لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

قصص من وحي قلم الاعضاء قصص من وحي قلم الاعضاء


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (1) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
قديم 10-05-24, 04:45 AM   المشاركة رقم: 32
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
متدفقة العطاء


البيانات
التسجيل: Jun 2008
العضوية: 80576
المشاركات: 3,178
الجنس أنثى
معدل التقييم: فيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسيفيتامين سي عضو ماسي
نقاط التقييم: 7195

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
فيتامين سي غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : فيتامين سي المنتدى : قصص من وحي قلم الاعضاء
افتراضي رد: جنون المطر (الجزء الثاني) للكاتبة الرائعة / برد المشاعر

 




*
*
*


حينما وصلت باب غرفتها وقفت دون أن تفتحه ونظرت
ببعض التردد للباب القريب منها ومشاعر كثيرة وغريبة
تنتابها أولها الاستغراب وآخرها الحزن وهي تضع نفسها
مكانها تتخيل أن تواجه ظروف قاسية كالتي واجهتها تلك
الصغيرة وأن تكون متزوجة في هذا السن تعيش مع عائلة
لا تعلم أتصنفها كعائلة لها أم غرباء عنها ! بينما فقدت
عائلتها الحقيقية بين أحياء وأموات .

أفكار جعلتها تتخطى ترددها وخطواتها تتجه نحو باب الغرفة
الموصد والذي ما أن وصلته رفعت يدها وطرقت عليه دون أن
تترك نفسها فريسة للتردد مجدداً ، ولم تنتظر سماع صوتها
تسمح لها بالدخول بل أدارت المقبض مباشرة فبثينة قالت بأنها
تريد أن تنام وهي تشكك بصحة ذلك خاصة أنها أخبرتها بأنهما
تتناولان الغداء معاً دائماً !.

وهو ما حدث بالفعل وعيناها تقع من فورها على الجالسة على
طرف سريرها تمسك كتاباً مدرسياً بين يديها ، وما أن رفعت
رأسها ونظرت لها حتى عادت قدماها لخيانتها مجدداً وهي تنظر
للعينان الجميلة الحزينة ولا تعلم ذاك الذبول فيهما واحمرار
جفيهما الطفيف سببه شعورها بالنعاس أم أنها كانت تبكي !!
وتجاوزت كل ذلك أيضاً وهي تجد نفسها تقول مبتسمة

" هل مسموح لي بالدخول أم عليا المغادرة فوراً ؟ "

وأتاها الرد سريعاً من التي قالت متفاجئة

" بالتأكيد يمكنك الدخول "

لم تتردد أبداً وهي تغلق الباب وتوجهت نحوها قائلة بابتسامة
وهي تنظر للمكان حولها وكأنها تحاول التهرب من النظر لعينيها

" لديك غرفة جميلة ، وأنا في مثل عمرك كنت أحلم بها كثيراً "

قالت آخر كلماتها وهي تصل عندها وتفاجأت مجدداً بنظراتها
الحزينة التي كانت تتجنبها وها هي تخطئ مجدداً ودون قصد
منها ولا أن تعلم الأسباب !! ورغم ذلك ابتسمت مجدداً وهي
تجلس بجانبها وقالت تنظر لكتاب الرياضيات بين يديها

" ما هذا الذي تقرئينه ؟ "

قلبت حينها يمامة الورقة بحركة لا إرادية وقالت ونظرها عليها
بينما كان صوتها منخفضاً

" لدينا اختبار نهاية الأسبوع "

واستمرت تنظر للأرقام فيها وإن من دون تركيز بينما التصقت
نظرات كنانة بها ولم تفهم بما تصنف مشاعرها حينها ! لكنها
وجدت نفسها تقول ما كانت موقنة بأنها قد لا تتفوه به وما تراه
السبب الحقيقي لسلوكها الغريب نحوها بينما كان صوتها حنوناً
معتذراً

" جئت لأعتذر إن كنت أزعجت خلوتك ليلة البارحة لكني فعلاً لم
أكن أعلم أنك ... "


وتوقفت كلماتها ما أن قاطعتها وهي ترفع نظرها لها بينما حركت
رأسها بالنفي قائلة

" لا أنا لست غاضبة منك "

ابتسمت حينها وشعرت بأن المسافة بينهما تقلصت كثيراً في
لحظة وإن كان الواقع يقول غير ذلك ، ورغم كل ذلك قالت تحاول
التقدم خطوة أوسع نحوها قائلة

" أنا ليس لديّا شقيقات أبداً وتمنيت هذا دائماً ، أيمكننا أن
نكون شقيقتان ؟ "


لا تنكر بأنها انتظرت بأنفاس مقطوعة بل شبه متوقفة ردها أو رد
فعلها تشعر وكأنها تتعامل مع شيء شديد الحساسية كمنديل مبتل
بين يديك تخشى أن يتمزق بينهما في أي لحظة ولازالت تعزي كل
تصرفاتها وانطوائها وانزوائها عنها بظروف حياتها وما مرت به
، ولا تنكر أيضاً بأنها سمعت الهواء يخرج من صدرها حين
ابتسمت الشفاه الجميلة أخيراً وإن كانت ابتسامة متكلفة بعض
الشيء ، وإن كانت أيضاً لم تشملها حين قالت

" وأنا ليس لديا شقيقات ولا أم لكن الآن أصبح لديا والدتي
وبثينة "

لم تستطع كنانة التحكم في ضحكة صغيرة خرجت منها حينها وإن
كانت محرجة وقالت

" هذا يعني أنّ طلبي مرفوض ؟ "

وكما توقعت سرعان ما حركت يمامة رأسها وقالت معتذرة

" لا بالتأكيد أنا آسفة لم أقصد ذلك "

ابتسمت لها بحب حينها وباتت ترسم صورة مختلفة لها في عقلها
فهي تبدو مختلفة كثيراً عن بثينة وعن أي فتاة في مثل عمرها
فهي أصغر من سنها بكثير ! اتسعت ابتسامتها وهي تقول

" شقيقتان إذاً ؟ "

حركت يمامة رأسها سريعاً مبتسمة ابتسامة صادقة جعلت قلب
كنانة يبتهج وظهر ذاك واضحاً على ملامحها ومدت يدها للكتاب
قائلة

" إذاً دعيني أساعدك في هذا فأنا كنت أحب الرياضيات طيلة
سنوات دراستي "

*
*
*
دخل المنعطف الثالث ونظر لمرآة السيارة الجانبية ولازالت
السيارة السوداء ذاتها تتبعه فأدار المقود بحركة غاضبة هامساً
من بين أسنانه

" توقعت هذا منك ضرار السلطان "

وما كان له أن يتوقع غير ذلك بعد أن علم بأنه أخرجها من القصر
بل وبعد اتصاله الذي تعمد أن لا يجيب عليه فبالتأكيد سيرسل من
يتتبعه ليصل لمكانها ثم يأخذها ورغماً عنه وإن أوسعوه ضرباً ،
وهذا ما لن يسمح به أبداً ومهما كلفه هذا فلن يوافق على
إعادتها للقصر ولا للمصح النفسي وعلى جده أن يشرح له أولاً
سبب العداء بينه وبين مطر شاهين ولما يتهمه في كل ما يصيب
حفيداه التؤام ! ثم يتناقشا معاً في مصيرها الذي لن يكون المصح
وإن سعى لإخراجها من البلاد ودخل السجن بسبب ذلك .

إنعطف بسيارته ما أن أخفته شاحنة كبيرة عن مطارديه وركنها
ونزل منها بحركة سريعة وأوقف سيارة أجرى وركبها سريعاً ،
وما أن انطلقت به أدار رأسه ونظر للخلف حيث السيارة السوداء
التي دخلت الشارع وتوقفت على مقربة من سيارته المركونة
جانباً وابتسم بسخرية متمتماً

" انتظروني هنا حتى تتعبوا فلن أخرج لكم "


وما أن نظر أمامه أخرج هاتفه واتصل بالذي أجاب فوراً فقال

" أنا وقاص لن أزور الشقة في وقت قريب فلا تتركا الموجودة
في الداخل تغادرها ولأي سبب كان وسأرسل الطعام لكما ولها
وأي شيء تطلبه أبلغوني أولاً وأنا أتصرف لا تتحركا من هناك
مفهوم ؟ "

وصله الصوت الرجولي الواثق سريعاً

" حسناً سيدي "

أومأ برأسه فهو سبق وعرفهما واختبرهما بنفسه ورغم ذلك قال
بحزم يرفع سبابته وكأنه يقف أمامه

" سأكرر مجدداً لا تخرج ولا أحد يدخل لها ومهما كان وكانت
صفته وقال لكما ، ولتعلما جيداً لن تكون عقوبتكما هينة إن
غادرت أو مسها أي سوء "


وصله صوته سريعاً

" كن مطمئناً "

قال وهو يبعد الهاتف عن أذنه

" أنا أعتمد عليكما وأبلغاني بأي شيء مريب يحدث "

وأنهى الاتصال معه ونظر للهاتف في يده قبل أن يخرج الشريحة
منه لأنه خاضع لنظام مراقبة شركة جده وفتح النافذة ورماه
منها متمتماً

" لن تصل لها أبداً جدي أعذرني فسلامتها أهم منك
ومن الجميع "

*
*
*


ما أن توقفت حافلتهم وكانت أولى الحافلات وصولاً نزلت منها
بقفزة واحدة كطفلة صغيرة تغادر باص المدرسة وابتسمت
مغمضة العينين تستنشق رائحة أشجار الصنوبر العالية تستمع
لأصوات الطيور المتفرقة فها قد وصلوا أخيراً وإن بعد منتصف
النهار حيث المكان الذي كان مخيماً لآلاف اللاجئين قبل وقت
قريب وتحوّل لمحمية حالياً أو هو في طور التحول بمعنى أدق
ولذلك يتم تنظيم الرحلات الخاصة بمنظمات الإغاثة للمساعدة في
إنقاذ وتحديد أنواع الحيوانات التي ينبغي أن تتواجد فيها ، وقد
تم اختار هذه الجهة لهم لتمشيطها والتأكد من سلامة الحيوانات
الموجودة فيها وأنواعها وأعدادها ، ولأن مكوثهم هنا لن يتجاوز
اليومان فالرقعة التي سيقومون بتمشيطها لن تكون كبيرة كثيراً
كما أنّ عددهم وتقسيمهم لمجموعات سيساعد في إتمام عملهم
في الوقت المحدد ، ولأنها الرحلة الأولى لهم خارجياً ولأدغال
كبيرة تحديداً كانت رحلة الأحلام بالنسبة لهم .

توجهوا جميعهم نحو المشرف على مجموعتهم والذي قال فور
تحلقهم حوله

" سننطلق معاً الآن ثم سنفترق على ثلاث مجموعات كل
مجموعة لديها جهاز تحديد موقع من أجل الطوارئ والاجتماع
ليلاً في موقعنا هذا للتخييم ، ومسدس تخدير من أجل الحيوانات
المفترسة التي عليكم إصابتها على الفور إن كانت لا تحمل بطاقة
مكتوب عليها رقمها ، وعليكم وضع واحدة لها وتسجيل كافة
المعلومات عنها في الدفتر المخصص لكم أما الحيوانات الأليفة
فسيكون مهمة التحقق من تدوينها أكثر سهولة ، ولأن الوقت
قارب المغيب ستكون رحلة تدريبية تقريباً اليوم وقصيرة أيضاً "


قال الشاب النحيل ذو الشعر المجعد يضيق عينيه من تحت نظارته
الطبية الكبيرة

" لا أعتقد بأنه يمكننا اللحاق بأرنب ما لجحره ! "

ضحكوا جميعهم وقال المشرف

" لا ضرورة لتعقب الأرانب ليست هدفنا وعليكم الاطلاع على
القوائم لديكم لمعرفة هدفكم المحدد "


وأشار بيده للشاب الذي بدأ بتوزيع الأوراق عليهم وقد انشغل
الجميع بالنظر لها وتعالت التعليقات المتفرقة وكان إحداها لكاتي
التي قالت مبتسمة

" مكتوب حمار وحشي هنا "

ورفعت نظرها لساندرين التي كانت منشغلة مع ورقتها وتابعت
بسعادة تحضن ورقتها

" أيمكنك تخيل شعوري لو رأيت واحداً "


تمتمت ساندرين ببرود دون أن ترفع نظرها لها

" وكأنك لم تريه سابقاً في حديقة الحيوان "

ضحكت كاتي وقالت

" لكن ليس مخدراً وعن قرب "

حدقت فيها بضيق حينها وقالت

" يا إلهي عليهم أن لا يختاروك قائداً لأحد الفرق "

" ساندي أنتِ ستكونين كذلك "

اتسعت عيناها وهي تنظر للمشرف ما أن قال ذلك مبتسماً وقالت
سريعاً وبرفض قاطع

" لا رجاءً أستاذ ﺭﻭﺑﺮﺕ أنا أريد التمتع لا أن أصرخ عليهم
طوال الوقت "

ضحكوا جميعهم وقال أحد الشبان

" حسناً أنا يمكنني قيادة المجموعة "

نظرت له مبتسمة وقالت

" أجل الرجال أفضل لهذه المهمة "

قال ضاحكاً

" يالك من رجعية "

وانتبه الجميع للمشرف الذي بدأ بسرد أسماء كل مجموعة وما
أن انتهى نظرت كاتي لساندرين وقالت محبطة

" يا إلهي نحن لسنا معاً "


مدت شفتيها بعبوس ولا تفهم لما وهم يعلمون بأنهما صديقتان !
نظرت للمشرف وقالت

" أيمكننا أن نحدث تغييراً "

أشار بالأوراق في يده لشخص معين وقال بابتسامة جانبية

" قائد مجموعتكم يقرر "

عبست ملامحها ونظرت للشاب الطويل ذو الشعر الأشقر الناعم
والذي كما توقعت حرك رأسه بالرفض مغمض عينيه يرفع
حاجبيه عالياً وفي صمت فتمتمت حانقة

" ياله من انتقام مخزي "

فتح عينيه وابتسم قائلاً بلا مبالاة لإهانتها

" لا بأس في هذا "

كشرت في وجهه وانتقل نظرها كما الجميع حيث توقفت حينها
الحافلتين الأخريين وقالت كاتي تكزها بمرفقها وبكلمات
هامسة ذاهلة

" ساندي هذا زوجك هنا !! "

تحركت مقلتاها الزرقاء سريعاً نحو باب الحافلة الأخرى والنازل
منه وهو يرفع النظارة الشمسية عن عينيه ويثبتها في شعره
فشعرت بالأرض تشتعل تحت قدميها ، وما زاد الأمر سوءاً أنه ما
أن وقع نظره عليها غمزها بعينه مبتسماً بل وتوجه نحوهم يدس
يديه في جيبي بنطلونه الجينز ، وما أن وصل لهم قال مبتسماً
ينقل نظره بينهم

" مرحباً يا رفاق "

تداخلت عبارات الترحيب به بينما قال مشرفهم مبتسماً

" جيد أنك وافقت على فكرة الانضمام لنا "

حرك كتفيه وقال مبتسماً

" لم يكن هذا مخططي لكن منظمون الرحلة أصروا كثيراً وأنا
خجلت من الرفض المستمر "

وقال آخر كلماته وهو ينظر للتي كانت تكاد تتحول عيناها
لرصاص قاتل وتنطلق نحوه ، وكان في جعبتها المزيد لولا أن
أوقظها صوت التي همست بقربها

" ساندي الجميع يسمع ويرى نظراتك أيضاً فاصمتي رجاءً "


فلاذت بالصمت بينما أشاحت بوجهها للجانب الآخر بحركة قوية
غاضبة وقال المشرف

" حسناً ستفترق المجموعات الآن وكما أخبرتكم موعدنا هنا وقت
المساء فلا يفترق أحد منكم عن قائده اتفقنا ؟ "


صرخ الجميع متحمساً بالموافقة عدا ساندرين التي عادت نظراتها
الحانقة لإحراق الذي تحرك مع مجموعتها دون أن ينظر نحوها
ولا أن يهتم ومزاجه الذي عبّرت عنه الابتسامة التي لم تفارق
شفتيه هو ما كان يزيد وضعها سوءاً وهي ترى الاستمتاع الذي
كانت تحلم به وتنتظره في هذه الرحلة يُسلب منها ويعطى لذات
الشخص الذي سرقه وهو ما جعلها تسير مبتعدة عنه تتعمد
النظر جانباً حيث جدوع الأشجار العالية المتراصة دون أن تشارك
في أيٍّ من الأحاديث التي كانت لا تتوقف حولها لأنها تعلم جيداً
إن فتحت فمها ماذا ستقول ولمن تحديداً لذلك ابتلاع لسانها هو
السلام للجميع وإن كانت تشعر فعلياً بجمرة تتقد في حلقها .

*
*
*

نظر لاسمه على شاشة هاتفه ولا يفهم سبب التوتر الذي شعر به
حينها فالأمر مجرد كذبة صغيرة ستكون في صالح الجميع قبله
لكن لأنه لا يمكنه التكهن بردود فعل جبران الجديد عنهم تماماً
يصعب عليه منع هذا التوتر والتردد ألا شعوري ! وتذكر كلمات
قاسم في مكالمته الأولى بينهما وهو من لم يلتقيه سابقاً ولا يعرفه
سوى كقريب لغسق وزوج لابنتها يوضح له بأن الأمر مجرد
إلهاء لمتمردي صنوان لبعض الوقت لأن بطبيعة الحال سيصرف
جبران كل تركيزه على التحقق من الأمر وإيجادها .

اشتدت قبضته في حجره وهو يتذكر اتصاله ليلة البارحة وبعد كل
هذا الانقطاع عنهم وكيف كان يصرخ ويزمجر دون حتى أن
يترك له مجالاً ليتحدث يعيد ويكرر العبارات ذاتها يسب مطر
شاهين تارة ويسبه هو ورعد تارة أخرى والموضع ذاته هو
قضية الطلاق والثأر حتى أن سبابه ولعانه وصل لقاضي الجلسة
لأنه خان صداقته بوالدهم والمركز الذي وضعه فيه وهو يرفض
قضية الطلاق كما يزعم .

تنهد بعمق واتخذ قراره النهائي الذي سيكون في صالح الجميع
وحتى غسق نفسها لأنه بالتأكيد سيسعى الآن للوصول لها ، وبعد
رنين دام لثواني فقط انفتح الخط ووصله صوته البارد الجاف

" ماذا تريد ؟ "

اشتدت أصابعه على الهاتف فيها وانتابه الشعور ذاته كلما سمع
صوته بعد قراره الأخير بتركهم حين رفض والدهم تزويجه بغسق
وقطعت هي الأمل أمامه أيضاً وكانت مشادة كلامية شهدوها
جميعهم اتهمها فيها بأنها أضعف من أن تتخلص من رجل هجرها
وتركها خلفه بعد أن أخذ ابنتها منها ، بل واتهم والده أيضاً بأنه
جبان قيّدته شروط وضعها رجل مختفي من أكثر من عشرة أعوام
ولم يكن يعلم أحد بأنه كان يرفضه وغيره لأنها لازالت زوجة
لذلك الرجل ! فكانت النتيجة أن طرده والدهم وأن قرر هو تركهم
وللأبد ولم يروه بعدها ولا يوم موته ولا بعد كل ما حدث معه هو
شقيقه بالرغم من أنه يقود أولئك المتمردين تحت شعار الانتقام
لمقتل شراع صنوان والمتهم بالطبع هو مطر شاهين ، سحب
نفساً عميقاً لصدره وقال وهو يزفره

" هل ذهبت غسق لك ؟ "

وصله صوته المصدوم صارخاً

" ماذا !! "

كان يتوقع هذا منه ، ومن صوت الكرسي الذي سمعه يُسحب على
الأرض ثم يقع علم بأن الأمر فاجأه فوق توقعاته لذلك قال يعيد
مجدداً

" قلت هل هي موجودة لديك يا جبران ؟ تحدث ولا توقع نفسك
في مشكلة مع مطر شاهين لأنه متجه هناك أيضاً "

كان يحاول فعلياً إقناع نفسه قبله بما يقول ليجيد الدور الذي هو
مجبر على تأديته وهو يلقي عليه الأكذوبة تلو الأخرى يخشى
من أن يزل ويفسد الأمر ، لكن يبدو بأنه نجح بالفعل فقد صرخ
من فوره

" ما هذا الذي تتحدث عنه !! هل جننت ؟ "

قال سريعاً أيضاً كي لا يشك بالأمر

" غسق مختفية منذ فجر اليوم ومن رأوها قالوا بأنها اتجهت
نحو مدنكم هناك فلا تدعي بأنه لا علم لك بالأمر "

سمع كلماته كالفحيح وهو يهمس من بين أسنانه

" لم أكن أعلم بالأمر لكن سيكون "

اشتدت أصابعه على الهاتف أكثر وقال بغضب وكأنه يعيش الأمر
حقيقة

" جبران توقف عن الجنون ، أخبرتك بأن زوجها متجه إلى هناك
والإعلام بأكمله يتحدث عن وجهته لكن لا أحد يعلم عن السبب "
نظر لهاتفه ما أن أغلق الخط في وجهه وتمتم بضيق

" مجنون ولن تتغير أبداً وحتى عدوك يعلم عن نقاط ضعفك
وكيفية محاصرتك "


وما أن سمع حركة ما خلفه أدار كرسيه الكهربائي ووجد نفسه
مواجهاً لعمته التي لم يشعر بها وهي تدخل الغرفة ولا يعلم ما
سمعت من حديثه ، وأتاه الجواب سريعاً وما أن قالت باستغراب

" هذا جبران ؟ ما هذا الذي كنتما تتحدثان عنه ؟! "

تمتم ببرود وهو يبعد نظره عنها

" لا شيء "

قالت سريعاً وبضيق

" كيف لا شيء وأنت تخبره عن ذهاب مطر شاهين لهم وتقول
زوجها !! هل غسق في الموضوع ؟! أليست مع رعد أم أنكم
تكذبون علينا فقط ؟ "


تمتم بهمس حانق وهو يعود بكرسيه نحو الوراء ونظره أيضاً

" سألتك الصبر يا الله "

قالت سريعاً وبضيق تحاول النظر لوجهه

" ماذا تقول فلست أسمعك ؟ "

نظر لها وقال بضيق مماثل

" قلت لا شيء عمتي وإن اتصل بك جبران وسألك قولي فقط لا
أعلم ولا تتحدثي عن رعد مطلقاً "

حدقت فيه باستغراب وقالت

" ولما ؟ "

قال من فوره
" من أجل سلامته وسلامة الجميع عمتي رجاءً لا تناقشي أكثر "

غادرت متمتمه بحنق "

صبراً جميلاً وبالله المستعان "

وما أن غادرت الغرفة أخرجت هاتفها وجربت الاتصال برعد
ولازال هاتفه مقفلا فتأففت وتوجهت نحو ممر غرفتها متمتمه
بحزن عميق

" رحمة الله عليك يا شراع ، لو تعلم فقط ما حدث بعدك "

*
*
*

*
قلبت ورقة أخرى من الكتاب تنظر للأسطر الانجليزية المتراصة
تحت ضوء الخيمة الضعيف نسبياً والجالسة قريباً منها تراقبها
بملل ولا تفهم أهي منسجمة فعلاً فيما تقرأه أم تدعي ذلك فقط !
لكن ما تفهمه جيداً بأنها يبدو لن تغادر خيمتهما الليلة ولن تفعلها
أبداً فترة مكوثهم هنا !.

تنهدت بضيق وامتدت يدها وأبعدت طرف الخيمة تنظر لسبب
الأصوات الصارخة بحماس فجأة تحاول أن تفهم ما يجري حتى
نظرت نحو ساندرين التي أبعدت وجهها عن كتابها أخيراً وقد
قالت وإن ببرود قاتل

" ما بهم يصيحون كالبغال ! "

قالت كاتي ببرود مماثل وهي تبعد يدها

" لن يعجبك معرفة السبب على ما يبدو "

وتابعت تواجه نظراتها المستغربة

" يبدو أنه تم تمديد فترة بقائنا هنا "

رمت ساندرين الكتاب من يدها صارخة

" ماذا ! "

وكان هذا المتوقع منها فحركت كاتي كتفيها قائلة بقلة حيلة
لمواجهتها بالحقيقة

" سمعت أخباراً متفرقة اليوم عن أن الجمعية المسؤولة عن
المحمية قد أعجبهم ما قام به أفراد منظمتنا خلال هذا اليوم وبأننا
الأكثر تنظيماً وإتقاناً بين البقية لهذا يبدو قد تم تسليم مناطق
جديدة لنا لتمشيطها ويبدو أنّ الأخطر منها في انتظارنا "


صرخت ساندرين بغضب رافض

" هذا يعني بأننا لن نرجع لإنجلترا في الغد ؟! "


وهو ما جعل صديقتها تلك تلتصق بطرف الخيمة الصغيرة خلفها
وقالت تحاول أن تبتسم لتخفف من غضبها

" ظننت أن خبراً كهذا سيسعدك فجميعنا كنّا نرى بأنها فترة
قصيرة جداً ! "


رمت يدها قائلة بضيق

" كان هذا قبل أن يصبح ذاك الدبور فيها مع شقراواته "

لم تعجب كلماتها تلك التي قالت بضيق هذه المرة تهاجمها

" أرى أنك من يسلمه لهن طواعية ، ثم هو .. "

وتوقفت كلماتها ما أن صرخت بها

" اصمتِ الآن لا أريد أن أعلم عنه شيئاً "


وأشارت بسبابتها نحو باب الخيمة متابعة

" وغادري أريد أن أنام "


وهو ما جعل الجالسة هناك تشتعل وقالت بضيق

" كل ما تفعلينه لا يوصف سوى بأمر واحد سندي "

وسحبت نفساً عميقاً لصدرها تشجع نفسها وهي تتابع بكلمات
قوية ومتشهدة على نفسها

" أنك تغارين عليه "

وصرخت وهي تفر ضاحكة بسبب الكتاب الضخم الذي طار نحوها
، وهدأ ركضها كما ضحكاتها ما أن أصبحت في الخارج ووجدت
أمامها الذي حركت كتفيها بقلة حيلة وهي تقول له

" لم ينجح الأمر فمزاجها لا يتقبل حتى وجودي أنا بجانبها وزد
عليه خبر تمديد فترة بقائنا هنا "


ابتسم بإمتنان وإن لم تصل تلك الابتسامة لعينيه وقال

" حسناً شكراً لك كاتي "

وغادر وتركها فهو من طلب منها هذا في كلمات مختصرة فقط
وهي حاولت وباءت محاولتها بالفشل للأسف ، راقبته وهو يبتعد
قبل أن تنظر نحو خيمتهما وتمتمت بعبوس

" حمقاء فليتزوج بي واحد مثله فقط سألتصق به طوال الوقت "

وغادرت في الاتجاه الآخر مغمغمه بسخرية

" يبدو هذا سبب فشلك عاطفياً كاتي الغبية "
*
*
*
فتحت الدرج وأخرجت منه الصندوق الذي تحتفظ فيه بأشيائها
التي لم تفارقها منذ أعوام طويلة ولم تستطع التخلص منها رغم
بشاعة الذكريات التي كانت تربطها ببعضها لأنها دربت نفسها
طويلاً على مواجهة كل تلك الذكريات والآلام لتستطيع التسامح
مع نفسها ومع ذكرى كل من آذوها ومهما كانت أسبابهم ونوع
الأذى الذي تسببوا لها به ، وبهذا كانت تشعر بالسلام الروحي
دائماً فجميعهم تقريباً غابوا وللأبد ولا جدوى من كرههم والحقد
عليهم ، ولهذا هي تبحث عن والدتها ومستعدة لمسامحتها
والبدء من جديد من أجل مستقبل تكونان معاً فيه لا مكان فيه لكل
آلام وقسوة الماضي مهما كانت الأسباب والمتسبب بها ، فهي
كانت تراها دائماً السبب في مقتل زوجها الذي يكون والدها
وبسبب كرهها ذاك لها ولواقعها كطفلة زُهرية أرادت دائماً
التخلص منها لأنها رأت بأنها السبب في جميع آلامها ومشاكلها
التي تلت موت ذاك الزوج .

لمعت عيناها بحزن ويدها تمتد لقطعة الجلد دائرية الشكل
الموصول طرفيها بخيط من الجلد أيضاً وأمسكتها بين أصابعها
وابتسامة حزينة ترتسم على شفتيها تناقض الألم في عينيها
الشاردة في تفاصيلها فهذه القطعة الصغيرة كانت أكثر شيء
رافقها في حياتها وعاش معها كجزء منها وهي ليست سوى وهم
صدقه الناس حتى بات عقلها الباطن يقتنع به وتعايشت مع
نظرات الشفقة في أعينهم حين يرونها ويظنون بأنها فقدت عينها
لتعيش طفلة مختلفة عن أقرانها وليست سوى كذبة من العجوز
التي كانت قد تولت رعايتها بعد أن تخلت والدتها عنها حين
وضِعت بين خياري تركها أو تسليمها للموت على أحد صخور
جبال ثنان ولتحميها وضعت لها هذه القطعة الجلدية تخفي بها
حقيقة لون عينيها المتباين وكانت تحرص على تبديلها بين
عينيها بالتناوب وهما تتنقلان من بلدة لأخرى كي لا تخسر نظر
العين التي ستعتمدها للرؤية وحيدة ، وكانت تحفظ كل بلدة أي
لون من عينيها كانوا يرون وكأنها حفيدتها وليست فتاة
غريبة عنها .

لم تكن تلك هي الفترة الأصعب في طفولتها الشاقة تلك لأن خروج
والدتها مجدداً وبحثها عنها جعلها تهرب من منزل تلك العجوز
خفية عن الجميع وعلمت بعدها بأن تلك الحياة التي كانت تراها
تعيسة ثمة ما هو أتعس منها لتتحول لمتسولة وسارقة تجلب
المال لسيدها وهي لازالت تنتقل بين مراحل طفولتها ولتكتشف
بعدها أن حتى ذاك العجوز الجشع أقل قسوة ممّا واجهته بعدها
وهي تتحول لعروس قاصر تزف لعجوز في عمر جدها .

ثلاث أشخاص فقط كان لهم موقف في حياتها لن تنساه أبداً وهم
تيم ووالده شاهر كنعان وإن كان لا يذكرها ولم يتعرف عليها
وثالثهم زين ، ثم يأتي الأهم وهو مطر شاهين الذي حين علم
بوجودها وصلة الدم التي تربطهما انتشلها وبشكل نهائي من ذاك
المستنقع الذي الله وحده يعلم ما الذي كان سيوصلها له .

رفعت يدها لعينيها ومسحت الدموع من رموشها بحركة سريعة
وأغلقت صندوقها بعد أن أعادت تلك القطعة داخله وأغلقت
الدرج عليه ورفعت نظرها لمرآة التزيين أمامها وابتسمت ككل
مرة متمتمه

" ما بك دانيا يا حمقاء أنتِ تجاوزتِ كل هذا وأصبح
من الماضي "


كان لكلماتها تلك مفعول السحر كالعادة وانشغلت بنزع العدسات
اللاصقة من عينيها وظهر لونهما الحقيقي والمشهد الذي تراه في
كل ليلة قبل نومها ولا تنكر بأنها أجبرت نفسها في الماضي على
فعلها حين قررت وبكل قوة وإصرار على مواجهة كل ما يربطها
بماضيها بشجاعة وها هي تفعلها وكأنه أمر عادي واعتادت على
رؤية وجهها بهاتين العينين كما تراه طوال النهار وهما مخفيتان
عنها لأن وجود هذه العدسات اللاصقة طوال الوقت يرهق مقلتيها
وساعات الليل تُعد فترة استراحة لهما .


أطفأت نور الغرفة واندست في سريرها وأنارت هاتفها لتضبط
منبهه على وقت صلاة الفجر كالعادة ، وكالعادة أيضاً دسته تحت
وسادتها بعدها متمتمه بشفاه مبتسمة وعينان مغمضتان

" الغد سيكون أفضل بالتأكيد "
*
*
*
رمى الهاتف من يده متأففاً وقال بضيق

" ما هذا الملل ؟ لا إنترنت ولا دراسة ولا خروج من المنزل
والجميع ممل هنا "

وقال آخر كلماته يرمق بطرف عينيه التي كانت تجلس فوق
الأريكة وترفع قدميها على طرفها تحضن ركبتيها وتريح ذقنها
عليهما وقد بادلته ذات النظرة وقالت ببرود

" لديك منزل آخر اذهب له "

ضرب يديه يلصقهما ببعضهما وقال بضحكة

" ملتصق بك هنا لن أتحرك من مكاني حتى تعود والدتي "

لون الحزن عيناها بسبب آخر كلمة قالها وشردت نظراتها في
الفراغ وقالت بحزن

" خالي رعد هاتفه مقفل حتى الآن "

تنهد الكاسر بعمق وقال

" هكذا أفضل .. "

رفعت نظرها له فتابع من قبل أن تعترض قائلاً بضيق

" هل تريدي أن تعلم مثلاً عن وضع البلاد أم عن شرط أولئك
الغيلوانيين ؟ "

توترت أنفاسها وملأت الدموع عينيها وقالت بأسى

" تُرى أيفعلها والدي ويوافق شرطهم ذاك ؟ "


حرك رأسه بعجز وحيرة وقال

"إن كنت مكانه لا يمكنني أن أقرر فكيف أن أعلم بأفكاره الآن !"


وفرد يديه متابعاً بقلة حيلة وإن كانت كلماته حزينة حائرة

" لكنه سيختار أقل الحلول ضرراً ومهما كان قاسياً ، هذا
أمر بديهي "

جعلت كلماته تلك الدموع تلمع في عينيها مجدداً ورفعت رأسها
وذقنها عن ركبتيها وقالت معترضة بمرارة وحرقة

" وهل سيكون أقل ضرراً علينا أن نتشتت وأرى امرأة أخرى
مكان والدتي لتدمر عائلة لم تجد فرصة بعد لتجتمع كعائلة
حقيقية وقصة حب عمرها أعوام طويلة تموت بسببها ؟ "


وتسللت دمعة وحيدة من رموشها لوجنتها مع آخر كلمة قالتها ،
وبالرغم من تألمه بكلماتها التي ذبحت روحه قال بضيق

" تسليمكم لهم وعنق جدك معكما هو الحل الأنسب في رأيك ؟ "

نفضت يدها قائلة بضيق مماثل وإن كان الحزن والمرارة
تملآن عينيها

" لما تفكيركم قاسٍ هكذا أنتم الرجال ؟ "


أشار بسبابته لصدغه وقال بضيق أشد

" لأننا نفكر بهذا وليس بالخردة الموجودة وسط أضلعنا فهي
لا تجدي سوى في جلب المصائب لصاحبها "


سقطت دمعة أخرى من رموشها الطويلة شعر بها جمرة تسقط
في قلبه وهو ما جعله يرتدي قناعه المفضل في مثل هذه الأوقات
الصعبة يحاول التخفيف عن نفسه وعمّن يحب وإن بطريقة
حمقاء ، ارتسم الخبث على ملامحه وضيّق عينيه قائلاً بمكر

" أعلم ما يجعلك منزعجة هكذا ، رئيس جهاز المخابرات
الجديد لم يتصل ولم يهتم أليس كذلك ؟ "

تبدل الحزن في ملامحها للاستغراب تدريجياً وقالت ببحة

" رئيس ماذا ؟! "

شخر بسخرية ونصب ساق على الأخرى يريح ظهره لظهر
الكرسي وقال

" كنت متأكد بأنه لم يفعلها وهذا هو الدليل .. "

وأشار لها بسبابته عند آخر كلمات قالها قبل أن يلوح بها نحوها
وهو يتابع بتهديد

" فقط لا تكوني تصرفت ِبحمق واتصلتِ أنتِ به "

أنزلت قدميها للأرض ووقفت على طولها وقالت بضيق

" لما لا تخرج من غرفتي وتتركني وشأني "

قال بحنق مصطنع يمسك نفسه بصعوبة عن الضحك

" فعلتها إذاً يا حمقاء ؟ "

أمسكت خصرها بيديها وقالت وضيقها يزداد شدة

" لا أفهم ما الذي تريده تحديداً !! "

حرك يده ببرود نحوها وقال

" جدك لا يفعل شيئاً سوى الصمت لكنت تركتك وتسليت معه ،
هو على الأقل لا يحاول فهم امرأة تبحث عنه ولا تجده "


قال آخر كلماته يرمقها بسخرية مستفزة مما جعلها تضرب الأرض بقدمها صارخة

" كااااسر "

ضحك ورفع سبابتيه وحركهما مع حركة راقصة من كتفيه وهو
يدندن ممسكاً ضحكته كلمات أغنية تناسب حالتها وهو ما جعلها
تشتعل أكثر وقالت غاضبة تشير له بسبابتها

" أتعلم بأنكما أحمقان أنتَ وهو ولا شيء وسط أضلعكما سوى
قطعة خردة بالفعل "

انفتح باب الغرفة حينها ودون طرق وكان قاسم الذي وقف يمسك
مقبض الباب بيده ونقل نظره بينهما قبل أن يستقر على عينيها
المتفاجئة بشكل واضح فقفز الكاسر واقفاً وقال يشير بيده بحركة
سريعة ضاحكاً

" تعالى واسمع ما تقول عنك التي تزوجتها "

شهقت بقوة تنظر له مفجوعة بينما ضحك هو بصوت مرتفع
وكان الحديث لقاسم الذي قال مبتسماً يشير برأسه نحو الخارج

" هيّا غادر واتركنا نتفاهم "

نظر له الكاسر وقد تحركت خطواته نحوه وما أن وصل له وقف
واستدار برأسه ناحيتها وصوب بسبابته نحوها وأصدر صوت
رصاصة بشفتيه ثم غمز له وقال بمكر

" عاقبها بما تستحق حسناً "

ضحك ودفعه من كتفه نحو الخارج قائلاً

" غادر بسرعة "

ودخل مغلقاً الباب بضربة من قدمه وفرد ذراعيه لها وقال مبتسماً

" تعالي هيّا "

ابتسمت عيناها الحزينة قبل شفتيها وملامحها الطفولية الفاتنة
وركضت نحوه وقفزت لحضنه قفزاً وتشاركا ضحكة واحدة
وتعلقت ذراعاها بعنقه تدفن وجهها فيه تشعر بمعنى وجوده في
حياتها وهو ما افتقدته طيلة الأيام الماضية وما زاد من تشتتها
وضياعها ولم تكتشف ذلك إلا الآن ، أحاطت ذراعاه بجسدها
يحضنها بقوة وقال مبتسماً

" ما الذي فعلته بي اليوم يا مشاغبة ؟ "

نزلت قدماها للأرض وابتعدت عنه ولوت شفتيها قبل أن
تتمتم ببرود

" يبدو لي أنك مهتم بالفعل ! "

ضحك وقال

" تمنيت لو وجدت دقائق قليلة فقط لأكون هنا "


وتابع يدس يده في جيب سترته

" وقت الفراغ الوحيد ضاع من أجل هذا "

وأخرجها وفيها صندوق مخملي أسود صغير وفتحه على نظراتها
الفضولية المتحمسة ينظر لها مبتسماً وهو يفتحه كاشفاً عن
الخاتم الذهبي الجميل في شكل زهرات مع أوراقها متتابعة
ومغطاة بفصوص لامعة جعل عيناها تلمع بانبهار ورفعت نظرها
لعينيه وقالت مبتسمة بذهول

" كم هو رائع "

ابتسم وأخرجه من علبته ورفع يدها ودسه ببطء في خنصرها
وقال بابتسامة رقيقة ينظر لعينيها

" كنت أريد جلب خاتم زواج لكني أحترم رغبتك بأن توافق
والدتك أولاً "


حضنته بقوة وقالت مبتسمة تغمض عينيها بقوة

" أحبك "

أحاطتها ذراعاه مجدداً وبقوة أكبر زاده كلماتها التالية والتي
جعلته يتمنى أن امتلك جناحين ليطير بها بعيداً عن الجميع ما أن
قالت بحنان تدفن وجهها في صدره

" وجودك وحده ما يجعلني أقوى في مواجهة كل ما يحدث "

تنهد مبتسماً وأبعدها عنه وأمسك بوجهها واختفت الابتسامة من
وجهه ما أن ابتعدت عنه بسبب صوت الطرقات على الباب الذي
سرعان ما انفتح وظهر وجه الكاسر الذي مد رأسه فقط نحو
الداخل تزينه ابتسامته المتسعة في استقبال نظرات قاسم الحانقة
والذي كان يمسك خصره بيديه فقال يمسك ضحكته

" أعتذر على المقاطعة لكن والدك وصل "


وقال آخر كلماته وهو يحاول رؤية الواقفة خلفه والتي ركضت
نحوه حينها فابتعد عن الباب ضاحكاً وما أن اختفت نظر لقاسم
وقال بضحكة صغيرة

" عليك أن تأتي معي لتنقذني منها "

تبدلت نظراته للاستغراب وقال

" ماذا تقصد ؟! "

توجه نحوه وشده من يده وقال يسحبه خلفه

" تعالى فقط "

وسار به باقي الممر وصولاً لبهو المنزل حتى وقفا بقرب تيما
التي كانت تنظر نحو الخارج مستغربة قبل أن تكتشف وجودهما
ونظرت لعيني الكاسر وقالت مستغربة

" أين هو ! "

أشار بإبهامه خلف كتفه وغمز بعينه وقال بابتسامة ساخرة

" لتعلمي فقط ما تحدثنا عنه صباحاً "

اتسعت عيناها بما دمج الذهول والغضب معاً فهو يقصد بالتأكيد
حديثه عن علاقتها بقاسم وها هو يبرهن لها بأنها تتركه من أجل
والدها وتضعه في المرتبة الأخيرة دائماً ، ركضت نحوه هامسة
من بين أسنانها

" تباً لك يا أحمق "

وبالرغم من أنه احتمى بجسد قاسم الذي حاول أن يبعدها ضاحكاً
إلا أنه ناله من ضربات يدها نصيبه وهي تقفز لتصله تضرب بها
بعشوائية لم تنتبه ولا بأن ضرباتها أصابت قاسم أيضاً والذي فقد
القدرة على إيقافها من كثرة ضحكه على سلوكها وكلمات الكاسر
المستنجدة حيناً والمستفزة لها حيناً آخر .


" تيمااا !! "

توقفت فجأة مع توقف أصوات الضحك والحديث ما أن علا
الصوت الرجولي المبحوح الغاضب باسمها وكأنه زر تشغيل قام
بإيقافهم جميعاً ونظرت سريعاً للواقف عند الباب ينظر لها بعينين
أشد غضباً وهمست مصدومة

" أبي !! "

لم يبدر منه أي رد فعل ولم يضف شيئاً لكن نظراته كانت تتحدث
والتي كان لقاسم الجزء الأكبر منها وقد استقرت عليه نهاية
الأمر وإن كان يحدثها وقد قال بضيق

" لغرفتك فوراً أبان سيدخل لغرفة الضيوف "

وتابع وهو يتحرك من هناك قائلاً بنبرة أشد ضيقاً

" وأنت يا قاسم اتبعني لمكتبي "

وتجاوزهم دون أن تنظر عيناه الغاضبة نحوهم بينما كانت نظرات
تيما الحزينة تتبعه قبل أن تنظر لقاسم باعتذار خفي وعينان
حزينة فاكتفى فقط بالابتسام لها مجعداً أنفه في حركة طفولية
بينما لامست سبابته أنفها وهو يجتازها وتبتعه نظراتها بأسى
حزين فهي تعلم مثله تماماً بأن ما ينتظره توبيخ معتبر من
والدها لما رآه هنا وكان يصمت عنه .

ما أن اختفى عن نظرها أيضاً نظرت نحو الكاسر وقد تبدلت
نظراتها للغضب وأمسكت خصرها بيديها قائلة بضيق

" هل أنت مبتهج الآن ؟ "

ضحك وقال ملوحاً بيده

" هيّا غادري قبل أن يدخل ابن عمتك وحينها والدك ... "

ومرر إبهامه على عنقه مع صوت من شفتيه بمعنى يقتلك
والابتسامة الساخرة تزين شفتيه فضربت قدمها الأرض بحنق
وغادرت باتجاه ممر غرفتها وتركته خلفها يراقبها قبل أن ينظر
ناحية باب المنزل وللذي دخل منه حينها فانشغل به ومد يده له
وقال مبتسماً

" مرحباً بالمحامي الذي لمع نجمه بين ليلة وضحاها "

وأتبع كلماته بضحكة مرحة فصافحه أبان وقال مبتسماً

" أنت بالتأكيد الكاسر"

افترقت يديهما وقال مبتسماً

" أصبت .. وحمداً لله جاء من يزيل الملل عني "

تشاركا الضحك هذه المرة وقال الكاسر يشير بيده نحو الداخل

" تعالى آخذك لغرفتك ... "


وتابع ضاحكاً ما أن تحركا معاً

" فقط لا تكون متعباً وتريد أن تنام "

ضحك أبان وقال ينظر له وهما يدخلان الممر الغربي

" متعب بالفعل لكني متشوق للتعرف عليك "

كانا حينها عند باب الغرفة فوقف ونظر للكاسر وقال

" هل صعد خالي مطر لغرفته ؟ "

حرك رأسه بالنفي قائلاً

" لا هو في مكتبه مع قاسم "

ولوح بسبابته والوسطى علامة الجلد وقال يمسك ضحكته

" سينال نصيبه عقوبة الزواج من طفلة "

ضحك أبان كثيراً وقال

" زوجتي أصغر سناً منها "

اتسعت عينا الكاسر فاغراً فاه قبل أن يقول يحرك أصابعه بجانب
رأسه علامة الجنون

" عائلة الشاهين هل فقدتم عقولكم ؟ "

ضحك أبان مجدداً وقال

"يقولون كلما كانت الزوجة أصغر سناً أبهجت قلب الرجل أكثر "

ضحكا معاً وقال الكاسر

" بل جعلته يمشي على يديه "


عاد أبان للضحك وربتت يده على كتفه وهو يفتح باب الغرفة قائلاً

" تعالى يبدو أن رفقتك تزيل الهموم "

لكنه توقف مكانه وقد تذكر طلب عمه رماح واتصال عمه جبران
نهاراً وعاد الحزن الذي حاول إخفائه بضحكاته مع الجميع وشعر
بالألم ما أن تذكر عبارته الغاضبة حين أخبره بأنه في منزل عائلة
الشاهين وليس منزلهم

( أجل هذا ما تجيد فعله يا طفل الركض نحو قتلة جدك والسبب
فيما حدث لعمك رماح )

وما أن نظر له أبان مستغرباً مزاجه الذي انقلب فجأة قال

" أين كنتم بادئ الأمر فلا أخبار عنكم اليوم أبداً ؟! "

غمز له أبان بعينه مبتسماً وقال

" أسرار دولة "

دخل وقال متملقاً

" صدّقتك فعلاً "

ضحك أبان دون أن يعلق وهو ينزع سترته ممّا جعله يسير خلفه
قائلاً بضيق

" عقابك أن تكون مع قاسم الآن "

رمى السرة من يده وقال بضحكة وهو يرفع أكمام قميصه ناصع
البياض كاشفاً عن ساعديه

" بل أن تشعر والدتي بوجودي هنا الآن "

ارتمى الكاسر على الكرسي الجلدي قائلاً بضحكة

" الخبر الرائع إذاً أنها ليست هنا ولم تأتي "


ضحك أبان وقال وهو يجلس على طرف السرير مقابلاً له

" أخبرني إذاً ما هذا العقاب الذي ينتظر قاسم وأنا أستحقه معه "

*
*
*

دخل خلفه مغلقاً باب المكتب ليعم الصمت الموحش المكان ووقف
عند الباب يراقب قفاه لوصوله لطاولة مكتبه بالرغم من أنه لم
يأخذ أي شيء منها ولم يضع شيئاً عليها أيضاً كما لم يتوجه نحو
الكرسي وكل ما وصله هو صوته الجامد جمود الصخر مالئاً
صمت المكان ما أن قال

" لن تتوقع بالتأكيد أن أثني عليك فيما فعلته وإن كان له نتائج
إيجابية لكنه حمق واستهتار "

شد يديه بجانب جسده بقوة يستقبل كلماته بصدر رحب كما اعتاد
دائماً وقال الحقيقة التي لا نفاق فيها

" لو كنت أريد ثناءك ما كنت فعلت ذلك بالتأكيد "

استدار نحوه حينها وغزت الحدة صوته القوي المبحوح ما أن
قال بضيق

" يرضيك إذاً أن تستخدم ابنة خالك ووالدة زوجتك كسلاح
وكأنها ليست عرضك ومن دمك ؟ "

على الرغم من أن المكان كان شبه مظلم إلا أنه رأى بوضوح
الغضب المرتسم في عينيه وملامحه وها هو عاد مطر شاهين
الذي عرفه قبل قدومهم للبلاد ، الرجل البارد الصمات دائماً وإن
تحدث إما بجدية يلقي أوامره فقط أو بغضب لأي تصرف وإن رآه
لوحده خاطئاً واختفت الابتسامة التي رآها في ملامحه بعد
عودتهم إلى هنا وكأن سبب ظهورها واختفائها واحد ! وهو
الواقع بالتأكيد ويبدو بأنه لم يخسر تلك الابتسامة فقط بل وأمور
كثيرة أهم هي ما قتلتها ، حافظ صوته كما مزاجه على ثباته وإن
قال بشيء من البرود

" أنتَ تعلم بالتأكيد بأن اسمها وصل لشخص بعينه والمحيطين
به فقط ولم يتم ذكر زوجتك في الإعلام "

قال كلمة زوجتك متعمداً ليذكره بأنه نسي هذه أيضاً وهو يعدد
أنواع صلتها بهم ، توقع منه كل شيء حينها إلا أن يتهرب من
الحديث في الأمر بمهاجمته وقد قال بكلمات غاضبة

" وبالحديث عن الزوجة أليس من المفترض أن تكون رجلاً يُعلم
زوجته كيف تكون امرأة تستحقه لا أن يتحول لمراهق آخر يراقب
تصرفاتها ويضحك "

أغمض قاسم حينها عينيه متنهداً بعمق وهو يستقبل إهانته
الجديدة بصمود هو استغربه في نفسه ! لكنها سطوة حضور مطر
شاهين وعليه أن لا يستغرب هذا بكل تأكيد ، وكانت ثواني
معدودة فقط وعاد وفتحهما ونظر لعينيه قائلاً والبرود لم يغادر
صوته

" لم تنسى بالتأكيد بأنك من قال هي خارج سريرك طفلة وعليك
التعايش مع ذلك "

صاح فيه من فوره موبخاً

" أنا لم أنسى كلمة ممّا قلت وكنت أقصد حياتكما معاً لا أن
تُنقص من قدرك هكذا أمام الجميع "

كان صبره وصل أقصاه عند إهانته الجديدة تلك فقال بضيق

" حبك وتفهمك لزوجتك هو استنقاص لنفسك يا مطر ؟! "

لم تزد عبارته تلك مزاجه إلا سوءاً وصرخ موجهاً سبابته نحوه

" فكرت بطريقتك هذه لوقت وكانت العاقبة وخيمة ـ تذكر هذا
جيداً يا قاسم "

لا ينكر بأن كلماته تلك جعلته يصاب بذهول لحظي ورغم علمه
المسبق بما حدث في المحكمة وبعدها إلا أنه لم يتوقع أن يخرج
عن صمته الطويل ويقول هذا ! ولأنه يراهن على أنه قال ذلك
وأفصح عنه دون شعور منه وهو من يعرفه جيداً قال بضيق

" تحرضني ضد ابنتك وحيدتك يا مطر !! "

لم يتوقع مجدداً أن يعود لحديثه السابق وهو من تعمد الابتعاد
عنه ليثبت له بأنه كان واعياً لكل ما قاله وملأ صوته القوي
الغاضب صمت المكان صارخاً وقد عاد لتوجيه سبابته كرصاصة
قاتلة نحوه

" بل ضد التصرفات التي تجعلك ضحية لغباء النساء وتدفع الثمن
غالياً لأنك رجل مطر شاهين قبل أن تكون زوج ابنته"

عاد قاسم للتحديق فيه بعينين متسعة دون إبداء أي رد فعل بسبب
الأفكار التي هاجمته حينها ودفعة واحدة فهل كان سبب ابتعاده
اليوم شعوره بالتقصير ناحية واجبه للوطن ؟! أيلوم نفسه على ما
حدث !! قال ما أن تحرر من قيود تلك الأفكار وبكلمات غاضبة
يواجه عيناه بذات القوة

"لا ابنتك ولا أنا ولا حتى نفسك نستحق دفع ثمن غضبك يا مطر"

" غادر من هنا "

صرخ بها في وجهه بطريقة أعنف من سابقاتها تكاد تهتز لها
الجدران وسبابته هذه المرة تشير للباب خلفه فتراجع نحو الوراء
خطوة قبضتاه تكاد تتمزق أصابعها بينها من شده عليها ورغم
ذلك كانت كلماته هادئة بطريقة استغربها هو في نفسه ما أن قال

" سأغادر لأنك لست بمزاج جيد للحديث فقط لكن أريد أولاً أن
أقول بأنه حين تثق في امرأة وتهبها قلبك لن تكون مجرماً في
حق نفسك ولا في حق أحد ومهما آلت له الأمور لأنها بشر مثلنا
وعلينا فقط فهمها كي لا نخسرها ولأي سبب كان "


ولاذ بالصمت عند آخر كلمات قالها يقف مواجهاً للإعصار المدمر
الذي أصابه الصمت المريب فجأة ، ورغم ذاك لم ينتظر منه أي
تعليق وغادر مغلقاً الباب خلفه وسار عبر الممر بخطوات واسعة
بينما انشغلت أصابعه بإغلاق زر سترته السوداء متمتماً ببرود

" أتمنى أن تكون رسالتي وصلت يا رجل الحروب "

*
*
*

 
 

 

عرض البوم صور فيتامين سي   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
(الجزء, المشاعر, المطر, الثاني)،للكاتبة, الرااااائعة/, جنون
facebook




جديد مواضيع قسم قصص من وحي قلم الاعضاء
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t204626.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 27-06-17 09:03 PM


الساعة الآن 10:24 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية