عندما يموت الكلام
تمهيد

تحرك النهر مهسهسا كالافعي ,,,فيما علت وجهة رغوة كثيفة ...جلست ماريا علي صخرة وراحت ترمي الحصي نحو مجري النهر ......حفنة كبيرة من الحصي اخذت تغرق في المياة دون ان تترك اي اثر لها,,,,
بعد ان قضت علي كومة الحصي التي كانت قربها ,بدات تحمل القش فتشبكة ببعضة عشوائيا ليصبح علي شكل زورق ,ما ان رمت زورق القش في المياة حتي غمرتة المياة ,وجعلتة يختفي عن ناظريها.....
انة نهر غاضب ,,لماذا يصر والديها علي الابحارفي هذة الامواج الوحشية ويعتبران الامر مسليا...؟!!!
بعد لحظات سيقوم النهر بجرفها هي ايضا ...!!
وستختفي الي الابد تحت هذة المياة الداكنة المتمردة....!!!
اتجفت ماريا فجاءة ...لايزال امامها اسبوعان قبل ان تبدء المدرسة الثانوية اسبوعان من المغامرات..... بعد تلك المغامرة المرعبة !!
" مرحبا ! "
التفتت ماريا الي الخلف ونظرت بعينين شبة مغمضتين تجاة الشمس....بدا ايدي طويل القامة ....وهو يضع يدية في جيبية ..وقد امال راسة قليلا ....وراح ينظر نحوها ...نظرت ماريا الية بحذر وهي تتمني لو انها ليست مكشرة ....بدا ادي ظريفا ولكنة كبير السن بالنسبة اليها..... وحين تبلغ سنة هذة .....سيكون في الرابعة والعشرين من عمرة اي عجوز..!!
لن تتمكن ابدا من التسكع برفقتة ...امر مؤسف ...!!فقد كان ليصبح حبيبا مناسبا
" اة مرحبا "
"والدك ووالدتك يبحثان عنك؟! "
اخفضت ماريا بصرها نزولا,, وفركت يديها بالعشب لتنظفهما,,, لم تحضر ساعتها معها ,,, لذا فقدت احساسها بالوقت,,, والان ذكرتها معدتها الجائعة بانها تريد شيئا لتاكلة ,,,لكن من جهة اخري فان تناول الطعام قبل الرحلة المائية قد لا يكون فكرة جيدة ....!!!
ماهو الافضل ان تاكل وتحصل علي قليل من الطاقة ؟!! ام تبقي جائعة حتي لا تحرج نفسها بالتقيؤ خلال الرحلة..؟!!
وقفت ونظرت نحو النهر مرة اخري .....انها مياة عنيفة عميقة وداكنة ......عاد الخوف ليملاء صدرها ......فابتلعت ريقها واستدارت لتلحق بادي عائدة الي المزرعة.
اخذ الخوف يسيطر عليها ....لكن لم يكن امامها خيار اخر ..؟!!
عليها القيام بذلك ....عليها الصعود الي الزورق السخيف لتتمرن علي القيام بمغامرة
ما خطبها؟ من المفترض ان يكون الامر ممتعا ...؟! الجميع يظن انة امر ممتع.
سارا بسكون لدقائق طويلة قبل ان تلاحظ ان ادي يحدق بها....ادارت وجهها بعيدا كي لا يلمح الدمعتين اللتين انحدرتا من عينيها .....ثم ابطات خطواتها وهي تامل ان تسير خلفة .....لكنة ابطء خطواتة ايضا وقف مكانة وشبك ذراعية علي صدرة وحدق بهاقائلا " ما المشكلة ؟!!"
" لا شيئ ....لا شيئ "
حرك ادي قدمية لينقل توازنة من قدم الي اخري ....كانت ماريا تنظر الي الاسفل ولا تري سوي حذائة الا انها ادركت انة لا يشعر بالارتياح
" تبا انت تبكين ؟!!! هل علي ان اركض لمناداة والدتك؟!! "
مسحت ماريا دموعها بظاهر يدها ثم هزت راسها بقوة وقالت " لا ....لا تخبرها انني ابكي لا يمكنك ذلك "
تبا ,,,,,هل انت واقعة في مشكلة ما؟!! "
لا ....انا بخير ليس هناك مشكلة .."
" لا مشكلة .؟؟!!
بدا كانة يشك بذلك ثم خطر في بالة امر فقال " اة ...انت تبكين لاجل شاب ما؟!!"
لا....
" حسنا ...لاداعي للغضب... انا لا اهاجمك لكن هذا ما تفعلة الفتيات في سنك!
" انا لست ابكي حقا انة مجرد رشح بسيط.."
ابتسم ادي باستهزاء ثم قال " حسنا ....توقفي عن الشعور بالرشح ايتها الطفلة"
"لا تنادني طفلة!!
لكنك طفلة ....انظري الي نفسك انت تبكين كالاطفال "
اة ...اصمت
نظر ادي نحوها ثم علق بسخرية " انا اراهن انها مشكلة تتعلق بشاب؟!!
لا ...ليس الامر كذلك ....انة هذا النهر السخيف البشع!!
القي ادي نظرة سريعة نحو النهر ثم " سالها عم تتكلمين؟!! "
اعترفت ماريا قائلة " انا خائفة"
الاعتراف بمشاعر الخوف اراحها ما جعل بقية القصة تخرج من تلقاء نفسها
" انا اكرة المغامرات ...جميع انواع المغامرات ...انا حتي اكرة المزلجة ذات العجلات .....انا لا احب الشعور بالخوف كما تحبون انتم ......وانا حقا خائفة من النهر...... اكرة الابحار في المياة ....اشعر انني لا استطيع التنفس
انا جبانة "
انحنت نحو العشب واخذت القليل منة في يدها لقد قالتها اخيرا....اصبح هناك من يعرف سرها العميق الان.
قال ادي وهو يبدو متعبا " انة ليس امرا خطيرا وانت تعرفين ذلك .....لم يكن والداك ليضعاك في هذا الموقف لو انك ستتعرضين للخطر"
انا اعلم ذلك"
وتعلمين اننا جميعا سنقفز خلفك لو شعرنا انك في خطر!!""
اعلم ذلك ايضا.... لكنني مع ذلك اشعر بالخوف ولا استطيع التنفس "
اغرق ادي يدة في العشب وسحب نتفة منة اخذ يحركها بين اصابعة كما تفعل هي تماما
" حسنا ان كنت فعلا لا تريدين القيام بذلك اخبري والديك ..انك خائفة لن يقوما باجبارك "
كاد قلب ماريا يتوقف لمجرد فكرة انهما سيكتشفان الامر
لا .....لن اخبرهما لن اخبرهما ابدا .... وانت لايمكنك اخبارهما بالامر ايضا ادي عدني انك لن تفعل.."
"ماالذي ستفعلينة اذا ؟!!!
لا شيئ..!
عضت شفتها واخذت تلعب بالعشب من جديد ليس بامكانها فعل شيئ لايوجد مخرج
تمتم ادي قائلا " طفلة "
شعرت ماريا انة لا يحق لة قول ذلك فهو ايضا كان طفلا في يوم من الايام
تابع يقول " حسنا ....في هذة الحالة علينا العودة بسرعة قبل ان يشعر الجميع بالقلق "

بعد ساعتين وصل الجميع الي منقطة الانطلاق , حمل والدا ماريا وادي الزوارق الي النهر ...اما هي فحملت المجاديف بينما اقتربوا من النهر اصبحت قدماها اكثر ثقلا.. شعرت بضغط كبير في حنجرتها وبدات دقات قلبها تتسارع بالرغم من انها اخذت تؤنب نفسها لانها جبانة
قال والدها وهو ينظر نحو النهر المجنون ويبتسم " المياة مرتفعة ممتاز ستكون رحلة رائعة "
وضعت ماريا المجاذيف علي الارض وشغلت نفسها بربط شريط حذائها ها قد بدات ترتجف انبت نفسها قائلة توقفي ستكونين بخير.... انة امر ممتع
سمعا شتيمة من بعيد جعلتهم يتوقفون للحظة ...التفتت ماريا لتجد ادي يتكئ علي صخرة وهو يشتم بينما يفرك قدمة بقدمة الثانية
سالتة والدة ماريا" هل انت بخير"
اجاب وهو يكشر " اظن انني لويت كاحلي ....تبا ...اظن ان قدمي بدات تتورم"
قال والد ماريا " كيف بحق السماء لويت كاحلك في هذا المكان؟ انت تتسلق الجبال دون مشكلة.....فلماذا التوي كاحلك في هذا الممر البسيط ؟"
كشر ادي من الالم لكنة تمكن من اظهارابتسامة مخادعة " نعم حسنا انا ابذل قصاري جهدي"
قالت والدة ماريا " دعني القي نظرة "
لكنة ابعدها عنة فورا
" لا حاجة لذلك كارا ... انا بخير انها امور تحصل انا اعرف الدواءعلي العودة الي المزرعة ولفها بالثلجا ذهبوا من دوني "
هل بامكانك ان تقود السيارة؟!!
بالطبع احتاج الي قدم واحدة لاقود "
لكنة التفت نحو ماريا وتابع قائلا " لكنني قد احتاج الي بعض المساعدة "
شعرت ماريا بالارتياح لانها وجدت مهربا لنفسها " سابقي برفقتك ادي لا مشكلة "
قالت والدتها بنبرة ملؤها الشك " لا اعلم.... ليس من العدل ان تفوتي الرحلة ماريا ...سابقي انا مع ادي "
"لا ....انت بحاجة للقيام بهذة الرحلة ....انها علي لائحة المغامرات التي خططنا لها للسنة المقبلة ...هيا اذهبي ساعتني انا بادي"
رات والداها يتبادلان الابتسام لفكرة ان فتاة في الرابعة عشرة من عمرها تريد الاعتناء بشاب في التاسعة عشرة من عمرة ...لكنهما في النهاية وافقا علي الامراعادا الزورقين الاضافيين الي الشاحنة ..وما لبثا ان ودعاهما ..مشي ادي وماريا الي الشاحنة وادي يتكئ عليها
بعد مضي دقائق قليلة اصبحا بعيدين عن انظار والديهاترك ادي كتف ماريا وبدء يسير امامها اخذت ماريا تحدق بة وهي تسير خلفة لا تفهم ما يجري
" ادي كاحلك ؟ التفت نحوها ساخرا وقال " انت ايضا صدقت الامر؟! "
لم تفهم ماريا قصدة وقالت " ماذا تعني ؟
هل صدقت تمثيلي؟
بدا كان دماغها يعمل ببطء فقالت "كاحلك الا يشكو من شيئ؟!! "
حرك ادي عينية بينما فتح باب الشاحنة وقال " لا انة بخير "
ولكنك...... ولكنك .....تحب التجديف وتحب الانهار المجنونة ...انت لا تخاف منها اة ....هل ادعيت ان كاحلك مصاب كي لا اضطر للذهاب معكم؟ "
انة امر لا يصدق لماذا يقوم بامر مماثل لاجلها...؟!!!
"هيا ...اصعدي ماريا ...دعينا نذهب الي المزرعة.. وهناك ستلعبين باقلام التلوين"
صححت لة بثقة وهي تصعد الي الشاحنة " انها اقلام فحم وليست اقلام تلوين اقلام التلوين للاطفال "
تاملها ادي عبر النافذة المفتوحة وقال " وانت الست طفلة ؟!!"
شعرت ماريا بالانزعاج وبقيت تنظر خارج النافذة بعد ان صعد ادي الي الشاحنة ليقود... لقد كبر ادي بسرعة لطالما لعبا سويا من قبل رغم انها اصغر منة سنا
لكنة ذهب السنة الماضية الي الجامعة وحين عاد كان قد دخل عالم الكباربالكامل ...في الواقع لقد اشتاقت ماريا لادي القديم ..!! وصلا الي المزرعةوما ان دخلا حتي جلسا بصمت ...جلس ادي علي الاريكة وراح يحدق نحو السقف اما ماريا فجلست الي الطاولة مع معداتها الفنية
تمتم ادي لاحقا " لاداعي لتشكريني "
قالت مجبرة نفسها علي الكلام " شكرا "
" في النهاية سيكون عليك ان تخبريهما بالامر ..!! فهما يظنان انك تحبين هذة الامور.... حتي انا لطالما اعتقدت ذلك انت ماهرة في التظاهر بذلك ....سيظلان يقحمانك في هذة الامور حتي تضعي انت حدا لها بنفسك!! "
انا اتدبر امري معظم الاحيان
لم تتظاهرين بذلك ؟!!
لانني اريد ان اصبح مغامرة
ارادت ان تقول مثلك .....لكنها تابعت مثل ابي وامي ....وسانجح ساتخطي ذلك لكنني احتاج فقط لاكتشاف روح المغامرة بداخلي "
ابتسم ادي بسخرية ما جعلها تبدو طفلة سخيفةوقال " تريدين اكتشاف روح المغامرة في داخلك ...ها ...ها "
نعم "
هل قرات ذلك في كتاب ما؟!!"
لا انا اخترعتة
ضحك بصوت خافت ثم اخرج هاتفة النقال من جيبة " حسنا يا صغيرة اذهبي للعب الان ...اذهبي لاكتشاف روح المغامرة بداخلك"
احتاج الي التكلم مع حبيبتي ونحن نحب الخصوصية"
خرجت ماريا غاضبة حاقدة علي العالم كلة ولا سيما علي ادي ....حسنا لابد ان حبيبتة تتحلي بروح المغامرة ايضا!!