لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات احلام > روايات احلام > روايات احلام المكتوبة
التسجيل مشاركات اليوم اجعل كافة الأقسام مقروءة

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات احلام المكتوبة روايات احلام المكتوبة


19 - هزيمة القمر - جين لوغان - كنوز احلام القديمة ( كاملة )

( هزيمة القمر ) 19 جين لوغان كنوز أحلام القديمة للامانة منقولة الملخص كانت عطلتها في كينيا قد تحولت إلي كارثة . فقررت

إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack (3) أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-08-10, 11:58 AM   3 links from elsewhere to this Post. Click to view. المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي 19 - هزيمة القمر - جين لوغان - كنوز احلام القديمة ( كاملة )

 




( هزيمة القمر )

19
جين لوغان
كنوز أحلام القديمة
للامانة منقولة



الملخص


كانت عطلتها في كينيا قد تحولت إلي كارثة . فقررت نورما أن تصل الى وطنها , انكلترا عن طريق العمل على يخت آلان سان كلير . ولكن آلان كان رجلا جذابا جدا , ومركب صغير , ممكن ان يجمع بين شخصين معا , وربما لهذا السبب حذرها آلان قائلا :" لا تضعي في رأسك أية خيالات رومانسية عني !" ولكن هذا لم يمنع نورما من الوقوع في حبه .
منتديات ليلاس

ثم أدركت لماذا كان يبعدها عنه , عندما اكتشفت أمر جودي ويلفورد ! ..

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس

قديم 13-08-10, 11:59 AM   المشاركة رقم: 2
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 


1 – في غابة الوحوش
العاصفة كانت ما تزال تضرب التلال خلال فترة بعد الظهر , ولكن نورما تطلعت الى السماء الافريقية الزرقاء قبل أن تخرج , وقررت أن العاصفة ما تزال بعيدة عدة أميال .
ولكنها لم تكن كذلك .

الغيوم الراعدة المنذرة بالسوء , تجمعت مثل كرات من الصوف الناعم القذر في السماء وتكثفت بسرعة هائلة فوق تلال "سيرتيجتي" , ولم يعد الرعد صوت يأتي من البعيد بل أصبح دويا هائلا بعث الخوف في قلب نورما . فى مكان ما , لمعت السماء بالبرق والرعد الغاضب دوى عبر التلال والأدغال الصفراء الجافة . وارتعدت نورما ودفعت المفتاح في لوحة إدارة سيارتها الفورد . ودار المحرك ببطء ثم توقف وتمتمت بالصلاة , ثم حاولت من جديد ثم من جديد . أن تكون في قلب محمية طبيعية واسعة , تحتوى على الأسود والضباع , ليس المكان المناسب لهذا العطل .

إدارة المفتاح الآن أصبحت مجرد تكتكات لا طائل منها . فالبطارية كما يبدو قد استنزفت , وضربت نورما المقود بغضب . ما هذا الحظ المثالي السيئ ! لابد ان النحس يلازمها منذ فترة , ونظرت حولها الى الاجمة الجافة اللون , بحر من العشب الجاف يمتد هنا وهناك , الى جانب الأشجار الشوكية وكأنما تتوقع أن ترى عيون الأسود من خلالها .

ماذا ستفعل بحق الشيطان ؟ ليس مزاحا أن تعلق وسط طريق رملية في وسط "سيرنيجيتي" على بعد عشرة أميال من المخيم مع سيارة معطلة , وبوجود عاصفة تتقدم بسرعة هائلة . لابد أنها كانت مجنونة لخروجها وحدها . لقد تركت زملاءها الخمسة الآخرين يلعبون الورق في المخيم , لانها لم تكن راغبة فى إضاعة آخر يوم لها فى هذه المحمية الطبيعية سدي . فغدا سيعودون إلى "مومياسا" كي يصعدوا إلى متن زورق بيرت التجاري الكبير ويقلع بهم عائدين الى بريطانيا .
ونظرت إلى السماء ولم يفتها أن تلاحظ أن الوقت ما بين البرق وصوت الرعد قد بدأ يتضآءل , فالعاصفة في طريقها الى هنا . فهل ستستطيع العودة الى المخيم قبل أن تنفجر ؟ واستدارت في مقعدها لتنظر إلى الطريق من خلفها .. لاشئ .. لايوجد أي أثر لسيارة آخري على الطريق الترابية الضيقة , ولا أي شكل لحيوان بري . لاشئ سوي الأراضي الاستوائية المليئة بالعشب الجاف . والأسوأ من هذا كما ادركت نورما بمرارة , أن ما من أحد قد يفكر بالخروج في مثل هذا الطقس . ولن يكون هناك أية حركة سير على الطرقات بعد ظهر هذا اليوم , لا أحد فى الواقع سوى مجنون غبي يمكن أن يترك مخيمه .

- اللعنة !

وتذكرت التعليمات التى قالها لهم رئيس حرس المحمية , بأن لا تضع قدمها خارج السيارة ضمن أراضي المحمية . وأضافت :
- "سيرنيجيتي" ليست حديقة حيوانات , الادغال مليئة بالحيوانات التى تستطيع أن تهاجم البشر , فلا تخرجوا من سياراتكم مهما كانت الأسباب .

وسأله أحدهم :
- وإذا تعطلت السيارة ؟

- عندها تغلق نوافذ السيارة جيدا وتجلس ساكنا فيها . فستصل النجدة إليك عاجلا أم آجلا . فنحن نقوم بدوريات على الطريق بإنتظام , لذا فلا شئ يقلق . ولكن إذا خرجت من السيارة وحاولت أن تسير فكل ما سنجده منك بضع عظام فقط .
منتديات ليلاس

وقتها أصدرت نورما أصواتا تنم عن الرعب . ولكنها الآن وهي تتصب عرقا في السيارة , بدت لها كلمات رئيس الحرس تهديدية أكثر منها واقعية , فهي لم تشاعد حتى الان أي أثر لأي حيوان .
وعلى الفور اتجهت أفكارها إلى رالف كالعادة , والى بعض الحركات الخفيفة , ربما لم تكن منتبهة جيدا , ولكن ما عدا بضعة طيور وسحالي غريبة الشكل , كانت الغابة تبدو فارغة وكأنها آخر مخلوق حي على وجه الأرض , ودوى الرعد بقوة ومسحت العرق عن شفتها العليا .

كم مرة يا ترى يجوبون المنطقة بالدوريات ؟ مرة في اليوم ؟ مرة في السنة ؟ وتنهدت بيأس , لقد بدت لها فكرة زيارة أفريقيا : " كينيا ترحب بكم , بمحمياتها الطبيعية وشواطئها الجميلة " كأفضل طريقة للتهرب من تحطم قلبها على ريد رالف كلارك , ومن شكوكه التى حولت حياتها الى جحيم . لقد تخيلت أشجار النخيل والمشروبات الباردة اللذيذة , والراحة حيث تستطيع الجلوس ومراقبة الحيوانات وهي تنظر إليها ,وتصغي إلى ضربات الطبول . وليس هذا .. هذه الأراضي القاحلة التى تظللها الآن الغيوم العاصفة , وهذه الحرارة التى لاتحتمل , وبالطبع لم تكن تتصور أن تعلق في سيارة مستأجرة على بعد أميال من اللامكان اللعين هذا , دون امل فى النجدة ودون ماء ومسحت جبينها , وحدقت فى الأراضي الجافة من حولها بعينيها البنيتين المضطربتين .

فكرة بانها ستصبح مشوية مثل الكركند خلال يومين أو ثلاثة تحت حرارة الشمس أو أن تموت جوعا , أو أن تضربها صاعقة خلال الدقائق المقبلة , بدأ يقنعها بأن اللقاء مع حيوان متوحش وجائع أكثر إغراء من هذا . عشرة أميال مسافة بعيدة للسير , ولكن الطريق أمامها تبدو سهلة . وهي شابة كاملة الصحة لاتزيد عن الثالثة والعشرين , حسنا : اثنان وعشرون وثلاثة أرباع . إذا تبللت بالمطر فهذا على الأقل افضل من الحرارة التى لا تحتمل داخل السيارة . إضافة الى أن احدا لن يعرف أين سيفتش عنها .

وأخذت قرارها وانزلت ساقيها الطويلتين من السيارة ثم أقفلت الابواب , وبدأت السير فوق الطريق الترابية الحمراء باتجاه المخيم . كان الجو أبرد في الخارج . ونظرت خلفها الى السيارة الفورد الزرقاء , وهي تشعر بانها اتخذت القرار المناسب . وابتسمت ابتسامة كشفت عن وجه جميل ومدت ذراعيها .. وتصورت لو أنها بقيت في السيارة طوال اليوم ! كم ستكون نهاية ساخرة لفتاة في الثالثة والعشرين , تموت جوعا وراء مقود السيارة , سجينة داخل قفص خائفة من الخروج الى العالم الواسع الردئ . علاوة على ذلك فهناك الإثارة في السير عبر عشرة أميال من المحمية المليئة بالأسود . وسوف تروي قصتها دون إكتراث بالطبع وهي ترى عيني رئيس الحرس تتسعان بذهول وإعجاب وهي تخبره ببرود أن محميته الثمينة ليست خطرة كما يعتقد .

ولكن بعد أن أوصلها الطريق التراب الصغير الى وراء التلة واختفت الفور عن ناظريها , ووجدت نفسها وحيدة تماما فى أراض افريقية غير مأهولة , بدأ قلبها يخفق وبدت الرحلة التى أمامها طويلة جدا , وربما غير سارة . عشرة أميال ! مع كل هذه الاسود من حولها ! لقد شاهدتها تتمدد تحت الشمس قرب شواطئ بحيرة كبيرة . وبدت لها وكأنها قطط منزلية كبيرة . وتوقفت لتنظر إلى خلفها , مستعدة للركض بكل قواها عائدة الى القفص الحديدي المتحرك الصغير , بأبوابه القابلة للإقفال , وسقفه المانع للمطر ومقاعده المريحة , ودوي صوت الرعد من جديد . وابعدت الفكرة الجبانة عن ذهنها , وتابعت سيرها بشجاعة .

وتطلعت بذهول إلى التلال المنبسطة والاشجار الشوكية , وهي ضائعة عن العالم من حولها . وخق قلبها لشعورها بحرارة هذه الاجمات . واحست بشئ يقطع الطريق خلفها , انها واثقة بأنها سمعت صوتا . ووقفت متوترة , ترهف سمعها لتسمع تكرار الصوت . هل هي مخالب أم حوافر ؟ ربما يكون غزالا صغيرا . ولمعت السماء مجددا , ثم انفجرت ودوي الرعد اصبح اقرب . وتابعت نورما طريقها بقلق , وهي تشعر بضعفها أمام الغابة الواسعة . كانت قد اختارت أن ترتدي حذاء رعاة بقر وهو حذاء جميل طويل الساق اشترته من "مومباسا" ولكن الكعب العالي اخذ يلتوي داخل الرمال الحمراء , ومسحت العرق عن شفتها العليا ثانية , وهي تفكر ما إذا كانت الريح تحمل رائحتها , وما إذا كان هناك أنف حيوان أسود يشم بفضول هذه الرائحة الغريبة , المؤلفة من حرارة البشر وقماش والجلد والعرق وعطر "ديوريسيمو"؟

واتسعت الارض أمامها , وعادت تفكر برالف , كانا قد اتفقا على الانفصال لمدة ثلاثة أسابيع . وكانت ستمضى هذه المدة في أفريقيا , وسيتابع هو عمله في الوطن . فماذا سينتظرها ياترى عندما تعود ؟ مواساة رقيقة ؟ انا آسف يا حبيبتي , ولكنني لا استطيع ان اتابع معك ؟ أو ليس هناك شئ من الافكار الساخرة تتسلل إلى ذهنها عندما تفكر برالف ؟

ماهذا الصوت ؟ بالطبع لا يمكن لمخلوق ان يسمع وقع اقدامها فوق الرمال الناعمة ؟ فكل شئ لابد ان يكون محتميا تحت شجرة الآن . منتظرا قدوم العاصفة . كم يا تري سارت حتى الآن ؟ ربما ميل , وربما أقل . ونظرت إلى الوراء من فوق كتفها باضطراب . سيكون رائعا العودة الى شاطئ البحر .
في البداية كانت ستسافر إلى كينيا بالطائرة , ولكن عندما اكتشف رالف أن صديقه بيتر آشتون كان ينوي السفر بقاربه من انكلترا إلى افريقيا أصر على أن هذه هي الفرصة المثالية لها . وماذا تطلب أكثر , بيتر ورفاقه الأربعة يخططون لزيارة "سيرنيجيتي" .. وتستطيع الذهاب معهم , أليس كذلك ؟ ولم تكن نورما متحمسة في البداية , فهي لا تثق ببيتر ولا بالزمرة الفاسدة التى يسافر معها . إضافة إلى أن الرحلة البحرية سوف تضيع جزءا من وقتها الذى ستقضيه في "سيرنيجيتي " . ولكن رالف أصر وكعادتها فعلت ما طلبه منها .

الرحلة من بريطانيا كانت مريحة . واكتشف الخمسة شبان وشابات ، ان نورما ليست من طبقتهم ، وهذا ما جعلها تشعر بالسعادة ، لأنهم تركوها تفعل ما يحلو لها . فتمددت تحت الشمس ، قرأت القصص الرومانسية ، وراقبت الآخرين يمتعون أنفسهم بطريقتهم الخاصة . ولكنها كانت تتساءل ماذا سيقول والدها عن رفاقها الخمسة فى رحلتها . الخمسة المشهورين ... كما سمتهم فى نفسها .
على الرغم من السماء التى بدأت تظلم ، كانت الطريق أمامها تلتمع من الحرارة . وأحست بالحرارة الزائدة . ونظرت ثانية من فوق كتفها . وكان صعبا أن تبعد الشعور المخيف عنها بأن شيئا ما يراقبها . ربما كان من الأفضل أن تبقى فى السيارة .... هل سيكون لدى المشهورين الخمسة عقلا كافيا لبدء حملة تفتيش عنها ؟ ونظرت فى ساعتها . حتى الآنه ، لابد أنهم يد بدأوا خامس جولة من لعبة القمار فيما بينهم ، ويضحكون بهستيريا على نكاتهم السخيفة الخاصة . وابتسمت لنفسها : كان يلزمها هذه العطلة لتعرف تماما ما هى نوعية أصدقاء رالف . وعادت إلى النظر خلفها . قميصها "التى شيرت" كان مبللا ، ويلتصق بجسدها بشكل غير مريح ، عندما تعود إلى المخيم سوف تأخذ حماما ساخنا وتتناول شرابا باردا ، ثم ستطلب ، عصيرا غنيا من ....
صوت خفيف جعلها تلتفت بذعر . لابد أن شيئا هنا . شئ كان يتبعها بين الأعشاب المرتفعة ، ووقفت مسمرة فى مكانها ، وأذناها ملأتها رعبا . الضباع ! وفكرت برؤوسها الكبيرة البشعة ، وفكها القوى الكبير القادر على طحن العظام وكأنها البسكويت الهش ، وأسنانها القاطعة . لقد عرفت ان الضباع ليست كما هو الرأى السائد حيوانت تقتات ببقايا الجثث فقط ، بل أنها الحيوانات المفرتسة الأكثر قساوة ، ووحشية فى أفريقيا .

- أوه يا ربى ...

وتنفست بصعوبة ، ووجهها البيضاوى أصبح شاحبا من التوتر . عادت تصغى ...

البرق كان مثل شعلة من نار بيضاء ، والرعد يدوى فوق رأسها ، بصوت وكأن يد عملاق قد شقت السماء إلى نصفين . وحدقت نورما بقلق ، وبدأت أولى قطرات المطر الكثيف تنهمر ، تنتشر فوق الرمال الحمراء وكأنها بقع الدم . والطريق إلى المخيم يمتد دون نهاية فوق الأراضى الخالية المشؤومة . ما الذى دفعها للاعتقاد بأن أفريقيا كلها غابات من أشجار الموز المتمايلة ؟ هذه السماء الرمادية الممتدة الأطراف تبدو دون شفقة مثلها مثل الصحراء التى تحتها تماما ، والعشب فوقها جاف لا أثر للحياة فيه . حتى الأرض بدت ظمأى ، تشرب كل قطرات المطر الكثيفة التى تهطل ، وسارت إلى الأمام خائفة جدا ، تحت المطر المتزايد . وفى وقت قصير أصبحت مبللة تماما . وشعرها الأشقر الطويل ملتصق بوجهها ، يرشح بالماء على مؤخرة عنقها .

وهزت السماء رعدة أخرى . هذا الرعد لا يشبه الذى يحدث فى بريطانيا ، فهذا رعد متوحش ، بدائى ، عنيف جدا حتى وكأنه قادر على سحق العالم . وتقلبت العاصفة فوق الأفق من زاوية إلى أخرى ، فوق رأسها . ثم سمعت ذلك الصوت وراءها ثانية ، وهذه المرة كان أقوى من صوت المطر ، كان صوت تهشيم العشب ، ونظرت حولها ، هل كان هذا صوت المطر ، أو .... وبرز صوت شخير من بين العشب ، وبدأت تركض .
منتديات ليلاس

كان قلبها ينبض من حنجرتها ، ونفسها يخرج منها بألم ، ووقعت فوق الرمال الحمراء ونهضت ، ثم انزلقت من جديد ، المطر الشديد كان يجعل من الطريق مستنقعا ، وأخذ حذاؤها الأنيق ينزلق من تحتها . ونظرت إلى الخلف وتجمد الدم فى عروقها ... شكلين أسودين كانا يقفزان وراءها على الطريق ... الضباع ! .... وأسرعت إلى الارتماء بين الأعشاب المرتفعة ، لو أنها بقيت ساكنة هناك ، هل سيضيعان أثرها ؟ لا ... سوف يلتقطان رائحتها ، الرائحة البشرية المميزة التى ستقول لهما ان طعامهما اصبح قريبا منهما . وملأت الفكرة قلبها بالرعب . ووقفت على قدميها ، وركضت كالعمياء فى الوحل . مفتشة بياس عن شجرة أو أى شئ تختبئ فيه . ودون أن تشعر أخذت تصرخ باسم رالف .... " رالف ... أرجوك انجدنى .... "

ونظرت خلفها نظرة مجنونة ، كانا يتبعانها ! الشكلين الأسودين المخيفين ! رأساهما منخفضان إلى الأرض ، ويقتربان منها بثبات . وأحست باليأس ، لقد أصبحت مرهقة جدا ، ولم تعد تستطيع الاستمرار ، وسقطت على ركبتيها . وقلبها يخفق وكأنه سينفجر وفمها قد جفا من الخوف .
فجأة لمع ضوئين أمامها عبر المطر المنهمر ، وبدأ شكل أبيض كبير يظهر أمامها . وكاد قلبها يتوقف ، ثم عاد يخفق لكن من الفرح . انها سيارة ، رانج روفر ، تشق طريقها فى الوحل باتجاهها . وبآخر شعلة من الطاقة بداخلها ، وقفت على قدميها وأخذت تلوح . وانفجر الرعد ثانية ليصم أذنيها ، وتوقفت السيارة أمامها . وقفز منها رجل طويل يرتدى حذاء مرتفع الساقين ، وسترة جلدية .
وتعثرت فى مشيتها مندفعة إلى ما بين ذراعيه ، وأخذت تضغط وجهها على صدره الواسع ، وتمتمت بالشكر ، بعد أن لفتها ذراعاه القويتان . ثم أنهارت ساقاها وتمسكت به حتى أنه اضطر إلى حملها وجرها إلى السيارة ليضعها فى المقعد الأمامى ، وأغمضت عينيها فأحست أنها على وشك الاغماء ففتحتهما ،

وقال لها الرجل الأسمر الملتحى :
- أهلا بك فى السيارة .

- أحمد الله أنك أتيت !

وشهقت وأخذت تحدق بعينيه الرماديتين ، وقالت :
- لقد أنقذت حياتى ! كانت الضباع تطاردنى .... اثنان منها ...

- الضباع ؟

الصوت العميق كان غير مصدق لكلامها . وتبعت نورما نظراته ... وعلى بعد عشرات الأقدام تحت المطر ، كان يقف اثنان من الخنازير البرية الصغيرة ، ووجهاهما بديا سخيفان من الوحل والمطر . واستدارا راكضين ، نحو الأجمة ، فصاحت :
- أوه ...

- لا تبدى هكذا وكأن املك قد خاب . فقد كان يمكن بسهولة أن يكونا من الضباع .

وسارا مبتعدين ليلتف حول السيارة ويجلس وراء المقود ، مضيفا :
- ماذا كنت تفعلين هنا على كل الأحوال ؟

ونظرت إلى الوجه الملتحى بابتسامة ودودة :
- لقد تعطلت سيارتى ، فقررت أن أعود إلى المخيم سيرا .

- فى هذه العاصفة ؟ لوحدك ودون سلاح ؟

- حسنا ... لم أكن أعرف ما إذا كان سيأتى أحد لنجدتى هناك . وشكر لله أنك أتيت . المسافة ليست أكثر من عشرة أميال ، ولم أكن أعتقد أن العاصفة ستنفجر باكرا ...

- ليس عليك أن تدافعى عن نفسك ، إذا كنت تنوين قتل نفسك فهذا من شأنك .

وأجال النظر فيها بهدوء وأضاف :
- لقد أوقعت نفسك فى ورطة أيتها الشابة .

وأدركت فجأة أن سترتها الجلدية مفقودة فقالت بحزن :
- أوه ... سترتى ! لقد أوقعتها فى مكان ما على الطريق !

- عندما طاردتك الضباع ؟

واحمر وجهها لهذه السخرية الرقيقة :
- فيها كل مالى ... ومفاتيح السيارة .....

ورفع يده السمراء القوية :
- أوكي .. لقد وصلتني الرسالة , سوف نلقي نظرة.

وادار السيارة بلمسة , وسارت بهما فوق الطريق الرملي الأحمر كالدم . ونورما تحدق خارج النافذة . وهي تشعر ببعض الاضطراء لوجود هذا الغريب الهادئ قربها . وقالت :
- شكرا لأنك أنقذتني .. لست أدري ماذا كنت سأفعل لو لم تصل .

- لا شكر على واجب , لايمكن أن يجد الانسان غريبة جميلة تعانقه كل يوم .

ونظرت إليه بسرعة ولكن وجهه أو ما استطاعت ان تراه منه , كان هادئا , وسألته :
- هل أمضيت وقتا طويلا في التفتيش ؟

- لم أكن افتش ابدا . فى الواقع كنت في طريقي لمقابلة صديق لي .

أخلاقه كانت على ما يبدو لطيفة , واللحية الكثة أعطته منظرا متوحشا تقريبا , وبحذائه الطري وملابسه العسكرية المموهة , يمكن أن يكون جنديا أو حطابا . ولكن صوته كان هادئا ومتسلطا ويداه فوق المقود قويتان ومن الواضح تعودهما على العمل القاسي , ولكنهما لم تكونا خشنتنان , والتقت عيناه الرماديتان بعينيها ثانية , وفيهما لمحة ساخرة :
- أرجو أن تكوني مبقية نظرك على سترتك الثمينة .

وابعدت نظرها عنه ونظرت إلى الخارج وقد احمر وجهها .
- ها هي هناك !

وأسرعت بالنزول من السيارة مسرعة لالتقاطها , وانزلق حذاء رعاة البقر الذى ترتديه , فوجدت نفسها وهي تشهق جالسة على مؤخرتها بألم وسط بحيرة كبيرة من الوحل واكتست باللون الأحمر , وكافحت لتقف ونظرت الى خلفها نحو السيارة , والتقطت سترتها وتفحصت وجود المفاتيح , ثم سارت عائدة الى السيارة , وهي تمسك بذراعها الذى اصيب بالخدوش .

وما إن فتحت الباب حتى تفحصتها عيناه بقلق وقال لها بهدوء :
- هل لديك فكرة عن الحالة التى أنت فيها ؟

ونظرت إلى بنطلون الجينز الذى ترتديه وإلى الوحل العالق بكل شئ فيها , والسترة المتسخة على ذراعها , ومسحت شعرها الاشقر تبعده عن عينيها , ونظرت إليه .
- أنا آسفة !

- إنها ليست سيارتي .

ولكنها أحست بأنه يضحك عليها , وتابع :
- ولا أريدك ان تفسدي المقاعد فيها يا آنسة ..

- ليستر ... نورما ليستر .

- آنسة ليستر , أنا واثق بأنك ستجدين مكانا تجلسين فيه في المؤخرة , ربما فوق الإطار الاضافي ؟
وتسلقت المؤخرة بائسة . وحشرت نفسها بين علبة العدة والإطار الاضافي , وهي تشعر تماما كأنها كلب موحل أبعده أصحابه , وسألته :
- ماذا عن سيارتي ؟

- اعتقد انها مؤجرة ؟ الافضل ان تتركيها حيث هي .. واتصلي بالشركة من المخيم .

- أوه .. لقد أنقذت حياتي فعلا . لو لم تجدني الضباع لضربتني صاعقة .

- اوكي .. لنقل إنك مدينة لي بجميل . قولي لي من هو رالف؟

- عفوا ؟

- عندما رميت نفسك بين ذراعي كنت تهذين باسمه .

- أجل .. اعتقد هذا . انه .. انه خطيبي .

- آه .. ظننت انه قديسك المنقذ .

ونظرت إليه متفحصة عبر المسافة بينها وبين المقاعد , إ نه رجل ضخم عريض الكتفين , دون معدة بارزة . وعيناه اللتان تراقبان الطريق بدقة , كانتا كبيرتين ورماديتين بلون سفينة حربية , وكأنهما عينا صياد متمرس , أو بحار . أنفه مستقيم أنف نورماندي قوي ومتعجرف , وعظام وجهه قاسية . ولكن الجزء الاسفل من وجهه كما لاحظت , ملئ بلحية سوداء يخالطها اللون الذهبي .

- لقد ظننتك حارس المحمية في البداية .

ولم يرد عليها فقالت من جديد :
- ألست حارسا في المحمية ؟

- ماذا ؟ .. آه . لا . انا في عطلة هنا .

- وهل ستمكث هنا لمدة طويلة ؟

- لا .. أنا مسافر الليلة .

وقالت بصوت بدا عليه خيبة الأمل .
- أوه .. نحن مسافرون غدا .

- لقد كنت سخيفة جدا لخروجك وحدك في هذا الطقس الردئ . ألن يكون رالف غاضبا منك ؟

- لا , في الواقع , رالف في انكلترا . لقد أتيت الى هنا مع بعض الاصدقاء .

- آه .. آخر رحلة عزوبية قبل الرباط الزوجي ؟
منتديات ليلاس

- ليس بالضبط , لقد قررنا أن ..
وتوقفت عن الكلام , انها ليست مدينة لهذا الغريب بأي توضيح .
- عطلتانا لم تكنا في نفس الوقت . هذا كل شئ .

وكانت عينا الرجل تراقبانها عبر المرآة الأمامية , وهز كتفيه دون مبالاة , وكأنه يقول إن هذا ليس من شأنه , وبدت أمامهما البوابة الخشبية لمخيم "بوبي" عبر الامطار , وأمامها التمثالين المشهورين لفيلين . ودلته نورما على الكوخ الذى تشاركه مع بيتر واصدقائه . كلمة كوخ كانت إشارة مهذبة الى منزل ريفي كالقصر يحتوي على أفخم وسائل الراحة التى يمكن لهذا المكان توفيرها , وبينما هو يساعدها للنزول من اللاندروفر , خرجت الفتاتان سينيثيا وجولي من الباب ,

وصاحت سينثيا :
- نورما حبيبتى أيتها العزيزة المسكينة ! ماذا حدث لك ؟

- لقد تعطلت السيارة ..
ولاحظت الفرق بين حالتها المزرية وأناقة الفتاتين اللتين كانتا تحدقان بمنقذها بفضول :
- هذا الرجل المحترم وجدني .

فردت جولي :
- هذا لطف كبير منه .
واخذت عيناها اللوزيتان تجولان بجسده الطويل الجذاب :
- أنا أدعي جولي بيركنز .

وصافحها بإختصار دون ان يتكلم , محدقا بهما مظهرهما المائع والذهب والماس يلمع عليهما . واستطاعت نورما ان تخمن تماما ما كان يظنه بهما .. عاهرتين ثريتين , لهجتهما المائعة ووجهيهما الفاسدين يعلنان بصراحة عمن هما . وخرج بيتر أشتون بدوره , ووجه الوسيم محمر منتفخ من الشرب . و أخرج سيكارته من فمه وحدق بثيابها الموحلة وقال :
- نورما , يا فتاتي العزيزة . ماذا حدث ؟ أين السيارة ؟

وتطوعت سينثيا للإجابة . وهي تبتسم :
- لقد تعطلت , وهذا السيد اللطيف أوصلها إلى هنا .

ونظر إليه بيتر وقال :
- هذا لطف منك , ادعي بيتر أشتون .

- آلان سان كلير .

وأخذ الرجل الملتحي يد بيتر ليصافحها على غير إرادة منه . وارتفع حاجبا بيتر :
- هل أنت قريب لآموري سان كلير ؟

- لا ..

- حسنا أيها الرجل العزيز . تفضل إلى الداخل لتشرب شيئا .

وقال آلان سان كلير بهدوء , وكان فى وجهه لمحة سخرية وهو يتفحص الجميع :
- أرجوك لا تزعج نفسك . أنا فى الحقيقة مستعجل . على أن أقابل شخصا بعد بضع دقائق .

وتمتمت جولي وهي تهز جفونها :
- أرجوك لا تذهب .. كوب قهوة فقط .. أرجوك ؟

وقال بيتر بإصرار :
- أجل تفضل يا رجل . فنجان قهوة بسرعة . على كل الشمس لم تغب بعد تماما , و ..
وتوقف ثم أشار الى الرجل بيده :
- لقد عرفتك أنت ابن جان سان كلير , أليس كذلك ؟

وهز رأسه , ثم نظر إلى ساعته .
- هذا صحيح .. هل تعرف والدي ؟

- لقد بني لي قاربي . جان سان كلير أفضل مصمم للقوارب في العالم . أنا مسرور لرؤيتك يا عزيزي . والآن انظر .. عليك أن تشرب شيئا معنا ...

- أخشى اننى لا استطيع . إضافة إلى أن نورما يجب ان تأخذ حماما ساخنا ..

وعلى الفور حدق بيتر وسينثيا بنورما , وهما يصيحان صيحة عطف زائف . وانسحب الرجل منهم , وصعد إلى سيارته ولوح لهم بسرعة , وقاد السيارة مبتعدا وتبعته الفتاتان بنظراتهما وهو يبتعد مبديتان الأسف .
وتمتمت جولي :
- من هو هذا الرجل الغامض ؟

وهزت سينثيا رأسها :
- حقا يا نورما , كيف استطعت التقاطه . إنه أكثر جاذبية من..

وصاح بيتر ضاحكا :
- هاي .. أنت لايجب أن تفكري برجل آخر يا سينثيا . انت معي .

لقد كانت سينثيا صديقته . وأمسك بذراعها بطريقة متملكة فالتفت اليه ضاحكة :
- بالطبع أنا معك . ولكن من هو ؟
منتديات ليلاس

- والده هو أكبر مصمم للقوارب في بريطانيا "مؤسسة سان كلير لبناء القوارب" إنها مؤسسة للهندسة البحرية . اما آلان فقد التقيته مرة من قبل فى لندن . إنه شاب لطيف ولكنني لم اعتقد بأنه يتابع مهنة أبيه . لدي فكرة انه يعمل فى مجال الطائرات . ربما طيار ؟ على كل .. إنه يبدو مستعجلا جدا . لندخل الآن ..

ونظرت جولي خلف اللاندروفر وقالت :
- يجب ان تعرفنا عليه عندما نعود إلى لندن . أنه يبدو كشخص يجب ان اتعرف اليه . مهما كانت مهنته .

وقالت سينثيا بابتسامة صغيرة :
- سيأكلك على الإفطار يا جولي ..

- وهل سيفعل ؟ أحب أن أري من سيأكل الثاني ..

وقال بيتر :
- في الواقع .. لا أظنه يستطيع الاحتفاظ بك يا عزيزتي . اذكر ان بعض الشائعات تقول بأن أعمالهم قد أفلست .

- يا للعار .. ربما لهذا السبب يربي لحيته ؟ ما قولك يا سينثيا أيمكن ان يكون متخفيا عن الدائنين ؟

- لايبدو وكأن الدائنين يطاردونه . على كل لندخل فقد ابتللت .

ودخل الجميع الى المنزل يتحدثون ويضحكون تاركين نورما واقفة باضطراب عند المدخل . ولم يكن احد منهم قلقا عليها .
وأخذت تفكر بعيني آلان سان كلير الرماديتين قاسيتان هادئتان . تقولان للعالم أجمع : " اللعنة عليك ! " ..

بالتأكيد لايبدو رجلا يطارده الدائنون . عندما تراه ثانية يجب ان تشكره بشكل لائق . وتنهدت وأخذت تنظر إلى مظهرها الموحل , سيكون حمام ساخن طويل نعمة من السماء , وأخذت تنظف حذائها من الوحل , ومدت ظهرها التعب الى الخلف وتبعت الآخرين الى الداخل .
يجب عليها حقا أن تشكره بشكل لائق . عندما تراه ثانية .

* * *
( نهاية الفصل الأول )

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 12:02 PM   المشاركة رقم: 3
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 


2 – اذهبي إلى الجحيم !


ولكنها لم تر آلان سان كلير ثانية . وبعد يومين عادوا إلى "مومباسا" وكان يخت بيتر جاهزا فى ميناء اليخوت , قارب أبيض جميل يقف بين السفن المتنوعة الراسية في مياه الميناء . وكان اليخت يبدو على ما هو , لعبة رجل غني فاخرة . بيتر يعامل قاربه القوي كما يعامل معظم الرجال سياراتهم الفاخرة , قيادته للقارب في البحر لم تكن سيئة , ولكن نورما كرهت طريقته المتهورة بإطلاق العنان لسرعته داخل المرافئ وبين السفن الاخرى . بعض الاحيان يمكن ان يكون متعجرفا أكثر مما يصدق واحيانا غبي كولد صغير .كان اليخت قد أعيد تزويده بالمؤن والوقود , وانجزوا الترتيبات مع الجمارك ودوائر الجوازات , وبدأ بيتر يقوم ببعض الترتيبات الأخيرة وصعدت نورما إلى اعلى القارب , الى مركز القيادة كي تلقي نظرة على الميناء وتودع كينيا . إنها عائدة الى بلادها الى رالف . هذا التفكير لم يملأها بالسرور كالعادة . فهل هي ايضا اصبحت غير متأكدة ؟ لاقدر الله ! ونظرت الى المدينة التي تمتد حول الميناء تحدها اشجار جوز الهند اللامعة تحت أشعة الشمس , وكان الميناء مكتظ بالسفن من مختلف الاشكال والانواع , ولكن على الرغم من النشاط الحيوي فيه , فإن بعض الحيطة كانت تحول دون التصادم . وبدا أن لا نهاية لأشكال القوارب المختلفة ... القوارب الشراعية العربية بأشرعتها المثلثة المدببة , وقوارب الصيد الصغيرة , والمعديات واليخوت الأنيقة تتهادي بين كل هذه القوارب وكأنها سيدة مجتمع أنيقة .وأصبح يخت بيتر على وشك الانطلاق وأدار بيتر المحرك الكبير الذى يسيره , وجلس بهدوء في غرفة القيادة وحدقت نورما للمرة الاخيرة من حولها بالميناء شاعرة بالأسف , فهي لاتريد أبدا ان تترك كينيا فالوقت الذى أمضته هنا كان قصيرا , ولفتت شتيمة سمعتها انتباهها إلى بيتر , الذى كان يتصارع مع المقود متذمرا من أن الدفة عالقة . لماذا الآن من بين كل الاوقات ؟ في وقت هم على وشك الإبحار ؟وجذب دواسة التختيق , فخفق المحرك محتجا دافعا نافورة ماء إلى فوق عند مؤخرة القارب , واقبل سيلك ستانلي نحوه .- هل تواجه مشكلة يا بيتر ؟- أستطيع تسويتها .فهز سيلك كتفيه . وعاد إلى حيث كان يجلس يتابع شرابه واتخذت سينثيا وجولي مركزهما المفضل على سطح السفينة تستلقيان على وجهيهما مرتديتان اصغر بيكيني ممكن .وأعادت نورما انتباهها إلى الميناء , وراقبت مجموعة من الأطفال تصطاد على متن قارب صيد صغير ورست سفينة شحن أخيرا عند الرصيف ملقية مرساتها , ومراكب الصيد تهتز بحذر من حولها . وصاح بيتر :- حسنا .. لقد اصطلح , تعالوا جميعا لنودع كينيا . بريطانيا .. ها نحن قادمون .واطلق المحرك , فتحرك المركب مبتعدا عن الرصيف . وابتعد الاولاد الصغار بسرعة وفزع , ونظرت إليه نورما بقلق قائلة :- أرجوك .. كن حذرا يا بيتر .. الميناء مكتظ جدا !- أنا أعرف ماذا افعل .وابتسم .. وجهه كان يتصبب بالعرف . وأحست نورما بمعدتها تتقلص وصلت كي يغادروا الميناء الى عرض البحر دون أي حادث , فقد كان بيتر في حالة نفسية غبية وغير مكترثة , ونظر إليها من جديد فتنهدت قائلة :- تمهل .. فأنت تسرع جدا ..- لاتكوني قلقة هكذا , دعي عمك بيتر يريك كيف يتدبر الامر.كان اليخت يمر بين مجموعة صغيرة من قوارب الصيد واجفلت نورما عندما كاد يصطدم بأقرب قارب له , ولاحظت الوجوه الغاضبة في المراكب وضحك بيتر , ثم توقف وقطب . مدخل الميناء كان مكتظا بصفوف من المراكب تنتظر دورها للخروج إلى عرض البحر , وخفف من سرعة القارب وهو قلق فتوقف , واخذ يهتز بتحرك الموج من تحته . واقبلت جولي وهي تلمع من أثر زيت الشمس وقالت متسائلة :
منتديات ليلاس

- ماذا ننتظر ؟وتطلعت بسخرية إلي المراكب أمامهم . فقال بيتر :- هذه المراكب اللعينة , انظري إليها . لاجل الله ! أريد ان اخرج الى عرض البحر قبل الظهر .وعادت جولي تنظر الى المراكب :- إنه منظر جميل .- وما هو الجميل فيها ؟ الاغبياء اللعناء يتلاعبون بيخوتهم . أمل ان يسرعوا . بهذه الطريقة سنبقى هنا طوال اليوم .وفجأة تبدل الريح , وامتلأت الاشرعة فأمسك بيتر بالمقود وصاح:- حسنا .. الآن هي فرصتنا . سأنفذ من خلالهم , وليذهب الدور الى الجحيم !واطلق العنان للمحرك فانطلق القارب الى الامام , فقالت نورما بسرعة :- بيتر , توقف ! ستصطدم باحدهم ..- فليذهب الى الجحيم .وشقت مقدمة القارب الفولاذية المياه وكأنها السكين . ولكن المسافات كانت تضيق , واستطاع احد سائقي اليخوت ان يبتعد فى الوقت المناسب ليتفادي الاصطدام . وادار بيتر المقود ليبتعد عن يخت آخر . وامام رعبها شاهدت نورما قاربا ثالثا يقطع المياه أمامهم , يخت رمادي جميل له شراع طويل أبيض واسود وكأنه جناح النورس , وكان فى مواجهة قاربهم مباشرة .وغطت نورما وجهها وهي تصرخ :- بيتر !وحاول بيرت الانحراف بالمقود والشتائم تتدفق من بين شفتيه . وتوقف القارب فجأة , ثم صوت اصطدام جعلهم يرتطمون بكل شئ في غرفة القيادة . وفتحت نورما عينيها لتشاهد الشراع الجميل يمر فوق سطح قاربهم , وصرخ احدهم وسمعت صوت تحطم زجاج . واسرعت جولي لتطفئ المحرك وفي الصمت المرعب الذى تلا , اخذت المركب تستدير بهم في دوائر , وهي ما زالت تصطدم بالمراكب امامها . وصرخت نورما فقد انقلب اليخت الذى اصطدموا به وغاص الشراع الابيض والاسود تحت سطح الماء وهناك شخص يطفو فوق الماء وسترته الواقية من الغرق البرتقالية تلمع تحت أشعة الشمس وهو يسبح ببطء نحو يخته المضروب .وهمست جولي :- أتمني أن يكون بخير ..وبجهد حاول بيتر استجماع رباطة جأشة . وقال بصوت يرتجف وقد اصبح وجهه شاحبا :- بالطبع هو بخير .. لنخرج من هنا قبل أن يصل بوليس المرفأ ..وقفزت نورما امامه قائلة :- لا ! هل جننت يا بيتر ؟ ربما مات شخص هناك ..- اوه .. هراء .. لا تتكلمي كالبلهاء . انظري الرجل يتسلق مركبه ثانية , وانظري لقد عاد اليخت الى وضعه فوق الماء.ونظرت لتري أن الشراع عاد الى وضعه الطبيعى واخذت المراكب تتجه الى قاربهم بسرعة وسمعوا الاصوات الغاضبة منها .وقال بيتر بعصبية :- سأهرب من هنا .ومد يده الى المقود واطبقت نورما قبضتها مستعدة لضربه . ووصل مركب صغير اليهم وصاح من بداخله :- أنت يا من على القارب ! أنتم هناك . ! لقد رأيت ما حدث , لقد صدمته عن عمد , ايها الابله اللعين !ورد عليه بيتر صائحا :- لقد كان في طريقي .- كلام سخيف ! كنت متجها نحوه رأسا , الافضل لك ان تنزل وتقدم المساعدة ايها الشاب . احد البحارة مصاب .وصاحت جولي :- أوه لا ! حقا يا بيتر أنت غبى في بعض الاحيان !واقبلت سينثيا لتنضم اليهم فى غرفة القيادة , وقال سيلك :- الافضل ان تعود الى ذلك اليخت يا بيتر .واحمر وجه بيتر , ولكنه اطلق العنان للمحرك , ثم توجه ببطء نحو اليخت المضروب الذى كان يتهادي كالطائر المجروح فوق الماء . وتمت قائلا :- ارجو ان تقفوا فى صفي جميعا لو حدثت مشاكل .ووصل القارب الى اليخت , فصاح بصوت حاول ان يجعله مرحا :- أنتم هناك ! هل انتم بخير ؟وحدق به وجه غاضب بوحشية , له انف نورماندي ولحية سوداء كثيفة . - يا إلهي القدير ! كان علي ان اعرفكم ايها الاغبياء ! هل أنت سكران ايها المخبول ؟وكان المتكلم آلان سان كلير , فرد عليه بيتر بقلق :- خذ الامر بروية .. هل الكل بخير عندك ؟- لا ... ليس الكل بخير ! لقد كسرت ذراع أحد أفراد طاقمي . إنه ينزف بشدة .وللمرة الأولي شاهدت نورما الرجل مستلقيا فوق السطح وبقعة حمراء تلطخ السطح الابيض وأحست بالغثيان وسمعت سيلك يرسل الشتائم من بين أسنانه , وبدا آلان سان كلير وكأنه على وشك ان يقتلهم جميعا , وصاح بهم :- لأجل الله فى سمائه ! لا تقفوا هكذا , ساعدوني على نقله إلى مركبكم , يجب أن نأخذه الى المستشفى وبسرعة !* * *وخرج الدكتور الكيني من العنبر وهو يخلق قفازاته الطبية ونظر إليهم دون حماس , واحست نورما بأنه يفكر بهم : أولاد أثرياء غرباء ! وتفرس فى وجوههم القلقة بسخرية , وسأل بلطف :- من منكم السيد سان كلير ؟وأجابه بيتر :- انه ليس هنا الآن , لقد ذهب ليجري مكالمة هاتفية , اسمى بيتر اشتون .. وأنا ..- آه . اجل انت الرجل الذى سبب قاربه كل هذه الأضرار بذراع البحار المسكين .- هذا ليس صحيحا بالضبط يا دكتور , لقد كنت ..وسألت نورما بقلق :- كيف حال البحار ؟واستدار الدكتور إليها بعينين متعبتين , ثم ابتسم :- إنه بخير عظم ذراعه تهشم , من الجهة العليا إنها اصابة خطرة , وفقد كثيرا من الدم , ولكن لم تحصل مضاعفات وسوف يشفى تماما .وتنهدت نورما بارتياح , فنظر اليها :- هل أنت صديقة له ؟ودخل فى هذه اللحظة آلان سان كلير إلى غرفة الانتظار وعيناه مسودتان من القلق .- كيف حاله يا دكتور ؟ أنا آلان سان كلير .- إنه بخير , سوف يخرج من المستشفى بعد أسبوع , وربما أقل .وابتعد الدكتور فى الممر , فالتفت آلان اليهم , ونظرة كالحة على وجهه الملتحى :- أرجو ان تكونوا مسرورين من أنفسكم .وخطت سينثيا نحوه مبتسمة ببرود :- لا تأخذ الامور هكذا يا آلان ..منتديات ليلاس

- لا تدعيني آلان , اللعنة عليك !وهزت كتفيها :- سيد سان كلير إذا . سوف يصبح بحارك بأحسن حال بعد أسبوع فلا تقلق !- بأحسن حال ؟ وماذا تظنينه .. نوع من الزينة المنزلية .والتفت إلى بيتر الذى كان يعض شفتيه , وللحظة اعتقد نورما بأنه سيضربه , ولكنه قال وهو يشدد على كلماته بسخرية :- أما بالنسبة لك يا قبطان , يجب ان تحاكم على قيادتك المركب وأنت سكران !- تمالك نفسك .. يا رجل ..فصاح به آلان :- لقد شممت رائحة الخمر من فمك .. يا إلهى .. أتمنى لو أنكم ايها البحارة الهواة لاتقودون المراكب سوى فى الأماكن الضحلة , وأن لا تخرجوا الى عرض البحر تعرضون الأرواح والأطراف للخطر !وتنحنحت نورما وحاولت أن تبتسم قائلة :- سيد سان كلير .. آلان . نحن جميعا آسفون لصديقك وليختك.وشعرت بالخجل الشديد , فحدق بها آلان بغضب , وكأنه يحاول ردع نفسه عن الانفجار بوجهها وقال أخيرا :- أطفال أثرياء . أنتم أطفال اثرياء . اغبياء . سأذهب لأري .واندفع من بينهم متوجها الى حيث يرقد البحار في غرفته . وقالت سينثيا :- إنه شاب لطيف . أعتقد بأن قلت هذا يا بيتر , لقد ظننت أنه كان سيضربك منذ دقائق .وقالت نورما بصوت قريب من البكاء :- لم أكن سألومه لو فعل !ونظر الجميع إليها وقالت سينثيا بكل برود :- ولماذا لا تلومينه يا نورما ؟- لأنه على حق , أنتم فعلا أطفال أثرياء . اطفال لا تتحملون المسؤولية , ألا تدركون أن الرجل كان يمكن أن يقتل ؟ كان يمكن ان تقتلوهما معا ..وقالت لها جولي وكأنها تنصحها :- كفاك ركوبا على حصان مرتفع , لقد كنت أيضا على متن المركب , وأنت تعرفين هذا .- بالطبع أعرف .. وانا خجلة جدا !وحدق الجميع بها لثواني , وقال بيتر وهو يخرج علبة الدخان من جيبه :- لا فائدة من الاستماع إليها ..واشعل سيجارة ونفخ الدخان باتجاه لوحة " عدم التدخين فى المستشفى " وتابع :- الأفضل لنا أن نستعيد غرفتا فى الفندق لقضاء هذه الليلة . فليس من الحكمة أن نبدأ إبحارنا قبل الغد .ونظر إلى نورما من خلال الدخان :- تعالى يا نورما .. لنذهب من هنا .- سأنضم إليكم فيما بعد .وهز كتفيه دون اكتراث , ونظر إليها للحظة , وقال :- لقد أتيت معنا لأن رالف كلارك هو صديق لي , كما تعلمين وإلا لما سمحت لك بركوب مركبي , تذكري هذا يا نورما . لقد حصلت على عطلة سعيدة مجانية فوق مركبي , فلا تعاندي حظك .وحدق بعينيها بغضب وقال :- أوكي يا نورما ؟ سنراك فيما بعد فى الفندق . تعالوا لنذهب الآن .
وراقبتهم وهم يبتعدون بغطرسة مولودة مع أمثالهم , وحاولت ان تقاوم اندفاع الدموع من عينيها ثم جلست على المقعد , واغلقت عينيها والقت برأسها الى الوراء , وعادت إليها ذكرى الاصطدام المريع بينما كان قارب بيتر الحديدي الحاد يصدم اليخت الأنيق . سيحتاج اليخت إلى اصلاحات مكلفة وكانت على حق , فقد كان بالإمكان قتل الرجلين على اليخت . فماذا سيقول والدها عن هذا الامر ؟ والدها الضخم القوي كالدب , والذى علمها الإبحار وهي لم تبلغ العاشرة بعد , والذى كان متشددا جدا في موضوع السلامة في البحر ! ولكنه فى يوم من الأيام أبحر عبر المانش في يوم كثير الضباب , ولم تره من يومها ثانية . وتركها موته لوحدها تماما , ما عدا قبر والدتها التي لم تشاهدها أبدا . ولم تستطع أن تنسى ابدا ان موته كان فى البحر . أما بالنسبة لبيتر والآخين فالألم والمعاناة لم يعرفوهما فى حياتهم . إنهم لا يفهمون مرحم هو كل ما يهمهم , مهما كان مبلغ الأذى الذى يسببونه للناس , وفتحت عينيها والباب يفتح , ودخل آلان سان كلير الى غرفة الانتظار ووجهه حزين بمرارة , فوقفت بعصبية وسارت نحوه لتلقاه :
- لقد .. عنيت ما قلته , حول أسفى لما حدث . اعلم ان الامر لا يغتفر .. اعنى ما فعله بيتر ولكنهم مجرد أطفال وانت محق بهذا , إنهم لا يعرفون شيئا , و .. و ..
- وهكذا أرسلوك لتفاوضيني .. هه ؟
- لا .. أنا أحاول فقط أن اشرح لك . إنهم اغبياء , غير مسؤولين .. ولكنهم سيكبرون يوما . واريد أن اتاسف باسمى فقط . لقد كنت في غرفة القيادة وكان على أن أوقف بيتر . وانا آسفة جدا ..
- أجل .. حسنا , الافضل لك أن تعودى إليهم الآن , فأنت طفلتهم المدللة , أليس كذلك ؟
- ماذا تعنى ؟
واحمر وجهها , فقال ساخرا :
- أنت المسكينة بينهم , أليس كذلك ؟ أري أنك لست من طرازهم . لذا يبقونك معهم من أجل القيام بأعمالهم القذرة .. مثل الاعتذار للأغبياء الذين يصدمونهم !
- أنت مخطئ سيد سان كلير . أنا لست من طرازهم , ولقد جئت معهم لأن بيتر صديق لرالف , ولكننى لست الطفلة المدللة لأحد !
وفكر للحظات ثم هز كتفيه وقال :
- إذا , اذهبى من هنا كائنا من كنت . أنت تجعلينى اشعر بالغثيان!
واستدارت نورما مبتعدة وهي تشعر بالألم . غضبه مفهوم ولاشئ تستطيع فعله لتهدئ هذا الغضب .. أليس هناك شئ من الحقيقة فيما قاله ؟ أليست المسكينة بين هذه المجموعة الثرية بما فيها رالف كلارك ؟ واستدارت إليه :
- قبل أن أذهب .. هل صديقك متمالك وعيه ؟
- تقريبا , ولماذا ؟
- أود أن اتحدث اليه .
- اذهبى إلى الجحيم !
- لدي شعور بأنه لن يكون غير متسامح مثلك .
وتجاوزته متجهة نحو العنبر في زاويته البعيدة كان رجل يستلقى فوق وسائد السرير . وجهه شاحب وتعب . والأربطة تلف صدره وذراعه ملقاة فوق الغطاء , محاطة بجهاز من الالمنيوم . وعضت نورما شفتيها لو أن البقية رأوا هذا . رأوا نتيجة غباءهم!
وانحنت فوق الوجه الشاحب , وانفتحت العينان الغائرتان :
- اسمى نورما ليستر . لقد كنت فوق المركب , الذى صدم يختكم.
وهز رأسه ببطء وعيناه زائغتان من الألم والمخدر . فتابعت :
- الأمر لا يغتفر لنا . أنا آسفة , من اعماق قلبي .
وحدقت بها عيناه الزرقاوان بتعب , ثم ابتسم قليلا . وفتح يده السليمة , فأخذتها بلطف بين يديها , فهمس :
- سأكون بخير . الدكتور طيب وجيد . والممرضات طيبون . سأكون بخير ... لا تقلقى .
وابتسم ثانية وارتاحت قسمات وجهه , وهو يستغرق في النوم . ووضعت نورما يده بلطف على الغطاء ووقفت . وكان آلان يقف إلى جانبها , يراقبها بعينيه الحزينتين . فقال لها بجفاء :
- لن يستطيع الإبحار قبل سنة .
واستدار على أعقابه وسار إلى الخارج . فتبعته نورما ببطء , وكان ينتظرها فى غرفة الانتظار . وقال لها :
- اسمعي .. قولى لأشتون بانه مجبر على دفع كل تكاليف إصلاح يختى , وسوف يكلفه هذا غاليا . لم يمض على بناء اليخت وقت طويل . أما بالنسبة للبحار سوف ادفع تكاليفه بنفسى . فلا أريد ان يدفع ذلك الكلب مصاريف علاجه فى المستشفى . وقولى له إذا حاول أن يناقشنى , فالأفضل له أن يجد محاميا جيدا . وجيدا جدا.
واستدار لينصرف .. فقالت له نورما بهدوء :
- قل له هذا بنفسك .
فتوقف والتفت إليها بغضب :
- ماذا قلت ؟
- قل له هذا بنفسك . فأنا لن أنقل رسالتك إلى أحد .
وواجها بعضهما بغضب . وقال لها فى النهاية وصوته أجش من الغضب :
- حسن جدا . سأقول له بنفسى .. أين هو ؟
- سيكون فى فندق " هيلتون مومباسا ".
والتقت عيناه بعينيها ببرود للحظة أخيرة . ثم ذهب ..
قالت جولي بوقاحة :
- ولكن الغلطة ليست غلطة بيتر .. لقد كان ذاهبا ..
منتديات ليلاس

ورد عليها آلان ببرود :
ارجوك ابتعدى عن الموضوع , لقد كنتم مندفعين رأسا نحوي . لم يكن أمامى أية فرصة للهرب من طريقكم , سوف يكلف إصلاح اليخت غاليا , وأنت يا أشتون سوف تدفع .
فرد عليه بيتر أشتون بغضب :
- اسمع .. لقد تماديت كثيرا ! وعلى كل الاحوال الأضرار ليست جسيمة , مجرد بعض التحطيم فى الجانب وعلى السطح .
- السطح ! ذلك السطح الذى تتكلم عنه هو من النايلون الصافى , يا أشتون . ويجب ان يصب بواسطة مدفع صب خاص , وعندما أصل باليخت الى انكلترا يجب أن أسحبه الى البر وأعيد طلاءه بالنايلون .
كان حديثهما مسموعا من العديد من الموجودين فى قاعة الاستقبال في الفندق الكبير , ولاحظت نورما الوجوه التى التفتت لتحدق بالرجل الضخم الملتحى , الذى كان الغضب الشديد واضحا عليه , وهو يتحدث للمجموعة الصغيرة على طاولة فى الزاوية . وسألت سينثيا :
- كم سيكلف الإصلاح ؟
- يمكن لكم أن تشكروا حظكم الطيب لان ورشة والدي ستقوم بهذا العمل , فاليخت هو آخر تصميم له . ولكننا سنطالبكم فقط بالتكاليف , وستصل هذه إلى مبلغ ألفين أو ثلاثة آلاف جنيه .
وقال بيتر بوضوح :
- لن أدفع .. لا تستطيع ان تثبت أن ما حدث كان غلطتي ..
- بالطبع غلطتك .. عشرون من أصحاب اليخوت شاهدوك وأنت تصدمني يا أشتون .
- صحيح ؟ إذن عليك بإحضار كل هؤلاء إلى قاعة المحكمة يا آلان , فى لندن.
- إذن لن تعترف بمسؤوليتك عن الحادث ؟
وابتسمت سيثنيا وهي تلعق شفتيها :
- بالطبع لن يعترف , وسيكون أمامك عمل شاق لإثبات صحة ادعائك ضد بيتر يا سيد دي كلير . امامك كلمتك فقط أليس كذلك ؟ ونحن ستة سنقسم على العكس .
وساد صمت متوتر , ومرة أخرى خافت نورما أن يضرب آلان سان كلير بيتر , ولكن بجهد وضبط أعصاب , أبقى آلان يديه فوق الطاولة . وقال بصوت خافت ملئ بالشر :
- إذا الأفضل لك ان تتصل بمحاميك , لان مؤسسة سان كلير للإنشاءات البحرية سوف ترفع دعوي عليك .
وابتسم بيتر :
- افعل ما شئت !
ومرة أخرى شعرت نورما بحرارة الخجل ترتفع الى وجهها بسبب تصرفهم . ونظرت الى سيثنيا بمرارة . كما هم مصممون على إنقاذ انفسهم , وعلى حماية بعضهم البعض وكانوا سيتصرفون نفس التصرف لو أن البحار قتل , بدلا من أن تكون إصابته بليغة.
وقال آلان :
- اتساءل إذا كنت تعرف كم تسبب لي من مشاكل يا أشتون , فاليخت خارج لتوه من حوض البناء , أتعرف هذا ؟ حتى اننا لم نبعه بعد .
ونظر حوله فى الغرفة بعيني مريرتين وقال كأنما يحدث نفسه :
- لقد كنت اجرب اليخت لاول مرة . إنه مركب جديد وأنتم أيها الأثرياء الاغبياء صدمتموه بسفينتكم الحربية الصغيرة .
ووقف وأجال نظره فيهم وقال :
- سنلتقي ثانية يا آشتون . والآن على أن افتش عن بحار آخر كي اوصل اليخت الى انكلترا . والله وحده يعلم أين يمكن ان اجد واحدا فى هذا البلد .
- حسنا , أتمنى لك التوفيق يا آلان .. انا متأكد انك ستجد شخصا مناسبا .
وحدق آلان ببيتر الذى كان يضحك , ثم تفوه بكلمات بذئية واستدار على أعقابه . فقالت جولي بصوت جاف :
- حقا .. بعض الناس ليس عندهم تهذيب أبدا .
وأحست نورما بالاختناق فى حنجرتها , والتقطت حقيبتها , وخرجت وراء آلان , ولم يبال الاخرون بخروجها , لأنهم كانوا يضحكون لقيام سينثيا بتقليد غضب آلان , ولحقت نورما بآلان عند مدخل الفندق وأمسكت بذراعه , واستدار مستعدا للشجار وواجهت وجهه الغاضب بهدوء , فصاح بها :
- أنت ثانية ؟ ماذا تريدين منى بحق الشيطان ؟ لقد سئمت من سماعى للهجتكم المتكبرة .
- هل يختك ... متضرر جدا ؟
- يستطيع الابحار , مع أننى قد لا اجد أحدا يساعدنى فى الإبحار للخروج من هذه البلدة اللعينة .
- ألايمكن أن يبحر على يد شخص واحد ؟
- ليس هذا آمنا , انه بحاجة الى اثنين على الأقل , والافضل ثلاثة , على كل ماذا يهمك ؟
- اشعر بمسؤوليتي
- يجب عليك هذا
وتقدمت لتسير الى جانبه , ثم توقفا عند باب الفندق , وسألته :
- هل أنت مستعجل للعودة إلى بريطانيا ؟
- أجل ... مستعجل جدا . هناك مشتري ينتظر وصول اليخت في لندن . وهو مستعجل يريد أن يشترى اليخت للاشتراك به بسباق اليخوت عبر الأطلسي . وإذا لم أعد به الى لندن , واصلحه خلال اثني عشر يوما سوف يخسر والدي هذه الصفقة أمام اكبر منافسيه .
- لقد أفسد هذا الحادث عليك الكثير , أليس كذلك ؟
وقال آلان بحزن :
- لن يفسد علي اليخت هذا , بل عدم وجود بحارة .
- أنا أسفة , استطيع ان افهم بأنك تكرهني .. سأتركك بسلام .
فحدق بها للحظات وهي تستعد لتنصرف . ثم قال :
- هذا اليخت هو أفضل ما بناه والدي .
ولاحظت نورما بأنه تعب . يقاوم الإرهاق بكل قواه :
- تصميم مراكب متقدمة مثل هذا اليخت وبناؤها يكلف آلاف الجنيهات . ووالدي فى ضائقة مالية الآن . ومن المهم ان يحصل على صفقة مبيع فى وقت قريب , وإذا لم يباع اليخت ليظهر للمحترفين كيف يعمل فسيذهب سدي جهد الأشهر والسنين . أجل ... لقد دمر أصدقاؤك كل شئ .
- وماذا ستفعل ؟
هز كتفيه :
- ليس لدي أية فكرة , فى الوقت الراهن أحضر الترتيبات لسفر البحار المصاب إلى انكلترا حالما يسمح له الاطباء , وبعد ذلك سأنتظر هنا لأجد بديلا عنه .
وتأهب ليذهب , فسارعت للقول :
- آلان ..
وتوقف ..
- ماذا تريدين الآن ؟
- آلان .. إذا وجدت لك شخصا يستطيع الإبحار معك .. هل استطيع ان اتصل بك فى مكان ما ؟
- أجل .. تستطيعين الاتصال بي فى نادي اليخوت . اطلبي قبطان اليخت المصدوم فقط .
وهزت نورما رأسها وقالت :
- حظا سعيدا .
وراقبت جسده الطويل وهو يسير نحو الظلام فى الخارج , ووصلت إلى سمعها قهقهة بيتر أشتون عبر غرفة الاستقبال , الى حيث تقف . وكأنما الصوت صدم جسدها ووجدت نفسها تسير بسرعة بين الجموع على الرصيف وتفكيرها مشوش , مومباسا فى الليل مدينة مرحة مليئة بالألوان , عابقة بملايين العطور والأصوات . واشترت لنفسها " آيس كريم " وتابعت السير فى الشوارع , تتأمل فى واجهات المحلات . وأحست بالمرح والسعادة يملآن الجو , وتمنت لو أنها تستطيع الانضمام الى هذا الجو .
وجلست تحت قدمي تمثال لذكري الحرب , تتأمل الخليج المظلم والأضواء المنبعثة من المراكب . وكالعادة اتجهت افكارها نحو رالف كلارك , وشعرت بأن الحادثة التى جرت بعد ظهر هذا اليوم , مقدرا لها أن تزيد الخلاف بينهما وكانت تعلم أن رالف سيقف في صف بيتر, مهما كانت الوقائع , فرالف واصدقاؤه دائما مرتبطون ببعضهم البعض . انها قضية طبقية , فالناس أمثال رالف وبيتر يشكلون جماعة متراصة على حساب الآخرين , من أمثالها . وبدأت تكتشف أن عالم رالف ملئ بالأسلاك الشائكة غير المنظورة ورالف هو كما هو , ولن يتغير ليرضيها . فهل فقدت حبه لها ؟ وتساءلت برعدة عما إذا كان قد فقد هو حبها له .
على الأقل , هناك عزاء لها فى تفكيرها بالعودة إلى العمل . إذ تستطيع إلهاء نفسها في رسمها , وفى اعادة تنظيف واصلاح اللوحات الثمينة . كانت تسعد فى إعادة ترميم الاعمال الفنية الكبيرة التى يتلفها الزمن , لتصبح شيئا جميلا ومبهجا . فالرسم الزيتي كان اختصاصها , واسم نورما ليستر أصبح مشهورا فى عالم الفن , فبعد نجاحها فى ترميم اللوحات المشهورة " لروين " نشرت بعض المقالات فى الصحف حول عملها , وحتى انها أجرت بعض المقابلات التلفزيونية . وكان أحد المجانين قد مزق احدى اللوحات الثمينة بسكين , وطلب منها المعرض ان تفعل ما بوسعها لإصلاحها . واستغرقها ذلك شهر من العمل المضني , وعملت وكأنها جراح تجميل , ونجحت فى عملها حتى أدهشت الجمهور . ولكن بعد ذلك تلاشت شهرتها بالتدريج . وتمكنت فى النهاية من ترك العمل في المؤسسة الفنية لتفتح استوديو خاص بها حيث نجحت تماما فيه .
منتديات ليلاس

والتقت برالف في منزل ذويه عندما كانت تتفحص مجموعة لوحات مائية جمعتها السيدة كلارك , ظانة أنها لوحات اًصلية .
وتنهدت نورما ووقفت تنفض ثوبها .. وعادت الى الفندق , إلى غرفتها . واستلقت على سريرها , وهي تشعر بالبؤس دون ان تعرف لماذا . واخذت تفكر بالوجوه على ظهر المركب , وجوه بشعة أنانية جبانة , كانت تعلم بأنهم اناس سطحيون , يستخدمون قناعا من التعاطف والسحر ليغطوا شخصياتهم غير المكتملة , ولكنها الآن تراهم بصورة أوضح , تراهم كأطفال فاسدين يستخدمون ثراءهم وامتيازاتهم , ليشقوا طريقا لا رحمة فيه على حساب حياة الناس الآخرين .وبدافع فجائي , التقطت الهاتف لتطلب من عاملة السنترال إعطاءها الخط الدولي . ثم طلبت رقم هاتف رالف في لندن . وعندما سمعت صوته , علمت بأنها اتصلت به في وقت غير مناسب , فقد كان صوته متوترا وظاهر عليه نبرة السكر , مع عدائية ظاهرة .- رالف ... هذه أنا .- أهلا .. أنت .. كيف حال كينيا ؟وتنهدت , إذ لم تعد راغبة فى الكلام معه , وخاصة عندما يكون سكرانا , ولكنها قالت :- أردت سماع صوتك .. لن أزعجك .- كلام سخيف .. ما آخر الأخبار ؟وترددت , ثم أخبرته عن الحادثة , واستمع اليها بصمت , ثم سألها بعدائية :- إذا ؟ ماذا كنت تنتظرين من بيتر أن يفعل ؟فتنهدت , وهي في الحقيقة لا ترغب في مناقشة الامر معه .- حسنا . كان عليه الاعتراف بخطئه , كبداية , ولكان هذا اكثر تهذيبا ..- منذ متى انت خبيرة بالتهذيب ؟وحاولت ان تتجاهل ملاحظته , فقالت :- على كل حال , هو مدين لآلان بتكاليف الإصلاح .ورد عليها رالف بحدة :- فهمت .. أنت إذا خبيرة بالقانون ايضا . أليس كذلك ؟وقالت بهدوء :- قد لا اعرف شيئا عن القانون , ولكننى اعرف اشياء كثيرة عن الابحار , وبيتر كان مخطئا , لا .. بل أسوا . لقد كان مهملا بشكل إجرامي , وكان ثملا .- قبل أن ترمى الاتهامات جزافا , تذكري ان بيتر منحك رحلة مجانية يا نورما , فلا تعضي اليد التى تطعمك يا فتاة .- استطيع دفع مصاريفي الخاصة , وانت تعلم اننى كنت افضل السفر بالطائرة , لم اكن ارغب فى السفر معه . اما بالنسبة له فكان يمكن ان يقتل آلان !- آلان ؟ يبدو أنكما على وفاق تام , كائنا من يكون ؟- على الاقل هو مهذب , لقد انقذ حياتي في " سيرنجيتي " إذا كنت تريد ان تعرف .- حقا ! اخبريني .واخبرته القصة باختصار , وضحك :- هاه .. يبدو لي انك وقعت في حب هذا المقال فى الاخلاق يا عزيزتي , ألست كذلك ؟- أنت ثمل يا رالف . ولا اظن اننى سأتكلم معك بالمزيد .- انتظري ..وسار صمت طويل , وعندما عاد الى الكلام , كان فى صوته رنة غريبة حيرتها :- نورما , يا فتاتى .. هل قال لك أحد شيئا عني ؟- طوال الوقت , كنت الأول دائما فى لائحة الحديث . لماذا ؟- اوه ... حسنا لا شئ .- رالف .. ما الأمر ؟- حسنا , كنت اتساءل ما إذا كان لديك .. ولكني لا .. لاشئ .- انت تغيظني يا رالف . إلى ماذا تشير ؟ هل هناك ما يقلقك أنت .لابد ان هناك شئ ما فى ذهنه , وهي تعرف هذا . وكان يحاول استدراجها للاستعلام عنه .. انها لعبة قديمة تعرفها عنه .- بالطبع انا منزعجة يا رالف . انا منزعجة حول الحادثة , واخاف من فكرة السفر معهم في المركب .- لماذا يا نورما ؟ هل .. حدث شئ آخر ؟وكان هناك توتر غريب في صوته , فقطبت جبينها وقالت بهدوء:- إلى ماذا ترمي ؟- ألم يقل لك أحد شيئا إذا ؟- حول ماذا ؟وضحك بصوت غريب جعلها تجفل :- أوه .. أنت تعرفين .. الناس تتحدث بالإشاعات .. اليس كذلك ؟- ولماذا يشيعون عنك شيئا ؟- لست ادري . إنها مجرد فكرة يا نورما , فى حال حاول احدهم التحدث عني وعن جولي ..- جولي ؟ وأنت ؟ ما هي هذه الإشاعات ؟- هل تحاولين إثارتي ؟كان صوته لايزال متوترا , وادركت نورما لسبب ما , انه يظن انها علمت شيئا . شيئا حوله وحول جولي ..- رالف .. هل حدث بينك وبين جولي أي جدال ؟- لايعد ما جري جدالا يا فتاتي .. اسمعي ... كان هذا مجرد صدفة !بدأ الامر عند قضائنا نهاية أسبوع فى اسكتلندا , عندما كنت تظنين اننا ذهبنا لرؤية سباق الخيل .. لايجب ان تتظاهري . ذلك الوغد سيلك كان دائما يغارعلي جولي مني . ولابد أنه هو من أوصل الخبر لك .. كي ينتقم مني .. ماذا قال لك بالضبط ؟- رالف . منذ متى كانت هذه العلاقة مستمرة ؟- قلت لك , منذ ذهابنا إلى استكلندا , ربما منذ سنة الآن .- وهل كنتما .. تتعاشران ؟- لاتكوني طفلة هكذا . بالطبع كنا نتعاشر . نورما ؟ أنت وأنا .. لم نكن نفعل شيئا كهذا . والرجل يجب ان يمرح قليلا فى حياته .- أنت لا تعرف شيئا سوى المرح .. لقد كنا على وشك الزواج!- ولا زلنا سنتزوج .. إذا رغبت فى هذا .- إذا رغبت ؟- أعتقد انك جربت نفسك مع سان كلير , لتستطيعي استرجاعي . ليس عليك ان تفعلي هذا يا نورما ..- استرجعك ؟ انت تتحدث كالأطفال .- اتعنين .. انه لم يحدث شئ .. لم تمنحيه نفسك ؟- وهل هذا ما تظنه بي ؟- ليس بعيدا عليك أن تفعلى هذا , أنت احيانا كالقطة المتوحشة ..- فى الواقع .. آلان عشيقى ! وسأسافر معه على متن يخته !وقال بهدوء , وبلهجة منتصرة :- وهل أستطيع أن أفهم من هذا ، ان كل شئ بيننا انتهى ؟وقالت بصوت مرتجف :- رالف .... لقد خططت لكل هذه المحادثة .. أليس كذلك ؟ أردتنى أن أعرف ! كنت تموت شوقا لتخبرنى عن علاقتك بجولى ...وقاطعها رالف ن واستطاعت سماع الذنب فى صوته :- تمالكى نفسك .- إذا كنت تريد التخلص من علاقتنا ، فلماذا لم تقل لى هذا بصراحة . لم يكن يجب عليك أن تنتظر طويلا !- اسمعى يا نورما .. ليس من التعقل أن تتصرفى كطفلة ..وأقفلت السماعة ، ودفنت رأسها بين يديها ، وانفجرت بالبكاء .عندما استعادت ربأطة جأشها ، عادت إلى التقاط الهاتف ثانية .. وتفكيرها مضطرب . هل سيقبل بها آلان على يخته ؟
منتديات ليلاس

ربما لا . وبدأت تتكون فى ذهنها خطة مجنونة . وطلبت السنترال وطلبت منه الاتثال بنادى يخوت مومباسا ، وجاءها صوت آلان جافا وباردا .- نعم ؟- أظن أننى وجدت لك من يرافقك ، متى تريد مغادرة مومباسا ؟- فى أسرع وقت ممكن ، بالطبع . هناك مد فى البحر عند الثالثة صباحا . وأستطيع أن أبحر عندها . لماذا ؟وقفز قلبها ، الثالثة صباحا ! وفكرت بآلان ، هل تستطيع أن تخدع هذا الرجل ؟ وانقبضت معدتها ، ربما تستطيع خداعه لساعات قليلة :- هناك شاب التقيت به ، تلميذ ، كما أظن . وذكر انه يفتش عن طريقة للسفر إلى وطنه . لقد سرق كل ماله ...- حسنا من هو ؟ ما اسمه ؟- أوه .... طونى ... ربما طومى .... لا أذكر تماما .- لا يهم .. اتعلمين أين أجده ؟- أجل .- أين ؟- حسنا ، لقد قال إنه سيسهر الليلة ، ولست أدرى أين .. أتريد أن أتصل به عندما يعود ؟- لا .. سأتكلم معه أنا . أين يقيم ؟- لا أعرف أين يقيم . انظر .. سأراه عندما يعود ، وأرسله إليك فى اليخت .. هل ينفع هذا ؟- أعتقد هذا .. انظرى ، هذا الشاب اليس مصدر مشاكل ؟ مخدرات ، أو شئ من هذا ؟- أوه .. لا . لاشئ من هذا النوع أبدا .- وكيف تعرفين .وقالت بحزم :- إنه لا يبدو من هذا الصنف . ولكننى أعرف أنه تواق جدا للحصول على طريقة سفر للعودة إلى وطنه .- إذا .. أبلغيه أننى سأدفع له الأجر المتعارف عليه . وحاولى أن ترسليه إلى اليخت بأسرع وقت ممكن .. اوكى ؟- أوكى ...- إذا وصل عندى قبل الثالثة ، سنبحر فى الحال .. هل فهمت ؟- ساقول له .وقال آلان بصوت أقل عدائية الآن :- اسمعى .. لقد نسيت إسمك .- نورما ليستر .- صحيح ، لقد سمعتهم ينادونك نورما . إذا استطعت إرساله إلى اليخت الليلة ، سأكون سعيدا جدا .- سأفعل نا بوسعى .- أجل .. حسنا .. انا آسف إذا كنت جافا معك .- أتفهم هذا . سأذهب لأفتش عنه الآن .وودعته ، وأقفلت الهاتف . ثم ركضت خارجة لتنزل فى المصعد . وهى تعد ما لديها من مال . هل ستستطيع ان تذهب إلى اليخت ؟ سيكون ظلاما فى الخارج ، وهذا من مصلحتها . والخداع لن يستمر أكثر من ساعات . وما إن يصبحا فى عرض البحر ، لن يستطيع ان يعود ثانية .وجدت صيدلية مفتوحة فى الشارع التالى ، وأخذت سلة وبدأت تفتش عن ما ستحتاج إليه . مقص ، صباغ شعر ، أسبرين ، بعض مستحضرات التجميل ، اقراص لدوار البحر ، قد تحتاج فى اليخت الكبير ... بعض الصمغ ...وعادت إلى الفندق وهى تحمل مشترياتها ، وفى المصعد ، نظرت إلى ساعتها لتجد أنها العاشرة والنصف . فهمست " اللعنة " لم يعد أمامها الكثير من الوقت !
( نهاية الفصل الثاني )

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 12:09 PM   المشاركة رقم: 4
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 


3-خدعة صغيرة
كانت الساعة تقارب الثانية و النصف فجرا عندما سارالتاكسى على طول رصيف الميناء ، أضواءه الأمامية تضئ الطريق وسط الظلام الدامس. ورفع آلان سان كلير رأسه عن الخريطة التى كان يدرسها وخفق قلبه... هل سيكون هذا بداية لتغيير حظه.
وخرج شخص ضئيل الجسم يرتدى سترة رياضية ضخمة، من السيارة، ونظر مترددا حوله الى اليخوت. ثم شاهد المصباح المعلق فوق اسم اليخت ((ميليسا)) ولوح لآلان، ودفع أجرة التاكسى، وحمل حقيبته نحو اليخت الجميل. ورفع آلان المصباح المتحرك ليلقى الضوء على السلم، وتقدم ليلاقى الوافد الجديد، الذى يبدو كولد صغير رفيع.
وقال الولد بصوت أجش:
- سيد سان كلير؟ اسمي طونى هيستون، لقد أرسلتنى نورما.
- أهلا بك ..
وأخذ آلان يتفحصه، شعر أسود قصير، وجه جميل، شارب أسود، يثير السخرية، ولكن هناك شئ مألوف فى وجهه فسأله:
- ألم أرك فى مكان ما من قبل؟
وهز الولد رأسه :
- لا أظن هذا... هل صحيح أنك تبحث عن بحار ؟
- صحيح . . هل لديك خبرة بالابحار
- طبعا، والدى كان يصطحبنى فى قاربه، عندما كان حيا، وأعرف المبادئ الأساسية.
وبدت على آلان السعادة
- هل تستطيع قراءة البوصلة؟
- بشكل جيد، وأستطيع الطهو والتنظيف أيضا، وأشتطيع العمل على الرادار أيضا.
- والخرائط ؟

- كما قلت لك يا قبطان، اعرف المبادئ الأساسية، وسأتعلم سريعا مالا أعرفه.
ونظر آلان الى الولد باهتمام متزايد، انه فى الواقع صغير الجسم، تقريبا كالفتاة...وقال له:
- أنا لست مليونيرا يا طوني، كل ما أستطيع دفعه هو الأجر المتعارف عليه حسب التعرفة الدولية.

- سيكون هذا رائعا يا قبطان، كل ما أريده أن أصل الى وطني.

- اذا، كل شئ سيكون على ما يرام، المد سيبدأ، بعد عشر دقائق . . أتستطيع السفر معى فورا؟ كما أنت؟

- طبعا . .

وابتسم ابتسامة جميلة، ولكن هذا الشارب : انه حقا مضحك! لابد أن الولد المسكين رباه ليبدو أكبر سنا واكثر رجولة، ولكن عيناه البنيتان اللطيفتان كانتا ثابتتين تماما، ومع أن جسمه صغير، يلفه فى ثياب تبدو كبيرة عليه، فان هناك شئ ما فيه بدأ يجذب آلان. ونظر الى يديه القذرتين، كانتا نحيلتين أيضا، ورقيقتين تقريبا.

- كم عمرك يا طوني؟

- عشرون سنة يا قبطان.
منتديات ليلاس

- هيا .. انت لا تبدو فى الثامنة عشر. كم عمرك؟ خمسة عشر؟ ستة عشرظ

- أنا فى السابعة عشر يا قبطان.

ولكن آلان عرف بأنه يكذب.
- هل أنت واقع فى أي نوع من المشاكل؟ ما الأمر . .مع البوليس؟

- لا . . لا شئ من هذا. أنا نظيف، أقسم لك، يمكنك القول ان الأمر . . مشاكل عائلية!

- أي نوع من المشاكل العائلية؟

- حسنا، اذا كنت مصرا أن تعرف. والداي ماتا منذ مدة. وبقى لى عمتي . . وهى مقامرة . . .

- حسنا. ليس عليك أن تقول المزيد. سوف آخذك معى يا طوني . . دون أي سؤال. .أوكى؟

- هذا عظيم!

وأحس آلان بالأسف عليه، ولد مسكين دون منزل يأويه، ومسرورلأنه وجد صديقا.
- طوني. . اسمى آلان. . أو ((قبطان)).

- أنت على حق يا قبطان.

وضحك الولد، مظهرا أسنانا بيضاء جميلة. ومرة ثانية، أعتقد آلان أن هناك شيئا مألوفا فى ابتسامته. . ما هو ياترى؟ ورد هو الابتسامة وصافحه. وأجفل الولد. . مسكين ! انه حقا ليس قويا.

- هل ستكون على ما يرام يا طوني ؟

- طبعا يا قبطان، أنا قوي كالحصان ، صدقا.

وأدار آلان وجهه ليخفى ابتسامة.
- أمامنا خمس دقائق لنلتقط المد. ضع حقائبك فى الكابين، ولنبدأ العمل.

- حاضر يا سيدي.

وأقلع اليخت ((ميليسا)) نحو البحر، وامتلأ شراعه برياح الصباح الباكر، التى تندفع من أراضى أفريقيا نحو البحر. وامتد البحر أمام اليخت الرمادي وكأنه صفحة من الفضة السائلة، وملأت نفس نورما الغبطة لرؤية هذا الجمال، وأطاعت تعليمات آلان بدقة و صمت، وما ان حلت الساعة السادسة حتى أصبحت أفريقيا وكأنها بقعة حمراء طويلة فى الأفق. ثم أشرقت الشمس وبدا البحر بلونه الأزرق العميق، وتحولت السماء الى لون النحاس. وبدأ الحر سريعا. وغسلت مياه البحر أى أثر لرائحة الأرض على اليخت.

ونزلت نورما الى المطبخ، بينما أخذ آلان يدرس الخرائط. ونظر بدهشة عندما أحضرت له اللحم والبيض الساخن للافطار:
- هذه تبدو اجمل من مليون دولار. . أين تعلمت الطهو؟

- لقد تعلمته سريعا. . كان علي أن أتعلمه بعد وفاة والدتى. فوالدى لم يكن يعرف شيئا عن الطبخ، رحم الله روحه.

- لقد توفيت والدتى عندما كنت صغيرا أيضا، ولم يبق سواي مع والدى مثلك تماما

- حقا. . وماذا يعمل والدك؟

- مصمم مراكب. . لقد صمم هذه مثلا.

- جيد. . وأنت يا قبطان؟ هل أنت فى نفس المهنة؟

- لا. . ليس تماما. أنا أصمم الطائرات وليس المراكبز

- يا الهي!

- هذه حقيقة، أنا أصمم الطائرات النفاثة الخاصة للأثرياء، والهليكوبتر، وما شابه.

- أراهن بأنك ثري.

وأخذت تربت على شاربها، الذى بدأ الصمغ فيه يؤلمها. متى ستكشف عن نفسها؟ ليس قبل أن يبتعد جدا عن الشاطئ.

وابتسم آلان :

- لا.. أنا لست ثريا يا طوني. أكسب رزقى، هذا كل شئ. ولكن آمل أن تتحسن الظروف قريبا، بعد ان أتخلص من كل ديونى. انظر، لماذا لا تخلع هذه السترة ، سوف يصبح الحر لا يطاق بعد قليل، و الأفضل أن تبقى فى التى شيرت.

- آه ... أجل، بعد دقائق لدي رشح بسيط و. . .

- ولماذا لم تقل؟ سأحضر لك الدواء؟ هل تشعر بصداع؟

- لا . . أعنى. . أجل. .

- أيها الولد المسكين. . هاك، خذ قرصين من هذا.

وابتلعت نورما الأسبرين على مضض، مع قليل من الماء أحضره فى كوب لها. وأخذ منها الكوب ليرمى ما تبقى من الماء فيه، ثم توقف وحدق مذهولا فيه، كان فى الماء شئ يطفو كالشعر، انه الشارب، والتقت عيناه بعينيها بذهول، ثم أصبح وجهه قاسيا باردا.

- ماهذا بحق الجحيم؟
وتنحنت نورما بعصبية، على الأقل تستطيع الأن التخلى عن صوت ((طوني)) الأجش، وقالت:

- الأفضل أن أشرح لك سيد سان كلير.

- يا الهي . . انت ؟ نورما ليستر؟

- أجل. .

وتقدم نحوها ووجهه متجهم من الغضب،وللحظة ظنته سيضربها. فتراجعت قليلا. وأمسك ذراعيها بيدين قويتين، فشهقت . .
- ما نوع هذا المزاح؟ من أرسلك لتنفذي هذه اللعبة؟ أيتها الثعلبة الصغيرة؟

- لم يرسلني احد. . . أنت تؤلم ذراعي. . .

- أنا أؤلمك عن قصد، ماذا تقصدين بحق الشيطان بخداعي هكذا؟
- لأننى اعرف بأنك لن تقبل بي لو اقترحت عليك مرافقتك، أرجوك اتركني!

- أتركك؟ يجب ان أرميك الى سمك القرش !
- أردت فقط مساعدتك، على كل، أنا مدينة لك بجميل، أتذكر؟
- جميل؟ لم أكن يائسا الى هذا الحد . . هيا أخفضى الشراع يا آنسة ليستر، سنعود الى مومباسا.

- أرجوك انتظر . . ليس من فائدة فى الرجوع الأن.

- بلى . .هناك فائدة، سوف أعيدك الى الشاطئ، وأسلمك الى أصدقائك. أيتها الهاربة الصغيرة.

- سوف يكونون قد أبحروا عندما نصل، وأنا لن أصعد الى متن قاربهم ثانبة.

- لا يهمني أين تذهبين. طالما يكون هذا خارج مركبي. ذا لم تنزلى الشراع سأفعل بنفسي.

- أنت لا تستطيع رؤية شئ أبعد من غضبك، أليس كذلك؟ فأنت واثق جدا من صواب آرائك، ولكن، ماذا ستفعل بعد أن توصلني الى الشاطئ؟ هل ستجلس حتى تتعفن لأسابيع في مومباسا؟ ألا تدين لوالدك بشئ؟

- أنا أقرر، بماذا أدين، ولمن، لن أخاطر باهلاك والدي بوجود طفلة فاسدة مثلك !

- لقد رأيت بنفسك ما أستطيع عمله هذا الصباح . . جزء مما قلته لك صحيح . . فأنا أعرف تماما قواعد الابحار.

- نعم. . لدي اثبات واضح لمهارتك.

وأشار الى الجزء المحطم من سطح المركب. فقالت ةقد بدأ غضبها يتصاعد:
- لم اكن أنا من يقود تلك المركب، يا سيد يان كلير. فلماذا تلومنى؟ لقد قلت بنفست أننى لست من طرازهم، واذا كنت تريد أن تعرف لقد حاولت ايقاف بيتر عندما كان متجها لصدم مركبك.
منتديات ليلاس

- ولكنك لم تنجحى، أليس كذلك؟

- ليست هذه غلطتى. . لقد فعلت ما بوسعى.

- اذا كان ما حدث، أفضل ما بوسعك، فأنا أكره أن أشاهد ما ستفعلينه بمركبى !

- اذن . . أرجعنى الى مومباسا، وتعفن هناك اذا كنت تريد هذا.

- أفضل أن أتعفن فى مومباسا بدل أن أغرق على يديك.

وردت عليه نورما بهدوء:
- لست بحاجة لدروس من أحد حول السلامة البحرية، وهذا جزء من قصتى، حقيقى أيضا، والدي غرق فى المانش منذ خمس سنوات.

وحدق بها وقد بدأ الغضب يتلاشى من عينيه:
- أنا آسف ..لم أكن أعرف هذا.

- وعلمني الابحار عندما كنت طفلة، أستطيع فعلا مساعدتك يا سيد سان كلير.

- لقد أفسدت شعرك الجميل الأشقر، هل يمكن غسل هذا الصباغ؟

- لست أدري.

وحدق بها وفى عينيه ارتياب:
- ولماذا تريدين مساعدتي؟ يا آنسة. .ليستر؟

- لأننى كنت على المركب، وأريد أن أدفع لك قسما من الأضرار، وخاصة أن بيتر آشتون لا يبدو من المحتمل أن يفى بالتزاماته، ولكن أيضا لأننى مدينة لك بجميل. لن تستطيع معرفة مدى سعادتى عندما رأيت الرانج لوفر يظهر من خلال المطر ذلك اليوم. لا أظن بأننى كنت مذعورة هكذا طوال حياتى.

- وماذا عن رالف، وبقية أصدقائك؟ أعتقد أنهم لا يعرفون شيئا عن مشروعك هذا؟

- لقد تركت رسالة لهم، ولا أظن بأنهم سيفتفدوني كثيرا.

- والعزيز رالف؟ ماذا سيقول عندما يسمع بهذا الأمر؟

- فى الواقع . . لست أهتم بما سيقول.

خلال الصمت صفرت الريح عبر الأشرعة، وأصبحت الشمس مرتفعة الأن، وأخذت تعرق داخل السترة التى سرقتهامن غرفة بيتر آشتون.

- سوف تتعبين أكثر على متن((ميليسا )). . .وسوف تكون طريق العودة أطول.

- عملى ينتظرنى، واذا لم ترجعنى الى مومباسا سوف تتمكن من الوصول ((بميليسا )) فى وقت أسرع.

وعلمت بأنه سيوافق، وتفحصها بعينيه الجميلتين، وكأنه يراها للمرة الأولى، وقال بمرارة:
- يبدو ان ليس هناك ما أستطيع فعله . . وعليك أن تحاولى على الأقل التعويض عن بعض الأضرار التى ألحقها زملاؤك الأغبياء . . ولأجل الله، حاولى أن تفعلى شيئا لشعرك، لم تكونى سيئو جدا كطوني . . ولكن كنورما ليستر . . انت مريعة !

- سأبذل جهدى.

وابتسمت له بلطف، مما جعلها تبدو أجمل، على الرغم من شعرها البشع. ولكن آلان لم يكن غافلا عن الجمال الذى فى وجهها.

- سأراقبك باستمرار، فلا تفعلى أى شئ خاطئ. أفهمت هذا؟

- حاضر يا سيدى. هل أنهيت فطورك يا قبطان؟

. . . . .

وعادت الى كابينتها، ووضعت رأسها فوق المغسلة، وبللته ثم غسلته بالصابون. عدة غسلات قوية قاسية أزالت آخر أثر للصبغة، وعاد شعرها ليكتسب اللون العسلى الذهبى الأصلى، لون جميل، غنى، كان والدها يسميه ((العسل البرى)) ولكنه أصبح قصيرا بشكل محزن، وأحست بالألم لفقدان خصله الطويلة الجميلة، وأخذت المقص، وبدأت شذب الأطراف غير المتساوية من شعرها، وعندما أنتهت أصبحت قصة شعرها قصيرة جدا، ولكن على الأقل متساوية. . .ولكن ، يا الهى كم أصبح قصيرا ! وارتدت تى شيرت وبنطلون جينز، ثم صعدت الى السطح.

وجدت آلان يطوي الشراع الرئيسى الذي كان الهواء يتلاعب به، فأسرعت بمساعدته بصمت تلف له الحبال وتربطها، وعقد آخر ربطة من الحبال وهو يتنهد واستدار ليواجهها:

- أنا سعيد لتخلصك من ذلك اللون القذر، ولكن لماذا قصصت شعرك هكذا؟ ألم يكن بامكانك اخفاءه تحت قبعة؟

- لم أفكر بهذا.

- لا . . لايمكن لك التفكير بهذا. تعالي يجب أن أرفع الشراع الصغير.

وهما يرفعان الشراع المثلث الشكل نظر اليها متفرسا وقال:

- آنسة ليستر، أظن أن ليس هناك . . . أى سخافات رومانسية برأسك؟

- ماذا تعنى؟

وأجاب ببرود:

- أعنى . . .أرحو أن لا تكونى قد تسللت الى هذا اليخت بسبب انجذاب عاطفى سخيف لي ؟

- بالطبع لا.

وشبك المشبك الفولاذى للحبل فى مكانه وقال:

- أنا سعيد لسماع هذا . . . فهذا كان سيعقد الأمور دون فائدة.

وقالت له وقد أحمر وجهها:
- أنا متأكدة من أن الأمور كانت ستتعقد، هل تواجه كثير من هذه المشاكل سيد سان كلير؟

- هذا ممكن، ولكننى لست مستعد لأى علاقة عاطفية آنسة ليستر، هل هذا مفهوم؟

- تماما.

وأحست بأنفاسها تختنق من عجرفته.
-جيد . .الساعة تقارب من الواحدة والنصف يا طوني هيستون. حان وقت الغداء، ألا تظن هذا؟
وغاصت الشمس ببطء عند الغروب، تملأ السماء بالشعاع. وتناولا طعامهما تحت النور القرمزى،
والعالم من حولهما ساكن تماما، ماعدا أصوات النورس التى تلحق بهما، وهمسات البحر السرية.
منتديات ليلاس

وبدأت النجوم تظهر واحدة واحدة، رؤوس دبابيس من الماس تضئ فى كبد السماء المخملى الأسود والقمر كان مكتملا تقريبا. ليس كالقمر الأنكليزى البارد، بل كتلة مشتعلة من أفضل أنواع الذهب يلمع بصفاء بين الأنوار الأخف،
ومال آلان الى الخلف مستندا الى جوار غرفة القيادة، ينظر الى القمر بعينين هادئتين.



- يقولون ان القمر كالعذراء. من السهل قول هذا فى أوروبا، ولكن هنا، قرب هذه الشواطئ الأفريقية لا يبدو كالعذراء، أليس كذلك؟ أم علي أن أقول هي؟ انها امرأة غنية جميلة، مستعدة للحب.

وجلست نورما تستمع اليه بصمت، لا تعرف ماذا تقول، ونظر اليها، وشاهدت اللمحة الساخرة فى وجهه وهو يتابع:
- أو . . هكذا يريدنا الشعراء أن نصدق.
على كل، سأشعل الأنوار على السطح.
ونهض بخفة، وذهب ليشعل الأنوار الخضراء والحمراء التى ستضئ ((ميليسا)) طوال ساعات الظلام. ونزلت نورما لتغسل الأطباق. ثم تفحصت البوصلة، لتتأكد من المسار الذى وضع المركب فيه. وعندما عاد، فتح الخريطة على الطاولة، وأشار بأصبعه، ثم قال:
- سوف نصل الى سلسلة صخور((مارغريتا)) قريبا،
وسوف أسير باليخت قرب الشاطئ، فأنا أفضل هذه الجهة من سلسلة الصخور بدلا من جهة البحر.
وأدار المقود ليتجه باليخت نحو الشاطئ، وبدت شواطئ أفريقيا بالتدرج وهى تقترب تحت ضوء القمر. ووقفت نورما قرب آلان فى غرفة القيادة، قريبة منه لدرجة احساسها بحرارة جسده. الليلة كانت مخملية، زرقاء، قاتمة، ليلة افريقية، وهما يقتربان من الشاطئ، بدأت رائحة الأرض الافريقية تأتى اليهم مع النسيم، رائحة نار المخيمات والنباتات العطرة. .
رائحة كانت نورما تعرف بأنها لن تنساها أبدا.
- ما هى هذه البلاد؟
- الصومال. سنتمكن من مشاهدة الشاطئ قريبا.
وفى هدوء الليل، وصلت الى أسماعهما أصوات هدير الموج على الشاطئ.
وفى وقت قصير كانا على مسافة استطاعا منها رؤية صفوف أشجار النخيل التى تحد الشاطئ، وهى تبدو كالأشباح الفضية تحت ضوء القمر. وعندما أصبح اليخت على مسافة قريبة من الشاطئ أدار آلان اليخت الى الأمام ووضعه فى مسار شمالى بمحاذاة الشاطئ الافريقى . . .
وتقدم آلان ليقف قربها للحظة ثم قال:
- علينا أن نتناوب السهر، سوف ندبر هذا فى الغد.
ليس هذا فى الواقع ضروريا، ولكننى احب أن أكون آمنا.
وتركها بعد قليل ليصعد الى غرفة القيادة، ووقفت لوحدها تتأمل جمال هذه الليلة، والخط الساحلى أمامها. صوت بعيد قليلا جذب انتباهها، سعلة خفيفة أتت مع الريح، فى البداية ظنت أنه آلان، ولكنها سمعتها ثانية. زمجرة خشنة قادمة من الشاطئ،
سببت لها القشعريرة فى مؤخرة رقبتها صاحت:
- آلان، تعالى واسمع هذا.
وما ان خرج الى السطح، حتى عاد الصوت ثانية، زمجرة خفيفة من على الساحل. ورفع آلان رأسه وعيناه ثابتتان، فهمست له:
- ما هذا؟
وانضم الى الزمجرة صوت آخر، وضحك آلان فجأة، وتوجه نحو غرفة القيادة وهو يقول:
- لنذهب ونرى ما هو. .يبدو أن رحلتك البرية لم تنته بعد، هذا اذا كنت محظوظة.
وحدقت الى البر، واليخت يقترب بهدوء، واقتربت الأصوات أكثر. فقالت بعصبية:
- هل الأمر آمن؟
- أجل. . . ابق عينك على الشاطئ.
- وعن ماذا أبحث؟
- عن الأسود.
وحدقت جيدا بالشاطئ،
كان على مقربة منه حتى أنها أستطاعت رؤية أشجار النخيل تتحرك، والقمر يضئ على الشاطئ. وسمعا الصوت ثانية واقشعرت بشرة نورما، كان هناك شئ مقلق فعلا حول هذه الأصوات. وشكرا لله أنهما على متن اليخت، وليس على الشاطئ ! وضحك آلان وكأنما قرأ أفكارها، وقال :
-المفترض أن تكون هذه الأصوات مخيفة،
الأسود تستخدم هذا الصوت عندما تكون تصطاد لتخيف الطريدة وتتجه فى الأتجاه الذي تريده. اصمتى الآن وابقي عينيك مفتوحتان.
ثم رأتهما . . . وتجمد الدم فى عروقها، بنصف رعب ونصف سرور. أسدان كبيران، يسيران ببطء بين أشجار النخيل نحو الشاطئ، وبصمت أنزل آلان الشراع،
ورمى المرساة. وسمع لسقوطها فى الماء صوت خفيف. وراقبي نورما الأسدين وهما يسيران فوق الرمال. على بعد أقل من مئتين يارد عنها. تحت ضوء القمر، جلدهما كان بلون الفضة المذهب. واعتقدت بأنها رأت الضوء اللوزى ينبعث من عينيها.
وخرجت من بين الأشجار ثلاث لبؤات لتنضم الى الأسدين فوق الرمال. . ووقف آلان بقربها يراقبان بصمت . . .
المخلوقات الضخمة أخذت تتقلب فوق الرمال، والذكور تنفض لبداتها الكبيرة. . ومثل القطط المنزلية أخذت تلعب، تعض بعضها وتضرب بمخالبها،
التى تستطيع كسر العظام، بلطف. ورقص قلب نورما لجمال المنظر، انه رائع، الرؤية الأمثل لشاعر متوحش. والضوء السحري أعطى المنظر لمسة غير حقيقية وكأنها الحلم.
منتديات ليلاس

ثم . . .وبصمت كما ظهرت ، عادت القطط الكبيرة الى ما بين الأشجار، تنادى بعضها من وقت لوقت بأصواتها المتحشرجة، وما ان أختفت الأسود، حتى أحست نورما أن يدها تؤلمها، فنظرت اليها لتجدها ممسـكه بيد آلان.
والتقت عيونهما فى الظلام، عيناها واسعتان ناعمتان، وعيناه سوداوان لا يمكن سبر غورهما. ثم . . . ترك يدها. واستدار ليرفع المرساة.

وتقدمت الى جانبه تساعده فى رفع الشراع ثانية، واصطدم كتفيه العريضين بها صدفة عدة مرات،وكأنها جزء من الأدوات التى على السطح.
وكأنما ذلك المشهد الغريب لم يحدث أبدا، واستدارت لتعيد النظر الى الشاطئ. وكان الشاطئ الفضى ساكنا، وكأنه مسرح مهجور.



- لقد انتهت المسرحية . . . هيا بنا نسير فى طريقنا.

وملأ الريح شراع ((ميليسا)) الطويل الشبيه بجناح النورس، وشق اليخت الرمادى طريقه فى البحر . . .
(نهاية الفصل الثالث)

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
قديم 13-08-10, 12:13 PM   المشاركة رقم: 5
المعلومات
الكاتب:
اللقب:

البيانات
التسجيل: Mar 2010
العضوية: 156978
المشاركات: 676
الجنس أنثى
معدل التقييم: سفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جداسفيرة الاحزان عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 575

االدولة
البلدEgypt
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
سفيرة الاحزان غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : سفيرة الاحزان المنتدى : روايات احلام المكتوبة
افتراضي

 


4-لا تعني شيئا له!
ما ان حل منتصف النهار التالي حتى كانا يستديران حول القرن الافريقي ويتجاوزان جزيره (مبدا لكوري)المغطاه باشجار النخيل ليدخلا خليج عدن في الممر الذي سيوصلهم الى البحر الاحمر الحراره اصبحت شديده
وكلاهما يجد صعوبه في التنفس الان كان يرتدي شورتا قصيرا وجسده الضخم يتصبب بالعرق وخلعت نورما ثيابها لترتدي البيكيني وفردا كل قطعه قماش من الاشرعه كي يؤمنا التقاط الريح الخفيفه وما ان انتهيا من ربط الحبال حتى جلست على السطح وهي تتنهد ومسح الان العرق عن جبينه فنظرت اليه وابتسمت قائله
-اتريدني ان اغسلك؟
-ارجوك...
منتديات ليلاس

واخرجت خرطوم مكافحه الحريق ومدته نحو الماء ثم ادارت المضخه وفي خلال لحظات تدفق ماء البحر المالح من الخرطوم الذي تحمله ووجهت الماء على ظهره فشهق لبرودته
وكانت هذه طريقه قاسيه ولكن فعاله للابتراد في هذا الطقس الذي يشبه بحرارته حراره جهنم في هذا المكان من الخليج حتى البحر الاحمر
سيكون جوه الطف بكثيره من هنا حيث ستهب الرياح البارده من اليابسه نحو البحر واصبح الان نظيفا ومبللا...واخذ منها الخرطوم ليرد اليها جميلها
تمتعت نورما برذاذ الماء المنهمر عليها متذكره طفولتها عندما كان والدها يفعل معها مثل هذا في حديقه منزلهما الصغير وبعد ان انعشتهما المياه عادا ليجلسا في فئ غرفه القياده وقال لها الان
-لست ادري كيف كنت ابلها لانخدع بتنكرك



واحمر وجهها فاخذت المنشفه تشغل نفسها بتجفيف شعرها ثم تطلعت في المراه المثبته فوق البوصله وقالت
-لم يكن لدي فكره بان اذناي ملتقتان الى الوراء هكذا
-كان يجب ان تفكري بهذا قبل ان تقومي بعملك الاحمق لم يكن عندك شئ مميز سوى شعرك ولقد ذهب الان
وارتدت بصمت قميصا قطنيا ونزلت الى المطبخ لتحضر طعاما خفيفا للغداء
وهما يبحران مبتعدين عن باب المندب التقيا بالعديد من السفن فوق المياه البراقه وتجاوزا الكثير من المراكب الشراعيه العربيه منذ الفجر
وبينما هما يتناولا وجبتهما بصمت وجدا نفسيهما وسط مجموعه صغيره من المراكب العربيه يقودها رجال سمر في ثياب تشبه البيجاما



وانهى الآن طعامه واسرع الى غرفه القياده ليراقب سير اليخت وبقيت نورما وحيده يثقل مرور الوقت عليها وقررت ان تجد ما يليهيها فجلست تلمع المعدات الملاحه واستغرقت في عملها ما يقارب الساعه الى ان نزل الآن ووقف عند الباب وقال
-فكره ما خطرت في ذهني...
خطيبك هذا ...رالف اليس كذلك؟
-نعم؟
-هل قلت له اين انت؟
-لا...في الواقع لم افعل
وسالها بحده وعيناه تتفحصانها
-وكيف سيعرف مكانك اذن؟
-سوف يشرح له بيتر اشتون الامر..
لقد تركت له رساله..
-وهل تركتي بيتر اشتون ان يشرح لخطيبك ؟وماذا ستظنين بانه سيقول لصديقك العزيز؟
-سيقول بانك احتجت الى بحار واخترت ان ابحر معك..
-ماذا يعمل رالف لكسب معيشته؟.
-انه سمسار في البورصه...لماذا؟



-انه يعمل في الصيرفه اذن؟
-في سوق القطع في لندن اجل...ولكن لماذا؟
-لانني استطيع الاتصال به بالراديو.
وسوف اتحدث مع رالف ..ما اسمه الاخر؟
-كلارك..ولكن لماذا...
-ماذا ستظنين ان صديقه بيتر سيقول له ؟
بعد خلافك معه وبعد الجدال الذي حصل معه في مومباسا الا تظنين ان هذه فرصه مؤاتيه للانتقام مني؟
-وماذا تظن بانه سيقول له؟
-سيقول لقد قابلت ذلك الرجل على اليخت ..الا تعلم وما ان شاهدته حتى قفزت الى احضانه...
فصرخت نورما
-لا...!
-وسيتابع لقد هربت معه على يخته..ولكنني ساتصل برالف الان فورا...وسوف تشرحين له كل شئ ...صحيح؟
-الآن...لا...لا اريد...

منتديات ليلاس


-ما تريدينه لا يهمني لن اجعل نفسي مضطرا للتنازل عن شئ بسبب مزحه قمت بها...
-ولكن دعني اشرح لك ...انا لم ..
-ساتصل به بالراديو.
-الآن .
.ارجوك لا تفعل...
والتفت اليها بغضب
-الا تعتقدين ان من الانصاف ابلاغ الرجل المسكين ؟سوف يتخيل كل انواع الافكار
وتبعته بياس الى غرفه القياده وكان جهاز الارسال الضخم على الطاوله وجلس الآن امام الاله وبدا ينادي لندن وحاولت نورما ان تكلمه لاخر مره
-الآن ...لايجب عليك ان تكلم رالف ...استطيع ان اشرح...



-شرحك له سيكون افضل...هذا اليخت ميليسا ينادي لندن .ينادي لندن...
وخلال بضع دقائق استطاع الاتصال بمركز لندن وطلب منهم ان يوصلوه بالبورصه ومثل هذه الاتصالات من السفن في اقطار العالم عاديه بالنسبه لسنترال البورصه فالزبائن عاده يتصلون بهم من جميع اقطار المعموره
ووقفت نورما بصمت بجانبه وهو ينتظر عامله السنترال ان تصله برالف كلارك وكان قلبها يخفق بالم ...
لماذا لم تقل لالان الحقيقه؟
وفجاه سمعت صوت رالف من جهاز الراديو
-الو...ميليسا رالف كلارك هنا .من المتكلم ارجوك ؟
-اناالآن سان كلير ...اسمعني ياكلارك..
خطيبتك معي .نورما ليستر
-اه ..اذا هذا انت...ماذا تريد؟
-اريد ان اشرح لك الوضع
-ليس عليك ان تشرح شيئا يارجل .انا متفهم تماما لقد اعجبتك خطيبتي ..وبكل بساطه حملتها على متن يختك واقلعت تحت اشعه الشمس هل هذا صحيح؟
-لا..ليس صحيحا لقد صعدت نورما الى المركب بالخديعه...
-وهل فعلت هذا؟
انت رجل محظوظ سيد سان كلير...لم استطع ابد دفعها لمثل هذه الخديعه ربما كنت انت اقوى مني؟
-اسمع كلارك...هل اتصلت بك بيتر اشتون؟
-في الواقع لقد فعل لقد قال لي بانك صدمت مركبه واحدثت له اضرار فادحه وكنت كما قال تحت تاثير السكر



فصاحت نورما بحراره غير قادره على تمالك نفسها
-هذا كذب
فقال رالف بهدوء
-هل هذه خطيبتي العزيزه السابقه؟
انا سعيد لسماع صوتك يانورما هل فراش السيد سان كلير مريح لك؟
فصرخ به الان غاضبا
-اسمع ياكلارك انت تفترض افتراضات خاطئه انا لم المس فتاتك واذا كان الخنزير اشتون قد لمح لك بان هناك شئ بيننا اذه فهو كاذب اكبر مما كنت اتصور
-لقد اعطاني بيتر بعض التفاصيل ..
ولكنني لم اكن بحاجه لمعلوماته لاتخيل الصوره الكامله...انا رجل مشغول دائما سيد سان كلير...الا يمكن اختصار هذه المحادثه المضجره؟
-وماذا تعني بهذا القول؟
-الا تعلم؟ اخشى ان تكون فتاتك الجديده قد افسدت عليك كل شئ



-نورما؟ وماذا ...
-اوه ارجوك لاتلعب لعبه البراءه لقد اتصلت لتخبرني كل شئ عن علاقتكما ليله سفركما
-ماذا؟
-يبدو ان اقولكما غير متفقه يارجل اسمع...
ساقفل الخط الان وارجوك لاتعاود الاتصال بي ..لا انت ولا هي
وصاح الآن
-كلارك ...



ولكننه كان قد اقفل الخط ورمى المايكرفون على الطاوله واستدار في كرسيه ليواجهها
-ما كل هذا بحق الجحيم؟ هل اتصلت برالف وقلت له باننا ...نقيم علاقه ما
-الآن ...ارجوك...اسمح لي ان اشرح الامر
-الافضل ان تشرحي لقد اكتفيت منك ومن مشاريعك المجنونه لماذا قلت له انني عشيقك؟
-لقد زل لساني فقط
-كيف يمكن لكلام كهذا ان ينزلق من لسانك
-حسنا...
لقد كنت مستاءه من كل شئ حصل في مومباسا لذا اتصلت برالف لاقول له عما حدث ونحن لم نكن متوافقان مؤخرا ارجوك ان تصدقني يالآن .ولهذا السبب اتيت الى مومباسا لوحدي كي اعطي رالف فرصه للتفكير ..قال انه بحاجه اليها
-وفري على سماع تفاصيل حياتك الخاصه لاجل الله!وقولي لي ما حدث عندما اتصلت به من مومباسا؟



-انه...لقد ..حسنا لقد اختار تلك الامسيه بالذات ليبلغني انه على علاقه غراميه مع احدى صديقاته ...جولي... لقد التقيت بها
-ومن هي جولي؟
-الفتاه التي كانت على المركب التي ترتدي الاقراط الماسيه
-اه ...
تلك الفتاه التي تنظر الى كل الرجال وكانهم حلوى فرنسيه؟

واجابت نورما بمراره
-اجل ...هكذا تبدو



-لقد بدات افهم لماذا زحفت الى يختي زحفا لقد اردت ان تنتقمي منهم جميعا اليس كذلك؟
-اعتقدت بانك ستظن هذا ولكنه غير صحيح على كل قال لي رالف انه وجولي يتقابلان منذ اشهر..
-لست مهتما في الواقع...
يالهي..انت فعلا ساذجه الست هكذا؟
-ان شئت ان تقول هذا ولكن صدق او لا تصدق لقد تالمت كثيرا واعتقد رالف انني اكتشفت امر جولي..وانني...
وانك رميت بنفسك في احضاني للانتقام منه ...فهمت وبالطبع اكدت له ذلك؟
-كنت مستاءه جدا يالآن ولم اقصد ان استغلك هكذا لقد حدث ذلك عفوا بسبب الالم الذي كان في داخلي..
-اوه ارجوك.
.لا تبدأي بلعب دور مأساوي لا استطيع التحمل!
واستدار عنها بسرعه وركز نظره على مغيب الشمس الذي كان يحول خليج عدن الى قطعه من النحاس وقال لها بصوت هادئ وملئ بالشر

-لقد استخدمتني كالمغفل منذ البدايه لقد كنت وسيله خلاص مناسبه لك ؟لتبتعدي عن عطله لم تكوني تتمتعين بها ...
- لا..يا الان...
-ثم طريقه للخلاص من علاقه بدات تضجرك...
-هذا غير صحيح! لقد كنت احب رالف
وتوقفت عن الكلام وعادت الجمله الى ذهنها :كنت احب!

منتديات ليلاس


والتقت عيناه بعينيها للحظه وابتسم التواء بسيط مرير لفمه احرقها كانه الاسيد وقال نعومه
-هيا ..
تابعي انا متمتع بالعرض تماما
واحست بشئ في حنجرتها يخنقها فحاولت ابعاده وقالت
-انا...لم اقصد بان يكون الامر هكذا ياآلان ...
-تعنين انك لم تقصدي بان اعرف كل الاكاذيب التي كنت تقولينها عني؟
-ليس هذا ما عنيته لم اكن اقصد بان استغلك كنت اقصد ان
اساعدك ان اعوض عليك بطريقه ما ولم اقصد ان احشرك في مشاكلي مع رالف
- الم تقصدي ذلك؟



ونظر اليها وهو يبتسم ابتسامه تنم عن عدم تصديقه لها فقالت بمراره
-لا اعتقد ان ما اقوله يهمك على كل الاحوال فلن تصدقني اليس كذلك
ورد عليها بهدوء

-لا ..لن اصدقك بعد الان يا انسه ليستر فمن الان وصاعدا عندما تقولين لا...سافهم بانك تعنين نعم...
واستدار لينظر من النافذه المستديره امامه ثم قال
-هذه (راس الخنزيره) امامنا ...
وسوف استخدم كلمات خطيبك السابق :الا يمكن اختصار هذه المحادثه المضجره؟ سوف اتوقف في جيبوتي الليله لاعبئ بعض الوقود انه ارخص قليلا في هذا الجزء من العالم ...لنعد الى العمل



-الان...
-نعم؟
-لا اريد ان اكون عدوتك...
-لست عدوتي...بكل بساطه انت لا تعنين لي شيئا ابدا
ومررت يدها في شعرها بضطراب الان لم يكن رجلا عاديا ولا تستطيع ايه امراه ان لا تقع في حيه ولو لفتره قصيره ومع ذلك فقد كانت متاكده ان هذا لم يحدث لها انها ببساطه معجبه به فقط...ام هكذا هو الامر؟
لايمكن لها ان اكون وقعت في الحب ثانيه ليس بهذه السرعه بعد انفصال مؤلم مع الخطيب وليس مع رجل لا تكاد تعرفه...لا...انها ليست مغرمه بالان سان كلير ...ولن تغرم به.
**********


وتوقف صوت ضخ البترول من مضخه مرفا جيبوتي وسمعت صوت السلاسل وهي تسحب الخطرطوم من على اليخت ووقفت عندما دخل الان عليها في غرفه القياده وقال بختصار
-لنخرج من هذا الميناء القذر
وللمره الاولى بدا محركا ميليسا الضخمين بالهدير
وقاد الان اليخت بعنايه بين المراكب والسفن التي تطفو فوق مياه الميناء المليئه بالزيت وفي وقت قصير كان اليخت يجتاز مدخل الميناء الضيق وتلاشت اصوات وروائح ميناء جيبوتي وراءهم ورفع الشراع الرئيسئ الطويل الابيض والاسود ودفعت به ريح حاره باتجاه البحر الاحمر وخلال ساعه كانا قد قطعا مدخل باب المندب
ودخلا في عرض البحر الاحمر الهادئ العميق واوقف الان المحركات وارتفعت الاشرعه كامله لتبحر ب ميليسا بهدوء...
مره اخرى توقف النشاط على اليخت فقد كانا وحيدين في البحر المظلم العميق وما ان شغل الان المقود الاوتوما تيكي حتى لم يعد امامهما ما يفعلانه وكانت معدات الملاحه لازالت على الطاوله حيث وضعتها نورما بعد ان نظفتها واخذت تجمعها لتعيدها الى علبها وانزلقت من بين اصابعها اله قياس النجوم
ولرعبها صدمت الارض مصدره صوت تحطم ورفعتها بقلق فوجدت ان العدسه قد تحطمت وغاص قلبها الاله كانت جميله ويبدو انها اثريه وكانت تحدق بها عندما دخل الان
-ماهذا الصوت؟
وشاهد المرقاب في يدها وناولته اياه وهي تشعر بالذنب فتفحص الاله وقال بهدوء
-لقد اعطاني والدي هذه الاله كانت لجده



-انا اسفه الان...
-الا تستطيعين فعل شئ بشكل صحيح؟
وتوترت اعصابها ونظرت اليه بغضب
-كان هذا مجرد حادثه .
.الا تستطيع تصديق ذلك ؟يقع للناس دائما حوادث يا الان لم اقصد ان اكسرها...
-انت لا تقصدين شيئا اليس كذكل؟ كل شئ يحدث معك يحدث صدفه ولا يكون ابدا بسبب غبائك العين اليس كذكل؟
وصاحت به بغضب
-ومن تظن نفسك نوع من الالهه؟ لم تفعل شيئا سوى الصراخ ومهاجمتي منذ ان التقينا وكانني المسؤوله عن حظك السئ



واستدارت مبتعده وهي ترتجف من الغضب متابعه كلامها
-لقد قمت ما بوسعي لمساعدتك مع انني لا اعرف لماذا لم اعرف لماذا اتركك تعيدني الى مومباسا..
-ولست ادري لماذا لم افعل انا لست بحاجه لك يانورما لقد اقحمت نفسك على دون دعوه....
-اذا انزلني الى البر في بور سعيد وسوف اعود لوحدي الى لندن
-بور سعيد! وكيف ستجدين طريقك للخروج من بور سعيد
-لست ادري..ولكن...
فترددت وقد احمر وجهها فقال بوحشيه
-انت مجرد حموله زائده في اليخت يانورما
فالتفت اليه وعيناها تلتمعان بالدموع وتوجهت نحو باب غرفه القياده وامسكت يداه بخصرها بقوه وادارها بقساوه لتواجهه فشهقت وقد اجفلت محدقه بالوجه الملتحي وصاحت
- اتركني اللعنه عليك
-ولماذا اتركك ؟اليست هذه هي الطريقه التي يعامل بها الرجال عشيقاتهم؟
-وماذا تعني؟
-لقد اخبرتي الجميع بانك عشيقتي يانورما لذا يجب ان استفيد من هذا
-لست ادري عن ماذا تتحدث؟
وحاولت ان تتخلص منه فقال بنعومه

-ايتها المسكينه دعيني اريك ماذا اقصد.
وضمها اليها بقوه وقد لف ذراعيه من حولها وتجمدت من الصدمه ثم ضغطت بيديها على صده لتجذب نفسها عنه
-اتركني!
-لقد بدات اعتقد بانك ستكونين ذات فائده لي على كل الاحوال
وكادت ان تقع عندما افلتها اخيرا فاسرع ليسندها ثم انزلها ببطء لتجلس على المقعد ..والتقت نظراتهما فقال بصوت اجش
-هكذا...
لقد اصبحت تعرفين الان
-ما...ماذا تعني؟
-تعرفين الان لماذا رويت عني كل هذه الاكاذيب لقد كنت راغبه في ان تكوني بين ذراعي اليس كذلك؟
-لا!
-لا؟ هل تريدين اعاده التجربه هنا ام ندخل الى غرفتي؟
-لاشئ...لا ارغب بك!
-ولكنك منذ لحظات كنت تتصرفين عكس هذا يا نورما ليستر

-لا يعني عدم مقاومتي لك عندما عانقتني ان لك الحق بان تجبرني على اكثر من ذلك
-لن اجبرك على شئ
صوته كان عميقا وهادئا ولطيفا ومد يده ليمسح شعرها القصير وفي عينيه ثقه بالنفس
-هذه القصه المجنونه لشعرك جذابه
وتخللت اصابعه شعرها الناعم بحركات ناعمه مثيره
وكالقطه بدات نورما تحرك رقبتها وراسها بسعاده وضحك ضحكه عميقه ساخره
ثم شد على شعرها حتى انها صرخت من الالم فنظر اليها بعينيه الجذابتين وسالها
-وماذا الان؟ هل هناك الاعيب جديده؟
-لا اريد ان اتابع معك هذا يا آلان
-بل انت تريدين انظري الى يديك ياعزيزتي انت ترتجفين كورقه شجر
-انا لست مستعده لهذا ...ليس بهذه الطريقه على كل الاحوال
=-وكيف اذن؟
هل يجب ان اغازلك واغريك؟ اخشى ان لا اجد ورودا في البحر الاحمر لاقدمها لك!
-انا لست مستعده ابدا.. هل هذه فكرتك لمعاقبتي يا الان؟ هل تريد اذلالي لانك لم تحبني وكنت مصدر ازعاج لك...؟
-كلام سخيف هذا الامر ليس له علاقه سوى بالرغبه .انا رجل وانت امراه وكلانا نرغب ببعضنا فما دخل اي شئ في هذا؟
-الكثير الكثير له دخل اول شئ انا لا ارغب في..
انا لست من هذا النوع من الفتيات
-وما نوعيتك اذا ؟ النوع الذي يقول لخطيبه انها بين احضان رجل اخر ؟ ما هو هذا النوع يا نورما؟
-ربما فتاه مشوشه الفكر . ولكن ليس النوع الذي يقفز الى احضان اي غريب
-اوه ..هيا..وفري على تظاهرك بالطهاره!
فصاحت به بغضب
-لا تقل هذا

منتديات ليلاس


وتقدم نحوها فتراجعت الى باب غرفه القياده ولكن في الظلام الحاد فوق السطح تبعها ولف ذراعيه حول خصرها وجذبها اليه وتصاعد الدم الى وجهها وشعرت بقوته واحست انه قادر على ان يفعل ما يشاء بها فتوسلت اليه بياس:
-الان..ارجوك اتركني!
شئ من الالحاح في صوتها استطاع ان يصل الى نفسه فتركها بصمت وتراجعت الى الخلف بضعف وخيبه الامل تجري في جسدها اذ ادركت انه فجاه قد اصبح باردا
وقال بصوت قاس كالفولاذ
-نورما...دعيني اعطيك انذارا..
.لا تتلاعبي معي ابدا !هل فهمت؟
وردت
-نعم



فاستدار عنها بغضب واحست برده فعل مرتجفه تنتشر في جسدها وبالم وهي تدرك بان الان كان يمكن له ان ياخذ منها مايشاء في لحظات
اذا ...لقد انقذت شرفها الثمين...
هذا امر جيد...اليس كذلك؟...
نهايه الفصل الرابع

 
 

 

عرض البوم صور سفيرة الاحزان   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
احلام, دار الفراشة, جين لوغان, روايات, روايات احلام, روايات رومانسية, هزيمة القمر, كنوز احلام القديمة
facebook



جديد مواضيع قسم روايات احلام المكتوبة
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


LinkBacks (?)
LinkBack to this Thread: https://www.liilas.com/vb3/t146951.html
أرسلت بواسطة For Type التاريخ
19 - ظ‡ط²ظٹظ…ط© ط§ظ„ظ‚ظ…ط± - ط¬ظٹظ† ظ„ظˆط؛ط§ظ† - ظƒظ†ظˆط² ط§ط­ظ„ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط¯ظٹظ…ط© ( … - ظپطھط­ظٹط© (طھظˆط¶ظٹط­) This thread Refback 06-05-16 07:19 AM
19 - ظ‡ط²ظٹظ…ط© ط§ظ„ظ‚ظ…ط± - ط¬ظٹظ† ظ„ظˆط؛ط§ظ† - ظƒظ†ظˆط² ط§ط­ظ„ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط¯ظٹظ…ط© ( … - ط§ظ„ط¬ط§ظ†ط¨ ط§ظ„ظ…ط¸ظ„ظ… ظ…ظ† ط§ظ„ظ‚ظ…ط± This thread Refback 18-03-16 05:20 AM
19 - ظ‡ط²ظٹظ…ط© ط§ظ„ظ‚ظ…ط± - ط¬ظٹظ† ظ„ظˆط؛ط§ظ† - ظƒظ†ظˆط² ط§ط­ظ„ط§ظ… ط§ظ„ظ‚ط¯ظٹظ…ط© ( … - ط§ظ„ط±ط¬ظ„ ط§ظ„ظ…ظ„طھط­ظٹ This thread Refback 07-03-16 12:50 PM


الساعة الآن 10:45 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية