منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   *&* قصـــــص ما ورااااااء الطبيعــــــــــــــــة *&* (https://www.liilas.com/vb3/t4679.html)

^RAYAHEEN^ 24-11-05 12:04 AM



- كشف الأوراق ....


‏ أما عن وفاة السيد ( مليجان ) فالأمر يحتاج الى وقفة ما ..‏
كنت قد انتهيت من التحقيقات الطويلة التي لا تقضي الى شيء والتي ‏يسكبها رجل الشرطة ( بيرك ) على راسي ورأس ( ماجي ) .. كلها ‏اسئلة غبية كان يرى رجال الشرطة يسألونها في الأفلام لو كان يرى ‏بعضها .. اين كنت عندما قتل ( كيليبارون )؟ ومتى قتل ( كيليبارون ) ‏يا سيد ؟ ماذا ؟ لا اعرف .. ظننتك انت تعرف ..‏
وهكذا .. الكثير من الهراء ، حتى إنني شعرت بحاجة ماسة الى ‏استنشاق الهواء النقي ..‏
غادرت و ( ماجي ) الخان والطفلة تمسك بيدي . الحقيقة المخجلة هنا ‏هي اننا صرنا صديقين .. الحقيقة الأكثر إثارة للخجل أنني صرت ‏مرتبطا بها بشدة .. إنها طفل مسالم لطيف أقرب الى دمية جميلة ..‏
مشيت و (ماجي ) في الممر الذي يقود الى الشاعر الرئيسي ، وكنا ‏صامتين .. لكنني كنت املك الف تعليق على ما يحدث .. لكن السؤال ‏الاهم هو ( لماذا الآن بالذات )؟
قالت ( ماجي ) وهي تعقد ذراعيها على صدرها في أثناء المشي :‏
ـ " لا أعرف .. انا لا اثق كثيرا بموضوع النحس هذا .. لقد بدأ الشيء ‏مع قدوم الغرباء .. انا اعرفك واعرف نفسي وأعرف اننا لسنا من ‏الطراز الذي يلوي عنق الشيوخ للخف .. هنا يبرز بقوة اسم ( لورين ‏بالك ) هذه . هذه الفتاة لا تريحني على الإطلاق .. ربما لا ترى الرأي ‏ذاته ، لكنه حاسة الأنثى لا تخطئ .."‏
قتل في ضيق : ‏
ـ " انا ارى الشيء ذاته .. هناك إشاعة مغرضة تملأ البلدة أنها فاتنة ‏‏..حسن .. انا لا ارى هذا .."‏
ـ " لكنك لا تنكر انها ساحرة ؟"‏
ـ " ساحرة .. نعم .. بالمفهوم المجازي .. و.. "‏
ثم تلاقت عينانا .. لماذا ن فكر في الشيء ذاته في نفس اللحظة؟
كانت هناك سيارة واقفة الى جانب الطريق في هذا الموضع المهجور ‏نسبيا .. سيارة صغيرة بريطانية جدا .. ولسبب ما لم تبد لنا وقفتها ‏مريحة هنالك في الظلام الذي ملأ المكان ..‏
قالت لي وهي مستمرة في المشي : ‏
ـ " لو فرضنا جدلا انها هي .. هل تتوقع انها تجيد لي اعناق الناس ؟"‏
قلت في شرود:‏
ـ " القصة غير واضحة .. لا استطيع ان اراها قاتلة .. ولاي غرض ؟"‏
هنا كنا قد وصلنا قرب السيارة ..‏
ألقيت نظرة عابرة الى داخلها ، وفي اللحظة التالية وجدت أنني على ‏الأرض والم حاد يمزق خصري ..‏
وامامنا وقف السير ( ميليجان )..‏
كان هو ولم يكن هو ..‏
إنه ينزف من عشرة مواضع على الأقل ، وقد جعلته لحظة اقتراب ‏الموت متوحشا .. لا اعرف كيف استطاع فتح السيارة لكنه فعل وبقوة ‏كاسحة .. ربما عالج المقض بقدمه . لا ادري بالضبط ..‏
وهنا فهمت.. و قف الشعر أعلى جانبي رأسي حين فهمت ..‏
لقد كان مكمم الفم ، مقيد اليدين الى ظهره ، ومن كل أوردته العملاقة ‏كانت هناك خراطيم تتدلى .. خراطيم تتصل بإبر كأنما كان يتلقى الحقن ‏الوريدية من خلالها ، لكن هذه الخراطيم كانت تنزف .. ومن الجلي أنه ‏نزف كثيرا جدا .. انا اعرف ان من يقطعون شرايين معصمهم يصابون ‏بحالة جنون هياجي قرب النهاية ، وكان السير ( مليجان ) قد دنا من ‏النهاية ..‏
مشى جوارنا .. وهوي صدر خوارا كالثيران ..‏
ثم رأى ( ماجي ) فاتسعت عيناه وراح يترنح وهو يركض نحوها .. ‏الطفلة لا تكف عن العواء ..‏
صرخت ( ماجي ) وبدأت تجري .. لكني صرخت فيها بدوري :‏
ـ " لا تهي منه ! ساعديه !!"‏
وهرعت لألحق بالبائس .. فلقط ليوجه لي ركلة في اسفل بطني جعلت ‏الهواء يخرج من أذني .. لم يرفسني حصان من قبل لكن لا بد ان الامر ‏أفضل من هذا ..‏
اسندت الى الجدار بينما صرخات الطفلة تجعل الأمر أقرب الى الجحيم ‏‏.. اخرسي قليلا بالله عليك !! إن الدم .. يعود .. إلى .. راسي .. من ‏‏..جديد .. أنا .. قوي . .التحمل . .بغرم .. ضعف .. صحتي . لن .. أموت ‏‏.. بقدم رجل قتيل أصلا ..‏
في هذه اللحظة سقط الرجل على الأرض بينما الطفلة لا تكف عن ‏إطلاق سرينتها ..‏
وأدركت من ثبات وضعه ان الأمر قد انتهى ..‏
سألتني ( ماجي ) باكية وهي تعتصر الطفلة :‏
ـ " هل انت بخير ؟"‏
ـ " سأعيش .. والآن هلا عدنا الى الخان ؟ لا بد .. من .. غوث .."‏
‏*** ‏
جاء الدكتور ( ك . أوجليفي ) بعد ربع ساعة .. وكان الامر قد انتهى .. ‏كانوا قد أحضروا الجثة مغطاة بالملاءات ، وساد صمت رهيب .. ‏الموت بحضوره المقبض .. من المجاملة أكثر من اللازم ان نقول إنه ‏ضيف ثقيل لا تجد راحتك في حضوره . بل لا تستطيع الكلام بحرية ..‏
كان الطبيب أصلع الرأس قصير القامة متأنقا جدا ، وقد راح يجفف ‏العرق المتراكم على جبينه برغم الطقس البارد ، وقال لنا : ‏
ـ " أفهم من هذا ان دماء هذا الرجل استنزفت حتى الموت ؟"‏
قلت له في نفاد صبر : ‏
ـ " تشخيصك دقيق ايها الزميل .."‏
ـ " ومن الذي يفعل شيئا كهذا ؟"‏
مططت شفتي السفلي في غباء .. إنه الشيطان ذاته لو كان يجيد تركيب ‏الإبر الوريدية ..‏
هذه المرة بدا ان البدلة كلها احتشدت في الخان ، وهو ما كان ليسعد ‏فؤاد مس ( بانكرروفت ) لو لم تكن فعلا سيدة طيبة القلب لا تحب موت ‏زبائنها ..‏
شعرت بالحضور إياه فنظرت وراء كتفي .. كانت الكاتبة السوداء ‏عائدة من الخارج مع الأخ ( اونيل ) الذي للم يعد يفارقها في الآونة ‏الأخيرة ، ومعهما سيدة أخرى في الخمسين لم ارها من قبل .. لو كنا ‏في مصر لقلت إنه امه تتعرف عروسته المقبلة .. كانت ( لورين ) ‏تضع نظارة سوداء فلما شعرت بان هناك تجمعا مريبا نزعت نظارتها ، ‏وهزت رأسها ثم ودعت الفتى واتجهت الى غرفتها ..‏
كانت ( ماجي ) تنظر الى المشهد وكذا انا .. فتحت شفتيها ومطت ‏عنقها نحوي في إيماءة اعرفها جيدا ، فملت عليها بأذني لأسمع ،وقبل ‏ان تتكلم قلت أنا : ‏
ـ " نعم .. نعم . .المرأة التي مع ( اونيل ) .."‏
ـ " تعرفها .. اليس كذلك ؟"‏
ـ " بلى .. لكني عاجز عن تذكر متى وأين .."‏
مع ( ماجي ) تخطر الفكرة في ذهني فترد هي عليها من دنو كلام .. بل ‏إن بوسعي ان ألومها على فكرة سخيفة لم تصرح بها .. وارد خواطر ‏قاتل نعرفه من ايام بعثتي القديمة هنا ..‏
قالت في خبث : ‏
ـ " الصور ! هذه إحدى النساء اللاتي كن يرقصن في المقبرة !"‏
ـ " هل .. تعتقدين هذا؟!‏
ونظرت للمرأة .. لست متأكدا لأنني لم ار الصور بما يكفي .. لكن ‏وجهها بالتأكيد مألوف ، وفي الغالب انطبع في ذهن يمن وقتها .. ما ‏معنى هذا ؟ ‏
سرى الإشعاع السايكوفيزيائي بين الجالسين ، وتقدم رجل متأنق بدين ‏معتد بنفسه إلى سوط الدائرة ، وقال في تؤدة : ‏
ـ " يجب ان نتحدث بصراحة يا رفاق .. هذا الذي يحدث في بلدتنا ‏الهادئة لا يصدق .. ويوحي بلعنة ما تتجاوز فهمنا .. هل هناك من ‏يربط ملي بين هذه الاحداث وقدوم غرباء إلى البلدة ؟"‏
تعالت الهمهمة فصاح آمرا : ‏
ـ " من ير هذا فليرفع يده .."‏
ارتفعت عشرات الأيدي .. ما كنت احسبه ان كل واحد من هؤلاء القوم ‏له ست اذرع إلا بعدما رايت هذا بنفسي ..‏
قالت ( ماجي ) في تحد : ‏
ـ " حسن .. ومن ير اننا قتلنا هؤلاء الثلاثة فليقل هذا صراحة .."‏
لم يتكلم احد .. فقالت في هدوء : ‏
ـ " انا ومرافقي سنرحل غدا صباحا .. لو كنا نجلب الشيطان معنا ‏فنحن سنريحكم .."‏
هنا هتف رجل الشرطة ( بيرك ) في رعب :‏
ـ " هذا لن يكون .. لن يفارق احد البلدة قبل قدوم رجال التحريات ‏الجنائية .. سأطلق الرصاص على اول من يفكر في الخروج .."‏
على الاقل هو يتصرف بشكل صحيح من حين لآخر ، لكن ها نحن ‏أولاء قد صرنا محاصرين ..
هنا هتف رجل من الجالسين : ‏
ـ " لحظة .. من يشعر بارتياب في تلك الفتاة من ( شيفيلد ) فيرفع ‏ذراعه .." ‏
هذه ا لمرة ارتفعت مائة ذراع .. هؤلاء ليسوا بشرا .. إنهم عشيرة من ‏الأخطبوط ..‏

ـ " هي لا تكتب شيئا وتكاد لا تمضي وقتا في حجرتها .. إنها تجوب ‏البلدة طيلة اليوم .. كلنا رآها في المقابر .. ماذا تفعل هناك ؟ من هي ‏حقا ؟" ‏
هنا قرر الفتى ( اونيل ) ان يقوم بواجبه ،فهب يمسك بقائل هذا من ‏ياقة سترته ، وكور قبضته العملاقة وشده االى الوراء في وضع ‏مألوف . إنه بالفعل يتصرف كأنه زميل ( جاري كوبر ):‏
ـ " من يقل حرفا واحدا يسيء لها سأهضم وجهه !"‏
قال الرجل الأول المعتد بنفسه : ‏
ـ " الحقيقة يا بني انك صرت في قبضتها .. إنك مفتون بها .."‏
ـ " بل انتم مرضى النفوس .. الحقيقة إنها بهرتكم جميعا .. وحين لا ‏ينال الرجل فرصته فإنه يختلق الأكاذيب ويتحول إعجابه إلى حقد .. ( ‏لورين ) اختارت رجلا واحدا في هذه البلدة التعسة وانتم لا تطيقون ‏هذه الفكرة .."‏
كلامه صحيح حتى إن كان لا ينطبق على هذه الحالة .. إن من قرأ او ‏شاهد رواية ( زوربا اليوناني ) للعظيم ( كازندزاكيس ) يذكر جيدا ‏مشهد قتل الأرملة الجميلة على يد رجال القرية بدعوى الحفاظ على ‏الأخلاق . والحقيقة أنهم قتلوها لأنها لم تختر واحدا منهم ..‏
المهم ان الموقف تحول الى نار متأججة وكادت اللكمات تتطاير ، لولا ‏ان الرجل المعتد بنفسه وقف وصاح :‏
ـ " يا رجال .. انا اقترح ان نحبس الغرباء في غرفهم الى ان يأتي ‏رجال التحريات .. لا نريد مشاكل جديدة .. انا اعتذر لهم بشدة على هذا ‏لكنهم يفهمون دوافعنا .."‏
صاحت ( ماجي) في عصبية : ‏
ـ " يحبسوننا ؟ بأي حق !!"‏
لكني ضغطت على معصمها وهمست : ‏
ـ " لا مشكلة في إجراء كهذا .. إنها ليلة واحدة بعدها نترك هذه البلدة ‏بمشاكلها .. لا داعي لتصل الرأي .." ‏
وهكذا بدأ الحشد يتفرق من حولنا ليفسح لنا الطريق ..‏
هن توقفت وقلت بصوت عال : ‏
ـ " بالمناسبة .. اين مستر ( بارنيل ؟ ( باتريك بارنيل )؟"‏
لم يكن هنا .. ونظر لي القوم في دهشة ، فقلت بنفس الصوت العالي : ‏
ـ " أقترح ان تحرسوه جيدا .. لو حدث له شيء فنحن ابرياء من دمه ‏‏!"‏
سالني رجل الشرطة في دهشة : ‏
ـ " ماذا تقول بالضبط ؟ " ‏
‏ ـ " اعتقد ان كثيرين منكم خمنوا ما اعنيه .. كل هؤلاء الذين ماتوا ‏كانت لهم علاقة ما بموت ( رونيل السوداء ) .. انتم تعرفون القصة ‏وتذكرون التفاصيل .. لا اعرف كل من تورط في هذه القصة ، لكن ‏المرشح رقم واحد للموت الآن هو ( باتريك بارنيل ) .. حفيد قاضي ‏الساحرات الرهيب !"

Ala_Daboubi 24-11-05 09:36 AM

7ilooooo

yeslamo

^RAYAHEEN^ 24-11-05 09:39 AM

الله يسلمك
ان شاء الله الاحد بتكون خالصة
هههههههههه وانا قبلها

^RAYAHEEN^ 25-11-05 01:42 AM



‏7- أسطورة المقبرة ...‏


لم يكن البقاء في غرفتي سيئا .. انتم تعرفون انني حريص على كل ‏نشاط بشري يحرمني مخالطة البشر ! لكن ( ماجي ) .. الشعور من ‏جديد بأنها ستنفد .. لو عرفت تلك الطفلة ( إليانور ) كم هي مجدودة ‏الحظ ..‏
قضيت الوقت اصغي للمذياع ، واكتب بعض الملاحظات عن المؤتمر ‏الاخير الذي حضرته ..‏
فتحت الستائر لأرمق الظلام في الخارج . هل هذا غراب الذي يقف ‏على تلك الشجرة البعيدة ؟ هو كذلك ، ولا انفي لحظة انه يبدو لي كم ‏يراقب نافذتي .. انا عصبي وقد اعتدت هذه الامور .. انا هستيري ‏مجنون ولن اترك ملحوظة كهذه تدمر اعصابي ..‏
ثم تسرب النوم الى جفوني لا ادري كيف ، فدخلت الفراش المريح ‏الدافئ .. الذي يحتضنك احتضانا .. وكان للدفء الكلمة الأخيرة قبل ‏الإرهاق ..‏
إنني ..‏
‏*** ‏
في الثالثة صباحا سمعت القرعات على بابي ، فنهضت .. تعثرت في ‏الغطاء السميك طبعا واطلقت الكثير من السباب الى ان وجدت الباب .. ‏وفي اللحظة ذاتها كان المفتاح يدور فيه من الخارج ، فلا تنس انني ‏حبيس هنا ..‏
هناك كان رجل الشرطة الأحمق ( بيرك ) ومعه مسز ( بانكروفت ) ‏التي بالفعل صارت عيناها خارج جمجمتها .. وعرفت على الفور أن ‏كارثة حدثت ..‏
ـ " كارثة حدثت يا سيدي .."‏
ـ " إنني ارتجف قلقا .."‏
ثم سمحت لهما بالدخول وبحثت عن الروب .. ثم جلست على طرف ‏الفراش وتثاءبت كفرس النهر .. بينما قال الشرطي عديم الكفاءة :‏
ـ " لقد توفي السيد ( باتريك بارنيل ) .. لقد كنت محقا يا سيدي .." ‏
ادرت الخبر في فمي لأتذوقه جيدا .. هذا الرجل لطيف المعشر الذي ‏راح يكلمنا كأننا صديقان قديمان له ، والذي عرفت منه كل تفاصيل ‏هذه القصة قد مات ..‏
ـ " كيف ؟"‏
صمت الرجل وشهقت المرأة .. مما جعلني اعرف انه مات بطريقة لا ‏يمكن سردها .. اشياء كهذه لا تقال للاطفال مثلي ..‏
ثم ان الشرطي قال وهو ينهض : ‏
ـ " اتقد انه لم يعد من داع لهذا السجن .. يمكنك الخروج إذا اردت يا ‏سيدي .."‏
في هذه اللحظة ظهر رتل من الرجال الذين لا اعرفهم على الا .. لكنهم ‏كانوا غاضبين كالجحيم .. كانوا يريدون تدمير أي شيء او قتل أي أحد ‏‏.. يبدو ان المنظر أثار حفيظتهم بحق .. وهنا رأيت من جديد الدليل ‏القاطع على ما يروونه عن حدة طباع الأيرلنديين .. أنا جربتها وكدت ‏القى حتفي لو كنتم تذكرون قصة اللهب الازرق والاخ ( شاكال ) ..‏
في بعد عرفت تفاصيل موت الرجل ـ ( بارنيل ) لا ( شاكال ) طبعا .. ‏ولن احكيها بالتأكيد .. لكنها كانت جديرة بصاحب اعظم جرم بالنسبة لـ ‏‏( رونيل السوداء ) إن حفيده تلقى العقاب كملا غير منقوص .. ويكفي ‏القول إن الطبيب فقد وعيه حين رأى المشهد ..وان الرجل ذا الكلمة ‏المسموعة إياه في حالة هستيرية الآن ..‏
قلت وانا اقف امام الباب : ‏
ـ " مس ( بلاك ) ؟"
‏- " ليست هنا .. إنها لم تعد في الخان قط منذ اتفقنا على تحديد إقامتكم ‏‏.. نعتقد انها غادر غرفتها من النافذة .."‏
وقالت مسز ( بانكروفت ) :‏
ـ " لا اكتمك سرا أننا فتشنا اوراقها .. لم نجد قصصا على الإطلاق .. ‏كانت هناك صفحات ملأى برموز غريبة كالتي تستعمل في السحر .. ‏مئات العبارات اللاتينية التي تجمد الدم في العروق .. تلك الفتاة ليست ‏طبيعية .."‏
فكرت في المعلومة بعض الوقت ، ثم قلت للرجل : ‏
ـ" هل معك قلم ؟"‏
ناولني قلما من الرصاص في تردد ، فأمسكت به وبخط كبير واضح ‏كتبت على الجدار : ‏LOREANE‏ ...‏
صاحت مسز ( بانكروفت ) في غضب :‏
ـ " بحق السماء .. ماذا تحسب انك فاعل ؟"‏
ثم أرد ، وهتفت في القوم :‏
ـ " كيف تتهجون اسم تلك الساحرة التي حرقها اجدادكم ؟ ‏RONEAELE؟"‏
هنا صاح احد الاذكياء : ‏
ـ " حقا . . نفس الاحرف .. ونفس الرنين في الأذن .. وكلاهما سوداء ‏‏.. ( بلاك ) .."‏
هنا بللت طرف منديلي بلعابي ، ورحت ازيل الدمار الذي احدثته في ‏جدار الخان كي لا كي لا تقتلني صاحبته ..‏
نظرت لي مسز ( بانكروفت ) في حدة ، وسألت : ‏
ـ " هل تحاول التلميح الى ان الساحرة عادت اليوم لنا في ثوب تلك ‏الفتاة من ( شيفلد ) وانها تنفذ انتقامها ؟ كيف ؟ هل غادرت قبرها ؟ ‏هل حلت روحها بتلك الفتاة ؟ كلها افتراضات لا تقبل .."‏
وقال واحد من الوافدين :‏
ـ " ولماذا اليوم بالذات ؟ لماذا تنتظر ثلاثمائة عام ؟ " ‏
ـ " يمكنك ان تسألها .."‏
ثم اردفت وانا اشعر بإرهاق شديد من فرط هذا الجهد العصبي : ‏
ـ " الفتاة تكمل بالضبط ما كانت ( رونيل ) تفعل .. الشخص الوحيد ‏الذي وثقت به هو الفتى ( اونيل ) ولا أشك في أنه حفيد ( اونيل ) ‏القديم الذي كاد يلقى بنفسه في النيران من اجلها .. ثم يموت حفيد ‏القس الذي شك فيها .. وحفيد الحاكم .. وحفيد القاضي الذي امر ‏بحرقها .. وحفيد الثري الذي كان يحبها ، والذي ربما كان له دور في ‏إدانتها .. لا اعرف كل من تورط في هذه القصة، لكن ( رونيل ) عادت ‏‏.. انا متأكد من هذا .. وانتقامها شامل ماحق .. والمشكلة هنا ان من ‏ماتوا حتى الآن هم الورثة الوحيدون لأسرهم ، فماذا عن الأسر التي ‏تفرعت وتشعب احفادها ؟"‏
ساد الصمت ثم تساءل احد الرجال ؟"‏
ـ " والحل ؟"‏
ـ " أرى انه لا بد من نبش قبرها .. اعتقد ان الجواب الصحيح يكمن ‏في المقبرة .."‏
كان الرجال بحاجة الى أي شيء يبدد طاقاتهم الثائرة ، لهذا تصايحوا ‏في حماسة كأنما ادعوهم الى السيرك : ‏
ـ " المقبرة .. نعم .. المقبرة"‏
ـ " في الصباح يمكننا ان .."‏
لكنهم لم يكونوا على استعداد للانتظار حتى الصباح ..‏
مشكلة الأيرلنديين الغاضبين هي انهم لا يسمحون لكهل مثلي بالنوم ..‏
وسط الزحام رأيت ( ماجي ) تشق طريقها بوجه ممتقع ، وقد حملت ‏الطفلة متمسكة بعنقها .. بدا لي المشهد غريبا لانني لم ار طفلة تحمل ‏طفلة قط .. ثم إن ( إليانور ) لم تكن رضيعة بالتأكيد ..‏
قالت لي همسا : ‏
ـ " انت قلت نفس ما افكر فيه .. لكن ما كان يجب ان تقوله علانية ‏‏.."‏
ـ " ولم لا ؟ "‏
ـ " رد الفعل الجماهيري غير المنضبط .. انت كمن يفتح قمقما فيه ‏جني حبيس .. لو أنهم قابلوا الفتاة الآن ؟ حتى لو كانت بريئة لأطاروا ‏عنقها بلا مناقشة .. السبب الاهم هو أنني متأكدة من ان عددا من ‏هؤلاء القوم يعرف ما نتكلم عنه . ربما كان يرقص حول المقبرة في ‏تلك الليلة . اكره البارانويا لكن الحذر واجب .."‏
اعترفت في خجل بانها محقة لكن العجلة دارت .. من العسير ابتلاع ‏الكلمات ..‏
وفي هياج ـ كتنين أسطوري هائل عقله في قدميه ـ تحرك الجمع نحو ‏المقابر .‏
قلت لها : ‏
ـ " أغلقي بابك بإحكام وكوني حذرة .. ربما كان من الحكمة ان تنزلي ‏لتقضي الوقت مع مسز ( بانكروفت ) .."‏
‏*** ‏
في ضوء المشاعل يبدو المكان بهيجا ..‏
عشران الناس والمشاعل التي تشبه ( الكلوبات ) في سوق الخضار ‏عندنا ، وكشافات نيون وكشافات عادية تعمل بالأحجار الجافة .. غبار ‏‏.. عرق .. زحام ..‏
لقد خضت هذا الموقف مرارا من قبل ومن بعد ، بحيث يبدو لي الآن ‏انني قضيت عشرة اعوام من عمري وسط اناس ينبشون قبرا ما ..‏
كنا جميعا نتجه الى المكان الي لن انساه ما حييت ..‏
القبر الوحيد الباقي والذي لا يحمل شاهده أي اسم ..‏
ربما كانت هناك قبور اخرى لكن لا احد يذكر مكانها ..‏
اين حارس المقابر ؟ كان هناك وسط الزحام وقد تحول الى فزاعة من ‏فعل الكحول .. يصعب علي ان اصدق ان هذا الرجل لم يذق الخمر من ‏قبل ..‏
وقفنا هناك . وكانت الاعشاب تغطي الشاهد ، فيما عدا ما قمت بإزاحته ‏حين كنت مع ( ماجي ) .. وبدأت المعاول والأظفار تعمل ..‏
بدأ التراب يتراكم .. وعرفت انها مدفونة من دون تابوت ولا كفن على ‏سبيل الانتقام ..‏
اخيرا بدأت معالم الحفرة تتضح ..‏
وتكأكأ القوم حول الحفرة كل يحاول ان يجد موطئ عين .. وشعرت ‏بأنني اختنق .. الكل يدفعني الى الحفرة ، وتساءلت في سري : الا ‏يستحم هؤلاء القوم ؟
عظام .. عظام بالية نخرة مفتتة ..‏
تلوت : " كل نفس ذائقة الموت " ، ثم جثوت على ركبتي اتفحصها ، ‏ورفعت عيني فوجدت الدكتور ( اوجليفي ) جاثيا جواري يتفحص ‏العظام بدوره في ضوء الكاشف ..‏
ـ " ما رأيك ايها الزميل ؟ أي "‏
قالها وهوي يتلقى كوعا في كتفه .. فقلت بينما ركبة صلبة تضربني ‏في مؤخرة راسي ..‏
ـ " مثل رأيك . آي هذه العظام محترقة وتتماشى مع القصة .. لا ‏اعرف عمرها لكن لا استبعد أنها دفنت هنا منذ ثلاثمائة سنة .."‏
هكذا اعلن على الناس ان الجثة في مكانها .. الساحرة لم تغادر القبر ‏لتلتهم حناجركم يا شباب فاطمئنوا ‏
كنت انا شارد الذهن افكر .. ما معنى تلك الزيارات الليلية الى هذا ‏الموضع إذن ؟ طبعا انا لم اتوقع لحظة أن تنهض الجثة من قبرها لان ‏هذا مستحيل .. فمن هي ( لورين ) إذن ؟ لا أقبل كذلك قصة التناسخ . ‏ما خطر لي هو ان هناك من سرق الرفات من اجل عمل سحري ما .. ‏لكن من الواضح ان هذا لم يحدث ..‏
هنا توقف الطبيب الأيرلندي الأصلع وقال : ‏
ـ " هذه العظمة .. آي ! ما رأيك فيها ؟"‏
نظرت الى العظمة وفهمت ما يعنيه ..‏
سألته :‏
ـ " في أي سن هلكت ( رونيل السوداء ) ؟"‏
ـ " كانت قد تجاوزت العشرين .."‏
وكانت العظمة التي يحملها لا تحتمل الشك .. هذه عظمة طفل .. الخط ‏الكردوسي واضح تماما وحجم العظمة نفسه واضح لكل طفل ..‏
هذه الرفاة ليست رفات ( رونيل السوداء ) ..

^RAYAHEEN^ 26-11-05 09:12 PM



8- المؤامرة ..‏


على ضوء الفجر البكر حيث وضعنا العظام على ملاءة ، أمكنني الآن ‏التأكد من أنني كنت .. مخطئا في البداية .. فعلا هذه عظام طفل ..‏
صاح أحد الرجال في عصبية : ‏
ـ " من فضلكم لا تقولوا إنها فتحت القبر وذهبت .." ‏
قلت في هدوء لأمتص غضبه : ‏
ـ " لا شيء من هذا .. هناك من أخذها لغرض ما .. ربما ليدفنها في ‏قبر أفضل أو من أجل طقوس لا نعرفها .."‏
ثم تنهدت ونظرت الى الساعة .. إنها السابعة صباحا .. لقد استغرقت ‏كل هذه الاحداث أربع ساعات .. وانا جائع وموشك على التجمد .. قلت ‏لهم إن الوقت حان للعودة الى الخان وترتيب الخطوات التالية ..‏
ومشي الموكب عائدا في ضوء النهار الخجول الذي لا يجرؤ على ان ‏يفصح أنه نهار ..‏
من بعيد كان الخان ، وقدرت أنني سأغسل وجهي وأصلي وأتناول ‏الإفطار ، ثم انام عشر سنوات في الفراش الدافئ حتى توقظني ‏الساحرة لتخبرني بأن الدور دوري ..‏
لكن الجو لم يكن مريحا .. في البداية وجدنا ان مسز ( بانكروفت ) ‏ليست هناك .. ثم صعدت الى الطابق الذي اقيم فيه ، فوجدت ان باب ‏غرفة الفتاة مفتوح عنوة ..‏
هناك من اقتحمه .. كنت وحدي الآن فلم استطع طلب عون ، لكن ‏القصة واضحة .. لقد عادت او عاد كي يأخذ الاوراق التي هي بالتأكيد ‏مهمة جدا ، وكان غضبها مسيطرا حين وجدت أنه لا شيء منها في ‏الغرفة ..‏
و .. ( ماجي ) !!‏
هرعت الى غرفتها وكانت المصيبة التي توقعت إن الباب مفتوح..‏
افتحمت الغرفة لأجدها نائمة على الفراش بكامل ثيابها .. ليست هذه ‏نومة استرخاء او نومة من قضي الليل ساهرا .. سقط قلبي في قدمي ‏ودنوت منها في حذر .. بسبب ارتباكي فشلت فعلا في ان ارى إن كان ‏صدرها يعلو ويهبط ام هو ثابت كالحجر ..‏
لكنها كانت تتنفس ..‏
بالحقيقة تتنفس ..‏
جوار الفراش جثوت وانا اغالب دموعي .. حمدا لله .. للمرة الأولى ‏افطن إلى ان ( ماجي ) كائن حي يعيش ويموت وليست رمزا . كنت ‏احسبها كالعدل أو الحقيقة .. هل رايت يوما جثة عدل أو اشلاء حقيقة ‏؟ ‏
في النهاية فتحت عينيها وكانتا حمراوين كالدم ..‏
لا داعي للمزيد من البحث .. هاتان عينا إنسان يفيق من مخدر ..‏
بالمناسبة أنا لا ارى الطفلة من حولها ..‏
هتفت من بين شفتين التصقتا من القشور : ‏
ـ " إليانوووووووور " ‏
كما توقعت بالضبط ..‏
جلبت بعض الماء وسقيتها إياه .. ثم سكبت الباقي على وجهها .. وماء ‏ايرلندا بارد .. بارد ..‏
اخيرا جلست في الفراش وراحت ترمش بعينيها في بلاهة ، ثم سألتني ‏من جديد : ‏
ـ " أين ( إليانور ) ؟" ‏
ـ " حسبتك اقدر مني على الإجابة عن هذا السؤال .."‏
نهضت من الفراش في حزم صائحة : ‏
ـ " خطفوها !"‏
القصة كما حكتها لي هي ان المسز ( بانكروفت ) جاءت في الخامسة ‏صباحا تقرع الباب .. قالت لها إنها راغبة في إخبارها بشيء مهم .. ‏وهكذا لم يكن من مبرر لإبقاء الباب موصدا .. فتحته فدخلت المرأة ‏ذات الشعر المعقوص .. قالت لها كلاما كثيرا عن خوفها من أن تكون ‏هي الضحية التالية .. ربما لأن جدة جدتها كانت في تلك القصة ‏المشئومة ..‏
طمأنتها ( ماجي ) .. وكانت الطفلة نائمة في الفراش فلم تسمع شيئا ‏من المحادثة .. إلا ان ( ماجي ) نهضت الى الحمام كي ..‏
وهذا آخر ما تذكره من القصة ..‏
حدث أي شيء . .على الأرجح منديل مبلل بالكلوروفورم على الأنف او ‏شيء من هذا القبيل .. بعدها وجدت نفسها في الفراش وانا اوقظها ‏كالكابوس ..‏
ـ " هذا يعني ان مسز ( بانكروفت ) متواطنة .. كنت اعرف انها تبدو ‏كساحرة .."
‏- " انت قتل لي ان اثق بها وامضي الوقت معها .."‏
ـ " انا قلت هذا ؟ إذن كنت حمارا .. ما علينا .."‏
قالت وهي ما زالت متحشرجة الصوت ، ويبدو ان راسها ما زال غير ‏ثابت : ‏
ـ " ربما لم يكن لها دور .. ربما هوجمنا معا .." ‏
ـ " وهذا يجعلنا نتساءل اين هي ؟ وأين الطفلة ؟"‏
كنت اتمنى ان اقول إن هذا خبر طيب لي ، لكني لست بهذه القسوة ‏طبعتا .. لقد اختطفت الطفلة وبيد أشخاص لم يبد حتى هذه اللحظة أن ‏في قلوبهم أدنى ذرة من الرحمة .. إن من ير جثة ( بارنيل ) يعرف ‏جيدا معنى ما اقول ..‏
قالت في توتر وهي تتجه الى الباب :‏
ـ " ساعرف حالا .. اقسم لك إنني لن اغادر هذه البلدة إلا وهي معي .. ‏وانت .."‏
ثم نظرت في عيني وهمست كأنما تذكرت شيئا : ‏
ـ " للابد ؟"‏
كانت تقولها من دون هيام ، بل في توتر .. كأنما تستوثق من أنني لم ‏اتغير بعد ، أو تطمئن على ان اسلحتها محشوة .. قلت لها : ‏
ـ " ماذا ؟"‏
ـ " ستكون ملكي للأبد ؟"‏
ـ " وحتى تحترق النجوم كلها .. وحتى .."‏
ثم توقفت .. هذه المرة لأن رجل الشرطة الأحمق اقتحم الغرفة .. ‏وهتف إذ رآني : ‏
ـ " اين مسز ( بانكروفت )؟"‏
ـ " هذا ما كنا نتكلم فيه حين دخلت دون استئذان .."‏
وبسرعة حكيت له القصة فازداد شاربه كثافة وتقلص وجهه كأنما ‏يموت .. ثم ابتلع ريقه وقال : ‏
ـ " هناك امرأة ماتت في البلدة هذا الصباح .. لا .. ليست مسز ( ‏بانكروفت ) .. ماتت بنفس الطريقة الشنيعة .. هذه المرة طار عنقها ‏من على كتفيها ، لكننا لا نعرف شيئا عن علاقتها بالقصة .."‏
قلت في ملل : ‏
ـ " لا بد انه امن أخبر القس .. كي يخبر ( كيليبارون ) بان .. إلى آخر ‏هذا الهراء .."‏
أضاف بنفس اللهجة الخطرة : ‏
ـ " الفتى ( اونيل ) كذلك اختفى .."‏
ـ " المختفون أكثر من اللازم في هذه البلدة .. هل تعني أنهم غادروها ‏؟ " ‏
ـ " بل على الأرجح هم مختفون في مكان ما .. إن ( أوليفر كليباتريك ) ‏لم ير أحدا يخرج من البلدة منذ أمس .. إن ( وليفر كليباتريك ) هو .."‏
ـ " نعم .. نعم .. هو رجل يمكنه ان يعرف من غادر البلدة .. وفر شرح ‏ما لا طائل وراءه .. وهل في بلدتكم مخابئ ؟"‏
فكر قليلا وهو يعتصر شفته السفلى كأنما ليمزقها ، ثم قال : ‏
ـ " هناك الكنيسة بدهاليزها الخفية .. هناك القلعة .. هناك كهفان .."‏
ضربت ( ماجي ) بكفها على صدرها كأنما تلطم وهتفت : ‏
ـ " يا إله السماوات ! يمكن إخفاء كتيبة من الجيش الروماني في تلك ‏الأماكن .. نحن لن نجد هؤلاء أبدا .."‏
قلت لها في ثبات نافشا صدري : ‏
ـ " لكننا سنبحث فيها جميعا .. فقط اريد دقائق كي ادخل غرفتي ‏واستعيد كياني .. لسوف يكون يوما طويلا .."‏
قلتها بلهجة ابطال الروايات شديدي المراس ، ودخلت الى حجرتي ، ثم ‏نمت .. نمت وانا استند الى حوض غسيل الوجه .. ثم نمت حين خرجت ‏‏.. ثم نمت وانا اقول لنفسي إنني لن انام ..‏
ظهرت بعد ساعة ونصف متظاهرا بالانتعاش .. وكان الجميع جالسين ‏في قاعة الجلوس ، وقد جلست (ماجي ) جوار رجل في الخمسين من ‏عمره ممن يعرفون ما يفعلونه ، وقد فردوا على المنضدة خارطة ‏مرسومة بالقلم الأسود العريض للبلدة .. ورأيته ينظر الى مجموعة من ‏الرجال الأشداء يرتدون سترات ثقيلة ويحملون العصى : ‏
ـ " ( رايان ) و ( أوليفر ) .. الكنيسة .. القبو ( ج ) .."‏
وانطلق الرجال .. هنا فهمت انهم يشكلون فرقا للبحث .. إنهم اشداء ‏فعلا واحمد الله على أنني لست تلك الفتاة ( لورين بلاك ) ..‏
وجدت مقعدا جوار المنضدة فجلست ، وكانت هناك قهوة مددت يدي ‏لها دون أن اسال من شرب منها .. نظرت ( ماجي ) لعيني الحمراوين ‏ففهمت على الفور النشاط الذي كنت أمارسه ، وابتسمت في رفق ‏ابتسامة عصبية سريعة .. تذهلني قوة تحمل النساء ايضا .. إنهم لا ‏يملكن قوة جسدية لكنهم يتحملن الأوضاع الصعبة اكثر منا نحن ‏الرجال بمراحل ، وعلى قدر علمي هي لم تنم امس إلا قدر ما نمت أنا : ‏لا شيء تقريبا ..‏
قال لي الرجل الذي يعرف ما يجب عمله : ‏
ـ " دكتور .. هلا انتحينا جانبا ؟ اريد كلمة معك "‏
نظرت له في عدم فهم ، ثم نهضت واتجهنا الى ردهة جانبية تقود الى ‏السلم .. كان كما قلت في الخمسين ، ضخم الجثة مما يوحي بأنه ‏رياضي قديم .. ذلك الترهل القوي الذي يميز من كانوا يمارسون ‏رياضة عنيفة ثم توقفوا ، وكأنه حليق الوجه بعناية وله عينان ثاقبتان ‏‏..‏
أشعل لفافة تبغ غليظة ، وقال لي : ‏
ـ " لقد سمعت القصة من الآنسة .. هناك كما فهمت جماعة سرية ‏تحاول إعادة ( رونيل السوداء ) الى البلدة.. إن الآنسة لم تحك قصتها ‏مع المقبرة إلا الآن .."‏
ـ " هل تعتقد ان الجماعة ما زالت تحاول ؟ اعتقد انها نجحت .. وإلا ‏فمن هي ( لورين) ؟ وما سر حالات الوفاة هذه ؟ ‏
ـ " لن نعرف أبدا .. ربما كان الانتقام مطلوبا كي تستطيع الساحرة ‏العودة .."‏
ـ " هذا يضعنا في مأزق آخر .. كيف عادت ؟ هل غادرت قبرها ؟ هل ‏مست تلك الفتاة ( لورين ) ؟"‏
قال من جديد : ‏
ـ " لن نعرف أبدا .. لكن هناك شيئا مؤكدا يجب ان تعرفه ولا تخبر به ‏الآنسة .. لانها لو عرفت لفقدت صوابها .. الطفلة في خطر داهم .. ‏ولربما انتهى هذا كله .."‏
ـ " لماذا ؟ "‏
‏- لان ( رونيل السوداء ) كانت تلتهم الاطفال .. الم يخبرك أحد بهذا ؟"‏
وتصلبت .. واستندت الى الجدار ..‏
كانت المرة الاولى التي اسمع فيها هذا الجزء ..‏
هذا جزء لم يخطر لي ببال قط ..‏
‏***‏



الساعة الآن 09:46 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية