لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-03-08, 01:19 PM   المشاركة رقم: 46
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 26942
المشاركات: 136
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lara_300 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lara_300 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lara_300 المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 


الفصل الثاني عشر..

~~~~~~~~~~~~~


~جيم~

"مصابةٌ في حادثٍ وقع هذا الصباح ..أين يمكنني إيجادها ؟ "

قادتني إحدى الممرضات إلى قسمٍ خاص ، وبدأت بالبحث ، إلى أن رأيت إحداهنّ تقترب مني قائلةً :

" أأنت من اتصلت قبل قليل على هاتف الآنسة المصابة ؟ "

قلت :

" نعم إنه أنا .. كيف هي ؟؟ "

قالت :

" اصحبني من فضلك .."

صحبْتُها من جديد إلى قسمٍ آخر ، إلى أن أوصلتني لأحد الأطباء .. الذي خاطبني :

" ما صلتك بالمريضة ؟ "

" إنني مجرد صديق .."

قال :

" إنها لم تُفِقْ بعد .. لقد ارتطمت بها شاحنة هذا الصباح أمام جامعة (...) ، وفقدت الوعي مع إصاباتٍ بسيطة ، إلا أن ذراعها كُسِر ، وقد أصيبت بخدوش في عظام قدمها .. إضافةً إلى جروحٍ بسيطة .. "

يا إلهي !! كلُّ هذا يا حبيبة ..؟؟ كيف تعرضِّتِ لمثل هذا الحادث ؟؟ لكن الحمد لله ، فبالنسبة لشاحنة ، هذا أقلُّ شيء ، والإصاباتٌ بسيطة بالنسبة لحادث كهذا ..

قال الطبيب :

" تحتاج لبعض المعلومات منك ، ألست قريبها ؟ "

قلت :

" كلاّ .."

" وماذا تعرف عنها ؟ "

" اسمها حبيبة .. وتدرس في جامعة (..) للدراسات الأحيائية .. وهي عربية .."

" أتعرف أيّاً من أقاربها ؟؟ نحتاج لوالدتها أو والدها .. أليسوا هنا ؟ "

" لا ، إنها وحيدةٌ هنا .. من الجيد أن وجدتم أحداً يعرفها هنا .. "

" حسناً ، أتودُّ رؤيتها ؟ "

ترددت .. قلت :

" لا أدري .. ربما حين تستفيق .."

قالت الممرضة :
" سيدي لا يمكننا السماح لك برؤيتها قبل أن تثبت علاقتك بها .. إلا لو استفاقت .."

قال الطبيب :

" نعم صحيح .. يمكنك العودة غداً .."

قلت :

"حسناً .. شكراً لكم .. هذا رقمي سأتركه هنا .."

وتركت رقمي ، وهممت بمغادرة المشفى ، وحين وصلت لبوابتها ، سمعت صوتاً ينادي :

" يا سيّد .. يا سيّد جيم .."

التفتت لأرى الممرضة وقد لحقت بي ، قالت :

" لقد أفاقت المريضة .. و ... إن كنت تودُّ رؤيتها .. "

تردَّدْتُ ، لكنني صعدتُ مرةً أخرى للقسم ذاته ... وصحبتني الممرضة للغرفة التي بها حبيبة .. قالت لي :

" يمكنك الدخول لرؤيتها ، فقد استفاقت للتوّ .."

ناولتني هاتف حبيبة لأعطيها إياه ..
وقفْتُ عند الباب أفكّر .. هل ما أفعله صحيح ؟؟ .. إنه وقتٌ لردّ جميلها .. أودُّ تقديم يد العون لها .. أود الاقتراب منها ..
طرقْتُ الباب طرقاتٍ خفيفة ، وقلبي يخفق بسرعة .. الآن سأراها للمرة الثانية .. الفتاة التي غيّرت الكثير بحياتي ، من دون أن تعلم .. والتي تركَتِ الأثر الكبير بنفسي ..
ذكرتُ اسم الله في نفسي ، عسى أن يهديني ويحسن عاقبتي ، إلى أن سمعتها تقول :

" انتظر ...."

ربما أرادت وضع حجابها أو شيئاً مماثل .. يا لقومي أنا ، فالممرضة قالتها لي بكل بساطة : يمكنك الدخول .. ! ولم تحسب حساباً لحالة المريضة بالداخل ..

سمعتها تقول ثانيةً :

" تفضّل .."

قلت "بسم الله .." وأنا أفتح الباب ، وأدلف للغرفة ، وأنا أقول :

" السلام عليكم .."

لمحْتُ أَمَاراتِ الدهشة والاستنكار والتعجب كلها على وجهها ، لكنني خفضت بصري ولأول مرةٍ منذ أن التقيتُها ، وقلت :

" أتمنى أن تسمحي لي .. "

كانت ترتدي حجابها ، وتجلس على ذلك السرير الأبيض ، ويدها مجبّسة .. قالت بصوتٍ خافت :

" وعليكم ... السلام .."

تعجّبتُ حين قالت لي :

" تفضّلْ ..."

تركت الباب مفتوحاً وجلستُ على إحدى كراسي الغرفة البعيدة ، وقلت بتردد وارتباك :

" كيف حالكِ ؟ "

قالت بهدوء :

" الحمد لله .. "

قلت مجدداً:

" ماذا حصل لكِ ؟ كيف أصبتِ بهذا الحادث ؟ "

قالت :

" كيف جئت إلى هنا سيّد جيم ؟ "

ابتسمت قائلاً :

" لقد اتصلتُ على هاتفك ، فإذا بالمشفى يجيبني ، ويطلبون مني الحضور .."

قالت:

" شكراً لك .. يمكنك الرحيل الآن .. لقد أفقت والحمد لله ، سأتولى الأمور .."

قلت بإصرار :

" لا .. هناك شيءٌ ، بل أشياء أريدك بها ، وكما أنني أودّ تقديم المساعدة لكِ حبيبة .. يكفي ما فعلته المرّة الماضية "

صمتَتْ قليلاً ثم قالت :

" أنا آسفة بشأن تلك المرّة .. لكنك تعلم أنني لا أستطيع المماطلة في مثل هذه الأمور .. وكانت لدي بعض الظروف التي دعتني للانفعال .. "

قلت :

" لا بأس .. لكن هل يعني هذا أنك ستستمعين إليّ ؟ "

قالت بخفوت :

" لِمَ كنت تود محادثتي ؟ "

قلت وقد زال التوتر قليلاً من الأجواء :

" لقد كنت أودُّ استشارتك بأمرٍ ما .. لكن بعد ردة فعلك السابقة ، أقدمت على الأمر بدون استشارة .. "

تابعْتُ :

" لقد هداني الله ُ بكِ وبإنسانٍ صالحٍ عرفته ، للإسلام يا حبيبة .. إنني مسلمٌ الآن .."

ورفعْتُ بصري إليها لوهلةٍ ،

قالت بدهشة :

" حــ .... حقـــاً ؟؟ "

ما إن أنهت جملتها حتى تأوّهَتْ فجأةً بشدة ، وهي تُمسك رأسها ، فوعيتُ الأمر ... كيف لم أقدّر ظروفها؟ ، وأنها استفاقت للتوّ من بعد تلك الحادثة ، قلت :

" هل أنت بخير ؟؟ أنا آسف ، لم يكن هذا الوقت المناسب للحديث ..يجب أن أتركك ترتاحين الآن.."

قالت بعد أن تركِتْ رأسها :

" لا بأس .. يسعدني سماع ذلك حقاً .. الحمد لله أن هداك إلى الحقّ .. نفع الله بك الإسلام سيّد جيم .. "

قالت متابعة :

" لم أتوقّع أن يترك حديثي أثراً ، لكن .. الحمد لله .. وجزى الله ذلك الإنسان الصالح خيراً .. "

قلتُ :

" الحمد لله .. شكراً لكِ حبيبة .. "

استنكرَتْ :

" لا يجب أن تشكرني .. فلا شكر على واجبٍ "

ابتسمْتُ وقلت :

" حسناً ، أه تفضّلي هذا هاتفك ِ .."

ناولتُها الهاتف ، أطلقَتْ شهقةً صغيرة لا شعورياً حين رأت الهاتف ، وإذ بعلامات القلق التي لم أعرف لها معنىً ترتسم على مُحيّاها ، ، أسرعَتْ تلتقطه وتتفحصه ، أهي خائفةٌ عليه إلى هذه الدرجة ؟؟

قلت :

" لا تقلقي ، لقد كانوا يحتفظون به ، ولم يعبث أحدٌ به .."

قالت متداركة :

" لا .. إنني أنتظر محادثةً هامّة .. فلديّ بعض الظروف المستعصية .."

لم تكن توضّح كلامها ابداً ، إنها ليست من النوع الذي يُظهر مشاعره .. قلت :

" ألها دخلٌ في الحادث ..؟ .. تلك الظروف؟؟ "

قالت :

" نعم .."

قالتها كمن يودُّ انهاء الحديث ، لكنني تابعتُ معانداً :

" إذن كيف قدّمتِ امتحاناتك ؟ "

قالت :

" جيد .."

وضعت الهاتف بجانبها والتزمِتِ الصمت ..

فقمت أنا قائلاً :

" شكراً لك على وقتكِ .. وكل ما أردته هو الاطمئنان ، وإخبارك بتلك الأمور .. وأتمنى أن تمضي ظروفكِ على خير .. "

قالت :

" شكراً لك .. "

قلت :

" لا شكر على واجب .. حفظكِ الله "

"السلام عليكم "

قلت :

"وعليكم السلام .. أراكِ على خير "

غادرتُ وأنا أشعر براحةٍ تفوق الوصف .. لقد رأيتها وحدّثتها ، واعتذرَتْ لي .. لقد تبقّت خطوةٌ واحدة .. سأقوم بها بعد مدةٍ قصيرة ، وأسأل الله أن يوفقني ويُحسن عاقبتي ، فهي خطوةٌ مصيرية .. لكنني أثق بحبيبة ، وأعلم أنني لن أجد أفضل منها أو أقرب ..
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة ~

"أراكِ على خير " ؟؟؟؟؟؟

ماذا يقصد بهذه العبارة ؟؟؟

لا تتمادى يا سيّد .. هييه!! لقد أسلمْتَ الآن ..!!!!

حقيقةً لم أستوعب الأمر .. أحقاً أسلم ... ؟؟ يا الله .. علمْتُ كم كنت مخطأةً تلك المرة التي انفجرت بها في وجهه ، لكن الحمد لله ، مازال الخير موجوداً بالأمة ورجالها وشبابها ، والإسلام ينتصر يوما بعد يوم .. حقاً سعدتُ جداً بهذا الخبر .. لكنه ليس غريباً جداً على جيم ، لأنني منذ أن رأيته سابقاً ، كنت أشعر أنه عاقلٌ حتى ومع بعض التهوُّر ..لكنه يستطيع التمييز بين الحقّ والباطل إن علم بالأمور بشكلٍ جيّد ..
كم هذا رائع !!

رنّ هاتفي .. فأسرعت أجيبه ، إنه رقم خالتي :

" السلام عليكم .."

كدت أصرخ من السعادة ، بل كدت أقفز على قدمي المصابة ، حين سمعت صوتها الدافىء الحنون يجيبني .. أمي .. لا اصدّق ...!!!! قلت بصوت أشبه بالصراخ :

" أمــــــــي؟!! "

ضَحِكَتْ بصوتٍ خافت جداً .. صوتها يبدو مرهقاً لأبعد الحدود .. قالت :

" كيف حالكِ حبيبتي ؟ "

قلت وقد انهمرت دموعي التي لم أستطع منعها :

" أنا بخير يا أمي .. كيف أنتِ ؟ لقد كدت أموتُ قلقاً وخوفاً .. "

قالت مُطَمْئِنةً :

" أنا بخيرٍ يا حبيبة ؟ لِمَ الخوف والقلق ؟؟ كيف امتحاناتك وهل انتهيت ؟ "

ابتسمْتُ ، مازالت مصرّة على إخفاء الأمر والطمأنة فقط !! قلت :

" لقد انتهيت اليوم والحمد لله .. بقي ثلاثة أيام ٍعلى موعد استلام الشهادة والتخرّج .. وبعدها سآتي على أوّلِ طائرةٍ بإذن الله .."

قالت فَرِحَةً :

" حقاً ؟؟؟؟؟ الحمد لله .. كم أتوق لرؤيتك قبل أن تغدر بي الأيام ..لا تتأخري عزيزتي سأكون بانتظارك "

"لا تقولي هذا أمي .. سيكون كل شيءٍ على مايرام بإذن الله . . "

"بإذن الله عزيزتي .. تذكرْتُ .. صديقتك حنان كانت عندي من لحظات وهي تبعث إليك بالسلام .. إنها فتاةٌ رائعة .. أنتظركِ لنحضر زفافها سوياً .."

قلت :

" بالتأكيد .. "

وحاورتها وأنا لا أصدق أنها أفاقت من غيبوبتها تلك !! الحمد لله .. الحمد لله .. هذه نعمةٌ كبيرةٌ من الله .. وهذه هي الحياة ، متفاوتةٌ بين الأخبار السعيدة والأحداث الحزينة .. بالطبع لم أذكر أمراً عن الحادث الذي وقع لي ، وإلا لكانت والدتي الآن في غيبوبةٍ مرةً أخرى .. عافاها الله .. ... لكن هذا يدلُّ على تطوّرٍ كبيرٍ وتحسن في صحتها .. فالحمد لله

الآن ، ارتاح بالي ، ويمكنني العودة لمنزلي وترك هذا المشفى بهدوءٍ واطمئنان ..
والله أعلم ، هل يخبّىء القدرُ المزيد ؟؟

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Lara_300 ; 17-03-08 الساعة 01:40 PM
عرض البوم صور Lara_300   رد مع اقتباس
قديم 17-03-08, 01:26 PM   المشاركة رقم: 47
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 26942
المشاركات: 136
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lara_300 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lara_300 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lara_300 المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 


الفصل الثالث عشر ..

~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~
~~~~~~~~~

" أهلاً أهلاً جيم"


صافحت إدوارد وأنا أدلف إلى شقته ، لقد مضت مدةٌ طويلة منذ آخر مرةٍ التقيته فيها ، جلستُ معه وهو يسألني :

" ما أخبارك َ وأخبار العمل ؟ "

قلت :


"كلانا بخير ؟ "

قال إدوارد بتساؤل :


" ما بك يا جيم ؟ ألم يتحسن الوضع ؟ "

" ماذا بي ؟ "
"لست كعادتك .. صامتٌ وهادىء .."

قلت :



" كنت ... كنتُ أودُّ إخبارك بأمرٍ ما ..."

قال باستغراب :


" ومنذ متى تتردد في إخباري بأي شيء ؟ "

قلت :


"لكن هذا الأمر ليس كأي شيء ..إنه أمرٌ متعلّقٌ بي أنا ، بشخصي .."

قال وقد اعترته الدهشة والتساؤل بوضوح :


" لقد أقلقتني ..لم أعد أفهمك.."

قلت مبتسماً :


" لا داعي للقلق .. إنه خبرٌ سار كما أراه .. فقد عملت بنصيحتك يا إدوارد وطوّرت أساليبي وشخصيتي ونفسي .."

رأيت ملامحه المتلهفة ، والتي معها ازدادت خشيتي من ردة فعله..
..قلت:

" لقد.... أصبحتُ مسلماً ..."

نظر إلي بعدم استيعاب ، وبصدمة وشك ..لم أستطع بدايةً تمييز خيبة الأمل من عدمها ..

قال بتلعثم :

" مــ ..ماذا قلت ؟"

قلت :

" لقد أسلمت يا إدوارد .. هداني الله للصواب "

قال بتوتر وبحركة عصبية :

" لا يمكن .. جيم .. قل غير هذا !"

عرفت الآن ردة فعله وإلى أي جانبٍ تنتمي .. فإدوارد العزيز سيعارض الأمر ..

قلت :

" ولماذا أقول غير هذا ؟؟ لقد كان قراري الأخير ، ولم أكن لأتنازل عنه ، ولن أفعل ! ..ثم ألم تنصحني أنت بالتطور التغيير !؟ "

قال بعصبية لم أرها به من قبل :

" أيها المجنون المتسرّع .. أتسمي هذا تطوراً يا جيم ؟؟ "

كل هذا لأنني أسلمت إدوارد ؟؟ ماذا تعرف أنت عن الاسلام ؟!

تابع قائلاً :

: "أهي تلك الفتاة ؟؟ أهي من جرتك معها إلى هذا الطريق ؟؟ أهي من خدعتك ؟؟ "

قلت وأنا أشعر ببعض الغيظ :

" أتقصد حبيبة !؟"

قال :

" ومن غيرها .. لهذا كنت تسعى خلفها ! لم أكن أتخيل قيامك بأمرٍ مماثل ! إنك تزداد سوءاً ليس إلا .. وبفعلك هذا تنتقل لعالمٍ بغيض سيء ..عد للسابق ياجيم ، قبل أن تتعمق بهذه الهاوية"

تركته يكمل حديثه .. أنا الذي لم أكن أتخيل أن يصل إدوارد لهذه الدرجة من العصبية ..

قلت بعد أن أفرغ ثورته :

"لا يا إدوارد ، لن أتراجع أبداً .. لن أضع غطاء البصيرة ذاك مجدداً ، بعد أن أزال الله غشاوة عيني وفتح بصيرتي .."

كاد ينطق بشيءٍ ما .. لكنه عاد يقول بحنق :

" أنتَ وشأنك .. لقد حذرتك ، فتحمّل العواقب "

قلت وأنا أسعى لتخفيف وطأة الخبر عليه ، وتهدأة نفسه :

" ادوارد .. لو عرفت ما عرفته أنا عن الاسلام ورأيت ما رأيته منهم ونظرت لنفس الناحية التي نظرت أنا لها ، فأنا متيقن أنك ستتأثّر وتغيّر فكرتك عنه .. وأنت أحكم شخص ٍ رأيته يا إدوارد ، وأنت تعلم أنني أثق بك كثيرا وأستشيرك بكل شيء ، فلذلك إن عرفت الحق فستميّزه .. صدقني يا إدوارد ..إنني على صواب وسأتحوّلٌ للأفضل .."

صَمَتَ طويلاً وهو ينظر إلي .. وكأنّ آلاف الصراعات تدور بداخله حول تقبّل حديثي أو عدم الاقتناع به ..

قال أخيراً وقد هدأ بعض الشيء :

" جيم .. أنت تعلم أنني أريد مصلحتك فقط .. لكنك أيضاً تعلم أنني لن أتركك من أجل أمرٍ مماثل ..
رغم أنّي غيرُ مقتنعٍ بما فعلت ، لكنني سأترك لك تحمُّلَ عواقبه .."

ابتسمت ، وارتحت من كلماته هذه ، فآخر شيءٍ كنت أريده هو أن يقطع علاقته بي ، فهذا ليس أمراً بسيطاً ..
قضيت معه بعض الوقت ، ولاحظت شروده لبعض الوقت ، لكنني قدَّرت وضعه ، فمن الصعب استيعاب هذا التغيير الجذري غير المتوقّع ..
غادرت بعدها بقليل ، وأنا شبهُ مرتاح .. لكن نظرة إدوارد ومعارضته ظلّت راسخةً بعقلي بشكلٍ مؤسف ..

توجَهت للشركة ، وهناك قابلت أحمد العزيز .. صافحته بقوة وودّ ، وجلستُ أحادثه ..
لقد حدد لي موعداً يتفرغ فيه لكي يصاحبني ويعلمني المزيد من الشرائع .. ومما أسعدني وأشعرني بالسعادة والامتنان ، أنه يفعل كل هذا من قلبه .. كم هو رائعٌ هذا الانسان ، ليت كل الناس مثله وبنفس إخلاصه!
قال لي أحمد ونحن نتحادث :

" ممم جيم .. سأعرض عليك أمراً .."

قلت :

" تفضل "

قال:

" لقد حددت لي الشركة فترة إجازة ، وسيكون الشهر القادم هو إجازتي .."

سألت :

" ستسافر ؟ "

قال :

" نعم ، يجب أن أعود لوطني لفترة ، فما رأيك لو تسافر معي لنقضي الإجازة سوياً ؟؟"

قلت بدهشة :

"ماذا ؟ هل أنت جاد ؟؟ "

قال :

" بالطبع .. "

قلت :

" كيف ولماذا ؟؟ كيف أترك الشركة وكل هذه الأعمال ؟؟ إضافةً إلى أنني لم أسافر لبلدٍ عربي من قبل "

قال مبتسماً :

" لم لا تتوقف عن وضع الأعذار في كل شيء .."

وتابع :

" بالعكس ياجيم .. ستكون فرصةً ممتازة لتزور بلداً مسلماً ، وهناك ستجد الجميع قريبين منك ومن أفكارك ومشجعين لك ..شهرٌ واحد ! مدةٌ ليست بالقصيرة جداً ولكنها ليست بالطويلة أيضاً "

قلت بحيرة :

"حقيقةً لا أدري .."

قال :

" يجب أن تدري هذه المرة ..فسأحجز لكلينا ، لا تتردد ، ثق برأيي .."

قلت :

" أنا أثق بكل ما تقول يا أحمد ، لا يمكنك أن تتصور كم كبيرةٌ هي معزتك بقلبي ..لكنني قلقٌ من ترك أعمالي ، وكل شيءٍ هنا يحتاج للترتيب والتنظيم "

قال :

" سأساعدك في تنظيم الأعمال قبل السفر .. لا تحمل همّها ، ...أتعلم . هناك فائدةٌ أخرى من سفرك .."

قلت :

" ماذا تقصد ؟ "

قال :

" هناك العديد من الشركات هناك .. يمكنك أن تعقد معها صفقات وسينضمون إليك بالتأكيد .. على عكس إن ظللت هنا فلن يعرفوا شيئاً عن شركتك ..أما إن كنت هناك ، فسيكون بتواجدك فرصةٌ أكبر "

قلت وقد شعرت فعلاً أن فكرة السفر هذه ستعود بالنفع :

" صحيح .. شجعتني للفكرة ."

قلت أخيراً :

".لذا لا أجد إلا أن أقول .. موافق "

ابتسم أحمد ، وقلت أنا :

" شكراً جزيلاً لك يا أحمد .. لا أعرف حقاً كيف أشكرك على وقوفك معي .."

قال أحمد :

" لا عليك ، هذا من دواعي سروري .."

وهكذا ، كنت قد اتفقت معه على السفر .. و....بقي أمرٌ أخير ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~حبيبة ~

" وأخيراً انتهيت !"

قلتها وأنا أمسح جبيني المتعرّق قليلاً من العمل .. لقد انتهيت للتو من ترتيب حقائبي وبقي على سفري ساعتان تقريباً ..
مرت ثلاث أيام ، وَكّلت فيها أناساً ليقوموا ببيع اثاث المنزل ، بينما قد عرض المنزل للبيع بالكامل .. فبعد أن خرجْتُ من المشفى باشرتُ العمل وتجهّزت ُ للسفر .. مع أن العمل كان صعباً جداً وبالذات مع يدٍ مجبّسة وقدمٍ مصابة ! أتساءل ماذا ستفعل أمي حين تراني بهذا المنظربعد هذه المدة الطويلة !!
صحيح .. نسيت أمراً هاماً ، لقد ذهبت لاستلام نتائج التخرج والشهادة ، والحمد لله ، كانت نسبتي مرتفعة و تقديري كان "جيد جدا " ، نقصت بضع درجاتٍ فقط بآخر امتحان وتفاوت بسيط بالدرجات ، الحمد لله .. وأخيرا سأخرج من ديار الغربة هذه ..
جاءت السيارة التي اتفقت معها على إيصالي للمطار ، فبعد أن بعتُ سيارتي بحثت عن سيارة أجرةٍ تتكلف بهذا الأمر ..
مضتْ السيارة بي وأنا أتأمل شوارع المدينة .. وداعاً أيتها البلدة ، سأتركك للأبد ، وهذا آخر عهدي بكِ .. وها أنا قادمةٌ يا وطني ، وبحوزتي ما عملتُ عليه واجتهدتُ لأصل إليه .. ليكون هديةً لك ..
مضت ساعاتٌ بعد أن ركبتُ الطائرة ، وبعد ساعاتٍ مماثلة ، سأتنفس هواء وطني وأسير على تراب أرضه ، وألقى روحي التي تركتها فيه ، والغالية أمي ، وأهلي وأقاربي .. كم أنا سعيدةٌ حقاً .. حمدا الله كثيراً ، فبالشكر تدوم النعم ..
بتُّ أعد الثواني والدقائق المتبقية على وصولي ، و...أخيراً .. وصلنا إلى الوطن ! ونزلتُ مسرعةً من الطائرة مع ركب المغادرين .. أبحث وأدور بعيني هنا وهناك .. جلستُ على أحد المقاعد لأرتاح قليلاً من حمل الحقائب .. ووضعتها بجانبي ..
قمتُ مجدداًً أبحث ، عنهم عند البوابات .. و....

" مرحباً ......"

سمعتُ هذه الكلمة التي انطلقت على هيئة صرخةٍ من خلفي ، فالتفتُّ ..كانت رحاب ابنة خالتي ، قفزتْ إلي واحتضنتني بقوة ، بينما ضحكتُ أنا وأنا أضمها إلي ، وسألتُ :

" أين أمي ؟؟ ألم تأتِ ؟"

قالت بسعادةٍ واضحة :

" بلى ، إنها هناك مع خالتي ، تعالي معي ، لقد رأيتكِ صدفةً .."

ذهبتُ معها بعد أن ساعدتني بحمل الحقائب وجرّها .. وهناك ، على تلك المقاعد كانت تجلس مع خالتي... اقتربتُ من خلفها ببطىء وقلت ممازحة بسعادة :

" من هذه المرأة العجوز ؟؟ أنا لا أعرفها .."

شهقتْ أمي ، والتفتتْ بسعادة وسالت دموعها وقامت لتحتضنني وتمطرني بالقُبُلات وتقول من بين دموعها :

" حبيبة ، لا أصدق لا أصدق .."

ضحكتُ وأنا أشعر بسعادة ٍ فائقة ، فأنا الأخرى لا أصدق ، ها أنا بين أحضان أمي ، وذراعيها الحانتين كما في السابق ..
بعد أن استوعبتْ أمي الأمر التفتتْ لخالتي و احتضنتها هي الأخرى ، وقالت لي :

" أخيراً يا حبيبة .. لقد طال انتظاركِ .. أخيراً عدتِ إلينا يا ابنتي .."

قلت :

" الحمد لله ياخالتي .. هيا فلنذهب إلى المنزل .."

قالت أمي وهي تمسك ذراعي اليمنى :

"أبها شيءٌ ذراعك ؟؟"

وحين تحسستْ صلابة الجبس شهقتْ وقالت :

"ماذا حصل ؟؟"

قلت :

"كنت أظن أنني أخفيتها جيداً ..لا تقلقي أمي ، إنها حادثةٌ بسيطة وانتهت على خير والحمد لله .."

نظرتْ إلي بتأثر وقالت :

"الحمد لله .."

رافقوني جميعاً ، وتشبثتْ أمي بيدي لا شعورياً ونحن نسير .. آه يا أمي العزيزة .. أتخشين أن أذهب أم ماذا ؟؟ ..لن أفارقك إن شاء الله ثانيةً ..
صعدنا إلى السيارة التي قادَها زوج خالتي .. وجلستُ بجانب أمي وأتأمّل الوطن من نافذتي ,.. ما أجمل العودة للديار ..
ما نقول سوى .. الحمد لله .. واللهم أدِمْها نعمة ..

عسى القادم كله خير إن شاء الله ..

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~

كنت متردداً في ما خطَّطتُ له .. وطبعاً كالعادة ، الأمرُ متعلّق بحبيبة ، التي تعلّقتُ بها وتيقّنتُ من مشاعري نحوها .. لكن كيف سأخبرها بالأمر ؟؟ إن الحديث معها في الأمور العادية صعبٌ للغاية ، فماذا إن كان بأمرٍ غير عادي!!
فلأجرّب .. ولقد تفهّمتْ في المرة الأخيرة ، ولعلّها مع معرفتها بإسلامي ، تتفهمُ أكثَر ..
اتصلت عليها وأنا أجهّز ما سأقوله .. إنها المرةُ الأخرة مع هذه الفتاة .. وسأخبرها بكل شيء ، فإن رفضتْ فهذا من حقها ، ولكن عليّ أن أتحدث معها بوضوح ، وليس هكذا للا سبب ..
لاحظتُ أنني غرقتُ في التفكير والهاتف لم يردَّ عليه أحد .. لم لا تجيب ؟؟
عاودتُ الاتصال فلم تجب ..
أصبت بإحباطٍ طفيف .. لكن ..سأعاود الاتصال ثانيةً في وقتٍ لاحق ..
لقد انتهيتُ تقريبا من تخطيط الأعمال التي ستتم حين غيابي ، وأوكلت مهمة الإشراف على الأعمال لبعض ٍ ممن أثق بهم .. أتذكرون أمر تلك الشركة والعصابة ؟؟ لن أدع الأمر يتكرر ثانيةً ، فقد تم الكشف عن مخططاتهم والتصرف معهم من قِبل الشرطة والمخابرات بالسابق ، لكن هذا لا يعني أن الخطر قد زال .. فليست تلك المنظمة الوحيدة ، هناك الكثير ، لكن من خلف الكواليس ! كما قالت لي الشرطة..
والآن وبعد أن خططتُ للسفر ، فــــ ... قُطعتْ أفكاري بسماع رنين هاتفي فرفعته لأجد اسم إدوارد وقد أضاءت به الشاشة .. فأجبته :

"مرحباً إدوارد .."

قال :

" أهلاً جيم كيف حالك ؟؟"

قلت :

" بخير .. وأنت ؟ "

قال :

" لقد اتصلتُ كي لا تعتقد أني قاطعتك .. "

قلت ضاحكاً :

" بالطبع لن تفعل .. وإلا فكنت سترى عاقبة فعلك .."

قال مستنكراً بمزاح :

" وماذا كنت ستفعل !؟"

قلت ببساطة :

" خمّن .."

وفجأة طرأ لي خاطرٌ أن أسأله عن الجامعة ، وطلاب الدفعة الثالثة التي تنتمي إليها حبيبة ، فأجابني :

" قلها ببساطة ، لا داعي للفّ والدوران يا جيم ..فلم ستهتم بالجامعة وأمرها ؟؟ "

ابتسمتُ :

" أعلم أنك ستكشف الأمر .. إذاً ..هل تخرَّجَتْ دفعتها؟ "

قال :

" نعم لقد أنهيت عملي بالجامعة بعد تخرج تلك الدفعة مباشرةً ، لقد أخبرتك بفتحي للعيادة .."

قلت :

" نعم .. تهانينا يا دكتور إدوارد .."

أطلق ضحكةً قصيرة ثم قال :

" بالنسبة لتلك الفتاة فآخر ما أعلمه عنها ، أنها أنهت أوراقها هنا قبل يومين ، كانت عازمةً على السفر على ما أظنّ ، و...."

قاطعته :

"هل سافرت ؟"

قال :

" ستفعل بالتأكيد ، لكن متى ؟لا أعلم .. هيه جيم أخبرني .. ماذا بينك وبينها ؟؟ "

قلت :

" لا أدري يا إدوارد .. إنني أريدها بموضوعٍ هام . .وإن كانت سافرت فسيكون الأمر قد انتهى ! "

قال :

" يبدو أنك توقفتَ عن إخباري بكل شيءٍ كالسابق .."

قلت :

" لا يا إدوارد ، أنت تعلم أنني بتُّ منشغلاً أكثر عن السابق ، وأنت كذلك ، فسابقاً كنا قريبين أكثر في الشركة وكنت أقضي معك وقتاً طويلاً ، أما الآن فقد تغير كلّ شيء..ولا شيء يبقى على حاله.."

قال :

"إذن أخبرني ..ماذا يحدث ؟؟ أظنها سافرتْ فقد أنهت أوراقها على عجل ، وختمتْ شهاداتها وجميع تقارير التخرّج .."

قلت :

" أرجو أن لا تكون سافرت .."

قال :

" ماذا تريد منها .."

اعتذرت من إدوارد بحجة قدوم بعض الزوار والعملاء للشركة ووعدته بالاتصال قريبا ،فقال :

" أعلم أنك تتهرب ، لكنك ستخبرني يوماً .. إنني أهتم بأمرك يا جيم .."

قلت :

أنا أعلم يا إدوارد .. ولا أعلم كيف أشكرك .. وسأخبرك لاحقاً بكل شيء .. لكن هذا ليس بالوقت المناسب .."

أنهيت المحادثة معه وأنا أتنهد بعمق .. أيمكن أن تكون سافرت؟؟ هل ستتوقف مخططاتي هنا ؟؟ هل ضاعت حبيبة من بين يدي ؟؟ هي أساساً لم تكن بيدي ، لكن فرصةً كبيرة ستضيع إن كانت حقاً غادرت .. فقد تملكتْ من أفكاري وتعلّقتُ بها كثيراً .. إنني وبصراحة أحببتها منذ أول لقاء .. وكم أتمنى أن يجمعني القدر بها ثانيةً .. فهل لأمنيتي أن تتحقق ؟!

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Lara_300 ; 17-03-08 الساعة 01:36 PM
عرض البوم صور Lara_300   رد مع اقتباس
قديم 17-03-08, 01:28 PM   المشاركة رقم: 48
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 26942
المشاركات: 136
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lara_300 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lara_300 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lara_300 المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الفصل الرابع عشر
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~ حبيبة~
كان الصباح مختلفاً هذه المرة حين قمت من نومي ، فأول ما وقع عليه بصري كانت غرفتي
. وثاني ما وقعت عليه عيني هي أمي ، التي جاءت لتوقظني ..
قالت بحنان بعد أن أَفَقْت :

" صباح الخير "

قلت وأنا أقبّل جبينها :


" صباح الخير أمي .. إن الصباح هذا اليوم أجمل صباح رأيته في عمري "

قالت بحنان :

" بالطبع يا حبيبتي .. وهو كذلك بالنسبة لي ... آهٍ يا حبيبة ، أشعر أنني في حلمٍ جميل لا أود الاستيقاظ منه .. رعاكِ الله وحفظكِ يا حبيبة .."

قلت وأنا سعيدةٌ بهذه الأجواء ، أشعر أن حنان الأرض كله مجتمعٌ بأمي . فهي ليست كمثلها من النساء .. فهي لا تسيء لأحدٍ ولا تحقد على أحدٍ أبداً .. لكن والدي سامحه الله كان دائماً يصفها بالسذاجة لأنها طيبةٌ جداً ، وكان يقف عند زلاّتها كثيراً ليشعرها بالتقصير ، إلى أن وصل الأمرُ للطلاق ..
نفضتُ تلك الذكريات عن رأسي وأنا أهبط الدرج إلى طابق منزلنا الأول ، لتناول الإفطار الذي أعدّته أمي ..
اتخذت مقعدي على المائدة ، التي رأيت عليها الكثير من الأطعمة الرائعة ، من عمل أمي .. أكاد لا أصدّق أنني عدت كالسابق ، أراها معي دوماً ، وأستمتع بطهوها المميز .. وأنعم برقتها وحنانها ورعايتها .. إن هذه نعمةٌ عظيمة ، لا يشعر بقيمتها الكثير ، إلا لو فقدوها .. فاللهم أعنّا على طاعة والدينا ..
تناولت الكثير من الطعام ، بشهيةٍ مفتوحةٍ على غير العادة .. وبعدها قمت لأتصل بحنان وألتمس أخبارها ، وأخبرها بعودتي ..
اتصلت عليها من هاتف أمي النقّال والتي لم تكن تعرف رقمه ، وقلت مغيّرةً نبرة صوتي بخشونةٍ حين أجابتني :

" هل أنت الآنسة حنان ؟ "

قالت باستغراب :

" نعم من أنتَ ؟"

أووه لقد اعتقدتني رجلاً !!

قلت :

" ألم تعرفينني ؟ "

قالت:

" عفواً ليس لدي الوقت لهذه الألعاب .. "

قلت :

" أنا أبحث عن صديقةٍ لي ، اسمها حنان .. وأعتقد أنها أنتِ ,, فــ ..."

أغلقت الهاتف ..يا إلهي .. كانت مجرد مزحة .. اتصلت ثانيةً فأجابتني بعصبية :


" ماذا تريد ؟؟"

انفجرت ضاحكةً بسعادة ، و أمطرتني هي بوابلٍ من عبارات التأنيب والترحيب معاً ، وقالت :

" منذ متى وأنتِ هنا إذاً ؟"

" وصلت مساء أمس .."


ضحكتْ وقالت :


" حمداً لله على السلامة .. وأخيراً ! أرأيتِ ! قلت لك أن كل شيءٍ سيمضي على خير .. فالحمد لله .. "

رددتُ :

" الحمد لله .."

قالت فجأة :

" من الجيد أنك وصلتِ باكراً فموعد زفافي في نهايةِ هذا الأسبوع! "

قلت بمفاجأةٍ حقيقية :

" حقاًً؟؟؟؟؟ يا الله ! لم لم تخبريني ؟؟ حقاً حقاً أنا سعيدةٌ جداً من أجلك .. وسأكون أول الحاضرات .."

قالت بسعادةٍ واضحة :

" لا .. لن تكوني أول الحاضرات .. فأنت ستكونين معي من أول الصباح يا حلوتي ..وستحضرين معي كل التجهيزات"

شعرت بسعادة أكبر لأنني لم أتوقع هذا .. وقلت :

" هذا رائع ! يسعدني هذا بالطبع .. حنان ! لا أصدّق أن الأمور سارت بهذه السرعة ! مبروكٌ لك يا غالية ألفُ مبروك .."

قالت بجدّية :

" حبيبة .. سأحتاج إليكِ في ذلك اليوم أكثر من أيِّ وقتٍ مضى .. فهل أنت مستعدة للوقوف إلى جانبي ..؟؟ وحضور جميع التجهيزات !؟ ...."

قلت بتأثّر :


"بالطبع يا حبيبتي سأكون إلى جانبك طوال الوقت ، من تجدين أفضل مني لهذه المهمة ؟؟ لا تقلقي يا حنان .. سيمضي كلُّ شيءٍ على مايرام يا عزيزتي .."

وهكذا وعدُّتها بالحضور من الصباح الباكر يوم زفافها ، و أمضيتُ هذه الفترة أجهّز هديتي لها وما سأرتديه في حفلتها .. حقاً حقاً أنا سعيدةٌ من أجلها ..


~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~

~جيم~

شعرتُ بدوار وأنا أجلس على مقعدي بالطائرة .. وحاولتُ أن أشغل نفسي بتصفح جريدةٍ للأخبار .. لكن الدوار هزم تفكيري ، فأنا دائماً ما أشعر بالدوار عند ركوب الطائرات ..ولكن هذه المرة أصعب بكثير ، فالرحلة أطول من أي رحلةٍ أخرى ، إنها لبلدٍ عربية ، أي في قارةٍ أخرى بعيدةً عن هنا بآلاف المساحات ..
أمسكتُ رأسي أنفضه بقوة فشعرت بغثيان أكبر ، فلاحظ أحمد حركتي ، وسأل:


" جيم .. مابك ؟"

قلت :

" إنني مصاب بدوار الطائرات فقط .."

ابتسم مشفقاً وناولني أقراصاً تساعد في هذه الحال وسأل :

" ألا تسافر كثيراً .؟؟"

قلت :

" بلى .. أسافر وفي كل مرة يحدث الشيءَ نفسه .. لكن هذه المرة المسافة طويلة ولن أحتمل الأمر طويلاً .. شكرا لك .."

ابتسم و أومأ برأسه قائلاً :

" سيذهب عنك الدور بعد قليل .. فلهذه الأقراص دوراً كبيراً مع من مثلك من الذي يتحسسون من الطائرات "

ابتسمتُ وأنا أسند رأسي إلى المقعد وأنا أتذكر بعض الأحداث ..
فبعد أن أكملتُ إعدادات السفر قمت بإخبار إدوارد عن سفري ، كان الضيق واضحاً في نبرته لأنه شعر أن الأمر متعلقٌ بإسلامي

.. لكنني تجاهلتها وأنا أخبره عن الشركات التي من الممكن أن تنضم لي ، وحينها تجاهل الموضوع هوالآخر ..

أما الأمر العجيب الذي حصل معي ، فعندما كنت أحجُزُ في شركة الطيران مع أحمد ، وكنت حين ذاك متضايقٌ لفكرة مغادرة حبيبة وسفرها ، حينها تفاجأتُ وذهلتُ حين انتبهتُ للأمر

.. إن وطن أحمد هو نفسه وطنُُ حبيبة !!! أمرٌ لا يكاد يُصدَّق ؟؟ أهناك أملٌ آخرٌ بلقائها ؟؟؟ أكاد لا أصدّق فعلاً ! يا لهذه المصادفات العجيبة .. يبدو أنني في سبيلي لتحقيق أمنيتي ..

اختفى الدوار تدريجياً لبعض الوقت .. وعدت أنا للواقع بعد أن أخذتني الأفكار ..

فتحتُ محفظة أوراقي وأغراضي البسيطة لأضع بقية الاقراص في جيبٍ بها ، علّني أحتاجه في وقتٍ لاحق .. و..قبل أن أغلقها ، أخرجت من جيبٍ آخر بالمحفظة ، ورقةً مطويةً بعناية ، تأكدت من وضعها في محفظتي .. إنها ورقة عناوين حبيبة التي أخذتُها خلسةً من إدوارد وقمت بتصوييرها في ذلك اليوم .. وضعتها بعد أن ظننتُ أن لا فائدة لها مجدداً .. لكن القدر جاء بمفاجأته العجيبة وأصبحت ذا أهميّةٍ شديدة ..فتحتها وأنا أقرأ ما بها .. والتفتت لأحمد أسأله :

" أتعرف شارع السلام ؟؟"

قال لي باستغراب :

" نعم إنه شارعٌ مشهورٌ في بلدتي .. من أين لك أن تعرفه ؟

قلت مرتبكاً :

" إن صديقاً لي يسكن فيه.."

قال بعجب :

" ألك صديقٌ من وطني ؟؟ كيف لم تخبرني من قبل ؟ "

قلت بارتباك أيضاً :

" إنني أعرفه منذ مدة .. و... رأيت أنه من الجميل لو قمت بزيارته لأراه ثانيةً .."

ابتسم بهدوء قائلاً :

" نعم .. جيدٌ جداً .."

ثم نظر إلى الورقة التي بيدي وسأل بعفوية :

" أهذا عنوانه ؟"

قلت :

" لا ...نعم .. أقصد إنه رقمه وعنوان شارعه ومنزله .. لاحقاً نذهب إليه .."

أومأ برأسه مؤيّداً .. وهكذا مرّت الساعات ، تارةً نقضيها في الحديث ، يحدثني بها عن وطنه ويعلمني بها الكثير من الأمور .. وتارةً في الاستماع إلى المذياع و مناقشة الأخبار .. إلى أن انقضت الساعات الطويلة بصعوبةٍ وملل .. وحين سمعنا صوت المضيف يعلن وصولنا ، حملنا أغراضنا وخرجنا ..لقد كان كل شيءٍ مختلفًا ، ما عدا المباني التي تتشابه تقريباً قليلاً والسيارات إن ذكرناها .. لكن كل شيءٍ آخر مختلف ، الناس .. الهواء .. السماء ... حتى إن كانت هذه أشياءُ معنوية ، فهي تشعرك بأنك في مكانٍ آخر .. في عالمٍ آخر .. انتظرَنا أمام بوابة المطار شابٌ في أوائل العشرين من عمره تقريباً ..لا أعرفه بالطبع ، لكن ما إن رأى أحمد حتى قَدِمَ إليه وصافحه بودٍّ واضح ، وكلّمه بالعربية ، ثم يبدو أن أحمد عرّفه بي ، فقدِمَ إليّ وقال بابتسامةٍ كبيرةٍ :


" السلام عليكم ، كيف حالك يا سيدي ؟ "

صافحته وأنا أبادله السلام ، وعرّفني به أحمد :

" جيم .. هذا أخي طارق .."

قلت :

" مرحباً طارق ..يسعدني التعرف عليكَ حقاً .."

قال :

"وأنا كذلك .."

لم يكن شديد الشبه بأحمد ، لكن يبدو عليه الصلاح والاحترام ...توجهت معهما إلى السيارة ، وركبنا بها ، فقلت لأحمد :

" أحمد .. دعنا نتجه إلى الفندق .."

قال أحمد باستنكار :
" لا يا جيم .. إلا هذا .. ! ستقضي الليلة معنا .. لقد أخبرتُ عائلتي أنك قادمٌ معي .. وهم جاهزون لاستقبالك .."

قلت خجلاً من كرمه :
" حسناً ، ولكن ، لليلةٍ واحدةٍ فقط .. لا أريد التضييق عليكم .."

قال وقد أحسّ بجدّيةِ كلامي :

" حسناً كما تشاء .. لكن هذه الليلة معدةٌ لك خصّيصاً .. فرفضها ممنوع !"

ضحكت قائلاً :

" لا أعرف كيف أشكرك .. "

قال :

" لا داعي لهذا .."

عدت بعدها لتأمّل المدينة .. كان كل شيءٍ بالعربية ، العبارات في الطرقات ، اللافتات على المحلاّت التجارية ، كل شيءٍ يترك انطباعاً مختلفاً.. والغريب أن صورة البلاد العربية في مخيلتي لم تكن قط كهذه الصورة الراقية قبل تغيير حياتي وأفكاري .. بل كنت أظن أنهم بلدٌ غير متحضّر ، وجهلاء عدوانيين ، ولم أكن أشك بوجود قطاع طرقٍ حتى .. ...أو أن أحدهم قد يخرج مطلقاً عليك رصاصاته أو ضرباته وأنت تسير بأمان .. كنت أتوقعهم أناساً عابسين مكْفهرّي الوجوه .. وحتى بعد أن التقيتُ أحمد ، ظننت مثله نادرٌ من قومه ، لكنني عرفت الآن أنهم في الأصل طيبون كلهم ، يالهذا الإعلام السخيف حقاً ..يستغل أنه الوسيلة الوحيدة والرؤية الواحدة للتطلع على العالم من عينيه الخبيثتين ، فينقل لك أبشع الصور ويركب عباراته الواهية عليها ....
تابعت تأملي بعد دفعة الأفكار تلك ....، كم هذا جميل ! الشعور هنا مختلفٌ تماماً .. أشعر الآن أنني لست نادماً أبداً على السفر .. ولا على أي خطوةٍ قمت بها حتى الآن ..

 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة Lara_300 ; 17-03-08 الساعة 01:33 PM
عرض البوم صور Lara_300   رد مع اقتباس
قديم 17-03-08, 01:30 PM   المشاركة رقم: 49
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2007
العضوية: 26942
المشاركات: 136
الجنس أنثى
معدل التقييم: Lara_300 عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Lara_300 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lara_300 المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

وضعت ثلاثة اجزاء

وبقي القليل على النهاية

ان شاء الله بعد ثلاثة ايام ستكتمل الرواية هنا

انتظر تواجدكم وتواجد كل من قرأ

جزاكم ربي خيراً

وفي أمان الله

 
 

 

عرض البوم صور Lara_300   رد مع اقتباس
قديم 19-03-08, 03:24 PM   المشاركة رقم: 50
المعلومات
الكاتب:
dew
اللقب:
قطر الندى



البيانات
التسجيل: Jul 2007
العضوية: 32556
المشاركات: 8,341
الجنس أنثى
معدل التقييم: dew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسيdew عضو ماسي
نقاط التقييم: 5602

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
dew غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : Lara_300 المنتدى : القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
افتراضي

 

جزاك الله ألف خير على الأجزاء الجميلة ....

ننتظرك بشوق

 
 

 

عرض البوم صور dew   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
رواية نور القدر, نور القدر, قصة نور القدر
facebook




جديد مواضيع قسم القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 08:09 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية