سارت نحو النافذة متكئة على حافتها متطلعة الى الجهة الخلفية من المنزل ورأت بعض النباتات الخضراء المزروعة في الخلف , وأخذت تفكر بنفسها وما سيحصل لها؟ لقد رفض باتريك أن يطلّقها وكذلك رفض أن يدعها تعود الى أنكلترا فهل أحتفظ بها في فنزويللا ليذلها ويعذبها ؟ لأنه بالتأكيد لا يهتم لما يقوله الناس.

وضعت روث يدها فوق جبينها وأحست بالحرارة تعتريها , وأحست بالدوار وكأنها تغرق في بحر عميق , وأمسكت بالمغسلة حيث كانت أقرب شيء اليها تطلب الخلاص , وأخذت تقنع بأن هذا الدوار بسبب شدة الحرارة فقط وبما أنها لم تأكل شيئا من الصباح , فما عليها ألا أن ترتاح قليلا وسيكون كل شيء على ما يرام.منتديات ليلاس

ولكن في الحقيقة لم تعد روث في حالتها الطبيعية , فقد شعرت بالغثيان بالرغم من عدم وجود شيء في جوفها , لم تشعر روث في أي مرة بالشفقة على نفسها ولكنها هذه المرة بدت تشعر بالشفقة على نفسها لأنها لا تدري ماذا تفعل؟
سمعت روث صوتا آتيا من الباب الأمامي , يبدو وكاأن أحدهم يحاول الدخول الى المنزل فتذكرت روث بأنها أغلقت الباب بالمزلاج بعد خروج زائرتها جولييت كارتر.

حاولت أن تسرع لتفتح الباب وما أن وصلت الى باب المطبخ شعرت بأنه لم يعد بأمكانها أن تتحرك قيد أنملة وأحست بالأرض تدور بها كسفينة تتلاطمها الأمواج في عرض البحر , وطفرت الدموع من عينيها.

يبدو أن الشخص الذي حاول أن يدخل المنزل عاد أدراجه من حيث أتى , فأذا كانت السيدة كارتر عادت لتتكلم مع روث فلعلها تظن وتشعر بشيء غير طبيعي , أما أذا كان باتريك فلا بد أن يجرب مرة أخرى لأنه متأكد بأن هناك أحدا بالبيت.
سمعت روث صوت باتريك خلفها , أرادت أن تدير وجهها لتراه وخارت قواها وكادت تسقط ولكنها لمحت باتريك مسرعا ليم***ا من ذراعيها وعلى وجهه نظرات الأهتمام والقلق بدلا من الغضب , وصاح قائلا:منتديات ليلاس


" روث , يا ألهي ما بك؟".
أسرع باتريك ليم***ا من ذراعها وهي تقول:
" أشعر بالوهن والدوار , أريد أن أتقيأ...".

حملها بين ذراعيه بسرعة ثم وضعها على السرير في غرفة النوم , كان وجهها شاحبا , وشعرها مبللا من العرق بسبب الحرارة والرطوبة , وقف باتريك ينظر اليها بفارغ الصبر ثم سألها:
" ماذا فعلت ليصيبك هذا الدوار؟".
" لم أفعل الشيء الكثير ,فكل ما فعلته أنني أردت ترتيب المطبخ".

" في هذا الحر؟ ألم تعلمي أنه عليك الأعتياد على الجو أولا قبل أن تقومي بمثل هذا الجهد , هل أكلت شيئا؟".
" نسيت أن أفطر".
" لماذا يا روث؟".
" آسفة ,أردت أن أرتب.........".
منتديات ليلاس
" كان عليك أن لا تعملي أي شيء".
" أنه عملي ويجب أن أقوم به".
" لا تكوني سخيفة , لقد عملت ترتيبا مع الخادمة لتأتي يوميا لتنظيف البيت بدلا من مرتين في الأسبوع".

بدأ الدوار يخف عن روث وحركت نفسها بصعوبة ثم قالت:
" آه , باتريك أستطيع أن أقوم بالتنظيف بنفسي".
" حقا , وما الخبرة التي لديك في أدارة المنزل؟".منتديات ليلاس

" درست دورة مكثفة في أدارة المنازل".
" أدارة المنازل ماذا تعلمك؟ كيف تتعاملين مع الخدم؟".
أعادت روث رأسها الى الوراء ثم قالت:

" باتريك أرجوك لا تهزأ بي".
وبدا على باتريك وكأنه أراد أن يزيد في القول ولكنه خرج من الغرفة وسمعته روث يفتح علبة الشاي ويضع بعضه في الأبريق , ثم سمعته يصب الشاي في الفناجين , كانت متمددة في السرير منهكة القوى بدون حراك , ومع أن قميصها كان من القطن الناعم شعرت بثقله وحاولت أن تنهض من الفراش ببطء وشعرت بأن الصداع زال , وما أن وقفت بجانب الفراش حتى دخل باتريك ورأها تنهض من فراشها فصاح بها:

" عودي الى فراشك".
كان صوت باتريك حازما مقنعا حتى أنها لم تناقشه بالأمر , خاصة وقد كان يحمل الصينية وعليها فناجين الشاي , فعادت بسرعة الى الفراش , وضع باتريك الصينية على المنضدة الصغيرة قرب السرير , ثم ناولها فنجانا وأخذ لنفسه فنجانا آخر بعد أن حلاّه بالسكر وجلس على الكرسي في الطرف الآخر من السرير.
منتديات ليلاس

شربت روث الشاي وهي تشعر بالضيق لأنها عاجزة حتى عن القيام بمهمة عمل الشاي لنفسها وصممت على الأعتناء بنفسها في الغد , ستأخذ الفطور منذ الصباح ولن تترك هذه الحالة تنتابها مرة أخرى , وسألها باتريك:
" هل تشعرين بتحسن؟".

" نعم , شكرا على سؤالك , هل تأتي الى البيت عادة في وقت الغداء؟".
" هذا يعتمد........".
" يعتمد على ماذا؟".

" لغاية الآن كنت أتناول معظم وجبات الغداء في النادي , ولكن في بعض الأيام حين يكون لدي بعض الأعمال أحضر جميع أوراقي الى البيت وأعد لنفسي بعض السندويشات".
" آه فهمت , ولكنك لم تخبرني شيئا عن عملك بعد".

" لم يكن هناك وقت كثير".
" هذا صحيح ولكن أرجو أن تخبرني بعض الشيء لأنني أكره أن يسألني أحد شيئا ولا أستطيع أن أجيبه".
" يسألك عن ماذا؟".
منتديات ليلاس
" مثلا هذا الصباح جاءت اليّ زائرة".
" صحيح؟ من جاءك؟".
" سيدة تدعى جولييت كارتر , فهمت منها أنك صديق زوجها".

" نعم أعرفهما جيدا , أخبرني زوجها عن حفلة للنادي هذا المساء ولم يخطر لي أن جولييت جاءت لتدعونا رسميا".

أنهى باتريك فنجانه ووضعه على الصينية ,عندما سألته روث آملة أن يوافق:
" ألا ترغب في الذهاب الى النادي؟".

" كنت أنوي أن آخذك للعشاء في النادي هذا المساء , قبل أن أعرف بأمر الدعوة, في الحقيقة أتوقع أن نتناول مظم وجبات العشاء في النادي مثلما كنت أفعل قبل مجيئك".
صاحت روث برعب:منتديات ليلاس

" لا , سنتناول طعامنا في البيت , فأنا أعرف الطهي".
أجابها باتريك بخبث :
" هل حقيقة أنك تعرفين كيف تطهين؟ وهل أفهم من كلامك هذا بأنك قررت البقاء هنا؟".

نظرت اليه روث وهي تشعر بالوهن من تأثير كلامه ثم قالت:
" هل تريدني أن أذهب؟".
فنهض باتريك عن الكرسي ثم أجابها:

" لقد أعلمتك برأيي ليلة أمس عندما قلت بأنني لن أدعك تذهبين أبدا , وما قصدت بكلامي هو بأنني أفهم من كلامك بأنك قد قبلت هذا العرض أو هذا الوضع".

لم تدر روث بما تجيبه , فهو قادر على أن يلجم لسانها بقدرته الفائقة على الكلام , ولما رأته ينهض من كرسيه سألته:
" الى أين أنت ذاهب؟".
" كنت أتأهب لأعداد شيء للطعام , فيجب أن تأكلي ألست جائعة؟".

حاولت روث جهدها أن تنهض قائلة:
" في أستطاعتي أن أعمل شيئا للغداء".
بدأ باتريك يجمع فناجين الشاي على الصينية متأهبا لأخذها الى المطبخ ثم قال:
منتديات ليلاس
" أعتقد أنه بأمكانك أن تأخذي اليوم أجازة من العمل حتى تعتادي على الجو والبيت , كما أنني قادر على أنهاء هذه المهمة دون مساعدة أمرأة مريضة".
" ياه , أنك لئيم".

" ماذا تتوقعين؟ أن أعاملك بلطف؟ أنسيت بأنك غير حامل؟".

تمنت روث أن ترد له الصاع صاعين عندما يهينها هكذا , ولكنها غير قادرة ,وهو قاسي معها , لحقته روث الى المطبخ وأخذت تراقبه وهو يفتح الثلاجة وأخذ يتطلع الى محتوياتها ثم أخرج أحدى المعلبات وفتحها وأدركت روث أنها شورباء الخضار واللحمة , أفرغ باتريك محتويات العلبة في وعاء ووضعه على النار, ثم أدار وجهه اليها وقال:
" هنا محل يبيع تقريبا كل شيء".منتديات ليلاس

" أعرف , لقد أخبرني جون عنه".
ودت روث لو أنها لم تلفظ جملتها الأخيرة , بعد أن رأت ما طرأ من تغيير على وجه باتريك الذي أجابها:
" أقترح أن نتسوق منه بعد الظهر".

" حسنا".
نظر اليها بتريك معجبا بجمالها ثم قال:
" هل لك أن ترتدي ملابسا أكثر أحتشاما عندما نذهب الى السوق؟".
منتديات ليلاس

شعرت روث بالخجل من ملاحظته وقد توردت وجنتاها ولكنها لم ترغب في أن تظهر له ذلك فأجابت:
" لماذا؟ هل الرجال فقط يلبسون البنطلونات هنا؟".
" لا أعتقد أن أي رجل يجرؤ على أرتداء بنطلون كهذا , بالأضافة الى أنه ليس الرجال الذين سيعترضون ".

" أذن لماذا أهتم برأي النساء الأخريات بي؟".
" أنا مهتم".

" وهل هذا ينطبق على ما أرتديه هنا؟ وبالمناسبة يجب أن أخبرك بأنني لم أكن مرتدية ملابس بعد عندما حضرت صديقتك السيدة كارتر هذا الصباح , بل كنت لا أزال في ملابس النوم".
كانت ملامح باتريك توحي بعدم أرتياحه لتعليقها هذا ولكنه لم يرد عليها بل قال:
منتديات ليلاس
" أرجو أن تحضّري الطاولة".
ثم تناول طبقين لشورباء , أرادت روث أن تتمرد عليه وترفض أن تطيعه وتلبي طلباته لكنها عملت ما طلب منها.

أنهت روث طبق الشورباء بشهية لأنها كانت جيدة جدا , ثم صنعت القهوة وقدمت فنجانا لزوجها وجلست على الكرسي محنية رأسها الى الوراء مرهقة من الحر.

لا شك أن باتريك أعتاد هذا الحر فلم يتأثر به مثلها بالطبع , كان يعرق كأي شخص آخر لكنه لا يبدو منهارا ومنهك القوى , حاولت روث أن تبدو طبيعية ثم سألته:

" أخبرني أين تعمل , وهل بأمكاني زيارة المكان والأطلاع على عملك؟ وهل أنت عائد الى العمل اليوم , لقد فكرت أنهم منحوك بعض الوقت لتبقى مع زوجتك.......".
" أنهم بالفعل فكروا بأنني محتاج لهذا الوقت".منتديات ليلاس

" ألم تعتقد بأنك تحتاج اليه؟".
" لا داعي لأن تستثيريني , فليس هناك أي علاقة خاصة بيننا لأحتاج الى أجازة , هل أجابتي واضحة؟".
" لا أعتقد أنك تعني ما تقول؟".

" بل عنيت ما قلت".
" ولكنك ليلة الأمس.....".
" كنت سخيفا ليلة الأمس ولن أسمح لنفسي أن أكرر هذا".

" ولكنك _ أردتني.....".
لم ينم وجهه عن أي تعبير ثم قال:
" لا تنسي أنني رجل , وأؤكد بأنني لن أفعلها ثانية معك".

" كيف- كيف تجرؤ على قول هذا".
" دعينا نكون صريحين مع بعضنا البعض , لا أنكر أننا متزوجان وسنظل هكذا- ولكنك لست أكثر من مدبرة هذا المنزل- لا شيء أكثر من هذا".
منتديات ليلاس

" وأذا رفضت هذا المنطق".
" بحثنا الأمر ليلة البارحة".
أتجهت روث الى الباب لتخرج من الغرفة ولم يحاول باتريك أيقافها ولكنها أستدارت نحوه وقالت له:
منتديات ليلاس
ط لا أعتقد أنك تتوقع مني قبول هذه العيشة".
" لم لا؟ كثير من الناس يعشن هكذا".