لمشاكل التسجيل ودخول المنتدى يرجى مراسلتنا على الايميل liilasvb3@gmail.com






العودة   منتديات ليلاس > القصص والروايات > روايات عبير > روايات عبير المكتوبة
التسجيل

بحث بشبكة ليلاس الثقافية

روايات عبير المكتوبة روايات عبير المكتوبة


إضافة رد
نسخ الرابط
نسخ للمنتديات
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-10-09, 05:43 PM   المشاركة رقم: 11
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

فى عطلة نهاية الأسبوع التالية ، لم تخرج ميجن من منزلها . شاهدت التليفزيون بعين شاردة ، بدأت للمرة العاشرة قراءة نفس الكتاب دائما دون ان تتذكر الصفحة الأولى . التهمت ثلاث علب شوكولاته وأربعة كيلوجرامات عنب استرالى بين الوجبات التى انخفضت إلى أقل درجة لتصبح مجرد شطائر بيض أو سلمون مع الليمون من أجل الفيتامينات .أما مايكل رامسى من ناحيته فقد أخذ يدور حول نفسه فى حجرته فى الفندق كالأسد الحبيس فى القفص . حملق إلى التلفون دون أن يكون قادرا على فعل شئ آخر . أما ميجن فلم تحاول الاتصال به مرة واحدة .


تدفقت الرسائل منذ مساء الجمعه .كانت فى البداية عبارات بسيطة مثل " اتصلى بى فى الفندق شكر " أو " لابد أن سكرتيرتك قد نسيت أن تنقل لك رسالتى ولكنى سأكون فى هاراباس حتى الثامنة مساء " . ثم أصبحت اللهجة أكثر قسوة . " ما لم تكونى مشغولة بأبحاثك البالية فلا بد أنك استمعت إلى رسائلى السابقة على جهاز الرد على المكالمات وما زلت فى انتظار ردك " نحو الساعة العاشرة ، جاءها رسالتان آخريان . مما دفع ميجن إلى تناول الحبوب المنومة .ثم ازداد التوتر ، ميجن لقد تخطيت كل الحدود ، أعرف أنك فى منزلك ، اتصلى بى على الفور ، لقد طالت هذه اللعبة السخيفة .


ظلت ميجن صامتة كالتمثال ، كان يوما السبت والأحد أكثر كآبة ، تواصلت الرسائل وأصبحت أكثر إسهابا . أما الرسالة الأخيرة فقد أرعبتها .كان صوته هادئا بشكل مثير للدهشة . قال ببساطة : " سأتصل بك يوم الاثنين صباحا فى مكتبك . إذا لم تردى فسأضطر للحضور إليك بنفسى . أشك أن آلدرمان سيقدر طريقتك فى معاملة الزبائن .... إلى اللقاء يا آنستى "


صباح يوم الاثنين ، تحدثت ميجن بطريقة مضيفات الطيران عندما أوصلتها جريتا بـ مايكل على التليفون :
- صباح الخير سيد رامسى . سعيدة لسماع صوتك . سوف .....


- لماذا لم تتصلى بى فى أجازة نهاية الأسبوع ؟


- آسفة يا سيدى ، لقد سافرت أثناء العطلة . فى رسالتك الأخيرة قلت : إنك تفضل مقابلتى بنفسك فى المكتب وسأضيف يا سيد رامسى أن لهجة رسائلك أدهشتنى .
اسمعى يا مارى ميجن لم يمض وقت طويل جدا جدا على الشرف الذى منحتنى إياه لمعانقتك . قد تكونين امرأة هوائية .ولكن نادنى باسمى الأول كالأصدقاء . ألسنا كذلك ؟ ومن ناحية أخرى فللعميل كل الحق ، ألا توافقينى على ذلك أيضا ؟

- كما تشاء يا مايكل .سأتصل بك بمجرد أن أرى الأخوة دوبسون . على الرغم من ذلك يجب أن أخبرك بأن ...


- هل تريدين العشاء معى هذا المساء ؟

- لا يحدث ذلك مع العملاء أبدا يا سيدى . أسفة ....

- لنقل إذن أنه عشاء عمل .

- فى هذه الحالة ، مر على فى المكتب بعد الظهر ... يمكننى أن أخصص لك ساعة .

- ماذا لو وقعنا السلام بيننا يا ميجن ؟

- السلام ؟ موافقة ، ولكن ماذا تقصد بذلك ؟

قال مايكل رامسى بصوت منزعج طالبا الرحمة :
- متى تريدين العشاء معى ؟ ضعى نفسك مكانى يا ميجن ولنكف عن هذه اللعبة الغبية . هناك مسألتان او ثلاث فى علم الاجتماع المقارن التى أحب أن أناقشها معك . ليس أكثر من ذلك . هذه كلمة شرف منى .

- إيه حسنا ، أنا ... نحن .... فى النهاية ما رأيك فى الأسبوع القادم ؟

- الأسبوع القادم !

- أسفة يا سيدى لكن أنا .... أنا ...

قاطعها :
- حسنا ، سأتصل بك يوم السبت القادم صباحا . من هنا حتى هذا التاريخ ستكونين بدون شك قد قابلت الإخوة دوبسون .

- إننى بالفعل بصدد دراسة ملفك يا سيد رامسى .

- هذا يسعدنى . وضعى فى رأسك أن اسمى مايكل . لديك أسبوع لتتعودى على هذه الفكرة .

وضع السماعة دون ان يضيف شيئا اخر متجنبا بذلك عبارات الأدب واللياقة التى تسرف ميجن فى استخدامها دون الحاجة إلى ذلك .

خلال الأسبوع ،استغرقت ميجن فى العمل الذى لا ينقضى أما مايكل فقد احترم عقدها ولم يظهر بعد ذلك . وعلى الرغم من ذلك كان فى كثير من الأحيان يركب تاكسى ويمر ليراها فى المكتب أو فى منزلها .طوال الأسبوع ، كان يأمل أن تتراجع ميجن عن قرارها .لقد كان لديه الوقت ليفكر . ولكن على الرغم من كل شئ ، فهو ما زال يفهم لماذا تحولت ميجن شاى فى إحدى الأمسيات إلى جيل دوميل بكعب عال ثم إلى شبح فى الصباح الباكر ، وإلى امرأة مستهترة وسهلة مازالت ذكراها تسكن خياله .إنه يحب هذه الذكريات ويحب أن يفكر فيها . هذا الانتظار يزيد من شوقه إليها وما زال يدور برأسه غموض ليلة حب ظلت كالمعجزة تعذب جسده وفكره اللذين رفضا نسيان السعادة التى سببتها له هذه الليلة .

بما أن ميجن أرادت ألا تظهر له أنها تخشاه أو تخفى عنه شيئا ، اتخذت هى الخطوة الأولى . اتصلت به صباح يوم الخميس . فى الفندق نحو الحادية عشرة .

مايكل رامسى ؟ صباح الخير هذه ميجن .

- أه ميجن . لقد يئست فى أن أحصل على أخبارك .

- لقد رأيت الإخوة دوبسون أمس . بعد الظهر . أردت التحدث معك عن هذه المقابلة .

- العمل ممتاز ، من كل وجهات النظر . قبل الإخوة دوبسون شروط وعلى الرغم من ذلك يوجد مشكلة صغيرة .هذه أول مرة فى حالة من هذا النوع يحدث فيها ذلك . وأعترف بأننى لست أدرى تماما كيف أطرح عليك هذا السؤال .

داعبها قائلا :
- أتمنى ألا يكون سؤالا خاصا كالمرة الأخيرة !

لقد أخطأ . سادت برهة صمت طويلة على الطرف الآخر من الخط .

اعتذر مايكل :
- ميجن ؟ لا تأخذى الملاحظة مأخذ الجد . إنها مزحة .أسف لأنى جرحتك .

أجابت ميجن :
- اسمع يا سيد رامسى .بالنسبة لى ، عقد السلام يعنى عقد السلام لست أدرى ما الذى يعنيه ذلك بالنسبة لك فى تكساس . بالنسبة لى هذا يعنى أن ألغى الماضى . أطوى الصفحة ولا أعيد الكلام عنها وبالأخص ما يجرح من كلام كما فعلت منذ قليل .

- اسف يا ميجن .لكنك أنت من تتكلمين بمكر عن الماضى . ليس أنا وعلى الرغم من ذلك ، لا يهم .استمرى فى الحديث عن الإخوة دوبسون .

- إيه حسنا ، على الرغم من الأمتلاك لكامل للحقوق والعقود الإعلانية مع التايمز لندن السعر الذى تعرضه يرتفع بشكل مثير للسخرية .

سألها مايكل :
- هل قابلت الإخوة دوبسون ؟

- لا

- ستفهمين عندما تقابلينهم . وأضيف أن من رأيى أن هذا المبلغ على ارتفاعه فى نظرك لا يفى بحقهم تماما .

سألته ميجن بفضول :
- لماذا ؟

- بدأ الأخوان دوبسون بصحيفة صغيرة ونسخ قليلة يوزعانها على العائلة وبعض الأصدقاء . كانا فى السادسة وفى العاشرة .شارل الأكبر سنا كان طالبا جيدا وخجولا قليلا . كان هو من يكتب المقالات .أخوه لوريل ، نشط جدا وعيناه تتدفقان بالحماس . اهتم بالتحقيقات متنقلا بدراجته فى أنحاء لندن .وبعد سنوات ، أصبحا صحفيين . كتب شارل فى القسم الأدبى بجريدة تايمز ولوريل عمل صحفيا كبيرا فى هارولد تريبيون حياة عملية رائعة ! خلال سنوات طوال ادخرا من راتبيهما وعاشا على الكفاف مع زوجتيهما وأطفالهما الصغار . وفى الثلاثين أسسا دار دوبسون للنشر ولأنهما كرسا جسديهما وروحيهما لها ، أصبحت واحدة من اشهر دور النشر فى لندن . على الرغم من كل المغريات نجحا فى ألا يقبلا نشر كتاب سيئ . هل رأيت إذن ؟ فى تقديرى ان أستخدام إسمى هذين السيدين - كما سأفعل فى القريب العاجل - يعنى الانتفاع من حياتيهما التى كرساها تماما للأدب .هذا يستحق عن جدارة الثمن الذى عرضته والذى يطلبونه . كونى متأكدة من ذلك .
تنحنحت ميجن ولكنها لم تقل شيئا . لقد اكتشفت توا الرجل الكامن فى شخص مايكل رامسى انقبض قلبها . اغرورقت عيناها الخضراوان بالدموع . إنها فخورة به لم تكن لتتمنى من هو أفضل منه ليكون أبا لطفلها .

ثم عاودها الشعور بالذنب . سألته لتكسر الصمت :
- هل كان ينقصك شئ فى شبابك يا مايكل حتى تشعر بهما إلى هذا الحد ؟

- لا الحمد لله ، لم تصادف عائلة رامسى أبدا هذا النوع من المشكلات .

واستطرد بصوت ساحر أشاع الراحة والثقة :
- ولكن إذا أردت لا أمانع فى أن أسرد عليك قصة طفولتى . ربما نستطيع أن نتناول العشاء معا هذا المساء ؟

- هذا المساء ؟

- نعم أسعدينى بالقبول يا ميجن ! سأتصرف بشكل لا ألام عليه . يمكنك الاعتماد على .

- أنا ..... أنا متعبة قليلا .

- الساعة الحادية عشرة صباحا ؟

- نعم أؤكد ذلك . لم أنم جيدا .

- ومساء الغد ؟

- مستحيل . غدا الجمعه .

- نعم ، وماذا إذن ؟ المطاعم فى نيويورك تظل مفتوحة حتى أثناء الليل .

- أتعشى مع جيف يوم الجمعه .

سألها مايكل بهدوء مصطنع :
- جيف ؟

- نعم انه أبن لوسى الصغير ، أفضل صديقاتى .

استطردت ميجن سعيدة لأنها استطاعت ان تجد سببا حقيقيا حتى لا تقابل مايكل غدا . أرى لوسى كثيرا ولكن بسبب العمل ، الأصدقاء ،والحياة اليومية لا أكاد أرى ابنها . منذ وقت ليس بعيدا قضينا عطلة نهاية الأسبوع معا نحن الثلاثة . لقد أصبحت أنا وجيف صديقين حقيقيين نتقابل يوم الجمعه . أريد أن اراه يكبر هل تفهمنى ؟

- نعم جيدا ، إنى أعشق الأطفال .

شحبت ميجن على الطرف الآخر من الخط

- ميجن ؟

- نعم ؟

- سنتقابل إذن مساء السبت ، كما اتفقنا ؟

- نعم .

- سأمر لأخذك نحو الساعة الثامنة .

- حسنا نحو الثامنة .طاب مساؤك يا مايكل .

وضعت ميجن السماعة .لقد مر أسبوع على إقامة مايكل رامسى فى نيويورك بالتأكيد لن يتأخر فى العودة إلى تكساس . وضع مايكل السماعة بهدوء . وابتسم . لقد أعجبه وفاء ميجن للصغير جيف . هذا يرجح ألا تكون هذه الصهباء الجميلة مجرد عاشقة رجال .

قابلته فى صالة فندق هاراباس إن هذا النوع من النساء لا يحببن الأطفال أبدا . فى النهاية . ربما لم يكن مخطئا فى البحث عنها طوال الأشهر الأربعة فى كل مكان .

# # #


يوم السبت , فى الساعة الثامنة , فتحت ميجن باب شقتها إلى أجمل رجل فى نيويورك , لتوفر على نفسها وعلى الطفل انفعالات لا داعي لها , ابتلعت حبوبا مهدئة . كل شئ يسير على ما يرام .كانت ترتدى تايير بنفسيجيا يبرز شعرها الأحمر واسعا ليوارى بطنها المستدير .

قال :
- أنت ساحرة يا مارى ميجن .

قالت مازحة :
- لماذا تعقد الأمور ؟ميجن ليست اسما قصيرا ..

- مارى اسم يناسبك أيضا . لا أريد ان أختار .

سألته ميجن وقد حضرت عصائر الفواكة المختلفة :
- هل تريد أن تشرب شيئا .

- أتمنى ألا تغضبى من ذلك لكن هناك تذكرتين لأفضل كوميديا غنائية فى برودى . سيبدأ العرض فى الثامنة والنصف . التاكسى ينتظرنا ...

استقبلت ميجن الخبر بفرح . إنها تعشق المسرح بالاضافة إلى أنها تحت أن تقضى السهرة مع مايكل فى مكان عام .

- كوميديا غنائية ؟هذا رائع ، أى مسرحية ؟

- إنها مفاجأة بالتأكيد .

عندما أوقفا السيارة أمام باب المسرح المضاء . طارت ميجن من شدة الفرح ، فى مهب الريح إنها أنجح مسرحية فى برودوى منذ أكثر من عام . لقد شاهدتها نيويورك كلها وعاودت مشاهدتها مرات ومرات .

كانت التذاكر تباع فى السوق السوداء بأسعار خيالية .منذ وقت قليل عدلت لوسى وميجن عن شراء هذه التذاكر .

كان العرض رائعا .قصة خيالية غنية بعناصر الإبهار . عرض متكامل ولا ينقصه شئ . الموسيقى تدخل إلى الرأس مباشرة وتملأ الوجدان بالسعادة .

سعدت ميجن كثيرا بهذه المسرحية .ونسيت همومها وشعورها بالذنب . الجو المشع بالبهجة حولهما والناس ينعمون بسهرتهم ومايكل ينعم بالقرب من السيدة التى حلم بلقائها منذ شهور . يا إلهى كم هى جميلة ،غامضة وجميلة .

وكذلك ميجن على الرغم من انجذابها للمسرحية ،فإن حديث السهرة يدعو مايكل رامسى . لمشاركتها له هذا الجزء من الليل فهى تشعر أنها عرفته .اكتشفت كم هو جميل ،ساحر ، وسيم وكذلك أنه يشعر بالارتياح وسط صخب المجموعة أكثر من أن يتواجد بمفرده مع شخص اخر . أما كياسته فلا حديث عنها . مما أدهشها أنه يحيى أناسا كثيرين وجميعهم بدون استثناء يعاملونه كأنه شخصية مهمة ، محترمة من الجميع .
شعر مايكل باندهاش ميجن فحكى لها كيف كان يعارض والده أن يتعلم أشياء كثيرة وأنه بين الجامعة والرياضة كان شابا مشغولا جدا .تأثرت ميجن كثيرا بحديثه . وأخذا يتبادلان حكاية القصص الطريفة ويضحكان منها .

بعد انتهاء المسرحية ، توجها للعشاء فى مطعم فرنسى فى مانهاتن كانت الساعة الحادية عشرة تقريبا .كانت ميجن تتضور جوعا . فهى لم تتذوق شيئا من بعد الظهر .طلبت السالمون والسلطة وثلاثة أنواع من الحلوى منها الفاكهة عندما لاحظ انها تأكل بنهم سألها بعينين ضاحكتين :
- هل تتمتعين دائما بهذه الشهية ؟

- ليست لدى مشكلات من هذه الناحية فى هذا الوقت . وكذلك لا أكل بهذا الكم فى المساء . وذلك لأنى لم أكل فى الظهر .

انفجر مايكل ضاحكا :
- هل تأكلين وجبة الظهر كالأطفال ؟

تنهدت ميجن :
- نعم ما زلت أحتفظ بروح الطفولة . هذا يعوض مساوئى العديدة .

- إنى أحبك يا مارى ميجن شاى .

- وأنا أيضا يا سيد رامسى إنك عميل طيب .

تلاقت نظراتهما وتفحص كلاهما الآخر . رقصت ضحكة فى عيونهما .فكرت ميجن فى أن هذا الرجل الذى أمامها لن تراه أبدا الأسبوع القادم . أما مايكل فقد فكر فى تلك المرأة التى استطاعت منحه ليلة جميلة لم يحيها أبدا ، فى تلك المرأة التى أخذ يبحث عنها بجد حتى ردتها إليه العناية الإلهية .سألها بصوت عذب :
- ماذا كنت تفعلين فى فندق هاراباس منذ أربعة شهور ؟

شعرت ميجن بالخزى وقضى الندم على شعور السعادة الذى سرى فى وجدانها منذ الساعة الثامنة من هذا المساء . وضعت المنشفة وكان الحقيقة قد أيقظتها . هذه الحقيقة التى تؤلمها لأنها هى المسؤولة الوحيدة والفريدة عن حزنها . إذا كانت تتحلى ببعض الصبر لقابلت مايكل بشكل طبيعى بفضل عمل دوبسون . وعلى الرغم من هذا الشعور المخزى ،استطاعت أن تنظر إليه فى عينيه . إنه جميل .

- لم أرد أن أجرحك يا ميجن .أنا لست نادما على ما حدث على العكس .ذلك لأنى معك الآن . وعلى الرغم من ذلك فأنت لست كما كنت فى هذه الليلة أو على الأصح كنت امرأة أخرى بين ذراعى فى هذه الليلة . ما زلت جميلة ولكن هاتين المرأتين اللتين تسكناك تعذباننى . فسرى لى ما حدث . أعتقد أننى أحتاج إلى ذلك . لقد بحثت عنك فى كل مكان ، فى كل مكان يا ميجن .

شعرت ميجن بقلبها ينقبض .فى نفس الوقت شعرت أنها غير جديرة به وبأنه سعيدة لأنها وجدته من جديد وهذا الشعور أيضا هى ليست جديرة به .

- فى الصباح عندما استيقظت بمفردى اعتقدت أننى كنت أحلم . هذا الشعور استمر لحظة فقط أنك تركت بى علامات غير مرئية لكنها حقيقية . لقد افتقدتك

خفض عينيه كالصبى الصغير الذى ارتكب حماقة ثم استطرد :
- "أعتقدت أنك امراة محترفة على الرغم من شعور داخلى كان يرفض أن أصدق ذلك . عدت إلى دالاس . استمررت فى التفكير فيك دون توقف . لقد تغير شئ ما بى . شعرت به دون أن أعرف ما هو بالضبط ولا كيف حدث هذا التغير . عندما طلبت من ماكلين أن يجرى البحث لم أكن متأكدا من أننى أريد رؤيتك ثانية . بل أردت أن أتاكد من أنه لم يحدث لك مكروه ، من أنك ما زلت على قيد الحياة وسعيدة فى مكان ما .



لم تنبس ميجن بكلمة لأنه لم يكن هناك ما تقوله لقد كذبت عليه منذ البداية . ومايكل يقول لها الحقيقة .وليس هناك سلاح أقوى من الحقيقة ولا أبشع من الكذب . أرادت ميجن أن يواريها التراب حتى هذه الفكرة كانت تشعرها بالخزى . إنها حلقة مفرغة لا تعرف كيف تخرج منها .كيف تجد الشجاعة لتعترف لرجل كهذا أنها سرقت طفله ؟ أنها أرادت ذلك وخططت له ونفذته ....



قال بصوت لا يعبر عن أى غضب :
- قولى إذن هل كانت هذه تجربة أم رهانا ؟ لابد أنه كان لديك هدف كبير لتتصرفى معى على هذا النحو . أشعر أنك ما كنت لتفعلى ذلك فى ظروف طبيعية .



نظرت إليه ميجن نظرة غامضة . كونه لا يرى امرأة تعشق الرجال فهذا واساها بعض الشئ . لن يستطيع أبدا أن يفهم إلى أى درجة تريد الطفل . شعرت فجأة أنها غير قادرة على تفسير هذه الرغبة الملحة التى دفعتها للارتماء بين ذراعى هذا التكساسى . تحدثت عيناها الخضراوان عن المأسأة التى تدور بداخلها .لاحظ مايكل ذلك . وأعجب - فى نفس الوقت - بإرادتها فى أن تحتفظ بسر يبدو أنه مؤلم . والإفصاح عنه سيريحها مما لا شك فيه .



همس :

- تحدثى يا ميجن . أعتقد أنك تحتاجين إلى ذلك .



- أردت أن أستطيع أن أفصح لك عن الحقيقة يا مايكل . كنت أودأن يكون ما حدث لعبة أو رهانا أستطيع تفسيره . لكن ليست المسألة شيئا من هذا القبيل . على أية حال فأنا لست فى ظروف مواتية لأفسر لك .أفضل شئ هو أن أطلب منك المعذرة . أنا أسفة حقا على كل ما حدث . حاول أن تغفر لى ولا تتحدث أبدا فى ذلك .



نظر إليها مايكل بإمعان . ما الذى تخفيه عنه ويعذبها إلى هذا الحد ، هل هو أمر لا يمكن الإفصاح عنه ؟ سألها بتشكك :
- هل تريدين القول : إنك بكل بساطة أردت قضاء الليل معى ووجدت أنه من الحرص واللياقة أن تتخذى اسما مستعارا ؟



قالت مفتعلة الصدق :
- إلى حد بعيد هذا ما حدث . لست نادمة على ما حدث . لكن ما يؤلمنى أنى استغللتك فى هذه القصة .



لم أرد إيلامك .فكرت حقا فى أنك سوف ترحل إلى تكساس دون أن تسأل نفسم عما حدث . إنى اسفة حقا . لأن الأشياء قد أخذت انعطافا مخالفا .
تنهد مايكل بعمق . أمسك يد ميجن البيضاء ولم يندهش عندما وجدها ولم يندهش عندما وجدها ترتعش . قال :
- إنى أصدقك . لنذهب من هنا الآن .



شعرت ميجن بالعرفان لأنه بذلك اختصر عذابها . لكنها شعرت أيضا بالوهن وبأنه لن تستطيع النهوض إلا بمعجزة . سألها كأن ما تحدثا عنه لم يكن إلا كلاما للمسامرة :
- منذ متى وأنت تعيشين فى نيويورك ؟ أعتقد أنك أشرت إلى بوسطن ،أليس كذلك ؟



- احتمال .أبى يعيش هناك .جئت إلى نيويورك للدراسة منذ سنوات منذ ذلك الوقت أعيش هنا .



- قلت والدى ؟



- لم أعرف أمى ... أبى يمتلك عملا صغيرا فى بوسطن .



تحدثا عن العائلة والطفولة ، إخوانهما وأخواتهما الأخ الوحيد لـ مايكل هو كيفين أصغر منه بست سنوات يشبهه قليلا .... عندما أعلن مايكل أنه لن يتخذ أعمال البترول التى يعمل فيها والده وسيشق طريق حياته العملية فى مجال آخر . شجعه آل رامسى على الرغم من خيبة أملهم .تمنى والداه بدون شك أن يخلفهما . من حسن الحظ أن كيفن أخذ على عاتقه تنفيذ هذا الحلم ،مما أتاح له الازدهار على الرغم من أنه ظل دائما خجولا ومنغلقا .



ابتسم مايكل عندما فكر فى أن العناية الإلهية تفعل دائما ما هو فى صالح الإنسان .وجود نيجن أكد له أن الانسان ينتهى دائما بأن يجد ما يبحث عنه بشرط أن يريد ذلك بصدق .والله يعلم كم كان يريد أن يراها !



أما ميجن فكان لديها أخوان الأكبر منها يدعى دونالد كانت تحبه كثيرا . ولكن سلوكه معها لم يكن على قدر حبها له حتى إنها شكت فى أنه يغار من نجاحها عندما كان طفلا كان غريمها وكان يوصل إلى والديها ما تفعل من سوء . تحسن سلوكه معها مع تقدم عمريهما ولكن ظل هناك منافسة خفية تقابلهما ببعضهما . من الخامسة عشرة إلى العشرين كان يجد سعادة ماكرة فى أن يبعد عنها الأولاد.



أما أكبر الإخوة فيدعة كونراد وهو أكبر من ميجن بثمانية عشر شهرا فى العمر فقط أما التفكير فلم يكن بينهما فرق كان صديقها المفضل وبدون شك الفرد الوحيد الذى لا يخيب أملها أبدا . وعندما كان يستلزم الأمر التدخل بينها وبين دونالد . فكان يفعل ذلك بشجاعة . إنه يعشق ميجن وهذا يسعدها تماما .



ابتسمت السيدة الشابة عندما تذكرت أخاها وأفكاره :
- كان يقول : سنتزوج ونذهب إلى كاليفورنيا مع أبى ونترك دونالد بمفرده فى بوسطن .



- لماذا كاليفورنيا ؟



- لست أدرى عن ذلك شيئا . بدون شك لأنها تعنى الشمس طوال السنة ولأنى سأتخلص من دروس الجغرافيا . بالنسبة لى كانت كاليفورنيا هى نهاية العالم .
لماذا لم تتزوجى أخاك إذن . لقد تزوج رمسيس الثانى أربعة من أخواته .

ضحك الاثنان ، استقلا تاكسى حتى توقف بهما أمام المبنى الأبيض الذى تسكن به ميجن .قالت ميجن :
- لسنا من يغير قواعد اللعبة . إن التشريع ينص على عدم زواج الأخ بالأخت . لابد أن هناك سببا وجيها . والبحث عن صفات أخى فى شخص آخر يجعلنى أسافر وأرى أماكن عديدة من العالم .

سألها عندما وصلا أمام باب العمارة :
- ألم تصلى إلى ضالتك .... أبدا ؟

- بلى ، أحيانا .

أمسك مايكل ذراعها :
- ألا تجدين فى ضالتك ؟ حتى تصلى إلى أملك المنشود ؟

لم يكن يمزح تماما . استشفت ميجن هذا من عينيه البراقتين . إنه يشبه كونراد لأنه طيب ، صبور ، وفى وشجاع . لكن ما تشعر به حياله أمر مختلف تماما . وفجأة شعرت برجفة عندما تذكرت ليلتهما الحميمة .

سألته :
- هل لديك مؤهلات النجاح ؟

- بالقدر الكافى .

- ربما .

- نحن متعادلان إذن لهذا الحين يا مارى ميجن لا أريد أنا أيضا أن أغير قواعد اللعبة .

قبلها بقوة تنم عن شوقه وبعذوبة تكشف حنينه فى آن واحد . استسلمت ميجن حتى طالت قبلتهما ولم يختصرها إلا شعورهما بالبرد . قال :
- لندخل .

- لا يا مايكل .ليس هذا المساء . لا تصر

نظر إليها برهة وتبين أنها ترتعش قليلا . وأن الخوف قد حل محل الرغبة فى قلبها . لم يرد أن يخبرها . كان يعرف أنها فى يوم أو آخر ستلوذ بأحضانه .

- كما تشائين يا ميجن . لكن أعلمى أننى لست إلا أنسانا وقد يحدث لى أنا أيضا أن أتالم .





 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:47 PM   المشاركة رقم: 12
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 


الفصل السادس
اتصل بها فى المكتب صباح يوم الاثنين . قال مقترحا :
- ماذا لو تناولنا الغداء معا ؟

قالت ميجن التى وجدت أن الغداء أقل خطورة من سهرة جديدة مع مايكل رامسى :
- لم لا ؟ للأسف ليس لدى الكثير من الأخبار عن الأخوين دوبسون . اتصلت بهما هذا الصباح وقد قبلا شروطك لم يعد هناك إلا توقيع العقد أمام متخصص عقود وينتهى كل شئ .

- كنت تودين تخفيض السعر ووجود بعض العقبات التى تتخطينها بجدارة وتثبتين فيها مهارتك العملية ،أليس كذلك ؟

- هذا طبع حمراوات الشعر ، فما قولك ؟



قال مداعبا قبل أن يضع السماعة :
- هذا ما أظنه فيك دائما .

بعد ساعتين ذهبا إلى مطعم " لى " مطعم صينى راق جلسا وتبادلا أطراف الحديث . وجدت ميجن وهى بصحبته أنه ليس من الصعب أن تأخذ قسطا من الراحة والسعادة وسط هذه الحياة المتكدسة بالعمل .

لقد عرف مايكل كيف يجعل الحياة جميلة أمام عينيها . وجوده فقط يسحرها . ذكاؤه يظهر فى أبسط حركاته . فى حديثه الذى لا يخرج إلا عن تفكير وثقة . بالاضافة إلى عطفه الذى قارن جماله وهيئته المهيبة مما جعل الحسناوات ينجذبن حوله كالفراشات المنجذبة نحو النور . لم يكد مايكل يظهر أى غرور . الكلمات الجارحة لا تفقده شعوره كما أن كلمات المديح لا تصيبه بالتيه .

كان مايكل رامسى يرى أن مراعاة نسبية الأمور فى المواقف المختلفة قاعدة من قواعد الحياة .

أما ميجن فكانت مشكلتها الأساسية هى عدم الامتثال للواقع وتضخيم المشكلات وخلق العوائق الوهمية .كانت ميجن فى الحقيقة تعقد الحياة باعتقادها أنها هى المتحكمة فى مصيرها . كانت مقتنعة بأنها قوية وذات إرادة بينما تستسلم لحالاتها المزاجية المتناقضة .

لم يشعر بأهمية أن يعيش مع ميجن على الرغم من انجذابه إليها بشدة . لابد أن تقبل بأن تنسى شخصية سيدة الأعمال المنشغلة دائما فهذه الشخصية تثير غيظه .إنها تبدو وكأنها تهرب من حقائق الحياة .وكذلك من ذكرى السعادة التى تقاسماها منذ أيام .
إنى سعيد لأراك مبتهجة هكذا . هل العمل يسير بشكل طيب ؟

كذبت ووقعت فى الفخ الذى نصبه لها :
-نعم .

- انا مبتهج لأنى أجلس معك يا ميجن .

- لا أصدقك . أنت مبتهج دائما . لابد أن هذه هى طبيعتك كما يولد آخرون بطبيعة عصبية .



- يمكننى أن أقدم لك دليلا يعتد به .

- ما هو ؟

- أن نقضى عطلة نهاية الأسبوع القادمة معا . ليس هناك بالنسبة لى ما هو أجمل من مرافقتك .

نظرت إليه ميجن فى دهشة . سألت نفسها كيف يستطيع أن يكون صريحا إلى هذا الحد يقول أشياء دون أن يكون سخيفا ؟كانت تحسد ثقته بنفسه .لو علم لماذا تشعر بالتوتر وهى معه ! لكن ماذا يمكنه أن يفعل ؟ إنها مستعدة لأى شى حتى تبدأ من جديد مع مايكل " كل شئ الا الطفل .

وأخذت تحلم أنها قابلت مايكل قبل ذلك بستة شهور وتبادلا حبا جنونيا . حب ؟ هذه الكلمة تصيبها بخيبة أمل . هل هي الآن بصدد الوقوع فى حب مايكل رامسي ؟

- هل هذا التعبير الغريب الذى بدا على وجهك يعني نعم أم لا ؟

أجابت :
- إنها لا . أسفة لدى عمل كثير متأخر . إنى أنتظر عطلة الشتاء لا اريد أن أقضى أعياد الميلاد فى نيويورك .

- أعتقد أن دالاس تروق لك .

- لا , أريد أن أتزحلق على الجليد . لنقض سهرة معا الاسبوع القادم إذا أردت . سأحاول أن أجد وقتا .

لم يجب مايكل وطلب الحساب .

- لدى شئ آخر أطلبه منك يا ميجن .

- نعم ؟
أريد شراء شقة فى نيويورك هل تريدين مصاحبتى لاختيار واحدة , لنقل صباح السبت ؟ من الأفضل دائما شراء هذه العقارات مع سيدة وأنت الوحيدة التى أعرفها هنا .



رددت ميجن مذعورة :
- فى نيويورك ؟

- ألا تجدين أنها فكرة طيبة ؟

- لا ... كنت أعتقد أنك مرتبط جدا بـ تكساس .

- لم أكن مرتبطا أبدا بمكان يا ميجن .وإذا كنت أستطيع ذلك الآن لعشت فى مهب الريح .

- هذا ممكن بدون شك .

- لا يوجد امرأة تقبل العيش على هذا النحو . صدقينى ، لكى أعجب أى امرأة يجب أن أكون غنيا فى تكساس لدى عمل رابح وخاصة لا أرغب فى الأطفال . هذا ليس خطأ فرد معين ولكنها سمة العصر .

- أنت لا تعرف ما تقول . ما زال هناك سيدات يحببن الأطفال .

- أنت مثلا ؟

- لم أقل ذلك .

- لا ، بالتأكيد .

فى النهاية ، مذعورة لفكرة أنه سيعيش فى نيويورك . وأنها ستستمر فى العيش مع هذه الكذبة . لم تجد ميجن الشجاعة لكى ترفض طلبه .

تواعدا صباح السبت الساعة العاشرة .دفأت شمس الشتاء جو مانهاتن .لون الهواء خدى ميجن باللون الوردى وهى تتبع مايكل من شقة إلى أخرى . لقد شاهدا أربعا بالفعل . الخامسة تطل على الشارع السبعين فى زاوية شارع ليكسنجتون وهى فى الطابق الأخير فى عمارة حديثة ذات نوافذ على هيئة أهلة .

قالت ميجن وهى تتفرح على أرجاء الشقة :
- أحب هذه كثيرا .

لم تكن ميجن سيدة منزل . إن شقتها الأخيرة اختارتها لها لوسى . كانت تعرف أن الشقة يلزمها ضوء ودواليب كثيرة فى الحائط وإلا فستعم الفوضى فى المنزل .صاحت كأنها اكتشفت الفراء الذهبى :
- حجرة المعيشة كبيرة . وكل هذه النوافذ هذا رائع .
قال مايكل :
- لنذهب للغداء . أحب أن أفكر قبل أن أتخذ هذا النوع من القرارات .

- ألا تثق فى حدسك ؟

- أبدا بل أشك فى . دائما ما يخيب ظنى فى حدسى .

- أنت تخدع نفسك يا سيدى لا يوجد رجل يقول هذه الحماقات . كأنك تخبرنى أن السماء ليست زرقاء .

- أعدك أن أفكر أيضا فى زرقة السماء يا ميجن .

فى المصعد ، أغمض مايكل عينيه كأنه يثبت فى ذاكرته صورة ميجن رقتها المتناهية وغموضها . وعندما فتحهما :كان قد اتخذ قراره سينتظر الوقت المناسب لكنه قرر تماما ألا يدعها تخرج من حياته مرة أخرى .

قالت :
- الشقة الأخيرة فقط هى التى تتمتع بالسحر أما الأخريات فلا تسألنى لماذا يا مايكل . هذا أمر لا أستطيع شرحه .

- فى الحقيقة لا أسنطيع أن أقول أى شئ بعد ذلك . أنت لا منافس لك فى تقييم الأشياء واكتشاف سحرها يا ميجن فأنا منذ اخترت فى إحدى أمسيات الصيف فى الصالون الأحمر لفندق هاراباس هل تذكرين ؟

- نظرت إليه ميجن فى عينيه فلم تر فيهما أى مكر ، أو أتهام ،أو ضغينة . فى هذه اللحظة شعرت بأنه قدرها وبأنها لم تعش إلا لتقابله .وعلى الفور حاكمت نفسها بقسوة . حتى لو كان هذا هو رجل حياتها لقد أفسدت كل شئ قبل أن يبدأ أى شئ .

فى النهاية قرر مايكل أن يشترى الشقة التى اختارتها .بشرط واحد أن تقبل مساعدته فى اليوم الذى ينقل فيه أثاثه إليها .



- لست امرأة موهوبة فى تدبير المنزل يا مايكل .ستصاب بصدمة إذا رأيتنى أطهو البيض . ينتهى بى الأمر دائما أن أكله غير كامل النضج بملعقة صغيرة لأنه يلتصق فى القاع .

- انت تعرفين جيدا أن الرجل يشعر بأنه وحيد عندما يكون عليه أن يقرر مكان أريكة أو طاولة .

ضحكت ميجن من قلبها عندما شعرت أنه يحاول بهذا الحديث التأثير عليها واستدرار عطفها .وأعتبر مايكل أن هذه الضحكة موافقة ، قال مازحا :
- سأرد لك صنيعك هذا يوم زواجك من كونراد .

- لم أقل إنى موافقة .
بلى ، ضحكت .قالت : نعم عنك .

إذا كانت ميجن لم ترد فلأنها كانت تعلم أنه سيكون وحيدا يوم نقل الأثاث . ومن ناحيتها ستكون مشرفة على الوضع ولن تستطيع أن تحمل صندوقا واحدا .
كانت لدى مايكل أفكارا أكثر تفاؤلا . كان يفمر فى رد فعل أمه عندما تعرف أن هناك امرأة أخرى ستتولى تأثيث عالمه الجديد فى هذه الشقة بين السماء والأرض حيث يحلم بقضاء ربيع ساحر برفقة ميجن .

مساء الأحد اتصل بها فى منزلها :
- ميجن لم أتحدث معك عن ذلك بالأمس . سأعود غدا إلى تكساس . أود أن أراك مرة أخرى قبل أن أرحل .

ميجن التى ظنت أنه سيبقى معها بضعة أيام أخرى ، بقيت صامته .

- أرجوك يا ميجن .ربما تكون المرة الأخيرة التى نرى بعضنا فيها .

- اسمع يا مايكل ...

- لا تقولى هذا يا ميجن وإلا فستصيبتنى بخيبة أمل كبيرة . أنا الذى اعتقدت أنك تحبيننى ...

- هذا صحيح لكن .....



- سأرحل غدا . لنقضى ساعة معا . إذا كنت لا تستطيعين أكثر من ذلك فساعة لن تضير .

أجابت ميجن :
- حسنا لقد ربحت .

سألها متحمسا :
- ماذا لو تناولنا العشاء ونتقابل الآن على الفور .

أجابت رغما عنها :
- نعم يا مايكل .

فجأة سمعت صوتا من أعماقها . يجبرها على أن تقول :
- لا تأت ، أرجوك يا مايكل لا تأت . سأكون على أية حال قد رحلت عند حضورك . لا أريد أن أراك . لا أحبك .

تبع كلماتها الصمت .

- هناك مطعم صينى فى شارعك .ما رأيك ؟
عضت ميجن شفتيها . إنها تحترق شوقا لتراه . ساد الصمت من جديد .

- إنه جيد جدا .

- هل تريدين شيئا خاصا ؟

كان صوته رقيقا كالسماء الزرقاء الصافية بعد العاصفة .

ارتجفت ميجن لكنها رجفة ناجمة من سعادة حقيقية .بدأت لعبة أخرى . كان الاثنان يعلمان أنها مرحلة لذيذة من علاقتهما .أجابت :
- لا ، كل شئ طيب لديه ، إنى أتضور جوعا ...

عندما وصل مايكل دخل إلى المطبخ مباشرة ووضع على الطاولة ما أحضره من كنوز الشرق .تناولا العشاء وهما يتحدثان عن العمل ، وفى أثناء تناول الحلوى تحدثا عن الشقة التى اختاراها فى صباح ذات اليوم . قال مازحا :

- هيا أنا متأكد أنك ما زلت جائعة .

قالت نافية :
- أنت مجنون ! لن آكل شيئا حتى مساء الغد .

داعبها مايكل مادا إليها يده بقطعة حلوى :
- هيا ، أنت تحبين أن أرجوك . استفيدى من هذه الفرصة لن أكون هنا غدا .

لتهرب من الإجابة ، أخذت ميجن قطعة الحلوى فقد كانت ترغب فيها فعلا . ذهب مايكل ليجلس إلى جوارها على الأريكة . داعبها قليلا :
- أين تضعين كل هذا الطعام ؟

- ستكون الحياة أكثر سهولة إذا عرفنا تفسير هذه الأشياء .

- أين تضعين كل هذا إذن ؟

تنهدت ميجن . كانت ترغب فى المزاح . ولكن خوفها كان أكبر منها .والتوتر يزداد بينهما منذ حضوره .

قالت لتزيل التوتر :
- لدى ساق خشبية .

- هذا مثير جدا . أى واحدة ؟

أشارت ميجن إلى ساقها اليسرى وعلى الور تيقنت من خطئها . أمسك مايكل كعب قدمها وجذبها نحوه ببطء .

- مايكل .

شعرت بدفء راحة يده فتسارعت دقات قلبها . هل ستقع فى الفخ ...؟
همس :
- أنت عمل فنان . انا لم أر فى مثل جمالك .

- لسنا فى سن يسمح لنا ان نلعب الدكتور والمريض .



سألها ممسكا بذراعها :
لماذا ؟هل لديك أسرارا أخرى ؟

أرادت ميجن أن تبتعد . فمنعها .

همس ممسكا بوجهها الجميل بين يديه :
- ما لم يكن هذا الوجه اللطيف .

نفت ميجن بإشارة من رأسها .شعرت أنها مقهورة تماما تحت قدرة هذا الرجل على التأثير . حتى أنها أرادت أن تفر منه إلى نهاية العالم . ومن ناحية أخرى كانت غير قادرة على أن تنزع نفسها من بين حضنه الدافئ .

قالت لنفسها : كفى عن الكذب على نفسك ، لو أردت حقا أن ترفضيه ليس عليك إلا أن تنهضى وتذهبى عنه . يمكنك حتى ان تطرديه .إذا كان هنا فذلك لأنك أردت حضوره .واجهى الأمور ولو مرة واحدة . أنت لا تريدينه أن يرحل . لا تريدين ذلك لأنك تريدين ان تقضى الليل معه ولأنك تحبينه ؟.

غاصت ميجن فى عينيه الرماديتين اللتين تفصحان عن الحقيقة .إنها لم تر فى حياتها أجمل من هاتين العينين اللتين تنظران إليها فى قلب الليل بابتسامة غامضة لشباب أبدى .

شدد مايكل عناقه وشعر بأنها حاضرة تماما .جميلة كالمرة الأولى التى احتضنها . قبلها كانت قبلتهما حانية : لقد تلاقيا بعد فراق عاناه الاثنان لأسبباب مختلفة ظاهريا لكنها واحدة فى الحقيقة .

- أوه مايكل .

همس فى أذنها :
- أحبك يا ميجن . سنعيد كل ما فاتنا .لن أدعك تهربين كالمرة الماضية . لن أدعك تتركينى أبدا .

لم تقل ميجن شيئا . كانت تعرف أنها ستختفى كالمرة الأولى وأنه سيكرهها للأبد وأنه لن يغفر لها خيانة أخرى .فى انتظار وقوع ذلك كانا يعرفان أن هذه الليلة ملكهما حيث تمضى الأوقات السعيدة بسرعة . باغتتهما شمس صباح جديد شاهد على مولد حبهما .

قالت :
- لقد بزغت الشمس .

سألها :
- ما هذا ؟
شحبت ميجن كان يشير بأصبعه إلى دب صغير من الفراء أحبته عندما رأته فى إحدى الترينات واشترته . فى نفس اليوم دخلت المتجر وأخذته بين ذراعيها وأخذت تربت عليه .وقررت أن تكون اول لعبة للطفل . كان الدب على طاولى زينتها :
- إنه هدية .إحدى صديقاتى تنتظر مولودا .

- صديقة ؟

- نعم .

- جميل هذا الدب .يبدو أنه يسخر منا . هل تحبين الأطفال يا ميجن ؟

- نعم .

- انا أيضا . إنهملا يعقدون الأمور ويعرفون أن كل شئ لعبة لا يهم من الرابح ومن الخاسر ! إنهم ليسوا مثلنا .



وطبع قبلة رقيقة على وجنتها .


 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:50 PM   المشاركة رقم: 13
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل السابع

لا تتذكر ميجن جيدا دفن والدتها . لا تذكر إلا دموعها التى انهمرت دون ان تعرف السبب .وعلى الرغم من عدم إدراكها فقد فهمت فى هذا اليوم أن حياتها لن تكون أبدا هى نفسها وأن شيئا ما سينقصها إلى الأبد . شئ خفى ولا يستعاض عنه .



عندما تركها مايكل نحو العاشرة صباحا بكت كما بكت يوم الجنازة ولكن بشكل ما كان الأمر أكثر صعوبة . ذلك لأنها تعرف لماذا تبكى .


اتصل بها مايكل فى نهاية اليوم من مطار كنيدى . قال :
- ستقلع طائرتى خلال ساعة لكنى أستطيع أن أبقى .


- من الأفضل أن تسافر يا عزيزى .
- على الأقل سأكون فى نيويورك وقت أعياد الميلاد .شهر ليس بالوقت الطويل .


ساد صمت :
- ميجن ،هل أنت هنا ؟


- نعم .



- إذا أخذت حقيبة وإذا قفزت فى تاكسى يمكننا أن نأخذ الطائرة الأخيرة إلى دالاس . ألا تريدين ذلك ؟


أجابت وهى تبتلع دموعها :
- بلى ، سيكون ذلك رائعا يا مايكل . للأسف سيكون هذا مستحيلا .ينتظروننى غدا فى المكتب .


- هل تبكين ؟


حاولت أن تضحك :
- لا ... هذا ليس طبيعيا .


- خسارة ! المرأة الجميلة التى تبكى يكون من السهل مواساتها .....


استقل مايكل طائرته كما كان متوقعا إلى دالاس فى المساء . منذ صباح اليوم التالى لوصوله كان يتصل بميجن مرة أو مرتين فى اليوم وفى كل مرة كان يشعر أنها تهرب أكثر فأكثر .


بالنسبة لميجن كان الشهر الأخير لها فى المكتب مكدسا بالعمل .كانت منشغلة بكل ما تبقى لها فعله . ومجهدة بسبب حملها ، تموت فزعا من أن يظهر مايكل فجأة بدون انتظار
كل هذا أفقدها ثقتها فى نفسها وفى المستقبل وفى الحياة . كذلك فقدت بعض وزنها . تدخلت لوسى لدى السيدة بلنسكى التى تطهو وجبات منخفضة السعرات والبروتينات والفيتامينات .

يوم 20 ديسمبر ، استعادت فكرة الهروب من نيويورك التى أصبحت فى نظرها جحيما . رتبت اغراضها فى الصباح ثم مرت على المكتب لتودع هنرى آلدرمان .

قالت :
- لقد تركت ملف رامسى على مكتبى . لا ينقص إلا توقيعه سيمكنك أن تتولى ذلك يا هنرى .

- حسنا . ستكون هذه فرصة ممتازة لأرى هذا السيد مرة أخرى . يجب أن أعرف بأننى تأثرت بشخصيته .نادرا ما نقابل رجلا من هذا النوع .ألا تريد ذلك ؟ ما رأيك ؟


- بصفتى امرأة فلن أقول رأيى لك يا هنرى . أما بصفتى سيدة أعمال فإنى أحلم أن كل العملاء يشبهونه . عندما أعود سأحصل على أطول أجازة لى .

- هل تعلم جريتا أين أجدك إذا احتجت إليك ؟

- نعم يا سيدى .تركت ارقام الاتصال بى ستتولى لوسى استقبال الرسائل المحتملة .لا تتردد فى الاتصال بى . لن تزعجنى أبدا يا هنرى .

- سأفعل فى أضيق الحدود .يبدو الإجهاد على وجهك يا ميجن . استمتعى بإجازتك على الرغم من اعتزازى بوجودك إلا أنى أستعجل رحيلك حتى تستعيدى حيويتك ... إنى أنتظرك خلال ستة أشهر .

- شكرا لصداقتك يا هنرى . واعياد ميلاد سعيدة .

- اعياد ميلاد سعيدة يا ميجن لا تنسينا .

بعد ساعة . كانت ميجن فى المطار متوجه إلى نيوبدفورد حيث تنتظرها خالتها كاتى بفارغ الصبر . استقبلتها السيدة العجوز التى ما زالت تحتفظ بأناقتها كما كانت فى شبابها الأول بالأحضان . هنأت ابنة أختها على نجاحها فى عملها .

كانت الخالة كاتى تشرف على الثمانين ويصعب تخيل ذلك .حماسها الزائد وأملها فى الحياة كان مفتاح نجاحها فى شبابها لقد وقع فى غرامها بعض النانين المشهورين .فى باريس ، عاشت حياة رائعة . وفى المقابل كان زواجها فاشلا لكنها لم تتوقف كثيرا عند فشلها .

بدلا من أن تعيش فى الماضى كانت تستمتع بقراءة الأساطير وتحلم ساعات طويلة بإمكان وجود عالم آخر .وعلى الرغم من ميلها للمبالغة ،كانت تلبس ملابس قصيرة لتستطيع أن تنتقل براحتها فى نيوبوفورد على دراجتها التى كانت تفخر بها .

كانت تعرف من بعيد من شعرها الذى تحول بفعل العمر من الأحمر إلى لون برتقالى غريب .

كانت الخالة كاتى نعمة بالنسبة لـ ميجن التى تأثرت بالاستقبال الحار والترحيب فى عالم تخيلت أنه عدو لحريتها وسعادتها .بالإضافة إلى أن السيدة العجوز نجحت فى إصحاكها .

كانت ليلة عيد الميلاد . والخالة كاتى تجهز الحلوى فى المطبخ الجميل لبيتها الصغير .



قالت كاتى فى قلق لأنها لم تر ابنة أختها منذ ساعتين :
- ميجن ؟ أين أنت يا عزيزتى ؟

أرادت ميجن ان تسترخى خمس دقائق فغلبها النوم فى مقعدها بعد الغداء . ناعسة تماما نظرت إلى خالتها فى دهشة وتثائبت بدون انزعاج .

- يا إلهى لقد نسيت أن أعلن لك لك مصيبة اليوم يا صغيرتى . كسر أنف فريدى بريستون هذا الصباح تحت الشرفة . يا للخسارة ! أنا التى كنت أظن أننى سأرقص معه طوال ليلة 31 ديسمبر ! سيلزمنى أن أبجث عن فارس . الأمر صعب فى مثل عمرى هل تلاحظين ؟

- خالتى !
- فى النهاية إن لى قلبا ذهبيا . سأذهب لأساعد هذا الرجل الشجاع حتى يستطيع أن يقف على قدميه سأعترف لك بصراحة إنه رائع جدا وأنا مفتونة به ! كما أن رقص التانجو معه كالحلم .

- من هو فريدى بريستون ؟

- إنه رجل يا ميجن .ألم أكلمك أبدا عن فريدى . أه القصة طويلة ؟ لست أدرى من أين أبدأ . اسمعى الحكاية بسيطة ، فريدى يغازلنى . يغازلنى بلهفة منذ يا إلهى منذ سنوات . سألتها ميجن التى تحاول ان تمنع نفسها من الحديث .

- منذ كم سنة ؟

- دعينى أفكر ... انتظرى قابلته فى السنة التى ماتت فيها الطيور من البرد . طيورى المسكينة ، لقد كانت رايعة . فى السنة التى احتفلت فيها بعيد ميلادى على شاطئ بحيرة كوم كنت قد بلغت ستا وخمسين سنة . فتاة صغيرة آنذاك .... يا إلهى لا أستطيع نسيان ذلك . همم ! ستكون هذه الحلوى عظيمة ، هل تشمين الرائحة الطيبة للعنب ؟هل تعرفين كيف أجهز الحلوى ؟أه انت لا تعرفين قولى لى إذن : ألن تغضبى إذا تركت بمفردك بعض الوقت يا ملاكى ؟ ثم إن مع هذا الجميل الذى فى بطنك لن تكونى بمفردك أبدا هيا ! إن عيد الميلاد غدا .
هذا مثير للدهشة ان يغازلك منذ هذا الزمن البعيد .

- فريدى رجل فريد ، إنه ملاك من السماء . لقد أراد دائما ان يتزوجنى .



- ألا تحبينه ؟

- أوه بلى ! لكنى لم أفهم أبدا الذين يتزوجون مرة أخرى مثلا . عندما يمر الانسان بتجربة الزواج مرة واحدة فيشكر الله عليها ولا يعيد المحاولة . بعد موت عمك ، لم أتزوج كارى جرانت وحتى اليوم ، لا أستطيع ان أتزوجه .سيجن ستيوارت من الغيرة .

- ستيورات ؟

- إنه شاب .

- خالتى ! هل تصدقينى إذا قلت لك . إنك ...

- لكن يا طفلتى إن الحياة ربيع دائم ! ربما أكون عجوزا ولكنى لم امت وذلك بفضل الحب . وعلى الرغم من ذلك وبعكس خالتها كانت تشعر بالحزن والتعب وبأنها عجوز ومريضة .

بعض الضحكات اليومية لم تغير شيئا .

وجودها بمفردها ليلة العيد جعلها تفكر .ومما زاد الأمر سوءا أنها لم تواتها الشجاعة لتجهز لنفسها وجبة صغيرة . وعلى الرغم من ذلك لم تحب ميجن أن تواجه نفسها بالحقيقة . عندما اتصلت بـ لوسى كانت تقنع نفسها بأنها تتصل بها لتتمنى لها عيدا سعيدا وليس لتهرب من الفراغ الموحش الذى تشعر به .

أجابتها لوسى - التى لم تكن حمقاء -على الفور :
- مازال يتصل بك فى المنزل .

كانت لوسى تهتم ببريد ميجن وبالرسائل المسجلة على جهاز استقبال المكالمات فى التليفون أما السيدة بلنسكى فكانت تروى الزرع وتنظف البيت مرة كل أسبوع . خشيت ميجن أن تفقدها فتركت لها راتبها مقدما .

قالت لوسى :
- ألا تريدين حقا الاتصال به ؟ ربما تحاولين أن تشرحى له الموضوع فى رأيى حتى لو تصرف بشكل سيئ فلن يكون أسوأ مما تتوقعينه .

أصرت ميجن على ألا تكلمه .

- يبدو من مكالماته انه يائس من مقابلتك ولكن صوته ينم عن الصبر . ربما يظن أنك مشغولة فى العمل ؟ معظم الأوقات يقول ميجن هل تستطيعين الاتصال بى عندما تجدين وقتا ؟ لست أدرى كيف تصمدين أمام هذا الاصرار يا ميجن . إن كلماته تحطم قلبى .

- لا أريد أن أقول له شيئا . لا أستطيع .
اسمعى يا عزيزتى ، أفهمك لكن ألا ترين أن أصل كل ذلك هى كبرياؤك بعد كل هذا ، ما الذى قد يحدث ؟ إذا غضب فسيقول لك كلمة أو كلمتين عتابا . فى رأيى إنك تخشين أن يحسن معاملتك وفى هذه الحالة ستتأكدين من أنك خدعت منذ البداية وأنه أفضل منك . وبعد ؟

استطردت لوسى :
- ميجن ! أتمنى ألا ترتكبى حماقات اسمعى ، كرى فى الطفل إنه يحتاج إلى الحب .أنت تفعلين عكس ما يجب فعله . فى النهاية ؟لن نتحدث أكثر من ذلك فى هذا الموضوع أنت لا تسمعين ما أقول .كيف حال كاتى ؟

ابتسمت ميجن :
- لقد ذهبت لترقص التانجو مع فريدى بريستون قبل أن تذهب لمقابلة ستيوارت صديقها الصغير ....

- هذا ليس حقيقيا ! وكيف حال محل العاديات الذى تديره ؟

- ممتاز لقد باعت ثلاث قطع بخمسة الاف دولار . وبمجرد ان يولد الطفل تعتزم السفر إلى باريس بالكونكورد .

- هل هى الساحرة الطيبة أم ماذا ؟ استفيدى من ذلك . أنا متأكدة من انك استعدت بعض الكيلوجرامات عندها ، أليس كذلك ؟

- نعم ،خمسة .

- رائع ! فكرى فيم تقضى السيدة بلنسكى وقتها الآن ؟


- أخبرينى .

- إنها تلصق ورق الحائط فى غرفة الطفل تقول : إن ذلك قد يكلفك أموالا كثيرة إذا كلفت أحدا بهذه المهمة . لقد انتهت من حائط بأكمله .

- كم هى لطيفة ! سأحضر لها شيئا .....

شعرت ميجن بذنب عظيم . الجميع لطيف ومحب تجاهها ، بينما تسبب هى المشاكل للجميع .... لا يمكن أن يستمر ذلك !

- لا تنزعجى . إذا كانت تفعل ذلك فلأنها سعيدة بهذا العمل .أعتقد أنها قررت أيضا أن تضع الستائر .إذا كانت تفعل ذلك لأجلك الآن فقد ينتهى بها الأمر بأن تصبح مصممة ديكور مشهورة فى الحى وسيتخطفونها مع لهجتها الألمانية .صدقينى .
تحدثت لوسى بعد ذلك عن الاثارة المتزايدة التى يشعر بها جيف فى انتظار الهدايا ، لكن لم تركز ميجن فى السمع . كانت تفكر فى مايكل ،لابد أنه يمضى العيد مع عائلته ثم شعرت بالخجل لأنه ينتظر منها إشارة لن تصدر عنها أبدا ولأنه يجهل انها تحمل طفله ولأن المستقبل بالنسبة له يحمل معنى ....


شعرت بندم فظيع يحرق قلبها . الطفل ينقلها . وشعرت بالدوار . حوالى العاشرة . سقط الثلج . نظرت ميجن عبر نزافذ البيت الصغير على الريف الذى غطاه الثلج الكثيف .تنعكس عليه أضواء القمر الفضية .


# # # #
بعد ساعة اتصلت بمنزل رامسى وقلبها يرتجف . أجابها صوت رجل لا تعرفه . سمعت فى خلفية الصوت موسيقى الجاز واحاديث مرحة . ورنين كريستلا ، صوت حفل بهيج يتناقض مع وحدة الشتاء فى نيوبورفورد ، أجاب الشاب :
- نعم من المتحدث ؟

ساد صمت غريب ، اعترفت السيدة الشابة :
- ميجن شاى .

انفجر كيفين رامسى ضاحكا . صاح :

- ميجن شاى إيه حسنا . لقدأحسن بابا نويل عمله هذا العام .ليس هناك حديث إلا عنك هنا . أوه أرجو المعذرة .لم أقدم نفسى أنا أخو مايكل .

- مساء الخير يا كيفين وعيد سعيد .

- عيد سعيد يا آنسة شاى .هل تعرفين أننى أتحرق شوقا لمقابلتك ؟ مايكل ليس من النوع العاطفى لكنى متأكد من أنه سيسعد كثيرا لاتصالك . لا تذهبى ، سيستقبل مكالمتك على خط آخر وسيأخذ هذا بعض الوقت .

انتظرت ميجن . شعرت بالقلق وأرادت أن تضع السماعة صاح بدون مقدمات :
- أوه ميجن أرجوك حدثينى . إنى أحتاج لسماع صوتك بشدة . انتظرى ثانية يا عزيزتى .

قال طالبا من أخيه :
- كيفين أرجوك ضع السماعة .

سمعت ضحكة أخوية على الخط .ثم رنة وصمتا . قالت ميجن فقط لتتحدث :
- يبدو أننى اتصلت فى وقت غير مناسب .

- هل أصابك شئ ؟ إنى قلق جدا .
رددت ميجن فى عقلها الآن أو لا للابد . قالت :
- لا يجب ان تقلق . لا تسأل عن شئ ولا تقل شيئا . اسمعنى فقط .....

- ميجن أنا ....

- اصمت ارجوك . لدى شئ مهم أقوله لك . ولن أستطيع ذلك اذا ظللنا نتحدث عن هذه الاشياء التافهة .

تسمر مايكل رامسى مكانه . كان متأكدا أنها تتصل به لتقول له : إن كل شئ قد انتهى . لم يبق بينهما سوى صوت الحفل البعيد الذى يتناقض مع حالتهما النفسية .

قال بصوت حزين :
- إنى أسمعك .

لم تتكلم .



- ميجن ؟ انا هنا يا عزيزتى .

قالت بصوت يملؤه اليأس :
- أعرف ... اعرف أنه ليس من اللياقة أن أقول ذلك الآن ، وأنه كان يجب أن أقوله لك فى نيويورك وأن هذه نذالة وخسة ولكن ... سيكون أسهل على أن أخبرك عبر التليفون لدى الشجاعة لأفعل ذلك الآن .

جمعهما صمت جديد . شعرت ميجن بنفاد صبر مايكل على الطرف الآخر من الخط . قال بهدوء :
- تكلمى أحتاج إلى الشجاعة أنا أيضا .

- مايكل ،لا أستطيع أبدا .

- ميجن تحدثى ،إنى أسمعك .

ساد الصمت من جديد .

- خلال خمسة أشهر ، إذا مضى كل شئ بخير . فسوف ... فسأضع طفلنا .

- طفلنا ؟

- نعم .

خف جو التوتر فتنهد مايكل معربا عن ارتياحه انفجر مايكل ضاحكا :
- لم أكن أعرف أن فى نيويورك من تطلق هذه المزاحات ليلة العيد ! أحيانا أشعر أن كلا منا يعيش فى عالم مختلف .
قاطعته ميجن :
- أرجوك يا مايكل اسمعنى أنا .... هذا الصيف حملت فى طفل ... هل تفهمنى ؟ أنا حامل .

ساد الصمت :
- مايكل .

سألها بصوت هادئ :
- أين أنت ؟

شعرت ميجن بدموعها تنساب على خديها ،أدركت أنها ستنفجر فى البكاء وستكون نوبة بكاء حقيقية .

- ميجن ؟

اهتزت ميجن شاى بفعل عاصفة عاطفية شديدة .غاب وعيها وغيمت الدموع الرؤية فى عينيها .قالت بصعوبة :
- أنا ... أريد هذا الطفل .لست نادمة على شئ . ستستطيع أن تراه من وقت لآخر إذا أردت .

- ميجن لا تحدثينى هكذا يا حبيبتى .

- سأتصل بك بعد بضعة شهور .يجب أن أتركك يا مايكل أشعر أننى لست على ما يرام

وضعت السماعة .عندما وضع مايكل السماعة على الطرف الآخر كان قد زال عنه القلق .على العكس لقد كان سعيدا بشكل رائع . جاءت إليه الحياة فى ليلة عيد لن ينساها أبدا ، ووهبته أجمل هدية .

أعدت ميجن الشاى لنفسها .وابتلعت قرصا منوما حتى تكف عن التفكير وخاصة فى مايكل وفى صوته الحنون وهو يقول لها : يا حبيبتى .

فى نيوبدفورد كان الريف جميلا ومكسوا بالثلج الأبيض .ذهب الناس إلى قداس منتصف الليل فى هدوء ناعمين بسعادة الليل الهادئة فى الضواحى . نظرت ميجن إلى مجموعة الهدايا الصغيرة التى أرسلتها إليها عائلتها ولوسى منذ وقت طويل . كانت تود ان ينساها بابا نويل هذا العام تماما ويختفى العالم بأكمله لتختفى معه . أن تمحو كل الأخطاء ،كل الغلطات وكل المعاناة إلى الأبد كأنه بفعل السحر ، وحيدة ، متألمة من مصيرها ، نامت بعد عشر دقائق مجهدة مما بذلته من جهد ثمنا للحقيقة .

حبس مايكل نفسه فى مكتبه . زاد نار المدفأة وابتسامة ملائكية تضئ وجهه .كم كان يود أن يكون معها ، يضمها بين ذراعيه ويذهب بها إلى الكنيسة ليتزوجها فى ليلة العيد .إن هذا هو حلمه الجميل .

ولكن لم يمنعه هذا الحلم من أن يدرك الحقيقة .إنه يعرف أن ميجن سترفض زواجه . غيابها يؤكد ذلك وكذلك صمتها فى الأيام الماضية . إنها تؤمن بأن تكرس نفسها للطفل . إنه أسف لعدم إفصاحها له عن الحقيقة من البداية لكنه يرفض أن يستسلم لندم لا طائل منه .لابد أن يولد الطفل فى أفضل الظروف كل يوم يحسب . لابد أن يبدأ بالعثور على الأم بما أنها – كما هو واضح – غادرت نيويورك .



 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:55 PM   المشاركة رقم: 14
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

الفصل الثامن


بعد أقل من ثمان وأربعين ساعة استقل مايكل الطائرة إلى نيويورك كان يوم 26 ديسمبر .امتلأت الشوارع الباردة بالناس يتفرجون على المتاجر يتبادلون الهدايا .


بدأ مايكل بشقة ميجن . عندما وصل كانت السيدة بلنسكى تقف أمام الباب وفى يدها مجموعة كبيرة من المفاتيح ، قالت بجفاف :
- الآنسة شاى ليست هنا يا سيدى آسفة .

قال مايكل مندهشا :
- فى هذه الحالة ،ماذا تفعلين فى منزلها ؟

- أنا أهتم بالطيور يا سيدى .

- الطيور

- نعم البط الصغير لقد جئت لأرى إذا كان بخير .

قال مايكل الذى لم يفهم شيئا :
- آه فهمت .... ومن انت يا سيدتى ؟

- أنا الخادمة وأنت ؟

- اسمى مايكل رامسى .أنا صديق ميجن صديق قديم .... هل تعرفين أين ألقاها ؟

- لا يا سيدى لا أعرف . صديقتها لوسى هى الوسيط فى مراسلاتها .

- لوسى ؟

لقد سمع مايكل ميجن تنطق بهذا الاسم كثيرا . كانت تقول دائما " لوسى " قالت لوسى " ترى أن " لوسى هنا و " لوسى " هناك . كم كان من الغباء ألا يسألها عن معلومات أكثر تفصيلا عن هذه الشخصية المؤثرة التى تختفى تحت هذا الاسم الجميل !

- لوسى تهتم بمراسلات الآنسة وبالرسائل المسجلة على جهاز الرد على المكالمات وليس لدى معلومات أخرى .
إيه حسنا , أشكرك . من فضلك أخبرى لوسى أننى جئت اليوم .

- نعم يا سيدى .

قرر مايكل أن المدعوة لوسى لا شك انها سكرتيرة ميجن بما أنها تهتم ببريدها . إن الأمر يستلزم زيارة إلى شركة " آلدرمان وجيبسون " إذن كانت هذه هي الوسيلة الوحيدة الباقية ليعرف أين تختفى ميجن .

فى الحقيقة شاى ليس اسما نادرا . إذا كانت قد ذهبت للإقامة عند والدها فى بوسطن . سيلزمه أيام بأكملها حتى يقابل كل عائلات شاى فى المدينة . مائة عائلة على الأقل .

للأسف , كان المكتب مقفلا ولن يفتح قبل يوم الاثنين القادم . قضى مايكل عطلة نهاية أسبوع حزينة وموحشة فى شقته الخاوية , سيئة التدفئة , مفروشة بصعوبة , حيث تحوم حوله ذكرى ميجن فى كل مكان . خطواتها , ابتسامتها وعيناها الساحرتان ... أخبره هنري :
- لقد أخذت إجازة مدة سنة .

صاح مايكل متعجبا :
- سنة ! ومتى رحلت يا هنرى ؟

- منذ أسبوعين تقريبا .

- هل تعرف أين أستطيع أن ألقاها ؟

- لا . ليس هناك أهمية لذلك لم يبق إلا توقيعك لتقفل ملفك يا سيد رامسى . لقد سوت ميجن كل شئ قبل رحيلها .

انفجر مايكل قائلا :
- إنى أبحث عنها هى يا آلدرمان لايهمنى الملف .

- فهمت .. كانت ميجن مجهدة فى الأيام الماضية إلى حد كبير . أشعر بالأسف لأنى أنهكتها فى العمل ولكن كان عليها ترتيب أشياء كثيرة قبل رحيلها .
أدرك مايكل أنهم يجهلون فى المكتب أنها حامل . من الواضح أنها كانت تحتفظ بهذا الموضوع سرا .

- أين أستطيع أن ألقاها يا هنرى ؟

- لست أدرى أى شئ عن ذلك . أؤكد لك . أعتقد أن ميجن أرادت أن تجعل المسافات بينها وبيننا . يجب ان تدرك أنها على حق لو كنت أعرف مكانها لأزعجتها عشرات المرات .

- كيف تتصرف فى حالة نشوب نزاع على عقد عملته بنفسها ؟

- هذا الشئ لايحدث أبدا لدى آلدرمان وجيبسون يا سيد رامسى إن لوسى هى التى تنقل لها الرسائل . ربما تكون ميجن فى الخارج أو على جزيرة مهجورة فى الطرف الآخر من العالم .. من يعلم ماذا تفعل الآن ؟ إنها ليست معتادة على ألا تتم ما تفعله .

- نعم , أعرف يا هنرى . أعرف لكن من هى لوسى هذه بالله ؟ ميجن لا تقسم إلا باسمها وكذلك خادمتها الألمانية وهأنت تقول لوسى ! من لوسى هذه ؟

- إنها طبيبة ميجن يا سيدى رامسى . وأفضل صديقاتها أيضا . لقد رأيتهما مرة معا كالأختين وهما تحكيان لبعضهما البعض كل شئ .

- وأين أستطيع أن ألقى لوسى يا هنرى من فضلك ؟

- ليس هناك أسهل من ذلك يا سيد رامسى . هذه السيدة تدير عيادة فى هوبوكن تابعة للهلال الأحمر .

عندما عثر مايكل على العيادة المقصودة التائهة فى قاع هوبوكن , ليعرف ان المديرة متغيبة حتى 3 يناير . استغل كل أسلحته ليحصل على رقم هاتفها الشخصى بدون فائدة لقد أظهر الاطباء وكل الموظفين ولاء خالصا .

يائسا عاد مايكل إلى نيويورك وعاش ثمانية أيام بائسة فى شقته الخاوية المملوءة بالذكريات . صورة ميجن تسكن كل مكان بها . إنه يحلم بها ليل نهار . بالنسبة له . إن هذا الوقت الضائع عذاب . على عكس من نيوبدفورد . وضعت ميجن ذكرياتها مع مايكل جانبا فهي تريد أن تنساها بالقدر الكافي حتى لاتكرس نفسها إلا للطفل .
فى يوم 3 يناير الساعة التاسعة صباحا . دخل مايكل عيادة هوبوكن . سأل فى الاستقبال :
- أريد أن أتحدث مع د . جالبرت من فضلك .

مبتسمة , يبدو عليها السعادة بعد أسبوع إجازة , تحدثت إليه الممرضة بلطف :
- أعتقد أننى رأيتها تدخل صالة الانتظار هناك . يمكنك أن تذهب إليها مباشرة. كل شئ هادئ هذا الصباح .

تقدم مايكل دون تأخير نحو القاعة التى أشارت إليها الممرضة , للأسف لم يكن هناك إلا فتاة صغيرة , هائمة بين صفحات مجلة نسائية . صغيرة وشقراء كالطفلة , لابد أنها لم تتجاوز الثامنة عشرة , فى أثناء تفحصه لها , رفعت نحوه عينين بنيتين واسعتين ببراءة , سألها :
- د . لوسى جالبرت ؟

أجابت السيدة الشابة بابتسامة ساحرة ومرحبة :
- ما الذى استطيعه من أجلك يا سيدى ؟

كان مايكل يتخيل لوسى ضخمة , ترتدى ملابس سوداء كالمربيات فى أفلام " ألفريد هتشكوك " .

لوسى لا تتضايق من دهشة زائريها . لقد اعتادت هذا النوع من رد الفعل الذى يصدر عمن يقابلونها لأول مرة . استطردت بأدب :
- إنى أسمعك .

- اسمى مايكل رامسى .

شحب وجه لوسى وضعت المجلة ونظرت إليه بذعر . شعر مايكل بالرضا هذا يعنى أنها على علم بالقصة من بدايتها وبالتالى تعرف مكان ميجن .

صاحت السيدة الشابة :
- يا إلهى ! كنت أتوقع زيارتك من آن لأخر أتمنى ألا تكون وجدت صعوبة فى العثور على مكانى .

- لاتقلقى بهذا الشأن . هنرى آلدرمان أشفق على . أتمنى أن تكونى أنت أيضا متفهمة يا دكتور . إنى أنتظر هذا اللقاء منذ أسبوع ولست أنوى أن أنتظر أكثر من ذلك . أعترف لك بكل صراحة . أين تختفى ميجن من فضلك ؟
نظرت إليه لوسى لحظة بنظرة الطبيب الذى يملك ناصية الأمور .
كانت على استعداد للتضحية بأى شئ لتهرب من هاتين العينين الرماديتين الثاقبتين لهذا التكساسى . ماذا تستطيع أن تفعل ؟ إذا تكلمت فستغضب منها ميجن حتى الموت . إذا لم تقل شيئا فستكره نفسها لأنها ربما تمنع صلحا مليئا بالخير ل ميجن وطفلها .

تيقن مايكل أن لوسى تفكر فأنتظر إجابتها متحليا بالصبر .

- اسمع يا سيد رامسى . ميجن أفضل صديقاتى ليس من عادتى أن أخون صديقاتى آسفة , لكنها لا تريد رؤيتك . لقد بذلت كل جهدى حتى تغير رأيها ولكن ما دمت لم أتوصل إلى ذلك فلن يتوصل أحد آخر يا سيدى . ميجن تعرف ماذا تفعل وحتى لو كنت لا أوافقها يجب أن أحترم اختيارها ...

ابتسم مايكل . أدرك أنه قد ربح مقدما .

- من أين جاء هذا الجو التراجيدى يا د. جالبرت من يسمعك يظن أنها مسألة حياة أو موت . ماذا تقصدين بقولك : حتى لو كنت لا أوافقها .

- ميجن ذكية وبها العديد من الصفات الحميدة . للأسف , لها رأس عنيد دون ذكر كبريائها . وعلى الرغم من ذلك أحبها كثيرا وأحبها كما هى يا سيد رامسى . بدون شك يجب ان تفعل مثلى أن تعدل عن أن تفهم ما الذى تستطيع أن تفهمه هى وحدها .

قاطعها مايكل :
- أنت تتكلمين بحديث لا طائل منه . دون الأخذ فى الحسبان أننى لا أتفق معك فى وجهة نظرك . الحب هو الفهم . الحب هو الفهم . الحب هو التحرر مما يقيدنا , وليس التسليم أمام أول عائق يقابلنا . لقد بحثت عن ميجن بالفعل شهورا .. أنت تعرفين ذلك بدون شك . لدي الشجاعة الكافية لكي أبدأ من جديد . يمكنك أن تساعديني فى تعويض الوقت الضائع .

- اسمع يا سيدى , أستطيع أن أساعدك بكل تأكيد لكنى وعدت ..
ساعدينى من فضلك .

سألته أخيرا :
- أنت تحبها . أليس كذلك ؟

- نعم , تحدثى .

- ميجن تعيش فى نيوبدفورد عند عمتها كاتي شاي صاحبة محل العاديات الفريد هناك .

- أعطينى العنوان بالظبط . لقد نلت كفايتى من البحث .

مدت لوسى إلى مايكل يدها بالكارت الذى كتب عليه عنوان ميجن . قال بحرارة :
- شكرا يا لوسى لن أنسى أبدا ما فعلته من أجلنا حسنا , لن أذكر اسمك .

- هذا لن يغير شيئا للأسف لا يوجد سواي التى تستطيع أن تمنحك هذه المعلومات . سأطلب منك أن ..

- ماذا ؟ قولى بصراحة ..

- عندما تصل إلى هناك , تذكر : لا تلمها . كن لطيفا ومحبا . لقد فقدت ميجن كل ثقتها فى نفسها فى هذه الأوقات الأخيرة . لن تحصل على شئ بالغضب أو اللوم . إذا استطعت أن تقنعها أنه لا يوجد شئ لا يمكن إصلاحه فكل شئ قد يكون محتملا .

ابتسم مايكل من قلبه .

- لا تقلقى يا لوسى . كل شئ سيكون بخير . يمكنك أن تعتمدى على .

كان يوما رائعا من أيام الشتاء . خرجت ميجن لتتنزه فى دفء الشمس . منذ عشرة أيام تحسنت حالتها ,. أصبحت تنام بشكل أفضل وتتذوق الحياة بشكل أفضل يبدو أن غياب العمة كاتي قد أحسن صنيعا بالنسبة ل ميجن خاصة أن وحدتها قد ساعدت على أن تستعيد نفسها . وبما أن الإنسان لم يخلق للاستسلام للموت فقد استعادت ميجن بهجتها الطبيعية المفقودة .
خمسة شهور ونصف حملا , فهذا ليس بالشئ الكثير . في ليالي السهر والوحدة والتفكير استنتجت ميجن أنه ليس هناك فى الحياة ما هو أقل أهمية من الأفكار السوداء التي تمنع الإنسان عن الإحساس بالسعادة . ومنذ ذلك الحين شعرت بالحياة تدب فيها من جديد لم تعد تفكر إلا فى الطفل .

إنها لم تحدث لوسى فى التليفون منذ ليلة العيد وكان هذا جيدا أيضا . هذا يعنى بدون شك أن مايكل لم يعد يتصل بمنزلها فى نيويورك . إنه قد ابتعد عنها وأن الأعمال . وتكساس ومن يدري ربما امرأة أخرى كل ذلك يشغله .

كل يوم يمر يمحو من على السطح ذكرى مايكل رامسي ولكن فى الأعماق كانت تفتقده حتى لو رفضت أن تعترف بذلك بينها وبين نفسها . لقد حدث ما حدث . كانت ميجن تعرف أنها ستدفع طوال حياتها ثمن الحماقة التى ارتكبتها فى فندق هاراباس . نعم , هذا المساء ., الذى حكم عليها فيه أن تعيش بدون مايكل أن تعيش وحيدة إلى الأبد .

لقد اعتادت هذه الفكرة . كذلك عندما رأت عند عودتها من نزهتها خلال الحقول . سيارة مرسيدس أمام البيت اعتقدت أنها لوسى . أن تؤجر سيارة مرسيدس 380 لتسافر مسافة خمسين كيلو مترا فهذا أمر جيد . إن لوسى تسرف كثيرا فى حالات السفر . فى العيادة تعظ باحترام الاعتدال , وفى السفر تنتقل فى الدرجة الأولى وتنزل فى أفخم الفنادق وتخاطر بان تعيش شهرا من التقشف .

ابتهجت لفكرة أنها سترى أعز صديقاتها فأسرعت ميجن خطاها عندما رأت مايكل شعرت أنها تموت . قالت وهى على وشك الغضب :
- ما الذى تفعله هنا ؟

جرح مايكل بهذه المقابلة الجافة . كاد مايكل أن ينفعل لكنه تذكر وعده ل لوسى . قال بهدوء :
- ابحث عنك منذ شهرين . أليس لديك شئ آخر تقولينه لى .. ؟

شعرت ميجن بقلبها ينقبض . فى الحقيقة كانت تريد أن ترتمى بين ذراعيه . منعها كبرياؤها وحزنها لأنها اقترفت ذنبا لايمكن إصلاحه عن ذلك . سألته :
- بلى . لماذا تنظر إلى هكذا ؟

- لأنك جميلة يا ميجن . فى كل مرة تزدادين جمالا . هيا تعالى نتناول القهوة .

أدخلته ميجن البيت . سألها :
- ألن يسبب لك ذلك مشكلة ؟

- ماذا ؟

- القهوة .

أجابت كأنها تتحدث لأخ او صديق قديم :
- لا . لا توجد أى مشكلة بما أنك أنت من سيجهزها .

جرحت هذه اللهجة مايكل بعمق . سأل نفسه : ألا تحبه لهذه الدرجة . هل أخطأ مرة أخرى فى تقدير مشاعرها نحوه ؟

قالت دون ان تعى إلى أى درجة تؤذى مشاعره :
- لتعلم أن ليس لدي وقت طويل . سأتناول العشاء مع بعض الأصدقاء بعد قليل . ستجد كل ما تريد فى المطبخ . سأخذ حماما .

- حسنا خذى حماما يا ميجن سنتحدث فيما بعد

- إذا سمحت سأبدأ بمكالمة لوسى , لدى كلمتان لها !

# # # #
وحدها فى الحمام نسيت ميجن السماء الزرقاء , تغريد العصافير فى الحقول ووجود الطفل الغامض فى أحشائها . فى ربع ساعة تحولت بهجتها إلى حزن وأخذت تتعذب بدون سبب , لماذا تقابل دائما أناسا متسامحين , مفعمين بالامل يغفرون كل شئ ؟

أخذت هذه الأسئلة تدور فى رأسها وهى تلبس بنطلون جينز واسعا وتى شيرت كبيرا متعدد الألوان دون أن تهتم بأن يكون مظهره جميلا .
صاح مايكل عندما رأها تدخل إلى الصالون :
- لا ! لا ! أنت حامل حقا قولى إذن ! بالمناسبة لماذا لوسى لم يكن لديها الخيار ؟ لقد احدثت فضيحة فى العيادة , لم أرد أن أدفع لمخبر سري . ضعي نفسك مكاني يا عزيزتى ..

تحقق مايكل فى الفور أنها حامل أى ان الأمر لا يرجع إلى الامس القريب . فى التليفون فهم أن ميجن علمت هذا الخبر قريبا . قال :
- لكن لست أفهم .. هذا ليس ..

قالت ميجن خافضة عينيها :
- نعم يا مايكل كما تظن لقد حدث ذلك فى فندق هاراباس . فى ليلة لقائنا الأولى .

رد مذعورا :
- تقصدين أنك ... كنت تعرفين عندما تقابلنا مرة أخرى فى نيويورك إيه ... فى نوفمبر

بدا وكأن مايكل قد سقط من السماء . لقد أخفت عنه هذه الحقيقة كل هذا الوقت .

- لماذا لم تخبريني بشئ يا ميجن ؟

أفزعتها نبرة مايكل . عندما رفعت بصرها نحوه كأن الأمر أكثر سوءا . لم تعبر نظرة التكساسى عن الغضب العميق فقط ولكن ما هو أخطر هو الألم الحقيقى . وجهه العابس يتحدث عن عواطفه .

زفرت ميجن إن خيبة أمل مايكل تبدو عميقة جدا جدا ربما رحل كما أتى وخرج من حياتها إلى الأبد . وبالتأكيد كان ذلك افضل بالنسبة له أن يتركها بهذا الشعور الذى سيمحو بسرعة من ذاكرته كل الذكريات الجميلة التى تقاسماها .

قالت ميجن بصوت جارح :
- لم أقل لك شيئا . لأن كل ذلك لا يخصك . إذا كنت قد اتصلت بك فى تكساس ليلة العيد , ذلك لأن لوسى كانت مستعدة للتدخل . إنها ترى أنه من المخزى ألا أخبرك لكن هذه ليست وجهة نظرى على الإطلاق يا مايكل . قلت لك الحقيقة حتى لا تتخيل أشياء كثيرة عنى غير صحيحة فى حالة أن تتخذ لوسى المبادرة وتحدثك . ها قد عرفت كل شئ لم يعد هناك ما أقوله .
نهضت لترفع أقداح القهوة الباردة – التى لم يشرباها – من على الطاولة . استمع إليها مايكل دون أن ينطق . مرة أخرى , تذكر وعده ل لوسى فى نفس الصباح فى هوبوكن . ولكن كان غضبه أكبر من حبه . انفجر قائلا :
- قال هذا – كما تقولين يا ميجن – يخصنى على الأقل مثلك تماما .
هل تعتقدين أننى استأجرت أحسن مخبر سري فى نيويورك وبأجر مرتفع جدا لأسمعك تقولين ذلك فى النهاية ؟ هل تعتقدين أننى قادر على تبديد مالي لهدف واحد هو أن فتاة أجمل قليلا من الاخريات أو لأنى أريد أن .. لا يا ميجن . لا استطيع أن أصدق أنك تظنين بى هذا . لقد حصلت دائما على من اردت . لا ترفعى بصرك الى السماء . أنت تعرفين أن هذه هى الحقيقة الخالصة . لست أدرى ماذا تلعبين ولا لماذا ., لكنى لن أتركك حتى أعرف الحقيقة كاملة . لقد بحثت عن الحقيقة فى كل مكان فى نيويورك هذا الخريف . فى كل مكان هل تسمعين ؟ ولماذا ؟ لماذا فعلت كل هذا يا ميجن ؟ أنت تعرفين جيدا , أليس كذلك ؟ هل أبدو شخصا يقضى وقته فى الركض وراء المجهولات ؟ لا يا ميجن ما الدليل الذى تريدينه إذا لم يكن وجودى بجانبك هذا الصباح ؟ لقد حدثتنى عن طفل يا ميجن وهأنا هنا . أنا هنا من أجلك ومن أجله . ولماذا ؟ ألا تظنين شيئا ؟ ألا تظنين أننى أحبك يا ميجن ؟

- لا . أنت تحلم . أنت مجنون ,. لا أريد أن اعرف لماذا ...

نهض مايكل وأمسكها من ذراعيها ثبتها بنظرته . لم يكتشف شيئا في عيني ميجن ولا أى إجابة لعشرات الأسئلة التى تعذبه منذ أيام . جذبها إليه بقوة وقال :
- سأذهب .

عضت ميجن شفتيها لتمنع نفسها من البكاء .

- سأذهب . أحتاج إلى أن أكون بمفردى بعض الوقت . لأفكر فيك فى كلينا وفى هذا الطفل . لكنى سأعود بسرعة .

قبلها على جبهتها بحنان لأنه يفيض بالحنان نحوها على الرغم من الألم الذى سببته له إنه لا يظن ذلك إلا حلما سيئا . قال بعد أن تركها :
- قلت : إننى أحلم . ليخرجنا الله من هذا الكابوس بسرعة يا ميجن .
حاولى أن تفكرى أنت أيضا لأنك لا ترين الأشياء على حقيقتها . كما لو أنك ترفضين رؤية الشمس . لقد دخلت حياتى بكامل إرادتك منذ ستة أشهر . وهذا الطفل لي أنا أيضا يا ميجن وبشكل ما أنت أيضا تنتمين لي سأثبت لك ذلك بما أنك تريدين .

أنهى كلماته ورحل . بمفرده فى غرفة الفندق . أعاد مايكل التفكير فيما حدث عشرات المرات . قلب المشكلة على كل الاوجه فكان متأكدا ومؤمنا تماما أن ميجن تكذب وأنها سعيدة لأنه أبو طفلها وأنها تحبه وأنها جاءت إليه فى هذه الليلة لأنه كان قدرها . ولأن الله هو الذى أراد لهما هذا الارتباط . إنه يعرف ويؤمن تماما أن الحب يولد كما يولد الكون , الكواكب , النجوم فى دورة متجددة حتى نهاية العالم .







 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
قديم 25-10-09, 05:59 PM   المشاركة رقم: 15
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
ليلاس متالق


البيانات
التسجيل: Nov 2008
العضوية: 103835
المشاركات: 336
الجنس ذكر
معدل التقييم: زونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدازونار عضو سيصبح مشهورا قريبا جدا
نقاط التقييم: 502

االدولة
البلدKuwait
 
مدونتي

 

الإتصالات
الحالة:
زونار غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : زونار المنتدى : روايات عبير المكتوبة
افتراضي

 

قضت ميجن أبشع ليلة فى حياتها . كل شئ فيها يتغير في وحشية غرفتها المظلمة حيث تبكى ساعات . كانت تميل إلى تصديق أن السعادة لا تأتى إلا مرة واحدة لكن فى الحقيقة لم يكن ألمها بسبب أنها فقدت مايكل أو أنها خيبت أمله . كان ألمها بسبب ما أدركت أنها لن تستطيع أن تنظر إلى طفلها فى عينيه , لأنها أرادت – منذ ساعات قليلة – أن تحرمه من والده . وفى نفس الوقت من أم سعيدة . أدركت فجأة أن هذا الطفل سيعاني مائة مرة أكثر منها . بكت ميجن شاي دون أن تستطيع التوقف حتى الفجر .



كشفت لها المعاناة حجاب الحقيقة . أدركت أنها لا تريد إبعاد مايكل بدافع الغرور أو الضعف . ببساطة لأنها اعتقدت أن فى ذلك لمصلحتها .


كان ينقصها بعض الحكمة . إنها لم تستمع إلا لقلبها ,. ولم تستمع لعقلها بالقدر الكافي . اعتقدت أن تكتفى بذاتها ولكن أن تحب رجلا أو تحب طفلا فهذا يعني البحث فى العالم على ما ينقصها منذ الأزل ولكي تصل لما تبحث عنه يجب أن تتحلى بما ليس لديها : الصبر .


تحلى مايكل رامسى بالصبر ليبحث عنها فى كل مكان مرتين على التوالى دون أن يفقد عزيمته . أعطته مشاعره دفعة انطلاق ولكن سيطرت الحكمة على الفور على افعاله . لو استمع إلى صوت الحب لعاد إلى ميجن فى اليوم التالى ولما تركها . على العكس أمرته الحكمة بأن ينتظر مرة أخرى . أن يترك المرأة التى يحبها تدرك الحقيقة , أن تبصر حقيقة العوائق التى أمامها وأن عليها تخطيها .


كان ذلك قرارا حكيما سمح له بالسيطرة على عواطفه بينما كانت ميجن من ناحيتها تفحص للمرة الأولى الأحداث دون حاجب الخوف والعاطفة .


# # # #


بعد ثلاثة أيام , استيقظ فى الصباح الباكر ظهرت ميجن عند الباب برداء نوم أبيض كانت نظرتها أكثر صفاء . ونظرت إليه مباشرة . قالت ببساطة كما لو كانت تقنع نفسها بأنها لا تحلم .


- مايكل , هذا أنت ؟


أجاب بصوت محايد :
- جئت لأقيم هنا .


لم ترد ميجن أن تبتسم . ما زالت لا تستطيع ذلك . كان ينقصها أن تعترف بتفاصيل التمثيلية التى أخرجتها فى فندق هاراباس التى يجهل مايكل عنها كل شئ . كانت تعرف أن هذا سيكون صعبا ولكنها ستستطيع من اجل الطفل خاصة . نعم على الرغم من تعبها , كانت تشعر بالقوة .


- ادخل سأعد القهوة .


أغلقت باب المنزل النائم تحت الشتاء خلفهما .
أنت لم تعودى تستطيعين القيام بأعمال المنزل . كما أنى لا أريدك أن تكوني وحيدة هنا فى هذه البلاد البعيدة . قد يحدث لك شئ . دوار مثلا , لست أدرى يكفي أن يكون التليفون بعيدا حتى تلاقى المعاناة ... يمكننى أن أخذ إجازة ,إجازة طويلة سأعتنى بك وبالطفل بكما أنتما الاثنين . إنى أرغب فى ذلك .

- هذا لطيف منك يا مايكل . بالتأكيد من الأفضل أن تكون هنا بسبب الطفل . لكن ستعود العمة كاتي بين يوم وآخر .

- سنواجه رجوعها . أما الآن فسأدللكما أنتما الاثنين .

- اتفقنا . لكن بشرط .

- ماهو ؟

- أن تعلمنى الطهي ! فى المستقبل لا اريد أن يأكل ابنى المعلبات .

أدرك مايكل أن المشكلة لم تحل بما أنها ما زالت تتخيل أنها الوحيدة التى ستعتنى بالطفل بعد مولده . لكنه لم يعرب عن حزنه :
- سيكون ذلك سهلا كلعب الأطفال يا ميجن . أنا متأكد أنك موهوبة بأشياء كثيرة أكثر مما تتخيلين .

- إنك تخدع نفسك يا مايكل . استغرقت لوسى سنتين لتعلمنى كيف أصنع سندويتش يؤكل . أنت لا تعرف ماذا ينتظرك , إنه أنا التى تقول ذلك .

بعد عدة أيام . استقر مايكل فى المنزل كأنه يعيش فى هذا المكان منذ وقت طويل . لم تعارض ميجن إلا فى بعض الأشياء البسيطة .

خلال كل حياتها , عاشت مع نفسها , وحيدة أغلب الأوقات بدون أى شخص يهتم بها , كان والدها وكونراد يحبانها كثيرا بالتأكيد ولن تميز آل شاي دائما بالميل إلى الحياة البوهيمية . يأتى والدها ليوقظها فى الصباح . بعض الأيام يصطحبها إلى المدرسة . كان هذا هو كل شئ .

كونراد كان يفطر معها ونادرا ما يتناول معها الغداء أما باقى الوقت فكانت ميجن منفردة بنفسها تماما . لا أخواها ولا والدها مهتمون بما تصنع فى الخارج . لايوجهون لها الأسئلة إلا عندما تحصل على درجات سيئة , وبما أنها لم تكن معتادة على المساءلة ولا تحبها فكانت ميجن تدبر مذاكرتها حتى تحصل على درجات متوسطة .
فى مرحلة الجامعة , لم يتغير شئ . بدافع أن تكون دائما وحيدة أصبحت ميجن كما يقال امرأة مستقلة ,. انتهى بها الأمر بأن تؤمن بأنها ليست بحاجة إلى أحد باستثناء صداقتها أحيانا لزميل يخفف وحدتها . شيئا فشيئا نسيت رقتها الطبيعية , وانوثتها الحقيقية , لم يرغب الزملاء فى مصادقتها . تربي أخواها بنفس الطريقة لكنهما كانا أحسن حالا منها لأنهما رجلان . قدمت إليهما النساء ما لم يجداه فى المنزل من دفء أسرى وحنان لكنهما أيضا أكد استقلالهما مبكرا .

بعد أيام الوحدة الطويلة , كانت ميجن فى أسعد حال لأن إلى جوارها رجلا يعتنى بها عناية فائقة . بالإضافة إلى أن هذا الرجل يدعى مايكل رامسى وهو أبو طفلها . لم يهتم بها أحد كما يفعل هو , ثلاثة أسابيع دون أي مقابل , دون أي كلمة عتاب .

أما مايكل فهذه تعد المرة الأولى التى يهتم فيها بأحد . ولد فى أسرة غنية . واعتاد على أن يخدمه الخدم , بالتاكيد يعانى الكثير ليحارب عادات الطفولة المدللة وساعده فى هذه الحرب حبه ل ميجن ورغبته فى أن يفعل أى شئ لاسعادها .

مرت الأيام فى هدوء كان وجود كل منهما للآخر بمثابة نعمة كبيرة ولدت بينهما صداقة عميقة . تعلما كيف يتبادلان معرفة بعضهما البعض ,. يتبادلان الاحترام , كيف يرتفع كل منهما عن كل شئ وضيع , وبذلك كبر حبهما بمرور الأيام .
ألم تنسى الفيتامينات ؟ لا , لا تشربى القهوة , الأطفال لايحبون القهوة يا عزيزتى ... تعالى لنتريض .. ضعى قبعتك .. حتى لا تأخذى بردا ... وعشرات من الملاحظات الحانية كانت على شفتى مايكل خلال الثلاثة الأسابيع . غالبا كانت ميجن لا تجيبه وتكتفى بالابتسام . لكنها كانت تطيعه ذلك لأنه من الصعب الصمود أمام سحر هذا التكساسى .

اتصلت العمة كاتى نهاية يناير. كانت تكتب لها كل يوم ولكنها كانت تتجنب الاتصال التليفونى من منزل فريدي بريستون بدافع اللياقة . لم تحدثها ميجن عن مايكل خشية أن يقيم بشكل نهائى . بعد شهر من الحياة المشتركة , لم تفلح فى أن تعترف له بسيناريو ليلة فندق هاراباس . لقد أصبح الكلام عن هذه الليلة أكثر صعوبة يوما بعد يوم .
لأن كل يوم كانت تتعلق به بشكل أكبر فكانت تخشى أن تفقده إذا قالت له كل شئ .
سألتها كاتى :
- من هذا الرجل الذى رد على ؟ صوته ساحر أليس من تكساس ؟

- بلى يا عمتى . اسمه مايكل . إنه ... صديق جاء ليقضى بضعة أيام ... متى ستعودين إذن ؟ وكيف حال فريدي ؟

- ليس على ما يرام يا صغيرتى . استيقظ هذا الصباح مصابا بالبرد . هذه مساؤي التقدم فى السن . انا سعيدة جدا لأنك مع صديق يا صغيرتى . الحياة قصيرة والشباب ليس إلا فترة منها استمتعى به ! اسمعى إذا كان صديقك سيبقى بعض الوقت يمكننى أن أبقى لدى فريدى لن يسامحنى إذا تركته بهذه الحال أخبرينى إذن هل سيبقى طويلا هذا الشاب ؟

- أنا ... لست أدرى عن ذلك شيئا يا عمتى . لكن لا تقلقى بشأنى .

- لماذا لا تطلبين منه ذلك يا عزيزتى ؟ يبدو لطيفا من صوته الجذاب هيا اطلبى منه أن يبقى .

- أنا لا . لا يهم يا عمتى ...

همس مايكل فى أذن ميجن :
- أن تطلبى منى ماذا ؟

وعندما رآها تبتسم أخذ من يدها السماعة :
- السيدة شاى ؟ هذا مايكل .

تحدث الاثنان بروح مرحة وضحكا من قلبيهما ... يبدو أنه دخل قلب العمة كاتي . شعرت ميجن بحبه يكبر فى قلبها . لأول مرة فى حياتها تشعر بوجود من يحميها فى هذا العالم ويطوقها بذراعه فى حنان .

- نعم يا سيدة شاي أؤكد لك أنها فى حالة رائعة .. إذا كنت غنيا ؟ بالتأكيد يا سيدتى .. إنى فى أجازة .. نعم طويل إنى طويل ... إذا بقيت فعلى الرحب والسعة ؟ نعم يا سيدتى هذا من دواعى سرورى .

تحدثا عن أشياء كثيرة عن عمله وثروة أبيه .

- نعم ... نعم يا سيدتى .. أناديك كاتي ؟ .. أعدك بذلك ... لا تقلقى إلى اللقاء يا سيدتى ! إيه أقصد قبلاتى يا كاتى .

وضع السماعة دون أن يترك ميجن بعينيه أحاط وجا بيديه ونظر فى عينيها .

شعرت ميجن بموجات الحب تتدفق فى قلبها . لكن ما زال هناك سر يمنعها من الاستمتاع بهذا الإحساس الجميل .
همس :
- العمة كاتي من نوع النساء الذى أفضله

- مايكل هناك شئ أريد أن أخبرك به .

- ليس هذا المساء يا حبيبتى .

- يجب ان أقوله

- ليس هذا المساء أرجوك . هذا المساء أريد أن أغوص فى عينيك الساحرتين دون أن أنطق بكلمة

- مايكل إذا عرفت ما الذى ...

- ألا تريدين أن نجلس فى هدوء الليل وننعم به دون مناقشات ؟

وعندما لم تجب شعر أنه أسعد رجل فى العالم . إنه لا يريد أن يتفاوض بشأن سعادته . كل شئ يصبح ثانويا عندما يحتضن ميجن بين ذراعيه .

وبعد مضى أسبوع . حضر كونراد على غير موعد . لم تكن ميجن قد أخبرت مايكل بعد بالمناقشة الحادة التى دارت بنيها وبين أخيها . لكن كان كونراد يعرف القصة كاملة وقد حدث ما كان لا بد أن يحدث .

توافق الرجلان وتبادلا الاعجاب . قبل الغداء بقليل تركا ميجن ليركبا الخيل فى الريف القابع تحت الثلج . قال كونراد :
- تهانئى يا مايكل . لم تكن ميجن بهذا الجمال باستثناء أنها غيور قليلا من انسجامنا . أعتقد .

- قال الطبيب : إن الطفل سيكون معافى ربما كبيرا قليلا ولكن لن يسبب ذلك أى مشكلة .

- الحياة كم هى غريبة يا عزيزى مايكل . لقد بدأ كل شئ بشكل سيئ . أن ترغب فى أن يكون لها طفل هذا شئ أما أن تختلق هذه القصة السخيفة عن استطلاع الرجل ثم تتنكر فى شكل امرأة محترفة وتذهب إلى أحد الفنادق الفاخرة فهذا ما لم أصدقه عن أختى أبدا . إن حظها من السماء أنها التقت بك أنت . أنت ...

عبس وجه مايكل بشكل مثير .

قال كونراد غاضبا من نفسه لانه ارتكب هذا الخطأ :
- لايمكن أنها لم تخبرك . يبدو أن كل شئ على ما يرام بينكما .

# # # #
بعد مرور يومين كانت ميجن تشاهد عملا دراميا فى التليفزيون بعنوان " هو وهي " عندما دخل مايكل .

همست فى الضوء الخافت :
- صه ...

أطاعها مايكل جلس بجانبها صامتا على الأريكة الحديثة التى اشترتها العمة كاتي من المعرض الدولى فى مونتريال إن ألوانها وتصميمها توحي بأنها مصممة فى الفضاء .

احاطها مايكل بذراعه فى حنان فاستنشق عبيرها الذكي وشاهد لمعان شعرها الاحمر تحت هذا الضوء الخافت تماما كأول لقاء لهما .
قال فى نفسه : إنها لى وهي تحمل طفلى .

منذ وقت طويل كان يحلم أن يقول بصدق أحبك يا عزيزتى ولقد حقق له القدر هذه الأمنية لأن المراة التى يحبها منحته دون أن تدرى أجمل دليل على الحب يمكن تصوره , لقد اختارته من بين الرجال ليبدأ القصة الأبدية لخلق العالم , هذا العالم بالنسبة ل ميجن يدعى طفل هذا الحمل الكامن فى جسدها يحمل أسرار الكون .

من ملايين السنين يختار الرجل امرأة حياته التى ستهبه الذرية . وعلى الرغم من ان المراة هى أبرع كيميائى فى العالم إلا أن جوائز نوبل تذهب للكيمياء الذرية التى تجرى اختباراتها فى المعامل والمختبرات بالمقارنة بالمرأة التى تقدر على حمل طفلها تسعة أشهر إنهن يحملن سر خلق الكون منذ الازل .

لقد فهمها مايكل إنه يعتقد أن النساء أكثر قدرة على معرفة من الجدير بان يحمل أبوة أطفالهن . حدسهما فى هذه المسألة لا ريب فيه ومن ناحية أخرى . شعر أنها امتدحت رجولته عندما اختارته .

لكن هيهات لكل ميدالية وجه آخر . لم تكن ميجن على مستوى ما قامت به لقد ندمت وحزنت وشعرت بالخزى والذنب . لابد بدون شك أن تخفى القصة عن كل الناس ولكن كبرياؤها تؤلمها لأنها لم تقل له الحقيقة بعد . ومن ناحية أخرى كان يعرف ان ميجن لديها السبب فى عدم الإفصاح له عن الحقيقة هذا السبب هو الحب . إذا كانت لا تحبه لقالت له الحقيقة لتتخلص منه . وبوجه عام لايجرى الرجال خلف أطفالهم غير الشرعيين . ولكن تماما مثل المراة التى يحبها . يبدو أن مايكل ظاهرة نادرة
انتهى الفيلم الموسيقى رومانسية . اغرورقت عينا ميجن بالدموع . استندت إلى صدر مايكل . همست :
- أحبك يا مايكل .

اجابها بابتسامة ساخرة :
- لا أصدق أنك تحب فتاة ذات بطن مستدير كالمجمعات السكنية والبعض يشبهونها بالشاحنة لكنك لست شريرا .
- أنا أرى أنك تشبهين تمثال الحية . أحبك كلك . بأكملك على الإطلاق وبشكل قاطع .

سالت دموع ميجن . قالت :
- إنه الفيلم .

- أوه أعرف . سترين سنمثل فيلما عن قصتنا يكون الفيلم مشيئة السماء .

- أوه يا مايكل .

- انتظرى لا تتحركى . ابقى هنا . لدى شئ من أجلك .

نهض واختفى لحظة فى الغرفة التى يشغلها وعاد وفى يده علبة صغيرة من القطيفة .

- كنت أود أن أقدمها لك فى أعياد الميلاد ولم أفعل . بمجرد ان شاهدته عرفت أنه صنع من أجلك . من أجل ان تلبسيه يوما ., من أجل أن اهديه لك اليوم , إنها فرصة عظيمة هذا المساء أن أخبرك بأننى أردت الزواج بك منذ أربعة شهور .
أخذت العلبة من يد التكساسى . بيد مترددة وشعرت أن طوق السعادة يغلفها وأنها قد وقعت فى الفخ لا محالة لأن هذه السعادة مبنية على كذبة ., وإذا قالت الحقيقة فستفقده وهى تخشى أن تفقده دون أن تعرف سبب هذا الخوف هل هو من أجل الطفل أم من اجلها .

- مايكل .

فتحت العلبة لتكشف عن خاتم رقيق يزينه فص زمرد حر محاط بهالة من الماس . إنها قطعة فنية ساحرة .

أخذ مايكل مكانه على الأريكة شعرت به ميجن وبكل نبضات قلبه همس فى أذنها :
- نفس لون عينيك . سنتزوج إذن ؟ لا أنتظرى سأبدا من جديد . مارى ميجن شاى هل تريدين أن تكونى زوجتى وتعيشى معى فى السراء والضراء ؟

كانت كلمة نعم تتردد فى قلب ميجن كأنها أمر إلهى . غرقت الحجرة فى جو من الحب .
- مايكل .. أنا .. الطفل .. إنه لذلك .. أوه لا أريد .. لا استطيع .

أرادت أن تهرب من الحجرة لكنه أمسك يدها . مسحت نظرته عنف الحركة التى قام بها . خفضت ميجن عينيها . إن مايكل يعرف ما يدور بخلدها . وركز تفكيره على أن يساعدها .

قال بصوت عميق ويفيض بالصدق :
- أحبك يا ميجن . والطفل أيضا . سأحاول أن أكون أبا جيدا أعدك بذلك .

- أعرف ذلك جيدا يا مايكل . لكنى ببساطة لا استطيع الموافقة

قال مايكل فى نفسه تحدثى , أرجوك ساحبك أكثر إذا ما تحدثت وقلت الحقيقة يا حبى .

- لماذا ؟ قولى لى فقط لماذا ؟

- انا .. أنا متأكدة أنك ستتزوجنى من اجل الطفل لأنك تريد أن تمنحه اسمك . انتم الرجال لا تفكرون إلا فى ذلك .

- ميجن . أرجوك , ليس هناك شئ من هذا القبيل بيننا . أنت تعرفين أننى احبك ألا ترين ذلك ؟ قولى الحقيقة

شعرت ميجن أنها ستبكى . وضعت الخاتم فى إصبعها . لمعت الدموع فى عينيها فى نفس اللحظة التى لمع فيها فص الخاتم الزمردى .

- هل أستطيع أن اطلب منك طلبا .

- بالتأكيد يا عزيزتى

- دعنى اخذ حماما الطفل يزعجنى

- حسنا سأنتظرك . سأنتظرك الوقت الذى تريدين .

أخذت ميجن تفكر أثناء الحمام . الموقف واضح . ووضوح مشاعرها نحو مايكل يزيدها شجاعة . طرحت على نفسها نفس الاسئلة عشرات المرات . وكأن اختبارا عقليا .
هل تحب مايكل ؟ نعم هل تريد الزواج منه وبذلك تكرس له حياتها ؟ نعم . هل تريد أن تقيم أسرة حقيقية معه ؟ نعم وتوالت الاجابات نعم ونعم . هل هناك وسيلة لتخفى عنه الحقيقة إلى الابد ؟ لا إن نهاية الكذب ستكون بداية لحياة سعيدة مع مايكل الرجل الذى تحبه . رجل حياتها ؟ نعم . رجل حياتها الذى لا تستطيع أن تقابله إلا مرة واحدة على الأرض الرجل الذى بحثت عنه دائما .
عندما عادت الى الحجرة كان مايكل قد دخل لينام حتى لا يجبرها على الحديث . لقد اتعبته احداث اليوم . نظرت إليه ميجن وهو نائم . كم هو جميل ووجهه برئ . إنه يشبه الملائكة رغم ضخامة جثته التى تشبه العملاق القوى . فتح عينيه ببطء .سألها :
- هل أنت بخير ؟

- لا ياعزيزى

- اذهبى إذن لتنامى

وضعت ميجن يدها على فم مايكل حتى تجبره على الصمت . كانت تعرف أن شجاعتها ستخونها إذا بدأ يتحدث بصوته العذب ويقول كلمات الحب التى يعرف أسرارها أرادت أن تعترف له بالحقيقة . دون أن تترك له فرصة مقاطعتها مرة واحدة

باردته بصوت هادئ :
- مايلك أنا لا أنتظر منك أن تسامحنى كل ما اطلبه منك هو أن تسمعنى حتى النهاية وألا تكرهنى بعد ذلك

همس مايكل بشئ فى راحة يدها لكنه لم يحاول أن يحرر شفتيه .
وشعرت ميجن بهدوء غامض . وأخذت تتكلم كأن ملاكا يهمس إليها بالكلمات فى اللحظة المناسبة .

- لم تكن مقابلتنا مصادفة . لقد حسبت لها كل شئ . لست أدرى إذا كنت ستتفهم ذلك ،كنت أريد طفلا . كنت أريده بشدة وإلى درجة لا تستطيع أن تتخيلها . كل حياتى منذ سنين تتجه فى هذا الاتجاه . الحصول على طفل .لم أعد أصبر . الأيام تمر والانسان يتعب وييئس ويتقدم فى السن .

واستطردت ميجن تقص تفاصيل خطتها من أول رقصة الاستبيان واستطلاع الرأى إلى ما إنتهت إليه الليلة المشهودة :
- لقد ندمت بالتأكيد خاصة عندما رأيتك مع هنرى آلدرمان كنت أظن أننى لن أراك أبدا .لقد اخترتك كما أختار فستانا بين العشرات فى فترينة متجر . لقد استغللتك بشكل بشع .وشعرت بعدها أننى بشعة أيضا .... كل ما أستطيع ان أقوله لك : إننى أسفة من كل قلبى .
نظر إليها . لم يكن يظن أبدا انه يستطيع أن يحب كما يحب ميجن الآن . إن كل كيانه يفيض حبا لها . لم يرد مايكل أن يتحدث وكذلك عندما حررت ميجن شفتيه ظل صامتا . إنه لا يريد أن يكسر سحر هذا الصمت . أما ميجن فكانت متوجسة وقلقة حتى الموت تنتظر إجابته .

- مايكل ألن تقول شيئا ؟ هل سمعت ما قلته لك ؟ هل أنت نائم ؟

همس :
- لا ، لست نائما .

أراد ان يحتضنها ويمطرها بالقبلات . لكنه تبين ما تشعر به ميجن من تعب . لقد أنهكها الاعتراف بالحقيقة . إنها تحتاج الآن إلى الحنان والراحة والنوم .

أعترف بدوره :
- إنى أعرف كل ذلك يا عزيزتى كونراد حكى لى كل شئ يوم تقابلنا

بدت الدهشة على وجه ميجن . أمسكت رأسها بين يديها ولاذت بالصمت فهى لا تعرف ماذا تقول .كان مايكل يعرف مدى تألمها خلال الأيام الماضية باحتفاظها بهذا السر .

- هل تتذكرين ،بعد رحيل كونراد خرجت فى جولة فى القرية كنت غاضبا بالتأكيد ولكن ليس لما فعلته بل لأنك كذبت على .كنت سعيدا لأنك اخترتنى من بين الآخرين .ثم قلت لنفسى : إنك مجنون تماما وإنه يجب أن أعدود إلى نيويورك دون ان أخبرك . وعندما فكرت فى أن أتركك عرفت كم أحبك . الشئ الوحيد الذى آلمنى هو صمتك . لأنى قد أموت إذا تأكدت أنكلا تثقين بى .ولا تؤمنين بحبنا لهذا لم أقل لك قبل هذا المساء .لكن انتهى الأمر الآن . دعينا لا نفكر فى ذلك يا حبى .
ابتسمت ميجن بما أنه لا يوجد كلمات ذات جدوى بعد كل ما قيل ... أراحت ميجن رأسها على صدره وأغلقا عيونهما كطفلين أجهدهما اللعب .


# # # #
فى صباح اليوم التالى ، استيقظت ميجن متأخرة نحو الثانية عشرة ظهرا . كانت وحيدة . الشمس ساطعة وجدت على الطاولة المجاورة للسرير رسالة من مايكل :
" صباح الخير يا ملاكى الصغير . لم يطاوعنى قلبى أن أوقظك .كنت جميلة جدا وانت نائمة ... سأذهب إلى نيويورك بدأت أعمالى تغار منك لأنى أهتم بك أكثر مما اهتم بها . اصنعى لنفسك غداء طيبا . سأعود هذا المساء وسنتناول العشاء فى الخارج .أحبك مايكل "

ملحوظة : لا أعتقد أن الأمور قد حدثت كما تظنين فى ليلة لقائنا الأول . لقد قررت المشيئة الإلهية أن نتقابل وهذا كل شئ .وبدونها ما كنت أنا ولا أنت هنا .إن كل شئ مكتوب كل شئ فى مكانه ويأتى فى أجله المحتوم . نحن كالعميان الذين لا يعرفون قراءة رموز القدر .دائما تتضمن الأشياء حقائق خفية وغامضة لا نفهمها .أهم شئ هو أن نكون معا .إنه قدرنا يا حبى ،قدرنا الجميل .فكرى فى ذلك "

وضعت ميجن الخطاب فوق قلبها ونظرت إلى إصبعها الذى يزينه الخاتم هدية مايكل . فى الحدائق ظهرت بشائر الربيع . الذى سيعيشانه معا . جاءتها فكرة أن هذه الشمس ليست شمس كل يوم بل إنها قد بزغت اليوم من أجلها . ومن أجل مايكل ومن أجل الطفل الذى تحمله كأنها حياة جديدة كأنها هبة إلهية من السماء .

تمت بحمد الله





 
 

 

عرض البوم صور زونار   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الليلة الموعودة, دار ميوزيك, روايات عبير, روايات عبير المكتوبة, عبير
facebook




جديد مواضيع قسم روايات عبير المكتوبة
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة



الساعة الآن 03:36 AM.


 



Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية