كاتب الموضوع :
Rehana
المنتدى :
روايات عبير المكتوبة
رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
تمنت براندي في قرارة نفسها التراجع عن رفضها , أرادت أن تقول نعم لجيم هذه المرة , لكن الكلمات تجمدت في حلقها , أنها تدرك مدى عنادها وقوة رفضها في الماضي , أكتفت بالنظر خارج شباك السيارة وهي تكاد تتحرق غيظا من طبيعتها المكابرة.
تركها جيم وشأنها متفاديا أنتزاع أي جواب منها , وخفف سرعة السيارة ثم أنعطف نحو طريق جانبي وأوقف المحرك , تطاير الشرر من عينيها ولا ترى مبررا لأيقاف السيارة في هذا المكان المعزول , وصاحت:
" لماذا توقفنا هنا؟".
فتح الباب وترجل يتحداها قائلا:
" أنه مكان هادىء ملائم للسير على الأقدام".
تلعثمت براندي وهي تحاول فك لغز هذه المفاجأة:
" ولكن ... أهلي يتوقعون عودتي الآن, علي أعداد طعام العشاء في هذا الوقت".
أجابها بتهكمه المعهود:
" لم أقترح قضاء الليل بكامله هنا , بل التنزه قليلا , أنك أمرأة ناضجة الآن ... لا أعتقد أن والديك سيقلقان عليك أذا ما تأخرت ساعتين على الوصول , أما بالنسبة الى طعام العشاء فثقي تماما أن والدتك ستدبر الأمر بدون مشقة".
لم تجد براندي فائدة من مجادلته , أستسلمت للأمر الواقع وترجلت من السيارة , أنتظرها لتنضم اليه , ثم أنطلقا سيرا على الأقدام.
كانت رمال الصحراء لا تزال دافئة رغم أقتراب غروب الشمس , وتكررت أمامهما مناظر أشجار الصبار السامقة والأجاص البري ونباتات المريمية.
خيم الهدوء بينهما وهما يمتعان الأنظار بأزاهير الشجيرات المبرمة , ويتنشقان عبيرا عابقا تحمله أجنحة النسيم العليل , كان كل ما يحيط بهما ينبىء بأقتراب فصل الربيع وبهجته ونضارته, مشيا في تلك الغابة السحرية التي تمتد فيها أغصان الصبار كأيدي العمالقة , أو كأعمدة هيكل قديم نبتت في جدرانه الأعشاب والطحالب والأشواك الحادة.
ولأشجار الصبار نكهة عجيبة في تلك الأصقاع من ولاية أريزونا , وتتميز بقدرة غريبة على التشبث بالأرض الصحراوية رافضة الذبول أو الخضوع لعناصر الطبيعة المعادية , ويمتد عمر بعضها الى فترة تأسيس الولايات المتحدة نفسها ,وغمرت براندي أحاسيس من الرهبة والخشوع والأطمئنان وهي تفكر في هذه الشجرات الباسقة الأغصان , وتمتمت:
" أنها غابة تحفظ ذاكرة الأجيال!".
أعادها جيم الى أرض الواقع:
" أعتقد أنك لا تشعرين بالندم الآن؟".
رمقته لحظة ثم أجابت:
" لا لست نادمة , وأنا لم أمانع منذ البداية!".
سألها مستفهما:
" لم تمانعي؟".
فأعترفت بأبتسامة رقيقة:
" مانعت قليلا".
هدرت سيارة تنطلق مسرعة على الطريق العام وكأنها تذكرهما بالمدينة وبحضارة رغبا في الهروب منها , وعز على براندي أن تصحو من أستسلامها لجمال الطبيعة...
أمسك جيم بيدها مقترحا عليها التقدم نحو بقعة جديدة , وعلقت بصوت حالم:
" يحيرني بعض الناس الذين لا يحبون الصحراء ,حتى صديقتي كارن تؤكد أن الصحراء قبيحة وقاحلة وقاسية".
رد جيم بعفوية:
" أنها مسألة ذوق ومزاج حسب أعتقادي".
|