ولكن مع ذلك ... انها تحس بنوع من الارتياح بسبب معرفتها بان ادريان هو على بعد بضعة أميال فقط منها ولو انها شاءت لتمكنت من مشاهدة عملية الإطلاق من مكان اقرب . ولكنها اختارت ان تعزل نفسها في حجرة الفندق وبما انه اختيارها شعرت جيسي انه من السهل تقبله .
أغلقت جيسي التلفاز مستعملة جهاز تحك عن بعد لا فائدة من مشاهدة التلفاز ساعات طويلة بانتظار الإطلاق وربما يتأخر أكثر من ذلك .
اتصلت جيسي بعاملة الهاتف في الفندق وأعطتها تعليمات كي توقظها عندما يعلنون عن موعد جديد لإطلاق المكوك ولم تبد عاملة الهاتف اي استغراب لطلبها لأنه على ما يبدو قد تلقت مئات الطلبات المماثلة لطلبها من الزوار الذين يأتون لمشاهدة عمليات أطلاق السفن الفضائية .
- على فكرة أريد ان اشكر أدارة الفندق على باقة الزهور وسلة الفاكهة انها فكرة استقبال جيدة .
- سكتت العاملة لبرهة – اعذريني يا سيدتي لم افهم.
- الهدايا التي وجدتها في غرفتي أريد ان يعرف المشرفون على الفندق كم أنا ممتنة لهذا التقدير .
- بالطبع يا سيدتي سأخبرهم .
- هذا مستغرب . وضعت جيسي السماعة وهي تفكر . تصرفت عاملة الهاتف وكأنها لا تعرف شيئا عن الزهور والفاكهة ربما انها موظفة جديدة او ان الإدارة استحدثت هذه الخدمة مؤخرا وهزت رأسها طارحة هذا التساؤل جانبا .
- وأخيرا بوركت جيسي براحة البال انها هنا وهذا أقصى ما يمكنها عمله كي تبرهن لا دريان عن تقثها بمقدرته وبقدراته وقررت ان تنام حتى يحين موعد انطلاق المكوك كي تستعيد جزءا من نشاطها . نامت جيسي ونقلتها مخيلتها من نور الشمس الساطع في فلوريدا الى الثلوج على سفح جبل افرست لقد رأت هذا المنظر عدة مرات في الصور التي التقطها ادريان بعد قهره الجانب الجنوبي الغربي للجبل في وقت قياسي .
ذهلت وهي تشاهد نفسها تجاهد فوق شلال الجليد لتلحق ببقية المتسلقين أتي تنفسها متقطعا وشعرت بالبرد الشديد يصيبها بالألم في كل مكان مكشوف للهواء من جسمها .
لقد شبه ادريان محاولة تسلق شلال الجليد وقهره بصعوبته وقسوته والخطر المتمثل به بمحاولة الهجوم البري على قلعة في العصور الوسطى او محاولة السير في حقل ألغام .
حفروا طريقهم الى الأمام عبر فتحات بين أكوام الجليد المرتفعة فيما كانوا يزيحون حبيبات الثلج الساقط التي التصقت على وجوههم .
كان المتسلقون على بعد عدة أمتار منها يثبتون السلالم والجبال في أمكنة قد تكون سبيلهم الوحيد للنجاة في حال وقوع انهيار جليدي . الامل المفقود
أرادت جيسي بيأس ان تلحق بادريان الذي كان في المقدمة ووجدت انه مهما حاولت الاندفاع بسرعة في الهواء الخفيف تبقى المسافة بينهما بلا تغير – ادريان انتظر . نادته ونظر أليها من فوق كتفه .

توقف ادريان عن الصعود وظنت جيسي انه بانتظار ان تلحق به ولكن توقفه كان لأجل ان يساعد احد أعضاء الفريق في تركيب جسر فوق هاوية عميقة تسارعت خطواتها يجب ان تكون الى جانبه ولكنه ظل بعيدا جدا ركضت جيسي لاهثة فوق امتداد من الثلج الساقط حديثا على الطريق الذي بدا أمنا تابعتها نظرته المليئة بالهلع وهو يراها تفتح يديها – الشيء الوحيد الذي فعلته ومنعها من السقوط حتى أسفل الهاوية .
حوم ادريان فوقها ممسكا بساعديه القويتين بها من تحت أبطيها وسحبها الى خارج الهوة. نظرت الى الأسفل وحدقت الى الحفرة وأحست بدوخة المرتفعات كانت كمن ينظر الى صحن كنيسة القديس بولس من قلبها والانحناء العمودي كان يمتد مئات الأقدام الى الأسفل ويختفي بين الظلال السوداء .
- الا تعرفين انه يجب ان لا تخطى خطوة واحدة على الجبال من غير ان تكوني مربوطة بالحبال ؟ أنبها ادريان .
- كلا لا اعرف هذا هو تسلقي الاول . أجابت جيسي وهي ترتجف لان احتمال نجاتها كان ضعيفا جدا .
نظر ادريان إليها باستياء – اذا ماذا تفعلين هنا ؟ كان يجب عليك البقاء في البيت مع سام .
- ولكنني أريد البقاء معك لا أريدك ان تتركني لوحدي . اشتدت حدة غضبه ورمقها بنظرة انتقاديه – هل هذا الذي تخافين منه بالفعل ؟ تخافين ان أتركك وحيدة عندما أقوم برحلاتي الاستكشافية ؟
وأخيرا اكتشفت جيسي أسوا مخاوفها وسمحت لهذه الخواطر ان تتداعى بذهنها لأول مرة لقد كانت تخاف عليه ولكنها في الوقت ذاته تخاف على نفسها لقد أرادت الاحتفاظ به لنفسها لا ليقع فريسة نداء الجبل القاتل لا يعود لها أبدا . الهلع الذي شعرت به من احتمال سقوطها في الهوة بلل ملابسها بالعرق . ولم يكن من الحكمة بشيء ان تحاول تسلق جبل افرست وهي ترتدي بنطا لا وقميصا من الحرير حضنت نفسها – أنا اشعر بالبرد الشديد يا ادريان .
- اغمرني من فضلك ...
- ضم ادريان جيسي بين ذراعيه وانتقل دفؤه إليها وتوقفت عن الرجفان .
- سوف تتجلدين هنا . همس في أذنها برقة – هيا نعود الى المنزل .
- نعم يا ادريان من فضلك رجته جيسي – خذني الى البيت خذني الى البيت .
- صه ساخذك اى البيت رد عليها ادريان .
عادت الى وعيها تدريجيا ونظرت اليه بعينين زائغتين وبشكل عفوي . مدت يدها الى وجهه – أنا حقيقي كنت في كابوس ترددين متأوهة اشعر بالبرد الشديد قال ادريان .
- لقد شعرت بهذا البرد لأني حلمت باني أتسلق جبل افرست وأنا مرتدية قميصا من الحرير أجابته وهي تشعر بالإعياء . الامل المفقود
- غمز بعينه – تسلق جبل افرست لم يكن من أفضل أفكارك على الإطلاق .
- التصقت به وتنهدت بارتياح فيما كانت ذراعاه تغمرنها – ما كنت أريده دائما هو البقاء معك أينما كنت .
- انت معي ألان . قال بصوت متهدج .

ذهبت أخر أثار الإرهاق عنها وجاهدت كي تبقى واقفة – انت هنا رددت بغباء وهي تعود الى وعيها وتجد نفسها في غرفة الفندق في فلوريدا – ماذا حدث لإطلاق المكوك ؟
- طالما الكمبيوترات لا تتكلم مع بعضها الرحلة مؤجلة وقد تلغى وقد قررت ان لا انتظر ذلك هنا قال ادريان .
بحثت جيسي في وجهه عن اي اثر للحسرة عليه وأدهشها انها لم تجد شيئا لقد بدا على الصورة نفسها الى تخيلته بها وهو يتسلق جبل افرست – هادئا ومنشرحا وكأنه عقد سلامه مع العالم .
- لا شك انك أصبت بخيبة أمل . قالت جيسي .
- أصيب بخيبة أمل لماذا ؟ أنا لم أكن ذاهبا في الرحلة على اي حال .
هل هي ما زالت نائمة تحلم . – أنا لا افهم لقد قلت انك ذاهب .
حرك ادريان فمه من جانب الى أخر – نعم كنت ذاهبا لكن ليس الى الفضاء على الرغم من رغبتي الشديدة في ان أكون على متن هذا المكوك . لم ارغب بصرف الوقت في التدريب الضروري لمثل هذه الرحلة عندما قلت أني ذاهب الى هناك كنت اعني أني سوف أسجل الحلقة الأخيرة من مسلسل حافة الحقيقة من غرفة التحكم الرئيسية .
- لماذا لم يخبرني توم او اي شخص أخر عن ذلك ؟
- لأني طلبت منهم ان لا يفعلوا أردت منك ان تظني تماما ما ظننت ثم تأتين على اي حال .
- هل انت متأكد انك لن تشعر بالحسرة لرفضك عرضهم ؟
- ولماذا ؟ كل ما احتاجه وما أريده موجود هنا على الأرض .
سؤال أخر كان يدور في رأسها – كيف عرفت أني هنا ؟
قبل أرنبة انفها بلطف الفراشة التي تحط وتطير بلمحة بصر – من تظنين انه أرسل الزهور و الفاكهة .؟
لا عجب اذا عاملة الهاتف لم تعرف عما أتكلم عندما أخبرتها عنها هل أخبرك توم هولا ند عن مكان وجودي ؟
- لا حاجة له لأخباري .
كلام ادريان غير منطقي – من الذي يعرف أني هنا غيره .
- لا احد كنت متأكد من مجيئك . اندفع شعاع من الحيرة الى وجهه ثم اختفى ثانية – على الأقل كان عندي أمل بمجيئك شيء ما أعطاني الإحساس بأنك تغيرت منذ غيابي الطويل . وشعرت انه أخيرا سيكون بمقدورك ان تثقي بي بما يكفي كي لا تقفي حجر عثرة في طريقي .
لمست بإصبعها أرنبة انفه وقالت – امتحانك لي ليس عادلا لقد تركتني قبل ان تسألني عن رأيي في الرحلة – بماذا كنت ستجيبين ؟
- كنت سأقول اذهب برعاية الله . الامل المفقود قالت جيسي بصوت مخنوق وهذا بالفعل ما كانت ستقوله - أنا ما زلت لا أحبذ هذه الفكرة ولكني كنت قد وجدت القوة للتحمل وبعد فترة سكون . كانت جيسي تحاول التأكد من ان ما ستقوله تعنيه .
- وبعد ذلك كنت سوف أوضب حقائبي والحق بك وهكذا ترى انه لو سألتني لما اختلف الوضع عما هو عليه ألان .
- لكن الوضع اختلف بالنسبة لي . قال ادريان :
- تمنيت طويلا ان تعاضديني ولكن عقلك كان قد اقفل على معارضة رحلاتي بشكل أصبح معه من المستحيل ان يخطر ببالي ان أسالك في ان ترافقيني .
- مؤخرا اكتشفت ان روح المغامرة عندك هي احد الأسباب التي أحببتك من اجلها اعترفت جيسي بصوت مرتجف – وإذا فقدت هذه الروح تصبح رجلا مختلفا .

امسك بذراعيها بعذوبة – أعيدي على ما قلت .
اقشعر جسمها انها تعرف تماما ما الذي يريد سماعه منها ولكنها لم تستطع منع الرغبة في إزعاجه – هل تعني ما قلته عن روح المغامرة لديك ؟
هزها ادريان مداعبا – يا اللعنة انت تعرفين جيدا ما اعني .
اتسعت عينا جيسي – أوه هل تقصد ما قلته في أني احبك ؟
- يا اللعنة يا امرأة انت مستحيلة ... لم يكمل جملته قط .
- أنا احبك كما انت هل هذا ما تريد سماعه ؟ قالت جيسي عندما فسح عناقه المجال لها للكلام ثانية .
- أنا اعرف . قال ادريان مبتسما – كيف تعرفين كل هذا عن مشاعري ؟
- لقد قلت لي ذلك حين سقطت كل الأقنعة عن حقيقة شعورك ولهذا قررت ان امتحنك لأبرهن على ما اعرفه .
- تصنعت جيسي الاستياء وابتعدت عنه قليلا – هل تعني انك أغويتني ؟ ما الذي تحضره لي ؟
- سأريك ألان اذا شئت ؟ يا زوجتي العزيزة وكان عرضه مغريا . الامل المفقود
بدا يفعل ذلك ببراعة قطعت عليها أنفاسها وانهارت جميع الحواجز التي تفصلهما في مواجهة حبهما .
لم تعرف من قبل ان عنده هذه الرقة والعاطفة تغمرانها بموجة من الشوق وتسلبها كل مقاومة في مواجهة الأحاسيس التي عصرتها .
كادا ان يفوتا على نفسيهما مشاهدة أطلاق المكوك عندما نجحوا أخيرا في أصلاح الكمبيوتر نسيت جيسي العالم الخارجي وهي متقوقعة في أحضانه الدافئة التقط ادريان لوحة التحكم بيد وكبس زرا لتظهر على الشاشة الصغيرة صورة رائعة للمكوك فيما كانت يده الأخرى ملتفة بشدة على خصر جيسي .
- الا يجب ان تكون هناك ؟ سألته .
- تستطيع دافينا ان تقوم بالعمل بمفردها . قال فيما كان يداعب شعرها الناعم . أما بالنسبة لي فعندي هنا أشياء أهم من ذلك .
تنهدت جيسي بعمق ووقعت نظرته الفضولية عليها - ماذا بك ؟
- لقد أضعنا كثيرا من الوقت .
- لم يكن وقتا ضائعا كانت فرصة لنا كي نتعرف أكثر على حقيقة مشاعرنا . في كثير من الاحيان يقوي اختلاف الرأي الروابط تدمر رياح السموم في افريقيا مساحات شاسعة من الأرض ومع ذلك تساعد في دورة الحياة ان هذه الرياح قد تخرق الأرض وتجعلها قاسية ومتشققة ولكن ما ان يهطل المطر حتى تعاود الحياة دورتها وتزهر البراعم وتنمو الأوراق بسرعة البصر . ومن بين الزهور التي تنمو هناك زهرة جميلة خاصة تتفتح في كل مكان فور هطول المطر هذه الزهرة ذات أشواك ولونها احمر داكن لدرجة انها توخز العين ببريقها قطرها يبلغ 10 سنتمترات وتنبثق من تربة قاحلة تقريبا بعد هطول الأمطار ولذلك يدعونها زوجة المطر .
ألقت جيسي نظرة على وجه ادريان وتفحصت كل ما هو غال وعزيز من تكوينه على قلبها – من دون رياح السموم لن تنبت هذه الزهرة هل أنا شبيهة بهذه الزهرة زوجة المطر ؟
- انت أكثر جمالا وقيمة من زوجة المطر . وافق على سؤالها – ولن ادعك تتركيني ثانية فمن سيرعى ابننا ؟
- ربما يجب التكلم بصيغة الجمع أولادنا . أزعجته جيسي – لم استعمل اي وسيلة لمنع الحمل .
- اذا سوف تحملين قطعا . قال ادريان – ليس لدي اي مشروع للرحيل الى اي مكان ألان ... ولكن سوف تكون خسارتي باهظة اذا فعلت .
- بدا العد التراجعي لإطلاق المكوك راقبت جيسي الشاشة بذهول شدت يد ادريان الى معدتها – هل تعرف ان ابننا قد يصبح رائد فضاء عندما يكبر ؟
- هل خطر ببالك انه من الممكن ان تكون ابنتنا ؟
- شعرت جيسي بلحظة حيرة – هل انت متأكد انك لا تريد مشاهدة عملية الإطلاق ؟
- كيف استطيع ان أقنعك ان أيام المغامرات قد انتهت بالنسبة لي ؟ أجابها وقوست جيسي ظهرها تتأوه – أخيرا رجع الصياد الى بيته .. الامل المفقود ،،


انتهت بحمد الله وشكره

قراءة ممتعة للجميع مع الشكر لكل من قدم تعليق او رد او من ضغط على أيقونة الشكر و لمن اكتفى بالقراءة فقط
تحياتي الى ان نلتقي في رواية جديدة
أتترككم بحفظ الله و رعايته

الله يعطيك العافية على مجهودك .. امولة