها فوق فمها وهي تردد بذهول: -
- رجع, مش ممكن؟, دي.. دي تبقى مصيبة!!..
زفر رؤوف بيأس وهو يجيب:
- عرفتي أنا ليه كنت عاوز نيجي هنا البلد بأي طريقة؟, البيه كلمني في التليفون وروحت قابلته, جاي بمنتهى الصفاقة وقلة الأدب يقوللي أنا آسف!, تخيلي بعد اللي عمله دا كله وآسف!
قطبت ألفت وهتفت بغضب:
- دا مجنون.. أكيد مجنون!
رؤوف بابتسامة سخرية:
- أنا قلت له كدا بردو, بس هو قالي انه عارف هيقدر يقنع سلمى ازاي!
ثم أردف بيأس:
- شوفي يا ألف أنا منكرش ان سلمى بعد اللي حصل منه ولما فاقت من اللي كانت فيه انه اسمه نفسه كرهته, لكن أنا خايف.. خايف يرجع يحوم حواليها تاني, الزن على الودان أمر من السحر, خصوصا لو شغل لها اسطوانة انه ندمان ومش قادر يعيش من غيرها زي ما قالي, هو كان أول واحد مشاعر سلمى تتفتح له, ما أقدرش أنكر رعبي كأب عليها, ألفت سلمى لو وافقت ترجع له وعمل فيها حاجة تانية كدا يبقى احنا خسرنا بنتنا وربنا يستر المرة دي, مش هيبقى انهيار عصبي وشهرين في المصحة زي ما حصل لها قبل كدا!
ترقرقت الدموع في عيني ألفت ثم حاولت تمالك نفسها وقالت بعزم:
- بنتي قوية يا رؤوف, على أد ما بتبان هادية وباردة لكن أنا عارفة سلمى كويس أوي, على أد ما بتسامح لكن عمرها ما تنسى اللي كسرها وهو كسرها وكسرنا.... مش ممكن توافق ترجع له, لو انت شايف ان شهاب هو الحل أنا معاك, ومن ناحيتي هحاول أٌقنعها ولو بطريق غير مباشر...
نظر رؤوف الى ألفت حبيبته وشريكة عمره وقال وهو يحتويها بين ذراعيه ليلقي بحموله إليها:
- ربنا يستر يا ألفت, يا ريت تقتنع بكلامنا يا ريت..
***************
- عتمان يا ولدي ما تنساش تبجى تجول لاخوك رؤوف انه الليلة عزا راضي الله يرحمه, اللي حوصل دِه نسّانا كل حاجة, اني رايح داري أريح شويْ, معايا يا أم عتمان...
نهض الجد من مجلسه تلحقه الجدة بينما تطلع عثمان الى ولديه غيث وشهاب بتركيز قال بعدها:
- أجدر أعرف ايه اللي حوصل بالظبط؟, مرة واحده عاوزين تتجوزوا وانتو التنيين رايدين بنات عمكم رؤوف؟!, ايه مش غريبة حبتين ؟!..
نظر غيث الى شهاب قبل أن يلتفت الى والده مجيبا بهدوءه المعتاد:
- ما غريب الا الشيطان يا بويْ, بنات عمنا واحنا أولى بيهم, واحنا وصلنا لسن لازمن نتجوزوا, يبجى ايه المانع؟, ولا انت شايف انهم مش مناسبين لنا؟
نفى عثمان سريعا هاتفا:
- لاه.., يشهد ربنا من يوم ما شوفناهم وايجو حدانا ما شوفنا منيهم الا كل طيّب, أني بس مستغرب حبتين, لكن لو متوكدين يبجى خلاص, انتو فاتحتوا عمكم في الموضوع نسيب له وجت يفاتح بناته وربنا يعمل اللي فيه الخير..
شهاب بغموض:
- تفتكر يا حاج انه هيقنعهم؟
عثمان ببراءة مزيفة:
- والله يا ولدي دِه زواج.. يعني لو ما وفجوش منجدرش نغصبوا عليهم, ما تنسوشي انهم تربية البندر!
قفز شهاب هاتفا بحنق:
- يعني سلمى ممكن ترفض؟, حتى بعد ما عرفت انه البلد كلها ساعتين وتعرف انها مراتي؟
نظر اليه عثمان بصرامة وأشار له بعصاه قائلا:
- ولد.. جعمز اهنه..
نظر اليه شهاب متمتما بنزق وهو يجلس مكان ما أشار والده:
- ولد ايه بس يا بويْ؟
لم يستطع عثمان كتم ابتسامة صغيرة وعلق على تبرّمه الواضح:
- طالما اتحدت بلغوتنا يبجى الموضوع إمأثّر فيك صوح!
كتم شهاب زفرة حانقة, وحاول التحدث بهدوء بعيد عنه تماما:
- انا مش شايف سبب تخليها ترفض بصراحة..
عثمان وهو ينظر الى غيث بمكر مستتر:
- ليه.. ما سبج وأختها رفضت خوك!
شهاب بدهشة بينما زفر غيث حانقا مشيحا بعينيه بعيدا:
- هو غيث اتقدم لسلافة؟
عثمان بتلقائية:
- إيوة, والبنيِّة رفضت حسب ما جدك جالي!
غيث وقد بدأ بروده الظاهر بالتصدع:
- لاه يا بوي هي رفضها كان لحاجة تانية وأني كنت هتفاهم معاها لوما جات حكاية ليث ابن عمي خلتني انشغلت بيها, بس اني عارف هقنعها كيف!
عثمان بهدوء:
- مش هنغصبهم على حاجة, اني مش بجول انكو تهمّلوا الموضوع لكن اتعاملوا امعاه بعجل, جدكم موافج بس ما تضمنوش.. بنات عمكم واخدين عجله ويمكن يجدروا يجنعوه برفضهم دِه, وجتها محدش فينا كلاتنا هيعرف يفتح خشمه واصل, يبجى العجل يجول بالراحة إكده والهداوة, ها.. فهمني يا باشي مهندز.. بالراحة مش بالخناج والصوت العالي...
ثم نهض مردفا:
- افوتكم أني دلوك, وما تنسوشي تجولوا لعمكم على عزا ولد عمكم انهاردِه بعد صلاة المغرب ان شاءالله..
وانصرف تاركا ولديه كلا منهما يفكر كيف يقنع متمردته الحسناء بقبول الارتباط به؟!..
**********************
دلف عثمان الى جناحه هو وراوية التي سرعان ما خرجت من غرفة النوم الملحقة بالجناح على صوت صفق الباب بقوة, نظرت الى عثمان الذي وقف يطالعها بنظرات غامضة, حاولت التحدث مدعية القوة:
- بجه يصوح برضيكي تزعّج لي جودام الجاعدين كلاتهم كيف البت الصغيرة؟
تقدم عثمان بخطوات بطيئة حتى وقف أمامها وأجاب بصوت هاديء يخفى وراؤه غضبا مستعر:
- وانتي يصوح تجفي جودام بوي وجودامي وجودام خوي وتجولي بالفوم المليان انك مش رايده بناته لولادك؟
راوية باضطراب وهي تهرب بنظراتها من نظرات عينيه القوية:
- أني ما غلطتش, دول ولادي واني من حجي اني اجول آه ولا لاه!, ولو مش هيتزوجوا واصل بنات ألفت لاه ومليون لاه كماني!
شعت عيني عثمان بغضب ناري وتحدث بهسيس غضب من بين أسنانه المطبقة:
- ما اسمهومشي بنات ألفت, دول بنات خوي رؤوف!
راوية وقد تسلط شيطانها عليها ونسيت من هو عثمان الخولي وكيف يكون غضبه الذي لا قبل للرجال به, فهو كالبركان ما أن ينفجر لا يبقى ولا يذر:
- ولو, ما كانيش يصوح تحدتني اكده وتجولي روحي دارك كاني واحده مهبولة, أني مهما كان مرتك انت يعني كرامتي من كرامتك, ولمن اللي اسمها ألفت دي تسمعك بتحدتني بالطريجة دي هتعمل هي معاي ايه؟
عثمان وهو يقبض بشدة على رأس عصاه حتى ابيضت سلاميّات أصابعه:
- المرة اللي ما بتعملشي احترام لجوزها وترد على كبير العيلة يتعمل امعاها أكتر من اكده!, انتي سمعتيها فتحت خشمها بكلمة واحده؟, ما الموضوع كيف ما يخص ولدك شهاب يخص بتّها, حتى لما بت اخوي فتحت خشمها خوي عرف يسكتّها كيف, الدور والباجي ع الكبيرة العاجلة اللي كنها مخّها ضرب ولازم لها تأديب من أول وجديد!.
راوية بشهقة عالية:
- انت بتجول ايه يا عتمان؟, عاوز تضربني؟!
عثمان بصرامة وبريق شرس يلمع بين مقلتيه:
- لا إنتي أكبر منّيها ولا أني أصغر من أني أسوِّيها!
راوية بدموع التماسيح:
- طب اعملها يا عتمان وشوف مين هيجعد لك فيها بعد إكده!, أني ما اتبهدلش على آخر الزمن وجودام اللي يسوى واللي ما يسواش!
وفي أقل من لمح البصر يسكتها عثمان بصفعة مدوية على وجهها جعلتها تصرخ عاليا ألما, وغضبا, و... خوفا!!
نظرت اليه ويدها تغطي وجنتها اليسرى حيث علامات أصابعه الخمسة موضع صفعته, والتي شكلت مكانها لونا أحمر قان, همست راوية بغير تصديق:
- انت بترفع يدك عليا يا عتمان؟, اني مش مصدجة!, انت عمرك ما اعملتها!, بترفع يدك عليّا عشان ألفت وبناتها!
مد عثمان يده ليقبض على رأسها فيسقط وشاحها جانبا بينما تتأوه ألما وهو يقول بغيظ وغضب جعل أوداجه تنتفخ وبشدة:
- انتي واعية للي جولتيه؟, هما مين دول اللي ما يسووش؟, بوي وامي واخوي؟, انتي كل اللي هامك ألفت وبناتها؟, ايه ما عاوزاشي تنسي انها هي اللي فضّلها عليكي!
سكتت راوية في ذعر بينما تابع عثمان بين غضب وأسى:
- سنين وأني شايل جوايا ومعبِّي, وأجول خلاص يا ولد احنا ولاد انهارده, سنين وأني كاتم جواتي, فكرك مش عارف انك كتِّي حاطة عينك عليه.. على خويْ؟!, ومن فُجرك صارحتيه باللي جواك!
نظرت اليه راوية وقد غرقت معالم وجهها في دموعها المنهمرة بينما تشكلت كدمة زرقاء في زاوية فمها وتحدثت بتلعثم واضح:
- انت.. انت بتجول ايه؟, كدب ما حوصلـ.......
ليصرخ عاليا:
- اوعاكي تجولي كدب, اني سمعتك بدناتي التنيين يا بت عمي, يوميها شوفتك وانتي واجفة امعاه, آخر يوم كان فيه إهنه جبل ما يسيب البلد ويسافر, كانت اختك شايفاكم وأني كت بالصدفة جاي أتكلم امعاه أحاول أجنعه انه ما يزعِّلش بوه منِّيه لمن شوفت وسمعت كل حاجة....
ودفعها بقوة جانبا , ليهز برأسه أسى وأسف, ثم ينهار جالسا فوق المقعد خلفه وهو يردف بأسف وغضب:
- كت أتمنى يكون كدب, بس ما جدرتش أكدب وداني, ولمن جوم بعد الغيبة الطويلة ده كلاتها عرفت انك لساتك شايله في جلبك منيه ومنيها, مع ان هي مالهاش ذنب..
ثم رفع رأسه ناظرا اليها متابعا بحدة:
- لكن توصل بيكي انك تهيني خوي وبناته ومرته في وجودي ووجود بوي كبير العيلة.. يبجى لاه.. أدفنك مُطرحك ولا انك تكوني سبب في فرتنة العيلة..
لم تصدق راوية ما سمعته أذناها, هو يعلم!, انه على علم بكل شيء ومن قبل اتمام زيجتهما!, لما لم يخبرها؟, فجأة تغيرت صورة عثمان في ناظرها, ذلك الرجل التي كانت تسيّرها رهبتها وخوفها منه, لم تسأل نفسها أبدا عمّاهية شعورها تجاهه, فهو ابن عمها الذي أجبرت عليه, كانت طوال عمرها تخافه وتهابه لشخصيته القوية, فيما كان رؤوف هو الدائم الابتسام والطيبة, لذلك كان رؤوف هو فتى أحلامها, بينما عثمان صورة مطابقة من أخيها عدنان!
ارتمت أسفل قدميه وقالت وهي لا تتصور أن تخلو حياتها من عثمان!, رجلها ووالد أبنائها, هتفت برجاء:
- ليه ما جولتليش؟, والله العظيم ويمين تلاته ان عمري ما اتحدت مع خوك واصل, غيرشي هو اليوم دِه, انت ما تجدرش تحاسبني على عجلي واني لساتني بت 15 سنة, بس احلف لك على مصحف اني من وجت ما بجيت مرتك على سنة الله ورسوله ما فكرت في غيرك واصل, اني مش خاينه يا عتمان, مش خاينه يا ولد عمي!
نظر اليها برفض وأشاح بعينيه بعيدا, فانحنت على يده تقبلها وهي تغسلها بدموعها هاتفة:
- أحب على يدك تصدجني, صدجني وسامحني, اني طول عشرتي امعاك زعلتك مني واصل؟, كل اللي كت بتجول عليه كت بنفّذه بالحرف الواحد, اني مش غيرانه منيها زي ما انت فاكر عشان اللي حوصل زمان.. لاه!, هي جات خدت كل حاجة ع الجاهز, حتى مرت عمي ما بجيتش معايا زي الاول!, حتى انت يا ابو غيث... بشوفك بتشكر في أي حاجة بتعملها, دِه حتى زينب في صفّها, اني خالص ما عادليشي عازة, حتى زواج ولادي ماليش صالح بيه, عارف يعني ايه يتزوجوا بناتها؟, يعني تبجى مجابلاني يا هي يا حد من طرفها طول ما اني عايشة, ما جدراشي يا عتمان, افهمني!
جذب عثمان يده بعيدا ونظر بجدية اليها مجيبا:
- لازمن تنسي يا راوية, الست من يوم ما جات ما شوفناشي منيها غير كل خير, غيرك انتي!, فكرك اني معارفش اللي بيوحصل من وراي!, كلامك اللي بتسمي بيه بدَنْها!, أمي كات لازمن تبجى في صفها.. خصوصي انه الغلط راكبك من ساسِك لراسك, انتي اللي بتنفِّريهم منيك وتبعديهم عنّك, ده بدل ما تحاولي تاخديهم في حضنك, وتحبيهم وتبجى كيف أمهم!
زفر بضيق وأردف:
- أني عارف انك عمري ما خنتيني ولو بفكرك حتى, بس تفتكري ما زعلتش انك كت حاطة عينك على خويْ, وانك كت عاوزاه هو؟!, مش هكدب وأجولك اني لساتني متضايج من اكده بس برضيكي انتي مش بتخليني أنسى!
راوية بيأس ولا تزال راكعة على ركبتيها أمامه:
- أحلف لك بالله انه ما فيه حاجة في بالي من الحديت الجديم دِه, أني.. اني يمكن أكون زودتها اشوي خصوصي جودام عمي ومرات عمي بس..
رفع عثمان يده مانعا اياها من المتابعة وقال بجدية وهو يميل ليأسر عينيها في نظرة قوية:
- من غير بس, مرت خوي هي وبناتها كرامتهم من كرامة خوي, آخر مرة أسمح لك انك تتعاملي امعاهم ولا تلجحي عليهم بكلامك الماسخ دِه!, وموضوع زواجهم من ولادنا مالكيش صالح بيه واصل, ده موضوع الرجالة هي اللي تتكلم فيه, مفهوم ولّا لاه؟, ما عاوزشي أتحدت في الكلام دِه تاني!
أومأت بالايجاب وهي تسدل عينيها الى الأسفل, تنهد عثمان بيأس وهو يطالع وجنتها حيث بدأ اللون الأزرق يزحف مكان الصفعة, أشاح بعيدا وهو يقول بصوت خشن:
- خلاص, جومي شوفي هتعملي ايه وهمّليني لحالي, عاوز أرتاح شوي!
ونهض متجها الى غرفتهما تتابعه راوية بعينيها ودموعها تغرق وجهها ولكن ترى هل هي دموع الندم أم الحزن أم الغضب ممن كان السبب فيما حدث من وجهة نظرها؟!
***********
- ليث يا ولدي تعالى عاوزك في موضوع..
لحق ليث بوالده في غرفة الجلوس, بعد أن استقر بهما المقام, نظر عدنان الى ولده وقال بهدوء:
- هنعملوا ايه مع ام عدنان؟
قطب ليث وتساءل:
- هنعملوا ايه في ايه يا بوي مش فاهم؟
عدنان بجدية:
- يعني لمن تفوت العدة.. هتفضل معانا اهنه ولا هتعاود لاهلها؟, ولمن تعاود هتاخد امعاها الولد ولا هتسيّبهم حدانا, الولد لساتهم اصغيرين حرام نحرمهم من امهم مش كفاية بوهم!
ليث عاقدا جبينه بقوة:
- وليه السؤالات دِه دلوك يا بوي؟, لا هي جالت عاوزة تعاود لاهلها ولا عمي جال انهم هياخدوها!
اغمض عدنان عينيه وزفر بضيق ثم فتحهما ناظرا اليه بتركيز مجيبا بجدية بالغة:
- لانه دِه اللي هيوحصل, ولازمن نكون مرتبين نفسنا وجتها ونعرفوا هنجول ايه..
ليث بزفرة حنق:
- ممكن تدخل في الموضوع طوالي يا بوي؟, اني مش فاهم انت عاوز توصل لايه بالظبط؟
نظر عدنان لابنه قائلا بصرامة:
- اتجوزها يا ليث!
هتف ليث بدهشة وهو يقفز عن قدميه واقفا كمن لدغته أفعى:
- باه!, بتجول ايه يا بوي؟
أشار اليه عدنان بالجلوس فأطاعه ثم أجاب عدنان بحزم:
- بجول اللي لازمن يوحصل!, بت عمك لساتها اصغيرة وحلوة ومن عيلة كبيرة وألف عيلة تتمنى تناسب الخولي, وما يعيبهاشي انها أرملة.. دِه أمر الله, واحنا مش هنجدر نجفوا جودام نصيبها, مهما كان هي لساتها اصغيرة ووكيد بوها مش هيوافج انها تفضل مترملة العمر كلاته!
ليث باستهجان:
- يعني ايه؟, هيزوجها إيّاك!
عدنان بجدية:
- طبعا, واني هوافجه, دِه حلال ربنا!
ليث بانفعال رغما عنه:
- بس كيف نخلي غريب هو اللي يربي اعيالنا؟, لو رايده الزواج هي حرة بس تهمّل لنا اعيالنا..
عدنان بزفرة تعب:
- يا ليث افهم, حرام العيال لساتهم اصغيرين ليه يتحرموا من امهم مش كفاية بوهم؟
ليث رغبة منه بانهاء النقاش في هذا الموضوع الذي بدأ يثير حنقه و... غضبه!, وقف وأجاب:
- لمن تبجى عدتها تخلص ويجي لها عريس يبجى نشوف هنعملوا ايه, عن اذنك يا بوي!
ليصدح صوت عدنان خلفه مانعا اياه عن التقدم ما ان لفظ كلمته:
- وان جولتلك انه عريسها موجود!
تسمر ليث واقفا في مكانه قبل أن يلتفت الى أبوه مرددا بغير تصديق:
- عريسها موجود!, كيف دِه؟, ومين؟, هي لساتها في العدة!
عدنان وهو يحرك كتفيه بلا مبالاة:
- يبجى مجاهد ولد جابر الخولي, من الخولي برضيكي, مجاهد كان صديج المرحوم الروح بالروح, بوه حدتني أني ما ينفعشي يكلم عتمان وبتّه لساتها في العدة, هو عارف انها مطمع ناس كتير جوي, زينة ومن عيلة و...
هتف ليث وغضب من نوع آخر يتصاعد في صدره:
- بكفاياك يا أبويْ, ما عاوزشي أسمع جالو ايه!, الحديت دِه مالوشي عازة دلوك.. واحنا مش جاصرين على ترباية اعيالنا..
عدنان محاولا توضيح الصورة له:
- يا ولدي افهم, كلامهم خلاني أوعى انه سلسبيل مسيرها تتزوج, وسلسبيل خسارة وألف خسارة, وأديك شايف امك روحها فيها وفي العيال, وانت ما شاء الله عليك رجل طول بعرض وولد عمها وانت اولى بتربية صغار خوك من غيرك, جولت ايه؟
زفر ليث بيأس وهتف:
- ربنا يجدم اللي فيه الخير يا بوي!
ألح عدنان قائلا:
- برضيكي يعني ايه؟
هتف ليث قبل أن يولي مغادرا:
- اللي تشوفه يا بوي اللي تشوفه!
لينصرف والشياطين تتراقص أمام عينيه بينما ارتسمت ابتسامة راحة على فم عدنان, فيما وقف ليث ما أن غاب عن ناظري والده متمتما وهو يستند برأسه الى الجدار خلفه ليضربه بخفة مرات عدة:
- أتزوجها كيف بس؟, ده كانت مرته يا بوي مرته!
ليعتدل واقفا وهو يتابع بعينين يملؤهما التحد والاصرار:
- لكن طالما اكده ولا اكده هتتجوز تاني يبجى أني هكون جدرك ونصيبك يا سلسبيل, زي ما انتي جدري اللي مجدرتش أهرب منِّي واصل مهما حوصل!
************************
التزم رؤوف برغبة سلمى في عدم الضغط عليها, وكان قد مر أسبوع على حديثه معها, كانت لقاءاتها بشهاب تقتصر على تبادل السلام والتحية, كان كثيرا ما يزورها في المستوصف الصغير الذي تم الانتهاء منه, كانت تتعامل معه بمنتهى البرودة والرسمية الأمر الذي كان يجعل شهاب يستشيط غيظا وغضبا ولكنه كان يحاول تمالك نفسه تماما كما وعد عمه!, بينما حاول غيث مرارا مفاتحة سلافة في أمر ارتباطهما والتي ما ان تقع عيناها عليه حتى تنظر الى يديه وتشيح بنظرها سريعا لتبتعد عن أي مكان يصدف وجوده به حتى أنها امتنعت عن الذهاب الى الديوان وكان كل العمل المطلوب منها تقوم به عن طريق الحاسوب من المنزل الأمر الذي كاد يذهب بعقل غيث, وعقد العزم على مواجهتها قريبا جداً!!..
- دكتورة سلمى شعبان تعبان جوي يا دكتورة..
نهضت سلمى وقالت لسالم الممرض الخاص بالمستوصف:
- ماله يا سالم؟, لو معاك بره دخله!
خرج سالم من فوره ليعود في غضون ثوان برفقة شعبان وشخص آخر يسنده, أمرت سلمى بوضعه فوق سرير الكشف, وقف معها سالم ومتولي رفيق شعبان, بعد أن فحصته قالت:
- دي كريزة كلى, مش انا قلت لك كذا مرة لازم تروح عند دكتور مسالك بولية شاطر يا شعبان؟؟
استمعت اليه وهي تتناول محقنا لتجهيز الدواء اللازم لحقنه عندما دلف شهاب الى العيادة بغتة, نظرت اليه رافعة حاجبها بدهشة وتساؤل, قال شهاب وهو يدير نظراته بين الرجال الثلاث الذي يحيطون بها هي الأنثى الوحيدة وكأن ما يراه لم يرق له فقال مقطبا جبينه:
- معلهش مالاقيتش سالم, قلت اطمن عليكي!
لم تجبه وبدلا من هذا التفتت الى شعبان الذي يضع يده على مكان الألم في جنبه الأيسر وهو يتأوه بقوة من شدة الألم, قالت وهي تشير الى سالم ليساعده في رفع ثوبه لتحقنه بالمسكّن:
- معلهش يا شعبان الدوا دا بإذن الله هيهدي الألم...
نظر شهاب الى سالم الذي يساعد شعبان في رفع الجلباب ثم الى سلمى التي وقفت بعيدا تتظاهر بالانشغال بالنظر الى المحقن بيدها, تاركة له المجال حتى يجهز لحقنه, تقدم اليها بخطوات سريعة ووقف أمامها وهو يهتف بحدة بصوت منخفض:
- انتي فاكرة نفسك هتعملي ايه؟..
نظرت اليه بدهشة حائرة وأجابت:
- أفندم؟, هعمل ايه يعني؟, هديلو حقنة...
سخر شهاب مقلدا اياها:
- هديلو حقنة!, يا سلام!, لا طبعا ما ينفعش!..
سلمى بنزق محاولة عدم رفع صوتها وهي تسترق النظر بين كل كلمة واخرى الى مريضها:
- هو ايه دا اللي مينفعش!, سالم مش بيعرف يدي حقن, وانا الدكتورة هنا ودا مريض, يبقى مين اللي هيديلو ان شاء الله.. انت؟!
مشيرة اليه بسخرية, فنظر اليها ضاغطا على شفتيه بقوة قبل أن يجذب المحقن من يدها بشدة أجفلتها وهو يحتد قائلا:
- آه..
هتفت به بصوت منخفض غاضب:
- تعالى هنا.. هو ايه اللي آه؟, انت عمرك اديت حقن قبل كدا؟
شهاب بسخرية:
- للبهايم ولا مؤاخذة, وبيتهيالي البني آدمين مش هتبقى بعيدة اوي عنهم, مش كيميا يعني..
سلمى محاولة أخذ المحقن من يده بينما يبعد يده عنها:
- بقولك ايه يا شهاب دي مش اول مرة أدي حقن لرجالة, ودا بالذات انا عارفة حالته كويس وسبق واديتو قبل كدا, هات الحقنة الراجل تعبان احنا مش عيال صغيرين!
شهاب برفض قاطع:
- لا يعني لا, وحكاية تدي حقن لرجالة دي لينا فيها كلام تاني, محدش هيديلو الحقنة الا أنا, قوليلي ازاي لو خايفة عليه أوي!
سلمى بزفرة يأس:
- يا ربي أقوله دكتورة يقول لي حقن لأ, يا بني أنا بعمل عمليات مبفرّقش بين راجل وست دول كلهم حالات بالنسبة لي!
لم تر تجاوبا منه فزفرت بحنق وأشارت اليه بكيفية اعطائها, تقدم شهاب منه وحدجها بنظرة زاجرة ما ان اقتربت منه لتبتعد, سمعت صوت صراخا عاليا من الرجل سكت تماما بعدها, ما جعلها تقطب, تقدمت ببطء وكان سالم قد ساعده على ترتيب ثيابه, قالت:
- انت كويس يا شعبان؟
رفع شعبان عيناه الذابلة اليها وأجاب وهو ينقل نظراته بينها وبين شهاب الواقف امامه يحدجه بنظرات تحذيرية واضحة:
- الحمد لله يا دكتورة, الباشي مهندز يده بصراحة تجـيلـ... خفيفة.. خفيفة...كيف المرزبة تومام!
ساعده متولي زميله في النهوض, وناولته سلمى وصفة طبية مع تشديدها عليه في الذهاب الى طبيب متخصص, ما ان انصرفوا حتى التفتت الى شهاب هاتفة بحنق وهى ترفع سبابتها في وجه:
- آخر مرة تيجي لي العيادة فاهم؟, أهو دا اللي ناقص دكتورة وأعالج العيانين بتوعي بالمراسلة!
هتف شهاب بغضب:
- وانا ما اقبلش انه يتكشف عليكي رجاله, عاوزة تكشفي يبقى ستات بس, الرجالة يروحوا المستوصف بتاع المركز, وانا هقول لجدي كدا!
سلمى بذهول:
- ايه التخريف دا؟ يا باش مهندس افهم.. انا دكتورة.. وجراحة كمان.. يعني بعمل عمليات للصنفين ستات ورجالة مش على أد حقنة وبس..
شهاب بأمر:
- كانت أيام وخلاص, من هنا ورايح انت تخصص ستات بس!
تخصرت سلمى هاتفة بحنق:
- يا سلام ومين اللي قال كدا ان شاء الله؟, وبمناسبة ايه؟
تقدم منها شهاب حتى على أصبح على بعد انملة منها ومال عليها ناظرا بعمق في زيتون عينيها مجيبا وهو يشدد على كل كلمة تخرج منه:
- أنا اللي بقول, أنتي مش هتكشفي على رجالة تاني, انا مقبلش ان مراتي تتعامل مع أي صنف مذكر غيري!
عقدت سلمى جبينها في حيرة ورددت:
- مراتك!
أكد قائلا:
- ايوة, مراتي..
هتفت بجنون:
- مرات مين؟, شهاب انت جرالك حاجة؟, أنا مش موافقة ومش ممكن...
ليقطع سيل حديثها صوتا لم تصدق أذنيها حين سماعه, كان صاحب الصوت يقف أمام الباب المشرّع وهو يهتف:
- سلمى حبيبتي, أخيرا عرفت أوصلك, وحشتيني أوي يا سمسمة!
لتفتح سلمى عينيها واسعا وهي تلتفت الى مصدر الصوت في ذهول لينقلب الى دهشة عارمة وهي تهتف بغير تصديق:
- أحمد!!
بينما ينظر شهاب الى هذا الواقف فاتحا ذراعيه على وسعهما وترتسم ابتسامة عريضة بلهاء على وجهه الوسيم, ضيق شهاب عينيه ناظرا له نظرة تساؤل وغموض بينما يحدج سلمى بنظرات أقل ما يقال عنها أنها.. ناااااااارية!!
- يتبع -

منى لطفي 19-10-16 06:25 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3663749)
السلام عليكم ال ليلاس
ايه يا بنات مالكم على غيوث كلكم عليه مفيش عدل خالص الولد ينضح رجوله :lol:وجاذبيه وانتم نزلين فيه سلخ ده حتى عيب شوى على شهاب اللى كانه كبريت اى حكه يولع

وعليكم السلام ملوكة قلبي، هههههه مش عارفة قالبين على غيث ليه بالشكل دا مع انه كيوووت خااالص ههههههههه دا كفاية سلافة تخليه يتبلع من غير ماية حتى هههههههههه..ِ

شبيهة القمر 20-10-16 06:58 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم
اهليين منوو ايه القفله دي الي جلطتنا
انا عاوزه اعرف ايه الي جاب حماده لكفر الخولي شكله جا برجليه لاجله هههههه
هو مش عارف انه دخل كفر الاسود هههههه
اتوقع بعد ظهور حماده راح توافق سمسمه على شهاب بدون تردد
ويمكن اول حاجه تقولها لحماده علشان تقفل بوجهه الطريق.. هذا زوجي شهاب عاد هنا شهااب راح ندور عليه مش حنلاقيه يمكن يكون طاار من الفرحه ههههههههه

ليث..!!!! فيه حاجه مخبيها بماضيه عن سلسبيل.. يمكن انه شافها وهي صغيره وحطها بباله بس تفاجأ ان اخوه خطبها قبله وعلشان كذا هو جلس بدون زواج
واحتمال خوفها منه انها تتذكر موقف صرخ عليها وهي صغيره وتفاجأت لما اخذت راضي انه اخوه.. فيس يدري انه توقع فشنك هههه
وفيس ثاني جالس يكتب باقي القصه ههههههه

منوو.. تسلم الايادي ياعسل بس عاوزين سلاف وغيث واكشن على كيف كيفنا ههههه

منى لطفي 21-10-16 12:47 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3663874)
السلام عليكم
اهليين منوو ايه القفله دي الي جلطتنا
انا عاوزه اعرف ايه الي جاب حماده لكفر الخولي شكله جا برجليه لاجله هههههه
هو مش عارف انه دخل كفر الاسود هههههه
اتوقع بعد ظهور حماده راح توافق سمسمه على شهاب بدون تردد
ويمكن اول حاجه تقولها لحماده علشان تقفل بوجهه الطريق.. هذا زوجي شهاب عاد هنا شهااب راح ندور عليه مش حنلاقيه يمكن يكون طاار من الفرحه ههههههههه
ليث..!!!! فيه حاجه مخبيها بماضيه عن سلسبيل.. يمكن انه شافها وهي صغيره وحطها بباله بس تفاجأ ان اخوه خطبها قبله وعلشان كذا هو جلس بدون زواج
واحتمال خوفها منه انها تتذكر موقف صرخ عليها وهي صغيره وتفاجأت لما اخذت راضي انه اخوه.. فيس يدري انه توقع فشنك هههه
وفيس ثاني جالس يكتب باقي القصه ههههههه

منوو.. تسلم الايادي ياعسل بس عاوزين سلاف وغيث واكشن على كيف كيفنا ههههه

قمرايتي الجميييلة ههههههههه تصدقي انه فيسك مش فشنك اوي يعني ههههه فيس بيغمز قربتي يعني... وبنشوف سر ليث وخوف سلسبيل... وبالنسبة لحمادة باشا هو اللي جابو لنفسه يستلقى وعده بقه ههههههههه.. اما عن غيث وسلافة فالأكشنات ما في أكتر منها هههههههه على ودنه، بيتغير جملة وتفصيلا معها بعد ما كان هو العاقل الهادي والراسي سولي بتجننه هههههههههه بتعفرته من الآخر.. في انتظارك حبيبتي بالفصل اللي جاي ان شاء الله ، أسعدني جدااااااااا تعليقك ووجودك يا قمري.. اموووووواه..

مملكة الغيوم 22-10-16 03:21 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
تانى رد اكتبه وربنا يستر وما يضيعش زى اللى قبله حنقهر ساعتها
رؤف فكرنى ببابا الله يرحمه كان صديقى اكتر منه والدى ونقعدو بقى ونحكو ونرغو لدرجة امى كانت بتغير وتقله حبيبة القلب وصلت هههههههههههه حتى لما كنت اشوف شاب ويعجبنى احكيله او لما حد يرمى جتته ويحب يتعرف رؤف بكلامه مع سلمى فكرنى بوجود نماذج من الاباء نادرة الوجود الاب الصديق المتفهم مش بس اشخط انطر من غير فرصة ان حد يرد عليه وخوفه على سلمى مبرر وكمان الاخ شهاب واضح انه وقع على بوزه فى غرامها وبيغير من خلجاته ربنا يسترما يصورش قتيل النهارده واول حرف من اسمه كان------------كان حماده اللى راح برجليه وفاتح درعاته وعلى وشه ابتسامه عريضه ودى حتكون اخر ابتسامه بعد شهاب ما يعيد توزيع خريطة وجهه
سولى بتدى غيث الليث الوش الخشب هى مش مدركه ان التار فى الصعيد مش مجرد روح مقابل روح لا ده حياه وكرامة عائله اذا لم تدافع عن ولادها وحقوقها ستصبح مسخرة العائلات ولن تسمع لها كلمه
الليث اخيرا ظهر خبايا نفسه يبدو انه كان مغرم بسلسبيل قبل ما يعرف انها لاخوه راح اكون جدرك ونصيبك كيف مانتى جدرى ونصيبى اللى معرفش اهرب منيه واصل
اخيرا واحده حتعمر معاه بعد ما كانت مدة صلاحيات زوجاته اقل من ست شهور بس يارب توافق ما تجيلهاش نوبة زعر وتلبد تحت اى سرير لحد ما ينصرف كنه عفريت
صعب عليا قوى المسكين اللى وقع تحت ايد شهاب يديله حقنه شعبان زمانها بقت زى المصفه او عمله فيها حفره هههههههههههههه
تسلم ايدك منمن وفى انتظار البارت القادم بشوق والسموحه لتائخير الرد المنتدى والنت متفقين عليا مووووووووووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 22-10-16 11:55 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3664072)
السلام عليكم ورحمة الله
تانى رد اكتبه وربنا يستر وما يضيعش زى اللى قبله حنقهر ساعتها
رؤف فكرنى ببابا الله يرحمه كان صديقى اكتر منه والدى ونقعدو بقى ونحكو ونرغو لدرجة امى كانت بتغير وتقله حبيبة القلب وصلت هههههههههههه حتى لما كنت اشوف شاب ويعجبنى احكيله او لما حد يرمى جتته ويحب يتعرف رؤف بكلامه مع سلمى فكرنى بوجود نماذج من الاباء نادرة الوجود الاب الصديق المتفهم مش بس اشخط انطر من غير فرصة ان حد يرد عليه وخوفه على سلمى مبرر وكمان الاخ شهاب واضح انه وقع على بوزه فى غرامها وبيغير من خلجاته ربنا يسترما يصورش قتيل النهارده واول حرف من اسمه كان------------كان حماده اللى راح برجليه وفاتح درعاته وعلى وشه ابتسامه عريضه ودى حتكون اخر ابتسامه بعد شهاب ما يعيد توزيع خريطة وجهه
سولى بتدى غيث الليث الوش الخشب هى مش مدركه ان التار فى الصعيد مش مجرد روح مقابل روح لا ده حياه وكرامة عائله اذا لم تدافع عن ولادها وحقوقها ستصبح مسخرة العائلات ولن تسمع لها كلمه
الليث اخيرا ظهر خبايا نفسه يبدو انه كان مغرم بسلسبيل قبل ما يعرف انها لاخوه راح اكون جدرك ونصيبك كيف مانتى جدرى ونصيبى اللى معرفش اهرب منيه واصل
اخيرا واحده حتعمر معاه بعد ما كانت مدة صلاحيات زوجاته اقل من ست شهور بس يارب توافق ما تجيلهاش نوبة زعر وتلبد تحت اى سرير لحد ما ينصرف كنه عفريت
صعب عليا قوى المسكين اللى وقع تحت ايد شهاب يديله حقنه شعبان زمانها بقت زى المصفه او عمله فيها حفره هههههههههههههه
تسلم ايدك منمن وفى انتظار البارت القادم بشوق والسموحه لتائخير الرد المنتدى والنت متفقين عليا مووووووووووووووووووووووووووووووووواه

حبيبتي ملكة قلبي انتي... تسلميلي على تعليقك الجمييييييل، تصدقي أنت وضحت فكرة التار عند الصعيد فعلا، الموضوع مش دم قصاد دم لآ... دي هيبة عيلة وكرامتها تروح ورؤوسهم تنغرس في الطين لو ما اخدوا بتارهم، أنا مش ببرر أنا ضد العادة الجاهلية دي أكيد لكن هما اتربوا على كدا,...
بالنسبة لسلسبيسل تستخبى تحت السرير هههههههه فأحب أقولك أنه سلسبيل هتفاجئكم وبشدة!!!..
أما عن شهاب فأعتقد أنه الكابتن حمادة هيعرف غلطه كويس أووي... دا لو لحق حتى أنه يعرف!!!!
سولي وغيث... وتوم وجيري.. هههههههه ومفاجأة هتقلب الموازين...
بالنسبة لرؤوف دا نمط الاب اللي اتمنى وجوده في كل أسرة، ربنا يرحم والدك ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة، أنا اتربيت مع أب قريب جداااااااا لرؤوف، دايما كان يقول وأمرهم شورى بينهم، ما عمره أمرنا بشيء مخالف لرغبتنا، ودايما باب النقاش مفتوح معه على طول،،، بجد ىأنا يمكن في معظم رواياتي بلاقي الاب هو الصديق للبطلة لأني نفسي الصقة دي تسود، مش شخط ونطر وعصبية، الاولاد ممكن ما ينفذوا اللي انت عاوزه خوف بس وقتها بيعملوه في السر او متى ما خوفهم قل لكن كمان ممكن ما ينفذوه احترام وخوف على زعلك مش منك ووقتها ما هيعملوا لو إيه ما كان...
جهزي حالك للبارت الجديد يا قمر وشهااااااااااب هيطحنه هههههههههه

منى لطفي 22-10-16 11:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الثانية عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
- مين دا يا سلمى؟.
تساءل شهاب مقطبا الجبين, دلف احمد الى الداخل متجها الى سلمى غير ملتفت الى من يقف بجوارها, وقف أمامها وقال بنظرات مشتاقة:
- وحشتيني...
لتمتد يد كالكلّاب تمسك بمقدمة قميصه ويجذبه شهاب اليه بقوة ناظرا اليه بغضب وحشي وهو يزمجر من بين أسنانه:
- احترم نفسك!, انت مش شايف راجل جنبها؟..
حاول أحمد دفع يد شهاب بعيدا وهو يهتف بغلظة:
- ايه يا عم انت, انت مالك؟, انا جاي علشان د. سلمى انت تبقى مين؟
شهاب وهو يدفعه بعيدا عن مسار سلمى ويكور قبضته متأهبا لضربه هاتفا بغضب عاصف:
- انا هعرفك دلوقتي أنا أبقى مين؟
وما ان هم بلكمه حتى هتفت سلمى:
- بس كفاية..
اتجهت اليهما في حين نظر اليها شهاب ورغبة في قتل هذا الكائن الطفيلي تتفاقم لديه, وقفت سلمى بجوار شهاب ناظرة الى أحمد ببرودة وهي تقول:
- نعم.. أقدر اعرف سبب الزيارة؟
أزاح أحمد يد شهاب جانبا ودفعها بقوة ليعيد ترتيب ثيابه التي تجعدت من هجوم شهاب المباغت عليه, ثم أجاب وهو يرمق شهاب شذرا:
- عاوزك لوحدنا يا سلمى...
زمجرة شديدة صدرت من شهاب وصرخ وهو يهم بالانقضاض عليه:
- لاااا... دا انت قليل الادب بقه وعاوز تتربى..
سلمى وهي تقبض على ذراع شهاب وتنظر اليه مطالبة له بالصمت, لتلفت الى احمد متسائلة بجمود تام:
- عاوز ايه؟, أي حاجة عاوز تقولها اتفضل قولها دلوقتي انا مبخبيش على شهاب حاجة!
قطب أحمد وسأل باستهزاء:
- ليه؟, يبقى مين ان شاء الله؟
شهاب بترفع ونظرة غضب سوداء تلمع في مقلتيه:
- انا ابن عمها... وخطيبها!
ليبتسم أحمد ابتسامة ساخرة ويرد ببرود تام:
- وأنا أحمد.. جوزها!!..
كتمت سلمى شهقة داخلها وهمّت بالرد عليه عندما فاجئها شهاب بأن نظر الى أحمد نظرة استعلاء واضح قبل أن يقول ببرود وابتسامة صفراء تزين ثغره المغطى بشارب ولحية خفيفة:
- قصدك اللي كان.. جوزها!
أفلتت شهقة سلمى هذه المرة ولكن من عبارة شهاب, نظرت اليه بعدم تصديق في حين تمتم أحمد مقطبا جبينه:
- إنت عارف أنها كانت مراتي؟
بصعوبة تمالك شهاب نفسه من أن يكيل اللكمات الى هذا المغرور السخيف, فكلمته التي ادلى بها بمنتهى البرود من أن سلمى إمرأته جعلت الشياطين تتقافز أمام عينيه.. نسبها الى رجل آخر يثير لديه غريزة رجل الكهف في الدفاع عمّا هو له.. وهي له... لن تنتسب الى رجل غيره.. وسيكون ملعونا ان لم يحصل عليها وسيعمل على جعلها تؤمن بأنه هو رجلها الوحيد وسيجعلها تعترف بذلك إن آجلا أو عاجلا!....
أجاب شهاب بحدة مكتومة واسلوب ساخر:
- قصدك مكتوب كتابكم؟, الموضوع دا كان من سنتين تقريبا والحمد لله ربنا نجاها منك بعد ما أثبت أد إيه انت انسان ندل وخسيس وواطي... أقدر أعرف راجع عاوز ايه؟
هتف أحمد بحدة:
- أنا مسمحلكش تكلمني بالاسلوب دا؟
شهاب باستهزاء:
- انا أساسا مش عاوز أتكلم معاك خالص, لكن زي ما انت شايف انت اللي جيت برجليك... وبما إن سلمى بقيت تخصني يبقى أنا لازم أتلكم معاك وافهم...
احمد ينقل نظراته بين هذا الليث الغاضب وبين سلمى المذهولة التي تتابع ما يحدث بذهن غائب, قال أحمد ببرود مغيظ وهو يزيل شيئا وهمي عالق بكم سترته:
- وانا اعتقد اني قلت انى عاوز سلمى لوحدها؟!..
ثم وجه نظرة مليئة بالتحدي لشهاب وهو يتابع:
- زي ما انت خطيبها دلوقتي أنا كنت في فترة من الفترات جوزها أو.. اللي كاتب كتابه عليها, وأعتقد انه فيه حاجات بيننا مالهاش أي صلة بيك؟!
الى هنا ونفذ صبر شهاب ولم يستطع السيطرة على غضبه أكثر من هذا لينفلت غضبه من عقاله ويهوي بقبضة كالحديد محطمّا فك أحمد لتنزف شفته وأنفه على حد سواء وينظر مبهوتا الى شهاب الذي يقف يلهث من شدة ما يضطرم بداخله من نيران تتأجج مهددة في حرق كل من يقف في طريقها!
انتبهت سلمى من شرودها وذهولها نتيجة مفاجئتها بمعرفة شهاب بأمر ارتباطها السابق بأحمد لتهتف باعتراض وهي ترى أحمد ينزف ويقف محاولا ايقاف سيل تدافع الدماء من أنفه وفمه على حد سواء بينما يقف ذلك الليث الهائج متحفزا على أهبة الاستعداد لأعادة الكرة مرات كثيرة, هتفت بنزق وهي تسرع باعطاء أحمد محارم ورقية لمسح الدماء التي تقاطرت على قميصه:
- مش ممكن يا شهاب, كويس كدا؟, انا أقدر أوقفه عند حده, بس ما ينفعش الضرب!
نار... نار تزداد وتتأجج وهو يستمع لتقريعها له وكأنه طفل صغير قام بفعل سيء!, بينما ذلك المتحذلق المغرور يقف محاولا مسح جرحه وهو يطالعه بنظرة ساخرة متشفية, هتف شهاب وهو يقترب منها والنيران تتصاعد من فحم عينيه المشتعل:
- امشي دلوقتي يا سلمى وسيبيني أنا هتصرف...
وقفت بينهما تهتف بحنق:
- انا مش همشي, الموضوع يخصني أنا..
ثم التفتت الى أحمد الواقف يطالع شهاب باستفزاز لتهتف به محتدة:
- في كلمة ونص أعرف ايه سبب زيارة حضرتك يا دكتور!
نظر احمد الى شهاب الواقف كالصقر المتربص به يحاول تمالك أعصابه بصعوبة, أجاب أحمد محاولا كسب عطفها:
- هتكلم ازاي والاستاذ واقف فوق راسي كدا, عاوز اتكلم معاكي على انفراد لو سمحتي...
نفخت سلمى بضيق ولم تجد بدّا من القبول بسخط والتفتت لتطلب من شهاب تركهما بمفردهما لتبتر كلماتها قبل أن تتلفظ بها ما إن وقعت عيناها أسيرة عينيه!, نظر اليها بتركيز وتقدم منها ليقف قبالها تماما ويقول بغضب مكبوت بينما خافقه يضرب بعنف في جنبات صدره وهسيس أنفاسه الساخنة تضرب وجهها بلهيب حارق:
- اوعي تقولي انك موافقة على طلب المجنون دا؟, اقسم بالله على جثتي أني أمشي وأسيبك معاه!
هتفت سلمى بيأس:
- شهاب أرجوك.. دي مشكلتي أنا وأنا بس اللي أوافق ولا أرفض!
نظر اليها بجدية هاتفا بصرامة بكلمة واحدة ولكن باترة حادة كشفرة السكين:
- لا....
زفرت بضيق في حين لم يتحمل أحمد هذا البائس الذي يقف بينه وبين الانسانة الوحيدة التي خفق لها قلبه, ليتقدم برعونة لم يدرك خطؤها الّا لاحقا وهو يهتف بغضب:
- قالت لك سيبنا لوحدنا, هي عافية يا أخينا؟!
لمعت عينا شهاب وانطلقت يده كالقذيفة تمسك بتلابيب أحمد وهو يهتف بصوت ترجف له الأبدان وترتعش له المفاصل:
- أه عافية, ووريني بقه هتعمل ايه؟
وما إن أنهى عبارته حتى لكمه بقوة على وجنته ولكن أحمد لم يسكت هذه المرة ليرد له الصاع الصاعين وبدأ الصراع بينهما بين ركل وضرب وسباب, ابتعدت سلمى عنهما ووقفت تنقل نظراتها بينهما لتنفخ في يأس ثم تسرع حاملة حقيبتها اليدوية الى الخارج بينما لا يزالان يكيلان لبعضهما الركلات واللكمات, وجدت سيارة شهاب الرباعية المكشوفة واقفة خارج المستوصف ولحسن حظها كانت المفاتيح بداخلها, صعدت الى السيارة وانطلقت بها وسط عاصفة ترابية ضخمة لتصدر عجلاتها صوت صرير عال دليلا على مدى السرعة التي انطلقت بها, فينتبه شهاب واحمد الى صوت السيارة فيدفع شهاب بأحمد جانبا بقوة بعد أن يلكمه اللكمة الأخيرة التي أطاحت به بعيدا ويسرع في إثر سلمى فيفاجأ بعدم وجود سيارته, ويبصر غيث آتيا من بعيد على حصانه فيشير اليه ليتقدم منه ويقف وهو مذهول من حالة توأمه المزرية, ترجل غيث من فوق حصانه وتقدم الى شهاب هاتفا:
- باه.. ايه اللي عِمِل فيك إكده يا وِلد أبويْ؟
اندفع شهاب صاعدا الى فرس غيث وهو يهتف هامّا بالانصراف:
- هقولك بعدين, فيه ضيف عندك في العيادة اتأكد انه يخرج بره البلد وما يهوّبش ناحيتنا هنا تاني, سلام...
وانطلق كالقذيفة بينما تتابعه نظرات غيث المحتارة وهو يعقد جبينه في تساؤل لم يلبث أن تحول الى دهشة بالغة وهو يفاجأ برجل غريب يخرج من المستوصف وحاله ليست بأحسن من حال شهاب بل أسوأ بمراحل!!
************************
صفّت سلمى السيارة وترجلت لتنطلق الى الداخل, ما ان دلفت حتى اتجهت من فورها الى الأعلى دون أن تلتفت الى مناداة أمها لها والتي راعها حال ابنتها, اتجهت ألفت من فورها الى غرفة الجلوس حيث رؤوف زوجها وهتفت بخوف:
- رؤوف الحقني, سلمى راجعه من بره شكلها غريب أوي, زي ما تكون منهارة!
لينطلق رؤوف من فوره تاركا أخيه ووالده يتبادلان نظرات التساؤل والحيرة!
ما أن وصل رؤوف الدرج متأهبا للحاق بابنته حتى أبصر شهاب وهو يدلف كالطلقة هاتفا بلهفة واضحة:
- سلمى.. فين سلمى؟, عمي سلمى جات؟
نظر اليه رؤوف مليا واقترب منه وجال بعينيه على شهاب من قمة رأسه الى أخمص قدميه ليتساءل بتقطيبة عميقة بين حاجبيه:
- أقدر أعرف ايه اللي حصل؟, وايه اللي عمل فيك كدا؟, وبنتي راجعه شبه منهارة ليه؟
نظر شهاب الى عمه وأجاب بقوة:
- أنا هقول لحضرتك كل حاجة....
دفعه رؤوف الى غرفة المكتب وما ان دخلا وأغلق الباب خلفهما حتى أوقفه أمامه وقال وهو يميل ناظرا اليه بجدية:
- اتفضل أنا سامعك...
بعد أن انتهى شهاب من سرد ما دار بينه وبين سلمى وذاك المتحذلق حتى سكت وجلس يرمق عمه بنظرات تساؤل وقلق في انتظار سماع تعليقه عمّا حدث, تحدث رؤوف بنظرات غامضة وهو يكتف ساعديه مستندا الى ظهر مقعده:
- يعني أحمد رجع وعاوز يتكلم مع سلمى؟
أومأ شهاب بالايجاب وهتف:
- حقير!, بني آدم أحقر وأوطى منه ما شوفتش!!
رؤوف بتساؤل:
- وسلمى كانت موافقة على كلامه؟
شهاب بغيظ:
- كانت رافضة في الأول لكن لما هو صمم وافقت, بس أنا اللي ما رضيتش....
ثم توجه بإلحاح الى رؤوف مردفا:
- عمي لازم أنا وسلمى نعلن ارتباطنا رسمي, لازم الكلب دا يعرف أنه ما عادلوش سكة رجوع مع سلمى, لولا اني وعدت حضرتك ان الموضوع يفضل سر بيننا كان زماني دافنه بالحياة في مكانه, يسيب بنت عمي قبل الفرح بأيام!, يحمد ربنا انه حضرتك سبت بلادنا من زمان لو دا حصل عندنا هنا كان زمانه قال على نفسه يا رحمن يا رحيم, بناتنا مش لعبة, ولازم اللي عمله دا كان يدفع تمنه!
رؤوف بزفرة خانقة:
- ما انا قلت لك يا بني, وقتها كنت عاوز أخلصها من بين إيديه بأي طريقة, ما كانش هاممني الا بنتي, شهرين في المصحة بتتعالج من انهيار عصبي حاد أدى ان صوتها يروح بسببه, عمري ما كنت أعتقد انه يطلع بالندالة دي كلها, ومش عاوز كمان يسيبها لأ قال ايه بيحبها والتانية اللي اتجوزها في ألمانيا كانت علشان ياخد الجنسية وبس, بعد ما سافر عشان الدكتوراه ولاقى نفسه ما فيش شغل والفلوس معجزة معاه واهله هنا ناس من طبقة متوسطة الأب موجّه على المعاش والأم ست بيت وعنده أخين وتلات أخوات بنات غيره, طبعا الحالة ما تسمحش خالص انهم يساعدوه, المنحة اللي جات له من كلية الطب عشان يكمل دراسات عليا مش شاملة مصاريفه هو, الاقامة بس والدراسة, شاروا عليه ولاد ال... حلال انه يتجوز عشان ياخد الجنسية ويقدر يلاقي شغل, اتجوز من ورانا, كان خاطب سلمى من قبل ما يسافر وقالت له هستناك, كانوا زملا في الكلية, هو سابقها بسنتين, كان بيلح عليها علشان تقبل بارتباطهم ولما جالي وقعدت اتكلمت معاه ما انكرش اني اتغشيت فيه, كان بيتهيالي انه راجل وأد كلمته, وبعد ما خد الدكتوراه رجع عشان يتمم جوازهم, كان صمم انه يكتب قبل ما يسافر بحجة انه خايف سلمى تضيع من ايده, وانا وافقت اتخطبوا آخر سنه له في الكلية وعارفين بعض كويس, رجع عشان الفرح, وقبل الفرح باسبوع واحد بس عرفنا انه متجوز في المانيا واحده عندها فوق الاربعين سنة, واللي قالنا صاحبه اتخانقوا سوا ففتن عليه, الموضوع سهل, شهرين بتتعالج وهو رافض الطلاق لغاية ما هددته اني أروح السفارة وأقدم لهم ما يثبت انه متجوز وهناك الجمع بين زوجتين بيعاقب عليه القانون, فوافق انه يطلقها, بعدها ابتدت تتحسن شوية بشوية, الموضوع فات عليه سنتين, اتفاجئت بيه من كم شهر نزل مصر وعاوز يستقر ولما عرف ان سلمى لسه ما اتجوزتش لاقيته بيكلمني عاوز يقابلها وعاوز يرجع لها تاني, وقتها انا فعلا كنت بفكر أني أرجع البلد هنا, وقلت خلاص... لازم أمشي, خفت حالتها تتنكس تاني وجبتهم وجيت على هنا....
سكت قليلا ليلتقط انفاسه ثم تابع بيأس:
- انا قلت لك كل دا لما فاتحتني انك عاوز تخطبها, بنتي ما غلطتش وكنت لازم اكون صريح معاك من أولها لكن المشكلة دلوقتي انها عرفت انك عرفت.. ودي حاجة خاصة بيها, أنا متأكد انها متضايقة لكدا, غير طبعا اللي اسمه أحمد دا اللي انا مش عارف هو عاوز ايه ولا ناوي على ايه؟
كشر شهاب عن أنيابه وقبض يده بقوة وتحدث بحزم مخيف:
- طيب خليه يقرب من سلمى بس وهو يشوف اللي هيجرالو!..
ثم أردف بعزم:
- عمي أنا مصمم على جوازي من سلمى وأملي انه حضرتك تقدر تساعدني...
رؤوف بقلة حيلة:
- ايوة يا بني الأول كان ممكن لكن بعد سلمى ما عرفت انك عندك خبر باللي حصل معاها قبل كدا هتفتكر انه دا شهامة منك ولو كانت رافضة فكرة ارتباطكم بنسبة 50% هتبقى رافضاه دلوقتي بنسبة 200%!!
زفر شهاب بحنق وأجاب:
- الله يبشّرك بالخير يا عمي...
قال رؤوف بشرود:
- هو فيه حل بس....
ليندفع شهاب هاتفا:
- الحقني بيه يا عمي أبوس ايدك!
نظر رؤوف اليه قبل ان يقول بجدية تامة:
- اعرف الاول ايه سبب اصرارك الرهيب دا انك تتجوز بنتي؟, وما تقوليش بنت عمك وانت أولى بيها والكلم دا.. خليك صريح وقولي الحقيقة!!
ازدرد شهاب ريقه بصعوبة ونظر الى عمه بنظرات يشوبها الارتباك قبل ان يتماسك ويوجه نظره اليه بثبات مجيبا بجدية بالغة وعيناه تلمع ببريق العزم والتحد:
- انا هقول لحضرتك السبب...
********************
- يوووه يا سلافة...
هتفت سلمى بغيظ الى سلافة التى كانت تُخرج ما تضعه سلمى في حقيبتها الكبيرة, هتفت سلافة بعناد وتشبث وهى تخرج ثياب سلمى التى تضعها في الحقيبة:
- ما هو انا مش هتحرك من هنا قبل ما تفهميني فيه ايه؟.
نظرت اليها سلمى بغيظ وزفرت بحنق هاتفة:
- هنزل مصر.. ارتحتي؟
سلافة بتساؤل:
- ليه؟
سلمى بتهديد:
- سلافة.. بلاش شُغل كرومبو دلوقتي, مش فايقالك!
سلافة بعناد:
- بردو مش همشي غير لما أفهم فيه ايه؟, وبعدين انتي فاهمه ان بابا هيرضى يخليكي تنزلي مصر؟, يا بنتي قوليلي فيه ايه؟
صرخت سلمى بيأس ودموعها تطفر من عينيها رغما عنها ما جعل سلافة تشعر بأن الأمر جلل:
- فيه اني تعبت!, والله العظيم تعبت!
ثم ارتمت فوق الفراش تبكي لتجلس سلافة بجانبها تربت على كتفها بينما تدفن سلمى وجهها بين ذراعيها منخرطة في بكاء حار شبه راقدة فوق الفراش, همست سلافة وهي تكاد تبكي معها:
- سلمى فيه ايه؟, طيب أنا آسفة حبيبتي ما تزعليش, سلمى أنا...
اندفعت سلمى تلقي بنفسها بين ذراعي أختها وهي تتمتم بكلمات خافتة جعلت سلافة تقطب محاولة الانصات وما ان فهمت ما تقوله حتى فتحت عينيها واسعا وهي تردد:
- ايه؟, احمد رجع تاني؟..
لتكشر عن أنيابها مردفة:
- والمأسوف على شبابه دا رجع يهبب إيه تاني؟, مش كفاية اللي عمله؟
ابتعدت سلمى عن أختها محاولة كفكفة دمعها وابتسامة تشق طريقها وسط دموعها وتقول:
- يخرب عقلك يا سلافة, مش عارفة أضحك ولا أعيّط؟!
سلافة بغيظ:
- لا طبعا تضحكي.. تعيطي بتاع ايه ان شاء الله؟, ما يستاهلشي انك تعيّطي علشانه!, عيّطوا عليه ساعة وسكتوا البعيد!
لتخرج ضحكة مبتورة من فم سلمى, ثم سكتت قليلا لتنظر الى أختها بأهداب مبللة من بقايا دموع وهي تقول:
- بس اللي مش متصوراه انه.. شهاب طلع عارف!
قطبت سلافة مرددة:
- شهاب طلع عارف!, عرف منين؟, وعارف إيه؟...
لتتوسع حدقتاها وتتابع مجيبة على سؤالها بنفسها:
- انتي قصدك عارف بموضوع مخفي الذكر اللي اسمه أحمد دا؟
أومأت سلمى بالايجاب, قطبت سلافة ناظرة اليها بتركيز قبل أن تميل عليها هامسة وكأنها تكاد تفشي سرّا دوليّا خطيرا:
- وانتي بقه بتعيطي علشان شهاب عارف ولا علشان البتاع دا رجع؟
نظرت اليها سلمى لثوان ثم أشاحت بعينيها بعيدا فتابعت سلافة بلهجة من توصل الى سر الذرّة:
- يبقى بتعيطي علشان عرف صح؟, انما السؤال دلوقتي... ليه يا أختي يا حبيبتي؟, ما يعرف انت معملتيش حاجة غلط.. الظروف وقعتك مع واحد واطي والحمد لله اتكشف لنا في الوقت المناسب, يببقى تمسحي دموعك يا آمال... أووه.. أقصد يا سلمى, وتعالي اغسلي وشّك كدا, وبعدين نتكلم في موضوع الباش مهندس....
تعالى صوت طرقات الباب لتدلف ألفت بعدها وهي تقول بقلق أمومي:
- سلمى حبيبتي انتي كويسة؟
طالعتها سلمى بعيون دامعة وأبصرت ألفت حقيبة السفر الكبيرة فوق الفراش فهتفت مشيرة اليها:
- ايه دا يا سلمى؟
واتجهت الى ابنتها فوقفت سلافة معيقة سير والدتها وهي تقول بجدية مفتعلة:
- ما حصلش حاجة يا لولو, كانت لطشة شمس في دماغها وفاقت الحمد لله...
زفرت ألفت قائلة:
- على العموم بابا وشهاب ابن عمك برّه.. بابا عاوزك...
أجابت سلافة بدلا عنها في حين همّت سلمى بالإعتذار عن الخروج:
- قولي لبابا ثواني وهتكون عنده..
خرجت ألفت والتفتت سلافة الى سلمى متابعة:
- قومي اغسلي وشّك وانا هروح اعمل لنا كلنا لمون وغيري هدومك وحصّليني..
وانصرفت سلافة تاركة سلمى تحاول استيعاب ما يحدث لها!
*******************
انضمت سلمى لباقي أفراد عائلتها في غرفة الجلوس حيث كانوا يحتسون شراب الليمون الطازج الذي قامت بإعداده سلافة, وقف شهاب ما إن لمح هيئتها, فقطب رؤوف ليتتبع مسار عيني شهاب, فاستراحت أساريره بعد ذلك وأشار لسلمى بالقدوم قائلا:
- تعالي يا سلمى يا بنتي...
تقدمت سلمى لتجلس على أول مقعد يقابلها ليأتي حظها في مقابل شهاب تماما..
خانتها عيناها بالنظر اليه لتطالعها كدمة زرقاء أسفل عينه اليسرى وأخرى فوق وجنته اليمنى, قطبت فقال شهاب بابتسامة خفيفة واعيا لنظراتها:
- لا دي حاجة بسيطة, بس ولا يهمك.. غيّرت لك ديكور وشّه خالص!!
صوت رنين جرس الباب فنهضت سلافة لتفتح, ثوان وعادت في أعقابها غيث, نهض شهاب ينظر الى غيث مقطبا, في حين قالت سلافة للوجوه المتسائلة:
- غيث ابن عمي ما حبش يدخل بإيده فاضية,’ بس بصراحة انا ركنت الشيء اللي جايبه معاه برّه لغاية ما آخد اذنك يا بابا!
تقدم شهاب من غيث وهمس له:
- شيء ايه دا اللي معاك؟
غيث بقهر:
- الجدع اللي حضرتك ضربته لحد ما يبان له صاحب!, مش عاوز يحكي حاجة وانت موبايلك مجفول, صمم يجابل عمي رؤوف, ما رضيتش حد من اللي تحت ينضُرُه دخلته من الباب الجنينه الورّاني, على اهنه على طول!
في حين قال رؤوف لسلافة:
- مين يا بنتي اللي بره؟
سلافة بزفرة ضيق:
- الشيء اللي اسمه احمد!
لينهض رؤوف في دهشة تبعته سلمى, في حين قالت ألفت وهي تنظر الى ابنتها الكبرى في جدية موجهة حديثها الى رؤوف:
- اعتقد يا رؤوف لازم تشوف هو عاوز ايه؟, مش معقول يجري وراها في كل مكان كدا؟
قطب غيث بعدم فهم لما يدور حوله في حين قبض شهاب على أصابعه حتى ابيضت سلاميات أصابعه, قال رؤوف وهو يشير الى ابنته الصغرى:
- دخّليه يا سلافة!
قطبت سلافة بغضب واتجهت حيث تركت أحمد بالخارج وهى تتمتم بصوت مسموع لقطه غيث بسرعة:
- الهي يدخّلوك مرابعة يا شيخ روح!
نظر غيث الى شهاب المتحفز بجانبه وهو يهمس بدهشة:
- بت عمك اتجننت!, بتكلم روحها!
دخلت سلافة وفي أعقابها أحمد الذي دار بعينيه في وجوه الموجودين, حتى تقدم الى بغيّته رافعا يده للمصافحة وهو يقول:
- أزي حضرتك يا عمي..
نظر رؤوف لثوان الى يده الممدودة من دون أن يمد يده للمصافحة وما لبث أن بادله المصافحة ببرود وهو يقول فيما كان لا يزال جالسا في مكانه لم ينهض لاستقباله:
- الحمد لله..
ثم أشار لمقعد خال بجواره قائلا:
- اتفضل..
وجّه حديثه بعد ذلك الى سلافة قائلا:
- كوباية لمون بسرعة يا سلافة...
سلافة وهي تنظر الى الضيف الغير مرغوب به بغيظ:
- اللمون خلص, ومعندناش شاي, ومالناش في القهوة!
هتف رؤوف بجدية:
- بنت!
انصرفت سلافة وهى تهمهم بغيظ وتدعو على ذلك الأرعن في سرّها!!..
بعد أن استقر الجميع في أماكنهم, بادر أحمد الى الحديث وهو يختلس النظر الى سلمى القابعة فوق كرسيها بجمود تام:
- عمي بعد اذن حضرتك, انا عارف اني غلطان وهما قلت عمري ما هقدر أكفّر عن اللي عملته, بس رجاء أخير عاوز أتكلم مع سلمى, عمي اديني فرصة أخيرة أرجوك!
همّ شهاب بالقفز للكم هذا الأرعن بقبضته الساحقة علّعا تسكته الى الأبد, فأمسك غيث بمعصمه , ليطالعه شهاب فنظر اليه غيث آمرا له بالتزام الصمت, ليتأفف ويعاود النظر الى ذلك الأحمق..
رؤوف بجدية:
- سلمى قودامك أهي.. إسألها..
أحمد برجاء حار الى سلمى:
- أرجوكي يا سلمى, اسمعيني لآخر مرة..
سلمى بجمود وهي تطالعه ببرودة وخواء:
- لآخر مرة؟, يعني هتتقبل قراري بعد كدا مهما كان؟
ازدرد أحمد ريقه بصعوبة وتمتم بنعم, نهضت سلمى وهي تقول لوالدها:
- بعد اذن حضرتك يا بابا, هنقعد في الصالة شوية...
وخرجت تحت نظرات شهاب النارية, وما ان غابت عن ناظريه حتى وجه كلماته الحادة التي لم يستطع ايقافها:
- حضرتك ازاي توافق انه يقعد معاها بعد كله؟
رؤوف بهدوء:
- سلمى لازم هي اللي تقول الكلمة الاخيرة في الموضوع دا علشان يفقد الأمل خالص...

وفي الخارج
***********
تقف سلمى عاقدة ذراعيها أمامها بينما يقف أحمد مقابلا لها وعلامات الترجي ترتسم على وجهه وهو يقول:
- سلمى أنا غلطت, ظروفي كانت أقوى مني, مهدد اني أفشل في الرسالة, ما كانش قودامي الا الحل دا, انا رجعت لك يا سلمى وعاوز نبتدي من جديد...
سلمى ببرود وابتسامة ساخرة:
- انت ما غلطتش غلط بسيط, ما دوستش على رجلي غصب عني وجاي بتقولي انا آسف وأنا المفروض أني اسامحك, انت اناني, وكداب, كدبت عليا, ولولا صاحبك اللي اتخانقت معاه هو اللي فضحك عندي انت ما كونتش هتقولي حاجة, وبردوا تصرفت بمنتهى الندالة لما سيبتني قبل فرحنا باسبوع أواجه الناس ومعظمهم مش مصدق انه الفرح اتلغى علشان اكتشفت انك متجوز عليا, وقالوا اكيد فيه حاجة غلط سمعتها عني هي اللي طفشتك, ما هو أصل الناس مش بتصدق الا الوحِش بس!
أحمد بتوسل:
- أرجوكي يا سلمى انسي...
استدارت سلمى توليه ظهرها وقالت بجمود:
- شرفت يا دكتور, بس للأسف طلبك مش عندنا, ويا ريت تبقى دي آخر مرة أشوفك فيها...
هز برأسه يأسا وتقدم منها ليهمس لها:
- صدقيني عمري ما هنساكي يا أحب مخلوقة ليا, أنا اللي خسرت يا سلمى وخسارتي كبيرة اوي ولا يمكن هقدر أعوضها!!
لينصرف من فوره بينما كست عيني سلمى نظرة خواء, لتفيق من شرودها على صوت شهاب وهو يقول:
- مشي؟
نظرت اليه من فوق كتفها ليتابع:
- لو كان قعد ثانية زيادة كان زمانهم شايلينه مرابعه على رأي أختك!
لتنفجر سلمى ضاحكة فنظر اليها شهاب مشدوها ويأتي الجميع على صوتها, اتجهت سلافة اليها وهي تتساءل:
- فيه ايه يا سلمى؟
ثم وجهت سؤالها الى شهاب المندهش:
- انت عملت لها ايه؟, يعني الشيء دا يدخل علينا وكأن قطر داسه من اللي انت عملته فيه, ودلوقتي اختي مش بتبطل ضحك.. ايه انت فول أوبشن؟!
ابتسم شهاب وأجاب ولا تزال نظراته معلقة بسلمى التي احتوتها والدتها بين ذراعيها:
- تقدري تقولي كدا, عموما أي حاجة عاوزاها أنا في الخدمة!
وغمز لها بتخابث فأومأت سلافة بابتسامة متواطئة في حين كانت هناك أعين تراقبهما يكاد صاحبهما ينفث نارا من فمه, ما ان هدأ الجميع حتى اقترب غيث من شهاب هامسا:
- قسما عظما اما كنت خوي ولد أمي وبوي كان زماني دافنك مطرحك!, أجدر أعرف ايه الضحك والغمز واللمز اللي بيناتكم انت وسلافة دِه؟!
حدق به شهاب بغير استيعاب أولا ثم هتف بدهشة:
- ايه يا عمدة انت بتغير ولا ايه؟
كشر غيث عن انيابه وأجاب:
- اجفل خشمك واصل يا شهاب بيه, ماذا وإلا أني هورّيك ديكور وشّك هيبجى ازاي مش كيف ما اعملت للغندور اللي غار دِه!
قال رؤوف قاطعا تهامسهما الجانبي:
- بيتهيألي ننزل لجدكم وابوكم تحت أكيد مستغربين فيه ايه..
قال شهاب وهو يلقي بنظرات مختلسة الى سلمى:
- بعد اذن حضرتك يا عمي, عاوز بنت عمي في كلمتين...
غاب سلمى وشهاب في غرفة الجلوس لمدة لا تقل عن الساعة أو أكثر ليخرجا بعدها ويقفا أمام الجميع ليكون شهاب أول من يتحدث وقد ارتسم على وجهه تعبير جدي:
- عمي..
ليقف رؤوف يتبعه غيث فسلافة وألفت في حين يتابع شهاب وقد بدأت ابتسامة بالظهور لتفترش وجهه الرجولي الجذاب:
- حدد حضرتك المعاد اللي يناسبك عشان ننزل نشتري الشبكة...
هتفت ألفت بغير تصديق:
- ايه؟
همس غيث له:
- خطوبة!
شهاب بفخر وهو ينظر الى سلمى الواجمة والممتقعة خجلا:
- كتب كتاب يا كبير!
شهق الجميع بين دهش وحائر في حين سارع رؤوف بتقديم التهنئة وهتفت ألفت بسعادة لتحتوي ابنتها بين ذراعيها, انحنى غيث على شهاب يهتف بسخط:
- اعملتها كيف دِه؟, دِه ما كانتشي طايجاك واصل!
شهاب بثقة شديدة:
- أنت مستقلّ بأخوك ولا إيه؟, عموما لما ننزل... هقولك!!
- يتبع -




مملكة الغيوم 23-10-16 08:01 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
صباحك عسل منمن الديكور بتاع حماده الجديد مش عاجبنى كان نفسى فى شباك واسع فى الصف الفوقانى من سنانه مع كام غرزه فى حاجبه على نتف شوية شعر من راسه كده يعنى اول ما تشوفيه تقولى مسك سلك عريان مش كدم وشوية دم وهو معندوش اساسا لالالالالالا حنينه قوى انتى ده كانلازم يبقى عبره لاى واحد زيه يسيب خطيبته قبل الفرح باسبوع ابو مين اللى ما يقولش اكيد اكتشف عليها حاجه او اخد غرضه منها وبعدين رماها زى قماشه باليه وترك البنت لكلام الناس اللى دايما تصدق الاسوء ده من ناحية المجتمع البنت نقسها بتتدمر ثقتها فى الناس وبتتحطم مش سهل ابدا ان الانسان اللى اختارته تكتشف انه جبان وعديم مروءه ومعندوش نخوة رجاله كونه يفضل يكون علقه فى ديل سيده اربعينيه عشان الجنسيه دى كارثه فى حد زاتها ده غير انه كاتب على انسانه وثقت فيه وارتضته شريك حياتها خيانه لا تغتفر وبعد كده جى يتبجح باسم الحب حبه برص ولدغه عقرب واتسلى عليه تعبان جعان بعد كده الديابه تمصمص عظمه ولو ان حيجى لها تسمم
الشهاب المنطلق كالقذيفه من كتر الغيره قدر اخيرا يحصل على موافقة سلمى بجد يستاهل لانه مش بس اثنت انه بيحبها لا اثنت انه انسان محترم ماخدش بالظواهر وقال ايه اللى يجبرنى اخد واحده مطلقه كتير بيرفض الفكره بيتهيئ له انها علامه سوده فى صفحة اى بنت مش مسئلة قسمه ونصيب وصل لحد كده وانتهى بجد شهاب بتمسكه بيها ودفاعه عنها اثبت انه يستحق ان رؤف عنه حق فى اختياره وان الدم عمره ما يبقى ميه
سلاف العسل بتقول غيث ابن عمى محبش يدخل ايده فاضيه للاسف كان جايب كيس زباله معاه يلا اهه غار وسلمى عرفته قيمته بضربه حره مباشره لغروره
والف الف مبروك وعقبال غيث الليث وسولى
بارت قصير ما وصلش للركبه لكن جميل برد نارى شويه من احمدوه الزفت تسلم ايدك منون ويسلم افكارك وبناتها وولادها فى انتظار الباقى مع خالص حبى مووووووووووووووووووووواه

مملكة الغيوم 23-10-16 08:10 AM

رد: كبـير العيلة
 
صباحكو عسل ال ليلاس البنات الحبوبات اللى بتدخل تقرا وهما ماشاء الله كتير ليه ما بتكتبيش تعليق ولو بسيط لتشجيع الكاتب ويعرف انه مابيكتبش للهوىاو اضعف الايمان اضغطى ايكونة الشكر محدش ياخد الموضوع بحسسيه وانتم فى كل الحالات مشكورين ومنورين الصفحه والمتصفح

منى لطفي 24-10-16 11:58 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3664185)
السلام عليكم ورحمة الله
صباحك عسل منمن الديكور بتاع حماده الجديد مش عاجبنى كان نفسى فى شباك واسع فى الصف الفوقانى من سنانه مع كام غرزه فى حاجبه على نتف شوية شعر من راسه كده يعنى اول ما تشوفيه تقولى مسك سلك عريان مش كدم وشوية دم وهو معندوش اساسا لالالالالالا حنينه قوى انتى ده كانلازم يبقى عبره لاى واحد زيه يسيب خطيبته قبل الفرح باسبوع ابو مين اللى ما يقولش اكيد اكتشف عليها حاجه او اخد غرضه منها وبعدين رماها زى قماشه باليه وترك البنت لكلام الناس اللى دايما تصدق الاسوء ده من ناحية المجتمع البنت نقسها بتتدمر ثقتها فى الناس وبتتحطم مش سهل ابدا ان الانسان اللى اختارته تكتشف انه جبان وعديم مروءه ومعندوش نخوة رجاله كونه يفضل يكون علقه فى ديل سيده اربعينيه عشان الجنسيه دى كارثه فى حد زاتها ده غير انه كاتب على انسانه وثقت فيه وارتضته شريك حياتها خيانه لا تغتفر وبعد كده جى يتبجح باسم الحب حبه برص ولدغه عقرب واتسلى عليه تعبان جعان بعد كده الديابه تمصمص عظمه ولو ان حيجى لها تسمم
الشهاب المنطلق كالقذيفه من كتر الغيره قدر اخيرا يحصل على موافقة سلمى بجد يستاهل لانه مش بس اثنت انه بيحبها لا اثنت انه انسان محترم ماخدش بالظواهر وقال ايه اللى يجبرنى اخد واحده مطلقه كتير بيرفض الفكره بيتهيئ له انها علامه سوده فى صفحة اى بنت مش مسئلة قسمه ونصيب وصل لحد كده وانتهى بجد شهاب بتمسكه بيها ودفاعه عنها اثبت انه يستحق ان رؤف عنه حق فى اختياره وان الدم عمره ما يبقى ميه
سلاف العسل بتقول غيث ابن عمى محبش يدخل ايده فاضيه للاسف كان جايب كيس زباله معاه يلا اهه غار وسلمى عرفته قيمته بضربه حره مباشره لغروره
والف الف مبروك وعقبال غيث الليث وسولى
بارت قصير ما وصلش للركبه لكن جميل برد نارى شويه من احمدوه الزفت تسلم ايدك منون ويسلم افكارك وبناتها وولادها فى انتظار الباقى مع خالص حبى مووووووووووووووووووووواه

ههههههههههههههه مش ممكن ملوكة فطست ضحك على الجملة دي
حبه برص ولدغه عقرب واتسلى عليه تعبان جعان بعد كده الديابه تمصمص عظمه ولو ان حيجى لها تسمم
عامة أحمد ما عمل شيء وعاوزة كل الزواحف تنتقم منه أومال لما يعمل هتجيبي له مين؟؟.. فكري كدا فيها هههههههههه دا هيذهلك حضرتك...
غيث هيحقد على شهاب لانه سلمى وافقت وسلافة لساتها معاندة لكن هنشوف يا ترى هيحصل حاجة تخليها تغير رايها ولا غيث هيبين كرامة ويخليها توافق؟؟؟
تسلميلي حبيبتي على تعليقك وفي انتظارك بشوووق البارت الجاي ان شاء الله يا ملكة قلبي امووووووووووواه..

همس الريح 25-10-16 08:03 AM

رد: كبـير العيلة
 
بارت كارثه بكل المقاييس
و صادقه غيومه .. خطي وش سوت الثعابين و العقارب لاجل تنكبينها بذا الاحمد
جعل ما به احمد ..

يعني فوق شينه قوات عينه
مالت عليه طوفه فوقها طوفه فوقهم فيل

لا و الحبيب يبيها عقب سواياه الشينه
زين انها عقلت و وافقت علي شهاب و لا كان نطيت الروايه و زوجتهم غصب طيب
قال احمد قال
مابي ادعي عليه بس جعله البلا

غيث ..يستاهل و يا فرحتي فيه ..اصلا لو تعامل مع سولي زين ما كان وصلنا للرفض
يلا خل يربع وراها شوي .. تستاهل سولي


ليييييييييييييييييييييييييييييييييث .. فيس قلوب قلوب من عندي ليييييييييييييييين عنده

يختي سلسبيل ذي مرضية رب ووالدين
راضي وعقبه ليث ..
اتوقع بتطلع له قرنين و نخله لين ترضي عنه
و المشكله انه دافن مشاعره لها يعني يبيلنا تذويب و تدفئه

في انتظارش يا شهرزاد ..

امممممممممووووووووووووووووااااااااااااااااااااااااح

منى لطفي 25-10-16 07:49 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3664366)
بارت كارثه بكل المقاييس
و صادقه غيومه .. خطي وش سوت الثعابين و العقارب لاجل تنكبينها بذا الاحمد
جعل ما به احمد ..

يعني فوق شينه قوات عينه
مالت عليه طوفه فوقها طوفه فوقهم فيل

لا و الحبيب يبيها عقب سواياه الشينه
زين انها عقلت و وافقت علي شهاب و لا كان نطيت الروايه و زوجتهم غصب طيب
قال احمد قال
مابي ادعي عليه بس جعله البلا

غيث ..يستاهل و يا فرحتي فيه ..اصلا لو تعامل مع سولي زين ما كان وصلنا للرفض
يلا خل يربع وراها شوي .. تستاهل سولي


ليييييييييييييييييييييييييييييييييث .. فيس قلوب قلوب من عندي ليييييييييييييييين عنده

يختي سلسبيل ذي مرضية رب ووالدين
راضي وعقبه ليث ..
اتوقع بتطلع له قرنين و نخله لين ترضي عنه
و المشكله انه دافن مشاعره لها يعني يبيلنا تذويب و تدفئه

في انتظارش يا شهرزاد ..

امممممممممووووووووووووووووااااااااااااااااااااااااح

همووووووووووووووسة فيييينك يا قلبي أنتي، طولت الغياب حبيبتي هههههههه يهون عليكي الليث ؟.. عثثثل يا هموسة,,, فعلا سلسبيل مرضية رب ووالدين ههههههههه والله احنا كمان غلابة انما هقول إيه.. حظوظ!!!!..
غيث بيحفى ورجليه بتدوب دوب كدا ورا سولي هههههههه هي مش صغيرة انما جبارة... هتربيه ترباية مية مية هههههههه جنية صغيرة بنت دي...
في انتظارك بالبارت الجديد حبيبتي.. اموووووووووواه..ِ

منى لطفي 25-10-16 07:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الثالثة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلس عدنان وولده ليث وزوجه حول مائدة الطعام لتناول الغذاء, دارت أحاديث خفيفة بين عدنان وليث حتى نظر عدنان الى زوجته وتساءل:
- هي سلسبيل لساتها مصرة انها ما تخرجشي من دارها؟
زفرت أم ليث بتعب وأجابت بشفقة وأسى:
- والله ما أني عارفة يا حاج أجولك ايه, على جد حرجة جلبي على ولدي الله يرحمه على جد ما جلبي متشحتف عليها يا نضري, دي لا وكل ولا شرب واصل, وعلى طول تحس انها في دنيا غير الدنيا, ولمّن تفوج تاخد عيالها في حضنها وما ترضاشي يبعدوا عنيها واصل, أني جلجانه جوي عليها يا حاج, وخصوصي لمّن عدّتها تُخلص.. يا ترى بوها هيرضى يسيبها حدانا؟, ولو رفض.. هستحمل ما أشوفهاشي هي وعيال الغالي كيف؟, دولم اللي مصبريني على فُجدان الغالي...
ولم تستطع كتم دموعها لتنهمر مغرقة وجهها, ترك عدنان ملعقته وهو يستغفر الله بصوت مسموع ويقول موجها حديثه اليها بينما يقبض ليث على أصابعه في قبضة قوية حتى ابيضت سلاميات أصابعه:
- وحّدي الله يا أم ليث, ابنك شهيد عند ربنا, وربنا عوضنا عنّيه بولاده, مش همّا بيجولوا اللي خلّف ما ماتِش؟!, وان كان على جعاد سلسبيل واولادها حدانا إهنِه... ما تحمليش هم واصل, أني وليث مرتبين كل حاجة!
تفاجأ ليث ورفع رأسه دفعة واحدة يطالع أبوه بدهشة ليبادله الأخير النظرات بأخرى قوية ويشير بطرف عينه الى أمه الثكلى, ليزفر ليث بتعب ويغمض عينيه, مسحت أمه وجهها بطرف وشاحها ونهضت وهي تقول بصوت مبحوح يحمل أثر البكاء:
- هروح أشوفها كالات ولا لاه, معاها اعيالها وجالت لي هتوكّلهم وتاكل امعاهم..
وانصرفت تاركة عدنان وهو ينظر الى ليث بجدية, وما ان غابت من أمامهما حتى وجه عدنان حديثه الى ليث قائلا:
- فكّرت في اللي جولت لك عليه؟
زفر ليث بحنق وأجاب بلهجة تحمل حدة طفيفة:
- فكّرت يا بوي, بس مش بالعها واصل...
انفعل عدنان وهتف بحدة وصرامة:
- هو اللي هنعيده هنزيده, نجول تور... يجولوا احلبوه! (واضح كدا ان تيران البلد دي كتييييرة أوي على رأي سلافة.. ما علينا!), يا بني افهم... أديكي شايف حالة أمك كيف... طاوعني يا ولدي.. والا أقسم بالله العظيم يا أنا بيدي اللي هزوجها للي بوها يجول عليه.. وانت عارف سلسبيل زينة وما تتفوّتش واصل, ده غير إنك كبرت وعاوز أفرح بخلفتك...
لم يحر ليث جوابا مما أغاظ عدنان فأردف بقوة وحزم:
- شوف يا ليث.. أنا عمري ما غصبتك لا انت ولا خوك راضي الله يرحمه على حاجة.. لكن زواجك من سلسبيل أمر مني أني.. هتنفّذه وإلا هغضب عليك ليوم الدين!
صعق ليث ونظر الى أبيه وهو يردد بذهول:
- عتجول ايه يا حاج؟, هي حصّلت لكده؟
عدنان بتحد:
- إيوة يا ليث, لمّن توجف جصادي وتخالف شوري وتخرج عن طوعي يبجى لا انت ابني ولا أعرِفَكْ!
ليث وهو يهز برأسه الى أعلى وأسفل وبنبرة مكتومة وقد احتقن وجهه غضبا وكمدا:
- ماشي, الشور شورك والراي رايك يا حاج... اللي تجول عليه أني... أني مو.... موافج عليه!!
وانتفض من مكانه واقفا ليتجه بخطوات سريعة الى الخارج عندما سمع والده يقول:
- اعمل احسابك أول ما سلسبيل توفي عدتها هفاتح عمك طوّالي...
كان ليث يقف أمام الباب موليا أباه ظهره وما أن سمع عبارته حتى أومأ بالايجاب دون أن يلتفت ثم انطلق خارجا تلاحقه شياطينه بينما زفر أبوه بتعب وأغمض عينيه وهو يهمس لنفسه قائلا:
- غصب عني يا ولدي, بس لو ما كونتش جبرتك عليها ما كنتش هتجدمها واصل, كفاياك مرار لغاية دلوك يا ولدي, أني خابر باللي جواك زين, هي وحديها اللي هتعرف ترجع لك ضحكتك اللي فجدتها من اكتر من 6 سنين!!
*****************
جلست سلافة فوق فراشها المقابل لفراش سلمى راكعة على ركبتيها وهي تهتف بحماس:
- ها.. احكي لي بقه وافقت على الباش مهندس ازاي؟
نظرت سلمى بهدوء الى سلافة بينما داخلها يشتعل كلما تذكرت القنبلة التي فجرها شهاب أمام الجميع ألا وهي.. كتب الكتاب!, تبّا لم يكن هذا ما اتفقا عليه!, لقد خدعها وغشّها!, فقد علم مسبقا أنها لن تستطيع تكذيبه ووأد فرحة أبيها وأمها, تبا لك شهاب الخولي, ولكن أقسم أن أقتص منك وأجعلك تعض أصابعك ندما, فأنا أيضا... سلمى الخولي!
سلافة بنزق:
- يا هوووووه.. ايه يا بنتي روحتي فين؟, بكلمك أنا!..
سلمى بغير رضا:
- إيه يا بنتي فيه ايه مالك؟
تعجبت سلافة لتحدق فيها هاتفة:
- مالي؟!, مالي في جيبي يا دوك!, ايه يا بنتي بقولك وافقتي ازاي؟...
ثم غمزت بخبث بطرف عينها اليمنى متابعة:
- ولا تكوني وقعت ولا حد سمى عليكي, دا هندسة دا طلع مش سهل على كدا!...
نهرتها سلمى وهي تطالعها بحنق مشيحة بيدها في وجهها:
- ايه ايه ايه, وقعت ايه ووقفت ايه؟, وهندسة مين دا ان شاء الله؟, انا كلية الهندسة بحالها ما تأثرش فيا!, وبعدين بطلي أسلوبك دا.. اومال لو ما كنتيش خريجة جامعة امريكية كنتي هتقولي ايه؟
سلافة بجدية مفتعلة:
- كنت هعمل الجُلّاشة معاكي!
فتحت سلمى عينيها واسعا وكررت باستهجان وعدم تصديق:
- كنت هتعملي ايه ياختي؟, جلاش إيه دا اللي كنتي هتعمليه؟
سلافة وهي تشرح بهدوء بلهجة العارف ببواطن الأمور:
- يا بنتي هو أنا عشان جامعة أمريكية أبقى بعيدة عن الشارع المصري؟!, جلاشة دي يا ستي يعني الواجب!, يعني أحلى واجب هعمله معاكي!, بصي ما تزبهليش كدا واقفلي بؤك اللي انتي فاتحاه دا لغاية ما أنا شايفه اللوز وأنا قاعده هنا, المسألة بسيطة خالص... سمعت بنت البواب بتقولها لأختها ولما ٍسألتها قالت لي هي اللي بتستفزني ولو ما سكتتش هعمل الجلاشة معاها!, من هنا لهنا عرفت ان الجلاشة دي يعني هتروقها من الآخر!..
وضعت سلمى يدها فوق رأسها وهتفت بتضرع وهى تتطلع الى أعلى:
- يا رب.. ارحمني وارحمها....
ثم نظرت اليها مردفة بنزق:
- تصدقي المفروض ما استغربش!, ما انا هنتظر ايه من واحدة سابت سلافة ومسكت في سولي!
قطبت سلافة وأجابت بغضب طفولي:
- نعم نعم.. يعني ايه أن شاء الله؟, بصي يا سلمى مالكيش دعوة بسولي.. كفاية انه فيه اللي مش عجبه وعاوز يناديني بـ زلافة!!
سكتت سلمى قليلا مندهشة ثم قالت ضاحكة:
- دا أكيد غيث صح؟...
زفرت سلافة بغيظ وتخصرت هاتفة:
- آه يا ستي هو, بقولك ايه عماله تشرقي فيا وتغربي ولسه بردو ما قولتليش ايه اللي حصل بينكم وخلاكي توافقي؟
تنهدت سلمى بعمق واستسلمت مجيبة:
- هقولك.....
لتغيم عيناها بينما أحداث الساعة السابقة تتسابق أمامها لتغوص ثانية فيها مسترجعة ما دار بينها وشهاب وجعله ينتزع موافقتها انتزاعاااااااا.......
-------------------------------------------------
وقفت تنظر أمامها بينما يغلق شهاب باب غرفة الجلوس بعد أن إستأذن عمه بالتحدث معها بمفردهما, استند بظهره الى الباب يطالع تلك الفاتنة العنيدة التي تكاد تصيبه بالجنون لفرط عندها وتشبثها الأرعن برأيها, ولكنه لن يكون شهاب إن لم يجعلها توافق على الزواج به سواء طواعية أو إجبارا وسيعمل على استخدام كافة الوسائل لذلك فكل شيء مباح في الحب والحرب!
تقدم منها بضعة خطوات وهي لا تحيد بنظرها بعيدا عن تلك النقطة الوهمية في الجدار أمامها والتي سلطت نظراتها عليها, وقف على مقربة منها وقال بصوت يحمل نبرة هدوء خادعة:
- ممكن نتفاهم بالعقل, وأعتقد اننا في الاخر هنوصل لحل يرضي الجميع؟..
التفتت اليه تطالعه ببرود وأجابت بهدوء:
- الموضوع مش عاوز نقاش, اتقدمت لي وأنا رفضت, نقطة نهاية السطر!
كتم شهاب شتيمة كادت تفلت من بين شفتيه على جوابها الوقح البارد ذاك, حاول التحدث بما أمكنه من طول بال وصبر:
- لا... دي بداية السطر!, أعتقد حقي أعرف سبب رفضك ايه خصوصا بعد اللي حصل والبلد كلها تقريبا عارفة دلوقتي انك مراتي؟!
نظرت اليه بسخرية لترفع حاجبها الأيمن مجيبة بلهجة لا مبالاة لم ترقه:
- بص يا شهاب جواز علشان الناس هتتكلم وتقول ومعرفش إيه.. مش هيحصل!, أنا مش هعيش حياتي تبع للناس ولأفكار وعادات أكل عليها الزمان وشرب زي ما بيقولوا, أنا بابا رباني على ان يكون عندي ثقة في نفسي, وطالما ما غلطتش يبقى ما يهمنيش.. دي نمرة 1, نمرة 2... احنا مش ممكن نتجوز لأن ارتباطنا هيبقى فاشل!, أحنا الاتنين مختلفين جملة وتفصيلا يا باش مهندس!
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وأجاب باستهزاء وهو يطالعها من أعلى رأسها لأخمص قدميها:
- هو من ناحية اننا مختلفين... فأنا معاكي تمام في النقطة دي!, لازم أساسا نكون مختلفين.. مش ممكن يعني نكون شكل بعض!
ونظر اليها بعبث غامزا بمكر لتكتم شهقة دهشة من وقاحته بينما يحمر وجهها غيظا وغضبا لتتكلم من بين أسنانها المطبقة بغضب مكتوم:
- تصدق انك وقح وقليل الأدب كمان؟!, وأنا أرفض أني أقف اتكلم معاك ثانية واحدة زيادة بعد كدا!
وما ان استدارت حتى تعالى صوته الآمر هاتفا:
- استني عندك...
ليقطع المسافة التي تفصلهما في خطوتين واسعتين ويقف خلفها تماما ويميل عليها متابعا بلهجة لا تقبل النقاش :
- ارجعي مكانك وخلينا نقعد ونتفاهم زي الناس المتحضرين ماذا وإلا أقسم بالله لا تشوفي مني وش عمرك ما كنت تتوقعيه أبدا!
فتحت عينيها واسعا واستدارت مندفعة بغيّة اطلاق كلماتها النابية في وجهه ناسية أنه خلفها تماما لترتطم بصدره فتطلق شهقة صغيرة دهشة وما إن أبصرت عيناه حتى تحولت الى شهقة غضب فيما سارع هو للإمساك بمرفقيها بتلقائية بينما غابات الزيتون خاصتها تحدق في ليل عينيه البهيم بغيظ وغضب جعل زمرد عينيها تشعان كحجر نفيس لتضيع الكلمات منه وينسى ما كان على وشك قوله, بينما تتكسر الحروف على طرف شفتيها وهي ترى نظرة عيناه التي تكاد تبتلعها, لتزدرد ريقها بصعوبة وتحاول الافلات منه وهي تتلعثم قائلة بحدة مبتورة:
- ابـ.. ابعد عني!
ليتلفظ شهاب بكلمة واحدة خرجت حادة كحد السيف:
- أبداً!!
لتبتلع سلمى كلماتها وهي تطالعه بذهول بينما يرجف قلبها بين جنبات ضلوعها رهبة من نظرة العزم والتصميم التي تراها في عينيه وكأنه يخبرها بدون كلمات أنه لن يقبل سوى بما يريده هو... وهو.. يريدها... هي!
حاولت الهروب من نظرات عينيه القوية وهي تتحدث بارتباك حاولت اخفائه معتمدة الغضب لتفاجئ بأن غضبها ذاك قد هرب منها!, قالت:
- طيب ممكن تبعد شوية عشان نقعد أنت...
ليقاطعها آمرا بقوة:
- ما تهربيش بعينيكي.. بصّي لي!
وكأنها مسيّرة لا مخيّرة فرفعت عينيها تلقائيا لتطالعه فأردف وقبضته تشتد بدون إرادة منه بينما نغمات صوته وكأنها تعويذة سحرية ألقيت عليها لتمتص غضبها وتتركها شبه مغيبة بل وطوع بنانه!, قال:
- قوليلي انك مش حاسة باللي بيجرى بيننا بجد!, انت عارفة زي ما أنا عارف ومتأكد اني بالنسبة لك مش عريس والسلام زي ما انت بالنسبة لي مش بنت عمي وعروسة مناسبة وخلاص!, أنا كنت رافض مبدأ الجواز من أساسه, لكن اللي أنا بحس بيه معاكي معنديش أي أستعداد أنى أخسره علشان شوية مخاوف بسيطة ان ارتباطنا هيفشل, خلينا ندي نفسنا فرصة ونشوف هنوصل لفين, انا مش بقولك نتجوز حالا – كاتما بداخله صوتا يصيح به أنه كاذب وأنه لو تُرك الأمر له لكانت زوجته منذ أبد بعيد منذ أن وقعت بين ذراعيه أول مرة لتسرق عيناها قلبه بلمحة واحدة! – فيه حاجة اسمها خطوبة ولو حاسينا اننا مش قادرين نكمل وقتها اعتقد ما حدش هيغصب علينا اننا نكمل, انا مش جبان يا سلمى.. انا بواجه, لو على حكاية الكلام اللي طلع انك مراتي محدش يقدر يفتح بؤه في كبيرهم, وعيلتنا هي اسياد البلد, بكلمة واحدة مني أخلي كل واحد يبلع لسانه ويحط كلامه جوة بؤه, لكن أنا مصمم على الارتباط بيك عشان انا عاوز كدا!, عاوزك انتي.. عاوز لما يتقال اسمك يبقى مرتبط بيا, عاوزك لما تحسي انك محتاجة حد جنبك يبقى اسمي أول اسم ينط في بالك وعلى.. شفايفك!
لتتغير وتيرة صوته ويهمس بكلمته الأخيرة وهو يراقب شفتيها المكتنزتين بينما تستعر في أحشائه رغبة ضارية بتذوق شهدهما ولكنه يمنِّي نفسه بالصبر الى أن توافق على الارتباط به ويقسم بداخله أنها ما إن تصبح إمرأته فلن يرحمها... فهل رحمته هي سابقا بزيتون عينيها الذي يشيع الفوضى في حواسه بينما تعتريه مشاعر لم يسبق له وأن اختبرها قبل ذلك ليرحمها هو الآن؟!...
زفر بعمق وتابع بينما أسرت لبه بنظراتها المذهولة وكأنها طفلة لا تفقه شيئا من عالم الكبار الذي يريد اقحامها فيه:
- سلمى فكري مش هتخسري حاجة, احنا الاتنين لو حاسبناها بالعقل مناسبين جدا لبعض, انتي عندك اعتراض على أي حاجة فيّا؟!
نظرت سلمى الى يديه اللتان تمسكان بها بقوة وكأنه يخشى فرارها وقالت:
- ممكن طيب تسيبني أحسن حاسة اني متهمة مقبوض عليها خايف لتهرب منك!
- انت متهمة فعلا... سرقة وخطف!, والحكم صدر بس لسه التنفيذ.. وصدقيني وقتها ما فيش حاجة هتخليكي تفلتي من ايدي!..
كان شهاب يهمس بهذه الكلمات بينه وبين نفسه, ولكن رسم أمامها ابتسامة خفيفة جعلت معالم وجهه تستريح وهو يغازلها بنظراته العابثة ويقول وهو يخفف من قبضته مبتعدا عنها قليلا:
- اتفضلي أديني شلت ايدي أهو..
ليبتعد لمسافة خطوة واحدة لا تكفي لابتعادها هي عنه رافعا يديه الى أعلى لتنظر اليه بنصف عين وتهتف بحنق وهي تشير الى المسافة التي تفصلهما لا تكاد تمرر قطة:
- يا سلام!, شهاب..امشي هناك...
مشيرة بسبابتها الى الحائط المواجه لها..
تتبع بعينيه مسار يدها ليلتفت ثانية اليها مجيبا بحنق طفولي جعلها تكتم ابتسامة أوشكت على الظهور من منظره الطفولي الحانق:
- هو انا تلميذ عندك في الحضانة غلط ولا حاجة وعاوزة تذنبيه وتقوليله وشّك في الحيط؟!
زفر بعمق ليطالعها بعد ذلك مشيرا الى أريكة عريضة خلفها وهو يتابع:
- اتفضلي اقعدي هنا بقه خلينا نخلص...
نظرت خلفها واتجهت للجلوس وما ان استقرت حتى فاجئها بالجلوس بجانبها يفصل بينهما فراغ صغير, رفعت عينيها اليه تطالعه باعتراض وهتفت باستنكار:
- قوم من هنا!, اتفضل اقعد في أي حتة تانية....
زفر شهاب بيأس وقال وهو يهز رأسه يمينا ويسارا بنفاذ صبر:
- يعني انتي من ثواني تقريبا كنتي في حضني ودلوقتي مش عاوزاني أقعد جنبك؟!
هتفت سلمى باعتراض حاد:
- ايه كنتي في حضني دي؟, ما تحاسب على كلامك!
زفر بغيظ وامتدت يده لتقبض بقوة وسرعة على معصمها شهقت لها دهشة وألما بينما تابع من بين هسيس أنفاسه الغاضبة:
- بقولك ايه يا سلمى.. مش هنقعد في حكاية اقعد وقوم دي ساعة يعني, عمي بره وكلها دقايق ونلاقيه معانا, عاوزين نتكلم في المهم, عندك اعتراض عليا كعريس مناسب؟!
هربت بنظراتها منه بينما حاولت جذب معصمها بعيدا عنه ولكنه لم يتركها تفلت منه فأجابت بنزق:
- لو على مواصفات العريس بالورقة والقلم يبقى لأ!, مهندس ومن عيلة وابن عمي وسنك مناسب, اوعى بقه!
محاولة جذب يدها ولكنه لم يلتفت لمحاولتها وقال بجدية بالغة:
- طالما هو كدا يبقى مش موافقة ليه؟
طالعته بنصف عين مجيبة بسخرية:
- كدا.. أنا حرة!, مش بالعاك!, دمك تقيل على قلبي يا سيدي!
ضغط على يدها الصغيرة التي تقبع في راحته القوية بشدة كعصفور صغير وقع بين براثن نسر جامح حتى كادت تقسم أنها سمعت صوت طرقعة أصابع يدها وتأوهت بألم رغما عنها وهو يقول وفحم عيناه يشتعل:
- كدابة!
فتحت عينيها واسعا هاتفة بحنق:
- إيه؟!
أجاب بقوة وقبضته تهشم يدها الصغيرة بدون وعي منه:
- أيوة كداية!, عينيك فضحت كدبك.. انتي خايفة يا سلمى.. يعني جبانة!
نسيت ألمها من قبضته التي تكاد تفتت أصابعها الهشة وهتفت بحدة واستنكار:
- نعم؟, جبانة!, وخايفة؟, ليه ان شاء الله؟, هخاف من مين ولا ليه أساسا؟
أجابها بتحد وهو يطالعها بنظر ثاقب:
- خايفة مني... بتعاندي نفسك, جبانة من فكرة انك تقعي في حبي!
سكتت قليلا قبل أن تصدح ضحكتها عاليا كماء عذب رقراق يجري في جدول مياهه باردة في يوم شديد القيظ!, هدأت ضحكاتها وهي غير منتبهة لما أثارته ضحكتها العذبة تلك في نفس القابع أمامها يطالعها كمن يرى كنزا نفيسا أمامه يخاف أن يطرف بجفنه حتى لا يتلاشى من أمام ناظريْه!, قالت رافعة حاجبها بتحد:
- واثق في نفسك أوي إنت!, يعني معلهش.. ايه كمية الغرور دي اللي فيك؟, لعلمك بقه أنا اللي خايفة عليك لو سمعت كلامك واديت نفسنا فرصة انك انت اللي تقع وانا مش حاسة بيك,وقتها أنا مش ممكن أكمل معاك شفقة وعطف على حالك!
لينتهز الفرصة التي قدمتها اليه على طبق من ذهب ويعاجلها قائلا:
- تمام يا سلمى... وانا قبلت التحدي!, انا موافق نعلن خطوبتنا وندي نفسنا فرصة وانا أؤكد لك انه في ظرف شهرين تلاتة بالكتير هتكوني مراتي ومش هتقدري تقولي لأ!
لم ترُقها نبرة التحد والثقة بالنفس التي غلفت كلماته لتندفع بالقول وقد تخلت عن حذرها وهدوءها المعتاد هاتفة:
- اوكي يا شهاب, لكن وقت ما أقولك اني مش هكمل تطلع أد كلمتك فعلا ونفترق بهدوء...
لمعت عيناه بنظرة ظفر لا تعلم لما جعلت دقات قلبها تضطرب وأوشكت على الرجوع في كلامها ولكنه لم يمنحها الفرصة لذلك ليميل باتجاهها وهو يقول بلهجة المنتصر:
- وهو كذلك...
ويميل عليها خاطفا قبلة سريعة حيث لمس بفمه الحازم حرير وجنتها القشديّة لتشهق مبتعدة وقد أخذت تكيل له الضربات المتلاحقة بيدها الحرة فيما الأخرى لا تزال أسيرة يده وهي تهتف حانقة:
- سافل, وقح, قليل الأدب..
وهو يضحك محاولا تفادي ضرباتها قائلا:
- أيه دا انتي بتضربي بجد!
هتفت حانقة وهي تواصل ضرباتها الصغيرة:
- آه طبعا.. أومال بهزار؟!
هتف وهو يمسك بيدها التي تكيل له الضربات:
- هشششش, خلاص, انا جوزك فيه واحدة تضرب جوزها؟
سكتت تناظره بذهول وهي تجيب:
- نعم؟, جوزها؟, جوز مين؟, انت خطيبي بس!
أجاب مفتعلا الهدوء:
- ماشي, خطيبك يا دكتورة, اتفضلي بقه معايا عشان نطلع نقولهم نتيجة المباحثات المغلقة بتاعتنا...
************
عادت سلمى الى الواقع بعد ان انتهت من سرد ما دار بينها وبين شهاب غافلة عن قصد بعض الأمور التي لن تثير سوى مزيدا من التساؤلات لدى سلافة والتي لن تتوانى عن إغداقها بها كـ.. قبلته المسروقة لها مثلا!...
هتفت سلافة وهي تضحك:
- والله ابن عمك دا طلع لعب وفن وهندسة تمام!, قدر يقنعك...
نفت سلمى مستنكرة:
- لا يا حبيبتي السبب الوحيد اللي خلّاني فعلا أوافق اني أثبت للكل اننا ما ينفعش نرتبط لأنه هيبقى ارتباط فاشل, علشان بابا كمان يقتنع بكدا, انتي مش شايفه عينيه كانت فرحانه ازاي وهو بيقول لي انه شهاب اتقدم لي؟!
زفرت سلافة بعمق وأجابت:
- آه في دي معاكي حق, تمام زي ما كانت الفرحة مش سايعاه وهو بيقول لي انه غيث عاوز يخطبني, وازاي حاسيت أنه فرحته دي انطفت أول ما رفضت..
هتفت سلمى بحماس:
- بقولك ايه يا سولي.. ما تعملي زيي كدا!
قطبت سلافة جبينها بعدم فهم وتساءلت:
- زيك ازاي يعني مش فاهمه؟
سلمى بحماس:
- وافقي على غيث انتي كمان عشان تثبتي لهم بالدليل القاطع والبرهان الساطع انكم مختلفين تماما, ووقتها محدش هيقدر يجبرك انك تكملي في علاقة محكوم عليها بالفشل...
ابتسمت سلافة بسخرية وأجابت:
- لأ طبعا.. مش ممكن أعمل زيك, لسبب بسيط جدا, أنا كان ممكن أوافق على اللي بتقوليه دا قبل ما غيث يعمل اللي يعمله لكن دلوقتي لا وألف لا كمان!
قطبت سلمى متسائلة:
- وهو عمل ايه؟
سلافة بابتسامة:
- آه صحيح ما انتو محضرتوش.. كنتي في مصر انت وشهاب, أنا هقولك عمل ايه....
وانبرت سلافة تقص على مسامع سلمى ما حدث في تلك الليلة الليلاء!!.....
---------------------------------------------------------
في الأسفل:
جلس الجد محاطا بأولاده عثمان ورؤوف وحفيديه غيث وشهاب, سكت الجميع في انتظار سماع تعليقه, نظر الجد بجدية الى حفيده قائلا بهدوء:
- يعني انت رايد بت عمك رؤوف صوح؟
أومأ شهاب مجيبا بلهفة لم يداريها:
- أيوة يا جدي...
تمتم الجد وهو يلاعب رأس عصاه العاجية بين أصابعه ناظرا الى موضع قدميه:
- امممم..
ثم رفع رأسه ناظرا الى ابنيه وهو يتساءل بينما عيناه تنتقلان من أحدهما الى الآخر:
- وانت يا عتمان يا ولدي موافج على كلام ولدك وانت يا رؤوف موافج على طلب شهاب؟
ليومأ الإثنان مجيبان في وقت واحد:
- تمام يا بحاج/ صوح الكلام يا حاج...
لينظرا الى بعضهما البعض مبتسمان فيبتسم الجد هاتفا:
- وده يوم المنى, ألف مبروك يا ولادي...
ثم أردف:
- لكن ما فيش حاجة واصل هتتم جبل ما تخلِّص سلسبيل عدتها, مهما كان الأصول أصول..
هتف شهاب:
- طبعا يا حاج, أنا بس بعد إذنك عاوز قراية فاتحة بس ان شالله حتى دلوقتي بيننا وبين بعض وبعدين نبقى نعمل الافراح بعد عدة سلسبيل ان شاء الله...
أجاب الجد وهو ينقل نظراته بين إبنيه:
- ها موافجين..
ليومأ كلاهما بالايجاب فيقول الجد باسطا يديه الى أعلى:
- يبجى على خيرة الله..الفاتحة....
- آمين.. صدق الله العظيم...
ومسح الجد بكفيه على وجهه, هنأ الجميع شهاب الذي مال على كف والده وعمه مقبلا لها ثم اتجه الى الجد مقبلا ظاهر يده ورأسه, وبعد أن استوى الجميع في جلستهم قال الجد وهو يطالع غيث من طرف خفي:
- يا مكتر الافراح في العيلة, وكلاتهم مستنيين عدة بتّنا تخلص عشان يفرحوا..
قطب عثمان متسائلا:
- ليه يا حاج هو مين تاني هيتزوج؟
أجاب الجد بتلقائية مصطنعة:
- ولدك شهاب وبنات خوك رؤوف!
نظرعثمان الى رؤوف بتساؤل واستفسار في حين نظر شهاب بريبة وقلق الى غيث الذي قبض على أصابعه بقوة وهو لا يصدق كلمة الجمع التي طرقت سمعه كطلقة الرصاص, ليقطع الصمت صوت عثمان متسائلا:
- بنات روؤف خوي؟!, هو فيه حد اتجدم لسلافة بت اخوي واحنا معنديناش خبر ولا إيه؟
تطلع عثمان بتساؤل الى رؤوف الذي أجاب بابتسامة هادئة مشيرا الى الجد:
- بصراحة الموضوع كله مع الحاج, هو يدوب لمّح لي عليه..
ليقطع الجد التساؤلات بقوله:
- دِه الشيخ عبد الهادي.. كلمني رايدين سلافة بتّنا لإبنه سيف اللي بيِّشتِغِل إمهندز في مصر, جماعته شافوها يوم العشا اللي عِمِلناه عشان نفرّح البلد بجدومك يا رؤوف يا ولدي ونعرِّفهم بمرتك وبناتك, هو واد وحيد على أربع بنات وبوه نفسه يفرح بيه, دا غير انه الشيخ عبد الهادي كبير عيلة السوالمة ونسبه يشَرِّف أي عيلة!..
أحمر وجه غيث غيظا وكمدا ولم يفت جده ما ارتسم على وجهه من غضب عنيف مكتوم, ليواصل الجد صب الزيت الساخن فوق النار بقوله:
- فاتحني من فترة في الموضوع وجتها غيث كان جايل عليها فما رضيتش أجول حاجة لكن لمن عرفت انها رفضت جولت خسارة نجفوا في طريج البنية, عموما أنا جولت له يأجل الموضوع لغاية ما بتّنا توفي عدتها ووجتها ربنا يعمل اللي فيه الخير ان شاء الله....
لم يستطع غيث الجلوس صامتا أكثر من ذلك ليهتف محاولا تمالك ذاته:
- بس أني ولد عمها ورايدها, وسبج واتجدمت لك يا عمي..
قال رؤوف بهدوء وابتسامة صغيرة تعتلي وجهه:
- أيوة يا غيث يا بني, وأنا كمان سبق وقلت لك اني هكون مبسوط ومطمن على بنتي لو ربنا سهل وارتبطوا, لكن بنتي مش مقتنعة وانا ما اتعودتش أجبرهم على حاجة مش عاوزينها, لكن لو انت تقدر تغيّر رأيها... وقتها أنا معنديش أي مانع!...
قفز غيث واقفا وهو يهتف باندفاع مخالف لهدوئه المعتاد:
- وأني بعد أذنك هتكلم إمعاها, وأني خابر هجدر أجنعها كيف..
لينصرف من فوره ويلحق به شهاب فلأول مرة يرى شقيقه بمثل هذا الغضب الذي يكاد يتفجّر من بين حناياه!!..
مال عثمان على الجد الذي كان يراقب غيث من طرف خفي بينما ترتسم شبح ابتسامة مكر على شفتيه, همس عثمان للجد:
- هو صحيح يا بوي اللي انت جولته دلوك؟, يعني الشيخ عبد الهادي كلمك بخصوص سلافة بت خوي رؤوف؟
الجد بنظرة صارمة:
- هكدب إيّاك على آخر الزمن ولا ايه؟
ليهتف عثمان معتذرا:
- حاشاك يا بوي, كل الحكاية إني مستغرب ليه ما جولتش من وجتها؟
الجد بحسم:
- لانه الحكاية طوّلت ومسّخت, ابنك لازمن يحس انها هتطير من يده لو ما اتحرِّكشي, شوف خوه كيف جدر يجنع بت عمه, الهدوء وطولة البال مش ميزة على طول يا عتمان يا ولدي...
قطب عثمان متسائلا:
- يعني ايه يا بوي؟, هو الشيخ عبد الهادي مش فاتحك كيف ما جولت؟
الجد برود:
- اللي جولته حوصل يا عتمان, بس فيه حاجة اصغيرة اللي ما جولتهاش... سيف ولد الشيخ عبد الهادي خطب من مصر.. اخت صاحبه وشريكه في المكتب ابتاعه اللي هناك وبتشتِغل امعاه.. على ما أفتكر اسمها منة... والشيخ بذات نفسه كلمني يعزمنا عشان نحضرو العزيمة اللي عملها لابنه لمن يرجع من شهر العسل مع عروسته حداهم في البلد, بس لازمن كان يبجى فيه حاجة تحرّك المايه الراكدة, وبيتهيألي انه حوصل..
وغمز الجد بمكر لابنه الذي كتم ضحكته بصعوبة احتراما لوالده، ليردف بعدها الجد بجدية مزيفة:
- وحاجة تانياه كومان... هو سيف متزوج بجاله خمس اسنين وعنديه بتِّين وواد، لكن أني ما كادبتش الشيخ عبد الهادي جبل ما يتزوج فاتحني انه رايد يناسبنا ووجتها بناتنا كانوا يا اما صغار يا اتزوجوا، وبعدين هما جماعتاه شافوم سلافة يوم العزيمة.. ولا إيه؟!!!
ليصمت عثمان قليلا مطالعا في أبيه بذهول ويهتف بعدها بغير تصديق:
- الكابير.. كابير صوح يا بويْ... وانت كابيرنا يا كابير!!
********************

لحق شهاب بغيث حتى وصل إليه وهو يلهث قائلا بينما يجذب مرفقه بقوة ليوقفه:
- ايه يا بني, واخد في وشّك كدا ورايح فين؟
غيث بزمجرة محاولا الافلات من قبضة شهاب:
- بجولك إيه يا شهاب همّلني لحالي دلوك....
شهاب بنفي قاطع:
- لا طبعا, تعالى بس اهدى الأول, اسمعني وبعدين يا سيدي اعمل اللي انت عاوزه....
ليذعن غيث بعد معارضة طويلة وهو يهتف بنزق:
- ماشي يا ولد أبوي لما أشوف عاوز تجول إيه...
جلسا أسفل نخلة باسقة بأوراقها العريضة, قال شهاب:
- مش عاوز تعرف أنا أقنعت بنت عمك بالجواز ازاي؟
ليهتف غيث موافقا وقد لمعت عيناه:
- طبعا عاوز أعرِف..
شهاب بابتسامة:
- شوف يا سيدي...
وطفق يروي له كلما ما صار ما عدا بعض الأمور التي تخصّه وسلمى فقط ولا يهم غيث معرفتها في شيء!!..

- انت عاوز تجول انك فهِّمتها انه ارتباطكم دِه عشان بوك وبوها يجتنعوا انكم ما تصلحوش لبعض واصل وفي الحجيجة انت ناوي تكمل الموال لآخره؟!
ابتسم شهاب وهو يجيب:
- مظبوط, عليك نور يا كبير, ما كانش فيه غير طريقة واحدة بس عشان توافق, وأنا مستعد أعمل أي حاجة الا أن سلمى تروح من ايدي..
ضيّق غيث عينيه يطالع في شقيقه الذي جلس بجانبه أسفل تلك النخلة الباسقة وفوق الزرع الأخضر يستند بظهره الى جذع هذه النخلة وقال:
- ممكن أعرِف ليه انت متمسك بيها جوي إكده؟
لف شهاب رأسه لينظر الى توأمه بابتسامة ساخرة مجيبا:
- لنفس السبب اللي خلّاك تتقدم لسلافة واللي شوفته في عينيكوجدك بيحكي على عريس الغفلة وخصوصا لما قال انها رفضتك....
زفر غيث بيأس وقال وقد نسي تهرب شهاب من الاجابة على سؤاله:
- أعمل ايه يا ولد ابوي, عامله كيف الزيبق.. مش عارف آخد امعاها لا حج ولا باطل واصل!, واللي زاد وغطى انها بتجول عني اني جاتل!, بجه عشان ساعدت ليث انه ياخد بتاره اللي هو تارنا كلاتنا أبجى جاتل؟, عشان جتلت مجرم وخلصت الناس من شره ابجى جاتل؟, بنت عمك دي لخفنت مخي واصل!
رد شهاب بهدوء:
- غيث.. بنات عمك اتربوا في مجتمع غير مجتمعنا, خلي بالك هما يعتبروا أغراب عننا خالص, بالنسبة لها هو مجرم يبقى يتسلم للعدالة ويتعدم بالقانون, لكن اللي انت عملته دا كأنك بترجع شريعة الغاب تاني.. كل واحد ياخد حقه بدراعه, انت بالنسبة لك انت خدت بتارك وانه دا مجرم وقاتل وخد عقابه وبالنسبة لها لأ القانون هو اللي بيعاقب وهو اللي بيفصل بين الناس..
هتف غيث باستنكار تام:
- يعني غرضك تجول انه اني الغلطان وهي عنديها حج؟, باه... شهاب انت نسيت سِلْوِنا ولا إيه؟, دِه جتّال جُتلة.. عليه احكام تجعّده في السجن مش أجل من 100 سنة, وكل مرة يتجبض عليه بيهرب منّيه, يعني لو عِملنا كيف ما هي عايزة يبجى دم ولد عمنا هيروح هدر!..
شهاب بنفي قاطع:
- لا طبعا انا مش بقول ان اللي عملتوه غلط, بالعكس أنا كان نفسي أكون موجود عشان أشفي غليلي منه, أنا بوضح لك وجهة نظرها مش أكتر, بقولك ايه يا غيث... بنات عمك دول عاوزين الاقتحام.... طريقتك الهادية دي ما تنفعش...
قطب غيث متسائلا:
- كيف يعني؟
غمز شهاب بمكر:
- اعمل زي ما أنا عملت, اقتحم وما تديهاش فرصة للتفكير, وأي حاجة تقدر تعملها اعملها عشان توافق, كل شيء مباح في الحب وفي الحرب يا كبير!!
لترتسم ابتسامة ظفر على شفتي غيث ويهب واقفا وهو يقول:
- عن اذنك يا خوي..
ليهتف شهاب مناديا:
- على فين يا غيث؟
أجابه وهو يسرع بخُطَاهْ:
- رايح أقتحم يا ولد ابوي...
لتتعالى ضحكات شهاب بينما يسرع غيث في خطوات مهرولة متجها الى ابنة عمه وقد أتخذ قراره النهائي... سلافة ستكون له شاءت أم... أبت!!
- يتبع -



شبيهة القمر 26-10-16 12:02 PM

رد: كبـير العيلة
 
هههههههههههههههههههههههههههههععععععههههه
ههههههههههعععععهععهعهعههعهعههععخهخهخهههه

والله وطلعت راجل ياشهاب يا ابن قيس يا ابن عنتره يا ابن جميل بثينه هههههههه

طلعتش مش سهل خااالص ياالله اتعلم منه ياغيث باشاا دي حته بنت مأصوفه مأدرتش عليها.... ننتظر الكورس الي هتاخده من قيس زمااانه هههههههه

منى لطفي 26-10-16 05:02 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3664587)
هههههههههههههههههههههههههههههععععععههههه
ههههههههههعععععهععهعهعههعهعههععخهخهخهههه

والله وطلعت راجل ياشهاب يا ابن قيس يا ابن عنتره يا ابن جميل بثينه هههههههه

طلعتش مش سهل خااالص ياالله اتعلم منه ياغيث باشاا دي حته بنت مأصوفه مأدرتش عليها.... ننتظر الكورس الي هتاخده من قيس زمااانه هههههههه

ههههههه هو من ناحية هيتعلم فهيتعلم وسولي اللي هتعلمه ههههههه فيس بيغمز.... سعيييدة لوجودك وتعليقك يا احلى من القمر ذاته.. :e106::e106:

مملكة الغيوم 26-10-16 06:29 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مساءك عسل منمن ايوه كده ياواد يا شهاب وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
بنات ميجوش الا بالاقتحام متديهاش فرصه تفكر لاء والحلو طبع الدمغه على خدها دوغرى من غير ذرة تردد ولا حيا ولا مستحى مصدء اهههههههههههههههه قلبى الصغير لايتحمل ومن فرحتى تهت مع الفرحهه من فرحتى لابنام ولا بصحى ده حيفضل حال شهاب لحد ما يكتب الكتاب
الاخ غيث خرج من جموده على يد الجد الاءروبه اللى عرف يخليه يتحرك ومين عريس الغفله سيوف دى منه حتقطعه وتاكله نيئ لو كان كلام بجد الحمد لله انه مجرد طعم لاصطياد رد غيوث اللى ناوى يقتحم ههههههههههه مش عارف ازاى بس حسه انه حيتلب من سلافه وحتعمل معاه الجلاشه اللى بتهدد بيها سلمى فيس بيغمز
هيييييييييييييييح الاخ ليث ياعينى اتاريه دايب من زمان وابوه حاسس بيه مش انا قولت انه كان بيحبها قبل ما يعرف انه اخوه عاوزها الله يرحمك يا راضى دخلت فى السكه غلط لكن عدنان حيرجع الامور لنصابها [عدنان اسم غالى اءوى اسم اخويا الكبير] ويرجع لليث بسمته الفتاكه
فى انتظار الباقى منون وتسلم ايدك الجميله على ما ابدعت مووووووووووووووووووووووواه

همس الريح 27-10-16 09:48 AM

رد: كبـير العيلة
 
افااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

شهاب و بلعتها له ..
بس غيث وش يبا يسوي ؟؟

يعني خل الثور يفهم ان مهوب كل شي بالعافيه
غير ان سولي مختلفه كليا .. توتالي .. عن اختها
مالت ثم مالت بس
عساك 100 بعير يرفسونك و 50 تيس ينطحونك يا غيث يا ولد الخولي


ليث .. فيس قلوب قلوب من هنا لييييييييييييييييييين الصعيد

تدرين شهرزاد .. ليث ذا ابا اعرف قصته من اولها لتاليها ..
من طق طق لسلامو عليكم ( فيسي المصري )
وش صار من 6 سنين ؟؟
كان يحب سلسبيل و اخيه قال يبيها ؟؟
يا زينه بس و اهو يضحي بقلبه عشان اخيه

سلسبيل مفجوعه و موجوعه .. شلون تتقبل الزواج اللي بيصير

في انتظارش علي ناااااااااااااااااااااااااااااار

منى لطفي 29-10-16 08:40 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الرابعة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
مر يومان لم يستطع فيهما غيث الانفراد بسلافة فدائما ما تكون محاطة بأحد أفراد عائلتها أو... عائلته!, وهذا مدعاة للسخرية, فكأنهم قد اجتمعوا على ألّا يتيحوا له الفرصة التي يريدها للتحدث اليها منفردا حتى فاض به الكيْل فقرر أن يحادثها وإن كانت محاطة بعائلة الخولي أجمع وإن أدى الأمر لاختطافها فسيفعل!!
وقفت سلافة عند حوض الورود الذي جذبها منذ أن وقعت عيناها عليه منذ أول يوم لها في القصر, كانت تتجاذب أطراف الحديث مع عم مدبولي البستاني الرجل الستيني العمر, كانت ترتدي فستان طويل ينسدل بطولها حتى أعلى كاحليها بقليل, كان باللون الليموني موشح بأزهار بيضاء كبيرة مطبوعة عليه, ومغلق بأزرار بيضاء كبيرة من الأمام من أعلى وحتى منتصف خصرها حيث يضيق الفستان ثم يهبط متسعا الى الأسفل, كانت أكمامه تصل الى مرفقيها مطوية بزر أبيض لدى كل كُم, وانتعلت في قدميها حذاءا صيفيا مفتوحا باللون الأبيض, بينما جمعت شعرها الأسود الطويل الى أعلى على هيئة ذيل الفرس, واكتفت بوضع ملمع للشفاه باللون الخوخي, وبعض الماسكارا الخفيفة التي أكسبت أهدابها طولا وكثافة, ورشّت بضع قطرات من عطر الياسمين الخفيف الرائحة خاصتها, كانت تقف تتحدث وتضحك مع مدبولي غير واعية لصورتها الفاتنة التي خلبت لبّ ذلك الشاب الذي يتقدم ناحيتهما, وكلما قصرت المسافة بينهما كلما وعى أكثر لفتنتها وغضب أكثر من تلك الفتنة!..
كانت تميل برأسها الى الخلف ضاحكة عندما انتبهت الى ارتباك مدبولي الطفيف ثم اعتداله وهو يقول بكل احترام:
- أهلا يا بيه...
قطبت والتفتت لترى غيثا وهو يقف على بعد أنملات منها بلباس ركوب الخيل الأسود والذي أكسبه جاذبية رجولية طاغية, ولفت نظرها خصلات شعره الشديدة السواد القصيرة حيث انعكست عليها أشعة الشمس فتوهج لونها وأضحت كجناح الغراب في لمعانه....
تحدث غيث بصوته الخشن وهو يرمقها بنظرات غريبة:
- أهلا نبك يا مدبولي...
ثم أردف موجها الحديث الى سلافة:
- كيفك يا بت عمي..
هزت سلافة كتفيها وأجابت بتلقائية:
- الحمد لله, غريبة يعني انت مش في الديوان دلوقتي...
غيث وهو ينظر الى مدبولي بنظرة عرفها الأخير فأسرع بالاستئذان:
- عاوزك في موضوع ضروري...
هزت سلافة رأسها بنعم ولكنها أسرعت بنداء مدبولي هاتفة وهي تمد يدها بباقة من ورد الجوري:
- شكرا يا عم مدبولي على الورد...
نقل غيث نظراته بذهول من وجهها المبتسم الى وجه الرجل الكهل والذي تخضب باللون الأحمر لثنائها له!, تبًّا هل ينبغي لها أن تثير اعجاب كل رجل تقابله حتى وإن كان كهلا قد تخطى الستين من عمره؟!, من الواضح أنه سيمنع تعاملها مع أي صفة مذكر يتراوح عمره من السادسة عشر وحتى الثمانون!
التفتت سلافة الى غيث وتساءلت بينما لا تزال الابتسامة مرتسمة على شفاها الخوخية اللون والتي جعلت غيث يشرد فيهما فلم يسمع ما تقول حتى رفعت صوتها:
- هاااااي.. غيث روحت فين؟
انتبه من شروده وسعل قليلا ليجلي حنجرته قبل أن يقول:
- ما أني امعاكي أهاه...
سلافة بتساؤل:
- كنت عاوزني في إيه بقه؟
غيث بعد أن زفر بعمق:
- شوفي يا بت عمِّي أني لا بحب اللف ولا الدوران, هو سؤال وعاوز جواب عليه دوغري إكده.. انتي ليه مش موافجة على زواجنا؟
ابتسمت سلافة ابتسامة صغيرة وحركت رأسها يمينا ويسارا بخفة ثم رفعت نظراتها اليه مجيبة بهدوء:
- تاني يا غيث؟!
غيث بإصرار:
- وتالت ورابع وعاشر كومان!, أني مش هسكت غير لمّن أعرِف السبب الحجيجي لرفضك دِه, خصوصي وإن عمي رؤوف متشجع جوي دِه حتى الست ألفت هي كمان معندهاش أيتها مانع, يبجى تصليبة رايك ده وتنشيف دماغك ليه؟
ابتسمت سلافة قائلة بدعابة:
- صعيدية بقه تقول إيه؟..
ثم نظرت اليه مجيبة بكل جدية:
- شوف يا غيث.. اوعى تكون فاكر اني بتعزز مثلا ولا أني فرحانه علشان فاتحتني في موضوع الارتباط دا أكتر من مرة؟, لالالا أبدا, أنا هكلمك بوضوح أكتر يمكن سبب رفضي ما وصلكش في الأول..
سكتت قليلا فيما وقف أمامها مترقبا لسماع ما ستقوله, تنهدت عميقا وقالت:
- غيث الموضوع مش موضوع انك اخدت بالتار بإيدك وما لجأتش للقانون وبس.. لا!, الموضوع إنه اللي حصل دا أكّد لي اننا مختلفين في وجهات نظرنا ومبادئنا!, غيث أنا مش هينفع أرتبط بواحد أبسط قواعد الحياة أو الأساسيات عموما مختلفين عليها..
زفر غيث بعمق وقال بصبر:
- ممكن أسألك سؤال وتجاوبيني عليه؟
سلافة بهزة من رأسها بنعم:
- أكيد اتفضل إسأل..
غيث بجدية:
- انتي شايفاني ظالم ولا متجبّر على خلج الله؟
حركت سلافة كتفيها وأجاتب بصراحة تامة:
- بصراحة.. لا!, كل الناس اللي بتشتغل تحت إيدك بتشكُر فيك جدا وبيقولوا انك كريم ورحيم بيهم, يمكن جد في شغلك لكن في نفس الوقت مش ماسك لهم الكرباج...
غيث:
- امنيح, طيب سؤال تاني.... المجرم اللي اني وليث خلصنا الناس من شرِّه دِهْ حاسة انه مظلوم؟؟
سلافة بنفي قاطع:
- لا طبعا, أنا اعتراضي مش على أنه يستحق القتل ولا لأ دا يستاهل أساسا يتشنق في ميدان عام عشان يكون عبرة لغيره, أنا اعتراضي على طريقة تنفيذ الحكم دا, فيه قانون احنا مش في غابة ما ينفعش كل واحد يطبق العدل بإيده في جهة مختصة بكدا, لأنه لو عممنا هتكون كارثة لأنه كل واحد هيطبق العدل اللي من وجهة نظره هو حتى المجرم في اجرامه بينتقم من المجتمع لأنه لاقى نفسه هيموت من الجوع ومحدش سائل فيه أول جريمة لأي حد بيكون لها سبب وقوي من وجهة نظره, ويا روح ما بعدك روح.. القاتل بقه بيقتل والحرامي بيسرق وكله عشان الفلوس, انا مش ببرر لهم الجريمة لأ.. أنا بوضح لك انه ما ينفعش كل واحد ينفذ العدل من وجهة نظره هو بدراعه فيه قانون كفيل بحماية الناس وانه يرجع لهم حقوقهم وفوق القانون فيه ربنا سبحانه وتعالى لو عدالة الأرض ما قدرتش تطبق العدل بين الناس لأي سبب فعدالة السماء عمرها ما تظلم...
غيث بإصرار:
- يعني الطريجة هي اللي مش لادة عليكي.. لكن الاساس احنا متفجين فيه انه مجرم وبلطجي ويستاهل جطع رجبته...
سلافة بعجز عن افهامه:
- يا غيث أنت ليه مش عاوز تفهمني؟, بقولك انه تفكيرنا نفسه مش واحد, الصح بالنسبة لك غلط بالنسبة لي يبقى نرتبط ازاي ببعض ونكمل حياتنا مع بعض ازاي بس؟.
ثم نفخت بضيق وأردفت بجدية لتنهي هذا النقاش العقيم بالنسبة لها:
- شوف يا غيث.. انت ابن عمي وانسان كويس ومحترم لكن للأسف انا مش مقتنعة بارتباطنا وان شاء الله ربنا يعوّضك بواحدة أحسن مني 100 مرة كمان...
أجاب غيث بصرامة:
- وأني مش رايد غيرك!.
قطبت سلافة ناظرة اليه وقالت:
- طيب ممكن انت بقه تجاوبني على سؤالي.. ليه أنا بالذات يا غيث؟
غيث بلا مبالاة مزيفة:
- وليه لاه؟, انتي بت عمي وزينة ومتعلمة يبجى ليه ما افكّرشي فيكي؟
عقدت سلافة ذراعيها أمامها وقالت ساخرة بابتسامة صغيرة:
- اللي بتقوله دا يبقى معقول لو انت تقبلت رفضي, لكن انت مصر يا غيث ليه؟
نظر اليها غيث نظرة سمّرتها في مكانها وهمس بصوت أجش:
- لأن مواصفاتك هي اللي عاوزها تكون في ولادي, انتي شخصيتك جويّة, عنيدة, كرامتك فوج, ما بتخافيشي من حد واصل, من الآخر عاوز ولادي يكون عنديهم نفس صفاتك ديْ..
سكت قليلا ليتابع بابتسامة:
- ده طبعا غير دمك الخفيف...
كانت سلافة طوال تعداده لصفاتها وهي فاغرة فاها بينما سرت قشعريرة في سائر جدسها لدى ذكره أنه يريد أبناءا منها يحملون جيناتها!, فكرة أن يجمع بينها وبين غيث أطفال كانت كفيلة بجعل الدم يجري في أوردتها ليغدو كالعسل الدافيء بينما تخضب وجهها باللون الأحمر القان لدى تخيلها لأطفال يحملون لون بشرته السمراء ونغزة خدّه الأيمن والتي تظهر عند ابتسامه, وهو يركضون حولها هنا وهناك بين المروج الخضراء...
حركت رأسها لتفيق من حلم يقظتها هذا وهمّت بالكلام عندما قاطعها صوت رنين هاتفها المحمول والذي تحمله في جيب فستانها فأخرجته ليطالعها اسم سلمى فتلقت المكالمة وتمتمت ببضعة كلمات مفادها أنها لن تتأخر, نظر غيث اليها وتحدث قائلا:
- عرفتي أني ليه عاوزك ومصر عليكي يا سلافة؟, أني بختار أم لولادي... وأني متأكد إني مش هلاجي أم أحسن منيك, إيه رأيك دلوك؟
همت بالكلام ثانية عندما أتت وردة - الفتاة التي تبلغ من العمر اربعة عشر ربيعا وتعمل لديهم في القصر- تهرول منادية سلافة وعند وصولها اليها أخذت تلهث لالتقاط أنفاسها الهاربة قبل أن تتكلم بصوت متقطّع:
- ست سلافة.. عمي الحاج جالي أبلغك انك تلحجيه على داره عاوزك ضروري...
أجابت سلافة بتقطيبة:
- ماقالكيش عاوزني في ايه؟
نفت وردة بهزة من رأسها قائلة:
- لاه, ما جاليش...
قالت سلافة:
- تمام يا وردة, إسبقيني انتي وأنا هحصلك..
زمجر غيث ما أن توارت وردة عن الأنظار وقال بتأفف:
- ايه دِه؟, كانهم عمالين روباطيِّة عليّ عشان معرفش أتحدت امعاكي, بجولك ايه تعالي نمشي من اهنه نروحوا أي مكان, مش هنخلصوا منيهم دول.
هزت سلافة برأسها رفضا وأجابت وهي تهم بالسير بعيدا عنه:
- مالوش لزوم يا غيث, احنا قلنا المفيد, احنا ما ننفعش لبعض, ربنا يرزقك بواحدة تانية ويا سيدي تكون جيناتها أحسن مني كمان...
قطب غيث وقال باستهجان لم تنتبه اليه:
- بس أحنا لساتنا ما خلصناش حديتنا..
ثم تابع بصرامة وهو يشير بسبابته أمامه:
- سلافة مشِّي جودامي ياللا...
نظرت اليه سلافة باستنكار وهتفت:
- ايه دا؟, أمشي أروح فين؟, لا طبعا.. مش ر ايحه في حتة..
غيث بتهديد مبطن:
- سلافة طوعيني, اسمعي الكلام ومشِّي معايْ...
حركت سلافة رأسها بقوة يمينا ويسارا حتى تطايرت خصلات شعرها المربوط حولها وقالت مؤكدة بعناد شديد:
- وأنا قلت لأ يعني لأ....
تقدم منها غيث حتى وقف أمامها تماما ومال عليها ناظرا في ليل عينيها وهو يكرر بتحذير:
- سلافة أني مش بهزّر, اتجي شرِّي الساعة دي واعملي كيف ما بجولك..
حركت سلافة كتفيها باستهانة وأجاب ببرود:
- والله انا قلت لك اللي عندي, مش همشي معاك خطوة واحده من هنا أيه رأيك بقه؟
هز غيث كتفيه بلا مبالاة وقال بلهجة جعلتها تقطب ريبة:
- ماشي يا بت عمي كيف ما انت رايدة, استعنا بالله....
ليخفض هامته فتقطب بحيرة تبددت عندما رفع جذعه ثانية ولكن.. حاملا إياها فوق كتفه كجوال البطاطا!, هتفت به بقوة وهو تضربه بقبضتيها الصغيرتين فوق كتفه:
- نزلني يا غيث أنت اتجننت؟
أجاب غيث وهو يحثّ في السير:
- انتي اللي جبتيه لروحكِ, جولتلك من الاول ما سمعتيش الحديت....
كان رأسها يتدلى خلفه بينما ساقيها تضربان صدره, سار بها حتى وصل الى كوخ مخصص لأدوات الزراعة الخاصة بمشتل الزهور المزروع في حديقة القصر, أنزلها عن قدميها وأغلق الباب خلفه, ما أن لمست قدميها الأرض حتى سارعت بابعاد شعرها عن وجهها وقد حُلّت ربطته, وصرخت في وجهه بحدة وهي تشير بيدها الى الباب حيث يقف مستندا اليه بظهره:
- شوف لو ما بعدتش حالا مش هيحصل لك كويس!, سيبني أرجع بالذوق يا غيث بدل ما أصرخ وأطلع جناني عليك, انت متعرفنيش لما بتجنن بتجنن!!
تقدم غيث منها حتى وقف على بعد بوصات قليلة ومال برأسه ناحيتها قائلا باستهانة:
- واني ما بنتهددشي يا سلافة, ايه رايك بجه؟, جولتلك جبل سابج لازمن اقتنع برايك انتي لغاية دلوك ما جولتيش سبب محدد لرفضك دِه, يعني ايه احنا مختلفين في الطريجة ديْ؟, شوفي يا بت عمي.. أني بجولهالك أهو.. أني ما جابلشي غير موافجتك على زواجنا, انتي لساتك اصغيرة وماخبراشي الدنيا زين, ولو على اختلافنا اليل تعبه بيه نافوخي دِه هنجدروا نوصلوا لحل وسط!!
وقفت أمامه تغمض وتفتح في عينيها لا تستطيع تصديق ما فعله هذا المتبجح؟؟, لقد حملها كجوال البطاطا فوق كتفه وأتى بها عنوة الى هنا ليجبرها على الاستماع اليه وأخيرا ينذرها أنه لن يقبل بغير نعم جوابا على أمره إياها بالزواج به!!!!!
تبا وسحقا واللعنة عليك وعلى رأسك يا غيث يا ابن أم غيث!!!!, سأوريك من هي سلافة رؤوف الخولي, لست بأنثى كسائر النساء, فأنا لا يملكني إلا أنا... أنا حرة وأبدا لن أخضع, كرامتي فوق هامتي وأبدا لن أركع!!
طالعته تبادله النظرات قوة بقوة, قال وهو يزفر بعمق:
- يعني لازمن تحديني اني أجيبك غصب يا سلافة؟, ما عتسمعيش الكلام من الاول ليه؟, لكن معلهش كيف ما جولتك انتي لساتك اصغيرة مع الوجت هتتعلمي....
سلافة ببرود وهي تقف عاقدة ذراعيها أمامها:
- وانا مش عاوزة اتعلم, واوعى تفتكر اللي انت عملته معايا دا هيعدي كدا, ابدا يا غيث, ودلوقتي بقه انا لا عاوزاك تتكلم ولا انا عاوزة أسمع زي ما جبتني هنا ترجعني مكاني والا همشي من هنا وارجع بأي طريقة واضح؟.
اقترب حتى أصبح على بعد بوصات منها ومال ناحيتها يطالعها بقوة وهو يقول بينما تضرب أنفاسه الساخنة بشرتها الحليبية:
- لمن تاجي تكلمي جوزك تكلميه عدل, أني مش هسمح لك تتطاولى علي بأي طريجة واضح؟؟.
كادت سلافة أن تشد شعرها وتشققت واجهة البرود التي تعتمدها وصاحت:
- جوز مين؟, غيث لآخر مرة بقولك انا مش موافقة, اتجوزك ازاي؟, اتجوز قاتل على آخر الزمن!!
هتف ليث صارخا بغضب عنيف:
- هي سيرة أبو زيد الهلالي هندنّا نحكّوا فيها طولة اليوم؟, يا بت النااااااس افهمي.. اني مش جاتل, انا اخدت بتاري وتار ناس اتظلموا كتير جوي, انتي لساتك اصغيرة مافاهماشي حاجة, فكرك البوليس لو مسكه ايه اللي هيوحصل؟, هيهرب زي ما بيعمل كل مرة, سلافة انا مش ببرر اني لو الزمن عاد مش هعمل غير اللي عملته..
سلافة بعناد وتشبث بالرأي:
- وانا بردو مش مقتنعه.. اتجوزك ازاي وانا ضد افكارك دي,
وبقولك فيه قانون تقولي انا القانون ليه يعني... معلّى جانون وانا معرفش!!
غيث بحدة:
- وانى مش موافج على كلامك ده... انى رايدك ليه مش عاوزة تدي نفسك وتديني فرصة, يمكن اطلع غير ما انتي متخيلة؟؟؟
سلافة بزفرة عميقة:
- غيث افهم انا مش مقتنعة يبقى هتجوزك ليه بقه.. خلاصة حق ولا تكفير ذنب؟؟
هتف غيث بغيظ:
- هي وصلت لأكده؟, طب اسمعي يا بت عمي آخر كلام.. ماحدش هيجدر يجرب لك طول ما اني جايل عليكي, وعشان تبجي عارفة خروج من اهنه جبل ما توافجي انسي, وادي جاعده....
وجلس على الكرسي الخشبي ذو الأربعة قوائم وتابع وهي تطالعه وكأنه قد نبت له قرون فوق رأسه فأضحى كائن خرافي:
- وعشان تبجي عارفة عمى اللي هو بوكى عارف انك امعايا دلوك, فكري اكده واعرفي صالحك فين!!!
هتفت سلافة بحنق:
- صالح إيه وطالح إيه بس؟
ثم أغمضت عينيها فنظر اليها وهو يقول ببرودة:
- خلاص ما تتزرزريش إكده, أني هحلهالك...
قطبت سلافة متسائلة بنزق:
- يا سلام وهتحلها ازاي دي ان شاء الله؟
غيث رافعا حاجبه الأيمن بتحد:
- هم مش بيجولوا فترة الخطوبة دي عشان التنيِّن يجربوا من بعض ويتعرفوا على بعض أكتر؟, خلاص... احنا نتخطب وناخد الفترة دي فترة تعارف ونحاول انجرّب من بعض فيها..
هزت سلافة برأسها نفيّا وأجابت:
- مينفعشي للأسف, اللي بين شهاب وسلمى غيرنا خالص, هما مش مختلفين في الأساسيات, يمكن كل واحد له طريقة معينة لكن مش زينا, احنا واحد فينا في الشرق والتاني غرب, وموقفك دا دلوقتي أكبر دليل على كلامي, أنت مش مقتنع برأيي ومش عاوز تقبله, ومنشّف دماغك ع الأخر...
غيث بابتسامة ساخرة:
- دا الموج فدِه أكبر دليل على أننا ما نصلحوش غير لبعض!
سلافة باستخفاف وهي تضع يديها في خصرها:
- يا سلام!, وازاي بقه يا فيلسوف عصرك وأوانك؟
نهض غيث وتقدم منها ثم وقف ومال برأسه ناحيتها وهو يجيب بابتسامة نصر صغيرة:
- عشان انتي كومان مش عاوزة تجتنعي بكلامي, انت كومان دماغك أنشف من الحجر الصوان, يعني دماغ صعيدية صوح, يبجى أحنا الاتنين أكتر تينين لايجين على بعضهم!
زفرت سلافة بيأس وهتفت وهى تنظر الى الآعلى:
- يا ربي أٌوله ايه دا بس ولا أعمل إيه؟
سكتت قليلا ثم نظرت اليه لتجده واقفا يطالعها بمنتهى البرود فتحدثت بحنق هاتفة:
- طيب بص.. أنا هوافق مبدئيًّا... شوف مبدئيًّا.. بس مش على خطوبة لا.... تعارف بس!
قطب غيث وقال مستهجنا بعد أن كانت الابتسامة بدأت بالظهور لدى سماعه موافقتها ولكنها سرعان ما غابت عند سماعه باقي عبارتها:
- كيف دا؟, تعارف ازاي يعني؟
سلافة بنزق:
- يعني تعارف يا غيث, ما فيش أي حاجة رسمي خالص ولا حتى قراية فاتحة, هو مش كدا.. كدا كل حاجة واقفة لغاية عدة سلسلبيل ما تخلص؟, خلاص... لسه أكتر من شهرين تقريبا على العدة تبقى فترة كافية اننا نحاول نعرف بعض أكتر, ايه رأيك ولعلمك.. دا آخر كلام عندي!!
قال غيث وهو يشعر بنشوة الانتصار فيكفي أنها قد وافقت على الفكرة وأن ظهر أنها مرغمة ولكنه يعلم بداخله أنها تحمل له شعورا خاصا, لقد لمسه في تلك الليلة التي سألته عن سبب إصراره على الزواج بها قبل أن يقاطعهما غفيره الخاص ويخبره بأمر ذلك المجرم ليذهب ليقتص هو وليث منه:
- وأني موافج يا بت عمي...
ثم مد يده لمصافحتها فنظرت قليلا الى يده قبل أن تم يدها فيتناولها في راحته لتضيع يدها الصغيرة وسط كفه القوي, ويضغط عليها لا شعوريا بينما تطالعها عيناه بنظرة جعلت دقات قلبها تدوي بهدير قوي أوشك أن يصم آذانها, وحبست أنفاسها تخشى أن تقطع سحر هذه اللحظة بينما ترسل يده ذبذبات كهربائية ليدها فتسري في سائر أنحاء جسدها وكأنها لمست سلكا كهربائيا عار ذو تردد عال لتشعر بقشعريرة تسري في عمودها الفقري وحتى أطرافها, حاولت سحب يدها لتقطع هذه اللحظة التي شكّتى أنها قد تدوم الى الأبد, فتنحنح غيث تاركا يدها على مضض وهو يقول بصوت خرج أجشّأ من فرط انفعالاته التي اختلجت داخل جنبات صدره:
- جريب جوي يا بت عمي مش يدك بس اللي هتبجى حجي..لاه!, كلك على بعضك اكده هتكوني حجي أنا وبس!
زاد احمرار وجهها وأجابت وهي تهرب بنظراتها:
- طيب ممكن نرجع بقه....
وخرجا عائدين الى القصر ولكن شتّان بين حالهما عند الدخول وحالهما الآن بعد الخروج!!
*************************
بعد انقضاء عدة سلسبيل:
***********************
مرت شهور العدة ولم يحدث فيها أي جديد, فلا تزال المناوشات بين شهاب وسلمى وان خفت عن السابق كثيرا, بينما غيث وسلافة فعلاقتهما في منحنى صعود وهبوط بالتزامن, فأحيانا تشعر بامكانية المضي قدما في ارتباطهما وأحيانا أخرى تكاد تجزم باستحالة نجاح أي ارتباط بينهما..
أما ليث فلم يفاتح عمه بعد بشأن ارتباطه بسلسبيل, وكان يماطل ما إن يفاتحه والده في الأمر حتى قرر والده أن يضعه أمر الأمر الواقع بأن فاتح هو الجد برغبته في ارتباط سلسبيل بليث وكانت سلسبيل حينئذ لدى عائلتها لقضاء بضعة أيام برفقتهم بعد انقضاء عدتها!!...
- انت بتجول ايه يا بوي؟
هتفت سلسبيل غير مصدقة لما تسمعه آذانها من والدها بينما يجلس الجميع حولها في غرفة الجلوس حيث أمر الجد بأن يتجمع أفراد العائلة لأمر خاص بسلسبيل وأولادها!!
عثمان بحزم يخالطه حنان أبوي:
- بجول ان عمك عدنان طلبك لليث عن ولادك, انتي لساتك شابة صغيرة ومش هتجعدي عزبة اكده من غير زواج..
هتفت سلسبيل وهي تقفز عن قدميها واقفة باستنكار تام وعينيها تغشاها دموع محبوسة:
- لاه يا بوي, أني مش هتزوج بعد راضي, كفاية علي ولادي هربيهم...
تدخل الجد مقاطعا بجدية:
- سلسبيل يا بتّي الحديت اللي بتجوليه دِه انتي عارفة انه مينفعشي حدانا اهنه, كيف نسيبك عزبة وانك لساتك بت 26 سنة؟, وعيالك أكبرهم 5 سنين؟, يا بتي المشوار لساته طويل ولازمك راجل امعاك!
اندفعت سلسبيل تجذب يد جدها تقبلها وهي تهتف بتوسل:
- ربنا يخليك ليا يا جدي انت وبوي واخواني, أني ما عاوزاشي حاجة من الدنيا تاني غير ولادي وبس, أحب على يدك يا جدي..
مسد الجد على الوشاح المغطي لرأس سلسبيل وهو يقول:
- ارفعي راسك يا بتي, بت الخولي ما تطاطيش راسها واصل, احنا اللي بنعملوه دِه عشان كانت وعشان عيالك, ليث عمهم وهو أكتر واحد هيشيلهم في عينيه, وانت شايفه كيف عدنان ولدك من يوم ما جيتو ما عيبطلش يسأل هتعاودوا حدا عمه ميتى؟
نظرت سلسبيل الى غيث بترجي واتجهت اليه وهي تقول:
- اجنعهم يا خوي, أني ما عاوزاشي جواز, ولو على عمهم وجت ما يحب يشوفهم أني مش همنعهم عنيه...
نهض غيث وقال وهو يربت على كتف سلسبيل التي بدأت دموعها بالانهمار في صمت:
- سلسبيل يا ختي ليث راجل وجدع واحنا هنكون مطمنين عليكي انتي والعيال وانتو في حمايته...
هزت رأسها بياس واتجهت الى شهاب الواقف يراقب ما يدور بينما يعقد ذراعيه وقد ارتسمت علامات الوجوم على وجهه:
- شهاب أحب على يدك يا شهاب...
وجذبت يده لتقبلها فسحبها سريعا فركعت وهي تصيح:
- أحب على رجلك يا خوي...
ليسارع شهاب رفعها وهو يهتف:
- بس يا سلسبيل كفاياكي يا ختي...
لم تستطع سلافة الصمت أكثر من ذلك ووقفت هاتفة:
- ايه دا احنا فين هنا؟, هو الجواز بالعافية؟, دا حتى شرعا حرام ما ينفعش!
نهرها أبوها بنظرة صارمة وهو يقول:
- سلافة... صوتك ما يعلاش في وجودنا...
اتجهت سلسبيل وكأن سلافة هي حبل النجاة ووقفت أمامها تصيح:
- جوليلهم يا سلافة, جوليلهم ما يموتنيش بالحياة, ليث لاه.., ليث لاه يا بوي, لاه....
تقدمت سلمى منها تحيطها بذراعها وهي تقول بعطف:
- هدي نفسك انتي يا سلسبيل وان شاء الله كل شيء يتحل..
أجابتها سلسبيل بينما عيناها تتطلعان الى أمها أملها الأخير ولكن هذه الأخيرة تشيح بنظرها فهي تعلم عادات بلدها وترى أن ليث أصلح شخص لتربية صغار ابنتها وفي نفس الوقت تحتفظ بحقها من ميراث زوجها بل وترث أيضا من ليث!!
قالت سلسبيل بلهجة المغلوب على أمره بعد أن علمت أن أمها قد خذلتها كالعادة:
- مافيش حاجة هتتحل يا سلمى, مش هيسكتوا, لكن انا لا يمكن أوافج...
وابتعدت عن سلمى متقدمة من والدها وهي تهتف بتحد غريب عنها:
- سمعتني يا بوي.. لاه, على جثتي أني أتزوج ليث, ليث لاه يا بوي لاه....
لتهوى يد أبوها بصفعة مدوية على وجنتها جعلتها تصرخ ألما بينما هب غيث وشهاب يعيقان تقدم والدهما لمواصلة ضربها فيما احتوتها سلافة بين ذراعيها, وهتف عثمان صائحا:
- بتعلي صوتك علي يا جليلة الحيا, طيب علمن يصلك ويتعداكي كمان... زواجك من ليث ولد عمك مع هلال الشهر الجاي, وابجي وريني هتعملي ايه!!
لينصرف مغادرا بغضب بينما نظرت سلافة وسلمى اليها بإشفاق وتحدث الجد بجدية يغلفها الحزن:
- غيث.. شهاب, الحجوا بوكوا شوفوه وين راح..
لينفض الجمع وتنهض الجدة متجهة الى حفيدتها تجذبها من بين يدي سلمى الى حضنها الحنون الدافئ وهي تقول مانعة دموعها من الانهمار بقوة:
- هدِّي يا بتي هدِّي.. بوكي بيحبك ومارايدلكيشي الا الخير, تعالي ريحي في دارك دلوك...
اتجها للانصراف ومرا برازية التى وقفت أمامهما وقالت بجمود محاولة عدم التأثر بدموع ابنتها:
- امسحي دموعك يا سلسبيل, انتي ما عدتيشي اصغيرة للي اعملتيه دِه, بوكي ورايد مُصلحتك..
لم تحر سلسبيل جوابا وانصرفت تاركة راوية ترغي وتزبد فقد تجاهلتها أمام ألفت غريمتها والتي سرعان ما لحقت بسلسبيل هي وابنتيها..
نظر الجد الى راوية وتحدث بجدية:
- كويس انك عارفة انه بوها ما عاوزشي الا صالحها...
هتفت راوية وهى تقترب لتجلس بجانبه:
- أومال يا عمي, بو غيث ما يعملشي حاجة تضر بولادنا واصل...
ابتسم الجد شبح ابتسامة ساخرة وقال:
- تمام, على إكده يبجى اعملي حسابك زواج اعيالك كلاتهم هيبجى سوا..
قطبت راوية وهتفت:
- كيف يعني مش فاهمه؟
الجد ببراءة مزيفة:
- ايوة صحيح انتى معترفيشي.. اصلنا مارضيناشي نجول لغاية ما سلسبيل تُخلص عدتها...
راوية بقلق ولا تعلم لم نغزها قلبها:
- تجولوا ايه يا عمي؟
الجد بتلقائية مزيفة:
- شهاب وغيث خطبوا سلمى وسلافة واحنا ما رضيناش نجول لغاية ما تفوت عدة سلسبيل, ودلوك أني هجول لرؤوف وعتمان الاولاد كلاتهم يتزوجوا سوا, فكرة مش اكده؟
وكأن دلوا من المياه الباردة قد سُكب فوق راوية, فقد طالعته بذهول تام وهي تردد:
- انت بتجول ايه يا عمي؟, ولادي أنا خطبوا بنات ألفت وأني معرفشيِ؟ّ
الجد بلا مبالاة:
- جولتلك كنا ما عاوزينيش الموضوع يتعرف جبل عدة بتِّك ما تفوت, ولو كنت عرفتي خابرك زين ما يتبلشي بخشمك فولة, كانت البلد كلاتها هتعرف!
نظرت راوية الى الجد وهتفت بدون شعور منها وقد ارتسمت علامات الكره والبغض على وجهها ليجعلها في أبشع صورة:
- دِه يستيحل يوحصل, على جثتي ان ولادي ياخدوا بنات ألفت... لا يمكن!!
ليصدح صوت عثمان عال:
- رااااااااوية!!!
فتشهق بذعر وتلتفت خلفها لتراه واقفا وعيناه تطلقان شررا من نار, تقدم عثمان منها وفي أثره ولديه وشقيقه, وقف عثمان أمامها وهتف من بين أسنانه:
- انتي اتجنيتي؟, انتي كيف توجفي جودام بوي وتجولي الكلام اللي جولتيه دِه!
نهض الجد فأسرع رؤوف يسنده وقال وهو متجها الى الخارج ناظرا الى راوية بجدية وصرامة:
- عتبة دارك عوجة يا عتمان يا ولدي, يا تصلّحها يا.. ترجّعها!!
لتشهق راوية غير مصدقة, فيما استمر الجد في طريقه الى الخارج برفقة رؤوف بينما نظر عثمان اليها وهتف بقوة:
- أمرك مطاع يا بوي, والعتبة العوجة ما عادت تلزمني..
سكت قليلا ثم أردف بحزم:
- زواج ولادك يخلص وبعد اكده تاخدي خلجاتك وتعاودي دار ابوكي من تاني, بيتي يتعذرك يا راوية......
ويتجه بخطوات حادة الى الخارج تلاحقه صرخة راوية عاليا:
- لااااااااااا........
- يتبع -


مملكة الغيوم 29-10-16 10:30 PM

رد: كبـير العيلة
 
مساء العسل منمن
حلو شوال البطاطا اللى كان شايله غيث بصراحه مكنتش مصدقه انه يقدر يعملها طلع مش ساهل ابدا واقتحم فعلا
الجد عجبنى لما حط راويه امام الامر الواقع وعتمان ماصدق عاوز يرمى العتبه العوجه بس بصراحه هى تستاهل تتشد عشان تبطل تحكم الكراهيه بدل ما تحكم العقل
سلسبيل مش موافقه على ليث خوف لانها بتخاف منه انما مش بتكرهه بردو الليث له هيبه
بارت ممتع منون تسلم ايدك وفى انتظار الباقى مووووووووووووووواه

ماما ميري 30-10-16 02:45 AM

رد: كبـير العيلة
 
عاشت الايادي حبيبتي على الرواية الحلوه
اتمنالج الموفقيه والكلام الصعيدي كلش حلو
مش اكده يابنات صوح ولامش صوح
هههههههههه
منتظرين الفصول الجايه على نار 🔥

فوفومون 01-11-16 06:27 PM

رد: كبـير العيلة
 
فصل رائع جدا بس تكفين ارحميينا راح اموت من التشويق وانتي وعدتينا اذا فيه متابعه راح تنزلي اكثر من فصل فرجاء خاصه عجلي علينا بقه هههههههههههه

مملكة الغيوم 01-11-16 06:35 PM

رد: كبـير العيلة
 
مساكى فل وورد فوفو فيه بارت اليوم منى بتنزل السبت والتلات

منى لطفي 01-11-16 11:21 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الخامسة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
سارت سلافة في الحديقة التي يغلبها الظلام إلا من بضعة أنوار تشع من مصابيح موزعة في الأرجاء وهي شاردة فيما صار هذا اليوم من أحداث جعلته يوما طويلا للغاية, لم تستطع النوم بعد أن تحدثت مع شقيقتها وقد أشفقت على سلسبيل, حاولت مرارا التحدث مع والدها بشأن التدخل لإقناع عمها بقبول رفض سلسبيل للزواج من ليث ولكن والدها كان صريحا معها أنها العادات والتقاليد التي تحكم هذا المجتمع ولكنه سيحاول أن يؤخر موعد الزواج حتى تلين سلسبيل قليلا, تركت شقيقتها نائمة وقررت السير في الحديقة علّ نسيم الليل يهدأ من روحها المتمردة التي تتواثب في صدرها بغضب شرس من تلك العادات البعيدة كليّة عن تعاليم ديننا الحنيف, فالإسلام نهى عن تزويج الفتاة أو الثيب إلا بإذنها, فالثيب تستنطق أي لا بد من أن تتلفظ بالموافقة بينما البكر فإذنها سكوتها حيث يمنعها الحياء من الإدلاء بموافقتها علانية, ولكن ما يحدث هو ضد كل الشرائع السماوية ولا يستطيع عقل بشري استيعابه...
قادتها قدماها الى شجرة باسقة ذات جذع عريض ضخم تسبح في السماء بأغصانها العالية التي تحمل أوراقها الخضراء, ارتكزت برأسها الى جذعها وزفرت بعمق مغمضة عينيها وهي تهمس في سرها أنه كلما مرّ الوقت تأكدت من صواب قرارها برفض غيث زوجا لها حتى وإن كانت.....
- مين هناك؟
انتفضت سلافة من وقفتها وفتحت عينيها متلفتة حولها لتستطلع مصدر الصوت الذي تعلم صاحبه جيّدا, كيف لا وهو من كان يشغل تفكيرها حالا!!
خرجت سلافة الى دائرة الضوء وقالت بصوت هاديء بينما يقف غيث على مسافة غير بعيدة منها وهي تجيب بهدوء:
- أنا يا غيث...
عقد غيث جبينه وتقدم منها بضعة خطوات حتى وقف على مقربة منها وتساءل بحيرة قاطبا:
- سلافة؟, غريبة!, ايه اللي امصحيكي لدلوك؟, وكيف تجفي لوحديكي في الجنينة إكده؟
سلافة بزفرة خانقة:
- ما جاليش نوم يا غيث قلت أتمشى شوية, ما حاصلش حاجة يعني...
تكلم غيث بإصرار:
- كيف ما حوصلش حاجة؟, ميت مرة أفهّمِك انك ماعينفعشي توجفي لوحديكي في وجت زي دِه, انتي ما عاوزاشي تسمعي الكلام ليه؟
وكأن غيث بحديثه هذا قد فتح أتون غضبها ليفلت من عقاله فتقطع الخطوات الفاصلة بينهما وتقف أمامه هاتفة باشمئزاز بالغ وكأنها تبصق الكلمات:
- عشان عاداتكو وتقاليدكو صح؟
غيث بحيرة لا يفهم سبب انفجارها:
- إيوة بس...
لتقاطعه باسطة يدها وهي ترفعها أمامه هاتفة بحدة:
- بس خلاص مش عاوزة أسمع حاجة تاني, تأكد اني من هنا ورايح مش هعمل أي حاجة تخالف عاداتكم وتقاليدكم العظيمة..
سكتت قليلا لتنظر اليه بقوة متابعة:
- عارف ليه؟..
لم تنتظر سماع جوابه وأجابت بتحد:
- لأني مش هكون موجودة عشان أسيء لعوايدكم العليا, عن إذنك!..
لم تبتعد سوى خطوتين اثنين قبل أن يعلو صوته وراؤها هذه المرة آمرا اياها بالوقوف!, ليتقدم منها ويقف أمامها متسائلا بغلظة وتقطيبة عميقة بين حاجبيه فيما يطرق القلق جوانحه بقوة عن معنى عبارتها الأخيرة التي رمتها في وجهه بكل تحد:
- جصدك إيه مش هتكوني موجودة؟
عقدت سلافة ذراعيها ورفعت ذقنها الصغير لأعلى دليل التحد لتجيبه بقوة:
- يعني ماشية, مش هستنى هنا أكتر من كدا, خلاص الأجازة طوّلت أوي ولازم تنتهي!
وكأنها مدت يدا من حديد لتنتزع قلبه بقسوة وجبروت وهي تخبره بلامبالاة متناهية عن عزمها على الرحيل و... تركه!
ولكنه يكون ملعونا لو سمح لها بتنفيذ ما رمته في وجهه, ليأتي دوره هو هذه المرة ليجابهها بمنتهى الصلف والغرور وهو يهتف بقوة بينما لمعة عيناه تأسران نظراتها فلا تستطيع الإشاحة جانبا:
- ومين اللي جال أنك هتعملي التخريف اللي بتجوليه دِه؟, مين اللي هيسمح لك أساسا إنك تتحركي خطوة واحدة بس من مُطرحِك؟!
نظرت اليه باستنكار وهتفت محتدة:
- ليه ان شاء الله؟, هو سجن؟!, وبعدين أنا بابا بس هو اللي يقدر يوافق أو يرفض غير كدا ما اسمحش لأي شخص إنه يتدخل في شيء يخصني...
ليميل غيث ناحيتها ناظرا بتركيز شديد في ليل عينيها البهيم وهو يشدد على كلماته ليضمن فهمها لها جيدا:
- بس أني مش أي حد, أني ولد عمك.. وزوجك!..
همت بمقاطعته عندما أردف:
- عارف هتجولي انك مش موافجة لكن أنا بجولك أنا اتجدمت لك وعاوز أتزوجك ولغاية ما أسمع موافجتك رجلك مش هتخطي شبر واحد بعيد عن إهنه... أظن واضح؟
خانتها الكلمات وهي تطالعه في ذهول غير مصدقة لما سمعته آذانها قبل أن تتحدث بتلعثم والحروف تتعثر على لسانها من فرط دهشتها:
- إنت.. إنت بتـ... بتقول ايه؟, انت اتجننت أكيد!..
لينفلت لسانها من عقالها بعد ذلك وهي تهتف بغضب ناري جعل عينيها تبرقان كسماء مرعدة في ليل شتوي غاضب:
- لكن هنتظر ايه منك؟, اذا كانت أختك اترمت تحت رجليكم وتبوس ايديكم انكم ترحموها وما ترموهاش لأبن عمكم وما اهتزتش فيكم شعرة, يبقى اللي انت بتعمله دلوقتي دا المفروض ما يدهشنيش, كل يوم بتأكد ان رفضي لارتباطنا كان صح مليون في الميّه!
تحدث غيث بهدوء ينذر بالخطر بينما تطايرت ألسنة اللهب من فحم عينيه المشتعل وهو يجيب:
- اللي حوصل انهاردِه ما يخصيكيش جد ما يخصّني أني واخويْ, سلسبيل أختنا من لحمنا ودمنا, وليث عم اعيالها وولد عمها هيجدر يصونها ويراعاها, هي ما هتجعدشي العمر كله تبكي على راضي الله يرحمه, سلسبيل لساتها اصغيرة وجودامها العمر كله, لكن لأنك مخّك إصغيّر حاكمت وأدانتي من غير ما تسمعي ولا تستفسري, أني كان ممكن ما أبررشي حاجة, لكن أنا جولتلّك يمكن تجدري تفهمي سبب اللي بوي وجدي عِملوه انهرده ايه, ومع إنها أول مرة أبرر نفسي لكن هجولك.. أنا اتحدت مع سلسبيل جبل شويْ, كانت منهارة مش هجدر أنكِر.. لكنها عارفة انه بوها وجدها مش رايدين غير مُصلحتها, وسيبتها تفكِّر.. هما كلمتين اللي جولتهوم لها.. هي عارفة ان بوها مش عيسيبها إكده من غير زواج.. ولو حوصل واتزوجت.. ليث وعمي عدنان مش هيجبلوا حد غريب إيربي اعيالهم, يبجى تتزوج عمهم ويتربوا وسط بيت بوهم وحضن عمهم اللي هيبجى حنين كيف راضي الله يرحمه عليهم, ولا ترفض وتركب راسها وهي عارفة ومتوكدة انها مسيرها هتتزوج يعني هتتزوج بس المرة ديْ هتتحرم من اعيالها, وسيبتها تفكّر في كلامي زين.... وأجدر أجولك انها هتوافج.. لأنها في الأول والآخر أم.. ماعاوزاشي تبعد عن ضناها!!
سكتت تراقبه وهو يطالعها بنظرات غضب ممزوجة بخيبة أمل لا تعلم لما قرصها قلبها لها؟!, تابع بصوت بارد:
- وأأكد لك انها هتوافج... ولوما إني اتكلمت امعاها وفهّمتها كانت زمانها في انهيار كيف اللي جالها بعد وفاة راضي الله يرحمه, يعني يا بنت عمي يا بنت مصر عوايدنا وتجاليدنا اللي مش عجباكي ديْ في الاول والاخير يهمها مصلحة بتّها, احنا بنفكّر لجودام مش فرض راي ولا هي لوي دراع ولا حاجة, عوايدنا اللي مش عاجباكي أول واحد كسرها كان عمي رؤوف.. بوكي.. ولمّن رجع لجى جلوبنا ودراعتنا مفتوحاله ومن غير مجابل.. يا.. بت عمي!
واستدار مبتعدا بخطوات قوية لتفيق سلافة من شرودها في كلماته وتلحق به حتى قطعت عليه الطريق وهي تهتف بيأس وترجي وعينيها لأول مرة يظهران ضعفا لم يسبق لغيث أن شاهده عليها قبلا:
- غيث.. أنا.. أنا آسفة, غيث أرجوك ما تضايقش من كلامي, بس.. بس أنا مش قادرة أنسى منظر سلسبيل وهي بترمي نفسها تحت رجليكم وتبوسها وهي بتترجاكم بلاش الجوازة دي!
زفر غيث بيأس مغمضا عينيه ليفتحهما ناظرا اليها وكأن عيناه تسألانها ماذا يفعل بها؟, بينما طالعته بنظرات حائرة مشتتة وهي تردف برجاء وقد تشبثت أصابعها بمقدمة ثوبه بدون شعور منها:
- أرجوك يا غيث بلاش تجبروها على حاجة هي مش عاوزاها, أصعب شيء لما أقرب ناس ليها اللي فاكراهم ضهرها هما اللي يكسروها, بلاش تكسروها يا غيث.. أرجوك!..
أغمض عينيه ليزفر عميقا ثم فتحهما وهو يطالعها بنظرات لا تعلم لما أشاعت الاضطراب في دقات قلبها والتي علت صوتها حتى خُيّل إليها أنه ولا بد قد سمعها, تحدث وهو يمسك لا شعوريا بأصابعها النحيلة الهشة بين أصابعه القوية وقد غُلف صوته بنبرة حنان لم تألفها منه:
- سلافة.. سلسبيل أختي الوحيدة, دِه نوارة البيت دِه, ما كانش حد فينا يجدر يرفض لها طلب جبل ما تتزوج, ولحد دلوك, بس أنا فهمتك ليه أبوي وجدي مصرِّين على زواجها من ليث, وحاجة كُمان أنا واثق ومتأكِّد إن ليث هيشيلها في عينيه, ما تتصوريش هو بيحب عيال المرحوم كيف, اطمني يا سلافة, بس اللي برجوه منّيِكي انك تهدّيها, افهميني يا بت عمي, آخر حاجة أجبلها اني أكسر أختي.. شجيجتي!
وسكت... لتتابع حديثهما العيون, فتتيه عيناه بين سرمدي عينيها لتعلو دقات القلوب وتتهدج الأنفاس, وتنتبه سلافة ليدها الصغيرة وهى تقبع داخل راحته العريضة بأمان وكأنها قد وجدت فيه ملاذها الآمن فتسحبها بارتباك دفع بحمرة الخجل الى وجهها لتلون وجنتيها, وتقطع حبل الاتصال بين أعينهما مشيحة بوجهها جانبا, ويكون غيث أول من يقطع الصمت المحيط بهما كالشرنقة قائلا بصوت متحشرج محاولا استعادة هدوءه الذي تبعثر بين جفونها الناعسة:
- ممكن تجاوبيني بصراحة يا بت عمي؟
أومأت في صمت فتابع:
- إنتي رافضة عشان الموضوع اللي اتحدتنا فيه جبل سابج عن تارنا اللي خدناه بيدنا ولا عشان ما انى عيشتي كلها اهنه في البلد؟, وانتى خابرة انى يستحيل أهمِّل بيتي وأرضي واهلي وناسي وأعيش في مصِر, ولا يمكن إكمن لغوتي واللبس اللي بلبسه ما عيلدوش عليكي؟
رفعت سلافة ناظرة اليه بتركيز وهي تجيب بثقة وهدوء:
- هجاوبك بصراحة يا غيث, وصراحة شديدة كمان, أولا أنا مش بنت تافهة مش بيهمها غير الشكل واللبس وطريقة الكلام وبس.. لأ!, وبعدين مين قال اني مش بحب البلد, انا لو ما كنتش بحبها ما كنتش استحملت فيها يومين مش داخلين على اكتر من خمس شهور تقريبا, انت عارف إني بشتغل في شركة أجنبية, طبعا الاجازة طويلة جدا, ولأن علاقتي معهم كويسة.. اتفقت معهم إني أعملهم الشغل كله من هنا على النت, والظروف خدمتني لأن القسم اللي أنا بشتغل فيه سهل أوي أني أرتب أموري وأخلص شغلي كله بالكمبيوتر وأبعته على ايميل الشركة, لو ما كنتش مرتاحة كنت قطعت الأجازة ورجعت.. ايه اللي هيمنعني؟, وبابا كان هيوافق عشان ظروف شغلي, ما كنتش اهتميت إني أرتب أموري بحيث أني أشتغل من هنا, دا أولا.., ثانيا بقه....
سكتت قليلا بينما يطالعها في تساؤل وقلق من اجابة سؤاله الثاني عن ملبسه ولهجته, ارتسمت ابتسامة طفيفة فوق شفتيها الكرزتين وهي تردف:
- انت عارف أني متعلقة ببابا جدا؟, أنا كنت أعرف انه من الصعيد, ما كانش بيحكي لنا عنكم بصورة مباشرة بس كان بيكلمنا دايما عن عادات بلده وعن أهلها وناسها لغاية ما شربنا حب البلد دي زيّه تمام, ولما قال لنا اننا لينا أهل والمفروض نيجي عشان نشوفكم كنا متحمسين جدا لكدا, نفسنا نشوفكم على الطبيعة, وأنا بالذات كنت عاوزة أعرف يا ترى الحكايات اللي كان بابا بيحكيها لنا واحنا صغيرين دي حقيقة ولا لأ؟, لما شوفتك بالعباية والعمة أول مرة حاسيت أني قودام عمدة بس شاب, بهرتني بجد, تمسكك بلهجة بلدك وانك لازم تكون مع أهلك وناسك وخصوصا أن أنت كبير عيلتك بعد والدك وجدي خلّاني أحترمك أكتر, عشان كدا يا غيث عمر ما لبسك ولا لهجتك ولا حتى حياتك هنا في البلد ما هتكون سبب لرفضي أبدا, بالعكس.. أنت امتداد لبابا في نظري, انت بتحقق لي الصورة اللي رسمتها في خيالي من وانا طفلة على حكايات بابا للصعيد ولأهله ولناسه, بحس إن بابا لو كان قعد هنا كان هيبقى شبهك تمام دلوقتي, بس أنا زي ما قلت لك قبل كدا.. على قد ما أنا اللي يشوفني يفتكرني متسرعة وعصبية وانفعالية لكن دا – ورفعت سبابتها مشيرة الى عقلها – فيه نقط معينة بيشتغل وجامد جدا, وارتباطنا صدقني حواليه علامات استفهام كتير, وأهم حاجة فيه إن رأينا مش واحد في الحاجات الأساسية اللي هي القاعدة اللي بيتبني عليها حياتنا بعد كدا, فهمتني يا غيث؟..
زنظرت اليه برجاء ويأس ليفهمها, بينما لم يستطع غيث وصف شعوره وهو يسمعها تتحدث بهذا الشغف الذي لمس صدقه بين نبرات صوتها عن والدها وعن ولعها ببلدها من قبل أن تراها, ولكن.. تظل العقبة الوحيدة... عقلها!, ترى ما الحل؟, ولكنه لن ييأس وإن كان ارتباطهما يخالف أوامر عقلها فهو كفيل بأن يُفقدها هذا العقل لتصبح طوع بنانه بعد ذلك, وسيبدأ منذ اللحظة!!...
مال عليها تائها في ليل عينيها البهيم وتحدث بصوت متهدج من فرط توقه لاحتوائها بين ذراعيه ليجعلها تلمس وعن قرب بل وتتأكد كيف أن ارتباطهما هو الأمر الصائب الوحيد الذي عليهما فعله قبل أي شيء آخر, قال وأنفاسه الساخنة تضرب وجنتيها المرمريتين:
- إديني فرصة يا سلافة وأني هثبت لك اننا احنا التنييين بنتحدت لغوة واحدة, واننا بنفكر زي بعض, انتي ما عتصدجنيش دلوك لكن الأيام هتثبت لك كلامي دِه, وافجي على خطوبتنا وجربي.. صدجيني مش هتخسري حاجة, مش هما بيجولوا انه الخطوبة دي فترة تعارف؟...
أومأت بالايجاب فواصل بأمل في اقناعها خاصة وأنها لم تعارضه والتزمت الصمت التام:
- يبجى نعملو كتب كتاب كيف شهاب وسلمى جولتي ايه؟
لتفيق من ضياعها في عينيه وبين همسة شفتيه هاتفة:
- لا...
قطب فأردفت تشرح وجهة نظرها:
- أرجوك يا غيث... كفاية خطوبة بس, مش هقدر كتب كتاب, أرجوك افهمني...
جاء وقت غيث ليهتف هو بها من أعماق قلبه وهو يميل عليها لتضربه أنفاسها الدافئة فتشعل نارا في أحشائه لا سبيل لإطفائها إلا بها هي وحدها:
- أرجوك انتي اللي تفهميني يا سلافة, أنا ما أجدرش تكوني خطيبتي وبس, صدجيني... عاوز الحواجز اللي بيناتنا تنجص, لو مكتوب كتابنا هجدر أتعامل امعاكي براحتنا لكن خطوبة إكده.. هيبجى لسّاتو فيه حاجز بيناتنا..
سلافة في محاولة منها لصد هجومه العاطفي الذي يكاد يغرقها به, وهي تراه في عينيه وتسمعه في نبرات صوته.. هو لن يكتفي بخطبة أو عقد قرآن.. بل إنها تكاد تقسم أنه سيتمم زواجهما الى آخره.. مهما كان قرارها النهائي, ومن سخرية الموقف أنها تعلم يقينا أنه يصيبها ضعف من نوع غريب لم يسبق لها وأن اختبرته قبلا ما إن يرتبط الموضوع بغيث, تماما كما يحدث الآن, فهي كانت قد قررت الرفض ونهائيا, ولكن ما حدث عكس ذلك, فقد أقنعها بأن توافق على الخطبة لتمنح نفسيهما الفرصة للتأكد من صحة ارتباطهما من عدمه, ولكنه يتحدث الآن وبعد ثوان من موافقتها على الخطبة ويطلب منها الموافقة على عقد القرآن!, بل إنها تكاد تقسم أنه ما إن يمر خمس دقائق أو أقل فإنه سيعمل على إقناعها بالزفاف!!!!, شدت من أزرها وأجابت بعد أن رطبت شفتيها بطرف لسانها الوردي ما جعل غيث يسمّر نظراته على شفتيها النديتين:
- معلهش يا غيث, خليها خطوبة بس, وبعدين يا سيدي الموضوع في إيدينا لو حبينا نكتب في أي وقت أعتقد عمي وبابا مش هيمانعوا... ايه رأيك؟
سعل غيث ليجلي حنجرته وأجاب بصوت خشن بينما عيناه تراقبان تحرك شفتيها مما جعل الدماء تسير ساخنة في عروقها كالعسل الدافيء وشعرت بنظراته وكأنها... تحتوي شفتيها في قبلة عميقة... داااافئة!!, قال غيث:
- وهو كذلك يا سلافة, هخليها عليّ المرة ديْ..
ابتسمت ابتسامة صغيرة وهمست له وهى تنظر اليه بعينيها الكحيلتين:
- تمام يا غيث, انا هبلغ بابا بموافقتي, ودلوقتي أقولك تصبح على خير...
ثم انصرفت سريعا من أمامه بينما تمتم رادًّا بتحية المساء عليها وهو يضرب رأسه بجذع الشجرة بجواره بخفة بينما يلاحق طيفها الغارب بنظراته المشتعلة وهو يهمس بعذاب:
- واني هيجيلي النوم الليلادي واصل!, طول ما نفسك في البيت امعاي وبعيدة عن يديّْ مش هعرف أدوج طعم الراحة واصل...
ثم رفع عينيه الى السماء مردفا من أعماقه:
- الصبر يا رب.......

************************
نظرت سلسبيل الى والدتها الراقدة فوق فراشها وتنهدت بحزن, فشجار والديها قد أنساها مصيبتها الوشيكة بزواجها من ليث, لا تصدق ما أخبرتها به والدتها من أن والدها أمرها بمغادرة غرفته الخاصة وأن اقامتها في هذا المنزل ما هي إلا إقامة مؤقتة الى أن يتم زواجها وشقيقيها ثم تغادر الى منزل أخيها عدنان والى غير رجعة!..
شعرت سلسبيل أنها بين نارين فمن جهة هي تشفق على والدتها وما آل اليه حالها ومن جهة أخرى فهي تلتمس بعض العذر لوالدها فوالدتها لا تخفي كراهيتها العميقة لعمها وعائلته الأمر الذي يدهشها هي, لقد تقربت منهم وعرفتهم جيدا خاصة بعد مُصابها الأليم في زوجها, لم يتركها أيّ من زوجة عمها أو ابنتيها بل لقد تدخلت سلافة من أجلها ومنذ سويعات قليلة محاولة منع هذا الزفاف الكارثة غير ملتفتة لغضب رجال العائلة من تدخل سافر من إحدى فتياتهم!..
حاولت الحديث الى والدتها قائلة بحنان:
- أمايْ.. أعمل لك كوباية لمون تروّج دمك؟
لم تلتفت راوية الراقدة على جنبها الأيمن الى ابنتها وأجابت ببرودة مغلفة بحزن مرير:
- ماعاوزاشي حاجة, روحي دار اعيالك وهمّليني لحالي..
زفرت سلسبيل بيأس ونهضت من جوارها متجهة الى الخروج عندما تعالت طرقات هادئة فسارعت لفتح الباب لتطالعها هيئة شقيقها الأكبر غيث وهو يسألها بهدوء عن والدتهما...
أفسحت له سلسبيل الطريق ليدخل ثم نظرت اليه وقالت وهي تمسك مقبض الباب:
- حاول امعاها يا غيث يا خوي, ما راضياشي لا تاكل ولا تشرب, انا عند اصغاري لو عاوز حاجة نادم عليّ..., وخرجت موصدة الباب خلفها..
تقدم غيث حيث والدته التي اعتدلت جالسة في الفراش, جلس بجوارها ومال عليها مقبلا رأسها وهو يقول بحنانه المعهود عليها:
- مالك يا ست الحبايب, انتي تايه عنيك الحاج عتمان ولا إيه؟, كلام جالو في ساعة غضب...
رفعت راوية عينان تقدحان شررا وهمست بغضب:
- ساعة غضب!, يبهدلني ويزعِّج لي جودامكم كلياتكم وجدك يسخنه علي وتجولي ساعة غضب وما جاصدش؟, جوم يا غيث روح دارك وهمّلني عاوزة أنعس اشويْ..
تكلم غيث بهدوء:
- ما هو انتي كمان يا أم غيث غُلطت ما تواخزنيش يعني, اني بدي أفهم ليه رافضة بنات عمي؟, زينين ومتعلمين وفوج كل دا بنات عمنا يعني لحمنا ودمنا واذا كان سلوِنا وعوايدنا ان البت ما تتزوجشي إلا ولد عمها يبجى رافضة ليه؟
هتفت راوية بغضب:
- كول اللي حوصل دِه ومعرفشي ليه مش رايداهم؟, دا كفاية أولكشي خلوا بوك يطردني من مُطرحي, كل دِه عشان جولت ما عاوزاهومش لولادي؟,,
غيث محاولا امتصاص غضب والدته:
- يا أم غيث سبج وجولت لك طريجتك هي اللي خلّت بوي يجول ويعمل إكده, من ميته حد فينا بيرفع صوته ولا عينه حتى في بوي ولا في جدي, لكن كرهك ليهم اللي اني معرفلوشيْ سبب هو اللي خلّاك تزعجي في وجه جدي...
راوية بنصف عين وبحنق وحدة بالغين:
- ولساتني ما عاوزاهومشي, وهكون غضبانه عليك انت وخوك لو طاوعتو جدكم وكملتو زواجة الشوم ديْ!
زفر غيث بيأس وهتف حانقا:
- طب جوليلي سبب واحد لرفضك دِه, وصدجيني لو اجتنعت بيه أني بنفسي هجنع شهاب وهنشيل الموضوع من دماغنا واصل, بس أفهم!
سكتت راوية قليلا ثم طالعته بجدية بالغة وأجابت:
- أني أمك ولازمن تسمع كلامي, نعرفهم من فين بنات عمك دولم ها؟, غايبين بجالهم سنين وسنين ومرة واحدة شوفناهم لا هم متعودين على طبعنا ولا عوايدنا ولا سِلْوِنا, شوف طريجة لبسهم كيف ولا دلعهم الماسخ, بنات متجلعين إكده وماعينفعوكوش, أني أمكو وأني أدرى بصالحكو....
غيث بجدية:
- وان جولت لك اني أني وشهاب رايدينهم؟, وان احنا واسجين في تربية عمنا ليهم, ولو على طبايعنا مع الوجت هيتعودوا عليها...
راوية بحسم:
- غيث هي كلمة واحدة انت وخوك تجولوا لابوكو انكو غيرتوا رايكم ومعاوزينهومش!!
نهض غيث ناظرا الى والدته بأسف وهمس:
- وأني مش هكدب, أني وشهاب رجالة يتشد بينا الضهر وما احناشي اصغيرين عشان نرجعو في كلامنا ونجصّر رجبة بونا جِدام خوه, زواجنا من بنات عمنا هيتم كيف ما الحاج عتمان اتفج مع عمنا, وياريت تحاولي تجربي منيهم وتعدِّيهم كيف سلسبيل وصدجيني هتلاجيهم غير ما انت متصورتهم!
أومأت راوية وقالت ببرودة ونظرها مسلط الى البعيد:
- ماشي يا غيث, هملني دلوك تعبانه وعاوزة أنعس...
مال عليها مقبلا رأسها واتجه بخطوات واثقة الى الخارج, وما أن أغلق الباب خلفه حتى لمعت عينا راوية بشر دفين وهمست بصوت خرج كالفحيح من بين أسنانها:
- ماشي يا ألفت.. عاوزة تاخدي ولادي مني كيف ما اخدت الحاج والحاجة وحتى زوجي في صفك وجبلهم ولد عمي... لكن ما هنولكيشي اللي ببالك... ما كونشي راوية إما خليتك تندمي ع اليوم اللي طبِّيتي فيه البلد برجلك انتي وبناتك دولم!
ليسطع بريق الغضب والكره والحقد في سواد عينيها والذي يضاهي سواد قلبها!!..
********************
دلفت سلمى حيث يجلس شهاب في انتظارها بغرفة الجلوس حيث أخبرها والدها بحضوره ورغبته بالتحدث معها, حاولت سلمى عدم إظهار دهشتها وتركت والدها برفقة سلافة يستفسر منها عن موافقتها على طلب غيث والذي أبلغه بها الأخير!!
رفع شهاب رأسه ما إن شعر بتغير ذبذبات الجو حوله وعلم أنها قد حضرت قبل أن تقع عيناه عليها, نهض من مكانه ورحب بها, قالت سلمى:
- ازيك يا شهاب, بابا قال انك عاوزني؟
وجلست مشيرة له بالجلوس بالمقابل ولكنه لم يجبها ولم يلبي طلبها له بالجلوس, وبدلا من ذلك نظر اليها من أعلى رأسها حتى أخمص قدميها متفحّصا ثيابها المكونة من بنطال قطني باللون الأصفر يعلوه بلوزة حريرية بيضاء اللون مرقطة بنقاط صفراء زاهية, وقد رفعت شعرها بطوق للشعر أبيض اللون, تحدث بهدوء لا يفصح عما يمور بداخله من انفعالات:
- انتي كنت بلبسك دا انهرده في العيادة؟
نظرت الى ثيابها ثم أومأت مجيبة بدهشة:
- أيوة, ليه؟, فيه حاجة؟
كتم شتيمة كادت تفلت من بين شفتيه وهتف وهو يشير بسبابتها اليها:
- انتي مش فاهمه فعلا ولا بتستعبطي؟
هبت سلمى واقفة وهي تهتف به بالمقابل رافعة سبابتها في وجهه بتحذير:
- شهاب.. خلي بالك من كلامك, أنا أرفض طريقتك دي في الكلام!
شهاب مقلدا لها بسخرية:
- شهاب.. أنا أرفض طريقتك دي!..
ليتابع بصوته الخشن وقد بدأ الغضب يعلو بداخله حتى بدا كالمرجل الذي يوشك على الفوران:
- وأنا أرفض يا ست هانم طريقة لبسك دي!, انتي مش واخده بالك انك في بلد في الصعيد ولا ايه؟, يعني المفروض البنطلونات والحاجات دي ما تتلبسش!
أجابت سلمى ببرودة حاولت تغليف صوتها بها بينما هي تريد الصراخ به ناعتة اياه بالغباء المطلق:
- أظن دي طريقة لبسي من ساعة ما جيت البلد.. ايه اللي جد دلوقتي؟..
اقترب منها بضعة خطوات حتى وقف على بعد بوصات منها ومال برأسه تجاهها مجيبا:
- اللي جد انك بقيتي مراتي, قبل كدا ما كنتش أقدر أعترض على لبسك ولا طريقتك, لكن من ساعة ما فاتحتنا اتقرت وبقيتي شايله اسمي يبقى حقي اني أتدخل وأتدخل كمان!
هزت سلمى برأسها وابتسامة ساخرة تعلو شفتيها الورديتين قبل أن تنظر اليه وقد عقدت ذراعيها أمامها وأجابت بلا مبالاة:
- والله حكاية ان لبسي دي مش عاجباك مشكلتك مش مشكلتي!, أنا كدا ودي طريقتي ودا لبسي ومش هغير من أي حاجة فيّا عشان أعجب سيادتك- ثم تابعت بهزة لا بمالاة من كتفيها- ولو مش عجباك احنا لسه ع البر, الموضوع كله يدوب قراية فاتحه..
ما إن أنهت عباراتها حتى شهقت عاليا فقد فوجئت بشهاب وهو أمامها تماما يميل عليها ناظرا بعمق في زيتون عينيها وهو يقول بغضب ناري:
- انسي خالص حكاية لسه ع البر دي, انتي وافقتي عليا وأنا بلزمك بالموافقة دي, وطالما ما صدرش مني حاجة وحشة أو في أخلاقي يبقى تنسي اننا نسيب بعض, ودلوقتي اتفضلي اقعدي عشان عاوزك في موضوع مهم...
جلست على الأريكة خلفها حيث أشار وهي كالمنومة فقد هالها حالة الغضب التي تلبسته ما أن نوّهت باحتمالية فض ارتباطهما, لا تدري لما تسارعت دقات قلبها بالقفز ترى هل هو فرح الأنثى لتمسّك خاطبها بها أم.. خوفا وقلقا مما هي مقدمة عليه خاصة وقد اكتشفت لتوها أنها لا تعلم بعد من هو شهاب حقيقة؟!..
تحدث بهدوء بعد أن زفر بعمق ليجلب الهدوء الى نفسه:
- احنا ما اتكلمناش في الشبكة, عمي قال ان الشبكة دي هديتي ليكي لما والدي فاتحه, فكنت عاوز نتفق على يوم ننزل فيه سوا ننقي الشبكة...
بلعت سلمى ريقها ونظرت اليه تجيبه ببرود:
- زي ما بابا قال, هو قالك انها هديتك وأنا موافقاه.. وأعتقد ما فيش حد بيختار هديته؟!
أغمض عينيه يعد في نفسه من واحد الى عشرة, ثم فتحهما ناظرا اليها تلك الفاتنة الباردة التي ستتسبب في اصابته بأزمة قلبية لا محالة ان استمرت على برودها هذا!, تحدث محاولا تصفية الاجواء بينهما:
- بس أنا أفضل انك تختاريها بنفسك, افرضي اخترت حاجة ما طلعتش على زوقك أو معجبتكيش؟!
كتمت سلمى دهشتها من منطقه, فهو يريدها أن تنتقي هي شبكتها بنفسها لتكون على ذوقها هي فلا تضطر الى ارتداء شيء لم ينل رضاها, جلب هذا المعنى الذي توصلت اليه الابتسامة الى شفتيها وأجابت بأول ما تبادر الى ذهنها بتلقائية شديدة:
- ما تخافش, هديتك مهما كان ذوقها فأنا متأكده انها هتعجبني, الهدية في معناها مش في تمنها...
اقترب منها في جلستهما فوق الاريكة ليجيب بصوت أجش بينما تاهت نظراته وسط بركتي الزيتون خاصتها:
- بقولك ايه؟
همهمت بخفوت وقد أسر عيناها برماديْ عينيه:
- امممم...
ليتابع وقد خرجت أنفاسه ساخنة لاهثة تلسع بشرتها الحليبية:
- ما تخلّيه فرح مع سلسبيل وليث أحسن؟.
هربت بنظراتها بعيدا وقد امتقع وجهها خجلا وقالت بتلعثم:
- لا.. لا طبعا, ما.. ماينفعش, وبعدين ما تنساش انك حاطيتني قودام الامر الواقع في موضوع كتب الكتاب دا, احنا اتفقنا كان على خطوبة بس..
ابتسم شهاب وأجاب ونظراته مسلطة على ثغرها الوردي:
- معقولة فرصة جات لي أضمن تكوني فيها مراتي وأضيّعها؟!
لترميه بسهام عينيها عندما رفعت نظراتها اليه متفاجئة من قوله, فتصيب قلبه في مقتل!, وتجيب غير واعية لما أحدثته في نفس القابع أمامها يمنع نفسه بصعوبة بإسكات هذا الفم المثير بقبلة يكاد يفنى في سبيلها ليتذوق رحيق هاتين الشفتين:
- ردودك جاهزة يا باش مهندس...
ابتسم شهاب ابتسامة واسعة أكسبته جاذبية رجولية مهلكة جعلت قلبها يفقد دقة من دقاته وأجاب وهو يميل عليها لتشتم رائحة عرقه الخاص ممتزج بعطره ليكون مزيجا مثيرا أشاع الفوضى والاضطراب في سائر أطرافها:
- صدقني كلامي مش أنشا ومستعد أثبت لك حالا!
قطبت جبيتها وسألته بريبة:
- تثبت لي!, أزاي يعني؟
أشار برأسه الى شفتيها وهو يقول:
- أمضي على كدا!
قطبت محاولة فهم عبارته وما إن انتبهت لاتجاه نظراته الى فمها حتى شهقت عاليا وهتفت بحدة وهي تحاول القيام من جانبه:
- انت هتثبت فعلا... بس اللي هتثبته انك وقح وعن جدارة!
لتقف مبتعدة عنه بينما صدحت ضحكته عاليا فتتغير تقاسيم وجهه ويصبح أصغر من سنواته التي تقارب الثانية والثلاثون, نهض متجها إليها وقال:
- ماشي يا بنت عمي, مش هحاسبك دلوقتي على كلامك دا, بس صدقيني.. وعد مني أوريك الوقاحة بجد أول ما نمضي قسيمة الجواز, ودلوقتي مضطر أمشي عشان مسافر أسيوط في شغل واحتمال أرجع بكرة..
تمتمت:
- بكرة؟, يعني مش هترجع انهرده؟
غمزها بخبث ومال ناحيتها وهو يتسائل بمكر:
- ايه.. هوحشّك؟
لتقطب زافرة بحنق وتتجه الى الباب وتقف قائلة ببرود:
- شرفت يا باش مهندس...
اتجه ناحيتها بخطوات وئيدة ومال عليها فيما هي مشيحة بوجهها جانبا وهمس بجانب أذنها:
- مع السلامة يا حبيبي.. ها؟, الواحدة بتقول لجوزها كدا, مش تديلو وش خشب زي كدا؟
شهقت معترضة والتفتت اليه هاتفة:
- ها؟, وش خـ...
ليعاجلها بقبلة سريعة فوق وجنتها وينصرف في أقل من طرفة عين تاركا إياها وقد تسمرت مكانها وهي تتمتم:
- مجنون.. وأحلف على كدا كمان!..
*****************
- يا بنتي فهميني لازمتها ايه سفرك معايا؟
أجابت سلمى وهي تركز نظراتها على الطريق الممتد أمامها بينما تجاورها سلافة في سيارتهما في اتجاههما الى القاهرة:
- انت مش بتقولي عندك شغل في مصر لازم تسلميه بإيدك؟, وأنا خلصت شوط كبير في الرسالة وفرصة الدكتور يشوفها..
نظرت اليها سلافة بنصف عين وقالت:
- مش عارفة ليه يا سوسو حاسة انك مخبية عليا حاجة!, من ساعة ما شهاب مشي امبارح وانتي مش طبيعية, دا انتي حتى ما قولتلوش على سفريتنا مصر؟!
أجابت سلمى ببرود يخالف العاصفة التي تجيش بداخلها منذ الأمس وتحديدا منذ رحيل شهاب مخلفا اعصار في أحاسيسها ومشاعرها لم يسبق لها وأن اختبرته سابقا حتى مع أحمد:
- ما فيش يا سلافة, بس حاسة انه عامل عليا حصار, ما تلبسيش ما تروحي, وكل شوية يطب عندي في العيادة تعبت خلاص وأعصابي باظت, فرصة أفك شوية وبعدين تعالي هنا هو انتي يعني اللي كنتي قلتي لغيث؟
زفرت سلافة حانقة وأجابت وهي تعقد ذراعيها أمام صدرها:
- هو أنا لحقت!, أنا يدوب بقوله اني محتاجة أنزل مصر علشان الشغل ودا استلمني.. ليه, وعشان ايه, لو عاوزة تشتغلي اشتغلي في مال جدك أهو مالك انتي كمان, قفلني!, قلت في نفسي أنا غلطانه من الأساس إني بقوله حاجة, ثم انه لسه يدوب قراية فاتحة حتى دِبَل ما فيش!
ابتسمت سلمى وعقبت ساخرة:
- قلتها قبلك يا حبيبتي.. لسه قراية فاتحة.. وأحب أبشّرك ان ولاد عمك قراية الفاتحة عندهم كتب كتاب تمام زي ما بيقول المثل!....
وأكملا رحلتهما الى القاهرة والتي وافق بصعوبة والدهما أن يقوما بها بالسيارة فكان يحبذ استخدام القطار ولكن سلمى أقنعته بأن السيارة ستوفّر عليهما مشقة الموصلات وسيستطيعان التنقل بسهولة ويسر....
وصلا الى وجهتهما حيث عمل سلافة وبعد أن رحبت بزملائها وزميلاتها وأنهت ما قدمت من أجله كان لا يزال هناك وقت قبل أن تلحق بشقيقتها التي تركتها متجهة الى مشفاها واتفقا على اللقاء في مقهى قريب من عمل سلافة....
نادت مريم صديقة سلافة عليها وهي تراها تتجه الى المصعد في طريقها الى الأسفل:
- سولي.., سلافة..
استدارت سلافة الى مصدر الصوت وابتسمت بترحيب فيما أقبلت عليها مريم تعانقها:
- مريومة وحشتيني فينك يا وحشة؟
أجابت مريم بابتسامة شعرت بها سلافة وكأنها تخفي وراءها همّا كبيرا:
- موجودة حبيبتي, انتي اخبارك ايه؟
تمتمت سلافة بالحمد لله فواصلت مريم وهي تتلفت حولها:
- بقولك يا سولي.. كنت عاوزاكي في موضوع كدا...
أجابت سلافة قاطبة جبينها:
- انا رايحه دلوقتي كوستا استنى سلمى, تعالي معايا نشرب كابوتشينو ونتكلم...
بعد أن استقر بهما المقام وطلبا قدحين من القهوة الايطالية ذات الرغوة الكثيفة, أولت سلافة انتباهها الى مريم قائلة:
- اتفضلي يا ستي كلي آذان صاغية..
أجابت مريم:
- الاول عاوزة منك وعد ان الكلام اللي هقولهولك دا يبقى سر بيننا ما يطلعش غير في حالة واحده بس...
قطبت سلافة وقالت:
- وأنا من امتى بطلع سر برّه يا مريم؟, عموما يا ستي لكي وعدي بكدا, بس حالة إيه اللي مسموح لي أطلع فيها سرك برّه دي؟..
سكتت ثم تابعت بفكاهة:
- اوعى يكون زي الافلام بتاعتنا... لو جرالك بعد الشر حاجة؟!
لتنظر اليها مريم بجدية جعلت ضحكتها تموت فوق شفتيها وهي تجيب بمنتهى الجدية:
- تمام يا سلافة.. هو كدا!, الحالة الوحيدة فعلا أنه يجرالي حاجة...
قطع النادل حوارهما الدائر واضعا أقداح القهوة وقطع الكعك المحلى بالشوكولا فوق الطاولة الدائرية التي تتوسط جلستهما قبل أن ينصرف, فتابعت سلافة متسائلة بحيرة وقلق:
- فيه ايه يا مريم قلقتيني؟
فتحت مريم حقيبتها اليدوية وتناولت منها اسطوانة اليكترونية وشيئا صغيرا للغاية يوصل بجهاز الحاسوب لتحميل المستندات وقالت:
- الأول الـ سي دي دا والفلاشة دي تحافظي عليهم زي عينيكي, لو جرالي حاجة الحاجات دي تسلميها للنائب العام.. النائب العام شخصيا يا سلافة!
هتفت سلافة برعب بدأ يغزو أوصالها:
- مريم فهميني فيه ايه؟
رجعت بظهرها الى الخلف مستندة الى مقعدها وأجابت بهدوء لا تشعر بأي شيء منه:
- سامح خطيبي انتي عارفة انه دكتور تحاليل وتخصصه نادر في الأنسجة البشرية, من فترة كدا لاقى شغل في مستشفى استثماري والمرتب بالدولار, كانوا بيطلبوا منه انه يعمل أبحاث متطورة علشان علاج الأمراض المستعصية زي السرطان, كانت فكرتهم انه ممكن الأنسجة المريضة تتاخد من مريض يستحيل شفاؤه ويتعمل عليها أبحاث للوصل لعقار يساعد في علاج المرض, زي متطوعين يعني.. وقالوا له انهم بيدوهم طبعا فلوس في مقابل كدا, طبعا المريض بالمرض دا وخصوصا اللي فرص شفاه معدومة كان بيوافق, هما فهموه كدا.. انه الانسجة دي هتساعد في علاج مرضى فرص الشفا عندهم عالية, لكن للأسف الحقيقة طلعت غير كدا!
قطبت سلافة متسائلة:
- طلعت ايه يا مريم؟
رفعت مريم نظراتها اليها لتجيب بهدوء قاتل:
- تجارة أعضاء!..
شهقت سلمى ملتاعة وهي تكرر واضعة يدها فوق فمها:
- ايه؟, تجارة أعضاء؟!
لتهز مريم رأسها بالايجاب وتجيب:
- للأسف يا سلافة, سامح شك في الموضوع, المريض اللي بييجي علشان ياخدوا منه عينة مثلا من الكبد أو النخاع أو العضو المصاب بالخلايا السرطانية بياخدوا منه بردو أعضاؤه الداخلية السليمة, يعني يكون داخل العمليات عشان عينة كبد يطلع من غير كلية, أو طحال, وهكذا, اللي خلّاه يشك الحاجات المطلوب منه يحللها في الانسجة, حاجات مالهاش علاقة بعلاج سرطان , لا.. دي شروط لازم تتوفر في نقل عضو من انسان للتاني, ومعظم اللي دخلوا رجعوا المستشفى يشتكوا من آلام رهيبة في أسفل الظهر ومنهم مريض صعب على سامح فأخده لدكتور زميل ليه عنده عيادة وبعد الكشف ظهرت النتيجة انه المريض معندوش كلية!, دا غير انه الراجل قاله انه كان داخل يتعالج في المستشفى من تليف في الكبد في القسم المجاني اللي عاملينه عندهم, يعني الموضوع طلع كله نصب في نصب, بياخدوا المرضى على أساس انهم بيعالجوهم ببلاش ويسرقوا أعضائهم السليمة وفي نفس الوقت فهموا سامح وهو المسؤول الأول عن التأكد من سلامة الأنسجة انهم بيدوهم فلوس مقابل دا يعني بمعرفتهم, ومش بس كدا دول كانوا بيعملوا لهم تشيك أب كامل ويصمموا يتعمل تحليل للأنسجة الحيوية اللي في الجسم يعني تحليل كامل للكبد والكلى وجميع الأعضاء الداخلية بحجة التأكد من سلامة باقي الاعضاء وهما بيعملوا كدا عشان تجارتهم الرخيصة..
هتفت سلافة بحدة:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيهم..
مريم وقد اغرورقت عيناها بالدموع:
- طبعا سامح بعد ما اكتشف الكارثة دي هدد انه هيبلغ البوليس, وطلع انهم مش ساهلين, وقدروا يلفقوا له تهمة تبديد عهدة وسرقة أدوات معمل كان ماضي عليها في أول شغله وهو بيستلم المعمل, الأجهزة دي تكلف فوق المليون جنيه, واتحكم عليه ب 5 سنين سجن بعد عذاب مع المحامي اللي حاول بشتى الطرق انه يثبت اتهام سامح انهم بيتاجروا في الاعضاء لكن للأسف مافيش دليل واحد, لغاية ما الدليل وقع في ايدي من جوة المستشفى نفسها من ممرضة عندهم شافت وسمعت وللأسف أبوها كان واحد من ضحاياهم, وهما عرفوا وبيطاردوني عشان ما أقدمش الحاجات اللي معايا دي للنيابة, وهددوني بأخواتي وأمي أنت عارفة انها ست كبيرة مالهاش بعد ربنا غيري وأخواتي توأم لسه في ابتدائي مالهومش إلا أنا..
سلافة بغضب:
- ايه دا, احنا فين هنا؟
مريم بابتسامة ساخرة:
- في الغابة يا سلافة, للأسف فعلا دنيتنا بقيت غابة, وآخر حاجة كنت رايحه للنائب العام بعد محاولتهم معايا انهم يدوني فلوس ويطلعوا سامح من السجن ما فشلت هددوني بقتل أمي وأخواتي..
سلافة بتحد:
- ما يقدروش, لو كانوا قادرين كانوا عملوها, انتي اللي في الموقف الأقوى دلوقتي يا مريم, رقبتهم في ايدك , ما تخافيش وقدمي الحاجة اللي معاكي..
قالت مريم بجمود:
- بس هما قدروا فعلا يا سلافة وعملوها!
سلافة بتقطيبة:
- عملوا ايه؟
مريم بجمودها ونظراتها اتلزائغة:
- قتلوا رجاء الممرضة اللي ساعدتني...
شهقت سلافة بالتياع:
- هااااااا!, مش.. مش ممكن!
تابعت مريم ناظرة اليها:
- ودلوقتي أنا عندي معاد مع النائب العام, المفروض أقدم له اللي معايا ويثبت كلامي, اللي موقّفني خوفي على أمي وأخواتي, عشان كدا أنا هسيب لك الفلاشة والسي دي معاكي, ومعايا نسخة تانية.. معادي مع النائب العام بعد يومين لأنه للأسف مسافر لو سمعتي انهم نجحوا في انهم يوصلوا لي الحاجة اللي معاكي تسلميها انتي للنائب العام, موجود كمان دليل براءة سامح انا زرته من يومين ووصيته على أمي وأخواتي لو جرالي حاجة, اوعديني يا سلافة..
برقت عينا سلافة التي غشيتها الدموع هاتفة:
- اوعدك يا مريم, وان شاء الله مش هيحصل حاجة وسامح هيخرج منها وهتتجوزوا وأفرح فيكي مش بيكي...
وحاولت رسم ابتسامة على شفتيها فتختلط بدموعها المنسابة في صمت.....
**************
- انتي يا بنتي من ساعة ما رجعنا من بره وانتي ساكتة ليه؟
أجابت سلافة على سلمى الجالسة بجوارها في منزلهما بالقاهرة حيث أجلّا موعد رجوعهما الى الغد حيث فضلت سلمى الرجوع في وضح النهار فقد غربت الشمس وهما لا تزالان في القاهرة وقد استحسن والدهما هذا الرأي...
قالت سلافة بصوت يغلفه الأسى:
- مالي بس يا بنتي قلت لك دور برد مهمّدني شوية...
سلمى بنصف عين:
- مش عارفة ليه مش مصدقاكي؟, حاسة انه فيه حاجة تانية.. من ساعة ما شوفت مريم وأول ما شافتني استئذنت وقامت وانا حاسة انه الموضوع فيه حاجة.....
ليقطع استرسالها في الحديث صوت رنين جرس الباب المُلِحّ, فطالعت ساعة معصمها وقالت بتقطيبة حائرة:
- يا ترى مين هيجي لنا دلوقتي الساعة داخله على 12 بالليل؟
وضعت كوب الشاي الذي كانت تحتسيه فوق الطاولة الرخامية التي تتوسط غرفة الجلوس ورتبت بلوزة منامتها القطنية والتي تصل الى أردافها مرسوم عليها أحدى الأميرات, فيما يصل سروال المنامة الى ركبتيها, حاولت النظر من العين السحرية ولكنها لم تستطع رؤية أي شيء, فرفعت كتفيها باستسلام بينما تعالى رنين جرس الباب ثانية وبإصرار شديد فهتفت وهي تدير المقبض لفتحه:
- طيب طيب....
لتشهق من المفاجأة وترتد الى الخلف وهي ترى من ينتصب واقفا أمامها يكاد يفتك بها بنظرات الغضب التي تتطاير من بين فحم عينيه المشتعل وهمست بينما يلج هو الى الداخل لتحل أصابعه مكان يدها ممسكا بمقبض الباب ليغلقه خلفه وهو يركز نظراته التي تكاد تجلدها بسياطها عليها بينما تهمس هي بوجل وقلق من غضبه الوحشي:
- شـ... شهااااب!!
- يتبع -

منى لطفي 01-11-16 11:22 PM

رد: كبـير العيلة
 
:e106::0041:

منى لطفي 02-11-16 05:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3665364)
فصل رائع جدا بس تكفين ارحميينا راح اموت من التشويق وانتي وعدتينا اذا فيه متابعه راح تنزلي اكثر من فصل فرجاء خاصه عجلي علينا بقه هههههههههههه

مساكي ورد فوفو.. الفصل نزل يا قمرـ بانتظار تعليقك حبيبتي اموووووووواه

منى لطفي 02-11-16 05:53 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماما ميري (المشاركة 3665064)
عاشت الايادي حبيبتي على الرواية الحلوه
اتمنالج الموفقيه والكلام الصعيدي كلش حلو
مش اكده يابنات صوح ولامش صوح
هههههههههه
منتظرين الفصول الجايه على نار 🔥

تسلمي حبيبتي من كل شر، ههههههه وكلام صوح وصوح الصوح كومان ههههه

منى لطفي 02-11-16 05:56 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3664617)
السلام عليكم ورحمة الله
مساءك عسل منمن ايوه كده ياواد يا شهاب وما نيل المطالب بالتمنى ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
بنات ميجوش الا بالاقتحام متديهاش فرصه تفكر لاء والحلو طبع الدمغه على خدها دوغرى من غير ذرة تردد ولا حيا ولا مستحى مصدء اهههههههههههههههه قلبى الصغير لايتحمل ومن فرحتى تهت مع الفرحهه من فرحتى لابنام ولا بصحى ده حيفضل حال شهاب لحد ما يكتب الكتاب
الاخ غيث خرج من جموده على يد الجد الاءروبه اللى عرف يخليه يتحرك ومين عريس الغفله سيوف دى منه حتقطعه وتاكله نيئ لو كان كلام بجد الحمد لله انه مجرد طعم لاصطياد رد غيوث اللى ناوى يقتحم ههههههههههه مش عارف ازاى بس حسه انه حيتلب من سلافه وحتعمل معاه الجلاشه اللى بتهدد بيها سلمى فيس بيغمز
هيييييييييييييييح الاخ ليث ياعينى اتاريه دايب من زمان وابوه حاسس بيه مش انا قولت انه كان بيحبها قبل ما يعرف انه اخوه عاوزها الله يرحمك يا راضى دخلت فى السكه غلط لكن عدنان حيرجع الامور لنصابها [عدنان اسم غالى اءوى اسم اخويا الكبير] ويرجع لليث بسمته الفتاكه
فى انتظار الباقى منون وتسلم ايدك الجميله على ما ابدعت مووووووووووووووووووووووواه

تسلمي ملكة قلبي انتى، وفعلا شهاب لا هينام ولا هيصحى، ومش هو لوحده لا وغيث كمان ههههههه، بنات رؤوف لخولي هيجيبوا الخفيف والتقيل لولاد عتمان الخولي نيهاهاهاهاهاي ضحكة شريرة :party0033:

منى لطفي 02-11-16 06:05 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة همس الريح (المشاركة 3664702)
افااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

شهاب و بلعتها له ..
بس غيث وش يبا يسوي ؟؟

يعني خل الثور يفهم ان مهوب كل شي بالعافيه
غير ان سولي مختلفه كليا .. توتالي .. عن اختها
مالت ثم مالت بس
عساك 100 بعير يرفسونك و 50 تيس ينطحونك يا غيث يا ولد الخولي


ليث .. فيس قلوب قلوب من هنا لييييييييييييييييييين الصعيد

تدرين شهرزاد .. ليث ذا ابا اعرف قصته من اولها لتاليها ..
من طق طق لسلامو عليكم ( فيسي المصري )
وش صار من 6 سنين ؟؟
كان يحب سلسبيل و اخيه قال يبيها ؟؟
يا زينه بس و اهو يضحي بقلبه عشان اخيه

سلسبيل مفجوعه و موجوعه .. شلون تتقبل الزواج اللي بيصير

في انتظارش علي ناااااااااااااااااااااااااااااار

[COLOR="Red"][SIZE="5"]عساك 100 بعير يرفسونك و 50 تيس ينطحونك يا غيث يا ولد الخولي
ههههههههه فصلت ضحك في الجملة دي هموس... أما ليث فهييييح من هنا لعندكم لاخر الدنيا بصراحة يعني :lol:هيييييييييييح بقه فيس كله قلوب وفراشات

منى لطفي 02-11-16 06:09 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3665042)
مساء العسل منمن
حلو شوال البطاطا اللى كان شايله غيث بصراحه مكنتش مصدقه انه يقدر يعملها طلع مش ساهل ابدا واقتحم فعلا
الجد عجبنى لما حط راويه امام الامر الواقع وعتمان ماصدق عاوز يرمى العتبه العوجه بس بصراحه هى تستاهل تتشد عشان تبطل تحكم الكراهيه بدل ما تحكم العقل
سلسبيل مش موافقه على ليث خوف لانها بتخاف منه انما مش بتكرهه بردو الليث له هيبه
بارت ممتع منون تسلم ايدك وفى انتظار الباقى مووووووووووووووواه

هههههههه شوال بطاطا فعلا تصدقي.. الرومانسية عند غيث، حقه يتعلم من الليث :e106:

منى لطفي 04-11-16 06:10 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم يا أجمل أعضاء.. بنزل بارت السبت اليوم بإذن الله لظروفي...

منى لطفي 04-11-16 06:11 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة السادسة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد (منى لطفي)
وقفت سلمى عاقدة ذراعيها أمامها قاطبة جبينها بينما وقف شهاب على مسافة غير بعيدة عنها وهو ينفث نارا من فمه وأنفه على حد سواء فيما تلمع عيناه بشرر مستطير, بينما وقفت سلافة تنقل نظراتها الى اليمين حينا حيث تقف سلمى مشيحة برأسها الى البعيد مولية إياهما جانب وجهها, والى اليسار حينا آخر حيث ذلك التنين الغاضب, رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها وهي تقول مرحبة بشهاب في حين كانت تسترق النظر الى أختها:
- أهلا يا شهاب, حمد لله على السلامة, ايه المفاجأة الحلوة دي؟!
تحدث شهاب بصوت خشن بينما عيناه مسلطتان على تلك العنيدة المشيحة بوجهها الى البعيد:
- الله يسلمك يا سلافة, هي المفاجأة حقيقي كانت بالنسبة لي أنا كمان!, بصراحة استغربت جدا لما عمي رؤوف قاللي انكم هنا في مصر والدكتورة هي اللي جاية بيكم سايقة المسافة دي كلها لوحدكم..
تجاهلته سلمى تماما بينما استشعرت سلافة ذبذبات توتر تملأ الجو فأجابت محاولة التخفيف من حدة التوتر التي ملأت المكان من حولهم:
- بصراحة أنا السبب, فيه حاجات خاصة بشغلي كنت لازم أنزلها مصر, وسلمى ما رضيتش تسيبني أسافر بالقطر لوحدي, فجينا سوا خصوصا أنها عارفة انه العربية هتريحنا جامد في المواصلات سواء للشركة عندي او المستشفى عندها..
قال شهاب وهو لا يزال يطالع تلك الباردة والتي كأنها تعاقبه ببرودها هذا:
- بس مش المفروض يكون فيه حج معكم؟, الطريق من كفر الخولي لهنا طويل أوي, والسكة مش أمان, أديكي شوفتي اللي حصل لراضي ابن عمي الله يرحمه, الموضوع مش مستاهل مجازفة..
مرة أخرى كانت سلافة من تجيبه وهي تنظر الى أختها برجاء أن تنطق ولو بحرف واحد:
- ما انت كنت في أسيوط يا شهاب, ومحبناش نقلق حد معانا, وبعدين بابا وافق, احنا جينا بالنهار ولما لاقينا الوقت إتأخر قلنا نبات هنا ونرجع بكرة الصبح إن شاء الله..
نظر اليها شهاب وقتها وسأل ببرود وهو ينظر اليها بغموض:
- وغيث؟
اضطربت سلافة لثوان ولكنها سرعان ما حاولت تمالك نفسها وأجابت بتلعثم طفيف:
- ماله غيث؟!
أجاب رافعا حاجبه بسخرية:
- ما قولتلوش ليه؟, غيث ميعرفش انك سافرتي انهرده واتفاجيء زيي تمام وعمي رؤوف بيقول قودامه لجدي انكم هتستنوا هنا انهرده وترجعوا بكرة, هو مش المفروض غيث دا يبقى خطيبك زي ما الهانم اللي واقفة هناك دي تبقى خطيبتي؟, يعني الأصول تقول اننا أول ناس نعرف انتو رايحين فين, ولا أنتو مالكوش كبير يا بنات عمي؟!
الى هنا ونست سلافة أي كلام عن احترام الضيف وطارت محاولتها لتهدئة الوضع المتوتر الذي يسود المكان أدراج الرياح والتفتت الى شهاب ناظرة اليه بسخط وهتفت بحدة:
- أولا أحنا كبيرنا بابا.. ربنا يخليه لينا, تاني حاجة بقه كون ان انت واخوك خطبينّا مش معناه اننا غنم ما نتحركش الى لو سمحتوا لنا, وبعدين عشان تعرف الخطوبة ممكن تتفشكل في ثانية مش عشان خطبتونا يبقى تحجروا على انفاسنا!
رفع شهاب عيناه ناظرا الى الأعلى وهو يهمس في سره:
- ربنا يكون في عونك يا غيث, هتتصرف مع المدفع السريع الطلقات دا ازاي؟!, ايه نار وهيت مرة واحده؟, والتانية واقفة زي التمثال, كمية برود ما حصلتش, بس أنا بقه هشوف أخر البرود دا ايه, وبالنسبة لك يا آنسة كبريت غيث أخويا هو اللي يشوف له صرفة معاكي!.
سكتت سلافة في انتظار سماع رده ولكنه وقف صامتا يطالع في لسمى التي بدأت واجهة برودها بالاهتزاز ما إن هاجمها هي وشقيقتها وفرحت عندما سمعت جواب أختها عليه, نظرت سلافة اليهما وزفرت حانقة وهي تقول بينما تهم بالانصراف:
- اليوم انهرده كان طويل أوي, وواضح كدا ان الليلة دي أطول, أنا هستأذن وأروح أنام خلي اليوم دا يخلص بقه!..
وانصرفت تاركة سلمى وهي تنظر في عقبها بينما شفتيها مزموتين حنقا من تركها لها بمفردها معه, نظر شهاب الى سلمى وقال ساخرا:
- ايه.. مش عاوزة تنامي انتي كمان خلي اليوم دا يخلص؟.
نظرت اليه لأول مرة منذ أن دخلا الى غرفة الجلوس سويةأو تحديدا منذ أن لحق بها الى هنا بخطواته الغاضبة, أنزلت ذراعيها جانبها وقالت ويه تحرك كتفيها بلا مبالاة:
- لما أكون عاوزة أنام هروح أنام مش هستنى عزومة من حد!, بس هو السؤال المفروض يكون...
وسكتت ناظرة اليه بحدة متابعة:
- انت مش شايف انه الوقت متأخر اوي على الزيارة؟, وبعدين بأي حق تيجي لنا في وقت زي دا؟, وزي ما سلافة قالت احنا واخدين الإذن من بابا غير كدا ما حدش له الحق يعاتب أو يلوم أو حتى يطالب بحق مش من حقوقه!..
اقترب منها شهاب قليلا وهو يردد مقطبا:
- إيه؟, مش من حقي اني ألومك انك خليتيني آخر من يعلم؟, مش من حقي أني أعاتبك انك بتتصرفي ولا كأن ليا أي صفة في حياتك؟..
ثم ارتفعت وتيرة صوته وهو يشير بسبابته اليها من أعلى إلى أسفل مردفا بنزق:
- مش من حقي أني أقولك ازاي يا هانم تسمحي لنفسك انك تفتحي الباب في وقت زي دا وانتى واختك لوحدكم لا.. وباللبس دا كمان؟, مش من حقي؟!..
ليصيح عاليا في آخر كلماته, فابتلعت ريقها بصعوبة محاولة تمالك نفسها وأجابت حانقة من نفسها لأنها أحست بالخوف لوهلة من صراخه بها:
- آه مش من حقك!, مش من حقك انك تعد عليّا أنفاسي يا شهاب, مش من حقك الحصار اللي انت عاملهولي دا؟, دا حتى الشغل.. حتى العيادة مش سايبني براحتي, أنا.. تعبت!, تعبت وأعصابي تعبت, عاوز تعرف بجد انا جيت من غير ما أقولك ليه؟.
نظر اليها مستفسرا فتابعت بابتسامة مريرة:
- جاية هربانه منك يا شهاب.. ارتحت؟!
قطب متسائلا بحيرة وقد خف غضبه:
- ايه؟, هربانه مني؟
أجابت بينما تشققت واجهة برودها بالكامل:
- أيوة, هربانة من حصارك ليا, شهاب انت مش مديني فرصة أعرف أنا عاوزة إيه بالظبط وأشوف أنا رايحه لفين؟, من ساعة ما اتقدمت لي وأنا حاسة كأن شريط فيديو بيمر قودامي بسرعة رهيبة, أنا كأني منقادة, مش بفكر بدماغي.. لأ, بفكر بدماغك انت وبعمل اللي عاوزه انت, وأنا مش كدا!, أنا طول عمري قراراتي بتكون نابعة مني أنا, حتى لو فيه قرار مش مقنع بالنسبة لبابا كان بيقعد ويناقشني فيه ويقنعني بوجهة نظره, لكن انت بتشدني في طريقك ومن غير ما تديني الفرصة اني حتى أسألك احنا رايحين فين ولا ماشيين إزاي, ودي حاجة عمرها ما حصلت معايا حتى لما كنت مخطوبة لأحمـ...
ليقطع شهاب المسافة الفاصلة بينهما في خطوتين اثنين ويغطي فمها براحته في أقل من الثانية باندفاع فاجئها وقبض بيده الحرة على ذراعها الأيمن ليهمس بغضب عنيف شرس يخرج من بين أسنانه المطبقة:
- جربي كدا تنطقي اسمه تاني أو تجمعي نفسك معاه في جملة واحدة وانت تشوفي اللي هيجرالك بجد!
كانت تنظر اليه بعينان مدهوشتان بينما غاصت عيناه في غابات الزيتون التي اشتد لونها دليلا على انفعالها, كانت انفاسها تخرج متقطعة تضرب يده, فيما استشعرت راحته ليونة شفتيها الناعمتين تحتها, فأزاح يده بتلكؤ بعيدا عن فمها لتسقط عيناه على ثغرها الوردي وتتهدج أنفاسه, بينما تقف بين يديه كالمشدوهة لا تعرف ماذا أصابها ما أن طالعت سرمدي عينيه, هي لا تريد هذا الشعور, إنه يخيفها وبقوة, فمعه لا تعرف موضوع قدميها, لم يسبق لها وأن اختبرت ارتفاع نبضات القلب بهذه الصورة, ولا شعرت بدمها يسل ساخنا في عروقها ليخضب وجنتيها بدماء الخجل وهي ترى نظراته التي تكاد تلتهم صفحة وجهها وهي ترتفع لتغوص في عينيها حينا ثم تهبط لتتلكأ على ورديْ شفتيها أحيانا!...
أسدلت أهدابها هربا من نظراته التي أشاعت الفوضى في أطرافها, بينما وقف هو مذهولا لا يستطيع تصديق ما حدث حالا!, ربّاه... لقد ضربته الحقيقة كالصاعقة ما أن أقترب منها حتى أصبح يشتم أنفاسها ليغرق بعد ذلك في زمرد عينيها, بينما يده تستشعر رقة عظام ذراعها أسفل قبضته, لقد أخبرته دقات قلبه المتقافزة عاليا عندما استشعر نعومة ثغرها الوردي تحت راحته, تلك الشرارة التي اندلعت في سائر جسده ما إن طالعته بتلك النظرة المشتتة الضائعة الأن وهي بين يديه سرقت قلبه, وجعلت حقيقة ما يشعر به تضربه كالصاعقة الرعدية بينما أضاء مسمى هذا الشعور في عقله كالبرق... فهذا الأحساس لا يوجد اسم صحيح له سوى... الحب!, نعم.. هو يحبها, يحبها بكل قواه, يحبها بكل دقة من قلبه تتلو اسمها وهي تتقافز في خافقه ما أن يراها, بل هو يكاد يجزم أنه قد تجاوز مرحلة الحب الآن الى... العشق!, نعم فهو يعشق كامل تفاصيلها, يعشق تقطيبة حاجبيها حنقا منه, يعشق برودها تلك القشرة تالواهية التي تغلف نفسها بها وهي لا تعلم أنه يعلم أي كيان هش تحاول حمايته ببرودها المفتعل ذاك!..
يعشق حتى أحرف إسمها... س ل م ى ....., أغمض عينيه مرددا اسمه بخفوت وكأنه يتهجاه ... بأحروف منفصلة.. س ل م ى ...
لتسمعه فتهمس بتساؤل رقيق:
- نعم؟.
فتح عينيه يطالعها بنظرات براقة وقد بدأت ابتسامة سعيدة في الظهور لترفع أعلى شفتيه المحاطتان بشارب ولحية خفيفة وأجاب:
- لا أبدا, بس كنت بدوق اسمك!, تصدقي اسمك طعمه حلو أوي!
حدقت به في دهشة وذهول وحاولت الابتعاد عنه محاولة جذب ذراعها من قبضته وهي تتمتم مفتعلة الحنق بينما خجلها ما يجعل الحروف تتعثر فوق لسانها:
- إنت.. إنت مش.. مش هتبطل......
ليقبض على ذراعها الحرة الأخرى جاذا اياها له وهو يجيب بابتسامة صغيرة ناظرا في عمق عينيها بنظرة جعلت دقات قلبها تتقافز بقوة حتى أن أنفاسها قد تعثرت:
- مش هبطل ايه ها؟, خطيبتي ومن حقها عليا أني أقولها كلام حلو... مش عيب ولا غلط أكيد..
همت بالكلام عندما فعل ما جعلها تشهق بدهشة و... خجل وذلك حينما أحنى رأسه ليستند بجبهته الى جبينها ويردف بزفرة عميقة:
- بلاش يا سلمى, بلاش تقولي حاجة تخرجني من الاحساس اللي انا فيه دا....
ثم رفع جبينه ناظرا اليها بعمق متابعا بينما تطالعه بنظرات حائرة:
- سلمى أنا مش ممكن هسيبك بعد ما لاقيتك, عارفة.. من أول يوم شوفتك فيه لما خبطنا في بعض وأنا حاسس انك سرقتي حاجة كبيرة أوي مني, بس ما كنتش عارف هي ايه, لحد ما عرفت.. وبالتحديد دلوقتي بس اكتشفت ايه اللي سرقتيه ومش هسيبك غير لما تديني المقابل ليه!.
قطبت قائلة بحيرة:
- هو ايه اللي سرقته؟, تكون محفظتك وقعتك وعاوز تلبسها فيا؟
زفر بيأس وحرك رأسه يمينا ويسارا بقلة حيلة وهو يجيب:
- أستغفر الله العظيم, سامحني يا رب...
ثم نظر اليها تابعا بحزن مفتعل:
- هو انا مش قلت لك بلاش تتكلمي عشان ما تخرجنيش من الحالة اللي انا فيها دي, سيبينا نعيش اللحظة يا سلمى!, محفظة ايه اللي سرقتيها بس؟, المحفظة وصاحب المحفظة تحت أمرك, اللي سرقتيه أكبر يا سلمى....
سكت لتنظر اليه بعينين متسائلتين فيتابع بهمس داعب أوتار قلبها:
- اللي سرقتيه قلبي... وقلبك هو المقابل ليه واللي مش هرضى بأي بديل غيره!..
شهقة خافتة دليل ذهول.. عدم تصديق... أو خجل صدرته عنها لتحاول الابتعاد عنه فتركها هذه المرة لتعود الى الخلف بضعة خطوات وهي تقول بارتباك:
- شهاب.. شهاب احنا لسه معرفناش بعض كويس عشان الاحساس اللي انت بتتكلم عنه دا, احنا...
هتف مقاطعا بحنق وهويراها تحاول الهروب من مشاعره الواضحة وضوح الشمس:
- احنا ايه يا سلمى؟, انا كنت واضح معاكي من الآول, قلت لك بيننا حاجة مش مستعد أضيعها لغاية ما اعرف هي ايه, بالنسبة لي أنا عرفت واتأكدت من اسمها, وانا قوي كفاية اني أواجه نفسي انه الشيء اللي كنت بسخر منه طول عمري حصل... وحصل بقوة كمان, لكن يا ترى انتي هتكوني قوية وصادقة مع نفسك وانتي بتواجهيها؟, ولا هتعملي نفسك مش واخده بالك؟..
تأتأت هامسة:
- أنا.. أنا...
زفر عميقا وقال وهو يبتعد عنها:
- خدي وقتك كله يا سلمى أنا مش هستعجلك, لكن...
وسكت رافعا سبابته أمامها مردفا بقوة وعيناه تلمعان بشدة وكأنه سيدلي بقسم عظيم:
- أنا مش هبعد, مش هسيبك تضيعي أحلى حاجة ممكن نعيشها سوا, ولو الحصار اللي هيخليكي تواجهي نفسك بسرعة بدل ما الأيام تضيع يوم ورا التاني واحنا لسه محلك سر.. فأنا هحاصرك... مش بس بوجودي حوالي كلأ... هحاصرك بوجودي وبكلامي و...بقلبي يا سلمى لغاية ما ترفعي الراية البيضا!..
هربت سلمى بعينيها فأردف بغرض اضفاء بعض المرح الى محادثتهما التي تسببت في توترها الظار بوضوح:
- ممكن بقه تعطفي على ابن عمك وتجيبي لي مخدة أو أي حاجة أنام عليها؟, أنا من امبارح من نمتش وحتى بعد ما رجعت من اسيوط وعرفت انكم هنا ما استنتش وطلعت على طول عليكم...
ابتسمت ابتسامة صغيرة وقالت:
- طيب مش جعان؟, تتعشى الأول؟
شهاب وهو يتمطى بتعب:
- بصراحة يا سلمى أنا جعان نوم...
همست سلمى وهى تنصرف:
- تمام, ثوانى أجيب لك مخدة ...
عادت بعد ثوان حاملة لوسادة قطنية وملاءة ومنامة لوالدها ومدتهم اليه فتناولهم شاكرا لها بابتسامة عميقة أظهرت نغز ذقنه البارز, قالت سلمى وهي تهرب بنظراتها خجلا من نظراته الجريئة وكأنه بعد تصريحه الذي ألقاه في وجهها قد هدم جميع الحواجز التي كانت بينهما ليقوم بمحاصرتها تماما كما وعد!, قالت سلمى:
- ثوانى وراجعة...
لتعود بعد دقائق حاملة صينية عليها كوب من الحليب الدافيء وبعض الشطائر, وضعت الصينية فوق الطاولة الصغيرة ثم قالت وهى تشير اليها:
- اشرب كوباية اللبن وكول الساندوتشات عشان تعرف تنام, لو نمت جعان هتقلق بعد شوية ومش هتعرف تنام كويس..
اقترب منها ينظر الى الصينية وما رصّ عليها من عشاء سريع ليرفع عيناه اليها بينما تنظر هي الى البعيد ويقول بهمس:
- طيب دا هيسكت جوع بطني, لكن فيه جوع تاني بقه مهما عملت مش بيسكت...
نظرت اليه حائرة والتي انجلت ما ان سمعته يتابع بمكر غامزا بشقاوة وهو يميل عليها هامسا في أذنها:
- جوع قلبي!..
لتشهق مبتعدة وهي تغطي فمها بيدها:
- هاااااا...
ثم وبدون وعي منها ضربته بيدها على كتفه بقوة وهتفت به بحنق وغضب فيما تسرع بالانصراف:
- انت فعلا وقح وقليل الأدب وسافل كمان, وان شاء الله قلبك هيفضل جعان كدا لغاية ما يجيلو مجاعة وما تلاقيش اللي يعبره بنظرة واحدة حتى!..
سارع بالقبض على معصمها بينما تمر من جانبه ومال عليها قائلا بابتسامة مصطنعا البراءة:
- وأهون عليكي؟..
ليردف بصوته الهامس المغلف بتوق ليرسل ذبذبات من التوتر بينما تتسارع نبضات قلبها حتى كادت تخرج من بين جنبات صدرها:
- وأنا مش عاوز يعبرني بنظرة غير عينيكي انتي وبس, وأنا متأكد اني مش ههون على قلبك, عارفة ليه؟
رفعت عيناها بتساؤل فتابع:
- لأنه حبيبي....
همهمت بأن موعد النوم قد حان مرددة تحية المساء, فرفع يدها التي لا تزال في قبضته مقبلا راحتها بدفء وهو يجيب :
- وانت من أهله...
سحبت يدها وانصرفت سريعا بينما لاحقت عيناه طيفها حتى اختفى تماما في حين وقفت هي خلف باب غرفتها ممسكة بيدها التي لا تزال تلسعها من حرارة شفتيه بيدها الاخرى وتشعر ان قلبها قد أوشك على الوقوف من شدة الانفعالات التي تمور به وهمست في سرها:
- واخدني على فين يا شهاب؟, ويا ترى ايه اللي مخبيلي معاك؟!
**********************
بدآ رحلة العودة الى كفر الخولي في الصباح الباكر مستقلين سيارة شهاب والذي صمم على ترك سيارتهم وعندما عاندت سلمى مخبرة إياه أنه لا بد من وجود السيارة معهم تحسبا للظروف أجاب بهدوء مخالف لطبعه الحاد أنه سيتكفل بإحضارها الى البلدة...
كان شهاب يسترق النظر الى تلك الحانقة الفاتنة التي تقبع في الكرسي بجواره بينما احتلت سلافة المقعد خلفها, منذ أن رآها في الصباح وهي تتعمد التهرب منه حتى عندما صمم على الرجوع برفقته جادلته أول الأمر بحدة لم تلبث أن خفتت عندما رأت أختها وهي تقتنع برأيه, تبادل الأحاديث الخفيفة مع سلافة بينما تجهلت سلمى الدخول في أي حوار وباءت جميع محاولاته لإشراكها في الحديث بالفشل بينما لمس روح سلافة المرحة عن قرب ولكنها أيضا تملك من العناد والانفعال الزائد ما يجعله يشفق على غيث شقيقه ولكنه يعلم جيدا أنه جدير بترويضها تماما كما هو جدير بغزالته البريّة!!..
بينما كانت هي تشعر بالحنق منه ومن نفسها ومن الأمر ككل!, رباه لقد تعمدت الاعتماد عنه حتى تفكر بصفاء ذهن في أمر ارتباطهما ولكنه بحضوره المباغت ليلة أمس وبحديثه الأكثر غرابة تسبب في تشتيت ذهنها فلم تعد تعلم ماذا تريد حقيقة, هل هي تريد منه الابتعاد فعلا.. أم تريده أن ينفذ وعده لها ويثبت صدق أحساسه والذي تشي به عيناه!!..
بينما شردت سلافة بالأمر الذي أخبرتها به صديقتها مريم, مريم هي صديقتها وتوأمة روحها, بدأت صداقتهما صدفة حيث كادت سلافة أن تضربها بسيارتها فقد كانت حديثة العهد بالقيادة وكان والدها قد ابتاع لها سيارتها كهدية دخولها الجامعة, كانت شغوفة بالقيادة السريعة, وكنتيجة طبيعية لسرعتها العالية وحداثة تعلمها القيادة كادت تتسبب بحادث سير مروع عندما تفاجئت بمريم أمامها فضغطت مكابح السيارة فجأة لتفاجأ بسقوط مريم أمام سيارتها,, ترجلت من السيارة سريعا وبعد أن ساعدتها بالنهوض ذهبت بها الى المشفى حيث تبين وجود شرخ في قدمها, واحتجزت بالمشفى ولم ترغب مريم بعمل بلاغ للشرطة, فمما رأته أمامه فسلافة كانت على وشك الانهيار وانهالت عليها بوابل من الاعتذرات, بينما أنبتها مريم لتهورها بالقيادة, ولم ينس رؤوف ولا ألفت حسن صنيع مريم فشخص آخر كان قد صمم على تقديم بلاغ في ابنتهما او على احسن حال كان طلب نقودا في سبيل تنازله عن الشكوى ضدها..
وبدأت صداقتهما بعد ذلك لتصبح مريم ابنة ثالثة لرؤوف وكان والدها قد توفى وهي لا تزال في التعليم الثانوي فشعرت به يعوضها حنان والدها المتوفي, كانت مريم قد أنهت دراسة كلية التجارة ( تجارة – لغة إنجليزية ) ولتقوم بسلافة بتقديم أوراقها للعمل بالشركة التي تعمل بها الأخيرة, ووقد ساعدها تقدير مريم في التخرج بامتياز ولكنها رفضت التعيين كمعيدة بالجامعة مفضلة العمل الحر فالمرتب الحكومي لا يكاد يكفي الخبز اليابس!, وبالفعل تم قبولها بعد أن اجتازت وبنجاح كبير سلسلة الاختبارات التي مرت بها, لكي يتلازما فلا تكادان تفترقا الا وقت العودة للمنزل واحيانا كثيرة كانت سلافة تصاحب مريم الى منزل الاخيرة وتقضي باقي اليوم برفقتها....
كانت سلافة قد هاتفتها قبل مغادرتها القاهرة و عرضت عليها أن تأتي معهم وأنه مرحب بها معها ولكن مريم رفضت وأخبرتها أنها لن تهرب بل هي باقية لتواجه ما ستأتي به الأيام, ولكن أكثر ما يثير قلقها أنها أخبرتها عن تأخر موعد مقابلتها للنائب العام لظروف طارئة كما أخبرها المحامي والذي عرض عليها إعطائه ما تملكه من أدلة تدين ذلك المشفى ليقوم بحفظه في مكان آمن ولكنها رفضت قائلة لسلافة:
- انا مش هدي الحاجة دي لمخلوق غيري أنا وانتي يا سولي, شريف المحامي أنا مش بشكك فيه ولا حاجة لكن أنا لازم أحتاط للظروف كلها, ادعيلي انتي بس...
والآن وهي في طريقها الى بلدتها يلهج لسانها بالدعاء لصديقتها الروحية بأن يحفظها الله ويعينها على اكمال ما بدأته...
وصولوا قرابة الساعة الثانية ظهرا, نظر شهاب الى سلمى والتي لم تتبادل معه كلمة واحده طوال رحلتهم التي استغرقت ما يقرب من خمس ساعات وقال بابتسامة خفيفة:
- حمد لله على السلامة...
همهمت بخفوت فخمّن أنها ترد تحيته, والتفت الى سلافة قائلا:
- حمد لله على السلامة يا سلافة....
زفرت سلافة بغيظ وأجابت بتكشيرة:
- الله يسلمك..
لتترجل من السيارة صافقة الباب خلفها ,فينظر الى سلمى هاتفا بدهشة:
- ودي مالها دي؟
كانت أول ابتسامة يراها تنير وجهها وان كانت ابتسامة خفيفة لتقول بعدها:
- انت مش ملاحظ انك مش بتقولها غير سلافة سلافة؟.
ابتسم وهو يرى ابتسامتها التي اشتاق اليها وأجاب وهو يشكر سلافة في ضميره التي كانت السبب وان بشكل غير مباشر في هذه الابتسامة التي ترتسم على وجه مشاكسته الحسناء:
- هي مش اسمها سلافة؟.
سلمى ناظرة اليه مجيبة بتلقائية وقد نست سبب غضبها منه:
- انت عارف كويس أوي ان سلافة مش بتحب حد يناديها باسمها, عادتها لك في المرات اللي قبل كدا, لكن أنا عارفة اختي كويس أوي.. في حاجة شغلاها وطالما المود بتاعها مش اللي هو يبقى غلطت غلطة عمرك لو قلت لها سلافة, عاوز تبعد عن المشاكل يبقى سولي وما فيش غير سولي!..
صدحت ضحكته عاليا ما جعلها تبتسم بالمقابل لينتبه لشرودها في وجهه فمال عليها هامسا أما وجهها بابتسامة حب:
- عشان خلّيتك تبتسمي وتتكلمي معايا ليها عليا أقولها يا أحلى سولي.
نظرت اليه بنصف عين وأجابت بحدة رغما عنها:
- مش أوي كدا..
همس بابتسامة وغمزة ماكرة:
- إيه.. بنغِير ولا إيه؟.
رمقته بحنق وقالت وهي تفتح الباب المجاور لها لتترجل من السيارة:
- ليه ان شاء الله هغير من مين؟, سلافة!, دي زيي تمام, قال غيرة قال....
وترجلت صافقة الباب خلفها في حين ضحك ضحكة صغيرة وقال وهو يلمح طيفها يتهادى حتى اختفى وراء الباب الخشبي الواسع لقصرهم العامر:
- هتروحي مني فين؟, وراكي لغاية ما تعترفي وتقري على نفسك باللي في قلبك ورافضة تسمعيه..
-------------------------------------------------------------
تجمعت العائلة حول مائدة الغذاء والتي غاب عنها شخصين, غيث وأمه, فأما راوية فمنذ غضب عثمان منها وبأمر منه فإنه لا تتواجد في مكان يكون هو فيه, أما غيث فقد آثر ألا يكون موجودا عند عودتهم فهو يشعر بغضب عنيف لم يسبق له وأن مر به من قبل, ولكنها تلك الجنية الصغيرة من تبدع بإخراج أسوأ ما فيه!..
انفردت سلافة بوالدها لتسرد عليه ما كان من أمر مريم وبعد أن انتهت نظر اليها قائلا بذهول وأسى:
- معقول أي بنتي اللي انتي بتقوليه دا؟, لا حول ولا قوة الا بالله.. ربنا معها وهينصرها هي وخطيبها ان شاء الله, عموما عاوزك تكلميها كل شوية تطمني عليها والحاجة اللي سابتها معاكي لو عايزة هاتيها انا هشيلها بمعرفتي..
سلافة بابتسامة صغيرة:
- لا يا بابا أنا هخليها معايا, ادعي لها بس يا بابا...
قاطع حديثهم صوت ألفت تنادي لينضموا الى الجميع فيلا احتساء الشاي, فقالت لوالدها سريعا:
- بابا لو سمحت الموضوع دا بيني وبين حضرتك مش عاوزة حد يعرفه ولا حتى سلمى ولا ماما, حضرتك عارف هما بيحبوا مريم أد ايه دا غير انهم هيقلقوا عليا...
رؤوف بابتسامة صغيرة بينما يتجه معها الى الخارج:
- ولا يهمك حبيبتي...
حضر غيث أثناء احتسائهم الشاي وألقى بالتحية الى الجميع متجاهلا سلافة التي نظرت اليه من خلف جفونها مغتاظة فهو قد رحب بعودة سلمى ولم يوجه اليها أي حرف!, ثم هزت كتفيها بلا مبالاة متمتمة في سرها أنه لا يعنيها في شيء سواء رحب بها أو لا, التفت رؤوف الى شهاب قائلا بينما يتبادل كلا من الجد والجدة النظرات المرحة الخاصة بغيث وسلافة:
- صحيح يا شهاب هتعرف تجيب عربية سلمى ازاي؟
شهاب وهو يضع كوب الشاي جانبا:
- هبعت راجل من رجالتنا وأديلو العنوان عشان يجيبها...
ثم نهض متابعا:
- معلهش أستأذن انا محتاج أنام شوية..
علقت الجدة بحنان:
- اتفضل يا بني, نوم العوافي..
بينما قفزت سلافة واقفة وهتفت به وهي تضع كوب الشاي فوق الطاولة الصغيرة التي تتوسط الجلسة:
- شهاب معلهش عاوزاك في خدمة..
ليلتفت اليها شهاب بتقطيبة حائرة وبابتسامة صغيرة أجابها بينما يوجد آخر يتابع ما يحدث أمامه بينما بدأ اعصار غضبه النادر بالهبوب داخله:
- اتفضلي يا بنت عمي...
سلافة بابتسامة تلقائية جعلت وجهها يزداد فتنة بينما سلط غيث نظراته على ثغرها الوردي هاتفا بداخله أنها لم يسبق لها وأن منحته ابتسامة واسعة كتلك حتى بعد أن وافقت على ارتباطهما, سمعها وهي تقول بدلال محبب:
- ممكن بدل الراجل تبعت راجلين؟, واحد عشان عربية سلمى والتاني عشان عربيتي...
ضحك شهاب وقال بابتسامة مرح:
- يا سلام.. غالي والطلب رخيص, نبعت رجلين, حاجة تانية يا... سولي!.
الى هنا ونفذ صبر غيث الذي هب واقفا ليلفت أنظار الجميع فقال بتلكؤ وهو يهم بالانصراف:
- أني ماشي, عن إذِنْكُمْ...
وانصرف تاركا شهاب ينظر في أثره بريبة لتحين منه التفاتة الى سلمى فيجدها مسلطة نظراتها عليه في حدة وحنق, فما كان منه الا أن بادلها النظر بتحد ثم غمزها خفية عن الجميع بخبث قبل أن ينصرف مغادرا الى غرفته...
كان غيث جالسا تحت الشجرة حيث مكانه المعتاد في الحديقة كلما صادف أمرا يقلقه أو.. يغضبه, وعلى هذه الحالة وجدته سلافة وهو يمسك غصنا بيده يقوم بثنيه بين يديه, كانت سلافة قد خرجت للسير في الحديقة عسى هواءها الطلق أن يهدأ بالها عندما لمحته, علمت أنه قد رآها ولكنه أشاح عنها متجهلا لها عن قصد, فسارت اليه بتحد ووقفت أمامه قائلة:
- ايه يا ابن عمي, قمت وسبت القاعدة عشان تيجي تقعد لوحدك هنا؟, انا افتكرتك تعبان زي شهاب..
لينكسر الغصب بين يديه ويلقي به بقوة ثم ينهض ناظرا اليها بغضب يلمع بين فحم عينيه المشتعل وهو يجيبها بينما أتون غضبه يوشك على الانفجار:
- أحسن لك ما تجيبيشي طاري خويْ واصل, كفاياكي اللي حوصل منٍّيكي, خليني ساكت أحسن لك يا بت عمي..
قطبت سلافة مستهجنة ووضعت يديها في منتصف خصرها هاتفة بحنق:
- نعم؟, هو ايه دا اللي حصل ويعني ايه تسكت لي؟
أجاب غيث مقلدا صوتها وهي تطلب من شهاب أحضار سيارتها هي الاخرى من القاهرة:
- ممكن يبجوا رجلين يا شهاب..., وهو يجولك حاجة تانية يا سولي!, لا تكوني ناسية انك خطيبتي أنا مش هوّ, وبعدين تعالي إهنه.. انتي كيف تسافري مُصر من غير ما تجوليلي؟, ايه مش مالي عينك إيّاك؟
زفرت سلافة بحنق وأجابت:
- الله جرى ايه يا غيث انت قلبت في كله مرة واحدة ليه, اولا شهاب نادى لي بإسمي اللي كلكم عارفين اني بحب أتنادى بيه, وانا متأكده ان سلمى اللي لفتت نظره لكدا, حكاية مصر انا مش شايفه فيها حاجة أبدا, بابا وعارف يبقى أقولك ليه؟, احنا لسه مش مخطوبين رسمي, لما تبقى رسمي وقتها يبقالك الكلام..
كشر غيث هاتفا بنزق:
- يا سلاااام, يعني هو الخاتم اللي عيخليني عريسك صوح؟, طب شوفي يا بت عمي.. جوصر الكلام انت اسمك سلافة, اسم الجلع اللي انتي بتجوليه ده مش مسموح لحد انه ينادم عليكي بيه واصل, واحد بس اللي مسموح له...
نظرت اليه هاتفة بحنق:
- يا سلام.. ومين الواحد دا بقه ان شاء الله؟
لينظر اليها بتركيز مجيبا بثقة:
- أني.. جوزك!.
لتبهت وتسدل ذراعيها بجوارها ويتخضب وجهها بدماء الخجل بينما يتابع هو بلهجة حازمة:
- تاني حاجة بجه.. رجلك ما عتخطيشي برّات البلد من غير ما أعرِفْ.. ماذا وإلا يا سلافة هحبسك في دارك وما عخلكيشي تشوفي السمس حتى..
أشاحت بيدها في وجهه صائحة:
- ايه.. ايه.. حيلك حيلك.. انت فاكر نفسك مين؟, الحاكم بأمر الله!.
قبض على يدها المشهرة في وجهه بقوة واقترب منها وأجاب بقوة بينما تداخلت أنفاسهما الثائرة سوية وهو يجيبها بقوة وعيناه تنظران بعمق الى ليل عينيها السرمدي:
- لع... أني مش الحاكم بأمر الله, أني أبجى... زوجك يا بت عمي!.
حاولت جذب يدها من قبضته لتشتد قبضته لها فأنت بألم ثم هتفت به:
- سيب إيدي, وطالما هي عافية بقه.. يبقى انسى خالص انه يكون في جواز بيننا...
ليميل عليها فتضرب أنفاسه الساخنة صفحة وجهها حتى أنها شعرت بلسعة حارقة في بشرتها وقال بينما قد اشتعل فتيل غضبه ليهب اعصاره عاليا يطيح ما يقف بطريقه:
- نجوم السما أجرب لك يا سلافة, وعلمن يصلك ويتعداك.. انتي خطيبتي وأني مش هوافج ع الخربطة اللي بتخربطيها ديْ, مش عشاني راجل وما عاوزشي أكون شخشيخة في يد مرتي تجولي نفضها سيرة, عمي اللي هو بوكي ذات نفسه لو عرف انك سافرتي من غير ما تجوليلي أول واحد عيلومك, لأنه اللي عرفته يا بت عمي انك واختك ما عرفتهوش انه اني واخوي مش عارفين, هو كان فاكرنا عارفين, يا ترى بجه لمن يدرى بكدبكم عليه وعلينا هيتصرف فيكم امعاكم؟
هتفت سلافة بنزق:
- احنا ما كدبناش, هو بابا ما سألنا شاذا كنا قلنالكم ولا لأ, فسكتنا, لو كان سأل كنا هنقوله طبعا...
غيث ساخرا:
- هو ما سعلكومش عشان عارف انه بالعجل اكده اكيد جولتولنا, جوصر الحديت,... كلامك الماسخ عن فض الخطوبة والخرابيط ديْ تنسيها خالص, وعشان تبجي عارفة اني هفاتح عمي رؤوف اننا نكتبوا مع شهاب وسلسبيل, اللي كنت خايف منيه حوصل, كل ما هيحصل بيننا خلاف هتنطي تجوليلي نفضوها, لازمن أتوكد انك مش هتجلي عجلك وتعمليها..
نست سلافة ألم يدها التي لا تزال قابعة بيده وهتفت برجاء:
- لا يا غيث بلاش, كتب كتاب لأ, صدقني مش في مصلحتنا احنا الاتنين, لو صممت يا غيث هبتدي أقلق بجد أنا ما صدقت ابتديت أهدى شوية من ناحية ارتباطنا, وصدقني لو قلقت هبتدي أفكر وأوسوس, وساعتها ممكن فعلا أكمل بابا واقوله مش عاوزة أكمل..
همس غيث امام شفتيها بينما خفف قبضته لا شعوريا وبدأ ابهامه يداعب ظهر يدها بدون وعي منها مثيرا أحاسيس شتى في داخلها:
- انتي ليه مش جادرة انك تحسي بالنار اللي بتجيد جواتي كلما بشوفك بتضحكي مع حد تاني حتى لو كان خوي ولد أمي وأبوي؟, لساتك مش عارفة اني متمسك بيكي ورايدك جد ايه يا بت عمي؟, هجيبهالك على بلاطة يا بت عمي... لمن تزعلي مني اعملي ما بدا لك, ازعطي, اتخانجي, خاصميني, أي حاجة أنا جابلها منيكي لكن اوعاك يا سلافة.. اوعاك تفكِّري ان اللي بيناتنا ديه ممكن ينتهي كيف ما بتجولي, ولغاية آخر نفس في صدري يا بت عمي.. مش هفوتك واصل, يستحيل يا سلافة..يستحيل..
لتهر بعينيها منه مسدلة رأسها الى الأسفل فيرفع ذقنها اليه يطالعها بنظرة تحكي الكثير ويهمس برجاء:
- افتحي عينيكي يا سلافة..
لتنصاع رغبته بدون وعي منها فتصطدم نظراتها بأخرى رمادية جعلتها تتيه في سماءها بينما أردف هو بتوق يغلف صوته:
- أحلى عيون عمري ما شوفت زييها..
ثم سحب يده بتردد طفيف, لتبتعد عنه عدة خطوات بينما وقف ينظر في أثرها بينما حاربت نفسها كي لا تلتفت إليه فلو فعلت فستعود أدراجها إليه بل إنها قد توافق على جنونه في عقد القرآن....
يوم الزفاف:
********** تم عقد قرآن سلسبيل وزفافها على ليث وسط العائلة, وتم أطلاق أعيرة نارية اعلانا عن انتهاء عقد القرآن ولكن غاب الفرح عن وجوه الحاضرين والذين لم يكونوا سوى أفراد العائلة فقط, بينما لم تهبط سلسبيل من غرفتها بالأعلى فقد حضر غيث وأحد من الشهود لسماع موافقتها وذيلت اسمها على عقد النكاح, ومال غيث على جبينها يقبله وتركها لتتجهز لرؤية زوجها.. ليث!.
كان بصحبتها سلمى وسلافة وهند ابنة خالتها زينب, كان شهاب قد قام بتأجيل عقد قرآنه على سلمى ليكون مع غيث في ليلة واحدة, وبما أن سلافة لا تزال تماطل في تحديد موعد عقد القرآن فسلمى سعيدة للغاية بهذا التأخير خاصة وأن شهاب قد غيّ{ من طريقته معها فأصبح مهادنا معها زيادة عن اللازم, ويكثر من كلماته الحنون وعبارت الغزل حتى أنها أصبحت تتفادى المكوث معه بمفردهما!..
************
في جناح العرائس بمنزل عدنان:
***************************
كان قد تم تجهيز جناح للعرائس سلسبيل وليث بعيدا عن جناحها القديم, فكان الجناح عبارة عن غرفة ليث وقد ضم لها غرفة أخرى بجوارها وتم تغيير أثاث اغرفة بالكامل ودهانه بلون السماء الصافية..
دلف ليث الى الجناح بعد الانتهاء من طعام العشاء وقد استأذن الرجال بالانصراف بينما بقيت بعض النسوة مع والدته التي يرى فرحتها وهي تتقافز في عينيها, أغلق الباب خلفه مستندا عليه زافرا بتعب, ليسمع صوت خطوات ضعيفة, لو كانت تلك الخطوات لشخص آخر لم يكن ليسمعها فهي لا تماد تصدر صوتا, ولكنها خطواتها هي, كيف لا ينتبه اليها, فتح عينيه لتطالعه هيئتها بثوب أسود طويل ووشاح أسود تلفه حول شعرها الذي طالما هاجمه في أحلامه منذ أن رآه آخر مرة قبل أن تتحجب عنه وكانت وقتها ابنة العشر سنوات!..
تقدم منها وهو يقول ببرود:
- هدخل أتسبح وآجي..
ما ان خطى خطةتين مبتعدا عنها حتى سمع صوتها مناديا له بنبرة أراداتها قوية فخرجت مشروخة:
- ولد عمي...
ليلتفت اليها ناظرا الى عينيها لأول مرة منذ دخل الى غرفتهما ليصعق من حجم الكراهية التي تشع منهما, حاول اعتماد البرود وأجاب بجمود:
- فيه حاجة يا بت عمي...
سكتت قليلا قبل أن تجيبه محاولة اضفاء الثقة على صوتها الذي خرج محملا بما تجيش به نفسها من كره لهذا الوضع الذي اضطرت للقبول به:
- احنا زواجنا باطل!..
التفت اليها بعنف واقترب منها بخطوات بطيئة وهو يردد باستنكار:
- باه, انتي اتجنيتي اياك؟!, كيف يعني زواجنا باطل؟, أني زوجك على سنة الله ورسوله وعلى يد مأذون وبموافجة بوكي واتنين شهود كومان, كيف يبجى باطل؟
لتشعر بثقتها تعود اليها بعد أن أطلقت للسانها العنان فهم إذا كانوا قد أجبروها على الموافقة على هذه الزيجة فستكون بشروطها هي!, أجاتب بثقة:
- بس أهم موافجة ما حوصلتش.. أني موافجتش ع الزواج منيك يا ولد عمي!.
قطع الخطوات الفاصلة بينهما في خطوتين وانقض قابضا على ذراعها بعنف بينما برزت عروق رقبته تعبيرا عن غضبه الوحشي لترتعش عيناها وهي ترى أمامها ليث الذي كانت تهرب كلما صادفته في طفولتها, كانت تخافه وتخشاه وتتحاشى التواجد معه في مكان واحد, وعندما تقدم راضي لخطبتها كانت تحمل هم العيش معه تحت سقف واحد ولكنه أغلب أوقاته كان يقضيها خارجا فلم تكن تصطدم به, ولكن الآن فلديه ورقة تمنحه الحق المطلق بالتعامل معها كيفما يشاء, هزها ليث بقوة هاتفا بها:
- انتي معترديش ليه؟.
ازدرت ريقها وأجابت محاولة تمالك نفسها:
- انت خابر زين اللي حوصل, بوي واخواني اللي جبروني ع الزواجة ديْ, ولومن خوفي تاخدوا مني اصغاري ما كنتش وافجت واصل, يعني من الآخر.. انت زوجي جدامهم وبس كيف ما كانوا رايدين, لكن بيناتنا أنت ولد عمي بس...
نفض ليث ذراعها من يده بقوة واستدار موليا اياها ظهره قابضا على يده بشدة وهو يهتف بها من بين أسنانه:
- سلسبيل.. روحي جوة دلوك, ابعدي من وشي الساعة دي أصلح لك..
سلسبيل بتلعثم طفيف ولكن لا بد لها من قول ما يؤرق مضجعها:
- أني مصممة على كلامي يا ولد عمي, شعري ما عينفردش على مخدتك واصل... أني.. أني مش خاطية, ولو حوصل حاجة هتبجى غلط وحرام كومان!!...
التفت اليها وهم بالصياح ولكنه تذكرأن هناك نساء بالاسفل’ فقال بشراسة مخيفة وصوت منخفض ولكنه يبعث الرجفة في الاوصال:
- احمدي ربك انه في حريم تحت, وما عاوزشي صوتنا يوصل لهم, ولا كنت خليتك تبلعي كلامك الماسخ ده, وبعدين مش ليث الخولي اللي عيفرؤض تفسه على حرمة.. حتى لو كانت حرمته ومعاه ورجة رسمي اتخليه ياخد هو اللي عاوزه منيها, بس أني يا بت عمي... ما عاوزشي, النفس عافتك!..
واتجه الى الحمام الملحق بالجناح صافقا الباب خلفه بعنف بينما لا تعلم سلسبيل أتفرح لابتعاده عنها وتسبب كلماتها اليه بأن زهدها أم تحزن لأنها قد كسرت برجولته ويه ترمي اليه بنفورها منه فهو أولا وأخيرا ابن عمها وعم أولادها..
فيما بالداخل وقف ليث يمرر أصابعه في شعره بحدة وانفعال ثم تمتم بينه وبين نفسه بألم:
- ليه يا سلسبيل ليه, بكفاياكي رش الملح ع الجرح يا سلسبيل بكفاياكي!!..
وهبط بقبضته على الجدار الرخامي للحمام ليفرغ شحنة الغضب بداخله فيتشقق الرخام وتنزف يده بينما هو غير واع سوى لعينين سوداء كحيلة قد صرعته منذ زمن... تحديدا منذ أن كانت تركض في الأنحاء بجديلتيها الطويلتين خوفا منه ما ان تراه بينما يضحك ساخرا منها ويسارع بجذبها من جديلتيها ويرفعها الى أعلى وهي تركل بقدميها هاتفة برجاء لينزلها, فيسارع بإنزالها ثم يقبلها فوق جبينها هي ابنة الخمس سنوات وهو اين الخامسة عشر عاما ويهتف بداخله:
- امتى الايام تفوت جوامك يا سلسبيل وتكبري ووجتها لمن هرفعك بين يديني معفوتكيش واصل!..
ولكنها لم تكن أبدا له... فقد كانت لشقيقه الراحل حيّاً و... ميّتاً!!
- يتبع –



فيت المشاكسه 05-11-16 12:23 AM

رد: كبـير العيلة
 
سلسبيل البنت دي فاكره نفسها مين عشان تكسر قلب ليث ناس مش وش نعمه في حد يطول ليث ويسيبو 💕💕💕 ماتزعلش ياكبير هيا الخسرانه ومصيرها تاكل اصابعها ندم
سولي حبيبتي التانيه ايوه كده اديلو غيث البارد ده جننيه شهاب ياعيني عليك قامد بتعرف تتصرف ما تعلم ابوالهول
فصل رائع تسلم ايديكي وقوليلي ايه رأيك فيا وانا بتكلم مصري 😘😘😘

مملكة الغيوم 05-11-16 01:15 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن الاخ شهاب عيقول كلام واعر قوى يهز القلب ونظرات وحب هييييييييييييييييح من اسكندريه للصعيد
اما الاخ غيث فهو عدا وطاف كمان حب وغيره ونار قايده واجواء مشتعله واجمل عيون لنا الله ابناء الخولى حيخلونا نتمردو ونعملو ثوره
اما الليث ياخرابى كان نفسى اكون موجوده واسكع بيلا كفين على التفاهه اللى قالتها مهياش عارفه انه مجرد سكوتها يعتبر موافقه ضمنيه مفيش حاجه اسمها العقد باطل عشان انى ما وافجتش لاع ياختى سكوتك وقت العقد يعتبر موافقه وبعدين انتى تطولى تاخدى الليث والله عجايب كافى انه قبل بيكى ومعاكى طفلين وهو قمر كده والف عروسه تت مناه وخلى فى علمك هموسه مش حتسكت لك على الاهانه دى على طول حتبعت لك الساحق الماحق والرصاص المتلاحق ومالت ثم مالت وايضا مالت عليكى طوفه والدوار بتاع جدك العمده وانتى يا ليث ولا تزعل نفسك منمن حتجوزك ست ستها مش كده يا منون
فى انتظار عروسه جميله راغبه لليث مووووووووووووووووووووووووووووووواه

مملكة الغيوم 05-11-16 01:22 AM

رد: كبـير العيلة
 
معاكى حق فيت المشاكسه هى فاكر نفسها مين مالت عليها شوفتى انا كمان بتكلم سعودى هههههههههههههه

منى لطفي 05-11-16 04:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3665675)
سلسبيل البنت دي فاكره نفسها مين عشان تكسر قلب ليث ناس مش وش نعمه في حد يطول ليث ويسيبو 💕💕💕 ماتزعلش ياكبير هيا الخسرانه ومصيرها تاكل اصابعها ندم
سولي حبيبتي التانيه ايوه كده اديلو غيث البارد ده جننيه شهاب ياعيني عليك قامد بتعرف تتصرف ما تعلم ابوالهول
فصل رائع تسلم ايديكي وقوليلي ايه رأيك فيا وانا بتكلم مصري 😘😘😘

ههههههههه حبيبتي ماشاء الله عليكي المصري بتاعك 100 100، ولو على ابو الهول هينطق مش هيبطل كلام لدرجة انكو هتقولوا يا ريتوا ما نطق :yellow:
تسلميلي حبيبتي امووووووووووواه..

منى لطفي 05-11-16 04:53 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3665679)
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن الاخ شهاب عيقول كلام واعر قوى يهز القلب ونظرات وحب هييييييييييييييييح من اسكندريه للصعيد
اما الاخ غيث فهو عدا وطاف كمان حب وغيره ونار قايده واجواء مشتعله واجمل عيون لنا الله ابناء الخولى حيخلونا نتمردو ونعملو ثوره
اما الليث ياخرابى كان نفسى اكون موجوده واسكع بيلا كفين على التفاهه اللى قالتها مهياش عارفه انه مجرد سكوتها يعتبر موافقه ضمنيه مفيش حاجه اسمها العقد باطل عشان انى ما وافجتش لاع ياختى سكوتك وقت العقد يعتبر موافقه وبعدين انتى تطولى تاخدى الليث والله عجايب كافى انه قبل بيكى ومعاكى طفلين وهو قمر كده والف عروسه تت مناه وخلى فى علمك هموسه مش حتسكت لك على الاهانه دى على طول حتبعت لك الساحق الماحق والرصاص المتلاحق ومالت ثم مالت وايضا مالت عليكى طوفه والدوار بتاع جدك العمده وانتى يا ليث ولا تزعل نفسك منمن حتجوزك ست ستها مش كده يا منون
فى انتظار عروسه جميله راغبه لليث مووووووووووووووووووووووووووووووواه

ههههههه ما تخافيش ع الليث ملوكة قلبي، الليث مش سهل ابداااااا... وصدقيني هيخطف قلبها وقلوبكم أكتر ما هي مخطوفة ههههههه.. هيييييييييح بقه..

فيت المشاكسه 05-11-16 10:49 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3665680)
معاكى حق فيت المشاكسه هى فاكر نفسها مين مالت عليها شوفتى انا كمان بتكلم سعودى هههههههههههههه

هههههه لالازم تتكلمي ليبي عشاني ونعمل جبهه ضد سلسبيل

منى لطفي 05-11-16 11:28 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3665765)
هههههه لالازم تتكلمي ليبي عشاني ونعمل جبهه ضد سلسبيل

يا سلام بنهدرز ولا يهمك؟.. صح كدا؟؟.. هههههه انا دوبني سنة اولى

كيلوبتراء 06-11-16 09:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸كبير العيلة 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

🌹🌹الجد 🌹🌹من أحلى الشخصيات يلعب فيهم لعب ويمشي الجميع على كيفه بذكاء وحنكة ومحد يدري كبير يا كبير😂😂😂😂😂😂

🌹🌹سلافة وغيث 🌹🌹صراحة هالبنت عسل وشخصيتها قوية وما تخاف من غيث مهما يغضب فهي تواجهه الند بالند ولكن لما يكلمها بهدوء وشبه رومانسية صعيدية فهي تضعف و تضيع في نظراته لها ههههه 😍😂


🌹🌹سلمى وشهاب 🌹🌹سلمى هدوءها وعدم اندفاعها و تسرعها في الكلام يعطي انطباع لشهاب بأنها لا تهتم به وغير مبالية بمشاعره عكسه هو المندفع والعصبي لأي سبب يخصها ولا ننسى بأنها مرت بتجربة سابقة فاشلة جدا فلذلك هي تخاف من خوض تجربة جديدة مع شهاب ولكن ابن عمها شجاع وكلامه دائماً معها يعطيها احساس بالامان واعترافه بحبه لها هو اكبر دليل لها

🌹🌹أم غيث 🌹🌹امرأة حقودة ما حبيتها ولازم تعرف قدر النعمة اللي هي عايشة فيها الحمدلله رب العالمين رزقها بزوج يحبها وأبناءتوام وبنت وحياة كريمة فماذا تريد أكثر من ذلك أتمنى منها بأن لاتخسر احترام ومحبة الجميع بعنادها وحقدها على الآخرين بدون وجه حق

🌹🌹سلسبيل وليث 🌹🌹 المسكين ليث كان يحبها ولكن هي صارت من نصيب أخوه راضي والقدر جعلها من نصيبه وتكون حلاله وإنما موقف سلسبيل كان وايد قاسي عليه وأتوقع بعد العشرة بينهم وتعامله الطيب مع اولادها بتخلي قلبها يحن عليه وبتعطيه فرصة

🌹🌹أختي الغالية منى لطفي🌹🌹
لأول مرة أقرأ رواية باللهجة الصعيدية وماشاءالله على أسلوبك الرائع وسلالة الرواية وعدم الشعور بالملل خلاص تعلمت وأنا أقرأ اعمل ترجمة فورية حق نفسي ههههههههه مثل جلبي يعني قلبي يعني اقرا الجيم قاف صراحة استمتعت كثيراً بقراءة أحداث هذه الرواية وأتمنى لك التوفيق والى الأمام دائماً

🌹🌹أختك كيلوبتراء 🌹🌹

منى لطفي 07-11-16 01:44 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كيلوبتراء (المشاركة 3665853)
🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸كبير العيلة 🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸🌸

🌹🌹الجد 🌹🌹من أحلى الشخصيات يلعب فيهم لعب ويمشي الجميع على كيفه بذكاء وحنكة ومحد يدري كبير يا كبير😂😂😂😂😂😂

🌹🌹سلافة وغيث 🌹🌹صراحة هالبنت عسل وشخصيتها قوية وما تخاف من غيث مهما يغضب فهي تواجهه الند بالند ولكن لما يكلمها بهدوء وشبه رومانسية صعيدية فهي تضعف و تضيع في نظراته لها ههههه 😍😂


🌹🌹سلمى وشهاب 🌹🌹سلمى هدوءها وعدم اندفاعها و تسرعها في الكلام يعطي انطباع لشهاب بأنها لا تهتم به وغير مبالية بمشاعره عكسه هو المندفع والعصبي لأي سبب يخصها ولا ننسى بأنها مرت بتجربة سابقة فاشلة جدا فلذلك هي تخاف من خوض تجربة جديدة مع شهاب ولكن ابن عمها شجاع وكلامه دائماً معها يعطيها احساس بالامان واعترافه بحبه لها هو اكبر دليل لها

🌹🌹أم غيث 🌹🌹امرأة حقودة ما حبيتها ولازم تعرف قدر النعمة اللي هي عايشة فيها الحمدلله رب العالمين رزقها بزوج يحبها وأبناءتوام وبنت وحياة كريمة فماذا تريد أكثر من ذلك أتمنى منها بأن لاتخسر احترام ومحبة الجميع بعنادها وحقدها على الآخرين بدون وجه حق

🌹🌹سلسبيل وليث 🌹🌹 المسكين ليث كان يحبها ولكن هي صارت من نصيب أخوه راضي والقدر جعلها من نصيبه وتكون حلاله وإنما موقف سلسبيل كان وايد قاسي عليه وأتوقع بعد العشرة بينهم وتعامله الطيب مع اولادها بتخلي قلبها يحن عليه وبتعطيه فرصة

🌹🌹أختي الغالية منى لطفي🌹🌹
لأول مرة أقرأ رواية باللهجة الصعيدية وماشاءالله على أسلوبك الرائع وسلالة الرواية وعدم الشعور بالملل خلاص تعلمت وأنا أقرأ اعمل ترجمة فورية حق نفسي ههههههههه مثل جلبي يعني قلبي يعني اقرا الجيم قاف صراحة استمتعت كثيراً بقراءة أحداث هذه الرواية وأتمنى لك التوفيق والى الأمام دائماً

🌹🌹أختك كيلوبتراء 🌹🌹

حبيبة قلبي سعييييييدة جدا بأعجابك بالرواية، وسعادتي اكبر بتعليقك وتحليلك بمعنى أدق للشخصيات، وفعلا الجد حويييييط ومكار بيلعب بالكل وهو هااااادي، أما راوية أم غيث فاللي جاي ترجف له القلوب وتقشعر له الابدان، ربنا يعيذنا منها..
في انتظارك البارت القادم عزيزتي وتسلمي على مرورك الجميل وكلماتك الاجمل اموووووووووواه..

شبيهة القمر 07-11-16 03:00 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم

اهلييين منوو كيفك ايه قلوب الستااات الي عندك سلمى وسلاف وسلسبيل.. حتى حرف السين جامعهم مش بس قساوة القلب
يااختي دا الاسود قلوبهم رهيفه وانتم ولا وحده فيكم قلبها بيدوق ايه الحظ الزفت الي طاح فيه عيال الخولي.. ياحسرتي عليهم
الي اعرفه ان البنت تكون رقيقه وحااالمه وعندها فاارس احلام وووو وستاات الخولي مافيش منهم الي ست هههههههه

منوو.. تسلم الاياادي ياعسل بس ارحمي عزيز قوم ذل.. يضرب الحب شو بيذل..

منى لطفي 08-11-16 12:58 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شبيهة القمر (المشاركة 3665905)
السلام عليكم

اهلييين منوو كيفك ايه قلوب الستااات الي عندك سلمى وسلاف وسلسبيل.. حتى حرف السين جامعهم مش بس قساوة القلب
يااختي دا الاسود قلوبهم رهيفه وانتم ولا وحده فيكم قلبها بيدوق ايه الحظ الزفت الي طاح فيه عيال الخولي.. ياحسرتي عليهم
الي اعرفه ان البنت تكون رقيقه وحااالمه وعندها فاارس احلام وووو وستاات الخولي مافيش منهم الي ست هههههههه

منوو.. تسلم الاياادي ياعسل بس ارحمي عزيز قوم ذل.. يضرب الحب شو بيذل..

هههههههههه هو من ناحية يضرب فهو يضرب فعلا، بس ما تقلقي على اسود الخولي هياخدهم بحقهم تالت ومتلت زي ما بيقولوا هههههه

منى لطفي 09-11-16 06:32 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الفصل السابع عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
صوت طرقات على الباب أيقظته من نومه المتململ ليفتح عيناه ويطالع للحظات في سقف الغرفة ثم يعي لصوت الضربات المتتالية, فرك وجهه براحته الخشنة واعتدل من نومته الغير مريحة فوق الأريكة العريضة بالصالة الخارجية لجناحه هو وسلسبيل, وعى لصوت والدته وكأنها تحدث أحدا معها فقفز ناهضا من فوره وأخذ يلملم حاجياته المبعثرة يمينا ويسارا حيث قضى ليلته بعد أن هربت عروسه في الليلة السابقة الى غرفتهما وأغلقت الباب عليها, صاح قائلا وهو يرتدي ثوبه الكتاني:
- دجيجة يا أم ليث...
واتجه من فوره الى الغرفة وطرق الباب عدة مرات ولكن ما من مجيب فهمهم بحنق:
- نومة أهل الكهف ولّا إييه؟.
ثم نادى بصوت منخفض كي لا يصل الى أسماع والدته:
- سلسبيل, جومي كفاياكي نوم.. أمي إهنه..
ولكن ما من مجيب بينما الطرقات تتعالى خارج الغرفة فلم يجد بدًّا من فتح الباب ودخل سريعا وهو يقول بلهفة:
- سلسبيل, جومي, سلسبـ...
لتقف باقي الكلمات في حلقه عندما تفاجأ بما يراه أمام عينيه!, كانت سلسبيل والتي جافاها النوم حتى ساعات الصباح الأولى تنام مفترشة السرير الواسع, كانت ترقد على جانبها الأيمن مولية ظهرها للباب بينما افترشت خصلات شعرها السوداء الوسادة جانبها وانسدلت اسفل ظهرها حتى وصلت الى الأرض!بينما كان الغطاء محسوراً عنها ليبرز ساقيها السمراوين بشكلهما الأنثوي الجذاب, وكأن لقدميه إرادة خاصة بهما فسارت به بدون إدراك منه حتى وقف بجانب الفراش تماما بينما تعتلي وجهه نظرات الذهول في حين قد اشتدت ضربات خافقه حتى شك أنه قد يقف في أي لحظة!, تحدث بصوت خرج مرتعشا رغما عنه وهو يدعو في سرّه أن تنتبه سريعا وإلا فهو غير مسئول عما سيحدث ان استمرت في نومتها هذه وكأنه تدعوه لينضم اليها:
- سلسبيل, جومي...
لتصدر منها همهمة خفيفة ثم وكأنها لم تكتف ببعثرة حالته التي هو عليها, اذا بها تنقلب على ظهرها ليظهر وجهها أمامه مغطى ببعض الخصلات الطويلة, ليمد يدا ترتعش ويزيحها جانبا ليطالعه وجهها الفاتن, رباه.. كم تمنى أن يكون وجهها هو أول شيء يراه ما إن يصحو من نومه وآخر شيئا يراه قبل أن ينام, وبأصابع ترتعش إثارة وشوقاً لم يستطع ردع نفسه وهو يستكشف حنايا وجهها بتوق شديد, ليلامس جبينها نزولا الى رموش عينيها الغزيرة ثم أنفها الصغير الدقيق ثم ثغرها الوردي, و آآآآآآه من هذا الثغر!, كم يتوق لتذوق رحيق هاتين الشفتين, يقسم أنه لن يتمنى شيئا بعد ذلك, فيكفيه الشعور بعسلهما بين شفتيه ليقسم أنه قد نال كل ما يصبو إليه, لا.. بل الشعور بكليّتها بين يديه, ولا يريد أي شيئا آخر, فهي سلسبيل, حلم المراهقة والصبا والذي أصبح محرما عليه ما ان تزوجت من أخيه, ولكن الآن أصبح الحلم واقعاً وأصبحت هي حلالاً له, ملكاً خالصا له , شفتيها وعينيها وكل ما فيها ملكه هو دون سواه, كتم آهة كادت تخرج من شفتيه وهو يتلمس بإبهامه الخشن حدود شفتيها المكتنزتين, لينتبه لتململها فيبعد يده على غير رغبة منه ويعتدل مبتعدا عنها وخطا عدة خطوات الى الوراء في نفس اللحظة التي فتحت فيها عينيها لتصرعه للمرة التي لا يعلم عددها بنظرتهما الناعسة والتي اختفت ليحل بدلا منها نظرة ذعر وهي تنتفض جالسة فوق الفراش وتجذب الغطاء فوقها حتى ذقنها بينما خصلات شعرها الثائرة متشابكة حولها وهي تهتف بصوت قلق فيما تطالعه بنظرات مرتابة:
- فيه ايه؟, ايه اللي حوصل؟, وكيف تدخل إهنه وأني نايمة اكده؟.
عاود اقترابه منها حتى وصل بمحاذاتها تماما ونظر اليها بتركيز قبل أن يجيبها بهدوء ينافي العواصف الثائرة التي تجيش في صدره:
- أوعاكي تنسي أنك بجيتي مرتي, يعني حجي أني أدخل وأخرج في أي وجت, واللي حوصل البارحة ديه معيتكررش تاني, وانتي خابرة زعلي شين كيف, أني لمن هعوزك ولا باب حديد هيجدر يبعدك عني!, لكن أنا اللي عايفك, ودلوك من غير حديت كَتير جومي وضْبِي حالك أمي جات وجايبة الفطور امعاها....
ورماها بنظرة قوية واتجه مغادرا بعد ذلك وقبل أن ينصرف لم يستطع منع نفسه من الالتفات اليه والمتابعة بسخرية:
- فطور العرايس يا.... عروسة..
وخرج صافقا الباب خلفه ليستند عليه مغمضا عينيه وهو يهمس في نفسه:
- وبعدهالك يا سلسبيل, بعدت عنيكي لكن انتي اللي ما عاوزاشي تخرجي من نافوخي ليه؟..
ثم فتح عيناه هامسا بعزيمة بينه وبين نفسه:
- لكن لاه, مش ليث الخولي اللي تعصى عليه حرمة, حتى لو كانت روحه فيها, انتي بديتي يا سلسبيل, وربنا يشهد اني كنت ناوي أعاملك بما يرضي الله وأصبر عليكي لكن لمن توصل انك ترفضيني يبجى أنى اللي عايفك يا بت الناس وهخليكي تتندمي جد شعر راسك, والايام بيناتنا يا بت عمي!..
وانصرف من فوره ليفتح الباب لوالدته التي ما ان شاهدته أمامها حتى تلقفته بين أحضانها كيف لا وهو من أثلج صدرها بزواجه من سلسبيل فضمنت ألا تحرم من صغار ابنها المرحوم..
أمرت والدته الخادمة بوضع صينية الفطور جانبا والانصراف, وما ان همت بسؤاله عن سلسبيل حتى فُتح الباب لتطل من ورائه سلسبيل والتي ما ان وقع نظر ليث عليها حتى تطاير غضبه منها أدراج الرياح, ليطالعها محاولا التغلب على دهشته من مظهرها الجديد عليه بثوبها المشمشي الذي يصل الى الكاحل ولكنه يضيق عند الخصر وبأكمام واسعة للغاية كلما رفعت يدها ينزاح الكم الى الأعلى كاشفا عن بشرة ذهبية, بينما خصلات شعرها مغطاة بوشاح من نفس لون الثوب من أعلى رأسها لتنفلت باقي الخصلات حرة طليقة ظاهرة من أسفل الوشاح القصير لتغطي كامل ظهرها حتى نهايته, وأما عينيها فتلك قصة أخرى, لم يستطع الإشاحة عنهما جانبا بينما يراها تتقدم من أمه بوجه خضبته دماء الخجل حتى شكّ في سلامة عيناه بل وآذانه وهو يسمعها ترد تحية والدته بذلك الصوت الأبح المثير الذي تكسوه رنة الخجل!!...
عانقت سلسبيل حماتها وهي ترى وجه ليث الممتقع الواقف خلف والدتها, لا تنكر أنه استحضر شيطانها بقوله أنه هو من يرفضها ولا يريدها, وفي نفس الوقت تريد أن تثبت لعائلته أنها عروسا لم تبخس حق زوجها فهي تتزين له كما العروس تماما حتى اذا ما شكى منها كانوا هم من يقفون له ويكذبونه!!.
ابتعدت سلسبيل عن حضن حماتها التي ملّست خصلاتها الظاهرة من أسفل الوشاح قائلة بابتسامة واسعة ودموع تترقرق في عينيها:
- بسم الله ما شاء الله عليكي يا بنيتي, جومر أربعتاش, ربنا يهنيكو ويسعدكو وأفرح بخلفتكو عن جريب ان شاء الله..
لم تعي والدته ما تركته عبارتها من تأثير عليهما ما أن ألقتها إليهما, فقد وجم الاثنان أحدهما لعلمه بصعوبة حدوث هذا وان كان يكاد يتحرق شوقا لحصوله والأخرى لإيمانها أنه من سابع المستحيلات أن تسمح لغير حبيبها بالاقتراب منها حتى وان كان حبيبها ذاك قد رحل الى عالم آخر غير عالمها!.
انصرفت والدته تاركة إياهما لتناول طعام الفطور وشددت على سلسبيل ألا تترك زوجها بمفرده مطمئنة إياها على صغارها فهما منشغلان باللعب في الحديقة...
ما ان أغلق الباب خلف والدته حتى رآها تتجه الى غرفة النوم فأوقفها آمرا وهو يقول:
- على وين ان شاء الله إكده؟, مش تستني لمن أفطُر..
كتمت زفرة ضيق , وعادت أدراجها حتى الطاولة التي وضعت عليها الخادمة صينية الطعام, رصت الأطباق فوقها, واتجهت حيث البراد الموضوع في زاوية من الصالة الخارجية وتناولت منه قارورة من الماء المثلج, وبعد أن أعدت الطاولة وكان يقف يطالعها من تحت جفونه المسدلة, أشارت الى الطاولة قائلة ببرود:
- أهاه, حاجة تانية؟
تقدم ليجلس على الأريكة والتي اتخذها فراشا له ليلة أمس, وجذب الطاولة القصيرة اليه, ثم أشار الى الطعام قائلا:
- اجعدي عشان تاكلي امعايْ, ما بعرفش آكل إلوحدي..
لم تأبه لقوله وقالت فيما تستدير لتغادره وهي تمر به لتصل حيث غرفتها ملاذها الآمن:
- ماعاوزاشي آكل, لمن أجوع هبجى أتصرف..
لتقبض يده على معصمها بقوة وبغتة جعلتها تشهق دهشة, وسحبها دون أن يلتفت اليها ليجلسها بجواره على الأريكة بقوة وهو يقول:
- لمن أجول كلمة ما تنيهاشي مفهوم؟, ودلوك هتاكلي يعني هتاكلي, انا متوكّد انك على لحم بطنك من انبارحة..
ترك يدها مشيرا للطعام أمامه ففركت معصمها بيدها الأخرى وهتفت بنزق:
- بس أني ما عاوزاشي آكل, مش غصبانية يعني!.
نظر اليها بحدته التي دائما ما كانت تسبب لها الرجفة فيرتعش داخلها بينما تحاول جهدها إخفاء ذعرها الذي دأبت على الشعور به منه, تحدث بصوت خفيض ولكن يخفي أعتا الرجال:
- أني لمن أجول حاجة تنفذيها وفي ثانيتها, أظن واضح؟!
وتابع تناول طعامه وهو يراقبها من طرف خفي, ليشرد في أصابعها الرقيقة التي تأكل بها لقيمات صغيرة لا تطعم عصفور صغير, بينما تخونه عيناه وترتفع حيث فمها الذي يلوك الطعام ببطء ومن غير شهية حقيقية, ليزدرد بريقه في صعوبة وهو يراقب تلك الشفاه وهي تتحرك يمينا ويسارا أثناء مضغها الطعام, يكاد يقوم هو بالتهام شفتيها بدلا من الطعام, كان شاردا فيها ولم يعي لنفسه وهو يقضم اصبعه مع كسرة الخبز ليصيح متأوها وقد فوجئ بأصبعه تحت ضرسه, نظرت اليه سلسبيل بقلق وهتفت بتلقائية:
- خير يا ولد عمي, فيه حاجة؟!..
نظر اليها بحنق وهو يفرك اصبعه في ثوبه ويصيح:
- لاه ما فيش حاجة, كملي وكْلِكْ...
قطبت مستهجنة ثم لاحت منها نظرة الى اصبعه الذي لا يزال يفركه بين طيات ثيابه لترى احمراره الواضح فكتمت ضحكتها وقالت وهي تشير الى سبابته المتألمة:
- أني هجول لمرات عمي ما عادتش تعِمل وكل حلو إكده لحسن انت بالطريجة ديْ هتاكل صوابع يدينك التنيين ورا وكلها..
نظر الى إصبعه حيث تشير ثم نظر اليها ثانية بنصف عين ليلاحظ نظرتها الماكرة فقال بصوت مهدد:
- بتتمسخري علي يا سلسبيل؟, على آخرة الزمن حرمتك يا ليث الخولي ابتتمسخر عليك!
وسكت قاضما كلامه بينما لم تنتبه لما انتابه من تغيير عندما وعى لما قاله من وصفه لها بـ.. حرمته!, أي زوجته هو, إمرأته اسمها مقترنا باسمه هو!, أجابت وقد فلتت ضحكتها عاليا:
- وأني يعني بتبلّا عليكْ ولّا إييه؟, كاهو صوبعك أهو كيف راس البصلة الصغيّرة..
لفت انتباهها سكونه المفاجئ فرفعت عيناها اليه لتشعر بالاضطراب من نظراته المتفحصة لها, وتصيب القشعريرة سائر بدنها فهبت واقفة في محاولة منها للهروب من عيناه المراقبتان لها كما الصقر:
- أني شبعت الحمد لله, كمّل وكلك انت بالهنا على ما أصب الشاي..
همت بالذهاب عندما قبض على معصمها جاذبا اياها بشدة فتسقط في أحضانه لتشهق من المفاجأة ولكن لا يدع لها الفرصة فما ان فتحت فمها شاهقة حتى ابتلع باقي شهقتها بين شفتيه اللتان اعتصرتا شفتيها ممتصا رحيق ثغرها الشهي ليشعر بطعم حلو كالعسل لاذعا كمذاقه فيحتويها بين ذراعيه غافلا عن مقاومتها له وضربات قبضتيها الصغيرتين اللتان كالتا اللكمات الضعيفة لصدره العريض القوي!!..
بعد وقت طويل وحين كادت تختنق طلبا للهواء أفلتها ليث ولكن ليحكم قبضته حولها ساندا جبهته الى جبهتها محاولا التقاط أنفاسه الثائرة, بينما بعد أن هدأت أنفاسها حاولت الابتعاد عنه وهي تطالعه بنظرات غضب سوداء هاتفة بشراسة:
- بعّد عنّي, جولتلك جبل سابج أني ما عاوزاكش, أني مش مرتك.. أني...
ليسارع بكتم صوتها براحته الخشنة العريضة ضاغطا على فمها بشدة حتى كادت تختنق وتحدث من بين هسيس أنفاسه الغاضبة وهو ينظر الى عينيها اللتان ترميانه بلهيب أسود:
- أنتي مرتي أني دلوك, أسمعك بس تجوليها انك مش مرتي تاني وجتها هثبت لك انك مرتي صوح, وبحج وحجيج, ما فيش راجل له الحج فيكي غيري, اوعاكي تكوني فاهمه اني لمن فوتك البارحة كان عشان الكلمتين الخايبين اللي جولتيهم كيف دلوك, لاه!, أني لمن همّلتك كان عشان أني مش عاوزك وجتها, لكن وجت لمن أريدك مش هتجدري تجولي لاه, اللي عاوزك تفهميه وتحطي في عجلك زين انه مش ليث الخولي اللي تستعصي عليه حرمة.. أي حرمة, ما بالك لمن تكون الحرمة ديْ مرَتُه؟, حلاله؟!, حطي عجلك ابراسك يا بت الناس وبلاش الحديت اللي ما انتيش جدِّيه ديه, وعشان تكوني عارفة أني اللي نفسي عافتك, واللي مش هتدهولي برضاكي معخدوشي غصب عنيكي, أني ليث الخولي يا... بت عمي!..
وأزاح يده دافعا اياها جانبا لتقفز واقفة وتتجه من فورها الى غرفتها مغلقة الباب خلفها بدون أي تعليق منها على كلامه وكأنها تفر من المحتوم بينما طالع ليث حيث توارت خلف الباب وهو يهتف في ضميره:
- ما كونيش ليث اما خليتك اتدوجي العذاب اللي اني فيه يا سلسبيل, جبل ما أدوج جُربك كنت أجدر أصبر على ابعادك لكن دلوك لمن جربت منيك وشوفت الجنة بين درعاتك صبري نفد مني, وهتاجي لحدي يا سلسبيل وبرضاكي يا بت عمي..
وبرقت عيناه بعزيمة واصرار, بينما لا تزال شفتيه تحمل طعم شهد شفتيها اللاذع!!..
**************************
صوت طرقات على غرفة رؤوف الذي كان يطالع الجريدة اليومية فسمح للطارق بالدخول ليطالعه وجه سلافة ابنته من وراء الباب, فأزاح الجريدة جانبا وأشار اليها قائلا:
- سلافة حبيبتي صباح الخير, تعالي يا حبيبة بابا..
لتدلف الى الداخل مغلقة الباب خلفها وتتقدم اليه لتلقي بنفسها بين ذراعيه المفتوحتين لها وتجلس على ركبتيه وكأنها عادت صغيرة وهي تقول بصوت ضعيف:
- أنا تعبانه أوي أوي يا بابا..
أبعدها والدها عن صدره ونظر اليها بقلق مقطبا وسأل:
- مالك يا بنتي؟, حاسة بإيه بعد الشر؟!
لتقضم شفتها السفلى بينةأسنانها اللؤلؤية وتعتدل في جلستها ناظرة اليه وهي تجيب محاولة محاربة دموعها:
- مريم يا بابا, مريم...
تساءل بوجل:
- عرفت حاجة, حصلها حاجة؟
أجابت وقد بدأت شفتيها بالارتعاش:
- بئالي يومين أكملها مش بترد وانهرده مامتها قالت لي لما اتصلت بيها على الأرضي بتاع بيتها انها مختفية من يومين وموبايلها مقفول على طول, طنط هتموت من قلقها عليها يا بابا, وانا جربت تاني بعد ما كان محدش بيرد دلوقتي مقفول على طول!..
قال رؤوف وهو يمسك بذراعيها ناظرا الى عينيها بقوة:
- سلافة اسمعيني حبيبتي, الموضوع واضح انه أكبر منك من مريم ومن سامح خطيبها ومني انا شخصيا, أنتي كنت قولتيلي انها المفروض هتقابل النائب العام ومقابلتها اتأجلت كونها اختفت في التوقيت دا يبقى دا مالوش معنى غير حاجة واحده بس...
نظرت اليه برعب وتحدثت بصوت متقطع مذهول:
- انهم يكونوا... وصولوا لها؟, معقولة يا بابا؟, تفتكر حضرتك انهم يكونوا عملوا فيها حاجة؟, بس المحامي بتاع سامح أكد لها انه لسه محدش يعرف الادلة اللي معاها؟
أبوها بتنهيدة عميقة:
- يا بنتي دول ناس مش ساهلين, يعني تفتكري انهم مش حاطينها تحت عينيهم خصوصا وان سامح خطيبها اللي هما رموه في السجن بإيديهم وبقضية متلفقة عارف كل جرايمهم؟, انا متأكد انهم قدروا يوصلوا لها قبل ما توصل الدليل اللي معاها للنائب العام....
ليقطع حديثهم صوت هاتفها المحمول فتنهض واقفة وتخرجه من جيبها ليطالعها رقما غريبا فتستقبل المكالمة بريبة وما ان سمعت صوت محدثها حتى لانت أساريرها وهتفت:
- أهلا يا طنط, طمنيني عرفتوا حاجة عن مريم؟.
لتسكت متصنتة قليلا بصعوبة للكلمات التي تصلها وسط هستيرية صوت محدثها قبل أن تفتح عيناها هلعا وهي تردد بينما تنظر الى والدها الواقف أمامها يطالعها بتوجس وريبة :
- مر.. مريم لاقوها مقـ.. مقتولة في منطقة مهجورة بعد.. بعد ما اغتصبوها!..
وتقع يدها بجانبها وهي تنظر في صمت الى والدها قبل أن تبدأ بإسدال جفنيها لتسقط مغمى عليها, في حين ركض اليها والدها في هلع مناديا باسمها....
أزاحت سلمى سماعة الفحص جانبا من أذنيها, ثم أمسكت برسغ شقيقتها لتطمئن على معدل النبض, ثم وضعت يدها جانبا قبل أن تنظر الى والديها الواقفين يراقبانها في قلق وتقول بابتسامة شاحبة:
- الحمد لله, الضغط اتظبط, بس انا مش عارفة ايه اللي خلاها يجي لها هبوط مفاجئ في الضغط بالشكل دا, سلافة عمرها ما اشتكت من حاجة زي كدا؟!..
نظرت ألفت الى رؤوف الواقف ينظر الى ابنته الراقدة فوق فراشها بينما نافس شحوبها شحوب الموتى وتقدمت منه قائلة بلوعة بينما قلقها على ابنتها يكاد يفتك بها:
- هي كانت معاك في اودة المكتب يا رؤوف, ايه اللي حصل خلّا بنتي تنهار بالشكل دا؟.
سكت رؤوف قليلا ثم أجاب قائلا نصف الحقيقة وبصوت حاول أن يكون متماسكا فخرج متحشرجا من فرط قلقه على صغيرته:
- معرفش.. جالها تليفون تقريبا واحده زميلتها في الشغل عملت حادثة واتوفت وكانوا بيبلغوها عشان لو عاوزة تروح مع زمايلها تعزي أهلها..
شهقت ألفت ملتاعة وهتفت وهي تضع يدها على قلبها:
- يا حبيبتي, يا قلب مامتها, أكيد شابة صغيرة في السن طالما زميلتها زي ما بتقول, ربنا يصبر أهلها, اذا كانت سلافة اللي هي يدوب زميلتها ما استحملتش الخبر يا ترى أهلها وخصوصا مامتها عاملين ايه دلوقتي؟, انما ما قالتش مين يا رؤوف؟
هز برأسه نفيا وأجاب وهو يشيح بعينيه جانبا:
- ما لحقتش أسألها..
أشارت سلمى لهما بالخروج ووقفت معهما خارج الغرفة قائلة بجدية:
- طالما الموضوع كدا يا بابا يبقى سلافة أكيد هتصمم تروح تعزي وانا لا يمكن أسيبها تروح لوحدها..
قاطعتها أمها بلهفة:
- ولا أنا, رجلي على رجلها, وبعدين العزا واجب, هروح معها أعمل الواجب ونعزي في صاحبتها الله يرحمها..
قاطعهما رؤوف قائلا:
- يا جماعة سلافة مش هتتحرك خطوة واحدة من هنا الا لما أطمن عليها الأول..
ثم نظر الى ابنته متابعا:
- سلمى عشان خاطري لو قالت لك انها عاوزة تروح بأي طريقة اقنعيها انها تأجل المشوار دا قوليلها صحتها لسه تعبانه أي حاجة..
قطبت سلمى متسائلة:
- ليه يا بابا؟
روؤف بحنق غريب عليه:
- يووه يا سلمى, اعملي اللي بقولك عليه....
وتركتهما منصرفا يتبادلان نظرات الدهشة والقلق من حالته التي تشاهدانها عليه لأول مرة!!..
**************************************************
أصاب الجد القلق عندما وصل اليه تعب سلافة المفاجئ ولكن رؤوف طمأنه أنها إصابة برد خفيفة بينما تظاره الجد بتصديقه ولكنه أضمر في نفسه أمرا هاما....
- خير يا جدي أؤمرني شهاب خوي جالي انك عاوزني..
نظر الجد الى غيث الواقف أمام باب غرفة نومه وأشار اليه بعصاه قائلا بهدوء:
- أجفل الباب وتعال عاوزك..
قطب غيث واستجاب لأمره ثم اتجه اليه وبعد جلوسه بجواره على الأريكة الخشبية المشغولة على هيئة أرابيسك مال اتجاهه الجد وتساءل وهو يستند بيديه واضعا ذقنه المكسوة بلحية مستوية بيضاء عليهما:
- انت اعرفت ان بتعب بت عمك؟
قطب غيث وأجاب بتلقائية:
- لاه, شهاب ما جاليش, أكيد لجطت دور برد من العيانين اللي عم بيجوها العيادة, ربنا يكون في عونها..
نظر الجد اليه بتركيز وقال:
- بس مش سلمى اللي تعبانه..
زادت تقطيبة غيث حدة وتساءل بقلق ينضح من نبرات صوته الخشنة:
- أومال ...
ليقاطعه الجد مجيببا بجدية:
- سلافة...
هتف غيث:
- إيييه؟, سلافة!, مين ميتة الحديت ديه يا جدي, وكيف مدراش بيه.’ مش المفروض سلافة ديه تبجى خطيبتي؟.
الجد بهدوء:
- اهدى يا غيث يا ولدي, هي دلوك اكويسة, جدتك كات عنديها, وهي منيحة الحمد لله, بس مش ديه المشكلة!.
تساؤل غيث بريبة عاقدا جبينه:
- وهي فين المشكلة يا جدي؟
الجد بحزم:
- فيه حاجة عمك رؤوف امخبيه, والحاجة ديه تخص سلافة بالذات وأنا متوكّد انها السبب في الوعكة اللي صابتها ديْ لانه من وجتها ورؤوف ولدي مش على طبيعته وكل ما عسأله يجولي ما فيشي يا حاج, شطارتك تعرف فيه ايه بالظبط!..
نهض غيث واقفا وأجاب وعيناه تبرقان باصرار وعزم:
- اطمن يا جدي, اعتبرني اعرفته, اني هتصرف..
وانطلق من فوره الى عمه ولكن قبلا لا بد له من الاطمئنان على السبب الرئيسي لفقدانه طعم النوم والراحة والتي يكاد يجزم انها ستكون السبب الرئيسي أيضا لإصابته بأزمة قلبية مفاجئة من فرط قلقه عليها!..
-------------------------------------------------------
كانت سلافة مع والدها في غرفتها تجادله بشأن سفرها الى القاهرة, صرف والدها ألفت وسلمى قائلا أنه يريد الانفراد بها بعد سماعها ترفض طلب سلمى منها بالتزام الراحة وعدم اجهاد نفسها فأخبرهما انه سيعمل على اقناعها, وقفت سلافة أمام والدها تهتف وعيناها تغشاهما الدموع بينما ترفل في ثوب أسود مقفول من الأمام بأزرار سوداء حتى منتصف الخصر, ونص كم, وجمعت شعرها على هيئة ذيل الفرس, أعرب وجهها عما تعانيه من قلق واضطراب بوجنتيها الغائرتين والهالات السوداء المحيطة بعينيها, هتفت سلافة لوالدها برجاء ودموعها تسيل في صمت مغرقة وجنتيها الشاحبتين:
- يا بابا أرجوك افهمني, أنا لازم أسافر, أنا معايا أمانة لازم أسلمها..
رؤوف بهدوء محاولا اقناعها:
- وانا ما قولتش ما تسافريش, بالعكس أنا هسافر معاكي بس الأول عاوز ناخد رأي محامي في الموضوع دا, يدلنا نروح فين بالظبط, المحامي بتاع سامح أنا بصراحه قلقان منه يمكن أكون ظالمه بس من الآخر كدا أي حد له علاقة بالموضوع دا محل شك بالنسبة لي دلوقتي...
سلافة بعناد وتشبث بالرأي وخوفها على والدها أن يصيبه مكروه من وراء هذا الأمر الخطير يجعلها أكثر تشبثا بمحاولة اقناعه تركها تسافر بمفردها:
- طيب سيبني أسافر أعزي مامتها, وبعدين نبقى نشوف موضوع المحامي دا, أرجوك يا بابا..
- ما انتيشي مسافرة ولا رايحة في مكان يا سلافة..
التفتت باندفاع لترى محدثها يقف بباب الغرفة لفقطبت هاتفة بغيظ:
- غيث!..
تقدم غيث الى الداخل يلقي اليها بنظرات ملتهبة ثم تحدث الى عمه قائلا:
- سامحني يا عمي لو دخلت اكده بس اني خبطت مَتير وما سمعتونيش, وبعدين غصب عني سمعت حديتكم فدخلت ما جدرتش أسكت..
تقدم اليه عمه وقال وهو يربت على كتفه:
- جيت في وقتك يا غيث, أنا هسيبك معاها يمكن تحاول تعقلها..
وخرج تاركا الباب خلفه موارباً..
وقفت سلافة عاقدة ذراعهيا أمامها تطالعه بتحد وقالت بحدة:
- نعم؟, أفندم.. اتفضل قول اللي انت عاوزه, بس قبل أي حاجة أنا هسافر يعني هسافر وما فيش حاجة هتخليني أرجع في كلامي...
تقدم غيث منها بضع خطوات, كان لا يزال يرتدي ثياب الفروسية السوداء بينما خصلات شعره مشعثة بفعل الهواء وتستكين خصلة على جبهته العريضة, مال ناحيتها قائلا بحزم:
- أنتي معتروحيشي في مُكان يا سلافة, أظن واضح؟
نظرت اليه بغيظ وهتفت :
- وانت مالك؟.
هم بالرد لتقاطعه بحدة :
- هتقولي ابن عمك وخطيبك هقولك بردو دا ما يداكش الحق انك تدخل بالصورة دي, انا حرة, وطالما بابا موافق يبقى خلاص, وعشان بس تطمن بابا هييجي معايا..
نظر اليها غيث بغموض الى ان سكتت وهي تلهث تلتقط أنفاسها المتعثرة وتحدث بكل برود:
- خلصتي حكيك الماسخ ديه؟, شوفي يا بت عمي... انتي مش هتتنجلي غير لمن رجلي تبجى على رجلك, أصلا انتي كيف ما تجوليليش؟, دي لومن عمي رؤوف جلجان واني ضغطت عليه عشان اعرف اللي بيه ما كنتش اعرفت!
نظرت اليه بتحد رافضة الاجابة فتابع بينما يميل بوجهه على وجهها حتى اختلطت أنفاسهما الثائرة هي بتحد وهو بتأثر ورغبة ضارية في اخفاء هذه المشاكسة بين جنبات صدره خوفا وهلعا عليها, لن ينسى الصدمة التي شعر بها ما ان صارحه والدها بسر شرودها الدائم ووعكتها الصحية المفاجئة:
- أني المفروض أكون أجربلك من اي حد تاني.....
ازدرت ريقها بتوتر وقالت بسخرية زائفة في محاولة منها عدم الانصات لقلبها الذي يؤمرها بعدم السخرية مما تراه يشع بصدق من بين رمادي عينيه:
- يا سلام ليه بقه ان شاء الله؟
وبدون وعي منه امتدت يداه تقبضان على ذراعيها وهمس بصوته الخشن:
- لأنك انتي أجرب حد ليا في الدنيا ديه كلاتها, انتي لساكي مش عارفة انتي ايه بالنسبة لي يا سلافة؟
هتفت سلافة بحدة بينما تحاول الهروب من نظراتها التي تحاصرها وتهدد بدك حصون قلبها والاستيلاء عليه لاعلانه فارسه ومالكه الأوحد, فيما تحاول إزاحة ذراعيها من قبضته مشيحة بنظراتها:
- سيبني يا غيث, أنا مش عارفة ومش عاوزة اعرف..
ليهتف بحرقة:
- كدابة!
فرفعت عينيها تنظر اليه بذهول فتابع بحدة ونيران عميقة تندلع في عمق عينيه:
- ايوة كدابة, انتي عارفة ومتوكدة بس خايفة, انما أني بجه مش خايف, اني كنت مأجلها ومش رايد أجولها لغاية ما تبجي مرَتي حلالي, عشان خايف عليكي منِّيها, لكن خلاص.. ماجدرش أصبر أكتر من اكده!

وكأنها شعرت بما يوشك على الاعتراف به فهتفت بتوسل محاولة ايقافه عن متابعة حديثه:
- غيث ارجوك سيبني دلوقتي أنا...
ليقاطعها بلهفة ونظرات عينيه تكادان تلتهمان تفاصيل وجهها:
- بحبك.. بحبك يا بت عمي, بحبك ولا عمري حبيت جبلك ولا هحب بعدك, بحبك يا سلافة بحبك!,و...
وسكت باترا عبارته بينما تابعت عيناه إلقاء قصيدة عشق إلى ليل عينيها البهيم, ليقربها اليه بدون وعي منه بينما تاهت هي في سماء عينيه ليتابع بشغف وبدون إدراك ليديه اللتان وكأنهما يمتلكان إرادة خاصة بهما حيث امتدا ليحتضنا خصرها:
- عارفة ما كونتش عاوز اجولك ليه؟, لأن الكلمة ديْ كانت كيف السد اللي مانع طوفان حبي انه يغرّجك, حبي ليكي كيف الطوفان يا سلافة, كنت مانع نفسي بالعافية اني اجولهالك لأني متى ما جولتها يبجى خلاص, صبري نفد, وإسمعي آخر كلام يا بت عمي.. احنا التنيين هننزلوا مصر سوا.. بس وانتي مرتي وشايله اسمي!.
وينتهز فرصة ذهولها ليميل عليها غير قادرا على منع نفسه من وضع قبلة عميقة فوق جبهتها وكأنه يضع صك ملكيته لها, ويبتعد بعدها بصعوبة ناظرا اليها وأنفاسه متهدجة متابعا:
- أني هكلم عمي الليلة بعد العِشا ان شاء الله, كتب الكتاب هيكون في أجرب وجت...

وسكت ناظرا اليها بعمق بينما سكنت سلافة غير مصدقة لما آلت اليه الأمور, فمن الواضح أن غيث قد عقد العزم على الزواج بها ولن يدع أي شيء يقف في سبيل تحقيق ذلك, حتى وان كانت هي نفسها!, بينما تعالت ضربات قلبها عاليا تكاد تصرخ بها أن غيث قد أعلن انتصاره وفوزه الساحق بقلعة قلبها بعد اقتحامه لمشاعرها وتحطيمه حصونا قلبها واحدا وراء الآخر!!........
- يتبع -




مملكة الغيوم 10-11-16 12:52 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مساء السعاده منون ايوه كده يا ليث الادغال متديهاش فرصه تتنفس بيلا الخبيله اثبت احقيتك حتى فى انفاسها عشان تاخد على الوضع بسرعه
مريم مسكينه دخلت عش الدبابير برجليها ومقدرتش تخرج لعنة الله على الظالمين اللى جعلو الله سبحانه وتعالى اهون الناظرين ولم يعملو حساب يوم تشخص فيه القلوب والابصار
سلافه منهاره من وقع ما حدث لزميلتها لكن خانها التفكير ان اللى قدرو يوصلو لمريم ممكن ايديهم الاثمه توصل لها هى كمان لكن ابوها وغيث بيفكرو بتائنى وخطوة غيث وتصريحه العبقرى بحبه حيخليها تتقبل اندفاعهم لحمايتها ويقدر غيث يتبعها زى ظلها
تسلم ايدك منمن وفى انتظار باقى ابداعاتك موووووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 10-11-16 06:20 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3666247)
السلام عليكم ورحمة الله
مساء السعاده منون ايوه كده يا ليث الادغال متديهاش فرصه تتنفس بيلا الخبيله اثبت احقيتك حتى فى انفاسها عشان تاخد على الوضع بسرعه
مريم مسكينه دخلت عش الدبابير برجليها ومقدرتش تخرج لعنة الله على الظالمين اللى جعلو الله سبحانه وتعالى اهون الناظرين ولم يعملو حساب يوم تشخص فيه القلوب والابصار
سلافه منهاره من وقع ما حدث لزميلتها لكن خانها التفكير ان اللى قدرو يوصلو لمريم ممكن ايديهم الاثمه توصل لها هى كمان لكن ابوها وغيث بيفكرو بتائنى وخطوة غيث وتصريحه العبقرى بحبه حيخليها تتقبل اندفاعهم لحمايتها ويقدر غيث يتبعها زى ظلها
تسلم ايدك منمن وفى انتظار باقى ابداعاتك موووووووووووووووووووووووووووواه

ملوكة حبيبة قلبي، اطمني على ليث هههههههه هيجيبها على بوزها دا ليث والاجر على الله، غيث وسلافة رب ضارة نافعة لغيث طبعا، بس ربنا يستر من زول سلافة مصر واللي هيرجالهم هناك لان عصابة زي دي اسهل حاجة عندها القتل... مافي عندهم حرام ولا حد يقفوا عنده.... ربنا يستر على بنات الخولي منهم

ماما ميري 11-11-16 10:12 PM

رد: كبـير العيلة
 
عاشت الايادي حبيبتي
ابداع متواصل

فيت المشاكسه 12-11-16 12:39 AM

رد: كبـير العيلة
 
ايوه ده الكلام ياليث ناس ماتقيش الابالقوه قال قواز باطل قال خليكي عند كلامك ياست سلسبيل للنهايه ونبقى نشوف ازاي حتقري وراه عشان بس يبصلك
غيث واخيرا ابو الهول عمل حاقه عيدله انا راضيه عنو علشان بس يحمي سولي ويساعدها
موفقه حبيبتي 😘😘😘😘

فوفومون 12-11-16 02:15 AM

رد: كبـير العيلة
 
احلى مساء لاحلى كاتبه ربنا يخليك لينا ومايحرمنا من ابداعك اموووووووووووه

منى لطفي 12-11-16 05:03 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ماما ميري (المشاركة 3666389)
عاشت الايادي حبيبتي
ابداع متواصل

تسلميلي حبيبتي ، أسعدني مرورك يا قمر

منى لطفي 12-11-16 05:04 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3666396)
ايوه ده الكلام ياليث ناس ماتقيش الابالقوه قال قواز باطل قال خليكي عند كلامك ياست سلسبيل للنهايه ونبقى نشوف ازاي حتقري وراه عشان بس يبصلك
غيث واخيرا ابو الهول عمل حاقه عيدله انا راضيه عنو علشان بس يحمي سولي ويساعدها
موفقه حبيبتي 😘😘😘😘

هههههههه لا ولسّه، ليث بيسويها ع لجانبين، تسلميلي حبيبتي سعيدة لتواجدك اموووووواه

منى لطفي 12-11-16 05:05 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3666397)
احلى مساء لاحلى كاتبه ربنا يخليك لينا ومايحرمنا من ابداعك اموووووووووووه

مساء الورد حبيبتي، ويخليكوا ليا حبيبتي وما انحرم منكم ابدا يا رب امووووووووواه

منى لطفي 12-11-16 05:06 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الفصل الثامن عشر
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
أنوار تلألأ بها قصر الخولي المنيف في البلدة وصدحت بعدها صوت إطلاق الأعيرة النارية احتفالا بعقد قرآن أحفاد عميد عيلة الخولي الحاج عبد الحميد عثمان الخولي, اقتصر عقد القرآن على الأهل والأقارب فقط احتراما لوفاة ابن العائلة راضي, ولكن هذا لم يمنع الرجال من إطلاق الأعيرة النارية احتفالا بأبناء كبيرهم.. شهاب وغيث الخولي...
جلست سلافة وسلمى بجانب بعضهما بينما التفت النسوة حولهما وهن يلقين اليهن بالتهاني والمباركات, ووقفت الجدة تنظر بزهو الى حفيديتها وجمالهما الوضّاء, وكانت قد سمحت للنسوة بالأغاني وإطلاق الزغاريد فالمنزل خال لهن بينما انتصبت خيمة كبيرة للرجال في الساحة الملحقة بالقصر, وقد حضرت أم ليث وسلسبيل شقيقة العريسين وألحت أم ليث على الجدة السماح للحريم بإنشاد الأغنيات والتعبير عن فرحتهم, وبينما جلست ألفت تتلقى التهاني والمباركات من الحاضرات كلهم كانت راوية تقبع في جانب بعيد عنها تنظر اليها دون انتباه الآخرين لها بغموض بينما يعتمل قلبها بكره أسود وحقد دفين وهي تتوعد في ضميرها أنها ستذيقها هي وبناتها الويل على كافة أنواعه بل ستحيل ضحكتها السعيدة بابنتيها هذه الى دموع حارقة تبكي الساعة التي وافقت فيها على زواج ابنتيها من ولديْها هي!..
لم تكن تدري راوية والتي غلبها كرهها فظهرت نظتها السوداء جلية في عينيها أنها موضع مراقبة الجدة فاطمة لها, والتي أسرّت في نفسها وهي تتابعها بعينيها بوعد قاطع:
- ربنا يستر من اللي بتفكري فيه يا مرَت ولديْ, لكن أني واعيالك زين ومفتحالك عينيا التنييين جوي, ولو جلِّيت عجلك واعملت حاجة تفسد فرحتهم لاكون أني اللي واجفالك يا راوية, وانتي عارفة كلمة الحاجة فاطنة.. لمن أجول أنفذّ..
كانت هناك سيدة متشحة بعباءة سوداء مزينة أطرافها بخرز ملون تمسك بيدها دفّاً وتقوم بغناء بعض الأغاني المشهورة لديهم والتي كان يسمعها ولأول مرة ألفت وابنتيها...
ابتسمت سلافة هي وسلمى وهما يسمعان تلك الكلمات التي تراقص عليها بعض الفتيات وكانت تقول:
اتكحرت وأجرى يا رمان .. وتعالى على حجرى يا رمان ..أنا حجرى حنين يا رمان .. ياخدك ويميل يا رمان.. اتكحرت وأجرى يا رمان.. وتعالى على صدرى يا رمان.. أنا صدرى حنين يا رمان.. ياخدك ويميل يا رمان.. اتكحرت وأجرى يا رمان.. وتعالى على وسطى يا رمان.. أنا وسطى حنين يا رمان.. يخدك ويميل يارمان.. اتكحرت وأجرى يا رمان ..وتعالى على (.........) يا رمان ..أنا (........) حنين يا رمان.. يخدك ويميل يا رمان....
جلست سلسبيل تطالع الفرحة المرتسمة على وجوه المحيطين بها, ولفت نظرها تعبيرات وجهي سلمى وسلافة, لا تنكر أنها ترى فرحة تتقافز داخل الأعين ولكنها لا تدري لما تشعر أنها ممتزجة بشعود آخر أشيه بالقلق أو الخوف, هي تعلم أن شقيقيها قد دفعا بالأحداث سريعا وأن عقد القرآن قد تم بعد زواجها هي بأقل من أسبوعين, ليرحل عقلها شاردا في ذلك الذي أقحم نفسه في حياتها ومع هذا يتركها بكامل حريتها!, هو يتحكم بكل شاردة وواردة بها وبدون أي مجهود منه!, يكفي أن ينظر إليها بليل عينيه السرمدي ذلك لتعلم ما يريد, هي منذ عناقه المباغت لها وهي تتعمد عدم الاقتراب منه أو إثارته, تعلم يقينا أن ماحدث كان النتيجة التي ترتبت عن عباراتها الخرقاء تلك التي رمتها بكل غباء في وجهه ليلة الزفاف, لم يكن من الواجب أن تقذفه بتلك الكلمات الصريحة بوقاحة من أنها لا تريد قربه وأنها لا تزال في عين نفسها زوجة لأخيه... راضي!, كتمت تنهيدة عميقة كادت تخرج من أعماق صدرها, حتى الأسم أصبح محرّم عليه تذكره, وقد يكون هذا أكثر ما يثير أعصابها ويوغر قلبها تجاهه, فهي ومنذ أن حملت لقب زوجة ليث أصبح من غير المسموح لها التفكير بغيره وان كان هذا الغير قد كان زوجا لها ذات يوم والآن هو في عالم آخر, ولكنها ليست بخائنة وهي تعد هذه خيانه ان ذكرت اسمه حتى بينها وبين نفسها, وهذا أكثر ما يثير استيائها وحنقها من ليث أنه حرمها حتى متعة العيش على ذكرى زوجها الراحل, لا تنكر أنه لا يحب صغارها فقط بل هو يعشقهم وهما يعشقانه بالمقابل وخاصة شبل, ذلك الصغير الذي أسماه هو وتربى في حضنه أكثر من أبوه البيولوجي والذي كان دائم السفر, فهو يقضي وقتا كثيرا معهما بل أن وقته هذا يعد من المقدسات بالنسبة له حتى أنها تشعر أن الولديْن قاربا أن يصبحا نسخة مصغرة عنه وخاصة شبل والذي يحاكيه في كل حركة تصدر منه ابتداءا من عقد يديه خلف ظهره وهو يتناقش في أمر هام, إلى التقطيبة التي تعتلي وجهه أثناء تركيزه في حل مشكلة ما, انتهاءا برغبته بارتداء عمامة كعمه ليث بل وأن يتعلم هو كيفية ربطها لنفسه!..
هزت رأسها محاولة صرف هذه الأفكار عن ذهنها ولكنها لم تستطع محو ابتسامتها عندما تذكرت وجهه عندما كان يحثها على الاسراع فهو سيكون إحدى الشهود على عقد القران بل أنه الشاهد المشترك على العقدين, كانت قد ارتدت عباءة حريرية وبناءا على نصيحة حماتها لم ترتديها سوداء فهي في نظر الناس عروس والعروس لا ترتدي الا الالوان الزاهية, وكانت قد أهدتها حماتها عباءة حمراء اللون موشية بخطوط فضية محكمة على جسدها تنسدل حتى الكاحل وأطلقت خصلات شعرها الأسود الطويل والتي قاربت ركبتيها, ثم زينت عينيها بالكحل الأسود العربي ولأول مرة تلون شفتيها بلون أحمر كرزي بناءا على إلحاح حماتها, كانت تقول لها بفخر أنها تريد أن تفاخر بها بين النسوة, فهي لا تقل جمالا عن ابنتي عمها, وبعد إلحاح شديد وافقت يتنازعها شعوران... عدم الراحة و...الخجل!, نعم فهي خجلى أن يراها ليث على هذه الصورة, هي لن تخرج كاشفة وجهها طالما أنها قد تزينت, فهي ستقوم بتغطيته كما أنها سترتدي عباءتها السمراء الواسعه ولكنها ستخلعها هي وبرقعها ما ان تصل, لم تكن لتخرج بزينتها تلك أمام الناس, ما ان خرجت من غرفتها وكان هو يزفر مناديا لها بقوة حتى تسمر واقفا أمامها فاغرا فاه مما يراه, النظرة التي أطلت من عينيه أرضت غريزة الأنثى بداخلها خاصة وأنه منذ الليلة التي لم يتمالك فيها نفسه وعانقها عناقا كاد أن يزهق روحها لم يقربها بل أنها كثيرا ما تشعر أنه يتعمد الابتعاد عنها كي لا يلامسها ولو بطريق الخطأ, وكثيرا ما ترردت كلماته من أنه هو الرافض لها في عقلها لتسألن نفسها ولأول مرة.. ترى ما سبب اخفاق زواج ليث ولثلاث مرات؟, بل أن أطول زيجة فيهم استمرت لستة أشهر فقط؟, والسؤال الأكثر إلحاحا هو.. هل ي ترى كان هناك أخرى شغلت قلب ليث ولهذا فشل في زيجاته الثلاث ولهذا أيضا أخبرها وبمنتهى الثقة أنها لا تثير فيه مقدار شعرة من أنملة؟, تكاد التساؤلات تفتك برأسها ولكن الأمر الذي يثير دهشتها وغيظها بل وحنقها هو.. ولما تشغل بالها بمثل هذه الأسئلة؟, لم تكن هي التي فرضت عليه الزواج بها بل أبوه وجدها وأباها بل والعائلة والأصول والأعراف!, فلو كان هناك ضحية لكل هؤلاء فهي الضحية ليس هو, فهو أولا وأخيرا رجل كان يستطيع الرفض ولم يكن ليقوم بما لا يريده فهو ليث.. ليث الخولي, إسمه بمفرده تهتز له الأبدان وترجف له القلوب...
تذكرت كلماته التي ألقاها بذهول اليها وهي يطوف حولها بينما وقفت في مكانها يكسوها الخجل من أعلاها الى أسفلها, ليقف بعدئذ أمامها وهو يهتف بانشداه مشيرا بسبابتها اليها من الأعلى الى الأسفل:
- انتي هرتوحي الفرح إكده؟.
قطبت وأجابت وقد اعتقدت أن منظرها ليس بالجيد وهي تنظر الى لباسها:
- إيوة, مرات عمي هيا اللي جابت لي الخلجات ديْ وجالت لي ألبسهم, ايه شكلهم مش زين؟
أجاب ليث وهو شارد بنظراته بين خصرها المحكم التفصيل وذراعيها الظاهرين من أسفل الكم الطويل الواسع اذا ما حركتهما فان الكم ينحسر الى الأعلى, ثم رفع عيناه الى عظمتي الترقوة الواضحين من فتحة العنق الواسعة, ليبتلع ريقه بصعوبة ويجيب بتلكؤ بينما نظراته تدقق في كل صغيرة وكبيرة فيها:
- هو من ناحية انه زين فهو زين الزين كومان...
ثم قطب متابعا وهو يقترب منها حتى وقف أمامها تماما فلفحتها أنفاسه الساخنة بينما هبّ عليه رائحة عطرها المسكي ليتغلغل داخل أنفه فيسير في دمه لينشر حرارة شديدة في سائر حواسه, رفع اصبعه يلمس به ثغرها الشبيه بثمرة الفراولة الناضجة:
- وايه ديه؟, حُمرة؟, وعينيكي ديْ..
ورفع عيناه الى عينيها ليتيه في عسليهما, هز رأسه بعنف يمينا ويسارا ليجلي عقله ثم هتف بغلظة:
-لاه.. على جتتي تتحركي خطوة واحدة من اهنه وانتي بالمنظر ديه!, روحي بدلي تيابك دي بسرعة ياللا, همّي أومال..
نظرت اليه مبهوتة من انفعاله ثم سألت ببراءة:
- يعني اني بدي أفهم دلوك اعتراضك عشان اللي اني لابساه زين؟
أجاب ليث بحدة:
- زين زيادة عن اللزوم كومان!..
قطبت وأجابت بحنق:
- ليث... أني مش هغيِّر خلجاتي, طالما هما زينيين أغيِّرهُم ليه؟, خصوصي ان مرت عمي هي اللي جايباهوم.., ياللا يا ليث بعدين الجماعه يستعوجونا...
وبدأت بالسير أمامه ليأمرها بالوقوف صائحا:
- استني عندك!..
ثم لحقها ووقف أمامها يهتف بحنق:
- انتي كيف ما تسمعيش أوامري وتنفذيها؟, أني مش عاوز حد يلمحك وانتي إكده!, أظن حجي زوجك وحجي عليكي اتطيعيني!
زفرت بضيق وأجابت:
- طيب مش لمن أفهم الاول ليه؟, انت بتجول انهم عاجبينك يبجى ليه؟, وبعدين مرت عمي جالت لي اني عروسة ولازمن ألبس وأتزين كيف العرايس ما بتعمل وان تجولت لي جبل سابج انه لازمن نظهر جودام الناس اننا مبسوطين وما فيش حاجة بيناتنا, يبجى ايه السبب؟.
هتف ليث بغير وعي منه:
- لأنك حلوة جووي, وأني بغير جوي جوي!.
سكتت لوهلة لتستوعب ما يقول ثم بدأ شبح ابتسامة يشق وجهها للظهور حاولت اخفائه سريعا وهي تقول:
- اني يعني هجعد مع رجالة؟, أني جعدتي كلاتها هتبجى وسط الحريم, حتى وشي هغطيه لغاية ما نوصلوا اهناك ما كونتش هتطلع بيه إكده وأني متزينة!
مال ليث عليها لينظر الى عينيها بعمق وهو يجيب:
- جوليها تاني انك حد من الرجالة هيلمح طرفك حتى لو بتتمسخري عشان أعرفك ان الله حج!, وبعدين حتى لو مع الحريم أني راجل ما أجبلش انه مرتي تظهر بالشكل دِه حتى لو مع حريم... واحده تجول عينيكي حلوة والتانية تجول خشمك والتالتة جسمك و.... لاه لاه لاه غيريه, غيريه لا ما عتروحيشي وديه آخر كلام عندي..
ليقاطعهما صوت طرقات على الباب فأجاب ليث الطارق والذي لم يكن سوى والدته التي دلفت بعد ان فتح لها الباب وما ان أبصرت سلسبيل حتى أدمعت عيناها وهتفت ببسم الله ما شاء الله ثم تابعت بابتسامة عريضة:
- جومر الله أكبر, أيوة إكده أهو دلوك حلاوتك تغلب حلاوة بنات عمك بتوع البندر, أني متأكّدة أن كل اللي عيشوفوكي الليلة عينيهم هتخرج من حجورها من جمالك!.
ليزمجر ليث كزمجرة الليث الغاضب ويهتف بوالدته حانقا:
- باه يا أمايْ, انتي بتكبري راسها ليه؟.
نظرت اليه أمه بدهشة وهتفت:
- باه مرات ولدي وفرحانه بيها, وبعدين ياللا إتأخرنا, بوك باعت يستعوجنا....
هتف ليث محاولا أيقافها وهي تهم بالسير منصرفة جاذبة سلسبيل معها:
- يما أستهدي بالله بس, سلسبيل هتغيِّر خلجاتها وبعدين هنروح..
قطبت أمه باستغراب:
- كيف يعني؟, وليه سلسبيل إتغيِّر؟, الخلجات عليها هتاكل منِّيها حتة!..
رفع ليث يده عاليا وهتف بحنق:
- يوووه يا أمّا... مش عتخرج جودام الخلايج إكده!.
الأم بنبرة زاجرة:
- ليث.. انت جرالك حاجة بعد الشر؟, مرتك مالها ما هي زي الفل أهي؟, اسمع يا ولدي الله يرضى عليك مش وجت مناجرة دلوك, وبعدين مرتك هتلبس عباية سودة وبرجع يبجى لازمته ايه عمايلك ديْ؟.
ارتدت سلسبيل عباءتها السمراء ونقابها الذي أظهر عينيها المخططتين بالكحل الأسود العربي ليزمجر ليث للمرة الألف هذه الليلة وهو يهتف مشيرا الى عينيها:
- ها.. شوفي يا أمّا.. عينيها ظاهرة كيف؟.
نظرت الأم الى عيني سلسبيل وأجابت بلامبالاة:
- وايه يعني عادي, محدش شايف حاجة والدنيا ليل, مش هنخطي من ناحية الرجالة واصل, ياللا يا سلسبيل يا بتي ولدي فاضي باينُّهْ..
خرجت ساحبة سلسبيل معها والتي لمحتى نظرة وعيد رماها بها ليث!!..
عادت الى حاضرها وهي تطالع العروستين لتنهض وتتجه اليهما مهنئة, وبعد قليل مدّت مائدة عشاء للسيدات بالداخل وأخرى للرجال خارجا, وبعد فترة بدأ الحضور بالانصراف ولم يبقى سوى سلسبيل وحماتها وزينب بالداخل وليث وصغار سلسبيل ووالده مع رياض زوج زينب بالخارج..
مالت زينب على أذن راوية هامسة:
- اجصري الشر يا ختي وابتسمي ولو بالكدب, الحاجة فاطنة عينها عليك من أول الليلة, بلاش تِكَبِّري الموضوع..
هتفت راوية بصوت منخفض وبنزق:
- يعني عاوزاني أتحزم وأرجص؟, مش كفاية سرجوا مني عيالي التنيين واني ساكتة وحاطة البُلغة في خشمي وما نطجتش بولا كلمة؟, زينب اجصري انتي في حديتك الماسخ دِه..
نظرت اليها زينب بإشفاق وأجابت قبل أن تنصرف عنها:
- خلي ابليسك راكبك لمن في الآخر هتجولي يا ريتني سمعت كلامك يا ختي..
وتركتها وانصرفت لتعلن الجدة بعد قليل رغبة العريسين بالجلوس الى عروسيهما, فنهضت كلا من سلافة وسلمى واللتان قد تعالت ضربات قلبيهما توترا وخشية مما هو آت, ولكن ظلا متماسكتين كي لا ينكشف ما يعتريهما من توتر وقلق..
دخلت سلافة الى غرفة أعدت سابقا لتجلس فيها مع غيث, كانت هناك مائدة مصفوف عليها أطباق العشاء, وقفت ما إن أغلقت الجدة الباب خلفها تطالع الباب وكأنها تريد حفظ النقوش المزدان بها خشب الباب ليطرق سمعها همسة خشنة:
- ما شاء الله تبارك الله, سبحان من صوّرك..
استدارت سلافة لتشهق بغتة وهي تتراجع الى الوراء عدة خطوات فقد فوجئت بغيث وهو يقف أمامها تماما, نظر اليها غيث بنظرات أشاعت الفوضى والإضطراب في سائر حواسها, أشاحت بوجهها جانبا بينما تقدم ليقف أمامها وهو يتابع بوله شديد:
- الجمال ديِه كلّاته بجى ملكي أنا...
ابتلعت ريقها بصعوبة, فامتدت يده ليقبض بسبابته وابهامه على ذقنها مديرا وجهها إليه ليتابع ونظراته تلتهمان تفاصيل وجهها بدءا من عينيها بليلهما السرمدي ثم حاجبيها الرفيعين مرورا بأنفها الصغير الدقيق حتى ثغرها بلونه الزهري الشهي ليطق وقتها آهة من أعماقه جعلتها تضطرب وهي تسمعه يهتف بصوت خشن من فرط الانفعالات التي تمور بداخله:
- مبروك يا جلب غيث, ما تتصوريشي فرحتي جد إيه دلوك؟.
ابتسمت ابتسامة صغيرة وأجابت ببحة مثيرة فقد خانها صوتها لفرط توترها مستعدية بعضا من مرحا وهي تسأل:
- جد إيه يا ولد عمي؟.
ابتسم غيث لطريقتها في التحدث باللكنة الصعيدية, قال مبتهجا:
- اعرفتي تتكلمي زيينا أهاه..., مش جولتلك هنعملك حاجات كتير بس انتي اصبري..
قالت سلافة وقد بدأ توترها بالزوال وهي تبتسم ابتسامة سحرت عقل غيث الذي وقف يراقب تحرك شفتيها وهي تتكلم بتوق شديد لمعرفة مذاق هذه الفاكهة التي كانت محرمة عليه قبلا ولكنها أصبحت حلالا خالصا له ما أن عقد عليها ليعلنهما الشيخ زوجا وزوجة أمام الجميع:
- وهتعملني ايه تاني يا ولد عمي..
ليميل عليها فتضرب أنفاسه الساخن صفحة وجهها البيضاء لتشعر بسخونة تنبعث منه بينما تمتد يديه تقبضان على ذراعيها وتسحبان جسدها لتلتصق بجذعه القوي وهو يجيب بينما كان يطالعها كالمسحور لا يكاد يشيح ببصره عن ثغرها الزهري الطري:
- هعلمك كيف تحبيني كيف ما بحبك, لو اني حبي أكتر بكَتير من أي حب ممكن تسمعي عنِّيه, بحبك يا بت عمي بحبـ....
وكأنه وجد أن الفعل أبلغ تعبيرا عن الكلام ليميل على ثغرها الوردي مختطفا إيّاه بقبلة ضارية أودعها شوقه وعشقه وتوقه لها, حاولت الافلات منه في البداية ولكنه كان أقوى منها بمراحل, ليعتصر خصرها الدقيق بذر اعيه فيلمس بشرة ذراعيها المكشوفين ففستانها كان من الشيفون المبطن بالساتان باللون الأصفر الليموني, ينسدل على قامتها حتى منتصف ساقيها, وكانت ذراعيه مكشوفين فهو ذو أكمام قصيرة للغاية, بينما فتحة العنق واسعة تُظهر كتفيها, غاب غيث في عناقه لها, يكاد يقسم أنه كان سيفنى لو لم ينهل من شهدها, فكأنه العليل وثغرها هو ترياقه الوحيد, ضعفت مقاومتها وانتبه لسكونها بين يديه, أبعدها عنه بصعوبة بالغة, واستند بجبينه الى جبينها وهو يقول بصوت خرج أجشا محملا بأحاسيسه القوية التي ولأول مرة يشعر بها بل إنه تفاجأ أنه يملك القدرة على الشعور بها لهذه الدرجة ولكن هذا طبيعي وخاصة في حالته فهو ليس محبّا عاديّاً.. بل هو عااااااشق حتى النخاع لعروسه التي أذاقته الأمرّيْن حتى واقفت على الارتباط به, قال بشوقه كله:
- احنا لازمن نتزوج بأسرع وجت, مش هجدر أستحمل يا سلافة, ارحميني يا بت عمي ووافجي!.
سحبت أنفاسها ببطء وعلى دفعات صغيرة حتى استعادت هدوئها الذي تبعثر على يد غيث بهجومه المباغت لحواسها, أجابت بابتسامة صغيرة لم يرها ولكنه سمع صوت ضحكتها في نبراتها المشاغبة بدلال:
- بعد اللي انت عملته انهرده دا يا ابن عمي انسى يكون في جواز قبل سنة!.
انتهزت فرصة مفاجئته من قولها لتبتعد عنه ما ان ضعفت قبضته لها, رجعت عدة خطوات الى الخلف حتى اصبحت على مسافة كانت بالنسبة لها آمنة فهي أصبحت على يقين أن غيث قد وصل صبره الى منتهاه ولا بد أن تمسك هي بلجام علاقتهما ماذا وإلا وبطريقته تلك قد تصحو في الغد تجده وقد حدد موعد الزفاف مع والدها!..
تقدم غيث خطوتين ثم سأل مستهجنا وهو يقطب حاجبيه, فهو من جهة يشعر بالغيظ من جوابها ومن ناحية أخرى يعر بالحنق الشديد لاستغلالها دهشته وابتعادها عنه وحرمانه من عذب حضنها الدافيء ورائحتها المسكرة:
- يعني إيه الكلام دِه ان شاء الله؟.
أجابت سلاة وهي تغمزه بشقاوة محببة مقلدة لكنته الصعيدية:
- اللي انت سمعته يا كَبير, ياللا دلوك أحسن يستعوجونا!..
هم بالكلام عندما قاطعه صوت طرقات على الباب فانتهزت سلافة الفرصة وركضت لتفتح ليطالعها وجه جدتها المغضن فاترمت بين ذراعيها وهي تهتف بمرح:
- ماما ستو, تصدقي حالا غيث كان لسه بيقول عاوزين الحاجة تيجي تتعشى معانا!.
فتح غيث عيناه على وسعهما وهتف بذهول:
- أني..
لتقاطعه سلافة:
- أيوة طبعا, عموما أيه رأيك أنا بجد شبعانه نطلع نقعد مع جدو شوية أحسن دا وحشني أوي...
ثم تأبطت ذراع جدتها وسارت معها تاركة غيث يلاحقها بنظرات مذهولة يكاد يضرب كفّا بكف من فرط دهشته وألاعيب هذه الجنية الصغيرة التي تكاد تذهب بعقله!.
------------------------------------------------------
عند سلمى وشهاب:
***************
كما فعلت الجدة مع غيث وسلافة فعلت مع سلمى وشهاب إذ أدخلت سلمى الى غرف جانبية قبل أن تغلق الباب خلفها, جالت سلمى بعينيها حولها لتقع عيناها على مائدة عامرة بكل ما لذ وطاب من طعام ولم تكن قد تذوقت لقمة واحدة منذ الصباح الباكر, وكأنها برؤيتها للطعام قد افتكرت جوعها لتعلن معدتها أصوات الاحتجاج, فاتجهت حيث المائدة وأزاحت كرسيا لتجلس, أمسكت شوكتها وتناولت حبة من ورق العنب المحشو والذي تعشقه لتمضغه بلذة وبطء حتى ابتلعتها ثم تبعتها بأخرى تتلذذ بمذاقها وهي تغمض عينيها ليصل همس أجش الى آذانها يقول بخشونة ذكورية جذابة:
- هتخليني أحسد ورق العنب كدا وانتى بتاكليه بالاستمتاع دا!.
فتحت عيناها لتطالعها عيناه وقد دكن لونهما حتى غدا كسماء مظلمة في ليل شتوي بارد, ابتلعت باقي لقمتها ببطء ثم وضعت شوكتها جانبا وقد غادرتها شهيتها لتمسح فمها بمنديل ورقي, ثم تسلط نظراتها على نقطة وهمية فوق مفرش المائدة أمامها بينما تلمح بطرف عينها شهاب وهو يجلس على الكرسي الآخر بجوارها فاردا ذراعه على مسند كرسيها مستندا بذراعه الآخر على المائدةأمامه فكأنه يحوطها من الجانبين!, همس شهاب وهو يميل اتجاهها:
- مبروك, ألف مبروك يا عروسة..
سعلت قليلا لتجلي حلقها قبل أن تجيبه بخفوت قائلة:
- الله يبارك فيك..
سكت يطالع هيئتها المهلكة لحواسه, بدءا من شعرها بخصلاته اللولبية الناعمة التي أطلقتها تحيط بوجهها مرورا بزينة وجهها وعينيها المظللتين بلون الزرع الأخضر ليعزز من لون عينيها, ثم أنفها الشامخ فثغرها الخوخي اللون الذي يتماشى مع فستانها المشمشي اللون والذي يغطيها من أعلاها الى أسفلها ولكن... بفتحت عنق عميقة تظهر عظمتي الترقوة وتختفي حلية سلسالها داخل هذه الفتحة ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يحاول اكتشاف أين تماما اختفت حلية السلسال؟!, بينما ذراعاها يغطيهما قماش الفستان الشيفوني حتى المرفقين, مال اتجاهها هامسا وهو تائه في غابات عينيها:
- أكّليني!.
نظرت اليه بانشداه بينما زحف اللون الأحمر الى وجنتيها ليجعلها آية في الجمال, وبدون كلام رفعت شوكة نظيفة وهمّت بالتقاط إحدى محشو ورق العنب عندما اعترض هامسا أمام وجهها:
- لا.. بشوكتك إنتِ!..
قطبت لا تعي ما يقوله ليعيد على سمعها وقد مال أكثر اتجهها هامسا في أذنها لتضربها رائحة عطره الرجولي من خشب الصندل الممتزج برائحته الخاصة صانعا عطرا رجولي أخذ بلبها حتى أنها كادت تشعر بالدوار:
- شوكتك أنتي يا بنت عمي!.
رفعت شوكتها وكأنها مسلوبة الإرادة وتناولت إحدى ورقات العنب وقربتها من فمه ليميل عليها قابضا عليها بأسنانه ليمضغها ويبتلعها وهو لا يبعد بعينيه عنها مقدار شعرة, وما ان انتهى من تناولها حتى تناول الشوكة من يدها لتتلامس أصابعهما فيسير تيارا كهربائي عال التردد بينهما لتشعر برعشة في سائر أطرافها, تناول احدى ورقات العنب بطرف الشوكة ومدها لها لتتناولها بأسنانها اللؤلؤية, وهكذا مرة هي تطعمه وأخرى هو يطعمها حتى شارف طبق محشو ورق العنب على الانتهاء عندما تناول آخر واحدة بالوكة وقال بهمس:
- افتحي بؤك..
لتنصاع طواعية كالمغيّبة, وما ان ترك طرف الشوكة ورقة العنب بين اسنانها حتى سارع هو بالتقاط النصف الآخر بفمه لتيبعها بقبلة كاسحة, كانت بداية لعناق أقل ما يقال عنه أنه قااتل للحواس!, احتواها بشدة ورفعها بين ذراعيه وكأنها طفلة صغيرة لا تزن شيئا ووضعها على ركبتيه مواصلا عناقها المغيب للعقل, مرت فترة طويلة حتى تركها على مضض بعد أن استشعر حاجتها للتنفس, وضع ذقنه فوق خصلاتها الناعمة ملتقطا أنفاسه الثائرة ليهمس بصوت أجش خشن من فرط رغبته التائقة التي تستجديه لينال امرأته الآن وفي التو واللحظة:
- أنا هتفق مع باباكي الفرح يبقى أول الشهر, يعني بعد اسبوعين من انهرده, ولو عليّا ندخل انهرده!.
لتشهق عاليا مبتعدة عنه وتضربه بقبضتها الصغيرة فوق كتفها هاتفة بحنق:
- انت.. انت قليل الأدب!, وأنا بعد اللي انت عملته دلوقتي دا انسى أني أوافقك على الجنان اللي انت بتقوله دا!.
نظر اليها بابتسامة قائلا بمكر:
- حبيبتي الجنان ان مراتي حبيبتي تبقى قودامي وبين إيديا وأتحرم منها, ظلم دا ولا مش ظلم؟.
هتفت بنزق وهي تحاول القيام من جلستها في حضنه بينما يتشبث هو بها مضيقا الخناق حول خصرها:
- لا طبعا مش ظلم, واتفضل بقه ابعد عاوزة أقوم..
هز كتفيه بلا مبالاة وأجاب ببرودة زائفة:
- والله انا واخد مراتي في حضني ومش عاوزها تبعد عني ثانية واحدة, انتي بقه عاوزة تقومي دي مشكلتك انتي مش مشكلتي..
هتفت بحنق بينما اصطبغ وجهها بلون الدم لفرط خجلها وغيظها منه:
- يا سلام انت هتستعبط؟, ابعد يا شهاب خليني أقوم أحسن حد ييجي دلوقتي شكلنا مش هيكون حلو..
قال شهاب بلا مبالاة:
- ايه اللي في شكلنا مش حلو؟, واحد ومراته حبيبته فرحان بيها ومش عاوز يسيبها فيها ايه دي أفهم أنا؟, وبعدين اطمني محدش هييجي..
وكأن الله قد استجاب لدعائها فقد تعالت صوت طرقات على الباب ليعلو صوت الجدة فأفلتت سلمى من بين يديه بصعوبة وساوت ثيابها قبل أن تتجه الى الباب بينما وقف هو قاطبا ليفتح عيناه على وسعهما وهو يطالع جدته تدخل وبيدها سلافة ووراءهما غيث في حالة يطغى عليها الذهول الممتزج بالحنق والغيظ ولا يعلم هاجمه هاجس يخبره أنه ما هي إلا ثوان ويخرج من هنا حاملا لنفس تعبير وجه غيث؟!..
ما هي إلا ثوان الا وكانت الجدة تخرج من الغرفة تتأبط في كل ذراع بسلمى وسلافة يتبعهما غيث وشهاب يسيران بجانب بعضهما ينظران الى من سلبتاهما طعم الراحة تارة والى بعضهما بأسى أخرى وإلى جدتهما برغبة في الاستنكار وبقوة ثالثة!!.
*************************************************
سافر غيث وسلافة لمقابلة النائب العام وتقديم الأدلة التي بحوزة سلافة والتي أدلت بأقوالها كاملة حول معرفتها بقضية مريم وسامح, ورحلا بعد أن اطمئنا الى سير العدالة بمجراها الطبيعي, وكانت سلافة تشعر بالتفاؤل الشديد فهي ستنفذ وعدها لمريم ولن تفرط في أمانتها والجناة سنالون عقابهم الذي يستحقونه بينما هي لن يذهب دمها هدر, ولكن بعد يومين أتاها الخبر الذي قوّض سعادتها تلك!.
كانت سلافة وغيث قد ذهبا الى محامي سامح الذي كان في غاية التعاون معهما وشعرا أنه يريد مساعدتهما في إظهار الحق مما بدد مخاوفهما بشأنه, أخبرهما المحامي بأنه سيتدقم بطعن في قضية سامح معللا ذلك بظهور ادلة جديدة تثبت أقوال سامح السابقة بشأن اتجار المستشفى التي كان يعمل بها بتجارة الاعضاء, وعليه فسيأمر النائب العام بإرفاق الأدلة لباقي مستندات القضية, وبالفعل سارت الخطة كما رسمها المحامي ولكن ما لم يحسبوا حسابه هو مدى قدرة هؤلاء الناس على الوصول الى غايتهم, بل مدى الأجرام الذي قد يصلون إليه في سبيل منع أيّا كان من الوصول اليهم, كان ذلك بعد إعادة فتح قضية سامح بيومين اذ قرأت سلافة خبر حريق في غرفة حفظ الأدلة بالمحكمة!, مما جعلها تقفز بهلع وتتجه مستفسرة من المحامي مهاتفة إياه وهي تصيح به أن يشرح لها حقيقة ما حدث حتى أن غيث قد دخل سريعا على صوتها العالي وهي تصيح:
- يا شريف بيه انا مش فاهمه ازاي حريق في مكان بيحفظوا فيه أدلة مهمة زي دي؟.
أنصتت قليلا قبل أن تتابع وهي تلهث لالتقاط أنفاسها الثائرة:
- يعني ايه ماس كهربائي؟, هو كل مصيبة يقولوا ماس كهربائي, حاضر.. ههدى.. بس يا ريت تعرفني اللي بيجرى أول بأول..
أنهت المكالمة بينما يسألها غيث مقطبا عمّا جرى فسردت عليه آخر الاخبار, احتواها بين ذراعيه وهو يقول بتصميم:
- ولا يهمك يا سلافة, أنا متوكد ان الحج هينتصر برضيكي, وبعدين اني مش هسيبهم واصل, أني أعرف ناس مهمين جوي في الداخلية بحكم شغلنا, بس ما كونتش عاوز أدخِّلهم جولت أستنى لمن نشوف ايه اللي هيوحصل؟.
ثم رفع رأسها ناظرا الى عينيها حب قبل أن يردف بابتسامته المحبة رغبة منه في تلطيف الأجواء:
- انتي لساتك متعرفيشي مين همّا عيلة الخولي؟, عيلتنا كبيرة جوي يا سلافة وبنشتغل مع ناس من كبارات البلد, وصدجيني دم صاحبتك معيروحش هدر, وبعدين انتي ناسية انه لسه جضية جتلها ما اتجفلتش لساتهم عم بيدوروا ع الجاني..
ابتسمت سلافة بتعب وأومأت برأسها ايجابا, فتابع غيث:
- بجولك ايه أني هوصل مشوار اصغيّر إكده ولكن أرجع ألاجيكي روجتي, ماشي الكلام؟..
همهمت بالموافقة, فطبع قبلة علة وجنتها وانصرف, بينما جلست هي تستعيد ما سمعته من المحامي عندما دخل اليها والدها فتجاذبت معه أطراف الحديث حيث أخبره غيث بآخر التطورات ليقطع حديثها ووالدها رنين هاتفها المحمول فطالعت الاسم لتجيب بلهفة ما ان طالعت اسم المحامي شريف, كانت تستمع بلهفة أن يكون هناك تطورات في اقلضية لصالحهم عندما جمدت تعابير وجهها وتسمرت في مكانها لينهض رؤوف واقفا ويتقدم ناحيتها بينما سقط الهاتف من يدها, سألها رؤوف بقلق:
- في ايه يا سلافة؟, ايه اللي جرى؟.
رفعت سلافة عينان مذهولتان اليه وهي تمتم بغير تصديق:
- ضد مجهول يا بابا!, القضية اتقيدت ضد مجهول!, دم مريم راح هدر يا بابا راح هدر!..
أغمض رؤوف عينيه متأثرا وهو يتحوقل قائلا:
- لا حول ولا قوة إلا بالله...
لتبرق عينا سلافة ببريق وحشي وهي تهتف بعزم وإصرار:
- لكن لأ... أنا صعيدية وتاري لازم آخده, ولو القانون عجز انه ياخد لي بتاري, فأنا مش هسيب تار مريم يروح هدر أبدا!..
رؤوف قاطبا بريبة وقلق:
- يعني ايه يا سلافة؟.
نظرت اليه سلافة ببريق وحشي لم يسبق وأن رآه في عيني صغيرته سابقا وأجابت بشراسة:
- يعني اللعبة لسه ما انتهتش, أنا صعيدية يا بابا ومش ممكن أسيب تاري أبدا, وتار مريم أنا اللي هاخده...
وفجأة ارتسمت صورة مريم أختها التي لم تلدها أمها أمام عينيها لتمتلئ مآقيها بالدموع وتبدأ شفتيها بالارتجاف وهي تتذكر صور عديدة لمريم وهما سوية وأثناء مزحهما سوية وخروجهما وعملهما, صور مختلفة عديدة لتصيح بحرقة عالية:
- آآآآآآه.. يا مريم, مريم...
حاول رؤوف تهدئتها لتلفها فجأة غمامة سوداء ويدخل غيث مسرعا على صيحة سلافة والذي صادف وقت رجوعه ليتلقاها بين ذراعهي قبل أن تهوى وتنظر اليه هامسة بضعف ودموعها تسيل مغرقة وجهها:
- انت صح يا غيث, انت صح!.
وتسقط بعد ذلك في تلك الدوامة السوداء التي ابتلعتها لعلها تبتعد عن ذلك العالم القاسي ولو لدقائق في حين هتف غيث بلوعة وهو يعتصرها بين أحضانه موجها حديثه الى عمه الذي ركض الى الخارج طلبا للمساعدة:
- نادي سلمى يا عمي, سلافة هتروح منينا..
لينظر بعد ذلك الى وجهها المغمض العينين الراقد بين ذراعيه بلا حول ولا قوة وقد غزاه الشحوب الشديد مردفا بقسم ووعيد:
- واللي خلج الخلايج لأخد لك ابتارها ودمها ما عيروحش هدر, بس انتي جوميلي يا جلب غيث, جومي يا سلافة, ما تعمليش فيا إكده..
ولكن سلافة كانت هناك في تلك الغيمة السوداء التي ابتلعتها لا تعي شيئا مما حولها!!..
- يتبع -

مملكة الغيوم 12-11-16 07:19 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن اولاد الخولى معيضيعوش وقت ما صدءو كتبو الكتاب ونفسهم يدخلو دنيا باسرع من الضوءولا الليث اللى غيران حتى من الحريمات
سلافه انصدمت من تقيد القضيه ضدد مجهول معلش كل الراس مكانت اكبر كل ما كانت عليها علامة استفهام اكبر ويطلع له اسم جديد بدل اسمه فى شهادة الميلاد الا وهو البيه المجهول حى الله للو واحد مش مسنود وسرق رغيف ولا دافع عن شرفه يتجاب من قفاه وياخد على نفس قفاه لحد ما يبقى العرض عرضين وبعدين يتحاكم
تسلم ايدك منمن وتسلم افكارك دايما بتناقشى امور داخل المجتمع معظمنا بيحاول يغض الطرف عنها ويتجاهل وجودها فى انتظارك يا قمر ومنوره الصفحه والمتصفح مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووواه

منى لطفي 12-11-16 08:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3666439)
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن اولاد الخولى معيضيعوش وقت ما صدءو كتبو الكتاب ونفسهم يدخلو دنيا باسرع من الضوءولا الليث اللى غيران حتى من الحريمات
سلافه انصدمت من تقيد القضيه ضدد مجهول معلش كل الراس مكانت اكبر كل ما كانت عليها علامة استفهام اكبر ويطلع له اسم جديد بدل اسمه فى شهادة الميلاد الا وهو البيه المجهول حى الله للو واحد مش مسنود وسرق رغيف ولا دافع عن شرفه يتجاب من قفاه وياخد على نفس قفاه لحد ما يبقى العرض عرضين وبعدين يتحاكم
تسلم ايدك منمن وتسلم افكارك دايما بتناقشى امور داخل المجتمع معظمنا بيحاول يغض الطرف عنها ويتجاهل وجودها فى انتظارك يا قمر ومنوره الصفحه والمتصفح مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووواه

تسلميلي ملوكة منورة بيكم يا قمر، في أشياء ما ينفع غض الطرف عنها للأسف، احنا بنحاول نسلط الضوء عليها علّ وعسى يكون فيه حل....
البارتات الجاية هتحمل مفاجآت في قضية مريم... أسعدني تواجدك دايما ملوكة.. بانتظارك أن شاء الله.. امووووووواه..

منى لطفي 16-11-16 06:09 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة التاسعة عشر
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
انتهت سلمى من فحص شقيقتها وقالت لوالديها وزوجها المحيطين بها يراقبان ما ستقوله بقلق وترقب:
- اطمنوا هي الحمد لله بخير, الضغط واطي عندها شوية بس..
قال روؤف بقلق في حين اقترب غيث للجلوس بجانب حبيبته وهو يمد يده متناولا يدها لتضيع داخل راحته الكبيرة:
- بس دي مش أول مرة يا سلمى يا بنتي ضغطها ينزل ويغمى عليها؟.
اعتدلت سلمى واقفة وأجاتب وهي تنظر بتركيز الى والدها:
- واضح يا بابا كدا انه فيه حاجة شاغلة سلافة, أو بمعنى أصح قلقاها وجدا كمان, وزي ما ارتفاع الضغط بيكون اوقات عصبي بردو الهبوط في ضغط الدم ممكن يكون لنفس السبب..
اقتربت ألفت من ابنتها وقالت بلهفة الأم:
- طيب والحل يا سلمى يا بنتي؟.
سلمى بمهنية لم تخلو من قلق ولهفة لمعرفة سبب ما يحدث لشقيقتها الوحيدة ولكنها حاولت بث الطمأنينة في نفس أمها المرعوبة على ابنتها بابتسامة صغيرة:
- ما فيش حاجة يا ست الكل, كل الحكاية انها تاكل كويس وتنام كوي سوهي هتبقى زي الفل, فياريت بقى تجهزي لها أحلى أكل من ايديكي عشان لما تصحى تاكل, وأنا مش هسيبها الا لما تخلصه كله..
هتف غيث مقاطعا بلهفة وهو يعب من ملامح فاتنته:
- أني اللي هوكلها بيدي, ما تشيليشي هم يا مرت عمي..
انصرفت ألفت من فورها لتجهيز الطعام ووقتها التفتت سلمى الى والدها الواقف يراقب ابنته الراقدة بلهفة وشفقة ونقلت نظراتها بينه وبين زوج اختها الذي حاكى شحوبه شحوب أختها الراقدة لشدة خوفه وهلعه عليها عندما سقطت مغشيا عليها بين ذراعيه, اقتربت سلمى من أبيها وتحدثت بجدية بالغة:
- بابا لو سمحت سلافة فيها ايه؟, لو سمحت يا بابا سلافة أختي الوحيدة ودي مش أول مرة يجرالها اللي جرى, سلافة مالها؟.
تبادل رؤوف وغيث النظرات قبل أن يزفر رؤوف بعمق ويجيب باستسلام:
- هقولك يا سلمى بس عاوز منك وعد ماما متعرفش, انتي عارفة هي بتقلق أد إيه ولو عرفت مش هتدوق طعم الراحة!.
اقتربت سلمى من والدها ونظرت اليه واضعة يدها فوق كتفه وهي تجيب بقلق ودهشة:
- كلام حضرتك يخض يا بابا, سلافة مالها, وايه اللي حصل بالظبط؟.
فطفق رؤوف يسرد عليها ما حدث منذ لقائها بمريم في القاهرة الى أن سقطت بين يديهم منذ سويعات مغشيًّا عليها..
هتفت سلمى والدموع تترقرق بين مآقيها وهي تنظر الى أختها الراقدة لا حول لها ولاقوة:
- يا حبيبتي يا سلافة, ثم لتسيل دموعها في صمت وتتابع وهي تغمض عينيها بشدة:
- الله يرحمك يا مريم..
ليصدح صوت هاتفها المحمول قاطعا اياها فنظرت ليطالعها اسم شهاب, استقبلت المكالمة وهي تحاول إجلاء صوتها بينما تمسح دموعها بأصابعها الغضّة:
- اهلا يا شهاب, لا ما فيش انا فوق عند بابا سلافة تعبت شوية فبابا كلمني جيت على طول وبلغت سالم أنه يقفل العيادة..
سكتت لتستمع قليلا قبل أن تجيب:
- معلهش يا شهاب كنت مستعجلة وسالم وقف لي توك توك جيت بيه..
أغمضت عينيها قليلا ثم فتحتهما وقاطعته بحزم:
- شهاب معلهش مضطرة أقفل دلوقتي عشان سلافة بتفوق, مع السلامة..
وأغلقت سريعا هاتفها لتغلقه بعد ذلك نهائيا فهي ليست في مزاج رائق لتحمل لوم شهاب لها من عدم محادثته واخباره بل وركوبها في وسيلة المواصلات المنتشرة بكثرة في البلد "التوك- توك" بمفردها...
أولت انتباهها الى أختها اليت كانت تصحو من إغمائها بينما اشتدت قبضة غيث على يدها وهو يهتف بحب:
- سلافة, جومي يا بت عمي..
فتحت سلافة عينيها لتطالعها صورة مهزوزة في أول الأمر ما لبثت أن استقرت الرؤية بعد ذلك لترى وجه غيث يطالعها بقلق ولهفة ومن خلفها ظهرى لها وجه والدها لتأتي شقيقتها من الناحية الأخرى للفراش وهي تهتف محاول المرح:
- صح النوم يا هانم..
ابتسمت سلافة ابتسامة شاحبة وقالت وهي تدير رأسها للنظر الى أختها:
- انا بقالي أد ايه وانا نايمة كدا؟.
أجابت سلمى:
- ساعة يا هانم لما نشفتي دمنا..
قاطعهما صوت الباب وهو يفتح وتدخل ألفت حالة صينية رصت فوقها أطباق عديدة مما لذ وطعام من طعام يفوح رائحته في الجو ليسيل اللعاب, وضعت الصينية فوق الطاولة الصغيرة الموضوعه أسف النافذة الزجاجية العريضة التي تتوسط الحائط المجاور للفراش, ثم اتجهت الى ابنتها لتفسح لها سلمى لتجلس بجوار ابنتها فيما نهضت سلمى لتقف بجوار أبيها الذي تقدم ليميل على صغيرته مقبلا جبينها وهو يقول بحنو:
- حمد لله على سلامتك حبيبتي..
رددت سلافة بوهن:
- الله يسلمك يا بابا..
ثم وعت ليدها المستكينة بين راحتي غيث فنظرت اليها بينما همس لها وعيناه تلتهمان تفاصيل وجهها الشاحب ولكنه لم يفقد جاذبيته المهلكة أمام عينيه:
- وجعت جلوبنا يا بت عمي..
ابتسمت سلافة بضعف وهي تجيب:
- معلهش يا ابن عمي, شوية وهبقى كويسة ان شاء الله..
هتفت سلمى بمرح وهي تشير الى صينية الطعام الموضوعة جانبا:
- لا يا هانم انتي هتخلصي الأكل دا كله, ولما أشوف شطارة خطيبك بقه, هو قال انه مش هيسيبك الا لما تخلصي أكلك كله..
أجاب غيث وهو يتطلع الى سلافة بحب:
- اطمني يا بت عمي, م هفوتها الا لمن تخلص الوكل كلاته..
ألفت بابتسامة:
- أنا عاملة حسابك معاها يا غيث, كل معاها عشان تفتح نفسها, واحنا هنتطلع نتغدى بره ونسيبكم براحتكم.., ثم نظرت الى سلمى متابعة:
- ياللا يا سلمى عشان نحضر السفرة..
ثم نهضت من مكانها بعد أن قبلت ابنتها وانصرف الجميع تاركين سلافة برفقة غيث الذي كان يريد احتوائها وبقوة بين ذراعيه ومنع نفسه من ذلك بصعوبة وليس المانع وحده هو وجود والدها ولكنه لم يعتد على إظهار مشاعره أمام الآخرين..
مال غيث على يدها القابعة في يده مقبلا لها ثم نهض وأحضر صينية الطعام ليضعها بجوارها فوق الفراش ويقول وهو يكشف الأطباق ليستنشق رائحة الطعام الذكية:
- ياللا يا بت عمي.. الوكل دِه لازمن يخلص كلّاته..
ثم رفع يده بمعلقة الطعام ومدت يدها لتتناولها فأبعدها عن متناولها وهو يردف بابتسامة:
- لاه.. أني اللي هوكلك بيدًّي.
ابتسمت سلافة ابتسامة صغيرة ولم تستطع إلا أن تداعبه بمرحها المعهود بينما خرج صوتها يشي بتعبها:
- هتوكلني بيدك وانت تاكل بإيه؟
مال عليها ناظرا في عينيها وقال وهو يضع الملعقة أمام ثغرها الوردي ففتحته تلقائيا ليدفع بها الى داخل فمها وهو يهمس بينما تتقد عيناه بشرارات من نار جعلت الدم يجري ساخنا في أوردتها كالعسل الدافيء:
- هاكل بيدك إنتي!
أطبقت شفتاها على الملعقة تلقائيا وما ان تناولت ما تحمله اليها من طعام حتى سحبها ولم يتمالك نفسه ليهوى على شفتيها بقبلة خفيفة كرفرفة جناح فراشة ولكنها دغدغت أوصالها لتغمض عينيها سابحة في عالم جديد عليها لم تختبره إلا على يد غيثها وحده!!, ابتعد عنها بعد برهة لينظر الى عينيها وهو يهمس بعشق ملتهب يظهر من بين فحم عينيه المشتعل:
- بحبك...
ابتسمت بخفر وأسدلت عينيها حياءا لتمتد يده ويمسك بذقنها بسبابته وإبهامه رافعا وجهها إليه وهو يهمس أمام شفتيها المكتنزتين اللتان تحملان آثار قبلته الملتهبة:
- مش ناوية تفرحي جلبي وتجوليهالي إنتي كومان يا بت عمي؟.
أجابت بابتسامة مداعبة بينما تتراقص شقاوتها في ليل عينيها وهي تمط شفتيها باستفزاز ألهب أحشائه:
- تؤ تؤ تؤ, لسه يا ولد عمي, لمن يتجفل علينا باب واحد ساعتها أفكّر... ( كانت تحاكي لهجته الصعيدية بابتسامة رافعة حاجبها بتحد مرح )..
سكت غيث قليلا ثن وبكل هدوء حمل صينية الطعام ووضعها جانبا, ثم مال عليها فجأة لتميل الى الخلف وهي تشهق بدهشة خفيفة فيميل بدوره مشرفا عليها ويقول بينما عيناه تراقبان ثغرها المكتنز برغبة مشتعلة بين رمادي عينيه:
- اذا كان إكده.. يبجى حضري حالك, زواجنا على أول الشهر اللي جاي, ودِه آخر كلام عندي, ماذا وإلا ما عتلوميش الا نفسك يا بت عمي, أني خلاص صبري خولُصْ..
حاولت سلافة دفعه بعيدا وقالت وهي تضع راحتها الصغيرة فوق عضلات صدره العارمة لتبعده قليلا لتشعر بدقات قلبه المتلاحقة والتي كأنها تتسابق في سباق ماراثوني:
- لا طبعا ما ينفعش, بطّل تهريج يا غيث, وعموما بابا أكيد مش هيوافق, مش هحلق أجهز ولا أعمل حاجة..
نظر اليها بتحد وأجاب:
- طيب إذا جولتلك أننا متى ما خولصنا من مشوار مصر أني كفيل إني أجنع عمي أنه يوافج؟!.
غامت عينا سلافة ما ان ذكر مهمتهما المقبلة في القاهرة, وانطفأ بريق المرح من عينيها لترفع عينان ترقرقت فيهما دموع صامتة وقالت بصوت خافت حزين:
- تفتكر يا غيث هنقدر ناخد بتار مريم وتار سامح وتار كل اللي اتظلموا في الحكاية دي؟.
مد يده وليضعها أسفل رأسها ويقربها إليه ليحتويها بين ذراعهي وقد اعتدل في جلوسه, وقال وهو يربت على شعرها:
- أوعدك يا سلافة ان دم صاحبتك ماعيروحِش هدر ابداً, احنا صعايدة يا بت عمي, وتارنا معنسيبوش ولو كان في حنك السبع, الحجيجة هتبان واللي عِمل العملة ديْ هياخد جِزاه تالت ومتلّت كومان, ودِه وعد منّي..
رفعت ذراعيها لتطوق عنقه وألصقت نفسها به بقوة وكأنها تود الدخول بين ضلوعه بدون وعي منها وهتفت من أعماقها:
- وأنا مصدقاك يا غيث, مصدقاك وواثقة في كلامك ووعدك ليا, ربنا ما يحرمني منك أبداً.
وكان هذا أكثر من كاف لغيث حاليا, فها هي حبيبته وامرأته ترمي بنفسها بين ذراعيه برغبتها مصرحة له بإيمانها به بل إنها تدعو الله ألّا يفرق بينهما, أوليس هذا يعد إنجازا كبيرا بالنسبة له؟!..
*****************
أنهت سلمى تجهيز مائدة الطعام مع والدتها وما إن جلست هي ووالديها لتناول الطعام حتى تعالى رنين جرس الباب, فنهضت لترى من الطارق, فتحت الباب بينما تتعالى الرنات, لتفاجئ بشهاب وهو يقف أمامها فهتفت باسمه بدهشة:
- شهاب!..
تراجعت خطوتني الى اوراء ليدلف شهاب الى الداخل وتحل أصابعه مكان يدها ليغلق الباب خلفه وهو يقول رافعا حاجبه بسخرية:
- إيه مفاجأة؟, ويا ترى بقه حلوة ولا وحشة؟.
قبل أن يتثنى لها الجواب كان صوت والدها يعلو من الداخل مستفسرا عمن يكون الطارق, أشارت بيدها الى الداخل وهي تجيب والدها قائلة:
- دا شهاب يا بابا..
همى شهاب بالكلام عندما هزت رأسها نفيا ثم رفعت سبابتها لتضعها فوق شفاهها وهي تهمس:
- بعدين مش دلوقتي, تعالى نتغدى وبعدين ابقى قول اللي انت عاوزه, بس بلاش دلوقتي مش عاوزة بابا وماما يحسوا بحاجة كفاية اللي هما فيه بسبب سلافة..
زفر بضيق وقال بحدة مكتومة:
- ماشي يا سلمى, لما أشوف آخرتها معاكي إيه, اتفضلي قودامي..
دلفت سلمى الى غرفة الطعام يتبعها شهاب الذي رحب به والديها وهتف رؤوف:
- معلهش يا شهاب لا سلام على طعام, اتفضل حماتك بتحبك..
سحب شهاب مقعدا وجلس بجوار سلمى التي صبت له الطعام في صحن وقدمته له, مرت فترة تنالو الطعام بين أحاديث خفيفة لم تشارك فيها سلمى الا بالقدر اليسير, بعد انتهائهم من تناول الطعام نظر رؤوف لشهاب قائلا:
- انا هستأذن منك يا شهاب يا بني معلهش هدخل أرتاح شوية أحسن ما فصلتش من الصبح وكفاية قلقنا على سلافة..
نهض شهاب واقفا وقال بابتسامة صغيرة:
- اتفضل يا عمي, براحتك وألف سلامة على سلافة..
ألفت بابتسامة:
- عموما هو غيث جوة معاها بيتغدوا سوا, ولو اني معتقدش انه هيسيبها انهرده قلقتنا جامد عليها...
ثم وجهت عبارتها التالية الى سلمى:
- سلمى حبيبتي اعملي شاي لشهاب وشوفي غيث لو عاوز هو كمان, أنا هستأذن أنا كمان يا شهاب يا بني, معلهش يا سلمى شيلي انتي السفرة حبيبتي..
وانصرفت فيما انشغلت سلمى في جمع الصحون الفارغة, ليفاجئها شهاب بإمساكه يدها, رفعت عينيها إليه وقالت بهدوء:
- سيب أيدي يا شهاب..
كان يقف مقابلا لها من الجهة الأخرى للمائدة, فاستدار حول المائدة ليقف مواجها لها وهو لا يزال قابضا على معصمها وأجاب بحدة مكبوتة:
- مش قبل ما أفهم فيكي إيه؟, هتفضلي لأمتى تعامليني إني غريب؟, ازاي تمشي من العيادة من غير ما تقوليلي؟, وازاي تركبي توك توك ولوحدك؟, وازاي أختك تتعب ومعرفش ألا منك بالصدفة؟..
زفرت سلمى بضيق وأجابت:
- أنا مش فاهمه انت ليه عاوز تعمل مشكلة من لا شيء؟, بابا كلمني وقالي الحقي أختك وقعت من طولها وطبيعي أني أجري عليها أول ما أسمع الخبر, مش قصدي اتجاهلك ولا حاجة, وما فكرتش أكلمك, أنا كل تفكيري أني أروح بسرعة عشان أطمن على سلافة..
اشتدت قبضة شهاب على معصم سلمى حتى أنها أطلقت تأوه خفيف واقترب منها حتى ضربت أنفساه الساخنة بشرتها الحليبية وتحدث بغضب مكتوم:
- المفروض أنه انا اول واحد تفكري فيه في الوقت دا.. أنا جوزك يا هانم يعني الوحيد اللي ييجي على بالك أول ما تلاقي نفسك في مشكلة أو مأزق, لكن انتي اتصرفتي وكأني مش موجود, المفروض كنت كلمتيني عشان أجيلك وتروحي تطمني على أختك لكن أنا ولا جيت على بالك بالمرة, وبعدين وبمنتهى التهور والغباء تركبي توك توك لوحدك في بلد انتي متعرفيش طرقها كويس انتي استهتارك دا مالوش آخر؟!
قطبت سلمى بشدة وجذبت يدها من قبضته بقوة آلمتها ولكنها لم تهتم وابتعدت عنه بضعة خطوات الى الخلف وهي تكرر باستهجان:
- أستهتاري؟, أنا!!..
ثم شهرت سبابتها في وجهه وتابعت بحدة قلما تصل إليها:
- شهاب أنا ما اسمحش لأي حد أنه يتكلم معايا بالاسلوب دا, ولآخر مرة بقولك أنا واحدة متعلمة ومش بس كدا لأ أنا دكتورة وسافرت لوحدي في قوافل طبية كتير من وأنا في الكلية كمان, يعني متعودة أني اعتمد على نفسي, الموقف اللي حصل شل تفكيري أختي تعبانه ومغمى عليها ولازم أروح أشوفها, تعتقد هيكون فيا دماغ أفكر أروح إزايْ؟, اللي كان شاغلني مش ازاي أروح لا أنا كان شاغلني أني أروح لها وبسرعة, يعني الموضوع مافيهوش أي تقليل منك ولا قصد مني أني ما أكلمكش, ودي آخر مرة أسمح لك انك تكملني بالاسلوب دا!.
سكتت تلهث من فرط انفعالها, فيما وقف شهاب يطالعها بغموض قبل أن يتحدث بهدوء يشبه السكون قبل العاصفة:
- والمشكلة هنا!, أنتي بتقولي انت ما تسمحيش لحد انه يكلمك بالاسلوب دا.. لكن أنا مش حد!, أنا جوزك يا.. دكتورة, دا أولا.. ثانيا بقه.. أنا لو كنت فعلا مهم عندك كنت تلقائيا هتفكري فيا أول واحد, النفروض جوزك يا هانم هو دا اللي تلجئي له وقت شدتك, وغضبي أنك ركبت التوك توك دا مش تحكم فيكي ولا حاجة.. لا... دا خوف عليكي يا مدام, الموضوع مافيهوش دكتورة ولا متعلمة ولا جاهلة, لو لاق در الله مثلا طلع السواق ابن تيت مش هيسأل اللي راكبة معاه انتي متعلمة ولا جاهلة ولا دكتورة ولا ست بيت, وشهادتك مش هتخليه يبعد عنك مثلا, فهمت بقه يا دكتور ان الموضوع مش فرض رأي ولا حاجة, وحاجة أخيرة بقه..
سكت قليلا ليتقدم ناحيتها ويقف قبالتها تماما قبل أن يميل عليها لينظر الى غابات الزيتون في مقلتيها وهو يشدد على كل حرف يخرج منه:
- حكاية أنك مش هتسمحي لي اني أكلمك كدا تاني.. اوعي الجملة دي تتكرر منك تاني, أنا جوزك مش مراتك يا هانم.. يعني تاخدي بالك كويس أوي من كلامك بعد كدا.. وصدقيني لو اتكرر منك موقف انهرده دا او كلامك الخايب دا رد فعلي وقتها هيكون عنيف وعنيف جدا كمان, أنصحك ما تحاوليش تجربيه!.
ثم تركها بعد أن رماها بنظرة غضب حارقة امتزج فيها خيبة أمل جعلتها تقف لا تعلم كيف تجيب, هي لا تنكر أنها قد احتدت عليه بعبارات حادة ولكنه هو من دفعها الى ذلك, ولم تستطع اقصاء خوفه عليها الذي لمحته في عينيه ولمسته بين أحرف كلماته بعيدا عنها, فهو قد دغدغ مشاعر الأنثى بداخلها بخوفه وحرصه الذي لمسته في صوته, لتفاجأ بنفسها وهي تهتف باسمه عاليا ملتفتة اليه:
- شهاب..
ليقف قليلا بينما قطبت وهي تعض على لسانها الذي ناداه من غير وعي منها, نظر اليها من فوق كتفه وعلّق ببرود:
- أفندم؟, فيه حاجة يا دكتورة؟!.
سارت باتجاهه تقدم قدم وتؤخر أخرى الى أن وقفت أمامه تماما بينما أشاح برأسه هو الى البعيد, بلعت ريقها وقالت بصوت حاولت أخراجه ثابتا فخرج مهزوزا ضعيفا:
- أنا.. أنا آسفة, ما أقصدش المعنى اللي وصلك, لكن..
نظر اليها شهاب وهو يقول بذات البرود:
- لكن إيه يا بنت عمي؟.
نظرت اليه سلمى بعينين تغشاهما سحابة رقيقة من الدموع حاولت حبسها:
- أنا والله ما أقصد اللي جه في بالك, لكن زي ما تقول الخضّة على سلافة شلِّت تفكيري, معرفتش أفكر, لدرجة أني نسيت أقول لسواق التوك توك انا ساكنة فين, ولما قلت له استغرب وقالي كنت قولتيلي صراية الحاج عبدالحميد الخولي وانا كنت هعرفها على طول, دا غير اللي انا عرفته من بابا, كل دا خلّاني عصبية ومش قادرة أتلم على نفسي..
قطب شهاب وعلق:
- وايه اللي انتي عرفتيه من بابا خلّاكي كدا؟.
نظرت اليه بعينين شفافتين مجيبة:
- الأول قولي انك مش زعلان, أنا عارفة انى زودتها معاك, بس غصب عني والله..
شهاب بابتسامة شاحبة:
- يفرق معاكي زعلي أوي يا سلمى؟, لو كان يفرق ما كونتيش قفلت الموبايل بتاعك وخليتي قلقي يزيد لدرجة انى أجي على هنا على طول وما امشيش لما عمي قال انه تعبان وعاوز ينام, كنت لازم أفهم منك فيه ايه, وانتي لغاية دلوقتي ما قولتليش فيه ايه؟.
قالت سلمى زافرة باستسلام:
- هقولك.. تعالى نقعد في الصالون وانا هحكيلك على كل حاجة..
انتهت سلمى من سرد حكاية مريم التي أخبرها بها والدها, علق شهاب فور انتهائها من سردها:
- يا ولاد الـ... دي بلطجة وإجرام عيني عينك, الناس دي لازم تتشنق وفي ميدان عام كمان..
ترقرقت الدموع في عيني سلمى وأجابت وهي تستند بظهرها الى المقعد خلفها:
- عارف يا شهاب.. مريم دي كانت أختنا التالتة, بنت زي الملاك, في طيبتها وروحها الحلوة, لما اتخطبت لسامح كلنا فرحنا لها أوي, كانت فرحتهم ببعض كبيرة جدا..
نظرت اليه بينما انسابت دمعة كحبة اللؤلؤ انسابت تخدش نعومة بشرتها الحريرية فيما تتابع بحزن عميق:
- ليه يا شهاب؟, مش حارم بنت في عز شبابها يعملوا فيها كدا؟, اغتصاب وقتل!, معقول فيه إجرام بالشكل دا؟!..
امتدت يده ليمسح بابهامه دمعتها الوحيدة وهو يواسيها قائلا:
- هي راحت شهيدة يا سلمى, وتأكدي ان دمها مش هيضيع هدر, شوفي يا سلمى لازم تعرفي ان كل حاجة في دنيتنا سلف ودين, يعني لو دلوقتي لاقيتي القاتل طلع براءة بالقانون اللي مش بيتعامل الا بالورق وبس.. لازم تعرفي انه المجرم هياخد جزاؤه وبالكامل, يمكن مش بقانون البشر لكن بالقانون الإلاهي, يعني مثلا اللي اغتصب سلمى وقتلها معندوش أم.. أخت.. بنت.. زوجة؟, أكيد عنده... هييجي اللي يعمل فيه نفس اللي هو عمله في بنت الناس, افعل ما شئت يا سلمى فكما تدين تدان, وبالنسبة للموضوع دا مش غيث وسلافة لوحدهم الي هياخدوا بتارها لأ.. أنا وانتي كمان لازم نساعدهم, دا مش تار مريم لوحدها.. دا تار ناس ربنا ابتلاهم بمرض خطير وبدل ما نساعدهم ونهون عليهم..لأ.. طلع شوية بلطجية ومجرمين بيتاجروا بآلام الناس دي وبحلمهم في الشفا وبيسرقوهم عيني عينك, الناس دي لازم تتكشف.. ومش بس كدا.. دي لازم تدوق من نفس الكاس... وهيحصل!..
لم تتمالك سلمى نفسها وألقت بنفسها بين ذراعيه هاتفة وهي تخبأ وجهها في كتفه العريض:
- ياااااه يا شهاب, ما تتصورش كلامك ريحني أد إيه, أنا معرفش من غيرك كنت عملت إيه!..
لم يصدق شهاب ما تسمعه آذانه, هل هذه سلمى الباردة تلك التي ألقت بنفسها بين أحضانه جاهرة بأهميته لديها؟!..
شدد من احتضانها ساندا رأسه الى شعرها وهو يقول:
- ولا أنا يا سلمى.. أنا كمان مش عارف أنا كنت عايش قبل ما تدخلي حياتي؟!.
رفعت سلمى رأسها ناظرة في عينيه لتتيه بين دخان مقلتيه فيما أردف وهو يميل عليها بنظرة راغبة مشتاقة:
- أنا بحبك يا سلمى, بحبـ...
لتتيه باقي أحرف اعترافه بحبها بين شفتيها التي فغرتهما دهشة من اعترافه لها بحبه فلم يستطع المقاومة ليقطف ثغرها الشهي بقبلة تحمل أشواقا جمّة فيتنفس أنفاسها ملتهما شهقتها بين أنفاسه الساخنة...
بعد وهلة كبيرة اضطر للابتعاد عنها لحاجتهما الى الهواء ولكنه رفض الابتعاد عنها ليظل محيطا خصرها بذراعيه القويتين بينما أغمضت عينيها وابتسامة خجولة سعيدة ترتسم على شفتيها اللتان تحملان أثر اكتساحه لها وهي تدفن وجهها في صدره الواسع بينما تطرق دقات قلبها السريعة سمعها بقوة شديدة هاتفة باعتراف لم يتعدى شفتيها بحبها لهذا المقتحم الذي انتزع حبها سارقا قلبها بالرغم منها!!.
*******************
- سلسبيل.. مالك يا ابنيتي؟, حالك مش عاجبني اليمين دول؟.
انتبهت سلسبيل من شرودها على سؤال زوجة عمها, فحاولت رسم ابتسامى صغيرة وأجابت:
- ها... لاه يا مرت عمي ليه بتجولي إكده.. ما آني زينة أهاه؟!.
أم ليث بنظرة مشككة:
- كيف ديه؟, انتي ما واعياشي لروحكي؟.
ثم أردفت متابعة بحنق:
- أني عارفة من إيه؟.
لتشعر سلسبيل بختفاء الهواء من حولها وترد وقد وجدت صوتها بصعوبة بينما شحب وجهها بشدة:
- عارفة؟, عارفة ايه يا مرت عمي؟..
أم ليث من دون أن تنتبه للتغير الذي أصاب كنتها:
- من يوم كتب كتاب خواتك وانتي متغيرة, أكيد عين ما صليت ع النبي هي اللي صابتك يا نضري ( اللهم صلي عليك يا نبي).
كتمت سلسبيل زفرة ألم عميقة وهي تتمتم في سرها أن هذه الليلة كانت بالفعل السبب في ما أصابها من تغير بعدها ولكن ليس السبب عين أصابتها بل... هو من أصابها!..
انتبهت على صوت حماتها وهي تناديها بإلحاح فالتفتت ناحيتها وهي تقول بابتسامة شاحبة:
- ها.. جولتي حاجة يا مرت عمي؟.
نظرت اليها حماتها بعطف وقالت:
- لاه يا نضري, جومي ريحي في دارك شويْ, ومالكيشي صالح بالصغار أنا موجودة وهوصي البت وردة تاخد بالها منِّيهم زين..
ابتسمت سلسبيل شاكرة لحماتها واستأذنت منصرفة فهي بالفعل تشعر أنها في حاجة للراحة والنوم العميق الذي هاجرها منذ تلك الليلة من أكثر من اسبوعين... ليلة عقد قرآن شقيقيها والتي كانت ليلة.... زفافها الحقيقية!!..
دلفت سلسبيل الى غرفتها مغلقة الباب خلفها وسارت حتى مرآة الزينة لتجلس على مقعدها المكسو بقماش صوفي فاخر ثم طالعت صورتها المنعكسة في المرآة أمامها, جذبت وشاح رأسها وحلت ربطة شعرها لينفلت من عقدته وينهمر كالشلال لتلامس أطرافه الأرض, عقدت يديها واستندت بجبينها اليهما وهي ترحل بذاكرتها الى تلك الليلة الليلاء!..
بعد أن عادوا من عقد القرآن تعمدت سلسبيل التلكؤ فهي تعلم أن ليث سيصب جام غضبه فوق رأسها, فقد توعدها أن عدم طاعتها لأمره لن يمر مرور الكرام, بعد أن نفدت جميع الحجج لتأخيرها اللحاق به الى جناحهما صعدت كمن يساق الى المشنقة, دخلت الى جناحها, وأغلقت الباب خلفها, سارت الى داخل الغرفة قليلا ليسترعي انتباهها صوت المياه تدفق في الحمام, فعلمت أنه بالداخل, سريعا أخرجت ثوبا للنوم, وجلست على طرف الفراش في انتظار خروجه, فهي لن تجازف بإبدال ثيابها فقد يخرج في أية لحظة وهي لا تريد المغامرة بأي شكل, فيكفيها القلق الذي يعتريها منه وهي تلعن شيطانها الذي وسوس لها لتحديه فلم تكن ستخسر شيئا إن كانت استمعت اليه وأطاعته وبدلت عبائتها اللعينة تلك, ولكنه غرور الأنثى الذي أثاره داخلها ولأول مرة تشعر به ما جعلها توافق حماتها وتستمر في تحديها له الى النهاية, ما يجعلها تندهش من ذاتها فهي لم تكن كذلك أثناء زيجتها الأولى, صحيح أن راضي كان يهيم بها حبًّا ولكن لم يسبق لها وأن خضعت لشيطان تمردها بل وما شعرت به من غرور الأنثى لم يسبق لها وأن شعرت بهذا الإحساس قبل ذلك..
خرج ليث وكان يرتدي سروالا قطني فقط بينما تلمع قطرات المياه على عضلاتت ظهره المشدودة, كان يخفي وجهه في منشفة قطنية يقوم بتجفيف شعره بها, قفزت سلسبيل واقفة ما إن أبصرته بهذا الشكل وقد احمرت خجلا حتى كاد الدم يطفر من وجنتيها, لم تكن قد سارت خطوتين عندما صدح صوت ليث آمرا:
- على فين يا بت عمي؟.
تسمرت سلسبيل في مكانها, هي تعلم جيدا هذه اللهجة الآمرة وتخشاها, كثيرا ما نشفت الدم في عروق أعتى الرجال, ليعود اليها خوفها الأزلي منه, حاولت لملمة شتات نفسها واستدارت لتجابهه, تقدم منها وقد لف المنشفة حول عنقه القوي, بينما لا يزال جذعه العلوي عار وقطرات من المياه تجري على طول صدره لتختفي أسفل سرواله, أشاحت بنظراتها بعيدا بينما نظر اليها ليث بنصف عين وأردف ساخرا:
- ما عتبوصيش ليه يا مرتي المصون؟, فالحة بس تعصيني وتكسري كلمتي؟, لسانك بلعتيه ولا إيه؟.
ازدرت ريقها بصعوبة وأجابت وهي مشيحة بوجهها الى البعيد:
- أني مش فاهمه انت عاوز توصل لإيه بالحديت ديه. الله يرضى عليك يا ولد عمي أني تعبانه وعاوزة أنام, وبعدين انت بتزعج لي اني ليه مش مرت عمي هي اللي جابت لي العباية دي وصممت اني ألبسها, وجودامك لمن انت جولتلي أبدلها رفضت يبجى أني ماليش صالح, يا زعِّل مرت عمي يا زعلك إنت.. وفي الحالتين كنت انت هتزعل مني برضيكي... ما هو لو مرت عمي غضبت مني انت كومان عتغضب مش امك واللي يزعلها يزعلك!..
ابتسم ليث ابتسامة شريرة ومال عليها قائلا بسخرية:
- ايه ديه يا بت عمي.. من ميتى وانتي بتردي على كلامي إكده؟, انت كنت عم بتحفظي في الكلمتين دول طول الليل ولا إيه؟.
أجابت سلسبيل محاولة اخفاء حنقها من سخريته منها:
- لاه مش إكده.. بس أني معًرف شانت بتزعج لي دلوك ليه؟.
ليث وهو يقبض بقوة على مرفقها باغتتها ومن بين أسنانه المطبقة تحدث بغضب دفين:
- انت هتستعبطي يا سلسبيل؟, جولتلك التياب دي غيريها يبجى تسمعي وتنفذي من غير كتر حديت, وأمي مالكيشي صالح بيها, انتي كانُّه اللي عملته أمي جاه على هواكي, عشان إكده اتحججت بيها, جولي انك عاوزاهم يجولوا انك لساتك حلوة وصغيرة.. بس اللي أعرفه يا سلسبيل انه البنتّه هما اللي بيبجوا عاوزين الناس تنضر جمالهم لكن المتزوجة معيهمهاشي غير راي زوجها وبس, ما بتبجاشي عاوزة تكون حلوة غير في عينيه هو وحديه, مش طةل اليوم حتى شعرها ساتراه كانها عايشة مع واحد غريب عنِّيها لكن مع الناس الخلجات الجديدة والزينة والشعر السايح اللي بيسرج العين, واحدة زي ديْ تبجى إيه يا مرتي.. ما عترديشي يعني؟, ايه الجطَّة كالات السانك؟!.
تلعثمت سلسبيل في الرد وهي تجيب بينما تحاول الفكاك من قبضته دون طائل:
- جصدك ايه يا ولد عمي؟, انت خابر زواجنا كان كيف؟, انت كنت أخو زوجـ......
ليسارع ليث بكتم صوتها براحة يده الحرة بينما تضغط الأخرى على مرفقها بقوة وآلمتها وهمس بصوت كالفحيح يحمل بين طياته غضبا وحشي:
- انى دلوك زوجك.. مالكيش زوج تاني غيري.. ومش هيكون يا سلسبيل, اوعاكي أسمعك تجوليها تاني.. أني زوجك حطيها في دماغك زين الكلمة ديْ ولو ما كونتيش واعيالها زين...
وسكت قليلا ليتابع ببطء وجدية شديدة بينما تقبض ذراعيه على خصرها كالكماشة بقوة باغتتها حتى كادت تعتصرها مما جعلها تتلوى بين يديه محاولة الافلات بينما يكمل بعزم شديد:
- أني هخليكي توعيلها يا سلسبيل.. وتحفظيها كومان... وصدجيني بعد الليلادي معتنسيهاشي واصل!..
حدقت سلسبيل في وجهه برعب وهمست بصوت مرعوب:
- جصدك إيه....
ليبتلع باقي عبارتها بين شفتيه التي اعتصرت شفتيها, كانت القبلة أشبه بإعصار ضربه فهو لم يكن يتخيل ولو في أعظم أحلامه جموحا أن تكون لقبلته لها مثل هذا الأثر!, وكأنه قد لمس سلكا كهربائيا عار وذو تردد مرتفع ليصيبه بشرار ناري يسري بطول عموده الفقري حتى سائر أطرافه, كانت ترفرف كالعصفور بين ذراعيه محاولة الافلات منه ولكن هل لعصفورة صغيرة أن تفلت من بين براثن نسر جامح كاد جوعه إليها أن يفتك به؟!, وكأنه تعب من ميله لها لترفعها ذراعاه لنصبح رأسها بموازاته بينما ارتفعت يده تتغلغل خصلات شعرها الأسود المخملي, وهو يعمق قبلته بقوة وقد غاب عن دنياه تائها في عالم آخر لا يوجد فيه سواه هو وسلسبيله.. تلك النبع الصاف الرائق الذي ينهل منه ليروي عطشه الذي طال سنوات عمره كلها, عالم لا مكان فيه إلا له هو وحلم صباه ومراهقته بل وعمره كله, حلمه الذي كان محرما عليه فاضطر للتفتيش عن بديل له بين أوجه النساء فلم يجد لها بديلا, كان الأمل يتجدد كلما تزوج من أنه سيجد من تحل محلها.. ولكن كان يمنّى بخيبة أمل قوية, حتى تعددت زيجاته الى ثلاث مرات لم تصمد سسوى واحدة فقط ولستة أشهر فقط, وفي أي من زيجاته الثلاث ما أن يطلبن الانفصال حتى يسارع بتلبية طلبهن وكأنه يزيح عن كتفيه حملا ثقيلا, وفجأة.. يصبح حلمه... علما!, ويصبح حلالا كاملا له بكل ما للكلمة من معنى, لم يكن يريد تحقيق حلمه بهذه الطريقة بل لو خيروه من أن يبقى راضي على قيد الحياة ( أستغفر الله ) أو يتخلى عن حلمه لكان اختار التخلي عن حلمه وبدون تردد, والآن ما إن احتواها بين ذراعيه وذاق شفتيها تلك الثمرة المحرمة والتي لم يذقها سوى مرة واحدة منذ زواجهما ولا تزال طعمها في شفتيه, حتى نسي كل شيء آخر سوى أنها إمرأته هو... خاصته هو وحده, وليرحمه الله فهو لن يستطيع التوقف الآن ليس وقد اكتشف أن الواقع أجمل آلاف المرات من الحلم, ليس وهو ينهل من شهد شفتيها ليروي عطشا دام سنين طويلة!..
وضعها فوق الفراش بحنان ورقة كمن يخشى على إناء خزفي من الكسر, وأشرف عليها لتنظر اليه بعينيها السابحتين في بركة الشوكولاتة الذائبة, بينما شفتيها منتفختين تحملان علامة ملكيته لهما, قال لها وهو يلهث بينما راحتها الصغيرة ترتاح على كتفه الأيسر لتستشعر دقات قلبه الواضحة السريعة:
- أني زوجك يا سلسبيل... جوليها... زوجك!!..
كان يطالبها بإصرار واستماتة قوية, بل أنها تكاد تقسم أنها لمست لمحة ترجي في صوته!, ورغما عنها أجابت بينما يستجيب جسدها الخائن للمساته الجريئة:
- انت زوجي يا ليث... زوجي...
ليهتف عاليا باسمها ويميل عليها مغرقا إياها في عناق كاسح لم تستطع الصمود أمامه لترفع راية الاستسلام, بينما يرحل معها الى بحر عاتي الأمواج فتغرق معه في أعماقه لتكتشف سلسبيل أخرى لا تعرفها, سلسبيل كلما غاص معها الى عمق منه أرادت الغوص معه الى عمق أبعد.. سلسبيل وُلدت على يديه هو... لتصبح سلسبيل خاصة بـ ليث فقط!!
عادت من ذكرياتها وهى تمسح دموعها الصامتة, نظرت الى نفسها في المرآة وهي تقول بينما وجهها يحمل تعبير حزن خالص:
- بتعيطي ليه دلوك؟, مش ده اللي كنت عاوزاه؟, كنتي عاوزاه يبعد عنيكي ويهملك؟, نسيتي اللي اعملتيه؟, م انتي اللي صرخت في وشه تاني يوم انك كارهاه لانه جبرك عليه؟, لو انت صادجة كنت اعترفت انه اللي حوصل بيناتكم كان لانك رايداه كيف ما كان رايدك تومام, لكن انتى جبانة.. جبانة...
قفزت واقفة وصاحت بصوت عال:
- لاه.. أنى مش جبانة.. هو السبب.. انى ما كونتش عاوزة إكده.. راضي لساته جوايا حتى لو مش بجدر أنطج باسمه بيني وبين نفسي.. ازاي أجدر أنساه بسهولة إكده؟, انا ضعفت.. كانت لحظة ضعف وراحت إلحالها, وجدرت أخليه يبعد عني..
صدح صوت بداخلها يسألها بسخرية:
- وراضية ببعاده عنيكي إكده؟, انتي بتضحكي على نفسيكي يا سلسبيل, فوجي يا سلسبيل جبل فوات الأوان, راضي زوجك مات وانت دلوك زوجة ليث.. ليث الخولي يا سلسبيل.. عارفة يعني إيه ليث الخولي.. يعني من أصغر بت لأكبر بت في كفر الخولي يتمنوا التراب اللي بيمشي عليه...
غطت آذانها براحتيها وهي تهمس بتعب:
- بس.. كفاية.. خلاص ما جادرش..
ليقاطع حديثها مع نفسها صوت طرقات عالية, فأسرعت بمسح دموعها وأمرت الطارق بالدخول, كانت وردة الخادمة دخلت وهي تبتسم بارتباك, نظرت اليها سلسبيل وقد عادت للجلوس ثانية وقالت بتعب:
- فيه حاجة يا وردة؟.
تلعثمت وردة وتأتأت كثيرا فهبت سلسبيل واقفة وهي تنهرها:
- ما تنطجي يا بت فيكي إيه, أني معنديش روح ليكي!
قالت وردة وهي تكاد تبكي:
- هجولك يا أم عدنان بس سايجة عليكي النبي ما تجوليشي لليث بيه انه أني اللي جولتلك..
زفرت سلسبيل بضيق وهتفت:
- اللهم طولك يا روح.. انطجي يا بت..
أجابت وردة بخوف:
- شوفي يا أم عدنان أني لومن لحم كتافي أني وأمي من خيركم ما كونتش حكيت لك حاجة.. بس يعلم ربنا اني بحبك وبعزك كيف.
قطبت سلسبيل وزجرتها:
- ما تجولي على طول فيه ايه من غير رغي كَتير؟
مالت وردة باتجاهها هامسة وهي تتلفت حولها وكأن هناك من سيسمعها:
- انتي خابرة ان شافعي اخو صابر الغفير جايل عليا, ومن يامين جالي انه بيسهر مع سي ليث في...
وسكتت قاضمة شفتهيا فتأفأفت سلسبيل وهتفت:
- ما تنطوجي يا بت فين؟
فنطقت وردة وكأنها تلقي بحمل ثقيل من على أكتفاها:
- في جهوة وداد الغازية!
وكأن أفعى قد لدغتها ما إن سمعت باسم المكان الذي يسهر فيه زوجها وهتفت بحدة بالغة وبغير تصديق:
- انت عم بتخرفي بتجولي ايه؟!, خافت وردة وهتفت:
- والله العظيم اني ما كدبت في ولا حرف جولتهولك..
أشاحت لها سلسبيل بيدها تأمرها بالانصراف وهي تقول:
- طب روحي دلوك, واوعاك تجولي لحد اني عرفت حاجة والا هحول لليث بيه ان شافعي هو اللي فتن عليه.. وشوفي انتي ليث بيه بجه هيعمل فيه ايه؟, بتهيالي انت خابرة زعله شين كيف؟!.
أومأت وردة بلهفة وقالت:
- لاه مش هتحدت في الحديت ديه واصل, وفرّت من أمامها تاركة سلسبيل وهي تتوعد ليث في سرها...
وهناك في مكان تصاعد فيه دخان النرجيلة والضحكات العالية, دلفت تتهادى في مشيتها, ترتدي ثوبا يلتصق بثناياها ليبرز منحنياتها الأنثوية المثيرة, بينما تشق طريقها وسط الرجال الجالسين يريد كل منهم أن تمن عليه ولو بنظرة من عينيها الناعستين المكحلتين بالكحل العربي أو أن تبتسم له بتلك الشفاه الأنثوية المثيرة المصطبغة باللون الأحمر القان.. ولكنها لم تكن تهتم سوى بواحد فقط.. تسير باتجاهها واضعة إياه نصب عينيها, رجل واحد من استطاع سلب اهتمامها بعدم اهتمامه بها, خطف قلبها ببرودة قلبه الواضحة, أصبح حلمها الذي أقسمت على تحقيقه, انه هو ... ليثها... ليث الخولي!, من لم تنل منه سوى نظرة باردة وهو يراقب تقدمها ناحيته بينما الآخرين يكاد الجنون يصيبهم لهفة لخطب ودها... لتستحق وعن جدارة اسمها لتكون... وداد... وداد الغازية!!.
- يتبع -


مملكة الغيوم 16-11-16 08:54 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
يا خيبة امل النساء فيكى يا بيلا الخبله حد يقول لليث باكرهك اه يا قوة هبلك طيب اهه راح لوداد ارتحتى دلوك يا مخبوله عملتى بالمثل اللى قال عينى فيه واقول اخيه اخيه عليكى من سلسبيل
بنات الخولى وخطابهم مشاء الله الحب ولع فى الدره اللهم لا حسد ربنا يبعد عنهم العين والغين وراويه
ايه خطب وداد طلعت من وين دى لا وراسمه على الليث يبدو انه المنافسه شديده على ليثما بين القراء وبين وداد وبيلا وحنشوف مين حيكسب:56:

فوفومون 17-11-16 01:37 AM

رد: كبـير العيلة
 
الله الله على الاحداث الحلوه والمشوقه زيدي كمان وكمان ربنا يخليك ياعسل

منى لطفي 17-11-16 08:04 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3666788)
السلام عليكم ورحمة الله
يا خيبة امل النساء فيكى يا بيلا الخبله حد يقول لليث باكرهك اه يا قوة هبلك طيب اهه راح لوداد ارتحتى دلوك يا مخبوله عملتى بالمثل اللى قال عينى فيه واقول اخيه اخيه عليكى من سلسبيل
بنات الخولى وخطابهم مشاء الله الحب ولع فى الدره اللهم لا حسد ربنا يبعد عنهم العين والغين وراويه
ايه خطب وداد طلعت من وين دى لا وراسمه على الليث يبدو انه المنافسه شديده على ليثما بين القراء وبين وداد وبيلا وحنشوف مين حيكسب:56:

ههههههههههه تصدقي المثل مضبوط على سلسبيل بالمللي؟.. ههههههه فعلا عينها فيه وهتموت عليه وبتقول إخيه عليه إخيه!!!! :yuiuyuy:
وداد كانت لازم تظهر يمكن الست بيللا تفوق يا تحت يا أي منظر بس تتحرك شوية هههههههه :9jP05261:
بنات الخولي وازواجهم ولا يزال الطريق طوييييييييل، أما عن العجوز أم المنقار أو الحيزبون راوية فالست دي مش هتتهد بسهولة، لازم تتفجر تقريبا هههههههه :toot:
تسلميلي ملوكة قلبي، دايما كدا مفرحاني وجابرة بخاطري بصراحة أنا أحبطت الفصل اللي فات التعليقات بسيييطة جدااا.. جالي احباط رهيب وقلت طيب خليها مرة في الاسبوع عشان يشتاقوا لها ويشتاقوا لليث لانه اللي جاي ان شاء الله حمادات مش حمادة واحدة بس هههههههه

منى لطفي 17-11-16 08:07 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3666814)
الله الله على الاحداث الحلوه والمشوقه زيدي كمان وكمان ربنا يخليك ياعسل

تسلميلي يا عسسل.. :0041:

مملكة الغيوم 19-11-16 12:09 AM

رد: كبـير العيلة
 
مراحب منمن والله الاحباط اللى راح عندك ده لو وقع تحت يدى لقتلته ازاى يجيلك احباط واحنا بننتظر بارتك بفارغ الصبر بس احيانا النت بيكون بطيئ جدا الصفحه بتعبى فى سنه والردود بتتبلع وحاجه مغص الله لا يوريكى ردود كتير بعتها للك فى كذا بارت وكان المنتدى والنت بياكلوها وبعدين انا يوميا بدخل على روايتك ومشاء الله دائما بلاقى قراء وانظرى تحت الصفحه للمحتوى اعضاء وزوار من غير مجامله روايتك جميله واللهجه جنان يابوى الله وكيلك ماتحطى فى خاطرك وخليكى على كرمك مرتين فى الاسبوع وبارت طويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييل من اجل عيون حبيباتك قراء كبير العيله يا كبيره مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووواه

منى لطفي 19-11-16 07:17 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3666981)
مراحب منمن والله الاحباط اللى راح عندك ده لو وقع تحت يدى لقتلته ازاى يجيلك احباط واحنا بننتظر بارتك بفارغ الصبر بس احيانا النت بيكون بطيئ جدا الصفحه بتعبى فى سنه والردود بتتبلع وحاجه مغص الله لا يوريكى ردود كتير بعتها للك فى كذا بارت وكان المنتدى والنت بياكلوها وبعدين انا يوميا بدخل على روايتك ومشاء الله دائما بلاقى قراء وانظرى تحت الصفحه للمحتوى اعضاء وزوار من غير مجامله روايتك جميله واللهجه جنان يابوى الله وكيلك ماتحطى فى خاطرك وخليكى على كرمك مرتين فى الاسبوع وبارت طويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي يييييييييييييييييييييييييييييييييل من اجل عيون حبيباتك قراء كبير العيله يا كبيره مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووواه

تسلميلي حبيبتي، الله لا يحرمني منك يا رافعه معنوياتي اموووووووواه

منى لطفي 19-11-16 07:18 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة العشرون
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
دخل ليث الى غرفتهما ليبدل ثيابه, أغلق الباب خلفه وتوجه الى الأريكة المقابلة للفراش حيث ينام منذ أن استيقظ صباح تلك الليلة البعيدة ليرى عينيها تلمعان ببريق حقد أسود مكيلة له الاتهامات من أنه قد أجبرها على ما لا تريده, لتحتل البرودة والصقيع سائر أطرافه ولم يجابه انفجارها الصارخ الا بكل برودة ثلجية مخبرا إياها أن تنعم بفراشها وحدها فهو لن يكرر خطأ الليلة السابقة!, مر على تلك الليلة أكثر من اسبوعين يهلك نفسه في العمل نهارا وما أن يأتي المساء حتى يذهب للسهر خارجا في ذلك المقهى الذي تديره تلك السيدة المتصابية " هانم" وابنتها الغازية... وداد!!..
جلس فيوق الأريكة خالعا نعليه ثم أسند ظهره الى الخلف مغمضا عينيه لترتسم ابتسامة ساخرة على فمه الشهواني, فهو يعلم أنه لا يزال أمامه ليلا طويلا مؤرقا الى أن تشرق الشمس, ولولا احترامه لوالده ولا يريد إثارة الأقاويل عن علاقته بسلسبيل لم يكن ليرجع الى هذا المكان العابق بأنفاسها والذي يحرمه لذة الراحة!....
تنفس عميقا وهو يهمس باسمها بينه وبين نفسه:آآآآه يا سلسبيل, لقد سرقت القلب والعقل معا!, لا يعلم كيف تغلغلت أسفل جلده وداخل مسامه ليستنشق حبها الذي أصبح هوائه بتلك الطريقة, قبل زواجه بها كان قادرا على الصمود أمامها واخفاء ما يعتمل من عشق مجنون مُحال بالنسبة له, ولكن ما إن ذاق حلاوة قربها واختلطت أنفاسه بأنفاسها حتى أصبح البعد عنها أشبه بالموت حيًّا!, لقد تضاءلت أمامها سائر النساء الأخريات, لم تعد تثيره أية قامة نسائية مهما كانت صاحبتها هيفاء بل تملك كل مقاومات الجمال, واليوم أقرب مثال على هذا!, هو يعلم بإعجاب وداد الغازية به, هو ليس بأعمى.. هو يعلم جيدا كيف تنظر اليه بشهوة حارقة وعلى يقين أنه ما إن يشير إليها بإصبعه الصغير حتى تأتي مهرولة إليه لتلقي بنفسها أسفل قدميه وعن طيب خاطر منها, ولكنه لا يريد سوى واحدة فقط.. أنثى بكل ما في الكلمة من معنى.. واحدة عرف معها معنى أن يكون حيًّا.. وليس مجرد أن يحيا!, أنثى رفعته في ليلة واحدة وحيدة الى أعلى السماء ولكن.. لتتركه يهبط وبسرعة الصاروخ في الصباح الى أسفل الأرض وبقوة مدوية كادت تكسره!, ولكنه لم يكن ليُكسر حتى لو كانت روحه معلقة بروحها!, فهو الليث... ليث الخولي, وسيكون ملعونا لو ترك أيّما إمرأة تسيطر عليه.. ولكن المضحك المبكي انها ليست أية إمرأة انها.. سلسبيل.. سلسبيله هو.. نبعه الراقي العذب الصافي.. تلك التي انتظرها سنوات عمره كله, التي خطفت قلبه منذ أن فتحت عينيها وكانت لا تزال رضيعه وهو يراها محمولة على يدي جدته تقربها منه باسمة وهي تقول انظر اليها ليث.. انظر الى عروس عائلة الخولي... ليعلن بداخله بسنوات عمره العشر أنها ليست بعروس عائلة الخولي.. بل عروسه هو!!..
كانت تكبر أمامه يوما بعد يوم ليكبر حبها في قلبه, وما ظنه أضغاث طفولة أصبحت الحقيقة الوحيدة الواضحة في حياته!, كان يعد الأيام حتى يستطيع تكليل حبه لها بالزواج, ليصبح من حقه التعبير لها بكل طريقة ممكنة وغير ممكنة عما يكنه لها في قلبه من عشق سرمدي مجنون!, يريد إخبارها أنه أبدا ليس بقاس عليها ولكنه يعتمد هذه القسوة في التعامل معها لأن البديل أن يأخذها بين أحضانه فلا يفلتها أبدا, كان يتحكم بصعوبة شديدة في وحش حبه لها والذي كان يهدد بالإفلات من سيطرته عليه, فكان يضغط وبقسوة على نفسه ما إن يرى عينيها البندقيتين تطالعانه بذلك القلق والريبة ولكن هناك في أعماق عينيها رآها.. رآى تلك النظرة المتسائلة المستفسرة, نعم هي كانت تشعر أن هناك شيء بينهما, لم تكن تخافه بالمعنى المفهوم, فمن يهاب إنسانا يبتعد عنه تماما, ولكنها لم تكن تبتعد إلا لتعود ثانية.. تماما كما الفراشة تخاف من الضوء ولكنها تحوم حوله, وقارب صبره على النفاذ ولكنه كان يمني نفسه بقرب اللقاء.. فهاهي عروس أحلامه قد شارفت على السادسة عشر, فلينتظر قليلا.. قليلا بعد.. قبل أن يصرح لوالده بخطبتها له.. وعلى النقيض منه كان راضي.. كان شقيقه الذي يصغره بخمسة أعوام من يتعجل الزواج, كان كثيرا ما يلح على والدته أن تخطب له فهو يرغب بالزواج.. ولكنها كانت ترفض وبشدة فكيف للصغير أن يتزوج قبل شقيقه الأكبر؟!, وهو كان يشك بأن أخيه الأصغر يريد واحدة بعينها ولهذا كان قلة صبره, وهو خير من يعلم ما الذي يفعله الشوق بالوجدان, فأشفق على شقيقه بأن يعاني مما يكابده هو, ليكون هو من يقنع أمه أن تلبي رغبته وهو من تكلم مع والده والذي وافق بشرط واحد.. أنه لن تتم خطوبة راضي رسميا الا بعد أن يخطب هو..
كان وقتها على وشك السفر لمتابعة بعض الأعمال العالقة في القاهرة, فوافق على شرط والده, فهو الآخر قد استبد به الشوق ولم يعد يطيق صبرا على بعاد حبيبته عنه, وسافر دون أن يدري من التي سلبت قلب شقيقه فعندما سأله لم يرد أخباره وقال له أنه لا يريد ذكر اسمها قبل ان تعلن موافقتها عليه فقد يكون حبه لها من طرف واحد وقتها هو لا يريده أن ينظر اليها بأي منظار قد يسيء إليها.. فعلم ليث أنها لا بد من العائلة وهذا أمر ليس بغريب فمن المعروف أن بنات عائلة الخولي لا يتزوجون إلا من أبناء العائلة, وسافر وغاب أكثر من شهر علم خلالها أن أخاه قد خطب ولكن ليس بصورة رسميه فقد اكتفى والده ووالد العروس بقراءة الفاتحة لحين عودته هو وتنفيذ نصيبه من الاتفاق مع والده... الزواج!, ومن الغرابة أنه لم يهتم بالسؤال عن العروس!, فقد كان شاردا بفرح وتِيه في قرب حصوله هو على حلم حياته, وعاد ليث.. ليفاجأ براضي يستقبله بالأحضان, وبعد مباركته لأخيه سأله بابتسامة عمن تكون العروس تلك التي سلبت قلبه وعقله ليخبره والفرحة تتراقص بين مقليته أنها... سلسبيل!!, وقتها قطب وكأنه لم يسمع وتحولت الابتسامة الى ابتسامة مرتابة وهو يسأل: من سلسبيل؟, ليجيبه راضي بضحكة عالية... ابنة عمنا عثمان!, وقتها شعر أن الهواء قد توقف ولم يعد يعبث بأوراق الأشجار حوله, بل شعر بالاختناق التام.. ليشحب وجهه شحوبا يحاكي شحوب الموتى, ولكن كل ذلك لم ينتبه له أخيه العاشق الذي هتف له بحبه لها.. قائلا أنه لم يصدق عندما أعلن عمه موافقته على طلبه.. وأنه لن يستطيع الصبر لاتمام زواجه بها.. ولم يكتف بغرز السكين وبعمق داخل قلبه بل أنه قد حركه ليلويه أكثر وهو يسأله بالحاح أن يخطب سريعا ليستطيع هو الحصول على سلسبيله!..
سلسبيل منْ؟, أيعقل أن تنتمي سلسبيل لغيره؟, لو لم يكن أخيه شقيقه إبن أمه وأبيه الذي يجري في عروقه ذات الدم أقسم لكان قد دفنه في مكانه حيًّا, ولكنه.. إبنه وليس شقيقه فقط!, كان دائما ما يشعر نحوه بغريزة الحماية... ولأنه الأكبر.. الأقوى...والأقدر.. كان لا بد له من الابتعاد بل وأن يجتث قلبه من صدره ويدفنه.. فهي قد أصبحت محرمة عليه.. وترك لأمه مهمة اختيار عروسه... فلم يعد يفرق معه شيئا, كلما عرضت عليه واحدة من فتيات العائلة كان يقابلها مهمهما بأنه يرضى باختيارها, ليتزوجا هو وأخيه في ليلة واحدة.. لمح فيها حلمه المستحيل يزف لغيره ليصبح لأخيه هو.. ويومها أعلن وفاة قلبه!
وغلف نفسه بقشرة فولاذية صلبة, أصبح انسان باردا خال من أي نوع من أنواع المشاعر الإنسانية, فإن كان قبلا باردا غُلفت برودته تلك الآن بالصقيع, وإن كان سابقا جامدا أصبح الآن جلمودا كالصخر!, وتتكرر زيجاته ثلاث مرات... وكل مرة يمنى بالفشل, ليس عن عيب بهن فهو يعلم تماما أين يكمن الخطأ.. إنه هو.. هو من كان يبحث عن ينبوعه الصافي بين من اقترن بهن... وبعد فشله الثالث أعلنها بكل وضوح.. هو لن يتزوج ثانية.. ويكفي ابناء راضي يحملون إسم العائلة... لن ينسى أبدا لحظة حمل شبل بين يديه وراضي يخبره أنه سيسميه شبل كما اقترح عليه!, كان عدنان الابن الأكبر ولكنه لم يحمل الاسم الذي كان يريد لابنه هو منها.. أن يسميه به!..
ومرت الأيام وكان يراها أمامه ويرى ذعرها وريبتها في عينيها, كان يتألم من داخله, ألا تعلم أنه في سبيلها على أتم الإستعداد لأن يفني روحه في سبيل ابتسامة تتألق في الشوكولاتة الذائبة لعينيها؟!, وأتى خبر مقتل شقيقه الأصغر بل ووحيده ليشعر بإحساس اليُتم الأخوي!, وليشفي غليله بقتل من تسبب في حرمانه وعائلته من شقيقه الوحيد وما إن بدأت ثورة غضبه تهدأ لأخذه بثأر أخيه حتى تتزلزل أركان حياته جميعها بأمر والده له بـ.. الزواج من سلسبيل!, لينكأ جراحه التي حسبها قد جفت ليكتشف أنها أنما قد غلفت بقشرة ظاهرية فقط.. وأنها لا تزال تنزف داخله, رفض.. وكيف لا يرفض وقد كانت لأخيه قبله, لم يكن هو أول من علمها أبجديات العشق, لم يكن هو أول رجل تنظر إليه بعينيها الناعستين, لم يكن أول من تلفظ اسمه صباحا بصوتها ذو البحّة المثيرة, لم يكن أول من تتغنج عليه وتتعلم على يديه فنون غنج الأنثى لزوجها العاشق!, ولكن لم يرحمه أبوه ليهدده بين أن يتزوجها هو أو... غيره!, ليشعر وقتها بنيران تشب في صدره تهدد بحرق الأخضر واليابس, بل بحرق كل من تسول له نفسه بالتفكير مجرد التفكير فيها كزوجة متاحة!, ويقبل.. يوافق على تنفيذ ما أمره به أبوه, يتنازعه في ذلك إحساسان.. أحدهما عدم التصديق أنه سيملك حلمه أخيرا والآخر.. الخوف مما هو آت!, يكاد يقهقه ساخرا.. هو ليث الخولي من تهتز له الشوارب وترجف له أبدان أعتى الرجال.. يخاف من أنثى صغيرة رقيقة.. ولكنها ليست أية أنثى إنها.... سلسبيل!.
وكان يوم الزفاف.. والذي فاجأته عروسه فيه بارتدائها الأسود معلنة أن زواجهما باطلا وأنها لن تكون سوى امرأة اخيه حتى وإن مات!, لقد استلت الخنجر من جرحه وأعادت غمده به عدة مرات بعباراتها التي قذفته بها كطلقات الرصاص المسمومة تلك, وابتعد.. ولكن لم يستطع.. ليعذب نفسه بقربها عندما ذاق رحيق شفتيها لأول مرة.. وقرر أن يجعلها تعتاد قربه منها.. فكان قراره الصارم أن تشاركه الفراش وأن كان كل منهما ينام موليا ظهره للآخر ولكن يكفيه أنه ينام في غرفة عبقة برائحة أنفاسها, ليحدث بعدئذ ذلك الإعصار الذي قلب كيانه كله رأسا على عقب.. ليمتلك حلمه بالفعل بين يديه شبه متوسلا إليها أن تخبره بأنه هو.... زوجها!, لم يستطع إمتلاكها قبل أن تقولها, شعر أنه كما لو كان سيغتصب حقا ليس له إن لم تكن تلفظت بها, ولكنها قالتها.. ليمتلكها!....
حرك رأسها يمينا ويسارا عدة مرات محاولا نفض هذه الذكريات الأليمة التي أبت إلّا أن تهاجمه الليلة, همس بينه وبين نفسه بألم وتوق شديد وهو يتطلع الى تلك الراقدة فوق الفراش غير واعية لمن يتلظى في سبيل نظرة واحده من بندقيتي عينيها, همس بكل حبه وشوقه وألمه.. إلى متى سلسبيل إلى متى؟, أما لهذا العذاب من آخر؟!, لم يستطع فرض نفسه عليها بعد هذا الانهيار الذي قابلته به صبيحة ليلتهما سوية, فوجئ بما كالته له من اتهامات وعبارات مسمومة كان كمن أُلقي فوقه حجرا ضخما.. كان يظن أنها ستتأكد بعد هذه الليلة بمدى حبه لها, هو لم يخبرها بالقول ولكن ارتجافة جسده بين ذراعيها, عيناه المستجديتان, شفتاه التائقتان, لمسات يديه المشتاقة المجنونة, جسده كله بسائر أطرافه وشت به وبعشقه اللا متناهي لها, دقات قلبه الذي أوشك على التوقف من شدة الدماء التي اندفعت تُضخ في عروقه عندما شعر باستجابتها له وللمساته الحميمية, استسلامها بعد مقاومتها الشرسة, هدوئها بعد أن همس لها بكلمات رقيقة لتبعد الذعر عنها, لكنها.. لم تشعر!, لم تدع لنفسها الفرصة لتعلم وتستشعر بالفعل مدى حبه وتوقه لها, تبًّا!!.. كاد يصرخ بها وهو يزيح عمامته من فوق رأسه لتظهر خصلات شعره القصيرة السوداء كجناح غراب, ليمرر فيها أصابعه بيأس وهو يحاول باستماتة أن يبعد عيناه الخائنتين اللتان ترجوانه افلاتهما لتتلصص على سارقة النوم من بين أجفانهما, شتم في سره هذه الغانية .. وداد!, انها هي بكلماتها وحركاتها التي أفصحت بها عن رغبتها به وكيف أنها تموت لتكون له فقط.. مصرحة بذلك في كلمات مغناجة بصوت أبح مثير وهي تميل عليه بينما تنفث أنفاسه دخان النرجيلة عاليا غير عابيء بها أو بكلماتها, لتغرق عينيها في عينيه وهي تقول له أنها تريد أن ترقص له وحده!, وأنه لو أراد فستخلي المقهى من الجميع في التو واللحظة.. فلا يهمها سواه هو!, ولكن.ز كانت وكأنها تكلم حجرا أصم.. لم يطرف له جفن, وبدلا من ذلك تبدلت صورتها ليرى عينان بندقيتان تطالعه بخوف, ورجفة شفاه تسلب لبه, ليشيح بعينيه بعيدا عن تلك الـ.. وداد زافرا لهواء النرجيلة الى البعيد لتمسك بمبسم النرجيلة وبكل ثقة وغنج تجذبه تجاهها وهى تهمس له بأن يدع هواءه يخرج في وجهها فلا أحب إليها من أن تتنفس أنفاسه حتى وان كانت.. دخان نرجيلة!, لا ينكر أنه قد استغرب كلماتها الجريئة حد الوقاحة وتحدق فيها عيناه بدهشة لأقل من ثوان لتسود نظرة غامضة سوداء مقلتي عيناه بعد ذلك بينما تكمل هي إغوائها له بأن تستنشق نفسا من مبسم نرجيلته بدون أن تمسح موضع شفتاه ثم تمدها اليه ثانية وهي تقول بصوت غاوي مثير أنها لم يسبق لها وأن تذوقت نرجيلة في مثل حلاوة طعم هذه !!, أي رجل مكانه كان ليقبل بما هو معروض عليه, ولكن ليس هو .. ليس ليث الخولي, ليس ومن تثيره لم تكن سوى إمرأة واحدة.. تنام أمامه قريرة العين في فراشها غافلة عمن يكتوى بنار الشوق كل ليلة لاعنا نفسه أنه نالها ذات ليلة!, فهو لم يكن قد ذاق حلاوة قربها قبلا.. ولكن الآن وقد عرف الجنة بين ذراعيها فهو يشعر بالخواء التام بل والعذاب الحارق في بعادها, ولكنها دائما هكذا سلسبيل.. كانت أبدا كالشمس الدافئة في يوم شتوي قارص البرودة.. تشع بحرارتها وما إن تبدأ بنشر دفئها حتى تغيب تاركة ليلا أشد برودة وقسوة, هي كنسمة صيف طرية في نهار مشمس حار ولكنها ما ان تعبر لتلطف الجو حتى سرعان ما تختفي تاركة قيظ من نار وراءها, دائما كان يشعر بهذا.. ولم يختلف شيء الآن.. سوى أنه بعد أن ذاق حلاوتها ونعومتها لا يعلم كيف له أن يتابع حياته محروما من ذلك النعيم المحلل له... المحرم عليه!!..
وقف ليخلع ثوبه وصديريته القماشية قبل أن يتوجه الى الحمام ليضع نفسه تحت الدش لينهمر الماء البارد فوقه لعله يطفأ قليلا من نيران شوقه المستعرة, ولم يعلم.. لم يعلم أن فاتنته لم تنم.. بل كانت تخطط للنيل منه.. لتعاقبه على تلك الوداد.. لم تهتم بسؤال نفسها لما ذلك الحريق الذي اشتعل في جوفها والذي سلبتها الراحة طوال السويعات السابقة ما ان أخبرتها وردة بذهابه الى مقهى تلك الساقطة, لم ترد مواجهة نفسها والاعتراف بما هو واضح لكل من يملك عينين, ما يهمها هو أن ليث قد اقترن بها بإرادته ولم يرفض.. إذن فكما أنها قد حُكم عليها أن تتابع حياتها معه هو أيضا من غير المسموح له بالتفكير في غير تلك الحياة.. فحياته معها هي وحدها!!..
خرج من الحمام كان جذعه العلوي عار لا يرتدي سوى سروالا قطنيا وكان يلف منشفة صغيرة حول عنقه يجفف شعره بها عندما سمع أنينا صغيرا, ليرفع رأسه سريعا فتقع عيناه على مشهد سلب أنفاسه وجعل حلقه جافا, كانت سلسبيله ترقد في وسط الفراش تتلوى وقد انحسر ثوب نومها عن ساقيها الى أعلى فخذيها, اقترب بضعة خطوات مترددة من الفراش, لتباغته للمرة الثانية هذه الليلة بجلوسها فوق الفراش فينحسر الغطاء عن أعلى ثوبها لتظهر كتفين كالمرمر ببشرة ذهبية وفي نعومة الحرير, بينما شعرها الذي يتحرق شوقا لدفن وجهه فيه يتطاير لينسدل مفترشا السرير حولها, رفعت يدا صغيرة تقول بينما تتابع اقترابه المتعثر منها من بين أهدابها الشبه مسدلة:
- ليث.. الحجني يا ولد عمي..
ليقفز قلبه هلعا عليها ويتقدم منها في خطوات ملهوفة ويميل عليها هاتفا بقلق واضح:
- مالك يا سلسبيل؟, فيه حاجة بتوجعك؟!..
أطلقت تأوها ضعيفا كان كفيلا بزعزعة البقية الباقية من تماسك ليث, ونظرت اليه بعينيها الناعستين اللتين يتوق للغرق في بحورهما هامسة بصوت يستجلب الشفقة فما بالك بقلب عاشق يثخنه الحب:
- راسي يا ولد عمي.. راسي هتنفجر, صداع جامد جوي, ماعرافشي أعمله إييه؟..
لينسى أي مشاعر خاصة به ويهتف وهو يتجه الى الحمام حيث الصيدلية المنزلية الذي يحتفظ فيها بأدوية للطواريء كما الآن:
- حالا هجيبلك جرصين مسكن..
لم يغب الا لحظات عاد بعدها حاملا قرصين من مسكن لالم الرأس وسكب كوبا من الماء من الدورق المجاور للسرير, مد يده ليناولها الدواء عندما تناولته بيد صغيرة ترتعش فلم ينتظر وأسندها من كتفيها قابضا عليهما بذراع قوية ولكن برفق ليساعدها بتناول الدواء, أبعدت الكوب عن ثغرها الوردي وهمست بابتسامة شكر:
- تسلم يا ولد عمي..
كانت هناك قطرة ماء على شفتها السفلى, لتنحدر نزولا على طول عنقها حتى مقدمة صدرها الظاهر من فتحة عنق الثوب الواسعة لتختفي بعد ذلك بين حنايا صدرها وهو يراقب مسارها حيث اختفت ليزدرد ريقه بصعوبة ويجيبها بصوت أجش:
- ولا يهمك يا بت عمي, تلاجيكي عاوزة تنامي ولا حاجة... اني متأكد لمن تنعسي وتجومي الصبح هتوبجي زينة..
لتفاجئه للمرة الثالثة وهي تمسك راحته الضخمة بين يديها الناعمتين لتجبره على الاعتدال في جلسته بجوارها وتقول بينما تعود بظهرها لتستند على الوسائد خلفها فيما تغمض عينيها وهي ترفع يده لتضعها فوق موضع الألم برأسها:
- اهنه يا ولد عمي, الألم اهنه.. واعر جوي يا ليث.. مجدراشي أستحمله!..
وتلقائيا يمسد ليث موضع الألم بينما لسان حاله يهتف بداخله:
- حبك اللي واعر جوي يا بت عمي, وبعادك اللي مجدرش أستحمله..
انتبه لسكونها بين يديه, فحاول سحب يده, لتصعقه هذه المرة بجذبها لراحته لتضعها فوق الوسادة أسفل خدها و... تنام!!
حاول جذب يده ولكنه أشفق عليها, فهي تبدو كالطفل النائم المرتاح, ليبدل من وضعيته فوق الفراش, فيرقد بجانبها مزيحا راحته وقد تأوهت باعتراض واضعا ذراعه أسفل وجنتها لتعود وتبتسم براحة!!..
قرّب جسدها الغض اللين منه وهمس بينه وبين نفسه بينما ينظر الى وجهها المبتسم النائم كالملاك:
- نامي يا جلب ليث.. أي نعم أني مش هيجيني نوم لكن ولا يهمك.. المهم راحتك إنت.. أني عارف انه لمن ياجي الصبح هترجعي سلسبيل الجديمة.. ولو فيَّا حتة عجل اصغير كنت افوتك دلوك لوحديكي.. لكن مين اللي جال اني عاجل في أي حاجة تخصّك؟, هما مش بيجولوا ان العشج جنون؟, وعشجك انتي يا سلسبيل أجن من الجنون!!..
ليسند ذقنه فوق رأسها متنسما رائحة شعرها العنبرية, ويغمض عيناه, وللمفاجأة يغرق هو الآخر في سبات عميق مماثل لما سبقته اليه سلسبيل والتي لم يكن ببالها أبدا أنها ما ان تشعر براحته أسفل وجنتها فإنها ستغوص بالفعل في نوم عميق كما فعلت.. فما بدأته كعقاب صغير له لذهابه لتلك الوداد انتهى بشعورها هي بالراحة التي غمرتها ما ان شعرت بقربه منها لتنام ولأول مرة منذ اسبوعين براحة عميقة واحساس غريب بالأمان يلفها!!..
فتح ليث عيناه ليستغرب باديء الأمر المكان الذي ينام فيه, ثم ينظر بجواره ليطالعه وجهها النائم, كانت لا تزال ترقد فوق ذراعه التي شعر بخدرها, حاول سحبها من أسفل رأسها, لتتمطى كالهرة بجانبه وتدفن رأسها أكثر بين ضلوعه, مد يدا مترددة ليحاول ايقاظها فهو يعلم تماما أنها ما أن تصحو حتى تتهمه بانتهازه فرصة مرضها, وما ان لمست يده كتفها حتى شعر بلسعة شديدة الحرارة تسري في سائر جسده, ناداها بخفوت عدة مرات قبل أن تفتح جفنيها لترمش عدة مرات قبل أن تجيبه بصوت قد خدره النعاس:
- همممم...
مال فوقها وهي لا تزال نائمة على ذراعه لم تستفق كلية بعد ليقول بابتسامة صغيرة:
- صباح الخير, كيفك دلوك؟, اكويّسة؟!..
قطبت في تساؤل فلم تكن بعد قد استيقظت جيدا بعد ليضرب ذاكرتها ألم رأسها المفتعل ليلة أمس.. وكيف اعتنى بألمها ذاك, لتعي أنها الآن تعتبر فعليا راقدة بين ذراعيه وبكل أريحية!..
احمرت وجنتيها خجلا ووضعت راحتيها على صدره العار فهو قد غفا ليلة أمس بدون أن يرتدي ثيابه كاملة بعد أن فاجأته بتعبها, وما أن لمست كفّيها عضلات صدره القوية حتى انتفضت لتسحبهما سريعا وكأنها لمست سلكا كهربائيا عار, فقد انتشرت الحرارة في سائر جسدها لحظة لمسته يداها, ولكنه أبى أن تبتعد ليسرع بالقبض على يديها لتظلا ملامستين لصدره مسببة تقافز سريع لضربات قلبه, مال عليها هامسا:
- مش الاول أطمن عليكي؟!..
أفلت يد من يديها ليرفع راحته ويضعها فوق رأسها موضع الألم السابق وهو يسألها بصوت أجش بينما عيناه تغازلانها بدون هوادة:
- الوجع كان إهنه, حاسة بحاجة دلوك؟.
ابتعلت ريقها ورطبت بطرف لسانها الوردي شفتيها فقد شعرت بجفاف في حلقها وأسدلت عينيها فلم ترى لمعة عيناه المراقبتان لذلك الفم ذو الشفاه الأرجوانية اللتين تثيرانه بشكل غير مسبوق بالنسبة له وهو الذي تزوج ثلاث مرات سابقا ولكن لم يحدث أن أثارته أيا من زوجاته السابقات, أجابت بخفوت:
- الحمد لله, تسلملي يا ولد عمي تعبتك امعايْ..
ليث بصوت مبحوح وهو يقترب أكثر حتى لغى السنتيمترات القليلة التي تبعد بينهما حتى أنه اضطرها لتميل هي الى الخلف تراقبه بنظرات قلقة مترقبة محاولة دفعه الى البعيد ولكن وكأنها تحاول زحزحة جبل شامخ من مكانه:
- تعبك راحة يا بت عمي..
همست بخفوت ولكنها لم تستطع منع أنفاسها أن تضرب وجهه ليتيه في عينيها تماما كما كان يحلم, أن تكون عيناها أول ما يستيقظ عليه كل صباح:
- هجوم أحضر لك الفطور على ما تتسبّح..
همس بأنفاس ساخنة وقد ترك يديها ليحيط خصرها بذراعيه ضاغطا جسدها اللين الطري الى جسده العضلي الذي ما ان لامسته حتى وكأنها قد أشعلت فيه النار, قال بصوت مثخن بمشاعر الشوق القاتل:
- ريحي روحك, أني لمن أنزل هاخد جرجوشتين ع الماشي, المهم انتي تكوني مرتاحة..
لترفع عينيها إليه وهي تطالعه بحيرة, لقد لمست خوفه وقلقه عليها ليلة أمس, بل أنها ولأول مرة منذ وقت طويل تنام ملء جفنيها وقد شعرت بالأمان التام, وكأن مكانها الطبيعي هنا بين ذراعيه, بعدما حدث بينهما المرة السابقة كان شعور بالخجل مختلط بشعور بالذنب لا تدري لما.. هما من دفعاها لتكيل له الاتهامات الباطلة من أنه هو من أجبرها على الاستسلام مخرسة وبقوة هتاف قلبها أنها هي من استسلم وعن طواعية منها, لكن الآن وهي تنظر الى ذلك الفحم المشتعل في عينيه وهي ترى انعكاس صورتها بين مقلتيه ترى أيضا حنانا وحماية وقلقا, تاهت في عيناه بينما في المقابل رآها ليث.. رآى تلك النظرة المتسائلة الحائرة تقبع ي زاوية صغيرة بين بندقيتي عينيها..كانت وكأنها تريد أن تستشف صدق مشاعره, وعقد العزم على أن يثبت لها أنه الآن... ليثها هي!, فيكفيه تلك النظرة الحائرة ليزعزع الباقي منها ولن يتوقف قبل أن تستسلم كاملا له وكليّة, وسيبدأ منذ اللحظة!..
همت بالكلام عندما مال عليها بغتة ليسكتها ملتهما كلماتها بين شفتيه, أخذتها المفاجأة ولم تقاوم في البداية ولكن بعد أن شعرت بيديه وهما تجوسان بين حنايا جسدها حتى حاولت الافلات وان كانت مقاومة ضعيفة قضى عليها ليث في وقتها لتستسلم رافعة ذراعيها بتردد محيطة بعنقه القوي, فيميل بها كلية فوق الفراش لتنبطح على ظهرها بينما يعلوها هو ولا يزال مبحرا بها في لجة عناق قوي يغوص معها في بحر عميق شاطئه ذراعيه.. واحة أمانها..
صوت طرقات على الباب قاطعت تلك اللحظات بينهما, ظنتها سلسبيل في البدء من مخيلتها ولكنها أنصتت قليلا لتعلم أنها دقات فعلية, حاولت التملص من قبضته وهي تزيح شفتيها جانبا هاتفة:
- ليث.. ليث الباب يا ليث..
ليث بشرود وهو تائه فيها بينما تنتقل شفتاه على عنقها مرورا بحلقها لتصل الى عظمة الترقوة بقبلات ملتهبة صغيرة:
- اممممم.. مالَه الباب؟..
حاولت سلسبيل الابتعاد عن مرمى شفتيه وهي تقول برجاء بينما الطرقات مستمرة:
- يا ليث الباب بيطُوجْ!..
ليتوقف عن تقبيلها وهو يطالعها بنظرات زائغة مشتتة ثم تشير له بعينيها تجاه الباب ليسمع الدقات العالية فتكرر كلماتها:
- الباب عيطُوج!..
ثم بدفعة صغيرة أزاحته من فوقها وهرعت الى المرآة لترتب ثيابها وهي تسأل بصوت عال عمن يكون الطارق ليجيبها صوت صغير أنه أنا... شبل وعدنان!, لملمت شعرها الثائر بربطة محكمة , وطالعت نفسها في المرآة لترى شفتيها المنتفختين اللتات تحملان أثر هجوم ليث عليهما, لتتجه الى الباب فتفتحه غافلة عن ذلك القابع فوق الفراش وقد ضرب برأسه في الحائط أعلى السرير وهو يردد بصوت خافت ويأس:
- وانتي الصادجة.. أني اللي هطوج مش الباب!..
وما أن فتحت الباب حتى اندفع الصغير شبل وفي أعقابه عدنان شقيقه مهللين ويتجهان الى ليث الراقد فوق الفراش والذي ارتسمت ابتسامة عريضة على وجهه ما أن وقع ناظريه عليهما, ليقفزا بجواره فوق الفراش بينما يقول شبل بلوم:
- انت وعدتنا هتلعب امعانا, انت نسيت يا بويْ؟!
ليتسمر ليث وسلسبيل مكانهما يتبادلان النظرات هو في مكانه فوق الفراش يتوسط الصغيرين وهي واقفة أمامه, ثم التفت ليث الى شبل ليحتضنه بقوة قائلا وهو يتشمم رائحته الطفولية الذكية:
- لاه.. أني أجدر أنسى وعد وعدته لـ... ولدي!!..
لتترقرق الدموع في عيني سلسبيل, ليست دموع حزن ولكنها وللمفاجأة دموع فرح!, فقد عوض الله صغارها عن أبيهما الراحل بعمهما.. ذلك الأب الحنون والذي شعرا بأبوته, فلم يكن صغيرها ليهتف به مناديا اياه بأبي ان لم يستشعرها حقيقة, فالأطفال يتعاملون بالفطرة فقط, لا يعلمون ما المجاملة ولا يتعاطونها!.., وألقت الى ليث بنظرة فهمها الأخير... فهي تشكره على رعايته لولديها... نظرة امتزجت بها أخرى تدل على إعجاب صرف.. ليعلم ليث أنه قد بدأ باختراق حصون قلبها.. ولن يتوقف قبل أن يدق أسوارها كلية لتعلن الاستسلام التاااااام لقلبه العاشق!!..
***************
سافر غيث وسلافة الى القاهرة يرافقهما كلا من شهاب وسلمى بعد إصرار شديد من سلمى لمرافقة أختها ومن شهاب أن يصاحب توأمه, وقال رؤوف وهو يودعهم:
- أنا واثق فيكم برقبتي, وعارف انكم هتحافظوا عليهم..
كانوا قد تعللوا لجدهم وعثمان برغبة سلمى وسلافة بالذهاب الى القاهرة لأنجاز بعض الأمور العالقة الخاصة بعمل كل منهما, وكانا من المفترض أن يعودوا في نفس اليوم إلا أن اقتضت الظروف فسيبيتون في منزل رؤوف هناك...
كانت سلافة قد واعدت المحامي فاتجهوا رأسا الى مكتبه, وبعد أن دخلوا وقامت سلافة بعملية التعارف بينه وبين الباقيين, جلسوا يتشاورون في الخطوة اللازم اتخاذها, قالت سلافة:
- أنا عاوزة حضرتك تطعن في الحكم انه القضية قيدت ضد مجهول...
المحامي بتعبير أسف:
- للأسف يا آنسة سلافة..في القضايا اللي زي دي لازم يكون فيه أدلة قوية عشان الطعن يتقبل..
سلافة بجدية:
- طيب لو الأدلة اللي اتحرقت دي كانت موجودة ممكن وقتها الطعن يتقبل؟.
المحامي بهزة بسيطة من كتفيه:
- للأسف يا آنسة ممكن يبقى دليل ضعيف والمحكمة ما تاخدش بيه, لأن الدليل دا بيدين المستشفى إياها لكن مالهاش دعوة بقضية قتل واغتصاب المرحومة مريم..
دمعت عينا سلمى وسلافة ما إن سمعا كلمة المرحومة تسبق اسم صديقتهما, دفعت سلمى بدموعها بعيدا وتحدثت بهدوء قائلة:
- بس مريم تبقى خطيبة سامح اللي اتلفقت له قضية من الناس دول؟!..
المحامي:
- لكن عشان قضية زي دي تتفتح تاني لازم يكون فيه دليل عن مجرم موجود فعلا.. يعني مثلا شاهد للجريمة.. كدا يعني, لكن....
وسكت قليلا وقد غامت عيناه بتفكير عميق فهتفت سلافة:
- لكن ايه يا متر؟.
غيث بتؤدة:
- حضرتك عندك حاجة ممكن تفيدنا في فتح الجضية من جديد؟.
المحامي بتفكير عميق:
- الادلة دي ممكن تساعدنا في الطعن في قضية الدكتور سامح, لو الطعن اتقبل وقتها ممكن يكون فيه فرصة لفتح قضية المرحومة مريم من تاني, بس المشكلة دلوقتي انه الادلة دي اتحرقت.. هنجيب منين أدلة إدانة تاني قوية زي دي؟!..
لتبرق عينا سلافة بعزم وهي تجيب:
- بس الأدلة موجودة يا متر...
لينظر اليها المحامي بدهشة بينما تبادل غيث وشهاب وسلمى نظرات التساؤل, لتجيب على أسئلتهم الصامتة بقولها:
- ثواني حضرتك..
لتبتعد سلافة حاملة هاتفها المحمول لإجراء مكالمة هاتفية وما هي إلا أقل من خمسة عشر دقيقة حتى تعالت طرقات على باب المكتب ليسمح المحامي للطارق بالدخول والذي كان وكيل مكتبه يخبره بقدوم أحدهم من طرف الآنسة سلافة, فنظر المحامي بدهشة اليها ثم أمره بإدخاله على وجه السرعة فيدخل ذلك القادم الغريب لتشهق سلمى متفاجئة بينما يتبادل غيث وشهاب نظرات التساؤل فيما يحدج غيث سلافة بريبة وغيظ, وتنهض سلافة متجهة الى الوافد الجديد وهي تقوم بعملية التعارف بينه وبين المحامي قائلة بجدية:
- الدكتور كريم... أهم طرف معانا في القضية..
وقبل أن يتساءل أي من الموجودين يفتح كريم حقيبة صغيرة كانت بحوزته ليخرج ظرفا ورقيا كبيرا فتناولته سلمى منه واتجهت الى المحامي لتقوم بفض الظرف مسقطة محتوياته فوق سطح المكتب ليطالع المحامي ما يراه أمامه بدهشة وينظر الى سلافة الواقفة أمامه بابتسامة صغيرة لتقول مجيبة على سؤاله الصامت:
- التكنولوجيا يا متر لازم نستفيد بيها كويس اوي, وان ما كانتش تخدمنا في حاجة زي دي.. يبقى لازمتها ايه؟, دي نسخة من ال سي دي والفلاشة اللي اتحرقوا, اتفضل حضرتك قدم الطعن في قضية الدكتور سامح!!..
في وقت لاحق وبعد انصرافهم من مكتب المحامي وقد اعتذر كريم على مرافقتهم ولكنه انفرد بسلافة متمتما لها بأنه سيكون موجودا في أي وقت, وكان قد بارك لشهاب وغيث على عقد القرآن فهو لم يحضر نظرا لظروف الحزن التي تمر بعائلتهم بسبب وفاة راضي, فتداركت سلمى قائلة بابتسامة:
- لكن أكيد هنعمل فرح وهتكون انت وطنط وفاء وعمو نبيل أول الموجودين, وسهى طبعا...
انصرف كريم ملوحا بيده لهم ومشيرا لسلافة بيده علامة انتظاره لإتصال منها لموافاته بما يطرأ من أحداث..
دلفت سلمى الى المنزل مفسحة المجال لسلافة وغيث وشهاب باللحاق بها, أغلقت الباب وقالت وهي تمسك بأكياس الطعام من شهاب مشيرة لسلافة:
- انا عارفة انتم اكيد واقعين من الجوع, ياللا يا سلافة نحضر الغدا على ما يغسلوا ايديهم ووشهم..
تناول الجميع الغذاء وسط النقاش الدائر عما سيحدث, وكانوا قد قرروا المبيت الى الصباح حيث سيتقدم المحامي بالطعن للمحكمة..
بعد انتهائهم من تناول الطعام, اتجهت سلمى لتجهيز غرفة نوم والديها لشهاب وغيث بينما قامت سلافة بعمل الشاي..
همهم غيث ببضع كلمات لشهاب الجالس في غرفة الجلوس قبل أن يلحق بسلافة التي كانت تقف بالمطبخ تقوم بصنع الشاي لهم جميعا, تحدث غيث بهدوء يخالف ما يجيش داخله من تساؤلات تكاد تقتله لمعرفة الجواب عليها:
- انما انتي جاتك فكرة النسخ ديه كيف؟.
استدارت سلافة له وابتسمت ابتسامة صغيرة وأجابت وهي ترص أقداح الشاي فوق الصينية:
- أبدا.. كل الحكاية اني حسبتها في دماغي, الموضوع مش سهل, وأنا ما بحبش أسيب نفسي للظروف, بحب أحط كل الاحتمالات في دماغي, يوم ما أخدت السيديهات والفلاشة من مريم عملت لها كوبي وادتها لكريم في وقتها, بصراحة كريم ما سألنيش , أنا كل اللي قولتهوله عاوزاك تشيل الأمانة دي عندك لغاية ما أطلبها, وطلع فعلا أد الأمانة..
حاول غيث اخفاء غيظه من عباراتها التي تشي بإعجابها بكريم وقال وهو يقترب منها بنبرة صوت لم يستطع اخفاء حدتها المكبوتة:
- غريبة.. وايش معنى كريم يعني؟.
رفعت سلافة عينيها اليه وقطبت بابتسامة حائرة وهي تجيب:
- ماجاش في دماغي الا هو ساعتها, بصراحة هو اللي انا فكرت فيه وقتها, لأنه الوحيد اللي ممكن آآمن له في موضوع زي دا!!..
الى هنا وكفى.. سيكون ملعونا إن سمح لها بالاسترسال في اقصائه أكثر من هذا, ما معنى كلامها بأن هذا الـ كريم هو الوحيد الذي طرأ ببالها بل أنه هو الوحيد الذي تثق به؟, وما هو بالنسبة لها؟, هواء!, لقد كانا وقتها في حكم المخطوبيْن ولم تكلف خاطرها بإخباره بما حدث لولا أنه قد ضغط على والدها ليعلم ما بها وذلك بعد أن صرّح له جده بشكوكه حولها وحول عمه!..
مال عليها لتلفحها أنفاسا ساخنة تخرج من أنفه وفمه على حد سواء فكأنه التنين ينفث نارا من فمه, لتنظر اليه بريبة وهي تضع سخان الماء الكهربائي جانبا بعد أن صبت الماء فوق ورق الشاي في الأقداح, سألته وهي تعتدل واقفة أمامه:
- مالك يا غيث.. فيه حاجة؟, شكلك متنرفز!.
ليفاجئها بقبضة قوية على مرفقها جعلتها تشهق وتتسع عيناها ذهولا وحيرة فيما يتحدث هو من بين أسنانه المطبقة بغضب ناري لم يسبق له اختباره سوى منذ ان عرفها هي فقط:
- بجه كريم هو أجرب واحد منيكي وهو الوحيد اللي مأمناله؟, وأني أبجى أيه ان شاء الله؟, مش راجلك ومالي عينك ولا إيه؟..
تفاجئت سلافة من هجومه القوي ومن تفسيره لما أخبرته به بحسن نية وهتفت وهي تحاول التملص من قبضته دون جدوى:
- لا طبعا الموضوع مش كدا..
غيث بسخرية وهو يضغط على مرفقها ليقربها اليه:
- طب فهميني انتي يا زينة العرايس.. واحدة مخطوبة وتآمن لراجل تاني غير زوجها في حكاية واعرة إكده.. يبجى ديه اسمه ايه؟..
سلافة بحنق:
- اولا انت يومها ما كونتش معايا, تاني حاجة بقه لو حصل وكانوا مراقبين مريم هيعرفوا انها صاحبتي وعلى طول أي حد من عيلتي هيكون مشكوك فيه بالنسبة لهم لكن كريم بعيد خالص, محدش يعرف علاقتنا بيه غير ناس معدودين بس, عرفت بقه أنا ليه فكرت فيه هو؟, مش قلة ثقة فيك لكن لأن ما فيش غيره أقدر أثق فيه وفي نفس الوقت يكون بعيد عن الخطر!.
تهاونت قبضة غيث لتسحب سلافة ذراعها بقوة وكشرت وهي تفرك موضع قبضته, قال غيث مقطبا جبينه:
- يعني جصدك انك ما كونتيش عاوزة حد منينا يِعرف بالحكاية ديْ خوف منِّيكي علينا؟.
حدجته سلافة بنظرة غاضبة وقالت:
- انا ماحاكتش لحد يا ابن عمي الا لبابا بس, سلمى وماما معرفوش غير لما أغمى عليا من يومين, يعني لا قلة ثقة فيكي ولا فهيم, خوف وحرص مني مش أكتر, لكن للأسف اللي لاقيته منك شك وظنون ماكونتش أتوقع انك تفكر مجرد تفكير فيها..
استدارت تهم بالانصراف عندما سارع بوضع يده على كتفها لأيقافها وناداها بلهفة:
- استني يا سلافة..
وقفت معطية له ظهرها فاستدار حولها ليقف أمامها ليقبض على مرفقيها برفق ويميل عليها ناظرا في عينيها بعمق وهو يردف بابتسامة أسف صغيرة:
- ما.. ما تزعليشي مني, أني مش ممكن أشك فيكي واصل, ديه ما اسموشي شك..
ابتسمت سلافة نصف ابتسامة ساخرة وسألته هازئة:
- مش شك؟, اومال دا يبقى ايه ان شاء الله؟.
ليميل عليها مقربا وجهه منها حتى اشتم رائحتها العبقة وهو يجيب بصوت خافت أجش:
- إسمها.. غييييرة, ايه.. حرام إني أغير على مَرَتي؟, حبيبتي؟!, واللي في المستجبل ان شاء الله هتبجى أم اعيالي؟..
كان في كل كلمة من كلماته يميل أكثر باتجاهها حتى إذا أنهى قوله وهمت بالحديث خطف شفتيها في قبلة رقيقة كرفرفة جناح فراشة لم مكث إلا ثوان ولكنها قلبت حالها, ليعتدل بعدها ناظرا في عينيها وهو يردف بحرارة بينما تطالعه عيناها بنظرة عتاب رقيقة:
- ما تزعليشي مني يا بت عمي, صدجيني من وجت ما شوفته حدا المحامي وأني برج من عجلي طار, لازمن تفهمي إني بحبك جوي وإني بغير عليكي جوي جوي, كنت هنجن عشان أسألك وأعرِف منّيكي, فهمتيني يا بت عمي؟, هزت برأسها ايجابا في صمت فتابع بلهفة متسائلة:
- ما انتيش حمجانه؟.
لم تستطع سلافة الاستمرار في غضبها منه أكثر من ذلك وهو يقف أمامها كالطفل الذي يستجدي من والدته ألا تغضب عليه, لتبتسم ابتسامة صغيرة مجيبة وهي تلكم صدره بقبضتها الصغيرة لكمة خفيفة تأوه لها تأوها مصطنعا:
- لاه.. مش حمجانه!!..
ثم تابعت محاولة تلطيف الجو بالمزاح:
- انما صحيح أنا أول مرة أشوفك لابس جينز وتي شيرت, انت في البلد على طول بالجلابية أو لبس الخيل, ايش معنى يعني انهرده..عشان نازل مصر؟.
ابتسم غيث وقال وهو يحيط خصرها بذراعيه مشبكا أصابعه خلف ظهرها فيما تميل هي ناظرة الى عينيه بابتسامة ناعمة على ثغرها الوردي:
- أبدا, لكن أنا في نزولاتي مصر بلبس إكده, مع إني برتاح في التوب أكتر, لكن لمن باجي بيه مصر بحس كاني العمدة الكل بيعمل لي ألف حساب من غير ما يعرفوا أني مين؟
أجابت سلافة وهي تتطلع اليه بحب لمع دون أن تدري في عينيها لينير ليلهما السرمدي:
- انت يا حبيبي ليك هيبة.. أي مكان تروحه لازم يعملوا لك ألف حساب ولو كنت بالبيجامة حتى.. مش توب ولا قميص وبنطلون!
ليفغر غيث فاه ويتساءل بغير تصديق وذهول وهو يضغط عليها ليقربها منه:
- انتي جولتي إيه؟.
قطبت سلافة وأجابت بابتسامة حائرة:
- قلت ان شخصيتك جامدة ولك هيبة و...
قاطعها وهو يهز رأسه عدة مرات يمينا ويسارا:
- لاه لاه مش ديْ, جبلها.. جبل الجملة دي جولتي ايه؟.
لتبتسم سلافة وترد بمشاغبة:
- آه.. يعني عاوزني أعيد الشريط من الأول؟!..
ليجيب غيث بنفاذ صبر ورجاء:
- ايوة يا سلافة.. هاتيه من أوله.. من آخره.. م إمهم.. المْهِمْ تجوليها تاني!.
تصنعت عدم الفهم وقالت:
- بردو مش فاهمه..
ليتركها بحنق طفولي وهو يهتف:
- انتي بتجلعي عارفك أني زين, جال ماعرفاشي جال!, طب عيني في عينك إكده؟..
لتبتسم بخبث فما كان منه الّا أن نفخ بضيق واستدار ليهمّ بالانصراف عندما اقتربت منه كالنسمة الطرية وهمست بخفوت بجانب أذنه:
- حبيبي..
ليتسمر في مكانه بينما خرجت راكضة وهي تهتف ضاحكة:
- اعمل انت شاي تاني بقه دا أكيد بِرِدْ!!..
------------------------------------------------
في الصباح اتصلوا بالمحامي الذي أخبرهم بأنه قد تقدم بطلب للطعن في الحكم بقضية سامح وأنه سيوافيهم بالمستجدات أولا بأول, فقرروا الذهاب لتناول الغذاء قبل رجوعهم الى البلدة..
كانوا يتبادلون أطراف الحديث عندما جاءت سلافة مكالمة هاتفية من المحامي يخبرها بخبر زلزلها.. فقد وُجد سامح مقتولا في زنزانته!!..
ارتمت سلافة على المقعد خلفها وهي تنهار في بكاء حار حيث هرعوا ما ان سمعوا بالخبر الى المحامي لمعرفة التفاصيل, قال المحامي بأسف:
- للأسف واحد من المحكوم عليهم بالاعدام اتخانق معاه وراح ضربه بسكينة كان سرقها من مطبخ السجن!..
سلمى بانهيار:
- ازاي؟, ازاي يحصل حاجة زي كدا؟, احنا فين احنا هنا؟, معقول احنا في مصر؟, أنا حاسة اننا في شيكاغو, وان العصابة دي مافيا من اللي بنسمع عنهم في الافلام!..
المحامي بضيق بينما وقف شهاب بجوارها مربتا على كتفها وحذا حذوه غيث لسلافة:
- للأسف هما فعلا مافيا, لكن الخوف دلوقتي بقه عليكي انتي يا آنسة سلافة!..
طالعه الجميع بقلق وريبة ليتابع بأسف:
- واضح كدا انهم عرفوا كل حاجة عنك وقتلهم لسامح دليل انهم سابقينا بخطوة واحده, وبردو انهم عارفين ان الدليل معاكي انتي, فيا ريت تخلي بالك من نفسك..
ليهتف غيث بينما تلمع عيناه بشراسة:
- طب يبجى حد يفكر بس مجدر تفكير انه يجرب منيها وجتها يجول على نفسه يا رحمن يا رحيم..
اتجه شهاب الى أخيه وربت على كتفه قائلا بصرامة:
- مش لوحدك يا أخويا, انا كمان معاك...
المحامي بلهجة محذرة:
- ويا ريت تخلو بالكم.. واضح كدا انه فيه حد مراقبكم ومش بس كدا لا.. وعارف كمان انتو بتفكروا في ايه!, محدش كان يعرف بموضوع الطعن دا غيرنا هنا, انتو اتكلمتوا في الموضوع دا بعد ما خرجتوا من عندي مع أي حد؟.
ليتبادل الجميع نظرات التساؤل والريبة ويهتفوا بالنفي في صوت واحد:
- لا ما حصلش..
يهز المحامي رأسه ويقول:
- عموما خلوا بالكم..
-------------------------------------------------------
فتحت سلافة باب المنزل لتفاجأ به مقلوبا رأسا على عقب,فمنعها غيث هي وسلمى من الدخول ليدلف هو وشهاب ليتفقدوا المنزل وما أن تأكدوا من خلوه من أي شخص حتى سمحوا لهما بالدخول, تفاجئوا بالمشهد أمامهم, فمن الواضح أنه قد تم تفتيش المنزل تفتيشا تاما فكل شيء في غير مكانه, فالتلفاز مقلوب فوق الأرض وقد تكسرت شاشته البلازما, والمقاعد والكراسي حتى المطبخ لم ينجو من أيديهم, ووسط كل هذه الفوضى خرق الصمت السائد بينهم صوت استقبال رسالة على هاتف سلافة المحمول, لتقطب وتفتح الرسائل مستطلعة المرسل, لتفاجأ برقم غريب, ففتحت الرسالة لتقرأها لتفتح عينيها على وسعهما في ذهول لما تقرأه, انتبه غيث لحالتها فسحب الهاتف من يدها ليقرأ بصوت مرتفع:
- المرة دي إنذار بسيط.. ابعدي خالص عن القضية وانسي أنك كنتي تعرفي واحدة اسمها مريم, ولو زعلانة عليها أوي كدا.. احنا ممكن نعمل معاكي واجب ونخليكي تحصليها... وزي ما حصلها بالظبط, بس مش هتكوني لوحدك.. هيكون معاكي اللي يونسك.. أختك... الدكتورة سلمى!!..
لتشهق سلمى برعب وتحتضن سلافة بينما يتبادل غيث وشهاب النظرات التي تشي بغضبهم الوحشي ليخرق غيث الصمت قائلا بوعيد:
- وجسما بالله واللي عمري ما حلفت بيه باطل لأخليهم عبرة لمن لا يعتبر, وتار مريم وخطيبها وكل اللي ماتوا في رجبتي, ومش غيث الخولي اللي يفوت تاره واصل!..
ليعاجله شهاب وشرارات الغضب تطاير من بين دخاني عينيه:
- مش لوحدك يا غيث, ويمين بالله ما يتم فرحنا إلا لمن ناخد بتارنا يا ابن أمي وأبوي, عيلة الخولي عمرها ما تفرط في تارها مهما حصل!!..
لترفع سلافة وسلمى أعينهما إليهما بينما يشد غيث وشهاب على أيدي بعضهما, فالطريق للأخذ بالثأر قد بدأ ومنذ اللحظة, وسيأخذان بثأرهما كاااااااااااااملا !!...
- يتبع -

مملكة الغيوم 19-11-16 10:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مساءمعطر مزهر منور على احلى منمن
ليث واه اه من ليث كل ده شايله فى قلبك وساكت كويس ان جدران قلبك ما اتكلتش من كتر العشق هييييييييييييييييييييح وبيلا الهبيله ولا حاسه الله يرزئها العقل اللى تفهم بيه انك بتحبها حد الجنون
بيلا الغيره من وداد خلتها تتحرك زين زين حوطى على طيرك لا يروح لغيرك والصراحه الكل فاتح ايديه لليث الجريئ
شبل وعدنان فهمو اللى امهم عجزت عن استيعابه وهو حنية ليث وحبه لهم جميعا رغم الواجهه الجامده والبرود المفتعل
سلافه وغيث وتبادل اطلاق الحب وسلمى وشهاب ومشاركه فعليه لمواجهة المعركه المنتظره مع مافيا الاتجار بالاعضاء اللى بتهدد بوضوح لقتل البنتين لكن غيث وشهاب مهماش صعايده على الفاضى لا ده التار فى دمهم و بيجرى فى عروقهم موروث فى جيناتهم من جدود الجدود
تسلم ايدك منمن فى انتظار الاكشن القادم على نار مووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 20-11-16 08:06 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3667102)
السلام عليكم ورحمة الله
مساءمعطر مزهر منور على احلى منمن
ليث واه اه من ليث كل ده شايله فى قلبك وساكت كويس ان جدران قلبك ما اتكلتش من كتر العشق هييييييييييييييييييييح وبيلا الهبيله ولا حاسه الله يرزئها العقل اللى تفهم بيه انك بتحبها حد الجنون
بيلا الغيره من وداد خلتها تتحرك زين زين حوطى على طيرك لا يروح لغيرك والصراحه الكل فاتح ايديه لليث الجريئ
شبل وعدنان فهمو اللى امهم عجزت عن استيعابه وهو حنية ليث وحبه لهم جميعا رغم الواجهه الجامده والبرود المفتعل
سلافه وغيث وتبادل اطلاق الحب وسلمى وشهاب ومشاركه فعليه لمواجهة المعركه المنتظره مع مافيا الاتجار بالاعضاء اللى بتهدد بوضوح لقتل البنتين لكن غيث وشهاب مهماش صعايده على الفاضى لا ده التار فى دمهم و بيجرى فى عروقهم موروث فى جيناتهم من جدود الجدود
تسلم ايدك منمن فى انتظار الاكشن القادم على نار مووووووووووووووووووووووووواه

تسلميلي ملكة قلبي، بصراحة بعد حب ليث لسلسبيل دا كله وما تحسش يبقى البعيدة معندهاش دم ههههههههه..... وليث مش سهل وقالها.. مش هيسكت غير لما قلبها يستسلم له بالكامل..
ولاد عائلة الخولي... وحب بيكبر يوم عن يوم، وفي الازمات بتظهر المعادن الحقيقية للبشر، ولو كان فيه نسبة شك ولو 1% عند سلمى وسلافة انهم اتسرعوا بالموافقة على ولاد عمهم اعتقد انه بالازمة اللي هما فيها دي اثبتوا لهم انهم ما اتسرعوش ولا غلطوا، اما بالنسبة لعصابة المافيا فميعرفوش هما وقعوا مع مين.... عيلة الخولي قلبها ميت ما بيخافش... يخوّفوا لكن.... لا يخافوا!!!..
الاكشنات على رايك ابتدت وانتظروا مزيد ومزيد من المفاجآت في الحلقات القادمة.....
تسلميلي ملوكة... بانتظارك البارتات القادمة بأمر الله.. امووووووواه..

منى لطفي 23-11-16 05:46 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة الـواحدة والعشرون
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
كانت سلافة أول من خرق الصمت المتوتر السائد بينهم عندما اندفعت الى هاتفها المحمول وهي تضغط بعض الأرقام هاتفة:
- لازم نبلغ البوليس..
لتمنعها سلمى التي اندفعت اليها وهي تهتف بها فيما تسحب الهاتف من يدها:
- لا.. غلط..
قطب شهاب واتجه اليهما متسائلا:
- غلط ليه يا سلمى؟, المفروض البوليس يعرف عشان يبقى دليل ضد المجرمين دول؟.
سلمى بهدوء وهي تنقل نظراتها بينهم:
- عشان لو بلغنا يبقى احنا كدا بنقولهم اننا مش خايفين وطبعا هيتنقلوا لخطوة البلطجة اللي بعد كدا, دا غير أني متأكدة انه تبليغ البوليس مش هيثبت عليهم أي حاجة دول مش هواة دول مافيا بجد والقانون مش بيتعامل غير بالورق وبس حتى لو اللي بينفذ القانون دا مصدقنا لكن بردو لازم أدلة ملموسة مش محسوسة...
سلافة بتقطيبة:
- بردو مش فاهمه, وايه المشكلة لما يعرفوا اننا مش خايفين لأننا فعلا مش ممكن نخاف من شوية مجرمين زي دول؟
ليتدخل غيث في الحديث قائلا بجديته المعهودة وهو يتقدم منهم:
- لأننا لو ما بلغناشي الشرطة.. عيفهموا إن تهديدهم جاب نتيجة إمعانا واتهوشنا صوح, فهيبتدوا يتصرفوا بسِجَة زايدة ووجْتها عيغلطوا الغلطة اللي هتلف حبل المشنجة حوالين رجبيهم..
سلمى بابتسامة ظفر وهي ترفع إبهامها الى غيث:
- هو كدا يا ابن عمي..
ليعلو تعبير الاستنكار وجه شهاب ويتبادل النظر مع سلافة التي نقلت نظراتها بين اختها وخطيبها بدهشة فيما تحدث شهاب بصوت خرج ساخرا رغما عنه:
- ايه دا.. ما شاء الله كنتو بتشتغلوا في عصابة قبل كدا؟..
ثم نظر الى سلافة وتابع بابتسامة ساخرة:
- شكلي أنا وسلافة كدا هنتعلم منكم شغل العصابات على حق..
ليشعر غيث بالغيظ لحديث شهاب الذي جمع بينه وبين سلافته هو فأجابه بغيظ وقهر:
- لاه يا ولد يا بويْ ما تخافيش.. هتتعلموا كل حاجة.. ركز انت بس مع مراتك وفوت لي مرتي أني هفهمها كل حاجة...
قطبت سلافة ناظرة الى غيث بتساؤل قطعه صوت سلمى وهى تزفر بقلة صبر:
- دلوقتي إيدك معايا يا سلافة نروق الدنيا وبعدين نقعد نفكر في خطوتنا اللي جاية..
ليهتف غيث وشهاب في آن معا:
- انكم ترجعوا البلد...
لتهتف الشقيقتان بدهشة واستنكار تام:
- نعم!!..
كرر شهاب بزفرة حادة:
- أيوة أول ما النهار يطلع هنرجعكم البلد وما لكوش دعوة بعد كدا بالموضوع دا, أنا وغيث متكفلين بيه..
لتقاطعه سلافة بحدة:
- لا طبعا, الموضوع دا لو يخص حد معين يبقى يخصني أنا, ولو حد هيرجع البلد يبقى انت وأخوك وسلمى كمان, الموضوع دا موضوعي أنا والتار تاري أنا وانا متعودتش أهرب يا ابن عمي..
قطب غيث استهجانا وتقدم منها يقبض على مرفقها هاتفا:
- انتي بتجولي ايه يا سلافة؟..
لينظر شهاب الى سلمى بنظرة خاصة فينسحبا تاركين غيث وسلافة بمفردهما, لم يعي أيّاً منهما إنصراف شهاب وسلمى وبدلا من ذلك نظرت سلافة الى غيث وأجابت بانفعال:
- اللي انت سمعته يا غيث, احنا مش شوال بطاطا هترجعوه مكان ما جبتوه, في الأول والآخر دا موضوعي أنا, يبقى أنا اللي أقول مين يقعد ومين يمشي, وعاوز الحق أنا حاسة ان الموضوع دا ممكن ياخد في رجليه ناس مالهاش ذنب, عشان كدا الأفضل أني أتعامل فيه لوحدي, مش عاوزة أشيل ذنب حد!
نظر اليها مندهشًا بتعبيرات جامدة لثوان ليصرخ بها بانفعال تام بعد ذلك حتى أن عروقه قد برزت واضحة في عنقه وهو يقبض على مرفقها الآخر ليهزها بقوة بينما يعلو صوته ثائرا:
- انتي اتجنيتي إياك!, يعني ايه موضوعك لوحديكي ديه؟, أني جوزك يا هانم.. جوووووزك!, واعيه للكلمة ديْ ولا مواعياشي؟, أسيبك لوحديكي كيف في حاجة زي ديْ؟, ديه لو أني غريب عنيكي معملهاشي يبجى أعملها وإنتي مرتي؟, ليه مش شايفاني راجل جودامك ولا إيه؟..
حاولت سلافة الفكاك من أسر قبضتيه وعندما فشلت هتفت به:
- سيبني يا غيث, أنت اللي ابتديت, انت واخوك اللي عاوزين تشحنونا على البلد زي ما تكونوا بتشحنوا بضاعة, مريم دي تبقى زي سلمى أختي بالظبط, وتارها يبقى تاري أنا وأنا بس اللي هاخده, انت صعيدي يا ابن عمي وعارف يعني ايه تار, ومينفعش حد ياخد بتار حد تاني, تبقى عيبة كبيرة أوي ولا أنا غلطانة؟.
كشر غيث وهتف بها وهو يهزها حتى اصطكت أسنانها:
- افهمي يا بت عمي, من ساعة ما بجى طريجنا واحد مافيش حاجة اسمها تاري وتارك ولا حاجتي وحاجتك, احنا التنييين بجينا واحد, ولو عِملت اللي بتجولي عليه ديه يبجى أحسن لي ألبس ترحة وأجعد في الدار جنب أمي, ويبجى عيب لو اتسميت راجل بعد إكده!.
سكتت سلافة وهي تلهث بعدما فشلت في الافلات منه بينما تغيرت وتيرة صوته وضعفت قبضتاه ليقربها منه وهو يفلت مرفقيها ليحتوي خصرها بين ذراعيه القويتين ويردف وهو يغرق في ليل عينيها السرمدي:
- أنتي ازاي تتصوري اني أجدر أفوتك في الهم ديه وحديكي, لسّاكي يا بت عمي معرفاشي غلاوتك جد إيه؟, أني مش ممكن ههملك واصل يا سلافة, اتجنيتي انتي لمن تطلبي مني أفوتك وحديكي, أني مجدرش أتصور المجرمين دول ممكن يعملوا إيه, احنا بنتعامل مع ناس معيخافوشي ربنا, الود ودي أحطك جواتي وأغلج عليكي عشان أبجى مطمن عليكي, انتي ليه ما فهماش لحد دلوك أنتي بجيتي إيه بالنسبة لي؟!..
ابتلعت سلافة ريقها ونظرت اليه لتقابلها عيناه وهما يطالعانها بنظرة شوق وحب ملتهب بينما هناك في البعيد تقبع نظرة خوف وقلق لم يسبق لها وأن شاهدتها قبلا, حاولت التحدث لتشعر بجفاف في حلقها فرطبت شفتيها بلسانها الوردي قبل أن تجيبه بخفوت وعيناها تتضرعان إليه بالموافقة:
- بس أنا مقدرش يا غيث, مقدرش أسيب تار مريم, دي أمّنتني يا غيث, وأنا مش ممكن أخون الأمانة, وبعدين انت فاكر انك لوحدك اللي خايف عليا؟, أومال أنا ليه قلت لك انا اللي هكمل لوحدي؟, من خوفي عليك.... – سكتت قليلا ثم استدركت وهي تهرب بعينيها جانبا – عليكم, من خوفي عليكم يا غيث..
لتقربها يداه أكثر اليه ضاغطيْن على ظهرها ليلامس صدرها اللين عضلات صدره القوية فيما يجيب بأنفاس متهدجة وهو يطالع وجهها الفاتن:
- خايفة عليَّ يا بت عمي؟.
لتجيب وهي تشرد بعينيها بعيدا:
- لو.. لو ما خفتش عليك يا ابن عمي, هخاف على مين؟..
ثم أردفت ببراءة مفتعلة:
- وأكيد طبعا هخاف على سلمى أختي وشهاب ابن عمي..
ليزمجر غيث بحدة ويقول بينما تلتصق شفتاه بصدغها ليستنشق رائحة بشرتها الشبيهة برائحة الأطفال بل أنها تضاهي أيضا نعومة بشرتهم:
- مالكيشي صالح بشهاب ولد عمك, ليه حرمة تخاف عليه!.
صدرت منها ضحكة صغيرة لترفع عينيها اليه وتتساءل:
- انت بتغير من أخوك يا غيث؟.
ليجيبها بحنق:
- وأبويْ كمان..
فتحت فمها لتجيبه ساخرة ولكن توقفت الكلمات على طرف لسانها وتاهت منها أحرفها التي ابتلعها غيث في قبلة محمومة أودعها قلقه وعشقه و.. غضبه من تلك المتهورة العنيدة الحمقاء التي نجحت في أٍسر قلبه ليصبح أسيرها مدى الحياة...
تركها غيث بعد وقت طويل بعد أن شعر بحاجتهما للهواء, ثم اعتصرها بين ذراعيه وأسند ذقنه على خصلاتها الثائرة وقال بأنفاس لاهثة:
- يدي في يدك يا بت عمي.. وزي ما سبج ووعدتك تار مريم هناخدوه سوا.. مع بعض, مش عيلة الخولي اللي تهمل تارها واصل...
أغلقت سلافة عينيها وهي تستنشق نفسا طويلا, قبل أن تجيبه بخفوت قائلة:
- وأنا مش هسيب ايدك يا ابن عمي, وتار مريم هناخده سوا..
ليحتضنها بقوة أكبر وابتسامة هانئة ترتسم على وجهه الرجولي الوسيم زافرا براحة...
******************************
لاحقا بعد أن أعادت سلافة وسلمى ترتيب المنزل جلس الآربعة يتناقشون في خطوتهم المقبلة, قال شهاب بتفكير عميق:
- أهم حاجة دلوقتي لازم نفكر فيها.. مين اللي عرّف المجرمين دول أننا معانا نسخة تانية من الأدلة اللي اتحرقت؟, ومين اللي قالهم اننا طلبنا من المحامي انه يقدم طعن في قضية سامح الله يرحمه؟, فيه حد بيتجسس علينا وينقلهم المعلومات..
سلمى بتأكيد:
- فعلا يا شهاب, فيه حد عارف احنا بفكر ازاي وبينقلهم الأخبار علشان كدا هما سابقينا بخطوة, ولو عرفناه يبقى احنا اللي هنسبقهم المرة اللي جاية..
سلافة بهتاف منفعل:
- صح كدا, وبكدا يبقى احنا اللي بنتحكم في خطواتهم اللي جاية لأنهم هيتصرفوا بناءا على خطوتنا احنا..
غيث بتركيز:
- انما الشخص ديه يبجى مين؟, ما حدش كان عارف باللي دار بيننا وبين المحامي غيرنا احنا والمحامي و....
ليقاطعه شهاب هاتفا بقوة:
- وكريم!!..
لتهتف سلمى وسلافة باستنكار تام:
- مين؟, كريم!, لا طبعا...
زفر شهاب بحنق ونظر الى سلمى متسائلا بنزق:
- وليه لأ طبعا يا دكتورة؟, مين الغريب يومها واللي كان موجود غيره هو؟!..
قاطعته سلافة هاتفة بقوة:
- لا طبعا.. كلامكم دا ما يدخلش العقل, إلا كريم!..
لتساندها سلمى بقوة موازية لقوتها ونفي قاطع لما قاله شهاب وأيّده غيث:
- طبعا إلا كريم, أنا ممكن أشك في أي حد تاني أنما كريم من رابع المستحيلات انه يعملها!..
شهاب بحنق وحدة بالغين:
- أفندم؟, يعني ايه تشكي في أي حد تاني دي ان شاء الله؟, يعني ممكن تشكي فيّا أنا مثلا ولا في غيث انما سي كريم لأ؟
زفرت سلمى بضيق وأجابت:
- لا طبعا ايه اللي انت بتقوله دا, أنا بس عاوزة أفهمكم إنه مش ممكن أبدا كريم يعمل كدا...
هتفت سلافة تقاطعها:
- من الآخر لو شكيتوا في كريم يبقى كأنكم بتشكوا في حد فينا بالظبط!..
نظر اليها غيث باستهجان ثم تبادل نظرات الاستنكار بينه وبين شهاب بينما تناولت سلمى هاتفها النقال وقالت وهي تضغط بضعة أرقام:
- أنا هثبت لكم حالا...
تبادل غيث وشهاب نظرات التساؤل التي سرعان ما تبدلت الى نظرات إجرامية في عيني شهاب وهو يسمع سلمى تقول بهدوء ينافي انفعالها السابق وابتسامة صغيرة تعتلي ثغرها الوردي:
- أهلا يا كريم إزيك أخبارك واخبار طنط وعمو إيه؟, - سكتت قليلا لتنصت إلى الطرف الآخر قبل أن تتابع قائلة – معلهش يا كريم كنا عاوزينك تيجي عندنا شوية, آه عندنا هنا في البيت, احنا كلنا موجودين, آه في حاجة حصلت وعاوزين نقولك عليها, اوكي في انتظارك..
لتنهي المكالمة وترفع عينيها ناقلة بصرها في الوجوه أمامها وهي تقول بهدوء:
- كريم جاي, مسافة السكة وهيكون هنا...
وقف شهاب بالتصوير البطيء وهو يقول بذهول:
- انتي ايه اللي عملتيه دا؟
رفعت سلمى عينيها اليه لتتساءل بدهشة:
- عملت إيه؟..
هتف شهاب بنزق:
- انتي هتستعبطي؟, ازاي تكلميه واحنا لسه بنقول اننا شاكين فيه؟..
نهضت سلمى واقفة يتبعها سلافة وغيث بينما وقفت هي تجيب بحدة:
- لو سمحت يا شهاب بلاش طريقة الكلام دي, وبعدين أنا معملتش حاجة غلط كريم معانا في الموضوع دا من الأول, كان هو أول واحد فكرت فيه سلافة قبل أي حد مننا كمان.. لتلوح نظرة غضب وقهر من غيث الى سلافة التي أشاحت بنظراتها بعيدا فلا الوقت ولا المكان يسمحان بمزيد من الحوارات الجانبية بينما توعدتها نظراته بعقاب قوي آنفا..
انتبهت سلافة الى سلمى التي أردفت قائلة:
- وبعدين أظن لو فيه خطر فعلا علينا يبقى كريم هيكون معانا في الخطر دا, لأنه مش ممكن يكون العصابة عرفت اننا رجعنا تاني ننبش في القضية وعرفت بالأدلة من غير ما تعرف الأدلة نفسها كانت مع مين؟..
عاجلها شهاب بحدة:
- عشان كدا بشك فيه, ايش معنى دلوقتي بعد ما طلبناه ييجي ومعاه الدليل يحصل اللي حصل؟, هو الوحيد اللي كان يعرف باللي عاوزين نعمله؟
عقدت سلمى ذراعيها ونظرت اليه ببرود قائلة:
- أهو كلامك دا دليل براءة كريم!, لأنه ببساطة لو كان كريم زي ما بتقول معهم كان إيه اللي هيخليه يستنى لما سلافة تطلب الدليل اللي معاه كان سلم اللي عنده للعصابة من الأول...
غيث بزفرة ضيق ناهيا الجدل المحتد بينهما:
- عموما هو جاي دلوك والمايه تكدب الغطاس...
اتجه شهاب بخطوتين حازمتين الى سلمى وقبض على مرفقها مجبرا إياها على السير معه وهو يلقي بكلمات الى غيث وسلافة دون الالتفات اليهما:
- معلهش يا جماعه بعد إذنكم, عاوز مراتي في كلمتين كدا..
واتجه بها إلى غرفتها هي وأختها تاركا غيث ينظر بنظرات حادة الى سلافة التي هربت بعينيها بعيدا...
دخل شهاب ساحبا سلمى معه وأفلتها بالداخل فوقفت تطالعه بدهشة واستنكار بينما أغلق الباب خلفهما واتجه اليها بخطوات قوية ليقف أمامها يطالعها بنظرات نارية وقبل أن تهم باطلاق كلماتها الحادة في وجهه عاجلها بصوت منخفض ينبأ بغضب وحشي مكتوم:
- أقدر أعرف هتفضلي لغاية امتى تتجاهلي وجودي ولا كأني جوزك؟!..
نظرت اليه باستنكار وأجابت:
- وايه اللي حصل ان شاء الله خلاك تقول كدا؟, اني دافعت عن كريم؟ كريم اللي انا أعرفه وواثقة فيه زي ثقتي في نفسي بالظبط؟!..
لتتبع جملتها شهقة ذهول وهي تراه ينقض عليها معتصرا ذراعيها بقبضة قوية وهو يهتف بانفعال حاد:
- مين دا اللي زي نفسك؟, انت اتجننتي أكيد؟, لآخر مرة ايه اللي بينك وبين اللي اسمه كريم دا بالظبط؟, أنت فاكراني ناسي انه كان عاوز يتجوزك؟, أنت بلسانك قلتيلي كدا لما سمعت مكالمته ليكي, ناسية ولا أفكرك؟..
نظرت اليه سلمى باعتراض وهتفت بحنق:
- انت بتقول ايه؟, معقول توصل بيك انك تتهمني اتهام زي دا؟, يعني ايه بيني وبين كريم حاجة؟, انت واعي للي بتقوله؟, وبعدين مين اللي قال انه كريم كان عاوز يتجوزني؟..
شهاب بانفعال تام وعصبية مفرطة:
- انتي هتجنينيني؟, هو مش سبق وكلمك في موضوع الجواز وانتي بنفسك اللي قلتيلي؟..
نظرت اليه سلمى وقد هدأت حدتها وأجابته بنزق:
- أيوة بس ما كونتش أنا العروسة!..
لتبرد نار غضبه قليلا وترتخي قبضته لذراعيها وهو يتساءل بتقطيبة عميقة بين حاجبيه:
- أومال مين؟.
هرتب بنظراتها وهي تجيب:
- نهلة صاحبتي!, دكتورة زميلتي معانا في المستشفى, هي اللي عاوز كريم يخطبها...
ساد السكون عقب كلماتها تلك لم يخرقه سوى صوت أنفاسه الثائرة, ليميل برأسه اليها فتضرب أنفاسه الساخنة صفحة وجهها القشدية وهو يعيد كلماتها بجمود:
- نهلة زميلتك؟, كريم كان عاوز يتجوز نهلة زميلتك وانتي سيبتيني أفتكر انه قصدك أنتي؟..
رفعت عينيها اليه تعارضه هاتفة بقوة:
- أنا ما سيبتكش تفتكر حاجة, وقتها لو تفتكر كويس انت ما ادتنيش فرصة اني أشرح لك حاجة وحطيت تصور معين في دماغك اتصرفت على أساسه, وبعدين دا مش موضوعي أنا عشان أقولهولك, أعتقد شخصية العروسة اللي عاوزها كريم ما تهمكش في حاجة؟!..
ليهتف بها بانفعال تام وهو يقبض على خصرها معيقا ابتعادها عنه:
- انتي بتستهبلي؟, تفرق طبعا!, لما أفتكر انه قاصدك انتي.. الوحيدة اللي اتمنيتها زوجة ليا, والوحيدة اللي قلبي حبها, يبقى ساعتها ممكن أعمل أي شيء علشان أضمن انها ما تضيعش من إيدي, وأكيد انتي كنت بتضحكي في سرك وانتي شايفاني قودامك هتجنن كل ما ييجي في بالي انه الكلام كان عليكي أنتي, مفكرتيش انك تصارحيني وتخلي أعصابي تهدى, انتي عارفة أني كنت ممكن أرتكب جناية لو كان فعلا اتقدم لك بجد؟.
نظرت اليه مصعوقة وتمتمت بذهول:
- ايه؟, جناية!..
أكد بهزة من رأسه وهو يقربها اليه محتويا جسدها الضئيل بين ذراعيه:
- طبعا جناية, يا روح ما بعدك روح.. وانتي أغلى من روحي كمان!..
امتقع وجهها خجلا من حديثه الصريح واعترضت بضعف هامسة:
- شهاب أنا...
ليقاطعها بإلحاح وشوقه يستعر في نظراته الجائعة اليها:
- إنتي ايه بس؟, حاسة بيا؟, حاسة انتي بقيتي مهمة أد إيه في حياتي؟, صعبة اوي يا سلمى انك تريحيني ولو بكلمة؟!, كلمة واحدة تهدي مشاعر الخوف اللي جوايا!..
همست بذهول تطالعه بغابات الزيتون خاصتها:
- خوف؟!..
ليكرر بقوة:
- طبعا خوف!, طول ما أنا مش مطمن أنا بقيت ايه عندك وانا حاسس انك ممكن في لحظة تبعدي, أنا متأكد من نفسي كويس أوي وأني مش ممكن أسمح لك انك تبعدي ولو للحظة واحدة, بس البعد مش شرط يبقى بالجسم ممكن نكون في نفس المكان وبنتنفس الهوا نفسه لكن انتي بعيده عني بقلبك ومشاعرك, صدقيني البعد دا بيكون صعب اوي, مهما بقيتي جنبي لكن مشاعرك وعواطفك بعيدة عني هفضل حاسس ببعدك عني!
سكتت قليلا تطالعه بنظرات غير مصدقة لما تراه في عينيه من صدق صاف, وما تلمسه من توق في نبرات صوته بينما تقربها يديه ليحتويها بين أحضانه فيستند برأسه على مقدمة شعرها مغمضا عينيه زافرا بتعب ليسمع همسة خافتة منها جعلته يعقد جبينه ويفتح عينيه ناظرا أمامه قبل أن يتساءل بخفوت:
- انتي بتقولي إيه؟
لتعيد على مسامعه كلمتها الساحرة والتي كان لها مفعول السحر بالنسبة له:
- عمري ما هبعد!..
أبعدها عنه قليلا قابضا على كتفيها بقوة وهو يهتف غير مصدق:
- سلمى.. انتي بتقولي إيه؟..
لتطالعه بعينين تلمعان بينما تخضب وجهها بلون أحمر فتنه وهي تعيد بابتسامة خجل وهمس خافت:
- بقولك اني عمري ما هبعد ولا هسمح لك انك تبعد عني...
ليحتضنها بقوة بين ذراعيه مطلقا تأوها عال بينما تتشبث به بدون وعي منها لتسمعه يهتف باسمها بشوق ملتهب قبل أن يهبط بوجهه الى وجهها مقتنصا شفتيها في قبلة حارة أودعها كل ما يعتمل في قلبه من عشق لم يكن يعتقد بوجوده ولكنه لم يلبث أن وقع أسيرا له ما ان وقعت عيناه أسيرة لغابات زيتونية في يوم صيفي ساخن!!..
************************
حضر كريم في الموعد وجلس الجميع يتباحثون بشأن الأحداث الجديدة التي طرأت, وسط نظرات الريبة التي كان يلقي بها غيث وشهاب الى كريم من حين لآخر والذي لم ينتبه اليها على عكس سلافة وسلمى اللتان كتمتا زفرة ضيق من إصرار شهاب وغيث على الشك بكريم!!..
تساءل غيث وهو ينظر الى كريم بقوة:
- انما تفتكر مين اللي ممكن يكون بيتجسس علينا وينجل أخبارنا لولاد الفرطوس دول؟!..
كريم بحيرة حقيقية وتقطيبة عميقة:
- بصراحة هي حاجة تحير فعلا..
ثم التفت الى سلافة متسائلا:
- المحامي دا يا سلافة انتي واثقة فيه كويس؟
قطبت سلافة وأجابت:
- معتقدش يا كريم انه يكون له يد في اللي حصل, هو لو كان عاوز يوقف الموضوع أبسط حاجة ما كانش اقترح علينا اننا نطعن في قضية سامح الله يرحمه, لكن هو اللي لفت نظرنا لحاجة زي دي...
شهاب بتفكير عميق:
- طيب نرتب أفكارنا سوا.. يومها الموجودين كنا احنا والمحامي وانت يا كريم جيت بعد شوية, ما لاحظتش أي حاجة في مكتب المحامي قبل ما تدخل؟!.
نفى كريم بهزة من رأسه قائلا:
-لا ما لاحظ...
ليبتر عبارته وهو يقطب بدهشة وعدم تصديق:
- معقولة؟..
ليهتف به غيث بينما تحفز الباقون لسماع باقي حديثه:
- معجولة ايه يا كريم؟..
أجاب وهو يتذكر ما حدث يومها:
- يومها بعد ما سلافة كلمتني انا جيت على طول, دخلت المكتب ما لاقيتش حد قاعد على مكتب الوكيل استغربت ولما لافيت عشان ادخل لاقيت الوكيل وهو واقف قودام باب المكتب وأول ما شافني زي ما يكون ارتبك شوية, لكن أنا ما أخدتش في بالي بصراحة, وبعدين دخل عليكم وسمعته بيقول للمحامي انه الدكتور كريم بره وعاوز يقابله!, وقتها استغربت عرف منين اسمي من غير ما يسألني؟, لكن رجعت تاني وقلت يمكن خمن لأنكم كنتم منتظريني فافتكرت المحامي ساب له خبر أول ما آجي يدخلني على طول!!
هتف شهاب بانتصار:
- تمام كدا, هي دي الحلقة المفقودة, الوكيل هو الجاسوس, وأكيد المحامي بلغه بموضوع الطعن في القضية دا إذا ما كانش طلب منه انه هو اللي يروح يقدم الطعن, لأنه دا مش عاوز محامي شاطر ولا حاجة, تقديم الطعن حاجة روتينية والمحامي يحضر الجلسة لما تتحدد..
هتفت سلمى:
- معنى كدا يبقى لازم نقول للمحامي ونحذره!..
غيث بجدية وعيناه تبرقان بشر:
- لاه.. مش لازمن يعرف دلوك, أساسا المحامي ما عادلوش لزوم في جضيتنا, بالعكس بجه احنا ممكن نستفيد منيه اننا نوصل عن طريج الكلب اللي بيشتغل إمعاه معلومات غلط ينجلها للمجرمين دول, وبكده نضمن اننا احنا اللي سابجينهم بخطوات كومان مش خطوة واحدة..
هتف شهاب بحماس:
- تمام يا غيث...
ليردف غيث بعزم:
- باجي خطوة واحدة بس, وديه اللي هتخلينا نوصلهم لعجر دارهم ما عنستناشي لمن يجونا هما!..
قطب كريم في حين تساءلت سلافة بتقطيبة حائرة:
- هي ايه الخطوة دي يا غيث؟!..
لتبرق عينا غيث بعزم وهو ينطق باسم واحد قطب له شهاب بقوة, فهذا الاسم لمن يعلمه جيدا يعني أن غيث قد قرر دق طبول الحرب بل واعلانها قريبا.. قريبا جداااا:
- جابر... جابر زيدان!!..
***********************
كان ليث يجلس في جناحه عندما هاتفه غيث بينما كانت سلسبيل بالأسفل بصحبة والدته والأطفال, تلقى ليث المخابرة الهاتفية بحبور مجيبا:
- هلا بولد العم, كيفك وكيف اخبارك واخبار شهاب, جرى ايه يا غيث انت روحت وجولت عدوا لي؟, عوجتوا جوي يا ولد عمي..
لتدور بعد ذلك المحادثة الهاتفية كالتالي:
غيث:
- معلهش يا ولد عمي ظروف هي اللي شاغلانا, بجولك يا ليث أني جصدك في خدمة...
ليث بجدية وقد اعتدل في جلسته بعد أن كان متكئا على وسادة جانبية فوق الأريكة العريضة:
- اؤمر يا ولد العم..
غيث بجدية بالغة:
- عاوز لك تشيع لي نفر من عنديك, انت اللي هتعرف اتجيبه من تحت الأرض..
قطب ليث وتساءل:
- اعتبره عنديك, انما مين ديه؟.
ليجيبه غيث بحزم فيعلم ليث ما أن سمع إسم الرجل الذي يطلب غيث إحضاره على وجه السرعة أن الأمر جد خطير:
- جابر.. جابر زيدان..
هتف ليث:
- فيه ايه يا ولد عمي عشان تطلب جابر؟
غيث بزفرة عميقة:
- فيه كتير يا ولد عمي, كتير جوي, أني عارف انه جابر زيدان هو اللي ساعدك انك توصل للمحروج عسران اللي جتل راضي الله يرحمه, وخلانا عرفنا ناخدوا بتارنا, ودلوك فيه تار تاني تار لينا احنا يا ولد عمي, ولازمن أخده!.
ليث بحمية عالية وهو ينهض واقفا:
- ايه الحكاية يا غيث؟, جولي يا ولد العم, أني ما هنساشي انك انت اللي وجفت معايْ وأني باخد بتار المرحوم راضي..
غيث بهدوء:
- ما تشغلشي بالك يا أبو شبل, شهاب امعايْ, لكن ما هوصيكِش... مش عاوز حد يِّعرِفْ بجابر زيدان, أني ما هجولش لحد واصل, أبويْ وعمي رؤوف فهمتهم انه المسألة اللي جايين عاشنها مصر امطولة شوي, المهم جابر يكون عندي انهاردِه جبل نهار بكرة يا ليث..
ليث بقوة:
- ولا يهمك يا ولد العم, ما حدش هيعرف حاجة واصل, وجابر أني عارف أراضيه فين واعتبره عنديك من دلوك..
أنهى ليث المحادثة الهاتفية وقد شعت عيناه ببريق شرس, خطى ناحية باب الغرفة وما إن فتحه حتى وقعت سلسبيل بين ذراعيه!..
رفعت عينيها اليه بينما ضغطت يداه بدون وعي منه على خصرها في حين هتفت سلسبيل بتلعثم:
- ما تواخذنيش يا ولد عمي ما كونتيش أعرِف انك خارج..
ابتسم ليث وأجاب وهو يميل ناظرا في القهوة الذائبة لعينيها:
- ولا يهمك يا بت عمي, أني اللي كنت مستعجل..
ابتلعت سلسبيل ريقها ثم حاولت دفعه بعيدا براحتيها الصغيرتين وهي تقول:
- طب عشان مش أعوِّجَك, أني كنت جاية عسألك هتتغدى دلوك؟, عمي انهارده هيتغدى عند جدي عبد الحميد ومرت عمي مع أمي في دارها وجالت لي أسألك..
ليث بابتسامة مكر:
- يعني لوما مرت عمك جالتلك تسعليني رايد أتغدى ولا لاه كنت هتهمليني من غير غدا؟!
رفعت عينيها اليه وأجابت لهفة صادقة:
- لاه, كنت هسألك برضك..
طالعها ليث بنظرات أذابت أطرافها, فهي منذ تلك الليلة التي ادعت فيها المرض كعقابا له لذهابه الى مقهى تلك الغازية وهي لم تقترب منه ثانية, فقد أيقنت أن العقاب لن يكون سوى لها هي!, ولكنه من يومها وهو يتعمد الاقتراب منها حتى توشك على اسقاط حصونها الدفاعية ليبتعد سريعا, وقد أنهكتها لعبة الكر والفر تلك التي يتقنها, تماما كما الليث الذي يحاور فريسته قبل أن تقع بين براثنه!..
همس ليث بأنفاس متهدجة وقد بدأت دقات قلبه تعلو من قربها المعذب له:
- تسلم يديكي يا بت عمي انما معلهش أني ما رايدش أكل دلوك, عندي مشوار ضروري...
نظرت اليه وتساءلت بتقطيبة:
- هتخرج من غير ما وكِلْ!, للدرجا دي مشوارك إمهم؟!.
ليث بتأكيد:
- وأكتر من المهم كومان!..
قطبت سلسبيل وهي تتعجب من هذا الأمر الهام الذي يستدعي ذهابه على جناح السرعة بدون أن يتناول غذائه, إلا إذا كان سيتناوله في مكان آخر!, ولدى هذا الخاطر الذي ضرب عقلها كتمت شهقة كادت تفلت منها, أمعقول أن يكون ذاهب الى تلك الغازية؟, أهذا هو الأمر الملح الذي لا يحتمل التأجيل؟, لماذا؟, أيكون مدعوا لديها على الغذاء؟, عصفت بها الشكوك ولم تعلم أن حيرتها ظهرت جليّا على وجهها ليتساءل ليث بتقطيبة:
- مالك يا سلسبيل.. بتفكري في إيه؟..
لتهتف به قبل أن تخونها شجاعتها:
- فين المشوار ديه يا ليث؟.
قطب باستنكار هاتفا:
- باه.. ايه السؤال ديه يا سلسبيل؟, من ميته وانتي بتسعليني أسئلة اكده؟.
هتفت سلسبيل وقد ترسخت فكرة أنه في سبيله للقاء تلك الغازية المغوية في ذهنها:
- أني مش أبجى مرتك يا ليث؟!, يبجى حجي أعرف انتي رايح فين وحدا مين؟.
فضغط بيديه على خصرها بقوة جعلتها تئن متألمة وهو يهتف بحدة:
- ماحدش له الحج أنه يسأل الليث رايح فين وجاي منين حتى ولو كان مرَتُه!, ولو ع الحجوج فبلاش تفتحي باب ما انتيش جدِّيه, جبل ما تشوفي اللي ليكي شوفي اللي عليكي يا بت عمي!
ليزيحها جانبا ويخطو باتجاه الباب فتنتبه سلسبيل سريعا لتسبقه واقفة أمام الباب وهي تفرد ذراعيها الى الجانبين يمينا ويسارا معيقة خروجه وهي تقول باصرار:
- برضك ما انتش خارج يا ليث غير لمن تجولي رايح فين الاول؟.
زفر ليث بحنق وهو يهتف ناظرا الى الأعلى:
- اللهم طولك يا روح..
ثم عاد بنظره اليها قائلا بتحذير قوي:
- بعدي من وشي يا سلسبيل أحسن لك, أني العفاريت الزُّرج ابتتنطط جودامي الساعا ديْ..
سلسبيل بعناد غريب عنها وقد رمت بحذرها عرض الحائط وهي تتراءى أمامها صورته برفقة تلك الغانية:
- انت مش رايد تجولي ليه, رايح لها صوح؟, رايح عنديها يا ليث؟..
قطب ليث وهتف بغيظ:
- انتي اتجنيتي يا سلسبيل؟, هي مين ديْ اللي هروح لها؟, انتي اتخبطتي في نافوخك باينِّك!..
هتفت سلسبيل بدون وعي:
- وداد.. الغازية يا ليث!, اني عارفه كل حاجة, عارفة انك ليلاتي حداها في الجهوة, عارفة انه عينها منيك وانها يوم المنى عنديها لمن ترضى عنيها!..
قبض ليث على ذراعها بعنف وهتف من بين أسنانه المطبقة وعيناه تبرقان بشر:
- انتي واعية للي بتجوليه؟, وداد إيه وغازية إيه؟, انتي بتحاسبيني يا سلسبيل؟, لآخر مرة بجولك اجصري الشر ووخري من جودامي ماذا وإلا ما عتلوميش الا نفسك!..
ولكن سلسبيل كانت في واد آخر فقد تسلط عليها هاجسها أن ليث في طريقه الى تلك الغانية والتي رأتها بعد أن اصطحبت معها وردة الخادمة لتشاهدها من بعيد لتترسخ صورتها الطاغية الأنوثة في ذهنها, ولتعلمها وردة ببضع كلمات أن هناك بعض الأقاويل المتناثرة من أن ليث الخولي قد ابتاع لها شقة سكنية في مدينة قنا المجاورة وأنهما يتقابلان فيها سرًّا, ولكنها نهرتها وقتها فليس ليث الخولي من يفعل شيئل بالخفاء, وأمرتها ألا تكرر هذه الكلمات الخرقاء ثانية وإلا فأن حسابها معها سيكون عسيرا, ولكنها لا تستطيع أن تنكر تلك النار التي اندلعت داخلها لدى سماعها تلك الأكاذيب الفاضحة والتي تجمع بين زوجها وتلك الساقطة, وما يزيد في اشتعال تلك النيران الصور التي تتراءى لها بين هذه الفاتنة المغوية وهي تجلس الى زوجها كل ليلة تطالعه بعينيها الناعستين تلك, وأي رجل يجري الدم في عروقه لن يستطع تجاهل دعوتها الفاضحة, هي على يقين من أن ليث لن يقترف الخطيئة, ولكنها تعلم أيضا أنه رجل بكل ما للكلمة من معنى, وأنها تمنعه حقه فما المانع أن يشبع رغبته لدى تلك الغانية حتى ولو تزوجها زواجا عابراً !!..
وضعت سلسبيل راحتيها فوق صدره ورفعت نظراتها اليه تتحدث وصوتها تلونه نبرة رجاء لم تخطئها أذنه بينما يطالعها بنظرات ذاهلة لا يعلم أيضربها أم يعتصرها بين ذراعيه ولكن ما يعلمه جيدا أنها ليست بحالتها الطبيعية, قالت بيأس وعينيها تنظران إليه بضراعة وكأنها قد أضحت سلسبيل أخرى من صنع يديه هو:
- عاجبتك يا ليث؟, جدرت تملا دماغك يا ولد عمي!..
قبض على راحتيها المتشبثتان بمقدمة ثوبه وهو يهتف بها بينما تهدجت أنفاسه محاولا إخماد تلك الرغبة الحارقة التي تشتعل في أحشائه ملحة عليه أن يشبع توقه منها:
- أنتي شايفاني راجل ناجص إكده؟.
لتهتف نافية وهي تفلت يديها من قبضته تكتم بهما فمه ناظرة إليه بنفي تام:
- لاه.. لا عشت ولا كونت لو ظنيت فيك ظن السوْ يا ولد عمي, بس بس ريِّحني.. انت رايح عنديها صوح؟.
تمتم ليث بلعنة من بين شفتيه قبل أن يزيح يديها جانبا ويحتويها بعنف بين ذراعيه وهو يهتف بها بصوت أثخنته رغبة حارقة بالنهل من رحيق تلك الشفاه التي ذهبت بعقله:
- انتي لساكي معرفاشي مين اللي أني رايدها يا بت عمي؟..
ليتهدج صوته الى نبرة منخفضة وهو يتابع بأنفاس ساخنة بينما غرقت عيناها في فحم عينيه المشتعل:
- لساكي ما وعياشي يا سلسبيل؟.
همست بنبرة خافتة وهي تطالعه بنظرات حائرة سلبت لبه:
- جصد....
ليقاطعها فمه ملتهما باقي حروف كلمتها وتفاجئه وتفاجئ نفسها باستسلامها اللحظي وكأنها كانت تستجدي هذا العناق منه لينهي مخاوفها, وتغوص معه في عناق حار أبحر بها في عالمه هو.. عالم ليث وحده, ولكنها فوجئت به وهو ينهي عناقه بغتة تماما كما بدأه وهو يطالعها بنظرات تلمع بينما يقول وسط أنفاسه اللاهثة:
- فكري في السؤال زين يا بنت عمي, ولمن أرجع عاوز أعرفك جوابك, وأهم سؤال تجاوبيني عليه.. ليه حرجة جلبك جوي إكده.. واجهي نفسك يا بت عمي, ولمن تعرفي اللي انتي رايداه صوح, وجتها هيبجى لينا كلام تاني..
وفك يديها المعقودتين حول عنقه بينما تطالعه بنظرات دهشة حائرة قبل أن يندفع خارجا وكأن الشيطان يركض في أعقابه, فقد كان تركه لها من أصعب ما قام به, ولكنه لن يحتمل أن تتراجع كما المرة السابقة متهمة إياه بانتهاز الفرصة, فسلسبيل لا بد لها من مواجهة نفسها بما تريده بالفعل!...
بينما وقفت سلسبيل تطالع في أثره وهي تلمس شفتيها المنتفختين بأصابعها فيما يكسو الذهول ملامحها فالآن والآن فقط قد ضربتها الحقيقة الواضحة والتي كانت تهرب منها منذ زمن... فهي تحبه... هو.. ليثها!, ولن تقبل به شريكة لها, وستحارب أية أنثى تعتقد أنه بوسعها الاستحواذ عليه, وأقسمت بداخلها أن تزيح هذه الغازية من طريقها.. فقد آن لها أن تعلم بأن زوجة الليث ما هي إلا... إمرأة الليث قلبا وقالبا.. وقد تفتك بكل من تسول لها نفسها مجرد الاقتراب من... أسدها هي !!..
*****************************
تعالى صوت طرقات على باب المنزل فسارع غيث بفتحه ليهتف في دهشة:
- ليث!..
ابتسم ليث قائلا:
- ايه هنفضلوا واجفين ع الباب إكده ولا إيه؟.
جلس شهاب وغيث برفقة ليث بعد الترحيب به بينما انصرفت سلمى وسلافة لتحضير الطعام, قال ليث بعد أن انتهى غيث من سرد الحكاية له كاملة:
- يبجى اللي لازمن نعرفه دلوك, مين هما الناس دول؟, وبيشتغلوا لحساب نفسيهم ولا لحساب حد تاني, وديه اللي جابر هينفعنا فيه, هو جه امعاي بس هملته في الأكانده وجيت لكم على إهنه عشان أعرف الموضوع الاول...
تم الاتفاق على أن يذهب الرجال لرؤية جابر وبالفعل ما أن انتهوا من تناول الطعام حتى ذهبوا اليه مع تشديد غيث وشهاب على الأختين بعدم الخروج نهائيا أو فتح الباب لأيّ كان...
انتهت المقابلة مع جابر الذي وعدهم بسرعة حصوله على المعلومات المطلوبة, ليعود الجميع الى المنزل باستثناء ليث الذي مكث بالفندق مع جابر...
مر يومان اتصل المحامي خلالها بسلافة والتي أوهمته أنهم يعيدون التفكير ثانية في الأمر فقد استشعروا الخوف من هؤلاء الناس وكان هذا الجواب ما سبق واتفقوا عليه لعلمهم بأن وكيل مكتبه سيسارع بنقل المعلومات الى العصابة, بينما توصل جابر الى معلومات خطيرة أهمها أن صاحب المستشفى الذي يقوم بسرقة أعضاء المرضى هم عبارة عن مجموعة من رجال الأعمال المتعددة الجنسيات يرأسهم في مصر شخصية مشهورة ذيع عنها كثرة أفعال الخير ولكنها في الحقيقة ما ذلك الا ستار يخفي وراؤه جرائمه.. شخصية كان لاسمها وقع كبير في نفوسهم فهي من الشخصيات البارزة بل والهامة.. إنه.. حامد رشوان.. من أشهر رجال الأعمال في مصر, بل أنه يمتلك امبراطورية ضخمة كالأخطبوط تمتد أذرعها في كل مكان سواء داخل البلد أو خارجها!!..
تلقى غيث مكالمة هاتفية من ليث انطلق على أثرها اليه بينما همس لشهاب بعدة كلمات انطلق شهاب من فوره بصحبة سلافة وسلمى الى منزل في منطقة نائية وعندما سألته سلمى عن سبب انتقالهم فأخبرها انه للأمان كما أنه نوع من الخداع للعصابة فمن المؤكد أنهم مُراقبون من قِبلهم وسيعتقدون أنهم قد عادوا الى البلدة خاصة وأن المنزل خارج القاهرة في المناطق النائية القريبة من الصعيد وقد عمد شهاب الى سلك طرق ملتوية حتى استطاع الإفلات من المراقبة فكما توقع غيث كان هناك أعين تتربص بهم..
بعد عدة سويعات أتى غيث وليث لموافاتهم في ذلك المنزل الصغير المكون من غرفتي نوم وصالة للجلوس ولكنه يحوي على أأمن مكان لا يستطيع بشر التفكير بوجوده إلى الآن, حيث كان يقبع أسفل المنزل سرداب مظلم بباب خارجي يطل مباشرة على الصحراء المترامية الأطراف المحيطة به, كان المنزل ملكا للرجل المدعو جابر زيدان فمن الواضح أنه رجل خطِر وقد تعجبت سلمى وسلافة من علاقة ليث الوطيدة بهذا الرجل وعندما باحا بتساؤلهما لشهاب أفصح لهما أن ليث قد ساعد هذا الرجل سابقا عندما وجده ملقى على مشارف البلدة غارقا في دمائه فعمل على إنقاذه ليحمل له جابر معروف إنقاذه لحياته ويكون رجله المخلص...
كان من الواضح كتمان غيث وليث لأمر ما.. والذي لم ينكشف إلا مساءا عندما حضر جابر وهو يحمل حقيبة جلدية كبيرة كحقائب السفر, قال له ليث وهو يضعها في وسط المنزل:
- عفارم عليك يا جابر, استنى انت برّه دلوك وفتِّح إعينيك زين...
هز جابر برأسه وانطلق من فوره, لتظهر سلافة وفي أعقابها سلمى بينما وقف شهاب وغيث بجوار ليث يطالعون تلك الحقيبة, قطبت سلافة بحيرة وهي تشير الى الحقيبة قائلة:
- سامعه يا سلمى؟
سلمى بحيرة مشابهة لحيرة أختها:
- بيتهيألي في صوت طالع من الشنطة...
ركع غيث على ركبتيه ليفتح سحاب الحقيبة ثم يكشف غطائها لتشهق سلافة وسلمى بذهول فداخل الحقيبة تقبع فتاة في مثل عمرهما مكممة الفم وموثقة اليدين والقدمين, بينما تبادل كلا من غيث وليث نظرات الظفر, ليسأل شهاب مقطبا:
- ايه دا يا غيث؟, مين دي؟.
أشار له غيث بالتزام الهدوء وأخرج هاتفه المحمول ليضغط بضعة أرقام ثم يرفع الهاتف إلى أذنه متحدثا ببرود صقيعي:
- حامد رشوان... فيه أمانة ليك عندينا...
كانت الفتاة قد بدأت تستفيق من نومها لتنظر بهلع الى الوجوه المحيطة بها, امتدت يد ليث ليزيح بقوة كمامتها فهتفت بذعر وهي تحاول بقوة الافلات من قيدها الخشن:
- انتو عاوزين مني ايه؟, بابي.. أنا عاوزة بابي..
وضع غيث الهاتف على أذنها وهو يقول بسخرية:
- كلمي بابي يا.. روح بابي..
ليعلو صوت والدها حتى سمعه الواقفون جميعا:
- سالي حبيبتي انتى فين؟, سالي جاوبيني..
لتشرع المدعوة سالي بالبكاء هاتفة من وسط دموعها وهى تطالع المحيطين بها بقلق وخوف مهول:
- معرفش يا بابي, فيه ناس اتهجمت عليا وخدرتني ولما فوقت لاقيت نفسي هنا..
ليصرخ والدها بهلع:
- هنا فين؟, انتي فين يا سالي؟..
ليقرر غيث أنه يكفي هذا القدر من الكلام فيسحب يده الممسكة بالهاتف ويضعها على أذنه قائلا بحزم وصرامة:
- لينا عنديك حج, وحجنا هناخده بس .. من بتّك!, وكله سلف ودين يا ابن رشوان!!.., ويغلق الهاتف فجأة بينما تعالى صراخ الطرف الآخر الذي يظهر ما اعتلى صاحبه من هلع ورعب خالص!!.
شهقت سالي بهلع صارخة :
- انتو هتعملوا فيا ايه؟..
ركعت سلافة أمامها وقد تجسدت أمامها صورة مريم التي قُتلت غدرا, وكانت قد شعرت بالكره الشديد تجاه هذه الفتاة ما ان سمعت صوت والدها القاتل الحقيقي لصديقتها والذي كان مرتفع لشدة هلعه على ابنته.. فهتفت بها بشماتة كبرى وابتسامة ساخرة تعلو ثغرها:
- هنخلي بابي يدوق طعم الخسارة لأول مرة, بس خسارته المرة دي مش صفقة .. لأ!, خسارته في بنته.. زي ما كان هو السبب في ان عيلة تخسر بنتها بكل خسة ووضاعة, بابي يا حلوة لازم يعرف يعني إيه.. داين تدان, وكله.. سلف ودين!..
أنهت سلافة عبارتها وهي تطالعها بنظرات شرسة ثم رفعت يدها لتهوى بكل قوتها على وجهها بصفعة مدوية أطلقت على أثرها الفتاة صراخا حادا, بينما اندفع غيث يمنع سلافة من التمادي بضربها لتهتف سلافة بالفتاة وتعبير وحشي يعتلي وجهها:
- العين بالعين, والسن بالسن, والبادي أظلم, وحامد بيه لااااازم يدفع التمن.. وبالكااااااااااااامل..!!
- يتبع -


مملكة الغيوم 23-11-16 11:39 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن اكشن من صنع ابناء الخولى طلعو واعرين يابوى وجابو راس الزعيم بتاع العصابه اللى فاكر نفس بيتاجر فى بلاستك مش بشر لحم ودم ومدارى فى زى رجل البر والاحسان ياما ناس مداريه فى ثوب حمل وهما ابشع من الديابه الشيطان نفسه يعملهم حساب ويقول اعوزو بالله من افعالهم
ليث وضع يد بيلا على اول الطريق ياريت تستخدم دماغها شويه وتعرف هى عاوز ايه وعاوز مين ليث ولا وهم راضى
تسلمى منون وتسلم يدك وفى انتظار الباقى يا منمنه مواههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

منى لطفي 24-11-16 01:57 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3667385)
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن اكشن من صنع ابناء الخولى طلعو واعرين يابوى وجابو راس الزعيم بتاع العصابه اللى فاكر نفس بيتاجر فى بلاستك مش بشر لحم ودم ومدارى فى زى رجل البر والاحسان ياما ناس مداريه فى ثوب حمل وهما ابشع من الديابه الشيطان نفسه يعملهم حساب ويقول اعوزو بالله من افعالهم
ليث وضع يد بيلا على اول الطريق ياريت تستخدم دماغها شويه وتعرف هى عاوز ايه وعاوز مين ليث ولا وهم راضى
تسلمى منون وتسلم يدك وفى انتظار الباقى يا منمنه مواههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

حبيبة قلبي انتي ملوكة.. تسلميلي على تحليلك الرائع للاحداث، ال الخولي وتار لازم ياخدوه، وسلسبيل وسؤال ليث لها اللي خاها تتفاجأ انها بتحبه، ويمكن من نعومة أظفارها ويه بتحبه وكانت بتفسر الحب دا انه خوف او كره له بعد جوازها به غصب عنها، لكن الاكيد انه ليث بعد رجوعه من مصر هيكون في انتظاره مفاجأة أو يمكن المفاجأة تكون من نصيب سلسبيل؟!!!! هنشوف.. في انتظارك البارت القادم بإذن الله يا قمر.. تسلميلي امووووووواه

منى لطفي 26-11-16 04:42 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة الحلقة ( 22 )
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
وقفت سلمى عاقدة ذراعيها وهي تنظر ببرود الى سلافة التي انتصبت أمامها تضع يديها في منتصف خصرها تحدجها بنظرات حادة بينما لاحت شرارات تتطاير في الجو بين الإثنتين, هتفت سلافة بحدة موجهة حديثها الى سلمى:
- قصدك تقولي إيه يا سلمى بالظبط؟.
اقتربت منها سلمى بضعة خطوات وأجابت بثقة غير عابئة بانفعال أختها الواضح:
- قصدي أن اللي بيحصل دا غلط!, احنا مش مجرمين ولا أحنا عصابة عشان نتصرف بالطريقة دي...
سخرت سلافة قائلة:
- وهما اللي عملوه في مريم وسامح الله يرحمهم دا يبقى اسمه إيه؟, مش إجرام ويستاهلوا عليه القتل كمان؟, يعني مثلا كنت عاوزاني نعمل إيه والحق بيضيع قودام عينينا.. نروح لهم نقول لهم كدا عيب وتوبوا واستغفروا ربنا؟!, أنت هتفضلي مثالية كدا لغاية أمتى ما تفوقي بقه!..
أسدلت سلمى ذراعيها جانبا وأجابت بجدية وحزم:
- دي مش مثالية يا سلافة, أنا برفض أننا نبقه زيّهم, تقدري تقوليلي ذنبها إيه البنت المرمية جوّة دي وقلبها هيقف من الخضّة من يوم جات هنا؟, كل ذنبها أنها بنت حامد رشوانّ؟, أهي بقالها يومين أهي وأبوها ولا سأل.. وولاد عمك إذا كان هما ولا إبن عمهم قلبهم في ثلاجة باردة ولا كأنهم خاطفين بني آدمة من دم ولحم, زي ما يكون اللي خاطفينها دي فرخة مثلا, الأمور ما تتحلش بالأسلوب دا..
سلافة باستهزاء عاقدة ذراعيها أمامها وهي تطالعها بسخرية:
- والله؟, أومال تتحل إزاي في رأيك أنتي يا ست الدكتورة؟.
أجابت سلمى بصدق:
- معرفش.. لكن اللي أعرفه بجد أنه أكيد شغل البلطجة والعصابات دا مش هو أبدا الحل..
اقتربت منها سلافة وحلّت ذراعيها لتربت على كتف أختها قائلة بنصف ابتسامة مشفقة وهي تتكلم بلهجة من خبر الحياة وكأنها هي الشقيقة الكبرى لا الصغيرة:
- سلمى حبيبتي فيه نوع من البشر لااااازم تعامليهم بمعاملتهم عشان تعرفي تاخدي حقك منهم, لأنهم للأسف أي طريقة تانية معهم بيفسروها على أنها ضعف وسلبية وخوف من الطرف التاني, افهميني يا سلمى عشان خاطري لأني بجد خايفة عليكي.. المُثُل والمبادئ اللي اتربينا عليها ما تنفعش مع أي حد, لازم اللي قودامك يعرف انك قوية وقادرة تبقي زيّه وأكتر منه كمان عشان يبتدي يعمل لك ألف حساب ووقتها بقه تقدري تملي شروطك عليه لأنك في موقف قوة مش ضعف, انتي فاكرة اننا هنأذي البنت دي؟, احنا مش مجرمين لكن هو مجرم وهيظن دا وهو دا اللي احنا عاوزين نوصل له, عاوزين يقلق ويخاف فيبتدي يتحرك خطوات مش محسوبة ويغلط.. والغلطة دي أنا متأكدة هتكون الحبل اللي هيلفه بإيده حوالين رقبته..
زفرت سلمى بضيق وأجابت:
- معرفش يا سلافة.. كل اللي أعرفه أني مش مبسوطة من اللي بيحصل ولا مطمّنة.. أنا هخرج أتمشى شوية وأشم هوا..
وابتعدت عن شقيقتها التي نادتها عاليا:
- استني يا سلمى هتمشي فين دلوقتي بس؟.
نظرت إليها سلمى من فوق كتفها وهي تقف أمام الباب وأجابت بسخرية خفيفة:
- ما تخافيش يا سلافة العصر أدِّن من شوية وبعدين المكان اللي احنا فيه دا مقطوع وما فيهوش غيرنا, عموما أنا هلف لفة كدا أشم شوية هوا وآجي على طول.
ما أن فتحت الباب واستعدت للخروج حتى فوجئت بشهاب يقف أمامها هامّا بطرق الباب, أنزل يده ونظر اليها بتساؤل لتجيب تساؤله الصامت بضيق واضح:
- قبل ما تسألني رايحه فين هقولك عاوزة أشم هوا, وأعتقد المكان اللي احنا فيه دا ما فيهوش غيرنا احنا والرمل..
أجاب شهاب مستغربا حدتها وضيقها بابتسامة ساخرة:
- لا وديابة الجبل ناسياهم؟..
سلمى بسخرية مشابهة:
- الديابة ما بتطلعش في النهار يا شهاب..
زفر شهاب بعمق ثم أفسح لها للمرور أمامه وهو يشير إليها لتتقدمه قائلا:
- وهو كذلك يا بنت عمي.. اتفضلي نروح نتمشى سوا..
همّت بالإعتراض ورأى نظرات الرفض في عينيها فعاجلها بحزم آمر:
- يا نتمشى سوا يا تنسي أساسا أنك تعتبي برّه المكان!..
تأففت سلمى بضيق وقالت مذعنة بتذمر واضح:
- ماشي يا ابن عمي, هقول إيه.. ما أنت من ساعة ما سبت الهندسة واشتغلت رئيس عصابة وانت التفاهم معاك بقه أصعب من قبل كدا!...
وسبقته بالخروج فنظر الى سلافة التي حاولت كتم ضحكتها ليقول بدهشة مشيرا الى نفسه:
- أنا؟!, أنا رئيس عصابة!..
تقدمت سلافة إليه وأجابت بجدية زائفة:
- لا هو بصراحة المنصب دا مش ليك لوحدك!, دا ليك أنت وأخوك بس الراس الكبيرة بقه ليث ابن عمكم هو دا اللهو الخفي!..
تساءل شهاب بسخرية:
- يا سلاااام؟!, وانتي ان شاء الله منصبك إيه في الليلة دي كلها؟!..
سلافة بتلقائية مصطنعة وهي تحرك كتفيها وكأنها تتعجب السؤال:
- ودي عاوزة سؤال؟, أنا... الدراع اليمين.. أخوك الصغنن حلاوة يا ريّس!!..
صدحح ضحكة شهاب عاليا وهو يطلع سلافة معلّقا:
- بجد انتي هتخلي حياة أخويا كلها كوميديا!, ما شاء الله عليكي أفيهاتك حاضرة كدا دايما؟!..
سلافة بتواضع مصطنع:
- دي حاجة بسيطة حضرتك, أخجلتم تواضعنا والله...
لتتعالى ضحكة شهاب ويهم بالخروج عندما ينتبه لوقوف غيث ينقل نظراته بينهما بتساؤل صامت, ربت شهاب على كتف توأمه وهو في طريقه للخروج قائلا ولا يزال أثر الضحك في صوته:
- بجد يا بختك بيها يا كبير...
ثم خرج تاركا غيث وقد علت وجه تقطيبة عميقة وينظر الى سلافة في تساؤل بينما أولته سلافة ظهرها وسارت عائدة الى الداخل فتبعها غيث مغلقا الباب خلفهما...
********************
سارت سلمى برفقة شهاب والذي كان يسير متخلّفا عنها بخطوات قليلة فهو قد شعر بما يجول في خاطرها من تساؤلات أهمها هل ما يقومون به هو الصواب أم لا؟...
وقفت سلمى أسفل شجرة تستظل بها, استندت إلى جذعها فيما وقف شهاب بجوارها, كانت تطلع الى البعيد بشرود فيما تسلطت عيناه على وجهها الفاتن وكأنها قد أسرت نظراته فلم يستطع الاشاحة عنها جانبا, خرق الصمت السائد حولهما بهمس هادئ قائلا:
- أكيد بتسألي نفسك اللي احنا عاملناه دا صح ولا غلط؟؟
نظرت اليه سلمى وأجابت بقنوط:
- سلافة حكيت لك صح؟
هز برأسه نافيا واجابها وابتسامة خفيفة تظلل وجهه الوسيم:
- انا مش محتاج حد يحكي لي حاجة, انا اعرفك اكتر من نفسك يا سلمى...
قطبت وهمست يائسة:
- انا مش مقتنعة باللي احنا بنعمله دا يا شهاب, مش معقولة نرجع الحق لأصحابه بأسلوب ملتو بالشكل دا وكأننا مجرمين زيّهم, احنا بخطفنا للبنت دي ما نختلفش عنهم في شيء..
شهاب بحكمة:
- سلمى عاوز أسألك سؤال.. لو حد نصب عليكي في فلوس مثلا ورفض انه يرجع لك حقك, وعملتي المستحيل ما فيش فايدة بالعكس بقه دا اتبلى عليكي وقال انك انتي اللي سرقتيه وقتها هتعملي ايه؟..
نظرت سلمى إليه باهتمام معتدلة في وقفتها فتابع:
- هتحاولي ترجعي حقك دا وتثبتي اجرامه حتى لو الطريقة انتي ر افضاها لكن مافيش قوادامك غيرها وإلا هتطلعي ضعيفة وحقك مهضوم على طول لازم تثبتي قوتك انتي مش بتستخدمي اسلوبه عشان تاخدي حق مش ليكي .. لأ!, انتي بتستخدمي أسلوبه عشان ترجعي حق مسروق منك...
شردت سلمى في حديثه فمال عليها هامسا أمام وجهها:
- فهمتيني يا سلمى؟
أومأت بعدم تركيز فيما دنا منها بوجهه مستندا براحته اليسرى إلى جذع الشجرة بجوار رأسها وسمعها وهي تجيبه بهمهمة موافقة لتضرب أنفاسه الخفيفة برائحتها العطرة وجهه المائل ناحيتها, فلم يستطع منع أصابعه التي غدت كأن لها إرادة خاصة بها لتمتد تتلمس بشوق تقاسيم وجه فاتنته التي عشقها, فانتبهت سلمى من شرودها ورفعت عينيها اليه حتى تاه في غابات الزيتون خاصتها, أمسك بوجهها بين راحتيه ليتلمس برفق وحنو بإبهامه حدود شفتيها فهمست بدون صوت وباعتراض وخجل باسمه:
- شهاب...
ليميل بشفتيه مقتنصا قبلة سريعة, دافئة, ناعمة, محملة بعشق سرمدي, ورفع رأسه بعدها لتطالعه بعينين غائمتين بمشاعر تتذوقها لأول مرة معه حيث تفتحت براعم أنوثتها على يديه هو, همس بالقرب من وجهها وعيناه ترسلان نظرات تغازلها:
- بحبك...
احمرت وجنتيها خجلا وسرعان ما ابتعدت عن مرمى يديه وقالت ويه تخفض رأسها الى الأسفل بينما تتارجع الى الخلف:
- أنا.. أنا هروح أشوف سلافة...
وما أن استدارت وقد أوشكت على الابتعاد حتى ناداها بلهفة:
- سلمى.. مش عاوزة تقوليلي حاجة؟..
نظرت اليه من فوق كتفها وأجابت بابتسامة سرقت أنفاسه وأطاحت بالبقية الباقية من صوابه:
- يوم فرحنا... هقولك كل حاجة..
وأسرعت بالاختفاء من أمامه, كاد أن يلحق بها ولكنه آثر أن يتمهل لدقائق يستيعد فيها تمالكه لأعصابه فهو لا يضمن ما قد يُقدم عليه أن رآها الآن خاصة بعد وعدها له بأن تصرح له بما يريد يوم زفافهما فكأنها قد أقرّت ضمنيّا بأنها بالفعل تحمل شعورا ما تجاهه ولكنها تخجل في الافصاح عنه حاليا...
*********************
اقترب غيث من سلافة التي وقفت تطالعه ببراءة زائفة بينما هي تعلم بداخلها أن جمود تعابيره هذه سيتبعها تحقيق قاس للغاية عن مناسبة قوْل شقيقه بأنه محظوظ لارتباطه بها وقد صدق حدسها!..
وقف غيث أمامها وهي تتظاهر بالتلهي في النظر الى أظافرها, تحدث بصوت متحشرج:
- شهاب كان جصده إيه باللي جالو دلوك؟..
رفعت رأسها ناظرة اليه بتقطيبة حائرة مصطنعة وتظاهرت بعدم الفهم قائلة:
- هممم.. مش فاهمه يا غيث, شهاب قال ايه مش فاكرة؟
نظر اليها غيث بنصف عين وزمجر هاتفا بحدة:
- يعني ما عارفاشي جال إيه؟..
سلافة ببراءتها ذاتها المزيفة وهي ترفع رأسها إليه تطالعه بدخان عينيها مقلدة اللهجة الصعيدية:
- بااااه.. ما جولتلك يا وِلْد عمي ماعرفاشي، وجعة إيه المجندلة ديْ، إييه عاوزني أحلف لك عشان تصدّج؟.
ولم تنتظر سماع جوابه وتابعت بجدية مصطنعة:
- طب أعدم.. مرت عمي معرفاشي!!..
حدق غيث بها بذهول وهتف بها بغير تصديق صائحا:
- بااااه!!، تعدمي مين بالظبط؟..
انتبهت سلافة لما نطقه لسانها بدون وعي منها فأسرعت بالابتسام بتزلف قائلة وهي تطالعه وبراءة الأطفال في عينيها ( حلوة وبراءة الأطفال في عينيها دي صح؟، ملعوووبة.. ملعوووووبة!!):
- ما جولتش ولا عدت!..
وما ان همّ بالالتفات بعيدا عنها حتى تمتمت بحنق طفولي:
- جبر يلم العفش!..
وسمعها جيدا هذه المرة!, فالتفت سريعا اليها هادرا بقوة:
- سلافة!!...
همست بينها وبين نفسها وهي تحمد الله في سرها:
- الحمدلله نطق اسمي صح كنت فاكراه هينتقم ويقوله زلافة!، وعاد لينتقم وحاجات كدا بس الحمدلله طلع طيب وابن حلال اومال الصعايدة اجدع ناس!!..
همس ذاهلا عاقدا جبينه بشدة وهو يطالعها بعدم تصديق لهذه لمكر هذه الجنية الصغيرة, يكاد يقسم أنه سمعها تدعو على والدته:
- أنتي عم بتجولي أإيه بالظبط؟، كل دِه عشان معسعلكيش شهاب كان جصده إيه؟..
نظرت اليه بتحد وهي تجيبه بينما تضع يدها في منتصف خاصرتها وصوتها يلوّنه مكر أنثوي:
- كان بيحسدك عليا.. ارتحت؟، ولا أنت عندك رأي تاني يا عمدة؟!.
مال عليها مقربا وجهه منها وهو يجيبها وقد راقه دلالها يجيبها وعيناه تكادان تلتهمانها بينما صوته خرج أجشًّا لانفعالاته التي تمور بداخله:
- باه.. وأني أجدر أجول لاه؟!... أذا كنت أني بذات نفسي بحسدني عليكي..
وسكت قليلا مبتسما بينما هربت بعينيها خجلا منه وفجأة انحسرت ابتسامته بغتة فقطبت بريبة بينما هتف بحدة وقد غابت البسمة وظهرت بدلا عنها تقطيبة عميقة:
- باه.. كيف يجول إكده؟.. وانتي فرحانة جوي بكلامه إياك؟.
هزت برأسها الى الأسفل يأسا منه ثم رفعت عينيها إليه هاتفة برجاء:
- غيث عشان خاطري ليه دايما بتشط تمام زي عود الكبريت؟، بالراحة أخوك مش قصده حاجة دي مجاملة منه مش أكتر.. دا اخوك يا غيث معقولة تضايق من أخوك؟.
دنا بوجهه منها حتى لفحتها أنفاسه الحارة وأجابها بصوت خشن بينما تسمرت عينيها أسرية نظراته التي تشعر بها وكأنها تغازلها فيما سمعته يقول:
- دِه ما اسمهاشي بتضايِّجْ.. دِه إسمها.. بغيييييييير..، بغييير على مَرَتِيْ.. حجي ولا مش حجِّي؟!..
أسدلت جفنيها تخفي نظراتها الناعسة عنه وهي تجيبه بخفر بينما تعض على باطن خدّها:
- حجَّك طبعا..
صدحت ضحكته عاليا تدغدغ قلبها وارتسمت بسمة عريضة على وجهها, لتفاجأ بعدها براحته الكبيرة وهي تمسك بجانب وجهها بينما يمسد بإبهامه الخشن وجنتها الناعمة لتصدر عنها شهقة ناعمة كانت كفيلة بزعزعة تماسك غيث ليميل على ثغرها مقتنصا قبلة خفيفة كرفرفة جناح فراشة ولكنها أرسلت رعشة في قلبها الذي ارتجف كالطير فيما أحست بشرارة كهربائية تسري على طول عمودها الفقري مرورا بسائر أطرافها!..
ابتعد عنها رغما عنه وهمس أمام شفتيها اللتين تحملان أثر ملكيته لها:
- لمن نوخلص من اللي احنا فيه دِه.. هكلم عمي نتزوج طوالي، ماجدرش أصبر أكتر من إكده يا بت عمي..
نظرت إليه بعينين سابحتين في شوكولتة ذائبة وتمتمت بدلال أنثوي:
- عمك مش هيوافق، لأنه الجواز مش بين يوم وليلة يا عمدة، لازم له تجهيزات كتير اوي أبسطها احنا لسه هنا هخلص اللي محتاجاه أزاي؟.
قطب مجيبا بحدة خافتة رافضا لفكرة ابتعادها عنه ولو ليوم واحد:
- باه.. لا هو أنتي فاكرة أني هخليكي تبعدي عن عيني ولو يوم واحد؟، عموما ريّحي روحك عمي هيوافج خصوصا لمّن جدي يتدخل..
سلافة رافعة حاجبها بتحد لذيذ:
- لما نشوف يا عمدة.. عن نفسي متأكدة من اللي بقوله مليون الميّة..
ابتسم غيث مجيبا:
- هتشوفي يا روح العمدة، ودلوك أني خارج أشوف ليث، خلي بالك زين على نفسك..
ابتسمت سلافة وأجابت:
- ما تقلقش يا غيث..
مال عليها مقبلا وجنتها قبلة سريعة قبل أن يستدير منصرفا فيما ارتسمت ابتسامة سعادة على وجهها لتقع عيناها بعد ذلك على تلك الغرفة الصغيرة حيث توجد رهينتهم فابتسمت وتمتمت في سرها:
- لما أشوف بنت الأكابر عاملة إيه...
*********************
دخلت اليها بخطوات وئيدة بينما طالعتها تلك الملقاة فوق فراش مهتريء مقيّدة المعصمين بنظرات خائفة, اقتربت منها سلافة وهي تبتسم بشرّ تطالعها وتعبير كره يرتسم على وجهها الضاحك دوما ولكنها ما أن تقع عيناها عليها حتى تختفي كلية كأن لم تكن، دَنَت منها فيما حاولت سالي الابتعاد الى الخلف وهى تطالعها بذعر جليّ على ملامحها الجميلة, مدّت سلافة يدها لتجذب غُرَّتها بغتةً فشهقت سالي بينما يديها المقيدتين خلفها تعوقان رغبتها بالقفز بعيدا عن نظرات تلك المتوحشة التي تكاد تفتك بها بعينيها, مالت سلافة عليها وهمست بصوت خرج كالفحيح:
- - أخبارك إيه يا بنت حامد بيه رشوان؟, يعني السيد الوالد لا حس ولا خبر؟.. مش بعيد يكون باعك انتي كمان ما أنتي قضية خسرانة بالنسبة له دلوقتي، ودول معندهومش عزيز ولا غالي ولا حتى ولادهم، اللي معندوش شرف واللي باع نفسه عشان القرش مش بعيدة عليه يبيع ابنه ولا بنته عشان القرش بردو؟.
نظرت اليها سالي باعتراض لم تستطع أن تنطقه شفتيها خوفا من نظرات سلافة النارية، ولكن سلافة رأت تكذيبها في عينهيا فابتسمت وأردفت بسخرية:
- إيه.. فاكرانا بنكدب عليكي؟, طيب اسمعي يا حلوة... هشغلك حاجة صغيرة كدا تسليكي بردو....
وابتعدت لتتناول حاسوبها الشخصي وفتحته لتضغط على بعض الأزرار ثم تضعه على طاول خشبية قريبة من الفراش حيث تجلس سالي ثم أدنته منها وهي تُردف بسخرية مشيرة الى شاشة الحاسوب أمامها:
- اتفضلي ملِّي عينيكي من.. باابي..
نظرت سالي بوجل الى شاشة الحاسوب وهي تبتلع ريقها بخوف, فهي لا تريد اثارة هذه الفتاة الذي لا يدل مظهرها الرقيق أبدا على كمية القسوة التي تشع من عينيها كلما طالعتها، نظرت سالي الى الشاشة امامها باستسلام وبعد ثوان اذا بها تفتح عينيها واسعا وتحرك رأسها ببطء من اليسار الى اليمين هامسة بصوت غير مسموع:
- مش ممكن.. أنا مش مصدقة عينيّا..
اقتربت منها سلافة ومالت عيها قائلة بتشف واضح:
- صدقتينا يا حلوة؟.. عشان تعرفي اننا مش عصابة خاطفينك عشان فدية زي ما افتكرتي، حامد بيه رشوان لينا عنده حق.. ولااااازم ناخده!!.
وكأنها لم تسمع حرفا مما قالته سلافة, فما تراه أمامها على شاشة الحاسوب لا يصدقه عقل, فهذا القرص الاليكتروني المدمج يعرض تفاصيل سرقة كِليَة مريض دخل إلى مشفى والدها للعلاج من مرض نقص المناعة المكتسبة ( الإيدز ) ليتعرض الى حادثة سطو مسلح بالمشرط الجراحي لسرقة أعضائه الداخلية, وكانت الاسطوانة المدمجة تحتوي على تسجيل بالصوت والصورة لحامد رشوان مع اثنين من الأطباء اللذان يعملان في مشفاه حيث كانا هما أداة الجريمة، كما حَوَتْ تفاصيل العملية بالكامل بعد انتهائها وكيف أنهم قد قاموا بإبلاغ عائلته أنه قد مات نتيجة لمرضه، فتقبل الأهل موته بدون نقاش فهذا المرض ما هو إلّا.. مرض الموت, ولكنهم لا يعلمون أن الوفاة لم تكن بسبب مرض القاتل بل لأن قلبه لم يحتمل جرعة التخدير ليتوقف عن العمل ويموت المريض نتيجة جرعة مخدر زائدة!.
رفعت سالي عينيها ناظرة الى سلافة وصاحت ودموعها تغرق وجهها:
- لا مش ممكن, دا كدب.. كدب, بابي مش ممكن يعمل كدا, انتو كدابين, كدابين!!.
هدرت سلافة صائحة:
- واللي بيتكلم دا بردو كدب؟, بابي دا ولا مش بابي يا هانم؟.. مش هو اللي قاعد قودامك دا ودا صوته؟.. أيه هنجيب ممثل يقلد صوته وشكله كمان؟.
صوت طرقات عالية تعالت فبترت سلافة باقي كلامها ليلفت انتباهها صوت جلبة واضحة بالخارج, فغادرت تاركة سالي وهي تبدو كالتائهة غير مصدقة لما رأته وسمعته من والدها..
اتجهت الى الخارج لترى غيث وهو يقف في جمود ووجهه مكفهر بينما شهاب وكأنه قد فقد النطق وشحب وجهه تماما, وحده ليث من اأفاق من الجمود الذي أصابهم ما ان سمع هتاف سلافة متسائلة عما حدث, ليتجه الى جابر سريعا ويمسك بتلابيب جلبابه الخشن صائحا:
- انت بتجول ايه يا جابر؟, كيف حوصل إكده؟
هتفت سلافة متجهة الى غيث:
- هو ايه اللي حصل؟.., ليسترعي انتباهها عدم وجود شقيقتها.. فقطبت متسائلة وهي تدور بعينيها في المكان:
- اللاه.. أومال فين سلمى؟.. ثم أشارت الى شهاب متابعة وقلبها تعالت دقاته بخوف مبهم وتقطيبة قلق عميقة حفرت جبينها:
- هي مش كانت معاك؟.., أجابها شهاب بجمود:
- خرجنا نتمشى شوية وسبقتني ورجعت لوحدها..
لا تعلم سلافة لم شعرت بنغزة عميقة في قلبها فقطبت متسائلة بقلق وترقب:
- و....؟.., اقترب منها غيث محيطا كتفيها بذراعه القوي فرفعت عينيها اليه تطالعه برجاء لتأتيها الإجابة التي كانت تخشاها من جابر الذي هتف بحزن غاضب:
- - الدَّكتوورة سلمى.... اتخطفت!!!, لم تكد تشهق سلافة دهشة وذهول حتى تعالى صوت رنين المحمول الخاص بها, اختطفه غيث من يدها ليطالعه رقم خاص فأسرع بتلقي المكالمة, قال غيث مكشرا عن أنيابه:
- انت بعملِتَك ديِه توبجى حفرت جبرك إبْيـَدّكْ!!, ليسارع شهاب بانتزاع الهاتف من يد توأمه وهو يهتف بجسارة وقوة:
- لو لمست شعرة واحدة من سلمى مش هيكفيني فيك عيلتك كلها مش بنتك بس!.
ليتعالى صوت حامد يقول بغلظة ووقاحة:
- هي كلمة واحدة.. بنتي والسيديهات اللي معكم يكونوا جاهزين في المعاد والمكان اللي هقولكم عليه, ولو شمِّيت ان البوليس عرف حاجة.. يبقى بنتكم هنخليها تاخد ثواب وتتبرع بأعضائها.. عضو.. عضو!.
وسارع بإنهاء المكالمة بينما يهتف شهاب عاليا بصراخ قوي:
- استنى.. استنى بس...، ولكن المحادثة قُطعت فقبض شهاب على الهاتف يعتصره بين يديه وهو يهتف بشراسة ناظرا للهاتف بيده:
- هقتلك، لو لمست شعرة منها هقتلك يا حامد يا رشوان.. ولو آخر حاجة هعملها في حياتي بس مش قبل ما أخليك تتحسر على عيلتك كلها.. واحد.. واحد!!..
تقدم ليث واضعا يده على كتف شهاب فيما انخرطت سلافة ببكاء حار فضم غيث كتفيها اليه مواسيا لها, تحدث ليث بقوة:
-اطمن يا وِد عمي, مَرَتك مش هيطلع عليها النهار الا وهيّ إمعاك, جابر..
ليهتف جابر متقدما اليه بسرعة:
- أؤمرني جنابك..
نظر إليه ليث قائلا ببرود ثلجي:
- رجالتك جاهزة وعارفين هيعملوا ايه؟, هز جابر برأسه إلى أعلى وأسفل عدة مرات هاتفا:
- حافظين يا كابير وعارفين أمنيح عيعملوا ايه..
ليث ببريق وعيد يلمع في عينيه:
- نفّذ يا جابر!!
********************
جالسة فوق مقعد خشبي مقيدة المعصمين الى الخلف، بينما رأسها مهدلة فوق صدرها، أصوات غير واضحة طرقت سمعها بينما حاولت فتح عينيها وهي تحاول الاعتدال لتفاجأ بنفسها غير قادرة على تحريك يديها أو قدميها فأفاقت فاتحة عينيها واسعا حينما استطاعت سماع الأصوات بوضوح تام، انتبه أحد الرجلين اللذان كانا يتحدثان لحظتها عما ينتويه السيد الكبير فعله معها، فأشار لصاحبه إليها ليستدير ذلك الأخير لها ففزعت من دمامته البشعة فبخلاف سواد لونه وشعره الأجعد وبنيته الضخمة, كانت أسنانه الصفراء واضحة من الابتسامة البلهاء تلك التي افترشت وجهه ما أن نظرت إليه بزيتون عينيها، مسح على شاربه الكث وكأنه يفاخر به ثم قام من مكانه وسار متجها إليها لتنكمش في جلستها الإجبارية اشمئزازا ووجلاً منه, مال عليها حتى لفحت وجهها رائحة أنفاسه التي أصابتها بالتقزز ومنعت نفسها بصعوبة من التقيؤ في وجهه الذي يحمل علامات ليس سكين واحد بل علبة سكاكين كاملة!, فهو كعلامة مسجلة على أن هذا الكائن الغليظ الواقف أمامها مجرم عتيد الإجرام!!..
تحدث فبانت أسنانه الصفراء لتفاجأ بسواد في معظمها نظرت اليه بريبة وهي تسمعه يقول بصوت خشن كالثور الذي يخور:
- صح النوم يا برنسيسة، الجميل منورنا...
هتف الرجل الآخر بصوت أجش آمر:
- ابعد عنها يا برعي، الكبير نبه علينا محدش ييجي ناحيتها لغاية ما ييجي هو بنفسه او يبعت مرسال من عنده..
برعي وهو يعض على شفته تحسرا على هذه الجميلة المحظور التقرب منها بينما عيناهى تلتهمان وجهها الشاحب:
- اعمل إيه يا سيّد.. عمرك شوفت جمال زي دا؟
زجره المدعو سيد بقوة:
- برعي بقولك إيه لِمْ نفسك..
صوتا عاليا استرعى انتباههما وفي أقل من ثانية كان برعي قد تخلى عن وجهه المستهتر مرتديا قناع الجدية وقد ابتعد عنها ليقف بجوار سيّد الذي اعتدل في وقفته هو الآخر, رنت بنظرها اتجاه الصوت وهي تسمع صوتا أجشا يسأل الرجال عنها, اقترب صاحب الصوت منها حتى أذا ظهر وجهه لدى اقترابه من الضوء شهقت عاليا وصاحت بذهول تام:
- مش ممكن.. أنت!!...
- يتبع -


فيت المشاكسه 26-11-16 09:39 PM

رد: كبـير العيلة
 
يالهوي ايه الاقرام ده سولي يابت انتي
خلاص بقئيتي نسخه من غيث قبل ماتتقوزو وانتي بتفكري كده امال بعد القواز ايه اللي حيحصل طب فين اللي كانت بتقول احنا مش بنفكر زي بعض ده انتي بقئتي بتخوفي ولازم يبقى يخاف منك
ليث الكبير كبير يامعلم 😍😍😍😍 بس بصراحه مش عاقبني يلي بيحصل مع سلسبيل مش عاوزاك تديها وش ماتستاهلاكش لازم تتعدب وتدوق اللي انت دوتو طول السنين اللي فاتت وهيا ولاعلى بالها
سلمى ياعيني عليك ياشهاب حتعمل ايه مع المصيبه دي هو انت لحقت تتهنى مع البارده دي حسدوك فيها
طب مين يلي شافتو ده انا اتوقع اللي مايتسماش خطيبها الاولاني اظن اسمو احمد "مستنينك حبيبتي "

منى لطفي 27-11-16 09:24 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فيت المشاكسه (المشاركة 3667586)
يالهوي ايه الاقرام ده سولي يابت انتي
خلاص بقئيتي نسخه من غيث قبل ماتتقوزو وانتي بتفكري كده امال بعد القواز ايه اللي حيحصل طب فين اللي كانت بتقول احنا مش بنفكر زي بعض ده انتي بقئتي بتخوفي ولازم يبقى يخاف منك
ليث الكبير كبير يامعلم 😍😍😍😍 بس بصراحه مش عاقبني يلي بيحصل مع سلسبيل مش عاوزاك تديها وش ماتستاهلاكش لازم تتعدب وتدوق اللي انت دوتو طول السنين اللي فاتت وهيا ولاعلى بالها
سلمى ياعيني عليك ياشهاب حتعمل ايه مع المصيبه دي هو انت لحقت تتهنى مع البارده دي حسدوك فيها
طب مين يلي شافتو ده انا اتوقع اللي مايتسماش خطيبها الاولاني اظن اسمو احمد "مستنينك حبيبتي "

ههههههههههه الصراحة ليث معلم ومنه بنتعلم ، بيللا امها داعية لها مع ان امها دي شر وحيزبونة وام منقار كمان...
سلافة داقت الظلم واكيد مشاعرها هي اللي بتحكمها والعقل غصب عنها لاغيتوه ولو مؤقتا... لكن اكيد بترجع، انما احيانا بعض الظروف والاشخاص بيجبروكي تتصرفي غير طبيعتك عشان تثبتي قوتك ليهم وبالتالي يعملوا لك الف حساب، الطيبة للاسف بتتفسر في زماننا هبل... وخاصة لما الحق يكون بصفك بيعطيكي قوة تخليكي مش شريرة لكن بتغلفي طيبتك هادي بقليل من القسوة لا يعملوا لك الف حساب... مش هتظلمي لكن هتقدري ترجعي حقك طالما الحق مش هيرجع الا كدا، عشان تقدري تحطي ايدك بحنك السبع لازم قلبك يكون ميت ههههههههه بقول حكم أنا ع الصبح صح؟؟..
سعييدة جدا لتعليقك حبيبتي وفي انتظارك البارت الجاي ان شاء الله ومفاجأة مدوية في خطف سلمى..

كلي حب 28-11-16 03:02 AM

رد: كبـير العيلة
 
ليه شغل العصابات ؟ ماكنا حلوين ورمانسية وكذا ,,,,,

فوفومون 29-11-16 02:33 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم يعطيك العافيه فصل مشوق بكل تفاصيله اتمنى مايصيب الابطال شي من احداث الاختطاف ومزيد من الابداع ياحلوه

منى لطفي 30-11-16 07:25 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة (23 )
بقلمي/ احكي ياشهرزاد ( منى لطفي)
لا تكاد تصدق عينيها، جلست تطالعه بعد أن أمر زوجيْ الثيران بالانتظار خارجا لتتنفس براحة جزئيا وقد رُحمت من نظرات هذا الوقح المسمى بُرعي، حلّ وثاقها وهو يحاول تهدئتها لتفرك يديها بعد ذلك وهي تطالعه بنظرات حائرة.. متسائلة... قلقة...و.... مندهشة!!..
كان هو أول من خرق الصمت السائد بينهما بقوله ساخرا فيما يجلس على كرسي خشبي آخر أمامها:
- إيه بتبصيلي أوي ليه؟... عاوزة تتأكدي أنه أنا فعلا؟!!...
أجابته بحيرة ونظراتها لا تزال غير مصدقة لما تراه أمامها:
- لا بس أنا مش مصدقة عينيا!، معقولة أنت يا.. أحمد!، طيب ليه؟.. وعشان إيه؟...
زفر عميقا قبل أن يجيبها بهدوء:
- سيبك من أسئلتك دي دلوقتي وجاوبيني على الأهم.. أنتي إيه اللي وقعك في طريق حامد رشوان؟.. انتي عارفة الراجل دا يبقى مين ومين اللي وراه؟..
تغيرت نظراتها إليه لتنتقل الى السخرية وهي تجيبه باستهزاء:
- إيه هو بعتك ليّا عشان تهددني؟.. معقولة الدكتور أحمد الجراح الكبير اللي واخد الدكتوراه بتاعته من ألمانيا يشتغل صبي رئيس عصابة!..
أوشك على فقدان هدوءه وهو يهتف بها بحدة واضحة:
- سلمى.. أنا ما اسمحلكيش!..
ثم تنهد عميقا وأغمض عينيه ومسح على وجهه براحته العريضة قبل أن يعاود النظر اليها قائلا بتعب:
- سلمى وجودك هنا له معنى واحد بس.. أنك بقيتي خطر على حامد رشوان.. وأنه مش هيسيبك تفلتي منه بسهولة ومش هو لوحده لأ... اللي وراه كمان!!..
قفزت سلمى واقفة وقد تكالب عليها إرهاق الساعات السابقة ناهيك عن الانفعال وتوتر الأعصاب والقلق الذي يكاد يفتك بأحشائها لا خوفا على نفسها بل على الباقيين، صاحت بحدة:
- اللي وراه.. اللي وراه!!.. مين دول اللي وراه واللي رعبينكم بالشكل دا؟..
وقف أحمد بدوره وأجابها وهو يطالعها بإشفاق:
- صدقيني يا سلمى.. مش من مصلحتك انك تعرفي، اللي أقدر أعمله عشانك اني أحاول أخرجك من هنا وفي أسرع وقت، طبعا هو مش هيرضى ومش ممكن يوافق انك تخرجي من هنا، عشان كدا أنا لازم أعرف اللي بينك وبين الراجل الخطير دا عشان أعرف أساعدك إزاي؟..
سلمى بتنهيدة ضيق واختناق:
- حاضر يا احمد.. أنا هقولك كل حاجة، أصله خلاص ما عادش حاجة أخاف عليها لأنه زي ما وصللي أكيد هيوصلُّهم!!
أحمد بتقطيبة:
- هما مين دول يا سلمى؟..
سلمى باستسلام يائس:
- هحكيلك كل حاجة!...
**********************
- اهدى يا شهاب يا خويْ، ليث جال جودامك جبل النهار ما عيطلع ومَرَتكْ عتكون بيناتنا...
شهاب وهو يروح ويجيء في المكان كالليث المحبوس بينما تجلس سلافة وقد تحجرت الدموع في عينيها فيما اقترب غيث منه محاولا تهدئة البركان الذي يفور بداخل توأمه، وقف شهاب ونظر الى شقيقه وهو يهتف بشراسة مغلّفة بقلق رهيب:
- امتى وازاي؟، ليث غاب من اكتر من ساعتين واحنا داخلين أهو على 11 بالليل وسلمى مخطوفة من اكتر من 8 ساعات ولا حس ولا خبر بعد مكالمة ابن التييت حامد لينا، مش لازم أعرف ايه اللي هيحصل؟، دي مراتي يا غيث.. مراتي أنا وأنا اللي لازم أنقذها من بين ايديهم الله اعلم هما بيعملوا فيها ايه دلوقتي بدل قعدتي كدا زي الحريم!..
نهضت سلافة تتقدم إليه وهو تهتف برعب بينما تنقل نظراتها بينه هو وغيث تحمل رجاء يائس:
- هما هيعملوا فيها إيه بالظبط يا شهاب؟، ممكن ينفذوا تهديدهم؟، يعني ممكن سلمى ما أشوفها.....
ليهدر فيها شهاب بقوة رافعا يده أمامها يمنعها من تكملة عبارتها:
- ولا كلمة يا سلافة بعد كدا، سلمى هترجع، أقسم بالله هترجع، ولو كلفني دا حياتي كلها، أختك في عصمة راااااجل يا سلافة، سامعة راااااجل، ولو معرفتش أنقذ مراتي يبقى أحسن لي ألبس طرحة وأروح أقعد جنب أمي!..
ليتجه بعد ذلك بخطوات غاضبة الى الخارج والشرر يتطاير من عينيه فيما انهارت سلافة تبكي ليتلقفها غيث بين ذراعيه وهو يشد عليها بين أحضانه مقبلا جبينها بينما يهتف بها بقسم غليظ:
- إهدي يا جلب غيث، جسماً بالله أختك عترجع وإبجي جولي غيث جاللي...
سكت قليلا ثم أبعدها عنه لينظر في عينيها مردفا بحنو:
- معيهونِش عليّ أشوف ادموعك صبابا إكده، واللي خلج الخلج لا ترجع وما عيطولوا منيها شعرة واحده، روحي اتوضي وصلي ركعتين لله وادعيلها ربنا يحفظها ويوجف امعانا ويرجعها لنا بالسلامة...
نظرت اليه سلافة بعينين غائمتين بالدموع هاتفة بحرقة بالغة:
- ياااارب يا غيث، ياااارب...
****************
نظر أحمد بوجوم الى سلمى التي صمتت بعد أن انتهت من سرد حكايتها، قال بجمود مختلط بعدم تصديق:
- مريم وسامح يبقوا صحابكم؟، أنتم اللي بتهددوا حامد رشوان وقدرتو تخلّوه يلف حوالين نفسه ومرعوب من الناس اللي وراه لأنهم محمّلينه المسؤولية قودامهم لو اتكشف كل حاجة؟
سلمى بزفرة عميقة:
- أيوة احنا، بس ممكن أسألك سؤال؟..
أحمد بابتسامة صغيرة:
- أنا ايه اللي حدفني على حامد رشوان صح؟..
سلمى بحيرة:
- أنا عمري ما كنت أتصور أنك تكون ضلع في عصابة خطيرة بالشكل دا، انت سافرت واخدت الدكتوراة وقودام كدا دوست على حاجات كتير في طريقك وعملت أي شيء عشان تضمن نجاحك في اللي كنت مخطط له في حياتك، معقول بعد دا كله تبقى مجرم زي المجرمين دول؟، مهما كان الإغراء قوي مش ممكن تنسى القسم اللي انت أقسمته، مش هو دا اللي انت خنت مبادئك عشانه وخلّاك تضحي بكل حاجة عشان شهادتك وترجع بلدك واسمك بيلمع!..
أحمد بوجوم:
- مش يمكن أكون لاقيت الحاجات اللي انا ضحيت عشانها ما تستاهلش التضحية دي؟، وأكون اكتشفت متأخر أووي أن اللي انا ضحيت بيه دا أجمل شيء ممكن أقابله في حياتي واتخليت عنه بمنتهى السهولة؟!..
سلمى بغير رضا عن سير الحديث:
- لو سمحت يا أحمد، أنا مش عاوزة أتكلم في اللي فات، خصوصا وأنا مرتبطة بواحد تاني ومش أنا اللي أتصرف التصرفات دي أو أسمح لنفسي اني اقعد واسمع الكلام دا من وراه، حتى لو كان مجرد كلام لازم أحترم غيبته وأحترم اسمه اللي انا شايلاه..
ابتسم أحمد بحزن على نفسه وهو يجيبها حاسدا في داخله شهاب على هذه الدرّة النادرة:
- مش بقولك التضحية بتاعتي كانت بشيء غالي اوووي قصاد حاجة ما تستاهلش التضحية دي!..
عندما رآها وهي تهم بالمقاطعة أردف بزفرة عميقة وهو يشير بيده إليها:
- خلاص.. خلاص.. آسف معلهش، أنا هقولك..
أنصتت سلمى جيدا فيما شرد بعينيه الى البعيد وهو يتابع:
- بعد ما رفضت تسامحيني وترجعي لي، رجعت المانيا على اول طيارة وهناك قطعت كل الخيوط اللي كانت بتربطني بالبلد دي، زي ما أكون كنت بعاقب نفسي على خسارتي ليكي، ورجعت مصر، ومع شهادة الدكتوراه بتاعتي ما كانش صعب ألاقي شغل وفي مستشفى كبيرة واشتغلت في مستشفى حامد رشوان، وشوية في شوية ابتديت أثبت نفسي، وابتدا هو يثق فيا لغاية ما خطيت الخطوة اللي كنت فاكرها هتأمن لي السعادة.. خطبت بنته سالي!..
هتفت سلمى في ذهول:
- ايه؟، سالي!..
أحمد بسخرية طفيفة:
- ايوة سالي.. اللي انتم خطفتوها زي ما حكيتيلي!، المهم.. مع مرور الوقت صارحني انه مش هيلاقي زيي جوز لبنته يعيّنُه مدير للمستشفى بتاعته بعد ما الدكتور ممدوح الوِكيل مدير المستشفى ما استقال وقالوا السبب وقتها انه مريض ولازم له الراحة لأنه عدّى الستين واللي انا اكتشفته بعد كدا أنه حس بشيء مريب بيحصل فقطع الشك باليقين واستقال وما رضيش يقول غير انه بأمر من الدكتور، لكن صارحني أنا بكدا لما زرته في بيته وقاللي انهم حيتان وأي حد هيقرب هيتاكل، المهم.. مسكت فعلا ادارة المستشفى، وكان فيه أوراق بيطلب مني حامد أني أمضيها على اعتبار اني المدير وانه دي كلها اجراءات ادارية خاصة باستيراد أجهزة للمستشفى وحاجات زي كدا، لغاية ما عرفت بالصدفة الجريمة اللي بتحصل عنده، وقتها هددت واتوعدت أني مش هسكت وهو في الأول قعد يحاول يغريني بالمرتب الاعلى ونسبة من أرباح المستشفى ومش بس كدا دا قاللي انه هيكتب لي نسبة من أسهم المستشفى ولما رفضت ظهر على حقيقته وطلع لي أوراق عليها توقيعي سليم مية في المية أنه كل حاجة بتحصل في المستشفى بعلمي وبأمري أنا، وقتها خفت.. أنا فعلا مش قدهم والدكتور ممدوح كان معاه حق، وافقت بس اشترطت عليه أني مش همد إيدي في عملياتهم خالص، وافق طبعا بس في نفس الوقت فهمني أنه مش أنا اللي أملي شروطي وأنه لو حب يخليني أشترك معهم ماليش اني أعترض..
سلمى باستهزاء وهي لا تصدق ما تسمعه:
- وطبعا كان ليك نسبة من الأرباح؟.. ما هو مش معقولة هتوافق كدا من غير ولا مليم؟..
أحمد وهو يبتعد بعينيه خجلا منها:
- أيوة، نسبة من الأرباح والأسهم كمان!..
سلمى بسخرية:
- وإيه اللي خلاك تظهر في الصور دلوقتي؟.. ايه حامد بيه رشوان قرر انك لازم تنزل الملعب مش هتفضل قاعد في الاحتياط؟..
أحمد بتعب:
- مش بالظبط!، حادثة مريم وسامح فوقتني وخلتني أعرف أد ايه الناس دي مجرمة، عشان كدا وافقت أني أنزل الملعب معهم عشان أعرف طريقة لعبهم وأقدر أكشفهم!..
سلمى بخيبة أمل واضحة:
- للأسف يا أحمد.. مش قادرة أصدقك!..
أحمد بلهفة:
- أقسم لك يا سلمى أنا اتغيرت، ولو كنت متردد ولو 1% قبل كدا أني أكشفهم دلوقتي أنا مصمم 100%!، ما تتصوريش أنا حاسيت بإيه لما جيت هنا واتفاجئت بيكي، أنا.....
ليبتر عبارته فجأة وقد جحظت عيناه رعبا فتساءلت سلمى بريبة:
- فيه إيه يا احمد؟..
نظر اليه برعب وهو يجيب هاتفا:
- أنتي عارفة أنا جيت انهرده ليه؟.. حامد قاللي انه العملية الجديدة اللي هناخد منها الأعضاء اللي احنا محتاجينها موجودة هنا وقاللي آجي عشان أشوفك ولما سألته ليه هي مش في المستشفى قاللي انها مش من مرضى المستشفى وقتها استغربت وقلت لما آجي هفهم، عارفة دا معناه إيه؟..
سلمى بجمود وقد فتحت عينيها على وسعهما ذعرا:
- معناه...
ليصدح صوتا جهوريا يقول بغلظة وخشونة:
- أنك المتبرعة الجديدة يا دكتورة!.
ما أن طرق الصوت سمع أحمد حتى انتفض واقفا وهو يهتف برعب مخيف:
- مين؟؟.. حامد رشوان!..
لتقفز سلمى واقفة تطالع ذلك المدعو حامد رشوان وهو يقترب منهما بخطوات ذكرتها بالثعلب الماكر قبل أن يصل اليهما ويقف لينقل نظراته الخبيثة بينهما وهو يقول بمكر:
- شوفتو أد إيه الدنيا صغيرة؟.. المفروض تشكرني يا دكتور أحمد أني هخليك تشوف الحب القديم لآخر مرة، ولو أن سالي بنتي هتزعل من حاجة زي كدا لكن ولا يهمك.. بعد انهرده أنا متأكد انك مش هتفكر غير في سالي و.... زعل أبو سالي منك وبس!!.
****************
- يا ليث فهمني فيه ايه بالظبط وجابر فين؟..
زفر ليث بقلة صبر واضحة وأجاب بحنق سؤال شهاب ابن عمه وهو يطالعه بضيق:
- عجولك إيه يا وِلد عميْ؟... أنت اللي كلَّمتَنيْ وأصرِّيت أنك تاجي امعاي إهنه... جولتلك خلِّيك مع خوك في المُطرح الجديد تأمن بت عمك وبتّ ابن الفرطوس دِه بس انت الله يهديك ما رضيتِشْ..
شهاب بزفرة حانقة:
- أنا مش فاهم... أحنا غيرنا المكان اللي احنا فيه قلت ماشي عشان بقه معروف ليهم انما نروح مكان في نفس المنطقة تقريبا؟.. وبعدين نستنى جابر في قلب الجبل؟.. ما تفهمني يا ليث ايه اللي بيحصل بالظبط؟.
ليث بزفرة عميقة:
- عفهمك يا وِلد عمي، المُطرح الجديد دِه يُبجى بينه وبين الجبل مسافة اصغيّرة، والمكان اللي احنا فيه ديه ما في مخلوج يجدر يوصل له وان وصل يبجى يجول على نفسه يا رحمن يا رحيم، انت ما عاخدتش بالك من الرجالة المترشجة في الجبل، فِكرك لو ما كنت أني إمعاك كانوا هيهمّلوك تطلع إكده؟.. لاه.. بس لأنك مع ليث الخولي اللي ريّيسهم بذات نفسيه ابيشتغل تحت أمره معيجدروشي يظهروا حتى جودامي!..
شهاب بتقطيبة:
- جابر زيدان..
ليث بابتسامة ماكرة:
- عليك نور.. جابر زيدان، ما انت عارف انه من المطاريد، لكن اللي انت وكَتيير غيرك ما عيرفهوشي أنه كبير من كباراتهم وكلمته مسموعة ووراه رجالة تاكل الحديد!..
قطع حديثهما صوت صافرة بنغمة معينة تبعتها أخرى، ليضع ليث يده فوق كتف شهاب المقطب ريبة وهو يقول بجدية شديدة:
- جابر جِـِه!..
وما هي إلا ثوان حتى دخل عليهم جابر زيدان الكهف الموجود داخل الجبل حيث يتواجدان، أماط اللثام عن وجهه وقال وهو يلهث لليث باحترام كبير:
- كل اللي أمرت بيه حوصل يا كبير!..
لتبرق عينا ليث بالظفر في حين تساءل شهاب بريبة وحيرة:
- هو ايه دا يا ليث؟..
ليث بصوت حاسم وبوحشية شديدة:
- اللي عيخليهوم يندموا انهم جرّبوا من حريم الخولي، جهِّز نفسك يا ولد العم عشان تروح تجيب مرتك!..
همّ بالحديث مستفسرا حينما قاطعه رنينا بنغمة غريبة ليفاجأ بجابر وقد أخرج هاتفا خلويا بشكل غريب مجهز خصيصا للتحدث في المناطق الخلوية حيث شبكات الأرسال تكاد تكون معدومة مما أثار فضوله,, فكيف لجابر مثل هذا الجهاز المتطور؟.. ولكن يبدو أن المطاريد يواكبون التكنولوجيا بالفعل أكثر من غيرهم!!..
أنهى جابر محادثته ناظرا الى ليث وشهاب وهو يقول بصرامة:
- الأمانة وصَلِتْ يا كابيير!!
أشار له ليث برأسه ليرفع جابر يده مشيرا لأحد الرجال الذي قدِم يحمل حقيبتين كبيرتين وضعهما أرضا وسط ريبة شهاب ليفتح الرجل السحاب كاشفا عن وجه لامرأة بأحدهما وفي الأخرى.. طفلا لا يتعدى العاشرة من عمره!..
لم يكد شهاب يهتف متسائلا حتى قاطعهما للمرة الثانية أحد رجال جابر يدخل ركضا ثم يميل على رأس الأخير هامسا له ببضع كلمات انصرف بعدها على إثر هزة طفيفة من رأس جابر الذي نظر الى ليث ليقول ببرود:
- الحاجة التانية اللي أمرت بيها جنابك حوصلت يا كابيير، المِشْتِشْفى بتاعت المحروج حامد رشوان بجيت... في خبر كان!
هنا لم يستطع شهاب الصمت أكثر من ذلك إذ صاح بذهول:
- إييييه؟!..
**************
جلس أحمد الى كرسي خشبي مقيد المعصمين بجانب كرسي سلمى التي قُيِّد معصميها هي الأخرى، نظر الى حامد رشوان الواقف أمامهما يمسك بسيجار كبير من النوع الفاخر بيده اليمنى بينما يضع الأخرى بداخل جيب بنطاله الرمادي لتنزاح سترة حلته الرمادية كاشفة عن بطن بارزة تكاد أزرار القميص الأبيض أن تتقطع من عليه، وكان يرتدي خاتما من الذهب الأبيض بفصّ من الياقوت محاطا بألماسات صغيرة في خنصره الأيمن، تحدث أحمد برجاء يائس:
- أرجوك يا حامد بيه، أنت عارف أني راجلك وما اقدرش أخونك، أبسط حاجة أنا أول واحد هيتأذي بالأوراق اللي معاك، أنا مستعد أرجع لك الفلوس اللي انت ادتهالي والأسهم هكتبهم باسم سالي بس سيبني أنا وسلمى وأنا أقسم لك أننا مش هنفتح بؤنا بكلمة واحدة لأي حد!..
لتهتف به سلمى بانفعال واضح:
- اخرس يا جبان يا حقير، اتكلم عن نفسك بس!، أنا مش ممكن أبيع نفسي للشيطان، أنا عمري ما هسكت عن الحق لأن الساكت عن الحق شيطان أخرس.. فاهم يا دكتور؟.. وللأسف أنت إتشيطنت من زمان.. من ساعة ما شوفت وعرفت وقبلت وسكتّ!..
حامد بسخرية فيما أحمد يطالع سلمى بيأس:
- شوفت يا دكتور.. أهي لغاية دلوقتي مش مقدرة حبك ليها وخوفك عليها، انا مش فاهم ايه اللي عجبك فيها اوي كدا؟.. دي ما تجيش حاجة في سالي بنتي.. خطيبتك!!..
سلمى بسخرية وهي تطالع حامد بقوة:
- كويس انك فاكر انه لسه فيه عندك بنت اسمها سالي..
اقترب منها حامد رشوان ومال عليها هامسا من بين فحيح أنفاسه:
- اوعي تفتكري أني ممكن أنساها؟.. بنتي هعرف أرجعها إزاي، وهعرف بردو إزاي أدفعكم تمن اللي عملوته.. ما اتخالقش لسه اللي يقدر يقف قودام حامد رشوان!!
سلمى بتحد وهي تثبت عينيها في عينيه:
- مش لو رضيت هي ترجع لك بعد دا كله؟..
قطب بتشكك في حين تابعت باستهزاء:
- أحب أبشرك انه بعد اللي سالي بنتك شافته وعرفته بقيت مش بس عاوزة تبعد عنك.. لأ!، دي لو قدرت تشيل اسمك من اسمها هتعمله!..
جحظت عينا حامد بغضب مخيف وقبض على شعرها بقوة جعلتها تطلق صيحة ألم في حين تحدث بوحشية من بين أسنانه المطبقة:
- تقصدي إيه يا دكتورة؟..
سلمى وهي تئن ولكنها لم تخاف:
- قصدي أننا ورّيناها السيديهات بتاعت مريم وسامح الله يرحمهم، وأؤكد لك أنها دلوقتي تتمنى انها تفقد الذاكرة عشان تنسى أد إيه أبوها راجل... مجرم وسفاح وفاسد!!..
- اخررررررسي!!!!!!!!!!!!!!!!
وبظهر يده صفعها بقوة جعلت رأسها يرتج في حين تشقق فمها ليسيل خيطا من الدماء بجانب ثغرها فيما هتف أحمد بلوعة:
- سلمى!!!!!!!!!!
نظر حامد اليها وهو يقف مشرفا عليها قائلا بشراسة قوية:
- صدقيني هتدفعوا تمن اللي انتم عملتوه دا غالي اوي...
قاطعه دخول سيّد الذي أسر له بضعة كلمات اتسعت على أثرها عيناه بقوة وهتف فيه:
- مين اللي قالك الكلام دا؟..
سيّد بوجل:
- زكي بلغني حالا، بيقولي حريقة كبيرة في المستشفى والمطافي جات والبوليس والطب الشرعي، بس للأسف المطافي ملحقتهاش والمستشفى تقريبا بقيت سوا الأرض!..
صرخ حامد كالثور الذبيح:
- خياااااااااااااااانة!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
ثم سلّط عيناه بقوة على سلمى ليشير اليها هاتفا بتشفّ:
- هاتوها!!!!..
حاول أحمد النهوض بينما معصميه مكبليْن وهو يصرخ فيما يرفع سيد سلمى بقوة من فوق الكرسي مجبرا إياها على السير معه:
- سلمى!!!!، لأ... سيبوها.. هي مالهاش ذنب!!
حامد بعنف:
- اخرررررس.. برعي!!!!!!
ليدخل المدعو برعي وهو يهتف بغلظة:
- أمرك يا ريّس...
حامد وهو يشير بيده التي تحمل السيجار الى أحمد:
- فكُّوه وودُّوه مع السنيورة.. اطمن يا دكتور... آخر جميل هعملهولك.. الليلة دي دُخلتك على الدكتورة!!!!
ليتمتم أحمد بذهول وقد وسعت عيناه بعدم تصديق:
- إييييه؟!!!!!!!!!
*******************
دفعوا بسلمى الى غرفة في مبنى لا تعلم أين هو فقد عصبوا عينيها كي لا ترى الطريق وأحست بأحمد وهو يجلس بجوارها في السيارة حينما خاطبه أحدهم مناديا اسمه بغلظة، وما أدهشها أن أحد الثيران الضخمة - التي يحرص حامد رشوان على احاطة نفسه بها - ما أن دفعها الى الداخل حتى فك قيد معصميها وعصبة عينيها وتركها وغادر مغلقا الباب خلفه، تلفتت سلمى حولها محاولة إيجاد منفذ بالغرفة لتفاجأ بها لا تحوي أية نافذة أو حتى طاقة صغيرة على الاطلاق، وقفت تفرك معصميها اللتان تؤلمانها من أثر القيد حينما فوجئت بفتح الباب ثم رأت شخصا يدفع به ذات الثور الذي أدخلها بقوة الى الداخل مغلقا الباب خلفه لتفاجأ بأحمد وهو يقف أمامها ولكن ما أدخل الرعب الى قلبها حقيقة هو سماع صوت تكة في قفل الباب ثم أخرى وبعدها ساد السكون التام لتتضح أمامها حقيقة وضعها الآن.. فهي في غرفة نوم مغلقة لا منفذ فيها.. في مكان لا يعلمه إلا الله.. بمفردها تماماً مع أحمد وقد تم حبسها معه فيما يطالعها هو بنظرات غريبة جعلتها تشهق عاليا وقد وصلها ما تعنيه نظراته، فهي قد تم تسليمها على طبق من ذهب لأحد رجالهم ليقوم بالانتقام لحامد رشوان مما فعلوه بابنته ولو عن طريق تدنيس شرف عائلة الخولي فمن الواضح أن احمد قد قَبِل بصفقة حامد رشوان... حريته في مقابل سبْيَّها.. تماماً كالرقيق الأبيض!!
- يتبع -

مملكة الغيوم 30-11-16 10:17 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
ايييييييييييييييييييييه يا منمن احنا فين مفيش حكومه فى البلد دى ولا ايه انا مقبلش الا سلمى ياخدو راويه مش مهم اهى حقوده انما سلمى حرررررررررررررررررررررررررام وبعدين الحقير القذر احمدو الزفت مش مكفيه باع ضميره مره لساته هيعيدها مع سلمى لعنة الله على الظالمين وحامد رشوان رجل البر والاحسان الهى يجيله بر فى دماغه وتنفتح من كتر البر مش خايف على بنته ولا هو ضامن انهم ناس اجويد مش حيعاملوها بحقاره زيى هو ما بيتعامل الله ياخده هو وامثاله والى جهنم عدل من غير واسطه ولا محسوبيات الحفره اللى جنب ابو لهب وابو جهل نكدو عليا الله ينكد عليهم:378:
وما يجيبها الا رجالها مرته وولده وبنته تلاته قصاد سلمى والبادى اظلم وعلى الباغى تدور الدواير فى انتظار باقى الخطه يا اسد الخولى وسريعا البارت الجاى يامنمن لا انا مش حنام من الغيظ: :ydJ05010::ydJ05010:مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووواه

منى لطفي 30-11-16 11:21 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3667903)
السلام عليكم ورحمة الله
ايييييييييييييييييييييه يا منمن احنا فين مفيش حكومه فى البلد دى ولا ايه انا مقبلش الا سلمى ياخدو راويه مش مهم اهى حقوده انما سلمى حرررررررررررررررررررررررررام وبعدين الحقير القذر احمدو الزفت مش مكفيه باع ضميره مره لساته هيعيدها مع سلمى لعنة الله على الظالمين وحامد رشوان رجل البر والاحسان الهى يجيله بر فى دماغه وتنفتح من كتر البر مش خايف على بنته ولا هو ضامن انهم ناس اجويد مش حيعاملوها بحقاره زيى هو ما بيتعامل الله ياخده هو وامثاله والى جهنم عدل من غير واسطه ولا محسوبيات الحفره اللى جنب ابو لهب وابو جهل نكدو عليا الله ينكد عليهم:378:
وما يجيبها الا رجالها مرته وولده وبنته تلاته قصاد سلمى والبادى اظلم وعلى الباغى تدور الدواير فى انتظار باقى الخطه يا اسد الخولى وسريعا البارت الجاى يامنمن لا انا مش حنام من الغيظ: :ydJ05010::ydJ05010:مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو ووووووووووووواه

لا نامي ملوكة واشبعي نوم لانه احم احم النوم بيطير خالص بالفصل اللي جاي ان شاء الله ، وبالنسبة للي عمله ليث هما الخسرانين حد بيلعب مع الاسد؟؟؟؟؟ ههههههههههههههه.. أسعدني وجودك دايما حبيبتي تسلميلي يا رافعه معنوياتي امووووووووووووووووواه...

منى لطفي 30-11-16 11:22 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كلي حب (المشاركة 3667685)
ليه شغل العصابات ؟ ماكنا حلوين ورمانسية وكذا ,,,,,

ما تستعجلي حبيبتي الاكشن احلى بالرومانسية ههههه فيس بيغمز

منى لطفي 30-11-16 11:24 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3667771)
السلام عليكم يعطيك العافيه فصل مشوق بكل تفاصيله اتمنى مايصيب الابطال شي من احداث الاختطاف ومزيد من الابداع ياحلوه

تسلميلي حبيبتي اسعدني مرورك يا قمر بانتظار رايك بالبارت الجديد.. :smile:

ززهرة اللوتس 02-12-16 10:50 PM

رد: كبـير العيلة
 
رواية روووووووووووووووووووعة:55::55::55:

منى لطفي 03-12-16 09:59 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ززهرة اللوتس (المشاركة 3668105)
رواية روووووووووووووووووووعة:55::55::55:

انتى الاروع حبيبتي تسلميلي يارب، اسعدني مرورك بانتظارك البارت اللي جاي امووووووواه.. :smile:

منى لطفي 03-12-16 09:57 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة ( 24 )
بقلمي/ احكي ياشهرزاد( منى لطفي)
تراجعت سلمى الى الخلف وهي ترى تقدم أحمد ناحيتها بنظرات غريبة أشاعت الخوف في أوصالها، اصطدمت بالحائط خلفها فشهقت بوجل لتتسع حدقتاها وهي تراه يخلع قميصه ويرميه جانبا ثم يحل حزام سرواله ونظرات تصميم تلمع بين مقلتيه، هزت رأسها مرارا تنفي ما تراه عيناها وتأبى تصديقه، همست بصوت مرتجف بينما وجهها قد هرب منه الدم:
- أحمد... أحمد انت بتعمل إيه؟.. ، ابتسمت بارتعاش وأردفت بينما امتلأت عيناها بغلالة من الدموع:
- أنت... أنت بتخوّفني صح؟؟... قالوا لك خوّفها مش كدا؟... أحمد أنت...
لتطلق صيحة عالية حين امتدت يده تقبض على يدها لترتطم رأسها بصدره العار الصلب وهو يجيب بجمود تام:
- لا يا سلمى، مش صح!!!!!
رفعت عينيها إليه تطالعه في ذهول وعدم تصديق لما أوحى به وسألته بتلعثم واضح:
- أنت... أنت هـ... هتعمل... هتعمل إيه؟؟؟
ليرفع يده ويمرر سبابته على ملامحها الحبيبة بينما كست عيناه نظرة داكنة جعلتها ترتعش من أعلى رأسها الى أخمص قدميها، أشاحت بوجهها بعيدا عن ملمس أصابعه وهي تحاول تمالك نفسها هاتفة باعتراض وحنق:
- أحمد انت... انت بتعمل إيه؟.. انت اتجننت؟!!!!!!
ولكنه أعاق ابتعادها عنه حينما أمسك بعنقها من الخلف فيما أحاط خصرها بذراعه ومال عليها هامسا أمام وجهها بابتسامة ثعلبية:
- ما تتصوريش كنت بحلم أد إيه بالليلة دي!!.. الليلة اللي هاخدك فيها بين احضاني وتحسي فيها بجد أنا أد ايه بحبك، لكن انتي ما اتدتنيش فرصة أحقق حلمي دا، تفتكري لما تيجي الفرصة دي أضيّعها؟.. للأسف يا سلمى أنا قلت لك قبل كدا انتي ليا أنا وبس وانتي ما صدقتنيش!!....
حاولت دفعه بقبضتيها في صدره بعيدا وهو تصيح:
- ابعد عني، أنت مش ممكن تكون بني آدم أبدا، أنت فاكر انك هتفلت بعملتك دي؟.. شهاب مش ممكن هيسيبك!!
وكأنها بذكرها لاسم غريمه قد أشعلت عودا من الثقاب في كومة من القش!!!... حيث زمجر بغضب عنيف وقال بصوت خرج كالفحيح من بين أسنانه المطبقة:
- غلط يا سلمي!!.. ايه اللي خلّاكي تفكريني بيه دلوقتي؟.. لو فاكراني هخاف يبقى انتي لسه معرفتنيش!!!..
لتنظر اليه هاتفة بمرارة ويداها تحاولان صدّه بعيدا عنها:
- أنا فعلا عمري ما عرفتك يا أحمد!!!!
غامت عيناه بنظرة غامضة وهو يميل عليها لتلفحها رائحة أنفاسه فتشعر بالغثيان الشديد فيما يدفعها هو الى الوراء ويداه تحطمان ضلوعها بشدة بينما أنفه مدفون بين طيات شعرها يشم رائحته بشوق غريب، شهقت حينما ارتطم جسدها بالحائط خلفها لتنتبه الى أنه قد حشرها في الزاوية في الفراغ الضيّق بين خزانة الثياب والحائط بجوارها، كانت تشتمه بينما يداها تخمشانه بأظافرها في صدره حينما أمسك رأسها بين يديه جيدا ومال عليها ليظن من يراهما أنه يعانقها بينما هو يهمس في أذنها بصوت خافت مترجي:
- سلمى ما تخافيش، أنا مضطر أعمل كدا، الأودة متراقبة بالكاميرات ولو شافوا اني خدعتهم هيكون مصيرنا الموت! همّت بابعاد رأسه عن قبضته لتشتد يديه حولها هاتفا بخوف حانق:
- ماتبصِّيش، بتبصي على إيه؟.. شوفي أنا بوعدك وعد شرف أني مش هقرب لك وهتخرجي من هنا من غير ما حاجة تحصل لك، صدقيني، أنا هتصرّف... تمام يا سلمى؟...
تركها ببطء مبتعدا عنها ليظهر وجهها الأحمر بوضوح بينما تلتقط أنفاسها وبصعوبة لشدة اللحظات العصيبة التي مرت بها والتخيلات التي دارت بعقلها عمّا سيفعله أحمد ولكن ليظن من يراها أنها خارجة لتوّها من عناق ساحق سرق أنفاسها!!!...
نظرت اليه بضعف وهي ترى نظراته المتسائلة لتومئ برأسها بالإيجاب بهزة ضعيفة من رأسها ليسرع لاحتوائها بين أحضانه مخفيًّا ابتسامة راحة في شعرها، وعاد يهمس في أذنها:
- سامحيني يا سلمى، مضطر أعمل كدا عشان أخلّصك منهم!
وقبل أن تستفسر منه عمّا سيقوم به كان قد ضغط بأصابعه على منطقة معينة أسفل الرقبة لتفقد وعيها واقعة بين ذراعيه في الحال فيسرع بالتقاطها قبل أن يلامس جسدها الأرض متجها الى الفراش حيث وضعها ومال عليها يطالع وجهها الشاحب وهو ينثر بيديه خصلات شعرها الثائر حول وجهها فيما ارتسمت على شفتيه ابتسامة ظفر واضحة!!!!!!!!!!..
***********************************
- سعادة الباشا تليفون عشان حضرتك...
تناول حامد الهاتف من يد رجله فيما حمل وجهه جميع معاني الغضب ليقول بصوت غليظ:
- أيوة..., وفي غضون ثوان اختفى غضبه وظهرت معالم الاحترام الشديد والوجل على وجهه فيما يستمع الى الطرف الآخر لتتسع عيناه بريبة وهو يهتف:
- أنا عملت كل اللي انتم قولتوا عليه...
الصوت بخشونة:
- انت خرّفت في الآخر يا حامد، موضوع خطف الدكتورة دا هيقلب علينا الدنيا، وحكاية خطف بنتك دي كانت ممكن تتحل بطريقة تانية، حامد... انت عارف انك مش لوحدك، فيه فوقينا ناس يهمها اسمها ما يجيش ناحيته أي كلام!!..
ارتعب حامد من التلميح المبطن لكلام " الرجل الكبير"... مَنْ هو في مرتبة أعلى منه وهتف والخوف بدأ يسيطر عليه:
- أنا رجلكم، وتأكد أني هحل كل حاجة، إديني فرصة تانية، وأنا اوعدك ان الحكاية هتخلص في ظرف يومين بالظبط!!
الصوت بغلظة آمرة:
- هو يوم واحد، 24 ساعة بالظبط وبكرة زي دلوقتي تكون مدِّيني التمام ماذا وإلّا... أنا اللي هتصرف معاك وقتها، يا روح ما بعدك روح يا... حامد!!!!..
وأنهى المكالمة ليصيح حامد بارتياع:
- آلو... آلو.....
أطلق لعنة غليظة حينما وجد أن الطرف الآخر قد أنهى المكالمة، أغمض عينيه وهو يفكر في هذه الكارثة التي حلّـت عليه، فمعنى أنهم قد بدأوا يشتكون منه أي أنه قد أصبح من المغضوب عليهم، مما قد يؤدي الى اصدارهم قراراً بتصفيته هو نفسه كما هو المتعارف عليه في قانونهم!!!
صوت أحد رجاله قطع عليه أفكاره وهو يدخل لاهثا ليلتفت اليه حامد صارخا بغضب:
- فيه ايه يا مليجي تاني؟؟
المدعو مليجي بتلعثم واضح وهو يحاول التقاط أنفاسه:
- الست... الست سهير ورامي بيه...
حامد بتقطيبة عميقة وهو يهدر فيه بعنف:
- مالهم؟؟؟
مليجي بذعر من ردة فعل سيده للنبأ الذي يحمله:
- خطفوهم وهما راجعين من النادي...
لم يتثنى لمليجي التقاط أنفاسه المتعثرة إذ سرعان ما قبض حامد على عنقه صارخا بعنف:
- انت بتقول ايه؟؟؟ وأزاي دا حصل؟؟..
ليكرر مليجي حديثه وهو ينظر اليه سيّده برعب شديد:
- كانوا راجعين مع سمير السواق طلعت عليهم عربية قطعت الطريق وضربوا سمير وخطفوهم...
حامد وهو يشد قبضته على عنق مليجي حتى جحظت عينا الأخير من محجريهما:
- وعربية الحراسة فين؟... جوز التيران اللي انا جايبهم عشان يكونوا زي ضلّهم راحوا فين؟؟؟
مليجي وقلبه يكاد يتوقف عن العمل من شدة الذعر:
- عـ... عربية كسرت عليهم وعملوا معهم خناقة!!..
صاح حامد بغضب ناري:
- أغبيا!!!!!!!!!!!..
ودفع مليجي بقوة جانبا، فانتابت الأخير نوبة حادة من السعال في حين صرخ فيه حامد:
- اجمع لي باقية الرجالة بسرعة...
خرج مليجي لتنفيذ أمر سيده راكضا وكأن الشياطين في أعقابه في حين نفث حامد هواءا ساخنا من أنفه وهو يتوعد بشراسة:
- بقه كدا؟... انتو فاكريني بهوّش؟.. طيب أول هدية هتكون عندكم بعد ساعة واحدة بس!!!
ثم أسرع بضغط بضعة أرقام على هاتفه المحمول قبل أن يقول ما أن تلقى الطرف الآخر المكالمة:
- سيد... أخبار العرسان إيه؟؟؟
كشرّت أنيابه عن ابتسامة ذئبية فيما عيناه تلمعان بظفر وهو يقول:
- ابعت لي الفيلم، هوصّله أنا بطريقتي ليهم!!!!...
وبعد لحظات صدر صوت عن هاتفه المحمول ينبأ بوصول رسالة فأسرع بفتحها ليطالعه مقطعا من فيديو أسرع بالموافقة عليه ليشاهد ما يجعل ابتسامته تتحول الى قهقهة عالية ثم يسرع بضغط زر الارسال الى رقم سُجّل تحت اسم.... شهاب عثمان الخولي!!!!! .... لتتعالى ضحكاته بعدها راميا رأسه الى الخلف منتشيًا وبقوة!!!!!!!..
*********************************
صوت وصول رسالة الى محمول شهاب قطع حديثه مع ليث ليقطب ثم يفتح الرسالة ليصبح كتمثال أول الأمر ثم رويدا رويدا بدأت حدقتاه بالاتساع وظهرت علامات الغضب الشديد على وجهه بينما قبض على هاتفه بقوة حتى كاد أن يهشّمه وهو يصرخ عاليا بينما مقطع الفيديو يعمل:
- لا!!!!!!!!!!!!, كلااااااااااااب!!!!!
ضرب الهاتف بقوة على الأرض ولكن لحسن الحظ لم ينكسر فقد سقط على السجادة الوثيرة أسفله، قفز ليث وجلًا من هيئة شهاب حيث نية القتل تبدو وبوضوح على وجهه، توجه اليه من فوره وهو ينحني لالتقاط الهاتف:
- فيه إيه يا ولْد عمي؟.. التَلفون ديه مِن ميين؟؟؟.
نظر اليه شهاب بعينين حمراوين قبل أن يسرع بسحب الهاتف من يده وهو يقول بغضب ناري مكتوم:
- حامد رشوان.... بتاعي أنا، لا انت ولا حد من رجالتك يقرب منه، بلّغ جابر يقول للرجالة انه ساعة الصفر اتقدمت!!
ليث بتقطيبة هاتفا بريبة:
- باااه... ايه اللي جرى يا وِلد عمي؟... واتجدمت كيف يعني؟.. وميتى؟؟..
شهاب بعينين تلمعان عزما ولهجة حزم آمرة:
- بعد نص ساعة بالظبط من دلوقتي، والبنت وامها واخوها هييجوا معانا، حامد رشوان هيدفع تمن اللي عمله هو... وعيلته كلها!!!!!!!!!!
--------------------------------------------
ضرب أحمد بخفة على وجه سلمى وهو يهمس برجاء:
- قومي يا سلمى، أرجوكِ ما فيش وقت!..
رفع رأسها بيد في حين استمر بصفعها بخفة على وجهها لتصدر أنينا خافتا جعله يطلق أنفاسه المحبوسة ترقبا وقلقا وهو يهتف بالحمد الله، فتحت عينيها بضعف لتطالعه باهتزاز في الرؤية أول الأمر لتتضح لها الصورة بعد ذلك، فهتفت وهي تعتدل في رقدتها فوق الأرض الصلبة:
- ايه اللي حصل بالظبط؟...
جلس أحمد بجوارها وهو يستند بظهره العار الى الحائط الخرساني خلفه مجيبا بتنهيدة عميقة:
- يا شيخة أيه دا؟.. قلبي كان هيقف من الخضّة عليكي!...
اعتدلت سلمى جالسة وقالت وهي تزيح خصلاتها المشعثة وراء أذنها:
- احنا فين هنا؟.. وجينا هنا ازاي؟؟؟
وهي تتجول بعينيها في المكان المقفر حولها ليجيبها أحمد بهدوء لا يشعر إطلاقا به:
- احنا جنب المكان اللي خطفونا فيه، بعد ما أغمى عليكي دخل واحد منهم يشوف ايه اللي حصل وفجأة حصلت ربكة معرفش ليه لاقيتنا مرة واحدة من غير أي حد حوالينا شيلتك وجريت بيكي، وجيت هنا.. لاقيت العمارة اللي لسه بتتبني دي أنسب مكان نستخبى فيه، مش هيتوقعوا أبدا اننا لسه جنبهم فكرهم هيروح أننا هنروح عند أهلك أكيد أو على أقل تقدير المكان اللي فيه ولاد عمك.....
سلمى بقلق:
- طيب وهنعمل إيه دلوقتي؟؟
أحمد بهزة رأس:
- مش عارف، لكن واضح كدا ان ولاد عمِّك عملوا حاجة كبيرة لأني سمعت واحد منهم بيقول ان حامد رشوان أمر بجمع رجالته كلهم والاغبيا نفذوا الأمر على طول من غير ما ياخدوا بالهم مننا والحمد لله دا كان في مصلحتنا!!..
انتبهت سلمى لجلوسه أمامه بينما جذعه العلوي عار، فتذكرت ما حدث قبل إغماءتها، لتنظر الى ثيابها تحاول تسويتها وكان هناك مزق بسيط في كُم بلوزتها والتي طارت أحد أزرارها العلوية، لتحاول ستر نفسها كيفما اتفق، قال احمد وهو يحاول النظر بعيدا عنها حينما انتبه الى وضعهما:
- أنا ما كنتش هأذيكي يا سلمى، مش ممكن أعمل كدا، أنا لما وعدتك أنك هترجعي سالمة كنت أد وعدي...
ليطالعها مردفا بصدق لمسته في نبرات صوته:
- ولو آخر حاجة هعملها يا سلمى، وعد مني انك هترجعي لأهلك من غير ما حد يلمس شعرة واحدة منك، على الأقل أكون سيبت عندك ذكرى حلوة تغفر لي أي إساءة أو دموع كنت أنا السبب فيهم!!..
همّت بالرد عليه عندما تعالى صوت إطلاق النيران، ليقبض أحمد على يدها وهو يحثها على الركض متخذين الظلام ستارا لهم، وفي الناحية الأخرى تحديدا أمام المبنى حيث كانت محتجزة كان هناك شهاب وليث وغيث الذي لحق بهما عندما هاتفه ليث طالبا منه القدوم بعد أن ارتاب في حالة شهاب والذي رفض الافصاح عن فحوى الرسالة المرئية التي استلمها، وأخبره بطلب شهاب بإحضار الرهائن معه، ليأتي ومعه عائلة حامد رشوان بصحبة رجال جابر زيدان بينما أمر سلافة بالتزام البقاء في السيارة مع عائلة حامد.....
هتف شهاب وهو يمسك سلاحه موجها حديثه الى جابر الذي كان مشغولا بإطلاق النيران على رجال حامد رشوان:
- عاوز واحد منهم بس يكون صاحي، هو اللي هيجيب لنا الكلب حامد لغاية هنا...
هز جابر برأسه ليسارع بتنفيذ أمر شهاب، وما هي إلا دقائق حتى كان الرجل ( برعي ) ملقى تحت قدمي شهاب وقد قيّد جابر معصميه، جذب شهاب شعره بقوة رافعا رأسه المتدلي على صدره إليه وهو يزمجر بشراسة هاتفا:
- فين الكلب سيدك؟؟؟
برعي وهو لا يستطيع التقاط أنفاسه:
- مـ... مين؟؟..
ليعاجله شهاب بركلة من قدمه في وجهه نزف لها أنفه فيما أطاحت سنتّين من أسنانه الصفراء الكالحة وهو يخور كالثور وقد سقط على ظهره، رفعه جابر من شعره بينما مال عليه شهاب هادرا فيه بشراسة:
- انطق قبل ما أخليهم يخلصوا عليك، الكلب حامد رشوان فين؟؟
نطق الرجل بصعوبة بكلمات متقطعة من فرط الوجع والألم:
- ما أنا... لو .. لو نطـ نطقت بردو... هتقتلني!...
شهاب بتحد:
- بقه هو كدا؟.. ليردف آمرا بصوت مزلزل:
- جابر... شوف شغلك...
صوت جذب صمام الأمان جعل برعي يصرخ كالحريم هاتفا:
- هقول... هقول يا باشا...
ليقاطعه ليث وهو يضع يده على كتف شهاب آمرا بصرامة:
- لاه.. ما هتجوليش، انت عتكلم الكلب دِه دلوك وتخليه ياجي اهنه، ووجتها احنا عنتصرفوا إمعاه!!
برعي بخوف يكاد يقتله وخنوع تام:
- حاضر... تحت أمرك يا عمدة، انما هقوله إيه؟؟
ليث بعينين تبرقان بوحشية لاقتراب وقوع فريسته بين براثنه:
- عتجوله انه مَرَتو وبتُّه ووِلده إهنه، ولو ما اظهورشي في ظرف ربع ساعة يجول عليهم يا رحمن يا رحيم!!....
وبالفعل، جاء حامد ملتفاًّ بحرسه الخاص من حوله فور تلقيه اتصال برعي، خرج من السيارة في حين أحاطه رجاله مشكّلين نصف دائرة، تقدم غيث اليهم في حين ظل حامد واقفا وسط رجاله، تحدث حامد بصفاقة:
- من غير كلام كتير... مراتي وبنتي وابني يرجعوا حالا ومعهم السيديهات اللي عندكم، وبنتكم هرجعها لكم ومعاها.... السي دي اللي انتو شوفتوه، بس هتفضل معايا منه نسخة عشان لو عقلكم قالكم تعملوا حركة غدر بنتكم اول واحدة هتدفع التمن!!!...
صدحت ضحكة غيث في حين همّ شهاب بالانقضاض عليه لولا يد ليث التي منعته هامسا له بأن يدع غيث يتعامل معه، غيث بعد أن هدأت ضحكته:
- ضَحَّكْتَنِي يا راجِل، أوَّل هام بتِّنا وعنعرفوا انجيبوها ولو في حنك السّبع، تاني هام الخرابيط اللي بتجول عليها ديْ سيديهات ومخبرشي إييه بِلّها واشرب مايّتها لانه مش هيطلع عليك صُبح لا انتَ ولا ردالتك اللي انت فرحان بيها ديْ.. تالت هام انه عيلتك عنخلِّصوا عليها واحد واحد جودامك اهنه عشان تِعرف انه مش عيلة الخولي اللي يتعمل امعاهم اكده، وانك يوم ما فكرت تلعب امعانا لعبتك الحقيرة ديْ لعبت وجتها في عداد عمرك انت وهَلك كلاتهم!!!!...
حامد بغلظة بينما تحرك رجاله الى الامام ناحية غيث:
- انت فاكر انك هتوهشني بكلمتين؟؟.. فين مراتي وولادي؟؟؟
غيث بلا مبالاة:
- بس إكده؟... حالا عتشوفهم...
وأشار برأسه الى جابر الذي اختفى لمدة ثوان ثم عاد يقود أمامه امرأة مكممة وصبي صغير وفتاة شابة، ليلقي بهم الى الرمل أسفل قدمي حامد الذي هتف بغضب ثم ركع على قدميه آمرا رجاله بحل وثاقهم فيما يفك هو قيد زوجته، وعندما انتهوا من تحريرهم وقف حامد محتضنا زوجته بيد وولده وابنته بالأخرى وهو يصيح:
- هتدفعوا التمن يا عيلة الخولي واحد واحد، والتمن ابتديتوا فعلا تدفعوه، وبنتكم سلمى الدليل على كلامي، والحساب يجمع!!
ما ان طرق سمع شهاب اسم سلمى حتى لم يستطع الصبر أكثر من ذلك ليندفع إليه وهو يهدر فيه بشراسة فيما التفت حامد للذهاب بعيدا وهو لا يزال محيطا عائلته:
- حامد يا رشوان!!!!!!!!!!
توقف حامد عن السير واستدار ليلمح شهاب وهو يتقدم اليه شاهرا مسدسه في وجهه وهو يهتف بعنف وحشي:
- أنا قلت انك هتدفع التمن، انت وعيلتك كلها!!!!!
لم يتثنى لأحد من رجاله أن يخرج سلاحه فقد هبط عليهم وابل من الرصاص ليتساقطوا كالذباب واحدا وراء الآخر وفي ظرف ثوان كانت الأجساد الميتة تملأ المكان بينما تلون دمائها الرمال تحتها!!!!!
هتف حامد برعب وهو يشاهد جثث رجاله من حوله والتي تساقطت في ظرف ثوان معدودة:
- ايه دا؟؟؟؟
كان احمد وسلمى قد اقتربا كثيرا من المكان حيث تواجد الجميع، أبصرت سلمى شقيقتها وهي تقف على مسافة ليست ببعيدة عنهم فركضت اليها بعد أن هز أحمد لها برأسه بالايجاب، لتفاجأ سلافة بمن يقبض على كتفيها من الخلف فالتفتت بذعر ليطالعها وجه أختها الشاحب والمتسخ بالأتربة فكتمت صيحة فرح ثم احتضنتها والدموع تجري على وجنتيهما، ابتعدتا قليلا ما أن سمعتا صوت وابل الرصاص، لتهتف سلمى بهمس وهي تنظر أمامها في ذعر:
- شهاب!!!!!!!
فلحظتها كان شهاب يقف بعد أن قُتل حرس حامد جميعهم يشهر سلاحه في وجه حامد رشوان غير آبه بالجثث الملقاة أسفل أقدامهم وهو يقول بجمود وكأنه يتلو حكما بالإعدام:
- انت قتلت وسرقت ونهبت، دا غير جرايم الاغتصاب طبعا زي مريم الله يرحمها اللي انت حرضت عليها، وآخر حاجة بقه.. كانت مراتي!!!.....
لتجحظ عينا غيث وليث حينما فهموا المعنى وراء كلمات شهاب الذي تابع بقوة وهو يشد زناد مسدسه مصوّبا فوهته الى قلب حامد رشوان مباشرة:
- غلطتك انك معرفتش انت بتلعب مع مين من البداية، تاري أنا هاخد بإيدي... في الموضوع دا قانون واحد بس اللي بيمشي... قانون عيلة الخولي!!!..
وضغطت سبابته على الزناد وانطلقت رصاصة الثأر!!!!
******************
كانت سلمى تجلس على مقعد في المشفى أمام غرفة العمليات، بينما وجهها يعلوه الجمود وقد غابت عيناها وكأنها في عالم آخر، فيما جلست بجانبها سلافة تحاول اقناعها بالذهاب الى الحمام على الأقل لغسل يديها ووجهها الملطخيْن بالدماء ولكنها أبت وبعناد شديد، فلن تتزحزح خطوة واحدة قبل الاطمئنان عليه، أليس هو من ضحى بنفسه من أجلها؟!!!!...
يئست سلافة من سلمى لتتجه بعد ذلك الى غيث الذي يقف مرابضا أمام غرفة العمليات منتظرا خروج الطبيب ليطمئنه عن حالة توأمه الروحي، ربّاه لا يزال المشهد حيث رصاصة الغدر التي جاءته من الخلف ليقع بين يديه هامسا بوصيته له قبل أن تغمض عيناه، والتي تتمثل في كلمة واحدة فقط:
- سـ.. سلسبيل!!!!
قالت سلافة باشفاق على حاله:
- مش كدا يا غيث، ليث هيقوم بالسلامة ان شاء الله، لازم تكون أقوى من كدا، أومال سلسبيل هتعمل ايه بقه؟؟؟
ليحرك غيث رأسه بيأس هاتفا:
- ماعارفشي هجولها كيف؟.. مش كفاية راضي الله يرحمه، هخبِّرها كيف انه ليث انصاب؟..
سلافة بأسى على حاله:
- بلّغ عمي عدنان الأول وان شاء الله الدكتور يخرج يطمنّا على ليث ووقتها نبقى نقولها، لما تعرف انه حصل له حادثة بس الحمد لله ربنا نجّاه.. ساعتها المفاجأة مش هتكون شديدة عليها!!!
ابتسم غيث ابتسامة شاحبة قبل أن يمد ذراعه مطوقا كتفيها وهو يقول:
- ربنا ما يحرمني منك يا بتّ عمّي، ما عارفشي من غيرك كنت عملت ايه دِلوك؟؟
سلافة بمرح خفيف رغبة بادخال السرور اليه:
- كنت اعملت شاي بلبن وامعاهم شوية جراجيش يا ولد عمِّي!!
قطع حوارهما الهامس خروج الطبيب من غرفة العمليات حيث ركض اليه غيث بينما هرعت سلمى اليه ما أن رأته، قال الطبيب مجيبا تساؤلاتهم الصامتة:
- للأسف فيه أخبار حلوة وأخبار سيئة، الخبر الكويس انه واحد من الاتنين اللي اتصابوا الرصاصة جات بعيد عن الرئة بمسافة صغيرة جدا لا تتعدى 2 سم والحمد لله قدرنا نطلعها، المشكلة كانت في كمية الدم اللي نزفها وعوضناه، وان شاء الله الـ 24 ساعة الجايين يعدُّوا على خير... ساعتها نقدر نقول انه عدّى مرحلة الخطر، نيجي بقه للتاني..
قبل أن يتابع قاطعه غيث بلهفة:
- مين فيهم الاول يا داكتوور؟؟..
الطبيب بتركيز:
- الصعيدي، تقريبا اللي انت كنت معاه وهما مدّخلينه العمليات!!
ليهتف غيث براحة عميقة وهو يطالع سلافة بفرح:
- دِه ليث!.. الحمد لله يارب..
فيما همست سلمى بشفاه بيضاء يابسة مستفهمة عن المريض الآخر ليجيب الطبيب وهو يزفر بأسى:
- للأسف دا الخبر الوحش، الطلقات كانت عبارة عن 3 رصاصات، واحدة اخترقت الطحال والتانية الأمعاء أما التالتة فاستقرت في الرئة، قدرنا نستخرج رصاصتين لكن الأخيرة في الرئة في مكان صعب جدا استخراجها، دا طبعا غير كمية الدم اللي فقدها، هو محتاج دعواتكم دلوقتي....
لتشهق سلمى بأسى وكادت تتهاوى حينما أسندتها ذراعان قويتان لترفع رأسها الى صاحبهما هاتفة بحزن يقطع نياط القلب بينما دموعها تسيل مغرقة وجهها:
- سمعت.. سمعت الدكتور بيقول إيه؟؟... أنا السبب.. أنا السبب، كان بيفاديني أنا، الرصاص دا كان المفروض يدخل فيا أنا لكن هو خدهوم بدالي!!..
احتواها بذراعه اليمنى السليمة بعيدا عن كتفه الأيسر المصاب وهمس بصوت أجش:
- ما تعمليش في نفسك كدا، ما فيش حاجة حصلت لكل دا!!!
ابتعدت عنه تطالعه بغضب وحنق هاتفة:
- إيه؟؟... أزاي ما فيش حاجة حصلت؟... أحمد هيموت بسببي يا شهاب وتقولي ما فيش حاجة حصلت!!!!
لم يرد الاحتداد عليها في الكلام مراعاة لحالتها الواضحة ولكنها استفزته لدرجة أن هتف بها بغلظة بصوت مكتوم من شدة الغضب:
- لو قام منها يا سلمى تأكدي اني مش هسيبه يفلت باللي عمله، كون انه فداكي مش هيشفع له عندي، حكم الاعدام صدر فيه خلاص ولسه التنفيذ، يعني حتى لو عاش هيموت بس على ايدي أنا!!...
لتدفع سلمى بيده الموضوعة على كتفها بحنق بعيدا متناسية اصابته في كتفه والتي تعرض لها على يد رجال ملثمين فما ان استعد للضغط على زناد مسدسه حتى انهارت الطلقات حولهم من كل حدب وصوب من مجموعة رجال ملثمين، ليقع حامد وعائلته جميعها صرعى في ذات اللحظة بينما اندفع شهاب جانبا ليصاب كتفه برصاصة لم تصبه سوى بجرح سطحي أصاب كتفه الأيسر، بينما تم تراشق النيران بين رجال جابر والرجال الملثمين، ليصاب ليث بالرصاص أثناء حمايته لظهر غيث فيما لمح أحمد الذي كان يقف على مقربة ليست ببعيدة عنهم فوهة السلاح وهو يصوّب الى سلمى ليصرخ باسمها كي تنتبه وهو يركض ناحيتها بسرعة الفهد ليقفز محيطا بها بجسده في اللحظة التي انطلقت فيها الرصاصات القاتلة لتصيبه هو بدلا عنها، وكما بدأ اطلاق النيران فجأة انتهى فجأة ليختفي الرجال الملثمون الذين بدوا بثيابهم السوداء كخفافيش منتصف الليل عائدين من حيث أتوا، والى الآن لا أحد يعلم من هم ولا إلى أين ذهبوا وإن كانت الشرطة ترجح أن مهمتهم كانت تصفية حامد رشوان!!.. فمن يعلم خبايا مثل هذه العصابات جيدا يعلم أنهم قد جاءوا خصيصا للتخلص من حامد رشوان فقد أصبح خطرا عليهم، تماما كما أخبر جابر غيث في وقت لاحق!!...
وقفت سلمى أمام شهاب قائلة بجمود:
- أحمد ما عملش حاجة، أحمد وعدني انه هيفديني بروحه، وفداني... تقدر تروّح ترتاح أما أنا فمش همشي من هنا قبل ما أطمن عليه!!!!...
الى هنا وطارت البقية الباقية من صوابه ليقطع الخطوات القليلة الفاصلة بينهما قابضا على ذراعها وهو يهتف بها بغضب وحشي:
- كلمة زيادة مش عاوز أسمعها، واضح كدا ان اللي عمله كان على مزاجك ولا ايه؟؟
لاحظ غيث وسلافة تكهرب الجو بينهما ليتبادلا النظرات ثم يسرعان اليهما، قال غيث محاولا ابعاده عنها فيما حاولت سلافة تهدئة شقيقتها:
- استهدى بالله يا شهاب يا خويْ مش إكده!!..
هتفت سلمى غير عابئة بالنظرات الفضولية التي بدأت في الانتباه اليهما:
- انا مش هتحرك خطوة واحدة من هنا يا شهاب، دي أقل حاجة أعملها له بعد اللي عمله علشاني، مش معقوله واحد فداني بروحه اسيبه مرمي هنا في المستشفى بين الحياة والموت وأروّح أعيش حياتي ولا كأن حاجة حصلت!!!
شهاب بسخرية:
- آه بعد اللي عمله!!.. مش قلت لك ان اللي عمله كان على هواكي!!
كادت سلمى أن تشد شعرها فهي لا تدري ما يعنيه من وراء تلميحاته هذه لتقول بتعب زافرة بيأس:
- انت قصدك ايه يا شهاب بالظبط؟؟؟
لاحظ غيث أنهم قد بدئوا بإثارة فضول المارة من حولهم فأشار لغرفة استراحة المرضى قائلا:
- أني شايف أننا ندخل اهنه الاول عشان تعرفوا تكملوا حديتكم براحتكم...
بعد أن دلفوا الى غرفة الاستراحة الفارغة وقفت سلمى تطالع شهاب بجدية مطالبة بتفسير لما قصده ليجيبها بسخرية ومرارة تقطر من كلماته:
- يعني انتي مش عارفة قصدي يا دكتورة؟.. تمام.. أنا هوريكي قصدي ايه!!!
ليخرج هاتفه المحمول ضاغطا على مقطع الفيديو وهو يضعه أمام عينيها قائلا بمرارة:
- شوفتي يا مدام؟؟... عرفتي الدكتور أحمد عمل ايه يا... دكتورة؟!!!
لم تصدق سلافة عينيها لتهتف بشهقة ذهول وهي تبتعد الى الخلف عدة خطوات:
- سلمى.. مش ممكن!!
في حين أسرع غيث بإشاحة عينيه بعيدا وهو يضغط على أسنانه قهرا وغضبا، بينما اعتلى الجمود والشحوب الشديد وجه سلمى التي رفعت عينان خاويتان الى شهاب الذي يقف أمامها يطالعها بسخرية وغضب، وسألته بصوت ميّت بينما عينيها قد خبا منهما بريق الحياة:
- مش هسألك صدقت اللي انت شوفته ولا لأ لأنه واضح طبعا انك مصدق، لكن سؤالي.. انت فعلا مصدق اني كنت موافقة على كدا؟!!!
شهاب بنظرة غامضة:
- طريقتك قودامي دلوقتي ولهفتك عليه تخليني اسأل نفسي، يا ترى اللي حصل كان برضاكي؟.. واحدة غيرك كانت اتمنت له الموت ولمّا يحصل تفرح لأنه سبق وقتلها، لكن اللي انا شايفه غير كدا!!!
استحكمت غصة مريرة حلقها ابتلعتها بصعوبة قبل ان تقول بصوت خاوٍ:
- بس موقفي من اللي حصل لأحمد دا دليل معاه مش ضده!!.. يعني لو الفيديو دا صح.. أكيد رد فعلي كان اختلف، ليه مفكرتش انه الفيديو دا غلط بدل ما تفكيرك يروح انه اللي حصل في الفيديو حصل بموافقتي؟!!!
قطب شهاب وأجاب بعصبية مفرطة فقد أفلت غضبه من عقاله وكعادته دائما حينما يترك لغضبه العنان فإنه لا يترك مجالا لعقله بأن يرشده للصواب:
- عاوزة تقولي ان الفيديو متفبرك؟.. وايه اللي قطّع هدومك كدا يا مدام؟..
لاحت منها نظرة الى بلوزتها الحريرية أسفل السترة التي وضعها شهاب على كتفيها ما أن أبصرها أثناء حضور الشرطة، رفعت عينيها اليه لتجيبه بصوت لا يشبه صوتها، صوت جامد لا حياة فيه:
- واحدة بقالها يوم تقريبا مخطوفة أكيد ما كنتش في رحلة راحة واستجمام، لكن وكالعادة انت قفزت لاستنتاجك، فلو فكرت بطريقتك هقولك انه من مصلحتي انه احمد يفوق ويقوم منها بالسلامة!!!
قطب شهاب متسائلا بريبة وان غلّف صوته نبرة سخرية:
- وليه إن شاء الله؟؟
رفعت عينيها اليه لتجيبه ببرود صقيعي ونظرات زجاجية خالية من نور الحياة:
- عشان يصلّح غلطته!!!!!!
اتجهت اليها سلافة سريعا بينما أمسك غيث بشقيقه قبل أن يتهور كعادته ويقوم بما لا يحمد عقباه كعادته حينما يغضب بجنون مثل الآن، هدر شهاب بغضب وحشي هاتفا:
- قصدك ايه؟؟؟
ببرود تام خلعت سلمى سترته ومدت يدها بها اليه وهي تجيب بوضوح تام:
- اللي فهمته...
لم يتناول سترته فألقتها على المقعد ثم اتجهت بخطى واثقة الى الباب بينما هو يراقبها بدهشة حانقة، وقفت قبل أن تخرج والتفتت اليه تطالعه من فوق كتفها وهي تردف بجمود:
- ما تنساش ورقتي يا ابن عمي، واطمن.. أوعدك انك مش هتشوف وشِّي تاني... عن إذنك!!!!
وخرجت صافعة الباب خلفها بقوة لتنتبه سلافة من جمودها وتلحق بها منادية لها بينما أوشك شهاب على الركض خلفها ليعيقه غيث قابضا على ذراعه بقوة فيما نظر اليه شهاب بحدة هاتفا:
- سيبني يا غيث!!
غيث بقوة:
- بكفاياك يا ولد أبويْ.. همّلها دِلوك.. لازمن أعصابكو انتو التنييين ترتاح اشويْ.. اللي حوصل مش هيّن يا خويْ!!
هتف شهاب بحرقة:
- مش قادر أصدق يا غيث, مش جادر يا خويْ!!...
ليربت غيث على كتفه قائلا بقوة:
- انت شهاب وِلد الخولي، وهي برضيكي مننا، يعني عزة نفسكم واحدة، انت جرحتها يا شهاب، كيف صدجت فيها الحديت الماسخ اللي جولته ديه؟.. كلامها هيّا أجرب للعجل، أني ماخابِرشِي الفيديو ديه فيه ايه، لأني مالحجتش أشوف حاجة، دَرِيت وشِّي طوالي أول ما شَغِّلته، لكن اللي اعرِفه زين انه مش سلمى بت الخولي اللي تبكي على واحد امضيّع الشرف كيف ما فكِّرت!!!، همِّلها لغاية ما أعصابها تهدى اشويْ..
شحب وجه شهاب فجأة من حديث شقيقه وعلم الى أي مدى قد تمادى هذه المرة... فهو لم يصدق ما رآه في مقطع الفيديو اللعين وحسب ولكنه اتهمها بموافقتها بل وترحيبها بما حدث!!.. الأمر الذي جعل قلب شهاب يرجف بين ضلوعه فكما قال غيث هما الاثنان أبناء عائلة الخولي حيث عزة النفس والكرامة، وليس لهذا سوى معنى واحد... أنه في طريقه لخسارة سلمى!!.. ولكنه لن يقف مكتوف الأيدي، هو لا يعلم كيف يستطيع اقناعها بفورة الغضب التى اعترته من رؤية خوفها على الآخر، ولكن ما يعلمه جيّدا أنه لن يفرّط في سلمى مهما حدث، أينهي الانسان حياته بيده؟؟... فسلمى هي الحياة لجسد شهاب وهو لم يكن ليدع حياته تنسل بعيدا عنه حتى وأن حمل كفنه على يديه مقدّما حياته قربانا لها!!!!!!!!!!!
- يتبع -


مملكة الغيوم 04-12-16 12:22 AM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
حرب العصابات ابتدت وسع يا جدع الصعايده وصلو ولازمن ناخد بتارنا من ولد رشوان اللى فى لمحه فقد حياته وعيلته جزاء وفاقا للى عمله فى مخاليق ربنا يمهل ولا يهمل من اجل عرض الدنيا الزائل خسر الدنيا والاخره وذلك الخسران المبين خلى الدراهم تنفعه يوم غمسه واحده فى جهنم يقول بعدها ما راءيت نعيما قط ودى حال اكتر انسان اتنعم فى دنياه وخسر اخرته
ليث يا قلبى عليه فدا ابن عمه هو كدا الدم عمره ما يبقى ميه ودم الليث بيجرى فيه الشهامه والنخوه والرجوله
شهاب زودها مع سلمى بس الغيره بتعمى القلب قبل البصر وهو من ناحية الغيره صعيدى صرف
سلمى انجرحت من ظنه بيها وهو لو فكر ثوانى كان عقلها مفيش واحد بيستندل مع واحده وبعد كده يحميها بحياته بالعكس بيحب ان دليل ادانته ينتهى ومن مصلحته انها تموت لكن يبدو احمدوه حبها من قلبه وكان نفسه تسامحه على المقلب اللى عمله فيها
حرب العصابات اللى جرت دليل ان الناس اللى ورا حامد بينظفو اثارهم اول باول وما بيسيبوش اى ادله تدينهم وتعرف عنهم اشباح الظلام ذئاب فى ملابس رسميه نشوفهم نقول ما شاء الله عز وتقوى واوادم وهما انيابهم بتقطر دم من دم الغلابه اللى عايشن على مص دمائهم باسم البزنس والمصالح وما خفى كان اعظم هيه لينا رب اسمه الكريم
فى انتظار الفرج يا منمن قلبى الصغير لا يتحمل ابعتى قوات انقاذ للرومانسيه احسن ولادالخولى خربوها انهارده وجرحو سلومتى مووووووووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 04-12-16 08:10 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3668180)
السلام عليكم ورحمة الله
حرب العصابات ابتدت وسع يا جدع الصعايده وصلو ولازمن ناخد بتارنا من ولد رشوان اللى فى لمحه فقد حياته وعيلته جزاء وفاقا للى عمله فى مخاليق ربنا يمهل ولا يهمل من اجل عرض الدنيا الزائل خسر الدنيا والاخره وذلك الخسران المبين خلى الدراهم تنفعه يوم غمسه واحده فى جهنم يقول بعدها ما راءيت نعيما قط ودى حال اكتر انسان اتنعم فى دنياه وخسر اخرته
ليث يا قلبى عليه فدا ابن عمه هو كدا الدم عمره ما يبقى ميه ودم الليث بيجرى فيه الشهامه والنخوه والرجوله
شهاب زودها مع سلمى بس الغيره بتعمى القلب قبل البصر وهو من ناحية الغيره صعيدى صرف
سلمى انجرحت من ظنه بيها وهو لو فكر ثوانى كان عقلها مفيش واحد بيستندل مع واحده وبعد كده يحميها بحياته بالعكس بيحب ان دليل ادانته ينتهى ومن مصلحته انها تموت لكن يبدو احمدوه حبها من قلبه وكان نفسه تسامحه على المقلب اللى عمله فيها
حرب العصابات اللى جرت دليل ان الناس اللى ورا حامد بينظفو اثارهم اول باول وما بيسيبوش اى ادله تدينهم وتعرف عنهم اشباح الظلام ذئاب فى ملابس رسميه نشوفهم نقول ما شاء الله عز وتقوى واوادم وهما انيابهم بتقطر دم من دم الغلابه اللى عايشن على مص دمائهم باسم البزنس والمصالح وما خفى كان اعظم هيه لينا رب اسمه الكريم
فى انتظار الفرج يا منمن قلبى الصغير لا يتحمل ابعتى قوات انقاذ للرومانسيه احسن ولادالخولى خربوها انهارده وجرحو سلومتى مووووووووووووووووووووووووووووووواه

للاسف يا ملوكة كلامك صح، ناس بنشوفها نقف احترام، ولما بتتكلم نسكت توقير ليهم، وهما للاسف شياطين الانس،متخفيين في ثياب التقوى والرحمة، لكن إن ربك لبالمرصاد... ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وبتكون نهايتهم عبرة لمن لا يعتبر، ولسه العقاب الالهي في الاخرة... جهنم يصلونها وبئس المصير...
نيجي لأسود الخولي هههههههه ما تخافيش سلومتك هتاخد بحقها تالت ومتلت أصلها هي كمان من آل الخولي ههههههه فيس بيغمز!!!!:party0033:

فوفومون 05-12-16 10:31 PM

رد: كبـير العيلة
 
برافو برافو الاحداث حماسيه ومشوقه وننتظر الممزيد من كاتبتنا الحلوه اموووووووواه

منى لطفي 05-12-16 11:19 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوفومون (المشاركة 3668355)
برافو برافو الاحداث حماسيه ومشوقه وننتظر الممزيد من كاتبتنا الحلوه اموووووووواه

تسلميلي حبيبتي ويارب باقي البارتات تحوز اعجابك امووووووووواه

منى لطفي 07-12-16 06:16 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة 25
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست سلمى فوق فراشها عاقدة يديها حول ركبتيها، فيما غامت عيناها بغلالة شفافة من الدموع، دلفت اليها سلافة بعد أن طرقت الباب وكالمعتاد منذ أن ثلاث أيام لم تسمع جوابا لها، أغلقت الباب وراءها وسارت تجاهها بخفة لتميل جالسة بجوارها وهي تقول بإشفاق على حال أختها:
- وبعدين يا سلمى؟... وآخرة اللي انتي فيه دا ايه؟.. من يوم ما رجعنا من المستشفى وانتي على الحال دا، مينفعش حبيبتي، بابا وماما قلقانين عليكي اوي عشان خاطرهم هما على الاقل، والغلبان اللي كل يوم مرابط عندنا وانتي رافضة تطلعي له، شهاب يمكن غلط في الكلام بس من غيرته عليكي، انتي دايما بتقوليلي لازم اتعامل بعقل وهدوء وكنت دايما بتنقدي تسرعي وعصبيتي، اديه فرصة يا سلمى...
سلمى بجمود:
- واضح انه العصبية والانفعال دول اللي كنت بعايب عليهم طلعوا قلب شخصية شهاب!..
سلافة بابتسامة صغيرة:
- طيب علشان خاطري اطلعي قابليه، ما تتصوريش حالته عامله ازاي، الكل تحت مستغربين من اللي حصل، كفاية بهدلة جدي ليه هو وغيث على سكوتهم عن الموضوع كله، وليث اللي في المستشفى ربنا العالم بحالته الدكاترة بيقولوا مش هيطلع قبل اسبوع كمان وسلسبيل حبيبتي حالتها ما يعلم بيها إلا ربنا، فعشان خاطري حاولي تخرجي من اللي انتي فيه دا، شهاب بيحبك والكل عارف كدا، حقه انه يغير عليكي وخصوصا لما شاف لهفتك وقلقك عليه وهو كان خاطبك قبل كدا!
نظرت اليها سلمى بحدة هاتفة:
- يعني جبتي سيرة الكل الا هو وانتي بتعاتبيني على غضبي من شهاب؟!.. انتي ناسية انه هو كمان في المستشفى في غيبوبة بين الحياة والموت ولا دا شيء مش مهم بالنسبة لكم؟؟
سلافة باعتراض:
- لا طبعا مش قصدي بس....
قفزت سلمى واقفة وابتعدت عن الفراش وهي تقول بحزم منهية النقاش بينه وبين شقيقتها الصغرى:
- ارجوكي يا سلافة مش عاوزة اسمع حاجة تاني، ومن الآخر مقابلة شهاب مش هقابله، وياريت يحترم قراري، أنا مش عاوزه أشوفه!..
ليعلو صوت متسائل من امام الباب يقول:
- لغاية إمتى يا سلمى؟..
قالت سلافة وهي تطلع الى صاحب الصوت:
- بابا!!!
دلف رؤوف بخطوات وئيدة حتى وقف بجوار ابنته وأردف بصوت حازم حان:
- لغاية امتى القوقعة اللي انتي محاوطة نفسك بيها دي؟
سلمى وهي تسدل عينيها الى الاسفل:
- معلهش يا بابا أرجوك أنا..
قاطعها والدها بجدية:
- سلمى.. شهاب حكى لي كل حاجة من غير ما يخبي أي شيء، اعترف انه في لحظة غضب منه انفعل بكلام ما كانش ينفع انه يقوله، هو غلط واعترف بغلطه، يبقى نتعامل كناس ناضجين وتقعدوا سوى وتفهميه انه العصبية وسرعة الانفعال والغضب الجنوني دا مش هتقدري تستحمليه، داج وزك وحقه عليكي انك تتفاهمي معاه، زي تمام ما هو حقك عليه انه يحترم شعورك ويفهم وجهة نظرك..
سلمى هاتفة بانفعال حاول كتمه:
- الكلام دا يا بابا كان ينفع لو الموضوع عصبية وغيرة عادية لكن دا اتهمني أني....
وكتمت فمها براحتها ليحتويها والدها بين ذراعيه مربتا عليها لتنسحب سلافة ببطء فيما همس والدها لها:
- هششش.. خلاص حبيبتي، ما تعمليش في نفسك كدا، هو قالي انه في لحظة غباء منه قالك كلام ميعرفش طلع منه ازاي، سلمى شهاب لو عنده شك ولو واحد في المليون كان قتلك وقت ما شافك!.. دا صعيدي حبيبتي.. ما يغركيش طريقة كلامه اللي زيينا ولا لبسه، دا زي غيث وزي أي صعيدي دمه حامي على شرفه وعرضه، في ثانية كان هينسى أي تعليم ولا تحضر ويتحول لصعيدي 100% ويخلّص عليك من غير ما يطرف له جفن حتى!! .. شهاب كان موجوع يمكن اكتر منك، انتي كمان ما ادتهوش فرصة انه يستفهم منك اللي حصل منعكم انكم تتكلموا ولما جيتوا المستشفى انشغلتوا بليث وبأحمد فما سألكيش، لااازم تسمعي منه، حقه عندك انك تسمعي، جدك عبد الحميد على فكرة كان عاوز يطلع يشوفك أنا الي قلت له انك هتنزلي عشانه هو وجدتك فاطمة، الحبسة اللي انتي فيها دي مش حل، انتي يدوب تروحي المستشفى في ساعة الويارة وترجعي حابسة نفسك حتى مامتك نفسها مش بتقعدي معاها، واللي أنا اعرفه ان بنتي الكبيرة أقوى من كدا، أنا دايما أقول عليكي عاقلة وناضجة وهادية وبتوزني الأمور صح، ولما شهاب اختارك فرحت لانه لو مان اختار سلافة كان هيبقى حريقة وشبّت في البيت، كأنك بتكفي بنزين بجاز مثلا، عشان كدا جدك كان عنده بعد نظر لما قالي أول ما جينا انه نفسه بناتي ياخدوا ولاد عمهم، كان مختارك لشهاب وسلافة لغيث ولما ولاد عمك فاتحوني سألته ان كان كلمهم في الموضوع ضحك وقال يل أبدا بس هو مبسوط انه أحافده بيعرفوا يفكروا ويختاور صح، كل واحد فيهم اختار الفولة بتاعته تمام، مش بيقولوا كل فولة وليها كيّال؟!!؟
مسحت سلمى دموعها برؤوس أناملها البيضاء ورفعت عينيها الى والدها قائلة بصوت مكتوم بغصات البكاء:
- أنا تعبانة أوي يا بابا، العقل والحكمة دول منفعونيش قودام اتهامات شهاب، اللي انا شوفته الكم يوم اللي فاتوا دول وكأني عِشت حياة تانية خالص!.. فكرة انه انسان اكون انا السبب في موته تعباني اوي، أحمد فداني بروحه يا بابا، وفي الوقت اللي انا منتظرة من شهاب انه يقف قودامي ويقويني ألاقيه اول واحد بيهاجمني ومش حاسس باللي فيّا، مجرد فكرة انه فيه انسان بيموت وانا ليا يد في دا مموتاني أنا!!
نهرها روؤف برفق:
- استغفري ربنا يا بنتي، دا كله أجل ومكتوب، وإذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون.. صدق الله العظيم، وبعدين الأعمار بيد الله محدش عارف فيه ايه بكرة، مش جايز جدا ربنا يكتب له النجاة ويبقى اتكتب له عمر جديد فعلا زي ما بيقولوا؟.. خلي ظنك في الله أحسن من كدا ربنا بيقول ما معناه.. أنا عند ظن عبدي بي!!
همست سلمى وقد هدأت نوبة بكائها:
- ونعم بالله... , ثم تابعت بصوت هاديء نسبيا:
- معلهش يا بابا أنا فلا مش في حالة تسمح اني اتكلم مع شهاب في أي حاجة، محتاجة وقت أحاول أتمالك فيه نفسي، وبعد إذن حضرتك انا هلبس عشان ألحق معاد الزيارة، سلسبيل من يوم اللي حصل لليث وهي قاعده مرافق معاه خصوصا بعد ما طلع في أودة لوحده، أنا كلمتها من شوية لاقيتها رجعت تبص على ولادها وتاخد هدوم ليها وراجعه تاني، فأنا بعد إذن حضرتك هروح معاها؟..
لتأتيها الاجابة بصوت واثق:
- وأنا ما أرضاش انه مراتي تروح في أي مكان مع حد تاني غيري.. بعد إذن حضرتك يا عمي!..
ابتعدت سلمى عن ذراعي والدها والذي التفت الى شهاب يقول بابتسامة صغيرة:
- مش تخبط الأول يا بني؟..
شهاب بهدوء لا يشعر بمقدار ذرة منه فيما عيناه مسلطتان على تلك التي تختبئ منه بين ذراعي والدها معتقدة أنها بوجودها بين جدران غرفتها تستطيع منعه من الوصول اليها، ولكن آن الأوان لتعلم أن لا أحد ولا أي شيء قادر على ابتعادها عنه فهي امرأته هو... وكفى!!.. شهاب ببرود وهو يدلف الى الداخل:
- معلهش يا عمي، بس أنا خفت انها ترفض تقابلني زي كل مرة، وبعدين الباب كان مفتوح وانا اعتبرت نفسي في بيتي، هو مش بيت مراتي يبقى بيتي بردو؟..
مشددا على كلمة "مراتي".. لتحدجه سلمى بنظرة حارقة يقابلها بأخرى متحدية، لم ينتبه رؤوف لحرب النظرات الدائرة بينهما ليجيب وهو يبتعد عن سلمى:
- اكيد طبعا بيتك، عموما أنا هسيبكم عشان تتكلموا، لما تخلصي سلمى لو.. جوزك – مشددا بدوره على الكلمة - مش هيوصلك المستشفى فبابا موجود، أنا اللي هوديكي وبالمرة أزور ليث أطمن عليه وأقابل الدكتور اللي ماسك حالة أحمد أشوف آخر التطورات إيه...
انسحب رؤوف تاركا شهاب وسلمى بمفردهما فيما الباب مشرّعا خلفه، ما ان اختفى والدها حتى استدارت سلمى لتوليه ظهرها عاقدة ذراعيها أمامها، اقترب منها شهاب حتى أحست بدفء أنفاسه من خلفها، كان هو أول من خرق الصمت السائد بينهما محاولا التحدث بهدوء:
- هتفضلي مقاطعاني كدا لغاية امتى؟..
سلمى ببرود ناظرة الى النفاذة العريضة التي تحتل الحائط امامها:
- دي مش مقاطعة يا ابن عمي، دا موقف!.. انت غلط في حقي ومش غلط سهل، فبالتالي أي رد فعل مني على اللي عملته من حقي، سواء أني أرفض أشوفك أو أسمعك!..
شهاب بضيق مكتوم وهو يضغط على أسنانه:
- وأنا اعترفت بغلطي، وحكيت لعمي ومرات عمي كل حاجة وبصراحة، ما حاولتش أبرر غلطي ولا أقول أنصاف حقايق، كل اللي حصل حكيته بالظبط، وهما اتفهموا موقفي وقدروا اني بعترف بغلطتي، المفروض انك تكوني هديتي وانتي كمان تديني عذري لكن اللي انا شايفه انك بتنفسي فيا عن غضب جواكي انتي، أنا هقولهالك لآخر مرة.. أنا عمري ما أشك فيكي، ولو أنتي مش مراتي فانتي بنت عمي روؤف.. وانا عارف كويس أوي عمي رؤوف مربي بناته ازاي، واللي حصل لك دا مش ممكن كنت أخليه يعدي بالساهل فما بالك بقه وانتي مراتي؟.. يعني حتة مني؟.. ما تلومنيش على غضبي منك لما شوفتك شبه منهارة بعد اللي جراله..
سكت قليلا محاولا التماسك وهو يضغط أسنانه بقوة بينما تكورت يده في قبضة قوية حتى ابيضت سلاميات أصابعه مغمضا عينيه لثوان ليتابع بعدها وقد فتح عيناه ناظرا الى صورتها المنعكسة في زجاج النافذة أمامه فيما صوته يخرج مشروخا:
- عارفة احساسي كان ايه لما شوفت الفيديو؟.. كنت حاسس انه حد طعني بسكينة وساب السكينة في الجرح!.. ولما شوفت خوفك ولهفتك كان كأنك بتلوي السكينة في الجرح دا وبكل قوتك، أنتي ما قولتيش اللي حصل بالظبط لأنه ما كانش فيه مجال لكدا من لحظة ما شوفتك وضرب النار اللي اشتغل والبوليس اللي جه وبعدين المستشفى وانشغالنا بليث كل دا مخلناش فرصة نتكلم، مش هنكر ان غيرتي عمِّتني وانا شايفك تقريبا منهارة عشانه، سلمى أنا انسان مش ملاك.. وانتي اكتر واحدة عارفة عصبيتي عامل ازاي وأد ايه انا انفعالي بيكون سريع ومن غير عقل كمان!.. كنت منتظر منك تهدي وأكيد هتسمعيني، لكن أنتي دبحتيني بكلمتك اللي قولتيها واحنا في المستشفى...
وصمت ليمد يده يمسك بكتفها يديرها اليه ليمسك بكتفها الآخر ويميل ناحيتها هامسا بعذاب أمام وجهها الذي فقد نضارته:
- طلاق يا سلمى؟!... قدرتي تقوليها؟.. لسانك طاوعك ونطقتيها إزاي؟!.. عارفة لما سمعتها منك حاسيت بالظبط كأن رصاصة ضربتني وهنا بالظبط!!
أمسك بيدها ووضعها على صدره من الناحية اليسار حيث شعرت بدقات قوية أسفل راحتها، حاولت سحب يدها ليضغطها بقوة فوق قلبه تماما رافضا تركها بينما هربت بعينيها جانبا رافضة الكلام ليردف بحزم وغضب مكتوم:
- انسي انك تبعدي عني، الكلمة اللي لسانك نطق بيها دي أوعي أسمعك تقوليها تاني، لمصلحتك أنتي، فكرة انك عاوزة تبعدي عني مجرد الفكرة مش مسموح لك بيها، وصدقيني هتشوفي جنوني بجد لو قلِّيتي عقلك وفكرتي بس فيها ولو بينك وبين نفسك، أنتي مراتي.. ولآخر نفس عندي هتفضلي مراتي، ولا أي حد هيقدر ياخدك مني، أنا عصبي وغيور ومدب وكل حاجة بس....
ليتابع بهمس ولِه بينما عيناه تغازلان عينيها بلا هوادة لتنجح في أسر نظراتها رغما عنها بالأخير وهي تنظر ليه منتظرة سماع تتمة عبارته التي قالها بدفء غمرها بينما شعرت بحارة أنفاسه تضرب وجهها وهو يهمس أمام ثغرها الكرزي:
- بـ حـ بـ ك.. أنا بحبك، بعشقك.. دا ما يشفعليش عندك؟!.. أنا مش هقولك اني هكون عاقل وهادي بين يوم وليلة لكن أوعدك اني هحافظ عليكي أكتر من روحي كمان، وان حبك في قلبي عمره ما هيقل بالعكس دا بيزيد كل ما الايام بتمر بيننا، ممكن تدينا فرصة تانية؟.. ممكن يا سلمى؟..
لترد عليه بعد صمت طال تعاتبه بعينيها التي اغرورقت بالدموع الغزيرة فيما شفتيها ترتجف:
- أنا كنت محتاجة لك انت يا شهاب، كنت حاسة اني قوتي هستمدها من قوتك انت، لما لاقيتك بتتهمني الاتهامات البشعة دي حاسيت زي ما اكون وقعت اتخبطت في الأرض مرة واحدة وانا ببص من مكان عالي، كلامك ليا وجعني اوي، كنت منتظرة منك انك تفهمني من غير ما أضطر اني أشرح لك، تحضنني وتأكد لي انه كل حاجة هتكون كويسة، لكن مرة واحدة لاقيت نفسي لوحدي ومش بس كدا لأ انت بتتهمني بحاجات بشعة، ولاقيتني أنا اللي كنت هبلة في ظني فيك، وانك في الاول والآخر بتتصرف بمنطق الرجل الأناني الغيور بصرف النظر عن أي شيء تاني، عارف يعني ايه يكون انت اول واحد فكرت فيه اني ألجأ له عشان يطمِّني ويهديني ألاقيك انت القاضي والجلاد في نفس الوقت؟.. احساس قاسي اوي يا شهاب، انا.. حاسة اني تعبانة اوي، أرجوك لو ليا معزة عندك فعلا سيبني أقنع بابا وماما أننا نرجع مصر، أنا محتاجة أبعد عن هنا شوية!..
ليطير هدوء شهاب الذي حاول التحلي به أدراج الرياح ما ان سمعها تخبره في هدوء أنها تريد الابتعاد عنه بل وتطلب منه هو أن يتركها تقنع والديها بالرحيل عنهم، وكأنها لم تستمع الى حرف مما قاله، وعلمت سلمى بأن غضبه الأعمى على وشك الاندلاع إذ تغيرت قبضته ليدها لتصبح أقوى حتى كادت أن تفتت أصابعها بينما قبض على خصرها بيده الأخرى ضاغطا بقوة آلمتها ليهتف بنفي قاطع وهو يقربها منه:
- على جثتي!.. انتي اتجننتي أكيد؟.. سفر ايه اللي بتفكري فيه؟.. انتي رجلك مش هتخطي من هنا خطوة واحدة بس ولو نطقتي بكلمة زيادة مش هخليكي تخرجي برة البيت من أساسه!
سلمى باعتراض حانق وهي تحاول دفعه بعيدا عنها ولكنها وكأنها تدفع حائطا صلبا لا يتزحزح:
- ولا كأنك سمعت حاجة، وبردو غضبك وانفعالك هو اللي بيمشيك، بقولك ايه احنا فعلا شكلنا كدا هنصرف نظر عن الموضوع كله.. أنا فعلا تعبت!!
لتجحظ عيناه ويهتف بشراسة وهو ينظر الى غابات عينيها بضراوة:
- انا اللي تعبت منك، هو حل واحد بس عشان تتأكدي انك هتفضلي مراتي وتشيلي من دماغك الخزعبلات دي!!
همّت بالرد عليه حينما هجم على فمها يعتصر شفتيها بقوة وكأنه يعاقب ذلك الفم لنطقه تلك الكلمات التي أشعلت غضبه، حاولت مقاومته ولكنه تجاهل مقاومتها ليحتويها بين ذراعيه ضاغطا جسدها اليه في عناق متطلب قاسي، دافنا يده بين خصلات شعرها الثائر، ليدحض مقاومتها شيئا فشيئا حتى أعلنت استسلامها ورفع قلبها الراية البيضاء مجبرا عقلها على السكوت والتراجع تماما أمام اعصار شهاب الكاسح!!..
مرت فترة من الوقت قبل أن يبعدها عنه مسندا جبهته الى جبينها فيما يلتقطان أنفاسهما اللاهثة بصعوبة، قال بصوت متحشرج متقطع:
- أعملي حسابك.. أول ليث ابن عمي ما يخرج بالسلامة هنعمل الفرح على طول، أنا مش هصبر ولا نص ساعة زيادة بعد كدا!!..
ثم طبع قبلة خفيفة على جبهتها بينما لم تستطع الرد عليه فقد هرب منها الكلام، لتسمعه يقول بمرح خفيف وهو يسلط عيناه على نقطة خلفها:
- تصدقي انك طيبة فعلا؟.. يعني لو كان حد بص علينا بس كان زمان عمي مصمم اننا نعمل الفرح انهارده.. ودلوقتي لو أمكن!..
لتشهق مبتعدة عن ذراعيه متطلعة خلفها لترى الباب الذي تركه والدها مفتوحا خلفه وكان بسهولة لأي كان أن يرى ما دار بينهما منذ لحظات!!..
ابتعدت عنه تضربه بقبضتها في صدره وهي تهتف بحنق بينما طغى اللون الأحمر على وجهها حتى غدا بلون ثمرة الفراولة الطازجة خجلا و... غيظا:
- انت سافل وقليل الأدب، واتفضل بقه من هنا!
ضحك شهاب بخفة وقال غامزا لها بمكر:
- انا همشي دلوقتي، لكن لما يتقفل علينا باب واحد مش هتقدري تبعديني عنك خطوة واحدة، هستناكي بره عشان نروح المستشفى سوا...
نظرت اليه بتساؤل فاقترب منها وأمسك وجهها بين راحتيه مجيبا تساؤلها الصامت بابتسامة عذبة:
- لازم أروح أشكر الانسان اللي أنقذ حياة أغلى انسانة عندي، انا مستنيكي... اجهزي وحصليني..
****************************
فلاش باك... قبل ثلاثة أيام:
هل كُتب عليها الفراق؟, رباه.. لن تستطيع التحمل, تقسم أنها لن تقدر على تحمل فراقه, فوجوده بجوارها في المرة الأولى هو الذي منحها القدرة على الاحتمال, ولكنها الآن لن تقدر... بدون ليثها لن تحتمل!, نظرت اليه وهو غارق في غيبوبته تناجيه بعينيها السابحتين بالدموع في صمت أن يصحو, تقسم له أنها لن تدع دقيقة تمر إلا وهي تهتف بحبه الذي تملك عليها قلبها وسائر جوارحها ولكن فليفق!, مالت عليه تقبله ظاهر يده الموضوعة بجانبه وقد تم توصيل الأنبوب المغذي اليها لترتجف شفتيها ما ان لامست يده, دست أنفها فيها تتشمم رائحته التي اختلطت برائحة المطهرات والأدوية, همست بقلب مكلوم:
- بحبك يا ليث, بحبك يا وِلد عمي, ما تفوفتنيش يا ليث, مجدراشي على فراجك يا حبة الجلب..
لتشعر باهتزازة طفيفة في أصابعه فترفع رأسها بغتة تطالعه بدهشة, فلمحت عينيه وهما مشقوقتان تنظران اليها بضعف وابتسامة واهية تكاد تظهر على محياه الشاحب فيما يقول بصوت ضعيف لا يكاد يُسمع:
- يعني.. كنت لازمن أطخ لي اعيارين عشان اسمع الكلمة اللي جعدت عمري كلاته أتمنى اني اسمعها من خشمك اللي كيف خاتم سليمان ديِه!..
شهقت بغير تصديق لتهتف بفرح طاغي:
- ليث.. انت واعي يا ليث؟!..
ليجيبها ساخرا بغمزة مكر ضعيفة:
- أني واعي لك جوي يا روح ليث, والجَسَم اللي جولتيه مش هخليك توجِّعيه!, مش هخلي دجيجة تفوت الا لمن تجوليلي بحبك يا ليث!..
شهقت سلسبيل عاليا وتلعثمت قائلة:
- انت .. انت بتجول ايه يا ليث؟, على أي حال مش وجته الحديت ديه, اني هروح اجول للدَّكتووور انك فوجت..
وطارت الى الخارج دون ان تنتظر سماع جوابه..
باك.. بعد ثلاثة أيام:
أخذت تزفر بحنق وهي ترنو اليه بطرف عينها في ضيق بينما يراقبها بعينيه في مكر, تكلم قائلا بجدية زائفة فضحتها خبث نظراته:
- عجولك جرّبي اهنه...
هزت سلسبيل كتفيها باعتراض هاتفة:
- لاه.. اني زين اكده، خليك مُطرحك ما تتحركشي كاتير، الحركة شينة عليك..
ليث وهو يعتدل في جلوسه فوق الفراش:
- اني زين والحمد لله، ما تشيليش همي، اسمعي الحديت يا سلسبيل وجرِّبي منِّي!..
عضت على شفتها السفلى في توتر لا تعلم بما تجيبه، منذ أن سمع اعترافها الغبي بحبها له وقت أن كاد قلبها يتوقف من فرط خوفها من فقده وهو يتعمد احراجها بل ويتحين الفرص للامسك بها و.....، ليحمر وجهها خجلا حينما شردت بأفكارها لما يحدث بعدها!... انها في ذهول من ليث الجديد الذي تختبره ولأول مرة، في أعظم أحلامها جموحا لم تكن تعتقد أنه عاشق ماكر بتلك الصورة!.. فهو يتعامل معها كزوج مدلّه في حب زوجته، وهي لا تعرف كيفية التصرف السليم أمام طوفان المشاعر الهادرة الذي يكتسحها به بلا هوادة!..
من العجيب أنه سبق لها الزواج، فما تختبره معه لم يسبق لها وأن مرّت به مع راضي رحمه الله والذي كان لا ينفك يبثها أشواقه في كل وقت، ولكن مع ليث تشعر وكأنها لا تزال صبية في أول أيام زواجها، فهو يكتسحها برجولته القوية والتي تشعر معها بأنوثتها كاملة، تشعر أنها قد ودعت سلسبيل تلك الفتاة التي تزوجت وهي لم تكد تبلغ السادسة عشر عاما، وكأن الست سنوات التي عاشتها زوجة لغيره لم تكن، فسلسبيل الجديد قد وُلدت على يديه هو، سلسبيله هو كما يحلو له مناداتها بعد اعترافها بحبه والذي قابله باعتراف أقوى جعلها تفقد النطق لوهلة وهي تسمع منه ولأول مرة أنها هي من كانت تقف عقبة في وجه زيجاته السابقة، وأن مقارنته اللا ارادية بينها وبين زوجاته السابقات كانت نتيجتها محسومة لصالحها ولا محالة، وكم كان يحمد الله على عدم وجود أطفال بينه وبين إحداهن فهو لم يكن يريد لرحم أن تحمل أطفالا سواها!!.. هي سلسبيله.. واحته العذبة ونبع راحته الصافي....
تكهّن ليث بما تشعر به من خجل كان يثير استغرابه في البداية ولكن ليتحول بعد ذلك شعوره الى راحة وفرح.. فزوجته.. حبيبته.. سلسبيله تشعر بالخجل منه كأي زوجة في مقتبل حياتها الزوجية، وكأنها لم يسبق لها الزواج قبلاً!!
غصّة فجائية استحكمته لذلك، ولكنه ابتلعها بصعوبة، هو لن ينكر أنه يشعر بالغيرة عندما يطرأ له ذلك الأمر ولكنه لن يدع ذلك الاحساس يسلبه حلاوة حبها الذي صرّحت له بها في غفلة منها، كان أول الأمر يشك أن اعترافها ذلك ما هو الا وليد اللحظة ولكن لتؤكده له وهي تنظر الى عينيه واضعة راحتها على وجنته متلمسة خشونة ذقنه وهي تهمس وقت أن صارحها بشكوكه:
- شفجة!!.. انت فاكر اني هشفج عليك فهجولك اني.. بحبك؟!.. لاه يا وِلد عمي.. لو شفجة كيف ما بتجول هتلاجيني قاعده جارك لانك زوجي ولازمن اكون جنبك، لكن مش هجولك عن اللي حساه جوات جلبي، الشفجة عمري ما هموت منها لكن اللي انا حاسيته وجت عمي جاللي ع اللي جرى لك حاسيت ان روحي بتنسحب منِيْ وما مجدراشي أجف على رجليِّا.. ليث.. أني هموت ولا جرالك حاجة بعيد الشر!..
ليسارع بوضع يده الحرة على فمها يقاطعها هاتفا بلهفة آمرة:
- أوعاكي تجولي إكده.. أني مجدرش اعيش من غيرك لحظة واحدة يا سلسبيلي.. عارفة أني كنت أجدر أعيش في دار لحالي وما كانش الحاج عيعترض، لكن أني فضلت أني أكون معاك في نفس المُكان.. أشاركك الهوا اللي بتتنفسيه، ولو هموت كل ثانية وأني شايفك متحرمة عليَّا وحلال لغيري.. لكن دِه كان أهون من اني أتحرم منيكي، كان شوفتك كفاية بالنسبة ليْ، وصدجيني لوما أنه كان خويْ أني كنت دفنته بمُطرحه ولا خليته يتهنى بجربك دجيجة واحدة!.. لكن يشهد ربنا انك من يوم ما دخلتي دارنا وأني عمري ما حاولت أبص لك بصة شينة، حتى ولو بفكري، لكن وجت ما أنام... كنت ببجى معاكي لوحدينا.. عشان إكده كنت بستعجل النوم عشان اكون براحتي امعاكي..
عاد من ذكرياته لتلك المتنعة التي تجلس بعيدا عنه تأبى الاقتراب منه خجلا وريبة منه، لتلمع عيناه بشقاوة وهو يهمس بتعب مصطنع:
- معلهش يا بت عمي ماعارفشي أجعد زين، ارفعي لي السرير..
لتنهض من فورها متجهة اليه لترفع ظهر الفراش فيحاول الاعتدال في جلسته فتسارع باسناده ليرتاح في جلسته ولكنها لم تنتبه الى النظرة الماكرة التي تلاعبت في عينيه، ليقبض بمعصمها فجأة ويشدها بقوة تجاهه فتسقط على صدره وهي تشهق بدهشة كتمها بشفتيه مبتلعا أنفاسها الساخنة، لتتسمر وقد أصابها الذهول أول الأمر لتحاول الابتعاد عن هجومه الهادر على حواسها كله وهي تهتف بأنفاس متقطعة:
- ليـ... ليث، لاه.. انته لساتك تعبان!!..
ليهتف بلهفة من بين قبلاته الثائرة فيما يده تتسلل أسفل وشاحها العريض تغوص في خصلات شعرها الناعم:
- اني تعبان صوح يا سلسبيلي، مشتاج لرشفة منيِّكي تحييني يا جلب ليث النابض إنتيْ..
حاولت الابتعاد عنه وفي خضم محاولاتها هذه ضربت بيدها كتفه موضع الاصابة بدون انتباه ليطلق صيحة ألم وقد تركها رغما عنه، شهقت وهي تطالعه في خوف هاتفة:
- ليث.. يجطعني.. رد عليَّا يا ليث، ما تخلعش جلبي عليك..
نظر اليها متأوها بألم ويجيبها وهو يقضم طرف شفته السفلى فيما عيناه تطالعانها بمكر خفي:
- جلبي أني اللي عيتخلع لو مطلعتش من المخروبة ديْ انهاردِه جبل بُكْرة..
اعتدلت سلسبيل واقفة وعدلت وشاحها تخفي خصلات شعرها المنفلتة، ثم مسحت وجنتيها وهي تحاول تمالك نفسها وهي تقول:
- أني عروح أنادم ع الدَّكتور ياجي يطمنّا عليك..
وسارعت بالاختفاء من أمامه ليزفر هواءا ساخنا من فمه وهو يهتف بحرارة واضحة:
- أني عاوز دَكتور جلب مش دًكتور جَرَّاح..
--------------------
تسير وهي تتهادى في مشيتها, لتصل الى باب غرفته, ما ان همت بإمساك مقبض الباب حتى صاحت السيدة التي ترافقها:
- يا بنيتي اجصري الشر, اني ما عارفاشي عتدخلي عليه كييف؟, فرضا مَرَتُه امعاه هيبجى ازايْ الحال؟..
لتلتفت اليها الأخرى هاتفة بتحد وعناد شديد:
- بجولك ايه يا عمة فردوس لو خايفة بعّدي انتيْ, انما أني عشوفه يعني لازمن اشوفه, ديه ليث يا عمة... ليييث!..
وأدارت المقبض لتدخل تاركة خلفها عمتها وهي تصدر بشفتيها صوت اعتراض هامسة وهي تشير بيديها الاثنتين أمامها علامة خيبة الرجاء في ابنة اخيها:
- ادخلي يا نضري حاكم اني عارفاكي ما بتبسمعيشي غير اللي في بالك انتي وبس..
دخلت الى الجناح ضاربة بكلام مرافقتها عرض الحائط وما ان سارت خطوتين باتجاه الغرفة الملحقة بالجناح حيث يرقد ليث حتى فوجئت بمن تخرج من غرفته والابتسامة تزين محياها الفاتن, لتتسمر تلك الأخيرة تطالع من تقف أمامها بدهشة, تقدمت منها سلسبيل ووقفت أمامها تنهرها بقوة وهي في ذهول من مدى وقاحة تلك المخلوقة أمامها:
- انتي ايه اللي جابك اهنه؟..
تخصرت وداد أمامها قائلة:
- جيت أشوف سي ليث!.
سلسبيل بقوة وهي تشير الى الباب:
- كلمتي مش هتنّيها... تخرجي من اهنه وما عشوفكيشي ولو صدفة, انتي فاهمه ولا لاه؟..
وداد ببرود:
- مش من حجك!.
سلسبيل وهي على وشك جذبها من شعرها وإشباعها ضربا لتنفث عن غضبها:
- اومال حج مين يا نضري؟.. أني مرته انما انتيْ...
لتقاطعها وداد رافعة حاجبها بتحد بينما نظراتها يملؤها التشف والحقد:
- مَرَتُه يا.... ضرتيْ!!....
بينما وهناك في طابق الحالات الحرجة يتعالى صوت بكاءا حارّا بعد أن خرج الطبيب بكل هدوء ينعي لهما... شابًّا فقد حياته لأجل حب كان السبب في خسارته ولكنه لم يخسر حبيبته التي ضحى بروحه من أجلها!!...
- يتبع –


مملكة الغيوم 07-12-16 10:46 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن اشوف وداد الغازيه حفرت قبرها بيدها مش ليث اللى يتجوز غازيه او يتجوز فى السر اصلا ده ليث الخولى وهى مسكت الاسد من شواربه تستاهل اللى يجرا لها
سلسبيل بعد ما اعترفت بحبها اتمنى ما تتحولش الى انثى بلهاء بعد كلام وداد وتعرف ترد عليها كويس ويا ريت لو تجيبها من شعرها وتمسح بيها بلاط الجناح
سلمى عامله مقاطعه لشهاب بس على مين الحب سيد الموقف ولما الحب ينطق صوت العقل بيجيله خرس وتسكت باقى الحواس عن الكلام المباح
شهاب عامل زى المدفع الرشاش منين ما يتوجه يضرب سواء فى غضبه او فى حبه مبيحجمش انفعلاته ولا بيعملها كنترول
رؤف انسان عاقل لو اب غيره كان اتحر لما سمع كلام شهاب لكن العقل زينه لانه صعيدى وفاهم معنى غيرة الصعيد فاستوعب منطق شهاب وسبب كلامه وانفعاله اللحظى و ارجعه لشدة حبه لسلمى
احمد دفع عمره ثمن بسيط لغلطه سواء مع سلمى او فى انضمامه لاصطاف الدكاتره اللى فى مستشفى الغير مئسوف عليه حامد رشوان بس الفلوس كانت عاميه عنيه عن اللى بيجرى لحد ما لقى نفسه ضلع فى مربع الفساد
منتظره الباقى بشوق منون وتسلم يداتك اللى عم بتخط حكى يشرح الجلب مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووواه

منى لطفي 08-12-16 09:03 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3668550)
السلام عليكم ورحمة الله
مرحبتين منمن اشوف وداد الغازيه حفرت قبرها بيدها مش ليث اللى يتجوز غازيه او يتجوز فى السر اصلا ده ليث الخولى وهى مسكت الاسد من شواربه تستاهل اللى يجرا لها
سلسبيل بعد ما اعترفت بحبها اتمنى ما تتحولش الى انثى بلهاء بعد كلام وداد وتعرف ترد عليها كويس ويا ريت لو تجيبها من شعرها وتمسح بيها بلاط الجناح
سلمى عامله مقاطعه لشهاب بس على مين الحب سيد الموقف ولما الحب ينطق صوت العقل بيجيله خرس وتسكت باقى الحواس عن الكلام المباح
شهاب عامل زى المدفع الرشاش منين ما يتوجه يضرب سواء فى غضبه او فى حبه مبيحجمش انفعلاته ولا بيعملها كنترول
رؤف انسان عاقل لو اب غيره كان اتحر لما سمع كلام شهاب لكن العقل زينه لانه صعيدى وفاهم معنى غيرة الصعيد فاستوعب منطق شهاب وسبب كلامه وانفعاله اللحظى و ارجعه لشدة حبه لسلمى
احمد دفع عمره ثمن بسيط لغلطه سواء مع سلمى او فى انضمامه لاصطاف الدكاتره اللى فى مستشفى الغير مئسوف عليه حامد رشوان بس الفلوس كانت عاميه عنيه عن اللى بيجرى لحد ما لقى نفسه ضلع فى مربع الفساد
منتظره الباقى بشوق منون وتسلم يداتك اللى عم بتخط حكى يشرح الجلب مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووواه

حبيبتي تسلم اناملك الي بتحلل كا تفصيلة وموقف بالرواية، بجد بتشرحي قلبي، تسلميلي يارب اموووووووواه..

منى لطفي 11-12-16 02:30 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (26)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
كان يستند بظهره الى الخلف فيما ترتسم ابتسامة واسعة على شفتيه وهو يشرد في طفلته، صغيرته، حبيبته، امرأته... سلسبيله هو...، نعم، لا تزال في عينيه طفلته الصغيرة التي كان يحب إغاظتها بشد ضفائرها الطويلة وكانت هي تتذمر وتنظر اليه بحنق بينما الدموع الماسية تلمع بين عسلي عينيها مما يجعله يحتضنها ويرفعها بين ذراعيه ليمسح دموع لم تنساب، فلم يكن ليرضى بأن تنساب لآلئها بسببه حتى وأن كان يلهو بها، بل أنه ما أن يحتويها بين ذراعيه وهي ابنة السادسة عام حتى يعترف بينه وبين نفسه أنه لم يستفزها إلا كي تنتهي بين يديه، ينعم برائحتها الطفولية المحببة، ولا يرضى بإنزالها قبل أن تعتذر وتقبله فوق وجنته الخشنة!.. وهي تحتار فيما تعتذر وهو من أخطأ في حقها؟.. ولكنه الليث الذي ومنذ نعومة أظفاره تهابه الرجال، فتسارع بالاعتذار ولصق قبلة طفولية فوق وجنته الخشنة سريعا كي ينزلها فتعود للهو بين أقرانها، ولكن سرعان ما يمتعض وجهها حينما تلمس خشونة ذقنه وهو صبي يتعدى عمره السادسة عشر ربيعا، فيضحك ملء فيهِ وهو يراقص حاجبيه بإغاظة مهددا إياها أنها لو كررتها وكشرت في وجهه ثانية فلن ينزلها بل سيعلقها من جديلتيها في أعلى النخلة لتسارع بالاعتذار ثانية وتقبيل وجنته الأخرى تعويضا عن سخريتها من خشونة وجنته الأولى!!..
ضحك بخفوت وهو يشرد في ذكرياتهما سوية بينما قلبه يدق بقوة ويهتف في نفسه بأنه سيخبر الطبيب بأنه سيتابع علاجه بالمنزل، فقد تعدى الجرح مرحلة الخطر.. ولكن قلبه إن لم يغادر الى منزله سريعا فسيكون في عمق الخطر!.. فهو لم يعد يستطيع احتمال الابتعاد أكثر من ذلك عن واحته العذبة... عن سلسبيله الصافي.
صوت ضوضاء خارج غرفته شد انتباهه لينظر الى الباب مقطبا واعتدل مغادرا الفراش يريد التوجه الى الخارج ليرى ما الأمر خاصة وأنه قد ميّز صوت.. سلسبيل!...
ما أن تقدم خطوتين باتجاه الباب حتى فُتح بقوة لتدخل سلسبيل كالصاروخ وتقف أمامه وقد احمر وجهها فيما لمعت عينيها لينظر اليها مقطبا ويتقدم اليها يتساءل بحيرة وقلق:
- سلسبيل.. مالِك إكده؟.. ايه اللي حوصل؟..
ليبصر آخر وجه تخيل أن يراه، كانت وداد من لحقت بها، نظر الى الأخيرة في تساؤل وريبة، رفعت سلسبيل سبابتها وصاحت بحنق وهي تشير الى وداد:
- صوح يا ليث الحديت اللي بتجوله ديه؟.. انت اتزوجتها صوح؟؟
لتنساب دموعها وهي تصيح بصوت مخنوق بينما تناظره بذهول وعدم تصديق، فيما تراجع ليث بصعوبة مستندا على دعامة السرير المعدنية فقد شعر بوهن ساقيه، بينما وقفت وداد تطالع ليث بريبة وقلق فيما يبادلها الآخر برغبة في القتل واضحة، حاول ليث تجاهل ألمه ليقترب من سلسبيل ببطء وهو يقول محاولا تهدئتها:
- اسمعيني يا سلسبيل أني....
فقاطعته هاتفة بحنق:
- اتزوجتها ولا له يا ليث؟..
عاود محاولة تهدئتها مرارا ولكن طفح كيلها وهي تعتقد أنه يحاول الهروب من الأجابة لتهتف بحدة صارخة به:
- جاوبني ولاش لف ودوران.. اتزوجتها ولا لاه؟؟...

لتتبدل نظرات ليث الى اخرى غاضبة سوداء قوية.. فمهما بلغ حبه لسلسبيله فهو لا يزال ليث الخولي.. من ترجف لاسمه الأبدان وتهتز له أعتى الشوارب.. ولن يسمح أبدا بأن تطاول عليه او تصرخ في وجهه كما تفعل الآن، ليجيبها بجمود وبرود صقيعي:
- جصري حسك يا سلسبيل، صوتك ما عيعلاشي في وجودي...
وقفت سلسبيل تطالعه بتحد وهي تكرر بقوة:
- واني مش هكرر سؤالي كاتير... انت اتزوجتها صوح؟..

فهتف بكلمة واحدة كانت كطلقة الرصاص، مدوية في رنّتها.. لتصيب قلبها فتمزقه الى آلاف القطع:
- إيوة يا سلسبيل.. اتزوجتها!!.
سكتت... تراجعت... و..وجمت!!... لتهمس بغير تصديق محدقة اليه بذهول وهي تبتعد الى الخلف بخطوات متعثرة:
- اتـ.. اتزوجتها يا ليث؟... لااااه.....
وتهرع الى الخارج صافقة الباب خلفها بعنف، في حين حاول ليث اللحاق بها وهو يصرخ مناديا لها ولكنها كانت قد اختفت، فالتفت الى تلك الأفعى التي تراجعت الى الوراء في خوف منه فاصطدمت بالحائط خلفها، في حين اقترب منها ونية القتل مسطورة بوضوح على وجهه وفي بريق عينيه الجاد، هتفت في رعب وبتلعثم واضح:
- أني ما كانيش جصدي اجولها حاجة، هي اللي جبرتني اني أنطوج و.... آآآآآآآآه...
ليسارع ليث بالقبض فجأة على عنقها بيده الحرة فيما الأخرى معلقة بحامل الى كتفه حيث الجرح، حاولت التكلم بصعوبة ترجوه تركها فيما هتف ليث بشراسة من بين أسنانه المطبقة:
- هجتلك واشرب من دمك يا مرة يا فاجرة، انتي فاكرة انه اللعب امعاي بالساهل اكده؟.. تبجي غلطانه، هدفعك التمن غالي جوي يا وداد الكلب!!!
وبظهر يده التي رفعها عاليا هبط بصفعة مدوية على وجهها أدمت شفتيها ثم ما لبث أن دفعها بعيدا عنه قبل أن يتناول هاتفه المحمول ويضغط بضعة أرقام ثم تحدث بجدية قائلا:
- صابر.. ام عدنان جايتك دلوكيت عشان إتعاود بيها البيت، اسمع اللي عجولك عليه وتنفذه بالحرف الواحد!!!!!!!!!!!
بعد أن أنهى محادثته مع صابر أغلق الهاتف ونظر بغضب أسود الى وداد التي كانت تتمنى أن تنشق الأرض وتبتلعها كي لا تختبر غضب الليث، فغضبه وحشي لا قبل لها باحتمال عواقبه، صوت طرقات على الباب جعلتها تطلق أنفاسها التي حبستها في راحة لتسمع بعدها صوته وهو يدعو الطارق للدخول، لتكتشف أن هذا الطارق لم يكن سوى عمتها فرودس.
وقفت فردوس تقول بتردد وهي تنقل نظراتها بين ابنة اخيها وليث:
- حمد لله ع السلامة يا كبيرنا، شدة وتزول ان شاء الله..
هرعت وداد تجاه عمتها في حين تحامل ليث على نفسه واتجه الى الباب يغلقه قبل أن يلتفت اليهما ويتجه ناحيتهما فيما عيناه مسلطتان على وداد التي توارت خلف عمتها في ذعر شديد، وقف ليث على بعد خطوات منهما وقال بحزم صارم:
- ست فردوس.. هي كلمة ومش هتنِّيها، عيشكوم انجطع من البلد إهنه... جودامكم مهلة اربع وعشرين ساعة، باكر عشيّة ما عاوزيش ألاجيكم في البلد كلاتها، وإلا تبجوا انتو اللي حكمتم على نفسيكم.
شهقت فردوس في خوف وذهول وقالت بوجل:
- ليه يا كبيرنا؟.. دا احنا جاعدين بحسّك ربنا يخليك لينا، انت اللي حامينا وحنا اتنين ولايا وانت خابر الظروف..
ليث بصرامة ولا تزال نظراته معلقة بوداد التي تبادله النظر بأخرى تائهة.. مترجية.. حزينة:
- خير تعمِل شرٍّ تِلجا، أني عاوز عسعلك سؤال واحد يا فردوس.. أني ايه بالنسبة للمحروسة بت خوكي؟..
فرجوس مقطبة بحيرة:
- انت كبير كفر الخولي واللي اعملته عشان تحميها من المدعوج عارف محدش يجدر اينكره.
ليث بجمود:
- يعني أني مش جوزها؟..
شهقت فردوس والتفتت الى وداد في تساؤل وهي تجيب:
- أيه؟... لاه.. ما حضرتك عارف الجواز كان...
قاطعها هاتفا بحدة:
- كان من مدة، فاكرين ولا أفكِّركم أنا؟... لمّن عارف البلطجي اللي كان امعاكم وكان بيحرسها طومع فيها وكان رايد يتزوجها، وهي بلغت عنيه الشرطة وجبضت عليه، وهربتوا منّيه فايتين بيتكم وناسكو وجيتو إهنه، ولكن خرج من كم شهر من السجن جيتو وجعتوا في عرضي، وجولتوا احمينا، حوصل ولا ما حوصلش؟..
فردوس برهبة في حين شحب وجه وداد وهربت بعينيها بعيدا:
- حوصل يا كبيرنا، وحضرتك وجتيها جولت لو جرّب منيكو هتدفنه مُطرحه..
ليث بسخرية:
- لكن انتم مصدجتونيش، ووجتها وطّت على يديْ تحبّها عشان اتزوجها.. صوح ولا لاه؟..
فردوس بخنوع وهي تدعو الله في سرها أن تمر المسألة على خير:
- صوح يا سي ليث.
ليث بحزم:
- وجتها أني جولت إيه؟..
فردوس باستسلام:
- حضرتك جولت معينفعشي، وانك ليك وضعك وهيبتك، واننا في احماك من غير خوف..
ليث بغضب وحشي مكتوم:
- لكن بنت خوكي صممت أني أعجد عليها، جالت ورجة بس اتوريهاله عشان ايشيلها من دماغه، وجتها اشترطت عليكو أيه؟
فردوس وهي لا تعلم ألى أين سينتهي هذا الاستجواب:
- اشترطت انه يبجى عرفي.. في السر يعني، وانه لمّن المدعوج عارف يبعد عنينا عترمي عليها اليمين وتحللها منيه الجواز ديه..
امتدت يد ليث لتجذب وداد من شعرها من خلف فردوس والتي ابتعدت من فورها فلم تكن لتقف أمام الليث وهو في غضبه الراهن، صاح ليث وهو يهز وداد بقوة حتى كادت تقسم أن رأسها سيقتلع من فوق كتفيها:
- وعارف غار ولا لاه؟... جطعت الورجة ورميت عليكي اليمين ولا لاه يا مراه؟.. اني عمري جرّبت منيكي يا مراه؟..
لتهتف وداد وهي تمسك بيديه القابضة على خصلاتها بقوة:
- لاه.. ما حوصلشي يا سي ليث، انت.. انت جطعت الورجة لمن عارف عرف واتوك داني في حماك... لكن..
صرخ ليث بعنف:
- لكن إيه؟؟.. ايه اللي خلّاكي تنبشي في اللي فات؟.. جولتي لمَرَتي ليه انك امراتي؟.. انطجي يا وداد أحسن يمين يحاسبني عليه ربنا أكون دافنك في مُطرحك دلوك..
نظرت اليه وداد بعينين تذرفان دموعا غزيرة وقد اكتسى وجهها الجميل بتعبير حزن عميق:
- لأني... لأني بحبك يا سي ليث؟..
ليدفعا ليث بقوة وقد هاله ما سمعه فيما وبدلا من ان تبتعد عنه أخذت تقترب تجاهه بينما قطب في وجها بحدة ولكنها كانت قد قررت كشف أوراقها كلها.. فهو يستحق أن تحارب المرأة لأجله.. بل أن تضحي بالنفيس والغالي كي لا تضحي به هو!
هتفت وداد وهي تقف أمامه رافعة عينان تستجديانه ونبرة صوت غلفها التوسل الشديد:
- إيوة يا سي ليث، ما تستغربشي إكده، انت الوحيد اللي كا كونتيش بتبص لي بصّة شينة، انت الوحيد اللي كونت شايف وداد البني آدمة اللي خلجها ربنا، ما كونتيش طمعان فيا زي بجيت الخلايج، غولطت لمن جولتا ني مرَتك جايز مش هنكر، لكن ماجادرتش أستحمل لمّن لاجيتها بتمنعني أني أشوفك وأطمّن عليك.. وجتها غيرتي عمَتني، خليتني أجول وايه المانع لمّ، يكون عندك ابدال الحرمة اتنين وتلاتة، انت الليث اللي أي واحدة تتمناك...
هدر فيها ليث بعنف:
- اخرسي يا حرمة، ما فيش أي كلام ايبرر اللي اعملتيه والكدب اللي هلفطتي بيه..
هتفت وداد وهي تحاول جذب يده لتقبيلها فسحبها منها بعنف لترتمي فوق قدميه وهي تصيح بنواح عال:
- أحب على يدك.. أحب على رجلك ما تبعدنيش عنّيك.. أني ما عاوزاشي حاجة واصل، خليني في ريحك وخلاص، خليني أحس انك عزوتي وحمايتي وضهري... أحب على رجلك يا سي ليث ما اتخجرنيش من جنِّتك...
رفعها ليث قابضا على كتفيها وهو يصيح بها:
- ما عادش منيه فايدة الحديت ديه، أني أمنتك وانتي خونتي يا وداد..
سكتت وداد لوهلة قبل أن تقول بجدية وعينيها تحدقان فيه بقوة:
- اتزوجني يا سي ليث...
ضغط ليث على كتفيها بقوة آلمتها وصاح بقسوة:
- باه.. اتجنيتي إياك..
وداد وهي تمسح دموعها بارحتيها في الحاح كبير:
- الجنان أني أبعد عنيك يا سي ليث، اتزوجني واني جابلة باللي تعمله، أكون في الضل مش مهم، لكن أشيل اسمك، أنت عارف جد ايه رجالة يتنوا نظرة منِّي أني، لكن أني ما رايداشي غيرك..
تركها ليث واستدار معطيا اياها ظهره وهو يقول ببرود:
- واني ما رايدش غير واحدة بس... اللي هي زوجتي، ومن سابع المستحيلات أني أتزوج عليها، مش ليث الخولي اللي يعمل إكده ومش سلسبيل الخولي اللي يتعمل فيها إكده.

لتنسى وداد خوفها من الليث وتهتف بغيظ سافر صائحة:
- هي ساحرتك؟.. فيها ايه غريب عنينا؟.. كلنا حريم، واللي أعرِفه انك انجبرت عليها لانها مرت أخوك الله يرحمه، يبجى....

أخطأت... بل.. أجرمت... اعترفت بهذا وهي تتلقى صفعتها المدوية الثانية، وأن كانت الأولى قد أدمت قلبها فالثانية قد دمرتها تماما!!.... هرعت اليها فردوس تساعدها على النهوض اذ سقطت من شدة الصفعة، نظر اليها ليث وهو يهدر متوعدا:
- كلمة واحدة منيِّكي تاني وأني هنسى أنك حرمة!... اسمها ما هتجوليهوشي ولو بينك وبين نفسك... ودلوك... جودامكم لغاية اناهردِه عشيّة تكونوا سايبين البلد كلّأتها ماذا وإلا خبر طلاجك هيوصل عارف ووجتها انتي خابرة زين هو عيعمل إيه؟؟
صاحت وداد وقد كان اسم عارف كفيل بادخال الذعر في قلبها بينما وجهها المكدوم يشي بنتيجة إغضابها لليث:
- لاه يا سي ليث، كله إلا عارف، جطعني ما عجولشي لاه.. لكن عارف... أحب على يدّك بلاش..
نظر اليها ليث بصرامة، وما لبث أن سمع عدة طرقات على الباب فأذن للطارق بالدخول، دلف صابر الى الداخل واقترب هامسا ببضع كلمات الى ليث الذي كان يسلط نظراته السوداء على وداد التي وقفت تحتضنها فردوس لتهدأ ارتعاشتها الواضحة، قال ليث بصرامة:
- صابر.. تاخد زوج الحريم دول واتدنيك امعاهم لغاية ما يفارجوا البلد كلّاتها..
فردوس بدموع غزيرة:
- طب عنروح فين يا كبيرنا؟..
ليث بصرامة:
- اتركيّهم يا صابر إو تديني التمام انهم رحلوا، وانتو مش هتغلبوا يا فردوس، ما هو دا شغلكو، انتو كنتوا فين جبل إنه؟.. انتو بتدوروا على طول، بلاد الله لخلج الله، لكن اجعاد أهنه أني جولت اللي حدايا، اذا صبح عليكو صبح هتلاجو عارف أمشرف، انا الاول كنت كريم امعاكو وهملتكو لبكرة الصبح، لكن معجبكوشي، دلوك بجولكو لغاية عشية، ولو زودتو عتخرجوا من اهنه عتلاجوا عارف مستنييكوم تحت..
هزت الاثنتان رأسيهما في خنوع واتجهتا للخروج في حين أشار ليث لصابر بالاقتراب ليهمس له في أذنه بصوت غير مسموع:
- ابعت حد من الرجالة يجطُرهوم، مهما كان تنتين ولايا ما عاوزينش يوحصل حاجة ويبجى زنبهوم في رجبتنا..
هز صابر رأسه بالايجاب ولحق بهما مغلقا الباب خلفه ليزفر ليث بعمق وهو يقول:
- فاضل المجنونة سلسبيل، فاكراني معجدرشي عليكي؟.. يبجى لساتك معرفتيش الليث!..
************************

اخذت تسير جيئة وذهابا وهي تكاد تشد شعرها فيما تهتف محدثة نفسها بصوت مسموع وفي حنق غاضب:
- إكده يا ليث؟.. أني أي ليث تتجوز عليْ؟.. د هانت معملتهاشي جبل إكده، عمرك ما اتجوزت على واحدة من اللي سبج واتجوزتهم، أني سلسبيل ليث تعملي فيّا إكده؟.. ماشي يا ليث.. ابجى شو فمين اللي عيجعودلك فيها؟..
ليجيبها صوت عال أمام الباب:
- ومين اللي جال انك عتتحركي خطوة واحدة بعيد عن اهنه؟..
شهقت والتفتت لتراه وقد انتصب أمام الباب، ليغلق الباب خلفه بإحكام قبل أن يقترب منها بخطوات محسوبة فيما وقفت أمامه وهي تهتف مشيرة الى الباب:
- فاكر أنك لمّن اتخلي غفيرك يجيبني إهنه أني معارفشي أروّح إلحالي، تبجى غلطان يا ليث، وبجولك دلوك خلّيه زي ما جابني ايعاودني لعيالي، عخودهم وأرجع دار أبوي وعريّحك مني خالص..
اقترب منها وهو يشير بيده اليمنى الحرة فيما اليسرى مرفوعة لأعلى بحامل ذراع حتى يشفى الجرح تماما، قال بهدوء يشي بعاصفة هوجاء تلوح في الأفق:
- انتي بتجولي إيه؟..
همّت سلسبيل بتكرار حديثها حينما هدر فيها بعنف أخرسها:
- اوعاكي.. شوفي إوعاكي أسمعك اتجولي كلامك الماسخ ديه تاني، اعيال مين ودار ايه اللي عتسيبيها، انتي مرتي أنا.. والعيال دول إعيالي.. وفكري.. فكري بس يا سلسبيل في الجنان اللي بتجولي هديه وانتي هتعرفي غضب الليث كيف.
وقفت سلسبيل أمامه رافعة رأسها في شموخ جعل لمحة اعجاب سريعة تمر عبر سوداء عينيه في حين أجابته بثقة لا تشعر بمقدار نصفها:
- هي مش سايبة يا ولد عمي، انت خابر بويْ زين.. أني ليا أهل وعزوة.. لو كنت فاكر أكمنهم جوزوني ليك يبجى ماليش عازة احداهم تبجى غلطان، جوازنا انت خابر زين كان غرضه إيه..
لتنغلق تعابير وجه ليث ويقترب منها حتى تلفحها رائحته الخاصة فيما يقول متسائلا بغموض:
- لاه، ما خابرشي يا بت عمي... يا ريت تجوليلي أنتي جوازنا كان ليه؟..
حاولت سلسبيل الهرب من عيناه النافذتين وهي تجيبه بعناد رافضة أن تدع خوفها الذي بدأ يطرق جنبات قلبها يظهر على وجهها:
- انت خابر زين يا ليث، لو ما كانيش عمي فاتحك في موضوع جوازنا ما كونتيش اتجدمت، أني خابرة زين أن عمي هو اللي صمم ع الجواز عشان العيال أجلّه، لو كنت ارضيت أني أفوت لكم العيال ما كانيش هيبجى فيه مشكلة، اعيالكم وفي حضنكم وأني بوي كان هيجوزني ما كانيش هيهملني إكده من غير جواز، وانت خابر عمك عتمان صعب كيف.. ما كونتـ..
وفي أقل من ثانية كان ليث أمامها، متجاهلا جرحه الذي لم يندمل بعد، ليمسك بها بقوة ضاغطا يده الحرة فوق فمها وهو يهتف بشراسة ووحشية من بين أسنانه:
- كلمة زيادة يا سلسبيل وما عتلومشي إلا نفسك!.. إنتي اتجنيتي إياك!... واحد تاني؟.. انت فاكرة أني كنت ههملك تتجوزي واحد غيري؟.. بويْ يمكن هو اللي فاتحني في جوازنا لكن حتى لو ما كان اعملها أني ما كوتش ههملك واصل، كل الحكاية أني كت رايد أفوت لك وجت عشان تهدي، لكن الله في سماه شعرك ما كان عينفرد على فرشة راجل غيري، كت دفنته مُطرحه، جبل سابج اللي كان ملجمني انه خويْ.. لكن لمّن بجيتي خالية ما كانيش فيه اللي يجدر يبص لك بطرف عينه حتى، انت لليث يا سلسبيل.. لليث وبس.. اوعاكي تجولي اكده مرة تانيِّة، خشمك ديه ما يجيبش السيراديْ غير لو انتي رايده صوح تشوفي وشِّي التاني.. وصدجيني ماعتجدريش تتحمليه.
نظرت اليه سلسبيل وقد أخذ بلبها عزيمته الواضحة وعيناه اللتان تقسمان لها بأغلظ الأيمان أنها أبدا لن تكون لغيره، وأنه لم يكن ليسمح بذلك، كان هذا الأمر يقض مضجعها، على الرغم من أنه قد صارحها بحبه لها ولكن كان لا يزال هناك جزءا صغير من الشك في أمر زواجهما، وهل لأن أبوه قد أصر عليه أم عن رغبة فعلية منه، كانت تريد سماعها ثانية منه كي تنسى كارثة زواجه الثانية!... وعند هذه النقطة وكأنها قد أفاقت من سباتها، إذ زمجرت كقطة متوحشة مبعدة يده عن وجهها وتساءلت بحدة:
- ولمن هوّ الموضوع إكده اتزوجت عليْ ليه يا ولد عمي؟..
لتصدح ضحكات ليث فيزداد حنق سلسبيل، أمسك بها يعيقها عن الهروب من أمامه فيما هتفت بحنق غاضب:
- بعّد عني يا ليث..
ليحكم قبضته على كتفيها وهو يقول وبقايا ضحكته لا تزال في صوته:
- أنتِ مجنونة يا بت عمي، لكن أني بموت في اجنانك ديه، عاوزة تعرفي الحكاية كلاتها يبجى تهدي أكده وتجفلي خشمك واصل لغاية ما أخلّص كلام، استنبينا؟..
أومأت بالموافقة وهي تزفر بضيق هاتفة:
- ماشي يا ولد عمي، أمّ، نشوف آخرتها امعاك إيه، وخلّي بالك كيف ما أنت الليث.. أني أبجى مَرَتْ الليث، يعني مش هتجدر تضحك على عجلي بكلمتين...
سار بها ليث الى الأريكة الوثيرة حيث أجلسها وجلس بجوارها قبل أن يبدأ يسرد عليها الحقيقة بينما تتفاوت تعابيرها بين متعاطف وحانق و... شرس!!
حالما انتهى من سرد روايته التفت الى سلسبيل وسألها بينما شعر بألم مصحوب بسخونة مكان الجرح ولكنه تجاهله:
- ها.. عرفت يا بت عمي الحكاية صوح؟.. ما كانيش له لازمِه كل اللي اعملتيه ديه؟.
سلسبيل وهي تشعر بالخجل لتهورها معه ولكن في نفس الوقت تشعر بالحنق والغضب لأن هذه الوداد حملت اسمه في يوم من الايام وان كان بورقة زواج عرفي أبيض!، قالت سلسبيل وهي تكشر كالأطفال في حنق طفولي:
- وأني كت أعرِف امنين؟.. وبعدين انت المحجوج.. أني مرتك يعني المفروض كت أعرف الحكاية ديْ منِيك انت من جبل ما بت الفرطوس ديْ تاجي لك المشتشفى او تعمل اللي عِملتو ديه.
ليث وهو يغالب ألمه مجيبا بتعب واضح:
- أنتي اغلطتي يا بت عمي، الاصول كتي تستاني لمن تشوفي الحكاية ايه، مش تاخدي في وشك وتهربيْ.
سلسبيل وأحساس الحرج لديها تضاعف بينما تنظر اليه بعينين صادقتين:
- اعذرني أي ليث، أني برج من عجلي كان عيطير لمن سمعتها، وخصوصي لمن سعلتك وجولتلي انه الحديت صوح، لكن إيه الموكان ديه؟.. انت خليت صابر يجيبني فين؟..
ليث وهو يرفع يده يمسك رأسه:
- ديه شوجتي في جنا، اني كنت خابر انك عتهلفطي بالكلام اللي مالوش عازه جودام بوي وبوكي، ما كونتيش عاوز حد يتدخل بيننا، ما كونتيش عسيبك تبعدي عني ولو دجيجة واحده، عشان إكده جبرت الدكتور يكتب لي اخروج انهارده مع انه جالي حالتي لسه....
وبتر عبارته وهو يرتمي على الأريكة في حين هتفت سلسبيل بخوف:
- ليث!!!!!...
--------------------------------------------------------
خرج الطبيب الذي أتى به صابر والذي هاتفته سلسبيل وهي في أقصى درجات الخوف على ليث الذي سقط بين أيديها مغشيّا عليه، ناول الطبيب وصفة الدواء لصابر وهو يؤكد على وجوب الالتزام بمواعيد الدواء والراحة التامة فقد نزف الجرح واضطر لقطب غرزتين أخريين له، انصرف الطبيب ومعه صابر وقد أمرته سلسبيل بإحضار الدواء قبل أن تعود غرفة النوم حيث يرقد ليث النائم بفعل المهدئ..
جلست سلسبيل بجواره ومدت يدها تمسح خصلات شعره الأبنوسي برقة لتهبط بسبابتها على وجهه تتلمس خشونة ذقنه فشاربه الكث بينما تنهل عيناها من وسامته الخشنة وهي تهمس بلوم:
- إكده يا ليثي؟.. عاجبك الخرعة اللي اتسببتي لي فيها؟.. أني جلبي كان عينخلع من موطرحه، لسّاتك معترفشي أني بخاف عليك كيف؟.. فداك أني وأي حد تاني المهم انت تجوم بالسلامة يا ليث سلسبيل..
صوت طرقات هادئة لتتجه سلسبيل الى الباب حيث تناولت الدواء من صابر وأمرته أن يلزم السيارة بالاسفل وألا يخطو خطوة واحدة إلا بمشورتها..
أعدت سلسبيل الحساء الساخن، دلفت الى الداخل لتجد ليث وقد أفاق من سباته، وضعت صينية الأكل فوق الفراش بجواره وهي تقول بابتسامة ناعمة:
- الدكتور بيجول لازمن تتغذى منيح عشان الجرح ايلم بسرعة.
قال ليث وهو يشيح بوجهه بعيدا عن الطعام:
- ماعاوزشي يا بت عمي، بعّديه عني.
قالت وابتسامة ناعمة تزين ثغرها الكرزيّ:
- لاه.. أني اللي عاملاه بيدِّيني التنيين دول، هتكسف يديْ؟..
ليطالعها ليث وهو يبتلع ريقه بصعوبة هامسا في حين تسافر عيناه على صفحة وجهها البهي تلتهم تفاصيله الفاتنة:
- لاه طبعا.. يسلموا ايديكيْ يا بت عمي.
ومد يده ليتناول الملعقة حينما فاجأته للمرة الثانية بأن سبقته وتناولتها وغرفت بها بعض الحساء ثم رفعتها الى فمه وهي تقول بنعومة ورقة:
- افتح خاشمك.
ليقول بانشداه:
- ها!!!.... ضحكت سلسبيل ضحكة خافتة ناعمة أجرت الدم ساخنا في عروقه بينما أجابته وهو تشير له بالملعقة:
- هوكّلك بيديّ يا ولد عمي.
ليفتح فمه تلقائيا كالطفل الوديع فيما تطعمه هي الحساء الذي أنهاه عن آخره دون أن يعي مذاقه الفعليّ، فقد كان تائها بين أهدابها الساحرة حينا وانعطافة شفتيها المسكرتين أحيانا!..
*********************************************
- عمي، أنا مش عجبني حال سلمى.
تنهد رؤوف عميقا وهو يجيب شهاب بينما تابع الجد عبد الحميد الحوار الدائر أمامه دون أي تدخل منه:
- وأنا هعمل أيه يا شهاب يا بني؟.. أنت شايف بنفسك من ساعة ما اللي حصل وهي قافلة على نفسها بابها ومش عاوزة تشوف حد.
زفر شهاب بيأس في حين قال والده عثمان بحزمه المعروف:
- ما تواخزنيشي يا خويْ.. بس بتّك امزوداها حبتين.. واحد وعمره انتهى لحد إكده.. ديه أعمار وكله امجدر ومكتوب، واحنا ما عننساشي اللي عِمله واصل، هو حافظ على عرضنا وصانه، وعشان إكده أكبر صوان عيتنصب له احدانا..
**لم يخبر شهاب والده أو الجد بحقيقة ما حدث، ولا يعلم أيّا كان بأمر مقطع الفيديو المسجّل لسلمى والذي كان بحوزة حمدان الذي قُتل يوم الحادث ليختفي أي أثر للفيديو بعد أن تحطم هاتفه يومها، وحدها أسرتها والديها وشقيقتها من علموا بالحقيقة، ولم يخبرهم سوى أنه ساعد في انقاذ سلمى من براثن العصابة وقد تلقى الرصاصة بدلا عنها**
قال الجد بجدية:
- مش كفاية يا عتمان يا ولديّ، ادبح عجلين ووكل الفوجرا بيهم، واتبرع بجرشينات تساعد بيهم في بنى الجامع الكبير اللي حدا البحر عشان تبجى صدجة جارية للمرحوم.
زفر شهاب بضيق وقال:
- كل داك ويس وجميل، بس مش هيخرج سلمى من اللي هيا فيه.
ليقاطع الجد الجدل الدائر قائلا بصرامة:
- رؤوف.. الولاد أديهم كاتبين بجالهم فترة طويلة، أني شايف اننا نتمم الجواز.. جولت إيه؟..
لتنفرج أسارير كلا من شهاب وغيث في حين ابتسم عثمان استحسانا لأمر والده المغلّف على هيئة اقتراح ولكنه أكثر الناس علما بالحاج عبد الحميد وأنه لم يكن يقترح بل... يأمر!
رؤوف بتردد:
- مش عارف يا حاج، بس مش مستعجلين شوية؟.. سلمى لسه ما خرجتش من اللي هي فيه.
عثمان باعتراض:
- كيف مستعجلين يعني يا ولد ابويْ؟.. العيال أداهم زمن عاجدين لهم على بعض، وافج يا راجل خلينا نفرحوا بيهم، خير البر عاجله.
نظر عبد الحميد الى رؤوف وقال في جدية:
- رؤوف يا ولدي أني خابرك زين، انت رايد تطمَّن على بتّك واتخرجها من اللي هيا فيه ديه، وأني بجولك انه أحسن طريجة اننا نتمم الجواز، صدجني ديه بس اللي عتخليها تنشغل بلوازم الفرح وتطلع من اللي هيّا فيه ديه.
همس رؤوف وكأنه يحدث نفسه بصوت منخفض:
- يمكن يا حاج، لما نشوف، عموما أنا هقولك وأشوف هتقول إيه.
عثمان باستنكار فلم يعجبه رد أخيه:
- أيه؟.. يعني ايه تشوف رأيها ديْ؟.. هو فيه بعد شور الحاج راي ولا ايه؟.. رؤوف يا خوي انت تجولها انه الحاج أمر انه الزواج يتم.
نظررؤوف الى الجد بتساؤل ليجيب الأخير بحزم وهو ينقل نظراته بينهم جميعا:
- بلِّغ بناتك يا رؤوف ان الجواز على هلال الشهر الجديد.. يعني بعد سبوعين تمام من انهاردِه!.. وديِه قرار جدهم عبد الحميد.. كبير العيلة!..
فأسقط في يد روؤف فهو أكثر من يعلم أنه إذا ما أمر الكبير بشيء.. فأمره واجب النفاذ!!
- يتبع –


مملكة الغيوم 12-12-16 04:12 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
الليث ابدع ايوه كده مش اسد عيلة الخولى اللى الحريم حيلعبو بيه الكوره وداد ولا غيرها ولاالف زيها اللى تجيب راسه ولا توصل لمواصيل سلسبيله هى بيلا بس اللى فى القلب هيييييييييييييييييه المهم بيلا الخبيله بعد ما خبطت فى الحلل وكسرت كل القلل فهمت موقف الليث واللى وداد حبت تستغله لصالحها لكن ربنا موفقهاش واللى ينطبق عليها المثل جزاء المعروف ضرب الكفوف لكن ده ميبررش ان الليث غلط كان ممكن يحميها من غير ما يورط نفسه مع اشكال زى دى شين وقوة عين والفجر متاصل فيهم
سلمى متاثره بموت احمد وهو بيفديها من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الاسباب والموت واحد هى دى كانت ساعته ولعله كفر عن كتير من ذنوبه لما ضحى بنفسه ولا يحتاج لانك تعزلى نفسك ولكن للدعاء وطلب الرحمه والمغفره
شهاب صبره نفذ وجاب اخره من تقوقع سلمى ومفيش قدامه الا حلين يا يتجوز يا يتجنن وبردو يتجوز والجد اوامره جت لهم على الطبطاب هو وغيث ومفيش قدام رؤف وعثمان والكل الا التنفيذ تسلم ايدك منون فى انتظار باقى ابداعاتك مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووواه

TAOUFIKF 12-12-16 11:07 PM

رد: كبـير العيلة
 
شكرا

URL]

منى لطفي 14-12-16 08:24 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3668800)
السلام عليكم ورحمة الله
الليث ابدع ايوه كده مش اسد عيلة الخولى اللى الحريم حيلعبو بيه الكوره وداد ولا غيرها ولاالف زيها اللى تجيب راسه ولا توصل لمواصيل سلسبيله هى بيلا بس اللى فى القلب هيييييييييييييييييه المهم بيلا الخبيله بعد ما خبطت فى الحلل وكسرت كل القلل فهمت موقف الليث واللى وداد حبت تستغله لصالحها لكن ربنا موفقهاش واللى ينطبق عليها المثل جزاء المعروف ضرب الكفوف لكن ده ميبررش ان الليث غلط كان ممكن يحميها من غير ما يورط نفسه مع اشكال زى دى شين وقوة عين والفجر متاصل فيهم
سلمى متاثره بموت احمد وهو بيفديها من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الاسباب والموت واحد هى دى كانت ساعته ولعله كفر عن كتير من ذنوبه لما ضحى بنفسه ولا يحتاج لانك تعزلى نفسك ولكن للدعاء وطلب الرحمه والمغفره
شهاب صبره نفذ وجاب اخره من تقوقع سلمى ومفيش قدامه الا حلين يا يتجوز يا يتجنن وبردو يتجوز والجد اوامره جت لهم على الطبطاب هو وغيث ومفيش قدام رؤف وعثمان والكل الا التنفيذ تسلم ايدك منون فى انتظار باقى ابداعاتك مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو وووووواه

حبيبة قلبي ملوكة تسلميلي يا عمري، بكون سعيدة جدا وأنا بقرأ تحليلك، تسلميلي يارب...
الليث كان عاوز يحميها وفي نفس الوقت مش عاوز يتجوزها رسمي، مش قادر يخليها تشيل اسمه، مع انه الليث ومحدش هيقدر يقول له انت بتعمل إيه، لكن هو فكر مش اليث الي ينزل بمقامه لمقام بلطجي وأنه دا شيء مؤقت متى ما عارف البلطجي غار هي كمان هتغور هههههههههه.. ميعرفش أنه الحب ولع في الدرة عنديها، لكن أهاه دبور وزنّ على خراب عشّه، وتستاهل عقاب الليث..
سلسبيل وبذرة شك صغيرة عن لا تزال بداخلها وسؤال يؤرق مضجعها، " يا ترى الليث اتجوزها عشان عمها ضغط عليه؟.. ولو كانت تركت الولاد كان مش هيتقدم؟"... لينهي ليث ترددها وتساؤلاتها بعشقه السرمدي...
سلمى حاسة أنه واحد فداها بعمره دا شيء بتسمع عنه في الافلام والروايات، واكيد مهما كان هو بني آدم.. بتحزن عليه لكن حزنها مش هيطوّل، هيتحول لصدمة الحلقة اللي جاية بعد ما تعرف فرمان الجد ههههههههه. بس يا ترى سلافة الجنية الشقية هيكون رد فعلها إيه؟.
في انتظارك حبيبتي البارت اللي جاي بأمر الله، تسلميلي يا قمر...

منى لطفي 14-12-16 06:33 PM

رد: كبـير العيلة
 

كبير العيلة
الحلقة (27)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد( منى لطفي).....
*************************************
حدقت ثلاث أزواج من الأعين المذهولة برؤوف وهو يخبرهم بقرار الجد بتحديد موعد الزفاف، كانت سلمى أول من أفاق من دهشته لتتكلم بغير تصديق:
- إزاي يا بابا حضرتك توافق على حاجة زي كدا؟.. جدي على عيني وراسي بس تحديد معاد الفرح أعتقد دا شيء يخصني أنا وشهاب بالدرجة الأولى؟.. واحنا اللي نحدد الوقت المناسب لينا احنا الاتنين.
نظر اليها رؤوف بابتسامة صغيرة وأجاب وهو على علم بإجابتها مسبقا:
- ويا ترى ايه هو المعاد المناسب ليكي يا سلمى؟.. لأن شهاب موافق على قرار الحاج.
اضطربت سلمى قليلا لتجيب بعدها وهي تفرك يديها بتوتر:
- بصراحة يا بابا حضرتك عارف الظروف اللي مرّينا بيها اليومين دول، وعشان أكون صادقة مع حضرتك.. أنا مش هقدر أتجوز في المعاد اللي جدي حدده.
تحدثت ألفت بلهجة الأم الحانية:
- سلمى حبيبتي.. احنا كلنا عارفين ومقدرين حالتك النفسية وبالذات الظروف اللي انتي مريتي بيها، وأنا بصراحة في الموضوع دا شايفة ان جدكم معاه حق!.
نظرت اليها كلا من سلمى وسلافة باستنكار في حين ابتسم رؤوف لتردف مانعة أي منهما مقاطعتها:
- بالراحة بس قبل ما تتسرعوا في الكلام، انتي يا سلمى للأسف كنت فاكراكي أقوى من كدا، فين إيمانك يا بنتي؟.. " قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا".. صدق الله العظيم، أنا مقدرة حزنك على المرحوم، لكن ليه ما تبصيش من ناحية تانية؟... المرحوم في حكم الشهيد.. ودا جزاؤه كبير أوي عند ربنا، شوفي هو كان هيموت في ساعته دي ويومه دا، لكن مش يمكن كان يموت مع حامد رشوان؟.. يعني عاصي لربه؟.. لكن هو مات وهو بيدافع عن عرض وشرف، شوفتي ربك رحيم بيه أكتر من نفسه إزاي؟.. وبعدين الفرح دا الشيء الطبيعي بعد كتب الكتاب، لأنكم فعلا في حكم المتجوزين وأنا بصراحة ضد أن المواضيع دي تطول، صدقوني حبايبي.. بيحصل خلافات ومشاكل على أقل حاجة، فأنا شايفة أننا نتوكل على ربنا ولو أني حاسة اننا هنتزنق في الوقت، احنا لسّه ما جهزناش حاجة، أنا صحيح كنت بجهزكم من وانتم صغيرين لكن بردو فيه حاجات ناقصة، ايه رأيك في كلامي يا رؤوف؟..
أشاد رؤوف برأيها قائلا:
- عين العقل كلامك يا ألفت....، ثم نظر الى ابنتيه وتابع:
- شوفوا يا بنات.. أنا بصراحة مش شايف معنى أنكم رافضين، خصوصا وانكم ما قولتوش ايه هو المعاد اللي يناسبكم.. صح؟.. يعني أنا أفهم انكم تقولوا لا مثلا عاوزين على الاقل شهر نخلص فيه حاجتنا، لكن أنتم اعترضتم من غير ما تقولوا البديل، يبقى دا رفض لمجرد الرفض بقه ولا إيه؟..
سلمى بهدوء:
- لا طبعا يا بابا، بس بعد إذنك لازم نكون مهيئين نفسيًّا لحاجة زي كدا، أنا معاكي يا ماما في كل اللي بتقوليه بس أنا في الاول والآخر بشر مش ملاك، وأكيد بمر بلحظات ضعف.. بستغفر ربنا طبعا كل ما بييجي في بالي اني السبب في اللي حصل لأحمد، بس أنا نفسيا دلوقتي عاوزة أبعد وبس، عاوزة أنسى اللي حصل، وفي نفس الوقت عاوزة لما أبتدي جوازي أكون زي أي عروسة، بفرحة وأمل وأنا ملهوفة وفرحانه مش جوايا حزن وضيق!.. جوازي لازم يكون شيء أنا ملهوفة عليه مش دوا طعمه مر ولازم أخده عشان أخفّ!..
تنهدت ألفت بعمق ونظرت الى رؤوف وتساءلت:
- إيه رأيك يا رؤوف في كلام بنتك؟..
نظر رؤوف بهدوء الى زوجته وقال:
- سلمى ليها وجهة نظر طبعا تُحترم، بس عشان تكوني عارفة يا سلمى – ووجه تتمة حديثه الى سلمى – هو دا السبب تحديدا اللي خلّا جدك يستعجل في تحديد معاد الفرح!.. اللي قاله بالحرف الواحد لازم حاجة تخرج سلمى من اللي هيّا فيه، وطبعا ما فيش أكتر من حياة جديدة مع جوزك تبتديها وانتي كلك فرح وأمل وتفاؤل، عشان كدا أنا بضم صوتي لصوت جدك...
لتقفز سلافة هاتفة بانفعال:
- بس بعد إذنك يا بابا أنا مش موافقة..
زفر روؤف فهو يعلم مدى قلة صبر ابنته الصغرى وعنادها الشديد، تحدث رؤوف بهدوء نسبي:
- وأنتي رافضة ليه يا سلافة؟..
أجابت سلافة:
- بصراحة كدا يا بابا أنا مش عارفة ايه وجه الاستعجال؟.. أنا حاسة زي ما نكون بنجري حوالين نفسنا؟.. الموضوع من أوله وجري، جري، جري.. من لحظة ما خطبونا عشان نتفاجئ انه كتب كتاب وبعدين هوب.. هوب دلوقتي عاوزين فرح والحِجّة نفسية سلمى!....، لتوجه حديثها بعد ذلك الى سلمى مردفة:
- انتي يا بنتي إنتي نفسيتك هتتعدل بعد الفرح؟.. معقول!.. دا احنا بحالتنا دي عاملين زي اللي بينط في البحر وهو مش بيعرف يعوم!.. وبصراحة يا بابا حتى لو سلمى وافقت.. أنا رافضة.
رؤوف ساخرا:
- ولما تعرفي أن غيث موافق ومصمم انه الفرح يكون في المعاد اللي جدك حدده.. هتعملي إيه؟..
برقت عينا سلافة بعزم وقالت:
- أنا هتكلم معاه، فيها إيه دي؟!..
لتنفذ قولها في التو واللحظة وهي تستأذن بالانصراف متجهة الى الخارج حيث غيث، في حين نهضت سلمى وقالت بهدوئها المعتاد:
- بعد إذنك يا بابا.. أنا محتاجة أتكلم مع جدي عبد الحميد، بيتهيألي جدي لو اقتنع بوجهة نظري هو بس اللي يقدر يقنع الكل..
ثم انصرفت هي أيضا في حين نظرت ألفت الى رؤوف وقالت بابتسامة:
- البنات كبروا يا أبو البنات وكل واحدة فيهم عاوزة تتصرف بطريقتها هي.
روؤف بفخر أبويّ:
- سيبيهم يا ألفت، مع أني موافق الحاج في كل اللي قاله لكن ما تتصوريش وانا شايفهم وكل واحدة عاوزة تثبت وجهة نظرها أنا حاسس بالفخر إزاي، بناتي ليهم شخصية ورأي وبيفرضوا شخصيتهم دي على اللي قودامهم ولازم اللي يواجههم يعمل لهم ألف حساب، ويعرف أنهم مش عشان خاطر بنات يبقى مالهومش رأي ولا يبقى أؤمر تُطاع، وأنا متأكد انه الحاج هيقدر يِّفهمهُم كويّس ويقنعهم كمان.
----------------------------------
كان الجد يجلس في مكانه المفضل في الحديقة تحت سقيفة العنب حينما اتجهت اليه سلمى، سلّمت عليه مقبلة ظهر يده كما سلّمت على جدتها، رحب بها الجد مهللا وقال وهو يشير اليها لتجلس بجواره على الأريكة الخيزران:
- يا مرحب يا مرحب بالدكتورة، كيفك يا بنيتيّ؟.. ان شالله زينة؟..
جلست سلمى وأجابت بابتسامة:
- الحمد لله يا جدي ربنا يخليك.
قالت الجدة وهي تمد يدها بكوب الشاي للجد:
- فينك يا دَكتورة، جدتك ما اتوحشتهاش؟!..
أجابت سلمى بنفي قاطع:
- لا طبعا ازاي يا جدتي، معلهش أنا عارفة اني مقصرة بس..
ليقاطعها الجد رافعا يده باسطا راحتها:
- ما بسّش يا بنيْتي، انتي عمريكي ما تجصري إمعانا، انتي ولد الغالي، جدتك ما جصدهاشي حاجة.. انتي بس بتتوحشينا فبنبجى رايدين نجعودا إمعاكي..
أكدت الجدة قائلة:
- عندك حج يا حاج، انتي غالية حدانا جوي جوي يا بنيتي وربنا يعلم، غلاوتك أنتي وخيتِك وأُميكي من غلاوة ولدي رؤوف إسم الله عليه..
قالت سلمى بابتسامة:
- وحضرتك وجدي غاليين علينا أوي أوي يا جدتي.
نظر عبد الحميد بابتسامة ماكرة وقال وقد أخبره حدسه بسبب حضور حفيدته لرؤيته:
- إيه يا بنيتي، شايف حديت على وشّك.. خير يا دَكتورة؟..
سحبت سلمى نفسا عميقا قبل أن تلتفت بكليّتها الى جدها وهي تقول بهدوء نسبي شابه توتر ملحوظ:
- بعد إذنك يا جدي.. بابا قال لنا ان حضرتك قررت أنه الفرح يكون على أول الشهر اللي جاي، يعني كمان اسبوعين تقريبا كدا أن شاء الله..
نظرت اليها الجدة بتساؤل ولم تتكلم في حين ابتسم الجد وأجابها بحكمة:
- أول هام أني ما جررتش.. أني حددت!.. انتو عاجدين أديلكو أكتر من شهرين، ومش لساتكم عتعرفوا بعض، دا غير أنه العرسان جاهزين، يبجى إيه المانع انكو تتجوزوا وخير البر عاجله؟..
زفرت سلمى بعمق وقالت:
- اسمح لي يا جدي أنا هكون صريحة مع حضرتك... أنا يعني حضرتك عارف أكيد الظروف اللي مرِّينا بيها، أنا نفسيا مش قادرة أبتدي حياة جديدة، على الأقل دلوقتي، محتاجة وقت أجمّع فيه نفسي كويّس عشان لما أبتدي حياتي مع شهاب أبتديه وأنا عاوزة كدا مش عايزة أحس اني كنت مجبرة!..
قال الجد بحنكته:
- طب خليني إمعاكي يا دَكتورة.. دلوك أنتو مش كاتبين اكتابكم بجالكوم كم شهر؟.. واللي أنا شايفه يجول أنكم مش لسه عتتعرفوا على بعض، وحكاية الظروف اللي مريتي بيها ديّ عاوز أجولك انه هي الظروف ديْ اللي خليتني أنجز في موضوع الفرح، لأنه كيف ما جولتي انتي لازمن تطلعي من اللي انتي فيه ديِه.. وديِه مش هياجي غير لمن عجلك ينشغل بحاجة تانية خالص، بجوازك وحياتك الجَديدة، وبعدين يا بنيتي أنا خلاص العمر مبجاش فيه جاد اللي راح.. رايد أفرح بأحفادي جبل ما ربنا سبحانه وتعالى ياخد أمانته، تستكتري فيا الفرحة يا بنت الغالي؟..
هتفت سلمى نافية بحرارة:
- أبدا يا جدي، بعد الشر عليك، ربنا يديك الصحة وطولة العمر حضرتك وجدتي..
لتهتف الجدة بنزق:
- وبعدهالك يا حاج.. أني مش جايلالك ما تجيبيش السيرة ديْ تاني؟.. ربنا يعطيك طولة العمر ويجعل يومي جبل يومك جول آمين..
ابتسمت سلمى وأرادت إضفاء بعض المرح على الجلسة فقالت وهي تغمز جدها:
- اللاه اللاه.. أقوم أنا بقه، حاسة أني بقيت عزول وأنا مش واخدة بالي!..
لتصدح ضحكة الحاج فيما أنبتها الجدة قائلة:
- باه.. أنتي يا سلمى اتجولي إكده؟.. لو سلافة كنت جولت مش امهم اتعودنا على طبعها في الغشمرة.. لكن انتي...
قال الجد:
- عشان تبجي عارفة يا فاطنة سلمى عنديها خفة دم كيف سلافة تمام..
ضحكت سلمى وقالت:
- تسلم يا جدي، بس أنا ما أجيش في سلافة حاجة..
الجدة بحنان:
- ربنا يخليكو لبعض، المهم يا بنيتي دلوك.. وافجي يا نضري انه الفرح يبجى في المعاد اللي جدّك جال عليه، وعشان تبجي عارفة.. عمر جدك ما جال كلمة وحَدْ وجّعها الأرض واصل، لكن لانكم عنديه حاجة تانية فعشان إكده ما رايدشي يكون غصب عنيكي أنتي وأختك.
نظرت سلمى الى الجد وقالت بابتسامة:
- ما عاش ولا كان اللي يوقع كلمة ليك يا حاج عبد الحميد، بس أنا بعد إذنك ليا طلب صغير...
تبادل الجد والجدة نظرات التساؤل وسط ابتسامة فرح يخالطها الريبة!!..
----------------------------------------------------
اتجهت سلافة الى مكان وجود غيث في حظيرة الخيول حيث سألت عليه فأرشدوها الى مكانه، كان غيث يمتطي فرسا أسودا عربيّا ضخما يتريّض به في مساره حينما لمحها تقبل عليه من بعيد، فاتجه إليها ليقف بجانبها جاذبا لجام الفرس بقوة ليوقفه ليصهل الأخير احتجاجاً، نظر اليها من مكانه فوق صهوة الجواد وقال بابتسامة:
- ايه الصدف السعيدة ديْ.. يا ترى على فين العزم ان شاء الله؟..
ظللت سلافة عينيها بيدها وأجابته وهي ترفع رأسها لتتطلع إليه:
- أنا عاوزاك في كلمتين يا غيث.
قطب غيث وقد استشعر الجدية في كلامها، ليسارع بالترجل من فوق صهوة الفرس، ويمسك بلجامه قائلا:
- خير يا بنت العم.
سلافة وهي تنظر اليه وقد أنزلت يدها جانبا:
- خير ان شاء الله..
نادى غيث على السائس ليسلمه لجام الفرس ثم دفعها براحته فوق ظهرها بخفة ليوجهها الى السير الى منطقة مظللة بعيدا عن أشعة الشمس القوية وهو يقول:
- خير يا بت عمي؟.. جلجتيني..
وقفا أسفل شجرة سنديان ضخمة تميل بأوراقها حولهما، نظرت اليه سلافة وهي تحاول أن تشحذ قوتها ثم أجابت بما تملكه من ثبات:
- بابا قال لنا على قرار جدي بخصوص معاد الفرح..
قطب غيث وقد شعر أن تتمة حديثها لن تعجبه وقال:
- وبعدين؟..
لعقت شفتيها الجافتين بطرف لسانها الوردي لترطبهما وأجابت بعد أن سحبت نفسا عميقا:
- أنا مش موافقة يا غيث!.. من الآخر مش فاهمه إيه وجه الاستعجال بالظبط؟.. احنا مش مخطوبين بقالنا سنة ولا اتنين، احنا بقالنا كم شهر بس، ومن الآخر أنا مش جاهزة اننا نتجوز دلوقتي!..
ساد الصمت بعد انتهائها من حديثها الجاد والذي اصطبغ بنبرة تحد، عقد غيث ساعديه السمراوين أمام صدره وطالعها بنظرات مبهمة، فيما أشاحت هي بعينيها بعيدا عنه، كان غيث أول من خرق الصمت السائد قائلا بهدوء كالهدوء الذي يسبق العاصفة:
- طيب ممكن أعرِف يا بت عمي انتي هتبجي جاهزة ميتى بالظبط عشان جوازنا؟..
سلافة وهي تطالعه بثقة:
- بصراحة معرفش لسه يا غيث، لكن كل اللي أعرفه اني مش هقدر أتجوز في المعاد اللي جدي حدده، أصلا المفروض انه المعاد دا انا وانت اللي نحدده، احنا أدرى الناس بالوقت اللي هنكون مستعدين فيه!..
ابتسم غيث بسخرية قائلا:
- عجيبة!.. ما انتي لساتك يا بنت الناس عتجولي ما عاوزاشي دلوكيت خالص ومعرفش إيه، يبجى منين ديِه ومنين احنا اللي نحددوا امعاد الفرح؟.. وبعدين أنا جولتلك جبل سابج أنه متى ما اتطمنا على ليث والموضوع خولص بالسلامة اننا هنتمم الزواج، صوح ولا لاه؟..
شعرت سلافة بالتوتر وأن غيث قد حشرها في الزاوية بأسئلته المفرطة فهتفت بحدة:
- هو تحقيق ولا إيه يا غيث؟.. مش المفروض أنا العروسة؟.. يعني أنا اكتر واحدة لازم تكون موافقة على معاد الفرح، وانا بقولك يا غيث المعاد مش مناسبني، وقت قليل جدا وأنا لسه مش مستعدة!...
أسدل غيث ذراعيه بجانبه وقلّدها ساخرا:
- وميتى على إكده عتكون عروستنا مستعدة للفرح؟..
هزت كتفيها بلا مبالاة وأجابت بثقة وبرود علمت بعدها مدى خطئها في استفزاز غيث:
- من الآخر كدا مش قبل.. ست شهور!!..
ليهتف غيث عاليا:
- كيييف!!!!!!!!!، 6 شهور؟!!، انجنيتي إياك!!، ست شهور إيه ديْ!
واقترب منها في حين تراجعت هي عدة خطوات الى الوراء وهي تحذره شاهرة سبابتها أمامه:
- بقولك ايه يا غيث... اوعى تقرب مني، أنا مش نعجة انت شاريها من سوق التلات مالهاش رأي، أنا بني آدمة، وليا رأي, وموضوع جوازي دا ما يهمش حد أد ما يهمني أنا!...
وقف غيث أمامها لتصطدم بجذع النخلة خلفها فشهقة بخفة في حين مال عليا مجيبا باستهزاء واضح فيما عيناه تغشاهما نظرة خيبة الأمل الواضحة:
- معلهش يا بت عمي.. فيه طرف تاني إيهمه موضوع زواجك... – لتنظر اليه مقطبة بريبة فيتابع بنصف ابتسامة سخرية تشوبها المرارة – العريس!.. اللي هوَّ أنا يا... عروسة!..
حاولت سلافة امتصاص غضبه الواضح والذي تعبر عنه عيناه بوضوح فقالت:
- اسمعني يا غيث...
ليسارع بإمساك يدها التي كانت تشير بها اليه ليشبك أصابعهما سوية وهو يقول بجدية بالغة:
- لاه يا بت عمي.. اسمعيني أنتي، أنى كنت بأعد الايام لجل اليوم ديه ما ياجي، وجت ما جدي حدد المعاد كنت حاسس بجلبي كانُّه عيطير من الفرحة، خلاص ما بجاش غير أيام وتكوني امعايا، معتبعديش عن عينيا التنتيين واصل، كنت فاكر انك عتفرحي كيف ما اعملت، لكن واضح انه أني بس اللي كنت ملهوف عليكي يا بت العم.
استطاع غيث إشعارها بالذنب ليبدأ ضميرها في تأنيبها وتقريعها بعنف، فما حجتها القوية في رفضها معاد الزفاف، فسلمى تملك تبريرا مقنعا وهو حالتها النفسية السيئة، ولكن هي.. ما السبب الذي تملكه للاعتراض؟.. وبدلا من أن تصارحه بتخوفّها من اتمام الزفاف سريعا وهي لم تقض معه المدة الكافية التي تجعلها تعتاد طباعه جيدا إذ بها تتصرف وفقا لشخصيتها المجنونة وانفعالها الصبياني وترمي برفضها في وجهه لمجرد الرفض فقط كما سبق وواجهها أبوها بذلك!..
كانت تسترق النظر اليه بطرف عينيها بينما تعض على باطن شفتها السفلى في حين كان غيث يرنو اليها بطرفه وهو يعلم تماما فحوى الأفكار التي تدور في هذا الرأس الصغير العنيد، هو يعلم سلافة تماما كراحة يده، عرف أنها أبدا لن تأتي بسياسة الأمر الواقع، ليأتيها من ناحية أخرى.. ألا وهي تأنيب الضمير!.. ومن النظرات المترددة التي ترمقه بها وهي تحسبه غافلا عنها يكاد يجزم أنها تراجع نفسها بشأن قولها الأحمق ذاك الذي رمته في وجهه من أنها ترفض إتمام الزواج في الموعد الذي حدده الجد، أتمزح؟.. هو يكاد يصاب بنوبة قلبية من فرط فرحته لقرب زفافهما حيث يجمعهما مكان واحد، وهي تفكر كيف تقنعه بأن يؤجل معاد الزفاف، تبّا له ألف مرة لو وافقها على جنونها، ولتحمد ربها أن الجد قد قرر الموعد في غضون أيام، فلو لم يتدخل أحد في ذلك لكان سارع هو بالالحاح في اتمام الزفاف ولو اعترض أحد لكان خطفها تماما كما فعل في السابق كي يقنعها بالارتباط به، فمن الواضح أنه أمام سلافة لا يوجد حلّا آخر سوى اختطفاها!!!.. حيث يطير منه عقله الراجح والذي يتصف به ليحل بدلا منه بعضا من جنونها اللذيذ، وكم يحب هو هذا الجنون الذي يضفي على حياته الراكدة بهجة لا تقاوم!..
تحدثت سلافة وشعور الذنب يزداد بداخلها:
- غيث أنا مش عاوزاك تزعل مني، غيث أحنا ما لحقناش نتعود على بعض، أحنا محتاجين وقت نعرف بعض فيه أكتر و...
ليقاطعها وقد ترك يدها ليمسك بوجهها بغتة ويحيطه براحتيه الخشنتين فيما يميل عليها ليتيه بين دخاني عينيها هامسا بخشونة:
- نتعودوا على بعض؟.. فِكرك أني لحد دلوك معرفتكيش يا بنت عمي؟.. أني ما فيش حاجة فيكي الا وحفظتها، عارف ميتة بتكوني غضبانة من عجدة حواجبك وزمّتك الـ خشمك كيف الصغار، عارف ميتة بتكوني فرحانه وعيونك بتتفطط تفطيط من فرحتك، عارف ميتة بتكوني رايده حاجة وتجعدي اتلفي عليها وكان اللي جودامك ديه مش عيفهم إنتي رايده إيه؟.. سلافة.. أني لو اختبروني فيكي عاخد الدَّكتوراة وبامتياز كومان!...
كانت سلافة تطالعه بانبهار طوال حديثه، فيما حمرة جذابة انتشرت في وجهها كله حتى منابت شعرها ما جعل وجهها آية في الجمال، وشعرت بدقات قلبها وهي تطرق عاليا، لم تكن تعتقد أنها قد أصبحت كالكتاب المفتوح بالنسبة لغيث هكذا، ربّاه.. أنّى له أن يعلم عنها كل هذه الأمور الدقيقة وبمثل هذه السهولة والوضوح؟.. هي تشعر به وقد أصبح أقرب اليها من أنفاسها، انتبهت من شرودها على ضغط ذراعيه اللتان تسللتا اليها ليحيطا بخصرها الدقيق فيقربها اليه بينما مال عليها لتلفحها أنفاسه الحارة وهو يتساءل فيما تتيه هي في فحم عينيه المشتعل:
- لسّاكي برضيكي جلجانة من جوازنا يا حبة الجلب؟..
تاهت في عينيه، لترد بهزة نفي بسيطة من رأسها وكأنها منومة مغناطيسيا، ولكن هزة النفي هذه كانت أكثر من كافية لغيث ليسارع باحتوائها بين ذراعيه يود إدخالها بين ضلوعه وهو يهتف بحرارة:
- بحبك يا جلب غيث...، ولم يمهلها الرد إذ سارع باقتطاف ثغرها الوردي في قبلة طويلة عميقة أودعها حبه وعشقه اللامتناهي لها، حتى أذ تركها لتستطيع التنفس همس لها وهو يسند ذقنه الغير حليق الى جبهتها فيما يحاول جاهدا التقاط أنفاسه الثائرة:
- هاعد الايام بالساعة والدجيجة لحدت يوم الفرح، وربنا يصبرني اليامين دول..
لتسارع بدفعه بخفة وتجيبه وهي تبتعد عنه بخطوات رشيقة:
- اعمل حسابك انك مش عتشوفني واصل اليامين دول، عن إذنك يا ولد عمي..
لتسارع بالابتعاد فيما ينادي عليها ليقف مراقبا ظلها إلى أن اختفى فابتسم وهمس:
- مجنونة، بس بموت في اجنانك..، ليقطب فجأة ليستوعب الآن فقط كلمتها من أنه لن يراها لحين موعد الزفاف فيسارع بالركض خلفها وهو يهتف:
- تعالي إهنه، كيف مش عشوفك يعني؟... وجفي يا سلافة!..
وسارع بالركض خلفها بغيّة اللحاق بها.....
***********************************************
وقفت ووجهها بلون ثمرة الفراولة الطازجة، أشار اليها ليث بسبابته لتقترب، عضت باطن خدها بينما تقترب بوجل، أشار الى صدره العار وهو يقول بمرح مشاغب مفتعلا الجدية:
- يعني انتي دلوك مش عتغيري ع الجرح؟.. خلاص أشيع الواد صابر يجيب ممرضة من المشتشفى، دام انك مش رايدة اتغيري لي عليه...
قطبت بشدة فيما طار خجلها أدراج الرياح وهي تسمع اقتراحه الوقح هذا، لتقترب منه وتتناول الحقيبة التي تحتوي على أدوات غيار الجرح هاتفة بخشونة:
- باه.. ممرضة؟.. لاه يا نضري.. عغير لك أني....
ودفعته في كتفه بقوة ليقع جالسا فوق الفراش خلفه وهو يهتف باستنكار، فيما شمّرت عن ساعديها وبدأت في تنظيف الجرح واستبدال الرباط الطبي بآخر نظيف، كانت أنفاسها اللاهثة تلفحه وهي تقوم بربط الشاش الطبي، بينما تتابعها عيناه كالصقر وما أن انتهت وقد ألصقت اللاصق الطبي بنجاح حتى هتفت بظفر:
- اهاه... ولا أجدعها اممرضة تعرف تعمل اللي أني اعملته.
ما ان أنهت عبارتها حتى سارع بإحاطتها بذراعه ليرفعها فوقه بينما يميل فوق الفراش خلفه فشهقت بعجب ليدفعها بخفة وبحركة خفيفة لتحل مكانه هي فوق الفراش فيما يشرف هو عليها بينما رائحتها الأنثوية الخاصة تُسكره فيهتف بعد أن نفذ صبره تماما بحرارة قوية:
- وأني جبت آخر يا سلسبيلي..
همّت بالكلام ليُسكتها مبتلعا كلماتها.. معتصرا فمها في قبلة حارة تحوّلت تدريجيًّا إلى عناق طويل، عنيف،متطلب، حيث أبحرا الى عالم عشقهما العميق ليغوصا فيه وقد تشبثا ببعضهما البعض وكأن حياة أحدهما تتوقف على حياة الآخر!..
بعد وقت طويل كانت سلسبيل تفترش برأسها صدر ليث، همس ليث بخشونة وهو يقبّل قمة رأسها:
- عارفة يا سلسبيل.. – اكتفت بإصدار صوت همهمة صغيرة فتابع بابتسامة جذلى – نفسي اتدنيكي بين دراعاتي إكده، لو طولت ما عسبكيش اتفارجيني دجيجة واحدة، عمري ما حسيت بالسعادة إكده، سعادتي في وجودك جنبي وجصاد عيني يا سلسبيلي.
رفعت سلسبيل رأسها وطبعت قبلة رقيقة على ذقن ليث الخشن قبل أن تهمس برجاء من عسل عينيها المصفى:
- ليث فيه حاجة رايدة عسعلك فيها..
هبط بعينيه اليها وقال بابتسامة:
- اسعلي يا بت عمي..، تساءلت برجاء هامس:
- انت فعلا كان جوازك من بت الفرطوس ديْ ع الورج إو بس!
زفر ليث بضيق فاعتدلت في رقدتها لتنهض على ساعديها وقالت وهي تميل فوقه ناظرة اليه ترجوه بعينيها فيما توسدت يدها صدره فوق خافقه تماما وهي تردف باستعطاف:
- طمّني يا ليث، أني عجلي هيشت منّي، انت فعلا ما جربتش منيها واصل؟..
زفر ليث بضيق قبل أن ينظر اليها وهو يجيبها بجدية:
- سلسبيل من ميتة وأني بكدب في احاجة؟.. لو كان ديِه حوصل ما عاخفيش منيكي وعجول حوصل، لكن أبدا عمري ما لمستها خير.. شر، اطمّنتي؟.. أني بس بدي أعرِف ليه سؤالاتك ديْ، أنتي إكده بتكدبيني يا بت عمي.
لتسارع بوضع راحتها فوق فمه وهي تشهق معترضة:
- لا عِشت ولا كونت يا نضر عيني، أني بس.. أصلها....
حثّها ليث على التكملة قائلا:
- أصلها إيه كمّليْ..
هتفت بحنق وهي تدير وجهها جانبا:
- حلوة جوي يا ليث ومتغندرة إكده وشايفه نفْسَهَا، ديه غازيّة يا ولد عمي يعني تِعرف كيف اتجيب الراجل ليها، وأني.. بغار يا ولد عمي، بتجيد فيا النار كل ما ياجي ببالي انه ممكن واحدة تانية إتفكر فيك ولو بينها وبين نفسيها!..
صدحت ضحكة ليث عاليا فضربته سلسبيل بقبضتيها الصغيرتين فوق صدره وهي تهتف باستنكار:
- عتضحك عليّ يا ليث، طيب وخّر عنِّي، أني عاوزة أجوم من إهنه..
ليحاصرها بذراعيه وهو يقول فيما يضغطها أقرب اليه:
- أوخّر؟!.. مجنونة إنتيْ!.. أوخّر كيف وأني ما صدجت انك تحسي بجلبي؟.. أهملك كيف وانتي بتجولي انك بتغيري علي، يعني بتحبيني؟.. أفوتك كيف وانتي في الموكان اللي يا ما حلمت اتكوني فيه؟.. جاري إهنه، بين يدِّيني التنيين، تجومي تجولي بعّد؟!.. وبعدين فيه حاجة غلوبت أجولك عليها وأعيد وأزيد فيها... كل الحريم إف كفة وانتي لوحدك إف كفة، وبرضيكي كفّتك انت الرابحة يا سلسبيلي، لأنك خدت جلبي امعاكي من زمان، من وجت ما كونتيْ بضفيرة وبتجري حواليّ، سرجتيه يا سلسبيل وما عاودش موطرحه إلا لمن اتزوجتك وبجيتي مَرَتيْ، وجتها بس حسيت انه جلبي رد لي تاني، إوعاكي اتحطي نفسيكي في كفة واحدة مع أي حرمة تانية، مرت الليث مالهاش زيّ وما فيش ضوفر حرمة تانية تسواها.
لتغشى عينيها طبقة شفافة من الدموع وقد لمست الصدق في كلماته وهمست بصوت متحشرج:
- بحبك يا ولد عمي، ربنا ايخليك ليّ يا ليثي، وما عيحرمني منيك واصل..
زادت دقات قلبه وهو يسمع اعترافها اللا مشروط بحبه ومال عليها متمتما بصوت أجش:
- بجول إيه.. ما تاجي انكمل الحديت اللي كنا بنجوله من إشويْ.
لتعض على باطن خدها وتهمس بخجل يلون وجنتيها:
- احنا كنا بنجول إيه؟.., ليهبط عليها هاتفا بخشونة:
- بسيطة.. عفكرك جوامك!!!!!!!!!!!!....
**ليراجع معها ليث كلما سبق وأن قالاه وبالكلمة والحرف الواحد.. (فيس بيرقّص حواجبه وبيغمز بمكر)**
**************************************************
دلفت سلمى الى غرفة الجلوس وهي تمسك بمرفق جدها، لتجد الجميع وقد اجتمعوا، ألقى الجد السلام، فيما اتجهت الجدة الى المطبخ لتأمر الخادمة بإحضار الشاي وقطع الكعك البيتي الذي كانت قد صنعته ألفت في وقت سابق، جلس الجد ليحذو الباقين حذوه وكانوا قد قاموا احتراما له، انخرط الجميع في أحاديث جانبية لينتهز شهاب الفرصة ويميل على سلمى التي جلس بجوارها هامسا:
- مبروك يا عروسة، فرحنا بعد أسبوعين، جهزي نفسك، عشان تبقي تقوليلي عاوزة تسافري مصر، انسي.
نظرت اليه بخبث وهي تقول بهمس مماثل بإغاظة وابتسامة استفزاز أثارت ريبته تعتلي فمها الصغير:
- ومين اللي قال ان شاء الله أني مش هسافر؟..
شهاب بثقة:
- جدي!.. أنا متأكد أنه مش هيوافق، ولا هتعملي حاجة من وراه؟..
رفعت سلمى حاجبها بتحد وهي تجيبه بصوت منخفض:
- لا طبعا، بس مين اللي قال لك أنه مش هيوافق؟..
قطب سائلا:
- يعني إيه؟..., نظرت اليه بتحد قبل أن تثير انتباه جدها قائلة بنعومة:
- انت موافق يا جدي على كلامي صح؟..
ليقول الجد هاتفا بتأكيد:
- واكيد يا بتّي...، ليلتفت الى سلافة وهو يشير اليها لتقترب، فنهضت واتجهت اليه لتجلس بجواره من الناحية الأخرى فيحتويها بذراعه قائلا بابتسامة:
- كيفها حبيبة جدها؟.. يعني لا بتتحدتي ولا بتهزري كيف ما كونتي، إيه فيه حاجة مزعلتك يا حبيبة جدك؟..
سلافة بنفي قاطع وهي تحيط عنق جدها بذراعيها وبدلالها الطفولي أجابت:
- لا طبعا يا بابا جدو، ربنا ما يحرمني منك أنت وماما ستو..
وقبلت لحيته البيضاء لتعلو ضحكات الجد فيما أردفت سلافة بجدية زائفة:
- هو طبعا موضوع الفرح دا بس...
ليقطب الجد متسائلا فيما أمسك الباقين أنفاسهم بينما عض غيث على قبضة يده ناظرا لها بلوم لتكمل بمكر:
- لكن والله ما هي راجعة، بقه جدو حبيبي يجول كلمة ومعتمشيشي؟.. تمشي على رجابينا كلّاتنا يا كَبيرنا..
لم يستطع الجالسون كتم ضحكاتهم التي صدحت عاليا في حين كانت الجدة تدلف وهي تقول بابتسامة واسعة:
- ما تضحكونا امعاكم...
أجاب الجد وصدى ضحكته لا يزال في صوته:
- عجولك إيه بس يا أم عتمان، بنت ولدك رؤوف رجعت الضحكة للدار إهنه من تاني، الحمد لله أني كنت عامل إحساب اليوم اللي عيتزوج فيه غيث وشهاب وبنيت لهم كل واحد منيهم دور كامل فوجينا، عشان ميهملوناشي واصل..
ابتسم الجميع إلا واحدة.. كانت ابتسامتها صفراء بينما الغل والكراهية والحقد يتأكلآنها من الداخل.. لتعكر صفو الجلسة المرحة بقولها الخبيث الذي هبّ عليهم كريح خبيثة:
- وانت ان شاء الله ما كونتيشي رايدة الفرح ايكون في المعاد اللي حدده جدّك ولا إيه؟.. غريبة.. البنتة كلاتها ما بتصدج تتزوج، وانتي إيه.. لا يكون ولدنا مش عاجبك!..
ليصمت الجميع وكأن على رؤوسهم الطير، فيرمقها عثمان زوجها بنظرات غضب نارية، بينما تحدجها الجدة بسخط، وينظر اليها غيث وشهاب بلوم، فيما تتبادل ألفت مع رؤوف نظرات ريبة وقلق من حماة ابنتيهما المستقبلية، وأخيرا لينظر اليها الجد بغموض، لتكون سلافة أول من خرق الصمت فتجيب بابتسامة استفزاز أثارت غيظ راوية وحنقها:
- بس أحنا مش أي بنات يا طنط – مشددة على كلمة طنط وهي تمط شفتيها- احنا بنات روؤف الخولي.. اللي طول عمرهم حلم لأي واحد.. لا احنا خايفين نعنس ولا يفوتنا القطر، يعني من الآخر ولاد عمنا أكيد ماما ستو داعيالهم في ليلة القدر أنهم يناسبوا عيلة الخولي.. أكبر عيلة في البلد.. صح يا ماما ستو؟..
** متجاهلة عن قصد ان تقول ان أمهم هي التي دعت لهم فهي تعلم تماما ان امهم ابعد من ان تدعي تبلك دعوة وايضا كي تثير غيظها أكثر وأكثر لعلها تموت حسرة وكمدا العجوز أم منقار تلك!!**..
كان الجد من أجاب وقد أُعجب بسرعة بديهة حفيدته والتي كان لاندفاعها في هذه اللحظة الفائدة في تحجيم تلك العقربة الحيزبون:
- صوح يا بنت الخولي، بناتنا هديّة ما عندّيهاشي إلا للي يستحجّها، ومافيشي غير أولاد الخولي اللي يستحجُّوا بنات الخولي..
ثم عمد الى تغيير الحديث مردفا للجدة:
- فينو الشاي يا أم عتمان..
ليقاطعه دخول الخادمة بصينية الشاي، لتمر بين الجالسين لتقديم الشاي وقطع الكعك، وبعد انصرافها قال الجد بهدوء:
- عتسافروا ميتة يا رؤوف يا ولدي؟..
ليسعل غيث وهو يرتشف الشاي بينما ينزل شهاب قدح الشاي الذي كان على وشك الاحتساء منه فيما يجيب رؤوف بهدوء:
- الصبح ان شاء الله يا حاج، يدوب عشان نلحق نخلص اللي ورانا..
قطب عثمان فيما استمع غيث وشهاب الى سؤال والدهما:
- عتسافروا يا خويْ؟.. ليه؟..
أجاب رؤوف بابتسامة:
- عشان البنات يلحقوا يجهزوا حالهم يا أبوغيث، فرحهم قرّب.. انت ناسي؟..
لتميل سلمى الى شهاب الذي كان يحدق في وجه عمه مدهوشا وتهمس له بمكر:
- عرفت بقه أني بردو هسافر وبموافقة جدي نفسه، بالعكس بقه.. دا اقتنع على طول أول ما قلت له أننا لازم نسافر عشان نلحق نجهز اللي عاوزينه، عشان.. الفرح يا ابن عمي..
قبض بقوة على قدحه حتى كاد يُكسر، ثم وضعه جانبا قبل أن يلتفت اليها وهو يهمس من بين أسنانه:
- أنتي بتردهالي يا سلمى؟.. طيب إيه رأيك بقه.. رجلي على رجلك، وابقي امنعيني أني آجي معاكي!!!!
لتحدق فيه فاغرة فاها غير مصدقة لما قاله هذا المتهور!.. كيف بالله عليه سيرافقهم في سفرهم، هي تريد فسحة من الوقت لتعتاد على فكرة زواجهما المرتقب وهو لا يريد إعطائها حتى هذه المساحة الضيقة من الحرية، وحانت منها نظرة استنجاد الى الجد والذي أدرك بفطنته أن حفيده لن يسلّم بسهولة بأمر سفرها، وكأن حدسه قد أخبره أنه قد يقدم على عملا مجنونا كاللحاق بها فعلا صوته آمرا:
- وانت يا غيث أنت وشهاب..
ليلتفت الجميع الى الجد الذي تابع:
- عاوز فرح سبع ليالي، عاوزكم تدعوا الكل، ديِه فرح أحفاد الخولي، انت يا غيث تخلّص شغل الديوان وانت يا شهاب شوف المزرعة ناجصها إيه انتو بجالكو وجت طويل بعيد ان أشغالكم عشان تتفرغوا للعرايس..
قبض شهاب على يده في حنق بينما ألقت سلمى الى جدها بنظرة شكر، فيما نظر غيث الى سلافة التي رفعت حاجبها بإغاظة له ليرمقها بنظرة متوعدة وحدها تعلم معناها...
كانت راوية تجلس تراقب النظرات المتبادلة بين ولديْها وابنتيْ عمهما، لتهمس بشرِّ في نفسها:
- كانك لعنة يا ألفت أنتي وبناتك وصابت رجالة عيلة الخولي، ما في راجل في العيلة إلا وطويتوه تحت اجناحكم، لكن اوعاكي تفتكري أنك نجحتي يا ألفت أنتي وبناتك وعتاخدوا الكل في صفكم، أني ليكي يا ألفت بالمرصاد، ما أكونش أني راوية أما خليت أعيالي يخلصوا منيكي الجديم والجديد، بناتك عتدفع التمن يا ألفت، وديه عهدن عليْ!...
وبرقت عيناها بشرِّ مستطير، ولكن لم يغب ذلك البريق الخبيث عن عيني الجد اليقظتين، وفي وقت لاحق نادى عثمان ابنه بعد أن انصرف الجميع، ليطلب منه الجلوس إليه، ثم نظر اليه قائلا بحزم وهو يستند الى عصاه العاجية:
- عتمان يا ولدي.. عتبتك مايلة... إعدلها!!..
قطب عثمان لبرهة.. ثم احمرت أذناه خجلا من والده وحنقا مما قصده من أفعال زوجته وإهانتها المستترة لابنتيْ شقيقه فأجاب:
- ولا يهمك يا حاج...، ثم انتفض واقفا وهمّ بالذهاب حينما أردف الجد بحكمة وجدية:
- جَوِّمها يا ولديْ.. لكن حاسب تِكْسِرْها، وخلِّي بالك... ديِه المرة التانيّة.. والتالتة.. تابتة يا عتمان... لو ما عرفت تجَوِّمها.. يبجى مالهاش غير أنك... إتغيّرها!!!!!!!
- يتبع -



منى لطفي 17-12-16 10:32 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (28)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
استعدت عائلة رؤوف للعودة الى القاهرة لاستكمال تجهيز العروستيْن، لن تنسى سلمى رسالة شهاب التي أرسلها على هاتفها المحمول وذلك بعد أن لازمت غرفتها إثر انتهاء حديث الجد معهم بشأن الفرح، فقد آثرت الابتعاد عن شهاب وهي تعلم تماما أنه سيصب جام غضبه عليها لأنها كان قد سبق لها وأن صارحته برغبتها في العودة الى القاهرة وهو رفض وبشدة، لتحين لها الفرصة ما أن حدد الجد موعد الفرح وبموافقة ومباركة الجد نفسه كانت العودة للقاهرة!...، فتحت الرسالة لتقرأ كلماته وهي تتخيل منظره العابس وهو يكتبها:
- عملت اللي في دماغك بردو يا دكتورة؟.. ماشي.. هتروحي مني فين؟.. الحساب يجمع يا عروستي... وخلِّي بالك أنا مش بسيب حقي أبدا!!...
لتبتسم وتضع الهاتف جانبا دون أن تكلف خاطرها إرسال الرد وعلى الجهة الأخرى علم شهاب حينما مر وقتا طويل بعد ارساله لرسالته ولم يتلق أي رد أنها قد امتنعت عن الجواب، فابتسم ابتسامة خبيثة وهو يقسم بوعيد أن غدا لناظره قريب!..
في حين كانت سلافة ملازمة لجدها طوال اليوم فلم يستطع غيث الانفراد بها، وكأن الجد قد فهم أنها تتعمد الهروب منه فأسند إليه بعض الاعمال التي تشغله طيلة اليوم فلم يستطع الحديث اليها، ليهاتفها ليلا وكانت قد استعدت للخلود الى النوم حينما دق هاتفها الشخصي ليطالعها اسم غيث، ابتسمت وهي تجيبه فيما صوتها كان خالطه خدر النعاس:
- أيوة يا غيث...، كان غيث قد انتوى التحدث اليها بفظاظة ما ان يسمع صوتها ولكن هذا الصوت الانثوي الناعس الذي أجابه جعل نواياه تطير أدراج الرياح، ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يقول:
- أني صحِّييتك؟...، نفت بصوت ناعس:
- لا بس كنت خلاص هدخل في النوم..
نطق غيث بسخرية طفيفة:
- اييه، كنت فاكرك مش عيجيلك نوم الليلاديْ بعد ما جدي وافج على سفركم إلـ مصر؟..
تعلم سلافة تماما أن هذا الأمر ليس على هوى غيث، ولحبها الدائم لاغاظته واخراجه عن طوره فبهذه الطريقة تشعر أنه انسان حقيقي يتفاعل مع من حوله وليس ذلك الانسان البارد الذي قتلها بروده في أول اقامتها هنا، فأجابت وهي تتمطى في الفراش بدلال فيما صوتها يشوبه مكر أنثوي لم يفطن إليه غيث:
- طبعا يا ابن عمي، مصر وحشتني اوي وبيتنا واصحابي، وبعدين السفر ان شاء الله هيكون بكرة الصبح فلازم أنام بدري عشان أصحى فايقة..
هتف غيث في ذهول وهو ينظر أمامه محدقا بقوة:
- باه، لا هو انتوم هتسافروا الصبح اكده على طول؟..
كان النوم قد بدأ يداعب جفون سلافة فلم تنتبه لنبرة غيث الغاضبة وأجابت بصوت تائه صغير:
- أومال على عرض يا غيث؟.. يدوب عشان نلحق نجهز نفسنا ونعزم الناس.
قطب غيث قائلا بصرامة:
- سلافة.. اتكلمي زين، معينفعش تتمسخري على جوزك يا بت عمي، أجولك طول تجوليلي عرض!... ديه اللي ناجص، جوصره... هو سَبووع واحد بس، تخلِّصوا فيه حاجاتكم ودانتكم راجعين طوالي، ولا أجولك.. أني هاجي لكم عشان ترجعوا أحسن.. سلافة.. ألو... سلافة...
ولكن سلافة لم تجيب فقد كانت في تلك اللحظة تأكل أرز مع الملائكة كما يقولون وقد غلبها النوم!... ابتسم غيث بشرود بعد أن تناهى إليه صوت همهمات بسيطة علم منها أن سلافة قد نامت، فهمس بصوت خشن:
- نوم العوافي يا بت عمي، تصبحي على خير..
وأنهى المكالمة مغلقا الهاتف..
ودّع رؤوف وأسرته أفراد عائلته، وشدد الجد عليه أن يكون هنا بعد سبعة أيام تماما حيث سيبدأ الاحتفال بفرح أحفاد عبد الحميد الخولي كبير كفر الخولي، وستمتد الاحتفالات الى سبعة أيام أخر وسبعة ليالي....
بعد أن سلّم شهاب على عمه وزوجته اقترب من سلمى ووقف أمامها قائلا بسخرية:
- خلي بالك من نفسك، جدي قال اسبوع بالظبط وتكونوا هنا، وصدقيني اسبوع وخمس دقايق مش مسموح، أظن واضح؟..
أومأت سلمى بالايجاب قائلة بهدوء:
- ما تقلقش، بابا طالما أدى كلمة لجدي يبقى خلاص.. أشوف وشك بخير..
ومدت يدها للسلام عليه، ليقبض على راحتها الصغيرة في يده الخشنة ويقربها اليه ليغرق في غابات الزيتون الخاصة بها ويهمس بحشرجة:
- أشوفك بخير، ليميل عليها بغتة مختلسا قبلة من وجنتها الناعمة جعلتها تشهق بنعومة وترتد الى الخلف فيما تتجول بعينيها في وجل خوفا وخجلا من أن يكون أيّ من الواقفين قد لاحظ فعلته المتهورة!.. لتتنفس الصعداء فالجميع مشغول بتوديع أسرتها الصغيرة...، سحبت يدها من يده وهي تشيح بوجهها الذي تخضب بخجل متجهة الى والدها، فيما صافح غيث عمه ثم أمسك بمرفق سلافة وهو يقول لعمه بابتسامة:
- معلهش يا عمي، عجول كلمتين لبت عمي..
ثم سار بها قليلا حتى يبتعد أن أسماع الباقين ووقف أمامها يطالعها فيما شتت نظراتها هنا وهناك وهي تنتظر أن يبدأ هو بالحديث، وعندما لاحظت أن صمته قد طال بادرته قائلة ببراءة مصطنعة:
- أنا طبعا عارفة أن الجو حلو والسكون ما فيش أحسن منه، لكن المشكلة أنه ورانا سفر، فلو ممكن تنجز في السريع يبقى كويس، أو أمشي أنا وخليك أنت اتملّا من السكون دا براحتك!..
تحدث غيث أخيرا ببرود قائلا:
- يعني ما عارفاشي أني عاوز أجول إيه؟..
هزت كتفيها علامة الجهل وهي تجيبه ببساطة:
- وأنا هعرف منين؟....، زفر بضيق وأجاب وهو يحاول تمالك نفسه:
- ليه ماجولتليش من البارحة انكو عتسافروا انّهاردِه؟.. أني اعرفت بالصدفة لمن حادتك في الليل وحضرتك كنت نايمة.
سلافة بطبيعية:
- عادي يا غيث، طالما جدي وافق على المبدأ نتأخر ليه؟.. وبعدين هو أنا شوفتك امبارح انت طول الوقت كنت مشغول..
غيث بصوت مكتوم:
- والتَّلفون عِملوه ليه؟..
سلافة وهي تتظاهر بالتفكير في الجواب واضعة سبابتها فوق ذقنها تربت عليه مقلدة لهجته الصعيدية:
- اممم.. عِملوه ليه؟.. بصراحة.. ما اعرفشي يا وِد عمي، عبجى أفكّر في جواب السؤال ديه بعدين، أفوتك أنا دلوك عشان اتعوجت إكده...
وهمت بالانصراف من أمامه حينما شدتها قبضة قوية خلف أجمة فنظرت اليه متسائلة بدهشة:
- أيه يا غيثـ....، ليسكتها بقبلة نارية قصيرة، تركها بعدها وهو يلهث هامسا:
- تصبيرة لغاية الفرح...
احمرت وجنتيها وأسرعت للحاق بعائلتها حيث صعدت الى سيارة العائلة التي قادتها سلمى وسط نظرات الاعتراض من شهاب الذي عرض على عمه أن يقوم بإيصالهم ولكن عمه رفض شاكرا معللا أنهم سيكونون في حاجة الى السيارة لقضاء مصالحهم، كما أن سلمى سائقة ماهرة!... ، ليقف الآن ينظر الى الغبار الذي تركته سيارتهم خلفها مقطبا جبينه وهو يشعر ولأول مرة بطعم الشوق لحبيب غائب!..
****************************************
انتهت ألفت وبناتها من تنظيف المنزل بمساعدة زوجة الحارس، ثم قام رؤوف بطلب غذاء لهم من المطعم عن طريق خدمة التوصيل، بعد أن اغتسلوا جميعا كانت ألفت في غرفتها هي ورؤوف عندما تكلمت لأول مرة في هذا الأمر الذي يؤرقها وبقوة!..
- انا قلقانة بجد على البنات يا رؤوف، مرات أخوك ربنا يهديها مش سهلة..
رؤوف والذي كان يحتسي كوب الشاي:
- ولا يهمك يا ألفت، شهاب وغيث رجالة بجد، وشاريين البنات، وهي زي ما أنتي شوفتي من نظرات الحاج ولحاجة ليها عارفين يلجموها تمام..
ألفت بقلق:
- انت عارف أكتر حاجة مخوفاني إيه؟.. سلافة!.. سلمى عاقلة وهادية ما شاء الله عليها انما سلافة مطيورة..
رؤوف بهدوء:
- لكن غيث عاقل وراكز، ما تخافيش غيث هيعرف يتعامل مع الاتنين ازاي، وبعدين انتى مش بتقولي انها جات سلمت عليكي الصبح قبل ما نمشي؟..
زفرت ألفت بيأس قائلة:
- جات وهي مغصوبة يا رؤوف!.. الحاجة فاطمة تقريبا كانت شبه بتجرّها غصب عنها عشان تيجي تقولي كلمتين اتنين وهي بتنطقهم كانت زي اللي بيسحبوا منه الكلمة بالعافية.. تروحوا وترجعوا بالسلامة، وأنا متأكده انها من جواها كانت بتتمنى انها ما تشوفش وشّنا تاني..
انتقل قلق ألفت الى رؤوف الذي حاول بث الاطمئنان الى زوجته داعيا الله بحفظ بنتيْه:
- ما تشغليش بالك يا ألفت، احنا طيبين وبناتنا طيبين عشان كدا ربك مش هيسيبهم، أخويا عثمان راجل وربّى رجالة بصحيح، أنا مش هطمن على البنات الا مع ولاد أخويا...
لتنهد ألفت بعمق هامسة:
- ربنا قادر يخلف ظني...
مرت الأيام سريعا، لم يكف هاتف كلا من سلمى وسلافة عن الرنين، كان شهاب وغيث وكأنهما قد اتفقا على صنع حصار شديد لهما، قابلته سلمى بهدوئها وبرودها المعهود أما سلافة فكان تشعر بالحنق من حصار غيث لها والذي أطبقه أكثر وأكثر حولها حين هاتفها وكانت في عملها السابق تدعو زميلاتها الى حضور الفرح ليشاء حظها العاثر أن يخاطبها زميل لها بصوت عال وصل إلى أسماع غيث وهو يقول:
- سولي.. احنا طبعا كمان معزومين، الفرح للصنفين مش كدا؟..
لم تنتبه سلافة الى اصمت غيث الغريب على الجهة المقابلة من الهاتف وأجابت زميلها بتلقائية مرحة:
- أكيد يا سامي، انتو كلكم تشرفوا...
ليهتف سامي بمرح:
- ما أوصكيش على اللحمة.. عاوز هوبر لحمة هوبر!..
لتضحك سلافة قائلة:
- يا سلام، وما أكتر اللحمة عند الحاج عبد الحميد، أوزي بحاله ليك يا كابتن...
ليلوح اليها ساني بيده منصرفا فتنتبه الى الهاتف بيده لتعيده إلى أذنها قائلة ولا يزال الضحك يلون صوتها:
- أيوة يا غيث...، ولكن ما من مجيب عليها، فقطبت قليلا لتنتبه الى صوت أنفاس متسارعة في الطرف اآخر فقالت بريبة:
- ألو.. غيث؟!!..
لينطق غيث بجمود:
- مين اللي كان عم يتحدتت امعاكي دِه؟..
سلافة بتلقائية:
- أبدا.. دا سامي زميلنا هنا..
غيث ببرود يخفي غضبا ناريا على وشك أن يندلع:
- وانتي بتتحددتي امعاه بكل بساطة إكده؟...
سلافة وقد بدأت تشعر أن غيث ليس في حالته الطبيعية:
- عادي يا غيث، دا زميلي هنا من سنتين، وبعدين أدِّي في السن مش هقوله سيادتك وحضرتك، احنا هنا كلنا كدا، ما فيش ألقاب غير لرئيس القسم أو المدير بس!..
هتف غيث بشراسة من بين أسنانه:
- طب أسمعي بجاه عشان تعملي احسابك.. لو اللي إسميه سامي ديه هوّب إهنه أني بنفسي اللي عطبخُّه ووكّله للضيوف، جولتي إيه؟.. لاه وما هواش إلواحده... أي زميل ليكي ممنوع يجرّب منّيك ولا تتحدتي امعاه ولو وزّه عجله واتدلّى برجليه إهنه يبجى حفر جبره ابيده، فاهمه يا بت عمي!..
وأسرع بانهاء المكالمة لتطالع سلافة الهاتف بيدها هامسة في ذهول:
- غيث اتجنن!..
بينما في الناحية الأخرى كاد غيث يهشم الهاتف في يده وهو يطبق عليه بشدة هاتفا بنقمة:
- عتجننيني يا بت عمي، عجلي بيطير منّي من عمايلك يا سلافة، كيف تسمح له انه يجولها زولي ( لو سلافة سمعتك يا غيث بتقول زولي دي صدقني هتلغي الفرح بلوبيف بلوبيف )
، عمال يتحدت امعاها ويتجلع إكده ما كانيِّهوشي راجل، طبعا مش اسميه سامي!.. هستنى إيه بجاه منِّيه غير إكده!..
ليطبق حصاره حولها فلا تمر ساعة من ليل أو نهار الا ويحادثها لمعرفة خط سيرها!..
------------------------------------------------
عاد رؤوف وأسرته في الوعد المتفق عليه بعد أن كاد الجميع أن يهلك وهو يجري على قدم وساق لانهاء الاستعدادات اللازمة للزفاف المرتقب، وكانت سلمى وسلافة قد اختارتا أثاث منزلاهما من محل خاص بالأثاث المنزلي كان والدهما دائم التعامل معه، وكان قد شاهدت كل واحدة منزلها منذ البدء قبل عقد القرآن مع رؤوف وألفت...
كان الجميع في استقبالهم بما فيهم راوية والتي لن تنسى أبدا اللهجة شديدة البأس التي خاطبتها بها حماتها حين أجبرتها على الذهاب لتوديع ألفت إذ قالت لها بوعيد أنه من الأسلم لها أن تكف لسانها السليط عن زوجة ابنها وبناتها بدلا من تذيقها هي كيف تكون سلاطة اللسان حقًّا!!... بينما هددها عثمان وبعبارة صريحة أنها إن لم ترجع عن كلماتها المسمومة التي تلقيها على مسامع زوجة أخيه وابنتيها فإنه يضمن لها أن ولديْها سيبدآن حياتيهما في ذات الوقت الذي ستنتهي فيه حياتها هي معه كزوجة!.. لذا اضطرت صاغرة على ابتلاع لسانها الآن فقط على أن تستعيد جولاتها بعد أن يطبق الشِّرك على بنات ألفت فتصبحان بين يديْ ولديها هي، وساعتها لن تألو جهدا في جعل أيامهما سوادا حالكاً!!!!!!!!...
جلس الجميع لتناول الغذاء الذي غاب عنه كلا من غيث وشهاب اللذان انشغلا في انهاء بعض المصالح اللازمة في حين أنهما كانا قد يتجاهلان عروستيهما عن سبق إصرار وترصد،.. ألم تنفذا رغبتهما بالسفر رغما عنهما، إذن فقد حان الوقت لتعلم كلا من سلمى وسلافة أن عاقبة مخالفتهما لزوجيهما وخيمة للغاية، ولكن فات كلا من شهاب وغيث أن ابنتي عمهما ليستا من النوع الذي يسهل عقابه، وما بدآه كعقاب لهما انقلبا عليهما خاصة وأن سلافة كانت هي المخططة هذه المرة وبموافقة الجدة فاطمة هذه المرة!..

مالت سلافة على أذن سلمى الجالسة بجوارها حول مائدة الطعام العامرة بما لذ وطاب من الطعام وهمست بغيظ:
- شوفتي عمايل ولاد عمك؟.. مش المفروض اننا عرايس وانهم يكونوا في استقبالنا؟.. أد كده احنا مش فارقين معهم؟.. شوفتي حماتك العجوز أم منقار فرحانة فينا إزاي وعينيها لمعت لما جدي سأل عليهم قبل ما بابا يقوله انهم كلموه يسلموا عليه واعتذروا انهم ما كانوا موجودين عشان مشغولين شوية!.. نعمل فيهم ايه دلوقتي؟.. مش كفاية الحيزبون دي؟..
نهرتها سلمى بصوت منخفض وهي تحاول افتعال الجدية وكتم ضحكتها:
- سلافة خلاص، جرى إيه يعني؟.. وبعدين بلاش تشبيهاتك دي هي دلوقتي بتاخد من حسناتك عشان تبقي عارفة.. وخسارة فيها خصوصا لما أنتي بقه تشيلي سيئاتها وشوفي انتي بقه عندها سيئات أد إيه؟..
حدقت سلافة هاتفة برعب:
- لالالالا.. دا هم ما يتلم يا أمي، أنا متأكده أن سيئاتها أكبر من هرم الجيزة!..
قالت سلمى بصرامة منهية الموضوع:
- يبقى خلاص، بطلي تجيبي في سيرتها، قولي ربنا يكفينا شر أذاها وخلاص، وبعدين عشان تكوني عارفة اعتذار ولاد عمك دا اعتذار سياسي تمام زي عيا سياسي كدا!!..
قطبت سلافة وهي تتساءل:
- نعم.. اعتذار سياسيس!.. ازاي يعني؟..
حركت سلمى كتفيها بلا مبالاة وهي تعيد انتباهها الى طعامها الموضوع في الصحن أمامها:
- يعني أي أختي العزيزة بيعاقبونا عشان سافرنا من غير موافقتهم، فاكرين انهم كدا هيردوها لنا!..
برقت عينا سلافة بوحشية وهي تجيب من بين أسنانها:
- بقه كدا، بس للأسف ما حسبوهاش صح، أنا بقه هخليهم يندموا على عملتهم المهببة دي!..
سلمى مقطبة:
- وأزاي بقه يا نبيهة ان شاء الله؟.
سلافة وهي تضع أصبعها على جانب رأسها غامزة بشقاوة لأختها:
- هشغّل الفهامة يا دوك!..
وفي وقت لاحق بعد الانتهاء من تناول الطعام انفردت كلا من سلمى وسلافة بالجدة حيث بدأت سلافة في تنفيذ عقابها هي لأولاد عائة الخولي!..
طوقت سلافة كتفي الجدة بذراعها قائلة بدلالها المحبب:
- ماما ستُّو ليا عندك طلب وعارفة انك مش هتكسفيني..
ابتسمت الجدة التي تعشق دلال حفيدتها الصغرى وأجابت:
- جولي يا بنتي، ولو في يديّ أني ما تأخرّشي عنيِّكي واصل..
سلافة بمكر:
- أنا كنت بصراحة عاوزة نفضل في مصر لغاية معاد الفرح لكن بما أن جدي أمر اننا نيجي قبل الفرح بأسبوع فلازم نسمع كلمة بابا جدو، وبصراحة سبب اننا كنت عاوزة نفضل هناك انه غيث وشهاب ما يشوفناش لغاية يوم الفرح..
وسكتت وقد اصطنعت الخجل مسبلة أهدابها الطويلة في حين راقبتها سلمى في ذهول من أختها تلك الممثلة الماهرة التي اكتشفت الآن فقط أن موهبتها خسارة أن تدفن بل لابد لها من دخول مجال التكثيل والذي ستثبت نفسها فيه وبقوة، أردفت سلافة بحياء زائف:
- أنتي عارفة يا ماما ستُّو اننا في وشّهم هنا طول اليوم وأحنا عروسة عاوزة عريسي يكون مشتاق يشوفني، مش قودامه ال 24 ساعة يعني!..
ابتسمت الجدة ووجهت سؤالها الى سلمى قائلة:
- وأنتي رايك من رايك خيْتك برضيكي يا دَكْتُوورة؟..
لتنتبه سلمى هاتفة:ط
- ها؟!.. آ.. آه طبعا يا جدتي..
لتفرتش وجه الجدة ابتسامة واسعة وهي تقول:
- اطّمني يا بنيتي ، كم عروسة عندينا، من النّهاردِه ازواجكم ما عيطبوشي الدار إهنه لحدت يوم الفرح، اطمنوا...
ثم غمزت سلافة متابعة بمكر:
- عيشتاجولكم يا نضر عيني!..
لتضحك سلافة وهي تهتف عاليا فيما تحتضن جدتها بقوة:
- تعيش ماما ستُّو.. تعيش.. تعيش.. تعيش!!..
عاد شهاب وغيث الى المنزل، بعد مرور وقت طويل على رجوع عائلة عمه، ما أن دلفا الى داخل المنزل حتى أسرعت اليهما وردة الخادمة وهي تهتف:
- سي غيث، سي شهاب، معالِهش الحاجة فاطنة عاوزاكو في دارها..
قطب غيث وشهاب وتبادلا النظرات المتسائلة قبل أن يتجها الى غرفة الجد والجدة فطرق شهاب الباب ليسمع صوت جدته تأذن لهما بالدخول، دلفا اليها ليبصرا الجدة وهي تجلس براحة الى الأريكة العريضة في غرفتها تحتسي كوبا من الشاي بالحليب، تقدما إليها ليسلما عليها مقبلين ظاهر يدها بالتناوب، أشارت لهما بالجلوس، كان غيث الباديء بالحديث قائلا بابتسامة:
- أومال جدي فين يا جدتي؟.. فايتك الحالك ليه؟..
الجدة بابتسامة:
- جدك مع بوك وعمك بيتمموا على الطباخ انتو عارفين انه من الليلاديْ هتبتدي الافراح والليالي الملاح، سبع ايام بسبع ليالي ، كل يوم تندبح الدبايح وينشد المنشد ع الربابة، جدكم جايب الريس عبدالعال البنجاوي أشهر منشد في الجيهة كلّاتها، ولا الريس متجال في زّمانّهْ!..
قال شهاب بابتسامة:
- ربنا يخليكو لينا يا حاجة، حضرتك كنتي عاوزانا في حاجة؟.. البت وردة قالت لنا انك عاوزة تتكلمي معانا..
الجدة بابتسامتها الحنون:
- معتحرمشي منيكم يا نضري، بس كل اللي كنت رايده أجوله لكم انكم تلموا شوية من خلجاتكم وتروحوا حدا الاستراحة اللي في طرف الجنينة الجبلي، أني خلّيت الواد خليل وراجح يوضبوها وبجيت زي الفل!..
تبادل كلا من غيث وشهاب نظرات الدهشة قبل أن يتنحنح غيث ليجلي حنجرته سائلا الجدة بابتسامة صغيرة:
- وايه اللي عيخلينا نهملوا دارنا ونروحوا الاستراحة يا حاجة؟
أجابت الجدة بضحكة:
- عشان عرايسكم يا ولديْ، معينفعشي تبجوا مع بعض في موكان واحد، لازمن تبعدوا، بصراحة كتر خيرها عروستك هي اللي نبهَتْني لِكدِهْ!..
بُهت غيث وهتف:
- باه!... مين يا حاجة؟..
ليجيب شهاب ساخرا:
- ما قالت لك عروستك يا عريس، يعني عروستك انت ومعرفش بينكم وبين بعض إيه فبتخلصه منك أنا وعروستي مالي؟..
قطبت الجدة حيث لم تفهم معنى كلام شهاب وتساءلت:
- انت بتجول ايه يا شهاب يا ولدي؟..
شهاب بزفرة ضيق:
- لا ما فيش يا حاجّة، طيب عن إذنك احنا بقه، هنلموا خلجاتنا عشان نروحوا الموطرح الجديد!..
وانصرف وهو يدفع غيث في كتفه حتى خرجا وأغلقا الباب خلفهما، ليتجه غيث الى الأعلى وهو يتوعد سلافة هاتفا:
- بجه إكده يا سلافة، انتي اللي جبتيه لروحك..
ليتوقف على أول درجات السلم مغمضا عينيه زافرا بغيظ وهو يقول:
- أستغفر الله العظيم، اللهم اخزيك يا شيطان، ماشي يا سلافة، أني مش هكسّر كلام الحاجة لكن حسابك تجِل جوي جوي يا بنت العم..
ثم اتجه الى الخارج وهو يهتف بشهاب أن يجمع له بعض الثياب معه ويلحق به في الاستراحة....
استغربت سلافة من عدم اتصال غيث بها، كانت تعتقد أنه ما ان يعلم من الجدة أنه ممنوع من رؤيتها حتى يوم الفرح فأنه سيسارع بالقدوم اليها، ولكنها تعلم مدى برود غيث، هي أكيدة أنه يخطط لمعاقبتها الآن، ولكن لا يهمها فهي له!..
ما أن حل الليل حتى علا رنين هاتفا سلافة فتلقت المكالمة مبتسمة بظفر لتكون أول كلمة سمعتها:
- مرتاحة دلوك يا بت عمي؟..
استندت سلافة الى ظهر سريرها وهي تتلاعب بخصلة طويلة من شعرها المنسدل مجيبة بدلال:
- وايه اللي مش هريحني يا ابن عمي؟..
غيث كاتما غيظه بقوة:
- بجه انتي مش رايده عريسك يشوفك الا يوم الفرح يا عروسة؟..
سلافة بنعومة كادت تفقد غيث صوابه:
- أه يا ابن عمي، حقي، عاوزة عريسي يحس أني وحشاه، مش قودامه ال 24 ساعة في اليوم...
ليهمس غيث وقد طار غضبه أدراج الرياح فهذه الجنية الصغيرة تتفنن في التلاعب به:
- وإذا جول تلك ان عريسك متوحشّك حتى وانتي مجابلاه اليوم كلاته؟.. وانه نفس ايغمض وايفتح يلاجيكي جودامه وما تفارجيهوشي واصل؟..
اضطربت سلافة واحمرت خجلا وأسرعت بانهاء المحادثة فحينما تنتاب غيث هذه الحالة من الرومانسية المفرطة تفقد هي قدرتها على مجاراته، لتقول بسرعة:
- معلهش أي ابن عمي هضطر أقفل ماما بتناديني..
وأسرعت بانهاء المكالمة وهي تتنفس بعمق....
أما شهاب فهو لم يتواصل مع سلمى بأي طريقة كانت، الأمر الذي أدهشها ولكنها لم تتوقف عنده كثيرا فقد انشغلت بتلقي التهنئات والهدايا من أفراد العائلة والبلدة جميعا...
مرت الايام وأتى يوم الحنة سريعا والذي تألقت فيه كلا من سلمى وسلافة بفساتين غاية في الجمال، كان فستان سلافة باللون الأحمر النبيذي ينسدل على جسمها الى الأسفل، بأكمام من الدانتيل المخرم طويلة، مزمومة على الذراعين، وأسدلت شعرها الأسود ليتطاير حولها وانتعلت حذاءا ذهبيا عال الكعبين، بينما اكتفت من الزينة بكحل أسود أكسب عينيها اتساعا ملحوظا وحمرة خدود طفيفة وأحمر شفاه بلون الكرز، بينما ارتدت سلمى فستانا من اللون الفستقي، ليضاهي لون عينيها التي حددتهما باللون الاسود ليظهر لونهما الزيتوني الواضح، كان من الشيفون متعدد الطبقات ينسدل على طولها في حين تعلو جزءه العلوي طبقة من الساتان الناعم مطعم بفصوص من الألماس الاصطناعي، وانتعلت حذاءا فضيا عال الكعبين، وجمعت شعرها الكستنائي على هيئة شنيون تاركة بعض الخصلات تحيط بوجنتيها لتكسبها نعومة ورقة، واكتفت من الزينة بالكحل الاسود وحمرة خدود طفيفة وأحمر شفاه باللون الوردي لشفتيها، كانا بحق متعة للنظر...
انقضت الليلة وسط الزغاريد والأفراح وقد قرت راوية أن تتصرف باعتبارها هي سيدة المنزل وصاحبة الفرح وليست ألفت، وأن ترحب بالحضور فليس من مصلحتها أن ينتبه لها عثمان أو الجدة فقط حتى يطمئن الجميع لها لتضرب هي ضربتها بالتعاون مع " أم ستيت" أكبر دجالة في البلد, تلك التي تبرع في شفاء المريض أكثر من أي طبيب و..... كره الحبيب!...( استغفر الله العظيم.. ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطؤك )...
صدحت الفرقة الشعبية التي أمر الجد بإحضارها والتي تتكون جميع أعضائها من النساء الذائعات الصيت في هذا المجال وعلى رأسهم المطربة فاطمة عيد في حين قام بإحضار أكبر منشدين الأفراح " الريس عبد العال البنجاوي " لأحياء الليلة الكبيرة....
جلست سلافة وسلمى بجوار بعضهما بينما وقفت الفتيات تتراقصن أمامهما واقتربت منهما سلسبيل وهي تتهادى في عباءة حمراء حريرية تاركة شعرها الأسود الغزير يتدلى حتى نهاية خصرها، بعد أن هنأتهما غمزتها سلافة قائلة:
- ما شاء الله إيه الجمال دا؟.. هو اللي جوزها يتصاب بتحلو كدا؟..
نهرتها سلسبيل بجدية زائفة:
- باه سلافة.. مش عتبطلي عادتك ديْ؟..
لتجيب سلمى بضحك:
- ما تبقاش سلافة يا بنت عمي..
قالت سلافة بلهفة:
- المهم ما تنسينيش، ايه رايك؟.. عجبك؟؟..، احتضنت سلسبيل سلافة فجأة وهي تجيبها:
- ربنا يخليكي ليا يا سلافة، بس ديه كاتير عليّ، وباين عليه غالي جوي!..
ابتسمت سلافة وهي تربت على ظهرها قائلة:
- ما فيش حاجة تكتر عليكي حبيبتي، انتي ما فرحتيش يا سلسبيل، وجه الوقت اللي تعوضي جوزك فيه، وبعدين انتي ناسية قبل ما نسافر انك انتي اللي قولتلي انتي مش عارفة تعوضي ليث ازاي؟.. انتي اللي حطيتي الفكرة في دماغي، بس ما تنسيش تحكي لي اللي هيحصل صوت وصورة..
وهي تغمزها بمكر لتضربها سلسبيل بخفة على يدها تنهرها بمزح قائلة:
- بكفاياكي عاد، وبعدين معتخافيشي، اللي هيوحصل عتشوفيه صوت وصورة، بس مع.. زوجك.. اللي هو خويْ، ولو اني متاكدة انك اللي عتشوفيه أكتر بكاتييير!!..
أعجبت سلمى وسلافة بالاغاني المنشودة، والتي كان منها:
* .ياليلة الحنة ياريدى
والسلام منايدك ليدى
ياليلة الحنة والمجمع
هى تتكلم وانا اسمع
دا كلامك احلى من السكر
واحلى من البلح الرشيدي..
** يتم احضار صينية مليئة بالحنة الجاهزة للاستعمال ويوضع بداخلها شموع وتغطى الصينية بحنتها وشموعها بقماش التل ويتم أشعال نار فى وسط صينية الحنة ويلتف حولها الشباب وأثناء الغناء يقوم أصحاب العريس وأقاربه من الرجال بالتجمع حول العريس وتخضيب يديه وقدميه بالحنة فى جو يسوده الحب والفرح...، وفي الغالب تسبق هذه الأحتفالات ليلة قرآن كريم حتى تعم البركة على ليلة الحنة و الزفاف،
ويعد العريس الزفاف وليمة كبيرة لتجهيز العشاء لكل الحضور من المدعوين في أي أرض واسعة يقام عليها الاحتفال،
ومعظم طقوس الحنة، تقوم علي تزيين القدمين والكفين..**
* والله لأغني لك يا عريس يا غالي
والله لأغني لك وأسهر الليالي يا عريس لأغنى لك
يا عايق من دول جيلك والله لأغني لك يا عريس يا غالي

* أدلع يا عريس يا بو لاسه نايلون
ادلع يا عريس وعروستك نايلون
عند بيت ام فاروق هاي هاي .. والشجره طرحت برقوق هاي هاي
واللي بحبه جدع مرزوق وبلاسه لاسه نايلون
عند بيت ام حنان هاي هاي
والشجره طرحت رمان هاي هاي
واللي بحبه جدع عجبان واللاسه لاسه نايلون
عند بيت أم صلاح هاي هاي
والشجره طرحت تفاح هاي هاي، واللي بحبه جاني وراح واللاسه لاسه نايلون
أمك عامله مصليه هاي هاي
وهي وليه حرميه هاي هاي
وتتبلا عليا واللاسه لاسه نايلون
شوفوا البت القداره هاي هاي
رايحه المحطة بنضاره هاي هاي..
تدي لحبيبها اشارة واللاسه لاسه نايلون
والله لأغني لك وأسهر الليالي
لا اعشيك بوزة و أغديك بوزة
وحياة المعزة.. دا أنتَ عندى غالى يا عريس يا غالى

* يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان
عروستنا ف بيت أبوها.. أربعه بيزوقوها وعريسنا يقول هاتوها دى وحشانى من زمان
يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان
يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان .. عريسنا ف بيت أبوه أربعه بيلبسوه وعروستنا تقول هاتوه دا وحشنى من زمان
يا حلاوتك يا ستفندى يا بن عم البرتقان يا حلاوتك وانت طارح فى الجنينة ع الأوان.
* خدناها خدناها خدناها خدناها قولوا لابوها يتعشى خدناها من ع الفرشة صبوا لأبوها يغسل أيديه خدناها وضحكنا عليه خدناها خدناها خدناها بالسيف الماضي وابوها مكنش راضي وعلشانها بعنا الاراضي الحلوه اللي كسبناها خدناها بالملايين واهلها ما كانوش راضيين وعلشانها بعنا الفدادين الحلوه اللي كسبناها خدناها خدناها خدناها بالسيف والقوة، وأبوها راجل فتوة ، وعلشانها بعنا الاراضي .. الحلوه اللي كسبناها...
انقضت الليلة وسط الاغاني والافراح، وبعد انصراف الجميع وصعود سلمى وسلافة الى منزلهما، حيث قضتا بعض من الوقت مع أمهما تتبادلن الاحاديث الخفيفة، انصرفت ألفت مؤكدة على ابنتيها النوم جيدا فغدا يوم طويل، ما ان همت سلافة بالخلود الى النوم حتى صدح هاتفها بالرنين لتعلم هوية المتصل قبل أن ترى الاسم فقد خصصت نغمة مميزة له كانت عبارة عن مقطع معين من أغنية شادية الشهيرة يقول" وحياة اللي جرالي ويّاه من غير معاد.. لا أسهره الليالي وأحرمه البعاد!!"" (ههههه ناويالك يا غيث معاك ربنا)...
كان احتفال الليلة كان قد ذهب بالباقي من غضب غيث الذي كان يعد الدقائق الباقية على زفافه الى عروسه العنيدة الفاتنة، أجابت سلافة بابتسامة:
- أزيك يا غيث..
قال غيث:
- الحمد لله ، الليلة كانت حلوة جوي، جوليلي عجبتك الفِرْجَة اللي شيعنا جبناها من جِنا؟؟
سلافة هاتفة:
- تجنن يا غيث، بس فيه أغاني أنا كنت سمعتها ع اليوتيوب وما اتغنتش، بصراحة فيه أغنية علّقت معايا جامد...
طلب منها غيث بحنان أن تغنيها له فوافقت في الحال لتبدأ في غناءها فيفتح عينيه واسعا غير مصدق لما تسمعه أذناه حيث كانت تقول:
*زعلان ليه تعالى وانا اقولك .. انت كيلو لب وانا كيلو لب .. ناكل انا وانتة والقشر لامك .. زعلان لية تعالى وانا اقولك .. انت كيلو لحمة وانا كيلو لحمة .. ناكل انا وانته والعضم لامك..

نهرها غيث هاتفا:
- سلافة... ايه الكلام الماسخ ديه؟...
لتجيب سلافة ببراءة مفتعلة:
- هو انا جبت حاجة من عندي يا غيث؟.. دي أغانيكم أنتم...
غيث بحدة:
- طب جفلي ع الحديت ديه، ويكون في معلومك يا بت عمي اللي يشيل أمي في اعينيه عشيله على راسي من فوج، احترامها من احترامي تمام، مفهوم يا سلافة؟...
لم تريد سلافة مجادلته فيما همست في داخلها بحنق:
- يا روح أمك!! "احم احم آسفة بس ما يتقاله الا كدا!! هههه"..
قالت سلافة منهية الكلام:
- خلاص يا غيث، هي أغنية وقلتها عادي يعني...
لم يطيل غيث في الحديث في هذا الأمر فهو يعلم مدى حساسية الموضوع خاصة وأن أمه لم تخفي عدم رضاها عن اختياره هو وشهاب ولكنها أمه أولا وأخيرا ويجب على سلافة احترامها!..
تنهد غيث عميقا وهو يقول:
- عارفة يا سلافة.. أني باعد الدجايج والثواني يا جلب غيث لحدت ما يتجفل علينا باب واحد، ووجتها...،
وسكت تاركا باقي عبارته معلقة ليطير النوم من عينيها وتهتف به في ريبة مقطبة:
- لحدت إيه يا ابن عمي، ما تكمل!..
اجابها بخبث ينافي طبيعته العاقلة تماما:
- لاه مش عكمل دلوك... عتشوفي بنفسيكي وجتها ععمل إيه!!..
نهرته سلافة بزمجرة خرجت كزمجرة قطة سيامي:
- غيث بقولك إيه.. بلاش الألغاز بتاعتك دي، وبعدين أظن أنت اتأكدت بنفسك انه أي عقاب من ناحيتك بيبقى قودامه عقاب أشد من عندي، ولا نسيت لما ما جيتش أنت وأخوك يوم رجوعنا البلد ووقتها جدتي أصدرت فرمانها انكم تطلعوا من البيت خالص!..
غيث بهدوء:
- طب ليه بس إكده يا بت الناس؟.. كنت انسيت الموضوع ديه، انتي اللي بتجبيه لروحك أهاه.. عمومي نامي زين يا عروسة لأنه جودامك يوم طوييييل من الصبح بإذن ربنا....
وانهى المكالمة تاركا اياها وقد احتل الشحوب وجهها...
كانت سلمى تتحدث الى شهاب في الهاتف حيث هاتفها هو على غير عادته في الفترة الماضية تحديدا منذ عودتها وأصدار الجدة أمرها بانتقاله هو وغيث الى الاستراحة، كان شهاب يحدثها بهدوء مهنئا لها وحين سألته عن مناسبة هذه المكالمة هز كتفيه بلا مبالاة قائلا:
- بصراحة قلت عروسة بردو وبلاش أكسر بخاطرك الليلة دي، خليني أنا الكبير..
سلمى ساخرة:
- بجد؟.. لا فيك الخير بصراحة!..
قاطع حديثها رنين جرس الباب فقطبت وهي تقول:
- ايه دا.. مين اللي جاي دلوقتي؟..
شهاب بلا مبالاة:
- اكيد مش حد غريب، عموما شوفي عمي كدا يفتح..
سلمى رافضة وهي تتجه لتستطلع هوية الطارق:
- لا مالوش لزوم، أكيد حد من هنا، أنا هشـ...
كانت تدير مقبض الباب أثناء محادثتها له لتشهق بخفة وهي تحدق بقوة في الشخص الواقف أمامها، قال شهاب وهو يبتسم:
- إيه مفاجأة مش كدا؟!....، هتفت سلمى وهي تتلفت حولها:
- انت مجنون مش كدا؟...
دلف شهاب وهو ينزل يده التي تحمل الهاتف بجانبه لتتراجع هي الى الداخل فيما يغلق هو الباب ليصل اليها في خطوتين يعتقل خصرها هامسا أمام وجهها الذي لا يزال يحمل أثرا من زينتها:
- كدا!! ، ليميل مختطفا قبلة من شهد شفتيها فاجأتها لتتسمر بادئ الأمر ثم تنتبه فتحاول التملص منه وتضربه بقبضتيها الصغيرتين ليقبض عليها بيد واحدة بينما يمتص رحيق شفتيها بقوة، ليتركها فجأة تماما كما اكتسحها بإعصاره فجأة وهو يهمس من بين أنفاسه اللاهثة:
- عشان بس تعرفي أني لما بعدت عشان أنا عاوز كدا، ولا 100 فرمان ولا مليون باب وشباك هيقدروا يبعدوكي عني!.
ليستدير متجها الى الباب ففتحه وانصرف سريعا ولكن قبل أن يغلقه خلفه رمى لها قبلة في الهواء قبل أن يختفي من أمامها تاركا لها وهي تتمتم في ذهول:
- مجنون... أقطع دراعي انك مجنون وابن مجانين كمان!..
- يتبع -



مملكة الغيوم 20-12-16 09:40 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
الحرب سجال بين اولاد الخولى فيس بيغمز ربنا يستر من العجوز ام منقار راويه شكل سكتها عوجه تودى على جهنم وبئس المصير هى وام ستيت اللى امثالها ملو البلد
تسلم ايدك منمن فى انتظار الباقى موووووووووووووووووووووووووووووووواه

منى لطفي 21-12-16 11:02 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (29)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
استيقظ الجميع منذ بدء شروق الشمس استعدادا لليوم الكبير، زفاف أبناء عائلة الخولي، كان المنزل الكبير يعج بالناس الذي قدموا للمساعدة بكل حب لهذه العائلة وكبيرها الشيخ عبد الحميد فأياديه البيضاء تمتد لكل بيت من بيوت هذه البلدة الصغيرة في صعيد مصر، كان المنزل كخلية نحل كبيرة، الكل يريد أن يكون هذا اليوم في أجمل صورة، وهناك في غرفة العرائس حيث كانت تنام إحداهما منبطحة على بطنها فيما يتناثر حولها خصلات شعرها الأسود غارقة في نوم عميق كالأطفال تماما، بينما الأخرى تقف ممسكة بقدح قهوتها الصباحية تراقب شروق الشمس من خلف النافذة الزجاجية حيث لم تكد تنام سوى بضعة سويعات قليلة وذلك منذ أن فارقها عريسها المجنون، وبين كل فينة وأخرى تتلمس شفتيها بأناملها البيضاء الرقيقة بينما تتراوح تعابيرها بين ابتسامة ترتعش حينا ورجفة خوف تلمع بين زيتونتيها أحيانا!...
انتبهت على صوت الباب وهو يفتح لتلج أمها وهي تبتسم قائلة في سعادة:
- صباح الخير يا عروسة..
ردت سلمى التحية بينما تخضبت وجنتيها بحمرة الخجل قائلة:
- صباح النور يا ماما...
ألفت وهي تتجه إليها لتفتح النافذة على مصراعيها كي تدع أشعة الشمس تنير الغرفة:
- كويس انكم صحيتو بدري، ورانا حاجات كتير أوي انهرده...
واستدارت وهي تتحدث الى سلمى لتفاجأ بصغيرتها الشقية وهي تنام قريرة العين وكأن اليوم ليس يوما فاصلا بالنسبة لها!..
اتجهت اليها ألفت سريعا وهي تهتف:
- سلافة.. انتي لسه نامية؟... قومي يا بنتي عشان نلحق نخلص اللي ورانا..
ولكن لا حياة لمن تنادي، هزتها برفق في كتفها لتتململ سلافة في نومها وتصدر أصوات اعتراض ثم لم تلبث وأن حركت يدها يسارا ويمينا كمن يفتش عن شيء وهي مقطبة لتبتسم بعد ذلك وقد وجدت يدها ضالتها حيث تجذب الغطاء فوقها حتى وجهها!!..
حدقت والدتها فيها باندهاش لتدير وجهها الى سلمى التي تقف تطالع شقيقتها الصغرى التي لن تتغير مهما كبرت، هتفت ألفت بذهول وهي تشير الى سلافة التي لا تعي شيئا مما يدور حولها:
- بقه حد يقول أن دي فرحها انهرده؟.. ربنا يكون في عونك يا غيث يا بني..
ثم مالت على سلافة تسحب الغطاء من فوقها وهي تردف برجاء:
- قومي يا بنتي بقه ما تغلبنيش، هي دي مدرسة ولا كلية كمان بتغلبيني وأنا بصحيكي!..
فتحت سلافة عينيها ونظرت الى امها وهي لا تزال في خدر النعاس ثم أشارت بسبابتها وابهامها سوية وهي تفتحهما فنظرت أمها اليها بصرامة وهي تقول:
- لا.....، ضيقت سلافة المسافة بين إصبعيها ليكون جواب أمها الرفض أيضا، ولا زالت تضيق المسافة بين إصبعيها و
أمها ترفض حتى هتفت سلافة بتوسل:
- طيب مش عجبك شوية صوغنين أد كدا، سلفيني خمس دقايق بس وبعدين هقوم، صدقيني يا فوفو!...
هتفت ألفت في يأس في حين علت ضحكة سلمى:
- يا بنتي حرام عليكي قومي بقه، هنتأخر يا سلافة..
لتعتدل سلافة جالسة وهي تتأفف بصوت عال:
- أهوه قمت خلاص...، بينما حكت رأسها بيدها وهي تكتم تثاؤبها بيدها الأخرى، جلست ألفت أمامها فوق الفراش وقالت بحنان وهي تربت على وجنتها الحمراء من أثر النوم:
- صباح الخير يا عروسة، قومي حبيبتي اتنشطي كدا على ما أحضر لكم الفطار، ومش أي فطار.. فطار عرايس بجد، عشان تفتكروني بيه، انتم بعد كدا اللي هتحضروه في بيوتكم لأجوازكم و.....، وتحشرج صوتها ودمعت عيناها ولم تستطع تمالك نفسها لتنخرط في بكاء شديد، هرولت اليها سلمى وهي تهتف بجزع تناديها في حين اقتربت منها سلافة وهي تزحف على ركبتيها وقد طار النوم من عينيها هاتفة مع أختها:
- ماما....، لترتميا بين ذراعي والدتهما فتربت ألفت على رأسيهما وهي تقول مبتسمة من بين دموعها المغرقة وجهها:
- ما تتخضوش يا حبايبي، دي دموع الفرح، أنا مش مصدقة ان بناتي الاتنين كبروا وبقوا عرايس يفرحوا القلب وفرحهم هما الاتنين سوا انهرده، لا وايه... هيتجوزوا أخين، يعني ضمنت انكم تفضلوا مع بعض على طول ان شاء الله...
قبلت سلمى يد والدتها في حين ارتفعت سلافة لتقبل رأسها ثم قالت بمرحها المعهود لتبدد جو الحزن:
- بقه دا يوم تعيّطي فيه بردو يا فوفو؟.. وبعدين احنا ما روحناش بعيد ما احنا ناسبنا نفس العيلة اللي انتي نفسك متجوزه منها، يعني مش هنروح في حتة، على قلبك أنتي وقيس وليلى!..
ليصدح صوت يهتف بجدية زائفة مصطبغة بمرح مستتر:
- بنت!.. انت مش هتبطلي كلامك دا؟.. كبرت خلاص وهتتجوزي وبردو لسانك لسه زي ما هو؟...
التفتت سلافة الى روؤف الواقف أمام الباب وأجابت بمرح وهي تنهض واقفة مشيرة الى والدتها:
- أعمل إيه بس؟.. ليلى قلبها رهيّف قوي يا قيس، هلمّ إلى ليلاك يا قيساه!..
اقترب رؤوف منها وهو يقول بابتسامة:
- ليلاك وقيساه!!... طيب اتفضلي حضرتك روحي اجهزي عشان فرحك انهرده يا سُلفاه!...
قطبت سلافة وهتفت حانقة:
- سُلفاه!!! ... لالالالا يا دكتور سلافة أهون، وخلي بالك حضرتك انهرده يوم جوازي هنبتديها بسلف؟!..
سلمى مقطبة:
- سَلَفْ؟!...، نظرت اليها سلافة مجيبة بجدية مصطنعة:
- مش سُلفاه؟!... هنستلف من أولها؟!!...
لتعلو ضحكات الجميع ويمد رؤوف يده الى سلافة فتتجه اليه ليدعو سلمى هي الاخرى حيث يحتويها بذراعه الآخر وهو يقبل رأسيهما تباعا داعيا الله أن يهبهما السعادة والرضا فيما تطالعهم ألفت وابتسامة سعيدة تفترش وجهها بينما لسانها يلهج بالدعاء لله بألا يحرمها من أسرتها الصغيرة أبدا..
**********************************************
انتهت المزينة والتي كان قد تم الاتفاق معها على الحضور من القاهرة لتزيين العروستين حيث أرسل عثمان السائق لجلبها ومن ثم إرجاعها الى القاهرة ثانية بعد أن علم برغبة بنات أخيه بإحضار مصففة شعر متخصصة في تزيين العرائس من مصر، فعرض على روؤف أرسال السائق اليها وبذلك أعفاه من دفع أجرة السفر زيادة على تكاليف المزينة، والتي اشترطت أن تأخذ الأجر مضاعفا فالمكان في بلد يحتاج الى سفر طويل، وقد أضافت تكلفة السفر والتي ما أن علم بها عثمان حتى صمم على إرسال السائق فالمبلغ الذي حددته يكفي لابتياع تذكرة طيران وليس أجرة سفر عادية عن طريق الحافلة!...
تلألأت الحديقة بالأنوار الكثيرة، كما تزينت الأشجار بصفوف من اللمبات الملونة، والتي أكسبت الحديقة ألوانا مبهرجة، كان الاحتفال الخاص بالحريم بالداخل بينما الرجال بالحديقة، جلست كلا من سلافة وسلمى على الجلسة الخاصة بالعروسين، كلا منهما على كرسي مكسو بقماش فاخر بينما خشبه مطلي بالذهب الأصفر، كانتا تتلقيان التهاني والمباركات من الجميع، في حين وقفت بجانبهما ألفت من ناحية وسلسبيل من ناحية أخرى، وكزت سلافة سلسبيل في خصرها فمالت تلك الأخيرة عليها، همست سلافة تسألها:
- إيه الأخبار؟... ، ابتسمت سلسبيل وأجابت:
- زين يا بت عمي، الفستان طلع كانُّه متفصل عشاني مخصوص، المجاس بالمظبوط يا مرَت أخويْ..
ابتسمت سلافة وقالت:
- طيب الحمد لله، بقولك يا سلسبيل.. ما تنسيش انهرده تلبسي القميص اللي جبتهولك، أوعي تلبسي حاجة تانية.. أنا أمّنتك أهو..
قطبت سلسبيل وأجابت بريبة:
- انتِه بس لو تجوليلي ليه الجميص ديه بالذات؟.. ديه أنت حتى خليتني أحلف أني معشوفوشي جبل ما ألبسه، شيلْتَهْ ابكيسَه من غير ما أفْتَحَهْ بين خلجاتي ابعيد عن يد ليث كيف ما جولتيلي.
غمزتها سلافة وقالت:
- عتعرفي الليلاديْ يا شابة.. المهم تبجي تدعيلي، أللي أني متوكّدة منيه انه جوزك عيدعي للي جابهولك لمن يشوفه عليكي، اوعاكي تجوليلو مين، انتي عارفاني باتْكِسف!..
كانت راوية تقف مبتسمة أمام الناس ابتسامة لم تصل على عينيها، خدعت الجميع بها فتوهمهم بسعادتها بزواج ولديها مع انها أبعد ما تكون من الشعور بأي مقدار ولو بسيط بهذه السعادة، وحدها الجدة فاطمة من كانت تفرأ تعابير وجهها وبسهولة شديدة، وكيف لا وراوية كانت بمثابة ابنتها فقد تربت مع ابنتها عايدة الى أن كبرت لتتزوج عايدة من عدنان شقيقها وتتزوج راوية من عثمان شقيق عايدة، فزادت محبتها لها الى أن عاد رؤوف وأسرته الى كنف عائلته مرة أخرى ووقتها رأت وجه راوية الحقيقي، انسانة حقود قلبها مليء بالحقد والغيرة، ظنت في البداية أن الأمر عائد لترك رؤوف لشقيقتها ولكن زينب نفسها لم تحمل بقلبها أي ضغينة تجاه ألفت، بل أن علاقتها بألفت تتسم بالاحترام والود المتبادل، وبعد تفكير عميق وومضات أضاءت لها من الماضي علمت أن راوية غيور من ألفت، فرؤوف لم يكن بالنسبة اليها ابن عم وعريس أختها المرتقب، كما أنه لم يفضل ألفت على زينب بل أنه فضّلها على راوية نفسها!، تمتمت بينها وبين نفسها وهي ترى النظرات المسمومة التي ترميها راوية باتجاه حفيدتيها ظنّا منها ألا أحد يراها:
- أني واعيالك زين يا مرت ابني، هصبر عليكي يمكنك ترجعي لعجلك، لكن صدجيني لو جلِّيتي عجلك ولا وزّك شيطانك تعمِلي حاجة إكده ولا إكده ما عيجوفلاكيش غيري أناه....
ومن ثم اتجهت الى العروستين لتقبلهما وتحتفي معهما بالضيوف....
كانت النظرات تنصب فوق سلمى وسلافة اللتان أسبغت عليهما فستاني الزفاف جمالا يفوق الوصف، بينما تجلّت سلسبيل بعباءة خمرية موشية أطرافها بنقوش كبيرة على شكل وردات مذهبة، فيما تركت شعرها يسافر خلفها وكانت قد اهتمت المصففة به فكانت المفاجأة أنها قد صبغته بلون البندق فيما لونت عدة خصلات باللون العسلي، وقصّت أطرافه من الجانبية لتتهدل غرّتها مدرجة على جانبي وجهها، فأكسبتها التسريحة الجديدة ولون الشعر فتنة طاغية مظهرة بياضها الملحوظ حتى أن بعض الحاضرات لم يعرفنها واتجهن يتساءلن عنها، حيث لم يتركن سيدة في الفرح لم يسألنها حتى ان عايدة حماتها لم تسلم من أسئلتهن وحينما استفسرت منهن عن سبب الاهتمام بسلسبيل ردت احداهن انها تفتش عن عروس لابنها الذي يرفض الاقتران بأي من بنات عائلته فهو قد درس بالخارج، ولكنها اكيدة أنه ما أن يرى هذه الفاتنة فأنه سيوافق لا محالة!... فأجابت عايدة وهي تضحك أنه لا بد من موافقة من ولي أمرها... لتفاجئهن أن هذه الفاتنة ما هي الا سلسبيل زوجة ابنها وشقيقة العريسين!...
صدح صوت المزمار عاليا وتعالى صوت ضرب النار إيذانا ببدء الزفة، تم زف شهاب وغيث فوق صهوة الخيل وقد ارتدى كلا منهما الزي الصعيدي التقليدي متقلدين عمامة الرأس الشهيرة، وبدأ الحفل برقصهما فوق الخيل، ثم التحطيب حيث أمسك كلا منهما بعصا غليظة وعلى نغمات الربابة والناي بدآ بالمقارعة بالعصيان، لينضم اليهما باقي الشباب، وصدح صوت المنشد بأغاني الفرح المعروفة في الصعيد وهكذا الى أن انتهى الاحتفال بعد منتصف الليل، لينصرف الحضور كلا الى داره، ويتجه العريسين الى الداخل لرؤية عروسيهما للمرة الأولى هذه الليلة، فقد كان المنزل يعج من الداخل بالنساء فلم يستطيعا الدخول إليهما سوى الآن بعد أن رحل الجميع...
وقفت كلا من سلافة وسلمى تتجاذبن أطراف الحديث مع ألفت، وبعض الهمهمات حولهما من سلسبيل والجدة ليسود السكون فجأة فتشحب سلمى بينما تبتلع سلافة ريقها بصعوبة، فقد علمن أن عريسيهما قد دخلا!!!...
مالت سلافة على أذن سلمى تهمس بوجل:
- هي الدنيا برّدت كدا ليه؟...
نهرتها سلمى بهمس:
- هشششش ، مش وقتك دلوقتي!...
اقترب شهاب من سلمى ليقف أمامها يطالعها مسحورا، لم يستطع أن يبعد عينيه بعيدا عنها منذ أن دلف الى المنزل وشاهدها تقف بمثل هذا الجمال والفتنة، أحنى رأسه قليلا مقبلا جبهتها وهو يهمس لها بحب وشى به جميع خلجات وجهه:
- مبروك يا سلمى...
تمتمت بصوت ضعيف ففهم أنها ترد عليه تهنئته، لتتسع ابتسامته ويتأبط ذراعها لتتعالى زغاريد الفرح من سلسبيل والخادمات في حين نظرت فاطمة الى راوية التي قالت بتمثيل متقن ولكنه لم ينجح في خداع فاطمة:
- ماعارفش.. صوتي رايح إكده زي ما ايكون داخلني برد..
أشاحت فاطمة عينيها بعيدا عنها ولم تعلق ليسقط نظرها على حفيدتها الصغرى وهي تسدل رأسها ألى الأسفل في خجل، بينما تقدم منها غيث حيث رفع ذقنها الصغير بطرف سبابته لينظر في عينيها متمتما قبل أن يميل عليها مقبلا جبهتها متأبطا ذراعها بدوره....
اتجه كل زوجين الى طابقهما في حين لحقهم صوت الجدة يقول بفرحة طاغية:
- صينية العشا حداكو فوج، لو عاوزين حاجة ابجوا شيعوا لنا..
فقد رفض كلا من شهاب وغيث أن يصعد معهم أي من أهلهم فاكتفى رؤوف بتهنئة ابنتيه وزوجيهما هو وألفت قبل أن تتجه كلا منهما برفقة عريسها الى منزلها الجديد....
------------------------------------------------
تأفف ليث بغيظ وهو ينظر الى باب غرفة النوم حيث يجلس في الصالة الصغيرة الملحقة بجناحه، يشعر بالضيق من تهرب سلسبيل منه منذ عودتهما من قنا، هو ليس بغر ساذج فسلسبيل تتعمد الابتعاد عنه، أسبوع الآن وهي لا تنام في غرفتهما ملازمة غرفة ولديها متعللة كل ليلة بسبب مختلف، فمرة ابنها يشعر بالمرض فلا بد لها من ملازمته، وأخرى تنام قبل عودته وإذا ما حاول ايقاظها تتعلل بشعورها بالتعب، وآخرها الليلة السابقة حيث كان يعد الدقائق والثوان كي يحتويها بين أحضانه يبثها أشواقه بعد أن شاهدها قبيل ذهابها للاحتفال بالحنة، وقد ذهبت بعقله من شدة جمالها، وما أن عادا حتى قبلته قبلة سريعة على وجنته وهي تهمس له بأنها تشعر بالاجهاد الشديد وأنه لا بد لها من نيل أكبر قسط من الراحة فهي منذ الصباح الباكر ستكون برفقة ابنتي عمها لتحرمه من رؤيتها في زينتها الخاصة بحضور الزفاف، وما زاد ناره تلك الكلمات التي ألقتها أمه على مسامعه بالأسفل قبل صعوده إليها من أن زوجته قد سرقت العيون حتى أن بعض النسوة قد تقدمن يخطبنها بل أن واحدة منهن ذكرت أن ولدها يأبى الزواج ولكنها تقسم أنه أن رآها فهو سيوافق في التو واللحظة!..
ضرب قبضة يده اليمنى براحته اليسرى وهو يغدو ويروح نافخا بضيق، تبًّا.. كيف تنظر أخرى الى زوجته هو بعين خاطبة لها لغيره؟.. بل كيف يتجمع اسم سلسبيل مع ذكر رجل آخر وان كان عرضا وبدون علم هذه السيدة الجاهلة بمن تكون سلسبيله؟.. نار تزداد في جوفه، رمق الباب حيث تختفي سلسبيل وراءه بحنق حين قرر الدخول اليها وليكن ما يكون وعندها رأى الباب وهو يفتح لتخرج منه عروس ملفوفة في طيات كثيرة من قماش أبيض هفهاف فتسمر واقفا يطالعها بينما تقترب هي ببطء حتى وقفت مكانها!..
شعر ليث بأنفاسه وقد سُرقت منه، ليقف فاتحا فاه مبهوتا مما يراه أمامه!... فلم تكن تلك الحورية التي تقف أمامه تطالعه بنظرات خجل وحياء في حين يرسم وجهها آية كبيرة من آيات الفتنة والجمال.. لم تكن هي سلسبيل زوجته، بل كانت عروس قادمة من كتاب ألف ليلة وليلة!...
لاحظت سلسبيل تصنمه في مكانه، فشدت أزرها واقتربت منه بضعة خطوات بطيئة ولكنها واثقة لتقف على بعد خطوات منه وترفع رأسها لتنظر إليه بكل الحب الذي تكنه له وهي تهمس بصوت ناعم:
- مبروك يا عريس!..
وكأن لقدميه إرادة خاصة بهما إذ تقدم إليها ليقف أمامها ثم مد أصابعه لترسم ملامح وجهها على الهواء وهو يرد بذهول فيما اختلجت تفاحة آدم البارزة في عنقه:
- معجول!... عرُوووسة!... انتيْ... انتي عروستي الليلادي يا سلسبيلي.
رفعت وجهها اليه لتطالعه بالشوكولاته الذائبة في عينيها المكحلتين باللون الاسود بينما تحركت شفتيها المخضبتين باللون الأحمر القان لتسلب أنفاسه بينما تهمس له:
- سامحني يا واد عمي، حرمتك من فرحتك بعروستك، ماحدش يستحج يفرح بعروسته جدِّيك، الليث هو اللي يستج عروسة تليج بيه ابصحيح، مش إكده يا ولد عمي؟..
رفع يديه ببطء لتحط على كتفيها وأجابها بينما كان يتجول بعينيه عليها يلتهم كافة تفاصيلها في هذا الفستان الذي سرق أنفاسه بدءا من كتفيها المكشوفتين حيث كان الفستان عار الأكتاف، نزولا الى خصرها حيث يضيق الفستان ثم ينسدل على اتساع حتى الأرض بينما غطت شعرها بطرحة بيضاء انسدلت خلفها فلم يظهر سوى غرتها التي انسدلت حول وجهها، تكلم ليث بصوت مبحوح قائلا:
- أسامحك؟.. أسامحك على حلم عمري اللي حججتيه!.. أسامحك أنك وافجتي تتجوزيني؟.. أسامحك إني أخيرا بجه من حجي أني أنضرك من غير حاجة تمنعني؟.. أني بجه من حجي اني أخدك بين دراعاتي وأحس بنفسك على وشِّيْ!.. أسامحك؟.. سلسبيلي.. الليث عمريه ما كان يتوجع انه عروسته هتكون جطعة من الجومر إكده، أني مش امصدج اللي اني شايفه، أني متوكد دلوك ان ربنا راضي عني عشان رزجني بيكي، انت هادية من ربنا يا سلسبيلي، أني مش جادر...
كان أثناء حديثه يقربها منه شيئا فشيئا فيشعر بطراوة جسدها بين يديه ليبتر عبارته ملتهما شفتيها في قبلة عميقة حملت كل شوقه ولهفته وعشقه الأبدي لسلسبيله...
--------------------------------------------------
جلست سلمى بفستانها فوق الأريكة الموضوعة في غرفتهما، كانت تعقد يديها في حجرها ناظرة اليهما حين سمعت شهاب وهو يناديها ثم دخوله اليها، وقف على مقربة منها وهو يتحدث بصوت أجش:
- انتي لسه مغيرتيش هدومك؟..
لتنهض واقفة وهي ترمقه بنظرات خاطفة وتجيبه:
- أصلي خفت لا تكون عاوز حاجة من الاودة قبل ما أغيّر.
تقدم منها حتى وقف أمامها تماما ورفع يده لينثر أطراف طرحتها البيضاء الى الوراء فتظهر فتحت عنق فستانها الواسعة على هيئة مربع حيث ظهرت عظمتي الترقوة اللتان سحرتاه، ابتلع ريقه بصعوبة بينما يجول بعينيه عليها من قمة رأسها حيث تجمع شعرها في شنيون رقيق أعلاه بينما تهدلت بعض خصلاته الكستنائية حول وجهها، مرورا بذراعيها المكشوفتين حيث كان الفستان بكم قصير الى المرفقين، ويضيق من الأعلى ثم يتسع الى الاسفل بطبقاته المتعددة من الشيفون حتى قديمها الصغيرتين في حذائها الساتاني المرتفع....
مرر أصابعه بطول ذراعيها المكشوفتين لتشعر بقشعريرة تمر بجسدها، فارتدت الى الخلف بسرعة لتدوس على ذيل فستانها فكادت تقع لتتلقفها ذراعيه مانعا سقوطها ضاما خصرها الدقيق اليه، شهقت سلمى في دهشة وخجل وتخضب وجهها حياءا وهربت بنظراتها بعيدا وهي تقول بخفوت واضطراب محاولة دفعه بعيدا عنها:
- طيب لو.. لو مش عاوز حاجة من هنا.. أنا عاوزة أغير هدومي....
ليجيبها الصمت التام، رفعت عينيها اليه لتهالها النظرة التي توسدت عيناه، نظرة جعلت دمها يسيل ساخنا في أوردتها، وتكاد الدماء تطفر من وجهها، بينما اشتد ضغط ذراعيه عليها، فهمست في شبه رجاء وهو يضغطها أقرب اليه بينما افترشت راحتيها صدره العريض محاولة ابعاده:
- شـ... شهاب أرجوك....
لهتف مقاطعا لها في شبه توسل:
- أرجوكِ إنتي....
ويهبط على ثغرها مقتنصا شفتيها في قبلة ملتهبة فيما رفع احدى يديه ليجذب دبابيس شعرها فينطلق الى الاسفل فيدفن أصابعها بين طياته متلمسا نعومته مستنشقا عبيره الذي طالما حلم به، تائها في عالمها هي غير واع لتلك الغزالة التي ترفرف بين ذراعيه محاولة الفكاك منه، ولكن الشوق كان قد استبد بشهاب فلم يعي سوى أن حبيبته هنا أخيرا.. في المكان الصائب تماما.. في أحضانه وبين ذراعيه، يلمسها بيديه ويستنشق عبير أنفاسها!!.....
ابتعد عنها بعد مدة طويلة ليطالع وجهها الذي غدا كثمرة الفراولة الناضجة بينما تحمل شفتيها المنتفختين علامة اجتياحه لها همس بأنفاس لاهثة وهو يسند جبهته الى جبينها الأبيض فيما كانت هي تحاول التقاط أنفاسها الهاربة:
- غيري هدومك واتوضي عشان نصلي ركعتين السنة..
وانصرف سريعا قبل أن يكمل ما بدأه بينما ابتسمت ابتاسمة ترتعش وهي ترفع أصابعها تتلمس موضع قبلته هذا أن أمكن تسمية هذا الإعصار الذي اجتاحها بـ...قبلة!!...
استبدلت سلمى فستانها بثوب النوم الأبيض، عبارة عن قميص طويل من الشيفون يزينه طبقة من الدانتيل من ناحية الصدر ذو حمالات رفيعة للغاية وفوقه روب من نفس قماش القميص، وارتدت فوق ثيابها اسدال الصلاة واتجهت للحاق بشهاب..


كان شهاب في انتظارها بالخارج وما ان رآها حتى اتجه من فوره اليها وسحبها وهو يتجه الى غرفة صغيرة أخرى بها أريكة وسرير صغير فردي والتي هي غرفة الأطفال فيما بعد...
وقفا لتأدية ركعتي السنة يؤمها شهاب وبعد أن انتهى وضع يده فوق جبهتها وقرأ دعاء الزواج" اللهم أني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرّها وشرّ ما جبلت عليه".. وختم بالصلاة على رسول الله عليه الصلاة والسلام..
نظر اليها لتفتنه في هيئتها باسدال الصلاة حيث اختفت شعراتها وحده وجهها الظاهر كالبدر في ليلة تمامه، وضع راحته على وجنتها وهمس:
- سبحان الله...، أسدلت سلمى عينيها في حياء وهي تقضم شفتها السفلى، لينزل بابهامه فيبعد شفتها عن براثن أسنانها اللؤلؤية الصغيرة وهو يميل عليها كالمغيب بينما يقول بهمس خشن:
- أخيرا يا سلمى، من أول مرة شوفتك فيها وأنا بحلم باللحظة اللي هتكوني فيها ملكي وبين إيديا... أنا مش مصدق، قوليلي اني مش بحلم!..
لا تعلم أي شيطان تلبسها ففي الغالب هو شيطان سلافة لتقرصه بقوة بغتة فيصيح متعجبا بينما تجيبه بضحكة مكتومة:
- عشان تصدق انه مش حلم!...
ليطالعها في خبث ثم ينهض فجأة واقفا على قدميه مشرفا عليها من أعلى فترفع رأسها اليه في دهشة وتساؤل لم يطول حينما انحنى عليها ليرفعها اليه وهو يحملها بين ذراعيه قائلا بخبث وهو يراقص حاجبيه في مكر:
- لا أنا عندي طريقة أحسن من دي بكتيير تخليني أصدق أنه مش حلم!...
لتحدق فيه بوجل وريبة ولم تلبث أن شهقت في خوف ودهشة وهي تراه يلقي بها فوق الفراش الصغير ويرمي بنفسه فوقها مردفا:
- بيتهيألي الأودة هنا أحسن، صغيرة وملمومة، وسريرها على قدنا مش هتعرفي تفلتي لا هنا ولا هنا..
همت بالكلام ولكنه قاطعها مبتلعا كلماتها مغيبا اياها في عناق طويل بينما امتدت يده لتطفأ ضوء المصباح المجاور لهما...
------------------------------------------------------
طرق غيث باب غرفة النوم عدة مرات وهو ينادي سلافة هاتفا:
- كل ديه يا سلافة ولسّاكي بتغيري اتيابك؟.. بجالك جُرب الساعة دلوك ابتعملي ايه كل ديِه؟.. انتيْ لو كونتي بتتسبحي كان زمانْكي خلَّصتيْ من زمان!..
لتجيبه بحنق من خلف الباب:
- جرى ايه يا غيث انت هتعد عليا الوقت ولا إيه؟.. براحتي، هطلع وقت ما أخلص، اسكت بقه عشان ما اتأخرش!..
ليحدق في ذهول محدثا نفسه بعدم تصديق:
- باه... كل ديه ومعتتأخرش؟.. أومال لو رايدة تتأخر هتخلص ميتة على إكده؟...
ليبتعد ويجلس على الأريكة المواجهة للباب وهو يعض على أنامله غيظا وقهرا من هذا الشيطانة الصغيرة، لن ينسى أبدا ما أصابه حين أغلق باب المنزل خلفهما، وقف يطالعها في حين انزوت هي بعيدا عنه تسترق اليه النظرات في ريبة ووجل بينما يبادلها النظرات بأخرى غير مصدقة أن ذلك الملاك الذي فتح له الباب حيث صعد للسلام على عمه عند قدومه للبلد أول مرة والذي أسره منذ اللحظة الأولى، هذا الملاك هو ملكا له الآن، يقف أمامه على بعد خطوات منه، يكفي أن يمد يده ليلمسه ليتأكد أن حبيبته التي خطفت أنفاسه حقيقة تتجسد أمامه، لم يصدق عيناه، أخيرا هي وهو بمفردهما ويجمعهما سقف واحد!.. هل هذه هي عروسه التي كاد أن يجن لأجلها!..
نعم.. ها هي تقف أمامه محاطة بطبقات من القماش الأبيض الذي يكسوها بدءا من جذعها العلوي حيث يلتصق بحناياها الأنثوية، ويتسع في الأسفل مشكلا حلقة كبيرة حولها، بينما ذراعيها البضتين يخطفان عيناه فكميّ الفستان قصيرين للغاية لا يكادان يتعديا الكتفين، بينما طرحتها البيضاء تنسدل بطولها وتفترش الأرض بعيدا عنها بعدة أمتار!!..
تقدم منها وهي لا تزال واقفة في مكانها تطالع تقربه منها بريبة، بينما يتساءل بينه وبين نفسه.. هل هذه هي التي ناغشت قلبه بشيطنتها حتى أصبح عبدا في محراب عشقها لا يتنفس الا هواها؟.. مالها تنتفض هكذا كالريشة في مهب الريح؟..
ليواصل تقدمه منها بخطوات بطيئة بينما وقفت هي في أقصى الغرفة تحيط جسدها بذراعيها، تسترق النظر اليه بخوف ووجل، أين ذهب لسانها الآن؟.. لقد تحدّته أنه لن يستطيع إتمام الزواج كما أراد وقبل تحدّيها مؤكدا لها أن زفافهما سيتم لحظة نجاة ليث شرط أن الفائز يكن له ما أراد.. وهو أرادها هي!!.. تقف متطلعة إليه في ريبة، في حين يقف مواجها لها الآن، تكاد تراها في عينيه، تستشعرها في الشرارات التي تصدر منه وهو يطالعها في سكون بينما تخرج أنفاسه الساخنة تلهب وجنتيها!!..
مد إصبعه ليزيح جانبا خصلة طويلة من شعرها أحاطت بوجهها، فحاولت إبعاد وجهها عن ملمس يده الخشنة، فما كان منه إلا أن ثبت عنقها من الخلف بيده بينما رفع ذقنها بيده الأخرى ثم نظر في عينيها ليتيه في ليلهما السرمدي ليتحدث بصوت خفيض هامس متحشرج ينبأ بعاصفة هوجاء لا تبق ولا تذر ستجرفها في إعصار عشقه لا محالة، همس قائلا:
- مبروك يا عروسة!!..
هربت بعينيها بعيدا بينما سلّط نظراته على شفتيها اللتين تلمعان بلون ثمرة الفراولة الطازجة.. تستفزاه ليسارع بقطفهما، لعقت شفتيها بلسانها لترطب حلقها الجاف وتحدثت بصوت مضطرب خافت قائلة:
- الله.. الله يبارك فيك...
كان قد عقد العزم على أن يمهلها الى أن تعتاد عليه وعلى عشقه اللا متناهي لها، ولكنه لم يستطع الصمود!!.. تلك الجنية الصغيرة قد ذهبت بعقله، فوجد نفسه لا يستطع الانتظار ولو لدقيقة واحدة، يقسم أنه سيموت إن لم يتذوق رحيق شفتيها والآن!.. هو لا يستطيع الصبر أكثر من ذلك، فما هو إلا عاااااشق حتى النخاع.. يشعر بدمائه تجري حاااارة.. سااااخنة في عروقه، تلهب سائر جسده، وسيكون ملعونا إن لم يطفئ هذه النيران بعذْب حبها، فإما أن تنجح هي في إطفاء نيرانه أو ينجح هو في إشعال نيرانها!!...
لينال أخيرا ما كاد يموت شوقا إليها، محتويا خصرها الضامر بين جوانحه، معتصرا جسدها بين ذراعيه، متذوقا لرحيق شفتيها، كان غائبا في لذة عناقها العذب غير واعي لرفرفتها كالعصفور بين يديه، حتى إذا انتبه وابتعد عنها تاركا لها حرية التنفس أخيرا، شهقت عاليا طلبا للهواء، ثم ناظرته بليل عينيها الذي خطف أنفاسه، حاول تهدئتها وهو يرى شحوبها الواضح، فهو لا يريجها خائفة، بل يريدها راغبة.. مشتاقة... لتتذوق حلاوة اللحظة التي تجمعهما الى الأبد...
أجبر نفسه على الابتعاد عنها وهو يطلب منها بصوت خشن أن تذهب لاستبدال ثيابها وهو سينتظرها، ومن وقتها وهي تحبس نفسها في الداخل تاكرة له وشوقه إليها يكاد يرديه قتيلا في الخارج!!...
صوت تكة بسيطة في قفل الباب جذبت انتابهه ليراها تخرج وهي تتغطى من أعلاها ألى أسفلها باسدال صلاة وردي، وقبل أن تتكمل سبقها قائلا بلهفة:
- ثواني... هبدل اتيابي وأجي عشان نصلي ركعتين...
أنهى صلاته التي تلاها بصوت كله خشوع ثم قرأ دعاء الزواج وقبل أن ينهض من مكانه كانت هي قد سبقته ودخلت الى الغرفة حيث صلّى بها في غرفة الجلوس، وما أن لحقها حتى كانت تغلق الباب خلفها وتوصده بالمفتاح، وضع يده على مقبض الباب وهمس:
- سلافة.. افتحي الباب..., ولكنها رفضت قائلة بجدية مصطنعة:
- معلهش يا غيث، تعبانة وعاوزة أنام، تصبح على خير..
ليحدق ببلاهة في الباب الخشبي أمامه وهو يردد بخفوت:
- تصبح على خير!!!..
ليحرك مقبض الباب عدة مرات وهو يهتف بصوت أعلى قليلا:
- بجولك إيه يا بت عمي، أني كومان عاوز أنام، افتحي الباب بجاه!..
كانت سلافة قد خلعت اسدال الصلاة ليظهر قميصه نومها الأبيض الشيفون قصير للغاية فوق الركبة، بحمالة رفيعة وفوقه روبه من نفس القماش ومطرز بالدانتيل وحبات اللؤلؤ عند منطقة الصدروعلى الأكمام بينما ياقته مزدانة بكشكشات من الشيفون....


لم ترد عليه واكتفت بتمشيط شعرها ووضع بضع قطرات من عطرها الجذاب وهي تقول في نفسها أنها عروس ويجب أن تدلل نفسها، اتجهت للنوم فوق فراشها الوثير حين سمعته يسألها من وراء الباب أين تنتظر منه أن ينام فأجابته بكل ثقة:
- عندك أودة الضيوف يا غيث، معجبتكش انزل الجنينة تحت، هواها يرد الروح، تصبح على خير يا ابن عمي...
ضيق عينيه هامسا بوعيد:
- إكده يا سلافة، ماشي... انتي اللي جبتيه لروحكي!..
لم يكد يمر بعض الوقت حيث بدأت سلافة في الاستسلام للنوم حين شعرت بشيء قوي يلتف حولها ففتحت عيناها بقوة في رعب من ماهية هذا الشيء لتفاجأ بعينين تشتعلان تطالعانها بتوق شديد، حاولت التحدث أكثر من مرة وكأن صوتها قد هرب منها، وما أن استطاعت النطق حتى قالت بصوت خرج مهزوزا مرعوبا:
- غيث أنا....، ليقاطعها بأنفاس ساخنة تلهب بشرة وجهها فيما يشرف عليها مائلا فوقها:
- ولا كلمة.. اتحدتي كاتير يا سلافة، دلوك بجاه، وجتك انك تسمعي مني وبس!..
همت بالكلام حينما مال عليها ملتقطا كلماتها بقبلة نارية ليرحل معها في عالم جديد عليها لم تكن تتوقع وجوده أبدا!!!!!!!!..
------------------------------------------------------
كادت سلسبيل أن تبكي وهي تقف تشاهد تلك القطعة الصغيرة التي بين يديها وتنقل نظراتها بينها وبين باب الحمام حيث ينتظرها ليث خلفه وكانت قد طلبت منها أن ينتظرها قليلا فلا تزال مفاجأتها له لم تنتهي لتدلف الى الحمام لاستبدال فستانها حاملة الحقيبة البلاستيكية التي تحتوي ثوب النوم الذي أهدتها إياه سلافة وجعلتها تعدها أن ترتديه الليلة، ولم تكن قد رأته قبلا، كيف ترتدي هذا الشيء الذي يطلق عليه خطأ اسم ثوب!.. رباه هي لا تعلم ما الغرض منه فهو لا يكاد يخفي شيئا؟!!.. إذن فلتخرج عارية فسيان سواء لبسته ام خلعته؟!... وبالفعل فلو لم تلبسه فإن البديل أن ترخج عارية فلم تُحضر معها الى الحمام سوى هذا الثوب وليس من المعقول أن تطلب من ليث أن يناولها ثوبا لها، وهو ينتظرها على أحر من الجمر خارج هذا الباب...
استغفرت في سرها وهي تشتم سلافة هامسة:
- أِوفك فيكي يوم يا سلافة روحيْ، بجاه ديه عاملة تعمليها فيّا؟.. لكن ان شاء الله خويْ يطلعهم منِّكي!..
ثم أردفت وهي تمسك القطعة الصغيرة بيديها تكاد تنوح:
- ودي علبسه كيف ديه؟..
صوت طرقات نبهتها تبعها صوت ليث يقول بمرح:
- ايه يا سلسبيلي انتي نمتي ولا إيه؟..
لتجيبه:
- لاه لاه.. طالعه أهاه!...
وأسقط في يدها فلبسته وهي تتحسبن على سلافة في سرها!!...
تطلعت الى مرآة الحمام غير مصدقة لما تراه، تلمست بيدها قماش القميص الذي لا يكاد يغطي جسدها ولكنه يبرزه في صورة مثيرة، من قماشه المصنوع من الشيفون والذي يشف ما تحته بسهولة ولكن بغموض فغدا كالسهل الممتنع، بلون الوردي الباهت الذي يصل الى أعلى فخذيها، يغطي منطقة الخصر طبقة من الدانتيل فوقها شريطة باللون الوردي الغامق، وإلى هنا ينتهي الثوب!!!...


أسدلت شعرها بلونه الجديد ورشت بضعة قطرات من العطر الذي أهدته لها سلمى، قبل أن تسمي بالله وتفتح الباب، لتقف متوارية خلفه وهي تنادي ليث هاتفة:
- ليث.. غمِّض عينيك!..
ابتسم ليث وشعرت بصوته أقرب وهو يقول:
- باه، احنا هنلعبو ولا ايه؟...
تكاد تبكي وهي ترجوه:
- عشان خاطري يا ليث غمّض!..
أدار ظهره اليها وأغمض عينيه وهو يقول:
- أها يا ست البنات، غمضت وعطيتك ضهري كومان..
اطمأنت وخطت خارجا وهي تتنفس براحة واقتربت منه عدة خطوات لتفاجأ به يستدير بغتة ودفعة واحدة وهو يهتف بجزل:
- أهاه.. شو..فـ... تـ.. ك!!!!
كادت أنفاسه أن تختنق وهو يراها على مثل هذه الصورة، حتى أنه لفظ كلمته بتقطيع شديد...
شهقت في خجل لتضم ذراعيها الى صدره وهي تنهره بينما يتقدم منها كالمسحور:
- أني مش جولتلك اتغمض عينيك؟.. إكده برضك يا ليث؟..
تحدث بصوت مذهول وهو يرفع يديه يمررها على أنحاء جسدها بنعومة شديدة وكأنه لا يصدق ما تراه عيناه، يخشى أن تطرف عينه فيضيع الحلم الذي يتجسد أمامه!.. قال بذهول:
- أغمض إيه؟.. أنتي ناوية عليّ الليلاديْ يا سلسبيلي؟..
هتفت سلسبيل وهي تكاد تبكي بينما اصطبغ وجهها بلون أحمر زادها فتنة:
- بعّد يا ليث، أني عروح أجيب لي حاجة تانية أغير الخلجات ديْ!..
وما أن همت بالمرور من جانبه حتى سارع بالقبض على ذراعها يقربها اليه بينما ذراعيها تضمان جسدها لتخفي مفاتنها البارزة له فيما قال بصوت أجش:
- تغيري إيه؟.. يمين بالله ما انتي جالعاه، واذا عاوزة تغيريه ماحدش عغيرهولك غيري!!..
شهقت عاليا في حين امتدت يده يبعثر خصلات شعرها حولها وهو يتابع بذهول:
- انتي اعملت كل ديه وجت ايه؟...، أسدلت عينيها لتجيبه بهمس:
- انهاردِه.. المزيّنة اللي جات عشان اتزوج العرايس هي اللي عِملت لي اكده...
اقترب منها حتى اختلطت أنفاسهما وقال ويداه تمتدان لتطوقان خصرها بينما يمس بشفتيه صدغها لتغمض عينيها حيث بدأت تتوه في عالم ليثها:
- الجمال ديه كلاته ملكي وبس...
لينحني فجأة يضع ذراعا أسفل ركبتيها والآخر خلف كتفها يرفعها عاليا وهو يردف:
- الليلة فرحك يا أحلى عروسة في عيلة الخولي...
اتجه بها الى الفراش حيث وضعها بنعومة وسط أغطيته الناعمة ثم مال عليها ليهمس أمام شفتيها:
- جوليها يا سلسبيل.. رايد أسمعها من خشمك اللي كيف خاتم سليمان ديه...
ابتسمت بنعومة وهمست وهي تحيط عنقه بذراعيها تاركة مفاتنها تظهر أمامه بوضوح وقد علمت ما الذي يريد منها قوله:
- بحبك.. بحبك يا ليثي!...
ليزمجر بخشونة زمجرة ليث قد قتله العشق وأضناه الشوق إلى أنثاه ويهبط اليها ليحملها معه إلى العالم الذي لم يسبق لها وأن اختبرته قبلا مع غيره... عالم ليثها وحده!!...
- يتبع -


مملكة الغيوم 21-12-16 11:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك منمن ادام الله الافراح:1247681078foeq83489:356::1247681139wfox61500:djparty ::thrasher:

منى لطفي 24-12-16 01:04 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (30)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
رفرفة ناعمة فوق جفونها جعلتها تشيح بيدها أمام وجهها دون أن تفتح عينيها، لتشعر بها فوق أرنبة أنفها، فتحرك يدها لإزاحة هذا الشيء السخيف المصر على إيقاظها وهي تتأفف وتتقلب لترقد على بطنها نومتها المفضلة، صوت خشن وصل مسامعها جعلها تقطب بشدة في نومها ولكنها لا تزال متمسكة بأهداب النعاس، لتشعر بشيء خشن يمر فوق جبهتها ويتلاعب في شعرها فتنفخ في ضيق متمتمة بسخط طفولي وعيناها لا تزالان مغمضتان:
- أووف، وبعدين يا سلمى، هقوم لك انتي حرّة..
ليطرق سمعها الصوت الخشن بوضوح هذه المرة وهو يقول بتلاعب:
- وأناه هاعوز إيه أكتر من أكده... جومي لي يا بت عمي!..
لتفتح عينيها على وسعهما وقد فر النوم فجأة ملتزمة السكون لثوان وكأنها تتأكد مما سمعته، قبل أن تردد بذهول وهي مقطبة:
- بت عمي؟!... الصوت دا مش غريب عليّا!!..
وتشهق بعدها عاليا وقد استعادت وعيها لتتذكر أنها لا تنام في غرفتها هي وسلمى بل في غرفتها الجديدة بمنزل الزوجية وتحديدا على فراشها هي و... غيث!!!!....
وما أن طرأ اسمه على بالها حتى انقلبت على ظهرها لترى عينان سوداوين تطالعنها بشوق فيما ابتسامة ماكرة تتراقص على فمه المظلل بلحية خفيفة، احمر وجهها بشدة، وهي تهمس بتلعثم:
- غـ.. غيث!...، مال عليها غيث وهو يقول أمام وجهها المتخضب بحمرة الخجل:
- صباح الانوار عليكي يا جلب غيث، صباحية مباركة يا عروسة!...
هربت بعينيها وهي تجيبه بخفوت:
- صباح الخير....
وحانت منها نظرة الى نفسها لتفاجأ وأنها ترقد أمامه لا يسترها الا غطاءا خفيفا قد انحسر من عليها، لتشهق مجددا ولكن بذهول وهي تحاول جذب الغطاء الى أعلى بلهفة مخنوقة ليضحك غيث وهو مستمتع بخجلها الأنثوي الرقيق ويقول:
- إيه بتخجلي منِّي؟.. وبعدين مالوش عازة انتي ناسية اني راجد جارك تحت ذات نفس الغطا؟!!!..
حدقت به برعب وكأنه كائن خرافي قبل أن تستوعب عبارته جيدا، ليفقد وجهها لونه وهي تهتف بحنق محاولة الابتعاد عنه بلا طائل فهو يميل عليها مثبتا الغطاء حولها:
- ايه؟!... وازاي أساسا تسمح لنفسك بحاجة زي كدا؟..
ليحين دوره هو في النظر إليها بذهول صرف قبل أن تطلق ضحكة رجولية عميقة منه دغدغت أوصالها رغما عنها فأشاحت بوجهها جانبا بينما أجاب:
- اسمح النفسي؟.. أنتي ناسية اننا متزوجين؟.. والبارحة كان فرحنا؟.. ، ثم تابع غامزا بخبث:
- واللي حوصل بعد الفرح؟.. لالا اوعاكي تنسي، اخصوصي اللي حوصل بعد الفرح!!...
ليتخذ وجهها لوحة من اللون الأحمر بتدريجاته المختلفة بدءا من الأحمر الشاحب وحتى الغامق شديد الوضوح!... أجابت بحنق وهي تحاول دفعه بيدها واضعة راحتها الصغيرة فوق كتفه العار:
- طيب.. طيب.. ممكن تبعد شوية عشان عاوزة أقوم.
ولكن ما أن لمست يدها بشرته العارية حتى سارعت بسحبها بعيدا فقد شعرت وكأنها لمست سلكا كهربائيا عار، نظر اليها بمكر يلاعب حاجبيه الكثيفين وهو يقول ببراءة مزيفة:
- لاه.. الاول لازمن تصبحي عليّ..
قطبت قائلة:
- أصبح عليك؟... احنا هنصبح كم مرة؟.. انا لسه قايلالك صباح الخير حالا!!..
مال بوجهه حتى لفحتها أنفاسه الساخنة وهو يجيبها فيما تغيرت وتيرة أنفاسه التي تسارعت فقطبت في ريبة خاصة وقد تسلطت عيناه على ثغرها الوردي:
- لاه... العرايس معيصبحوش ع الناشف إكده!..
وقبل أن تهم بالكلام كان قد التقط شفتيها في قبلة عميقة سحبت أنفاسها وجعلت يدها التي تتشبث بحافة الغطاء تتهاوى قبضتها ليحكم ذراعيه حولها مغيبا لها في عناق قوي، وما أن أفلتها ليستطيعا التقاط أنفاسهما الهاربة حتى نظر اليها يقول بأنفاس ثائرة:
- إكده صباح العرايس، بوسة الصبح، صباح الخير يا عروسة.
أجابته بصوت صغير وأنفاس متعثرة فيما شفتيها المنتفختين تحملان أثر هجومه الكاسح:
- دي... بوسة!!!!!!!....، أحاط وجهها براحتيه الخشنتين وهو يهمس أمام شفتيها:
- ودلوك بجاه... لازمن أفَكِّرِكْ باللي حوصل ليلة فرحنا، شكلك إكده نسيتي وديه مش حلو في حجي!..
لتتسع عيناها ذعرا وهي تهتف برجاء:
- لالالالا... مين قا........, ولكنها لم تتم عبارتها إذ بدأ غيث في إعادة أحداث الليلة السابقة وبالتفصيل الممل والشرح الوافي، ففي الإعادة.. إفادة!!! (فيس بيغمز)..
--------------------------------------------------------
تمطى في نومه ثم مد يده يتحسس الفراش بجانبه ليفاجأ بالمكان خال، ليصحو تماما ويعتدل جالسا ينظر في أرجاء الغرفة حوله ليقابله الفراغ، ينادي بصوته:
- سلمى.., ولكن الصمت كان هو الجواب، قطب ليقفز ناهضا ويرتدي سروال منامته ثم يتجه الى خارج الغرفة للتفتيش عنها!.
وقف يستند بكتفه الى جدار باب المطبخ في حين لم تنتبه اليه، ابتسم ابتسامة حانية وهو يراقبها وهي تقف مولية إياه ظهرها تمسك بقدح قهوتها الصباحي عشقها الأبدي، تستنشق رائحته وهي مغمضة عينيها قبل أن ترتشف منه رشفة طويلة وكأنها تمنح قدحها قبلة الصباح!.. رفعت قدحها لترتشف رشفة أخرى عندما لاحظت أن هناك ما يمنعها من اعادته الى شفتيها، قطبت وفتحت عينيها لتطالعها عينان رماديتان يمسك صاحبهما بالقدح مانعا وصوله الى ثغرها الوردي، مال عليها وهو يهمس أمام وجهها:
- اللي يشوفك وانتي بتشربي قهوتك يفتكرك بتهمسي للفنجان وبتصبحي عليه!..
فتحت عينيها دهشة فيما تناول القدح من يدها ووضعه جانبا قبل أن يحيط وجهها بيديه مردفا أمام شفتيها العنبريتين:
- اعرفي أنه أول حد تصبحي عليه بعد كدا.. يبقى جوزك.. أنا!..
همّت بالكلام عندما عاجلها بابتسامة زادته وسامة:
- لكن سماح المرة دي، وخلي بالك أنا بغير، أوعي أشوفك تاني بتشربي القهوة بالطريقة دي، هحلف يمين ما عدتي شرباها تاني!!..
سلمى بابتسامة مذهولة:
- انت بتتكلم جد؟.. بتغير من ماج قهوة؟..
نظر اليها رافعا حاجبه وهو يرد بسخرية:
- ماج قهوة؟.. ولو كوابية مايّه كمان!!...
سكتت رافعة كتفيها وهي تطالعه باستغراب ليميل عليها وهو يردف بصوت أجش:
- انتي لسه بردو ما صبحتيش عليا، لكن مش مهم.. أصبّح أنا على أحلى عروسة!
لم يمهلها الفرصة للكلام ومال عليها مقتطفا ثغرها في قبلة عاصفة ولكن بحنان، قوية ولكن برقة، حتى أن الدموع كادت تطفر من عينيها لروعة الأحاسيس التي حملتها إليها، فما كان منها إلا أن طوقت عنقه بذراعيها العاريتين ليعتصر جسمها الرقيق إليه فتلامس عضلات جذعه العلوي القوية، لتندلع الشرارة، فيحملها شهاب من بين قبلاته النارية ويضعها فوق طاولة المطبخ حتى إذا ما لمست بشرتها العارية السطح الرخامي البارد إذ بها تُبعد فمها عن اكتساحه القوي لها وتشهق هاتفة بصوت متقطع:
- لا.. اسـ.. استنى بس، شها..., ليلتهم آخر حرف في اسمه من فوق شفتيها غير سامحا لها بإكمال عبارتها، فحاولت دفعه وهي تبعد وجهها عنه في قوة وهي تهتف:
- يا شهاب مش كدا؟... رفع رأسه وعيناه تطالعانها بجمرتين مشتعلتين وهو يقول بأنفاس لاهثة وصوت خشن بينما يداه تتلمسان مفاتنها البارزة:
- استنى إيه؟.. ، ليميل عليها ثانية فتدفعه براحتيها الصغيرتين في كتفيه هاتفة:
- يعني أنا مش مكتوب لي أدخل في أودتي زي باقية العرايس اللي خلقهم ربنا؟.. امبارح في أودة الضيوف ودلوقتي في المطبخ!!... وبعدين.. الرخامة سائعة أوي، أخس عليك يا شهاب!..
نطقت آخر عبارتها بدلال أنثوي أطار البقية الباقية من تماسك شهاب الذي سارع بحملها بين ذراعيه قائلا بلهفة:
- يا سلام، بس كدا؟... ليكي عليا الـ تلاتين يوم شهر عسل ما نخرجش فيهم من الأودة!!..
دفنت وجهها في عنقه الضخم خحلا من كلامه لتعلو ضحكته التي خفتت ما أن دلفا الى غرفة النوم مغلقا الباب بقدمه بدوي عال!!...
------------------------------------------------------
تجلس بجواره تقوم بإطعامه بيدها كالطفل الصغير، حاول مرارا جعلها تتناول هي افطارها وهو سيتابع تناول طعامه ولكنها رفضت وبشدة، نظر اليها بحب بدءا من شعرها المتناثر حولها بلونه الجديد وخصلاته الندية، مرورا بثوب نومها الجديد الحريري بلونه الأحمر، عار الذراعين بفتحة عنق واسعة شبه دائرية مزمومة مزينة بربطة على هيئة فراشة في منتصف الصدر، كانت تضع قطعة من الخبز المغمس بالجبن الأبيض الحادق حينما هم ليث بقضم أصابعها فشهقت وأبعدت يدها بعد أن دفعت باللقمة الى فمه وهي تضحك، ما أن ابتلع لقمته حتى أمسك بيدها مقبلا أناملها الطرية لتشر بخشونة ذقنه النامية بينما يحكّها شاربه الكث الخشن على نعومة بشرتها، ضحكت بخجل فيما همس وهو يطالعها غارقا في سحر عينيها:
- ربنا ما يحرمني منيّكي يا سلسبيلي...
أفلتت يدها بصعوبة وتمتمت وعينيها ترسلان إليه نظرات حب صادقة:
- ولا منيِّكي يا ليثي....، ثم أسبلت عينيها خجلا من جرأة عيناه التي لم تعتادها بعد على الرغم من أنها ليست عروس جديدة ولكن عيناه كفيلة بجعل العجوز تشعر وكأنها صبية ابنة ستة عشر ربيعا!.. قالت بخفوت:
- صحيح يا ولد عمي، انّهاردِه صباحية أخواني، رايدة أروح لهم مع أمي عايدة حبة إكده.. بعد الضحى إن شاء الله، تسمح لي؟..
ابتسم ليث وأجاب وهو يميل بوجه إليها فيما يقترب منها أكثر إذ تجلس بجواره على الأريكة أمام الطاولة الصغيرة التي تحمل طعام الإفطار:
- ممكن يا بت عمي، لكن... إبشرط!..
قطبت وقالت بشبح ابتسامة صغيرة:
- شرط؟!!.. شرط إيه يا ترى؟..
أجابها بهدوء مغلف بحزم:
- شعرك ديه تلمِّيه وما عتكشفهوش واصل، حتى لو جودام الحريم، ومن هنا ورايح اخروجك برات البيت بتوبك الاسمر حتى لو عتروحي افراح، توبك الأسمر وترحتك السمرا!..
قطبت سلسبيل وهتفت باستنكار:
- كيف ديه؟.. عاوزني أروح فرح بتوبي الاسمر؟.. بالملس يا يلث؟..
حرك رأسه ايجابا وقال بثقة:
- إيوة، بالملس يا سلسبيل!.. يا إكده يا مالكيشي اخروج من اهنه، لا ومش بس إكده.. من غير أحمر ولا أخضر ولا زواج من أصله!..
حاولت سلسبيل فهم سبب هذا القرار التعسفي فقالت وهي تبتسم باستعطاف:
- طب أفهم الاول، ايه اللي حوصل لكدِهْ؟..
ليث بجدية:
- ديه أمر يا سلسبيل، عتكسري أوامري؟..
سلسبيل وقد شعرت بالغبن:
- لاه يا ولد عمي، لا عشت ولا كونت يوم ما أكسِّر كلمتك، لكن رايدة أفهم ليه دا كله؟..
ليث بنصف عين وقد داهمه الغضب لدى تذكره لكلمات أمه ليلة أمس:
- تنكري انه فيه حريم كانوا رايدين يخطبوك وكلموا أمي؟..
طالعته بغير تصديق بينما لم تستطع منع ابتسامة ناعمة من الظهور على ثغرها الوردي:
- ليث.. ديه حاجة عادية، بتحوصل في الافراح كلاتها، وبعدين الحرمة لمن عرفت اني أبجى مراتك اتأسفت لعمتي الحاجة، مافيش حاجة حوصلت لزعلك جوي إكده، ولا.. ديه غيرة ديه ولا إيه؟..
زمجر ليث وأحاط وجهها الصغير براحتيه يتلمس بابهامه الخشن وجنتيها الناعمتين:
- إيوة بغير، ايه رايك بجاه؟.. سلسبيل هي كلمى ورد غطاها.. خروج من اهنه بتوبك الاسمر وشعرك ديه اتغطيه ما في حد ينضره غيري ولا تجوليلي امي ولا اخويا ولا حتى ستّي، ولا أي حريم واصل، مفهوم!..
مسكت يديه براحتيها ونظرت في عينيه ليغرف في بندقي عينيها قبل أن تقبل باطن راحتيه بشفتيها الطريتين قبل أن تطالعه بنظرات عشق خالص هامسة بحب:
- كلمتك سيف على رجبتي يا ولد عمي، لو رايد ما خاطيش برجلي برات البيت واصل اني من يدك ديْ ليدك ديْ..
همس ليث بقوة:
- بحبك يا بت عمي....، همت بالرد عليه حينما ابتلع كلماتها في قبلة طويلة ملتهبة، وكان على ذهاب سلسبيل لتهنئة أخويها الانتظار لوقت آخر!...
---------------------------------------------------
اغتسلت سلافة وأبدلت ثيابها لترتدي فستان من القطن بحمالات عريضة فوق الركبة أبيض بنقوش وردية على هيئة أزهار صغيرة وأسفله بلوزة قطنية وردية اللون، وبنطالا أبيض كتاني يلتصق بساقيها، وحذاء أبيض بكعب رفيع عال مفتوح، وزينت خصلات شعرها الأسود الرطب بشريط ستان باللون الوردي، واكتفت من الزينة بماسكارا سوداء وحمرة خدود خفيفة وأحمر للشفاه باللون الوردي، وشرت بضعة قطرات من عطرها الخاص برائحة الورود، حالما انتهت ورضيت عن صورتها في المرآة لحقت بغيث الذي تركها لتبدل ثيابها لتكون جاهزة لاستقبال المهنئين، لحقته الى غرفة الجلوس حيث كان جالسا يقلب في قنوات التلفاز، وما أن وقعت عينا غيث عليها حتى حدق بها بانشداه ونهض واقفا وهو يهمس:
- بسم الله ما شاء الله، سبحان من صورك..
ابتسمت سلافة في حين اتجه اليه وقبض على يدها يجذبها الى الداخل، ثم نظر اليها مفصّلا إياها من أعلى رأسها الى أخمص قدميها، ليقول بعد ذلك بصوت أجش:
- انتي.. عتجابلي الناس إكده؟..
ضحكت سلافة ضحكة صغيرة وحركت كتفيها وهي تجيب:
- اكيد يا غيث، مش عروسة بقه؟!!...
حرك رأسه بنفي قاطع قائلا:
- لاه... بدلي تيابك!..
قطبت سلافة وقالت بنص ابتسامة مرتابة:
- أبدل اتيابي؟.. انت بتهزر صح؟..
نفى بحركة من رأسه مؤكدا بثقة:
- لاه.. غلط!.. اني بتكلم جاد وجاد الجاد كومان، انتي ما شايفاشي نفسك؟..
عقدت ذراعيها وفي ثوان كان طبعها الحاد قد بدأ بالظهور وهي تهتف من بين أسنانها:
- ومالها نفسي بقه يا غيث؟.. وحشة؟.. ولا يمكن هكسفك قودام الناس؟!!..
هتف بها:
- انتي مجنونة؟!... تكسفي مين!.. لو عليا أني.. ما رايدشي حد ينضرك واصل!..
قطبت قائلة:
- مش فاهمه يعني دا مدح ولا ذم؟..
مال غيث على وجهها حتى لفحته رائحة عطرها المنعش بينما رأت انعكاس صورتها بين فحم عينيه المشتعل وما أن ضربته رائحة عطرها حتى أغمض عينيه وهو يهمس:
- صبرني يا رب...
ثم فتح عينيه وطالعها هاتفا من بين أسنانه:
- سلافة.. لو رايدة تكوني جاهزة عشان تجابلي الناس اللي جايين يباركوا، أحسن لك اتبدلي تيابك ديْ، لأني ما اضمنشي لو استنيتي جودامي كومان دجيجتين وانتي بالمنظر ديه ايه اللي ممكن يوحصل، بس اللي اجدر أجولهولك انك ما عتكونيش جاهزالهم واصل!!..
سكتت قليلا تطالعه بعدم فهم لثوان حتى إذا فهمت ما يرمي إليه تخضب وجهها بحمرة قانية وهتفت بحنق:
- غيث، عيب كدا!..
نظر اليها كمن يطالع كائن خرافي قبل أن ينفجر في ضحكة عميقة ويقول:
- عيب؟!.. وايه العيب في اللي بجوله؟. مرَتيْ وماحدش ليه عندينا حاجة!...
حاولت الابتعاد من أمامه وهي تزمجر في حنق حينما اعترض طريقها، ليمنعها من المرور فكلما اتجهت يمين أو يسار وجدته أمامها أو يسار، لترفع رأسها اليه وهي تقول:
- مش وقته يا غيث، ابعد من وشِّي بدل ما أدخل الاودة وأقفل عليّا وخليك قاعد لوحدك لغاية ما الناس تيجي!..
أحاط بخصرها براحتيه اللتن شعرت بسخونتهما تعبر القماش لتنشر الحرارة في سائر جسدها، همس أمام شفتيها غامزا بخبث:
- ما أنتي شوفتي بعنيكيْ اني مايعصاشي علي باب مجفول ولا جفل مصوجر كومان!..
سلافة بحنق طفولي:
- لا طبعا هنسى أزاي؟.. وانا أقدر انسى الخضّة اللي خضتيهالي امبارح!..
أطلق غيث ضحكة مرحة وأجاب:
- أعملك إيه انتي اللي فاكرة نفسيك اللي بتعرَفي اتفكري وبس، وناسيتي انه كل مفتاح منيه تلات نسخ، وحظي كان حلو لمن لاجيتك شايلة المفتاح من الباب، بجيت سهلة وبسيطة، وعشان تبجي مطمنة، أني شيلت المفاتيح كلاتها، ايه رايك بجاه؟!!...
حدقت فيه بذهول وهي تكرر وقد أوشكت على البكاء:
- شيلت المفاتيح كلاتها؟...، هز برأسه موافقا وهو يكتم ضحكته بصعوبة، فتابعت في تساؤل:
- ليه طيب يا غيث؟...، همس فيما عيناه تنصبان على شفتيها الممتلئتين بلونهما الشهي:
- عشان أني ما أضمنكيشي يا بت عمي، عارفك وعارف إجنانك...
لتطير ريبتها وقلقها أدراج الرياح وتقطب هاتفة بنزق:
- نعم؟.. قصدك تقول أني مجنونـ....
ولم تكمل إذ أسكتها بأقصر الطرق وأحبها إلى قلبه!!..
صوت رنين بعيد طرق سمعها فكانت هي أول من انتبه فحاولت ابعاد شفتيها عن فمه الثائر، وهي تهمس:
- غيث.. الباب، الباب يا غيث!!..
انتبه لطرقات الباب فرفع رأسه ليرى وجهها وقد تخضب بحمر الخجل القانية، فهمس:
- روحي وضبي حالك وانا هفتح لهم...
ركضت سريعا الى غرفتها لتعيد ترتيب زينتها في حين وقف هو أمام المرآة الموضوعه على الحائط بجوار باب المنزل، أرجع خصلات شعره بيديه الى الخلف، ورتب بلوزته القطنية قبل أن يفتح الباب ليطالعه وجه جدته الصبوح التي أطلقت زغرودة طويلة، ودلفت تقبله وتهنئه وبعدها راوية ثم ألفت،في حين دخلت وردة الخادمة تحمل صينية كبيرة محملة بصنوف الطعام المختلفة، خرجت اليهم سلافة التي ما أن رأت والدتها حتى ارتمت بين أحضانها وكأنها لم ترها منذ دهور، قبلت يد جدتها وصافحت راوية راسمة ابتسامة صفراء تماثل التي ارتسمت على وجه راوية، بعد تبادلهم الاحاديث الخفيفة استأذن غيث للنزول الى جده فأخبرته الجدة بابتسامة:
- خليك موطرحك يا عريس، جدك وبوك وعمك عايجولك، همّن حدا شهاب وعيحصلونا، جولنا نجسموا نفسينا، جيناك احنا الاول وراحوا لشهاب وبعدين عيجوك هما واحنا عنروحوا للعرسان التانيين...
نهضت سلافة واتجهت الى المطبخ لإحضار أكواب العصير فلحقتها أمها والتي أرادت الاطمئنان على ابنتها، سألتها ان كانت سعيدة وبخير فأجابتها بخجل أنها بخير وأن غيث يحمل قلبا رقيقا بين جوانحه فدعت لها أمها بدوام السعادة...
اتجهن بعد ذلك الى سلمى ترافقهن سلافة بعد أن أذن لها غيث، اجتمع الرجال لدى غيث والحريم لدى سلمى، وانصرف شهاب برفقة الرجال لترك النساء بمفردهن، ولحقت بهن سلسبيل هي وحماتها والتي ما أن انفردت بها سلافة في مطبخ سلمى حتى سألتها بلهفة:
- ها قوليلي ايه الاخبار طمنيني؟!!..
نظرت اليها سسبيل بنصف عين وأجابت من بين أسنانها:
- أطَمْنِك؟ ديه عاملة يا سلافة؟.. لكن اني المحجوجة، كان حاجِّتي شوفت اللي انتي جبتيه جبل ما ألبسه!
غمزتها سلافة بخبث وأجابت بثقة:
- انما ما تنكريش... شكلها كانت ليلة من الآخر، وأبسط دليل تأخيرك يا عروسة، جدتي قالت انك المفروض كنت تيجي معهم ومتعرفش ايه اللي أخرك؟.. أنا ما رديتش أقزل، شوفتي، عشان تعرفي أني مؤدبة؟!..
أجابت سلسبيل ساخرة:
- آه.. مؤدبة! جوي جوي...، ثم مالت عليها مردفة:
- انما صحيح.. ايه أخبار الأدب انبارحة يا.. عروسة؟!..
حدجتها سلافة بنظرة سوداء قبل أن تحمل صينية العصير الذي انتهت سلمى من اعداده وهي تجيب من بين أسنانها:
- ياللا يا سلمى، اتأخرنا على الناس اللي بره، سبقتها سلمى فمالت على سلسبيل وأردفت بهمس:
- أنا دلوقتي بس عرفت انتى طالعه مؤدبة لمين؟...، أجابت سؤال سلسبيل الصامت:
- أخوكي أكيد غيث، وأقطع دراعي اما كان شهاب نفس الفصيلة، مش توائم، ولو ان سلمى أختي دي مش بتبل الريق!!
------------------------------------------------------
تقرر سفر العرسان الى الساحل الشمالي لقضاء أسبوعين، في حين سافر ليث وسلسبيل الى الأسكندرية لقضاء أسبوع بمفردهما تاركين الأطفال في عهدة أبوه وأمه...
كانت راوية طيلة هذه الفترة تكاد تجن، فألفت تعيش أسعد أيام حياتها هي وابنتيها، بعد أن فرضتهما عليها زوجتين لولديها هي رغما عنها، كان الحاج قد أهدى تذكرتي سفر لرؤوف كي يسافر لأداء مناسك العمرة هو وزوجته، وتقرر السفر بعد عودة الأبناء بيوم....
عاد أحفاد الخولي، وامتلأ المنزل الكبير بالضحك وكان وجودهم يضفي السعادة على من حولهم باستثناء واحدة... كانت تتمنى الموت لابنتي ألفت، وقد ضمرت لهما من الشر ما يشيب له الوجدان!..
طرقات ضعيفة تعالت على باب غرفة الجدة، فتبعها صوت من الداخل يأذن للطارق بالدخول، دلف الطارق الذي لم يكن سوى وردة الخادمة، دخلت بخطوات بطيئة، طالعتها الجدة التي كانت تجلس الى سجادة الصلاة تسبح على كرات الكهرمان في مسبحتها الخاصة، نظرت اليها قائلة:
- تعالي يا وردة...
اقتربت وردة وهي تنظر الى الأسفل، ووقفت أمامها ساكنة تماما، قالت الجدة:
- فيه حاجة يا وردة؟..., رفعت وردة رأسها لتفاجأ الجدة بشحوب وجهها فقامت من مكانها وجلست فوق أريكتها وأشارت اليها بالتقدم فأطاعت وردة من فورها، قالت الجدة:
- فيه ايه يا بتِّيْ.. ما تتكلميْ!..، لعقت وردة شفتيها وأجابت بصوت خائف مرتعش:
- ستي الحاجة أني... أني...، زفرت الجدة وهتفت في حزم:
- انتي إيه يا بتي ما تجولي؟..
أجابت وردة بتردد:
- أني لوما العيش والملح اللي كالته في داركم ولحم اكتافي أني وامي وأهلي كلاتهم من خيركم أني ما كونت اتحدتت واصل، لاكن ما جدراشي أعرِف وأسكت يا ستي الحاجة!..
استغفرت الحاجةبصوت منخفض ثم نظرت اليها قائلة بجدية:
- يا بت اتحدتي من غير كلام كتير، فيه إيه؟.. ما انتيش على بعضيكي ليه؟..
اقتربت وردة حتى أصبحت على بعد سنتيمترات قليلة من الجدة ومالت هامسة:
- وعليّا الأمان يا حاجة؟...، لتنفخ الجدة بضيق فأردفت وردة وهي تكاد تبكي:
- ما تواخزنيشي يا حاجة، لكن أني وأهلي غلابة، ومش جد الحاجة أم غيث!..
قطبت فاطمة وقالت:
- أم غيث!... بت.. حالا دلوك تجوليلي ايه الحكاية بالظبط!
أجابت وردة:
- حضرتِك عارفة ان موزة بت خالي ابتشتغل حدا الست زينب أخت الست راوية، ومن يامين كنت حداها لمن شوفت الست راوية اهناك مع...
وسكتت فنهرتها فاطمة بغضب:
- مع مين يا مجصوفة الرجبة ما تتحدتي؟!..
لتلقيها وردة دفعة واحدة:
- مع أم ستيت!!..
لتنهض فاطمة وهي تهتف بذهول:
- باه!.. أم ستيت الدّجَّالَه!! ...
حركت وردة رأسها بالايجاب وهي تقول:
- أيوة يا ستي الحاجة، البت موزة جالت لي ان الست راوية يوماتي بتاجي عنديهم وبتجعد مع أم ستيت ، وانه الست زينب في آخر مرة اتشاكلت مع الست راوية وجالت لها ما عادتشي عتدخل اللي اسميها أم ستيت ديه حداها، وانها صدجتها لمن جالت لها أنها رايدة أم ستيت تعمِل لولادها احجاب يحفظهم وانها صدجتها ولو انها كانت شاكة لان ام ستيت المعروف عنيها انها ما بتعملشي الا العمالات الشينة كلها، ووجتها الست راوية رديت عليها وجالت لها مالهاشي صالح باللي بتعمله، فالست زينب جالت لها طالما في دارها يبجى ليها حج انها تدخل، وبعدين ست راوية مشِتْ وهي حمجانة، وبتجسم انها ما عادتشي طابّة برجليها البيت حدا الست زينب، وخرجت هي وأم ستيت، ستي الحاجة.. سايجة عليكي سيدي الطرنوبيْ أني ما جولتش لجنابِك حاجة، البت موزة غلبانه ولو دَريت الست زينب انها حاكاتلي واني جولت لحضْرِتِك ينكن تتأذي..
شحب وجه فاطمة وهي لا تستطيع مدى الشر الذي بقلب راوية، أتصل بها الكراهية الى حد فعل ما يغضب الله ويلعنه؟.. أتستعين بتلك الشيطانة أم ستيت في سبيل إيذاء أبنائها هي؟!.. فطبيعي أي أذى يلحق بزوجة أي منهما سيؤذيه هو الآخر بالمقابل، نظرت الى وردة قائلة بصرامة:
- ما عتخافيشي يا بت، لكن حسّك عينك الحديت اللي جولتيه حدايا اهنه يطلع من خشمك لحد تاني، حتى لو الشيخ بذات نفسيه، ودلوك اسمعي اللي عجوله وحطيه في بالك زين.. لو لمحتي المَرَهْ اللي اسميها أم ستيت ديْ ولا حدا من طرفها تاجي وتعرفيني في لحظتها، مفهوم؟..
أومأت وردة عدة مرات بنعم وهي تهتف بذعر:
- مفـ.. مفهوم.. مفهوم يا ستي الحاجة...
قالت الجدة بصرامة:
- روحي دلوك لشغلك، وحسيكي عينكي مخلوج يعرف بحرف من اللي اتجال اهنه، وجتها تجولي على نفسيكي انتى وموزة جريبتك يا رحمن يا رحيم!..
ولولت وردة:
- يا مُرِّك يا وردة.. يا مُرِّكْ....
نهرتها الجدة هاتفة بحدة:
- باه... اجفلي خاشمك يا بت، اتجنيتي إياكْ.. ياللا غوري وحطي الكلام اللي جولتهولك دلوك حلجة في دينيكي!..
خرجت وردة تركض وهي تتعثر في طريقها في حين هتفت فاطمة بذهول غاضب:
- أم ستيت؟.. حصّلِت لأم ستيت يا ناسية ربّك... ماشي يا راوية.. لمّن نشوف.. أني ولا أنتيْ، وابجي وريني عتجدري تعمِلي إيه انتي ومرضعة إبليس ديْ.. أني مهما كان الحاجة فاطمة... وان كنتي ناسيتي مين هي الحاجة فاطمة عفكِّرك!..
تجلس أمام عجوز ترتدي الأسود من أعلاها إلى أسفلها، يكاد من تحط عيناه على وجهها أن يصاب بالرعب من ملامحها التي تحمل تعابير شيطانية، وكأن عملها الأسود ولعنة الله لها قد خُطت فوق وجهها بسطور من نار، كانت تحاول تمالك نفسها، بينما تجلس بجوارها رفيقتها في مشوار البؤس هذا، أم علي، تلك السيدة التي تعمل لدى الجد عبد الحميد من زمن طويل، منذ أن كانت صبية في الثالثة عشر من عمرها وهي الآن قد تخطت الستين من عمرها، لتأمر الجدة بأن تركن الى الراحة وأن يقتصر عملها في القصر على الانتباه لشغل باقي الخادمات، وكانت هي من أشارت على راوية باللجوء الى أم ستيت ظنّا منها أنها بهذا تكسب محبة سيدتها فتقربها منها، ناسية أنها تؤذي بذلك أصحاب المنزل الذي أواها منذ أن كانت صغيرة، ولكنها كانت قد تعاطفت مع راوية حيث كانت موضع سرها وكانت كثيرا ما تشكي أمامها من ألفت الظالمة تلك التي سرقت ابنيها رغما عنها، فتتعاطف معها بكل غباء وتنصحها بالاستعانة بأم ستيت!...، جلست تلك العجوز المرعبة وأمامها موقد بخور كبير، كانت تذر عليه بعض الأشياء فيزداد تصاعد الدخان في حين كانت تقرأ بعض الكلمات الغير مفهومة، وهي تصدر أصواتا مرعبة تقشعر لها الأجسام، نظرت أم ستيت الى راوية وقالت:
- جبتي اللي جولتلك عليه؟...
أسرعت راوية بإخراج وشاح ملفوف وناولتها له وهي تقول بارتعاش:
- أها.. جبـ.. جبتَهْ!... ثم ابتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تكمل:
- معالهش يا أم ستيت.. أني يمكن الفترى اللي جاية معجدرشي أشوفك، اختي حداها ظروف تمنعنا نتجابل اهناك، فهبجى أشيّع لك أم علي بطلباتك كلاتها!..
رمقتها أم ستيت بنظرة سوداء وهي تحدق فيها بقوة في حين ازدادت تغضنات بشرتها السمراء وهتفت بحدة:
- الاسياد عاوزين حاجتهم تكون حاضرة وجت ما يطلبوها، واني اللي اجول إذا كنت رايدة أشوفك ولا لاه.. ولا أنتي عاوزة الاسياد تغضب منيكي؟..
هتفت راوية بصوت أشبه بالبكاء:
- لاه.. لاه.. أني تحت أمر الاسياد..
تناولت أم ستيت الوشاح الصوفي وقالت:
- امنيح، خلي ديه حدايا وبكرة عشيّة.. تاجي يا أم علي، اسمعي زين اللي عجولك عليه، الشيلَه ديْ.. فيها عرج المحروس، لازمن يلبسها أول ما يعاد بالسلامة وينام فيها، وبعدها مهما عِملت له مَرَته عتتخيّل له جِرد.. وما عيجدرشي يجرّب لها، حتى لو اعملت له بت ليل، ولدك ما عيجرب لها، وعيكرهها كره العمى، بس لازمن يبيت في الشيلاه ديْ وتاخد عرج النوم.. بعديها.. تاجي اهنه وتجيبي لي البشارة!..
أشرقت أسارير راوية وهي تهتف:
- ليكي منّي حلاوة حلوة جوي جوي يا أم ستيت لو اللي ببالي حوصل، وجتيها طلباتك وطلبات الاسياد كلاتها عتكون مجابة!..
وانصرفت هي وأم علي تحلم باللحظة التي يكره فيه ولدها زوجته ولا يطيق حتى ذكر اسمها أمامه.... تلك الفتاة التي تطالعها دائما بتحد وكأنها تخبرها بأنها تعلم بما تضمره لها هي وأختها وأمها من كره... ولكن.. صبرا.. فقد اقتربت ساعتك.. وسيكرهك ابني.. ولن يطيق حتى سماع أحرف اسمك... سلافة!!!!!..
- يتبع -

منى لطفي 24-12-16 01:05 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
الحلقة (31)
دلفت الى غرفة النوم، رأته يقف يرتدي عمامته البيضاء، فابتسمت واقتربت منه، طالع صورتها المنعكسة في المرآة خلفه، ولكنه لم يهتم بمبادلتها الابتسامة وأكمل لف عمامته، اقتربت منه ومسحت ذرات غبار وهمي من على كتف جلبابه الكتاني الأبيض، ثم قالت محاولة إسباغ الرقة على صوتها:
- عتتأخر انهَااردِه؟...، أجابها وهو يستدير نافضا يدها من فوق كتفه وببرود:
- ما عارفشي... انما غريبة يعني... من ميته وانتي عتسأليني عتأخر ولا لاه؟..، هزت كتفيها واجابته بخفوت:
- لاه .. بس بطمّن.. أني عارفة انك متكدر منّي وأني ما عاوزاكشي تغضب عليّا يا ولد عمي أني....
لتبتر عبارتها فجأة وقد توسعت عينيها ذهولا ورعبا وهي تراه يرتدي وشاحه لافاًّ اياه حول رقبته وهو يستمع اليها بغير اهتمام، فهتفت وهي تشير الى وشاحه:
- ديه... ديه شاملة غيث مش إكده؟....، أجابها عثمان وقد أنهى استعداده للخروج:
- غيث عطاها لي .. عندك مانع؟..، ولم ينتظر اجابتها واستدار منصرفا ليوقفه هتافها العالي باسمه فالتفت اليها ناهرا لها بتقطيبة حادة فوق جبينه:
- باه.. جرالك إيه يا وَلِيِّه؟.. اتجنيت إياك؟.. عم بتزعِّجي ليه إكده؟....
هرولت اليه وهي تجيب وقد شارفت على البكاء:
- ماعالهشي يا ولد عمي، ما تواخزنيشي، لكن الشاملة ديْ غيث كان لابسها جبل ما يتزوج ولسّه ما غسلنهاشي, غيِّرْها وهاتها لمّن أغسلها...
عثمان بحدة:
- باه.. اتخبطتي في نافوخك يا راوية؟؟.. غيث ما اتلفعشي بيها واصل، من وجت ما عطيتهاله هَديّة وهو عطاهالي لمّن شافها عاجبتني، وديه يدوبك تاني مرة أتلفع بيها.. وخّري من جودامي خليني أروح ِأشوف مصالحي...
كادت راوية تنوح وهي ترجوه:
- يعني انت اللي لابستها من الاول يا عتمان؟...، أجابها ساخرا مقلدا صوتها الباكي:
- إيوة أني اللي لابستها من الاول يا عتمان!!.. بعدي عني يا إماتَنْ الله في سماه لا أخلِّص منِّيكي الجديد والجديم يا راوية... بعِّدي!!...
ليزيحها عن طريقه ويخرج صافقا الباب خلفه بعنف فتطلع الى الباب حيث اختفى وراؤه وهي تهمس في شبه هستيرية:
- هو اللي لابسها من الاول!!!!.. على إكده لمن جبتها من المجعد اللي كان في الجنينة ما كانشي غيث اللي ناسيها كيف ما كنت فاهمه.. كان هو!!!!.. يعني عمل أم ستيت معيصيبشي بنت ألفت....
لتقطع عبارتها وتصمت فجأة وهي تشهق برعب هاتفة وحدقتاها قد توسعتا فزعا:
- عيصيبني أني!!!!!!!!!، وفتحت الباب تهرع مسرعة خلف عثمان وهي تناديه عاليا قبل أن يعرق في الوشاح أو تغمض عينيه وهو يرتديه فيسري مفعول السحر الأسود فيصيبها هي!!!!!!!!...
وقف عثمان فجأة حتى كادت تضرب به وهو يزفر بضيق ونظر اليها من فوق كتفه وهو يصيح بها عاليا:
- أنتي وبعدهالك أنّهاردِهْ؟؟.. اتجنيتي ولّا إيه؟..
حاولت راوية التقاط انفاسها المتعثرة وأجابته بتلعثم واضح وهي تقف تواجهه في ردهة المنزل أمام الباب الداخلي:
- ما.. ماجراشي يا.. يا ولد عمي، لكن التلفيعة دي مش امناسباك فأني بجول انك... انك.. اتغيّرها أحسن!...
ضيق عثمان عينيه ومال عليها وهو يقول باستنكار حاد:
- بتجولي إيه يا أم الوِلْدْ؟... أغيِّر إيه؟.. ومن ميتة انتي بتتدخّلي في اللي عالبسه واللي معلبسوشي؟...
راوية وقد هرب الدم من وجهها فزعا من لهجة الوعيد الواضحة في صوته:
- لاه ماجصداشي حاجة لا سمح الله، غاية ما هناك إني رايداك تيابك كلاتها اتكون ريحتها زينة، وديه ما تواخزنيشي يعني يا ولد عمي، ريحتها عِفشة.. لازمن أغسلها وأطيّبها لك بالعود والبخور كيف ما بعمل في خلجاتك كلاتها، أني لو كُتْ أعرِف أنها تلفيعتك كُتْ بخرتهالك كيف ما بتحب اتيابك كلاتها..
زفر في اختناق وهتف بها:
- راوية بجولك إيه.. اطلعي من نافوخي.. ايه الحديت الماسخ ديه؟؟... وبعدين ريحتها عفشة!!... جصدك ريحتي أني بجاه ما هو أني الوحيد اللي لابستها!!!
شهقت راوية وهي تهز رأسها مرارا وتكرار نفيا وهي تهتف بلهفة:
- لاه.. لاه ينجص إلساني لو جولت إكده.. أني بس...
ليقاطعها هاتفا:
- اسكتي ساكت خلاص... جبر يلم العفش.....
ليقاطعه دخول شهاب وسلمى وهما مشبكان أيديهما سويا وما أن لمح شهاب والده حتى ترك يد سلمى احتراما له، اتجها إلى عثمان وراوية حيث ألقيا تحية الصباح فرد عثمان وهو يحاول الابتسام في وجهيهما في حين ردت راوية وهي تشعر بالحنق والغيظ من منظر ولدها مع ابنة ألفت، لتلقي التحية ببرود ولكنها سرعان ما ابتسمت لشهاب وهي تحتضنه وهو يقبل رأسها ويدها داعية له بصلاح الحال وأن يكفيه الله شر أولاد الحرام وبنات الحرام وهي تحدج سلمى بطرف عينها والتي لاحظت نظرتها فقطبت في حيرة!!!...
قال شهاب بابتسامة:
- ايه مالك يا حاج ع الصبح مين اللي معصّبك بس؟؟..
عثمان وهو يحاول تمالك أعصابه:
- لاه مافيشي يا باشي مهندز.. ما تشغلشي روحك أنته...
ثم وجه حديثه الى سلمى مردفا بابتسامة أبوية:
- كيفك يا عروسة.. شهاب عامل امعاكي إيه؟.. لو زعَّلِك ولّا عِمِل لك أي حاجة جوليلي وأني هعرِّفه شغله صوح..
ضحكت سلمى وأجابت بابتسامة:
- ربنا يخليكي ليا يا بابا الحاج.. شهاب مش ممكن يزعلني...
ليبتسم لها شهاب ابتسامة عشق صافي بادلته اياها في حين كانت راوية ترغي وتزبد وهي ترى نظرات الحب المتبادلة بينهما وما زادها كرها وبغضا حديث زوجها لسلمى من أنه سينصفها هي على ابنه!!!..
لمحت بطرف عينها وردة وهي تسير بالقرب منهما تحمل كوب ماء فنادتها لتقبل الأخيرة عليها فسألتها بأمر:
- هاتي الكوباية ديْ، لَمين واخداها؟..
أجابتها وردة بينما تناولت راوية كوب الماء من يدها:
- ديه ستِّي الحاجة كانت رايدة تشرب...
رفعت راوية الكوب على فمها وهي تميل ناحية عثمان، وما أن سمعت جواب وردة حتى أسرعت بإزاحة الكوب متظاهرة بالاضطراب ليقع نصف محتويات الكوب فوق ثياب عثمان وتحديدا... على الوشاح الملموس!!!!!
هتف عثمان وهو يبتعد عنها:
- باه.. جبر يلم العِفش!.. خبر إيه يا راوية انّهارْدِه؟...
راوية وهي تصطنع الأسف:
- ماعالهشي يا ولد عمي، لمن اسمعت ان المايّة ديْ لمرات عمي إزوِرْتْ!!!
تأفف عثمان وهو يقول:
- أعمل إيه دلوك؟.. ناجص عطلة أني؟.. أمري لله عروح أبدّل اتيابي...
لينصرف من فوره تتبعه راوية وهي تخفي ابتسامة نصر صغيرة في حين تبادل شهاب وسلمى نظرات التساؤل والجهل!!..
--------------------------------------------------
تقدمت أم علي من سيدتها وهي تتساءل في سرها عن سبب تلك التكشيرة الكبيرة التي تزين وجهها؟!!....، تحدثت أم علي بلهفة:
- مالك يا ست الحاجة كفالنا الشرّ؟.. شكلك إكده تعبان ومتضايج..
تنهدت راوية بعمق ثم أجابتها بينما تجلس أم علي على السجادة الأعجمية أسفل قدمي سيدتها في غرفة نوم الأخيرة:
- عجولك إيه بس يا أم علي، العمل اللي عاملاته أم ستيت مابجاش نافع!..
خبطت أم علي على صدرها براحتها وهي تهتف في دهشة وتساؤل:
- كيف ديه؟.. أم ستيت سرّها باتع وعملاتها ما عتخورّش المايّه..
قالت راوية بضيق:
- أهو اللي حوصل... أتصرف كيف أني دلوك؟..
قالت أم علي بابتسامة مترددة:
- ما يمكن يا ستي الحاجة ربْنا يخلف الظنّ ويطلعوا بنات حلال مش كيف ما انتي خايفه!..
نهرتها راوية والتي شعرت بأنها على وشك خسارة حليفها الوحيد في هذا المنزل حتى وإن كانت خادمتها المطيعة:
- باه... عتخرّفي تجولي إيه يا وليّه إنتي؟!... يطلعوم زينيين كيف وأمهم ألفت؟!.. وبعدين ماواعياشي لطريجتهم في الحديت ولا ضحكهم، وكله كوم ولبسهم الماسخ ديه كوم تانيْ!.. أني كنت رايدة لولادي ابنتّه من حدانا اهنه عارفاهم زين وخابره تربايتهم كيف شكلها، لكن بنات البندر دولم هعرِف منين أني ان كانوا زينين ولا شينين؟.. دولات ولاديْ وأني أمهم يعني أني الوحيدة المفروض تجول آه ولا لاه على الرايدين يتزوجوهم، مش كيف ما عملوا وأنغصب أني أجبلهم، بذمِّتِكْ يا أم علي ما شايفاشي لبسهم كيف؟.. أني مستغْرِبَه كيف شهاب وغيث سايبينهوم إكده من غير ما يجبروهم أنهم يتغطُّوا؟.. واتجوليلي عيطلعوا زينين؟.. الجواب بيبان من عنوانه يا أم علي..
أم علي وقد اقتنعت بوجهة نظر سيدتها:
- تصدجي يا ستي الحاجة عنديكي حاج، صحيح.. لبسهوم أني ذات نفسي اللي اسمي مَرَهْ كبيرة لمن بشوفهم بانكسف لهم، لاه.. عنديكي حاج يا ستي الحاجة..
وسكتت أم علي لتتابع بعد ذلك بسذاجة جاهلة بأن حديثها سيكون بمثابة صب الزيت على النار وسيفتح بابا لن يُسد بسهولة:
- أني لساتني حتى جبل شوية لمن شوفت ست الدَّكتووورة وهي راكبة الترموبيل مع جدع إكده ربّك والحاج.. استعجابت!..
قطبت راوية وقاطعتها وهي تسأل بريبة:
- انتي عتجولي إيه يا ولّيَّه؟...، هزت أم علي رأسها بالايجاب وهتفت:
- إيوه يا ستي الحاجة... ست سلمى نَضَرْتها وهي راكبة الترومبيل مع جدع أني شوفته جبل إكده... بس مافاكراشي فين؟..
ثم قطبت وهي تحدث نفسها وتخبط بسبابتها على صدغها:
- فين يا أم علي فين؟..
كانت راوية تتابعها بتساؤل ولهفة حتى هتفت أم علي بظفر:
- إيوه.. افتكرت.. الجدع الدَّكتووور اللي جِه حدانا إهنه وكانوا بيجولوا انهم يّعرِفوه من زمان..
راوية بتقطيبة:
- جصدك الدّكتوور كريم؟...، هتفت أم علي:
- إيوه.. هوّ ديه.. الدّكتووور كريم!!..
لمعت عينا راوية بلمعة ذئب قد وقعت فريسته في الشّرك، وابتسامة شيطانية ارتسمت على وجهها الأسمر ليصبح وجها بشعا مخيفا للكراهية مجسّدة!!!..
- ماما وحشتني أوي يا سلمى....
هتفت سلافة بهذه العبارة لسلمى شقيقتها وهي تحادثها في الهاتف، لتجيبها الأخيرة:
- وأنا كمان، بابا وماما وحشوني جدا، ان شاء الله يخلّصوا العمرة ويرجعوا لنا بالسلامة..
سلافة بتنهيدة عميقة:
- ان شاء الله، تصدقي ما فاتش الا اربع ايام بس من يوم ما سافروا وبيتهيألي انهم اربع اسابيع!.. المهم عامله ايه انتي مع الحيزبون؟..
سلمى تنهرها:
- يا بنتي عيب كدا، مهما كان دي اسمها أم جوزي وجوزك ومرات عمك بردو...
شخرت سلافة باستهانة وقالت:
- بس، بس.. هتفضلي عبيطة كدا طول عمرك، دي مش بس حيزبون لا والعجوز أم منقار كمان، أنا بحمد ربنا أني سافرت اسكندرية مع غيث وهو بيخلص شغل ليهم، اترحمت من سحنتها شوية..
سلمى بعتاب:
- بردو يا سلافة، مش عاوزة تبطلي؟.. عموما يا ستي الحمد لله أنا في حالي وهي في..
قاطعتها سلافة بجدية:
- في حالك بردو!!!!...، قطبت سلمى وتساءلت:
- إيه؟... يعني إيه هي في حالي بردو دي؟..
سلافة بصبر:
- يعني هي مش هتسيبك في حالك يا سلمى، وخلي بالك منها كويس أوي، مش معنى أنك مقتصراها خالص انها هتبعد عنك، انتي مش فاكرة وماما بتسلم عليها وهي مسافرة انها سلمت عليها ببرود من طراطيف صوابعها وقالت لها معلهش أصلي عندي برد!!... برد!!!.. الهي وانت جاهي يجيلها برد وحر سوا يعملوا عندها قافلة ما تقوم منها!!!!.
زجرتها سلمى عاليا:
- بقولك ايه يا سلافة لو مش هتبطلي طريقتك دي أنا هقفل، انا مش مستعدة أني أخد ذنوب من وراها، 100 قولتلك مالكيش دعوة باللي بين الكبار، هي لغاية دلوقتي ما أذتناش في حاجة، ولا حتى أذيت ماما، كونها بقه بتسلم ببرود ولا بتتكلم من تحت الضرس دي حاجة منقدرش نقول فيها حاجة، طالما ما واجّهتش إهانة لينا او لماما يبقى خلاص..
سلافة بجدية:
- خليكي كدا يا سلمى لما تتقرصي منها، أنا قلبي دليلي وسبحان الله اللي بحس بيه بيطلع صح على طول، ومن أول يوم شوفتها فيه وانا مش مرتاحالها، انتي نسيتي انها كانت معارضة جوازنا من ولادها؟.. سلمى نصيحة من أختك الصغيرة.. أنتي يمكن الكبيرة لكن طول عمرك وسط كتبك ومراجعك ومن المستشفى للبيت، أنا ليا خبرة بالناس واحتكيت بيهم أكتر منك، خلي بالك منها، اوعي تأمني لها، ودايما صارحي شهاب بأي حاجة، اوعي يا سلمى تخبي عليه حاجة لانها لو عرفتها بالصدفة صدقيني هتعملك حفلة عليها وجوزك معلهش مندفع، ما تزعليش مني أنا عارفة شخصية شهاب، لانه للأسف نفس التسرّع اللي عندي والاندفاع، خلي بالك يا سلمى..
سلمى وقد بدأت تشعر بالقلق من حديث شقيقتها الصغرى:
- حاجة إيه اللي أصارح بيها شهاب يا سلافة؟.. أنا عمري ما خبيت عليه حاجة..
سلافة بجدية مطلقة:
- شهاب عرف بموضوع كريم انهرده؟..
سلمى بتقطيبة:
- لا.. أنا لسه مروّحتش، وأكيد كنت هقوله أول ما أشوفه، المفروض أنه هيفوت عليا هنا في العيادة لكن اتأخر، عموما أنا لما أروح هقوله..
سلافة بإصرار:
- لا.. تكلميه حالا دلوقتي في الموبايل وتقولي له، اقفلي مني وكلميه يا سلمى، أرجوك.. انتي مش ضامنه الحيّة اللي انتي عايشة معاها دي ممكن تعمل إيه؟..
تأففت سلمى وهتفت:
- يوووه.. تاني يا سلافة؟!.. بصي أنا فعلا هقفل لأنك قلبتي دماغي.
وأنهت المحادثة الهاتفية، وشردت قليلا وسرعان ما استعادت هدوءها وهي تتمتم:
- ربنا يسامحك يا سلافة، قلقتيني على الفاضي، أنا متأكدة انه الموضوع بسيط وأول ما أروح أن شاء الله هقول لشهاب، وشهاب بيثق فيا مهما حد قاله عمره ما هيصدق حاجة إلا لما يسمعني الأول!..
ولكنها كانت كمن يطمئن نفسها بينما داخلها وخز ينبئها بأن أختها أبدا لم تضّخم الأمور... وأن قلقها في محله!...
************************************
- انتي بتقولي ايه يا أمي؟....، هتف شهاب بذهول في حين اقتربت منه راوية بخطوات واثقة ووقفت أمامه مكررة قولها بجدية:
- عجولك الجدع اللي اسميه كريم ديه جه اهنه ومراتك خرجت امعاه!...
ذهل شهاب ولم يجد جوابا للسؤال الواضح في عيني والدته ليزدرد ريقه بصعوبة ثم تحدث بصوت أجش:
- اكيد عاوزها في حاجة مهمة..
راوية وهي تنظر اليه بتركيز فيما تنفث السم في أذنيه وابتسامة سخرية صغيرة تشكّلت على طرف فمها الذي يقطر سُمًّا:
- هي جالتلك؟.. استسمحتك انها تُخرج امعاه؟... ، نظر اليها بحدة وريبة فعلمت أنها لا بد وأن تغير من طريقتها معه كي لا يشك في نواياها، فشهاب ليس كغيث، فهو سريع الانفعال وحاد، لذا ارتأت المداهنة فخفضت صوتها مسبغة عليه رنة خوف زائفة وقلق وهي تردف:
- يا ولديْ أني عارفة ان مراتاك لساتها ما اتعاوّدت على طبْعِنا وعاوايدنا، لكن برضيكي أني ما يرضينيشي ان حد من اهل البلد يشوفوها وهي ماشية امعاه.. عيجولوا إيه وجتها؟...، ليهب صارخا:
- يعني ايه ماشية معاه دي؟.. جرى ايه يا أمي؟....
ترقرقت دموع التماسيح في عينيها وهي تقول بأسف زائف وحزن:
- بتزعّج لي يا ولدي واني رايدة موصلحتك انت ومراتَك؟... زفر شهاب بضيق ومال عليها مقبلا رأسها وهو يعتذر قائلا:
- معلهش يا أمي ما تزعليش، حقك عليا، بس أكيد فيه سبب يخلي سلمى تعمل كدا!..
كادت تنفخ بضيق فهذه الـ سلمى تبدو قد تمكّنت من ولدها تماما، فهذا ليس شهاب ابنها الذي كان دائما فعله يسبق تفكيره، فهو انفعالي بالدرجة الاولى، ولكنها لن تكون راوية ان لم تجعله يهب كالاعصار عليها!!.
تظاهرت بالاقتناع وهي تقول:
- عنديك حج يا ولديْ، لازمن فيه سبب ايخليها اتروح امعاه المركز، اني بس كُت خايفة لمّن الناس ايشوفوها وهي راكبة امعاه عيجولوا ايه؟...
ليحدق فيها شهاب بشدة في ذهول أول الامر قبل ان يهدر صائحا:
- ايه؟.. راكبة معاه؟.. سلمى ركبت مع كريم العربية؟..
راوية وهي تتظاهر بالدهشة من انفعاله:
- إيوة يا ولديْ، وبصراحة إكده.. أني سمعتها وهي بتحدته في التَّلفون وكات بتجوله انه المشوار مش عياخد كاتير، بس ما كوتش خابره انهم عيتكلموا على خروجتهم سوا!!..
فمن سوء حظ سلمى ان راوية كانت قد سمعت طرفا من حديثها في هاتفها المحمول وطرق اسمه سمعها وما ان علمت من ام علي ان سلمى قد خرجت برفقة كريم حتى نسجت لعبتها الماكرة وأحكمت خطتها للايقاع بين ابنها وابنة ألفت!!..
احمرّت عينا شهاب لتصبح بلون الدم، وما ان همّ بالكلام حتى قاطعه صوت سلمى المرح وهي تدلف الى الداخل، والتي ما ان رأته حتى تقدمت ناحيته وهي تهتف بفرح لرؤيته:
- شهاب حبيبي.. حمد الله على السلامة..
ثم تعلقت بعنقه ورفعت رأسها لتقبله على وجنته كما اعتادت ليبتعد بوجهه عن مرمى قبلاتها فقطبت ثم لاحظت وقوف راوية جانبا وكانت قد ابتعدت لدى رؤيتها لسلمى وهي تدخل، فاعتقدت سلمى ان برود شهاب راجع الى وجود والدته فاحترامها واجب، فابتسمت وهي توجه تحيتها لوالدته قائلة:
- ازي حضرتك يا طنط؟..، ابتسمت راوية ابتسامة صفراء وهي تجيبها:
- الحمد الله زينة.. انتي كيفك يا بتِّي؟..
قاطعهما صوت شهاب الذي هدر بعنف:
- كنتي فين يا سلمى؟... ، نظرت اليه سلمى مقطبة وقالت:
- يعني ايه كنت فين؟.. كنت في المركز...
نظر اليها بحدة مردفا:
- ليه؟.. ويا ترى كنتي لوحدك؟...
سلمى بريبة:
- انا مش فاهمه ليه الأسئلة دي كلها؟.. هو تحقيق؟.. عموما كنت في المركز بقضي مصلحة، ارتحت ؟.. عن إذنك...
وتركته واستدارت منصرفة حين انطلق صوته آمرا من خلفها:
- سلمى!!!!... ، لتتيبّس في وقفتها فيما تراقبهما راوية وابتسامة جذل تتراقص بين مقلتيها، تقدم شهاب منها واستدار ليقف أمامها وهو يهتف بشراسة من بين أسنانه:
- الست المتربية ما تسيبش جوزها وهو بيتكلم وتمشي يا هانم!... هو سؤال واحد.. كريم كان هنا بيعمل ايه؟....
لتظهر الصدمة جلية على ملامحها ثم تنقل نظراتها بينه وبين حماتها تلك العقربة التي حذرتها منها أختها قبل قليل وكانت هي من الغباء والسذاجة أن نهرتها بعنف، لتتحقق مخاوف أختها من أن راوية تقف لها بالمرصاد ولا بد أن لها يد في حدة شهاب واتهامه الصارخ في طريقة كلامه معها، والتي ترفضها شكلا وموضوعا، تنفست بعمق ثم تحدثت ببرود وصوت ميت:
- سؤالك كنت ممكن أجاوبك عليه لو كان استفسار عادي، لكن صوتك فيه تلميح واتهام انا مقبلوش، وعشان كدا.. أنا آسفة.. أنا أرفض طريقة كلامك معايا بالاسلوب دا، وغير كدا دي حاجة خاصة بكريم مش بيّا فمش من حقي أني أقولها!..
فتتدخل راوية هاتفة بخبث لتصب الزيت فوق النار:
- خاصّة بيناتك انتي وكريم دِه؟...
سلمى بجمود:
- تمام .. بيني وبينه!....
حدق فيها شهاب بغضب مخيف بينما أسود وجهه وهو يصرخ بها:
- ايه؟.... انت اتجننتي؟!!!!!!!!!! ..
سلمى وقد بدأت تشعر بالاختناق:
- ولا كلمة زيادة بعد كدا يا شهاب، انت مش في وعيك دلوقتي..
ليعاجلها بجنون:
- قصدك ايه؟.. إني مجنون؟...
لتتقدم إليه وقد تصدعت قشرة برودها بسبب اتهاماته المجحفة بحقها ونظرة التشفِّي الواضحة التي تراها في عيني أمه في حين قد عميت عيناه هو عن ملاحظتها، وقفت أمامه وهي تهتف بانفعال خارج عن ارادتها:
- والله اللي تحسبه بقه.. أنت أدرى بنفسك!!.. مجنون ولّا.....
ليقاطعها بصفعة مؤلمة جعلتها تصرخ ألما وهي تطالعه بأسى وذهول وما لبثت أن هتفت صائحة:
- مش ممكن هستنى معاك دقيقة واحده بعد كدا، انت مجنون فعلا، طلقني يا شهاب.. طلقني!!!!!!..
ما ان سمعتها راوية حتى كادت تزغرد فرحا فها هي أولى بنات ألفت قد نطقتها والبقية تأتي يا بنات ألفت!!..
ولكن صوت قوي رغم عمر صاحبته التي تخطت الستين صدح عاليا وبقوة:
- إيه اللي بسمعو ديه؟...
نظرت سلمى تجاه الصوت لتبصر جدتها فركضت إليها وارتمت بين ذراعيها وهي تجهش ببكاء حار وتهتف برجاء وحزن يقطع نياط القلوب:
- الحقيني يا ستّوُ، أنا مش ممكن أستنى ولا دقيقة واحده كمان هنا..
احاطتها جدتها بحنان وقالت بهدوء في حين رمت شهاب بنظرة غاضبة وراوية بأخرى سوداء غامضة:
- باه... ايه الحديت ديه يا بتّي؟..
رفعت سلمى وجهها اليها وقالت وهي تشهق بعنف بينما دموعها تغرق وجهها:
- أنا اتضربت واتهنت يا ستُّو، عمر ما حد مد إيده عليّا لا بابا ولا ماما، وزعيق وطريقة كلام وتلميحات أنا مقبلهاش، أنا مش ممكن هستنى هنا، أرجوكي يا ستو خلّيني أمشي من هنا...
ليهدر شهاب بغضب ينافي الخوف الذي احتل قلبه ما ان سمعها وهي تصرخ طالبة الطلاق:
- انتي اتجننتي؟.. مش هتتحركي خطوة واحدة من هنا يا سلمى، وانسي الكلمة المجنونة اللي انتي قولتيها دي، ولو زودتي في الكلام رجلك مش هتخطي عتبة البيت ولا اضطريت أني أحبسك.. هحبسك!!!.. ايه رأيك بقه؟...
هتفت الجدة بحدة:
- شهاااب!!!.. اتجنيت إياك!!.. ليه ان شاء لله.. معنديهاشي عيلة وعزوة يوجفولك؟.. انت اتخبطت في نافوخك ولا ايه؟.. ديه بدل ما تحب على راسها وتستسمحها تجوم اتجول إكده؟...
تأفف شهاب وقال:
- يا جدتي انتي مش عارفة اللي حصل..
قاطعته هاتفة:
- مهمن كان... متوصلشي بيك المواصيل انك اتمد يدك على مراتك، ودلوك اتفضل جودامي على داري لمن أشوف آخرتها مع اجنانك اللي انتي مش ناوي اتودّرُه ديه إيه...
هتفت سلمى برجاء:
- أرجوكي يا ستّو.. أنا مش قادرة أستنى دقيقة واحده بعد كدا أنا...
ليهتف شهاب بحدة بينما يتقطع داخله ما أن لمح علامات أصابعه فوق وجنتها الناعمة حيث كاد يجذبها بين أحضانه ليقبل وجنتها ويرجوها أن تسامحه:
- ما تعصبنيش يا سلمى، انتي مش هتتنقلي من هنا...
الجدة بصرامة:
- أني جولت ايه يا شهاب؟.. مش جولت ما رايداشي أسمع صوتك دلوك؟!...
ثم أشارت لسلمى قائلة بابتسامة خفيفة:
- تعالي يا بتي الله يرضى عنيكي، واطمّني.. اللي عيرضيكي أني هعمله....
هتف شهاب بهلع:
- جدتي...
لتنهره بنظرة زاجرة، فتقدمها كلا من شهاب وسلمى وسارت هي خلفهما حتى إذا ما أصبحت بمحاذاة راوية التي تابعت الحوار الذي دار بين ثلاثتهم فيما ينتفض داخلها خوفا من الجدة، اذ بفاطمة تميل ناحيتها وهي تقول بخفوت ولهجة تحذير واضحة تلون صوتها:
- إياكي تتحركي من اهنه، هخلص امعاهم وبعدها ليا جاعده امعاكي يا... مرات ولديْ!...
-------------------------------------------------
جلست الجدة تقلب نظراتها بينهما، كانت سلمى تشيح بعينيها بعيدا عن شهاب الذي كان وكأنه يجلس فوق مقعد من شوك!
خرقت الجدة الصمت السائد بقولها:
- يعني حسب اللي سامعتو منيكو انتو التنيين ان المشكلة أنه سلمى خرجت مع كريم من غير ما تجولك صوح يا شهاب؟..
ليرد الاثنين في نفس واحد:
- سلمى: لا...
شهاب: آه..
هتفت الجدة بصرامة:
- بكفاياكو عاد!!!... ، ثم تنهدت عميقا قبل أن تردف موجهة حديثها الى سلمى بحنان أمومي:
- سلمى يا بتّي جوزك من حجّه يّعرِف انتي روحتي فين وجيتي منين..
هتف شهاب بظفر:
- شوفتي!.. عندي حق أهو..
نهرته الجدة:
- باه.. بكفاياك جولت!..
سلمى بعتاب للجدة:
- انا ما اعترضتش انه من حقه انه يعرف يا ستّو، لكن مش من حقه انه يزعق لي بالشكل دا ومش من حقه يكلمني بتلميح انا ما اقبلوش وانا شايفه نظرات شك واتهام في عينيه، ولا من حقه أنه... يضربني يا ستُّو!!!...
لتنهار في البكاء الذي حاولت صدّه كثيرا، كاد شهاب أن يقفز من مكانه ليحتويها بين ذراعيه حينما منعته نظرة قوية من الجدة التي قالت بحنان بينما تحتوي سلمى الجالسة بجوارها على الاريكة القماشية الفاخرة:
- بكفاياكي بُكا يا بتّي.. عينيكي الحلوين دولا عيدبلوا يا نضري..
أجابت سلمى من وسط شهقات بكائها الحار:
- مش قادرة يا ستّو، أول... أول مرة حد يمد إيده عليّا، ومش أي حد.. دا.. جوزي، الانسان اللي بابا أأتمنه على بنته، ومش بس كدا دا بيشك....
هدر شهاب مقاطعا لها وهو ينتفض واقفا من مقعده بجوار الجدة:
- إياكي تكمليها يا سلمى، أنا مش ممكن أشك فيكي، ولا للحظة واحدة حتى...
رفعت سلمى رأسها بعيدا عن كتف الجدة ونظرت اليها بعينيها الذابلتين وهي تجيب باكية:
- أومال طريقتك معايا دي اسمها ايه يا ابن عمي؟.. نظراتك ليا والشك اللي في صوتك وآخرتها تمد ايدك عليا، كل دا تسميه إيه؟..
اقترب منها شهاب بينما الجدة تطالعه بقوة فيما سلمى تراقب تقدمه نحوها بتقطيبة غضب عميقة، قال شهاب وهو يميل ناحيتها:
- أسميه لحظة غضب مجنون، أسميه اني انفعلت لما عرفت بخروجك مع راجل غريب من ورايا، أسميه أي حاجه إلا أني أشك فيكي!...
ابتسمت سلمى بسخرية وهي تقول:
- راجل غريب!.. انت عارف كويس أوي انه كريم...
هتف مقاطعا:
- عارف، والله عارف، لكن الناس مش عارفة، الناس اللي شافوكي وقالوا لمـ....
وسكت باترا عبارته، لا يريد إقحام والدته في الأمر، ولكن التقطت الجدة الاسم من فوق طرف لسانه، لتضمر أمرا في سرها، والتفتت الى سلمى تقول بجدية زائفة:
- باه... وبعدهالك يا بت رؤوف، ما جولنا انه غلطان، لكن انتي كومان غلطانه انك ما جولتليلوشي جبل ما تروحي مشوارك ديه، وانت يا باشي مهندز.. حسّك عينك يدّك تنمد عليها مرة تانية.. ولا جسما عظما لا اكون جايله لكَبيركم.. وانت خابر جدك عبد الحميد زين، ما عيحبش الحال المايل..
هتف شهاب وابتسامة ترتسم على وجهه:
- توبة يا حاجة لو مديت ايدي تاني..
ابتسمت الجدة وقالت لسلمى:
- خلاص.. جلبك أبيض، سامحيه النوبة ديْ..
سلمى برفض تام:
- لا... مش ممكن...
هتف شهاب وهو يشير اليها:
- شايفه يا حاجة...، مش كفاية اني لسه معرفتش هي خرجت معاه ليه؟..
أجابت سلمى بحدة:
- مع أنه شيء خاص بكريم لكن هقولك، كريم كان رايح يقابل عمي عثمان بخصوص حتة الارض بتاعتكم اللي في أول البلد..
شهاب بتقطيبة حائرة:
- ايه؟.. يقابل بابا!!..
سلمى بمرارة:
- آه.. أول مرة كريم جه هنا وشاف الارض عجبه المكان أوي وعرض على جدي وعمي عثمان فكرة مستشفى شامل كل التخصصات لعلاج الناس في البلد هنا والبلاد اللي حوالينا، وفي فرحنا عمو نبيل والد كريم فتح الموضوع مع جدي بعد ما عمي عثمان قاله لازم ناخد رأيه، وجدي اتحمس أوي للمشروع..
شهاب بتساؤل:
- ودا في ايه خاص مش عاوزة تقوليه؟..
سلمى بسخرية:
- عشان عمو نبيل وكريم داخلين شركا مع عمي عثمان وجدي، والمشروع دا خيري أكتر منه تجاري، يعني حاجة لله، يعني المفروض صاحبها بس هو اللي يقول لو حب، وبما أني عارفة انه ممكن جدا عمي نبيل يرفض حد يعرف عشان ياخد الثواب كامل ما كونتش عاوزة أقول، واللي حصل انه كريم جه انهرده حسب معاده مع عمي عثمان، ولأنه ميعرفش مكان الديوان فين اتفق مع عمي عثمان أني أنا اللي هوديه وأنا رايحه العيادة بتاعتي..
شهاب بتلكؤ بسيط:
- يعني بابا...\
أكملت ساخرة:
- أيوة!.. يعني عمي عثمان عارف أنا كنت فين ومع مين وركبت مع كريم ليه!..
شهاب باعتراض واه:
- كان ممكن يقول لي انا أو حد من الغفر أحسن ولا أنك تتعرضي انه حد يشوفك!..
سلمى بحدة وقد غاظها عناده الاحمق:
- لانه كريم كان جه فعلا، ولأني أنا سلمى الخولي بنت عيلة الخولي اللي محدش يقدر يجيب سيرتها بربع كلمة، ولأن الناس شافوني وأنا مع كريم ومع عمي عثمان في الديوان، وأنا اللي قلت لعمي ما فيش داعي لأي قلق أنا هوديه الديوان وأنا رايحه العيادة كدا كدا دا طريقي.. بس لأسف ما عملتش حساب انه جوزي هو اللي هيتكلم عليا ويشك فيا!!..
هتف شهاب بحنق:
- بردوه تقول بيشك فيا!!... افهمي.. أنا...
قاطعته الجدة بجدية:
- شهاب.. خلاص.. أديكي افهمت الحجيجة عشان ماتوبجاشي تتسرّع بعد إكده.. ممكن بجاه تهمّلنا دلوك؟..
أراد الاعتراض ولكن نظرة واحدة من الجدة اليه جعلته يتراجع ويتمتم معتذرا ثم انصرف من فوره مغلقا الباب خلفه...
التفتت الجدة الى سلمى بعد انصراف شهاب وقالت:
- شوفي يا بتي... الكلام اللي عجولوه دلوك مش عشان أني في صف شهاب، أبدا... يعلم ربنا غلاوتك انتي واختك في جلبي لو اجولك أغلى منيه هو غيث يمكن معتصدجنيش...
سكتت قليلا لتضمن إنصات سلمى لها ثم أردفت:
- اسمعيني زين يا بتي.. جوزك جلبه أبيض، عصبي حبتين وحِمَجي تلات حبّات لكن من جواته أبيض كيف الجوطن تومام، لو راجل غيره كان زماناته لف ودار عليكي لكن شهاب اللي في جلبه على لسانَه، عرف حاجة ضايجته منيكي جام باخِخْها في وِشِّك في وجْتها.. جوزك بيحبك وبيخاف عليكي، ما تضيعيشي حبه من يدّك...
سلمى وبقايا بكاء لوّنت صوتها:
- أيوة يا ستّو بس...
الجدة بحزم:
- انتي بتحبيه ولا لاه يا بتي؟...
سلمى وهي تهرب بعينيها:
- دا جرحني يا ستو أوي...
كررت الجد بصرامة أقوى:
- بتحبيه ولا لاه؟....
سلمى وهي تتنهد بعمق وتنظر اليها معترفة بضيق:
- أيوة يا ستو، بس مش عاوزة حبي له يخيليني أتحمل اهانة وبهدلة أكتر من كده..
الجدة بقوة:
- ما عاش مين يبهدلك ولا يّجل بيكي، سلمى يا بتّي جوزك هو عزوتك وسندك، هو كرامتك، مش أي واحدة جوزها يُضربها تجوم جايلاله طلجني!!!.. كلمة الطلاج ديْ كلمة وعرة جوي، ما اتعوديشي لسانك عاليها... انتو لساتكو في الاول ويا ما هيمر بيكو حاجات.. لو كل مرة جولتيلو الكلمة الشينة ديْ هياجي في مرة منيهوم ويحججهالك فعلا.. وجتيها يبجى ازي الحال؟...
سلمى بضيق وقد بدأ كلام الجدة يلقى صدى في نفسها:
- يعني أسامحه على طول كدا يا ستو ولا كأنه عمل حاجة؟..
الجدة وهي تبتسم رافعة حاجبها:
- مين اللي جال إكده؟... غلطته امعاك من حجك انك تاخدي بحجك منيه تالت ومتلّت وكيف ما انتي عاوزه ... بس وانتي في دارك، وبابك مجفول عليكي انتي وهو، مافيش مخلوج يعرف بيناتكوم إيه، عرِّفيه غلطه بطريجتك وخلّيه يجول ان الله حاج... بذكاء يا دكتوورة...
ابتسمت سلمى ومسحت دموعها وهي تطالع ابتسامة الجدة الماكرة وقد فهمت ما ترمي اليه فتوعّدته في سرها انها ستجعله يعضّ أصابع الندم على ما اقترفه في حقها وأنها لن تكون سلمى الخولي إن لم تجعله يكفّ عن حدته وتهوره الأرعن ذاك!!!...
راقب شهاب سلمى وهي تخرج من غرفة الجدة وتتجه للصعود الى الأعلى فراقبها ليلحق بها فيما نظرت راوية باتجاهه ليقطع تفكيرها صوت الجدة وهي تقف أمام باب غرفتها تطالعها بنظرات صارمة قائلة بأمر لا يقبل النقاش:
- راوية... عاوزاكي اشويْ...
ودلفت الى غرفتها تتبعها راوية وهي تقدم قدم وتؤخر الأخرى...
أغلقت راوية الباب خلفها، وتقدمت تقف أمام الجدة التي جلست على مقعدها المفضل أمام النافذة، تململت راوية في وقفتها وهي تسترق النظرات الى الجدة التي تطالعها بغموض، همّت راوية بالحديث حينما قاطعتها فاطمة بجدية صارمة:
- ليه؟.. عتستفيدي إيه من اللي بتعمليه ديه يا راوية؟..
تصنعت راوية عدم الفهم وأجابت:
- جصدك إيه يا عمة الحاجّة؟...
الجحدة بصرامة:
- انتي فاهمه زين أني بتحدت عن إيه..
راوية بعدم فهم زائف:
- لاه يا عمّة... ما عارفاشي..
نهضت الجدة واقفة وتقدمت اليها لتقف أمامها تطالعها قليلا بنظرات حادة قبل أن تهمس لها بشرّ:
- شوفي يا راوية... أني خابراكي زين، وعارفة اللي في جلبك من ناحية ولدي رؤوف ومرتو وبناته التنيين، لكن توصل بيكيّ انك تخربي بيت ابنك ابيدك يبجى وجتها ما عسكوتلكيشي واصل... هي كلمة ومش هتنِّيها... اجصري شرّك عن ولادك انتي جبل نساوينهم يا راوية.. انتى مش عتخربي بيت بنات ألفت لاه.. انتي عتخربي بيت اولادك.. واني ما عجفش أتفرج عليكي... لو حوصل منيكي حاجة تانية وجتيها مش أنا اللي عجف لك، ولا جوزك.. لاه.... كبيرنا هو اللي عيجف لك... كبير العيلة... الحاج عبد الحميد الخولي، وأظن انك تعرفي الحاج عبد الحميد غضبه بيكون عامل كيف...
همست راوية:
- عارفة يا حاجة لكن...
قاطعتها الجدة رافعة يدها بصرامة:
- خلاص يا راوية.. ما عاوزاشي كوتر حديت، روحي دلوك، وعجلك إفـ راسك تعرفي خلاصك..
انصرفت راوية تاركة الجدة وهي تزفر وتدعو الله في سرها ان يبعد عن كنّتها شيطانها بينما وقفت راوية خلف الباب بعد أن أوصدته وراءها وقد كسا اللون الأسود وجهها وهي تتمتم ببغض عميق:
- بجه أجف كيف العيّل الصغيّر جودام عمتي الحاجة من ورا راسك انتي يا ألفت انتي وبناتك! ( ناسية أو متناسية أن حديث الجدة الصارم لها من جراء أفعالها السوداء ولكنها الكراهية التي ملأت قلبها من ناحية ألفت وابنتيها) ... لكن لاه.. ما ابجاش راوية أما خليتكو تعاودو مكان ما جيتو.. انتي وبناتك وجوزك... وبكرة تشوفي راوية تجدر تعمِل إيه...
وبرقت عيناها بشر مستطير!!، بينما هناك.. في الأعلى.. كان شهاب يواجه عاقبة ما صنعته يداه وهو يقف متطلعا الى باب غرفة النوم الموصد في وجهه بعد أن أصدرت سلمى حكمها بأن ينام في غرفة الأطفال.... إلى إشعار آخر!!!!!!!!
- يتبع -


منى لطفي 28-12-16 05:52 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (32)
بقلمي/احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست سلافة أمام سلمى فاغرة فاها مما سردته الأخيره على مسامعها، لتقفز واقفة وهي تهتف بحنق شديد:
- وانتي ازاي تسكتي على اللي عملته؟.. انتي عارفة حجم الكارثة اللي اتسببت لك فيها؟.. دي شككت فيكي، خليت جوزك يشك فيكي، يا ريتها حطي تلك ملح في الاكل اللي انتي طبختيه مثلا.. لا!!!... دا عرض وشرف خاضت فيه، الست دي لازم يتوضع لها حد!..
نهضت سلمى وهي تحاول أن تهدأ سلافة قائلة بهدوء حزين:
- هدِّي نفسك يا سلافة، أنا طبعا عارفة ومتأكد هان اللي عملته مش شوية ، لكن لو كان الانسان اللي قودامها عاقل ومتزن ما كانش فيه حاجة حصلت، الغلط شهاب يتحمل له وأكتر منها كمان، طيب هي ومن أول لحظة لينا في البلد وهي بتكرهنا هو بقه عذره ايه انه يصدقها؟.. وخلي بالك يا سلافة دي مش أول مرة شهاب يعملها، فاكرة أيام الحادثة والمستشفى؟.. مش سبق وشك فيا ووقتها كلكم قلتوا لي انه معذور الفيديو اللي راح له وحالتي النفسية السيئة أيامها، وللأسف اقتنعت بعذره وبكلامكم لكن اللي عمله دلوقتي مالوش لا عذر ولا مبرر عندي...
نظرت اليها سلافة بتساؤل مقطبة:
- يعني ايه يا سلمى؟..
هزت سلمى برأسها وأجابت بغموض:
- أنا ما اتعودتش آخد قرار من غير تفكير، لازم أوزن النتايج كلها، وفي وسط دا كله أنا بردو مش قادرة أشوفه قودامي، احنا من يومها مش بنكلم بعض كلمتين على بعض، اكتر من خمس ايام وكل اللي بيننا كلمات بسيطة لما بيصادف ونكون معهم تحت، وحتى دي بقيت بتهرب منها، مش قادرة أشوف أمه يا سلافة، أد كدا كرهها لينا مالي قلبها؟.. ازاي قدرت تخطط وترسم وتقول كدا عليّا؟.. دا قذف محصنات، وهي عندها بنت، ما خافتش اللي بتعمله معانا ربنا يترد في بنتها؟.. سلسبيل طيبة وربنا يعلم أنا بحبها أد إيه وما اتمنى لهاش حاجة وحشة لكن داين تدان... شيطانها شاطر أوي كدا لدرجة انها عامية عن كل حاجة إلا أذيتنا وخراب بيوتنا اللي هو في الاساس بيت ولادها؟..
زفرت سلافة بحنق وهي ترى عيني أختها تمتلآن بالدموع وقالت بغيظ من بين أسنانها وهي تحتضن كتفيها مربتة عليها:
- أقولك إيه بس، أصل فيه ناس كدا بينسوا ربهم والكره والحقد اللي جواهم بيخلوهم مش شايفين ولا سامعين غير شيطانهم وبس، لكن على أد ما انا زعلانه من اللي عمله شهاب فبردو عاوزاكي تحطي في دماغك حاجة واحده بس، حماتك استغلت اندفاع شهاب الاعمى وحبه ليكي وغيرته المجنونة عليكي، لكن ما أعتقدش انه شهاب شك فيكي لسبب بسيط جدا لو فعلا كان شك ما كان أي كلام هيخلي الشك اللي جواه دا يروح، شهاب اتصرف وكالعادة من غير ما يدي فرصه لنفسه انه يفكر الاول، وخصوصا انه الكلام وصل له من أمه، يعني عمره ما هييجي في باله مهما كانت أمه مش بتحبك انها توصل انها تتبلى عليكي بالشكل دا، وخصوصا أنه الحرباية على كلامك بعد اللي حصل بكت بدموع التماسيح وقالت لشهاب انها مش قصدها لدرجة انها اعتذرت لك قودامه، شوفتي أكتر من كجا خبث؟... عشان تبقي تصدقيني لما أقولك انها عقربة وحيّة مع بعض، بس على مين أنا بقه اللي هكسر سمّها!!.. المهم دلوقتي اوعي تفكري تسيبي بيتك وجوزك، حتى لو انتي لسه متضايقة منه خليكي قاعده في بيتك، كفاية انها طول ما هي شايفاكي رايحة وجاية قودامها وجوزك شكله على آخره من خصامك ليه دمها هيتحرق بزيادة، بيني وبينك ومن قبل ما تحكي لي انا حاسيت انه فيه حاجة، شهاب مش طبيعي، مش دا شهاب اللي قعدته كلها ضحك وفرفشة دايما ساكت، حتى واحنا مع بعض تحت ع السفرة انا اخدت بالي انه عينيه ما اتشالت من عليكي حاسيت اني قودام واحد مراهق بيحب على روحه!!!..
وضحكت ساخرة فرمقتها سلمى بغل وضربتها بخفة على كافها وقالت آمرة:
- اتلمي، ما تتريقيش على جوزي لو سمحتي..
نظرت اليها سلافة بمكر ورفعت حاجبها الأيمن وهي تقول بإغاظة:
- يا سلام دلوقتي بقه جوزي؟.. ما انتي ما كونتيش طايقاه منش وية وبتفكري في قرارات مصيرية وكلام من المجعلص الكبير دا اللي ماليش فيه!!!!
هزت سلمى كتفيها وأجابت بغرور:
- جوزي أنا بس اللي مسموح لي أعمل فيه وأقول عليه ما بدا لي لكن حد تاني لأ، انتي ما سمعتيش المثل أدعي على جوزي وأكره اللي يقول آمين؟..
أجابتها سلافة بجدية زائفة وهي تبتعد عنها مربتة على كتف أختها:
- لا وانتي الصادقة المثل أدعي على ابني مش جوزي، لكن سمعت المثل اللي بيقول عيني فيه وأقول.. إخِّيييه!!!!!!
ليكون نصيبها قرصة من سلمى في خصرها تأوهت على أثرها عاليا قبل أن تسمعان صوت زوجيهما بالخارج حيث كانتا في شقة سلمى بغرفة نوم الأخيرة....
طرقات على الباب أسرعت سلمى بالفتح لتجد شهاب ينظر ايها بعينين مظلمتين سرعان ما انتعشا لرؤيتها وقال بهمس مبحوح فيما كانت عيناه لا تكفان على ارسال نظرات الرجاء والتوسل:
- غيث بره، ياللا عشان تحضري لنا عشا حلو كدا من ايديكي الاتنين...
قاطعت سلافة سيل النظرات بينهما أحدهما مترجية والأخرى عاتبة، لتقول وهي تبتسم تهم بالخروج:
- لالا ما تتعبيش نفسك يا سولي، احنا الغد ابتاع ماما ستو لسه ما اتهضمش...
ليسارع شهاب بالقول فهو يعلم أنه ما أن تذهب سلافة وغيث فستسرع سلمى بالحتماء في غرفتها وتركه ليقضي ليلة أخرى مسهدة كاليالي التي سبقتها:
- لالا أبدا، معقول!!.. احنا وقت عشا، ياللا يا سلمى..
ومنحها نظرة جدية لترفع سلمى حاجبها في ريبة ثم هزت برأسها قائلة:
- ربع ساعة بالكتير والعشا يكون جاهز...
قالت سلافة بابتسامة:
- وأنا هساعدك..
وبهذا قطعت سلافة على شهاب عرض المساعدة الذي كان ينتويه حيث كان عازما أيضا على استغلال هذا الوقت أسوأ استغلال ولكن لتحبط سلافة خططه كلها وتجعله يكاد يعض أصابعه غيظا!!!!!..
--------------------------------------------------
وقفت خلفه وهو يرتدي عمامته البيضاء تطالعه بعينين تشيان بعشقها لفارسها الأسمر، ابتسم لصورتها المنعكسة أمامه في المرآة والتفت اليها يقول بابتسامة:
- ايه؟.. كانِّك بتشوفيني لاول مرة!..
اقتربت سلسبيل من ليثها ووقفت أمامه لتشب على أطراف أصابعها وهي تتعلق بذراعيها في قربته هامسة بصوتها ذو النغمة المميزة:
- دايما كل بشوفك كانِّي بنضُرك لاول مرة!.. معصدجش نفسي إني مَرَتك، انك اخترتني أني عشان تعيِّشها في الجنّة ديْ..
أحاط ليث خصرها الناعم الملتف بقميص حريري أحمر اللون عار الاكتاف يبرز بياض بشرتها الواضح، همس أمام وجهها لتفلحها رائحته المسكيّة مختلطة بعطره الرجولي الخاص:
- صوح يا سلسبيلي؟.. فرحانه أنك اتجوزتيني؟..
فتحت عينيها واسعا غير مصدقة لهذه اللمحة التي رأتها!.. ففي أقل من ثانية لمحت طفلا مهزوزا يقبع خلف نظرات ليثها القوية!.. أحست برتددا ولو بسيطا يكمن في نبرات صوته القوي، فابتسمت ابتسامة صغيرة وفهمته... وعذرته!.. ، أصبح ليث بالنسبة لها كتابا مفتوحا لا تحتاج لشرح منه أو توضيح، من المؤكد أنه يمر عليه بعض لحظات التساؤل إن كانت تشعر بالسعادة الحقيقية معه، كما أنها متأكدة أن هناك سؤالا يراوده دائما يخشى من الافصاح عنه ليس خشية على احراجها ولكنه خوفا من جوابها!!!... ، هي على يقين أنه يتساءل عما إذا كانت تقارن بين حياتها معه وحياتها السابقة مع... راضي.. أخيه!!!... ، تعلم أنه بيدها وحدها بث الطمأنينة في نفس هذا الليث القاسي الذي يرعب أقوى الرجال وتهتز لذكر إسمه فقط أعتى الشوارب ولكن ما إن يغلق عليهما بابا واحدا يستحيل هذا الليث لقط أليف يخرخر سعيدا راضيا عندما تداعبه بأناملها الناعمة، أقسمت بداخلها أنها ستقضي كل يوم في حياتها معه وهي تثبت له أنه لا مقارنة بينها اليوم وبين ما كانت بالامس، فسلسبيل الامس قد ذهبت ما أن دق قلبها له هو، حيث ولدت على يديه سلسبيلا جديدة... سلسبيله هو!!...
رفعت عينان تنضحان بعشق سرمدي وأجابت وقد وضعت كل حبها في صوتها لتظهر نبرة الصدق واضحة لا ريب فيها:
- أني مش فرحانه إو بس، لاه!!... أني بشكر ربي كل ليلة وفي كل وجت على انه هداك ليا، انت هدية ربنا ليا يا ليثي، يا سبعي، ربنا ما يحرمني منيك ويجعل يومي جبل يومك..
ليسارع ليث بكتم فمها وهو ينهرها بقوة ان تصمت فيما قلبه قد تسارعت دقاته فرحا بما يراه من عشق خالص صاف موجه له وحده وجزعا من عبارتها التي تتمنى فيها له هو أن يعيش أطول من عمرها!!.. هل تعتقد أنه سيستطيع الحياة بعدها ولو لدقيقة واحدة؟.. طوال السنوات التي عاش فيها محروما منها بل ومن لحظة تفكير فيها كان أشبه بالنيت الحي وحده طيفها الذي كان يلمحه خطفا واحساسه بأنها معه في نفس المكان يتشاركان الهواء ذاته كان كفيلا بأن يتشبث بالحياة، ولكن إذا حدث وخلت حياته منها فلأي سبب يحيا بعدها!!... وأن حصل وكتب له الحياة فهو على يقين من أنها ستكون حيارة باردة لا طعم لها ولا لون عبارة عن أيام يقضيها حتى يلحق بها هناك... حيث يدعو الله ليلا ونهارا وفي كل صلاة أن يجمعه بها في جنته، وأن تكون هي... حوريته هناك، أو لا يقولون أن الرجل سيخير في الحور العين وإن كانت إمرأته في الدنيا صالحة ستكون من ضمنهن؟.. إذن فسيختارها هي.. إمرأته.. حبيبته.. طفلته.. حوريته في الدنيا والآخرة!...
أبعد ليث يده الضخمة عن فمها حيث ابتلعت راحته نصف وجهها الصغير وقال بغلظة:
- إياكي أسمعك اتجوليها تاني مرة يا سلسبيل مفهوم؟..
ابتسمت ورفعت وجهها اليه تقول ببراءة:
- مفهوم يا جلب سلسبيل...
تنحنح ثم قال:
- هروح أني دلوك لأني عوّجت، رايدة حاجة جبل ما أمشي؟..
سلسبيل وهي تنظر اليه بحب:
- رايداك سالم يا ولد عمي، أني بعد أذنك عروح أسلم على سلافة وسلمى وأجعد امعاهم اشوي..
ليث بجدية:
- متعوجيش، خدي الواد صابر ايوديكي ويجيبك، و حاجة تانية.. يا ريت ما تدخليش روحك في أي حديت حوصل اهناك، مالكيش صالح باللي بيوحصل بيناتهم وبين أمك من الآخر..
قطبت سلسبيل وتساءلت:
- ليه؟.. هو حوصل حاجة؟..
قطب ليث مجيبا:
- ماعارفشي بالظبِط، لكن شكله انه فيه حكاية واعرة جوي حوصلت بين شهاب ومرته غيث لمح لي بحاجة زي إكده لمن سألته عن شهاب وكيف انه متغيِّر اليامين دول، واللي فهمته انه مرت عمي ليها يد باللي حوصل، جوصر الكلام امك وغالية عنديكي ما جولتش حاجة لكن بعِّدي عن حواديتها مع بنات عمك، واضح يا سلسبيل؟. أني ما عاوزشي تكون طرف بحكاويها من الاخر...
أومأت سلسبيل وقلبها يقرع خوفا مما فعلته أمها فهي تعلم تماما مدى كره أمها لبنات عمها ورفضها لزواج شقيقيها منهما ولكنها لم تستطع الوقوف أمام إرادة الحاج عبد الحميد كبير العيلة, قالت سلسبيل بتفهم:
- حاضر يا ولد عمي..
قبلها ليث قبلة عميقة على جبهتها وابتسم قائلا:
- ربنا يخليكي ليا وما يحرمني منيكي يا جلب ليث، أفوتك بعافية..
تركها متجها للباب حين شعرت سلسبيل فجأة بتقلصات بطنها التي تشعر بها منذ أن استيقظت صباحا وقد زادت لدرجة جعلتها تطلق تأوها مباغتا حاولت كتمه كي لا يصل لمسامع ليث ولكنه كان قد سمعها وانتهى الأمر!!..
تقدم اليها بخطوات سريعه وسارع لاسنادها وقد رآها تترنح في وقفتها وهتف بخوف يقبض قلبه لأول مرة:
- باه.. سلسبيل، فيكي إيه؟..
حاولت الابتسامة من وسط ألمها وأجابت بصوت ضعيف واهن:
- ما تجلجشي إكده يا ولد عمي، تلاجيه شوية برد، أني هشرب كوباية لايسون دافية وان شاء الله هبجى زينه..
لم يقتنع ليث بكلمتها وقال:
- لاه.. اني لازمن آخدك المركز عشان الدَّكتوور ايشوفك..
سلسبيل برفض ناعم:
- لاه.. مامنوش لازمه، أني دلوك هشرب اللايسون كيف ما جولت لك وهبجى زينه إن شاء الله...
قبل ليث جوابها على مضض وقال بأمر:
- ما عتروحيشي موكان انّهاردِه، خليكي اهنه في السَّري، وأني هجول لأم ليث تاخد بالها منيك زين وتبعّد العيال عنيكي عشان تعرفي اتنامي صوح، وتجّلي في تيابك يا سلسبيل، عشان البرد ديه يخرج منيكي..
ابتسمت سلسبيل وقالت بينما كان يعاونها على الرقاد فوق الفراش:
- حاضر يا ولد عمي، بس ياللا انت بجاه عشان ما تتعوجش على مصالحك أكتر من أكده..
جلس بجانبها فوق الفراش بعد أن أحكم من وضع الغطاء حولها وقال وهو يحيط جانب وجهها الأيمن براحته الكبيرة الخشنة بينما ابهامه يتلمس حدود شفتيها:
- انتي مصالحي وحالي ومالي، هو أني عِنْدي أغلى منيكي أخاف عليه يا جلب ليث..
قبلت راحة يده بشفتيها الدافئتين لتقول بصدق شعّ من عينيها:
- ربنا يخليك ليّا يا حياة سلسبيل إنتِه...
نهض من جوارها بصعوبة وانطلق ينادي والدته بينما ترك قلبه بجوراها يحرسها داعيا الله أن يحفظها له، وفاتته تلك البسمة التي زينت ثغر سلسبيل وهي تمسد بطنها بنعومة من فوق قماش ثوب نومها الناعم وهي تدعو الله أن تكون ظنونها صحيحة، فلو صح حدسها فهي الآن تحمل ثمرة حبها هي و... الليث!!...
******************************************
طرقات خفيفة تعالت لتسمح للطارق بالدخول وهي منشغلة بقراءة أوراق في يدها واقفة بجوار مكتبها، حتى إذا رفعت رأسها فوجئت بشهاب وهو يقف أمامها بينما الباب موصد خلفه!...
وضعت الأوراق فوق سطح المكتب، ونظر الى شهاب قاطبة وهي تقول:
- خير يا شهاب؟.. فيه حاجة؟.. مش بعادة تيجي لي العيادة يعني؟...
اقترب شهاب حتى وقف على بعد خطوات منها وقال ويديه داخل جيبي سرواله الجينز الغامق:
- مضطر أجي لك هنا، مش عارف أقعد معاكي خالص، طول ما انتي في البيت يا مع جدتي يا في الاودة يا مع اختك، قلت أحاول أشوفك في العيادة يمكن أعرف أقعد معاكي براحتنا!..
سلمى ببرود وهي تستدير لتتناول الاوراق التي كانت بيدها:
- للٍأف يا شهاب انا مش فاضية دلوقتي، أنت أكيد شوفت العيادة مليانه برّه ازاي، نتكلم بعدين...
وتظاهرت بالانشغال في الأوراق بينما كان قلبها يختض بقوة ما أن وقعت عيناها عليه، تحدث شهاب ببرود مشابه لبرودها:
- مافيش حد بره، أنا مشيتهم، وقلت لمغاوري التمرجي يمشي هو كمان!!..
تركت الأوراق لتسقط منها واتجهت اليه وقد حصل على رد الفعل الذي يريده، أرادها منفعلة ثائرة وليست لوح رخام بارد كما كانت منذ شجارهما، لترتسم ابتسامة صغيرة سرعان ما أخفاها متصنعا التجهم!... هتفت به بحدة:
- انت بأي حق تمشّي العيانين بتوعي؟.. ومغاوري التمرجي كمان؟.. طب اتفضل أنت بقه حضرتك من غير مطرود، انا مش عاوزة أتكلم معاك لا دلوقتي ولا بعدين!...
وأسرعت بالاتجاه الى الباب لتفتحه لتفاجئ بأنه... موصد!!...
رفعت عينيها اليه بذهول وهي تشير الى الباب:
- انت ايه اللي عملته دا؟..
هز شهاب كتفيه ببرود وأجاب وهو يقلب شفتيه بلا مبالاة:
- عادي، عاوز أقعد مع مراتي براحتي، أظن حقي؟!..
أجابت سلمى بمرارة ساخرة:
- حقك!!.. آه فعلا كله حقك، وانت أكتر واحد بتاخد حقك أول بأول، بس يا ترى بتعرف حق الناس بقه زي ما انت عارف حقك؟...
زفر بضيق واقترب ليقف على بعد خطوات قليلة منها ووقف يطالعها وهو يقول بجدية:
- شكلك مش عاوزة تسامحيني ومش مدياني فرصة أني أشرح لك...
هتفت سلمى وقد بدأت واجهة البرود التي اعتمدتها في التصدع:
- تشرح لي إيه بالظبط يا باش مهندس؟.. تشرح لي إزاي شكيت فيا؟.. ولا إزاي حاكمتني وأدنتني وأصدرت حكمك من غير حتى ما تدي لتفسك فرصة انك تسألني الأول؟.. ولّا إزاي... ضربتني؟!!....
لتترقرق الدموع في عينيها مع كلمتها الأخيرة وتواصل بحزن شديد:
- إيدك اتمدت عليّا يا شهاب، فاكر الحادثة إياها واللي حصل أيامها؟.. وقتها وعدتني أنك عمرك ما هتزعلني وأنك مش ممكن تشك فيّا، لكن انت خالفت وعدك يا شهاب، انت شكيت فيا وأدنتني و....وضربتني يا شهاب!!!..
لينهمر السد عند آخر حرف من أحرف كلماتها فتهطل دموعها تغرق وجهها، لتستدير وتوليه ظهرها وقد بدأ صوت بكائها في الظهور فأطلق شهاب لعنة من بين شفتيه قبل أن يطوي المسافة التي تفرقهما ويمد يده ليديرها ناحيته على الرغم من ممانعتها ويحتويها بين ذراعيه في حين كالت له القبضات وهي تهتف به من بين صيحات بكائها أن يتركها، ولكنه أحكم قبضته حولها وأسند رأسها الى كتفه وهو يربت على شعرها، حتى بدأت نوبة البكاء التي داهمتها بالانحسار، فتحدث فيما يشعر بالطعنات تصيب قلبه لدى كل شهقة بكاء تصدر عنها:
- لو قلت لك أني آسف بعدد شعر راسي مش هتصدقيني صح؟...
انتظر فلم يسمع منها أي رد فواصل وهو يستند بذقنه على قمة رأسها:
- اسمعيني كويس يا سلمى وحطي الكلام دا في دماغك كويس أوي، أنا عمري ما هشك ولا شكيت للحظة واحده فيكي، لأني من الآخر لو شكيت فيكي يبقى بشكّ في نفسي، عارفة يا سلمى لو فيه ذرة شك جات في قلبي من ناحيتك عمري ما كنت هكتفي بزعيق ولا خناق ولا حتى قلم ولا قلمين!!!.. لا لا لا الراجل لما بيشك في مراته بيحول حياتها لجحيم وما في أي حاجة في الدنيا ممكن تخرّج الشك دا من جوّاه غير دليل قوي جدا وغير قابل للتشكيك فيه، أنا ومن الآخر... بغيييييير!!.. افهميها بقه!.. بغير عليكي جداااا، اذا كنت أحيانا بغير عليكي من جدي لما يشكر فيكي ولا يقول لي مراتك مافيش زيّها، جدي ها فاهمه؟.. مش هغير عليكي من الأغراب؟...
أبعدها عنه قليلا وقبض على كتفيها وأردف وهو ينظر الى عينيها اللامعتين من أثر الدموع:
- أنا... بحبك.. بعشقك... تقدري تقولي عليّا مجنون سلمى، وأنا انفعالي جدا وعصبي جدا وللأسف بعمل العملة الأول وبعدين بفكّر فيها!!!.. بس بردو أنا... بحبك جدا جدا جدا، وصدقيني وأتحداكي تلاقي حد بيحب مراته زيي كدا...
مسحت وجهها بظهر يديها كالأطفال وأجابت بحزن وهي تشيح بعينيها بعيدا:
- آه.. وايدك طويلة جدا جدا جدا!!!.. ولسانك عاوز قصّه جدا جدا جدا.. و.....
قاطعها شهاب مبتسما:
- ومجنون سلمى جدا جدا جدا!!!...
قالت ببرود وهي تحاول الابتعاد عنه:
- وبعدين فين الحب دا؟.. عندك غيث وسلافة مثلا... شوف بيحبها ازاي وبيصبر عليها ازاي، ما هي أصلها هي التانية مطيورة زيّك كدا تمام، لكن غيث ما شاء الله عليه رزين وعاقل وهادي وبيحتويها وبيتفهم عصبيتها، تصدق انت ما كان لك غير واحده مجنونة زيّك كدا!!..
نظر اليها بنصف عين ورد من بين أسنانه:
- طيب قصري بقه في وصلة الشعر اللي بتقوليها في أخويا دي بدل ما أوريكي الجنان اللي على أصله شكله يبقى إزاي ووقتها بقه مش هيبقى قلم بس.. لا لا لا مقلمة بحالها وأنتي الصادقة!!!
حدقت فيه بدهشة وهتفت بذهول وهي تشير بيديها:
- تاني يا شهاب!!!.. انت مش ناوي تحرم طريقتك دي أبدا؟.. أنا عاوزة أفهم انته تبطل امتى غيرتك المجنونة دي؟.. هو انت مش المفروض بتصالحني ولا أنت بتزعلني من أول وجديد؟...
أحاط وجهها براحتيه الخشنتين وأجابها وهو يميل عليها لينظر بعمق في غابات الزيتون خاصتها:
- أنا عمري ما هبطل غيرتي المجنونة دي، لأني لو بطلتها اعرفي اني بطّلت أحبك، وأنا مش ممكن أبطّل أحبك، بالعكس بقه حبك كل يوم بيزيد مش بيقل، وبعدين أعمل لك ايه بقولك بغييير تقوليلي أخوك!!!!.. أنتي اللي غاوية تجنينني!!..
أشاحت سلمى بعينيها بعيدا فهمس وهو يميل عليها أقرب لتلفحها أنفاسه الخشنة:
- سلمى أرجوكي.. خمس أيام من وقت ما زعلنا وأنا مش حاسس بطعم أي حاجة، بتعامليني بمنتهى البرود وكأن اللي بيننا عقد عمل مش جواز، أنا مش قادر يا سلمى، أرجوكِ بجد سامحيني، واغفري لي.. سامحي واحد مجنون وغيرته دي اللي مجنناه، لكن بردو أنتِ عنده أغلى من أي حاجة ومن أي حد، أنا.. مش عاوز عمي رؤوف ومرات عمي يرجعوا من العمرة ويلاقونا متخاصمين، أرجوكِ يا سلمى، أنا سمتعد للترضية اللي تطلبيها بس ارحميني من النوم في أودة الأطفال تعبت... بئالي خمس ايام ما دوقتش فيهم طعم النوم!!!...
نظرت اليه وقالت بهدوء:
- يعني أنت راضي بأي حكم أحكم بيه عليك؟...
افترشت وجهه ابتسامة واسعة وقد بدأ قلبه يرقص فرحا فها هي حبيبته أوشكت على مسامحته:
- أي ترضية عاوزاها حبيبتي أنا تحت أمرك...
نظرت اليه بلؤم لتلمع عينيها بمكر وهي تقول بينما تمسك براحتيه لتبعدهما عن وجهها:
- خليهم سبع ايام!!!...، قطب وتساءل:
- نعم!!.. هما ايه دول اللي أخليهم 7 أيام؟...
هزت كتفيها وأجابت ببرود وهي تبتعد عنه خطوتين الى الوراء:
- نومك في أودة الأطفال!!.. كمل الاسبوع يا باش مهندس!..
ليعتلي وجهه تعبيرا حانقا ويهتف باستنكار تام:
- نعم!!!!!!... بقولك بئالي خمس ايام ما نمتش تقومي تقوليلي خليهم سبعة!!!!!!!!1 انتي اتجننتي؟!!!!
أدارت ظهرها إليه وهي تقول بإغاظة:
- والله دا حكمي وأنت قلت انك هترضى باللي أقوله....
لينظر اليها شهاب وقد طرأت على باله فكرة مجنونة فقال بخبث وهو يتقدم ناحيتها بخطوات مدروسة:
- امممم... يعني أقضي الليلتين الجايين في أودة الاطفال صح؟...
قطبت سلمى ووقفت وقد استشعرت الخطر في نبرته الناعمة لتجيبه وقد التفتت اليه:
- آه.....، ليسارع اليها يحملها بين ذراعيه وهو يهتف بجذل:
- بس احنا دلوقتي بالنهار مش بالليل، وفي العيادة مش البيت، يعني العقاب ساري من بالليل بس، يبقى دلوقتي بقه أنا اللي أقول...
هتفت سلمى وهي ترفس بقديمها الهواء لينزلها:
- تقول ايه بس؟.. شهاب ما تتجننش!!!!!
وضعها على الاريكة الجلدية واتجه سريعا ليسدل ستائر النافذة ليحجب الغرفة عن الخارج ثم استدار سريعا اليها متجها نحوها وهو يفتح أزرار قميصه هاتفا:
- دا أحلى جنان....
رفعت سلمى سبابتها اليه بتحذير هاتفة وهي ترى نظرات المكر ونيته المبيتة تتراقص في رمادي عينيه:
- شهاب بقولك إيه بلاش...
لتضيع باقي أحرف كلماتها بين شفتيه ويسحبها معه في عالمهما الوردي حيث تعالت الألعاب النارية وتلونت السماء بألوان قوس قزح!!!!!!!!!!!...
--------------------------------------------------
كانت تجلس في غرفة الجلوس تنتظر غيث لموافاتها وهي ترغي وتزبد فقد تأخر عليها ويه تريد السفر الى القاهرة لملاقاة والديها بعد رجوعها من أداء مناسك العمرة، وكان شهاب وسلمى قد سافرا منذ يوم أمس لرغبة سلمى بالذهاب الى أستاذها المشرف على رسالتها، ولم يكن من المنطقي أن تسافر معهما ووعدها غيث بأن يسافرا في الصباح الباكر قبل موعد الرحلة بوقت كافي، ولكن ها هو قد هافتها منذ ساعة ليخبرها بأن هناك مشتر لمحصول الأرض وهو مجبر على انتظاره فوالده مشغول بأشياء أخرى ولم يستطيع مقابلة الشاري، وحينما طلبت منه أن يدعها تسافر هي سواءا بالقطار أو أن يوصلها غفير من غفرائهم رفض بشكل قاطع!!!...
نهضت واقفة وأخذت تروح وتجيء في المكان وهي تطلع الى ساعة يدها من وقت لآخر، يبدو أن جدّيْها في جناحهما فلا تسمع لهما أي صوت، حركة شدت انتباهها لتلتفت حيث مصر الصوت فتفاجأ براوية وهي تقف تطالعها بسخرية وشماتة، دلفت راوية في حين أشاحت سلافة بوجهها عنها فهي ليست بمزاج رائق لسماجة حماتها الآن!!...
اقتربت راوية منها وهي تسلط نظراتها على تلك الفتاة التي لا تخفي كراهيتها لها، فهي تشعر أن سلافة تبادلها كرها بكره وبوضوح، لم تكن كسلمى أختها الكبرى، تلك الأخرى التي أصبحت تتجنبها منذ شجارها وشهاب، ولكنها لن يهدأ لها بال قبل أن تنفذ ما ببالها، ولكن الأهم الآن هو أن تتخلص من تلك الصغيرة فهي تشعر أنها قادرة على قراءة أفكارها، أما سلمى فإن التخلص منها ليس هناك أسهل منه، فهي ساذجة وابنها شهاب عصبي متهور وليس هناك أفضل من هكذا صفتين تستطيع معهما تنفيذ ما تريده بسهولة ويسر، ولكن من يقف حقيقة كالشوكة في بلعومها هي... سلافة!!!.. خاصة وأن غيث ابنها من النوع الهادئ المتريث الذي لا يتهور في أي فعل كشهاب!!!!..
تحدثت بسخرية:
- أيه يا مرات ولدي شكلك مش على بعضيكي ليه؟...
زفرت سلافة بضيق وأجابت وهي تنظر الى راوية بضيق واضح:
- لو سمحت يا طنط أنا فعلا مش حمل كلام دلوقتي...
راوية باستهجان:
- ما تجاوبيني عِدِل يا بت انتيْ!!!.. وأني جول تلك إيه يعني؟.. أني بسعلك ليه شايله سيدك عبد الجادر فوج راسك وزاعجه، يبجى تجاوبي بأدب!...
هتفت سلافة:
- وأنا جاوبت بمنتهى الأدب، أنا قلت إيه لمحاضرة الاخلاق دي؟.. سألتيني مالي جاوبت وقلت أنا في مود مش كويس، ما قلتش حاجة يعني لدا كله، وبعدين أنا مش بت، أنا اسمي سلافة!!!
راوية بهتاف حاد عال:
- واه، واه واه.. ما تاجي تاخديلك جلمين أحسن!!!... إيه الفُجر اللي انتي فيه ديه يا بت ألفت!!!
وكأن آخر كلمات راوية كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، اذ ضيقت سلافة عينيها واقتربت من حماتها حتى وقفت أمامها وقالت بلهجة تحذير واضحة:
- نعم؟.. سمعيني تاني كده؟.. بنت مين؟... أنا اسمي سلافة رؤوف، وبعدين ومالها بنت ألفت؟.. شرف ليا أني أكون بنت ألفت، ولا ليكي رأي تاني؟...
أشاحت راوية بيدها باستهتار لسلافة وأجابت وهي تشخر لا مبالية:
- راي إيه بجه بعد حديتك الماسخ ديه؟... انتي جليلة الرباية وعاوزة اللي يربيكي زين، أنما هجول إيه ما انتي تربايتها، على راي المثل.. إكفي الجدرة على فومّها تطلع البت لأمها...
صاحت سلافة بحدة قوية:
- أنا ما اسمحلكيش انك تجيبي سيرة أمي، أمي أحسن أم وقلبها أنضف قلب، الدور والباقي على اللي قلبه أسود من كتر الكره اللي ماليه لغاية ما الدود هياكله من حسده وغيظه وغلّه!!!!
حدقت راوية فيها واسعا وصرخت بغضب وحشي حتى أن معالم وجهها غدت في غاية القبح والبشاعة:
- انتي بتجولي إيه يا بت إنتي؟.. انتي فعلا عاوزة تتربي من أول وجاديد وما اكونش راوية اما أكونِش أربيكي من تانيْ...
هتفت سلافة:
- أنا متربية أحسن منك...
لتعاجلها راوية وهي ترفع يدها عاليا:
- اخرسي جطع لسانك....
وهوت بيدها على وجه سلافة لتسارع سلافة بالامساك بيدها قبل أن تحط على وجهها، وهي تصرخ فيها هاتفة:
- قطع ايدك ولسانك ورقبتك كمان!!!!!...
ودفعتها بقوة ولكنها لم تكن بالقوة التي جعلتها تترنح وتشحب وتهتف بما جعل سلافة تعرف لما أوشكت حماتها العتيدة على الاغماء اذ هتفت الأخيرة بتعب زائف ووهن مصطنع:
- الحجني يا غيث، الحجني يا ولدي!!!...
لتشهق سلافة وتلتفت الى غيث الذي تكاد النار تخرج من عينيه وهو يهرع الى والدته فيما تحرقها هي نيران غضبه:
- أمي...
أسندها غيث وأجلسها الى الأريكة، اقتربت منه سلافة وقالت وهي تشير الى حماتها التي تمادت في تمثيل دور الضحية:
- غيث... هي اللي كانت عاوزة تضربني.. صدقني يا غيث أنا مش....
ليهدر بها صارخا:
- اخرسي!!!... أني شوفتك يا سلافة، نضرتك كيف زجِّيتيها لمن كانت هتنكفي على وشّها...
راوية بوهن مصطنع:
- بجه أني برضيكي عضربك يا مرات ولدي؟.. أني يا بني كل اللي جولتهولها ليه شكلك جلجان إكده؟... عديك ع اللي حوصل لي بعدها، ما خولصتش يا بني!!..
سلافة بهتاف منفعل:
- كدابة!!!!!!!!!...
ليصرخ غيث وهو يرفع يده عاليا:
- سلااااااااافة!!!!!!!!!...
شهقتها كانت هي من أوقفت يده في الهواء قبل أن تحط على وجهها، طالعته سلافة وهي تضع يديها الاثنتين على فمها وتهز برأسها مرارا من اليسار الى اليمين في عدم تصديق لما كان غيث على وشك فعله قبل أن تهتف من وسط ذهولها:
- مش ممكن.. حصلت انك ترفع ايدك عليا يا غيث؟!!
غيث بضراوة:
- وأضربك بالمركوب كومان لمن ألاجيكي بتمدي يدّك على أمي!!!!
ليتعالى صوت من أمام باب الغرفة المشرع يقول بجدية وحزم:
- مش بنت رؤوف الخولي اللي تتضرب يا ابن أخويا!!.. وان كنت أنت معرفتش قيمتها فجه الوقت اللي تعرفها فيه!!!!....
لتهتف سلافة عاليا وهي تهرع مجتازة غيث الذي نظر الى عمه الواقف وقد تلقف ابنته الباكية بين أحضانه فيما هرب الدم من وجه غيث ولكنه أبى الانكسار ووقف بشموخ يطالع عمه بثقة ويقول:
- حمد لله على السلامة يا عمي، ماعالهشي، ما كونيش أحب أنه استجبالكم يكون إكده....
أجاب رؤوف في حين ارتمت سلافة بين ذراعي ألفت فيما ربتت سلمى على ظهرها بينما اتجه شهاب بخطوات سريعة ليقف بجوار شقيقه مقطبا:
- وأهو استقبالكم حصل يا ابن اخويا....
صوت الجد قاطعهم وهو يهتف بسعادة ترافقه الجدة:
- حمد الله على السلامة يا رؤوف يا ولدي....
بعد أن عانقه رؤوف مقبلا يديه ورأسه هو وأمه وحذت حذوه ألفت، انتبه الجد للوجوم الذي يعتلي الأوجه ليقف متسائلا بجدية:
- فيه إيه يا ولاد؟.. ايه اللي حوصل؟.. سلافة... انتي وشّك أحمر إكده ليه؟.. انتي باكية؟..
لتنخرط سلافة في بكاء حار آخر وترتمي بين ذراعيه بينما كان رؤوف هو من أجاب وهو يحدج غيث بصرامة:
- بعد إذنك يا حاج.. أنا هاخد مراتي وبناتي ونرجع مصر، زيارتنا ليكم خلصت لغاية كدا!!!!!!!
لتتعالى شهقات الاستنكار والاستهجان من الجميع عدا واحدة فقط ارتسمت على وجهها ابتسامة تشف خالصة، أخفتها ببراعة كي لا ينتبه إليها... وكيف لا وهي الحية الرقطاء... راوية!!!

- يتبع –


منى لطفي 28-12-16 05:53 PM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (33)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
وقف الجميع يتبادلون النظرات المذهولة، كان الجد أول من خرق الصمت السائد في حين كانت سلافة بين ذراعي أمها تربت عليها كي تهدأ من نوبة البكاء الحاد التي أصابتها، قال الجد بحزم وهو يقف يقبض على رأس عصاه العاجية بكل شموخ:
- إتعاود فين بالظبط يا ولديّ؟...
زفر رؤوف بضيق حاول كتمانه وأجاب بهدوء نسبي:
- هرجع مكان ما جيت أنا ومراتي وبناتي يا حاج، ما عاد لينا مكان هنا!!....
ليهتف الجد بقوة لا تشي بسنوات عمره التي تخطت الخامسة والسبعين عاما:
- إنت المفروض أنك عاودت لعندينا إهنه، إهنه بيتك وموطرحك انت ومرتك وبناتك، رايد تفارجنا من تاني يا رؤوف؟.. ومن غير شوري كومان؟!!!!!!!
روؤف وهو يتقدم من أبوه ويمسك بيده ليقبلها:
- حقك عليا يا حاج، لكن ما يرضيكش اللي بيحصل في بناتي، أنت فوق راسي يا حاج، وأنا عمري ما هبعد عنكم تاني، مصر مش في آخر الدنيا، ساعتين بالعربية وأكون عندك، لكن أرجوك يا حاج انت ما يرضيكش اني ما احس انى عاجز عن حماية اهل بيتي...
لتهتف به فاطمة وهي تتقدم منه:
- واه... مين اللي ييستجري يجول إكده؟... إنت مجامك ومجامك بناتك ومرتك فوج روسنا كلاتنا، إوعاك إتفكر انكو رخيّصين لاه... انتو مجامكو فوج جوي يا روؤف يا ولدي...
تركت ألفت سلافة التي أمسكت بها سلمى واقتربت من الجدة وهي تقول بهدوء وابتسامة صغيرة:
- حضرتك أنتي والحاج اللي فوق روسنا كلنا، واحنا ما يرضيناش انه حضرتك والحاج تزعلوا مننا، ولا نرضى اننا نعمل حاجة من غير رضاكم...
ليقاطعها رؤوف معترضا:
- ألفت!!!!! ، نظر الجد الى ولده وقال بسخرية خفيفة:
- إيه يا ولَديْ حمجان إكمن مَرَتك جالت اللي المفروض إنت اتجولاه؟.. مَرَتك عارفة العيبة والأصول...
ثم توجه بباقي حديثه الى ألفت وهو يردف بجدية:
- كل ما الأيام ما بتمر بتوكّد أني كنت غلطان في حجك من الاول يا بتّيْ، وكل ما دا ما بتوكّدي لي أنه ولَديْ عرف يختار صوح...
ألفت ببساطة:
- ربنا يخليك يا حاج، أنا معملتش حاجة، وصدقني أنا نسيت أي حاجة حصلت، حضرتك كأب ما كانش سهل إنه أبنك يخرج عن شورك ورأيك، واللي حصل اتسبب في زعل كبير في العيلة، صحيح أنه الحمد لله الزعل ما استمر والنفوس اتصافت لكن لو كان فيه حد غلط ويطلب السماح يبقى أنا ورؤوف مش حضرتك أكيد...
ابتسمت الجدة وقالت بينما الجد يهز رأسه استحسانا:
- تسلمي يا مَرت ولدي، ودلوك يا رؤوف يا ولدي انتم لساتكم واصلين من السفر، اطلعوا داركم غيروا خلجاتكم على ما نجهزوا الغدا، ولو على سلافة أني كفيلة أني أراضيها، انتم عارفين سلافة ديه لوحديها في كفّاه إلحالها!!!...
اعتدلت سلافة في وقفتها مبتعدة عن ذراع شقيقتها وقالت وهي تكفكف دموعها براحتها تطالع والدها بنظرات استجداء:
- معلهش يا ماما ستو، بعد إذنك يا جدو.. أنا فعلا محتاجة أني أمشي من هنا، مش هرتاح لو قعدت هنا دقيقة واحده تانية بعد كدا...
ليهتف غيث الذي تملكه الغيظ من كلامها فقد بدأ يتنفس الصعداء عندما ظن أن جدّيه قد احتويا الموقف لتأتي تلك الصغيرة الحمقاء تفسد كل شيء:
- ما إنتيشي متحرِّكه خطوة واحده من إهنه يا سلافة، ايه جولك بجاه؟...
رؤوف بغلظة:
- جرى إيه يا غيث، هو أنا مش مالي عينك ولا إيه؟..
أسدل غيث عينيه الى الأسفل وهو يجيب معتذرا:
- لا مؤاخزة يا عمي، لكن انت برضك ما يرضيكش انه حرمة تمشِّي كلامها على راجلها...
ليدلف عثمان في تلك اللحظة ويهلل فرحا برؤية شقيقه العائد فيهتف وهو يتجه للسلام عليه:
- حمد الله ع السلامة يا وِلد أبويْ..
عانقه رؤوف بدوره، ليلقي عثمان السلام بعدها على ألفت مرحبا بعودتهما، شعر عثمان بالاضطراب الذي يسود الجو فقال متسائلا بابتسامة وقد لاحظ الوجوم الذي يعتلي الوجوه من حوله:
- خير كفالنا الشرّ.. فيه حاجة حوصلت؟...
زفر الجد بضيق في حين أجابت الجدة بجمود:
- إسعل إولادك يا عتمان... شوفهوم عملوم إيه مع حريمهم عشان إكده بوهم راسه وألف سيف لا ياخدهوم ويعاود من موطرح ما إيجوم..
حدق عثمان في ولديْه بدهشة وهتف بحدة:
- كييف ديه؟.. إيه اللي حوصل منيكم في حج بنات عمّكم؟...
لتجيب راوية لأول مرة منذ بداية الحوار الدائر قائلة ببرود مستفز:
- ما حوصلشي حاجة يا خويْ.. عادي كيف ما بيحوصل في أي بييت...
ليهتف الجد بقوة وهو يحدجها بنيران مستعرة:
- راااااوية.... خلاص!!!.. مش جصّة أبو زيد هيّا عنجعدوا انعيدوا ونزيدوا فيها!!!!!!
لتكتم راوية النفس ذاته وليس الصوت وحده وقد كاد قلبها يتوقف عن العمل ذعرا من غضب الجد الواضح!!!، في حين تساءل عثمان مقطبا بريبة:
- إيه اللي حوصل يا حاج؟..
نفخ الجد بضيق ليجيبه روؤف مقطبا:
- ولادك يبقوا يحكوا لك يا ابو غيث، لكن أنا بعد إذن الحاج هاخد مراتي وبناتي وأمشي....
تكلم شهاب وهو يقترب من عمه بينما يرمق سلمى بنظرات محملة بالرجاء:
- طيب أنا وسلمى مالنا يا عمي؟.. سلمى اشتكت لك مني في حاجة؟...
رؤوف بجدية:
- انا مش هستنى انه بنتي تشتكي لي، سلمى عمرها ما هتنطق بحرف من اللي بيدور بينكم، بنتي وأنا عارفها كويس، والموضوع باين من أوّله، بناتي مش مُرحّب بيهم هنا، مش مرتاحين من الآخر، مش هستنى لما يحصل أكتر من اللي حصل...
غيث هاتفا:
- وهو إيه اللي حوصل يا عمي؟... انّي رفعت يديّ على مرَتي؟.. أومال لو كت ضربتها بجاه كان يبجى إزيّ الحال؟..
هتف روؤف بحدة وغضب:
- بنتي مش جارية اشترتها يا ابن اخويا عشان تمد إيدك عليها، اوعى انك تفكر مجرد تفكير انك لو كنت عملت كدا انا كان ممكن هسكت لك، أنا ما فيش عندي أغلى من بناتي، دول شقا عمري كله، ثروتي الحقيقية، صدقني لو كنت عملتها وقتها كنت هتندم ندم عمرك كله، لا هيبقى لك زوجة عندي وتنسى خالص اسمها!!!!!!....
همّ غيث بالحديث حينما هتف الجد بصرامة:
- بكفاياك يا غيث، انت مش واعي لوجفتي بيناتكم ولا ايه؟.. لو ما حشِّمت عمّك وبوك حشِّمني أني!!!!...
غيث بزفرة ضيق مكبوتة:
- الحشيمة ليك يا حاج... لكن برضيك يا حاج... أني ما اغلطتش.. لمن مرتي ترفع يدّها على أمي وأني ما امنعهاشي وجتها يبجى أحسن لي ألبس ترحة كيف الحريم!!!!
ليتبادل الجميع شهقات الاستنكار وعدم التصديق، في حين رفعت سلافة رأسها وأشارت اليه هاتفة بغيظ شديد:
- لآخر مرة بقولك أنا ما مديتش إيدي عليها، هي اللي كانت عاوزة تضربني وأنا كنت بدافع عن نفسي بس!!...
انتقلت انظرات الى راوية التي شعرت بالاضطراب فهتف بتلكؤ بسيط تنهرها:
- واه... وعتكدبي كومان عيني عينك؟.. صحيح صدج اللي جال اللي إختشوا ماتوا!!!
الجد بقوة:
- راوية... من غير تلجيح كلام... اللي بتجوله سلافة ديه حوصل؟... انتي مديتي يدّك عليها؟...
راوية ودموع التماسيح في عينيها وببراءة كاذبة:
- بجه تصدج فيني يا عمي الحاج اني أعمل إكده؟.. أضرب مرَت ولدي!!.. طب وهستفاد إيه من إكده؟... ما هي أكيد عتروح إتجوله وجتيها عيكرهني وياجي في صفّها وأني هكون محجوجة!!!!!!!
تبّا لك راوية إنك كالافعى الناعمة التي تلتف حول ضحيتها بخبث حتى تعتصرها ممتصة كل قطرة دماء فيها ولا تتركها الا وقد فارقتها الحياة!!!!... هذا ما جال ببال الجدة حين سمعت راوية، فهي الوحيدة التي كانت شاهدة على ما تسببت به بين سلمى وشهاب وها هي لم ترتدع بعد أن حذرتها لتعيد الكرّة بخطة خبيثة ولكن بين سلافة وغيث هذه المرة!!!...
صوت سلافة أخرجها من شرودها وهي تهتف غاضبة:
- كدابة!!!!!!...
لينهرها رؤوف بحدة:
- سلاااافة... عيب!!!!..
نظرت سلافة إليه وهي تهتف بينما دموع الظلم تنساب على وجنتيها مشيرة بسبابتها الى راوية التي تتراقص جذلا في داخلها ( الهي يرقصوا على تربتك يا بعيدة روحي!! ):
- والله العظيم يا بابا كانت هتضربني، دي بتكدب، مش كفاية اللي عملته بين سلمى وشهاب لأ... عاوزة تخرب بيتي أنا كمان وتوقع بيني وبينكم كلكم مش ابنها بس!!!...
- رفضت وصف غيث بـ زوجي!!، لم تقل بيني وبين زوجي بل قالت بيني وبين ابنها!!!!... فغيث في نظرها قد أخطأ وبشدة في حقّها خطأ ليس بسهولة ستسامحه عليه هذا إن سامحته يوما!!!-
لتقع كلمات سلافة كدلو الماء البارد فوق الجميع وأولهم شهاب الذي كاد يجن من نظرة عمه السوداء التي رماه بها وهو الذي كان منذ ثوان يحاول اقناعه ان اموره هو وسلمى في احسن حال، ليهتف في داخله قائلا:
- حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا غيث انت ومراتك!!!!
رؤوف بجدية موجها حديثه الى شهاب:
- اللي سلافة قالته دا حصل فعلا يا شهاب؟... انت فعلا حصل بينك وبين سلمى بنتي حاجة؟...
شهاب بتردد بسيط:
- يا عمي البيوت يا ما بيحصل فيها، ما فيش زوجين مش بيتخانقوا ويرجعوا يتصالحوا تاني، حتى حضرتك بيتهالي يعني اسمح لي اكيد كان فيه اوقات خلاف بينك وبين مرات عمي لكن كله بيعدي في الآخر...
نظر رؤوف الى سلمى وأمرها قائلا:
- سلمى... اللي حصل هعرفه منك، بس مش دلوقتي...
ليتابع موجها كلامه الى الجد:
- بعد إذنك يا حاج حضرتك شوفت وسمعت الحال هنا وصل لفين، ما ينفعش استنى هنا انا وبناتي لحظة واحدة، انا هاخد مراتي وبناتي بعد اذنك وارجع مصر، وصدقني أنا عمري ما هبعد عنكم تاني، هتلاقيني عندك هنا وتحت رجليك كمان وقت ما تعوز، لكن انا لازم لي وقفة معهم ولازم كمان ولاد عمهم يعرفوا قيمتهم انا بناتي مش قليلين، اذا كانوا بيعملوا فيهم كدا وانا لسه عايش اومال بعد ما اموت هيعملوا معهم إيه؟...
صمت قليلا ليردف بابتسامة ساخرة وهو ينقل نظراته بين غيث المتجهم وشهاب المحتد:
- لا وانا اللي قلت اني مش هتطمن عليهم غير مع ولاد اخويا!!!
هتف عثمان في قوة وهو يربت على كتف رؤوف:
- وانت ما غولطتش يا خوي، حجك عليا أني، حج بناتك في رجبتي، ويشهد ربّنا اني الترضية اللي عتجول عليها ويشاوروا هما عليها عننفذها طوّالي!!!!
ابتسم رؤوف بتعب وقال:
- أد القول يا عتمان يا اخويا.. لكن معلهش مش هينفع لازم....
لتصيح الجدة وهي تتجه اليه مسرعة:
- لاه....
وقفت أمامه تحيط وجهه براحتيها المعرّقتين بينما تنساب دموعها تخضب وجهها:
لاه يا ولدي، بكفاياك ابعاد واغربة، ما تفوتناش يا رؤوف، أني مجدرش على فراجك يا ابن عمري!!
أسمك رؤوف بيديها مقبلا راحتيها وهمس:
- ومين بس اللي قال اني هفارقكم يا حاجة؟... أنا معكم هنا في مصر، ساعتين زمن بالعربية وتلاقيني عندك...
كانت الجدة طوال حديثه تهز برأسها يمينا ويسارا في رفض تام منها حتى إذا ما سكت هتفت به بحزن يقطع نياط القلوب:
- لاه يا ولدي، ما عادِش في العمر جد اللي راح، عشان خاطري يا ولدي ما تفوتناش، وان كان على مرَتك وبناتك حجهم عليّا أنا...
لتهتف ألفت والتي اتجهت من فورها اليها:
- ما تقوليش كدا يا حاجة...
نظرت اليها فاطمة وقد ظهرت علامات الكِبر بوضوح على وجهها وقالت من بين شهقات بكائها:
- جوليلو انتي يا ألفت... ما تخلوهيشي اينفذ اللي جاله...
روؤف بحزن:
- أرجوكي يا أمي ما تعمليش في نفسك كده....
هتفت راوية والتي لم تستطع الصمت أكثر من ذلك فقد كان داخلها يغلي كالمرجل وهي ترى الجدة كيف تتذلل لألفت كي تقنع رؤوف بعدم الرحيل:
- أني معرفاشي أنتو امكبرين الموضوع إكده ليه؟.. وفيها إيه يعني لو كان غيث ولدي حتى ضرب مرتو؟.. مرتو وبيأدبها، أنت يرضيك يا ولد عمي لو كان عنديك ولد انه يمد يدّه على أم سلمى؟...
همّ رؤوف بالحديث حينما اتجهت سلافة ناحية راوية وهي تصيح بها:
- يا شيخه ارحمينا بقه من كدبك وتمثيلك دا....
قبض رؤوف على معصمها وكان قد قطع الخطوات الفاصلة بينهما في خطوتين اثنتين وهتف بصرامة:
- سلافة ما تتدخليش انتي...
غيث بغلظة وهو يشير اليها موجها الحديث الى عمه:
- عرفت يا عمي انه كان معايا حاج اني أرفع يدي عليها؟... بتّك مش عامله حساب لحد واصل، ابتتهجم على أمي وابتشتمها عيني عينك ووسطيكم كلاتكم لا عامله حساب ليّا أني زوجها ولا بوها ولا عمها ولا ليك انت يا جدي!!!!
هتفت سلافة بحدة:
- أنا مش بشتم أنا بقول اللي حصل، أمك بتكدب....
هتف رؤوف يسكتها:
- سلافة خلاص....
لتهتف سلافة وقد تغلب انفعالها عليها فصرخت بحدة:
- سلافة خلاص.. خلاص.. خلاص... عمالين تسمعوا له هو وهي وما حدش فيكم مصدقني، أنا بقولها وبكررها الست دي كدابة وخرابة بيوت وأنا ما يشرفني شانها تكون حماتي.....
كاد غيث يفتك بها وفصل بينه وبينها خطوة واحده قبل أن يسمع صوت صرختها لدرجة أنه قد نظر الى يده بشكّ ظنّا منه أنه قد صفعها كما كان ينوي ولكن الصفعة لم تكن مصدرها يده بل... يد والدها... رؤوف!!!!!!!!!!
احتوت الجدة سلافة بين أحضانها حيث كانت هي أول من هرع إليه قبل ألفت وهتفت بحدة وهي تبعده عنها:
- جرى إيه يا رؤوف، ديه عاملة برضيكي، بجاه معلتهاشي وهي صغار جاي تعمِلها دلوك!!!!!!
نظر رؤوف بقوة الى سلافة وهو يهتف:
- يمكن لو كنت عملتها وهي صغيرة ما كان شجه اليوم اللي جوزها يقف قودامي فيه ويقول لي اني معرفتش أربي بنتي!!
شهق الجميع بذهول، في حين اتجه عثمان اليه وقال وهو يحاول تهدئته:
- صلي ع النبي يا خوي صلي ع النبي، ساعة شيطان يا خويْ...
لم يستطع غيث الاشاحة بعيدا عن سلافة، لا يدري ما هذا الشعور الذي اكتنفه من فعلة عمه، هو لا ينكر أنه كان ينوي أن ينهال على سلافة ضربا ما ان سمع سبابها وصراخها على والدته ونعتها لها بالكاذبة، ولكن.. هو وحده من يملك حق تأديبها، لومها، بل وضربها إن لزم الأمر، هو وحده وليس سواه.. حتى وإن كان هذا الأحد هو والدها!!!... كان بين أمرين أحلاهما مر!!.. إما أن ينهال عليها صفعا ليفشي غيظه وغضبه منها، أو أن يعتصرها بين ذراعيه ويدعها تسكب عباراتها كلها فوق صدره هو... ولكنه ما إن تقدم خطوتين باتجاهها حتى رفعت رأسها اليه وحدجته بنظرات يراها لأول مرة لتهمس له بصوت خافت ولكنه حاد كشفرة السكين:
- انتهينا يا ابن عمي... وصدقني بكرة كلكم تعرفوا الحقيقة بس وقتها... هتدور عليا مش هتلاقيني...
نظرت الى والدها الذي كان يرمقها بنظرات الاسف والخيبة وتابعت:
- أنا آسفة يا بابا.. آسفة ليكم كلكم... بس بعد إذنك أنا هسافر مصر، وقبل ما أمشي....
لتُعيد نظراتها الآسفة الى غيث الذي وقف يتابعها بريبة:
- طلقني!!!.. – تعالت شهقات الذهول ولكنها تجاهلتها متابعة في اصرار شديد – طلقني يا غيث.. وبالتلاتة!!!!!!!!
ثم انسحبت من وسطهم واتجهت الى خارج الغرفة ترافقها سلمى التي بدأت تشعر بالاختناق ورغبة شديدة بالبكاء مما حدث، بينما تتساءل بذهول عمّا إذا كان ما تراه أمامها حقيقة أم هو كابوس رهيب!!!..
وقفت أمام الباب قبل أن تلتفت وترمي بآخر كلماتها موجة حديثها الى راوية بشموخ يثير الاعجاب بالنفوس:
- أنا لو آسفة للكل، أنما انتي الوحيدة يا مرات عمي اللي مش ممكن أكون آسفة لك، مبروك قدرتي تخربي بيت ولادك.. اشبعي بيهم بقه!!!!!
وانصرفت ترافقها سلمى وتتبعهما ألفت في حين تبادل غيث وشهاب نظرات الريبة والشك بينما ارتسمت على وجه راوية ابتسامة شامتة حاولت اخفائها ولكن ليس بالسرعة الكافية فقد لمحتها عينين لم تغفلا عنها طوال الجلسة!!!!...
******************************************
- ما انتي يا سلافة غلطتي، طلعتي بابا صغير، يعني كويس الكلام اللي قالهوله جوزك دا؟...
سلافة وهي تهتف وسط شهقات بكائها:
- يعني انا اللي غلطانه بردو يا سلمى؟...
جلست سلمى بجوار سلافة على الفراش حيث صعدا الى طابق والديهما وقالت ويه تربت على كتف شقيقتها الصغرى:
- يا حبيبتي بابا كم مرة يقولك بس يا سلافة؟.. ما سمعتيش الكلام وغضبك وانفعالك كالعادة غلبوكي وبدل ما تبقي انتي الضحية بقيتي انتي الغلطانه!!..
سلافة بعناد شديد وهي تمسح دموعها بقوة:
- أنا ما غلطتش، وما يهمنيش حد غير بابا بس، انا خلاص كرهت هنا، كرهت البلد وعاوزة أرجع مصر، عاوزة أرجع نعيش احنا الاربعة في بيتنا زي زمان، وننسى كفر الخولي وعيلة الخولي واللي جرالنا من ورا ولاد الخولي!!....
نظرت اليها سلمى وسألتها وهي تميل برأسها بجدية:
- وهتقدري تنسي؟...
سلافة وهي تشيح برأسها متأففة:
- يوووه يا سلمى، بقولك إيه... انا لازم أنسى، يمكن مش هتكون سهلة في الاول، لكن لاااازم أنسى، حياتنا معهم عشان تكوني عارفة بقيت مستحيلة، اوعي تكوني بتفكري انك تفضلي مع جوزك، تبقي غلطانه!!... مرات عمك هتفضل أمه وهو عمره ما هيبيع أمه ويشتري مراته، حتى لو عرف واتأكد أن أمه ورا المصايب والكوارث اللي حصلت عمره ما هيغلطها قودامك أبدا.. لأنها في الاول وفي الآخر أمه!!....
سلمى بحزن وقد بدأت تشعر بدوار كان قد داهمها بالاسفل على فترات متقطعه ولكنه الآن يهاجمها وبقوة:
- أنا مش عارفة يا سلافة، ما أنكرش انه شهاب اعتذر لي بس أنا جوايا لسه زعلانه وواخده على خاطري، انما أنا مش عارفة فعلا الصح فين؟.. يا ترى الصح زي ما قلتي اني أسيبه وأرجع مصر؟.. ولّا الصح أني أحاول أنجح في حياتي معاه وأثبت للكل انه أمه غلطانه وأد أيه هي مريضة وما خلهاش تفرح انها قدرت تنفذ اللي في بالها وتخرب علينا حياتنا؟.. صدقيني لو شافتنا واحنا مش سألين فيها وولادها بيحبونا ومقدرتش تخرب بيتنا هتتغاظ ويتحرق دمها ، لكن لو عملنا اللي انتي عاوزاه يبقى بنّفذ لها اللي بتتمناه، ووقتها احنا اللي هندفع التمن ويتحرق دمنا دا غير طبعا كلام الناس ازاي اتنين عرايس يتطلقوا ولسه ما فاتش كم شهر على جوازهم، صدقيني يا سلافة خلينا نفكر كويس عشان نحسبها صح، مرة واحده بس شغلي عقلك، اللي انا معاكي فيه اننا نرجع مصر، البعد هيخلينا نعرف نفكر أحسن، أنا هقوم أشوف بابا أنا سمعت صوته هو وماما دخلوا اودتهم منش وية، وانتي شوية كدا وابقي حصليني علشان تعتذري له...
نهضت سلمى وأومأت لها سلافة بالايجاب، لتفاجأ الاخيرة بشقيقتها وهي تقف على عتبة الباب وتمسك برأسها وهي تهمس بخفوت وصوت ضعيف:
- الـ.. الحقيني يا سلافة!!!!
وقبل أن تنهي عبارتها سقطت مغشيّا عليها لتصرخ سلافة هاتفة باسمها في ذات اللحظة التي كان فيها شهاب يدق جرس الباب للقاء عمه لاقناعه ألا يصطحب معه زوجته سلمى الى مصر، وما أن وضع يده على الجرس حتى سمع صرخة سلافة العالية باسم سلمى، فقطب واقترب بأذنه من الباب متصنتا ليستطيع تفسير ما طرق سمعه ليتأكد من أنها سلافة تهتف منادية والدها بصياح عال:
- الحقنا يا بابا... سلمى وقعت من طولها!!!!!...
برقت عينا شهاب وضغط على جرس الباب الذي انطلق في رنين متواصل، هرعت سلافة لتفتح في حين كان والدها يحاول بمعاونة ألفت اسناد سلمى، ما إن أبصرت سلافة شهاب حتى تنفست براحة وهتفت وهي تشير الى الداخل:
- الحمد لله انك جيت الحق...
ولكنها كانت تحادث الفراغ أمامها فما أن فتحت الباب لشهاب حتى انطلق كالصاروخ لتفقد سلمى فلم تلمح سوى غباره!!!!!!
جلس الجد والجدة بالأسفل في انتظار نزول الطبيبة التي هرع لإحضارها غيث للإطمئنان على سلمى التي لم يبرح شهاب جانبها، أبصرا الطبيبة وهي تهبط درجات السلم يرافقها رؤوف وتسبقهما وردة الخادمة، اتجه الجد الى الطبيبة ذات الأربعين عاما التي أحضرها غيث من الوحدة الصحية بالمركز، ابتسمت الطبيبة في وجه كبير عائلة الخولي الأشهر من نار على علم وقالت بعد أن حيّته هو والحاجة فاطمة:
- اطمن يا حاج، بس هي لازم تاخد بالها من صحتها أكتر من كدا، ان شاء الله الفترة دي تعدي على خير...
قطب الجد في حين بدأت ابتسامة صغيرة وترقب ترتسم على وجه الجدة وتساءل الجد:
- فترة إيه ديْ؟.. حفيدتي مالها يا دَكتووورة؟...
لتسارع وردة بالهتاف بفرح:
- مبروووك يا سيدي الحاج.. الست الدكتووورة حااااامل.. لولولولولولولولولولللللللليييييي......
لترتسم الفرحة على الوجوه ويهتف الجد بسعادة مطلقة في حين انسابت دموع الفرح من مقلتي الجدة:
- صوح يا دكتووورة؟.. حفيدتي حامل؟...
أجابت الطبيبة بابتسامة واسعة وهي تهز برأسها إيجابا:
- أيوة صح يا حاج، أهم حاجة تلتزم بالاكل والدوا والراحة التامة، وبلاش انفعال خالص يا حاج، ضغطها واطي شوية ودا غلط عليها وعلى الجنين، عموما أنا شرحت كل حاجه لوالدتها ولجوزها، وأنا أن شاء الله هبقى آجي أشوفها تاني، ربنا يقومها لكم بالسلامة....
انصرفت الطبيبة وسط دعوات الجدة لها بصلاح الحال في حين أمر الجد غيث - الذي تملكه الفرح لأخيه.. والحزن على حاله هو وجنيّته الصغيرة التي لم يراها منذ أن انصرفت من أمامه بعد إلقائها بطلبها الذي شعر به وكأنه رصاصة انطلقت لتصيبه في مقتل ولكنه سيكون ملعونا إن نفّذ لها طلبها المجنون ذاك – بأن يجزل العطاء للطبيبة، ثم التفت الى وردة يأمرها بأني تأتيه براجح الغفير....
دلف راجح فور أن أخبرته وردة بأمر الجد في ملاقاته، ركض حيث الجد ووقف أمامه وهو يلهث ويعدل من وضع عمامته وبندقيته الخاصة التي تلازم كتفه دوما:
- اؤمرني يا كابير....
الجد بفرحة لا تخطئها الأعين وبقوة:
- تدبح عجلين اكبار جدِّييك إكده وتفرجهم على الغلابة، مفهوم يا وِلْد؟!!...
ابتسم راجح لتظهر أسنانه الصفراء المتفرقة بوضوح في حين اهتز شاربه الاسود الكث الضخم فالكبير يضرب به المثل!!!.. لا يهم أنه يقارن بينه وبين العجليْن اللذين يريد منه ذبحهما فالأهم أنه اختاره هو للمقارنة به بغض النظر عن أي شيء آخر!!!!
هتف راجح ملبيّا:
- أوامرك يا كابيرنا.....
شرع راجح بالانصراف حينما أوقفه صوت الجدة وهي تهتف:
- لمّن الناس تسعلك جولهم حلاوة أصغر حفيد في عيلة الخولي... جولهوم يدعوا للدكتووورة ربنا يجومها بالسلامة...
هتف راجح بفرح:
- ربنا يجومها بالسلامة يا حاجة... ديه عاوزالها تلات دبايح يا سيدنا مش دابيحتين بس...
ضحك الجد وقال:
- تلات دبايح يا راجح، وعتاخد غدا ليك او لعيالك امعاك كومان.. ياللا همْ أومال....
طار راجح لينفذ اوامر الحاج وهو يدعو له ولأصغر أحفاده الذي كان سببا في الفرح التي عمّت المنزل بل والبلد بأكملها، ولم ينتبه عبد الحميد وفاطمة في خضم فرحتهما الى راوية التي انقلب وجهها الى آية من الكراهية التامة... ليصبح لونه في سواد العباءة التي ترتديها بينما تهمس بوعيد من بين فحيح أنفاسها:
- حامل يا بت ألفت؟!!!... ما بجاش راوية لو كِملت فرحتك ديْ، شوفي لك يامين دلوك لأنه بعد إكده الايام اللي عتشوفيها هتبجى أسود من جرن الخروب يا... دكتووووورة!!!!!!!..
------------------------------------------------
- يعني امصممة انك تروحي لدار بوكي برضيكي يا سلسبيل؟...
سلسبيل وقد ارتدت عباءتها السمراء الواسعة وتقلدت وشاحا أسمرا عريضا وهي تقترب من ليث المستاء من رغبتها في الذهاب لمنزل عائلتها:
- ماعالهشي يا ابن عمي، ديه واجب وانت ابو الواجب كلاته والاصول، أنت خابر زين النار اللي كات جايدة في العيلة إهناك وجِه خبر حَبَلْ سلمى هدّاهوم إشوي وخلّا عمي رؤوف ينسى احكاية السفر المصر دلوك خوصا وان الدَّكتوورة حذَّرت من ان الحركة شينة لسلمى وللي ببطنها....
أحاط خصرها بذراعيه وقرّبها منه ومال عليها ليهمس أمام وجهها:
- وانتي ميته عتفرحيني باللي جاي في الطريج عندينا احنا كومان؟...
هتفت سلسبيل بغير تصديق:
- واه... انت بتجول ايه يا ابو شبل؟..
ليث وهو يضع شفتيه على صدغها مقبلا لبشرتها الطرية مستنشقا لرائحتها الأنثوية التي تثير مشاعره أقوى من أي عطر نفّاذ:
- انت معتعرفيشي أني حافظك وعارف كل خط اف جسمك شكله إيييه؟.. اني عارف من مدة يا سلسبيلي بس جولت أهمّلِك لمّن تجولي انتي بنفسيك، لكن الموضوع طوّل وانتي مش رايدة اتفرحيني...
سلسبيل باستنكار:
- لاه يا ابن عمي، أني كت رايدة أشيّع لام اسماعين الاول عشان أتوكّد جبل ما أجولك...
قطب ليث وقال:
- واه.. ام سماعين الداية؟.. ليه ان شاء الله هو الدكتورة بت عمك أحسن منيك في إيه؟... طب إيه جولك بجاه هي جات لها دّكتورة المركز.. أني بجاه هشيّع أجيب لك دّكتورة من جِنا ولو عاوزة أجيبهالك من موصر ذات نفسيها، كام سلسبيل عندي أنا؟!!!
ابتسمت سلسبيل وهي تلقي بنفسها بين ذراعيه هاتفة:
- ربنا ما يحرمني منيك أبدا يا ولد عمي او يجعل يومي جبل يومك...
نهرها ليث وهو يمسك بذراعيها يبعدها عنه:
- واه... جولت لك ماليون مرة جبل إكده ما تجيبيشي سيرة الحديت ديه...
قلبت شفتيها في حزن مصطنع وقالت:
- أني آسفة، حجّك عليّا..
زمجر قائلا وهو يشيح برأسه بعيدا:
- خلاص.. ما حوصلشي حاجة، لكن لو عدتيها يا سلسبيل ما عتلوميشي غير نفسك، وياللا همِّي عشان أوديكي دار جماعتك جبل ما أروح أجضي مصالحي وعرجعلك أجيبك....
أوصل ليث سلسبيل التي صعدت الى الاعلى بعد ان القت التحية على جدّيها واتجهت للسلام على أمها ورافقها ليث للسلام على الجد والجدة ثم استأذن بالانصراف فشددت الجدة عليه أنه مدعوّا لتناول طعام الغذاء معهم هو وسلسبيل...
اتجهت سلسبيل الى الاعلى وهيى تشعر بالحزن لحال والدتها التي ألقت عليها كلمات لاذعة لحضورها لزيارة زوجة أخيها وتهنئتها على حملها المنتظر التي لا تشعر أمها سوى أنه خراب وقد حلّ على ولدها!!!!!...
جلست سلسبيل تمازح سلمى وسلافة التي رفضت أي كلام منها بخصوص غيث شقيقها، لم ترد سلسبيل التحدث في هذا الأمر كي لا تفسد الجو الرائق الذي ساد جلستها، قوبلت بحفاوة من ألفت ورؤوف، وحزنت بداخلها أن أمها تتعامل بقسوة مع عائلة عمها المحبة، شعرت سلسبيل بتقلصات في بطنها تزداد، انتبهى سلافة اليها فقالت:
- ايه يا سلسبيل مالك؟..
سلسبيل بتأوه خفيف:
- ها.. لاه ولا حاجة.. شوية مغص إكده وعيروح الحاله...
سلافة ترفع حاجبها وتسألها بشك:
- مغص؟... سلسبيل لا تكوني انتي كمان...
وسكتت تاركة بقية عبارتها معلقة فقالت سلسبيل بتعثر:
- واه... أني كومان إيه يا اسلافة؟..
سلافة بغمزة ماكرة مقلدة لهجتها الصعيدية:
- حامل يا نن عين اسلافة من جوّه!!!..
ابتسمت سلمى التي ترقد فوق الفراش بأمر من الطبيبة، في حين هتفت سلسبيل وهي تنهض:
- أني ما عاردش عليكي، عنزل أشوف البت وردة تعملي كوباية لايسون ايضيعوا الوجع، وعجولها تعملّك انتي كومان يا سلمى...
انصرفت سلسبيل الى الاسفل لتنظر سلمى الى سلافة وتقول بخفوت:
- مش ناوية تهدي بقه وتسمعي لابن عمك بقه؟....
احتدت سلافة كعادتها كلما ذُكر اسمه:
- بقولك إيه يا سلمى انتي تعبانه والدكتورة مانعه الانفعال، عشان خاطري بلاش كلام في السيرة دي دلوقتي...
زفرت سلمى بضيق:
- مينفعش يا سلافة، اذا كان بابا نفسه لما هدي قبل أسف غيث، سلافة حبيبتي أنا مش بقول أنه مش غلطان لكن حماتك العقربة دي لعبتها صح، فاكرة لما قولتيلي نفس الكلام بعد خناقتي انا وشهاب اللي كانت بسببها؟... همّا ولادها يا سلافة ولا يمكن ييجي في دماغهم أبدا ان أمهم ممكن تخطط لخراب بيتهم أو تعمل حاجة زي كدا حتى عارفين ومتأكدين أنها بتكرهنا، جوزك سايبك براحتك خالص، من اول مرة حاول يكلمك وانتي رفضت وقال لبابا انه مش هيسيبك براحتك، انتي لازم تقعدي معاه وتتفاهموا سوا وبصراحه، انا اتكلمت مع شهاب، وقلت له أنه قعدتي هنا في البيت بقيت مستحيلة، دي بقه مشكلته هيقنع جدي بيها ازاي لانه لو جدي وافق محدجش يقدر يعترض، انتي كمان اعملي زيي...
سلافة بتنهيدة ورغبة منها لانهاء النقاش:
- ربنا يسهل يا سلمى ما تشغليش بالك انتي...
سلمى بحب:
- ربنا يهدي سرّك يا سلافة....
وفي الغرفة المجاورة لهما حيث رؤوف وألفت، كان رؤوف يسرّ لألفت بمخاوفه من أن يكون قد تسرّع بزواج ابنتيه من أولاد عمهما، قالت ألفت بحب:
- روؤف ما عادش له لزوم الكلام دا، البنتين اتجوزوا وواحده منهم حامل، ولاد أخوك مش وحشين وأخوك حاططهم فوق ولاده، والحل اللي قالته سلمى لشهاب لما جالها بصراحه كان المفروض أننا نقوله من الاول، البنتين مالهومش عيش في بيت واحد مع حماتهم، وبعدين وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم، يمكن اللي حصل من مرات اخو كدا عشان الحاج والحاجة ما يعارضوش ان الولاد يسكنوا في بيت لوحدهم برّه...
رؤوف بزفرة عميقة:
- عارفة يا ألفت.. يوم ما ضربت سلافة كنت حاسس كأني بحلم!!!.. أنا عمري ما تصورت اني ممكن أمد إيدي عليهم في يوم، أنا معملتهاش وهما صغيرين أعملها بعد ما كبروا واتجوزوا كمان!!!!!
ألفت بهدوء:
- انت أبوها، وهي مهما كبرت هتفضل بنتك اللي وقت ما تحس انها لازم تتقوم هتقومها...
رؤفو بشرح مفصل لما فعله:
- انتي عارف أنا ضربت سلافةليه؟.. مش عشان انها صغّرت بيا قودام الكل وبس لا... أنما شوفتها في عين جوزها يا ألفت!.. غيث كان على شعرة أنه يمد ايده عليها ويضربها قودامي، كنت بين نارين أني أسيبه يعملها وهو قودام الكل بيدافع عن أمه حتى لو كانت غلطانه وبين أنه لو فعلا عملها يبقى كدا علاقته ببنتي اتعرضت لزلزال عنيف!!... في لحظة لاقيت ربنا ألهمني الحل، قلمي أنا ليها هو اللي فرمله.. أنا شوفتها في عينيه.. كان هاين عليه يصرخ في وشّي.. وياخدها في حضنه... غضبه برد... كان لازم القلم دا يا ألفت، يمكن أكون وجعتها وقتها لكن رحمتها من وجع أقوى وأعنف لو كان القلم دا جاه من جوزها!!!...
ربتت ألفت على كتفه وقالت بابتسامة:
- ربنا يخليك ليهم يا رؤوف وما يحرمهم منك أبدا..
بالأسفل اتجهت سلسبيل الى المطبخ لتطلب من وردة أن تصنع لها كوبا من الينسون، فوجئت بوردة وهي تحمل صينية عليها كوبا من سائل أصفر، فسألتها عما تحمله لتجيب وردة بفخر:
- دِه حاجة مخصوصة للحوامل، عشان تجوِّيهوم وتحوش الوجع اللي كل شوية تشتكي منه الست سلمى...
هتفت سلسبيل وهي تتناول الكوب:
- ومين اللي جالك إكده؟..
هتفت وردة:
- ديه وصفة متجرِّبة يا ست هانم.. والدكتووورة بنفسيها جالت الاعشاب ديْ عتحوش المغص...
قالت سلسبيل وهي تهم بشرب الكوب:
- لاه طالما الدكتوورة اللي جالت يبجى عشربه أني عشان بطني بتمغصني وانتي اعملي واحد تاني للدكتوورة...
وانصرفت الى الاعلى تاركة وردة تنظر في أثرها بتقطيبة وهي تحدث نفسها:
- أيه ديه؟.. عجولها للحبلى تجولي امنيح وتاخده تشرابو هيّ يبجى.....، لتشرق أسارير وجهها الاسمر الفتي وهي تهتف:
- يبجى الست سلسبيل هي كومان حبلى!!!!..
وفي الأعلى كانت سلسبيل تنتهي من احتساء كوب الاعشاب بينما تناول وردة الصينية لسلمى التي صرفتها شاكرة، كانت سلمى وسلافة تتبادلان المزاح ومعهما سلسبيل التي سكتت فجأة فلم ينتبها لها، وبينما كانت سلمى تهم برشف كوب الأعشاب حتى صرخت سلسبيل عاليا وهي تجول باستنجاد:
- الحجوووووني...
لتهرع اليها سلافة وتحاملت سلمى على نفسها ونهضت متجهتين اليها لترقداها فوق الفراش، قالت سلافة:
- ايه يا سلسبيل مالك؟.. عموما ما تقلقيش حالا هقول لبابا يكلم ليث..
وما ان اتجهت الى الباب حتى أوقفتها صرخة سلمى قائلة:
- الحقيني يا سلافة.. سلسبيل بتنزف!!....
لتلتفت سلافة بقوة وتفتح عينيها جزعا فأمامها سلسبيل راقدة في شبه اغماءة بينما الدم يلوث أغطية السرير البيضاء نزولا الى الأرض!!!!!!!!...
*****************************************
وقف يطالع باب غرفة العمليات بعينين متحجرتين ووجه أسود كظيم، اقترب منه ابن عمه غيث وربت على كتفه وقال:
- ما تخافيش يا خويْ سلسبيل عتجوم بالسلامة ان شاء الله...
أجاب ليث بصوت خفيض يخفي غضبا على وشك الاندلاع ليحرق الاخضر واليابس:
- ربنا موجود...
قاطعه صوت الغفير يطلب التحدث معه على انفردا فاستأذن من غيث الذي وقف يتآكله القلق على شقيقته الصغرى في حين سار ليث تجاه غفيره لينفردا في الزاوية، قال الغفير:
- كل اللي حاضرتك أمرت بيه تم يا كابير...
قال بهدوء مخيف وعينان تلمعان بعزم:
- جمعتهم كلاتهم؟....
أومأ الغفير بالايجاب هاتفا:
- كلاتهم يا كبير!!...
فبرقت عينا ليث ببريق مخيف وهمس بشر من بين أسنانه:
- وأنا هعرف منهم الحجيجة بنفسيْ، لمّن أشوف مين اللي اعملها، هخليه يتمنى الموووت ما عيطولوشي، عشان يبجى يفكّر مية مرة بعد إكده لمن ياجي ناحية أيتها حد يِّجرب لي... ايش حال بجاه لمن يكون الحاد ديه ماراتي... مارات الليث.... ليث الخولي!!....
قاطعه صوت لهاث شهاب وهو يقول بصوت متقطع:
- ليث... تعالى بسرعة.. الدكتور طلع من أودة العمليات وعاوزك ضروري...
هرع ليث الى الطبيب، وقال بلهفة:
- طمَّني يا دكتووور، هي عاملة كييف دلوك؟..
قال الطبيب بمهنية صرفة لم تخلو من شفقة على حال المريضة وأهلها خاصة زوجها الذي يظهر عليه القلق وبوضوح:
- للأسف الحالة حرجة جدا!!!!...
هتف ليث في حين تجمع والده وغيث وعثمان ورؤوف وشهاب حوله حيث حضروا جميعهم تاركين النساء بالمنزل بينما لم يستطع الجد النهوض من مكانه فالمصيبة فادحة، فمكث في كرسيه يستمع الى حديث الطبيب الذي كان ليث يسأله بلهفة:
- يعني إيه يا دَكتووور؟..
مد الطبيب يده بأوراق وهو يقول:
- ممكن تمضي لنا على الورق دا؟.. انا فضّلت أني أنا اللي أجيبه بنفسي عشان أوضح الحالة أكتر ليك..
ليث مقطبا بشك وريبة وهو يطالع الورق الذي تناوله من الطبيب ولم يفهم منه كلمة واحدة اذ جميعها مصطلحات أجنبية:
- للأسف يا ليث بيه.. زوجتك حضرتك اتعرضت لنزيف شديد جدا أدى لفقدان الجنين...
وسكت الطبيب ليستوعب ليث كلامه، وكانت هذه اولى الاخبار السيئة ولكنها ليست نهايتها!!.. أكمل الطبيب:
- المريضة اكتشفنا أنه عندها سيولة في الدم، ودا أدى لنزيف شديد جدا، احنا دلوقتي دخلناها أودة العمليات وهنحاول نسيطر على النزيف لكن لو مقدرناش وبصراحة عشان أكون واضح معكم دا احتمال ضعيف جدا هيبقى ما فيش قودامنا غير حل واحد بس....
ليث بجمود:
- هوّ إيه الحل ديه يا دَكتوور؟...
الطبيب بأسف:
- أننا نستأصل الرحم... يعني نشيله!!!!!!!!!!!!
برقت عينا ليث في حين دفن شهاب وجهه بين راحتيه، ومرر غيث أصابعه في شعره نازعا عمامته، ونكّس عثمان ورؤوف رؤوسهما، بينما قبض الجد على رأس عصاه بقوة وهو يستغفر الله كثيرا في نفسه، ليفاجأ الجميع بليث وهو يوقّع اسمه في خانة المسؤول عن المريضة، وناول الطبيب الأوراق، همّ الطبيب بالعودة الى غرفة العمليات حينما جذب ليث ساعده بقوة وهمس بجمود فيما عيناه تبرقان بشدة:
- أني ما عاوزشي غيرها يا دَكتووور، اعمل أي حاجة.. بس رجعهالي...
ربت الطبيب على يده قائلا:
- أدعي لها يا ليث بيه، هي محتاجه لدعواتكم دلوقتي، أنا هعمل اللي عليا وربنا معانا جميعا...
ثم انصرف ليعود الى غرفة العمليات حيث ترقد سلسبيل في غيبوبة في انتظار مشرطه لا تعلم على أية حالة ستفيق؟!!!!!!
تتبع ليث الطبيب حتى اختفى قبل ان يقبض على اصابع يده اليمنى بقوة حتى ابيضت سلامياتها وهمس بوعيد من بين هسيس أنفاسه:
- ما بجاش ليث الخولي إمّن خدت بتار مراتي وولدي.. عاجيبه ولو في حَنَكْ السّبع... ووجتها مش عيلحج يجرى على روحه الفاتحه...........

- يتبع -




كلي حب 29-12-16 03:15 AM

رد: كبـير العيلة
 
منى ي قلبي بسرعه قولي وش صار لسلسبيل ...

مملكة الغيوم 29-12-16 08:38 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
احداث ساخنه جدا ولاد اخولى بيجنو ثمرات زرع راويه الى ما بتزرع الا شر الاباء يزرعون الشوك والابناء يحصدون الحصرم والغضب والانفعال يقوم بالباقى واللى فيه سلسبيل كان المقصود بيه سلمى واصابع الاتهام تشير الى الارمله السوداء
تسلم ايدك منمن ابدعتى اعذرينى مقصره فى الردود المنتدى مجننى بسبب الاعلانات بقعد ساعه احمل فى الصفحه ومية اعلان بيطع فى انتظار باقى البارتات مووووووووووووووووواه

منى لطفي 31-12-16 12:55 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كلي حب (المشاركة 3670138)
منى ي قلبي بسرعه قولي وش صار لسلسبيل ...

لعيونك يا قلبي بارت هدية امووووووواه.

منى لطفي 31-12-16 12:56 AM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
الحلقة (34)
بقلمي/ احكي ياشهرزاد(منى لطفي)
جلست الجدة فاطمة تسبح الله على خرزات مسبحتها الخشبية التي تصل الى تسعة وتسعون خرزة تحمل كل واحدة منهن إسما من أسماء الله الحسنى، تقدمت منها ألفت تحمل كوبا من عصير الليمون ومدته اليها قائلة بحنان:
- اتفضلي يا حاجة اشربي كوباية اللمون دي، هتهديكي وتخليكي تقدري تقفي على رجليكي، من ساعة اللي حصل وما فيش حاجة دخلت بطنك ولا المايّه حتى!....
تناولت فاطمة كوب الليمون من يدها ووضعته على الطاولة الصغيرة بجوارها وهي تتنهد قائلة:ط
- ومين اللي لُه نِفس ياكل ولا يّشرب يا بتِّيّ؟.. ديه سلسبيل.. فرحة العيلة ونوارة الدار اهنه وحدا عمّها... ربنا ما يصيبني فيها بشرّ أبد....
أمّنت ألفت التي جلست على المقعد بجوار الجدة، ثم قالت:
- ان شاء الله هتقوم منها على خير، أنا لسّه مكلمة رؤوف بيقول لي في العمليات وان شاء الله خير...
سلافة بحزن:
- انا مش مصدقة!.. دي كانت بتضحك وبتتكلم وقامت عشان تجيب لها هي وسلمى كوبايتين ينسون، مرة واحدة كدا؟.. هي صحيح كانت بتشتكي من بطنها لكن مش بالصورة دي!.. نزيف!!... أنا مش مصدقة!.....
كانت سلمى تجلس في جمود تام، وما أن انتهت شقيقتها لامن تساؤلها حتى نهضت واقفة واتجهت الى خارج غرفة الجلوس حين نادتها أمها تسألها الى أين تذهب فوقفت ونظرت اليها واجابت:
- ما هو أصله ما ينفعش يا ماما احنا نفضل قاعدين هنا حاطين ايدنا على خدنا، انا هروح لهم المستشفى وأطمّن بنفسي، ما تنسوش اني دكتورة والمفروض اني كنت روحت معهم هو شهاب بس اللي رفض وبابا وافقه...
ألفت بهدوء:
- يا بنتي جوزك معاه حق انتي حامل وتعبانه، عموما لو يريحك انك تروحي.. ما فيش مشكلة.. انما هتروحي ازاي؟..
سلمى بجدية:
- هآخد راجح الغفير هو أكيد يعرف المستشفى انا مش هقدر أسوق وانا في حالتي دي، هخليه يوديني...
هتفت الجدة بلهفة:
- خوديني امعاكي يا نضري...
اتجهت اليها سلمى ومالت عليها تقبل رأسها ثم قالت بعطف:
- ما ينفعش يا ستو، صحة حضرتك ما تستحملش... انما انا أول ما اطمن عليها هطمنكم على طول ان شاء الله.. أنا هروح أجهز نفسي...
انصرفت سلمى في حين قطبت ألفت متسائلة:
- صحيح راوية فين؟؟...
لتنقلب تعابير وجه الجدة فيما تعتلي تكشيرة كبيرة وجه سلافة، أجابت فاطمة باقتضاب:
- تلاجيها افـ دارها يعني عتكون فين...
ثم نظرت الى ألفت وأردفت:
- إلّا بالحاج... فين وردة وأم علي ما نضرتهومش من البارحة؟..
ألفت وهي تهز كتفيها علامة الجهل بالجواب:
- والله يا حاجة ما عارفة، حتى لما روحت المطبخ عشان أقول لواحده من الخدامين تعمل لحضرتك اللمون ما لاقيتش حد...
قطبت فاطمة هاتفة:
- كييف ديه؟...
ليقاطع استرسالهما صوت راجح وهو يتنحنح يطلب الإذن بالدخول، فسمحت له الجدة، وقف راجح أمامها يخبرها أنه سيذهب الى منزل عدنان الخولي الذي أرسل في طلبه فأخبرته الجدة أن ينتظر سلمى ليذهب بها الى المشفى ثم سألته:
- جولي يا راجح.. فين الخدامين اللي كانوا إهنه؟.. فينها البت وردة وأم علي؟.. دولم عُمرهم ما عِملوها وهمّلوا الدار وفاتوها إكده منِّيهم لنفسيهم؟!....
أجاب راجح بصوته الخشن بينما شاربه الكث يتراقص فوق شفتيه الغليظتين:
- اللي أعرفه يا ستي الحاجة أنه صابر غفير سي ليث جِه وشحنهم كلّاتهم ولمّن سعلتو رايحين على فيين جالي أنها أوامر الليث بيه!!!..
قطبت فاطمة وهمست وكأنها تخاطب نفسها:
- واه... الليث شيّع ياخدوا الخدم من عندينا!!.. غريبة لحْكايه ديْ!!!...
احتلت سلافة المقعد الخال بجوار الجدة التي رفعت عينيها الى راجح وأردفت بحزم:
- روح انتا دلوك يا راجح استنى الدَّكتوورة سلمى عشان عتوديها المشتشفى للجماعه...
هز راجح برأسه ايجابا قبل أن ينصرف، تحدثت سلافة بريبة:
- ايه اللي يخلي ليث يا ماما ستو يبعت ياخد الخدامين من هنا؟...
فاطمة ساهمة:
- ماعارفشي يا بتِّيْ...
سلافة بجدية شديدة:
- بس أنا بقه عارفة!!...
قطبت ألفت وقالت:
- عارفة؟.. عارفى ايه يا سلافة؟..
سلافة وهي تنهض واقفة وعيناها تبرقان بقوة:
- السبب اللي يخلي ليث يلم كل اللي بيشتغلوا في الفيلا هنا انه متأكد انه اللي حصل لسلسبيل دا شيء مقصود وبفعل فاعل كمان!...
شهقت ألفت وهتفت غير مصدقة:
- ايه؟.. فعل فاعل!!!... ومين يا بنتي اللي هيكون عاوز يأذي سلسبيل ولا الليث؟.. دول كل الشغالين هنا بيحبوهم وبيحترموهم ويفدوا الحاج عبد الحميد برقبتهم!...
سلافة بسخرية مريرة:
- مش لو كان النقصود فعلا هي سلسبيل؟..
لتهتف الجدة هذه المرة متسائلة بوجل:
- قصدك ايه يا بتِّيْ؟.
سلافة بمرارة وهي تزفر بعمق:
- قصدي انه المقصود مش سلسبيل يا ماما ستُّو، اللي عمل كدا حد عاوز يأذي حد تاني خالص غيرها ولسوء حظ سلسبيل انها جات فيها!..
ألفت بقلق:
- حد زي مين يا سلافة ومين اللي له مصلحة انه يعمل كدا؟..
سلافة وقد بدأت الخيوط تترابط أمامها والصورة تتضح:
- مش هقدر أقول دلوقتي يا ماما ولا أظلم حد.. لكن لو طلع اللي في بالي صح... ، وسكتت لتكمل بوعيد:
- أنا بقه اللي هاخد بتار سلسبيل وهخلص القديم والجديد كله!..
**********************************************
سارت سلمى بخطوات سريعة في الممر في الطابق المنشود حيث سلسبيل، لمحت الجد من على مسافة بعيدة فسارعت خطواتها حتى وصلت اليه، مالت عليه تقبل رأسه وهي تسأل بلهفة ولهاث حاد:
- طمني يا جدي.. سلسبيل أخبارها ايه دلوقتي؟..
رفع الجد رأسه فهالها شكله، كان وكأنه قد كبر فوق عمره عشر سنوات على الأقل، أجاب الجد بوهن:
- برضيكي جيتي يا بتي!..
سلمى وهي تجلس الى جواره:
- كنت لازم آجي يا جدي، المهم طمني ايه الاخبار؟..
الجد بحزن شديد وقلق على حال حفيدته:
- لسّاتها جوّه يا بتِّي.. ربنا ايجيب العواجب سليمة..
ربتت سلمى على كتفه وقالت بتأكيد:
- ان شاء الله هتقوم منها على خير يا جدي...
لمحت والدها وهو يقف بجوار عمها عثمان فاستأذنت من جدها وقامت متجهة اليه، وقفت معهما لبرهة تحاول بث الطمأنينة في نفس عمها الذي أصابه الوهن خوفا وذعرا على حال ابنته، لم تكن قد رأت شهاب بعد ليلمحها ذلك الأخير بعد عودته من مصلى المشفى حيث كان يصلي هو وغيث والليث، هرع اليها شهاب ما أن وقعت عيناه عليها، أمسك بمرفقها وابتعد بها عن والده وعمه، وهمس لها بقلق:
- خير يا سلمى.. ايه اللي جابك؟..
زفرت بضيق وقالت:
- يعني أيه ايه اللي جابني يا شهاب؟.. جيت عشان لازم أكون مع سلسبيل في وقت ز يدا.. ما ينفعش نسيبها في ظروف ز يدي خصوصا واني دكتورة يعني أكيد هتحتاجني...
قال وهو يحرك رأسه والحزن قد حفر معالمه في وجهه:
- أنا مش مصدق لغاية دلوقتي اللي حصل، ربنا يسترها..
كررت سلمى:
- ربنا يسترها، هتقوم بالسلامة ان شاء الله انا عندي يقين كبير أوي بربنا...
شهاب مؤمنا على كلامها:
- ونعم بالله.....
ثم أردف متشائلا:
- انما انتي جيتي ازاي؟..
سلمى:
- مع راجح الغفير، أنا وعمي عدنان جينا سوا، هو مع ليث دلوقتي...
حانت منه نظرة الى الليث ذلك الذي يقف مرابض أمام غرفة العمليات بينما يقف والده بجواره، صوت جلبة جذبت انتباهه ثم خروج الطبيب من غرفة العمليات ليهرع الجميع اليه وبالطبع كان في مقدمتهم الليث الذي سأل الطبيب بلهفة وقلق واضحين:
- خير يا دَكتووور طمِّنيْ...
الطبيب بزفرة عميقة:
- خير ان شاء الله.. الحمد لله النزيف وقف وما اضطرناش لاستئصال الرحم، هي دلوقتي في الافاقة وهتنزل الرعاية المركزة بعد كدا ، إذا الـ 48 ساعة الجايين عدوا على خير كدا احنا نقدر نقول اننا عدينا مرحلة الخطر ان شاء الله.. خالوا بالكم هي نزفت كتير جدا والنزيف دا أدى انه الضغط عندها ينخفض بشكل خطير، احنا حاولنا اننا نرفعه بالادوية، عموما الساعات الجاية محتاجه لدعواتكم فعلا... عن إذنكم...
ما ان انصرف الطبيب حتى فوجئ الجميع بليث وهو ينحني ساجدا لله في مكانه... شكرا لانقاذه سلسبيل روحه العذبة!.
دمعت عينا سلمى وهي ترى الليث.. ذلك الصرح الشامخ، الرجل ذو المهام الصعبة كما لقبته منذ أن اشترك معهم في النيْل من حامد رشوان.. كانت تراه كالطود الشامخ... قلبه قُدّ من حجر... لا تتذكر أنه قد سبق لها ولمحت ابتسامة له ولو عابرة!... كانت تتعجب حينما تتحدث عنه سلسبيل واصفة رجل غاية في الرقة مع محبوبته، وكيف أنه لا يتحمل حزنها او غضبها... كانت تظنها تبالغ في وصفها له.. ولكنها الآن وفي هذه اللحظة تيقنت أن هذا الرجل لا تشرق شمس حياته الا من خلال واحدة فقط.... حبيبته سلسبيل!... لم يخجل أن يُظهر فرحته بنجاة حبيبته أمام الجميع... سجد لله شكرا لإنقاذه معشوقته... علمت بل وتأكد لها أنه لو كان قد مس سلسبيل أي سوء لكان أدى ذلك إلى تصدع هذا الطود الشامخ.. بل سيكون الاختبار الاقسى الذي يتعرض له الليث والذي قد ينهار بعده ليلحق بحبيبته تماما كما في حكايا عشق الأولين!....
انتبه شهاب لدموع سلمى الصامتة، ليربت على كتفها فرفعت عينيها الذابلتين اليه فقال بابتسامة صغيرة وهو يمسح دموعها بابهامه:
- ليه الدموع دي؟.. سلسبيل هتبقى كويسة ان شاء الله...
رنت منها نظرة الى ليث الذي وقف مستندا الى الحائط المقابل لغرفة العمليات بكتفه قبل أن تجيبه وسط شهقات بكائها الخافتة:
- ليث صعب عليّا اوي هو وسلسبيل، شوف شكله عامل ازاي؟.. انا متأكده انه كان هيجراله حاجة لو بعد الشر سلسبيل كان حصل لها حاجة لا قدر الله...
مال شهاب عليها محتويا وجهها بين راحتيه رافعا وجهها اليه وقال بصدق وهو يغوص برمادي عينيه بين غابات الزيتون خاصتها:
- أكيد يا سلمى، اللي بيحب مش ممكن يتصور حياته من غير اللي بيحبه، يتمنى انه هو اللي يجراله أي حاجة بس حبيبه يفضل بخير، والهوا ما يلمسوش، أنا... أنا عارف انه الكلام دا مش وقته دلوقتي لكن حبيت أقولك انه اللي مر بيه ليث وأختي دا خلّاني أعرف حاجة مهمة أوي...
قطبت سلمى متسائلة بهمس:
- ايه هيّ؟....
مال عليها لتلفحها أنفاسه الساخنة:
- انك أهم وأغلى حاجة عندي، وأني مستعد أخسر أي حاجة وأي حد.. إلا أنتي يا سلمى... مراتي وحبيبتي والانسانة اللي خلِّيت لحياتي طعم جميل... اوعي تفكري تبعدي عني يا سلمى.. لأنك وقتها هتكوني حكمتي عليّا بالموت!!!!..
شهقة خفيفة صدرت عنها لتختفي سريعا ما أن احتواها شهاب بين ذراعيه دافنا رأسها في صدره وهو يضغطها أقر بالى قلبه مرددا مرارا وتكرارا كلمة.... أحبّك!.........
************************************************
نظر الجد الى غيث الذي وقف أمامه يخبره برغبة الطبيب في رؤيته، قطب الجد وأجاب في قلق:
- الدَّكتوور رايدني أني يا ولديْ؟...
زفر غيث بعمق وقال:
- إيوة يا جدِّيْ.. الدكتووور رايد يتكلم امعاك...
نهض الجد بصعوبة يساعده غيث بينما يقول:
- ساعدني يا ولدي أوصل له.. لمن أشوف عاوز إييه...
-----------------------------------------------------
- يا حاج عبد الحميد أنا قلت لازم أقول لحضرتك الاول، اللي حصل فيه شبه جنائية، للاسف لاقينا أسبرين وبنسبة كبيرة أوي في الدم، مش قرص ولا قرصين لا يا حاج، الكمية اللي لاقيناها بياخدها يا حد عاوز ينتحر يا أما أخدها من غير علم، وأنا متأسف في الحالتين لازم بنبلغ البوليس!!!
حاول الحاج الحديث ليشعر مرة واحده بهروب الكلام منه، أسرع الطبيب بالتوجه ناحيته وناوله كوبا من الماء فشرب منه، ثم نظر اليه وقال بهدوء وان خالطه رجاء:
- أرجوك يا ولدي، انت ما يرضيكش عيلة الخولي توبجى لبانه في حنك اللي يسوى واللي ما يسواشي، الموضوع ديه لو انعرف هتجيد نار في العيلة، بترجاك يا ولدي.. اني ما عمريش اترجيت حدا واصل!!!!
ليجلس الطبيب على المقعد المقابل لعبد الحميد ويهتف بقوة فهذا الصرح الشامخ قد انحنت هامته فجأة:
- ما عاش اللي يخليكي تترجى يا حاج.. ارفع راسك يا شيخ عبد الحميد، انا عن نفسي هحاول اني أكلمهم هنا.. لكن حضرتك عارف انه دا نظام المستشفى، عموما هشوف معهم، لكن في الاول والاخر يا حاج فيه جاني حر طليق، ولازم حضرتك تعرفه.. حياة حفيدتك في خطر.... فيه حد اتعمد انه...

وسكت الطبيب ليكمل عبد الحميد بتساؤل:
- يأذيها؟....، ليجيب الطبيب بحزم:
- يقتلها يا حاج!!!!!...
ليعتلي الشحوب وجه عبد الحميد وهو يعتصر مقبض عصاه العاجية بين يديه ولسان حاله يقول:"هل سيفلت زمام العائلة منك يا كبير؟!!!!!!!!!!!!!!"
**********************************************
ناولت ألفت صحنا به بعض الشطائر الخفيفة للجدة وهي ترجوها أن تأكلها فهي تخشى أن تقع من طولها فهي لم تأكل طيلة اليوم، قالت ألفت:
- عشان خاطري أنا يا حاجة.. الحمد لله سلسبيل ربنا نجّاها وان شاء الله شفاها يكمل على خير، خلي بالك بقه من صحتك عشان لما ترجع بالسلامة ما تقلقش عليكي...
سلافة وهي تتناول الصحن من يد أمها وقد أمسكت بشطيرة وجلست أمام جدتها وقالت بمزح:
- هاتي يا ماما انا هأكّل ماما ستو بإيدي.. ولا هتكسفي إيدي؟...
ابتسمت الجدة وقالت:
- ربنا ما يرحمني منيكوم وما أشوف في حدا منكم حاجة شينة أبد...
ناولتها سلافة الشطيرة فقضمت فاطمة ثم أمسكت بها وشرعت بتناولها، ابتسمت ألفت ثم شردت وهى تتنهد بيأس فقالت فاطمة مقطبة:
- مالك يا بتِّي ليه التنهيدة الوعرة جوي ديْ؟
ألفت بشفقة:
- من ساعة اللي حصل وراوية قافلة على نفسها بابها، انا خايفة يكون حصل لها، روحت لها من شوية خبطت عليها ما ردتيش قلت يمكن نايمة بس انا خايفة عليها فعلا يا ماما الحاجة...
أعادت فاطمة الشطيرة التي كانت تأكلها بدون أن تكملها وقالت والغموض يكسو ملامحها:
- فوتيها لحالها يا بتيّ... لمّن تحس انها رايدة تجعد امعانا هتاجي بنفسيها، ما تشغليش بالك بيها انتيْ...
هبّت ألفت واقفة بغتة وهي تهتف:
- لا يا ماما الحاجة مهما كان دي أم.. أنا هروح أعمل لها حاجة تاكلها وأوديها لها... وأطمن عليها لا يكون جرالها حاجة وهي لوحدها...
أوقفها هتاف سلافة التى هرعت في إثرها لتقف بجوارها قائلة باستنكار:
- هتروحي لغاية عندها يا ماما؟..
نظرت اليها ألفت بقوة وأجابت بحزم:
- أيوة يا سلافة، مهما كان احنا عيلة واحدة ودي أم واتعرضت انها تخسر بنتها لازم نقف جنبها أنا أم يا سلافة وحاسة بيها كويس أوي...
ثم انصرفت تراقبها سلافة التي وغزها قلبها قلقا على والدتها ثم لم تلبث أن قررت اللحاق بها كي لا تتركها بمفردها مع العقربة!...
كانت في تلك الاثناء تجلس راوية في غرفتها، كان بصرها زائغا ووجها يعلوه اللون الأصفر، كان غيث قد هاتفها يخبرها بأن شقيقته قد تم نقلها للعناية المركزة وأنهم لم يضطروا لاستئصال الرحم، كانت اجاباتها شاردة، مما جعل غيث يقلق فأسرع بانهاء المكالمة ليأتيها على جناح السرعة!....
جلست راوية وهي تحدق في الفراغ، عقلها يعمل كالمكوك وسؤال وحيد يتردد في ذهنها: "ما الشيء الذي طرأ على هذه العائلة جعل المصائب تأتيهم جزافاً؟"... ، ليأتيها الرد من شيطانها الملعون: "لم يتغير في حياتكم سوى أن دخلت إليكم.. ألفت وبناتها!!"....، برقت عيناها لحظتها ورفعت رأسها وهمست بشراسة:
- إيوه.. هي ألفت وباناتها اللي دخلوم بيناتنا وخلوا المصايب تنزل ترف على دماغيتنا، من ساعة ما جوم إهنه وما شوفناشي راحة... يبجى لزمن أتخلص منيهم...
نهضت وهي تكمل بشرّ عظيم:
- لاه... منِّيها هيّ.. أس البلاوي كلاتها... هيّْ السبب في البلاوي اللي حوصلت ديْ كلّاتها، حتى جوزي هملني وجيه في صفّهم.. انتي لازمن اتموتي.. موتك الحل الوحيد يا ... ألفت الكلب!!!!..
وبرقت عيناها بشر مستطير وقد عقدت العزم على التخلص من ألفت نهائيا مرة والى الابد!!!!!!!!!!!!!!!!!

اتجه غيث الى شهاب ليخبره أنه سيذهب الى المنزل لطمأنة الجميع هناك دون أن يخبره عن حالة والدته التي أثارت قلقه عندما خابرها، قال شهاب وكان يقف بجوار سلمى:
- جدي مشي من شوية.. سلمى صممت انه يروّح لانه كان شكله تعبان أوي، راجح راح يوصّله، لو عاوز أنت كمان مش لازم ترجع أنا هفضل هنا مع الليث، حاولت مع عمي رؤوف وعمي عدنان وأبوك الحاج أنهم يروّحوا لكن رفضوا...
أومأ غيث وقال:
- امنيح.. أني كت جلجان عليه اخصوصي بعد مجابلته مع الدكتووور، أني كت امعاه لكنه صمم يجعد امعاه لحالهم ولما خرج كان شكله مهموم بزيادة ورفض يجولي ايه اللي جالوهوله الدكتوور وخلّاه حزيين جوي إكده...
سلمى بأسف:
- أنا عارفة جدي قلبه طيب قد إيه، أكيد استفسر عن حالة سلسبيل ونفسيتهى اتأثرت، عموما أنا مش هسيبها هفضل معاها، ممكن انتم كلكم تروحوا...
شهاب باستنكار:
- يا سلام!!.. أسيبك وأمشي؟!!.. أساسا لو فيه حد المفروض يروّح يبقى حضرتك ولا ناسية إنك حامل وقعدتك في المستشفى مش كويسة عليكي؟!...
نظرت اليه سلمى وأجابت بابتسامة هادئة:
- خليها على ربنا، أنا كل شغلي في المستشفى مش معقولة كل دكتورة تحمل تسيب شغلها وتقعد في البيت؟!...
تطلع غيث الى ساعته وقال وهو يتعجل الذهاب:
- طب أفوتكم أناه وهبجى أكلمك يا شهاب أطّمن على سلسبيل وحاول مع الليث يرتاح اشوي ...
وانصرف ، دفع شهاب سلمى في ظهرها موجها لها ناحية المقاعد للجلوس حينما لفت أنظارهما صوت جلبة واضحة فنظرا الى جهة الصوت ليفاجئا بخروج الممرضة تهرع من غرفة الرعاية المركزة والقلق مرسوم بوضوح على وجهها، حاول ليث ايقافها ليستفسر عما حدث، أجابت الممرضة وكانت سلمى وشهاب قد اقتربا منها:
- المريضة ضغطها انخفض جدا ودخلت في هبوط حاد في القلب!!..
ليشحب وجه الجميع بينما هربت الدماء من وجه ليث وصرخ عاليا:
- يعني ايه الكلام ديه؟....
حاولت سلمى تهدئته وقالت:
- اهدى يا ليث أنا هشوف فيه ايه...
كانت الممرضة قد هرعت لمناداة الطبيب فاقتحمت سلمى الغرفة لتفاجأ بالممرضة بالداخل ترفض ادخالها فهتفت بها بقوة:
- أنا دكتورة والمريضة تبقى أخت جوزي، وعلى ما نستنى الدكتور بتاعكم يشرف المريضة ممكن تروح من ايدينا..
واندفعت الى الداخل بينما تركض الممرضة في عقبها!!!...
أمسكت سلمى بذراعي جهاز الصدمات الكهربائية ووضعته على صدر المريضة وأمرت الممرضة هاتفة:
- شغّلي..
لينتفض جسد سلسبيل ثم يهدأ، فصاحت سلمى بقوة آمرة إياها بزيادة تردد الجهاز، لينتفض الجسد بقوة أكثر من المرة السابقة فيما تتطلع سلمى بقلق الى جهاز رسم القلب لتفاجأ بانخفاض النبضات ثانية، فصرخت قائلة:
- أعلى!!!!!!!!!!!!....
وما زالت تحاول إنعاش قلبها بجهاز الصدمات وعينيها مسمرتان على شاشة جهاز قياس نبضات القلب حتى هتفت الممرضة في نفس اللحظة التي اندفع فيها الطبيب الى الداخل صائحا بخشونة:
- انتي فاكرة نفسك بتعملي ايه بالظبط؟....
ليقاطعه صوت الممرضة هاتفة:
- النبض يا دكتور!!!!!!!!!!...
** في نفس التوقيت بمنزل عائلة الخولي **
طرقت ألفت باب غرفة راوية وهي تحمل صينية فوقها صحنا به بعض الشطائر الخفيفة وكوبا من الحليب المحلى بعسل النحل، سمعت الأمر بالدخول، فابتسمت ودلفت الى الداخل، كانت راوية تقف مولية ظهرها الى الباب فما إن سمعت صوت دخول الطارق حتى استدارت لتقف مسمرة مكانها لثوان محدقة في ألفت بجمود تام!!....
وضعت ألفت الصينية فوق الطاولة الصغيرة واقتربت من راوية وهي تقول بحنان:
- تعالي يا راوية كّلي لقمة، انتي ما كالتيش من وقتها، الحمد لله سلسبيل ربنا نجاها، تعالي حبيبتي...
وأمسكت بيدها تحثّها على السير معها حينما لاحظت أن قبضة راوية قد اشتدت على يدها لتكون هي من يمسك بيدها لا هي، طالعته بابتسامة حائرة وقالت:
- فيه حاجة يا أم غيث؟...
راوية بفحيح غاضب بينما عينيها زائغتان تبرقان ببريق جنوني أثار القلق والوجل في قلب ألفت:
- غيث!!.. وهو فينو غيث ولا شهاب ولا حتى عتمان جوزي.. ما انتي خدتيهم كلاتهم إف صفّك انتي وبناتك، من وجت ما طبيتو حدانا إهنه وانتي طويتي الحاج والحاجة تحت باطك وسلطت بناتك على ولادي، سحروا لهم عشان يتزوجوهم!..
ألفت بنفي قاطع:
- كلام ايه دا؟.. سحر ايه وبتاع ايه؟.. استغفر الله العظيم يارب، ولادك هما اللي حبوا يتجوزوا بناتي أحنا ما غصبناش حد وما سحرناش لحد، استغفري ربك يا راوية، انا مش هزعل منك عشان أنا مقدرة حالتك كويس أوي.. وأكيد لما تهدي كدا هتندمي على الكلام دا...
راوية وهي تقترب منها وتطالعها بكراهية مخيفة:
- من جهة أني هندم.. فأني هندم صوح... عارفة هندم علي غيه؟.. هندم اني ما خلصتش منيكي اتِّي وبناتك من اول يوم جيتوا فيه إهنه!.. لكن ملحوجة يا أم البنات.. اللي معملتهوشي البارحة.. هعمله.. دلوك!!...
لتطالعها ألفت في ريبة هاتفة بحدة وقلق:
- هو ايه دا اللي هتعمليه؟...
لتباغتها راوية بالانقضاض على عنقها هاتفة بحقد دفين:
- أني أجتلك وأخلص منيكي!!...
أطبقت راوية على عنق ألفت التي حاولت التخلص من قبضتها المحكمة على عنقها ولكن دون فائدة، فراوية كانت قد فقدت البقية الباقية من عقلها وشيطانها يصوّر لها أن الخلاص من ألفت يعني الخلاص من غريمتها التي سرقت منها حبيبها سابقا والآن تسرق منها بناتها ولديْها!!!....
بدأت مقاومة ألفت تفتر وقد بدأ الهواء ينحبس داخلها، شعرت ألفت بالاختناق وبدأ اللون الأزرق بالانتشار أسفل جلدها فرفعت عينيها الى الأعلى تتلو الشهادة في نفسها حينما هبّ إعصار على راوية ينتزع قبضتها بقوة من حول عنق ألفت التي سقطت في مكانها، هرعت سلافة والتي دفعت براوية جانبا بكل قوتها الى والدتها تساندها، سعلت والدتها وبقوة، بينما كانت راوية تحاول الوقوف بعد سقطتها إثر دفعة سلافة القوية، انتبهت سلافة لمحاولة راوية النهوض فالتفتت لأمها تسألها ان كانت بخير فأومأت بالايجاب لتقفز سلافة على قدميها وتتجه ناحية راوية وهي تهتف بشراسة:
- بقه عاوزة تموتي أمي؟.. يعني مش مكفيكي اللي حصل لبنتك واللي عملتيه معايا ومع أختي جاية كمان تقتلي أمي، لكن عارفة إيه... موتك أنتي اللي حلال، وأنا يا قاتل يا مقتول انهرده يا راوية الكلب!!!!!!!!..
حدقت راوية بذعر في سلافة التي كشرت عن أنيابها واندفعت توقفها على قدميها وهي.. تجذبها من شعرها المغطى بالوشاح الأسود، صرخت راوية ولكنها لم تلبث أن حاولت الدفاع عن نفسها لتحاول دفع سلافة بعيدا، اشتبك الاثنتان تمسك كلا منهما بشعر الأخرى، ةنجحت سلافة بإسقاط راوية أرضا ثم الجلوس فوقها تكيل لها الصفعات واللكمات، وهي تردد كلمة واحدة:
- موتي.. موتي....
كانت ألفت ترتمي في شبه اغماءة فوق المقعد فلم تستطع فض الاشتباك بينهما، في حين غفل الجميع عن الصوت الجهور يالذي كان يأمرهم بالكفّ عما تقومان به!!...
تحامل الجد على نفسه واتجه الى الداخل ليصعق برؤية راوية وهي تطبق الخناق على عنق ألفت في حين تقفز سلافة فوق ظهرها لتدفعها جانبا وبقوة!، لم يتثنى له الحديث فإذ بسلافة تكمل ما بدأته من العراك فتنقض على ألفت تكيل لها اللكمات والصفعات، هتف بها كثيرا وهو يتجه الى ألفت الملقاة فوق المقعد أن تكفّ قبل أن تتسبب في مقتل راوية، ولكنها لم تكن تردد إلا كلمة واحدة:
- موتي.. موتي...
كان في حيرة من أمره أن يفصل بين هاتين الاثنتين المتناحرتين أم يهرع لنجدة ألفت ليقرر أن ألفت هي الأهم حاليا فسلافة أكثر من قادرة على الاهتمام بنفسها!!!!...
أسند الجد ألفت وقرب منها كوبا من الماء ساعدها في احتسائه، ليتركها ما أن اطمئن الى هدوء أنفاسها واتجه الى سلافة التي كانت تقف في تلك اللحظة بعد أن دفعتها راوية من فوقها تمسك بتلابيب راوية وهي تخضّها كزجاجة الحليب تشتمها بأقذع أنواع السباب، صاح الجد وهو يقبض على ذراعها محاولا الفك بينهما:
- همّليها يا بتّي عاد...
هتفت سلافة بغضب شرس وهي تمد يديها لتنزع الوشاح من فوق رأسها لتظهر خصلات شعر راوية المصفف في جديلة طويلة سوداء يختلط بها خصلات بيضاء:
- مش هسيبها الا ميتة بنت التييت دي، كفاية بقه.. اتبلت على سلمى انها مش كويسة وبتقابل كريم من ورا جوزها، وحاولت تضربني عشان شتمت أمي قودامي وانا ما رضيتش، ولما جيت أدافع عن نفسي كدبت وقالت اني أنا اللي حاولت أضربها ودلوقتي يكون جزاء أمي لمالا جات تجيب لها الأكل بعد ما صبعت عليها انها تقتلها!!!... إياك يا شيخه اللي تاكليه ينزل لك بالسم الهاري في باطنك.. يا عقربة يا حية يا كلبة يا سماوية.. حسبي الله ونعم الوكيل فيكي... واحدة واطية ودوون صحيح...
وأنهالت عليها بالشتائم والجد يحاول إزاحتها بعيدا عن راوية ولكن دون جدوى حتى فوجئت بساعدين قويين يحيطان بخصرها ويرفعانها الى الاعلى فأخذت تركل الهواء أمامها وهي تصيح آمرة من يمسكها بأن ينزلها، بينما تمد يديها أمامها تريد الامساك براوية التي انزوت جانبا تحاول جمع خصلات شعرها وتتطلع بريبة وخوف الى الجد، صوت عال صاح بسلافة آمرة:
- خلاص يا سلافة وبعدهالك يا مَرَه؟!!!!!!!!1...
لتهدأ فجأة وتستدير لترى وجه غيث الذي يقبض عليها بقوة وهو يطالعها بنظرات شديدة القسوة، أنزلها على قدميها وهو يردف بغضب ناري:
- حصّلت انك تجتلي أمي يا سلافة؟!!!!!!....
شهقت سلافة عاليا وصاحت به وهي تشير الى راوية التي تقف بجوار الحائط تجمع يديها أمامها بينما يختض جسدها بالكامل برعشة الخوف والذعر:
- وهي حلال انها تقتل أمي؟!!!...
غيث بصراخ أعلى بينما الجد تحامل على نفسه ليقف بينهما وهو يأمرهما بصوت واهن أن يكفا عن الصراخ ولكن دون جدوى:
- كدبة جديدة ديْ؟.. كيف ما كانت رايدة تُضربك وانتي كتِّي بتدافعي عن نفسك.. مش إكده؟.. أني شايفك بعينيا الجوز دولام وانتى اللي طابجه في زمارة رجبتها ونازلة شاتيمة فيها وانتى بتجوليلها موتي .. موتي!.. مش إكده يا بت عمي؟...
صاح الجد:
- يا غيث يا ولدي انت فاهامن غلط، الموضوع مش إكده!....
لتقول سلافة وقد برد غضبها فجأة:
- بعد إذنك يا جدو....، ثم وجهت كلامها الى غيث بقوة:
- يعني انت صدقت فيا اني ممكن أضرب أمك؟.. ودلوقتي صدقت اني عاوزة أقتلها من الباب للطاق؟...
هتف غيث بوحشية:
- أني صدجت اللي نضرته بعينيا التنييين دول، إيه.. فاكراني داجج عصافير وهصدج انها كانت رايدة تجتل أمك؟.. ولو كان إكده فينها أمك ديْ؟.. أني ما شايفشي...
ليبتر عبارتها وقد لمح ألفت الملقاة فوق المقعد الجلدي المنزو في ركن الغرفة ولم يكن قد انتبه اليها لدى دخوله، رفع عينيه الى سلافة في ذهول صاعق لتبادله سلافة النظر بأخرى شامتة.. آسفة... حزينة، وهي تقول:
- يا خسارة يا ابن عمي!... عموما عشان انا مش بخاف غير من اللي خلقني فأنا هقولك وبكل صراحه أني ايوة لو كنت قدرت أقتلها كنت قتلتها، الست دي لا يمكن تكون أم.. دي واحدة مريضة بالكره والحقد اللي ملوا قلبها، وانت ابنها يعني من ريحتها ومن الآخر بقه أنا مش طايقاها ولا طايقه حد من ناحيتها!..
غيث بجمود:
- يعني إيه يا سلافة؟..
طالعته سلافة بجمود ينافي العذاب الذي ينخرها من الداخل وهي تشعر أنها بكلامها الأتي وكأنها تقتطع جزءا منها.. بل هو الجزء الأثمن ولكنه هو من اختار.. هو من جعل الامور تصل بهما الى طريق مسدود، أجابت سلافة ببرود صقيعي:
- يعني تطلقني يا غيث، أنا لا يمكن أستنى على ذمتك دقيقة واحده كمان بعد كدا، الرجل اللي ما يصدقش مراته ويهينها ويمشي كلام أمه اللي كله كدب وتضليل من غير ما يحاول يتأكد الأول.. للأسف.. ما يلزمنيش!!...
رآها الجد في عينيه، فرفع يده هاتفا بحدة بينما عيناه تتضرعان إليه ألا ينطق بما تشي به عيناه لكن غيث لم يلتفت الى الجد بل ظلت عيناه مسمرتان على وجه جنيته الصغيرة.. تلك التي حرمته لذة المنام منذ رآها، وقد صدق حدسه فما إن وقعت عيناه عليها منذ اللحظة الأولى وهو قد علم أن الراحة قد فارقته لأمد طويل، واليوم وفي هذه اللحظة علم أنه لن يعرف للراحة طعما بعد اليوم، خاصة وهو ينفذ مطلبها الأخير.. فتنفرج شفتاه وتتحرك لينطق لسانه بما طالبته به حتى آلمت رجولته وهي تلفظه بكل عنفوان وشموخ ولم يكن هو من يستجدي امرأة ألّا تتركه.. حتى وإن كانت تلك المرأة هي أثمن وأنقى وأجمل امرأة من دون النساء.. بل إنها هي حبه الوحيد والأوحد، وانطلقت الكلمة لتصيب قلب سلافة بجرح غائر وهي تسمعه بأذنها لتشعر بها كالرصاصة مدوية:
- انتي طالج يا بت عمي.. طالج.. طالج!!!....
سارت اليه ووقفت أمامه تطالعه بنظرات حزينة تختلط بالأسى وخيبة الأمل، قبل أن تتجه الى والدتها تعاوانها على النهوض وتتجه بها الى الخارج، ليلتفت الجد الى حفيده ويصيح به في ذهول وغضب عنيف:
- انت ايه اللي هابتته دِه؟...
غيث بضيق وهو يشيح برأسه جانبا:
- لو سمحت يا جدي...
ثم اتجه الى راوية المنزوية في ركن الغرفة يعاونها على النهوض ليسمع جده وهو يقول بجدية وحدة:
- بت عمك ما كدبتشي يا غيث، أمك كانت رايده تجتل أمها!!!..
ليتسمر غيث في وقفته ويطالع أمه التي تقف بين يديه تطالعه باستجداء وهي تدير رأسها من اليمين الى اليسار عدة مرات، التفت غيث وهو لا يزال قابضا على مرفقي والدته ليطالع جده من فوق كتفه قائلا بستهجان وتساؤل:
- ايه؟.. انت بتجول ايه يا جدّيْ؟...
الجد بزفرة يأس عميقة وغضب بارد:
- اللي سامعتَهْ.. مَرَتَك ما كدبتشي في ولا حرف من اللي جالتهولك لا في اللي حوصل جبل إكده ولا في اللي حوصل إهنه!...
تطلع غيث الى أمه وسألها بتلعثم وعدم تصديق:
- صحيح الكلام اللي بيجوله جدي يا أم غيث؟.. انتي ضربتي مرتي واتبليت على سلمى بالغلط وكتّي عاوزة تجتلي أمها؟...
لم تجب راوية فهتف بها غيث بقوة:
- جاوبيني يا أم غيث.. انتي اعملتي إكده صوح؟...
الجد بزفرة ضيق:
- انت اتسرعت يا غيث، جولتلك ما تسمعشي كلامها يا ولدي مهما كان بت عمك لساتها اصغار وكونها تشوف امها وأم زوجها ابتعمل فيها اكده يحج لها عجلها يطج منيها...
ترك غيث راوية واندفع ليخرج وهو يقول:
- اني لازمن أتكلم مع سلافة..
نهاه الجد قائلا:
- معينفعشي يا غيث، همّلها دلوك!...
غيث بنفي قاطع:
- لاه يا جدي.. عنتلكم ولازمن تسمعني..
الجد ساخرا:
- وايه اللي عيخليها تسمع لك ان شاء الله؟..
غيث بقوة:
- مَرَتيْ ولازمن....
ليسارع الجد بمقاطعته بصرامة:
- كانت يا غيث!!!
قطب غيث هاتفا بينما قلبه يضرب بين جنباته:
- يعني ايه يا حاج؟
الجد وهو يقترب منه حتى وقف أمامه:
- يعني انت رميت عليها اليَمين يا ولدي.. بجيت طليجتك!!!..
فتح غيث عيناه على وسعهما وقد هرب الدم منه بينما تعالت دقات قلبه تصرخ طالبة بعودة من منحتها الحياة!!!!!!..
وفي نفس الوقت.. بالمشفى.. في نفس اللحظة التي كانت راوية تنقض على عنق الفت بغية قتلها كانت سلمى تنقض على جهاز الصدمات بغية انقاذ سلسبيل، ليعود قلبها الى العمل بمعجزة أذهلت الأطباء فيما كانت روح ألفت تنسحب منها بيدي والدة سلسبيل، ولكن لحظة عاد قلب الاخيرة الى الحياة مرة ثانية كانت هي ذاتها التي أنقذت فيها سلافة أمها من بين براثن الموت على يد راوية... "ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا".. صدق الله العظيم.....
- يتبع -


منى لطفي 31-12-16 12:57 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3670225)
السلام عليكم ورحمة الله
احداث ساخنه جدا ولاد اخولى بيجنو ثمرات زرع راويه الى ما بتزرع الا شر الاباء يزرعون الشوك والابناء يحصدون الحصرم والغضب والانفعال يقوم بالباقى واللى فيه سلسبيل كان المقصود بيه سلمى واصابع الاتهام تشير الى الارمله السوداء
تسلم ايدك منمن ابدعتى اعذرينى مقصره فى الردود المنتدى مجننى بسبب الاعلانات بقعد ساعه احمل فى الصفحه ومية اعلان بيطع فى انتظار باقى البارتات مووووووووووووووووواه

ولا يهمك ملوكة تسلميلي حبيبتي... امووووووواه

كلي حب 31-12-16 05:13 AM

رد: كبـير العيلة
 
يعطبك العافيه الحمدلله على سلامة سلسبيل ام سلافة دي مش حباها قوية وقادرة

فرحــــــــــة 31-12-16 09:13 AM

رد: كبـير العيلة
 
غاليتى
منى لطفى
صراحة استمتعت كثيرا بالقصة الجميلة
وقد استغرقت فى قرائتها لمدة ثلاث ايام متوالية
وذلك لانها شدتنى بجمالها وحبكة الدراما فيها
وكذلك اللهجة الصعيدية المحببة الى نفسى
فقد فكرتنى بقصص الكاتب الكبير محمد صفاء عامر
مؤلف مسلسل ذئاب الجبل وكل اعماله المحببة الى النفس
شخصيات الرواية مكتوبة بحرفية عالية والاحداث متلاحقة ومتجددة
شخصية كبير العائلة الحاج عبد الحميد الخولى
رائعة وقديرة ولدية رؤية مستقبلية
الجدة على الرغم من كل ماعرفته عمايحدث من راوية
الا انها لم تتخذ معها موقف حاسم بل هى مراقبة لها فقط
مما شجع راوية على التمادى فى غيها
الاخوين عثمان ورؤوف ليسوا مؤثرين فى الاحداث بدرجة كبير
وان كانت زوجاتهم هم المؤثرين واحدة بحبها لزوجها وبناتها
وطيبتها وحسن اصلها
والاخرى بحقدها وسوء طباعها وسيطرة شياطينها
اما الاحفاد فتلك قصة اخرى حيث تتمحور حولهم الاحداث
وهم صانعيها
لك منى كل الشكر والتقدير على تلك القصة الرائعة
وانتظر الجزء القادم بشوق
دمتى بكل الخير
فيض ودى

منى لطفي 31-12-16 09:34 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرحــــــــــة (المشاركة 3670302)
غاليتى
منى لطفى
صراحة استمتعت كثيرا بالقصة الجميلة
وقد استغرقت فى قرائتها لمدة ثلاث ايام متوالية
وذلك لانها شدتنى بجمالها وحبكة الدراما فيها
وكذلك اللهجة الصعيدية المحببة الى نفسى
فقد فكرتنى بقصص الكاتب الكبير محمد صفاء عامر
مؤلف مسلسل ذئاب الجبل وكل اعماله المحببة الى النفس
شخصيات الرواية مكتوبة بحرفية عالية والاحداث متلاحقة ومتجددة
شخصية كبير العائلة الحاج عبد الحميد الخولى
رائعة وقديرة ولدية رؤية مستقبلية
الجدة على الرغم من كل ماعرفته عمايحدث من راوية
الا انها لم تتخذ معها موقف حاسم بل هى مراقبة لها فقط
مما شجع راوية على التمادى فى غيها
الاخوين عثمان ورؤوف ليسوا مؤثرين فى الاحداث بدرجة كبير
وان كانت زوجاتهم هم المؤثرين واحدة بحبها لزوجها وطيبتها
والاخرى بحقدها وسوء طباعها وسيطرة شياطينها
اما الاحقاد قتلك قصة اخرى حيث تتمحور حولهم الاحداث وهم صانعيها
لك منى كل الشكر والتقدير على تلك القصة الرائعة
وانتظر الجزء القادم بشوق
دمتى بكل الخير
فيض ودى

فرحتيني بكلماتك الجميلة وتحليلك الاروع يا أجمل فرحة، أنا فعلا من أشد المعجبين بالروائي الكبير محمد صفاء عامر ورائعتيه ذئاب الجبل والضوء الشارد..
عاوزة أقولك أني مش صعيدية لكني في تحضيري للرواية شاهدت الضوء الشارد وذئاب الجبل، بعض الحلقات التي علمت معي، أنا كنت بذاكر اللهجة، خاصة وأنه المؤلف صعيدي وكانوا بيستعينوا كمان بمصحح لهجة، أنا كنت بتكلم معهم بحفظ كلماتهم وأرددها مع نفسي ، وفي كتابتي للحوار كنت بقول الجمل بصوت عالي عشان أكتبها كيف ما بنطقها، والحمد لله نجحت، أكيد فيه بعض الكلمات والعبارات هربت مني لكن في المجمل الحمد لله اني نجحت بشكل كبير..
كبير العيلة ليها معزة خاصة جدا عندي، أنا بعتبرها أولى انطلاقاتي الروائية، لأنها تحمل كذا نوع من الدراما، الرومانسية ، البوليسية أو الأكشن، الدرامية وطبعا القالب الكوميدي الذي أغلف به معظم رواياتي، فالبسمة غالية في زمننا وأن سرقنها حتى بين أسطر قليلة فهي كنز... عن نفسي بفرح جدا لما بقدر أرسم بسمة على وجوه أحبتي..
وأخيرا وليس آخرا دمتي لي غاليتي.. بنتظر رأيك المفصّل بالاحداث القادمة وبنزل بارت الليلة ان شاء الله.. تقبلي تحياتي.. :rdd12zp1:

منى لطفي 31-12-16 09:39 AM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة كلي حب (المشاركة 3670299)
يعطبك العافيه الحمدلله على سلامة سلسبيل ام سلافة دي مش حباها قوية وقادرة

تسلميلي قلبي، قصدك ام غيث ههههههههه ام سلافة غلبااااااانة... راوية دي قادرة وجباااااااارة، لكن نهايتها قربت وهتكون عبرة لمن لا يعتبر...

منى لطفي 31-12-16 10:46 AM

رد: كبـير العيلة
 
كبير العيلة
بقلمي/ احكي ياشهرزاد
الحلقة (35)
صوت حبيب تناهى الى مسامعها من خلف الغيوم التي تلف عقلها، كلمات جعلتها تحاول كي ترى صاحبها، وكان أن انتشلها صاحب الصوت بنبرته المترجية من غياهب نومها العميق لترمش بأهدابها عدة مرات قبل أن تفتح عينيها فتطالعها غشاوة بيضاء أمام عينيها، دارت بحدقتيها يمينا ويسارا تبحث عن صاحب الصوت الذي تغيرت نبرته الى اللهفة، ظهرت صورة مهتزة أمام عينيها لم تلبث أن أخذت تستقر شيئا فشيئا حتى توضحت تماما... لتقول بابتسامة شاحبة وصوت ضعيف واهن:
- لـ... ليـ.. ليث!!!.. ، حدق فيها ليث غير مصدقا لما يراه أمام عينيه، فسلسبيله قد استفاقت، بل أنها تراه ونادته باسمه بصوتها الذي كاد يموت كي يسمعه وهو يناديه ثانية...، هتف وهو يميل عليها ممسكا يدها الموصول بها أنبوبة المغذي:
- روح ليث وجلبه وعجله يا سلسبيلي....
ابتسمت سلسبيل وهمست بضعف:
- اتوحشتك يا ولد عمي...
ليتأوه ليث من أعمق أعماقه قائلا بحرقة:
- آآآآآآه يا سلسبيل.... ، ليغمر يدها قبلا ظهرها وباطنها، ثم نظر اليها وأردف بعينين تغشاهما غلالة رقيقة:
- حمد لله على السلامة يا بت عمي، أني ما ممصدجش انك جودامي وبتحدتيني، اني معوتش فايتك واصل... هجعد جارك وما عهملكيش دجيجة واحدة... انتي غالية جوي يا سلسبيل.. جوي جوي يا جلب ليث.. مش امصدج انك جودامي واني ماسكك بين ايديّ...
قالت سلسبيل بابتسامة:
- معجول الليث عهيهمل مصالحاه ويجعد جار ماراتَهْ؟...
ليث بتأكيد:
- انتي حالي ومالي ومَرَتي وبتِّيْ وأهلي كلهم يا سلسبيل...
همست بحب:
- ربنا ما يحرمني منِّيك يا ليثي، أنته....
لتبتر عبارتها وقد لاحظت غشاوة رقيقة تلمع فوق حدقتيه، فقطبت وهمست بتساؤل وهي ترفع يدها بضعف الى عينيه:
- ليث... ايه اللي أني شايفاه في عينيك ديه؟...
لتفتح عينيها واسعا وتتابع بشهقة ضعيفة:
- ديه دموع!!!.. انت بتبكي يا ليث؟.. دموعك غالية جوي يا ابن عمي معتنزلش على حدا واصل حتى لو كتّ أني!!!!
ليهتف من أعماقه:
- إنتي أغلى من الدموع ديْ.. أغلى من روحي ذات نفسيها يا بت عمي.. أني من غير ما جادرش أعيش... أنتي روحي يا سلبيل....
وقبل راحتها لتبتسم ثم تقول مقطبة:
- هو ايه اللي حوصل صحيح يا ولد عمي؟.. أني معفتكرش غير اني كت حاسة بسكاكين بتجطع في مصاريني وشاربت كوباية أعشاب البت وردة جالت انها زينة للحبلى وبس وبعد إكده....
لتصمت فجأة وتردد بهمس:
- حبلى!!!!! ، نظرت اليه بذعر وهي تتلمس بطنها المسطحة بجنون لتنظر اليه بتوسل هاتفة بصوتها الضعيف:
- اللي ببطني... راح؟!!!!!! ، سكت ليث، لأول مرة يشعر بالخرس، لم يستطع اجابتها، ولكن... لتجيبها عيناه بدلا عنه، فهتفت بجزع وهي تتساءل بذعر:
- اللي ببطني راح يا ليث؟.. سجّطت!!!!!!.. لاه... لاه....
وأخذت بالاشاحة برأسها يسارا ويمينا عدة مرات وهي تردد كلمة لا مرارا وتكرارا، نهض ليث من المقعد المجاور لفراشها ليجلس بجوارها على السرير ويقول وهو يحتوي كتفيها بذراعه بينما يده الأخرى تربت على وجنتها:
- وحّدي الله يا سلسبيل أومال... ديه إرادة ربّنا... أهم حاجة انك جومتي لي بالسلامة، أني ما عاوزشي غيرك انتي يا سلسبيل..
ولكنها لم تكن تستمع إليه، كان عقلها لا يستطيع استيعاب حجم خسارتها، طفلها هي وليث، الطفل الذي تمنته كثيرا ودعت الله لأجله في كل وقت، لتصرخ من أعماقها عاليا:
- آآآآآآآآآآآه..... ، قبل أن تسقط بين يديه مغشيّا عليها وهو يهتف بجزع:
- سلسبيل.. سلسبيل....
خرج الطبيب من غرفة سلسبيل، اتجه اليه ليث وسلمى وشهاب بينما رحل الباقون حالما اطمئنوا على استقرار حالة سلسبيل ونقلها الى غرفة خاصة فلم يحضروا انهيارها، سأل ليث بلهفة:
- خير يا دكتووور؟....، الطبيب بهدوء مهني:
- اللي حصل شيء متوقع يا ليث بيه، احنا اديناها حقنة مهدئة وان شاء الله على الصبح هتكون كويسة، انا شايف انه ما فيش داعي لوجودكم هي هتنام للصبح تقريبا، ولو عاوزين مرافق واحد بس كفاية.. عن اذنكم...
ليث لشهاب:
- خد الدَّكتووورة يا شهاب وروِّحوا، أني هجعد جارها...
شهاب مربتا على كتفه:
- لو احتجت أي حاجة كلمني يا ليث، واحنا ان شاء الله من الصبح بدري هنكون عندك..
لتهمس سلمى له:
- حمد لله على سلامتها يا ليث...
أومأ ليث برأسه لهما فانصرفا بينما دلف ليث الى غرفة سلسبيل، رأى الممرضة وهي تطمئن على سير المحلول في الأنبوبة، قبل أن توميء برأسها وتنصرف موصدة الباب خلفه، سحب ليث كرسيا وضعه بجانب الفراش التي ترقد فوقه، مال على يدها الموضوعه بجانبها مقبلا ظاهرها ثم رفع رأسه وهمس:
- بحج كل دمعة نزلت من عينيكي الحلوين دوول، بحج حرجة جلبي وجلبك.. هاعرِفُه.. هاعرِف اللي عِمِلْها.. ووجتيها الموت بالنسبة لاه عيكون حلم نفسيه يتحجج!!!!!!...
وبرقت عينا الليث بعزم ووعيد بينما يتردد في عقله اسم ذكرته سلسبيل أثناء كلامها معه "وردة!!!"....
---------------------------------------------------------
جلس روؤف فوق المقعد وكأنه يرزح تحت همٍّ ثقيل، كان بالأعلى بالطابق المخصص له، همس بذهول وهو يطالع سلافة وألفت:
- انتو بتقولوا إيه؟.... ، أجابت ألفت بصوت مبحوح من شدة البكاء:
- بقولك سلافة اتطلقت، وراوية كانت.. كانت عاوزة تقتلني!!!!!!...
هتف روؤف بغير تصديق:
- انتي بتقولي إيه يا ألفت؟... أنا مش مصدق!!.. كل دا يحصل في الكم ساعة اللي غبتها!!!... وإيه اللي خلّا راوية تعمل كده؟.. وغيث يطلق سلافة ليه؟...
لتجيب سلافة بجمود وقد فقدت عيناها بريقهما:
- أنا هقول لحضرتك كل حاجة!!!!....
ساد الصمت بعد ان انتهت سلافة من سرد كل ما حدث سواءا في غيابهم أثناء سفرهم لأداء العمرة وما صار بين شهاب وسلمى وما حدث بينها هي وراوية وجعل الأخيرة تتهمها بمحاولة ضربها، وانتهت بأن أفصحت عن شكوكها بل ويقينها الشبه مؤكد بأن ما حدث لسلسبيل كان المقصود به سلمى وبتخطيط من راوية!!!!!!!!!...
وضع روؤف يده على رأسه بينما احتضنت ألفت سلافة بين ذراعيها، شعرت ألفت بقلق فظيع على سلافة، فهي لم تبك ولم تنهار لطلاقها من غيث والذي لفظه ثلاث مرات!!!.. وبقلب الأم دعت الله أن ينقذ صغيرتها، فهي ترى معالم الانهيار القادم بوضوح... الصمت التام كان هو الاشارة على حالة الانهيار الداخلي التي تعاني منها سلافة!!..
صوت سلمى وهي تلقي عليهم السلام انتشلهم من شرودهم الواضح، نظرت اليهم سلمى بتساؤل، قبل أن تنقل نظراتها الى شهاب الذي رافقها، تبادلا نظرات التساؤل وعدم الفهم قبل أن يخرق رؤوف الصمت وهو يرفع رأسه متطلعا الى ابنته وهي تقف بجوار زوجها الذي يحيط كتفيها بذراعه في اشارة منه لحمايتها، ليقف بعدها ويتطلع اليهم قليلا قبل أن يقول:
- أختك حكيت لنا على اللي حصل واحنا مسافرين!!!...
شهقت سلمى ونظرت الى سلافة الغارقة بين ذراعي والدتها بتساؤل قبل أن تقول بريبة فيما شهاب يلقي اليها والى عمه بنظرات قلقة:
- يا بابا حضرتك عارف البيوت يا ما بيحصل فيها، وشهاب صالحني وخلاص......
ليقاطعها صوت رؤوف قائلا بجمود وهو يرمي شهاب بنظرات أثارت ريبة وقلق الأخير:
- مش عاوزة تعرفي ايه اللي حصل لأختك يا سلمى؟...
قطبت سلمى وابتعدت عن شهاب وتقدمت ناحية أختها، ركعت على ركبتيها بجوارها ومسّدت على كتفها وهي تتساءل بوجل موجهة نظرات حائرة الى أمها الساكنة تماما:
- ايه اللي حصل يا ماما؟...
رؤوف من خلفها ببرود:
- اتطلقت!!!!...
لتشهق عاليا وتنهض واقفة على قدميها وتردد بغير تصديق وهي تطالع أبوها:
- أتـ... إتطلقت!!!!!!.. طيب ليه وازاي؟؟؟
لتكون سلافة من يجيبها هذه المرة، اذ ابتعدت عن أحضان والدتها ورفعت رأسها قائلة بسخرية ومرارة:
- عشان أنقذت أمنا يا سلمى.. حماتك المصونة كانت عاوزة تقتلها!!!!!!...
شهقت سلمى عاليا واضعة يدها فوق فمها وهي تهتف بغير تصديق:
- لا.. مش ممكن!!!..
ليهتف شهاب بذهول:
- انتي بتقولي ايه يا سلافة؟... يعني ايه ماما حاولت تقتل مرات عمي؟!!
سلافة بمرارة:
- لو مش مصدقني يا باش مهندس عندك جدي.. إسأله وهو هيأكد لك كلامي!!...
نظرت اليه سلمى بذهول في حين قال شهاب بقلق لنظراتها الغامضة:
- سلمى.. أحنا مالناش ذنب في دا كله.. أنا جوزك وانتي مراتي واللي في بطنك دا ابني... مهما حصل أوعي تفكري ان ممكن حاجة تفرقنا..
هتفت سلمى بغرابة:
- دي أمي!... عارف يعني إيه لما حماتي تحاول تقتل أمي؟.. عيال إيه وجواز أيه بعد كدا؟.....
ثم هرولت الى أمها التي تلقفتها بين ذراعيها في حين انخرطت سلمى في بكاء عنيف بينما وقف شهاب حائرا، أيقظه من حيرته هذه صوت رؤوف الجامد:
- شهاب يا بني.. أظن بعد اللي حصل دا لازم وقفة جامدة... اللي حصل مش قليل... الموضوع بقه مش غيرة أم على ولادها.. ولا كيد حماوات.. لا.. الموضوع أخطر بكتير!!!...
هم شهاب بالحديث حينما قاطعه صوت رنين متواصل فقطب رؤوف وهمّ بالتوجه ليفتح عندما قاطعه شهاب وهو يسير متجها الى الباب قائلا:
- خلي حضرتك.. هفتح أنا...
ما ان فتح الباب حتى اندفع غيث الى الداخل بقوة وهو يهتف مناديا سلافة، هرع خلفه شهاب الذي أعاق دخوله الى غرفة الجلوس حيث الجميع وهتف بهمس عنيف من بين أسنانه:
- انت ايه اللي انت عملته دا؟.. طلاق يا غيث!!!.. قدرت تعملها؟.. وجاي دلوقتي ليه؟.. نصيحة مني اوعى تخليهم يشوفوك خصوصا عمي رؤوف.. انا معرفش ممكن يعمل فيك إيه؟...
أزاح غيث يد شهاب التي أمسكت بذراعه تعيقه عن الدخول وهو يهتف بقوة:
- محدش عيجدر يمنعني عن ماراتي!!!!!...
ليفاجآ بصوت ساخر يعلو من وراء شهاب:
- مراتك؟!!... لا معلهش... الطلاق حصل وبالتلاتة وفيه شهود عليه...
هتف غيث وهو يملأ عينيه من محبوبته التي تقف خلف أخيه تطالعه بعينين خاويتان وجمود يكسو ملامحها التي يعشقها:
- سلافة!!!...
ابتسمت بمرارة في حين ابتعد شهاب لفسح له بالدخول حيث تراجعت سلافة الى الخلف، وقفت سلافة أمامه وقالت بعنفوان شديد:
- أفندم يا ابن عمي!!!
قاطعهما صوت رؤوف بصرامة:
- سلافة.. ادخلي جوّة... ، ثم وجه حديثه الى غيث قائلا بحزم وهو يتطلع اليه بجمود لم يسبق له وأن شاهده غيث عليه، فعمه دائما ما يراه مبتسما، ولكن الآن الوجوم والبرود يعتلي وجهه ناحيته:
- خير يا ابن أخويا؟.. كلامك معايا أنا، دا اللي كان مفروض من الأول..
غيث بنظرات مركزة على سلافة:
- أنا.. أنا رايد أتحدت مع سلافة.. بعد .. إذنك يا عمي...
وهو يلعن في داخله.. تبًّا تبًّا.. هل من المعقول أن يحتاج هو غيث الى الإذن قبل التحدث الى امرأته.. زوجته.. نعم هي زوجته رغما عن أنف الجميع.. هو لم يطلّقها.. لن يتركها.. كان طلاق غضب وطلاق الغضب لا يقع أليس كذلك؟!!!!!!!..
قال روؤف بجمود:
- للأسف ما عادلكش الحق دا... انت خسرت كل حق ليك عند عمك وبنات عمك يا.. ابن أخويا!!!..
لتخرج عيناه من محجريهما ما إن سمع كلمات عمه الباترة، حتى أن قلبه أوشك على التوقف فهتف بقوة تخفي قلقا وجزعا رهيبا من فقده لصغيرته الجنيّة المشاكسة:
- لاه.. سلافة لسّاتها ماراتيْ!!..
قال رؤوف:
- كانت.. كانت يا غيث!!.. انت ناسي انك طلقتها وبالتلاتة كمان؟!!!!!
تقرب غيث من عمه وهو يشير الى تلك التي تختبأ منه خلف والدها، يريد أن يمد يديه ويجذبها الى أحضانه، هل وصل بهما الحال الى أن تختبأ منه هو في حضن غيره حتى وإن كان هذا الغير .. والدها؟...، هتف غيث بقوة:
- الطلاج معيوجعش، ديه كان طلاج غضب و....
لتهتف سلافة وقد بلغ السيل منها الزبد وهي تتجه ناحيته:
- هو إيه دا؟.. انته تحلل على كيفك وهتحرّم على كيفك؟.. انت طلقتني يا غيث وعينك كانت في عينيا, وما نطقتهاش مرة واحدة يا ابن عمي لا.. انت نطقتها تلات مرات يا غيث.. وانت في كامل وعيك.. يعني بتأكد عليها.. يبقى من الآخر خلاص.. حكايتنا خلصت يا ابن عمي... وأنا قلتهالك وبعيدها تاني.. أنا مقدرش أنى أكون زوجة لابن الست اللي كانت عاوزة تقتل أمي.. وتخرب بيتي وبيت أختي, والله أعلم هي عملت إيه تاني.. مسير كل حاجة تبان!!!..
همّ غيث بمقاطعتها حينما سبقه عمه بالتحدث بحزم وقوة:
- خلاص يا غيث، اللي كنت عاوز تتكلم معها قالت لك المفيد...
غيث باستماتة وهو يعتصر قبضتيه بقوة في حين تقدم شهاب ليقف بجانب توأمه وهو يشعر بكل خلجة من خلجاته:
- لاه ما خلاصشي.. أنا ما طلجتهاش.. ، ثم التفت الى سلافة وقال بشراسة من يدافع عن حقه في الحياة:
- مش هتجدري تُخلصي مني يا سلافة، انتي مراتي رضيتي ولّا لاه.. طلاج ما طلجتكيشي.. ومافيشي ورج يثبت كلامك... أني جول تلك ديه كلمة ساعة غضب وما توجعش... ريحي روحك... ، ثم التفت الى عمه مكملا:
- أني آسف يا عمي.. لكن بعد إذنك.. أني هسيب ماراتي – مشددا على كلمة ماراتي – حداكو انّهاردِه.. لكن من الصّبح اتعاود على بيتها... هي لساتها في العدة وأنا.........
ليقاطعه صوتا لا يزال قويا رغم سنوات عمره التي تخطت الخامسة والسبعين:
- انت إيه يا غيث؟!!!!!!..
ليلتفت الجميع الى كبيرهم.. الحاج عبد الحميد الخولي، وهو يدلف اليهم وفي أعقابه فاطمة وعثمان، تقدم الجد حتى وقف أمام غيث وتحدث وهو يستند على مقبض عصاه العاجية:
- انت رميت عليها اليامين يا غيث، وبالتلاتة... أني سامعتَك.. اذا كت عتكدب علينا.. عتكدب على ربّنا؟!!!!..
ليستغفر الجميع بصوت منخفض، مسح غيث على وجهه براحته ثم نظر الى جده بعينيه الحمراوين وقال بصوت خشن:
- جدي ديه كان طلاج غضب، وطلاج الغضب ما عيجعشي...
الجد بصرامة:
- ولحدت ما نتوكدوا اذا كان طلاج غضب ولّا لاه.. وإذا كان وجع بالتلاتة يبجى اتحرمت عليك إلا إذا...
وترك جملته معلقة فقطب غيث وتساءل بريبة:
- إلا إذا ايه يا جدِّيْ؟...
الجد بجمود وهو يطالعه بخيبة أمل:
- إلا إذا اتزوجت راجل تاني يا غيث... واتطلجت منّيه أو لا قدر الله اترملت.. وجتيها تجدر تتزوَّجها من لوّل وجديد!..
هتف غيث بشراسة:
- إيييه؟.. عم بتجول إيه يا جدّي؟!!!!.. رااجل تاني!!!!!!
ونظر الى سلافة بوحشية وهو يتخيل آخر يكون له الحق بها، الاستماع الى ضحكتها، أن تتدلل عليه وتناغشه، أن يتمتع بجمالها وخفة دمها وطيبة قلبها، لا... على جثته أن يضع آخر ولو إصبع واحد عليها!!! ، تقدم منها ببطء ووقف أمامها وقال بصوت منخفض ولكنه وحشي:
- على جثِّتيْ يا سلافة لو واحد تاني فكّر مجرد تفكير فيكي.. انتي ماراتي.. حطي الحديت ديه ابالك زين... محدش عيجدر ياخدك منّي.. انتي مراتي ولحدت آخر يوم في عمري معسيبكيش واصل...
اقتربت سلافة من جدها وتحدثت:
- جدي.. أرجوك.. انت ما يرضيكش انه يتعامل معايا زي الجارية في سوق النخاسة ولا زي أي بهيمة معلهش يعني عندكم في المزرعة، أنا مش عاوزاه يا جدي.. أرجوك... الطلاق ووقع، ومهما حد قال غير كدا أنا للأسف مش هصدق غير اللي سمعته بودني، أرجوك يا جدي خلّيه يبعت لي ورقتي، أنا خلاص...
ورمقت غيث المذهول من كلماتها بينما تكشيرة عميقة قد علت وجهه ونظرات مجنونة احتلت عينيه الجاحظتين:
- القلب قفل من ناحيته... أرجوك يا جدي...
غيث بجنون:
- على جثتي..
ليقاطعه الجد في نفس اللحظة:
- غيييث!!.. اللي رايداه بت عمك عيحصل، لو هي ما رايداكش يبجى عتطلجها... والطلاج أنا شاهد عليه.. تحلف على قرآن ربّنا انك ما كوتش جاصد اتطلجها وانه كان يامين غضب؟!!!!..
وهنا أُسقط في يد غيث، لا يستطيع انتهاك محارم الله، هو لحظة أن لفظ كلمة الطلاق كان.. يعنيها بكل ما في الكلمة من معني!!!.. قد يكون السبب هو الغضب الذي ملأه من رؤية سلافة وهي تجثم فوق والدته تشبعها ضربا واهانة ما جعله يرى كل شيء باللون الأحمر ولولا بقية باقية من تماسك لكان قتلها في التو واللحظة، لا يستطيع القسم بكتاب الله كذبا وبهتانا، لتتهدل كتفيه ويزفر بيأس، ويرمق سلافة النظرة الأخيرة هامسا وكأنه يتلو قسما:ط
- ديه مش آخرة المطاف سلافة... اوعاكي تفتكري انه خلاص.. اللي بيناتنا لا يمكن يوخلص يا بت عمي!.
واندفع مغادرا وفي أعقابه شهاب!!!!!!!..
------------------------------------------------------------
- والله يا ليث بيه ماعارفاشي حاجه!!!...
ليدفعها صابر براحته الغليظة في كتفها بينما تقف ترتجف من أعلى رأسها الى أسفل قدميها هاتفا بها بحدة:
- أي بت كافاياكي املاوعة وجولي الحجيجة!!..
وردة وهي تبكي بعنف:
- أجول إيه بس أني ماعارفشي حاجة..
تقدم منها ليث ووقف أمامها يطالعها بغموض قبل أن يقول بهدوئه الذي يسبق العاصفة:
- ايه المشروب اللي عطيتيه لستّك سلسبيل تشرابو؟؟؟
وردة بلهفة:
- ديه مشروب خصوصي لوجع البطن، وبالخصوص للواحدة الحبلى، الدكتورة اللي جالت إكده..
ليث بقوة:
- دكتورة مين يا بت؟..
وردة بهتاف:
- جسما بالله ما أعرف حاجه..
ليث بغلظة:
- صابر...، ليهرع صبر الغفير بجواره هاتفا:
- أوامر جنابك!!.. ، ليث بقوة:
- نادم على دياب!!!..
وما أن سمعت وردة اسم دياب الغقير ذو القلب الميّت الذي ترتعب منه الأبدان اذا ما لمحت طرفه، صاحت وهي ترتمي على قدمي ليث تقبلهما:
- لاه يا سعادة البيه أحبّ على رجلك.. دياب لاه!!!!..
ليجذبها صابر من ثيابها يوقفها على قدميها وهو يصيح بها:
- ما انت ما عاوزاشي تتحدتي..
وردة بخوف يكاد يوقف قلبها عن العمل:
- أتحدت أجول ايه بس، يا وجعتك يا وردة.. أني كان مالي بس يا ربي، ما كت خليت أم علي هي اللي تعمل المدعوج ديه، لازمن أحشر حالي وأجولها هعمله أنا!!!!!!!!1
قطب ليث واقترب منها وقال بتساؤل:
- مين؟.. أم علي!!!..
رفعت وردة عينيها اليه وهتفت بيأس وتوسل:
- إيوة يا بيه، أم علي هي اللي عاطتني الكيس اللي فيه المخروب ديه وجالت لي أعمله عشان ست الدكتووورة ، لانها حبلى والدكتوورة وصفته ليها عشان التعب اللي بياجيها!..
ليث بشرود:
- صابر...، هرع صابر ملبيّا ندائه فتابع ليث:
- دياب.. يكون عندي اهنه...، صابر بهتاف متجاهلا صرخة وردة:
- أوامر جنابك، مسافة السكة هتلاجيه جودامك يا كابيرنا...
وردة برعب عظيم:
- والله ما اعملت حاجة يا ليث بيه...
قاطعها ليث بقوة:
- انتِ عتفضلي اهنه.. وما تخافيشي دياب مش ليكي....
وبرقت عيناه بوعيد قويّ!!!!!..
------------------------------------------------------------
دلف دياب الى داخل القبو أسفل منزل عائلة الليث الخولي، يدفع أمامه غمرأة ستينية العمر، ما أن وقع نظرها على ليث الواقف كالطود يحمل عصاه الأبنوسية في يده حتى هرعت اليه تنحني على يده تقبلها وهي تهتف بذعر يكاد يميت قلبها:
- أحب على يدك يا بيه، أني ما اعماتش حاجة.. ماليش صالح بأيتها حاجة....
اتجه اليها دياب يرفعها من ذراعها بقوة وهو يهتف فيها بشدة:
- اخرسي خالص... اللي عيجوله البيه اتنفذيه وبالحرف الواحد..
هزت برأسها مرارا وتكرارا وهي تتمتم بنعم في إذعان تام، قال الليث بقوة فينا عيناه تبرقان بوعيد إن كذبت في كلامها:
- مين اللي اداكي المدعوج اللي حاطتيه البت وردة في مشروب أم عدنان؟...
أم علي باضطراب شديد:
- هاه... واني ايش عارافني يا ليث بيه، وردة هي اللي عِملت المشروب يبجى تسعلها هي!!!!
شعر الليث بأنها تخفي أمرا، فابتسم ساخرا وقال:
- بس إكده.. صابر...
دلف صابر الى الداخل هاتفا:
- أوامر جنابك..
ليث وعيناه مثبتتان على أم علي:
- هاتها!!!!!!
وما هي إلا ثواني الا وكانت وردة تدخل يدفعها صابر وبقوة، ليشحب وجه أم علي فيتأكد لليث أنها تعلم الكثير مما لم تقله بعد، ليث بأمر:
- وردة.. انتي جولتي ان المشروب ديه ام علي اللي عاطيتك كيس فيه أعشاب وجالت لك تعمليه للدكتورة صوح؟..
هتفت وردة:
- صوح.. والله العظيم صوح...
أشار ليث لصابر بأن يذهب بها، فيما اقترب من أم علي ليقبض فجأة على تلابيبها فتشهق عاليا برعب بينما كشر عن أنيابه وهتف بشراسة من بين أسنانه:
- شوفي يا مرضعة إبليس إنتيْ.. من موصلحتك انك تتحدتي، جولي اللي حوصل بالظبط.. ماذا وإلا هخلي الدبان الازرج معايعرفشي طريجك... حظك الشين وجعك امعايْ.. وأني بجه معتنازلشي عن حجي وااصل.. أُونطجي!!!!!!
أم علي في محاولة أخيرة للتنصل من الحديث:
- عجول إيه بس!!!..
ليث بقوة وقد شاط غضبا وغيظا منها:
- دياااب !!..
نظرت ام علي بهلع لدياب الذي تقرب من سيده قائلا:
- اوامرك يا كابير..
ليث وهو يطالعها بحقد وكره:
- ارميها في الريّاح... اللي زيْ ديْ مالهاشي دِيّهْ عِندينا!!!!!!!!
في لحظتها قام دياب بسحب أم علي من ذراعها فشرعت تصرخ وتولول عاليا ثم هتفت:
- عجول.. عجول على كل حاجة..
ليث بنظرة ظافرة لقرب وقوع المجرم بين يديه:
- همّلها يا دياب...
ثم توجه بالحديث اليها:
- انطجي..، لتتردد قليلا ثم ما لبثت ان قالت:
- الـ.. الست أم غيث هي اللي جالت لي أعمل اكده!...
قطب ليث وتقدم منها يقول باستنكار تام:
- كييف ديه؟.. عم بتلهفطي تجولي إيه يا واليّاه أنتيْ؟!!!
أم علي وهي تبكي وتنوح:
- بحج أوليا الله الصالحين كلاتهم.. وربنا المعبود ديه اللي حوصل..
ليث بهتاف حاد:
- ام غيث مين اللي جصدك عليها يا مخبولة إنتيْ؟...
أم علي بصوت متقطع من شدة البكاء:
- السـ.. لست را.. الست راوية.. مرات سيدي عتمان بيه.. أم الست سلسبيل يا ليث بيه!!!!!1
ليهتف الليث بذهول صاعق:
- باااه... عمّتيْ!!!!!!!!!!!!
---------------------------------------------------------------
جلس الجد مع روؤف لوحدهما بعد انصراف غيث وشهاب، حيث طلب الانفراد به، قال الجد بهدوء:
- روؤف يا ولديْ.. أنا رايدك تسمعني زين واتنفذ اللي عجولك عليه..
رؤوف بطاعة:
- تحت أمرك يا حاج.. بس بعد إذنك لو موضوع سلافة وغيث أنا مش هقدر يا حاج.. حضرتك شوفت بنفسك الانهيار اللي البنت فيه بعد اللي غيث قاله..
الجد وعيناه تبرقان بعزم:
- لاه... الموضوع ديه خليه بعدين... أني دلوك رايدك تاخد مَرَتَكْ وبناتك وتسافر مصر!!!
!روؤف بتقطيبة حائرة:
- أنا فعلا فكرت في كدا وكنت هفاتح حضرتك في الموضوع دا.. لكن غريبة انك انت اللي تطلبها مني يا حاج!!!...
شرد الجد قليلا وهو يهمس في نفسه:
- عاوزني أجولك إيه يا وَلَدِيْ؟.. عجولك ان حياتك انت وبناتك في خطر ؟.. طول ما العجربة اللي اسميها راوية ديه بيناتنا واني ما أمنلهاشي واصل.. حتى لو فاتت الدار برضيكي ممكن تعمِل أيتها حاجة... عجولك انها وصلت انها تِسحر لبناتك؟.. لولا رحمة ربنا انه ألهم الحاجة فاطنة انها تاخد بالها واتحذرها.. وربنا سترها وكانت هتاجي في جوزها اللي هو خووك؟!!..
انتبه من شروده على نداء رؤوف المتكرر له، فنظر اليه قائلا:
- ما تواخزنيشي يا ولدي.. اللي الواحد شافاه اليامين دول باللي شافاه في عمره كلاته.. الِمْهِمْ... بناتك أعصابهم تلفانه هما ومراتك من بعد اللي حوصل، سافر بيه كم يوم إكده لحدّت النفوس ما تهدى...
رؤوف بزفرة عميقة:
- بصراحة يا حاج سلافة مصممة على الطلاق، أنا عارف أنها يمكن تكون لسه موجوعه من اللي غيث عمله، وهو يمكن يكون معذور لما شافها بتضرب أمه، مش هينفع يكملوا مع بعض يا حاج، الأمان والاحترام لما بيضيعوا مينفعش الحياة تستمر بعديهم.. طول ما هي معاه هتفضل قلقانه من أمه، واحترامها ليه غيث ضيّعه لما صدّق أمه وأرجع وأقول أنها أمه ومش ممكن كان ييجي في باله انها عاوزة تدمر حياته هو وأخوه بالصورة دي..
زفر الجد بيأس وقال:
- معاك حاج يا وَلَدِيْ.. عموما إطمّن.. راوية من ساعة اللي حوصل وهي اف دارها... غلجت عليها.. حتى ولادها معيجدروشي ياجوا ناحيتها.. من الجيهة ديْ أني هتصرف اطّمّنْ.. وبالنسبة لسلافة.. عشان إكده بجولك سافر بيهم.. يمكن لمّن تبعد أعصابها ترتاح وتفكر تاني... غيث رمى اليمين تلات مرات لكنّها تنحسب طلجة واحدة.. ومش هنجول انه يامني غضب ما يوجعشي، لكنه في أسوأ الاحوال لو وِّجع فديه طلجة واحدة ولو رايد ايرجّعْها عيرجِّعْها لكن ما تخافيش أني ما عخلِّيهوشي يعمل حاجة ضد اللي رايداه سلافة....
رؤوف براحة:
- ربنا يخليك لينا يا حاج.. أنا هقوم أقولهم يجهزوا، وربنا يستر على الحاجة أنا عارف انها هتزعل...
مال على والده مقبلا رأسه ليهز الحاج برأسه ثم يشير اليه ليعاونه في النهوض ويتجه الى الخارج ليتجه الى الجدة يبلغها بما قرره بسفر رؤوف وبناته فيما اتجه رؤوف لزوجه وبناته يبلغهم بقراره الرحيل الى مصر......
--------------------------------------------------------------
سافر رؤوف وعائلته وسط دموع وآهات من الجدة ولكنها ولدهشة رؤوف الشديدة لم تتمسك ببقائه كما حدث سابقا، فالجد كان قد صارحها بمخاوفه بشأن راوية، انطلقت سيارة رؤوف يقودها راجح الغفير فحالة سلمى الصحية لا تسمح لها بالقيادة كما أن سلافة لا تستطيع القيادة في ظل نفسيتها المتعبة، ولم يظهر شهاب أو غيث منذ أن خرجا من منزل عمهما فبالتالي لم يعلما بأمر رحيل عمه مع زوجتيهما!!..
نظر الجد الى التراب الذي خلفته سيارة ابنه وعائلته ليهمس بعدها بصوت خفيض:
- ربنا يوصّلكم بالسلامه يا وَلَدِيْ.. ودلوك.. الدور عليكي يا راوية...
***************************************************
كان عدنان يجلس في الاستراحة الخارجية المخصصة للزوار الملحقة بمنزله حين أتاه الغفير صابر يركض وهو يخبره بأن الحاج عبد الحميد في انتظاره هو والحاج عثمان في غرفة الجلوس بمنزله...
قطب عدنان واتجه من فوره الى المنزل، دلف اليهما ليجد الجد جالسا وبجانبه عثمان، اتجه اليهما ومال على الجد مقبلا رأسه فوق عمامته البيضاء وظهر يده مرحبا به قبل أن يصافح عثمان، ثم جلس قائلا بابتسامة:
- خطوة عزيزة يا كابيرنا.. وتاعبت نفسك لييه؟.. كنت شيِّعْت لي وأني آجي لحدِّييك؟!!..
الجد بجدية شديدة:
- من ياجي خمسة وتلاتين سنه جيت إهنه أنا وولدي عتمان عشان ناخد من عنديكم حاجه.. الحاج هديْ ما عادلهاشي عازه عندينا.. واللي خد حاجه ابنفْسَهْ لازمن ايرجّعها ابنفْسَهْ!!!!..
قطب عدنان وقال بابتسامة حائرة:
- اني ما فهمشي حاجة يا حاج؟..
عبد الحميد بنظرة خاصة لعثمان تكلم الأخير والذي أخبره والده بكل أفعال زوجته المشينة:
- الراجل لمّن ماراتوه تعصاه ابيحاول امعاها مرة وتنيين وتلته بس في الاخر ابيرجعها لاهلها.. خصوصي لمّن يكون اللي عامليتو يخرب ابيوت ويغضب ربّنا..
قطب عدنان وقال متوجسّا:
- انت جصدك تجول ايه يا عتمان؟..
ليشير عثمان الى راوية التي تجلس في نقعد منزو لم ينتبه له عدنان عند دخوله، فيحدق عدنان بذهول، لينهض عثمان ويتجه اليها يرفعها من ذراعها فتسير معه كالمنومة مغناطيسيا، يدفعها عثمان أمام أخيها وهو يقول بغلظة:
- أختك ما عادلهاشي عازة عندينا!!!..
عدنان ينهض وهو يهتف بقوة:
- كييف ديه؟.. ليه حوصل ايه يعني؟..
عتمان بقوة:
- أجولك إيه ولا أيه؟.. انها اتبلت على الدكتووورة مرات شهاب ولدي بالكدب؟. ولا أنها كانت رايدة توضرب سلافة مارات غيث ولمن دافعت عن نفسها كدبت وجالت انها هيا اللي كانت رايده توضربها ولا انها.. حاولت تجتل مرت أخوي رؤوف لولا ستر ربنا انه بعت لها سلافة في الوجت المناسب، ولا..
ليعلو صوت الليث قادما من الخارج هاتفا بقوة بينما وقف أمام راوية يطالعها بكره أسود:
- حاولت تجتل بنتها!!!!!!!
لينهار تماسك راوية وتصيح بلوعة:
- لاه لاه.. اني ما جاتلتش سلسبيل .. ما جاتلتش بتّيْ..
مال عليها الليث مكشرا عن انيابه وقال من بين أسنانه المطبقة:
- عارفة مين اللي نَجَدْ بتّك من المووت؟.. الدكتووورة سلمى اللي كتّيْ رايده تسمِّيها هي وجات في مَرَتِيْ!!...
لينهض الجد واقفا وهو يطالعها بنظرات تكاد تحرقها حية فيما اقترب منها عثمان يهتف بشراسة:
- اتي صحيح كتي رايده تجتلي سلمى؟..
هتفت راوية:
- لاه... ما ماكنتشي هتموت.. أني كت رايده أسجّطها بس...
لتهوى يد عثمان بصفعة مدوية من يده وهو يهتف بها:
- انتي طالج.. طالج.. طالج بالتلاتة يا راوية...
ثم توجه بحديثه لعدنان المذهول الغاضب:
- اختك عنديك يا عدنان يا أخويْ... ومتل ما جال بويْ.. ما عادلهاشي عازه عندينا.. اختك مرض ولازمن أتخلّص منِّيه!!!
ثم نظر الى الجد وقال:
- أني هستناك في الجنينه يا بويْ!!..
وانصرف، بينما اتجه الجد الى راوية التي تقف ترتجف وقال بأسف:
- ليه يا بت أخويْ؟.. ليه الجسوة ديه كلّاتها؟.. ليه الكره الاسود ديه؟..
راوية وقد زاغت عيناها وهتفت وهي تضحك ضحكة شيطانية بينما جسدها يرتجف بأكمله:
- إيوه أني كت رايده أخلص منيها هي وبناتها.. هي أس المصايب كلاتها.. خدت منِّي حلمي زمان ودلوك سلّطت بناتها ياخدوا مني ولاديْ.. لكن أني بجه طلعت واعيه... اتبليت على سلمى وشهاب مطيور صدجني.. وغيث جلبه طيب وبيحب أمه وسلافة مطيورة سهل جوي أني أخليها تغلُط.. عرفتوا سهله كييف؟.. وجعتهم ابعضيهم.. لولا انها الغندورة طلعت حبلى كان زمانتها بالسلامة برّه... والعجربة الكبيرة اللي عم اتخطط...
سارت وهي تتحدث عيناها لا تريان سوى أشابح في الفراغ وهي تكمل:
- كتع خلص عليها لولا مجصوفة الرجبة اللي اسميها سلافة.. دايما كانت هي اللي كاشفاني.. كت بحس بعينيها انها عارفة اني ناويالهم على ايه.. انما التانية هاطله.. على جد ما هي دكتووورة انما هبله...
وسارت لتخرج من الباب فحاول الليث اللحاق بها ليمسكه عدنان بينما تابعت راوية وهي تضحك بجنون:
- وأني بجه ضحكت عليهم كلاتهم.. أني اللي فزت.. ألفت وبناتها غاروم من إهنه.. وعنرجع زي الاول... وخلاص.. يبجى أني الفايزة.. أن..
ليقطع طريقها شهاب وغيث بجانبه، هتف شهاب بحنق الذي سمع كلما قالته هو وغيث الذي شحب وجهه بشدة:
- فزت انك تدمري ولادك يا أمي؟.. خربتي حياتنا وبيتنا؟.. بنات ألفت دول يبقوا مراتي ورمات غيث ولادك.. الطفل اللي كنت عاوزه تقتليه دا يبقى ابني أنا.. يعني حفيدك.. مش ممكن.. مراتي خليتيني أشك فيها وغيث خليتيه يطلق سلافة وتقولي انتي الكسبانه؟.. انت كسبت خسارتنا يا أمي!!..
ثم هرع محاولا اللحاق بسلمى، بينما وقف غيث أمامها يقول بحزن:
- بجه عشان جلبي الطيب اللي معيرضاشي عليكي الكلمة تضحك عليّا وتخليني أطلّج ماراتيْ؟.. أنتي ما عارفاشي سلافة تبجى لي إيه؟.. ليه يا مَّاه إعملتي إكده ليه؟؟؟..
ثم لحق بأخيه، نظرت راوية في أثر ولديها وهمست وكأن شيئا لم يحدث:
- أني الكسبانه... أني الفايزه... أني الكسبانه..
وخرجت من الباب بينما كان الجد وعدنان والليث قد لحقوا بها وسمعوا الحديث الذي ألقاه على مسامعها كلا من شهاب وليث، قطب عدنان وقال لليث وهو يراقب أخته وهي تمد يديها من أسفل وشاحها لتخرج خصلاتها السوداء المختلطة بأخرى بيضاء:
- ارمح ورا عمّتك هاتها!!...
كانت راوية قد خرجت الى الحديقة ليعود ليث بعد قليل وهو يحملها بينما تهتف وتضحك في نفس الوقت:
- أني الفايزة.. اني الكسبانه... خلصت منيكي يا ألفت خلصت منيكي..
عدنان بهتاف حاد:
- ليث ودّيها فوج وشيّع هات الدكتووور!!
بينما تتبعها الجد بعينيه وهي تهتف بضحك وبكاء في آن واحد ليهمس بحزن وأسف:
- يمهل ولا يهمل...........
- يتبع -

فرحــــــــــة 31-12-16 01:59 PM

رد: كبـير العيلة
 
غاليتى
منى لطفى
فصل رائع ودسم وملئ بالاحداث
ليث شخصية ايجابية مسئولة ودلت على ذلك تصرفاته السابقة
بالاضافه الى قلبه العامر بالحب لزوجته واهله وكل من يطلب مساعدته
ولكنه فى نفس الوقت شخصية حازمة لايترك الامور تفلت من يده
ويستطيع بوسائله ان يعرف كل مايصبوا اليه
استطاع ان يصل الى الحقيقة فيما حدث لزوجته
الجد يتصرف فى الامور بحكمة وروية
فابعد ابنه وزوجته وابنتيه حنى يتفرغ لمشكلة راوية
واعادتها الى اخوها الذى كانت صدمته فيها كبيرة
والله يمهل ولا يهمل فكل مافعلته راوية انكشف للجميع حتى اولادها
الذين اصيبوا بخيبة امل فى والدتهم وفى الاخر اصيبت بلوثة عقلية
اعتقد ان الامور سوف تتحسن بعد ذلك بمرور الوقت بين سلافة وغيث
بعد ان تتم معاقبته من قبل جده وعمه وابوه
ليعرف كيف يحافظ على مالديه
انتظر الفصل القادم بشوووق
لكِ منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

مملكة الغيوم 31-12-16 08:41 PM

رد: كبـير العيلة
 
السلام عليكم ورحمة الله
ابدعتى منمن راويه مكنتش متخيله سواد القلب يوصل معاها لقتل الفت ومن قبل قتل حفيدها لكن ربك بالمرصاد قلب الطاوله عليها وهى اللى اترمت رمية الكلاب بعد الكل ما كشف حيلها الدنيئه وولادها سمعوها بنفسهم يمكن لو حد حكى لهم مكنش ممكن يصدقو وغلها وحقدها وصلوها لفقدان عقلها زى ما وصلوها لفقد ايمانها واتباعها خطوات الشيطان
غيث دفع ثمن طيبته غالى وعدم سمعان كلام سلاف اللى وضحت للكل ان راويه نيتها خبيثه ولعله بفراقها ياخد درس ان اخر حل يفكر فيه هو الطلاق اللى محزنى هو عدنان اللى ابتلى بيها وربنا يستر عليه
رؤف كان راجع قلبه مفتوح للكل وراجع يحتمى بعزوته من الشيب وغدر الايام متوقعش انه الغدر يجيه منهم وخيبة امله كانت كبيره فى ولاد اخوه وحيزبون الجحيم اللى تبقى بنت عمه
تسلم ايدك منون رائعه بكل ما تحمله الكلمه من معنى فى انتظار الباقى مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو اه
سنه جديده سعيده للجميع واعوام مديده فى حب وطاعة الله

منى لطفي 02-01-17 07:48 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرحــــــــــة (المشاركة 3670317)
غاليتى
منى لطفى
فصل رائع ودسم وملئ بالاحداث
ليث شخصية ايجابية مسئولة ودلت على ذلك تصرفاته السابقة
بالاضافه الى قلبه العامر بالحب لزوجته واهله وكل من يطلب مساعدته
ولكنه فى نفس الوقت شخصية حازمة لايترك الامور تفلت من يده
ويستطيع بوسائله ان يعرف كل مايصبوا اليه
استطاع ان يصل الى الحقيقة فيما حدث لزوجته
الجد يتصرف فى الامور بحكمة وروية
فابعد ابنه وزوجته وابنتيه حنى يتفرغ لمشكلة راوية
واعادتها الى اخوها الذى كانت صدمته فيها كبيرة
والله يمهل ولا يهمل فكل مافعلته راوية انكشف للجميع حتى اولادها
الذين اصيبوا بخيبة امل فى والدتهم وفى الاخر اصيبت بلوثة عقلية
اعتقد ان الامور سوف تتحسن بعد ذلك بمرور الوقت بين سلافة وغيث
بعد ان تتم معاقبته من قبل جده وعمه وابوه
ليعرف كيف يحافظ على مالديه
انتظر الفصل القادم بشوووق
لكِ منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

تسلميلي حبيبتي على ردك الكافي والوافي، الانسان فعلا لازم يمر بتجربة ليتلعم الدرس لكن تجربة غيث قاسية جدا، طلاقه من جنيته المشاغبة، لكن يا ترى هو هيستسلم ولا هيحاول اعادتها لعصمته؟.. وهي توافق؟.. هتقدر تنسى منظر أمه وهي بتحاول تقتل أمها؟... يا ترى شبح أمه هتقف بينهم؟.. الحلقات الأخيرة هتجاوب على الاسئلة بأمر الله تعالى.. في انتظارك حبيبتي بنزل فصل اللية ان شاء الله... تسلميلي يا قمر

منى لطفي 02-01-17 07:51 PM

رد: كبـير العيلة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3670335)
السلام عليكم ورحمة الله
ابدعتى منمن راويه مكنتش متخيله سواد القلب يوصل معاها لقتل الفت ومن قبل قتل حفيدها لكن ربك بالمرصاد قلب الطاوله عليها وهى اللى اترمت رمية الكلاب بعد الكل ما كشف حيلها الدنيئه وولادها سمعوها بنفسهم يمكن لو حد حكى لهم مكنش ممكن يصدقو وغلها وحقدها وصلوها لفقدان عقلها زى ما وصلوها لفقد ايمانها واتباعها خطوات الشيطان
غيث دفع ثمن طيبته غالى وعدم سمعان كلام سلاف اللى وضحت للكل ان راويه نيتها خبيثه ولعله بفراقها ياخد درس ان اخر حل يفكر فيه هو الطلاق اللى محزنى هو عدنان اللى ابتلى بيها وربنا يستر عليه
رؤف كان راجع قلبه مفتوح للكل وراجع يحتمى بعزوته من الشيب وغدر الايام متوقعش انه الغدر يجيه منهم وخيبة امله كانت كبيره فى ولاد اخوه وحيزبون الجحيم اللى تبقى بنت عمه
تسلم ايدك منون رائعه بكل ما تحمله الكلمه من معنى فى انتظار الباقى مووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووو اه
سنه جديده سعيده للجميع واعوام مديده فى حب وطاعة الله

كل عام وانتي بألف خير ملوكة قلبي، تسلميلي يا رب...
راوية صدمة أولادها فيها كبيرة ولسّه سلسبيل يا ترى رد فعلها هيكون إيه؟...
غيث وتربية بجد من أول وجديد على يد جنيته الشقية، لكن يا ترى هتقدر سلافة تنسى انه امه كانت عاوزة تقتل امها؟.. شبح راوية هتقدر عليه؟... بنشوف بالحلقات الاخيرة من كبير بإذن الله.... تسلميلي يا قمر اموووووووووووووووواه


الساعة الآن 02:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية