لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات منوعة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات منوعة الروايات المنوعه


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-08-08, 04:44 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-9-

مر اسبوع دون ان تسمع سارا شيئا يتعلق بجيمي .. لا تعرف كيف مر ذلك الاسبوع القلق .. لم تنم و هي تفكر به و بعودته المفاجئة و ظهوره في حياتها من جديد... كل ما تخشاه الان هو أن يأخذ أبنائها منها فلقد اخبرها بأنه يريد ان يقابلهما .. و خشيت ان يكون ذلك في القريب العاجل او في اليوم التالي لذلك كانت متوترة طوال الاسبوع و بالها مشغول في التخطيط لطريقة تبعد فيها فيكي و فيكتوريا عن المنزل او عن كل الاماكن التي تشعر بأن جيمس سيكون فيها.. حتى لا ياتي فجاة و يجدهما و يتعرف عليهما فيصبح من الصعب عليها ابعدهما عنه خاصة و ان فيكي يسأل عن والده كثيرا في الاونة الاخيرة .. و هذا امر طبيعي ..
ساورتها الافكار السوداء و تخيلت مرات و مرات بان يدخل عليها و هي تلقي محاضراتها فيحرجها امام الطلبة .. لذلك لم تعطي المحاضرات ما يتوجب عليها ان تفعل فكانت تخرج قبل موعد انتهاء المحاضرة .. و عندما كانت تخرج مع تود تترقب كل حركة من الداخلين و الخارجين في أي مكان و تجلس امام الباب خوفا منها ان يظهر جيمي فجأة كتلك الليلة .. بقيت قلقة و مظطربة و تلفت اعصابها .. و كانت مشحونة بالعصبية و الارهاق من ذلك الاسبوع .. لقد حول حياتها إلى جحيم مرة اخرى و لكن هذه المرة لم يكن هو موجود بل فكرة وجوده في المنطقة التي تسكن بها هي الجحيم بحد ذاته ...
لذلك لم يعد تود يطيق هذا الوضع و في مرة قرر أن يبوح لها بانزعاجه منها و انهما يجب ان يضعا حلا لعلاقتهما التي يصفها هو بالبرود
- " يجب ان تخبريني يا سارا ما بك ؟ منذ تلك الليلة في الفندق .. انت لست على طبيعتك ؟ و كأن هناك شبحا يطاردك .."
تنهدت فإلى متى ستخبأ الامر على تود ؟ .. انها بدأت ترتاح له و لا تنوي ان تخسره فهي ترى فيه الصديق الوفي لا اكثر من ذلك و لا تعتقد بيوم ما بأنها ستقع في حبه .. لذلك لم تقبل أن تقيم معه علاقة يتبادلان فيها مشاعر الحب و المودة و عزمت الامر لان تكون تلك الليلة الاخيرة و الا بذلك ستتعقد الامور و ستظلم الرجل المحترم الذي يحاول ان يساعدها بكل الطرق و لا يفكر ان يضغط عليها و يستحملها رغم تصرفاتها الباردة معه .. لذلك ستخبره و تريح بذلك ضميرها و تريحه فهو له الحق لان يعرف بانها لا تكن له الا مشاعر الصداقة فقلبها ليس ملكا لها .. خاصة بعد ان ظهر جيمي فجاة ليعقد الامور اكثر مما هي عليه
- " اسمعني يا تود .. لك الحق بأن تعرف كل شيء .. انا اسفة لاني كنت غامضة معك في تلك الايام السابقة او باردة معك ..او تصرفاتي كانت غريبة و قد تكون أزعجتك .. ارجوك اعذرني "
- " ماذا تقولين يا سارا ؟؟ "
- " اريد أن اقول لك بأني آسفة لاننا لا يجب أن نمضي بعلاقتنا كرجل و امراة يحبان بعضهما .. انا اسفة .."
- " سارا وضحي كلامك .. لم تعتقدين ذلك ؟"
طأطات برأسهما و أخذت تلعب بالمنديل الذي امامها .. ألا يكفيها توتر و اضطراب و تلف الاعصاب؟؟!
- " لقد اخبرتك من قبل يا تود بأن شبح جيمس مازال يطاردني و لقد اخبرتك باني احببته و اعتقد بأني احبه حتى الان .. ارجوك لا اريد ان اخسر صداقتنا .. فانت صديق وفي .. و احب ان اتحدث معك .. بل ارتاح لك كثيرا .. ساعدتني مرارا و لن اسمح لنفسي بان اجرحك .. انت تستحق من هي احسن مني و لا تعيش في الماضي .."
تنهد فقد شعر بخيبة أمل على الرغم من أنه يعرف بأن هذا سيحصل لكنه مع ذلك رسم ابتسامة
- " اني اتفهم وضعك يا سارا ..لكن يجب ان تعرفي بان ليس هناك من هي احسن منك"
وضعت كفها على يده و قالت بهدوء و قلبها موجوع
- " كل ما اريد ان أفعله الان يا تود هو ان ارد لك الجميل"
- " لا يا سارا ليس هناك جميل او أي شيء بالله عليك .. انا لم افعل شيء ..انا جارك اولا و صديقك ثانيا .. كما لانني احببتك بالفعل و هذا ثالثا .. "
ضغطت على يده و كانها تضغط بذلك على قلبها ..
- " شكرا لك لتفهمك .. لا اريد ان اخسرك كصديق و جار عزيز لذلك رفضت في البداية ان ابدأ بعلاقة معك "
- " نعم .. اعرف .. لا تقلقي سنكون صديقين .. و لن اخذلك ابدا ..اعدك "
اقتربت منه و احتضنته بقوة
- " شكرا يا تود "
- " على الرحب و السعة ..."
بادلها العناق و ابتسم بألم فهذه الجميلة التي أحبها بصدق لن تكون له أبدا مهما حاول فهو يرى في عينيها الشخص الذي تحبه .. و آه كم كره ذلك الشخص الذي عذبها و خرب ما بينهما .. فتذكر تصرفتها في الاسبوع الذي مضى و ابتعد عنها ليردف قائلا :
- " لكن ليس هذا هو سبب تصرفك الغريب طيلة الاسبوع السابق ؟ "
- " اصبت .. "
- " اذن ما هو .؟"
انزلت رأسها و همست
- " إنه جيمس .."
لم يستطيع ان يخفي انزعاجه من ذكر اسم ذلك الشخص .. لكن هذا هو الواقع .. و اذا كان يريد ان يكون صديقها سيسمع بهذا الاسم مرارا و تكرارا ..
- " ما به ؟ "
- " لقد ظهر فجأة في يوم التبرع بالدم .. "
انصدم تود فلقد اعتقد بان جيمي بالخيال و ليس حقيقة لا تزال قائمة
- " ماذا ؟ و هل رآك ؟ "
- " نعم .. لقد تحدثنا .. انه يريد ان يقابل اطفاله .."
- " و هل ستدعينه يفعل ؟ "
علا صوتها فالتفت الناس عليها
- " لا .."
اردفت و هي تخفض صوتها
- " لا لن ادعه يقترب منهما ابدا .. ان ليس له الحق بعد عشر سنوات ان يطالبني بهما"
لاول مرة شعر بان سارا قد تخطيء فهو يراها ملاك بريء ..
- " لكن يا سارا هو والدهما ..."
لم تصدق بان تود يقول ذلك و هو الصديق الوفي الذي اعتقدته .. قاطعته بعصبية
- " انه لم يعد كذلك .. بالنسبة لهما والدهما قد توفي منذ عشر سنوات .. انهما لا يذكرانه بل لا يعرفان عنه شيئا .. لو كان مهتما بهما بصدق لحاول ان يأتي قبل سنوات طويلة .."
- " لا تغضبي يا سارا فأنا ارى بأن له حق بأن يراهما فهو والدهما حتى و ان غاب لفترة .. اعذريني .. فانت من أخذهما و هرب "
- " هرب !!!"
وقفت و هي لا تستحمل أن يقول لها تود هذا الكلام الذي لا تطيق سماعه .. انه يقف مع جيمي الذي لم يراه حتى .. استدارت حتى تخرج لكنه جذبها من يدها
- " حسنا انا آسف .. اجلسي .. انه مجرد رأيي لا عليك .."
لم تنظر إليه بل سحبت جزدانها و قالت بعصبية
- " يجب ان اذهب .. شكرا على الغداء اللذيذ "
لكنه كان مصرا بل ندم على ما قاله لا يحب ان تغادر سارا و هي متضايقة من كلام سخيف قاله
- " سارا .. لا تتضايقي .. قلت لك انه مجرد رأي .. رأي سخيف "
رضخت إلى نبرة صوته فالتفتت تنظر إليه و قالت له بعتاب
- " عندما يكون منك انت لا اراه رأي سخيفا.. فأنا آخذ بكلامك على محمل الجد يا تود .. اريدك ان تقف بجانبي .. فأنا لا اريد ان ادخل والدي او اخي في الموضوع فهما سيقلبان الامر رأسا على عقب و قد يقتلان جيمي اذا تطور الامر "
- " حسنا .. سأكون بجانبك .. و الان اجلسي ارجوك و اكملي طبقك "
جلست مرة اخرى فناولها كاسها لترشف منه قليلا لعل بذلك يطفأ غليلها المشتعل .. كان يرمقها و هو يراها غاضبة .. انها جميلة في كل الاحوال..
- " اخبريني ..هل أتى خلال هذا الاسبوع ؟ "
- " لا .. هذا ما يقلقني و يجعلني مشدودة الاعصاب طوال الوقت .. ا تعتقد بأني يجب ان آخذ الاطفال الى نيوجيرسي حتى تهدا الامور قليلا ؟؟"
- " و ماذا ستقولين لوالدك ؟ "
- " لا اعرف .. لا استطيع ان اكذب عليه فهو يكشف كل شيء بسهولة .. كما انه مريض و لم يعد يتحمل أي شيء كما السابق لذلك اخشى ان اخبره بأمر جيميس .. انه يكرهه و لا يطيق سماع اسمه حتى "
- " اذا ماذا ستفعلين ؟ "
فكرت قليلا لكن ليس هناك شيء يستدعي التفكير فكل شيء معقد و يحتاج إلى تحليل و ليس هناك وقت لذلك .. وضعت يدها على رأسها و قالت بصوت متباك
- " يا الهي كن في عوني فانا لا اعرف ماذا افعل .. "
مد يده عبر الطاولة ليمسك بيديها و يمسح بأصابعه عليها و قال بصوت حنون
- " اهدئي سارا كل الامور ستكون على ما يرام "
- " لم اشعر بأن هناك شيء ما سيحدث.؟؟ .. دائما يصدق شعوري يا تود و هذا ما اخشاه "
- " لا عليك .. سأكون بجانبك لن ادعه يقترب من فيكتوريا و فيكي فاهدأي "
اومات برأسها و اغمضت عينيها فهي تعرف بأن اذا وضع جيمس برأسه شيئا سينفذه مهما كانت الظروف و لن يبالي بأي شيء .. فهو يركل الكرة التي تعترض طريقه ...

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:47 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-10-

الشمس حارة جدا في وقت الظهيرة على الرغم من برودة الجو في شهر ديسمبر.. خاصة و ان السيارة تسير في معظم الطريق الطويل تحت حرارة الشمس و برودة الجو .. يا له من تناقض ..
- " اللعنة .. "
اوقف السيارة ليترجل منها .. فتح الغطاء على المحرك الذي بدأ يدخن .. سعل عندما دخل الدخان إلى صدره ..
- " تبا لك من سيارة لعينة "
خلع سترته و ربطة عنقه و رفع اكمام قميصه الابيض فاتحا اول ثلاثة ازرار .. بحث عن قنينة ماء بسيارته فلم يجد شيئا .. نظر حوله في المكان .. انه في منتصف الطريق و لا يبدو هناك أثرا للمدينة او لمتجر صغير او حتى لسيارة ..
دار حول السيارة و حاول ان يديرها مجددا لكنها طقطقت و دخنت مرة أخرى .. ضرب المقود بعصبية
- " اللعنة عليك .. انه ليس الوقت المناسب لان تقفي في نصف الطريق "
اخذ هاتفه و حاول ان يفتحه .. لقد فرغ شحن جهازه و انطفأ عندما كان في الطريق من واشنتون إلى منهاتن ..
بقي واقفا على الطريق ينتظر .. لعل القدر ينزل له بشيء يساعده .. بدأ يتصبب عرقا على الرغم من برودة الجو إلا أن الشمس حارقة !!!.. سمع صوت من خلفه .. التفتت و انتظر حتى اقترب الصوت اكثر و اكثر .. كانوا مجموعة صبيان بدراجاتهم يلهون في الطريق .. اوقفهم ملوحا لهم بيده .. حتى اقتربوا منه ..
- " مرحبا .. "
قال و هو يبتسم .. تبادلوا الصبيان النظرات و بادلوه الابتسام و التحية
- " مرحبا .. هل تعطلت سيارتك يا سيدي ؟ "
- " نعم كما ترى ؟ "
نزل الصبي عن دراجته و ألقى بنظرة على المحرك .. اقترب جيمي من ذلك الصبي
- " ماذا هل تعرف كيف تصلح السيارات ؟ "
- " لا "
ضحك جيمي فضحك الصبيان معه و قال آخر يسخر بصديقة
- " لا عليك من فيكي يا سيد أنه فضولي "
انتبه جيمي للاسم ( فيكي ) هل قال (فيكي) استدار لينظر إلى الصبي ..بدا مألوف .. اين رأيته من قبل ... يا الهي !! ضرب قلبه بشده .. انه .. ابني .. نعم هذا صحيح .. فهو له وجهي عندما كنت صغيرا .. يا الهي و كأني أرى صورتي و أنا في التاسعة من عمري .. لكنني قابلته حديثا .. نعم .. في الفندق تلك الليلة .. يا إلهي كان ابني قريبا مني بل ناولني عصير اشربه و لم ادرك بانه فيكتور ابني الصغير .. يا لك من من محتالة يا سارا .. تعرفين كيف تخدعيني .. لكن اتى دوري الان ..
- " هل لي ان اطلب منكم خدمة يا شباب ؟ "
- " بالطبع "
اومأ ذلك الصبي و ابتسم
- " سيارتي عطشة فهل لديكما ماء ؟! "
- " لا لكننا نستطيع ان نحضر لك ماء من المتجر انه ليس ببعيد .."
- " جيد.. لكني احتاج لان يبقى معي اثنان على الاقل حتى ارفع السيارة لاغير العجلة "
صاح فيكي و ابتسم
- " سابقى انا "
فقال صديقة الثاني
- " و انا كذلك لقد ساعدت والدي في تلك المرة بتغير عجلة السيارة "
- " حسنا .. و انتما اذهبا لاحضار قناني للماء .. خذ هذه النقود "
قاد الاثنان الاخرين دراجتهما و انطلقا لاحضار الماء بينما بقي فيكي و صديقه مع جيمي ليساعدانه برفع السيارة ..
اقترب من فيكي و ابتسم له
- " ما اسمك ؟ "
- "انا .. فيكي و هذا تشاد "
- " و انا جيمس .. "
ابتسم فيكي ببراءة ..
- " حسنا يا فيكي هل تناولي حقيبة المعدات "
- " بالطبع "
احضر له الحقيبة فأخرج منها جيمي ماسورة ليثبتها على العجلات حتى يفتح البراغي .. اخذ يدورها .. و قد اصبح وجهه احمرا .. ساعده فيكي و تشاد بأن وقفا على الماسورة و قفزا عليها حتى تنزل و فعلا ذلك اكثر من مرة و هما يضحكان ..
و اخيرا استطاع ان يجذب العجلة ليضع اخرى جديدة و يفعل نفس الشيء بان يدور الماسورة حتى تثبت العجلة الجديدة السليمة و يقف فيكي و تشاد عليها و يقفزان مجددا ..
بعد ان انتهيا .. صاح فيكي
- " ها قد اتوا بقناني الماء "
كان جيمي يراقب ابنه و تصرفاته .. لقد احب هذا الصبي و تذكر كيف كان يلاعبه و هو صغير فكان يضحك حتى تدمع عيناه من السعادة .. ان ضحكته و ابتسامته الصغيرة لم تتغير .. تذكر بان سارا كانت تشعر بالغيرة لانها لا تعرف كيف تجعل فيكي يضحك هكذا كما يفعل جيمس ..
- " تفضل يا سيدي "
اخذ جيمي قنينة الماء و صب قليلا في المحرك .. نظر إلى فيكي و سأله
- " اتعرف كيف تدير محرك السيارة ؟ "
نظر فيكي الى اصدقائة و هو مبتسم
- " نعم اعتقد بأني اعرف "
- "حسنا هيا اذن "
ادار فيكي المحرك لكنه طقطق مرة أخرى و توقف .. فزاد جيمي من كمية الماء ..
- " حاول مرة اخرى يا فيكي "
اداره مرة اخرى و هذه المرة احدثا صوتا عاليا و ثم دار ليعمل .. صفق جيمي و نزل فيكي و هو يبتسم و يضحك مع اصدقائة .. القى عليهم جيمي بالماء و شرب قليلا و جلس معهم على الارض و هم مبتلين يشربون من الماء البارد ..
- " شكرا لكما .. "
- " على الرحب و السعة يا سيدي "
- " انت في الحادية عشر اليس كذلك ؟ "
كان يوجه السؤال الى فيكي
- " نعم .. و سأبلغ الثانية عشر بعد شهر "
تذكر جيمي يوم اتصل عليه ستيف ليخبره بأن سارا في المخاض فأسرع تاركا عمله و وصل بالوقت الاخير و اخبروه بأنه صبي.. كانت سعادته بالغة لا توصف ..
استقام فيكي و تبعه أصدقائه و قال قبل أن يغادر على دراجته
- " حسنا يجب ان نذهب .. فرصة سعيدة يا سيدي "
- " و انا كذلك لقد سعدت بمقابلتكم .. "
عندما هب الصبيان لقيادة دراجتهم اوقفهم جيمي
- " يا شباب .. انتظروا قليلا .."
سأل تشاد
- " ماذا ؟! "
تردد بالسؤال لكنه فكر بأنها فرصة بان يطرحه بدل من ان يبحث مطولا
- -" انني ابحث عن سارا مولر اتعرفان اين تقيم ؟ "
فتح فيكي عينيه باتساع و قال مبتسما ببراءة و هو لا يعرف شيئا
- " نعم إنها والدتي اصطنع جيمي المفاجاة و ابتسم
- " حقا .. يا لها من صدفة "
- " كيف تعرف والدتي يا سيد ؟..آه تذكرت أين رايتك .. انت الرجل الذي تبرع بدمه مرتين "
ضحك جيمي بتوتر فقال كاذبا
- " نعم هذا صحيح ..لكنني هنا لاني اريدها في عمل خاص "
- " هل ذلك من اجل اللجنة التطوعية ؟ "
- " نعم نعم "
ابتسم البريء
- " حسنا سآخذك إلى منزلي .."
- " اصعد اذن إلى السيارة "
اوما فوضع جيمي دراجته في دولاب السيارة و ودع اصدقائه و انطلق مع ابنه في السيارة إلى منزل سارا ..
- " ان لك دراجة رائعة "
- " شكرا لك .. لقد اشتراها لي جدي "
- " حقا ؟ هل مازال جدك يقيم معكما ؟ "
- " لا .. انه في نيوجيرسي .. نحن نزوره بين حين و أخرى .. انه مريض و لا يتسطيع ان يغادر المنزل كثيرا .. "
اذا سيموت من الصدمة اذا عرف بأني ظهرت من جديد و سأستعيد كل ما كان لي في السابق .. قال ذلك في نفسه ..
- " توقف هنا يا جيمس .. هذا هو المنزل "
ركن السيارة و ترجل منها نظر إلى المنزل انه متوسط الحجم و يقع في ضاحية هادئة و راقية .. ابتسم باستهزاء ..
اشار له فيكي بالدخول و هو يفتح الباب
- " تفضل "
تبعه داخلا .. و أخذ يتلفتت ينظر إلى البساطة و الترتيب الذي اعتادت سارا ان تكون .. انه يشعر بآثارها و رائحتها ..
سمع صوتها و هي تؤنب ابنها في المطبخ اقترب قليلا حتى ينصت إلى حديثها ..فلعب صوتها بمشاعرها لعبا ..
- " ألم أخبرك بأن لا تتأخر في العودة يا فيكي ؟ .. سآمر لاخذك غدا بنفسي من المدرسة"
- " لكن يا ماما ..."
- " لقد ضايقتني و جلعتني اقلق كثيرا .. اتصلت بوالد تشاد فاخبرني أنه لم يعد حتى .. اين كنتما ؟ "
- " كنا نقود دراجتنا في الطريق العام و ... "
- " يا الهي يا فيكي لقد نهيتك مرارا عن قيادة دراجتك في ذلك الطريق انه خطرا جدا و تكثر به الشاحنات .. انك تريد ان تقتلني و انا اقلق من اجلك .. "
- " ماما اسمعيني ارجوك ... "
- " لا لن افعل .. انت معاقب .. سآخذ الدراجة منك لاسبوع .."
- " مأ...."
- " ها .. لاسبوعان .. "
اراد ان يتكلم لكنها اسكتته بنظرة غاضبة
- " ستدفعني للقول لثلاثة اسابيع"
- " لا داعي يا سارا .. حتى لاسبوع "
تصلبت بمكانها و كانها تتخيل صوت جيمي .. لم تستدير حتى لا يصبح حقيقة ..
- " كنت اريد ان اخبرك يا ماما لكنك لم تعطيني فرصة .. هذا جيمس .. انه الرجل الذي تبرع بدمه مرتين .. اتذكرينه ؟!!"
كاد ان يغمى عليها و هي تسمع ابنها يعرفها على جيمس .. انها تعرف من هو .. لكن كيف .. لقد .. يا الهي .. يجب ان تتحلي بالقوة حتى لا يستمتع باذلالك و هو يراك تتهاوين ارضا بمجرد ان سمعت صوته .. استدارت لتنظر إليه .. كان شبه مبتلا و قميصه الابيض التصق به و اتسخ بلون اسود و كان شعره ملتصق بجبهته .. لقد بدا مثيرا ... شعرت برغبة ان ترتمي بحضنه و تقبله .. لكنها سرعان ما ابعدت هذه الخاطرة ...نظرت إليه و رأسها مرفوع و سألته بعصبية
- " ماذا تفعل هنا ؟ "
تكلم فيكي نيابة عنه
- " لقد تعطلت سيارته و ساعدناه انا و تشاد و ..."
- " فيكي .. اذهب و اغتسل "
نظرت إلى فيكي بغضب بسرعة ثم اعادت عينيها على الرجل الي كان يوما ما زوجها..
انزل رأسه و جر نفسه خارجا ..
كان جيمي ينظر إليها و هي واقفة في المطبخ بملابس العمل الرسمية بقميص بذلتها و تنورتها القصيرة و الكعب العالي و شعرها البني مرفوع إلى الاعلى و قرطين ناعمين زينا اذنيها و احمر شفاة لماع و ترتدي مريلة طبخ .. رأته و هو يحدق بها و يفصل جسدها بنظراته الفاحصه و ابتسامة ملتوية على شفتيه الامر الذي اغضبها فهي لا تريده ان يراها بهذا المنظر ..
- " لم تجب على سؤالي يا جيمس ماذا تفعل هنا ؟"
اقترب منها بهدوء فتوترت و بللت ريقها
- " لقد اخبرك فيكي .. انه صبي لطيف .. "
- " ماذا تريد ؟ "
- " ببساطة يا سارا انت تعرفين ما اريد و لقد اخبرتك تلك الليلة ؟ "
- " اذن لم لم تاتي في اليوم السابق ام انك لم تجد خطة انسب من هذه ؟"
- " انا لم اخطط لشيء .. انها صدفة ان تتعطل سيارتي و ياتي ابني الذي لم أره منذ سنوات و اصدقائه لمساعدتي "
- " لا اصدقك "
- " لا ينبغي لك لان تصديقيني .."
- " حسنا لقد رأيت ابنك و الان ماذا تريد؟ "
فكر قليلا مخللا اصابعه بشعره المبلل فتذكر بانه يحتاج إلى ماء بارد ليغتسل
- " اول شيء اريد ان استحم "
فتحت عينيها و ضحكت باستهزاء
- " لابد انك جننت "
- " لا .. تستطيعين ان تقولي بان وقوفي في الشمس لساعات طويلة قد جعلني اتصبب عرقا .. احتاج إلى ماء بارد لانتعش .."
- " اذهب من حيث اتيت و ستجد ماء بارد "
اقترب منها اكثر و لمس وجهها ابعدت رأسها حتى لا يلمسها
- " آه يا سارا .. أهكذا تستقبلين ضيوفك ؟ ماذا سيقول فيكي اذا رآك تطردين ضيفا يريد الاستحمام ؟"
- " ابعد يديك الوسختين عني "
- " اذا تركتني استحم لن يكونا وسختين "
انه يعرف جيدا كيف يدير الحديث .. عضت على شفتيها ..
- " حسنا .. لكنك ستغادر فورا "
- " حقا ؟ هل تعتقدين باني قطعت مسافة من واشنتون إلى هنا فقط لاستحم ؟ لا اعتقد بانك ساذجة يا سارا "
- " لقد قابلت فيكي .. ماذا تريد ايضا ؟ "
- " ليس بهذه البساطة يا سارا .. سأستحم اولا ثم نتعشى معا انا و انت و فيكي و فيكتوريا التي لم اقابلها بعد و من ثم سنتحدث انا و انت و نتفق على حل يرضينا نحن الاثنان "
- " ليس هناك أي شيء سيرضيني يا جيمس .. و لن تبقى هنا بل ستغادر .."
- " انا من يقرر ذلك يا سارا و ستسمعين لي "
- " و ان لم افعل ؟ "
- " حسنا اذا سنتحدث من خلال المحاكم و سندع للقضاء ان يأخذ مجراه "
- " انت تعرف بأن كل شيء سيكون من صالحي "
كانت واثقة و في نفس الوقت تخشى ان تجرجر اطفالها بين محكمة و اخرى و تحرمهما من والدهما بعد ان قابلاه ..
- " اذن وكلي محامي يا سارا و ستكتشفين بأن المسألة معقدة و ليس كما تتصورين "
فكرت قليلا قد يكون صادقا .. آه كم تكرهه الان ..
فتح الباب و دخلت فيكتوريا الى المطبخ لتجد رجلا ملتصقا بوالدتها ..
- " امي .."
ابعدته سارا للخلف بقوة و خرجت من المطبخ و اغلقت الباب خلفها ,, استدار جيمي حتى يرى ابنته لكن سارا كانت اسرع بان أغلقت الباب ...
- " هل تود هنا يا امي ؟. "
- " لا .. انه .. رجل تعطلت سيارته و يريد ان يتسحم .. كما اعتقد بانه جائع لذلك قد يتناول العشاء معنا "
- " لم يلتصق بك هكذا "
اظطربت انه من الصعب ان تخفي امرا على فيكتوريا .. تنهدت
- " كنت .. انظف قميصه "
اومات فيكتوريا .. فهل تعتقد سارا بأنها غبية او يخفى عليها شيء..
- " حسنا يا امي .. سيكون من الممتع ان يكون هناك صحبة معنا على العشاء "
- " لا .."
قالتها سارا كردة فعل فهي لا تريد لفيكتوريا ان تبقى معهما على العشاء فقد تتعرف على والدها و تتعقد الامور اكثر
- " اعني .. اذهبي اليوم .. اخرجي مع صديقاتك او مع براد .. نعم براد"
نظرت إلى النافذة لتجد براد لا يزال ينتظر بالخارج
- " انه ينتظرك يا حبيبتي "
جذبت فيكتوريا من يدها و فتحت و قالت إلى براد
- " براد ارجعها في الثانية عشر لا تتأخرا "
قالت ذلك بسرعة حتى لا تعترض فيكتوريا التي بدت مصدومة من تصرفات والدتها الغريبة ..
- " إلى اللقاء .. لا تتأخرا .. استمتعا بوقتكما "
دخلت و اغلقت الباب خلفها ثم استندت و اغمضت عينيها ارتياحا .. صرخت عندما فتحتمها لتجد جيمي واقفا امامها
- " يا الهي لقد افزعتني "
اقترب منها كثيرا و كاد ان يلصق جسدها به لكنه ترك مسافة صغيرة.. استطاعت ان تنظر إلى عينيه الزرقاوين و هما تشتعلان غضبا ..
- " اتعتقدين بتصرفك السخيف باني لن استطيع ان اقابل فيكتوريا ؟ اسمعني جيدا يا سارا .. لقد بحثت عنك كثيرا طيلة العشر سنوات الفائتة و الان و قد وجدتك فلن يكون من السهل ان اتركك و ابنائي .. فذلك يتطلب عشر سنوات اخرى .. انا مستعد لها .. دعينا نجلس كراشدين و نتحدث .. و ان لم يعجبك الامر ان يكون وديا .. سنوكل محامين و ندع القضاء ان يتصرف بما يراه مناسب و انت تعرفين اكثر مني كيف سيكون الحكم ..."
كان قلبها يصعد و يهبط و هي تشعر بالخوف .. عندما رأها هكذا ابتعد عنها فهو لا ينوي ان يؤذيها هو يحبها و لطالما فعل و انه مدرك تماما بأنها تحاول ان تحمي ابنائها على الرغم من ان طريقتها غريبة لكنه سيتحمل لانها سارا .. حبيبته و زوجته السابقة
- " و الان اين الحمام ؟؟ "
تركها تدله على الطريق لحجرة الضيوف.. لم تتحدث إليه.. بل لم تنظر إليه حتى.. فتحت الباب و قالت
- " ستجد كل شيء هنا "
عبر عن امتنانه بان احنى رأسه قليلا و طيف ابتسامه عذبة على شفتيه .. وقف ينظر اليها فأشاحت نظرها عن وجهه و نظرت إلى ثيابه المتسخة
- " اترك ملابسك هنا لاغسلهما "
- " سأفعل .. "
استدارت و اغلقت الباب خلفها .. كان قلبها الصغير يضرب بعنف و كانه يريد الهروب من صدرها .. تنهدت بصعوبة .. فها هو زوجها السابق و حبيبها في منزلها .. يا له من قدر عجيب ان يجمع بينهما صدفة بعد فراق دام لسنوات طويلة .. و ها قد اتت المشاكل .. سمعت صوت باب الحمام يقفل .. ففتحت باب الحجرة مرة اخرى حتى تأخذ ثيابه فتغسلهما .. تصلبت رجليها و هي تنظر إليه شبه عاري إلا من المنشفة البيضاء التي لفها على وسطه .. عضت على شفتيها حتى كادت ان تجرحهما ... تقسم بانها رأت نظراته الجريئة الشيطانية و ابتسامة انتصار على شفتيه .. اذن لقد خدعها حتى يرى ردة فعلها عندما تنظر إليه و هو عاري الصدر .. بجسده الرياضي الذي لوحته الشمس فجعلت لونه ذهبي مشرب بالاحمر ...ان اعتقد بانه سيثير مشاعرها الدفينة و يغيرها .. فلقد فعل .. و نجح ..
وقف بثقة امامها ينظر إليها و هي متوتر و كأنه يتسمتع بالمنظر ..اقترب منها فرأت أن الوشم الذي يحمل اسمها بالغة اليابانية الذي رسمه على ساعده قبل سنوات طويلة لا يزال موجودا و محفورا على جلده .. همس و هو يناولها ثيابه المتسخة .. لم تتحرك لكنها احست بوضوح تصاعد دقات قلبها و خشيت بأن يسمعه او يراه ..
- " تفضلي .. "
تطللب منها مجهود لان تمد يدها و تأخذ ثيابه .. و سرت قشعريرة زادت من الامر سوءا عندما تلامست أصابعهما .. أنه محتال مغري ...
اشاحت عنه بسرعة حتى لا تفعل شيئا قد تندم عليه لاحقا .. و قالت دون ان تلتفت إليه
- " سأعلقهما لاحقا على الباب "
أجابها بشفة ملتوية
- " و لم ؟! تستطيعين ان تدخلي و تضعيهما على الفراش .. سيكون ذلك أفضل "
قبل أن تغلق الباب رمقته بنظرة سريعة و قالت بحدة
- " لا .. كما قلت لك سأعلقهما على الباب "
امسك الباب قبل أن تغلقه و اقترب منها حتى شعرت بانفاسه الحاره تضرب وجهها
- " ماذا يا سارا .. هل تخجلين مني ؟ لقد رأيتني هكذا من قبل .. و أكثر من مرة .."
قرب شفتيه ليقبلها لكنها ابتعدت بسرعة فجذبت الباب بقوة و أغلقته بعنف سمعت صوت ضحكاته الامر الذي زاد من غيضها و أسرعت لان تفجر ذلك الغضب بأبنها الصغير ..
دخلت بقوة حجرة فيكي بالطابق العلوي و اقتربت منه
- " مرة اخرى لا تحضر رجلا لا تعرفه إلى المنزل و تدخله إلا بعد أن تستأذني أفهمت؟"
نظر إليها من طرف عينيه اللامعتين و قد أفزعته بهجومها كانت مستشاضة غضبا و تريد أن تنفس عنه في طفلها الصغير ..
- " لكن يا ماما هو اخبرني بانه يبحث عنك .."
- " و إن يكن .. رجل لم تقابله من قبل .. "
شعرت بالذنب لانها تلقي اللوم على ذلك الصبي الصغير الذي لا يعرف شيئا عن الواقع الذي يعيشه حضنته واضعة رأسه المبلل على صدرها
- " فيكي حبيبي انا آسفة لكنني خشيت عليك .. ارجوك لا تعاودها مرة اخرى .. اتصل بي قبل ان تفعل أي شيء "
- " حسنا يا امي .. هل سيبقى جيمس معنا على العشاء "
من الجيد بأنه لم يكن ينظر إلى تعابير وجهها قالت بنبرة منزعجة
- " نعم اعتقد ذلك .. "
ابتعد عن صدرها و هو مبتهج لقد رأت عيناه تبرقان سعادة
- " رائع .."
استغربت سبب سعادته المفاجأة يبدو بأن فيكي احب جيمس .. يا إلهي ستكون كارثة .. المصائب .. تمتمت بشتيمة فتركت الحجرة و اتجهت لغسل ملابس جيمي المتسخة ..
مسكت بالقميص الابيض بين يديها و تذكرت عندما كانت تغسل في احدى المرات الثياب .. كان جيمي على غير عادته لم يكن وقتها ثملا ..دخل حجرة الغسيل و عندما وجدها واقفة تغسل ملابسه بيدها العاريتين حاوط خصرها من الخلف و الصق ظهرها بصدره العريض .. كانت لحظة حالمة لم تحدث لها منذ وقت طويل منذ آخر صفعة تلقتها منه .. فاجأها بحنيته و صوته عندما اخذ يتنشق رائحة شعرها و يمرر انفه برقبتها ..
- " أحبك يا سارا .. احب رائحة الصابون على جلدك .. "
كانت وقتها تحمل الضغينة على تصرفة في الليلة الفائتة و شجارهما الصغير و بمجرد كلماته تلك نست كل شيء و استدارت تواجهه بعينيها الذابلتين .. غضب من نفسه .. حقد على جيمي المتوحش الذي غدا عليه في الاونة الاخير .. مسك وجهها بين يديه و اخذ يمرر ابهامه على آثار الضربات على وجهها الجميل .. قبل كل أثر و كدمة و أغمضت عينيها حتى تحفظ بتلك اللحظة في ألبوم صورها العقلي ..
- " اعدك يا سارا بأن كل شيء سيتغير .. بل سيعود كما كان على السابق و أفضل "
و دون ان تشعر وجدت نفسها تضم قميصه الابيض و تستنشق رائحته التي بالفعل لم تتغير بل هذه رائحة جيمي المعتادة .. ادخلت الرائحة إلى عقلها و جوارحها لتلعب بكيانها .. دمعت عينياها اللتين لم تنضبا بعد من الدموع التي لم تتوقف عن الانهمار ...
وقفت تنتظر الغسيل حتى يتوقف .. كانت تشعر بشيء من السعادة الدفينة في اعماقها و هي تكوي قميصه و كأن الايام السابقة قد عادت من جديد ..
علقت ملابسه على الباب كما قالت له و كانه كان ينتظرها قبل ان تضعه ففتح الباب و هذه المرة كان منظره أكثر سحرا .. شعره مبلل و مسرح للخلف و رائحة الصابون طاغية و جسده مبلل و لامع .. لمحت الوشم الذي يحمل اسمها بدا أكثر بروزا و وضوحا من قبل ساعات .. و حتى تحمي نفسها من نظراته الثاقبة ناولته ثيابة و ذهبت عنه بسرعه إلى المطبخ ..
وصل جسدها إلى المطبخ قبل قلبها و عيناها ..
و بينما كانت تحضر طعام العشاء سمعت صوت فيكي يتحدث إلى شخص ما.. و من عساه يكون غير جيمس .. انها لا تريدهما ان يوطدا علاقتهما ببعضهما البعض فذلك سيصعب الامور و يعقدها اكثر خاصة و انها لن تتنازل عن طفليها لجيمس .. و ما زالت متمسكة برأيها ..
دخل فيكي و تبعه جيمس بقيمصه النظيف و شكله المرتب و شعره المسرح للخلف لقد طال شعره قليلا و نمت لحيته لتضفي لونا اسمرا على وجهه .. ابتسم لها فارتسمت خطوط السنوات بالقرب من عينيه و برزت اسنانه البيضاء لتعكس بريقها لسارا ..
- " تبدو الرائحة شهية .. ماذا اعددت لنا يا سارا ؟! "
آه كم تحب طريقته في نطق أحرف اسمها كانت مظطربة أكثر مما يجب ان تبدو عليه من قوة فهي لا تريده ان يرى كم هي مشتاقة لها و ضعيفة في حضوره .. تجاهلت سؤاله و وضعت طبق المكرونة الايطالية على المائدة و طبق خضروات آخر ..
جلس على المائدة و عيناه لم تفارقاها ابدا كان يتتبع كل خطوة و حركة تفتعلها .. و لتوترها و شعورها بانها مراقبة من قبل احب الناس إليها جعلها توقع زجاجة الشراب على الارض لتتفتت إلى قطع ..
- " تبا "
نسيت وجود ابنها جالسا معهما على الطاولة .. جذبت الممسحة و اخذت تمسح الشراب عن الارض .. انحنى جيمي و التقط الزجاج بيده فجرح أصبعه الذي بدأ ينزف .. لقد طفح الكيل ... إنه يتصرف بغباء على غير عادته .. ام إنها خطة من نوع آخر .. نظرت إليه بغضب و تركت الممسحة من يدها بعصبية
- " كان بامكانك أن تنتظرني التقط الزجاجات بالممسحة .. "
رفع كتفيه بلا اكتراث و هو ينظر إلى الدم النازف من اصبعه
- " أردت المساعدة فحسب .. سيتوقف الان بعد أن اغسله بماء بارد "
فتح المغسلة و وضع أصبعه تحت الماء البارد .. رأت فيكي يخرج علبة الاسعافات الاولية و يناولها والدته
- " ماما ضعي له ضماد ان الدم لن يتوقف هكذا .. اتذكرين عندما أوقعت الكأس تلك المرة و جرحني ؟.."
ابتسم جيمي في مكانه ثم التفتت لتتلقف عينيه نظراتها الفاحصة .. بدا القلق عليها .. ارتاح قليلا .. انها لا تزال كما كانت ..
اقتربت من جيمي و اخرجت من صندوق الاسعافات الاولية ضماد و قالت دون ان تنظر إليه
- " اعطني يدك "
- " انها لك "
قالها بطريقة مثيرة و هو يمد يده لها .. اخذت تمسح جرحه بمطهر .. كانت تحس به يحدق بها لكنها تجاهلت نظراته و ركزت على وضع الضماد حول اصبعه .. و بعد أن انتهت قبض على يدها و اخذ يدلك يدها بأصابعه بهدوء .. لا شعوريا رفعت عينيها حيث عينيه مسمرتان على وجهها .. و بقيا هكذا للحظة بدت كدهر .. ارتجف قلبها .. فجذبت يدها بسرعة و جلست على المائدة بهدوء ..
سكبت لفيكي مكرونة و من ثم وضعت لجيمي قليلا ..تذوق قليلا منها ثم قال معلقا
- " إنها لذيذة .. "
انه يريد ان يبدأ حديثا معها باية طريقة .. الصمت كاسحا بل كان معذبا و الجو حولهما متوترا و مشحونا .. كيف تستطيع ان تجلس مع رجل عاشت معه سنوات طويلة و لم تنتهي على وفاق و ها قد تمر عشر سنوات و كأنها عشرة دقائق و الان يجلس معها على نفس المائدة و عيناه عليها و كأن شيئا لم يحدث بينهما و الغريب بأن طفلهما الصغير معهما دون ان يعرف أي شيء عما يدور في رأسيهما ...
كان فيكي يتلفتت و ينقل نظراته بين جيمس الرجل الغريب و بين والدته العصبية على غير عادتها .. و قرر ان يكسر حاجز الصمت عندما سأل جيمس
- " هل ستأخذ سيارتك إلى الميكانيكي ؟"
ارتاح جيمي قليلا و ابتسم للصبي الذي انقذه من هذا السكوت و البرود ..
- " نعم اعتقد ذلك .. حتى استطيع ان اقود المسافة ثانية إلى واشنتون "
- " هل قدت كل هذه المسافة حقا ؟ "
رمق سارا ثم اشاح عنها بسرعة ..
- " نعم .."
- " و لم تريد ان تعود ثانية لواشنتون ؟.."
تنهد بعمق و بين حين و اخرى يلتفت إلى سارا التي تحاول ان تتجاهلة و لا تعير لحديثه اية اهمية
- " لانني اقيم هناك .. منزلي و عملي "
كان يلمح لسارا بشيء ..و استطاع هذه المرة ان يجذب انتباهها فرفعت رأسها و توقفت عن القضم محدقة فيه .. ابتسم باشراقة و لانت ملامحه الحادة ..
- " و ماذا تعمل يا جيمس ؟ "
لم يبعد عينيه عنها وهو يزيد على كلامه حتى يكسب فضول سارا ..
- " انا ادير شركتي الخاصة "
ضحك فيكي و اردف قائلا
- " لا اعرف لم اعتقدت بأنك قد تكون مدربا "
استغرب جيمي من فيكي
- " مدربا ؟!! و لم اكون مدربا ؟"
- " لا اعرف .. اعتقدت بأنك قد تكون مدرب كرة قدم في مدرسة .. انه يليق بك كثيرا "
- " ربما .. و انت هل تحب كرة القدم ؟"
- " نعم كثيرا .. اتابعها باستمرار و نذهب انا و اصدقائي لكل المباريات التي تقام "
بدا جيمس اكثر اهتمام بحديث فيكي فها هو يتعرف على ابنه الذي بدا يشبه كثيرا في ملامح وجهه و شخصيته فهو ايضا يحب كرة القدم بل كان يمارسها في ايامه عندما كان في الثانوية
- " و اي فريق تشجع ؟ ارجو ان يكون فريق النيكس ؟ "
وقف فيكي و صفق بيده بسعادة
- " بالطبع و من يكون غير النيكس .. واو "
ضرب كفه بكف جيمي الذي بدا فخورا جدا بابنه الذي يشاركه ببعض الاهتمام .. شيء ما جعله ينظر إلى سارا .. لقد تغيرت ملامح وجهها و بدت اكثر تعاطفا .. و بالوقت نفسه كانت تشعر بالغضب لاكتشاف جيمس بعض اهتمامات ابنه فهذا سيجعله يطالب به اكثر من قبل ..
- " ستقام مباراة هذا الاسبوع ما رأيك أن نذهب معا ؟ "
انزعجت سارا فجيمي لم يطلب اذنها .. لكنها ارتاحت عندما خف حماس فيكي و قال بشيء من الحزن
- " لن تجد تذاكر .. لقد حاولنا انا و اصدقائي "
ابتسم جيمي و بدا واثقا
- " لا تقلق دع الامر لي سأتدبر الامر "
- " لكن كيف ؟! "
- " لا عليك .. قلت لك سأتدبر الامر و سنذهب معا انا و انت .. و ان ارادت والدتك مرافقتنا و اختك .."
قاطعته سارا و قالت بعصبية
- " نشكرك .. لن يذهب احدا "
اقترب منها فيكي و شد يدها
- " اذا وجد جيمس تذاكر فسأذهب معه يا امي "
- " فيكي .."
غضب جيمس و قال بحدة
- " سارا .. سأجد تذاكر و سنذهب انا و ابن...."
فتحت عينيها باتساع و حدقت به بفزع .. تنبه للامر و لم يكمل ما كان ينوي قوله ( ابني ) فصحح قائلا ..
- " انا و فيكي "
وقفت حتى لا يرى صدرها الذي يعلو و يهبط بعنف .. حملت صحنها الفارغ لغسله دون ان تعلق .. ساعدها بحمل صحنه و صحن فيكي واضعا اياهما في المغسلة .. كانت تغسل الصحون متجاهلة وقوفه بالقرب منها و التحديق فيها .. و عندما خرج فيكي من المطبخ همس لها
- " اسمعيني يا سارا .. فيكي ابني و لي الحق بأن امضي معه بعض الوقت .. و الامر ينطبق على فيكتوريا .. لقد نجحت اليوم في ابعادها لكن في المرة القادمة لن تفعلي ."
استدارت لتنظر إليه و كانت تحدق به بغضب
- " انت الذي سيسمعني يا جيمس ..."
لم تستطع اكمال جملتها لان فيكي دخل المطبخ و تكلم بصوت عال
- " جيمس .. "
التفتت جيمي إلى ابنه الذي يناديه بكل راحة باسمه الاول انه سعيد بذلك لكنه سيكون اسعد اذا ناداه بأبي فلقد اشتاق لسماع هذه الكلمة و سيأتي اليوم الذي سيناديه فيه بوالدي ..
- " دعني اريك شيئا .. اتبعني "
رمق سارا بنظرة خاطفة و غادر لمطبخ مع ابنه الصغير ..
- " انظر إلى هذه الكرة .. لقد وجدتها في العلية منذ سنوات و احتفظت بها في حجرتي .. لا اعلم ماذا تفعل هذه الكرة في مخزننا و لم اشأ أن اسأل والدتي فتوبخني لتطفلي و العبث بالصناديق القديمة .."
اعتصر قلب جيمس و هو يأخذ الكرة بين يديه محدقا فيها ... و كأنه عاد ستة عشر سنة إلى الوراء ..حيث كان اللاعب الرئيسي في فريق مدرسته و كان هذا اليوم هو المباراة النهائية و كانت بين ثانوية نيوجيرسي و ثانوية اوكلاهوما .. الجمهور اعصابه مشدودة في الشوط الفاصل .. وقف جيمي على ارض الملعب و ارتفعت عيناه إلى الجمهور في المدرج يبحث عن شخص يطمان لرؤيته و بالفعل تلاقت عيناهما .. أشارت له بيدها و ارسلت له قبلة في الهواء .. رفع يده و كانه اصطاد القبلة و وضعها على شفته ثم غمز بعينه لها بامتنان .. راقبته و هو يركض و بيده الكرة وقف الجمهور معه ... و صاح الجميع عند احراز الهدف .. خلع جيمي الخوذة و صرخ عاليا و هو يحضن اصدقائه و مدرب الفريق .. قدم لهم محافظ المدينة الكأس فرفعه عاليا رافعا بذلك عيناه لتستقران في محجريها .. ترك الكأس و صعد بين الجمهور حتى يصل لها .. افسح له الجمهور المجال حتى يتسنى له ان يأخذها بين يديه و يقبلها طويلا .. مع تصفيق الجمهور و تأثرهم بتلك اللقطة الرومانسية ..
قلب الكرة بين يديه ليجد كتابة غير واضحة و لا يستطيع احدا قراءتها الا هو و سارا .. فهو من كتب عليها ( الى حبيبتي سارا ... اجمل قبلة تلقيتها منك اليوم .. و هي التي جعلتنا نحرز البطولة .. احبك .. جيمي )...
كان فيكي يمعن النظر في ملامح جيمس الذي بدا مبتسما و متألما في نفس الوقت هز يده و قال معلقا
- " ماذا يا جيمس ؟ هل عرفت ما كتب على الكرة ؟ انه غير واضح أليس كذلك "
انتبه جيمي إلى ذلك الصغير مسح على رأسه و ناوله الكرة مجددا
- " للاسف "
- " اذا لم كنت تبتسم ؟ "
- " انها مجرد ذكرى اتت في رأسي .. فلقد كنت لاعب رئيسي في فريق ثانويتنا بنيو جيرسي "
فتح فيكي عينيه و قال بسعادة
- " حقا ؟ هل ما زلت تلعب ؟ "
- " لا لم ألعب منذ فترة طويلة .. "
أنزل رأسه حسرة على حاله الذي غدا ففي السابق كان همه الوحيد هو كرة القدم و اهمل بذلك دراسته تقريبا و يتمنى ان يعود للماضي فيصحح كل خطأ بحياته إلا (سارا) الذي تعتبر أفضل شيء حدث له و الان مراده الاول و الاهم هو ان يكسب قلبها من جديد ... و على الرغم من حسرته على تلك الايام ابهجه فكرة بأن سارا قد احتفظت بتلك الكرة و لعلها احتفظت بأشيءا اخرى و هذا يعني بانها لا تزال تعيش في الماضي .. و سيسعد اذا جلسا معا لاستعادة الماضي الجميل بمره و حلاوته..
- " جيمس .. ما بك ؟ انت اليوم كثير السرحان.."
رفع رأسه و قال مبتسما
- " آسف .. ماذا قلت ؟ "
- " كنت أسألك .. لم توقفت عن اللعب ؟ "
- " لانشغالي في الاعمال .. "
- " هل ستأخذني إلى المباراة ؟ "
- " قلت لك بأني سأتدبر أمر التذاكر "
قفز و صفق بمرح ثم ضم جيمي من رقبته بقوة .. تصلب جيمي بمكانه فهذه حركة مفاجاة و هو لم يعتاد عليها .. خاصة و ان هذا الصبي الصغير هو ابنه الذي حرم منه ...و بهذه اللحظة دخلت سارا الحجرة لتجد عيون جيمس تحدقان بها و فيهما انكسار فضيع فتت قلبها الضعيف .. يا الهي كيف لي ان احرم هذا الطفل من والده ؟؟.. انه لا يعرف بأن الذي يعبطه هو والده .. و من الان هو متعلق به .. كم الامر صعب .. صعب جدا ..
ابتعد فيكي عنه فاستقام جيمس بوقفته و اقترب من سارا التي تراجعت خطوتين للخلف ... لم يكن يشعر برغبة بالبقاء بعد تلك العبطة فهو لا يريد ان يببين ضعفه لسارا فقال بصوت مجروح قليلا
- " يتوجب علي ان اذهب .."
اقترب منه فيكي و قال بخيبة أمل
- " هل ستعود إلى واشنتون يا جيمس ؟ "
ضحك جيمي فلقد اتى لتوه و قاد كل هذه المسافة ليس لان يعود بهذه البساطة
- " لا يا فيكي .. سأذهب إلى الميكانيكي "
- " و من بعدها ستعود ؟ "
التفتت لينظر إلى سارا كانت تريد ان تعرف الجواب ايضا لكنها بقيت صامتة و لم تعلق بشيء
- " لا .. سأبقى هنا ليومين او ثلاثة "
- " رائع .. هل استطيع ان آتي معك إلى الميكانيكي ؟ "
فتحت فمهما لتتكلم و أخيرا .. فلقد تعدى الامر الخطوط الحمراء .. و بسرعة قالت معلقة و مبدية انزعاجها
- " لا يا فيكي فلديك واجبات مدرسية "
انزل رأسه حزنا فربت جيمي على كتفه و قال بهدوء
- " سأراك قريبا يافيكي لا تقلق .. لقد استمتعت بوقتي معك و سنكون اصدقاء .. أيعجبك هذا ؟ "
أطلقت سارا تنهيدة انزعاج لا شعوريا فرفع جيمس عينيه و حدجها بنظرة غاضبة
- " بالطبع سنكون اصدقاء "
- " جيد اذن صافحني "
مد يده و صافحه بقوة و هو يضحك .. يالبرائته .. قال في نفسه ..
- " هل ستاتي غدا يا جيمس ؟"
نظر إلى سارا و قال في تردد
- " ربما .. اذا انهيت بعض الاعمال "
- " جيد .. انهي اعمالك بسرعة و تعال حتى أريك الملعب الذي نلعب فيه انا و أصدقائي و قد يتسنى لك الوقت لتشاركنا اللعب .. لا تقلق فهناك راشدين يلعبون أيضا "
ضحك جيمي لروح هذا الصبي المرحة أنه يشبهه تماما لكنه كان شقي أكثر من فيكي في عمره .. جذبت سارا فيكي و همست له بشيء في أذنه فبدا الصبي متضايقا فعرف جيمس بانها نهرته لكثرة حديثه و إلحاحه .. شعر بان الوقت قد حان لان يغادر فهم بالخروج لكنه وقف ليواجه سارا قائلا بهدوء
- " اشكر لك حسن ضيافتك سارا .. و آسف لاني ازعجتك اليوم و سأزعجك في الايام القادمة "
انعقد لسانها عندما رأت ابتسامة ملتوية على شفتيه انه مثير للاعصاب بطريقة سلبية و ايجابية بآن واحد .. سمعته يغلق الباب خلفه و ينطلق بسيارته .. فكرت في نفسها بان هذا اليوم عدى على خير و المخيف هو ما سيأتي بالايام المقبلة .. انها ترى من وراء كلماته الغاضمة أشياء لها ابعاد ليست مخفية كليا .. بل هي واضحة كوضوح الشمس بالنسبة لها .. لكن هيهات يا جيمس بروكس ليس انا من يتنازل بهذه السرعة و السهولة ...

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:49 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-11-

كانت متلحفة بملائتها الدافئة و مسترخية على وسادتها الوثيرة أغمضت عينيها المتعبتين اللتين بقيتا ساهرتين لوقت طويل و قد أهلكهما السهر .. نامت بعمق و لأول مرة تنام بلا أحلام مزعجة و كوابيس و بلا خيال جيمس الذي رافقها طوال العشر سنوات ...
- " امي !! أمازلت نائمة ؟ "
كان صوت فيكتوريا قلقا على والدتها التي لا يتعدى وقت استياقضها عن العاشرة صباحا و الان الساعة الثانية عشر ظهرا و هي غير مستيقظة إنه لشيء غريب بالفعل .. اقتربت منها و وضعت يدها على جبين سارا ..
- " انت لست ساخنة .. هل تشعرين بتوعك ؟"
فتحت عينيها بصعوبة و قالت تطمان ابنتها القلقة
- " أنا بخير لكنني لم انم منذ فترة طويلة "
- " انها الثانية عشر !! "
توسعت حدقة عينيها فاسرعت بدفع الملاءة برجلها و قفزت واقفة ..دخلت الحمام لتغتسل بسرعة
ثم ارتدت ثيابها امام مراى فيكتوريا المستغربة من تصرفات والدتها الغريبة في الاونة الاخيرة ..
- " انت لست على طبيعتك .. خاصة في الامس .. أنه لمن الغريب ان ترسيليني على العشاء مع براد "
- " و ما الغريب في ذلك ؟ "
- " انت لا تحبذين فكرة خروجي على العشاء خاصة و ان هناك ضيف لم أقابله .. من يكون ضيفك يا امي بالامس ؟ "
توترت سارا و هي تبحث عن أجابة عن سؤال ابنتها .. انها لم تنسى .. كيف تتهرب من هذا السؤال ..
- " اخبرتك بالامس "
- " اعرف ذلك لكنني لم اقتنع "
- " هذا شأنك "
ارتدت حذاءها و نزلت الدرج بسرعة .. صرخت بهلع عندما وجدت جيمس يجلس في غرفة الجلوس و معه فيكي ينظران إلى الصور التي علقتهما سارا .. و كان فيكي يشرح قصة كل صورة اعتقاد بان جيمس لا يعرف شيئا من تلك القصص .. اقتربت منه بعصبية
- " جيمس "
رفع رأسه و قال مبتسما
- " و أخيرا استيقظتي من نومك .. "
- " ماذا تفعل هنا اليوم ايضا ؟ "
- " مساء الخير بالاول يا سارا .."
نظرت إلى فيكي الذي يحدق فيها .. كان مستغربا فضاضة والدته مع هذا الضيف ..
- " امي لقد اتى جيمس حتى يعيد لي دراجتي فلقد نسيتها بالامس في سيارته و قال بأنه يريد ان يتحدث معك "
أومأ جيمس برأسه موافقا على كلام ابنه
- " هذا صحيح يا سارا .. آسف لازعاجك .. سأذهب الان لكن هناك ما اريد قوله لك على انفراد "
انها ليست مستعدة لتحدث معه على انفراد فحاولت ان تضيع الموضوع و ترسله خارجا قبل ان تنزل فيكتوريا و تتعرف عليه !! لكنها قد تكون تعرفت عليه .. يا الهي لذلك سألتها عن ضيفها في الامس .. لا .. لا يمكن ..
- " منذ متى و انت هنا ؟"
- " قبل خمس دقائق "
أغمضت عينيها ارتياحا و عندما فتحتها وجدته يحدق فيها بافتتان .. فاضطربت و مشت امامه قائلة
- " اتبعني "
تبعها إلى الخارج و أغلقت الباب خلفها .. ثم استدارت لتواجهه فأسرعت بالتكلم حتى لا تسرح في ملامح وجهه الوسيم و تستيعيد فتح جراحها ..
- " لم أتيت فعلا يا جيمس ؟ "
- " قال لك فيكي حتى اعيد دراجته التي نسيها في دولاب سيارتي .. و كذلك للتحدث معك .. "
قاطعته قائلة
- " ليس لدي وقت للتحدث ..انا مشغولة جدا و لقد تأخرت عن عملي "
- " اذن لنتقابل على العشاء "
هي و هو معا على العشاء لا مستحيل ..
- " لا "
نظر إلها بطرف عينيه
- " و لم ؟ "
- " لدي أشغال "
- " اعتذري عنهم .. او اتركيها حتى وقت آخر ..فأنا اريد ان اتكلم معك بشأن فيكتوريا و فيكي "
- "و ماذا عنهما ؟"
- " ليس هنا المكان المناسب للتحدث عن ذلك .. "
اذن التهرب منه لن يؤدي إلى نتيجة .. فقالت بحدة و هي تنظر خلفه تبحث عن تود ..
- " اسمعني يا جيمس .. ليس هناك ما نتحدث عنه بشأن الاطفال .. لقد قابلت فيكي و اعتقد بانك قابلت فيكتوريا ايضا .."
ارادت ان تكمل لكنه قال معلقا
- " لا لم افعل .. لقد فتحت لي الباب فقط ..انها جميلة جدا فهي نسخة مصغرة منك"
قال كلمته مبتسما و هو يدقق النظر في ملامحها ارتبكت بخجل لكنها تذكرت حجم المصيبة فقالت برعب متناسية تغزله فيها
- " ماذا ؟ و هل تعرفت عليك ؟ "
طمانها قائلا
- " لا.. لا اعتقد "
تنهدت و تراجعت خطوتين للخلف
- " اووف ..جيد .. حسنا ..اذهب يا جيمس و لا تعود "
- "ليس بهذه البساطة .. اخرجي معي على العشاء "
علا صوتها قليلا لكنها سرعان ما خفضته خوفا من أن يكون أحد الاطفال يسترق السمع
- " قلت لك مستحيل الا تفهم ؟ الا تعرف كيف تتنازل ؟ "
- " للاسف لا .. انت تعرفيني جيدا يا سارا لا اتنازل بسهولة ..خاصة إن كان ذلك الشيء مهم بالنسبة لي و يخصني ..كل ما اريده هو التحدث معك كراشدين متفهمين لهذا الوضع لنجد حلا .."
- " حلا لماذا يا جيمس ؟ كل شيء واضح "
بدا نافذ الصبر لكنه مسك اعصابه و اقترب منها قليلا
- " لا يا سارا ليس كل شيء واضح ..اريد ان اتعرف اكثر على ابنائي و المشكلة بانك تحاولين منعي .. اني احترم ما تفعلينه لذلك لم اخبرهم بعد باني والدهم رغم اني استطيع ان افعل ذلك أي وقت شئت فهذا حقي و حقهم بأن يتعرفوا علي .. كل ما اريده يا سارا هو ان اتفق معك على الوقت المناسب لنخبرهم بأن والدهم هنا و هو أنا و سنفعل ذلك معا لتفادي الصدمات و الانهيارات العصبية"
لحظة صمت و هي تفكر بكلماته قد يكون فيها بعض الاشياء المنطقية لكنها ترفض ان تصدق كلامه او ان تقتنع به .. انها ليست مستعدة لهذا الامر المفاجيء ..
- "لا .. ليس الان .. و لا في وقت قريب"
قال بتعصبية رافعا صوته
- " لا تستطيعين منعي "
- " و ماذا ستفعل ؟ "
- " سارا دائما هناك حلا وسطا للامور ..لا اريد الشجار معك فنفقد أعصابنا و يجرح كل منا الاخر دعينا نتفاهم على وجبة العشاء "
قالت و هي تشد على كل حرف و بصوت عال
- " لا اريد .."
لمحت من بعيد تود ينظر ناحيتهما .. و من ثم يقترب ببطء .. انزعج جيمس عندما رآه يقترب فصر على اسنانه و قال بحدة
- " اذن يا سارا سأستخدم الحل الاخر المتطرف .. "
- " و ما هو ؟ "
- " المحاكم .. لندع القضاء يأخذ مجراه "
- " حسنا .. "
قالتها بكل ثقة فنظر إليها متعجبا بعض الشيء
- " هل هذا هو حقا ما تريدينه ؟ "
- " نعم .. "
- " لكن قد تخسرين القضية و اربح انا و بالتالي .. انت تعرفين .."
- " و قد اربح القضية ايضا "
خفت الحدة في صوته و اقترب منها اكثر حتى كاد يلمس وجنتها لكنه عدل عن ذلك عندما رآى اضطرابها و توتر عضلات وجهها فهمس قائلا حتى لا يسمعه تود الذي اقترب اكثر
- " سارا فكري جيدا و لا تعاندي .. كل ما اطلبه هو انت نتفاهم و نصل الى حلا بعيدا عن المحاكم و القضايا المعقدة .. لنحل الامور العالقة بيننا وديا .. حسنا اذا ترفضين دعوتي على العشاء دعينا نتقابل في مكان آخر .. المهم هو ان نتحدث .. اسمعي ما اريد قوله لك قد يغير من رأيك "
- " لا اريد ان اتقابل معك او اتفاهم على الاطفال و كانهم سلعة .. فلقد احدثت يا جيمس من ضرر ما يكفي .. ارجوك عد من حيث اتيت "
كلامها الجارح جعله يشتاظ غضبا فاحمر وجهه و قال بحدة
- " هل هذا آخر ما لديك قوله ؟ "
رفعت رأسها و قالت بكبرياء و ثقة
- " نعم "
حدق فيها مطولا و هو متعجب كيف يتحول العصفور البريء إلى نسر جارح .. فقال بهدوء
- " حسنا اذا وكلي محامي عنك .. "
- " سافعل لا تقلق "
- " لكني لن اتوقف عن القدوم إلى هنا لرؤية فيكي و فيكتوريا حتى يصدر الحكم "
ارادت ان تعترض لكنه اردف قائلا
- " لن اخبرهما بمن اكون فلا تقلقي .."
أنبها ضميرها و ارادت ان تضمه و تبكي على صدره لكنها استفاقت من غيبوبتها القصيرة .. اجابته بإيماءة من رأسها .. وقفا يتبادلان نظرات العتاب حتى قاطعهما صوت تود
- " سارا .. هل كل شيء على ما يرام ؟ "
كان ينظر إليها بقلق و هي محمرة بسبب الخجل و العصبية
- " نعم يا تود انا بخير "
حدج جيمس بنظرة حادة .. فاستدار جيمس و اتجه ناحية و هو يشعر بالغضب و الغيرة و قال معلنا
- " سأمر بعد غد "
انطلق بسيارته فالتفتت تنظر إلى تود و قالت له بلا نفس
- " تود .. اعذرني لقد تاخرت عن العمل .. يجب ان اذهب "
- " حسنا .. لكن ..سنتحدث لحقا "
- " نعم .. "
دخلت و أغلقت الباب خلفها استندت عليه و أحست بان هناك من يراقبها فتحت عينيها لتجد فيكي و فيكتوريا يحدقان فيها
- " ماذا ؟ لم تحدقان بي بتلك الطريقة الغريبة ؟ "
جلست على المقعد فاقترب منها فيكي و قال معاتبا إياها
- " امي لم تركت جيمس يذهب ؟ "
- " لديه أعمال و قال بأنه سيمر بعد غد "
قهقت فيكتوريا و سألت والدتها تحاول ان تستكشف منها عن هذا المدعو جيمس و من يكون
- " اذن اسمه جيمس .. اني اتسائل لم ياتي في اليوم التالي ؟ و اذا كان رجلا غريبا لم وقفت معه بالخارج تتحدثان مطولا ؟ "
أجابتها سارا بانزعاج
- " يا إلهي يا فيكتوريا كفي عن التحقيق .. لقد أتى لان أخوك الصغير نسي دراجته في دولاب سيارته .. كما إنه ليس رجلا غريبا ..."
ارادت أن تفضح الامر لكنها اردفت قائلة
- " لقد عمل معي من قبل في اللجنة .. "
لم تشعر برغبة للذهاب اليوم إلى العمل .. تحتاج للحظة انفراد بنفسها .. استقامت واقفة و صعدت حجرتها .. عندها اقتربت فيكتوريا من أخيها و سألته
- " كيف تعرفت على ذلك الرجل و كيف أحضرته إلى هنا ؟"
- " ما بك يا فيكتوريا لقد قالت لك والدتي كفي عن التحقيق "
خفضت من صوتها و شدت قبضتها على يده
- " اسمع لقد رأيت هذا الرجل من قبل ان وجهه ليس غريب اريد ان اعرف ان قابلته "
- " قالت لك بانه عمل معها من قبل ..ربما قابلتيه في مكان عمل امي.. "
- " لا.. لا اعتقد ذلك إنه مألوف .. ما اسمه الاخير ؟ "
- " لا اعرف .. انا رايته في الفندق و قدمت له عصير .. ثم قابلته على الطريق حيث توقفت سيارته لانه قاد من واشنتون إلى هنا ..."
قاطعته و قالت و كأنها أحست بشيء
- " واشنتون ؟!!"
- " نعم ..و ساعدته انا و تشاد في تغير العجلات و بعد ذلك سألني اذا كنت أعرف سارا مولر فأجبته بأنها والدتي فأحضرته إلى هنا و بدت ماما تعرفه .. طلب منها أن يستحم و يغتسل و يتناول العشاء معها .. تضايقت في باديء الامر لكنها وافقت كونه ضيفا"
- " و ماذا ايضا أكمل .."
- " و على العشاء بدت عصببية أكثر حتى إنها اسقطت زجاجة الشراب فحاول جيمس مساعدتها فجرح أصبعه فعاتبته .. أتصدقين بأن جيمس سيأخذني إلى مباراة النيكس في عطلة الاسبوع ؟ "
- " يا لك من غبي .. أكمل و بعد ذلك أخبرني عن النيكس هذا اذا وجد تذاكر "
- " قال بانه سيتدبر الامر و اخبر والدتي اذا ارادت ان تاتي معنا و انت كذلك لكنها رفضت بسرعة "
بدت متشوقة لان تعرف المزيد عن هذا الضيف المألوف الوجه
- " و ماذا ايضا ؟ "
لكنه تعب من الحديث الذي لا يأتي بنتيجة فوقف منسحبا
- " لا شيء .. تحدثنا انا و هو قليلا عن النيكس و اخبرني بأنه لعب كرة القدم فيما مضى عندما كان صبي صغير ... هيا اريد ان ذهب إلى اصدقائي "
تركته يذهب و حاولت أن تربط أفكارها اسمه جيمس و قد أتى من واشنتون و والدتي بدت متضايقة و متوترة و منزعجة من وجوده و اليوم تحدثت معه طويلا في الخارج .. من يكون يا ترى .. و لم ترفض ان تخبرني و تحاول التهرب من الاجابة .. من يكون . من يكون ..
رن جرس الباب قاطعا عليها أفكارها .. فتحته لتستقبل صديقتها
- " أهلا كلير تفضلي .. "
- " ماذا تفعلين ؟ "
- " لا شيء .. "
- " اذن لنذهب إلى السوق "
- " حسنا انتظريني في حجرتي قليلا ريثما اخبر والدتي "
صعدت معها الطابق العلوي .. طرقت باب حجرة والدتها و حاولت فتحه لكنها وجدته مقفلا استغربت فسارا لا تقفل الباب الا نادرا .. طرقته مجدا و نادت
- " امي ؟!!"
اتى صوتها مخنوقا و من بعيد
- " ماذا تريدين؟ "
زاد قلقها عندما سمعت صوت والدتها مخنوقا
- " هل انت بخير ؟!"
- " نعم .."
- " اذا لم تقفلين الباب ؟"
اجباتها سارا بانزعاج
- " ماذا تريدين الان يا فيكتوريا ؟ "
- اريد ان استأذنك للذهاب مع كلير إلى السوق و قد اتأخر قليلا "
- " اذهبي .."
يا الهي لقد رضيت بسهولة مع ان وقت الغداء اقترب كما انها لم تلقي باوامرها و تعليماتها..
- " الا تريدين قول شيء آخر ؟ "
- " لا .."
تركتها و دخلت حجرتها فسألتها كلير :
- " ماذا ألم ترضى ؟ "
- بلى .."
- " اذا ما بك انت ؟ "
- " اني مستغربة من تصرفاتها بالامس و اليوم .. اتصدقين بانها جعلتني اذهب مع براد للعشاء و كنت قد اتيت لتوي .."
- " و ما الغريب في ذلك ؟ "
- " إنها لا تحبذ فكرة خروجي على العشاء و لدينا ضيف .. هذا الضيف الغريب الذي تتهرب من سؤالي عنه و لم تدعني اتعرف عليه .. لقد قابلته اليوم صدفة و بدا مألوفا جدا اريد أن اعرف من يكون .."
كانت تبدل ثيابها و هي تتكلم فقالت لها كلير معلقة
- " من الافضل لك ان تكون والدتك تتصرف بغرابة فأنت المستفيد تستطيعين فعل ما تشائين .."
- " لكنني أشعر بالفضول فهذا الرجل الغريب قابلته من قبل و اريد ان اتذكر أين .. ان اسمه جيمس و قد اتى من واشنتون .. و ......"
تصلبت في مكانها اقتربت منها كلير و حدقت فيها ثم قهقهت ..
- " مابك ؟ فجأة توقفت عن الكلام ؟ "
لم تعلق فيكتوريا بل كانت واقفة و متصلبة في مكانها تنظر إلى نفسها في المرآة .. حاولت ان تنظر كلير أيضا لكن الامر بدا مضحكا ..
- " لم تقفين هكذا .. فيكتوريا هل هذا مقلب من مقالبك التافهة ؟ "
رفعت يدها لتغطي فمها و تكبح صرختها اقتربت أكثر من المرآة و جذبت صورة .. نظرت كلير الى فيكتوريا التي تحمل صورة رجل يحمل طفلة صغيرة .. تذكرت بأنها استقظت من النوم فوجدتها فوق رأسها و هي نائمة .. انه نفس الرجل الذي رأت صورته ببذلته الرسمية ...
- " فيكتوريا ؟ "
قالت فيكتوريا بصوت مخنوق و غير مسموع
- " انه هو .. "
- " من ؟! "
- " انه والدي ..."
- " اعرف بان هذه صورة والدك ...... لا "
و أخيرا استوعبت كلير الامر .. انه شيء مفزع بالفعل
- " يا الهي انه والدي .. ذلك الضيف الغريب والدي .. نعم .. والدي .. كيف لم أعرف منذ باديء الامر .. كل الاشياء كانت واضحة .. اسمه جيمس و يعيش في واشنتون و والدتي منزعجة من وجوده .. "
- " فيكتوريا اهدئي .. اعرف ان الامر مفزع لكن هل ستخبرين والدتك بأنك عرفت بشأنه ؟"
- " نعم لكن ليس قبل ان اعرف سبب تصرفاتها الغريبة و لم ترفض ان اقابله؟"
- " اسأليها ؟! "
- " انها منزعجة و لن ترضى التحدث معي .. سأتنتاقش معها لاحقا .. "
- " حسنا اذا هيا لنذهب "
اتصلت سارا على محامي العائلة السيد انتوني جاد و أخبرته إنها تود مقابلته في أقرب فرصة فحدد لها موعد غدا صباحا ..
و بينما هي خارجة لتقابل السيد انتوني تفاجأت بتود واقفا في الحديقة يبتسم لها فاتحا ذراعيه لها اسرعت بإلقاء نفسها بين ذراعية و احتضنته
- " أين أنت يا تود ؟ "
- " هنا .. واقف في حديقتك "
رفعت رأسها و ابتسمت له
- " أعني لم أرك منذ يومين تقريبا "
- " و الان افتقدتيني "
- " بالحقيقة نعم .. آسفة لقد انشغلت .. انت لا تعرف ما الذي حدث "
كان بصوتها شيء يدعو إلى الشك و القلق
- " ماذا تعنين ؟ هل آتى جيمس مرة أخرى ؟!"
و قبل أن تتكلم رأت رجلا يرتدي بذلة رسمية يقترب منهما سائلا اياها
- " هل أنت السيدة مولر ؟ "
- " نعم أنا هي ..كيف أخدمك ؟ "
- " تفضلي "
ناولها مغلف أبيض ثم ترك المكان و غادر .. بادلت تود النظرات قبل أن تفتحه . أخرجت منه ورقتين و قرأت محتواهما بسرعة ثم اطلقت شتيمة ..
- " ماذا الذي في الورقة يا سارا ؟ "
بدت عصبية جدا فأطلقت شتيمة أخرى و تمتمت
- " لم أعتقد بانه سيفعلها بتلك السرعة يا له من ...."
- " سارا .. "
- " آه تود أسفة .."
- " ما بك ؟ ما الذي في الورقة ؟ "
- " انها الاشياء التي شغلتني في اليومين .."
- " انني لا افهمك "
- " آسفة يا تود سنتحدث لاحقا يجب أن اذهب الان لدي موعد مع المحامي السيد انتوني جاد "
دهش منها فسارا لم توكل محامي قط في حياتها من قبل و الان يبدو الامر خطيرا و متعلقا ب ..
- " إنه زوجك السابق جيمس أليس كذلك؟؟! "
أومأت و رفعت المغلف
- " إنه أمر من المحكمة بجلسة ستنعقد غدا .. أنا لست مستعدة .. آه كم اكرهه "
ضمها إليه و قال مطمئنا إياها
- " اهدئي .. الحق معك أنت لا تقلقي .. و إن اردت شيئا يا سارا فستعرفين أين تجيديني"
- " أشكرك يا تود أنت صديق رائع .. آسفة لاني لم انتبه لغيابك و انشغلت عنك "
- " لا تقلقي أنا بنفسي لم أكن بالمدينة "
- " حقا ؟! "
أومأ و هو يبتسم فسألته
- " اذا اين كنت ؟ "
- " سارا اذهبي الان و اذا سنحت لك الفرصة اليوم سنتناول العشاء معا "
- " حسنا يناسبني ذلك .. "
- " اراك اذا لاحقا .. الى اللقاء .. تفائلي يا سارا "
بعد ساعة كانت في مكتب السيد انتوني و هو محامي العائلة منذ سنوات عمل مع والدها في العديد من القضايا و بعد ذلك استقل في مكتب خاص له و بالنسبة لها هو كوالدها الثاني فهو رجل محترم و صديق وفي للجنرال ادوارد مولر .. و هو الذي عمل على إجراءات طلاقها من جيمس قبل عشر سنوات .. و الان هي في مكتبه حتى توكله محاميا على القضية الجديدة التي رفعها جيمس بحضوره المفاجيء و مطالبته ابناءه .. اخبرته سارا بكل القصة من البداية حتى نهاية طلاقهما و مغادرتها من المنزل ..
- " اسمعي يا سارا قد لا يعجبك كلامي لكنني الان محاميك و لست صديق والدك .."
- " تكلم يا سيدي انني اصغي "
- " حسنا .. الحق معك في انك تركته منذ سنوات و غادرتي لانه كما قلت كان سكيرا و ضربك اكثر من مرة و لم يعيل أسرته .. لكن الان عاد بعد عشرة سنوات و له جزء من حقه كوالدهم .. خاصة بانه لم يعد سكيرا و استعاد كل ممتلكاته التي خسرها أي يستطيع ان ينفق على الاطفال "
- " اتعني بانه قد ياخذهم مني و يكسب القضية ؟! "
- " لا .. لكن قد يصدر حكم بانه يستطيع رؤيتهم متى يشاء او من خلال مواعيد محددة بينكما "
وضعت يدها على رأسها و ظلت تشتم و تلعن جيمس الذي قلب حياتها رأسا على عقب مرة أخرى .. وقفت و صافحت السيد انتوتي
- " شكرا لك .. "
- " على الرحب و السعة يا ابنتي .. اراك غدا في المحكمة .. تشجعي و لا تنهاري فكل مشكلة و لها حل "
- " المشكلة يا سيدي بان فيكتوريا و فيكي لا يعرفان والدهما بعد "
- " لا تقلقي .. كل شيء سيسير على ما يرام "
- " اتمنى ذلك "
غادرت مكتب المحامي و اتجهت إلى مكان عملها في الجامعة .. لم يكن لها نفس في إلقاء محاضرة اليوم لكنها في الاونة الاخيرة كانت مهملة إياها فقررت اليوم ان تبعد مشكالها عن العمل .. ألقت محاضرتها كاملة و على أحسن وجه ثم غادرت القاعة و المبنى بأكمله ..
بعد ذلك دخلت مكتب كلوديا و ألقت بنفسها على الكنبة ..
- " أهلا بالغائبة "
- " آه كلوديا أريد فنجان قهوة فرأسي سينفجر "
- " أنت تأمرين "
اتصلت كلوديا على العامل و طلبت منه فنجاني قهوة و عندما أغلقت السماعة نظرت إلى سارا
- " ما بك ؟ لا تبدين بصحتك .. هل رجعت ألام العملية ؟"
- " لا .. لقد نسيت ألام العملية بألام أخرى "
- " جيمس ؟! "
اومأت برأسها ثم أضافت
- " أتذكرين ذلك الرجل في يوم التبرع بالدم الذي كاد أن يفقد الوعي ؟"
ضحكت كلوديا فلقد تذكرته جيدا
- " نعم الرجل الذي بدا معجبا بك كثيرا .. ما به ذلك المجنون ؟ "
لم تعلق سارا بل نظرت إلى كلوديا مطولا فشهقت الاخرى و قد فهمت النظرات
- " لا .. هل .. لا يمكن ؟"
- " نعم لقد فاجأني ذلك اليوم و الان يريد أبنائه مني تصوري يا كلوديا بعد عشرة سنوات لم يسأل عنهما و اتى اليوم ليطالبني فيهما .. و الان رفع قضية بالمحكمة "
- " يا له من وقح .. "
دخل العامل بالقهوة و ضعها أمامهما ثم غادر .. اخذت سارا و رشفت من فنجانها ثم أضافت
- " و الجلسة بعد غد .. إنه يحاول بكل الطرق الملتوية أن يكسب ابنائه بالاخص فيكي .. فيأخذه إلى مباراة النيكس و من ثم ياتي إلى المنزل أكثر من مرة و يتحدث مع فيكي...لكني لم ادع فيكتوريا تقابله بعد فهي ستتعرف عليه حتما كانت في السادسة عندما غادرناه.. لكنه استطاع ان يجعل فيكي يتعلق به بيوم واحد فقط .. اتصدقين؟"
- " الابن سر ابيه "
- " ماذا افعل ؟ "
- " لا اعرف حقيقة ماذا اقول لك؟ .. غير ان تتحلي بالصبر و الشجاعة .. ألم تتفاهما بعيدا عن المحاكم ؟ "
- " انا التي رفضت مع إنه حاول مرارا لكني لا اتصور نفسي اجلس معه على مائدة في مطعم راق بعد كل تلك السنوات ان الامر سيبدو غير طبيعيا و موترا و لن نستطيع ان نصل الى شيء فأنا مصرة على رأيي "
- " خاصة و انك تكنين له مشاعر الحب نفسها "
سكتت سارا فهي لا تستطيع ان تنكر انها فعلا لا تزال تحبه و ادركت بانها تعشقه بنفس الجنون خاصة بعد ان قابلته تلك الليلة و سمعت اسمه يرن بأذنيها .. و الان و هو اكثر واسمة و نضجا لا تستطيع ان تبعده خارج نطاق التفكير .. أضافت كلوديا مع ابتسامة ملتوية
- " نعم لقد اصبت .. اذا يا سارا اتركي هذا الكبرياء و اسمعي له .. لقد بدا تلك الليلة.."
انزعجت سارا فقاطعتها قبل ان تضيف
- " لا اصدق ماذا تقولين .. حتى و ان كنت احبه كما في السابق .. لكن الحب الان مرتبط بالحقد و الكراهية الامر معقد وليس بتلك السهولة ان ادخله حياتي من جديد ..لقد كلفني طرده منها عشرة سنوات عشرة سنوات يا كلوديا "
- " اعرف اعرف ذلك .. أسفة "
- " لا عليك .. "
أنهت قهوتها و تركتها على الطاولة امامها ثم استقامت واقفة ..
- " إلى اين يا سارا ؟ ارجوك لا تتضايقي مني "
- " لا لست متضايقة منك بل من نفسي و من المشاكل التي تعترض طريقي .. لا عليك انا لا اتضايق منك ابدا "
- " جيد .. اذا هيا انهي مشاكلك بسرعة و عودي كما السابق .. فالاعمال تنتظرك "
ابتسمت سارا قبل أن تغادر قالت
- " و انا انتظرها ايضا .. شكرا لك يا كلوديا لانك مستمعة جيدة فأنا لا اعرف ماذا كنت لافعل من غيرك انت و تود !!"
- " تود !!"
- " نعم لقد اخبرته بأني لن أكمل علاقتي معه إلا كصديقين و جارين .. و لقد وافقني "
- " اخبار كثيرة تلقيتها اليوم منك .. استمتعي بحياتك المعقدة "
ضحكت سارا فكلوديا تعرف كيف ترسم الابتسامة على شفتيها مهما كانت الظروف ..
دعت سارا تود على العشاء و على المائدة جلسوا منتظرين فيكتوريا التي لم تعد بعد .. بدت سارا قلقة جدا فأخبرت فيكي أن يتصل بها .. عاد قائلا بانها لن تاتي على العشاء بل ستبقى في منزل صديقتها كلير لان والدا كلير دعوها للعشاء معهم ... لم تتكلم سارا عن جيمي على العشاء لوجود ابنه الصغير معهما فتحدثت مع تود عن العمل و انها مرت على كلوديا و اخبرتها بالمستجدات و ما إلى ذلك من الامور .. و بعد الوجبة الخفيفة استأذنت تود حتى تصعد مع ابنها إلى حجرته و تتأكد من انه نام و بعد ذلك نزلت و قد خففت من الاضواء حتى ترتاح اعصابها قليلا .. كان تود ينتظرها و قد حضر لها كأس مارتيني .. فلم تستطع ان تكبح قهقه صغيرة .. تناولت الكأس منه و جلست على الكنبة بالقرب منه ..
- " شكرا "
- " بكل سرور .. ماذا ؟ اتريدين التحدث عنه ام تفضلين السكوت ؟ "
- " لا لنتحدث عنك "
- " ماذا تريدين ان تعرفي ؟ "
- " أين ذهبت باليومين السابقين ؟ و لم لم تخبرني بانك مغادر؟؟ حتى انك لم تكلف نفسك بالاتصال بي ؟ "
- " حسنا معك حق في ذلك انا آسف لكن طرأ علي بعض الاعمال خارج المدينة لذلك لم يتسنى لي الوقت لاودعك .. "
- " إنك تجيد اختصار قصتك بموجز .."
ضحك فدنا منها أكثر حتى وضع راسها على صدره
- " إنك متشنجة الاعصاب جدا ... اهدئي .."
- " كل ما يقلقني يا تود هو كيف سيتقبل الاطفال فكرة عودة والدهما .. بالاخص فيكتوريا .. انني احاول ان ابعدها قدر الامكان عنه لكنها هي من فتح له الباب و الحمدلله لانها لم تتعرف عليه .. "
- " سارا لن نتحدث عنه أليس كذلك ؟ "
- " نعم هذا صحيح.. يفيدني عدم التحدث عنه فلقد تعبت من لفظ اسمه حتى "
- سأذهب معك للجلسة و كما قلت لك بان الامور ستسير على ما يرام"
- " اشكرك يا تود لوقوفك بجانبي .. لقد اخبرت كلوديا اليوم بأني لا اعرف ماذا كنت لافعل من دونكما "
- " لا داعي لشكري يا سارا فوجودي بقربك يسعدني "
و دون ان تشعر بالوقت نامت على صدر تود .. فأخذ الكأس من يدها و حملها إلى غرفتها وضعها على الفراش و لحفها بالغطاء جيدا ..ثم نزل الدرج .. بتلك اللحظة دخلت فيكتوريا
- " مرحبا فيكتوريا "
- " تود .. اهلا .. لقد ارعبتني فالمنزل مظلما و هادئا .. أين امي ؟ "
- " لقد نامت للتو "
تنهدت فيكتوريا ارتياحا فهي لا تنوي ان تقابل والدتها اليوم خاصة و انها غاضبة من تصرفاتها و عدم أخبارها عن والدها الذي ظهر فجأة ..
- " هل انت بخير يا فيكتوريا ؟ "
- " نعم .. شكرا لسؤالك ؟ "
- " اذا لم لا تريد ان تقابلي والدتك اليوم ؟ "
نظرت إليه باستغراب .. كيف كشفها ؟!!
- " و من قال ذلك ؟"
- " لا احد .. انا شعرت بذلك ؟ هل تريدين التحدث ؟ "
- " لا .."
- " أنا اعرف كل شيء يا فيكتوريا ..والدتك لا تخبيء عني شيئا "
- " ماذا تعني ؟ و ماذا قالت لك والدتي ؟"
جلس على الكنبة و اشار لها بالجلوس ايضا لكنها بقيت واقفة
- " انا اعلم بأنك تعرفين بأمر جيمس ؟ "
- " ضيف والدتي ؟ "
- "اذا هو ضيف ؟! "
- " هذا ما قالته لي "
- " يبدو انك لا تصدقينها !!"
- " الى ماذا تلمح يا تود ؟ "
- " دعينا نتحدث يا فيكتوريا بصراحة ..فوالدتك متعبة كثيرا منذ اسبوع .. يبدو انها لا تريد اخبارك بأمره لكنها ستفعل يوما ما عندما تكون مستعدة .. لكن بما انك عرفت بأمره سأكون سعيدا بان اوضح لك الامور و اخفف العناء عن سارا "
اقتربت منه و جلست امامه على الكنبة
- " لقد شعرت بان ذلك الرجل مألوف و حاولت ان اتذكر اين رأيته من قبل .. و صدفة رأيت صورة له كنت اضعها على المرآة و عرفت بان ذلك الضيف هو والدي و من بعدها لم أشأ ان اقابل والدتي و اتحدث معها عن سبب محاولتها ابعادي عنه و متى اتى ؟ و ماذا يريد ؟ لذلك لست مستعدة لان اقابل والدتي فأنا اخشى امور لا اعرف اسبابها "
- " اذا دعيني اخبرك بأن والدك اتى لانه يريدكما و والدتك تحاول ابعادك عنه حتى لا تتعقد الامور اكثر انها تحاول ان تحميكما بطريقتها الخاصة "
- " لكن لم الان ؟ لم لم ياتي قبل سنوات ؟ "
- " هذا سؤال يجب ان يجيبه هو بنفسه "
لم تعلق فيكتوريا فأردف قائلا
- " ارجوك لا تضغطي على والدتك .. اخبريها بأنك تعرفين بان ذلك الرجل هو والدك و إنك تقفين مع كل قرارتها انها تريد ابنتها ان تكون ناضجة و متفهمة .."
- " سأفعل .. شكرا لك تود .. إن والدتي محظوظة بان يكون لها صديق مثلك "
ابتسم لها و هو يستقيم واقفا حتى يغادر
- " عمتي مساءا يا فيكتوريا "
- " و انت كذلك "
دخلت فيكتوريا حجرة والدتها فوجدتها نائمة بسلام .. فانسدت معها تحت الاغطية و وضعت رأسها على صدرها و همست
- " احبك ماما "
اغمضت عينيها و غطت بسبات عميق ..

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:50 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-12-

اتى اليوم الذي تنعقد فيه جلسة المحكمة .. ذهبت سارا مع تود و هناك قابلت السيد انتوني جاد المحامي الذي وكلته .. اقترب منها و قال مبتسما حتى يبث فيها الروح خاصة انها لمحت جيمس و هو يدخل القاعة دون أن يرفع بصره إليها الامر الذي ازعجها ..
- " هل انت جاهزة ؟"
- " نعم اعتقد ذلك "
جرها تود من يدها بهدوء عندما رآها تنزعج من جيمس الذي مر عليهم دون أن يزعج نفسه بالنظر ناحيتها أو إلقاء التحية على سارا التي انزعجت منه كثيرا
- " هلا دخلنا ؟ "
اومات برأسها و تبعته داخلة .. هنا انتبه جيمس لدخولها فرفع رأسه لينظر إليها تسير و قد شبكت يدها بذراع تود الذي ازاح لها الكرسي حتى تجلس .. ثم جلس خلفها و همس بأذنها شيئا جعلها تبتسم .. آه كم هو مؤلم .. لقد اعتاد هو ان يجعلها تبتسم كلما كانت محبطة او منزعجة او حتى عندما تكون منهارة هو الوحيد الذي كان يعيدها إلى رشدها و يرسم الابتسامة على شفتيها و ليس أي ابتسامة كهذه التي تطغي عليها المجاملة بكل كانت تبتسم بصدق حتى انها تضحك حتى تدمع عيناها .. اشاح بنظره عندما رمقته بطرف عينيها .. آه كم الغيرة مؤلمة ..
- " ليقف الجميع "
صاح رجلا فدخل القاضي و جلس على منصته و أخذ يقرأ الاوراق التي امامه ثم رفع رأسه و خلع نظارته الصغيرة التي يضعها فوق انفه الصغير جدا .. و بدا القاضي رجلا عجوزا يناهز التسعين من عمره و كان وجهه مريحا جدا و حكيما ..
- " ما المشكلة بالله عليكما ؟ هلا اخبرتني يا سيد جاشوا"
وقف السيد جاشوا و هو محامي جيمس و ابتسم للقاضي ذو الوجه البشوش
- " مرحبا حضرة القاضي .. ان القضية و ما فيها كما قرأت بالمحضر هي ان موكلي السيد بروكس يريد ان يستعيد ابنائه .."
- " حسنا .. اخبرني يا سيد انتوتني .. ولم لا يستعيد السيد بروكس ابنائه ؟ "
وقف السيد انتونتي و القى تحيته على القاضي الغريب في طرح الاسألة
- " ببساطة يا حضرة القاضي .. موكلتي ترى بان ليس للسيد بروكس أي حق في ان يستعيد ابنائه لانه لم يفعل ذلك طوال العشرة سنوات "
رفع السيد جاشوا يده فسمح له القاضي بالتحدث
- " ان موكلي لا يريد ان يأخذ الابناء من والدتهم انه فقط يريد ان يقابلهم و يتعرف عليهم "
- " لكن موكلتي لا تريد ان يتشتت ابنائها في هذا الانفصال خاصة و انهما تربوا بعيدا عن والدهما و سيكون من الصعب عليهما تقبل الامر "
صرخ السيد جاشوا عاليا
- " سيتوجب عليهما تقبل الامر يا سيد انتونتي فهو والدهما "
علا صوت السيد انتوتني و قد احمر وجهه
- " و اين كان قبل عشرة سنوات ؟ "
- " كان يحاول ان يعيد نفسه إلى حياته الطبيعية "
- " ولم ؟! هل لانه كان سكيرا .؟؟!!"
- " اعترض يا حضرة القاضي "
ضرب القاضي على الطاولة و أعلن قائلا
- " ان هذه الجلسة لنستمع الى الاساسيات فقط و ليس للشجار .. ارى بأن كلاكما غير مستعد لهذه الجلسة لذلك سأؤجلها حتى نهاية الاسبوع القادم و حتى ذلك الحين ليس للسيد بروكس ان يقوم بأي خطوة قد تعرض الابناء للاظطراب و التوتر .. لذلك لن يسمح لك بمقابلتهما حتى نهاية الاسبوع القادم عندما تكونا مستعدان و لديكما ادلة افضل بدل الشجار الذي لا اقبله في هذه المحكمة .."
وقف جيمس ليعترض و قال بصوت عال
- " لكن يا حضرة القاضي ..."
- " انتهت الجلسة .. ليقف الجميع "
صاح الرجل فوقف الجميع و دخل القاضي .. قام تود من مكانه و اقترب من سارا
- " هل انت بخير ؟! "
- " نعم .."
- " اذا هيا لنذهب "
وقفت و مشت معه و لاشعوريا نظرت ناحية جيمس لتجده جالسا و يده على رأسه و كم بدا متضايقا و متألما .. فانكسر قلبها.. لكن هذا ما ارادته أليس كذلك ؟
عندما وصلا المنزل استأذنت تود للذهاب إلى الحمام .. فدخلت إلى حجرتها عوضا عن ذلك و أقفلت الباب حتى تنهمر دموعها على وجنتيها و هي تتذكر منظر جيمس المتألم .. سمعت طرقا على الباب و صوت تود يناديها
- " سارا .. هل انت بخير ؟ "
لم ترد عليه
- " سارا .. ساتركك يبدو بان تحتاجين وقتا .. اتمنى ان اراك في الغد "
سمعته ينزل الدرج و من ثم يفتح باب المنزل و يخرج .. هناك قابل فكتوريا و أخبرها بما حدث في الجلسة و من الافضل ان لا تفاتح والدتها بموضوع جيمس و تترك ذلك حتى اشعار آخر .. وافقته و شكرته لانه يحسن الاعتناء بوالدتها ..
شعرت سارا برغبة في الانفراد بنفسها و ذكرياتها فخرجت من حجرتها و صعدت الطابق العلوي و هناك اقفلت الباب على نفسها و بقيت وحدها مع ذكرياتها ,, أخرجت صندوق الصور و بدات تحمل صورة ثم أخرى و تتذكر كيف كان جيمس أبا رائعا لطفليهما .. فكان هناك صورة له و هو يطعم فيكتوريا و قد اتسخ بأكمله بالطعام لكنه مع ذلك كان سعيدا بما يقوم به .. و عندما يبكي فيكي في الليل يقوم هو بحمله و تهدئته بأن يغني له أغاني الهيب هوب و مع صوته العالي تسمع صوت ضحكات فيكي و بعد نوبات الضحك ينام بهناء .. و بعد ذلك يعود على فراشه و هو مرتاح و مبتهج لانه اتم مهمته على أحسن وجه .. فقد جعل ابنه الصغير يضحك ثم ينام و ترتاح سارا .. حتى عندما تدهورت حياتهما كان يأتي في وقت متأخر من الليل يطمأن على طفليه قبل ان يخلد للنوم ..و في الصباح عندما يستيقظ يلعب معهما بكل نشاط ناسيا بذلك وجع رأسه جراء الكحول التي يحتسيها و من ثم يخرج بحثا عن عمل ..
كيف لها ان تبعده عن أطفاله و هو الذي احبهما بصدق فهما كما يقول لها دائما أثمن هديتين أهدتهما له .. لكن الامر الذي يأذيها هو كيف ستتحمل رؤيته في كل مرة يأتي لان يقابل ابنائه اذا وافقت هي ؟؟! سيكون الامر أصعب عليها من ان يتقبل الاطفال وجود والدهما في حياتهما من جديد .. انها تخشى ان يكتشف حقيقة مشاعرها فتخسر بذلك كبريائها و قد يتعدى الامر لان يصيب والدها بسكتة قلبية اخرى او قد تتدهور صحته اكثر اذا علم بالامر ...
بقيت ساهرة طول الليل لذلك دخلت لايقاظ فيكتوريا للذهاب إلى المدرسة و من ثم ايقظت فيكي ثم نزلت المطبخ لتعد لهما الافطار فهي لم تقابلهما امس بسبب حالتها النفسية و لانها حبست نفسها في الطابق العلوي ..
- " صباح الخير "
- " اهلا يا حلوتي .. "
نظرت إليها فيكتوريا باستغراب .. فسارا ترتدي جيننزا و قميص تستخدمها لاعمال المنزل كما انها ألقت على كتفها شالا حاكته والدتها لها ..
- " ماذا ؟ ألن تذهبي للعمل اليوم ؟!"
- " لا اعتقد .. أشعر بالاعياء ؟ "
اومأت فيكتوريا و جلست على المائدة .. كانت ترى إلى والدتها و قد خست قليلا و أصبحت نحيلة و فجاة تذكرت
- " أمي لديك موعد للطبيب اليوم "
- " نعم سأذهب لم أنسى .. لكن شكرا لتذكيري "
- " على الرحب و السعة .. "
دخل فيكي و جلس على المائدة لكنه وقف مرة اخرى و طوق خصر سارا و قبل بطنها
- " اشتقت لك ماما فانا لم ارك بالامس .. "
ضحكت .. لم تكذب كلوديا عندما قالت الابن سر ابيه .. انه يتصرف مثله تماما و يجيد التلاعب بالمشاعر من خلال الكلمات المعسولة ..
جلست تتفطر معهما و حاولت ان تبعد شكوكهما لذلك كانت تمطرهما بالأسألة عن المدرسة و عما قاما به بالامس اين ذهبا و مع من ؟ و هل استمتعا ؟ ... و من تلك الاسألة .. حتى دخل براد و ألقى عليهم تحية
- " مرحبا سيدة مولر .. "
- " أهلا براد .. هل تناولت افطارك ؟ "
- " نعم .. شكرا لك "
نظر إلى فيكتوريا و قال
- " هل نذهب ؟ "
- " بالطبع "
ودعت والدتها و طبعت قبلة على رأسها ..
- " اعتني بنفسك يا امي .. و لا تقومي بأعمال تجهدك .. فلديك موعد طبيب"
ضحكت سارا و قبلت ابنتها بدورها
- " اذهبا .. هيا و الا .. ستتأخرا و انت كذلك يا فيكي هيا خذ دراجتك و اذهب "
- " حسنا .. إلى اللقاء يا امي "
خرجوا جميعهم فقامت بحمل الاطباق و غسلهما ... و بعد ان انتهت قررت أن تأخذ كتابا و تتصفحه في الشرفة .. كانت مندمجة بالكتاب و للحظة نست بأنها لم تنم بالامس بسبب جيمي و ذكرياتها ..
- " صباح الخير "
رفعت رأسها عن الكتاب الذي بين يديها و نظرت إلى ذلك الرجل الطويل الذي وقف أماها ليحجب الشمس عنها .. استقامت واقفة و قد شعرت بالبرد فجأة فلفت الشال أكثر على كتفها
- " جيمس ..!!ماذا تف..."
قاطعها و قد بدا منزعجا و عصبيا لكنه خبأ ذلك بهدوءه
- " اسمعي لست هنا لاقنعك بالجلوس و التحدث معي "
- " اذا ماذا تريد ؟ فالاطفال قد غادروا إلى المدرسة ؟ كما أن .."
قاطعها مرة أخرى
- " أعرف ذلك .. و اعرف بانك ستقولين بان القاضي منعني من مقابلتهما "
لم تنطق باي كلمة فهي تشعر بشيء مزعج و ضميرها يؤنبها خاصة بعد أن رات انكساره بالامس خفت عصبيه و بدت ملامحه أكثر لينا .. أدخل يده في معطفه و أخرج تذكرتين و مد يده لها
- " ما هذا يا جيمس ؟!"
رفع كتفيه و قال
- " تذكرتين لمباراة النيكس .. غدا "
- " و لم تعطيني إياهما ؟!"
- " حتى تأخذي فيكي إلى المباراة "
اعتصر قلبها و انزلت بصرها تنظر إلى التذاكر و تذكرت كيف كان فيكي سعيدا عندما عرف بأن جيمس سيتدبر أمر التذاكر التي نفذت في السوق ..
- " هيا خذيهما .."
ترددت قبل أن تأخذهما لكنها أخذتهما و قالت بضيق
- " شكرا "
أومأ برأسه ثم استدار حتى يغادر .. فتح باب سيارته الرينج روفر .. لكنها تبعته و نادت باسمه
- " جيمي ..."
التفتت برأسه فلقد اشتاق ان تناديه بجيمي ..فمنذ ان عاد و هي تناديه بجيمس .. نزلت من الشرفة و مشت تجاهه وقفت تنظر إليه و هو يخلع نظارته الشمسية التي حجبت عينيه الجميلتين .. خللت أصابعها في شعرها كما تفعل دائما عندما تتوتر او تخجل .. ثم مدت له بالتذاكر .. استغرب بل تضايق ..
- " لم ؟!"
- " لا استيطع ان اخذه إلى المباراة فلدي موعد غدا "
شعر بالغضب فقال غير منتبها لنفسه
- " مع ذلك المدعو تود ؟! "
فتحت عينيها باتساع مستغربة سؤاله.. لكنه صحح قائلا
- " آسف.. ليس لي الحق .. اعذريني "
أنزلت رأسها انه يغار ..فقالت
- " لا بأس .. "
ارجع نظارته إلى عينيه و اراد ان يدخل السيارة فقد تصرف بغباء عندما سألها عن موعدها و كما أنه غاضب لانه وعد فيكي بانه سيتدبر امر التذاكر .. لكنها وضعت يدها على الباب تمنعه
- " انتظر .."
- " ماذا الان يا سارا ؟"
- " لقد وعدت فيكي بانك ستتدبر امر التذاكر و بينما انا لا استطيع اخذه بإمكانك ان تأخذه انت بنفسك .."
رات ابتسامته ترتسم على شفتيه بالتدريج ثم ظهرت أسنانه
- " هل تعينين ما تقولينه فعلا يا سارا ؟ "
اومات و هي تبادله الابتسامة ..
- " شكرا لك سارا "
و لا شعوريا اقترب منها و حضنها بقوة حتى كاد يعصرها بذراعيه.. تصلبت في مكانها و كانها قطعة خشب .. استوعب ما فعله عندما شم رائحة شعرها فتحركت مشاعره .. تركها بسرعة مثلما ضمها بسرعة .. بلع ريقه و أنزل رأسه باحراج و قال بجدية
- " آسف .. سأذهب .. شكرا لك مرة أخرى "
كانت واقفة في مكانها كمن الذي رأى شبحا أمامه .. كيف التصق جسدها بجسده .. تاركا بذلك عطره في المكان باكمله .. هذا ما خشيته ..
ذهبت بعد الظهر إلى موعد الطبيب و أخبرها بأن حالتها تحسنت كثيرا و بانها شفيت تماما من جراحها و لها أن تمارس حياتها طبيعية طبعا دون إجهاد مفرط .. اجهشت في البكاء و هي تقود سيارتها .. و أخيرا شفيت من جراحها .. الذي أصيبت به بعد أن فقدت طفلها الثالث .. عندما غادرت جيمس كانت حاملا بشهرها الرابع .. و لم تكن تعلم بالامر .. إلا عندما ذهبت الى الطبيب الذي أخبرها بأن الطفل قد توفي داخل بطنها منذ شهرا تقريبا و كان يجب عليها أن تاتي قبل ذلك حتى لا تسمم .. كانت عملية إخراج الطفل منها صعبة و نزفت سارا كثيرا ..و بقيت في المنزل لايام لم تستطع فيها الحركة .. و مع السنوات أصيبت بتليف في بطانة الرحم .. فأجرت عملية لاستئصال جزء من الرحم .. كل ذلك بسببك يا جيمس.. عذبتني كثيرا حتى أفقدتني طفلي .. و الان لم أعد استطيع أن انجب ..
و دون أن تشعر بنفسها و هي تقود السيارة ..وصلت إلى اللجنة.. جيد .. مسحت دموعها و عدلت من مكياجها ..ستحاول أن تنسى همومها بالعمل فقد أخبرتها كلوديا بأن هناك أعمال تنتظرها لذلك قررت شغل نفسها عن التفكير في أزمتها الجديدة .. أخبرتها كلوديا بان سيقام حفل للمواهب و سيشارك فيه جميع الاعمار و من خلاله سنقوم بجمع التبرعات و كذلك سيكون ثمن التذكرة البسيط عائدا للأطفال المعاقين .. سعدت سارا لانها ستبدأ الاعمال من اليوم و عندما خرجت كلوديا من مكتب سارا بدات الاخرى بالاتصالات و قامت بحجز مسرح كبير و قررت بأن تقوم بعمل الدعوات و الاعلانات مع فيكتوريا فهي منذ فترة لم تقضي معها وقتا و ترى بأن من المناسب أن تتشارك معها بعمل الدعوات ..
كانت فيكتوريا تنتظر والدتها بالمنزل و ابتهجت عندما راتها تبستم و هي داخلة قبلتها و أخذت معطفها منها
- " يا إلهي إن الجو بارد في الخارج "
- " هذا صحيح .. أخبريني ماذا قال لك الطبيب؟ لكن بالاول دعيني أحضر لك قهوة ساخنة حتى تدفئك "
- " شكرا لك حلوتي .."
اتجهتا إلى المطبخ و بينما تقوم فيكتوريا باعداد القهوة تكلمت سارا
- " لقد أخبرني بأني شفيت تماما من الجراح و سأتوقف عن أخذ الدواء لكن آخذ مسكنا كلما آتاني الالم "
- " خبر رائع "
- " و لدي خبر آخر "
سكبت لها القهوة في كوب و ناولتها إياها .. رشفت منها سارا ثم أردفت
- " شكرا لك إنها لذيذة"
- " على الرحب و السعة .. الان أخبريني ما هو هذا الخبر ؟!"
- " أخبرتني كلوديا اليوم عن حفل للمواهب سنعمل عليه و هو لجمع التبرعات للمعاقين هذه المرة و سيشارك فيه الجميع صغار و كبار ومعاقين .. الكل "
- " يبدو شيء مشيقا و ممتعا "
- " نعم . و سنقوم أنا و أنت بإعداد الدعوات و الاعلانات "
ابتسمت فيكتوريا و صفقت بمرح
- " رائع .. و متى سنبدأ ؟"
- " لقد حجزت مسرح في ليلة العيد .. سيبدأ باكرا حتى يتسنى للعائلات الاحتفال بالعيد مع بعضهم "
- " آه صحيح و متى سنقوم بتزين الشجرة ؟! "
- " غدا انا و انت و فيكي "
ابتهجت فيكتوريا فلقد عادت والدتها إلى طبيعتها و نشاطها الذي بدأ يخف شيئا فشيئا مع سخونة القهوة..تذكرت بانها لم تنم منذ الامس و سينفعها الان كثيرا أخذ حمام ساخن و الاندساس تحت الاغطية حتى تنام بعمق خاصة بعد ان ارتاح ضميرها ..
- " حسنا يا حلوتي سأخلد للنوم فأنا متعبة .. لا تنتظريني على العشاء .. أين فيكي ؟! "
- " ذهب مع تشاد في الدراجة و قال بأنه سياتي قبل العشاء "
- " حسنا جيد .. لا تدعيه يخرج بعد العشاء و ساعديه في عمل فروضه "
- " سأفعل .. عمتي مساءا "
صعدت حجرتها و حضرت لها حماما ساخنا غطست فيه بدنها المتعب أغمضت عينيها لثواني و فجأة أحست بشخص يضغط على جسدها و له رائحة رجولية حاولت التدقيق في ملامحه لتجد جيمي يبتسم لها و قد تسطرت أسنانه و لمعت عيناه و كان يكرر كلمته
- " شكرا لك سارا ... سارا ..انا احبك .. "
فتحت عينيها بهلع فلقد أحست بدفئه و كأنه الان معها .. قررت أن تخرج من الحوض و تنام فلقد بدأت تهلوس و هي تتخيل وجوده ..
دخلت فراشها و ما إن وضعت رأسها على الوسادة حتى غطت بسبات عميق و لم تستفيق إلا بالصباح الباكر جدا .. فتحت عينيها و مشت بأطراف أصابعها حتى تفتح النوافذ فيدخل الهواء البارد لينعشها .. لا تعرف لم تشعر هذا اليوم بسعادة غامرة ؟!
أخذت فستان زهري فاتح و قصير يتناسب مع روحها السعيدة اليوم و قررت أن تسدل شعرها و ترفع جزء منه بمشبك .. رسمت الكحل الاسود في عينيها ليبرز لونهما الاخضر الفاتح ثم لونت شفتيها باللون الزهري الغامق .. نظرت إلى نفسها بالمرآة للمرة الاخيرة ثم قالت لصورتها المنعكسة
- " لم أنت سعيدة و مرحة هذا الصباح ؟! "
نزلت المطبخ و فتحت البراد حتى تبدأ بإعداد الفطور لطفليها لكنها تذكرت بان اليوم عطلة .. قهقهت و قالت لنفسها
- " أها .. هذا هو سبب شعوري بالتأكيد .."
تركت ما بيدها و قررت أن يخرجوا جميعا لتناول الفطور ..
سمعت صوت رنين الهاتف فأسرعت بالتقاطه لتسمع صوت والدتها بالجهة الاخرى
- " سارا عزيزتي كيف حالك ؟ "
- " أنا بخير .. ماذا عنك و والدي ؟ "
- " نحن بخير و متلهفين لرؤية الاطفال.. نحن بانتظاركم ؟ "
- " آه ..امي .. لن ناتي "
- " و لم ؟! سيتضايق والدك كثيرا اذا لم تقضي العيد معنا "
- " اني اعمل على حفلة ستقام في ليلة العيد .. ما رأيك أن تاتوا انتم و تحضروا الحفلة"
- " نعم من الجيد أن نغير قليلا .. سأخبر ادوارد بذلك .. "
- " جيد و أخبريه أن يفكر بشيء يشارك فيه بالحفل "
ضحكتا معا فمن يتخيل الجنرال ادوارد مولر يغني على المسرح ؟!!
ودعت والدتها .. ثم خرجت إلى الحديقة و قامت بري الزهور ريثما يستيقظ فيكي و فيكتوريا .. رات تود يركض بملابسه الرياضية فرفعت يدها تحييه .. بادلها التحية و اقترب منها .. كان يلهث و متعرق
- " ماذا تفعلين في هذا الصباح الباكر لم انت مستيقظة و متأنقة؟ "
- " لقد نمت باكرا بالامس .. "
- " آه جيد "
- " لم اعرف بأنك تركض في الصباح "
- "نعم هذا صحيح أنا لا اركض عادة.. لكن بما أن وزني زاد قليلا قررت أن أركض في الصباح في هذا الجو البارد المنعش .. "
- " أوافقك الرأي"
- " هل من مستجدات ؟"
أنزلت رأسها و تذكرت جيمي عندما عبطها بقوة .. أومأت برأسها
- " نعم .. لقد سمحت لجيمي بأن يأخذ فيكي غدا إلى المباراة "
- " ماذا ؟!!"
بدا منصدما فلقد كان موجودا عندما أعلن القاضي حكمه المؤقت
- " نعم .. لقد رأيته بالامس منكسرا و ضايقني ذلك كثيرا .. كما انك لم تر وجه فيكي عندما أخبره جيمس بانه سيتدبر أمر التذاكر التي يصعب الحصول عليها .."
هز رأسه متفهما فلقد فعلت الصواب ..
- " لقد فعلت الصواب يا سارا .. اذا ستستمحين له بان يقابل فيكي و فيكتوريا و تلغين بذلك القضية ؟!"
- " لا أعرف .. لست متأكدة .. "
- " سارا فكري جيدا .. له و لأبنائك الحق في أن يتعرفوا على والدهم "
انزعجت قليلا عندما طرات في راسها فكرة رؤية جيمي في كل وقت أمامها و هي التي تكن له المشاعر نفسها بل انها زادت مع السنون .. و لا تعرف كيف ستقاوم مشاعرها ..
- " لا اعرف لا اعرف .. سأفكر "
- " حسنا اهدئي "
هدأت لانها لا تنوي أن تعكر مزاجها في هذا الصباح .. ابتسمت له فبادلها الابتسامة
- " آه كنت ساخبرك بشيء.."
- " ما هو ؟"
- " لن أكون هنا في العيد "
- " لا يا تود .. "
- " لقد اتصلت والدتي و أخبرتني بان العائلة ستحتفل بالعيد خارج البلاد و ساغادر بالاسبوع القادم "
- " للاسف يا تود .. كنت اتمنى أن تكون هنا و تحضر الحفل ثم تتناول معنا وجبة العيد التي تعدها والدتي"
- - " اذا لن تكونوا وحدكم هذا العيد ؟"
- " لا سيأتي والدي و والدتي و لا اعرف ان كان سياتي ستيف و زوجته"
- " جيد ستستمعين كثيرا معهما .."
- " بكل تأكيد لكن سيكون الامر افضل لو تكون معنا "
- " في المرة القادمة .. حسنا يجب ان اذهب .. اراك لاحقا "
- " إلى اللقاء "
ركض بعيدا فقررت ان تدخل لايقاظهما و الذهاب لتناول الفطائر المحلاة التي يحبها فيكي ..
و بعد ساعتين كانوا يتناولون الفطائر اللذيذة مع القطر كانت سارا و فيكتوريا يتناقشان عن الحفل و الدعوات
- " ماذا سيكون الشعار ؟ "
- " لا اعرف لم أقرر بعد "
- " و متى ستقومين بطبع الدعوات ؟ "
- " عندما ننتهي منهم .. يجب ان نعمل على انهاءهم اليوم .. حتى يتسنى لي اراسلهم إلى المدارس و الجهات الاخرى التي قد تشارك في هذا الحفل "
- " لديك اسبوع "
- " نعم بالكاد يكفي .. فهناك تجهيز ديكورات المسرح و حتى يتسنى للمشاركين ان يبعثوا طلب المشاركة و بالتالي تريتب الفقرات .. و من تلك الامور "
- " اه صحيح بالكاد يكفي "
كان فيكي ساكتا طوال الوقت مستمتعا بالفطائر اللذيذة .. فجأة تذكر شيئا ففتح فاه و نطق
- " ألم يتصل جيمس ؟ "
انتبهت سارا لاسم جيمس فالتفتت على فيكي
- " لا لم يتصل .."
اوما برأسه و قد شعر بخيبة أمل فغدا ستقام المباراة ..
في الطريق بقي فيكي ساكتا و بدا متضايقا جدا .. ارادت سارا ان تفاجئه في الغد لذلك لم تخبره بأن جيمس حصل على التذاكر .. رأت الرينج روفر لجيمي مركونة .. فقالت لفيكي المشغول بالنظر إلى اللعبة التي بين يديه
- " انظر من هنا "
رفع رأسه لينظر من النافذه فصاح بصوت عال عندما راى جيمي يخرج من السيارة
- " جيمس "
و بسرعة ترجل من السيارة و ركض ناحية جيمي .. حضنه بقوة
- " أهلا فيكي .. كيف حالك ؟ "
- " بخير .. هيا اخبرني .. هل حصلت على التذاكر ؟ "
وقفت سارا و فيكتوريا ينظران إليهما .. الاب و ابنه
- " ماذا تعتقد انت ؟ "
- " هيا اخبرني ارجوك .. حصلت عليهم أليس كذلك ؟"
اخرج من معطفه تذكرتين و قال بمكر
- " و ماذا تعتقد من والدك ؟!!"
قالها لا شعوريا .. ثم سكت فجاة و أخذ يتبادل النظرات مع سارا التي وقفت مصدومة .. كان قلبها يضرب بقوة في صدرها التفتت ناحية فيكتوريا التي اصطنعت بانها تتحدث بالهاتف و كأنها لم تسمع ما قاله جيمس .. و كذلك فيكي لم ينتبه فقد كان مشغول بالنظر إلى التذاكر .. لذلك اطمأنت سارا و اقتربت منه و الغضب يتطاير من عينيها .. ابتعد عن فيكي و اقترب منها بدوره .. قالت بحدة و بصوت مخفوت حتى لا تسمعهما فيكتوريا
- " بماذا تفكر يا جيمس ؟! "
- " انتظري .. لا تسبقي الاحداث صديقيني لم أقصد أن ...."
- " يا إلهي يا جيمي لقد اخبرتني بانك ستخبرهما معي في ذلك اليوم .. "
- " قلتها لا شعوريا صدقيني لم أقصد .."
- " أنت عديم المسؤولية .. كعادتك ..."
تركته و دخلت المنزل .. ضرب الهواء بقبضته و شتم نفسه
- " تبا لغباءك "
تذكر وجود فيكتوريا و فيكي معه بالخارج .. اقترب خطوتين من فيكتوريا لكنها كانت تبتعد و هي تتحدث بالهاتف مع الهواء .. لكن فيكي اسرع و ضم جيمي من وسطه
- " شكرا لك يا جيمس .. انها في اول صف من الشرفة المطلة .. أفضل مكان لطالما حلمت أن أجلس فيه "
- " جيد .. سأمر لأخذك غدا في السادسة "
- " سأنتظرك "
دخل فيكي و هو سعيد راكضا حتى يخبر والدته و يريها التذاكر .. فبقيت فيكتوريا بالخارج .. اقترب منها جيمي و قال بصوت مبحوح ..
- " مرحبا "
تجاهلته .. لكنه ظل واقفا ينتظر أن تنهي مكالمتها .. كانت سارا تنظر إليه من خلال النافذة و يدها على قلبها ..
- " اتمنى ان لا يتصرف بغباء "
- " من هو ؟!"
انتبهت لصوت فيكي فاستدارت
- " لا احد .. الطير "
- " حسنا انظري إلى التذكرتين انها في اول صف و على الشرفة .. أفضل مكان "
- " آه جيد "
- " ان جيمس رائع .. سيأخذني غدا في السادسة ... يا هووووو "
اخذ الهاتف حتى يتصل بأصدقائه و يخبرهم .. فعادت سارا لمراقبة جيمي الذي يحاول ان يتجاذب اطراف الحديث مع فيكتوريا التي أغلقت سماعة الهاتف للتو و أجابته
- " مرحبا بك .. جيمس أليس كذلك ؟!"
- " نعم .. لقد قابلتيني من قبل "
- " لا أذكر .."
كان يقصد في ذلك اليوم عندما فتحت له الباب .. لكنها كانت تقصد عندما كانت صغيرة و لقد كذبت
- " أنت تشبهين والدتك كثيرا "
- " تستطيع ان تقول ذلك .. لانني لم أقابل والدي حتى أحكم "
سكت لبرهة و كأنه شعر بأنها تعرف من يكون .. فقرر أن يجاريها بالحديث
- " و أين والدك ؟"
رفعت كتفيها و قالت بلا اكتراث
- " في مكان ما .. ليس ببعيد .. كل ما أعرفه أنه في الولايات المتحدة "
اوما برأسه .. احس بشيء من العدائية تجاهه من قبلها
- " ألم تقابليه من قبل ؟ ألا تذكرين شكله ؟ "
- " لا .. إلى ماذا تلمح يا سيد ؟! لم تسألني عن والدي ؟ هل تعرفه ؟ "
- " لا لا اعرفه ..آسف لم أقصد ازعاجك .. يجب أن أذهب .. "
استدار ليذهب فلوحت له بيدها و قالت بمكر
- " إلى اللقاء .. جيمس .."
انطلق بسيارته فوقفت فيكتوريا بمكانها منزعجة فهذا أول حوار مع والدها و كان حوار جافا لم تظن في يوم ما بانها ستقابل والدها و تتجاذب معه أطراف الحديث بتلك الطريقة فكانت تحلم مرار بأنها قابلت والدها و انها تتفاخر به أما زميلاتها .. لكن الحقيقة مختلفة جدا عن الاحلام و التخيلات..
سألتها سارا بسرعة عندما دخلت المنزل
- " رأيتك تتحدثين إلى جيمس "
- " نعم .. قال لي بأني أشبهك كثيرا "
- " و ماذا قلت له ؟ "
- " لا شيء .. قلت له هذا صحيح لاني لم اقابل والدي "
فتحت سارا عينها باتساع و بدت منشدة أكثر لان تعرف ماذا قال لها
- " و بماذا أجابك ؟ "
- " لا شيء.. امطرني بأسألة غريبة عن والدي و ان كنت قابلته .."
- " نعم و ماذا قلت له ؟ "
- " امي .. ما بك ؟ قلت له لا اذكر شكل والدي و لم اقابله .. هذا كل ما في الامر "
- " ألم يقل لك شيئا آخر ؟ "
- " لا .. ودعني و ذهب "
تنهدت سارا ارتياحا فالحمد لله بانه لم يتصرف بغباء ..لكن فيكتوريا هي التي تصنعت الغباء ..
تركتها سارا بسرعة حتى لا تبدأ معها فيكتوريا تحقيقا آخر .. أحضرت ورقة و قلما و نادت على فيكتوريا حتى تساعدها بتصميم بطاقات الدعوة و الاعلانات ...
و في ساعة متأخرة انتهيتا من كل شيء ..
في الصباح ذهبت سارا مع كلوديا لرؤية المسرح و تنقشتا حول الديكورات لفترة طويلة حتى قررتا أن تكون الديكورات رسومات للأطفال تتعلق بموضوع ( الامل ) رحبت كلوديا بالفكرة و اخبرت سارا أن تبدأ بإنجازها .. و بعد ذلك اتجهتا لطبع الدعوات التي أحبتها كلوديا كثيرا و قالت بان فيكتوريا كوالدتها.. فنانة ماهرة ..
بعد أن تاكدت سارا بان كل الدعوات أرسلت و أن الاعلانات علقت .. عادت إلى المنزل في الساعة السادسة وصلت قبل وصول جيمي .. الذي طرق الباب ففتحته هي ..
- " مساء الخير "
- " تفضل "
دعته للدخول ريثما تنادي فيكي لكنه أوقفها
- " سارا .. انتظري اريد التحدث معك "
نظرت إليه كان هادئا و جديا
- " اسمعي .. ما حدث بالامس كان خطأ غير مقصود .. اقسم لك "
- " لا بأس يا جيمس "
نظر إليها و قال مبتسما بافتتان إلى مظهرها البسيط بفستانها الابيض و شعرها البني المسدول على كتفها
- " أفضل ان تناديني بجيمي .."
تورد خديها خجلا فنظراته توترها و كذلك نبرة صوته و رائحة عطره .. بل وجوده في العالم بأسره يجعلها مظطربة ..
- " من الافضل ان انادي فيكي حتى لا تتأخرا "
صعدت الطابق العلوي و دون أن يبعد بصره عنها .. تنهد بحسرة ... و بينما هو واقف ينتظر في الردهة دخل تود و صاح عاليا
- " سارا هل انت هنا ؟ لقد رأيت سيارت..."
انتبه لوجود جيمي واقفا بالردهة و ينظر إليه باشمئزاز .. مد تود يده يصافحه
- " مرحبا أنا تود .. أنت جيمس أليس كذلك ؟ "
تردد جيمي قبل أن يمد يده ليصافحه فهذا الرجل هو منافسه على قلب سارا .. لكنه قرر ان يعمل من عدوه صديقه .. فصافحه
- " نعم أنا جيمس .. "
- " ماذا تفعل هنا اذا ؟! "
- " آخذ ابني فيكي لحضور مباراة كرة القدم "
- " آه صحيح أخبرتني سارا "
نزلت سارا و برفقتها فيكي الذي نزل بسرعة و صافح جيمي
- " مرحبا جيمس"
ثم استدار و ألقى التحية على تود
- " أهلا تود .. هذا جيمس .."
- " نعم أعرفه جيدا "
انزعج جيمس من كلمة تود ( اعرفه جيدا ) و كيف يعرفني .؟؟ أيعني بان سارا تتحدث كثيرا عني ؟! ماذا يقصد ؟!! نظر إلى سارا و حدجها بنظرة حادة
- " هيا فيكي لنذهب "
اقتربت سارا من ابنها و ساعدته على ارتداء معطفه
- " كن ولدا مهذبا "
قبلته ثم استقامت واقفة و نظرت إلى جيمي الذي يحدق فيها
- " لا تتأخرا في العودة .. اعتني به جيدا "
لم يرد عليها بل اكتفى بان ألقى نظرة باردة ثم خرج من الباب ... ظلت سارا واقفة تنظر إلى الباب و قلبها متألما .. ربت تود على كتفها و قال بهدوء
- " كل شيء على ما يرام ..لا تقلقي انه والده و سيعتني به جيدا"
- " هل رأيت كيف ألقى علي نظرة باردة كالثلج ؟ "
- " لا عليك "
استدارت تنظر إلى تود ثم سألته
- " لم أنت متأنق ؟!"
- " سأذهب اليوم "
- " لا .. لقد قلت في الاسبوع القادم "
- " اعرف لكني لم أجد حجزا غير اليوم .. المطارات مزدحمة جدا و من الصعب ان تجدي حجوزات في موسم العيد "
- " سأشتاق لك .. لا تتأخر في العودة يا تود فلقد اعتدت على جاري العزيز"
- " و انا كذلك .. سأشتاق لك .."
ضمته فقبل وجنتيها و قال قبل ان يغادر
- " اعتني بنفسك .. ساتصل بك يوم العيد و سأرسل الهدايا لاحقا "
- " سانتظر مكالمتك و الهدايا اذا "
- " وداعا "
خرج و مع خروجه رن جرس الهاتف فالتقطته سارا و اذا به والدها
- " مرحبا يا اميرتي "
- " ابي .. كيف حالك .. انني مشتاقة لك "
- " و انا كذلك .. لقد اخبرتني والدتك عن الحفل كما اخبرتني بانك قلتي ان اعد فقرة للحفل و ضحكتما .. هل هذا صحيح ؟"
ضحكت سارا و اجابته
- " نعم .. آسفة .. اذا ماذا هل ستشرفاني بزيارتكما ؟ "
- " لا .."
شعرت بخيبة أمل فتوقفت عن الضحك لكنه أردف قائلا بسرعة
- " ليس انا و امك فقط بل ايضا ستيف و زوجته الحامل "
ابتهجت و قفزت بمكانها
- " حقا .. زوجة ستيف حامل .. يا الهي خبر رائع .. "
- " و هناك مفاجاة أخرى "
- " ما هي اخبرني يا ابي ؟"
- " لا و إلا لن تكون مفاجأة "
- " اه يا ابي ستجعلني انتظر "
- " تعلمي الصبر .. هل الامور تسير على ما يرام ؟ "
- " نعم "
كذبت .. فهي لم تشأ أن تخبره بامر جيمس و تتمنى ان يغادر جيمي قبل ان ياتي والدها
- " جيدا اذا .. اراك بعد اسبوع "
- " سأنتظركم بفارغ الصبر و بالاخص مفاجاتك "
- " والدتك تسلم عليك و تقول لك قبلي حفيديها "
- " سأفعل .. إلى اللقاء يا ابي "
سعدت لان الامور تسير على ما يرام و ستكون افضل لو ان جيمس غادر .. و اذا لم يفعل ؟!! ماذا سيحدث ؟!! هل سينهار والدها ؟! يا الهي .. كيف تقول اذا ان الامور تسير بشكل طبيعي .. يجب ان ابعد هذه الافكار السوداء من رأسي ..
دخلت فيكتوريا المنزل و رأت والدتها تاخذ غرفة الجلوس ذاهبا و إيابا و كانت قلقة
- " مابك يا امي ؟!"
- " لا شيء .. لقد تأخر فيكي بالعودة "
- " انها الثامنة و النصف .. المبارة في منتصفها .. قد يصلان في العاشرة او الحادية عشر اذ لم يكن الشارع مزدحما .. "
- " اه الوقت يسير ببطء جدا ..."
- " اهدئي .. يبدو ان جيمس يحب فيكي و سيعتني به جيدا لا تقلقي "
قالت بسرها ( بالطبع فهذا واجبه كأب ..) تنهدت و استلقت على الكنبة
- " ألن نقوم بتزين الشجرة ؟"
- " ليس قبل ان يعود اخوك "
- " اذا دعينا نرتب الزينة و نفكها .. اه اين تود حتى يساعدنا بتعليق الزينة في الخارج فهو الذي سيصعد على السطح "
- " لقد غادر تود و لن يعود إلى بعد العيد "
- " اذا من سيعلقها ؟! "
- " انا "
- " هل جننت يا امي ؟! "
ضحكتا و اتجهتا إلى المخزن في المرآب للبحث في الصناديق عن الزينة جلستا على الارض تفكا الزينة المتشابكة ببعضها و تلقيا الاخرى التالفة ..
- " لم اتصور هذا العمل شاق و ياخذ وقتا طويلا "
- " لان فيكي هو من وضعها بتلك الطريقة فجعلها متشابكة "
و على نطق اسم فيكي دخل و هو يصفر و يصرخ بمرح و يركض بالمرآب و هو مسكا يدا زرقاء كبيرة تشير إلى علامة النصر
- " فاز النيكس .... فاز النيكس ... وااااااو .."
دخل المرآب جيمي و ألقى نظرة على سارا و فيكتوريا الجالستان على الارض و هما يحاولان بإجهاد فك الزينة المتشابكة
- " هل استمتعت بوقتك ؟ "
- " ما رأيك يا امي ؟ بالطبع لقد فاز النيكس و كنت اجلس في الشرفة ... وااااااو "
ضحكت سارا فاستقامت واقفة و اقتربت من جيمي
- " شكرا لك "
- " بل انت شكرا لك لانك سمحتي لي بأخذه "
اومأت برأسها و ابتسمت له فبادلها الابتسامه و قلبه يتفتت ..كانا يتبادلان نظرات الاعجاب و الافتتان عندما صاحت فيكتوريا قائلة
- " هيا يا فيكي ساعدنا بفك الزينة التي عقدت فتحها "
- " انا ؟ "
- " نعم انت "
- " لا لم أفعل ؟ "
- " بلى .. أنت من ضبها آخر مرة "
- " لا ..."
- " بلى ..."
قاطعا على سارا و جيمي اللحظة التي دارت بينهما و الشرارة المتطايرة فاستدارت سارا و نهرتهما
- " كفا عن الشجار .. هيا يا فيكي ساعد اختك بينما احمل الشجرة إلى الداخل "
تركت جيمي واقفا ينظر إلى عائلته الصغيرة و هم يستعدون للعيد .. و تذكر فيما مضى عندما كان يذهب مع والده لقطع شجرة العيد و يقوم بتزينها مع والدته و سارا مع والدتها عندما كانا في المرحلة الاعدادية قبل ان تبدأ المشاكل .. قطع حبل ذكرياته منظر سارا و هي تجر الشجرة الثقيلة فأسرع بحملها بنفسه ...
- " آه ... ستؤلم ظهرك يا جيمس"
- " جيمي .. ناديني بجيمي .. أين أضعها؟؟ "
- " في غرفة الجلوس "
دخل غرفة الجلوس فتبعته و قالت له بأن يضعها بين النافذة و المدفأة .. و ضعها بصعوبة ثم نفض الاوراق عن كتفه ... قهقهت سارا و هي تنظر إليه .. فابتسم سائلا
- " لم تضحكين ؟ .."
اشارت على رأسها و قالت
- " هناك ورقة على رأسك "
- " اين ؟ هنا ؟"
وضع يده على رأسه يبحث عن تلك الورقة التي أضحكت سارا
- " لا .."
اقتربت منه و وضعت يدها في شعره و جذبت الورقة الصغيرة ... اشتعل نارا في مكانه مثل ذلك الخشب المشتعل في المدفأة .. أنزلت عينيها فاصطدمت بعينيه اللامعتين .. توقفت عن التنفس لثانيتين فلقد بدا وسيما جدا فجأة خاصة بعد أن لمست شعره الناعم الذي لطالما أحبت أن تخلل أصابعها فيه عندما يضع رأسه على فخذيها فتاخذ هي باللعب في خصلات شعره حتى ينام كالطفل في حجر امه .. دنا منها قليلا و قرب شفتيه محاولا تقبيلها بدت منجذبة له و كادت ان تلامس شفتيه لكن فيكتوريا و فيكي دخلا غرفة الجلوس و هما يتشاجران و بيدهما الزينة ...
- " امي انا افضل ان نمزج اللون الابيض مع الاصفر "
- " لا الاحمر هو لون العيد "
تراجعت خطوات للخلف و اشاحت ببصرها عن جيمي .. كان صدرها يعلو و يهبط بتوتر و احراج..
- " ماذا تقولين يا امي ؟ "
سألتها فيكتوريا .. لكنها توقفت عندما رأت جيمي منزعجا و والدتها متوترة و خديها متوردين .. لكن فيكي كعادته لم ينتبه إلى احد فسأل جيمي
- " ما رأك يا جيمس ألا توافقني بأن اللون الاحمر هو أفضل للزينة ؟ "
- " انا أرى بان تمزجوا الالوان "
سعدت فيكتوريا و فيكي بفكرة مزج الالوان .. لكن سارا استدارت و نظرت إلى جيمي .. فلقد زينا في مرة من المرات بألوان الطيف و كانت الشجرة خلابة .. غمز لها جيمس و ابتسم لها بطريقة عذبتها .. فلم تستطيع ان تقاوم ابتسامته ..لذلك بادلته بابتسامة أخرى صافية ..
- " هيا يا امي لنعلق الزينة .."
اقتربوا يعلقوا الزينة .. وقف جيمس ينظر غليهم و تمنى ان تدعوه سارا لمساعدتهم لكنها لم تفعل فقرر ان يحمل كبرياءه و يغادر و لا يعود إلى بعد ان يصدر قرار المحمكة و ذلك في الاسبوع القادم..
- " حسنا .. انا ذاهب .. "
التفت فيكي ناحيته و قال له
- " لا يا جيمس ابقى معنا .. ماما .. قولي له بأن يبقى .."
نظرت إليه سارا بنظرات لا تحمل اية معنى .. فهي بداخلها تتمنى ان يبقى لكن عقلها يرفض وجوده حولها .. انتظر لدقيقة ان تدعوه لكنها بقيت ساكتة ففهم بأنها تفضل ان يذهب .. قال بشيء من الضيق لكنه مع ذلك ابتسم
- " مرة اخرى يا فيكي "
أنزلت سارا رأسها و استدارت حتى لا يرى انها انزعجت بدورها لانه سيغادر .. و عندما رات فيكتوريا ذلك المشهد الصغير قررت أن تبادر بنفسها بإنقاذ الموقف
- "انتظر .. "
اغلق جيمي الباب مرة أخرى و نظر إلى فيكتوريا
- " امي نحتاج لرجل لمساعدتنا في تعليق الاضواء على المنزل .."
- " نعم هذا صحيح "
وافق فيكي اقتراح أخته و انتظروا جميعا إجابة سارا التي لم تنطق لكنها اكتفت بأن هزت رأسها بالايجاب ..
- " هل تفعل ذلك يا جيمس ؟ "
سألته فيكتوريا و لاول مرة بدت غير عدائية و مرحبة بفكرة وجود والدها بينهما فيعملوا جيمعهم كعائلة سعيدة بالاستعداد للعيد القادم على الابواب ..
- " حسنا .. أين هم الاضواء ؟"
ناولته الصندوق الذي يحمل الاضواء و هي تبتسم فأخذها منها و ابتسم لها بدوره .. أحست بانها أحبت هذا الرجل .. والدها .. و شعرت بالندم لانها عاملته بجفاف بالامس .. و لمست منه الحب لها و لاخيها و بالاخص لوالدتها .. لكن الذي لا تفهمه هو سبب ابتعاد والدها كل تلك السنوات و سبب رفض والدتها اخبراهما عن حقيقته ؟!! كل شيء في وقته ... هكذا طمأنت نفسها و أفكارها ...
خرج جيمس و فيكي لتعليق الزينة و الاضواء على المنزل بالخارج .. كانت سارا و فيكتوريا يغسلا اطباق العيد و ترتيبها في الخزائن و كذلك تغيير مفارش الطاولات و المائدة و وضع الاخرى الخاصة بالعيد التي تحمل نقش الاوراق و الاجراس و تعليق رسومات حيوان الايل التي رسمتها فيكتوريا عندما كانت في الخامسة .. ارادت فيكتوريا ان تتحس النبض فقالت لوالدتها
- " يبدو جيمس رجلا رائعا "
رفعت سارا بصرها إليها و سألتها بابتسامة
- " و كيف عرفت ؟! "
- " انه يهتم بفيكي كثيرا يبدو بانه يحبه .. كما انه يحب مساعدتك كثيرا .. هل كان بينكما علاقة فيما مضى ؟ "
استغربت سارا سؤالها و قلبها يضرب بقوة
- " و لم تقولين ذلك ؟"
- " لاني رأيت كيف ينظر إليك .. إنه معجب بك كثيرا "
- "حقا ؟؟! أقصد .. لا .. انه ينظر إلي بطريقة عادية .. ليس هناك شيء و كفي عن التحقيق "
- " حسنا كما تشائين ... لكني اقسم بانه ينظر إليك بافتتان .. كل ما اريد قوله بانه سيكون رجلا رائعا لو أعطيته فرصة "
- " فيكتوريا ..."
- " حسنا .. حسنا ..نسيت فهناك تود "
- " يا إلهي .. ليس هناك شيء بيني و بين تود و لا حتى جيمي.. أقصد جيمس ..."
فكرت سارا بكلامها الذي اتى في وقت غريب .. كيف لفيكتوريا ان تحب رجلا لا تعرفه .. ربما احست تجاهه بمشاعر قديمة .. او شيء من الالفة ..
دخل جيمي و فيكي بعد ساعة من التعليق و وجهما أحمر و يدهما باردة كالثلج ..
- " لقد انتهينا "
قال فيكي و هو يدفأ جسده البارد عند المدفاة فاقترب جيمي ايضا من المدفأة .. رفع يده فنظر ان الساعة تشير إلى الثانية عشر صباحا .. قال معلقا
- " حسنا يجب ان اذهب الان فلقد تأخر الوقت كثيرا .."
لكن سارا قالت له بخجل و ترددت كثيرا قبل ان تتكلم إليه
- " ما رأيك بشراب الشوكلاته ؟ انه عربون شكر "
- " نعم نعم يا جيمي شراب الشوكلاته التي تعده والدتي مع حلوى الخطمي لذيذا جدا "
أضافت فيكتوريا
- " و يبعث الدفء في هذا الجو البارد "
شعر جيمس بالبهجة لقد دعته سارا لشرب الشوكلاته المفضل عنده و بالاخص الذي تعده هي ابتسم و هذا بادرة حسنة منها و خطوة كبيرة بالنسبة إليه ..فقال مبتسما
- " و من يرفض دعوة سارا و شرابي المفضل "
بجملته الاخيرة الصادقة دغدغ مشاعرها فاتجهت للمطبخ و قامت بإعداد الشراب بينما جلس الثلاثة في غرفة الجلوس ينتظرانها و بعد دقائق دخلت و هي تحمل صينيه بها أكواب الشوكلاته فاخذ كل منهم كوبا و بدا المكان هادئا لاندماجهم بشرب الشوكلاته اللذيذة
- " انه لذيذ جدا كما السابق فأنا لا أنسى طعمه ابدا فقد بقي محفور بالذاكرة كأشياء أخرى كثيرة "
كان يلمح إلى أشياء أخرى بعيدة .. توترت سارا لكنها ابتسمت له .. و اشاحت بنظرها عنه .. لكن عيناه بقيت مسمرتين عليها ..
- " هل تذوقت شراب الشوكلاتة الذي تعده والدتي من قبل يا جيمس؟ "
- " نعم ..و احبه كثيرا "
لم يهتم فيكي بالتفاصيل وراء جوابه لكن فيكتوريا استكشفت الكثير ..
- " متى ستعود إلى واشنتون ؟"
سأله فيكي ..
- " غدا .. صباحا .. لكني ساعود على نهاية الاسبوع "
نظرت إليه سارا و ضميرها يعذبها .. و هي تخشى من ان يصدر حكم القاضي بالسماح لجيمي برؤية أبنائه و من ثم ياتي في العيد و يقابل والدها و تتعقد الامور اكثر و اكثر ..
كانت فيكتوريا تنظر إليه و ابتسامة على شفتيها فهذا الرجل هو والدها ... نعم إنها تذكره جيدا الان .. فهذه طريقة جلوسه .. و هذا صوته .. و تلك هي رائحته .. انها لا تنساها ابدا .. مثلها مثل ابتسامته .. ارادت ان تخبر والدتها بانها تريد والدها ان يعود لحياتهما فمن الجميل ان يكون لها اب يعتني بها كما يفعل جدها لسارا .. يدللها و يبالغ بحمايتها حتى و هي امرأة ناضجة .. و بينما هي تحلم و تتخيل ان والدها يعيش معهما و كيف ستكون حياتهما أفضل .. غفت على الكنبة و كذلك فيكي الذي كان نائما منذ فترة .. انتبهت سارا لصوت شخير فيكي فضحكت و ضحك جيمي معها .. بعد ذلك ساد الصمت من جديد .. عندما تلاقت عيونهما.. قال جيمي كاسرا بذلك حاجز الصمت
- " سأحمله للفراش "
- " لا لا تتعب نفسك "
- " لا بأس "
حمله و صعد به الدرج و وضعه في فراشه ظل لفترة ينظر إليه ثم طبع قبلة على رأسه و خرج فوجد سارا تخرج من غرفة فيكتوريا اقترب منها و همس
- " هل تسمحين لي ؟ "
كان يريد ان يدخل لغرفة فيكتوريا فأفسحت له المجال كي يدخل .. مشى بهدوء و اقترب منها طبع قبلة على جبينها و قال بصوت خافت
- " نامي بهناء يا أميرتي الصغيرة "
سمعته سارا الواقفة عند الباب و تألمت كثيرا .. و زاد تالمها عندما رأت فيكتوريا تبتسم ثم تغط بنوم عميق بارتياح .. خرج من الغرفة و أغلق الباب خلفه وقف ينظر إلى سارا ثم قال
- " اذهبي للنوم و سأغادر أنا .."
- " لا سأتبعك لأغلق الابواب من بعدك "
اومأ برأسه و نزل الدرج بهدوء مشت خلفه .. اخذ معطفه و قبل أن يخرج استدار ليواجه سارا
- " أشكرك سارا لانك اعطيتني فرصة لان اخذ ابني .. لقد استمتعت كثيرا ... "
ابتسمت له فأردف قائلا
- " و اشكرك لانك اعددتي لي شراب الشوكلاته اللذيذ .. و سمحتي لي بأن أقبل امريتي الصغيرة .. لقد اشتقت لكم يا سارا .. اشتقت لكم كثيرا .."
ارادت أن تبكي و تعانقه ..و انا اشتقت لك يا جيمي .. يا الهي .. هل هي بتلك القسوة بأن تحرم طفليها من والدهما الحنون ؟؟! فقط لانها تخشى ان تقابله في كل مرة يأتي لرؤيتهما ؟؟!! هل يمكن أن تكون بتلك الانانية ؟!!
وقف يتأملها لدقائق .. و شعر برغبة جامحة لتقبيلها .. لكنه اعدل عنها و لم يشأ أن يستعجل بالامور .. سيأخذ كل شيء بتروي .. و من ثم ستعودين لاحضاني يا سارا مولر .. و ستصبحين سارا بروكس عما قريب ..
- " عمتي مساءا .. اعتني بنفسك "
- " و انت كذلك "
استدار و خرج فأغلقت الباب خلفه و أوصدته بالاقفال .. ثم سمعته ينطلق بسيارته و قد اخذ معه قلبها المريض بالحب معه...

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
قديم 22-08-08, 04:51 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 28095
المشاركات: 94
الجنس أنثى
معدل التقييم: kokowa عضو له عدد لاباس به من النقاطkokowa عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 109

االدولة
البلدCanada
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
kokowa غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : kokowa المنتدى : روايات منوعة
افتراضي

 

-13-

انشغلت سارا طوال الاسبوع بالتجهيز لحفل المواهب الذي سيقام في ليلة العيد و كذلك بالتلقي لطلبات المشاركة من قبل مدارس عدة و من أهالي و سكان المنطقة.. سعدت بهذا الكم الهائل من المشاركين و قامت بترتيب الفقرات مع كلوديا التي علقت قائلة و هي ترى الاوراق المتراكمة على مكتب سارا
- " يا الهي يوم واحد لا يكفي لتلك المواهب التي لا تعد ولا تحصى "
- " سنبدأ باكرا هذا أفضل حل "
- " نعم على ما يبدو "
نظرت سارا إلى الساعة المعلقة أمامها و تذكرت الجلسة التي ستعقد اليوم
- " يا إلهي لقد تأخرت على جلسة المحمكة "
- " آه هذا صحيح آسفة لاني أخرتك "
- " لا ..لا عليك .."
- " هل تريديني ان ارافقك ؟ "
- " لا بأس سأكون على ما يرام .. سيد انتوني معي "
- " حسنا طمانيني باتصالك "
- " سأفعل .. تمني لي التوفيق "
دخلت القاعة متأخرة فتأسفت من الجميع .. رفع جيمي بصره إليها و ابتسم لها استغربت اول مرة لكنها بادلته الابتسامه بواحدة صغيرة .. همست في إذن السيد انتوني وتأسفت من القاضي الذي أمر بان يبدأ السيد انتوني بالتحدث
- " مرحبا حضرة القاضي .. انا أسف لما بدر مني تلك الجلسة "
- " يجب ان تعتذر من السيد بروكس "
اومأ جيمس برأسه بأنه قبل العذر ..
- " سيدي القاضي كما قلت بنفسك بتلك الجلسة بان اذا دخل السيد بروكس الى حياة الاطفال سيجعلهما مظطربان في عائلة مشتتة و قد تتعقد امورهما "
وقف السيد جاشوا و قال
- " لكن هو والدهما .. "
قاطعه جيمس و استقام واقفا
- " هل لي بالتحدث يا حضرة القاضي "
- " بالطبع تفضل "
فالتفتت الجميع عليه منصتين .. نظر إلى سارا المندهشة كان هادئا جدا و مبتسما
- " كان يجب ان نتحدث انا و سارا قبل ان ارفع القضية للمحكمة لكنها رفضت .. و انا لا ألومها بالحقيقة فلقد ظهرت في حياتها فجاة و دون سابق أنذار .. و بالطبع سارا تحاول ان تحمي الاطفال بطريقتها .. لكن أريد أن أخبرك يا سارا أنا لست هنا حتى آخذهما منك ..أبدا.. بل لم أفكر بذلك قط ..و لا أنوي أن أجعلهما يظطربان لوجود أب لهما بتلك الطريقة المفاجئة .. إذا تفاهمنا ستنحل المشاكل كلها .. أنا مستعد و سانتظرك ريثما تكوني مستعدة .. سأبتعد و سأعطيك الوقت الكافي للتفكير .."
كان كلامه منطقيا جدا بل هذا هو الصواب.. ظهوره المفاجيء عمى عيناها عن رؤية الاشياء على حقيقتها .. لقد فكرت مليا و لامت نفسها أكثر مما يجب .. و لقد رأت تعامل أطفالهما معه حتى و هما لا يعرفان بانه والدهما .. كانا منسجمين معه و هو يعرف كيف يدخل البهجة إلى قلبيهما .. فكيف تحرمهما منه و تحرمه منهما .. و تحرم عيناها من النظر إلى وجهه الجميل ؟!!
عندما لم يجد أي ردة فعل منها على كلامه قال للقاضي
- " سيدي القاضي أنا ألغي القضية .. فأنا أعرف سارا جيدا .."
غمز لها و ابتسم .. سعد القاضي بتصرف جيمي الذي وجده تصرف راشدا و هذا يدل على نضجه و تحمله للمسؤولية فقال القاضي و هو يضرب بمطرقته
- " رفعت الجلسة ... بل ألغيت ..اتمنى أن تعودي لرشدك يا سيدة مولر و تخففي من عنادك .. بالله عليك أنت من أخذهما و تركه و بالتالي طالبتيه بالطلاق .. أنا لا أقول بأن السيد بروكس لم يخطأ .. بل هو أساس المشكلة .. لكنك امرأة حكيمة .. و لو كانت الجلسة ستكمل كنت أخذت قرار بأن يأخذ السيد بروكس جزء من الوصاية على الابناء.. هيا الان تفضلوا "
شكر جيمي القاضي و كذلك شكر السيد جاشوا لوقوفه بجانبه و من ثم غادر القاعة ... ظلت سارا في مكانها تفكر بكلام القاضي و بكلام تود و كلوديا و حتى السيد انتوني ..
- " آسف يا سارا لاني توقعت هذه النتيجة "
- " لا يا سيد انتوني لا تتأسف فلقد قمت بالواجب .. أشكرك .."
- " هذا من دواعي سروري يا ابنتي "
- " ارجوك سيد انتوني لا تخبر والدي بشيء ..و لا تذكر اسم جيمس امامه "
- " لن أفعل لا تقلقي "
- " أشكرك مرة أخرى "
- " أهلا بك في كل وقت "
خرجت من القاعة و وجدت أن سيارة جيمس الرينج روفر لا تزال في الخارج.. اذا هو لم يغادر .. اقتربت منه دون وعي منها و دون ان تعرف ماذا ستقول له .. نظر إليها ثم ابتسم وقفت تنظر إليه و هي تبحث عن كلمات او حتى أحرف لتقول له .. أنقذ الموقف فسألها قائلا
- " مرحبا .."
- " اهلا .."
- " كيف حالك ؟"
- " بخير "
- " و كيف حال فيكتوريا و فيكي ؟! "
- " بخير أيضا .. لا ينفك يسأل عنك و متى ستعود "
- " و بماذا تجيبنه ؟!"
سكتت ثم تنهدت و قالت و عيناها على الارض بسبب الخجل
- " هل لنا أن نتحدث مع بعض ؟"
- " بالطبع "
- " لنذهب إلى اقرب مقهى "
- " حسنا .. هل نذهب معا بسيارتي ؟؟ ام ..؟"
- " لا افضل ان نذهب بأقدامنا "
- " فكرة لا بأس بها "
جعلها تتقدمه بالمشي و سار بخطوة خلفها و على يمينها .. لم يتكلما باي شيء حتى فتح لها باب مقهى قريب من المحكمة دخلت و أخذت طاولة لشخصين تطل على الشارع العام المزدح بالمارة .. احضر لهما النادل قائمة الطعام لكنها قالت للنادل
- " فنجان قهوة لو سمحت "
- " اجعلهما اثنان "
قال جيمي ثم ابتسم لها .. أنزلت رأسها في لا تقوى على النظر إليه و هو حب حياتها يجلس أمامها و الجو فيما بينهما مشحون .. انتظرها حتى تتكلم دون أن يضغط عليها ..
- " جيمس .."
- " اتمنى أن تناديني بجيمي "
- " حسنا كما تريد .. جيمي "
ابتسم لها ابتسامة كبيرة حتى يشجعها على التكلم
- " أني اصغي لك يا سارا "
تنهدت ثم قالت بصوت مبحوح
- " انا خائفة "
- " من ماذا ؟ "
- " من ردة فعلهما "
- " لا تخشي شيء يا سارا .. هل كنت تعتقدين باني لن آتي و أبحث عنك ؟"
- " لا كنت أنتظر هذا اليوم "
- " و ماذا كنت لتفعلي ؟!"
- " نتفاهم "
- " و هل سنفعل ذلك الان ؟!"
- " جيمي .. لم الان ؟! لم ليس قبل سنوات .. ربما كان الامر ليكون أسهل اذا كانا أصغر سنا "
بدا منزعجا لكنه مع ذلك ابتسم
- " قصة طويلة .. لكني وجدتكم صدفة .. و كانت أجمل صدفة "
شكرت بنفسها النادل الذي أتى بالقهوة فينقذها من هذا الخجل و التوتر ..
- " اسمعي يا سارا .. بالحقيقة انا نادم كل الندم لكل ما اقترفته بحقك و حق الاطفال .. انت تعرفين ماذا اصابني .. لكني لا ابرر اخطائي بوفاة والدي و تدهور اموري المالية .. فالخطأ خطأ "
- " انه من الماضي و انا لا احاسبك عليه الان "
- " بلى .. انت تفعلين .. انت لا تعطيني فرصة "
- " فرصة لماذا ؟!"
- " لنا .."
- " انا و انت ؟!!"
- " نعم .. انا و انت و الاطفال "
- " لا يا جيمي لا .. انا و انت .. مستحيل .. لقد انتهينا منذ سنوات طويلة حتى قبل ان اغادر و اتركك "
- " لكني تغيرت يا سارا و عدت جيمي القديم الذي احببتيه ..."
تضايقت بل انزعجت اكثر و قالت بغضب
- " هل نحن هنا لنتحدث عنا ام عن الاطفال ؟ "
- " الاثنان .."
- " اذا انسى فكرة التفاهم .."
وقفت حتى تغادر لكنه جذبها من يدها يوقفها
- " توقفي يا سارا .. حسنا لن نتحدث عنا نحن .. بل عن فيكي و فيكتوريا "
جلست و نظرت إلى فنجانها .. قالت بعد أن هدأت قليلا
- " سنخبرهما معا .. و نتفق بأوقات تمر لاخذهما .. لكن بشرط "
- " قولي .."
- " أن لا تأتي في العيد او قبل العيد بإسبوع "
- " هل لي ان اعرف السبب ؟"
لم تنطق... فكرت بطرقة لطيفة حتى تقول له عن السبب .. لكنه قال و قد تغيرت ملامح وجهه لتصبح اكثر حدة
- " والدك ... أليس كذلك ؟!"
اومأت .. سمعته يلقي بشتيمة .. فقالت تدافع عن والدهها
- " إنه مريض يا جيمي و خبر عودتك ستؤدي بحياته "
- " لكنه سيعرف عاجلا أم آجلا ..."
- " ارجوك يا جيمي "
- " سارا اذا اخبرنا الاطفال بأني والدهم بكل تأكيد سيودون لو أن اقضي العيد معهما انه اول عيد بعد الفراق .. "
- " هذا ما اخشاه يا جيمي ارجوك كن متفهما .."
- " سارا توقفي .. والدك يجب ان يعرف .. "
- " جيمي انه لن يتحمل .."
- " انت لم تجربي ان تخبريه او حتى ان تمهدي له الطريق لان يعرف .."
- " لا لم افعل .. لانه بكل الاحوال سوف ينفجر غضبا ما ان يسمع اسمك "
- " هل يكرهني لهذا الحد بان ينهار ؟ "
- " ليس الامر كذلك .."
تضايق فقال بصوت عال
- " بالله عليك كفي عن الدفاع عنه ... متى سنخبر فيكتوريا و فيكي ؟ "
- " لا اعرف .. متى تريد ؟! "
- " اليوم .."
- " الان ؟!!!"
- " نعم ياسارا لانني احترق شوقا لان اسمع كلمة ابي .."
بلعت غصة .. يا لقسوتها .. اومات برأسها موافقة فاستقام واقفا
- " اذا هيا لنذهب "
ترك النقود على الطاولة و خرج .. تبعته إلى حيث سيارتهما مركونة في مواقف المحمكة و انطلقا بالقرب من بعض حتى المنزل ..
كان منفعلا جدا و كذلك سارا كانت متوترة و يديها تتصببان عرقا .. دخلت المنزل و دعته للدخول ثم صاحت تنادي على الاطفال لكنهما لم يكونا بالمنزل ..
- -" لابد بانهما خرجا مع أصدقائهما .. سيعودان عما قريب .."
- " سأنتظرهما .. اذا لم تمانعي "
- " لا تفضل .."
وقف في غرفة الجلوس ينتظرهما و ينظر إلى الصور المعلقة على الحائط بينما ذهبت سارا الى المطبخ تشرب ماء فلقد جف فمهما من الارتباك .. سمعته يقول معلقا بصوت عال
- " اذكر انك التقطت هذه الصورة لفيكتوريا في اول يوم لها بالمدرسة .. كانت تبكي كثيرا و لا تريد تركك .. فأختلقت لها قصة عن الطفلة الشجاعة التي تعتمد على نفسها و بعد ذلك تركت رقبك و جلست في اول مقعد و كانت تبتسم و عيناها مدمعتين ... "
شعر بوجودها تراقبه فالتفت لينظر إليها باشتياق و حنين لتلك الايام ..
دخل في تلك اللحظة فيكي و صاح بسعادة عندما راى جيمي واقفا فأسرع بضمه من رقبته والتعلق بها
- " لقد اشتقتك لك يا جيمي .. لا تعرف ماذا حدث عندما اخبرت أصدقائي عنك و عن مباراة النيكس ؟!"
نظر جيمي إلى سارا الواقفة تبتسم ثم قالت لفيكي
- " وانا لن تقبلني ؟ فانا لم ارك هذا الصباح .."
- " آه نعم آسف .."
ضم سارا بقوة و طبع مئات القبلات على عينيها و وجنتها و فمها و رقبتها .. كانت تضحك و تدفعه بعيدا عنها .. تمنى جيمي أن يكون مكان فيكي حتى يقبلها بنفس ذلك الجنون
- " يا لك من شقي .. اتركني .."
- " هذا ما تفعلينه بي كل مرة ..."
ضحكت و ركضت خلفه بأرجاء الغرفة .. كان يصرخ و هو يركض
- " جيمس ساعدني .. ابعدها عني .."
فجأة ركض و احتمى خلف جيمس و كادت سارا ان تصطدم به لكنه أوقفها من خصرها نظرت إليه مطولا و صدرها يعلو و يهبط ... قرب شفتيه من شفتيها لكنه حول المسار و طبع قبلة صغيرة و رقيقة على وجنتها ثم تركها .. انصدمت و وقفت تبادله النظرات و هي غير مصدقة بان جيمي قبلها .. لقد اشتعل مكان قبلته بالنار .. جذب فيكي يد جيمس و قال صائحا
- " لنهرب منها هيا .. "
تبع فيكي و عيناه لا تزال عليها حتى اختفى داخل المطبخ .. تلمست مكان قبلته .. آه كم هي معذبة..
بعد دقائق دخلت فيكتوريا مع صديقاتها ..
- " مرحبا امي .. "
التفتت ناحيتها و ابتسمت للفتيات .. انه ليس بالوقت المناسب ..
- " سيارة جيمس بالخارج .. اين هو ؟!"
خرج جيمس من المطبخ و نظر إليها
- " مرحبا فيكتوريا .."
- " اهلا جيمس .. حمدا لله على سلامتك "
- " شكرا .."
- " حسنا امي انا سأصعد حجرتي .. هيا "
تبادل جيمي و سارا النظرات .. ثم ابتسم و قال
- " لا بأس سنخبرهما في المرة القادمة .."
شعرت بخيبة أمله فقررت أن تحل الموضوع بنفسها .. صعدت حجرة فيكتوريا و طرقت الباب ثم دخلت
- " فيكتوريا .."
- " نعم .."
- " سنتاول اليوم العشاء مع جيمس "
- " حسنا .. "
ثم خرجت و أغلقت الباب خلفها .. تكلمت كلير
- " لابد بانها ستخبرك بالحقيقة عن والدك "
- " نعم لانها لم ترسلني مع براد .."
ضحكت الفتيات ثم علقت احداهن
- " انه وسيم جدا لا اعرف كيف تقاومه والدتك "
- " انها تنظر إليه بإعجاب و تحدق به كلما انشغل بشيء .. انها لا تزال تكن له مشاعر .. لابد انهما تشاجرا لذلك انفصلا .. "
- " اتمنى ان يعودا لبعضهما فهما يليقان ببعض كثيرا ... "
- " اوافقك .. اتمنى ان نعود اسرة صغيرة كما السابق "
قالت جيسي تلطف الجو ..
- "يصلح لان يصور إعلانات العطورات .. هل رأيته و هو عاري الصدر؟! "
- "جيسي .. انه والدي بالله عليك .."
ضحكن جميعهن .. و بعد ساعة نزلت فيكتوريا و ودعت صديقاتها ثم انضمت إلى فيكي و جيمي الذين يلعبان في ألعاب الفيديو ..
- " من هو الفائز ؟ .."
- " انا .."
قال جيمس لكن فيكي أنكر و لكزه بخفة
- " لا تكذب يا جيمس و قل الحقيقة .. "
- " الحقيقة هي ... انا هو الفائز .."
ترك فيكي اللعبة من يده و قفز فوق كتف جيمس ..
- " جيمس لا تكذب .. قل الحقيقة .. من الفائز .."
- " انا ... انا ... انااااااا..."
- " جيمس ... "
- " انا .. انا .."
وقف جيمي و حمل فيكي الذي يجلس فوق كتفه و كان يضحك و الاخر يصرخ
- " انزلني .. جيمي ... حسنا ... انت الفائز .. انت .. انزلني ..."
ضحكت فيكتوريا عندما أنزل جيمس فيكي على الارض بخفة .. صاحت سارا و قالت
- " هيا العشاء جاهز "
جعل فيكتوريا تتقدمه بالخطوات ثم تبعهم و جلس على رأس الطاولة امام سارا .. نظر إلى الاطباق امامه كانت عبارة عن سلطة خضراء و شوربة و بطاطا مهروسة .. ضحكت فيكتوريا فضحك فيكي فجيمس ...
- " لم تضحكون ؟!"
- " اعذرنا يا جيمس فوالدتي ليست طباخة ماهرة "
- " اعرف ذلك .. لكن لا بأس بها كأم أليس كذلك ؟!"
رفع كفيه ليضرب كف فيكتوريا و هم يضحكون ..
- " هي كفا عن التحدث عني و كأني لست بالجوار "
- " أنا آسف "
قال جيمي و هو يضرب كف فيكتوريا مرة أخرى .. تناولا الطعام بهدوء في باديء الامر لكن فيكي بدا الحديث عن أصدقائه و ماذا فعل اليوم و كان الحديث كله موجه نحو فيكي .. كان يشاركه جيمس الحديث و بدا منسجما جدا معه .. شعرت سارا بشيء يغمرها .. بالجو الاسري الذي افتقدته .. لم تر بحياتها فيكي يتحدث بتلك الطلاقة مع أي شخص و كذلك رات فيكتوريا تسمع لاخيها بامعان دون ان تقاطعه بل كانت توافق جيمس كلما أضاف شيئا .. الحمدلله بانهما تقبلا جيمس منذ الوهلة الاولى .. عندما انتهيا من الوجبة الخفيفة قالت سارا بهدوء و جدية
- " فيكتوريا .. فيكي .. هناك شيء يجب ان تعرفاه "
عضت على شفتيها و نظرت إلى جيمي .. كان يهز رأسه يبث فيها الشجاعة فقالت له سارا
- " انت تكلم ..انا لا استطيع .."
- " حسنا .. اسمعاني .. انا هو جيمس بروكس .. والدكما "
بتلك السرعة ... يا لها من مفاجأة ..لحظة صمت طويلة ... انتظرت سارا ان تصرخ فيكتوريا او ان تفتعل مشهدا دراميا .. او ان يكثر فيكي من كلامه ..لكن لا شيء ...فقالت سارا معلنة لعلهما لم يفهما
- " فيكتوريا .. جيمس هو والدكما "
- " اعرف "
ببساطة قالتها مع ابتسامة شيطانية ..
- " ماذا تعنين ؟"
- " لقد كنت اعرف ذلك منذ اول يوم رأيته عندما فتحت له الباب "
- " كيف ؟ و لم لم تخبريني ؟! "
- " لقد قلت لنفسي بان وجهه مألوف و حاولت ان أجمع المعلومات التي اخذتها من فيكي ثم فجاة رايت صورة امامي له .. فتذكرت من يكون "
- " و لم لم تخبريني بأنك عرفتي بامره ؟ "
- " نصحني تود بان انتظرك تخبريني بنفسك "
- " يا الهي .. تود ..."
التفتت إلى فيكي الذي توقف عن قضم طعامه و كان ينظر الي المشهد امامه باستغراب ..
- " فيكي ألن تقول شيئا ؟! "
- " لا .."
- " هل انت بخير يا بني ؟! "
سأله جيمس و هو ينظر إليه بقلق
- " لا .."
قامت فيكتوريا من مكانها و ذهبت إلى أخيها الصغير
- " فيكي .. جيمس هو والدنا .. "
- " اذا اين كان منذ قبل ؟ "
أجاب جيمس دفاعا عن نفسه
- " كانت لدينا مشاكل انا و والدتك و الان حلت امورنا "
- " اتعني بانك ستعيش معنا هنا و تكون والدنا ؟ "
- " لا .. اعني بلى ..سأكون والدكما لكني لن اعيش هنا .. فمنزلي و عملي في واشنتون"
- " لماذا ؟ "
- " بالله عليك يا فيكي توقف.."
اوقفته سارا فلم تعد تحتمل هذا الوضع .. حضنته بقوة و قبلت جبينه .. فكر فيكي قليلا ثم وقف و ابتسم
- " ساخبر اصدقائي بان لي اب .. بأن جيمس هو والدي ... ياهووووووو "
ضحك جيمس و كأن فيكي لم يكن قبل دقائق تحت تأثير الصدمة .. يا لهذا الصبي من نشاط ..اقترب من فيكتوريا و حضنها بقوة .. و همس بأذنها
- " اميرتي الصغيرة .. اشتقت لك .. و اعرف ان بداخلك اشتقتي لي ايضا مع انك لا تذكريني "
- " بلى اذكرك و اذكر كثير من الاشياء .. كرائحتك مثلا .. و لا انسى صوت ضحكتك "
عاد فيكي إلى المطبخ و قفز فوقهما يضمهما و هو يصرخ
- " لدي اب .. و ليس أي اب .. انه جيمس ...هيا لنحضن بعض كمجموعة"
كان فيكي يشير إلى سارا حتى تنضم إليهم لكنها تركت المطبخ و صعدت حجرتها .. أغلقت الباب و استندت عليه و انهالت دموعها ..
نزلت بعد فترة لتجدهم جالسين امام المدفأة و كل واحد منهما أحضر صندوق ذكرياته و أخذا يريانه صورهم و رسوماتهم و يخبرانه بقصصهم و مغامراتهم و بدا هو مستمع جيدا و مستمتعا بأحاديثهما .. رأت معنى السعادة امامها .. أصبح لهما اب .. و قد تقبلا الامر بصدر رحب و كان الامر سهلا جدا عليهما ... لكنه صعب عليها هي .. وجوده بالقرب منها ..
بعد ان رأى كل شيء و سمع قصصهم ناما على صدره و غفت عيناه بدوره .. كانت سارا تنظر إلى الصورة التي تكونت امامها .. فدمعت عيناها .. و قررت تركهم و صعدت حجرتها لتنام ...

 
 

 

عرض البوم صور kokowa   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
ماري روك, روايات مكتوبة, صورة للذكري
facebook




جديد مواضيع قسم روايات منوعة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t88149.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 18-07-14 06:55 PM


الساعة الآن 12:54 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية