فاصـــل :×:

بين حنايا الليل و الوقوف على الأطلال كانت شروق قد خسرت الكثير من وزنها فقد اعتزت الطعام والشراب كانت تحيي الليل ساهرة حزينة تناجي الليل وتسأل عن حبيبها الذي ضاع للأبد تخاطبه بحروفها وكأنه قربها تخط بقلمها حنيناً له وشوقاً له بحبر الحب ":"

" أين أنت يا سعود ؟! هل تنام الساعة مطمئناً أم أنت بين ذراعي القدر بين رحمة وعذاب .. هل نسيتيني ونسيت ذكرى هذه الفتاة الشحوب التي حقة في سماء الحب من حروفك وهمساتك .. قد كان حبي ك نقياً كماء السماء .. أنا طائر ضعيف حطم الدهر جناحيي فألفت حياة الأرض بحشراته وهوامه ..فجئت أنت ترفعه بجناحيك القويين إلى السماء فرفعتني حتى استطعت التحليق بي .. ولكن ما لبثت سعادة معك حتى سقطت على رأسي والدماء من حولي أهي دمائي أم دمائك حبيبي ؟!
قنعت بك من الحياة حتى ما أبالي إذا وجدتك ماذا خسرت في حياتي ولكن ما يقنعني بعدك ..
أتذكر ساعة ألتقينا والطير تتلو صلاة مساء والشمس نائمة على سرير الأفق صفراء كأنها مريضة كاد يختفي رأسها بين الوسائد .. ونحن تتعانق روحينا وعيني إلى عينك وخدي يتمنى أن يلتصق بخدك .. فغبت معك من خلال ثوان إلى حلم ممتع من احلام الحياة

أتذكر؟!

أتذكر مسرانا في هذا القصر وقد خلونا فيه وحدنا والناس حولنا وتركنا الدنيا بضجتها وصخبها .. نمشي وحيدين يس معنا إلا الحب الذي يربط بين قلبي وقلبك .. نتلفت حولنا فلا نرى إلا جمالا في جمال .. عشت وحيدة سوى في تلك الساعات وهل كنت أتمنى غير دنيا تحفني بك دون سواك

لماذا أذقتني لذة الحب ؟
لقد كنت راضية بالحياة مطمئنة إليها .. أعيش في الظلام .. فلما عرفت الحب .. عرفت النور والسمو وعلمت ما هي اللذة .. فلا أنا أجد الآن النور .. ولا أنا أطيف الرجوع إلى الظلام "

لبثت شروق على عذابها وحدها و صوفي لا تعلم ماذا جرى لأختها !!

الجزء الثالث:



لم يعد لدى يوسف مكان يذهب إليه فلقد التزم حديقة إطلالة القمر اسبوعين دون حراك فأصبح حديث العائلة وحديث أقرانه
كان القمر وحده يضيء ظلمة الليل وكان يوسف يستلقي على سريره الخشبي المنقوش بالزخارف النباتية ..
كانت الحديقة مفروشة بالحصى على أشكال الطاووس وهو رمز للسعادة والغزلان رمزاً لطول العمر والمال رمزا للثراء ويعني هذا أن كل خطوة تجلب الفرح والحياة المديدة والثراء الواسع .. كان المكان محرم دخوله لاحاطته بثلاث بحيرات وكانت زهور التوليب الحمراء تحيط بالمكان
بدأ يوسف بالتحدث بنبرة حزينة تعكس مزاجه الحالي " الأشجار مجردة من اوراقها ..و أسمع من بعيد صوت مالك الحزين .. لو أن عزلتي عن الناس بدل الهم فرحة لسعدت بلاد التنين
فهل يا ترى هل عساني أرى حبيبة القلب
فدونها القلب فارغ وحياتي لا أهمية لها بعدها
وعندها لن تكفيني آلاف الدموع


نظر يوسف في أصابع يديه وهو لا يدري شيئا عن صاحبة هذا الخاتم ..وجد في مكان الخاتم قطعة من الجوهر الثمين لم يشعر بها من قبل فأخرج الخاتم من أصبعه وحدق بتركيز لما بداخل الجوهره وذلك الأسم المنقوش بالماس " صوفي " فغشيت الحيرة يوسف من جديد وازداد السر والغموض حول تلك الفتاة فاخذ يفكر ويحدق ليتذكر صاحبة الخاتم صوفي فلقد سمع بها من قبل ولكنه لا يتذكر أين ولكن قلبه هداه أخيراً لصاحبة الختام " ويحي ويحي إنه خاتم الأميرة صوفي أميرة الدولة ابنة الملك والملكة "
عاد ليحدق بالخاتم ليثبت تحليله فعاد للماضي لحظة اللقاء ولحظة تسليمها الختام له فقبل الخاتم وعانقه من جديد !!

اقترب أنور من أخيه يوسف فشعر بمعاني الحزن ظاهره على أخيه فدنى منه اكثر حتى وضع يده على كتفيه
فنظر له يوسف بعينين حالمتين " اهلاً بك أخي "
أجابه أنور " أخي يوسف من الخطأ ان تسلم نفسك للاحزان هكذا فما يسلب القوي الشجاع قوته !!فليس هذا مما عرف عنك فانت ممن عرف عنه العزم والحماس .. وما أجده منك ليس سوى هزل وسفر بعيد .. ماذا تظن الناس يقولون عنك ؟ وهم يقولون لقد هزل يوسف وخارت قواه وهو في سن الشباب ... انهض اخي من هذه الحديقة وابعد عنك أي وهم وحزن وتذكر من أنت وما كنت وانه لا مكان للوهن في عالمك "

لم يفهم يوسف الكثير مما قاله أنور فقد كان واضحاً عليه الألم ولم يكن منتبهاً إلا للخاتم الذي بيده وعندها نظر لأنور وقال " غن من تراه اليوم يختلف عن سابقه اليوم فليس هو ذلك الذي عرفتموه .. فلا تبحث عني حتى أعود انا من تلقاء نفسي وما جسمي غير عش للألم والحزن وما قلبي الا نار مشتعله اما الراحة والطاقة والجلد فلقد طلقتهما فدعني مع قدري "

سمع انور كلام اخيه فأيقن أن يوسف تجاوز حدود ما يفهمه من حزن فلا نصيحة تفيده ولا عظه فحزن لأخيه وصمت وودع اخوه يوسف


اترك الحديث عن يوسف للحديث عن صوفي وشروق والمربية سعاد
ففي ذلك اليوم لم يصلوا الا وقد كادت الشمس على الغروب فلم يجدن أي صعوبة في الدخول للقصر وخاصة بلبس الرجال دون أن يشك بهن أي أحد من الجنود ومن بعد 16 يوماً

التقت صوفي بشروق
شروق " هل أقتنعتي بأن من تحلمين به زوجاً ومن تجاوز جمال الطبيعة لا وجود له في عالمنا"
صوفي " ألا تعذريني يا شروق أليس كل الفتيات يفكرن في زفافهن .. إذ يقلقنا ان نجد ازواجنا باردي العواطف او لئيمين او مهملين .. ولكننا معظم الوقت نتخيل أموراً رائعه ومبهجه . فكيف يسعنا ألا نخترع خيالات في عقولنا عن جمال يفوق الطبيعة في حين أن الحقيقة شديدة القسوة ؟! تخيلي معي يا شروق في تلك الليلة وأنا أسمع صوت أغاني الزفاف واتلقى التهاني والتبريكات لزفافي اتخيل زفافي اتخيل زوجي الذي ساحب وهو ينتظرني ليصحبني معه في رحلة طويلة في هذا العالم الزوج الذي لا أعرف هل هو جميل وسيم غريب عجيب ؟!
احلم بهدايا العرس وأتخيل بريق الأنوار .. أتخيل بريق الجواهر والأساور وفي الحرير الذي سألبسه حينها له اتخيل وأتخيل .. أتخيل الجمال شروق ولا أجد جمالاً كجمال تلك الفتاة في مهرجان الزهور أين هي ومن أي الديار تكون ولما لم تصل لي من خلال الخاتم ؟!

شروق تجيب صوفي " لا يا اميرتي الفاتنة ليس ما تقولينه إلا وهماً من الخيال وأحلام يقظة فلا تدعيه للوهم والأحلام مجالاً لقلبك "

صوفي بحزن " لا أستطيع ان أتوقف عن التفكير فيها .. لا أستطيع "
تغرق صوفي في أحضان شروق وكانها ملاذ الروح الأول
شروق تحيط صوفي بيديها " حضني أكثر اتساعاً من حضن العالم وأحن لك منه أيضاً .. لا تقلقي حبيبتي "

بينما هم كذلك إذ بحمامة تحط على طرف النافذة المطلة على غرفة صوفي .. مرتبكة تلك الحمامة .. ألصقت صدرها بالزجاج خائفة أن تقع .. بين لحظة واخرى كانت تنظر إلى أسفل القصر وكأنها تدرك حجم المأساة لو سقطت .. فيرتد رأسها عند ذلك يرتطم منقارها بالزجاج مصدرً صوتاً أشبه ما يكون بنقر خفيف على الباب النافذة .. تأرجحت الحمامة من الهواء الخارجي .. فكرت صوفي أن تفتح لها النافذة فخشيت أن تقع وان تكون أجنحتها التي حملتها إلى هذه النافذة عاجزة عن حملها لو أرادت الهبوط ثانية إلى أي أرض او إلى أي سطح
رأتها شروق : حمامة على حافة النافذة !!
بعد ثوان من التأرجح استطاعت ان تلصق جانباً من جسدها بالنافذة .. فهدأت لكنها لازالت خائفة
تفتح صوفي النافذة ببطء كي لا تفزع الحمامة " شروق انظري .. انظري هنالك شيء ما يحيط بقدمها ... لا أصدق هذا إنه خاتمي ورسالة معلقة به "
تفاجأت شروق هي الأخرى بتلك الرسالة وسر الحمامة والخاتم

استطاعت صوفي أن تدخل الحمامة البيضاء لداخل الغرفة ونزعت عنها الخاتم والرسالة

شروق متلهفة " اقرأيها ماذا سيكون مكتوب فيها "

صوفي لا تعلم هل هي بعلم او حلم وما سر الحمام وتلك الفتاة الجميلة ؟!

بدأت تقرا صوفي الرسالة

"
الشوقُ ينخرُ أضلعي

الشوقُ يهتك أدمعي

والشوقُ يعلم أن طيفَكِ كلَّ ثانيةٍ معي

هل تذكرين وقد جنيتُ الجمال من صفحاتِ وجهك ؟

هل تذكرين وقد غسلتُ أصابعي بضفافِ خاتمك ؟

هل تذكرين وقد صهرتُ بنار شوقي دُرَّ عِقْدِكْ ؟

إنْ عدتِ لكِ هل تقبليني

سيظل دمعي نازفــاً

والشوقُ ينخـرُ أضلعي
بحار الشوق تلطمني تباعاً
ودمع العين من وجدي يسيل
وطيف صوفي يعلو شراعاً
وليس للون أشرعتي بديل

لم أسترح يوماً بعد أن التقينا
أريد تجديد اللقاء في عزلة معكِ
فهل نلتقي عما قريب ؟ "

تناولت صوفي بسرعة ورقة وقلم وكتبت

"
وما بلغك بلغني من الهوى ولا سماء تجمعنا ولا أرض تحملنا ما لم نلتقي
غداً الساعة 10 صباحا في أطلالٍ جمعتنا وعرفتنا بك

ربطت صوفي جواب الرسالة في رجل الحمامة وحملتها للنافذة
فحلقت الحمامة عالياً
وقلب صوفي يلحقها أينما اتجه جناحيها
شروق وافقت أختها فيما فعلت فلعل هذا يريح قلب صوفي وينهي هذه القصة للأبد
.
.

يعطيك العافية اخوي
الملك هل سيقبل حب يوسف و صافي
سعود ماذا حدث له وهل سيلتقي بشروق