كاترينا(اتساءل من اين تسنت لهم فكرة ذلك المقال وتلك الصورة؟)
ماكس(كاترينا! لأجل السماء.كاسندرا رتبت هذا , بالطبع هذه المرأة خطيرة)
فرغا من وجبتهما فى صمت .بدا الجو مليئا بطاقة سلبية ,ولم يكن الجو جو الحب والمحبة.
عاد ماكس الى مكتبه وكاترينا الى الفيراندا مع مادة لتقرأها عن زراعة الأعشاب التى تنمو بالماء المذاب بها مواد-وذلك بعد ان فرغا من وجبتهما.لم تستطع التركيز فى القراءة.
ذهب السحر وبدا الجو الحالى للمنزل كما لو أنه قد تم تسميمه ونفخ الشر فيه.كل ما تستطيع التفكير فيه هو الذهاب عن المكان.
قلما تشاهد ماكس فى نهاية الأسبوع فانه يمضى وقته فى مكتبه بهدف أن يفرغ من كتابه , أما هى فتجول حول الجزيرة تتفحص أى أرض متاحة وتحاول ألا تفكر فيه.
كلما حاولت ألا تفكر فيه , ازداد تفكيرها فيه .كان يستحوذ على ذهنها طوال الوقت.مثل فكرة متسلطة عليها.
يا الهى , فكرة , ليست فكرة متسلطة.الهواجس من الصعب التخلص منها. وليس لها معالج على الجزيرة.واقرب شئ لهذا الأمر هو الذهاب الى جوزفين , بائعة المحار التى لها سمعة طيبة لاسداء المشورة للعملاء والأصدقاء وأعضاء العائلة.
كانت كاترينا يوم الاثنين عصبية لدرجة الانهيار رغم النعناع الذى استهلكته.ماكس لم يكن بالرجل بالنسبة لها.هو مشهور لدى النساء ,علاقة معه من شأنها ان تسبب لها وجع القلب.يجب ان تتوقف ببساطة عن حبه , وتنظر الى رذائله: عدم الصبر , لا يطاق , مدمن عمل , الى غير ذلك.
ان ما تستطيع التفكير فيه حقيقة هو كم هى تريده جدا.

لكنها فى النهاية نجحت فى الابتعاد عن ماكس اليومين التاليين. لم يكن من الصعب أن تشغل نفسها ,تناولت طعام العشاء مع ساشا وزوجها, ثم جلسا يخططان الى وقت متأخر , كانت محظوظة , محظوظة جدا ان تكون ساشا الى جانبها.كانت ستقوم بهذا العمل لانجاحه , بالنسبة للناس الآخرين.
كانت تريد ان تجعل من نفسها شيئا,ان بذور الطموح والمثالية نيتت فى ذهنها , خارجة الى الشمس بثقة.
ذات صباح , وجدها ماكس تتناول طعام الافطار.
قال(صباح الخير ) واخذ كرسيا ليجلس عليه وصب لنفسه فنجانا من القهوة.
(صباح الخير)
اخذ ماكس رشفة من القهوة وقال(كاترينا؟)
نظرت اليه وقالت ( نعم ؟)
( انت تتجنبيننى )
(كنت مشغولة جدا)
(ان ما شاركناه فى نيويورك كان شيئا خاصا . وكنت اتطلع لعودتك الى الجزيرة . آسف لأن كاسندرا أفسدته)
لم ترد عليه.لم تكن تريد ان تفكر فى نيويورك,فى الضحك معا , الشعور الرائع.
ارادت ان تكون باردة وهادئة , لكن لديها شعور مخيف بأنها ستخسره. وضع فنجانه وقال ( حينئذ, ماذا كان خطأ فى بضعة تلك الايام الماضية , يا كاترينا؟ )
قالت ( انما الامر هو ان اصبح واضحا لى ثانية ان ... اننى على صواب دائما.اظن انه من الخطأ بالنسبة لى ان اتورط معك)
قال ( لماذا؟)
(بسبب من انت.وماذا انت .باستيان كان محاطا بالنساء طول الوقت.لن اتعامل مع هذا ثانية.ابدا!) كانت تريد ان تنخرط فى الدموع والبكاء.ارادت ان تصرخ فيه ثم ابتلعت دموعها ثانية.

وقف ماكس وقال( لأجل خاطر الله , يا كاترينا !انا لست باستيان! لماذا تظنين انا حضرت الى الجزيرة؟هل هذا بسبب انى احب ان تحيطنى النساء العصابيات؟هل هذا بسبب انى احتاجهن؟)
(لا , افترض انك لست بحاجة اليهن.وانت لا تحتاج الى ايضا.انت لديك ايزابيل الغالية اليك)
ساد الصمت.ثم اخذ يلعن ثم سار الى المطبخ واغلق الباب بشدة.
توقفت مسز بلاكت عن الغناء وتوقف الصباح عن كونه مرحا.
دم.نقط كبيرة داكنة فى ارضية حجرة الجلوس .نظرت كاترينا اليها فى هلع.
لقد خرجت من توها من المطبخ حيث ناقشت اسرار طب الاعشاب مع مسز بلاكيت بينما كانت تشرب فنجان شاى بعد الظهر فى طمأنينة.رؤية دم لم يكن مشهدا يبعث الطمأنينة.
يزمجر الرعد فى الخارج عبر السماء القاتمة.نذير سوء,كانت ترتعد كلما نظرت الى الدم.
كان شخص ينزف . ماكس؟ حسن , من آخر ؟ يا الهى , ما الذى حدث؟ هل هناك احد اطلق عليه الرصاص؟ هل هو اطلق الرصاص على نفسه ؟ ربما من الواجب ان تجد مذكرة ...
قالت لنفسها بصوت عالى ( كفى عن هذا! وماكس لم يكن بحجرة الجلوس,لكنه من الصعب العثور عليه – كان كل ما عليها ان تتعقب قطرات الدم.
عبر حجرة المعيشة الى غرفته . كان الباب مفتوحا , هناك جالس على جانب السرير بلباس البحر المبلل , ممسكا بضمادة مبللة بالدم على الاصبع الكبير لقدمه اليسرى.
قالت(حمام دم ) وكانت مستندة الى الباب , لا يبدو ذلك مهلكا.
قال(انه يبدو سيئا اكثر مما هو )

قالت بهدوء وادب شديدين (ممكن اساعدك ؟ ) والرعد يزمجر عبر السماء .يبدو ان هناك عاصفة ممطرة قادمة.
قال ( احتاج الى ضمادة اخرى . لا يزال يدمى )
قالت ( ماذا فعلت؟وتحركت عبر الحجرة الى الحمام المجاور واضاءت النور.
قال(اندفعت على شئ فى الماء.كنت ذاهب الى الباحة . لا اعرف ماذا كان ,لكنه كان حادا!)
بحثت فى اجزخانة الحمام لكنه ما من شئ ذى فائدة كبيرة,وعادت الى الحجرة.
وقالت(سأحضر حقيبة الاسعافات الأولية.انها بالدور الاسفل .سأعود فورا)
لم تجد سوى ضمادات , فخرجت مسرعة الى الحديقة ونزعت حفنة من الاوراق النباتية ,وعادت مسرعة الى حجرة ماكس.
وركعت على ركبتها امامه وضعت فوطة تحت قدمه وقالت(دعنى افعل هذا.هذا اسهل بالنسبة لى.لا تستطيع كاترينا أن تسيطر على قلبها عندما تكون قريبة من هذا الرجل ..
سأل(ماذا احضرت من هناك؟سأل وهى كانت تضع الاوراق النباتية على فوطة نظيفة.
(اوراق نباتية علاجية.هى جيدة لمنع التلوث)
لقد تألم وقال( ما نوع هذه الاوراق ؟)
قالت(الردبكية.يستخدمها الهنود لعلاج عضة الثعبان.يمكنك عمل صبغة من الجذور الجافة,وينفع بنجاح .سوف اضمدها بالأوراق الآن وسوف أثبت ضمادة فاترة فيما بعد)
قال(ألم يكن مرهم ضد البكتريا اسهل؟)
(لو كان عندى . نعم كان اسهل . لكن هذا شيئا طبيعيا وجيدا)
قامت بازالة الضمادة الملوثة بالدم وفحصت الجرح .قطع كبير لكنه غير عميق .بدا نظيفا.

قال(تركت الجرح ينزف تحت الماء لأنظفه وليس به شئ وهو لا يدعو للقلق)
قامت كاترينا ببلل قطعة شاش لتنظيف حول الجرح ثم غطته ببضع ورقات نباتية وضمدته.
اضاف(هل انت طبيبة ساحرة.هل تعلمت كل ذلك من خبرتك؟)
(من والدتى ,انها كانت تزرع كل انواع الاعشاب والنباتات فى الفناء.مما جعلت البستانيين يصابون بالجنون)
قال ( يداك دافئتان)
لم ترد عليه
قال(الجرح جيد)
ثم وضعت قطعة من الشريط وقالت ( هل تؤلمك؟)
قال ( لا بأس )
ساد الصمت واخذت تراقبه وهو نائم مجهد.كان المطر ينهمر وصوت ارتطامه بالنافذة مسموعا, استطاعت شم شذى الارض المبللة والزراعة المبللة
باكر كل شئ سيكون منعشا والالوان زاهية.
باكر ...
تركت السرير وارتدت ملابسها وخرجت من الحجرة الى حجرتها ,واخذت دشا باردا واخذت تهمس لنفسها ( غبية , غبية , غبية ) كلمات تتراقص على وقع من الخوف والألم.حياتها كلها ضاعت بعواطف غير مثمرة وليالى كئيبة.
وخرجت من الحمام الى غرفة نومها.
ماكس كان واقفا بجوار النافذة حيث قال( اننا بحاجة الى الحديث يا كاترينا ) كان باردا وهادئا جدا
قالت بهدوء ( كانت غلطة )