كاتب الموضوع :
فاطمه توتي
المنتدى :
الارشيف
رد: ولا يزال لها فصول
.............الفصل السابع عشر................
رغم انه أول اسبوع في هذا الترم الا انه كان ممتلأ للغاية ، انهم لا يستطيعون التقاط انفاسهم بين محاضرة واخرى ، لحسن الحظ كان لديهم مؤقتا ساعتان فارغتان لأنه لم ينزل جدول محاضرات هذه المادة بعد ، كانت تجلس مع صديقاتها على مقعد في احد الحدائق المحيطة بالجامعة ، لقد شعرت بالسعادة لعودتها الى الدراسة مرة أخرى فبعد عمل ريهام كانت تقضي كثيرا من الوقت بمفردها مما جعلها أكثر عرضة للعودة للذكريات السيئة انها حتى في الوقت البسيط الفارغ تجد عقلها يضج بها ، لقد حاولت دائما تنحية الماضي جانبا ولكن هذه الايام تجده يلح بشكل غريب على عقلها ربما بسبب زيادة عروض الزواج ، وما يقلقها جدا ان يكون هذا حدسا وان لديها نوع من الحاسة السادسة باقتراب خطر ما ، تنهدت بصوت مسموع لتستفيق بعدها على صوت ولاء صديقتها وهي تقول (انتن مملات لا يوجد في حياة اي واحدة منكن تطورات أو احداث مثيرة ، هاهي الاجازة قد انتهت دون ان ترجع اي واحدة منكن بعريس في يدها )............ضحكت سارة وهي تقول لها (هل هذا هو مفهومك الوحيد عن التطورات والاحداث المثيرة ).......نظرت اليها بحنق وهي تقول ( انه المفهوم الوحيد عند الفتيات في سننا)........ردت عليها ( ربما كان عليك الابتعاد عن دراسة الهندسة ، فان البنت التي تدخلها يتم التعامل معها على انها رجل ).....مطت شفتيها في حنق لتقول لها (مفسدة للمتعة ، انت حتى تئدين احلامي المستقبلية المشروعة) ....نظرت بعدها الى ندى صديقتهم لتقول لها بفضول (لماذا انت صامتة هكذا اشعر انك تخفين امر ما ) .......قالت لها عليك ان تصمتي وعندما يكون هناك شئ ما سأخبرك )...........كما يقال اذكر العفريت فما ان اتموا حديثهم حتى تعالى صوت هاتفها لتجده يضئ باسم صفاء، ان صفاء صديقة طفولتها واختها الثانية ، ودائما ما يتحدثان عبر الهاتف ولكن في الاونة الاخيرة تشعر انهما كلما تكلما حتى ولو لم تطرقا الى موضوع خالد شقيقها فان الموضوع عالق دائما مخيما بظلاله فوقهما ........فتحت الخط ليصلها صوت صفاء (كيف حال مهندستنا الجميلة )........ردت عليها بمرح ( اكافح من اجل ان استحق اللقب ) ........ثم اردفت ( كيف حال خطيبك الوسيم ؟ هل يطبق عليك القانون ام ان هناك تجاوزات للاقارب).......سمعت ضحكتها الخجولة لتغير الموضوع بعدها قائلة (ان امي قررت اني نأتي غدا للتسوق قبل ان يزيد انشغالي في الدراسة ).......قالت سارة بسعادة (اذا ستأتين اخير)...قالت صفاء ( لسنا انا وامي فقط من سنأتي عليك ان تحذري).......قالت لها (سيأتي العم محمود معكم ).......ردت عليها صفاء (لا تكوني سخيفة والدي دائما في العاصمة انني اتكلم عن شخص آخر ......شعرت سارة بالاضطراب هل سيأتي خالد معهم ؟......ردت صفاء حين وجدتها صامتة (ان جدي هو من سيأتي معنا ، فقد طلب الطبيب منه اجراء بعض الفحوصات وسيأتي للعاصمة لاجرائها )......شعرت سارة بالقلق هل جدها مريض؟ 0لذا قالت لها باهتمام (لماذا ؟مما يشكو؟ )......قالت صفاء بهدوء (لا تقلقي انها فحوصات روتينية ).......تكلمت معها قليلا لينهيا المكالمة بعد ذلك وهي مستغرقة بافكارها ، ان جدها بالتأكيد سينزل عند يوسف وربما يفاجئهم بالزيارة فهو يتعامل على انه ذاهب الى منزله ولا يحتاج الى الاذن ، من الجيد ان صفاء اخبرتها وعليها تنبيه يوسف ليستعد لاستقبالهم ، ويردع زوجته عن اي تهور او فعل لا يليق......سمعت صوت يوسف يقول لها (كيف حال مهندسة عائلة السعيد الجميلة؟ هل انتظمت في الدراسة؟ ).....قالت له بمرح (انت تعلم انني اقف امام باب الكلية منذ الليلة السابقة لبداية الفصل الدراسي).....ضحك قائلا (في هذه النقطة تشبهين أحمد ، انتما دائما مثالا للتفوق).......قالت له ( انني لا اتذكر حين كنت تذاكر حتى استطيع الحكم ).......قال لها بامتعاض (انت تجرحين مشاعري المرهفه بتذكيري كم انا عجوز ) ......قالت ضاحكة (يمكنك ان تأتي الى الجامعه وسترى كيف تتشاجر الفتيات عليك).....ضحك ضحكة صاخبة واجاب (اذا فلاحافظ على ابتعادي منعا للاشتباك المحتمل ).....قالت له (هل علمت ان جدي وعمتي وابنتها سيأتون غدا الى العاصمة)......عقد حاجبيه وهو يقول لها (من اخبرك؟).......اجابته (صفاء اخبرتني ان جدي سيأتي لاجراء بعض الفحوصات وستأتي هي وعمتي لشراء جهازها)....قال بصوت قلق (فحوصات لماذا؟)......ردت عليه ( لقد قالت لي انها فحوصات روتينية ).......رد بشرود قائلا (لا بأس ....صمت قليلا ليقول بعدها لقد تركت لك انت وريهام حرية البقاء بالشقة ولكن بوجود جدك فان الوضع سيكون صعب وهو لن يجعل الامر يمر لذا سأتي الليلة لأخذكم )....ردت عليه بتوتر (حسنا ساخبر ريهام وسنستعد)......انه يشعر انهم مثل مؤسسة حكومية تحاول على اخفاء اوجه النقص فيها حين يـأتي التفتيش والذي يمثله في حالتهم الجد .......انه يتمنى ان يكون جده قد اقتنع بتأجيل موضوع سارة في الوقت الحالي ، انه يكره هذا النوع من الضغوط رغم انه يعشق جده منذ طفولته الا انه يشعر انه يمسك بمدية لها نصلان حادان ودائما ما يغرزهما في جسده بقسوة دون قصد منه .......وكلا الموضوعان لا يستطيع الافصاح عنه ، انهما يمسان رجولته بجانبيها المادي والمعنوي ......اتصل بالسائق واخبره ان يذهب في الصباح لاحضارهم .......عاد الى المنزل ليتوجه الى جناحهم حيث توجد نهال دخل ليجدها لم تغادر الفراش قال لها بتهكم (صباح الخير)......ردت عليه والنوم يبدو على صوتها (يوسف صباح الخير).....نظر اليها وهو يقول (سيأتي جدي وعمتي وابتها وسارة وريهام ويبقضون معنا بضعة ايام )....اجابته بتذمر (ولماذا لم تدع اهل البلد جميعا ؟!!)......نظر اليها بحدة ولكنها لم تتراجع فهي لاتطيق تواجدهم وخاصة هذا الجد السليط اللسان والعمة وابنتها القرويتان ....قال لها بلهجة صارمة (ستفعلين ما تقوم به اي زوجة محترمة في مكانك ستحسنين مقابلتهم وتشعريهم بالترحيب الشديد واياك ان يشعروا باي ضيق من ناحيتك).....اجابته بنزق (ربما من الافضل ان اذهب لمنزل والدي حتى يغادروا )....نظر اليها بشراسة لقد باتت هذه المرأة تشعره بالاشمئزاز ، لا يدري ما اساس كل هذا الصلف والغرور اللذان تشعر بهما....قاال لها بلهجة حاسمة بدت لها مرعبة (ستبقين في المنزل وستحسنين استقبال اهل زوجك وستتحملين برحابة صدر اي كلمة او فعل يقوم به جدي...نقطة وانتهى السطر)......يبدو ان عقلها لم يستطع الاستيعاب لتكمل في غرورك (لست ادري لم تستمر في علاقاتك مع هؤلاء الفلاحين اي رجل في وضعك عليه ان يرتقي بمستوى معارفه ).....امسك بذراعها في حدة وهو يقول (تقولين رجل في وضعي اي وضع ؟! ان طين الارض لا يزال عالق في اظافري ، الاسمنت والرمل اللذان نستعملهما في البناء لا تزال اثارهما فوق ملابسي!!!انني لست تاجر للممنوعات او الاسلحة الفاسدة ولست اعتمد على وسيلة للثراء السريع ، ان القصر الذي تعيشين فيه والمال الذي تنفقينه دون حساب هو نتاج تعب هؤلاء وشعوري نحوهم هو التقدير والامتنان، وانا لا اشعر باي تكبر تجاه اي انسان ، واهلي بالتحديد خط احمر عليك احترامهم ووضعهم فوق رأسك).......شعرت بالسأم فها هو يلقي عليها خطبة عصماء لمجرد انها اعترضت على وجود العائلة المالكة ......حاولت التراجع لتقول بعدها باستسلام (لا تقلق سأحسن استقبالهم ).....نظر اليها بتمعن وهو يقول (اتمنى ذلك لأجلك اولا).......انه يهددها تأففت مفكرة لماذا كان عليها اختياره لتتزوج منه بالتأكيد كان هناك اثرياء اكثر لطفا ورقيا !!!!!!!!خرج من المكان صافقا الباب خلفه ليجد السيدة زهرة مدبرة المنزل والتي اقترب عمرها من الخمسين، انها الشخص الوحيد الذي يريحه في هذا المنزل قال لها (سيأتي جدي وعمتي واخوتي لقضاء عدة أيام من فضلك جهزي ما يلزم لهم )......سار دون انتظار الرد لتنظر زهرة في اثره نظرة تجمع بين التعجب والاعجاب الحب والشفقة انها تعمل عندهم منذ كان طفل وقد مرت حياتهم امامها ، انها تشعر دائما بانه غير سعيد ، ان الحمقاء المغرورة التي تزوجها لا تلائمه وهي لا تدري ما الذي يدفعه للبقاء معها انها حتى لم تمنحه اطفالا !!!!!!!!ان جميع العاملين في القصر لا يشعرون بالراحة حال وجودها ولحسن حظهم فهي لا تبقى الا قليلا .........................*************
قد احب دائما تصليح الاشياء وربما تخريبها وهو يشعر بالسعادة حين يمارس هذا العمل ، والشئ الآخر الذي أحبه ربما اكثر هو الماء ولذا كان يمارس التجديف وتفوق فيه كان يتدرب في النهر وأحيانا كان يذهب مع فريقه لبعض المدن الساحلية ، ولكن عندما اصبح لديه الحرية في اختيار المكان الذي يعيش فيه اختار هذه المدينة الساحلية ، ربما يكون ترك التجديف بشكل احترافي ولكنه لم يتركه كهواية ، وليس التجديف فقط وانما الابحار بشكل عام يبحر بالقارب ذي المجدافين او القارب الشراعي او حتى زورق ، حتى عمله اختار ان يكون في اصلاح ما يحب ، ربما يوما ما سينتقل من الاكتفاء بالتصليح الى البناء سيبني القوارب والسفن وسيضع تصميماتها بنفسه ،فكر ضاحكا ان جيناته لا زالت تتلاعب به فهاهي الرغبة في التصميم والبناء تحركه ، ....والامر الاخر هو الشقة التي يعيش فيها وسيارته القديمة انه يشعر بانه شديد الارتباط بهما لكونهما نتيجة لمجهوده ، لقد اصبح يملك ما يكفي من مال لشراء شقة في منطقة راقية وكذلك سيارة جديدة ولكنه متردد في القيام بهذه الخطوة ربما لانه اصبح يشعر بالانتماء والالفة مع هذا الحي الشعبي ، حتى في التعبير عن المشاعر يشعر بالاختلاف فهيام المعجبة به يشعر انها خارجة من فيلم قديم متبعة نفس الاساليب والاستراتيجيات التي ذهب زمانها ، انه لايريد هذا التعلق من جانبها لانه يعلم انه لا مستقبل لهما وفي نفس الوقت يخاف ان يجرحها ، وكأن ذكر فتاة قد جلب الى رأسه صورة الفتاة الاخرى ، انها مختلفة كليا عن هيام فهيام انثى مكتملة متفجرة الانوثة تسعى اليه ، بينما الاخرى لا تزيد عن طفلة نحيلة خضراء العينين سليطة اللسان افسدها الدلال ولكن رغم ذلك تشغل تفكيره ، هل لايزال والدها في حالة سيئة ؟ ألا زالت تبكي ؟من الذي يبقى معها خلال الليل ؟..انه لا يعرف لماذا يفكر عقله بهذه الأشياء طوال الوقت ؟انها حتى لا تترك احلامه لقد حلم بالامس ان هناك من يطاردها وهي تصرخ وتحاول الهرب ولا تجد من تلجأ اليه ، ان هذا الحلم يسيطر على عقله منذ رآه .......هز رأسه ومرر أصابعه خلال شعره محاولا ان يحصل على بعض صفاء الذهن ، لقد انتهى من تصليح احد قوارب الصيد وسيتم سحبه الان الى الميناء لتجربته ، ركب القارب وقام بتشغيله لينطلق ناثرا الماء حوله في مشهد منعش وممتع ، لقد اقترب الربيع ولذا فان الجو يميل للاعتدال والامواج لم تعد مرتفعة مثل السابق ، لذا فالابحار ممتع جدا ....بمرور بعض الوقت عاد الى المرسى ، اوقف القارب ليجد الاسطى سليم يشير له بأن هناك شخص ينتظره ، تقدم الى حيث يجلس الرجل على احد الكراسي ان الرجل يبدو في الاربيعينات ذو ملامح وقوره ويرتدي ملابس شديدة الأناقة.........عرفه بنفسه قائلا (سالم كمال المحامي ) ........تساءل محامي ما الذي يريده منه ؟ ان الرجل يبدو في سن كبير ويرتدي ملابس انيقة ويبدو كمحامي معروف ، فلماذا يتكفل عناء الحضور بنفسه ، اشار اليه الرجل بالجلوس الى الكرسي المجاور له ......قال له (سادخل في الموضوع مباشرة ، انني محامي السيد سعيد الكاشف وقد كلفني بالحضور اليك ) ......شعر بالدهشة فما الذي يريده منه سعيد الكاشف ويجعله يرسل له هذا الرجل بنفسه!!!!!!قال له في ثقة (خير ان شاء الله هل هناك شئ معين يحتاجني فيه )......نظر اليه الرجل بتفحص تعبر كانت نظرته تعبر عن شخص لديه خبرة بالبشر ، وكان ينتظر ردة فعل الشخص الموجود امامه ليقول بعدها ( انه يريدك ان تذهب اليه في المستشفى من اجل شئ مهم )......نظر اليه بتوجس (هل يمكنني ان اعرف السبب الان ؟).......قال الرجل وعيناه لم تفارقه (ستعرف عندما تذهب اليه ولكن المهم الان ان يكون ذلك بسرعة)..انه يشعر بالفضول الشديد لذا سيذهب مع الرجل ، ومن ناحية اخرى لم يكن سيتجاهل رغبة رجل مريض لذا قال(بضع دقائق اغير ملابسي وساذهب بعدها معك ).......وصلوا الى حيث ذهب في المرة السابقة وكذلك فان احساسه لم يتغير فها هو يشعر بنفس القلق والتوجس ، ان حالة الرجل يبدو انها قد ازدادت سوءا ، هل حقا سيموت ، ان هذا شئ لا يعلمه احد فالاعمار بيد الله ......جلس الى الكرسي المجاور للسرير حيث اشار اليه الرجل بضعف ، انه يشعر بشئ يهز اعماقه لقد كان نفسالشخص يحدثه منذ حوالي شهرين وكان يبدو في اتم صحة ......انتبه من شروده على صوت سعيد الكاشف يقول له (ربما ما ساقوله لك سيشعرك بالدهشة العارمة ‘ لانه ليس بيننا علاقة وثيقة حتى اننا لم نلتق الا منذ وقت بسيط ، ولكن انا ساترك لك الحرية الكاملة في اتحاذ القرار ، ولكن انا اريدك حتى خلال هذه الدهشة ان تضع في اعتبارك ان كلامي هذا تحكمه الظروف شديدة الصعوبة التي امر بها ، وربما لو كان الوضع مختلف فاني لم اكن سأفعلها ) .....صمت قليلا ليكمل بعد ذلك ( لقد اكتشف الاطباء اصابتي بمرض خطير وللاسف فان هذا الاكتشاف كان في مرحلة متأخرة لذا فقد فات اوان العلاج) .....كان سيحاول قول بعض الكلمات التي قد تخفف عنه ولكنه اشار اليه فتراجع ليكمل الرجل بعدها ( انت تعرف ابنتي لقد التقيت بها عدة مرات ، انها ابنتي الوحيدة ولقد فقدت امها منذ حوالي عامين ، ان امها لم تكن من هذا البلد لذا فانها لا تملك اقارب من جهة امها ، وكذلك الوضع بالنسبة لاقاربي، هناك مشاكل يصعب حلها ، لذا فانني اشعر اني اتركها لتواجه الدنيا وحيدة ، انها بلا خبرة في اي شئ انها حاليا في الصف الثالث الثانوي ، وحتى لو تجاوزنا موضوع الخبرة فانها قاصر ولن تستطيع تسيير اي شئ بشكل قانوني ، ومن ناحية اخرى وهي الاهم بالنسبة لي انه لا يمكنني ان اتركها وحيدة في عالم لا يرحم مثل هذا لتكون لقمة سائغة لضعاف النفوس)......سكت قليلا فهو على ما يبدو سيجعل الحديث ياخذ منحى مختلف ، انه يشعر بالحزن الشديد من اجل الفتاة ، انها مجرد طفلة سيكون عليها بعد قليل التعامل مع واقع قاسي وعالم لا يرحم ، وصل اليه صوت الرجل الذي عاد ليكمل ( ولقد فكرت ان الحل الوحيد المتاح امامي هو ان ازوجها ، فزواجها سيجعلها تحت رعاية رجل وفي نفس الوقت سيكون زوجها وصيا عليها ويستطيع تسيير الاعمال).....ها ما يهذي به صحيح هل يحدثه الرجل عن هذا الامر الخاص ما شأنه هو بهذا ؟ خطر له خاطر ربما يكون جنوني هل يريد منه ان يتزوج ابنته ؟ هل ستصبح الطفلة الشقراء المجنونة زوجته!!!!!!لم ينتظر قليلا حتى جاءه الرد ( لقد اخترتك انت لهذا ، لقد اخبرتك منذ البداية انك ستشعر بالدهشة ، ولكن يمكنك ان تقول انه حدس قوي ، لقد شعرت منذ لقاءنا للمرة الاولى باصلك الطيب وعرفت ايضا نزاهة تعاملك ، وهناك شئ اخر دفعني لذلك انني اشعر انك الشخص الاول الذي جعل شيرين تلتزم بما يقول ، ثم بعد ذلك جمعت المعلومات حولك فعرفت خلفيتك العائلية )......استدار اليه في حدة فاكمل الرجل (لن انكر ان هذا احد الاسباب التي شجعتني فانت بالتأكيد لن تكون طامعا فيها ، والان الامر كله في يديك انها الرغبة الاخيرة لرجل في الحياة رأى فيك شخصا جيد يستطيع ائتمانه على اغلى شئ عنده ، انا اعلم انها مسئولية غير متوقعة القيها على كاهلك ولكن عذري انه ليس لدي حلول اخرى ، ساعطيك بعض الوقت لتفكر جيدا ، ولكن اتمنى الا يطول تفكيرك فقد يقضي الله امره ).......كان يحدق فيه بذهول ، ثم في النهاية حاول استجماع نفسه ليقول (ساحاول اتخاذ قرار باقرب وقت ممكن ).....غادر بعد ذلك وهو لا يكاد يشعر بنفسه.....................*******************
على غير عادتها في الحرص الدائم على عدم التغيب عن الجامعة الا لعذر قاهر تغيبت هذا اليوم ، كان يوسف قد طلب منها ذلك حتى تكون موجودة عند وصول جدها وعمتها حتى تستقبلهم وحتى تحاول منع اي اشباك محتمل مع نهال ، لقد طلبت من ريهام ان تتغيب عن العمل وتظل معها لكنها رفضت بشدة ، ان شقيقتها تبدو كمن يعمل في منطقة عسكرية فهي حريصة جدا على الالتزام بالمواعيد وترفض بشدة التغيب ، ربما يكون هذا شئ عادي ولكنه غريب بالنسبة لشقيقتها فشقيقتها عادة رمز للتسيب وعدم الالتزام بالمواعيد .....كانت تجلس في المنطقة التي يوجد فيها حوض السباحة انه كبير جدا وذا تصميم رائع وكذلك المكان كله انها تشعر ان يوسف بنى هذا القصر كانعكاس لنجاحه وربما جعله على هذه الصورة المبهرة حتى يكون دعايا للشركة ، وقد يظن البعض انه نوع من التفاخر من جانبه ، ولكنها ترى الامور غير ذلك لقد حرص على تحقيق كافة امنياتهم وهو يبنيه فكل شئ فيه يعبر عن احدى اهتماماتهم ، كان لديه احلامه الخاصه بان يعيشوا جميعا فيه ، انها حين تسير في الحديقة الجميلة تشعر وكانه حقق حلمها الخاص فجمع لها كل ما تحبه من ازهار ، وحمام السباحة تشعر انه من اجل احمد العاشق لها .......حتى انه خصص قاعة تطل على منظر رائع واضاءته مناسبة جدا لتستخدمها ريهام في الرسم ، وبالتأكيد خص نفسه بقاعة الرياضة والتي يفرغ فيها غضبه انها تظن لو ان الجدران تنطق لاشتكت منه، وربما ليس الجدران فقط ولكن حازم ايضا والذي يشاركه التدريبات بالتأكيد بارادته الحرة وربما ليفرغ غضبه التي تسببه له شقيقتها ....وصلت الى اذنها اصوات سيارات قادمة سارت حتى الممر الممهد لسير السيارات لتجد سياراتان تتوقفان نزل من احدها خالد وصفاء ، اقتربت من السيارة الاخرى والتي عرفتها انها بالتأكيد السيارة التي ارسلها يوسف لاحضار جده وقفت تنتظر خروج جدها لتحتضنه وهو يقول (مرحبا بالغالية بنت الغالي ).....امسكت بمرفقه لتسير معه حتى الداخل ........نظرت الى عمتها قائلة (سأسلم عليك فيما بعد عمتي عندما أوصل جدي الوسيم الى الداخل )...... جلس الحاج سيف لترفع عينيها بعد ذلك فتجد خالد ينظر اليها ، لتخفض عيناها مرة اخرى وهي تشعر بالاحراج من الطريقة التي ينظر بها اليها ، كانت تشعر بان عينيه توجهان لها الاسئلة التي لم يستطع لسانه ان يطرحها بسبب الموجودين ، كانوا يجلسون في احد جلسات الرسبشن الواسع ، وضعت السيدة زهرة بعض المشروبات لتوزعها سارة عليهم كانت تشعر بالاحراج وهي تمد يدها بالكوب الى خالد الذي لم يمسكه مباشرة بل نظر الى يدها ، ثم لمس الكوب دون يمسكه جيدا لتضطر هي للاستمرار في امساكه ووجهها يشتعل احمرارا ، حمدت الله لان صوت يوسف تعالى وهو يدخل مرحبا فعلى ما يبدو قد عاد من العمل بمجرد ان علم بوصولهم مما جعل خالد يأخذ الكوب ،.......دخل لينحني بعد ذلك محتضنا جده ومقبلا يده ثم يحتضن عمته ويسلم على خالد ويلقي تحية على صفاء التي احمر وجهها واخفضت راسها ، هل تخاف هذه الطفلة منه ربما لانه صرخ فيها اخر مرة حين كان تعلمهم باسم المهرة!!!!!!!!كان الرجال يتبادلون الحديث عن بعض المواضيع الخاصة بالسياسة فامسكت سارة بيد صفاء وهي تقوم وتقول لها (انا اعلم انهم لن يتوقفوا قريبا فهيا لاريكم الجناح حتى تغيروا ملابسكم)....سارت صفاء خلفها انها ليست المرة الاولى التي تزور فيها المكان ولكنها رغم ذلك لا تزال تشعر بانه كبير جدا ، دخلوا الحجرة لتفتح صفاء حقيبتها وتخرج منها (شنطة هدايا )وتقول لسارة (هذه امانة طلب مني شخص ما ان اوصلها لك) .....امسكت الشنطة وفتحتها لتجد بداخلها دمية شديدة الجمال ترتدي ثوب العروسة الابيض ، نظرت اليها بوجل وكأنها ستلسعها ، ثم نظرت الى صفاء لتقول لها ( من الذي طلب منك ان تقدميها لي)........نظرت اليها واستجمعت شجاعتها لتقول لها ( انه خالد بالتأكيد ، وانت تعرفين قصده يعطيك عروسه حتى يصل شعوره لك فتعطينه عروسه التي يتمنى).....كانت تتوجع بصمت ، تصرخ دون صوت ، تتأوه بصوت مسموع فقط لقلبها ، اااااااااه انا اخشى عليك من الجرح يا ابن عمتي ولكني رغما عني سافعل ، لماذا تحبني هكذا!!!!!انت تظن اني اهلا لثوب الزفاف الابيض ولكني لست كذلك!ربما سارتديه يوما ما ولكن اعذرني فلن يكون ، سيكون ارتدائي له محض كذب وادعاء لبراءة مسلوبة منذ زمن ، تزوير امام الناس الذين سيتواجدون ، لكن الجالس جواري يومها لابد ان يكون الشخص الوحيد الذي يعلم الحقيقة ليصلح ما اقترفته يداه ، ربما هذا في عرفهم ولكن داخلي اعرف ان الجرح غير قابل للاصلاح ، .....انني ادرك انك ستغضب وستحزن ولكن عذري انه ليس ذنبي ايضا .......قالت بشحوب (انها جميلة جدا وربما كان يتوجب عليه ان يعطيها لك فانت الان العروس .......حاولت ان تغير الموضوع فسالتها وبمناسبة الثوب الابيض هل اخترت ثوب زفافك؟)...........يبدو انها قد وصلت الى موضوعها المفضل فانطلقت في الحديث تصف الثوب وبعد ذلك استمرت في وصف كل جهازها ، شعرت سارة بالراحة فهي لم تكن في وضع تتمكن فيه من الحديث .............خرجن بعد ذلك للتسوق ومعهما عمتها عندما عدن كانت ريهام قد عادت ومعها عمر ن ويوسف والذي اصر على اصطحاب جده الى المستشفى كان ايضا قد عادا ، ومع دخول المساء جاء زوج عمتهم الحاج محمود وخالد ايضا وكذلك جاء حازم ، فهم يحرصون على وجوده خاصة وجدهم موجود .......جلسوا الى المائدة الضخمة والتي قد امتلأت بالاصناف الشهية التي ابدعت السيدة زهرة في عملها ، التي كانت تشعر بالحماس الكبير لوجودهم فهي عادة ما ينتابها الاحباط لانها لا تستطيع اظهار مواهبها فيوسف ونهال نادرا ما يتناولا الطعام في المنزل.... اخيرا ظهرت نهال اقتربت ريهام من سارة لتهمس في اذنها (ظهرت الكونتيسة نهال اخيرا ، هل تظن نفسها ستحضر عشاءا في القصر الرئاسي حتى تحتاج كل هذا التأنق ؟!!!!!)حاولت اخفاء ابتسامتها انها لا تشعر بالراحة مع ريهام ولكن بينما هي تحاول اخفاء هذا فان ريهام لا تتورع ابدا عن اظهار مشاعرها نحوها.....رات نظرات حازم تتجه نحوهما وكأنه يعرف ما الذي تقولانه ....قامت نهال بالسلام على الضيوف وبعد ذلك جلست على الكرسي المجاور ليوسف ، نظرت الى الطعام باشمئزاز انها تشعر انها ستصاب بسكتة قلبية من هذا الذي سيتناول كل هذه المحاشي واللحوم المختلفة ، انها بالتأكيد لن تمد يدها حتى ، نظرت نحوهم لتجدهم منهمكين بتناول الطعام حتى زوجها يفعل مثلهم انها تعلم انه يأكل ما قد تعتبره كثيرا ولكن الاكل لا يظهر عليه فهو يبدا يومه بالركض او السبحة بالاضافة الى الرياضات العنيفة التي تمارسها ولكن ماذا عن الباقين !!!!يبدو ان تعبير الاشمئزاز قد ظهر جليا على وجهها وقد رآه الحاج سيف والذي قال لها بلهجة متسلطة اشعرتها ببعض الخوف (الا يعجبك الطعام ؟!ربما كان عليك ان تعدي الطعام لضيوفك كما كانت اي سيدة تعرف الواجب ستفعل )......انها لا تدري ماذا يريد منها هذا العجوز انه يبدو دائما كما لو كان يتقصدها قالت محاولة التماسك (انه جيد ، ولكن لا يمكنني تناوله لاني التزم بالريجيم وهو غير مناسب لي ).....نظر اليها باستهجان ليقول بعدها (تقومين بعمل ريجيم انك تبدين وكانك خارجة من مجاعة!!شحب وجهها لهذا النقد اللاذع ، ولكنه لم يكتف ليكمل بعدها ( ربما يكون هذا هو السبب الذي يجعلك لا تنجبين هل تخافين ان يزداد وزنك)........ان هذا كثير كانت ستحاول استرداد كرامتها التي اهدرها العجوز لتتفوه بالاكاذيب التي اتقنتها حتى صدقتها هي نفسها ....لكنها تراجعت في اللحظة الاخيرة عندما رأت يوسف ينظر اليها بتحذي لذا آثرت الصمت .......استمر الجو المشحون مخيما بعد ذلك حتى انتهوا من تناول طعامهم ، توجهت السيدة زهرة ومعها الفتاتان اللتان تساعدانها الى المائدة رأت المتبقي من الطعام لتشعر بالضيق لقد كانت قريبة وكان شعورها ان الطعام اعجبهم حتى نزلت نهال لتتغير الاجواء بعد ذلك ولا يأكلون الا القليل ، همست في سرها ( منك لله يا نهال )......كان يجلسون ليقول الجد (كيف حال أحمد ؟)......استغل يوسف الفرصة ليحاول تغيير الجو ويقول لجده (ساجعلك تكلمه )..ابتعد قليلا وقام باجراء الاتصال ليقول ( كيف حالك )......تلقى الرد ليقول بعدها بنبرة مقصودة (اعتذر ان كنت قاطعت شيئا هاما )....ربما يبدو السؤال بريئا ولكن احمد قد فهم ما خلفه ...لذا اجابه (الشئ الوحيد الذي قاطعته هو الكمادات التي كنت اقوم بعملها لزوجتي التي اصابها البرد نتيجة تساقط الثلوج فوقنا بينما كنا نشاهد المباراة).....ضحك بصوت عال لتتجه العيون اليه ليقول بعدها بصوت خافت (شكرا على التقرير المفصل ، والان كلم جدك حتى تعود لاكمال مهمتك)......اعطى الهاتف لجده الذي كلم شقيقه ، بعد انتهاء المكالمة تنحتح الحاج محمود فيما يبدو انه محاولة لبدء الكلامحول موضوع هام ، نظروا اليه في حين كانت تبدو على العمة ملامح المعرفة كانت تبدو على خالد ملامح الهفة والترقب ، وسارة القلق ويوسف التوجس، بينما بدا وان الاخرين غير منتبهين ......قال العم محمود (انا اعلم اننا اهل ولقد تشرفت بمصاهرتي للحاج سيف وهذه نعمة لا أزال احمد الله عليها حتى الان ، وهذا شجعني على ان اوثق الصلة اكثر ينسب جديد ، انا اطلب منك يا حاج سيف وبالتأكيد يا باشمهندس يوسف يد ابنتي سارة لابني خالد )....كان يشعر وان ضجيج عال يضرب في رأسه ، هل هذا التصرف من جانب زوج عمته فعلا ، ام ان جده لم يهتم بكلامه عن تأجيل الحديث في الموضوع حتى تنتهي دراستها ، ثم ذهبت عينيه الى شقيقته ليجد ان اللون قد اختفى من وجهها وان الشحوب يعلوه......يبدو ان ما يحدث سيجعله يسارع بتنفيذ المحتوم الذي طال تأجيله ، ولكن عليه الان ان يتهرب من اعطاء اي كلمة او قطع اي وعد .....نظر الى جده والذي لحسن الحظ لم يبادر بالموافقة ولكن نظر اليه وهو يوجه اليه رسالة مفادها اياك ان تعترض.......نظر الى زوج عمته وقال (ان هذا شرف بالغ يا عمي وانا بالتأكيد لن اجد افضل من خالد لها ، ولكن انت تعرف انها تدرس الهندسة وهي دراسة عملية لا تستطيع ان تجمع بينها وبين شئ أخر)......رد الرجل باعتراض(ولكن نحن لن نعطلها فانا ساجهز لهم شقة في العاصمة جوار جامعتها ، وساجعل خالد يتعهد لك بانه لن يمنعها عن الدراسة او يعطلها ، حتى الانجاب يمكنهم ان يؤجلوه حتى تنتهي دراستها )......كان سيبدو شديد التعنت اذا اصر على اغلاق الموضوع نهائيا مع كل ما يقوله الرجل ، لذا عليه ان يستغل قدراه كرجل اعمال ويحاول ان يكسب بعض الوقت لذا قال (على الاقل لن نتخذ اي خطوة حتى نهاية العام ) ......كان الجد سيعترض ، ولكن خالد من تكلم لانه شعر ان هناك امل وان كان بعيد بعض الشئ ولكن يكفيه حاليا ليهدأ ولو قليلا، لذا قال (انني اوافق ، واعدك انني لن احاول التواصل معها باي طريقة)...................................*********
|