منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   237 - عاصفة الصمت - بيني جوردان ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t82528.html)

..مــايــا.. 26-06-08 11:17 AM

237 - عاصفة الصمت - بيني جوردان ( كاملة )
 
رواية " عاصفة الصمت "
من روايات احلام
الكاتبة : بيني جوردان



للامـــــــــــــــــــــــانة انا ناقلتها من منتدى

كـxt & كـ وورد هنا

كانت ساسكيا من النوع الذي يحتقره اندريس لانيسر ...
ألم تعرض عليه نفسها بكل وقاحة و بطريقة مثيرة للإشمئزاز ؟
إن مبادئه تمنعه من مجرد التفكير في هكذا إمرأة,
فكيف إذا اكتشف انها تعمل موظفة لديه ؟
كانت صدمة لساسكيا معرفتها بأن مديرها الجديد هو اندريس , وهذا يعني فقدانها لوظيفتها وكل أمل لها في المستقبل ............ إلا إذا ......

فجأة لاح لاندريس شعاع من النور في نهاية النفق المظلم ,
نفق مشكلته الخالية ..... ستكون ساسكيا وسيلته إلى الحل ؟ !!!!
منتديات ليلاس



الفصل الأول :

فتاة الإغواء


إنها الخامسة إلا ربعاً

أسرعت ساسكيا عبر ردهة المكتب الذي تعمل فيه متجهة إلى باب الخروج
عندها صاحت موظفة الإستقبال قائلة " تتسللين خارجة قبل انتهاء الدوام يا لحظك !"

و عندما سمع أندريس تعليق الموظفة ، قطب جبينه ،
كان يقف عند المصعد المخصص لكبار الموظفين فلم تره ساسكيا التي كانت مسرعة ،
إلا إن أندريس رأى تلك السمراء ذات الساقين الرائعتين و الشعر البني ذي الوهج الذهبي المحمر الذي يشير إلى مزاجها الناري الحاد ،
و أنتبه فجأة إلى منحى أفكاره فالتورط مع إمرأة ... أي امرأة هو آخر ما يريده في الوقت الحالي ....

تذكر كيف أقنع جده بالتقاعد جزئيا من إدارة سلسلة الفنادق التي باتت الآن تحت إشرافه ،
لكن العجوز شن بالمقابل حملة قوية لإقناع أندريس بالزواج من إبنة أخيه ،

ففي نظر الجد من شأن زواج مماثل إن يوحد الأسرة و بالتالي يوحد ثروتها
إلا إن هذه المحاولات الخرقاء لتزويج أندريس بابنة عم أمع أثينا ما كانت لتترك في نفس أندريس سوى السخرية لولا إن أثينا كانت حريصة على هذا الزواج لقد كانت أثينا أرملة تكبره بسبع سنوات ،
كان زوجها الأول يونانيا ......
بلغ المصعد الطابق الأعلى فخرج أندريس منه لم يكن الوقت ملائماً للتفكير في شؤونه الخاصة لإن عليه السفر إلى الجزيرة التي يمتلكها جده في بحر إيجة التي ستمضي فيها الأسرة العطلة

و لكن كان عليه قبل ذلك إن يقدم تقريراً مفصلا ً عن سير العمل لجده ..............

" آسفة "
إعتذرت ساسكيا و هي تجلس على المقعد الشاغر عند المائدة المعدة لثلاثة أشخاص و قالت شارحة :
" الخوف سائد بين الموظفين بسبب وصول الرئيس الجديد غداً "
و سكتت عندما لاحظت إن صديقتها المفضلة لم تكن تصغي " ماذا حدث ؟ "
أجابت ميغن " كنت أخبر لورين عن سبب تعاستي ..
- تعاستك ؟
- إنه مارك ...
- أكملت لورين تظن ميغن إن مارك متورط مع فتاه أخرى .. في نفس الوقت "
- "هذا غير ممكن ، ميغن أنت بنفسك أخبرتني عن مدى حب مارك لك "
- حسناً هذا ما ظننته ، خصوصاً عندما قال إنه يريد إن تعقد خطبتنا .ولكن هناك مكالمات هاتفية تصله دائما وإذا أجبت إنا يقفل الخط .
حدث ذلك ثلاث مرات هذا الأسبوع ، وعندما سألته عن ذلك قال إن الرقم كان خطأ .

_ حسنا ربما كان الرقم خطأ فعلا.
لكن ميغن هزت رأسها :
"لا . هذا غير صحيح ،
لإن مارك يبقى دائما جالسا قرب الهاتف ، والليلة الماضية كان يتحدث من هاتفه الخلوي عندما دخلت ،
وما إن رآني حتى أنهى المكالمة ".

ـ ألم تسأليه عما يحدث ؟
أجابت ميغن بحزن :"سألته فقال إنها مجرد تخيلات أتخيلها "

فقالت لورين وقد لوت شفتيها بعبوس مخيف :" هكذا هم الرجال ...
لقد بذل زوجي جهده لإقناعي بإني واهمة .
وماذا فعل ؟ لقد أنتقل للعيش في البيت مع سكرتيرته طالبا مني الرحيل "

قالت ميغن وقد اغرورقت عيناها بالدموع:
" إنا ... لا يمكنني إن اصدق إنه يخونني مع أخرى ... كنت أظن إنه يحبني ..."

ـ إنا واثقة من إنه يحبك.

قالت لورين بجفاء :" حسنا ، هناك طريقة مضمونة لمعرفة الحقيقة .
لقد قرأت مقالة عن وكالة تقصدينها إن راودتك الشكوك حول صديقك .
فيرسلون له فتاة تحاول إغواءه فإن وقع في الفخ تأكد شكك و ليس أمامك إلى هذا الخيار "
منتديات ليلاس
قالت ميغن :
" آه لا أستطيع "

فأصرت لورين بقوة " بل عليك ذلك إن مارك يجاهد في التوفيق في دخله و مصروفه منذ باشر في عمله الخاص و أنت قد ورثت ذلك المال من عمة أبيك "

غاص قلب ساسكيا قليلاً ، هي تحب صديقتها كثيراً و لكن الفكرة لم ترقها كثيراً .
قالت ميغن:
" إنها تبدو فكرة معقولة لكنني لا أظن إن في هلفورد وكالة مماثلة " .

فقالت لورين و قد علت الإبتسامة وجهها ومن يحتاج إلى وكالة ؟
ما أنت بحاجة إليه هو صديقة جميلة للغاية لا يعرفها مارك ، و يمكنها محاولة إغرائه .. "

فقاطعتها ميغن متأملة:
" صديقة جميلة للغاية ؟ أتعنين مثل ساسكيا ؟ "

أخذت المرأتإن تتفرسإن في ساسكيا و هي تقضم قطعة من الخبز و أجابت لورين بصوت خافت:
" بالضبط . ساسكيا مناسبة لهذا الدور "
كادت ساسكيا تختنق بقطعة الخبز وهي ترى التصميم باديا على ملامح لورين وميغن فقالت :
" ماذا؟
أنت تمزحين . لا ... لا سبيل إلى ذلك ،
هذا جنون يا ميغن وأنت تعلمين ذلك . كيف تستطيعين فعل ذلك بمارك؟ "

أجابت لورين بحدة :
" وكيف يمكنها تسليمه حياتها إن لم تكن واثقة منه؟
حسنا لقد أنتهى الأمر إذن ، وما نحتاج إليه حقا إن نضع خطة"

فقالت ميغن :" الليلة سوف يخرج مارك مع أصدقائه إلى تلك الحانة التي افتتحت حديثا "

ـ لا يمكن إن أفعل ذلك ..إنه..إنه. إنه عمل غير أخلاقي .
ونظرت باعتذار إلى ميغن :
"آسفة يا ميغن ، ولكن.."

فقاطعتها لورين بحدة :" كنت أظنك سترغبين في مساعدة صديقتك ، يا ساسكيا ، لكي تحافظي على سعادتها . خصوصا بعد كل ما فعلته لأجلك ".

عضت ساسكيا على شفتيها ..
لورين محقة ، فهي تدين لميغن بالكثير ...
فمنذ ستة أشهر كانت ساسكيا تتأخر في العمل كل مساء ، وكانت جدتها مصابة بمرض خطير ،
فراحت ميغن بصفتها ممرضة ، تعتني بجدتها متخلية بذلك عن كل أوقات فراغها وبعض أجازاتها كمساعدة منها لصديقتها ساسكيا.

وقاطعت ميغن أفكار ساسكيا وقالت بهدوء:
" إنا أعلم إنك غير موافقة على هذا الأمر يا ساسكيا ولكنني يجب إن اعلم إن كنت أستطيع الوثوق بمارك "

واغرورقت عيناها بالدموع .

ـ لا بأس سأفعل ذلك .
قالت ذلك باستسلام ...

وبعد إن شكرتها ميغن قالت ساسكيا :
" عليك إن تصفي لي مارك هذا، يا ميغن لكي أتمكن من معرفته "

فقالت ميغن بحماسة وغبطة :
" آه، هذا صحيح . سيكون الأجمل والأكثر وسامة بين الحاضرين !
إنه رائع با ساسكيا ..
جذاب ، ذو شعر قاتم كثيف وفم جميل للغاية ..
ثم سيكون مرتديا قميص أزرق بلون عينيه ، فهو دوما يفعل ذلك ..
وإنا قد اشتريت له تلك القمصان"

ـ في أي وقت سيكون هناك ؟
ـ في الثامنة والنصف

ـحسنا .. إذن يجب عليك التواجد هناك حوالي التاسعة .
قالت هذا لورين وقد بان عليها الرضا .

ـ ولكن سيارتي ما زالت في الكاراج
ـ لا تهتمي بذلك . سوف أوصلك بسيارتي .
عرضت ذلك لورين بسخاء

بعد ساعتين كانت ساسكيا ترتدي تنوره سوداء وقد تملكها شيء من التوتر .
وعندما سمعت رنين جرس الباب ، نزلت من غرفتها لتفتح بنفسها لإن جدتها كانت تمضي عدة أسابيع مع شقيقتها في باث.
أتت لورين بمفردها و أخذت تتفحص ساسكيا ثم عبست و قالت بحدة :
" عليك إن ترتدي شيئاً أخر فمظهرك يبدو و كأنك ذاهبة إلى العمل و لا يشجع على التقرب منك ،
تذكري بأن على مارك إن يظنك سهلة المنال ،
كما إن عليك وضع أحمر شفاه مختلف و وضع المزيد من الكحل على عينيك ،
و إذا كنت لا تصدقي فأقرئي هذه "

وقدمت لورين لساسكيا مجلة مفتوحة . قرأت ساسكيا المقال بالرغم منها ، مقطبة الجبين ومفادها إن الوكالة مستعدة لإرسال فتياتها لإمتحإن إخلاص رجال موكلاتهن ، و هي تعدد مواصفاتهن ،

فقالت ساسكيا بحزم :
لا يمكنني القيام بأي من هذا أما بالنسبة للطقم ..
دخلت لورين الردهة و أغلقت الباب خلفها و قالت بعنف :
" عليك القيام بذلك من أجل ميغن ألا ترين ما يحدث لها ؟
الخطر الذي يكتنفها ؟ إنها مجنونة بهذا الرجل ،
لم يمض على علاقتهما الا اربعة أشهر
و ها هي تتحدث عن تسليمه ميراثها بأكمله .. و الزواج و إنجاب الأطفال ..
أتعلمين كم ورثت ميغن عن عمة أبيها ؟

هزت ساسكيا رأسها بصمت كانت تعلم مدى الدهشة و الذهول الذي تملك ميغن عندما علمت إنها وريثة عمتها الوحيدة ...

لكن اللباقة منعت ساسكيا من سؤالها عن مقدار الميراث .
====================


قالت لورين :
" لقد ورثت ما يقارب الثلاثة ملايين جنيه ".

عندما رأت ما بدا على وجه ساسكيا أومأت بعبوس :
" هل عرفت ما أهمية ما نقوم به لحمايتها ؟

لقد حاولت تحذيرها مراراً بإن مارك الغالي على قلبها قد لا يكون مخلصاً كما يبدو
لكنها لم تصغ لي ،
و الآن ، الحمد لله قد بدأت تراه على حقيقته لذا ،
لأجلها يا ساسكيا ، عليك القيام بما في وسعك لمساعدتها و لإثبات خيانته ...

كان بإمكان ساسكيا إن تتصور ذلك جيداً ،
و راحت تحث نفسها :
" ميغن ، ميغن العزيزة الحلوة التي ما زالت تعمل كممرضة رغم الثروة التي ورثتها .
إنها تستحق رجل يستحقها حقاً ،
فإذا لم يكن مارك هذا .. حسنا ً، ربما ، عندئذ من الأفضل لصديقتها إن تعلم ذلك من أول الطريق .

أما لورين التي ما زالت تتأمل ساسكيا ، فقالت :
" ربما إذا خلعت السترة يمكنك إن ترتدي بلوزة صيفية جذابة .. أو حتى ..

و سكتت عندما رأت ملامح ساسكيا وهي تقول " بلوزة صيفية نعم .. أما جذابة فلا

و عندما رأت النظرة في عيني لورين و سكتت .
بصراحة ، فالرجال حسب خبرة ساسكيا ليسوا بحاجة إلى رؤية جسدها في ملابس فاضحة ليتشجعوا و ينظروا إليها مرتين ..

عندما غادرا المنزل أخيراً كانت الساعة تقارب التاسعة ،
و قد زادت ساسكيا من تبرجها نزولاً عند إلحاح لورين .
شعرت ساسكيا بعدم الإرتياح لمظهرها بحيث لم تستطع النظر لمرآة الردهة .

و عندما وصلا ، أوقفت لورين السيارة أمام باب الحانة :
" ها قد وصلنا . سآتي لأخذك عند الحادية عشرة ..
و سيكون ذلك وقتاً كافياً .
تذكري ، نحن نفعل هذا لأجل ميغن "

و قبل إن تتمكن من قول شيء ، كانت لورين قد إنطلقت بسيارتها ،
و كان رجل يسير على الرصيف قد توقف عندما رأى ساسكيا و نظر إليها بإعجاب

فنظرت مشيحة له بوجهها و دخلت الحانة .

كانت لورين قد أعطتها قائمة طويلة من الإرشادات
معظم ما فيها جعل ساسكيا تصر على أسنانها ،
لا سبيل للدخول و التصرف بطريقة مغرية بما إن لورين كانت قد ألبستها تلك البلوزة .

أخذت نفساً عميقاً ثم دفعت باب الحانة .......................

..مــايــا.. 26-06-08 11:18 AM

الفصل الثاني:

رجل في الاختبار



رأى أندريس ساسكيا في اللحظة التي دخلت فيها الحإنة .
كان يجلس عند المقصف ، كان بإمكانه الذهاب إلى أي مكان أقرب من هذه الحإنة ،
ربما إلى منزله أو إلى أملاكه الجديدة
ولكنه تلقى مكالمتين غير مرغوب بهما من جده وأثينا ،
لذا قرر الذهاب إلى مكان لا يمكن لاحدهما الاتصال به ،
كما تعمد ترك هاتفه الخلوي في البيت.
تصلبت قسماته عندما تذكر أثينا ومحاولاتها التي تزداد وقاحة لإغوائه وإقناعه بالزواج منها.
كان هو في الخامسة عشرة وهي حينذاك في الثإنية والعشرين وعلى وشك الزواج ،
لذا هو يشعر نحوها بالكراهية منذ الصغر ،
وهذا ما ترك في نفسه أثرا سلبيا تجاه الجنس اللطيف .
قطب جبينه وهو يراقب ساسكيا التي وقفت عند الباب مباشرة تفحص القاعة وكانها تبحث عن شخص ما . أدارت رأسها فإنعكست الأضواء على شفتيها المصبوغتين اللامعتين .

تنفس أندريس بعمق وهو يجاهد للسيطرة على تصرفه غير المرغوب به تجاهها .
ما الذي يفعله بحق الجحيم ؟
كان غرضها واضحا جدا بحمرة الشفاه القرمزية الصارخة تلك مما جعله يضحك لا إن يفكر في ..
في ماذا؟
الرغبة..؟
وتملكته السخرية وموجة من الاشمئزاز من الذات .
لقد عرفها طبعا !إنها الفتاة التي رآها عصر اليوم في العمل ،
الفتاة التي هنأتها موظفة الاستقبال لإنسلالها من العمل مبكرة .
ونظر متجهما إلى فمها المصبوغ وعينيها المكحلتين بإفراط ،
رآها ترتدي طقما قصير التنورة ..
ولفت أنتباهه ساقاها الطويلتإن المكسوتإن بجوربين طويلين أسودين شفافين.
إنها تنورة قصيرة جدا .. جدا !

قطبت ساسكيا وهي تشعر بمدى قصر هذه التنورة التي أرغمتها لورين على ثنيها عند الخصر لتقصيرها . كانت ساسكيا مصممة على إنها ما إن تجد مارك حتى تعيد التنورة إلى طولها الأصلي .
كما إن السترة الصيفية تشعرها بعدم الارتياح ،
فأخذت ، دون وعي ، تعبث بأول الأزرار المفكوكة.

ضاقت عينا إندرس وهو يراها تفعل ذلك . من الواضح إنها بذلك تلفت الآنظار إلى صدرها ..
واكتشف إندرس إنه بدأ يصر على أسنإنه ،
والأهم من ذلك إنه لم يستطع تحويل نظراته عنها .

شعرت ساسكيا إنها مراقبة ، فالتفتت ثم جمدت مكانها عندما اشتبكت نظراتها مع نظرات أندريس القوية.
أخذ قلبها يخفق ، وجف ريقها .
كانت قد نبذت مبالغة ميغن في وصفه .. معتبره بذلك هذيإن امرأة واقعة في الحب .
رائع .. خلاب .. وسيم .. جذاب..
وهو سيكون لابسا قميصا أزرق ليتناسب كما تقول ميغن مع لون عينيه .

حسنا .. لم تستطع ساسكيا رؤية لون عينيه في الضوء الخافت من هذه المسافة التي تفصل بينهما .
لكنها أقرت بإن ميغن على حق في كل ما وصفتها به ..
وازدادت دقات قلبها .
هذا إذن حبيب ميغن ، لا بد إنه هو،
إذ لم يكن في القاعة من يشبه الأوصاف التي ذكرتها ميغن سوى هذا الرجل،
لا عجب إذن من قلقها والشك في إخلاصه لها ..
فرجل بهذه الوسامة لا بد وإن تلاحقه النساء على الدوام .

إنه يتمتع بفيض قوي من السلطة التي تقرب إلى الغطرسة .
لقد صعق ذلك ساسكيا منذ اللحظة التي نظرت فيها إليه ،
والتقت بنظراته المتفحصة والتي سرعإن ما تبعتها نظرة ازدراء واستنكار ..
كيف يجرؤ على النظر إليها بهذا الشكل ؟
وفجأة تبددت كل الشكوك التي جالت في نفسها بشإن ما وافقت على القيام به .

حسنا .. لقد أيقنت ساسكيا إن محاولات ميغن و لورين لإثبات إمكانية الوثوق به صائبة ،
فميغن فتاة ساذجة رقيقة ولا تملك الخبرة الكافية وهي بحاجة إلى رجل يقدر رقتها ويعاملها على هذا الأساس .
عليها أ ن تعترف إن ميغن لا تتمتع بتلك الجاذبية الصارخة التي يتطلع إليها رجل كمارك
ولكن ربما هذا ما أحبه فيها .. هذا إذا كان يحبها ..
وهذا ما على ساسكيا إثباته أو نفيه.

كان أندريس يراقبها بمزيج من الفضول وخيبة الأمل ، وهي تتجه إليه .
وبشموخ هادئ لم تتجاهل نظرات الإعجاب التي كان يلقيها عليها ، أثناء ذلك ، الرجال الآخرون ،
وإنما بدا عليها إنها لم تلاحظها .
كل ذلك كان مخطط له من قبل تماما كما السترة المفتوحة الأزرار ،
وكان أندريس يعرف هذا النوع فأثينا خير مثال !
ـ آه ، إنا آسفة .
==================

اعتذرت ساسكيا عندما وصلت إلى جإنب أندريس ، ثم تعثرت (بالصدفة) ووقعت عليه .
لكنها عادت فاستقامت ثم وقفت بجإنبه عند المقصف وعلى وجهها ابتسامة اعتذار ساحرة ،
بينما اقتربت منه حتى استطاع إن يشم رائحتها الناعمة العذبة التي تثير الحواس وتبرز شخصيتها ..
وكالاحمق أخذ هو يتنشق تلك الرائحة حتى كادت تسكره .. تاركا حواسه تستجيب.. لها..
أرغم أندريس نفسه على التراجع عنها خطوة إلى الخلف ،
ولكن المقصف كان مزدحما فاستحال الابتعاد عنها كثيرا .
وهكذا سألها ببرودة :" آسف .. ولكن هل أعرفك ؟"

كان يعلم إن هناك نساء يقمن بأي شيء لأجل المال .. أي شيء ..ومع أي شخص . أيا كان .

لكن ساسكيا تواجهه الآن ، وإنفرجت شفتاها المصبوغتإن بإفراط عن ابتسامة أدرك إنها مرغمة وهي تتمتم :

"آه لا..
في الواقع ، أنت لا..
لكنني أرجو إنك سوف تعرفني حالا .

أحست ساسكيا بالارتياح لخفوت الضوء وكانت تشعر باللهب المتوهج في وجهها.
لم يحدث قط إن فكرت في التقدم من رجل بهذا الشكل ،أو حتى تصورت ذلك .
ثم أنتقلت بسرعة إلى الجزء الثإني من حديثها المعد سلفا وهي تفرج شفتيها عن ابتسامة ، راجية إن تكون مغرية وتفي بالغرض .
وبينما مررت لسإنها على شفتيها بحذر صاحت في نفسها :
"رباه ، ما أسوأ مذاق حمرة الشفاه .. هذه ".
ثم سألت الرجل ببعض الدلع :
"ألن تسألني إن كنت أريد شرابا؟".

سألته هذا وهي تخفق بأهدابها آملة إن يكون هذا نوع من الإغراء،
وأضافت بصوت ناعم :
" أحب لون قميصك".
ومالت عليه مضيفة :
"إنه يماثل لون عينيك ".
ـ إن كان هذا ظنك فلا بد إنك مصابة بعمى الألوإن .. لإن عيني رماديتإن.

قال لها ذلك باقتضاب .
لقد بدأت تشعره بالغضب البالغ ،
لقد كان تحرشها السافر به يبعث في نفسه الاحتقار .
ولكن لا شيء يماثل حقارة ردة فعله السخيفة نحوها ،
أي رجل هو ؟
هل هو غلام في الثامنة عشرة ؟
يفترض به إن يكون رجلا.. رجلا ناضجا .. محنكا خبيرا وهو فوق الثلاثين ..
ومع ذلك يتجاوب مع هذه الأساليب المغرية القديمة والمثيرة للشفقة التي كانت تحاول إيقاعه فيها ..
يتجاوب معها وكأنه ..
وكأنه ماذا؟
وكان لا شيء يريد فعله في هذه اللحظة سوى ضمها إليه ليشعر بدفئها ..
وليسمعها تصرخ باسمه وليعانقها ويعانقها .

ـ اسمعي ، أنت تقترفين غلطة كبيرة .
قال لها ذلك بحدة ، مقاطعا تصوراته غير المرغوب بها عنه وعنها.

ـ آه ، لا .
احتجت على رفضه لها بلهفة ،
المفترض لها إن تذهب إلى ميغن وتعلمها إن خطيبها ما زال مخلصا لها و بإمكانها الوثوق به ،
ولكن شيئا لم تستطع تحليله رفض ذلك فقالت له:
" لا يمكنك إن تكون غلطة أبدا ، بالنسبة لأي امرأة.."

أخذ أندريس يتساءل ببلاهة عما إذا كان قد جن ،
إن فكرة عرض المرأة لنفسها عليه أمر يثير اشمئزازه ،
فكيف بإمكانه الانجذاب إلى امرأة كهذه ولو من بعيد؟
هذا مستحيل.
ـ إنا آسف ، إنك تضيعين وقتك .

وأضاف بصوت رقيق مخادع
" والوقت ، بالنسبة لامرأة مثلك ،هو من ذهب، فلم لا تذهبين للبحث عن رجل آخر .
أكثر تقبلا مني لما تعرضينه عليه ؟ ".

نظرت إليه شاحبة الوجه وهو يغادر الحانة ،
لقد نبذها .. إنه.....
وابتلعت ريقها. إنه ..
لقد اثبت إنه مخلص لميغن . ونظر .. نظر إليها وكأنها فتاة صغيرة
".

..مــايــا.. 26-06-08 11:20 AM

. مسحت حمرة الشفاه بسرعة وعبست للون الذي خلفته على يدها .

ـ أهلا بك يا جميلة , هل يمكنني إن أشتري لك شرابا ؟

هزت رأسها نافية ، متجاهلة النظرات اللاذعة التي رمق ها بها الرجال في الحانة ،
وتوجهت إلى حمام السيدات ،
في غرفة الملابس أقفلت أزرار سترتها الصوفية ،
ومسحت الحمرة وآثار التبرج والكحل
واستبدلتهما بزينتها المفضلة لديها والمؤلفة من ظل خفيف للعينين
وحمرة شفاه ناعمة بلون الكرز ،
وربطت شعرها الطويل إلى الخلف ، وجلست تنتظر موعد الرحيل .

هذه المرة بدت مختلفة وهي تشق طريقها بين الجموع ، وكانت النظرات المنصبة عليها مختلفة تماما .

شعرت بالارتياح عندما رأت إن لورين كانت في انتظارها ،
وعندما فتحت باب السيارة ودخلت ، سألتها لورين بلهفة :
" حسنا ، ماذا حصل ؟ "

فأجابت ساسكيا وهي تهز رأسها :
" لا شيء ، لقد نبذني بخشونة".

ـ ماذا؟

ـ لورين ، حذار ..
هتفت ساسكيا محذرة عندما كادت لورين تصطدم بسيارة أخرى من تأثير ما سمعته ،
وكان لورين كانت تريد إثبات نظريتها بإن مارك غير مخلص .
فقالت :
" لا بد وإنك لم تبذلي جهدك في المحاولة".
ـ أؤكد لك إني بذلت قصارى جهدي".

ـ هل أتى على ذكر ميغن ؟
.. هل أخبرك إنه على علاقة بأخرى ؟
فهزت ساسكيا رأسها :
" لا! لكنني أؤكد لك إنه أوضح عدم اهتمامه بي . لقد نظر إلي .."

وسكتت وهي تبتلع ريقها ولا تريد التفكير في نوع نظرة حبيب ميغن إليها.
ولسبب غريب لم تشأ حتى إن تتذكر نظرة الاحتقار التي رأتها في عينيه فجعلتها ترتجف ألما وغضبا .

ـ أين ميغن ؟
ـ لقد استدعوها إلى المستشفى ، لتقوم بعمل إضافي.
لقد اتصلت بي لتخبرني ،
فقلت لها إننا سنذهب إلى بيتها مباشرة ونجتمع بها هناك.

ارتسمت على شفتي ساسكيا ابتسامة باهتة .
يفترض إن تشعر بشعور أفضل الآن ،
لكن ميغن وحدها ستكون حقا مسرورة عندما تعلم إن مارك حبيبها مخلص ولم يخنها .

حبيبها مارك .. حبيب ميغن.. وشعرت ساسكيا بمرارة في فمها وثقل في صدرها.

ما الذي حدث لها ؟
هل يعقل إنها تغار من ميغن ؟
لا .. هذا غير ممكن ..
لا يمكن حدوث هذا أبدا.

ـ هل أنت واثقة إنك بذلت كل جهدك؟
ـ لقد قلت كل ما علمتني أنت قوله ، وتصرفت كما أمليت علي .

ـ ولم يبدر عنه أي نوع من التجاوب ؟
وشعرت ساسكيا إن لورين لم تصدقها ، فقالت :
" آه ، لقد أبدى تجاوبا ، وإنما ليس من النوع .. "

وسكتت ثم عادت تقول بفتور :
" لم يهتم بي ، يا لورين ، لا بد وإنه يحب ميغن حقا ".

ـ نعم ، إذا كان قد فضلها عليك ، فإنه لا بد يحبها حقا .

عندما وصلتا إلى بيت ميغن ، رأت ساسكيا سيارتها مركونة أمام البيت ،
وشعرت بالآنقباض وهي تترجل من سيارة لورين و تسير في الممر .
ميغن ومارك .. حتى إنهما متشابهإن في الاسم ،
مما يوحي بحياة زوجية وعائلية مريحة ..
ومع ذلك إن كانت قد قابلت في حياتها رجلا لا يستحق إن يكون رب أسرة فهو مارك حبيب ميغن ،
إلا إنه محاط بجو من الرجولة وهالة من الطاقة والقدرة على تبديل حياة امرأة .

أجفلت ساسكيا .
ما الذي تفكر فيه ؟
مارك هو حبيب ميغن .. صديقتها المفضلة .. التي تدين لها بصحتها وصحة جدتها .

يبدو إن ميغن رأتهما ففتحت الباب ووجهها يتهلل سرورا ،
فبادرتها ساسكيا بصوت عميق :" الأمر على ما يرام يا ميغن فمارك لم .."
فقاطعتها ميغن :
" أعرف ، أعرف ، لقد جاء ليرإني في العمل ،
وقد شرح لي كل شيء .
آه كم كنت معتوهة ..
آه يا ساسكيا كم كنت متشوقة لزيارة الجزر الكاريبية ..
وهكذا حجز مارك لهذه العطلة الرائعة ..
المكان الذي سنذهب إليه خاص بأجازات الأزواج ،
وهذا كان سبب تلك الاتصالات .
إنا آسفة لإضاعة سهرتك سدى ،
حاولت الاتصال بك ولكنك كنت قد خرجت .
ظننت إنك جئت مبكرة وقد لاحظت غياب مارك في الحإنة..

وسكتت ميغن وهي ترى تغير ملامح ساسكيا و لورين معا فسألتهما مترددة ومتعجبة :
" ماذا حدث ؟"
وكانت لورين تسأل ساسكيا :
" لكنك قلت إنك تحدثت إليه ".

فأصرت ساسكيا قائلة :
" نعم ، كان هو بالضبط كما وصفته لنا، يا ميغن.."
وسكتت عندما هزت ميغن رأسها وقالت بحزم :
" لا ، إن مارك كان معي في العمل ، لقد وصل عند الثامنة والنصف .
شعر بمدى كدري وغضبي فقال إنه كان يريدها مفاجأة "

ثم قالت بشغف وفرح ، موجهة كلامها إلى لورين :
" وقبل إن تقولي كلمة ، سيدفع مارك كل النفقات من جيبه "

اتكأت ساسكيا على الجدار بضعف ،
وراحت تفكر :
إذا لم يكن الرجل الذي صادفته هناك هو مارك ،
فمن يكون إذا ؟
وازداد شحوب وجهها .
لقد تحدثت إذن إلى رجل لا تعرفه ..
وراحت تحاول إغراء رجل غريب كليا..
رجل هو ..
منتديات ليلاس
وابتلعت ريقها شاعرة بالغثيإن وهي تتذكر مظهرها حينذاك ،
وتصرفاتها والأشياء التي قالتها ،
ثم طمأنت نفسها وحمدت الله لإنه كان غريبا ..
فهي لن تضطر إلى رؤيته مجددا ،
ثم سمعت ميغن تقول بقلق:
"ساسكيا ،لا يبدو إنك بخير ، ماذا حدث؟"
ـ لا شيء .
لكن لورين تكهنت بما تفكر فيه ساسكيا فسألتها بحدة :
" حسنا ،
إذا لم يكن الرجل الذي تحدثت إليه هناك هو مارك ، فمن يكون؟"

ـ نعم ، من تراه يكون ؟

الفصل الثالث _ النار او الدمارذعرت ساسكيا عندما سمعت ساعة المدينة تدق الثامنة

صباحا ،لأنها قررت الذهاب الى العمل باكرا ولكن أحداث ليلة الامس كانت قد سرقت النوم من عينيها .

ان عملها يبدأعادة عند التاسعة صباحا . ولكن الأمور ليست على ما يرام في هذه الآونة الأخيرة ، خصوصا عندما تكون وظيفة المرء في خطر.

ولقد حذر رئيس القسم الذي تعمل فيه ساسكيا أن هناك اتجاها لصرف الموظفين وتخفيض الرواتب ، ونظرا

لكونها من الموظفين الجدد فان راتبها معرض للتخفيض ، وربما صرفت من العمل . مستحيل عليها حينئذ ايجاد

وظيفة اخرى في هيلفورد ، واذا عملت في لندن فان جدتها ستبقى وحدها . أسرعت ساسكيا داخل مكتب
العمل ، وسألت ايما :"أتراه وصل؟"
لم يكن بحاجة الى ذكر اسم من تعنيه ، وابتسمت لها ايما بشيء من الاستعلاء :" لقد وصل أمس في الواقع ،
وهو الآن يجري مقابلات مع الجميع ".
قالت ذلك بفخر ما لبث ان استحال الى اعجاب انثوي وهي تتنهد قائلة : " انتظري فقط الى ان تريه ، انه رائع .. رائع للغاية ".
وارتسمت على شفتي ساسكيا ابتسامة شاحبة .
ثم تابعت ايما كلامها قائلة :" لكنه مثالي ، انتبهي، ثم هو مرتبط عاطفيا وسيخطب قريبا . فقد تحدثت الى

موظفة الاستقبال في مكتبهم الرئيسي فأخبرتني ان جده يريد تزويجه بابنة عم ابيه فهي ثرية جدا و .. ".
فقاطعتها ساسكيا بحزم :" آسفة يا ايما ، ولكن يجب ان اذهب ".
فشائعات المكتب ، مثل سياسته ، لا تحب ساسكيا ان تتورط فيها ، اضف انه اذا بدأ رئيسهم الجديد باجراء

المقابلات ، فهي لا تريد ان تكتسب نقطة سوداء بسبب غيابها .
كان مكتبها في الطابق الثالث ، حيث تعمل مع خمسة موظفين آخرين ، وكان لرئيسهم مكتبه الزجاجي الخاص
لكنه حاليا خالي .

وعندما بدأت تتساءل عما تريد فعله ، انفتح الباب الخارجي ودخل رئيسها يتبعه بقية زملائها . فحياها قائلا:"


آه ، ساسكيا ، هاانت هنا اخيرا ".
ـ نعم ، أردت القدوم باكرا ..
فقاطعها غوردون جارمان رئيسها وهو يهز رأسه، قائلا بحدة :" لا مجال للشرح الآن ، الافضل ان تصعدي الى جناح المدير التنفيذي . سكرتيرة السيد لاتيمر في انتظارك ، يبدو انه يريد اجراء مقابلة مع كل شخص بمفرده ومع زملائه في القسم ، ولم يكن مسرورا تماما لغيابك ..
".
وقبل ان تنبس ساسكيا ببنت شفة ، استدار ودخل مكتبه
،تاركا اياها تتجه نحو المصعد . لم يكن من عادة غوردون ان يتكلم بهذه الحدة ، فشعرت ساسكيا بتوترها

يزداد وهي تفكر في الموقف الذي اتخذه اندريس لاتيم

ر بشأن الموظفين الجدد والذي جعل رئيسها الهادئ بطبعه يصبح بهذه الحدة .

كان جناح المدير التنفيذي منطقة غير مألوفة لساسكيا ، فالمناسبة الوحيدة التي

دخلته فيها هي عندما أجرت مقابلتها الأولى .


خرجت ساسكيا من المصعد بشيء من التردد ، ثم سارت نحو الباب الذي

يعلوه لوحة كتب عليها (المساعدة الشخصية للمدير التنفيذي ) "مادج فيلدينغ" . وعندما رأت ساسكيا المرأة الأنيقة ذات الشعر الأسود الجالسة خلف المكتب افترضت أن

المالك الجديد قد أحضر سكرتيرته معه .


أعطتها ساسكيا اسمها متوترة ، وأوضحت أنها تعمل تحت امرة غوردون جارمان
، لكن المساعدة الشخصية أزاحت هذا الايضاح جانبا وهي تنظر في قائمة امامها
، ثم قالت ببرودة دون ان ترفع رأسها عنها :" ساسكيا ؟ نعم . لقد تأخرت . السيد لاتيمر لا يحب .. أنا لست واثقة في الواقع
.." .
وسكتت ثم نظرت الى ساسكيا مقطبة الجبين ثم أضافت باستنكار :"قد لا يكون لديه الوقت لاجراء المقابلة معك الآن ".

ثم رفعت سماعة الهاتف وتحدثت بلهجة مختلفة تماما عن الصوت الذي كانت تحدث به ساسكيا .
ـ الآنسة رودجرز هنا الآن ، يا أندريس ، هل ما زلت تريد رؤيتها ؟ ثم قالت لساسكيا :" يمكنك الدخول ، الباب هناك .. "

أرغمت ساسكيا نفسها غلى الهدوء ،ثم توجهت نحو الباب ، ودقت بهدوء ثم أدارت المقبض .
عندما دخلت المكتب ، بهرت أشعة الشمس المتألقة عينيها ، فكل ما استطاعت

رؤيته هو ملامح ضبابية لشخص واقف أمام النافذة وظهره لها، ووهج الشمس يجعل من المتحيل الرؤية أكثر .


لكن أندريس استطاع رؤية ساسكيا ، ولم يدهشه أنها وصلت الى
العمل متأخرة عن زملائها ، فهو يعرف كيف أمضت سهرتها . أما ما أدهشه فعلا هو التقدير الصادق الذي قدمه رئيسها المباشر وزملاؤها معا

. فساسكيا هي اول من يقوم بالعمل الاضافي ، وأول من يمد يد العون لمن يحتاجها من زملائها .
ـ نعم ، يمكن ان يكون هذا غير عادي بالنسبة الى متخرجة جديدة .

هذا ما قاله غوردون عندما استفسر أندريس منه عن تقديره لساسكيا .

وأضاف :" لكنها ربيبة جدتها ، وربما كانت قيمها وعاداتها تشعرها بالواجب والاهتمام تجاه الآخرين ، وكما ترى من تقريري عنها ،عملها ممتاز وكذلك مؤهلاتها ".


وهي شابة جذابة الى حد مذهل وربما كانت تستغل "مزاياها" لصالحها .
بعد أن درس أندريس التقارير المتتابعة عن تفانيها و شعبيتها لدى الموظفين الآخرين

، أصبح مرغما على التسليم بأنه لو لم ير بنفسه تصرفات ساسكيا الليلة الماضية

لكان تقبل التقرير المتوهج بالحماسة ،مؤمنا بظواهر الأمور.

لقد تغيرت جذريا هذا الصباح ، فلقد عادت شابة رقيقة وموظفة أنيقة الملابس وشعرها مشدود الى الخلف بأناقة جذابة ، ووجهها خال من أي مساحيق التجميل ما عدا الخفيف منه

. وأخذ أندريس يقطب جبينه عندما شعر بجسده ، على غير عادة ، وبالحاح ، يذكره بسحر جسد ساسكيا ا

لذي اقترب منه كثيرا في الحانة ، أما هذا الجسد محتشم بطقم العمل الكحلي الذي ترتديه . أليس لديه ما يكفيه من المشاكل ؟ فقد تلقى الليلة الماضية ، بعد عودته من الحانة اتصال من أمه تخبره فيه أن جده أصبح أكثر تصميما على زواجه من أثينا ، وذلك بعد أن تأكد أن ليس لديه فتاة الآن في حياته.


فحدث أن دفعه كلامها ذاك الى القول :" وما الذي جعلك تظنين أن ليس لدي فتاة في حياتي ؟".
وساد صمت مفاجئ ، ثم عادت أمه الى ان تسأله بلهفة :" أتعني أن لديك امرأة في حياتك ؟ يا أندريس ! من هي ؟ ومتى سنتعرف عليها ؟". آه يا حبيبي ما أروع هذا ، "أوليمبيا" ! "

وسمعها تخبر أخته . حاول التخفيف من حماسة أمه وأخته ، فهو كان يتحدث بمعنى "اذا" .

ولكن أي منهما لم تكن مستعدة للاصغاء . وبعد اتصال أمه البارحة . اذا بجده يتصل به ومنذ الخامسة فجرا ليسأله متى سوف يقابل خطيبة حفيده . لقد وقع في مشكلة كبيرة

وخصوصا عندما قال جده ( ستحضرها معك الى الجزيرة طبعا ) وكلمات الجد هي أولمر .

ما الذي سوف يفعله الآن ؟ فأمامه ثمانية أيام فقط لايجاد (خطيبة) يتفق معها على ان يمثلا دور الخطيبين وعليها ان تكون ممثلة ماهرة لكي تخدع ليس جده فقط بل امه واخته أيضا .

استدار من مكانه أمام النافذة ليواجه ساسكيا ، فرأته عندها بوضوح .

ولم تجد فرصة تخفي فيها صدمتها ، أو شهقة الذعر التي أفلتت من بين شفتيها المصبوغتين بحشمة وقد شحب وجهها ثم عاد فتوهج بلون محرق .
ـ أنت !
قالت هذا بصوت مختنق وهي تتراجع نحو الباب بحركة غريزية ، وقد اكتسحت ذهنها ذكريات الليلة الماضية وتأكدت من خسرانها لوظيفتها.


انها ممثلة ممتازة بكل تأكيد . أقر أندريس بذلك وهو يرى ردة فعلها .. نظرة الفزع هذه التي أظلمت عينيها و الطريقة التي أخذت بها شفتها السفلى ترتجف رغم محاولاتها للسيطرة عليها .. آه ، نعم .. انها ممثلة درجة أولى .. ممثلة درجة أولى !
وفجأة ، لاح لأندريس شعاع من النور في نهاية النفق المظلم ، نفق مشكلته الحالية . آه ، نعم ، انه حقا شعاع من نور .


فبادرها أندريس بالقول :" هكذا اذن أنسة رودجرز " .
لقد بدأ اندريس يمزق ثقة ساسكيا بنفسها ، وهي الممزقة فعلا .

ـ لقد قرأت التقرير الذي كتبه عنك غوردون جارمان وعلي تهنئتك . يبدو أنك أقنعته بأنك في القمة من السمو ، وهذا انجاز باهر بالنسبة الى موظفة جديدة وصغيرة . خصوصا وهي تتبنى ذلك الموقف ،


هل نقول .. الموقف المطاط بالنسبة الى التقيد بالنظام الرسمي والمحافظة على أوقات الدوام .. فتترك العمل قبل زملائها في المساء ، وتصل في الصباح بعدهم ؟

ـ أترك العمل باكرا ؟

وحدقت ساسكيا اليه محاولة تمالك نفسها ، كيف علم بذلك ؟

وكأنه قرأ أفكارها ، فقال لها بنعوة كنت في الردهة حين غادرت مكتبك ، قبل الدوام بوقت غير قصير ".

الزهرة 26-06-08 06:02 PM

حلوووووووووووووووة بس وين التكملة؟؟؟؟؟؟؟؟

الزهرة 26-06-08 06:03 PM

:dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8:حلوووووووووووووووة بس وين التكملة؟؟؟؟؟؟؟؟

الزهرة 26-06-08 07:12 PM

حلوووووووووووووووة بس وين التكملة؟؟؟؟؟؟؟؟

sasa sasa 26-06-08 09:42 PM

حلوه كتير
فى انتظار البقيه
شكرا لمجهودك

..مــايــا.. 27-06-08 09:29 AM

تسلمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــون
وهذي التكملـــــــــــــة



فقالت متذمرة :" لكن ذلك كان ..
".
لكنه هز رأسه قائلا ببرودة :" لا أريد أعذار ، من فضلك . قد تنفع مع غوردون جارمان لكنها ، لسوء حظك لن تنفع معي . وبعد ، لقد رأيت كيف تتصرفين خارج العمل . الا اذا ..
".

وعبس وتصلبت شفتاه وهو يتفرس فيها باحتقار ، مضيفا :" الا اذا كان هذا هو السبب ، طبعا، الذي جعله يعطيك مثل هذا التقرير الممتاز غير العادي .."


هتفت ساسكيا على الفور ناكرة :" لا، لا! أنا لا أفعل.. ذلك أبدا .. كانت الليلة الماضية غلطة . أنا .. "
ـ نعم ، كانت غلطة ، بالنسبة اليك على الأقل .أنا أعلم ان راتبك قليل نسبيا



، لكن جدي سيكون تعيسا للغاية عندما يعلم ان احدى موظفاتنا تضطر الى زيادة دخلها بطريقة تنعكس سلبيا على سمعة شركتنا .
وتابع بلطف مصطنع وابتسامة خبيثة :" كم أنت محظوظة لأنك لم تكونين تمارسين .

. حرفتك في .. أحد فنادقنا و..".
فقاطعته ثائرة :" كيف تجرؤ؟".
وتوهج وجهها احمرارا والتهبت عيناها بالكبرياء الجريحة .
فسأله مستهزئا:" كيف أجرؤ أنا؟ المفروض أن أسألك أنا كيف تجرؤين؟"

قال لها ذلك بحدة ، وقد نظر اليها نظرة تنضح غضبا واحتقارا وعاد يقول متجهما :" عدا ما يتضمنه عملك ذاك من عدم فضيلة ، ألم يخطر ببالك قط الخطر الجسدي الذي يهددك من ورائه؟


ويهدد النساء أمثالك ..".
وسكت ، ثم غير لهجته لتصبح أكثر لينا:" فهمت من رأيسك أنك حريصة على البقاء موظفة عندنا ".
ـ نعم، نعم، هذا صحيح .


ثم قالت ساسكيا بلهفة ورجاء وقد تحول كبرياؤها الى ذعر وخوف :" اسمع أرجوك ، يمكنني شرح ما حصل الليلة الماضية . أنا أعرف كيف كان مظهري البارحة ، ولكنه لم يكن ..أنا لم أكن .."
فارتبكت وصمتت وهي ترى ملامح وجه أندريس



تدل أنه غير مستعد للاستماع لها ، عدا أنه لن يصدقها . وهي لا تلومه كما انها لا تستطيع اقناعه بعفتها الا اذا جرت لورين وميغان الى مكتبه لتشهدا معها ،

وكرامتها تأبى عليها مثل هذا العمل ، هذا الى ان ميغان غير قادرة على التفكير بأي شيء سوى بمارك والرحلة الى الجزر الكاريبية

. أما لورين فتستطيع ساسكيا تخمين مقدار المتعة التي ستشعر بها ازاء الوضع الذي وضعت ساسكيا به نفسها الآن . وعندما سكتت ، قال لها بلطف :" هذا أفضل . فأنا أحتقر المرأة الكاذبة حتى أكثر مما أحتقر تلك التي .."


وجاء دوره ليسكت ، لكنها فهمت ما يعنيه . وازداد احمرار وجهها مما جعلها ترتبك أكثر وتشعر بالقلق حين قال :" لدي أمر أريد عرضه عليك"
وصدر عنها صوت مختنق يسأل بحذر :"وأي نوع من العروض؟".


جمع أصابعه باشارة مهدئة وهو ينظر اليها كما ينظر الوحش الى فريسته الذي يتلهى بتعذيبها . وقال لها بلطف:" آه ، ليس من النوع الذي ربما أنت معتادة عليه .. قرأت أن بعض العاملات الشابات طردن من الخدمة بسبب قيامهن بدور بنات الهوى ..".


فقالت محتجة :" لم أكن أقوم بعمل كهذا".
لكنه أسكتها قائلا بحدة :" هل نسيت انني كنت موجودا؟ لو علم جدي بسلوكك ذاك ، لطلب مني طردك على الفور".


قد يكون جده تخلى عن معظم سلطته لأندريس ، لكن أندريس رأى من ملامح ساسكيا أنها ما زالت تصدقه وهي تقول مبتلعة كبرياءها:" أنت لست مضطرا لأن تخبره .. أرجوك..

":
ـ نعم ، لست مضطرا لذلك ، ولكن ما أفعله يتوقف على استجابتك لما أعرضه عليك .
ـ هذا ابتزاز.
فأجاب بنعومة مصطنعة:" هذه مهنة قديمة بقدم المهنة التي كنت تزاولينها الليلة الماضية "

.
بدا الذعر يتملك ساسكيا مما جعلها تندفع قائلة بعداء :"يدهشني أن يلجأ رجل مثلك الى ابتزاز امرأة مثلي لكي يشبع رغباته ، وليس هناك ما يجعلني..".
فقاطعها وهو يلقي برأسه الى الخلف مقهقها:" أشبع رغباتي؟".

فذهلت ساسكيا ولاذت بالصمت ، ثم كرر هادئا:"أشبع رغباتي .. ومن يشبعها ، أنت؟ لا ليس هذا ما أريده منك".

فسألته وهي ترتجف:" ماذا تريد مني اذن؟".


ـ ما أريده منك هو وقتك وموافقتك على تمثيل دور خطيبتي.


ـ ماذا؟


وحملقت فيه مندهشة:" انت مجنون".فقال بحزم :"لا ، لست مجنونا، لكنني مصمم على عدم الزواج من المرأة التي يريد جدي تزويجي اياها ، والطريقة الأفضل لتجنب ذلك هي اقناعه بأنني أحب امرأة أخرى ".
ـ أتريدني أن .. أتظاهر.. بأنني .. خطيبتك؟
ألقت عليه هذا السؤال بحذر ، وعندما رأت الثبات في عينيه ، قالت مستنكرة:" لا .. لا سبيل الى ذلك .. لا سبيل على الاطلاق".

فسألها بلطف بالغ :"لا؟ اذن ،لن يكون أمامي ، مع الأسف، سوى أمر واحد وهو أن ثمة احتمال كبيرجدا ، بصرفك من العمل مع من سنصرفهم ، أرجو أن تكوني قد فهمت ما أعنيه".
فصاحت :" لا! لا يمكنك القيام بذلك ..".
ثم سكتت وهي ترى السخرية في عينيه .

وسألها:" حسنا؟ لم تعطني جوابك . هل توافقين على عرضي هذا، أم ..؟".
بدت السخرية في صوته واضحة جلية .

ابتلعت ساسكيا مرارة الهزيمة ، وحاولت أن ترفع رأسها وهي تقول له بتعاسة:"أنا موافقة".
هذا ممتاز . وحفظا للشكليات ، أقترح اختراع قصة
عن لقاء سري سابق حدث مصادفة بيننا ..

ربما عندما زرت "هلفورد" قبل استلامنا الممتلكات الجديدة ، ولأجل مفوضات الاستلام فقد أبقينا أمر علاقتنا .. حبنا سرا، ولكن الآن .. لم يعد من حاجة للسرية ، واثباتا لذلك

، وللاحتفال بحريتنا اليوم ، سأدعوك الى الغداء.
وقطب جبينه لحظة ثم تابع:" سنسافر الى جزيرة "ايجين" في نهاية الأسبوع القادم ، وهناك أشياء علينا معرفتها عن بعضنا البعض!".

فشهقت :" نسافر الى أين؟ لا .. لا يمكنني ذلك . جدتي..".
كان أندريس قد سمع من غوردون أنها تعيش مع جدتها ،فرفع حاجبا متسائلا بنعومة :"انت مخطوبة لي الآن ، يا حبيبتي، وحتما أنا الآن أهم لديك من جدتك

، ولكنني واثق من أنها ستوافق غلى سبب ابقاء حبنا سرا . اذا شئت ، أنا مستعد تماما لمرافقتك عندما تشرحين لها .. كل شيء..".
أجابت بذعر وبحزم :" لا حاجة لذلك على كل حال ،

فجدتي حاليا في "باث" ، مع أختها ، وستبقى هناك للاسابيع المقبلة . لا تستطيع فعلهذا . ثم ان جدك لا بد وان يتكهن بأننا .. لسنا .. و .. ".
ـ ولكن علينا الا نجعله يتكهن بأي من هذه الأشياء

، فأنت ممثلة ممتازة كما رأيت بنفسي . وأنا واثق أنه بامكانك اقناعه بأننا خطيبان

وأننا نحب بعضنا بعضا زز واذا انت شعرت بحاجة الى بعض العون ليقتنع ...
وصمت بعد ان التهبت عيناه ، فتراجعت ساسكيا على الفور خطوة الى الخلف

، وقد احمر وجهها ارتباكا وهي ترى الطريقة التي كان ينظر بها اليها
. ثم قال برقة :" هذا حسن جدا ، ولكن ربما ليس من الحكمة المبالغة في الخجل العذري ،فجدي ليس أحمقا،
وأشك في أنه يتوقع من رجل في مثل سني الوقوع في الغرام بعنف مع امرأة لا تماثله خبرة

. فأنا ، نصف يوناني , والعواطف الخام هي ميزة هامة في شخصية الرجل اليوناني ونفسيته".
أرادت ساسكيا أن تستدير هاربة .لقد ساء الوضع في دقيقة، وتساءلت، عما سيفعله ان علم أنها ليست "خبيرة" مثله وأن خبرتها لم تتعد عدة قبلات طاهرة ومعانقات مرتبكة


. مان عليها شكر والديها على هذا لاحتراسها في مراهقتها لان سلوكهما الطائش جعلها تخاف من ان تكرر حماقتهما .
قال أندريس باقتضاب وهو ينظر الى ساعته :" الساعة العاشرة تقريبا ،



أرى ان تعودي الى مكتبك ، وعند الواحدة سأنزل اليك و آخذك الى الغداء. كلما أسرعنا في اشاعة أمر علاقتنا كان ذلك أفضل ".
كان يتحدث ويتقدم نحوها ، وتملك الذعر ساسكيا على الفور

، وشهقت بصوت عال عندما انفتح الباب ودخلت مساعدته الشخصية في اللحظ نفسها التي كان أندريس فيها يمسك بمعصمها الهش بأصابعه القوية.



ـ آه ، يا أندريس .
هتفت بذلك مساعدته وهي تنظر باضطراب الى الطريقة التي كان رئيسها يجذب بها ساسكيا ويقربها اليه .
ـأنا آسفة لمقاطعتي ، ولكن جدك اتصل مرتين.

فأجاب بنعومة :" سأتصل بجدي لاحقا ، كما أنني لا أريد مقاطعة ولا مواعيد بين الساعة الواحدة والثانية والنصف اليوم ، فأنا سآخذ خطيبتي الى الغداء".
قال هذا والتفت الى ساسكيا يرمقها بنظرة تذوب رقة وعاطفة .


بدا فعلا كعاشق ولهان لا يكاد يملك السيطرة على رغبته بها لحظة واحدة ، حتى أوشكت هي نفسها تصدقه . ولم تستطع الا مبادلته النظر وكأنها تسمرت مغناطيسيا



. لو نظر اليها هكذا الليلة الماضية .. كفى.. حذرت نفسه
ا على الفور وقد هزتها هذه الفكرة .
ولكن اذا كان تصرفه قد صدم ساسكيا ، فقد صدم مساعدته أكثر.



أدركت ساسكيا لك عندما صدر عن المرأة صوت مختنق ثم هزت رأسها عندما سألها اندريس بلطف عما اذا كان قد حصل شيء .
ـ لا.. كنت فقط.. هكذا.. لا.. لا شيء على الاطلاق .
ـ هذا حسن . آه ، هناك شيء آخر . أريدك أن تحجزي مقعدا آخربجانبي في الطائرة المتوجهة الى أثينا الأسبوع القادم .. لأجل ساسكيا..
وأشاح بوجهه عن مساعدته وقال لساسكيا بصوت أجش :"كم أنا متشوق لأقدمك إلى أسرتي ، و خصوصاً إلى جدي و لكن أولاً .. "


و قبل أن تتكهن ساسكيا بما ينويه ، رفع يدها إلى فمه يقبل راحنها . و عندما شعرت بدفء أنفاسه على جلدها أخذت ترتجف ، وتتسارع أنفاسها . و شعرت بالدوار ، بينما تملكها مزيج من البهجة و الإثارة و الصدمة و إحساس بأنها بشكل ما ، قد خرجت من ذاتها و أصبحت شخصاً آخر



.. دخلت حياة أخرى .. حياة أكثر إثارة من حياتها بكثير .. حياة يمكن أن تؤدي بها إلى الخطر ..


و بينما كان الدوار يتملكها ، سمعت أندريس يقول بصوت أجش .. " أولاً ، يا حبيبتي ، يجب أن نبحث عن شيء جميل يزين إصبعك الخالي هذا . لن يقبل جدي أن يراك دون خاتم يفصح عن نيتي " .
سمعت ساسكيا بوضوح صوت شهقة المساعدة المصدومة . لقد إدعى أندريس أن ساسكيا ممثلة جيدة ، لكنه ، هو نفسه ، لم تكن تنقصثه الكفاءة في هذا الأمر

..مــايــا.. 27-06-08 09:32 AM

عندما إنسحبت المساعدة من المكتب بسرعة ، مغلقة الباب خلفها ، قالت ساسكيا بصوت مرتجف : " ألا تعلم أنه بحلول وقت الغداء، سيكون الخبر قد إنتشر في جميع أحاء المكتب ؟ "

فقال ناظراً إليها بشوق : " في جميع أنحاء المكتب ؟ آه يا عزيزتي ، سأكون مندهشاً للغاية و خائب للأمل أيضاً إذا لم يكن الخبر قد سافر إلى أبعد من ذلك بكثير " .


و عندما نظرت إليه مستفسرة ، قال شارحاً لها باختصار: " عندما يحين وقت الغداء ، أتوقع تماماًُ أن يكون الخبر قد وصل إلى أثينا على الأقل "
ـ إلى جدك .

فأجاب بهدوء: " و غيره أيضاً " دون أن يكشف لها عمن يكون ذلك الغير .


و فجأة ، تبادرإلى ذهنها كم هائل من الأسئلة التي أرادت توجيهها إليه .. عن أسرته بما فيها جده ، و الجزيرة التي ينوي أخذها إليها ، و عن المرأة التي يريدها جده أن يتزوجها


... كانت لديها فكرة مبهمه عن أن اليونانيين يهتمون جداً بحماية مصالح الأسرة ، و تبعاً لما تقوله إيما ، فإن إبنة أخ جده فاحشة الثراء كأندريس .


و بشكل ما ، دون أن تعرف تماما ً كيف حدث ذلك ، إكتشفت أن أندريس قد ترك يدها ، و أنها تخرج من الباب الذي فتحه لها ، لتعود إلى مكتبها

- أمستعدة أنت يا ساسكيا ؟


و شعرت ساسكي ابالإرتباك يكسو ملامحها عندما إقترب أندريس من مكتبها . كان زملائها غارقين في العمل تجنباً للنظر إليهما بشكل واضح ، لكن ساسكيا أدركت جيداًأنها محط إنتباه الجميع

، و كيف لا يكونان كذلك ؟
ثم توجه أندريس بالكلام لرئيسها :" غوردون آسف لأن ساسكيا ستتأخر في العودة من الغذاء ".


ثم سألها أندريس برقة ، بعد أن رأى علامات الدهشة و الذهول على وجه غوردون و بقية الموظفين :" ألم تطلعيهم على الخبر بعد ، يا حبيبتي ؟".

-أه .. لا .
و لم تستطع ساسكيا النظر إليه مباشرة .
و سمعت رئيسها يقول بدهشة و عدم تصديق : " ساسكيا .. لا أفهم .."

و اعترفت ساسكيا لنفسها بكأبة أنه لن يفهم و إن حاولت الشرح ، و بدا لها أنه ليس عدلاً أبداً خداع هذا الرجل الطيب ، و لكن أي خيار غير هذا أمامها ؟

و كان أندريس يقول :" لا تلم ساسكيا ،لأن المخطىء هو أنا مع الأسف . لقد ألححت عليها بأن تبقى علاقتنا سرية حتى يتم إعلان انتهاء إستلامنا الممتلكات الجديدو

. لم أشأ أن تتهم ساسكيا بأنها موزعة الولاء .. كما يجب إخبارك يا غوردون بأنها أصرت على رفض أي نوع من الحديث عن العمل الجديد ".


ثم قال لساسكيا : " و بمناسبة الحديث عن العمل ، أنا أيضاً لا أريد ذكر العمل حين نكون معاً ".
ورمقها بنظرة عاطفية جعلت وجهها يزداد توجها

و تسببت في أكثر من سهقة حسد من زميلاتها .
و عندما ابتعد عن مرمى السمع ، سألته بإستياء : " لماذا فعلت ذلك ؟ ".



- فعلت ماذا ؟
-أنت تعلم تماماً ما أعنيه ، لماذا لم يكن لقاؤنا في مكان آخر ؟
- و سراً ؟
بدا عليه السأم و نظر إليها مقطباً جبينه .كان أطول منها بكثير ، فآلمها عنقها لكثرة ما مدته لتنظر إليه . و تمنت له أنه لا يسير قريباً منها إلى هذا الحد ، لأن ذلك يشعرها بعدم الإرتيلاح و بشيء من التوتر . إلا أنه ، بشكل ما ، جعلها تشعر بأنوثتها بشكل لم تعرفه من قبل .


- ألم أخبرك من قبل أن كل قصدنا من هذا المشروع هو إظهار علاقتنا إلى العلن ؟
- ثم إبتسم متجهماً و مضيفاً :" لقد حجزت مائدة في تلك الحانة للغداء ، لقد أكلت هنالك الليلة الماضية و وجدت الطعام جيداً للغاية .. رغم أن ما حدث فيما بعد كان .. أقل جودة "

.
- و فجأة ، شعرت ساسميا أنها لم تعد تقوى على الإحتمال .
- اسمع ، ما زلت أحاول إخبارك أن الليلة الماضية كانت غلطة ، أنا ..
- أنا أوافقك تماماً على أنها غلطة .. غلطتك .. و على ذكر هذا الموضوع ،



دعيني أنبهك ، يا ساسكيا ، إذا أنت فعلت شيئاً كهذا أثناء مدة خطوبتنا .. ‘ذت أنت تظرت إلى رجل آخر ..
- و سكت و هو يراها تحملق فيه بذهول . ثم قال : " أنا نصف يوناني ، يا عزيزتي و بالنسبة إلى نسائي فأنا يوناني أكثر مني إنكليزياً .. أكثر بكثير .."



- أنا لست من نسائك .
و كان هذا فقط ما تمكنت من قوله ، فأجاب ساخراً :" طبعاً لا ، لأنك لكل رجل يدفع الثمن ، ألست كذلك في الحقيقة ؟ و لكن .. "
و سكت مرة أخرى عندما صوتها باحتجاج حاد و قد شحب وجهها ثم عاد فتوهج احمرارتً بعد فقدانها السيطرة على مشاعرها .


- ليس لديك الحق في قول مثل هذا الكلام لي .
- بل لدي كل الحق لكوني خطيبك .

قال هذا معنفاً و قبل أن تسكته مد يده ليمسح بإصبعه دموع الغضب و الإذلال عن أهدابها السفلى ، و هو يقول ساخراً :" دموع ؟ أنت يا عزيزتي أمهر في التمثيل مما كنت أظن ! "



كانا قد وصلا إلى الحانة فاضطرت ساسكيا إلى السيطرة على أعصابها عندما فتح الباب و ترافقا إلى الداخل .


قالت ساسكيا بعد أن جلسا إلى طاولة المائدة :" لا أريد أن آكل شيئاً ، أنا لست جائعة "
.
فأجابها بإقتضاب :" مستاءة؟ لا يمكنني إرغامك على الأكل ، لكنني لن أحرم نفسي من هذا الطعام الطيب ".


و عندما تناول قائمة الطعام ، أضاف ببرود :" هنالك أشياء علينا التحدث عنها ، أنا أعرف أكثر أحوالك

الشخصية من ملفك و لكن إذا كان علينا إقناع أسرتي ، و خصوصاً جدي بأننا عاشقان فهنالك أشياء أخرى علي معرفتها عنك .ز أشياء عليك معرفتها عني "

عاشقان .. و استطاعت ساسكيا بجهد إمساك نفسها عن الإرتجاف بشكل واضح ، فإذا كان عليها الإستجابة لإبتزازه ، عليها إذاً تعلم القيام باللعبة حسب شروطه و إلا فسيدمرها كلياً . و ابتسمت له بكآبة :" عاشقان .. ظننت أن الأسر اليونانية لا توافق على ذلك قبل الزواج

"
فأجاب متهكماً " ليس إلى بناتها ، و لكن بما أنك لست يونانية ، و بما أنني نصف إنكليزي ، فأنا واثق بأن جدي سيكون أكثر .. تسامحاً "


- و لكن ألا يكون متسامحاً إذا أنت تزوجت إبنة أخيه ؟
- قالت ذلك و هي لا تدري لماذا يثير فيها ذكر تلك المرأة مثل هذا الإحساس بالألم و العداء .
- أثينا ، إبنة أخبه ، أرملة و من الطبيعي أن جدي ..
و سكت ثم قال بجفاء " إن أثينا نفسها لن تقبل تدخل جدي في ناحية من نواحي حياتها إنها إمرأة بغاية القوة "


- هل قلت أنها أرملة ؟
و كانت ، لأمر ما تظنها شابة . لم يخطر ببالها قط أنها تزوجت سابقاً – نعم ، أرملة و أم لابنتين مراهقتين .
- مراهقتان !
تزوجت في الثانية و العرشرين ، وهذا منذ عشرين سنةً تقربياً


اتسعت عينا ساسكيا و هي تحسب في عقلها ، من الوتضح أن أثينا أكبر سناً من أندريس ، و لا شك أنها امرأة ضعيفة وحيدة مرغمة على الزواج مرة أخرى بينما هي ربما لا تريد ذلك .
أخذت ساسكيا تفكر في ذلك و هي شاعرة بالشفقة على أثينا .


- على كل حال ، ليس عليك الاهتمام بمسألة أثينا ، فربما لن تقابليها أبداً فهي تمضي حياتها في التجول بين أثينا و نيويورك و باريس ، و تمضي معظم وقتها مسافرة ، كما أنها تدير شركة شحن ورثتها عن أهلها .



- شركة شحن ، و سلسة فنادق . لا عجب في تلهف جد أندريس ليزوجها به ، و حيرها أن أندريس ليس مثل جده حريصاً على هذا الزواج ، خصوصاً بعد الصفقة التي عقدها للإستيلاء على سلسلة الفنادق .




و كأنه تكهن بما تفكر به ، فمال إلى الأمام و قال لها بجراءة :" أنا لا أبيع نفسي مثلك "
- أنا لم أكن أبيع نفسي
أنكرت ذلك بحدة ، ثم قطبت جبينها عندما جاء النادل حاملاً طبقي طعام تفوح منهما رائحة لذيذة .
فقالت عندما وضعهما أمامهما و أمام أندريس : " أنا لم أطلب طعاماً "


أجابها أندريس :" لا لكنني طلبته لك لا يعجبني أن أرى إحدى نسائي جلداً على عظم كالأرانب الجائعة . قد يكون مسموحاً للرجل اليوناني ضرب امرأته ، لكنه لايمكنه تخطي ذلك إلى درجة تجويعها ".
فقالت ساسكيا بنبرة تمرد " ضرب.. "


لكنها سكتت عندما رأت لمعان عينيه فأدركت أنه كان يغيظها .


- أنت يا ساسكيا ، من النساء التي يجعلن القديس ، و ليس الرجل العادي ، يحاول إخضاعهن و السيطرة عليهن ، لكنه بعد ذلك يتمنى لو أنه يمتلك القوة ليسيطرة على نفسه


.
ارتجفت ساسكيا فقد صدمت بقوله هذا . ما الذي يجعلها تحس به إلى هذا الحد ؟ و يبعث فيها مثل هذا التوتر ؟
أخذت تأكل لكي تلهي نفسها فقط و ليس لشئء آخر ، غير واعية لنظرة الإستمتاع الممزوجة بالحسرة التي رمقها بها و هي تأكل . لو لم يكن يعرفها جيداً لقال أنها غير خبيرة بالرجال الفتاه العذراء ، ذلك أن أي


حديث عن الحب يجعلها ترتجف فلا تستطيع مواجهة نظراته ، و من حسن الحظ أنه لا يعلم أن كل هذا هو مجرد تمثيل ، و إلا .. و إلا ماذا ؟ و إلا لاندفع ليرى ما إذا كانت ترتجف بهذا الشكل عندما يلمسها كما ترتجف عندما يتحدث إليها .



و لكي يتغلب على مشاعره ، أخذ يتحدث إلها بلهجة عملية : " هنالك أشياء عليك معرفتها من خلفية أسرتي لكي تقنعي جدي بأننا نحب بعضنا "


و راح يتحدث عن أسرته ، مع بعض التعليقات الحذرة عن صحة جده ، مضيفاً : " هذا لا يعتني أن صحته ضعيفه ، و لكن بما ان الأطباء نصحوه بعدم العمل كثيراً ، فقد بات أكثر عناداً و تصميماً على التدخل في حياتي فهو يقول لأمي بأنه خائف من أن يموت قبل رؤيةلأحفاده ، أي أولادي ، وإذا لم يكن هذا ابتزازاً ، لا أدري ماذا يكون "


قال ذلك بلهجة مطاطة ، فعلقت بعذوبة ساخرة : " يبدو أن الإبتزاز عيب متأصل في أسرتكم "
فرمقها بنظرة لم تأبه لها ، ثم أضاف : " و لا شك أن إقامتنا في الجزيرة ستكشف عن عيوب معينة في شخصيتنا لن نتمكن من التغاضي عنها و عندما نعود إلى انكلترا ستفسخ الخطوبة . و لكنني على الأقل ،



أكون كسبت بعضا من الوقت .. أرجو أن تكون أثينا ، حينذاك قد قررت قبول أحد المتقدمين للزواج بها الذين يتحدث عنهم جدي "
- و إذا هي لم تقبل ؟
- إذا لم تقبل ، ، علي إذاً تأجيل فسخ خطوبتنا حتى أجد طريقة أقنع بها جدي بأن إحدى شقيقاتي يمكننها إنجاب أحفاد له .
فسألته و هي مجفلة :" الا تريد أن تالزواج أبداً ؟ "


فأجاب :" حسنا ً ، فلنقل هذا ما دمت بلغت الخامسة و الثلاثين و لم أتعرف إلى المرأة التي تكون عله وودي و أنا أشك في حصول ذلك لي الآن . الحب هو من أوهام الفتيان و مبالغاتهم . أما بالنسبة لمن تجاوز الثلاثين فهو حماقة لا فائدة منها ".



و لم تستطع ساسكيا منع نفسها من إخباره :" أبي أحب أمي عندما كان في السابعة عشرة و هربا معاً "
و إغرورقت عيناها ثم قالت :" و كانت تلك غلطة .


فقد تلاشى حبهما لبعضهما البعض قبل ولادتي . فلو كان أبي أكبر سناً لشعر ، على الأقل ، ببعض المسؤولية تجاه الطفل الذي أنجبه


، لكنه كان هو نفسه ما يزال ولداً "
فسألها أندريس مقطب الجبين : " و هل تخلى عنك ؟"


- كلاهما تخلى عني ، فلولا جدتي لانتهى بي الأمر في أحد دور الأيتام .
و هنا أخذ أندريس يتظر إليها بإتزان ، أترى هذا هو السبب في تسكعها


في الحانات بحثاً عن الرجال ؟أتراها تبحث عن الحب الذي لم تجده عند أبيها ؟و ضايقة أن يرغب في البحث عن مبرر لها ليبرئها من تصرفها الذي رآه الليلة الماضية . لماذا يحاول إيجاد الأعذار لها ؟


من المؤكد أن دموعها التي ذرفتها منذ فترة لم تؤثر به
و فجأة قال بجفاء " حسناً لقد حان وقت ذهابنا

..مــايــا.. 27-06-08 09:35 AM

الفصل الرابع:

إياك أن تعترضي!




لو إن أحدً أخبر ساسكيا منذ أسبوعين إنها ستترك كل ما ألفته لتسافر إلى جزيرة يونانية تجهلها بصحبة شخص لا تعرفه يفترض إنه خطيبها ،
لو حدث ذلك لهزت ساسكيا رأسها مستنكرة و ساخرة .

و هذا ظهر فقط ما يمكن إن يفعله مزيج من غطرسة الرجل و سيطرته و عزيمته و ثقته بنفسه ،
ثم راحت ساسكيا تفكر بقلق غامض .

ففي أقل من ربع ساعة ، سيأتي أندريس في سيارته المرسيدس ليأخذها إلى أول محطة في رحلتهما إلى "أفرديت "
الجزيرة التي كان جد أندريس قد إشتراها لزوجته و أطلق عليها اسم إلهه الحب .

كان زواج جديه نتيجة حب و لكن بموافقة الأسرتين .
هذا ما قاله أندريس لها أثناء حديثه عن أسرته ، زواج حب ..
بعكس خطبتهما الزائفة ، فبمجرد كونها طرفاً في تلك الخدعة أشعرها بعدم الإرتياح ،
ولكن ليس بمثل ذلك الذي تملكها و هي تتصل بجدتها لتكذب عليها قائلة إنها مسافرة في رحلة عمل .

حاول أندريس إقناعها بأن تخبر جدتها بخطبتهما ،
لكنها رفضت ، قائلة بقنوط :
" ربما يسعدك إن تكذب على أسرتك بشأن ( علاقتنا) المزعومة ،
لكنني لا أستطيع الكذب على جدتي بشأن أمر كهذا .."
و لم تستطع متابعة الكلام .. فلم تشأ الإعتراف لأندريس إن جدتها لن تصدق على كل حال ، بأنها عهدت بنفسها و مستقبلها إلى رجل دون حب.

عندما هدأت الضجة التي أثارها خبر خطبة ساسكيا و أندريس ، في العمل ،
أخذ زملائها يعاملونها باحتراس و تحفظ ،
فهي الآن خطيبة الرئيس و بهذا لم تعد واحداً منهم .

و هكذا أمضت ساسكيا الأسبوع شاعرة بالوحدة و الخوف ،
لكن كرامتها منعتها من قول أي شيء لأي أحد ..
و افترضت إن هذا من تأثير طفولتها عندما عرف الجميع قصة والديها و كيف عهدوا بها إلى جدتها لتربيتها ،
و كل هذا جعلها تشعر بالإختلاف عن زميلاتها اللواتي لديهن جميعاً آباء و أمهات يرعونهم .

و هذا يعني إنه ما كان بإمكان أحد إن يحبها أكثر مما أحبتها جدتها ،
و هذا أول ما تعترف به ساسكيا الآن .

فقد كان منزل جدتها الذي نشأت فيه يحتوي على المحبة و الإستقرار اللذين يحويهما بيت آخر إن لم يكن أكثر .
و عادت من تفكيرها و نظرت إلى ساعتها ،
بقي أقل من خمسة دقائق لذهابها ،
و أخذ قلبها يخفق بقوة .
كانت حقيبة ملابسها جاهزة تنتظر في الردهة .
لقد صعب عليها اختيار الملابس ، إلى إن قررت أخذ خليط من ملابسها الصيفية التي اشترتها منذ ثلاثة سنوات عندما ذهبت مع ميغن في إجازة إلى البرتغال ،
بالإضافة إلى الملابس الخفيفة التي ترتديها في العمل .

لم تر أندريس منذ أخذها إلى الغداء .. فهو منشغل بوضع مناهج جديدة للعمل ،
حيث كان يواجه ،إذا صدقت الشائعات ،
مشاكل وضع الفندق المتدهورة الذي كان سائداً قبل استلامه الإدارة و الملكية .

- لقد زار كل فندق من فنادقنا . و راجع كل الطرق التي كانت تدار بها ..
خمنوا ماذا ؟
سمعت ساسكيا هذا الكلام عن أندريس و هي تقف مع مجموعة الموظفين الذين يستمعون بلهفة إلى نظام المدير الجديد ، فابتلعت ريقها بضيق ، متوقعة سماع إن أندريس قد وضع برنامجاً لطرد مجموعة كبيرة من الموظفين و ذلك لإيقاف طوفان النفقات غير الضرورية ,
ولكنها ذهلت وهي تسمع , بدلا" من ذلك :" لقد أخبر كل شخص إن وظيفته آمنه بشرط إن يرضى بالمشاريع التي سيضعها .
إنه مدير رائع ,ففي كل قسم تواجد فيه ، كان يتحدث بحيوية و نشاط ،
و يخبرهم بمدى تقديره لإنجازات هذا القسم ، و كيف إنه هو شخصياً سيتحمل المسؤولية في مجلس الإدارة إن لم يستطع تحويلها إلى مشاريع مربحة " .

كانت الأخبار عن أندريس تفيد إن لديه أسلوباً لا يجعل موظفيه الجدد يقسمون يمين الولاء و حسب ،
و إنما يرفعونه إلى السماء تبجيلاً و تعظيماً .

حسناً ، ربما لم يروا الناحية الأخرى من المزايا التي رأتها هي في أندريس .
هذا كل ما استطاعت ساسكيا التفكير فيه و هي تصغي بشيء من المرارة إلى إطراء الجميع له .

أشارت الساعة إلى العاشرة و النصف الآن ، و هو لم يأت ..
و أجفلت و هي ترى فجأة السيارة المرسيدس الفخمة تتجه نحو بيت جدتها ، في الوقت المحدد بالضبط !
و لكن طبعاً ما كان أندريس ليضيع ثانية واحدة من وقته الثمين إلا مضطراً ،
خصوصاً معها .
ريثما وصل إلى الباب الخارجي ، كانت هي قد فتحت الباب و وقفت تنتظره ،
حقيبة ملابسها بيد و مفاتيحها باليد الأخرى .

بادرها على الفور متسائلاً :" ما هذا ؟ " .
و رأت عبوسه و هو ينظر إلى حقيبة الملابس الرخيصة ،
و ثارت كرامتها على الفور فأجابته بحدة : إنها حقيبة ملابسي "

- ناوليني إياها .
- يمكنني حملها بنفسي .
فقال متجهما ً: " إنا واثق من ذلك ، و لكن .. "

فقالت متحديه :" و لكن ماذا ؟
الرجال اليونانيون لا يسمحون لنسائهم بحمل أمتعتهن و لا الإستقلال عنهم بأي شكل " .

رأت من توتر شفتيه إنه لم يعجب بما قالت ،
و لأمر غريب ، شعرت برغبة في تحديه بالرغم من قلقها من العاصفة التي رأت دلائلها تتوهج في عينيه .

فأجاب :" أرى في هذه الحالة ، إنه ربما عليك لوم أبي الإنجليزي و ليس والدتي اليونانية ،
فمدرستي الإنجليزية التي أصر والدي على إرسالي إليها ، كانت تؤمن بما يعتبر الآن الطراز القديم للسلوك الجيد لتلاميذها "

=====================



ثم ألقى عليها نظرة غير ودية و أضاف
"كلمة واحدة أحذرك بها ، إن جدي يميل إلى الطراز القديم في مثل هذه الأمور .
و هو لن يفهم إصرارك العصري على ما تعتبرينه سلوكاً صحيحاً ، و أثناء وجودك في الجزيرة .."

فأكملت عنه بمرارة :" علي إن أفعل ما تأمرني أنت به "

فلم يرد أندريس بأي كلمة
إذا كانت هذه عينه مما ستكون عليه الأسابيع القليلة القادمة ،
فهي لا تعرف كيف ستعيشها ،
و مع ،ذلك سيكون هنالك فائدة واحده على الأقل لعدائها الواضح لبعضهما البعض ،
وهي إن لا أحد من اللذين سيراهما معاً سيدهش عندما يقرران فسخ ( الخطوبة )

و بعد إن ركبا السيارة ، قال أندريس :
" ستقلع طائرتنا عند الساعة التاسعة من صباح الغد ، لذا عليك مغادرة الشقة باكراً "

فسألته على الفور بلهجة حذرة :" الشقة ؟ "

- نعم ، لدي شقة في لندن ، سنبيت فيها الليلة ، و عصر هذا اليوم سنقوم بالتسوق .
- التسوق..؟

- نعم ، التسوق ، أنت بحاجة إلى خاتم الخطبة ، و ..
و سكت وهو يلقي عليها نظرة شاملة ، وفاحصة و غير راضية مما جعلها توشك إن تطلب منه إيقاف السيارة حالاً .
آه ، ما أجمل إن تخبره بأنها غيرت رأيها ،
و إن لا شيء يجبرها على الخضوع لإبتزازه لها لكنها تعلم إنها لن تستطيع ذلك .
منتديات ليلاس
- أنت بحاجة إلى ملابس أفضل .
إذا كنت تقصد ملابس الإجازات ، فهي في حقيبتي ، و ..

فأسكتها متجهماً :" لا ـ إنا لا أعني ملابس الإجازات .
إنا رجل شديد الثراء يا ساسكيا ، لست بحاجة إلى إخبارك بذلك .
و جدي هو بليونير ، وأمي وشقيقاتي اعتدن شراء ملابسهن من أرقى دور الأزياء في العالم ،
رغم إنهن لا يعتبرن من المتأنقات فوق العادة أو المدمنات على التسوق .
و طبيعي ، بصفتك خطيبتي .."

أخذت ساسكيا نفساً عميقاً غاضباً ثم قاطعته بلهجة خطيرة :
" إذا كنت تظنني سأسمح لك بشراء ملابسي .."

- و لم لا؟ ألم تكوني مستعدة للسماح لي بشراء جسدك ؟
إنا أو أي رجل مستعد لدفع الثمن ؟

فصاحت مستنكرة و قد شهقت مذهولة من وقاحته :
" لا ، هذا غير صحيح ".

فأجاب ساخراً : حسنا ً جداً .
و لكن وفري هذه الانطباعات الخاصة لأسرتي ..
لا تنسي إنني أعلم بالضبط من تكونين ،
و فكري في الملابس التي سأشتريها لك على إنها علاوة معاش "

ثم منحها ابتسامة باهته غير رقيقة ، و قال :
" على كل حال ، علي إن أضيف إنني أريد مراجعة كل ما ترتدين شرائه ،
فالصورة التي أريد تقديمك بها إلى أسرتي بصفتك خطيبتي ، هي الأناقة و حسن الذوق ."

- ماذا تريد إن تقول ؟
إنك إذا تركتني و شأني قد أختار ملابس تناسب أكثر اللاتي ..؟

قالت ذلك بغضب لكنها سكتت ، عاجزة عن تلفظ تلك الكلمات التي تحترق في أفكارها .

و تملكها الذهول و الإرتباك عندما أجاب ببرود
" يبدو إنك غير معتادة على شراء الملابس الغالية الثمن و إنا لا أريد إطلاق العنان لك في توفير أحمق لا ضرورة منه مما يبطل الغرض من العملية كلها و بصراحة ، و خوفاً من سوء فهمك لكلامي ،
فإنا لا أريدك إن تشتري ملابس تناسب شابة ذات راتب متواضع أكثر مما تناسب خطيبة رجل ثري " .

و للمرة الأولى ، لم تستطع ساسكيا التفكير في الرد عليه .
لكنها في داخلها كانت تغلي غضباً و خزياً ،
فهي لا تستطيع منع أندريس من المضي في خطته ،
إلا إنها صممت على الإحتفاظ في ذاكرتها بكل ما ينفقه عليها حتى تتمكن في النهاية من إعادة المال إليه حتى و لو إضطرت إلى خسارة كل المبلغ الصغير الذي و فرته بعناية حتى الآن .
و عندما لم يتلق جواباً منها قال :

" لا مزيد من الإعتراض ؟
فإنا مصمم ، يا ساسكيا على بلوغ ما أريد حتى لو إقتضى الأمر إن ألبسك الأثواب و أخلعها عنك بنفسي ،
ثم إياك و الخطأ ، فعندما نصل جزيرة "أفرديت" ستصلين بصفتك خطيبتي "

عندما وصلا إلى الطريق العام ،
قررت ساسكيا إنه من الحماقة المناقشة مع أندريس في طريق السيارات المزدحم هذا ،
ومضت نصف ساعة قبل إن تدرك إن مناقشة شراء الملابس إنستها مناقشة فكرة أهم تبعث الضيق في نفسها و هي فكرة قضائها الليلة في شقته .

و لكن ما الذي تخافه في الحقيقة ؟
من المؤكد إنه لن يحاول التحرش بها ، فقد سبق و أفصح عن رأيه السلبي بها من هذه الناحية .

و كرامتها أكبر من أن تعترف له بمخاوفها و توجسها من فكرة مشاركته شقته .
سيكون الأمر مختلفاً في الجزيرة .
هنالك سيكونان مع أسرته و الموظفين الذين يديرون الفيلا الواسعة التي بناها أبوه .

لا من الحكمة عدم التفوه بأي كلمة ، و هذا أفضل من التعرض لسخريته و ازدرائه و عدم تصديقها إن هي أفصحت عن قلقها .

*******

كانت أثينا تنتظر سائق سيارة الليموزين المستأجرة ، لكي يضع أمتعتها في الصندوق و هي تضرب بقدمها على الأرض بفارغ الصبر .

ففي اللحظة التي سمعت فيها بخبر خطبة أندريس و إنه سيحضر خطيبته معه إلى جزيرة "أفرديت" لتقديمها إلى أسرته ، باشرت العمل ،
من حسن الحظ إن الخطبة ليست زواجاً ،
و هي ستسعى جهدها حتى لا تنتهي هذه الخطبة بالزواج .

كانت تعلم لماذا فعل أندريس هذا فهو يوناني حتى العظم ..
رغم إصراره على الإعلان عن دمه الإنكليزي ..
و هو ، كأي رجل يوناني ، أو أي رجل في الحقيقة ، لديه إستعداد غريزي للسيطرة ،

و إن إدعائه بحب تلك المرأة الأخرى هو ، ببساطة ،
هو ، ببساطة طريقته في إظهار تلك السيطرة ، رافضاً الزواج من أثينا ،
هذا الزواج العزيز على جده و عليها .
عندما إنطلقت بها الليموزين ـ مالت إلى الأمام و أعطت السائق عنوان الشقة الفخمة في البناية المطلة على النهر .
لم يكن لديها منزل في لندن ، فهي تفضل حياة نيويورك الإجتماعية و متاجر باريس الأنيقة .

قد يظن أندريس إنه هزمها بمناوراته في إعلان خطوبته على تلك الفتاه الإنكليزية الباردة ، دون شك .
لكنها ستنهي ذلك حالاً ، و تجعله يتأكد من إن مصلحته الحقيقية معها ،
و بعد ، كيف يمكنه مقاومتها ؟
فهي تمتلك كل ما يريده ، كما إنه يملك كل ما تريده .

من المؤسف إنه استطاع منعها من المزايدة ضده عند شراء هذه الممتلكات الجديدة .
لم تكن حيازة الفنادق نفسها تهمها بشيء ،
و لكن ذلك كان ليكون إغراءً ممتاز تدليه أمامه كطعم ،
فهي لم تستطع فهم إهتمام أندريس البالغ بالممتلكات الجديدة ؟
و لكن في شخصية أندريس أشياء كثيرة لا تفهمها ،
و كان هذا من الأمور التي جذبتها إليه ، فأثينا تتشوق دائما إلى ما ليس في يدها .

عندما كان أندريس في الخامسة عشرة ، كان طويل القامة ، عريض المنكبين ،
و من الوسامة بحيث لا يمكن وصفه .
كان يكفي حينها إن تراه أثينا لتذوب شوقاً إليه .

حاولت جاهدة إن تغويه ، لكنه استطاع المقاومة ،
و عندما قررت إنها تريده ، إذا بها تتزوج بعد شهر واحد و هي في الثانية و العشرين من عمرها .

و العروس في هذا العمر لا تعتبر صغيرة السن حسب المفاهيم اليونانية ،
و كانت أثينا أمضت وقتاً طويلاً و هي تحاول حذرة اقتناص الرجل الذي أصبح زوجها ،
وهو يكبرها بعشرة أعوام ، إلا إنه بالغ الثراء ،
و قد زاول معها لعبة القط و الفأر أكثر من سنه قبل إستسلامه لها ,
و من المؤكد إنها ما كانت لتتخلى عن هذا الزواج الذي جاهدت طويلا للحصول عليه ، لأجل رغبتها في أندريس ، وهو مجرد غلام ،
وبعد إنجابها ابنتين هما الآن في عمر الورود ، تدخل القدر ، ومات زوجها فجأة و أصبحت أرملة فاحشة الثراء ..
أرملة ثرية تطلب الحب ، وكان أندريس قد أصبح رجلاً .. و أي رجل !

عندما وقفت السيارة أمام العنوان الذي أعطته للسائق ، تفحصت صورتها في المرآة المثبتة داخل السيارة . جراح التجميل الأمريكي يستحق حقاً المبلغ الباهظ الذي دفعته له و الذي أعاد مظهرها إلى أوائل الثلاثينيات من العمر.

أما شعرها الفاحم فقد قصه و سرحه أشهر مزيني الشعر في العالم ، بينما كانت بشرتها تتألق بفعل "الكريم" الغالي الثمن الذي وضعته بإسراف ، و زينة وجهها لا تظهر أي عيب فيها و توضح إنحراف عينيها السوداويان ، في حين كانت أظافر يديها و رجليها تلمع بالطلاء الأحمر البراق .

و بدت على شفتيها ابتسامة رضى .
لا ، لا يمكن إن تنافسها خطيبة أندريس الصغيرة المملة الكئيبة ،
فتاة المكتب التي لابد إنه وقع في غرامها أثناء المفاوضات لشراء سلسلة الفنادق تلك ..
و بدت القسوة في عيني أثينا .
هذه الفتاه ستدرك حالاً أي غلطة أقترفتها في محاولتها الإستيلاء على الرجل الذي تريده أثينا ،
و يالها من غلطة فظيعة للغاية !

عندما خرجت من السيارة تبعها شذا العطر الباريسي الغالي الثمن ..
عطر مسكي ثقيل يحرك الرغبات .

كانت ابنتاها المراهقتان تشمئزان من هذا العطر ،
و طالما طلبتا منها إن تغيره ، و لكنها لم تشأ ذلك .
إنه طابعها الخاص و عنوانها كإمرأة ،
ولا شك إن خطيبة أندريس الإنكليزية تتعطر بشيء تافه و رخيص كماء اللفندر!

*********

===

..مــايــا.. 27-06-08 09:38 AM

- سأترك السيارة هنا .
هذا ما قاله أندريس لساسكيا و هي يدخل بسيارته المرسيدس إلى موقف متعدد الطوابق في وسط المدينة .
و اتسعت عينا ساسكيا عندما رأت التعرفة الملصقة على الحاجز .
لم تحلم قط في حياتها بدفع مثل هذا المبلغ كأجرة لركن السيارة ،
لكن الأغنياء كما يقال ، هم أناس مختلفون .

و يا للاختلاف الذي شعرت به عندما اصطحبها أندريس طوال العصر إلى متاجر لم تعلم قط إنها موجودة ،
و في كل متجر ، كان الجو المميز الذي يحيط به يبدو و كأنه يجذب من البائعات نوعاً من التبجيل و الإحترام يجعل ساسكيا تزم شفتيها .
و رأت الإعجاب في عيون البائعات و هن يحضرن مجموعات الملابس ليراها .. ليراها هو و ليس هي .
و كلما لاحظت ساسكيا ذلك كلما ازداد في نفسها الإحساس بالضعف و الإحباط و الإستياء .
و خرجا من أحد المتاجر الفخمة بعد إن رفضت ساسكيا بخشونة إن تجرب طقماً بني اللون ،
ثم إنفجرت صارخة في وجه أندريس :
" إنا لست دمية أو طفلة "

فقال متجهماً
" لا ؟
حسناً لكنك تقلدين الأطفال بشكل رائع ، ذلك الطقم كان .."

فقاطعته و هي تصر على أسنانها :" لا يمكن أبداً إن أدفع ثمناً لقطعة ثياب مبلغاً يفوق الألف جنيه ..
حتى و لا لثوب عرسي !"

و عندما رأت أندريس يضحك ، حملقت فيه ثائرة و متسائلة
" ما الذي يضحكك ؟"

- أنت ، يا عزيزتي ساسكيا .
هل لديك فكرة عن ثوب العرس الذي ينزل ثمنه عن الألف جنيه ؟

- لا ، ليس لدي فكرة ، لكنني أعرف إنني لن أشعر بالإرتياح أبداً و إنا أرتدي ملابس يطعم ثمنها مجموعة من الناس ،
كما إن ثوب العرس الغالي ليس ضمانا لزواج ناجح .

فقال ساخطاً :
" آه ،
وفري علي محاضراتك ,,
هل فكرت يوماً كم من الناس يبقون دون عمل إذا ارتدى كل شخص الأشكال البالية و أكياس الخيش كما تريدينهم إن يفعلوا ؟"

فقالت و كأنها تدافع عن فكرتها :
" هذا ليس عدلاً "

و رغم كل شيء كانت ساسكيا من الأنوثة بحيث تحب الملابس الجيدة و تريد إن تبدو بمظهر لائق .
و الشك إن ذلك الطقم كان سيليق بها تماماً و يظهر أنوثتها ،
كما اعترفت بينها و بين نفسها ، لكنها كانت مصممة تماماً على إعادة كل قرش ينفقه أندريس عليها .

و قالت له ثائرة :
" لا أدري لماذا تصر على هذا ؟
إنا لست بحاجة إلى أي ملابس ،
و قد سبق إن قلت لك هذا ، كما إنك لست بحاجة لتبذير نقودك بأي شكل لتؤثر علي "

فقال بحدة و غضب :
" إنني رجل أعمال يا ساسكيا ،
و هذا يعني إنني لا أبذر نقودي ، بأي شكل، سواء عليك أم على أي شيء آخر
و مهما كان السبب ، و خصوصاً للتأثير على امرأة يمكن بسهولة شراؤها بأقل من نصف ثمن ذلك الطقم "

ثم أمسك بيدها التي ارتفعت بشكل تلقائي لتصفعه و قال بلطف
" آه لا ....... إياك "

كانت قبضته قوية ، بحيث ابيضت أصابع ساسكيا .
لكن كرامتها أبت عليها القول بإنه آلمها و أبت عليها الإعتراف بخروج مشاعرها عن سيطرتها .
و عندما أخذت تترنح ،
و قد شحب وجهها من الألم و الصدمة ،
أدرك أندريس ما يحدث ، فترك معصمها و هو يشتم ،
ثم راح يدعك يدها ليعيد إليها الحياة .

- لماذا لم تخبريني بأنني أؤلمك بهذا الشكل ؟
عظامك بهشاشة العصافير .

- حتى الآن ، وهو يمسد يدها بخبرة ليعيد إليها الدم ،
لم تستطع ساسكيا السماح لنفسها بالضعف استدراراً لشفقته ،
فقالت له بحدة :
لم أشأ إن أفسد عليك متعتك ، إذ يبدو إنك كنت مستمتعاً بإيلامي "

- أجفلت حين سمعت الشتيمة التي أطلقها و هو يترك يدها عابساً و قائلاً بتصميم :
" لقد زاد هذا عن الحد . فأنت تتصرفين كالأطفال أولاً كنت بنت هوى ،
و الآن طفلة .
هنالك دور واحد أريد رؤيتك تقومين به من الآن فصاعداً ، يا ساسكيا ،
وهو الدور الذي سبق و اتفقنا عليه ، سأحذرك الآن .
إن أنت قلت أو فعلت أي شيء يجعل أسرتي تشك في مدى صدق حبنا ،
سأجعلك تندمين جداً على ذلك . هل فهمت ؟"

- نعم فهمت .

فعاد يقول محذراً :
" و إنا أعني ما أقول ، فإذا أنت هزأت بي ، لن تعملي ليس في سلسلة فنادقي و حسب يا ساسكيا ،
بل سأفعل ما يلزم لكي لا تتمكني بعد ذلك من العمل في أي مكان .
فالمحاسبة التي لا يمكن الوثوق بها ، و التي طردت من العمل بسبب تهمة السرقة ،
لن يرغب أحد بتوظيفها ، هل فهمت ؟"

فقالت بصوت منخفض و خائف و قد شحب وجهها :
" لا يمكنك إن تفعل بي هذا ".

لكنها أدركت جيداً إنه يمكنه ذلك .

شعرت الآن نحوه بكراهية بالغة .
و عندما أدخلها إلى المتجر التالي ، و رأت عيني البائعة تتسعان بإهتمام ،
فكرت بأن هذه الفتاه هي مرغوبة لديه .. بل و أكثر من مرغوبة !

و في آخر متجر دخلا إليه ، طلب خدمات صاحبة المتجر شخصياً ،
فأحضرت لهما هذه ، ببالغ الكفاءة و النشاط ، ملابس لم تر مثلها مثيلاً إلا في المجلات النسائية المصقولة اللامعة .

حاولت رفض كل ما أحضرته صاحبة المتجر ،
و لكن في كل مرة كان أندريس يعترض عليها إلا في تلك المرة الوحيدة فقد اتفقا فيها ،
حينما أحضرت صاحبة المتجر ثوب بحر قائلة عنه إنه يناسب لونها تماماً و كذلك المكان الذي ستقصده ،
و عندما رأت ساسكيا إنه فاضح جداً اتسعت عيناها غير مصدقة ..
و اتسعتا أكثر عندما استطاعت ، بحذر ، قرائه بطاقة ثمنه ،
فهتفت دون وعي :
" لا يمكنني أبدا السباحة بثوب بحر مماثل "

فبدا الذهول على صاحبة المتجر :
" تسبحين به ؟
رباه ، لا . طبعاً لا .
هذا ليس للسباحة ، ثم ، أنظري إلى هذا الوشاح الرائع الذي يتلاءم معه "
و أخرجت لها وشاحاً مستطيلاً من الحرير الهفهاف مزيناً " بالترتر " اللامع الملون

و عندما رأت الثمن المكون من أربعة أرقام ، شعرت ساسكيا بإنها تكاد تقع مغمياً عليها من الذهول ،
و لكن الإرتياح و الدهشة تملكاها عندما هز أندريس رأسه هو أيضاً ، قائلاً :
" هذا ليس نوع اللباس الذي أريد لخطيبتي إن ترتديه "

ثم أضاف بصراحة :
" إن جسم ساسكيا يجذب الأنظار دونما الحاجة إلى تزينه بملابس تلائم البغايا ".

كانت صاحبة المتجر من اللياقة بحيث لم تلح عليهما بل ذهبت و عادت بعدة أثواب سباحة .

اختارت ساسكيا أزهدها ثمناُ ، سامحة ، على الرغم منها لأندريس بإن يضيف إليه وشاحاً ملائماً .

و بينما كان يدفع الحساب و يقوم بترتيبات إرسال المشتريات إلى شقته عند النهر ،
جلست هي تشرب القهوة التي قدمت إليها في المتجر ،
ربما لإنها لم تأكل طوال النهار .
ثم أنتابها الدوار ، عندما تذكرت بإنها ستذهب مع أندريس إلى شقته ، حيث سيكونان بمفردهما .

و في طريقهما إلى شقته ، قال أندريس لساسكيا :
" هنالك مطعم ممتاز بالقرب من شقتي . سأرتب إرسال وجبة طعام إلى الشقة و .."

فقاطعته على الفور :
" لا أفضل الأكل في الخارج "

و إذا به يعبس قائلاً :
" لا أظنها فكرة حسنة ، لإن علي الخروج و لاأدري متى أعود .
و إن وجود امرأة مثلك ، تجذب الأنظار ، هذا إلى إن التعب باد عليك "

سيخرج أندريس ، و شعرت يقلقها يخف .
كانت قدماها تؤلمانها من السير طويلاً في الأسواق و هي لم تعتد ذلك ،
كما إن ذهنها كان مرهقاً من حساب المبالغ التي أنفقها أندريس أو بالأحرى هي أنفقتها لإنها مصممة على ردها لأندريس .
و كان مجرد التفكير بهذه المبالغ الضخمة جداً يشعرها بالمرض .

تبعت ساسكيا أندريس ، نحو ردهة المبنى و قد تملكها التعب و كان استعمال المصعد يحتاج إلى مفتاح خاص ، ثم تحرك بهما المصعد برفق بالغ جعل عيني ساسكيا تستديران ذهولاً عندما توقف أخيراً ،
فهي لم تشعر بصعوده .
منتديات ليلاس
فقال أندريس بعد أم أمسك بذراع ساسكيا :
" من هنا "

و اتجها نحو باب من الأبواب الأربعة و هو يحمل حقيبتها ،
ثم وضعها على الأرض مشيراً إلى ساسكيا بأن تتقدمه إلى ردهة أنيقة .



==========




الفصل الخامس :- رائحة الخطر

لم تصدم ساسكيا اللوحات العصرية القالية الثمن المعلقة على جدران الردهة في شقة أندريس ، وإنما رائحة المسك العطرية التي اخترقت خياشيمها وجعلتها تجفل وتشعر بالاختناق .
لم تشك في إن أندريس أنتبه إلى ذلك أيضا، فقد رأته يقف ، ثم يرفع رأسه كنمر يتشمم الجو بحثا عن فريسة .
وسمعته يتمتم بغضب بالغ :"تبا... تبا ... اللعنة".
ثم دفع بشدة بابا إنفتح على قاعة جلوس فسيحة كثيرة النوافذ ، وعاد وأمسك بذراعها بقوة ، فإنغرزت أصابعه في ذراعها الطرية وهو يهمس ،محذرا ، فوق شفتيها بينما عيناه الملتهبتان تغوصان في عينيها المصدومتين الغافلتين الناعمتين.
_ وأخيرا ،أصبحنا وحدنا . كيف أمكنك الاستمتاع بإغاظتي طوال النهار ،يا حبيبتي؟ لكنك الآن أصبحت لي ، ويمكنني إن أوقع بك العقاب الذي أريد..
شتت صوته الرقيق الخافت ،وكلماته تلك ما بقي من إدراكها ، وشعرت بأن الصدمة تمزق كيانها ، ثم عانقها ، مسكتا الاحتجاج الذي كان سيصدر عنها وكان عناقا حطم دفاعاتها وكأنه قنبلة ذرية .
همست باسمه بلهجة مفككة ، مصرة على إن يتوقف على ما يفعله ، ويفسر لها سبب ذلك ،لكن حواسها غير المعتادة على كل هذه الإثارة قاومت كل ما كان عقلها المذهول يحاول تفسيره ، فالجمود الذي أحدثته الصدمة إذابته حرارة البهجة التي أرسلتها مشاعر أندريس الجياشة في كيانها ، كما أخذت شفتاها الناعمتان ترتجفان تجاوبا مع هذه المشاعر التي لم تألفها .
ودون وعي بما تفعل ، ازدادت اقترابا منه ، واقفة على أطراف أصابعها لكي تتمكن ، من الاستمتاع ببهجة عناقه ، يداها على ذراعيه تتلمسان عضلاته القوية،، بينما قلبها يخفق برهبة لهذه الصدمة غير المألوفة ولما يتملكها من مشاعر جديدة .
كانت رائحة أندريس تغطي على شذا ذلك العطر القوي الخانق الأنثوي ، حرارته .. مشاعره.. رجولته.. فشعرت بشيء ما في داخلها لم تألفه من قبل يستجيب لذلك تماما كما كان قلبها يستجيب له ، وهي تتأرجح بين ذراعيه بإنسجام، وكأنها تحثه على شدها إليه أكثر.
شاعرة بالدوار ، فتحت عينيها اللتين أغمضتهما عندما عانقها وهي ترتجف ، فرأت شررا ينطلق كلمعان البرق من عينيه وهو يحدق إليها ، فشعرت بنفسها معلقة بين السماء و الأرض في هذا المكان الذي تشعر فيه بالخطر و الأمان في إن معاً.
ثم قال أندريس بصوت أجش :" إنك تتجاوبين معي و كأنك عذراء .."
و ازداد لمعان الشرر في عينيه ، بشكل أقوى و كأنه وجد في هذا المفهوم شيء يرضيه للغاية .
بادلته ساسكيا النظرات بوهن ، فصدرها يخفق بسرعة مخيفة ، جسدها مليء بألم مذهل غير مألوف ما هو إلا الحاجة إلى إن يضمها إليه و كان هذا التفكير يسرع بخفقان قلبها و يجعلها تتأوه محاولة الإلتصاق به.
- أنت .. أنت تريدينني..
و أحست ساسكيا باللهفة في صوته ، فازدادت التصاقاً به بشوق بالغ ، و إذا بها تجمد مكانها و هي تسمع صوت امرأة يسأل بحدة :" أندريس ؟ ألن تعرفها علي ؟".
أدركت ساسكيا على الفور ما كانت تقوم به ، و تملكها حرج بالغ و لكن عندما حاولت الهروب ، متلهفة لإخفاء اضطرابها ، أمسك أندريس بها ، مرغماً إياها على البقاء مكانها . لا ، بل أرغمها على مزيد من الإلتصاق به و هذا جعلها تميل عليه و كان .. و كان ..
و أرتجفت عندما ضمها إلى صدره بتملك ، و توهج وجهها خجلاً و ارتباكاً من هذه المرأة . و لكن يبدو إن المرأة التي كانت تنظر إليهما لا تشعر بالخجل نفسه .
و أمسكت ساسكيا أنفاسها عندما سمح لها أندريس بالإلتفاف إلى المرأة فإذا بها طويلة القامة سوداء الشعر ، لاعيب في أناقتها و تبرجها و لكن رغم دفء لونها الأسمر و شفتيها الناضجتين المصبوغتين ارتجفت ساسكيا و هي تحس ببرودتها الفطرية ، و سمعت أندريس يسأل :" كيف دخلت إلى البيت يا أثينا ؟"
- لدي مفتاح ، هل نسيت ؟
النظرة التي ألقتها أثينا على أندريس ، و الطريقة التي أبعدت بها ساسكيا عن حديثهما ، مشيحة بوجهها عنها ، جعلت ساسكيا تفكر آسفة بما سبق و ظنته من إن أثينا أرملة محطمة قد هدها الحزن لخسارة زوجها مما جعلها غير قادرة على مقاومة إرغامها على زواج ثان .
و بعد إن رأتها ساسكيا ، تأكدت إن أثينا امرأة قوية لا يمكن لأي أحد إرغامها على ما لا تريده ، إنا عيناها السوداويان فلا علاقة للحزن بهما مطلقاً .
كبحت ساسكيا شعوراً مفاجئاً بالغثيان احترق في حلقها و هي ترى نظرة الرغبة التي رمقت أثينا بها أندريس . لم تتصور ساسكيا قط إن بإمكان امرأة إن تنظر إلى رجل بمثل هذه الطريقة الصريحة .
الآن تفهمت ساسكيا سبب شعور أندريس بالحاجة إلى خطيبة مزيفة ليحمي نفسه ، أما الذي لم تستطع فهمه فهو كيف استطاع مقاومة رغبة هذه المرأة فيه ؟
كانت ذات جاذبية هوجاء ، و رغبتها بأندريس بادية بشكل واضح ، ومن المؤكد إن هذا ما يحلم به كل الرجال .. امرأة لاتشبع منهم أبداً .
و ببساطة ، افترضت ساسكيا إن برودة أثينا الغريزية موجهة لبنات جنسها فقط و ذلك لإنعدام مشاعر المحبة الأصلية فيها . ثم استنتجت إن أندريس ضمها إليه لإنه تكهن بوجود أثينا في الشقة ، فعطرها المميز كان قد ملأ أركان الشقة . و بعد أ اقتربت أثينا من أندريس سألته :" ألن تقول كم أنت مسرور لرؤيتي ؟
ثم زمت شفتيها باستياء واضح و قالت بلهجة ذات مغزى " جدك مستاء جداً من خطبتك ,, أنت تعلم ما كان يريده "
ثم التفتت إلى ساسكيا و قالت بجفاء آه ، آسفة ، لم أقصد إن أجرح مشاعرك لكنني واثقة من إن أندريس نبهك إلى مدى صعوبة قبول أسرته بك خصوصاً جده "
فصاح أندريس محذراً :" أثينا "
و تصورت ساسكيا كيف كانت ستشعر الآن لو إن خطبتهما حقيقية
- لكنها الحقيقة
تابعت أثينا كلامها بإصرار و هي تهز كتفيها ،فجذبت هذه الحركة الأنظار إلى امتلاء صدرها تحت بلوزتها القطنية الرقيقة ، و أشاحت ساسكيا بوجهها بسرعة عن أثينا و لم تجرؤ حتى على النظر إلى أندريس . فمن المؤكد أنت ما من رجل يمكنه مقاومة جمال أثينا و اكتماله .
و لكن ربما أثينا تظهر جمال صدرها لأندريس فقط . ربما أرادت بذلك تذكيره بالعلاقات التي ربطتهما يوماً ، ذلك إن لديها مفتاح شقته ، و هي حتماً تريد التوضيح لساسكيا إن ثمة علاقة حميمة جداَ بينهما
و كأنما إثباتاً لأفكار ساسكيا ، مالت أثينا فجأة إلى الأمام ، واضعةً يدها ذات الأظافر المطلية على وجه أندريس ، وهي تقف بينهما و تقول برقة :
- ألن تقبلني يا أندريس ؟ فهذه عادتك ، و إنا واثقة من إن خطيبتك تعلم إن في اليونان .. العلاقات الأسرية هامة جداً ..جداً .
فقال أندريس بإقتضاب و هو يبتعد عن أثينا إلى الخلف ممسكاً بساسكيا :" ما تعلمه ساسكيا هو إنني أحبها و أريدها إن تكون زوجتي ".
ثم أحاط أندريس ساسكيا بذراعه ، واضعاً رأسها على كتفه ، عندئذ ذكرت ساسكيا نفسها بسبب تصرفاته هذه ، و بالدور الذي يفترض بها القيام به .
فقالت أثينا عندما رأت هذه المنظر :" ما أحلى هذا "
ثم ألقت على ساسكيا نظرة كالثلج قبل إن تعود فتلتفت إلى أندريس و تقول بإخلاص مصطنع :" أكره إن ألقي ظلاً على سعادتك ،يا أندريس ، و لكن جدك مغتاظ منك حالياً . كان يحدثني عن مدى اهتمامه بالطريقة التي تتصرف فيها بالممتلكات الجديدة . و طبعاً ، إن أدرك مدى اهتمامك بأن تدمغ العمل بطابعك الخاص ، إن تثبت ذاتك .لكن امتلاكك لسلسة الفنادق هذه كانت مجازفة متهورة حقاً ، و ذلك لتصميمك على الإحتفاظ بكل الموظفين الموجودين ، إن عملك هذا لن يحقق لك أي مكسب "
ثم أضافت بسخرية و عذوبة :" و لكن لابد لي من القول إنه ، بعد إن سنحت لي الفرصة لدراسة الحالة المالية لسلسة الفنادق هذه ، فإنا مسرورة جداً لإنني سحبت اشتراكي من المزاد ،، رغم إنه كان بإمكاني ، طبعاً إحتمال خسارة مليون أو ما يقارب من المؤسف يا أندريس ، إنك لم تقبل عرضي عليك إدارة شركة الشحن خاصتي . كان ذلك سيمنحك مجالاً أوسع من مجرد العمل كغلام يرسله جده لتأدية " المشاوير" القصيرة ..".
أجفلت ساسكيا و هي تستوعب الإهانة التي وجهتها أثينا لتوها إلى أندريس ، لكنها ذهلت عندما رأت إن أندريس لم يهتز على الإطلاق لذلك ، و لكنها ما إن أدلت بملاحظة بسيطة حتى أنفجر فيها بغضب بالغ " كما تعلمين جيداً يا أثينا ، شراء سلسلة الفنادق الإنكليزية هو قرار جدي نفسه ، و إنا فقط ، وقعت على الشيك . أما عن أرباحها في المستقبل .. فقد أثبتت أبحاثي إن سوقاً ممتازاً لسلسة من الفنادق الفخمة في إنكلترا خاصة عندما يمكنها التفاخر بما تحويه من ميزات فنادق الدرجة الأولى ، و هو المستوى الذي صممت إن أجعل سلسلتنا تصل إليه . أما بالنسبة إلى التعقيدات المالية التي تنتج عن إبقاء الموظفين الحاليين .. ساسكيا هي محاسبة ، و أنا واثق من قدرتها على إخبارك بما كان ينبغي عليك معرفته بنفسك ، بصفتك سيدة أعمال ، و هو إن صرف الموظفين الفائضين و على المدى الطويل يكلفنا دفع تعويضاتهم أكثر مما يكلفنا الإحتفاظ بهم ، كما إن التقاعدات الفردية المنتظرة و الخسارة الطبيعية للموظفين سينقص عددهم تلقائياً و بشكل مؤثر في السنوات القليلة القادمة أما أولئك الذين يرغبون في البقاء فسيمنحون فرصة لإعادة توظيفهم و تأهيلهم . أما نوادي تمضية أوقات الفراغ التي ننوي إنشائها في كل فندق فهي ، وحدها ، ستعالج بشكل رئيسي كل الخمول و التباطؤ بين موظفينا ".
ثم غير أندريس مجرى الحديث قائلاً " و على كل حال ، إنا و ساسكيا سنسافر إلى أثينا غداً . لقد أمضينا اليوم نهاراً شاقاً ، و نرجو المعذرة ، لإن هذه الليلة ستكون ليلة غير عادية بالنسبة إلينا ".
و عندما أجفلت ساسكيا شدد أندريس من احتضانها محذراً و هو يكرر :" إنها ليلة غير عادية و هذا يذكرني .."
ثم مد يده إلى جيبه ، و هو ما يزال ممسكاً بساسكيا بيده الأخرى و أخرج ، و أخرج علبة مجوهرات صغيرة قائلاً لساسكيا :" لقد أحضرت خاتم الخطوبة و لابد إنه أصبح الآن بمقاس إصبعك ".
و قبل إن تقول ساسكيا شيئاً ، أعاد أندريس العلبة إلى جيبه و هو يقول برقة :" لكن سنجربه لاحقاً بعد إن نرتاح قليلاً "
و رن جرس الهاتف في الردهة ، فأنسحب أندريس ليجيب ،تاركاً ساسكيا وحدها مع أثينا التي قالت لها بحقد و هي تسير نحو الباب :" ذلك لن يدوم ، لن يتزوجك .. مقدر لنا إنا و هو ، إن نكون مع بعضنا البعض ، و هو يعرف ذلك ، كبرياؤه هي التي تجعله يحارب قدره و الأفضل لك تركه الآن فإنا أحذرك من إنني لن أتركه أبداً "
و شعرت ساسكيا بأن أثينا تعني ذلك حقاً . و للمرة الأولى شعرت بشيء من الشفقة على أندريس . أهي شفقة على هذا الرجل الذي يعاملها هي بهذا الشكل ؟ أم على الرجل الذي أساء الحكم عليها ؟ ثم عنفت نفسها متجهمة و متمتمة " لابد إنني مجنونة "

..مــايــا.. 27-06-08 09:40 AM

******
راحت ساسكيا تنظر ، متوجسة ، إلى الحقائب التي تحتوي مشترياتها الجديدة ، و هي تذهب في الشحن ، بينما الموظف في المطار يفحص جوازي سفرهما ،
و كان خاتم الخطوبة يتألق في إصبعها بعد إن ألبسها إياه أندريس في وقت متأخر من الليلة الماضية .

بدت متوترة عندما أخرجه من العلبة . و قالت بتهكم :
" غريب كيف أصبحت المجوهرات الزائفة تبدو حقيقية هذه الأيام "
، محاولة بذلك إخفاء توترها و تعاستها اللذين تملكاها و هي تضعه في إصبعها خاتماً كانت دوماً تتصور إنها لن تضعه إلا بدافع الحب .. فيبقى إلى الأبد .

أما أندريس فأجابها بسخرية تقريباً :
" أحقاً ؟ منا كنت لأعرف ذلك ."

تعليقه هذا نبهها ، فسألته بقلق :
" هذا .. ليس حقيقياً .. أليس كذلك؟".

و رأت الجواب على ملامحه قبل إن يجيب :
" إنه حقيقي!"

فابتلعت ريقها حينذاك ، عاجزة عن تحويل نظراتها عن ماسة الخاتم المتوهجة البراقة .

و عندما حاولت ساسكيا الإحتجاج بإنها لا تريد تحمل مسؤولية خاتم بهذه القيمة ، بادرها أندريس بالقول :
" بإمكان أثينا تمييز الجواهر الزائفة على الفور".

فقالت :
" إذا كان بإمكانها تمييز الجواهر الزائفة بهذه السهول ،
من المؤكد إذن ، إن بإمكانها تمييز الخطوبة الزائفة"

- أثينا تفهم بالحقائق و ليس بالعواطف.

- الحقائق

أخذت ساسكيا تفكر بهذه العبارات و هي تتذكر ذلك الحديث المختصر الذي دار بينهما
و التصرفات التي قام بها ، مثل العناق الذي أغدقة عليها الليلة الماضية ،
لم يأت أندريس على ذكر ما فعل ،
لكن ساسكيا أدركت إن تخمينها كان صحيحاُ ،
فبعد إن أنهى تلك المكالمة التليفونية مباشرة ، فتح مكيف الهواء قائلاً بتجهم :
" نحتاج إلى هواء طلق هنا "

و فيما بعد ، خرج أندريس من البيت ، بينما ساسكيا ذهبت إلى فراشها .. وحيدة ، بعد إن تناولت قليلاً من الطعام .

سألت ساسكيا أندريس و هما يصعدان إلى الطائرة :
" كم تستغرق الرحلة إلى " أفروديت " ؟".

- في هذه المناسبة ، ستستغرق وقتاً أطول من العادة .

ثم تبعا المضيفة إلى مقعديهما في الدرجة الأولى .
لاحظت ساسكيا ذلك و قد تملكها قشعريرة من الرهبة ،
فهي لم تسافر في الدرجة الأولى قط من قبل ، و لم تقم ، في الحقيقة بأي شيء يجعلها تشعر و كأنها في بيتها و هي في طبقات الجو العليا كما اعتاد الأثرياء أمثال أندريس و أسرته .

- عندما نصل أثينا ، سأضطر إلى لتركك وحدك قبل متابعة رحلتنا ،
فجدي هو الذي اتصل بي الليلة الماضية ،إنه يريد رؤيتي .

- ألن يكون في الجزيرة ؟

- ليس حالياً ، حالة قلبه تتطلب منه الخضوع لفحوصات منتظمة ..
من باب الإحتياط فقط ، و الحمد لله ، إلا إنه سيبقى في أثينا لليوم التالي أو نحو ذلك .

- حذرتني أثينا إن علاقتنا لن تدوم ، فهي تؤمن بأن قدركما إن تكونا معاً .
- فقال أندريس
" إنها تحاول إخافتك فقط "

ثم تبدلت ابتسامة أندريس إلى وجوم في وجه المضيفة التي كانت تعتني براحتهما
و إذا بساسكيا يدفعها التهور إلى جعل العطف الذي شعرت به الليلة الماضية ، يتفوق على مشاعرها الخاصة ، فالتفت إلى أندريس و قالت برقة :
" و لكن من المؤكد إنك إذا أوضحت لجدك طبيعة مشاعرك ، لتفهم الأمر، بإنه لا يمكنك الزواج بإمرأة لا تحبها .."

- جدي عنيد جداً ، كما إنه ضعيف صحياً أكثر مما يظن نفسه ،
و مما نريده جميعاً إن يظن ، فحالة قلبه ..
و تنهد :
" إنها مستقرة حالياً ، و لكن من المهم تجنب ارتفاع ضغطه ،
فإذا إنا أخبرته بأنني لا أريد الزواج بأثينا دون إحضارك بديلاً عنها ،
سيتملكه التوتر و يرتفع ضغطه على الفور .
ليس الأمر فقط هو إنني بزواجي من أثينا ، كما يتمنى ، سأضم أملاكها إلى أملاكنا ،
و لكن جدي هو أيضاً رجل يعتبر ذرية الذكور بالغة الأهمية ،
فأختي الكبرى لديها ابنتان ، و أثينا أيضاً لديها ابنتان ،
و بما إنني حفيد جدي ، الذكر الوحيد ، فهو متلهف إن أنجب صبياً ، حفيد لإبنه ".

فقالت ساسكيا :" و لكن حتى لو تزوجت أثينا ، فهذا لا يضمن إنك ستنجب أولاداً ، أو ذكوراً فقط "

و رأت المرح يلمع في عينيه :
" ساسكيا ، أنت ساذجة جداً ..جداً بالنسبة إلى امرأة بمثل خبرتك ! لا يجدر بك إن تقولي لرجل ، خصوصاً إذا كان يونانيا ، إنه قد لا يستطيع إنجاب صبي ! "

عندما حلقت الطائرة ، تشبثت ساسكيا على الفور بمقعدها ، ثم أجفلت مصدومة عندما شعرت بيد أندريس تدعك يدها ، وهو يتساءل ممازحاً :
" أتخافين من الطيران ؟
لا يجدر بك ذلك . إنه أكثر المواصلات أمانا ".

فقالت بحدة :" أعلم هذا ،. إنه فقط .. حسناً ، الطيران فقط يبدو غير طبيعي .. و إذا .."
فساعدها على الكلام ساخراً :
- إذا كان الله يريد للإنسان الطيران لخلق له أجنحة . حسناً ، لقد حاول "إيكاروس" ذلك .
ارتجفت ساسكيا و غامت عيناها و هي تقول :
" إنا أظنها دوما قصة محزنة خصوصاً بالنسبة إلى أبيه المسكين "

فهز رأسه موافقاً ، ثم سألها :
" هل أفهم من قولك هذا إنك درست الأساطير اليونانية ؟"
- حسناً ، لم أكن تلميذة بالضبط . لكن جدتي اعتادت إن تقرأ لي قصصاً عن الأساطير اليونانية عندما كنت طفلة ، و كنت دوما أحب هذه القصص .. رغم إنها غالبا ما كانت تبكيني .

ثم سكتت فجأة عندما أدركت أمرين ، الأول هو إنهما أصبحا في أعالي الجو تماماً الآن ، و الثاني أنتباهها إلى مدى ما تشعر به من سرور لإمساك أندريس يدها بيده القوية ،
مما جعل وجهها يحمر خجلاً فسحبت يدها من يده بسرعة و ذلك في الوقت الذي جاءت فيه المضيفة تعرض عليها كأسا من العصير

و عندما أعلن الطيار إنهم على وشك الهبوط ، أدهشها كيف مر الوقت بسرعة .. و كم استمتعت بالحديث مع أندريس ، كما أدهشها أكثر إن تكتشف سهولة وضع يدها في قبضة يد أندريس المطمئنة و الطائرة تهبط في المطار .
قال لها أندريس و هو يضع أمتعتها على العربة :
" يمكنني إما إن أدع سائقنا يأخذك إلى شقة الأسرة في أثينا ، حيث ترتاحين بينما أقابل جدي ، و إما إذا كنت تفضلين ، أطلب من السائق أخذك في جولة تتفرجين فيها على المدينة ".

كان أندريس يرتدي بنطلون فاتح اللون و قميصاً أبيض قصير الكمين . مما ترك تأثيراً غريباً على أحاسيس ساسكيا الأنثوية العقلانية عادة و هي ترى عضلاته تبرز عندما رفع الحقائب عن الأرض ، ثم شعرت بالدوار و هي ترى امرأة تبتسم لأندريس مغازلة ، فما كان منها إلا إن تقدمت و وقفت بجانبه و كأنه يخصها وحدها .

ما الذي يحدث لها ؟
لابد إنها الحرارة ..نعم ، هذا هو السبب .و ارتاحت عندما وجدت سبباً معقولاً لتصرفاتها غير المألوفة ،
إذا ما من سبب يجعلها تشعر بتملك أندريس .
فصباح أمس كرهته جداً و اشمأزت منه .. كانت في الواقع مرتعبة من تمثيلها دور خطيبته ..
و ما زالت كذلك ، طبعاً فالأمر لا يتعدى التمثيل .

حسنا من الطبيعي ، بعد تعرفها إلى أثينا ، إن تشعر ببعض العطف عليه . كما إنها تأثرت بالقصص التي حدثها بها أثناء الرحلة ، تلك التي سمعها من شيوخ أسرته اليونانية ، و التي كانت مزيج من الأساطير و الحكايات الشعبية . و قد سرت كونها لم تضطر للنضال مع حقائبها الثقيلة .
- ساسكيا..؟

شعرت بالذنب و هي تلاحظ إن أندريس ما زال ينتظر جوابها فأجابته
" أه أفضل رؤية بعض معالم المدينة "

- حسناً ليس لديك الكثير من الوقت لإن طيارنا سبق و سجل رحلته .

كانت ساسكيا تعرف إنهما سيرحلان إلى الجزيرة في طائرة خاصة يملكها جد أندريس ، و ما أثر عليها هو إشارة أندريس العفوية إلى الطائرة هو إنه هو ذاته ، طيار مؤهل ، إلا إنه قال لساسكيا :" لسوء الحظ كان علي التخلي عن هذه المهنة ، إذ لا يمكنني توفير الساعات التي أحتاجها للبقاء على كفاءتي و تدريبي . هذا بالإضافة إلى إن شركت التأمين كانت حذرة للغاية بالنسبة للتأمين علي ".
ثم وضع يده على كتفها مشيراً : " من هنا "

لمحت ساسكيا من طرف عينها إنعكاس صورتهما في المرآة فأجفلت فوراً ،
لماذا هي مائلة على أندريس هكذا ؟

و كأنما أعجبها ذلك ..؟ أو كأنها تستمتع بتمثيل دور الأنثى الضعيفة أمام رجولته القوية .

فابتعدت و استقامت في وقفتها.

فقال مستنكراً :" لو رأتك أثينا تفعلين هذا لابتهجت جداً ،
ثم المفروض إننا عاشقان ، يا ساسكيا ، تذكري ذلك "

- لكن أثينا ليست هنا .
- لا ، الحمد لله ، و لكننا لا ندري من قد يرانا ، إننا الآن خطيبان غارقان في الحب ..
و أنت على وشك السفر إلى بيتنا لتتعرفي إلى أسرتي ،
ألا تظنين إنه من الطبيعي أن .. ؟

- فقاطعته :
" أنا أشعر بالتوتر و الإرغام .. و القلق من إن لا تجدني أسرتك مناسبة لك ؟"

كما ثارت كرامتها لما يقترحه فأضافت :
" ثم ماذا يفترض بي إن أفعل ؟
أتشبث بك متلهفة .. خائفة من رفض أسرتك لي .. خائفة من إن أخسرك .. كل هذا لأجل .."

و سكتت وهي ترى نظرة إنعدام الصبر في عينيه ، و قال متجهماً :
" ما كنت أريد قوله هو ، ألا ترين من الطبيعي إن أحيط كتفيك بذراعي ،
و إن ترغبي أنت بمثل ذلك أيضاً ؟
إذ بصفتنا عاشقين ، فمن الطبيعي ملامسة و معانقة بعضنا دوما ، أما بالنسبة لأسرتي فإنا رجل في الخامسة و الثلاثين ، و قد تجاوزت منذ وقت طويل العمر الذي احتاج فيه إلى موافقة أحد على من أحب أو ما أفعله "
فقالت ساسكيا :
" لكنك لا .."

ثم سكتت بعد إن أدركت ما كانت على وشك قوله ، إن أندريس لا يحتاج إليها لإخباره بعدم حبه لها
فسألها أندريس :
" لكنني لا ، ماذا ؟"

إلا إن ساسكيا هزت رأسها رافضة الإجابة ، و قبل إن ينزل أندريس من سيارته الليموزين ، قال :
" إذن أنت تريدين إن تري " الأروبوليس "أولاً ؟"

و كان قد أعطى السائق الإرشادات باليونانية .
- نعم .
- أخبرت " سبيروس" بإنه عليك التواجد في المطار في الوقت المحدد لرحلتنا و هو سيعتني بك .
ثم اعتذر بلهجة رسمية قائلاً :
" أسف لإن علي تركك وحدك ".

رأت ساسكيا كيف يبدو أندريس في موطنه ، و في الوقت نفسه ، كم هو مختلف عن الرجل الذي تراه ، أولاً ، هو الآن أطول ، و بشرته رغم إن الشمس قد لوحتها ، كانت أقل سمرة ، أما عيناه فهما ، دوما تكشفان عن دمه الأوروبي .
********


تنهدت ساسكيا و هي تدير ظهرها أخيراً إلى الأكروبوليس و تسير مبتعدة .
لقد استطاعت اقناع السائق بإنها ستكون على ما يرام وحدها ، فاستمتعت بوحدتها و هي تتفرج على الأبنية الأثرية بإعجاب رهيب .

إنما الآن حان موعد الذهاب ، و رأت الليموزين واقفة حيث توقعت لكنها لم تر السائق .

كان هنالك رجل واقفاً قرب السيارة ، كبير السن أبيض الشعر ، و قطبت جبينها وهي تلاحظ إنه يعإني من بعض الضيق ، و قد ضغط على جبينه و كانه يشعر بألم .
ألقت نظرة على الشارع ، فثبت لها إنه خال ما عدا منها و من الرجل العجوز ، فأسرعت نحوه بحركة تلقائية ، شاعرة بالقلق عليه . ثم سألته باهتمام :
" هل أنت بخير؟ "

شعرت بالإرتياح عندما أجابها بالإنجليزية
" لا شيء .. إنها حرارة الجو .. ألم بسيط ! ربما مشيت أكثر مما يجب "

بقيت ساسكيا قلقة ، فالجو حار و الرجل لايبدو على ما يرام و لا يمكنها إن تتركه أبداً و لكن لا أثر لأي شخص ممكن إن يساعدها و لم يكن لديها فكرة عن الوقت اللازم للوصول للمطار .

و قالت للرجل العجوز برقة
" الجو شديد الحرارة و سيكون متعباً لك السير في مثل هذا الطقس .
لدي سيارة .. و .. سائق ربما بإمكاننا نقلك إلى حيث تريد "

وأثناء كلامها تفحصت الشارع بقلق ،ترى أين هو السائق؟
سيغضب أندريس منها جداً إذا تأخرت على الرحلة،
ولكن لم يكن من سبيل للذهاب قبل أن تطمئن على الرجل العجوز.

- هل لديك سيارة ؟

ثم أشار إلى الليموزين :
" أهذه سيارتك "
- حسنا هي ليست لي ، إنها لـ.... لشخص أعرفه ، هل تسكن بعيداً عن هنا ؟

و إذا بالرجل العجوز يقف فجأة ممسكاً بجنبه و قد تحسن لونه ثم قال باسما :
" إنك في غاية الشهامة . لكنني إنا أيضاً لدي سيارة.. و سائق .."

ثم أضاف" إنك لطيفة جداً إذ تتعبين نفسك لهذه الدرجة لأجل رجل عجوز "

و رأت ساسكيا سيارة تقف في آخر الشارع :
" هل تلك سيارتك ؟
هل أذهب و أنادي لك السائق ؟"

فقال العجوز :
" لا أستطيع السير إليها "

و دون إن تعطيه فرصة للرفض تقدمت و قالت برقة :
" ربما ستسمح لي بالسير بجانبك حتى تصل إلى السيارة .."

فأجاب :" ربما علي السماح بذلك "
عندما وصلا شعرت ساسكيا بالإرتياح حين رأت باب السيارة ينفتح و يخرج منه السائق مسرعا ً نحوهما ، ثم يخاطب الرجل العجوز بلهجة يونانية سريعة ، ثم رأت الرجل العجوز يتحسن و استقام و راح يتحدث إلى السائق ثم قال لساسكيا مشيراً إلى السائق :
" لقد خاف علي كإمرأة عجوز "

ثم أضاف
" شكرا يا عزيزتي ، إنا مسرور جداً بلقائك .
و لكن لا يجدر بك السير وحدك في شوارع أثينا ، و أنا سوف .."

و سكت فجأة و قال لساسكيا :
" " بانيس " سيسير معك إلى سيارتك و ينتظر حتى يعود سائقك .

فقالت باحتجاج :
" لا حاجة لذلك في الواقع "

و لكن العجوز ألح عليه بحزم.

فأذعنت و سار معها السائق الذي قالت لها بعد الإبتعاد عن العجوز :
" لا حاجة بك في الواقع للقدوم معي ، و كنت أفضل أكثر لو بقيت مع مخدومك ،
فقد كان متألماً حين رأيته في الشارع "

و تملكها الإرتياح عندما رأت سائق أندريس يخرج من السيارة فقالت للسائق :
" أرأيت ؟ لا حاجة لمتابعة السير معي "

ثم قالت لسائق العجوز
".. أعرف إن هذا ليس من شأني .. و لكن ربما يجدر بمخدومك زيارة الطبيب .."

فأجابها :" لقد سبق و تلقى العناية .. لكنه ، ماذا أقول ؟
إنه لا يأخذ دوما بنصائح الآخرين .."

خفف هدوءه من قلق ساسكيا ، و أراح ضميرها من ناحية تركها للرجل العجوز .

من الواضح بإنه بين أيد آمنه الآن ، و سائقها بإنتظارها .
********

..مــايــا.. 27-06-08 09:43 AM

الفصل السادس :

مشاعر حارة



ألقت ساسكيا نظرة خاطفة على أندريس ، ثم عادت تنظر من كوة الطائرة إلى بحر "ايجين" في الأسفل وهي تكبح شهقة سرور .
كان مقطبا مشغول البال عندما التقيا في المطار ، حتى إنه لم يسألها عما إذا كانت قد استمتعت بجولتها في المدينة.
أرغمها جمود ملامح أندريس على سؤاله ، من باب الأدب لا غير :
" هل حدث شيء؟ لا أراك سعيدا ".

فازداد تقطيب أندريس والتفت إليها بحدة وسألها بسخرية :
" هل تتدربين على تمثيل الخطيبة المخلصة؟
إذا كنت تتطلعين إلى مكافأة إضافية فلا تزعجي نفسك".

شعرت ساسكيا بعودة شعورها البدائي نحوه وأجابته غاضبة :
" أنا لست مثلك ، أقيم كل ما أفعله بقدر الفائدة، كنت قلقة فقط من إن اجتماعك لم يكن ناجحا مع جدك".

- أنت؟
تقلقين لأجلي؟
هناك سبب واحد أنت موجودة لأجله يا ساسكيا ، وكلانا يعرفه، أليس كذلك ؟

ماالذي كان يتوقعه؟
وثار غضبها،وكبحت الجواب الغاضب الذي كانت ستقوله،
فهو أحضرها هنا بالإبتزاز،ليستغلها لمصلحته،وقد كون عنها أسوأ فكرة و حكم على أخلاقها دون أن يمنحها فرصة الدفاع عن نفسها وشرح سبب تصرفها تلك الليلة في الحانة ومع ذلك مازال يظن نفسه أسمى خلقاً وندمت على شعورها بالعطف تجاهه في بعض الأحيان هو وأثينا ، يستحقان بعضهما البعض .
منتديات ليلاس
لكنها حتى وهي تفكر بغضب وإنفعال كانت تدرك إن هذا غير صحيح ،
فقد أحست أن أثينا تمتلك برودة أصيلة ونقصاً كلياً في الإهتمام بأي نوع من المشاعر،

ثم أقرت في نفسها أن أندريس ربما قال أشياء كثيرة لا تعجبها إلا أنه يمتلك مشاعر دافئة ومحمومة للغاية ..

وارتجفت حين تذكرت عناقهما أمام أثينا..
حتى وإن كان ما بينهما تمثيلا إلا إنها شعرت باتصال عميق بينهما .مازال تأثيره يسيطر عليها حتى الآن
ثم سمعت أندريس يقول :
" حسنا ، في الحقيقة .. إجتماعنا لم ينجح ".

ففتحت عينيها مندهشة بينما أندريس يتابع كلامه

"أولاً.لم يكن جدي هناك..
فقد كان لديه شيء أكثر أهمية على ما يبدو لكنه لسوء الحظ لم يكلف نفسه بشرح ذلك لي أو إرسال خبر يعلمني بعدم مجيئه لقد أنتظرته أكثر من نصف ساعة وعلى كل حال ترك تعليمات بإخباري في أي وقت حضرت بإنه غير مسرور مني حالياً"

- هل هذا بسببي ..؟
بسببنا؟

- جدي يعلم إن لا سبيل إلى تزويجي بامرأة لا أحبها .
لقد تزوج زواج حب ، وتزوجت أمي أيضا عن طريق الحب حتى إنها هددت فعلا بالفرار مع أبي إذا لم تحصل على موافقته ،
ثم اعترف جدي بمدى إعجابه بأبي وذلك بعد موته لإنه كان مستقلا وناجحا جدا .

- لا بد وإنك تفتقده .

- كنت في الخامسة عشرة عندما توفي ، وإنا بعكسك تعزيني معرفتي بمدى حبه لي .

ظنت ساسكيا إنه يتعمد الفظاظة معها ، فتصلب جسمها على الفور ،
لكنه عندما وضع يده على يدها معزيا ، أدركت إنها أساءت تسير ما قال ، وأجابت بحزم وصدق :
" الحب الذي غمرتني به جدتي كان أكثر من مجرد تعويض عن افتقادي لحب والدي".

كانت يده ما زالت تغطي يديها .. إنها يد تتجلى فيها الرجولة ،
عريضة بحيث إنها كانت كافية لتغطية يديها الاثنتين معا ،
ومن نوع الأيدي التي تمنح المرأة الثقة بأن هذا الرجل سيعتني بها وبأولادها .
ماهذا الذي تفكر فيه؟
تحركت في مقعدها بتوتر ، نازعة يدها من يده قائلة:
" هل أنت واثق من إنها فكرة جيدة؟
أعني إذا كان جدك لا يوافق على خطوبتنا ..".

سألته هذا وهي تلهث قليلاً محاولة تركيز أفكارها على حقيقة سبب وجودها بجانبه

مضت مدة طويل قبل أن يجيب،حتى أبتدت ساسكيا تظن أن سؤالها قد ضايقه،
إلا أنها أدركت أن الغضب الذي تراه على ملامحه لم يكن بسببها بل بسبب أثينا عندما قال:

- لسوء الحظ ، أثينا تجعل جدي يشعر بالغرور بافتخارها بقرابة الدم،
فأخوه الأكبر،جد أثينا مات منذ سنوات وبينما لم تسمح أثينا لأي شخص على الإطلاق خصوصاً جدي بالتدخل بطريقة إدارتها لمملكتها المالية أخذت تشجعه وتشبع غروره إلى إن أصبح حكمه عليها مغلوطا .
أمي تقول إن الحقيقة لا بد وإن تظهر ، وإن يدرك جدي حقيقة مراميها الخفية .

- ولكن لا بد وإنها تدرك إنك لا تريد الزواج منها .

فقد كان غريباً على طبيعة ساسكيا محاولة إرغام أحد على إنشاء علاقة معها مما جعل من الصعب عليها تفهم سبب تصرف أثينا بهذا الشكل
أجابها أندريس متجهما :
" آه ،إنها تدرك ذلك جيدا . لكن أثينا تعودت نيل كل ما تريده ، وحاليا هي ..".

فأكملت له :
" هي تريدك".

فقال موافقا بتثاقل :
" نعم ، وكلما أردت إخبارها بأنني لا أبادلها رغبتها هذه ، أفكر بجدي ".

ثم سكت عندما بدأت طائرتهما بالهبوط ،
و بدت على شفتيه ابتسامة صغيرة عندما رأى ملامح ساسكيا تنظر من النافذة إلى الأسفل ،
و هي تشهق غير مصدقة
" مستحيل على الطيار إن يهبط في هذه القطعة الصغيرة من الأرض "

فقال أندريس مطمئناً :
" آه ، بلى ، سيتمكن من ذلك إنه أكثر أمانا مما يبدو " .

ثم قال لها :
" أنظري هنالك".

موجههاً أنتباهها بعيدا عن قطعة الأرض تلك إلى موقع بيت أسرته الذي يخطف الأنفاس بجماله و كذلك الأراضي المحيطة به .

فقالت بتأمل :
" كل شيء أخضر "

و اتسعت عيناها و هي ترى الجزيرة البيضاوية الشكل ، و اخضرار بساتينها و نباتاتها يبرز بياض رمال الشواطئ و روعة مياه بحر " إيجة " الفيروزية اللون .

فقال أندريس :
" تحتوي الجزيرة على مياه غزيرة ، لكنها أصغر من إن تحتمل زراعة المحاصيل و تربية الماشية ،
و هذا السبب في كونها غير مسكونة ، فهي كما ترين بعيدة عن أي جزيرة أخرى ..
و هي الأبعد في بحر " إيجة"

فقالت بصوت خافت :
" إنها رائعة ، كقطرة لؤلؤ "

ضحك أندريس ، و كان في عينيه شعور جعل وجنتي ساسكيا تحمران قليلاً و هو يقول بهدوء :
- هذا ما كانت جدتي تصفها به .

عندما هبطت الطائرة على المدرج ،شهقت ساسكيا مدركة إن أندريس تعمد صرف ذهنها عن هبوط الطائرة الوشيك ، يمكنه إن يكون بالغ الرقة عندما يشاء و ساحراً و سهل التعامل معه و تساءلت بشيء من الكآبة ، ماذا سيكون رأيه فيها لو إنه لم يعرفها في مثل تلك الظروف في الحانة .

و ما لبثت إن سيطرت على أفكارها بحزم ، محذرة نفسها من إن الإستغراق في التصورات و أحلام اليقظة سيزيد الأمور سوءً .

بدت الكآبة في عيني أندريس و هو يقود ساسكيا نحو مخرج الطائرة فهنالك تناقض كبير في الطريقة التي أصبح يرى فيها إلى ساسكيا الآن و الطريقة التي رآها فيا المرة الأولى ،
و لراحة باله و اطمئنانه ، تمنى لو بقيت كما رآها للمرة الأولى ، لإن هذا الضعف الذي تجاهد لإخفائه بكل عزم و كبرياء ، قد أثر في نفسه بشكل لا يمكن إن تحدثه برودة مشاعر إمرأة كأثينا .كانت ساسكيا تملك دفئاً و إنسانية و أنوثة مما جعل رجولة أندريس تفيض و تستجيب بشكل بالغ الخطورة .

حاول أندريس متجهماً ، إن لا يدع نفسه يفكر في شعوره عندما عانقها ، فقد فعل ذلك في البداية بشكل غريزي عندما استشعر وجود أثينا في الشقة ، من خلال رائحة عطرها المخيفة الطاغية ،

أما كيف حصلت أثينا على المفتاح فهذا ما لا يعرفه .
اشتبه في إنها احتالت بشكل ما ، و أخذته من جده .
لكن العناق الذي أغدقة على ساسكيا كوسيلة لتأكيد نبذه لأثينا أرغمه ، بشكل غير متوقع و لا مألوف ، على الإعتراف .. بشيء ما زال يحاول جاهداً إنكاره .

لم يشأ على الإطلاق إن يرغب في ساسكيا ، و حتماً لم يشأ أيضاً الشعور بهذه الرغبة الدائمة في حمايتها و طمأنتها .

كان الطقس في مدينة أثينا حاراً جافاً ، إنما هنا في الجزيرة فالهواء رقيق منعش عطر و مثير للبهجة ، كما وجدته ساسكيا و هي تظلل عينيها من و هج الشمس و هي تخرج من المطار ، و نظرت بشيء من التردد إلى الشخصين الذي كانا واقفين لإستقبالهما .

قال أندريس بصوته الأجش ، وهو يناولها النظارات الشمسية :
" خذي يا حبيبتي ، لقد نسيت هذه "

مما زاد في اضطرابها و لكن ليس بقدر ذلك الإضطراب الذي شعرت به و هو يشدها إليه بذراعيه الدافئتين الثقيلتين و يهمس بشكل مسموع :
" شمسنا قاسية جداً على عينيك الجميلتين "

شعرت ساسكيا بأصابعها ترتجف و هي تأخذ منه النظارات .

لاحظت إن شعار المصمم المطبوع عليها و هذا يعني حتماً بإنها أغلى ثمناً من أي نظارات شمسية استعملتها قط .
و عندما استعادها أندريس منها و وضعها على عينيها برفق ، اكتشفت إنها تناسبها تماماً .
مال نحوها إلى الأمام و همس في أذنها بهدوء :
" تذكرت إننا لم نشتر واحدة في لندن و أدركت إنك ستكونين بحاجة إلى النظارات ".

و كانت ذراعه ما زالت حول جسمها و ذراعه الأخرى حول كتفيها و كأنه يريد احتضانها أكثر .

و أدركت ساسكيا إنهما على هذه الحال سيبدوان حميمين للغاية لمن يراهما ، و هذا السبب - دون شك – في إعطائها النظارات و احتضانها بهذا الشكل .

حسناً بإمكان الإثنين إن يلعبا بتلك اللعبة ، و دون إن تفكر في التعقيدات الناتجة عما ستفعله ، و ضعت ذراعها حول عنقه رافعة وجهها إليه و هي تجيبه متمتمة :
" شكراً، يا حبيبي ، أنت حساس للغاية "

أدركت مسرورة إنها أدهشته ، رأت ذلك في عينيه ، كما رأت شيئاً خطيراً جعلها تنزع يدها عن عنقه بسرعة ، متراجعة إلى الخلف إلا إنه لم يسمح لها بالإبتعاد كثيراً ، فقد كان ما يزال ممسكاً بيدها ، و هو يقودها نحو المرأتين المنتظرتين ، ثم قال للمرأة الأكبر :
" هذه ساسكيا خطيبتي يا 'ماما' ".

أخذت ساسكيا تنظر إليها بحذر ، مدركة إنها لو كانت هي و أندريس مخطوبين حقاً و مغرمين ببعضهما البعض ، لتملكها القلق و هي تنتظر لترى إن كان بإمكانها عقد رباط حقيقي مع والدة أندريس .

كانت الأم تشبه أثينا كثيرا رغم إنها ، طبعاً ، أكبر سناً .
لكن التشابه تلاشى عندما نظرت ساسكيا في عينيها و رأت الدفء الذي تفتقده أثينا .

كما بأن على والدة أندريس رقة و حلاوة و خجل تقريبا و أدركت ، ساسكيا بالبديهة ، إنها امرأة إذا أحبت ، تحب رجلاً واحداً و إذا فقدته ، لبست الحداد عليه للأبد .

و بادرت ساسكيا بالقول :
" يسرني التعرف إليك ، يا سيدة لاتيمر" .

و لكن والدة أندريس هزت رأسها على الفور ، مؤنبة :

" ستكونين كنتي يا ساسكيا ، و لهذا عليك رفع الكلفة معي



ثم مالت إلى الأمام واضعة يدها على ذراع ساسكيا و أضافت :
" اسمي هيلينا ، أو يمكنك ، إذا شئت مناداتي (ماما) كما يفعل أندريس و ابنتاي ".

ثم نظرت إلى ابنها وقالت بحرارة :
" إنها جميلة ، يا أندريس".
فوافقها أندريس باسما :
" وحتما إنا أراها كذلك ، يا ماما ".

فأضافت الأم برقة :
" عنيت ظاهرا وباطنا ".
فأجابها أندريس بالحماسة والشعور نفسها :
" وإنا عنيت ذلك أيضا".

فحادثت ساسكيا نفسها وهي ترتجف :
" يا للسماوات .. إنه ممثل رائع حقا . فلو إنها لم تكن تعلم شعوره الحقيقي نحوها ، لكانت تلك النظرة الشغوف الحانية التي رمقها بها الآن فعلت فعلها .. من الممكن إن .. ".

ثم راحت تفكر ساخطة بأن رجلا مثله يجب إن يحاذر من منح امرأة ضعيفة نظرة كهذه . ونسيت ، للحظة ، إن أندريس ، حتى الآن ، يعتبرها أي شيء ما عدا إنها ضعيفة .

وتابع أندريس تقديم صغرى المرأتين :

" وهذه أوليمبيا أختي ".

==================


ورغم إنها سمراء كأمها ، فقد كانت أيضا ذات عينين فاتحتي اللون وابتسامة مرحة جعلت ساسكيا تشعر نحوها بالحرارة على الفور ، وقالت أوليمبيا بعطف :
" يا للسماوات ، الحر شديد هنا ، لا بد إن ساسكيا المسكينة تذوب الآن.

فقال لها أندريس :

" كان بإمكانكما انتظارنا في البيت ، وإرسال سيارة "اللاندروفر " مع السائق ".

فقالت أوليمبيا وهي تهز كتفيها رافضة :
" لا ، هذا غير ممكن ".
صدر عن الأم صوت احتجاج خفيف ، فنظرت إليها ابنتها يقلق 0وهي تقول :
" حسنا ، يجب إن يعرف ..".

فعبس أندريس وسأل مستفسرا :
" علي إن أعرف ماذا ؟".

فقالت الأم بتعاسة :" أثينا هنا ، جاءت منذ فترة وهي ..".

فعاد أندريس وسأل :
" وهي ماذا ؟".

فتابعت أمه تقول :
" قالت إن جدك قد دعاها ".

فقالت أوليمبيا غاضبة :
" إنك تعرف ما يعني هذا ، أليس كذلك يا أندريس؟
هذا يعني إنها ألحت على جدي ليطلب منها البقاء معنا ، وهذا ليس كل شيء ..".

فقالت لها أمها باستياء :
" أوليمبيا ..".

لكن أوليمبيا رفضت السكوت فتابعت :
" لقد أحضرت معها ذلك الرجل المقزز للنفس "أريستوتل" قائلة إنها تقوم بعمل هام وإنها تحتاجه فهو المحاسب ".

وأضافت اوليمبيا بالقول :
" إذا كان الأمر هاما إلى هذا الحد ، من أين وجدت الوقت للمجيء إلى هنا ؟
آه ، كم أكرهها !
هذا الصباح راحت تتكلم وتتكلم عن مدى اهتمام جدي بسير العمل وكيف سألها بإلحاح النصيحة لإنه خائف من إنك ..".

واحتجت الأم مرة أخرى :
" أوليمبيا .." وهذه المرة سكتت أوليمبيا ، ولكن لثوان قليلة فقط ، ثم إنفجرت بعدها وكأنها لم تعد تحتمل ، فقالت :" الذي لا أفهمه هو لماذا جدي مأسور بها إلى هذا الحد ، إن ما تفعله واضح، فهي فقط تريد الحصول عليك ، يا أندريس ، لإنك ترفض إن تتزوجها ".

فقالت الأم تعتذر لساسكيا :
" إنا آسفة لهذا ،فالأمر غير سار لك ، لم تتعرفي إلى أثينا بعد ،أنا أعرف ..".

فقاطعها أندريس شارحا لأمه وأخته :
" لقد تعرفت عليها ساسكيا . فأثينا استطاعت ، بطريقة ما ، الحصول على مفتاح شقتي في لندن".

فقالت أوليمبيا لساسكيا :
" إنها سيئة للغاية ، أليس كذلك ؟
إنا أسميها (العنكبوت الأرملة السوداء) ".

فقال أندريس مؤنبا بحدة :
" أوليمبيا !".
فقالت له وهي تنظر إلى أمها :
" ماما لم تخبرك بكل شيء بعد ، لقد أصرت أثينا على الاستيلاء على الغرفة التي أعدتها أمي لساسكيا ، وهي الغرفة التي بجانب جناحك ..".

فقاطعت الأم ابنتها بحزن :
" حاولت منعها ، يا أندريس ، ولكنك تعرف عنادها وقالت لي إن بإمكان ساسكيا أخذ الغرفة الكائنة آخر الممر . أنت تعرفها ، إنها الغرفة التي نستعملها عند الحاجة ، حتى إنه لا يوجد فيها سرير جيد ، عليك إن تقول شيئا يا أندريس . دعها تفهم إنه ليس بإمكانها.. ليس بإمكانها إشغال تلك الغرفة لإن ساسكيا ستستعملها ".

فقال أندريس معارضا أمه وهو يحتضن ساسكيا بشدة ويضمها إليه حتى أخفى وجهها في صدره :
" لا ، لن تستعملها . ساسكيا ستشاركني غرفتي.. وسريري..".

أحست ساسكيا بالصدمة تستولي عليهما رغم عدم استطاعتها رؤية وجهيهما .
لقد أدركت الآن سبب احتضانه لها بهذه الشدة . .
ذلك ليمنع أي شخص آخر من رؤية ما يرتسم على وجهها من تعبير خائف ، أو يسمع الاستنكار المذعور الذي حاولت إظهاره ، فاختنق في قميصه.

ليس هناك ما يجعلها تقبل شيئا كهذا ، لكن محاولاتها لقول هذا لأندريس زادت من التصاقها به وهي تحاول النظر إلى وجهه .
تجاوبه مع محاولاتها جذب أنتباهه ، جعل الوضع أسوأ ، لإنه عندما أحنى رأسه وكأنه ملهوف إلى سماع ما تريد قوله، احتكت شفتاها بذقنه.

لا بد إن امتزاج الحرارة بالصدمة هو ما أرسل تلك المشاعر تنساب في كيانها ، وجعلها تشعر بالدوار .

وبانت الصدمة على وجه أوليمبيا التي تساءلت بصوت خافت متلعثمة:
"ساسكيا ستشاركك غرفتك؟".

وشعرت ساسكيا بصدمة أوليمبيا وفكرت بأن الحرج منع أمه عن الكلام.

فقال أندريس ملاطفا أخته:
" إننا مخطوبان .. وقريبا سنتزوج..".

ثم أضاف ، بلهجة أكثر خشونة وتملكا :
" ساسكيا لي ، وأريد إن يعلم هذا كل إنسان وخصوصا أريستوتل ، لا أدري كيف بإمكان أثينا إن تحتمله ".
فقالت أوليمبيا وهي ترتعش :
" إنه كالحية ، يا ساسكيا ، بارد لزج، ذو عينين صغيرتين مخيفتين ويدين رطبتين ..".

فقال أندريس بجفاء:
" أثينا تحتمله لإنه ذو مهارة "خلاقة" في المحاسبة".

فسألته أوليمبيا بحدة :
"أتعني إنه غير نزيه !".

فقال أندريس محذرا أخته :
" أنت لم تسمعي ذلك مني".

ثم قادهن نحو سيارة "اللاندروفر" المنتظرة .

أثناء كلامهم ، كان السائق قد حمل أمتعة أندريس و ساسكيا ، وعندما أمسك بالباب ليفتحه للنساء الثلاث ، سمعت ساسكيا أندريس يسأله عن أسرته ، مصغيا باهتمام بينما أخبره السائق مزهوا عن ابنه الذي بات في الجامعة .

وقالت أوليمبيا لساسكيا :
" لم يكن جدي مسرورا أبدا عندما قال أندريس إنه يريد استعمال المال الذي تركه لنا أبونا ليساعد في دفع نفقات تعليم موظفي منزلنا ".

فاعترضت أمها قائلة :
" أوليمبيا ، أنت لا تنصفين جدك تماما بقولك هذا".
فسألتها ساسكيا :" هل فعل أندريس هذا ؟".
رافضة بعناد الاعتراف بحبه للاحسان .

هل كان يعني حقا ما قاله عن إنها ستشاركه غرفته؟
ولكن لا يمكنه فعل ذلك ، طبعا . إنها ، شخصيا ، لا تهتم بالمكان الذي تنام فيه ..
حتى ولو كانت غرفة دون سرير وغير مستعملة ، طالما تستعملها وحدها.

قال أندريس :
" لقد أمضينا يوما شاقا وأظن إن ساسكيا تريد إن ترتاح قبل العشاء ".

وتوقفت السيارة بهم في فناء مبلط تتوسطه نافورة ترسل الماء ممزوجا بالموسيقى إلى أعلى ليتناثر رذاذا على أرض الفناء . وقالت الأم :
" سأخبر الجميع بألا يزعجوك ولكن ربما تريدين يا ساسكيا إن تشربي أو تأكلي شيئا قبل ذلك ".

وقبل إن تقول ساسكيا شيئا ، أجاب أندريس عنها :" سأهتم إنا بذلك".

ثم أمسك بمرفق ساسكيا قائلا لها بصوت رقيق اشتبهت في إنه يتضمن تهديدا :

" من هنا ، يا ساسكيا ..".

=========

..مــايــا.. 27-06-08 09:46 AM

الفصل السابع:-

شكوك مستحيلة


لا يمكنني النوم معك في هذه الغرفة
شعرت ساسكيا بنفسها ترتجف عندما قادها أندريس خلال ممرات معقدة .
كانت تعلم بإنه لا بد وأحس بتوترها ، لكنها استطاعت ، بشكل ما ، السيطرة على مشاعرها حتى أصبحا داخل غرفة أنيقة فسيحة فأغلق الباب خلفهما بعزم .

لكن مزاجها لا يسمح لها الآن بالإعجاب بما يحيط بها من أناقة وجمال . واستدارت لتواجه أندريس بحزم:
" هذا ليس جزء من الاتفاقية ".

فأجابها بغضب :
" الاتفاقية تقول بأن عليك تنفيذ دور خطيبتي ، وهذا يتضمن كل ما يجب فعله ليصدقوا التمثيل ".

فاحتجت ساسكيا بعنف :
" لن أنام هنا معك . إنا لا .. إنا لم .. ".

ولم تستطع النظر إلى السرير الضخم المزدوج لإن الذعر تملكها مبددا كل تعقل فيها .
لقد عانت الكثير ، وهي الآن متعبة وقد أرهقها الحر وهي خائفة جدا جدا ، وأحست بأن مشاعرها تكاد تدمرها .

أشاحت بوجهها بسرعة عندما سمعته يقول بواقعية :
" سأذهب لأستحم ، وإذا شئت نصيحتي افعلي مثلي ، فإذا شعرنا ،
نحن الاثنين ، بأننا أصبحنا أهدأ وأكثر اتزانا ، يمكننا حينذاك مناقشة الوضع بهدوء ".

الاستحمام !
ومع أندريس !
وحدقت ساسكيا إليه ذاهلة غير مصدقة .
أتراه يعتقد بإنها سوف .. إنها قادرة على .. ؟

وقال لها مطمئنا بعد إن رأى ذهولها :
" يمكنك إن تستعملي الحمام أولا ".

أولا !
إذن فهو لم يكن يعني .. فشعرت بارتياح سرعان ما تبعته ثورة غضب جعلتها تنفجر قائلة :
" لا أريد استعمال الحمام على الإطلاق .
ما أريده هو إن أكون في بيتي ، بيتي إنا ، في غرفتي وفي حمامي ، ما أريده هو التحرر من .. من هذه المهزلة السخيفة .. ما أريده .. ".

واضطرت إلى السكوت عندما كادت مشاعرها تدمرها .. لكنها لم تستطع إلا معاودة الانفجار بسيل من الكلمات الغاضبة :
" كيف جعلت أمك وأختك تظنان إنني .. إننا .. ؟".

وهزت رأسها ، عاجزة عن التعبير بالكلمات المناسبة عما تريد قوله .
لكن أندريس لم تراوده هذه الشكوك فأكمل لها كلامها :
" إننا عشيقان ؟
وماذا عليهما إن يظنا غير ذلك ؟
إنني رجل ، يا ساسكيا ، ويفترض إننا خطيبان .
وإذا كنا كذلك حقا ، أتظنينني كنت أصبر عليك لحظة ..".

فقاطعته بتهكم :
" أتريد تذوق البضاعة قبل شرائها ؟
طبعا ، رجل مثلك يفعل ذلك لكي يتأكد ..".

وأجفلت وهي ترى كيف كان ينظر إليها ، والغضب المر في عينيه ، ثم أجابها بحدة :
" هذا النوع من التعليقات نموذجي من امرأة مثلك تؤجل كل شيء ريثما يتم الاتفاق على المال .
حسنا ، دعيني أخبرك ...".

لكن ساسكيا لم تدعه ينهي كلامه ، راغبة في الدفاع عن نفسها :
" أنت الذي قلت..".

فقاطعها :" ما قلته ، عندما قاطعتني ، هو إنني لو كنت أحبك حقا ، لما استطعت حرمان نفسي ،
أو حرمانك ، من بهجة إبراز ذلك الحب بأكثر الطرق الجسدية تقاربا ...
ما كانت هناك طريقة تجعلني أتحمل ابتعادك عن نظري أو ذراعي ، وخصوصا فترة الليل بطوله !".

راحت ساسكيا ترتجف عندما أصابت كلماته وترا حساسا في داخلها .. وترا أثار الشوق في صميم أنوثتها مما جعلها على حافة البكاء دون إن تدري . وسرى الذعر في كيانها فبدد كل ذرة تعقل فيها ، وشعرت بقلبها يخفق بحدة ولهفة .

فتحت فمها لتخبر أندريس بإنها غيرت رأيها ، و إنها تريد الذهاب إلى بيتها ، و إنها غير مستعدة للبقاء هنا أكثر من ذلك ، مهما حاول ابتزازها لكن ذعرها لم يكن ناشئاً من خوفها منه فقط .. إنما ، الآن كانت نفسها هي التي تخافها ، فالمشاعر التي بدأت تحس بها و الأفكار التي أخذت تتملكها أخافتها . لم تستطع إن تدع نفسها تنجذب إليه ، فهو ليس من النوع الذي تحبه من الرجال على الإطلاق . لقد أبغضتها الطريقة التي عاملها بها ،و كيف إنه أساء الحكم عليها . لكنها لم تستطع التخلص من المشاعر الشوق التي شعرت بها نحوه عندما تحدث عن رغبته في المرأة التي يحبها .

- لا أستطيع .

و سكتت عندما رفع أندريس يده محذراً ليسكتها فسمعا طرقاً على الباب .

أنتظرت ساسكيا ، وقد جف حلقها ، بينما ذهب أندريس ليفتح الباب .
عندئذ أدخل السائق حقائبها . لم يكن سائق اللاندروفر .ز و إنما رجل آخر أصغر جثة .

راح أندريس يتحدث باليونانية و يبتسم له بحرارة ، ثم ضحك متفكهاً بينما الرجل العجوز ينظر إلى ساسكيا ، ثم يربت على كتفه بابتسامة عريضة .
و عندما رحل الرجل سألت ساسكيا أندريس :
" ماالذي كنتما تتحدثان عنه ؟ "

- كان " ستا فروس" يقول إن الوقت قد حان لكي أتزوج .
إنه لا يجدر بي تضييع الوقت لكي أنجب صبياً .

شعرت بوجهها يحمر إلى جذور شعرها ، و راحت تنظر إلى كل مكان ما عدا السرير الواسع القائم في وسط الغرفة .
رغم مكيف الهواء في الغرفة ، شعرت بالاختناق ، وعدم القدرة على التنفس ..
و إنها وقعت في الشرك و تتلهف للفرار .
فقال أندريس بلهجة عملية مقاطعاً أفكارها و هو يشيح عنها :
" أنا داخل إلى الحمام "

عندما توارى ، نظرت ساسكيا إلى الباب الذي يؤدي إلى الممر ، و تمنت لو إن لديها الشجاعة لكي تخرج و تطلب إعادتها بالطائرة على الفور إلى مدينة أثينا ، لكنها إن فعلت ذلك ستفقد وظيفتها حتماً .. سيفعل أندريس هذا بالتأكيد .

حاولت بشدة تركيز أفكارها على شيء آخر ، غير وضعها المخيف هذا .ز كرهت ما يفعله أندريس بها رغماً عنها . كما كرهته هو نفسه .. و لكن .ز هل هذا صحيح ؟
و لم تستطع الإجابة على سؤالها بصدق ، فأخذت تتفحص المنظر القائم خلف البابين الواسعين اللذين يؤديان إلى فناء مسور يحيط بحوض سباحة مغر ملحق به بحيرة مياه معدنية فوارة .

كانت واحات صغيرة من النباتات الخضراء قد شقت طريقها عبر البلاط لتحد من قسوة الشمس الساطعة بينما كانت المظلات كبيرة تخفف من تلك الأشعة و تسمح بالاستمتاع بها .بدا المشهد بأجمعه و كأنه مأخوذ عن كتيب يصف إجازة جميلة استثنائية ، إجازة من ذلك النوع الذي لا تستطيع ساسكيا النظر إليه إلا بحسرة ، لإنه بعيد جداً عن متناولها ، إنما حالياًً ، المكان الوحيد الذي كانت تريده ، هو بيتها الآمن .

لا يمكن لأندريس حقاً إن يتوقع منها مشاركته الغرفة ، فكيف بالسرير . لا يمكنها إن تفعل هذا . لا تريد .. إنها .
- الحمام خال .

و جمدت في مكانها ، كانت مستغرقة في أفكارها بحيث لم تدرك إن أندريس بات معها في الغرفة .. واقفاً خلفها مباشرة تفوح منه رائحة النظافة . ثم قال لها :
" سأذهب و أحضر إليك طعاما خفيفاً ، فالعشاء لن يجهز قبل عدة ساعات،و إذا شئت نصيحتي ، حاولي إن ترتاحي قليلاً ، فاليونانيون يتأخرون في تناول الطعام و كذلك في الذهاب إلى النوم ".

فأنفجرت قائلة بخوف :
"لكنني ظننت إننا سنحصل على غرفتين منفصلتين ، ما كنت لأقبل بالمجيء إلى هنا قط لو إنني علمت بأنني ..".

ثم شعرت به يقترب منها و يحاول لمسها ، فصاحت مستنكرة
" لا ! إياك إن تجرؤ على لمسي ".

لقد أحست بإنها لا تستطيع إحتمال لمساته .

و بغضب بالغ ، اندفعت ساسكيا نحو الباب ، لكن أندريس استطاع إن يسبقها إليه ساداً عليها الطريق حيث أمسك بها و إنغرزت أصابعه في لحمها الطري ، و قال بشدة :
" ماذا تظنين نفسك تفعلين ،بحق الجحيم ؟
ما الذي تدعين إنك تخافين منه بالضبط ؟
هذا ، امرأة مثلك ؟.."

و شهقت ساسكيا و ارتجفت من رأسها إلى أخمص قدميها عندما التفت ذراعه حولها و أطبق عليها يعانقها .
عانقها بشدة و بشعور محموم غاضب مما جعلها تشعر بالضعف .
و أخذ الدم يهدر في رأسها قد أدركت عدم قدرتها على التصرف إزاء خبرته العنيفة المتغطرسة هذه .

- كفى تمثيلاً لدور البريئة الساذجة .

سمعته ساسكيا يتمتم بذلك ، و هو يشدها إلى جسده أثناء استناده إلى الباب خلفه جاراً إياها معه ، و يده الأخرى تلف كتفيها ، و شهقت ساسكيا و قد سرى الدم حاراً في جسمها ،

و رغم غضبها شهرت بفضول إنثوي جعلها دون إدراك منها تبادله العناق إنما بخجل و تردد .

-

أندريس ، هل أنت بالداخل ؟
إنا أثينا .. أريد إن أتحدث إليك .

جمدت ساسكيا و هي تسمع صوت أثينا من خلف الباب .

لكن أندريس لم يظهر عليه أي دليل على الإضطراب أو الإرتباك . إنما فتح الباب و ما زال ممسكاً بساسكيا يضمها إليه بقبضة لم تستطع الفكاك منها ، و قال لأثينا بخشونة :
" ليس الآن يا أثينا . إنا و ساسكيا مشغولان كما ترين :.
فقالت بحدة و غضب و هي ترمق ساسكيا بنظرة حاقدة :
" هل هي معك ؟ لماذا هي ليست في غرفتها ؟ "
فأجاب ببرودة :
" إنها في غرفتها فعلاً . غرفتي هي غرفة ساسكيا و سريري .. سريرها .. ".

فقالت أثينا بصوت خافت :
" لن يسمح لك جدك قط بالزواج بها "
لكن أندريس أغلق الباب متجاهلاً إلحاحها .

أما ساسكيا فقالت بلطف :
" دعني ، يا أندريس ".

و كانت عاجزة عن احتمال النظر إليه ، أو التفكير في استجابتها له ، و مبادلته العناق .

و نظر إليها أندريس هازئاً :
" حسناً يا ساسكيا ، هذا يكفي ، أنا أعرف إنني أردت منك تمثيل دور الخطيبة المخلصة ، و لكن هذا لا يعني الإدعاء بأنك بريئة لم تعرف قط .. "
و سكت فجأة مقطباً جبينه ، مفكراً في هذه الشكوك غير المرغوب فيها التي خطرت بباله و هو يرى وجهها الشاحب و عينيها المضطربتين حتى عندما تركها ، بقيت ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها مما جعله يقسم ، في تلك اللحظة ، على إنه عندما أخذها بين ذراعيه و عانقها . كان أول رجل يجعلها تشعر بهذا الشكل .
منتديات ليلاس
بقي لحظة يتأمل ما كان يفكر فيه و يشير به ، ثم ما لبث إن نبذ شكوكه هذه بحزم.
يستحيل إن تكون ساسكيا عديمة الخبرة ، لا يمكن ذلك أبداً .
كان يونانيا بما فيه الكفاية لكي يعتبر إن نعمة الطهارة هي إحدى أكبر النعم التي يمكن لإمرأة تقديمها إلى من تحب .
لكن تراثه الثقافي من والده الإنكليزي و دراسته جعلاه يسخر من أو حتى يرثي لهذه المفاهيم المهجورة . بصفته رجلاً ناضجاً ، يتقبل و يحترم حق المرأة في اختيار تصرفاتها بمشاعرها .

لكنه يعلم أيضاً إنه ، بصفته حبيباً أو زوجاً ، لديه نزعة إلى التملك تحتوي على حنين عميق و رغبة محمومة في إن يكون شريك حبيبته الوحيد ، و شوق في نفسه إلى تعليمها ما هو معنى الحب . و حالياً رأى في ردة فعل ساسكيا ما يلهب مشاعره التي كان يجاهد للسيطرة عليها .. مشاعر هي رغبة بدائية لرجل يوناني !

و قطعت ساسكيا أفكاره مكررة و هي عاجزة عن الحركة :
" إنا لن أنام في هذه الغرفة معك ,أنا .."

و راح أندريس يفكر متجهماً :
إذا كانت ساسكيا تمثل ، فهي تستحق الأوسكار .
و لكن آخر ما كان بحاجة إليه هو خطيبة يبدو عليها الرعب لكونها معه ، عليه تهدئة روعها ، وتهدئة أعصاب كل منهما .

فقال بهدوء :
" تعالي معي ".
أمسك يدها وقادها إلى أحد الأبواب المؤدية إلى خارج الغرفة.

عندما فتحه ، رأت ساسكيا الغرفة التي خلفه مؤثثة بأحدث الأجهزة التقنية . ثم سألها :
" هل تشعرين بتحسن إذا قلت لك إنني أنوي النوم هناك ؟".

فهمست و هي ترتجف :
" هناك .. و لكنه مكتب ، لا يحتوي على سرير ".

- يمكنني إحضار إحدى الكراسي الكبيرة من قرب حوض السباحة و النوم عليه .

- أتعني ..
و كانت حذرة . كارهة تصديقه أو الوثوق به . و أومأ برأسه متجهما ، متسائلاً عما يجعله يسمح لضميره بإرغامه على مثل هذا الوضع السخيف .
كان يعلم إنها لا يمكن أبداً إن تكون تلك الساذجة الخائفة البريئة التي تتظاهر بإنها عليه .

و قالت ساسكيا بتردد :
" و لكن لابد إن يلاحظ أحد إذا أنت أحضرت الكرسي تلك ".

فأجاب :
" غرفتي فقط لها باب يفتح على منطقة البحيرة هذه . إنه موقعي الخاص .
أما البحيرة العامة التي يستعملها الجميع فهي تقوم في الناحية الأخرى من الفيلا ".

بحيرته الخاصة ؟
و جاهدت كيلا يؤثر عليها ذلك . و لكن يبدو إنها لم تبذل جهداً كافياً ، و نظر أندريس إليها بفارغ الصبر :
" إنا لا أحاول التباهي بذلك ، يا ساسكيا . فإنا أكره هذا النوع من التباهي المنافي للرجولة .
قد يكون أبي مليونيراً لكنني لست كذلك ".

لم يكن هذا صحيحاً تماماً لكن شيئاً في عيني ساسكيا جعله يريد إقناعها بإنه ليس من الشبان العابثين العاطلين عن العمل ،و لا عمل له سوى الجلوس بجانب بركة السباحة طوال النهار .

ثم أضاف أندريس بلطف :
" كل ما في الأمر إنني أحب السباحة في الصباح الباكر ، عندما أكون هنا في الفيلا .
و قد كانت شقيقتاي تتذمران من إنني أوقظهما من النوم باكراً ، و لهذا أشأت هذه البركة لاستعمالي الخاص ، فالسباحة تساعد ذهني على الصفاء بقدر ما تسمح لي بالتمرين الجسدي "

كانت ساسكيا تتفهم كلامه ، فهي تشعر بالشيء نفسه بالنسبة إلى المشي ، حيث كانت تخرج للتمشي كلما تملكها القلق ، أو واجهتها مشكلة بحاجة إلى حل .

أخذ ينظر إليها و هو يتساءل عابساً ، عما يجعله يتحمل كل هذا الانزعاج في سبيل تهدئتها و طمأنتها ، و راح يفكر في ذلك الخفقان القلق الذي شعر به عندما ضمها إليه ، بإنه حتماً زائف لا سبيل إلى الظن بغير ذلك ، تماماً كتلك العينين الكبيرتين المتسعتين اللتين تراقبانه بحذر .

عضت ساسكيا شفتيها و هي تحول نظراتها عنه . و بات واضحاً إن أندريس يعني ما يقول حقاً بالنسبة إلى نومه في المكتب ، إنما حالياً لم يكن ترتيب أمر النوم في طليعة اهتماماتها بقدر ما هو اهتمامها بما كان يحدث أثناء يقظتها .. أضف إنها كانت تفكر بما شعرت به و هو يعانقها ...

هل يعقل إن تكون في أعماقها ، قد أرادته إن يضمها ؟
إذ من المستحيل حدوث ذلك من دون وعي منها ، و لكن ما هو تفسير الطريقة التي تجاوبت بها معه ؟
و ألح عليها ضميرها بالجواب ، إلا إنها سمعت أندريس يقول بجفاء :
" حسناً ، و الآن بعد إن حللنا هذه المشكلة ، لدي بعض الأعمال علي القيام بها . لم لا تأكلين شيئاً ثم ترتاحين ؟" .

فقالت :
" علي إنا أخرج أمتعتي من الحقائب ".

- إحدى الخادمات ستفعل ذلك أثناء راحتك .

و عندما رأى تعابير وجهها ، قال بلطف :
" إنهم مستخدمون عندنا يا ساسكيا .
يعملون لتحصيل معيشتهم تماماً كما نعمل ، أنت و إنا لتحصيل معيشتنا ".

ثم تركها و خرج
********

..مــايــا.. 27-06-08 09:49 AM

أه آسفة لم أوقظك ، أليس كذلك؟
لكن وقت العشاء سيحين قريباً ففكرت إنك قد تريدين الاستعداد لذلك .

عندما استيقظت ساسكيا تماماً و جاهدت لكي تجلس في الفراش ، رأت إن زائرتها غير المتوقعة هي أوليمبيا .
الإبتسامة التي بدت على وجه أوليمبيا جعلت ساسكيا تشعر بالحرارة تجاهها ، ثم أضافت اوليمبيا :
" في العادة نرتدي ملابسنا هنا في الطابق السفلي و ليس في الأعلى .
لكن أثينا ستجاهد لتبدو مميزة "

فسألت ساسكيا بلهفة :
" أين ..؟"
لكنها لم تكمل سؤالها ، إذ أكملت أوليمبيا عنها .
-أين أندريس ؟ لقد اتصل جدي هاتفيا طالبا الحديث مع أمي ثم أراد التكلم مع أندريس ، وربما ما زالا يتحدثان . وعلي تنبيهك إلى إن أندريس ليس في مزاج جيد .

وعندما رأت أوليمبيا الاهتمام في عيني ساسكيا ، أسرعت تطمئنها :
" آه ، هذا ليس بسببك بل بسبب أثينا . لقد أحضرت محاسبها معها و أندريس غاضب للغاية، فهو لا يطيقه ، ولا نحن ، لكن أثينا أكدت إن جدي دعا "أريستوتل" شخصيا".

عندما توجهت أوليمبيا لتنير الغرفة ، أنزلت ساسكيا قدميها إلى الأرض ، قفد نامت بكامل ملابسها مما جعلها تشعر الآن بالقذارة و عدم النظافة ، ثم فكرت إن جلوسها إلى مائدة العشاء مع أندريس و أثينا لم يكن شيئاً تنتظره بشوق و لكن أولمبيا على حق في شيء واحد و هو إنه عليها هي أيضاً إن تبدو مميزة ،و لا شك إن أندريس بتوقع هذا منها . إذ ليس لديها عذر في عدم القيام بذلك و حقيبتها ملأى بالملابس الجدية التي اشتراها لها أندريس ،
فقالت أوليمبيا :
-ماريا أفرغت حقائبك . و قد ساعدتها إنا لقد أعجبني ذلك الثوب الأسود الذي أحضرته معك ، ملابسك رائعة . بقي أندريس يتردد إلى هنا محذراً بعدم إحداث ضجة كيلا تستيقظي . إنه يهتم كثيراً لأمرك .

ثم رمقت ساسكيا و قالت بهدوء و دفء:
" إنا و أمي مسرورتان جدا لإنه تعرف إليك . نحبه طبعاً ، لكننا أبتدأنا نخاف من إستسلامه لأثينا لأجل جدي .. و نحن نعلم إنه لن يستطيع إن يحبها أبداً ،أظنه أخبرك بما فعلته به عندما كان صغيراً ".

و دون إن تنتظر أوليمبيا جواب ساسكيا، تابعت متدفقة في الكلام :
" لا يفترض بي معرفة ذلك بالحقيقة لكن أختي ليديا أخبرتني و أقسمت علي كتم السر .
و لكن طبعاً لابأس من التحدث معك عن ذلك لإن أندريس لابد حدثك عنه . كان حين ذاك ما زال غلاماً في الخامسة عشرة ، وكانت أثينا أكبر منه بكثير و على وشك الزواج .

إنا أعرف إن فرق السن ذاك لا أهمية له بين شخصين راشدين ، لكن أندريس لم يكن راشداً بعد . كان في المدرسة .. فجاءت إليه .. أظن إن أندريس كان رائعاً في شجاعته و أخلاقه لإنه رفض التجاوب معها ..
ثم أتعلمين أيضاً ؟
رغم إدعاء أثينا إنها تحبه ، أظنها تريد معاقبته لرفضه لها .. حسناً ..
هل فهمت ما أعني ؟" .

و راحت ساسكيا تفكر كيف حاولت أثينا إن تغوي أندريس عندما كانت مجرد تلميذ في المدرسة !
و جاهدت بشدة لكبح ما أثارته هذه الوقائع من صدمة و اشمئزاز في نفسها .

صحيح إن السنوات السبع التي تفرقهما ليست بالكثيرة ، و هو ليس كبيراً إلا إنه بالنسبة إلى إمرأة في العشرينات تحاول إغواء غلام في الخامسة عشرة .. فذلك فساد دون شك ..
و سرت في جسمها قشعريرة باردة .

هل يعقل إن تدع امرأة كأثينا مجرد خطيبة زائفة ، تقف بينها و بين الرجل الذي تريد ؟

من الواضح إن أثينا متلهفة للحصول على أندريس ، و إن كانت دوافعها مغلفة بالأسرار .

كان أندريس من الرجولة بحيث يصعب تصوره في وضع الفريسة و ليس الصياد . و في رأي ساسكيا إذا كان هناك رجل يتميز بالحيوية الفائقة و الشموخ و الكبرياء ، فهو أندريس ...
إلا إنها رأت في شخصية أثينا ، شيئاً مخالفاً منفراً مثل برودة المشاعر و الجشع و التسلط ، مما جعل من الصعب على ساسكيا الإطمئنان إليها أو حتى التفكير فيها بصفتها من بنات جنسها .



كان تصميمها على الزواج من أندريس هائلاً بحيث يرسل قشعريرة في الجسد .

قاطعت أوليمبيا أفكار ساسكيا و قالت بأسف و تأثر :
" طبعاً لولا صحت جدي لما كانت هناك مشكلة، كلنا يعلم هذا . إن جدي يحب الظن بأن أندريس، يعتمد عليه مالياً ، و لكن .. "

و سكتت و هي تهز رأسها ، ثم قالت :
" سترتدين الثوب الأسود، أليس كذلك ؟
إنا متلهفة لرؤيته عليك ، إنه يناسب لون بشرتك تماماً ، بينما لون بشرتي يبدو باهتاً إزاء الأسود .. "

و سمعتا خطوات رجل في الممر أمام باب غرفة النوم ، فقالت أوليمبيا :" إنه أندريس، و هو سيسلخ جلدي إذا ظن إنني أزعجك “

أجفلت ساسكيا عندما دخل أندريس الغرفة و أخذت تنظر إليه و هو ينقل نظراته من السرير إلى حيث كانت تقف أوليمبيا في الزاوية و قال بغضب :" أوليمبيا ، لقد قلت لك ..."

فتدخلت ساسكيا لحمايتها :
" كنت مستيقظة حين جاءت "

لقد أحبت ساسكيا أخت أندريس ، و لو كانت هي تحبه حقاً ، و تريد إن تتزوجه ، لوجدت في هذه الفتاه الدافئة العواطف صديقة وفية .
ألقت أوليمبيا بنفسها على أندريس ضاحكة و هي تحيطه بذراعيها و تخبره بإنتصار .

- أترى !
أنت مخطيء ، يا أخي الأكبر ، و عليك إن لا تكون حازماً متسلطاًً معي بهذا الشكل و إلا رفضت ساسكيا الزواج بك و الآن بعد إن تعرفت إليها ، صممت على إن تكون أختي و زوجة أخي .
كنا نتحدث عما سترتديه للعشاء .
ثم حذرتها من أثينا ستلبس ثوباً غير عادي لكي تتفوق عليها .

فقال بجفاء :
" إذا لم تذهبي إلى غرفتك لكي نستعد جميعاً ستكون أثينا أفضلنا أناقة ".

قبلت أوليمبيا جبينه ثم أسرعت إلى الباب حيث وقفت و هي تنظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شيطانية :
" لا تنسي إن تلبسي الأسود ! "

بعد إن أغلقت الباب خلفها ، قال أندريس لساسكيا :
" آسف لقد سبق و حذرتها من إزعاجك "

إذن لم ينخدع أندريس بكذبتها البيضاء ، فقالت ساسكيا الحقيقة هذه المرة :
" لا يهمني ذلك ، فإنا أحبها " .

فقال أندريس بشيء من السخط :
" ظرف أوليمبيا شيء تميل أحيانا ً إلى استغلاله ، و لكونها طفلة الأسرة ،
فهي سيدتها في الحصول على ما تريد " .

ثم نظر إلى ساعته قائلاً :
" لديك نصف ساعة تستعدين فيها ".

أخذت ساسكيا نفساً عميقاً مهدئاً فما كاشفته بها أوليمبيا أثار فيها شعوراً عميقا من العطف نحو الآخرين .

كان ذلك جزءً من طبيعتها ، إلا إن شيئاً اشتعل في أعماقها محدثاً فيها تغييراً كبيراً و دون إن تعلم كيف حدث هذا ، تحول أندريس في نظرها من طاغية يثير اشمئزازها و خوفها ،
إلى إنسان آخر يستحق منها البطولة و العون لقد أصبح الآن لديها دور هي مصممة على القيام به باذلة كل ما لديها من طاقة و إمكانية لتحقيقه .

أجابته بلهجة أرباب الأعمال :

" نصف ساعة ، في هذه الحالة أود إستعمال الحمام أولاً ".
==============

..مــايــا.. 27-06-08 09:53 AM

الفصل الثامن:

حب بمليون جنيه


-والآن يا ساسكيا،كيف تظنين أنك ستتكيفين نفسك كزوجة يونانية،إذا تزوجتما أنتي و أندريس؟

سمعت ساسكيا شهقة سخط من أولمبيا للطريقة التي طرحت بها أثينا سؤالها،لكنها رفضت السماح
لنفسها بأن ترهبها هذة المرأة ،فمنذ أتخذ الجميع أماكنهم حول مائدة العشاء،أدركت ساسكيا أن أثينا مصممة على إثارة أعصابها قدر الإمكان،
وعلى كل حال،قبل أن تقول شيئاً،كان أندريس يجيب على السؤال بدلاً منها،بلهجة حاقدة
"ليس هناك كلمة"إذا"بالنسبة إلى زواجنا،يا أثينا.ساسكيا(سوف)تصبح زوجتي".

وجاء الآن دور ساسكيا لتخنق شهقة الصدمة التي شعرت بها،لكنها لم تستطع السيطرة على دافع غريزي للنظر إلى أندريس .ماالذي سيفعله إذا كان عليه في النهاية الإعتراف لأثينا بأن خطبتهما قد فُسخت؟
ثم فكرت بأن هذة مشكلته وليست مشكلتها.

لكن شعوراً غريباً ينتابها ،وهي مقتنعة به،وحين خرج أندريس من مكتبه الملحق بغرفة(نومهما)هذا المساء.توقف أمامها تماماً ، قائلاً بهدؤ
"أشك في أن أي رجل يراك الآن قد يفعل أي شيء عدا تمنيه أن تكوني له،يا ساسكيا"

لم يحدث أن ساورتها الرغبة قط في العمل على المسرح ..كان هذا بعيداً عن أمانيها..ومع ذلك
منذ تلك اللحظة شعرت وكأنها قد أنتقلت إلى شخصية جديدة . لقد أصبحت فجأة خطيبة أندريس ومثل أي امرأة عاشقة ،لم تكن فخورة بأن تكون مع حبيبها وحسب.بل تملكها شعور الأنثى بجانب حاميها ، وأصبح القلق في عينيها لأجله وبسببه .وراحت ساسكيا تفكر بما سيشعر أندريس عندما تعيّره أثينا ساخرة بالكلام الذي قاله لتوه حين تنفسخ خطوبتهما؟

ماالذي شعر به عندما أدرك لأول مرة ،وهو غلام ،غاية أثينا منه؟

-الزوجات .أنا أعشق الزوجات
قال أريستوتل هذا ضاحكاً بخلاعة وهو يميل نحو ساسكيا بشكل تمكن معه من وضع يده على ذراعها
أشاحت ساسكيا بوجهها عنه على الفور، فقد كانت تشارك أوليمبيا رأيها في محاسب أثينا . رغم أنه كان طويل القامة،جعله جذعه الثقيل يبدو قصيراً.أما شعره الأسود الكثيف فكان مخضباً بالزيت ، والبذلة البيضاء التي يرتديها فوق قميص أسود ،لم تكن في نظر ساسكيا على الأقل تحسن من شكله، بينما بدا أندريس هادئاً جذاباً مرتاحاً في بنطلون أنيق وقميص قطني أبيض .

إذا كانت بينها وبين نفسها،ظنت أن ثوبها الأسود قد يكون مميزاً نوعا ما،فسرعان ما أدركت صواب رأي أوليمبيا في أقتراحها ارتداء هذا الثوب عندما رأت ثوب أثينا.

ذلك أن ثوبها الأبيض المحكم على جسدها لم يترك للمخيلة شيء.وكانت ساسكيا سمعت أثينا تقول لأندريس معجبة بنفسها:
-لقد صُمم هذا الثوب خصيصاً لأجلي ..بالمناسبة..أرجو أن تكون قد نبهت خطيبتك أنني أحب أن أشاركك السباحة في الصباح .."

لم تستطع ساسكيا منع نفسها من إلقاء نظرة قصيرة مذهولة على أندريس فسّرتها أثينا لحسن الحظ بالغيرة لفكرة أن امرأة أخرى تسبح مع خطيبها.

وبينما كانت ساسكيا تهضم ما سمعته ، سمعت أندريس يجيب أثينا بحدة
"يمكنني تذكر فقط مناسبة واحدة حاولت أنت فيها مشاركتي السباحة الصباحية، يا أثينا،وأتذكر أيضاً أنني أخبرتك بمدى إنزعاجي لأنك أفسدت فترة صباحي الهادئة"

فقالت أثينا دون شعور بالحرج
"آه ،هل خفت من أنني قلت شيئاً لا تريد خطيبتك سماعه؟
ولكن من المؤكد ياأندريس"

ثم تمتمت بصوت أجش وهي تمد يدها لتضعها على ذراعه
"على خطيبتك أن تدرك أن رجلاً جذاباً ومفعماً بالحيوية مثلك..لابد كانت له عشيقات أخريات قبلها.."

كادت أنفاس ساسكيا تتوقف لشدة وقاحة أثينا ،وراحت تتصور ما سيكون عليه شعورها لو أن أندريس كان حقاً خطيبها. وكم كانت كلمات أثينا ستشعرها بالغيرة وعدم الأمان ،إذا ما من امرأة تريد أن يذكرها أحد بالنساء الأخريات اللاتي شاركن حبيبها عواطفه قبلها.

لكن أندريس ،كما يبدو، لم يكن منزعجاً إطلاقاً مما تكشفه أثينا، فقد أزاح ،ببساطة يدها عن ذراعه وذلك بالرجوع إلى الخلف ووضع ذراعه حول كتفي ساسكيا، وضمها إليه إلى حد أدركت ساسكيا معه أنه لابد أحس برجفتها التي لم تستطع منعها،الرجفة التي ازدادت حتى أصبحت تشجناً حين أخذت أصابعه تلامس دون وعي كتفها..قائلاً:
"ساسكيا تعلم أنها المرأة الوحيدة التي أحببت في حياتي ،المرأة التي أريد أن أمضي بقية حياتي معها"

كلما أزدادت ساسكيا إصغاء ومراقبة لأثينا،أزدادت موافقتها على رأي أوليمبيا أن الحب ليس ما يحرك أثينا،فقد كانت تنظر إلى أندريس أحياناً وكأنها تكرهه وتريد تدميره كلياً.

كان أريستوتل لا يزال يحاول جذب انتباه ساسكيا،لكنها تعمدت التظاهر بعدم الإنتباه،لقد أثار إزعاجها لدرجة أن اللمسة الواحدة منه جعلتها ترتعش اشمئزازا،وعلى كل حال،كان التهذيب يدفعها إلى الإجابة على أسئلته قدر إمكانها،رغم أن أسئلته متطفلة لا تطاق.وشعرت بالضيق حين قال ،أنه لو كان محاسباً عند أندريس لأصّر عليها توقيع اتفاقية قبل الزواج تتعهد فيها بأنه إذا انتهى الزواج ،فإن أموال أندريس ستكون في أمان.

وتملكتها الدهشة عندما أنخرط أندريس في هذا الحديث قائلاً لأريستوتل متجهماً إنه ما كان ليطلب من المرأة التي يحبها التوقيع على اتفاقية كهذه.

ثم أضاف أندريس بحزم وصوت عميق وإخلاص واضح
"المال تافه مقارنة بالحب"

فحبست ساسكيا أنفاسها قليلاً وهي تسمع كلام أندريس وهو ينظر إليها،فتذكرت فوراً ظروف"تعارفهما"ورأيه الحقيقي فيها وإذا بها فجأة تشعر بمرارة اليأس البالغ في فمها وتمنت لو تخبره بحكمه الخاطئ وبالحقيقة التي يتمناها.

كان يريحها على الأقل أن أمه وشقيقته تحبانها.أضف أن أوليمبيا أكدت لها أيضاً أن أختها الكبرى ليديا مسرورة مثلهما لحب أندريس لها وهي تتطلع بشوق إلى التعرف بها عندما تعود في أواخر الشهر من بروكسل حيث تقيم مع زوجها وأولادها.

وشعرت ساسكيا بأنه لو لم تحبها أسرة أندريس ،لكانت كرهت ذلك حقاً.

وفجأة أحست ساسكيا بأن وجهها ابتدأ يحترق.ماالذي تفكر فيه؟
أنها هنا لتمثل دور خطيبة أندريس ،فخطبتهما زائفة..تمثيلية..

كذبة أرغمها أندريس بابتزازه لها على مشاركته فيها لتساعده على التخلص من الشرك الذي تريد أثينا إيقاعه فيه.
منتديات ليلاس

أفصح أريستوتل لساسكيا عن رغبته في مرافقتها بجولة حول حديقة الفيلا.فهزت ساسكيا رأسها بالرفض بحركة تلقائية وشعرت من جديد بوجهها يحترق وهي ترى مراقبة أندريس لها وفي عينيه مزيج من الغضب والتحذير،فمن المؤكد أنه غير جاد في ظنه بأنها ستقبل دعوة أريستوتل .ثم سمعته فجأة يقف ويقول
"لقد أمضت ساسكيا يوماً مجهداً،وأظن أن الوقت قد حان لنتمنى لكم ليلة سعيدة"

نظرت ساسكيا حول المائدة بسرعة.كان واضحاً من التعبير الذي ارتسم على وجوه الآخرين تفسيرهم لقرار أندريس هذا.وعرفت ساسكيا أن التوهج الذي بدا على وجهها وعنقها قد أثبت لهم ظنونهم.

وعندما استدار واقفاً خلف كرسيها ليساعدها على الوقوف أخذت بالاحتجاج
"أندريس..لا أريد."
فقالت أوليمبيا ضاحكة بصوت خافت
"لا فائدة من الكلام ،يا ساسكيا أن الواضح أن أخي العزيز (يريد)!آه،لا لزوم لعبوسك في وجهي يا أخي العزيز"

وضحكت أوليمبيا مرة أخرى قبل أن تضيف قائلة بمكر"وأنا أراهن على أنك لن تنزل للسباحة عند الفجر.."
-"أوليمبيا!

صرخت بها أمها وقد أحمرت وجنتاها،بينما ألقت أثينا على ساسكيا نظرة تنفث كراهية عندما وقفت هذة الأخيرة بسرعة ثم تجمدت حين وقف أريستوتل هو أيضاً قائلاً بإصرار و بوقاحة
"أريد المطالبة بامتيازات صديق الأسرة وذلك بتقبيل العنصر الجديد في الأسرة قبلة المساء"

وقبل أن تتمكن ساسكيا من تجنبه،أمسك بها،ولكن قبل أن ينفذ ما قاله،كان أندريس يقف بينهما وهو يقول متجهماً "خطيبتي لا تُقبل سوى رجل واحد"

****

وبعد أن عادا إلى الغرفة قال أندريس
"إذا كنتِ تقبلين نصيحتي ،أبتعدي عن أريستوتل ،فسمعته سيئة جداً مع النساء .لقد أتهمته زوجته السابقة باستعمال العنف معها و.."

فاستدارت ساسكيا إليه وهي تدخل الغرفة،والغضب بادٍ على وجهها وقالت بينما هو يغلق الباب"لا يمكنك أن تعني ما أظنك تعنيه"

كيف يتصور أنه يمكنها حتى التفكير بالاهتمام برجل مثل ذلك المحاسب؟
إنها إهانة لم تكن مستعدة للسكوت عنها.فقال وقد أسأ تفسير كلامها"لا يمكنني ؟
أنتِ هنا لسبب واحد فقط يا ساسكيا. أنتِ هنا لتمثيل دور خطيبتي ،
وبالرغم من أنني أقدر لك ذلك بصفتك المرأة التي عرفتها في الحانة ،أقدر كذلك الإغراء الذي يدفعك إلى زيادة دخلك قليلاً،والقيام بالعمل الذي تحسنينه أكثر من أي شيء آخر،
كما يبدو،ذلك الإغراء الذي لابد أنه قوي ، إلا أنني أحذرك الآن من أن الاستسلام له
.وإذا فعلت،في الواقع.."


أجفلت ساسكيا عندما سمعت كلام أندريس القاسي:
"إذا..(فعلت)..ماذا؟"

إنها تفضل أن تموت على أن تدع كتلة حلزونية مثل أريستوتل تقترب منها،وصار غضبها عندما فكرت أنها في غرفة الطعام شعرت بالعطف نحو أندريس وأرادت حمايته حقاً،إنما الآن،الغضب والكبرياء يعصفان بكيانها ،فقذفته بمرارة بهذا الجواب:
"إذا شئت الحقيقة ،أنا أنظر إلى أريستوتل بنفس الاشمئزاز والتقزز اللذين أنظر بهما إليك"

فأمسك بها وقد تملكه غضب يماثل غضبها وصاح بها:
"كيف تجرؤين على التحدث عني كما تتحدثين عن ذلك الحشرة"

ثم أضاف وقد أحمرت عيناه بمشاعر عنيفة رأتها ساسكيا على وشك الخروج عن السيطرة :
"ذلك الرجل حيوان ..بل أسوأ من الحيوان..السنة الماضية نجا بجلده من الوقوف بالمحكمة بتهمة جنائية ولا أفهم كيف تطيقه أثينا ،وقد قلت لها ذلك"

فقالت ساسكيا بتهكم:
"ربما تريد أن تثير غيرتك"
كانت ملاحظة جريئة مليئة بالتبجح تمنت ساسكيا على الفور لو أنها لم تقلها حين رأت كيف تحول الاحمرار في عينيه إلى لهيب من الغضب العنيف..فصاح في وجهها مجدداً:"هل هي التي تفعل هذا؟
أم أنتِ؟لقد رأيت كيف كان ينظر إليك أثناء العشاء..ويلمسك..و.."

فأجابت باحتجاج وغضب:
"أنا لست مسئولة عن ذلك"
لكنها أحست أنه لم يتأثر بكلامها، وأن شيئاً آخر كان يشعل غضبه ويغذيه ..شيئاً خفياً عنها ولكنه خارج عن احتماله..
وتابع أندريس كلامه وهو يصر على أسنانه:"ربما من عدم الشهامة والتهذيب القول ،بالنسبة إلى أنك ترينني مقززاً ومثيراً للاشمئزاز ،أن ما رأيته في عينيك اليوم لم يكن التقزز والاشمئزاز.وما سمعته في صوتك ولمسته في جسدك لم يكن التقزز ،أليس كذلك؟"

وأخذت ساسكيا ترتجف وتقول كاذبة وبحدة:
"لا أدري..لا أتذكر.."
وأدركت ساسكيا بعد لحظات،أن ما قالته هو أسوأ ما يمكن قوله، لأن أندريس أنقض عليها على الفور هامساً بوحشية :
"لا تتذكرين؟ إذن ،ربما ساعدتك على أن تتذكري.."

بدأت بالاحتجاج،لكنها سرعان ما فقدت القدرة على النطق..ليس لأن أندريس رفض الإصغاء ،ولكن لأن شفتيها رفضتا التكلم.

ثم أحاطها بذراعيه يسجنها بينهما و يسألها:
"و الآن، متى بالضبط وجدتني مثيراً للاشمئزاز ، يا ساسكيا؟ أعندما فعلت هذا.."

ثم عانقها عناقاً أثار في كيانها مشاعر ساخنة لم تكن تريدها،فقاومته ولكن شيئاً فشيئاً بدأت مقاومتها تهن وتضعف ولم تر أخيراً إلا أنها تستجيب له وتبادله العناق.ويبدو أن أندريس لم يكتف بذلك، لأنه ، حتى هذا النصر لم يكن شافياً لغضبه.

فعاد وسألها بعد لحظات معنفاً:
"ماذا؟ أما زلت لا تجيبين..؟..هذا غريب"

ثم أضاف:
"أم أنه ما كان لي أن أستغرب؟
فأنت امرأة اعتادت منح نفسها لرجل، يعرف كيف يثير مشاعرها"

راحت ساسكيا تئن مستنكرة وغاضبة وهي تحاول أن تدير وجهها عن وجهه وتتملص منه وهي تكرر :
"لا....لا.."
فرد عليها بإصرار و حزم:
"بل هذا صحيح.نعم، اعترفي بذلك..يا ساسكيا..أنت تريدينني.."

تملكتها رجفة وذهول وهي ترى الحقيقة في جانب مما يقوله،فقد كانت تريده حقاً،ولكن ليس بهذا الشكل الذي يعنيه،بل كامرأة تريد الرجل الذي تحبه،كانت تريده حبيباً لها يريحها من ضغط مشاعرها،كيف بإمكانها أن تحبه؟ولكنها أحبته فعلاً.

وراحت ساسكيا تعترف لنفسها بيأس وقنوط بأنها وقعت في غرامه في اللحظة التي وقعت عيناها عليه، لكن حينها حدثت نفسها بأنه لا يمكنها أنشاء علاقة معه وفاء لصديقتها ظناً منها أنه مارك حبيب صديقتها،وأنه لا يجدر بها أن تشعر نحوه بتلك الأحاسيس، تماماً كما عليها الآن ردع نفسها عن هذة المشاعر..رغم أن السبب الآن مختلف جداً..فلم تعد ميغان الآن حاجزاً بينها وبين حب أندريس لأنه ليس مارك حبيب ميغان ..لكن الحاجز هو أندريس نفسه و رأيه فيها.و نظرت ساسكيا إلى أندريس بضعف قائلة:
"دعني..أندريس"
لكنه رفض قائلاً:
"ليس قبل أن تعترفي بأنني محق وأنك تريدينني.أم أنك تحاولين دفعي إلى أن (أثبت)لك ذلك"

أجفلت ساسكيا وهي تشعر بمزيج من الاختناق والخوف والإثارة يتفجر بداخلها.

ترددت وهي تحاول أن تجد الإجابة المناسبة ، والمعقولة التي يمكنها إعطاءها له،لكنها ما لبثت أنها أطالت الانتظار عندما قال ساخراً:
"أنا أريدك ياساسكيا، لكنك سبق وعلمتِ هذا.أليس كذلك؟
وكيف لامرأة مثلك ألا تعرف؟
يمكنك أن تشعري به،أليس كذلك؟"

وأمسك بيدها يضعها على قلبه فمالت عليه وهي تحس بالخفقان العنيف تحت يدها،وتمنت لو كان لديها القوة للإبتعاد عنه،لكنها أدركت أنها أضعف من أن تفعل ذلك..تأوهت بخفة عندما أخذت مشاعرها تعصف بكيانها، وكان قلب أندريس يخفق بعنف جعلها تشعر به في داخلها،فمنذ ذلك المساء ،عندما أخذ أندريس ،دون وعي يلامس كتفها..كما يلامس العاشق الحقيقي حبيبته.ارتعدت بمشاعر خرساء ،لكن ذلك كان لاشيء بالنسبة لما تشعر به الآن .فعندما أغمضت عينيها استطاعت أن تراه ،كما وصفته أثينا،متكبراً مزهواً وهو يشق المياه بجسده القوي.

كان كيانها كله قد انقلب رأساً على عقب استجابة لهذه المشاعر التي يحييها في قلبها.
-"أنتِ تريدينني..أنتِ بحاجة إليّ..

كانت تشعر به ينطق بهذه الكلمات ،فلم تستطع إنكارها ..كانت مشاعرها تتجاوب بشكل جديد عليها،لا تملك دفاعات ضده.

و فجأة أصبح كل شيء آخر منسياً.كل ما كانت بحاجة إليه..ما تريده..كل ما يمكن أن تطلبه على الإطلاق،كان هنا..بين يديه.

تأوهت و ارتجفت مرات أخرى وهو يضمها إلى صدره بشوق كاد يمنعها من التفكير أو التعقل، إلا أنه لم يكن هناك مكان للتعقل في عالم المشاعر الجديد هذا ومن ثم هزها صوته الأجش:
"يا ألهي..الآن فقط أستطيع أن أفهم لماذا كل الرجال الآخرون يتساقطون ضحايا حولك..فيك شيئاً ما..سحر..شيء"

وهنا،شعر بأنها أجفلت فجأة ودفعته عنها،فسألها بدهشة:"ماذا حدث لكي؟"

لم تستطع ساسكيا احتمال النظر إليه.
فبتلك الكلمات القليلة التي تتضمن الاحتقار لها.دمر كل شيء..طمس تماماً عالمها الجديد الرائع،و أعادها محطمة إلى عالمها القديم .

شعرت بالغثيان حتى الأعماق من سلوكها هذا وحماقتها، وهتفت ساسكيا مذعورة:
"لا...لا أريد هذا"
وسمعت الغضب في صوته وهو يتركها محذراً:
"بحق الجحيم..إذا؟...إذا كانت هذة لعبة منك.."

ثم عاد فسكت.وهو يهز رأسه متمتماً وغير مصدق:
"يا ألهي، لابد أنني جننت، على كل حال، حتى أنني أخذت أفكر في..أظن هذا ما تفعله سنوات العزوبية الطويلة في الرجل ،لم أظن قط أنني سأكون من الحمق والبلاهة إلى حد.."

وصمت برهة ثم قال مطمئناً أنما متجهماً،عندما رآها مسمرة في مكانها:"
أنتِ آمنة تماماً،فأنا لن ألمسك مرة أخرى ،لا يمكنني أن.."

و سكت وهز رأسه مرة أخرى،ثم قال باقتضاب:"لدي بعض الأعمال، سأنصرف"

****
عندما استيقظت ساسكيا،كانت الغرفة غارقة بالظلام .لم تعرف في البداية ما أيقظها..ثم عادت فسمعته، أنه صوت مياه حوض السباحة.فقد كان الباب المؤدي إليه مفتوحاً، فراحت تنظر من خلاله إلى الحوض، فرأت الضوء الخافت ينير المياه ومن يسبح فيها.

لقد كان أندريس يسبح..نظرت إلى ساعتها،فإذا هي الثالثة صباحاً و أندريس يسبح دون تعب ذهاباً و إياباً في البركة. انتصبت جالسة في سريرها لتراه بشكل أفضل بينما كان يسبح بسرعة إلى آخر البركة .وعندما استدار عادت ساسكيا فاستلقت على سريرها ،إذ لم تشأ أن يراها تراقبه.

وتحت ملاءات السرير ،راحت تفكر ساسكيا..هل يفترض به أن يسبح أثناء الليل؟
وهل ذلك آمن؟
ماذا لو..؟
وفي اللحظة نفسها تقريباً،تحققت تلك المخاوف عندما لم تعد أذناها تسمع صوت سباحة أندريس.أزاحت عنها أغطية السرير بسرعة و نظرت نحو البركة بقلق، فرأت المياه جامدة هادئة.

أين أندريس؟
وتشبثت بأغطية السرير وهي تراه يصعد الدرجات خارجاً من المياه..حاولت أن تحول نظراتها المتمردة عن وسامته وقوة جسده،ولكن دون فائدة،لقد رفضت نظرتها إطاعتها،

فقد كان لمنظره اللامع تحت الضوء الخافت تأثير الصدمة على قلبها.

..مــايــا.. 27-06-08 09:57 AM

شهقت حين استدارت فجأة ،فبدا أندريس وكأنه ينظر إلى داخل الغرفة مباشرة .هل تمكن من رؤيتها؟
هل أدرك أنها كانت تراقبه؟
و استلقت جامدة تماماً، داعية الله ألا يكون قد رآها تفعل ذلك..فهي لن تحتمل سخريته إذا دخل عليها..
إذا كان..

استطاعت كبت شوقها إليه..فإذا جاء إليها الآن و أمسك بها..و عانقها كما تتمنى ،فهذا لن يكون حباً بل شهوة ، وتساءلت بجدية:
""هل هذا ما تريده حقاً"
و أجابت نفسها بعجز:
"كلا طبعاً.ليس هذا ما تريده ، فما تريده هو أن يحبها أندريس كما تحبه هي"

كان مشيحاً عنها الآن، والضوء يخطط تقاطيع جسمه الرائع .إنه رجل رائع ،وسيم وقوي.أقرت بذلك صامته،هامسة بكلمة حب رقيقة.وعندما استدارت عيناها إليه،رأته مرة أخرى ينظر ناحية غرفة النوم.
وحبست ساسكيا أنفاسها وهي تدعو.. وترجو..وتنتظر..إلا أن أندريس انحنى وتناول "الروب" فارتداه ثم سار مبتعداً عنها وتساءلت متعجبة:
"ترى إلى أين ذهب؟هل عاد إلى مكتبه؟"

و بقيت ساسكيا، بعد ذهاب أندريس وقتاً طويلاً، مستلقية على السرير،خائفة من الحراك،عاجزة عن النوم،وخائفة أكثر من التفكير ماذا يحدث لها؟
كيف يمكنها أن تحب رجلاً عاملها معاملة أندريس؟
هذا الذي أبتزها وهددها ورفض أن يدعها تدافع عن نفسها؟
هذا الرجل كوّن أحط فكرة عنها.ومع ذلك، مازال يحتضنها ويعانقها،كيف يمكنها؟
وأغمضت عيناها، لم تكن تعلم الجواب ،كل ما كانت تعرفه هو أن مشاعرها وقلبها و أعماقها تصرخ..كيف يمكنها ألا تحبه؟


****

-حمام شمس؟
لم أظن قط أنني سأراك يوماً مستلقياً متكاسلاً بهذا الشكل.

بهذة الكلمات أغاظت أوليمبيا أخاها أندريس عندما نزلت من الفيلا مرتدية ثوب البحر.ثم استلقت بالقرب من ساسكيا.

فأجابها أندريس بخبث وكذب:
"لم تنم ساسكيا جيداً في الليل.إنها بحاجة إلى الراحة و لا أريدها أن تقوم بأشياء كثيرة أو تستلقي في شمسنا القوية مدة أطول مما ينبغي"

ولم يبدُ على أندريس أي خجل.
فقالت أوليمبيا لساسكيا بعطف وهي تنظر لوجهها الشاحب:
"آه،يا للمسكينة"
تملك ساسكيا شعور بالذنب ولم تقل شيئاً.أضف أنه لا يمكنها الاعتراف بأن السبب في شحوبها هذا هو تمضية معظم ساعات الليل في التفكير بهذا الرجل المستلقي بجانبها.ولحسن الحظ أن أندريس قد عزا أتساع عينيها البالغ وشحوب وجهها إلى متاعب السفر.

فقالت أوليمبيا ضاحكة بسرور:
"حسناً،هذا تحسين قد أحدثته أنتِ في نظام حياة أخي.ياساسكيا"
ثم أضافت
"ففي العادة،عندما يجيء أندريس إلى الفيلا،لا نستطيع أن نخرجه من مكتبه"

ثم سألت أوليمبيا أندريس:
"حسناً..متى قال جدي إنه سيصل؟"

وقبل أن يجيب ، تناهى إليهم صوت أثينا وهي تخرج مع محاسبها من الفيلا نحو حوض السباحة
:"لابد لي من القول إنني سأدهش حقاً إذا أتى جدك إلى الجزيرة حالياً"

هبط قلب ساسكيا قليلاً عندما رأتهما ،فقد أغرقها المحاسب بالمديح على مائدة الإفطار ،وكان واضحاً أن دافعه هو مشاعر شهوانية،مما جعلها مسرورة للهرب منه.

عندما ابتدأت أوليمبيا بالوجوم،أضافت أثينا بخبث:
"جدك ليس مسروراً منك حالياً،ياأندريس.."

فقال أندريس بجفاء:
"جدي لا يكون مسروراً من أي شخص يخالفه في رأيه ،أنه حاد الطباع ويثور بسرعة لكن لديه والحمد لله ذاكرة ضعيفة.."

كان أندريس أصر على أن تستلقي ساسكيا تحت مظلة حماية لبياض بشرتها،ولكن عندما رأت ساسكيا أثينا وهي تخلع المنديل الذي ترتديه فوق ثوب السباحة شعرت بالحسد من سمرتها الذهبية المكتسبة.

وقالت أثينا بخبث عندما رأت ساسكيا تحت المظلة:
"لابد أنك غير مرتاحة للإستلقاء في الظل،فلو كنت مكانك لكرهت مثل هذة البشرة البيضاء،لأنها دوماً تبدو.."

قاطعها أندريس بنعومة:
"بشرة ساسكيا تذكرني بنقاء المرمر"

قالت أثينا بابتسامة خبيثة:
"المرمر..آه..لكن المرمر بارد جداً"وأضافت وهي تلقي على ساسكيا نظرة تقييم:
"آه..هاأنت تعبسين ويبدو عليك التذمر"

ثم قالت لأندريس بنعومة:
"وأنا أعرف شفاء ذلك،دعني أضع على جسدك بعض الزيت،ياأندريس وأدلك.."

عندئذٍ لم تستطع ساسكيا أن تصدق نفسها حين قالت بحزم:
"سأفعل أنا هذا لك يا حبيبي"

ثم ألتفتت إلى أثينا وهي تضيف بجرأة:
"هذا من حق الخطيبة"

وتجاهلت ساسكيا النظرة العابسة التي رمقها بها أندريس،ثم نهضت من مكانها،وأخذت زجاجة الزيت التي قدمتها أوليمبيا إليها بابتسامة إستحسان،وتقدمت نحو أندريس وسكبت قليلاً من الزيت في راحتها،بحذر بالغ،ثم وبحذر أكبر مالت فوق جسد أندريس المستلقي على وجهه،متعمدة الوقوف بينه وبين أثينا التي استلقت بالقرب من أندريس.

تدلى شعر ساسكيا فوق وجهها حين ابتدأت،متوترة الأعصاب،تدهن كتفي أندريس بالزيت،شعرت بجلده دافئاً مصقولاً تحت لمساتها.توقفت عندما ابتدأت يداها ترتجفان وتتنقلان على بشرته بحب ورقة.

كان أندريس مستلقياً على بطنه مغمض العينين،لكنه فتحهما فجأة قائلاً لساسكيا:
"هذا يكفي.كنت موشكاً على الذهاب للسباحة على كل حال"

ثم نهض بعد لحظات وسار مبتعداً عنها إلى المسبح حيث غطس فيه وراح يسبح تحت المياه فترة ثم طفا على سطحها ضارباً المياه بذراعيه بقوة.

حاول أندريس التركيز على ما يفعل،وإخلاء ذهنه كما أعتاد أن يفعل أثناء السباحة،فهي طريقته المفضلة في الاسترخاء،أما الآن فهذا أخر شيء ما يشعر به،حتى دون أن يغمض عينيه استطاع تذكر شعوره بالضبط ويدا ساسكيا تتنقلان على بشرته..ملامستين..ناعمتين..حساستين.

ومن جديد انزلق تحت الماء،وأخذ يسبح محاولاً السيطرة على شوقه إليها ..لكنه يريدها..ويتشوق إليها..لم يتملكه مثل هذا الشعور نحو امرأة من قبل.ولم يكن يوماً عاجزاً عن السيطرة على نفسه جسدياً وعاطفياً.لابد أنها تعلم ما كانت تفعله به.فامرأة في مثل خبرتها ..امرأة تطوف الحانات في الليالي باحثة عن رجل..لابد أنها تعرف طبعاً ..لابد أنها..
ومع ذلك..

ومع ذلك لم يستطع منع نفسه من مقارنة ما يعرفه عنها عقلياً بالطريقة التي كانت تشعر فيها بين ذراعيه وعناقها الرقيق الحار،والمشاعر التي غامت معها عيناها..وهاهي تفاجئه لتوها برفضها لأثينا بلمسه.
لقد فاجأته وملأته بشعور حار بانتصار رجولته وكبريائه لشعورها بالتملك نحوه.إلا أنه مقتنع بأنها لا تشعر بذلك.فهي ببساطة تمثل الدور الذي أرغمها على القيام به.

وقطب جبينه لاستعمال كلمة(أرغمها)فذلك يعتبر بعيداً عن حسن الخلق،لأن أرغام شخص على القيام بشيء ما،هو ضد مبادئه،لكنه ابتدأ يشعر بالخوف من عدم إيجاد مخرج لهذا الوضع الحالي من دون تعريض صحة جده للخطر،و أعترف لنفسه بجدية أن هذا التبرير كان تفسيراً لما فعل وليس عذراً،وإذا هو يكتشف الآن أن ما فعله هو مجرد استبدال مجازفة بأخرى من المحتمل أن تكون أكثر خطورة،وعندئذ لا يجدر به لوم أحد سوى نفسه.
هل رأت ساسكيا ما يكشف عن مشاعره قبل أن يشيح بوجهه مبتعداً عنها؟لقد رأت أثينا ذلك ..أثينا..وتصلب فم أندريس.

أما أثينا فنهضت ووقفت بجانب ساسكيا قائلة باستخفاف:
"خاتمك الصغير هذا جميل جداً"

كانت وحدهما عند المسبح بعد ذهاب أندريس ،أما المحاسب فقد أرسلته أثينا للقيام ببعض الاتصالات التليفونية كما ذهبت أوليمبيا لتساعد أمها في التجهيز لوصول الجد.

وتابعت أثينا:
"لكن خاتم الخطوبة ليس ضماناً للزواج،تبدين لي فتاة عاقلة ياساسكيا.أندريس رجلاً غنياً جداً ومحنك.والرجال أمثاله يسأمون بسرعة ،ولابد أنك تعلمين هذا،كما أن حظك في الزواج من أندريس محدود جداً،وفي الحقيقة،سيصبح حظك أقل عندما يصل جد أندريس،فهو لا يريد أن يتزوجك أندريس،فهو يوناني قديم الطراز، ولديه خطط لحفيده الوحيد ولمستقبله العملي.

وسكتت أثينا وهي تنظر إلى ساسكيا متفحصة،وعلمت ساسكيا ما تفكر فيه،فأثينا أيضاً لديها خطط لمستقبل أندريس.

ثم تابعت وهي تحدق بساسكيا:
"إذا كنت تحبين أندريس حقاً،فمن المؤكد إذن أن أمره يهمك أكثر بكثير من مشاعرك،و أندريس مخلصاً جداً لجده،آه،أنا أعرف أنه لا يظهر ذلك ولكنني أقسم لك أنه كذلك. فكري في ما سيحدث له عاطفياً،ولا أقول مالياً،إذا حدث صراع بينه وبين جده،ثم أن والدة أندريس وشقيقتاه تعتمدان مالياً على الجد..فإذا نفى الجد أندريس من حياته..حينئذ سينفى أندريس من حياتهن أيضاً"

وتأوهت أثينا بشكل مسرحي عميق ثم سألت ساسكيا مصطنعة:
"إلى متى تظنينه سيستمر في الرغبة بك؟
حتى ينفيه جده من حياته؟
ويمكنني أنا افتعال ذلك ياساسكيا..وأنت تعلمين هذا..أليس كذلك؟
لأن جده يسمع كلامي،فهو يريد ضم أملاكي إلى أملاكه طبعاً هذه هي طريقة اليونانيين في حياتهم"

ثم منحت أثينا ساسكيا ابتسامة قاسية مضيفة:
"ليس من عادة اليونانيين بالنسبة لمليونير السماح لوريثه بالزواج من أجنبية مفلسة.لكن دعينا نتحدث في أمر أكثر بهجة،إذ ليس هناك سبب يمنعنا من الوصول إلى تسوية بيننا..بإمكاني أنا الانتظار إلى أن يتركك أندريس،لكني سأكون صادقة معك،أنا أقترب من السن التي يصعب عليّ فيها الإنجاب لأندريس الأبناء الذين سيرغب فيهم.ولهذا،ولتسهيل الأمر لنا،نحن الاثنتين،لدي خطة أعرضها عليك وهي دفع مبلغ مليون جنيه مقابل خروجك من حياة أندريس..نهائياً"

شعرت ساسكيا بوجهها يشحب للصدمة التي اعترتها من مفاجأة أثينا لها.ثم تمالكت نفسها و أجابت بحدة:
"لا يمكن للمال شراء الحب،وهو لا يستطيع أن يشتريني .لا مليون جنية ،ولا مئة مليون جنية ولا أي مبلغ"

و امتلأت عيناها دموعاً..فعزت ذلك إلى تأثير الصدمة..ثم أضافت:
"وإذا أراد أندريس في أي وقت إنهاء خطوبتنا فهذا من حقه ولكن.."

فقالت أثينا وقد تلونت ملامحها بالغضب والحقد:
"أنت حمقاء..أتعرفين هذا؟
أتظنين حقاً أن أندريس كان يعني ما يقول عن عدم إصراره على عقد اتفاقية لشروط ما قبل الزواج؟
ها سيطلب منه جده أن يجعلك توقعين على هذة الاتفاقية وعندما يسأم منك أندريس،ولا شك أنه سيفعل،لن تحصلي على شيء..حتى الطفل الذي قد تحملين منه سيؤخذ منك.فالرجال اليونانيين لا يتخلون عن أولادهم والأسر اليونانية لا تتخلى عن ورثتها"

لم تشأ ساسكيا أن تسمع أكثر من ذلك ،فهرولت إلى المنزل من دون أن تلتقط ثوبها،محاولة منع نفسها عن الركض وكأنها تهرب من شيء ما.

عندما وصلت إلى البيت ،كانت أوليمبيا خارجة من باب الفناء المفتوح فهتفت بقلق:
"ساسكيا..؟"
لكن ساسكيا هزت رأسها فحالتها لا تسمح لها بالحديث إلى أي شخص.لقد شعرت بإهانة كرامتها لما قالته أثينا لها ،وتملكها الغضب،كيف تجرؤ أثينا على الظن أن حبها للبيع ..وأن المال يعنيها أكثر من أندريس ،وأنها سوف..وفجأة توقفت ساسكيا..بماذا كانت تفكر؟

واستدارت ثم عادت خارجة إلا أنها التقت بأوليمبيا من جديد التي عادت لتتفقدها بعدما رأتها بذاك الاضطراب.

و أخبرت ساسكيا أوليمبيا بما دار من حديث بينها وبين أثينا ،ثم تابعت سيرها إلى الممر المؤدي إلى المنحدر الصخري.لقد كانت بحاجة إلى الانفراد بنفسها،ثم تراءت لها بوضوح سخرية ما حدث، فهي وافقت على القدوم إلى الجزيرة فقط لأن أندريس فرض عليها القيام بذلك،و لأنها لم تستطع خسارة وظيفتها،ومع ذلك،عندما توفر لها ما يمكنه أن يؤمن لها الاستقرار طوال حياتها،ليس لنفسها فقط ولكن لأجل جدتها الحبيبة أيضاً،و كذلك للهرب على الفور من وضعها غير المحتمل هذا،إذا بها ترفض ذلك المال.

أما أوليمبيا فركضت غاضبة نحو المكان الذي كانت فيه أثينا مستلقية تحت أشعة الشمس .فبعدما عرفته من حديثها مع ساسكيا لا بد من ابدأ رأيها فيها بصراحة ،إذ كيف تجرؤ على معاملة ساسكيا بهذا الشكل....محاولة رشوتها لتترك أندريس؟

أندريس!

ووقفت أوليمبيا فجأة..ربما عليها أن تخبر أخاها عما فعلته أثينا وتتركه يتصرف معها،فقد بدت ساسكيا في غاية التعاسة ،
ولا عجب في ذلك.وفكرت أوليمبيا أن أندريس لن يشكرها على سلبه حقه في مواجهة أثينا.

وهكذا استدارت على عقبيها و عادت للفيلا تبحث عن أندريس.
*****
الفصل التاسع:-

امرأة لرجل واحد


عند أقل من ثلث ذلك الممر الذي يدور حول الجزيرة ،
وقفت ساسكيا ثم استدارت على عقبيها .
لن تستطيع المتابعة..فحبها لأندريس..ووجودها قربه كل يوم من ناحية،و من كل النواحي الأخرى الهامة، كل ذلك كان يمزقها وهو أكثر مما تستطيع مواجهته،
إلا أن هناك فجوة بينهما لا يمكن عبورها.

و ببطء..أخذت ساسكيا تسير عائدة إلى الفيلا .
لم يكن لديها فكرة عما عليها فعله ..
هل تلقي بنفسها تحت رحمة أندريس ضارعة إليه أن يحررها من(اتفاقيتهما).

لا فائدة من أخباره بما فعلته أثينا،
فهو لن يصدقها ولديه تلك الفكرة عنها،أضف أنها لا تريده أن يلم بحبها له.
لأنه،إذا علم..عندما يعلم..وراحت تفكر بأن أندريس ليس أحمق ،
أنه رجل أعمال داهية حاد الذكاء،ولن يطول به الوقت حتى يتكهن بما حدث،
وبشعورها نحوه.
وهذا شيء لا يمكنها احتماله.

عندما وصلت ساسكيا إلى الفيلا ،توجهت رأساً إلى غرفتها التي كانت خالية لحسن الحظ.
فخلعت ثوب السباحة بسرعة ،ثم دخلت الحمام.


*****

-أندريس

همهمت أثينا باسمه بأغراء وهي تراه خارجاً من مكتب جده،فقاطعها:
"ليس الآن،يا أثينا"

لقد أمضى الساعتين الماضيتين محاولاً التآلف مع مشاعره التي لم يكن يتوقعها أو يرغب فيها على الإطلاق،

والآن ،
وقد وصل إلى قرار حاسم،أصبح متلهفاً إلى تنفيذه دون تأخير ،
خصوصاً مع أثينا.

لم يعد ثمة فائدة من أخفاء الحقيقة عن نفسه أكثر من ذلك،
أنه يحب ساسكيا .كيف؟
متى؟
وتملكه السخط عندما لم يصل إلى أجوبة لهذه الأسئلة رغم اجتهاده في التحليل.

قلبه.جسده.ومشاعره.وروحه..
كل ذلك أخذ يصر عليه مرة بعد مرة بحاجته إليها وإلى حبها.
فإذا كان تعقله الذي يكافح كل ذلك مستميتاً،يجرؤ على الجدال
فإن مشاعره ستجيب بأن حياته لن تستحق أن تُعاش.

حاول تذكير نفسه بمن تكون ساسكيا.
لكن مشاعره رفضت الإصغاء.
أنه يحبها كما هي.
رغم الخطأ في الحكم عليها..
كيف أخطأ في الحكم عليها؟
وهي تلتقط الرجال في الحانات عارضة بيع نفسها لهم ..
إن لم يكن من أجل النقود،فهو حتماً لأجل الحب الزائف الذي يعرضونه عليها.

وراح قلبه يبرر ذلك بأن ما تفعله ليس ذنبها،فقد حُرمت من حب الأب وهي طفلة.
والآن ببساطة.تحاول تعويض ذلك ثم أطمأن لفكرته بأن حبه سيعوضها عن كل ذلك.
وستنسى ماضيها كما سينساه هو،ا
لمهم هو المستقبل الذي سيجمعهما معاً..المستقبل الذي لا يعني له شيئاً من دونها.

وهكذا سرح بأفكاره،تاركاً العمل الذي يفترض به إنجازه،
و ها هو الآن في طريقه للبحث عن ساسكيا ليخبرها،ليطلب منها.
.ليتوسل إليها أذا أقتضى الأمر.

وسأل أثينا متشوقاً لأخبار ساسكيا بحبه :
"هل مازالت ساسكيا بالخارج؟"

ضاقت عينا أثينا.
كانت تعرف هذة النظرة في أعين الرجال
.وأن تراها الآن في عيني الرجل الوحيد الذي تريده،
أمر لا يطاق.
فإذا كانت لم تستطع أغراء ساسكيا بترك أندريس.
فيجب أغراء أندريس بترك ساسكيا.وأثينا تعرف بالضبط كيف تجعل هذا يحدث،
وعلى الفور تصنعت نظرة قلق:
"ألم تعلم؟
لقد ذهبت تتمشى...مع أريستوتل.
أنا أعلم أنك لا تحب قولي هذا،ياأندريس،
ولكن حسناَ،كلنا نعلم كم يحب أريستوتل النساء،
وقد أظهرت ساسكيا بوضوح أنها تتقبل ذلك...ليس أثناء وجودك طبعاً"

-أندريس

حاولت أوليمبيا إيقافه بعد ذلك بعدة دقائق لإخباره بما حدث لكنه رفض الوقوف والإصغاء قائلاً:
"ليس الآن أوليمبيا،مهما كان الأمر.."
وأسرع نحو الممر المؤدي إلى جناحه وعرفت أوليمبيا أن أخاها غاضب ،
فهزت رأسها،حسناً،ما تريد إخباره لن يخفف من مزاجه السيئ.
ولكن عليه معرفة ما حدث بين ساسكيا وأثينا.

ودخل أندريس صافقاً بالباب خلفه منادياً:"ساسكيا؟"

شحب وجه ساسكيا لرؤيته،كانت تلف نفسها بالمنشفة بعد أن استحمت.

سألها بشك:
"لماذا أستحميت؟"

فحدقت به بإرتباك:
"كنت أتمشى وكان الجو حار و..."

وتملكت أندريس غيرة تفجرت في داخله محدثة ألماً يكاد يكون مميتاً لإعتقاده بأنها كانت مع أريستوتل ومثل كل رجل عاشق لم يستطع احتمال التفكير في أن حبيبته بين ذراعي رجل آخر.فتصرف تبعاً لذلك.
أمسك بها،فأنغرزت أصابعه في لحم ذراعها الطري بشكل مؤلم،
وقال والغيرة تنهشه
"لم تستطيعي الصبر،أليس كذلك؟.
.إلى أين أخذك؟"

فاحتجت ساسكيا صارخة:
"أخذني..؟"
احتارت بين كلماته وتصرفه هذا:
"من الذي.."
لكن أندريس لم يكن يصغي وأضاف وقد سيطر عليه الغضب والغيرة :
"هل حدث ذلك هناك، في العراء
في الهواء الطلق،حيث يمكن أن يراكما كل إنسان؟

هذا ما تحبينه، يا ساسكيا..تحقرين من نفسك كليا إلى أن..ولكن،طبعا أنت تفعلين هذا.
فأنا سبق وعرفت ذلك،أليس كذلك؟
تريدين أن يعاملك الرجل بشكل سيء،أن يستعملك ثم يرميك وكأنك..
حسنا،
إذن،إذا كانت هذة هي الطريقة التي تحبينها،لنر إذن إذا كان بإمكاني الوصول إلى المستوى الذي يعجبك .
إذا كان بإمكاني منحك ما تريدينه"

فقد أندريس السيطرة على نفسه،فهو يريد وقد تملكه انفعال شديد،أن يدمغها بملكيته لها..أن يجعلها امرأته وحده ويمحو من ذاكرتها كل فكرة عن رجل آخر ..
وراحت ساسكيا تنظر إليه مندهشة و تتساءل متالمة :

"ماالذي حدث لكي يتحول أندريس من ذلك الرجل البارد المنصرف عنها الذي ألفته،
إلى هذا الرجل المتفجر بالغضب والمشاعر المحمومة الذي تواجهه الآن؟

"كانت عاطفته محمومة مدمرة، و دار رأسها.
عاطفة تتفجر من أندريس في هياج لا حد له ،
أنه يجرها بذلك إلى الخطر والإثارة.

أليس هذا ما كانت ساسكيا تريده سرا،أن يحدث؟
أن ينظر إليها أندريس نظرة رجل لم يعد يستطيع مقاومة مشاعره نحوها؟

وعندما رأت أندريس قد فقد السيطرة على نفسه ،أطلقت العنان لمشاعرها وأشواقها هي أيضا أحتضنها بشده قائلا:
"أنتِ لي....لي..ياساسكيا..و ما هو لي أريده كليا وكاملاً"

شعرت ساسكيا بقشعريرة في جسدها تجاوبا مع احتضانه لها وأخذ قلبها يخفق بعنف..
ثم همست بصوت أجش غير مألوف:
"عانقني ياأندريس"
أتراها قالت هذا حقا؟
و ازدادت عينا أندريس لمعانا وحرارة.

-آه،لك ما تريدين عزيزتي
ثم انحنى إليها يعانقها ويعانقها،ولكم شعرت بالراحة والفرحة تغمر قلبها عندما أصبحت بين ذراعيه اللتين طال شوقها إليهما.

ثم راحت تهمس بصوت رقيق و دافئ باسمه:
"أندريس...أندريس"بينما كانت تداعب شعره بأصابعها

ومن فوق كتفها ،لمح أندريس صورتهما متعانقين في المرآة ،كانت تبدو رائعة كتحفة فنية مذهلة لكنها لم تكن تمثالا أبد بل امرأة من لحم حي يتنفس،
وكان مجرد شعوره بلذة عناقهما،يمحو كل شيء ما عدا شعوره نحوها.

كان يحتضنها ويشدها إليه سعيدا،مسرورا،وأحست ساسكيا بأنها هنا،
بين ذراعي أندريس،في أجمل طريقة ممكنة،وفي غمرة ذلك نسيت ساسكيا ما كانت تريد أخبار أندريس به،ولماذا هي مضطرة للرحيل،
فهذا ماكانت تريده أن يحدث منذ البداية..منذ اللحظة التي وقعت فيها نظراتها عليه.

خففت الستائر الثقيلة التي كانت ساسكيا سحبتها على النوافذ الواسعة قبل دخولها الحمام.. من أشعة الشمس الساطعة وجعلت الغرفة تسبح في وهج ناعم هادئ.
وعندما حملها أندريس بين ذراعيه وضمها إليه،همست ساسكيا بشوق بالغ:
"أريدك،إلى أقصى حد..

وسكتت وقد غامت عيناها بمزيج من اللهفة والتردد عندما سمعت صوتها وأدركت الخطر الذي ستواجهه.لكن الأوان قد فات.فقد سمعها أندريس وأجاب بلهفة:
"قوليها مرة أخرى،ياساسكيا أخبريني"

في عالمها الخاص أصبح أندريس حجر مغناطيس الذي يجذبها إليه..محور كل شيء تتعرف إليه وكل ما أرادته في حياتها ..فقالت له بحرارة:
"أريدك....أريدك ياأندريس..أنا"

وارتجفت غير قادرة على قول المزيد و تشابكت نظراتها الرقيقة الواهنة الذاتية بنظراته العنيفة الملتهبة.
ثم قال لها بخشونة:
"وأنا أريدك ياساسكيا أكثر مما أستطيع القول"

ثم خفف من خشونة كلماته بعناق آخر أكثر حميمية حيث بدا لساسكيا من خلاله وكأن الجو حولهما أخذ ينبض بعنف مشاعرهما،
وشعرت بأنها أصبحت أسيرة له،ولكن شيئا من الخوف في هذة الهنيهات أخذ يتسلل إليها ولم تدر لماذا أخذت الدموع تنهمر من عينيها وكان جسدها قد تشنج أيضا بين ذراعيه فارتد عنها وهمس:
"لم هذة الدموع؟
ولماذا تبتعدين عني؟"

كانت الدموع تتابع جريانها،فهمست شفتاها وهي ترتجف:
"ربما لإنها المرة الأولى التي يقترب فيها رجل مني إلى هذا الحد"

فاتسعت حدقتا عينيه عندما فهم ما تقصده بقولها ..ولكن لا..
لقد كان شيء في داخله يريد رفض ما يراه واضحا أمامه.
.لا، لا يمكن أن تكون طاهرة نقية..ولكنها كذلك فكل نبض جسدها كان يوحي بهذة الحقيقة.

نظر إليها ،وكانت مازالت تبكي بدموع صامته،
ترى هل هذة الدموع بسببه؟

وتهربت أفكاره من الحقيقة....الحقيقة التي كان ذهنه يحاول فرضها عليه،
لا يمكن أن تكون عذراء هذا مستحيل!

لكن ضميره وغضبه من نفسه أخبراه بأن تفكيره صحيح ..وأنها كذلك
وأبتعد عنها شاعراً بالغثيان من نفسه فمدت يديها إليه بتردد وهي تهمس باسمه:
"أندريس"
لماذا أبتعد عنها؟

ثم قالت له ضارعة:
"ماذا حدث؟..أي شيء سيء؟

فأجاب متوترا:"وهل أنتِ بحاجة للسؤال حقا؟
أنتِ.... أنتِ عذراء"

كان الغضب في صوته يمحو بهجتها ليحل مكانها اليأس والقلق لقد أتضح لها الآن أن أندريس ثائر على نفسه لعدم بصيرته أنها عذراء،
ومع ذلك أساء الظن بها أي إساءة؟

كان مشمئزا من نفسه،وقد جرحت كرامته بسبب إساءة حكمه عليها كليا.

ثم قال لها وهو مازال متوترا:
"ما كان عليك تشجيعي منذ البداية بل كان عليك صدي وأخباري بالحقيقة"

وتساءلت ساسكيا بتعاسة:

"ترى ماالذي سيقوله لو أخبرته بأن أخر شيء كانت تريده هو منعه عنها؟

..مــايــا.. 27-06-08 10:06 AM

ثم أنفجر قائلا بعنف:
"أنتِ غير آمنة في الخروج وحدك.
أنت تعرفين هذا.أليس كذلك؟
..لكان أريستوتل.."

فصاحت ساسكيا باشمئزاز بان في صوتها وعينيها:
"أريستوتل!"
ثم ارتجفت وهي تقول له ثائرة:
"لا،أبدا..إنه مقزز للنفس و.."

-"لكنك ذهبت تتمشين معه"
-"لا..لم أفعل

فألح قائلا:
"أثينا قالت أنك ذهبت تتمشين.."

لكن ساسكيا لم تدعه يكمل:
"نعم،هذا صحيح،ولكن وحدي،كانت هناك أشياء أردت أن.."

وسكتت وهي تخفض رأسها وتنظر بعيدا عنه،
ثم قالت بجدية:
"أريد الذهاب إلى بلدي،ياأندريس لا أستطيع.."
فأدرك ما تريد قوله،كما أدرك سبب ذلك ،فهي تريد الابتعاد عنه.

فعاد وسألها:
"لماذا لم تخبريني من قبل أنك عذراء"

فراحت ساسكيا تفكر بغضب:
كيف بلغت بها الحماقة أن تظن بأنه يشعر نحوها بما تشعر هي به نحوه؟

لابد أنها كانت مجنونة...مجنونة....مجنونة بحبه!ثم سمعته يقول بهدؤ:
"ظننت ياساسكيا.."
فجاء دورها لتقاطعه:
"أعرف ماذا كنت تظن .لقد سبق وأوضحت لي جيدا ما تظنه بي، يا أندريس

ظننتني امرأة رخيصة حمقاء تلقي بنفسها عليك لأجل أموالك ،
وقد حاولت أن أشرح لك قصتي فرفضت الإصغاء إلي،
أسأت الحكم علي وصدقت عني الأسوأ،
وأظن أن كبرياؤك اليونانية ماكانت لتسمح لك بالإقرار بأنك قد تكون مخطئا"

نظر إليها أندريس مندهشا وأدرك أن غيرته أدت إلى الإساءة إليها ومعاملتها بطريقة فظة،
وتمنى لو يستطيع أن أخذها بين ذراعيه،
ليمسح آثار الدموع عن وجهها،وأن يحتضنها ويهمس في إذنها كم يحبها
وكم يريد حمايتها والاهتمام بها..
تمنى أيضا،أن تكون معبودته وتبقى معه إلى الأبد ليخبرها بشعوره الحقيقي نحوها.

ولكي يصرف ذهنه عن مشاعره،وعن رغبته بها،قال لها بخشونة:
"حسنا أشرحي لي كل شيء الآن،أنا أصغي"

مضت لحظة فكرت فيها ساسكيا بالرفض ولكن ما الفائدة؟
ستخبره الحقيقة، وبعد ذلك ستفصح عن نيتها بالرحيل ..لكنها طبعا لن تخبره السبب.

ثم وللحظة واحدة ،تمنت ساسكيا لو أن أندريس يحتضنها ويكف عن إيلامها بكلمات لا تريد سماعها،
كما تمنت أن يعانقها ليطمئن قلبها المسكين المخدوع ،مرة أخرى،بأنه يحبها كما تحبه .

ولكن لحسن الحظ بقي لديها ما يكفي من غريزة حفظ الذات لكي تمنعها من قول هذا التمني له،
ثم أخذت نفسا عميقا وبدأت تشرح قصتها مع ميغان ومارك و لورين،وسألها أندريس غاضبا:
"جعلتكِ ماذا؟"

وذلك عندما راحت تحدثه مترددة عن لورين وإصرارها على أن تجعلها تبدو أكثر إغراء للإيقاع بمارك الذي تبين فيما بعد أنه أندريس.

ودقت أوليمبيا الباب،ثم فتحته ودخلت لتخبرهما:
"جدي وصل وهو يري رؤيتكما ،أنتما الاثنين"

فتمتمت ساسكيا بخجل:
"الأفضل أن أرتدي ملابسي"
بدت أوليمبيا غافلة عن ارتباكها وهي تضيف بسرعة:

"آه،وهناك شيء أريد أن أخبرك به ياأندريس قبل رؤية جدي"
-إذا كنت تريدين طلب علاوة على(مصروفك)فأنتِ لم تختاري الوقت المناسب"

سمعت ساسكيا أندريس يقول لأخته هذا بصلابة وهو يسير معها إلى الباب،

تاركا ساسكيا تهرب نحو الحمام.
****

..مــايــا.. 27-06-08 10:10 AM

الفصل العاشر:

نهاية حلم



بعينين متألقتين حملقت ساسكيا عابسة بصورتها في المرآة في غرفة النوم ،
وبدت لها صورتها كامرأة مغلوب على أمرها.

لم تشأ أن تبدو بهذا الشكل حين تواجه جد أندريس ..
الرجل المسؤول قبل غيره عن وجودها هنا .
الرجل الذي لا يظن أنها مناسبة لحفيده..
الرجل الذي يفضل رؤية حفيده متزوجا من أثينا..
كما أنها لا تريد أيضا أن يراها أندريس بهذا الشكل.

كان أندريس قد عاد إلى الغرفة لفترة قصيرة جدا بعد مقاطعة أوليمبيا لهما،
فأستحم و ارتدى ملابسه بسرعة ثم أبلغ ساسكيا بأن جده يلح بطلب رؤيتها في أسرع وقت ممكن ،
إلا أن هناك أمور معينة بشأنها يريد هو التحدث عنها مع جده على إنفراد أولا.

وقال أندريس متجهما:
"لن يستغرق ذلك وقتا طويلا"

ثم خرج من الغرفة دون منحها أي فرصة لتخبره أنها الآن لسلامتها العقلية و الجسدية تريد الابتعاد عنه بأقصى سرعة ممكنة .

لكنه سيعود بعد قليل ليأخذها ويقدمها لجده.

وعادت تعبس لصورتها في المرآة ،وأقرت غاضبة بأنها تبدو صورة حقيقية لامرأة عاشقة محروقة من حب حبيبها.

حاولت مرة أخرى أن تخبر نفسها بما هو الوضع الحقيقي لكن قلبها بكل بساطة رفض الإصغاء وأجفلت متوترة الأعصاب عندما أنفتح باب الغرفة..

تنفس أندريس بعمق قبل أن يمد يده إلى مقبض باب غرفة النوم ثم أمسكها بحزم.
منتديات ليلاس
لم تكن أوليمبيا تقصد النميمة أو إثارة الخصام بل الحماية والوقاية فهي غاضبة لأجل ساسكيا ،
وهذا ما جعلها تأخذ عدة دقائق لتهدأ أعصابها بما يكفي حتى تنقل لأندريس بطريقة مفهومة الحديث الذي دار بين ساسكيا وأثينا.

-حاولت أثينا في الواقع رشوة ساسكيا لكي تتركك ووعدتها بمليون جنية إذا هي فعلت وطبعا رفضت ساسكيا لكنني لا أدري لماذا يُسمح لأثينا بفعل ما تشاء مثل هذة الإهانات والتصرفات الجارحة.يجب أن يعرف جدي بكل هذا..
وإذا كنت لا تريد إخباره..

إلا أن أندريس بقي صامتا،
فصاحت به أوليمبيا وقد حيرها عدم إظهاره أي ردة فعل:
"أندريس؟"

لكن أندريس كان يفكر في الوصول إلى حل بالنسبة إلى (الإهانات) و (التصرفات الجارحة)التي كان يوجهها إلى ساسكيا هو نفسه،
ثم علم الآن ما فعلته أثينا والنبل الذي قابلت ساسكيا به كل هذا.
.ثم راح يتساءل لماذا كان مخطئا إلى هذا الحد في حقها و مسيئا ظالما في الحكم عليها؟

صوت خافت في أعماقه حدثه بأنه يعلم الجواب،فمنذ اللحظة التي وقعت فيها نظراته عليها هناك ،
حدث شيء ما ..
تملكه إحساس حاد ..
ومشاعر حاول ،جاهدا أن كبتها لأن كبرياؤه كرهت له الوقوع في غرام امرأة بهذا المستوى و لإنه أصغى إلى كبرياؤه وليس إلى قلبه دمّر دون فطنه حبا رائعا هو أروع جزء في حياته .
إلا إذا..إلا إذا أمكن إقناع ساسكيا بمنحه فرصه أخرى.

ولكن سواء منحته فرصة أخرى ليثبت فيها حبه لها، أم لا،فهناك ما ينبغي فعله .
كان يونانيا بما يكفي ليظن أن ساسكيا يجب أن تحمل اسمه ومقابل ذلك يجب أن يمنحها حمايته ورعايته سواء قبلت هي بذلك أم لا.

كان أندريس قد أخبر جده بالضبط ماالذي سيفعله،مضيفا بصدق أن ساسكيا هي أكثر أهمية لديه من الثروة والمركز و حتى من حب واحترام جده نفسه،
و فكر في رفض السماح لجده برؤيتها ،كيلا يعرض ساسكيا إلى أي جرح في كرامتها ،

لكنه خشي من ظن جده بأنه يخفي ساسكيا عنه مخافة أن يراها غير مناسبة له...
غير مناسبة!إنها مناسبة ورائعة أكثر مما يستحق..

آخر ما قام به أندريس قبل عودته إلى غرفته هو أنه أمر أثينا بأن تغادر الجزيرة على الفور ،
محذرا إياها بقوله:
"لا تزعجي نفسك بمحاولة إقناع جدي بالسماح لك بالبقاء ،فهو لن يفعل"

دخل أندريس غرفة النوم متردداً،وهو يتصور ساسكيا واقفة تنتظره فهفا قلبه المملؤ شوقا وحبا إليها.

بدت متألقة كعروس،
لكنها في اللحظة التي رأته فيها،تبدلت أساريرها وغارت عيناها وهي تجفل بحذر.

أغمض أندريس عينيه بعجز،وقد اكتسحته موجة من الحب والشعور بالذنب.
وتشوق الآن أكثر من أي وقت مضى إلى إغلاق الباب في وجه العالم كله، ثم يأخذها بين ذراعيه ليضمها إليه إلى الأبد ،وهو يطلب منها الصفح والمغفرة ،والسماح له بتمضية بقية حياته معها ليريها مقدار حبه لها.

ولكن لديه مسؤولياته ،وقبل كل شيء عليه تنفيذ وعده لجده بأن يعرفه إلى ساسكيا.
وكان يرجو أن يتذكر العجوز وعده له بمعاملة ساسكيا برفق.

عندما أجتاز أندريس الغرفة وأمسك بيدها ،انكمشت ساسكيا مبتعدة عنه،خائفة من أن تخونها مشاعرها عالمة بأنها ترتجف من رأسها حتى أخمص قدميها فقط بسبب دفء يده التي كانت تمسك بيدها.

كانت تعلم أن أندريس سيدلي ببعض التعليقات المتوترة وبعض الأوامر بالنسبة إلى الدور الذي ستقوم به أمام جده ،ولكن،بدلا من ذلك ترك يدها وقال بصوت منخفض:
"أنا آسف لتعريضك لكل هذا ياساسكيا"

ودون أن تجرؤ على النظر إليه ذكرته ساسكيا بعنف قائلة:
" هذا ما أحضرتني من أجله إلى هنا"

فقد أحست بلهجة الندم تلك في صوته ،
إلا أنه لم يعقب على ما قالته،وخرجا من الغرفة بينما دخلت الخادمة الصغيرة المكلفة بتنظيف الغرفة فوقف أندريس ليقول لها شيئا باليونانية قبل أن يلحق بساسكيا إلى الممر.

كان من الطبيعي ،في مثل هذة الظروف أن يمسك أندريس بيدها مقتربا منها،حتى إذا سارا بهذا الوضع في الفناء ،يعطيان انطباعا بأنهما خطيبان عاشقان،
ولكن ما كان غير طبيعي، وغير حكيم تقريبا،هو الشعور بالدفء والأمان الذي اكتسبته من اقترابها منه بهذا الشكل وهي التي تريد الابتعاد عنه.

في محاولة لإلهاء نفسها عن تأثير أندريس عليها،نظرت إلى حيث كانت أوليمبيا وأمها واقفتين تتحدثان إلى رجل عجوز أبيض الشعر لابد أنه الجد.

عندما اتجها نحوه،أخذ يستدير إليهما رويدا،وسمعت ساسكيا أندريس يقول بلهجة رسمية:
"جدي أود أن أقدم إليك ساسكيا"

وقفت ساسكيا تصغي وعيناها مسمرتان على هذة الملامح المألوفة للرجل الذي تتعرف عليه.
أنه الرجل نفسه الذي رأته بالشارع في مدينة أثينا.
ذلك الرجل الذي بدا مريضا والذي قلقت عليه وحاولت مساعدته.

إلا أنه الآن يبدو معافى و سليما فهاهو يتقدم نحوهما،بابتسامة عريضة،ليأخذ يد ساسكيا بيديه الاثنتين ويهزها من كل قلبه كعادة حفيده ،وهو يقول ضاحكا:
"لا حاجة بك لتقديمها إلي ياأندريس لأننا سبق وتعرفنا على بعضنا البعض أنا وخطيبتك الرائعة الجمال"

رأت ساسكيا مدى متعة العجوز لرؤية الذهول على وجه أفراد أسرته،كان واضحا أنه رجل يحب الشعور بأنه مسيطر ومطلع على كل شيء..وعلى الناس..
رجل يحب التحدي وإدهاش من حوله ولكن هذة الميزة أغضبت أندريس بينما وجدتها هي على العكس،ميزة محببة.

وقال أندريس مندهشا وعابسا وهو ينقل نظراته بينهما:
"أنت و ساسكيا سبق وتعارفتما"

فأجاب الجد ببرودة وقبل أن تتمكن ساسكيا من الكلام :
"نعم في مدينة أثينا فقد كانت رقيقة جدا مع رجل عجوز وقلقة عليه للغاية أيضا"

ثم نظر إلى ساسكيا بابتسامة عريضة شاكرا وقال:
"أخبرني سائقي بأنك عبرت له عن قلقك على صحتي"

ثم أضاف:
"وعلي الإعتراف أن المشي في ذلك الجو الحار بالإضافة إلى انتظاري عودتك من التفرج على الأكروبوليس..لم يكن مريحا،لكنني لا أظن أن ذلك كان بالقدر الذي شعر أندريس به بالانزعاج عندما جاء إلى مكتبي فاكتشف أنني ألغيت الاجتماع"

وبصوت خافت راح يضحك كالمنتصر في الحرب قائلا بشيء من المباهاة لأندريس:
"لا أظنك تعتقد حقا أنني سأسمح لحفيدي الوحيد بالزواج بامرأة لا أعرف شيئا عنها..أليس كذلك؟"

واخفت ساسكيا ابتسامة بدت على شفتيها،وقد أدركت أن هذا العجوز مازال يونانيا أصيلا،
كانت تعلم بأنه عليها الشعور بالضيق من تصرفات الجد ،
لكنها أحست بالسرور بما فعل بحيث لم يسمح لها قلبها بإظهار الخصام له.

لكن أندريس على ما يبدو،كان صعب الإرضاء فقال بخشونة وهو يرمق جده بنظرة قاسية:
"هل كنت تريد أن تمتحن ساسكيا..؟"

فقاطعه جده:
"حتما كان اختيارك جيدا ياأندريس .
إنها ساحرة..وحنونة وقليلات هن الشابات اللواتي يضيعن وقتهن على العناية برجل عجوز لا يعرفنه .
كان علي التعرف إليها بنفسي ياأندريس أنا أعرف أنك و.."

فقاطعه أندريس ببرودة:
"ما فعلته يا جدي إهانة لها"

فحدقت إليه ساسكيا ذاهلة
أندريس يدافع عنها ويحميها؟
ما هذا؟
و فجاءة تذكرت أنه يمثل دوره فقط ..دور الخطيب العاشق المدافع.

وتابع أندريس قائلا:
"ودعني أخبرك بهذا يا جدي وهو سواء وافقت على ساسكيا أم لا فهذا لا يشكل فرقا عندي،فأنا أحبها ودوما سأحبها ،و ما من تهديد أو رشوة أو مداهنة أو تملق منك قد يغبر ذلك"

ساد صمت قصير قبل أن يومئ الرجل العجوز برأسه قائلا:
"هذا حسن أنا مسرور لسماعي هذا
امرأة مثل ساسكيا تستحق أن تكون مركز اهتمام قلب زوجها وحياته"

ثم أضاف وقد اغرورقت عيناه بالدموع :
"أنها تذكرني كثيرا بإليزابيث فقد كان لديها الحنان نفسه والاهتمام بالآخرين"

وصمت قليلا ثم قطب جبينه فجأة وهو يرى خاتم ساسكيا:
"ماهذا الذي تلبسه؟
إنه لا يناسب عروساً من آل ديمتريوس.
لقد أدهشتني ياأندريس ماسة(سوليتير)تافهة؟
ستلبس خاتم زوجتي إليزابيث و.."

فقاطعه أندريس بحدة وخشونة:"لا...لاداعي لأن تلبس ساسكيا خاتم جدتي"

وأجفلت ساسكيا وراحت تفكر:
أتراه سيخبر جده الآن بأن المسألة كلها كذبة؟
أتراه لم يحتمل فكرة أن تلبس ساسكيا خاتم زواج الجدة المقدس في الأسرة؟

وتابع أندريس :
"فإذا أرادت ساسكيا خاتما آخر فهي التي ستختاره بنفسها،
حاليا أريدها أن تلبس الخاتم الذي اخترته لها بنفسي.ماسة متألقة نقية رائعة الجمال مثلها"


رأت ساسكيا والدة أندريس وشقيقته تفتحان فمهما ذهولا ،مثلها هي،إزاء هذا الكلام الشاعري الرقيق


و اغرورقت عيناها بالدموع وهي تنظر إلى الماسة في أصبعها ،
كانت رائعة .
وهي دوما تراها كذلك كلما لبست الخاتم،
ولطالما تمنت أن تلبسه مع الحب.
فالعهود التي تعطى مع الخاتم هي التي تعطيه قيمة وأهمية عند المرأة العاشقة ،
وليس قيمته المادية.

لكن جد أندريس وضع جانبا هذا الموضوع وقال بمرح:
"هذا حسن جداً ،لكن ما أريد معرفته الآن هو،متى تعتزمان الزواج؟
أنا لن أعيش إلى الأبد،ياأندريس،وإذا أردتني أن أرى صبيانك .."

فقال أندريس محذرا:"جدي.."

****

بعد الغداء الاحتفالي ،عادت ساسكيا إلى غرفتها بوقار برفقة أندريس كما ينبغي للخطيب العاشق الحامي لخطيبته وخارج الغرفة،
لمس أندريس ذراعها بخفة مرغما إياها على الوقوف والنظر إليه وهو يقول بجفاء:
"أنا آسف لما حدث في مدينة أثينا"

ثم بدا على وجهه الغضب وهو يتابع:
"لا يحق لجدي أن يمتحنك.."
فقاطعته بهدؤ مدافعة عن جده:
"لو كنت أنت مكانه لفعلت الشيء نفسه بالضبط،أنه عمل طبيعي تماما.
وأنا أتذكر ما فعلته جدتي في أول مرة خرجت فيها مع شاب"

وضحكت،ثم سكتت وهي ترى أندريس يهز رأسه ويقول بخشونة:
"إنها تحميك طبعا،ولكن أما كان على جدي إدراك الخطر الذي كان يمكن أن تتعرضي له؟
ماذا لو أخطأ في توقيت(المصادفة)التي جمعتكما معا؟
كنتِ وحيدة في مدين لاتعرفينها.
لقد ألغى تعليماتي للسائق وطلب منه الإبتعاد عن الأنظار ريثما يعود هو إلى سيارته الخاصة"

فقالت بهدؤ:
"حصل ذلك في منتصف النهار يا أندريس"

إلا أن أندريس لم يقتنع بذلك،فأضافت ساسكيا:
"حسناً، على كل حال لن يحاول جدك بعد الآن أقناعك بالزواج من أثينا.
لقد نجحت خطتك وتم لك ماتريد"

قالت ذلك تسترضيه وهما يدخلان غرفة النوم،وإذا بها تقف فجأة وهي ترى في وسط الغرفة حقائب جديدة .
فسألت بصوت متردد:
"ماهذه.."
فقاطعها قائلا:
"طلبت من ماريا حزم أمتعتنا،لقد حجزنا في أول طائرة تقلع صباح غد إلى لندن"

فسألته بدهشة:
"هل سنرحل؟"

ثم أدركت حماقتها إذ كيف تظهر ذهولها لذلك،طبعا هما راحلان ،
ذلك أن أندريس لم يعد بحاجة إليها الآن،
فقد أوضح جده تماما أثناء الغداء أنه لم يعد مرغوبا بأثينا تحت سقفه،
وأجاب أندريس بخشونة:
"لم يعد لنا آي خيار آخر .سمعت ما قاله جدي والآن بعد أن أثبتت فحوصاته الطبية أنه على مايرام،فهو متلهف لإيجاد ما يشغله مثل تنظيم حفلة الزفاف.
لن يدع فرصة كهذه تفوته حيث سينفق المبالغ الباهظة على حفلة الزفاف ويجمع كل أصدقائه المقربين من رجال الأعمال تحت سقف واحد.
وأمي وأختي تشبهانه في الإسراف فهما تريدان ملابس مصممة لهما خصيصا،و ثوب زفاف لك تستغرق خياطته شهورا،وخططا لتكبير الفيلا بحيث تستوعب الأحفاد الذين علينا إنجابهما نزولا عند رغبة جدي وأمي..."

كانت ساسكيا تلتهم كل كلمة،فالصورة الخيالية التي طبعها في ذهنها رسمت في نفسها بهجة و فرحا كانت تحلم بهما،
وأصبحت هذة اللوحة أكثر إغراء مع كل كلمة ينطق بها أندريس إلا أنها كانت تعلم أن تحقيق حلمها مستحيل،
فما قامت به كان تمثيلا لدور انتهى و ستعود إلى واقعها.
منتديات ليلاس
و إذ بكلمات أندريس التالية تصيبها بالذهول و الصدمة:
"لكن علينا أن نتزوج فورا،إذ لا وقت لدينا"

صاحت به شاحبة الوجه:
"ماذا تقول؟
لا يمكن أن تكون جاداً في كلامك،
لا يمكننا أن نتزوج لمتابعة التمثيلية.."

فقاطعها بمرارة:
"أنا أريد أن أحميك ياساسكيا"

فقالت باستهزاء:
"ومنذ متى يُبنى الزواج على مبدأ الحماية ،فأنا لا أريد حمايتك،ولا أريدك أبدا"

وحين سمع منها شهقة ألم أظلمت عيناه ندما.وقال:
"ساسكيا..يا حبيبة قلبي ..آسف جدا لم أقصد أن أجرحك،
وإنما ليتك تدركين كم أنت غالية على قلبي"

حدقت ساسكيا إليه غير قادرة على النطق أو الحركة أو التنفس وهي تسمع كلامه المليء بالمشاعر هذا ،
هل كان يمثل؟

لابد أنه يمثل فهو لا يحبها وهي تعلم ذلك...

ورغم أنها كانت تتشوق لسماع مثل هذه الكلمات منه إلا أنها كانت تعلم بعدم صدقها
لذا شعرت بعذاب لا يطاق...

فأمسكت بالخاتم الذي يحيط بأصبعها..وحاولت نزعه بعنف .وقد غامت
عيناها غضبا..ولمعت فيهما دموع الكبرياء والألم
بينما كان أندريس ينظر إليها كما كان ينظر إليها طول وقت الغداء.

وقتها قالت له إوليمبيا بحماسه {شعرت بغضب بالغ حين عرضت إيثينيا على ساسكيا ذلك المبلغ ,
وأنا فخوره بها..إينها تحبك كثيرآ.

ظننت أنا مامن إمرأه تستحقك..يا أخي الرائع..
لكنني أعرف الأن أنني كنت مخطئه.فساسكيا تحبك بقدر
ما تستحق أنت ان تحبك إمرأه

وكما سأحب أنا ذات يوم الرجل الذي سأتزوجه.

وهمست في إذنه أمه أيضآ {أنها تناسبك تمامآ يا حبيبي}
وكذلك قال له جده متأثرآ {أنها شابه رائعة الجمالوذات قلب أكثر جمالآ.}

وحدث بعد الغداء أن ذهب الجد يغيظ قليلآ ساسكيا ممازحآ :
فألتفتت الى أندريس تلتمس الحمايه بشكل عفوي .
فجعلته هذي النظره في عينيها يتمنى لو يختطفها ويحملها إلى مكان تكون فيه له لوحده.

ويجعل تلك النظره في عينيها لطلب حمايته تتكرر مره بعد مره.

أستطاعت ساسكيا أخيرآ من نزع الخاتم من اصبعها وقدمته إلى اندريس
رافعة الرأس : قائله بجديه:
لا شئ يدفعني لزواج من رجل لا يحبني...

أغمض اندريس عينيه وأخذ يردد كلماتها ليتأكد من أنه لم يخطئ سماعها.
ثم عاد وفتح عينيه متقدمآ نحوها كان على وشك القيام بأكبر مغامره في حياته .
فأذا خسر هذه الخطوه .خسر كل شئ.

وإذا ربحها .. تنفس بعمق ثم سألها برقه { الا يعني هذا أنك لن تتزوجي إبدآ رجل لا تحبينه؟

جمدت ساسكيا في مكانها وقد شحب وجهها ثم عاد وأحمر قليلآ.
أنا .. أجل هذا ما عنيته بقولي.

وسكتت قليلآ عندما تغلب عليها الألم.. ثم عادت وكررت قولها بأحتجاج عندما اخلها بين ذراعيه.
لا أستطيع ان اتزوجك اندريس.

فقال اندريس بصوت منخفض وهو يحتضنها .. وأنا لن ادعك تذهبين يا ساسكيا .
فسألته .
لماذا؟
لتحميني من الذئاب..

لكنها تلعثمت عندما شدد من أحتضانها فهمس وهو يعانقها لأجل ذلك... لأجلك.
فقالت بدهشه وأحتجاج..

أنا؟

لكنه لم يدعها تكمل .فأحاط وجهها بيديه
ونظر في عينيها وقد بان الألم البالغ في عينيه المثقلتين بالندم
الملتهبتين بالحب والرغبه.وهو يقول ضارعآ..
أرجوك يا ساسكيا..إمنحيني فرصه أريك فيها كيف ستكون الأمور بيننا .. كيف ستكون ممتازه.
فسألت وقد بدأت تشعر بدوار.
مالذي تحاول أن تقوله؟؟
فأجاب وهو مايزال يحيط وجهها بيديه.
أحاول أن اقول بالكلمات ما سبق وقالها لك قلبي ومشاعري وروحي وجسدي .
.يا حبيبتي ومعبودتي..لابد أنك تشعرين بما اشعر به؟

رفعت بصرها بتعجب ونظرت في عينيه لترى أن كانت تجرئ ؤ على تصديق ما تسمع.
.وهي تشعر بقلبها يخفق بمزيج من البهجه والأثاره

لا يمكن لرجل تزييف نظرات بهذا الشكل الذي ينظر به اندريس إليها ...
وإذا لم يكن هذا كافيآ..فأن عناقه لها يعطيها رسالة حب واضحه منه ..
ولم تستطع منع نفسها من الأحمرار خجلآ وهي تشعر بأن كيانها يستجيب له وليس قلبها فقط..
ثم قالت له بجرأة :
ظننت أنك ترغب في....
وعندما أخذ أندريس يضحك.. سألته بإرتباك.

ماذا تراني قلت؟
فأجاب ومازال يضحك :
يا اعز حبيبه .أضحك لبراءتك وسذاجتك .
فأنتي لم تتعرفي على رجل غيري حتى..
وسكت ونظر إليها باسما .وقبلها برقه قبل أن يقول لها.
لا .. ولماذا أزعج نفسي بالشرح . فعلى كل حال
لن يكون لديك الفرصة لتتعرفي على شخص أخر
فأنا وأنت .. يا ساسكيا.. سنتزوج .. ونتشارك الحب. والفرح .
ونعطي بعضا البعض الحب طوال حياتنا
عندئذ همست ساسكيا ..ببهجة وهو يأخذها بين ذراعيه

آآه يا اندريسون..


.

..مــايــا.. 27-06-08 10:11 AM

الخاتمة



-حسناً..ربما لم يكن عرسنا حسب رغبة جدك،لكنه حتماً لن يسمح لنا بأن تكون حفلة العماد عائلية هادئة.

وضحكت ساسكيا مع أندريس وهما يشملان بنظراتهما الحشد الضخم من المدعوين الذين ملأوا جناح "المناسبات الخاصة" الذي أُكمل وأُثث حديثاً في أحد فنادق مجموعة "فلاغشيب بريتيش"

فسألها أندريس بقلق أبوي:
"همممم..هل أنت واثقة من أن روبرت على مايرام مع جدي؟"

ثم راح يركز اهتمامه على الناحية الأخرى من القاعة حيث كان جده يتباهى بحفيده البالغ الثلاثة أشهر وهو يريه لأصدقائه من أرباب الأعمال.
فقالت ساسكيا ضاحكة:
"لقد حمل جدك في زمانه أطفالاً أكثر مما حملنا،أنا و أنت"

-ربما،ولكن أيامنهم لم يكن أبننا،أظن من الأفضل أن أذهب و أستعيد روبرت من جدي،
يبدو وكأنه بدأ يتململ،كما أنه لم ينه طعامه بعد..

وقالت أوليمبيا لساسكيا وهما تنظران إلى أندريس يهرع نحو ابنه:
"بالنسبة إلى ذكر الآباء الشغوفين بأولادهم،كنت دوما أعلم أن أندريس سيكون والدا جيدا.."

ابتسمت ساسكيا لأوليمبيا وهي تنظر إلى زوجها حاملا بمهارة ابنهما الذي ولد بعد عشرة أشهر على زواجهما.وهي و أندريس يعلمان أنه الذي يبلغ فيه أبنهما عامه الأول ،سيكون لديه شقيق أو شقيقة.
وعندما أخبرت ساسكيا أندريس لأول مرة عن ذلك قبل أن تتأكد،قال لها محتجاً:
-أليس هذا مبكراً أكثر من اللازم؟

فكان أن أحمر وجهها خجلاً،
ثم ضحكت وقد تذكرت،كما كانت واثقة من أن أندريس يتذكر هو أيضاً،
أنها هي التي استلمت زمام المبادرة في أول اتصال بينهما بعد ولادة روبرت.

كان أندريس أكثر الأباء روعة،وأروع من ذلك أنه كان زوجاً و عاشقاً،وتنهدت ساسكيا و قد بدت في عينيها نظرة فهمها أندريس على الفور.

إذا كانت والدة أندريس قد دهشت عندما سلمها أندريس حفيدها فجأة،مصراً على أن هناك شيئاً عليه التحدث به مع زوجته على انفراد،فهي لم تظهر تلك الدهشة بل ذهبت لتجلس مع جدة ساسكيا التي سبق وعقدت معها صداقة متينة.

-أندريس لا..لايمكننا ذلك.

تصاعد احتجاج ساسكيا عندما قادها أندريس إلى أكثر غرف الفندق رفاهية،ثم أقفل الباب عليهما،وأجابها مداعباً:
-ولِمَ لا؟
الفندق ملكنا ونحن متزوجان..وحالياً،رغبتي بك قوية.

-همممم...أندريس.

وتأوهت عندما عانقها بقوة وراح يقبلها.

-همممم..أندريس..ماذا تريدين من أندريس؟

ولم تجب ساسكيا وإنما جذبت رأسه نحو رأسها تقبله.
منتديات ليلاس

أنتهت

sasa sasa 27-06-08 10:29 AM

قصه جميله جدا
تسلمى مايا
شكرا لتعبك

العاصفة الصامتة 01-07-08 05:32 PM

ميرسى كتير على القصة الرائعة دى وطبعا على المجهود الكبير ده
:55::55::55::55:

شوق المملكة 03-07-08 09:37 AM

رائعه جدااااااااااااااا


يسلمو يااعسل وننتظر جديدك



تحيتي

ايمى المصرية 08-07-08 04:18 AM

رائعه جدااااااااااااااا


يسلمو يااعسل وننتظر جديدك



تحيتي

عزوف الحزن 04-08-08 07:18 PM

شكل الروايهـ حلوووهـ

يسلموووو يا قلبووو ع النقل

وعساكـ ع القوهـ

..مــايــا.. 06-08-08 05:18 AM

يسلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــو
لكــل

اللي ردوا عى الروايـــــــــــــة

hope star 08-08-08 09:53 PM

يسلموووووووووووووووووووووووووووو

الرواية جميلة جدا

شووق العيون 11-08-08 01:13 AM

يسلموووووووووووووووو على القصة الحلوة

hoor 12-08-08 03:58 PM

أكثر من رائعة هذه القصة مشكورة على تعبك وفي انتظار رواية أخرى

لارا كروفت 12-08-08 06:25 PM

قصه حلوه بأنتظار الجديد:)

linka 14-08-08 02:23 PM

:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:


:flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2::flowers2: :flowers2::flowers2::rfb04470::rfb04470::rfb04470::rfb04470: :rfb04470::rfb04470::rfb04470::rfb04470::rfb04470:




شكرا لك جزيل الشكر عزيزتى مايا على هذه القصة الرائعة الممتعة


ومنتظرة قصص اخرى من قصصك الرائعة


:liilase::liilase::liilase::liilase::liilase::liilase::liila se:

nado 15-08-08 01:44 AM

شكرررررررررررررا تسلم ايديكى

وسام الحب 15-08-08 04:16 AM

ميرسى كتير على القصة الرائعة دى وطبعا على المجهود الكبير ده

Miis Nano 15-08-08 06:22 AM

مرررررررررررررررررررررة حلوة ياقلبي تسلمي:flowers2:

majedana 25-08-08 06:51 PM

تسلمي علي مجهودك

لكن هاي من روايات احلام

راح تنقل لقسم روايات حلام المكتوبة

tootty 29-08-08 05:18 AM

تير روعة يسلم الايدين اللي كتبوها

لــولــي 31-08-08 06:47 AM

يسلمووووو على الروايه

**أميرة الحب** 10-09-08 01:46 AM

يسلمووووو يعطيج مليوون عافية

zina hassan 10-09-08 08:34 AM

bgd thanks 3ala 2l rewaia 2l 7elwa de:55:

niso 13-09-08 10:33 AM

يسلمووووووووووووومايا يعطيكي العافية قصة راااااااااااااااااائعة

golya 18-09-08 05:43 AM

روايه جميله وروعه تسلم الايادي مايا ودوم للامام يارب ^_^

..مــايــا.. 19-09-08 06:06 AM

يــــــــــــــــ ع ــــــطيكمـ العـــــــافية

لكـــــــــل اللـــــــــــــــــــــــــــــــــــي ردوا على الروايـــــــــــــــه

الدمعة الماسية 22-09-08 09:04 PM

عاصفة الصمت
 
تسلم الايادي يااحلى نسمة حلت على منتدانا وباقة مشاعر لااحلامنا الواقعية التي نعيشها باعين ومشاعر مفتوحة وراحلة نحو رحلة خيالية شششششششكرا ياوردة منتدانا:55::55::55::55::55::55:

رضية 03-10-08 08:31 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

sweat_tama 07-10-08 05:39 AM

waaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaw 7lwa awy awy bgad 3gbtny moooot merciiiiii kteeeeeer lyky ya amr

رايقه وفاضيه 19-10-08 09:39 PM

روايه رااااااااااائعه

مس دمار 14-01-09 01:58 PM

مشكوووووره ع جهدج المبذول لكتابة القصه

القلب الجريح 28-01-09 12:39 AM

يسلموووو عالروايه

بجد تجنن

101 White Angel 17-02-09 04:29 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

zoubaida 24-02-09 02:14 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

سيمراء 03-03-09 02:41 PM

حلوة جدا عايزين الباقى عشان نستمتع;)

Shomoo5_3ashgah 25-03-09 02:57 PM

روعه القصه مشكوره اختي

جين استين333 10-04-09 07:38 PM

القصة رائعة جدا جدا
ومنتظرة التكملة.....
على أحر من الجمر....

posy220 24-04-09 05:02 AM

شكرا على الروايه الرواعه مووووووووووووووووووووت المجهود

ايدن 16-05-09 06:31 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

anysh 28-05-09 03:39 AM

رووووووووووووووعه.... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه

rora142004 28-05-09 02:45 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

بدر الزمان 30-09-09 01:49 AM

رواية تستحق القراءة

يسلمووو

moura_baby 30-09-09 02:47 AM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

awaw 02-10-09 08:05 AM

حلوه الروايه اعجبتني جدااا

AZAHEER 12-10-09 01:24 AM

شكرا يا مايا

الجبل الاخضر 12-10-09 08:06 AM

ررررررررررررررررررررررررروعه تسلم ايدك اختير جيد

أمل2009 16-10-09 02:59 PM

شكرررررررررررررررررررررررررا
القصة حلوة جدا جدا

كوكو11 21-12-09 10:45 AM

شكرا لك والأصل اول عضوة نزلت هالقصة كتابة هي عضوة قديمة اسمها يلدا من منتديات ليلاس

يعني من هنا منقولة القصة ورجعت لهنا

الهيفاء 31-12-09 06:28 PM

رااااااائعة، سلمت يداك وشكرا...

sassou 04-01-10 11:54 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرواية روعة
الف الف ...........................................الف شكر على المجهود حبيبتي مايا

الجيتار 17-01-10 08:47 PM

http://www.s3udy.net/pic/thankyou004_files/23.gif

eanas 08-02-10 06:48 PM

مشكورة على الرواية الرائعة
والله يعطيكي العافية على مجهودك المتميز

الحالمة دائما 10-02-10 07:41 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

قماري طيبة 27-02-10 06:24 PM

من جد من اروع الروايات اللي قريتها سلمت يداك على نقلها... بارك الله فيك ورحم الله والديك, يعطيك الف عافيه... موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

سفيرة الاحزان 25-04-10 02:46 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

HhadDoOolL 30-04-10 03:56 AM

:55: تسلم ايديك ......

لمسة حب 26-05-10 11:07 AM

روووووووووووووووعة روووووووووووووعة شكرا الك للجهد الكبير الذي قمت به :flowers2::flowers2::Welcome Pills4::Welcome Pills4::welcomepirate1::welcomepirate1::band1::band1::congra ts::congrats::Thanx::Thanx::Thanx::Supercool::Supercool::Sup ercool::Supercool::Supercool:

tea gardner 28-05-10 06:15 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

حجر فيروزي 28-05-10 10:10 PM

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

قلب حائر 10-07-10 05:11 PM

رااائعة جداا شكرااا عزيزتي تحياتي

domatala 30-08-10 01:12 AM

الرواية روعة جداً جداً , مشكورين !

ريماس27 30-08-10 07:33 AM

تسلمييييييييييييين وتسسلم اناااااملك على الرواية الاكثر من رائعه

مشكلتي عويصه 12-09-10 12:54 PM

يسلموؤوؤوؤؤوؤووؤوؤؤ ع القصه الروووعه دمتي لنا بود

nadafha 14-09-10 07:11 PM

:liilase:




:29ps:

charouza 28-10-10 08:53 AM

yeslamoooooooooooooooooooooooooooooooo

حياتي زهرة 29-10-10 01:36 AM

القصة روعة من احلى ما قرات تسلم ايديكي

زاهيره 29-10-10 07:33 PM

عاصفه الصمت

% شموخي عزتي % 30-10-10 11:38 AM

مررررررررررره حلوه مشكوووووووووووووره

خجلانه... 31-10-10 10:06 AM

يسلموووو مايا

رووووووووووووووووووووووووووعه ..بصراحه احلى رواية قرأتها بحياتي

رزكي 16-12-10 06:04 PM

رواية بتجنن شكر

Rehana 17-12-10 05:44 AM

من اروووع الروايات الى قرأتها .. يعطيكـ العافية..مـايـا..

شووقهـ 17-12-10 02:46 PM

يعطيك العافية ياعسل روووعة

مودتي لكِ

زهرة منسية 17-12-10 06:39 PM

شكرا مايا الروايه جميله خدا مشكوره

سمر لولو 22-12-10 04:27 PM

رووووووووووووووووعة تسلم الأيادي

emy_mm 16-05-11 10:39 PM

يسسلـــــمـــــــوااااااااااااا

سومه كاتمة الاسرار 17-05-11 03:42 AM

سلمت اناملك يا سكر الروايه رووووووووووووعه تسلمين:8_4_134:

فجر الكون 19-05-11 05:13 PM

شكراااااااااااااااااااااااااااااا على الروايه الرائعه :lol:

انجلى 20-05-11 07:58 AM

رائعععععععععععععععععععععععععععع رائعععععععععععععععععععععععع:55::55::55::55::peace::peace:

نونا المجنونه 21-08-11 04:23 AM

جميله اووووووووووووووووي
تسلم ايديكي

سنيفير 22-08-11 02:45 AM

يسلمووووووووو

hoob 22-08-11 04:37 AM

:55::55::55::55:

دلوعة فلسطينيه 22-09-11 02:31 AM

:55::55::55::55:روووووووووووووووووووعة

عصافير الجنة 24-09-11 07:30 AM

الرواية ممتعة
يسلم ايديك
:8_4_134:

sara00 27-09-11 05:05 PM

تسلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــى

حنان محمد ابراهيم 25-10-11 05:30 PM

رواية فى منتهى الجمال تسلم ايدك

ملك فارس 18-06-12 12:46 AM

جميله اوووووووووووووووووووووووووووووووووووووى اووووووووووووى

الجبل الاخضر 18-06-12 02:51 PM

:55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

arsh 25-06-12 11:45 PM

thanks
:55:

ندى ندى 16-10-12 12:48 AM

رد: 237- عاصفة الصمت - بيني جوردان (كاملة)
 
قمة الروعه والبداع والجمال

حورية الجزائر 17-10-12 10:34 PM

رد: 237- عاصفة الصمت - بيني جوردان (كاملة)
 
رواية رائعة

حورية الجزائر 15-11-12 07:25 PM

رد: 237- عاصفة الصمت - بيني جوردان (كاملة)
 
ساكسيا واندريس اروع ثنائي وانا كثير حبيتهم و قرأت الرواية اكثر من مرة وهي حلوة كثييييييييييير
تسلمي

princess miroo 25-02-13 10:39 AM

رد: 237- عاصفة الصمت - بيني جوردان (كاملة)
 
الرووايه في منتهي الروووووووعه
يسلموووووووووووا

Mayazead 23-02-20 01:11 AM

يعطيك العافية على تعبك في ترجمة الرواية يسلموا كتير

خديجة بلقاسم 24-02-20 08:52 PM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مشكوورين و

Zahraljouri 14-09-21 02:15 AM

رد: 237 - عاصفة الصمت - بيني جوردان ( كاملة )
 
شكرااا..............


الساعة الآن 03:47 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية