لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > الروايات المغلقة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الروايات المغلقة الروايات المغلقة


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-19, 09:24 PM   المشاركة رقم: 156
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Apr 2017
العضوية: 325063
المشاركات: 121
الجنس أنثى
معدل التقييم: ثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداعثرثرة حنين عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 336

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
ثرثرة حنين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة missliilam مشاهدة المشاركة
   😂😂😂😂😂😂 بت يا حنين تجي نتقاسم الكفشة يا بت 😂😂😂 ده كل مقسوم مبرووك بإذن الله😂😂


اسفه ماحب الزحمه انا وصلت قبلك يعني الكفشه مسجله باسمي وانا بعد بسبق واقراء البارت قبلك بس لو اعرف هكر ضريف كان ارسله لك يحوس عليك الجهاز لحد ماخلص قرايه نوره عفيه ارسليلي البارت اقراه قبلها 😎😂

 
 

 

عرض البوم صور ثرثرة حنين  
قديم 01-12-19, 09:31 PM   المشاركة رقم: 157
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

😂😂😂😂😂😂😂 إنها الحرب إذاً 😈😈😂😂😂 بت يا نوارة خدي البشت يا بت لاحسن يتهري وانا لسى كاويااااه 😂😂😂😂 بت يا حنين امامي عالحلبة 😂😂😈😈😈😂😂❤

 
 

 

عرض البوم صور missliilam  
قديم 01-12-19, 09:49 PM   المشاركة رقم: 158
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

يا بنات والله اني من ساعة ما رديت وأنا احاول انزل الجزء بس الرد مو راضي ينرسل يقول ايرور عزتي له ماهو مستوعب أن ساعتي ضبطت المره ذي خخخخخخ :(
ثرثرة حنين ومس ليلام خليكم لا تطلعون الحين بينزل يا انا يا هو ×=

 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 01-12-19, 09:54 PM   المشاركة رقم: 159
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Oct 2018
العضوية: 330628
المشاركات: 159
الجنس أنثى
معدل التقييم: وطن نورة ،، عضو على طريق الابداعوطن نورة ،، عضو على طريق الابداع
نقاط التقييم: 176

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
وطن نورة ،، غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي

 

.
.
.


أتمنى لكم يوم سعيد و قراءة ممتعة مقدما ❤


# الفصل الحادي عشر،،
" قَلبِي سُرِق مِنّي "

.
.
.


صعبةٌ هي الحياة عندما تواجهها لوحدك.. تبني بينك وبين أسبابك للنجاة والفرار من صعوبتها حائطًا عظيمًا لا يمكن اختراقه رغم أن صدوعه جميعها مكشوفه أمام عينيك..

لا شيء يضاهي إحساسك بإنطفاءِ رغبتك بها.. أن تستسلم وتفقد الأمل في شيءٍ تمنيته طويلاً،، تقاتل لأجله طيلة حياتك.. تعلم أنه سراب، هناك في أعماقك صوتٌ لا يُخطئ يخبرك بأن ما تبحث عنه لا وجود له.. ولن يكون له وجود لأنه انتهى.. تلاشى وانمحى قبل أن تأتي حتّى.. مع ذلك كنت تسلّي روحك العطشَى به... ويبدو أنك صدقتَه.

دموعه تسقط رغمًا عنه،، يسمع صوت نحيبه دون أن يتحكم به.. وكأنه لا ينتمي له.. لا يعرف لماذا كل هذا البكاء؟ ما الداعي له في هذا الوقت بعد اثنى وثلاثون عامًا وكأنه كان يتوقع شيئًا ذا أمل!! غيرَ الذي سمع؟..

يشعر أنه مملوءٌ بالخدوش ولم تعد فيه مساحة آمنه.. متهالكٌ وممزقٌ من الداخل وكأن أضلعه تضغط على قلبه حتى سحقته .
.

وقع الفنجان من يد عبدالإله ما إن تعالت شهقات عزام بشكلٍ متواصل.. يقفز من مكانه وبلمح البصر أصبح يقف أمامه .. حيث مال جسد الباكي على كتف والدته التي لفّت ذراعها حوله بكل قوة كي تثبته.. تسأل بصوتٍ هلِع : عزام وش جاك بسم الله عليك!!! وش صاير؟
ليجيبها وصوته بالكاد يُسمع من بين شهقاته.. يمسح عينه بظهر يده و يقول بشفافية موجعة : أحس إني موجوع يا أمي،، موجوع.. وفيه،،،
تهدجّت أنفاسه وعينيه غامت بدموعٍ تأبى أن تتوقف : فيه شي خانق قلبي يمه..
ارتجف فكها وهي تشعر بأن قلبها يغرق.. يغرق بدموعها المحبوسة التي لم تخرج.. تشعر بأن داخلها يبكي لكن عينيها جافة كصحراء قاحلة! اعتادت على تقلبات مزاجه وتوقعت أنها واحدةً منها كما الماضي.. مع ذلك ارتفعت نبرتها بخوف : وش اللي يوجعك علمني.. وش؟؟ قلبك؟
ثم وضعت كفها المرتعشة على صدره حيث يده تستقر هناك.. تسأله بهلع : قلبك يوجعك؟

هزّ رأسه "نعم"، وهو يطبق شفتيه بكل قوّة، يكتم أنفاسه علّه يبتلع شهقاته المتواصلة.. يضغط على صدره براحة يده ويحاول أن يمنع صوت بكائه من أن يخرج عالياً مرتفعًا خوفًا من أن يفزعها وهو الذي يشعر بانتفاضة أضلعها الملتصقة به..
راكم أحزانه وكل مايقلقه حتى باتت ألمًا جسديًا لا يمكن السيطرة عليه أو الحد منه..
إلى متى يا عزام؟

مدده عبدالإله بيدين ترتعش وهو يرى تغير لون وجهه وكأنه سيختنق.. يفتح أزرار ثوبه المتبقية بعنف دفعةً واحدة جعلته يتمزق من الأسفل قليلاَ.. يصرخ بارتباك : شعاع هاتي موية.


كانت لا تزال جالسةً في مكانها.. تنظر للمشهد أمامها بذهولٍ وصدمة إذ أنّ حتى أطرافها خدَرت فهي إن خافت تصلبّت كالخشبة.. لم تتحرك حتى بعد أن رأت عبدالإله يهرع ناحيته،، وصيتة تهتف بنبرة باكية تسأله عما يؤلمه.. كانت أسوأ حالٍ فيهم جميعًا.. اسوأ من الرجل الباكي حتى..

هذه المره الأولى التي ترى فيها صلبًا كعزام يبكي كالصغير هكذا.. وكأنه خسر كل شيءٍ دفعةً واحدة..
المره الأولى التي ترى فيها دموعه تنهمر كالشلال يشكي بصوتٍ موجوع شديد الضعف مهما حاول كتمه..
عبدالإله قد رآه مره أو ثلاث.. والدته رأته في جميع سنوات عمره يبكي في ليلة أو ليلتين لأسباب متفرقه وكان لا يخجل ولا يخشى لومة لائم وهو معها ..
لكن شعاع!

كانت ترقَب المشهد أمامها دون حركة.. حتى أنها لم ترمش فقد كان هناك ذهولٌ وهلع وكل فكرة سيئة ومرعبة طرأت في بالها.. إلى أن وصلها صوت عبدالإله، وكأنها في تلك اللحظة استوعبت، وأدركت، وعادت للحياة.. لتقف مسرعة تجد نفسها تبكي دون أن تشعر من فرط الخوف فقد تأكدت أن مكروهاً قد حصل لأحدٍ من أهلها جعل عزام يبكي بهذا الشكل!!
أسرعت راكضةً للمطبخ تأخذ أول قارورة ماء وجدتها أمامها.. تعود بها لعبدالإله الذي كان يسأل عزام دون أن يجيبه الآخر بعد أن غطّى عينيه بذراعه ، صدره يرتفع وينخفض بشكلٍ مُزري..

سحب عبدالإله القارورة من يدها بعد أن فتحتها له. يسكب قليلًا في راحة يده ويمسح وجه عزام ونحره بعد أن أبعد ذراعه، يقول بقلق : قم عزام.. خذ أشرب شوي..

رفع رأسه وعينيه بالكاد تُفتح بعد أن قرّب عبدالإله القارورة من فمه.. يشرب الماء كله دفعةً واحدة لينزل بردًا وسلامًا على قلبه مُطفئًا شرارةً تولدّت باكرًا.. يرمي رأسه مجدداً ويمسح كامل وجهه بذراعه يأخذ أنفاساً عميقةً بشكلٍ ملحوظ بعد أن هدأت ثورته.

التفتت عينيها لصيتة لتجدها تنظر لابنها بملامح ساكنة شديدة الاحمرار.. لم ترى خوفًا كالخوف الذي رأته يتوسم ملامح وجهها في تلك اللحظة وهي تنظر لعزام بحزن وأسى وكأن شريط عمره مرّ أمام ناظريها.. تضغط على ساقه وكأنها تقويه ولكن بأصابع ترتعش..: اذكر الله يا أبوي ليه ذا البكى كله ؟
عبدالإله مربتًا على صدره : ياولد وش صار طيحت قلوبنا.. أحد صار فيه شي؟
سكت قليلاً إلى أن انتظمت أنفاسه.. ينظر للسقف لا قدره لديه لأن يضع عينيه على وجهٍ واحد من أوجه الموجودين. يشعر بنظراتهم والقلق والريبَه المسلطة عليه بكل قوة.. يبحث في عقله عن سبب مقنع لكل هذا الانهيار لكن باءت جميع محاولاته بالفشل عندما صفعه الظلام.. "مافيه إلا إنك رخمة"..

كيف يمكن لعينيه أن تذرف هذا الكمّ الهائل من الدموع على شخصٍ لا يعرفه؟ لم يقابله ولو لثانية رغم أنه والده؟
أتى وهو لا يعرف من الرجال سوى عبدالله و عزام و خالد.. لا مكان لذيب بينهم سوى بعد اسمه..
لا يعرف لماذا؟.. أين.. أو متى؟
قلبه المهشم أصلاً كيف تهشم.؟ : صديقي توفى أمس يمه..
ذابت ملامحها بحزنٍ فضيع : لا إله إلا الله.. شلون مات؟
شد على شفتيه.. وتدحرجت دمعة من جانب عينهِ مسحها بظهر كفّه وهو ينظر لها.. قال وشفتيه تتقوس للأسفل، لا يرى سوى عينيها التي تكدست على سطحها الدموع بتأثر وكأن عبدالإله ويده المبسوطه على صدره.. و الواقفة خلف ظهره تنظر له بشفقة، مجرد خيالات.. يقول بصعوبة : مرابط بالحد الجنوبي ..
خرجت أنفاسها بأسى : الله يرحمه ويغفرله ويتجاوز عنه.. متزوج؟ عنده عيال؟

هز رأسه بالنفي لا يعرف إلى أين سيصل، يشعر بلسانه يُعقد وهو يحيك عليها كذبةً كهذه.. لتردف : الله يصبر أهله ويعوض شبابه بالجنة.. أذكر الله وأنا أمك كلنا لها، أنت ادعي له وتصدق عنه و وقف مع أبوه كانه حي وخليك حول أخوانه وأهله الله يجبر كسرهم والله إن خسارتهم مَهيب هينه أبد..
الله يصبر قلب أميمته ويكون بعونها، لكن العوض عند الله مايضيع.. شهيد بإذن الله و يابخت من مات موتته وهو يدافع عن ديرته..
ثم تابعت تبتسم بحنو : قم حبيبي غسل وجهك وبدّل ثوبك عشان تلحق على الصلاة.
قالتها تربت على ساقه قبل أن تقف وتبتعد صاعدةً السلالم للأعلى بثقلٍ واضح وكأن من توفى تعرفه ويعرفها،، تحت نظرات عبدالإله القلقه على شقيقته..
أما شعاع فعينيها لم تبتعد إنشًا واحداً عن وجه عزام الذي رفع عينيه للسقف ينظر له بحاجبين تقوسا بحزن..

عاد عبدالإله ببصره لوجه ابن أخته بعد أن اختفت من أمامه في منعطف السلّم.. ينظر له بضيق وحاجبيه انعقدا بعدم رضا.. يقول بصرامة : شعاع جيبي له ثوب..

لم تستطع أن تتحرك من مكانها ما إن حرّك عزام بؤبؤيه لتلتقي نظرته بها.. وكأنه للتو أحسّ بوجودها وانصدم بذلك فأطبق على فكّيه وشفتيه بشدّةٍ شعرت بها تسحق رأسها.. رأت وميضًا قاسيًا التمع وسَط احمرارها.. تكره أن تقول ذلك أو أن تعترف به، لكنه كان شيئًا أشبه بالسخط والكراهية!!..
دفعت بأقدامها بعيدًا.. تصعد السلالم راكضةً وتحاول أن تقنع نفسها بأنه كرِه رؤيتها له وهو بهذه الحاله المثيرة للشفقة.. لا شيء أكثر من ذلك وبالتأكيد أنه أقل لكن خيالها يريد أن يُفسد بينها وبينه..

تلاشت النظرة من عيني عزام تماماً ما إن شعر بشيءٍ يصطدم بجبينه.. لينظر بحدّة وغضب لعبدالإله الذي ألقى بالقارورة الفارغة عليه بقوة لترتدّ عليه وتصطدم بصدره قبل أن تقع على الأرض ..
عبدالإله ببرود : قم أشوف وأمسح دموعك.. بسرعة..

تسارعت أنفاسه دون أن يصدر منه أي رد فعل،، لكنه بقى ينظر له بذات الحدة إلى أن صرف بصره عنه تماماً عندما رأى العاملة تقترب منهم تضع الثوب عند أقدامه وتبتعد، ليعتدل جالساً ينزع مايرتدي على صوت عبدالإله يقول بصرامة : قم الحين لا تفوتنا الصلاة وبنتفاهم بعدين ياولد صيتة.

.

كان يجلس بجانبه.. ينظر له بعينين تغرق بالقلق.. بينما كان الآخر يغرق في عالمٍ آخر.. يلف ذراعيه حول ساقيه وينظر للأرض بسرحان..
تنهد عبدالإله بقل حيله وهو يحاول التركيز مع مايقول الإمام في خطبة الجمعة.. كم يأسى على ابن شقيقته.. يأسى على حاله والأوهام التي تطغى عليه.. بات متأكدًا بأن عزام يعاني من خلل يحتاج لتدخل.. طبيب نفسي ربما؟ يخبره بأنه يدفن نفسه تحت ركام من الأفكار التي لا أصل لها.. أو ربما صفعة قوية مصدرها كف يده توقظه وتخبره بأن عمره يضيع دون أن يعيشه كما ينبغي.. يبني بينه وبين السعادة الف سور.. ويغلق بينه وبين راحة البال مليون باب..

قامت الصلاة وانتهت وخرج المصلون إلا قليلاً منهم. وقف عبدالإله ينوي الخروج لكنه عاد يجلس أمام عزام الذي أسند ظهره على الحائط خلفه.. يفتح أزرار ثوبه العلوية ويمرر أصابع يده على شعره بكل قوة..
عبدالإله بهدوء : من صديقك اللي توفى؟
رفع بصره له، عينين شديدة الإحمرار والذبول : واحد ما تعرفه.
ليقول عبدالإله بحاجبين انعقدا بعدم رضا : ماتلاحظ إني أنا وأنت ماعاد صرنا مثل أول؟
ثم أردف عندما لم يجد ردًّا : سالفة صديقك ذي مشت عليهم صح بس مستحيل تمشي علي ياعزام.
ارتفع طرف فمه بابتسامة ساخرة : وليه إن شاءالله؟
ابتسم يغمز له محاولاً إبهاجه : لأني أعرفك علاقاتك محدودة وأكره أقولها في وجهك بس أنت ياعمري ما تعرف غيري .
وجد نفسه يضحك ضحكة لا معنى لها : هذاك أول.
ليقول عبدالإله لازال مبتسمًا : لا أول ولا تالي خل عنك بس عارفك مثل ما أنا عارف نفسي.. متى رجعت أمس؟
ليجيبه ينظر لوجهه بتعب : بعد الفجر بوقت.
سكت قليلاً قبل أن يقول متأملاً وجهه المرهق : ليه وين كنت؟ وش اللي أخرّك؟

لم يجبه وبقى عبدالإله يتأمل وجهه وهو متأكد من أنه يخفي شيئًا.. بات يجهل عزام رغم أنه يعرفه أكثر من نفسه حتى.. فقَد كان صديق الطفولة والشباب.. يعلم خبايا روحه وجنونه وخسائره وإثنى وثلاثون عامًا مرت عليهم بكل أحداثها.. كان بئر أسراره منذ زمن ولازال.. حتى وإن كان بدأ يشعر في الآونة الأخيرة بتباعدهم وأن هناك شيئًا يحدث في الظل مع الفتى البائس..
انتبه عزام لعينيه ليقول أخيرًا يحاول تبديد الغمامة التي غطتهم : أبشرك جبهتي للحين متواسيه ماطلعت صعرورة بعد ضربتك..
ضحك : عزام أنت تدري إني أبي مصلحتك ويهمني أشوفك مرتاح...
عزام مقاطعاً إياه بتنهيدة : وأنا مرتاح الحمدلله..
عبدالإله بعطف : أنت وين والراحة وين يرحم والديك.. شف وجهك يارجل عمرك اثنين وثلاثين سنة بس اللي يشوفك يقول شايب رضتّه الدنيا إلى إن قال آمين.. عزام أنت مستوعب إن الفرق بيني وبينك خمس سنوات؟ بس من شاف وجهك قال إنك أكبر مني..
عزام بابتسامة : لا عاد تخسي..
لكن ملامح عبدالإله لم تتبدل حتى مع ابتسامته.. ليتابع عزام بعد أن زفر بحرارة، ينقر بسبابته جانب رأسه يقول بأسى : هذا مشكلة ياعبادي.. حتى وأنا نايم أحسه يشتغل..
عقد حاجبيه بقلق : ليه؟ وش اللي شاغل بالك؟ إن كانت شغلتك مع هاللي اسمه جوار شاقيتك اتركه وبتلاقي شي ثاني أحسن منه.. أو تعال اشتغل معي.. أو دور لك وظيفة ثانية بأي مكان إلى متى وأنت تدور على اللي يتعبك وتسويه...
ابتسم بضيق يقاطعه : ليت جوّار وشغله أكبر همومي يا خالي..

عبدالإله بعد لحظة صمت شعر فيها بأن نبض قلبه ثقُل من الضيق في وجه عزام،، يقول بهدوء : ماعدت أدري وش صاير معك أبد ما كأنك ولد أختي اللي كنت أعرف كل شي يصير معه كبير كان ولا صغير..
ثم أردف بحنين : وين أيامنا أول يوم نتكّي للفجر راسي براسك نسولف ولا يوقفنا غير صراخ صيتة عشان ننام..
سحَب نفسًا عميقا وابتسامة طفيفة داعبت شفتيه : وضعي على خبرك.
عبدالإله وقد ارتفع حاجبيه : قاعدين في بيت الله وتحفنَا الملائكة إن شاءالله يعني عيب تكذب.. ياخوي إن ما استحيت مني استحي منهم على الأقل..
ضحك بخفوت دون أن يعلق ليردف عبدالإله بابتسامة مطمنّة : أنت تدري إن اللي ينقال بيني وبينك يبقى بيني وبينك ولا يدري عنه ثالث... أبد. علمنّي عزام وطمنّي لا تخليني أخاف عليك وتلعب بي الهواجيس...
ثم تابع بنبرة خافته تغرق بالأمل : وش قاعد يصير معك وش في خاطرك ياخوك؟

سكت عزام طويلاً حتى ظن عبدالإله بأنه أختار الصمت كإجابة.. فتح فمه ليستنطقه لكن الآخر سبقه يقول بهدوء : أنت وش تعرف عن أبوي؟
عبدالإله بعد لحظة تفكير : ما أعرف عنه شي توفى الله يرحمه ويغفر له وأنا توني ما يجي عمري خمس سنوات.. ليه تسأل؟

قالها يسأل بتوجس واستعداد لأنه يعرف ما سيأتي بعد ذلك.. تماماً كما يعرف أن الموضوع كان يشغله لفترة في أول حياته فهو لا تمضي عليه السنة إلا وقد سأل عنه.. ثم توقف تمامًا عن هذا الطاري والتهى بموضوعٍ آخر كان وقعه عليه أكبر.. كل ذلك يعرفه جيدًا لكنه لم يتوقع بأن الموضوع لازال حيّا طريًّا في داخله يأكل ويشرب ويتغذى على عقله.. حتى بعد هذا العمر.. وأن ماقاله له والده قبل أكثر من خمسة عشر عاماً " ربي كتب إن أبوك يكون موجود في مكان الحادث يوم صار التفجير.. راح غدر الله يرحمه هو وغيره وكلهم ضحايا بس بإذن الله شهداء " ،، لم يكن مقنعاً بما يكفي.


أرخى بصره.. يفكّر مطولاً.. تفكيراً لاح على ملامحه جعل عبدالإله يحبس أنفاسه بترقب خوفًا مما سيقول.. : هنا المشكلة ياعبادي.. إني أنا ما أعرف أبوي إلا من صورة له يوم تخرج من الكلية الأمنية.. ما أعرف هو مجرم ولا ضحية مثل ماقال جدّي ولا بطل مثل ما تقول أمي في كل مرة اسألها عنه.. من يوم إني صغير وأنا أسمع كلام الناس فيه لكني كنت أكذّب الكل وأقول جدي عبدالله مستحيل يكذب.. وعمي خالد مستحيل يخبي عني الصدق.. وجدي عزام يخاف الله مستحيل يلعب بي ويضحك علي بكلمتين عشان أسكت.. كنت أصدق إلى إن أوقف قدام أمي و أشوفها تتهرب من سؤالي وتعصب..
ثم رفع عينيه ينظر له نظرةً غريبة وكأنه يخجل من تفكيره : أنا بديت أشك إن أبوي بطَل صدق يا عبدالإله ..
عبدالإله بحيره : وش سمعت ومتى ؟
ابتسم بأسى : تدري إني للحين مكذّب سالفة موته ذي.. عيّت تدخل مخّي أحس فيه شي غلط.. أخاف إنها كذبه يقولها الكل.. ومن بعد اللي سمعته عنه بديت أخاف يكون منفِي أو هربان أو جدي متبري منه وموهم الكل بموته.. لأنه بنظره يكون ميت أحسن من أنه يكون حي بمليون مره.. وأخاف الكل يدري عنه إلا أنا..
عبدالإله هامساً بعدم تصديق : لا أنت انهبلت رسمي.. من متى والأفكار ذي بمخك؟؟
تقوست حدود فمه للأسفل بحزن : عبادي تدري وش عرفت عن أبوي أمس؟

كان عبدالإله يتأمل وجهه لازال هلعًا مصدومًا من أفكاره المسمومة، يبتلع ريقه الذي جف دون أن يستطيع الرد عليه بحرفٍ واحد.. لم يكن يتوقع بأن عزام فاق المعقول بخياله!!

عزام بعد تردد واضح لكنه يثق بعبدالإله أكثر من ثقته بنفسه : أبوي كان رايح روسيا عام ٨٤ هو وكم ضابط معه في مهمه خاصة.. وأغلب اللي معه تصفّوا واحد ورى الثاني..
عبدالإله بذهول : وأنت كيف عرفت؟
عزام بزفرة : قضية وأنا مسكتها مع الفريق و اسم أبوي انذكر فيها أمس ومن لحظتها وأنا منيب طيب مدري وش جاني..
ليقول الآخر بتوهان : قضية وش ؟ أنت مو ...؟

صرف عزام بصره عنه عندما ترك نهاية جملته معلقه بسؤال مستنكر ليجيبه بحرفين وكأنهما كفيلان بالتفسير : لأ..
ثم أردف بسرعة : تكفى عبدالإله لا أحد يدري.. أمي بالذات..
عبدالإله وقد اتسعت عينيه : شف عزام أنا أدري إنك مجنون بس مو للدرجة ذي عاد!!
رفع كتفيه بقل حيله : الشكوى لله..
عبدالإله بصرامة : ونعم بالله، بس حبيبي.. أنت لازم توقف، إلى هنا وبس عزام.. لازم ترضى بقسمة الله لك وإنه قدّر لك تولد يتيم.. لازم تقتنع إن أبوك توفى وقد أخذوا العزى فيه لا هو منفي ولا هربان ولا تبرى منه عمي ولا أي شي من الخرابيط اللي براسك.. أنا ظنيتك اقتنعت ونسيت مادريت إنك للحين في ضلالك القديم.. وقف تاكل في نفسك وحط حد للمهزلة ذي.

ابتلع عزام ريقه يقول بصعوبة : أنا بس أبي أعرف وش كان يسوي بروسيا؟ وش هي المهمة ذي اللي....
قاطعة : وإن عرفت وش بتستفيد؟ مابتوقف شي بيصير ولا بتغير شي من اللي صار.. سالفة صارت وانتهت تفتحها وتنبش فيها وتوجع قلبك ليش؟.. التفت لنفسك شف اللي قاعد يصير حولك الكل عايش إلا أنت دافن نفسك ودافن اللي حولك معك ولا تظن لأنهم ساكتين عنك إن محد فيهم منتبه لك.. أمك المسكينة من تقبل عليها إلى إن تقفي وعينها ماتفارقك دقيقة وإن تأخرْت ثانية وحدة دارت الدمعة بعيونها من الخوف.. يامسلم على الأقل خاف ربك في نفسك أنت مامليت؟

شد على شفتيه دون أن يجيبه.. ورغم قوة صوت عبدالإله إلا أنه لم يستطع أن يخترق عقله الصلب.. ولم يقنعه حرف مما قال رغم معرفته بأنه على صواب..
زفر عبدالإله بحرارة.. زفرة كادت تحرق الماثل أمامه يغيّر الموضوع تماماً : وش عندك اليوم؟ امش عازمك على الغدا.
عزام بجمود : برجع البيت.. أبي أنام مامعي نوم من أمس.
عقد حاجبيه بعدم رضا : مشكلتك تراكم مشاكلك بدل لا تحلها بس مايخالف نوم الظالم عبادة..
ثم أردف بعد أن فرّت ضحكة مستنكرة وخافتة جدًا من عزام : قم معي بنروح الصيدلية خذ لك بندول نايت ودف حبتين عشان مخك المصدّي ذا ياخذ بريك ويرتاح .
و انتبه تجيب طاري الخرابيط ذي قدام أحد.. ترى ماعدت صغير ولا صيتة عادت صغيرة عشان تتحمل نوبات جنونك ذي مثل أول ..


.


أطلق نفسًا لم يدرك بأنه كان يكتمه ما إن دخل ولم يجد أحدًا أمامه.. لا والدته ولا شعاع فلا رغبة لديه بأن يرى أحدًا أو أن يبدأ حديثاً مع أحد..
صعد السلالم بخطوات ثقيلة يشعر بالتعب يضرب كل عضلةٍ في جسده دون رحمه.. دخل غرفته ولم يجدها أمامه.. وتأكد أنها في دورة المياة عندما سمع صوت الماء..

وضع كيس الصيدلية على السرير قبل أن يخلع ثوبه ويلقي به أرضاً ليبقى بسرواله الأبيض الطويل وفانيلته قبل أن يُخرج علبة الحبوب المنومة ويرمي حبتين في فمه ويزيدها بأخرى مثلها.. شد خطاه للخارج ما إن بحث بعينيه ولم يجد ماءً وعاد بعد أن أخذ قارورة من الثلاجة الصغيرة في نفس الطابق.
أغلق الباب بقدمه يشرب الماء دفعةً واحدة وعينيه تقع على الواقفة أمام السرير بين يديها شريط الحبوب تنظر له باستنكار..

التقت عينيها به ورأى اختلافاً في ملامحها ما إن ظهر له وجهها.. وكأنها قضت ساعات غيابه في بكاءٍ مرير..
رفعت مابيدها تسأل بقلق ونبرة ذات بحّة : أنت اللي ماخذ أربع حبات؟
رغم أنه تأكد من أنها كانت تبكي عندما اقترب منها ليتضح تورم أجفانها واحمرار أنفها، إلا أنه لم يستطع أن يسألها عن السبب.. ولا حتى من باب الفضول.. بل أخذ الشريط من يدها يضعه هو وعلبته بداخل كيس الصيدلية ويبتعد حيث جهته في السرير.. يقول بهدوء بعد أن فتح الدرج الصغير بجانبه ويرمي مابيده داخله : ايه..
شعاع بقلق : ليه؟ فيه شي يوجعك؟

التفت بجسده و وجدها تقف أمامه مباشرة.. تنظر له بخوف واضح ولم تستطع نظرته إلا أن تلين أمام سطوة الاهتمام.. فقال متنهدًا : لأ،، بس أبي أنام .
شعاع بضيق : عظم الله أجرك..
عقد حاجبيه بتساؤل لتردف : بصديقك..
ليقول بعد أن أدرك ماتعني : الله يجزاك خير..
ثم رفع الغطاء ليندس تحته : عبدالإله راح يجيب غدا.
تنهدت ما إن أغمض عينيه مباشرة بعد أن تمدد : الله يعطيه العافية.

شعر بثقل جسدها في المساحة الفارغة بجانبه.. وبعضلاته المشدودة تلين وترتخي ما إن نطقت برقّه : عزام لا تنام وأنت متضايق.. إذا متكدّر وخاطرك تتكلم تكلّم أنا أسمعك.
فتح عينيه وقد بدأت أجفانه تثقل لا يعلم هل تأثير الحبوب سريع كالصاروخ أم أن جسده المتعب لم يصدّق بأنه سيرتاح أخيرًا؟..
ينظر لها نظرة لا معنى لها لكن عقل شعاع المثقل بالأسى والشفقة فهم دون الحاجة لأي شرح.. أو كلام.. ابتسمت بعذوبة وحزن واضح وهي ترى تقاسيم وجهه المتعبة : أربع حبات بندول نايت يالظالم! أنت ناوي تنام كم ساعة؟
عزام بثقل : صحيني للصلاة..

انحنت تقبل محاجر عينيه التي اغمضها ما إن أحسّ بأن ثقلها أصبح لا يحتمل.. يشعر بدفئ شفتيها يذيب سدودًا من جليد..
هنا، بالقرب من عينيه تمسح على قلبه : الله ينور بصيرتك ياعزام.
ثم انحنت تسند جبينها على خده تهمس بحنو :.. يارب.
.


استيقظ من نومه يشعر بأن عقله يسبح في دوامه.. لا يعرف كم مضى عليه نائمًا.. ساعة واحدة أم أيام؟
عقد حاجبيه ينظر للنائمة أمامه بنظره ضبابية.. قبل أن يدور ببصره في أرجاء الغرفة المظلمة إلا من نور دورة المياه الذي تسلل من فتحة الباب الموارب..
عاد ينظر لشعاع.. وملامح وجهها حيث سمح لها الضوء الخافت بأن تبدو و كأنها مرسومة بماء الذهب.. يسمح لعينيه بأن تتأملها كما تشتهي وترغب..
بأسى.. وشفقة.. على حالها معه..
كانت تغرق في نومٍ عميق وملامح مسترخيه إلا من عبوس فمها وكأنها تمنع نفسها من أن تصرخ في وجهه..
مد يده بثقلٍ واضح في عضلاته بعد ساعات النوم الطويلة.. يسحب خصلة مطيعة تستريح خلف أذنها لتسقط مستقرةً على خدها.. يبتسم بعذوبة ما إن تململت في نومها تحك خدها بباطن كفها بقوة تدفع بذلك شعرها للخلف..

رمش بهدوء يفكر بها.. وبحياته وحياتها معه.. بات لا يعرف أين اللغم الذي وطته قدماه ليمزقه أشلاءً دون أن ينهي حياته..
يحب شعاع لا ينكر ذلك فهي ابنة عمه وخالته ومنذ أن عرفها لم تؤذه قط.. بل كانت بلسمًا يبرد جروحه حتى وإن أنكر ذلك.. يحبها كما يحب الجادل و ريم و لولوة قريباته -ربما تزيد بقليل كي لا يظلم نفسه-.. وهنا أصل الخطأ.. لأن شعاع ليست كقريباته بل هي الأقرب له من بد الجميع وكأنها أنفاسه.. لازال عقله متوقفًا عند النقطة التي لازالت فيها شعاع ابنة عمة وخالته ولم ينتقل بعد لفكرة أنها صارت زوجته..
لم يعد يعلم هل يحزن عليها لأنه في حياتها.. أم يفرح لأنها في حياته؟..

ضاق من تفكيره وأدار رأسه يبحث عن هاتفه.. ضوّق عينيه ما إن جهره الضوء ليجد عددًا لا نهائيًا من الاتصالات جميعها من جوار..
أغلقه تماماً يلقي به جانباً يرفع الغطاء ويبتعد من مكانه بسرعة عندما استدرك أن جميع الصلوات فاتته فالساعة الآن الواحدة بعد منتصف الليل ولا يتذكر بأنه استفاق ليصلي أحدها..

.

تردد كثيرًا قبل أن يفتح باب غرفة والدته بهدوء شديد يخاف من أن تكون نائمةً ويفزعها.. كانت آخر مره رآها فيها عندما صعدت السلالم بحزن وأسى قبل صلاة الجمعة.. ومن وقتها وحتى هذه اللحظة -وعلى الرغم من أن نصفها مضى بالنوم- إلا أنه يشعر وكأنه لم يراها لأيام.. مشتاقٌ لها وكأنه اختفى عنها لسنوات..
وقف بالقرب من رأسها تنام كعادتها على جانبها الأيمن وتضع يدها تحت خدها.. تأملها حتى قادته قدماه للجانب الآخر من السرير.. يرفع الغطاء ببطئ شديد كي لا تشعر به.. وكأنه نجح..
إلى أن وضع ركبته على السرير كي يستلقي لتستدير تسأل بفزع وعينين شبه مفتوحة : ميمي؟
ابتلع ريقه : عزام يمه.. آسف صحيتك..
عقدت حاجبيها بقلق. تفتح عينيها على أكبر اتساع وتستدير ناحيته بكامل جسدها ما إن استقر جسده تحت الأغطية، يقول محاولاً خلق جو ظريف : بنام عندك اليوم.. شعاع طردتني..
لم تضحك ولم تبتسم بل سألت : توك صاحي؟
هز رأسه بالإيجاب يحاول أن يبتسم : الله يتوب علي أخرت الصلاة إلى ذا الوقت..
صيتة بقلق : لا يابوي صحيناك، وتصحى تصلي ثم ترجع تنام.
ارتفع حاجبيه باستنكار : والله ولا حسيت صدق انها موته صغرى..

وضعت كفها تحت خدها.. تبتسم بعد أن هدأ ذُعرها، تتأمل وجهه المتورم من النوم : الله يتقبلها منك..
دلك جبينه بأطراف أصابعه : قلت بنام وبصحى مرتاح وشبعان نوم ، قمت مصدع وأبي أنام زود..
ضحكت بهدوء : كثر النوم يجيب النوم..
أغمض عينيه يتهرب من نظرتها : شكله..

كان يشعر بتركيز بؤبؤيها عليه حتى وجفنيه يحولان بينه وبينها.. يسمعها تسأل بعطف : دفنوا صديقك الله يرحمه؟

شعر بالعبرة تعتلي حنجرته.. لا يعرف هل يبكي لأنه كذب عليها.. أم يبكي لأنها صدقته وكأنها تستبعد كذبه.. ليفتح عينيه تلتقي نظرته الضعيفة بنظرتها الحانية : ما أظن..
صيتة : من وين تعرفه ؟ ماقد سمعت عنه..
انطفأت نبضاته وهو يسمع صوته ينطق الكذبة بسهولة : تعرفت عليه يوم كنت أدرس بالرياض.. هو وأهله ساكنين هناك..
هزت رأسها بتفهم : بالرياض!! وأنا كنت ناوية أروح أعزي أهله. ماعليه خيره إن شاءالله.. متى بتروح لهم أنت؟
ابتلع ريقه : يمكن بكرة..
ثم أردف يقطع أي محاولة : بروح بالقطار صد رد..
صيتة بتنهيدة : الله يقويك و يعين أهله..

تمتم "آمين" مرتجفة تحت أنفاسه.. يشعر بعبرته تتغلب عليه هذه المره حتى نطق بها وهو يرى ابتسامتها في تأمله : يمه هو الإرهابي ممكن يصير شهيد؟

تبدلت نظرتها وغامت.. ولم يخفى عليه تسارع أنفاسها لتهمس : مافهمت؟

عزام : يمه أبوي شلون مات ؟
قالها يدفع عبرةً أخرى بصعوبة.. لازال سؤالاً يطرأ عليه في كل وقت دون أن يدع له مجالاً ليستريح.. لا وقتاً مستقطعًا ولا راحةً دائمة وكأن هناك من يدفعه لعقله قسراً.. شيءٌ يحثُّه على التفكير بذلك والبحث رغم جنون الفكرة واستحالة وجودها..

سقطت دمعة من عينهِ ليتركها هذه المره دون أن يمسحها، ينظر لها يأخذ أنفاساً مرتجفة تُنبئ عن نوبة بكاء قادمة.. يتأمل وجهها الذي يتغير في كل مرةٍ يأتيها بهذا السؤال.. ربما تلك النظرة التي تعتلي وجهها في كل مره هي من تجعل الأمل ينبت في قلبه رغم نكرانها.. قال وشفتيه تتقوس للأسفل بحزن، لا يرى سوى عينيها التي تكدست على سطحها الدموع وكأن سنوات عمره الاثنى والثلاثون مجرد أرقام لا قيمة لها : تكفين علميني ..

عقدت حاجبيها تنظر له بضيق ونبرتها خرجت مخنوقة شعر بها تخنق قلبه : يالله منك ياعزام يالله.. قد علمتك وقلت لك وانتهينا من ذا السالفة من سنين وش رجعها الحين؟
ليقول متوسلاً وكأن إعصاراً ضرب أحباله الصوتية ليخرج صوته بكلمات لا حدود لها : أبيك تقولين لي الصدق يممه..
تلاشت دموعها في ثانية وهو يعلم أنها سئِمت وضاقت منه لكنه يعجز عن التوقف عما يضايقها.. : واللي قلته لك هو الصدق واللي سمعته من أبوي وعمك خالد وجدك عزام هو الصدق..
عزام بصوتٍ متهدّج : طيب ليه أنا ماني قادر أصدق؟ قلبي عيّا يقتنع يمه..
لتجيبه بحدّه : تبقى المشكلة في قلبك ياولد صيتة .
ثم أردفت بأسى بعد ثانية صمت وكأنها ندمت على حدّتها في وجهه : أنا تعبت من ذا الطاري يا أمك.. هدّيت حيلي حرام عليك،، في كل مرة تعيد وتزيد نفس الموضوع خلاص عاد ماتعبت ياعزام؟؟...

سكتت تنظر له نظرة عتَب يخلطها لينٌ وشفقة، تقول بتعب : ما أقول إلا الله يهديك.. وش مناسبته السؤال ذا؟ وش اللي جابه على بالك الحين؟
عزام بضيق : ماقد راح عن بالي دقيقة يمه...
تنهدت بأسى : طيب وش تبيني أقولك؟. وش اللي تبي تسمعه وبيرضيك عشان أقوله؟ تبيني أقولك أنه حي؟ هذا اللي تبي تسمعه؟
ارتعش فكّه يقول بعبرة : أنا ما أبيك تسكتيني..
صيتة : أجل ليش تعيد وتزيد بالسؤال وكأني مخبيه عنك شي؟.. وش تتوقعني أقولك والإجابة هي نفسها وحدة.. ماتتغير؟

بدأ يفرك عينه بباطن يده.. ولم تخفى عن صيتة الدموع التي مسحها بحركته تلك.. لتقول تتصنع الغضب رغم أن نبرتها أبعد من أن تكون كذلك : استح على وجهك عزام.. كم عمرك عشان دموعك تهل بسهولة كذا؟؟ خل دمعتك عزيزة ما تنزل لو على قص رقبتك..
هز رأسه مؤيداً لازال يفرك عينه.. دمعته عزيزة لكنها تتجرد من كل شيء أمام والدته.. فمهما حكم عليه الجميع ستبقى هي الوحيدة التي تنظر له بعين الرضا دون أن يقع من عينها.. بل أنه في علوٍّ مستمر..

كم يتمنى أن يصرخ حتى يفقد قدرته على الكلام.. يريد أن يحكي التيه الذي يشعر به.. كم يتمنى أن يخبرها بأنه فقد الوجهه.. وأضاع الإتجاه .. وضل عن السبيل ولم يهتدي..
لم يعد يعرف نفسه.. وكأن الروح التي تسكن جسده لا تنتمي له.. ينظر لوجهه دون أن يميز ملامحه، وكأنها لشخصٍ آخر ليس عزام الذي يعرف.. والأدهى من ذلك كله أنه لا يعرف متى حصل كل ذلك؟ ولماذا حصل في المقام الأول؟..
تقوست شفتيه ما إن وصل لمسمعه صوت صيتة، تقول بحب يغرق بالعبرة : ليتك عشت مع أبوك ليلة بس عشان تعرف وش كان....
نام الله يصلح قلبك.. نام..

قالتها تعطيه ظهرها ترفع الغطاء حتى غطت رأسها.. تتركه خلفها
يعبث الحزن بقلبه حتى نام.

:
*

كانت ليلتي السادسة معه.. ست ليالي كانت كفيلة بأن تثبت لي أن السعادة لها معنى آخر.. اسم آخر غير الذي كنت أعرفه.. طعم آخر غير الذي كنت أتذوقه وأتلذذ به طيلة سنوات عمري الماضية..
السعادة مع ذيب كانت أكثر عذوبة..
أكثر رقة.. أكثر عمقًا و واقعية..
أشعر بها لا تفارقني لثانيه وكأن أي حرف ينطق به يخرج محملاً بها..

كنت أنام وأنا أنتظر أن الغد، لاستيقظ بفارغ الصبر كي أجده أمامي.. يضحك لي.. يتحدث وأنا أسمعه.. أو حتى أن يصمت يتأملني بابتسامة وكأنه يرسم تفاصيلي..

جلست بجواره : ذيب صار لنا أسبوع في البيت ماودك نطلع؟
نظر لي وابتسم ابتسامة صغيرة : افاا أمداك تنغثين مني؟
قلت بسرعة وبدون تردد : لا والله مو هذا قصدي.. بس اشتقت لأهلي.
ذيب : وإن رحتي لأهلك أنا وين أروح؟
استنكرت ما قاله فقلت ببساطة : ليه عمي مسافر؟
ذيب بهدوء: طيب وإن اشتقت لك؟
ضحكت وقلت وأنا أضرب كتفي بكتفه أشعر بأن زلزالاً ضرب قلبي : أجل خلاص تعال معي عند أهلي.

أمسك يدي و وضع كفي على خده.. لم أستغرب لأني خلال الأيام السابقة اعتدت مثل هذه التصرفات منه .. لكن ما فاجأني حقاً هي نبرته،، ونظرته : طيب عادي ما نروح مكان اليوم؟ أحس وقتي مسروق مني أبي أعيش كل لحظة وكل ثانية وكل دقيقة من يومي وأنتي جنبي أخاف أغيب عنك ثواني و أندم بعدين إني ضيعتها..
شيء غريب سكن صدري بدد راحتي وشعرت به يقلق سعادتي : بسم الله عليك أعمارنا طويلة ان شاءالله والعمر قدامنا.. ليه تقول كذا؟
رفع كتفيه بقل حيله وهو يبتسم لي ابتسامة لم تصل لعينيه أبداً..

ليلتها نام ذيب قبلي على غير عادته.. فأنا اعتدت في أيامي القليلة الماضية معه أن أنام على عينيه وهي تتأملني بابتسامة يهمس لي : تصبحين على خير..
وأن أستيقظ على عينيه تتأملني بذات الابتسامة يهمس لي : الله يسعد ذا العيون الحلوة.. صح النوم ياقلبي..

نظرت له مغمضَ العينين وقلقي يتصاعد.. حتى أني خفت من أنه يشكو بأسًا فقط لأنه نام قبلي..
ابتلعت ريقي لا أعرف سبب هذا الخوف الذي من قوته شعرت وكأني سأتقيأ؟؟..
وضعت يدي على خده.. أمسح جفنه بأطراف أصابعي.. ولم أدرك بأني كنت أسرح به حتى وصلني صوته.. يفتح عينه الأخرى بابتسامة : وش عنده الحلو للحين صاحي؟
لا أعرف لماذا ضحكت.. ضحكت بعبرة وفرحة واضحة : أنت مانمت؟
ذيب ولازال على وضعه يقول بهدوء : ليه هو أنا قد سويتها ونمت قبلك؟
لازلت أضحك.. أشعر بالدموع تغطي سطح عينّي.. ليلمحها وتتلاشى ابتسامته بقلق.. يسحب يدي من على خده و يشد عليها : افا!!
ابتسمت له أشعر بشيءٍ يضغط على قلبي جعل شهقاتي تتدافع : خوفتني عليك.. والله خفت..

قبّل أطراف أصابعي وشعرت بقبلته تُطبع على جدران قلبي، واللهِ على جدران قلبي دون أي مبالغة فالدفء الذي غشاني في تلك اللحظة يستحيل أن يكون شيئًا عاديًا..
يغلق عينيه يقول بين قبلاته بنبرة خرجت مخنوقة وكأنه يحاول أن يقنع نفسه قبل أن يقنعني : ليه تخافين؟ مافيه شي يخوف، أنا معك مستحيل أخليك ..

:
*


استيقظت شعاع لصلاة الفجر ولم تجد عزام مكانه.. قلقت في بادئ الأمر لكنها خمنَت بأنه ذهب ليصليها في المسجد.. صلت وانتهت وتمددت في مكانها تقرأ أذكارها وتنتظره..
لكنها نامت دون أن تشعر..

استيقظت مجددًا قبيل صلاة الظهر بساعة.. ولم تجده لكنها تطمّنت ما إن رأت هاتفه ملقى في مكانه بديلاً عنه..

لم تعلم بأنها غفت إلا عندما استيقظت على صوت باب دورة المياة يُغلق. ثم بصوت الماء.. ثم به يُفتح مجددًا ليخرج عزام يتجه مباشرةً لخزانة ملابسه دون أن يكلف نفسه عناء النظر ناحيتها.
توقعت أنه لم ينتبه.. جلست.. تتنحنح.. ولم ينتبه لتقول باستنكار : صباح الخير..
زفرت بارتياح ما إن أدار رأسه ناحيتها وكأنه كان سارحًا و تنبّه على صوتها : صحيتي!! صباح النور .

ثم عاد لما كان يفعله.. يبحث بين ثيابه قبل أن يخرج أحدها. لتسأل : بتطلع؟
اكتفى ب" مم.." كإجابة.. يخلع ماكان يرتدي لتصرف بصرها عنه تقول بتردد : أنا أشوف ترتاح اليوم في البيت أحسن ؟
وقف أمام المرآة يرتدي شماغه بعد أن ارتدى ثوبه : وليه تشوفين إني ارتاح أحسن ؟
ابتلعت ريقها تحاول أن تنفي فكرة أنه يهزأ بها : عشان اللي صار أمس ا..
قاطعها بعبوس يستدير ليواجهها : وش صار أمس؟
تلعثمت : أمس..
لكنه قاطعها مجددًا : ماصار شي ولا عاد تطرين الموضوع مره ثانية.
ثم قال يبعد بصره عنها يأخذ محفظة نقوده ومفتاح سيارته : أنا طالع عندي شغله.. تبين شي؟

هزت رأسها تنفي بعد أن اخفضته.. وظلت هكذا إلى أن سمعت صوت إغلاق الباب لا تعلم إن كان رأى ايماءتها أم خرج دون أن يلتفت ناحيتها حتى..

.

نزل الدرج بخطى سريعة يعقد العزم على ماينوي فعله. يركب سيارته يُمسك هاتفه يكتب رسالةً قبل أن يلقيه على المقعد بجانبه وينطلق في طريقة (بسام وينك ؟ أبي منك خدمة تكفى يالذيب.)

.

" عبادي بتروح لأمي اليوم؟ " ..
قالتها شعاع تسأله بعد أن دخلت غرفته تتكئ على إطار الباب... تسأل وهي تعرف الإجابة مسبقًا فقد قالت لها مريم عندما اقتحمت غرفتها ترتدي فستاناً تهتف بحماس : بنروح أنا وعبادي لذيب.. سوي لي شعري بس لا تلمينه واتركيه مفتوح بليز..

ليجيبها عبدالإله متشاغلاً بإغلاق أزرار ثوبه : إيه مبطي عن مشاعل..
دفعت بجسدها تبتعد : بجي معك انتظرني بروح أجيب عباتي..

.

قطعت ريم خطوات صغيرة من منزلها قبل أن تقف أمام بيت خالها خالد.. تنوي قرع الجرس لكنها انتبهت للكراج المفتوح على مصراعيه لتخطو باتجاهه خطى واسعه ترفع طرف عباءتها كي لا تعيقها..
وقفت لترى هزاع ابن خالها الأصغر ولم يتجاوز عمره الخمسة عشر عامًا.. يتقدم بدرجاته من آخر الفناء لكنه توقف ما إن رآها تقف أمامه.. يقول يتصدد بنظرته عنها يحاول تضخيم صوته : حياك ريم ادخلي..
ضحكت باستنكار تتعمد إغاضته : الحين فاتح الكراج كله عشان تطلع بسيكلك؟ والله على بالي عندك سالفة..
هزاع لازال على وضعه يتجنب النظر لها : وخري يا بنت عمتي..
تعالت ضحكتها تتكتف فهي تهوى مشاكسته : شكلك مثل الذبانة ما تعرف تطلع من الأماكن الصغيرة والضيقة..
رفع رأسه ينظر لها بانفعال : ترى والله العظيم أدعسك..
فردَت يديها بتحدي : ادعسني..

تقدم قليلاً يضرب الجرس الصغير علها تخاف وتبتعد.. لكنها بدأت تتحرك يمينًا ويسارًا بسرعة تصدر أصواتًا مرتفعة "هوه هوه هوه" حتى أربكته ووقع.
تهز يديها راقصةً على صوته الغاضب يصرخ بها : ريموه يازفت..
ريم : ايه هذا هزاع اللي أعرفه.. عشتوو ما عرفتك وأنت تستحي مني!!
هزاع لازال يتمدد على الأرض يقول بغيظ : ريم عيب عليك أنا كبير الله ياخذك..
أشارت عليه بسبابتها باستصغار : حبيبي أنت وشنبك المخضّر تكبر على الكل بس ما تكبر علي فاهم؟.. أشوف...
لكنها بترَت كلمتها لازال اصبعها يتحرك في الهواء.. تنظر للصغيرة التي خرجت من المجلس الخارجي عن يمينها : أوه ميمي هنا!
ثم انحنت تحملها ما إن اقتربت منها : وش تسوي؟
ليقول هزاع يقف يرفع دراجته متذمرًا بألم : خالي داخل..

قبلتها.. و شفتيها التصقت بقماش نقابها الذي كان يحول بينها وبين خد الصغيرة دون أن تتحرك تفتح عينيها بصدمة.. قبل أن تسأل بذعر : داخل وين؟
خرجت شعاع أمامها من باب المجلس بنوافذه العاكسة.. تضحك : هلا ريم ..
تركت مريم على الأرض تقول بهلع تشير على فمها : اص لا تقولين اسمي.. مين فيه داخل؟
وقفت أمامها تسلم مقبلةً خدّيها : أمي وعبادي..
رددت ببلاهه دون أن تردّ السلام حتى : أمك وعبادي!!!
ثم سألت بقلق تتمسك بكتفيها : طيب بالله صوتي كان عالي؟
عادت شعاع تضحك من أعماق قلبها تقول بخبث : كأنك بنص المجلس الله وكيلك.

أخرجت صوتاً كصوت الجرو الذي أخذوا والدته أمام ناظريه بعيدًا عنه.. لتبتعد راكضةً لداخل المنزل على صوت هزاع الشامت : أحسن ذي حوبتي..

صعدت السلالم بسرعة دون أن تمر على الصالة حيث جدتها تجلس.. تفتح باب غرفة الجادل بقوة لترتعب الأخرى التي كانت تبدل ثيابها.. لتسحب بلوزتها للأسفل بسرعة : بسم الله.. خير إن شاءالله يالأخت!!.
لكن ريم لم تُعرها أي إهتمام.. تتقدم وترتمي على السرير تدفن وجهها في الوسادة تقول بنبرة باكية : جادل الحقي علي أحس إني بموت..
اقتربت بقلق تغلق ازرارها العلوية : وش صاير؟
رفعت رأسها تنظر لها بأسى : ماهي معقولة الأشياء اللي قاعدة تصير لي أول مره عزام وجدتي اللي أخذتني رايح جاي قدامه والحين خالك!! خلاص وجهي غدى شوارع ..
ضربت ظهرها بخفه : بنت تكلمي.
لتجيب ريم قبل أن تعاود دفن رأسها : سمعني وأنا أتلاقط مع هزاع.. ااه أنا بديت أشك إن ربي ساخط علي وقاعد يعاقبني في الدنيا.
ضحكت تجلس على السرير بجانبها، تحاول أن تستجمع أنفاسها : كيف كيف ما فهمت!!
ريم بانفعال : هذي آخر مره أجي فيها بيتكم سامعة؟ المره الجايه أنتِ تعالي ولا عسانا ماتشاوفنا..
الجادل وقد ارتفع حاجبيها.. تربت على ظهر ابنة عمتها : أجي بيتكم وحاكم فيه!! معصي..
ريم بتهكم : ياربي منك ومن حركاتك القرعى اللي يسمعك مايقول إنك يالدايخة تنامين على السماعة وأنتِ تكلمينه آخر الليل ..
وقفت لازالت الضحكة عالقة بصوتها : أنا رايحة أشوف خالي ياعمري عمره أكيد طايره بوهته من اللي شافه..
رفعت رأسها تقول بنبرة أقرب للبكاء قبل أن تخرج الجادل : جادل تكفين ضبطيني.. قولي له ريم عندها أربعين شخصية وذي شخصيتها العشرين بها قل صِح.. تكفين..


.


ذهب عبدالإله "الطايرة بوهته" فعلاً.. لازال يضحك كلما تذكر صوت ال"هوه هوه هوه" الغير بشري الذي أصدرته ريم..


لتستغل شعاع ذهاب الجادل لداخل المنزل حيث ريم تغرق بالإحراج.. تقول بضيق عل فضفضتها لوالدتها تخفف قليلاً مما يثقل كاهلها : ليتني قعدت عندك يمه ولا تزوجت.. لو كنت أدري إن الحياة مع رجِل بتكون متعبة كذا كان ماتركت بيت أبوي دقيقة وحدة.
سكتت لثانية وهي تلاحظ تغير وجهها منذ أن خلعت غطاءها ، تقول بهدوء : ترى الحياة مَهيب ملزومة تسعدك دايم.. بتتعبك أيام وتسعدك أيام وتريحك أيام وتهد حيلك أيام ولا ما تصير حياة.. ترى الوحدة ماتحس إنها حيّه إلا بالمشاكل الصغيرة ذي..
ثم أردفت بنبرة : إلا إن كان اللي بينك وبين عزام شي كبير..
تنهدت: ما بيني وبينه شي يمه.. بس اشتقت لحياتي قبل،، يوم كان همّي هم نفسي ولا علي بأحد.

ابتسمت بعطف : بكرة يجونك عيال وتلهين فيهم وبمشاكلهم وبتحسين إن كل مشكلة ثانية تافهه.. ترى عزام حبيب وقلبه طيب بس اعرفي له وكل رجّال له مفتاح.
مدت شفتيها بعبوس : هو طبيعي يمه لا شفته ضايق تضيق بي الدنيا؟ حتى وإن كان مهوب معبرني!!

مشاعل : يوم إني أخذت أبوك أول كم سنة كان يشكي لي همومه قبل لا ينام وأنا ياعزتي لي أقعد صاحية طول الليل أفكر فيه وضايق صدري عليه ، وهو ماشاءالله عليه في سابع نومه يسمع شخيره شنق وبنق في الفلبين..
ضحكت تداري عبرتها التي شعرت بها : وش معنى الفلبين يمه؟

ابتسمت وقلبها يذوب قلقًا عليها وهي ترى التماع عينيها : ترى الزواج شراكة يابنتي.. بكل شي.. الأيام الشينة قبل الحلوة.. و مهما كان فيها مكابر وجفا بس تبقى فيه مودة ورحمة.. أنتِ تخافين عليه وتشيلين همه وهو يخاف عليك ويشيل همّك حتى لو أخفى.. ترى الرجال طبايع وعزام مدري على من طالع وأبوه الله يرحمه عيونه تحكي قبل لسانه.
ثم ضوقت عينيها بتفكير : شكله طالع على عمي عزام ملامحه وحدة بكل المواقف والمناسبات..
لتردف بعدها بابتسامة تغمز لها بمرح : بس عاد هااه،، قلبه ما فيه أطيب منه..

ابتسمت لما قالت.. تهز رأسها بتأييد قبل أن تقول بحزن لم تستطع إخفاء سطوته : تصدقين يمه يوم أشوف خالتي صيتة سارحه يوجعني قلبي. على طول يجي في بالي إنها تفكر بعمي ذيب ..
التمعت عيني مشاعل بأسى تقول بنبرة موجوعة : الله يجبر قلب أختي ويرحم ضعفها.. ذيب ماكان شي بسيط في حياتها عشان تنساه كانت روحها معلقه فيه من يومها صغيرة، وهو ما كان يشوف أحد غيرها.. ومع إنها ما اجتمعت به إلا أسبوع لكنها بكت عليه كأنها قضت عمرها كله معه.. الله يرحمه و يجمعها به في جنته ويعوضها..
شعاع والعبرة أثقلت صوتها : ياعممري. اللهم آمين الله ياجرها على صبرها ولا يفجعنا..

تنحنحت تشعر بأنها ستُغرق المكان بدموعها، لتقول بعد أن وقفت ما إن تجمعت في عينيها و لا أحد في بالها هذه اللحظة سوى عزام. : أنا طالعة للبنات.

.
.

كانت تقف خلف نافذتها المطله على ساحة المنزل الخلفية بأرضيتها المغطاه بالعشب الصناعي الأخضر.. تتكتف بتراخي وتنظر للجالسين على كراسي جلسة -الحوش- حيث لا يكشفهم أحد من الجيران..

غادة الابنة الكبرى لعبدالله و فاطمة.. والأخت الكبرى لكل من رهف و ريفال و أميرة.. أسرة صغيرة مترابطة قلبُ كل شخصٍ فيها على الآخر..
فقدَ والدها القدرة على المشي بعد أن تعرض لحادث مروري اليم قبل أكثر من خمس سنوات كاد أن يفقده حياته.. ترك عمله وبقى في المنزل لفترة قبل أن يعاود الحياة مجددًا بعد أن فتح مكتباً متواضعًا للاستشارات الهندسية حيث مجال اختصاصه..

مضى أسبوع منذ أن اقتحمت شقيقتها أميرة ذات الأعوام العشرة غرفتها أثناء صلاتها.. وانتبهت لها غادة في ركعتها الثانية وتوقعت أن تذهب ما إن رأتها تصلي لكنها بقت واقفة تستند بكوعها على مقبض الباب إلى أن انتهت..
لتسأل بعد أن سلمت مباشرة : وش عندك واقفة زي ابليس قدامي أشغلتيني ما عرفت كم ركعة صليت ولا وش قلت!
لوَت الصغيرة فمها بامتعاض : على قول أمي المؤمن مايشغل قلبه عن ربه شي لا تحطينها فيني أنتِ اللي تصلين بدون خشوع..
ثم أردفت بسرعة : خلصتي ولا باقي؟
وقفت تخلع شرشف صلاتها وتلف سجادتها بعد أن وضعته في منتصفها : خلصت.. وش عندك؟
أميرة : أمي طالبتك على وجه السرعة!! روحي لها الغرفة..

دخلت غرفة والدتها كما طلبت أميرة -على وجه السرعة- تسأل بقلق : تقول أمّور انك تبيني يمه!!
ابتسمت : تقبّل الله مريتك الغرفة لقيتك تصلين..
وقفت في منتصف المكان بحاجبين معقودين فلا تبدو والدتها غاضبة أو متعبة وكان هذا أول شيء تبادر لذهنها : منا ومنك.. وش السالفة؟؟

كانت تجلس على سريرها، تنظر لغادة وتربت على المساحة الفارغة أمامها : تعالي اقعدي أبيك بموضوع..
بتوتر : والله إني قايله فيه شي.. خير يمه؟
ثم استطردت بعد أن لاحظت : أبوي وينه؟
ابتسمت ابتسامة واسعة : أنا صرفتَه!
ضحكت رغمًا عنها : أفاا.. وش صاير ليكون متهاوشين وتبيني أصلح بينكم؟
لتقول بإصرار : تعالي أول يعني بقولك وأنتِ واقفة!
جلست أمامها تضع ساقها تحتها : وهذي قعده..
ثم أردفت بقلق : أبوي فيه شي؟

كشّت على وجهها : أعوذ بالله من فالك يالبومة.. تفاولي خير وجع.
ضحكت تمسك كفها قبل أن تبعده : والله مو بيدي يمه تعرفيني موسوسة خصوصًا بعد اللي صار لأبوي.. صرت أخاف عليكم من النسمة.
لتقول فاطمة بحنو : اتركي عنك الوسواس يا أم نسمة ما بيصير إلا المكتوب.
قبّلت غادة كفها تقول ممازحة : من الحين أقولك ترا سلَف ماعندي.
رفعت حاجبيها تضحك : مابغيت من فلوسك شي يالقعيطية.. الله يخلي عبدالله مو تاركني أحتاج أحد..
حركت حاجبيها بمرح : اللهم آمين.. عسى سنينك تبطي يا عبدالله.
ضربت ذراعها تقول متصنعةً الصرامة : اسمعي بس وش بقولك.. قبل أسبوع دقت علي وحدة معك بالجامعة اسمها سارة.
تسارع نبض قلبها حتى شعرت به سيكسر أضلعها.. احتدت أنفاسها بشكلٍ ملحوظ تسأل بتلعثم : دكتورة سارة؟
لتقول والدتها : ايه.. أخذت رقمي من نجوى ياحبي لها..
مررت لسانها على شفتيها.. تبعد بصرها عنها : ليه وش تبي؟

سكتت قليلاً قبل أن تقول بحاجب ارتفع بعدم تصديق : يعني ماتدرين؟
حكّت غادة أذنها ومن فرط ربكتها كادت أن تقتلعها من مكانها.. تضحك بارتباك : الله يهديك يمه وش بيدريني يعني؟ تراني ما أمون عليها واجد..
لتماطل فاطمة متعمدة وهي ترى اشتعال أعلى نحرها : يازين منطوقها ماشاءالله ..
غادة وابتسامة صادقة جمّلت وجهها : في ذي أنا أشهد.. هو زين منطوق ولا زين وجه ولا زين طبايع لا تكلمت ما ودك تسكت أبد بسم الله عليها..
ثم أردفت وابتسامتها تتلاشى تدريجيًا : بس غريبة يعني وش تبي داقة؟

التمعت عينَي والدتها وهي تتأملها بابتسامة صغيرة ،، تتمنى أن يتّم الموضوع هذه المره وترى ابنتها مستقرة في بيت زوجها فأيام العمر سريعة لا تنتظر أحد..
لكن غادة قطعت تأملها،، تقول بنفاذ صبر بعد أن طال الصمت : يمه تكفين وش هالنظرات؟؟ قولي اللي عندك أقسم بالله بطني قام يوجعني..
ضحكت ونبرتها أثقلت بالعبرة : دقت تبيك لولدها فهد..

بهَت وجهها و اتسعت حدقتاها مصدومة، تنظر لوالدتها وكأنها تتحدث بلغه غير لغتها.. وعلى الرغم من معرفتها بموضوع الخطبة مسبقًا إلا أنها تفاجأت لم تتوقع بأن تستمر سارة به حتى وإن كانت قالت بأن موضوع صرعها لم يغير شيئًا ولم يؤثر على قرارها..

رفرف قلبها عندما تابعت الأخرى : تقول عمره بآخر العشرينات، يوم حسبتها طلع أكبر منك بسنة وكم شهر وشغلته زينة بسم الله عليه.. مابغيت أقولك إلا بعد ما نسأل عنه أخاف أنه مايناسبك و أبوك ماترك أحد إلا وسأله..
سكتت لثانية ثم تابعت : سأل بمكان شغله وسأل جيرانه وماقصروا عيال الحلال الكل يمدح ويثني عليه وإمام مسجدهم قال له توكل على الله الولد مايترك فرض ولا يدّخن ولا قد سمعنا أنه طلع بشي بطّال من سكن بحارتنا هو وأهله.. وأنا سألت نجوى ومابقت كلمة زينة بحق سارة إلا وقالتها، وأهله الحمدلله صيتهم الطيّب يسبقهم ناس محترمة وتخاف الله وهذا أهم شي .

عبرَت ثواني صمت قبل أن تسأل فاطمة وهي ترى بهوت وجه ابنتها : وش رايك؟
غادة ببلاهه : وش رأيي في وش؟
لتجيب بتهكم : بإمام مسجدهم عسى جازلك؟..
ضحكت تميل عليها بدلالٍ يليق بها : يمه...
دفعتها بعيدًا عنها برفق : أنا أدري عنك! وش قلتي في فهد وش رايك موافقة عليه ولا لأ!

تلاشت ابتسامتها تمامًا وهي تنظر لوالدتها بقلق،، تضغط على أصابع يدها بكل قوة حتى كادت تكسرها.. ولاحظت فاطمة ذلك لتقول بهدوء وهي متأكدة مما يدور في عقل ابنتها هذه اللحظة..: فكري زين وردي لي خبر ما أبي أسمع ردك الحين عندك أسبوع..

ثم تابعت تربت على خدها بحنو، عل لمستها تمحي مخاوفها.. : فهد وأمه غير عن الباقي ياغادة.. المرَه دقت وهي تدري أكيد نجوى قالت لها وتقول الولد يبيها ويبي القرب منها.
زفرت بقلق وحيرة : ما أدري يمه! أنتِ وش رايك؟
ابتسمت : والله أنا ما جيت أقولك إلا لأني موافقة..
ابتلعت ريقها : وأبوي وش قال؟
اتسعت ابتسامتها أكثر : أبوك قال الرأي لغادة والقرار قرار غادة ولو ماكان راضي بفهد كان مارجع يفتح معي الموضوع.. أنا استخرت وهو استخار وباقي أنتِ والله يكتب مافيه خير لك.. الولد ولد ناس ومحترم ويخاف ربه وش نبي زود؟ والقرار بالأول والأخير يرجع لك وفي النهاية الزواج قسمة ونصيب.. الله يجعل الخير نصيبك من الدنيا والآخرة يابنتي .


عادت لغرفتها بخطى سريعة لا تتماشى مع ارتعاش أطرافها.. تغلق بابها وتستند عليه تنظر للفراغ بسكون قبل أن تتشكل ابتسامة خجولة على وجهها،، سرعان ما تحولت لضحكة شعرت بها تخرج من أعماق قلبها..
مرتفعة..
حلوة..
ومليئة بالأمل والراحة.. وهي لا تشعر إلا بالمساحات الخضراء تلون قلبها..

تقدّم لها قبل فهد ثلاثة في مراحل متفرقه من عمرها.. الأول عندما تخرجت من الثانوية مباشرة،، لكن والدته تعذّرت فورًا ما إن عرفت بأنها تعاني من الصرع تقول بتلعثم قبل أن تنهي الاتصال وتختفي "ياعمري عمرها الله يكتب أجرها ويعوضها خير.. اعذريني والله ماكنت أدري..." والمغزى مما قالت كان واضحًا لا تحتاج والدتها بأن تسمعه كي تعرفه..
تحطمت قليلاً لكنها في النهاية رددت : أصلًا توني صغيرة على الزواج والمسؤولية أبي أكمل دراستي أول..

تقدم الثاني عندما دخلت عامها الثالث و العشرون.. انتهت من دراستها الجامعية بمعدل مرتفع واستلمت وثيقتها وكانت أنثى واثقة من نفسها وجدًا.. ترى أنها مكتملة وهي ترى نظرة الفخر والاعتزاز بعيني والديها إلى أن أتاها رد والدته " الله يرزقها بالأخير منه بس الله ما كتب يتم النصيب بينهم"..
كابرت تواسي نفسها : ماعليه حسوفه يمه هذا واحد ما معه إلا ثانوي وأنا إنسانة عندي طموح و بكمل ماستر .. أبي واحد يوازيني مو أقل مني.

حصل الاتصالين أمامها.. ترى تشكّل البريق في عيني والدتها ثم انطفاؤه في أقل من ثانية.. تتمنّع الأولى عن اخبارها بالتفاصيل لكن غادة تصر حتى تعرف..

أما الثالث كان اتصال والدته بعيدًا عن مسمعها.. طبيباً تأملت به غادة خيراً لكن ماحصل كان ذا وقعٍ أشد تأثيرًا عليها من غيره.. فمن سبقنها كنّ يقطعن الأمل ويعطين الرفض في نفس المكالمة.. على عكسها " الله يكتب اللي فيه الخير أنتظر منك اتصال يا أم غادة والله يسمعنا الأخبار الزينة"..
تتذكر تلك الفترة من عمرها جيدًا.. رغم أنها قصيرة لا تتجاوز الأيام إلا أن أثرها كان عميقًا.. لا يمكن أن تنسى نظرة السعادة في عيني والدتها عندما أخبرتها به : الولد دكتور.. وأمه تنتظر ردك.
لتقول ببرود : وأمه درت إني تعبانة وكملت الاتصال عادي؟ غريبة..
لتحتد نبرة والدتها بعتب : غادة!!!

وليتها في تلك المكالمة تلككت بأي عذرٍ واهي ولم تُضع وقت غادة سدى بالتفكير.. لأنها اتصلت بعد أيام من خطبتها وليتها لم تفعل.. لو كانت اختفت لكان أفضل مئة مرة مما قالت "والله إني منحرجة منكم و يعلم الله إني أبي الموضوع يتم.. بس الظاهر ما الله رايد يجمعهم ولدي جاه عقد عمل خارجي ومايبي يستعجل بموضوع الارتباط.."..
لتقول غادة هذة المره بيقين تام فهي تعلم أنه لم يكن عقدًا ولم يكن خارجيًا بل كان رفضًا غلفته والدته بعذرٍ لطيف : وش لي بالزواج و وجع الرأس و رجّال غثيث يوقف لي بالطالعة والنازلة يمه! اقعد في بيت أبوي أداريك وأداريه ازين لي..

عالجت موضوع الرفض هذا وتأقلمت معه.. وفي كل مره تشعر بأنها ستخضع لضيقها منه.. تفكّر بنفسها وأهلها ومستقبلها فهي تسعى لأن تكون امرأة ناجحة لا تحتاج لرجل يثبط من عزيمتها كي لا تكون أفضل منه.. أو في أنها لن تجد رجلًا متفهمًا عطوفًا وحنونًا كوالدها.. أو أنها لن تكون بهذه السعادة وراحة البال إن فارقت أحضان أمها و أبيها..
وغيرها من المبررات التي تنجح قليلاً في تسكين إحساسها بالنقص في تلك اللحظة.. فلا توجد فتاة لا تريد الارتباط وتكوين أسرة.. غادة تريد أن تكون أمًّا لعدد من الأبناء.. وتريد شريكًا تميل عليه ويميل عليها في نهاية اليوم.. تتشارك معه أفراحها وأحزانها.. تشكي له ويشكي لها فهي إلى الآن تخشى الشكوى لوالدتها كي لا تُحزنها.. أو أن تظهر الضيق أمام والدها كي لا يقلق عليها..

تحلم بأن ترتدي فستان زفافٍ أبيض.. تمشي على الممر الطويل ونظرات الجميع مسلطة عليها تذكر الله بإعجاب .. كانت أحلامًا ورديّه تشكلت في سنوات عمرها الندية لكنها تلاشت في النهاية عندما استفاقت على واقع أن الارتباط لمن تعاني مثلها غير يسير.. كان ذلك حتى جلست أمامها سارة في حديقة الجامعة.. تمد لها كوبًا من القهوة و تسرح قليلاً دون أن تكترث بالهواء الذي بعثر خصل شعرها..
.

دفعت بجسدها بعيدًا عن الباب ومن خفة روحها تشعر وكأنها تطير.. تحرر شعرها من ربطته قبل أن ترتمي على سريرها بثقلها كاملاً ليتناثر كالورد حولها.. سكنت الضحكات ولكن مازالت الابتسامة واسعةً عريضة وحالمة، تنم عن سعادة وأمل.. تنظر للسقف وهي تحاول أن تسترجع صورة فهد التي رأتها في هاتف والدته لكن دون فائدة. لا شيء يظهر لها سوى التيشيرت أصفر اللون.. ثم صوت والدته تصفه بأعذب الأوصاف "طيّب وحبيب وقلبه قلب طير"..
.


عادت للواقع وابتسمت ما إن التقطت عينيها ضحكة والدها التي سمعتها رغم النافذة التي تحول بينها وبينهم.. ثم حركة أميرة أصغر شقيقاتها وهي تشاكس الأكبر منها ريفال.. تجلس في حضنه وتلف يديها حول عنقه تحتضنه بقوة حتى شكت غادة بأن رأس والدها سيصبح بين يديها .
أخذت نفسًا عميقًا شعرت به يضع قلبًا آخر داخل قلبها.. تبتعد عن النافذة وتنزل لهم بخطى مسرعة وابتسامة واسعة..


وصلت حيث يجلسون لتجد أميرة لازالت تستقر على أقدام والدها لتعلق : أميرة قومي أشوف كسرتي رجلين أبوي .
ليعلق مبتسمًا وهو يتابعها بعينيه : خليها أميرة أبوها، منيب حاس بشي..
أميرة بامتعاض : وليه إن شاءالله بكسرها؟ من ثقلي!!
جلست على الكرسي المجاور لوالدتها على تعليق والدها الذي لف ذراعه حول خصر ابنته : لا بسم الله عليك مافيه أخف منك..
لتعلق ريفال المغتاضه وكأنها لم تصدق أن تأتيها الفرصة : بسم الله عليك أنت يبه،، أميرة أثقل مني..
غطى فم الصغيرة بكفه لأنه يعلم إن تكلمت لن تسكت : اذكري الله على أختك يا بنت لا يجيها شي..

مضت نصف ساعة منذ أن جلست.. ضاع نصفها وهي تحاول أن تلتقط صورةً احترافية لجلستهم وقهوتهم تكتب تعليقًا عليها قبل أن تنزلها في أحد البرامج "قرب الحبايب عاافية"..

وما إن تقدمت بجسدها كي تسكب لها قهوة في فنجانها وتعود به للخلف، إلا وسحبتها والدتها ناحيتها.. لتقول غادة تمسك الفنجان بكلتا يديها وترفعه عاليًا كمحاولة بألا ينسكب : يمه بشويش بغيتي تحرقيني..
لتسأل بهمس : إن شاءالله إنك فكرتي؟ ترى زدت على الأسبوع ثلاث أيام قلت أخليك تاخذين راحتك بس أتوقع كذا كفاية..

ارتجف فنجان القهوة بين يديها وهي التي أخذت قرارها بدون تردد.. استخارت نعم لكن قبل استخارتها كانت مؤمنة في داخلها أن فهد كان الصبر الجميل بين حلمها وتحقيقه، وعطية الله لها وأنه بإذن الله الاختيار المناسب..

أراحت ظهرها على الكرسي خلفها.. ترتشف القليل من فنجانها على صوت والدتها يحثها على الإجابة : ها وش قلتي؟
لكنها قبل أن تجيب علقّت رهف بصوت مرتفع : قولي إنك وافقتي تكفين نبي عرس بالعايلة خلاص، فيه موديل خاطري أفصّل مثله من زمان..
اتسعت عينيها بصدمة : يمه كنت أظن الموضوع بيني وبينك ما دريت إن البيت كله يدري!!!
لتقول والدتها بذهول وعينيها لم تفارق وجه رهف ذات الابتسامة المستمتعة الواسعة : والله ماقلت لأحد .
وضعت رهف قدمًا على الأخرى ترفع رأسها باعتزاز : ماقالت لي ، أنا سمعتها ذاك اليوم ..
تغيرت نبرة والدتها بانفعال : كم مره قلت لك بطلِي ذا العادة الخايسة إلى متى وأنتِ تتنصتين؟
اعتدلت رهف بجلوسها بسرعة : ماتنصّت قسم بالله أنتم أصواتكم كانت عالية..
ثم نظرت ناحية أميرة التي لازالت مستكنةً على أقدام والدها الذي يتابع المشهد أمامه بصمت : حسبي الله على أميروه طلعت علي ذا السمعة..
كانت أميرة منسجمةً -بل في قمة الانسجام- في أكل قطعة كيك، لتقول بانفعال وفمٍ مليان بعد أن سمعت اسمها : وأنا وش دخلني؟؟ كل شي أميرة أميرة في هالبيت؟..
لكن هذه المره غادة قالت بحزم : إلا تتسمعين وذي مو أول مره شوفي شلون أذانيك غدت كبيرة من التلصّق بالبيبان..
رهف بعبرة : يبه شوفهم..
ابتسم أخيرًا : ماعليك منهم رهوفه هم اللي إن تكلمّوا يسمعهم اللي بأول الشارع من كثر ما أصواتهم عالية..
لتقول فاطمة : عبدالله!!!
في نفس الوقت الذي قالت فيه غادة : يبه!!!
رهف ولازال صوتها مخنوقًا بالعبرة تضع يديها على أذنيها : الحين صدق أذاني كبار؟
غادة بعناد : ايه، من كثر ماتتسمعين على خلق الله..
ضحك هذه المره ضحكة معاتبة : ياغادة اتركي أختك في حالها..
ثم تبدل العتب لشيءٍ آخر جعل قلب غادة يذوب من الرقة : وش قلتي بموضوع الخطبة؟

ريفال باستمتاع وهي ترى تغير ملامح وجهها لخجلٍ واضح بالإضاءة الخافتة : يبه ترى غادة من اليوم تصرّف ما تبي تقول..
ابتسم وهو يراها تتراخى في جلستها : قولي ياغادة لا تصرفين .
شدت شفتيها حتى كادت أن تختفي داخل فمها.. تبتلع ريقها قبل أن تقول تنظر لعيني والدها المبتسمة لها وكأنه لا يرى سواها : يبه أنت موافق عليه؟
لم تسمع سوى الضحكات المرتفعة ممن هم حولها.. لترمش أكثر من مره بعدم فهم على صوت رهف التي انتهزت الفرصة لتقول شامته : غبية والله غبية..
غادة باستنكار : وش اللي يضحك؟ ماقلت شي غلط!
عبدالله ولازالت الضحكة عالقة بصوته : أنا والله أشوفه ولد حلال ولا يعيبه شي يخاف الله ومن بيت سمعته ذهب بس الموافقة يابنتي عليك أنتِ.. هو طالبك ماطلبني..
ارتفعت ضحكة رهف بشكلٍ مبالغ به : والله العظيم غبية.

مدت شفتيها بزعل : يبه الله يسامحك قصدي كان واضح.. الحين بنتك ذي ما صدقت تلقى جنازة عشان تشبع فيها لطم وش يسكتها؟..
ثم تابعت دون أن تنظر لوجهه تتلهى بسكب فنجان قهوة آخر : عموما إذا أنت موافق خلاص أنا موافقة..

منعت ابتسامتها بصعوبة ما إن تعالت زغاريط والدتها تشاركها رهف بسعادة واضحة..
ثم بوالدتها تسحبها مجدداً من ذراعها تقبّل خدها : الله يوفقك يابنتي ويسعدك ويجمع بينكم بخير..

سُكب القليل من القهوة لكنها لم تشعر به وهي تضحك بعبرة على رهف التي لازالت تزغرط.. وريفال التي بدأت تطبّل على الطاولة بكلتا يديها تغني : الفين مبروك عليك يانظر عيني يا الله عسى فالك التوفيق في عمرك..
زغرطن ياحريم..
وعلى والدها الذي أمسك يدي أميرة يصفق بهما يحاول التماشي مع الأصوات الغير متناسقة..

.
.

في اليوم التالي..
في منزل سلمان بن ناصر حيث سارة كانت تجلس على الأريكة خلف أبنائها في الصالة العلوية..
خلف حاكم و فهد الجالسَين على السجادة في منتصف الصالة تتعالى صرخاتهم من وقتٍ لآخر تفاعلاً مع مايلعبان بالبلايستيشن..

في بادئ الأمر خرجت من غرفتها مسرعةً بخوف على صوت صراخ حاكم المرتفع.. لتجده يحتفل بالهدف الذي أدخله في مرمى فهد : حسبي على عدوك من ولد روعتني.. ليه ذا الصراخ كله يالتافه!!
ثم أردفت قبل أن تسحب سلك التوصيلة من الفيش : وبعدين أنا ماقلت مافيه لعب بالصالة؟ رجيتوا البيت بصراخكم..
هذه المره أتاها صوت حاكم معه فهد : يمه لااا..
لكنها تابعت دون أن تكترث بالملامح التي عبست، تقول بانفعال وهي ترى الأكياس المتناثرة حولهم : وبعدين وش ذا الفوضى يالوصخين؟ أطفال أنتم أطفال قم ضف قراطيسك أنت وياه أشوف ..

في النهاية استسلمت ورضخت ما إن قال حاكم " وإن طلعنا قلتي تعاملون البيت زي الفندق تجون تبدلون ثيابكم وتطلعون وهياته لآخر الليل ".. بل أنها جلست خلفهما تتابع وتشجع تَلهى قليلاً عن التفكير بموضوع أن أم غادة لم تتصل عليها بعد..
وعلى الرغم من أنها كانت ترى غادة يومياً في الجامعة، إلا أنها لم تستشف شيئًا من ملامح الشابة ذات العينين الواسعة.. لا خجل ينبئ عن موافقة.. ولا تصدد ينبئ عن رفض..
كانت كما كانت منذ أن عرفتها.. مشتعلة تملئ المكان بالحياة منذ أن تدخل وحتى تخرج..

رفعت هاتفها الملقى جانبها ما إن رنّ.. رفعته دون اكتراث لكن تبدل ذلك ما إن رأت اسم المتصل.. تجيب و تحاول التحكم بنبرة صوتها : ياهلا والله وسهلا.. هلا أم غادة..

وقفت بسرعة ما إن بدأ صراخ حاكم يتعالى على هجمة كانت ستكون هدفًا أسطوريًا.. في نفس اللحظة التي بدأت أم غادة تسألها عن أحوالها ولم تستطع سماعها بوضوح..

كان كل شيءٍ مربك لدرجة أنها مرّت من أمام حاكم تركل في طريقها علبة المشروب الغازي الموضوع أمامه -والحمدلله- أنها فارغة.. وتسحب سلك التوصيلة معها ما إن تعثرت به أقدامها ليصرخ الاثنان بانفعال ما إن أُطفئ كل شيء : يمممه..

.

عادت لهما تتمايل بخطاها، وكأنها شربت السعادة حتى ثملت بها..
وقفت بالقرب من التلفاز تضحك باستمتاع ما إن رأت تجهّم وجهيهما وتعليق حاكم العابس : داخل على الله ثم عليك ماتفصلينه.. ذي ثالث مره يمه بيحترق..
لتقول لازالت تضحك : منيب فاصلته.
ثم تتعدى مكان جلوسهما تمسح في طريقها على رأس فهد تبعثر شعره ، قبل أن تعاود الجلوس على أريكتها تقول بحماس : توقعوا مين اللي دق؟
حاكم ببرود واندماج مع مايلعب : أم غادة.
اتسعت عينيها بذهول : شلون دريت؟
ليجيب لازال على وضعه : الكل درى يمه بعد صرختك..
ثم أدار رأسه ناحيتها بعد أن أوقف اللعب : بشري وش تبي إن شاءالله فهد تأهل للتصفيات النهائية؟
لتقول بعقدة حاجبين ما إن استأنف فهد اللعب : ماشاءالله مهتم أكثر من صاحب الموضوع..
ضحك حاكم : صاحب الموضوع موليني أمره.. متثيقل ومسوي ماهمني لكنه من داخل ميت يبي يعرف.
لكن سارة قالت بصرامة : فهد وقف اللعب وطالعني..
حاكم : أخوي ترانا قاعدين نتكلم عنك.. تقدر تشاركنا بموضوعك تفضل لا تستحي.
ضحك الآخر باستياء وهو يشعر بنقرات سبابة حاكم كالمسمار على عضده، يوقف اللعب وينظر لهم بصمت..
عادت ابتسامة سارة تتسع ما إن أولاها اهتمامه : توقع وش قالت؟
حاول أن يجاريها ، فابتسم : وش قالت؟

سكتت قليلاً تستجمع أنفاسها وبعدها ضحكت بعبرة : تقول غادة موافقة ولا بتلقى أحسن من فهد.. مبروك حبيبي..
اتسعت ابتسامته وهو يرى عبرتها واضحةً جليةً في التماع عينيها .. ثم بيدي حاكم التي سحبته في حضنٍ جانبيٍ قويٍ أوجعه : مبروك فهيدان الف مبروك الله يتمم لك على خير..
لتتسارع نبضات قلبه دون أن يرُد على أي أحدٍ منهما.. لا يعلم هل هي سعادة أم خوف..

سارة بفرحة واضحة : وتخيل فهد ، تقول أمها إذا يبي يشوفها الله يحييه.. ماعندهم مانع..
ترك حاكم فهد.. بل دفعه بعيدًا عنه بغيض : طبعًا يمه ما عندهم مانع.. يا قلبي دخلنا القرن الواحد والعشرين شوي ونخلصه كل الناس ما عندهم مانع إلا حنا..
ضحكت سارة ليضحك فهد ويعلق هذه المره : يمه مايحتاج خلاص دامها أعجبتك يكفي..
تطايرت عيني الآخر بقهر : هذا اللي بتوطى في بطنه الحين..
تعالت ضحكته يغيضه : ليه ياخي خليني على راحتي..
حاكم بتهكم : أخليك على راحتك!!! آه يالقهر ناس تتمنى وناس تتهنى.. يالخبل فرصة جات لين عندك استغلها لا تسوي فيها عذراء في شرنقه، أدخل شوفها بتصير حرمتك ذي..

لازالت الضحكات تخرج من قلب سارة دون تحكم منها : نشوف ساعتها وش بيصير المهم أنت جهز نفسك بعد بكرة بنروح لهم..
ولم يدع دخول ريم، مجالاً لفهد الذي فتح فمه بصدمة أن يعبر عن صدمته من سرعة حدوث الأمر، لتقول ببرود : خير وش فيها أصواتكم طالعة؟

استوت ملامح حاكم وهو يرى شعرها المتطاير وملامح وجهها المنتفخة من النوم : هه خذ لك الميته وصلت.
سارة بابتسامة وهي ترى تجاهلها وتقدمها إلى أن إرتمت على الأريكة الأخرى : صح النوم حبيبتي.. الساعة قدها ثمان الليل كان كملتي للصبح ليه صحيتي؟
تثاءبت : هو أحد يعرف ينام مثل المسلمين في هالبيت؟ صراخكم واصلني وغرفتي في آخر الممر.. خير وش عندكم؟
سارة : باركي لفهد تمت أموره الحمدلله..
ابتسمت بكسل وخمول تضع وسادة الأريكة المربعة تحت رأسها وتنظر له : مبروك فهود. بس على وش؟
حاكم ضاحكًا : ورب الكعبة ميتة.
لتقول سارة بنبرة وضح فيها فقدان الأمل بشكلٍ جلّي : غادة وافقت وبعد بكرة بنروح يشوفها أخوك ونتفق على باقي الأمور.
تطايرت عينيها وطار معها باقي النوم لتعتدل جالسة بسرعة : أمانة!!! وأنا ويني ليه أنا دايم آخر من يعلم بهالبيت؟؟

.
.

.


 
 

 

عرض البوم صور وطن نورة ،،  
قديم 01-12-19, 09:54 PM   المشاركة رقم: 160
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
قارئة مميزة


البيانات
التسجيل: Nov 2010
العضوية: 203368
المشاركات: 938
الجنس أنثى
معدل التقييم: missliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييمmissliilam عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 1391

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
missliilam غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : وطن نورة ،، المنتدى : الروايات المغلقة
افتراضي رد: أَحلَامٌ تَأبَى أنْ ’ تَنْطفِئ ،، / بقلمي

 

احياناً تصير لو نزل الجزء في منتدى ثاني قبل وبعدين انعمل نسخ .. جربي تعملي له نسخ في الملاحظات ثم أعمل نسخ مرة جديدة من الملاحظات لليلاس وان شاء الله تضبط 🤚🏻✋🏻🤚🏻✋🏻🤚🏻✋🏻❤❤ أو أرسليه لواحدة مننا تنزله هي بس قبل ما تقراه 😂😂 جالك كلامي ياللي في بالي ❤❤😂😂

 
 

 

عرض البوم صور missliilam  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الروايات المغلقة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:44 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية