لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > قصص من وحي قلم الاعضاء > ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-06-15, 12:39 AM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 269296
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: غَيدْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غَيدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 



" السّلام عَليكُم :$ , كيف حالكم بس ؟ ، ادري تأأخرت يومين عليكم هذا من زود هبال النت اللي طلع عيوني بس على مافتح صفحة قول :P " / مارديت على الجميع دون استثنــآء ، لكني فعلاً فرحت بمتابعاتي الجدد هذا شرف لي وسمة خير في حيـآتي ..

الشيء اللي احب اقوله ، شخصيات الرواية ، ماقد اوصفها كشخص انتم متعودين عليه .. او عايش في بيئتكم .. لان طبايع الخلق ماتتشابه ..وعمره الانسان ماكان نظير لغيره .. والركادة والرزانة ماهي بقلة حيل ولا بضعف .. بس انها دليل قاطع علىى قوة الشخصية < اهم شيء قاطع ..فيس المحقق


قراءة ممتعة "











البـــــــارت : الثـــالث والعشرون ..



أخي ! إنْ ضَجَّ بعدَ الحربِ غَرْبِيٌّ بأعمالِهْ

وقَدَّسَ ذِكْرَ مَنْ ماتوا وعَظَّمَ بَطْشَ أبطالِهْ

فلا تهزجْ لمن سادوا ولا تشمتْ بِمَنْ دَانَا

بل اركعْ صامتاً مثلي بقلبٍ خاشِعٍ دامٍ

لنبكي حَظَّ موتانا

***

أخي ! إنْ عادَ بعدَ الحربِ جُنديٌّ لأوطانِهْ

وألقى جسمَهُ المنهوكَ في أحضانِ خِلاّنِهْ

فلا تطلبْ إذا ما عُدْتَ للأوطانِ خلاّنَا

لأنَّ الجوعَ لم يتركْ لنا صَحْبَاً نناجيهم

سوى أشْبَاح مَوْتَانا

***

لِـ : # ميخَائِيل نعيمَـه .




كانَ جالسًا امامِي يَصف لـي أخَ زوجَته ، ويَمدح شمائلُه العَربيِة وأصُولَه البدَوية ، ماظّل خيرًا ما ألصقَهُ فِـيه ، ويكأني أنا صاحب شأن ومشورَة وريف ، لم يكن مهتمًا بالنار التي تكاثرت على صدِري ، حّطمتني كحزمَة الحطب المحروقَة ، لتتحّول بقاياَي إلى رمَاد ، أجَل .. بقَايايْ .. ، رحت أجُول وأصُول فِي عينَاها ، أبحثُ عن شيء من الممكن ان تكنّهُ لي ، هل هناك شيئًا ما سيمَنعُها ، ؟ ، أمّ أن رحلةَ سنيني التي وجَدتها في عيناها كانت العُوبَة قدر ؟ لماذا أصبحتُ أرَى الماءَ نارًا تزيد من شعثِ لهيبي ، لو أدركتني الدنيّا وانقّذتنِي لما انتمَى غيرها لي ، اساسًا لما تجَرأ احدًا غيرها عليّ ، اهتزت أوتَارُ جسدِي المقهورة ، وكرهت كلام فهد ، وكرهت فهد ، وزوجته ، وحقَدتُ حِقدًا لا مثيلَ لهُ على أخ زوجَته ، الذي يدرس في اسبَانيَا وسيأتي في ديسمبر ليكمل حفلة الشواء لقلبي المرمّل ، انتَفضتُ من مكَـاني كالمقروص ، أصبحت افكر بهذا الحب الذي لم تصنعهُ الصدّف ، الحب البسيط الذي كان محبوسا لمدّة عشر سنوات وهيجّتهُ هيَ ببراءَة فعلتها ، ببراءَة جُرمها ، رغمَ انه لا جرَم لها ، المجنون والعاقل ..سيتسائلان عن هذا الحب الطفيلي الذي نمى فجأة ومن دون مقابل .. ، سَمحتُ لنفسي بأن أصمت !! ، فهد انصرف لأخذ زوجته ، وانا اراقبه يأخذها وينصرف ، نَهرت نفسي لكي لا أدخل الى المكان ، وأشدّ شعر تلك المسكينة ، وأقول لها ، لكِ آفةَ العُمر ان قبلتِ ، لكي آفتَهُ ، وستَندمِين بمجَرد التفكير برجلٌ غيري ، رغم معرفتي بأنّ لا حق لي كي ابني هذهِ الادعاءات والحُجج ، رغم عدَم معرفتها لعشقي لها ، رغمَ عدم معرفتها بماذا يحصل حولها ، أين عمي من هذا كله ، ربما لو كان هنا ، لكانت هذهِ الفتيلة المحرقَةة قد انطفأت بِـ مجرد كلمَةٍ منه ، يَجب ان أقنع مشعَل ، بأي طريقَةٍ كانت ، لماذا انا غضُوب ، لماذا اصبحت مجنُونًا وغيورًا لشيء ليس ملكًا لي ولا يحق لي ابدًا التحكم في مصيره ، لماذا اصبحتُ انانيًـا الى درجَة فتّاكة ، وصرت أضع العشر سنوات من عمري في غربتي لتكونَ حجّة لي على ما افعل ، .. لماذا انا ساذج الى هذا الحد ، وعاطفي الى درجة العشق السريع هذا ، لماذا هي من اسرتني ولما انا لم أأسرها ؟ ، اسأللتي كانت سيالاناً جارفًا بلا انقطاع ، وقليلاً حتى وجدت مشعل قريب في المكان نظر اليّ بحدّة ورحل الى فندقه ، متوجهًا الى مسكِينتي ليكسرها او ربما ليعيد اصلاح ماهشمه من كسورٌ فيهآ ، غبية لو انها قبلت او رضت ، ساذجة أنا أعرفها ، مذ ان كانت صغيرة .. يسَهل على المرأ جرحها ويَسهل على المرأ مداواة جروحها ، أحبها لأنها بهذهِ السذاجة والجنُون ، لأنّها لا تمتلك غير عواطفها لكي تثبت قوتها ، لكنها ممتلئة بالقوة ، يكفيني من هذا كله ،، عينَيها الجبّارتين ، اللتَان هدّمتا اركان واسوارَ حصُوني بمجرد نظرة واحدَة ، وجعلت شياطيني تعقد عرسًا مع ملائكَة ذهِني ، ياللعَجب ، أيخرجُ من الشّوكِ العنب ؟

" أيخرجُ من الشوكِ العنبْ ؟ "



،



فِـي السّعُودِيّة ، عند بيت ابو رياض ،وصَلتهُ مهاتفَة مع كبِير قبيلة آلَ زايدْ ، سيزورهَ الليلَة لِـ موضوع ضرورِي كما ادّعى فِي ذلكْ ، ابتَسم لِـ أم ريَاضْ بعَدما أنهَى مكالمتَه وهو يقُول : خير جعله الخير..
ابتَسمت هِيَ : وش الطاري يابو رياض فاتح مبسمك جعلني فدوة لـ ذا المبسم ؟
بُو ريَاضْ تتّسع ابتسامته أكثر : واصلينا جماعة من آل زايد .. الظاهر من كلام الوالد انه يلمح للقرب..
ام رياض بانتفاضة : والنعم فيهم والسبعة انعام..بس ليه مارديتهم مالنا بالهموضوع عازة..شفت اخر سالفة مع العِثبر مقرن يومه خطب ابنيتي..مابي السالفة تنعاد وشرف بنتي يكون سيف يشهره علي كل عاذل
بو ريَاض : البنت محد يقدر يتكلم بشرفها دامني ابوها..واللي يرخص بشرف عيال قبيلته فهو باع نفسه..وآل زايد مامنهم خطا يام رياض مامنهم خطا
ام رياض بعَدم راحة : ولو ليث رجع ومالقى بنت عمه من نصيبه..
بو ريَاض : ليث ولد اخوي والبنت بنت عمه..بس البنت مايتوقف مصيرها على شخص غايب..
ام رياض بزعل : يهُون عليك يابو ريـــاض ولد اخوووك وترخصـه..على الاقل امه المسيكينة ..مالها يوم بالهنا الا وهي تطالب راس الوريف براس الليث..
بو رياض باندفاع : شلون يعني ماهو بولد إخيي وما ازعل على حاله ؟..يشهد الله اني متقطع من داخلي على نصيب ذا الولد..بس ابيه يرجع اليوم لا تضيع بنتنا من يده..
ام رياض برجاء:تكفـــى يابو رياض اترك وريف له..اتركها له..
بو رياض بحَسرة : وان طلع ولد إخيي بالتراب..اشلعه من ارض الله والبسه اكفان الزفاف؟؟
ام رياض بدَمعة كسِيرة : معاذ الله يـاعلي وش هالكلام.. حاسني قلبي انا وامه ان راس الليث يشمه الهواء وبيرجع ياعلي ماهو بعيد..
بو رياض : نشوف الجماعة وش تجي..عيب نردها بعد جيّتها..انا خايف يقصمون ظهري بروس القبايل وكباريتها..ساعتها مالي الا ان اعطيهم كلمه ترضي شمايل العرب..
ام رياض: بنتنا ماتعودنا نجبرها.. دام ان امها ما نجبرت على إبيها والله ان ماتنجبر ولا ينكسر خاطرها..
بو رياض : معاذ الله اجبرها .. هونيها يام رياض..ولاتفتحي ذا الموضوع جنب ام ليث..
ام رياض : مصيرها بتدري اذا القبيلة ذي بكبرها بتزورنا بكرة..
بو رياض : وش عليه.. يزورونا ..زيارة الحي للحي..ماهو بغصيبة الزيارة تكون للقرب..وحنا مابعد نتحقق من نواياهم.. وانا ابفرح بذا البنت واشوف عيالها..وعجلي في مشعل لاقي له مرة.. ترا القبر قربت خطاهـ
ام رياض بجزَع : بسم الله عليك..وش ذا الكلام يابو رياض لاتفجعني فيك..صل ع النبي ومايصير خاطرك الا طيب..تريث في الموضوع وخلها لله..

ابتَسم بو رياض ، ولو خيّر بين ليث وبين ابناء قبيلة آل زَايد ، لرجحت كفّة الليث .. لن يخيب امله ، وهو واثق ان تجربة قدُوم آل زايد ، ستعطيه فرصَة لِـشيءٍ ما ، ربمَا لن يكُون زواجًا من ابنتهَ ، ولكَنه ...!


،






اليَوم الثالثْ لهم فِي هذهِ المزرعَة الكئيبة ، وتَشعُر بالضّيقْ ، وكل مابدَاخل صدرها يُهلِكها بسببْ تكهّنها بهذَا الألمْ ، يزفر الشهِيقُ من صدرها ، والشهيق يَنهمر فوق تل الذّكريات ، صوتٌ ما يحَمله هذا الأثير المنبعث من الريح ، يذّكرها بأن الشتاء قارص ، لتَنهض وتلتقط كنز صوفية كحلية ، ترتديها بإهمال ، غير مُدركَة للفتَنة التي تآلفت مع بياضها الشدِيد ، لتحرق كيَان الطبيعَة الخضراء ، وتلفت انتبَاه الجَميع ، عينيها الرماديتان تغوصَان في زهُور الفل المزروعَة بأرض هذهِ المزرعَة بكثرة ، تشتمها بعمق ، وتبتسم لرائحتها التي تدخل الى انفها ، مُندَمجة تمامًا مع الجو ، وضامنة تماما بأن قسم الرجال بعيد عنها بعد تحذيرات قاسية حملها سلطان لها عبر لسان جُمانة التي كانت تضحك على تعابير وجهها ، وبين سرحانِ تفكيرها والحَياة التي حولها ، ارتَجزت برعب حينما صرخت جمانة من خلفها لِـ تخيفها ، رؤىَ بغضب تحذف رأس جمانه ومِن بين اسنانها تقُول : جعل ابليسك الماحي رجيتي مصاريني من الخوف..ماعندك اتيكيت انتي ؟ ، جُمانة تضحك بقوة كبيرة
قوة تعتريها لتفجرها كطاقة بهلوانية امام وجه رؤَى الغضب ، الذي تحول اتوماتيكيًا الى الابتسامة مع ضحَكة جُمانة *المضَحكة* ، رؤَى : الحمدلله والشكر..مهرج ماتنلامين..الله يعين ابو عيالك على قروده اللي بتطلع من مصنعك..
جُمانة بَدلع : وه الا يالبآهـ هو ويا قروده جعلني مانحرم من الغول حقي ..متى يجي بس ..
رَؤى بخجل وغَضب وشِيك : اعوذ بالله من ذا البنات..آخر جيل صدق ماعندهن سحاا
جمانة : لاتطيرين بعيد تراك من جيلي
رؤَى : بس عندي سحا
جُمانة بِمغازلة طريفة : ياويلي على سحااااك انا بس.. الا ماقلتي لي يالفقمة هالحين شلون لقيتي سلطانوووهـ
رؤَى بغرور : قصدك شلون لقاني..لاني ماتشرف ادور عليه..
جمانة بتَنهيدة : اللي يعجبك..!
رؤَى : ابد..من الخوف انهرت وماشفت الا اخوك قدامي مسنتر..منصدم من وجودي..عطاني كم كلمه من جوفه الخايس..وانا عرفت كيف اربيه..
جُمانَة تغيرت ملامحها الى شيءٍ من الغَضب : عارفة لسانك سم وياكل البدن..الله يعينك ياخوي عليها!
رؤَى بانتفاضة : وليه الله يعينه علي؟؟جالسة على قلبه انا!
جُمانة تحركَ حاجبيها بإغاظة : قريب بتجلسين في حضنه مو بس على قلبه..
رؤَى بغضب وصراخ مفاجأ : احترمي نفسك انتي وذا البزر اخوك..وين حنا جالسين بملهَى ..!
جُمانة بصدَمة : ترا ماقلت شيء..
رؤَى يَقشعر جسدها برعب : مابىىى اخووووك..قتل اخوووي وباقي هليي مابيييييييييه..
جمانة تحتضنها لتهدأها : طيب صلّ ع النبي ..كنت امزح معك..
رؤَى بدُموع تطفُو فوقَ جفونها : لاتمزحين معي كذا..والله اموت من القهر والضييم
جمانة : ماعاش من يقهرك ويضيمك..بسك يالخبلاء يالطرماء وش اللي قلبك كذا؟
رؤَى تمَسح دموعها وتستَنشق الهوآء لتهدأ من روعَ ذاتها : طاري اخوك.. تكفين جمانة ابرجع البيت طفشت ممن المكآن
جُمانة : الليلة آخر شيء..بنمشي الليل الساعة 9
رؤَى : طيب..

ودَار الصمتُ حديثًا بينهَما ، فتلك ترتجف من لِسان الأخرى ، وتلك نَادمة لمزحتهَا التي لا تنفك عن إيذَائها .. !



،





فِي قَلب الصّباحْ اليتَيم من الهُدوء والرّاحة ، كانَ لايزال مُستَلقيًا في سريره بعدَ ان تم نَقلهُ الى قصر سعود العَزيز ، هَجرتهُ الذّاكرة من الوهلَة الأولى ، فأصبح يتيم الايام الخالية ،

وهُو يتّذكر الليالي الماضية ، اذ كان صغيرًا يلهُو في حجر امه ، كبر فجأة وهو يرا انعكاس رجولته الصارخة ، عضلات جسدهُ النافرة ، وشاربه الذي زادهُ وسامَـةً وهيبة ..

ماقد قيل في شأنِ الرجال الشرقيين بأنهم أكثرَ وسامة من غيرهم ، فهذهِ حقيقَة بحتَة تنطبقْ عليه ، كره الاستلقاء طويلاً ، لذلك قرر النهوض والخروج الى الحديقة ، ارتدَى ملابسهُ على عجل ، وخرج وهُو يغلق ازرار قميصه ..

لمحَها خلف الستَار من اعلى القصر بعدَما خرج من باب ملحقه ، ثم نفض انظاره الى والدها ، او عمها ، لا يعلــم ، المهم انه جلس على الطاولة ، وهو امام سعود العزيز ، لوحدَيــهمـآ ,, دون اي شريك آخر !!!

طلب لهما القهَوة ، وشرب قهوته ، والصمت العميق يجرح انياب السكون ، وبقهَر همس سعود : طولتها ياولد امك طولتها وهي قصيرة..

آدَم بتساؤل ودَهشة : غريب امرك ياسعود .. وش اللي طال وهو قصير؟؟

سعُود : البنت ..(وبقهَر همس ) ولا انت ماتباها وارخصتها خلاص ؟؟؟!!!

آدم بتَنهيدة حارة خرجت من اواصر صدره وهو يسند كفه الى خدّه : بنتك مجنونة..توها قبل كم يوم جايتني تبا تعقد صفقة باطلة من الاساس..

سعُود باستَنكار : وش اللي تباه الماتستحي ؟؟

آدَم : تباني اخليها..ماتبي تصير حرمي المصون..

سعُود بقَهر :

وليكُون سكتت لها ؟؟ .. لا تطاوعها وهي جاهل..انا اوريـها ..اخذت دلالها واجد..

آدَم : بتجبرها على شخصن ماتباه ؟؟ ..يهون عليك بنت إخيك ؟؟

سعُود يرتَجز : ولانها ماتهون زوجتها من اطياب العرب ومن هل الاشناب..

آدم بغضب : دامني من هل الاشناب ليه سويتني بذا الحالة النحس اللي انا فيها ذا الحين ؟

سُعود بغمُوض : على قولة هل الساعد..محدن يهرب من عرينه..

آدم بقهر : ماهو عرينك اللي يجيب لي الغربال..مصير اطلع من اقفاصك..لولا مخافة الله ولا الخناجر ما رخصتها عن صدوركم...

سعُود بقهر : تبي تغلني تبي تطعني .. ؟؟ في ظهري ياولد امك..

آدم : انا ماطعنت حد انتم اللي طبعكم تطعنون الواحد من قفاه.. (وقَف وهو يلتقط هاتفه) جهز بنتك يابو عمار ..سبق السيف العذل ياسعود..سبق السيف العذل..


وانصَرف من المَكآن ، لاهيًا عن ضيقه ، غير مكترثًـا بالتغير الجذري الي امتصه سعود من شخصية آدم ، والتفت الى هاتفه يتّصل بِـ هَاجر قائلاً : البسي اللي تزينين به حالك..اليللة انتي حلالــــه ..


،




يَفتح الباب فيجُد أنَّ البيتَ ساكن ، لا اثر لفوضتها بالمكَان ، الا جلوسها على اريكَة وهي تضع غطاءًا مخمليًا ممتدًا على جسدها ومتلديًا الى اسفل الاريكَة ..

وفي يدها كتآب تقرأه ، وباليد الاخرى تشرب قهوتها ، لم يلحظ منـها اي ردّة فعل ، استَغرب هدُوئها الظاهري ، توقّعها ان تمُوج في ثوراتها كلما دَخل الى المكآن ، فهي من لقنّته على مباغتَةِ الأنفسُ وهجرانها ،

رَفع حاجبهُ مستنكرًا لتجاهلها له!! ، خصوصا بعد هذه النظرة المحتقرة التي اهدتها له .. ، رفع حاجبه اكثر بتحدي ، وتوجه لها جلس امامها ، نظر لها طويلاً ، يريد منها ردّة فعل ايًّا كانت ، انهَيار ، ضحك ، تهّكم وعتَب وصراخ ..المهم انها لا تجلس في هذا الصمت القاتل

نهَر نفسه بأن لا يقف وينتزع الكتَاب من بينِ يديها ، لكنه فعل اتوماتيكًيا ماكان ينهَى عقلهُ مِنه ، لذلك وقف تجاهها واقترب ناحيتها والتقط الكتاب من يديها اللتان ظلتا معلقتان في الهواء لظرفِ دقائِقْ ..

ثم انزل يديها وانشغلت في قهوتها ، انحنى لها وهمست بسخرية : ليكون بتشيل الكوب من يديني بعد ؟؟؟

مشعَل بنَظرة تحدِي وبحَزم : صمتك يقتلني..وكلما كان صمتك كثير..كلما زادت بلاويك..

وريف بابتسَـامة ساخرة جدًا : ومن متى صار لصمتي اهتمام ..دام ان كلامي ماله اي أهميّة عندك ؟؟

مشعل بغضَب : ومن متى طال لسانك على إخيك !

وريف : اخوي ؟؟ .. وينه اخوي ..اخوي ضاع من يومه رجع من شقة ولد عمه مضروب..ضاع ومالقيته

مشعل يتلفت بقهر عنها : انتي اللي حدّيتيني اسوي فيك كذا ..لو انك قلتي وتكلمتي ماكان صار اللي صـار

وريف بألم : انا عبد مأمور ..اللي قاله ولد عمك سويتـه..

مشعل بغضب يصَرخ : ولد عمك ماهو بأولى من اخوك..

وريف : بس كانت ظروفه اولى من ظروفك.. (صمتت ثم اردفت ) ليتك ترجع ياخوي..ترا صدك ماهو مستاهل هالجفا كله ياولد امي..

مشعل يصمت ، تاركًا اياها تعبر من امامه ، خائبة الأمل ..دون ايما حراك .. او حتى تفسير منطقي يضعه مبررا لأفعاله ..



،



في فندقَـ سَكنه كان يَشتعل من الدَاخل والخارج ، ويظن ان اللهَب الذي يكَويه ، لم يلاقي مثله طيلة ايام حياتهِ الغريبـة ، عشَر سنوات من عمره ، احترق واحترق واحترَق ..لكنه لم يصل الى هذه الحالة..ان يكون ناتج احتراقه رمادًا منفوثًا ..

اصبح يمشي بتوتر في باحَةِ بيته ، يموج يمينًا وشمالاً ، وبَين الفينَة والأخرى يسرق انظار الى البلكونة المقابلة ، رغم معرفته بأن مشعل من يسكن المكآن الآن .. ، لكنه ينتظر اجابة صامتة من المنظر الذي امـامه .. !!

منذُ الصغر ، وهَـي له ، معقُودَة بإسمـه ، كانت امه تعدُه بأن تخطبها له بعدَما تكبر ، اصابه السرطان فأقعده ، ووحلّ ماحلّ .. وابتعَد عن خيالـه بأنها ستكُون احَد همومه يومًا ما ، ربما اي شخص عاقل يصفه بعدم النضج في اختيار الطريق..

لكن الحريق التي اشغلته طيلة عشر سنوات من عمره ، جعلتهُ يتوثّبُ المًـا وهو يهيم الآن في لقاء جواب ،

وفجأة ودون سـابق انذار!!، تخطر في ذهنه فكرة غريبة ، ويظن ان الصمت قاتلهُ ما ان انصاع لأوامر الصمت !!

فاختار يراهـ ، علّه يحل شيءٌ ما من مصيبته .. نَظر الى شقته ، ووضعَها المكركب ، قام بترتيبها بسرعة .. ثم ارتدَى كنزة باللون الكحلي وبنطال جنزي ، فاهتم بأن يرفع هاتفه ، ويقف امام البلكونة وهو ينظر لمشعل ويشير له بيده ..

كنايَة عن انه سوف يتصل ، يتصل ، ويرى مشعل ينظر لهاتفه ثم يضعه على اذنه ويردّ بمضَض يتذكر آخر المواقف بينهَما : السلام !

ليث : وعليكم السلام والرحمة..وش اخبارك يابو علي (اختار ان يناديه بكنيته كي يكسَر القليل من غروره )

مشعَل : الحال من بعضها يالليث..فاقدين ومشتاقين..ومن اللي فقدناهم مقهورين ومجبورين بالصمت..

ليث : الله لا يرد الكيد في نحورنا..لو بغيتك تجيني هالحين..مانت برادني صح ؟

مشعل بحَزم : ماعاش من يردك.. اللي تباه يصير ..جايك بعد ما اتطمن على هل البــيت ( وشّد على آخر كلمَـاته)


ابتَسم ليث براحة وهو يهز رأسه وينظر له مشعل ، ثم يغلقان الخط بصمت دون ترجَمة لصمتيهما .. ثم عاد الى الداخل ، وطلب قهوة من الكوفيه الذي يقبع اسفل الفندق ، دقائق حتى وصل مشعل ووصل معه جرسون المطعم حاملاً القهوة معه ..

ليث يبتسم ويفتح الباب بترحيب لمشعل ، ثم يلتقط القهوة من الجرسون ويدفع اجرتها ، ويدخل الى الداخل .. مع مشعل...

جلس الاثنان متقابلان ، مشعل يبتَسم بتحدّي ، وينظر لليث المشغول بصب القهوة وهو يعلم ان في جعبة هذا الانسان المتغرب حديث طائل ..

ابتَسم لليث وهو يلتقط القهوة التي مدها له وقال : سم ..

مشعل ردّ الابتسامة بخبث : سم الله عدوك..وش ورانا امس انضربنا واليوم تراضينا ..

ليثَ بخبث اكبَر : عيال الامس تعقلوا اليوم..

مشعَل بتحدّي : نشوف الايام وش تسوينا ..(اعتَدلت نبرتُه إلَـى الجدّية ) وش وراك ؟

ليث ابتَسم : ابي كريمتكم ..ماهو برادني عنها ولا شيء..اباها اليوم قبل باكر ..المهم انت تكون لي على سنة الله ورسوله..

مشعل بدَهشة : علومها الناس صارت تبي اختي بوقت واحد..انت وولد آل زايد خاطبينها..وانا شوري عند شور اختي..

ليث : في هالغربة محد ولي امرها الا انت..وابوك مكفلك بها..ابوك من يومه يباني لبنته..وانا اباها ..(بجدية)يعني هي لـي يامشعل ماهـي لغيري..

مشعَل بحَزم : يعني شلون تباني اجبرها ؟ ..وان كانت تبي ولد آل زايد..

ليث : انا مستعد ادفع دم قلبي عشان تكوني لي.. اباها يامشعل ولا يرخصني عنها اي مخلوق..بس من مخافة الله جيتك وطلبتك اياها..ولا الجنون كان يوديني ان اكلم عمي واخطبها منه..

مشعل : كنت فضحت حالك وفضحتنا معك.. مابي اقهرها واجبرها على شيء هي ماتباه..بس لو خيروني بين وبين ولد آل زايد..والله انت الاولى ثم الاولى ثم الاولى..

ليث : انا ولد عمها وانا اولى بها يامشعل..

مشعل : طيب كيف بتعيشها..كيف سامح لنفسك بذا الوضع انك تاخذها ويمكن تضميها اذا انت ماعشمت اخوها يومه جاك مشتاق..

ليث بقهر : كنت مستنزف ومتهكم..اناني وتبغاني ارجع لكم ومن دون مقابل..

مشعل بغضب : حـنّا اهل..مافي لرجعتك مقابل..

ليث : بلى..يومني تغربت صار لرجعتي مصلحة..

مشعل بَغموض : افهم من تفكيرك ان وريف هي المقابل !!

ليث : اخس واقطع..محشوومه ..درّة مااساومها..

مشعل : وش هو المقابل..

ليث بنَظرة للبعيد:ضمَآن..

مشعل : وش هو ضمانك..

ليث : ضَمان الأمان.. انا ماني بـ مأمن يامشعل.. خايف يعثون فيني اهل هالارض..

مشعل : اجل دامك مانت بمأمن ليه تبغى وريف..ماتخاف يجيها شر ؟

ليث : اباها على ذمتي لين مارجع..اضمن على الاقل انها لي ويهدأ حطب نيراني..

مشعل بهدوء : انت ولد عمنا وطول عمرنا نعرف ان عيال العمام اولى من غيرهم بحفظ البنات..بس ان كانوا بناتنا مايبون عيال عممامهم فحنا مافينا خير ان جبرنناهم او ضمناهم

ليث ببرود : ومن قال اني اباك تجبرها..اعرضني عليهآ ولاتشوه الصورة (بقهر) عارف ان بليس هاليومين متربع في راسك..

مشعل : اعوذ بالله.. عن نفسي عطيتك..باقي وريف..وان كان على راي ابوي..ابوي لين اخر مكالمة وهو يتمنى رجوعك عشان يصير راسك براس الوريف..

ليث بابتسامة : عمي مامنه مخوفة..(بخبث) المخوفة بالطليعة اللي جابها (كان يقصد مشعل)

مشعَل يتنرفز : ماهو بأحسن من هالطليعة بين العربان والمراجيل..

ليث يعُززّ له : كفو ..

مشعل بتنهَيدة : بس اصبر علي كم يوم..رباها على يدي البوارة..

ليث : ماهي ببوارة ..اصيلة من يومها وعارفة ربها..ربات علي ماهي خايبة..

مشعل يبتَسم : والنعم فيك وفي مطلبك ..


،

في مجلَس ابو ريَاض السَاعة الثامنة ليلاً ،



دخل مع فهد حفيد اخيه الراحـل ، طلب منه ان يقدم القهوة لِـلرجآل ، وانتظر وصول آل زايد وهو يؤكد على النساء بإكرام الضَيافة ، كانت شوق واسمآء متواجدين تساعدان ام رياض في اعداد الوليمة ،

راكان اتى توا وهو قد اشترى طبقين من الحلويات الفاخرة للتقديم ، حتى حينهـآ دخل عبد الرحمن آل زايد مع ابنـه ملحم ، مع رؤس بعض القبائل الكبيرة ، إكرموا بالضيافَة العربية الكريمة ، ثم تكلم كبيرهم ، عبد الرحمن :

الله يبقيك ياعـلي يشهد الله انك ماقصرت ، وعلومك علوم عربان ، ومن يومك على راس القبايل ، وآل مالك كلهم ضيعوك يوم انهم خاصموك ..

ابتسم بو رياض :الله يقويك ، يسلم طيب حكيك ولسانك ، سمي ياعبد الرحمن ولا فيه من يردك ..

عبد الرحمن يتكلم : جيتك ممع عيال قبيلتي وما ارخـصت جيتي ، وهالحين اباها طلبه منك ولا انت اللي ترد اللي يباك يابو رياض ؟.

بو رياض : إخس وإقطع .. والله ان ماتطلع خالي

عبد الرحمن يتنهد براحـة : هذا هو ولدنا وانت عارف اطباعه ، مانبي نكثر مديح ، ولا نهتدي بالذم ، سايل عنه القبايل وشف وش يقولون ، ربات ايدي ماخابت ، ورباتك ياعلي هي اقرب لقلبي واحب له من ربات غيرك .. الا تعطينا الوريف ؟؟

بو رياض يبتسـم : والله ان ماتطلع خالي ..شوري من شور البنت..ماني جابرها ولا اني براخصها..وان كان حكم النساء في الزواج بيع,,فولدكم خــير من شــاريها !! ..بس الا ياعبد الرحمن مادريت ان بنتنا تحيّرت من سنين لولد عمها ؟

عبد الرحمن : ادري ولو ماكنت ادري ماجيت ..ولد عمها غايب يابو رياض ومحدن ضامن نجاته .. البنت نباها وشارينها بحلو الذهب..

بو رياض بثقـة : بنتي ثمينة ماتقدر لا بالذهب ولا بغيرهـ ..ان كان ردنا على ولدك بـ إيه فيافرحتي به .. وان كان البنت تبغى تعيش على طيف رجوع ولد عمها ..بأمهلها لين رجوعه ..وان مارجع فكلن ياخذ نصيبه .. (ثم ابتسم)

بس يابو ملحم قلت لك كلمة ومابثنيها انت ماتــطلع خايب .. وفي بين يدينك اللي يرضيك.. تزوجنا كريمتكم لولدي مشعل ؟

عبد الرحمن اسَتبشر واستهل وجهه : مشعـل اشتريه بدم قلبـي .. خله ياتي من غربته وبنتنا له بأي وقت .. ومن غير مهر بعد...

بو رياض : لازم وواجب ان يكون لها حق في الصداق (الصداق\المهر) .. انتظر رجوع ابني وبنتكم ماتخيب..اهم شيء ما اردك خايب ياعبدالرحمن.



،



،








السَّاعة الثَانية عَشر ليلاً ، تتحرك بسكُون في المَكآن وهي تقوم بجَمع الصُحونْ مِن الطاولة المُتحركَة التي تضع فيها الطعام يوميًا وتسَحبها معها إلى المَطبخ ،

بعَدما تأكدت بأن أخيها أكل ، وَحمد الله ، وقفت بشرُودَ واقفَة امام المَغسلة تغسِلُ الصّحُون ، تَنسى خُصلاتْ شعرها التي تتوزع على آفاق تلالِ كتفَيها ، وعلى تّلِ الشّفاهِ المَشدُوه ترَنُو اعجُوبَة ابتسَامة ساخرَة جدًا ،

كَم نبدُو ضعفَاء حينمَا نخشَى أن نواجِه أنفسنَا ، أن نكُون عَاجزِين حتّى عن البَوح فِي خارطَة الهُموم المُثقَلة بها أكتافُنـا ، تتَمايلُ الكلمات امام عينَيها ولكن تعرف وباء الفشل الذّي يعُم المكَان ،

خافت من الوِحدَة ، تخافُ ان تمُوتَ وحيدَة دُون أن يستَمع هذا الصنّمُ المنحُوت القاسي إلى تفاصيل حديثَها وهمُومهَا ، بعَدَما كان يُشاطرها بالنِّصف همُومَه وهي تنصف له هُمومها ..

حينما نبدأُ بالانغماسِ في هذه الحياةِ التي نظنّ بأنها ستُنسينا ما نرُيدُ أن ننسى .. ننشغلُ بمادّيّاتها و توافهِها .. ولا نعلم بأن روابط الأخوة هي ذاتها المغَزى الحيَاتي الذي نعيشُ من اجله !

فَكيف بها تتحدّر على هُدوء خدّيها كريسَتالات حزينَة ودامعة ، مجروحَـة وصامته ، صمتها ضدّ اخيها ليسَ عجزًا منها ولا قوّة ، بإمكانها التبرير بمئات المبررات أمامه ..لكنها وجدت انه لا يستحق ان تبرر له اخطاء لم تقترفها ..

لانه اساساً لم يحترم القاعدة المبنية بينهما منذُو الصغر ..رابط الاخوية القوية التي تجَمع بينهَمـا ، بعَدما فارقهما رياض حينمَا كانا صغيرين ..

ولم تنتَبه تماماً لليدَ التي امتدَت بخشونة اليها تضمها الى صدره ، تصلّب جسدها حتى ولم تغير من تعابير وجهها ، عاجزة عن محاوطته وضمه ، وابداله المشاعر ، شعرت بالبرود او الصدممـة ..

واخيهَا لازال يقسو عليها بذراعيه اللتان تحيطان بهاا ، بدأت ترتجف كالملسوعـة ، وتبكي بأنين أشبه بالمَوت ، كانت تعتقد ان السفر عن الوطن هُو الغربة ، لم تعتقد بأن فراق الاهل مع تواجدهُم بذات المكان غربَة مضاعفـة أكثر وأكثر !

حرارة صدره اشعرتها بأنها معه في حضنه ، وهمسه في اذنها : دخيلك سامحيني .. كنت ابي اعاقبك ..بس انا عاقبت نفسي..

وريف بألم : كنت اقسى مخلوق اشوفه بحياتي ..طول عمرك مسالم وماعندك هالوحشية ..فجأة تحولت لشيطان ارعبني..تدري وش اللي حسسني بالغربة ياخوي..صدّك..
ولا تظن اني عاجزة عن الرد من تجريحـاتك..بس كنت مقهورة منك وابلع غصّت كل حرف لاني ظنيتك ماتستاهل مبررات..

مشعل بحنَان يمسَح على خصل الحرير من شعرها الذي التصق بقميصه ، حتى شعرها لم يبخل باحتضانه ، لأنها ارسلت كل طاقتها الجسدية لتهَبها هذا الحضن الدافئ الذي طالما تمنت ان ترتمي فيه لأكثر من اسبوعين على التمام ..

همس في اذنها بحب : يخسا مشعل يومه نزل دموعـك..ومد إيده عليك..كنت اموت لما شفتك سكتي بعدما كنتي تلحين علي تبين ترضييــني ..بس لما ضربتك وشفتك سكتي عرفت اني حطمتك

وريف بألم تمسح دموعها وتنظر لعينيه : ماعاد تعيدها وانا اختك قسم كسرت ظهري بصدّك وتهميشك..ان عدتها والله ماعاد تعرفني والله لاشتكيك لعــلي..(والدها)

قبل يديها بجزع : اعوذ بالله تنقص رقبتي ولا ازعلك..خلاص وانا إخيك..مسحي دموعك..ابي اكلمك بموضوع..

وريف تمسح دموعها : طيب ..

توجّهت معه إلى الأريكَة وهي تضع غطائها من الفرو البني على جسدها وتضمه الى صدرها وهي تقول : سم قول..

مسَح على شعرها بحنَانِ يغمرهُ الدفء والإبَآء : تدرين اني مقدر افارقك؟..ولو فارقتك بيوم حتى وانا زعلان فكنت اموت خوف عليك واضطر اجلس تحت الفندق على جوالي ..احس لو بعدت عنك كثير بموت..بس ياختي البنت مصيرها من يشلعها من بيت ابوها ويزرعها بوسط بيته..
فيه من يبيك تكونين ملكة في بيته..وفي من يبيك خادمة لبيته..بس ان قلنا كوني ملكة فظلمناه..وان قلنا كوني خادمة..فظلمنــاك..بس كوني الإثنين ياإخيتي ..الله يحب العدل والاعتدال.. خدمة الزوج والاهل ماهي بعيب...

وريفَ تحمر وجناتها البيَضاء لتنغمر في تل حرارة وتضطر الى نزع الغطاء من على جسدها وهي تقول : شفيك مشـعل؟؟وش قصدك!

مشعَل ابتسم : يعزّ علي والله اني اتركك تروحين لرجال ثاني..بس هذي سنة الحياة.. تقدم لك اثنين وانا اخوك..اثنين مايرخصون علي ولا على ابوك..

وريف بخَجل وهي تحس بأن موقفها اصبح اصعب : أيهُم ؟

مشعَل تتسّع ابتسَامته : ملحم آل زايد ..والليث ولد العمومه..



ارتَبكت الكلمات على تل شفتيها ، الاثنان كفتيهما ممتلأة ، ولكن كفّة ترجَحُ عن كفَة ، فقررت ان تبتر عباراتها : بيكون خطأ لو جوابي يجيك هالحيـن ..تصبر ياخوي تصبر..

مشعل : كم يعني ..ترا الجماعة مستعجلين..

وريف بخَجل : انت وش تقول..ايهم كفّتــه ترجح ؟

مشعل بثقَة : الاثنين انعم واطيب ..بس ولد العمومه غيــر..وامه وامي يبونكم لراس واحد..وابوي بيموت على ماصير خال عيال الليث..

وريف تتقّطع خجلا وتشعر بأن مفاصل جسدها تيبست تمامًـا عن الحراك ، عاجزة عن اخذ النفس بالصورة الاعتيادَية ، وهي تلحظ ابتسامة مشعل الخبيثَة : خوش صفقة دام وجهك صاير قوطي طماط..

وريف تحذفه بالوسَادة بقهر : ماهو وقتن للشمـاته..

مشعل : بس لاتردين حد عن حد الا وانتي مقتنعة..كلامي في الليث لاتخليه يأثر على منظورك الشخصي..يمكن انا اشوف غير عن اللي تشوفينه..استخيري..يمكن ولد آل زايد مصيرك..ويمكن الليث..بس ترا ولد عمنا من عرف بأنك انخطبتي ماهدت ناره وقال لا والله ان ماتكونين لغيره..

وريف تصمُت وبداخله حديث يتوجس دُون رحمَة

" ما اكُون لغيرهـ ..؟

ليه أنا طول عمري انخلقت حتى اكون لمن ؟

طول عمره امه تتمناني لـ مين..

وكأنها تشوف في عيوني بحر عيونه..

طول عمره انا له ماني لغيره..

بس هذا مو حاجز..مو حاجز..

ولد آل زايد مافيه الا الخير..

ولد إبيّه ماينرد .."













 
 

 

عرض البوم صور غَيدْ   رد مع اقتباس
قديم 10-06-15, 12:56 AM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 269296
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: غَيدْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غَيدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 




البارت : الرابع والعشرُون .





و سرت يا ليل المدينة

أرقرق الآه الحزينة

أجرّ ساقي المجهده ،

للسيّدة

بلا نقود ، جائع حتّى العياء ،

بلا رفيق

كأنّني طفل رمته خاطئة

فلم يعره العابرون في الطريق ،

حتّى الرثاء !

***

إلى رفاق السيّده

أجرّ ساقي المجهده

و النور حولي في فرح

قوس قزح

و أحرف مكتوبة نم الضياء

" حاتي الجلاء "

و بعض ريح هيّن ، بدء خريف

تزيح عقصة مغيّمة ،

مهمومة

على كتف

من العقيق و الصدف

تهفهف الثوب الشفيف

و فارس شدّ قواما فارغا ، كالمنتصر

ذراعه ، يرتاح في ذراع أنثى ، كالقمر

و في ذراعي سلّة ، فيها ثياب !

****
لِـ : # أحَمدْ حِجازِي .






هناكَ خيوط من لهب تطوق رقبتي ، تجعلني أسيرة لا احملُ حرفًا يمتلك اليقين الكامل للإجابة بـ نعم ..او لا .. من هُو المناسبُ لِي ، من هو الشخص الذي يستحقني بالفعل ، تلك كانت تساؤلات غامضة تحتوي على أسئلة عميقَة .. لم يكن باستطاعتي الاجابة عنها .. المُؤلم انني اخترتُ الصمت لمدة طويلة ، والطرفان لازال ينتظران ، والحريق يشتعل في داري كل يوم وانا احاول اخماد الدخان المشتعل ، لكنني ابيتُ الحراك ، ولا اعلم لماذا ..لقد خيروني بين الجنة والنار..فلماذا لا اختار الا النار؟ لماذا ارتياحي كان ناحية الشقاء الطويل ؟ . لم ؟ ، لماذا القرارات الحياتية تحتم علينَا ان نختار شيئًا لم نكن لنريدهُ يومًا ؟ او ربما نريدهُ بشدة ، لكننا نتأذى منه ... نعم حبيبتي ..حياتي المدللة..انا موافقة..على النيران واللهب.. انا موافقة على الحدس المستميت ..على الموت المنصَرم.. أنا موافقة .. انا لك ايها الغائب..وسأكُون دومًا لك.

تَخرجُ بهدوء من غرفتِها متسللة ، وبذَات الوقت مرتبكَة ، ترتجف شفتيها من قرار سيرسم لوحة حياتها على ضفاف المستقبل . هدأت من روعِ ذاتها واستجَمعت قِواها ، الضعف لن يقودها الا للشيء المستحيل ..وهي تريد الشيء السهل..السهل جدًا ..لكنهُ ممتنع .. تنفست براحة وهي تطلق زفيرًا ينمُ عن ارتياحها وشعورها بالرضى . وتجلس على الاريكة بجوار اخيها ، الذي بادَرها الحديث حينما لمح ارتباكها : شفيك ؟ تبي تقولين شيء؟

الارتباك ، والخجل اللذيذ ، هو مايجعل الفتاة في اجمل حالتها ، خصوصا حينما تتراجع عن البوح وتستنكر انها كانت تستجمع قواها قبل قليل ، ليتطاير من وجنتيها دخان الخجل وتحمر دون بوحٍ قوي ، فتهمس بانسحاب : لا ..بــس..

مشعل بإصرار يبتسم : بلى بلى ..كنتي بتقولين شيء..اللي هو ؟
وريف تحَمر بزيَادة وهي تنغمر وتذوب داخل ردائها ثم تنطق واخيرًا : كنت ابي اقول لك..عن الموضوع اللي كلمتني عنه..
مشعل بابتسامة : ايوا .. ووين وصلتي ؟ ومين اخترتي؟!
وريف يرتَجف صوتها من الخجَل : ولد عمــي..

صَمت ، وطال صمته ، وكان صمته الأليم مستميتًا ، هل تنقذ الموقف وتتراجع وتقول له لا اريده ..هل كان من الخطأ أن تختار؟ ، هل هيَ حقًا لا تمتلك جرأة الخيار ؟ . تنفس مشعل بقوة ثم ابتسم لها وقال : مــتأكدة ؟؟
وريف بحَذر : ليــه يــا اخوي ..انت عايب عليه شيء؟
مشعل : ليث ماينعاب..اللي ينعاب مصيرهـ..ماهو معروف للحين!
وريف : بس كنت تبيني له..ليه غيرت رايك ؟
مشعل : اعوذ بالله وليه اغير رايي..للحين اباك له..بس خايف انك تسرعتي في قرارك وانك مو لامة بموضوع ليث عدل..
وريف : بلى عارفة شصاير عنده ولد عمي ووش اللي ممكن يصير..وعارفة كل شيء حولي..بس قلتها ياخوي..كفته ترجح !
مشعل يقبل رأسها : الله يوفقك ..مـابي اشوفك غير مرتاحة ومبسوطة..
وريف : الراحة بوجودك ياخوي..
مشعل : يالله بروح ابشر الرجال..
وريف تقف بارتباك وتمسك يده بقوة : لااا ..لاتروح الحين..
مشعل ينظر لارتباكها المفاجئ: ليييه والرجال على نار؟
وريف تهز رأسها برفض : لا تقول شيء الحين..مابيه يعرف..خله يكتوي لين مايدري انه خذاني.
مشعل يضحك : ههههههههههههه ان لله من ذا البنت..وراك تحريه كذا؟ ماهو بـ آدمي ومالي عينك ؟!
وريف تصمت بخجل ، ثم تنسحب الى الداخل ، ترتمي على سريرها وهي تشعر بحرارة تنطلق من كل افواج جسدها..وخصوصها وجنتيها وعينيها..حالة من السعادة البسيطة التي شكلت لديها غيمَة من التصورات الجميلة .. رسمتها كحلم ينبثق من شرنقة العالم ..ويصول ويجول فيه الى ان يصل الى قلبها مرة اخرى ..محملًا بالسعادة اللا منقطعة .. انه حلم .. حلم ...!!ومَـا اجمَل الحُلمْ .



،

كَانت تضم شفتيها بتعب وبتفكير منهَك ، كانت لا تريده ، ولازالت لا تُريده ، فكيف يجبرها والدها الآن .. ويقول لها بأنها ستكُون له ومعَه .. والليلة ؟! ، هربت الى بلكونة القصر تنظر لسواد السماء ولمعانِ النجُوم ، ولا تعلم بأنها تراقب المدى البعيد والأفق المختفي بين النجوم التي كانت تغازل القمر ، ليلة بائسة .. لقد نزفت من الاعماق ، حتى وصلت عنان السماء ، تسائلت فجأة ..لماذا البشر يحزنون ؟ ولماذا يختارون السماء او البحر حينما يصيبهم المًا ..لماذا نختار الاشياء التي تتغير باستمرار .. وربما تخدعنا بجمالها ..لكننا لا نعلم في الحقيقة مالذي بجوفها ؟ ..وذلك الرجل العوسجي..الا يشبه البحَر؟ او السماء؟ .. لانعلم مالذي يدور بداخـله .. ؟ ، تنفست طويلاً وهي تراقب المكان ، لقد تمت مراسم العقد بيسر وسهولة على الجميع .بينما هي لازالت تشعر بأنها تذوب خوفًا من مصيرٍ مجهول .

لَو كان باستطاعتِي ان اغوص فِي جبين السمَاء ، أن أنامَ على نجمةِ ناعمة ، ان لا ارتعش كارتعاش القبور ، انا انطوي الى مساحة النور ، ان انغمس بين ضوءِ القمر ..وأختفــي..وأختـــفي.. وأختـــــــــــفي..! "لو" .

التفتت الى المرآة الطويلة ، تنظر الى فُستانها الاسود المخملي الذي يتناغم مع براعة جسدها ورشاقته ، وبين فتنة نحرها يرتمي سلسالًا يتلألأ بلمعانه .. وبروز مفاتنها هي الوسيلة التي لا تريد اغوائه بها . رتبت خصلات شعرها المموجة ، جلست على اريكة الغرفة التي قاموا بتجهيزها لهما خلال يومٍ وليلة !!، انتظرته برعب..بارتجاف بين الفينة والاخرى ، وطال وقت مجيئــه ، وباغتها النعاس ، بل فوبيَا الخوف ، فحينما يخاف المرء من شيءٍ ..ينَام ، لذلك كان نومَها على الاريكة دون ان تشعر ، ومرة ساعتَان ، حتى دَخل من تخافه !.
بمَجرد ان رآها نائمة ، اقترب بهدوء الى مكانها ، ونظر اليها متفحصًا ، من تكون تلك الشرسة من هذه الانثى البالغة في الانوثة ..
اختار ان يتركها ، فهو لا يحب ان يشن حربًا ضروسًا اليوم ..ان يستلقي وينام ، هو أكثر شيءٍ يريده ، حينما استلقى على السرير لم ينتبه لها بأنها بدأت تستيقظ ، او شبه مستيقظة ، وصار يتذكر والدِته ، وتأتي صورًا لها في راسه ، صورًا تمتزج من ذرات الحنين ، وتستفيق في عقله لتدور كفلمٍ سينمائي ، مع اصوات متقطعة كأجراسٍ غير مرئية ، ترن في دماغه دون رحمة .. انتبه لها تقوم بارتباك وتستر صدرها الذي فُضح جزء كبير منه اثناء نومها الفوضوي . وقالت بتهكم : انت وبعدين معك ؟ ماتعرف شيء اسمه ذرابة ؟ ..طيب يا باش ادم لما دخلت ليه ماجلستني ؟ ع الاقل كنت اكثر اتيكيت وقلت لي قومي نامي على السرير عشان انام ع الاريكة ؟

آدم يضع يديه خلف ظهره باستمتاع ويهمس بابتسامة جانبية : نعم ؟ أيــه انا ماعندي اتيكيت ! ، وبعدين ليه اقوم انا وانام ع الاريكة؟ تعالي هذا السرير واسع .. واظنه نفرين !!

هاجَر بقهر : وعع وعع انا مانام جنب هالاشكال لعلك الجرب قم خلني انام انكسر ظهري من ذا الاريكة الحيوانة ..
آدم يعقد حاجبيه : وبعدين معك على لسانك الوسخ ؟ متى بتنظفيه ؟ تبين تنامين حياك ..تبين تتخانقين رجاءا اجليها لوقت ثاني لاني مالي خلق لدوشة راس..
هاجر تضع يدها على خصرها بغضب وهي تنظر له باشمئزاز وكأنها لا تتخيل ان تنام بجواره ، انسحبت بغضب وتوجهت الى خزانة الملابس لتأخذ بيجامة حريرية باللون الابيض وتدخل الى غرفة التبديل لتستبدل ملابسها .. بعد ذلك اخذت وسادات من الاريكة ووضعتها كحاجز بينها وبين آدم كناية عن رفضها المستميت لقربه ، كان يراقب تصرفاتها وعلى شفتيه ابتسامة جانبية .. وتنام بغضب وهي توليه ظهرها .. اغلق النور ثم انتفضت بغضب : آدم شغل النور.. من يومي مانام الا بنور..
آدم برفض : وانا من يومي مانام الا بظلمة..
هاجر بغضب من بينَ اسنانها : جعل ليلك ونهارك ظلام ..شغل النور ابنام..
آدم يقترب فجأة وهو يكسر الحواجز وهو يميل بجسده اليه ويضرب بيده المكان الذي بجووار رأسها ويقول من بين انفاسها المرتجفة : قسمًا عظمًا ..ان مانمتي هالحين والله ان ماياتي الصبح وانتي سليمة ..

ارتَعبت بخوف وهي تصمت ، ثم تهز رأسها بطاعة وتبتعد عنه ، ولم تنم الا حينما سمعت انتظام انفاسه كنـآية عن نومه ..فنامت ..!!

،

كانت عودتهم من المزرعة شاقة ، انهارت على سريرها في غرفتها من التعب ..يكفيها الطريق الطويل الذي ارهقها بالفعل ، او الضغط النفس الذي تلاقيه من بين تعليقات جمانة وهيفاء ..او حتى رؤيته .. القهر هنا يتعاظم عليها ..وتشعر بأن بقائها في هذا المكان ليسَ لهُ مبرر شرعي ، ربما قد يكون هذا المكان هو اخطر من المكان الخارجي..او الغطاء المكشوف .. بينما هي تنظر الى سماء الغرفة .. وتتأمل كل تفاصيل المكان ..تدقق بكل شيء..بالجيبس الذي في الجدار..بالثريات الانيقة التي تنسدل من اعلى السقف..بكرستالاتها اللماعة والبراقة ..بأناقة الغرفة التي لم تكن لتحلم بها يومًا ، سمعت صوت الاذان ...اذان المغرب..قررت ان تصلِّي صلاتها ..فذهبت الى دورة المياه واستبدلت ملابسها ..بملابس مريحة ..ثم خرجت بعد وضوئها ..لتصلي فرضها وتريح قلبها بالقُرب من المَلكوتِ الأعلى .. إلى خالقِ الكون في ستَةِ ايام .. الى من له قلبها يخفق .. الى ربها..الى عنان السمَاء .
بعدما انتهت من صلاتها ..جلست على اريكتها بجوار السرير بتملل..
احست بدخول هيفاء التي كانت تحمل طبق من الدونات مع القهوة لتجلس بجوارها وهي تقول : شحالك اليوم ؟
ابتسمَت بهدوء : تمام..بس احس بتعب من الطريق..
هيفاء : معليش بس بالله مااستانستي؟
رؤى تبتسم بمرح : بلى والله انبسطت كثير.. خصوصا لما تعرفنا على بنات ام ليث..
هيفاء : ان شاء الله مو اخر طلعة لنا..راح تنبسطين بالمستقبل..
بس رؤى حبيبتي ابي اكلمك بموضوع ضروري..لازم تتفهمينه وماتعصبين..يعني عطيـني فرصة حتى تفهمين الموضوع وتتقبلينه .

رؤى بحيرَة : طيب..وش بك ؟ قولي!
هيفاء : ياحبيبتي يارؤى..اللي صار لك ادري انه مو شوية ..واعرف إن مو أي بنت تمتلك الشجـاعة وتتحمل اللي تحملتيه ..بس هم انتي بنت عاقلة وتفهمين ..ان اللي صار مو من سلطان ..لان مافي شيء يثبت ان سلطان سوى شيء لأخوك..سلطان والله مايطلع منه..حتى لو طلعت منه ماصدق.. مادافع عنه صدقيني..بس انا اتكلم بصدق..هذا الانسان صافي من الداخل والخارج.. يعني مافي مجال ينشك فيه.. اللي صار بيوم الحادث انه كان داخل السوبر ماركت..طلع وانتبه لاخوك طايح بدمه..قرر انه يروح جنبه حتى يشوف شحالته..بس الظاهر انه كان يودع..ولما سمعتي صوت الاسعاف ونزلتي وشفتي اخوك مطروح على ثياب سلطان كنتي تظني انه هو الفاعل..بس ابدا ماكان هو.. واللي يثبت هالشيء ان سيارته ماصابها أي شيء ولا حتى تلطخت بدم اخيك.. اساسا ماتحركت من مكانها حتى يكون في مجال للشك فيه..حنا عرفنا ان ردت فعلك كانت عنيفة مو لانك شفتي سلطان سوى شيء لاخوك..بس انتي ماكنتي متقبلة فكرة موت اخوك..فرميتي التهمة على سلطان..لعل وعسى يبرد شيء من همك..

رؤى تتنهد بألم وترنُو دموع متلألأة من جفنها ..ترمش طويلاً حتى لا تسمح لهذه الدموع بالانهيار لكنها تنهار بألم وتحاول التماسك ، لكن هيفاء تحتضنها وهي تستمع لنحيب رؤى ، تنفست بقوة لكن هيفاء رفعت وجهها لتمسح دموعها وتقول : مابيك تبكين ياقلبي..اعرف انك اقوى من هالكلام وهالظروف اللي انتي واجهتيها .. ابي منك شيء واحد ..تفهمينه وتفكرين فيه زين.. وجودك بيننا هذا شرف لكل واحد فينا.. بس انتي معيوبة وحنا معيوبين لا ظليتي كذا..عشان كذا نبيك لسلطان..لان مستحيل نفكر نبعدك من ذا المكان.. واوعدك ان سلطان رجال خير وولد حلال..بس فكري فيه زين.. واستخيري ربك..لاتجاوبين بالرفض لان مابي اسمع لكلامك..غير هالسلبيات عنك..وعسى أن ياتي الخير بعد هذا كله..وتستريحين.

رؤى صمتت ، وهي تنظر لهيفاء مغادرة ، زفرت بضيق شديد ، ربما الضغط الذي بداخله هي من صنعته ، تشعر بأنَ هيفآءْ محقّة بذَلكْ ، وأن الذي تفعلهُ بذآتُها ماهُوْ الا إأنهآك نفسِي دونَ اعطاء نفسها راحَة ، .



،



هل تتَصورين كيف سَيلمعُ اسمِي إذَا ارتبَط بإسْمك ؟ ، هل تدركين بأن السمع والبصَر سيكُون ملكًا لك ! كيف ستمتلئ فراغاتي النَاقصة بحياتِك المتكآملة ؟ هل رأيتِ يومًا مخآضْ السماءِ بولادَة الشمس ؟ ورقصة النجُومِ حولَ القمر ؟ام سمعتِ عن شعورِ طفلٍ أدرك للمرّة الأولَى كف أمه ؟ هل تدريكين مساحة الغابات التي ستُخلق داخلي إذا ظلت امطَارك منهمَرة طوال العمر؟ هل سمعتِي بهتانِ المطر حينما يخلقُ الريحَان وعبقَ الزهور ؟ ويحملُ أثيرها الى مساحاتٍ شاسعة ! إن حبكٍ كافٍ لإعادة ترميمي للحياة ، فامنحيني ضوءكِ ايتها الشمسُ المستَديرة ، امنحيني الهواء والماء .. والسعادة والخير ..والنمُو والحب .. أيتها الوريثَةُ الوحيدَة لعرش الانوثة وسلطآنها . ! لقد سئمتُ ان أحشرج حنجرتي بكلماتِ الحُزن ، والبغتان ، والفقدَ ، أعيديني ..رمميني..أرسميني رجلاً كنت أريدهُ ، رجلاً صار يبحثُ عن فتاتِ خبزِ العرب ، ليبرهن للعرب انهُ منهم ، لأنه قد تجرد من الهوية .

لازُلت انتظر ، وانتظر خبر قبُولك ، واخاف من رفضك واحذرُ منه، لا اعلم كم هي موجة الحزن التي بداخلي.. لكنني خيرتُك .. وكما قال نزار..اني خيرتُكِ فاختارِي..مابين الجنّة والنارِ ، فأنا النارُ المُحرَقة ، فهل ستختارينَني؟

نزل إلى أسفلِ الفُندق وهو محتار من الضجيج الذي يتراقصُ طبولاً في داخلِه ، كيفما كان الحُب صعبًا سيحب ، بقدر صعوبته ، جلس في كرسي الحديقة المجاورة يراقبُ الاطفال ، هل سيحرم ان يكُونَ لهُ طفل؟
كهؤلاء الاطفال ، كيف سيطوق حياته بجملة صريحة من البراءة والسعادة ؟ هل له أحقية هذا ! ، وبينَ الشرود والتفكير بما سيصنع ، وقع ما سيحدثُ ، فهد ، لقد كان بجواره عدة دقائق ولم ينتبه له ثم قال :
وش اللي مأخرك تروح عند الممرضة ؟

ابتسم ابتسامة جانبية : ظروف.
استنكَر فهد وقال : ظروف الانسان الغايب اولى منك..ماندري عن ارضه من سماه..حل الموضوع دامه جـى لك..
ليث بسخرية : ومن قال انك اني مو محترق على ماالقى عنوان الزفت الممرضة ؟ بس ماجى في بالك انه ممكن يكون فخ لنا بدل مايكون مكان نقدر نوصل له ؟ .. انا لازلت مو واثق بالشخص اللي جى وعطاني العنوان..لأني لازلت مااعرفـه ..ولا اعرف هيأته ..
فهد نظر للبعِيد ، ثم فجر قُنبلة قوية : طيب ليه ما تسأل عمال المراقبة والحراسة بالمستشفى عن السيديهات اللي بعام تواجدك بالمستشفى ..اكيد كاميرات المراقبة صورت اللي صار..حتى كلنا نتأكد من براءة ليث!
ليث كان غافلاً عن موضوع السيديهات لكنه خيبة الامل وصفت صفعَة على خده ليقول : وكيف نقدر نوصل لـ هالشيء وحنا ممرضة ماوصلنا لها..النظام الاوربي صعب كثير .. ومعقد في الحراسة..وممكن بأي دقيقة يجون الاف بي أي ونروح فيها..
فهد : طيب بتظل طول عمرك تنتظر ليما تتحقق من سلامة نية ذاك الانسان؟؟
ليث بغموض : لا ..اكيد راح اروح ..لان امشي خطوة لقدام افظل من اني ابقى على المجهول..بالنهاية ماراح اخسر شيء..

صمَت فهد ، وليث شاركهُ الصمت ، الى ان جاء مشعل وانضم لكليهما .



،



لقدَ مللتُ أن تكُون الحياةُ ملحمية إلـى هذا الحد ، وحينما باغتنا الليل واصبح القمر ينُجب النجوم ، واضم انا اصابع القدر الى صدري واتنهد تنهيدة طويلة واحتار من صمت مشعل الضاري ، ليغادر فهد بعد دقائق واستمرُ في الحيرة ، كنتُ على وشك ان افعلها ولاول مرة..ان اشعل السيجارة واجعلها تنعجن بين همومي واحزاني ، ثم انفث غبارها وهوائها الى خارج جسدي ، لكنني تراجعت فلربما الاجابةُ هِي " نعم" ، انا اعتبر هذا الحب قديسًا ، لانه لا يشبُه أي شيءٍ آخر ، لان شغفي بأن أكُون معَها ، هو الشغف الذي لم ينكفئ يومًا ، أريدها واريدها ، بقدر ما اريد ان اقبل عينيها ، بقدر ما اريد ان اعاتبها وادللها ، التفتت عليه بعد تملل من الانتظار وانا افرك جبيني واقول له : شقـالت ؟
مشعل يتصنع بأنه لا يفهم مايقصده : من هي ؟
ليث بنرفزة : ماهو وقتك ..قول شقالت !
مشعل يبتسم : انت توقع وش قالت !
ليث : مابي اتوقع قول لي لا افقع وجهك..
مشعل : ههههه اختي مو راضية اقول لك تبيني احرك لين تعرف انك خذيتها ..
ليث بفرحة : يعني وافقت ؟ ..
مشعل يهز رأسه وهو يضحك ..ليث يبتسم بسعادة طائلة : وشف بنت اللذين تباك تسكت وماتقولي..هين هين انا اربيك واربيها..ياعيال عمي يالبواريـــن..
مشعل : ههههههههههههههه يعتني هذي بدايتهآ ؟ خلاص تراجعنا مانجمع بين اعداء البر بالزوجة ..
ليث بابتسامة جذابة رسمها على جانب شفتيه : اقول تعوذ بالله..بس بلغها ان الشيخ بيملك علينا هالاسبوع .
مشعل عقد حاجبيه : وتعرف شيخ كفو ؟
ليث يهز رأسه وبثقة : كفو وعن الف كفو بعد..
مشعل : من هو ؟
ليث بعينَينِ تشردت منهما خيوط الحزن بشكل مفاجئ : عم صاحبي يوسف اللي توفـى ..
مشعل بفهم : الله يرحمـه ..ويوسع عليه فسيح جناته..
خلاص وقت ماتشوف انك فضيت هات الشيخ والبنت لك..*وبمزَح* واخوها بعد
ليث ينظر له بحدة : بـالمشمش ..
مشعل ينفجَر ضاحكًا : هههههههههههههههه هذا اللي خذا المشمش صار يعوف الناس به..
ليث : محشومة ...هذذي درة..صحيح كيف بتبلغ عمي؟
مشعل : ماراح ابلغه ..ماقدر اسرب له أي معلومات عنك..بس ابوي موافق لين اليوم عليك ان تكون لبنته..ومنيته انك ترجع..ان شاء الله لا خذيت اجازتي بيوصله كل شيء..
ليث : يالله..انا بصعد بالفندق..بكرة الصبح اشوفك..ضروري
مشعل يبتسم : حاضر..يلا فمان الله..


انصَرف الاثنينْ ، .



/


أتَمنى أن يعُجبْ الجَميعْ ، لا تنسونِي مِن تلك الدَعواتِ التي تتهافت الى السمَاء ، اجعلوني بينها ، واذكرونِي بواحَدة . :$




 
 

 

عرض البوم صور غَيدْ   رد مع اقتباس
قديم 10-06-15, 01:02 AM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 269296
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: غَيدْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غَيدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 



- السلامُ عليكم ورحمة الله وبركَآتهْ ، لا أخفِي عليكم حجَمْ سعَآدتِي بحُضورِكم * المتألقْ * ! .. التعَليقاتْ والتجَارب ناحيَة قراءة روايتِي ، والأمنيَات في ان يزَدآد عداد شهُرتها كانتْ محضُ تعليقات أسعدتني بحَقْ ، بالنسبة لي أعانِي من ضيقْ الوقت..والله يشهدُ أنني أحاول ان أنجز كل مالدِي لأكتبْ لكم هذه السطُور المنهكَة من فرطِ الغُربة والبعْدْ .. الليثْ أنهكني بحقْ حتى انا لا استطِيع النومْ ـ، وأنا أتخيلُ لقاءه بأمه ؟ ، فكيفْ بكم أنتِم أحبتّي :$ .؟ أقرأوني بقلُوبكم..فالأعين لاتغنِي عن الحرف شيئًا .. , قرآءة ممُتعة !



البَارت : الخامس والعشُرون .



نلوبُ بزعانفنا في طياتِ الماء
الهواءُ يختنقُ بنا
والجالسون أمامَ زجاجِ حوضِنا الأنيقِ
ينظرون بلذةٍ لشهقاتِنا الملونةِ وهي تخبطُ السديمَ
بحثاً عن بقايا الهواء
نحن الأسماك المحاصرة في حوضِ الوطن


# لِـ المتألق / عدنْآن الصائِغْ !






في معمعة الغيَاب ، كان طيفُ إمرأة هُو ما يفجر رعونتَي ، وأرَى عقلي يهرشُ بعنفُ ، بصيحَاتٍ طويلة ، صداها يُحمل على السحب ويختبأ خلف الشمس المُستديرة ، لقد غفى الحلُم الجميل ، ولم أستيقظ انا من السبات ، انتهت كل تصوراتي التي تقول بأن الحُب لا يعاش مرتين ، وانا اقول ..الحب مرة بالعمر..والعمرُ مرةً بالعُمر ..هناك في رصيف ذاكرتي يقبع بيتُ ريفي وسط الافِ الزهور الملونة ، اخالها الخُزامى من شدة محيادتها للاخضرار..واقول لكِ كل يوم بأنكِ الخُزامى الوحيدة المدللة التي اعشقها ..تعشقين الغزل وتغادرين خجلة..لاتنظرين لوجنتيك ، فأحتار انا من ان اهيم فيهما ، فهما كالزهرتان الناعمتان..او وطنٌ تغمدتهُ الحمرة اثناء استعمار الغزل ، او حربٌ ضروس تفاقمت مع كلماتنا اثناء الحديث! ، لقد كبرتُ على ان اظل هكذا ،غريبًا وحيدًا ، لقد اخترت ان اعبر الطريق الذي اردته ، الطريق الوحيد الذي كنت اريد العبُور فيها وبشدة..الطريقُ هو انت ..فهل سيتسنى لي يومًا عبُورِك ؟ ام انك لا تستقبلين المُشاة الحفاة ؟ امثالي مثلا ؟ حفاةً بلا هوية ..لقد استقمتُ فيك ..بعدما كدت ان اطغى واكون من الخاسرين..لا اريد ان اكون شاذًا عن قاعدة الرجال..فكم تمنيتُك في الصغر..وزاد جنوني بكِ الآن ، من الجَميل ان ارتبط اسمِي باسمك اليوم ، حينمَا أتيتُ مع الشيخ لكي نربط الاسمينَ ونتوجهما بعقدِ الحُب ، بل اتوجك انا وتكوني اميرة..لمملكة ستعيشين في اقفاصها..واخالك لا تندمين على المجازفات الخطيرة..كنت اطيل السرحان في نافذتك لعلي المحك او المح طيفك ، عيناك الان اصبحت لاتشبعانني..اريد كل شيء.. المزيد ..المزيد ايضًا لا يكفيني.. هل استطيع ان اقبع المكبوت في داخلي؟ لا .. انه حلم آخر.. ان اقبعه.. اتفقنا على ان يكون لقائنا الليلة.. الليلة تحت ضوءِ القمر..نتسامر مع النجُوم ونلمح المذنبات التي تقطع السماء كمارد الامنيات ، ثم يعود الى فضاء الكونِ دون ان نشعر به ، ما اجملك ، حتى قبل ان اراك، استطيع وصفك بالجمال ، لأنني رأيتُكِ هكذا ، كاملة..كما احب , .

وبينَما انا تائهٌ في تفاصيلي رن هاتفي باتصال يقاطع افكاري ، رقم غريب ! ، لأرد : السلام عليكم .
لِـ يجيب : ماهقيت انك ماترد الجميل؟ عطيتك العنوان بيدي تبادلني بالنكران وماتروح ؟
ليث بسخرية : أصيل من يومك..وكيف تبيني اوثق فيك؟ وانا مااعرفك! وبعدين وش يضمني انك مانت من اهل الغدر ويومي اروح للعنوان اطيح طيحة مالها قومة !
أجابه بصوت حاد : وليه ماسألت نفسك الشخص اللي يعرف منهو انت مــاهو قادر بظرف دقيقة انه يبلغ عنك ؟ ..بس ليه مابلغ!,
ليث بسخرية اكبر : الله اعلم .. ابي اعرف منهو انت ..ووش عرفك فيني..
كان صوتُه مختنقًا لدقائق ثم انقض صوته الى مسامع ليث ليقول : شيء مالك مصلحة فيه!
ليث بصراحة جازمة : انت تشتغل لصالح من؟
بانكسار يجيبهُ الطرف المقابل : لصــالح نفسي..
ليث : اذا مانت من اهل الثقة..
ألح عليهِ وبرجاء : رح ولا تخرب مشوار قطعته عشانك..انت ماتدري وش اللي عانيته على ماجيتك ولقيتك..
ليث: عطني اسمك وعنوان اقدر اشوفك فيه بالاول ونتفاهم..
فأجاب : ماقدر..
ليث : اذا لا تنتظر مني رد الجميل.. احتفظ بعنوانك..
كَان سيغلق الخط لكنه الطرف الآخر رد بسرعة : لله ان تروح العنوان اوعدك ان مايلحقك ضر ..بس لا تروح عليك شقى 10 سنين تقدر تحله اليوم قبل بكرة..
ليث : ومن قال اني ناوي اروح شقى العشر السنين ؟ بس انا من حقي اعرف من انت ومن تكون ..ومن طرف من جآي؟,,

صمَت طويلاً ولم يرد ، وقال : هذي ماهي بغية ليث..الله يعين قلب امك على غيابك..
اغلق ليث الخط بغضب ، لا يعلم لماذا القدر يكدر طريقَ سعادتـه ، دائمًا مايتعمد وضع الثغورِ بين السعادة ، هو لا يتحمل ان يتكلم احد عن امـه ، لانه كل مرة يعيد سيناريو تخيل اللقاء من جديد ، وينفطر قلبه على امه ، الذي يعلم انها كل يوم لا تنام الا وفي عينيها دمعة تهديها وتمجدها للغياب ، لو استطاعت الرياح ان تحمل رائحة من نحب ، نشتمهم في حنينا ، ربما تهدأ العواصف التي في صدورنا ، ربما تهدأ !! ..
يلتفت الى بدلته ، وينظر الى الساعة ، لم يتبقى الا القليل ، القليل فحسب للقاء ، دخل الى دورة المياه ليستحم ، متناسيًا كل الحزن ،بادئًا باسم الله..صفحة جديدة اخرى ..


،



تهز رجلها بتوتر غريب جدًا وهي تنظر لعبير وسبأ يتفقان على شكلها كيف سيكون وماذا يناسبها ، وهي لازالت متوترة وفي حالة هستيرية من التوتر ، تأتي اليها عبير بلوم : شفيك تهزين رجلك كذا؟ على ايش؟ ..لاتقولي متوترة..
وريف لازالت على وضعها وتزفر بضيق : أيـه متوترة قد شعر راسي متوترة.. ولاتلوموني..
سبأ : وليه مانلومك ..ياحبيبتي العروس المفروض تصير ريلاكس..مايلزمها هالشكليات تخرب عليها احلى ايامها..
وريف باصرار : انتم مو فـاهميني ولا بتفهموني..
سبأ : بتزعليني منك..ياخوفي يوسف يشرد من يشوفك بذا الوجه العفوسي..
وريف : ان لله..وش عفوسي مع براطمك..قومي قومي وريني الفستان ..
سبأ تشير الى عبير وعبير تريها اياه ووريف تضع يدها على شفتيها بشهقة : هئ... انا البس كذا يالماصلات يالناشفات يالمعجزات؟؟؟؟ لا بالله رحنا فيها..
عبير بضحكة : هههههههههههه ياغبية وين بتلبسينه؟ بتلبسيه لزوجك ياحظي..
وريف بخجل شديد وهي لا تتخيل ان تلبسه : عنبوك شوفي ماظل شيء مابيطلع منه من جسمي..
عبير : عادي وش حليل جسمك وترتيبه ..ان كان ذاك مايتخرفن عليك..
وريف ترمي الوسادة على وجهها : صدق حريم مابوجهها سحا.. انقلعوا فارقوا انا برتب روحي..
سبأ : والله ماترتبين روحي..تبين تصيرين مهلقا؟؟..لا حبيبتي لازمك الحين خبرة ..ايادي متمرنة ومتمرسة *وتَغمز لها*
وريف : الا ايادي متفسخة من الحيا ماتعرف الذوق
عبير تمسك وريف وتجعلها تقف معها وهي تقيس الفستان : كويس..يلا روحي البسي عشان نفك شعرك ونحط لك الميك اب..
وريف تسحب الفستَان بغضب وتدخل الى غرفة التبديل لتلبسه ..بعدَ دقائق قليلة تخرج وهي مُحرجة من الفستان الذي يفضح صدرها قليلاً ويفضح ايضًا جزء من ساقها حينما تتحرك ، كان فستانها باللون البنفسجي المائل للأسود ، قطعة مخملية تنساب من جسدها باحترافية تتلائمَ مع طولها ورشاقتها ، اعطاها طابعًا بالانوثة الجارحـة ، انوثة صاخبة جدًا ، ربما لانها لم تعتد ان تلبس هكـذا .. تتقدم لها سبأ وهي تقبلها وهي تقول : ياستايلك كيف اني.. يلا تعالي خل نسوي لك ميك آب ونعدل شعرك وتصيرين بيرفكت..
وريف بإحراج : الفستان حلو بس فاضح ..ياخوك لو شافني بيقول ذي ماصدقت على الله تتفسخ قدامي..مابيه..والله مو مريحني..
عبير تبتسم : ماعليه حبيبتي كل المتزوجات يمرون بذا الوضع..بس ياحلوة هذا زوجك البسي له اللي تبين..والله اني لبست الاعظم حق فهد وصار متشقق..
وريف تضربها : وجع ماعندك بريكات..
سبأ تمسك فرشاة المكياج وتحركها بالبودرة : يلا ياعروس..كلوس يور آيس بيكوس ام قونا تو بوت ميك اب ان يور فيس.. * بحط لك مكياج بوجهك*
وريف : يطعني العنقليزي..حطي وانتي صامته يااخت العرب العصلا..
تبتسم سبأ وهي تحرك فرشاتها على وجه وريف ، ثم تبدأ معها عبير بوضع المكياج البسيط جدًا والانيق مع براعة فستانها وجمال شعرها البندقي..

،




كَانت الشَمسُ هي مَن تسللتْ إلى وجهكِ للمرة الأولَى ، تخشَى على ملامحُك الرقيقة فترسل أشعة دقيقَة جدًا لتتلامس مع وجنتيكِ الضاريتين ، كنتُ أنا اتأملك أيضًا كالشمس ..للمرة الأولى ، وللمرة الأولَى أراك هادئة كالقمر بين النجُوم ، نظرتُ لكِ كـ نظرةٌ رجل حينما ينُظر لـ إمرأة لأول مرة ويشعر بأنها له ، ابتسَمتُ في وجهك حينما كنت تعبسين وانتِ نائمة ، حتى وانتِ نائمة تعبسين ، متمردة وتضمحلين في حضَرة وجودي ، سامحتكِ هذه المرة ، لن أقبلك ، رقم اشتهائي لأن اسرق قبلة حارقة لشفتيك ، لكنني سامحتُك ، هي هواجس اتت لي ، ما ان افعلها حتى تضجين ولربما تبكين ، وانا اكرهُ دموعَ النساء ، فلماذا افعلها بكِ ؟ ، لكني اذهبي..لقد عفيتُ عنكِ ، فلماذا لا استطيع ان ابعد عيني عن شفتيك ؟ ، كل مرة اراكِ فيها اشعر بأنك انثى مختلفة ، لكن اليوم ، رأيتُ جانب مختفي جدًا من انوثتك ، وهي تلك الانثى التي لدى كل انثى اخرى .. أكان والدك يستقصد تجريحي حينما ربطنِي بحمامة بيضاء مثلك؟ هل السماء تُشبهك ؟ ام كنغمة بيانو فرطت من شدة دقة النوتة ؟ وحادت عن ديانة الجسدِ والانوثة ؟ هل اقبلك ؟ ..لقد ترددتُ ان اسامحك الآن .. ! سأخسر كل هيبتي واهديك قبلة وانتِ نائمة ، سأذنب واخيرًا وانا انحني عليك الآن لأطبعها على شفتيك .. الشفة العُليا البارزة ، لكنني ابتعدت بسرعة حينما شعرت بأنك ستستيقظين ، وأدرت جسدي عنك ثم انتصبت جالسًا على السرير مديرًا ظهري لك ، لأني لا أريد ان اراك ، فلما استيقظتي جلستي بكسل وانتي تقولين : الســاعة كم؟؟
قلتها بصعوبة بعدما ان هدأتُ ذاتي : 7 الصباح ..
لم تراعي استمراري بمقاومتكِ ، قاومتك فعاندتني دون ان تدركين وانتِي تقفين امامي ، تبحثين عن شيء تلبسينه ، بينما انا كُنت أراقب أنثى .. جاهزة .. أمامي .. غير ما يثيريني .. أن الحلال هو ما يوطد العلاقة بيننا .. فكيفَ أقاوم ؟ وهل هناك مبرر لأقاوم ؟ أشحت بوجهِي عنكِ وانا اتشاغل عنك ، وتعاندين وتسألين مرة أخرى : فطرت ؟
صمتت ثم همست : لا ..
هاجَر : ببدل ملابسي وانزل تحت اجهز لكم فطور مع ماريانا *خادمة في قصر ابو عمار *..
ذهبت أمامه كغيمة متلاشية ، إلى دورةِ المياه ، تاركةً وحل الرجولة ينقرض مع ذاته في انين داخلي مشبع بالتوهج والحرارة ، أطرق رأسه وهمس لذاته ، صبرًا خيرًا من أن أؤذيها .. ! ، خرج ونزل إلى الاسفل ، رأى سعود العزيز – ابو عمار – يقرأ بعض الاستبيانات .. ، سلم بهدوء وجلس على الكرسي ونظر مباشرة الى ما في يدي سعود ، ثم ادار وجهه ، سعود حينما رأى نظرة آدم أعطاه الاستبيان ورماه ناحيته وهو يقول : شوفه ..
آدم عقد حاجبيه : ماني حاب اشوفه .. *بسخرية* في صباحية زواجي !
ابتسم سعود لدقائق ثم اقترب ونظر بحدة الى عيني آدم : شيء يبشر !
آدم بحذر : وش اهمية بالنسبة لي ؟
سعود رفع حاجبيه وابتسم ابتسامة عريضة : وتبيني اشرح وش اهميته ؟ ماهو انت اللي المفروض تفزع وتشوف وتقدر اهميته على حسب اللي تشوفه عيونك ..
آدم يتراجع : ماني حاب اشوف شيء..
سعود يُفجر القنبلة : قدرنا نكتشف مكان ليث قبل سنتين .. ممكن هالمكان يدلنا على مكانه الحالي ..
آدم بقهر : وش مستفيده ؟
سعود : خير لـ الليث ماهو شر له !
آدم يتفاجئ من رد سعود المثير للشك ثم يقول : ماوراك شر تراني مافهم بالالغاز ..ان كان عندك شيء تقوله قوله ولا تفر براسي يمين وشمال ..
سعود ينظر لآدم لمدة لا تتجاوز الثواني ، يقاطع حديثهما وجود عمار الذي سلم على الاثنين وابتسم : السلام عليكم..
ردوا السلام ، وجه نظراته لآدم خصيصًا ونَطق : وكيف معرسنآ ؟
آدم : بخير ..والفال لك
عمار يرفع حاجبيه : تتمسخر ؟
آدم بدهشة : من يقوله ؟
عمار : شيء بداخلي ..
آدم : دخيلك لا تخلي الشيء اللي داخلك يبربر عليك .. وليه ماتزوج ؟
عمار : ربك يقول الطيبون للطيبات .. وانا مو من ذا الفئة !
آدم يبتسم بدهشة اكبر : وتعترف ؟
عمار : الاعتراف بالحق فضيلة ..
آدم : بس ربي كمل الآية وقال والخبيثون للخبيثات .. خذ لك وحدة من نفس المعدن ! تنفع !
صمت عمار في توجس من رد آدم الذي اخترق معدنَه ، فهزه .. وهز بدنه ، ظل صامتًا ينظر بسرحان الى الشيء الموجود امامه ، ملف ازرق ، وأوراق ، وبعض الاستبيانات ، لماذا لم يطلعه والده عليها ؟ أليس هذا مايفعله دائمًا ، مدّ يدهُ إليه وقال : وش ذا ؟
سعود يسحب الملف من يدي عمّار وينظر له بنظرة حادَة ومباشرة : حاجة في نفس يعقوب !
عقد حاجبيه وكتف يديه واسند ظهره الى كرسيه ، وبكل وقاحة رفع رجليه على الطاولة وقال بغضب ساخر : حلو والله .. ومن متى سعود العزيز يخبي على ولده ؟
سعود يرفع كتفيه : مابه شيء يتخبى .. بس هالشيء خاص وماله دخل بشغلنا ..
عمار بعدم اقتناع يبتسم بخباثة : غريب .. كنت اظنك تحارب على هالكم مليون اللي بتطلع لك .. طلعت طماع ودخلت في قطاع خاص ثاني..
سعود : انا وانت مانشتغل بالجانب الامني نهائيًا ، احنا نشتغل بقطاعات خاصة مع السفارة البريطانية ..
آدم يرفع حاجبه : وبالله كم تعطيكم ؟
سعود ينظر لآدم ، يصمتُ قليلاً .. ثم ينطق : فوق ماتتوقع ..
آدم بعدم اهتمام يرفع كتفيه : مابي اتوقع .. لان مايهمني ..
عمار بغضب ينحني لجهة ادم ويصفع الطاولة ناحيته ويقول : اذا ليه مانت جاي توصل لمكانه ؟ مو المفروض انك تسهل الامر بدل ماتعقده .. !
آدم بقهر شديد : قلنا لك .. ان صعب علي اوصل له بالسهولة .. لازم لي اقل شيء 6 شهور حتى ما اقدر اوصل خبر عنه .. ليث مختفي من الانظار حوالي 10 سنوات ..تتوقع بيوم وليلة اني القاه ؟
عمار بقهر يرفع سبابته بتهديد : مو شغلي.. خلال 4 شهور تعطيني عنوانه .. هذا عقد متفق عليه من السابق ..
آدم بغضب : انتم ماعطيتوني مهلة معينة .. انتم عطيتوني المجال مفتوح .. وانا باشتغل بطريقتي الخاصة ..
تأتي هاجر تقاطع حديثهم وهي تضع صينية الفطور وتنظر لكلاهما وتبعد عمار عن آدم وتقول : اتركوا سوالف شغلكم وسمو بالله خير واكلوا .. مايصير كل ما اغيب وارجع اشوفكم على ذا الوضع ..
صمت آدم الذي تشتت نظره وهو يراها ترتدي فستان زهري ناعم تتألق فيه بكامل انوثتها ، تنحني لتصب الشاي في الأكواب ، ويبدؤن بالأكل بينما هي تعقد حاجبيها بصمت متوجس ، انتبه لصمتها آدم ، رفع حاجبه واشار الى الاكل آمرًا اياها ان تأكل ، أكلت بطاعة ، ثم انسحبت ، انسحب ايضًا هو من خارج القصر ، يشعر بأنه حتمًا سيختنق ..





،



بعد خُروج سبأ وعبير ، لم يتبقى في هذه المساحة المحدودة من هذه الشقة الا هي .. وسيأتي الغائب عن دياره ليقف امامها وقفةُ حلال ، يالله .. كَمْ هذه الدُّنيَا شحيحَة ، تبخَلُ علينا حتى ان تُهدينا السعَادة كاملَة ، ماذا لو وقفنَا وكانت أمُه تنظر اليه ولِي ، وأبي يحتضنني ويوصيه علي ، كيف سيصاغ الكلام ؟ حينما أراه سأرتبك ، سينظر للمرة الأولى لامرأةٍ حلال ، تكون له بعد انقطاعٍ كاد أنْ يقتُله ، ارتباك مخيف يصيب جسدها ، وبرودة خفيفة تسري من كتفها العاري ، تمرر يدها بهدوء لتحافظ على دفئها وهدوئها ، كان الجَو غائمًا والسماء تكاد تبتلعُ القمر ، حتى القمر اختبأ .. فهل ستختبأ السعادة معه ، هل تبتسم ؟ ام تبكي ؟ ام تضحك ؟ سؤال تردد في نفسها ، وصار يحرقها من الداخل ..
سمعت صوت الباب يُفتح ، والمقبض يدار ، وقفت دون ايما ادراك ، وهي تنظر فقط للأسفل ، للأرض التي تتمنى ان تبتلعها كبذرة منسية من الغيث ، تحاول ان تشعر باقترابه لكن الخوف اعمى قلبها وصار قلبها ينبض بشكل مريب ، شعرت بالحرارة تشتعل في حنجرتها وعينيها ، رأسها ينبض كمن يطرق فيه دئبًا .. شعرت بيد تقدمها قليلا الى الامام ، هيَ يد مشعل ، لكن لماذا يقدمها للأمام .. سمعت مشعل يتمتم له ، لكنها لم تميز التمتمة ، جل ماتميزه هو لون حذاءه الاسود اللامع الذي ينتصب على الارضية الخشبية العاتمة ، الصمت فقط هو ما يجبلها على صياغة الاحرف ، .
لقد غُلق الباب ، رفعت رأسها بخوف فجأة وهي ترى مشعل يغادر ، ثم دارت بعينيها ناحيته ، ينظر اليها بحَسرة ، وبسعادة ايضًا ، هي تنظر للذي غاب عشر سنين ؟ هي تنظر للذي تبكيه امه كل ليلة ، هي تنظر لمن بكته جدتها وامها وخواته ايضًا .. فهل يستحيل عليها ان تفرح وتبتسم ؟ ، تقدم بخطواته اليها ، الصمت هو مايميز المكان ، لكن صوت خطواته شق السكون ، وقف امامها زفر براحة ، ثم رفع رأسها الى حيث يستطيع ان ينظر .. وكل مانظر اليه .. هو عينيها ، هويته !
أأضيفها الى هوياتِي الأربع ؟ أم أكتفِي بها هوية ؟ هل حينما يقال من هو الليثُ أشير الى عيناك ؟ هل استقطبت يومًا عذاب عشر السنين ، ولملمته في ليلة مغيمة وجمعته في عيناك ، هل سمعتِي عن شقائي ؟ اني أرى فيهما لهيبي وعذابي ، وسعادتي وشقائي ، لا اظنك تدركين ما ادركه ،
وتمر الدقائق وهو ينظر الى عينيها فقط ، وهي ترتجف اكثر واكثر ، وكل مافعله .. انحنى الى مابين عينيها وقبله ، استنشق انفاسها ثم وضع كفه على جبينها قائلاً :
اللهم إني أسألك من خيرها ومن خير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلت عليه ..

ثم همس بآمين خاتمًا اياها ، التفتت الى النوافذ التي تهتز بالمطر لقد نزل الغيث ، وبلل قلبه وقال لها هامسًا : حتى المطر مابخل علينا .. بارك لنا بطريقته ..
ابتسمت بارتباك من تعبيره واحمر وجهها ثم قال : محفوظة بالعين ..لا تخافي مني وحقك تخافين..طيف انسان اختفى عشر سنين وتكونين حلاله .. يامصعبها ..بس تحمليها..
رفعت عينيها اليه ودموع قفزت الى محاجرها وقالت : ماهي صعبة .. بس احس بحسرة ..
ابتسم ومسح اول دمعتين نزلتها منها وقبلهما ثم قال : لا تبكين ..مابي شيء يخرب ليلتنا ..ممنوع البكا سامعة ؟
وريف تهز رأسها بطاعة ، يجلس معها ثم يقول : ماخبري بك كبرتي..وحلويتي هالقد !
احمرت ، وحكت جبينها باحراج وهي تقول : مبروك علينا !
ليث رفع حاجبه : كمليها ..
عقدت حاجبيها بدون فهم ! ، ابتسم وقال : كلمتك مبتورة .. قولي مبروك علينا بعضنا ..
ابتسمت بخجل ، قبل يدها وهو يشمها بعمق ويحتار اهي رائحة الوطن ام رائحة امه التصقت فيها فهيجت حنينه ، قال وكأن الدموع من عينيه تعلن انهزامه ، لكنه لم يكن لسمح بها ، فقط لمعانها هو ما نبأها بأن الليث يتوجع ، سحبت كفها بقلق وقالت : لا تشمها ..اذا هي بتهيج احزانك..
هز رأسه : حقك تطلبين..بس محروم ..وريحتها تذكرني بريحة امي..
هُنا هي لم تتحمل كلامه فانفرطت في بكاء شديد وهي لا تنسى شريط المعاناة ، بعد كل هذه السنين ، يريد امه بقوة ، وامه تريده .. ما اكثر العقُوبة ، واكثر الحُرمان .. ، حينما احتضنها ابتسم وهو يقول لها : ليه تبكين ؟
وريف تمسح دموعها ، لم تكن لتخشى على المكياج ، عبير تعرف بأن وريف ستبكي لذا وضعت عليه مثبت ، كرر سؤاله وقال : علميني .. ليه تبكين ؟
وريف تنظر لعينيه بأسى : كل ماذكرت امك ينكسر قلبي عليك وعليها ..
ليث يبتسم : مابقى شيء..
احمرت بخجل من نظراته ، ثم قال لها : مابيك تبكين ..
وريف تبرر موقفها بابتسامة خجولة : غصبًا عني
ليث يمسك يدها ويضعها على صدره وهو يقول : قد قرارك ؟
وريف تبتسم له بحياء وتهز رأسها ،
ليث يتجرأ ويضع يده على شعرها المموج ويغلغل اصابعه بين خصلاته الناعمة : تدرين اني قبل كنت اقول لامك اني ابيك ؟
وريف تعقد حاجبها : ماكنت ادري الا بأن امك وابوي يبونا لبعض..
ليث يبتسم : كنت احرك شعرك بذات الطريقة واقول لامك..لاكبرت لاتقصين شعرها..ابي شعرها يطول..
وريف بخجل تبتسم : عرفت الحجة اللي كل ما اقول لامي بقص شعري تمنعني
ليث تتسع ابتسامته : زين سوت فيك
يفرك يديها بين كفيه ويقول لها : لو في يوم شفتيني بارد وجامد.. وماكنت اعرف اعبر عن مشاعري ..فاعذريني..سنين وسنين ماتعاملت مع انثى بهذي الطريقة ..وكل شيء حولي كان اقسى من اني اكون لين..
وريف تهز رأسها : مقدرة وضعك..
يحتضنها فجأة ليكون رأسها على صدره ويقول : لا تتحركين.. داخلي جحيم..قربك يطفيها
وريف بقلق تضع يدها على صدره : يارب ينور لك صدرك..عسى ان تطفى نيرانك
ابتسم ، وهذا مافعله، صوت البرق وتطاير الستائر هو اجمل منظر كان يتستمعان برؤيته ، سهروا طويلاً بين احاديث كثيرة لم تكن لتنقطع .. احاديث محبوسة في اقفاص العشر سنين .. كان قد سمح لمشعل ان يأخذ شقته ريثما ينتهي من هذا اللقاء ..
بعد انقضاء ساعات طويلة وكان الليل قد انتصف ، قبل رأسها وقال : يلا ..ريحي راسك وبعدين اشوفك..لازم امشي الحين..مشعل بشقتي وعيب في حقه اخليه طول الليل لوحده..
ابتسمت وهزت رأسها ، قبلها في عينيها وقال : الله يحفظ هالعينين يشهد الله انهن يسرون الصدر..
ابتعدت بخجل انثوي ثم وصته على نفسه قائلة : انتبه لنفسك..
ليث يودعها بنظراته بعدما هز رأسه بطاعة ، وانسحَب عن المكان ..
هي ايضًا دخلت حجرتها بانهاك ، لكن السعادة هي ماتميز شعورها..فتحت دولابها لتخرج لها بيجامة قطنية وترتديها بعدما ان مسحت المكياج ، شعرت بمشعل يدخل ، خجلت من مقابلته ، قررت ترك المقابلة للصباح ، من الواضح انها منهكة جدًا .. هل هي من السعادة المفرطة ؟ او من صدمة اللقاء !

نَامتْ ، وَحسبْ !





،



لماذا الليل يُنهكها طويلاً ؟ ودَمعُ الأم لا يهطل قليلا .. كلما تذكرت طفولته ..مراهقته ، وشبابِهْ ، ثم مرضه ، سقوط شعر رأسه بسبب العلاج الكيماوي ، ثم انتقالهم الى مستشفيات بريطانيا لعلاجه هناك ، موت والده ، وحسرته على والده ، وضياعها هي بين أحزانها وخوف فقدان عزيزها الثاني ، تذكر ايام وليالي طويلة كانت تأتي في المستشفى وتجلس بجوار رأسه ، يكون في حالة بنج كاملة بسبب الالم الذي يعانيه ، واحياانا يشعر بشلل في بعض اجزاء جسمه ، تهدأ من روعه وتتلُو على رأسه حُلو الكلامِ وأعذبه ، لترى طيف دموعهِ المنهمرة على تل خده ، تمسك يده وهي تطمأنه بأنها ستبقى معه مهما كان الدهر طويلاً ، وأن أمل شفائه ليس منقطعًا ، بعد ذلك يأتي موعد رجوعها الى الوطن لكي توفق مابين ابنها المريض وبيتها المتهالك من اغصان الابوة .. في كل ليلة تتصل تستمع الى انفاسه حتى لو لم يصدر صوتًا ، حتى قبل ان يختفي بخل الدهر عليها بصوته ، ثم رحل .. رحل ..هذا ماقد جائها ، أن ابنها اختفى ، قاتلا دكتور عام ، معتديًا على ممرضة ، والفحوص الطبية الأخير تظهر برائته ، صدمة عنيفة قد استنشقتها بزفير هذا الهواء المترب ، ماقصم ظهرها هو صك البراءة الذي اتى من كبار ابناء قبيلتها حينما اعترفوا به امام امير المنطقة ، الا عمه ، هو الوحيد الذي اعترف به وقرر ان يبحث عنه ولو بشق الانفس..فها هو يرسل رجالا بين الفينة والأخرى ..ولم يبخل بذلك مع ابنه..ليرى ابن عمه .. اليوم وحسب ..تشعر بأن ابنها يتنفس ، بـأنه حقيقة ، ليس حلمًا ولا طيف ، تشعر بالامل الكبير الذي يشدها الى لقاءه ..
خرجت الى صالة المنزل بانهاك ، صدرها ينبض ، وروحانية تسري في عروقها وهي تسمع صوت القرآن ينطلق من القارئ في احد القنوات التلفزيونية ، تبتسم بدموع ، علها تجد ذاك الظنى يبتسم جوارها مقبلا اياها ..وحيدة دون زوجها ودون الليث الذي خلفتهُ منه.. اليوم وحسب يكمل 36 عامًا .. لقد كبر ابنها وضاع شبابه ، هذا ماتتخيله ..لكنها لازالت تحلمُ بالأمل الذي يفتقدهُ من حولها ، وتبثه فيهم وكأنها هي من تصنعهُ دائمًا ..
شوق تضع وشاح صوفي وتبتسم لوالدتها لتجلس بجوارها وتضع يدها على كتفي والدتها وتقبل رأسها : مساك الله بالخير ياحلوتنا..ليه مانمتي؟
ام ليث : قلبي قابضني على اخيك..احسه موجود اكثر من اول..
شوق تبتسم : يصدق احساسك يايمه..عساه بشرة خير..
ام ليث : الله يطمن قلبي برجوعه..ليتني انام مرتاحة
شوق تعقد حاجبيها : يمه ماحبك تبكين..ليث بيرجع وبتشوفين..بس اذكري الله
ام ليث : لا اله الا الله..
شوق بابتسامة : ايه..عساني فداك بس..جدتي بتجي بكرة ويا عمي بو رياض وعمتي..
ام ليث: بيروحون العمرة صح ؟
شوق : الله يبلغنا ويبلغهم..عمي للحين مابعد يرتب لها..يبي ياخذنا وياه.
ام ليث: كلمتي بنت عمك وريف؟
شوق : كلمتها اول امس..باين عليها مرتاحة ومبسوطة الله يكمل سعادتها..وتسلم عليك
ام ليث:الله يسلمك ويسلمها ..ومشعل شخباره ؟
شوق :الحمدلله..تقول وريف انه موج اي يتأقلم مع اكلهم..مايرتاح الا على الكبسة والمندي والمفطح..
ام ليث تضحك : ههههههه من يومه اصيل ولد ابيه..
شوق تبتسم : يالله انا بروح اشوف ورعي اذا نام ولالا ..بعد قلبي امس يتوعك من بطنه..
ام ليث تعقد حاجبه بقلق: كان عطيتيه مرّة تطيب بطنه..
شوق : ماهو راضي يتنرفز من طعمها..
ام ليث : خلاص كلمي عمك الصبح يوديه المستشفى..خوفي عنده نزلة معوية زي ولد الميث
شوق : بسم الله عليه..ان شاء الله مافيه الا الخير ..خلاص باكر الصبح اكلم عمي يودينا..وماله داعي يداوم بالمدرسة..
ام ليث : انتبهي له..الحين روحي سوي له مرة خليه يشربها غصب عنه..اذا مافاد كلمي عمك..
شوق تقف باتجاه المطبخ : حاضر..

تنسحَب شوق الى المطبخ ، ولازالت ام ليث ..في مسيرة الحُلم باللقيا ، كيعقوب ، اذ كان يشم ريحَ يُوسف ، فلقاه بعدَ همٍ ووزرٍ ..


،


فِي الصباح ، تستيقظ بكل هُدوء ، تبتسم بسعَادة ، ثم تمشي الى دُولابها وتسحب منهُ ملابس لها ، تستحم ، ثم تخرج ، وتتجه الى صالة المنزل ، تجلس بجوار مشعل بهدوء وخجل اتضح من معالم وجهها حينما رأت ابتسامته ، قبل رأسها اخيها وهمس : مبروك..
وريف بهدوء : يبارك فيك..
مشعل : كيف لقيتي الليث؟
رفعت رأسها لتعبر بتأثر : الله يطمن قلبه بشوفة امه..
مشعل : آمين .. بس سألتك عنه ماسألتك عن حاله !
وريف بخجل : الحمدلله..وضعه يسر الخاطر
مشعل : الله يوفقك ويوفقه..
وريف : بتطلع اليوم ؟
مشعل : ايه عندي شغل مع ليث.. مابطول..
وريف تهز رأسها بطاعة ثم قال مشعل : جهزي العشاء لانه بيتعشى معنا ..
وريف تبتسم بخجل ثم تنصرف .. هذه المرة وقفت على البلكونة بثقة ، دون خوفٍ أو حرج ، وهي تنظر للمارة بهدوء ، ثم تراه يخرج الى بلكونته حاملا كوب قهوته ، ابتسامته كانت عريضة جدًا .. أربكتها قليلا لكنها ابتسمت بخجل ، ثم انزلت رأسها لترى الاطفال يمرون بهدوء الصباح يلعبون في الاسفل .. هو ينظر لها طويلاً ، ثم ينظر الى ذات النقطة التي تنظر لها .. ويبتسم اطول مما نظر .. تذكر بأن سيغادر الى مدينة مجاورة لكي يذهب الى عنوان الممرضة .. اتفق ان يبقى في السيارة على بعد كيلومترين عن عنوان الممرضة ، ويراقب مشعل من بعيد ..حتى لا يكون في المصيدة .. وحينما يكون الوضع آمنًا .. سيحل كل شيء.. وذات الرقم الغريب يتصل : الو
ليث : وعليكم السلام !
: ماصرت اوثق باللي حولي..اكتشفوا لك تحركات قبل كم سنة..لازم تختفي او انك تروح لعنوان الممرضة تلاقي برهانك واثباتك ..
ليث بحيرة : وش اللي جابرك تعطي العون من دون ماتقول من انت ؟ ماتبي ينرد لك جميل بيوم؟
: مابي الا عطية رب العالمين..
ليث : من تكون ؟
: صعب اقول
ليث : وش الصعب فيه ؟
: ممكن اروح فيها لو قلت
ليث : طيب تعال نتقابل ..
: بتروح للممرضة ؟
ليث : ان ربي يسر !
يصمت الطرف المقابل ، ثم يبادر له ويقول : عطني موعد.. أنا بتكفل اني أأمن لك حماية..
ليث : من تكون ؟
: عبد ربي..
ليث : كلنا عبيد الله.. خايف توقع بي !
: انا اعرف عنوانك اللي ساكن فيه..وش اللي يضرني ماابلغ عنك الحين؟ غير اني ابي اساعد وبس..
ليث بقلق : انت من طرف يوسف الهزاع؟
: الله يرحمه..لكني ماني من طرفه
ليث : متى اقدر اقابلك..
: ليث..انسب وقت تروحه بعد صلاة المغرب ..لان دوام الممرضة آخر ليل
ليث : فمان الله..

اغلق الخط ، وقرر الذهاب ، هل في المجهول يبقى ؟ ام ان يتقدم خطوة عن المجهُول ؟ سلم قلبهُ الى ربه ، وتوجه الى الاسفل ، وهو يرى مشعل يخرجُ توا من فندقه ، مشعل يلوح لليث الذي توجه له وبادره السلام ..
مشعل : شفيك ؟ مانت على بعضك !
لا املك الكلام ، لَقدْ فرطت مِني الأحرُف النَكراءْ ، لقد عُشت وهم الليثِ وكنتُ سأفقدُ الأملْ ، لولَا ان السماء امَطرت وأخبرتْني بأن هُنالكِ خالقٌ لا ينَسىْ ، لكُنتْ جننتْ ..والله جُننتِ ..بعثرت الاحرف المُتزَاحمة على حلقِيَ الجافْ وهمَستُ في "توجسْ " ، بأن الذي في صدرِي هو مكبَح خيرْ ، تذكرت بأن لي حبيبة أعُود اليها ، وهذا أمل ، تذكرت بأنّ لي والدة تفتقدنِي وهذا املٌ " ثانٍ " ، تذكرت بأن لي أخوة وعم ، وعِزوة ، وقبيلة " وهذا املْ ثالث "! ، تذكرت بأن لي الله وهذا كل ما املكُه من *الأمل* . سؤالْ مشعل يتراود في نفس طويلاً على سيوف الامل تقطعه ريبته ، أردفت بحيرة : لازال يتصل ويقول انه يبي يساعد..كلامه منطقي ومو منطقي..
مشعل : خلنا على خطتنا..مابيك تعرض نفسك لاي خطر..باذن الله ماوراه الا الخير..
قطع كل افكاره سؤاله المفاجئ : وريف شـ حالها ؟
ابتسم مشعل : الحمدلله..بأفضل مايكون..تأمرنا عليها شوي
ليث بابتسامة : مانسمح!
مشعل : لله ؟
ليث يرفعَ حاجبه : املاكنا بعد شتبي ؟
مشعل يضحك :هههههههههه ، قلنا لها تسوي لنا عشا ..الوكاد انك بتجي ولا ننسحب ؟
ليث : الوكاد اني بروح وبقلعك..
مشعل يبتسم : لله ان تقول الصدق لله ؟
ليث : شبلاك يارجال ابلشتنا..خلاص بتجي هالحين ولا اتيسر؟
مشعل يضحك على اضطراب ليث : هههههههههه لا جيتك..
دخل الى سيارته ، وليث معه ، وتوجها الى العنوان كما هُوَ مكتوب في الورقة ، لم ينسيا اخذ جهاز التسجيل لديهم ..حيلة سيضطرون لفعلها ..من اجل نجاتهم ..
انصرفُوا الى حيثِ الوجهة ، ونبضات ليث ، تتصاعد بمعدل غير طبيعي !


،

على بعد 40 كيلو متر عن مدينة كامبريدجْ .

تَصل سيارتَه السودَاء ، وتقف تحت الاشجار على بعد كيلُو مترين عن عنوانِ المُمرضَة ، خلفيهمَا سيارة باللون الأبيضْ لم ينتبها لها ، ولمْ يُعيرانها اهتمامًا ، كانتْ المَدينة اكثر مما يُقال عنها بأنها هادئَة ، فقط صوت نسيم الريحْ هو ما يداعب كور القش ويدحرجها على قارعَة الطريقْ ، كانَ صامتًا لا يعرفُ مايقُول ، قلبهْ يهتز بمُجرد صيحة تطلقها نسمة الهواء الباردة ، يخاف ان تطُول رحلة العشر سنينٍ إلى أضعافها ، فهل تكفهر عنُه سبل النجاة ويكُون من البائسين ؟ ليثْ " ليث " .. "ليث" .. صوتُ اسمه يريد أن يسمعُه من شفتي والدتهِ ، وعلى خده ترنُو ترنيمة كفها لتمسح ما يحبسهُ من دمع .. فهل سيبكِي عندَ لُقياها ؟ أم سيبقى من الصامدِين ؟ بُعدًا لذلك ، فهل يصمُد المجنُون عن حضنُ امه ؟ يشعر بأن جبينه المتعرق سيذُوب من حرارة رأسه ، عيونه المباشرة قررت ان ترتجف لحظة ما ، كل شيءٍ هنا يذكرهُ بالأمل ، وبالخوف ايضًا ، هل المجَهُول ينفع ؟ ..من تذكر في هذهِ اللحظة ؟ * يُوسفْ * هو من يتذكره .. يتذكرهُ ويتمنَى ان يكُون معه في هذا الموقفْ الصعب جدًا .. التفت اليه مشعل بعد لحظات وقال : سم بالله ومالنا إلا الخير.. انزل ولا ابقى يابو السيف؟
ابتسم ليث بألم ، ثم همس بصوتٍ بالكادِ يُسمع : انزل .. بس تركد
مشعل يهز رأسه وكان سيفتح الباب لولا يدْ ليث التي امتدت اليه ثم قال : انتبه حولك وبمجرد ان تحس بأي حركة ارجع .. وان كان الوضع امان فأنا بنتظر تلفونك !
مشعل يهز رأسه ويغادر ، يلتفت يمنة وشمالًا ، يراقب الوضع من حوله ، وكل ما حوله هادئ جدًا ولا يوحي بالخطرْ .. في الورقة التي بيده ينظر اليها ثم يعيد النظر الى رقم العنوان ، ويتأكد مرارًا بأنهُ هو العنوانُ المنشُود .. يطرقُ البابَ مرارًا!! ، هل سيفتح؟ ، ويُحلّ الموضوع برمّته ؟!! ، دقائق معدودَة ، تخرجُ فتاة شقراء بملامح آسيوية ، يتوقع أنها لأب امريكي وام صينية ، تعقد حاجبه بغير معرفة قائلة : من انت ؟ هل استطيع خدمتك ؟
مشعل بتمثيل يحك رأسه : أجل سيدتي ، لقد تعطلت سيارتي للتو ..وهاتفي المحمول قد انتهت بطاريته ..هل استطيع الاتصال بصديقي ؟
الفتاة تبتسم : بالتأكيد سيدي تفضل..
يدخل مشعل الى الداخل وهو ينظر للمكان المُرتب بتماثيل للمسيح وصور لأبناء عائلتها ، ركز في احدى الصور التي لفتت انتباهه كثيرًا .. صورة ادهشته بالفعل ولم يعلم مامناسبتها ، يُريد ان يصرخ فيها لكنُه لا يستطيع ان يُهدم ماقد تم تشييدهُ ، الممرضة انتبهت لسرحانه وقالت له عن مناسبة الصورة : هذه الصورة مع مريض عربي مصاب بالسرطان ..كانت مناسبته نجاح عمليته..
تقدم مشعل بجراءة الى حيثُ تقبع الصورة ونظر اليها طويلاً ثم قال : ومن هذا الطبيب ؟
الممرضة بحزن : انه الطبيب العام الذي اعمل معه..لقد مات بسبب مريضه الذي انقذه..أرأيت كيف يرد العرب الجميل ؟
لو كان بركانًا لانفجر ، يالوقاحَتهم ..كيفَ يستطيعُون تظليل الناس بهذه التهم الواهية والغير صحيحة ، طلبت منهُ الجلوس لتحضر الهاتف له..جلس بغضب مشمئزًا من المكان مقهورًا منه..هل هذه الممرضة حقًا تعمل في تهريب الاعضاء البشرية ؟ هل لازالت تعمل في هذا المجال المقرف ؟ لا جواب يأتيه ، سوى انها طلت بالهاتف تمده له..
يتصل بليث وبلكَنة عربية : تعال هالحين..ولاتنسى جهاز التسجيل..
أغلق الهاتف وابتسم ابتسامة مصطنعة : من حسن الحظ انه قريب من المنطقة ..سيأتي قريبًا..
ابتسمت له ثم قالت : هل تشرب الشاي سيدي ؟
مشعل يهز رأسه : لا .. شكرًا لك ..
دقائق طويلة ..لأكثر من عشر دقائق..وهو لازال ينتظر قدُوم الليث ! فهل سيصل ؟


،


شعر بتوتر شديدْ ، وفقًا للتمثيلية ، لابد ان يبقى لمدة لاتتجاوز العشر دقائق ، ثم نزل من سيارتِه متقدمًا بجهاز التسجيل .. ، واضعًا اياهُ في جيبه ..وهو يتقدَم الى مصيره وكل ماتقدم خطوة زادت نبضاتُ قلبه ، رفع رأسهُ الى السماء ، اطلقت شفتيه دعوة قصيرة : اللهم فرج عن عبدك همه..!
تقدم الى الباب وطرقَهُ عدّة مرات ، لتفتَح لهُ الممرضة التي عرفها بمجرد ان نظر اليها، لكنها لم تعرفه!!!


وعلَى بعد 8 متر ، وصل حاملاً سلاحه ، لاحقًا بالليثْ ، لأنه متوقعًا ماسيحل من احداث، فقرر الانتظار ، قليلاً .. حتى يدخلُ الى المكَان ومن هذه النُقطة يستطيع حماية ظُهورهِم دُونَ ان يعلموا به .!



داخل المنِزل .
ليث الذي يكاد ان يخنقها بألم وقهر ، تجَاوزْ كل ما يملكه من شعُورٍ يقتلهُ ، ثم قالْ : مرحبًا سيدتي.. السيد ميشيل بالداخل ؟
ابتسمت : اجل ..تفضل..
تقدم للداخل ونظر لمشعل نظرة متفحصة ، أومأ مشعل بعينيه ، ثم جلس على الاريكة ..والى مانظر مشعل نَظر ، وجَدْ صُورته ، مع الممرضة والطبيب الذي كاد ان يقتلهُ ، وشعر بحرقة كبيرة تملأ روحه من هذا المكان .. حتى لما قدّمت له الماء شعر به يغلي في روحه ، ليشرق به بمرار ويسعل.. ثم بعد ذلك يعود لوضعه الطبيعي..
مشعل يهمس بتلاعب : ماهو عملك سيدتي ؟
الممرضة : تمريض!
مشعل : هل تعملين عملًا جزئي آخر ؟!*بنبرة مقصودة* أعني..هل يمكن ان تجمعين كل هذه الثروة من مبلغ التمريض ؟
الممُرضة بتوتر : ماذا تعني ايها الرجل؟
ليث بذكاء : انهُ يسئل ان كنتي تشغلين مجالين من العمل ..
*انحَنى ووضع يده على ركبتيه وشبكهما مع بعضيهما البعض وقال * : تستطيعين اخبارنا عن ذلك..
الممرضة بقلق : مالذي تقولانه ..هل انتم من الاستخبارات المركزية ؟
ليث يبتسم لمشعل : بالطبع لا .. لقد ابلغنا السيد وينستر عن عملكما الجزئي *المستشار الذي يعمل في تهريب الاعضاء* .
الممرضة : اللعنة..هل فعلها حقًا ؟
ليث يبتسم براحة وخصوصا ان جهاز التسجيل يعمل دون علم الممرضة : هل تعملين حقًا في تهريب الاعضاء البشرية وتزوير الوصية ؟
الممرضة بارتباك واضح على ملامحها : لماذا تسئلان مالذي تريدانه ؟
ليث بوضوح : نحن نعلم طبيعة عملك ..لذلك نريد معرفة كل شيء ..
الممرضة بكذب: انا لا اعلم مالذي تقولانه ..انه مجرد ترهات
ليث ينظر لمشعل : يشهد الله ان كلامها مانزل الله به من سلطان.. *ثم يعود الى اللغة الانجليزية ويتحدث بطلاقته * بالتأكيد تعلمين ذلك..لقد رأينا مقاطع كثيرة لك مع السيد وينستر..في معمل التشريح تهربان بعض الاعضاء للاستفادة من المبلغ..
الممرضة تضيق عينيها : ولماذا تسئلان عن ذلك..مالذي تستفيدانه..
مشعل يبتسم بسخرية : نريد ان نعرف بداياتك..*أشار الى الصورة التي تقبع على مكتبه*وخصوصا مع هذا المريض..
الممرضة تقف بارتباك وبغضب : ان لم تخرجا سأطلب الشرطة..
مشعل : سنضطر اذا الى استخدام السلاح معك..وهذه ليست من طرق تعاملنا مع امرأة !
الممرضة بغضب : مالذي تقصدانه من حديثكما ؟ هل انتما من العرب؟
ليث يشعر بأنه يموت تدريجيا ، مع كل كلمة تنطقها ومع الحديث المحتدم ثم همس بغضب : امامك دقيقتان فقط..والا ستكبلين الى السجن..لدينا تهمة ضدك وهي تهمة تهريب الاعضاء..نريد اعترافا كاملا عن الذي فعلته مع المريض..

رُبط لسانها ولم تعرف ماتفعله..الذي فعلته بأنها سحبت المزهريات وبدأت ترميها على مشعل وليث بشكل جنوني تثير منها الفوضى ..بعض المزهريات كسرت النافذة الزجاجية التي تطل على حديقة المنزل.. مما اقلق الرجل الذي يحمله سلاحه بالخارج..
يدخل بصدمة فجأة وهو يوجه ناحيته السلاح الذي بالحقيقة هو سلاح فارغ لكنه يستخدمه كحيلة للايقاع بهذه الممرضة العنيدة ..حينما رأت السلاح موجه لها صمتت بخوف شديد وهي تجلس برعب.. ، مشعل ..ليث..هما طرفان مصدومان بالفعل..من الرجل الذي يقف امامهما يحمل سلاحًا ..يتقدم رافعًا حاجبيه ويقول : جاسيكا ويسبر..ممرضة في احد المستشفيات البريطانية..تعمل في مجال التشريح وتهريب الاعضاء البشرية..للحصول على مليارات تافهة..استخدمت احد حيلها الخبيثة للايقاع بأحد المريضين العرب في الازمة البريطانية..للحصول على بعض البليارات..وكان المريض ليث المالك هو احد الضحايا..اليس كذلك ؟
ترتجف بصمت ، ليث ينظر للرجل الذي يلتفت اليه ولازال السلاح موجهًا على تلك المرأة ثم همس : صدمتك..بس ماني من اللي يغلوك بطعون خلف ظهرك..
ليث بفخر : عز الله انك من زين الرجال..
آدم بابتسامة : الله يقويك..
ليث يتوجه اليها ويكمل كلامه : مالذي فعلته ؟
الممرضة بحزن : لقد قام السيد وينستر برشوتي حينها للعمل مع الطبيب العام في تخدير بعض المرضى ..منهم العرب والسود اثناء العنصرية ..ووقع الاختيار على هذا المريض العربي..فوجئنا حينما تشافى من السرطان..قررنا باليوم الذي بعده حقنه ببعض المواد الكيميائية السامة ينتج عنها شلل في عضلة القلب ومنها يصاب بحالة الوفاة..لكننا فوجئنا به قد سمع مادار بيننا انا والطبيب العام وقام بالدفاع عن نفسه.. وبدل ان يحقن الطبيب العام ليث..قام بحقن نفسه عن طريق الخطأ وهو يحاول الامساك بليث..

هل الألم هُو مايختزله ؟ هل وصل .. هل انتهَى ماعانى منه ..والذي حصل قد حصَل ؟ انه مُجرد حلم ، ستنقضي هذه السويعات وسيستيقظ ، هذا كثير يا الله ..هل تُعطِي عبدك ما أرادُه ، ؟ هل ترزقنِي باللذي كنت انشدك فيه.. *الحُرية * ؟

والجوَاب كان ...







- انتهَى البارتْ , أذكرونِي بينَ دُعائكمْ * .








 
 

 

عرض البوم صور غَيدْ   رد مع اقتباس
قديم 10-06-15, 01:05 AM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 269296
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: غَيدْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غَيدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 





السلام عليكم ورحمة الله وبركاته -.
وجُودي مفاجأة المفروض البارت ينزل بكرة ، بس عشانكم ناس طيبة وجميلة وتستاهل قررنا ننزله اليوم :$
كيف حالكم عساكم طيبين ؟ مثل مايقولون " توحشتكم بالزاف" :$
وهذي عودة لندخل في صلب الرواية.. بتاريخ 9\8\1436 ه
وتكُون بادئة خير مجددًا لنا ، ربي يوفق جميع اللي اختبروا ، واللي لازالوا يختبرون. اللي حابه اقوله ان بـ هذي الاجزاء راح تصير تغيرات غير طبيعية في مجرى الرواية ، وتظهر شخصيات وتبدأ الصراعات ، وراح نكشف عن اسرار كثيرة .. والحمدلله انا حاسة بان الشخصيات الجديدة هي ايضا من قائمة ابطال روايتي . ولهم قصص حلوة وممتعة وان شاء الله بتعجبكم:$
احتاج الى ثقتكم ، وفقط!
البارت اهداء للجميع ، ولكن خصوصًـا الى الجميلة " ودي اطير" ..اللي اعتبرها شخص وقف معي بكل غيبة وبكل ظهور ، واتمنى منها عودَة كريمة لساحة روايتي . :$
لاتنسوا تعطوني رأيكم بالبارت والرواية هُنـا : ط؛ظژظٹظ€ط¯ظ’ ! - Give anonymous feedback

قراءة ممتعة ان شاء الله :*.

--





البارت السادس والعُشرون .




أنا لا أ كتب الأشعار فالأشعار تكتبني ،
أريد الصمت كي أحيا، ولكن الذي ألقاه ينطقني ،
ولا ألقى سوى حزن، على حزن، على حزن ،
أأكتب أنني حي على كفني ؟
أأكتب أنني حر، وحتى الحرف يرسف بالعبودية ؟
لقد شيعت فاتنة، تسمى في بلاد العرب تخريبا ،
وإرهابا
وطعنا في القوانين الإلهية ،
ولكن اسمها والله ... ،
لكن اسمها في الأصل حرية

# لِـ المتألق/ أحمد مطر.




كَان وقوف ادم بجواره مع مشعل امام وجه هذهِ المُمرضة كافيًا لبعث الرعُبِ فيها ، كانت تنتفض بلا تصديق ، كيف استطاعوا ان يعبثوا معها بهذهِ الخطة المُستحيلة للوصول الى المُمرضة .. قالت بكل حدّة : لن يصدقونكم..الحكُومة البريطانية لا تصدق الكلام ...ستتهمك ببرمجة الكلام عن طريق الاجهزة المستحدثة...لن تصدقكم حتى ترى اثبات..شريط فيديو او قرص ..وهذا غير موجود..
آدم بغضب : هذا غير مُهم ..بالنهاية ستكشف اباطيلكم...نحن سنخرج الآن ، ولكن اقسم في حال ان تحدثتي لاي أحد عن ماحدث اليوم ستباتين غدًا في السجن..
انتفضَت برعب حينما سمعت همسته الصارخة : هل هذا مفهوم ؟؟؟
هزت رأسها بعد الابتزاز وقد تم لوي ذراعها بطريقة ذكية من قبل هؤلاء العرب لتقول : أجل ..
التفتت لليث الذي كان مستندًا في الزاوية ويدهُ على عينيه وينتفض بتعب وشقَاء ، إلهِي هل حانَ الوقتُ لأرجع ؟ أم أنها عتبة أخرى لكِيَ ابقى أسيرًا ؟ هذهِ القيود التي تُكبل يدِي أوجعتنِي ، هذا الشيبُ المنطلِي على وجهِي أرهقَ قلبِي ، هناكَ من يصقلنِي ويعجُننَي كأرجُوزَة ميتة في ثراه ، الهِي ، أنا مريضٌ بداء الغربة ، وانت الذي قُلت * وإذا مرضتُ فهو يشفِين * .. فاشفنِي من داء الغُربة ، لقد انهالت عليّ سياطُ العالم بأسرها ، لقد رتلتنِي الدنيا كرثاءٍ ميتْ ، أخشى أن يمُوت في داخلي ليث...وأحيا غريب طوال عُمرِي ، .
تقدم آدم ناحيته وهو يربت على كتفه : توكل على الله يايُوسف*تعمَد ان لا يقول اسمه حتى لا تعرفهُ الممرضة* ...ربك كريم واليوم ولا بكرة بنلقى حل...
ليث يمسح على وجهه : قطعنا مشوار على شيء مايكفي لاثبات برائتي ...اجل ليه متعب حالي عليه ...
مشعل : ولو ..اقلها شرف المحاولة ...ياليث ترى مايمنع ان حنا نبحث ونساندك...
ليث بحيلَ مهدُود : لا تنسى عشر سنين من عمري كلها ادور على اللي يثبت برائتي ومالقيته...
آدم بثقة : عشر سنين من عمرك كنت فيها لوحدك...وهالسنة حنا معك
ليث بهدوء يخرج خارج منزل هذه الممرضة ويتوجه ناحية السيارة وهو يقول لآدم : مع من جاي ؟
آدم تنفس بهدوء وهو يقُول : مع بو سعود العزيز ...
مشعل يرفع حاجبيه باستنكَار : كيف يعني ...لصالح مين انت ؟
آدم : اكيد لصالح الحق...انا ماني مع عيال العزيز...انا معهم مجرد اسم...
ليث : وفرضًا عرفوك ؟
آدم ابتسم : ماراح يعرفوني...لاني كل ما اطلع اركب حافلة نقل...ولما اركبها اغير من شكلي والبس فوق لبسي هالمعطف...
ليث يبتسم لآدم : كفو... بس غشيتني فيك كل هالايام ...
آدم : كنت مضطر...ولو لا هالشيء يمكن كنت رحت ملح..
ليث : انا محتاج اعرف طبيعة شغل بو عمار وولده..لازم اجلس معك...
آدم : ان شاء الله...بس باختصار بو عمار وولده يشتغلون بقطاع بريطاني..وهالقطاع لاعب بالعرب لعب..
مشعل بغيظ : من يومه بايع الشرف وماله بعلوم الرجاجيل..
ليث يصافح ادم : حياك الله وماتقصر...الليلة عشاك معنا !
آدم باحراج : لا والله ان ما تتعب نفـ....
ليث يضع يده الاخرى على يد ادم المصافحة له ويهزها باصرار : لا تحلف بشيء يمكن تكفر عنه تالي... ننتظرك..
آدم يهز رأسه وهو يقبل كتف ليث : الله يقويك ماتقصر...ماضمن لك جيتي بس بحاول ..لاشفتها تعسرت اعرف اني ماقدرت..
ليث : الله ينصرك ..فمان الله..
توادعُوا على تلك النقطة ، وركب كل مِنهُم وانطَلقْ كان مشعل هو الذي يقُود ، ويلتفت كل دقيقة لليثَ الذِي يطمأنه بابتسامة تخبره بأنه بخير...لكنهُ في الحقيقة ليس كذلك... هُوَ يموت كل مرة ، كل مرة يكتشف فيها ان مشوار حريتهُّ بعيد ، أنَا كالطيرُ الذِي لا يجدُ مخرجْ ، يخالُ بأنهُ حرًا وهو مقيد ، انا كالصمت الذي يعزفُ ارجوزة المساء الاول ، أنا القسم الذي بين المشرقِ والمغربْ ، انا الرجلُ الذِي سمّي بليثَ ، وكُنّي بعزّام ، وانتَهى بيوسفْ .. !
وصَل الى حيثَ الحي الذي يسكنُ فيه ، توجه ناحية شقته لكن مشعل استوقفهُ وهو يقول : لا تمشي لشقتك..رح اجلس مع زوجتك وريح بالك..
ابتسمَ لهُ ليث وقال : وانت وين بتروح فيه ؟
مشعل بممَازحة : انا لي الله..اذا انت واختي استحليتوا الاماكن مالي كلمة فوق كلامكم..
اتسعت الابتسامة ، ثم صعد المكان بعدما سلمهُ مشعل المفتاح ، انّهُ يعد العتبات درجَة درجَة ، وهو يسحب الثوانِي ، متى ستلتقي عينيِ بعينك ؟ متى سأقول لكِ بأنِي اشتقتُ اليك بضمير ، متى ستغازلني أهدابُكِ وترهقنِي شفتيك ؟ ، متى ستغفو يدِي على راحةِ يدك ؟ متى سأستنشقُ انفاسك ؟ ..
وصل الى الشقة ، فتحها بالمفتاح ..ودخل الى الداخل وهو يبتسم ، يرى طيفها الذي يشربُ الماء ، ولثواني هو كان خلفها تماما ، التفتت لتصرخ برعب .. مسك الكأس ووضعهُ على الطاولة كي لا يسقط ثم ابتسم لها وهو يقول : أرعبتك ؟
وريف بحقد : ماقصّرت ..
ضحك على تعابير وجهها الحاقد قائلاً : ماخبرني اخيك انك بسرعة تحقدين ؟
وريف ويدها لازالت على قلبها : هاها ..مزحك ثقيل!
ابتسم وهو يضحك : وين اللي امس شوي وتنخش من الحيا ؟
وريف تسمرت خلاياها بخجل ، خرجت معهُ على البلكونة وهي تجلس على الطاولة وهي تنظر ناحية شقته ، حيثُ كان يراقبها كل مرة .. كان جالسٌ معها ، يقرأ افكارها من عينيها ، اين كنا واينَ صرنا يالوريف؟ لقد كانت المسافات تفصُل بيننَا ، واليومُ المسافات هيَ ما تقُدسنا ، اليوم اعطتنَا الحياة فرصة اللقاء ، اليوم اعيننا تستقبل بعضها البعض ، وتضم اهدابنا بعضها ، وتغازل شفاهنا بعضها ، وتسترخي اجسادنا على تلِ السماء ، والنجُوم ، لقد فهمتُ بان أعينُ العشاق تغير شكل الارض التي نمشِي عليها ، وتغير ملامح الحقيقة التي نحنُ نهرب منها ، ان كُنت مقيد ، فأنتِ من حررتنِي ، ان سُئلت من أنا ؟ ، فأنتِ هويتي ، .. نظر لها طويلاً وهي لاززالت تنظر للنطقة الذي ينظر لها : كنت أتعذب لما اشوفك من ذيك المكان..
وريف بابتسامة : بس زين سوى اخوي فيك لما عصب عليك
ضحك حتى بانت صفة اسنانه العلوية: ودي ذبحته لما غير غرفتك ..وخلاك تنامين بغرفته ..
وريف بهدوء التفتت لتنظر لعينَاه ، عيناه المكللتان بالولعَ ، عيناهُ التي تُنشد اناشيد الهَوى ، وتقص القصائد ، ولا يمحوها لا شطر ولا بيت ، عيناه التي لا تعرف مقاييس الادب ، التي تفضح الاعين التي حولها : لـيث..
اغمض عيناه بابتسامة بائسَة : يا كبرها عند الله جى اليوم اللي اسمع به اسمي بضمير..
وريف بحنين لايام تراه يكون معها بالوطن : الله يشرح لك صدرك.. ويرجعك لبلادك..
ابتسم لها ويداه تعثو الحنين في يدها ، سرحت لعدَة دقائق وبقلق أنثوي وخيم : قد قابلت بنت واعجبتك قبلي؟
ابتسم بخبث : ايه..ببريطانيا ..كثـــير ..
وريف عقد حاجبيها بغيرة غاضبة : وتعترف بعد ؟؟؟
ليث يضحك وتضحك عيناهُ معه : ههههههههههههههههه انتِ اللي سألتي !
حُرجت من نفسها وبدأت ترسل على نفسها اشد الشتائم بسببَ غبائها لتقول : كم وحدة..
ليث بكذب : كثير والله...حتى نسيت كم عددهم..
وريف تنظر له بعقدة بين حاجبيها غاضبة : ماشاء الله..ومتى امداك ياسيد ليث وسط هالظروف ذي كلها تقابل بنات؟؟!
ليث يبتسم لغيرتها وباستمتاع : وليه متضايقة ..الحين انتِ معي وانا معك ..وش يهمك بالماضي؟
وريف بقهر : الحين لو انا معي ماضي وعندي رجاجيل مثل بناتك بترضى ؟
ليث : اقطع راسك..
وريف بحدة : اجل لا تقول وش يهمني بالماضي..
ليث والابتسامة لا تفارقه : وليه حارقة دمك طيب؟
وريف تكاد ان تأكل اظافرها من الغيرة : يعني ممكن تطابن علي وتتزوج علي لا رجعنا ؟؟
ليث يمثل الاعتراف بكذب : ليش لا ؟ ...الله حلل مثنى وثلاث ورباع..
وريف بغيرة واضحة لم تخفى ملامحها على ليث : فان خفتوا الا تعدلوا فواحدة..
ليث ضحك : هههههههههههههههه عاد انا عادل!!
وريف لم تنتبه لغضبها الذي كان مصدر استمتاع لليث ، وهو لازال يضحك عليها : شايفني مو صاحية تضحك علي؟؟
ليث يغُيظها : لو صاحية كان انتبهتي لقميصك المفتوح..
اخفضت رأسها وهي تعض على شفتيها بحرج وهي تنظر لقميصها الابيض المفتوح ويبين منهُ مابداخله ، لتصمت بحرج ويقول ليث: بس حلو الاحمر عليك...
تسربت الحمُرة لجسدها الذي يشتعل خجلاً وهي تقول بغضب : حيوان..قليل ادب..
هنا لم يستطع ان يمسك نفسه من الضحك وهي تقف من امامه وتدخل للداخل... وضع يده خلف رأسه وهو يبتسم بسعادة ، ما أجَمل خجل النسَاء وغيرتهن ، ما أجمل أن أحضى بهذَا الكم الانثوي ، هل تعلمِين يا وريف .. أن تتجمع كل الاناث فِي وجهكِ هذا يخدشنِي ، أن يكُون جمالكُ الباهر امام عيني يُؤرقِ رجولتِي ، كيف لكم الرجولة الهائل مني ان يتحمل الكم الهائل الانثوي منكِ ؟ أنتِ لا ترين العصيان في عيني ، أنتِ لا تري جثَة القدر التي ترتمِي نحوكِ لتكُونِي قبرها الابدِي ، لتنام بسلام فيك ، وان وددتُ أن أمُوت فيك ألف مرة وتكونِينَ قبري لما ترددتُ ، مهما كان الضيق يختلجُ الصدر ، ويغلغلُ في الجسد نفسه ، فأنتِ سعادةٌ لا اختلاف فيها ، وأحبُّ أن تكُونِي كذلك !

،


تدخُل بتوتر الى جناحهم وهي تراهُ يدخل بجُمود هادئِ ، مُجرد ليالٍ مرهقة أتت لهُم لتراه يصمت كل لحظَة ودقيقة ، يأتِي بها ليلاً لينام بسُرعة دُون ان ينطق بكلمة ، وتظل وحيدة تسهرُ على مُغازلة طيفه ، حتى ملامحهُ الحانيَة اصبحَت جافة وباردة ، لا مُبرر لتصرفاتِه ولا عذر له ، فان كان لهُ عذرًا فسيواجهُنِي ، يالقَسوتكِ ، رجلاً مثلك كان عليهِ أن يُتممِ قسمهُ ووعده ، كيفَ تستطيع النوم دُون ان تقبل عيناَي كما تفعل ، أو تربتَ بيدكَ الحانية على كتفِي ، صمتُكَ كارثَـة والله كـارثة ، وانا قُنبلة وسأنفجر ! .. أعطيني سببًا يجعُلك بهذا البُرود المفاجئ ، راكان حبيبِي لا يليقُ عليك ثوب القَسوة ، أنتَ أرجُوزَة الحُبِ والمساء ، والنجمةُ التِي تغازل القمر ، أنتَ طيرُ قلبِي الحُرّ ، أنتَ سعادتِي المُستمرة ، أنتَ من اقتحمت أركانِي بجيشِك واستعَمرتنِي ، استعَمرتَ خلاياي واحدَة تلوَ الأخرى ، وقيدتنِي عيناكَ عن عيون كلّ الرجال ، وقبلتُ فيكَ ولم أرضى بغيرك ، فلمَ تقابلنِي بهذا البرود المفاجئ ؟ ماللذي حدث ..هل اصبح زواجنا روتينًا ممُلاً لكَ ؟
لم ينَم ، وهي تعلم ذلك ، هزته برقة: راكان ..راكـــان منت نايم قوم ابي اكلمك..
ودُون ان يقوم وعيناهُ لا تـَزال مُغمضـــتانْ : اسماء...ماهو وقتك..
اسماء بقهر : قلت لك ابي أكلمك قوم ..
لا ردَ ، وكادت تجنُّ من تجاهله لتقول بغضب : راكـــــــان لا تسفهني ابي اتفاهم معك قوم..
راكان بغضب : مافيه شيء صار عشان نتفاهم عليه...اقلقتينا ابي انام..
اسماء والعبرة تخنُق حنجرتها وهي تقول : انت مو ملاحـــظ على نفسك وش قاعد يصير...
راكان : ملاحظ ان زاد حنك على راسي... استهدي بالله وخلينا ننام والصباح رباح..
اسماء : لاصباح ولا مساء ..يانتفاهم الحين يا ...
راكان بغضب : ان لله..وبعديـــــــن معك ؟؟؟
اسماء تصمت وهي تغطي جسدها بالبطانية وبغضب وصوت حاد تقول : نام برد قلبك ...
وتستلقي بغيظ ، لقدَ نام ، وراكان الذي اعرفهُ لا ينام الا حينما انام ، وان كنت غير راضية فوالله لا تغمضُ عينه ، فلمَ تغمضُ عيناه الآن ؟

،

فِي الرياضَ وبينمَا الليل كادَ أن يضللها ، والنجُوم تبزغ بعَد ان رحلت الشمس ، كان هُو يجلس وامامه جهاز اللابتوب ليراجع جدَول اعماله من شركة والده ، انتَبهت له جُمانة التي ترسمُ على شفتيها ابتسامة من نوع مختلف ، تقَدمت ناحيتهَ ، جلست بجواره وهي تنظر لجهاز اللابتوب معه وتقول : اختار الثانية والله ان تنفعكم
سلطان يرفع حاجبه ويكتم ضحكته : ايه ولا يهمك ..تبينا نروح ملح ؟
جمانة تحك رأسها بحرج : والله ان شعرفني ..
سلطان يبتسم لها : اخلصي..تبين تطلعين تراني ماني فاضي..
جمانة تهز رأسها بابتسامة : لا ..ماصدقت ..ماهو هذا اللي جاية عشانه..
سلطان يلوي شفتيه : طيب وش جاية عشانه ياست الحسن والدلال ؟
جمانة تقبل خده وهي تقول بحب : مبروك حبيبي سلطان..رؤى لكِ ..وافقت !
سلطان رفع حاجبيه باندهاش ، وقلبه ينطق بالكلمة " وافقت" حرفًا حرفًا ، ويظن بأن أخته تمزح بأحد مزحاتها السابقة : جمانه ماهو وقت مزح..
جمانة بقهر : والله ان مامزح من جدي وش فيك...
سلطان لازالت نظرة الشك تعتليه لتقول : سلطان شفيك البنت وافقت وافقت انت مستوعب ؟
سلطان : لا بس مستغرب...
جمانة بابتسامة : اكيد بتستغرب كلنا استغربنا ..لكن البنت مالها مصير محدد ، لا اهل لا ناس حواليها ولا شيء.. اتوقع موافقتها مو عشان ان اللي براسها راح..بس عشانها تبي مصير تعيش فيه مو تظل بالمجهول...يمكن اقتنعت انك مو انت القاتل ولكن اظن انها ماتكره احد بالعالم ذا كثر ماتكره " سلطان "
ابتسم بعفوية وهو يبلل شفتيه : اهم شيء انها وافقت وخل تكرهني بكيفها...
جمانة بغرور: الحين ماعليك الا ان تخطبها رسمي مني ..
سلطان يضربها على رأسها : بالله؟ على طول عينت نفسها مسؤول عنها...
جمانة بوجع تمسح على رأسها : ياليل سلطان وش ذا العنف اللي عليك...
ابتسم سلطان : عسى يجي اليوم اللي اشمت فيك عليه...
جمانه بشماته : حلم من احلامك هههههههههههههههههه
سلطان : يوم اللي اسمعك تقولين مثل القطوة الاليفة للشيخ موافقة ..
تسربت الحمرة الى جسدها وهي تقف وتنهض بغضب : حمار..حيوان...كل شيء خايس انت...
ضحك بأعلى صوته : ههههههههههههههههههههههههههههه ولا لك لوا وانا اخوك بس لسانك متبري منك...
غادرت من امامه لتجلس والدتهُ امامه وهي تقول بفرحة : يالله على الابتسامة اللي شاقة وجهك...عساها دايمة وانا امك..كل ذا من خبر رؤى ؟!
سلطان يبتسم لوالدته ويقبل رأسها : كنت اضحك على جمانة ..بنتك مخبولة باختصار..
تبتسم له امه بهدُوء ودَمعة غافية في جفونها ، هنا سلطان لم يتحمل دموع امه ، فقبل يديها الموجودة على فخذيها ، وهو يضغط عليهما بحنان : ام ناصر تبكين ؟ ..معاذ الله وش يبكيك ؟
وضعت يدها على خده وهي تنظر لعينيه : حبيبي ياسلطان..وأخيرًا راح ابلغ فيك..انت اكثر واحد عقلتني فيك بين اخوانك..كلكم مكانكم واحد بس انت لك حسك في البيت..
احتضنها بهدوء يبتسم : ماهقيتك ام دميعات يايمه..بلا دموع بلا عواطف اباك ترقصين بعرسي تخبلين بالعذارى..
ضحكت بين دموعها وضربتهُ على صدره : تطنز على امك يالماتستحي..
ابتسم وهو يقبل جبينها : ماعاش سلطان لو تطنز...فداك انا اليوم لين اخر ايامي..
احتضنته : جعل يومي قبل يومــك ..
نظر لعينيهَا ، وأمّي ، ومَن مثل أمِّي ؟ ، هل الحيَاة دُونكِ الا سواد ؟ ، أنتِ العشُ الدافئ الذي ربيتُ فيه ، أنتِ السماء التي أنظرُ لها كل يوم ، هذهِ الانفاس التي تجرها الانفاس هي تلفظُ باسمكِ يا أمي ، رجُولتي كلها تخضع لأسفل قدميك ، وأقبلهما بلا خجَل ، وأعتز بأنهما جنتّي التي أرنو بطريقي اليها ، ارضّي عنِي يا كُل هذهِ الدنيا ، يا مائِي الذي يرتوِي منهُ قلبي ، أغفرِي عني زلاتِ الطفُولة ، وارحمِي طيش شبابي .. فليرزقنِي رضاك الله !

،

عادَ الى منزله ليلاً وهُوَ يشعر بالصداع ، يحتَاج الى البروزلام بشكل غير طبيعي وخصوصًا هذهِ الليلة ، حتى ان التعب الذي فيه يجعلُ عيناه شاخصتَان ويترنح بشكل غير طبيعي ، لا يعلم لماذا حقد على الاطباء في المملكة حينما اجبروه على الاستسلام للمهدئات والمنومات ، اختنَق من ذلك وهو يمشي مسافة الحديقة بأكملها وهو يختنق ، حتى انفاسه صعب عليه ان يلتقطها ، الجَميع نائم في هذا الوقت بالتأكيدْ ، الا تلك التي كانت تمشي بهدوء من بعيد وحينما انتبهت له ركضت ناحيته برعب : آدَم ...آآآآآآدم...آآآآآآدم شفيك ...؟؟؟
يستجمع انفاسه وبصعوبة : مافِـيني شيء جيبي لي موية وحبوبي بالغرفة ..بدرج الكومدينة...
لم تكن تركز مع كلامه بسبب ارتعابها: شفيك وش يوجعك ؟
آدم بتعب : جيبي لي موية وحبوبي فوق...
هزت رأسها لتركض بعد استيعاب او بالاحرى لم تستوعب لكنها شتت نفسها بضياع ، توجهت للاعلى لجلب حبوبه ، ثم نزلت لتسكب له ماء وتعود اليه وهو بالكاد يتنفس ، اعطته والتهمه بجرعة واحدة ، هدأ بعد عدة دقائق وهو ينظر لها ، كانت تراقبهُ بقلق قبل قليل ، وبرعب ، وبخوف ، وابتسم حتى انفرط ضاحكًا وهو يتذكر شكلها وهي محتارة لا تعرف اين تذهب حينما كان شكله بهذه الحالة ، هاجَر بغضب : ماظن به شيء يضحك...
آدم : ههههههههههههههه شكلك ...تحفة..!!
هاجر بغيض : هذا بدل ماتحمد ربك اني كنت بوجهك ولا كنت رحت ملح..
آدم يكتم ضحكته : ايه الحمدلله ...وش كنتِ تسوين بـ هالليل..
هاجر بارتباك : ماجاني نوم...رحت..
آدم رفع حاجبه الايسر : شفيك ؟
هاجر تغمض عينيها وتبلل شفتيها : رحت مكتب ابوي ...شفت ملفاته..مو كلها ولكن اغلبها
آدم بغضب : وليه تروحـي ؟؟؟
هاجر بغيظ مُرتبك: وليه تصرخ علي يعني حرام لارحت ؟؟
آدم بقهر يلف رأسها ناحيته وينظر لعينيها: ياغبية شغلي عقلك ولو شوي...ابوك لو عرف انك كنتِي بمكتبه قسم بالله ماتصبحين علي بكرة ...
ارتعدت بصمت وهي تبتلع ريقها الجاف وتبلل شفتيها: كـان عندي شوية فضول..
آدم يقف : خل ينفعك فضولك...أنا خايف يكون بمكتب ابوك كاميرات الحين كيف الفقها لك؟
هاجَر والرعب انبث الى عروقها: لا ماذكر انه ركب كاميرات..
آدم بنَبرة سـاخرة:ليه حضرة جنابك ابوك بيستأذن منك لاحط كاميرات !!
لا تعرف ماذا تفعل ولكنها قالت: بس والله مافهمت شيء من الملفات..
ولازَالت سخريتهُ تمطرها كمطرِ السماء بلا رحَمة: طبيعي ماراح تفهمي بشغل الرجال...خليك انتِي مع مكياجك وفساتينك واغراضك...
استشاطت غيظا وهي تعض على شفتيها قائلة:لاتفكر اني غبية ترى عندي دماغ يفكر..
آدم حبس ابتسامته على غيظها:أي هين..
مشت من امامهُ كالطيفِ الراحل ، غاضبَة جدًا منهُ ومن سخريتهَ ، إلى متَى يا آدَم وانتْ تُشوه ثوب الرجُولة بقسَوتكِ، لنَ أرضى بكَ يومًا ولن يخضعَ كبريائِي يومًا لك ، منذُ اللحظَة الأولى التِي رأيتُ فيها عينَاك ، تأكدتُ بأننا لا نتوافقَ على شيءْ ، ليتنِي أستطيعُ أن أحررَّ نفسي من قبضَتك ، لكنتُ هربت مخلفةً خلفِي رسالة ساخرة تنتقدُ فيكَ صفاتكُ العَشر المستفزة ، وأولها صوتكُ الساخر وعينَاك اللا رحيمتين ، حينمَا تنظُر لِـي بتلك النظرة التي تشتتني ، وتبعثرني بقوة ثم تجمعنِي ، وتبصقني على ثوبِ القدر الذي ينتفضُ بي ، شريانُك الذي يتغذى بالبروزلام أتمنَى لو أن أدسُ فيهِ سمّ العذاب ، علكّ ترجعْ عن عنهَجيتكْ ..! ، آدَم أنا أكرهُكَ ! والمشاعر من الله ولا تقلقْ على مشاعرِي ! ,

،

ثوبُ الصباح على أرضِ الرياضْ التِي كَـانت ترتُلّ أذانْ الفجَر ، ليصحَى منها صوتٌ أمّ فاقدِة ترتمِي على سجادتها بعَجز باكِي ، وهيَ تقول " سلمتُكَ ياربِّي يُوسف ، فردّهُ ليعقوبتَـه ، الهّي ردّ اليَ الليثْ الذِي كلما رأى طيفي يقبله ، " .. ليث ذاك الرجل الذي يُقدّس ظلِي ، ويُمهدّ لِي طريقًا مُتوجًا بالياسمِين ، الحُبّ يا ابني هُو حب الله ، والوطن ، وُحبك أنتَ ، أنتَ الوطن الذِي اغتربتُ منه بغيابكِ ، لقد لدغتنِي ، وأوشمت في قلبِي نُدبة الفراق ، أنا أمُك فهل يقسى محبوبٌ على أمُّه ، ألم يوصيك الله ببّري ؟ ، فعقوق غيابكِ يحرقُ مهجتِي ، أنا لا أطلبُ منكَ فتحًا اسلاميًا ولا تحريرًا كتحرير القسطنطينية ..أنا أطلبُ منكَ عودَة .. خبرًا تُثلج بهِ صدري ، انها ابسطُ حقوقي ايها الولدُ العاق الغائبْ ، البارُّ للغياب بأمه ، في ذكريات كنت ترتل علي أياتَ طمأنينة حينما أغضب أو أخشى ، لازال صوتكُ يختلجنِي ياليثي ، لازلتُ أحلم بأن تلبس ثياب زفافكِ وتضحك أمام أعينَ الجميع ، لقد خذلتنِي قبيلتِي بك ، وكسرتنِي أنوفهم المُستقيمة ، إرجَع يا حبيبي ، أنتَ لا ترى شُهب السماء التي تُشبهنِي ؟ أو لا ترى الحمامة المكسُورة الجنحان التِي تطابقني ؟ ، ربكَ خلق من الشبه الاربعِين ، وكلّ تسعة وثلاثُون جرحًا يطابقُوننِي أنا الاربعين .. ارجع حبيبي ... ! وحسب.


،


فِي صباحِ كامبريدج ، كان هُوَ في شقته ، لقدَ خرج الامس بعدَما أغضبها ، وشعر بطاقة استمتاع في غيرتها النسائية ، وموقف قميصها المفتوح الذي كان يراقبُه طوال الوقت دُون ان يُخبرها بشيءٍ اغضبها ، فصارت زلزالا غاضبًا حتى لم تودعه ، أغلقت الباب في وجهه وسط ضحكاته على تعابيرها الخجُولة الغاضبة ، أيتهَا الثورة .. رؤيتي غير واضحة في غبشِ الليل والنهار ، أرشدِيني الى عينينِ كعينيك ، أو الى شفتين كشفتِيك ، الى مصدرٌ دفءٍ كاحتضانِك ، الى سلسلة الغنجَ التي تُؤرق كم الرجُولة فيّ ، إنِي ألقيتُ في عيناكِ قصيدَة الحُب الاولى وقلت " وعيُونها لا شرقت وغربت ..اذبحتني ! " .. هاتين اللوزتان المُرهقتان تعبثان فيّ ، فحاذِري أن ينفرط فيّ ذاك العرق المجنون الذي لا يرحمك ..
دائمًا كُنت أستجديك ، وأقُول بأن لا وطنَ لي سواك ، وإنّ وجُودك صار هويتي ، وتاريخِي وميلادي وانتمائِي ، وإنكِ صرت أعراق الأرضِ واحتواء القبيلة ، وإنكِ أماني حينما يحاصرني الخوف عليك ، وزفيري حينما يدخل صدري شهيقٌ لا طريق له ،


،




انتبهَ لهاتفه تستوطنِهُ رسالة " أعتذر ، ماقدرت اجيكم ع العشاء ، الجايات اكثر ان اشاء الله "
ابتسمَ له ليث ليرد بهدُوء " مو مشكلة ، المرة الجاية مانعذَر ! "
ثم نزَل من فُندقه الى صالة الرياضة في الاسفل بعدَما تأكد من كل شيء لا يثبت هويته من تغيير هيأته ، والتقَى بصديقه فهد الذي كان دخل توًا وهو يقول : حياك الله..
فهد لم يرد عليه وهو يدخل بغضب من ليث ، ابتسمَ ليث له : وش ناوي عليه تزعل ..تراني ما اراضي؟
فهد بقهر : عارف انك ماتراضي عشان كذا ماني قادر ازعل عليك...لكن الله يهداك يوم قلت لك رح عنوان الممرضة ومارحت قهرتني لين ماقلت بس.. حنا نبي نطلع وين ارض ليث وانت مطنش..
ليث بابتسامة : العنوان مو مضمون يافهد..احنا نبي شيء اذكى ، نبي نوصل للسديهات بالمستشفى ..بنفس العام اللي كان فيه ليث..
فهد بصمت قليلاً بعدما فكر بالفكرة وقال : وكيف نقدر نجيـبها ؟
ليث: انا بتفاهم مع جماعة على هالشيء يرتبون لنا الموضوع وناخذ السديهات..
فهد يهز رأسه برفض : ماهو بـ هالسهولة نقدر نجيبهم..لازم ناخذ نسخة..لان السيديهات الاصلية ممنوع تتحرك في كل مستشفى ويسوون عليهم كشف بصمات في أي وقت في حال أي احد قرب منهم...
ليث بصمت أدرَك بالفعل مايفكر فيه صديقه ليقول : طيب نقدر نوصل لـ ملفات ليث المالك قبل 10 سنين .. تقريبـا ملفات 2004 ..
فهد بتنهيدة يحك ذقنه:والله مدري بس بشوف استفسر لك من الدكاترة اللي هنا يطبقون..الوكاد انهم يقدرون...
ليث : دكتور وليد الحويان يقدر يعطينا تفاصيل..موجود في الفندق ذا بس ندق عليه ويعطينا أي تفاصيل احنا نقدر نتفاهم فيها..
فهَد بتصدي للموضوع : خلاص انا بكلمه ..اشوف اخليه ينزل...
توجه تاركًا فهد الى صالة الريـاضة ، بحثًا عن رياضة يفُرغ فيها طاقته ، كل ما تحدَث بشأن هذا الموضوع الذي يُعكر عليهِ صفو مزاجه ، يشعر بان هناك طاقة بحجَم العالم كله ، مكتظة في بدَنه ، استلقى على لوح مستقيم وامامه رافعة اثقال..حملها لأكثر من اثنا عشَر مرة .. ثم بعد ذلك تركها بعجز ..وهو يمسح جبينه بمنشفة ويشرب الماء ، ليتقدم فهد ناحيته مع وليد الذي اتى نحوهما : السلام عليكم..
يشرب دفعة الماء ثم يمد يده لوليد : وعليكم السلام..كيف حالك عساك طيب؟
ابتسم وليد له : الحمدلله بخير... قواك الله شكلك مسنح هنـا
ضحكت عينَـاهُ لوليد: اما طلعنا الطاقة ولا استخفينا..
وليد: خبرني فهد انكم تبوني ..خير ان شاء الله؟
فهد ينظر ناحية وليد وبنظرة دقيقة : الحين انت معك الجنسيتين ..البريطانية والسعودية ؟
وليد يهز رأسه : ايه..
فهد : بخصوص موضع ولـد المالك..ليث كانك تعرفه.. ولد عبد الرحمن !
وليد تأكد من الشخص الذي في مخيلته وهز رأسه : ايه عرفــته ..وش فيه..
فهد : هو كان بمستشفى كامبريدج تقريبا بعام 2004 ..احنا اللي نحتاجه منك نبي نعرف تقدر تدخل المستشفى ..؟
وليد : والله ماعتقد..لان صارت حوادث متكررة بينهم وبين العرب ومنعوا دخولهم..لكن انا يمكن موضوعي يمشي لان عندي الجنسية..
ليث : متأكد من هالشيء؟
وليد : لا والله..بس بحاول... انتم وش تبون بالضبط من المستشفى ؟
ليث يتبادل بالنظرات مع فهد ويجيبه بسرعة:نبي سيديهات..وبعض الملفات..
وليد رفع حاجبه باندهاش:ملفات وسيديهات مرة وحدة ؟ ..والله شف يايوسف انا بحاول بس ماوعدك لانها صعبة..
ليث باصرار : حــاول ..الموضوع ضروري لازم يتم ..متوقف له عشر سنين ومانبي نطقها 11
وليد : لحظة..الحين انتم تعرفون وينه ليث؟
صمت ليث بقلق ، ليجيب فهد : لا والله لو ندري يمكن قدرنا نسمع منه شيء يختصر علينا هالبلبلة كلها...
وليد : طيب السجلات تبع المستشفى..ماطلعت له شهادة وفاة او شهادة خروج بمسؤولية او شيء؟
ليث بتدارك : لا ..لان صارت له سالفة مع الدكتور وممرضته..كانوا راح يعتدون عليه على ماسمعت...وهو من باب الدفاع عن النفس ضرب الدكتور بالخطا وهج.. بس الممرضة شهدت ضده بالمحاكم وامام السفارة السعودية..وقالت بأنه هو اللي اعتدى عليهم..بينما هم حاولوا يساعدوه
وليد بسخرية من التلفيق : شيء عجيب والله..وهذا شيء يتصدق يعني؟
ليث : ماظن انه يتصدق..
وليد ابتسم : انا اقدر اساعدكم بالموضوع هذا..في ناس يشتغلون بالسفارة السعودية يقدروا ينفعونا كثير بموضوع ليث..يشتغلون مباحث للمبتعثين وغيره..ويشوفون مشاكلهم ويحلونها..
ليث بتهرب: لا الا السفارة لا تدخلها...ماظنتي ينوثق فيها لان في ناس بينهم ماينوثق فيهم..
وليد : بلى في ناس انا اعرفهم كفو واهل للثقة.. راح يشتغلون بالموضوع بكامل السرية ويحلونه...
فهد : كيف يعني..ماراح يعرضونه على الدولتين؟ لانها قضية دولية !
وليد : لا راح يفتحون ملفات بسجل خاص وراح يكونون مجموعة خاصة عشان هالموضوع ويحلونه..وفي حال ان الحكومة البريطانية لاحقتهم يقدرون يرفعون ملف القضية للمحكمة الدولية بفرنسا وهي تحل الموضوع..
ليث : لا بالله رحنا فيها..فرنسا اجل؟
ضحك وليد : ههههههه بالعكس المحكمة الدولية تلعب بالدول لعب..
ليث: لا اظن الموضوع يكبر لو صار بالمحاكم الدولية..
وليد بنفي:بالعكس الموضوع ماهو كبير ولا شيء..الموضوع سياسي بحت وفي تعمد لاهانة مسلم والاستخفاف بروحه..وغالبا المحاكم الدولية تعطي الديانات حقها وتقتص من أي مجرم..
فهد: حنا نبي الموضوع سري بحت ..لامحاكم ولا غيره..
وليد:خلاص انا اكلم بعض الجهات المعنية بالسفارة وكل شيء راح يتم بسرية..
تنهد ليث بقلق:وكم تاخذ هالاجراءات من وقت؟
وليد : حدود الاسبوع وكل امورنا تمام..بس بسأل الحين انتم ماتعرضتوا للاعتداء او مشاكل سلاح وغيره؟
ليث بنفي : لا..بس في جماعة من عيال العزيز ماهي ناوية خير لنا..فان كنت بتدخل السفارة للموضوع لازم هي تتصدى لـ هالجماعة..
وليد : خلاص اليوم اكلمهم..
انخرَطُوا في صالة الرياضَة ورافقَهُم مشعَل بعدَة دقائق بعدما أتصل عليهِ ليث ، جاورهُ في "السير للمشي" –الجهاز الآلي للركض- ، وهما يركضان السرعة ذاتها ، ليث معتاد على زيادة السرعة فبدأ يزيد سرعته بينما مشعل لم يحتمل قائلاً : الله يعقلك وش له تسابقني شفني يادوب احمل انفاسي..
ابتسم ليث بتمرد وهو يمد يده ويزيد السرعة تفوق سرعته هو فيركض مشعل بجنون وفهَد ووليد يضحكَان عليه ، مشعل بالكاد يلتقط انفاسه :يوسـ..ـف..يرحم...يرحم امك...خلاص...بـ..ـموت.. ذبحتـ..ني
ليث يضحك عليه:جزاة اللي يهايط على حرمي !
مشعل بقهر وسط تعبه : أفأ متى هايطنا عليها؟
ليث يبتسم: يومك تقاطعها وتضربها تفكر ماعلمتني..!
مشعل : لابالله رحنا فيها..هذا اللي مامداها شافتك سردت السيرة الشخصية كاملة ..
ليث: كنت داري عنك جعل ايدك تنقطع لو مديتها عليها مرة ثانية..
مشعل بأنفاس متقطعة:أيـ..ـه جعل ايدي تنقطـ..ـع بس انت خفف السرعة ماهو قادر ..
ليث يمد يده ليخفف سرعة السير تدريجيا ويقف مشعل بهدوء وبتعب: الله يقدرني واردها لك..
فهد بُسخرية:جسم رياضي على الفاضي..
مشعل يحك ذقنه:ههههههههههههههه كنت حاس ان عندي لياقة بس تفاجئت
ليث : تكفــى لا تحس مرة ثانية..
مشعل ينفرط ضاحكًا : ههههههههههههههههههههههههههههه ان شاء الله راح اقتل احاسيسي
خرج وليدِ وفهد للخارج بينما مشعل يمرر المنشفة على جبينه قائلاً : ايه..شبلاك عصبت البنية امس ماغير تهز برجلها قدامي..
ليث بابتسامة لا يُعرف مداها : هي عصبت نفسها بنفسها..
صمت دقائق قليلة ثم قال بخبث: الحين اختك هالسعرة وش يخوفها ؟
مشعل ابتسم له:زي كل البنات..فوبيا من الحشرات..ترمي عليك كل شيء بالبيت لو تجيب لها حشرة...
يُقلب الفكرة في دماغه ثم يبتسم بعد تخطيط : خلاص اليوم انا مستضيفها عندي بالبيت للعشاء..
مشعل ضيق عيناه: بالله؟
ليث بتملك : زوجتي وماحادني عنها شيء..!
مشعل يضحك: وتعرف كيف تحجر الواحد !
ليث بثقة: الحياة تعلم..
وقفا كلاهما وهما يتناوران الحديث ...حتى صعد كل شخص الى مكانِه ، وفندقه ، وأحدُهم الى مدينته ..

،


تراهُ يأتِي بعد الصلاة مِن المَسجد ، وهِي جالسَة على السرير تُمثل البرود التَام ، ويخلتجُ صدرها الضيقُ الذي لطالما كرهتهُ ، لماذَا أنتَ أيها الرجلُ ؟ لماذا ياراكان تفعُل هذا بِي وأنا من كُنت أتكلم للجميع عن تخيلي الاخطاء من جمِيع الرجال الا انتْ ، هل نسيتَ البساتِين التي فيّ دُون أن ترشها بالمَاء ، أم نسيتَ تلكَ الاراضي الشاسعَة في جسدِي دُون ان تُمطرها بقبلاتِك ، راكان هل تعلمُ بأنَ الهَوى صعبٌ ان باتَ محبوبَك يتجاهلُك ؟ ، اذًا لماذا لا يشهد قلبكَ بأن لا امرأة الا نا ؟ وقل لِي " احبّكِ " بضمير الحُبّ ، وأهدني وردَة بيضَاء كما عهدُتكِ ، أفتقدُك ، وحضنُكَ ، وتلك الليالِي التِي أتكُور فيها كالجنِين في صدركْ ، وتقُول لِـي " لو قدرت ادخلك فيني سويتها وماقصرت" فلمَ تقُصر الآن بمَ أردت ؟ ، حبيبي راكان أنا ياسمَينة نسيتَ أن تزرعها في غابة روُحك ، أنا أرجُوحَة الطفولة التي لم يتأرجح عليها طفلُ الحب بعد ، وخارطَة لم ترسُو عليها ملامح النسيان ، حتى بتنا نتخبط بالطرق دون ان نعلم اين نحن ، حبيبي راكان عُد الى رُشدِك ، وموطن الحب ، يسار صدرك ، انها انا من تنادِيك فاستجب لنداء رُوحِك .
كان تجاهلها له مجرد تعابير وهمية انهالت بها الدموع بمجرد دخوله الى دورة المياه ليستحم ، كانت تغرز اظافرها في فخذيها علّ ذلك يخفف من وطءِ شهيقهَا اللا مُحتمل ، المكان يخنقُها ويدلها على الجحيم الذي في صدرها ، راكان خلفت فينِي دهرٌ من جَهنم ، واوشكت ان اجنّ بهذا التجاهل اللا معقول ، فلا سبب لم تفعل ، وسأشتكيك عند الله يومَ يُبعثون ، ..
هذه الدموع المنطلية على وجهها لم هينة على روحها وهي تحاول ان تحبس الشهقات التي تتوالى عليها لتخنقها ببساطة ، تشعر بأن اشتعال قلبها بدأ يتسلل الى جسدها كله ، الميث ووالدته يسألونها عنه فلا تعلم بما تجيب ، " راكان بخير" .. " ايه بخير" ..وهي تكذب ان كان هو ككذلك ام لا ! ، الخذلان البسيط من بعد نعمة مترفة من الحب والتوصيات ، هو عبارة عن الم ينخر القلب والعظام والروح والجسد ، ويهمش الملامح ليشوهها ويصقلها كما يريد ،
خرج امام عينيها دُون ان يلقي كلمه ، وهو يستلقي على السرير ويعبث في هاتفه ، وهي قد مسحت دموعها حتى لا تبين له انها كانت تبكي ، بينما راكان هُو من لا تخفى عليهِ هذه الدُموع ويعرفها ، .
نظرت ناحيته وبتعب شديد تحبسُ غصتها : وش غيرك ؟
نظر لها عدة دقائق يتأمل عينيها ثم شتت عيناه: ماتغير شيء
اسماء وقد اختنق صوتها:بلـى ..تغير فيك الكثير..على الاقل قول وش صاير..فهمني سبب هالتغير المفاجئ حتى نطلع من هالوضع..
راكان يستنشق الهواء لمدة لا تقل عن 7 ثوانٍ ثم يزفر الهواء دفعةً واحدة: اسماء يرحم امك ريحينا من هالموال..
أسماء بعبرة:الحين هذا تسميه موال؟ ..بدل ماتقوم وتتفاهم معي تسميه موال؟
راكان بحدة : على وش نتفاهم ..فيه شيء نتفاهم عليه؟؟
اسماء وصوتها يعتلي تدريجيًا :ايه فيــه..تطنيشك لي كل يوم هذا وش تسميه ؟ جفاك وصدك هذا وش تسميه ؟ هذا كله ما نقدر نتفاهم عليه؟؟
راكان بغضب ينظر له بحدّة وهو يقترب منها: صوتك لا يعلى علي لا اقص لسانك..
صمتت برعب لعدة دقائق وهي تمسح تلك الدمعة التي تذوقت ملوحتها شفتيها:راكـان اللي فيك مو طبيعي..الله يخليك لو متضايق من شيء قولي..لا تتركني كذا..
راكان بنبرة هادئة مُختلفة عن التي قبلهَا: شيلي هالفكرة من راسك..لو فيني شيء كنت قلته..
ابتعدَت من السرير وهي تُقرر الخروج من الغرفة والنزول لكن راكان قاطعها :بتنزلين كذا؟
اسماء التي مسحت دموعها واحمرارُ انفها يفضح بكائها:ايه..شفيه بعد؟
راكان:ايه؟؟ احش رجولك لو تعتبين الباب..ادخلي بدلي البسي لك شيء مثل الناس وبعدين نزلي..
احمرت خجلًا وانزلت رأسها محرجة ثم قالت تستجمع قوتها التي بُددّت:الحين صرت تهتم سيد راكان..شيء حلو والله..
راكان تجاهلها ونظر لها وهي تأخذ ملابسها بغضب وتتجه نحو غرفة التبديل لتبدل ملابسها ثم تخرج وهي تسحب هاتفها لتنزل تاركتًا اياه غارقًا في بحر افكاره ، ليتكِ تعلمين يا أسماء ، والله لا يحلّ علي ان افكر بغير النساء الا انتِ ، والله لا تعلميِن بالحريق الذي وسط صدري ، هناك أمواتٌ رحلوا وتركوا أصواتُهم في عقلِي ، فصرتُ أرددُّ على نفسي كل اصوات الكره وارتلها بلحنِ الغياب ، وهناك فوق سقف ذهنِي نبتت اقحوانة يابسة تمجد هذا التاريخ..انه تاريخ موتهِم ياحبيبـَة!، انه يتكرر يا عزيزتِي ويموتون أمامِي ، وكيف لا اذكر وطفلي يعفر هناك فوق التربة وتخرج روحه ، وتلك الزوجة تختنق بحريق سيارتِي ؟ ، اعوذ باللهِ من الشيطان اللعين الرجيم ، ومن عوسجيتي معكِ ..فلتعذري روحِي .!

،


يدَخلُ عليها بعدَ ماذهب لصالة الرياضة وهو يراها لازالت جالسة بتوتر وتقرأ مادتها بتعب شديد..غير قادرة على التركيز ، وكل ما تتذكر موقف الأمس مع ليث تكادُ تكرهُ نفسًا ، كثيرًا ، تحمر خجلاً وقد حلفت الا تلبس ذاك القميص بعدَما فضحها أمامه ، ماذَا فعلتَ بِي ؟ لماذا غيرتَ كل تفاصيلي بنظرة الغُربة التي تغلغل في مساماتِك ، لترسلها إلى مساماتِي ، لماذا التصاقُكِ بي يمحِيني ، وسعادتُكِ في استفزازي تُغيظنِي وتزيدني لكَ حبًا فوقَ حبي؟ ،بالأمس حينما كُنت تعدّ لي نسائكُ كرهتُكِ ، وأكاد أحلفُ بالله إنك لا تصدقُ فيما تقُول ، لكن طريقتُك في وصف شعوركِ هي ما تجعل قلبي يفز بُمجرد ان تذكر لِي ذلك ، وأنا والله ياليث قلبي قد استيقظ بحبُكِ ، وانتَهى بعزف اسمكِ ، كنُوتةٍ وسط نغمات لا يستشفي فيها غليل العازفِين ، قلتَ لي أمسُ يحل لكَ مثنى وثلُاث ورباع ، وأكملتُ أنا فان خفتُوا الا تعدلوا فواحدَة ، فاستنكرت قائلاً " عاد أنا عادل" ، فاستشاطت خلاياي غيرةً ، لو تعلم ان الانثى حينما تجن غيرة ، يجن كل شيء بجسدها معها ، الخلايا ، الانفاس، الدماغ ، القلب ، الروح ، الجسد ، وأنا بأكملي ، أجنٌ بلا ادراك ، انتَ لي ايها الغائب ، بعدًا لكلّ انثَى تنوي ان تشاركك بِـي ، .
قاطع تفكيرها مشعل الذي وقف امامها:سمعتي كلامي؟
وريف بحرج:ماسمعتك..
مشعل وعينَاهُ تضحكان:ليث المالك يبيك تروحين بيته تتعشين معه..
وريف باستنكار تشير لنفسه:لحالي؟
مشعل:هذا امس جى لك لحالك..وش تغير؟
احمرَت خجلاً وهي لا تتخيل فكرة ان تكون في بيته: طيب..متى..
مشعل يضحك منفرطًا في ضحكه:ههههههههههههههههههه الله يخسك يابنت ركزي..الليلة عازمك ع العشا .. استوعبتي الحين؟
وريف بغضب خاجل:انت منت بجاي توضح كلامك..ترمي خيط وتقط خيط..كود خرفت وانا اختك..
مشعل بابتسامة: ايه ..خرفنا..على راسنا يابنت علي..مانقدر نقول لك شيء
وريف بتأمَر:انت اللي بتوديني..
مشعل يشير الى أنفه:على هالخشم..
وريف تشير اليه ايضًا بتحجج لاذع:وانت اللي بترجعني..ماهو بهو..
مشعل يثير خجلها وبخبث:يعني صدق ناوية تروحين له؟
وريف انفرطت خجلاً وهي تقف وتشتمه بأشد الشتائم:حيوان ..زفت..متخلف
مشعل يرفع حاجباه:لسانك صاير وسخ..ماتفكري تنظفيه؟
وريف بقهر:بلى جيب فرشاتك وانظفه..وش مستنظر مني؟
مشعل يبتسم لها:معليش عاذرك يقولون هذا حال العيال اول مايتزوجون..
وريف ترمي عليهِ الوسادة بنرفزة: عيال ف خشمك عسى ينعوج قل آمين...
مشعل وهو لا يتخَيل أن يصيب انفه شيء: اعوذ بالله ..لو كان وقت استجابة وش وضع دعوتك ياوريف؟
وريف تصمت بخجل ثم تقول:لاتنرفزني ومايجيك من الفاظي نصيب..
مشعل تتسع ابتسامته حتى تبين صفة اسنانه العلوية: صايرة مو طبيعية مع هالالفاظ..رجعت لك نزعة ايام الثانوي ..وماتبتي لله الا يوم عطتك جدتي محاضرة طويلة عريضة.. شكلك تبيها هالمحاضرة ع السكآيب؟
وريف تضحك منه: هههههههههه ياهي ايام كنت اجننك فيها وكانت جدتي متوعدة فيني..
ابتسم مشعل لها:قومي شوفي لبسك..الساعة 7 بوديك..مابقى شيء..الحين بيأذن..
هزت رأسها وهي تتوجه الى خزانتها، تحتارُ ما تنتقِي لترضي عيني الليث ، فالغائبُون يصعب ارضائُهم بالغالبْ ، الغربة تغير أذواقهم ، وتبدل مزاجياتهُم ، ولكنُهم يبقون أكثر العشاق وفاءًا ، وجمالاً ..! وما أجمل أن يكُونَ محبوبي غائب !,




[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]#،
ابتسَم لا اراديًا لما قالتُه ، وعيناها لاتزالان معلقتان في الهاتف غير مباليتان له، ابهامها يمسح شاشة الهاتف بنعومة وهي تترقب رسالة منه ، ليكتب:
" انا قلبِي يذُوب في معصمِي حينمَا المح دمعتُكِ ، فلا تشهديها علي..لكي لا يذوب ماتبقى في من قلب! "

بكل عنفٍ انثوي هاجمتهُ رسالتها :
" هذا ان تبقى لديك قلب.. "

ابتسم وهو يقبل مابين عينيها ويخفف احتضانه:تحملي ..انا ماحضن خفيف..
ابتسمت بخجل وبغرور:المفترض مااكلمك..

جلست بطاعة وهي تسدل شعرها للوراء وتواسيها عيون امها الحانية:يمه ترا عمك حط سالفة مسفر في وجهي ..ومسفر في وجهي من هنا لـ هنا *واشارت لبداية وجهها حتى نهايته* ..وكنك تبي لامك الفشيلة أخريني زيادة..وتراها مو عدلة..

رؤى : انا ما انلام..الموقف بحد ذاته قوي علي..
سلطان يَنظرُ لها بجُمود:طيب يالقوي عليك..نشوف آخرتها معك..قلنا بدايتها خير وسلام..بس طلعتي تعاكسينها..
قُهرت منه: حتى لو في نسبة صفر بالمية احبك..من اسلوبك بكرهك..
سلطان رفع حاجباه باستنكَار: وهو احد طلب حبك؟ ..كل اللي طلبته احترام..
##

هذهِ اقتباسات من البارت القادم ، كُونوا احبتّي بالقُرب .


- اذكُرونِي بدعوة :$ ,


[/COLOR]





 
 

 

عرض البوم صور غَيدْ   رد مع اقتباس
قديم 10-06-15, 01:10 AM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2014
العضوية: 269296
المشاركات: 30
الجنس أنثى
معدل التقييم: غَيدْ عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 30

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
غَيدْ غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : غَيدْ المنتدى : ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
افتراضي رد: ولَئن سُئلت عن هويتي سأشير الى عيناك \ بقلمِي .

 




كيف حالكم عساكم طيبين؟
الله يسعد لي هالناس الطيبة اللي تتابعني :$ ..والله مبسوطة فيكم بشكل!
ركزوا لي بالبارت هذا راح تطلع شخصية جديدة ، وهالشخصية راح تلعب بمجرى الرواية لعب ..لها وقع في حياة اشخاص مهمين..ومنها راح تكوون انطلاقة لظهور بقية الشخصيات..
المهم ركزوا لي على المدخل ، انا مفتونة بنصوص احمد مطر واليوم قررت اغير النص لـ قاسم حداد ..وكانه يتكلم عن معاناة الليث:$.




البارت السابع والعشرون.


.. ويا أماه
أين حنانك المعطار
أين يداك تنشغلان بالتجديف في شعري
وكيف نسيت صوت فتاتك المحتار،
همس الشوق يا أمي كهمس النار
في صدري
ويا أماه كيف أعيش في قبر بلا أبواب
كالمنفي في موت بلا سرداب
ظلام في عيون الشمس
ظلام في جبين الأمس
وتعتيم تغلغل في جروح الدهر
وأبقى، وحدة حمقاء تسقيني بكأس عذاب
المحفور فوق الصدر البخنق وذاك
كأوراق على بركان
يثور الحب في قلبي من الداخل
ويهتز الصدى في الصدر يا أمي
بلا حسبان
وأشعر نشوة الإنسان
حين يعيش
حين يثور
حين الرعشة الأولى
أحس حقيقة الإنسان
يا أماه،
شعور في شراييني كدفق دماي
أحسي به سيحييني
أحس بأنه معناي
فليس لثورتي حد، إذا انفجرت
فأين يداك تحرسني وعيناك لتحميني
لقد جاء الذي ما جاء لولاه انطلاق هواي
ومات (البخنق) الملعون في صدري
كموت مات
أيا أمي أريد حياة
سئمت تحجر الكلمات فوق جدارنا الصخري
سئمت الموت عبر حياتنا يسري
أريد حياتي الكبرى- أيا أمي- بلا سجان
بلا قبر جميع جهاته جدران
بلا سور يحز حقيقة الإنسان
أريد الحلم أصنعه بلا قضبان
أريد الحب أشعره كما الإنسان
أنا إنسان يا أمي
أنا إنسان
يا أما؟
يصيح بكاهلي المتعب
حنين الشوق يسكب أنهر الأحزان
ويكسر خاطري المكسور فقر الحب
أتوق إليه
أتوق لعالمي الموعود
أبغي كسر هذا الطوق
أحن لفوق
حيث يداه تنشلني لسقف الحب
ألقاه،
ونحيا الحب دون حدود
ثار الحب في قلبي من الداخل
يا أماه..
في قلبي من الداخل


# لـِ المتألقّ/ قاسم حدّاد


انتهَى من صلاتِه وهو يطوي سجادَتهُ ، ويقف ناحيَة المطبخ ، لقد طلب عشاء من مطعم ايطالي كامل ، ثم اتصل بمطعم صيني ليطلب تلك الوجبة التي سيرى فيها ردَة فعل وريف حينما ترى مابها ، ضحك قلبه وضحكت روحه معها وهو يتخيل ردة فعلها ، هل ستُعنفك تلك الفوبيا ، هل ستصرخين ، ام ستبتسمين ، ستبكين أم ستضحكِين ، إلهي ما أقسى أنوثتكِ على رجلٌ مثلِي .. ! ، وصمت طويلاً وقد استلم طلب العشاء ، ولازال ينتظرها ، وفي بلكونته قد انتبه لمشعل يعود لفندقه ، دلالة على انها اتية الآن ، وقد وصلت ، تيقن من ذلك حينمَا سمع صوتَ الباب ، ابتسم بتلقائية وهو يفتحُ الباب لها ، يراها واقفة بهُدوء الخجَل وهي تنظر اليه بهدُوء ، فتح لها الباب وفكت لثامها ..ثم فكت حجابها بأكمله ليتناثر شعرها المرفوع ذيل حصان ، على ظهرها ، وكَانت انوثتكِ تشطُرنِي إلى نصفين ، وكُنتِ أنتِ السمع والبَصر والفؤاد ، هل أعانقِك ؟ تعالي حبيبتِي اعانقك .. " أبي أرتاح وسط صدرك وابي انفاسك تدفيني" ..تعالي لنكتب تاريخ العناق للعشاق ، هذا اذا كانوا يعرفون معنى العناق الحقيقي الذي نقوم بطقوسهِ الآن ، عانقيني .. !
تقدم ناحيتها ليعانقها له بتملك ، ويتذكر القبانِي في قولهِ – لولا جميلُ عناقها ماكانَ في الدُنيا ثمَرْ - .. صحيحِ ، انتِ اغصان ذاك الثمر الذي يتضلع في صدُورنا حينما تقترب ، انفاسنا التي تحرق الاوكسجِين بين شفاهنا تلتهب ، وأريد أن أقبل شفتيك ، ولكنِي كُنت رحيمًا ، ولم تكُونِي أنتِ رحيمة في الوقت الذي كنت فيه احتاجُ الى الرحمة .. سمعتكِ تهمسين: ليث..عورتني..
ابتسم وهو يقبل مابين عينيها ويخفف احتضانه:تحملي ..انا ماحضن خفيف..
ابتسمت بخجل وبغرور:المفترض مااكلمك..
ليثَ يعرفُ السبب تماماً لكنه ادعى عدم المعرفة:والسبب؟
احمرت بالكامل وهي تتذكر تفاصيل الموقف على البلكُونة:يطعني ذكاءك وانت تمثل انك ماتدري..
ليث يمسك بيديها:ايه..علميني انا جاهل..علميني..
وريف بارتباك من تصرفه: مو لازم تدري..
ليث بخبث:ماذكر اني خطيت معك..كل اللي اذكره الاحمر اللي لعب باعصابي لعب..
تكَادُ تنهار والله من هذهِ الحُمرة التي تشتعل تحت اوردتها ، وتحمر كقنديل احمر توهج من كلماتِه المُبعثرة على قلبها لتجيبهُ:قليل أدب
يَضحك على كلمتها التي دلت تماما على خجلها المضنِي لقلبه .. ثم قالت وهي تتفقد شقته: أول مرة ادخل مكان هو لك..حتى غرفتك ببيتكم مادخلتها..
ابتسم وهو يفتح له ابواب غرفته: حلالك..شوفي اللي تبينه..على ماجهز العشاء..
هزت رأسها وهي تدخل في غرفته..وتدُور في المكان..تتفقد تفاصيله ، حتى تفاصيلُك ياليث غريبة، تفاصيلُك مغتربة عن وطنِ منفاها ، وأكادُ أجزم بأنك أنت من ربيتها ودرستها فنُون الغربة ، وعلمتها كيف تحزن ، وتكُون دافئة ، وتبتسم ابتسامة صفراء في وجُوه الغرباء..اللوح المعلقة في منزلك ، مغوية وتثرثر عنك ، لوح لمونيـه ..الفنان الذي يرسم تفاصيل حزينة كما يرسمها قلبك ، اغرتني تلك الشمعة الذائبة ، ذابلة ومنعكفة على نفسهَا ، وتلك الوردة البنفسجية الذابلة تحتاجُ اليك لتنقذها ، لماذا اهملتها ؟ ، .
مشت وهي تنظر لصورة على كومدينته ، صورة لشخص لم تميزه ، حينها كان ليث مستندًا على الجدار ، ينظر لها ، رفعت عيناها بحرج وارتعدت وهي تعيد الصورة لمكانها باحراج..تقدم ناحيتها وهو يرفع الصورة ويجلس بجوارها على السرير : هذا صاحبي..ان كنتِ تستفسرين ..
وريف بدهشَة: لابس استغربت وش حادك تحط صورته عندك ؟
ليث بابتسامة:ليكون هذي تغارين فيها بعد؟
وريف بخجَل امتزج بالغضب:ماهو وقت مزح!
ابتسم وهو يقول:هذا الشخص اللي انا اسمي باسمه.. وهو اللي ساندني وهربني من ملاحقة الحكومة البريطانية لي..لولاه من بعد الله ولا انا رحت وطي.. ماراح انسى معروفه في حياتي..
وريف تحتضن يد ليث وتمسح عليها بكفها الناعمة:وهالمرة كلنا حنا معك..
قبل جبينها:هالمرة يكفيني انك معي..انتي كلهم..
ابتسمت ثم وقف وهو يمد يده لها لتقف: يلا تعالي ..
لحقت بهِ بعدما نزعت معطفها.. سحب الكرسي لها لتجلس على الطاولة وكان هو امامها، قبل ان يفتح الطعام الايطالي..أحب ان يضيف بعض من طعم الاكشن وهو يتسمتع بالموقف بحذافيره وهو يفتح لها كيس وجبة من المطعم الصيني.. هذهِ الفوبيا التي يخبرني عنها اخيك وهي فيك..ستتضح اليوم امامي.. فتحتها بعدما شربت الماء وهي تنظر لساندويشة اللحم الموضوعة..دققت فيها بقلق غير مستوعبة ..حتى رمتها وهي تصرخ بقمة رأسها وترميها على الطاولة ..وتبتعد عن الكرسي بخوف حتى سقطت منه.. هنا ليث لم يستطع ان يمسك نفسهُ فانفجر ضاحكًا .. فوبيا الحشرات.. هذا ماتعانين منه؟ ..هذا الذي جعل صرختك تزلزل اركان قلبي وانتِ تنتفضي هناك..
صراخها المتكرر هو ما جعله يدخل في مسيرة ضحك لا يكاد ان يتوقف عنها..ومنظرها وهي ساقطة من الكرسي زاده من فرط الضحك الشيء الكثير، لبست معطفها وهي ترتجف بخوف وتكاد الدموع تسقط من عينيها:ترا كلش مايضحك..والموقف حقير بحد ذاته..أكرهك..
توجه ناحيتها وهو يبتسم لها:الله! كرهتيني مرة وحدة ..! لـ هالدرجة تخافين؟
وريف تبعد يده عنها:هذا مو خوف اللي معي..انا معي فوبيا حشرات..
ابتسم وهو يضمها ناحية صدره: وصدقتي ان هذا عشانا ؟
وريف تحاول ان تبعده عنها:أي ..تغديت علي قبل لا اتعشى فيك..كثر الله خيرك ..
لاتزال ضحكته وهو يتذكر موقفها تتردد ، وهي مشمئزة من منظر الساندويشة التي كانت محض دقائق وهي ستدخل فمها لكنها حمدت الله بأنها انتبهت.. ابعدها عن الطاولة ..وفتح وجبة الطعام الايطالي وهو يشير لها: ماهو معقولة اني بعشيك حشرات..
نظرت للطعام بشك وبـ " استلعان" : مااثق فيك..
ليث يشدها من يدها ليجلسها على الكرسي: بلى هالمرة صدق..
وريف ويدها على صدرها : لاتجرب تعيدها..
ليث يشير الى عينيه وبنبرة جعلتها تنتفضُ خجلاً: من عيونِي .. يـاعيُونِي..


،
فِي الرياض ، حينمَا كان الليل جميلُ ، والرياحُ تزدادُ جمالا ، واغصانُ الاشجار التي تتخادش في بعضها ، وانسامُ المطر الخفيف الذي يبشر بخيرة ، هيَ كانت تقف على نافذتها تنظر لبرجِ الرياض الذي كاد ان يكُون شامخًا امام كل شيء ، استفزتنِي أنوثتِي كثيرًا ، استفزتني الحياة وهي تجعلنِي مهشمة أمام مُجتمع يظنُ أن الامرأة المطلقة هي عالة ، أنا عالة ..لقد اشاروا لي بهذا ، وابني؟ ، وكل يومِي ؟ ، وحياتِي ؟ هل هيَ عالة .. ؟ ! ، تلك الاسئلة تقتلني والله وتشطرني الى انصافٍ لم اتوقعها ، ان تكمنُ الغصة كأشواكِ في حنجرتكِ ، تتذوقُ منها طعم الدم وتصمت كي لا تجرح نفسك اكثر ، ولا تبتلعها كي لا تقتلك ، هي غصة لا حل لها سوى ان تمُوت ، .
نزلت الى الاسفل وهي ترى ابنها لازال متشاغلاً في البلايستيشن ، وأكبر همومه ، كيف يعيش مع امٍ وأب ؟ تحت سقفٍ واحد .. حبيبي يافهد ، خذلتُك ، وخذلتنِي الحياة ، ماذا لو كان خالك معِي ؟ ، هل سيرضى بكل كلمةِ ضيق أنا أتأذى منها ؟ ، هل سيسمح بأن تدخُل السكين ظهرِي غدرًا ؟ ، وداعًا حبيبي ليث حتى لقياك ، وداعا أيها الغائب حتى ترحمنا برأفةِ رجُوعِك ، .
نظرت لوالدتها الجالسة تقرأُ اياتِ الله ، وترتلها على روحها ، وتعزي نفسها بقراءة سورة يوسف التي تقراها كل يوم ، فضلها عظيم ، وقصتها تشابه المغزى الكبير من قصةِ ابنها الغريب ، .. هل أضحِي يا الله باسماعيل.. وتفدي ابني بكبشٍ عظيم ؟ .. هل اسلم امرَهُ لك وتتصرف بهِ كيفما شئت ..لتفديه بذاك الكبش الذي حرر رقبة اسماعيل من سكين ابيه ابراهيم ؟ .. ومن كبشُ الفداء يا الله.. ان كُنت انا فافدنِي به.. حررهُ ياربِّي من قضبان الغربة ..قيدتهُ وانا اعلم انهُ حي ..قلبي يشعر بكل نبضة ، تسري في جسده ، حبيبي يالله ارزقني رحمةً ورأفة منك .. فما عاد الفؤاد يطيقُ الفراق.. !
انتبهت لابنتها الواقفة ، تتأملها بعذاب ، فأشارت لها بابتسامة ضريرة:تعالي جلسي هنا ..ابيك بموضوع..
جلست بطاعة وهي تسدل شعرها للوراء وتواسيها عيون امها الحانية:يمه ترا عمك حط سالفة مسفر في وجهي ..ومسفر في وجهي من هنا لـ هنا *واشارت لبداية وجهها حتى نهايته* ..وكنك تبي لامك الفشيلة أخريني زيادة..وتراها مو عدلة..
قبلت جبينها بحب:بيض الله وجهك يمه..ومعاذ الله افشلك..بس يمه ذا الموضوع تعبت منه وانتم ماتعبتم..صدقوني ماراح تربحون شيء وانتم تحنون على راسي ..
هزت امها رأسها بأسف:مسفر رجال ينشرا بدم القلب..
شوق بتنهِيدة:يمه انا مارفض مسفر..انا رافضة الزواج بكبره..
مسكت يدها وشدتها:وعشان كذا حنا مانبي نضيع مسفر.. غيري هالفكرة يمه من راسك..كل شيء واقف بصالحك..لاتقولين ولدي ماولدي وتتعذرين به..ولدك رباته تصير معك كيف ان ابوه رجال مايراعي الله ويشرب من الخمر.. وانتي ماسمعوا الناس عنك غير الصلاح فلا تضيعينه..
شوق تمسح دمعه لم تُلامسِ خدها:والله يمه صعبة حالتي...ماراح اتقبل اعيش مع رجال بسهولة وانا اللي انخذلت من الرجال مرة..مابيها تنعاد الف مرة..
ربتت على كتفها بحنان:مسفر داري عن ولدك وداري عن حالتك..ودامه رجالن عدل بيصبر عليك لين ما يروضك ويخليك تفهمين ان مو كل اصابع يدك سوى..
شوق بتعب من التفكِير والموضوع: بفكر يمه..بفكر وبس ماوعدك..
ابتسمت لها بعاطِفةِ الامُ الجميلة: لاتشيلين هم فهد..خليه علي..هو مايرد لي طلب ويسمع كلامي..
بادَلة والدتها الابتسامة وهي تقبل رأسها:حاضر..
وقفت وهي تتوجه ناحية المطبخ لتعَد كُوب قهوة دافئ وسط هذهِ البُرودَة التِي اعتلتْ جسدها ، كيف أعيشُ معَك يا مِسفر وانا التي خُذلت من ذاك الذي قبلُك ، حتى والله أشمئزُ من نطق اسمه ، انه يُعيلني قهرًا فوق قهري ، ويبدد كل مافي ليفنيه ، ويجعلُنِي في شتات ، لقد لوَى ذراعِي ، وما أصعبَ أنُ تُخذل المرأةُ من رجلْ ، هي سلمتها قلبها له ..صدقني لو أهديتُ رجال العالم كلهُم أعذراً ..لما استطعُت أن اعطيه عذرًا واحد ، لقد أشعل قلبِي بحريقٍ ضارية ، وجعلها تلفحُ فيًّ زمهريرًا ! ..


،

نَائمة طَوالَ يومها ، تغُفو تهربْ من ذاك القرار الذي وضعَت نفسها فِيه ، لقدَ تم عقد قرانهما مساءَ امس ، لم يراها ، ولم تره ، فقدَ تم العقدُ بصمت ، وكمَا أُخبرت ، الزَواج سيكُون على بعُدِ شهرين من الآن ، للهِ دُركّ .. أن يُرفَق اسمِي باسمك صعَب ، أن أتقبلنِي بك أصعب ، أن أراك تنظر لِي نظرة الحلالِ أصعبَ وأصعبْ ، ذاك الذي في يسارِ صدري يذبحني ..واللهُ يذبحنِي ، وهو لا يعرف كيف يصنفُ شعُورهُ نحوك ، لقد ربيتهُ على كرهك ، فكرهتُ نفسي قبل أن أكرهك .هذهِ المشاعر التي فيَّ إلياذَةٌ مقدسة ، من الصعب أن أمنحَك اياها .. بيّ كمدٌ لو أخرجتُه لصارَ بُركَانًا ، بِي حُزنًا لو أفنيتهُ لمتُّ أنا مِن بعده ، الاصوات التي في قلبهِ أولها بكائِي وآخرِها صوتُ صهيلِ خيلٌ حزين ، كُنت تروضه أنتَ وأنا أحاول أن أُصمتِه ، وحينما انقشع عنِي وجدتُكَ كزهرةٌ توليبٍ سامة في دمِي ، تمتصُ مني كل ذرة حيَاة ، كل خليةٍ حية ..وكل شهيقٌ وزفيرٍ ! أودُّ فقط ان أكتُب علَى جبيني عبارة تفهُمهَا يا سُلطان –لاتشفق عليّ ، أنا أسعدُ مِنك!- .
واستيقظت دُون سابق انذار ، على ملامحِ من غابوا ورحلُوا ، وخلفُّوا فيها ثورةً شعبٍ كامل ، لم تستسلم لحاكمها ، تنفست بقوة وهي تُرجع شعرها للوراء ، وتقف على اعتاب نافذة من نوافذ المنزل ، تطلُّ على كل نواحي الرياض بهيبة ، ارتعدت وهي تمسح على جسدها ، الرياضُ ممطرة ، الغيم حائر ، يتلاهب في بعضه ، يتصادم ، يرتعد ، ويبكي دُموعًا تشبه دُموع النساء ، رفعت شعرها ذيل حصان وخرجت الى غُرفة جُمانة التي كانت امامها مباشرة : تعالي محد بالبيت..هيفاء وناصر راحوا الشرقية وسلطان مع ابوي بالشركة..مابه الا انا وانتي وامي..
رؤى تتقدم ناحيتها وبصمتٍ لم تفهُمه جمانه كانت تنظر للمكان وهي تتذكر أول مرة دخلت فيها هذا القصر ، كيف كَانت مهزُومه ومرغمة ، وحيدة تعيشُ الخوف دُون رحمة ،كانت متوحشَة في مشاعرها ، وسليطة في لسانها ، تكرهُ الجميع دُونَ رحمة في الكره ، جلست معها على اريكة مريحة ثم ابتسمت جمان لها بخبث: صايرة هالايام تسكتين صدق لو سلطان سكت لسانك ؟
رؤى احمرت ملامحها وتوسمت بالغضب: بالله ؟
جُمانة بابتسامة تُغيظ بها رؤى:مدري عنك..اسألي حالكِ انتِ؟
رؤى ترفع حاجبهاَ الأيسر: وع أساس انك ماراح تصيرين بنت محترمة لما يجيك النصيب..
جمانة بضحكة:ههههههه خله يجي وبعدين نفل امها..
رؤى:لو أظل من اليوم لباكر أقول ان ماعندك حيا بكون صادقة..
جمانة وضحكتها تُشدّ الفؤاد:هههههههههههه علمينا الحيا يا ست رؤى..
رؤى:هي كلمة وحدة بقولها لك..سكتي ولا بغير خرايط وجهك الحين..
: وبطريقك خرايط اخوها بعد..
التفتت الى مصدر الصوت لترى سلطان الذي اتى الى وجلس على الاريكة المجاورة لها ونظر ناحيتها ، وعينَاها مان صارت ترتطم بعيناه اخفضتها ، فحريٌّ بها الا تُكشف اركانها الى سلطان ، وشعرها الناعم يغازل وجناتها ويواسيها وهو ينزل معها الى الاسفل.. هُنا سلطان لم يتحمل الانشطار الانثوي الخاجل الذي امامه فابتسم ، والتفت لجمانة التي كانتَ تنظُر لهما وكأنها تنظر الى شاشة فلم تتقُن مقاييس الغزل ، رفع حاجبه لاخته:نعم ؟ وش له تتمقلين فيها..مضيعة شيء بوجهها؟
جمانة بغضب مازح:ماعمرك ياسلطان قلت كلمة حلوة تبرد قلبي..دائمًا تحرق صماصيم ئلبي..
ابتسم سلطان على تعبيرها حابسًا الجزء الاكبر من ابتسامته: ايه لا جى زوجك العجيز خليه يغرقك بكلام زين زي مايبي..اما انا ماعندي من زين الكلام شيء..
وقفت جمانة وهي تبتسم بخبث لتمشي.. وقفت رؤى بصمت دون أي كلمة ، وهي تحُاول اللحاق بجُمانة الا ان يد سلطان كانت اسرع من ان تعبر فارتجفت وسط قبضته وللمرة الأولى عيناهُ تهوي بعينيها ، والله يارؤى اني أشنُّ حربًا وجيوشًا لا تعرف مقاييس الكلام ، لتغزو عيناكِ ، وتستعمرُ كل مفصلٍ فيك ، اتركِيني أخترقُ كلّ مجادِيفك ، وأنهار على تلالِ روحِك ، عيناكِ قاسيتانِ على رجلٌ مثلِي ، تُصيبني بألفٍ سهم ترشقهُ على بدني ، وتبدّدنِي أضعاف ماتبددّتُ من النظرةِ الاولى .أتعرفِين ماللذي أشعرُ بهِ حينمَا تضطربُ نبضاتِي وتختنقُ أنفاسي هُنا لتعثُو في انفاسكِ ؟ ، انهُ شعُور قاسٍ يصعب على رجل مثلي ان يفسره لامرأة مثلكِ ، وأشهُد ان لا عينان كعيناكِ ، وان الصمت هُو أبلغُ من الكلامِ فيهما ، وان الكلام ناقصٌ مهما طالت الاحرفُ او نقصت ، وأشهدُ أنه عند اغماض عيني ستُزورنِي عيناكِ البريئتين في كلِّ وهلة ، وتجتاحني حربًا ، وثورةً ، وتَرسم في روحي نهرٌ ونخيل ، وبساتِين ، واحلامُ كانت قد علقت في كبدِ السماءِ يومًا ، عيناكِ هيَ شرنقة العالم التي تباهت امام نفسها بغرُور لتجسدِ تاريخ العيُون ، وأصمتُ كل وقتٍ ويومِي ، لعيناك ..
انها المرة الأولى التي تضطرب هذهِ العيون الممتلئة بالأهداب السوداء ، بي ! . ذاك البُؤبؤ الذي يقتصُ في من كلِّ نظرة ، ذاك البؤبؤ الذي يغوص في داخلِي ليسبح في كل شريانٍ بي ووريد ، ذاك البؤبؤ الذي يدعني اتجردٌ بالعُري وتنكشفُ الامِي واحزانِي ، وكل مايسعدني امام روحه ، ذاك البؤبؤ الذي علمني الحُريّة من الوهلة الاولى ياسُلطان ، رُحماك ..أبعدُه عنّي ، دعنِي أكُون حرّة بلا قيودك ، ابعد تلك العيُون الداكنة عن حضرتِي ، حررّني منك ، أفلتنِي من قيُودِك ، أنتَ تعلم بأن ارهاقَ فتاة بريئة بعينٍ كعينيكِ ياسلطان جُرم! ، وحرام في قانُونِ العشق ، وحرامٌ في قانُون درويش حينما قال "أنا آت إلى ظل عينيك ... و تصير العيون زجاجا. و يصير الحنين جريمة. " ، صدقَ ! ، أنتَ جريمة ، أنت ياسلطان .. أنت الجريمة الاولى ..والنظرة الاولى..والدّوخة الاولى !!
شعرت بألم يعتصر معصمَها وهو تُحاول ان تحرر يدَها من قبضته:أوجعتني..!
نطق كلمتها بنبرة خافتة : أوجعتك؟
رؤى تضع يدها على جبينها بحَرج:اتركني امشي..مابي امك تجي تشوفنا..ماهو حلوة في حقها..
ابتسم لا شعُوريًا وعيناه تضاحكانها:اتركي امي..ماراح تقول شيء..زوج وزوجته..وين الحرام فيه؟
رؤى تبتلع ريقها الجاف وتبلل شفتيها بلسانها: يعني بالله وش تبي..وش له هالحركة؟
سلطان ينظر لها ولا يرحمها:كنت ابي اجلس معك ..وافهم منك كل شيء
رؤى تبتلع غصتها التي تجمعت في حُنجرتها:وش تفهم؟ به شيء ينفهم ياسلطان؟؟
سلطان بجُنون وهو غير مصدق انها نطقت اسمه:سلطان؟ ..وبابتسَامة أشعَلتها ..يابعد سلطان..
تكادُ تخرُّ امامهُ خجلاً وهي تنطق:يرحم والديك اتركني..
سلطان:رؤى داري ان بخاطرك حكي كثير مضايقك مني..ابي اسمعه..مابيك تقولينه لاختي او لزوجة اخوي او امي...واجهيني به..الحين انا صرت حلالك مالك عذر!
رؤى تهز رأسها وتمسح دمعة هربت منها:ماظن به شيء يحتاج نتكلم فيه..اللي راح راح..
سلطان يعقد حاجبه:بعدك تظني اني ذبحت اخوك؟
رؤى بعجز تمسح دموعها وتهز رأسها بـ لا: لا..بس مو قادرة اتقبلك..من يوم شفته مذبوح على رجلك كرهتك..مقدر الومك بس هذا شعوري..وغصبن عني..
سلطان ينظر لها بلوم وبحدة:مافيه شيء غصبن عنك.. كل شيء بارادتك..ماني بحاسبك على شعورك ولكن الله يهديك..
رؤى بعصبية باكيَة:ماتقدر تلومني على شيء فيني انت سببته..هذا شعور لا ارادي..
سلطان بسخرية: على اساس اني قايل لك اكرهيني؟ ..وبدل ماتشكريني شهدت اخوك بشهادة الموت تقولين لي كرهتك وانت السبب ومدري وشو ؟
رؤى : انا ما انلام..الموقف بحد ذاته قوي علي..
سلطان يَنظرُ لها بجُمود:طيب يالقوي عليك..نشوف آخرتها معك..قلنا بدايتها خير وسلام..بس طلعتي تعاكسينها..
قُهرت منه: حتى لو في نسبة صفر بالمية احبك..من اسلوبك بكرهك..
سلطان رفع حاجباه باستنكَار: وهو احد طلب حبك؟ ..كل اللي طلبته احترام..
رؤى بصمت بكَى منهُ قلبها:زواج بلا حب ماهو زواج..
سلطان يبتر كل ذرة امل فيها بقسوة جوَابه:زواج باحترام اشرف بألف مرة من زواج انبنى على حب خاطي..
رؤى برفض:رضيت بك ..لكن بيجي اليوم اللي بشوف فيه نفسي وبتركك..
سلطان بسخرية مُستهترة: هذا يوم من خيالك..
رفعَت رأسها شامخًا بتحدّي: ماني محتاجة رضاك .. ظل اعترض من اليوم ليوم يبعثون..بالنهاية هذا واقعنا ان عارضنا وان رضينا..انا وانت مـانصلح لبعض..وكان رضاي بك بس عشاني احترم اصحاب هالبيت واحترم ذاتي.. وتأكد باليوم اللي اشوف فيه نفسي قدرت اطلع من هالبيت..بطلع وانا مـاني بحاجة رضاك..
ضحك بقوة ، بقوة مستفزًا اياها ، دلالة علَى معنى " المُستحيل" ، وهذا ما اربكها ، وتخشَى بحق ان يكُون مرادها مستحيلًا مع رجل بعوسجَة سلطان ونرجسيته ، استشاطت غضبًا من استفزازه لها بضحكته ، ولم تستطعِ الا ان تُغادر بكره من امامه ، والله ياسلطان ، اني أكشّر عن انيابي الاربعُ لك ، وُتغضبني وتطلب مني البقاء معك ؟ وتلك بدايتنا فماذا بعد ؟ ، اني لا اسئلك الا الرحيل..فغادرني ياسلطان ولا تجتحَ روحي!



،


فِي شُقته بعَد ان تنَاولتْ العشاء ، وقفت معه الى بلكُونته ، مُبتسمَة رغمًا عنها بلا شعُور ، وهي تقف في النقطة ذاتها التي كان يراقبها فيها ، كان خلفها تماما ، لا يفصُل بين صدره وظهرها الا مسافة اصبَع ، وهو يشربُ قهوته المسائية ، ويراقب المكان ، معها ، وصوتُ اوراقِ الاشجار وانسامها ، والريحُ التي تضم المكَان بصوتها ، وبرودَة تستوطن اجواء كامبريدج بلا رأفة ، ومطر خفيف ينبأ عن ليلةٍ ستبكي عليها سماء كامبريج ، ماشعُوري وانا أقفُ بجوارك ياليث ، ماهُو ذاك الاحساس اللذيذْ الذي يغُمرنِي وانت تقف خلفي وتقبل كتفي ، ماهُو ذاك الشعور وانا ارى انفاسكَ الساخنة تحرقُ انفاسي ، ماهُوَ شعوري وانا امتصُ حزنك واغلغلهُ فيّ ؟ ، هل تعلم بأن الحياة هيَ تلك النقطة التي وقفت بها عيناي لترى عيناك ، وتفضحانِ بها هويتك ، أتذكُر تلك الليلة التي كُنت في منزلي ..هناك في تلك البقعة ..حينمَا سقط منك ذاك الشعر الزائف ففضحتك عيناي ، وعرفتُ هويتك ، وكنت انا الاولى هنا التي اعلم ماهيتكُ ، أم تذكر تلك الليلة التي عاقبتني على تمردي حينما ركبتُ معكَ ظنًا بأنك اخي مشعل .. ورميتُ عليك أشدّ شتائم الارض ، وانا كنت اعتقد بأنك تختطفني بجريمَة الخدَاع ، ؟ هذا الذي في يسار صدري ينبضُ كثيرًا حينما يعلم بأنك تمتلكه .. ، هُو لا ينبض بهذهِ الشراهة الا حينما يراك امامه .!
هواء ابيض كثيف يخُرج من افواهِهم كناية عن برودَة الجو ، وهو يضع يده على كتفيها ويلفها ناحيته ، وينظر لعينيها بصمتٍ وخيم هي تجهله ، لقد كرر هذهِ الحركة معها منذُ اللقاء الاول ، ينظُر لعينيها ويحاكيها بصمت ، وكأن كلامَ العيون أبلغُ وأشدُّ فصاحة من كلامِ اللسان ، هي ضاعت عيونها وهي تشتتها على كنزتهِ السوداء الصوفية ، وكوب قهوته ، وعنقه ، وتفاحَة آدم التي تستوطنه ، رفعت ناظريها ناحيته وارتَمت في عينيها دُموع مدللّة ، دُموع لا يحتملها ثوب الرجُولة الواقف امامها ، عضّت على الشفة السفلية بواسطة اسنانها العلوية تحاول حبس هذا الدمع الذي لا يرحم ، رفع رأسها حينما وضع اصبعه تحت ذقنها ، ولاصق حذاءهُ بحذائها وعيناهُ تتداخلُ في شذَى عينيها : شفيها عيُونك؟
وريف تبتلع غصّتها: متى بترجـع؟
ابتسم باسى يطمئنها خلاف حقيقة مايعتقده:قريب..
وريف شتت عيناها وهي تحاول ان لا تبكي: قريب متى يعني..عشر سنوات زيادة؟
ليث وآلامهُ تُؤرقه ليهمس لها بوجع : ولا تسئلوا عن اشياء ان تبدى لكمُ تسؤكم.
وريف وصوتها يختنق:أنا أدري ان في خطر على حياتك..أدري بالهشيء وساكتة..أدري ان ممكن بأي وقت يجي احد ويسلمك لاكبر حكومة فاشلة في هالكون..وممكن يقتلونك ببساطة ..وانت بريء ومالك ذنب..
ليث ركز انظارهُ في عينيها وهو يضع كفيه في وجنتيها ويرفع وجهها ناحيته:اللي كاتبه ربي بيصير.. انا مو فاقد امل رجوعي..اخوك معي وفهد والدكتور وليد..وآدم..
عقدت حاجبها:آدم منو؟
ليث يتنفس بهدوء والضباب الابيضُ يخرج من فمه: من جماعتنا..آل مالك..
بللت شفتيها بلسانها وهي تقول: انا بإيش اقدر اساعدك..
ضحك قلبهُ وضحكت عيناه وهو يضمها لصدره ولو كان باستطاعته ان يحبسها فيه وهو يقبل رأسها: انتِ كُوني معي .. وبس
قبلتُه في صدره ثم رفعت عيناها الباكية لعيناه: اتكلم جد.. بايش اقدر اساعدكم؟
ليث يمسح دموعها وبنبرة خافتة:الخطر اللي عليّ اتقبله..بس انه يجي عليك..يمكن اموت واجن..
وريف بعبرة:يعني عليك خطر ومنت جاي تعترف لي!
ليث بابتسامة:لاحول ولاقوة الا بالله..يعني ناوية تبكين الليلة ؟ تعرفين ان دموعك تذبحني! وتبكين..؟؟
وريف بصمت تمسح دُموعها تجلس على الطاولة الدائرية الخشبية وهو يجلس على كرسي مقابل لها تماماً ، بل ملاصق لها ، وهو يسند مرفقه بجوار فخذها تماما على الطاولة وعيناهُ تجاهُد عيناها لتقول له: اللي ابيه منك انك تقولي كل شيء..لاتخليني كذا..انا ابي افهم اللي يصير حولك ..
ليث:مايكفيك اني معك؟
وريف صمتت تقلب كلامه في مزاجها ثم قالت:لاتلوي ذراعي بـهالحكي..اكيد يكفيني هالشيء بس غير لما اعرف وش مصير زوجي..
ليث ابتسم بجنُون: زوجي؟..لابالله رحت ملح..
احمرت وجنتيها وبجدّية: من جدي اتكلم!ولازم تعرف من اليوم ورايح ان هذي شخصيتي ولازم اعرف وش اللي بك..ماحب اعيش بالمجهول..
ليث وابتسامتهُ المتلاعبة ترافقه:طيب ياشخصية..وش تبيني اقول لك مثلاً..
وريف بنبرة جادّة:يعني..وش قاعد يصير الحين..وش اللي تسويه عشان ترجع..من يدري عنك من مايدري..
ليث يضحك:ههههههههه الله الله ..كل هذا تبي تعرفينه؟؟محد قالك من قبل انك فضولية؟
وريف تعض شفتيها بغيظ: ليث لاتاخذ كلامي بالمزح..من جدي اتكلم..
ليث يقُبل يدها:صدقيني افضلك ماتعرفين..اخاف يشيب راسك من هالحكي..ادعي لي وكوني معي وكل شيء بيكون بخير..
وريف صمتت بعدم اقتناع لكن ليث وقف وانحنى عليها وهو يضع كلتا يديه على الطاولة وعيناه " المُصيبة" امام عينيها مباشرة: لا تشغلين بالك..قلت لك مابي منك الا دعـاك وانك تبقين معي..
هزت رأسها باستسلام وخجل ، ابتعد عنها وهي تشعر بان الحرارة في جسدها تخنقها ، الا ان اطرافها الباردة ارهقتها ، فركت يديها محاولة تدفئتها.. منعها وهو يكمل مابدأته ويحاول هو بنفسه ان يقوم بتدفئة كفيها ، لتهمس:أبغى اروح البيت تأخرت..
رفع حاجبه : سلامات؟ عيدي وش قلتي؟
تعيد كلامها بكل عفوية:ابغى اروح البيت..تأخرت!!
ليث وقد ارتفع كلا حاجباه مستنكرًا : وع اساس ان هذا مو بيتك؟..ترا البيت اللي فيه انتي ومشعل مايعد بيتك..هذا المكان مكانك.. وبيتك..!
وريف احمرت بخجل:عارفة..بس لازم ارجع!
ليث "باستلعان" : واذا ما رضيت؟!
وريف تحَك رأسها"بتوهيقة": ليث من جد لازم ارجع..
ليث: باصبر عليك هالفترة لكن مصيرك تجين بيتي !
وريف بارتعَاد وفي نفسها "ايه هين" هزت رأسها بقبول ، عرف ماتفكر فيه ، وهي من كانت ترتعد بخوف ان تنام مع رجلٌ في مكانٍ واحد ، فكيف بها ان تنام الآن دون ان تهيأ نفسها نفسيًا .. وقفت وهي تدخل للداخل معه وترتدي معطفها وحجابها، وهو يرتدي شعرهُ الاصطناعي امامها ، ابتلعت غصتها وهي تراه يقوم بهذا كل يوم ، كيف يستطيع ان يحتمل هذا الروتين المتعب والممل على قلبه ؟ ، كيف صَبر؟ هي لا تعلم!! .ارتدى معطفهُ الاسود ، ومشى معها وهو يوصلها الى الفندق ، ويصعدَ معها الى باب الشقة ، قبل جبينها: انتبهي لروحي..
ابتسمت له ودخلت الى الداخل ، وهي تتذاكر تفاصيل هذهِ الليلة الكاملة التي قضتها مع ليث ، الليلة التي سهرت بها معه ، وكانت أجمل وأزهَى ليلة ، ليلة مُكللة بالعاطفة ، هذهِ الليالي التي نتفرد بها انا وانت ، هذهِ الليالي التي لا يعلم عنها العاشقُون شيئًا ، نحنُ ، انا وانت ، نتفرد بها ، بجمالها ، انظر ..الا ترَى تلكَ النجمة ؟ لقد ابتسمت لنا ولوحت في فضاء الليلة؟ والشهاب والنسمة ؟ والقمر ، والريح ..وكل شيء كان يغازلنا ، حتى الطبيعة التكوينية لهذا الكون ، كانت تواسينا في حبنا ..وتضمنا تحت ليلة القمر الاولى ، ماهذا الدفء الذي حضيتُ بهِ منك ؟ ماهذا الحنان الذي تشربتُه مسامي من همساتكِ ، ؟ لله درك ياليث؟ اهذا مايفعلهُ الغياب بك؟ يارب ارزقهُ حريةً تردُه لأرضه ..وراحة تطمأن باله!

،


في هذا الصباح تمشي مع والدها وآدم وعمار يمشُون خلفهما في طرق كامبريدج التي يزيدُ فيها الحنينِ ويهيج ، هذه الشوارع التي تكتضُ بالمقاهي والمطاعم والاسواق ، والزهور ، هي طرق نثرت في صدرِي حنينًا هيج قلبي ..ان كان يسألني ظلي مالذي هو لي..؟سأقول الظل لِي..وضوء الشمسُ لي، وتلك الحياة التي بين يديّ لي ، وحتى الهواء! اذا كان يعبثُ في شعري ، لي ! ، وذاك الرجل النرجسي..هل هو لِـي؟ من سماك آدم ؟ من كان يعبثُ في روحِك لتنام بادمَان البرُوزلام ، والله اني واثقة بأن ان كان قلبُك قاسيًا ، فهوَ من ذاك الذي تدسُه في روحك ، لتوجَع بهِ روحي ، اراك تقف مع اخي ، هُوَ عدوك ، لقد اخبرتني بأنه عدوك ، لكنك تمشي معه ..وتضحك معه..وتأكل وتشرب معه..فاذا كنت تفعل هذا مع عدّو ؟ فمالذي تفعلهُ مع صديق؟ ..وان كنت تفعل ماتفعلهُ ماصديق! فما انت فاعلٌ مع حبيب؟ ..لماذا ارتجف حينما اتخيل ان لديك حبيبْ..لماذا اشعر بالحرارة والبرودَة في آنٍ واحد حينما اتخيل ان لكَ حبيب؟، لماذا اشعر بأنّ دمي يفور،وعقلي يفور،وصوتي يتحشرج من حنجرتي..واحبالي الصوتية تتشابك،وبؤبؤ عينايَ يجحظ..حينما ااتخيل ان لديك حبيب؟
جلست بتعب في احد الكوفيهات ،وهم معها..كانت صامتة بهدوء..ادم كان مشغول في صمته..والدي وعمار يتناوشان ملفات قضايا لم تنتهي..انا مشغولة في ان كان لديك حبيب يا آدم او لا.. تلعثمت..والدي وعمار يغادرونا،وتبقى المقاهي هي ماتجمعُ بين اعيننا ، ورائحة القهوة هي ماتبعثرنا،لازلت صامت،حتى حينما غادروا،وصمتك يقتلني، وسألتك بعجز: ان كنت انسان صادق مع عدوك ..وتمشي وتضاحكه وتسولف معه..فايش اللي انت بتسويه مع صاحبك؟ او –وبصعوبة- حبيبك؟
وسط صمتهُ ،قاطعتهُ بسؤالها المُكتظ بالتساؤلات في وقتٍ واحد ، اطال صمتهُ ولوى شفتيه: مو كل عدو نمارس عليه طقوس العداوة.. هذا الشيطان مانقتله مانذبحه مانضربه ولكن نقول منه والعياذ بالله.. والله يقول في كتابه إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا
لم تكُن تعلم ماتقول في اجابتهِ التي بترت نصف تساؤلاتها الا انها استكملت:وعمار؟ وابوي؟ كلهم اعدائك..ليه تظن ان ممكن بـهالسهولة تتقبلهم!
آدم رفع حاجبه وبابتسامة تلاعب:الحين انتي ليه شاغلة نفسك بقائمة اعدائي؟
هاجر بللت شفتيها وباصرار اكملت:وانا؟
آدم باستنكار وعَدم فهم:وانتِ شنو؟
هاجر بسرحان لم تستوعب ماقالته:وانا حبيبتك..-هزت رأسها بحرج بعد استيعابها لكلمتها "جابت العيد" -اعني..وانا عدوتك؟
ابتسم لا اراديًا ولم يستطع حبس ابتسامته :انتِ شنو تشوفي؟
هاجَر بغيظ:وليه تجاوب سؤالي بسؤال..عندك اجابة جاوب..
آدم تتسع ابتسامته تدريجيًا: بما انك تتكلمين من هالمبدأ ليه ماجاوبتي على سؤالي؟
هاجر برجفة صوتها:يعني ممكن تعتبرني عدو لك؟
آدم يبلل شفتيه:لا..
هاجر بحشَرجة:صديق؟
آدَم يعيد اجابته:لا
هاجَر بسخرية:لاتقول حبيب..
آدم بابتسامة:لا..ولا حبيب..
هاجر:اذا ولا شيء!
آدم بسخرية أحرجتها وجرحتها: مو "ولاشيء" ..انتِ زوجتي بالنهاية..
هاجر داعبتها غصة اخرستها لثوانٍ لتقول باندفاع: ان كنت انا زوجتك فانت ولا شيء..زوجي ويخب عليك بعد..
حبس ابتسامته وهو يرفع حاجبه ويشرب العصير من ماصة العصير باستخفاف وهو يقول:انتِ وش حارق روحك ودمك الحين؟
هاجَر وهي تغلي من الداخل:بالعكس لا حارقة دمي ولا شيء..اسئلة سألتها وماشاء الله عليك افحمتني باجابتك..
ادم يُغيظها:اسألي بعد..اكيد بفحمك اكثر..
هاجر وقد استشاطت غيضًا : لا شكرًا .. خلنا كذا حلوين..
ابتسم بهدوء وهو يراقبها وهو يشرب عصيره،بينما هي نست اساسا عصيرها الذي طلبهُ لها، وتجاهلته ، كان يهز امامها الكأس وهي ترى كرات الثلج وهي تتصادم بالكأس ، كان يتقصد اغاظتها بالفعل، الابتسامة التي ترنُو على شفتيك تمنيتُ لو انها سرابًا ..اجابتُك لم يكن فيها أي عيب..الا انها لم ترضيني..كرهتها..وكرهتك اكثر حينما نطقتها، اريد ان اعلم من اكون لاكون اللاشيء لديك؟ والله انك لا تفهم الجرح ..ولا تعلم بأن انثى بسيطة مثلي قد تخدشها نظرة! ، قل عني عاطفيّة ، قل عني ماشئت، لكنك كُنت تعبث فيّ ، وانا كُنت أختنق..! وأختنق..! وأختنق..! وياليت شعري بعد هذا الاختناق انفجر!
توغلتّ فيّ حتى شعرت بك داخلي،ولولا اني صرت في ارض الواقع ، لانتفضت ونفضتك خارجًا عن روحي ، وسمعتُ صوتَك المشدُوه في دهشَة النهار: دخلي شعرك..طلع!
لم انتبه بين صمتِي وحيرتي لتقول مكررًا الجُملة بغضب:شعرك طلع دخليه..
كان خطئًا مني ولم انتبه ، حتى شعري ذاب من فرط الغضب، واختار ان يهربُ من فروة رأسي ليطل على العالم ، عله يستطيع ان يجد منفذ، فلما خرج لُمتنِي وانا التي كنت لا أُلام فأدخلته وانا ارى بالمرآةِ شكلي مرتبةً حجابي وهمست:كذا زين؟
قال بغضبٍ وهو لايريد حتى النظر اليها:ايه..وانتبهي مرة ثانية..
هزت رأسها بطاعة ، لن تناقش، لكنها استمتعت، هذهِ السلطة التي تنطلي فيك تثبت حتمًا انني شيء..وشيءٌ مهم..حتى لو كان كزوجة ، انا راضية بهِ ، المهم اني شيءٌ يعترف به لديك، قالت بصوتٍ حائر: لما نرجع الرياض..وش راح يصير؟
آدم بحنينِ لارض امه: خل نرجع بالاول..وتالي كل شيء يصير..
هاجر وهي تريد ان تسمعه:كيف جيتك..ابي اعرف وش اللي كنت تعيشه..ان كان ابوي متزوج امك..وش صار بينهم..
صمت، صمت ، والغضب يخنقهُ ، ولو كانَ بركَانًا لانفجر واغرقت حممه المكان بلا رحمة ليجيبها بغضب: اشتري سلامتك ولا تسألي بـ هالشيء..
هاجر ابتلعت ريقها: ابي اعرف حياة زوجي..وهالشيء من حقي..
آدم بنبرة قاسية:ماظن هالشيء يعنيك عشان تعرفيه..
كانت الغصة تدور في حنجرتها ليبين لهُ صوتها الباكِي:تتعامل بقسوة وكأن حنا مو زوجين..تعرف كل حياتي وتتدخل باتفه خصوصياتي..ولما يجي الدور علي وانا اللي اسئلك ماتسمح..ليه تعاملني بهذي الطريقة؟؟؟وكأني شيء مو مهم بالنسبة لك..
آدم : لو كنتِ بالفعل زوجتي ..كنتِ بترضي تعطيني ابسط حقوقي اللي مو معترفة بها..
ارتجفت كل عظمة في جسدها ، وارتجف خلفه كل مفصل لتجيب بغضب احمر منهُ وجهها وسقطت دموعها:لو كنت زوجتك بالفعل..كنت اهتميت فيني وماتركتني..من اول ليلة لنا وانت تصد عني ..شفت عداوتك بين ابوي واخوي..ماتسوي نص عداوتك لي..انا عدوتك يا آدم ولا تنفي هالشيء..لان لو هالشيء صحيح ماكان سويت فيني اللي سويته.. ولا تعايرني باني ماعطيتك هالحق اذا انت ماتحترمني..الانثى ماعمرها كانت جسد وبس..انا روح وجسد..وماظن اني رخيصة حتى تعاملني كذا..
آدم وكل مابه من قسوة تنفذ لها بسخريته: منتِ برخيصة؟ وليه ابوك زوجك لي بذي الطريقة يا اغلى ماعنده؟!!
عضت شفتها السفلية باسنانها العليا وهي تحبس شهقة كانت ستفضحها في المكان لتقف بغضب: سهل عليك تقول كلامك يا آدم..سهل كثير تقوله من غير ماتحس باللي حولك قد ايش يتوجعوا منك..ياالله ياادم كيف ضميرك اصلاً يخليك تنام ..وانت تشتغل مع اكبر مجرمين بـ هالعالم..وتعاقب بنتهم على جرم هي مالها ذنب فيه.. وين الرجولة يارجال في كل هذا ؟؟؟
وقف لها تماما وقربها اليه وبطنها تماما في بطنه وهو يهمس في اذنه:تمسحي الحين دموعك وتمشي قدامي..
هاجر بغضب تبعد يدها عنه:اضيع في شوارع كامبريدج ولا اضيع مع شخص كرهني فيه بظرف دقايق.. وخر عني ولا تفكر تلمسني..
آدم يشدها من ذراعها التي شعرت لظرف ثواني بانها تُنتَزع ، مشت معه مُرغمة ، وهي لا تعلم الى اين يأخذها ، فقط يمشي بهِ في هذهِ المدُن الضبابية ..وتضيعُ معه في الطرقات ، كانت يد معلقة في يده ، والاخرى تمسح بها دُموعها البريئة التي كانت كنهرٍ لا يتوقف ، فقد بكت بسبب استخفافهُ بها ! ، يا الله ، كم هذا مؤلم ان تكُونَ يدٌ معلقة في يدك ، والاخرى امسح بها الدموع التي سببتها فيّ ، ما اقساك والله ! ، ..
التفت اليها وهو يريها مكان: تدرين ان بهذا المكان اخوك يشتغل! من ورا ابوك..
ابتلعت غصة خانقة وهي تنظر للمكان وهو يكمل حديثه:اخوك اللي ببساطة يطعن ابوك..وابوك اللي ببساطة شايل خطط من ورا اخوك...انا استغرب كيف عايشين مع بعض.. هذي العيلة اللي تسألين عنها ياهاجر مختلفة عن عيلتك المليانة بالنقص والنواقص... عيلتي اللي انا كنت عايش معها كانت شيء فوق احلامك..
صدرها يرتفع وينخفض بشدة وتنتفض من كلامه: عيلة بنوايا بيضاء..مافيها حد يطعن في ظهر الثاني..مافيها احد يهتم لمصلحته اكثر من الثاني..هذي العيلة اللي تسألين عنها وبكل بساطة..حرقتي قلبي لانك سألتي عنها..
دفعته بقوة في صدره وهي تبكي:انا بعد ..انا نفس حالتك..انا اعيش كل شيء تعيشه واعظم..لاتظن ان ابوي وعمار بالهسوء..انا مادافع عنهم لانهم ابوي واخوي..لكن ادافع عنهم لاني فعلاً لقيت اخوي عمار مستعد يضحي بروحه عشاني وابوي بعد..صحيح قلوبهم قاسية ويعادون كثير..لكن ماطاب شيء في عيني الا وحصلته قدامي...
آدم نظر لها بسخرية: لا اظن فيهم سوء؟ مو بسبب ابوك امي عانت شهور من قسوته وتهميشه لها؟ وانا ..عانيت اكثر من 6 شهور امراض نفسيه وماعيش الا على مهدئات ومسكنات بسببه!..ابوك اللي امر الاطباء انهم يحقنوني بالعقاقير حتى يعتاد جسمي عليها وباي وقت يقدر يهددني بها ويمنعها عني..ويبتزني فيها
بغضب صرخت في وجهه:بس انا مالي ذنب بافعاله..انا تحاسبني بافعالي..ابوي شيء وانا شيء..
آدم رفع حاجبه وبقسوة:اذا لا تسألي عن اشياء ماتطوليها...
هزت رأسها بألم:ليتك تعترف بقسوتك..انت اللي تظن الجميع قاسيين وانت منت باقل منهم بالقساوة!
آدم بعجز :ابوك قهرني..قهرني وقهر امي..وش مستنظرة مني!
هاجر احتضنت نفسها وبكره نطقتها في وجهه:بس ماتنتقم لامك ولنفسك فيني..انا ماني ضحية ..
تقدم ناحيتها ويدهُ الخشنة تلامس خدها الناعم بدفء وينظر لها بنظرة حيرتها بفعل وهو يقول:انتي ضحية.. واحمدي ربك انك ضحيتي منتي بضحية غيري..لاني راحمك كثير..
ابتعدت عنه بقهر:انت انسان ناقص ومريض..وين اللي راحمني وانت تسمني بكلامك؟ تتوقع ممكن اقبل في شخص مثلك! مستحيــل ..مستحيــل وهذي سابع احلامك..رجعني لابوي واخوي بسرعة..ابغى ارجع..
سحبها معه ماشيًا بها الى قصر والدها ، كما طلبتهُ ، !!


،
9:33:06 | الريآضْ ,

جالسٌ في مكتبه وهو يقلب صفحات في بعض الاوراق التي استلمها اليوم ، هذا المكتب ، او العرش الذي ملكهُ وورثه من والده ، هذا المكتب الذي يستوطن منزل ابيه ، هو إرث العائلة الابدي ، شعر بتعب شديد وعيناهُ تغزو نقطة واحدَة ، أبِـيه ، ذاك الشخص الذي كان قاسيًا ، ومثاليًا ، ذاك الشخص الذي علمه ان يعمل بمثالية يتفوق فيها على اخوانهِ الغير اشقاء حتى سبقهم واصبح هو وريث الكرسي..الذي لطالما حلمت عيونُ اخوانهم بان تستطيل ايديهم لتمتد على عتبة هذا الكرسي.. هذا الملف الذي جعله يتكفل بقضايا اخرست افواه مستفزة من المجتمع ، اخرست ألسنة كانت تكافح الناس ..وتقتص منهُم بنبرةَ ساخرة ، صمت بحُنق ، يستمع الى صوتِ هاتفه الذي كان يرنُّ بشرود ، تلك النوتة التي تستوطن نغمة الايفُون ، كانت مزعجة ومستفزة ، لدرجة انه كره ان ينظر من المتصل ، فصار يحدق في كل شيءٍ ماعدَا هاتفه ، رفعه حتى وجد اسم – سلمان الهامِي .- تنفس بحُنق: السلام عليكم..
سلمان وهو يجيبه:هلا والله بابو متعب..شحالك ؟
يَاسر : الحمدلله..انت كيف حالك؟
سلمان :الله يعزك بس الوكاد انك نسيت وش مطلبي ؟ ولا أعيـدَه ؟
ياسر بكرهُ وهو يجيبه: يابو مهاب لا تبتزني عشان مطلب عيالك..رح شف لك حد ثاني تستفيد من خبراته..بس انسـى شيء اسمه ياسر آل مالك..
سلمان بنبرة جادّة وحازمَة: الله يرد عقلك براسك..ولا وش يحدك تصدق الكلام اللي تسمعه من دون ماتشوف الحق بعينك!
ياسر بقهر : أي حق اللي تتكلم عنه يابو مهاب..الحق اللي شفت به دم ابوي في بيتك؟ هذا بالله تسميه حق..!
بو مهاب بجدية : انا مابي ابتزك بهلك وبناس انت تعزها..لكن يشهد الله ان دم ابوك ماهو برقبتي..
ياسر بلا تصديق:الله يكشف الحق يوم يبعثون..
بو مهاب باصرار:ماني بمدور حد غيرك..لاتحرق قلبي وحط هالشيء بين عيونك
ابيك انت لـ هالقضية وعيالي محد بيطلعهم الا انت..
ياسر بتنهيدة:وان مارضيت!
بو مهاب : انت تعرف وش بيصير..
ياسر ويشُعر باختناق وهو يرى بان يده مكبلة من كل جانب: متى تبيني ابدأ !؟
بو مهاب وصوت تنهيدتهُ تشق الهاتف:اليوم لو فيك حيل..
ياسر:الموضوع يحتاج به اسافر؟
بو مهاب باندفاع:اكيد..
ياسر وهو يقلب الملف الذي ارسله بو مهاب قبل اربعَة ايام: عيالك مرضى بالزهايمر؟ وانت وديتهم بـ مستشفى الامراض العقلية بميونخ!
أتاه صوتهُ مأيدًا:هالكلام كان قبل سبع سنين..هالحين مالقيت لعيالي اثر..
ياسر:ومن تشك به!
بو مهاب يجيب:خالهم..
ياسر بتسائل مُستنكر: أي خال؟!
بو مهاب: ناصر..ناصـر ال مساعد
ياسر: وليه مابلغت عنه؟
بو مهاب بتعب:بلغت عنه اكثر من مرة..بس كل مرة يقولون مافي شيء يثبت انهم معه..
ياسر:وخالهم بكامبريدج!
بو مهاب:خالهم بباريس..بس مدري ليه قلبي غازني وانهم معه..
ياسر: وانت قبل 13 سنة كنت بامريكَا..ليش؟! عندك علاقات هناك مع أي احد!
بو مهاب وهو يلوي شفتيه من الذّكرى الاليمة في سجُون امريكَا : كنت رايح لحاجة في نفس يعقوب.. وعلاقاتي كلها كانت معكم مع السفارة..السعودية..
ياسر يغلق الملف وبضيق:ومتى تبيني اروح؟
بومهاب:اذا تقدر تحجز على اقرب رحلة تسوي خير.. برسلك صور مهاب..واخته توأمته مايحتاج لها صورة.. من شكل مهاب بتعرفها..
ياسر : ارسلها قبل الساعة 11 ..ع ايميلي بـ الجميل..
بو مهاب: طيب.. يلا تامر شيء يابو متعب..
ياسر: وداعـة الله !
بو مهاب:وداعة الله!

وأغلق الهاتف ، وهو يضغط على جانبِي رأسهُ من التعب الذي يغزو جسده اضعافًا واضعافًا ، وضع رأسهُ على المكتب يواسيه..برائحة خشبه الداكن ، واوراقه المطبوعة توًا ، وحبر قلمه الجاف ، وقهوته الباردَة .. !!


،


في المنزل وبِـ الاسفل كانتَ تجُلس في الصالة السفلية من منزل ام راكان ، التِي كانت قد اعدت لهُم العشاء لهذا اليوم ، لم تتحادث مع راكان ، وهُوَ ايضًا لم يتحادث معها ، مُجرد تراشُق نظرَات هيجت منهُم ثقوب الماضِي ، وفتحت عليهُم جُروحًا كانُوا قد مهدوا لها طريق الالتئام ! ، الجُلوس هنا فِـي صُحبَة الفراغ ياراكان ليسَ سهلاً ..أن أظل اراقب جروحي وهي تُعدَم امامك هذا ليسَ هينًا ، انت تبتسم تضَحك مع عائلتك ، وحينمَا يعُود الأمرُ لي ..تلهُب الخسوف الى قلبي ، انا لا أريدُ منكَ شيئًا ، لا اريدُ منك ديوانًا شعريًا او قافلة قصائد .. انا أريدُ أن أسبرك..أسافر في دمك ، أتغلغل في خلاياك حتى اشعر أن دمك دمي ، وسمعك سمعي ، وبصرك بصري ، وفؤادك هُو فؤادي ، ! ، انت تكتبُ نص قسوتك ، وأنا أتكسّرُ على طول النص كأني حرفٌ معكوف ، حتى نسيتُ ماهي أحرفي ، وما أسمي ، انا لا اتذكر شيئًا ..
انا اتذكر فقط!..
لحنُ اسمكَ في فمِي ، أنا اتذكُرّ كيف ترتبكُ شفاهي حينمَا تُريد ان تلفظ حرفًا لك ، انها تستلذُّ بهِ كقطعة شُوكولاة ماكرة ، تذوب في فمي تلك الاحرف ، وينصهر تل شفاهي مع حلاوة اسمك ، ثم تتُوب كل هفواتِي عني .. ويخشعُ لساني لهيبة اسمك..

الآنَ وقد حرمتنِي من هذهِ اللذة ، صرتُ لا اعرفُ كيف انطق هذا الاسم القريبٌ " جدًا" إلى قلبي.. راكان انتَ " مزقتني" ببساطة.. !

صمتها كان مثكولاً ، وهي تستند للخلف وتُسند رأسها للوراء ، تنتظر رجوع راكان من عمله ، ومَـاهي الا لحظات حتّى عاد وجلس على ذات الاريكة التي هيَ تجلسُ عليها بصمتٍ ، ببرود ، وتلك القشعريرة التي جعلت ساقيها يتضاربان ، لم تكن خافية على عيني راكان ولا عيني امه ولا حتى عيني اختهُ الميث. وميث بتساؤُل حنقٍ كانت تهمس لذاتها مالذي فعلته يـاراكان لتصيب الفتاة بـ " ام الركّب؟" هكذا !! .. –ام الركب هي حالة خوف تتضارب فيها السيقان خشية الخوف *للمعلومية فقط* -.
, عقدت حاجبيه المتضايقة وجبينهُ المتقطب ، وشفتيه المشدُودتنان ، هما ما يربكانها بحقّ ، يرفع شماغهُ الاحمر ، و " طاقيته مع عقاله" ويضعهُم على حافة الاريكة ، ثم يتشاغل بهاتفه ، لتصلها رسالة بعد دقائق قليلة في الوآتس آب منه كاتبًا فيها:
" تلك الاشياء التي حملتُكِ اياها هيَ سكاكين كانت تُغرس في صدري..اطلبُ منكِ شيئًا آخر ، ابتسمي ! لاجلِ الله لا لأجلي!"
كانتْ دُموعها على وشكِ الهُبوط !
-للهّ درك ياراكان ، هل أبتسم بهذهِ البساطة وانت من حرمتنِي لحنَ تلك الابتسامة ؟ وتغتالني بكلمتك وانت تقول .لله. وليس لِـي؟ ، ليتني استطيع ان ابتسم ابتسامة حقيقية .. ابتسامة تجعلني انهار على ارجُوزَة الضحك المضنية .. –
رفعت هاتفها واصابعُها الرشيقة تتضارب على لوحة الهاتف لتجيبهُ :
" ومن قال اني لا ابتسم ؟ انا ابتسم لله..ليس لك..ابتسم لله في قلبي..فتلك الشفاه الذابلة لطختها هُجومات قسوتك.. وعلى كلّ حال..شكرًا على كل شيء.. "

ابتسَم لا اراديًا لما قالتُه ، وعيناها لاتزالان معلقتان في الهاتف غير مباليتان له، ابهامها يمسح شاشة الهاتف بنعومة وهي تترقب رسالة منه ، ليكتب:
" انا قلبِي يذُوب في معصمِي حينمَا المح دمعتُكِ ، فلا تشهديها علي..لكي لا يذوب ماتبقى في من قلب! "

بكل عنفٍ انثوي هاجمتهُ رسالتها :
" هذا ان تبقى لديك قلب.. "

وختمَتها بوجهٍ تعبيري يبتسم له ، لتقوم الى الحمام ، وهو يقف خلفها لاحقًا اياها!
امام المغاسل تغسل وجهها الذي بدأت دُموعه تختلط مَع المياه ، ويتعانقُ الماء العذَب بماء دموعها المالح ، لِـ تصمت ثرثرة عميقَة في –عينيها-.
ترفع عيناها في المرآة لتجدُه خلفها تماما ، يرفع شعره الكثيف الى الخلف ، بأصابعه ، وياليت هذهِ الاصابع تمسح دموعها ببساطة ، يقفُ امامها تماما ، والمسافة بينهما اقلُّ من تلاقي الرمشينْ ، تنفست بضيق وهي تحاول الابتعاد ، الا انهُ مانعها ، واوقفها بامساكهِ لذراعيها وهو يهمس : وش فيك؟
اسماء بعجز :وش فيني؟ -باختناق- ابد..مافيني شيء الله يسلمك..
راكان بشبح ابتسامة:وليه تبكين اذا؟
اسماء بتحَججُ واضح:ومن قال اني ابكي.. ابد ..بس عيوني دخلها غبار وقلت اغسلها..
راكان بعدَم تصديق: والغبار هذا يقدر يخليك تشهقين بذيك الطريقة اللي شهقتي بها اول مادخلت لك ؟
اسماء تعض على شفتيها وبغضب:راكان يرحم والديك اتركني لحالي..ياما جيتك وقلت لك وش فيك وطنشتني..الحين لا تظن اني مضطرة اقولك وش اللي فيني..
راكان باصرار: اتركك على أي اساس وعلى أي مبدأ؟
اسماء ترفع حاجبها وتلوي شفتيها: من ذات المبدأ والاساس اللي خلاك تتركني يوم سألتك وش فيك!
راكان : ماكنت ابي احرق قلبك وقتها..
اسماء بعدم فهم:تحرق قلبي بايش؟..راكان انت بوعيك! ..انا زوجتك المفروض اعرف وش الي مغيرك..
راكان يتنهَد : ماظن هالشيء يعنيك بشكل اساسي..هالشيء خاص فيني بشكل ماتتصوريه!
اسماء بقهر:وصار بيننا خصوصيات؟ طيب..براحتك..لكن انا اتركني..انا بعد اللي فيني شيء من خصوصياتي..
راكان بنبرة حادة يوقفها بعدما حاولت الرحيل:لا ماهو من خصوصياتك..
اسماء وبنبرة غاضبة جدًا تعلى على نبرة راكان: بلى..من خصوصياتي..ولا بس انت اللي عليك الخصوصيات يابو الخصوصيات؟
راكان بشبه صرخة:خفضي صوتك لا اقص رقبتك هالحين..ماني باصغر عيالك تهايطين علي وانا بظرف دقايق افرمك..
اسماء بخوف اربكها تبتعد عنه عدة خطوات لابقاء مسافة امنة وهي تهزُ رأسها بأسف ودموعها تتناثر كالمطر:لاتظن اني مقطوعة..ياويلك من الله لو فكرت بـ هالشيء..
عندي عم وعندي اهل ومسند ظهر ..
راكان ابتسمَ ساخرًا وبنبرة اربكتها: طيب ياعم ويامسند ظهر انتي شايفة المشكلة السخيفة اللي مقومة القيامة عليها؟ يعني بالله لما تروحين لعمك ولاهلك وتبلغيهم باللي صار بيني وبينك بيحطون الحق على مين؟
اسماء وهي ترى بأن تصرفها غبي جدًا في مسألة تهديده ليجيبها: انا ماني خايف لا من عمك ولا من غيره وله الحشمه عمي علي..لكن صوتك اللي ارتفع عليّ اليوم..وانك تهدديني وكأني ببساطة مو رجال فهذا شيء يبي لك تأديب عليه..! وواضح انك مو منتبهة للسانك..
اسماء تمسح دموعها وبعبرة:انت اللي حديتني اني اقول هالشيء..انتي اللي شهرت علي سيف قسوتك ..وارغمتني..
راكان:كنت جايك اعرف وش فيك واراضيك...انت اللي مانعتيني..!
اسماء بقهر باكِي: ياالله ياراكان ..ياالله! ..تظن بـ هالبساطة عادي اني ازعل وعادي اني ارضى!..و انا صار لي اسابيع اترجا فيك بس ابي اعرف وش اللي مغيرك.. انا اعرف اني غلطانة بمسألة تهديدك واني طولت لساني عليك..بس انك تتجاهلني كل هالايام هذا مايبريك من الغلط..
تجاهلها وهو ينظر لها بحدة ومشى خارجًا ..تاركًا اياها تبكي ، لو لم تأتِي ياراكانْ ، لما حدَث ما حدثْ ، والله اني افضل ان ابكِـي دهري كله على ان ابكي امام عينيكَ ذليلة وتتجاهلني ككل ليلة ، . مالذي غير فيك طباع الحبُ ؟ مالذي بدلك الى قسوةٍ منحوتة ؟ اذا كان الزواج يغير قوانين الحب . اذا اين الصلاحُ في هذا كله؟ اينَ كل حنانِك الذي كُنت تغرقني فيه ، ؟ ام انّك اعتبرتني مُجردة انشودَة ميتة لم يمنحها رجلها جنازَة لائقة ؟ ذاك الذي في يسار صدري قد تصدّع من فرطِ قسوتك ، واني لا انكر اخطائي .. ولكنهُ منكَ قد تصدّع!



،

9:23:01ص. ميونَخ.
فِـي منزلٍ رِيـفي ، يقبع فِيه ثلاثة افراد ، على جبَل من جبال ميونِخ ، وكانت الثلوج قد غطت مساحات هذهِ الارضْ بينَما هِي تنظر وتراقب لأخيها الذي يَحملُ السلاحَ فيه يدِه يتعلم صيد بعض الطيور التِي تطير في هذَا المكان ، وتُغمض عينيها مع كل طلقة يطلقها اخيَها ، لطالمَا حاول معهـا ناصـر أن يغريها لهذهِ الموهبة المتوحشة كما تعتقد ، وترفضُ بكلّ ما أتُويتْ من قوة ، فهي دائمًـا ما تظن بأن الشيطَان يحمُل كل شيءٍ في يدِه ان كان شرًا ويتربص بِها الى يدِ ابن آدَم ، اختَنقت وهي تمشي باتجاه ناصر الذي يقف بجوار اخيها ، ناصر بعمر رجل كبير جدًا ، خمسيني كما يقال ، كل يَـوم تسألهُ عن اسم والدها اخوانها او حتَـى عائلتها ، تتغير ملامحُه الى الحقِـد المفاجئ ويحذرها من السؤال قائلاً ( بتتمنـين انك ماتعرفـين ) ....
لم تكن مهتمَة لما يعتقدُه هذا الرجل ، لديها مرض الزهايمر بشكل مضاعف ، وهي تعلم عن مرضها ، فهي تسجل في غرفتها كل الاشياء حتى تتذكرها ان كانت قد نست ، واخيها يعاني من ذات المرض ، لكن درجة تأثرها بالمرض تكون كبـيرة جدًا الى درجة انها تنسى كل شيءٍ يوم أمس ، ولا تذكره الا حينما يكلمها احدٌ عنها او هي تقرأ ما كتبته حتى لا تنسـاه ، أصدقاء يزورنها يخبرونها بأنهم كانوا يلتقون فيها في اماكن سياحية مع مهاب ونـاصر وهي لا تتذكر ، كل ما تتذكره هي العبارة الشهيرة المكتوبة على جدار غرفتها بخط يدها " اسمك مهره نـاصر آل مساعد ... عمرك 23 سنة ...لك توأم ...نعاني من ذات المرض * الزهايمر* .. ننسى كثيرًا " وتحت هذا صورتآن تحت كل صورة يكتب اسم " هذا ناصر " .. والآخر " هذا مهاب " ... في دفتر معلق بالجدار يحمل تواريخ السنة والتقويم ، على تاريخ 27 سبتمبر ، كانت محاطة بدائرة حمراء ، ومعلق نوتة بجوار هذا التاريخ وكتبت" في هذا التاريخ التقيتُ بنـاصر ..الذي يقول بأنه المسؤول عنا انا واخي ، لقد حافظ علينا هنا لحمايتنا ، بدلاً من اهالينا الذين شردونـا ، يقول نـاصر بأنه أبي الآخر والجديد ، سكة الحدِيد هي الموطأ الاوال الذي يجمع اقدامنا سوية مع ناصر .. انا ومهاب .. تحت دهشة القدر ، والمرض ، والنسيـان .. مهَــرَة ناصر " ... ثم توقيعها يختم هذا المكان ... حتى انها تحتفظ بكل هدية أهداها اياها مهاب او ناصر ، لديها مسجل صوت خاص تستمع فيه لنفسها في السابق وهي تتحدث عن احلى لحظات عاشتها مع هذه العائلة الجديدة ، فِـي الملاهي ، حينما كانت تتكلم وتصرخ بصوت عال " ناصر ابثرنا قال يبي يطلعنا من جو الهم اللي انا فيه ويا مهـاب ...مهاب فال امها وانا هنا ميتة خوف وأصـــــــــــــــــــــــــــــــارخ " قالت كلمتها الاخيرة وهي تصرخ رعبًا ثم يأتي صوت ضحكاتها وصوت ناصر ومهاب يتضاحكون على خوفها المرهفَ ، تتمنى ان تتذكر كل التفاصيل ، هي لا تتذكر سوى الاشياء المسجلة فقط ، الاشياء المذكورة لها ، اما الاشياء التي تخفى عنها من قبل ناصر او احيانا من مهاب وناصر ، هي اشياء طالما ارادت معرفتها ، احيانا تشعر ان مهاب يعلم اشياء هي لا تعلمها ، كونه مريض بأقل درجات الزهايمر ، وقد استجاب جسده للعلاج اكثر منها ، لكنه ايضًا ينسى ، وناصر يخفي عنه اشياء ، اهمها من هو ابي ؟ من اين اتيتُ انا ؟ ولماذا لُغتِـي تختلفُ عن لغتِهم ؟ .لماذا لا أذكرُ الأمس إذ أمسَى ؟ واعرف كيف عشت يومي فيه ، هل بكيت؟ أم تراقصت الابتسامةُ شامخةً على محيآي ؟هذا الغموض المخفي بين الامس واليوم يؤرقني كثيرا ، الاشياء التي اريد نسيانها لا أسجلها .. كي تنسى! ـ الاشياء التي تجلب السعادة احتفظ بها ...لكي لا تنسى !
ابتَسمتَ وهِيَ تخرجُ للباحة الخَـارجِية وتضم نفسها جيدًا من برودَة هذا الجَو ، الثلجْ من تحتِ قدميها اللتي يغطيها حذاء بوت جلدِي باللون الأسود كانَ يرسل انبعاثات البرد الى كل خلية في جسدها لترتجف ، تتقدم برعب وهي تضع مسافة آمنة بينها وبين مهَاب الذي يضع السماعات في اذنه وهو منشغل تمـامًا بالصيد ، لم يستمع اليها ، ولم تكن لديها حيلة الا ان تكُور كومة ثلج في يديها الباردتين وهي ترتجف وكومة ضباب بيضاء دخانية تخرج من فمها بسبب البرودة ، رمتها بكل قوتها على مهاب الذي انتفض وترك السلاح ثم تقدم لها وهو يقُول : بسم الله الرحمن الرحيم ...
ابتسمَت ضاحكة وهي تضم يده وبحب : نـاديتك أكثر من مرة بس مارديت ..
مهاب يبتسم بهدوء وهو يقول : كنت أصيد بـ ... بـ ...، وارتبكَت معالم وجهه وهو ينسى اسم الأداة التي بيده لتقول مهرة بتذكر : السلاح ... المسدس ..
مهاب يبتسم بإيجَاب وكأنها عرفت ما يقصدُه : ايه ... والسماعات باذني وتشاغلت ...
مهره بصمت وابتسَامتها البيضاء تُزين ثغرهَا ، كانت تنظر لمهاب بقلق وهو يشتت نظرهُ عن عينيها ، اشعرت بأن هنالك شيءٌ ما لـتقول : مهاب ... وش صـار أمس ..ذكرني فيـه ..
مهاب وهو يجزم بأنه عقله حفظ كل ذكرى كانت يوم امس لكنهُ تداعى النسيان : مـا أذكر ..!!
مهره بعدم تصديق وهِيَ تنظُر لعينـاه : أدري انك تعرف...ذكرني بيومي انا بحاجة له... أبي أعيش حياة انسان طبيعي من دون ما انسـى ...أو من دون ما تستغلني انت ونـاصر بالصمت ..
مهاب يقبل جبينهَا بحب : صدقيني بتمنين اني ماقلت لك ...
مهره بقهَر مخفِي : هذِي حجتك انت ونـاصر... بتمنى اني ماقلت ...
: وش فيها حجتي انا ومهَـاب ؟
التفتت برعب وهي تراه واقفًا خلفها ينظر لها بتساؤل هي ومهاب لتصمت بعجَز غير قادرة على الكلام ، هيبة ناصر وشخصيتهَ هي ما تفرض عليها الصمت في غالبِ الاحيان ، رأته يضع منقلة الشوي في المكان ويضع فيها الفحم وبنبَرة غريبة : وش يضرك ما تقبـلين بوضعـك مثل مهـاب ؟ ، دائمًا تتمردين وتسئلين وما تدرين بخطورة السؤال !!
مهره بنبرة مُحتدَمة : السُؤال ماهو عيب ولا حرام ..
ابتسم لها ناصر وهو يضع على يدها كيس ثقيل كادت ان تسقط منها وهي كيس الفحم ويأمرها بوضعها في المنقلة ثم يستمر بصمته الجسيم الذي هي لا تنسى انها عادته ، عضت شفتيها بغيظ وهي تضع الفحم على النار ، النسِيان لا ينُجينا فلمَاذا أنسَى دائمًا ؟ ، أريد ذكريات محفوظة في عقلِي لا تضيع ، لا أريد أن أدونها لكي أتذكرها وأحيانا حتى يصعب علي ان اتذكر ما دونته ان كانَ فِـي زمنٍ بعيد المدَى ، هناك بعض الاصوات تلاحقني ، تصحيني لصلاة الفجر ، تأمرنِي بالهرب ، وأحنُّ لأعرف هذا الصوت ماهو ، انه ليس صوت ناصر ..قريب من صوت مهاب ولكنه ليس صوته .. انه اكثر خشونة ..وحنيّـة ، بحثت في عالم الانترنت عن الاصوات التي تأتِـي الى الاشخاص المصابين بأمراض النسيان كالزهايمر مثلاً ، وهم لا يعلمون مصدرها ، فمعناها ان الصوت هذا حقيقي لدى الشخص المصاب وقد سمعه من قبل ، أي أني سمعت هذا الصوت يناديني بأسمي ..يقول لِـي مهره ، وينادِي مهاب معي ، ويربتُ بكفِّ الحنانِ على كتفِي ، نفضت يديها من غبار الفحم وهي تسعل بتقرف ، ليأتي مهاب من خلفها ويسحب الكيس ويرش عليها من الفتات ليغطيها بالكامل وتصرخ بجنون : وش تسوي يا مجنـــون ؟؟؟؟!!
مهاب يضحك على شكلها ليلتفت ناصر ويبتسم عليهم ، لم يستطع مهاب الا ان يمسك بطنهُ ضاحكًا ، الفتاة البيضاء تحولت الى فتاة رمادية بسبب هذا الرماد ، وهو يغطي شفتيها ايضًا ، تقززت بتقرف وهي تنفضه من عليها ،وتحاول ان تُبعدَه من شفتيها ، لترمي عليه قذائف كرات ثلج متتالية وهي تقول بشماته : جزاك الله عني الف خير وتستاهل هههههههههههههههههههههههه
مهاب يرفع ذراعيه بدفاع : نـــــاصر امسك البنت اذبحتني ....آآآهـ ووجع
ناصر بابتسامة شاخصَـة : تستاهل وهذا جزاه اللي يحط راسه براس بنتي مهره ...
*إبنتُكِ؟* ..يا الله بهذهِ البساطة تنطقها يا ناصر وانتَ تهمش كل تاريخ عائلتي التي كل مرة أسألك عنها تقول لي بأنها غير موجودة وانهُ يحميني ويغرقني بحججٌ واهية ، لقد اختلج قلبِي سهمٌ مثلثْ يعثو فيّ فساد ما أخبرني به ناصر ، أرجُوكَ لا تزدني همًا ياهذا ، أنا قُنبلة وسأنفجر ! ، لا تُغوينِي بنغمَاتِ الابوة وتراتيل الحيَاة ، فأنا لا أحفَظُ شيئًا سِوىَ انشُودَة النسيَان ، أرجُوكَ لا تُهمش ثوبَ القصيدَة الذي بداخلي ، فلن يُنزع مني الا بسببِ وعثاءِ كلماتكِ ، ارحمنِي من هُدوء الصمت الذي تتوشحُ بهِ ، ولا تُسقنِي من كؤوسَ الجهلِ لأسكر ، فأنا لا أطيق الهذيَان كل يومٍ بما نسيتْ ، نـاصر ..أنَا قُنبلة وسأنفجَر !
تشتت عيناها من كلمته وكانت سترمي على مهاب آخر كومة ثلج لكن يدها توقفت وسقط الثلج بل ذاب من يدها للجحيم الذي نشب في جوفها ، وصارت ترمش طوال دقائقْ مرّت ، وهي تهذُي بكلمَة قائلها ، " ابنتَي ! " ، صعَبة ، صعبة هذهِ الكلمة ان تستوعبها ، لقد قالها أول مرة ، لقد قال اول مرة بأني ابنته ؟ هل يعقل ان اكون ابنتهُ فعلاً ، ثم لماذا اذا سألته كل مرة ان كان ابي ينفي ذلك ؟ ، استغلالك واضح جدًا يا نـاصر ، واضح جِـدًا ، ولا يخفى عليّ ..
تسمّرت في مكانها ولم تستطع الحراك مهاب الذي كان رافعًا ذراعيه ليدافع عن نفسه وقف ايضًا ينظر لها بتأمل لما ستفعله ، ناصر الذي كان ملتفتًا بعد كلمته يضع اللحمَ فِي الاصياخ الموجودَة ، التفتت لهدُوء الوضع المفاجئ ، ويراها هكذا تقف بعجزٍ عن النُطقِ والحراكَ وحتى التفكير فهي مفرغة تماما من التفكير بعد كلمته ، لقد عرف بأن كلمته ضربتها في الصميم ، " ستنساها غَـدًا " هذا ماقاله ، ولم يأنبه ضميرُه للحظة العذاب التي تعيشها الآن ، انتزع القفاز من يده وتوجه ناحيتها وهو ينظر لها : مهره ..انتِ بخير؟
مهرَه وهي تستنكر الكلمة وتنطقها بصعُوبة : بِـ خيـ...ـير؟؟
صمت ونظر لعينيها الثابتتين على نقطة معينة تستمع لكنها عبارة عن الة موقوفة ، مد يده ليربت على كتفها لكنها ابعدَت كتفها وهي تقول : ان كنت ماتبي تقول اشياء كثير...فكلامك اللي تقوله تثمنه..لاتسمعني شيء يقهرني ويحسرني وبعدين تظن اني لا نسيته أنـا بخير .. أنا كل يوم أجلس بصبحي ماعرف وش صار أمس بمساي ..ما أذكره الا اذا كتبته او سجلته أو صورتــه ..لكن في جحيم بداخلي بسبب استخفافك بالحياة اللي انا اعيشها ..
تقدم ناصر ناحيـتَها وهُوَ يُقبل جبينها : قولِـي اللي تقوليه ..الله عليك شاهد يامهره ، بيجيك اليوم اللي تسبيني فيه يومي قلت لك..
مهَاب ينظُر للوضعِ الذي انقلبَ رأسًا على عقبِ في ثوانِي ، وهَاجت بهِ المهَرةُ التي لا تُعسَف من رجلْ ، ثم صمتت بحيرة ، لأنها ستنسى كل هذا غدًا ، عاد ناصر يشوي مع مهاب ، بينما هي وقفت تجهز الطاولة ، والهمُ يكون على قلبهَا أضعافًا ، انها قوانين النسيان حينمَا تطغى على المرء ، تُبعثره الى درجة الصمت الوخيم . !
،


فِـي صباح كامبريدَج .
7:40:00ص.

كانت تُجهز الفطُور لمشعل وليث ، هما ضيفَا هذهِ السُفرة الصباحية لهذهِ الليلة ، لقد رتبت المائدَة بخبثُ ، ابتسامة رسمتها "باستلعان" وهي تُعلن انتقامها الجيد ضد ليث ، الذي قرر ان يُهديها ساندويشة الحشرات على طبقًا من ذهب ، تتخيل لو انها بالفعل قامت بتناولها بهذهِ البساطة ؟ لكانت عانت من حُمى التقيء طوال حياتها ، بسبب هذهِ الفكرة الجهنمية من ليث ، واليوم موعدُك ، ! اليوم سأضحك ، كما ضحكت .. لكن هذه المرة سأسجل هذا الحدث بكاميرة الفيديو ، لكي اتذكر هذا الموقف طوال حياتي واضحك عليكِ .. وضعت الكاميرة في المكتبة المقابلة لـ طاولة الطعام ، وبدأت ترتب الاطباق على المائدة ، انتهَت حتى سمعت الباب يُطرق ، لتفتح الباب لمشعل الذي عاد بالخُبز ، وليث الذي يبتسم خلفه ، اقترب ليحتضنها لكنها مدت يدها مانعةً اياه بخجل:ماهي حلوة قدام اخوي..
ليث بجنون يحتضنها رغمًا عن خجلها: مو شغلي حلوة مو حلوة.. يومين ماكلمتك ولا شفتك..*وبنبرة خبث* الا شخبارك من بعد العشاء ؟
وريف تخفي ابتسامة الخبث وهي تبتسم : اخباره في الفطور اليوم.
ابتسم لها وهو يجلس على الطاولة ومشعل بجواره ، وهي تضع لهم الساندويشات التي قامت بتحضيرها مسبقًا مع العصير .. ثم تجلس بهدوء ، وكانت الكاميرة تصور الحدث بحذافيره، وهي تجلسُ بصمت تراقب مشعل الذي كان يأكل ، وليث الذي ابتدأ شاربًا عصيره ، تناول اول قمة من وجبته ، احس بطعم غريب.. قطع شكه بيقينه حينما اكل القضمة الثانية وهو يشعر بطعم غريب في فمه ، عقد حاجبيه باستنكار وهو ينظر للطبق الذي امامه..ويرفع حاجبه الايسر باستنكار ، لوريف التي كانت تبتسم ثم تنفجر من الضحك فجأة .. مشعل كان ينظر لليث بدهشة..
ليث يترك الساندويشة :وش حاطة لي فيها؟
وريف ويدها لازالت على بطنها وهي تتذكر تعابير وجهه:ههههههههههههههههههههههههه يممه بطني..
مشعل ينظر لليث :ههههههههه تعيش وتاكل غيرها..اجل ساندويشة حشرات مرة وحدة!
ليث يرفع كتفيه مُستنكرًا : يعني مثلاً تآمرتوا علي؟
مشعل يهز رأسه :الله اعلم انا مادري عن شيء..بس عرفت الحين انها ردت لك اياها..
ليث باصرار وهو يبتسم لضحكها الذي كان يخرج من لب قلبها ، وهو لاول مرة يراها تضحك هكذا: اعترفي يامجرمة وش حاطة لي؟؟؟
وريف تحاول استجماع انفاسها:ههههههه حطيت..لك..رمل ههههههههههههههههههه
ليث بتقرف يقف وهو يضع الكلنيكس على فمه ويمسحه ثم يتوجه الى المطبخ ويغسل فمه ، مشعل ايضًا كان يضحك ، وريف تحمل الكاميرة المثبته وتذهب بها الى المطبخ : هههههههههههههه تعيش وتاكل غيرها يازوجي العزيز..
ليث ينظر لمشعل الذي مسح فمه: اختك مو طبيعية..رمل مرة وحدة!!
وريف بابتسامة انتصار:هذا جزاء للي يحط راسه براس بنت علي..
ليث بجنون: ياجعلني فدا علي وبنته..
يمشي تجاهها:بس انا اوريك..
يحملها ليصل رأسها عند ظهره ومشعل يأخذ الكاميرة ليصورهم.. وهو يضحك ويتكلم للكاميرة: ماعمري شفت عيال مخابيل مثل هذول..ثنائي هبل..مادري ليه اهلي كانوا يبون يحطوهم براس بعض..
كانت تصرخ وهي تترجاه ان ينزلها ، حاولت بشتى الطرق ان تفعل ذلك دُون جدوى ، ضربتُه على ظهره ، قامت بعضه ، لكنه كان يتحامل على كل ذلك وهو يقول له : ترا راس ولد عبد الرحمن مو هين بعد..
وريف بتعب من وضعية حملهُ لها:ايه مو هين..بس خلاص نزلني..هههههههه والله بموت..
انزلها وهو يقول:انا اوريك يابنت علي..سبق السيف العذل..
وريف بضحكة استهتار وهي لا تعرف مكائن ليث:هاها ..وانا غاوية شقا..سوي اللي تبيه..
ليث يبتسم:من جدك مفطرتني رمل؟ يرضاها الله؟وقلبك؟؟
وريف تقوم بترتيب قميصها الذي ارتفع ثم تحمل له ساندويشة جديدة:هذا فطورك..بس كنت ابمقلبك..سامحني بس تستاهلها وربي ههههههههههههههههه
ليث يجلس مرة اخرى وتجلس هي امامه لاستكمال الفطور ، مشعل يجلس وهو يقول:شأسوي بالكاميرة..
وريف بابتسامة:خلاص وقفها..الحمدلله اني سجلت الموقف..عشان اتشمت عليه بعدين..ههههههههههه يا ان شكلك تحفة وانت تاكل رمل..يالله المرة الجاية طين ان شاء الله..
ليث يرفع يده بتهديد :ترا مو حـادني اجيب لك ثعابين في اكلك المرة الجاية..
وريف تعقد حاجبها بتقزز وهي تنتفض:وييه اعوذ بالله..كان اموت..
ليث باندفاع لم يتجاوزه:بسم الله عليك..
احمرت خجلاً وهي تقضم قضمه من الخبز..وعيناهُ تغازلان عيناها ، وتهديد لذيذ يتوعدها منه ، وهي كانت مستمتعة بهذه اللحَظة التي عاشتها بحذافيرها معه ، .والله ياليث لو كان الحُب جيشًا لما انتهى ، ليتَ البداياتُ تبقى بدايات دائمًا ، وَأنت أكثرُهم ثباتًا في صدري ، أشعُر باني أريد ان احتفظ بكل حرف نطقُ هنا لنا ، بكل ذكرى قُمنا بها ، هذهِ الاوقات الجميلة تحتاج فقط الى زر اعادة تشغيل ، لنستمتع بها ، ونرى رُدود افعالنا ، أُريدك أكثر من أي شيءٍ مضى ، وأحبّكُ فوق الحب اضعافًا ، ولو مزقت الحُب في صدري ، لرأيت ان الحب ليس ذاك الذي في يسار صدري ، هو روحي ودمي ، وكل ماحولي ، وانتَ العالم وفيكَ انطوى ، ولستُ انكرُ شيئًا الا كرهك ، ولست اثبُت شيئًا الا حبك ، يالذيذ الحُب ..يارفيقَ الدرب ، ياتراتيل الهَوى!.





،
فَتحتْ رسائل بريدها الالكتُرونِي ، على رسالة قديمة أتتَها من صديقَة عُمرها فِي عام 2009 مِ ، مُعبقة بالحبُ والحنينْ ، متوجَة بكل تعابير الصداقة ، هنا كانت آخر رسالَة لكِ يـا صديقَة العُمر ، آخر رسالة كانت لك في الساعة 1:33:26 . ومِن بعدها لم اسمع عنكِ سوى لا شيءْ ، فِي تلك اللحظة شعَرتُ بأن كلماتِك الصادقـَة تُودّعنِـي ، شراييني وأردتِي كانت تضخ الدم اضعافا مع كل حرفٍ كنتُ أتخيلهُ يخرجُ من شفتيك ، كُنت أعلم بأنكِ كُنتِ تبكين في كتابتها ، وكُنت أبكِي في قرائتها ، لقد فصلت بيننَا الظروف والقارات والمساحاتْ ، ولم يبقَى لنا سوى اللحظة الخرافية التي نعيشها ، كنتُ صحراء قاحلة فنثرتِي علي أمطارك لتزرعنِي بساتِين ونخيلْ ، ورميتِ عليَّ من عطرِ روحُك ليصخب الجميع التفاتتة حُلوةً لي ، كرهتُ هذا اليوم الذي يعيد نفسه ، انهُ يوم الخامس من ابريل الذي كتبت فيهِ هذهِ الرسالة ، وهذا هو يومِـي الآن أقرأها ويكأنِي للتوِّ قرأتها ، تفاصيلي ترتجف وانا انتظر المتصفح يُظهر لِـي رسالتك ، تهتز عيناي وتغرقُ بالدموع وانا أقرأ ردّي لكَ بعد عدة دقائق من قرائتِي لرسالتك ، كنت انتظر ردًا على ردّي فلم يأتنِي الردْ منذُ 2009 حتى اليومْ ، ليتَ الدُنيا اللئيمة تُمحي آثار هذهِ اللحظات السقيمة ، التي تُعلقنا في واقعٍ مرهقْ ، هُناكَ يا صديقتِي ما يَشطُرنِي الى نصفيَن ويمحِيني ليعَجنُنِي كورقَةٍ عفنة ثُم يرمِيني .
أغلقت حاسوبها المحمول ثم نزلت للأسفل وهي ترى متعب قد عاد للعمل قبل اخيه فيصل ، ابتسمت وهي تنظر له : وين فيـصل ؟
متعب يستلقي على الاريكة بتعب : لسة مع ابوي ..
هديل تتربع بجواره : وبالله ليه جاك اعفاء وفيصل لا ..؟ ولا انت ناوي من كيفك تطلع ؟ولا شغل السفارة صار مسخرة؟
متعب يرمي عليها المخدة : وجع ان شاء الله وش ذا الصوت ؟ ..ترا مايفصل بيني وبينك الا كم شبر ..
هديل تضحك وتتخلى عن كلّ ذرة انوثة في هذهِ الضحكة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه حليلك يامتعب وانت تتحلطم قسم بالله تضحك اللي مايضحك...
متعب وعينَاهُ تضحكان لها : الله يعين زوجك على ذا الضحكة ..
هديل تحتضن نفسها بحب : الا يا حظه بس..
متعب : ايه ياحظه ...الوكاد انه بيظن تيس اللي يضحك ماهو مرته...
هديل تفتح عينيها بصدمة غاضبة : بالله ؟
متعب ينفجر ضحك على شكلها : هههههههههههههههههههههههههههههه يا ان على وجهك تعابير !!
هديل بحلطمة : ولا انت مانت بعاقل ماتدري ان زوجتك الدلخة وجهها خرايط ..
متعب يبتسم حتى تبين اسنَانه العلوية : خلها تجـي بالاول ...عساني ملح لخرايط وجهها..
تبتسم والدته التي تجلس قائلة : والله محد منعك ياولد ابيك قلنا لك ذيك السنين تبي نخطب لك عييت...هالحين نعرس اخيك اولى وانت تصبر لين مايطيح الحب اللي براسك..
متعب بابتسامة يسند رأسه على يده الموضوعة خلف رأسه : ويـنه جدي نايم ولا ؟
ابتسمت لهُ والدته : بلى موجود بس في غرفته .. روحوا له عشان ياكل عطيته فطوره اول ماجيت من المدرسة بس مارضى ياكل..
هديل بحنين : انا بقوم له جعلني فداه...
متعب : روحي جهزي الاكل وبعدين تعالي انا رايح اشوفَه بعدْ...
هزت رأسها بموافقة ، نظر الى رسالة استوطنت هاتفهُ المحمول التي تُخبره " دكتور وليد الحويان بلغنا بموضوع ولد عمنا ..وكل الرجال اللي اتفق معهم وافقوا عداك..لاتفشلني فيك وارفع راسي ..ولد المالك يستاهل وعمه علي يحتاج من يسانده..وانت واخوك ابداهم.. "
تنهد وهو يغلق هاتفه ويتوجه ناحية غُرفة جدّه الذي كان يُرتل كتاب الله بصوتِه المُكهل ، اتعلمُ ياجدّي هذهِ التراتيل هي ما تجعل قلبي يخرُّ لله ساجدًا ، ومن صوتِك الحانِي تَزورنِي هذهِ النغمات كل ليلة لتذكرني بالله ، وما بين يدي التي ارفعها لله دعوة تخصك وحدك ، بأن يطُيل عمرك ويبقيك لنا ، توجه وقبل رأسه وهو يجلس امامه ويقول : عسى الله ما يحرمني من ذا الصوت..
جدّه يصد عنه ويقول : اقمط عني اقول ياولد ...والله ان ما يرضى قلبي عليك بسبب افعالك...
متعب يبتسم لجده ويقبل رأسه : أفأ ياجد وش اللي سويته واغضبك مني...؟
جده بغضب : ليه رافض تمد يد العون لولد عبد الرحمن المالك؟ ماكلموك عيال السفارة تكون معهم..ابوك اليوم سمعته يتحلطم عليك ...فيصل دخل بس انت منت بعلى خبري!
متعب يعود ليقبل رأسه : علي الله ان ما رفضت بس كنت متردد من الفكرة...انا خايف يكون كل شيء على الفاضي..يعني دكتور وليد لما كلمنا عن سالفته حسيت ان ممكن شغلنا يكون على الفاضي..احتمال كبير يطلع ميت ومنهد حيله
جده برفض : انقلع لا ارفسك قال انهد حيله...لو انت رجال ززي الناس كان فزيت وقلت لولد الحويان تم ماهو جالس هنا لين مايجيك الفرج..
ابتسم له متعب : خلاص يايبـه غلطنا ومنك السماح...داخل ان شاء الله مع موضوع السفارة..بس انت هد اعصابك وقل لي ليه ماكليت ؟
جده برفض : ماني مشتهي آكل...وينها هديل؟
تَدخُل على ذِكر اسمها حاملة صينية الفطور له قائلة : كاني يبـه جيتك...جعلني فدا رجلينك ..
جددها يفتح لها لتجلس بجواره ويحتضنها ، كان سيقبل رأسها لكنها برفض : اعوذ بالله والله ماتسويها يبه..انا اللي احب راسك جعل راسك فوق روسنا كلنا ..
ابتسم جدها وهو يقول : ليه متعبة حالك يابنتي...مالي نفس اكل
هديل تعطيه الشاي بنفسها قائلة : والله انك بتاكل يايبه وبتشرب...وانا حلفت وماترد حلف بنتك..
يقبل رأسها رغمًا عنها بحب : لا والله مانرد حلف بنت الرجاجيل..ناكل ونشرب
ابتسمت له وهو بدأ يأكل وهي تطعمه ايضًا بنفسه ، ومتعب يساعدها ايضًا ..بين الهُدوء الذي استوطن تلك اللحظة تأتيه رسالة من اخيه فيصل قائلاً " ابوي شاب عليك..وش ردك معانا ولالا ؟"
تنهد وهو يقول هذهِ المرة بلا تردد " قله تم .."
واغلقه ، خرج متوجهًا الى غرفته وهو يشعر بأن كل شيء يضيق عليه في حياته ، ليس بسبب موضوع ابن المالك، ولكن يخشى ان يكون كل شيء برمته خاطئًا ويطيح كل شيء على عاتفه ويصيب قبيلته بالخذلان بسبب فشله!.

،

كل شيء اصبح مُختلفًا بعد كلامك الجارح لي قبل يومين ، الصمت هو مايدور بيني وبينك كـ كورة نتقاذفها فيما بيننا ..، الجرح القاسي الذي غرزتهُ في صدري كان مأدبة القدر لي ، كنت اعد الساعات كي انسى ..ولكني نسيتُ ان انسى..ونسيتُ النسيان ، ليتني مثلك..اعيش بالبروزولام..بمجرد ان ابتلع حبة صغيرة ادخل في سائغِ نومٍ عميق ، ولا اهتم بما حولي ، وانسى الهم كما تنساه انت في نومك ، لاراقبك واحسدك على الراحة التي تحضى بها في منامك.. وانا اجلسُ يحتضنُ صدري قدماي وذقني على ركبتي اندبُ الحظ العاثر الذي جعلني اتذكر جروحك ، كم كان عميقًا ذاك الجُرح حينما وسمتني به ، واخبرتني باني لا شيء..اخبرتني باني لا اعني لك حتّى حرفًا ..اسما ..جملة ..انا لاشيء..انا استفهام!..انا فاصلة..انا نقطة وانتهَى!!.
تسمرت في مَكـانها وهي تراه يخرجُ من غرفته متوجهًا اليها ، جالسة في الحديقة وفي يدها هاتفها المحمول ، تتشاغل به ، ولكن كيفَ يُشغل قلبها؟ بعد كل هذهِ الكلمات المُضنية التي تلقتها من شخصٍ كآدم؟ هذا البروزولام يجعل الشخص قاسيًا دون ان يشعر..هُو يثكل ، ولا شيء اكثر من ذلك!عندما اتناول مفردة الجرح منك ، أي مفردة ..فأنا أحس بثقلها في يدي وفي قلبي وفي طرف لساني. اني اتذوق طعمها المركّبُ المُّر..واحاول ان افجر فيها أي مبرر؟ لكني لا ارى من ذلك شيئًا ، انا عاجَزة يا آدم منك..والله عـاجزَة ، وعندما يأتي الجُرح في قلبي ، أحاول ان افرحه ..واشعل ممكانته ..واضعه في مكانٍ يُفاجئهُ ويبهج خاطره ، لكنهُ اعمق من ان اتشاغل عنه بسهولة..اريدك أن تُفكّر في كلمة "الجُــرح!" بسهولة ..فكر ماذا تفعلهُ في النص وماذا يفعلُ النص بها؟ كيف تختل كل موازين اللغة امام هذه الكلمة المُؤذية للروح؟ انا اتوسلك للمرة الاخيرة ..ابعد عيناكَ عنيّ، فهما لن تشفعا جُرح كلماتك ..ابـدًا!
كان واقفًا بجوارها تماما ، ينظر للجهَة التي تنظر هي لها،للشمس التي تغرب على مدينة كبيرة وواسعة مثل كامبريدج ، تلك المدينة التي تكتظُ بالمقاهي والمقاعد الخشبية ورائحة القهوة،وزهور الخُزامى المبعثرة في طرقها،تلك المدينة التي تحتوي على الفِ لعنة ولعنة،وأولها هُو وهي،وآخرهَـا من عرفهُم خاطره.حظوظنا في هذه الدنيا مخيفة، لو نستطيع ان نتشري سعادتنا لكانت اموالنا اقل من ان نشتريها.ولو كانت السعادة كوب قهوة ،لكانت لسعتنا حرارتها قبل ان نستلذ بطعم الهيل فيها. !!
رفع شعرهُ للخلف وعيناهُ تلمعان بضوء الشمس ليقول:لو كنت قســيت معك فماهو بقصدي..لكني مقهور لين ماقول بس!
نظرت له نظرة فارغة من أي تعبير وهي تجلس على الكرسي الذي تحملهُ الحبال وتنظر لجمال السماء دون ان ترد ، حينما شعر بان لا رد لديها قال: صدقيني ماجيت اعتذر..بس كلامي حسيته قوي على اي بنت
هاجر بابتسامة ساخرة مُستنكرة : ترى والله مايخل بالأدب انك تقول آسف..عمره الاسف ماكان فيه ذل للرجال كثر ماهو شهامة له!
آدم بسخرية اكثر:وانا ماجيت اثبت لك اني شهم..الحمدلله شهادة الناس من بعد الله تكفي..ياكــــلهم انتي!!
وكانت آخُر كلمة مغلفة بالسخرية من شفتي آدم لتبتلع هاجر غصتها فهي في صدد تناسي جروحه لكي يعيد اسلوبه المستفز الكريه في اثارة دموعها، اجابت بكره عميق اعترفت به روحها: اجل ليه جاي تبرر موقفك..ان كنت على قولتك ماتبي تعتذر!
آدم بهدوء يضع يديه خلف رأسه ويسنده على ظهر الكرسي: مـاسألتي بيوم وش كثر تحبين نفسك؟ لدرجة انك تبين كل انسان يعتذر منك بأقل موقف..حتى اخوك لما يتكلم بأقل كلمه تخلينه يضطر انه يعتذر وببساطة..
هاجر بسخرية: انا كذا وهذا طبعي..عجبك كان بها..وان ماعجبك ماهو شغلي ابرر لك !
آدم رفع حاجبيه مستنكرًا بنظرتهِ المُستفزة المعتادة التي تكرهها: ماهو عيب الرجال يعتذر..بس الرجال يعتذر على الشيء الصح..الشيء اللي يستحق انه يعتذر عشانه..وعلى حسب الشخص ان كان يستاهل هالاعتذار او لا..يعني انتي مو امي عشان احب رجلينك حتى ترضين..ولا انتي اخر شخص في حياتي عشان ماابرر لك موقفي..
هاجر بقهر واضح: ماشاء الله يعني ماكنت شيء مهم ..بس ماني اخر شيء في حياتك...شكرًا على تبريرك لموقفك..الله يعطيك الف عافية ياسيدنا الذوق والجميل انــت..ماقصرت والله..تبريرك مقبول ..ولا محشوم كل شيء ولا تبوس رجولنا!هذا اللي ناقص بعـــد!!
آدم لم يستطع حبس ابتسامته من اسلوبها وهو يشعر بأنهُ حتمًا استفزها ليجيبها بخبث:وعاد تخيليني ابوس رجولك؟
احمرت خجلاً وبنبرة غاضبة:لاحبيبي لارجولي ولايديني..انت خلك في مبرراتك الجميلة..
ابتسم لخجلها:البنت لما تخجل تتحول لانسان ثاني..سبحان الله!يعني من يصدق هاجر ام لسان تستحي وتحمر خدودها؟
هاجر رفعت حاجبها وبحدّة:وش شايفني قليلة حيا؟
آدم ولازالت اجاباتُه القاسية تحرق مهجتها:مـا أثبتي لي هالشيء اول ماجيت..
هاجر صمتت بقهر ولم ترد عليه،وهي تشعر بأن دموعها ستهزمها هذه المرة،لاتستطيع ان تتحمل حرفًا اخر ،لازال يمطرها باللهيب الحارق ،لازالت تحتار معه من تصرفاته، مرة يضاحكها والاخرى يهزمها بتجريحه! مازال يعطيها سمَّ لسانه..وسيأتي غدًا ويهديها مبررًا على طبقٍ من ذهب..تشاغلت في يديها تعبث بهما ،عل ذلك يخفف من وطأة المها المتعاظم في صدرها ،هو كان ينتظر اجابتها ،ان تقوم وتصرخ في وجهه وتغرقه في الشتائم لكنه التفت ناحيتها بدهشة حينما لمح صمتها واحمرار انفها كناية عن حبسها للدموع،صار يتأملها اكثر من خمس دقائق ثم يقول:وليه سكتّي؟
ابتلعت غصتها:مابي اتكلم وانجرح اكثر..وانت ببساطة تجرح يا آدم !
آدم باستنكار:انا جرحتك ولا انتي عاطفية بزيادة؟
هاجر تبتسم بين دموعها المخفية:لا الله يسلمك انا العاطفية ..مدري شفيني هالايام تصدق!صاير احس بزيادة..مدري هو العيب فيني ولا في الصنم اللي قبالي..اشك ان عندك واحد بالمية ذرة احساس..والله اشك!
اقترب منها بشكل غير طبيعي وعيناه كالسهم تُصيبان عيونها التي توقفت عن الرمش لوهلة: يومي قلت انك ضحيتي ماخطيت..بس صدقيني ارحم لك تكونين عندي ولا تبقين عند غيري..
هاجر تضع يدها على صدره لتبعده عنها:انت انسان مريض..والله مريض ومابك ذرة من العقل..اي ضحية واي خرابيط؟ انت لو تحس على نفسك كنت ارحم بكلامك..مو كل يوم تكرهني في حالي وفي الدنيا اللي انا عايشة فيها..صدقني قبل لا اعرفك كنت بخير!!
نظر لها بحدّة وهو عاقدٌ حاجبيه: كنتِ بخير ولا كنتِ في جهل وضلال؟ ماتعرفين كيف تلبسين حجابك وكيف تحشمين نفسك عن الرجال؟
هاجر بغيظ:لا تحملني عاتق التربية..انا متربية في بيئة منفتحة..اكيد هالشيء بيأثر فيني..
آدم :اذا احمدي الله اللي سلط عليك من لا يرحمك حتى تعرفي الدين صح!
هاجر بنبرة كره تستفزه:الهي لاتسلط علي من لايرحمني..والله اني بعرف الدين صح بس خله يهج عني..
ضحك ساخرًا:وهذا ابعد من احلامك..
هاجر:انت مو طايقني ولا انا طايقتك على فكرة..
آدم:انا مااكرهك..بس مااظنك تستاهلي الحب والتقدير والاحترام..
هاجر بسخرية : لا تكفى كل شيء الا حبك واحترامك..ع اساس اني ماراح انام اذا ماحبيتني..
لم يستطع حبس ابتسامته وقال وهو يغيظها: هذا اكبر مبرر يخليك ماتنامي..تفكريني ماحس فيك يعني وانتي تطالعيني وانا نايم؟ على اساس اني من الاموات الاحياء؟؟ ولا الزومبي؟؟
احمرت للمرة المليون من الخجل وبارتباك:كيف عرفت؟
آدم وتتسع ابتسامته: لاتظنين ان البروزولام يخليني اطيح بسابع نومة...صحيح يثقل نومي لكن احس..ولو!!
هاجر بسخرية وخجَلها لازال يفضحها:أيـه..تصدق كنت اتأمل الظالم وهو ينام..
واتذكر ان نوم الظالم عبادة!!
انفرط في الضحك:ههههههههههههه طلعت انا ظالم يابنت سعود!!
هاجر تقف بتعب من محادثته:مستحيل اجلس معك واقوم مرتاحة..لازم تغثني..ياالله كيف بتحمل الايام الجاية..الله يعيني عليك!! الله يعيني!
ابتسم وهو يودع طيفها الذي "يتحلطم" بسهولة عليه، ما اجَملك وانتِ تحملين ملامح الغضب حينما نستفزك.والله مااجملك!حتى قلبي المسكين يبتَسم ، لتلك الملامح المقطبة والغاضبة ، حتى لو اردت ان اقسو عليك.ذاك الذي في يسار صدري يلين، واشعر به يذوب على ذراعي،يذوي عندما يلمح عيناك،!




،
يشعر بأن كل شيء في هذهِ الدنيا يقف ضده ، ما أصعب ان يعقد هدنَة مع عدوه ، لكي يحافظ على نفسه ، من شر ما يرى .... مشى خطواته وهو يجاهد الجحيم الذي اشتعل في صدره وكاد يحرق الارض من تحته وينشب في كل مارٍ امامه ، خرج بعد تسلمه لجواز سفره وبطاقاته الشخصية ثم خرج من بوابة المطار ليواجه ألمانيَا ، وخصوصا * ميونخ * الذي لا تبخل عليه باطفاء جحيمه ، فبردها القارس انساه الجحيم الذي سيشتعل بعد دقائق ، الثلُوج تغطِي الجبال ، ويراها منحنية كأنها هُو حينما انحنى ظهره بفقدِ ابيه ، ما أصعب فراق السند الذي كنُت تستند عليه ، تظن نفسك بنيانًا شاهقًا فتنهار بعظمتكِ تحت قصفْ البُغت الذي تواجهه ، ركب سيارة تـاكسي وتوجه الى الفُندق الذي حجزه في شارع مارين بلانز ، وهو شارع من اكبر شوارع ميونخ التي تستضيف السياح طوال العام ، نزل من سيارة التاكسي وهو يعطي السائق مبلغ لا يعرفه من شدة شروده ، وهمّ الى ان يصعـد الى غرفته ، غرفة 43 ، في الطابق الثالث ، تطل على ميونخ بأكملها .. على جبالها وشوارعها ، حدائقها الشاهقة ومتاحفها البارزة ، يتشعب من نافذة غرفتِه ثغور ، تتكلم عن شعوب وحضارات ، اسست اجيالا ودرستها في ميادين الحياة .
لم يفرغ حقيبته ، استحم وهو يرتدي سروال بيجامته دون الجزء العلوي من البيجامة ، وجلس على اريكة مخملية مطرزة ، وامامها طاولة يوجدَ بها عدة كتب كلها كانت باللغة الالمانية عدا كتاب مُترجم للغة الانجليزية ، وكان اسمه " الحب بعد الحرب " ، يتحدث عن علاقات الحب التي نشأت بعد الحرب الفرنسية ومن اهم ما أعجبه هي تلك العبارات الساخرة الموجودة في الكتاب . " شُكرًا هتلر ، لقد كنت السبب الاول في ان تخضع هذه القلوب القاسية لمصيرها المحتُوم ، وتباركهم ملائكة الحب بأجنحتها ، لتحملهم بها الى مُدن الضباب ويموتون سعداء في الحرب ، بعد أن يشربُوا نخب الوطن "
ابتسم بلا وعي وهو يقتبس هذه العبارة في دماغه ، ثم تغريه عبارة اخرى يتأرجح فيها الكاتب بكل عناوين الحب " العينان هُما القالب الاساسي للحب ، كلما انفرطت تلك اللمعة الهاوية من العين كان مجال عشاقها اكثر ، وهذا ما رأيتهُ فيكِ حبيبتي " ، ابتسم مرة أخرى على هذه العبارة ، ثم أكمل يقرأ المآسي التي حصلت ، اندمج فيها متناسيًا ان هنالك يومًا شاقًـا يُلاحقهُ غد ، وتشهُد فيهِ روحه المرهقة بكل موقف سيمر ، سيحتاجه ، سيحتفظ به ، الأدب حينما يشدنَا نتناسى المسافات التي بين الشعوب والحضارات والامم ، حينما يكون مبدأ الحب مستقيمًا ولا نعرفه ، نسخر من كل عبارة نظن فيها بأن كل حرف قرآناه هو خيال وهمي لا يجيد وصفه الكاتب الا بالمثالية ،* ياسر* لم يقتنع بأفكار الكاتب في الحب ، لكن زلزال حرفي اقتلع كل احشاءه وهو يمُهد للفن الادبي في سذاجة الاحرف في هذا الكتاب طريقها الى عقله ، ولم ينتبه بأنه نام بطريقة مزعجة ، الكتاب على عينيه ورجله اليسرى على الارض واليمنى على الاريكة ... وهذا كل شيءٍ لهذهِ الليلة !


،


الرياض. 8:30:00 مَ.

في سيارة راكان ، تجلسُ بضيق،وهي تترقب اللحظة التي ستصل فيها لمنزل والدتها،الحمدلله انهُ احس بها قليلاً ورفق ، ! والله لا اعرف اصلاً ياراكان ان كان هذا سببا في شفقتك علي ،أو تجاهلاً لك مني وارادَة منك للتخلص مني. أريد ان يصل لك صوت قلبي المذبوح..الذي يهمس ويقول لك " راكان حبيبي..الثقة في الحُب،لاتخلق مرّتين!" .انت الذي اعطيتني قلادة الحب الاولى ولبستها كالجيد على نحري ، وتباهيتُ بها امام من فقدوا لذة الحب ، وصرت ارنو بين الاعين كفاتنَة لك،لتتوجني اليوم بتأج التجاهل والقساوة؟ صحيح اشعر بتأنيب الضمير معك بسبب سلاطة لساني ،وتهديدي لك..واشعر بعظم خطأي وفداحتي ، وارسلتُ لك اعتذاري هذا الصباح وانا اقبل جبينك واعتذر،لكنك تجاهلتَ كل هذا وانت تمضي الى دورة المياه دون ان تتكلم او تنبس ببنت شفة ، لست نادمة على اعتذاري،لكني نادمة على تصرفاتي الصبيانية معك ،كان الموقف بيدي..كان من شأني ان اربح هذه المعمعة الزوجية،لكني غبائي هو من اودى بي ، همست لك "سامحني حبيبي" . لكن عيناك لم تسامحانني ،عيناك وبختني بقوة..هناك حشرجة عميقة تستوطن حنجرتي،تقحل كبير في ذاكرتي،انكماشة خوف في بشرتي،تجاعيد شرايين في قلبي،صمتٌ امرأة ستنفجر في روحي، و ...
: وصلــنا..!
كان صوتك قد قاطع حبل افكاري،واني نسيت..بأني معك،لاني كنت اخاطب روحي وروحي هي روحك ، بصمتٍ جسيم ، طال لثوانٍ قلت: مانتبهت..
راكان ببرود :خذي لي طريق..بنزل اسلم على زوجة عمي..
هزت رأسها وهي تنزل من السيارة وراكان خلفها يقف عند الباب،واول مادخلت كان فهد في استقبالها لتقول:فهوود حبيبي قول لامك تصعد فوق ..راكان بيدخل يسلم..
فهد بابتسامة:خليه يدخل..امي نايمة ترتاح..
فتحت له الباب ودخل وهو يصافح فهد:كيف يارجال؟
فهد بابتسامة:بخير من بعدك.. ليكون ابثرت السوم بسماجتك؟ او هي ابثرتك بسماجتها؟ معروفين انت وهي سبحان الله تذكروني بتاز المشاكس..
راكان يخفي ضحكته:والله انك فاضي تتريق!
فهد " يطقطق عليه" : أي والله فاضي..عندك شغل؟
راكان:يالليل البثارة ..
يضحك فهد:ههههههههههههه الورع صاير ماينطاق عسى ماشر؟
ابتسم راكان الذي جلس بالمجلس مع فهد وهو يرى اسماء تغادرهم: ابد والله بس كاره حالي هاليومين ..مدري شفيني..
فهد يجلس بجواره ويغمز له:ابد الله يسلمك ان كان مضايقك شيء فقول..
والله ان اضبطك!
راكان "بتريقة" : ايه افا عليك..نخلي العالم كله عشان تضبطنا حضرتك..!
فهد بابتسامة لا تشُبه الا روحه الفتية: الله يسلمك كلنا في الهوا سوا..ياخي انا في هالقبيلة في انسان حيوان قاهرني!
راكان يرفع حاجبه:والله ماعرفنا لك..هو انسان ولا حيوان؟
فهد بضحكة:هههههههههههههههه اللي يحبه قلبك..
راكان : أي ومن هو؟
فهد:وش يخصك؟ انت ماتبا تقول انا مابي ااقول..*وفجأة خرج عن اطار الموضوع بروحه المرحة التي داعبت روح راكان ليقول* ياخي الخلفاء العباسيين اسمائهم حلوة مدري ليه..الاستاذ اليوم عاطينا اسمائهم وانا ظليت اتأمل..المعتصم بالله..الواثق بالله..المتوكل على الله..ظليت اتأمل لو انا امي سمتني مثل هالاسامي وش انسب لي!
راكان بانتفاضة يقول:ههههههههههههه انت واحد من الاثنين ..اما العياذ بالله او الشكوى لله..
فهد باستنكار مرح:انا العياذ بالله يا حسبي الله؟
يضحك راكان عليهِ ، وهو ينتظر قدوم ام ليث.!


تدخلُ على والدتها التي كانت تعدّ القهوة لانها كانت تعلم بزيارة راكان لهم ، توجهت لتحتضن والدتها بهدوء حزين اضنى روحها ،فكانت اقل مرحًا لكنها اكثر شوقًا وهي تهمس في ربيع ذاتها، كل شيء بامكانه ان يتبدل ياامي..الا حضنك لا يتبدل، كل شيء ، حتى رااكان، الرجل الذي اسميتهُ ربيع العُمر،ليصبح اقسى من ان يكون ربيعَا ، دعيني اشتم هذه الرائحة الدافئة منكِ ، دعي كفوفك الحانية تمر على خدي الذي جرحتهُ الدموع ،التي سببها لي راكان، في ليلةٍ وضحاها : يمه اشتقت لك ..والله اشتــــقت لك..احس اني غايبة عنكم دهر والله!
ام ليث بابتسامة تقبل خدها:وانا بعد ياقلبي اشتقت لك..وش فيك ياروحي نحفانة؟؟؟ ترا ام راكان قالت لي انك ماتاكلين زين! هذي وصاتي فيك ؟
اسماء تفتح "الشيلة" عن رأسها وتمسح شعرها للوراء: فترة وبتمر يايمة..لاتحاتين..
ام ليث تتقدم ناحيتها:ليكون حامل وانا امك..والله وجهك اصفر..ونحفانة..
اسماء بانتفاضة يرتجف جسدها لتقول بخجل:لا يممه وين احمل ..تو الناس علي!
ام ليث تنظر لها عدة دقائق ثم تقول:طيب حالك ماهو عاجبني..لاشكلك ولا نفسيتك اللي عاهدتنها..بالعادة يومك تشوفين امك تزعجينها بسواليفك اللي ماتنمل..وش الطاري وانا امك..راكان ضرك بشيء؟
ابتلعت غصتها وهي تهز رأسها:لا يمه مافيه شيء..بس انا اللي كارهة حالي..
ام ليث تمسح على شعرها:اعوذ بالله وش تكرهين ححالك ماتركهينها؟ ..هذي وساوس شيطانية يمه ابعديها عنك وبتكوني بخير.. راكان وينه بالمجلس؟
اسماء تهز رأسها:ايه..
ام ليث : جيبي القهوة وراي بروح اسلم عليه..
هزت رأسها وهي تأخذ الحلى والقهوة مع والدتها التي توجهت ناحية المجلس لتدخل وتسلم على راكان الذي كان يضحك مع فهد وتجلس امامه على الاريكة، اسماء تدخل وهي تضع القهوة على الطاولة بعدما نزعت عبائتها،وكانت مرتدية قميص زهري مع بنطال جينز ، وتجلس بهدوء بجواره وهي تسكب له القهوة وتقدمها له:سم..
نظر لعينيها بصمتٍ بارد : سم الله عدوك..
واحتسَى قهوته ، الذي يعشقهُا مرة ، امام صمته وعينيه الخاضعتان للموقف يهمس صوت ام ليث:كيفك راكان عساك طيب؟
ابتسم لها :الحمدلله كل اموري بخير..انتي طمنينا عنك وكيف الاهل؟
ام ليث:الحمدلله..وكيف بنتنــا معكم؟
صمت راكان عدة ثوانِ ، وهو ينظر لجسد اسماء الذي ارتجف ،وعيناها المشتتان ، وانتظارها لاجابته التي سوف تفتحضها الآن وربما تنحرها عن كثب ليهمس:الحمدلله..ولو انها شوي تتدلع هاليومين!
ام ليث تبتسم : افا عسى ان ماعليها عتب بس؟
راكان بابتسامة تطمأنها:لا ماعليك..بس دلــع بنات!
ترفع رأسها وهي تشعر بأن الحرارة تتبخر منها وتنتفض،لو كان ردك بكل شيءٍ دار بيننا،لعاقبتني امي اشدُ العقاب،فهي تخشى ان يصيبك مني شيئًا اكثر مما يصيبني منك شيء،هي تخشى ذلك وتحسبهُ اعظم ، تبتسم لفهد الذي كان متشاغلا بالهاتف وفي يده فنجوان قهوته:فهيد هاليومين صاير تقهوى..عسى طابت معك علوم الرجاجيل؟
فهد يبتسم بغرور: رجال من قبل لاشوفك..
ام ليث بابتسامة:عساك ذاكرت يافهيد..امك وصتني انبهك تذاكر عليك رياضيات بكرة..
فهد "بوهقة" : ياهوو يام ليث عسا راسك سالم اعفيني والله مايمدي هالعقل يدخله شيء.. بعدين اذاكر ولا يهمك..
اسماء تضحك:ههههههههه دم ضروسك حد يقولك ذاكر..
فهد:خليها على الله امي وامك مستلميني..
اسماء "تعطيه من الكلام اللي يبيه" : ادري فيهم ياحبيبي استوحدوا فيك واستوحشوك من يوم رحت عنك..
فهد بابتسامة لراكان: شفت يالورع محد هواه على هواي الا زوجتـك ..بس الظالم خذاها !
احمرت تفاصيل اسماء ليجيب راكان: احسن انقع بهواك اللي استوحشوك به..ويلا فز قم ذاكر ..
ابتسم فهد:تم ..اذا بتجيب السوم لنا كل يوم تم..
ابتسم راكان لينظر الى اسماء التي تقطع له من الحلى لكنه وقف : يلا انا ماشي..مضطر عندي شغل..
ام ليث:وين يامك وانت ماكليت من الحلى..
راكان يقبل رأسها:ماعليه مرة ثانية..فمان الله..
*التفت لاسماء*: الساعة 11 بمرك..كوني جاهزة..
هزت رأسها واكملت تقطيع الحلى لتأخذ قطعة تذوب في فمها ، .بينما طيف راكان يغادر المكان ، وهي تستمتع بعطم الحلوى بشكل عجيب ، روحها المرة كانت محتاجَة الى مايخدش كأس المر الذي احتستهُ من راكان ، بينما نظرات والدتها اربكتها بشكل غير طبيعي حتى تحمحمت بحرج ، ثم نطقت والدتها: قولي شفيه راكان مضيق حاله؟ وجهه مو عـاجبني ولا عاجبني حالك.. انا مابي اتدخل بينك وبين زوجك يامك..بس حاذري تفشليني انا ممكن اسامح غلط راكان عليك..بس انك تغلطين عليه غلط قوي هذي مايتقبلها وجهي لان راكان اجودي وماهو حق ضرب وهـزل
اسماء تحك رأسها: يمه مافيه شيء ..ليه مو مصدقني..
تهز ام ليث رأسها بأسف: انا قارصني قلبك بانك قايلة كم كلمة في وجه راكان..بنتي واعرفك لاخرتيها خرتـيها..
اسماء بعجز من اصرار والدتها:وش تبيني اقولك يايمه..انا غلطت مع راكان بس هو بعد زودها معي..
ام ليث لا تُحب ان تحكم من بداية الموضوع الا انها قالت:وش سوى لك ؟ ضربك اوجعك ؟
هزت رأسها بـ " لا " وهي تقول: مدري يمه بس راكان تغير فجأة ..يعني كل مرة لا دخل علي يبتسم..يسأل عن حالي..يحسسني اني شخص مهم عنده..الحين والله حتى كلمة بخير مايقولها لي!!
ام ليث: طيب وبعدين؟
اسماء تعبث في اصابع يدها بربكة وهي تخفض نظرها بتردد:ويعـني..يومني تضايقت..جى يسألني وش بي..بس مارضيت..ويومه اصر..طلعت مني كم كلمة مو حلوة..
ام ليث وملامحها تسُودها بعض تعاليم الغضب:كيف يعني كم كلمة مو حلوة؟؟
اسماء تحك رأسها وبارتبَاك : هددته بعمي علي..قلت له اني ماني مقطوعة..بس..
ام ليث بغضب: الله يعقلك من بنية انا حاسني قلبي انك بتفشليني في الرجال..
اسماء بعجز ودُموع طفيفة تنهمر من عيونها التي تنظر لتفاصيل وجه والدتها الحاني يغضب: يممه والله ماكان قصدي..كان اسلوبه معي ابدا مو عدل.. والله العظيم قهرني قهرني..
ام ليث تتوجه ناحيتها وتجلس بجوارها:حتى لو كان قاهرك..البنت السنعة تعرف تكسب زوجها وتخلي كل شيء من صالحها..انا ماقولك خلي راكان يكسرك..بس لا تحسسيه بعجزه وتهدديه..هذا اكره شيء على الرجال..وانا دارية براكان انه مقهور منك لاني اعرف نظرته لك يوم تدخلين ويوم تطلعين.. وتستاهلي لو راكان ظل دهره كله مايكلمك..
صوت شهقات اسماء هو مايرد على ام ليث لتقول لها والدتها: انا يايمه ابوك ماتعرف قد ايش كان بتعامله قاسي معي الله يرحمه..حتى على اخيك ليث كان يقسى..بس عرفت كيف الين قلبه..واكسبه..وماجيتوا على الدنيا الا وهو احن مني عليكم.. لاني سايسته وشاف اخلاقي وتغيرت نظرته للحياة ولكل شيء..وساندته بكل ضيقه تمر عليه.. وسمعت له ..وحنيت عليه..
اسماء تمسح دموع على ذكرى والدها لتهمس بعجزٍ:بس يمه راكان تغير ..فجأة تغــير!!
ام ليث تحتضنها:طبيعي يايمه الرجال يتغير..مستحيل يظل طول عمره يدلع يدلل من غير لا يمر بظروف تغير من حاله..بس المرة العدلة هي اللي ترجع زوجها لحالته الاولى.. عنبوك ماقريتي عن نبيك وكيف كان يتعامل مع زوجته؟ مافهمتي ان للعشرة اداب...ولا كل كلمة المرة تقعد تحط لسانها بلسان زوجها..
اسماء واحمرار انفها واضح ، وبحّة صوت حزينة استعمرتها : انا يايمه ندمت يومني قلت له هالكلام..واعتذرت منه اليوم الصباح..بس ماعبرني ولا كاني اعتذرت..
ام ليث تبتسم: انتي يبي لك قرصة من راكان وتستاهليها..ومالومه لو يسوي فيك شـنو مايسوي.. بس يابنتي لا رجعتي بيتك البسي له..كلميه..حتى لو مارضى يكلمك كوني صبورة واضحكي وضاحكيه..صدقيني قلبه بيلين..
هزت رأسها بطاعة وببراءة تفكيرها : واذا ماكلمني..!
ام ليث تضحك : هههههه يشوف كل هالدلال والدلع من بنت ام ليث ومايتخرفن..والله انه ماهو بآدمي وانا امك..!
تسربت الحمرة الى جسدها لتصبح كقنديل احمر يكاد ينفجر من حرارة جسدها.. وابتسمت لوالدتها التي وقفت:روحي صحي شوق فوق..وكلميها عن مسفر..
اسماء:صحيح ما ردت عليكم ؟
ام ليث بخيبة امل: اختك خايبة رجاء..من خالد ال مالك عافت كل الرجال.. مسفر والله ان يستاهلها..وهي تستاهله.. وانا مابي اضيعه هالرجال ينشرا ..ومايعوفه الا اللي ماله بصر!
اسماء بابتسامة:ماعليك منها..تتدلع..انا اكلمها واحشي راسها..
ام ليث ترد لها الابتسامة: الله يهديها على يدك..
ابتسمت لوالدتها ووقفت الى الداخل ، لتصعد الى الاعلى لغرفة شوق التي كانت تغط في نوم عميق ، وما ان دخلت حتى بدأت بازعاجها واضحاكها بشكل متواصل..!!


،


مُيونخ .
4:00:03ص.
يستيقظ امام نافذتهِ وهو يراقب الشروق ، على سجادتهِ بعدَما توضأ ، وقلبهُ يرتّل (وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا) ، ويهوِي قلبهُ في التسبِـيح ، وقراءة اذكـار الصباح امام شروق الشمس ، يصلي فجره بعدَما سمع منبه الاذان من هاتفهِ المحمول ، كون المدينة لا يوجد بها مؤذنين ، ينتهِي من صلاته ، وهو يفتح ملف ابناء سلمان الهامي ، ثم يرفع هاتفه ليتصل على بعض العملاء في السفارة السعودية : السلام عليكم..
: وعليكم السلام..سم طال عمرك..
ياسر يتنفس وهو يقلب اوراق في يديه: لو طلبتك تحدد لي آخر رحلة لنـاصر آل مساعد..تقدر تطلعها؟
: اكيد..موجودة بالكمبيوتر..بس عطني خمس دقايق واطلعها..
ياسر:طيب..
بعَد خمس دقائق يرد عليه الموظف: آخر رحلة طيران له كانت قبل يومين واصل لميونخ..
ياسر يعقد حاجبيه:ميونخ؟ماكان بباريس؟
الموظف: قبل ثلاث سنوات كان موجود بباريس..بس حاليًا لا..اخر رحلة له بميونخ..
ياسر : وفي احد معه؟ مو شرط بنفس المقاعد..يعني مثلاً بنفس الطائرة..احد من عيال الهامي؟
الموظف يبحث: لا..مافيه..موجودة عائلات سعودية..بس مو موجود احد من الهامي..
ياسر: ابي اعطيك اسمين..اذا تقدر تحدد اخر معاملة حكومية لهم..مهاب سلمان الهامي..مهره سلمان الهامي..
الموظف: هذول عيال سلمان بن خالد؟
ياسر: ايه..
الموظف: ماقدر اوعدك اني اقدر احصل..لان معلوماتهم مفقودة من سنين.. فاذا تقدر تعطيني مهلة يومين اطلعهم..
ياسر: ضروري تطلعهم..لان انا في شغل وهذي قضية من صالحي..
الموظف:اخر معاملة لهم قبل سنتين ونص..شفناها بسجل الماني..
ياسر:الموقع ؟
الموظف:بميونخ نفس الشيء..كان بمستشفى حكومي الماني..مستشفى ميونخ العام كانك تعرفه!
ياسر:ايه عرفته.. طيب الله يعطيك العافية..ضروي حاول توصل لاخر مكان انشافوا فيه..
الموظف: في ناس من السفارة ايضا يتابعوا قضيتهم.. بس للحين ماحصلوهم..هالايام الخطف المجهول صاير بشكل غير طبيعي للمبتعثين..
ياسر:الله يجيرنا من بغي اهل الجور..خلاص أي معلومة تحسها تفيدني ارسلها على بريدي.. فمان الله..
الموظف:فمان الله..
اغلق الخط وبتعب شديد ارتدى معطفه وهو يخرج ، ولازالت صورة مهاب موجودة في جيبه بعدما قام بطباعتها يوم امس.. لم تكن هذه اول مرة ترسله السفارة للبحث عن مبتعثين مع دعم ، ولكن هذه المرة كان اعتماده على نفسه ، الاعلام الاجنبي يغطي كثيرا على الجرائـم التي تخص المسلمين خصوصا ، وهذا مايُغضبه ، ويكرهه في القضايا التي يستلمها ، او قضية شعر بالخذلان منها هي قضية ابن قبيلته..ليث المالك ، حينما بدأ يبحث عنه قبل خمس سنوات مع راكان المالك ولم يصل الى نتيجة..حتى اخر مكان وجد فيه لم يستطع الوصول اليه..سوى موقع هروبه من المستشفى في ليلة اختفاءه ، الذي يبرر خروج الجميع للبحث عنه هو انه لم تخرج له شهادة وفاة ..فهذا دليل قاطع على ان ليث لم تخلف له جثة تُكتشف ، لكن المحير، لا يوجد له معاملات باسمه منذ 10 سنوات مضت. لامعاملات سفر ولا دفع ولا سحب ، ولا معاملات حكومية ولا غيرها..كل شيءٍ كان مجهُولا في قضية ابن المالك..محيرًا انت يابن عبد الرحمن..
توجه الى مستشفى ميونخ العام .. وهو يحاول فقط ان يصل الى معاملات في عام 2010 م. ليصل لابناء الهامي!




[COLOR="rgb(139, 0, 0)"]انتهَــى .
انتظروني بـ البارت القادم :$ وفيه احداث ماتتصورها ، مشوقة بشكل !
وجد مبسوطة باني وصلت لهذا الوقت معكم..بديت تقريبا قبل 10 شهور ولازلت مستمتعة..وبرمضان باذن الله راح اكمل سنة..ياالله على المتابعات اللي وقفوا معي من بداية الرواية الى الان..من جد مبسوطة فيهم وسعيدة :$ .[/COLOR]





 
 

 

عرض البوم صور غَيدْ   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
بقلمِي, سأشير, سُئلت, عيناك, هويتي, ولَئن
facebook




جديد مواضيع قسم ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 10:07 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية