لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (2) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-01-12, 09:20 PM   المشاركة رقم: 26
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 4-بين الموت والرغبة **

 

4- بين الموت والرغبة * *

ازداد صـوته برودة عندما قال : (( أريد تفتيشك لا اغتصابك )) .
ردت بمرارة :
ـ ولماذا لا تجمع بين الاثنين ؟ أليس هذا ما يفعله أمثالك من
الرجال عندما يريدون مأرباً ما ؟
كان صوته ناعماً . ولكن عضلة في فكه تحركت متوترة . . وأحدق
خط أبيض بفمه . وتابع يســأل :
ـ هل أنت واثقة أنك لا تطلبين هذا بالضبط . . إن للفتيات
المدللات مثيلاتك سمعة . . آه . . لا . . لن تفعلي هذا . .
أمسك يدها بسرعة عندما رفعتها لتضربه , وأنزلها إلى تحت , ثم
شدها بدون رحمة إليه .
كان تأمله الخبير لجسدهــا أكثر التجارب إذلالاَ . . وعندما أبعد
يديه عنها كانت نظرة عينيه متجهمة .
ـ أرأيت ؟ لست ممن يسيطر على رغباته , أليس كذلك ؟
ـ أنت . . أنت . . لا تطاق ! وأنا . . أكــرهك !
أوشكت دموعها على الانهمار فارتدت عنه لئلا يراها :
ـ نادين ؟
أهذه مخيلتها أم أن صوته رقيق فعلاً ؟ ارتدت على عجل وارتباك ,
وكادت تقع , فامتدت يده تتمسك بها ثم التفت ذراعه على جسمها
فشعرت بما يشبه الصدمة الكهربائية تنطلق لترجفها . اتسعت عيناها
وازدادت سرعة نبضات قلبها بإثارة , وارتفع اللون الأحمر إلى وجهها
بسبب شعورها بالذنب .
وصاحت :
ـ أخرج من هنا ! ولا تلمسني ! لا أطيق لمستك !
ولكن قولها هذا كان غلطة فادحة إذ سرعان ما أصبحت عيناه
وقحتين ساخرتين .
ـ لا ؟ . . أستطيع القول أن ذاكرتك بدأت تخونك نادين وأعتقد أن
أكثر ما يعجبك حقاً هو أن تضمك ذراعاي وتلمسك يداي .
ـ لا !
كرر مبتسماً :
ـ لا ؟ إذن فلنخضع هذا الإنكار للتجربة , أنفعل ؟
احتواها بين ذراعيه قبل أن تتحرك . . فأبقت شفتيها مطبقتين
بشدة , تحاول التفكير في أن لينو هو من يعانقها . ودفعت جسدها
ليحس بالاشمئزاز والثورة , لا بالسرور ولكن أصابعه الرشيقة بثت
الحرارة في بشرتهـــا .
أحست أن هذا كله لم يكن كافياً . . وتجاهل إحساس متمرد
قراراتها في المقامة والرفض . لكنها أخيراً تمكنت من انتزاع نفسها
وقد رافق ذلك صرخة احتجاج .
ـ سيرجيو ؟
منتديات ليلاس
ابتسم سيرجيو لها عند سماعه نداء ليديا , وابتعد نحو الباب تاركاً
نادين تغلي غضباً واحتقاراً لنفسها . ماذا دهاها ؟ كيف استجابت إلى
مداعباته ؟ إنها تكرهه ! . . ومع ذلك استجاب جسدها له . لماذا ؟
حين تأكدت أنها أصبحت بمفردها , استسلمت للدموع , راحت
تبكي بصمت فانتفض جسدها وانتشرت حول وجهها خصلات شعرها
الأحمر القاتم الحريري ولكن لم يكن فقدانها شعرها الحريري الناعم
هو ما يحزنها , بل شيء أعمق , وأصعب على الفهم . عندما لمستها يدا
سيرجيو انتفض شيء ما في أعماقها والمؤسف أنه شعر به . ففي إحدى
اللحظات , قبل أن تبدي مقاومة نظر إليها وعرف أن جسمها رغم
منطقها وكبريائها يرغب في الاستجابة للأمر الرجولي الذي في يديه .
كانت حقيبة يدها معها , فتشت فيها عن مناديل ورقية . . ليتها
فكرت في وضع قميص آخر معها . . فبعد جفاف دموعها أحست
بالحرارة والعرق . كانت ساقاها متسختان ولم يكن في الغرفة ماء
لتغتسل وباستثناء سيرجيو , لم يكن آسروها يهتمون كثيراً بضروريات
المدينة والنظافة الشخصية , حتى ليديا . . ولكن نادين كانت موسوسة
بمظهرها ولأنها لم تتمكن من الاستحمام أو من تنظيف أسنانها شعرت
بالقرف .
هناك نهر في الوادي . . شاهدته من النافذة الأمامية . ورؤية الماء
المتدفق بنعومة , زاد من شوقها إلى برودة الماء ونعومته على بشرتها . .
وتساءلت عما إذا كانت قادرة على طلب طست للاغتسال . ولكنها تعلم
أن ليديا سيسعدها رفض طلبها أما الطلب من لينو فمرفوض عندها
بسبب نظرة ذاك الرجل إليها , أما سيرجيو فتخشى إن طلبت منه ذاك
المطلب أن يظن أن لاهتمامها بالنظافة علاقة به !
ومر النهار وهي جالسة بمفردها بدون عمل يشغلها يدوياً أو
فكرياً , وهذا ما زادها خوفاً ورعباً وإحباطاً ولعل سبب الإحباط اقتناعها
بأن حياتها ستنتهي هنا في هذا لمنزل المهترئ .
بعد الظهر سمعت تحركاتهم في الطابق السفلي ولكنها لم تر أحد
منهم ومن النافذة شاهت لينو يعمل في كروم العنب , فدعت إلى
الله . . أن يرسل الشرطة الذين إن وصلوا عمدت إلى إخبارهم الحقيقة
ولو أدى ذلك إلى قتلها . وعندها تكون قد قامت بمحاولة ولكن ربما
تسببت في مقتل آخرين كذلك ! وهذا ما لن تتحمله .
كانت قد شاهدت سيرجيو ينطلق بسيارته بعد وقت قليل من تركه
لها , ثم عاد عند المغيب . لا شك في أنه ذهب ليرسل الصورة والشريط
إلى أبيها . حاولت نادين التفكير كم من الوقت سيمضي قبل أن يتلقوا
الرد منه . إنهم بالطبع لن يرسلوا الصورة والشريط مباشرة لأن ذلك
سيسهل في اقتفاء أثرها . . إذن ماذا فعل سيرجيو ؟ هل أرسلها إلى روما
لتنقل من هناك إلى عنوان والدها ؟
بعد عودة سيرجيو بنصف ساعة أتت ليديا تفتح الباب فتصاعدت
روائح تثير الشهية من الأسفل , فأدركت نادين مستغربة أنها تتضور
جوعاً . وقالـت ليديا بعدما دفع بيدرو حاجبيه تعجباً للرائحة :
ـ اشترى لنا سيرجيو المعكرونة والصلصة لنطبخها .
لاحظت نادين أن بيدرو ولينو جلسا إلى المائدة بدون أن يغسلا
أيديهما ودون أن يبدلوا الجينز المهترئ بما هو جيد أو نظيف . ولكن
سيرجيو كان يرتدي قميصاً أبيض نظيفاً , غير مزرر عند العنق , كما
لاحظت أنه استخدم الحنفية الوحيدة ليغسل يديه قبل الجلوس إلى
المائدة مع أنه لم يكن يعمل كالآخرين . . وحذت نادين حذوه بدون أن
تطلب الإذن , وعندما انساب الماء على يديها أغمضت عينيها بسعادة .
سمعت ليديا تســخر :
ـ حساسة جداً . . أليس كذلك ؟ تحـــاولين التأثير في سيرجيو
بتصرفـــات السيدة الأنيقـــة . . صحيح ؟
ردت نادين بــــهدوء ســاخر يحاكــي سخرية الفتاة :
ـ يحب بعضنا النظـــافة والانتعاش .
لمعت عينا الفتاة بشــــكل خطير :
ـ ماذا تعنين بالضبط ؟ سيرجيو . . أكانت سجينة أن لا . . لــن
أتحمــل إهانة هذه الفاسقة الصغيرة . . فإما أن تطلب منها المحافــظة على
أدبها أو أقوم أنا بتأديبهــا ؟
عرفت نادين أن الفتاة تعمدت إثارتها . . ولكن لماذا ؟ ألكــي تسنح
لها الفرصة لتعرضها للمزيد من العقاب الجسدي ؟
لاحظت نادين أن ما من أحد آخر تجرأ على تحدي أوامــر سيرجيو ,
وكان سيرجيو بطريقة ما بعيداً منعزلاً عنهم جميعاً بما فيهم ليديا التي
كانت عشيقته بدون شك .
كان الطعام لذيذاً مدهشاً , فالمعكرونة طرية وزكية الرائحة ومـــا
أذهلها أن تتناول صحنها كله . . فقد يكون رأسها يائساً في تفكيره
ولكن جسمها يحتاج إلى الغداء , فيما بعد رافقها سيرجيو إلى
(( غرفتها )) . ما إن دخلتها حتى انتظرت سماع صوت إقفال الباب ,
واستدارة المفتاح في القفل . . ولكن ما أدهشها أن سيرجيو بقي واقفاً .
سمعته بعد قليل يقول متردداً , أو هكذا بدا لهــا :
ـ أستطيع إقناع ليديا باصطحابك إلى النهر لتستحمي إذا شئت ؟
فسرت نادين لهجة الإشفاق في صوته على غير محلها وهذا ما
دفعها إلى القول بمـــرارة :
ـ ما الأمر ؟ هل تزعج ثيابي القذرة وجــسدي غير النظيف أحاسيسك
المرهفة ؟ أمــر مؤســف ! يجب أن تتعلم العيش مع قذارتي .
ما إن تفوهت بالكلمات حتى ندمت عليها لأنها تمنت لو قبلت
عرضة بلا تعليق , ولكن الوقت فات على سحب قولها المتسرع , فقد
ارتد سيرجيو إلى الباب , يهز كتفيه بدون اكتراث :
ـ فليكن ما تريدين . . فكرت فقط في أنك سترحبين بفرصــة
لإنعاش نفسك . . بدءاً من مساء الغد سيرافقك أحدنــا فيجب أن
تخرجي وإن لم تخرجــي طوعاً أجبرناك .
ســخرت منه :
ـ لم كل هذا الاهتمام بصحتي ! لماذا ؟ أتظــن أننــي لا أعرف أن لا
فرصة لـي بالخروج من هنا حية ؟
كان صوتها مشبعاً بالكآبة والألم وانعكس هذا في عينيها وهــي تنظر
إليه . بدا لها لهنيهة بأنه فهم , وأراد أن يواسيها , ولكن لا بد أن هذا
مجرد وهم بصري , فقد تحرك وكانت عيناه باردتين وقاسيتين كحالهما
دائماً . ويسألهــا بصوت ناعم :
ـ وإن لم تخرجــي من هنا على قيد الحياة . فماذا ستفتقدين ؟ ذراع
عشيق آخـر أم الإحساس بالحرير الفاخر على جسدك ؟ أم لمعان
الجواهــر ؟
ردت بصوت خـشــن :
ـ لا شيء من هذا كله . . ما سأفتقد إليه هو تنشق الهواء النقي مــرة
أخرى , الهواء غير الملوث بأنفــاس الحيوانات أمثالك . . حيوانات !
ضحكت بجنون هستيري :
ـ الحيوانات لا ترتكب بحق بعضها بعضاً هذه الجرائم . هي لا
تدمر وتقتل في سبيل المال . كم من المال طلبت من والدي ؟
ـ مليون جنيه . . إنه مبلغ رائع أليس كذلك ؟
ـ وهل خططت لهذا منذ البداية ؟ منذ الحفلة الراقصة في روما ؟
ـ أجــــل .
كــــان الاعتراف جازماً , يرفض الإفصاح عن أي ندم أو عطف .
ـ ورغم علمك بما سيجري كنت قادراً على . . على . .
ـ العبث معك ؟ كان أمراً ضرورياً , ولم يكن صعباً .
تحركت عضلة في فكه النحيل الأسمـــر , وتابع ساخراً :
ـ أنت امرأة في غاية الجاذبية وكان الجو مؤاتياً وما من إيطالي
أصيل قد يفعل غير هـــذا ؟
صــاح بها عقلها الباطني : (( غبية . . غبية ! )) لقد صدقت أن ما جرى
بينهما عنى له شيئاً . . لقد صدقت كمراهقة مجنونة .
ـ أنــت مـجرد آلــة لا رجل !
خالته لبرهة سيضربها ولكنه نظر إليها متجهماً , وقال بهدوء :
ـ تكرهين نفسك لأنك تستجيبين لــي . لا تكرهي نفسك . .
فاستجابتك ردة فعل طبيعية في تلك الظروف . امرأة لها تجربتك لا بد
أن تستجيب , خــاصة لـرجل . .
ـ حاول إغوائــي ؟
هز كتفيه :
ـ هذا يدل على براءة كلانا يعرف أنك لا تملكينها , وستكون
الأمور أسهل لو توقفت عن المقاومة . فأنا لا أرغب في إيلامك أو
إذلالك .
أسكتته ضحكتها المريرة فمد يده إليها يمسك ذراعيها .
ـ اسمعـــي . .
انتزعت نفسهــا من قبضته , وسألت بغضب :
ـ ماذا تحاول أن تفعل ؟ أن تغار ليديا ؟ لماذا لا تدعوها إلى هنا
لترى . . .
ـ أنت مصممة على إزعاجــي . . أليس كذلك . . أم أن هذا مـا
تريدين حقـــاً .
اشتدت قبضته عليها بسرعة وشدها إلى صدره , وتحركت يداه من
كتفيها إلى ظهرها , يضمها إليه . كانت إحدى يديه تلتف على مؤخرة
عنقها تجبرها على إحناء رأسها , والأخرى تلصقها به . . فصاحت :
(( لا )) .
اختنق احتجاجها المتأوه على صدره وحينما استكانت بين ذراعيه
أدركت كم أثارت غضبه . . فمن الواضح أنه رجــل غير معتاد على أن
تنتقده امرأة . . حاولت مقاومة اللامبالاة الذائبة التي راحت تتسلل إلى
جسدها . . واستطاعت تذوق طعم الدم المالح في فمها من شدة ما
ضغط وجهها على صدره . . ولكن لم تلبث أن استرخت ذراعاه قليلاً
فعمت كيانها موجة ارتياح أفزعتها وتركتها ضعيفة مرتجفة غير قادرة
على فهم ما يحدث لها . . إنها تكرهه . . تحتقره !
ســألت بصوت متحشرج أجش : (( ماذا تحاول أن تفعل ؟ )) .
ابـتسم مكشراً عن أسنانه :
ـ قد أسألك السؤال نفســه .
أصمتها سؤاله لبرهة ثم انطلقت إلى النافذة تسير على ســاقين
تهددان بالانهيار , لتتأمــل الطبيعة خارجاً . لماذا تختبر مثل هذه الجاذبية
الغامرة كلمـا اقترب سيرجيو منها ؟ إنها تكره الرجل وتحتقره , لكـــن
جسدها يتوق إليه .
قال سيرجيو يكســـر الصمت ساخراً :
ـ إن رغبت في التجربة مجدداً , فتجنبـــي أن تختاري لينو لأنك قد
تحصلين على ردة فعل لا تتوقعينها . . إلا إذا كانت ليديا على حق ,
وكانت المعاملة القاسية الخشنة هي ما تجتذبك أهذا هو الأمر ؟ أهذا ما
تأملين فيه ؟ لا ريب أنك كنت تشاهدين أفلاماً سينمائية كثيرة . قد
تكونين مرغوبة , ليس بالنسبة لي . . حين أرغب في ذلك أحب أن أكون
بين ذراعي امرأة عطرة الرائحــة .
منتديات ليلاس
سحب التهكم كل لون من وجه نادين , وسألت بشراسة :
ـ ألهذا تقوم بمثل هذه الأشياء ؟ لتبقى قادراً على أن تعيش في
مستوى راق ؟ إذا كان الأمر كذلك , فلماذا لا نعقد اتفاقاً مفيداً ؟
كان قد طرأ على بالها فكرة ما , وقبل أن تفقد شجاعتها حاولت
وضعها قيد التجربة . . ابتلعت الخوف المتزايد في نفسها , ومالت إلى
الأمام قليلاً , بشفتين منفرجتين وأصابع راحت تتسلل إلى الشق في
قميص سيرجيو :
ـ مليون جنيه مبلغ كبير , إن كــــان لك وحدك .
لم يتحرك , ولم تفصح عيناه عن شيء . ســأل : (( ماذا تقترحين ؟ )) .
كان أشبه بتمثال غرانيت لا يلين , فأردف : (( الخيانة ؟ )) .
هزت كتفيها محاولة الظهور بمظهر المرأة الهادئة المسيطرة على
الموقف .
ـ ولمَ لا ؟ هل ستقول إنها كلمة شرف بين لصوص ؟
قالت هذا بعذوبة ولكن السهم أصاب هدفه . . فقد سارع إلى إبعاد
أناملها عن قميصه بقسوة وظهــر على وجهه التحفظ .
ـ وإذا وافقت ؟ وإذا أردتك أنت إضافة إلى المليون جنيه مثلاً ؟
استقرت غصة ثقيلة في صدرها سببت لها ألماً شديداً .
ـ أنا . . نحن . . قد تصل إلى اتفاق ما .
أخافتها نظرة عينيه , فمدت يدها إليه فوجدت أنه وضع عرض
الغرفة حاجزاً بينهما , والتوى فمه بازدراء .
ـ يا إلهي . . كل شيء سيــان عندك .
لاحظت نادين صدره يعلو و يهبط تحت القميص الأبيض الرقيق ,
وكأنه يلهث من الركض . . بعثت قوة الغضب الذي استحوذ عليه
الخوف إليها . مع أنها لا تعلم ماذا فعلت ليغضب هذا الغضب كله .
ثم قال لها ســـاخراً :
ـ من تخدعين بحسب رأيك ؟ أتحاولين القيام بتضحية ؟ يا لها من
تضحية ! أنت تريدينني . . ولكنني لن ألمسك حتى لو كنت آخر امرأة
على وجه الأرض . أتظنين أنني لا أعرف ما يدور في خلدك ؟ ألا
تعتقدين أنني أعرف كل شيء عن الإثارة التي تحصل عليها امرأة مثلك
من مجرد التفكير بأنها ستغتصب بالقوة ؟ إذا كان هذا ما تريدينه حقاً ,
فلينو هو الرجل المناسب لك , لا أنا . . فأنا أحب أن تكون علاقاتي
سوية .
خرج قبل أن تتمكن من الرد تاركاً لها الإحساس بالألم والذل
بسبب رفضه . آمنت لهنيهة إنها ستتمكن من استخدام الفدية طعماً
لانقسام آسريها . . ولكنه قلب كل الطاولات في وجهها مشيراً إلى أنها
تحاول إقناعه باغتصابها .
صاح بها هاتف داخلي . . لأجل ماذا كل هذا ؟ ودافعت بمرارة :
إنها لا تريده . . إنها تكرهه . . إنها تحتقره !
مضى على سجن نادين أربعة أيام . الأمل الذي تمسكت به في
البداية تلاشى تاركاً مكانه شعوراً فاتراً باللامبالاة . وجرت الأيام برتابة
مملة ففي الصباح تقفل ليديا باب غرفتها بعد أن تقدم لها الماء
للاغتسال , ثم ترافقها إلى كوخ بدائــي صغير بعيد عن المنزل . . في
البدء عانت مرارة الإحراج كلما اضطرت إلى تحمل هذه المهانة , ولكن
السجن والطعام البدائــي الذي كانت تتلقاه , سلباها قدرتها على
المقــــاومة .
قبل النوم , كانت كل ليلة تغسل الثياب التي تلبسها نهاراً , ومع
أنها كانت تجف ليلاً , إلا أنها بدأت تبدو الآن رثة , وأحست بالحرمان
والوضاعة . لكن اهتمامها بمظهرها , كان قد اتخذ مقعداً خلفياً بالنسبة
لخوفها على مصيرها .
كان الجميع في الأمسيات يتناولون الطـعام في الغرفة السفلى وغالباً
ما كانت نادين تحضر ذلك الطعام تحت أنظار الحرس , فاليوم كان
سيرجيو غائباً وأحست بغيابه مع أنها لم تكلمه منذ فتشها . . في البداية
جعل تجنبها الواضح له ليديا تضحك , ولكن نادين وجدت الفتاة
الأخرى تراقبها وكأنها تجد صعوبة في فهم قدرتها على اللامبالاة .
ولكنها لم تكن غير مبالية خاصة في أسرها الحالي بل كانت
كراهيتها له تتعاظم حتى تكاد تسلبها القدرة على التفكير في أي شيء
آخــــــــــــــــر .
وصل سيرجيو فيما كانت نادين تتفحص العنب مع لينو . وهذه
عملية تكسر الظهر . . وما أشد ما رغبت في الاستقامة لتريح ظهرها
لولا خوفها من أن يعتبر سيرجيو حركتها انهزاماً . كان كلاهما متورط
في معركة إرادات صامتة , وكانت تعلم أن صمتها يغضبه فهذا ما تراه
في عينيه .
وهذه المعرفـــة بعثت إليها لذة منحرفــة . كان يريد أن يحطم إرادتها ,
ويريد أن يبعث الخوف إلى قلبها . ولكنها لن تحقق له ما يريد , ولن
تنضم إلى صفوف ضحاياه !
صاح بها لينو عندما توقفت عن العمل بدون أن تستقيم أو تتمطى .
ـ ما بك ؟ هل أنت ضعيفة أمام العمــل الشاق ؟
كان أفراد العصابة دائمي السخرية منها ولكنها تعلمت القوقعة على
نفسها بعيداً عن تهجماتهم , مع أن غريزة وليدة عميقة , كانت تحذرها
من لينو الذي كانت ليديا تتعمد تركه معها وكانت كبرياؤها تمنع نادين
من تصحيح ما تقول حين تلمح لـ سيرجيو إنها أمضت معظم يومها معه .
وفي الواقع كانت تفضل البقاء سجينة غرفتها , ولكن سيرجيو أصر
على أن تمضي نهارها في الخارج , وفي الهواء الطلق لتحرك أطرافها ,
ولم تستطع فهم السبب . لكنها باتت الآن مقتنعة بأنها لن تترك المزرعة
وهي على قيد الحياة . كان سيرجيو يذهب يومياً إلى البلدة القريبة
لتسقط الأخبار عن أبيها . . وقد حدث أن طلبوا مهلة أسبوع للرد ,
ومرت خمسة أيام منها . حاولت نادين أكثر من مرة أن تتصور حالة
والدها والتوتر الذي يعاني منه . ولكن عالمها بات مرتبطاً بحراسها ,
والتفكير في ما يحدث خارج هذا السجن أصبح مؤلماً ألماً لا تكاد
تتحمله وقتـــاً طويلاً .
ذبحت ليديا إحدى الدجاجات التي كانت تجوب في فناء المنزل ,
وقامت نادين بطهيها جيداً وحينما دخلت ولينو إلى المنزل انبعثت
رائحة الدجاج الشهية , وكان سيرجيو يقرأ جريدة , وليديا قربه
وذراعاها حوله . . فرفع رأســه , فأشاحت نادين نظرها عنه , وفمها
مشدود قرفاً . . فقال لها :
ـ أظهر والدك على الأقــل بعض التعقل . . فليس في الصحف مــا
يشير إلى اختطافك . ثمة خبر صغير في صحيفة لندنية , يقول إنك
تقضين إجازة مع أصدقائك .
سخرت ابتسامته منها وأثارتها ولكنها رفضت الرد . بدأت تسير
نحو السلم وكادت تصل إليه حين امتدت يده تمسك معصمها . فذعرت
وارتدت نظرتها لتلتقي بعينيه , وتصادمت عيونهما . كانت ترى بشرته
السمراء المغطاة بالشعر تحت القميص الأبيض الشفاف فتحرك شــيء ما
في داخلها . شــيء غريب , غير مرغوب . وجذبت نفسها عنه بتوتر
ويأس لتتخلص من الإحساس بقربه . .
فسألها : (( إلى أين ؟ )) .
ـ إلى غرفتــي .
ـ لماذا ؟
ـ لأننـــي أريد الانفراد بنفسي . . هل من اعتراض ؟
صاحت ليديا :
ـ فلنذهب سيرجيو . . لا يمكنها الفرار , ولن تحــاول . إنها أضعف
من أن تحاول . . فطوال حياتها كانت تستخدم مال أبيها واسمه لتنفتح
الأبواب لها . وها قد باتت الآن غير قادرة على فتح أي باب بنفسهــا .
هذا غير صحيح !
تكونت الكلمات على شفتيها , ولكنها لم تتفوه بها . . فقد جعلتها
الكبرياء تلوذ إلى الصمت ومنعتها من القول بأن هذا الاتهام كــان صائباً
منذ سنة أمـــا الآن فلا .
ـ سيرجيو !
جعل نداء بيدرو الملح من الخارج ليديا ولينو يخرجان ودفع
سيرجيو إلى أن يترك ذراع نادين وهرع إلى الباب . سمعت نادين كلمة
(( الشرطة )) فقفز قلبها أملاً . هل أتو بحثاً عنها ؟ هل بلغت باميلا عن
غيابها , وهل أدرك الشرطة ما قد حدث لها ؟ آه , ليتها تستطيع جذب
انتباههم بطريقة مــا !
طغى التوتر على المنزل المتداعي عندما كانت سيارة الشرطة تتقدم
في الممر الضيق الموصل إليه . السلاح الذي كان دائماً ظاهراً , ابتعد
عن الأنظار , وحده لينو كان يتلاعب بسكين . وعندما سمعت السيارة
تقف جف حلقها . فجأة انفتح الباب بشدة , ودخل رجلان يرتديان
بزتيهما وراح يتأملان الغرفة العفنة .
وســأل أحدهم : (( لستم هنا منذ مدة ؟ )) .
كان سيرجيو يستند إلى الجدار أمامها مشكلاً حاجزاً بينها وبين
الشرطيين أما ليديا فتسللت إلى الطابق العلوي . . وعرفت نادين أن
سيرجيو لم يكن يبالغ في تهديداته , وأنه قد يطلق النار عليها وعلى
الرجلين ولكنها رغم ذلك لم تكن قادرة على ترك الفرصة تمر بدون
محــاولة تحذير الشرطيين .
قال سيرجيو :
ـ ورثت المزرعة عن خالي . . إنها مهدمة ولكننا سنصلحها .
ـ أنتم لستم من هذه المنطقة ؟
هز سيرجيو كتفيه :
ـ نحن من روما . . لكنني أفضل الريف على المدينة . وكذلك
إخوتــي .
توجهت عينا الرجل إلى نادين حينما راح زميله يجوب الغرفة . .
ثم سأل سيرجيو :
ـ أهذه شقيقتك ؟
كانت نادين من حسن الحظ تفهم وتتكلم الإيطالية , فتدخلت
بسرعة : (( لا , أنا . . )) .
رد سيرجيو بأسرع منهــا : (( إنها زوجتــي )) .
ارتد إلى الخلف يحيط كتفي نادين بذراعيه , ولكنها أحست بضغط
أصابعه المحذرة على لحمها , وقال مردفاً :
ـ أتبقيان لمشاركتنا طعامنا ؟
رفض الرجلان الدعوة , وعادا إلى الباب , فاستدارت نادين بفزع
في دائرة ذراعي سيرجيو . . ترجو الله أن يلاحظ أحدهما الكرب الذي
تمر به . . ولكنهما خرجا برفقة لينو إلى سيارتهما , وظلت هي في
مكانها تشعر بالغثيان يسيطر عليها . لقد ولى آخــر آمالهــا , واستحوذ
عليها إحباط شامـــل .
تركها سيرجيو في اللحظة التي برزت فيها ليديا من الطابق
العلوي , وعيناها مركزتان عليهما بريبة . ورأت نادين بوضوح أنها
تغار , ولكنها لم تكن تملك القدرة على الاستفادة من هذا الاكتشاف ,
إذ استحوذ عليها إحساس بأنها ستموت فمهما فعل والدها , فلن يتمكن
من إنقاذها . . . وارتجفت , فتجهم وجه سيرجيو بعبوس شديد . لماذا
يدعي الاهتمام بها ؟ يعرفون جميعهم أنها مجرد وسيلة للكسب لجمع
المال لقضيتهم . . لامست بشرة وجههــا حيث صفعها , وأحست
بالكراهيــة تتجدد .
فقدت نادين شهيتها للدجاج المطبوخ , ولم تكن قد أكلت الكثير
وقت الفطور كذلك . وعندما أمرها سيرجيو بأن تنهي وجبتها اضطرت
لــــكبح ضحكة مريرة .
ـ لماذا ؟ ستقتلوني على أي حــال , فلِمَ لا أقوم بهذا نيابة عنكم ؟
ضحكت ليديا :
ـ إنها ليست غبية كما ظننت . . أم تراها تحــاول اجتذاب شفقتك
(( كارا )) عزيزي . . لا بد أنها قرأت الكثير عن العلاقات التي تتطور في
مثل هذه المواقف بين الآسر والضحية .
تجاهل سيرجيو كلام ليديا وقال بإصرار لـ نادين : (( يجب أن
تــأكلي . . . )) .
ثم التفت إلى لينو متسائلاً : (( أحظيت بقدر كاف من التمرين ؟ )) .
هز الرجــل كتفيه : (( كانت تعمل في الحقل بعد الظهر )) .
أضافت ليديا : (( وفي كل ليلة يرافقها أحدنا عندما تسير )) .
التفت سيرجيو إلى نادين :
ـ ستأكلين , وإلا اضطررت إلى إطعامك بنفســـي .
قاطعته ليديا : (( أسمعت شيئاً عن لندن ؟ أكان . . )) .
ـ ينفذ والدها حتى الآن جميع تعليماتنا حرفياً . إنه يحاول جمــع
المال , ويأمل الحصول عليه في الوقت المحدد .
لمعت عينا ليديا السوداوان :
ـ يجب عليه ذلك وإلا أرسلنا ابنته قطعة قطعة .
حين دفعت نادين بطبقها بعيداً هذه المرة , لم يحاول سيرجيو
منعها . . وأدلى لينو برأيه :
ـ كلما انتهينا من هذا بسرعة كلما كان أفضل . . ضقت ذرعاً بهذا
المكـــان . . !
كان الظلام قد خيم على الطبيعة خارجاً فانبعثت أصوات الجنادب
بلا توقف , ورمت الفراشات الصغيرة بنفسها على النوافذ سعياً وراء
الضوء . ما إن انتهت وجبة الطعام , حتى قال سيرجيو لـ نادين :
ـ تعالي سأسير معك الليلة .
أرادت أن ترفض فقد أحست بعيني ليديا تخترقان ظهرها وكأنما
خنجران , وشاهدت لمعان الامتعاض في عيني لينو . . لكن ليديا
اعتادت على التسلل بعيداً في الوقت المفترض بها السير معها وكانت
تتركها وحيدة مع لينو الذي كانت عيناه تستمران بالتحديق إلى جسدها
بشغــــف .
عندما خطت إلى الخارج أحست بالعرق يبلل بشرتها فتمنت
لو تستحم مهما كلفها الأمــر . . منعت نفسها من الضحك بسخف لأنها
تذكرت نكات يدور موضوعها عن الموت . بدا لها أن دهراً قد مر منذ
ضحكت آخر مرة بشكل طبيعي , وبدأت تفهم كيف يعمل الرهبان في
أديرتهم , بعيداً عن العالم . . فتحت رحمة غرباء , كان من السهل أن
يحس المرء بحكمته تتلاشــى وبإرادته تتحطم .
وجهها سيرجيو ناحية النهر , وكأنه قرأ ما يدور في خلدها من
أفكار , فأراد أن يزيد من عذابها . كانت رائحة جسده تتناهى إليها مع
رائحة الريف . . وكانت أحاسيسها مركزة عليه حتى ضاقت منها .
لم يقترح من جديد فكرة الاستحمام في النهر , منعتها كبرياءها من
الطلب كما رفضت أن تطلب منه شيئاً , مهما كان ضرورياً .
ـ أتعلمين . . أنت مختلفة عمــا كنت أتوقع .
فاجأها التعليق الهادئ , وكادت تفقد توازنها حين وقفت فـي
الظلام تنظر إليه بحثاً عن السخرية في وجهه ولكنها لم تجد شيئاً .
فســألت : (( كيف ؟ )) .
جعلت , عباءة الظلام الكلام أسهل , ودفعت الكراهية بعيداً قليلاً .
أحست به يهز كتفيه :
ـ في كل يوم . . تبدين أكثر ضعفاً , مع ذلك أقوى , وأكثــر مرونة .
توترت نادين وتشنجت لأنها شكت في أنه ينصب فخاً لها , وقالت
بصوت مرير حاد :
ـ ألم تجد أننــي تلك المدللة الثرية التي كنت تتوقعها ؟ لست ابنة
(( دادي )) المدللة التي كنت مؤمناً أنها قادرة على شراء أي شيء ؟ لست
غبية , أعرف المواصفات , وأعرف سبب وجودي هنا . وإذا كنت تتوقع
أن أركــع أمامك متوسلة حين أعرف أنك ستقتلني . .
ـ وإذ لم تعرفـــي ؟
ـ أهذا ما تريد ؟ أن أزحف باكية ؟ لماذا ؟ أيسعدك هذا ؟ أنــا لم
أتوسل إلى رجل قط في سبيل أي شيء , ولن أبدأ بهذا الآن !
ـ ألم تتوسلي قط إلى رجل ؟
التفت إليها فشاهدت تحت نور القمر السخرية تتسلل إلى قسمات
وجهه القاسية , وقال بعذوبة :
ـ ليس هذا ما سمعته عنك . . فالكلام الذي يدور حولك يقول إنك
أسهل الفتيات على الإطلاق , وأفضلهن . . فتاة قوية , تعرف كيف
تحصل على الرجل الذي تريده .
ـ لكننــي لا أريدك !
كان الرد الأجش فظاً خالياً من الانفعال فقد آلمها مجرد الإصغاء
إلى ما قاله , كانت تعرف ما هي سمعتها بالطبع . . واستولى عليها
إحساس سقيم وهي تتذكــر كيف ظنت أن هناك شيئاً مميزاً بينهما . . .
قالت له بمرارة :
ـ حتى المريضة جنسياً قد لا ترغب في أي رجل قد تقع عليه
عيناها . . ماذا تعمل حين لا تعتمد على الخطف من أجل معيشتك ؟
أتؤجر نفسك للمليونيرات من العجــائز ؟
شهقت حين أمسك بها تحت ذراعيها , وهزها بعنف . ثم أنبأتها
نظرة واحدة ألقتها على تعابير الغضب البارد على وجهه إلى أنها تمادت
كثيراً . . ولكن , هل تمادت إلى درجة أن يرغب في قتلها الآن ؟ فجــأة
أرادت أن تتوسل إليه لئلا يعذبها قبل أن يقتلها . اسودت عيناها بثقــــل
مشاعرها , أبرزت هذه القصة البشعة بنية وجهها وضعف جسدها شديد
النحول بعد أن خسرت بعض الوزن .
ـ نادين . . .
ســرعان ما أشاحت بعينيها عنه كارهة رنة الشفقة في صــوته , رافضة
إياها . وقالت بلؤم :
ـ ماذا دهاك ؟ أتفكر ثانية ؟ لماذا لا تذكر هذا لليديا . . ستكون أكثر
من سعيدة إن تخلصت مني بل ستجد متعة عظيمة في قتلـي .
كان الغضب المرير هو ما دفعها للتفوه بهذه الكلمات ولكنها
أحست بتوتر جسده الذي تجاوب مع كلماتها , وقال بعذوبة :
ـ ربما ستفعل هذا . . وإذا كنت تحاولين دفعي إلى أن أفقد
السيطرة على نفسي . .
صمت ثم تمتم بشيء من بين أسنانه في الوقت الذي كشف فيه
ضوء القمر الاحتقار في عينيها . . ثم أصبحت بين ذراعيه , تحس
بالحرارة تتصاعد من جسده كما شعرت بإحدى يديه تتعقب خطوط
عنقها , وبالأخرى تشدها إليه .
حاولت المقاومة , لكن قوته كانت عظيمة . . وتصاعد الذعر في
أعماقها حينما شعرت بيده تجول على ظهرها , لكنه كان خوفاً سرعان
ما أخلى الطريق لمشاعر أخرى .
نسيت كل ما قادهما إلى هذا العناق وكل ما حدث بينهما , وما
جعلها تكون في هذا المكان . .
أرادت أن تدفعه عنها , ولكنها بدت عاجزة , وارتفعت ذراعــاهــا
لتلتفا حول كتفيه . . وتصاعدت آهة حارة من أعماقها وراحت تشده
إليها . . وانحنى رأسه ببطء إليها , فانطلقت في جسدها كله ثورة من
التوتر , وكان أن اشتدت أناملها الظمأى على شعره الأســـود .
ـ سيرجيو !
أجفلهمـا صوت مرتفع حــاد . وكانت ردة فعله أسرع منها . . فتركها
متراجعاً إلى الوراء في اللحظة التي وصلت فيها ليديا إليهما . . ولكن
نادين لم تظن للحظة واحدة أن الإيطالية خدعت . .
قالت ليديا :
ـ قلقنا عليكما . . لقد مضى على خروجكما وقت طويل .
تشدق سيرجيو ببرود :
ـ قلقتم ؟ أم تملككــم الفضول ؟
صاحت ليديا بشراســة , تهجر ضبط النفس فجأة :
ـ كنت تغازل هذه الساقطة الصغيرة !
ـ ما ذلك بجريمة وقد نطلق على ذلك اسم الواجب . ولكنك بكل
تأكيد لا تغارين (( كارا )) ؟
كان يتعمد إغاظة الفتاة , مع أنها لم تفهم السبب , ولا فهمت
كذلك ما الذي دفعه إلى أن يعانقها بتلك الطريقة . شعرت بأنها ما زالت
تحترق بنيران ذاك العناق ولكنها مهما وبخت نفسها الآن لن تتمكن من
إنكــار تجاوبها معه . ولكن لماذا كانت هذه الرغبة من حظ سيرجيو في
وقت تشعر بالبرود تجاه جميع الرجال الذي تعرفت وتتعرف إليهم ؟
كانت في حالة شحن عاطفي قوي وقد فضحتها هذه العاطفة .
وفيما كانت غارقة في أفكارها , لم تشعر بالغضب المطل من عيني
ليديا . ولكنها شعرت أثناء العودة إلى المنزل بذلك حين دفعتها ليديا
متعمدة حتى كادت تقع . . لقد جعلت منها عدوة لدودة خطرة . أما
النظرة التي رمقتها بها عند دخولهم إلى المنزل فكانت تعد بعقاب شديد
لتجرؤها على احتلال مركزها مع سيرجيو .
قالت نادين لنفسها مبارك عليها هذا الرجل . صحيح أنها انجذبت
إليه في البدء , ولكن هذا التجاذب لم يدم بعدما عرفت طينته . راحت
رغبة الانتقام للمرة الثانية تحرق أحشاءها ولكنه انتقام لن يحدث إلا إذا
خططت للعودة من الموت , لتلاحقه . في وقت متأخر من الليل أيقنت
أنها تسير إلى حتفها لا محالة . ولكنها في بعض الأحيان كانت تفكر
بطريقة من لا يتوقع الموت أبداً . نهرت نفسهـــا فعلى المؤمن المشرف
على الموت واجب ديني ألا وهو إعداد النفس له . . ولكن كيف للمــرء
أن يهيئ نفسه ؟ بالصلاة ؟ بطلب المغفرة للأعداء ؟ ولكنها لن تقدر على
هذا أبداً .
كان الفجــر قد أوشك على البزوغ حينما غلبهــا النعاس . . تهدهـــد
نفسها متظاهرة بأنها طفلة صغيرة يحتضنها والدها بين ذراعيه .


نهاية الفصل (( الرابـــع )) . . .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 05-01-12, 09:24 PM   المشاركة رقم: 27
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

موعدنا غداً بإذن الله
كنت بانزل الفصل الخامس والسادس
بس قلت برضو التشويق حلووووووو
اتمنى للكــل قراءة ممتعة
تحيتي ومحبــــتي

جمرة لم تحترق

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 05:43 PM   المشاركة رقم: 28
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
الادارة العامة
فريق كتابة الروايات الرومانسية
عضو في فريق الترجمة
ملكة عالم الطفل


البيانات
التسجيل: May 2008
العضوية: 77546
المشاركات: 68,218
الجنس أنثى
معدل التقييم: Rehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدعRehana عضو ليلاسي اصيل مبدع
نقاط التقييم: 101135

االدولة
البلدSaudiArabia
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
Rehana غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 
دعوه لزيارة موضوعي

يلا ياحلوووة .. بإنتظارك
فيس التشجيع

 
 

 

عرض البوم صور Rehana   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 06:42 PM   المشاركة رقم: 29
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 

اقتباس :-   المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana مشاهدة المشاركة
   يلا ياحلوووة .. بإنتظارك
فيس التشجيع

تسلمـــي يا قمر
على التشجيع
نورتي قلـــبي
ودي لك

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
قديم 06-01-12, 06:47 PM   المشاركة رقم: 30
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
فريق تصميم الروايات
فريق كتابة الروايات الرومانسية

البيانات
التسجيل: Jul 2009
العضوية: 148124
المشاركات: 1,563
الجنس أنثى
معدل التقييم: جمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييمجمره لم تحترق عضو جوهرة التقييم
نقاط التقييم: 2331

االدولة
البلدBrazil
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
جمره لم تحترق غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : جمره لم تحترق المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 5- الجـــرح * *

 

5- الجــــــــــــرح * *

أصمت نادين أذنيها عن إهانات ليديا الحادة وردعت نفسهـــــا
كالعادة عن الإحساس بالمهانة عندما تراقبها وهي تخلع ملابسها
لتغتسل بالماء الذي تزودها به في طست صغير قائلة في كل مرة
بسخرية :
ـ لم تعتادي على هذا الأمـــر , أليس كذلك ؟
لكن , هذا الصباح أحست في صوتها بغيظ يفوق المعتاد وعرفت
نادين السبب .
عانت ليديا منذ البدء الأمرين لتلمح لـ نادين أنها و سيرجيو
حبيبان . . لكن نادين أحست فيما بعد أن الإيطالية لم تكن واثقة من
سيرجيو كمـــا تدعـــي .
سخرت ليديا منها حين لم ترد عليها : (( إنه تغيير كبير بالنسبة
لك )) .
كانت نادين تعلم أن ردها سيثير ضربة من نوع ما من ليديا , لذلك
تجنبت تشجيعها على ذلك .
ـ أنت الآن لست سيدة مجتمع . . أليس كذلك ؟ لن يرغب فيك أي
معجب إن شاهدك على هذه الحال . هذا إذا كانوا يرغبون فيك , لا في
مــال أبيك !
وقعت كلماتها الأخيــرة على جرح مؤلم , لم يندمل بعد . فقد
كانت تشك دائماً أن الكثير من معارفها لا يتوددون إليها حباً بها بل
طمعاً بوالدها . لذلك ردت لا إرادياً وهي تقصد الهزء بـ ليديا :
ـ ما بالك ؟ أخائفة أن يرغب سيرجيو في مال أبي فيخونك ؟
كانت تعرف أن هذا الإدعاء سخيف ولكنه يستحق مشقة قوله
لرؤية غضب ليديا التي انقضت على نادين , وأظافرها تنهش بشرتها
الناعمة , تصيح بهــــــــــا بشراسة .
ـ لن يجرؤ . . فستقتله المنظمة . . كما أنه لا يرغب فيك . لقد
أخبرني أنه يسلي نفسه بك ليرى ما إذا كنت بارعة في الفراش كما هو
مشهــور عنك .
شدتها من شعرها بشراسة قبل أن تدفعها بقوة كادت ترسلها إلى
الأرض . ولكن نادين ردت بخبث لئيم وهي تقف مستعيدة توازنهــا :
ـ وأنت , ألا تعترضين ؟ أم تراك لا تجرؤين على الاعتراض ؟
عرفت أن سهمها أصاب هدفه حين اسودت عينا ليديا , ولكن قبل
أن ترد ناداها لينو من الأسفــل , فتمتمت ليديا وهي تدفعها إلى الخارج :
ـ حذار , حذار ! وتــذكري أن سيرجيو لــي !
كانت نادين تسير بين أغراس الكرمة المغبرة , تشعر بلينو يراقبها
من ورائها وكانت نظراته التي لا تلين قد بدأت تفقدها أعصابها . . لم
يكن قد تحرك ليلمسها , ولكنها تعرف أنه يرغب فيها . تعرف وتخــاف
من هذه المعرفة فهي تشعر بأنه خطير ككلب مسعور . . وكانت بشرتها
تقشعر كلما شعرت بعينيه على جســـدها .
وقت الغداء أحــست بالحرارة والتعب من الانحناء على غرسات
العنب , لذا عندما قال لها لينو إن باستطاعتها التوقف عن العمل تنفست
الصــــعداء .
قال لها لينو وهمــا يقصدان المنزل :
ـ عندما يدفع لنا والدك المــال , قد أشتري مزرعة كهذه وسأتخــذ
لــنفسي زوجة ممتلئة .
كانت تعرف أنه يضايقها بكلامه , ولكنها لم تستطع أن تكبح رداً
ســـــاخراً :
ـ ظننت أن المــال عائد إلى القضية . .
لم تكن تشعر بأن ليديا تتعقبهمــا إلا بعدما ردت بشراسة :
ـ قضيتنا هي تنظيف العالم من الأثرياء الطفيليين أمــثــالك
والمشاركة بثرواتهم !
في الوادي قرب النهر لفتت حركة مفاجئة نــظر نادين فوقفت تصغي
إلى ليديا , وتراقب سيرجيو وهو يخرج من الماء حيث كانت بشرته
تلمع تحت الشمس . كان يدير ظهره لهم ولكن نادين شعرت بأنفاسها
تنحبس في حلقها وراقبته وهو يسير نحو سيارته . كان رشيقاً كنمر في
غابة , بشرته براقة كقماش من الساتان البني . ويبدو أنها أصدرت صوتاً
صغيراً فضحهــا , فقد خطت ليديا فجأة أمامها , والكراهية الفجة في
عينيها , وقالت من بين أنفاسها :
ـ أنت تريدينه . أرى هذا في عينيك . . لكنـــــــه لـي !
التفتت إلى لينو :
ـ أترى , إنها ترغب فيه كــالــساقطات !
كانت كلماتها اللاذعة أكثر مما تستطيع نادين أن تتحمــل . وإذا بردة
فعلها تجعلها تتحرك بشــكل غير طبيعي , فخطت إلى الأمـــام , ترفع
يدهـــــا . . . أمسك لينو بيدها , وجذب ذراعها بشكـــل مؤلم خلف ظهرها
مبتسماً الابتسامة المثيرة الشهوانية التي طالما أوقفت شعر رأس نادين
بخوف بدائــي .
استطاعت أن تفلت منه صــــائحة :
ـ دعنـــي !
أعطاها الخوف القدرة على التحرر منه ولكن خوفها ظل يطــاردها
طول الطريق بسبب الطريقة التي كان الرجل والمرأة ينظران إليها .
وقت الغداء توقعت نادين أن تقول ليديا بعض الملاحظات بــشــأن ما
حــدث ولكنها لم تقل شيئاً , بل راحت تتحدث إلى لينو و بيدرو أكثر مما
تحدثت إلى سيرجيو . فتساءلت نادين عما إذا كانت تحاول إثارة
غيرته . . ولكن , لم يكن في تصرفاته ما يدل على أنهما حبيبان . . مع
أن نادين شكت أنهما ربما كانا حبيبين في وقت ما , وأن ليديا
تحاول يائسة تجديد علاقتهما الحميمة .
بعدما زار الشرطة المزرعة سمح لـ نادين بمزيد من الحرية , فمن
غير المحتمل أن يعود رجال الشرطة ولم يعد في الحراسة المسلحة
سوى شخص واحد . وقد قيل لها إن الحارس سيطلق النار عليها فيما
لو حاولت الفرار . ومع أنها تعلم أن مقتلها هو النتيجة الحتمية , إلا أنها
لم تستطع دفع نفسها إلى المحاولة التي تعلم أنها ستضع حداً لحياتها .
بعد الغداء أعلن سيرجيو عن حاجته للذهاب إلى البلدة . ولاحظت
نادين أنه الوحيد الذي يتصل بروما وبوالدها , ولكنها كانت تشعر
بكراهية الآخرين لهذا التدبير ومع ذلك لم يتساءل أي منهم عن حقه في
هذا . كان يحكمهم بتأثير الخوف , وهذا سلاح حقير , ولكنه ســــــلاح
قـــوي .
كان قد مضى على خروج سيرجيو ربع ساعة عندما أنهت نادين
تنظيف المائدة . في هذا الوقت أعلنت ليديا أن سيرجيو أعطاها
تعليمات بأن تحرسها أثناء الاستحمام . وكان رد فعل نادين الاحتجاج .
ـ لــم يخبرنــي .
ولكن ليديا شخرت وقالت :
ـ ولمَ يخبرك ؟ لا يحق لك أن تناقشــي أوامره , كما أنك ستوفرين
على بيدرو حمـــــــل الماء .
اعترفت نادين بأنها ترحب بهذه الفرصة التي ستخولها الارتماس
في الماء . فالغسل البسيط الذي كانت تقوم به في طست الماء الصغير
كان أفضل من لا شيء ولكنه لم يكن يفي حاجتها إلى الاغتســال .
كانت المياه منعشة كما تصورت وكانت قد نسيت ما يشعر به
المرء عندما يكون نظيفاً فعلاً . وما أشد ما كانت سعادتها غامرة عندما
وقفت المياه تغمرها حتى الصدر . زودتها ليديا بالصابون وببعض
الشامبو لتغسل شعرها , الذي مازال متلبداً منذ القصة الإجبارية .
حين تخطت المياه باتجاه ليديا , لم تكن ليديا موجودة . وهذا أمر
غريب فليست الإيطالية على هذه الدرجة من الإهمال ولكن نادين كانت
مسرورة لأنها وجدت نفسها بعيداً عن وجود تلك المرأة الكريهة . كانت
تجفف نفسها حين برز شخص من بين ظلال الزيتون , فشدت منشفتها
إلى جسمها تحميه . . وشاهدت لينو يتحرك إليها ببطء .
كان أول ما فكرت فيها هو الفرار ولكن الخوف سمرها في مكانها
فراته يبتسم ويمد يده إلى المنشفة مهدداً :
ـ لا تزعجي نفسك بالصراخ , فلن تسمعك ليديا أو بيدرو . ما كان
يجب أن تضعي عينيك على سيرجيو , لأن ذلك لا يعجب ليديا .
إذن , لقد تعمدت تلك المرأة جرهـــا إلى هذا الفخ . وكانت تعلم أن
لينو سيجدهـــــــا .
ارتعشت ارتعاشة عنيفة وارتدت على عقبيها تتأوه ولكنها لم تكن
سريعة كفاية فأمسكها لينو بأقل جهد , وبدأ يتلاعب بها كما يتلاعب
القط بالفأر وطفقت يداه تشدان خصرها , وانحنى إليهــــا .
فكرت في أنها ستموت إن عانقها , فلن تطيق ذلك , كانت يداه
تمسكان بالمنشفة , فجعلها الخوف والذعر تقاتل كحيوان مذعور ,
وأخذت أظافرها تغرز عميقاً في بشرته . فاجأته ردة فعلها العنيفة التي
دفعته مكرهاً إلى تركها جزئياً ولكنها شاهدت يده الطليقة تمتد إلى
حزامه . ماذا يعني بحركته ؟ لم تفهم ما يفعل إلا عندما شاهدت بريق
سكين في يده .
سرعان ما تقوقعت على نفسها , كانت عيناها مشمئزتين ومسمرتين
في آن واحد . وأحست بالخوف يعضها عضات هائلة تكاد تمزق
صدرها وتشل فكرها وحركتها . تحرك لينو إليها كالمنوم مغناطيسياً
وكان تركيزها منصباً على النصل الرفيع اللامع الحاقد .
ضحك لينو ضحكة عميقة متمتعاً بخوفها , متلاعباً بها . ارتدت
تستعد للعدو ولكن ما إن تحرك حتى أمسك بها . .
ـ لينو !
مزق الأمر الجاف الأجش الصمت , فالتفتت نادين بحدة بحثاً عن
صاحبه فرأت سيرجيو يركض إليها والغضب يستعر في وجهه .
أعطى وصوله نادين الشجاعة فقاتلت لينو وتحررت من قبضته ,
ولكنهـا أساءت الحكم على ردة فعله , فظهور سيرجيو المفاجئ ,
جعله يتمتم بوحشية من بين أنفاسه ثم أنزل السكين التي قطعت المنشفة
من الأمام تاركة خيطاً رفيعاً أحمــر راح يتسع وينتشر وسط نظراته . أما
آخــر ما سمعته فكان صوت سيرجيو الذي صاح بحدة :
ـ بيدرو . . أبعده عن نظري وإلا لن أكون مسؤولاً عما أفعله به !
حين استردت وعيها , كانت مستلقية في اللاندروفر مع شخص . .
إنه سيرجيو , في مقعد السائق وهو يتشاجر مع ليديا , التي كان صوتها
حـــاداً غاضباً :
ـ لماذا تصطحبها إلى البلدة ؟ إنه مجرد خـــدش !
ـ إنه أكثر من خدش ليديا . . ولا نريد أن تموت من التسمم بسبب
الالتهاب . والآن أسأل ماذا كانت تفعل بمفردها مع لينو أصلاً ؟ لقد
أعطيتك تعليمات صارمة . . .
ردت تقاطعه بنعومة :
ـ ربما كان يجب أن تعطي هذه التعليمات لها (( كارا )) عزيزي لا
لــي . . دعني أهتم بجرحها . . ماذا إن حاولت الفرار وهي في البلدة ؟ .
رد بثقة باردة هادئة جعلت نادين تقشعر :
ـ لن تفعل . . ويجب أن يعاين الطبيب الجرح . . قد يحتاج إلى
قطب كما أننا لن تستفيد منها ميتة . والدها يطالب بدليل على أنها ما
تزال على قديد الحياة وهو لن يرسل لنا المال إلا إن حصل على هذا
الــــدليل .
تمتم بيدرو :
ـ لم تقل شيئاً عن هذا من قبل ؟ قلت لنا إن كل شيء يسير حسب
الخطة .
ـ وهذا صحيح . . ولكنك لست عديم الخبرة في هذه الأمور لتعلم
أن رجل أعمال ماكراً لن يدفع إلا إن حصل على الدليل الذي يؤكد أن
ابنته بعافية .
ـ وكيف توفر الدليل له ؟
ـ نجعلها تقرأ فقرة من جريدة الصباح .
ـ وبعدها يرسل المال ؟ ألهذا طلبت أن نتركها على قيد الحياة ؟
أصر سيرجيو على المحافظة على حياتها . أيعني هذا أن الآخرين
كانوا يضغطون عليه لقتلها ؟ ضغطت على وجهها المحترق إلى المقعد
القاسي . وحاولت ألا تظهر لهم أنها استردت وعيها .
ـ بدا لي ذلك هو الشيء المعقول المنطقي وقد أكدت لي روما
أنكم خبيرون في هذه الأمور . . ولكنني وجدتكم مهملين وكأنكم
أطفال غير مجربين . يجب أن أرفع بكم تقريراً لدى انتهاء هذه
المهمة . . لقد تجاهل لينو تعليماتي قبل هذه المرة .
عرفت نادين حتى بدون أن تنظر إليهم أن ليديا و بيدرو مرعوبان من
كلامه , فتعجبت من قدرة سيرجيو في السيطرة على الموقف وعلى
أفراد العصابة . كان يديرهم كما يدير الدمى . شعرت بأن شهوة الانتقام
التي ساعدتها ومنعتها من الانهيار تتلاشى منها لأنها وجدت نفسها
عاجزة عن الانتقام من رجل حصن نفسه من كل ما قد يوجهه إليه
القدر . ولكن , لكل رجل نقطة ضعف , غير أن حدساً ما أنبأها بأن
المرء قد يقضي عمره كله في البحث عن نقطة ضعف سيرجيو ولا
يجدهــــــا .
منتديات ليلاس
حين شغل سيرجيو محرك اللاندروفر القديم , أرسل الارتجاج
ألماً في جرح نادين وكان أن فقدت الوعي ثانية . ولم تسترد وعيها إلا
بعدما تجاوزوا الطريق الترابية . فأوقف سيرجيو السيارة ونظر إليها :
ـ كيف تشعرين ؟
لم تكن يدها تبرح المنشفة الملتفة حول جسمها فعبس وكــأنه
يعرف هذا للمرة الأولى . خلع قميصه بسرعة :
ـ هاك من الأفضل أن ترتدي هذا .
ثم استدار إلى الخلف وأخرج جينز نظيفاً مطوياً أعطاها إياه .
ـ وهذا أيضاً ربما هذه الملابس كبيرة ولكنها أفضل من لا شيء .
أمسكت بالقميص والسروال ونظرت إليه بجمود فسألها :
ـ ما الأمر الآن . ألن ترتديها لأنها لــي ؟ أتفضلين البقاء عارية . .
صحيح ؟
ـ كنت . . أتساءل إن كان بإمكانك إشاحة وجهك بعيداً .
دهشت من سرعة استدارته أما هي فتعثرت الأزرار بين يديها
وتدفق الدم ببطء من جرحها , قال ببرود :
ـ تدركين ما كان سيحدث لولا عودتي التي كان سببها ثقب في
الإطــــار . . أليس كذلك ؟
وجدت الشجاعة لترد : (( أجــــــــل كان سيغتصبني لينو )) .
ـ يغتصبك ؟ لم تكن هذه هي القصة التي سمعتها من ليديا . ألست
من طلب ما حدث لك ؟
ـ هـــــذا غير صحيح !
ـ لا ؟ وهـــل ستدعين جهلك برغبته الشديدة بك ؟
ـ بل أعرف ذلك ولا أجهلـــه .
كانت كلماتها الهادئة أكثر من همس بقليل . . ولكنها لن تخبره
عن خدعة ليديا , فليظن بها ما يشاء لأنها لا تكترث أو تعبأ .
ـ تعرفين ومع ذلك عرضت نفسك أمامه بتلك الطريقة ؟
جعلتها لهجته الحادة القاسية تنتفض ذهولاً . . وأردف يســأل
بغـــضب :
ـ ومن خلته ؟ أحد زملائك في المجتمع الراقي ؟ حسناً . . سأظهر
لك من هو . إن تسمية لينو بالحيوان لظلم وإجحاف بحق مملكة
الحيوانات . إنه أحد الساديين . أعرف أن بعض النساء يجدن هذا النوع
من الرجال مثيراً . . حسناً . . أنت لست منهن ولكنك ذات تجربة
تجعلك تعرفين أمثاله وتعرفين أن عليك ألا تشجعيه .
أشجعه ! تدفقت الدموع التي لم تستطع منعها :
ـ لم أشجعه !
ـ لا ؟ ليس هذا ما سمعته . تعرفين خير معرفة التأثير الذي يتركه
مظهرك . إن الرجل الذي لا يتأثر عندما يراك هو رجل قد قُد من حجر ,
ورغم معرفتك وخبرتك عرضت نفسك بتباهٍ .
ـ عرضت نفسي بتباه ؟
نسيت ألمها وجلست تتابع :
ـ كنت أستحم في النهر , وفي ظني أن ليديا تحرسني على الضفة .
ولكن ماذا عنك ؟ هل يختلف الأمر حين تكون مكاني ؟
ذكرها بريق التسلية في عينيه بالليلة التي التقيا فيها للمرة الأولى .
وقال بنعومة :
ـ هكذا إذن . . رأيتني هذا الصباح . . أقول رداً على سؤالك ,
ودفاعاً عن نفسي أن ما من امرأة استطاعت حتى الآن اغتصاب رجل .
وإن حدث ذلك فاعلمي أننا حصلنا على مساواة كاملة بين الجنسين .
ولكن حتى يحدث هذا , سنضطر ببساطة إلى تقبل الوضع الراهن ,
الذي يقول إن الأمرين مختلفان كل الاختلاف .
كادت نادين توشك أن تقول له إن أحد أهداف منظمتهم هو فرض
المساواة الكاملة . ولكنها تذكرت أن سيرجيو لا يقضي الوقت في ذكر
وصايا منظمتهم , فنادراً ما كان سيرجيو يذكر سياستها أو يحاول توجيه
التعاليم لها كما يفعلون . بل هو في الواقع في واد وزملاؤه في وادٍ آخر .
جعلتها حفرة مفاجئة في الطريق تقفز من مكانها وتلتصق به
وعادوها الألم مجدداً . . وتسللت الفكرة من رأسها , وهي تحـــاول
التركيز على ما تبقى من وعيهـــا .


نـهاية الفصل (( الخامس )) . . .

 
 

 

عرض البوم صور جمره لم تحترق   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
السيف بيننا, احلام, بيني جوردان, دار الفراشة, روايات, روايات مترجمة, روايات مكتوبة, روايات احلام, روايات احلام المكتوبة, روايات رومانسية
facebook




جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t171070.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
Untitled document This thread Refback 03-01-16 12:28 AM
ط±ظˆط§ظٹط§طھ ط§ط­ظ„ط§ظ… ظ…ظƒطھظˆط¨ط© ظ…ظ„ط§ط°ظ†ط§ This thread Refback 11-10-14 12:01 PM


الساعة الآن 06:46 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية