منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   *&* قصـــــص ما ورااااااء الطبيعــــــــــــــــة *&* (https://www.liilas.com/vb3/t4679.html)

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:50 PM

Snatos
تسلملي على مرورك
تقبل مني فائق التحية ،،،

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:52 PM


‏-3- ‏
جاءني عم ( شوقي ) مساعد الشرطة بمجموعة من الاوراق .. كالعادة ‏‏.. وفكر فيما إذا كان عليه ان يموت على بابي ، ثم عدل عن هذا .. ‏ارجو ان يستمر تهذيبه الى الأبد .. ‏
كانت الاوراق في مظروف .. وقد اغلق المظروف على طريقة أحراز ‏الشرطة الشهيرة ، وبداخله وجدت ورقة بخط ( عادل ) تقول : ‏
الدكتور ( رفعت ) :‏
هذه الاوراق تخص الدكتور ( يوسف .. أبو الحسن ) رحمه الله .. لقد ‏ترك هذا المظروف لدى صديق له على ان يفتح في حاله اختفائه . يبدو ‏ان الصديق تردد فترة طويلة ثم استجمع شجاعته وقرأ الخطاب .. ‏وكان اول ما فيه هو طلب ان يبلغ الشرطة بمحتوى الأوراق . سوف ‏تجد في الاوراق أشياء تهمك كثيرا ويهمني أكثر رأيك فيها . للعلم ‏واتخاذ اللازم ..‏
عميد ( عادل توفيق ) ‏
اندهشت لصيغة الخطاب الرسمية ثم إنهائه بعبارة باردة تقريرية مثل ( ‏للعلم واتخاذ اللازم ) ، لكي قدرت انها طبيعة الحذر .. ربما فتح ‏المظروف لسبب ما ، فلا يجب ان يبدو العميد ( عادل توفيق ) أقل من ‏عميد في أية لحظة . ‏
على أنني على مدى الساعتين التاليتين قضيت أغرب ربما اسود ‏ساعات حياتي وأنا اقرأ قصة ( يوسف ) .. مع كتاب ( نيكرونوميكون ‏‏) ، استاذه غريب الاطوار ( مختار ) ..‏
غريب الاطوار ؟ هذا اقل شيء تصف به شخصا يلعق عينيه بلسانه .. ‏وبدأت القصة تتضح أكثر ..‏
إن القصة متعددة الرواة ‏Polyphonic ‎‏ وهو أسلوب اتبعه كثيرا ‏تعطيك وجهات نظر مختلفة .. العميان الذين يتحسسون فيلا فيقول ‏الأول : الفيل خرطوم طويل ، ويقول الثاني : الفيل مروحة ، ويقول ‏ثالث ، الفيل أربعة أعمدة .. فقط حينما تحشد رواياتهم تدرك أنك ترى ‏فيلا أمامك .. وقد ساعدت هذه المذكرات مع مذكرات د. ( زكي ) مع ‏معلوماتي عن القصة .. مع ما يعرفه ( كولبي ) .. على جعلي اكون ‏صورة شبه كاملة للحدث ..‏
على ان الاحداث انتهت بالنسبة لي .. لم تعد ثمة قوة دفع أخرى .. ‏أربعة كلفوا بمهمة رهيبة ودفعوا حياتهم ثمنا لها ، ومن الواضح ان ‏حوادث القتل انتهت عند هذا الحد .. ( كولبي ) سيأخذ كتابه الرهيب ‏ويعود السلام الى الربوع وتغرد العصافير و .....‏
تغرد ؟ ‏
لا .. إنها تصدر شخيرا .. تغط في نومها ..‏
لو كان ( كولبي ) يعاني شيئا بالاضافة الى البروستاتا فهي اللحمية .. ‏إنه يصدر صوتا يذكرك بأتوبيس الأرياف الذي لم يدخل ورشة الصيانة ‏منذ عشرين عاما ..‏
الاهم ان هذا الرجل لا يفعل شيئا إلا النوم .. إنه ينام كطفل رضيع .. لم ‏ار ساحرا بهذا الكسل في يحياتي . اعتقد انه امتهن السحر لانه يتيح ‏له الا يفعل شيئا على الاطلاق .. نسيت ان اقول انه يقضي اكثر وقت ‏يقظته في الحمام لانها البروستاتا كما تعلمون ، حتى صار دخولي ‏الحمام معجزة .. دعك من انه يأكل كالتماسيح الصغيرة حتى قدرت ان ‏خراب بيتي قريب ..‏
نعم ( كولبي ) هنا .. الم اخبرك بهذا ؟ ‏
هذا منطقي .. هو لا يريد التخلي عن الصفحات التي معه وانا لا اريد ‏ان ابقى وحيدا مع الكتاب فينتزع قلبي من الضلوع .. صفقة هي نوع ‏من التكافل الحيوي ‏symbiosis ‎‏ كذلك الطائر الذي ينزع الحشرات ‏عن جلد الخرتيت ويحميه الخرتيت من الأعداء ..‏
نعم .. ( كولبي ) خرتيت .. هذا حق .. لكن لا يوجد حل آخر ..‏
هناك حل هو ان اعطيه الكتاب وأضعه في اول طائرة ، لكن ( عادل ) ‏حينما عرف مغامرتي الصغيرة لم يسمح لي بذلك .. قال لي إنني ‏سأغير رايي بالتأكيد بعد ما أقرأ مذكرات ( يوسف ) ..‏
قال لي في غيظ على الهاتف :‏
‏-" نحن لا نمزح هنا .. هناك جرائم قتل وقاتل لم يضبط قط .. انت ‏تحدثني عن كتاب وهراء مماثل .. إذن دع هذا الخبير ينتظر معنا الى ‏ان نفهم كل شيء .. لا تقل لي إن الكتاب أنهى مهمته وساد السلام .. ‏هذا كلام فارغ لن اضعه في أي تقرير .."‏
هكذا قررت ان استبقي هذا ( الخبير ) الى ان اعرف ما في مذكرات ( ‏يوسف .. هذا ..‏
أخيرا نجحت في إيقاظ (كولبي ) فجلس في الفراش فراشي يحك بطنه ‏، لابسا منامته المزركشة التي لو رأيتها على طفل في الثالثة من عمره ‏لاتهمته بالابتذال .. ثم سألني :‏
‏-‏ ‏" هل من شيء يؤكل ؟ " :‏
قلت في عصبية : ‏
‏-‏ ‏" ثمة شيء يسمع .. هذه المذكرات .."‏
وجلست امامه احكي له ترجمة امينة لما قرأت في مذكرات الباحث ‏الشاب .. راح يصغي وتعبيرات وجهه الطفولي تزداد غباء .. ذهب الى ‏الحمام مرتين لانها البروستاتا كما تعلمون ، ثم عاد يصغي بانتباه ..‏
في النهاية قال لي :‏
‏-‏ ‏" الأمر واضح .. لقد استشار الفتى الشخص الخطأ .. إن استاذه ‏كان واحدا من العشرين شيطانا .. إنها صدفة غريبة لو اردت ان ‏تعتقد هذا ، لكني اميل الى الظن ان الفتى وجد نفسه مدفوعا لهذا .. ‏لقد وجهه كتاب النيكرونوميكون الى ما يبحث عنه " ‏
وقفت ورحت اجوب الغرفة في عصبية ، وسألته : ‏
‏-‏ ‏" معذرة على غبائي .. لكي سمعت موضوع العشرين شيطانا هذا ‏الف مرة تقريبا .. ولا علم لي بهم .. فهلا كنت اكثر تحديدا ؟ "‏
ابتلع ريقه وقال :‏
‏-‏ ‏" بلى .. انت تستحق ان تعرف .."‏
‏*** ‏
قال ( كولبي ) : ‏
‏" من المفاهيم الاساسية في كتاب ( إينوخ ‏Enoch‏ ) ان هناك ‏عشرين شيطانا جاءوا الارض ، وتزوجوا من بنات البشر فأنجبوا ‏ذرية مخيفة .. افراد الذرية كانوا متقدمين علميا وقد صنعوا اسلحة ‏متقدمة متقنة ومجوهرات عجيبة كما انهم كانوا يشربون الدم كعادة ‏محببة . من الغريب ان هذه القصة موجودة كذلك في التلمود ذاته ، ‏وانت تعرف اهمية هذا الكتاب بالنسبة لليهود.."‏
قلت له في حيرة : ‏
‏-‏ ‏" وما دخل( نيكرونوميكون ) بهذا ؟ انت تتكلم عن كتاب آخر ؟
قال باسما : ‏
‏-" من المفاهيم السائدة في كتاب ( نيكرونوميكون ) ذلك الكلام عن ‏الكيانات القديمة ‏Old ones ‎‏ .. إنه كيانات اكبر من البشر .. وراء ‏البشر .. لقداعتقد ( الحظرد ) ان اجناسا اخرى غير الانسان ورثت معه ‏هذه الأرض ، وان ما يعرفه الإنسان عرفه من كائنات مما وراء هذا ‏العالم . وآمن ـ وكان دقيقا في هذا ـ بان النجوم شموس اخرى حولها ‏كواكب اخرى . وزعم ان انه اتصل بالكيانات القديمة ‏The old ones ‎عن طريق السحر .. وكان يرى ان هؤلاء سيسيطرون على الارض في ‏النهاية محولين العالم الذي نعرفه الى خراب .. زعم انه تعلم هذا من ‏اطلال (بابل ) و ( إرم ) .. إن .."‏
وتقلص وجهه الما .. إنه االبروستاتا كما تعلمون .. ثم .. ‏
‏-‏ ‏" إن النكرونوميكون كتاب تاريخي يحكي عن الكيانات القديمة اكثر ‏منه دليلا للسحرة المبتدئين كما يظن البعض ، وهذا هو ما يجعل ‏الكتاب مخيفا .. فهو لا يعتقد باننا ملوك الكون وان الكون في ‏خدمتنا ، بل هو يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية ، بينما نحن ‏مجرد غبار معدوم الحيلة وما يبقينا احياء هو اننا اتفه من اللازم " ‏‏..‏
‏" كانت هذه هي نقطة لقاء ( نيكرونوميكون ) والتلمود و ( إينوخ ) ‏والكابالا .. وهذا هو ما جعل ( ناتان غزة ) يدرس ( العزيف ) بعمق .. ‏تعتقد هذه الكتب ان الله خلق عدة عولم قبل هذه تحللت كلها بسبب شر ‏الكيانات القديمة .. في العبرية كلمة هي ( دن ) ومعناها ( الحكم على ‏الاشياء ) .. إن الكون نفسه اعظم نموذج للدن .. ثم ياتي مفهوم ‏الكليبوث .. الكليبوث باختصار هو قشرة الشر الموجودة في العالم . ‏‏.إنها قشرة لا اكثر لكن خطايا البشر تستطيع ان تملأها .. وهنا يمارس ‏الدن تأثيرا سلبيا لأنه يفرق بين البشر وبعضهم .. و للكليبوث سبعة ‏ملوك يمثلون العوالم السبعة السابقة المدمرة .. و .. "‏
إنها البروستاتا كما تعلمون .. ثم ..‏
‏-‏ ‏" ظهر كتاب ( إينوخ ) الى العالم مترجما على يد ( دي ) ، الذي ‏زعم انه التقى بتلك الكيانات القديمة عن طريق هذا الكتاب .. قال ‏إنها كانت تستعمل شفرة غريبة ، لكنه وجد حل هذه الشفرة في الــ ‏‏( إينوخ ) واستطاع ان يتصل بها ، وقد استعمل سحرة كثيرون ذات ‏الشفرة اللغوية ووجدوها مريحة "..‏
‏" الآن يمكنك ان تفهم الكلام الذي قاله لك ذلك الصحفي الذي نسيت ‏اسمه .. لقد آمن البروفسور البريطاني بأن العشرين شيطانا موجودون ‏بيننا ، وان النهاية قريبة لان هؤلاء ينتمون الى الكيانات القديمة .. هذا ‏هو ما انطلق اربعة الباحثين يبحثون عنه .. ثم انتقلت المسئولية لتقع ‏على عاتق ذلك الأستاذ .. هل كان اسمه ( زكي ) ؟؟ نعم .. ثمة واحد ‏من هؤلاء قام بدراسة معقدة عن الموضوع .. تلك الدراسة المشفرة ‏التي لم تستطع قراءتها .."‏
قلت محتجا وانا اشعر بان رأسي ينفجر :‏
‏-‏ ‏" لحظة . انت قلت ان العشرين شيطانا تزوجوا بنات البشر .. أي ‏انهم سلالة كاملة الآن .."‏
‏-‏ ‏" واضح مما توصل اليه اصدقاؤك هؤلاء ان هذا لم يحدث .. إنهم ‏يعيشون بيننا لكنهم لم يتكاثروا .. الامر هين بالنسبة لهم .. ‏يندمجون بنا ولا يشيخون .. ثم عندما يبدأ من حولهم في التساؤل ‏يختفون .. ثم يظهرون في مكان آخر باسم آخر ويبدءون حياة ‏جديدة.. لاحظ ان كثيرين منهم ( كراولي ) نفسه اعتقدوا هذا .."‏
‏-‏ ‏" كل هذا جميل .. ولكن من هم ؟"‏
مط شفته السفلى وقال : ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف .. ربما عرف هؤلاء اقوم وربما لم يعرفوا .. ربما كانت ‏اسماؤهم موجودة في تلك الاوراق المشفرة .. قد يكون احدهم ‏محاسبا في ( وول ستريت ) .. قد يكون أحدهم عضوا في مجلس ‏وزراء ( تايوان ) .. قد يكون احدهم مليارديرا سويسريا .. المهم ‏انهم بالتأكيد اثرياء .. ان تعيش كل هذا الزمن معنه ان تكون ثريا .. ‏لا بد انهم واسعوا النفوذ .. لا بد انهم لا يبدون على حقيقتهم ‏المفزعة .. لا نعرف .. لكننا نعرف يقينا ان استاذ التاريخ الذي ‏استشاره صاحبك كان منهم .. هذا هو طرف الخيط .."‏
‏-‏ ‏" وموضوع الوحمة هذا ؟ لماذا تتبدل ؟ "‏
‏-‏ ‏" واغلب الظن انها طريقة للتمويه .. لا بد من وحمة .. هذه ‏علامتهم وربما مصدر اعتزازهم القومي .. لكن كيف تبدو ؟ ‏احتمالات لا حصر لها .. في كل يوم لها مظهر آخر .."‏
سألته : ‏
‏-‏ ‏" ولماذا مات اربعة الباحثين ؟ لماذا كتب دمهم كلمات ؟"
قال ببسمته الطفلولية التي تثير غيظي :‏
‏-‏ ‏" ماتوا لأنهم يعرفون اكثرمن اللازم .. بعبارة ادق : لان الشياطين ‏حسبوهم يعرفون اكثرمن اللازم ، وهذا هو السبب الذي جعل من ‏اقتنوا اجزاء من الكتاب قديما لا يتعرضون لما تعرض له هؤلاء .. ‏الم تر افلام العصابات المدعوة ‏Film Noir‏ إياها ؟ "‏
يقصد افلام الجريمة القاتمة القديمة ، حيث لا تعرف ان كان المخبر ام ‏المجرم اكثر إجراما ، وحيث الكل ( يعرفون اكثر من اللازم )..‏
‏-" ولماذا كتب دمهم هذه الكلمات ؟ .. لماذا اشار الى ( العزيف ) ؟"‏
حك راسه في حيرة وقال : ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف .. اعتقد انه تأثير كتاب ( نيكرونوميكون ) نفسه .. إن ‏الكتاب ينتقم لاصحابه .. يبلغ العالم انه هو السبب .."‏
قلت في غيظ : ‏
‏-‏ ‏" يا سلام ! انا لم الق كتبا واشية كثيرة من قبل ، لكن هذا الكتاب ‏يصلح مخبرا للشرطة .. ولماذ لم يكتب الكلمة مرة واحدة يريحنا ؟؟ ‏كان بوسعه ان يكتب تقريرا كاملا .. إنه ثرثار بما يكفي .."‏
‏-‏ ‏" ليست هذه الطريقة التي تتحرك بها الامور في عالمنا ولا عالم ‏الميتافيزيقا .. لا بد من الألغاز .. لا بد من التلميح .. فكر في الامر ‏كالحلم .. يستطيع الحلم ان يقول لك بصراحة : انا اخشى ابي ‏واخجل من بدانتي .. لكن هذا لا يحدث .. بل ترى لغة رمزية شديدة ‏التعقيد .. اعتقد ان عالم الميتافيزيقا يطبق نفس معايير الحلم .."‏
كنت انا افكر في عمق ..‏
للمرة الأولى اسمع كلاما مهما من هذا النصاب متضخم البروستاتا .. ‏بالفعل هو لا يستطيع قلي بيضة لكنه يحفظ كل اساليب الطهي ..‏
القصة عجيبة.. ولا اصدق حرفا .. خاصة مع كل تلك المصادر ‏اليهودية .. ‏
لكن لا أرى ما يمنع من مقابلة ذلك الدكتور ( مختار ابو مندور ) ..

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:54 PM


‏-4-‏
‏- " هل من المتوقع ان ياتي زوجك الآن ؟"‏
‏- " ‏Mais non‏ .. إنه في الكلية .. ومن هناك سيسافر الى القاهرة ‏ليبيت هناك "‏
‏-" وهل يضايقك ان تحدثينا بصراحة ؟"‏
‏- " عن أي شيء ؟"‏
كنا جالسين في النادي الراقي إياه .. انا و ( عادل ) والسيدة ( علياء ) ‏‏.. إنطباعي عنها ؟ لا شيء .. إنها متقدمة في العمر لكني لا اعتقد انها ‏كانت جميلة جدا منذ اعوام .. إنه التعالي .. إنها الارستقراطية حين ‏ترسم تجاعيدها على الوجه وزاويتي الفم فتمحو ما كان فيه من جمال ‏‏.. وكانت تداري عينيها وراء نظارة سوداء أنيقة .. لكني خمنت ان ‏هاتين العينين تبكيان بإفراط وتسهران كثيرا ..‏
تم التعارف بسهولة .. إن ( عادل ) من رواد هذا النادي ، لكنه الآن ‏ليس هنا بصفته الشخصية بل بصفته الرسمية .. وكان قد استبعد تماما ‏البدء بالزوج .. هذا هو الحمق بعينه .. قال لي إنه يعتقد أنها مغلوبة ‏على أمرها .. مذكرات ( يوسف ) .. تخبرنا بهذا .. إنه افي صفنا بشكل ‏ما ..‏
كان متأنقا اناقته المعهودة ، مهيبا نافذا الى ما يريد فلم تجرؤ المرأة ‏على الاعتراض .. لو قمت انها بهذه المحاولة لتلقيت لكمه في أنفي ..‏
قال ( عادل ) بطريقته المقتحمة الجريئة :‏
‏-‏ ‏" ثمة أشياء بصدد .. إحم .. إن زميلي د. ( رفعت ) لديه ما يقوله ‏‏!"‏
هكذا صارت الكرة في ملعبي ..‏
رحت أرمق الصخب من حولي .. حوض الازهار .. السقاة يروحون ‏ويجيئون .. أطفال يلهون .. حسناء تركض لتخبر ( ميمي ) بشيء ما .. ثم ‏قلت : ‏
‏-" ثمة شيء يتعلق بزوجك .. د.( مختار ) .. هل توافقين على هذا ؟"‏
رفعت حاجبيها فوق إطار النظارة بمعنى ( إستمر ) .. فأردفت :‏
‏-" وهذا الشيء لا يريحك .."‏
ظلت تنظر لي دون أي تعبير .. فواصلت الكلام :‏
‏-" إنه غريب الاطوار .. ربما مخيف كذلك .. هل ترين هذا ؟"‏
هذه المرة تقلص وجهها في بشاعة وارتفع قوسا حاجبيها في غضب ‏ارستقراطي محموم ، وقالت :‏
‏-‏ It's awful ! how dare you ?‎‏ ( هذا لا يطاق .. كيف تجرؤ ‏؟)"‏
ثم نهضت في عصبية ، وبعصبية اكثر تناولت حقيبتها وهتفت : ‏
‏-‏ ‏" ‏je suis degoute !!‎‏ "‏
لا اجيد الفرنسية ، لكنك لا تجد صعوبة في فهم شخص يتكلم في ‏اشمئزاز .. إنه على الارجح مشمئز ..‏
هكذا ظللنا انا و ( عادل ) جالسين نتبادل النظرات بينما وقفت هي ..‏
فجأة تصلبت ، ثم جذبت مقعدها وجلست ثانية .. هذه المرة اخرجت ‏منديلها وراحت تبكي كصنبور تالف ..‏
ثم تمخطت في سخاء وقالت : ‏
‏-‏ My hubby ‎‏ .. إنه شنيع .. شنيع !!"‏
قالت ( علياء ) بعد ما حكت لنا القصة كلها ، تلك التي سمعهتا انت : ‏
‏-‏ ‏" عندما دخلت الغرفة .. لم يكن المشهد قابلا للوصف .. رباه ! ‏Its ‎was such a nightmare ! ‎‏ .. أي مسخ كان يرقد في الغرفة ‏المجاورة لي كل هذه السنين ؟"‏
قال ( عادل ) في إصرار خشن نوعا :‏
‏-‏ ‏" هلا وصفته لنا ؟ "‏
‏-‏ ‏" لا استطيع .. لا بد ان تراه لتصدق .. كتلة عفنة من اللزوجة . ‏شيء يذكرك بالأميبا لكنه شرير في الوقت ذاته .. يتدلى حول ‏اطراف الفراش حتى تشعر ان قطرات تتساقط منه على السجادة .. ‏في هذه اللحظة نهض !"‏
وثبت انا و ( عادل ) في اللحظة ذاتها كأننا نحن من نهض لا الزوج ..‏
قالت وهي تنزع نظارتها لتحسن تجفيف الدموع :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لقد سقطت من يدي الأداة التي كنت أحملها وسمعها .. في ‏هذه اللحظة كنت قد تحولت الى كيان متهالك بلا إرادة كالعجين .. ‏Totally hepless‏ .. سقطت ارضا بينما هو ينهض .. كان يضحك ‏كأنه كان يتوقع .. كنت ابكي و .."‏
وتهاتفت من جديد ، وتوقف نادل في فضول ليلقي نظرة على ما يحدث ‏‏.. ثم قدر ان الأمر لا يستاهل التدخل .. لسنا وغدين نضايق هذه السيدة ‏‏..‏
قالت وقد اعادت نظارتها :‏
‏-‏ ‏" قال لي إنه كان ينتظر هذه اللحظة .. وظل يردد هذه العبارة مرارا ‏‏.. قال إنني لن استطيع عمل شيء .. إنني تحت رحمته تماما .. أنا ‏مجرد زي تنكري يبدو به بشريا امام الناس .. وفي اللحظة ‏المناسبة عندما يتساءل الناس عن سبب عدم تقدمه في العمر ‏سيختفي .. بعدها يظهر في مكان آخر باسم آخر ويتقدم بأوراق ‏مزورة طالبا عملا جديدا ، ويتزوج امرأة أخرى .. هكذا كان الأمر ‏منذ قرون .. إن الأمر كما حسبت .. صورة جده وصورة أبيه ليستا ‏إلا صورته هو نفسه .."‏
قلت وانا اتصور الموقف :‏
‏-‏ ‏" لحسن حظه إذن انك لم تنجبي "‏
ضحكت في مرارة وقالت :‏
‏-‏ ‏" لم يتزوج لينجب قط .. ليست الابوة ضمن مشاريعه فهي تتضمن ‏نوعا من التخلي عن الذات أو منح جزء منها ، وهي فكرة غير ‏واردة بالنسبة له .. لقد فتح لي مكتبه وعرض علي مخبارا مليئا ‏بمادة حافظة .. الشيء الذي كان في السائل هو مبيضا امرأة !"‏
‏-‏ ‏" فوش ش ش ش ش ش ! "‏
هذه كانت من ( عادل ) الذي اختار هذه اللحظة بالذات ليشرب الليمون ‏‏.. ونظر لها في ذهول ، بينما سألتها انا : ‏
‏-‏ ‏" و .. و .. الجراحة التي .."‏
قالت بتحد :‏
‏-‏ ‏" لا جراحة .. لم اشعر بشيء على الإطلاق ولم اعرف بحدوثه .. ‏لقد حدث بعذ الزواج مباشرة .. إنه قادر على هذا وأكثر .. ولهذا لم ‏يستطع الطبيب تفسير سر عدم إنجابي .. لقد اعتقد ان انقطاع ‏الدورة له اسباب هرمونية .."‏
كنا في عصر ما قبل الموجات الصوتية لهذا كان اكتشاف شيء كهذا ‏عسير .. واختلالات الهرمونات واردة على كل حال .. لاحظ انه ما من ‏ندوب توحي بجراحة ..‏
سالها ( عادل ) وهو يجفف عرقه :‏
‏-‏ ‏" ولكن .. كان بوسعه الا ينجب منك ما دام لا يريد ذلك .. لا يجب ‏ان يجري لك هذه الجراحة الشنيعة "‏
قالت وهي تنظر الى بعيد :‏
‏-‏ ‏" هو لا يتصرف بهذا المنطلق .. ما يعنيه هو ان يسبب الأذى ‏والضرر للآخرين .. ما دام يستطيع إنهاء وجودي كامرأة فلماذا لا ‏يفعل هذا ؟ ‏Why not for God's sake ‎‏ "‏
عدت أسلها وانا ارتجف :‏
‏-‏ ‏" وكيف سارت حياتكما بعد هذا ؟ "‏
‏-‏ ‏" لقد هددني بأنني لن استطيع الفرار منه .. علي ان استمر في ‏اداء دوري الاجتماعي معه وإلا .. هو قادر على تنفيذ هذا التهديد .. ‏سوف يجدني في أي مكان ..وقد كنت خائفة .. لذا فعلت كل ما طلب ‏مني .."‏
سألها (عادل ) :‏
‏-‏ ‏" لكنك حاولت ان تحذري الناس منه كلما استطعت .."‏
هزت رأسها وقالت :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لقد جاءه باحث شاب متحمس يعمل معه في ذات الكلية ، ‏اسمه ( يوسف ) .. يعرض عليه دراسة يقوم بها حول كتاب قديم .. ‏قال له إنه وثلاثة من رفاقه على شفا الكشف عن شياطين تحيا بيننا ‏ولا تبدو مختلفة .. جن جنون زوجي .. لماذا يسأله الفتى هو بالذات ‏؟ كان متأكدا من ان الفتى يعرف سره وقد حاول ان ينصب له كمينا ‏‏.. عرفت هذا بالطبع لأني سجينته وهو يتكلم بصوت عال عن كل ‏شيء .. لهذا انتهزت فرصة انفرادي بالفتى وكتبت له كلمة تحذيريه ‏أحسبه لم يعمل بها .. لقد عرفت أنه مات ميتة شنيعة .."‏
‏-‏ ‏" هذا ما حدث فعلا "‏
ساد الصمت للحظة .. وعرفت ما سيقوله ( عادل ) ..‏
‏-‏ ‏" الآن متى يمكن ان تتيحي لنا دخول غرفة مكتب زوجك !!"‏


^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:56 PM


‏-5-‏

‏-‏ ‏" لن آتي معكما !"‏
قالها ( عادل ) في ثبات وهو يغلق باب شقته ..‏
قلت محتجا : ‏
‏-‏ ‏" لكننا بحاجة إليك .. انت تعرف هذا .."‏
‏-‏ ‏" أعرف هذا .. مشكلتي انني اعرف هذا .. اعرف انكما من دوني ‏ستكونان دجاجتين عجوزين حمقاوين .. لكني لا استطيع ان ارافقك ‏‏.. لا بد من ان احصل على اذن رسمي بهذا من جهة قضائية ، وانت ‏تعرف ان هذا مستحيل اعتمادا على قصة خيالية كهذه .. وهذا يعني ‏ان عليك ان تتصرف على مسئوليتك .. المفترض أنني لا اعرف ‏شيئا عن مغامرتك الحمقاء هذه .. ولو حدثت مشاكل فأنا لا اعرف ‏أي شيء عن الموضوع "‏
فيما بعد رايت حلقات ( المهمة : المستحيل ) التلفزيونية ، حيث كانت ‏كل حلقة تبدأ بعبارة ( لو تم القبض على احدكم فلسوف ننكر اية علاقة ‏لنا به ) . .هذا هو العمل السري الحق ..‏
هكذا اصطحبني ( عادل ) الى الفندق المطل على الكرونيش ، فاستقللت ‏المصعد الى غرفة ( كولبي ) ..‏
كان نائما كالعادة .. يجب ان اذكر انه صار يترك صفحات الكتاب ‏الناقصة في حقيبتي مع الكتاب ذاته .. فقد فهم انني زاهد في اقتنائه كل ‏الزهد ، وهو مؤمن ان الكتاب المكتمل هو الطريقة الوحيدة لحمايتي ..‏
رحت احكي له مخلص ما حدث ..‏
‏-‏ ‏" إن الليلة هي فرصتنا الافضل .. الاخ ( مختار ) يبيت في القاهرة ‏‏.. الفيلا كلها لنا .. لو فاتت الفرصة فلا نعرف متى تسنح من جديد ‏‏.."‏
‏-‏ ‏" إذن سنتسلل كلصين ؟ "‏
‏-‏ ‏" ليس بالضبط .. إن الزوجة نفسها هي التي ستفتح لنا وستخبرنا ‏بكل التفاصيل .."‏
راح يفكر . . وبدا ان الفكرة تروق له ..‏
قلت له باسما :‏
‏-‏ ‏" لو لم تأتي لأرغمتك على ذلك .. هذه المهمة تحتاج إليك .."‏
قال وهو يبدل ثيابه :‏
‏-" اعتقد أنه من الحكمة ان نحمل الكتاب معنا .. ربما كان هذا الشيء ‏الذي سيحمينا "‏
‏- " وربما كان الشيء الذي تم استدارجنا من أجله "‏
وهكذا انطلقنا نحو بيت الرجل .. الرجل الذي يبدو كذلك لكنه لا ينتمي ‏للبشر حسب ما يقوله ( دي ) و ( كراولي ) وربما ( كولبي ) كذلك ..‏
فتحت لنا الباب بنفسها .. لم تتخلص بعد من نظارتها السوداء ، وإن ‏عقصت شعرها وارتدت تايورا انيقا فبدت على قدر من الجمال .. ‏وسمحت لنا بالدخول وهي لا تكف عن النظر الى ( كولبي ) في ارتياب ‏‏.. إن منظره غريب في أي مكان وزمان ..‏
قلت لها باسما :‏
‏-‏ ‏" هذا هو ( سام كولبي ) .."‏
هز رأسه لها في رقة مضحكة .. كان يحمل حقيبته على ظهره فبدا ‏اقرب الى تلميذ مدرسة خجول يقدمونه الى ( طانط صافيناز ) ..‏
كان هذا كافيا على ما يبدو لأنها لم تسال عن شيء آخر .. كأنه من ‏الطبيعي جدا ان تصطحب معك نصابا يهوديا أمريكيا حينما تزور الناس ‏في بيوتهم ..‏
اطلقت شهقة واطلق ( كولبي ) صفارة برغمه عندما دخلنا الفيلا .. انا ‏لست طفلا .. لقد رايت الكثير وليس إبهاري سهلا .. لكني لم ار هذا ‏القدر من الفاخمة والثراء والرقي .. كأن نظراتك ذاتها يمكن ان تخدش ‏كل هذه التحف .. رواق طويل تحف به التحف . .ثمة ( كونسول ) ‏عملاق .. اكثر من ( انتريه ) وصالون .. طنافس تثير الحسد في نفس ‏‏( هارون الرشيد ) ذاته .. بيانو اسود مهيب الشكل لا بد انه كان يخص ‏الخواجة ( هاندل ) او ( ليست ) .. وعلى الجدار لوحة تأثيرية لن ‏اندهش لو قيل لي إنها حقيقية . هناك طابق علوي .. طبعا ..‏
قال ( كولبي ) في سذاجة :‏
‏-‏ ‏" اساتذة الجامعة عندكم يكسبون جيدا .."‏
قلت في غيظ :‏
‏-‏ ‏" كلهم ! انا الفاشل الوحيد .. ولاحظ لسانك لان السيدة تجيد ‏الانجليزية "‏
قالت لنا متجاهلة هذه التعليقات : ‏
‏-‏ ‏" لا يوجد خدم .. كلهم في إجازة .. هذا يعطينا حرية أكثر .."‏
ثم تقدمتنا بسرعة الى الدرج . فلا بد ان غرفة المكتب في الطابق ‏الثاني .. ومن جديد مشينا في ممر يشي بالثراء .. قدماك تغوصان في ‏السجاد كأنها الرمال المتحركة .. رائحة عطرة تفوح في الجو .. عندما ‏يكون عمرك عدة قرون فأنت لا تعاني الفاقة .. لو ادخرت قرشا كل يوم ‏لصرت في ثراء ( قارون ) ..‏
سالها ( كلوبي ) عن الحمام لانها مشكلة بروستاتا ، فازدادت دهشتها ‏‏.. إلا انها اشارت الى باب جانبي عن يمين الممر ، فمشى إليه وتوارى ‏بضع دقائق عاد بعدها وقد بلل صنبور الماء نصفه العلوي كله .. لامر ‏الذي لم يزدها ثقة به ..‏
اتجهت الى باب عملاق ففتحته بمفتاح أخرجته من صدرها ..‏
كانت قاعة طويلة ذات إضاءة مريحة خافتة .. هناك مكتبة جدارية ‏وثمة بعض تماثيل برونزية لفتيات إغريقيات يفعلن اشياء ما .. لا ‏يمكنك ابدا فهم ما تفعله هذه التماثيل .. هناك مكتب انيق صغير اعتقد ‏انه من طارز ( شيبنديل ) .. هكذا يقولون في القصص .. وثمة أباجورة ‏صغيرة على شكل افعى تلتف حول شجرة .. الخلاصة انه طراز ‏المكاتب التي يتجسسون على محتوياتها في أفلام الجاسوسية ..‏
راح ( كولبي ) يتفحص رفوف الكتب في الضوء الخافت ، يطالع ‏العناوين الإنجليزية ، ثم قال بخيبة أمل :‏
‏-‏ ‏" مجرد كتب تاريخ .."‏
قلت في ضيق :‏
‏-‏ ‏" لا تتوقع ان يضع على الرف كتابا مثل ( مذكرات شيطان ) او ( ‏الطرق العشر لامتصاص الدماء ) .. إنه استاذ تاريخ لذا لا بد انه ‏يملك كتب تاريخ ..‏
كان هناك صف كامل من المجلدات السود التي يبدو انها الرسائل التي ‏اشرف عليها .. هذا رجل قد اعطى الكثير للعلم حتى لم يتعمد هذا .. ‏لكني ما زلت مندهشا من قدرته على انتحال هذا الدور .. كيف خدع كل ‏هؤلاء الطلبة الذين جلسوا بين يديه ؟ ‏
مدت ( علياء ) يدها في صدرها وأخرجت سلسلة في طرفها مفتاح ، ‏وبيد راجفة عصبية عاجلت قفل المكتب فانفتح .. ثم نظرت لنا نظرة ‏تقول ( هو لكما ) ..‏
جلست الى المكتب ووقف ( كولبي ) ورائي ..‏
ورحت اعبث في الدرج محاولا عدم تغيير شيء من معالمه ..‏
قالت ( علياء ) بصوت كالفحيح : ‏
‏-‏ ‏" لا تحاول .. إه يضع خيوطا رفيعة في كل مكان وكل شيء .. لا ‏يمكنك ان تخدعه ابدا .."‏
نظرت لها في توتر .. واعدت النظر الى الدرج .. ثم سألتها :‏
‏-‏ ‏" إذن ما جدوى السرية ؟ "‏
قالت وهي تتنفس بصعوبة : ‏
‏-‏ ‏" لا جدوى .. فقط آمل ان تجدا ما يخلصني منه او يضعفه .. فيما ‏عدا هذا انا ميتة .."‏
بعد برهة صمت عدت أتأمل الدرج مدققا .. بالفعل كان الوغد قد نثر ‏عشرات الخيوط الرفيعة كأنها خيوط عنكبوت فوق كل شيء .. من ‏المستحيل فعليا ان تتحاشى تمزيق أي خيط ، لكني اتساءل عما يفعله ‏هو ليعيد الامور سيرتها الاولى ..‏
هكذا قررت ان اتعامل بتهور اكثر من منطق من ليس لديه ما يخسره .. ‏ومددت يدي الى دفتر صغير ورحت اتفحصه .. كان مليئا بأرقام الهاتف ‏والعناوين .. بعضها في مصر وبعضها في الخارج .. قررت ان ادسه ‏في جيبي لأطلب من ( عادل ) ان يجد شيئا مهما فيه .. إن كفاءة رجال ‏الشرطة تتلخص في قدرتهم العددية مثابرتهم الصبور .. فقط رجال ‏الشرطة يستطيعون ان يعرفوا كل شيء عن كل اسم في هذا الدفتر ‏خلال اسبوع ، بينما احتاج انا الى عام كامل لهذا ..‏
كانت هناك مجموعة صور فوتوغرافية لأشخاص .. بعض الصور ‏عتيقة وبعضها حديث ..‏
اما الجائزة الكبرى فكانت تلك المخطوطات التي تم وضعها في كيس ‏بلاستيكي صغير .. إنها عتيقة جدا واصلية .. وكتبت بحروف لا يمكن ‏ان تعرف كنهها .. ليست العبرية ولا السريانية ولا اية لغة اعرف ‏منظرها .. لغة ( عفاريتي ) .. هذا هو الوصف الادق ..‏
وعرفت ان هذا المخطوط مهم .. ربما يفهم ( كولبي ) شيئا منه فيما ‏بعد .. وربما يمكن تدميره لنحرم ذلك الشيء من شيء ما مهم .. لا ‏اعرف .. المهم ان يكون معك لا مع ( مختار ) ..‏
اغلقت الدرج وسألت الزوجة : ‏
‏-‏ ‏" هل من مكان آخر تشكين فيه ؟"‏
قال ( كولبي ) الذي لم يفهم السؤال الاخير : ‏
‏-‏ ‏" الثلاجة ! لا بد من رؤية الثلاجة !"‏
‏-‏ ‏" طلب غريب بعض الشيء .."‏
بذكاء قال : ‏
‏-رأس الاستحواذ يكون موضوعا في الثلاجة دائما !"‏
قلت في لا مبالاة : ‏
‏-‏ ‏" لا تنس ان البيت يعج بالخدم والزوجة نفسها .. هذا الي تقوله ‏يحدث حينما يكون الشخص ذئبا متوحدا مثلي .."‏
قالت الزوجة التي كانت تتابع المحادثة بالانجليزية : ‏
‏-‏ ‏" بالفعل لا يوجد شيء من هذا .. لا اعتقد ان هناك اماكن اخرى ‏يمكن ان تكون صومعته الخاصة .. غرفة النوم ليس فيها إلا ‏الفراش وخزانة الثياب .. وانا متأكدة من أنه لا شيء يريب بصددها ‏‏.."‏
هكذا وضعت كل الكنوز في الحقيبة التي يحملها ( كولبي ) .. واشرت ‏له ان الوقت حان لنرحل ..‏
لكنه ابتسم .. اتجه الى خزانة الكتب الجدارية ، وقال لي :‏
‏-‏ ‏" ساعدني على إزاحتها ! لا بد من ان نرى ما خلفها !"‏
قلت له في ارتباك :‏
‏-‏ ‏" كف عن الجنون .. لا يستطيع الرجل ان يزيحها لأي سبب و .."‏
لكنه راح يدفعها بذراعية ودرفيه واحتقنت عروقه واحمر وجه .. هكذا ‏اتجهت اليه ورحت اساعدة على قدر ما تسمع صحتي ..‏
قالت مدام ( علياء ) :‏
‏-‏ ‏" ‏That's nuts ‎‏ .. لا يوجد شيء هنا .."‏
‏-‏ لكن المكتبة بدأت تنزاح ببطء بطريقة الخلخلة المعروفة .. هوب ‏هوب ! هوب هوب ! دفعة صغيرة تلو دفعة صغيرة .. هكذا قررت ‏ان تستسلم وبدأت تنزاح جانبا فوق البساط الذي قلل احتكاكها ‏بالأرض ..‏
‏ هنا فقط ادركت ان ( كولبي ) مفيد جدا ..‏
وراء المكتبة كان ذلك النفق الذي يبلغ ارتفاعه قامة طفل في العاشرة . ‏فتحة في الجدار تقود الى ممر مظلم . لكن إضاءة زرقاء تأتي من مكان ما ‏تضيء جوانبه .. لا اريد ان ابدو هستيريا لكن هذا النفق بدا كأنما هو يقود ‏الى الجحيم ذاته .. من يجسر على الدخول ؟ من ؟ ليس أنا ..‏
صحت في بلاهة : ‏
‏-‏ ‏" هذا لا يصدق .. وإلام يقود هذا الممر ؟ "‏
قالت الزوجة بدورها وهي ترتجف :‏
‏-‏ ‏" لكن جدار غرفة المكتب لا يقود لشيء .. لا يوجد إلا الخارج في ‏الجهة الأخرى !"‏
قلت وانا الهث واجفف عرقي :‏
‏-‏ ‏" ربما هو جدار مزدوج .. غرفة سرية ما . .هذه الاشياء واردة ‏‏.."‏
بدا عليها عدم التصديق ، فقال ( كولبي ) :‏
‏-‏ ‏" لا هذا ولا ذاك .. هذا نفق بين الأبعاد .. إنه الممر الذي يتصل به ‏‏( مختار ) بالكيانات القديمة .. وهذا لا يخضع للجغرافيا المعهودة .. ‏تدخل منه فتخرج في مجرة أخرى ربما .. في زمن آخر ربما .. كنت ‏اعرف اننا سنجده .."‏
ثم وقف عند مدخل النفق ، ومن حقيبته اخرج اشياء تشبه الأوتاد ـ ‏لكنها فضية اللون وراح يثبتها بمطرقة صغيرة على الجدران ، ثم ‏اخرج قنينة صغيرة بها سائل احمر قان راح ينثر محتواها على المدخل ‏‏.. بعدها اخرج كتيبا راح يقرأ منه أشياء لم افهمها .. لكن احسها ..‏
هل كان الضوء الأزرق يتراقص مع كلماته ؟ لست متأكدا ..‏
فقط رحت اتوقع ان تخرج من النفق يد مخلبية عملاقة تمسك به ‏وتجره الى الداخل .. لم يحدث هذا لحسن حظه .. ‏
في النهاية توقف عن الكلام .. وقال بصوت هامس : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد أنني اغلقت هذا الممر .. لن يستطيع العودة منه .."‏
‏-‏ ‏" ألا تحتاج إلى بعض الخرسانة والقرميد كذلك ؟ "‏
قال دون ان يضحك :‏
‏-‏ ‏" لا .. الامر ليس ماديا إلى هذا الحد .. إن قوته مريعة ولن يعوقه ‏شيء كهذا .. لن يعوقه إلا رمز .."‏
في هذه اللحظة تصلب ثلاثتنا ..‏
لقد سمعنا صوت باب يتفح ثم يغلق بالطابق السفلي !‏

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:57 PM

‏6-‏
‏-" لقد عاد !"‏
قالتها الزوجة وهي تنتفض كورقة .. فانتفضنا بدورنا ..‏
‏-‏ ‏" قلت إنه سيبيت ليلته هناك !"‏
‏-‏ ‏" قلت .. وقال .. واضح ان الظروف تغيرت .."‏
تساءل ( كولبي ) وهو شاحب الوجه :‏
‏-" ماذا نفعل ؟ "‏
‏-" أولا نعيدالمكتبة الى مكانها ثم نفكر .. هل يمكنك ان تغادري الدار ‏معنا يا مدام " علياء " ؟" ‏
تقلص وجهها المذعور وقالت :‏
‏-‏ ‏" سيكون هذا صعبا .. سيثير ريبته .."‏
‏-‏ ‏" ليس من مصلحتك أن تبقي معه .. قلت إنه سيعرف كل شيء .."‏
‏-‏ ‏" ( علياااااااء ) !!"‏
هذه كانت من الطابق السفلي .. لقد عاد الزوج فعلا وهو يبحث عن ‏زوجته الحبيبة التي حرمها من الإنجاب .. هكذا لم نجد وقتها لعمل أي ‏شيء .. خرجنا من المكتب ومشينا في الرواق مسرعين ..‏
وفجأة وجدناه أمامنا ! ‏
‏*** ‏
كان وسيما راقيا متأنقا مهذبا ..‏
هذا هو ما رأيته بلا ادنى مبالغة .. شخص ظريف له طابع أولاد البلد ‏الودودين .. هل قابلت يونانيا ممن عاشوا في مصر طيلة حياتهم ‏واتقنوا العربية ؟ له ذات الطابع المحبب الذي يجعلك تشعر بأنه ‏صديقك على الفور .. من السهل ان يثق ( يوسف ) .. به ..‏
المشكلة الآن انه ضبطنا متلبسين .. لو قابلنا على الباب لكان التفسير ‏ممكنا ..‏
كان ينظر لنا بوجه مشرق مرحب ، فصاحت الزوجى على الفور :‏
‏-‏ ‏" د. ( مختار ) .. زوجي .. د . ( رفعت ) .. مستر ( كولبي ) .. ‏جميل ان تلتقوا هنا .. جميل جدا . انا . انا . مسرورة .. "‏
لكن لهجتها كانت تقول بوضوح : انا لم افتح درج مكتبك واكشف لهم ‏أسرارك .. لو حسبت هذا فانت مخطئ ..‏
ابتسم ابتسامة رقيقة وقال :‏
‏-‏ ‏" هل لي ان اتشرف بمعرفتهم فعلا ؟ إن الأسماء لا تكفي يا ‏عزيزتي .."‏
قالت بتلك اللهجة المتسارعة : ‏
‏-‏ ‏" الدكتور ( رفعت ) طبيب نفساني .. لقد دعوته لأحدثه عن حالات ‏الاكتئاب . الاكتئاب .. التي .. انت تفهم .. قال لي إن رؤية بيتي ‏ستاعده على ..." ‏
‏-‏ ‏" فهمت .."‏
ثم قال وهو يشير الى غرفة المكتب :‏
‏-‏ ‏" لو سمحتما لي .. فانا ايضا لدي أسئلة مهمة .. نحن لن نترك ‏فرصة كهذه دون ان نغتنمها .. انت تعرف ما إن يدرك الناس إنك ‏طبيب حتى يبحث كل واحد منهم في جسده عن علة ما .. هذا نوع ‏من ( الاستخسار ) لو سمحت لي بالتعبير .. هلا اعددت لنا الغداء ‏يا ( علياء ) .. انا لن اترك ضيفي يرحلان على سغب .. أين الخدم يا ‏‏( علياء ) ؟ "‏
ونظر لي وغمز بعينه وقال ضاحكا : ‏
‏-‏ ‏" كما يقول الشاعر العربي القديم : ‏
سألونا عن قراه .. فاختصرنا في الجواب ‏
كان فيه كل شيء .. باردا إلا الشراب !"‏
طبعا ( القرى ) بكسر القاف هو م ايقدم للضيف من طعام او شراب .. ‏إن الرجل مثقف كذلك .. لكني لن اندهش لو كان قد سمع هذين البيتين ‏من فم الشاعر ( الزوزني ) نفسه ..‏
‏-‏ ‏" اعطيت .. اعطيتهم إجازة .."‏
‏-‏ ‏" آه .. اخشى ان إعداد الطعام سيكون مسؤوليتك .. والآن ارجو ان ‏تسبقاني الى المكتب .."‏
كنت اعرف ان هذا سخف . لو كان هو من الشياطين العشرين فهو ‏يعرف بالتأكيد دوري في القصة .. إنه يقودنا لفخ ما .. لكن كيف ‏نتخلص منه ؟ ‏
هكذا عدت الى غرفة المكتب مع ( كولبي ) وجلسنا على مقعدين هناك ‏بانتظاره .. المكتبة ! لم نعدها الى مكانها ! لكن لا وقت لهذا الآن ..‏
فجأة رأيت ( كولبي ) ينظر الى شيء في يده .. ثم نظر لي وعيناه ‏تتوهجان : ‏
‏-‏ ‏" القلادة ! قلادة ( موسفاديم ) تتوهج ! أحد الشياطين يتحرك للقتل ‏‏!"‏
هكذا نهض مسرعا وانا معه ..‏
اين نذهب ؟
فجأة رايت ذلك النفق فصحت في ( كولبي ) ان يتبعني .. لا يوجد ‏مخرج آخر في الحجرة كلها غير الباب وهذه الفتحة .. لو كان حمارا – ‏وأنا اثق بهذا ـ فقد انتهى أمرنا !‏
هكذا عبرنا مدخل النفق وقفنا متصلبين نرمق غرفة المكتبة الخالية .. ‏لحظات قبل ان ينفتح الباب ويدخل الدكتور ( مختار ) .. لقد انتهى ‏عصر المجاملات الرقيقة والأقنعة .. وبدأ عصر الرعب ..‏
لقد صار طوله ثلاثة او اربعة امتار .. وانتفش الشعر الثائر على جانبي ‏رأسه كالمذءوبين .. عيناه بلون الدم والدم يسيل من شدقيه .. ليست ‏له يدان وذراعان بالمعنى المفهوم لكنها كتل بروتوبلازمية اميبية ‏تسيل وتزحف في كل اتجاه وبسرعة لا تصدق .. الدخان كبريتي ‏الرائحة يتصاعد من جسده ..‏
رباه ! انا الذي زرت جانب النجوم وحسبت اني رأيت كل شيء !‏
من بين شفتيه يدي صخب هو اقرب الى حروف :‏
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش ش ش ش !!‏
لكن هذا ليس كل شيء .. كان يصرخ وهو يجر ( علياء ) من شعرها ‏كأنها دمية : ‏
‏-‏ ‏" تكلمت يا امراة !!"‏
ورايت السيدة ( علياء ) تجر على الارض جرا وهي تصرخ وتتوسل : ‏
‏-‏ ‏" لم انذر احدا ..! لقد جاءا الى الكمين كما اتفقنا ..! لا اجسر على ‏عصيان اوامرك ! صدقني ! "‏
فهمت الآن سر عودته المفاجئة .. كانت طعما لنا لكنها كانت مرغمة ‏على ذلك كما هو واضح .. لا الومها كثيرا بعد ما رايت حقيقة هذا ‏الرجل ..‏
تخلص منها بطريقة بسيطة هي ان قذفها قذفها لتضرب الجدار ‏بظهرها ثم تهوى على الأرض وهي تئن . أعتقد انها ماتت او تحطم ‏ظهرها .. فلا احد يتحمل ضربة كهذه .."‏
لكننا كنا في أسوأ حال بدورنا فلم نجد الوقت الكافي للنواح والتمرغ ‏على الأرض باكين ..‏
إنه ينظر لنا ثم يضحك .. أقذر وأسود وأبشع ضحكة رأيتها في حياتي ‏‏.. من اين جاء هذا المسخ ؟ لم ار هذا القدر من الشر من قبل برغم ‏خبارتي غير المتواضعة ..‏
يلعق عينيه بلسانه .. لسان أزرق يتفرع الى ما يشبه أقدام العنكبوت ‏‏.. ثم يقول : ‏
‏-‏ ‏" الآن حان وقت المزاح أيها الصبيان !! "‏
ثم ينقض علينا والدم يتناثر من حوله .. دخان الكبريت .. القطرات ‏اللزجة .. كل شيء ..‏
إنه اقدم .. ‏
قادم ..‏
قادم ..‏
اغمضت عيني وارتجف ( كوبي ) كالورقة .. وراح يهمس : ‏
‏-‏ ‏" الحمام .. ! الحمام !! "‏
على انني ادركت من منظر ساقيه انه بلل نفسه فعلا .. لم يعد بحاجة ‏الى الحمام الا ليستحم .‏
‏" .. اعرف انكما من دوني ستكونان دجاجتين عجوزين حمقاوين .. " ‏قالها ( عادل ) وكان محقا لكني اتمنى ان ارى ما كان سيفعله لو كان ‏معنا ..‏
في اللحظة التالية رايت ذلك امسخ يتراجع وقد صارت غضبته لا ‏تصدق ..‏
همس ( كولبي ) بصوت كالفحيح : ‏
‏-‏ ‏" لقد نجحت في غلق الفتحة .. ! نجحت !"‏
فتحت عيني ونظرت .. لولا تلك القلادة لتأخرنا اكثر من اللازم ولانفرد ‏بنا المسخ في الغرفة .. ولولا هذا الباب غير المرئي الذي شيده ( ‏كولبي ) لما فصل بيننا والمسخ شيئ ..‏
ووقفنا نراقبه يحوم حول الفتحة وهو يزأر .. يحطم المكتب .. يسقط ‏الكتب من فوق الأرفف ..‏
صحت من حيث وقفت : ‏
‏-‏ ‏" يا دكتور ( مختار ) !"‏
بدا لي هذا اللقب مضحكا الآن .. لكني واصلت الكلام :‏
‏-" لو كنت تفعل هذا كله باعتبار انني اعرف التسعة عشر شيطانا ‏فأنت مخطئ .. انا لا اعرف سواك .. الذين ماتوا جميعا لم يعرفوا ‏سواك .."‏
لم يتكلم وواصل الدوران في الغرفة :‏
قلت لـ ( كولبي ) وانا امسك بيدي يده الباردة الراجفة :‏
‏- " اعتقد انه لن يتركنا نخرج من هذا الجانب .. يجب ان .. يجب ان ‏نجتاز النفق !"‏



الساعة الآن 07:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية