لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-08, 08:00 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 59897
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: ألحان الشوق عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ألحان الشوق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ألحان الشوق المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asma2 مشاهدة المشاركة
   راااااااااااااااااااائعه فعلا يا ألحان....

الشخصيات الجديده لازلت تائهه في فك رموزها

وسلمى العزيزه ونظرة صديق سالم السيئه

لها ....عبء آخر عليها....

أشكر لك المتعه والانسجام الذي عشته أثناء القراءه

تقبلي مروري




و إنتي أرووووووع يا قلبي



و انشالله ما تشوفين شر و ترجعين لنا بإبداعك الجميل


و الله فرحت لما لقيت ردك
دليل على اهتمامك يا أسماء




و اتمنى فعلا اني اكون عند حسن ظنك و ظن كل من يشجعني بكلمات طيبة


تسلمين أسومة

 
 

 

عرض البوم صور ألحان الشوق  

قديم 16-01-08, 02:56 PM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 59897
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: ألحان الشوق عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ألحان الشوق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ألحان الشوق المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

لحظات ... أحيتها الذاكرة .. و تركت تحت ظلال الصمت


تقلب صفحات ألبوم الصور... ليست أي صور ... ليست مجرد صور ...
انما هي تلك الصورالتي انطبعت في عقلها و قلبها ... و لم ولن تنساها ...
صور أحباب نسوا ... صور أحباب ماتوا... أحباب خانوا ... أحباب هجروا ... أحباب ابتعدوا ...

من بين تلك الصور العتيقة ...
تتعالا أصوات ضحكات بريئة ... ضحكات خجولة ... و ضحكات محبة ...

وسط هذا الألبوم ... تعيش ذكريات ماتت ... و سعادة وئدت ... و تأبا إلا أن تحيا معها لحظات و كأنها الحاضر...



تتأمل الوجوه كلها ... و هي تحمل لهم من الشوق ما يذيب الصخور...
هم أهلها و إن هجروا ... هم أعزاؤها و إن خانوا ... هم ماضيها و إن ابتعدوا ...


رفعت يدها بضعف ... تلمس صورته ... تحبه هي ... تحبه... و ليس لها خيار آخر ... كان و لازال يتربع عرش قلبها...
و تشتاق إليه ... رغم قسوة قلبه و هجرانه ... تشتاق له ... أكثر مما تشتاق لإبنتها الوحيدة ... و رغم أنه السبب الرئيسي في مسار حياتها التعيس ... إلا أنها تحبه و تشتاق إليه و تلتمس له كـــــل أعذار الدنيا ...

على الأقل هو لم يتركها تواجه الحياة ضعيفة ... وحيدة ... بلا عمل بلا مأوى ..لولا رحمته لها ... لا تدري ما كان سيحل بها...


لكنها تشتاق له ... و ترغب في رؤيته ولو للحظات ... تريد أن تلمس بيدها وجهه الحبيب.. تريد أن تطبع ملامحه العزيزة في قلبها ... ولو لآخر مرة...


رجعت بذاكرتها ... للماضي ... ماض بعيد ... لكنه قريب جدا ... و كأنه حصل للتو ...


رجعت بذاكرتها و حنينها يزيد إلى أحضانه الدافئة... إلى حنانه و حبه ... لم تشتكي يوما من أنها يتيمة الأم ... لم تشعر يوما بحنينها للأم ... فقد كان يعوضها عن الدنيا بأسرها ... كان حبيبها ... قبل ان يكون والدها ..

فعلا صدق من قال أن كل إبنة بأبيها معجبة... لكنها لم تكن معجبة به فحسب ... كان هو غرامها ... و كل ما تتمناه في دنياها ... هو إرضاؤه...


لم تتخيل يوما حياتها بدونه ... أو بعيدة عنه ...


إلى أن تقدم له صديقه و شريكه يطلبها زوجة لإبنه ... صحيح أنه لم يهن عليه أن تكون ابنته الزوجة رقم إثنان في حياة زوجها ... لأنها مدللته .. التي قضت حياتها تحتل المرتبة الأولى في قلبه... و كل العائلة من قريب و بعيد تعرف ذلك ... و لطالما غار إخوتها ـ الرجال ـ منها ....


احتار هل يوافق ... أو يرد صديقه العزيز ... لكن صديقه طلب منه أن يترك الإختيار لها ... و إن لم توافق ... فذلك لن يغير من صداقتهما ولا شراكتهما شيء...


و فعلا جاء إليها والدها ... خجلا ... يشاورها ... أحست من كلماته أنه لا يريدها أن ترفض ... و لا يريدها أن توافق ...
أحست بحيرته ... تمنت لو تخفف عنه و لكن كيف ؟؟ هي لم تستطع التوصل إلى ما يريده فعلا ... وما الذي سيسعده؟؟


و بينما هي في قمة حيرتها ... جائتها زائرة ... آخر من كانت تتوقع منها الزيارة... هي تعرفها جيدا بحكم صداقة والدها و والد زوج المرأة ... زوج المرأة الذي هو ذاته من تقدم لخطبتها ...

تمنت لو تنشق الأرض و تختفي داخلها .... تمنت لو ماتت قبل تلك اللحظة ...


لكنها تفاجئت أن المرأة جائت تطلبها الموافقة على الزواج.......


روضة : أرجوك يا زينب ،، لا ترفضي ،،

زينب : لكن ،، كيف ؟؟ ،، ألست حزينة ،، ألا تشعرين بالخذلان ،، و الإهانة ،، و كل هذه الأمور التي تشعرها المرأة عندما يتزوج زوجها أخرى،،،

روضة : إذا قبلت أنت بالذات لن أشعر بكل هذا...أنا أحب زوجي... أحبه بكل جوارحي ... و لا أتمنى من هذه الدنيا سوى أن أراه سعيدا... لذلك اقترحت على عمي أن يخطبك له ...

قاطعتها زينب : روضة ؟؟ أنت ؟؟ أنت تزوجين زوجك ؟؟ لا أفهم ... لماذا ؟ لا أستطيع أن أفهم ؟؟ لست قبيحة ... و لست حتى بنصف جمالك ....لست شريرة ولست أنا حتى بنصف طيبتك .... عن أي سعادة تتكلمين ؟؟ ما أعرفه أن الرجل يتزوج ثانية بحثا عن الأفضل....؟؟


روضة : زينب ... لا تقللي من قدرك ... ثم إن الجمال لا شيء مقابل الذرية ... مقابل أطفال يملأون حياته و يسعدونه....


زينب باستغراب : أطفااال ؟؟ لكن ســالم ... روضة أنا لا أفهم...

روضة و قد تغرغرت عيناها بدموع الحسرة ...: لا أستطيع إعطائه أكثر ن سالم... لا أستطيع ... و أعلم أنه يرغب فالمزيد لكنه يكابر حتى لا يجرحني... لقد كانت لنا أحلام مثل الجميع ...
ككل الأزواج ... كنا نحلم بأطفال يملأون قلوبنا فرحا و سعادة ،،، حلمنا بسالم و سلمى ...
خالد و خلود ...
و بدر و بدور....
ثم دخلت في نوبة بكاء مرير و هي تقول .... لكني لا أستطيع إعطائه أكثر من سالم ... و قد أصبحت امرأة بلا رحم ... بلا رحم يا زينب... حتى المعجزات لن تنفعني....


رق قلب زينب لحال روضة التي و ضعت رأسها بين يديها ... و هي تبكي بقوة ...
تبكي وراء نعش أحلامها ... أحلامها البسيطة... أن تكون أما...كباقي النساء ...
كانت الدموع تتسابق من عيني زينب ... أوجعها قلبها لحال المسكينة...
تخيلت للحظة أن تكون مكانها ... فزاد نحيبها و نهضت من على كرسيها بسرعة ... اقتربت من روضة و حضنتها بقوة ... تحاول أن تهدئها ... و لكن الكلمات تهرب منها ... و لا تستطيع فعل شيء غير ان تضمها و تبكي لبكائها ... فأحيانا تكون الدموع شفاءا للجروح المؤلمة و الذكريات الأليمة....



سقط ألبوم الصور من يد زينب ... فانتبهت لنفسها ... مسحت دمعتها ... التقطت الألبوم من الأرض و عادت تفتحه ... تنظر إليه و كأنها تنظر لعالم من الفراغ

و تتسائل ... أينك يا طيبة القلب ؟؟ هل مازلت تذكرينني ؟؟ أم أنك نسيتني و دفنتي ذكراي؟؟ هل تلتمسين لي العذر ؟؟ أم أنك نادمة على ثقتك بي و صداقتك لي ؟؟ هل صدقتهم ؟؟ أم أن قلبك يخبرك العكس؟؟ ...



***** ***** ***** *****


تحت سماء تـولـوز الرماديـة ... و جـوها البارد ... و قد تعب الرجلان من البحث ... لا فائدة ... صعب إيجاد السكن المناسب ... فضلا أن يرتاحا قليلا ... و يرتشفا بعض القهوى الساخنة ... في إحدى مقاهى المدينة ...


سـعود : ليتها فقط تنسى فكرة ان تأتي إلى هنا...

سـالم : لا حبيبي لا تحاول ... ستأتي يعني ستأتي ... أم أنك تريد أن أبقى وحيدا هنا... عندما تعود أنت للبلاد ...

سعود و هو يضيق عينيه بتشكك : لا أظنك ستبقى وحيدا ...

وضع سالم فنجانه بسرعة على الطاولة و قد فهم قصد سعود : لا سعود ... لست مثلك ... لن أبحث عن التسلية هنا ... لست مجنونا ... أنا أريد زوجة واحدة .,. و منها أريد كل أطفالي ...

تضايق سعود من كلام سـالـم ... لكنه لم يعلق اكتفى بأن هز رأسه ... و حول نظره لما وراء زجاج نافذة المقهى ... ينظر لوجوه الناس المارة ...
ندم سالم على ما قاله ... لأنه يعلم كم هي صعبة هذه الذكرى على إبن عمه ... لأنه يعلم أن إبن عمه لايزال على ذكراها ... و ربما مازال حبه لها حيا في قلبه... و إلا لكان تزوج مرة أخرى ... وكون أسرته السعيدة ... بدل هروبه الدائم ... و قد قارب عمره الخامسة و الثلاثين....

حاول سعود مسح الذكرى من مخيلته ... لكن ملامحها تأبى إلا أن تهاجمه ... و تفرض نفسها عليه ... يتذكرها ... بكل تفاصيلها الدقيقة ... أنوثتها الصارخة ... عذوبة كلامها ... دلالها ... و حبها المجنون ... كان بين يديها إنسانا مخدرا ... تائها ... لا يرى غيرها.. لا يسمع إلا صوتها ... ذاب في عالمها ... أغرقها حبا أكبر من حبها و أصدق ... أعطاها الأمان و كل حنان الدنيا ... كانت حلمه الوردي الجميل ... إلى أن أيقظته على كابوس الواقع ... و سقطت الأقنعة ...

فسعيـت نحـوك ظامـئـا
حـتـى وجــدت جهنـمـا
بالوهـم آثــرت الرحـيـل
إلـــى رحـابــك مـغـرمـا
ولقد عبرتك في الهوى
واجتـزت منـكِ المبهـمـا
حـتـى تـغـيـر عـالـمـي
ونسيت جرحي المؤلما
ولشدّما أوهمت روحي
بــالأمــانــي شـــدمــــا
كم مؤلـم أنـي خدعـت
ومـخــجــل أن أعـلــمــا
كم مؤلـم أنـي خدعـت
ومـخــجــل أن أعـلــمــا



سالــم : سـعووووود ... أين وصلت ... هيا لنعد للبيت ... أشعر بنعاس فضيع ....
انتبه سـعود على صوت صراخ سالم ... ابتسم له ببلادة ... وقال:حسنا حسنا ... لكن بلا صراخ فضحتنا يا أخي ....

و تحركا خارج المقهى ... و كل منهما يفكر في ما يشغله ... سالـم يريد ان يجد سكنا مناسبا لكي تلحق شهد بهما ... لأنه ببساطة اشتاق لها و يريدها أمامه في أقرب وقت ...



و سعود ... عاد لينغمس في ذكرياته... لكن هذه المرة هاجمته صورة أخرى .. ملامحها بريئة .. كبرائتها ... حاول أن يطرد الصورة من باله ... لكن عبثا يحاول ... لا يريد أن يعترف أنه اشتاق لها ... لا يريد حتى السؤال عنها ... لا يريد السماح لمشاعره تجاهها أن تغلبه ... و هو يقنع نفسه ... أنها بخير ... بعيدا عنه...



***** ***** *****



تتكلم بفرح ... بسرعة ... و كل أجزاء جسمها الصغير تعبر معها ... تحكي ... عن أدق التفاصيل ... و الفرح يملأ عيونها ... بكل برائة الدنيا تحكي لهم عن المعلمة ... و شكلها ... و هي تقلد كل حركاتها ... سعداء لأنها سعيدة ... و هي سعيدة لأنهم يشاركونها فرحها .. و يضحكون لكلامها البريء ...

سكتت لبرهة ... ثم أضافت : عمتي شهد ... متى أنهي المدرسة و أسافر مثل عمو سالم .؟؟
ابتسمت شهد و قالت لها بحنان: إذا كنتي مطيعة ... و مجتهدة فستسافرين و تصبحين مثل عمو سالم و ابوك أيضا...

عقدت سارة حاجبيها ركضت تجاه جدها و قالت بغضب : لا .. انا اريد ان اكون مثل سالم ... ليس مثل ابي ....

ضمها تركي اليه و قال لها بحنان: لكن لماذا .. فوالدك شهادته أحسن من شهادة سالم ..؟؟؟

سارة بحزن :لكني أحب عمو سالم ... و هو يحبني ...

حزن تركي لحال حفيدته ... لا يريد أن يرى نظرة الحزن في عيونها ... كبير هو عليها الحزن ...
لماذا يا سعود لما يا بني تهرب من ابنتك ... لماذا تجعلها تكرهك...

دخلت في تلك الأثناء عليا و هي تبتسم: لقد اتصلت روضة ... تقول أنهما عائدان غدا من مكة...


ابتسم الجد برضى : الحمد لله ... لقد اشتقت لهما ... البيت بدون ناصر ممل و كئيب...

ثم التفت ناحية حفيدته :و أنت يا شهد متى قررتي تركنا أنت الأخرى ...؟؟

شهد:لا أدري جدي فحفيديك المصونين لم يجدا لي سكنا قريبا منهما بعد ..

الجد: آمل أن لا يجداه أبدا.... تهربون الواحد تلو الآخر ... و لا يهمكم أبدا من تتركون ورائكم ... انتظروا على الأقل أن أموت ثم اذهبوا اينما تشاؤون ...

تكلم الجميع في صوت واحد: إسم الله عليك ...

اقتربت منه عليا و جلست الى جانبه قبلت رأسه و هي تقول عاتبة: و أنا لا أكفيك يا ابي ؟؟ انا سأبقى إلى جابك للأبد ... كيف لي أن أترك ابي حبيبي...

التفت الجد لها بحنان:انت نظر عيناي... انت قرة عيني ... لكن مصيرك تتزوجين و تعيشين حياتك...

ابتسمت له عليا و هي تخفي نظرات الألم عن ابيها:لا لالا لن اتركك ... هذا شرطي الأول و الأخير ...

تدخل تركي لأنه يعرف أن سيرة الزواج تحزن أخته :و أنا و سارة ليس لنا مكان في عيونك يا أبي...

نظر الجد حوله و هو ينظر إلى وجه كل واحد منهم تركي ..شهد ... عليا ... سارة ... : يعلم الله أني أرى الدنيا بعيونكم جميعكم ... الحاضر و الغائب ... و أتمنى أن أعيش يوما في حياتي و كل اولادي و أحفادي حولي... بعدها لا يهم كم أعيش ...

و انزلقت دمعة من عينه مؤكدة كلامه ... و شوقه ... و حبه لهم....


***** ***** *****

وضعت سماعة الهاتف على أذنها و هي تترقب ... تنتظر ... إلى أن وصلها ذاك الصوت العذب ... الذي يروي عطشها ... رغم بعده عنها ...أغمضت عيناها بقوة تمنعهما من الإستسلام مجددا لشلالات الدموع...

سلمى : أهلا أمي... كيف حالك؟؟

زينب : بخير حبيبتي ... لقد تأخرت في الإتصال ... خفت عليك ...

سلمى : آسفة أمي ... لقد انشغلت بتنظيف غرفتي ... و ترتيب الملابس ..

زينب : لابأس حبيبتي ... أخبريني كيف كانت الرحلة...

سلمى : جيده ماما ... و غير متعبة

زينب : و كيف حال صديقتك ... نسيت إسمها...

سلمى : ياسمين ... انها بخير ... تسلم عليك ..

استمرت المكالمه على هذا النحو ... كل منهما تحاول كبح دموعها ... و شوقها...
كل منهما تطرح الأسئلة البعيدة عن ما تشعران فعلا به ..
كل منهما تمد يدها لتلمس الصورة امامها ...
لكنها لا تجد إلا الفراغ ....
ياااه لبرهة تخيل لكل منهما أن الأخرى أمامها ... و تستطيع ضمها .. و تقبيل وجنتيها ...لكنهما تعانقان الفراغ ... و تضيع القبل وسطه...



عادت إلى الفندق الصغير ...حيث حجزت غرفة لليلة واحدة ... و بسرعة البرق خلعت حذائها ... و قفزت للسرير ... بملابسها طبعا ... لا بأس ليله بدون قميص نوم ... المهم أن تنام و تنال بعض الراحة و الدفئ ... و بينما هي تحاول ان تغفو ... أعادت في رأسها أحداث اليوم كله ... منذ لحظة وداعها لأمها ... مرورا بركوب الطائرة ... إلى موقفها مع الساكن بالغلط ... و جيرانها الجدد ... ابتسمت و هي تذكر طيبة سالم ... مستعد للمساعدة في أي وقت ... يكلمها بطيبة .. و من الواضح أنه ليس كباقي الشباب العربي هنا ...
لا يظهر عليه أن له نية سيئة أبدا... تذكرت أنها لمحت خاتما في أصبعه ... متزوج ... اتسعت ابتسامتها أكثر ...( يال حظ زوجته به ... لابد أن تكون طيبة و خلوقة من يرزقها الله زوجا مثله ..)

تمنت في تلك اللحظة ...أن يكون لها أخ ... تعتمد عليه ... يحميها ... و يحن عليها ... لكن سرعانما عادت لأرض الواقع ... و هي تقول كيف يكون لي أخ ... و أنا لا أملك أبا؟؟؟

استدارت على جنبها الأيمن ... تحاول النوم ... لكن طيف الجار الآخر هاجمها هذه المرة ... لا تذكر هل سمعت صوته ... لا لاتظن أنه تكلم في وجودها ... لكنها تذكر جيدا نظراته الغريبة ... المبهمة ... المختلطة بالإستحقار ... و الريبة ... جلست بسرعة و هي ترفع اللحاف عنها و قالت بصوت جهوري ...: استحقار ... ولما يستحقرني ... ماذا فعلت له ... إني حتى لا أذكر اسمه...؟؟؟؟انسان معقد.....



عادت لتسترخي مكانها ... و هي تحاول هذه المرة أن لا تشغل بالها بشيء .. قرأت المعوذتين ... و آية الكرسي ... و استسلمت جفونها للنوم .. و للراحة...



***** ***** *****


بعد العشاء ... صعدت شهد لغرفتها ... جهزت نفسها للنوم ... أخدت الرواية الجديدة التي بدأت قرائتها منذ أيام... و معها هاتفها النقال ... دخلت تحت لحافها ... و بدأت قراءة الرواية ... و عينيها ..معلقتين على الهاتف .... تنتظر مكالمة سالم ... لقد وعدها بأن يكلمها اليوم ...


كانت تحاول التركيز على الرواية و أحداثها ... لكن التفكير في سالم كان أقوى ... لم تتوقع يوما أن يكون زوجا لها ... رغم غزله الدائم ... و تعامله الرقيق معها منذ الطفوله ...
كانت تظنه مجرد مزاح ... لعب ... لم تكن تعلم أنه فعلا يحبها ... يصعب عليها أحيانا تقبله كزوج ...

تعلم هي جيدا أنها تعذبه ببرودها تجاهه ... لكنه جريء في التعبير عن حبه ... و هي لا تستطيع مجاراته ... ربما لأنها لا تحبه .. تعزه .. تحترمه ... لكنها لا تحبه ... أو ربما هي لا تعرف إن كانت تحبه أم لا ...
تذكرت عندما سألتها عمتها عليا إن كانت تشتاق له .. فالإنسان لا يشتاق إلا لمن يحب ...
هي فعلا مشتاقة له ... حسه و نشاطه و ضحكاته تملأ ارجاء البيت كله ... بل تملأ أرجاء كل البيوت الأخرى ... (ليتني أستطيع إسعاده كما يفعل هو معنا جميعا...)

ابتسمت و هي ترى جهازها النقال يتحرك ... و دون تردد رفعته إلى أذنها .. و قلبها يدق كأنه تحول إلى مجموعة طبول إفريقية...

شهد:ألووو..السلام عليكم

سالم الذي داخ بفعل صوتها الرقيق و الهادئ:وعليك السلام و الرحمة و السرور و السعادة ... كيف حال حبيبتي؟؟

شهد و لم تغير نبرة صوتها الهادئ: أنا بخير ... كلنا بخير ... و الجميع يسلم عليك .. و أنت كيف حالك؟؟

سالم : أنا أصبح بخير فقط عندما أسمع صوتك...

شهد :............

أطلق سالم تنهيدة عميقة، و هو ينظر لصورتها الموضوعة أمامه على مكتبه : مصرة على السكوت ... لن ترحميني أبدا ... قولي أي شيء ... ارحمي غربتي...


شهد لم يطاوعها لسانها على الكلام ... كانت تريد ان تقول له انها فعلا تحبه .. لكن ..هل تكذب عليه .. هي نفسها لا تعرف حقيقة مشاعرها تجاهه: سالم .... كل شيء بوقته ...لا تستعجل

سالم: سأصبر يا شهد ... و لو لآخر يوم في عمري...

شهد: إسم الله عليك

سالم و الإبتسامة تعلو محياه: تخافين علي شهد؟؟

شهد و هي تلعب بطرف اللحاف. و قد علت الحمرة خدودها : طبعا ... ألست إبن عمي..

سالم بمكر يحاول سحب لسانها و جعلها تعترف:فقط؟؟

شهد: و زوجي....ثم سكتت ... بقي هو ساكتا للحظات ينتظر أن تكمل كلامها ... لكنها سكتت...

سالم بخيبة أمل :حسنا ... سأنتظر ... سأتصل بك غدا في نفس الوقت .. تصبحين على خير حبيبتي ...

شهد :بلغ سلامي لسعود ... أخبره أني اشتقت له

سالم: حسنا سأبلغه ... هل أخبره أيضا انك تحبينه ولا تستطيعين العيش بدونه...

ابتسمت شهد و قد فهمت قصد سالم : سالم أخبره فقط أني اشتقت له .. و لاحقا أخبرك هل احبه و لا استطيع العيش بدونه أو لا....

ضحك سالم ،، يحب هذه المجنونة، يعشقها و يعشق خجلها ولو بالغت فيه:ههههههههه ... يكفيه انك اشتقتي له ... أول الغيث قطرة حبيبتي .. هيا نامي ...لا تسهري كثيرا على رواياتك التي لا تنتهي ... ستخربين عيونك الجميلة...تصبحين على خير ...

شهد و صوتها يكاد يطلع من حلقها : و أنت من أهل الخير سالم...


وضعت النقال على الطاولة جانب السرير ... و ابتسامتها لم تفارقها بعد... نظرت للروايه بين يديها ... ابتسمت و هي تتذكر كلامه عن عينيها ... رمت الرواية بعيدا ... و دخلت تحت اللحاف ... تغوص في أحلامها الوردية التي أصبحت منذ مدة تشاركها مع سالم... و هي تعد نفسها أنها ستقول له ما يريد سماعه يوما ما ...


**** **** **** ****


و هناك كان سالم يقفز من مكان لآخر ... و السعادة تغمره ... كلم حبيبته ... صديقة الطفوله ... ابنت العم العاقلة الخجولة .. و زوجته حبيبته و أم أولاده في المستقبل ... سمع صوتها المخملي ... الذي يدخل أذنيه كأنه نوتات موسيقية راقية ... هادئة ... يحبها ... و لم يكن ليحب غيرها لو لم توافق على الزواج به ... يحبها منذ نعومة أظافره ...
هي ببساطة أميرته الرقيقة الهادئة


في الغرفة الأخرى كان سعود ... يعيش عالمه الكئيب ...وسط ذكرياته ... الذكريات التي أيقضها سالم اليوم بجملة بسيطة واحدة ... لكنه لم يبحث عن تسلية ... لقد أحبها فعلا بكل تفاصيلها ...
بنى على حبه لها آمالا كبيرة ... خطط لمستقبل ... لأولاد .. لأحفاد ...
معها و إلى جانبها ...
لكنها خذلته ... حالما عادا للسعودية ... لم يظن انها قد تضحي به و بحبه و بابنتها ... لأجل الحرية التي اعتادتها في بلاد الغرب ...
كان هو سعيدا لأنه عاد إلى أرضه ...إلى أهله ... إلى بيته ...
و كانت هي كارهة لكل ما و من حولها ... و كل يوم تتصنع مشكلة جديدة ...
يوم لا تريد تغطية وجهها و هي ذاهبة للسوق...
و يوم تريد الخروج وحدها ... و يوما آخر تريد السفر وحدها ... و مرة أخرى جائته تريد طرد السائق و سياقة سيارتها بنفسا ....
و في خضم طلباتها التي لا تنتهي ... كانت مهملة لإنتها ... تاركة إياها و لا يهمها ما قد تفعله الخادمات بها ...
لكنه صبر لأنه يحبها بصدق ... يحبها و يقدر إحساسها وينتظر اليوم الذي تأقلم فيه على الحياة هناك ...
سألها إن كانت ترغب في أن يذهبوا للعيش في الكويت حيث أهلها ... تصور منها ان تفرح ... ان تشكره ... لكنها طلبت ان يعودو الى فرنسا ... فهي تعودت العيش هناك... لا تتخيل أن تكون مرتاحة في مكان آخر غير باريس....

لكنه تعب من الغربة ... و لا يريد لأولاده أن يترعرعوا في بلد غير مسلم .... بعيدا عن الأهل... و عن المساجد....


لم تهتم ... قلبت حياته هما ... شجارا ...و صراخا كل يوم ... و زادت في عصيانها و تمردها ...
حين حملت منه مرة أخرى ... و بدل أن تخبره و تسعده ... تخلصت من الجنين ...
قتلت ولده قاصدة متعمدة و هي تنظر له بكل شجاعة و وقاحة و تبرر فعلتها ...
بأنهالا تريده ... تريد الطلاق ... و لا تريد حتى ابنته ... تنازلت بسهوله عن كل شيء مقابل الحرية ...

رحلت و تركت سارة و عمرها لم يتجاوز الثلات سنين ... و لم تسأل عنها لليوم ....


فتح درج مكتبه ... أخرج الصورة من بين أوراقه ... ( و أنت أيضا لم تسأل عنها ... أنت أيضا تركتها و رحلت تبحث عن النجاح ... و النسيان)

نظر مطولا لصورة سارة ... ثم أعادها بسرعة إلى الدرج... و هو يقول بينه و بين نفسه:إنها بخير بعيدا عني ... أبي سيكون لها أبا أحسن مني ...أنا لن أنفعها ...



***** ***** *****



وضعها على السرير بهدوء ... غطاها ... ثم جلس للحظات يتأمل وجهها الملائكي الصغير ... تشبهه... كأنها صورة له ... لماذا يقسو عليها و يحرمها حنانه ... لما و هو طبيب يداوي جروح الناس .... يفتح جراحا لا تشفى في قلب ابنته الصغير ... ما ذنبها هي ؟؟ ... أنا لم أكره أحدهما عندما تركتني أمهما بكل بساطة ...


بلى تركتهما و انشغلت بانتقامي من ناصر ... لكن أم سالم كانت لهما أفضل من الأم ... انشغلت بحقدي على ناصر الذي وهبه الله زوجتين ... كل واحدة منها أفضل من الأخرى ... و كنت أنا أعيش في العذاب مع واحدة فقط ... و كان هو يعيش في السعادةو الإستقرار مع زوجتين ...
تحبانه و لا ترغبان إلا في راحته ...

فضل الإبتعاد عن أمي ... أو ربما أبعده أبي حتى لا تخرب أمي حياته ... أرسله إلى المغرب ليشرف على شركته هناك ... زوجه ابنت صديقه و شريكه ... و كانت روضة راضية بذلك... سعيدة لسعادة زوجها ... و أنا هنا أعاني مع أختها المغرورة ...
و أمي لاتزال تزيدني حقدا على ناصر ...

أحس بحركة سارة ... التفت إليها فرأى ابتسامة حالمة على شفتيها ... لابد أنها تحلم ...إحدى أحلامها البريئة...أو ربما تفكر في أبيها ...


رفع نظره لسقف الغرفة و هو يتمدد إلى جانب حفيدته ... فهاجمته مرة أخرى صورة زينب ... و قد غطى الدم وجهها... و تضع يدها على بطنها ... كأنها تحمي جنينها من الضربات المنهالة عليها من كل ناحية ... من والدها ... و إخوانها ...
لم يرحموها ...
بينما كان ناصر واقفا ينظر إليها بانكسار ... بخيبة ... و أبي ارتسمت على وجهه ملامح الخذلان ...
و كنت أنا الوحيد الذي يشعر بالفخر بما فعله ... لـم يكن لي ضمير ... ضميري كان تحت سيطرت أمي ... ترشدني إلى الخطأ و أظنه أنا الصواب ...

أي قلب كان عندي ... كيف لم تحركني دموع زينب ... ألمها ... صراخها ... كانت تنظر لأبيها بترجي ... و تصرخ أنا عفيفة ...
تنظر لناصر ثم لروضة و تصرخ أنا شريفة ... لم أفعل شيئا ...
لكن لـم يصدقها أحد ... خطة أمي كانت متقنة ... و نفذتها أنا باحترافية ...

كنت سعيدا ... لأني رأيت سعادة ناصر بحمل زينب تموت و تختنق فيعينيه ...
كنت سعيدا و أنا أرى سعادةأبي بزوجة إبنه تتحول لخيبة ... كنت سعيدا و أنا أرى الرضى في عيون أمي...


وجاء عقاب ربي بسرعة ... تطلقت نورة ... و تنازلت عن شهد و سعود ... و رحلت ... لكني لم أفهم رسالة ربي لي إلا بعد فوات الأوان


ليتني أعرف فقط إن كانت زينب حية ... هل أنجبت؟؟ أم أني أحمل على رقبتي جرما آخر؟؟
ليت لي شجاعة كافية لأبرئ زينب مما اتهمت به ؟؟


لن ينسى أبدا كلامها و هي تفقد الوعي تحت تاثير الضرب و الرفس ... كانت تتلاشى و هي لاتزال


تقول :ربي .... إني ...مغلوبة ... فانتصر...



ضغط على عينيه بشدة وهو يمنع دموعه من الإنهمار ... نظر مرة أخرى لسقف الغرفة ....وقال بهمس: و أنا أنتظر انتصاره لك يا زينب ... راض بكل عقاب يأتيني منه تعالى ... أسأله فقط أن لا يؤجله لآخرتي ... ليتني المشلول و ليس ناصر ...


***** ***** *****


استيقظت متأخرتا جدا ... لن يساعدها الوقت كي تذهب للمطعم وتعتذر من حسين و سمية ...

ركبت الحافلة بسرعة فاصدتا شقتها ... عليها أن تكون هناك ... قبل أن يرحل الآخر ...
لا تريد أن يأخد شيئا يخصها ... كل شيء محتمل ... وصلت للمكان ...
رأت أن هناك بعض العمال يحملون أغراض السكير ...
تنفست بعمق وهي تقول في نفسها ( أخيراا !!)

وصل المصعد أخيرا إلى الطابق الخامس ... خرجت بسرعة ... لم تنتبه للجسم الواقف أمامها ...
اصطدمت به و كادت تقع على الأرض إلا أنه مد يده و أمسك بيدها ليساعدها على الوقوف ...
رفعت عينيها إليه ... إنه ابن عم سالم ... رباه ما إسمه??!!

سحبت يدها بسرعة من بين يديه، وقالت: أشكرك ... آسفة لم أنتبه ... يبدو أني مازلت نائمة...

سعود: لا بأس حصل خير ... أنا أيضا آسف ...

ابتسمت ... ابتسامة عادية بسيطة ... كعادتها.ثم انسحبت من أمامه .. قصدت شقته إلا أنه

استوقفها ... و هو يقول: أخت سلمى ... هل أعطيك الحقيبة الأن؟ لا أحد في الشقة الآن ... و ربما احتجتي أغراضك...

ضربت بيدها على جبينها و قالت : لقد نسيت أمر حقيبتي ... أجل إن لم تكن ستتأخر عن أشغالك ناولني اياها الآن..

سعود : لحظة... ثم تقدم من باب شقته ...فتحها و دخل

خرج بسرعة و هو يجر الحقيبة ورائه...
وجد أنها تكلم أحد العمال و تطلب منه إخراج كل الأفرشة والأواني الموضوعة في الصاله و المطبخ... نظر إليها العامل ببلادة ... إلا أنه لم يعلق ... هو هنا فقط لينجز عمله....

تعجب سعود أيضا لطلبها ... لكنه تذكر حال الشقة كيف كان بالأمس ... هو كرجل لن يتحمل العيش فيها فكيف لفتاة أن تستحملها...

أخذت منه الحقيبة ... و هي تبتسم ...:شكرا .. و آسفة إلى الإزعاج..

ناظرها بجمود: لا بأس ... نحن في الخدمة ... استدار ليذهب ثم عاد و التفت و كأنه تذكر شيئا :آنسه سلمى ... إذا احتجت مساعدة في التنظيف... فلا تترددي في طلبها..

سلمى و هي لا تزال مبتسمة : شكرا... ودخلت إلى الشقة التي أصبحت خرابا....

بينما دخل هو المصعد... و هو يتأفف ... و يسب نفسه : سامحك الله يا سالم... نقلت لي عدوى المساعدات ...

لكنه ابتسم فجأة و هو يتذكر كيف تبتسم ... كأنها بلهاء ... تبتسم لي و أنا أكلمها بغرور... الم أقل أنها طفلة؟؟؟


***** ***** *****

للحكاية بقية

قراءة ممتعة أتمناها لكم


 
 

 


التعديل الأخير تم بواسطة ألحان الشوق ; 16-01-08 الساعة 03:22 PM
عرض البوم صور ألحان الشوق  
قديم 21-01-08, 10:13 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2007
العضوية: 49383
المشاركات: 72
الجنس أنثى
معدل التقييم: زهرة الايام عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 16

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زهرة الايام غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ألحان الشوق المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

القصة من موضوعها باين انها مشوقة.......لي عودة بعد القراءه

 
 

 

عرض البوم صور زهرة الايام  
قديم 22-01-08, 10:35 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 59897
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: ألحان الشوق عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ألحان الشوق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ألحان الشوق المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الايام مشاهدة المشاركة
   القصة من موضوعها باين انها مشوقة.......لي عودة بعد القراءه

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أهلا بك يا زهرة الأيام ...

أتمنى تنال القصة على إعجابك
و يسرني مرورك

 
 

 

عرض البوم صور ألحان الشوق  
قديم 24-01-08, 01:43 AM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متألق


البيانات
التسجيل: Dec 2007
العضوية: 59897
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: ألحان الشوق عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 19

االدولة
البلدMorocco
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ألحان الشوق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ألحان الشوق المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

البداية












بعد أن تأكدت من أن العمال قد ا نتهووا من أعمالهم.... و رحلوا ... دخلت غرفتها ... و هي ترتب أفكارها ...و تفكر بما ستبدأ أولا ...


فتحت الدولاب ... أخرجت بسرعة سروال جينز أبيض ... و قميصا واسعا أبيض ... كانا قديمين بعض الشيء ... و مناسبين للعمل في تنظيف الشقة ...
جمعت شعرها الطويل على شكل ذيل حصان ثم ضفرته حتى لا يزعجها أثناء العمل ... ثم غطته بشرشف خفيف حماية له من الغبار...


فتحت جميع النوافذ و باب الشقة كذلك فالمكان كان محتاجا لكثير الكثير من الهواء النقي ...


و بدأت أعمال التنظيف و هي واضعة كمامة على فمها و أنفها ... تقاوم رغبتها في الإستفراغ ... و تحاول التركيز مع سورة البقرة ... التي كانت سمية قد نصحتها بتشغيلها في الشقة عندما كلمتها قبل قليل تشرح لها الظروف و تعتذر لعدم حضورها...


أحست بالهدوء و الراحة...و هي تتمعن في كلمات السورة...



بعد ثلاث ساعات من العمل المتواصل ... نظرت سلمى حولها و هي تشعر نوعا ما بالرضى ... المكان نظيف جدا مقارنة بحاله قبل قليل ...


اختفت رائحة السكير و كلبه ... بعد أن غلبت عليها رائحة المنظفات و المطهرات ... قامت بمسح النوافذ كلها ... و ركزت كثيرا على غرفته ... التي كانت حالها أسوء من حال زريبة الحيوانات ...


كانت الشقة إجمالا مكونة من غرفتين ... صالون صغير ... و مطبخ مطل على الصالون ... حمام...

و بلكونة صغيرة ... كانت كافية لوضع طاولة و ثلاث كراسي ...





نظرت لساعة يدها ... الواحدة بعد الظهر ... ليس عليها الآن سوى تضع الستائر ... و باقي المناشف و المناديل في الغسالة ...



تتوضأ و تصلي ... ثم تخرج للتبضع ... فالثلاجة فارغة تماما ... و هي لم تأكل شيئا منذ البارحة....







* * * * * *





كان جالسا على مكتبه ينهي كتابة تقارير مرضاه لهذا اليوم ... و هو يفكر هل قرار عودته للبلاد صحيح ...


أم أنه من الأفضل له البقاء هنا للأبد... يعرف أنه جبان ... هارب من واقع حياته ... لكنه لا يستطيع غير ذلك ...


لا يريد أن يرى ابنته طوال الوقت أمام عينيه ... سيقسو عليها... سيحرمها من حضنه ... لأنه يرى فيها ... أمها ...



كلما نظر إليها تذكر هدى ... تذكر حب حياته ... التي بقدر ما جرحته و ظلمت حبه ... لا يستطيع أن يكرهها ... ربما لذلك يحاول الهرب من ابنته ...حتى يحاول النسيان ...



لقد مل فعلا حياته هنا ... كاندوما يحلم بأن يدرس ... و يتدرب في أشهر المستشفيات في فرنسا ... ثم يعود إلي أهله و بلده ...يحقق نجاحه هناك ... و يفيد الأطباء الشبان بما تعلمه هو هنا ....



لكن هدى هدمت أحلامه ... صدمته ... مثلت عليه البراءة و الطهر ... إلى أن أيقن أنه من المستحيل
أن يعيش بدونها ...



لم يفكر في العواقب ... لم يهتم إلى كونها متحررة و ألفت حياتها هنا لدرجة أصبحت تزور أهلها في الكويت لمدة لا تتجاوز الشهر...



ظن أنها تحبه ... و مستعدة للتضحية بالغالي و الرخيص لأجله ... لكنه كان أعمى ... أعمته أنوتثها و دلالها ... تخدر عقله تحت تأثير عذوبتها و جمالها ... كانت حبه الأول .... و ستبقى حبه الوحيد ...




لن ينساها صاحبة العيون الساحرة ... أحيانا يندم على قراره بأن يطلقها ... أحيانا يتمنى لو طاوعها و عاد إلى فرنسا ...



على الأقل لأجل ابنته ... سارة التي تعيش الآن يتيمة و والداها على قيد الحياة ... لكن هول الصدمة عندما عرف من الطبيب المشرف عليها أنها أجهضت عمدا ... جعلته يفقد أعصابه ...



قتلت ولده ... الولد الذي لم يعلم بوجوده إلا بعد موته ... حينها عرف أنها لا و لن تكون أما صالحة ...



هي تماما كأمه ... تحيى لنفسها فقط ... و حتى لو لم يطلقها آنذاك ... كانت ستتركه و ترحل هي يوما ما ...



ليته فقط يمحو ذكراها من عقله ... الذكرى التي تعرقل حياته ... و تبعده عن ابنته ...








* * * * * *






انتهى دوامه لليوم ... كان تفكيره خلال الساعات الفارطة منحصرا على إنسانة واحدة ... حبيبة قلبه ... شهد ... كيف سيدبر لها سكنا...


لقد أخطئا حين استأجرا شقة صغيرة ... سعود سيعود للبلاد لكن بعد شهرين ... و دراستها ستبتدئ بعد أسبوعين ...



تمنى لو كان بإمكانه أخد عطلة و الذهاب للبلاد و إقامة حفل الزواج حتى يمكنها أن تسكن معه ... في غرفة واحدة ... لكن ... صعب ...



خطرت بباله فكرة ... أجل ... أفضل حل ... لو أن سعود فقط يوافق ... و يتحمل ... يعرفه ... و يعرف عناده ...



سيسأله الآن حالا ... أجل عليه أن يعرف رأيه قبل إتخاذ القرار ... فهو أولا و قبل كل شيء شقيق شهد ... و ابن عمه الأكبر سنا ...




أخرج هاتفه النقال من جيبه ... و اتصل بسعود ... الأمر لا يحتمل التأجيل ... شيء طبيعي ... فهو لا يريد لحبيبته أن تتأخر في دراستها ...



جائه صوت سعود العميق: ألووو ... أهلا سالم ...

سالم : أهلا سعوود ... هل أنهيت عملك ...؟؟

سعود : ليس بعد ... لكني لن أتأخر اليوم ... ساعتين بالكثير و أكون في المنزل .... لماذا ؟؟

سالم : في الحقيقة ... أريد أن أقترح عليك شيئا بخصوص سكن شهد ...



سعود : هل وجدت سكنا مناسبا..؟

سالم : امممممم ... ليس بعد ... لكن ما رأيك في أن تسكن بجوارنا ... أقصد مع جارتنا... سلمى...



سعود بصوت حاد: آسف سالم ... لا أريد لأختي أن تسكن مع تلك الفتاة ... لن ترتاح معها ... لن تتوافقا ...


سالم : بالعكس يا ابن عمي ... إنها هادئة ... و مؤذبة تماما كشهد...


سعود: ربما ... لكن ... أنت لا تعرف مثل هذا النوع المتحرر من البنات ... كل شيء عاد ... و مقبول لديهن ... و شهد ليست متحررة ... و تربت في بيئة غير بيئة جارتك...



سالم و قد مل من ابن عمه الذي يرى الدنيا من ثقب ابرة: سعووود ... ألا تلاحظ أنك تحكم على البنت من منطلقك الشخصي .... أنت حتى لم تكلمها كيف تحكم عليها ... و كأنك تعرفها منذ زمـن؟؟؟



فهم سعود قصده ... أو ربما هيء له ذلك ... ربما لأنه يعرف نفسه ... و يعرف أنه علق حياته كلها على هدى ... لكن لا يحق لأحد لومه .... تنهد بعمق و قال : لا بأس سالم ... كما هي أختي ... هي زوجتك ... افعل ما تراه مناسبا و لائقا بزوجتك .... ركز على كلمته الأخيرة ... ليحسسه بقدر المسؤولية الملقاة عليه ...



سالم : طبعا لن أفعل إلا ما أراه لائقا بزوجتي... و جارتنا إنسانة محترمة ... و أي إنسان آخر سيحكم عليها أنها محترمة ... الا أنت ...



سعود: أرى أنك تدافع عنها بعد يوم واحد... الله أعلم بما ستفعله بعد شهر ...



سالم : سعود... آسف يا ابن عمي لكنك تافه ...


ضحك سعود بقوة على ابن عمه الذي يرتفع ضغطه بسرعة... ثم أنهيا المكالمة ... بعد أن أكد له انه موافق طالما ستكون شهد قريبة منهما .... هكذا يمكنهما حمايتها و رعايتها... و أقنع سعود نفسه أنها مدة قصيرة ... إلى أن يعودوا جميعا للسعودية و يتزوج سالم و شهد...






* * * * * *





كانت سـارة تلعب أمام عينيه ... بكل هدوء ... تذكر كيف كانت تنادي والدها ليلا ... ليس بالأمر الجديد ...هي دائما تناديه و هي تحلم... لكنه تأثر بالأمس أكثر من العادة ...



ربمالأنه فكر في جنين زينب ... هل كتب له الحياة... ذكر هو أو أنثى .. كيف يعيش ... و كيف يكفر هو عن ذنبه ... سامحها الله أمه التي جعلت منه إنسانا بلا بصيرة....



يا ترى ما مصير زينب وسط إخوتها ... هو يعرفهم ... قلوبهم قاسية و لا يهمهم شيء كثر ما تهمهم سمعتهم وسط الناس و في السوق ... لابد أنهم قتلوها و قتلوا طفلها ...



رده صوت سارة العذب إلى الحاضر : بابا تركي ... أتسمعني؟؟


: نعم حبيبتي ... ماذا قلتي ؟

سارة: متى يمكنني أن أذهب لأمي روضة و عمي ناصر ؟؟

:بعد أن يرتاحا من السفر... لكن هذه المرة العشرون التي تسألين فيها ...حملها فوق ركبتيه و سألها : لما الإصرار؟؟


سارة: اشتقت لهم...قالتها ببرائة ... لكن جدها يفهمها ... كيف لا و هو من رباها ... : فــقــط؟؟؟


ابتسمت سارة ببرائة: و لأحضر هداياي من عند أمي روضة...ضحك تركي على أفكار حفيته المتعلقة بالهدايا و الحلويات و الألعاب ...



و هو يتسائل كيف حرم نفسه من هذه المتعة عندما كان أولاده صغارا بسنها .... لكن كل ما يخطر بباله هو ... أن سامحك الله يا أمي....

و عاد شبح ابن او ابنة أخيه ليداهمه ... هل كان له من الهدايا و اللعب ما يكفي... أم أنه رمي في دور الأيتام ... لستر الفضيحة ...


كيف لأمه أن تكون قاسية لدرجة أن تتقبل بسعة صدر أن يكنى حفيدها باللقيط ... أحيانا يحمد الله أنها ماتت قبله ...


لأن بعدها عنه يجعله إنسانا بضمير ... كباقي الناس ...


منذ وفاة أمه و هو يفكر في الموضوع ... يحاول في كل مرة استجماع شجاعته و مصارحة والده ... لكن الأمر ليس بالسهل ...




صعب أن يقف أمام أخيه المريض ... والده ... اخواته ... ابنائه ... ابن أخيه ... و يقول بكل بساطة ... أن زوجة ناصر ... عفيفة ... و أن كل ما حدث آنذاك ... كان من تخطيط أمه ... و تطبيقه هو ...

و مساعدة نورة زوجته ... و حصة أخته ... صعب ... أن يظهر الحق ... بعد أن دفنه بيديه ... لكنه نادم ...

و لكم يحس أن هذه الكلمة غير كافية للتعبير عما يحسه...







* * * * * *






دخلت وهي تدفع كرسي ناصر أمامها ... و ورائها الخادمة لورا... تحمل هدايا سارة ... التي اعتاد جميع أفراد العائلة إسعادها بهدية ...كل يوم ... بمناسبة و بدون ...




رغم أنهم يعلمون ... أن ذلك لن يعوض غياب الأم الجاحدة ... و الأب الهارب ... و كانوا هم الكبار يتحملون خطأ أبنائهم و يراعون سارة ...




حتى عائلة أمها تحبها ... و يحاولون مع ابنتهم بجميع الطرق أن تزور ابنتها ... لكنها أهملتها كما سبق و أهملت والديها و إخوتها ...





سارة ... سارونة ... أين أنت ؟؟؟ نادت روضة ... ولم تنتظر كثيرا حتى خرجت لها سارة بفرح و هي تصرخ : بابا تركي .... لقد جائوا إلي ... عمو ناصر و أمي روضة .....



ثم قفزت بقوة لأحضان ناصر الذي فتح لها ذراعيه الذان كان بالكاد يستطيع تحريكهما .... قبلته بقوة ثم قفزت بنفس القوة لأحضان روضة ...



لكنها بعد أن لمحت الأكياس في يدي لورا ... فقدت التركيز ... و تبثت نظرها على الأكياس ... فضول طفلة بريئة ..
متشوقة لمعرفة ما تحمله تلك الأكياس ... متلهفة للعب بأشياء جديدة ...



ضحكت روضة على سارة التي كانت تكلمها و عيونها معلقة هناك حيث تقف لورا في مدخل المجلس ... رحمت حالها ... لأنها تعلم كم هي خجولة ... و لا تحب أن تطلب شيئا من أحد ...
أخذتها من يدها و تقدمت إلى حيث تقف لورا ...



أخذت منها الأكياس ... ثم التفتت لسارة ... التي لاتزال تنظر بصمت و خجل لروضة ...



كم هي جميلة عيونها الواسعة ... المتدفقة بالبراءة ... و المرح ... لا عجب أن الجميع ... صغيرا و كبيرا ... يسعى لرسم بسمة الفرح ...على شفتيها ... و نظرة الرضى ... في عيونها ...



هل تعلمين لمن هذا كله ؟؟



سارة و قد بدأت تحرك قدمها في عدة اتجاهات

عشوائيا ، و لم تجب ...




روضة : إذا لم تخبريني ... فلن أفتح الأكياس... و لن تري ما بداخلها ...



سارة : هي لي أنا ...



روضة: ههههههههه ... يا واثقة ... و كيف عرفتي ؟


سارة و قد وضعت يدها الصغيرة على خصرها ... و تكلمت بعفوية ... بعد أن عرفت أن الهدايا لها ...: لأنه لا يوجد غيري هنا ... أنا الوحيدة التي تلعب بألعاب و دمى ...









* * * * * *






دخل المجلس على صوت ضحكات حفيدته ... فوجئ بوجود أخيه و زوجته معها ... التي كانت تلاعب سارة ...




يشعر بالإمتنان نحو هذه المرأة ... ابنة عمه ... التي كان ... في الماضي يحتقرها ... حتى عندما كانوا مجرد أطفال كان دائما يضربها ... لأنها كانت ضعيفة البنية ... و كان ناصر يدافع عنها باستماتة ...




هذه المرأة التي ربت أولاده بعد أن تركتهم أمهم ...
التي صبرت لظلم أمه لها ... حبا في زوجها ... و احتراما لعمها ...


و ها هي ذي الآن تعمل على إبهاج حفيدته بعد أن تركها والداها ... كل منهم لسببه التافه ... الأم تريد الحرية ... و الأب يبحث عن النسيان ...


أبو سعود: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أطلتم الغيبة هذه المرة ... اشتقنا لكم ... انحنى على أخيه المقعد ... قبل على رأسه ... و عانقه بقوة ... كأنه يؤكد له مدى اشتياقه ... رفع رأسه اتجاه روضة...: كيف الحال يا أم سالم ؟



روضة: الحمد لله و الشكر ... أين أهل البيت ... أراه خاليا...



أبو سعود ..: أبي سينزل حالا ... حصة أبناؤها لم يعودوا بعد من سفرهم ... عليا و شهد خرجن للسوق ... لم يبقى الكثير لشهد حتى تسافر...



روضة :حسنا ... سأذهب أنا لأحضر بعض القهوة ... ثم التفتت لسارة :هل تأتين معي للمطبخ سارة..... ساااارة .... سارونة....



ابو سعود: ههههههههه ... لا حياة لمن تنادي ... الأميرة الصغيرة مشغولة بلعبها الجديدة ...



تقدم تركي لكرسي أخيه دفعه لداخل المجلس ... و جلس مقابله ... يسأله كيف كانت رحلة العودة ... و كيف هي نفسيته الآن... كانت كل ردود ناصر ... متشابهة ...


ليس على لسانه سوى كلمات حمد و شكر ... كان سعيدا لمجرد أنه عاد لبيته و أهله ...

يحس بالراحة إلى جانب أخيه الذي تغير كليا بعد وفاة أمهما ...

و إلى جانب والده الحنون ... الطيب ... رغم مرضه و ضعفه ...

هو شاكر لله بلا حدود أن له أسرة تعينه و تحبه ...




أما تركي فقد كان يدقق في ملامح شقيقه الأصغر ... و يكلمه بكل حب ...


و هو يتمنى أن لا تنتهي هذه اللحظات ... لحظات قربه من ناصر و كلامه معه ...


ربما لأنه قد حسم أمره ... بأن يخرج المدفون في ظلام أعماقه ... للنور ...


حسم أمره بأن يترك للسانه أخيرا حرية الكلام ... توكل على رب العباد ...

و قرر أن يتكلم ... و يحكي لأبيه عن الحقيقة كلها ...

يخاف أن توافيه المنية ... و يذهب إلى الله حاملا على كاهله ذنبا عظيما ...


و يكون عذاب الآخرة أشد من عذابه في دنياه ...







* * * * * *





بعد أن أنهت صلاتها ... و دعت ربها ككل مرة ... أن يعينها ... و يثبتها ...

فتحت حقيبتها ... لترتب ملابسها و أغراضها كل في مكانه ...
ابتسمت و هي ترى كم أن ملابسها جد مرتبة ... و معطرة ... داخل الحقيبة ...
لم تكن لترتب أغراضها بهذا النظام و الحب أبدا ... لفت إنتباهها كيس صغير بين الملابس ... عليه ورقة صغيرة ...
كتبت عليها ملاحظة ( لابد أن رائحة الرطوبة قد ملأت غرفتك بعد شهر غياب ... اسمعي كلامي هذه المرة فقط و بخريها ... فرائحة البخور تدوم عكس تلك الروائح الإصطناعية ..) ...

الكلمات عادية ... مجرد ملاحظة ... مخطوطة على قطعة ورق ...لكن سلمى و بعد أن قرأتها ... ضمتها إلى صدرها بقوة ...
كم هو مطمإن الإحساس بأن هناك من يرعاك... و يهتم لك ... حتى و هو بعيد عنك ...


لم تكن من محبي المباخر ... و الدخان ... لم تجرب أن تعد المبخرة أبدا ...
لكن أمها كانت معتادة على ذلك كل يوم تقريبا ... بمناسبة و بدون ...
قربت الكيس من أنفها ... نفس الرائحة ... و كأنها عادت إلى هناك ...
إلى الشقة الصغيرة ... الدافئة .... التي جمعتها بأمها لسنين ... رائحة أمها تفوح من هذا الكيس الصغير ...
سبب واحد ... جعلها تندفع بسرعة تجاه خزانتها تبحث عن مبخرة صغيرة كانت قد أهدتها لها ياسمين ... بعد أن عادت من تونس ...
لم تخذلها ذاكرتها ... و وجدت المبخرة ...
كانت صغيرة ... و مخصصة في الواقع للديكور ... لكن لابأس ستجربها اليوم ... علها
تخدمها و لا تخذلها ...






* * * * * *


فتح باب المصعد و خرج منه ... كان قد حسم الأمر و قرر أن يكلم سلمى في موضوع السكن ...
لمح باب شقتها مفتوحا ... لا يعلم إن كانت هي من بالداخل أم أن ذاك المجنون لم يرحل بعد ...

لكن رائحة بخور ... قوية ... عطرة ... أكدت له أن هي من بالداخل ...
مسكينه لابد أنها تعبت اليوم و هي تنظف المكان ...
فكر هل يتطفل و يكلمها الآن ... أم يؤجل الموضوع قليلا ... وصله صوتها ... و هي تدندن بكلمات أغنية ...
لم يستطع تمييز ما تقوله ... لكنه تراجع ... مخافة أن يحرجها ... ضحك بخفة و هو يفتح باب شقته ... يبدو أن جارته منسجمة مع أغنيتها و هي تدور بالمبخرة في أرجاء الشقة ...

تحول ضحكته لإبتسامة واسعة ... و هو يتخيل شكل شهد ... تبخر المجلس ... و صوت الموسيقى يصل لآخر ركن في البيت الكبير بيت عمه ...

و هي تغني و تتمايل على موسيقى عود محمد عبده ....
كانت العائلة برمتها معتادة على طقوسها تلك ...
و لكم اختلس هو النظر إليها ... دون علمها ... حتى و هي زوجته ... لأنه ببساطة يعرف أنها قد تذوب أمامه من قوة حيائها ...

رمى بحقيبته على المكتب ... و أخد صورتها ... ثم رمى بنفسه على السرير ...
و هو يتأمل وجه حبيبته شهد ... و يفكر في كلام سعود ... أنها لن تتوافق و سلمى في السكن ... ربما كلامه صحيح ...
لكن إحساسه يقول غير ذلك ...



بعد أن توضأ ... و صلى فرضه ... عاد و ارتدى معطفه.. و حذائه ... سيمر على جارته أولا ... ثم يذهب لتناول شيء خفيف في الخارج ...
أخذ مفاتيحه و هاتفه ... ثم خرج من الشقة ...



كانت واقفة أمام المصعد تنتظره ... منشغلة بأزرار معطفها ...

لا يدري كيف سمح لنفسه بتأملها ... يعلم أنه خطأ ... لكن ... هذه الإنسانة ... ليست كالباقيات ... هو لم يعرفها و لم يرها ...من قبل أبدا ... لا يعرف عنها شيئا ...
لكنه يحس أنها دخلت قلبه من أول لحظة ... حين كانت تتنازع مع حقيبتها الثقيلة و درجات مدخل العمارة ...
أحس ببرائتها ... حركاتها ... طريقة كلامها ... ظفيرة شعرها الطويلة تلك ...
طفلة صغيرة ... لا يضنها تجاوزت الثامنة عشر من عمرها ...
لكن ما يحرق أعصابه ... هو كيف يتركها إخوانها هكذا وحيدة وسط هذه الدنيا الغريبة...
لو كان له أخت كهذه الدمية الصغيرة ...
لوضعها وسط عيونه و أغلقهما مدى الدهر ... ليحميها ...


:السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ايقضه صوتها و أعاده لأرض الواقع ... خجل من طريقة وقوفه أمام باب شقته و هو يبحلق فيها ...
فكر أنها أسائت الظن ... و تظنه الآن ... عديم الإحترام ...
و عليكم السلام و الرحمة ... تردد قليلا ... ثم إقترب لمكان وقوفها .... كيف الحال؟؟

سلمى: بخير لو أن المصعد يسرع قليلا فقط...

ألقى سالم نظرة تجاه المصعد ...:كم من الوقت انتظرته؟؟

سلمى: عشر دقائق على الأقل ... يبدو أن أحدهم محتفظ به لنفسه ... ادري يفعلها الكثيرون ...

كانت تتكلم و هي عاقدة حاجبيها ... و شبح ابتسامة على شفتيها ... تماما كما الأطفال ....
تشجع سالم ... و دخل معها في موضوعه بلا مقدمات ... : أخت سلمى ... الحجرة الثانية فارغة الآن ؟؟

سلمى: نعم ...

سالم : في الحقيقة ... نحن نبحث منذ مدة على سكن لزوجتي ... التي هي أخت سعود ابن عمي ... إذا لم يكن هناك من حجز الغرفة فإني أحجزها الآن ...

ابتسمت له سلمى ... ثم قالت: أكيد بمكانها السكن في تلك الغرفة ... سيسعدني ذلك ... لكن عليك أن تجهز الغرفة بنفسك ... لأنها الآن بلا أثاث ... طلبت من العمال التخلص منه ... فقد كان في حالة سيئة...

ابتسم سالم برضى : من جهة الأثاث لا عليك ... هذا أمر مفروغ منه ... لكن متى يمكننا الذهاب لصاحب السكن لتوقيع العقد ....

أحست سلمى باللهفة التي تخللت صوته ... لا يلام ... مشتاق ليرى حبيبته أمامه بأسرع وقت ... : عادي متى ما تريد ... أعلمني فقط بيوم قبل حتى أرتب أموري ...

سالم : شكرا لك ... و أتمنى أن نذهب في أقرب وقت ... ربما يوم الإثنين ... فدراستها ستبدأ بعد أسبوعين ... لم يبقى الكثير من الوقت ...

سلمى: و أنا حاضرة ... يوم الإثنين لكن صباحا ...

سالم : اتفقنا ... شكرا لتعاونك أختي...

سلمى: لا شكر على واجب ...أعتقد سنضطر للنزول على الأقدام ...

سالم : أجل ... لابد أنه معطل ...




* * * * * *



الهدوء يعم غرفة المكتب ... صمت لا تخترقه سوى دقات ساعة الحائط المنتظمة ...
لم يجرؤ على رفع رأسه ... و النظر لأبيه ... لم يستطع مواجهته ... أكثر ... بعد أن فجر كل ما بداخله من كلام ... كل الحقيقة ... كل شيء... و ها هو ذا الآن ... واقف أمام القاضي ...
ينتظر الحكم ... هو راض بكل قرار ...
لكنه ... يأمل أن لا يقسو عليه ...



كان أبو تركي ... صامتا ... المفاجأة ... أكبر من أن يسطيع تقبلها ... الصدمة ... جعلت آخر ما بقي من حب و معزة لزوجته الميتة يندثر ...
يعرف أنها تغار ... يعرف أنها مغرورة ... تحمل كل طباعها الغريبة ...
صبر على أنانيتها ... على إهانتها... له و لعائلته ...

لكنه لم يتوقع يوما ... أبدا ... أن تصل بها الجرأة لأن تحطم حياة ابنها ...
أرادت الإنتقام منه و تحطيمه في شخص ناصر ... هذا جزائه ....
حافظ عليها و وهبها حياة هنيئة مريحة ... و كافئته بأن دمرت عائلة....حرمت ابنها من ضناه ... و رأته يعاني المرض ... و لم يحن قلبها ...

لا يستطيع أن يصدق ... ناصر ... لديه طفل آخر غير سالم ... زينب لم تخنه ... زينب عفيفة ... و حملها كان من ناصر....


رفع رأسه بضعف و تعب اتجاه تركي ... الذي لازال جالسا على نفس الوضعية ...
نادم ... نااادم لأنه أطاع أمه ... ما نفعه الندم الآن ... ماذا سيصلح الندم ...
خربت أمه أخلاقه ... و بدل أن تجعل من بكرها رجلا ... شهما ...
جعلت منه نذلا .. حقيرا .... خاتم شر في أصبعها ...

:لماذا يا تركي ... لما لم تحتفظ بهذه الحقائق لنفسك ؟؟ لما لم تسكت و تأخد معك الحقيقة لقبرك ؟؟ لما تعذبني الآن بهذا الكلام ...؟؟ ما فائدته؟؟



لا جواب ... لا تفسير ... لا أعذار .... مخطأ هو .... و كل محاميي العالم ... لن يستطيعوا تبرئته من جرمه ...



: لم السكوت ؟؟ أجب قل شيئا ... ماذا تعرف أيضا؟؟



تكلم تركي ... و بصوت باكي ... دون أن يرفع رأسه ... لا يستطيع النظر لملامح وجه أبيه المعذبة: لا أعرف ... لا أعرف شيئا ... لا فكرة لدي أين زينب ... و هل أنجبت ... أو لا ... إن كانت حية أو......



قاطعه ابوه بحدة : أو ماتت يا تركي ... أليس كذلك ... كيف طاوعك قلبك على أن تحيى كل هذه السنين ... و أنت تعلم ان لأخيك ابن أو ابنة قد يكون مرميا في إحدى دور الأيتام الباردة ... هنااااك ..بعيدا عن أهله... و يكنى باللقيط ...
أنت تعيش هنا بهناء ... أولادك حولك ... تعلموا في أفضل الجامعات ... و عاشوا في أفضل الضروف .....
كان أبو تركي يتكلم بانفعال ... عله يطفئ بعضا من النار التي تحرق جوفه ...
لكم فرح عندما تغير تركي و تاب لله ... كانت دموع الفرح تتسابق من عيونه و من قلبه ...
ذاك اليوم ... حين غاب تركي عنهم لأيام ... ظن أنه سافر كالعادة بحثا عن المتعة الحرام ...
لكنه أساء الظن به ... فتركي ... كان و لأول مرة منذ نعومة الأظافر في مكة ...
لكم حمد ربه الذي أحياه إلى أن رأى بكره ... يعود لطريق المسجد ... بعد أن ألفت قدماه طريق أصحاب السوء ....
و اليوم ... للأسف ...
عاد الإحساس بالخيبة لقلبه...



:اسمع يا تركي ... اعلم أني غاضب عليك ... آسف يا ولدي ... آسف ... لكن خطأك هذا عظيم عند الله ... و إن أردت أن أسامحك ... فابحث عن زينب و طفلها ... ان وجدته حيا ...فإني أريده هنا ... أمام عيني و عيني والده ... و إن كان ميتا ... أو مفقودا ...
فإني أنصحك أن تستغفر الله إلى أن يحين أجلك... عله يغفر لك .....
قال كلامه هذا بحدة ... و قد خنقته العبرة ... و تلألأت الدموع في عينيه ... لا يهون عليه إبنه ... لكنه أخطأ ... أخطأ بحق الكثيرين ... و كل مخطئ له عقاب...
حمل عصاه . وقف من على كرسيه ... ثم توجه للباب ... سيذهب لحديقته ... يريد أن يستنشق بعض الهواء ... يحس أن قوته بدأت تتلاشى ...


أوقفه صوت تركي : ابي ... هل ستخبر ناصر ...؟؟


: لا لن أخبره ... لن أزيده هما ... حين تجد طفله حيا ... أخبره ...




* * * * * *



بعد أن عادت من الخارج ... و كانت قد قررت ما الذي ستطبخه ... كانت فعلا تشعر بالجوع ... خاصة بعد يوم متعب ... غيرت أولا ملابسها... ارتدت لها بيجاما مريحة ... و خفيفة .... بما أن الشقة دافئة ....
أحست بالراحة و الرضى و هي ترى أن المكان قد أصبح فعلا نضيفا ...
دخلت المطبخ ... و حضرت بعض الخضر ... و اللحم ... و سلطة خفيفة ... حاولت أن تسرع ... بما أنها لم تعد قادرة على تحمل الجوع ...





استيقظت صباحا ... و هي تشعر بألم في كل أنحاء جسمها ... الدلال الذي اعتادته لدى أمها ... جعلها ضعيفة جدا ...
حتى أن مجرد تنظيف بسيط هد جسمها .... جلست على السرير و هي تتمطط و تحرك رقبتها في كل الإتجاهات ... اليوم يوم عمل ...
عليها أن تكون نشيطة بعض الشيء ... قامت من مكانها ... جهزت ملابسها ... ثم قصدت المطبخ تحضر قهوتها ذات الوصفة السحرية...
قهوة العم عبد الله ... مجرد رائحتها كانت كفيلة بأن تبث النشاط فيها ...
هي فعلا لا تشبه تلك القهوة التي يصنعها هو ... لكن مع المداومة على تحضيرها قد تصبح مثلها....




على الساعة الثانية عشر بالظبط ... كانت أمام مطعم حسين ... لقد اشتاقت لهما ... لنقاشتهما التي لا تنتهي ... دخلت بهدوء ...
كان المطعم لايزال فارغا نوعا ما ... عادة ما يكتض بالناس ابتداءا من الساعة الواحدة بعد الظهر ...
بما أنه اليوم يوم أحد عطلة الأسبوع ... فالكثير من العائلات و الطلبة العرب يأتون هنا ...


: أهلا أهلا أهلا بسلمى العزيزة ... الآن فقط نور المحل ... لقد مللت دونك....كان هذا صوت سمية ... صوت رفيع و عال ... لا علاقة له بشكلها ... فقد كانت مثينة بعض الشيء ...

التفتت سلمى لمصدر الصوت ... كانت جالسة في مكانها المعتاد ...أمامها طاولتها الصغيرة ... التي تضع عليها فنجان قهوتها ... و مجلاتها المفضلة ...

و موسيقى عبد الحليم الهادئة تملأ المكان دفأ و تعطيه جوا حميميا ....
الأثاث الشرقي ...
والديكورات الفرعونية...جو بعيد جدا عن فرنسا و بردها ...
تماما كما لو أنك تتجول في إحدى شوارع الأسكندرية العتيقة ...
لهذا تحب سلمى العمل هنا ...
حيث تنسى لسويعات ...مهما قلت ... أنها في الغربة ...

ابتسمت لسمية بحب ... و اتجهت اليها تسلم عليها ... بشوق ... أجل بشوق ... أصبحت تشعر بالإنتماء لها لحسين و للمكان كله...



* * * * * *



حكى له سالم عن كل شيء بخصوص استئجار السكن المقابل لشهد ... و أخبره بأنه سيوقع العقد غدا ... في الواقع لم يكن مرتاحا للأمر ...
لا يدري لما لا يستطيع تقبل سلمى ...
لا يدري لما تقتحم صورة هدى مخيلته كلما فكر في سلمى ...
لا يستطيع تقبل فكرة أن تعيش أخته معها ... و لو لفترة محدودة ...
لكنه سيحاول ظبط نفسه ... و الإهتمام بأخته ....


: سالم .... اينك .... بسرعة يا أخي ....كل هذا تلبس .... مدعو لعرس حضرتك...؟؟

خرج سالم من غرفته و هو يلبس جاكيته ... :آسف لم أعرف أنك تنتظر ... ثم لما الصراخ... كنت أكلم شهد ... أخبرتها أن تحجز تذكرة للأسبوع القادم ...


: بهذه السرعة ؟؟... تأكد منها أولا إن كانت راضية على أن تشارك السكن مع أخرى...

سالم: سألتها و حكيت لها عن سلمى أيضا...
نظر سعود إلى سالم و هو يديق عينيه: هل تعلم أنك لا تستحي...تحكي لزوجتك عن أن جارتك طيبة ....و ....

سالم: عادي يا أخي .... أختك واثقة من أني أعشقها ... و نيتها ليست سيئة مثلك...

: أقول .... تحرك هيا بنا ... أشعر بالجوع ... و مزاجي اليوم سيئ .... و لا يسمح لي بسماع
اتهاماتك....




* * * * * *



تعمل بجد و نشاط ... هي هكذا ... تحب أن تثقن عملها ... مهما كان بسيطا ... ترى رغبات الضيوف ... و تلبي طلباتهم ...
و بين الفينة و الأخرى ... تجلس إلى جانب سمية ... يضحكن ... ويتبادلن أطراف حديث شيق ...
كانت سلمى تحب خفة دم سمية ... و لهجتها المصرية الخفيفة ...
و هناك دائما عيون ... تحرسها و هي تشتغل و تتحرك بين طاولات المطعم ....
عيون حسين ... الذي كان يخاف من أن يعاكسها أحد ... كان دائما مستعدا للتدخل ...
بمجرد أن يلاحظ ... أن وجه سلمى قد اعتلته الحمرة ...
هو لم يعتد بعد على فكرة أن تعمل لديه ... و يحس نفسه مسؤولا عليها ...
إلى أن ينتهي دوامها و ترحل ... يخاف عليها كما لو كانت إبنته حقا ...



تقدمت من الشاب الجالس على طاولة في ركن المطعم ... و الذي يبدو أنه لم يطلب بعد ... ولأنه كان يعطيها بظهره ...
تفاجأت حين وجدت أنه ليس إلا سالم ... ابتسمت له عندما رفع رأسه يرى من وقف عند طاولته ....

:أهلا و سهلا ... كيف الحال؟

ناظرها سالم بدهشة و استنكار : بخير الحمد لله .... هل تعملين هنا ... ؟؟

:نعم...

سالم : ظننت أنك طالبة ...

: فعلا أنا طالبة ... لكني أعمل هنا يومي السبت و الأحد ... و احيانا بعد الظهر وسط الأسبوع...ها ما طلباتك؟؟؟


ابتسم سالم ... و هو في الواقع ... غير راض ... لا يهمه أمرها ... هي حرة ... لكن ... تبدو ضغيفة وصغيرة ... على تحمل الدراسة و العمل معا ....لكن هذا ليس من شأنه ... طلب له و لإبن عمه الذي تركه و ذهب للحمام ...



فوجئ بالواقفة أمام سالم ... تتكلم ... و ابتسامتها ... الرقيقة ... غمازة على خدها الأيسر ... تبرز مع كل حركة ... مع كل كلمة تنطق بها ...
فتاة أكثر من عادية ... ربما أقرب إلى طفلة ... منها إلى فتاة شابة ...
لكن صورة هدى يأتي من جديد ... يفرض عليه المقارنة الصعبة...
كم هن كثيرات من رأى و عرف بعد هدى ... لكن هذه بالذات ... تستفزه ... و تجبره على التفكير في هدى بعد ...أن بدأ ... في محاولة النسيان....


كان يتقدم من طاولته ... و عيناه لا تريان أمامه ... غير صورة هدى و شبح صورة سلمى ...


انتهت من تسجيل طلبات سالم ... استدارت من مكانها تود الذهاب للمطبخ ليعملوا على تجهيز الأكل ...
لكنها و بعد النصف خطوة الأولى ... اصطدمت بجسم قوي ...
لا تتذكر أنه كان هنا قبل برهة .... و نظرا لسرعة حركتها و خفة جسمها ... كادت أن تسقط أرضا ... لولا أن تلك الكثلة الجسدية التي صدمت بها تحركت و أمسكتها من كلتا ذراعيها ...
استطاعت أن تعيد توازنها ... رفعت رأسها و فتحت عينيها اللتان كانت قد أغلقتهما بشدة ... بعد أن أدركت أنها واقعة لا محالة ...
كانت ستفتح فمها ... لكن الكلام بقي معلقا ... لا ... إلا هذا ...
يكفي أنه ينظر ليها باحتقار كلما قابلها ... حاولت سحب ذراعيها من يديه ..
و هي تتمتم بصوت جدا منخفض: شكرا... آسفة ... لم أنتبه...

كأي شخص آخر مكانها ... وقع في نفس الموقف ... انتظرت منه أن يعتذر هو الآخر ... ثم ينتهي الأمر ... و تفتك من حرجها الذي تحسه ...


سعود: مرة أخرى ... حاولي أن تنتبهي أكثر ... لو سمحتي... كان صوته حادا ... و خشن ...

تقدم ناحية كرسيه ... و انحنت هي تحمل مذكرتها الصغيرة ... و ذهبت للمطبخ ...
أعطتهم ورقة الطلبات ... دخلت بسرعة لحمام المطعم ...
نظرت للمرآة ... بنظرات ساهمة ... فتحت الماء البارد ...
و بدأت تغسل به وجهها ... في محاولة لإطفاء حمرة و حرارة وجهها...
و كل تفكيرها يصب في بحر واحد...

هل هي المخطأة ... أم هو؟؟



* * * * * *


من أين سيبدأ ؟؟... على من يعتمد؟؟... كيف يجدها ؟؟...
كان رأسه على وشك الإنفجار...

شرط أبيه معجز ... صعب تنفيذه ... صعب إصلاح ما هدم بعد عشرين سنة ...

من يساعده...

و إن وجدها ....

ماذا عليه أن يقول...؟؟

هل تسامح...؟؟

أم تعاند... و تحرمه سماح والده له ...؟؟



صلى له ركعتين يستخير ربه ..... و يستعين به ....

و لم يجد في باله فكرة ... أفضل من أن ...يسافر هو بنفسه... و يبحث ...

كما سبق و سافر خصيصا .... و في نيته شر....

سيسافر الآن ....

و هو يأمل من الله كل خير...





* * * * * * * * *


قراءة ممتعة




إلى الملتقى

 
 

 

عرض البوم صور ألحان الشوق  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 04:17 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية