فتح جون الباب فى حذر أعطى فلورا واحداً من الشمعدانين الفضيين اللذين كان ممسكاً بهما فتح الباب على سرداب مظلم طويل فكرت فلورا : نفق .
ارتعشت لرطوبة الهواء إنها لا ترتدى سوى قميص نوم أبيض خفيف وندمت على أنها لم تتمكن من أن ترتدى شيئاً ثقيلاً .
بدا هذا النفق أكثر ظلمة من النفق الآخر المؤدى إلى حجرة الموسيقى .
سمعت فلورا وقع الأقدام وتمنت لو أن أحداً من القصر يسمعهما لكنها تذكرت أن جيمس يقيم فى الجناح الآخر ومن المستحيل أن يسمع أى شىء .
فجأة فكرت فلورا فى أنهما قد يتواجهان تماماً نحو الجناح الغربى إن مدخل النفق يوجد بالقرب من الردهة الكبيرة التى تصل بين الجناحين الشرقى والغربى للقصر , ربما يكون النفق موازياً له إنها لا تعرف جيداً أسرار القصر لتتأكد من ذلك , كما أنها قد فقدت جزء كبير من تركيزها بفعل الرطوبة والخوف الشديد التى تشعر به بمفردها مع جون فى قلب الليل فى رحلة إلى قبر أورور.
قالت فلورا لنفسها محاولة أن تدفع بالأمل إلى قلبها : على أية حال ربما يصطحبنى إلى هنا لأنه رأى أننى مهتمة بأورور هذا كل شىء .
هذه الفكرة طمأنتها قليلاً أرادت على الرغم من ذلك أن تعرف إلى أى اتجاه يسيران , سألت جون فجاءها صوته ينقله الصدى :
- سنذهب إلى الكنيسة الصغيرة التى يوجد بها قبر الكونتيسة أورور .
تحدث بصوت أجش وبطىء كأنه يلقى درساً يحفظه .
لم تستطع فلورا أن تأخذ منه معلومات أخرى .
تملكتها الرطوبة أكثر فأكثر فأخذت ترتعش دون أن تستطيع أن تسيطر على نفسها فكرت فى جيمس وفى سخريته إذا عرف أنها استسلمت للخوف والبرد ألم يقدر شجاعتها فى لقائهما الأول ؟ ألم يهنئها على أنها قد جاءت على الرغم من قسوة أسلوبه فى الخطاب الذى ارسله لها ؟ كادت تنسى وجود جون الذى يسير أمامها دون أن يعطى مشاعرها أى اهتمام .
فتح جون الباب مصدراً أزيزاً ابتعد بأدبه المعتاد ليدع فلورا تمر , فكرت فلورا فى أن أخا الكونت قد يكون غير واع بالمشاعر التى أثارها فى نفسها بدخوله إلى حجرتها فى قلب الليل إنها أمام رجل غير واع هذه الفكرة لا تطمئنها .
مر جون أمامها ووضع فى هدوء الشمعدان بالقرب من صخرة لابد أنها قبر أورور , تأملت فلورا الكنيسة الصغيرة متأثرة ببساطتها لا تحتوى إلا على مذبح صغير وصخرة القبر , شخص ما قد وضع الورد على القبر استنتجت فلورا أن جون يأتى كثيراً إلى قبر أورور .
فكرت وهى تشعر بوخز فى قلبها : على الأقل أنه ليس جيمس من يأتى إلى قبرها .
ارتعشت من جديد الرطوبة هنا أكثر قوة مما هى عليه فى النفق .
أمرها جون :
- اقتربى !
تقدمت فلورا فى بطء نحو جون أخذ منها الشمعدان الذى ما زالت تمسكه ووضعه بالقرب من المذبح .
قال لها :
- اقرئى
قرأت فلورا :
- هنا ترقد أورور دى لويس هام
1795 - 1825
شعرت فلورا كأنها تقرأ حكماً بالموت , رن صوتها فى الكنيسة الصغيرة .
أمسك جون بذراعها بقوة :
- لقد ماتت أليس كذلك ؟
كان فى صوته يأس لم تعرف فلورا بماذا تجيب .
رد جون :
- لقد ماتت أليس كذلك ؟ أجيبينى .
زفرت فلورا يجب الاستمرار فى هذا الموقف الكئيب حتى النهاية .
أخيراً قالت :
- ماتت أورور دى لويس هام سنة 1825 ونحن الآن فى 1827 يعنى قد مرت سنتان .
أذعن جون :
- سنتان بالضبط الآن كان ذلك فى 25 تشرين الثانى
( نوفمبر ) ونحن اليوم فى 25 تشرين الثانى ( نوفمبر )

ارتعشت فلورا لهذه المصادفة نظرت إلى قبر أورور فى شفقة حياتها التى انتهت منذ سنتين بالضبط يبدو أنها لم تكن سعيدة فكرة أن أورور ترقد هنا على بعد بضعة أمتار منها حركت مشاعر فلورا لم تعد تغار من جمالها وفتنتها لقد رحلت أورور بالفعل هاهو البرهان .
زفرت فلورا فى ارتياح لفكرة أنها قد تحررت أخيراً من حضورها كادت تشكر جون لأنه قادها إلى هذا المكان .
خلال ثوانى اخترق ذهنها فكرة أن جون يعرف كل شىء عما يدور فى خاطرها بشأن أورور .
نظرت إليه فوجدته جاثياً على ركبتيه بالقرب من القبر يحتضن الصخرة التى تعلوه بقوة .
مضت بضع دقائق بدت لفلورا دهراً ثم نهض جون فجأة قالت لنفسها فى ارتياح : سنمضى .
اندفع جون نحو فلورا وهزها بقوة وصاح :
- لقد قتلتها ! إنك أنت من قتلها .
تركها وسقط فى نوع من فقدان الوعى , اختنقت فلورا حاولت أن تسيطر على انفاسها اللاهثة لقد خنقها جون فى ثورته العارمة .
فكرت فلورا بسرعة يجب أن تنصرف قبل أن يستعيد وعيه تمالكت نفسها واتجهت نحو الباب الصغير الذى يؤدى إلى النفق , لكنها لم تستطع أن تفتحه الباب ثقيل جداً وفلورا منهكة بسبب كل ما تعرضت له من خوف ومقاومة فلم يبق لها أية قوة .
أخيراً توصلت إلى فتح الباب عندما سمعت صوت تنفس خلفها التفتت كان جون واقفاً خلفها مبتسماً تملكها الفزع اندفعت فى النفق المظلم وجرت بكل ما اوتيت من سرعة فى الليل المظلم اصطدمت بالحائط ولكنها واصلت الجرى وهمها الأكبر هو أن تفر من هذا الرجل المجنون والخطر بكل الوسائل الممكنة , سمعت وقع أقدام جون يقترب أكثر فأكثر أمسك بها فانهارت على الأرض قادها جون إلى القبر .
أجبرها جون على الركوع قال لها :
- احترميها بما أنها قد ماتت .
انتظرت فلورا ماذا يريد أن يفعل بها ؟
كان جون واقفاً خلفها ضاغطاً بيديه على كتفيها
قال آمراً :
- سترددين خلفى : أورور دى لويس هام اسمعينى لأنى سألحق بك أطلب منك العفو عن كل الاهانات التى وجهتها إليك .
التفتت فلورا لتنظر إلى جون ورأت مذعورة الشر يلمع فى عينيه كادت تعتقد أنها ترى الشيطان فى شخصه فى قمة نشوته لتقديم ضحية جديدة كان الموقف بدون مخرج لا أحد يستطيع أن يأتى لنجدتها شعرت فلورا بالدموع تملأ عينيها إن جيمس كان محقاً كان عليها أن تتجاهل وجود أخيه الذى وقع فريسة للجنون .
أمرها جون فى حدة :
- رددى
اضطرت فلورا بدورها أن تردد الكلمات , طلب منها جون أن توجه الكلمات إلى أورور كأنها تدعو الله .
- أرجوك أن تستقبلينى فى مثواك الأبدى .
التفتت فلورا نحو جون الذى بدا راضياً
قال مبتسماً :
- تماماً
أرادت فلورا أن تنهض وتضربه حتى تخفف عما تشعر به تجاهه من غضب ولكنها كانت تفتقد القوة وبقيت راكعة .
قالت فى يأس :
- لننته من ذلك أرجوك
نظر إليها جون طويلاً وقال :
- كل شىء يجب أن يحدث بنظام .
سألته فلورا فى غضب :
- لكن فى أى نظام ؟ من الذى أعطاك الحق ؟
توقفت فجأة شاعرة بعدم جدوى سؤالها إن جون يتجه الآن نحو القبر ويشير إليه .
- إنها هى .... رأيتها اليوم قالت لى إنه يجب أن أتخلص منك وإنك أنت السبب فى اختفائها الطويل .
سألته فلورا :
- لكن لماذا ؟
تبينت فلورا أنه ليس لديها أية فرصة أمام هذا العقل المصاب بالجنون ولكن ليس لديها من الآن ما تفقده .
سألته :
- لماذا أكون أنا المسئولة ؟ أنا لا أعرفها أنا غريبة عن هنا أنا لا أنتمى إلى عائلة لويس هام .
- كفى عن النطق بهذا الاسم هنا إنه ملعون ألا تعرفين أن جيمس دى لويس هام قد قتل زوجته ؟ منذ ذلك الوقت وهناك لعنة حلت على عائلة لويس هام يموتون جميعاً بمرض غريب أو ميتة عنيفة , هذه الجريمة التى ارتكبها يجب ابعادها الآن .
- جريمة أخرى ؟ ماذا ستفعل سوى ما فعله أخوك وتلومه عليه ؟
جمعت فلورا آخر ما تبقى لها من قوة وحاولت أن تقنع جون ولكن كلماته المرتبكة ذكرتها أنه لا يوجد أى أمل .
حاولت فلورا أن تصلى حتى تهدأ .
قال جون :
- لقد حانت الساعة .
حتى ذلك الوقت لم تكن فلورا قد وهنت , حاولت بكل الطرق التى تملكها لتهرب من المصير الذى ينتظرها لم يكن لديها الوقت لكى تستسلم للدموع والرعب , كما أنها لم تهن نفسها بأن طلبت من جون أن يتركها لقد اكتفت بمحاولة إقناعه لكنها عندما سمعت تلك الكلمات القاطعة شعرت بأن قلبها سينزع من صدرها .
هى التى نجحت فى إتمام تعليم مايكل قبل بضعة أيام من رحيله يجب أن تموت الآن بسبب هلوسة هذا الشيطان المسكين .
فى هذه اللحظة ويالسخرية القدر ! فهمت أكثر من أى وقت مضى أن جون قد اخترع فكرة أن جيمس قد دس السم لأورور حتى يواسى نفسه لموتها إن حدسها لم يخطىء عندما اعتقدت أن جيمس على الرغم من حدة مزاجه لا يمكن أن يكون قاتلاً .
عادت إليها صورة الكونت , تصورته فى حنان إذ استطاع أن يعرف أنها حتى آخر لحظة فى حياتها كانت أفكارها تدور حوله .
الآن يبدو أن جون متعجل حتى يفرغ من الأمر بدت فى نظرته لمعة من القلق .

قال لفلورا :
- تعالى !
قادها برفق إلى المذبح فى ظروف أخرى كانت فلورا ستعجب بالرسومات التى امتزجت فيها البساطة والرقة والتى تمثل دائرة الملائكة وشياطين حول الانسان , فكرت فلورا فى جون دى لويس هام الشيطان الذى يختبىء تحت مظهر الضحية .
ابتعد جون كأنه يريد أن يتأمل المشهد ثم تقدم بخطى بطيئة نحو فلورا .
بقيت فلورا راكعة أمام المذبح متسمرة لا تتكلم لم تجرؤ على أن تلتفت لم تكن لتسمع سوى صوت أقدام جون تقترب أكثر فأكثر , شعرت بنفس جون عند رقبتها شعرت بيده على كتفها انتظرت فلورا دون أن تجرؤ على أن تقوم بحركة .
شعرت بالملمس البارد لنصل على بشرتها .
سمعت فلورا صرخة ثم صوت أقدام مسرعة دون أن تفهم ماذا يحدث ؟ لاحظت أن السكين لم يعد يلمس بشرتها شعرت بمن ينقلها إلى باب النفق عندئذ فتحت عينيها .
جيمس دى لويس هام هنا .
أمسك بأخيه من كتفيه والأخوان يتعاركان الآن فى عنف لقد هب جيمس لإنقاذها لكن كيف عرف أنها هنا مع أخيه دار فى ذهنها مائة سؤال .
كان جيمس ممسكاً بأخيه على الأرض سقط السكين بالقرب من المذبح ارتعشت فلورا لفكرة الموت الذى انقذت منه تواً لم تستطع أن ترى التعبير الذى ارتسم على وجهى الأخوين لكنها خمنت ما فى نفسيهما من كراهية متبادلة .
صاح جون :
- قاتل , أنت قاتل زوجتك .
لطم جيمس وجه جون بشدة , أخفت فلورا عينيها بيديها لم ترد أن ترى شيئاً من هذه المواجهة المتوحشة .
صاح جيمس :
- أنت تكذب , أنت تعرف جيداً أن هذا ليس صحيحاً ماتت أورور بسبب المرض .
قهقه جون :
- والسم الذى وضعته فى كوبها هل هذا أيضاً جزء من مرضها ؟
- أى سم ؟ أنت مجنون .
ترك جيمس أخاه الذى انتهز الفرصة ليهرب من قبضته التقط جون السكين وهدد جيمس خبأت فلورا وجهها من جديد .
سمعت صوت المعركة الحادة التى وضعت الأخوين فى المواجهة دون أن تجرؤ على معرفة من تغلب على الآخر وتبادل الأخوان عبارات العداء .
- أردت أن تقتل فلورا أليس كذلك ؟
تأثرت فلورا لسماع الكونت ينطق اسمها , لم يجب جون
سأله جيمس :
- لماذا ؟
أجاب جون فى تحد :
- طلبت منى أورور ذلك إنها لا تحتمل وجودها هنا .
تملكه الغضب من جديد قفز جيمس على أخيه كانت المواجهة عنيفة وفلورا لا تجرؤ على النظر إليهما والأفكار تدور فى رأسها .
لم تستطع إلا أن تسمع صخباً شديداً وعندما فتحت عينيها رأت جون يتدحرج متألماً على قبر أورور , فقدت فلورا على الفور وعيها .

روووووووووووووعه يا مرمر انا مش قادره اصبر مستنيه ع ناااااار شكرا ع المجود الرائع حبيبتى لك وديييييييي