لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > قسم الارشيف والمواضيع القديمة > الارشيف
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

الارشيف يحتوي على مواضيع قديمة او مواضيع مكررة او محتوى روابط غير عاملة لقدمها


 
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-10, 12:32 AM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

في نفسها هذا الارتياح الغريب عندما أجابت مدبرة المنزل هازئة : " كلا بالطبع لقد قال انه سيعود بعد الظهر . أظنه سيمضي هنا بضعة أيام وربما أسابيع . أنه يراقبك ويحيطك بعنايته كأي رجل شهم طيب الأخلاق . "
ولكن ، حتى مع هذا الشعور الغامض بالارتياح ، كان صوت فينيتيا شيء من الحدة وهي ترد عليها قائلة : " ربما هو يراقب العمل ليلاحظ أسهمه ليس ألا ."
وكبحت آهة ضيق وهي تتناول فطورها واستطاعت أن تأكل اكثر هذه المرة اكثر مما أكلته طيلة الأسبوع الماضي وذلك بسبب عيني بوتي اللتين كانتا تراقبان بحدة كل لقمة تأكلها وعندما رفضت بحزم قطعة ثانية من الفاكهة رفعت بوتي الطبق الصيني من على المائدة وهي تخلع مئزرها قائلة : " انك لن تمانعي إذا أنا خرجت الآن أليس كذلك؟ إنني لم أقم بزيارة أختي منذ أسبوعين ولا بد أنها غاضبة مني الآن . سأستقل باص الساعة العاشرة ثم أعود في الرابعة لكي أحضر العشاء ."
قالت فينيتيا وهي تدفع بكرسيها مبتعدة عن المائدة : " سأوصلك بالسيارة ."
كانت شقيقة بوتي الكبرى أرملة ، تسكن على بعد أميال قليلة في ضاحية المدينة وكانت تعاني من مرض جلدي يمنعها من التنقل كثيراً ، فإذا تأخرت بوتي عن موعد زيارتها المعتاد لها ، فأن الكآبة تستبد بها فتتهم أختها بعدم الاهتمام بما قد يحدث لها مما يخرج بوتي عن صبرها .
وتابعت فينيتيا قائلة : " ولا لزوم للاستعجال في العودة ، إذ في إمكاني الابتداء بتجهيز العشاء فأنا لن اذهب إلى المكتب اليوم فقط ، اتصلي بي عندما تريدينني أن أذهب لإحضارك ."
إذا هي باعت هذا البيت حسب نصيحة سيمون ، لتنتقل إلى شقة في ضواحي لندن ، سيكون عليها أن تصحب معها بوتي وهذا يجعل زياراتها لأختها من الصعوبة بمكان ، مما سينتج عنه مشكلة مزعجة ولكن لم يكن ثمة سبيل إلى أن تتخلى عن هذه المرأة التي كانت بمثابة أم ثانية لها مدة أربعة وعشرين عاماً فليس من السهل أن تجد عملاً وهي في سنها هذا كما أنها تعلم أن ليس في إمكانها أن تعيش مع أختها على الدوام .
كان المستقبل القريب ما زال يشغل بالها عندما أدخلت سيارتها الكاراج بعد ذلك بنصف ساعة لتعود إلى المنزل . إن بيع المنزل سيسبب لها لوعة بالغة ، ولكن تجارة التجزئة تمر في ظروف شديدة الصعوبة ، وزيادة رأس المال كان شيئاً حيوياً ولكي تبدأ حتى في التفكير في المنافسة مع سلسلة الأسواق الكبرى ، فأن عليهم أن يشتروا كميات كبيرة لا تحصى وهذه هي الطريقة الوحيدة التي يستطيعون بها منافسة مستوى الأسعار ، مما يبقي فروع الشركة مفتوحة والموظفين في العمل أما رأس المال فلا بد أن يأتي من مكان ما . وقد سبق و استدانوا من البنك مبلغاً كبيراً وإذا لم تحصل معجزة فأن المنزل ومحتوياته ستضيع .
قطبت جبينها وهي تترك معطفها في القاعة ثم أخذت تفرك يديها معاً فقد كان الجو خارجاً شديد البرودة والهواء قارساً . وكانت ترتجف رغم التدفئة المركزية هنا واتجهت إلى غرفة المكتبة لتتصل بسيمون هاتفياً . وإذا كان غير مشغول في فرصة الغداء فستوافيه إلى المدينة حيث يمكنهما مناقشة المشكلة برمتها في محاولة لإيجاد حل لا يستلزم معه بيع المنزل وتشريدها مع بوتي .
وإذا بها تشعر بوجهها يتوهج عندما رد عليها كارلو بلهجته التي لا يمكن أن تخطئها .
بادرته قائلة دون تفكير : " أريد أن أتحدث إلى سيمون ." كان عدم توقعها سماع صوته قد بعث فيها الاضطراب وأدركت أن صوتها بدا كصوت صبي سيئ الخلق وجاء رده المقتضب ( لماذا ؟) ليجعلها ترد بحدة : " لا أظن أن هذا من شأنك ."
أجاب : " كلا ." وكان في صوته من الحنق والتعالي ما دفع فينيتيا إلى مقاومة الرغبة في إقفال الهاتف في وجهه وصرت على أسنانها عندما تابع قائلاً بصوت رقيق : " إن أخبرتني بما تريدين منه فسأبلغه ذلك ، هذا إذا كان الامر يحتمل تدخل شخص ثالث ." و ثارت ثائرتها لهذا التلميح الذي لا مبرر له فماذا يهمه لو أنها على علاقة مع نصف رجال مدينة لندن ؟ .
قالت تاركة له أن يفهم ما يشاء من وراء هذا : " أريد مقابلته لنتناول الغداء فقط اخبره أن يوافيني في الساعة الواحدة إلى المكان المعتاد . " ولم تشأ أن تذل نفسها بإخباره أنها وسيمون في حاجة إلى حديث خاص يتعلق بالعمل .
سمعت همهمة خفيفة من ذلك الصوت العميق قبل أن يرد عليها قائلاً : " آه ... غداء لسوء الحظ أننا غارقان في حسابات السنة الماضية ، قد نتأخر في هذا العمل إلى ساعة متأخرة من عصر هذا اليوم إلى اللقاء ." وأقفل الهاتف لتعرف انه يجد لذة خبيثة في تحقيرها وتمنت لو تستطيع أن تخنقه بإحدى رابطات عنقه الحريرية الثمينة . ومن أين له الحق في مراجعة دفاتر الحسابات دون أذنها؟ أو أن يتحكم بكيفية قضاء سيمون الذي هو أعلى موظفي الشركة راتباً وأكثرهم احتراماً لفرصة الغداء؟ ولماذا يشعر هو بكل هذا السرور إذ يمنعها وسيمون من قضاء الوقت معاً؟
بعد ذلك بعشر دقائق أصبحت من الهدوء بحيث تذكرت انه سبق لسيمون تنبيهها بأن كارلو طلب عقد اجتماع معه هذا النهار وكذلك اجتماعاً للمديرين غداً . ولو كانت تذكرت هذا من قبل لما فكرت في الاجتماع بسيمون عند ساعة الغداء . كما أن كارلو عنده حقوق بالطبع فهو يملك عملياً نصف الشركة ومن المنطقي أن يرعى مصالحه فهو لا يستدعيها لأي مناقشة حتى اليوم التالي عندما يكون قد مر على الجنازة ثمان وأربعون ساعة فيكون عند ذاك في إمكانها أن تركز اهتمامها على العمل الذي بين يديها . وهاهي تنسف كل شيء مرة أخرى إذ تضيف دون تفكير إلى أفكاره الخاطئة عن علاقتها بسيمون ، برهاناً جديداً ، لقد كانت تريد أن تخبره الحقيقة هذا المساء حتى ولو اقتضى الامر العودة ست سنوات إلى الوراء ، إلى ذلك اليوم الفظيع عندما رآهما معاً في ذلك المشهد عند حوض السباحة .
أمضت بقية النهار وقد خاب سعيها في الوصول إلى قرار بشأن ما إذا كان عليها أن تبيع المنزل أم لا واستغلت الوقت للإلقاء نظرة على أوراق أبيها رغم عدم ميلها إلى هذا . فقد كان ما مر بها تجربة مؤلمة ولكن لم يكن لديها مناص من ذلك . وعندما علا رنين الهاتف شعرت بالارتياح لهذه المقاطعة . رفعت السماعة بعد أن دفعت بكومة الأوراق إلى أحد الأدراج وهي تلقي نظرة إلى ساعتها . كانت الساعة الثالثة فقد مر الوقت بسرعة لا تصدق وعندما سمعت صوت بوتي يقول : " أنه أنا هل هذا أنتِ؟ " ابتسمت وهي تجيب :" كلا إنها خيالي . هل تريدينني أن احضر لأخذك؟ لقد أخبرتك إلا تستعجلي في الحضور ولكن إذا كانت أختك قد ضايقتك فسأحضر فوراً ." سألتها بوتي : " أين كنت طيلة النهار؟ النظري من النافذة ."
فاستدارت فينيتيا بكرسيها لتنظر من النافذة خلفها وقد قطبت جبينها واتسعت عيناها دهشة وهي ترى الثلج يغمر كل شيء وتابعت بوتي تقول : " ما زال الثلج ينهمر منذ ثلاث ساعات وكنت سأحضر بالباص في الساعة الثالثة والنصف ولكنه في مثل هذه الحال لا يسير أبداً وأنا لا أريدك أن تجازفي بالخروج فإذا لم يكن لديك مانع فسأبيت الليلة هنا . هل عاد السيد روسي؟ "
أجابت فينيتيا : " كلا انه لم يعد بعد ولا بد أن تبقي بالطبع حيث أنتِ . لقد كنت أراجع أوراق أبي فلم انتبه إلى سقوط الثلج ... "
قاطعتها مدبرة المنزل متذمرة : " وهذا يعني انك لم تتناولي غداءك ، إن فكرة بقائك وحدك لا تعجبني ولكن ربما كان السيد روسي في طريق العودة الآن و ...."
فقاطعتها فينيتيا بدورها : " أشك في ذلك فانه أعقل من أن يحضر في هذا الجو ولكن لا تقلقي إن في استطاعتي العناية بنفسي تماماً وسأراك عندما تتحسن حال الطرق ." وقفت فينيتيا تتمطئ ومشت إلى النافذة تطل منها على الفناء الذي كان مغطى تماماً بالثلج الذي كان يهدد بالتساقط منذ أيام وخامرها شعور بأنه لم يتساقط إلا لأغاظتها هي !
خاطبت نفسها ساخطة أن عليها أن تكون مسرورة لارتياحها من وجود كارلو الذي لا بد أن يجد غرفة في فندق ما في المدينة ويتركها بسلام .
وهكذا أشعلت نار المدفأة في غرفة الجلوس الصغيرة ثم حضرت لنفسها فنجاناً من الشاي شربته في المطبخ ومن ثم شرعت في إعداد الطعام .
قفز قلبها وأخذت تلهث وكأنها تسلقت قمة جبل افرست لتوها عندما رأته يدخل المطبخ وردت السبب إلى عدم توقعها رؤيته هنا ، وقد التصق شعره الأسود المبلل بجمجمته وتناثرت ندف الثلج على معطفه الإيطالي الصنع جعلتها الطريقة التي كان ينظر بها إليها تشعر بشيء ما يهددها وكأنها قد وقعت في الشرك حيث لا ملاذ تلجأ إليه ، وبدا لها اسمر ضخماً خطراً وكان تألق عينيه السوداوين ولالتواء فمه يحملان معنى لم تكن تريد أن تعرفه ، وقالت بسرعة بلهجة خشنة تنطق بالاتهام وقد دار لسانها دون وعي : " لماذا عدت؟ " توهج وجهها وهي تتلقى جوابه الذي لم يعجبها إذ قال : " عدت طبعاً للاهتمام ببعض الأعمال التي لم تنتهِ بعد ، هل ظننت حقاً أنني لن أعود لأطالب بالذي سبق و عرضته علي بكل سخاء منذ ست سنوات ؟ "

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:33 AM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الفصـــــــل الخامس



أجابت فينيتيا كاذبة وقد بان عليها الانفعال : " إنني لا أدري عما تتحدث ." وتشاغلت بعمل الصلصة ، فقد كان ما قاله شيء كريهاً بالنسبة لها . وبقيت مديرة ظهرها إليه لأنها كانت تعلم أن وجهها كان شديد الاحمرار وهي تتابع : " كان ما قلته مجرد حديث مع أنه ما كان لي أن اهتم بذلك فقد ظننت انك من الذكاء بحيث تبيت في المدينة هذه الليلة بالنسبة لحالة الطرق . "
رد بشيء من السخرية : " آه ... ولكنني أظن أنك تعلمين جيداً ما الذي أتحدث عنه على كل حال إذا كان لابد لنا من أن نغير هذا الحديث فلنفعل ." وأخذ يقترب منها عضت شفتها وقد ابتدأت يداها ترتجفان وهي تتظاهر بانشغالها في العمل الذي بين يديها ، بينما هو يقول بكل رقة : " هل ظننت حقاً إن مجرد عاصفة ثلجية يمكن أن تمنعني من الحضور؟ لا أظنك تعرفينني مطلقاً ."
ولم تعرف السبب في أن هذا بدا لها نذيراً بشيء ما ... فقد تركت لمخيلتها العنان ولشعورها بوجوده قرب كتفيها ، أخذت تحرك محتويات الإناء بعصبية وقد أمسكت أنفاسها ذلك لان اقل تغير في طريقة تنفسها ستفضح مشاعرها وتريه مبلغ تأثير وجوده عليها . قال : " لقد تغيرت يا فينيتيا ." وأرادت أن ترد عليه بحدة ولكن هذا أيضاً سيفضح مشاعرها . وتابع قوله : " عندما قابلتك لأول مرة كنتِ ما زلت فجة تماماً وكل ما كنت أراك تقومين به هو طلاء أظفارك و الاستلقاء عند حوض السباحة ... لتندفعي أحياناً إلى غرفتك لتضعي على وجهك المزيد من أدوات الزينة فما الذي أحدث فيك كل هذا التغيير؟ إن هذا يثير العجب ."
وفكرت بجفاء في إنها لو أخبرته بالسبب لما صدقها و أنزلت الإناء عن النار . إن حبها له هو الذي غيرها وكذلك اكتشافها إنها لم تستطع أن تحصل على ما تريد . وعاد يقول وهو ينظر إليها ساخراً : " أليس ثمة ما يقال؟ إذن فسيسرني أن اكتشف السبب بنفسي بطريقة ما ." و لاحت على شفتيه ابتسامة ملتوية ، ثم استدار خارجاً من الغرفة بكل غطرسة فأطلقت آهة ممزقة وهي تضغط بأصابعها على صدغيها .
إن هذا الرجل ينذر بالخطر فان امتزاج التهديد عنده باللطف قد أرهق أعصابها فلا عجب أن غيرها حبها له بهذا الشكل ، هذا التغيير الذي كان أعمق كثيراً مما بدا على ظاهرها فقد أصبحت ظاهراً تلك الفتاة المتأنقة الناعمة واستحالت البدانة رشاقة كما أصبحت الفتاة العابثة امرأة عاملة بالغة الرقة والدماثة .
ولكن التغيير في داخلها ، كان اكبر واكثر عمقاً ففي سكون الأيام الاولى بعد رؤيتها له وهو يرحل ، توصلت إلى مفهوم جديد لما ينبغي أن تكون عليه حياتها . فقد انتهت فورت شبابها برحيله ، لقد دمر رفضه لها ثقتها الشديدة بنفسها لتدرك عند ذاك أن الحياة ليست دائماً تلك الحفلة الحافلة بالبهجة والمسرات على الدوام .
وكان من جراء ذلك أن انبثقت فينيتيا جديدة اكثر قوة وتأملاً في الحياة فهي لن تعود مرة أخرى إلى التهافت على أي رجل وستنحصر حياتها في عمل الأسرة ومنزل الأسرة وإذا هي تزوجت فسيكون ذلك لأسباب حقيقة مثل الزمالة والاحترام المتبادل ، الحنان والمودة أما الأولاد فهي في الواقع لم تفكر في هذا الامر .
أخذت تجهز المنضدة للعشاء في غرفة الجلوس الصغرى التي اختارتها لقضاء هذه الليلة البالغة الشديدة ، ثم أشعلت النار في المدفأة موصلة التدفئة المركزية وهي تتساءل كيف ستمضي هذه الليلة في غياب بوتي ليكون حائلاً بينها وبين كارلو فقد كان يخيفها .
" هل في إمكاني مساعدتك؟ " وجعلها صوته القادم من اتجاه الباب تستدير على عقبيها ثم تقابل تلك العينين السوداوين الماكرتين بتحفظ بارد . كان قد استبدل ملابسه مرتدياً جاكتة صوفية من الكشمير وبنطالاً اسود مما جعله يبدو وكأنه زعيم عصابة ، وبالرغم من كل نواياها الطيبة استعاد ذهنها ذلك الشعور الذي تملكها وهو يواسيها وكذلك التهديد الرقيق في صوته وهو يقول انه عاد للمطالبة بما سبق وعرضته عليه منذ ست سنوات .
كان في هذا ما يكفي لكي يحمر وجهها إلى جذور شعرها بل اكثر . ارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة وكأنه قرأ أفكارها فحولت عنه أنظارها بسرعة وردت عليه بحدة زائدة لم يكن عرضه ذاك لمساعدتها يستحقها :" كلا شكراً كل شيء جاهز وما علي إلا أن أحضره ." وهرعت خارجة من الغرفة فتبعتها ضحكته الخافتة التي جعلتها تصر على أسنانها . لا شك في أن هذا المساء سيكون مرهقاً فقد كان يبدو عليه بجلاء انه يستمتع بتمريغ انفها بقذارة سلوكها ذاك العابث الفاسق منذ ست سنوات فهو ليس بالسيد المهذب ولكن بالرغم من مخاوفها وشكوكها تلك فقد مرت وجبة العشاء بسلام . وكان يتحدث باسترخاء ودون أية مشاكسة وتساءلت هي عما إذا كانت قد أخطأت في حكمها عليه . ثم اتجهت و بدون قصد إلى ناحية خاطئة بعد أن أخبرته عن اضطرار بوتي إلى البقاء مع شقيقتها فقالت : " عندما تنتقل إلى لندن معي إذ ليس أمامها خيار آخر فسيكون عليها أن تمضي ساعات طويلة لتصل إلى القرية في المواصلات العامة لزيارة أختها ، مما لا يسمح لها بزيارات متكررة وهذا سيسبب لشقيقتها أندي نوبات غضب على الدوام ."
حدق فيها عابساً وهو يسألها : " ولماذا تريدين أن تنتقلي إلى لندن؟ " ولامت فينيتيا نفسها ذلك إن التحدث عن مستقبلها معه كان آخر شيء تريده . فذلك هو من شؤونها العملية وما تقوم به لضمان مستقبلها كان شيئاً خاصاً بينها وبين سيمون بوصفه مستشارها . و لكن أن تكذب عليه أن تدعي بأنها تريد أن تنتقل إلى حيث أضواء المدينة المتلألئة ، كل هذا لن تكون نتيجته سوى تأكيد رأيه السيئ فيها وما سبق وقامت به من تدمير سمعتها بالنسبة أليه يكفي تماماً .
قالت مكرهة : " كما لا بد أن تعلم أن العمل في حاجة ماسة إلى إمدادات لتقوية راس المال ، هذا إذا كنا نريد أن نحتفظ بالشركة قائمة وبالموظفين يعملون فبيع هذا البيت ومحتوياته سيسد هذه الحاجة ."
فقال رافعاً حاجبيه : " أليس لي رأي في هذا الجنون؟ " ورغم أن صوته كان محايداً تقريباً فقد لاحظت في لهجته تشدداً أكثر من المعتاد وهزت رأسها قائلة : " كلا في الحقيقة كلا ." ولم تكن تنظر أليه لان شيئاً في ذلك التصميم الذي بدا في نظراته جعل ضربات قلبها تتلاحق . وتصاعد صوت غليان إبريق القهوة ، ونهضت هي من مكانها لتملأ فنجاني قهوة وعندما عادت بهما قال لها بلهجة حاسمة : " لا يمكنني أن اسمح لكِ بالقيام بأي عمل بهذا الاندفاع . ماذا سيحدث لو ذهب ذلك المال وعدت إلى نفس الوضع الذي أنتِ عليه ألان؟ لن يكون لديك آنذاك أي شيء ذي قيمة تستفيدين منه لا شيء ."
قالت بكبرياء وهي تضع أمامه فنجانه بعنف : " أنا وسيمون ، لنا خططنا فلماذا هذه الانهزامية؟ " ردد ساخراً وهو يدير فنجانه بأصابعه الطويلة :" أنا وسيمون أنني أتصور أن لديه الكثير من الآراء خصوصاً إذا كانت تطيل من أمد وظيفته ذات الراتب المرتفع وتمول رحلاته العملية إلى خارج البلاد . واكرر أنني لا أستطيع أن اسمح لك بالاندفاع في عمل كهذا ."
شعرت فينيتيا بسيطرتها الضئيلة على أعصابها تتبدد وقبل أن تقدم على أي عمل أحمق كأن تصرخ في وجهه أو أي شيء آخر ، أفرغت في فنجانها بقية القهوة من الإناء لتقول بعد ذلك بحدة : " أظن أنه ليس لديك الحق في آن تملي علي مشيئتك في هذا الموضوع إذ انه بعد إثبات الوصية قانونياً سيصبح هذا المنزل ومحتوياته ملكي أتصرف به كما أشاء ." وبدت نظرة ظافرة في عينيها الواسعتين المائلتين دون وعي منها تتحداه بها آن يناقشها في ذلك ولكنها لم تتوقع قوله : " إذا لم تكن المسألة هي أنني وعدت أباك بأن أهتم بمصالحك لكنت تفرجت عليك مسروراً وأنت تذهبين إلى الهاوية في طريقك الذي تختارينه ." واستند إلى الخلف في كرسيه واضعاً يديه خلف رأسه وعيناه شبه مغمضتين وهو يراقب تلون وجهها ، تاركاً إياها اكثر شحوباً من قبل . وعاد يقول : " على كل حال بما أن ذلك الوعد لأبيك قائم وبما أن مصالحي أنا في الشركة كذلك هي في الاعتبار ، فأن في إمكاني أن اعرض عليكِ خيارين ."
فقالت : " ما ألطف هذا ." كان التهكم قد جعل صوتها أكثر حدة . كانت تعلم أن والدها قد حافظ على صلة قوية بكارلو بعد زيارته ومنذ انتهاء العداء بين الأسرتين أصبحت لهفته مضاعفة للإبقاء على هذا الاتصال وتسوية النزاع الذي دام سنوات طويلة منذ انشقت الأسرة وأصبح أحد فرعيها إنكليزياً محولاً اسم روسي إلى روس .
قال وعيناه تتابعان كل حركة منها إذ تنهض واقفة وهي ترتجف لتبدأ بجمع الأطباق الفارغة : " أنني موافق معك فأن شهامتي تحيرني أنا نفسي أحياناً ." كان تشدقه الوقح بهذا الكلام ، اكثر مما كانت تستطيع احتماله ، فأطبقت فمها بشدة وهي تستدير لتخرج حاملة الأطباق ولكن حتى من دون أن تراه يتحرك من مكانه شعرت بأصابعه الفولاذية تمسك بمعصمها فتفلت من يدها الأطباق لتسقط على المائدة محدثة قرقعة مزعجة .
واجهته وهو يقف برشاقة ويده ما زالت تمسك بمعصمها بشدة يقودها بكل ما في شخصيته المسيطرة من غطرسة متأصلة ، إلى الأريكة الواسعة بجانب النار المشتعلة في المدفأة . وأدركت أن أية محاولة للهرب منه إلى خارج الغرفة لن تجدي ذلك أنها علقت في الفخ وعليها أن تتحمل النتيجة . لم يكن الوقت ألان مناسباً لاطلاعه على نوع علاقتها الحقيقة بسيمون إذ سيظنها تحاول بذلك تبرئة نفسها وتريد بذلك تغطية الذكريات المخجلة التي أثارها وجوده وذلك من باب الإغاظة له . وفي اللحظة التي يكون اهتمامه متحولاً إلى العمل ويكون في إمكانها أن تقنعه بشكل ما بأنها قادرة على تنظيم شؤونها بنفسها عند ذلك يوضع وعده برعايتها على الرف كما يقال . لقد كان قربه منها على الدوام سيئ التأثير على توازنها وجلست بحذر بعيدة عنه على الوسائد اللينة وهي تجاهد للسيطرة على نفسها شاعرة بنظراته تتسمر على جانب وجهها المتحجر .
خاطبت نفسها قائلة ، اهدإي و إلا سوف يسحقك بقدميه محاولاً أن ينتزع من بين يديك السيطرة على شؤون العمل ،
ثم قالت له بما أمكنها من منطق : " أنني لا أرى ثمة فائدة في هذا الجدال المستمر ربما إذا وضعت خططي العملية على المائدة يكون في إمكاننا التحدث في شأنها كأناس عقلانيين ." . رد بصوت رقيق : " يالها من فكرة حسنة ." وأدار رأسها أليه وهو يتابع : " عندما تتحدثين معي انظري إلى يا فينيتيا ." والتقت عيناه بعينيها بقوة حبست منها الأنفاس حتى أنها لم تعد تقوى على الحراك . وعندما استطرد يقول بلطف على نحو ساخر : " استمري فأن اهتمامي كله لك ." حاولت بكل جهدها أن تتخلص من ذلك الشعور المحرج وقالت بسرعة في محاولة لاستجماع أفكارها المشوشة : " كنا ، في الماضي قد اشترينا كميات ضخمة مستعملين مختلف أنواع الشحن ولكنني وضعت خطة ... " وسكتت فجأة وقد أخذت بالتعبير الذي بدا على ملامحه فقد كان جفناه الثقيلان متهدلين فوق العينين السوداوين الرائعتين بينما لاحت على شفتيه الصارمين ابتسامة صغيره تلاعبت بمشاعرها .
وتابعت حديثها بمزيد من الحزم متجنبة عينيه مرة أخرى : " أنني أنوي الشراء من روسي تفضيلاً ذلك آن الطلبات الكبرى تسمح بالتنزيلات في الأسعار مما يسمح لنا بتمرير ذلك إلى زبائننا فيكون في إمكاننا عند ذاك منافسة سلسلة المتاجر الكبرى وهذا أيضاً يتماشى مع مصلحة روسي وهكذا نضرب عصفورين في حجر واحد فمبيعاتكم لنا ستزداد وكذلك أنت ستزداد أرباحك إذا ازدادت أرباحنا وبصفتك شريكاً في شركة روس الإنكليزية . "
" وهل يوافق كيرو على عرضك هذا؟ "
وتساءلت صامتة عما يعني ذكر سيمون أثناء مناقشة هذه المرحلة؟ فالتعامل سيكون بين شركتي روس الإنكليزية وروسي الدولية وعند ذاك إذا حصلت الموافقة على عرضها هذا مبدئياً فسيكون لدى الفريقين المحاسبون والمحامون ليضعوا التفاصيل . أما سيمون فستلقي إليه بالتعليمات ليغير من منهج مشترياته عندما يستقر كل شيء .
أجابت : " أنني لم أتحدث معه في هذا الشأن ." وكانت لهجتها فاترة وتمنت لو أنها فعلت ولكن هذه الفكرة طرأت على ذهنها بعد اقتراحه ببيع أملاكها بعد تصفية ارثها لإنعاش الشركة برأسمال جديد هي في حاجة أليه فهي تحترم آراء سيمون كما كان أبوها يفعل ثم تمعن فيها الفكرة وتقبلها معه من كافة وجوهها قبل أن تتقدم بها رسمياً إلى شركة روسي الدولية . وكانت ستتحدث معه في ذلك عند الغداء هذا النهار ، لو أمكنها ذلك وهاهي ألان قد أرغمت على أخبار كارلو بما كان يدور في ذهنها ولكنه لا بد أن يوافق على هذا .
قال بلطف : " وهكذا كيرو ما زال في الظل؟ فهمت ." قال ذلك وكأنها أجابت بشكل ما عن سؤال لم ينطق به و تابع قائلاً : " على كل حال ماذا لو لم أوافق أنا؟"
فسألته قائلة : " ولماذا لا توافق ؟ " واكتسحت بأنظارها ملامحه القاسية الوسيمة ولكن هذه الملامح إنما قدت من حجر وتابعت تقول : " أنني أسلم بذلك فأنا لم أفكر في التفاصيل بعد ولكن المبدأ هو بالتأكيد .... "
فقاطعها قائلاً : " إن المبدأ الذي أعارضه بكل قوة هو ما يتعلق بنيتك في زيادة رأس المال الضروري وقد سبق وشرحت لك السبب ."

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:34 AM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

واتكأ إلى الخلف في زاوية الأريكة وهو يمعن فيها النظر وتوترت شفتا فينيتيا وهي تفكر في أنه يبدو مستعداً لسد الطريق أمام تحركاتها دون أن تعرف السبب وقالت بجفاء : " بصفتك الشريك الثاني في شركتنا ورئيس شركة روسي كنت أظنك ستسر لهذه الفكرة على كل حال فأنا لا أطلب منك أن ترفع رأس المال ."
قال بكسل وقد فترت نظراته : " وهو كذلك ." و أثار تلقيه غير المكترث لمشكلتها غضباً في نفسها لم تتمكن من السيطرة عليه ، فأجابته بحدة : " ربما أمكنني أن أجد شركة أخرى أتعامل معها حيث يبدو أنك تفضل الجلوس والتفرج على بقية الفروع وهي تنهار وعلى الموظفين وهم يخسرون أعمالهم . "
أجاب : " انك تسيئين الحكم علي . " كانت ابتسامته بطيئة ولكنها أذكى من أن تحمل كلامه على محمل الجد . قالت ساخرة وهي ترفع حاجبها : " أهو كذلك؟ " ورأت ابتسامته تزداد اتساعاً بحيث أصبح في إمكانها أن تدير رؤوس كل نساء الأرض .
قال : " من الواضح أن نصيبي في شركتكم هو شيء ضئيل جداً في إمبراطوريتي ولكن كما لابد وأنك تعلمين ألان فأنا لا أتنازل عن شيء ." وأضافت عيناه ولا عن أحد حتى أنتِ . وهزت فينيتيا رأسها لتتخلص مما توحيه إليها مخيلتها .
وتابع هو : " على كل حال فقد عرضت عليكِ خيارين إذا كنت تذكرين . فهل يهمك سماعهما؟ "
أجابت : " طبعاً ." وماذا يمكنها أن تقول غير ذلك؟ ونهضت لأذكاء نار المدفأة متخذة من ذلك ذريعة لتعود فتجلس بعيدة عنه . وخطر لها وهي تضع المزيد من الحطب في نار المدفأة ربما وجد مخرجاً لهذه المشكلة لم تره هي ويمكنها على الأقل أن تستمع أليه ... فهي ليست مرغمة على الموافقة إذا لم تعجبها الفكرة .
قال : " أن نتزوج ثم ندمج شركتك بشركتي ."
واستقامت فينيتيا في وقفتها ببطء وهي تنفض يديها ، كانت ما تزال تدير ظهرها له راجية أن يزول الاحمرار الذي تصاعد إلى وجنتيها . لقد كانت منذ ست سنوات على استعداد لبذل كل ما تملك في سبيل أن تسمع منه عرض الزواج هذا ، ولكن ها هي الآن ترى تلك المشاعر التي كانت قد ظنت أنها دفنت في الأعماق من ذاكرتها ، تراها تعود متأججة إلى الحياة ، فيصدمها هذا البعث العنيف غير المرغوب فيه ومرت ثوان قبل أن تتمالك مشاعرها بما يكفي لان تسأله ببرود : " وما هو الخيار الآخر؟ لعله افضل من الاول؟ "
وتمتم يقول : " أفضل؟ أن هذا يعتمد على وجهة نظرك ." واستدارت هي تواجهه باذلة جهدها لأخفاء انفعالها إزاء عرضه المفاجئ وتابع يقول : " إذا كانت فكرة أن تكوني زوجتي هي بغيضة عليك فنأخذ أذن بالخيار الثاني ، وهو أن شركتي ستتوقف عن التعامل معك وستجدين نفسك محاصرة من أكثر المنافسين لتجارتكم أن لم يكن كلهم . "
همست فينيتيا وهي لا تكاد تصدق ما تسمع : " ليس في إمكانك أن تفعل ذلك ." لكنه أومأ برأسه ببطء وهو يجيب : " بل يمكنني . هل تحبين أن تجربيني؟ " واقشعر جسمها للنبرة الواثقة في صوته .
وسمعته يقول وكأنه يتكلم من وراء حجاب :" يمكنك بالطبع أن تستمري في تجارتك ولكن بثمن فأن المال الذي ستمدين به الشركة سرعان ما يتلاشى وهذا سيضطرك إلى بيع كل ما يمكنك بيعه لتسندي البقية وهكذا مرة بعد أخرى إلى أن تجدي أنه لم يبق لك سوى القليل الغث وعند ذلك أتقدم أنا لشراء ما تبقى هذا بعد أن تتوسلي إلى أن افعل والخلاصة يا عزيزتي هي أني سأميتك جوعاً ." ومع أن كلامه هذا هزها من الأعماق إلا إنها واجهته بأشد ما أمكنها من الصلابة كانت تطل من عينيه ثقة بالغة ، فقد كان يعني كل كلمة نطق بها وهو سيسحقها دون أدنى وخزة ضمير ، تماماً بقدمه حشرة . أما أن يحطمها و آما أن يتزوجها وبقى هناك سؤال واحد وجهته إليه وهي تسدل أهدابها القاتمة تخفي بها الصدمة التي بدت في عينيها ، فسألته : " لماذا ؟ " وكان الصمت هو جوابه المباشر ، كان صمتاً متوتراً إلى حد شعرت بالرجفة في أوصالها ، وأوصلها إلى حافة الانهيار . وأدركت أن الرجفة هذه لا بد قد ظهرت عليها وعندما رد عليها بهدوء قائلاً : " هذا شيء يختص بي أنا وعليكِ أنتِ أن تكتشفيه ." رمقته بنظرة ذاهلة منفعلة ثم اتجهت نحو الباب لتخرج . كان عليها أن تبتعد عنه عن هذا الكابوس الجنوني . عليها أن تفكر في كل هذه الأمور . ولكنه نهض عن الأريكة بتثاقل مصطنع ليسد عليها طريق الخروج .
وقفت لحظة لا تستطيع التفكير وقد تجمدت أنفاسها ولكنها عندما شعرت بحرارة يديه على كتفيها ابتدأت في المقاومة وذلك بضربه بقبضتها وقدميها باستماتة عند ذلك تساءلت في أعماقها عن السبب الذي يمنعها من أن تطلب مهلة للتفكير في عرض الزواج هذا أو تهدده بتقديم شكوى رسمية ضده بدعوى الابتزاز .
ولكن عرض الزواج المذل هذا قد أيقظ في نفسها مشاعر أصابها التشويه بشكل واسع أثناء دفنه طيلة تلك السنوات ومقاومته كانت هي الطريقة الوحيدة التي تساعدها في مواجهة تلك المشاعر . انه المسؤول عن ذلك وهو الذي يجب آن يعاقب . وبمنتهى الانفعال رفعت قبضتيها لتضربه بكل ما أمكنها من قوة . وكانت تعلم في تلك اللحظة المجنونة أنها لو أمكنها الامر لقتلته حتماً لكونه هو ذلك الرجل الذي أحبته والذي سبب لها من الألم ما يفوق كل احتمال وهو على استعداد الآن ليكرر ذلك مرة أخرى دون أدنى تردد . وسمعته يشتم بصوت خافت ، ثم قال من بين أسنانه بصوت كالفحيح : " تباً لهذا كفي عن ذلك وإلا آذيت نفسك ."
فصرخت فيه : " دعني اذهب آني أكرهك ." وبانت الوحشية في نظراتها وهي تتلوى تحاول تخليص نفسها والهرب منه مستعملة لذلك قبضتيها وركبتيها ومرفقيها ولكنه شدها إليه بيد وأمسك شعرها بأخرى يبعد رأسها عنه مما أرغمها على أن تقابل عينيه الملتهبتين وهو يقول بصوت خشن : " لقد قلت ِ مرة انكِ تحبينني والحب والكراهية يلتقيان في نقطة واحدة . "
وارتجفت وهي تعلم أن ليس لها القدرة على تحدي قوته . لقد عادت الآن . عادت إلى حيث كانت على الدوام والى ما كانت تشعر بوجوده عادت إلى اللحظة التي أدركت فيها أن هذا الرجل هو الذي ستحبه طوال حياتها .
وعادت تقاوم من جديد ولكن بصورة مختلفة هذه المرة فهي الآن تقاوم في سبيل تحرير حبها له وتمتم هو قائلاً بصوت أجش : " طالما حلمت بكِ ... وبعواطفك المتدفقة تغمرينني . لقد حلمت بترويضك ..." وتجمدت فينيتيا وهي تردد كلامه بصعوبة : " تريد أن تروضني؟ هل هذا كل شيء ؟ " أجابها بصوت أجش : " ليس هذا كل شيء أبداً بكل تأكيد ." ونظر في وجهها بعينين غائمتين وهو يقول :" لقد كنتِ في الثامنة عشر من عمرك عندما جعلتني أصبو إليك . تصوري أنني لأول مرة في حياتي أحترق شوقاً إلى شيء لا أستطيع الوصول إليه فهل ثمة غرابة في أنني لم أعد أستطيع السيطرة على نفسي؟ وفي أنني أخذت أقوم تلك التجربة الجديدة؟ "
وعلى وهج نار المدفأة رأت على شفتيه شبه ابتسامة أسى وكادت أن تفتح فمها لتقول محتجة بأنها لم تكن أبداً صعبة بالنسبة إليه ، ولكنه قال بلكنة هي اكثر وضوحاً من أي وقت آخر : " لقد كنت رجلاً ناضجاً صرعته فتاة لم تكد تخرج من صف المدرسة تصورت نفسها أنها تحبني! وكان واضحاً أنها ما زالت مراهقة وأنها مزقت أيامي وليالي بالأحلام بها ... " وسكت لحظة حانياً رأسه ثم تابع قائلاً : " أنني آسف فأنا لم أقصد التسرع وأن أتصرف معك بلا أخلاق ." ثم تابع ببرود جعلها تحبس أنفاسها قائلاً : " هل فكرة أن تكوني زوجتي بغيضة عليك حقاً؟ "
أجابت بسرعة وهي تقطب حاجبيها قليلاً : " كلا ." ثم استقر رأيها على قبول الخيار الذي أشار أليه ضمناً .
كانت تعلم أن عليها أن تكون حذرة لقد كادت منذ لحظات أن ترحب به كحبيب دونما أية فكرة في ذهنها فقد ضاع المنطق والعقل منها اثر هذا الانقضاض العاطفي منه وتمنت لو كانت تعرف ما كان يفكر فيه من ناحيتها ولكنه حتى منذ ست سنوات كان ماهراً في إخفاء مشاعره ... هذا إذا كان صحيحاً ما أخبرها به منذ لحظات وفي الوقت الذي تصرف فيه نحوها وكأنها مجرد صبية صغيرة تضايقه .
كان الصمت عميقاً لا يخترقه سوى حفيف ثيابها وخفقان قلبها . وفجأة قال : " هل أفهم من ذلك أنك قبلت عرضي الزواج هذا ؟ " .
أجفلت ثم وقفت وقد بدا في عينيها الاضطراب وهي ترى التصميم في عينيه السوداوين وأخذت تحاول تركيز تفكيرها لقد كان هذا العرض مغرياً تماماً مثل كارلو نفسه وكانت تعلم أنه وجدها جذابة ... اذ من غير المعقول أن يزيف مشاعره التي ظهرت منذ لحظات ... ولكن ماذا بالنسبة لحبها له هل في إمكانها أن تطمئن بهذا الشأن؟
وقالت له : " أن هذا الموضوع أهم من أن يتقرر بهذه السهولة فامنحني وقتاً كافياً للتفكير ."
قال ساخراً : " أتريدين وقتاً لتقرري ما إذا كان نجاح شركة أبيك وضمان الاستقرار لكل موظفيها ، يستحق منك التضحية بأن تبقي مخلصة لرجل واحد بقية حياتك ؟ "
و أغمضت عينيها وهي تقاوم الرغبة في البكاء لفكرته هذه عنها ولان عرضه للزواج كان لهدفين . الاول هو استعادة شركتها ودمجها بشركته والثاني الوفاء بوعده لأبيها . عاد يقول : " كوني واثقة يا فينيتيا أنني بصفتي زوجك أطلب منك الإخلاص الكامل إلى آخر لحظة من حياتك ."
لقد كان واثقاً من نفسه تماماً من قدرته على السيطرة عليها . وكان هناك الكثير من القول والأسئلة والكثير من الانطباعات الخاطئة نحوها ولتي ينبغي تصحيحها . لم تكن تعرف كيف تبدأ كما أنها لم تكن متأكدة من أن الامر يستحق هذا المجهود لأنه لن يشعر نحوها أبداً بالاحترام الذي تريده ولا بالحب الذي تستميت للحصول عليه فهو لم يعرض عليها الزواج إلا لأنه يناسب خططه العملية ، كما انه يسمح له بالوفاء بوعده لأبيها .
وهزت رأسها دون وعي رافضة في صمت كل شيء رافضة الاثنين العرضين وها هو يقول بعنف : " لديك فرصة للتوصل إلى قرار حتى الغد فإذا كان هناك زفاف فسأعلن ذلك في اجتماع المديرين الذي سينعقد في الصباح فهذا سيهدئ من شائعات إفلاس الشركة ويطمئن النفوس ." ثم ذهب إلى غرفته .

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:35 AM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

الفصـــــــل السادس




وحدة ... لم تشعر فينيتيا بمثل هذه الوحدة قط في حياتها من قبل . حتى ولا في غمرة صدمتها بوفاة أبيها . نظرت في أنحاء المطبخ البالغ النظافة وأرخت كتفيها . كانت قد ألقت بقايا الطعام وغسلت كل الأطباق ولم يبق ما تفعله إلا إذا شاءت أن تجثو على يديها وركبتيها لتنظف الأرض التي سبق ونظفت من قبل .
كانت الساعة الواحدة صباحاً ولكنها لم تستطع احتمال فكرة الذهاب إلى فراشها لتستلقي مستيقظة تحدق في الظلام ، مدركة كارلو ليس بعيداً عنها وأنه نائم فضميره لا يزعجه مثقال ذرة ، وان مستقبله غير ملبد بالمخاوف لان في إمكانه أن يتزوج من امرأة لا يكن لها حباً ولا احتراماً . أن زواجهما سيعيد الالتحام إلى الأسرة مرة أخرى ويناسب خطط أعماله وكذلك دون أدنى شك سيكون في إمكانه أن يستمتع بها في أي وقت يريد إلى أن يدركه الملل منها ... هذا عدا عن الألم وتحطم القلب الذي سيسببه لها زواج كهذا والشعور بأنها استخدمت لهدفين هما المتعة وسير الأعمال وليس في الامر مشكلة بالنسبة إليه ، إذ في إمكانه تقبل مثل هذا الزواج لان مشاعره لن تمس بينما مشاعرها ستتمزق أشلاء لأنها مغرمة به . ولكن ، أي بديل لهذا أمامها ؟ . أطبقت فمها بأحكام ثم صعدت إلى غرفتها خلال المنزل الصامت . أن في إمكانها دائماً أن تطرده وتبقى على خطتها القديمة في محاولة حماية أعمالها ، ومحاربته عندما ينفذ تهديده بتجويعها .
كانت تعلم أنها من القوة بحيث يمكنها محاربته على هذا المستوى مستعملة كل ما تملك من تصميم و جلد لكي تتشبث بكل شيء بشدة إلى النهاية المرة لكي تسلم إذا استوجب الامر ببطء ضاربة قدمها الأرض فتجعله بذلك لا يصل إلى النجاح ألا بصعوبة بالغة تسلبه لذة النجاح ذاك .
ولكن ، هل لديها الحق في أن تغامر بوظائف العاملين في شركتها؟ وهل هي من القوة بحيث تحارب هذا العدو المخيف وحدها ؟
قد يحدثها عقلها بأن هذا الزواج من كارلو لن تكون نتيجته سوى تحطم قلبها إزاء حب غير متبادل ، ومشاعر الألم والإحباط وهي تفكر ببعد المسافة بينهما عندما يخمد الحب ببرودة الملل والرتابة وعدم الاكتراث . أخذت تذرع أرض غرفتها وقد منعها القلق والاضطراب من التفكير في النوم . أن كارلو يريد الجواب في الصباح ولن يكون في إمكانها تزويده به أن لم تتمالك نفسها وذهنها .
و أفلتت منها شتيمة بصوت عالٍ على غير عادتها ، مما جعلها تشعر بنوع من الصدمة ، إذ لم تتعود استعمال مثل هذه الكلمات غير المهذبة . ثم فتحت خزانتها فأخرجت معطفاً سميكاً وزوجاً من القفازات ووضعت قدميها في حذاء جلدي طويل ، ربما إذا هي خرجت ساعة للسير في هذا الليل المتألق والهواء البارد ، سيصفو رأسها بعد إذ لم تعد تستطيع الوصول إلى قرار معقول أو على الأقل تتخلص من هذه الطاقة الزائدة فيمكنها بعد ذلك النوم قليلاً .
كان الثلج يتحطم تحت قدميها ، بينما البدر يتألق فوق الرؤوس متسللاً بين الغيوم مغرقاً تلك الحدائق بفتنته . ملأت رئتيها من الهواء البارد وقد وضعت يديها في جيبي معطفها ، ثم اتجهت نحو حديقة المياه عبر المروج الخضراء المحيطة بها ثم خرجت إلى الممرات التي تقود إلى الحقول . كانت قد أصبحت على بعد حوالي الميلين وعليها أن تكون في المنزل بعد ساعة عسى أن تكون من التعب بحيث يمكنها أن تنام بعد أن تكون وصلت إلى قرار .
ولكن في الوقت الذي اتجهت فيه نحو المنزل كانت تتمنى لو لم تكن قد خرجت منه ذلك أنها إلى جانب الإرهاق الذي عانته فأنها لم تتوصل إلى قرار حاسم . لقد كان خروجها في منتصف الليل إلى هذه النواحي التي يكسوها الجليد شيئاً بالغ السخافة وعادت من الطريق الذي جاءت منه وهي تشعر بالاشمئزاز من نفسها ودون اتخاذ أي حذر . ولكن اعترافها ذاك بخطئها لم ينفعها بشيء فقد توقفت أنفاسها وسرى الألم في وركها من جراء تعثرها كما شعرت بالثلج يدخل في حذائها . ومنعها ذلك الألم والثلج في حذائها الطويل من النهوض واستحالت تلك المناظر الفاتنة في نظرها إلى شؤم وأصبحت ظلال الأشجار أشد ظلمة مما هي عليه . وكانت ترتجف من البرد وتلوم نفسها على حماقتها ، عندما لاحت لها مرة أخرى معالم المنزل كانت اكثر الأنوار مضاءة ولكنها كانت اكثر إرهاقاً وتعاسة وشعوراً بالبرد من أن تستطيع شيئاً اكثر من النظر إليها . ذلك أنها لو كانت في كامل وعيها لما ذهلت وهي تدفع الباب الرئيسي وقد انتابها الإرهاق لرؤية كارلو يهبط السلم بسرعة وهو يحشر كتفيه في جاكتة صوفية .
توقف فجأة عند رؤيتها بينما انتابها نوع من الهلوسة ذلك أن ما شاهدته من الارتياح البالغ في عينيه السوداوين لا يمكن أن يكون حقيقياً وهو يقول بخشونة : " ما الذي ظننت أنك تقومين به أيتها المرأة؟ " .
كان عليها أن تفكر في أن سؤاله هذا هو أمر بديهي ولكنها كانت من الإرهاق والشعور بالقهر وهي تراه أمامها بشكل غير متوقع مما منعها من أن تجيب بشيء وقف ويداه على خاصرتيه ينظر إليها بشماتة لحظة طويلة وقد توقفت أنفاسه .
إلى أن تنفس بعمق وهو يسير نحوها قائلاً : " لقد قلبت البيت رأساً على عقب أفتش عنك وعندما لاحظت أن الباب لم يكن مقفلاً نظرت إلى الخارج ." وشملها بنظرة ازدراء وهو يتابع : " لأرى أثار أقدام وكنت على وشك الخروج لأجرك عائداً بك ." فهزت كتفيها رغم الألم في كتفها الذي نتج عن سقوطها كما هو الحال في وركها وهي تقول : " لا حاجة بك لذلك كما ترى . " ولم تتذكر أن كانت قد شعرت من قبل بمثل هذا العجز والوهن ولكنها لم تكن تريد أن تشعره بذلك ورفعت رأسها بكبرياء قائلة : " أنني لست في حاجة إلى حارس وربما ستتذكر هذا في المستقبل ."
وفكرت باكتئاب في انه إذا كان المستقبل سيضمهما معاً فأن ما بقي عندها من قوة حاولت مواجهته بها ألان ، قد تبددت إزاء نظرة التقريع التي رمقها بها وهو يرفع حاجبيه ساخراً ، لكنه قال لها برقة : " أن تأخر الوقت لا يسمح لنا بأية مناقشة فاصعدي إلى غرفتك لكي تغيري ثيابك المبللة هذه ثم آوي إلى فراشك ريثما أحكم إغلاق منافذ المنزل ."
ونظرت إلى السلم بملامح متحجرة . لم تكن عدد الدرجات بهذه الكثرة من قبل . وانتابها الشك في إمكانها أن تصعد الدرجات هذه بقدميها المتجمدتين من الصقيع ولكنها مع هذا حاولت ذلك وسمعت صوته يقول فجأة بخشونة : " هل أصابك ضرر؟ " فأجابت : " كلا " كان عليها أن تكذب لان الاعتراف بأن الألم يشمل جانبها الأيمن بأجمعه وأن الصداع عندها يزداد لحظة بعد أخرى ، وأن الصقيع ما زال يزحف في عظامها رغم التدفئة المركزية في المنزل ، الاعتراف بهذا ستظهر معه معاناتها هذه وربما يدفعها ذلك إلى زيادة تحقيرها لنفسها فتنفجر باكية لتستدير إليه طالبة المؤاساة التي لن يهتم بتقديمها إليها .
فقال : " لماذا أذن تعرجين بهذا الشكل؟ " وبدا صوته ضعيفاً مليئاً بالانزعاج ولكن ذراعيه لم تكونا ضعيفتين وهو يحملها صاعداً بها السلم دون أي جده . وأخيراً حاولت فينيتيا أن تستجمع أشلاء شجاعتها طالبة منه أن ينزلها ولكنها ما لبثت أن كفت عن ذلك فقد كان ذلك سيكلفها جهداً كبيراً .
قالت : " شكراً يمكنني أن أتدبر أمري . " ولكنه رد عليها عابساً بقوله " : أقفلي فمك " وأمكنه أخيراً أن يخلص قدميها من الحذاء بجهد وهو متجهم الوجه ثم من جوربيها المبللين ليأخذ بعد ذلك منشفة يدعك بها قدميها المتجلدتين حتى أعاد إليهما الدورة الدموية.
قال لها وكأنها طفلة : " هذا سيجعلهما في حال أفضل وان آلمك ." وأعادت لهجته إليها شيئاً من ثقتها الضائعة بنفسها ، إذ من الأفضل أن يراها طفلة تبكي في لحظة ألم عابرة لتكون في مأمن من أن يدرك أن قدرتها الدفاعية قد انهارت فلا تكون عند ذاك بمأمن منه ولا من نفسها . وعندما انتهى من قدميها وقف ثم انحنى فوقها يخلع عنها معطفها محاولاً أن يفك الحزام واتسعت عيناها وهي تمد يديها بسرعة تبعده عنها قائلة : " يمكنني أن أتدبر أمري فأنا لست عاجزة كلياً . "
فأجاب : " بل أنتِ كذلك أو تكادين فأنتِ لا تقوين على السير فكيف بأن تدخلي الحوض وتخرجي منه دون مساعدة ! "
أضاف : " حاذري من أن تتقيأي علي ثم يجب أن لا تخجلي مع أنني لا أظنك تعرفين الخجل أليس كذلك؟ ثم لا داعي لأن تخافي مني فأنا لن اقترب منك ."
قالت بحدة : " أنك .........." لشد ما أثار فيها من الاشمئزاز والغيظ . ولكن تعبير الكراهية الذي بدا على ملامحها ، سرعان ما انتهى إلى صرخة ألم عندما حركت قدميها و أصابتها موجة الألم بالدوار الذي محا من ذهنها كل شيء آخر وهي تميل عليه بضعف بينما تنفس هو عميقاً وهو يسألها : " كيف حدث هذا؟ "
كانت ثمة كدمات في الجلد . وقالت : " لقد سقطت من البوابة على جانبي الأيمن ." وقال بجمود : " على الأقل ليس ثمة كسور . هل في إمكانك أن تحركي أصابع قدميك ؟" فأومأت برأسها مجيبة دون أن تستطيع الكلام . ثم قالت له : " إنني بخير الآن ." كان من المربك جداً لها أن يبقى بجانبها .
ثم سألها بصوت أجش : " ماذا كنت تفعلين في الخارج في مثل هذا الجو وفي مثل هذا الوقت من الليل؟ " أجابت : " كنت أفكر . " لقد أصبحت من الاسترخاء بحيث أخذت تعتقد بأن لا شيء يحمل على الاهتمام لا شيء مطلقاً .
وتابعت تقول : " إن المنزل يقيدني ظننت أن السير والهواء النقي قد يصفيان ذهني لكي أتوصل إلى قرار . "
قال : " وهل حدث ذلك؟ لقد كنت أظن أن قرار قبول الزواج مني من السهل التوصل إليه ."
لوت شفتيها برقة وهي تجيب : " يا لهذا التواضع ." وكان جسدها من الاسترخاء بحيث لم تهتم بتعليق على هذا الغرور . قالت ببساطة وهي تتساءل عما قد يكون جوابه : " لماذا لم تتزوج حتى الآن ؟ " .
قال : " لأنني حتى الآن لم أشعر بالحاجة إلى ذلك ." وهل هو يشعر الآن بهذه الحاجة لأجل أعماله؟ أم وفاء بوعده لأبيها؟ إنها لا تعلم أو ربما لن تعلم أبداً . بانت على شفتيه شبه ابتسامة وهو يقول : " اصعدي إلى غرفتك الآن وسأوافيك بكوب حليب ." .
وقبل أن يسمع جوابها تركها وخرج تاركا إياها تنظر في أثره متسعة العينين . لقد أدركت تماماً أنه لأول مرة يشعر بالخوف من أن يفقد سيطرته على نفسه .
دخلت إلى غرفتها وغيرت ثيابها لقد حزمت أمرها الآن ذلك أن مشاعرها نحوه والتي طالماً كبحتها ، خارجة بذلك عن طبيعتها كل هذه قد عادت الآن بكل زخمها وعنفها وهي ستتخذ القرار الأسهل لتخرج من وضعها العملي السيئ هذا وهو أنها ستتوقف عن محاربة مشاعرها تلك . أنها تحبه وهي ستتزوجه .
ربما غداً وكل غد بعده ، سيجلب إليها الندم ، اعترفت بذلك وهي تندس تحت الغطاء ولكنها هذه الليلة لن تفكر بذلك مطلقاً ما عدا السماح لشيء ضئيل من الأمل في أنه من الممكن أن يتعلم يوماً ما أن يحبها كما تحبه ....
وعندما عاد بعد دقائق داخلاً من الباب بمرح وقد أعاد ارتداء جاكتته الصوفية ، حاملاً في يده كوباً من الحليب الساخن وضعه على منضدة السرير بجانبها لم يكن مرحه ذاك بقادر على إخفاء خطوط متوترة حول عينيه . كانت فينيتيا تعلم أنها قد أحبته وستحبه أبداً .
وقالت بصوت اكثر خشونة من العادة : " إنني سأتزوجك يا كارلو وذلك في أي وقت يناسبك ." وشعرت بقوة هاتين العينين اللتين لا يسبر غورهما لتغرق فيهما وتندت عيناها بالدموع وهو يرفع إحدى يديها ليضع شفتيه على راحتها قائلاً ببساطة بينما كثافة أهدابه تخفي تعبير عينيه : " إنني أعدك بأنك لن تندمي على قرارك هذا أبداً يا فينيتيا . "

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
قديم 01-12-10, 12:36 AM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Jul 2010
العضوية: 175804
المشاركات: 34
الجنس أنثى
معدل التقييم: العنقاء الحزين عضو بحاجه الى تحسين وضعه
نقاط التقييم: 10

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
العنقاء الحزين غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : العنقاء الحزين المنتدى : الارشيف
افتراضي

 

كاد أن يخرج من الغرفة ولكن غريزتها أخبرتها أن عليها ألا تسمح له بذلك الآن وحاولت أن تكتشف السبب الذي جعلها تشعر بأهمية إبقائه إلى جانبها ولوقت قصير فقط ولكنها ما لبثت أن عرفت .... كيف حدث ونسيت هذا الامر؟ ولكن أتراها ستحسن الكلام؟ لابد أن يكون هذا وقالت : " إن سيمون ليس حبيبي ........."
كانت تريد أن تقول اكثر من هذا لتغير رأيه الذي كون منذ ست سنوات ولكنه قاطعها قائلاً بعدم اهتمام تقريباً : " هذا غير مهم لقد انتهى ذلك انه الماضي ." ثم تابع بعد قليل " لم يبق لنا سوى وقت قصير للنوم ... فلنستفد منه أليس كذلك؟ "
هذا جيد لأنه عندما يتزوجان في النهاية ، سيكون لديه البرهان التام على أن سيمون ليس حبيبها كلا ولا أي رجل آخر وبعد ذلك لن يعتقد أبداً أنها امرأة دون مبدأ ولا أخلاق .

 
 

 

عرض البوم صور العنقاء الحزين  
 

مواقع النشر (المفضلة)
facebook




جديد مواضيع قسم الارشيف
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 05:32 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية