لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روائع من عبق الرومانسية > رومانسيات عربية > رومانسيات عربية - القصص المكتملة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

رومانسيات عربية - القصص المكتملة رومانسيات عربية - القصص المكتملة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-12-13, 12:16 AM   المشاركة رقم: 551
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عهد الكلمات


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 167604
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: رباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالق
نقاط التقييم: 2651

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رباب فؤاد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : رباب فؤاد المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
Jded رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 12

 




"هل أنت واثقة من اتهامك سيدتي؟"

نطقها ضابط الشرطة وهو يستجوب (علا) في غرفتها بالمستشفى، لتجيبه هي بثقة مهزوزة ـ"بلى واثقة تماماً".

مط الضابط الشاب شفتيه وهو يقول بعدم اقتناع ـ"لكنك تتهمين السيد (مازن عاشور) باختطاف أخيك الصغير. هل لديك دليل على ذلك؟"

غامت عيناها بحزن دفين انتقل إلى صوتها وهي تجيبه ـ"بالتأكيد.. اقتحامه لحياتنا وزواجنا السريع وغموضه المستمر واختفاؤه اليوم بعد اختطاف (مودي)".

عقد الضابط حاجبيه وعدم الاقتناع يسطع بعينيه ـ"ما زلت لا أرى أسباباً حقيقية يا سيدتي. والسيد (مازن) هو الذي أبلغ الشرطة باختفاء الصغير ولم يغادر المستشفى إلا بعد أن أخذت أقواله".

رفعت وجهها إليه في سرعة وبدا الارتباك على وجهها للحظة قبل أن تقول بعناد ـ"لم تنته أسبابي بعد. فقد استخرج جواز سفر لأخي ولم يعطني إياه. وحتى إذا لم يكن هو من اختطف (مودي) فلابد وأن للأمر علاقة به. أعداء (مازن) كُثر ولابد أن أحدهم يحاول الانتقام منه في شخص أخي".

نهض الضابط من مقعده في ضجر وهو يشعر وكأنه يتعامل مع طفلة غاضبة فأصبحت ترمي الاتهامات جزافاً، ثم ما لبث أن هز كتفيه قائلاً ـ"سيدة (علا)..اتهامك للسيد (مازن) خطير وقد يدمر حياتكما معاً. ولولا أنني أتولى هذه القضية بتوصية شخصية من صديقي الملازم أول (سيف العليمي) ما لفتت انتباهك لمغبة هذا الاتهام. لذا لن آخذ أقوالك الآن، وسأنتظرك في القسم حينما تستردين قواك لنستكمل المحضر. بإذنك".

قالها وانصرف من الغرفة سريعاً، لتدلف بعده (منار) مكفهرة الوجه وتهتف بها في حنق ـ"هل جُننت؟ كيف تتهمين (مازن) بهذه الوقاحة؟ متى أصبح (مازن عاشور) مجرماً وخاطفاً للأطفال؟ ألم يكن هو مصدر الأمان باعترافك قبل أسبوعين؟"

تلعثمت قبل أن يعاودها عنادها لتهتف بدورها ـ"كنت غبية حينما صدقته، وهو يخرج من كذبة إلى أخرى".

جزت(منار) أسنانها بغيظ هاتفة ـ"حتى وإن كذب كما تقولين، فهو ليس مجرماً وأنت تعرفين ذلك. أنت مستاءة فقط لأنك أفقت من إغماءتك ولم يكن إلى جانبك".

حاولت الاعتراض لتضيف صديقتها ـ" (مازن) لم يتركك إلا بعد وصولي ووصول عمو (عزيز) وزوجته، وبعد أن طمأنه الطبيب بأنك لا تعانين ارتجاجاً بالمخ".

ضربت الفراش بقبضتها في إصرار هاتفة ـ"ولماذا يحتجز جواز سفري وجواز سفر (مودي) إذاً"؟

ضربت (منار) كفاً بكف وهي تقول بصبر ـ"ارحمني يا إلهي.. ألم تخبريني بنفسك أنه يسعى للحصول على تأشيرة دخول الولايات المتحدة لك وللصغير؟ لابد وأن الجوازات في السفارة".

احتقن وجهها حرجاً لتضيف (منار) بموضوعية ـ"ثم ما الذي قد يجنيه (مازن) من اختطاف الصغير؟ ابحثي عن متهم منطقي سواه... وفي رأيي الأمر لن يخرج عن شخصين. إما (النشار) عدو زوجك اللدود، أو (بهيرة) والدة (مودي)".

اعترضت كما تفعل منذ أفاقت وهي تشيح بكفها قائلة ـ"وما الذي سيأتي ب(بهيرة) هنا؟ لقد وقعت تنازلاً عن حضانة الصغير ولم تفكر يوماً في العودة لرؤيته".

جلست (منار) على طرف الفراش وضربت رأس صديقتها في غيظ قائلة من بين أسنانها ـ"نظفي هذه الجمجمة قليلاً وستكتشفين أنها المستفيدة الوحيدة من اختطاف الصغير".

تأوهت (علا) في ألم ووضعت يدها على موضع الكدمة هاتفة ـ"أيتها المجنونة..ستتسببين في إصابتي بارتجاج حقيقي هذه المرة".

أخرجت (منار) لسانها تغيظها قائلة ـ"ربما نبت لك عقل جديد جراء الارتجاج. حينها سيرحمني ربي من نوبات الغباء التي تصيبك".

ثم ما لبثت أن نهضت آمرة ـ"هيا انهضي لتغادري المستشفى. لابد أن تُحضري تنازل (بهيرة) وتقدميه للضابط كي يبدأ إجراءاته. فلو أنها هي من اختطفت الصغير بالفعل فلا ريب أنه على متن طائرة ما الآن ليغادر مصر كلها. وحينها تأكدي أنك لن ترين (مودي) ثانية".

وللأسف كانت على حق.
**************

 
 

 

عرض البوم صور رباب فؤاد   رد مع اقتباس
قديم 13-12-13, 12:19 AM   المشاركة رقم: 552
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عهد الكلمات


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 167604
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: رباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالق
نقاط التقييم: 2651

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رباب فؤاد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : رباب فؤاد المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
Jded رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 12

 




دلف سريعاً إلى مكتب ضابط الشرطة بعدما سمح له الأخير وابتدره قائلاً ـ"علمت تطورات خطيرة يا حضرة الضابط ستقلص وقت البحث عن (مودي)".

أشار له الضابط بالجلوس ولم يستطع منع ابتسامة خفيفة من الارتسام على وجهه وهو يقول ـ"هاتِ ما عندك، ولو أن غيابك المفاجئ أثار حولك شبهات كادت تلقيك خلف القضبان".

عقد (مازن) حاجبيه مستفهماً ليتبع الضابط ـ"لا عليك. المهم اخبرني بما لديك".

اعتدل (مازن) في جلسته ليقول ببطء ـ"(فتحي النشار) خلف اختطاف الصغير. هو بنفسه اعترف لي بذلك الآن. فعلها نكاية بي وبالتعاون مع والدة الطفل. كل ما اعرفه هو أن اسمها (بهيرة) كما أخبرتني زوجتي من قبل. سأتصل ب(علا) كي تخبرني بإسمها كاملاً ونقدم بلاغاً رسمياً باختطافها للصغير بمساعدة (النشار). لا يوجد أمامنا الكثير من الوقت، فلابد أن (بهيرة) تحاول الهرب بالطفل الآن".

سأله الضابط باهتمام ـ"وما الذي يدفع أماً لاختطاف صغيرها؟ هذا الاحتمال لم يرد على خاطر زوجتك على الإطلاق حينما قابلتها قبل قليل".

أجابه (مازن) في سرعة ـ"حسب ما فهمت من زوجتي، وقعت (بهيرة) تلك تنازلاً عن حضانة الطفل لزوجها نظير الطلاق، وزوجتي هي من تولت تربيته منذ كان رضيعاً. واليوم تحالفت مع عدوي لينتقم كلاهما مني وزوجتي".

رفع الضابط أحد حاجبيه قائلاً بمكر ـ"أيعني هذا أن (النشار) كان خلف الحادث الذي تعرضت له هنا في المعادي قبل شهرين؟"

صمت قليلاً قبل أن يتنهد في عمق ويجيبه ـ"بلى كان (النشار) خلف الحادث. بل إن رجاله استخدموا اليوم في اختطاف (مودي) نفس السيارة التي طاردوني بها، ولهذا خمنت أنه هو المسؤول".

هز الضابط رأسه متفهماً وأشار إلى ملف ورقي بجانبه قائلاً ـ" حسناً سنضيف هذه المعلومات إلى المحضر، وسأط...".

بتر عبارته حينما ارتفع طرق مميز على باب المكتب أعقبه دخول شرطي يقول باحترام ـ"السيدة (علا السباعي) هنا لاستكمال المحضر سيادتك".

لاحت ابتسامة خفيفة على وجهه وهو يأمره في سرعة ـ"أدخلها فوراً. كنا على وشك طلبها".

دخلت على استحياء ووجهها أرضاً وبرفقتها (منار) التي شهقت رغماً عنها ما أن رأت (مازن) واللهفة في عينيه على زوجته التي لم يطمئن عليها بنفسه.

شهقتها دفعت (علا) لرفع وجهها في سرعة لتقع عيناها عليه وعلى ابتسامته الحانية التي بدت وكأنها لكمة صاروخية سددها إلى معدتها بكل سهولة.

رغماً عنها خفق قلبها لهذه الابتسامة وهي التي اتهمته قبل قليل باختطاف أخيها، لتشعر بتأنيب ضمير قوي يجتاحها فيغرقها بفيض الحرج، لاسيما حينما هب هو من مقعده متجهاً إليها هامساً في لهفة ـ"حمداً لله على سلامتك يا حبيبتي. كيف حالك الآن؟"

قرن تساؤلاته الملهوفة بتلمس كدمة جبهتها وجانب وجهها في إشفاق وهو يهدر بغضب ـ"سأقطع يد ذلك القذر الذي جرؤ على لمسك بسوء".

تحاشت النظر إلى عينيه كيلا ترى نظرته الصادقة ويزداد تأنيب ضميرها، وأسرعت تقدم عدة أوراق مطوية إلى الضابط قائلة بارتباك ـ"جئت لاستكمال أقوالي واتهام (بهيرة السنباطي) بخطف أخي الصغير. هذا هو عنوان أسرتها في القاهرة وصورة من التنازل الذي وقعت هي عليه بمحض إرادتها في وجود شهود للتنازل عن حضانة (مودي) لوالدي نظير حصولها على الطلاق. لذا أرجو سرعة العثور عليها قبل أن تهرب بالصغير إلى حيث تقيم مع زوجها الجديد بالخارج".

تناول الضابط الأوراق وتصفحها جيداً وهو يقول بهدوء ـ"أوراقك أتت في وقتها يا سيدتي. لقد أخبرني السيد (مازن) للتو بنفس الاستنتاج لكن كان ينقصه اسم طليقة والدك".

سارع (مازن) يقول مقترحاً ـ"ما دام أصبح اسمها معروفاً، اقترح إرسال صورة (مودي) واسمه واسم (بهيرة) إلى الموانئ الجوية والبرية والبحرية لمنعها من الهرب به. وأعتقد أنها لن تلجأ إلى الهرب جواً.. ربما تهرب براً إلى محافظة البحر الأحمر ثم إلى ميناء سفاجة أو الغردقة ومنه تعبر البحر الأحمر في أي عبارة سريعة إلى الجانب السعودي وحينها تصبح أكثر حرية في التنقل".

وافقه الضابط ورفع سماعة الهاتف المجاور بالفعل قبل أن ينتابه الإحباط قائلاً ـ"أتظن أننا قد نلحق بها داخل مصر قبل أن تهرب بالصغير؟"

لمعت عينا (مازن) ببريق خبيث وهو يجيبه ـ"أخبرهم أن الطفل يحمل الجنسية الأمريكية. فهو سيحملها قريباً على أي حال حينما نسافر جميعاً إلى الولايات المتحدة. لقد حصلت على تأشيرة الدخول له ولزوجتي بالفعل، والباقي مسألة وقت وإجراءات لا أكثر".

عقد الضابط حاجبيه مستفهماً، ليُخرج (مازن) جوازي سفره من جيب سترته الداخلي ويقدمهما إليه موضحاً ـ"أنا مواطن أمريكي أعمل بالأمم المتحدة، وأنا المسؤول عن الصغير (محمد السباعي) منذ زواجي بأخته الكبرى. ألا يكفي هذا لتحريك البحث عن (بهيرة)؟"

ابتسم الضابط وهز رأسه موجهاً حديثه إلى (علا) التي أطرقت بوجهها أرضاً قائلاً ـ"يكفي ويزيد يا سيدي. إنها حصانة أقوى مما تخيلت".

ثم وجه أوامره إلى عامل الهاتف قائلاً بحزم ـ"صلني بإدارة الجوازات فوراً".
***************


 
 

 

عرض البوم صور رباب فؤاد   رد مع اقتباس
قديم 13-12-13, 12:21 AM   المشاركة رقم: 553
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عهد الكلمات


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 167604
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: رباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالق
نقاط التقييم: 2651

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رباب فؤاد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : رباب فؤاد المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
Jded رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 11

 



جلست بارتباك على مقعد خشبي خارج غرفة الضابط وهي تعبث بيد حقيبتها في توتر وترسل نظرات رجاء خفية لصديقتها لتبقى إلى جانبها. لكن (منار) مالت على أذنها هامسة ـ"لن تفلح نظراتك في تغيير موقفي يا عزيزتي. لقد أخطأتِ في حق زوجك، ولسوء حظك فقد زل الضابط وأخبره بأمر بلاغك التافه، وحان وقت العقاب. سأذهب قليلاً ريثما يفرغ فيك (مازن) كل غضبه. فأنت تستحقين ذلك".

تشبثت بذراعها في يأس وعضت شفتيها هامسة ـ"لا تتخلي عني أيتها النذلة. إنه يبدو غاضباً. لقد غادر مبنى القسم قبل قليل والشرر يتطاير من عينيه. إذا عاد فسيكون مصيري حالكاً. وإذا لم يعد فلا يجب أن تتركيني وحيدة".

اقترب حينها (مازن) بهيبته الواضحة التي لا تفرقه عن ضباط المباحث، فربتت على كتف صديقتها مطمئنة ـ"(مازن) ليس متهوراً ليعتدي عليك داخل قسم الشرطة أياً كان ما فعلته. فقط تحملي لسانه اللاذع لأنه سيكون أقوى من جلد السياط. بإذنك".

قالتها وهي تبتعد في سرعة بعد أن أومأت برأسها بتحية سريعة ل(مازن) الذي وقف مشرفاً على مقعدها من علٍ وحدجها بنظرة غامضة دفعت الدماء للهروب من وجهها.

جلس صامتاً على مقعد مجاور لتجفل رغماً عنها، لاسيما حينما رأت كفه تمتد إليها.



كان يغلي غضباً منذ زل الضابط واخبره بأمر بلاغ زوجته ضده

تقافزت شياطين الغضب أمام وجهه لكنها أجاد لجامها أمام الضابط وتظاهر بالابتسام قائلاً إن حصانته المزدوجة تحميه من أي بلاغ مماثل

لكنه ما أن خرج من المكتب حتى استسلم لغضبه، والذي ظهر جلياً في خطواته السريعة القوية التي ابتعد بها عن زوجته وصديقتها.

خرج من قسم الشرطة متجهاً إلى سيارته المسكينة التي اعتادت أن تكون ضحية انفعالاته، ولو أن الشركة المصنعة علمت بمصيرها معه ما وافقت على بيعها إياه.

أخرج غضبه في ركل إطارها الأمامي بمقدمة حذاء الأمان الذي يرتديه عدة مرات حتى شعر بالألم يغزو قصبة ساقه فتوقف وهو يلهث، ثم ما لبث أن التقط نفساً عميقاً يهدئ به ثورته قليلاً وعدل خصلات شعره التي تبعثرت على جبهته بلا نظام قبل أن يتجه بثبات إلى محل بقالة صغير مجاور للقسم.



حينما رأت كفه تمتد أمامها انتابها ذعر حقيقي لا تدري كنهه. لا تدري لماذا تخيلت أنه قد يضربها أو يهينها رغم أنهما في مكان عام. لماذا يصر عقلها اليوم على تشويه صورته أمامها؟

صرخت بهذا السؤال بداخلها وهي ترى كفه الممدود أمامها يحمل زجاجة عصير من نوعها المفضل، وتسمعه يغمغم من بين أسنانه ـ"يقولون إن نقص السكر بالدم يتسبب في الكثير من الهلاوس. وسأعتبر ما سمعته من الضابط بالداخل أحد تلك الهلاوس. لذا اشربي العصير وبعدها نتحدث بالخارج".

تناولت العصير بكف مرتجفة، حتى أنها فشلت في فتحه بسبب ارتجافة كفيها، ففتحه لها بنفاذ صبر وأشاح بوجهه إلى الجانب الآخر متظاهراً باللعب في هاتفه الذكي، بينما هو في الحقيقة ما زال يغلي من الداخل.

أنهت تناول عصيرها في بطء، وبدأ مفعوله يسري في جسدها الذي فقد الكثير من توتره، فتنحنحت بحرج هامسة بصوت تخنقه الدموع ـ"حينما أفقت ولم أجد (مودي) فقدت عقلي وانتابتني هستيريا قوية لم تهدأ إلا حينما حقنني الطبيب بمهدئ خفيف، وبدأت بعدها انتبه لما حولي بحثاً عنك لأجدك غائباً. شعرت وكأنني أصبحت وحيدة فجأة بغياب أقرب اثنين إلى قلبي، لذا فقدت الحياة كل معنى لها في لحظة. توقعت أن أجدك لتحتويني وتخفف من صدمتي، لتهدئ من روعي وخوفي على أخي الوحيد. لكنك لم تكن هناك في أشد لحظات احتياجي لك".

التفت إليها صامتاً يرمقها بنظرة زادت من ألمها، فشهقت من بين دموعها وهي تردف بألم ـ"لم أكن أريد أحداً سواك. كنت بحاجة إلى قوتك كي أستطيع الثبات، كي استطيع الحياة. لكنك لم تكن هناك. توقعت أن يستقبل صدرك دموعي التي ذرفتها منذ أفقت، وأن تهدهدني بهمساتك وأنت تخبرني أننا سنعثر على (مودي) ولن نفقده أبداً. توقعت أن ألمس الأمان في عينيك وفي صوت دقات قلبك، لكن برودة الغرفة هي كل ما أفقت لأجده. أحاطتني شياطيني تربط أحداثاً ومواقف مضت، لأجد نفسي أتهمك بخطف أخي أمام الضابط. أعترف بأنها لحظة جنون انتابتني ولا أدري كيف، لكن عذري هو أنني فقدت عقلي في غيابكما".

زفر في قوة ونهض ماداً كفه لها وتمتم من بين أسنانه ـ"انهضي لنكمل حديثنا في السيارة. ستلفت دموعك انتباه رواد القسم".

مسحت دموعها بظاهر كفها بطريقة طفولية قبل أن تمد كفها الآخر ليعانق كفه وهي تنهض لتسير بجانبه في صمت حتى احتوتهم السيارة بداخلها من برد يناير القارس.

ظل الصمت يكتنفهما إلا من صوت شهقاتها الخافتة التي لم تفلح في كتمها وباتت تمثل عبئاً على أعصابه انعكس في ضغطه على نواجذه بقوة.

شعرت بزفراته الحارة فقالت من بين شهقاتها بصوت مشروخ ـ"آسفة يا (مازن).. لقد تجاوزت في جنوني المدى هذه المرة و...".

قاطعها قائلاً بحزم ـ"حينما رأيتك ملقاة أمامي فاقدة الوعي كاد قلبي أن يتوقف، وتوقف عقلي عن العمل للحظات. وحين اكتشفت اختفاء (مودي) شعرت بحجم الكارثة. حملك (مينا) ووضعك في سيارتي وقادها بنا إلى المستشفى لإسعافك. وما أن طمأنني الطبيب حتى اختطفت السيارة وأمامي هدف واحد. أن اقتل (فتحي النشار) لأنه جرؤ على التعدي على حرمة أسرتي".

شهقت في دهشة وهي تسأله ـ"تركت (مينا) يحملني؟"

لاح شبح ابتسامة جانبية على وجهه وهو يتذكر كيف كاد يمسك بتلابيب الشاب رافضاً أن يلمس زوجته، لولا أن هتف به (مينا) مستنكراً ـ"ماذا دهاك يا أستاذ (مازن)؟ لقد قدمتني لصديقك قبل لحظات قائلاً إنني أخو زوجتك بالرضاعة. من بين جميع الحضور لا يحل لسوانا حملها. فإما تحملها أنت أو احملها أنا. لكنني لن اترك أختي ملقاة على الرخام البارد أكثر من هذا".

حينها فقط أدرك سخافة موقفه وتركه يحملها إلى أريكة السيارة الخلفية ليتلقفها هو بين ذراعيه على أريكة السيارة الخلفية حتى وصل بها إلى المستشفى و..

خرج من ذكرياته على صوتها وهي تهمس باسمه، فالتفت إليها موضحاً بهدوء ـ"فلنقل أنه أقنعني بمنطقه".

ثم اتبع بنبرة ألم ـ" لم أفكر للحظة في أن حرس (النشار) يستطيعون قتلي بدعوى الدفاع عن النفس وأنا اقتحم المكان عليه. كل ما كنت أراه في هذه اللحظة هو وجه (مودي) الذي قد لا أراه ثانية ووجهك الذي شوهته آثار أصابع ذلك القذر الذي صفعك. كنت أتمنى لو استطيع تمييزه بين رجال (النشار) كي أقطع أصابعه التي جرؤت على إيذائك. كنت أتمنى لو استطيع العودة بصديقي لأعيد البسمة إلى وجهك".

ضغط شفته السفلى بضيق ليتبع ـ"لكنني لم أتخيل أن أعود من تلك المواجهة لأجد زوجتي تتهمني في بلاغ رسمي باختطاف أخيها الذي كدت افقد حياتي وأنا ابحث عنه... لم أتخيل..".

قاطعته وهي تحيط وجهه بكفيها وتقترب بوجهها منه هامسة باختناق ـ"سامحني. لم أكن في وعيي يا (مازن). اختفاؤك في مثل هذا الموقف أربكني وأفسد قدرتي على التفكير".

تأمل عينيها اللتان احتقنتا بالدموع ليلمح الندم العميق بهما، ثم تنهد بعمق وهو يحتويها وسط ضلوعه ليعيد دقات قلبه إلى بعض من انتظامها السابق الذي افتقده منذ الحادث.

استكانت بين ذراعيه وهي تريح رأسها على صدره في فراغ السيارة الضيق وتعيد اعتذارها على مسامعه وهي تنصت لدقات قلبه التي افتقدتها، وتسمعه يهمس بحنان وهو يمسد ظهرها ـ"المهم الآن أن يجدوا الصغير قبل أن تهرب به (بهيرة). أدعوا الله أن يجدوه سريعاً لأنني سأقتلها إن فرت به و..".

بتر عبارته وهو يشعر بها تجفل على صدره في اللحظة التي ارتفع فيها رنين هاتفه فالتقطه ليجيبه بهدوء ـ"أهلاً (حمزة). كيف حالك".

أتاه صوت (حمزة) من الطرف الآخر يهتف متوتراً ـ"ماذا حدث يا(مازن)؟ أخبرني (رأفت) للتو بشأن (مودي). هل وجدته الشرطة؟"

تنهد في عمق وهو يجيبه بضيق ـ"ليس بعد. ها أنذا اجلس في سيارتي أمام قسم الشرطة في انتظار أي أنباء جديدة".

تمتم محوقلاً قبل أن يسأل صديقه ـ" وكيف حال زوجتك؟ لا ريب أنها منهارة لضياع الصغير".

تنهد (مازن) ثانية وهو يراها تعتدل في مقعدها بعيداً عنه وتمسح بكفيها ملامحها المرهقة، وأجابه ـ" أجل منهارة ومصابة بكدمات في وجهها بسبب زبانية (النشار)".

اعتذر له (حمزة) بحرج ـ" اعتذر عن غيابي عنك يا صديقي. لقد سافرت أمس مع زوجتي لزيارة والدها المريض، وسنتحرك الآن في طريق العودة إن شاء الله. سأحضر إليك بعد ...".

قاطعه (مازن) في سرعة ـ"لا عليك يا (حمزة). لابد وأنك ستكون مرهقاً من السفر. سأبقى معك على اتصال. انتبه لنفسك وأسرتك".

قالها وهو ينهي الاتصال ويعود لينظر من زجاج نافذته إلى قسم الشرطة وكأنه يستحث جدرانه على طمأنته بنبأ سعيد.
***********

 
 

 

عرض البوم صور رباب فؤاد   رد مع اقتباس
قديم 13-12-13, 12:24 AM   المشاركة رقم: 554
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عهد الكلمات


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 167604
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: رباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالق
نقاط التقييم: 2651

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رباب فؤاد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : رباب فؤاد المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
Jded رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 12

 




اهتز الهاتف في جيب سترته ليوقظه من غفوته القصيرة التي لم يكد يهنأ بها، ففرك عينيه في إرهاق وهو يتابع ببصره صاحبة الجسد النحيل والوجه الشاحب التي رقدت أمامه مسبلة الأجفان. تأكد من انتظام أنفاسها الضعيفة وهو ينهض خارج الغرفة في اللحظة التي توقف هاتفه فيها عن الاهتزاز.

ارتسمت ابتسامة شاحبة على وجهه حينما عاد الهاتف للاهتزاز ولمح اسمها يتراقص على شاشته، فأجابها بصوت حاول أن يبدو طبيعياً ـ"مرحباً".

أتاه صوتها الملهوف وهي تتنهد بارتياح قائلة ـ"وأخيراً أجبت الهاتف؟ كيف حالها الآن؟"

شعر بغصة تخنق صوته وهو يعود ببصره إلى الفراش وإلى الراقدة عليه قائلاً ـ"لم تتعد مرحلة الخطر بعد.... أخشى أن افقدها يا (سلمى)".

شهقت في لوعة وأسرعت تهتف ـ"بعيد الشر عنها. ستكون بخير.. صدقني ستكون بخير".

قال بصوت مشروخ ـ"ادع لها يا (سلمى). كم أتمنى لو يعود الوقت إلى الوراء كيلا يصيبها ما أصابها. ربما..".

قاطعته في سرعة ـ"إنه قدرها يا (أكرم). صدقني ستتجاوز المحنة سريعاً وتعود لتنير حياتك. اجعل ثقتك في الله".

هز رأسه مؤمناً على قولها وتمتم ـ" ونعم بالله".

ترددت قليلاً ثم ما لبثت أن سألته ـ"هل... هل يمكنني زيارتها بنفسي؟"

صمت قليلاً قبل أن يجيبها بحزم ـ"كلا. المفروض أن أحضر معها إلى بيتك أولاً كما اتفقنا. كما أن المنيا بعيدة عليك وأنت لم تزوريها من قبل".

قالت برجاء ـ"سأحضر برفقة (رأفت)..لن أكون وحدي".

أصر على رفضه قائلاً بنفس الحزم ـ"قلت كلا. لن تزوري المنيا إلا وأنت زوجتي. لن أسمح لأحد بأن يتحدث عنك من خلفك. اعذريني يا (سلمى)، لكنني لن استطيع استقبالك".

مطت شفتيها بضيق وهمست بخفوت ظنته لن يصله ـ" تخيلتك تحتاجني إلى جانبك".

لكنه لدهشتها أجاب بألم شديد ـ"بل أحتاجك بقوة. لو أنك زوجتي الآن. آااااه يا (سلمى). لن تتخيلي ما أعانيه. ليتك زوجتي".

اختنق صوتها بدورها وهي تحاول مواساته هامسة ـ"أنت أقوى من أي موقف تواجهه يا (أكرم). تذكر دائماً أنها ستكون فخورة بقوتك وصلابتك، وبأنها كانت السبب في تلك القوة بعد الله عز وجل".

التقط نفساً عميقاً يخفف من توتره قبل أن يهمس بأسف حقيقي ـ" تقبلي أسفي العميق غاليتي لتخلفي عن موعدنا. أنت تعلمين أنني لم أكن لأتخلف عنه لولا ما حدث لأمي".

حاولت الابتسام وهي تجيبه ـ"وأنت تعلم أنني لم أكن لأسامحك لولا هذا العذر. من يدري...كن مؤمناً دائماً بأن لكل شيء حكمة لا يعلمها إلا الله. وفي حالتنا لعله خير يخبئه الله لنا".

مط شفتيه قائلاً دون اقتناع ـ"نعم..لعله خير".

أنهى اتصاله معها وعاد إلى مقعده يراقب أنفاس والدته الضعيفة وعقله يقول بسخرية ـ"أي خير هذا في ابتعادي عن محبوبتي؟ ولمن هذا الخير؟"

وبكل الحنق في داخله زفر بقوة وذكريات اليومين السابقين تتدافع أمام عينيه حتى تصيبه بالغثيان

فبعد أن اتفق يوم الأربعاء مع (سلمى) على أن يزورها مع والدته يوم الخميس، اتجه من فوره إلى والدته في المنيا.

لم ينتظر أن يأخذ قسطاً من الراحة قبل أن يفاتحها فيما أتى من أجله

فكمية الأدرينالين في عروقه كانت تضخ نشاطاً وحيوية بالغين يجعلانه لا يريد من الدنيا سوى موافقة والدته على خطبته

وكم كانت سعادته حينما لمعت عينا والدته وهي تستقبل قراره باختيار شريكة حياته القادمة، قبل أن تختفي اللمعة من عينيها وهي تهب واقفة تهتف في استنكار ـ"من؟ أتريد الزواج من شقيقة صديقك؟"

ابتسم في ارتباك لم يعرف مصدره وهو يجيبها ـ"نعم يا أمي.. أريد الزواج من (سلمى). إنها فتاة رائعة و...".

قاطعته في ثورة انعكست على عروق رقبتها النافرة ـ"رائعة لنفسها، لكن لا شأن لها بابني".

حاول عبثاً أن يفهم سر رفضها لحبيبته، إلى أن هتفت به فجأة ـ" لن أدعك تتزوج بمن شارفت على الأربعين".

عقد حاجبيه مستنكراً وهتف موضحاً ـ"(سلمى) في الثانية والثلاثين فقط يا أمي، وهذا...".

قاطعته في صلابة ـ"الثانية والثلاثين لا تختلف كثيراً عن الأربعين. في جميع الحالات لن يمكنها أن تنجب أطفالاً أصحاء، وأنا أريد أن أرى أحفادي. يكفيني ما فعله شقيقك الأكبر حينما تزوج تلك الألمانية الشمطاء التي تكبره بخمس سنوات ولا تريد الإنجاب".

مسد ذراعها متودداً كعادته وهو يشرح بهدوء ـ"الأمر يختلف تماماً عن أخي..(سلمى) تصغرني بشهرين وتحب الأطفال مثلي تماماً، وبإذن الله سنملأ البيت بالأطفال وال...".

قاطعته في ثورة عارمة ـ"قلت لك لن تتزوجها فلا داعي لما ستقول. طالما بحثت لك عن عروس يافعة في مقتبل عمرها تستطيع الحمل والإنجاب دون متاعب. خطبت لك عشرات الفتيات من المنيا وحتى من القاهرة، لكنك رفضتهن جميعاً، والآن تأتي لتتزوج من عانس؟"

احتقن وجهه بدماء الغضب وهو يهب من مقعده بثورة مماثلة هاتفاً ـ"(سلمى) ليست عانساً. إنها صحافية ناجحة ومدرس مساعد بكلية الآداب وآلاف الرجال يتمنون أن يحظوا بشرف لقاءها".

أشاحت بذراعها هاتفة في سخط ـ"فليحظوا به بعيداً عن أبنائي".

قالتها ثم ما لبثت أن وضعت كفها الأيمن فوق قلبها بألم قاومته بعناد وهي تلوح بسبابتها في صرامة ـ"هي كلمة واحدة يا (أكرم)، لو أنك تزوجتها فانس أنني أمك، وسأعتبر أنني لم أنجب من الأساس".

حاول الاعتراض لكنها هوت أمامه فجأة فاقدة الوعي وقد شحب وجهها في شدة حتى ظنها فارقت الحياة.

كل ما استطاع فعله بعدما نقلها إلى المستشفى كان الاتصال بصديقه للاعتذار عن الموعد متحججاً بإصابة والدته بأزمة قلبية حادة.

لكنه لم يستطع أن يجيب اتصالاتها الكثيرة حتى اليوم.

قتله الشوق لصوتها فاضطر لإجابتها، فقد تكون المرة الأخيرة التي يسمعه فيها

ومن أعماقه دعا الله أن يشفي والدته، وأن تتراجع عن رفضها الغريب لحبيبته.



ولكن كيف يقنعها؟

وظل السؤال يؤرقه.
*************


 
 

 

عرض البوم صور رباب فؤاد   رد مع اقتباس
قديم 13-12-13, 12:26 AM   المشاركة رقم: 555
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
عهد الكلمات


البيانات
التسجيل: May 2010
العضوية: 167604
المشاركات: 658
الجنس أنثى
معدل التقييم: رباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالقرباب فؤاد عضو متالق
نقاط التقييم: 2651

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
رباب فؤاد غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : رباب فؤاد المنتدى : رومانسيات عربية - القصص المكتملة
Jded رد: 31_ قلب أخضر بقلم رباب فؤاد .. القلب الـ 12

 




ألم غريب استوطن أحشائها وهي إلى جانبه في السيارة، لكنها تجاهلته وهي تعد الدقائق والثواني في انتظار أي خبر يأتي من داخل قسم الشرطة.

ومر الوقت ببطء قاتل، فرحلت الشمس إلى حيث مبيتها اليومي، بل وقارب الليل على الانتصاف قبل أن يأتي جندي مهرولاً ليطرق زجاج السيارة المجاور ل(مازن) في سرعة أجفلتهما وجعلت الدماء تهرب من عروقها.

فتح (مازن) باب السيارة مستفهماً ليجيبه الجندي بأنفاس لاهثة أن "حضرة الضابط يريدك بالداخل".

شعرت وكأن روحها تُسحب من جسدها وهي تتبعهما إلى داخل القسم في لهفة، وتنفست الصعداء حينما سمعت الضابط يقول بابتسامة واسعة ـ"عثرنا على الصغير مع والدته بالفعل، وكانا في طريقهما إلى ميناء الغردقة. وقد اصطحبتهما قوة من الكمين وهما في طريقهما إلى هنا الآن".

شعورها بالارتياح النسبي جعل جسدها المشدود يسترخي فجأة لتجد ساقيها تتهاويان تحتها، لولا أن سارع (مازن) لاحتوائها هامساً ـ"حبيبتي لا داعي للقلق. لقد عثروا على (مودي) وهذا يكفينا الآن. تماسكي قليلاً، فهو لن يسعد برؤيتك هكذا".

أخفت وجهها في معطفه، لكنها لم تستطع إخفاء ارتجافة جسدها وهي تغمغم بصوت راجف ـ"لن يهدأ قلبي حتى أراه".

مسد ظهرها بحنان مغمغماً ـ"لم يبق الكثير حبيبتي... سرعان ما سيأتي ويعود إلى أحضانك بإذن الله.. قليل من الصبر".

تمسكت بمعطفه والألم الذي لا تدري كنهه يعصر أحشائها، وكتمت آلامها في قوة، بينما فسر هو ضعفها بخوفها على الصغير فأجلسها على أريكة جانبية وظل ممسكاً بكفيها بين راحتيه منتظراً وصول صديقه.

وياله من انتظار عصيب.



مرت ساعة أخرى شعرت بها تستنزف ما بقي بداخلها من قوة على الاحتمال، حتى انفرج الباب أخيراً عن وجه ضابط شاب يحمل صغيرها الحبيب نائماً وقد استبدل ملابسه بأخرى لا تعرفها.

والعجيب أن القوة عادت إليها أضعافاً مضاعفة وهي تهب من مقعدها لتنتزع أخيها من ذراعي الضابط لتمطر وجهه بقبلاتها اللاهفة ودموعها الحارة التي سالت رغماً عنها وكأنها لا تصدق عودته إلى أحضانها.

لم تنتبه لدخول تلك الأنيقة التي لم تفقد رباطة جأشها وهي تخطو إلى مكتب الضابط بثقة انعكست في عينيها الذهبيتين وملامحها الجميلة التي أحاط بها حجاب متهدل أظهر خصلات شعرها الناعمة كشلال من عسل مصفى

استفزه ثباتها فاقترب من زوجته وكأنه يؤازرها والتقط منها الصغير يشبعه بقبلاته هو الآخر ويشعر به يلف ذراعيه الصغيرتين حول عنقه هامساً بصوت نائم ـ"خذني إلى البيت يا (مازن)".

آلمته عبارة الصغير، فزاد من احتضانه وهو يهمس في أذنه ـ"حالاً حبيبي... سنعود إلى منزلنا سريعاً".

أما هي فما أن تركت الصغير لزوجها حتى رفعت عينيها إلى تلك المتكبرة وناظرتها بحقد لم تظن نفسها قادرة عليه هاتفة بغضب ـ"كيف تجرؤين على اختطاف أخي؟"

أتاها صوت الأخرى مستفزاً وهي تقول بسخرية ـ" أجرؤ؟ أنسيت أنه ابني أنا أم ماذا يا صغيرة؟"

ضغطت فكيها في غضب وهي تقول من بين أسنانها ـ"لم أعد تلك الصغيرة منذ ألقيت مسؤولية طفلك على عاتقي... منذ تحملت المسؤولية التي تخليت أنت عنها. لم أنس يوماً أنه ابنك، ولكن متى تذكرته أنت؟"

همت بالرد عليها حينما أوقفها الضابط بإشارة من يده قائلاً في حزم ـ"لن تتشاجرا أمامي. السيدة (علا السباعي) تتهم السيدة (بهيرة السنباطي) باختطاف أخيها (محمد السباعي)، وقدمت إلينا ما يثبت تنازلك عن حضانة الصغير منذ ثلاثة أعوام. فما قولك في هذا الاتهام؟ علماً بأننا وجدنا الصغير معك وأنت تحاولين الهرب به إلى خارج البلاد".

نقلت نظراتها القوية بين وجه (علا) و(مازن) والضابط، قبل أن يتهدل كتفاها فجأة ويختنق صوتها بالعبرات وهي تهتف بحرقة ـ" منذ متى كان حقي في صغيري مرتبطاً بورقة؟ أعترف أنني وقعت هذا التنازل وقتها كي احصل على حريتي، لكنني لم أحظ بنوم هانئ منذ ذلك اليوم. كلما تذكرت صغيري الذي تركته اشتعل قلبي شوقاً إليه و..".

خرج عن صمته وهو يحيط كتفي زوجته بذراعه الأيمن ويقول بجفاء ـ"وأين كنت وهذه المسكينة تعاني نظرات الاتهام من الجميع بأنها تخفي حقيقة نسب طفلها؟ أين كنت وهي تسهر بجانبه لترعاه في مرضه؟ أين كنت وهي تترك عملها وتهرع إليه في مدرسته لأنه توعك فجأة؟"

رفعت عينيها إليه تقيم هيئته وملامحه السينمائية، ولم تخف عليه لمعة عينيها وهي تقول بسخرية ـ"على الأقل كنت أنت بجانبها".

اربد وجهه من الغضب وهو يسمع شهقة زوجته المستنكرة ليهدر بها في صرامة ـ"اخرسي. زوجتي أشرف من أن تتحدث عنها امرأة مثلك لا تعرف شيئاً عن الشرف ولا النزاهة".

احتقن وجهها بدورها وهي تثبت نظراتها في عينيه بتحدي صفيق، قبل أن تعود لاستجداء دموع التماسيح وهي توجه كلماتها إلى (علا) هامسة بتودد ـ"عزيزتي لا أنكر فضلك في العناية بطفلي، لكنني احتاجه الآن. لقد حُرمت من إنجاب سواه، وهذا عقاب عادل. أعيديه إلي وتفرغي أنت لحياتك وزوجك. سرعان ما ستنجبان سوياً أطفالاً رائعة، فاتركي لي صغيري و..".

قاطعها هو بحزم ظهر جلياً في نظراته الصارمة وفكه المتصلب ـ"لن نترك (مودي) لأم مستهترة مثلك. (مودي) هو ابننا البكر، وسيظل ابننا شئت أم أبيت. لن ننكر عليك حق رؤيته متى شئت، تحت ناظرينا. أما عودته إليك فمستحيلة".

هتفت باستنكار شرس ـ"لكنه طفلي..أنا أعطيته نصف جيناته وحملته بداخلي تسعة أشهر و..".

مط شفتيه وهو يقاطعها بسخرية لاذعة ـ" عن أي جينات تتحدثين سيدتي لأنني لا أرى أياً منها. يبدو أن (مودي) رفض أن يحمل جيناتك، بل إنه حتى لا يشبهك".

ثم اقترب بوجهه قليلاً وهو يقول بفحيح قاس ـ"ربما تكونين أمه التي حملته، لكنه لا يعرف سوى أمه التي تحملت مسؤوليته، وأنت لست هذه الأم".

عادت بنظراتها إلى (علا) التي التصقت أكثر بزوجها وكأنما تستمد منه قوتها، قبل أن تقول بصوت واثق ـ"فلنبدأ المحضر الرسمي يا سيدي... قراري لن يختلف عن قرار زوجي".

وكانت عازمة على تنفيذ ما قاله.
************




 
 

 

عرض البوم صور رباب فؤاد   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أخضر, بقلم, رباب, فؤاد
facebook




جديد مواضيع قسم رومانسيات عربية - القصص المكتملة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 07:37 PM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية