لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-08, 11:52 AM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45537
المشاركات: 187
الجنس أنثى
معدل التقييم: الناظر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الناظر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
Saint

 

........................؟

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة الناظر ; 15-04-08 الساعة 04:03 PM
عرض البوم صور الناظر  
قديم 15-04-08, 03:51 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45537
المشاركات: 187
الجنس أنثى
معدل التقييم: الناظر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الناظر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي تكملت روايه

 

لعشاق الروايات أحلام أنا أبكمل الأجزاء الناقصه من الروايه ...........


ابتلعت ريقها وتابعت : ولكن أحد الأشياء التي أود القيام بها .. وقد أصبحت أمراً ممكناً الآن هو متابعة المزيد من الدراسة لأتمكن من الحصول على عمل أفضل حين يبدأ بنجي في الذهاب إلى المدرسة لن أعمل بدوام كامل طبعاً سأعمل فقط عند وجوده في المدرسة لأكون دائماً موجودة في المنزل لأجله .
أتى صوت عمته آمراً وهو تقول : رافايللو دع الفتاة المسكينة تأتي لتناول القهوة .
عندئذ ترك ذراعها ورافقها بتهذيب إلى غرفة الجلوس .
تفحصت اليزابيث كالي ابن أخيها وزوجته بنظرات متسلطة وأفسحت مجالاً بجانبها على الأريكة ذات القماش الحريري وقالت : تعالي واجلسي إلى جانبي ماغي رافايللو .. يود برناردو أن يدخن سيجار والتدخين هنا غير مسموح به بالتأكيد لذا أرجوك رافقه إلى الشرفة .
فكرت ماغي أنت اللطف الزائد ليس من صفات السينيورة ومرة أخرى وجدت نفسها تنظر في عيني رافايللو لكنها لم تجد فيهما نظرات التسلية بل وجدت فيهما سؤالاً صامتاً .
أخذت المرأة تسألها عن عملها وطفلها وأسباب زواجها من رافايللو لكن الموضوع الوحيد الذي لم تسأل عنه بشكل مزعج هو والد بنجي ..
قالت لماغي : تحصل هذه الأمور أحياناً ولطالما حدثت أمور متشابهة وبالتأكيد سيحصل هذا مع الكثيرات بعدك لكني بصراحة أقدر فيك جرأتك باتخاذ القرار بإبقاء الطفل معك كان من الأسهل لك لو تركته مع والده .
بقيت الكلمات في صدر ماغي تملؤها بالرعب : أبداً لم أكن لأفعل ذلك .. وزاد الرعب في داخلها حين تذكرت أن والدتها هي لم تفكر حتى باحتمال إعطائها لوالدها وبدلاً من ذلك تركتها بكل بساطة على جانب الطريق لكي تلقى حتفها .. لكنها بقيت صامدة لتعيش والآن سيستمر صمودها وتمسكها بالحياة من أجل بنجي .
رأت ماغي عبر النافذة رافايللو .. الشخص الذي تزوجته مقابل مائة ألف جنيه لكن شيئاً في داخلها أوجعها وآلمها لذا التفتت بعيداً عنه لا ! لا يمكن ان يحدث هذا .. يا لها من أفكار سخيفة وخيالية ! لا يمكن لرجل مثله أن يلتفت نحوها ولا في أحلامها .
*******
استيقظت ماغي في صباح اليوم التالي حين دخلت إحدى الخادمات إلى غرفتها وهي تحمل صينية القهوة قالت الخادمة وهي تبتسم : صباح الخير سنيورة .
ثم توجهت نحو بنجي تحدثه بالإيطالية رغم أنه كان لا يزال نائماً جلست ماغي تراقبها قليلاً ثم رشفت قهوتها والتفتت تنظر من النافذة نحو أشجار السرو التي انتشرت فوقها أشعة الشمس الساطعة .
راحت تفكر بسهرة ليلة أمس وما رافقها من مشاعر غريبة بدت عمة رافايللو وزوجها لطيفان معها كثيراً أما رافايللو فبدا مهذباً ومتحضراً أي أيضاً ! لم يبدو على السنيورة كالي أنها مستاءة لأنها تزوجت من ابن أخيها من أجل المال .
قالت لها بالأمس بطريقتها الحاسمة المعتادة : اعرف ان هذا الأمر خاطئ بالتأكيد لكني أتفهمه تماماً ولا ألومك أبداً صغيرتي .
عبست ماغي وفكرت هل يعني قولها أنها تلقي اللوم على ابن أخيها ؟ رغم أنها لم تكن تدري ما ستواجهه قبل مجيئها إلى هذه الفيلا لكنها الآن لا تحسد على وضعها أبداً .. فالجميع يتمنى لو أنها على بعد ملايين الأميال عنهم .
استيقظ بنجي وبدأت ماغي ترحب به فهو كعادته يستيقظ بنشاط ومزاج طيب ما يستدعي منها اهتماماً .
بعد ان لبسا ثيابهما حملت ماغي صينية القهوة بحذر بإحدى يديها وأمسكت يد بنجي بيدها الثانية ونزلت إلى المطبخ لتناول الفطور لكنها حين أغلقت باب غرفتها سمعت خطوات آتية من آخر الرواق .
كان والد رافايللو يمشي باتجاهها وحين رآها وقف مندهشاً أما ماغي فجمدت مكانها رغم أنها رأته لفترة قصيرة منذ ثلاث أيام لكنها عرفت أنه انريكو دي فيسنتى بدا شبيهاً برافايللو بفارق ثلاثين سنة فقط .
قست معالم وجهه حين رآها ولم تعلم ماغي ما عليها القيام به هل تقول له صباح الخير أم تصمت وتتابع طريقها ؟ أم من الأفضل لها أن تعود إلى غرفتها ؟
شعر بنجي بالتوتر فتشبث بساق والدته وهي تقف هناك حاملة صينية القهوة ولا تعلم ما عليها فعله ..
قال انريكو دي فيسنتى بصوت أجش : إذاً أنت لا تزالين هنا !
لم تجب ماغي ولم تعلم ما عليها قوله .
تابع انريكو بصوته القاسي : هل تتخيلين أن بإمكانك التصرف وكأنك في منزلك ؟ هل تتخيلين نفسك سيدة مجتمع محترمة الآن .. أنت وطفلك هذا ؟
ارتجف جسد ماغي بينما اقترب منها انريكو أكثر بشكل تهديدي وعيناه الداكنتان تحدقان إليها بقرف وكره : إذاً اعلمي أن ابني الجاهل اختارك زوجة له ليهينني فقط أراد أن ينتقم مني ويخالف إرادتي فأحضر إلى المنزل امرأة من حثالة البشر .. لقد اختارك لأنك أسوء زوجة كان من الممكن أن يحصل عليها .. بشعة جاهلة من عامة الشعب ولا تملكين قيماً أخلاقية أبداً أحضرك من أحد أحياء لندن الفقيرة .. واختارك عاملة تنظيف فقط لكي يقرفني .
شعرت ماغي أنها على وشك الإغماء سمعت ضغط دمها القوي يطرق في أذنيها أما بنجي فخبأ وجهه ببنطلونها القطني من الخوف رغم انه لم يفهم أي كلمة لكنه استطاع ان يشعر بقسوة الكلام الذي وجه لوالدته .
أصبحت نظرات ماغي ضبابية فيما تابع والد رافايللو طريقه عبر الدرج الرخامي متوجهاً نحو الصالة شعرت أن ماغي أن الصينية تهتز بين يديها أدركت أنها إذا لم تضعها من بين أصابعها المرتجفة وتتكسر على الأرض .
فجأة أخذ أحدهم الصينية من يدها وهو يقول : تعالي إلى هنا …
وأدخلها مجدداً نحو غرفتها شعرت ببنجي يؤخذ منها لبعض الوقت فيما الطفل يحتج على ذلك وبعد ان جلست على السرير أعاد ذلك الشخص بنجي إلى أحضانها وجلست هناك تملس شعر بنجي بيدها وهي غير واعية لشيء حولها .
وقف أمامها رجل طويل أسمر منعت قامته وصول الضوء إلى عينيها فأدركت أنه رافايللو دي فيسنتى الرجل الذي اختارها ليس لأنها مناسبة ومتوفرة فقط بل لأنها ستقرف والده بالتأكيد رنت كلمات والده في أذنيها مجدداً : امرأة من حثالة البشر .. إنها بنظره أفضل إساءة يمكنه أن يقدمها لوالده .
قال بصوت منخفض : ماغي …
استمرت في تمليس شعر بنجي بيدها وهي تحدق بذهول نحو السجادة على الأرض حاولت ألا تفكر ألا تشعر .. تابع رافايللو يقول : يجب ألا .. ألا تصدقي ما قاله والدي إنه غاضب مني أنا ولا ذنب لك في ذلك .
لم تستطع أن تنطق ولو بكلمة واحدة فيما راح رافايللو ويراقب تعابير وجهها أراد ان يجد الكلمات المناسبة لكنه لم يستطع لم يترك له والده مكاناً لتلطيف الأمور وعلى الرغم من ذلك استمر بالمحاولة .
_ ماغي أنا ….
رفعت ماغي رأسها فالتفتت نظراتهما معاً قالت : ليس عليك أن تقول شيئاً هذا ليس ضرورياً .
لم تبال إن كان قد بدا بعض الضعف في صوتها رفضت حتى الاعتراف بضعفها من غير الممكن أن تشعر بشيء حياله .. هذا مستحيل وقفت وهي تحمل بنجي فوق ذراعها وأطلقت نفساً فيه بعض الضعف أيضاً ثم سألت وقد بدت مسيطرة على نبرة صوتها : أرجوك أخبرني أين تود مني أن أتناول الفطور ؟ أم تفضل أن أبقى في غرفتي ؟
رغم سيطرتها على صوتها إلا أنه بدا حاداً جداً كحبل مشدود على وشك الانقطاع توتر فم رافايللو وقال : تقوم العائلة عادة بتناول الفطور على الشرفة في الأيام المشمسة .
مد يده نحوها لكنها لم تبال بها بل مشت نحو الباب إلا ان رافايللو وصل إلى الباب قبلها وفتحه من أجلها بلطف كبير فكرت ماغي أن عليه أن يوفر لطفه هذا للدوقات فبعد ما اكتشفته اليوم فهمت أن لطفه يذهب سدى معها .
لقد اختارها لسبب واحد مدروس بعناية ومخطط له أراد ان يهين والده كان يعرف بالضبط ما ستكون عليه ردة فعل والده لقد استخدمها ببرودة أعصاب لينتقم من والده .
كان الفطور مع العائلة على الشرفة آخر ما أرادته ماغي لكن شرودها وعدم اكتراثها سيساعدانها على تحمل الجلسة مشت نحو الغرفة مع رافايللو لتجد أن عمته وزوجها هناك وكذلك والده .
حالما رأى البروفيسور ماغي وقف ليلقي عليها التحية أما هي بالكاد تمكنت من هز رأسها لترد عليه أما والد رافايللو فوقف بحدة كصرير الحديد فوق الصخر وحمل فنجان قهوته قائلاً : سأكون في المكتبة علي إنجاز بعض الأمور .
ومشى مبتعداً مبدياً بوضوح عدم رغبته بمشاركتها الجلسة عادت كلماته تضج في رأسها من جديد : امرأة من حثالة البشر .. لم تجلس ماغي في الكرسي الذي كان يمسكه رافايللو لها بل فضلت الجلوس في أبعد زاوية من الطاولة في تلك اللحظات شعرت برغبة في الموت كان قلبها محطماً بألم لم تستطع البوح به .
سألتها اليزابيث كالي بصوت مرتفع قليلاً : إذاً هذا هو طفلك الصغير ! ما اسمه ؟
أجاب رافايللو وهو يجلس قبالة ماغي باسطاً منديل المائدة في حضنه : بنجي .
بدا صوته متوتراً وتساءلت ماغي عن السبب .
شغلت نفسها بإجلاس بنجي في حجرها محاولة تفادي النظر في عيون الموجودين أحضرت إحدى الخادمات زجاجة الحليب لبنجي فتلقاها بفرح ولهفة أما ماغي لم تشعر بالشهية للأكل بل أحست كأنها تجلس وراء حاجز زجاجي يفصلها عن بقية الجالسين حولها حتى حين كانوا يطرحون الأسئلة وتقوم هي بالإجابة باختصار وبصوت منخفض لم تفسح مجالاً للبدء بأحاديث شيقة كتلك التي تم تداولها البارحة أثناء العشاء .
قالت عمة رافايللو وقد لاحظت تصرفات ماغي : يبدو أنك مرهقة .
هزت ماغي رأسها توافقها دون ان تنظر في عينيها أخذت تطعم بنجي بعض الطعام الطري كانت ما تزال تشعر أن الجميع بعيدين جداً عنها لا سيما رافايللو الذي بدا لها وكأنه على بعد سنوات ضوئية منها لكنها لاحظت أنه يراقبها لم تتمكن من قراءة تعابيره فقد بدا الغموض في عينيه واعتقدت ماغي أنه على الأرجح يفكر كم تبدو قبيحة غير مهذبة وأنها تلوث أجواء منزله المعطر وكأنه يتمنى فقط لو ان بإمكانه رميها في الخارج حالاً .
فكرت ماغي باستغراب لم آلمها إلى هذا الحد أن يكون رافايللو دي فيسنتى الرجل الغريب بكل ما في الكلمة من معنى قد استخدمها عن سابق تصميم لمضايقة والده فقط ؟ لمَ يؤلمها اختياره لها لأنها امرأة من حثالة البشر ؟
هل أراد ان يرميها في وجه والده لأنها بسيطة ومن مستوى وضيع ولأنها أم عازبة تعمل في تنظيف الشقق في لندن لكي تعيش ؟
علمت ماغي في داخلها ألا ذنب لها في اتهاماته فهي لم ترتكب أي ذنب ولم تخطئ أبداً لكي تشعر بالخجل ففي النهاية على أحدهم أن يقوم بتنظيف البيوت ويبقي شقق الأغنياء مريحة ومرتبة .
لكن على الرغم من ذلك بقيت ماغي تشعر بألم كبير في أعماقها .
انتزعها من أفكارها المؤلمة صوت كرسي تحرك إلى جانبها كانت السنيورة كالي تتكلم معها فأجبرت ماغي نفسها على سماع ما تقوله .
_ عزيزتي دعي بنجي يأتي معي قليلاً أخبرتني ماريا أن ابنة أختها أحضرت بعض الألعاب التي كانت لأولادها أعتقد أن هناك دراجة بثلاث عجلات والكثير من الألعاب الأخرى التي لا شك أن ابنك الصغير سيفرح بها كثيراً .
أخذت السنيورة كالي بنجي من حضن ماغي وأوقفته على الأرض ثم ابتسمت للطفل وهي تقول : هيا ! تعال لرؤية الألعاب الجديدة .
فهم بنجي كلمة ألعاب فمشى نحوها بسرور أمسكت السنيورة يد بنجي الصغيرة وأمسك البروفيسور يد ه الثانية راقبتهم ماغي وهم يشقون طريقهم باتجاه زاوية المنزل لكنها كانت ما تزال شاردة الذهن .
أثناء ذلك كان رافايللو يراقبها بدت صغيرة جداً لتتحمل مسؤولية طفل وصغيرة جداً كذلك على قبول الاتهامات القاسية التي رماها والده في وجهها .
شد قبضتي يديه بقوة يا إلهي ! لقد تعرضت للأذى بسببه بدا ذلك واضحاً جداً فالحزن والأسى اللذان ظهرا في نظرات عينيها جعلاه يشعر بالسوء إنها تنكمش على نفسها وتبعد ذاتها عن الآخرين .. ولا يمكنه لومها على ذلك .
شعوره بعدم الارتياح بالنسبة لكل ما يتعلق بها ازداد حدة ليغدو نوعاً من الشعور بالذنب وجد نفسه يتمنى بكل ما يملكه من قوة لو أنه يستطيع أن يمحو من ذهنها ذلك المشهد البشع الذي حصل أمام غرفتها ليته تمكن من إيقاف والده قبل أن يبدأ برمي تلك الاتهامات القاسية البشعة والكلمات السيئة في وجهها .
لكن اللوم يقع عليه أيضاً فبعد ظهر ذلك اليوم وفي أول لقاء لها مع والده تعمد ان يقدمها إليه بنبرة يمتزج فيها الغضب والسخرية مسبغاً عليها مختلف الصفات التي تجعلها أبعد ما تكون عن الجاذبية واللباقة تلك الصفات التي يجب أن تتحلى بها زوجته والقصد من وراء ذلك كله هو إغاظة والده وجعله يفهم معنى تصرفه هذا وكأنه يقول له : أردت أن تلوي ذراعي وتجبرني على الزواج .. حسناً ! انظر .. انظر إلى أي نوع من النساء اخترت زوجة لي .
تفجرت مشاعر الذنب في داخله مشاعر قوية وغير سارة على الإطلاق كما أحس بشيء أبعد من الشعور بالذنب شيء بدأ ينمو في داخله وهو يجلس هناك إلى طاولة الفطور يراقبها ملاحظاً انكماشها على نفسها والنظرة المليئة بالألم التي تطل من عينيها .
إنه الغضب !
بات الغضب شعوراً مألوفاً لديه خلال الأشهر الماضية مع محاولات والده التضييق عليه ودفعه قسراً للزواج من لوسيا لقد اعتاد شعوره هذا بالغضب يوماً بعد يوم إلى أن غدا الغضب جزءاً منه إلا أنه ظل مصمماً على عدم السماح لوالده بالتحكم في حياته وكأنه لعبة يديرها كيفما يشاء . نعم لقد أصبح الغضب شعوراً مألوفاً له إلا أن غضبه بدا مختلفاً هذه المرة إذ كان موجهاً نحوه هو نفسه هب واقفاً على قدميه في حركة مفاجأة .
_ تعالي !
سلخت ماغي بصرها عن المكان الذي كانت تنظر إليه حيث ذهب بنجي برفقة آل كالي لتجد أن رافايللو يقف بالقرب منها وقف هناك بطوله الفارع وهيئته الآمرة ما دفعها على الوقوف فوراً راحت تنفض فتات الخبز عن بنطلونها وما إن رفعت بصرها حتى رأت ان رافايللو يراقبها وينظر إلى ثيابها بعدم استحسان .
فكرت ماغي في سرها : نعم ثيابي زهيدة الثمن قديمة الطراز وغير أنيقة لكنني ما كنت لأختارها لولا أني مضطرة ما كنت لأرتدي هذه الثياب لو كنت أملك ما تملكه من المال ولكنني لا أملك المال .. الفقر ليس جريمة وهو لا يدعو صاحبه إلى الخجل .
تابعت تقول لنفسها : لن أطأطأ رأسي وأشعر بالخزي لأنني لست غنية .. كما أني لن أطأطأ رأسي لأني يتيمة الأبوين .
أعلن رافايللو بنبرة صوت مشدودة : اليوم سوف نذهب إلى لوكا .
اتسعت عينا ماغي فلم تتوقع ذلك مطلقاً وما لبثت أن قراره هذا على علاقة مع عشاء ليلة أمس حين راح البروفيسور يتحدث عن لوكا وألحت زوجته على ابن أخيها ان يصطحب عروسه في جولة سياحية .
قالت في صوت منخفض ونبرة خجولة : هذا ليس ضرورياً .
أجابها رافايللو : دعني أحكم على ذلك .
شعرت بالغضب يختبئ خلف كلماته ولم تتفاجأ بذلك لقد أجبرته عمته بشخصيتها المسيطرة على اصطحابها في جولة سياحية بدا واضحاً مدى انزعاجه لأنه سيضيع نهاره برفقة امرأة اختارها لأنها من حثالة البشر …..
لا يمكنني أن أترك بنجي .
وجدت ماغي نفسها عاجزة عن النظر في عينيه فأخذت تنظر هناك فخفضت بصرها قليلاً لكن ذلك لم يكن أفضل أخيراً أزاحت نظرها بعيداً عنه كلياً لكي ترتاح وأخذت تنظر نحو أشجار السرو التي تملأ الحديقة .
_ سيكون بنجي بخير هنا فعمتي وماريا ستهتمان به كثيراً وتأكدي أنه سيفرح برفقتهما .
نظر رافايللو إلى ساعته الذهبية الغالية الثمن وتابع يقول : أفضل أن ننطلق بعد نصف ساعة أرجوك كوني مستعدة لذلك .
هز رأسه وسار ليختفي داخل الفيلا .
تنهدت ماغي وفكرت بما عليها فعله .. هل تصر على موقفها وترفض الخروج معه ؟ إنها بالتأكيد تريد ذلك .. مجر التفكير أنها ستمضي وقتها برفقته هو أمر بغيض فما بالك بالخروج معه في جولة سياحية حول المدينة وهي تعلم أنه يتمنى هلاكها ؟ لماذا بحق السماء يريد الخروج معها ؟ كان يستطيع بالتأكيد أن يتذرع بالعمل كي يقنع عمته بعدم قدرته على مرافقتها إضافة إلى ذلك ومهما حاول التخفيف عنها من الصعب عليها أن تترك بنجي لوحده فهي لم تبتعد عنه مطلقاً منذ ولادته .
لكن بالرغم مما فكرت به ماغي حين ذهبت لتبحث عن بنجي وجدت أنه لا يفتقدها أبداً لقد شعر بالفرح مع ماريا وعمة رافايللو وبدا متحمساً جداً وهو يلعب على الدراجة .
أسرعت ماريا نحو ماغي وهي تقول : اذهبي الصغير سعيد جداً وهو لا يلاحظ غيابك إن رآك الآن سيتعلق بك من جديد لذا اذهبي الآن إن شعرت أنه حزين في غيابك سأتصل ب السنيور ليعيدك على الفور إلى المنزل لقد وعدني أن يفعل ذلك لكننا سنهتم جيداً بالطفل وكأنه ابننا أنا معتادة على الاهتمام بالأطفال لطالما اهتممت بأطفال كثيرين قبله هيا اذهبي !
أبعدت ماريا ماغي وعادت تحدث بنجي وكأنها تقدر شجاعته على ركوب الدراجة .
أدارت ماغي ظهرها ومشت مبتعدة .. كانت تعلم في داخلها أم من المفيد أن يبدأ بنجي بالشعور بالسعادة بعيداً عنها فحين يعودان إلى لندن ويتخذان لنفسيهما شقة خاصة يعيشان فيها سيكون الوقت ملائماً ليتعرف بنجي على مجموعة أطفال في سنه ويبدأ بالذهاب إلى الحضانة حين صعدت إلى غرفتها لكي تجهز نفسها ارتدت تنوره قطنية ذات لون كاكي ورغم أنها بدت واسعة عليها قليلاً إلا أن مجرد كونها تنوره جعلها مميزة أكثر من غيرها وارتدت معها قميصاً قطنية ذات لون أبيض حملت ناغي حقيبتها التي بدت شبه فارغة لخلوها من الأغراض التي تخص بنجي ونزلت إلى الطابق الأرضي .
وقفت في الصالة الكبيرة تتساءل عما عليها فعله الآن تمنت ألا تضطر إلى مواجهة والد رافايللو مجدداً لحسن حظها كان والده في الغرفة المجاورة وقد أُقفل الباب لكنها تأكدت من وجوده هناك لدى سماعها أغاني الأوبرا تخرج منها إنها موسيقى لفيردي …..
رغم أنها لا تمتلك جهاز ستيريو متطوراً لكنها اشترت راديو صغيراً وتعودت أن تمضي كل مساء بعد أن ينام بنجي وهي تقرأ وتستمع إلى الأخبار اليومية والبرامج العلمية وأن تستمتع بالموسيقى عبر إذاعة الموسيقى الكلاسيكية المفضلة لديها .
جعلها سماع وقع خطوات تأتي من الأعلى تستدير نحو الدرج كان رافايللو ينزل الدرج وقد بدا لها ممتلئاً بالقوة وهو يرتدي بنطلوناً قطنياً من اللون الكاكي أيضاً مع قميص بولو وقد ألقى سترته الحريرية فوق كتفه وهو يمسكها بإصبعه أما في يده الثانية فكان يحمل نظارته الشمسية وقفت ماغي وهي تحمل حقيبتها أمام صدرها تنتظر أوامره محاولة عدم التفكير بمدى وسامته ورجوليته .
_ هل أنت جاهزة ؟ جيد !
بدت نبرته حادة وغير شخصية كالمعتاد توجه نحو الباب الرئيسي ومشت ماغي خلفه تماماً بهرتها الشمس خارجاً فضاقت عيناه وراحت تلحق بخطواته وهو يشق طريقه إلى المرآب خلف الفيلا .
حين وصلا إلى المرآب وجه إليها التعليمات قائلاً : انتظريني هنا ! .
نفذت ماغي تعليماته على الفور فيما أكمل طريقه إلى السيارة لحظات وبدأ صوت السيارة يهدر كالتنين وظهرت أمامها فجأة سيارة فخمة مكشوفة إنها إحدى السيارات الرياضية الأغلى ثمناً .
أوقف رافايللو السيارة إلى جانب ماغي تماماً ثم نزل منها ليفتح لها الباب قائلاً : ادخلي … ! .
صعدت ماغي إلى السيارة وهي تشعر بالخوف وما إن استقرت في المقعد حتى انحنى رافايللو فوقها ليضع لها حزام الأمان .
تجمدت ماغي في مكانها فهو لم يقترب منها جسدياً بهذا الشكل من قبل تراجعت في جلستها إلى الخلف قدر ما استطاعت وبعد وقت قصير كان قد اتخذ مجدداً وابتعد عنها وضع نظارته السوداء وأدار المحرك مجدداً ثم أخرج السيارة نحو الطريق مسرعاً تمسكت ماغي جيداً كأنها تحاول الحفاظ على حياتها الغالية في إحدى الألعاب الخطيرة في مدينة الملاهي فيما هما يتوجهان نحو الأوتوستراد الذي يقع في وادي ريرآرنو .
6 _ .. وهي امرأة أخرى !
بدت جدران لوكا التراثية مثيرة للإعجاب تماماً كما وصفها الدليل السياحة الخاص بماغي لكن رافايللو لم يقصد تلك الجدران ولا الكاتدرائية سان مارينو أو كنيسة سنترو ستوريكا القديمة ولا حتى متحف بوتشيني الذي يضم نصباً تذكارياً لأشهر أبناء لوتشيا بدلاً من ذلك وجدت ماغي نفسها تقاد إلى مبنى ضيق ذي واجهة أنيقة شعرت في تلك اللحظات بدوار قوي لكثرة ما تطاولت بعنقها في جميع الاتجاهات بذهول فأينما نظرت كانت تجد عجائب تاريخية لمدينة توسكانا القديمة حتى الكنائس والمطاعم والمقاهي بدت ذات طابع قديم جداً ما أثار إعجاب ماغي بالتصميم العمراني الإيطالي العظيم .
أشار رافايللو نحو باب المدخل وقال : تعالي .
رأت ماغي مكتب الاستقبال يشع بالأنوار تجلس خلفه امرأة أنيقة في العشرينيات من عمرها رفعت تلك المرأة نظرها عن دفتر المواعيد وهما يدخلان ثم شع وجهها .
قالت بلغة إيطالية طلقة : رافايللو !
نظرت من خلف المكتب بحماس واقتربت من رافايللو وعانقته قال لها شيئاً ما وهو يضحك وبدا واضحاً أنه يمازحها ثم بدأ بالكلام .
وقفت ماغي على بعد خطوات منهما وقد فهمت من تعابير وجه المرأة ومن النظرات التي ألقتها نحوها بين الحين والآخر فيما هي تستمع لرافايللو أنها هي بالذات موضوع تلك المحادثة .
تشبثت ماغي بشكل لا إرادي بحقيبتها وشعرت بالاحمرار يعلو وجنتيها كانت على وشك الاستدارة للتحديق عبر النافذة إلى الشارع الضيق حين أطلقت المرأة ضحكة طويلة وصفقت بيديها وهي تلتفت نحو ماغي .
قالت لها بالإنكليزية : تعالي ! تعالي ! هناك أشياء كثيرة علينا القيام بها وليس لدينا الكثير من الوقت آه لكن النتيجة ستكون مذهلة ! .
توجهت المرأة نحو رافايللو وهي تبتسم قائلة : سندع رافايللو يذهب الآن فلا حاجة لنا به هنا ولن أنتظر رأيه في ذلك أبداً .
ثم نظرت نحو رافايللو وأومأت له بيدها وهي تقول ممازحة : هيا .. هيا ارحل من هنا الآن .
تمكنت ماغي من التكلم أخيراً : أرجوك ما الذي يحدث هنا ؟
لمعت عينا المرأة السوداوان بشكل لعوب وهي ترد عليها قائلة : إنها مفاجأة !
نظرت ماغي بقلق نحو رافايللو ويداها تتشبثان ببعضهما بقوة فوق مقبض حقيبتها لم تتمكن من فهم تعابير وجهه لكنه قال بضع كلمات للمرأة الغريبة فهزت رأسها وخرجت إلى غرفة أخرى وقف ينظر إلى ماغي قليلاً بينما وقفت هي والقلق باد عليها بوضوح .
قال لها وقد بدا صوته أكثر مما أراد : لا داعي للقلق فقط ضعي نفسك بين يدي أوليفيا وستكونين بخير .
قالت بصوت مخنوق : لم أفهم بعد .
نظر نحوها للحظات طويلة هذه المرة كأنه يجد صعوبة في إيجاد الكلمات المناسبة : لو أمكنني محو ما سمعته من والدي هذا الصباح لفعلت ولكن ذلك ليس بمقدوري لذا كل ما يمكنني فعله هو إثبات العكس .
بدا وجه ماغي جامداً كالجليد كأن قناعاً وضع فوقه لكن عيناها فضحا ما تشعر به وجعلت رافايللو يرى الألم من خلالهما .
قالت بهدوء وصوت خالي من أي تعبير : لكنك لن تتمكن من إثبات عكس ما قاله والدك لأنه قال الحقيقة أليس كذلك ؟ ماذا قال ؟ إنني .. إنني أمثل أقبح إهانة تمكنت يوماً من تقديمها إليه إنني على النقيض تماماً من صورة المرأة التي كان من الممكن أن ترحب بها عائلتك كزوجة لك . ولهذا السبب بالذات تزوجتني لهذا السبب تزوجتني أنا ولم تختر امرأة من عالمك الخاص … لكي تهين والدك .
أطلق صوتاً من حنجرته كأنه يهم بالكلام لكنها تابعت كلامها : أخبرتك أن ذلك لا يهم وهو فعلاً لا يهمني فأنت تدفع لي المال من أجل ذلك ولهذا السبب لا يحق لي الاعتراض والاحتجاج .
شعر رافايللو بألم قوي في داخله وكأن سكيناً يمزق صدره قال لها : تقولين أن هذه هي الحقيقة ماغي .. لكنها ليست كذلك سبق وبرهنت لي أنها مجرد كذبة وكذلك لعمتي وزوجها و ماريا و غوسيب والآن أريد فقط إنهاء المهمة .
حدقت فيه وقالت : أي جزء تعتبره كذبة ؟ أخبرني ؟ أن بنجي ليس لديه والد ؟ أنني أرتدي ثياباً بالية ؟ أنني أعيش من تنظيف الشقق ؟ أم أنني لست المرأة المناسبة لتكون زوجتك ولا أستحق سوى أن أكون كالتراب تحت الأقدام ؟ أي جزء هو كذبة ؟
كانت ماغي تنظر إليه دون ان تبدو على وجهها أي تعابير واضحة لكن المشاعر راحت تغلي في داخله بقوة أحد تلك المشاعر كان الشعور بالغضب إنه الغضب نفسه الذي جعله يأتي بها إلى هنا وإلى جانب الغضب تملكته مشاعر أخرى إنه الشعور بالذنب ….
لم يعد يستطيع امتصاص ما كان يخفيه أكثر فقال : أنت لست أول امرأة تنجب طفلاً يتخلى عنه والده من الواضح أنك تملكين ذكاءً يخولك ان تكوني شخصاً افضل لست مذنبة بسبب أصلك الفقير المهمل تماماً مثل ابنك أما بالنسبة لمظهرك .. حسناً ! هذا ما سنتكفل بتغيره الآن .
أنهى رافايللو كلامه والتفت بعيداً عنها لم يكن يريد أن يراها وهي تنظر إليه حاملة جراحها وألمها خلف ذلك القناع الوهمي الذي يخفي مشاعرها الحقيقية .
نادى رافايللو : أوليفيا … !
دخلت أوليفيا من الغرفة الثانية تكلما بالإيطالية وقد بدا التساؤل على وجهها .. ثم قالت بالإنكليزية : إذاً لقد أصبح واضحاً ما سنقوم الآن ؟
ثم ابتسمت لماغي وقالت : جيد .. فلنبدأ الآن .
قال رافايللو لماغي : سأعود لاحقاً .
ومشى خارجاً .
حدقت ماغي به بيأس ما الذي يجدر بها أن تفعله الآن ؟ هل عليها أن تلحق به وتخبره .. ماذا ستقول له ؟ إنها تفضل العودة إلى لندن وعدم رؤيته أو رؤية أحد من أفراد عائلته أو حتى رؤية فيلا توسكانا الفخمة بعد الآن حسناً .. ! لن تتمكن من فعل هذا لقد قامت بتوقيع عقد زواج ولن تتمكن من تغيير هذا الواقع حتى يقرر رافايللو دي فيسنتى أن الوقت قد حان لتعود إلى إنكلترا وذلك بعد تأكده من عدم وجود احتمال لجعل الزواج باطلاً أو المخاطرة بإثبات أنه مجرد ضرب من ضروب الاحتيال وبذلك تعود الشركة إلى يد والده من جديد .
جلس رافايللو في المقهى ينظر نحو الساحة الخارجية التي كانت مدرجاً رومانياً منذ ألفي سنة باستثناء شراء غرض واحد فقط أمضى حتى الآن اكثر من ساعتين يتجول في المدينة زار كنائس كثيرة متجاهلاً نظرات السائحات والإيطالية على حد سواء فهو لا يبادل النساء النظرات حين يكون معكر المزاج .
لقد جعله الاندفاع والشعور بالذنب يحضر تلك الفتاة الفقيرة الهزيلة إلى صالون أوليفيا للتجميل كي يحسن مظهرها قليلاً .. وبأي شكل كان لكنه ربما لم يقدم إلى تلك الفتاة أي خدمة بجعل أوليفيا تحسين من مظهرها عبس رافايللو حين وردت تلك الفكرة في ذهنه .. ربما لا أمل في تجميل مظهرها مهما حاولت أوليفيا أن تفعل ربما لم يفعل شيئاً بإحضارها هنا سوى تعريضها للإذلال والإهانة من جديد .. ألم يقم بإهانتها بقدر كاف حتى الآن ؟
أومأ للنادل كي يحضر له فنجاناً آخر من القهوة ثم رفع جريدته مجدداً يتابع تصفحها فربما تجعله مآسي العالم ينسى شعوره بالذنب قليلاً .
بعد أربعين دقيقة رن هاتفه فمد يده إلى جيب سترته ليخرجه منها .
_ مرحباً … !
_ رافايللو لقد انتهينا سنلاقيك في المطعم .. أراك هناك .
كانت أوليفيا توجه فوراً إلى المطعم حيث سبق له أن حجز طاولة للغذاء عندما دخل وقع نظره حالاً على أوليفيا كانت تجلس أمام المنضدة قد ازدحم المكان بالناس أشارت له بيدها فتوجه مباشرة نحوها متسائلا ما الذي فعلته مع ماغي ساوره شعور بالإحباط مجدداً ربما وجدت أوليفيا أنه من المستحيل تحويل ماغي إلى فتاة جميلة وأنيقة فتركتها في الصالون بينما أتت كي تنقل إليه الأنباء السيئة .
عندما اقترب رافايللو أكثر لفتت نظره امرأة تجلس أمام المنضدة أيضاً وهي تدير ظهرها نحوه كان هناك الكثير من النساء لكن تلك الفتاة استرعت انتباهه كثيراً راقبها بعينيه مطولاً كانت تجلس باستقامة دون حراك مرتدية قميصاً من الحرير بنية اللون دون أكمام بدن طويلة القامة وشعرها متميز باللون البني الفاتح تتخله خصل شقراء وهو ينسدل كالموج الناعم فوق كتفيها وجد رافايللو نفسه يفكر كم تبدوا تلك الفتاة مثيرة للاهتمام فهي تملك شيئاً مختلفاً .
أرادها أن تستدير نحوه ليرى إن كانت جميلة فعلاً بقدر ما تبدو من الخلف لكنه تذكر فجأة ان الوقت ليس مناسباً الآن ليقدر جمال وسحر نساء أخريات لذا عاد لينظر مباشرة نحو أوليفيا راحت تراقبه وهو يقترب وعيناه مأخوذتان تماماً بتلك المرأة الجالسة بقربها ما إن وصل بالقرب من المنضدة سألها بالإيطالية : حسناً ! كيف جرت الأمور ؟
حضر رافايللو نفسه لسماع الأسوأ حين نظر نحوه ولم يجد أثراً لماغي أجابته أوليفيا بحماس : احكم بنفسك .
نظر حوله مجدداً لكنه لم يتمكن من رؤية تلك الفتاة الفقيرة التي تركها مع أوليفيا في الصباح صمم رافايللو على تجاهل الفتاة المثيرة التي تدير ظهرها نحوه .. يجب ألا تشتت ذهنه بل عليه اعتبارها كأي شخص عابر .
قالت أوليفيا : ماغي ……..
رغم محاولته التفتيش عن ماغي لم يستطع رافايللو منع نفسه من مراقبة تلك الفتاة بطرف عينه أما هي فقد اختارت تلك اللحظة بالذات لكي تستدير في جلستها نحوه لم يستطع مقاومة مشاعره فالتفت لينظر إليها .
مرت لحظة بدا فيها غير مصدق لما يراه ربما هناك خطأ ما في عينيه … ! لا بد من ذلك فالمرأة أمام البار تملك وجه ماغي .. لكنها ليست ماغي إنها امرأة مدهشة جذبت عيوناً كثيرة غير عينيه .
أخذ نفساً عميقاً وقال : يا إلهي لا أصدق ما أراه !
أطلقت أوليفيا صرخة ابتهاج لكن رافايللو تجاهلها وظل يحدق غير مصدق لما يراه إنها ماغي ! لكنها لا تبدو هي نفسها ! لقد تغيرت ملامحها كلياً الآن وقد ترك هذا التغيير أثاراً واضحة لم تعد بشرتها شاحبة وقد زالت جميع الشوائب منها كما اختفى الوهن والشحوب وظهر جمالها الحقيقي المشرق بدت عيناها أعمق وأوسع وأكثر جمالاً أما وجهها فبدا ناعماً وقد انسدل شعرها على جانبيه ونحتت وجنتاها بشكل يلفت النظر نحو عينيها الجميلتين بذهول أما فمها ….
شعر رافايللو بانقباض في معدته رؤيتها جعلته يود تمرير يده في شعرها ومعانقتها .
_ هل أحببت هذا التغيير ؟
صوت أوليفيا الممازح هو ما أعاده إلى رشده لكن تركيزه لم يدم طويلاً فقد عادت عيناه مجدداً تراقب ماغيالتي بالكاد تمكن من التعرف عليها بدت نحيفة ذات جسد جميل ولم تعد تبدو هزيلة بالنسبة إليه يا إلهي ! كيف تمكن من التفكير أنها هزيلة ؟ لقد بدت كشجرة الصفصاف مرنة ورشيقة .
لم يتمكن من إبعاد نظراته عنها أما هي فراحت تبادله النظرات وقد بدا عليها الذهول أيضاً تساءل لما تشعر بالذهول لكنه توقف سريعاً عن التفكير في ذلك وأخذ يتفحص جسدها النحيف ثم عاد لينظر إلى وجهها من جديد .
بدا رافايللو غافلاً عن كل ما حوله حين سمع أوليفيا وهي تمر بجانبهما وتقول : وداعاً رافايللو ! استمتع بوقتك ..
لكنه لم يعرها أي اهتمام .
لم يسعفه صوته تماماً فقال بتلعثم : ماغي ؟
عضت ماغي شفتها فجعلته حركتها المألوفة هذه يتأكد بأن تلك هي نفسها الفتاة الفقيرة التي استغلها بغطرسته ليصل في النهاية إلى مبتغاه فعاملها بلا مبالاة كأنها مجرد أداة مثالية تخدم هدفه لإيذاء والده .
تضاربت المشاعر بداخله بعضها كان مألوفاً لديه وبعضها الآخر بدا جديداً تماماً حتى تلك اللحظات كان أفضل شعور أحسه تجاهها هو الشفقة .. شفقة لا مبالية على تلك الفتاة القبيحة غير المحبوبة .. شفقة ممزوجة بالشعور بالذنب لأنه عرضها للقدح والذم من قبل والده وللصراخ في وجهها وتوجيه كلام قاس وجارح لها لم يشأ أن يجعلها يوماً تدرك سبب اختياره لها لم يتعمد أبداً أن يرمي الحقيقة البشعة في وجهها بهذا الشكل .
عاد ضميره يؤنبه هل ظن ان بإمكانه إعطائها المال وجعلها تقبل بهذا الإذلال وتبقى صامتة ؟ إن سماعه كلمات الإدانة التي تلفظ بها هو نفسه تجري على لسان والده جعله يدرك وللمرة الأولى كم كان متحجر الفؤاد ها قد تبين له الآن أنه كان مخطئاً وان والده كان مخطئاً يا إلهي ! كم كان على خطأ … !
تزايد إحساسه بالذنب لكن هذا الإحساس جديد عليه .. وهو يكاد يفقده صوابه .
شعرت ماغي أنها تترنح وراحت دوامة من الأفكار تدور في رأسها أفكار خشيت ان تعترف بها .. تمسكت بأكثر هذه الأفكار بساطة ووضوح ومع ذلك شعرت بالصدمة وعدم التصديق رافايللو دي فيسنتى الوسيم المتغطرس الرجل الذي يخطف الأنفاس رافايللو دي فيسنتى الذي كان منذ وقت قصير يتهرب منها ويتجنبها كأنها مرض معدي .. ينظر إليها الآن و كأنها .. كأنها امرأة حقيقية من لحم ودم .. وكأنها امرأة جذابة تدير رؤوس الرجال .
بدا الأمر وكأنها ولدت الآن بالنسبة إليه بل كأنها لم تكن موجودة أصلاً من قبل ما جعلها تشعر بالإهانة لا تشعر بها إلا المرأة المنبوذة لم تكن بالنسبة إليها أكثر من خردة لا تستحق أن ينظر إليها أما الآن .. فكما لو أن أحدهم قام بنفض الغبار عنها وأعاد إليها بريق الحياة في نظره إنها هنا الآن أمامه .. امرأة تضج بالحياة .
هذه الفكرة أيقظت فكرة أخرى من تلك الأفكار التي جعلتها تترنح إن رافايللو دي فيسنتى يملك تأثيراً مدمراً عليها فمجرد وجوده قربها وتفحصه لها بإمعان من رأسها حتى قدميها يعني أنه اعتبرها امرأة جديرة باهتمامه جعلها ذلك تشعر كأن ألسنة من النار الملتهبة تلفحها في كل أنحاء جسدها .
بدت تلك اللحظة بلا نهاية .. بعدئذ لاحظت ماغي _ وبصورة ضبابية _ أحدهم يقف بالقرب منهما ويقدم لهما باحترام بالغ لائحتي الطعام المغلفتين بغلاف جلدي تمتم الرجل بضع كلمات جعلت رافايللو يسلخ نظراته عن ماغي ثم يأخذ منه لائحتي الطعام قائلاً لها : ماذا تودين أن تأكلي ؟
سمعت ماغي حشرجة في صوته لم تسمعها من قبل ما أرسل ارتعاشه خفيفة في عمودها الفقري .
في الواقع كان جسدها بأكمله ما زال يرتجف ليس فقط بسبب نظرات رافايللو بل إن الساعات الثلاث التي أمضتها لدى أوليفيا بدت لها تجربة فريدة من نوعها وغير عادية بالنسبة إليها فقد استسلمت ببساطة ليدي أوليفيا الخبيرتين و لحماسها وابتسامتها لتضفي على جسمها وشعرها لمسات الجمال السحرية .
لم تكن ماغي تعلم حتى بوجود هذا النوع من صالونات التجميل ! قامت مجموعة من أخصائيات التجميل بتنظيف جسمها وفركه بالكريمات كما غسلن شعرها وقصصنه وصبغته ثم صففنه في تسريحة أنيقة بعدئذ قامت أوليفيا بوضع الزينة على وجهها بعناية حتى أنها لم تصدق عينيها حين رأت صورتها في المرآة أخيراً اصطحبتها أوليفيا إلى غرفة تبديل الملابس حيث رأت مجموعة رائعة منها هناك اختارت لها ثوباً حريرياً أنيقاً وهي تقول بنعومة : ألم أقل لك إنني سأجعلك تبدين رائعة الجمال ؟ وهذا ما فعلته .
هذا ما حصل بالفعل ! شعرت ماغي أنها تسير في الهواء كما شعرت سندريلا تماماً حين قابلتها الجنية وزودتها بالثياب والزينة اللازمة لحفلة الأمير عبرت ماغي عن امتنانها التام للمرأة الأخرى التي راحت تضحك قائلة : حسناً ! والآن لنجعل رافايللو يراك وسوف يسقط فكه على الأرض من شدة اندهاشه .
شعرت ماغي بالتوتر حين اقترب رافايللو منها يعطيها قائمة الطعام وكادت يده تلمس كتفها سألها : هل تودين ان أترجم لك لائحة الطعام ؟
ابتلعت ريقها وتمكنت من همس بضع كلمات وقالت : أود .. أود أن أطلب طبقاً خفيفاً فقط .
التقت نظراتهما معاً فرأت ماغي لمعاناً ذهبياً يشع من عينيه اللتين أحاطتا بهما رموشه الكثيفة ما أعطاه مظهراً مثيراً كما تنشقت رائحة عطره الذي أعطاه سحراً رجولياً خاص شعرت بدوار في رأسها وبأنفاسها تنقطع .
عاد رافايللو واستقام في جلسته ثم ابتسم وقال : حسناً .
تغيرت تقاسيم وجهه حين ابتسم ما جعلها تشعر بالدوار مجدداً رأته يبتسم بالأمس لعمته وكذلك هذا الصباح لأوليفيا لكن هذه المرة .. هذه المرة كان يبتسم لها بشكل خاص لم تصدق أن هذا يحدث فعلاً لا بد أنها تحلم ..
لكن .. إن كان هذا حلماً فهي لم تستفق منه بعد أمسك رافايللو بمرفقها مما جعلها تشعر كأن جسدها يحترق تحت لمسة يده أحست بشيء غير عادي في داخلها كأن فراشات غير مرئية أخذت تطير حولها بينما رافقها رافايللو إلى باحة المطعم الخلفية المزينة بالزهور حيث وزعت طاولات أنيقة .
أخذت مكانها وهي تشعر بالرعب من التعثر بسبب كعبي حذائها المرتفعين اللذين لم تعتد عليهما لكنها أحسنت التصرف ولم تواجه المشاكل بل جلست خلف الطاولة وعيناها لا تريان سوى رافايللو دي فيسنتى .
للحظات وبينما تلهى رافايللو بطلب الطعام حاولت ماغي تقبل الأمور بهدوء لتقنع نفسها بأنها تحلم من يصدق أنها تجلس هنا في هذا المكان السحري مع أكثر الرجال وسامة في العالم ؟ بعد أن أنهى رافايللو طلب الطعام عاد لينضم إليها رأت أشياء في عينيه جعلت الفراشات الوهمية تطير بشكل دائري متناسق فوق
رأسها .
قال لها بينما أخذت عيناه تراقبان وجهها وشعرها : إنه أمر مذهل ! لا أعرف ما أقول .
وبسط يديه بتلك الإيماءة الإيطالية المعهودة لديه .
تحركت ماغي قليلاً في مكانها بعدم ارتياح وقالت بصوت متوتر : إنه تأثير مساحيق التجميل .. وسوى كذلك …
ردد رافايللو خلفها : سوى ذلك ؟ آه نعم ! لقد كنت أعمى .. أعمى حقاً هذا كل ما في الأمر .
ظهرت نبرة تثير الاستغراب في صوته التقت نظراتهما مجدداً فلمحت ماغي في عينيه تعابير غريبة جعلتها تشعر ..تشعر بماذا ؟ لم تتمكن من وصف مشاعرها .
عاد رافايللو ليتكلم : لقد كنت أعمى عن كل شيء والآن أسألك …
تغيرت نبرة صوته وتابع : .. أسألك إن كان بإمكانك مسامحتي لأنني كنت أعمى وأرجو أن تقبلي هديتي عربوناً للسلام بيننا .
مد يده إلى جيب سترته وأخرج علبة دائرية ملفوفة بورقة فضية اللون مربوطة بشريط ذهبي ووضعها أمامها كانت تلك العلبة ثمرة تسوقه طوال النهار .
قال بصوته المميز : هيا ! افتحيها .
أطاعته ماغي بتردد وفتحت العلبة وما إن فكت الشريط حتى ظهرت علبة مجوهرات زرقاء اللون بدأت معدتها تتقلص كأن الفراشات أصبحت تدور في داخلها .
داخل العلبة وجدت عقداً جميلاً مصنوعاً من الذهب مصمماً بإتقان حدقت فيه وعيناها ترمشان .
_ هل تقبلينه كعربون لندمي على معاملتي القاسية لك ؟
أتى صوته الهادئ منخفضاً ومتميزاً بتلك النبرة التي لم تفهمها لكنها لم تكن في حالة تسمح لها بتحليل معنى نبرته الغربية تصلبت حنجرتها وقالت : لا يمكنني قبول هذا أرجوك .. إنها أمر غير ضروري أنت تدفع لي الكثير من المال …
قطع رافايللو كلامها حين مد يده ووضعها فوق يدها ثم قال لها بحدة : لا !
جعلها صوته تنظر نحوه بخوف أما هو فتابع : لن نتكلم عن هذا الآن .
ثم غير نبرته وقال : .. إن كان العقد يعجبك ضعيه الآن أظنه مناسباً للثياب التي ترتدينها .
فكرت ماغي أنه محق ليس عليها اعتبار تلك الهدية سوى إكسسوار إضافي لثيابها فكل التغيرات التي قامت بها أوليفيا هي جزء مما يريد رافايللو تغيره فيها .
أطاعته مجدداً وأخذت العقد من العلبة بدا خفيفاً جداً وقد صنع ليلبس بشكل عملي ارتبكت أصابعها خلف رقبتها وهي تحاول وضعه وفي لحظة كان رافايللو قد وصل إليها فأزاح شعرها ومرر أصابعه لتلامس يديها وتأخذ العقد من بين أصابعها تمتم وهو يلبسها إياه : اسمحي لي …
أصبحت الفراشات بداخلها تدور بشكل جنوني وشعرت كأن الدماء تهرب من شرايينها ارتعشت أعصاب رقبتها بسبب إحساسها المرهف .. ليتها تستطيع التمسك بتلك اللحظة للأبد .. إنها تشبه الجنة !
أغمضت عينيها لتستمتع بذلك الشعور الجميل الأخاذ لكنه انتهى بسرعة وعاد رافايللو إلى مكانه ليراقب عمله الفني المميز ثم قال : اليوم سنبدأ بداية جديدة .
وأخت عيناه تشربان من جمالها كأنها شراب معتق نادر .
فكرت ماغي أن يومها يبدو شبيهاً بالحلم وان رافايللو يبدو إنساناً مختلفاً وكأنه ليس الشخص نفسه الذي لم ير فيها سوى فتاة سيرحب بها والده كزوجة له بدا لها كأن رافايللو هذا قد اختفى وظهر مكانه أكثر الرجال وسامة في العالم ليجلس أمامها ويعاملها وكأنها أميرة شعرت باندفاع محموم في أحاسيسها وحاولت بصعوبة إبقاء قدميها على الأرض ومنع الفراشات التي في داخلها من جعلها تحلق عالياً .
خلال الغذاء الذي شعرت كأنه لحظات قصيرة تنتهي بسرعة حاول رافايللو إبقاء الأحاديث عامة وغير شخصية أخبرها عن لوكا وعن توسكانا و إيطاليا .. تنوعت الأحاديث بدء من التكلم عن تاريخها وصولاً إلى العصر الحالي وعادات المجتمع المعاصر …
ورغم التوتر الشديد في بداية الأحاديث وعدم تمكنها من مبادلته الكلام بسهولة إلا أنها تبدلت كثيراً مع الوقت وأخذت تسأله بحماس تماماً كما فعلت مع زوج عمته بالأمس وتدريجياً وجدت نفسها مرتاحة وراحت تتكلم بشكل طبيعي .
حاولت تخزين هذه اللحظات كذكريات غالية كحلم لا يصدق حدوثه في حياتها الحقيقية ظلت تحس طوال الوقت كأن تياراً كهربائياً يسري في جسدها ما جعل من الصعب عليها التوقف عن التحديق بوسامته الإيطالية التي جعلته رجلاً كامل الأوصاف .
ومع انتهاء الغذاء عادت ماغي إلى العالم الواقعي .
بنجي ! ارتجف جسدها لشعورها بالذنب وبينما وضع رافايللو بطاقة اعتماده على الطاولة ليأخذها النادل قالت له ماغي : أرجوك .. هل من الممكن .. أن أتصل بماريا .. كي أطمئن على بنجي ؟
ابتسم لها وقال : بالطبع ! .
أخرج هاتفه الخليوي وطلب رقم المنزل ثم تكلم سريعاً وأقفل الخط .
قام بنقل الأخبار لماغي فقال : تصرف بنجي بشكل ممتاز هذا الصباح فأكل فطوراَ كاملاً وهو الآن ينام بسلام لكن ماريا تقترح أن تكوني إلى جانبه عندما يستيقظ في هذه الحالة علينا ترك الجولة الكبرى حول المدينة إلى مناسبة أخرى أما الآن فلم نتمكن من القيام سوى بجولة قصيرة ونتمشى بجانب قسم الجدران الأثرية ستكون هذه النزهة ممتعة .
اتجها خارج المطعم وبدأا المشي تحت الخيمة الخارجية التي تحمي من أشعة الشمس وتعمدت ماغي فتح حقيبة يدها لإخراج نظارتها الشمسية التي أعطتها إياها أوليفيا كان من الأسهل لها ان تنظر من خلال النظارة دون ان يتمكن أحد من رؤيتها وفيما هما يشقان طريقهما تعمد رافايللو أن يمسكها من مرفقها وأدركت ماغي فجأة بأن وجودهما معاً في هذا المكان لفت أنظار الموجودين .
بدا واضحاً ان الرجال ينظرون نحوها بإعجاب من كل الاتجاهات سواء كانوا يمرون بقربها أو يراقبونها من بعيد وهم داخل المقهى بدت نظرات الناس متفحصة لدرجة أشعرتها كأنها ترتدي ثياباً غير محتشمة وحالما شعرت بالخجل اقتربت ماغي من رافايللو بشكل عفوي غير مقصود .
نظر رافايللو نحوها وقد ظهرت ابتسامة ملتوية عند طرف فمه وقال لها : في إيطاليا لا نشعر بالخجل من إبداء إعجابنا بامرأة جميلة لا تقلقي طالما أنا بجانبك لن يتمكنوا من القيام بشيء سوى النظر إليك من بعيد .
ثم اصبح صوته اكثر جفافاً وتابع قائلاً : لكنني لا أنصحك بالتجوال بمفردك إذ ستتعرضين لبعض المضايقات .
شعرت أن وجهها يتلون خجلاً واسترجعت كلمات رافايللو في ذهنها لقد وصفني بالمرأة الجميلة !
تابعت سيرها وهي تشعر بالذهول .
أصبح السير بجانب الأسوار التاريخية أسهل إذ زاد عدد السياح والمارة فلم تعد ماغي تجذب الأنظار كالسابق
ابتعدت قليلاً عن رافايللو وتجاوب هو معها على الفور وأخذ ببساطة يجاريها في المشي .
كانت ماغي تشعر بمتعة كبيرة كلما توقف رافايللو كي يدلها ويشرح لها عن جزء مميز من الجدران التي تحيط بالمدينة .
_ لقد شيد سكان لوكا الأغنياء منازلهم الفخمة في القرن السادس عشر في الأرياف المحيطة بالمدينة والتي في أغلبها الآن مفتوحة أمام السياح ربما نذهب لرؤيتها في يوم آخر هناك الكثير لتشاهدينه في توسكانا حتى أنك ستحتارين أي مكان تختارين لزيارته .
فجأة استيقظت ماغي من حلمها الجميل وقالت : أرجوك أنا متأكدة من أنك ستنشغل كثيراً بأعمالك الخاصة .
أجابها رافايللو بتلقائية : ليس لدي عمل ملح هذه الفترة .
اجتماع مجلس الإدارة الذي سيعلن فيه رافايللو رئيساً للمجلس لن يعقد قبل الأسبوع المقبل والتأخير لن يوتر رافايللو فوالده لن يتمكن من التهرب من تطبيق الاتفاق المبرم بينهما .
شرد ذهنه قليلاً لم يشأ أن يفكر بوالده الآن تصاعد الغضب بداخله وظهرت ابتسامة غريبة على فمه فكر أنهما حين يعودان إلى المنزل سوف يجبر والده على رؤية ماغي الجديدة كي يمحو من ذهنه صورة تلك الفتاة التي رماها في وجهه منذ أيام .
نظر رافايللو نحو رأسها ذي الشعر الحريري الذي بالكاد يصل حتى كتفيه إنه لم يتمكن بعد من استيعاب التحول الذي حل بماغي .. إنه فعلاً تحول مذهل كانت تمشي إلى جانبه وقد بدت وقفتها ملفتة أما فستانها
فقد أظهرت قصته قوامها الرشيق بدا فستانها بسيطاً لكن رافايللو يعلم أن سعره ليس بالبساطة نفسها .. حسناً ! بدا الأمر كالحلم فهي ليست هزيلة لكنها ذات قوام نحيف وليست شاحبة … بل مشرقة …
بمظهرها الحالي ستتمكن من محو أي فكرة مسبقة عنها .. لذا سيجعل والده بالتأكيد يراها الآن سيجعله يعترف بذكائها وثقافتها الشخصية التي بنتها بمفردها وكذلك بمستواها المعيشي الجديد الذي قدمه لها سيجعله يرى أن كل وصف قاس وصفها به كان خاطئاً وبأن السبب الوحيد الذي جعلها تقبل بتلك المهمة الوضيعة هو خوفها على ابنها وإصرارها على الاعتناء به وتقديم كل ما بإمكانها له .
لمع العبوس في عينيه وفجأة دون تفكير بالموضوع أخذ يتكلم فقال : أخبريني عن والد بنجي .
تجمدت ماغي في مكانها وهي في منتصف مشيتها لبرهة ثم تابعت السير من جديد ظهرت القسوة في صوته مما جعلها تهلع لم يريد أن يعرف ؟ حاولت التكلم بهدوء فأجابت : ليس .. ليس من السهل علي التكلم في هذا الموضوع أتعلم ! حين كنت في الملجأ …
راحت ماغي تتكلم وهي تنظر مباشرة أمامها .
قاطعها قائلاً : أي ملجأ ؟
_ ملجأ الأطفال .. للعناية بهم .. لا أعلم ماذا تسمونه بالإيطالية .
عبس رافايللو وهو يفكر ماذا يعني ذلك ؟ هل هي يتيمة ؟ سألها : ماذا حدث لوالديك ؟
_ أنا .. أنا لا أعلم .
_ كيف ذلك .
التفتت نحوه بسرعة كان يعبس بشدة مما جعله يبدو مرعباً ألح عليها بالسؤال قائلاً : أحقاً لا تعرفين ما حدث لهما ؟
_ أنا .. أنا لا أعرف من هما والدي لقد وجدوني بعد ولادتي ببضع ساعات وفي ثيابي ورقة تقول أمي فيها أنها لا تستطيع إعالتي وقد هجرها زوجها حاولت الشرطة إيجاد المرأة التي أنجتني ولكن دون جدوى .. أنا أعتقد أن الفتيات الشابات هن اللواتي يتخلين عن أطفالهن إذ يحببن شباناً طائشين سرعان ما يتخلون عنهن فيشعرن بالرعب لذلك على الأرجح قامت أمي بالتخلص مني .
لم يقل رافايللو أي شيء فاستمرت بالسير وهي تتابع كلامها بذلك الصوت المتوتر الذي حاولت جاهدة ان تجعله يبدوا طبيعياً : إذاً هل رأيت أنا لا أعرف أمي وليس لدي أدنى فكرة عن هوية والدي إنه على الأرجح لم يعرف حتى أنها حامل …
سرت قشعريرة باردة في جسد رافايللو : لم يكن لدي أدنى فكرة عن هذا الأمر .
أجفلت ماغي حين قاطعها وشعرت بنبرته القاسية من جديد وقد ظهر فيها المزيد من الحدة هذه المرة توقفت قدماها عن الحركة مجدداً لقد تهدم الصرح الحضاري التي أظهرته على الغذاء استرقت النظر إليه قليلاً توقف رافايللو عن السير أيضاً وراح ينظر إليها لم تتمكن من رؤية عينيه اللتين كان يخفيهما وراء نظارتيه الشمسيتين إلا أنها تمكنت من رؤية فمه الذي بدا متوتراً مشدوداً .
شعرت بقلبها يهبط إلى الأرض بدا الأمر كالخروج إلى عاصفة ثلجية بعدما أزهرت زهور الربيع …
فكرت بحزن : آه ! لما لم أكتفي بقول بعض الأعذار وعدم إخباره شيئاً عن بنجي أو عني ؟ لقد أرعبته مني الآن ! وشعرت بالندم يأكلها .
قالت بصوت خافت : لقد اعتقدت أنك تعلم ذلك فقد كتب على شهادة ميلادي : الأهل مجهولون الهوية أما تاريخ ميلادي فهو أقرب تقدير تمكنت المستشفى من إعطائه لقد أخذت شهادة ميلادي من أجل تسجيل الزواج .
أجاب بتجرد : لم أنظر إليها .
عضت ماغي على شفتها بالطبع ! لم سيزعج رافايللو دي فيسنتى نفسه بالنظر إلى شهادة ميلادها ؟
تابع رافايللو الكلام وقد بدا صوته بعيداً جداً : كنت تحدثيني عن بنجي .
وبقلب يغرق من الحزن أجبرت ماغي نفسها على متابعة قصتها المؤلمة …
_ همم كنت في دار الرعاية ونشأت بيني وبين كايس صداقة قوية صداقة قربتنا من بعضنا البعض بشكل كبير حسناً .. ! بعدئذ أصبحت الأمور أكثر تعقيداً ..
ابتلعت ريقها عبر حنجرتها المشدودة مجبرة الكلمات على الخروج من فمها وهي تسترجع ذكريات الأيام الماضية تابعت القول : عندما تركنا الملجأ وبدأنا باستكشاف العالم سكنا في شقة واحدة وعندها فقط ظهرت أعراض السرطان على كايس في الفترة الأولى بدا العلاج نافعاً استمر ذلك لمدة عامين لكن السرطان عاد من جديد بشكل أقوى إلى أن خطف الموت كايس .. بعد ولادة بنجي مباشرة .
لم تستطع إكمال الكلام فعادت تهم بالمشي مجدداً لكنها لم تعد تنظر حولها نحو الأسوار شعرت بالامتنان لنظارتها السوداء لأنها أخفت دموعها .
جاء صوت رافايللو خافتاً وهو يقول : أنا أشعر بالخجل .. أشعر بالخجل من كل فكرة مسبقة أخذتها عنك أو قلتها لك .
ثم أدارها نحوه وأمسك بمرفقيها أغمضت ماغي عينيها لتمنع انهمار المزيد من الدموع شعرت أن حنجرتها تشتعل لمحاولتها القوية منع نفسها من البكاء .
شعرت بإحدى يديه تتركها ثم امسك نظارتها ورفعها عن عينيها .
_ لا نريد الدموع .. الدموع ستفسد تبرجك .
لاحظت ماغي في صوته نبرة مزاح رفعت بصرها نحوه لتحدق به وعيناها الغارقتان بالدموع لدرجة جعلتها تراه بشكل ضبابي بتهذيب كبير مرر إصبعه تحت عينيها ليلتقط دموعها قبل نزولها فوق خديها وحين وضحت أمامها الرؤية التقت نظراتهما معاً …
شعرت ماغي كأن الوقت اصبح معلقاً ولم تعد قادرة على التحرك أو حتى التنفس وكأنها مقيدة بطوق من الفولاذ .
توقف العالم حولها عن الحركة لقد اختصر العالم بنظرها برافايللو إنه الوحيد الذي بقي موجوداً بالنسبة إليها وكان ينظر إليها بعينيه الداكنتين اللتين بدت تعبيرهما غريبة غامضة .
بهدوء مرر رافايللو أصابعه بين خصل شعرها الناعم .
_ جميل جداً …
تمتم بهذه الكلمات بصوت منخفض ثم أخفض رأسه ليعانقها فأغمضت ماغي عينيها لتستمتع بعناق رائع لم تتوقعه مطلقاً من الرجل الفاتن الذي يرافقها شعرت بقوة جسده ودفئه وهو يضمها إلى صدرها برقة وهدوء .
تمنت أن يستمر هذا العناق للأبد لكن لسوء الحظ أن الأمر انتهى سريعاً .
فجأة ابتعد رافايللو عنها مما جعلها تشعر بخسارة كبيرة سرت أصداؤها في جسدها نظرت مطولاً نحوه ومشاعرها تظهر بوضوح على وجهها فيما الغموض لا يزال بادياً في عينيه أمسك رافايللو يدها وسبك ذراعها بذراعه ثم أرجع نظارتها إلى عينيها مجدداً وقال لها : : علينا العودة إلى السيارة .
عادت معه وهي تشعر بدوار في رأسها كأنها تعيش فترة أقرب إلى الحلم منها إلى الحقيقة ولم تستطع التفكير بشكل منتظم .
عم الصمت معظم فترة العودة إلى الفيلا كان رافايللو يقود السيارة بالسرعة والتركيز اللذين قاد بهما هذا الصباح لكنها هذه المرة لم تشعر بالتوتر الذي كان مسيطراً في الصباح بل بدا كأن رافايللو يستمتع بقيادة سيارته القوية أما ماغي فقد أمضت رحلة العودة وهي تجلس ملتفتة نحوه بين الحين والآخر ثم تمسك خصل شعرها بيدها كي لا يتطاير في الهواء .
راح رافايللو يلتفت نحوها بين الحين والآخر وقد علت فمه ابتسامة صغيرة وكأنه يشعر بالرضى لم تفهم ماغي مغزى تلك الابتسامة لكن ما تعرفه هو ان شيئاً ما يذوب في داخلها كلما التفت نحوها .
تمنت أن لا تنتهي هذه الرحلة على الإطلاق !

 
 

 

عرض البوم صور الناظر  
قديم 15-04-08, 04:00 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 45537
المشاركات: 187
الجنس أنثى
معدل التقييم: الناظر عضو على طريق التحسين
نقاط التقييم: 93

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
الناظر غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

انتظر ردودكم وللعلم اول مره انزل روايه مع انها مساعده مني لاختنا الامل الدائم........ان شا ءالله يكون ما عندها مانع

 
 

 

عرض البوم صور الناظر  
قديم 15-04-08, 07:18 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2008
العضوية: 68905
المشاركات: 6
الجنس أنثى
معدل التقييم: العقد عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العقد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

يعطيك الف الف عافيه

كنت انتظرها بفارق الصبر

مشكوووور

 
 

 

عرض البوم صور العقد  
قديم 15-04-08, 11:32 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عضو متألق


البيانات
التسجيل: Nov 2007
العضوية: 56096
المشاركات: 203
الجنس أنثى
معدل التقييم: جيجى22 عضو له عدد لاباس به من النقاطجيجى22 عضو له عدد لاباس به من النقاط
نقاط التقييم: 114

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جيجى22 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : الأمل الدائم المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الناظر تسلمى انتى و الامل الدائم و ياريت تخلصونا القصة فى اقرب وقت لانى و كل الاعضاء فى انتظار باقى القصة

 
 

 

عرض البوم صور جيجى22  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:22 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية