كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 26 - المسافرة - راكيل ليندسي - روايات قلوب عبير القديمة
وعندئذ فقط نظرت اليه، واضطرت لرفع رأسها كثيراً أمام تلك القامة الفارهة. كان شاحب اللون قليلاً،
وكأن رؤية فيكي لا تزال تؤرقه، بدا لها اصغر عمراً وأقل طغياناً، أضافت:
-يؤسفني اضطراري البقاء في منزلك، سأحاول ابعاد ظلي عنك قدر الامكان.
-لا ضرورة لذلك.
-لكن هذه هي رغبتي.
فتح فاهه ليتابع كلامه ثم أطبقه، وتمتم مبتعداً عنها:
-كما تودين.
بقيت حيث هي، متمنية لو أن جيلز فارو لا يتمتع بتلك القدرة العجيبة التي تجعلها تكرهه وتشفق عليه في آن معا. انفجر الشجار بينهما مثل عاصفة صيفية بدون أي انذار، واضمحل بالسرعة ذاتها.
مع ذلك خلف وراءه ترسباُ من الألم الذي أرعبها كثيراً، لأنها رفضت الاقرار بقدرة رجل مثل جيلز فارو على جرح مشاعرها، وكبريائها.
ماذا يعنيها رأيه في الآخرين وكيفية تدبيره حياته؟ وهي لا تبالي سواء اكان يكن لها الاحترام أو الاحتقار ! وهي لن ترى وجهه ثانية بعد أن تغادر بومباي. وعندما يعود الى انكلترا ويزور عمته، فستحتجب عن أنظاره. واذا تكررت زياراته ستقدم استقالتها.
استدارت لترى جيلز فارو منتصباً بجانب نافدة المصطبة، يغمر جسمه النور المنبعث من ورائه، كان يفوق طولاً أي رجل هندي موجود في الحفلة، ويكفي هذا السبب تمييزه عن الآخرين، ومع ذلك ليست قامته هي العلامة المميزة بل تلك الهيبة القيادية، وشكل الرجل المسيطر على نفسه وعلى الآخرين، الرجل الذي لا يدع قلبه أبداً يتحكم بعقله.
رفضت الاستمرار في هذا الوضع الذي يجعل جيلز فارو محور تفكيرها، فقررت الانضمام الى السيدة بيتمان. قالت العجوز عندما رأتها:
-هل تنزعجين اذا غادرنا الحفلة الآن؟
-لا أبداً. أنا على أهبة الاستعداد.
-اذن اهبطي بالمصعد واطلبي من البواب حجز سيارة أجرة.
-ألن يقلق بال السيد فارو عليك؟
-سأبلغه خبر ذهابنا في الوقت الملائم.
ابتسمت أبيا :
-لقد خططت لكل شيء.
قالت العجوز و هي تدفعها بخفة نحو الباب:
-أنا دائماً أخطط كل شيء.
وصمتت العجوز الى أن أصبحتا داخل سيارة الأجرة العتيقة المتوجهة الى تلة ماليبار. وكانت فيكي
لوتن محور حديثها:
-لقد فطنت الى أنها كانت خطيبة ابن أخي؟
-نعم. هل عرف أنها ستكون هناك الليلة؟
-لا. لا أعتقد أنه عرف عن وجودها في الهند، يا ليتك رأيت وجهه عندما دخلت.
أقرت أبيا:
-شاهدت وجهه بوضوح. بدا أنه فوجئ بقدومها.
-أكثر من ذلك بدا محطم الأعصاب, كان وجودها درساً مفيداً له. قلت له أمس أن عليه مواجهة الماضي كما هو، والاقرار بارتكابه خطأ فادحاً عندما سمح لنفسه الوقوع في غرام فيكي.
قالت أبيا بحذر:
-ربما كان لرؤيتها مفعول معاكس اذ يدرك أنه لا يزال يحبها.
-اذا كان لا يزال يحبها فالمجال مفتوح أمامه. فيكي ليست سعيدة مع زوجها وهي على استعداد للتخلي عنه.
سألتها أبيا متعجبة من دقة اطلاعها على خفايا الأمور:
-هل قالت ذلك بنفسها؟
-لا، طبعا، أستطيع قراءة أفكارها بدقة حتى ولو لم تنبس ببنت شفة. أؤكد لك يا أبيا أنها أتت الى الهند لتبرهن لجيلز أنها على استعداد لاستئناف علاقتها به.
|