" كلا, أنا بخير "
" هل اخذت الحبوب التي تمنع الدوخة؟"
" نعم" كذبت عليه .منتديات ليلاس
" تبدين صفراء اللون قليلاً "
" هذه ليست مفاجأة , فما أقوم به صعباً , ولكني استطيع النجاة "
" طبعاً , تستطيعين "
وقف ورائها وامسك المقود معها , فأحست بجسده ملتصقاً بها , مما حرك فيها كل ما يوجد من أحاسيس.ريحانة
وبعد قليل احست بدوخة ولم تستطع الوقوف فوقعت , حملها لي وأنزلها إلى غرفتها . لم تنتبه إلى شيء في الساعات التي مرت سوى بوجه لي الذي كان يأتي لرؤيتها كل ساعة .
استيقظت بعد أن هدأ كل شيء. فرأت الغرفة وكأنها كانت ساحة معركة فكل شيء موجود على الأرض وبعض الأغراض مكسورة , كانت مربوطة إلى السرير , فكت رباطها وهي تفكر لقد ربطها حتى لا تقع على الأرض اثناء العاصفة. وقفت وهي ما زالت تشعر بالدوخة , صعدت السلم فرأت لي جالساً يقرأ صحيفة .
" كيف تشعرين ؟"
السماء صافية وراءه , والشمس تغرب وتعكس لوناً احمر على مياه المرفأ.
" لست متأكدة مما أشعر " وضعت يدها على رأسها " اين الباقين؟"
" إذا كان موري من تبحثين عنه فقد ذهب لتناول العشاء مع ستايسي خارجاً"
جلست جوان مواجهة لـ لي " ألم تكن جائعاً؟"
" جائعاً جداً , ولكن على احد منا أن يبقى معك"
" كنت سأكون بخير لو قلت لي أنك ذاهب إلى الشاطئ للتتعش , فإني لا اريد ان تبقى جائعاً على حسابي"
" أنا لم أبق جائعاً فقد صنعت ستيك لنفسي وتعشيت "
" ارجوك , لا تتكلم عن الطعام , فأنا أشعر بأني لن آكل ثانية " قالت هذا جوان وهي تشعر بألم في معدتها .
ضحك لي " أنا أعرف هذا الشعور , ولكن سترتاحين بعد ساعتين "
نزلت جوان واخذت حماماً ساخناً ثم صعدت ثانياً إلى السطح .
" هل أنت بخير الآن ؟"
" نعم "
" جيد , ارتدي ثيابك إذاً فسننزل إلى البر"

لم تتكلم لحين صعدت إلى سيارة الليموزين وانطلقوا .ريحانة
" إلى اين نحن ذاهبون؟ "
" لا تخافي فلن اخطفك"
" لم اظن هذا, ولكني ما زلت أريد أن اعرف إلى اين تأخذني "
" أعرف مكاناً غرب هنا يسمى أرض الرجال ستشعرين بالارتياح فيه بعد التعب الذي مررت به"
" آه , فهمت "
" كلا لم تفهمي" فاجأها بجوابه ثم ضحك ضحكة جافة , وأكمل " ولكن ستفهمين "
كان المكان عبارة عن بيت له طابع إسباني ومصطبة كبيرة مطلة على البحر مع حديقة مغطاة بألياف الأشجار الكبير المليئة بالأزهار , وممتدة إلى آخر الحديقة . اعجب جوان هذا المنظر " هذا رائع "
" إني سعيد لأنه اعجبك"
قادها لي إلى المدخل الرئيسي , كان هذا دائماً مكانه المفضل.
دخلوا إلى غرفة الجلوس كانت كبيرة لها شباك كبير من أول الحائط إلى آخره, يكشف عن منظر البحر .
" لقد طلبت بعض الطعام , هل أنت جائعة ؟"
هزت جوان رأسها " كلا, ولكني لن أرفض فنجان من الشاي"
اجاب لي " حسناً سأرى إن كنت استطيع تأمينه"
نظرت من الشباك فأحست برعشة صغيرة .
أخذ لي سترته ووضعها على كتفيها " سأشعل النار حين اعود من المطبخ "
" لا داعي لهذا فإنها رعشة بسيطة "
" كلا ستكون طويلة بعد قليل , فستهب عاصفة , ولكن لا تخافي لن نكون وحدنا هنا , فبعد قليل سيأتي موري و ستايسي"
" كم من الوقت ستدوم هذه العاصفة , فيجب أن أكون في المطار بعد غد"
" قد تدوم يوم أو يومين , أنت وحظك , أنا ذاهب لأحضر الشاي , ارتاحي"
عندما عاد لي كانت تتجول في الغرفة. منتديات ليلاس
" إجلسي وكلي هذا , فقد ارتاحت معدتك الآن "
كان الطعام مؤلفاً من البيض المقلي وتوست , جلست وأكلت واستمتعت بالطعام.

" لم انتبه إلى كوني جائعة لهذه الدرجة"
" جميل , أن اعطيك شيئاً دون ان تدفعيه في وجهي, فلا أحب أن يكون وجهي مليئاً بالبيض"
ضحكت جوان " اعتقد أني سمنت غير ممتنة لك في بعض الاحيان"
" آه , هه" اجابها.منتديات ليلاس
ابتسمت جوان للتجاعيد الصغيرة حول عينيه , لقد اصبح سهلاً عليهما كسر الحائط فقد قرب سفرها الآن .ريحانة
" لم أقصد أن أكون هكذا, ولكنه دفاعاً عن النفس فقد كنت تهاجمني بعناد وتتهمني بأخذ كل ما استطيع أخذه منك "
قال لي " اعتقد ان هذا ما تعودت عليه"
اجابته " كلا , هذا ما توقعته , وبعض الأحيان تجبر الناس على تطبيق توقعاتك"
" ربما , فلم أفكر بهذه الطريقة قبل الآن "
نظرت إليه عن بعد , لماذا لا تستطيع الجلوس قربه ووضع رأسها على كتفه بدل جلوسها بعيدة عنه امتاراً .
" على فكرة , شكراً لاهتمامك بي في اليخت "
" لا بأس , ولكن لا تعيدي الكرة "
" لقد عنى هذا الكثير بالنسبة لي , فلم يهتم احد بي منذ زمن طويل جداً" ثم أكملت "لا اريد ان ابدو آسفة على نفسي, ولكن منذ ان كنت صغيرة في العاشرة من عمري توفي والدي, ولسنتين الباقيتين من حياة أمي كانت مريضة جداً, وكنت أنا اهتم بها "
" أنت فقط , بدون مساعدة جوسلين " قال لي.
" كانت موجودة في لندن , تؤمن مستقبلها وأنا كنت موجودة , فلم تعذب نفسها واتكلت عليّ"
" نعم , ثم ماذا حصل؟"
" عندما توفيت أمي , حصلت أنا على المنزل , واعطتني جوسلين حصتها , لقد كانت حالتها المادية جيدة في لندن , وعندها بيتها الخاص, عملها جيد جداً , فلم ترى أي جدوى من أخذ حصتها في المنزل"
" تعتقدين ان هذا شيء جيد منها ؟ تتهرب من المسؤولية , تاركة إياك تتحملين كل العبء, وتشعرين بنفسك محظوظة لأنها تركت لك المنزل؟"
" كلا, لم يكن الأمر هكذا , فقد أحببت أمي لدرجة أني أنا كنت أريد الاهتمام بها بنفسي "
اسودت السماء ودخل ظلها إلى الغرفة , تقدم لي نحوها ورفع شعرها عن وجهها.

" يا طفلتي , لا داع للشعور بالتعاسة الآن, فهذا شيء من الماضي"
بلعت جوان ريقها وحاربت دموعها " هل استطيع استعمال منديلك؟" سألته .
اخذ المنديل ومسح دموعها ثم مسحت أنفها هي فأخذ المنديل منها ورماه في النار .
" هذا أفضل , يا إلهي انت تبدين جميلة حين تبكين " امسك وجهها بيديه ووضع شفتيه واخذ يقبلها , فمدت يديها وحضنته .
بصرخة صغيرة منه حضنها وشدها إليه بقوة , رفعت رأسها لتنظر إليه .ريحانة
" اللعنة يا جوان , أنت فعلاً امرأة ..." ثم اكمل " ناعمة , رقيقة ... الشيء الذي يجب ان تكون عليه كل امرأة "
" ولكن ليس وقحة وعنيدة "
ضحك " ألا أعلم هذا ؟"
ضمها إليه بقوة وكأنه لن يدعها تذهب ابداً من يده . كان رأسها على صدره تستمتع إلى دقات قلبه المنتظمة , وتتمنى عدم تركه , ولكن هل هذا شفقة ؟ أم حب؟
وفجأة أمسكها من يديها بقوة وأبعدها عنه ولكنه ظل ممسكاًَ بها , وقال " جوان كنت أحاول منذ مدة طويلة أن أكون طيباً معك , ولكن هذه المرة أريد التأكيد بأنك مستعدة , ولكني لا استطيع الانتظار إلى الأبد "
اخذ يدها ووضعها حول رقبته ليشعرها بقوة مشاعره " أنا اريدك يا جوان , والله يعلم كم اريدك , ولكن ليس قبل ان تكوني مستعدة"
امسكت وجهه ووضعت شفتيه على شفتيها " لي , أنا أحبك " ردت عليه.
في صباح اليوم التالي أتى البريد وفيما هي تنظر إليهم كان بينهم رسالة مرسلة من جوسلين فكرت بنفسها وبأختها التي خانتها مع خطيبها , ربما كان ما زال يحب جوسلين وهي ليست سوى صورة معكوسة لها بين ذراعيه .لم يتحمل ضميرها هذا, واخذت تركض فتحت الباب وخرجت تجري تحت الشتاء حتى وصلت إلى الحافة , ثم لحق بها لي .منتديات ليلاس
" جوان , ماذا تفعلين ايتها الغبية "
امسك يدها يبعدها عن طرف حافة الهاوية , كانت عبارة عن حافة الهاوية طولها عشرين متراً تطل على البحر. ولكنها بدأت تضربه لتبعده عنها " عد ... إلى جوسلين"
شدها ناحيته حتى لا تقع على الصخور .
" عد إليها ... إلى حيث تنتمي " وفيما هي تحاول إبعاده عنها افلتت يده من يدها فسقط هو على الصخور . نظرت جوان بخوف , لقد سقط . لثوان تجمدت حركتها , خائفة , لم يتحرك مرمي على الصخور ورذاذ الماء عليه .

صرخت " لي , يا إلهي , لقد قتلته "
وقفت تصلي , ولحظتها أتى موري وهي تحاول رفعه , ثم قال " سأحمله أنا يا جوان "
وأغمي عليها , عندما استيقظت كانت في المستشفى , فتحت عينيها وسألت " أين لي , هل مات ؟ ماذا حصل له ؟"
" لا تخافي إنه بخير, لديه بعض الرضوض في رأسه, وجسده ولكنه بخير , لقد أغمي عليه حينما ارتطم رأسه بأحد الصخور , ولكن كانت يده تحت رأسه مما خفف الصدمة عن رأسه فلم يصب بأذى " قال موري.منتديات ليلاس
" شكراً لك " ثم اكملت " هل استطيع رؤيته؟"
" كلا , إنه نائم ".منتديات ليلاس
" ولكن يجب أن أسافر غداً"
" لا تقلقي فسيكون بخير"
" اين كنت مساء أمس , لماذا لم تأتي؟"
" كنت مشغولاً , فقد كنت أتزوج"
" تتزوج من؟"
"ستايسي "
" لقد تزوجت ستايسي ! ولكن هل أنت متأكد منها, من ناحيتك .. أعني؟"
" فهمت ما تعنين , ليس كثيراً , ولكن أنا وهي من نفس الطبع وسنوفق في تصرفاتنا"
" سأذهب غداً صباحاً إلى المطار, سأنام في اليخت ثم أذهب باكراً" قالت جوان .
حضنها بين ذراعيه " سأشتاق لك, هل تريدين أن أوصلك إلى المطار؟"
" كلا, شكراً لك , ولكن اهتم بـ لي وقل له على لساني الوداع"
في الصباح الباكر حملت اغراضها وذهبت إلى الموقف اخذت تاكسي واتجهت إلى المطار.
مرت حوالي ساعة وهي تتذكر كل ماحصل معها في هذه الرحلة, المقابلة الأولى , الحب , العرض, الإبحار , كل شيء وخاصة الليلة الماضية , كيف بإمكانها نسيانها , مهما حاولت وستحاول لن تنسى هي لي وسيمر وقت طويل قبل ان تفعل .منتديات ليلاس