منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   الارشيف (https://www.liilas.com/vb3/f183/)
-   -   *&* قصـــــص ما ورااااااء الطبيعــــــــــــــــة *&* (https://www.liilas.com/vb3/t4679.html)

^RAYAHEEN^ 17-10-05 12:59 PM

*&* قصـــــص ما ورااااااء الطبيعــــــــــــــــة *&*
 

تبعا لطلب علاء (( قصص ما وراء الطبيعة وسلسلة القصص الطويلة في هذا المضمار ))
فسوف يتم تخصيص هذه الصفحات لنقل القصص الطويلة
التي خطتها انامل متخصصون في هذه النوعية من تلك الكتابات
وسوف اعرض في هذه الصفحات الروايات التالية :

(( سلسلة رجل المستحيل ـ للانترنت ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=6

اسم الكاتب : د/ نبيل فاروق

تدرو احداث هذه السلسة :
(أدهم صبرى)..ضابط مخابرات مصري يرمز له بالرمز (ن-1)..حرف (النون)،يعنى انه فئة نادرة أما الرقم (واحد ) فيعني انه الاول من نوعة هذا لان ادهم صبري رجل من نوع خاص ..فهو يجيد استخدام جميع انواع الاسلحة وهذا بالإضافة إلى إجادته التامة لست لغات حية وبراعته الفائقة في استخدام أدوات التكر(والمكياج) غلى جانب مهارات أخرى متعددة لقد اجمع الكل على أنه من المستحيل أن يجيد رجل في سن (أدهم صبري)كل هذه المهارات.. واستحق عن جدارة ذلك اللقب الذي أطلقته عليه إدارة المخابرات العامة لقب(رجل المستحيل)

====================
((سلسلة ملف المستقبل ـ للانترنت ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=25

اسم الكاتب : د/ نبيل فاروق

تدرو احداث هذه السلسة :
فى مكان ما من أرض ( مصر ) , وفى حقبة ما من حقب المستقبل , توجد القيادة العليا للمخابرات العلمية المصرية , يدور العمل فيها فى هدوء تام , وسرية مطلقة , من أجل حماية التقدم العلمى فى ( مصر ) , ومن أجل الحفاظ على الأسرار العلمية , التى هى المقياس الحقيقى لتقدم الأمم .. ومن أجل هذه الأهداف , يعمل رجل المخابرات العلمية ( نور الدين محمود ) , على رأس فريق نادر , تم اختياره فى عناية تامة ودقة بالغة .. فريق من طراز خاص , يواجه مخاطر حقبة جديدة , ويتحدى الغموض العلمى , والألغاز المستقبلية .. انها نظرة أمل لجيل قادم , ولمحة من عالم الغد , وصفحة جديدة من الملف الخالد .. ملف المستقبل

==================

(( سلسلة ما وراء الطبيعة - للانترنت ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=8

اسم الكاتب : د/ أحمد خالد توفيق

تدرو احداث هذه السلسة :
أنا الدكتور (رفعت إسماعيل) طبيب أمراض الدم المتقاعد الثرثار، الذي صدع رءوسكم على الورق بحكايات لا تنتهي .. واليوم هو يصدع رءوسكم على شبكة الإنترنت .. لا أعرف حقاً لكني من طراز قديم جداً.. كلاسيكى جداً.. أؤمن أن ما تعلمته كاف حتى هذه اللحظة، ولم يعد في عقلي متسع لشيء جديد مثل تلك الصناديق البلاستيكية التي يسمونها (كمبيوتر).. ما زلت أجد من الغريب أن يحفظ المرء أسراره وحساباته على شكل إلكترونات.. أو أسلوب (شحنة - لا شحنة) المميز للغة الثنائية Binary.. شحنة قد تمحى فتمحى أسرارك أو تبقى فيطالعها آخرون .. على كل حال ما طُلب مني بسيط .. أنا أحكي القصة، وهناك أصدقاء سيحولون هذه الكلمات إلى شحنات تنتقل عبر أسلاك الهاتف في الفضاء (السايبري).. لا فارق عندي .. أنا إذن احكي بالطريقة العتيقة .. لو كنت في كهف لحكيت قصتي بالإشارة، ولو كنت في سوق (عكاظ) لحكيت قصتي سرداً، ولو كنت في شلة (بلزاك) الباريسية لحكيت قصتي كتابة بريشة أنيقة.. المهم أنني أحكي وانتم تقرءون .. إن هي إلا بضع ساعات نقضيها معاً فدعونا نستمتع بها، ودعونا لا نضيعها في هذه التفاصيل الصغيرة .. أعتقد أنني سأحكي الليلة أسطورة القادم ليلاً.. لماذا هي بالذات ؟.. لأنها تتحدث عن رجل قدم ليلاً.. حسبت هذا واضحاً.. إن القادمين ليلاً نادرون، ودائماً ما تكون ثمة أسباب وجيهة لقدومهم .. بعضها مثير .. وبعضها طريف ..وبعضها مرعب ..

========================

(( سلسلة فانتازيا _ للانترنت ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=11


اسم الكاتب : د/ أحمد خالد توفيق
تدرو احداث هذه السلسة :
(عبير عبد الرحمن) مخلوقة عادية إلى حد غير مسبوق .. إلى حد يخطف الأبصار..إنها الشخص الذي نتمنى ألا نكونه حين نتحدث عن أنفسنا .. الشخص الذي لا يتفوق في الجمال أو القوة أو البراعة أو الذكاء.. لكن لابد من شيء ما يميزها وإلا لعاشت وماتت دون أن نسمع عنها .. ثمة أبطال قصص يمتازون بالقوة .. ثمة أبطال يمتازون بالذكاء الخارق ..ثمة أبطال يمتازون بالحظ العاثر.. ثمة أبطال يمتازون بأنهم لا يمتازون بشيء .. ويبدو أن (عبير) من هذه الفئة الأخيرة .. في نقطة واحدة تفوقت (عبير) علينا.. إنها تملك ذلك الخيال الشاسع بحجم المحيط، وتملك فكرة عن أكثر العوالم الخيالية التي أبدعتها قريحة الأدباء والفنانين والسينمائيين ومصممي الألعاب، كما أنها امتلكت ذلك الجهاز الغريب الذي يولد الأحلام، والذي لا يصلح إلا لها في الواقع، وبهذا غدت أول مخلوق بشري يستطيع ارتياد تلك العوالم الساحرة، بل يشارك فيها كذلك ..ومن البديهي أن (عبير) صارت تنتمي لـ (فانتازيا) اكثر مما تنتمي لعالمنا .. وبالنسبة لها لم تعد مشاكل الواقع إلا منغصات تتخلل فترات الحلم الأكبر الدائم في (فانتازيا)... إن (عبير) كريمة النفس، لهذا لن تتركنا هنا وحدنا مع واقع لا يتغير .. سوف تصحبنا معها .. سوف نعبر معها عالم المرآة الساحر مثلما فعلت (أليس) يوماً ما .. سوف تقابل ـ ونحن معها ـ العبقري المخيف (دستويفسكي) وتجلس في مجلس واحد مع (أرشميدس) و(الخوارزمي) و(أينشتاين).. سوف يشرح لها (فرويد) نظرياته وهو يدخن غليونه الذي أصابه بالسرطان .. سوف تمشي مع (أفلاطون) في بستان مدرسته .. ستحلق مع (طرزان) فوق قمم الأشجار السامقة، وتثب مع الرجل العنكبوت من فوق ناطحات السحاب .. ربما تخدعها الساحرة الشريرة كي تلتهم التفاحة، أو تهدد المقصلة عنقها، ولربما تضع قدميها على تربة المريخ الحمراء، أو تغطس في كرة أعماق الدكتور (بيب).. ربما تفتح قبر (توت عنخ آمون) أو تحارب جحافل المغول .. إنها (فانتازيا) حيث القواعد الوحيدة للعبة هي: لا قواعد .. وحيث الحدود الوحيدة لرقعة الخيال هي: لا حدود .. إن جرس المحطة يدق، والبخار يتصاعد من مدخنة القطار .. والمرشد الملول الذي يرشدها في أنحاء (فانتازيا) يقف نافد الصبر على باب القطار .. فلنتخذ مقاعدنا بسرعة .. لقد حان موعد قصة أخرى .....هذه المرة تقرؤها على شاشة جهاز الإنترنت .

===================


سلسلة ( سافاري ) للانترنت

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=12

اسم الكاتب : د/ أحمد خالد توفيق
تدرو احداث هذه السلسة :
اسمي (علاء عبد العظيم)...أغلب الظن أن من اهتموا بالوصول إلى هنا يعرفونني فعلاً، لكني أفترض أن هناك من لم يسمع عني قط .. حسن .. بما أن هذا لقاؤنا الأول على الإنترنت حيث تقرأ القصة للمرة الأولى على الشاشة وليس بين صفحات كتاب، فإن الأمر يتطلب احتفالاً صغيراً: سأتكلم عن نفسي ! وحدة (سافاري) هي البطل الحقيقي لهذه القصص، و(سافاري) مصطلح غربي معناه (صيد الوحوش في أدغال أفريقيا) وهو محرف عن لفظة (سفرية) العربية .. لاحظت أن أكثر الأصدقاء يضيفون حرف ألف بين الراء والياء لتتحول الكلمة إلى (سافاراي).. لا أعرف في الحقيقة سبب هذا الخطأ، لكنه خطأ شائع شبيه بتلك الألف الشيطانية التي تظهر بعد واو ليست واو جماعة على غرار (أرجوا الهدوء). ولو كنت ترغب في معرفة النطق الغربي للفظة (سافاري) فلتتخيل أنها (صفري) بفتح الصاد والفاء .. وحدة (سافاري) التي نتكلم عنها هنا لا تصطاد الوحوش ولكنها تصطاد المرض في القارة السوداء، وسط اضطرابات سياسية لا تنتهي وأهال متشككين وبيئة لا ترحم.. الوحدة دولية لكن بطلكم الفقير المعترف بالعجز والتقصير شاب مصري عادي جداً، فقط وجد كثيراً من عوامل الطرد في وطنه فانطلق يبحث عن فرصة في القارة السوداء .. انطلق يبحث عن ذاته .. هناك وجد التقدير .. وجد المغامرة .. وجد الحب..الطبيبة الكندية الرقيقة (برنادت جونز) التي صارت زوجتي .. ثم هناك الفيروسات القاتلة والقبائل المعادية والمرتزقة الذين لا يمزحون، والعلماء المخابيل وارقي الأعضاء .. هناك من العسير أن تجمع شيئين: أن تظل حياً وتظل طبيباً.. لكنك تحاول .. في كل يوم تحاول .. هذه المحاولات هي ما أجمعه لكم وأقصه لكم في شكل قصص .. وقصصي هي خليط عجيب من الطب والميتافيزيقا والرعب والعواطف والسياسة ..! لا أعرف إن كان هناك مجنون آخر قد جرب أن يصب هذا الخليط في كئوس ويقدمها لكم، لكني لم ألق هذا المجنون بعد إلا في مرآتي .. تعالوا نبدأ وسنفهم كل شيء .....

======================

(( سلسلة وجه الحقيقة ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=29


اسم الكاتب : د/ تامر إبراهيم
تدرو احداث هذه السلسة :
وجه الحقيقة هل تساءلت يومًا عن ما هو الوجه الحقيقي للحقيقة ؟! .. البعض رأوا هذا الوجه و عادوا ليقصوا علينا ما رأوه , و في هذه السلسلة سنعيش معًا الأحداث المثيرة لهؤلاء الأشخاص , و سنعرف الثمن الذي دفعوه ليعرفوا الوجه الحقيقي .. للحقيقة

=====================

(( اوديسا الرعب ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=45


اسم الكاتب : د/ تامر إبراهيم
تدرو احداث هذه السلسة :
رواية من فصول تدور في عوالم الرعب النفسي .. لا ينصح بها للفتيات و لا لمن هم دون الثامنة عشر , و هذا تحذير حقيقي

====================

(( سلسلة جانب مظلم ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=65

اسم الكاتب : د/ محمد سليمان
تدرو احداث هذه السلسة :
محامي و كاتب قصص رعب ... و قضية واحدة لها جانبان مختلفان .. أحدهما غريب خطر و الآخر .. جانب مظلم .. بالإشتراك مع الدكتور / مع الدكتور تامر ابراهيم


=====================

(( رجل الالغاز ))

http://www.rewayty.com/Public/GetLogo.aspx?LogoID=134

اسم الكاتب : أ/ شريف شوقى
تدرو احداث هذه السلسة :
من هو رجل الألغاز ؟ إنه نبيل عزمى ضابط المباحث الجنائية الذى اشتهر بالذكاء الحاد والقدرة الفائقة على التحليل والاستنتاج فى حل أصعب القضايا الجنائية وأكثرها تعقيداً.. حتى أصبح يلقب برجل الالغاز.. وذلك لبراعته فى كشف الجرائم الغامضة والقبض على اعتى المجرمين وأذكاهم.. .. وفى كل عدد من أعداد هذه السلسلة سنعيش مع لغز لجريمة غامضة وأحداث مثيرة.. وعليك عزيزى القارئ أن تستخدم عقلك وذكاءك وأنت تقرأ أحداث هذه الروايات الشيقة، لتشارك فى حل هذا اللغز مع رجل الالغاز نبيل عزمى.
=================

يلا علاء اختار ابتدي اباي وحدي
مع العلم انو رايحه انقلهم بعد ما اكتبهم لانو ما فيهم خاصية النقل
ههههههههههههههه
تقبلوا مني فائق التحية ،،،


Ala_Daboubi 17-10-05 03:04 PM

yeeeeeeeeeeeesssssssssssssssssssssssssssslllllllllllllllllll lllllllllllllllllaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaammmmmmmmmmmmm mmmmmooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo ooooooooooooooooooooo


hehehehehehe

aham eshi ref3at esma3eel el 3aha loooooooooooooooool

^RAYAHEEN^ 18-10-05 02:00 AM


اوكي علاء بما انك الضاهر مهتم بالدكتور رفعت اسماعيل الختيار
بهالحالة رايحه انتقي رواية من سلسلة روايات ما وراء الطبيعة للدكتور
احمد خالد توفيق والذي كان يحمل تلك الشخصية
في رواياته التي قام بكتابتها
وهي " اسطورة العلامات الدامية "

على فكرة هالروايات رايح يتم كتابتها حرفيا من الصفحات الورقية
التي تقاطرت بها احرف الكاتب مباشرة .
وان شاء الله بعطيها حقها في النقل الصحيح .
==================

أسطورة العلامات الدامية ‏
‏(( ما وراء الطبيعة ))‏
روايات تحبس الأنفاس من ‏
فرط الغموض والرعب والإثارة ‏
د. أحمد خالق توفيق ‏
تمهيد ‏
منذ العام 1960 لم يستيقظ عم ( جلال ) لصلاة الفجر .. وهذا لسبب بسيط ‏جدا هو انه لم ينم قط قبلها ..‏
في ذلك الشارع الضيق الصغير كان الضوء الوحيد ينبعث من بقالته ، ‏وكان هو المكان الوحيد في العالم بالنسبة لسكان الشارع على الأقل الذي ‏تستطيع ان تبتاع منه علبة سردين او شاي او تبغ بعد الثانية صباحا ..‏
إنه مكان دافئ آمن يشبه الفنار للسفن الضالة .. هناك سوف تقترب لتجده ‏جالسا وسط المحل بين البضائع ..‏
موقد الكيروسين بدفئة الجميل وصوته العذب في ليالي الشتاء . والبطانية ‏على كتفيه وصوت ( أم كلثوم ) ينبعث من ذلك المذياع العتيق المربوط ‏بالحبال ..‏
سوف تقف عنده متلذذا بذلك الشعور : ظهرك يرتجف من الصقيع ‏ووجهك ينعم بالدفء .. شعور يبعث فيك القشعريرة مع رغبة عارمة في ‏ان تدخل لتنام بالداخل ، لكن هذا مستحيل لأن المحل ضيق جدا .. وقد ‏رتب هو كل شيء بحيث لا يضطر الى النهوض ابدا ..‏
لكن بقالة عم ( جلال ) من الموضع النادرة في العالم التي تجعلك تشعر ‏بأن الحياة تستحق ان نحياها .. وقد قالت زوجة من ساكنات الشارع :‏
‏-‏ ‏" لو صحوت يوما فوجدت ان هذا الرجل مات ، لشعرت بان العالم ‏قد انهار .. "‏
‏-‏ الرجل نفسه عجوز باسم لم يترك مرضا في كتب الطب الا اتخذه ‏لنفسه كما يقتني هواة النفائس مقتنياتهم ، والى حد ما كنت تشعر ‏بانه يفخر بأمراضه هذه .. انه يحدثك باعتزاز عن النقرس ويحدثك ‏بفخر عن الروماتزم ويحدثك بكبرياء عن داء السكري .. ولو كان ‏ذا ثقافة طبية لاتخذ مرضا غريب الاسم مثل ( التهاب الحيزوب ) او ‏‏( الانسكاب البلوري ) ليضمه لمجموعته ..‏
‏-‏ هكذا يظل الرجل في متجره وحيدا لا تعرف فيما يفكر ولا أية ‏ذكريات يجترها ، ثم يتعالى صوت الأذان من زاوية قريبة فينهض ‏‏.. معجزة ان تراه ينهض كأنك ترى احد ديناصورات ( راي هارى ‏هاوزن ‏Haussen ‎‏) المتخشبة في أفلامه القديمة .. حتى توشك ان ‏تبكي تأثرا لرؤية هذه المعجزة ..‏
‏-‏ إنه يغلق المتجر .. يمشي الى المسجد وهو يردد الأدعية بصوت ‏خفيض .. يؤدي الصلاة ثم ينصرف الى داره .. إنه يعيش بلا ولد ‏مع زوجة عجوز مثله في شقة ضيقة بذات الشارع ..‏
هكذا لن تراه ثانية إلا بعد صلاة الظهر ..‏
أعترف أنني كنت أهيم حبا بهذا المتجر وهذا الرجل .. ‏
بالنسبة لوطواط حقيقي مثلي كنت بحاجة الى شخص مثله ..‏
وهكذا كنت أحيانا استقل سيارتي وسط شوارع المدينة المظلمة الغافية ‏حتى اصل الى هذا الشارع .. وهناك أتوقف عنده وأبتاع شيئا او شيئين ‏لا حاجة لي بهما ، وأتبادل معه كلمات عن ( أم كلثوم ) وعن البرد ‏وعن داء السكري .. لا بد من ان يسألني عن دواء ما لشيء ما ، ‏فأكتبه له على قصاصة ورق .. وانا اعرف يقينا انه لن يبتاع هذا ‏الدواء وأن القصاصة ستضيع خلال خمس دقائق .. ‏
أرمق بشفقة وجهه العجوز الطيب المريض ، ويخطر لي ان هذا الرجل ‏كان طفلا يوما ما وكانت له ام تعلمه المشي وتبدل ثيابه .. كان شيئا ‏نضرا عزيزا . أما اليوم فموته حدث مؤسف لا أكثر . سوف ننساه بعد ‏دقائق ..‏
احيانا كنا نتبادل السعال لا اكثر ، اعترف ان هذه كانت من أعمق ‏المحادثات التي سمعتها في حياتي ..‏
احاينا كنت اقف صامتا لأصغي في تهيب لصوت موقد الكيروسين الذي ‏اعتقد انه يجب ان يضم الى السيمفونيات العالمية .. وأداري اسئلة ‏عديدة .. من اين يبتاعون هذا الاختراع الساحر ؟ كيف يشعلونه ؟ من ‏اين يبتاعون الكيروسين وانا لم ار بائع كيروسين في شارعنا منذ 86 ‏سنة ؟
ثم انصرف وانا اتنهد .. نعم .. اعترف انني احب هذا الرجل بجنون ..‏
‏*** ‏
في ذلك اليوم نهض الرجل كعادته ليقصد المسجد ..‏
اغلق المتجر .. وبدأ زحفه البطيء المتثاقل الى الزاوية في نهاية ‏الشارع .. هناك منعطف بعدها يصل .. والطقس بارد يجعله يلتف اكثر ‏بذلك المعطف الصوفي العتيق ويحكم التلفيعة أكثر حول عنقه .. إنه ‏يتوضأ في المتجر دوما بماء قام بتدفئته لأنه لن ينزع هذه البطانية أبدا ‏إلا في داره .. ‏
لنا الآن ان نتصور الشارع الضيق الصموت .. هناك كلب ضال او ‏كلبان يلتهمان شيئا في لفافة تخلص منها أحد الجيران .. ثم يعوي قط ‏في مكان ما وقد أصابه الهلع فتنطلق الكلاب كالبرق خلفه ..‏
إضاءة عامود النور الخافتة .. المتاجر والمطعم التي تعج بالصخب ‏صباحا وهي الآن غافية كالبشر تماما ..‏
جو يثير الخيال لكن من قال إن عم ( جلال ) يملك أي قدر من الخيال ؟ ‏مناخ يبعث التوجس .. لكن من قال إن الرجل يخشى شيئا ؟ من يرد ‏شيئا من رجل عجوز مثله فيفعل .. لو قتلوه لاختصروا عذاب ‏الشيخوخة .. ولو سرقوه فلا يعنى هذا اكثر من ضياع جهد يومين ..‏
هكذا يواصل مسيرته التي تستغرق عدة قرون نحو المنعطف ..‏
ولكن ما هذا الصوت ؟ هل هي بومة؟ ‏
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و ش ش ش ش ش ش !!‏
لا .. ليست بومة .. إنه اقرب الى صوت شخص يئن .. لكن من الذي ‏يصدر صوتا كهذا عندما يئن ؟ ‏
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و ش ش ش ش ش ش !!‏
إن اصوت يأتي من مدخل تلك البناية العتيقة التي تحرس زاوية ‏الشارع .. بناية من طابقين نخرين لا يميزها شيء .. لكن الصوت ‏يخرج منها بالذات ..‏
هكذا اقترب أكثر ونظر عبر المدخل بعينين لا تريان ..‏
وهتف بصوته الواهن : ‏
‏-‏ ‏" يا أهل الله !" ‏
لا احد يرد ..‏
عبث في جيب المعطف حتى وجد علبة الثقاب .. يحملها معه دائما ‏برغم انه لا يدخن .. لأنه يشعل سجائر الزبائن الذين يقفون يثرثرون ‏معه .. شليك ! اشتعل العود ..‏
وعلى الضوء المتراقص مد عنقه يتفحص المدخل .. سلحفاة عجوز ‏تطل من درقتها في شك ..‏
وعلى الفور أدرك انه يرى لك السد الراقد على الأرضية .. جد بشري ‏تحيط به بركة صغيرة من الدماء .. ودنا أكثر وقلبه يتواثب بين ‏ضلوعه فرأى المشهد بشكل أوضح لكنه لم يتبين شيئا ذا بال .. عندما ‏نخاف لا نبصر التفاصيل .. فقط نأخذ انطباعا عاما ..‏
ونظر الى الجدار فوجد ان الدم قد تناثر عليه ..‏
وفي ضوء اللهب الراقص استطاع ان يقرأ كلمة كتبت بالدم وبوضوح ‏شديد : ‏
عباس ‏
عند هذه اللحظة كان قلبه قد تحمل الكثير جدا .. إنه ذلك الأمل العاصر ‏الذي يجتاح عظمة القص ويتسلل الى كتفه اليسرى .. سقط العود من ‏يده ..‏
واستند الى الجدار شاعرا بالخطر ..‏
قلبه الذي تحمله خمسة وستين عاما يوشك على ان يعلن الإضراب ..‏
فتح فمه وأطلق بصوته الواهن أعلى انين استطاع ان يصدره ..‏

الجزء الأول ‏
العلامات الدامية ‏
وهذا القاتل ـ ككل القتلة المتسللين في الواقع ـ يحب ان يترك شئا يدل ‏على خططه او يدل عليه .. نحن لم نعتد هذا الطراز من القتلة في مصر ‏، لكنهم في الخارج يعرفون هذه الأساليب جيدا .. لديهم مثلا ( زودياك ‏‏) الذي كان يرسل بطاقات لرجال الشرطة وم اإلى ذلك . . يقولون إنها ‏تتجاوز رغبة التفاخر الطفولي .. إنها رغبة مأسوشية في عقاب الذات ‏، ورغبة في أن يضبط .. أرى أنه يقدم بنفسه للشرطة الخيط الذي ‏يقود إليه .
‏-1-‏
تقول ( فاتن ) : ‏
‏-" بابا يعمل فلا تضايقاه .. "‏
تقول ( فاتن ) : ‏
‏-" بابا عبقري .. هذا هو كل شيئ "‏
تقول ( فاتن ) : ‏
‏-" بابا من العلماء الذين تسمعان عنهم .. " ‏
تقول هذا كله لــ ( رامي ) و ( نهى ) ، فتتسع عينا الطفلين في رهبة ‏ويقرران لا يضايقا اباهما ابدا .. طبعا يبران بهذا القسم ربع ساعة او ‏اقل .. ثم ينتصر شيطان الطفولة ويعودان للصخب .. كان هذا يذكرها ‏بمدمن المخدرات الذي يقسم على التوبة ، فقط الى ان ينخفض مفعول ‏المخدر في دمه ..‏
كانت (فاتن ) تقول هذا لأنها تؤمن ان على الأطفال أن يفخروا بأبيهم ، ‏وكانت تضفي على وجهها كل إمارات الصدق والتهيب ، حتى يقتنع ‏الطفلان ..‏
لكنها حينما كانت تنفرد بنفسها كانت تدرك انها بالغت قليلا .. هي ‏بالفعل لا تستطيع الاعتقاد بان ما يقوم به ( زكي ) بهذه الأهمية ..‏
كان يستيقظ من نوم العصر في السادسة مساءا ، ويقف لحظة أمام ‏باب غرفة النوم يحك شعره المجعد الذي انتثر حول رأسه نصف ‏الأصلع ، ثم يتثاءب كأفراس النهر .. ويتجه الى الحمام .. بعد دقائق ‏يجلس في الصالة يرمق المكان بعينين لا تريان وعلامات النعاس تبدو ‏على كل شيء فيه .. ثم يقول لها بلهجة متعبة آمرة : ‏
‏-" القهوة يا ( فاتن ) .. " ‏
فتهرع الى المطبخ لتعد له القهوة السادة التي يحبها .. تعود له بالقدح ‏فيرتشف منه في وقار وتؤدة ، ثم يضعه جانبا ويقول عبارته الشهيرة ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" شكرا يا ستي " ‏
ثم ينهض متثاقلا الى غرفة المكتب .. بعدها ينغلق الباب وتمر ‏الساعات تلو الساعات دون أن يخرج .. وفي العاشرة مساءا تدق ‏الباب لتضع أمامه صحيفة عليها بعض شطائر الجبن ، يلتهمها حيث ‏جلس على الأرض في الغرفة وحوله تتناثر أوراق عتيقة جدا .. سبب ‏جلوسه على الأرض هو نه لا مكان لهذا كله على المكتب ..‏
يلتهم الشطائر ثم يطلب القهوة من جديد ويسأل عن الأطفال .. لقد نام ‏الصغيران طبعا ..‏
تجلس في الصالة تتابع التلفزيون بعض الوقت وتحاول أن تقنع نفسها ‏بأنها سعيدة .. وعند منتصف الليل تدخل فراشها وتنام ..‏
فقط تشعر به في ا لثانية صباحا يندس تحت الملاءات وهو يلهث بردا ‏وإرهاقا .. وبعد قليل يتعالى صوت شخيره ..‏
ليس شخيرا فقط .. أحيانا تسمعه يتكلم أثناء نومه لكنها لا تفهم على ‏الإطلاق ما يقوله .. أصوات مختلطة كزئير الدببة الغافية في بياتها ‏الشتوي .. لكنها تبعث في نفسها رعدة ما .. تقول لنفسها : صاحب ‏هذه الأصوات ليس نقي الضمير .. لا يمكن ان يكون نقي الضمير ..ثمة ‏شيء يثقل كاهله ..‏
وفي السادسة صباحا تنهض .. تعد الطفلين للمدرسة وتعد له الإفطار ‏والقهوة .. يرتدي بذلته ويحمل حقيبة الأوراق وينطلق الى العمل ..‏
إنه استاذ بالجامعة .. أستاذ تاريخ على وجه التحديد .. لا تعرف أي ‏تفاصيل أخرى ، لكنها تقنع نفسها بأنه عبقري وأنه يقوم بأشياء مهمة ‏جدا تجعلها لا تراه على الإطلاق .. ولا تعرفه على الإطلاق ..‏
كانت تحب بيتها بحق .. لهذا كانت على استعداد لقبول الكثير ، لكنها ‏كانت تتمنى ان تشعر بانها تملك شيئا في عالمه .. شيئا واحدا فقط .. ‏والأدهى انها لم تكمل تعليمها ، لهذا لم تستطع قط ان تفهم شيئا على ‏الإطلاق من عالمه .. إنها اشياء مهمة وكفى ..‏
وقد صارحت امها بهذا ذات يوم فقالت لها : ‏
‏-‏ ‏" انت مدللة .. هكذا شأن النساء .. يقضي الزوج جل يومه خارج ‏البيت فتملأ الدنيا صراخا .. يقضي جل يومه ي البيت فتشكو وتبكي ‏‏.. أحمدي الله على أنك تعرفين اين زوجك .. وتعرفين ما يفكر يه ‏بالضبط .. لو لم يهتم بتلك الأوراق لاهتم بالنساء الأخريات .. "‏
‏-‏ لكنها لم تر فارقا كبيرا .. وخطر لها ان زوجها لو اهتم بالنساء ‏الأخريات لبادلها على الأقل بشريا لا يفتقر للإحساس .. ذات مرة ‏سمعت في المذياع قصة راقت لها عن ( الفارابي ) – ام هو ( ‏الجاحظ ) ؟ ـ الذي سكبت حماته محبرته .. فلما سألها عن السبب ‏قالت له :هذه المحبرة اشد خطرا على ابنتي من ألف ضرة ..‏
سمعت هذه القصة فلم تستطع الا ان تنبهر بحكمة هذه المرأة ودقتها ‏في التعبير ..‏
‏***‏
‏ لعل القصة بدأت يوم الثلاثاء الاول من الشهر ..‏
إنه اليوم الذي يسافر فيه الى قريته كل شهر .. هي تعرف هذا لأنه ‏يصادف يوم إجازته .. وقد قررت في ذلك اليوم ان الوقت قد حان ‏لتنظيف الغرفة كما كانت تفعل دوما كل شهر .. مرة كل شهر .. هذا هو ‏أعلى معدل يمكن ان يسمح به ..‏
دخلت غرفة المكتب وراحت تزيل الغبار عن الأرفف والمكتب العتيق .. ‏ثم بدأت تجمع الأوراق المتناثرة ، وخطر لها ان هذه الأوراق عتيقة ‏حقا .. حاولت ان تقرأ الموجود لكنه كان بحروف لاتينية يمكنها ان ‏تقرأها لكنها لا تفهمها .. لكن هناك الكثير من الرسوم التخطيطية .. ‏ثمة دوائر مقسمة تخرج منها أسهم ونجوم واشياء لا يمكن فهمها ..‏
الشيء الغريب هو ان هذه الأوراق متسخة .. هناك من سكب عليها ‏قدحا من الشيكولاته الساخنة يوما ، والدليل هذه البقع البنية الواسعة ‏التي لا تمنع القراءة لكنها لا تجعلها سهلة ..‏
جمعت الأوراق قدر استطاعتها ووضعتها على المكتب .. ثمة شيء ‏وقع على الأرض فانحنت تلتقطه ..‏
آه ! هنا شيء مهم ..‏
صورة بحجم هذا الكتيب . . صورة فوتوغرافية بالابيض والأسود لفتاة ‏‏.هذه الصورة كانت بين الأوراق . و ( فاتن ) على قدر من الحصافة ‏لتعرف ان هذه فتاة حقيقية .. ليست مجرد موديل تم انتزاع صورتها ‏من مجلة ..‏
هكذا جلست ( فاتن ) الى المكتب وهي تشعر بان رأسها يوشك على ‏الانفجار .. فتاة جميلة هي .. شقراء .. على الأرجح هي أجنبية .. وها ‏هي ذي تنظر الى الكاميرا في نظرة متحدية قليلا كأنها تتوعد المصور ‏بالويل ، ومن خلفها يبدو جبل تغطى سفحه الأشجار وكوخ ريفي ‏أوروبي الطابع .. نعم .. لا شك في انها فتاة اجنبية ..‏
قلبت الصورة فوجدت كتابة بحروف لاتينية ما ، وبذلك الخط المائل ‏المتشابك الأنيق مستحيل القراءة الذي يوقع به الغريبون .. كانت على ‏الأقل تعرف كلمة ‏Love ‎‏ وقد أجهدت عينيها بحثا عنها فلم تجدها ‏لحسن الحظ .. لكن من أدارها ان هذه القملة إنجليزية ؟ ربما كانت ‏فرنسية او ألمانية ؟ ‏
ألمانية ؟ ‏
زوجها كان في تلك البعثة الى ( النمسا ) منذ عامين .. هي لا تعرف ‏اين توجد النمسا لكنها في ذهنها تختلط بألمانيا بشكل ما .. الأمور ‏واضحة إذن .. هذه الفتاة قد عرفها حينما كان في النمسا .. ولم يذكر ‏عنها حرفا . اما لماذا يحتفظ المرء بصورة بهذا الحجم لفتاة لا تعنيه ‏في شيء فأمر لا يعلمه إلا الله ..‏
راحت تنظر الى صورة الفتاة مدققة ، وفي كل لحظة تشعر بأنها ‏تعرفها أكثر فأكثر ..‏
وفي النهاية أعادت كل شيء الى مكانه وغادرت الغرفة ..وكان ذهنها ‏يعمل في حماس .. وقررت ان تسأله عنها عندما يعود .. الهجوم ‏المباشر خير وسيلة لان هذا سيفقده القدرة على التأليف .. سوف ‏يرتبك ثم يقول كل شيء ..‏
نظرت لصورته المعلقة في الصالة وقالت بصوت خافت : ‏
‏-‏ ‏" ما الذي رأته فيك ؟ صدقني .. لن تجد امراة اخرى في العالم تراك ‏جميلا سواي .. لن تجد امراة تقبل طباعك الغريبة المملة سواي.. ‏انا لا اعرف عنها حرفا لكني اعرف انها غير صادقة .. أية امرأة ‏تزعم انها معجبة بك هي كاذبة .. كاذبة يا صاحبي ! " ‏
وفتحت جهاز التلفزيون وراحت تتابع فيلما عربيا يحكي عن الخيانة ‏الزوجية.. كان هذا يناسب أفكارها بشدة .. ‏
‏-2-‏
‏(عادل ) ومديرية الأمن في الإسكندرية ..‏
انا بطبعي من الطراز العصبي مرهف الحس ، الذي لا يشعر براحة في ‏هذا الجو .. ولو رأي وجهي في أي قسم شرطة لحسبت أنني جئت ‏لاعترف بقتل ستة او سبعة أطفال أبرياء .. لكن مديرية أمن ‏الإسكندرية تعني بالنسبة لي جزءا مهما من ذاتي : ( عادل ) صديق ‏الصبا الذي صار عميدا الآن ،والذي أفضل لقاءه بعيدا عن البيت ‏لأسباب يعرفها قارئ هذه السلسلة جيدا ..‏
حتى وانت في نهاية الممر تسمع صوته الصاخب .. يتشاجر او يمزح ‏او يهمس .. فهو من هؤلاء الأشخاص الذين يهز همسهم المكان .. ‏تسمع صوته من وراء البارفان فتقول لجندي الحراسة المتشكك على ‏الباب إنك ترغب في لقائه ..‏
عندما تدخل تحمل ما سيحدث لك.. كل هذا الصراخ و ( أهلااااااااااااان ‏‏) التي تستمر لربع ساعة ثم تحمل كل الضربات واللكمات على كتفيك ، ‏وكل القسم المغلظ على انه لن يتركك ..‏
‏-‏ ‏" انت رهن الاعتقال ! نياهاااااااااهاهاهاه ! " ‏
يقوله او هو يقرع الجرس ليطلب لك القهوة .. .. ‏
بعد كل هذا الاستقبال المرعب تجلس وتصارحه بأنك جئت لأنك تشعر ‏بفراغ روح رهيب . أنت بحاجة الى ان ترى خيطا مجرد خيط يذكرك ‏بكيانك القديم ..‏
يسألك عن أحوالك وتسأله عن أحواله وأحوال ( اشرف ) ابنه .. ‏وتشعر بذلك المذاق الأليم اللذيذ لذكريات الماضي ..‏
بعد ربع ساعة من الكلام قال وهو يحك راسك : ‏
‏-‏ ‏" بالمناسبة .. سعيد لأنك جئت الآن .. أردت ان أسالك عن شيء ما ‏‏.. " ‏
ثم مد يده يعبث في الدرج وأخرج مظروفا اصفر حكومي الطابع كئيبا ‏‏.. وقال :‏
‏-‏ ‏" استشارة.. " ‏
سالته باسما : ‏
‏-‏ ‏" هل تسال الصديق ام الطبيب ام خبير الميتافيزيقا ؟ " ‏
قال في عصبية : ‏
‏-‏ ‏" لا يهمني ان كنت اسأل الشيطان ذاته .. المهم أنني اطلب رأيك .. ‏‏" ‏
ثم ناولني مجموعة من الصور الفوتوغرافية كبيرة الحجم .. وعقد ‏أصابعه تحت أذنه ينتظر رأيي ..‏
رأيت في الصور جثة رجل .. طريقة التصوير والزوايا المتعددة توحي ‏بأنها صور التقطها خبراء المختبر الجنائي في مكان حادث ما .. لم ‏استطع تحديد كيفية موت الرجل لان بقعة سوداء كبيرة كانت تحتل ‏موضع صدره .. سوداء تعنى حمراء طبعا لان الصور بالأبيض ‏والأسود .. ‏
عامة كانت ملامح الرجل اقرب الى الرقي .. وثيابه توحي بأنه من ‏الطبقة الوسطى او أعلى قليلا .. وعلى الأرض كانت بقعة من الدم .. ‏بقعة غريب الشكل فعلا .. ‏
على أنني فهمت الامر اكثر في لقطات مقرة .. ان كلمة قد كتبت بهذه ‏البقعة وبوضوح شديد : ‏
‏( زكي) ..‏
كان هذا كل شيء .. ‏
أعدت له الصور ورفعت حاجبي بمعنى التساؤل .. لكنه سألني بدوره ‏وهو يشعل لفافة تبغ : ‏
‏-‏ ‏" رأيك ؟" ‏
قلت وانا أفكر بحثا عن مقلب ما أعده لي : ‏
‏-" لو كان القاتل يدعى (زكي ) لكانت القصة واضحة . . " ‏
نفث سحابة كثيفة من الدخان في هواء الغرفة وسألني : ‏
‏-" والاحتمالات الأخرى ؟ " ‏
‏- " من الممكن ان يكون القتيل ذاته هو ( زكي ) .. " ‏
ابتسم وقال في تهكم : ‏
‏-‏ ‏" لا . .اسمه ( يوسف .. ابو الحسن ) .. وهو مدرس بكلية الآداب ‏جامعة ( ..... ) . " ‏
قلت وانا اعيد التفكير : ‏
‏-" إذن الاحتمال الوحيد هو ان هذا اسم القاتل كما كتبه القتيل .. إن ‏هذا المشهد خالد في الألغاز البوليسية .. وغالبا ما يتضح ان البوليس ‏يقرأ الاسم بشكل خطأ .. حرف ‏M ‎‏ يتضح انه حرف ‏W ‎‏ .. وقعد ما ‏يكونون قد أرهقوا ( مارتن ) البائس طيلة القصة ، يتضح ان ( ‏ونستون ) هو القاتل .. " ‏
أعاد لي الصور وقال : ‏
‏-" ألا يوجد ما يعارض هذه الفكرة ؟ " ‏
تأملت الصور في عناية فلم أر ما يمنع .. قلت له بصراحة انه ( قد غلب ‏حماري ) .. فقال :‏
‏-" لم تكن أنامل القتيل ملوثة بالدم .. راحتاه واضحتان في الصور .. لو ‏كتب اسم قاتله لوجدت الدم على أنامله ، ثم لاحظ الخط كذلك .. " ‏
وأشار بسن قلمه الى الصورة التي تظهر الكلمة وقال : ‏
‏-" خط جميل جدا . . لا أتخيل ان شخصا يلفظ أنفاسه الأخيرة سيراعي ‏قواعد الخط ويكتب الاسم بهذا الوضوح . دعك من ان وضع الجثة يجعل ‏من المستحيل ان يعتدل ليكتب الكلمة في هذا الموضع بالذات . " ‏
قلت في غيظ : ‏
‏-‏ ‏" يا سلام ! يا أخي زحف حتى كتبها ثم انقلب على ظهره ومات .. ‏إن المتحضرين يبدلون وضعهم أحيانا..."‏
كان قد فكر في كل شيء وهذا طبيعي .. ما يثير غيظي هو انه يتوقع ‏ان اصل لمدى التقدم في الاستنتاج الذي بلغه هو نفسه وهو خطأ ‏يكرره البشر كثيرا . تجهد نفسك أياما في قضية ما ثم تتبادل الرأي مع ‏شخص يسمع عنها لأول مرة ، فيشير ذهولك بغبائه وبطء تفكيره ، كل ‏اقتراحاته قديمة غير مبتكرة .. وذا نموذج آخر لظلم الإنسان وافتقاره ‏للعدل .. ‏
قال في ثقة : ‏
‏-" ما كان ليقدر على تبديل وضعه لأنه مات على الفور .. لم توجد ‏فترة احتضار كافية .. " ‏
‏- " والسبب ؟" ‏
اتسعت عيناه في دهشة وقال : ‏
‏-‏ ‏" كيف تسال عن هذا وأنت طبيب ؟ لقد انتزع قلبه من صدره ! ‏حسبتك لاحظت هذا !"‏
‏***‏
‏ قلت له ونحن نتناول الغداء في ذلك المطعم على الكورنيش : ‏
‏-‏ ‏" لم ار جريمة بهذه البشاعة .. لحسن الحظ أنني لم ارها رأي ‏العين .. أشياء كهذه تسمع عنها في قصص الحروب الهمجية ‏القديمة فقط .. "‏
هز رأسه موافقا وأردف : ‏
‏- ولا انا وحياتك .. الأمر يوحي بالكراهية .. الكثير منها .. ليس التمثيل ‏بالجثث بهذه الطريقة من سمات الشخصية المصرية عموما .. حتى ‏القتلة والسفاحين يتحركون تحت سقف لا يجسرون على تجاوزه .. ‏لهذا شعرت ان في الامر ما يتجاوز القواعد المعروفة لنا ورأيت ان ‏أسالك .. " ‏
ثم نظر الى طريق الكورنيش خارج واجهة المطعم البانورامية وسألني ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" إذن انت ترى معي ان المقتول لم يفعله ا.. فماذا عن القاتل ؟ " ‏
قلت في ثقة : ‏
‏-" انت لم تترك مخرجا آخر .. لقد فعلها القاتل .." ‏
وتذكرت جريمة مقتل ( شارون تيت ) ممثلة ( هوليوود ) الحسناء . ‏كانت جريمة ساخنة في ذلك العصر .. القصة غريبة واقرب الى مسرح ‏العبث .. هناك مخبول يدعى ( مانسون ) الذي اشتهر باسم ( زعيم ‏الهيبيز ) قام مع اتباعه بمهاجمة بيت الممثلة .. وكانت مذبحة لها ‏وضيوفها وابنها الذي كانت تحمله في بطنها بعد ، وقد نجا زوجها ‏المخرج العالمي ( رومان بولانسكي ) من المذبحة بمعجزة ،لكنه تحول ‏الى عبقري مخبول بعدها .. لقد وجدالبوليس المذبحة ووجد كلمات ‏مكتوبة بالدم على جدران البيت ( الخنازير .. الخنازير ) .. فيما بعد ‏اتضح ان الاخ ( مانسون ) كان يملك نظرية عبقرية .. سوف يرتكب ‏المذبحة فيلصق رجال الشرطة التهمة بالزنوج .. يثور الزنوج ‏ويقضون على البيض .. هكذا يصير الطريق مفتوحا أمامه للسيطرة ‏على أمريكا فالعالم؟ ‏
لا تعجب فعقار الهلوسة ‏LSD‏ قادر على هذا وأكثر ..‏
أفقت على صوت (عادل ) يسألني : ‏
‏-‏ ‏" حسن .. وماذا يجنيه القاتل من كتابة اسم ( زكي ) ؟ ‏
فكرت في رد مستفز يثير غيظه فم أجد أفضل من التالي : ‏
‏-‏ التفسير الوحيد هو ان القاتل يدعى ( زكي ) !"‏
‏-‏ ‏ " انت عبقري !" ‏
‏-‏ ‏" لقد كان فخورا بما قام به لذا وقع على عمله باسمه .. كل فنان ‏أصيل يشعر بهذه الرغبة بمجرد ان ينتهي من لوحته الفنية! " ‏
راح ينظر لي طويلا ولم يعلق ..‏
اعتقد ان الفكرة برغم كل شيء بدأت تروق له..

Ala_Daboubi 18-10-05 09:49 AM

yeslamo raya7eeeeeeeeeno , i really enjoy this black comedy way of writing , ba7ashish 3ala mos6ala7ato , ba3dain el good part ine mosh qare2ha hai el qesa , tab3i

enti 3am ton2oleeha min el wara2 ?? wela min ma7al tani ???0

^RAYAHEEN^ 18-10-05 10:11 AM

علاء
لا انا امس رحت المكتبة جبت تلات روايات للدكتور . احمد خالد توفيق
وجع امس انكسرت ايدي وانا بطبع فيها
طيب رواية ـ مومياء الرعب ابتعرفها !!!!
او ليالي الضبراء والله نسيت اسمهم

Ala_Daboubi 18-10-05 12:02 PM

yeslamo edaiki enshalla , ya3ni a7san eshi katabtee min 2awal ma dakhalti el montada lol

la2 , eli 7akeeti asmaa2hom ma ba3rafhom , ana kont aqra2 wana zgheer hala2 ba6alt

bas nice to get back to read them again , 3an 6aree2ik

wo ana ba7asbik 3ala el qesas mosh moshkileh loooooooool

^RAYAHEEN^ 18-10-05 12:20 PM

علاء
هههههههههههههه وجع
انا رايحة كفي هيدي القصة علشان تستذكر ذكريات الطفولة
على فكرة انا كنت مدمنة على هالنوعية من القصص بس مرة رحت المكتبة وسالت عنهم
قالولي انقطعوا هههههههه امس تفاجأت نفس المكتبة ملياااااانة هيك روايات
المهم انا رايحه كفي هالرواية وبعد هيك رايحه ابتدي برواية تانية
تقبل مني فائق التحية ،،،

^RAYAHEEN^ 19-10-05 03:19 AM


-3-‏
عندما تدخل مقر الجريدة سوف يثير ذهولك الجو العام الموحي بالفقر ‏والبؤس ..‏
انت تسمع عن تلك الجريدة من آن لآخر وترى أعدادها في كل مكان .. ‏بالطبع انت لا تتوقع ان يكون مقرا شبيها بمبنى الأهرام او الأخبار ، لكنك ‏كذلك لا تتوقع ان يكون تلك الشقة البائسة بالطابق الثالث من تلك البناية ‏المتداعية ..‏
سوف تجتاز المدخل محاولا الا تتعثر بصندوقي القمامة هذين ، ومحاولا ‏الا يظفر هذا القط بطرف سروالك .. ترى تلك الأسهم على الجدار وهي ‏الشيء الوحيد الذي يقنعك بأنك لست أحمق ..‏
تصعد طابقين .. رائحة العفن تتزايد .. الطابق الثالث .. وهذه اللافتة على ‏الباب ..‏
ثمة سكرتيرة شاحبة تدس قدميها في خفين منزليين وأمامها رغيفان ‏تعلوهما ثلاثة او اربعة أقراص من الطعمية .. ثمة كيس بلاستيكي صغير ‏به المخللات اللازمة .. والفتاة تتضور جوعا .. من الصباح هي تتضور ‏جوعا لهذا لا ترحب بك على الإطلاق .. إنها تنتظر اللحظة التي يكف فيها ‏الزوار عن التوافد لتفتك بالرغيفين .. ثم تتبعهما بكون من الشاي الأسود ‏، وبعدها تكتشف ان الحياة رائعة وان هذا أفضل العوالم الممكنة . .‏
امامها يجلس عم ( فهيم) الفراش المسكين .. إنه دائما يشعر بالملل ‏وينتهز أية فرصة ليغفو .. وهو الآخر بانتظار رحيلك بفارغ الصبر ..‏
هل تشم هذا المزيج الغريب من رائحة حبر الآلة الكاتبة والشاي على ( ‏السبرتاية ) والعطن المتصاعد من دورة المياه ؟ .. ليست هي ( النيويورك ‏تايمز ) لكنها صحيفة على كل حال ، ولها قراؤها الذين هم مثلك لا ‏يتصورون ان يكون هذا هو المكان .. بالمناسبة لا تجازف ابدا بدخول ‏دورة المياه .. لا تسال عن السبب لكن حمقى كثيرين فعلوها وهم الآن في ‏المصحات يعالجون من الصدمة النفسية ..‏
صوت آلة كاتبة في مكان ما .. وصوت من يضحك بصوت عال .. وصوت ‏مذياع مفتوح ..‏
تسال عن الأستاذ ( فايز ) .. لماذا تسال عنه ؟ لانه هو الشخص الذي ‏يهمك هنا وهو صحفي شاب متحمس .. يعتقد أنه جاء العالم ليغير كل ما ‏فيه من فساد ، وليوقف كل شخص عند حده أخيرا ..‏
الأستاذ ( فايز ) ليس هنا .. إنه في مكان ما .. هو لم يظهر منذ ثلاثة ايام ‏لكن هذا معتاد هنا وفي هذه المهنة ..‏
‏( فايز ) في الرابعة والعشرين .. غير متزوج.. غير حليق الذقن .. غير ‏مهندم .. أعتقد انه لا ينال إلا بضعة ملاليم ، ولكنه من الطراز المتفائل .. ‏ليست له أسرة في القاهرة لكنه يقيم في ( لوكاندة ) ما من لوكاندات ‏الحسين .. لهذا لا يستعمل إلا قميصا واحدا وجوربا واحدا وحذاء واحدا .. ‏وهو ظريف حاضر الدعابة لا يتورع عن استعمال لفظة غزل عابرة من ‏حيث لآخر لهذا هو اكثر شخص هنا يروق للسكرتيرة الشاحبة ..‏
في الفترة الأخيرة كان ( فايز ) متحمسا .. أعني اكثر من اللازم .. يبدو ‏انه وضع يده على موضوع مهم .. وكان مشغولا اكثر الوقت ..‏
ثم قام بمعجزة لم يرها احد من قبل .. لقد اغلق درج مكتبه وابتاع (رزة ) ‏وقفلا وبصبر قام بتبيتهما .. كان الدرج مفتوحا طيلة الوقت كقلب صديق ‏‏.. لا ترى فيه إلا علبة تبغ فارغة مهشمة وجريدة عمرها عامان .. لكنه ‏اليوم حرص على إغلاق الدرج .. وقد قال له زميله ( سامح ) : ‏
‏-‏ ‏" يبدو أك كونت ثروة أخيرا .. لقد صار لديك ما تخفيه .. " ‏
قال ( فايز) في ثقة : ‏
‏-‏ لا" محسوبك ليس لديه ما يخفيه إلا الأفكار الأصيلة .. " ‏
ولم يكن ( سامح ) يقوم بعمل ذي بال منذ فترة .. لم تكن لديه أفكار ولم ‏يكلفه أحد بشيء .. لهذا راح يمارس العمل الوحيد الذي يجيده حقا : ‏شراء الإعلانات .. كان يحمل كارنيه الصحيفة ويخرج من الصباح ‏الباكر ليدور على الشركات والمحلات يعرض بضاعته ..‏
أحيانا يعود بحمل ثمين وفي الغالب لا يعود بشيء على الإطلاق .. ‏
لهذا كان الفضول يعتصره ليعرف ما يدور بذهن ( فايز ) ..‏
كان يعرف أنهما متشابهان في الظروف والموهبة والوضع المادي .. ‏ومعنى هذا ان احدهما يصلح بديلا للآخر .. وفي الفترة الأخيرة بدا ‏سكرتير التحرير غير راض عن العمالة الزائدة في الجريدة .. فلو جرى ‏ترجيح الكفتين لن يحتاج المرء الى عراف كي يحدد اسم من يتم ‏الاستغناء عنه ..‏
لو لم يحقق شيئا غير التهام الشطائر وشرب الشاي في هذا الشهر ‏فمن الوارد ان يجد نفسه في الشارع قريبا .. وهو شيء يقلقه برغم ‏انه لم يتقاض نقودا حقيقية منذ شهرين .. على الأقل كان له مكان ‏يذهب اليه في الصباح ويعود منه منهكا في المساء ..‏
منذ عدة أيام لم يعد ( فايز ) وهذا شيء يحدث كثيرا .. لكنه يعود في ‏كل مرة مثقلا بالأخبار او التحقيقات الجديدة .. وعندها يعود اسمه ‏للظهور في الجريدة وربما صورته ايضا ..‏
وجاءت اللحظة المناسبة عصر ذلك اليوم ..لقد خلت الغرفة التي تضم ‏خمسة او ستة من الصحفيين .. إنه ذلك الجو الخامل بعد الغداء .. دعك ‏من ان ثلاثة منهم يصلون جماعة في الممر الخارجي و ( سامح ) لم ‏يكن من المصلين ، لهذا انتظر حتى سمع صوت التكبير وعرف ان ‏الممر مسدود الآن .. لا احد يستطيع مغادرة الغرفة او الدخول لها ..‏
هكذا تناول دبوس الشعر النسائي من جيبه .. قليل من الناس من ‏يعرف كيف يفتح قفلا بدبوس شعر أنثوي لكنه يعرف هذا ويعرف ‏اشياء كثيرة اخرى.. لن يؤنبه ضميره لانه هكذا يعتقد سيكتفي بإلقاء ‏نظرة فضولية ..‏
‏" الله اكبر " ‏
بسرعة يدس الدبوس في القفل الذي يغلق الدرج وراح يعبث هنا ‏وهناك ..‏
‏" سمع الله لمن حمد " ‏
صوت ( كليلك المميز .. لقد استجاب القفل الصغير . إن ( فايز ) احمق ‏إذا حسب ان هذا القفل يحمي أسراره حقا ..‏
‏" الله اكبر " ‏
انفتح الدرج أخيرا .. الآن يرى بوضوح ان هناك مجموعة من الصحف ‏المطوية .. لا وقت للبحث فيها .. ماذا يوجد تحتها ؟ يوجد مظروف ‏كبير .. فلنر ما به ..‏
‏" الله اكبر "‏
المظروف به اوراق كثيرة .. أوراق عتيقة في الواقع حوالي مائة ورقة ‏يبدو انه تم نسخها زنكوغرافيا ( لم يكن تصوير المستندات شائعا ‏وقتها ) .. ولكن هذه الكتابة ؟ إنه يعرف هذه الحروف . . إنها العبرية ‏ولا شك في هذا .. ولكن ما معنى هذا ؟
كانت البلاد في حالة حرب . . وللحروف العبرية ذات الإيحاء المقبض ‏المقزز الذي تثيره فيك أرجل العنكبوت المشعرة .. ( فايز ) لا يجيد ‏العبرية وعمله لا يتعلق بها باي شكل كان .. فما معنى ان تجد اوراقا ‏عبرية في درجة المغلق ؟ ‏
‏" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته "‏
لا وقت للمزيد من الاستنتاجات .. سوف يصلون في أي وقت .. لكن ‏يجب ان تحتفظ بهامش عريض من الشك .. هناك جواسيس في العالم ‏‏.. والجاسوس قد يكون أخاك او جارك ..‏
او صديقك في العمل !‏
أغلق الدرج بسرعة ويده ترتجف وضغط القفل ليغلقه .. ‏
‏" السلام عليكم ورحمة الله "‏
ما الذي يقوم به ( فايز ) بالضبط ؟

Ala_Daboubi 19-10-05 10:25 AM

hehehe met2akdeh raya7een eno hada el maq6a3 min nafs el qesa , 3indi e7saaas eno min qesa tanieh hehehehe

^RAYAHEEN^ 19-10-05 10:30 AM

علاء
لا انا متأكدة شو بدي ابتدي بقصة تانية وهيدي القصة ما خلصت
يعني انت عارف بالروايات بيتم التعريف بالشخصيات
وما تفكر انو هالاحداث غير مترابطة ـ اول شي تسليط الضوء على الشخصيات
الي رايح يكون الها دور في مجريات القصة
ما تنسى انها قصة غامضة .
الحمد لله هلء اطمنت انك مو قاريها ههههههههههه

Ala_Daboubi 19-10-05 10:41 AM

hehehe walik bamza7 ma3ik , sho shiklo ramadan m2asir 3aliki hehehe

yala kamleeeeha ba3dain oktobeeha kolha mara wa7deh allah bi3eenik hehehe

^RAYAHEEN^ 19-10-05 10:53 AM

علاء
هههههههههه يا سلام
انا الساعة اربعة الصبح قعدت اكتب فيها
ان شاء الله اليوم بحاول اكتب اكتر
والمشكلة انهااااااا طويلة مو قصيرة
المهم انك اتابعها وما تخليني اكتب على الفاضي

Ala_Daboubi 19-10-05 11:46 AM

la walow batabi3ha , bas eza zhe2it , baroo7 bashtareeha loooooooooooooooooool

^RAYAHEEN^ 19-10-05 12:01 PM

ههههههههههههههههههه بسيطة

^RAYAHEEN^ 19-10-05 08:17 PM


-‏4-‏
عندما تأتي الثالثة صباحا لا يعود بوسعك الاستيقاظ اكثر من هذا ...‏
كان ( بسيوني ) يعرف هذا عن نفسه ويقبله كحقيقة لا مفر منها ..‏
صحيح انه يبدأ السهرة بإشعال ( الراكية ) وإعداد الشاي ، وصحيح ‏انه يفرغ ثلاثة او اربعة اكواب من الشاي الأسود ، الثقيل في جوفه ‏ويفتح المذياع ، ثم يخرج ( الجوزة ) ويدخن حجرين على الأقل .. إلا ‏انه يعرف ذلك الخدر اللذيذ المتسلل الى جفنيه .. ثم يصير وزن الجفن ‏عدة أطنان ..‏
الحقيقة انه لم يكن متفرغا لهذه المهنة ، وكان يقضي الوقت صباحا ‏في حقله .. لهذا كانت قدرته على السهر تتلاشى تماما عندما تمر ‏ساعتان بعد منتصف الليل ..‏
على انه لم يكن يقلق كثيرا .. إنه لم يصادف طيلة عمله خفيرا في ( ‏شونة ) الغلال هذه لصا واحدا .. عشرة أعوام ولم ير لصا واحدا ، ‏حتى انه كون نظريته الخاصة عن العالم : العالم مكان آمن تماما ‏والحادث لا تقع أبدا ..‏
إن ( بسيوني ) في الخمسين من عمره ، ولكنه يبدو في الستين .. وله ‏عبارة واحدة لا يكف عن ترديدها : نحن نشقى في هذه المهنة وحان ‏الوقت كي نستريح ..‏
الخطر الوحيد المحتمل هو تلك الكلاب المسعورة التي تحوم حول ( ‏الشونة ) ليلا ومن عيونها يتصاعد الشرر .. لكنه كان يكتفي بقذفها ‏بحجر او حجرين .. دعك من الجان طبعا فهذا شيء متوقع ومقبول .. ‏عندما يمر به هؤلاء الناس طوال القامة ذوو العيون المشقوقة طوليا ، ‏وأقدامهم ذات الحوافر تدق الأرض دقا ، كان يستعيذ بالله من الشيطان ‏الرجيم .. وكان هذا يكفي لرحيلهم غالبا .. بعض القطط لم تكن مريحة ‏جدا وكان يعرف انها أرواح متنكرة، لكن كان يصلح معها ذات أسلوب ‏التعامل مع الجان ..‏
هكذا كان يمضي الساعات ملتفا بمعطفه الصوفي الثقيل ، والتلفيعة ‏تحيط بعنقه لتعزله عن العالم عزلا .. وكان يعبث في النار بطرف عصا ‏ويصغي لصوت الاحتراق .. ثم في الثالثة صباحا يغيب عن الوعي ‏تماما .. فقط يصحو مع ضوء الشمس الدافئ المطمئن يخبره ان ليلة ‏اخرى قد مرت ..‏
هكذا يعد لنفسه كوبا اخيرا من الشاي وينتظر حتى يصل الرجال ، ‏وتضح الشونة بالحركة .. ثم يمشي الهوينى عائدا إلى داره حيث تكون ‏‏( ام محمود ) قد اعدت الإفطار .. سوف يظفر بساعتين آخريين من ‏النوم ثم ينهض ليعنى بحقله ..‏
الليلة يضنيه البرد .. إن عظامه لم تعد تتحمله عل الإطلاق ، وهي ذي ‏مناشير الروماتزم ( المراتزم كما يسميه ) تعمل عملها في عظامه .. ‏لهذا احكم الغطاء من حوله ود ساقيه نحو النار .. إن ( الكلسون ) ‏الصوفي لم يعد يؤدي عمله جيدا ..‏
يسمع الى صوت ذلك الكلب يعوي في مكان ما فيجاوبه كلب آخر يعوي ‏من موضوع آخر .. في الليل يكون عواء هذه الوحوش مروعا كأنها ‏اسود تتصارع ..‏
ثم ظهر ذلك الكلب الأسود الضخم يجري وسطن الشونة .. يقترب منه ‏وهو يزوم .. مد يده والتقط حجرا وأحكم التصويب ثم قذفه على الكلب ‏وأطلق سبة بذيئة ..‏
لم يمس الحجر الكلب لكنه أطلق ساقيه للريح مبتعدا ..‏
ثم بدأ ( بسيوني ) يفهم سبب حماس الكلب .. الكلب لم يكن يهاجمه بل ‏كان يركض خلف رجل يركض .. هذه هي غريزة الكلاب الدائمة .. هذا ‏الرجل يركض داخل الشونة وبالطبع يغلفه الظلام فلا تعرف ما يطارده ‏بالضبط ..‏
لقد داعب النوم عيني ( بسيوني ) لحظة قلم ير هذا الرجل يدخل ..‏
نهض ومد يده يحمل البندقية العتيقة التي لا يعرف إن كانت تعمل ام لا ‏‏.. وراح يجد الأثر نحو ذلك الرجل الذي دار حول المخزن ..‏
أراد ان يصرخ بشيء مما يقول الخفراء على غرار ( مين هناك ) أو ‏شيء من هذا القبيل ، لكن النوم كان يغلبه أولا ، ثم انه لم يعتد هذه ‏المواقف .. لهذا فضل ان يتم المطاردة في صمت ..‏
شق طريقه بين زكائب الغلال .. وهو يحاول الا يتعثر .. قلبه يتواثب ‏بين ضلوعه من فرط الإثارة ..‏
أخيرا دنا من المخزن .. إن بابه في الجهة الأخرى لهذا رجح ان الرجل ‏
دخله .. ستكون هذه مشكلة لأن الزكائب الكثيرة بالداخل سوف تجعل ‏الاختفاء سهلا .. سوف ينتظره الرجل حتى يبتعد عن الباب ثم يخرج ‏منه .. دعك من الظلام بالداخل .. لن تقدر على رؤية يدك ..‏
لهذا وقف جوار الباب لحظة وهو يلهث ويفكر فيما يجب عمله ..‏
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و ش ش ش ش ش ش ش ش !!‏
ما هذا الصوت العجيب ؟ رجل يصرخ ؟ وهل من يصرخ يستعمل أي ‏حرف غير الألف والهاء ؟ الحق ان الصوت جمد الدم في عروقه ..‏
والآن وجد الصوت فصرخ بأعلى صوته : ‏
‏" من بالداخل ؟ " ‏
لا رد .. فقط تردد الصوت ثانية : ‏
إ ج ج ج ج ج ت ت ت ت و و و و ش ش ش ش ش ش ش !!‏
هكذا توغل اكثر داخل المخزن وهو يشعر بأنه عجوز مريض ، وان ‏قلبه مرهق للغاية .. كان في جيبه عود ثقاب فأشعله واقترب من ‏مصدر الصوت أكثر ..‏
هناك دماء ..‏
هناك رجل راقد على الأرض .. رجل يرتدي ثيابا غريبة .. ( أفندي ) ‏كما يحلو له ان يصفه .. جوار الرجل كانت بركة من الدم الطازج .. ‏واستطاع ان يرى كلمة خطت على الارض الترابية .. سوف تتشبها ‏الرمال سريعا .. إنه يقرأ .. ليس ببراعة لكنه يفهم المطلوب على كل ‏حال .. هكذا قرب الثقاب من الأرضية فقرأ التالي : ‏
‏( يوسف ) ..‏
نظر الى وجه الرجل في ضوء اللهب فاستطاع ان يرى انه فارق الحياة ‏‏. لقد راى موتى كثيرين ولم يعد يجد صعوبة في معرفة الموت حينما ‏يراه . لم يتبين مصدر الجرح بسبب الإضاءة الخافتة لكنه يشعر بان ‏صدر الرجل عبارة عن بركة دم كبيرة .. ولكن من فعلها ؟ لقد كان من ‏رآه يجري وحده .. فلو كان من يجري هو القاتل فمتى دخل القتيل ولو ‏كان من يجري هو القتيل فأين القاتل ؟ ‏
انتابه الذعر عندما انطفأ العود .. فأشعل آخر بسرعة وركض الى باب ‏الشونة .. لا يعرف ما الذي جعله يفعل هذا لكنه صوب البندقية في ‏الهواء وضغط على زنادها ..‏
بوم !!‏
دوت الطلقة في السكون ، فارتجف لها هو نفسه .. الوحش الذي نام ‏اعواما لم يزل حيا .. ولم يتصور قط ان صوته عال الى هذا الحد ..‏
تعالى صوت نباح .. هذا كل شيء .ز
سوف يترك الشونة الآن ويركض باحثا عن عون .. لا بد من إبلاغ ‏المأمور .. لكنه الآن يحتاج أولا الى ان ( يضبط دماغه ) بحجر من ‏المعسل ليهدأ .. هكذا جلس امام النار وراح يعد الجوزة على عجل .. ‏هذا آخر شيء اتصور ان يفعله .. لكنه فعله ‏
الحقيقة أن ( بسيوني ) يتمتع بأعصاب قوية لو اردت رأيي .

^RAYAHEEN^ 19-10-05 08:48 PM


‏-5-‏
عند منتصف الليل بدأت ( فاتن ) تشعر بالقلق ..‏
لم يعد ( زكي ) من القرية بعد ، وهو سائق حذر ولا يحب ابدا ان يعود ‏في الظلام . باختصار هو لا يرى جيدا في الظلام .. وهي تذكر يوم رأته ‏يقود السيارة بثقة نحو ترعة على جانب الطريق .. الظلام دامس ‏واللون الاسود يغلف كل شيء .. وهو يدير المقود الى اليمين حاسبا ‏هذه الظلمة امتدادا للطريق .. استغرقت ثانيتين حتى فهمت انه سيفعلها ‏فصرخت بأعلى صوتها :‏
‏-‏ ‏" هذا .. ليس .. احترس .. إنها ترعة ! "‏
لحسن الحظ أحدث كلماته ارد فعل فأعاد المقود الى اليسار في اللحظة ‏الأخيرة ، ولو لم يفعل لغابت السيارة بهما وبالاولاد النائمين في الماء ‏‏..‏
من لحظتها عرف وعرفت انه لا يرى جيدا في الظلام .. نوع من ( ‏العشى الليلي ) ربما .. لكنه تذكر الدرس جيدا وصار من الد اعداء ‏القيادة الليلية ..‏
لماذا تأخر حتى هذا الوقت ؟ لماذا لم يتصل بها ؟ ‏
لقد نسيت كل الاسئلة التي كانت ستوجهها له .. كل الاتهامات ذابت .. ‏لم يعد هنالك الا قلق عميق اصيل .. وحش القلق الجالس في صدرها ‏فوق الحجاب الحاجز بقلبها ويمضغه في تلذذ ..‏
ظلت تجوب الشقة في قلق .. تفتح التلفزيون ثم تغلقه .. تتسلى ببذور ‏اللب قبل ان تلقيها في القمامة .. تفتح المذياع ثم تغلقه .. دخلت غرفة ‏نوم الاطفال لتتامل الصغيرين النائمين .. لا تراهما ملاكين إلا عندما ‏ينامان . . فما عدا هذا هما شيطانان رجيمان ، وقد خطر لها وهي ‏تتأمل وجهيهما انه من المستحيل ان يحدث شيء لـ ( زكي ) .. ما كانا ‏لينامان بهذا السلام .. ولكن .. فجأة بدأت تشعر بالقلق يمزقها .. بل ‏هي متأكدة من ان مكروها دهاه ..‏
اتجهت الى المرآة وراحت تتأمل وجهها المرهق في حقد .. وغمغمت : ‏
‏-‏ ‏" هل فهمت ياحمقاء ؟ إن الله يعاقبك عل إساءة الظن بالرجل .. ‏سوف تحرمين منه ما دام لا يروق لك !"‏
وشعرت برغبة في البكاء .. وفي ذاتها يقين تام بان هذا حدث وهي لا ‏تعرف ما هذا الذي حدث بسبب دخولها غرفته والتفتيش في أوراقه ..‏
لو استطاعت ان تطير .. ان تعبر الأجواء حتى تصل للقرية لتطمئن ‏عليه .. ثم استبد بها الغل .. قالت لنفسها : لو كان سليما بعد هذا كله ، ‏وسبب بقائه هو ان الوقت طال به ، فلم يعد راغبا في القيادة ليلا . . لو ‏اتضح هذا فلسوف تنسفه نسفا .. سيتمنى لو كان قد مات ..‏
تفتح التلفزيون فترى ممثلة مسنة تمسك بمنديل وتتكل عن ( المرحوم ‏زوجها ) باكية .. فيجن جنونها وتغلق التلفزيون .. من اين ياتون بهذه ‏البرامج المقززة ؟ إن التلفزيون يزداد تفاهة هذه الأيام ..‏
خرجت الى الشرفة في الليل البارد وراحت تراقب السابلة والظلام ‏واضواء الشارع .. سوف ترى السيارة في أية لحظة تتوقف أمام البيت ‏ويخرج منها ( زكي ) .. ثم يفتح الحقيبة الخلفية ليخرج السلة التي ‏تحوي البط والارز المعمر والفطير الساخن .. هذه هي التقاليد .. لا بد ‏ان تحمله زوجة أخيه كل هذه الأشياء ..‏
لكن السيارة لم تظهر .. وبدأ القلق يغمرها أكثر فأكثر .. كي فيكون ‏حالها عندما يؤذن الفجر ؟؟ سوف تسمعه هي تضع الكسرولة على ‏رأسها حتما .. لأنها ستكون قد جنت .. ‏
في النهاية اتجهت الى الهاتف .. طلبت أخا زوجها العقيم بالقاهرة .. ( ‏شوكت ) ..‏
جاء صوته المنزعج من الطرف الآخر .. ثم يصرخ في طفل أن يخفض ‏صوت التلفزيون ..‏
‏-" ( زكي ) لم يعد من القرية حتى الآن يا ( شوكت ) .. " ‏
قال في بساطة :‏
‏-" حجة الغائب معه .. لا تقلقي .. لعله أراد المبيت عند عمي ( ‏عبدالواحد ) .. " ‏
‏- " لم يفعلها قط .. ولو فكر ان يفعلها لاتصل بي .. " ‏
المشكلة هي ان هناك جهاز هاتف واحدا فقط في القرية كلها .. لهذا ‏فالاتصال بها ( عملية ) .. فعلا عملية كبرى .. لا تنس اننا نتكلم عن اوائل ‏السبعينات ..‏
بعد نصف ساعة اتصل اخوه فردت في لهفة : ‏
‏-‏ ‏" هيه ؟ هل وجدته ؟ " ‏
‏-‏ وفي اللحظة ذاته كان هو يسال : ‏
‏-‏ ‏- " هيه ؟ ألم يعد بعد ؟ " ‏
هكذا خاب املها من جديد وتوترت اكثر .. قال لها وهو يحاول ان يبدو ‏هادئا : ‏
‏- " الحقيقة انني حائر .. عمي (عبدالواحد ) يقول إنه فارقه في ‏الرابعة عصرا .. هذا يعني انه في الطريق .. " ‏
‏-‏ ‏"طريق ؟ القرية على بعد ساعة إلا الربع لو كانت سيارتك حطاما ‏‏.." ‏
‏-" إن الرجال يعرجون على اصدقائهم او يجلسون في المقهى .. هذه ‏اشياء تحدث .."‏
‏- " إلا زوجي .. انت تعرف انه يفارق البيت كأنه يفارق روحه ، ‏ويعود اليه في اسرع وقت ممكن .. ليس هذا لجاذبيتي الشديدة ولكن ‏بسبب ارتباطه الشديد بغرفة مكتبه واوراقه .. إن اية دقيقة يمضيها ‏بعيدا عن مكتبه هي دقيقه ضاعت من عمره .."‏
فكر قليلا وسب احد الأطفال الذين يأبون النوم .. ثم قال لها :‏
‏-" في الحقيقة اريد ان اريحك لكني قلق مثلك .. لا يوجد ما نفعله ‏الليلة ..مستحيل ان اذهب للقرية للبحث عنه.. الصباح رباح والنهار له ‏عينان .. " ‏
قالت بصوت متهدج : ‏
‏-" لكني سأجن لو انتظرت حتى الصباح .."‏
‏- " لا اعرف ما اقول لك ..لربما طرق الباب الآن .." ‏
شعرت بالامل ينتعش في صدرها كأنما كلماته سحرية ستجعل زوجها ‏يطرق الباب فعلا .. ووضعت السماعة في رضا ..‏
لم تعرف انها نامت .. لم تعرف انها غابت عن الوعي وهي جالسة في ‏الصالة ..‏
وفي المنام رات انها في غرفة النوم .. كان الفراش محتلا لكن ليس ‏بجسد زوجها .. كان هناك كائن مخيف عملاق .. كائن اسود اللون يبدو ‏اقرب الى تمساح كبير يرقد وقد تغطى بالأغطية.. وكان طويلا الى حد ‏ان ذيله كان يتدلى على اأرض .. تذكر انها وقفت الى جواره ومن ‏الغريب انها لم تكن خائفة .. فقط كانت تشعر بالحرج لانها تريد ان تنام ‏ولا تعرف كيف تخبره بكياسة بان ينهض ليوسع لها مكانا ..‏
دنت منه اكثر فوجت لرعبها ان عينيه غير مغلقتين .. عينا التمساح ‏الكبيرتان الزجاجيتان تنظران لها .. هنا فقط قررت ان الوقت غير ‏مناسب لهذا الطلب وقررت ان تفر من الغرفة .. في هذه اللحظة دوى ‏صوت جرس الباب فشعرت بالتوتر والقلق .. لا تعرف معنى ذلك لكنها ‏كانت تريد الفرار بسرعة من صوت الجرس ومن الكيان المخيف الراقد ‏‏..‏
هنا فتحت عينيها فأدركت ان الفجر قد تسلل للمكان .. اين زوجها ؟ لم ‏يعد بعد ..‏
وادركت كذلك ان جرس الباب يدق بلا انقطاع .. إنها احلام المنبه التي ‏تدخل فيها المؤثرات الخارجية عالم الحلم .. بل يتم تلفيق الحلم بالكامل ‏ليناسب هذه المؤثرات ..‏
نهضت فترنحت لفترة لان ضغط دمها انخفض بسبب الوقفة المفاجئة ‏ثم ثابت الى رشدها ..‏
ركضت الى الباب تفتحه وقد أنساها النعاس واجب الحذر ، فلم تسال ‏من .. ورات ان الردهة مظلمة تماما فامتدت يدها في عصبية الى ‏مفتاح النور ..‏
وفي الضوء الخافت استطاعت ان ترى ان القادمين ضابطا شرطة ..‏
وكان يبدو عليهما الارتباك . .

^RAYAHEEN^ 20-10-05 03:24 AM


‏-6-‏
أنا ايضا جربت صوت جرس الباب بعد منتصف الليل ...‏
خبرتي وخبرة أي انسان مع هذه الأجراس سوداء غالبا .. لهذا يجب ‏ان اقول إنني جريت الى الباب وقلبي يتواثب في ضلوعي .. لم اكن ‏نائما لحسن الحظ .. مستحيل ان اكون نائما في الثانية صباحا .. هذا ‏شيء لا افهمه مع الناس .. إنهم ينامون ليلا ويستيقظون صباحا .. انا ‏اسهر ليلا واعمل نهارا وانام عصرا ..‏
أضأت النور على المدخل ، وقدرت انني سافتح الباب لأحد ثلاثة من ‏رجال الأمن ينظرون لي نظرة بوليسية خالصة ، ثم يقول لي احدهم انه ‏العقيد ( ايمن حمدي ) وان معهم إذنا بالتفتيش .. ثم يدخل احدهم الى ‏غرفة مكتبي ليخرج الميكروفيلم او المنشورات التي لا اعرف انها ‏عندي ، ثم ينظر لي في حزم ويقول : نريدك عندنا يا دكتور بعض ‏الوقت ..‏
فتحت الباب وانا ارتجف لهذا الخاطر .. فوجدت ثلاثة من رجال الأمن ‏ينظرون لي نظرة بوليسية خالصة ، ثم قال لي احدهم انه العقيد ( ايمن ‏حمدي ) وأضاف :‏
‏ -" نريدك عندنا يا دكتور بعض الوقت !!"‏
جف حلقي وتراجعت خطوة .. إنها النهاية إذن .. سأدفع ثمن كل ‏جرائمي .. لكن ما الذي فعلته بالضبط ؟
قال احدهم باسما :‏
‏-" لا داعي للقلق .. إنها استشارة لا أكثر .."‏
استشارة في هذه الساعة ؟
قال آخر وهو يخرج لفافة تبغ من علبتها :‏
‏-" الامر جد مهم .. وقد اتصل العميد ( عادل ) من الإسكندرية واصر ‏على ان تكون معنا .. "‏
هكذا فهمت .. إن ( عادل ) مصر على توريطي .. لكن في أي شيء ‏بالضبط ؟ لا بد ان الامر يتعلق بهذه القضية .. قصة الحروف التي ‏تكتب جوار جثث الموتى ، والتي أرجح ان القاتل هو كاتبها ..‏
هكذا تأهبت للذهاب معهم ثم تذكرت انني عاري القدمين وما زلت ‏بمنامتي .. هكذا طلبت منهم ان يتفضلوا الى ان ابدل ثيابي ..‏
وارتديت ثيابي كما اتفق وانا افكر في مبرر هذه الاستشارة الليلية .. ‏كل شيء يمكن ان يتم في الصباح ..‏
دعك من ان تكون هذه وسيلة لاعتقالي فعلا .. وهذا يعيدني الى حالة ‏البارانويا البوليسية السابقة .. سوف يقبضون علي لأنني طفل شقي ‏أضع إصبعي في انفي واجذب ذيل القط ..‏
خرجت معهم الى هواء الليل البارد .. الحي النائم الغافل فلا شيء ‏يجذب الانتباه الا تلك السيارة المدنية السوداء الواقفة امام باب البناية ‏‏.. فتح لي احدهم الباب الخلفي فجلست .. وسرعان ما انطلقت السيارة ‏‏.. ذلك الطريق الذي عرفته مرارا من قبل .. إنهم متجهون الى مديرية ‏الأمن ..‏
‏*** ‏
كان دخان التبغ يعمي الأبصار في غرفة اللواء ( طلعت ).. وهناك عدة ‏أقداح من القهوة وجو عام من الانفلات يوحي بان جلسة طويلة تمت ‏في هذا المكان ..‏
قال لي اللواء وهو يتثاءب :‏
‏-" إذن ليس لديك ما تضيفه يا دكتور "‏
قلت في خجل :‏
‏-" إذا كان العميد ( عادل ) يعتقد ان لدي ما أضيفه فهذا شانه .. لكني ‏لم ازعم ذات يوم انني خبير جريمة .. وفيما ارى فإن هذه الجرائم ‏مجرد جرائم .. أي انها لا تندرج تحت اية خانة هوارقية .. لكن لو ‏اردت رايي فهذا قتل طقسي ‏Ritual ‎‏ يوحي بالانتماء لجماعة دينية ما ‏‏.. إن انتزاع القلب بالتأكيد نوع من الطقوس .. "‏
قال وهو يطفئ لفافة تبغه ويسعل :‏
‏-" دخنت كثيرا جدا .. كح كح .. ! جماعة دينية ما ؟ ليست مصر ‏خليطا من الأديان يا دكتور .. ليس لدينا الا المسلمون والمسيحيون ‏وجماعات نادرة مسالمة كالبهائيين .. لم يعد هناك يهود .. ليس لدينا ‏يزيديون او قراءون او عبدة شمس او عبدة ( آمون ) .. "‏
‏-" لا أتكلم عن جماعة دينية معينة .. أتكلم عن جماعة تعتقد انها تخدم ‏الدين بذلك .. باختصار اتحدث عن مخابيل "‏
فكر قليلا ثم نهض الى مجموعة الصور المعلقة على الجدار .. صور ‏التقطها خبراء الطب الشرعي وتظهر تلك المجموعة من الجثث .. ‏وكنت قد حفظتها من فرط ما عرضوها علي ..‏
قال كأنما هو يكلم نفسه بصوت عال :‏
‏-" مخابيل .. نعم .. لا احد ينتزع قلب ضحيته إلا إذا كان مخبولا .. ‏وفي كل مرة يكتب كلمة جوارها .. انت تؤمن ان القاتل هو من كتب ‏هذا .. "‏
قلت في ضيق :‏
‏-" هذا واضح .. لا يمكن ان يتصادف ان كل ضحية تقرر كتابة اسم ‏قاتلها في كل مرة .. ثم ان وضوح الحروف واتجاه الكتابة يوحي بيد ‏مختلفة صافية المزاج .. دعك من ان انامل الضحايا كلها غير ملوثة ‏بالدم .."‏
كان هذا ما قاله لي ( عادل ) وقد تبنيته بشدة الى درجة انه صار رأيي ‏الخاص . . وسوف أحطم انف من يجادل فيه ..‏
عاد يكرر ما قلت شارد الذهن :‏
‏-‏ ‏" هم م .. غير ملوثة بالدم .. "‏
‏-‏ قلت : ‏
‏-‏ ‏- " أي أن أيا من القتلى لم يكتب .."‏
تثاءب وقال في شرود : ‏
‏-" هم م .. لم يكتب .."‏
قلت لنفسي ان النعاس قد غلبه على الأرجح ما دام يكرر كل حرف قلته ‏‏.. على كل حال لا أتوقع من البشر ان يكونوا مثلي في ذروة نشاطهم ‏العقلي في الرابعة صباحا .. لكن الامر خطير .. جد خطير .. عندما ‏يقرر لواء ان يسهر ليلته في مديرية الأمن فلا بد ان الامر خطير ..‏
قال وهو يخط اشياء على ورقة :‏
‏-" حسن .. دعنا نرتب الامور .. لدينا سلسلة من حوادث القتل يجمع ‏بينها انها تتم بانتزاع القلب من الصدر .. وان هناك كلمة بالدم جوار ‏القتيل ..‏
اول الضحايا وجدناه في زقاق .. إن اسمه ( مصطفى ابو زينة ) .. ‏باحث في التاريخ في جامعة ( .. ) .. الاسم الذي وجدناه جواره هو ( ‏عباس ) .. ثمة جثة اخرى وجدناها بقربه .. جثة يقال عجوز يدعى ( ‏جلال ) .. يقول التشريح إن البقال توفي بنوبة قلبية .. يبدو انه لم ‏يتحمل الصدمة .. وهذا يجعلنا قادرين على استبعاده من القصة مؤقتا ‏‏.. "‏
تذكرت وجه عم ( جلال ) الطيب .. هذا الرجل بالذات كان يستحق ميتة ‏أخرى .. لم اخبر احدا بأنني كنت اعرفه لكن موته سبب لي غصة لا ‏بأس بها ..‏
واللواء يواصل السرد : ‏
‏-‏ ‏" ثاني الضحايا وجدناه في الإسكندرية .. اسمه ( يوسف ) .. أبو ‏الحسن ) .. مدرس شاب في كلية الآداب .. الاسم الذي وجدوه ‏بجواره هو ( زكي ) ..‏
‏-‏ ‏" ثالث الضحايا وجدوه في قرية قرب القاهرة .. ثمة شونة حبوب ‏هناك ، وقد رآه الخفير يركض ليتوارى في المخزن فلما لحق به ‏وجده ميتا برغم انه ينفي بشدة ان يكون قد راى من يلحق به .. ‏القتيل يدعى ( زكي عبدالرازق ) أستاذ بكلية الآداب قسم تاريخ .. ‏الاسم الذي وجدناه بجواره هو ( يوسف ) .. "‏
‏" ما الذي نستنتجه من هذا ؟"‏
‏-‏ ‏" إنها دائرة .. كل قتيل تجد بجواره اسم القتيل القادم .. هذا هو ‏أسلوب ( الكونت دي مونت كريستو ) .. وعلى الأرجح يتعلق الأمر ‏بالانتقام .."‏
قال في ضيق :‏
‏ -" كما قلت لك قد درسنا هذا الاقتراح مرارا .. لقد قتل ( زكي ) بعد ( ‏يوسف .. وبرغم هذا وجدنا الاسم بجواره .. ثم اننا لم نلق أي قتيل ‏اسمه ( عباس ) .. لاحظ ان اول اسم قرأناه كان ( عباس ) .. "‏
قلت : ‏
‏-‏ ‏" لهذا قلت ( دائرة ) .. لا يجب ان تقرا اسم قتيل ( قادم ) .. يكفي ‏ان تقرأ اسم قتيل ( آخر ) .. سوف تنغلق الدائرة بشكل ما .."‏
ثم عقدت أناملي وقلت مفكرا :‏
‏-" ثم هناك ذلك الطابع الأكاديمي المميز للضحايا .. كلهم يدرس او ‏يبحث .. اثنان لهما علاقة بكلية الآداب والثالث باحث .. هناك كذلك ذلك ‏التخصص في التاريخ .. لو كنت مكانكم لبحثت بعناية عن شخص ‏يدرس التاريخ في الجامعة واسمه ( عباس ) .. اعتقد انه الضحية ‏القادمة بلا تردد .. "‏
نظر إلى احد معاونيه فبادله ابتسامة من طراز ( هؤلاء الهواة ‏يضحكونني ) وقال :‏
‏-" هل تحسبنا لم نفعل ؟ هناك اثنان نتابعهما بعناية .. وفي رأينا أنهما ‏في خطر داهم .. أحدتهما على الأقل .."‏
قلت وان أتساءل في سري عن مدى ما بلغته استنتاجاته :‏
‏-" هكذا يمكن القول ان هناك قاتلا متسلسلا .. وهذا القاتل يحمل كل ‏الأسباب التي تجعله يرغب في قتل مدرسي التاريخ .."
قال ضاحكا :‏
‏-" لا الومه كثيرا على كل حال .. "‏
‏-" وهذا القاتل ككل القتلة المتسلسلين في الواقع يحب ان يترك شيئا ‏يدل على خططه او يدل عليه .. نحن لم نعتد هذا الطراز من القتلة في ‏مصر ، لكنهم في الخارج يعرفون هذه الأساليب جيدا .. لديهم مثلا ( ‏زودياك ) ‏Zodiac ‎‏ الذي كان يرسل بطاقات لرجال الشرطة وما الى ‏ذلك .. يقولون إنها تتجاوز رغبة التفاخر الطفولي .. إنها رغبة ‏ماسوشية في عقاب الذات ، ورغبة في ان يضبط .. أي انه يقدم بنفسه ‏للشرطة الخيط الذي يقود إليه ، لاحظ أننا نتكلم عن نصف مجنون .."‏
‏-" ومن هذا القاتل ؟ هل هو تلميذ يمقت التاريخ ؟ ام هو مدرس ‏جغرافيا ؟ " ‏
‏- " اعتقد ان المراقبة اللصيقة لهذين ( العباسين ) سوف تقود الى ‏القاتل .. " فكر قليلا ثم نظر الى ساعته وهتف :‏
‏-" ياه ! لقد اطلنا عليك يا دكتور .. آسف على إزعاجك لكني قلق فعلا ‏‏.. لم نعتد مقابلة هذا الطراز من الجرائم في مصر ، وبأي ثمن لا اربد ‏ان اسمع عن الجريمة الرابعة .. "‏
ثم نظر الى مساعده وقال :‏
‏-" أعمل على ان يوصلوا الدكتور الى بيته " ‏
وكانت لهجته تقول بوضوح ( شكرا على لا شيء ) .. ولم استطع ان ‏ألومه .. لكن من قال لهم إن علمي ينفع هنا ؟ إن خبراتي مع الموميات ‏والمسوخ لا تسمح لي ابدا بالتعامل مع قاتل حقيقي .. كأن ابنك ‏مريض فتأتي له بأفضل مهندس الكترونيات في العالم .. وتندهش ‏بعدها لان هذا المهندس عبقري لا يستطيع علاج طفل ..‏
وفي السيارة التي شقت شوارع القاهرة في ضوء الفجر الوردي ‏الشاحب ، خطر لي ان الأمر مقلق بحق .. إن ارتفاع أسعار الكهرباء ‏سوف .. ماذا اقول ؟ ما علاقة هذا بالموضوع ؟ آه ! إنني أخرف لا ‏أكثر .. فقدت قدرتي على التفكير السليم لان موعد نومي قد جاء ..‏
وعلى باب البناية شكرت السائق وصعدت إلى شقتي .. ‏
سأنام .. سأنام .. سأنام .‏
ثم أنام ...

Ala_Daboubi 20-10-05 10:00 AM

wa lal baqiyeh takmelah

^RAYAHEEN^ 20-10-05 10:06 AM

امليح عمبتابعها
يعني تعبي ما عمبيروح هدر خخخخخخخ
تقبل مني فائق التحية ،،،

Ala_Daboubi 20-10-05 10:24 AM

la bel3aks wo 3a fikra bel nesbeh eli a7la eshi bel montada 7aliyan hehehehe, esma3i khalas eb3ateeli el qesas DHL wo ekhlasi

^RAYAHEEN^ 20-10-05 10:47 AM

هههههههههه لا ما حزرت
بدي اكتبهم ما عليه حتى لو انو بياخذوا معي وقت مو مشكلة
وما تفكر ابدا تقراهم من الكتب
لانو والله رايحه ازعل
انا ترى دورت كتير بالمواقع على شي موقع بيحويهم
بس ما في ـ واذا توفر بتلاقي خاصية النقل ممنوعة
والروايات المتوفرة مو حلوي
المهم انك اتابع الرواية لآخرها
علشان ابتدي بلي بعدها ههههههههه

^RAYAHEEN^ 20-10-05 07:23 PM


-7-
لم تكن كبائن الهاتف العامة منتشرة في ذلك الوقت كما نراها اليوم ..‏
لذا كانت الطريقة الوحيدة لإجراء مكالمة غير معروفة المصدر هو أن ‏تتصل من عند البقال أو السنترال ..‏
السنترال خطر لأن هناك من يسترقون السمع على مكالمتك .‏
لهذا فكر في البقال .. وكان البقال الذي اختاره في ذلك الشارع الذي ‏يعج بورش الميكانيكا رجلا عجوزا غير فضولي شبه مكفوف شبه ‏أصم . هكذا لن يسند ذقنه الى قبضته ويظل يتابع كل حرف تقوله .. ‏ذات مرة كلم فتاة يحبها عند بقال من هؤلاء الفضوليين ، وقد ظل ‏البقال يتابع كل كلمة بتمثيل التنهد ونظرات الهيام .. ولا مانع من ( هأو ‏‏) بعد كل مقطع ..‏
البقال الذي اختار كذلك يضع الهاتف بالداخل .. هكذا لا تجد خلفك ‏طابورا ممن ينتظرون دورهم ويسترقون السمع على سبيل التسلية ..‏
فضولي جدا ! من اهم صفات الشعب المصري انه فضولي بشكل لا ‏يصدق ! ‏
هكذا شاعرا بانه ( يهوذا ) فعلا طلب ( سامح ) الهاتف ودخل المحل .. ‏ثم نظر حوله وطلب الرقم الذي حفظه عن ظهر قلب . جاءه الصوت ‏المهذب المنذر بالويل فقال بصوت راجف :‏
‏-" لدي بلاغ عن قضية تجسس . احسبها كذلك .. "‏
ساد الصمت للحظة ثم عاد الصوت المهذب : ‏
‏-" لحظة واحدة . " ‏
كان يستطيع الآن ان يرى بعين الخيال اجهزة التتبع تعمل .. أجهزة ‏التسجيل تعمل .. الرجال الأشداء ينحدرون على الأعمدة الزلقة كما ‏يفعل رجال المطافئ مسرعين نحو سياراتهم .. ( طبعا هذه فكرة ‏طفولية لكنه لم يستطع إبعادها ) .. يرى سيارة ( الوسائل المساعدة ) ‏تنطلق وذلك القرص على ظهرها يدور في جشع بحثا عن مصدر ‏المكالمة .. يرى مائة كاميرا وجهاز تنصت تزرع في غرفته باللوكاندة ‏في هذه اللحظة بالذات قبل ان يفتح فمه .. يرى الوزير شخصيا يصدر ‏تعليماته ، واللواءات الأشداء ذوي النظارات السوداء يجتمعون ‏بالساعات في قاعات واسعة مكيفة .. والغرض ان يعتقلوه هو .. ( ‏سامح ) .. والتهمة :‏
الإبلاغ عن جاسوس يتضح انه ليس كذلك !‏
ابعد عن ذهنه هذه الخواطر العصابية العصيبة وركز على المكالمة ..‏
بعد قليل جاء صوت اكثر عمقا وتهذيبا يسال من هو فقال :‏
‏-" انا مواطن صالح .. "‏
‏- " ومن اين تتكلم ايها المواطن الصالح ؟"‏
كان هذا تضييع وقت متعمدا .. بالتأكيد هم يعرفون أي هو او على ‏وشك معرفة ذلك .. لهذا قال دون ان يبالي بالرد :‏
‏-" هناك صحفي يدعى ( فايز قطب ) .. صحفي في جريدة ( الأحداث ‏الأسبوعية ) .. إن درجة ملئ بالمنشورات العبرية وخرائط ورموز .. ‏وهو متغيب منذ اسبوع او اكثر عن العمل .. " ‏
ساد الصمت .. ثم قال الصوت الوقور :‏
‏-" إنه صحفي كما تقول .. رما كان هذا يتعلق بعمله .." ‏
قال وهو يتنهد كي لا يفقد الوعي :‏
‏-‏ ‏" عمله لا علاقة له البتة باللغة العبرية .." ‏
عاد الصوت يقول في مرح مهذب : ‏
‏-‏ ‏" ليكن يا سيدي .. لكن الا تريد ان تشرفنا بمعرفة اسمك ؟ "‏
‏-‏ ‏" قلت إنني مواطن صالح .. "‏
‏-‏ ‏" إذن لم لا تمر علينا كي نحتسي القهوة معا وتحكي لنا بالتفصيل ؟ ‏‏"‏
قال بصوت مخنوق : ‏
‏-‏ ‏" لا .. شكرا ! "‏
ووضع السماعة واستدار ليدفع ثمن المكالمة ويفر .. فقط ليجد امامه ‏اربعة رجال اصغرهم وارقهم في حجم باب الغرفة التي تجلس فيها ‏الآن ، والشرر يقدح من عيونهم .. بينما البقال العجوز شبه الكفيف ‏يشير له متهما وهو يرتجف :‏
‏-" إنه هو .. كان يتلفت حوله ويتكلم همسا في الهاتف ، ويقول شيئا ‏عن التجسس ..إنه جاسوس ! "‏
ادرك ( سامح ) ان هؤلاء هم الميكانيكية الذين ناداهم العجوز لنجدته ‏‏.. ويبدو ان حماسهم الوطني ملتهب .. ‏
قال أحدهم : - " الجاسوس الوغـد !"‏
وقال آخر : ‏
‏-‏ ‏" فليضرب بالأحذية ! "‏
‏-‏ ‏" بل نسلمه لرجال الأمن .. "‏
‏-‏ ‏" بعد ان يضرب بالأحذية .."‏
صاح ( سامح ) وهو يتراجع للوراء بصوت أراده حازما فخرج كالبكاء ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" انا لست جاسوسا .. ان ابلغ عن جاسوس ! "‏
‏-‏ ‏" هأو ! "‏
كان هذا هو درسه الاول عن سلوك الجموع الذي لا منطق له ، والذي ‏وصفه ( شوقي بك ) بــ ( ياله من ببغاء .. عقله في أذنيه ) .. لا فارق ‏بين الجاسوس ومن يتكلم عن الجاسوسية . .المهم انه كان يتكلم همسا ‏‏.. المهم انه مريب .. المهم انه يجب ان يضرب بالأحذية !‏
وقال له احد الواقفين وهو يلوح بمفتاح إنجليزي مرعب : ‏
‏-" ربما كن تصادقا لكنك ستبقى هنا الى ان يتأكد رجال الأمن من ‏قصتك ! "‏
قال آخر وهو يلوح بـ ( كوريك ) عملاق : ‏
‏-‏ ‏" وحتى يصل هؤلاء . سنذيقه الويل .. "‏
‏-‏ ‏" نعم .. سيتمنى لو لم يولد ! "‏
‏-‏ ‏" نعم .. نعم .. فليضرب بالأحذية ! "‏
كما ترون ليس الرعب الوحيد في العالم هو رعب مصاصي الدماء ..‏

^RAYAHEEN^ 21-10-05 01:44 AM


-8-
كان د. ( عباس فوزي ) قلقا بحق ..‏
عندما يستجوبك رجال الشرطة ثم يقولون لك في كياسة إنهم يعتقدون ‏إنك الضحية التالية ، لا تشعر باطمئنان كبير .. سوف تموت ميتة ‏شنيعة لكن لا تقلق .. هناك من سينتزع قلبك من بين الضلوع لكن لا ‏تخف .. سوف يكتب بدمك اسم ضحيته التالية .. لكن لا تهتم بهذا .. ‏نحن نراقبك ..‏
فقط لا تبتعد عنا .. لا تدعنا نفقد اثرك . لا تسافر إلا إذا اخبرتنا ..‏
لم يكن يعرف إلا أن د. ( زكي عبد الرازق ) أستاذ التاريخ الذي أشرف ‏على رسالته يوما قد مات .. مات قتيلا بطريقة بشعة .. وقد قال له ‏رجال الشرطة إنهم يتوقعون بشكل كبير ان يكون هو الضحية التالية ‏وان يموت بذات الطريقة ..‏
صاروا يصطحبونه بسيارتهم من وإلى داره .. هناك مخبر يقف أمام ‏باب بيته ومخبر يجلس عل مقعد خارج غرفة المدرسين بالكلية .. لكن ‏الى متى ؟ سوف يملون وسوف يتركونه وحيدا وعندها ..‏
كان ( عباس فوزي ) في الخامسة والثلاثين بدينا ذا عينين خضراوين ‏مذعورتين ، وشعاره في الحياة هو : لقد خرجوا ليظفروا بي .. من هم ‏؟ الجميع .. كل شخص وكل شيء .. ولهذا كانت وفاته واردة حقا من ‏فرط الهلع عندما عرف ما عرف ..‏
لم يكن متزوجا لأنه يهاب النساء .. وقد أدرك انه سيفقد قلبه الذي لم ‏يستعمله قط ..‏
سأل رجال الشرطة إن كان بوسعه اقتناء مسدس لكنهم هزوا رءوسهم ‏ان لا ..‏
هكذا كان يقضي اسود ساعات حياته في العمل ، واسود منها في البيت ‏‏.. حتى بدأ يتمنى ان ينتهي القاتل من عمله سريعا ليريحه من هذا ‏الجو ( الكافكاوي ) ..‏
قالت له ( سوسن ) زميلته في العمل : ‏
‏-" كل هذا الجو البوليسي يثير قلقي .. " ‏
ثم شرد ذهنا وقالت : ‏
‏-‏ ‏" هل تعتقد أنه يمكن ان يقتحم المكان حاملا بندقية آلية ليفرغها ‏في كل الموجودين في غرفة المدرسين ؟ " ‏
نزل لها وابتسم .. هي فقط تريد ان تطمئن على حياتها .. لو كان القتل ‏سيتم بطريقة محددة فبها ورحبت ، اما ان تتعرض هي للخطر كذلك ‏فأمر يثير الرعب . ‏
النظارة الانيقة فرنسية الطابع ذات الزجاج الشفاف ، والشعر القصير ‏عل طريقة ( إنوك إيميه ‏Anouk aimee ‎‏ ) بطلة ( رجل وامرأة ) ‏معشوقة الشباب في هذا لعصر .. والشفتان المصبوغتان بالأحمر ، مع ‏تلك اللمسة الراقية الانيقة .. إنها بالضبط الأنثى التي تمنى لو فاز بها ‏يوما .. لكنه لم يجرؤ قط على الكلام معها ، ومن الواضح انه لن يفعل ‏‏.. كان إحساسها بحسنها مبالغا فيه من الطراز الذي جعلها موسوسة ‏تشعر بان الرجال لا يفعلون أي شيء إلا ليلفتوا نظرها .. الامر الذي ‏يذكر ( عباس ) بأبيات الساخر الاعظم ( بيرم التونسي ) عن انثى ‏مماثلة تمشي في الشارع فــ ...‏
إن كح واحد تقول قصده يشاغلني ‏
وإن تف راخر تقول عاوز يقابلني
وإن بص راجل تقول مالك حتاكلني
أما اللي يضحك ده يبقى ف هواها قتيل ‏
قال لها في صبر : ‏
‏-‏ ‏" أحب ان اطمئنك ان اساليب القاتل دقيقة جدا ولا تترك مجالا ‏للخطأ .. ثم اذكرك بان هذا الموضوع سري تماما .. لا احد يعرفه او ‏هذا هو المفترض .. يقولون إنه كمين .. " ‏
‏-‏ ‏" اتمنى ان ارى ذلك الاحمق الذي سيقع في كمين كهذا ، بينما ( ‏سطويسي ) يجلس كالديدبان على باب الغرفة .. " ‏
‏-‏ ‏" الحمقى كثيرون .. على فكرة اسمه (ح حسن ) لا ( بسطويسي ) ‏‏" ‏
‏-‏ ‏" كل المخبرين اسمهم ( بسطويسي ) وكل رجال الامن اسمهم ( ‏بسيوني ) .. هذه قواعد صارمة لا تخرق إلا على سبيل الاستثناء ‏الذي يؤكد القاعدة " ‏
ابتسم . ثم بدأ يشعر بذلك الحافز الذي يقاومه منذ خمس سنوات .. ‏الآن صار في حالة من التهور العاطفي والنفسي ربما دفعته الى ‏الجنون .. ‏
قال لها وهو يزن كلماته : ‏
‏-‏ ‏" ثمة شيء يجب ان اخبرك به .. " ‏
قالت وهي تخط شيئا في ورقة : ‏
‏-‏ ‏" يتعلق بـ ؟ " ‏
‏-‏ ‏" بنا .. كنت اريد القول إن .. " ‏
قالت في ضيق : ‏
‏-‏ ‏" أنا لا أبالي بهذه الامور .. دعنا نتكلم عما هو أهم .. هل جلبت لي ‏ذلك المرجع الذي .. " ‏
هنا توقفت ونظرت الى الباب فنظر الى حيث نظرت ..‏
ذلك الرجل الضخم يطل برأسه من الباب ثم يتوارى .. لمحة واحدة لم ‏تطل لكنها اثارت توتره ..‏
نظرت له متسائلة فبادلها النظر ..‏
نهض واتجه الى الباب فلم يجد ( بسطويسي ) الذي هو ( حسن ) على ‏مقعده كما هي العادة .. المقعد خال فلا بد انه ذهب يبحه عن ( تعميرة ‏‏) في أقرب مقهى .. لقد شعر بالملل ..‏
قال لها وقد شحب وجهه : ‏
‏-‏ ‏" لقد رحل .. " ‏
‏-‏ ‏" وهذا الذي اطل من الباب ؟ هو ليس من أعضاء هيئة التدريس ‏‏.."وليسا طالبا .. إنه اكبر وأكثر شراسة من أي طالب .. " ‏
بدأ يعرق وبدأ يشعر بأن ساقيه تتخليان عنه .. هكذا اتجه الى الباب ‏فسألته متوترة : ‏
‏-‏ ‏" إلى اين ؟ " ‏
‏-‏ ‏" سأبحث عن ( بسطوي .. أ .. ( حسن ) .. لا بد انه قريب .. يجب ‏ان نعرف من هذا المتسلل .. " ‏
‏-‏ ‏" لكن هذا خطر .. ربما كان هذا هو ما يريده بالضبط " ‏
‏-‏ ‏" لا اعتقد .. إن الكلية مزدحمة والوقت نهار .. من الأفضل ان ‏أتواجد وسط الزحام " ‏
ولم يشغل باله بصدها له على الأرجح ستعرف كيف تتصرف ، وهذا ‏تطبيق حي لمقولة شاعر العامية العبقري ( يموت حبيبي ولا ‏استهواش ) ..‏
ومشى مسرعا في الممر بين الطلبة المتزاحمين .. في نهاية الممر ‏يوجد باب المصعد .. سوف يستقله الى الطابق السفلي ويبحث عن ‏المخبر .. إن لم يجده سيعود إلى داره ..‏
إنه يشعر بقلق لأن وجه ذلك الرجل الضخم الذي اطل من الباب لا ‏يفارق خياله ..‏
انفتح باب المصعد فخطا الى الداخل وفي اللحظة الأخيرة خطا احدهم ‏الى الداخل معه ..‏
إنه يعرف هذا الوجه ..‏
ذات الوجه الأسمر والجسد الضخم .. ذات الملامح الغليظة والنظرة ‏المرعبة المثبتة على وجهه بالذات ..‏
إنه هو .. وقد كانت لعبة محكما حقا .. لا يمكن ان تنفرد بأحد في هذه ‏البناية إلا دورة المياه او المصعد .. والمصاعد يمكن إيقافها بين ‏طابقين في أي وقت تريد ..‏
الآن ينعلق الباب هو يقف .. كطفل أمام هذا العملاق الفارع ..‏
في يد العملاق حقيبة رثة تطل منها اشياء مرعبة .. وثياب العملاق ‏ممزقة متسخة تنم عن حياة خشنة لا شك فيها .. ‏
فتح فمه ليصرخ فلم يخرج صوت ..‏
هنا مد العملاق يده الغليظة نحوه دون ان ينطق ..‏
هكذا تكور ( عباس ) على نفسه على الأرض في وضع جنيني وراح ‏يبكي كالأطفال ..وعندما انفتح باب المصعد والتف العابرون ينظرون ما ‏هناك ، كان ( عباس ) على الارض يعوي بصوت يمزق نياط القلوب ، ‏بينما الكهربائي يضرب كفا بكف ..‏
‏-‏ ‏" اقسم بالله انني لم المسه .. قالوا لي ان كشاف غرفة المدرسين ‏بالطابق الثالث لا يعمل ..وجدت ان هناك من يجلس فيها فقررت ‏تأجيل الأمر ، ونزلت لأصلح شيئا آخر في البناية ذاتها .. فجأة ‏وجدته معي في المصعد يركع على الأرض ويبكي كالأطفال .. اقسم ‏بالله انني لم انطق بحرف .. "‏
لم يفهم الواقفون شيئا .. لكن الكهربائي ظل يردد وهو يضرب كفا ‏بكف : ‏
‏-‏ ‏" يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم .. لا اعرف من أين تتهاوى هذه ‏المصائب فوق رأسنا !! "‏
مع الكثير من ( حتودونا في داهية الله يخرب بيوتكو ) واعتذر للتعبير ‏لكني احاول نقل ما قاله حرفيا ..‏
في هذه اللحظة عاد ( بسطويسي ) الذي هو ( حسن ) بعد ما دخن ‏حجرين .. وجد هذا الزحام حول مدخل المصعد فقرر الا يضيع وقته ‏بالانتظار .. نها ثلاثة طوابق يمكن ان يصعدها وثبا .. إن هؤلاء القوم ‏المترفين الأثرياء يملكون الكثير من الفراغ والبال الرائق ، وعندهم ‏متسع من الوقت يسمح لهم بالتجمهر حول أبواب المصاعد .. اما هو ‏فعليه مسئولية أمنية ثقيلة يجب أن يقوم بها ..

^RAYAHEEN^ 25-10-05 03:35 AM

قابلت ( فايز ) في مكتبي بالكلية ...‏
لا اذكر اليوم طبعا .. لا اذكر الساعة .. لا اذكر الظروف .. فقط اذكر ان ‏‏( فايز ) هذا كان في منتصف العشرينات من العمر ، غير حليق الذقن ‏‏.ز مبعثر الثياب كأنه في حالة نزول أبدي من الحافلة المزدحمة .. ‏واعتقد انه لا يظفر بالكثير من المال من عمله لان حذاءه بحاجة الى ‏حذاء ..‏
لو تغاضينا عن هذا وهو بالفعل تافه فأنا اعتقد انه شاب ظريف ذكي .. ‏ولسوف يحقق نجاحا عظيما ما لم يتم تحطيمه كالعادة .. إن عدد هؤلاء ‏الشباب المؤهلين للنجاح يثير ذهولي .. لو تركوا وشانهم لامتلأ العالم ‏بالناجحين .. وكما تعمل جهات م اعلى منع تكاثر ضفادع العلجوم في ‏انهار استراليا كي لا تقتل التماسيح ، تعمل جهة ما على حفظ التوازن ‏الطبيعي البيولوجي كي لا تموت التماسيح الحقيقية في العالم على يد ‏هؤلاء الموهبين الأذكياء ..‏
صافحني وقال : ‏
‏-" انا (فايز قطب ) .. صحي بجريدة ( الأحداث الاسبوعية ) .. "‏
‏-" ( رفعت إسماعيل ) .. أستاذ امراض الدم بكلية طب ( .... ) .. "
ضحك في حرج وقال : ‏
‏- " لا بد ان يكون احد الطرفين غنيا عن التعريف ، ما دام الطرف ‏الآخر جاء للقائه .. " ‏
قلت في خبث وانا اشير له الى مقعد ليجلس عليه :‏
‏-" بالعكس .. اردت ان اذكرك باني طبيب أولا .. بعض الناس ينسى ‏هذا .. كلهم في الواقع .."‏
كنت قد ادركت انه جاء لــ ( رفعت ) الآخر .. ( رفعت ) الذي يجيد ‏الحديث عن تعويذات الكهنة القدامى ، وطقوس فتح التوابيت ، ورطق ‏قتل مصاص الدماء .. هناك من يحسبني متخصصا اتقاضى راتبي من ‏الدولة مقابل هذه الخبرة .. احب ان يتذكروا انني طبيب من حين لآخر ‏‏.. طبيب لا بأس به ..‏
قال في حياء :‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة انني جئت فعلا من اجل د. ( رفعت ) الآخر .. "‏
تنهدت في غيظ وقلت : ‏
‏-‏ ‏" خمنت هذا ما دام عنقك لا تحيط به العقد اللمفاوية ، وما دام انفك ‏لا ينزف .. وما دمت متورد الوجه .. أنت لا تنال تغذية جيدة لكنك ‏سليم كالجرس .. ما هي مشكلتك يا بني ؟ "‏
‏-‏ ‏" خطر لي إنك الشخص الوحيد المثقف الذي يمكن أن اجد عنده ‏إجابة .. دعك من حقيقة انك لا تكسب مليما من هذه الامور وهذا ‏يدعو للثقة وحقيقة ان عندك شجاعة الاعتراف بانك لا تعرف .."‏
حقا .. التقطة الأخيرة هي الأهم .. لو انك سالت بائع جرائد او سباك ‏عن ( القينعور ) لأخبرك به بلا تردد برغم انه لا انت ولا هو ولا انا ‏يعرف أي شيء عنه ..‏
ثم إنه فكر قليلا وبدا انه يجد عسرا في البدء .. لهذا سهلت عليه الامر ‏ونهضت لأغلق الباب .. هذا يعطيه فرصة لترتيب أفكاره ..‏
جريدة ( الأحداث الاسبوعية ) ؟ لا بد انني قرات عددا او اثنين .. إنها ‏من تلك الجرائد التي لا تعرف هدفها بالضبط .. حيانا هي سياسية ، ‏واحيانا هي فكاهية تذكرك بـ ( البعكوكة ) ، واحيانا هي مخصصة ‏لمشاكل المرأة وكيف ان الرجال أوغاد ، واحيانا تتخصص في فضائح ‏الفنانات الملفقة غالبا .. الخلاصة إنها جريدة ممتازة إذا كان الهدف ‏من الجرائد هو تشرب الزيت المتخلف من قلي البطاطس .. حبره اثابت ‏بطريقة تثير الإعجاب وهو ما كانت تفتقر له صحف كثر شهرة وأهمية ‏‏..‏
عدت لمقعدي وجلست .. فقال لي بطريقة أكثر تصميما : ‏
‏-" الحقيقة أنني اردت استشارتك .. بصدد كتاب معين .. هل تعرف ‏كيف واين احد نسخة من كتاب ( إينوخ ‏Enoch‏) ؟ " ‏
فكرت في السم قليلا ثم تذكرت اين سمعته من قبل .. قلت له وانا افتح ‏درجي : ‏
‏-" أعتقد انك لن تجده في مصر ابدا يا بني .. هناك نسخة شهيرة ‏ترجمها ( دي ‏Dee ‎‏) .. لكن ما الذي يقودك إلى هذه المتاهات ‏العبرانية ؟ " ‏
لم يرد وابتسم ، وإن سره على ما يبدو انني لم افتح فمي في بلاهة ‏لدى سماع الاسم ..‏
قال لي : ‏
‏-‏ ‏" أعتقد أنك كذلك تعرف من يدعى بـ ( ناتان غزة ) ؟ " ‏
عدت اكرر في إصرار : ‏
‏-‏ ‏" طبعا .. قلت لك إن هذه متاهات عبرانية لن تخرج منها أبدا .. ‏أعتقد أنك مهتم بسحر الكابالا اليهودي ‏kabala ‎‏ .. هذا سحر ‏اختص به حاخامات اليهود أنفسهم ومن الصعب ان تتعلمه أو تجد ‏من يعلمه لك .. كتاب ( إينوخ ) نفسه عبارة عن شفرة معقدة جدا . ‏حتى لو وجدت ترجمة ( دي ) فلن تستفيد منها شيئا .. " ‏
قال في تهذيب : ‏
‏-‏ ‏" أنا اكتب مقالا مهما عن هذا النوع من السحر ، وقد راسلت ‏الكثيرين خارج مصر .. لكن كما قلت انت لا احد يتبرع بهذه الاشياء ‏‏.."‏
قلت له محذرا وانا اغلق الدرج : ‏
‏-" خذ الحذر .ز نحن في حالة حرب مع إسرائيل .. لا تبعثر الغبار حول ‏نفسك لأن اهتمامك العبراني هذا قد يلقى حولك ظلال الشك .. إن تهمة ‏التجسس ليست بعيدة عن أحد .."‏
‏-" الفارق واضح بين من يدرس للعلم ومن يدرس للتخابر "‏
‏- " أتمنى ان ارى كيف ستشرحهذا لرجال أمن الدولة عندما يرون ‏لديك أوراقا امتلأت بالخرائط والرموز وقد كتبت بالعبرية .. ويعرفون ‏انك تراسل البروفسور ( ديفيد فلان ) أو ( حاييم فلان ) بالخارج .. ‏حدثهم وقتها عن سحر ( الكابالا ) .. نعم .. فهم رجال مرهقون يتوقون ‏الى بعض المرح .."‏
قال في حزم وهو يضغط على عضلات فكيه : ‏
‏-‏ ‏" سأتذكر هذا .. شكرا .. لكن ارجو ان تقدم لي العون .."‏
فتحت الدرج ثانية .. في الرة الأولى فتحته على سبيل تزجية الوقت ‏والملل .. هذه المرة افتحه لاخرج قصاصة ورق كتبت عليها بعض ‏الحروف اللاتينية ..‏
‏-‏ ‏" هذا عنوان نصاب يهودي يعيش في الولايات المتحدة .. يدعى ‏انه ساحر واحيانا اوشك على تصديقه ، لكنه يعرف أشياء كثيرة .. ‏على الاقل يعرف أين يوجد كتابك هذا .. لا أردى ما يمنع من ‏مراسلته لأنه مجنون شهرة ، ويصبو لا، ينال أي نوع من التقدير ‏بأي شكل .. لاحظ ان مراسلة الولايات المتحدة لن تبعث حولك ‏ابخرة الشك ..‏
أخذ القصصة ونظر فيها وغمغم :‏
‏-‏ ‏" ( سام م . كولبي ) .. (نيويورك ) ؟ شكرا سيدي .. ساعرف كيف ‏افيد من هذه المعلومات .."‏
ثم نهض .. وفكر حينا توطئة لأن يقول :‏
‏-‏ ‏" هل تسمح لي بالتردد عليك لمزيد من الاستشارات ؟ " ‏
‏-‏ ‏" أي وقت .."‏
لم يكن هذا ودا زائدا فأنا ما زلت عدو العلاقات البشرية .. لكني شعرت ‏بعطف عليه .. حينما يسكن هذا العقل الذكي الطموح ذلك الواقع الفقير ‏المحبط ، يكون الفتى جديرا بالرعاية وربما بعض الحنو الأبوي .. ‏يجب ان يوجد إنسان ما يصغى إليه وهو يبكي ، ويفسر له لماذا فشل ‏بينما هو جدير بالنجاح ، ويشرح له لماذا كان العالم بهذه القسوة ..‏
لم ار الفتى إلا بعد أسبوعين واستغرقت عامين حتى اتذكر من هو .. ‏
قال لي وعيناه تلمعان :‏
‏-‏ ‏" الامور تتحرك بسرعة .."‏
‏-‏ ‏" هل وجدت كتابك ؟ " ‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة لم اعد بحاجة إلهي .. لقد تجاوزته منذ زمن .."‏
ثم نظر حوله وقال بحذر : ‏
‏-‏ ‏" في الحقيقة لم يعد هذا المكان مناسبا للكلام . . لم تعد الجريدة ‏مناسبة .. أنا لا اتردد علهيا منذ فترة لا باس بها .. لا اعرف مكانا ‏آمنا يمكن الكلام فيه .. "‏
‏-‏ ‏" هذا من سوء حظك . " ‏
قال وهو يواصل البحث بعينيه عن جواسيس : ‏
‏-‏ ‏" هل لي ان اطمع في خدمة ما ؟ " ‏
‏-‏ ‏" هذا يتوقف على الخدمة .. "‏
‏-‏ ‏" اريد ان أقابلك في مكان خارج المستشفى .. بعيدا عن الناس .. ‏يجب ان أطلعك على ما وصلت اليه .."‏
فكرت في ملل .. الحق إنني لا ارغب بتاتا في معرفة ما يعرفه .. لقد ‏قابلت مليون شخص وصلوا إلى حل سر الكون وإلى ابتكار مذاهب ‏فلسفية جديدة .. أحد هؤلاء كان يدعو لدين جديد قبل أن يدخل ‏مستشفى المجانين الىن .. نعم .. لا ارغب البتة في سماع المزيد ..‏
لكنه كان مصرا كالكابوس .. هكذا لم أجد ما افعله أو أقوله ..‏
‏-‏ ‏" لن أتعبك معي .. هناك مدرسة تحت الإنشاء بقرب هذا المكان .. ‏البناية خالية منذ فترة ولا توجد بوابة .. سوف نلتقي هناك .."‏
قلت لنفسي إن هذا الفتى مخبول فعلا ..‏
وسألته في غيظ ..‏
‏-‏ ‏" ألا ترى أن نلتقي في المقابر ؟ سيضفي هذا بهجة لا شك فيه .."‏
قال بحرج :‏
‏-‏ ‏" يؤسفني بشدة ان اطلب هذا منك .. لكن صدقني لدي أسباب قوية ‏جدا سوف تعرفها عندما نلتقي .."‏
‏-‏ ‏" ولماذا لا تختار أية كافيتيريا ؟ "‏
‏-‏ ‏" الأسباب تتضح فيما بعد كما قلت .." ‏
حككت ذقني مفكرا .. ثم فتحت الدرج وأغلقته عل سبيل العصبية .. ‏وسألته :‏

^RAYAHEEN^ 25-10-05 08:28 AM

- " ولماذا لا تختار اية كافيتيريا ؟ "
- - " الاسباب تتضح فيما بعد كما قلت .."
حككت ذقني مفكرا .. ثم فتحت الدرج وأغلقته على سبيل العصبية .. وسألته :
- " متى تريد أن نلتقي ؟ "
- " إن كان هذا غدا لغدوت لك شاكرا .. "
مددت يدي الى المفكرة الغيرة لأعرف مواعيدي فقط لأجد أنني اضعتها .. منذ اقتنيت مفكرة المواعيد هذه لم اجدها في اية مرة بحثع فيها عنها .. لقد ضاعت نحو مائة مرة حتى الآن ..
قلت له :
- " لا بأس .. ليكن هذا عند الظهر .. أرجو الا يكون الليل شرطا عندك .."
قال ضاحكا :
- " اما هذا فلا .. الأمر متروك لكم .. "
وهكذا افترقنا .. وقدرت انني اخطأت عندما كنت ودودا ..
هكذا سأحتاج الى قد زائد من العنف وقلة ا لذوق لأتخلص منه .. وهو ما كان يمكن تجنبه بقدر قليل منها في البداية ..
***
عند الموعد توجهت الى تلك المدرسة القريبة من المستشفى ..
انها مدرسة تحت الإنشاء منذ نعومة أظافري .. لسبب ما يعملون فيها الى الأبد .. جدران من القرميد الأحمر .. بقايا مواد بناء ورمال .. ربما قط او قطان اصيبا بصدمة عصبية عندما رأيا بشريا هنا .. يبدو ان البعض كان يستعمل هذا المكان كدورة مياه ، لكن هذا منذ سنوات لحسن الحظ .. ثم لا شيء ..
انت سخيف يا ( رفعت ) .. سخيف فعلا .. هذا المكان ؟ يزيد على مقلب أو ..
أو فخ ؟!
لكن اي فخ ؟؟ ولماذا ؟ إلا لو افترضنا ان الفتى مخبول .
- وهذا وارد ـ او يسخر مني ـ وهوي احتمال ضعيف ـ .. لا يبدو لي مولعا بالسخرية من الشيوخ ..
- مشيت وسط المكان الخالي . لقد رايت ومشيت في اماكن اسوأ .. دعك من أننا عند الظهيرة ونور الشمس يبدد كل خوف او قلق .. من الصعب ان اتصور كارثة تحدث لي هنا ..
اين الفتى ؟
نظرت لساعتي .. لقد مرت عشر دقائق .. معالم المقلب تتضح لي .. سوف انتظر خمس دقائق اخرى ثم ارحل .. لا توجد دروس مجانية لكني على الأقل لم اضرب او اهان او ادفع مالا .. وهذا شء نادر هذه الأيام ..
صوت الأنين هذا ..
انا موقن ان هناك صوت انين .. ولكن من أين ؟
مشيت ببطء نحو ذلك الجدار الذي يشبه بناية غير مسقوفة .. إن الصوت آت من هنا ..
مشيت بحذر .. متوقعا ان اجد نفسي امام كلب جريح غاضب .. لكن الفضول قتل القط في كل مكان وزمان ..
ما هذا ؟ في البدء خيل إلي انني ارى كومة من الثياب ألقاها أحدهم وهذا شيء وارد هنا ثم دنوت أكثر فعرفت أنها ليست كومة ثياب .. أنا اعرف هذا القميص الذي لا يتبدل وهذا الحذاء الأوحد ..
إنه ( فايز ) .. هو بالذات ..
وبنظرة طبيب قدرت ان الأمر قد انتهى .. هذا الفتى الواعد المليء بالحيوية .. لكن ما اثار هلعي بحق هو سبب الوفاة .. لقد انتزع قلبه !
وقفت مذعورا .. أين النيتروجلسرين ؟ أين ؟ لقد تكلمت كثيرا في هذا الموضوع .. ناقشته ورأيت صورة .. لكن لم اتصور ان اراه راي العين .. ثم ما دخل هذا الفتى .. هذا الصبي الذكي بالقصة ؟
" لم تعتد مقابلة هذا الطراز من الجرائم في مصر ، وبأي ثمن لا اريد ان اسمع عن الجريمة الرابعة .. "
بدأ النيتروجلسرين يعمل وتصاعد الدم يخفق في رأسي .. شعرت بدوار شديد .. يجب ان اضيف الأسبرين الى علاجي ، وغلا فإن جلطة الدماغ ستنضم الى قائمة اسباب وفاتي التي اجمعها كهواة الطوابع ..
دنهوت من الجثة أكثر .
لو كان الأمر صحيحا لوجدت كلمة بالدم إلى جوار الجثة لكن .. اسم ( فايز ) لم يكتب من قبل مطلقا فما معنى هذا ؟
لا توجد كلمات .. فقط بركة دم ..
وارتجفت واستندت بظهري الى الجدار .. لم تكتب كلمات .. معنى هذا انها لم تكتب بعد !!
ومعنى هذا ان القاتل هنا .. لم يجد الوقت الكافي ليرحل !
اين هو ؟ كيف اقاومه ؟ ما قدرتي على مقاومة قاتل يستطيع انتزاع قلب إنسان من صدره ؟ ربما لو تظاهرت بفقدان الوعي .. تلك الحيلة القديمة تنجح دائما معي ..
أين هو ؟
وفجأة وقعت عيناي على الجدار ..
الآن عرفت من كتب تلك الكلمات جوار جثث القتلى ..
بخط واضح رأيت الدم يجري في اتجاه مستحيل فيزيائيا ليكتب بوضوح تام :
( فتحي )
إن احدا لم يكتب تلك الكلمات ..
الكلمات هي التي كتبت نفسها !
الجزء الثاني
كتاب الاسماء
مخطوطات ؟ إن العالم يعج بها .. هناك مخطوطات في كل مكان .. حتى الشيخ ( عطوة ) نصاب قريتك الذي يزعم قدرته على فك العمل يملك مخططات .. لو ان رجلا وجدها بعد مائتي عام لملأ المنشورات العلمية صخبا عن اكتشافه المهول ..
-1-
قال ( عادل ) :
- " لعل الجرائم ستستمر .. لعل القتيل القادم يدعى ( فتحي ) وسوف تجد بجواره اسم ( عباس ) .."
قلت له في غيظ :
- " هل رايت ؟ غسم ( عباس ) ذكر من قبل .. هكذا لا يستقيم منطق الجرائم .. لقد لاحظنا ان الترتيب دقيق تقريبا .. كل قتيل ينذر بالاسم القادم .. باستثناء الأول ولو قرأت اسم ( مصطفى ) جوار جثة الفتى لكان هذا اقرب الى المنطق .. هذا يغلق الدائرة كما يقول كتاب السيناريو " ..
اشعل لفافة تبغ وقال :
- " أو لو كان قتيل امس يدعى ( عباس ) .. لاستقامت الأمور "
من جديد وبالقلم ( الفلوماستر ) الغليظ الذي أحمله ، رسمت على الخزانة المعدنية جدول القتلى :
القتيل ما كتبه الدم
مصطفى عباس
يوسف زكي
زكي يوسف
فايز فتحي

قال لي في ضيق :
- " هيه ! هذه القذارة لن تزول من على الخزانة المعدنية .. انت تتلف أثاث الحكومة .."
قلت شارد الذهن وانا اتأمل الجدول :
- " جرب استعمال قطنة مبتلة بالكحول .. دعنا من هذا وقل لي .ز هناك اسمان كتبهما الدم ولم يقتلا .. ( عباس ) و ( فتحي ) .. "
قال :
- " هذا ما اقصده .. سوف يقتلان قريبا .. وعندها تستريح انت نفسيا .. "
ثم اضاف وهو يمد يده ليتناول قدح القهوة الذي كاد يبرد :
- " الحقيقة ان عقلك لم يعد على ما يرام .. انت موشك على الخبال .ز اعني ان خيالك ازداد عما كان "
- " لا اعتقد هذا .. سوف اعرف يوم أجن .. إنني أراهن على هذا .. حتى اللحظة لا يوجد جزء يعمل بكفاءة في جسدي إلا كليتي وعقلي وربما بعد العقد اللمفاوية هنا وهناك .. "
- " وكلامك عن الدم الذي يكتب بنفسه ! "
جلست الى الاريكة اللجلدية .. الحقيقة انني لا اصدق انني رايت ما رايت .. والمشكلة انه لا يوجد شهود .. دعني احك هذه القصية في اي مكان ، ولسوف تكتف ان قميص الاكمام ليس بعيدا عن اي منا ..
قلت في صبر :
- " ( عادل ) .. لا يوجد شهود .. لا استطيع اثبات كلامي .. لكن الدم هو الذي كتب هذه العلامات بنفسه ،، اقسم بالله العظين ان هذا حدث .. "
عقد يديه تحت ذقنه وسالني في حزم :
- " وباية طريقة تقرأ تلك الاسماء التي كتبها دماء الموتى ؟ "
- " لا اعرف .. فقط اعرف انه لا يوجد شيء سهل او واضح في الحياة .. من السهل ان تبدو الأمور واضحة منطقية ( غائية ) في القصص .. لكن في الحياة يصير الغموض اسم اللعبة .. "
ومسحت بمنديلي الخزانة ثم نظرت له .. فعلا هذا اللون ثابت .. إنه باق للابد ..
قال لي في غيظ :
" هل ترى ظ لن يزول هذا .."
- " يمكنك ان تدهن الخزانة بلون آخر . هذا اللون المرادي الحكومي كئيب على كل حال .."
سألني ( عادل ) من جديد :
- " ما الذي يجمع بين هؤلاء الذين ماتوا ؟ "
قلت له :
- " سالوني في القاهرة في مديرية الأمن عن هذا .ز خطر لنا ان العامل الذي يجمع هؤلاء هو نوع من التخصص الأكاديمي .. اكثرهم له علاقة بدارسة التاريخ .. المكان الجغرافي لا علاقة له .. الحالة الاجتماعية والسن لا علاقة لهما .. لهذا راقبوا كل ( عباس ) تنطبق عليه هذه الشروط .. من الواضح ان هؤلاء بخير حال .. نلاحظ هنا الوجه الجديد . ذلك الصحفي الشاب المتحمس الذي لم يعد كذلك ، نجد انه ليس اكاديميا لكنه مهتم بشدة بذلك الكتاب اللعين ( إينوخ ) ، وهو يريد ان يعرف شيئا عن ( ناتان غزة ) و .. من جديد تتكرر نغمة الاهتمام بالتاريخ .. إذن نحن امام قاتل تسلسلي يقتل المهتمين بالتاريخ ! "
- " بالمناسبة .. قبل مقتل الفتى بأيام اتصل احد اصدقائه في العمل بامن الدولة .. كان يشك في ان ( فايز ) يمارس نشاطا تجسسيا ما لأنه وجد في درجة أوراقا عليها كتابة عبرية .."
ادهشني الخبر .. لم اتوقع انني بارع الى هذا الحد .. لقد انذرت الفتى من سوء الفهم .. قلت :
((( الصفحة ملغاة من الكتاب ولا اعرف السبب !!! )))
-2-
الآن ننتقل الى احداث وقعت منذ عامين بعيدا عن مصر ..
كيف عرفتها ؟ هذه تفاصيل سوف احكيها فيما بعد ، لكن يجب ان اخبرك ان د.( زكي ) كان يحتفظ بمذكرات دقيقة عن كل شيء .. إنه رجل دقيق فعلا حتى انه كان يضع علامات صغيرة في اسفل كل صفحة ، عرفت فيما بعد انها مرات دخول الحمام ..
نحن الآن في النمسا .. للدقة نقول إ،نا في ( سالزبوج Salzburg ) المدينة النمساوية التي تقع في الغرب ..
إن النمسا عبارة عن حلم بصري وسمعي جميل لا يمكن وصفه ، ولا تعبر عنه إلا موسيقا ( شتراوس Strauss ) .. دعك من ان ( سازبورج ) هي البلد الذي انجب العبقري ( موتسارت Mozart ) .ز معنى ( سالزبورج ) هو ( قعلة الملح ) .. لان الملح كان ذا اهمية اقتصادية قصوى لهذا البلد .. نتحدث عن الماضي طبعا ..
هذا الذي يلبس معطفا وقبعة وجه مألوف لنا . . إنه د.( زكي عبدالرازق ) استاذ التاريخ الذي قابلناه من قبل لقد مات في تلك الشونة كما نعرف ، لكننا هنا نلقاه منذ عامين في واحدة من ازهى فترات حياته واكثرها خصوبة .. يبدو نمساويا اكثر من النمساويين كما ترى لانه اندمج فعلا في العالم ..
الفتاة الشقراء التي تتعلق بذراعه ليست زوجته كما تلاحظون .. إنها ( جابي ) صديقته .. بالنسبة لي هي اقرب الى سحلية تم سلخها او صورة سلبية لامرأة جميلة .. لكنه يراها جميلة وهذه مشكلته على كل حال ..
لماذا هو هنا ؟ مهمة علمية طبعا .. إن راتب رهبان العلم هؤلاء لا يسمح بالسياحة .. وكان قد حصل على درجة الدكتواره من انجلترا في ظروف كئيبة ، لهذا يمكن القول إنه لم ير اوروبا قط ..
عرف ( جابي ) لأنها شقية أحد زملائه النمساويين ، وكانت مطلقة شابة لطيفة المعشر تطوعت لأن تكون مرشدته في هذا البلد الساحر ، وبفضلها صار يتكلم الالمانية كأهلها .. هنا تحدث العقدة الشهيرة التي عبر عنها ( يحيى حقي ) في ( قنديل أم هاشم ) حيث لم يعد الرجل يرى في العالم إلا نمسا كبيرة .. هنا التحضر والرقي والجمال والعلم ..

Ala_Daboubi 25-10-05 09:58 AM

okhbo6......sho dam wo ma dam , ma etafa2na haik , sara7a ana bakhaf , raya7een e7keeelik nokteh a7san hehehehehe

^RAYAHEEN^ 25-10-05 10:40 AM

ههههههههههههههههه لا فيها دم وفيها كسر عظام كمان
ههههههههههههههه
آآخ يا قلبي فرطت انا
بدك نكتة
والله الله بحبك انك مو قدامي

Ala_Daboubi 25-10-05 11:07 AM

leash sho bedik te3meli teqtal3i 2albi min sedri wo toktobi esim mostafa 3al 7ai6 ????? looooooooooool

^RAYAHEEN^ 25-10-05 11:25 AM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
مو انا الي رايحه اكتب
بس انكفي القصة بتشوف مين الي رايح يكتب
هههههههههههه

^RAYAHEEN^ 26-10-05 08:13 PM

للاسف في عدد من الصفات المفقودة في هذا الفصل فقط لذا قد ‏تجدونني اقفز من حدث لحدث بشكل سريع .‏
لا بد ان السبب عائد الى طباعة الكتاب ـ فقد تم حذف الصفحات من ‏جميع النسخ الخاصة بهذه الرواية . ‏
ولسبب ما لم يكن يستعيدها إلا وهي جالسة على الارض تلف اصابع ( ‏المحشي ) .. محشي الكرنب الذي يترك رائحة سلق كريهة في البيت ، ‏مع تخمة تدوم حتى المساء . بشعرها المنكوش جالسة على جريدة ‏فرشتها في الصالة امام المطبخ ... البصل يجعل انفها يسيل فتمسحه ‏من حين لآخر في كمها وقد صارت عيناها بلون الطماطم ... وعيناها ‏على التلفزيون في نهم لتعرف ما إذا كان ( أحمد رمزي ) يعود الى ( ‏لبنى عبدالعزيز ) أم لا ...‏
يحدثها عن دراسته فتتكلم عن الطماطم .. يحدثها عن الشعر اللاتيني ‏فتحدثه عن أم ( وفاء ) التي تحقد عليها ، وتلتمس لها الاخطاء .. هذه ‏امراة لا تعرف ( فيرجيل ) ولا يهمها ان تعرف أي شيء عن ( فردريك ‏الثاني ) ولا ترتجف لدى سماع المذبحة التي قضى على ( رومانوف ) ‏‏..‏
صحيح انها زوجة باسلة .. صحيح انها تحفظ بيته وترعى أطفاله .. ‏صحيح انه لم ياكل الا الأفضل ولم يلبس الا الافضل .. صحيح انها تدبر ‏مصاريف البيت سواء كان معه جنيه او الف .. لكنه لا يستطيع ان يبعد ‏عن ذهنه وجه ( جابي ) القسيم .. عيناها الذكيتان .. لو ان لأوروبا ‏وجها لكانت هي ( جابي ) .. والاجمل انها لا تبدي على الاطلاق انها ‏متضايقة من سنه المتقدم او قبحه .. تحدثه عن ( شتراوس ) فتحمله ‏الى آفاق بعيدة ، وتتكلم عن ( نيتشه ) فيشعر بانه جالس معه . ثم ‏تأخذه الى الكونشير لتسبح روحه مع ( باخ ) .. عندها لا يستطيع ان ‏يزعم ان محشي الكرنب افضل ..‏
لقد أخطأ الطريق .. لو جاء هنا منذ عشرة اعوام لكانت ( جابي ) تدعى ‏‏( فراو عبدالرزاق ) ، ولكانت ( فاتن ) متزوجة من رجل يعشق محشي ‏الكرنب . .‏
يعرف ما سيحدث حينما يعود لمصر .. لقد انتهت ( فاتن ) من حياته ‏تماما ولن تعود .. سوف يغلق باب مكتبه عليه ويدرس ويكتب ويدرس ‏ويكتب الى ان يموت .. لن يتبادل معها الا عشر كلمات على الأرجح ‏بقية حياته .. لن يطلقها لان هذه خطوة تحتاج الى شجاعة كاسحة ‏وهي لم ترتكب ذنبا يبرر هذا .. ذنبها الوحيد ان (جابي ) اجمل واروع ‏واذكى وارشق والطف واسرع دعابة واكثر اناقة .. وانها نمساوية ..‏
وتنطلق السيارة عبر البلدة الجميلة متجهة الى ( اوشر هورن ) ..‏
في الواقع لم يكن ( زكي ) مهتما بالامر على الإطلاق ، لكنه تكليف من ‏استاذه .. وهذا التكليف لا يمكن ان يمر دون توتر .. إن ( تشارلز ‏هوتون ) رجل دقيق مهذب ، والى حد ما هو مدين له للأبد لأنه اجاز ‏اطروحته بعد ما حسب انه سيموت دون ان يحصل عليها ... ثم ان ( ‏زكي ) كان مصابا بعقدة ( الخواجة ) لهذا لم يتحمل ان يتوسل له هذا ‏الاستاذ الانجليزي الوقور طالبا العون .. كان هذا اقوى منه ..‏
اخيرا كان الطريق خاليا فقال ( درنشر ) وهو يخرج قنديلا من تابلوه ‏السيارة : ‏
‏-‏ ‏" لا تؤاخذني .. لكن المرحلة التالية ستظل سرا .. يجب ان اعصب ‏عينيك " ‏
صاح ( زكي ) بعصبية : ‏
‏-‏ ‏" كله إلا هذا ! "‏
قال اليهودي في إصرار : ‏
‏-‏ ‏" إما هذا او نعود .. إنني اجازف بعنقي ولا انوي ان اتخلى عنه ‏على سبيل المجاملة .."‏
قال بصدق : ‏
‏-‏ ‏" لكني لا اعرف الاتجاهات هنا .. ثق ان تعصيب عيني لن يحدث ‏فارق .. لن استطيع العودة حتى لو اردت هذا .."‏
قال الرجل في خبث : ‏
‏-‏ ‏" ربما انعش بعضهم ذاكرتك .. سوف تتذكر نفقا هنا وعلامة طرق ‏هناك .. يجب ان افعل " ‏
ترك الرجل يعصب عينيه .. وشعر بأنه احمق .. كيف تثق بأحد لدرجة ‏ان يقتادك الى مكان لم تزره من قبل ، وتسمح له بان يعصب عينيك ؟ ‏إنه الآن معدوم الحيلة فعلا فلم يبق إلا ان تخترق الرصاصة جمجمته . ‏وندم على انه لم يترك اسم ( درنشر ) عند موظف استقبال الفندق ..‏
السيارة تواصل رحلتها .. لا بد ان الطريق كله مهجور والا لاستوقفت ‏الشرطة هذه السيارة التي يركبها رجل معصوب العينين ..‏
‏-‏ ‏" هنا .. لكن لا تنزع العصبة " ‏
قالها ( درنشر ) وهو يوقف السيارة .. ثم فتح الباب وساعد ( زكي ) ‏على الترجل .. وجره من يده كطفل عبر ــــــ ( الصفحة محذوفة ) ‏
‏** * ‏
كان ( يوسف ) .. ابو الحسن مدرسا للتاريخ في كلية الآداب ، وهو ‏شاب مهب شديد الذكاء . كان ذكاؤه اكثر من اللازم في الواقع .. ‏متزوج وله طفلة رقيقة تدعى ( ريهام ) .. هذه مأساة اكثر من هلكوا ‏في هذه القصة ، لانهم جميعا متزوجون وآباء باستثناء ذلك الفتى ( ‏فايز ) . .‏
في الفترة الأخيرة كان ( يوسف ) .. منهمكا في دراسة تستغرق الكثير ‏من الوقت والجهد .. وكان قد عاد من ( بريطانيا ) منذ عام واحد .. ‏يبدو انه وضع اولى خطواته على الطريق هناك ، وان كان احد لم ‏يعرف ما يفكر فيه .. كان من تلك الشخصيات الكتوم التي يمكن ان ‏تدبر جريمة قتل او تخطط للحرب العالمية الثالثة دون ان يختلج لها ‏جفن . . ‏
على انه بدأ يحقق تقدما واضحا في بحوثه ، وبدأ يدرك انه وجد وريدا ‏ثريا .. هذه هي اللحظة التي تبدأ فيها الدجاجة الصياح لان البيضة ‏تؤلمها ..‏
ولهذه الاسباب عرض ما توصل اليه على استاذه الدكتور ( مختار ) .. ‏لماذا اختاره بالذات ؟ لا يعرف .. فجأة شعر بانه يثق بهذا الرجل .. ‏على كل حال لو فتشت بعناية لما وجدت شخصا اصلح لهذه المهمة ‏منه ..‏
كان د.( مختار ابو مندور ) راهب علم من الذين تعج بهم هذه القصة .. ‏لكنه يختلف عن رهبان العلم الحقيقين في انه ثري متزوج .. كان يملك ‏ثروة لا بأس بها وفيلا فاخرة وسيارة تدير الأعناق .. لا احد يعرف من ‏اين جاءته هذه الثروة وهو لا يملك الا راتبه ، لكن اكثر الناس كانوا ‏يعتقدون ان ملامحه تنم عن اصل أرستقراطي لا باس به .. ربما هو ‏الميراث .. بل لا بد انه الميراث لأن اسرته ثرية .. ‏
وكان لطيف المعشر حاضر الدعابة من الطراز الذي تعرض عليه ‏شكلتك فتشعر انها صارت مشكلته .. وقد قابله ( يوسف ) .. في ذلك ‏النادي الراقي الذي يتناول غداءه فيه ، فأصر اولا على ان يطلب غداء ‏لـ ( يوسف ) .. سر هذا كثيرا وان اخفى سروره وراء الكبرياء ، ( ‏الصفحة مفقودة ) ‏
جلست المرأة تدق بأناملها بعصبية على المنضدة ، ثم جاء النادل فراح ‏‏( مختار ) يثرثر معه ويتفحص القائمة .. هنا رفع ( يوسف ) .. عينيه ‏نحوها فأدرك لرعبه أنها تنظر له من وراء النظارة ..‏
نظر الى يدها فوجد انها تمسك قلما وتخط به على قطعة من الورق ‏الرقمين التاليين : 06‏
وراحت تعيد حفر الخط على الرقمين مرارا وتكرارا .. وفي إلحاح .. ثم ‏مزقت الورقة والقت بها في منفضة التبغ بشيء من العصبية ..‏
انهى ( يوسف ) .. الغداء فنهض شاكرا .. قال له ( مختار ) وهو يلوح ‏بيده : ‏
‏-‏ ‏" يمكن ان تمر على مكتبي لنفحص تلك الأوراق معا .. انا موجود ‏غدا .. " ‏
‏-‏ ‏" إن شاء الله " ‏
‏*** ‏
بعد ما انتهى الدرس ( السكشن ) فرغ من الاجابة عن اسئلة الطلبة ، ‏وقرر ان يتجه الى مكتب الدكتور ( مختار ) .. إن الدكتور ( مختار ) ‏من اقطاب القسم ، لهذا مكتبه على قدر من الفخامة ، وله حمام نظيف ‏ملحق به ..‏
دخل الغرفة فلم جد الدكتور ، لكنه سمع صوت الماء ينساب في الحمام ‏‏.. جلس على مقعد جلدي وراح يتأمل الشهادات المعلقة على الجدران ، ‏وصور د.( مختار ) مع اشخاص مهمين جدا .. انه لا يعرف شكل ( ‏هيرودوت ‏Herodotus ‎‏ ) ابى التاريخ لكنه لن يندهش لو كانت له ‏صورة يصافح د. ( مختار ) ..‏
نظر الى الحمام الذي كان بابه مواريا .. استطاع ان يرى جزءا من ‏كتف الدكتور ( مختار ) امام مرآة الحمام .. رجل يشذب شاربه فلا ‏يوجد شيء غريب .. كانت الرؤية صعبة غير أكيدة لكن خيل اليه انه ‏يرى مشهدا غير ممكن ( للاسف الصفحة مفقودة ) ‏
إذن ما كانت الزوجة تكتبه بهذا الإلحاح هو : ‏
Go ‎
كانت تنصحه بالرحيل .. وكانت تنصحه بهذا بينما زوجها مشغول مع ‏النادل ..‏
ولكن لماذا ؟ ما الذي كانت تعرفه ؟ وبعبارة ادق : ما الذي لا يجب ان ‏يعرفه زوجها ؟
والسؤال الاهم هو : هل رآه ؟ مستحيل الا يكون قد رأى انعكاسه في ‏المرآة ..‏
هذه لم تكن غفلة .. لقد كان يرسل له رسالة واضحة .. نعم انا كما ‏حسبتني واكثر ..‏
كان ( يوسف ) يعرف الآن ابعاد المشكلة اكثر من أي واحد آخر ..‏
إنه هالك لا محالة ..‏
عبثا حاولت ان انسى القصة ..‏
عبثا حاولت لكنه اظلت تكرر نفسها بإلحاح على عقلي الباطن .. لا ‏اعرف ما الغريب في هذا .. إنها قصة بشعة لكن قل لي أي شيء بشع ‏لم اره في حياتي ؟ ليس الأمر خارقا للعادة .. وليس ذا مكانة خاصة ‏في متحف ذكرياتي .. لهذا استبد بي العجب حينما نمت في شقتي ، ‏فرأيت ذلك الجدول الذي رسمته على خزانة ( عادل ) واضحا جليا امام ‏عيني ..‏
لا توجد علاقة واضحة .. حقا لا توجد علاقة واضحة . الاسم المكتوب ‏بالدم ليس دائما اسم الضحية التالية ..‏
‏(عباس ) ..‏
‏( زكي ) ..‏
‏( يوسف ) ..‏
‏( فتحي ) ..‏
ثم القتلى : ‏
‏( مصطفى ) ..‏
‏( يوسف ) ..‏
‏( للاسف الصفحة مفقودة ، وهيدي اخر صفحة مفقودة بالكتاب ) ‏
‏ الحظرد شاعر عربي قيل انه مجنون .. وقيل ان اسمه ( عبدالله ‏الحظرد ) .. على الأقل هذا هو الاسم الذي قاله ( لافكرافت ‏Loveeraft ‎‏ ) مرارا في قصصه .. إلا ان الغربيين الذين يعرفون ‏العربية لاحظوا ما لاحظناه نحن .. ليس هذا الاسم ذا رنين عربي على ‏الإطلاق .. لهذا وضعوا احتمال ان يكون الاسم الاصلي ( عبدالله ظهر ‏الدين ) أو ( عبدالغزي الراهب بن عاد ) .. الاسم الأخير غير منطقي ‏هو الآخر لأنه لا يمكن ان يوجد بعد الإسلام من يدعي ( عبدالغزي ) ..‏
إنه العام 700 م .. الشاعر ( الحظرد ) يولد في ( صنعاء ) .. وقيل عنه ‏الكثير على لسان المؤرخين وعلى لسان ( لافكرافت ) .. لهذا يمكن ان ‏تقول باطمئنان إنه عاصر عصر الامويين ، وسافر كثيرا الى خرائب ( ‏بابل ) واجاد عدة لغات .. وزعم انه يعرف موقع بقايا ( غرم ذات ‏العماد ) التي ذكرها القرآن الكريم . ‏
هناك نبع مهم لأفكار ( الحظرد ) هو اساطير مدينة ( هارانيان ) .. ‏وهي من بلدان الشمال .. أي ان اهلها اقرب الى الفايكنج والكلت .. ‏استقر عدد من هؤلاء في بغداد مكونين مجتمعا مغلقا لم يدخل الاسلام ‏، وهو من اطلق عليهم اسم ( الصابئة ) ، إلا انه استطاع ان يندمج ‏بهم وقد اعطوه ثقتهم وحموا له الكثير .. ويبدو ان حكاياتهم قد جعلته ‏يفكر كثيرا .. يفكر اكثر من اللازم ..‏
لهذا سوف نرى في اعماله طابعا واضحا يدل على ثقافة ( شمالية ) ‏واسعة ..‏
ثم استقر في دمشق ليكتب ذلك الكتاب المخيف ( العزيف ) .. يقولون ‏ان هذا هو ما قام به ( نوسترادموس ) بالعكس .. ( نوستراداموس ) ‏درس السحر ليعرف اسرار الغد ، بينما ( الحظرد ) درس السحر ‏ليعرف اسرار الماضي ..‏
في العام 738 م ( 120 هـ ) يرتحل ( الحظرد ) الى الربع الخالي في ‏الجزيرة العربية ليحيا وحيدا .. هذا مكان يناسب اساطير العرب جدا .. ‏الفلاة والقفر والجن .. بالنسبة لنا معشر العرب يجب ان نتذكر ان ( ‏عاد ) هم قوم سيدنا ( هود ) عليه السالم ، وكانوا يعيشون بالأحقاف ‏بين ( حضرموت ) والشحر وعمان قرب الربع الخالي بشبه الجزيرة ‏العربية .. ومنهم جاء نسل ملوك ( جرهم ) الذين قيل انهم من العماليق ‏‏..‏
ثم يحكى الشهود انهم رأوا ( الحظرد ) من بعيد وهو يتصارع مع كائن ‏مخيف غير ارضي .ز وان نهايته كانت شنيعة ..‏
زعم ( لافكرافت ) إن ( الحظرد ) كان يعبد آلهة وثنية تدعى ( كتولو ‏Cthulu‏ ) و ( يوج سوثوث ‏Yog Sothoth‏ ) .. طبعا لا ابتلع هذا ‏الجزء على الاطلاق ، لان هذه الاسماء لافكرافتية ) جدا ولا يسيغها ‏العقل العربي او يستطيع اختراعها ..‏
عندما يبتكر العقل العربي اسماء فهي تأتي من ثقافته وخلفياته ، ‏ونفس الشيء ينطبق على العقل الغربي .. حتى على مستوى النطق ‏نفسه .. اشعر برغم ان هذا غير صحيح ـ كان هناك فما عربيا تشريحه ‏يناسب النطق بأسماء مثل ( امرؤ القي ) و ( بنو قينقاع ) ، بينما ‏تشريح الفم الغربي خلق ليطق ( ‏Exquisite‏ ) و ( ‏Deleterious‏ ) ‏‏.. طبعا في الحالتين لا تخدع احدا .. ولقد سمعت كوريا ينطق اسم ( ‏هتشكوك ) فلم تتبني اذنى في نطقه أي حرف شين او كاف .. السبب ‏ان هذا فم كوري يحركه عقل كوري ..‏
اين ذهب نص الكتاب الرهيب ؟ لا اعرف .ز لا احد يعرف على الأرجح ‏‏.ز لقد تبخر ( العزيف ) تماما .. وقد حاول الحاكم ( إدريس شاه ) ان ‏يجده في كل المكتبات العربية والهندية فلم يوفق .. الا اننا نعرف ان ‏رجلا يدعى ( تيودور فيليتاس ) ترجمه الى اليونانية في كتاب من ‏تسعمائة صفحة .. وهو الكتاب الذي سيأمر البابا جريجوري التاسع ‏عام 1232 بمنع تداوله وإحراق نسخه ..‏
لما انتهى ( فيليتاس ) من الترجمة ، بحث عن اسم يناسب العقل ‏واللسان الغربيين كما قلنا من قبل فاختار ذلك الاسم الذي صار مألوفا ‏لنا .. ‏
‏_ نيكرونوميكون ‏Necronomicon‏ ) ‏
ومعناه ( كتاب اسماء الموتى ) . ‏

Ala_Daboubi 27-10-05 12:15 PM

Aaish ya raya7een , allah yerda 3alaiki , el mara el jay lama teshtari qesa t2akadi eno kol el saf7aat mawjoodeh , sho bedna no23od ennajim e7na ???? ya3ni ma biseer haik

hai el mara sama7 bas la t3eedeeha mashi ??? hehehehe

^RAYAHEEN^ 27-10-05 12:45 PM

ههههههههههههههههههههههههههههه بجد صدق المثل الي قال ـــــــــــــــ و ــــــــــــ
مو مشكلي ههههههههههه
قلتلك كل النسخ الخاصة بهالرواية ما فيها هالصفحات فاضية
مو بس النسخة الي انا جبتها
بس معك حق المرة الجاي رايحه انتبه لهالنقطة
بس هيك احلى علشان تحس بالغموض اكتر
هههههههههههههه

^RAYAHEEN^ 28-10-05 04:00 AM


‏-5-‏
برغم ان هذا لا يمثل له ذكرى خاصة ، وجد د.( زكي ) ‏
رهبة في النظر الى شعار النازية هذا ..‏
بالنسبة للعرب لا يمثل الصليب المعقوف ذكرى مريرة ما ، وربما كان ‏يمثل للبعض حلم الخلاص من الاستعمار الانجليزي في فترة ما .. هو ‏نفسه كان في العقد الثالث من عمره في ذلك الزمن ، وكان ضمن ‏الشباب الذين خرجوا يهتفون في الشوارع ، " تقدم يا ( روميل ) "‏
لكن حينما تجد هذا العنوان الاستعماري القوي على جدران كهف .. فلا ‏بد ان تشعر برهبة ..‏
قال ( درنشر ) وهو يرفع المشعل عاليا :‏
‏-" لا يعرف هذا الموضع إلا ثلاثة أو اربعة في هذا البلد .."‏
ثم تقدم الى الامام فاضطر ( زكي ) الى ان يتبعه وهو يتساءل أي ‏مخبول هو ..‏
كان الشعار على جدار عتيق ، وفي قلب الجدار باب .. فما ان فتح ‏اليهودي الباب حتى هبت روائح العطن .. ‏
واستطاع ( زكي ) ان يدرك ان هذا ممر طويل ضيق .. له سقف ‏منخفض .. مكان كابوسي فعلا فكيف بالظلام ؟
قال ( درنشر ) وعلى شفتيه ابتسامة وقحة لا تعرف سببها :‏
‏-‏ ‏" كانوا يعذبون بعض اليهود في هذه الأقبية .."‏
كان ( زكي ) يتوقع هذا على كل حال .. لن يكف الرجل عن الكلام عن ‏المحرقة الى الابد .. يذكر احد الدبلوماسيين الامريكيين انه عرض على ‏‏( بيجين ) رئيس الوزراء الإسرائيلي لعب الشطرنج ، فقال هذا في ‏مرارة : لم العبها منذ هلك ابي في معتقل ( أوشفيتز ) .. كان يحبها .. ‏ثم اعتقله النازيون و ..‏
‏" .. وراح يحكي فاصلا مرعبا عما فعله النازيون بابيه .. هنا مرت ‏زوجة ( بيجين ) برقعة الشطرنج فرأت زوجها يجلس مع الدبلوماسي ‏الامريكي فهتفت في مرح : " شطرنج كالعادة ! ان زوجي لا يكف عن ‏لعب هذه اللعبة ليلا نهارا !!"‏
هكذا راح ( درنشر ) يحكي لـ ( زكي ) حكايات مرعبة عما كان يتم في ‏هذه القبو منذ ثلاثين عاما .. دعك من صوته الهامس الشبيه بالفحيح ‏والضوء الخافت ورائحة العطن .. الحق انها تجربة مريرة فعلا ..‏
ساله ( زكي ) ليقطع سياق خواطره :‏
‏-‏ ‏" هل الاوراق كاملة ؟"‏
قال ( درنشر ) : ‏
‏-" لا .. اعتقد انك تعرف هذا من البروفسور ( هاتون ) .. هذا هو ‏الجزء الذي تمكن النازيون من سرقته من المتحف البريطاني .. إن ( ‏كراولي ) كان ثرثار . . انت تعرف انه كان عضوا في الجمعيات ‏الماسونية .. وقد انزلق لسانه امام احد الاعضاء الالمان .. هكذا انتقل ‏الخبر الى الوغد الاكبر .. ( ادولف هتلر ) شخصيا .. وقد كان شديد ‏الايمان بالخرافات شديد التطير .. بعد قليل تمت سرقة بارعة جدا ‏للمتحف البريطاني .. سرقة محكمة تنم عن تخطيط لا يقوم به إلا جهاز ‏مخابرات .. ما الذي سرق من المتحف ؟ سرق كتالوج المتحف ‏وسرقت ترجمة ( دي ) لهذا الكتاب .. أعني بعض فصولها لأنها لم ‏تكن كاملة .. من فعل هذا ؟"‏
ثم نظر الرجل الى القبو أمامه وقال :‏
‏-‏ ‏" من وقتها انتشرت إشاعات تقول ان الكتاب مخبأ في مقر قيادة ‏نازي في مكان ما من ( اوشر هورن ) في ( سالزبورج ) .. لكن ‏اين ؟ اين ؟ "‏
‏-‏ وضحك كثيرا ثم التمعت عيناه وقال :‏
‏-‏ ‏" محسوبك يعرف .. إن لليهود ابحاثهم .. وقد تمكنا من العثور ‏على هذا المقر المختبئ في الكهف .. لقد مات سره مع النازيين ‏وصار نسيا منسيا .. كل من له علاقة بهذا المكان قتل او انتحر او ‏فر الى امريكا الجنوبية . لكننا معشر اليهود نعرف كيف نستفيد مما ‏نعرفه .. والبروفسور ( هاتون ) يعرف هذا جيدا .. لذا اتصل بي ‏ونجح في إقناعي بالتخلي عن هذا الكتاب .. "‏
سأله ( زكي ) وهو يغالب تقززه : ‏
‏-‏ ‏" ولماذا لم تأخذ الكتاب لنفسك ؟ "‏
‏-‏ ‏" من يله بالنار يحترق بها .. هذه لعبة خطرا جدا تحتاج الى ‏أشخاص من وزن ( دي ) و ( كراولي ) للتعامل مع هذه القوة ‏الشيطانية المرعبة .. لكني رجل بسيط لا يرغب إلا في الثراء ، ‏ولربما كان الخلاص من هذا السر افضل لسلامتي الشخصية.. ‏اعتقد ان البروفسور ( هاتون ) يدفع جيدا .."‏
‏-‏ مد ( زكي ) يده الى جيبه وتحسس الشيك .. لن يعطيه الرجل الا بعد ‏التسلم .. طبعا من الوارد ان يحتفظ الرجل بالشيك والكتاب ولن ‏يلومه احد ..لو قتل ( زكي) الآن فلا مشكلة ..لن يفتضح امره ابدا ‏‏..‏
لكن ( زكي ) دعا الله الا تكون الأمور بهذه الخطورة . بالنسبة له لا ‏يزيد الكتاب على مخطوطة أخرى من عشرات المخطوطات .. ولو كان ‏يعرف هذا التاريخ الاسود لتردد مرارا .. مخابرات نازية وكهف و .. و ‏‏.. لعبة مرعبة حقا ..‏
الآن كان ( درنشر ) يتقدم وسط الممر .. ثم تفح باب احدى الغرف ‏الجانبية ودخل ..‏
مشى ( زكي ) وراءه في ضوء المشعل . وادرك انها كانت غرفة مكتب ‏يوما ما .. شعر بانه يتعثر فتوازن بسرعة .. وفي اللحظة التالية كان ‏يحدق في جمجمة تضحك ضحكة الموت الماجنة في وجهه .. اطلق ‏صرخة وتراجع ..‏
‏-‏ ‏" هذا ( فريتز ) البدين !"‏
قالها ( درنشر ) ضاحكا وهو يخفض المشعل لينثر تلك الجثة .. جثة ‏عليها اسمال يبدو انها كانت ثيابا عسكرية رمادية يوما ما .. جوار يد ‏الهيكل العظمي مسديس .. والثقل في الجمجمة يحكي قصة بليغة جدا ..‏
‏-‏ ‏" ( فريتز ) البدين كان مؤمنا بالفوهرر لذا فضل البقاء هنا عندما ‏سمع خبر موته .. فجر راسه بمسدسه كما فعل الفوهرر نفسه .. ‏إنه ليس الوحيد فلا تخف " ‏
ثم رفع المشعل وواصل التقدم.. بالفعل ادرك ( زكي ) ان هناك اكثر من ‏هيكل عظمي على الارض ..‏
كانت هناك صورة قوطية الطابع على الجدار تصور معركة ما من ‏معارك القرون الوسطى ..‏
اتجه نحوها ( درنشر ) ورفع المشعل .. اقترب من صورة فارس يضع ‏قدمه على صخرة وينفخ بوقا .ز وضع كفه على البوق .. هنا دوى ‏صوت صرير .. وببطء انفتحت كوة في الجدار .. ‏
سأله ( زكي ) السؤال الوحيد المنطقي :‏
‏" لو تصورنا انك وجدت هذا المخبأ .. فكيف عرفت هذا كله .. "‏
‏-" هيئ هيئ .. نحن اليهود لنا وسائلنا . . هيئ هيئ " ‏
‏- "وهذه الىلية تمل بذات الدقة منذ ثلاثين عاما؟"‏
‏-" انت تتعامل مع المان .. دعك من انني آتي هنا كل شهر لأتاكد من ‏ان كنزي بخير .."‏
ثم مد يده حتى الكوع داخل الكوة ، وحينما خرجت كان في يده مجلد ‏عتيق اشكل .. ناوله لـ ( زكي ) ثم اغلق الكوة في حذر ..‏
امسك ( زكي ) الاوراق وراح يفرها .. كانت مكتوبة بالانجليزية لكنها ‏مليئة بالرموز ..‏
رفع عينه فوجد ( درنشر ) ينظر له بخبث ، ثم يخرج من جيبه كيسا ‏بلاستيكيا ويناوله اياه :‏
‏-‏ ‏" انصحك ان تضعه في هذا الكيس .."‏
‏-‏ ‏" لن امزقه .. انني اتعامل معه بالحذر .."‏
‏-‏ ‏" هذا لمصلحتك .. لن تسعد حينما اخبرك ان هذه الاوراق مجلدة ‏بجلد الموتى ! جلد يهودي مدبوغ !"‏
ارتجف ( زكي ) ولا شعوريا اسقط الكتاب في الكيس وهو يحلم بان ‏يبتر كفيه .. منذ اللحظة الأولى شعر بان ملمس المجلد غير مريح .. ‏لكن موضوع جلد الهيود هذا على الارجح نوع من المبالغات اليهودية ‏المعتادة ..‏
قال ( درنشر ) ضاحكا : ‏
‏-" كان هذا طقسا ارادوا به ان يمنحوا الكتاب قوة .. كلما كان الأمر ‏شريرا اكثر .. انت تعرف هذه الأمور ..والآن الشيك لو سمحت .. "‏
أخرج ( زكي ) اشيك من جيبه وناوله للرجل ، ثم امسك الكيس في ‏حذر مغالبا شعور التقزز ..‏
حينما رفع عينه كان يحدق في نصل خنجر عملاق يلتصق بعنقه ..‏
نظر في رعب للجرل .. فقال له هذا الاخير :‏
‏-‏ ‏" هل يوجد سبب واحد ليجعلك تخرج من هنا ؟ الشيك معي والكتاب ‏مهم جدا بل بالغ الاهمية .. كانت حماقة منك ان تأتي غير مسلح ‏‏.."‏
ثم قال بخث وهو يشير الى الأرضية :‏
‏- " هل حقا تعتقد ان كل هذه الهياكل العظمية هياكل ضباط نازيين ؟ ‏الم تلحظ ان بعضهم يلبس ثيابا مدنية .. بل حديثة كذلك ؟! "

^RAYAHEEN^ 28-10-05 08:23 PM


-6- ‏
وانا ما زلت ساهرا أفكر ..‏
إن نور الفجر قد بدأ يتسرب عبر الستائر وهذا افضل .. ما زلت اشعر ‏بانني لن اموت إلا ليلا .. سواء كانت ميتة طبيعية او غير طبيعية ..‏
ما زلت احاول ان اربط قصة هؤلاء الذين ماتوا بقصة ( العزيف ) ..‏
لقد أخرج الأسبان العرب من الاندلس ، وكان ان بقيت مجموعة من ‏السكان ذوي الأصل العربي الذين اطلق عليهم اسم ( المور ‏Moor‏ ) ‏‏.. كان هؤلاء الآن موضوع اضطهاد وتعذيب محاكم التفتيش .. ويبدو ‏ان التعذيب جعل بعضهم يتكلم .. وما قاله كان مثيرا اثار شغف الراهب ‏الدومينيكاني ( اولاس فيرمياس ) ، من ثم حصل بشكل ما على كتاب ( ‏نيكرونوميكون ) وترجمه الى اللاتينية .. في هذا الجو بالذات جو ‏محاكم التفتيش كان عمله انتحارا .. سرعان ما تسرب الخبر وحوكم ‏الرجل واتهم بالهرطقة واحرق .. يقال إن نسخة من هذا الكتاب ‏محفوظة في مكتبة الفاتيكان .. وما اكثر الأسرار الغامضة المتوارية ‏في هذه المكتبة .. ‏
بعد هذا يظهر اسم ( يعقوب أليتزر ) وهو ( نكرومانسر ) محترف هكذا ‏عيني عينك قيل ان الكتاب معه ..‏
الآن تنتقل القصة الى جو عبري صرف ..‏
لقد ترجم الكتاب الى العبرية عام 1664 ، وصار اسمه ( سيفر ‏هاشاري حاداث ) أي ( كتاب بوابة المعرفة ) .. وهنا يدخل المسرح ( ‏ناتان غزة ‏Nathan of Gazza ‎‏ ) .. ساحر يهودي ولد في القدس ‏ودرس التلمود والكابالاه .. ثم وقع الكتاب الرهيب في يده فوجد انه ‏يحدثه عن امور تهمه شخصيا ..‏
بعد هذا يظهر اسم ( دي ) الساحر الشهير الذي ترجم الكتاب الى ‏الانجليزية .. ثم نثب وثبة واسعة جدا لنلقى من يدعى ( أليستر كراولي ‏‎ Alesister Crowley ‎‏ ) .. وهو اشهر من نار على علم لمن ‏يهتمون بهذه الامور . . ‏
‏*** ‏
هل هو نصاب ؟ ‏
هل هو خبير في ( ما وراء الطبيعة ) ؟
هل هو كما يعتبره البعض في الغرب التجسيد الحقيقي للشيطان ؟ لاحظ ‏ان اسمه الرسمي في كتابات الغرب هو ( الوحش ) ..‏
بالنسبة لي اعتبره شخصا مثيرا للجدل ، لكنه ساحر و ( من نفث في ‏عقدة فقد كفر ) .. دعك من انه شيطاني ‏Satanic ‎‏ بلا تزويق ، لهذا ‏اكره سيرته ووجهه المخيف الذي يطالعك في كل صورة .. لسعداء ‏الحظ الذين لم يروا صورته اقول انه نسخة مخيفة من ( موسوليني ) ‏‏.. اما من لم يروا ( موسوليني ) فلهم اقدم اعتذاري .. !‏
‏( اليستر كراولي ) .. !‏
رمز السحر المعاصر بالنسبة للعقل الغربي .. ولد في انجلترا عام ‏‏1875 ، وارتحل الى كل مكان في الأرض .. حرفيا ارتاد كل مكان من ‏اعمق الوديان الى اعلى الجبال .. تعلم اليوجا في سيلان وتعلم سحر ‏القبائل وتعلم من بدو الصحراء .. كتب مائة عنوان تقريبا ، وله ‏مجموعة من اوراق ( تاروت ‏Tarot ‎‏ ) مهمة متداولة حتى اليوم .. ‏كما ان له مذهبا شهيرا اسمه ( الثيليما ‏Thelema‏ ) وكتابا اشهر ‏اسمه ( كتاب القانون ) يقال ان اكثره مسروق من ( العزيف ) .. ثم ‏مات في الأول من ديسمبر عام 1947 وتم حرق جثته مع تلاوة مقاطع ‏من ( كتاب القانون ) كما اوصى بهذا ، وقد أثار هذا غضب المتدينين . ‏‏. ‏
ما يعنيني من حياة ( كراولي ) هو انه قرأ ترجمة ( دي ) للكتاب .. ‏هكذا قرر ان يتقمص بالكامل شخصية ( الحظرد ) ، وارتحل الى شمال ‏افريقيا فقط ليجوب الصحراء وحده .. ممارسا ذات الخبرة التي عاشها ‏‏( الحظرد ) ..‏
جاء عام 1918 ومعه كان موعده مع السحر الأنثوي ..‏
يدهشني في تاريخ حياة هذا الرجل انه كان مولعا بالنساء برغم ان ‏هؤلاء القوم الراغبين في السيطرة على الكون لا يبالون بالنساء على ‏الارجح .. يذكرني الامر بماسورة البندقية التي لا تنطلق منها ‏الرصاصة إلا إذا كانت بلا ثقوب تبدد طاقة الانفجار ، لهذا يغلب على ‏هؤلاء الاشخاص ذوي الكاريزما ان يكون اهتمامهم مركزا خالصا ‏لشيء واحد فقط ، كانهم اساتذة اليوجا او فرسان النينجا القدامى او ‏الرهبان البوذيين ، إلا ان الأمر لا ينطبق على ( كراولي ) .. يبدو انه ‏كان قادرا على الاهتمام بأشياء اخرى ايضا .. ويبدو انه كان يعتبر هذا ‏جزءا من ( الشيطنة ) المطلوبة للوصول الى ما يريده .. ‏
كانت هناك امرأة حسناء تدعى ( سونيا جرين ).. وصفها في كتاباته ‏بانها ( يهودية حسناء ممتلئة بالحيوية ) .. كانت مطلقة تعمل بتصميم ‏الثياب والقبعات .. وقد عرفها ( كراولي ) وهام بها حبا لفترة قبل ان ‏تتركه او يتركها ..‏
المهم انها بعد ثلاثة اعوام وجدت لنفسها عريسا كئيبا وفنانا غريب ‏الأطوار يدعى ( لافكرافت ) .. ‏
إنه من أهم كتاب الرعب الامريكيين .. بل اهمهم في العالم كله فلا يمكن ‏مقارنته إلا بمواطنه ( إدجار آلان بو ) .. وفي العام ذاته ظهر اسم ( ‏الحظرد ) لاول مرة في كتابات ( لافكرافت ) ..‏
إذن كانت المرأة تسلي زوجها الأديب البائس قبل النوم بحواديت ( أمنا ‏الغولة ) هذه .. ويمكننا ان نتبين بوضوح تام الخيط الذي يصل بين ( ‏كراولي ) و ( لافكرافت ) ..‏
فميا بعد زعم ( لافكرافت ) أنه كان يطلق على نفسه في طفولته اسم ( ‏الحظرد ) .. اعتقد الآن انني اجد صعوبة في تصديق هذه القصة ، واصدق ‏اكثر ان ( لافكرافت ) لم يسمع عن ( الحظرد ) إلا عام 1921 عندما قابل ‏الأخت ( سونيا ) ..‏
نور النهار يدخل كاملا بلا نقصان من النافذة ..‏
الآن استطيع ان انام .. سأتصل بهم في المستشفى أخبرهم انني اصبت ‏بالفالج او سقطت من الشرفة ، وان عليهم الا ينتظروني اليوم .. هكذا ‏سانعم بنوم عميق حتى الظهر ..‏
يقودني هذا الى الكلام عن كتاب ( إينوخ ) الذي تكلم عنه الفتى ( فايز ) ‏يرحمه الله ..‏
هذا الكتاب ظهر الى العالم مترجما على يد ساحر يدعى ( دي ) .. هذا ‏الرجل زعم انه التقى بكيانات قديمة مخيفة عن طريق هذا الكتاب .. قال ‏إنها كانت تستعمل شفرة غريبة ، لكنه وجد حل هذه الشفرة في الــ ( ‏إينوخ ) واستطاع ان يتصل بها ، وقد استعمل سحرة كثيرون ذات الشفرة ‏اللغوية ووجدوها مريحة ..‏
كان الفتى ( فايز ) يبحث عن كتاب (إينوخ ) .. معنى هذا انه مهتم بما قاله ‏‏( دي ) .. مهتم بالكيانات القديمة .. ثم سألني عن ( ناتان غزة ) .. معنى ‏هذا انه في الطريق الذي يقود الى كتاب ( نيكرونوميكون ) .. لا احد يسأل ‏عن ( ناتان غزة ) إلا إذا كان يعرف التاريخ الكامل لهذا الكتاب . .‏
لهذا انذرت الفتى من عدم الدخول في هذه المتاهات العبرانية .. ‏
ما معنى هذا كله ؟ ‏
‏1-‏ هناك جرائم بشعة ..‏
‏2-‏ هذه الجرائم تمس اشخاص لهم علاقة بدراسة التاريخ او البحث ‏فيه ..‏
‏3-‏ دم هؤلاء الاشخاص يكتب رسالة تحذيرية .. إنها الحروف الأولى ‏من عبارة ( عزيف ) .. ‏
‏4-‏ أحد هؤلاء الأشخاص كان يقينا يبحث عن هذا الكتاب .. ‏
ولكن من جديد ما معنى هذا كله ؟ ‏
حقا لا اعرف .. لا استطيع ربط الأحداث ببعضها .. لكن القصة كلها ‏تحوم حول هذا الكتاب الرهيب .. لقد ظهر او هو موشك على الظهور ‏‏..‏
لقد كان وقت النوم ..‏
ثمة مزية مهمة هنا هي انني لا احلم ابدا عندما انام في النهار .. هذا ‏يعد بنوم مريح باسم .. وإلا وجدت الأخ ( الحظرد ) شخصيا مع ( ‏كراولي ) قادمين ليجلسا على صدري الى ان اصحو من النوم ..‏
حان وقت راحة العقل ..‏
ربما اخبر ( عادل ) هاتفيا بهذا الذي عرفته ..‏
وربما لا ..

^RAYAHEEN^ 29-10-05 01:53 AM


-7-‏
إنه كمين مريع ..‏
و ( درنشر ) يتقدم بالخنجر نحو ( زكي ) .. المشعل في يد والخنجر ‏في الأخرى ، وهو يضحك في جنون .. ويأتي بحركات ( تشريط ) أو ‏Slashing ‎‏ كما لا اجد وصفا آخر .. ضربات هستيرية ترسم أقواسا ‏في الهواء .. لا بد ان تصيب واحدة منها بطن ( زكي ) ..‏
هكذا تراجع للوراء محاذرا ..‏
إن اليهودي مخبول فعلا .. إنه لا يكف عن الضحك كانه يمزح .. كأنها ‏دعابة لطيفة يغيظ بها صديقا ..‏
إذن لم تكن كل الهياكل العظمية تخص النازيين .. بعضها كان يخص ‏حمقى آخرين أرادوا شراء الكتاب .. لو هلك هو ( زكي ) الآن فلن ‏يجده حد ، ولن يستطيع البروفسور ( هاتون ) أن يثبت شيئا . فقط ‏قبل ان يتبين اختفاؤه يتجه ( درنشر ) إلى المصرف ويصرف الشيك أو ‏يكلف أحدهم بذلك . ‏
هجمة أخرى مريعة ..‏
في هذه المرة تراجع اكثر فسقط على الأرض ..‏
آلمه ظهره من جراء السقطة ، لكنه ادرك انه تعثر في ( فيتز ) البدين ‏‏.. النازي الذي كان اكثر نازية من ( هتلر ) .ز جوار يد ( فريتز ) ‏المتحللة كان ذلك المسدس الذي بخع به نفسه يوما منذ ثلاثين عاما ..‏
مسدس عتيق الماني .. مسدس عتيق ألمــ ..‏
وقبضت يده على المسدس .. ترى هل يعمل ؟ هل ما زال صالحا بعد ‏هذه الاعوام ؟ هل هو محشو .. لا بد انه كذلك .. هذا مسدس ضابط ‏الماني اثناء الحرب ..‏
لم يكن قد اطلق أي سلاح ناري من قبل .. إنه لم يلتحق بالجيش بسبب ‏ضعف بصره .. لكن الضرورات تبيح المحظورات .. وهذا الوغد ‏المجنون قادم نحوه وهو يطلق الضحكات ولا يكف عن طعن الهواء ، ‏حتى ان الهواء راح ينزف بغزارة ..‏
صوب نحو صدر الرجل .. ضغط على الزناد .. لدا له انه لن يتحرك ابدا ‏‏.. ثم لان فجأة ..‏
كان الصوت عاليا الى حد لا يصدق .. لم يتصور قط انه يحدث كل هذا ‏الصخب .ز لقد تساقط الغبار من سقف الحجرة وبدا ان الصدى لن ‏يتوقف ابدا .. إنها الطلقة الاولى التي تسمع هنا منذ نسف ( فريتز ) ‏راسه منذ ثلاثين عاما ..‏
لكن الرجل كان قادما وهو لا يكف عن طعن الهواء .. هكذا وجه ‏المسدس من جديد ، وضغط على الزناد ثانية ..‏
في هذه المرة حدث شيء ..‏
لقد طار الرجل في الهواء ليسقط على ظهره على بعد مترين .. وهمدت ‏حركته تماما .. المشعل الوهاج بجواره على الأرض ..‏
نهض ( زكي ) واتجه نحو الرجل الراقد .. لم يرد ان يجازف ، لذا ‏اطلق طلقة أخرى في الموضع ذاته ..‏
فكر في ان يسترد الشيك لكنه لم يجسر على لمس الرجل .. كان ملوثا ‏بالموت وأية لمسة يمكن ان تنقل لك العدوى .. هذه من قوانين ( التابو ‏Taboo ‎‏ ) الشهيرة ..‏
هكذا غادر الغرفة الرهيبة .. مشى في الممر حتى خرج من الباب إياه ‏‏.. هناك درجات تقود لأعلى .. ثم فتحة صغيرة في السقف يمكنك ان ‏تخرج منها لتجد انك في ممر آخر ..‏
تنظر لقدميك فلا ترى الفتحة التي خرجت منها لأنها مغطاة بذات نوع ‏الصخور التي على الأرضية ..‏
الآن يرى ممرا آخر قاده الى خارج الكهف .. واستطاع ان يفهم سبب ‏سرية المكان .. إنه موصد ببوابة حديدية عليها إنذار من البلدية لأن ‏هذا الكهف خطر وممنوع دخوله .. طبعا هم لا يعرفون ان هناك مقرا ‏كاملا للنازيين تحت أقدامهم .. لم يحاول غلق البوابة التي ثبت عليها ‏جنزير حديدي ثقيل ، لانه خشى ان يضطر الى العودة لسبب ما ..‏
لكنه لن يعود لأي سبب ..‏
هذه منطقة أقرب الى سفح جبل تحيط به الأشجار الكثيفة .. السيارة ‏العتيقة واقفة هناك ، ويبدو انها قطعت طريقا متعرجا مرهقا غير ممهد ‏‏. قلبه يتواثب كطبل في صدره .. المفاتيح ! ماذا عن المفاتيح ! لن ‏يعود لتفتيش جيوب الجثة .. ابدا .‏
نظر داخل السيارة فرأى المفاتيح معلقة .. حمدا لله ! كان ( درنشر ) ‏مطمئنا تماما الى ان المنطقة قفر ..‏
كان يلبس القفازين عند قدومه ، لذا اعاد لبسهما وادار المحرك .. كان ‏عسير التشغيل .. طبعا .. لا بد من هذا . . السيارات لا تعمل ابدا عندما ‏يكون الغرض منها هو الهرب .. سوف تظل عنيدة الى ان يأتي أحدهم ‏ويدخل رأسه من النافذة .. شبح الرجل ؟ لا .. ليس بهذه السرعة ..‏
حاول عدة مرات .. جرب أكثر الحيل التي يعرفها . في النهاية استجاب ‏المحرك .. وتصاعد الهدير المحبب للنفس ..‏
وانطلق ( زكي ) بالسيارة .. تجربة طريفة هي .. أن تقود سيارة رجل ‏قتلته في منطقة لا تعرفها في ( سالزبورج ) وفي جيبك كتاب شيطاني ‏مجلد بجلد الموتى ! ‏
أي كابوس هذا ! ‏
يمشي بالسيارة فوق الآثار التي رآها من قبل .. في النهاية يرى طريقا ‏ممهدا ..‏
هكذا راح يمشي على غير هدى .. يقرأ اسماء عل لافتات تتحدث عن ‏قرى لا يعرف عنها أي شيء ..‏
في النهاية راى ما كان يبحث عنه .. الفلاح النمساوي العجوز ذا ‏الشارب الكث الذي ينقل تبنا الى عربة صغيرة تقف الى جوار الطريق ‏‏.. هكذا سال الرجل عن الطريق فأرشده .. وقد ضل طريقه عدة مرات ‏حتى انه تعجب من عبقرية الرجل الذي استطاع المشي في هذه المتاهة ‏‏( الكريتانية ) ..‏
قاد السيارة حتى اقترب من المدينة نوعا ثم وجد مجموعة من الأشجار ‏فقادها الى هناك وتركها ..‏
ثم عاد راجلا .. وكان معنى هذا ان يمشي ساعة ..‏
كان يعرف ان الشرطة ستجد السيارة .. لكنهم لن يجدوا الرجل .. لن ‏يجدوا بصمات ..‏
عامة لا يوجد أي شيء يربطه بـ درنشر ) إلا ان يكون الرجل ثرثارا ‏أخبر زوجته او أصدقاءه بوجهته قبل التحرك .. أو ان يكون موظفوا ‏الفندق قد تذكروا وجه الرجل جيدا .. هذا صعب لأنه مشغولون جدا ‏دعك من ان احدا لن يسألهم ..‏
الأهم هو ان مهمته العلمية قد انتهت .. سوف يكون في مصر بعد ‏يومين ..‏
وللمرة الأولى بدأ يشعر بالحنين لمصر .. لقريته .. لأصدقائه ..‏
لقد شفاه كتاب ( نيكرونوميكون ) من عقدة الخواجة للأبد .. وهذا ‏يعني ان للكتاب قدرات خارقة برغم كل شيء ..‏
‏*** ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف السبب لكنك تغيرت .. " ‏
قالتها ( جابي ) وهما يقفان على ضفة نهر ( سالتساخ ) متقاربي ‏الرأسين .. لكنه لم يرتبك .. من الطبيعي ان يتغير وقد حانت ساعة ‏الفراق .. إنه نوع من ( انتحال العاطفة ) كما يضع الممثلون القطرة ‏ليجيدوا في مشاهد البكاء ، او كما يجلس المرء حزينا مهموما في ‏سرادق العزاء لأن فريق الأهلي خسر الكأس في مباراته الأخيرة .. ‏
قال لها : ‏
‏-‏ ‏" عندما يفارق المرء أجمل وأرق فتاة عرفها لا تتوقعي ان يرقص ‏طربا " ‏
تعانقت اناملهما وادرك انها تحبه حقا .. ما لم تكن تنتحل العاطفة ‏بدورها .. ‏
قال لها بصوت رخيم : ‏
‏-‏ ‏" انت في وجداني دائما .. لا اعرف ان كنت ساحصل على الطلاق ‏ام لا لكني ساحاول جاهدا .."‏
‏-‏ ‏" خذ وقتك .. من يدري ؟ ربما ازور مصر هذا العام !"‏
اراد ان يصرخ ( كله إلا هذا ) ثم ابتلع لسانه .. لو جاءت لكانت ‏فضيحة ..‏
لكنه يحبها بالفعل .. وسوف يتزوجها في أقرب فرصة .. لكنه لن يقيم ‏معها في مصر .. لا يريد ان يراها بلا خلفية من القصور القديمة ‏والغابات وموسيقا ( موتسارت ) .. لا يتصور ان تكون خلفية صورتها ‏هي ( باب اللوق ) أو ( العتبة ) .. سيقيم معها في ( النمســ .. ) . ‏‏.النمسا ! لقد صارت ملطخة للأبد بهذه الذكرى الرهيبة .. لن يقدر على ‏الحياة هنا ابدا .. والأسوأ انه يشعر بأن الشرطة تلاحقه .. سوف تحيط ‏به الف سيارة في أية لحظة ويخرج رجال الشرطة المخيفون الذين لم ‏يتخلصوا بعد من طقوس ( الجستابو ) ..‏
ربما بلد ثالث ؟ لا يعرف ..‏
المهم مؤقتا يجب ان يرى مصر وقريته .. بعدها يعرف ما يجب عمله ‏‏.. ‏
جلس في السنترال يحاول طلب الرقم للمرة الألف ..‏
كان قد أصيب باكتئاب مزمن ، ولم يعد يطيق أي شيء ، حتى انه ‏تساءل عما اذا كان احسن صنعا برحلة النمسا هذه .. كان يتشاجر ‏مئات المرات يوميا ..ويصيبه الذهول من كم الزحام والبيروقراطية ‏وصعوبة عمل أي شيء .. حتى ركوب سيارة أجرة عمل معقد يحتاج ‏الى تخطيط وحظ حسن ..‏
لكنه كان يريد إتمام هذه المكالمة ..‏
لا بد ان يعرف من ( هاتون ) ما يجب عمله بهذا الكتاب الرهيب الذي ‏يحتل حقيبة من حقائبه .. هذه الحقيبة صارت رمزا في حد ذاتها ‏‏..نوعا من ( التابو .. ثم زحف ( التابو ) ليشمل غرفة المكتب ذاتها .. ‏وسوف يزحف ليحتل الشقة كلها ..‏
يجب الخلاص من هذا الكتاب اللعين بأي ثمن .. كتاب مليء بالسحر ‏الأسود ، تم تجليده بجلد الموتى ، وقد اقتضى الحصول عليه ان يرتكب ‏جريمة قتل !‏
إنه الشؤم ذاته لو كان للشؤم وزن .. ولولا احترامه لأستاذه لتخلص ‏من هذا الكتاب في المرحاض مع شد السيفون ، ثم سكب زجاجة كاملة ‏من حمض ( الكاربوليك ) للتطهير ..‏
‏-‏ ‏" الأخ الذي يريد الاتصال بانجلترا ! كابينة 3 "‏
دوى صوت الموظف عبر مكبر الصوت .. فهرع الى الكابينة .. كانت ‏هذه هي طريقة الاتصال بالخارج أو بمحافظة أخرى في تلك الأيام .ز ‏اغلق الباب الزجاجي عليه وانتظر حتى جاء صوت الجرس ثم سمع ‏صوتا بريطانيا وقورا يسأل عما هنالك ..‏
‏-‏ ‏" البروفسور ( هاتون ) من فضلك ؟ ‏
قال الصوت بلهجة اكسفوردية عظيمة جدا لا تخرج إلا من فم تشريحه ‏بريطاني : ‏
‏- " أخشى يا سيدي ان سيدي البروفسور قد توفي منذ أسبوعين .. ‏اخشى انها نوبة قلبية لو كان لي ان اقول هذا .. انا رئيس الخدم .. هل ‏يرغب سيدي في الحديث الى ارملة سيدي .. مسز ( هاتون ) ؟ !

Ala_Daboubi 30-10-05 09:42 AM

yeslamo yeslamo , esma3i , khalas oslogi hal qesa marah wa7deh osloob el tashweeq had balasht anfa2is mino

^RAYAHEEN^ 30-10-05 09:48 AM

هههههههههههههههههههههههههههه
ابشر صرت بنص الرواية لهلء
هههههههههههههههههههههههههههه
يعني يامه رايحه تنفقس

Ala_Daboubi 30-10-05 09:54 AM

bas enti sam3a 3an hada el nekromonican 2abil haik ?0

^RAYAHEEN^ 30-10-05 09:59 AM

لا ما كنت سامعة قبل هيك بهالكتاب الا من خلال هالقصة
بس شكلوا كتاب مليان بالسحر الاسود
وان كان ما زال موجود بجد الله يستر منو ومن الي بيوقع بين اديه

^RAYAHEEN^ 30-10-05 10:14 AM


وهيدي بعض المعلومات عن هالكتاب كتاب أسماء الموتى


نيكرونوميكون: كتاب أسماء الموتى

تكلم كاتب الرعب الكبير "لافكرافت" عن كتاب "نيكرونوميكون" الرهيب، حتى صار بالنسبة لقرائه حقيقة واقعة فلا يعرف أحد أبدًا أين ينتهي الخيال وتبدأ الحقائق.. زعم "لافكرافت" أن الكتاب كتبه شاعر يمني اسمه "عبد الله الحظرد"عام 735 بعد الميلاد.. وأحيانًا يطلق على الكتاب اسم "العزيف".. ومعنى الكلمة بالعربية هو صوت الحشرات الليلية وكان العرب يعتقدون أن هذا صوت الجن

http://www.boswtol.com/affareet/imag...h/lafvraft.jpg


قبل أن نبدأ يجب أن نتذكر أن اسم (عبد الله الحظرد) ليس مألوفًا في العربية.. كلمة (حظرد) نفسها لا معنى لها.. فهل يعود هذا لخطأ في ترجمته (كما ترجموا اسم أبي القاسم إلى أبوكاسيس، وابن رشد إلى أفيروس) أم لأن عقلاً غربيًا هو من لفق هذا الاسم؟

يضع الغربيون ممن يعرفون العربية احتمال أن يكون الاسم الأصلي (عبد الله ظهر الدين) أو (عبد العُزّى الراهب بن عاد) وهو اسم مقبول في الجاهلية، ولكن مستحيل أن يوجد بعد الإسلام..

هناك تاريخ حكاه "لافكرافت" وتاريخ حكاه المهتمون بهذه الأمور، وقد اختلف التاريخان في بضع نقاط، لكن كليهما أجمع على أن (عبد الله الحظرد) –لو صح الاسم– هو مؤلف هذا الكتاب الرهيب: "العزيف"..

إن (الحظرد) شخصية غير عادية بالفعل.. فهو شاعر عربي نصف مجنون ولد في صنعاء، وعاصر خلفاء بني أمية حوالي السنة 700 ميلادية.. ويقال إنه جاب العالم كله تقريبًا وزار خرائب (بابل) حيث أمضى هناك وقتًا أطول من اللازم، وقد أجاد عدة لغات، وكان يزعم أنه يعرف موضع مدينة (إرم ذات العماد) المذكورة في القرآن الكريم، وأنه عرف ما عرفه هؤلاء القوم من أسرار الكون.. بالمناسبة: في العام 1984 استطاع المكوك "تشانجر" أن يلتقط صورة لمدينة مدفونة على الخليج العربي يعتقد العلماء أنها (إرم) ذاتها..

ألم "الحظرد" بفلسفة اليوناني "بروكلوس" كثيرًا، وقضى حياته في دراسات غامضة، ثم استقر في دمشق حيث كتب كتابه "العزيف".. ويقال إن هذا الكتاب نموذج لفكر العراف الشهير "نوستراداموس" بالعكس.. نوستراداموس استعمل أساليب سحرية لتقصي الغد أما هذا الكتاب فقد استعمل وسائل سحرية لتقصي الماضي الغامض..

بعد هذا قيل إن "الحظرد" ارتحل إلى الربع الخالي في الجزيرة العربية حيث عاش منعزلاً، وفي السنة 738 ميلادية (120 هجرية) لقي نهاية مريعة، حيث التحم مع كائن أسطوري مخيف.. ويقال إن المعركة تمت أمام شهود مذهولين أصابهم الهلع.

قيل –على لسان "لافكرافت" فقط– إن "الحظرد" كان مشركًا وكان يعبد آلهة وثنية تدعى (كتولو) و(يوج سوثوث).. بالنسبة لي على الأقل لا أبتلع هذا الجزء لأن هذه الأسماء ليست ذات مذاق عربي وإنما هي أسماء تكررت كثيرًا في كتابات لافكرافت..


http://www.boswtol.com/affareet/imag.../lafvraft2.jpg


الواقع أن "لافكرافت" كان مهووسًا فعلاً بفكرة (الكيانات القديمة The old ones) حتى ليبدو هذا المفهوم لافكرافتيًا صميمًا.. لكنه غريب المذاق بالنسبة للثقافة العربية..

هذا عن مؤلف الكتاب.. فماذا عن الكتاب نفسه؟

يجب أن نؤكد أن أحدًا لم يعثر قط على نص عربي للكتاب.. "إدريس شاه" بحث عنه في كل المكتبات العربية والهندية فلم يجده.. إلا أن "تيودور فيليتاس" ترجمه لليونانية قبل أن يختفي.. وهو من أعطاه الاسم (نيكرونوميكون) ومعناه (كتاب أسماء الموتى).. يقال إن الكتاب من سبعة أجزاء وإن عدد صفحاته 900 صفحة..

في العام 1232 أصدر البابا "جريجوري التاسع" أمرًا بمنع الكتاب وإحراق نسخه..

في العام 1457 صدرت ترجمة لاتينية للكتاب لكن بوساطة الراهب الدومنيكاني "أولاوس فيرمياس". ويبدو أن خبر الكتاب قد وصله أثناء عمله في محاكم التفتيش التي تعذب المور (سكان إسبانيا ذوي الأصل العربي والذين راحت محاكم التفتيش تتسلى عليهم بلا رحمة) .. هؤلاء المور أرغموا بالتعذيب على اعتناق الكاثوليكية. وبالطبع كانت ترجمة الكتاب عملاً أحمق لأن الرجل اتهم بالهرطقة وأحرق مع كل نسخ الترجمة، وإن كان كثيرون يعتقدون أن نسخة واحدة على الأقل ظلت سليمة في مكتبة الفاتيكان. بعد 100 عام ظهرت نسخة في (براغ) مع من يدعى بالحاخام الأسود وساحر القبالة وخبير النكرومانسي المحترف "يعقوب إليتزر"..

http://www.boswtol.com/affareet/images/22th/gggg.jpg


ترجمت بعض الأجزاء إلى العبرية عام 1664 وسميت "سيفر هاشاري حاداث" أي "كتاب بوابات المعرفة".. هذه نقطة مهمة جدًا لأن لفظة "داث" لها أكثر من معنى في العبرية..

من هنا تتخذ القصة طابعًا عبريًا قويًا كما سنرى حالاً..

يظهر على خشبة المسرح من يدعى (ناتان غزة).. وهو يهودي ولد في القدس عام 1643 وتزوج ابنة تاجر ثري من غزة.. ثم درس التوراة والتلمود والقبالة (سحر الأرقام اليهودي) ثم بدأ يبشر بأن أحد معارفه هو المسيح العائد الذي سيخلص اليهود...

من المفاهيم الأساسية في القبالة أن الله خلق عدة عوالم قبل هذه الأرض لكنها تحللت بسبب سيطرة الشر.. طبعًا هو مفهوم وقح يفترض أن الله –سبحانه وتعالى- خلق عوالم غير متكاملة إلى أن توصل إلى خلق عالمنا الحالي. في العبرية كلمة هي (دن) ومعناها (الحكم على الأشياء).. لقد كان خلق الكون أساسًا هو أعظم نموذج للدن.. ثم يأتي مفهوم الكليبوث.. الكليبوث باختصار هو قشرة الشر الموجودة في العالم.. إنها قشرة لا أكثر لكن خطايا البشر تستطيع أن تملأها.. وهنا يمارس الدن تأثيرًا سلبيًا لأنه يفرق بين البشر وبعضهم... وللكليبوث سبعة ملوك يمثلون العوالم السبعة السابقة المدمرة..
وقع كتاب (نيكرونوميكون) في يد ناتان غزة فوجد أنه يقول أشياء قريبة جدًا مما درسه..

اعتقد "الحظرد" أن أجناسًا أخرى غير الإنسان ورثت معه هذه الأرض، وأن ما يعرفه الإنسان عرفه من كائنات مما وراء هذا العالم. وآمن –وكان دقيقًا في هذا- بأن النجوم شموس أخرى حولها كواكب أخرى. وزعم أنه اتصل بالكيانات القديمة The old ones عن طريق السحر.. وكان يرى أن هؤلاء سيسيطرون على الأرض في النهاية محولين العالم الذي نعرفه إلى خراب .

http://www.boswtol.com/affareet/images/22th/geny.jpg

إن هذه الكيانات القديمة كائنات فوق البشر وخارج البشر تعيش خارج حدود عالمنا,, وقد تزوجت من نساء البشر فأنجبت مسوخًا .. التوراة تلمح لشيء من هذا، وهناك كتاب يهودي يدعى (إنوخ Enoch) يحكي عن 20 شيطانًا جاءوا الأرض وتزوجوا من بنات البشر، فأنجبوا ذرية مخيفة.. أفراد الذرية تعلموا كيف يصنعون أسلحة غريبة ومجوهرات وكيف يشربون الدم. التلمود يحكي القصة ذاتها. ويعتقد الغربيون أن هذه الكيانات القديمة هي ما يعنيه العرب بلفظ (الجن).

إن النكرونوميكون كتاب تاريخ يحكي عن الكيانات القديمة أكثر منه دليلاً للسحرة المبتدئين كما يظن البعض. وهذا هو ما يجعل الكتاب مخيفًا.. فهو لا يعتقد بأننا ملوك الكون وأن الكون في خدمتنا، بل هو يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية، بينما نحن مجرد غبار معدوم الحيلة وما يبقينا أحياء هو أننا أتفه من اللازم..
لاحظ الغربيون أن الكتاب له ارتباط مريب بأساطير شعوب الشمال.. بل إن عمالقة النار عند شعوب الشمال تشبه الجن عند العرب.. فمن أين أتت علاقة عجيبة كهذه؟.. يقولون في تفسير هذا إن مدينة "هارانيان" الشمالية ظل أهلها على وثنيتهم ولم يدخلوا الإسلام، وفيما بعد عاش عدد منهم في بغداد.. هناك وسط هذا المحيط المسلم كان عليهم أن يكونوا مجتمعًا منغلقًا منطويًا.. وقد أطلق عليهم اسم "الصابئة".. ومن الواضح أن "الحظرد" اختلط بالصابئة وسمع حكاياتهم مما جعله يفكر بعمق.. يفكر أكثر من اللازم لو أردنا الدقة...

ظهر بعد هذا ساحر شهير اسمه "دي" اتصل بهذه الكائنات كما يقول عن طريق كتاب "إينوخ".. وهو يطلق على هذه الكيانات اسم "ملائكة إينوخ".. وقد زعم أن الكائنات تستخدم معه لغة غريبة، لذا شرحها بالتفصيل وقد راقت هذه الطريقة اللغوية للسحرة في كل زمان ومكان.

الآن نثب وثبة أوسع إلى القرن العشرين لنقابل شخصية فريدة من نوعها هي "كراولي".. أشهر ساحر في العصر الحديث.. الذي كتب "كتاب القانون".. ويقول النقاد إنه اقتبس أكثره من "العزيف"..

الواقع أننا لا نستطيع الحديث عن "كراولي" إلا في كتاب كامل.. البعض يعتبره عبقريًا والبعض يعتبره نصابًا.. لا يهم .. المهم أنه قرأ دراسات (دي) وأصيب بحالة تقمص كاملة لشخصية "الحظرد".. تصوروا أنه سافر لشمال إفريقيا ليجوب الصحراء وحده فقط كي يعيش ذات ما عاشه "الحظرد".. وقد كانت حياته تجربة واقعية طويلة لكتاب "نيكرونوميكون" هذا..

كان هذا الساحر البارع مولعًا بالنساء.. وقد قابل عام 1918 امرأة حسناء تدعى "سونيا جرين" وأعجب بها.. وصفها في كتاباته بأنها يهودية حسناء ممتلئة مليئة بالحيوية والعاطفة في الثلاثين من عمرها، كانت مصممة أزياء وقبعات مطلقة لها ابنة مراهقة. عام 1921 قابلت "سونيا" الأديب "لافكرافت" وفي نفس العام نشر قصته (المدينة التي لا اسم لها) التي جاء بها أول ذكر لـ"عبد الله الحظرد". بعد هذا بعام ذكر اسم (نيكرومنيكون).. وبعد هذا بعام آخر تزوج من سونيا..

ترى هل كانت هذه العلاقة هي التي أوصلت عالم "الحظرد" إلى كتابات "لافكرافت"؟.. كل الظواهر تؤيد هذا.. وتأمل معي هذا التسلسل العجيب.. "الحظرد".. "فيليتياس".. "فرمياس".. "ناتان غزة".. "دي".. "كراولي".. "سونيا". "لافكرافت"...

http://www.boswtol.com/affareet/images/22th/museum.jpg

لم تنته قصة الكتاب عند هذا الحد.. لقد كان "كراولي" على علاقة بعضو في جمعية ماسونية ألمانية، وعن هذا الطريق اهتم رجال "هتلر" بهذا الكتاب.. وفي ذات الزمن تقريبًا تعرض المتحف البريطاني للسرقة، وبعد هذا تبين أن ترجمة دي للكتاب قد اختفت.. اختفت من المتحف واختفت من كتالوج المتحف!..

هناك أسطورة عن مكتبة تضم كل هذه الكتب الرهيبة في منطقة "أوشر هورن" في سالزبورج.. وبما أنه لابد من إضفاء طابع يهودي على الموضوع، يقال إن هناك نسخة من كتاب "نيكرونوميكون" مجلدة بجلد بشري.. ليس مصدره إلا جلود الأسرى في معتقلات النازيين!..

هكذا نرى أن الحقائق تتداخل مع الأساطير، وأن القصة مثيرة توشك في بعض أجزائها أن تكون من سلسلة أفلام (إنديانا جونز)..
سيظل هذا الكتاب لغزًا حقيقيًا.. لكننا نعرف على الأقل أن شيئًا كهذا وجد وأنه قد يظهر في مكان ما في موضع ما..



Ala_Daboubi 30-10-05 10:45 AM

jameel , i read about this nekromonican bel zamanat , nafs el ma3loomat , ba3dain besta3milo bel aflaam kteeer , kteeeer , bezakerni bi ktaab 2a7yaa2 el saf el 3ashir hehehehehehehehe

^RAYAHEEN^ 30-10-05 10:52 AM

هههههههههههههههه هيدي الضاهر وزارة التربية بدها اطلعكم سفااااااااحين
هههههههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 11:07 AM

6ab esma3i , bema enik fadyeh wo ana fadi , search ma3loomart 3an eshi esmo ouija board ( weeja board) wo hati sho betla2i , yala homework

^RAYAHEEN^ 30-10-05 11:23 AM

ويجا بورد !!! شو هيدي لاعبة كراتيه خخخخخخخخخخخخخ

^RAYAHEEN^ 30-10-05 11:27 AM

بس ما ايكون اسم حصان بيدخل بالسباق قول تشوف اذا اي علشان اعرف كيف اتصرف ههههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 11:38 AM

hehehehehe walik enti bas dawri wo shoofi sho betla2ii

^RAYAHEEN^ 30-10-05 11:44 AM


ويشهد السباق مشاركة كوكبة من ابرز الخيول التي حققت انجازات بارزة هذا الموسم يتقدمها «نورث لايت» الحائز على لقب الديربي الانجليزي و«غراي سوالو» الفائز بلقب الديربي الايرلندي والذي تم الحاقه بالسباق بعد دفع 60 الف يورو الى جانب المهرة «اويجا بورد» الحائزة على لقب الاوكس الانجليزي و«بلو كناري» بطل الديربي الفرنسي و«شيروكو» بطل الديري الالماني اضافة الى «امبريال دانسر» هذا الى جانب اصحاب الارض «فاليكسي» و«بروسبكت بارك» و«باجو» و«لاتيشيه» و«فالي انشانتيه» و«بوليسي ميكر».

Ala_Daboubi 30-10-05 11:58 AM

kha6a2 , board ya3ni loa7 , fa dawri 3ala loa7 el weeja

^RAYAHEEN^ 30-10-05 12:15 PM

طيب قول هيك من الصبح وبجد في حدى اسمو لوح بهالدنيا
يعني شوف كيف زبطت معك بس قلت بورد وبالفعل طلع في حصان اسمو هيك خخخخخخخخخ
خليني شوف شو آخريتها معك
شكلها تعويذة سودا او مفتاح الكتاب هههههههه وبدك اتوديني وراء الطبيعة خخخخخخخخ

Ala_Daboubi 30-10-05 12:17 PM

sho bedik tsawi zalameh merdi wal 7amdolelah yala yala shofi sho3'lik

^RAYAHEEN^ 30-10-05 12:20 PM


لوح اسمه
الــــــــــــــويــــجـــــــــــــا


من المؤكد أن هذا الاسم قد مرّ عليك بصورة أو بأخرى.. لوح الويجا..

من اقترب أكثر من هذا الاسم, سيعرف أنه أشهر لوح في أمريكا وأوروبا لسبب ما, أمّا من تابع أكثر في هذا الموضوع أو خدمته الصدفة, سيعرف أن هذا اللوح يستخدم لغرض واحد وهو الاتصال بالأرواح.

حسنًا من لا يعرفون أي شيء عن هذا اللوح, ومن لا يعرفون عنه سوى أقل القليل, هذه هي فرصتهم ليعرفوا كل شيء عن لوح الويجا الشهير بدءًا من تاريخه, وحتى طريقة استخدامه..

• تاريخ الويجا:

http://www.boswtol.com/affareet/images/20th/ouija.jpg


تاريخ لوح الويجا ينتمي في الأساس إلى تاريخ محاولات تحضير الأرواح والاتصال بالموتى, فاللوح هو الوسيلة, والاتصال بالموتى هو الغرض الأساسي, لكننا هنا سنبدأ من التاريخ التي بدأ يتحول فيه تحضير الأرواح إلى نوع من المذاهب له أتباعه المخلصون.

والتاريخ الذي سنبدأ به هو عام 1848 في مدينة (هايدسفيل) في نيويورك, حين انتقلت عائلة (فوكس) إلى ذلك المنزل الهادئ عند أطراف المدينة.. دخول هذه العائلة إلى ذلك المنزل كان أول شرارة في تاريخ تحضير الأرواح, والسبب كان عجيبًا في حد ذاته, فالعائلة التي كانت تتكون من الأب (جون) والفتاتان (مارجريت) و(كاثرين), أعلنت وبعد مرور ثلاثة أشهر من انتقالها إلى ذلك المنزل, أن المنزل مسكون وأن الأرواح الغاضبة فيه تطرق على الجدران وتمزق الأثاث, وأن الحياة في هذا المنزل أصبحت مستحيلة.

وكادت العائلة تغادر المنزل بلا رجعة, لولا أن وقفت الفتاة (كاثرين) وسط المنزل وصوت الطرقات والتحطيم يتعالى من حولها, لتتحدى الشبح بأن يكرر طرقاتها على المائدة.. والعجيب أن صوت الطرقات والتهشيم توقف, وبدأ الشبح في تكرار عدد الطرقات التي تطرقها الفتاة على المائدة كل مرة.

واعتبر هذا هو أول اتصال ناجح بالأرواح والأشباح في تاريخ أمريكا, ولم تمض فترة حتى أعلن جار عائلة (فوكس), السيد (و يليام دسلر) أنه توصل إلى معرفة ذلك الشبح الذي يسكن المنزل وأنه (تشارلز روزا) الذي قتله بعض اللصوص, ودفنوا جثته في أساس المنزل.

بالطبع لم يصدقه أحد حينها, واعتبروها مبالغة لا داعي لها, لكن في عام 1904 وحين قررت الفتاتان مغادرة المنزل, بعد وفاة والديهما, وحين شرع العمال في هدم الجدران عثروا على هيكل عظمي مكتمل, لرجل اعتقد الجميع أنه السيد (تشارلز روزا), لتعود شهرة هذا المنزل, ولتعود شهرة عائلة (فوكس) حتى بعد أن غادرت الفتاتان المدينة, حاملتين هذه المرة, رسالة مفادها أن النساء لديهن القدرة والشفافية لمخاطبة الأرواح, وأن هذه القدرة قد تغير من حياتهن للأبد.

و جرّب شقيق الفتاتين استخدام الحروف كوسيلة للاتصال بالشبح, ونجح بالفعل ليمليه الشبح الرسالة التالية:
- (أصدقائي الأعزاء.. إنها بداية عصر جديد, واتصالكم بي حقيقة لا يجب عليكم إنكارها, امضوا في مهمتكم برعاية الله, وسترعاكم الأرواح الطيبة أينما كنتم)

بالطبع كان لهذه الرسالة تأثير درامي على الجماهير المنبهرة, وازداد عدد المؤمنين بهذا المذهب, حتى جاء يوم 14 نوفمبر 1849 ليشهد أول اجتماع لرابطة تحضير الأرواح في نيويورك.

http://www.boswtol.com/affareet/images/20th/Ouija22.jpg


ولم يتوقف انتشار هذه الظاهرة, وبحلول عام 1852 وصلت رابطات تحضير الأرواح, وفي عام 1855 أعلن أن عدد أعضاء هذه الرابطات وصل إلى 2 مليون عضو على مستوى العالم, ثم حدث ما ضاعف من انتشار هذه الظاهرة أضعافا وأضعافا.


الحرب الأهلية والحرب العالمية الأولى..
فبسبب ذهاب الآلاف إلى الحرب, لم تجد العائلات البائسة أمامها سوى اللجوء إلى روابط تحضير الأرواح والاتصال بالموتى, لمعرفة أخبار ذويهم, وإن كانوا على قيد الحياة أم لا, مستعينين بأرواح من قتلوا في المعركة.

وفي الفترة من 1890 إلى 1950 بات من الواضح أن المشكلة أصبحت في توفير أداة سهلة ومأمونة للاتصال بالأرواح, وتصدت مجموعة من المصانع لحل هذه المشكلة, لكن كل ما أنتجوه كان عبارة عن أجهزة معقدة مزعجة, لا تصلح للاستخدام المنزلي, الأمر الذي دفع أحفاد عائلة (فوكس) –الذين تزعموا روابط تحضير الأرواح– إلى نصح الجميع باستخدام طريقة السلة في تحضير الأرواح.

وطريقة السلة بالمناسبة تعتمد على أن يمسك اثنان بسلة بأطراف أصابعهما, بعد أن يثبتا قلما في مقدمة السلة, ويعلقا ورقة على الجدار, على أن تتحرك السلة بالقلم المثبت فيها, لتكتب على الورقة المعلقة على الجدار, ولا تزال هذه الطريقة تستخدم حتى الآن في إندونيسيا, حتى إن الكاتب الكبير (أنيس منصور) ذكرها بالتفصيل في كتابه (200 حول العالم).

وفي عام 1886 توصل أحدهم إلى اختراع الـ (بلانشيت Planchitte) والتي كانت عبارة عن لوح عجيب الشكل, محفورة عليه الحروف والأرقام, وكلمتا (نعم) و (لا) ومركب على هذا اللوح مؤشر على شكل قلب يتحرك بطريقة معينة, على أن تكون حركة هذا المؤشر, هي استجابة الروح للمتصل.

وربما بدا هذا مبالغًا فيه, لكن ظهور البلانشيت احتل عناوين الصحف في ذلك الحين, وكان من أهم مميزاته التي أدت إلى انتشاره أنه لا يحتاج إلى تدريب خاص لاستخدامه, إضافة إلى صغر حجمه وسعره... يعود شرف هذا الاختــــراع إلى كــــل مـــن (إليجا بوند) و(تشارلز كينارد)
و(ويليام فولد).

فيما بعد استقل (تشارلز كينارد) عن رفيقيه, وطوّر من لوح البلانشيت وأسماه باسم جديد وهو (الويجا Ouija) زاعمًا أنها كلمة فرعونية تعني الحظ السعيد.

الغريب أن هذا الزعم ساهم بشكل ملحوظ في نجاح هذه الألواح التي كانوا يسمونها ألواح الحظ المصرية –لا بد أننا في هذه المرحلة كنا قد توصلنا إلى اختراع لوح الطاولة المستخدم في المقاهي, وهو كما ترى اختراع أكثر أهمية بمراحل!!– وأصبحت ألواح الويجا هي ألواح تحضير الأرواح الرسمية, وصحيح أن (تشارلز كينارد) كان الصانع الرسمي لها, إلا أن (ويليام فولد) كان يعدّ الأب الروحي لهذه الألواح التي اتضح في نهاية الأمر أنها كانت فكرته ومن تنفيذه, في حين لم يقم (كينارد) سوى بالتمويل.

بالطبع لم يتوقف تاريخ الويجا عند هذا الحد, بل مرّ بالعديد من مراحل التطوير والنجاح والفشل, ثم النجاح مجددًا, لكننا سنتوقف عند هذا الحد, وسننتقل إلى الجانب الممتع في الموضوع..

كيف تستخدم لوح الويجا؟؟

http://www.boswtol.com/affareet/images/20th/52196_1.jpg

أولاً ستضع اللوح على طاولة وستجلس أمامها أنت ورفيق آخر –يجب أن يكون عدد من يجربون هذه التجربة اثنين على الأقل– وعليكما بالبدء في التركيز, لتنقية الهالة المحيطة بكما (Ora) وبهذا تمنعان اقتحام الأرواح الشريرة للجلسة.. نحن نعرف أن هذا كله هراء, لكننا نستعرض الموقف فحسب!!

الآن ستطلبان الروح المطلوب الاتصال بها, ثم ستضعان أطراف أصابعكما على المؤشر الصغير على اللوحة –غالبا ما يزود المؤشر بعجل لتسهيل الحركة– وحين تشعر بأن المؤشر يتحرك أسفل أصابعك, اعرف أن الروح قد حضرت, وحينها يمكنك أن تبدأ في توجيه الأسئلة..

ولكن يجب أن أنقل لك التحذيرات التي يرددونها على كل من يمارسون هذه الهواية:
1- لا تستخدم لوح الويجا بمفردك أبدًا.
2- لو تحرك المؤشر في الاتجهات الأربعة بسرعة, اعرف أن هناك روحا شريرة تحضر الجلسة.
3- إياك أن تسأل عن الموت أو الله أو عن الكنوز المدفونة.
4- لو سقط المؤشر من على اللوحة ستفقد الاتصال بالروح المطلوبة.
5- لو حاولت حرق لوح الويجا وسمعت صوت صراخ يتصاعد منها, فاعرف أن أمامك ستا وثلاثين ساعة فحسب قبل أن تموت!!

ها هي التحذيرات, وها هي طريقة الاستخدام.. الأمر سهل كما هو واضح, لكن لاحظ أنك لم تمر بمراحل النقر على المائدة السابقة, لذا أنت محظوظ بحصولك على المنتج النهائي, والآن حان وقت فهم الحقيقة, وترك هذا العبث لمن يصدقونه

http://www.boswtol.com/affareet/imag...h/ouija222.jpg


• الحقيقة:

يعتقد الكثيرون أن التفسير الوحيد لهذه الظاهرة يكمن في كلمة (التحريك اللاإرادي Ideomotor) التي أعلنها الباحث (ويليام كاربنتر) عام 1882, وهو يعني بكلمته هذه أن العقل قادر وتحت تأثير عواطف محددة, أن يحرك عضلات الجسم حركة لا إرادية لا يشعر صاحبها أنه من يتحكم فيها, فيبدو الأمر له وكأن الأرواح تحرك المؤشر أسفل يده.

وتخيل معي الموقف التالي لتفهم أكثر... أم ذهب ابنها إلى الحرب وانقطعت أخباره, فتضع يدها على مؤشر لوح الويجا, وتتساءل (ترى.. هل ابني بخير؟!), وهنا تتحرك يدها لا شعوريًا والمؤشر من أسفل يدها إلى كلمة (نعم) على اللوح.

أي أن عواطفها هي التي حركت يدها, وليس وعيها أو إرادتها الحرة.

بعد ذلك اكتشف العلم أمراض أخرى كالحركة اللاإرادية (Automatism) والقدرات العقلية الفائقة, أي استخدام العقل للتحريك (Telekinesis), وبدأت هذه الكلمات اللاتينية ذات الدوي المهيب, تحتل مكان (الروح الطيبة) و(الروح الشريرة).

ثم خرج علم النفس بعشرات التفسيرات التي تشترك كلها في أن (الإنسان محبط تعس يريد أن يكسر ملل حياته بأي شيء.. و لوح الويجا يقدم له هذه الرفاهية المأمونة).

ولأن هناك من يتحمسون لبعض الأشياء, هنا في المقابل من يهاجمونها, وظهرت طائفة من محاربي (ألواح الويجا) على أنها بوابة الشيطان, وطريق الهلاك الذي يدخله الحمقى دون أن يقدروا مخاطره.

من قرأ منكم قصة الطفل (روبي) الذي استوحيت منه قصة وفيلم (طارد الأرواح الشريرة Exorcist), يعرف أنه كان من هواة استخدام ألواح الويجا, وللشائعات تأثيرها كما يعرف الجميع, وللسينما تأثيرها الأقوى.

و لعل أشهر الأفلام التي تحدثت عن لوح الويجا على أنه مصدر أكيد للهلاك, هو فيلم (لوح السحر Witchboard) الذي أخرجه وكتب قصته (كيفن تيني) عام 1985, ليحقق به نجاحًا دفعه لإخراج الجزء الثاني من الفيلم, بينما تولى (بيتر سافاتك) إخراج الجزء الثالث.

وفي استفتاء أجرته أحد المواقع على الجمهور الأمريكي, أظهرت النتائج أن أكثر من ستين في المائة ممن اشتركوا في الاستفتاء أعلنوا أنهم يخافون من ألواح الويجا, ويعتقدون أنها مصدر للخطر.

على كل حال أيًا ما كان الأمر, لا أعتقد أن الأمر قد يشكل أي مصدر قلق لنا نحن العرب, فنحن لا نملك رفاهية أن نخاف من لوح خشبي عليه مجموعة من الحروف والأرقام, بينما شبح الجهل والمرض والحرب يطاردنا أينما كنا, لكن لو فرض أنك تريد الاستمتاع بالأمر أكثر, فيمكنك الذهاب إلى موقع:
http://www.museumoftalkingboards.com/WebOuija.html

وهناك ستجد لوح ويجا جاهزا للتجربة في انتظارك..

لكن تذكر.. لا تجرب لوح الويجا بمفردك..

أبدًا..

ها شو رايك انجربوا ههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 12:28 PM

mini wo 3alai jarabto

^RAYAHEEN^ 30-10-05 12:31 PM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ان شاء الله تكون جربتوا قبل ما تقرى الموضوع وتدخل الموقع الي نزل بالموضوع
ما بدي منظمة مكافحة الشغب توجهلي تهمة تحريضك على التحرش بالعضوات
ههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 12:35 PM

la jad , ana jarabto 2abil ma 2amoot , fa sarat roo7i trapped bel computer , 3ashan haik sarat roa7i tajoob el montadayaat ba7than 3an 7al

wa lakin lel 2asaf

tammat

^RAYAHEEN^ 30-10-05 12:43 PM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههه
انا كنت شاكة بصراحة
انو فيك شبه كبير من الدكتور رفعت اسماعيل
بس شكلك متقمص شخصيتوا
هههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 12:53 PM

wenti el sad2a howi metqamis shakhsiyti

hehehehehehe

esma3i hal essa

hada mara wo ana zgheeer , 7 - 8 years , kont nayim bel takhit (eshi 6abee3i wela wain bedi anaam ) any way , fee fo2i zay daw a7mar ( nawasah we call it ) wo silkha el kahraba external ya3ni elha silik wo bten7a6 bel kahraba

s7eet be lail bijooz 3al 2 Am , zah2aan , ma la2eet 3'air waslet el daw odaami , msektha b edai el tintain , kol eed miskat terminal , wo sort arakiz 3ashan adwi el amba wo arakiz wo arakiz wo atkhayalha dawyeh


bas 3al fadi

hehehehehe

ma dawat el lamba ( ma 7laha wo heyeh dawyeh hehehehe)0

^RAYAHEEN^ 30-10-05 01:06 PM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
علاء طيب اسمع هيدي بس ما تضحك ابدا
ايام الغزو كنا بلبنان
المهم
بشهر رمضان كنت كتير كتير كتير اكتر من كتير معتكفة ههههههههههه
بتلاقيني طول الوقت قاعدة بقرى قرآن وبصلي يعني لما كان عمري 11 سنة
المهم
ماما قالتلي عن ليلة القدر قلتلها طيب كيف شكلها لما تطلع
قالتلي ما ابتطلع الا للانسان المؤمن كتير كتير ( قلتلها وليش شو مالي انا ههههههه )
قالتلي بتجي على شكل ضو قوي او شي غريب ـ مو طبيعي
المهم انا بليل قد ما قريت وصليت راحت عليي نومي بالصالة
نمت جنب الصوبية كان وقتها شتوية
الا شو صحيت اطلعت على السقف الا وفي ضو
وما صدقت كنت كاتبة كتير طلبات وحاطة الورقة بجيبتي
وبلشت اكرجهم ههههههههه
نطرت الضو ايروح ما راح
قلت شو هيده ليش طولت هيك ( ليلة القدر )
هههههههههههههههههههههههه
المهم تاني يوم صحيت عمدور على الاشيا الي طلبتها
ما لقيتها من غرفة لغرفة ما لقيت شي
ههههههههههههههه
ما قلت لماما طبعا علشان ما اتفشل
بس بنفس اليوم بليل حبيت اعرف شو السر
الا شو ووووووووو
سيارة امضويي تحت البيت ولانو الدنيا ضلمة
وكانت مقطوعة الكهربا ـ الضو ضارب بالسقف
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
وهيدي حكايتي مع ليلة القدر
وكل سنة وانت طيب
انا سامعة صوت شخير
مين هناااااااااااااااااااااك
ههههههههههه

Ala_Daboubi 30-10-05 01:14 PM

hehehehehehehehehehehehehehehehehehehehee

la wo m6awleh hai lailet el 2ader aah , hehehehehehehehehe

7ilweh

^RAYAHEEN^ 30-10-05 07:25 PM


‏-8- ‏
هكذا جلست وسط عشرات الأوراق ..‏
لقد جاءتني تلك الأوراق التي وجدوها في درج الصحفي الشاب ( فايز ‏‏) .. تلك الأوراق التي حسب ( سامح ) ها خرائط سرية لأدق المواقع ‏الأمنية في مصر .. في الحقيقة كانت أول نظرة تطلعك على كنهها . . ‏إن النجمة الخماسية ( بنتاجرام ) واضحة كالشمس في أول صفحتين . ‏دعك من عشرات الأشكال التوضيحية والتخطيطات التي تعطي الأوراق ‏نكهة ( عفاريتية ) مقبضة ..‏
طبعا كان النص بالعبرية .. لا شك أنها ترجمة الأخ ( ناتان غزة ) كما ‏هي .. منذ القرن السابع عشر .. إذن هذا الكتاب بين يدي هو ( سيفر ‏هاشاري حاداث ) ذاته ..‏
لست شغوفا على الإطلاق بقراءة المكتوب أو فهمه .. ولو حاولت لن ‏افهم شيئا على الأرجح .. لكن الملحوظة المهمة هي ان النص ليس ‏كاملا .. آخر صفحة توحي بذلك..‏
إذن اين الباقي ؟ يسهل افتراض ان الباقي في درج الصحفي ، لكني لا ‏اعتقد هذا .. أعتقد ان ما وصله كان ناقصا .. ولعله كان يبحث عن ‏كتاب ( دي ) ( إينوخ ) بحثا عن معلومات تقوده الى الباقي او الى فهم ‏الموجود هنا . ‏
السؤال المهم التالي هو : من اين حصل الصحفي على هذه الأوراق ؟ ‏يصعب افتراض انه سافر الى ( غزة ) ونحن في ذروة الحرب بيننا ‏وإسرائيل .. لم تكن اتفاقات فك الارتباط قد بدأت بعد ..‏
هكذا فتحت خزانة الثياب ووضعت فيها هذه الأوراق ..‏
‏*** ‏
قال ( عادل ) في حرج :‏
‏-" نعرف أننا ضيفان ثقيلان يا سيدتي .. لكني أكرر ان هذا التعاون ‏معنا قد ينقذ كثيرين .."‏
قالت مدام ( فاتن ) وهي تضع القهوة على المنضدة الرخامية : ‏
‏-‏ ‏" لا مشكلة يا سيدي .. أعرف ان ( زكي ) كان سيرحب بكما لو .... ‏‏"‏
وانفجرت في البكاء مما جعلنا نبدو كوغدين جاءا يضايقان هذه الأرملة ‏الباسلة ..‏
كان ( عادل ) قد جاء القاهرة وعرف مني تفاصيل القصة التي ‏استنتجتها حتى ذلك الحين .. كان الحل الذي توصل اليه هو فحص ‏اوراق ( زكي ) هذا .. ليكن .. لكن كيف أذهب الى تلك الأرملة لأقول ‏لها إنني أشك في ان زوجها لديه نسخة من كتاب شيطاني ، فتسمح لي ‏بالدخول للعبث في مكتبه .. لكن مع ( عادل لا توجد مشاكل .. لقد اتصل ‏بها ضابط كبير في مديرية أمن القاهرة وأوصاها بنا .. لقد وافقت على ‏ان نفتش بشكل ودي دون إذن من النيابة .. هكذا تجدنا الآن جالسين ‏في صالونها لا نعرف ما نقول ..‏
كنت قد قدرت نوعية هذه المراة من اللحظة الأولى .. ربة البيت ‏الفاضلة لعلها قريبة ( زكي ) التي لا تعرف شيئا في الحياة سوى بيته ‏‏.. طراز المرأة التي تساعد زوجها في بسالة الى ان يرقى أعلى السلم ‏الاجتماعي ، فقط ليركلها من عل ويتزوج فتاة تناسب مستواه ‏الاجتماعي الجديد .. طبعا يتضح ان هذا خطأ عمره ، وتتمكن الفتاة من ‏جعله يلعق التراب .. وهي عدالة شعرية لا بأس بها ..‏
هي ترتق جواربه .. بالتأكيد ترتق جواربه .. لا ابد أنها ركعت على ‏ركبتيها أمامه صبيحة يوم مناقشة رسالة الدكتوراة كي تلمع حذاءه ‏مرة أخيرة .. لأنه لو لمع حذاءه بنفسه لتكسر قماش السروال ..‏
الآن قد ذهب سيدها .. لهذا هي في حالة انعدام توازن تام .. كبالون ‏انقطع حبله .. ولو لم يكن هناك أخ او أب يحل محل ( زكي ) فإنها ‏ضائعة لا محالة ..‏
فرغ ( عادل ) من ارتشاف القهوة ، فقال لها : ‏
‏-‏ ‏" هل لنا ان نرى الغرفة ؟ "‏
نهضت واقتادتنا عبر شقة بسيطة لكنها آية في النظافة الى غرفة ‏مكتب مرتبة بعناية .. حقا كانت غرفة تناسب استاذا جامعيا بكل تلك ‏الكتب القيمة في كل مكان .. على الجدار صورته التي تقول إنه لم يكن ‏يشبه ( أبوللو ) كثيرا .. ربما هو يشبهني الى حد ما ..‏
على المكتب كانت اوراق كثيرة ، لكن مجموعة منها بالذات كانت ‏متماثلة الحجم والشكل .. فهي أقرب الى كتاب لم يطبع بعد .. تفحصت ‏الاوراق فوجدت انها مكتوبة بالانجليزية .. هذه المرة لا يوجد شك في ‏الأمر .. إنها اوراق من كتاب سحر قديم .. نوعية الأوراق التي كانوا ‏يحرقونك في القرون الوسطى لو وجدوها عندك .. ‏
كانت الاوراق متسخة كأن كوبا من الكاكاو انسكب فوقها ، ويبدو انها ‏عوملت بقسوة شديدة .. لكني ادركت انها نسخة زنكوغرافية من كتاب ‏‏.. الهوامش تدل على وجود خياطة .. إذن هو كان يستعمل هذه النسخة ‏للدراسة اما الكتاب الحقيقي فغير موجود ..‏
سقطت صورة على الأرض .. صورة امرأة على ما يبدو .. فانحنت ‏الزوجة لتأخذها ..‏
اشار ( عادل ) الى الأدراج في المكتب وقال : ‏
‏-" هذه الادراج ..‏
‏- " ليس المفتاح معي ."‏
قال لها في شيء من الخبث :‏
‏-‏ ‏" اقترح ان تجدي نجارا يهشم هذه الأدراج .. من ادرانا انها لا ‏تحوي مالا ا و وصية ما ؟ "‏
قالت في نفاد صبر : ‏
‏-‏ ‏" سأفعل هذا .. لكن فيما بعد .. لست رائقة المزاج الآن .." ‏
وجدت على الدرج ملفا من البلاستيك ، وعلى غلافه قرأت بالإنجليزية ‏‏( دراسة مصطفى أبي زينة ) .. عرضت الغلاف على ( عادل ) في ‏صمت .. هذا هو فيما اعرف اول دليل على وجود علاقة بين أربعة ‏القتلى .. ونظرت للزوجة متسائلا فقال في ضيق :‏
‏-" أي شيء .. خذا أي شيء تريدان .. كنت سأمنح هذه الاوراق ‏للجامعة على كل حال .."‏
وتحسست رأسها كناية عن اننا أصبناها بالصداع ..‏
هكذا قررنا ان علينا الرحيل الآن .. شكرناها وإن كنت اعرف اننا ‏سنعود حتما لنرى محتويات ذلك الدرج ..‏
‏*** ‏
جلست خلف مقود السيارة وجلس ( عادل ) جواري ..‏
وقبل ان يتكلم رحت أقلب اوراق الملف .. ثم هززت رأسي .‏
سألني ( عادل ) :‏
‏-‏ ‏" هل من شيء مهم ؟"‏
قل تفي شيء من التهكم : ‏
‏-‏ ‏" استنتاجات بشأن العشرين شيطانا !"‏
‏-‏ ‏" هل تمزح ؟" ‏
‏-‏ ‏" أقسم بالله ان هذا هو المكتوب .. فلتر بنفسك .." ‏
‏-‏ ‏" وماذا كتب تحت هذا العنوان العجيب ؟" ‏
رحت اقرأ بصوت عال :‏
Uxvyjioymklmm fjjj gytjgi 8ojkiii gkjg ihh ‎khkhou889j ‎‏ " ‏
قال في غيظ : ‏
‏-‏ ‏" هل تسخر مني ؟ " ‏
‏-‏ ‏" لا سمح الله .. هذا هو المكتوب حرفيا . .اعتقد اننا بصدد نوع من ‏الشفرة مفتاحه الا يعرفه إلا القتيلان !"‏
لكن الملف لم يكن مشفرا كله .. اعتقد انه شفر فقط الأجزاء الخطيرة ..‏
قال لي ( عادل ) وهو ينظر في ساعته : ‏
‏-‏ ‏" لا وقت لدي لهذه الامور لأن عندي مواعيد مهمة .. أعتقد أنني ‏سأتركك مع هذا الهراء الذي يروق لك .. هل يمكن ان توصلني الى ‏‏( الهرم ) ؟"‏
هززت رأسي .. وان كان يصعب القول إنني رددت عليه .. كان ذهني ‏يفكر في ألف شيء ..‏
وحينما وصل ( عادل ) إلى وجهته قال لي شيئا مثل : ‏
‏-‏ ‏" ا .. أ .. أوما . يكعل صل .. بيك .. " ‏
هززت رأسي موافق وإن كنت لم اميز شيئا مما قال .. وانطلقت ‏بسيارتي .. ثم قررت بعد قليل وانا اسمع صوت الصدى في ذهني انه ‏قال على الأرجح ( اقرأ ثم كون رأيك على مهل .. وسأتصل بك) ..‏
في البيت رحت أتفحص الأوراق التي وجدناها لدى الدكتور ( زكي ) ‏يرحمه الله .. كان ترقيمها ينتهي عند رقم معين مع عبارة لم تستكمل ‏بعد .. هذه الأوراق ناقصة لا شك في هذا .. اتوقع هذا لان العثور على ‏ترجمة ( دي ) لكتاب ( نيكرونوميكون ) ليس سهلا ..‏
ثم خطر لي خاطر .. اتجهت الى خزانة الثياب وأخذت الاوراق التي ‏كانت لدى الصحفي ( فايز ) رحمه الله ، ورحت أراجع ارقام الصفحات ‏‏.. فهمت ! إن الجزأين يكملان بعضهما وإن كان أحدهما بالعبرية ‏والآخر بالإنجليزية .. من الواضحان ( دي ) استعمل اسلوب الترجمة ‏صفحة بصفحة .. لكن النص ليس كاملا .. النص الإنجليزي سوف ‏يكتمل بجزء آخر ..‏
أعددت لنفسي بعض الشيكولاته الساخنة ورحت اطالع هذه الأوراق ‏الرهيبة .. لم افهم شيئا على الإطلاق ولعله حظي الحسن .. إن الكتاب ‏معقد بحق ..‏
هكذا وضعت الجزأين في خزانتي وجلست أفكر في معنى هذا .. هناك ‏محاولة جاهدة لاسترجاع كتاب لم يجده احد من قبل باستثناء اسماء ‏مريبة مثل ( ناتان غزة ) و (دي ) و ( كراولي ) .. وهذه المحاولة تتم ‏في مصر بالذات ..‏
على ان افترض كذلك ان الرجلين الآخرين ( يوسف ) .. و ( مصطفى ) ‏لديهما جزءان آخران من الكتاب .. لكن هل هذا ينهي الأمر ؟ ‏
كان علي ان اتأكد لذا انتظرت حتى اتصل بي ( عادل ) بعد ساعتين .. ‏قلت له :‏
‏-‏ ‏" اسمع .. ( يوسف ) ابو الحسن و ( مصطفى ) ابو زينة .. اريد ‏من يفتش اوراقهما .. اعتقد ان لديهما اجزاء من هذا الكتاب .." ‏
قال مفكرا :‏
‏-‏ ‏" هذا صعب .. لكنه ليس مستحيلا .. ساحاول ترتيب هذا .."‏
ثم أضاف : ‏
‏-‏ ‏" لكننا نريد نتائج .. لو لاحظت لوجدت ان مديرتي امن القاهرة ‏والإسكندرية تتعاونان .. هذا يدلك على اهمية الموضوع.. فلا تنته ‏بي الى ان القاتل عفريت او شبح من فضلك !" ‏
‏-‏ ‏" ساحاول لكني لا اضمن النتائج .. بالمناسبة انا ادعوك الى الغداء ‏معي ما دمت في القاهرة .."‏
انفجر يضحك بضع دقائق ثم قال : ‏
‏-" إلام تدعوني أيها البائس ؟ ما دام الموضوع خاليا من لمسة الانثى ‏فمن الخير لك الا تحاول.. لا اريد ان اصوم وافطر على طهي الأخ ( ‏رفعت إسماعيل ) .. لا اريد ان اموت بسرطان المعدة بهذه السرعة .. ‏‏" ‏
قلت في كبرياء : ‏
‏-‏ ‏" بالعكس .. أنا اطهو مكرونة ممتازة .." ‏
قال ضاحكا : ‏
‏-‏ ‏" لا تشغل بالك بي .. رب طبق كشري من اية عربة تقف في أي ‏زقاق خير عندي من مكرونتك هذه .."‏
‏-‏ ‏" ستموت مسموما بإذن الله .."‏
‏-‏ ‏" على الأقل لن اموت منتحرا .."‏
وضعت السماعة .. وبدأت إعداد المعكرونة القاتلة التي سآكلها أنا فقط ‏‏.. ‏

^RAYAHEEN^ 30-10-05 08:30 PM


-‏9-‏
منذ عامين ونصف ..‏
حدث هذا منذ عامين ونصف بالضبط ..‏
في لوبي احد فنادق وسط القاهرة جلس البروفسرو ( تشارلز هاتون ) ‏مسترخيا واثقا من نفسه .. إنه استاذ الأجيال واسمه يكفي لانجاح أي ‏مؤتمر .. وقبول اية ورقة علمية في أية مجلة ..‏
بالنسبة للجالسين من حوله كان الأمر يختلف .. كانوا متوترين ‏يجلسون على أطراف مقاعدهم .. ويمدون آذانهم كي لا تفوتهم كلمة ‏من الرجل العظيم .. مع هذا الطراز من العلماء تشعر ان تقديرك لذاتك ‏يتوقف على تقديره لك .. فلو ابدى عدم اكتراث بك او لم يبال ، تشعر ‏بأنك لست كما حسبت نفسك .. من يدري ؟ لربما انت غبي او احمق او ‏عديم التأثير .. اليس هذا ممكنا ؟ ‏
على الأقل كان اكثر الموجودين راحة نفسية هو د. ( زكي عبدالرزاق ) ‏‏.. فالرجل أستاذه علاقته به حميمة منذ كان يدرس في إنجلترا .. لهذا ‏كان اقرب الجالسين له ، وكان يكلمه بشيء من التبسط .. بل جرؤ أكثر ‏من مرة على وضع ساق على ساق ، والغربين عامة لا يرون في هذا ‏التصرف وقاحة ، لكننا نراه كذلك طبعا ..‏
‏( هاتون ) نفسه كان شيخا مهدما خفيض الصوت ، له عينان رماديتان ‏لا تثبتان على وجهك ابدا .. لكنه بالغ الأناقة .. وفيه لمسة من بناة ‏الإمبراطورية الذين انقرضوا في انجلترا او كادوا .. عندما انقرض ‏شاي الساعة الخامسة ليحل محله الهامبروجر ، وانقرضت مدافع ‏الاسطول لتحل محلها حاملات طائرات الأسطول السادس .. حتى ثقافة ‏‏( اجاثا كريستي ) و ( هولمز ) انقرضت ليحل محلها ( سوبرمان ) و ( ‏ميكي ماوس ) ..‏
الثلاثة الجالسون هم مع حفظ الالقاب (يوسف) ابو الحسن و ( ‏مصطفى ) ابو زينة .. دارسا تاريخ اكاديميان .. الاول جاء من ‏الإسكندرية خصيصا لهذا اللقاء .. الثالث هو ( فايز قطب ) .. صحفي ‏شاب صغير السن جدا ..‏
اما من حدد هذه الاسماء فهو د . ( زكي ) نفسه .. كان ( هاتون ) قد ‏طلب اثنين من الدارسين للتاريخ اللذين يسافران كثيرا الى اوروبا ‏وصحفيا شابا .. كان يريده شابا كي يضمن إخلاصه واستبساله في ‏البحث .. وان يكون غير ذي أهواء شخصية وغير متزوج .. وكان ( ‏زكي ) قد عرف كلا من هؤلاء الثلاثة في ظروف مختلفة .. لهذا اتصل ‏بهم ليجمعهم في هذا اللقاء . اهم ما في الموضوع هو انه يعرفهم ‏معرفة سطحية .. لا يريد اشخاص يقابلهم كل يوم .. لهذا لم يكلف ايا ‏من رفاقه في القسم ..‏
اما اللفتة التي اثارت دهشت الجميع باستثناء د. (زكي ) فهي ان ( ‏هاتون ) لم يبدأ الكلام إلا بعد ان تفحص باطن معصم كل واحد منهم .. ‏كان هذا غريبا وقد قبلوه في ارتباك .. وصمموا على مناقشة الامر بعد ‏انصرافهم ، اما الآن فن سن الرجل وهيبته تسمحان له بان يفعل أي ‏شيء دون توبيخ .. ‏
قال ( هاتون ) بصوته الخفيض : ‏
‏-" ليس لدي إلا جزء واحد من هذا الشيء .. كل ما لدي هو معلومات ‏مؤكدة عن مكان كل جزء " ‏
بالطبع كان الكلام وضحا وإن احتاج الصحفي الشاب الى ترجمة ‏سريعة هامسة فيأذنه لانه لا يجيد الانجليزية جدا . أردف الاستاذ ‏البريطاني العجوز : ‏
‏-‏ ‏" إن الامر جد خطير ..ان اموقن ان الوقت قد حان .. لهذا اطالبكم ‏بالتعامل مع الأمر بجدية .." ‏
ثم نظر الى ( زكي ) وقال : ‏
‏-" أعرف ان مهمتك العلمية قريبة .. سوف ترحل الى ( سالزبورج ) ‏‏.. سوف اخبرك بالطريقة التي تحصل بها على الأوراق .. إن اليهود ‏هناك يعرفون مكانها او هذا ما اعتقده .."‏
ثم نظر لى ( يوسف ) الباحث السكندري الذكي وقال :‏
‏-" اعر فانك ستكون في انجلترا قريبا .. هناك سنلتقي واعطيك الجزء ‏الذي عندي ، وهو باللاتينية . ما كنت لأجازف بالسفر به " ‏
هز الفتى رأسه في رهبة ..‏
ثم نظر العجوز الى ( مصطفى ) وقال : ‏
‏-‏ ‏" أما انت فإنك ستسافر الى إيطاليا لتحصل على جزء من ترجمة ( ‏تيودور فيليتاس ) .. إنها باليونانية .. سوف أخبرك كيف تقابل ‏الرجل الذي يملك نسخة منها " ‏
ثم نظر الى ( فايز ) وابتسم فتوتر هذ ا الأخير .. ‏
قال العجوز بينما ( زكي ) يترجم للفتى ما يقال : ‏
‏-‏ ‏" أما انت ايها الشاب فمهمتك صعبة نوعا وسوف أخبرك بها على ‏انفراد .."‏
ساد الصمت ثم سأل ( يوسف ) .. بكياسة :
‏- " بروفسور .. لماذا لم يقم بهذه المهمة شخص آخر ؟ لماذا لم تكلف ‏تلاميذ بريطانيين لك بهذا ؟ " ‏
قال ( هاتون ) بطريقته الواهنة : ‏
‏-‏ ‏" إن ( الحظرد ) عربي .. وقد راهنت على ان الكتاب لن يفهمه حق ‏الفهم إلا قارئ عربي .. يجب ان نتفق على ان هناك جزءا في ‏عقولنا له جنسية.. مهم اقر الغربي تراجم القرآن فلن يفهمها كما ‏يفهمها العربي ما لم يصر جزء من عقل الغربي عربيا .. ومهما ‏بلغت إجادتك للإنجليزية فلن تفهم ( شكسبير ) كما يفهمه العقل ‏البريطاني .. هذا هو رهاني الخاص .. انتم اقدر من الغربيين على ‏فهم ما اراد ( الحظرد ) ان يقوله .. " ‏
ثم اردف وهو يتناول كوب العصير الذي امامه : ‏
‏-‏ ‏" إن الوقت ضيق .. لم يعد لدي وقت ولا قوة ذهنية يسمحان لي ‏بهذه الأبحاث المعقدة ، لهذا القي بالمسئولية على عواتقكم .."‏
ثم طلب من الفتى ان يجلس بجواره ، فنهض هذا متهيبا .. ادنى اذنه ‏من فهمه وراح يهمس له ..‏
قال ( زكي ) منبها : ‏
‏-‏ ‏" لا أعتقد انه سيفهم ما تطلبه يا سيدي .."‏
‏-‏ ‏" ليس عندما تحدث ببطء ووضوح .. إن هذا الفتى أكثركم ذكاء .. ‏هذا واضح على وجهه .." ‏
ثم راح يهمس في أذن الفتى بما يريده منه .. مستعينا بورقة راح يخط ‏فيها أشياء .. ومع كلماته راح اللون يفارق وجه الفتى حتى صار بلون ‏هذه الورقة لو كانت الطباعة من نوع جيد ..‏
‏*** ‏
عندما غادروا الفندق بعد ساعة وقفوا جميعا في ميدان التحرير ‏عاجزين عن اتخاذ قرار .‏
في النهاية قطع ( مصطفى ) جو الصمت قائلا بلا كياسة : ‏
‏-‏ ‏" هذا الرجل مجنون !" ‏
ثم رأى النظرة المنذرة في عيني د. ( زكي ) فتحفظ قليلا .. لكن زكي ) ‏قال في برود : ‏
‏-‏ ‏" أنت تقول هذا برغم انك باحث وتعرف قيمة الرجل .. لو قال هذا ‏شاب طائش مثل ( فايز ) لقبلته .."‏
قال ( فايز ) في حدة : ‏
‏-‏ ‏" انا لست طائشا .." ‏
‏-‏ قال د. ( زكي ) بلهجة من لا يريد فتح جبهتين في آن واحد :‏
‏-‏ ‏" لم اقصد الطيش .. اقصد انك لم تحصل على دراسة أكاديمية ، ‏وليست لديك ادوات البحث التاريخ مثلنا .. هذا الرجل كمبيوتر ‏بشري ويعرف ما يقول . اعتقد ان آخر جزء ستدب إليه الشيخوخة ‏في جسده هو عقله .. هذا العقل لن يخرف أبدا .. إما ان يعمل أو ‏يتوقف .. لا يوجد حل وسط .."‏
قال ( يوسف ) .. وهو يركل حجرا صغيرا على الأرض : ‏
قال ( زكي ) في حماس كعادته كلما تكلم عن الغربيين : ‏
‏-‏ ‏" إن لديه اسباب قوية عرفتها منه .. سوف تعرفون هذا واكثر فيما ‏بعد .. إن هؤلاء الغربيين لا يمزحون بلا مناسبة ولا يلقون الكلام ‏على عواهنه .. لهذا هم يحكمون العالم .." ‏
وفكر قليلا ثم قال : ‏
‏-‏ ‏" هذ االرجل جلس طويلا م ع( كراولي ) .. وسمع منه لكثير .. ‏نحن نعرف ان ( كراولي ) هو اقرب البشر المعاصرين لهذا الكتاب ‏، وقيل إنه كان يملك ترجمة ( دي ) كملة .. لا احد يعرف .. لكني ‏اردت ان اقول إن معلومات البروفسور دقيقة على الأرجح .."‏
قال ( مصطفى ) وهو يتحاشى عيني ( زكي ) : ‏
‏-‏ ‏" بصراحة .. هل منكم من ينوي الاستمرار في هذا الموضوع ؟"‏
قال الفتى ( فايز ) في حرج : ‏
‏-‏ ‏" لا اعتقد .. إن ما كلفني به صعب جدا .. يوشك ان يكون مستحيلا ‏‏.."‏
قال ( يوسف ) : ‏
‏-‏ ‏" اما انا فلن افعل شيئا حتى أسافر في تلك البعثة على كل مهمتي ‏سهلة نسبيا .." ‏
كان الأمر يبدو لهم سخيفا جدا وهميا جدا .. وقد قرر اكثرهم انه ينوس ‏الانسحاب بلا اعتذار .. ام اعن ( زكي ) نفسه فإنه صدق او لا تصدق ‏كان آخر من يهتم بهذا الموضوع.. فقط كان يعرف شيئا واحدا : إنه ‏مخلص للرجل إلى أقصى حد وسوف يفعل كل ما يطلبه منه .. لهذا ‏سينفذ المهمة بدقة .. لكن عليه ان يقنع هؤلاء كذلك لأنه من أتى بهم ‏‏.. بالتالي هم مسئوليته ..‏
فيما بعد سوف ينسى الجميع الأمر ..‏
لن يتذكروه إلا يوم يعود ( زكي ) من ( سالزبورج ) بالكتاب لارهيب . ‏يوم يعرف ان استاذه البريطاني قد مات .. عندها سيعرف ان المهمة ‏صارت على عاتقه هو .. سوف يتصل بالآخرين ويخبرهم بما عرفه ، ‏من ثم تتحرك القصة من جديد .. ( يوسف ) .. سوف يذهب الى انجلترا ‏‏.. لن يقابل البروفسور طبعا لانه مات ، لكنه سيقابل أرملته .. ولسوف ‏تعطيه اوراقا كتبت باللاتينية ..‏
‏( مصطفى ) سوف يذهب الى ايطاليا حسب تعليمات الرجل المكتوبة ، ‏ليأخذ الجزء المترجم الى اليونانية من الكتاب .. ‏
‏( فايز ) سيقوم بتلك المهمة الرهيبة التي لم اعرف تفاصيلها في ذلك ‏الوقت لانه لم يترك اية مذكرات ( لهذا اتركها لخيالك الآن ) .. مهمة ‏تحتاج الى شاب باسل غير ذي اهواء شخصية وغير متزوج .. ‏وصحفي .. مهمة هدفها الظفر بترجمة ( ناتان غزة ) .. أي كتاب ( ‏سيفر هاشاري حاداث ) شخصيا ..‏
هكذا صار لدي كل منهم جزء من الكتاب ..‏
ترى ما الذي عرفوه ؟ ما الذي وصلوا اليه ؟ ‏
هذا هو ما اريد معرفته بشدة ..‏

Ala_Daboubi 31-10-05 10:19 AM

balasht el 2omoor tfeeee3

^RAYAHEEN^ 31-10-05 10:39 AM

ههههههههههههههه البركة بدعاويك
انقلبت الرواية راسا على عقب

Ala_Daboubi 31-10-05 11:17 AM

el yoam ur homework 3an eshi esmo

Taroot cards : awraq el taroot

yala lasnhoof sho be6la3 ma3ik

^RAYAHEEN^ 31-10-05 11:59 AM

كل شيء عن أوراق التاروت
التاروت) هى كروت تستخدم لقرأة البخت و الطالع و الكشف عن المستقبل والماضي ايضا وهى على صورتها الحالية تقريبا منذ القرن الخامس عشر حيث بدأ استخدامها في لعبه تسمي ال(الترمفس)
(وتعني الانتصار العسكري او فرحه النصر علي اسم الميدان الشهير)
الا انها سرعان ما استخدمت في اعمال الكهانه وكوسيله للتنبوء بالمستقبل و* قد ازدادت شعبيتها فى
المجتمعات المؤمنة بالسحر فى العصور العتيقة* فصارت تستخدم فى اللعب أنذاك وان كان لها أيضا أصل
من ايام المماليك بمصر و مع مضي القرون اتسعت لتشمل كل شئ بدءا من علم التنجيم والكابالاه الي اللغه التيتونيه (الاسكندافيه القديمه)(runes)** (والتي تسبق التاروت ب 1 عام) والi ching والتي تسبق التاروت ب ال2500 ...........
و فى القرن الثامن عشر و التاسع عشر أهتم بعض الباحثون برموزها فقاموا ببحوث فى معانيها واكتشفوا بعض الاكتشافات في اصول تلك الرموز وقالوا ان تلك الرموز ذات أصول مستمدة من أيام قدماء المصريين و الهرامسة و أصحاب الفلسفات و الديانات القديمة..........
و فى بداية القرن العشرين بدأ أنتشارها فى أوروبا و أمريكا و غيرها .........

و احب ان انوه بأن لاوراق التاروت اكثر من مجموعه(فليست كلها نفس الشكل) فهناك المجموعه الافريقيه وهناك مجموعه لافر كرافت وهناك مجموعه ملك الخواتم وهناك المجموعه الفانتستيكل(وهي ما افضله)وهناك مجموعه السحره وتختلف تلك المجموعات في الاشكال الموجوده علي الكارت وان احتفظت بنفس الاسم والمعني ومع ذلك فاللغه والصور المستخدمه في كل مجموعه تجعله افضل لنوع مين من القرائات فنجد مثلا the Renaissance Tarot جيده عند اسئله وطلبات العاطفه والاسباب.........

بقي ان نعرف ان عدد كروت التاروت 78 كرت و تنقسم اوراق التاروت الى
1) 22 كارت رئيسى و أساسى (trumps) مثل:
The Lovers, The Fool, The Pope, and The World
وكل منها يمثل جانبا من تجارب الأنسان فى العالم المحيط به الذى نعيش فيه و أتصاله و تفاعله مع
بيئته و ما حوله من الأشكال و الأنماط المختلفةالتي تؤثر فيه وفى طرق سلوكه وأختياراته
و كل كارت له رقم و صورة رمزية
فالرقم له معناه من( علم الأرقام ) ... Numerology
والرموز الاساسيه تضاف للكروت الحديثةعلى حسب ما يراه مؤلفه أما الصور فلها معان و تفسيرات خاصة بها وكذلك معان مستمدة من علم الفلك .....

2) ال 56 كارت الثانوين (minor arcana ) تعتمد فى معناها على علوم الأرقام
و الطبائع و الفلك و معان أخرى...
وتنقسم الى أربعة مجموعات(رموز) تتكون كل منها من 14 كارتا
(سيوف_كئوس _صولجانات_نجوم خماسيه(عملات) )
Swords, Cups, Wands (sometimes called Rods or Staves), and Pentacles (sometimes called Coins or Discs).
و هى تعادل العناصر الأرضية الاربعة
(النار_التراب_الهواء_الماء)
و كل قسم يتألف من الأرقام من واحد لعشرة
و يزيد عليها الرجل الشاب ( الفارس )
و المرأة ( الملكة), الشيخ ( الملك) ,
بالأضافة الى الغلام (الفارس الغلام)
و لا يوجد نظيره فى كروت اللعبة العادية المتداولة.........

و منها أى الكروت الثانوية جاءت كروت اللعب الحالية و المسماة (بالكوتشينة)Playing cards
و الاسم أصلا أيطالى Tarocchi Tarocco

____________________________________________________

و يتوقف أستخدام و نتيجة أى وسيلة من وسائل الكشف على :-

1)القارئ نفسه

2) الوسيلة المستخدمه ( و لها أسس و قواعد) كما تعتمد ايضا على الشفافية و رومانسية القارئ

3) كل حركة أو شكل ناشئ مصادفة عن ظاهرة طبيعية ذات أتصال بالأنسان لها معان يمكن ترجمتها و قرائتها ايضا لتدل على بعض ما يحدث و يحيط بذلك الشخص كالأشكال الناشئة عن شرب فنجان القهوة
, ضرب الرمل , القاء الودع,(الصدف و الأحجار التى يلعبها قرائوا الودع بين البدو)و كذلك تفنيط الكروت و السحب منها
ههههههههههههههههه
والله شكلك بدك توديني بدااااهية ههههههههههه

Ala_Daboubi 31-10-05 01:26 PM

hehehehehe

man hom el haramesah ???? hehehehehe

thanks ma3looomat 7ilweh wallah , 6ab shoofeeli sho be6la3 ma3ik 3an eshi esmo 7ajar el falasifah

^RAYAHEEN^ 31-10-05 01:29 PM

هههههههههههههههههههه بسيطة بليل بشوفوا وبكرة بتلاقيه الصبح موجود
حجر الفلاسفة ههههههههههههههه والله شكلوا صابون بلدي

Ala_Daboubi 31-10-05 01:35 PM

howi bel zab6 3ashan barsh rl rijlain

raw3a

^RAYAHEEN^ 31-10-05 07:48 PM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههه
علااااااااااااااء
هههههههههههههههههههههههههه
منك لله

^RAYAHEEN^ 31-10-05 07:50 PM


‏-10- ‏
بعد أسبوعين صار عندي ملفان آخران .. واحد كتب باللاتينية والآخر ‏كتب باليونانية ..‏
وقد بدأت ادرك انني كنت محقا .. بالفعل أرقام الصفحات تكمل بعضها ‏‏.. ويا له من شعور رهيب عندما تدرك أنك تحدق في ترجمة ( تيودور ‏فيليتاس ) أو ترجمة ( فيرمياس ) .. قرون عديدة مضت على هذه ‏الاوراق وتم تناقلها من يد ليد خلسة .. هي الآن في يدك انت بالذات ..‏
لكن ما الذي نخرج به من هذا الكتاب بفرض انه صحيح ؟ ‏
ثم خطر لي خاطر آخر رهيب ..‏
هؤلاء ماتوا بتلك الطريقة البشعة لأن كلا منهم كن يحتفظ بجزء من ‏الكتاب .. لا اعرف من قتلهم ولا الغرض .. لاحظ أننا لم نسمع عن ميتة ‏مماثلة لكل من امتلكوا الكتاب في التاريخ .. وإلا لكان ( دي ) أو ( ‏كراولي ) أجدر مني بهذه النهاية .. ربما كانت لعنة الكتاب تصيب ‏الأبرياء فقط .. أي الأشخاص غير الملعونين أصلا ..‏
إذن ماذا عن مصير من يمتلك الكتاب بالكامل ؟ ‏
وشعرت بم ابقي من شعر رأسي ينتصب .. ‏
نعم .. لو صح توقعي فأنا المرشح الأقوى الآن لهذا ..‏
ربع كتاب كان كافيا لانتزاع القلب من الضلوع فماذا عن الكتاب كاملا ؟
هنا دق جرس الهاتف فوثبت مترين في الهواء ، ونسي قلبي ان يدق ‏عدة ضربات .. ثم نهضت فرفعت السماعة ليصلني صوت ( عادل ) ‏يقول : ‏
‏-‏ ‏" لقد فتحت الزوجة درج زوجها "‏
‏-‏ ‏" أية زوجة ؟ " ‏
‏-‏ ‏" ( فاتن ) "‏
‏-‏ ‏" زوجة من ؟ " ‏
‏-‏ ‏" زوجة د. ( زكي ) .. يا أبله . .هل أصبت بتخلف عقلي ؟"‏
‏-‏ ‏" أصبت بماذا ؟ " ‏
هنا انفجر فهو لم يعد يتحمل أو كما يقول العرب لم يعد في قوس الصبر ‏منزع .. وقال في غيظ : ‏
‏-‏ ‏" أنت قد جننت تماما .. على كل حال وجدنا مذكرات الدكتور .. ‏وهي مهمة بحق .. سوف تصلك نسخة منه احالا .. لقد اتصلت بهم ‏في مديرية أمن القاهرة .. أرجو ان تقرأها وتخبرني برأيك .."‏
‏-‏ ‏" أخبرك بماذا ؟"‏
لكنه وضع السماعة كي يتجنب سماع اكثر ..‏
بعد ساعة دق جرس الباب فاتجهت لأفتحه . كان هذا هو مساعد ‏الشرطة ( شوقي ) الذي تحول عمله الى احضار الملفات لي .. شكرته ‏فوقف يلهث طالبا كوبا من الماء ، وفكر للحظة في ان يصاب بنوبة ‏قلبية ويموت على بابي ثم عدل عن هذا التصرف الغير مهذب ، ‏وحياني وانصرف ..‏
وفي الداخل جلست وتفحصت المذكرات .. إنها تقع في حوالي مائتي ‏ورقة تحكي بدقة وبخط نضيد أكثر ما يحدث للرجل ، على ان اهم ما ‏وجدته كانت ذكريات رحلته الى النمسا .. هذا الجزء القى الكثير من ‏الضوء على القصة .. هذا نموذج من اربعة يحكي كيف حصل احدهم ‏على الجزء الخاص به من الكتاب .. لقد تورط الرجل ف يالقصة بعد ‏موت استاذه البريطاني .. لم يستطع التخلص من الاوراق ثم وجد أنها ‏تضم اشياء مهمة فعلا .. هكذا اندمج في القصة الى درجة انه لم يكن ‏يفارق غرفة مكتبه ابدا .. لا يوجد دليل في المذكرات على كونه كان ‏على اتصال بالثلاثة الآخرين في أيامه الاخيرة .. يبدو ان كل واحد ‏منهم راح يبحث بشكل منفرد ..لكنهم لم يلتقوا قط لتبادل الخبرات ..‏
ترى هل عرف كل واحد منهم ان الباقين هلكوا ؟ لا اعرف .. إن ‏الاخبار لم تذع في الجرائد ..‏
‏( إن الجيران يمشون بطريقة عجيبة هذه الأيام .. إن اصوات خطواتهم ‏تبدو كأنها آتية من غرفة النوم .. منذ أسبوع سمعت احدهم يمشي ‏فوق رأسي فبدا لي كأنما يتدرب على الوثب فوق مؤخرته ..)‏
كان النعاس قد تسرب لعيني فقررت ان انام بعض الوقت ثم اعاود ‏التفكير او أتجاهله ..‏
هنا دق جرس الهاتف بإلحاح شديد ..‏
اتجهت نحوه متثاقلا ورفعت السماعة ..‏
كان المتحدث يتكلم الإنجليزية .. إنجليزية أمريكية واضحة .. وعرفت ‏الصوت على الفور : ‏
‏-‏ ‏" د. ( رفعت ) .. أنا ( سام كولبي ) !! "‏
‏( سام كولبي ) ؟ الساحر النصاب النيويوركي واليهودي مريض ‏البروستاتا الأبدي .. لكن هذا الجرس ليس طويلا كأجراس المكالمات ‏الدولية .. إن .. ‏
عاد صوته يصيح : ‏
‏-‏ ‏" انا هنا في المطار .. مطار القاهرة ! اتصلت بك قبل سفري لكنك ‏لم ترد !"‏
‏( بالفعل هؤلاء الجيران قد تجاوزوا الحدود .. ) ‏
قل في غباء وبلا شبهة ترحاب واحدة : ‏
‏-" ماذا اتى بك نا ؟ " ‏
قال في عصبية : ‏
‏-" لا وقت للشرح .. فقط اريد منك ان تغادر البيت حالا ! لا تدخل ‏غرفة نومك باي ثمن !!"‏
عدت أسأل بذات الغباء : ‏
‏-‏ ‏" لماذا ؟ ما الذي ؟ " ‏
‏-‏ ‏" أترك البيت حالا .. ابق وسط الناس ..! إنه ينتظرك في غرفة ‏النوم الآن !"‏

^RAYAHEEN^ 31-10-05 07:51 PM


الجزء الثالث ‏

عشرون شيطانا ‏
إنهم يعيشون بيننا لكنهم لم يتكاثروا .. الأمر هين بالنسبة لهم .. يندمجون ‏بنا ولا يشيخون .. ثم عندما يبدأ من حولهم في التساؤل يختفون .. ثم ‏يظهرون في مكان آخر باسم آخر ويبدءون حياة جديدة .. لاحظ أن كثيرين ‏ـ ومنهم ( كراولي ) نفسه ـ اعتقدوا هذا ..‏
‏-1- ‏
اليوم قررت ( علياء ) ان تقتل زوجها ..‏
لا تقلق .. هذه هي المرة العاشرة التي تعتزم فيها شيئا كهذا .. أما في ‏خيالها فقد قتلته فعلا ألف مرة ..‏
فتحت الدرج واخرجت المسدس الأنيق الصغير وحشته بالرصاص . ثم ‏راحتتنتظر اليه في توجس كأنه ثعبان .. بعد دقيقة أغلقت الدرج وهمست ‏من بين اسنانها : ‏
‏-‏ Its awful ‎‏ ( هذا لا يطاق ) "‏
ثم وقفت في الشرفة المطلة على البحر ـ وأخذت شهيقا عميقا لتهدأ .. ‏نوبة الهستيريا قادمة لذا راحت تتنفس بسرعة أنفاسا قصيرة خاطفة ..‏
‏*** ‏
متى قررت ان الوقت قد حان للخلاص منه ؟ ‏
إنها من أسرة أرستقراطية لو لاحظت هذا ، وليس القتل بالسلوك سيد ‏التهذيب بالنسبة لهذه الأسرة .. على الأقل ليس موضة العام .. لكن ‏احيانا ما تصير الامور لا تطاق بالمعنى الحرفي للكلمة .."‏
‏-‏ ‏" ‏it's awful ‎‏"‏
منذ عشرة اعوام تزوجت د. ( مختار ) .. الاستاذ الجامعي المرموق .. ‏إنه وسيم نوعا وعلى قدر لا بأس به من الرقي .. الناس مولعة به ‏ويقولون إنه ابن بلد وظريف .. وتراه هي ‏Cool ‎‏ .. هذا هو ما وصفته ‏به لأبيها ..‏
لماذا لم يتزوج من قبل ، ولماذا يبدأ التجربة في سن الأربعين ؟ قال إن ‏الحياة والدراسة لم يتركا له الوقت ولا البال الرائق لأمور كهذه .. ثم ..‏
‏-‏ ‏" في لحظة يدرك المرء انه ان لم يتزوج الآن سيكون وحيدا للأبد ‏‏.." ‏
شهقت في رعب : ‏
‏-‏ Oh ! c'st trop‏ ( إن هذا لكثير )!"‏
وكانوا يتحدثون عن اسرته الراقية الثرية .. نعم .. لا بد انه ثري .. ‏كيف بربك يملك هذا كله من راتب الجامعة ؟ من الواضح انه ورث ‏مبلغا محترما .. هي ايضا تأخرت كثيرا في الزواج حتى صارت على ‏مشارف الثلاثين ، لانها كانت تعتقد ان الرجال صراصير تحوم حول ‏ثروة ابيها .. أخيرا وجدت الرجل المناسب .. وتم الزواج وسافروا الى ‏الخراج في شهر عسل قصير ..‏
هكذا صارت حياتهما مزدحمة جدا .. يوصلها للنادي صباحا ثم يذهب ‏لعمله في الكلبية ، ويعود عند الظهيرة لتناولا الغداء في النادي او ‏مطعم ما ، ثم يعود بها البيت .. ويقضي فترة العصر في مكتبه ، ثم ‏يخرجان مساء او يزورهما الأصدقاء ..‏
هل لاحظت شيئا غير معتاد عليه في ذلك الوقت ؟ ‏
لا تعتقد .. المشكلة انه كان مكتملا .. مكتملا بطريقة تثير الريبة .. ‏دائما هو متأنق .. دائما هو لامع .. دائما هو حاضر الدعابة.. دائما هو ‏جاهز للكلام المنطقي .. وهذا شيء يثير الغيظ لكنها تحملته ..‏
آه .. تذكرت .. هناك تلك الوحمة في معصمه .. إنها موجودة بالضبط ‏في باطن المعصم على ارتفاع 3 سنتيمترات من المفصل .. رأتها مرارا ‏‏.. لكنه يخجل منها بشكل خاص لهذا يحرص على ارتداء قمصان ‏طويلة الكمين ، حتى مناماته لها كمان طويلان ، وهي لا تذكر انها ‏رأته بالثياب الداخلية قط .. حتى حينما ينزل الى البحر يحرص على ‏وضع شيء يشبه السوار حول معصمه .. ( علياء ) هستيرية لكنها لا ‏تعرف هذا عن نفسها .. لهذا هي متأكدة ان شكل الوحمة يتغير كلما ‏رأتها .. تارة تشعر انها دائرة سوداء ،وتارة تراها اقرب الى شعار ‏تجاري فلا ينقصها إلا رمز .. وتارة هي ثعبان يلتهم ذيله أو نجم ‏خماسي .. ربما سداسي ..‏
لكنها في كل مرة كانت ترى تلك الوحمة ربع ثانية ثم يغطيها زوجها ‏في حرج ، لهذا كان احتمال انها تخرف واردا .. لم تكن تهتم كثيرا لولا ‏ان هذه الوحمة بدت لها سوقية و ( بلدي ) إلى حد كبير .. وقد اقترحت ‏عليه ان يجد جراح تجميل بارعا يزيلها فابتسم ولم يقل شيئا ..‏
ولم يزلها ..‏
هذا كل ما نغص حياتها في بداية الزواج ..‏
لم ينغص عليهما شيء آخر إلا معرفتهما انها لن تنجب .. ‏
كانت هناك مشكلة ما في المبيضين .. ام هو الرحم ؟ لا تفهم بالضبط ، ‏لكن الطبيب قال إنه من الصعب ان تنجب .. من المستحيل في الواقع ‏لان لديها مشكلة غاية في التعقيد .. ‏
‏-" ‏Oh no Merciful God !‎‏ ( أه لا . يا الهي الرحيم ) "‏
وقد ضايق هذا ( مختار ) كثيرا .. لكنه لم يتحدث عن الزواج ثانية ولم ‏يتحدث عن الطلاق ..‏
كل هذه ليست بالسباب التي تدفعها الى التدبير لقتله كما ترى ، خاصة ‏ان القتل كما قلنا ليس موضة العام ..‏
‏*** ‏
ربما فكرت في قتله اول مرة عندما حدثت قصة كلبها ..‏
كلبها البكيني الحبوب ( سنوبي ) كان هو الشيء الأهم الذي جاء معها ‏من بيت ابيها .. كان شيئا لطيفا صغيرا لا يكف عن النباح في وجه ‏الغرباء ، فإذا اقتربوا سقط مغشيا عليه من الرعب ..‏
منذ اللحظة الأولى لم يكن ثمة ود مفقود بين الاثنين .. الزوج والكلب ‏‏.. بدا ان هناك مثلث حب يجمع الثلاثة وان الذكرين يغاران من ‏بعضهما .. وكان ظهور زوجها في أي مكان يكفي كي يتوارى الكلب ‏تحت اقرب اريكة وربما بلل نفسه من الرعب .. أتحدث عن الكلب لا ‏الزوج طبعا ..‏
‏-" لا افهم كيف تحبين هذا الشيء البشع .." ‏
‏ هكذا كان زوجها يقول كلما راى الكلب .. وكانت هي تكتفي بنظرة باردة ‏قاسية لائمة ثم تحتضن الحيوان الخائف لراجف الى صدرها .‏
وذات مرة وجد ( مختار ) الكلب يرتجف جوار اريكة في طريقة ، فلم ‏يتردد في ان ركله ركلة لا بأس بها أبدا أطاحت به مترين في الهواء ..‏
ثم جاء اليوم الذي اختفى فيه الكلب تماما .. بحثت عنه في كل مكان بلا ‏جدوى .. وقيل إنه سرق أو فر .. طبعا كان مستحيلا لان ( سنوبي ) لن ‏يفر .. إنها تعرفه أفضل من ذاتها .. ربما لا نعرف الكثير عنا .. ربما ‏نكتشف أشياء عن ذواتنا لم نكن نعرفها ، لكن لا يوجد أي سلوك غير ‏مبرر لدى ( سنوبي ) .. أم اعن احتمال سرقته فنحن لسنا في باريس .. لا ‏احد يبالي بالكلاب هنا إلا لجره امن أعناقها بحبل في الطرقات .. دعك من ‏انها لا تتركه وحده ابدا ..‏
طبعا أمكنها ان تفهم القصة حينما وجد البستاني تلك العظام الصغيرة في ‏حوض الزهور بعد ستة اشهر من الاختفاء .. لم تستطع ان تلقي نظرة ‏على الجثة لكن البستاني قال ان الجمجمة مهشمة تماما .. ‏
طبعا لم تستطع إلقاء اللوم على زوجها ، لانها لا تتخيل الاستاذ الجامعي ‏الوقور يهوى على راس كلب ببلطة .. لكن يظل السؤال هو : من فعلها ؟ ‏
‏*** ‏
والسؤال الثاني المهم هو ألبوم الصور الذي لديه .. والذي عرضه عليها ‏اكثر من مرة .. ‏
ألبوم غريب هو لا يضم صورة ام او اخ .. فقط صور اصدقاء وصور ‏اجداد .. الطريف هو ان كل أجداده منذ اختراع الكاميرا لهم ذات الوجه .. ‏فقط تتغير الثياب حسب الظروف .. طربوش .. ثياب الأربعينات .. نفس ‏الوجه لا يشيخ ولا يتبدل .. هل صفاته الوراثية بهذه القوة ؟ ‏
بالمناسبة لماذا لا يشيخ زوجها ؟ حتى بالنسبة لها وهي في الأربعين فقط ‏هناك اكثر من تجعيدة واكثر من شعرة بيضاء لان السنين لا تمر من دون ‏اثر .. اما هو وهو في الخمسين من العمر فمن المفترض ان تبدو ‏التغيرات اكثر .. ‏
لماذا يصر على ان ينام وحيدا ولا يسمح لها ابدا بان تراه اثناء نومه ؟ ‏هناك غرفة اتخذها لنفسه في البيت .. وعندما يحين موعد نومه ـ وهو لا ‏يأتي ابدا إلا بعد نومها هي ـ يدخل الغرفة ويغلقها على نفسه من الداخل .. ‏غالبا ما تصحو بعده لتجده منتعشا منفتحا يجلس الى مائدة الإفطار ..‏
ثم هي تعرف انه من اسرة أرستقراطية .. لكن من هم بالضبط ؟ لم ‏يزرهما احد قط ولم يتصل بهما احد .. وهو الذي تقدم للزواج منها وحده ‏‏.. كل الناس يقولون ان اسرة ( ابو مندور ) ثرية جدا .. لكن أي شيء ‏يربط بينه وبين تلك الاسرة سوى الإسم ؟ اسم ( ابو مندور ) شائع فمن ‏قال بالضبط انه من تلك الأسرة؟ ‏
ذات يوم قابلت في النادي فتاة جميلة وإن كانت تضع المساحيق بطريقة ( ‏بلدي ) بعض الشيء اسمها ( غادة او مندور ) .. وقد تطرق بينهما ‏الحديث فعرفت انها من تلك الاسرة الثرية .. سألتها عن زوجها .. هنا ‏تقلص وجه الفتاة شأن من يتذكر ..وقالت : ‏
‏-" ( مختار ابو مندور ) ؟ استاذ جامعي ؟ ‏Pardon ‎‏ .. حقا لا اتذك ه ذا ‏الاسم .. ان اسرتنا تضم رجال الاعمال وكبار التجار ولواءات الجيش ‏والشرطة والمستشارين .. بل ان عندنا ممثلا او اثنين .. لكن لا اعرف أي ‏شخص من السلك الجامعي .. ربما .. ‏You never can tell ‎‏ " ‏
كما ترى لم تزدها هذه المحادثة إلا قلقا .. يحب المرء ان يتعامل مع ‏شخص له طول وعرض وارتفاع وجذور .. ان تكون لزوجها ام تتشاجر ‏معها وخالة تتضايق كلما جاءت سيرتها .. لكنها تشعر في كل يوم ان ‏زوجها نبت شيطاني ..‏
شيطاني .. هذه هي الكلمة ! ‏
هنا تأتي المغامرة التي لا بد منها ، والتي يطلق عليها القصيصون ‏والسينمائيون اسم ( المشهد الاجباري ) ..‏
لقد قررت ان تلقى عليه نظرة اثناء نومه ..‏
امر عجيب ان يكون هذا مطمع زوجة بعد عشر سنين من الزواج ، لكن ‏الحقيقة هي انها لم تتمكن قط من ذلك ، وقد بدا لها الأمر غريبا ..‏
الغرفة تغلق بالمزلاج من الداخل لكن هناك شرفة .. شرفة مشتركة مع ‏غرفتها هي ، التي كان يجب ان تكون غرفتهما .. والشرفة تغلق بشيش . ‏طبعا هذا يسهل الأمور .. كل لص يعرف ان اقتحام الشيش سهل من ‏الخارج إذا كانت عندك أداة يمكن ان تنساب في الشق ثم ترفع بها اللسان ‏لأعلى ..‏
كانت تعاني الفراغ وكان عندها كل الوقت لتحسن طريقتها ..‏
تتأكد من ان لديها جسما يصلح .. تضع بعض الزيت على اللسان كي لا ‏يحدث صريرا .. ثم تختار ليلة مقمرة حتى تتأكد من ان الغرفة ستكون ‏مضاءة ..‏
لو وجدها في غرفته ليلا فلا مشكلة .. لا جريمة .. لكنها لا تح بان تجد ‏نفسها في هذا الموقف .. تشعر بأن اختلاق الاعذار امر لا يتسق مع ‏الكبرياء ..‏
وجاء اليوم الموعود .. عادا من الخارج .. كعادته لاذ بالصمت بمجرد ‏دخول البيت .. إن ظرفه ولطفه يشبهان الحذاء الذي ينزعه على عتبة ‏البيت فلا يسمح له بالدخول .. إنه للشارع فقط ..‏
أعدت لهما الخادم العشاء فجلسا يأكلان في صمت ..‏
بالمناسبة .. لم تعرف قط من يحب اللحوم بهذا القدر .. عشر سنوات معه ‏وبرغم هذا لم تلحظ إلا الآن انه لا يكاد يتذوق الخضر او النشويات او ‏الحلوى .. كانت تعلل هذا برغبته في ألا يزيد وزنه .. لكن لماذا يحرص ‏على عدم التهام الخضر ؟ لو شئنا الدقة لقلنا إنه نباتي لكن بالعكس .. ‏حيواني إذا كان هناك مصطلح كهذا ..‏
بعد العشاء أعلنت انها تريد ان تنام ، فقال له اإنه سيعمل بعض الوقت ‏هكذا دخلت غرفتها وراحت تعد الدقائق إلى ان تهدأ الشقة .. الأنوار ‏تنطفئ .. جو الصمت يعم المكان .. ثم تسمع صوت باب شرفة غرفته ‏ينغلق .. تنتظر في الفراش متوترة نصف ساعة على الأقل ..‏
الآن تنهض ..‏
تتجه الى باب الشرفة وتفتحها في حذر ..‏
نور القمر الفضي الوقور الانيق يغمر الشرفة .. النباتات المتسلقة تبدو ‏كأنها اشخاص يتلصصون بانتظار من يدخل .. وقد دخلت ..‏
تمشي في بطء وحذر ، ثم تقف خارج شرفة غرفته .. ‏
أخرجت الأداة الملتوية التي اعدتها في صبر .. ثم دستها بحذر عبر شق ‏الشيش .. هوب .. حركة لأعلى بخفة .. لقد اجرت البروفة عشر مرات من ‏قبل ..‏
اللسان يرتفع .. يرتفع ..‏
تدفع الى الأمام ليسقط اللسان خارج مجراه ..‏
أزاحت الباب بحذر .. تبا .. لقد قامت بتزييت اللسان لكنها نسيت ان تزيت ‏المفاصل .. إن الباب يحدث صريرا ..‏
صريييييييييييييييييييرا !‏
كان خافتا جدا لكنها شعرت كأنها تسجد الإسكندرية كلها تتساءل عما ‏هنالك ..‏
اخيار انفتح الباب اكثر .. إنها ترى الغرفة في وضح تام .. ظلها يمتد أماما ‏طويلا مخيفا وهذا يدل على انها خططت جيدا .. النور يدخل الحجرة ‏بالكامل .. سوف ترى ..‏
زوجها في الفراش ..‏
تدنوا أكثر فأكثر ..‏
الآن تراه بوضوح تام في ضوء القمر المعدني البارد القاسي ..‏
في هذه اللحظة سقطت الأداة المعدنية من يدها ..‏
كادت تصرخ لكنها لحسن حظها وضعت يدها على فمها في اللحظة ‏الأخيرة ..‏
الآن فقط فهمت كل شيء ..‏
هذا الرجل يجب ان يموت ..‏
هذا الشيء يجب ان يموت ! ‏
يجب ..‏


Ala_Daboubi 01-11-05 09:46 AM

ballah bedi as2alik , enti qara2teeha kolha lal qesa wela zayi haik ?? eli btoktobee howi eli qara2tee ??0

^RAYAHEEN^ 01-11-05 09:51 AM

لا بس الي بكتبوا هوي الي بقراه لسبب
لاني لو قريتها كلها رايحه ازهق وما رح كفيها
هههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 10:04 AM

6ab esma3i el yoam akhir yoam dawam eli 2abl el 3eed khalas kol 3am wo enti b khair , be hal 3o6leh bedi eyaki tkamleeha kolha lal qesa , 3ashan bas arja3 ala2ieeeha jahzeh ok !!!0

^RAYAHEEN^ 01-11-05 10:18 AM

اي وشو بعد بدك ـ يعني بتحب معها فنجان نسكافيه ولا قهوة سادة
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههه
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 10:22 AM

wallahi bafadil french coffee ma3 dips

wa ba3d el sha6a2ir wa ya 7abatha low kanat bel zobdah

^RAYAHEEN^ 01-11-05 10:28 AM

ههههههههههههههه حبذا بعينك الشمال
ههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
ابتعرف انا اصلا الي بدعي الكيبورد عندك ما يتحول عربي
ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه
قال حبذا قال وزبدة كمان ههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 10:31 AM

ya3ni enti mfakreg eno ekhtiraa3 sarookh ta7weel el 3arabi ?? hehehe ma ana mohandis computer aslan hehehe

bas ma bedi , khalee bnefsik

sara7a kha6i mo 7ilo bel 3arabi

^RAYAHEEN^ 01-11-05 10:38 AM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههه
كنت متأكدة انو هيده السبب الي بيخليك ما تكتب بالعربي خخخخخخخخ خطك
بس مو مشكلي ـ مع الوقت بيتحسن ههههههههه خلي املك بربنا وبأزرار الكيبورد كبير
ههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 11:22 AM

Yala sho bidik tjeebeeli el yoam ???? hmmmmm , sho ra2yik toktobeeli 3an eshi esmo deejaavo , lanshoof sho be6la3 ma3ik

^RAYAHEEN^ 01-11-05 11:31 AM

ظاهرة ( ديجافو )

تمر علينا أحيانا مواقف كثيرة نعيش فيها حدث ما ولكن نكون متأكدين من أن هذا الموقف بذاته وحذافيره قد تكرر من قبل وبنفس التفاصيل وكانه فيلم سينمائي يعاد من جديد !!


والكثير طبعا يتساءل لماذا وماتفسير هذه الظاهرة ....
البعض وجد الاجابة والبعض لم يجدها .....
إن هذه ظاهرة حيرت العلماء كثيرا وسموها بظاهرة (ديجافو) أي بمعنى شوهد من قبل بالفرنسية , وكان هناك تفسير سائد هو ان الامر متعلق بنوع من الفراسة والقدرات الفائقة العقلية التي تجعلك تعيش هذا الموقف في حلم سابق مثلا ثم تعيشه فيما بعد ....
كان هذا التفسير يناسب الكثيرين ممن يحبون ان يشعروا ان في الموضوع نوع من القوى الخفية عندهم لكن العلم الحديث جاء وكشف الحقيقة بكل صرامة كالعادة .....
إن التفسير بسيط جدا مما سبب صدمة لاصحاب الراي السابق وللكثيرين !!!


التفسير العلمي يقول أن سبب هذه المسالة هو عملية نقل المعلومات عبر الشرايين الى المخ ...
فحين تتعامل مع موقف ما يتم نقل المعلومات الى صدغي المخ الايمن والايسر , ويحدث أحيانا ان تصل المعلومة الى الصدغ الايمن قبل الايسر فتكون حاضر بالنسبة لهذا الجزء من المخ (قد وقع ) بينما يجدها الجزء الاخر من المخ غيبا (لم يقع بعد ) ......

ولهذا تكون انت في حالة إرتباك حينها متصورا أن هذا المشهد قد عشته من قبل ..

طبعا معروف ان المعلومات تنتقل عبر الاعصاب مثل الاشارات الكهربائية او النبضات وطبعا الدماغ يعمل عندما يصله الاكسيجين عبر الدم وعندما يحدث ان يتأخر وصول الدم إلى احد صدغي المخ يكون الجزء الذي وصل اليه الدم قد عمل بينما الجزء الاخر لم يعمل بعد من هنا تنشأ هذه الحيرة الغريبة في انك عشت هذا الموقف لانه يعتبر ذكرى بالنسبة للجزء الذي وصل اليه الدم بينما الجزء الذي لم يصل اليه الدم لازال يعتبره لم يقع !!!

ملاحظه

ان اكثر الذين يتعرضون لهذه الحاله من يستخدمون الأجهزة التي تصدر اشعاعات مثل الهاتف الخلوي او الذين يكثرون من مشاهدة التلفاز وكذا الكمبيوتر فهي تأثر على خلايا المخ والأعصاب فتجعل ادراك الحدث بطئ في جهة وسريع في جهة اخرى من العقل ... فيصبح هناك اضطراب فيخيل لنا اننا رأيناه من قبل‍

لكن لكي نتأكد من هذه الظاهره وهل هي فعلا مجديه ام هو مجرد خلل في الأعصاب الناقلة للأشارات نقوم بالتفكير ماذا سيحصل بعد ذلك ............. سنخرج بلا شئ فلا نستطيع ان نعلم ماهو الذي سيحدث بعد ذلك وهنا دليل على انها مجرد تخيلات لا تلامس الواقع

Ala_Daboubi 01-11-05 11:33 AM

wana bagoool shayfik gabil haik , bas wain mosh 3arif !!!!0

^RAYAHEEN^ 01-11-05 11:34 AM

هههههههههههههههه خلينا على التفسير العلمي احسن مع حالتك هههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 11:47 AM

6ab esma3i roo7i shoofeli eshi 3an kohooof tseeli b lybia yala

^RAYAHEEN^ 01-11-05 11:58 AM



(( كهوف تسيلي ))
بينما كان الرحالة (بربنان) يجتاز الحدود الجزائرية الليبية في عام 1938 م وفي واحدة من رحلاته العديدة .. عثر على كهوف في مرتفعات يطلق عليها اسم (تاسيلي) .. وقد وجد في هذه الكهوف عندما قام باستكشافها نقوشا ورسوما عجيبة لمخلوقات بشرية تطير في السماء .. وترتدي أجهزة طيران .. ولسفن فضاء .. ورواد فضاء .. ورجال ونساء يرتدون ثيابا حديثة كالتي نرتديها في زماننا الحالي .. ورجالا يرتدون لباس الضفادع البشرية .. واستقطب هذا الاكتشاف اهتمام علماء الآثار ووسائل الإعلام كافة.. وجعلهم يتدافعون لزيارة الحدود الجزائرية الليبية لمعرفة المزيد عن تلك الرسوم والنقوش العجيبة .. وأهم تلك الزيارات كانت في عام 1956 م .. عندما قام الرحالة (هنري لوت) برفقة مجموعة كبيرة من العلماء بزيارة لتلك الكهوف .. والتقطوا لها صورا فوتوجرافية عديدة .. وبعد البحث والدراسة.. واستخدام وسائل متطورة للغاية (كالتحليل الذري) لمعرفة عمر تلك النقوش .. جاءت النتيجة .. وكانت مذهلة بحق ..

لقد قدر جميع الخبراء عمر تلك الرسوم والنقوش بأكثر من عشرين ألف سنة!! .. وهز هذا الاكتشاف الأوساط العلمية هزا .. وتفجرت علامات استفهام ودهشة لا حصر لها .. وصنعت تلك الرسوم ما يعرفه علماء الآثار باسم: لغز كهوف تاسيلي .

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image01.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image02.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image03.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image05.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image04.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image12.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image15.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image11.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image22.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image24.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image18.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image30.jpg

http://www.sewanee.edu/Anthropology/...cz/Image26.jpg

Ala_Daboubi 01-11-05 12:05 PM

leash sayrah bo7othik da3eefeh , ya3ni hada ma ba36eeki 3alaih 4/10 sara7a

shedi 7alak shwai

shoofeli , sho ossit area 51 yala

^RAYAHEEN^ 01-11-05 12:12 PM

كومبيوترات بقدرات مذهلة لممارسة الألعاب الإلكترونية
توفرها شركات متخصصة للاعبين المتمرسين للحصول على أكبر قدر من المتعة


وأغلى جهاز يتم بيعه يعرف باسم «ايريا 51» (المنطقة 51)، ويكلف حوالي ألفي دولار، ويضم معالج «إنتل بنتيوم 4» بسرعة 3 غيغاهيرتز، وبطاقة فيديو بذاكرة 128 ميغابايت، وبطاقة صوت من نوع «آوديجي 2»، ولكنه لا يأتي مع شاشة أو سماعات. ويعتبر سعر هذا الجهاز أقل بكثير مما يطلبه بائعو كومبيوترات اللعب الآخرين. ولكن بالرغم من تدني أسعارها فان هذه الشركة تنتج كومبيوترات ذات سرعة وأداء يضاهي منافسيها.
شو بدك اتطلع الهندسة على راسي
ههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 12:19 PM

ballah min kol 3aglik , hada eli 6ili3 ma3ik hehehehehehehe

roo7i dawri mnee7 , el mawdoo3 elo 3alaqa b america

^RAYAHEEN^ 01-11-05 12:26 PM

ايريا 51
المنطقة 51
!!!!!!!!!!!
غريبي من وين جايب هالاسم

Ala_Daboubi 01-11-05 12:29 PM

min bait abooy min wain ya3ni , just look for it its well known

^RAYAHEEN^ 01-11-05 12:37 PM

والله عمدور هههههههههههههه ما اتضحكني
ما عميطلع معي غير انها شي خاص بالكمبيوتر وبس
طيب اعطيني شي توضيحي مرتبط فيها بقدر من خلالوا اتوصل للموضوع

Ala_Daboubi 01-11-05 12:40 PM

hai restricted area esmha area 51 fe el USA , ma 7ada can get near to it , wo heyeh tab3ah lal 7okomeh el amreekyeh , wo fee kteer rumers eno feeha alianes wo sha3'laat zay haik , yala aktar min haik 3abath

^RAYAHEEN^ 01-11-05 12:48 PM

طيب ليش غاوي توجعلي قلبي اذا انت عندك معلومات عندها
يعني بدك اياني اخترق المنطقة المحضورة وجبلك صور من هاونيكي
هههههههههههههههههه
هلء بشوف شو حكايتها
استعنى على الشقا
هههههههههههههههه

Ala_Daboubi 01-11-05 01:02 PM

shoo , kol hada lessa betdawri , sorry , khilis el wa2t el mokhasas lal barnaamij

^RAYAHEEN^ 01-11-05 01:10 PM

ههههههههههههه طيب اسكت خليني دور والله صدع راسي من ورى هالسؤال

Ala_Daboubi 01-11-05 01:18 PM

6ab balash , shofeeli sho bi6la3 ma3ik 3an Atlantis

^RAYAHEEN^ 01-11-05 01:23 PM


(( أطلنطس ))

تستند أسطورة أطلنطس الشهيرة على رواية أفلاطون حين صرح بأن صولون أخبره نقلا عن كاهن مصري بهذه الأسطورة و بأن حضارة مصر كانت قائمة قبلها بآلاف السنين. و بالرغم من هذا الشهادة الأخيرة و التي تغنى عن مزيدا من الكلام ألا إننا مع ذلك نرى أن رواية أفلاطون لا يمكن أن تعد قرينة قاطعة لا تقبل إثبات العكس . فإذا كانت هذه الرواية مبنية على ما تعلمه صولون نفسه في مصر، فأين الدليل المصري على صحة كلامه، فحتى الآن لم يعثر على وثيقة واحدة تؤكد صحة روايته تلك. ويسرى الحال نفسه بالنسبة لحلم الرسول النائم الذي رأى فيه أن كل الأسرار مدفونة في حفرة صغيرة تحت ذراع أبى الهول ، والذي جاء على لسان أفلاطون نقلا عن صولون،ومن هنا يبرز التساؤل لماذا جاء الكلام على لسان أفلاطون نقلا عن صولون ولم يرد على لسان هذا الأخير نفسه؟

أ‌) الحضارة المصرية كانت كاملة منذ البداية و كأنها أخذت عن من طورها حتى صارت ما هي عليه. الرد:

1. الحجة في هذا القول أن المؤمنين بهذه الأسطورة يعرفون تماما متي بدأت حضارة مصر الفرعونية. و لكن حقيقة لا يوجد دليل واحد يساند نظريتهم في تحديد هذا التاريخ. فضلا عن أنه لا يمكن لأحد أن يصدق أن ذكر "المرة الأولى" في متون يوناس (المعروفة بمتون الأهرام) كانت تعنى بداية الحضارة المصرية. فالمرة الأولى إنما هي للدلاله على حدث مميز أخذ وقتا قصيرا ليتم. فكيف للمرء أذن أن يعقل أن حضارة ما من الممكن أن تستورد أو أن تبدأ بمجرد ضغطة على أحد الأزرار.

2. إذا درس أحدهم أساسيات طريقة التفكير المصري القديم فسوف يجد ما يدهشه من بساطة ووضوح ومنطقية وترابط هذا التفكير. (وهذا ما جعل تفكيرهم يتسم بالقوة. في هذا الصدد راجع كتابنا Egyptian cosmology – The complete harmony ) بينما طريقة تفكيرنا نحن في هذه الأيام ملتوية وغير متناسقة.

ب‌) هناك الكثير من التشابه بين الحضارات القديمة مما يدلل على أنهم جميعا استقوا من نبع واحد. الرد:

1. الحقيقة ، أن هناك من الاختلافات ما يفوق بمراحل التشابهات. وإذا حاول المؤمنون بأسطورة أطلنطس تقرير نسبة التشابه مقارنة بنسبة الاختلافات، بطريقة موضوعية، فسوف تكون النتيجة تقريبا لا شئ.

2. كما أن كل الأجناس البشرية والحضارات المختلفة تربطهم صفة مشتركة لا يمكن تجاهلها، ألا وهي الإنسانية. و التي تجعلهم مشتركين في بعض الأشياء الغريزية حتما. و لا يعقل بالتالي أن ستشهد أحدهم بهذه المتشابهات الغريزية ليصنع منها أطلنطس الأسطورة.

3. كما أن مصر، في هذا الوقت ، كانت الدولة الأولى في العالم، كما هو الشأن بالنسبة للولايات المتحدة الآن، وليس غريبا أن تقتدي بها الدول والحضارات الأخرى وأن يأخذوا عنها الكثير. وبالتالي لا يمكن الاستناد علي هذه المتشابهات ليفترض أحدهم وجود أطلنطس الأسطورية هذه أو بأن مصر أخذت عنها حضارتها.

ج) يدعي بعض الكتاب أن الحضارة المصرية بدأت فجأة وكانت متكاملة، وبالتالي يفترضون أن هناك من أعطى المصريين" أسرار الكون" وبالطبع من يكون هذا المعطى سوى حضارة أطلنطس المفقودة والتي كانت المصدر الأساسي و الرئيسي لكل العلوم في عالمنا هذا. الرد:

1. أما عن افتراضهم بأن الحضارة المصرية قد بدأت منذ 5000 آلاف سنة، فهو افتراض مغلوط تماما. فقد أختار مانيتون، المؤرخ المصري –اليوناني، والمعاصر لأول عهد البطالمة، أن يبدأ كتابة تاريخ مصر بداَ من الفرعون مينا 3000 سنة ق.م نتيجة للثراء الشديد للموضوع، و ذلك رغم علمه بقدم الحضارة المصرية الضارب في أعماق التاريخ. ولقد تم العثور على بعض البرديات و الألواح من عهود ما قبل الأسرات ولكنها للأسف لم تكن كاملة بسبب عوامل الزمن و عمرها السحيق ، وهذا يثبت أن الحضارة المصرية لم تأتي من لاشيء .

2. حروف اللغة الهيروغليفية تعكس بيئة المصري القديم و بالتالي لا يعقل أن يكون المصريون قد أخذوها عن آخرين. يمكنك أن تطلع على المزيد من الأدلة التي تثبت عراقة الحضارة المصرية القديمة (من 24000 إلى 36000 سنه) في الفصل الثالث عشر من كتابنا Historical Deception –The untold story of ancient Egypt) )

3. إذا حاول أحدنا تتبع تاريخ أسلافه فسوف يصل لمرحلة لا يستطيع الاستمرار بعدها نتيجة لنقص المعلومات المتاحة. ولا يعنى ذلك انه من الممكن أن يدعى أن سلسلة نسبة قد انتهت عند ذلك الحد لمجرد عجزة عن تتبعها لأكثر من ذلك . و قياسا على ذلك لا يمكن أن ندعي أن حضارة مصر القديمة قد ظهرت فجأة ولم يكن لها أية مقدمات لمجرد أن وثائقها لا تأخذنا إلى عهد أبعد من عهد الأسرات

Ala_Daboubi 01-11-05 01:44 PM

6ab shofi what u can find 3an Nina Kulagina

^RAYAHEEN^ 02-11-05 01:32 AM

(( نينا كولاجينا ))
مقدمة لا بد منها

‏ منذ بداية الوعي الإنساني وجدت ظواهر لم يستطع علم الإنسان أن يفسرها فأحالها إلى مسميات كثيرة عبر الحقب التاريخية المختلفة, لكن ‏هل خرقت هذه الظواهر قوانين الطبيعة أم امتثلت (و ما زالت تمتثل) لقوانين لم نعرفها بعد ؟ ‏

‏ شتان ما بين خرق قوانين الطبيعة و العجز عن التفسير, فخرق قوانين الطبيعة كأن يغلي الماء على درجة 58 درجة مئوية (مثلا) عند ‏سطح البحر تحت ضغط جوي معياري في ظروف مراقبة, و العجز عن التفسير كأن يرى الإنسان شيئا في منام أو يقظة و يحدث في ‏المستقبل ما يمكن أن يربط به. ‏

تعريفات ‏

الميتافيزيقيا فرع من فروع الفلسفة تدرس جوهر المعتقدات كالوجود و الكون و الخصائص و العلاقات و المكان و الزمان و غيرها الكثير, ‏لكن المشكلة في تعريف الميتافيزيقيا أنها أشارت أصلا لما كتبه أرسطوطاليس بعد كتاباته في الفيزياء, لكن العلم تغيير كثيرا بعد ذلك.‏

من أقسام الميتافيزيقيا:‏

‏1. علم الوجودOntology ‏
‏2. فلسفة الدين ‏
‏3. فلسفة العقل ‏
‏4. فلسفة الإحساس Perception ‏

الباراسيكولوجي هي فرع من فروع علم النفس تدرس الظواهر العقلية ( سواء كانت حقيقية أو مختلقة) و التي ليس لها تفسير (حاليا) في ‏العلوم التقليدية. ‏

تنقسم الباراسيكولوجي إلى فرعين ‏

الأدراك فوق الحسي
Extra-sensory perception

أمثلة: ‏

التخاطر
Telepathy

الاستبصار
Clairvoyance

المعرفة المسبقة
precognition

العمليات غير المألوفة
Anomalous operation

أمثلة: ‏

تحريك الأشياء عن بعد
Psychokinesis

الخروج من الجسد
out-of-body experiences

الاقتراب من الموت ‏
near-death experiences

التقمص
reincarnation




الباراسيكولوجي:‏

البارسيكولوجي علم مثير للجدل و البعض لا يعتبره علما من الأساس, لكن هناك ظواهر عقلية جديرة بالدراسة و البحث و كونها تخضع ‏للدراسة و البحث فهي ليست خارقة.‏

سأبدأ بالإدراك فوق الحسي ‏
Extra Sensory Perception (ESP)‎

الإدراك فوق الحسي هو القدرة على معرفة معلومات بطريقة تفوق قدرة الإنسان الطبيعي بحواسه المعروفة, قد يقول البعض هنا أن ذلك ‏هو حاسة سادسة لكن ذلك بعيد عن العلمية و عن تعريف الحاسة و عندما يصطدم العالم بشيء فوق حسي يحاول دراسته و فهمه و حتى ‏يصل لنتيجة يكتفي ب لا أدري

التخاطر ‏

التخاطر لغويا هو الإحساس عن بعد (تيلي) (باثي) ‏

في عام 1917 قام جون كوفر في جامعة ستانفورد بتجارب حول التخاطر باستخدام أوراق اللعب و كانت نتائجه جيدة حيث أن احتمالية ‏التوصل إلى نفس النتائج صدفة 1/160. لم يعتبر كوفر أن لنتائجه معنى علمي.‏

لكن التجربة الأشهر كانت في عام 1927 في جامعة ديوك حيث تم تصميم أوراق لعب خاصة و تمت التجربة على أشخاص عاديين ‏

جاء تعريف التخاطر بمفهومه الحاضر على يد مايرز في عام 1882 عندما عرفه بانه اتصال شعوري بين عقل وآخر باستقلال عن الحواس. و لهذا الاتصال أشكال عدة منها ما هو أثناء النوم لكنها كلها تتفق في وصول ما يفكر فيه شخص لعقل شخص آخر. و من أهم أشكاله (في التجريب) و أبسطهاالتخاطر المتعمد و ذلك بأن يتعمد شخص ارسال فكرة في ذهنه لشخص آخر متلقي.
أجريت تجارب كثيرة على التخاطر (المتعمد بشكل خاص) و بصراحة لم يتم التوصل لنتائج قاطعة تُنظّر لهذه الظاهرة و في الوقت نفسه لم تستطع النتائج نفي التخاطر.
أشارت نتائج تجارب التخاطر المتعمد إلى أن العملية لا يمكن أن تتم بدون استعداد كامل من المتلقي كما أشارت لتفاوت بين الناس على القدرة على إرسال إشارات ذهنية عن بعد لكن التحليل الإحصائي للنتائج لا ينفي أو يثبت شيء ففي معظم التجارب كانت النتائج تتخطى النسب العشوائية لمعرفة مضمون الإشارة الذهنية لكنها لا تتخطاها بكثير فمعرفة تسلسل رقم من مجموعة من خمسة أرقام حسب ترتيب معين (مثلا) كانت 30% بمساعدة تخاطريا بدلا عن 20% عشوائيا أما معرفة التسلسل كاملا كانت نسبه أقل من ذلك بكثير.

قد تكون بيانات التجارب الجامدة سببا في النتائج الضعيفة و التي لا يدخل فيها عامل اللاوعي. التخاطر بالتأكيد ظاهرة ستبقى للدراسة طويلا, و التخاطر المتعمد (هذا الشكل البسيط للظاهرة) هو المفتاح الذي يأمل العلماء من خلاله حل ألغاز التخاطر أو نفيه تماما متسائلين: هل التخاطر تخاطر.
تحريك الأشياء عن بعد Psychokinesis أو ‏Telekinesis

أو تحريك الأشياء بقوة العقل, فهل للعقل المتجرد عن حواسه قدرات مادية, هل تستطيع بالتفكير أن تحني ملعقة, و هل يؤثر العقل على ‏رمي النرد, تساؤلات كثيرة بين الوهم و الحقيقة ! هل تنحي الملعقة فعلا أم أن صورتها تنحني في مخيلتنا لتأثيرات نفسية.‏
أشياء ! أشياء وصف غير دقيق علميا, قهناك أشياء كبيرة و أشياء صغيرة و أشياء مجهرية, و هنا تركزت بعض دراسات ال ‏‏"السايكوكاينسس" و التي اتخذت اسم ‏Micro-PK‏‏ أو Micro Psychokineses

عمليا لا تختلف ال Micro-PK عن ال Macro-PK لكنها أضافت نكهة الميكانيكا الكمية ‏
‏ من أشهر حالات ال Psychokineses الروسية نينا كولاجينا و التي تمت دراستها عن طريق علماء سوفيت و تم التحقق من صحة قدرتها علميا, كانت تصل ‏نبضات قلب نينا إلى 240 نبضة / دقيقية و كانت تصل مستويات السكر في دمها إلى مستويات قياسية كما كانت تخسر 3 باوندات من ‏وزنها بعد بعض التجارب مما جعل العلماء يباعدون بين التجربة و الأخرى لضمان تعافيها من التجربة الأخيرة.‏

‏ من الجدير ذكره أنه اتيح لعلماء أمريكيين اختبار قدرات نينا ‏
هل لتفكيرنا القدرة على التأثير على أجسام ذرية ؟ هل تحكم الميكانيكا الكمية عقولنا ؟! لقد ابتعد البعض كثيرا في شطحات تخيلية راسمين ‏مجالات للتفكير و علاقاتها المغناطيسية و ما إلى ذلك من تأليف لا يستند لشيء من الواقع.‏

لكن هناك شيء وحيد معلوم حتى الآن و هو أن التفكير يستهلك طاقة و ثبت أن هذه الطاقة تؤثر في الأجسام الذرية لا يوجد إلى الآن كيف ‏و لماذا لكن يوجد نتائج تجريبية بحاجة لتفسير.‏
لحدوث حالة تليباثى مثالية.. يجب أن يكون المرسل والمستقبل فى حالة مزاجية معينة
الراسل: (الأدرينيرجيك)
لابد أن يكون فى حالة خطر.. فزع.. رعب.. توتر.. قلق.. خوف.. أثناء البث العقلى

يقول علماء الباراسيكولوجى أنه لإرسال البث العقلى علاقة وطيدة بإفراز "الأدرينالين" الذى يفرز فى مثل هذه الحالات..
لذا يدعون هذه الحالة "حالة أدرينيرجيا"
المستقبل: (الكولينيرجيك)
لابد أن يكون على النقيض تماماً..

هادئ.. مسترخى.. مستريح.. غير قلق.. فى حالة سلام داخلى
وما يقوله علماء الباراسيكولوجى هنا.. أنه لإستقبال البث العقلى علاقة وطيدة بإفراز "الكولين استراز" الذى يفرز فى مثل هذه الحالات..
لذا يدعون هذه الحالة "حالة كولينيرجيا"
من أشهر الحوادث بهذا الصدد حادثة مشهورة للمذيع المعروف بإذاعة مدينة شارلوت "هيوارد ويلار" وصديقه "جون فندربيرك" والحادثة بتاريخ 10 يونيو 1962 فى مدينة "شارلوت" الأمريكية

سأترككم مع أ. نبيل فاروق وهو يشرح بأسلوبه المثير فى دراسة علمية نشرها بسلسلة "كوكتيل"


في تلك الليلة كان "هيوارد" قد أنتهى من عمله في الاذاعة وعاد إلى منزله في منتصف الليل كعادته..
تناول طعام العشاء.. واستعد للذهاب إلى فراشه..
نفس الروتين اليومي الذي أعتاده منذ عشر سنوات..

فجأة تجمد "هيوارد" في مكانه..
تحكى زوجته أنه للحظة بدا لها أشبه بتمثال من الشمع لرجل مذعور اتسعت عيناه وانفغر فاه..
والتفت "هيوارد" فجأة إلى زوجته بات وقال في توتر:
- أسمعت الصوت

سألته زوجته في قلق:
- أي صوت

قال في حيرة :
- صوت إرتطام السيارة ....هناك حادثة سير

رددت في قلق أكثر :
- حادثة سير إنني لم أسمع شيئا

خيل لها انه حتى لم يسمعها وهو يندفع نحو حجرته قائلا :
- سأستطلع الامر وأعود إليك على الفور..


هوى قلبها بين قدميها عندما رأته يرتدي ثيابه على عجل ويسرع إلى حيث سيارته.. وتساءلت في هلع عما أصاب زوجها هل جن أم ماذا!
هل فقد عقله مع شدة إنهماكه في العمل؟
وفكرت في الاتصال بطبيبهما الخاص خشية ان تكون حالة "هيوارد" خطرة..

لكن "هيوارد" لم يمهلها الوقت لهذا فقد انطلق بسيارته قبل حتى أن تتخذ قرارها..

وبالنسبة اليه كان الامر اكثر حيرة..

لقد سمع صوت إصطدام السيارة في وضوح ولكنه لم يجد سيارة واحدة تتحرك عندما غادر المنزل..

وهو واثق مما سمع..

وعندما أدار محرك سيارته لم يكن يدري بعد إلى أين يتجه..

ولان منزله يقع عند نقطة تتفرع منها عدة طرق فقد كان عليه أن يتخذ قراره بإختيار الطريق الصحيح الذي يتخذه ليصل إلى منطقة التصادم (هذا لو انه هناك تصادم)

وبلا تردد وبثقة لم يدري من أين حصل عليها.. انطلق مباشرة في شارع "بارك" وعندما بلغ تقاطع "وودلون" انحرف يمينا ليهبط التل في ثقة وكأنه يعلم مسبقا إلى أين يتجه..

وعندما بلغ موقع تجمع مراكب صيد الجمبري وجد نفسه يتخذ طريق "مونتفورد درايف" بنفس الثقة العجيبة الغير معلومة السبب..

وقطع "هيوارد" 60 مترا فحسب في طريق "مونتفورد" ثم وجد نفسه يتوقف فجأة..

هنا..

في هذه النقطة بالذات وحيث لايوجد أي شيء محدود.. كان يشعر بضرورة الخروج عن الطريق الرئيسي..
ومجنون هو من يفعل هذا في الواحدة صباحا..

"هيوارد" العاقل يعلم هذا..
ولكن "هيوارد" الذي يقود السيارة لم يمكنه مقاومة هذه الرغبة..

انحرف يمينا وخرج عن الطريق..
اتجه مباشرة نحو شجرة ضخمة ترتفع وسط طريق رملي يمتد الى مالا نهاية..

وهناك..

رأى السيارة..

راها فجأة على ضوء مصباح سيارته.. فضغط مكابح السيارة في قوة وتأمل مشهد الحادث..

سيارة أرتطمت مقدمتها بعامود معدني على مقربة من جذع الشجرة..
وانتزعت الضربة محركها ودفعته إلى حيث مقعدها الامامي من شدة الاصطدام وعنف الصدمة..


غادر هيوارد سيارته واسرع نحو السيارة المصابة..

لم ير احداً داخلها.. لكنه سمع من داخلها صوتا ضعيفا واهنا يقول :
- النجدة يا "هامبي" أنقذني..

وقفز قلب هيوارد بين ضلوعه في هلع وانقض على السيارة وراح يفحص حطامها وهو يهتف:
- أنا هنا يا "جو" سأنقذك ياصديقي..

وأخيراً..
عثر "هيوارد" على صديق عمره "جون فندربيرك" محشورا وسط الحطام والدماء تنزف منه في غزارة..

وحمل هيوارد صديق عمره إلى سيارته وانطلق به الى اقرب مستشفى حيث اجريت له جراحة عاجلة تمكن خلالها الاطباء من إنقاذ حياته بمعجزة..



يقول الجراح د."فيليب أرني" الذي اجرى العملية لـ"جون" انه لو تأخر "هيوارد" عن إنقاذ صديقه ربع ساعة اخرى للقى "جون" مصرعه وسط الحطام دون ان يشعر به مخلوق واحد..


وهذا صحيح فالتقرير الذي نشرته جريدة "شارلوت نيوز" عن هذا الحادث يقول انه وعلى الرغم من ان طريق "مونتفورد درايف" هذا طريق شديد الحيوية.. الا ان احدا لم يمر به منذ وقع الحادث وحتى مرور 45 دقيقة من انقاذ هيوارد لصديقه

والعجيب ان "هيوارد" قد سمع صوت الحادث على بعد عشرة كيلومترات في نفس اللحظة التي اصطدمت فيها سيارة "جون" بالعامود..
وقد اثبت البحث انه لم يقع أي حادث مماثل في دائرة قطرها 50 كيلومترا من منزل "هيوارد"


بسؤال جون قال:
- ان اول مافكر فيه عندما ارتطمت سيارته هو صديق عمره "هامبي"
وهو اسم الدلع الذي يخاطب به "هيوارد" منذ طفولتهما
بعض الشرح للحادثة السابقة


هيوارد" هنا.. قد تلقى رسالة عقلية من صديقه "جون" بواسطة "التليباثى..

الظروف التي تم فيها إرسال وإستقبال هذه الرسالة ظروف مثالية..

فعندما حدث التصادم كان جون في حالة "ادرينالجيا" لأنه مقدم على الموت فى طريق مهجور..

في حين كان "هيوارد" فى حالة "كولينيرجيا" لأنه يهم بالنوم..

والعلاقة بينهما حميمية جداً لدرجة أن "جون" يفكر فى "هيوارد" فى الدقائق ما قبل الموت..

^RAYAHEEN^ 03-11-05 05:28 AM

‏-2-‏
قال ( كولبي ) :‏
‏-‏ ‏" كنت اتوقع الا اجدك في دارك .. كان هذا ليطمئنني .. لكن ‏الكابوس الحقيقي ان تكون موجودا وتتجاهل الهاتف ، أو موجودا ‏وانا قد تأخرت كثيرا .."‏
كنا جالسين في كافتيريا صغيرة نرشف القهوة .. ( كولبي ) لا يشربها ‏لانها تسبب إدرارا للبول .. في الواقع هو لم يعد يشرب أي شي على ‏الإطلاق ..‏
نظر حوله في نهم .. فناديت النادل وسألته عن مكان الحمام هنا ، ثم ‏اشرت لـ ( كولبي ) إلى الاتجاه فقال في شيء من حرج :‏
‏-" معذرة .. أنت تعرف مشكلة البروستاتا .. إنني .." ‏
‏" أعرف .. أعرف .. فقط أسرع .."‏
هكذا توارى ورحت انا احملق في سطح القهوة الرقراق في القدح ..‏
‏*** ‏
لم انتظر كثيرا عندما اتصل بي ..‏
كنت اعرف ان هناك شيئا غير طبيعي يحدث في غرفة النوم .. الضوضاء ‏غير معقولة .. وكان عندي من الأسباب ما يجعلني اتوقع كارثة ..‏
لهذا لم اضيع الوقت في التساؤل ، ولم اهرع الى غرفة النوم لأرى ما ‏هنالك ..‏
أنا لا اؤمن بقدرات خاصة لدى ( كولبي ) ، لكني لا آخذ ما يقول ‏باستخفاف كبير .. إنه لا يكتب الشعر لكنه يقضي حياته مع الشعراء .. إنه ‏لا يستطيع ان يقلي بيضة لكنه يحفظ كل وصفات الطهي في العالم .. ليس ‏وسيطا لكنه يعرف ألف وسيط .. وفي كل هذا يزعم انه شاعر / طاه / ‏وسيط بارع ..‏
لهذا لم اضيع الوقت كما قتل وفتحت باب الشقة ، وسرعان ما كنت على ‏الدرج .. لحسن الحظ أنني كنت ارتدي ثيابا تصلح للخروج وليس منامة .. ‏إن ثيابي كانت كلها في غرفة النوم !‏
كانت فرصة موتي متاحة في اللحظات التي نزلت فيها لأن السلم كان خاليا ‏، لكني في النهاية وجدت نفسي في الشارع . ليس مزدحما لكنه ليس ‏مقفرا .. وسريعان ما وجدت نفسي وسط زحام القاهرة الباعث للطمأنينة ‏‏.. حتى لو اراد هذا الشيء ان يتبعني فلن يستطيع اختراق هذا الزحام .. .. ‏حتى الأشباح لا تستطيع ان تفعل ذلك ..‏
كان قلبي الآن يخفق بعنف ، واحتجت الى وقت لا بأس به كي استعيد ‏روعي .. دخلت إحدى الصيدليات وابتعت علبة نترات بما وجدت في جيب ‏من مال ، وجلست على مقعد هناك ، ودسست قرصا تحت لساني بينما ‏الصيدلي يرمقني في دهشة .. ثم طلبت كوب ماء ..‏
هكذا صار من الممكن انعيش بضع دقائق اخرى .. ‏
ماذا اتى بـ ( كولبي ) وما دوره هنا ؟ ماذا اتى به كل هذه المسافة ودون ‏إنذار ؟ ليست الولايات المتحدة هي ( الدلجمون ) لو كنت تفهم قصدي ..‏
ثم كيف أجده ؟ لا شيء يربطنا إلا رقم هاتف بيتي . .لاحظ ان الهاتف ‏المحمول لم يخترع بعد ..‏
بعد تفكير طويل وجدت ان الحل الوحيد هو ان اعود الى البيت .. لن اكون ‏وحدي هذه المرة ولسوف أراهن على ان هذا الشيء لن يهاجمني حتى لو ‏كان معي واحد فقط .. انا اعتقد ان ( كولبي ) سيعاود الاتصال لمعرفة ما ‏حدث .. لا يوجد لديه سبيل آخر ..‏
من هذا البائس الذي سأرغمه على قضاء اليل معي ؟
‏( عزت ) طبعا .. هل لديك اقتراح آخر ؟ ‏
هكذا عدت الى البناية .. كانت المجازفة كبيرة لأنني قد اقابل هذا الشيء ‏على الدرج .. لكني رحت اردد آية الكرسي محاولا ان احتفظ برباطة ‏جأشي .. لحسن الحظ كان البواب نازلا من السطح الذي استولى عليه ‏بوضع اليد ليقيم مشاريع غامضة .. هكذا رحت اتبادل معه حديثا سخيفا ‏عن ( الأشياء التي كانت كذلك ثم لم تعد كذلك ) وانا اقرع باب ( عزت ) ‏بإصرار .. ‏
أخيرا فتح الفتى الباب فرآني .. ولا بد ان قلبه سقط في قدميه لانه يعرف ‏ملامح وجهي ويعرف الطريقة التي أدق بها الباب عندما ..‏
قلت له في برود :‏
‏-‏ ‏" هلم .. ستمضي الليل عندي . "
‏" هل لي ان اعرف السبب ؟ ‏
قلت وانا اتجه لفتح بابي : ‏
‏-‏ ‏" هذا موضوع يطول .. لكنك تعرف نوعية مشاكلي .."‏
كان قد تعلم ان الاستسلام هو خير سياسة معي .. هكذا اغلق شقته ‏واتجه معي وهو لم يبدل منامته بعد ، فجلس في الصالة .. تركته هناك ‏واختلست نظرة داخل غرفة النوم .. لا يوجد شيء مريب .. خزانة ‏الثياب مغلقة وكنت اتوقع ان يتم تفتيشها بعناية ..‏
جلست معه في الصالة أحدثه عن ( الأشياء التي كانت كذلك ثم لم تعد ‏كذلك ) .. وهو يهز رأسه في اتعاظ ونعاس .. لسان حاله يقول : يا ‏سلام .. فعلا .. كل الأشياء كانت كذلك ثم لم تعد كذلك ..‏
فجأة دق جرس الهاتف فهرعت ارد .. حدث ما توقعته ..‏
جاء صوت ( كولبي ) يسأل :‏
‏-‏ ‏" إذن انت قد عدت .. ارجو الا يكون شيء مخيف قد حدث .."‏
‏-‏ ‏" لم يحدث شيء .. لكن من اين تتكلم ؟"‏
‏-‏ ‏" ما زلت في المطار .. تحرك ولا تخف لان الخطر زال .."‏
ووصف لي مكانه بعناية .. هكذا ارتديت ثيابا مناسبة اكثر واتجهت الى ‏الباب امام نظرات ( عزت ) المرتابة المرتاعة .. قلت له بفتور وانا ‏اغادر الشقة :‏
‏-" معذرة .. ثمة موعد مهم .. لن استطيع البقاء معك .. استمتع بوقتك ‏‏.. سلام .." ‏
إن بعض الناس يفتقرون الى اللياقة بشكل ملحوظ .. ما الذي يبقيه في ‏شقتي وهو يرى انني مشغول ؟ ‏
‏*** ‏
يعود ( كولبي ) من الحمام هو غارق في الماء كعادته .. لا يمكن ان ‏يدخل الحمام من دون ان ينفجر صنبور الماء في وجهه ..‏
جلس في المقعد المجاور لي .. ثم عبث في جيوبه حتى اخرج ثلاث ‏صفحات مجعدة متسخة وناولها لي .. سألته في عدم فهم :‏
‏-‏ ‏" ما هذا ؟ " ‏
قال باسما بوجه الطفولي الشبيه بوجوه دمى الأطفال : ‏
‏-‏ ‏" باقي الكتاب ! إن الكتاب الذي معك ليس كاملا !"‏
نظرت للصفحات فوجدت انها مكتوبة بالعبرية .. لكن لها ذات الطابع ( ‏العفاريتي ) المميز لكل ما وجدته من ذلك الكتاب .. واضح انها آخر ‏ثلاث صفحات لأنني لم اقابل أية فجوات في تتابع الأرقام من قبل ..‏
نظرت له في حيرة فقال :‏
‏-‏ ‏" عندما يصير الكتاب كاملا تصير انت في أمان .. لا احد يهاجم من ‏يملك النسخة الكاملة .."‏
‏-‏ ‏" وهذا يعني ؟"‏
‏-‏ ‏" يعني ما فهمته .." ‏
نظرت له من جديد وكدت أدس الاوراق في جيبي ، لكنه انتزعها مني ‏وأعادها لجيبه بابتسامة من طراز ( ليس بهذه السهولة ) .. دنوت منه ‏أكثر وسألته : ‏
‏-" ماذا اتى بك هنا ؟ "‏
عبث في جيوب معطفه .. كالعادة أخرج عشرات المفاتيح والأوراق ‏وأرجل الأرانب وحدوات الحصان .. قلت من قبل إن ( الدهولة ) لو ‏صار لا اسم لكان ( سام كولبي ) .. إنه من القلائل الذين أشعر امامه ‏بأنني وسيم جدا أنيق جدا مرتب جدا واثق جدا ..‏
في النهاية وجد ما يبحث عنه .. خطاب عليه طابع مصري كتب عليه ‏اسمه وعنوانه ..‏
‏-‏ ‏" انت اخبرت هذا الفتى بعنواني كي يتصل بي .."‏
‏-‏ ‏" تتحدث عن ( فايز ) .. ( فايز قطب ) .."
‏- " نعم .. نعم .. الصحفي .."‏
‏-‏ ‏" الصحفي الذي مات .."
بدا كأنما هو لم يسمع الخبر بعد ، لكنه لم يندهش كثيرا .. قال لي ‏وهو يعيد محتويات جيوبه الى مكانها بلا نظام : ‏
‏-‏ ‏- " لن اندهش من هذا .. إن من يلعب بالنار لا بد ان يتوقع ان ‏يحترق بها .. قليل هم الذين اهتموا بما اهتم به ، وقليل من عاش ‏منهم ليحكي .."‏
‏-‏ ‏" ماذا قال لك بالضبط؟"‏
نظر ( كولبي ) حوله في حذر ، ثم قال : ‏
‏-‏ ‏" قال الفتى إن عنده جزءا من كتاب ( نيكرونوميكون ) .. وإنه ‏بحاجة الى من يفسره له لأنه كتب بالعبرية .. سألني كذلك عن ‏نسخة كتاب ( إينوخ ) ترجمة ( دي ) .. كان يريد معرفة تفاصيل ‏عن العشرين شيطانا .. أنت تعرف هذه الأمور " ‏
‏-‏ ‏" لا .. أنا لا اعرف هذه الأمور .."‏
‏-‏ ‏" ستعرفها حتما .. لكن لمصلحتك الخاصة لا تحاول استباق شيء ‏‏.. طبعا لم ارد على خطاب الفتى .. لا احد يجيب عن أسئلة من هذا ‏النوع .. إن كتاب ( إينوخ ) موجود ويستعمله سحرة كثيرون ، لكنه ‏ليس من الأشياء التي ترسلها بالبريد لفتى متحمس .. هذا كما ‏تعرف .. " ‏
ثم تقلص وجهه . فحسبته أصيب بنوبة قلبية .. لكنه هب واقفا : ‏
‏-‏ ‏" معذرة . .الحمام .. إنها البروستاتا كما تعلم .."‏
تنهدت في ضيق .. من أين يأتي الرجل بكل هذه السوائل هو الذي لم ‏يشرب كوب ماء منذ قابلته ؟ ‏
بعد عشر دقائق عاد غارقا في الماء .. لقد جف لتوه ثم عاد يبتل ثانية ‏‏..‏
جلس وأردف : ‏
‏-‏ ‏" عم كنت أتكلم ؟ عن البروستاتا .. "‏
‏-‏ ‏" بل عن كتاب ( إينوخ) .."‏
حك شعره عدة مرات وقال : ‏
‏-‏ ‏" آه .. الكتاب .. لقد فهمت من خطاب الفتى ان كتاب ( ‏نيكرونوميكون ) يجري تجميعه في مصر تحت إشراف أستاذ تاريخ ‏‏.. فجأة ولسبب لا اعرفه صار كل سحرة ( نيويورك ) على علم بهذا ‏‏.. إن امتلاك هذا الكتاب حلم كل منهم .. وانا لا اختلف عنهم في هذا ‏‏.. هكذا قررت ان آتي الى مصر وأحاول الحصول على الكتاب كاملا ‏‏.. إنه مشروع عمري بلا زيادة ولا نقصان .. وفي ليلة السفر ‏استدعاني ( موسفاديم ) العظيم .. إنه امريكي اسود من الخبراء في ‏مهنتنا وله اتباع عديدون في القبو الذي يعيش فيه في ( بروكلين ) ‏‏.. وأعطاني هذه القلادة " ‏
ومد يده في جيبه وأخرج قلادة عتيقة .. لا اعتقد انها ثمينة لكن يتدلى ‏منها حجر أملس غريب الشكل ..‏
أردف ( كولبي ) :‏
‏-‏ ‏" قال لي ( موسفاديم ) إن الكتاب الآن صار شبه كامل .. وهو ‏بحوزة طبيب كهل نحيل اصلع يعيش وحده وأعرفه جيدا .. قال لي ‏إن هذا الكهل لا يعرف مدى الخطر الذي يتعرض له .. قال لي ان ‏علي ان اتصل به وأحذره .. هذه القلادة تتوهج عندما يتحرك أحد ‏الشياطين العشرين للقتل .. أعطاني هذه الصفحات وقال إنها تكمل ‏الكتاب .. وإن الكتاب إذا اكتمل يعطي صاحبه نوعا من الحصانة ، ‏إن الشياطين التي تلاحقك لن تجرؤ وقتها على ذلك "‏
‏-‏ ‏- " يا سلام ! لم اعرف ان سحرة نيويورك مهتمون بصحتي الى ‏هذا الحد .." ‏
‏-‏ ‏" بل هي المنفعة .. يخشون من ان تهلك فيهلك سر الكتاب معك .. ‏لا احد يعرف اين تضعه"‏
‏-‏ ‏" منطقي .. أصدق تلك التفسيرات التي تضع البراجماتية ‏pragmatism ‎‏ في حسبانها .. "
‏- " طبعا لم أجد صعوبة في معرفة من هو لك الكهل الصلع النحيل ‏، خاصة ان الفتى راسلني عن طريقك .. وعندما هبطت الطائرة ‏وانهيت إجراءات الحقائب ، نظرت الى القلادة فوجدتها تتوهج بلا ‏انقطاع .. عندها عرفت ان الخطر يتحرش بك في هذه اللحظة .. ‏اتصلت بك وطلبت منك الا تبقى وحيدا .."‏
‏-‏ ‏" ومن اخبرك ان الخطر في غرفة نومي ؟ "‏
ابتسم في خجل وقال وهو يجفف عرقه : ‏
‏" كان هذا مجرد تخمين لا اكثر .."‏
ابتسمت بدوري .. الآن القصة منطقية نوعا .. من جديد ملت عليه أسأله :‏
‏-‏ ‏" ولماذا لا تترك لي الأوراق التي تكمل الكتاب ؟ "‏
قال ضاحكا : ‏
‏-
‏" إنها صفقة . . لديك كتاب ناقص لا يهمك في شيء ويجلب على ‏رأسك أخطارا لا حصر لها . لهذا اريده أنا . لو تركت لك الأوراق ‏الناقصة لأمكنك أن تحتفظ به للأبد . وهذا ما لا أريده .." ‏
ثم قال بلهجة أقرب التوسل :‏
‏-‏ ‏" بالفعل هذا الكتاب لا يمثل لك شيئا بينما هو لنا مفتاح الكون ذاته ‏‏.. أرجوك ان تعطيني إياه !"‏
نظرت له قليلا .. ورحت أفكر فيما يجب ان اقول .. ثم قلت بصوت ‏مخنوق : ‏
‏-‏ ‏" بالفعل لا أريده على الإطلاق .. إنه كابوس .."‏
‏-‏ ‏" هذا ما احاول إقناعك به .."‏
وبدت لي الصفقة عادلة .. سلامتي وراحة بالي مقابل كتاب خطر لا ‏أرى له نفعا ..‏
لن افكر مرتين ..‏
‏***‏

SANTOS 03-11-05 09:26 AM

شكرا اختى رياحين على الموضوع والقصص الرائعة

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:50 PM

Snatos
تسلملي على مرورك
تقبل مني فائق التحية ،،،

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:52 PM


‏-3- ‏
جاءني عم ( شوقي ) مساعد الشرطة بمجموعة من الاوراق .. كالعادة ‏‏.. وفكر فيما إذا كان عليه ان يموت على بابي ، ثم عدل عن هذا .. ‏ارجو ان يستمر تهذيبه الى الأبد .. ‏
كانت الاوراق في مظروف .. وقد اغلق المظروف على طريقة أحراز ‏الشرطة الشهيرة ، وبداخله وجدت ورقة بخط ( عادل ) تقول : ‏
الدكتور ( رفعت ) :‏
هذه الاوراق تخص الدكتور ( يوسف .. أبو الحسن ) رحمه الله .. لقد ‏ترك هذا المظروف لدى صديق له على ان يفتح في حاله اختفائه . يبدو ‏ان الصديق تردد فترة طويلة ثم استجمع شجاعته وقرأ الخطاب .. ‏وكان اول ما فيه هو طلب ان يبلغ الشرطة بمحتوى الأوراق . سوف ‏تجد في الاوراق أشياء تهمك كثيرا ويهمني أكثر رأيك فيها . للعلم ‏واتخاذ اللازم ..‏
عميد ( عادل توفيق ) ‏
اندهشت لصيغة الخطاب الرسمية ثم إنهائه بعبارة باردة تقريرية مثل ( ‏للعلم واتخاذ اللازم ) ، لكي قدرت انها طبيعة الحذر .. ربما فتح ‏المظروف لسبب ما ، فلا يجب ان يبدو العميد ( عادل توفيق ) أقل من ‏عميد في أية لحظة . ‏
على أنني على مدى الساعتين التاليتين قضيت أغرب ربما اسود ‏ساعات حياتي وأنا اقرأ قصة ( يوسف ) .. مع كتاب ( نيكرونوميكون ‏‏) ، استاذه غريب الاطوار ( مختار ) ..‏
غريب الاطوار ؟ هذا اقل شيء تصف به شخصا يلعق عينيه بلسانه .. ‏وبدأت القصة تتضح أكثر ..‏
إن القصة متعددة الرواة ‏Polyphonic ‎‏ وهو أسلوب اتبعه كثيرا ‏تعطيك وجهات نظر مختلفة .. العميان الذين يتحسسون فيلا فيقول ‏الأول : الفيل خرطوم طويل ، ويقول الثاني : الفيل مروحة ، ويقول ‏ثالث ، الفيل أربعة أعمدة .. فقط حينما تحشد رواياتهم تدرك أنك ترى ‏فيلا أمامك .. وقد ساعدت هذه المذكرات مع مذكرات د. ( زكي ) مع ‏معلوماتي عن القصة .. مع ما يعرفه ( كولبي ) .. على جعلي اكون ‏صورة شبه كاملة للحدث ..‏
على ان الاحداث انتهت بالنسبة لي .. لم تعد ثمة قوة دفع أخرى .. ‏أربعة كلفوا بمهمة رهيبة ودفعوا حياتهم ثمنا لها ، ومن الواضح ان ‏حوادث القتل انتهت عند هذا الحد .. ( كولبي ) سيأخذ كتابه الرهيب ‏ويعود السلام الى الربوع وتغرد العصافير و .....‏
تغرد ؟ ‏
لا .. إنها تصدر شخيرا .. تغط في نومها ..‏
لو كان ( كولبي ) يعاني شيئا بالاضافة الى البروستاتا فهي اللحمية .. ‏إنه يصدر صوتا يذكرك بأتوبيس الأرياف الذي لم يدخل ورشة الصيانة ‏منذ عشرين عاما ..‏
الاهم ان هذا الرجل لا يفعل شيئا إلا النوم .. إنه ينام كطفل رضيع .. لم ‏ار ساحرا بهذا الكسل في يحياتي . اعتقد انه امتهن السحر لانه يتيح ‏له الا يفعل شيئا على الاطلاق .. نسيت ان اقول انه يقضي اكثر وقت ‏يقظته في الحمام لانها البروستاتا كما تعلمون ، حتى صار دخولي ‏الحمام معجزة .. دعك من انه يأكل كالتماسيح الصغيرة حتى قدرت ان ‏خراب بيتي قريب ..‏
نعم ( كولبي ) هنا .. الم اخبرك بهذا ؟ ‏
هذا منطقي .. هو لا يريد التخلي عن الصفحات التي معه وانا لا اريد ‏ان ابقى وحيدا مع الكتاب فينتزع قلبي من الضلوع .. صفقة هي نوع ‏من التكافل الحيوي ‏symbiosis ‎‏ كذلك الطائر الذي ينزع الحشرات ‏عن جلد الخرتيت ويحميه الخرتيت من الأعداء ..‏
نعم .. ( كولبي ) خرتيت .. هذا حق .. لكن لا يوجد حل آخر ..‏
هناك حل هو ان اعطيه الكتاب وأضعه في اول طائرة ، لكن ( عادل ) ‏حينما عرف مغامرتي الصغيرة لم يسمح لي بذلك .. قال لي إنني ‏سأغير رايي بالتأكيد بعد ما أقرأ مذكرات ( يوسف ) ..‏
قال لي في غيظ على الهاتف :‏
‏-" نحن لا نمزح هنا .. هناك جرائم قتل وقاتل لم يضبط قط .. انت ‏تحدثني عن كتاب وهراء مماثل .. إذن دع هذا الخبير ينتظر معنا الى ‏ان نفهم كل شيء .. لا تقل لي إن الكتاب أنهى مهمته وساد السلام .. ‏هذا كلام فارغ لن اضعه في أي تقرير .."‏
هكذا قررت ان استبقي هذا ( الخبير ) الى ان اعرف ما في مذكرات ( ‏يوسف .. هذا ..‏
أخيرا نجحت في إيقاظ (كولبي ) فجلس في الفراش فراشي يحك بطنه ‏، لابسا منامته المزركشة التي لو رأيتها على طفل في الثالثة من عمره ‏لاتهمته بالابتذال .. ثم سألني :‏
‏-‏ ‏" هل من شيء يؤكل ؟ " :‏
قلت في عصبية : ‏
‏-‏ ‏" ثمة شيء يسمع .. هذه المذكرات .."‏
وجلست امامه احكي له ترجمة امينة لما قرأت في مذكرات الباحث ‏الشاب .. راح يصغي وتعبيرات وجهه الطفولي تزداد غباء .. ذهب الى ‏الحمام مرتين لانها البروستاتا كما تعلمون ، ثم عاد يصغي بانتباه ..‏
في النهاية قال لي :‏
‏-‏ ‏" الأمر واضح .. لقد استشار الفتى الشخص الخطأ .. إن استاذه ‏كان واحدا من العشرين شيطانا .. إنها صدفة غريبة لو اردت ان ‏تعتقد هذا ، لكني اميل الى الظن ان الفتى وجد نفسه مدفوعا لهذا .. ‏لقد وجهه كتاب النيكرونوميكون الى ما يبحث عنه " ‏
وقفت ورحت اجوب الغرفة في عصبية ، وسألته : ‏
‏-‏ ‏" معذرة على غبائي .. لكي سمعت موضوع العشرين شيطانا هذا ‏الف مرة تقريبا .. ولا علم لي بهم .. فهلا كنت اكثر تحديدا ؟ "‏
ابتلع ريقه وقال :‏
‏-‏ ‏" بلى .. انت تستحق ان تعرف .."‏
‏*** ‏
قال ( كولبي ) : ‏
‏" من المفاهيم الاساسية في كتاب ( إينوخ ‏Enoch‏ ) ان هناك ‏عشرين شيطانا جاءوا الارض ، وتزوجوا من بنات البشر فأنجبوا ‏ذرية مخيفة .. افراد الذرية كانوا متقدمين علميا وقد صنعوا اسلحة ‏متقدمة متقنة ومجوهرات عجيبة كما انهم كانوا يشربون الدم كعادة ‏محببة . من الغريب ان هذه القصة موجودة كذلك في التلمود ذاته ، ‏وانت تعرف اهمية هذا الكتاب بالنسبة لليهود.."‏
قلت له في حيرة : ‏
‏-‏ ‏" وما دخل( نيكرونوميكون ) بهذا ؟ انت تتكلم عن كتاب آخر ؟
قال باسما : ‏
‏-" من المفاهيم السائدة في كتاب ( نيكرونوميكون ) ذلك الكلام عن ‏الكيانات القديمة ‏Old ones ‎‏ .. إنه كيانات اكبر من البشر .. وراء ‏البشر .. لقداعتقد ( الحظرد ) ان اجناسا اخرى غير الانسان ورثت معه ‏هذه الأرض ، وان ما يعرفه الإنسان عرفه من كائنات مما وراء هذا ‏العالم . وآمن ـ وكان دقيقا في هذا ـ بان النجوم شموس اخرى حولها ‏كواكب اخرى . وزعم ان انه اتصل بالكيانات القديمة ‏The old ones ‎عن طريق السحر .. وكان يرى ان هؤلاء سيسيطرون على الارض في ‏النهاية محولين العالم الذي نعرفه الى خراب .. زعم انه تعلم هذا من ‏اطلال (بابل ) و ( إرم ) .. إن .."‏
وتقلص وجهه الما .. إنه االبروستاتا كما تعلمون .. ثم .. ‏
‏-‏ ‏" إن النكرونوميكون كتاب تاريخي يحكي عن الكيانات القديمة اكثر ‏منه دليلا للسحرة المبتدئين كما يظن البعض ، وهذا هو ما يجعل ‏الكتاب مخيفا .. فهو لا يعتقد باننا ملوك الكون وان الكون في ‏خدمتنا ، بل هو يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية ، بينما نحن ‏مجرد غبار معدوم الحيلة وما يبقينا احياء هو اننا اتفه من اللازم " ‏‏..‏
‏" كانت هذه هي نقطة لقاء ( نيكرونوميكون ) والتلمود و ( إينوخ ) ‏والكابالا .. وهذا هو ما جعل ( ناتان غزة ) يدرس ( العزيف ) بعمق .. ‏تعتقد هذه الكتب ان الله خلق عدة عولم قبل هذه تحللت كلها بسبب شر ‏الكيانات القديمة .. في العبرية كلمة هي ( دن ) ومعناها ( الحكم على ‏الاشياء ) .. إن الكون نفسه اعظم نموذج للدن .. ثم ياتي مفهوم ‏الكليبوث .. الكليبوث باختصار هو قشرة الشر الموجودة في العالم . ‏‏.إنها قشرة لا اكثر لكن خطايا البشر تستطيع ان تملأها .. وهنا يمارس ‏الدن تأثيرا سلبيا لأنه يفرق بين البشر وبعضهم .. و للكليبوث سبعة ‏ملوك يمثلون العوالم السبعة السابقة المدمرة .. و .. "‏
إنها البروستاتا كما تعلمون .. ثم ..‏
‏-‏ ‏" ظهر كتاب ( إينوخ ) الى العالم مترجما على يد ( دي ) ، الذي ‏زعم انه التقى بتلك الكيانات القديمة عن طريق هذا الكتاب .. قال ‏إنها كانت تستعمل شفرة غريبة ، لكنه وجد حل هذه الشفرة في الــ ‏‏( إينوخ ) واستطاع ان يتصل بها ، وقد استعمل سحرة كثيرون ذات ‏الشفرة اللغوية ووجدوها مريحة "..‏
‏" الآن يمكنك ان تفهم الكلام الذي قاله لك ذلك الصحفي الذي نسيت ‏اسمه .. لقد آمن البروفسور البريطاني بأن العشرين شيطانا موجودون ‏بيننا ، وان النهاية قريبة لان هؤلاء ينتمون الى الكيانات القديمة .. هذا ‏هو ما انطلق اربعة الباحثين يبحثون عنه .. ثم انتقلت المسئولية لتقع ‏على عاتق ذلك الأستاذ .. هل كان اسمه ( زكي ) ؟؟ نعم .. ثمة واحد ‏من هؤلاء قام بدراسة معقدة عن الموضوع .. تلك الدراسة المشفرة ‏التي لم تستطع قراءتها .."‏
قلت محتجا وانا اشعر بان رأسي ينفجر :‏
‏-‏ ‏" لحظة . انت قلت ان العشرين شيطانا تزوجوا بنات البشر .. أي ‏انهم سلالة كاملة الآن .."‏
‏-‏ ‏" واضح مما توصل اليه اصدقاؤك هؤلاء ان هذا لم يحدث .. إنهم ‏يعيشون بيننا لكنهم لم يتكاثروا .. الامر هين بالنسبة لهم .. ‏يندمجون بنا ولا يشيخون .. ثم عندما يبدأ من حولهم في التساؤل ‏يختفون .. ثم يظهرون في مكان آخر باسم آخر ويبدءون حياة ‏جديدة.. لاحظ ان كثيرين منهم ( كراولي ) نفسه اعتقدوا هذا .."‏
‏-‏ ‏" كل هذا جميل .. ولكن من هم ؟"‏
مط شفته السفلى وقال : ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف .. ربما عرف هؤلاء اقوم وربما لم يعرفوا .. ربما كانت ‏اسماؤهم موجودة في تلك الاوراق المشفرة .. قد يكون احدهم ‏محاسبا في ( وول ستريت ) .. قد يكون أحدهم عضوا في مجلس ‏وزراء ( تايوان ) .. قد يكون احدهم مليارديرا سويسريا .. المهم ‏انهم بالتأكيد اثرياء .. ان تعيش كل هذا الزمن معنه ان تكون ثريا .. ‏لا بد انهم واسعوا النفوذ .. لا بد انهم لا يبدون على حقيقتهم ‏المفزعة .. لا نعرف .. لكننا نعرف يقينا ان استاذ التاريخ الذي ‏استشاره صاحبك كان منهم .. هذا هو طرف الخيط .."‏
‏-‏ ‏" وموضوع الوحمة هذا ؟ لماذا تتبدل ؟ "‏
‏-‏ ‏" واغلب الظن انها طريقة للتمويه .. لا بد من وحمة .. هذه ‏علامتهم وربما مصدر اعتزازهم القومي .. لكن كيف تبدو ؟ ‏احتمالات لا حصر لها .. في كل يوم لها مظهر آخر .."‏
سألته : ‏
‏-‏ ‏" ولماذا مات اربعة الباحثين ؟ لماذا كتب دمهم كلمات ؟"
قال ببسمته الطفلولية التي تثير غيظي :‏
‏-‏ ‏" ماتوا لأنهم يعرفون اكثرمن اللازم .. بعبارة ادق : لان الشياطين ‏حسبوهم يعرفون اكثرمن اللازم ، وهذا هو السبب الذي جعل من ‏اقتنوا اجزاء من الكتاب قديما لا يتعرضون لما تعرض له هؤلاء .. ‏الم تر افلام العصابات المدعوة ‏Film Noir‏ إياها ؟ "‏
يقصد افلام الجريمة القاتمة القديمة ، حيث لا تعرف ان كان المخبر ام ‏المجرم اكثر إجراما ، وحيث الكل ( يعرفون اكثر من اللازم )..‏
‏-" ولماذا كتب دمهم هذه الكلمات ؟ .. لماذا اشار الى ( العزيف ) ؟"‏
حك راسه في حيرة وقال : ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف .. اعتقد انه تأثير كتاب ( نيكرونوميكون ) نفسه .. إن ‏الكتاب ينتقم لاصحابه .. يبلغ العالم انه هو السبب .."‏
قلت في غيظ : ‏
‏-‏ ‏" يا سلام ! انا لم الق كتبا واشية كثيرة من قبل ، لكن هذا الكتاب ‏يصلح مخبرا للشرطة .. ولماذ لم يكتب الكلمة مرة واحدة يريحنا ؟؟ ‏كان بوسعه ان يكتب تقريرا كاملا .. إنه ثرثار بما يكفي .."‏
‏-‏ ‏" ليست هذه الطريقة التي تتحرك بها الامور في عالمنا ولا عالم ‏الميتافيزيقا .. لا بد من الألغاز .. لا بد من التلميح .. فكر في الامر ‏كالحلم .. يستطيع الحلم ان يقول لك بصراحة : انا اخشى ابي ‏واخجل من بدانتي .. لكن هذا لا يحدث .. بل ترى لغة رمزية شديدة ‏التعقيد .. اعتقد ان عالم الميتافيزيقا يطبق نفس معايير الحلم .."‏
كنت انا افكر في عمق ..‏
للمرة الأولى اسمع كلاما مهما من هذا النصاب متضخم البروستاتا .. ‏بالفعل هو لا يستطيع قلي بيضة لكنه يحفظ كل اساليب الطهي ..‏
القصة عجيبة.. ولا اصدق حرفا .. خاصة مع كل تلك المصادر ‏اليهودية .. ‏
لكن لا أرى ما يمنع من مقابلة ذلك الدكتور ( مختار ابو مندور ) ..

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:54 PM


‏-4-‏
‏- " هل من المتوقع ان ياتي زوجك الآن ؟"‏
‏- " ‏Mais non‏ .. إنه في الكلية .. ومن هناك سيسافر الى القاهرة ‏ليبيت هناك "‏
‏-" وهل يضايقك ان تحدثينا بصراحة ؟"‏
‏- " عن أي شيء ؟"‏
كنا جالسين في النادي الراقي إياه .. انا و ( عادل ) والسيدة ( علياء ) ‏‏.. إنطباعي عنها ؟ لا شيء .. إنها متقدمة في العمر لكني لا اعتقد انها ‏كانت جميلة جدا منذ اعوام .. إنه التعالي .. إنها الارستقراطية حين ‏ترسم تجاعيدها على الوجه وزاويتي الفم فتمحو ما كان فيه من جمال ‏‏.. وكانت تداري عينيها وراء نظارة سوداء أنيقة .. لكني خمنت ان ‏هاتين العينين تبكيان بإفراط وتسهران كثيرا ..‏
تم التعارف بسهولة .. إن ( عادل ) من رواد هذا النادي ، لكنه الآن ‏ليس هنا بصفته الشخصية بل بصفته الرسمية .. وكان قد استبعد تماما ‏البدء بالزوج .. هذا هو الحمق بعينه .. قال لي إنه يعتقد أنها مغلوبة ‏على أمرها .. مذكرات ( يوسف ) .. تخبرنا بهذا .. إنه افي صفنا بشكل ‏ما ..‏
كان متأنقا اناقته المعهودة ، مهيبا نافذا الى ما يريد فلم تجرؤ المرأة ‏على الاعتراض .. لو قمت انها بهذه المحاولة لتلقيت لكمه في أنفي ..‏
قال ( عادل ) بطريقته المقتحمة الجريئة :‏
‏-‏ ‏" ثمة أشياء بصدد .. إحم .. إن زميلي د. ( رفعت ) لديه ما يقوله ‏‏!"‏
هكذا صارت الكرة في ملعبي ..‏
رحت أرمق الصخب من حولي .. حوض الازهار .. السقاة يروحون ‏ويجيئون .. أطفال يلهون .. حسناء تركض لتخبر ( ميمي ) بشيء ما .. ثم ‏قلت : ‏
‏-" ثمة شيء يتعلق بزوجك .. د.( مختار ) .. هل توافقين على هذا ؟"‏
رفعت حاجبيها فوق إطار النظارة بمعنى ( إستمر ) .. فأردفت :‏
‏-" وهذا الشيء لا يريحك .."‏
ظلت تنظر لي دون أي تعبير .. فواصلت الكلام :‏
‏-" إنه غريب الاطوار .. ربما مخيف كذلك .. هل ترين هذا ؟"‏
هذه المرة تقلص وجهها في بشاعة وارتفع قوسا حاجبيها في غضب ‏ارستقراطي محموم ، وقالت :‏
‏-‏ It's awful ! how dare you ?‎‏ ( هذا لا يطاق .. كيف تجرؤ ‏؟)"‏
ثم نهضت في عصبية ، وبعصبية اكثر تناولت حقيبتها وهتفت : ‏
‏-‏ ‏" ‏je suis degoute !!‎‏ "‏
لا اجيد الفرنسية ، لكنك لا تجد صعوبة في فهم شخص يتكلم في ‏اشمئزاز .. إنه على الارجح مشمئز ..‏
هكذا ظللنا انا و ( عادل ) جالسين نتبادل النظرات بينما وقفت هي ..‏
فجأة تصلبت ، ثم جذبت مقعدها وجلست ثانية .. هذه المرة اخرجت ‏منديلها وراحت تبكي كصنبور تالف ..‏
ثم تمخطت في سخاء وقالت : ‏
‏-‏ My hubby ‎‏ .. إنه شنيع .. شنيع !!"‏
قالت ( علياء ) بعد ما حكت لنا القصة كلها ، تلك التي سمعهتا انت : ‏
‏-‏ ‏" عندما دخلت الغرفة .. لم يكن المشهد قابلا للوصف .. رباه ! ‏Its ‎was such a nightmare ! ‎‏ .. أي مسخ كان يرقد في الغرفة ‏المجاورة لي كل هذه السنين ؟"‏
قال ( عادل ) في إصرار خشن نوعا :‏
‏-‏ ‏" هلا وصفته لنا ؟ "‏
‏-‏ ‏" لا استطيع .. لا بد ان تراه لتصدق .. كتلة عفنة من اللزوجة . ‏شيء يذكرك بالأميبا لكنه شرير في الوقت ذاته .. يتدلى حول ‏اطراف الفراش حتى تشعر ان قطرات تتساقط منه على السجادة .. ‏في هذه اللحظة نهض !"‏
وثبت انا و ( عادل ) في اللحظة ذاتها كأننا نحن من نهض لا الزوج ..‏
قالت وهي تنزع نظارتها لتحسن تجفيف الدموع :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لقد سقطت من يدي الأداة التي كنت أحملها وسمعها .. في ‏هذه اللحظة كنت قد تحولت الى كيان متهالك بلا إرادة كالعجين .. ‏Totally hepless‏ .. سقطت ارضا بينما هو ينهض .. كان يضحك ‏كأنه كان يتوقع .. كنت ابكي و .."‏
وتهاتفت من جديد ، وتوقف نادل في فضول ليلقي نظرة على ما يحدث ‏‏.. ثم قدر ان الأمر لا يستاهل التدخل .. لسنا وغدين نضايق هذه السيدة ‏‏..‏
قالت وقد اعادت نظارتها :‏
‏-‏ ‏" قال لي إنه كان ينتظر هذه اللحظة .. وظل يردد هذه العبارة مرارا ‏‏.. قال إنني لن استطيع عمل شيء .. إنني تحت رحمته تماما .. أنا ‏مجرد زي تنكري يبدو به بشريا امام الناس .. وفي اللحظة ‏المناسبة عندما يتساءل الناس عن سبب عدم تقدمه في العمر ‏سيختفي .. بعدها يظهر في مكان آخر باسم آخر ويتقدم بأوراق ‏مزورة طالبا عملا جديدا ، ويتزوج امرأة أخرى .. هكذا كان الأمر ‏منذ قرون .. إن الأمر كما حسبت .. صورة جده وصورة أبيه ليستا ‏إلا صورته هو نفسه .."‏
قلت وانا اتصور الموقف :‏
‏-‏ ‏" لحسن حظه إذن انك لم تنجبي "‏
ضحكت في مرارة وقالت :‏
‏-‏ ‏" لم يتزوج لينجب قط .. ليست الابوة ضمن مشاريعه فهي تتضمن ‏نوعا من التخلي عن الذات أو منح جزء منها ، وهي فكرة غير ‏واردة بالنسبة له .. لقد فتح لي مكتبه وعرض علي مخبارا مليئا ‏بمادة حافظة .. الشيء الذي كان في السائل هو مبيضا امرأة !"‏
‏-‏ ‏" فوش ش ش ش ش ش ! "‏
هذه كانت من ( عادل ) الذي اختار هذه اللحظة بالذات ليشرب الليمون ‏‏.. ونظر لها في ذهول ، بينما سألتها انا : ‏
‏-‏ ‏" و .. و .. الجراحة التي .."‏
قالت بتحد :‏
‏-‏ ‏" لا جراحة .. لم اشعر بشيء على الإطلاق ولم اعرف بحدوثه .. ‏لقد حدث بعذ الزواج مباشرة .. إنه قادر على هذا وأكثر .. ولهذا لم ‏يستطع الطبيب تفسير سر عدم إنجابي .. لقد اعتقد ان انقطاع ‏الدورة له اسباب هرمونية .."‏
كنا في عصر ما قبل الموجات الصوتية لهذا كان اكتشاف شيء كهذا ‏عسير .. واختلالات الهرمونات واردة على كل حال .. لاحظ انه ما من ‏ندوب توحي بجراحة ..‏
سالها ( عادل ) وهو يجفف عرقه :‏
‏-‏ ‏" ولكن .. كان بوسعه الا ينجب منك ما دام لا يريد ذلك .. لا يجب ‏ان يجري لك هذه الجراحة الشنيعة "‏
قالت وهي تنظر الى بعيد :‏
‏-‏ ‏" هو لا يتصرف بهذا المنطلق .. ما يعنيه هو ان يسبب الأذى ‏والضرر للآخرين .. ما دام يستطيع إنهاء وجودي كامرأة فلماذا لا ‏يفعل هذا ؟ ‏Why not for God's sake ‎‏ "‏
عدت أسلها وانا ارتجف :‏
‏-‏ ‏" وكيف سارت حياتكما بعد هذا ؟ "‏
‏-‏ ‏" لقد هددني بأنني لن استطيع الفرار منه .. علي ان استمر في ‏اداء دوري الاجتماعي معه وإلا .. هو قادر على تنفيذ هذا التهديد .. ‏سوف يجدني في أي مكان ..وقد كنت خائفة .. لذا فعلت كل ما طلب ‏مني .."‏
سألها (عادل ) :‏
‏-‏ ‏" لكنك حاولت ان تحذري الناس منه كلما استطعت .."‏
هزت رأسها وقالت :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لقد جاءه باحث شاب متحمس يعمل معه في ذات الكلية ، ‏اسمه ( يوسف ) .. يعرض عليه دراسة يقوم بها حول كتاب قديم .. ‏قال له إنه وثلاثة من رفاقه على شفا الكشف عن شياطين تحيا بيننا ‏ولا تبدو مختلفة .. جن جنون زوجي .. لماذا يسأله الفتى هو بالذات ‏؟ كان متأكدا من ان الفتى يعرف سره وقد حاول ان ينصب له كمينا ‏‏.. عرفت هذا بالطبع لأني سجينته وهو يتكلم بصوت عال عن كل ‏شيء .. لهذا انتهزت فرصة انفرادي بالفتى وكتبت له كلمة تحذيريه ‏أحسبه لم يعمل بها .. لقد عرفت أنه مات ميتة شنيعة .."‏
‏-‏ ‏" هذا ما حدث فعلا "‏
ساد الصمت للحظة .. وعرفت ما سيقوله ( عادل ) ..‏
‏-‏ ‏" الآن متى يمكن ان تتيحي لنا دخول غرفة مكتب زوجك !!"‏


^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:56 PM


‏-5-‏

‏-‏ ‏" لن آتي معكما !"‏
قالها ( عادل ) في ثبات وهو يغلق باب شقته ..‏
قلت محتجا : ‏
‏-‏ ‏" لكننا بحاجة إليك .. انت تعرف هذا .."‏
‏-‏ ‏" أعرف هذا .. مشكلتي انني اعرف هذا .. اعرف انكما من دوني ‏ستكونان دجاجتين عجوزين حمقاوين .. لكني لا استطيع ان ارافقك ‏‏.. لا بد من ان احصل على اذن رسمي بهذا من جهة قضائية ، وانت ‏تعرف ان هذا مستحيل اعتمادا على قصة خيالية كهذه .. وهذا يعني ‏ان عليك ان تتصرف على مسئوليتك .. المفترض أنني لا اعرف ‏شيئا عن مغامرتك الحمقاء هذه .. ولو حدثت مشاكل فأنا لا اعرف ‏أي شيء عن الموضوع "‏
فيما بعد رايت حلقات ( المهمة : المستحيل ) التلفزيونية ، حيث كانت ‏كل حلقة تبدأ بعبارة ( لو تم القبض على احدكم فلسوف ننكر اية علاقة ‏لنا به ) . .هذا هو العمل السري الحق ..‏
هكذا اصطحبني ( عادل ) الى الفندق المطل على الكرونيش ، فاستقللت ‏المصعد الى غرفة ( كولبي ) ..‏
كان نائما كالعادة .. يجب ان اذكر انه صار يترك صفحات الكتاب ‏الناقصة في حقيبتي مع الكتاب ذاته .. فقد فهم انني زاهد في اقتنائه كل ‏الزهد ، وهو مؤمن ان الكتاب المكتمل هو الطريقة الوحيدة لحمايتي ..‏
رحت احكي له مخلص ما حدث ..‏
‏-‏ ‏" إن الليلة هي فرصتنا الافضل .. الاخ ( مختار ) يبيت في القاهرة ‏‏.. الفيلا كلها لنا .. لو فاتت الفرصة فلا نعرف متى تسنح من جديد ‏‏.."‏
‏-‏ ‏" إذن سنتسلل كلصين ؟ "‏
‏-‏ ‏" ليس بالضبط .. إن الزوجة نفسها هي التي ستفتح لنا وستخبرنا ‏بكل التفاصيل .."‏
راح يفكر . . وبدا ان الفكرة تروق له ..‏
قلت له باسما :‏
‏-‏ ‏" لو لم تأتي لأرغمتك على ذلك .. هذه المهمة تحتاج إليك .."‏
قال وهو يبدل ثيابه :‏
‏-" اعتقد أنه من الحكمة ان نحمل الكتاب معنا .. ربما كان هذا الشيء ‏الذي سيحمينا "‏
‏- " وربما كان الشيء الذي تم استدارجنا من أجله "‏
وهكذا انطلقنا نحو بيت الرجل .. الرجل الذي يبدو كذلك لكنه لا ينتمي ‏للبشر حسب ما يقوله ( دي ) و ( كراولي ) وربما ( كولبي ) كذلك ..‏
فتحت لنا الباب بنفسها .. لم تتخلص بعد من نظارتها السوداء ، وإن ‏عقصت شعرها وارتدت تايورا انيقا فبدت على قدر من الجمال .. ‏وسمحت لنا بالدخول وهي لا تكف عن النظر الى ( كولبي ) في ارتياب ‏‏.. إن منظره غريب في أي مكان وزمان ..‏
قلت لها باسما :‏
‏-‏ ‏" هذا هو ( سام كولبي ) .."‏
هز رأسه لها في رقة مضحكة .. كان يحمل حقيبته على ظهره فبدا ‏اقرب الى تلميذ مدرسة خجول يقدمونه الى ( طانط صافيناز ) ..‏
كان هذا كافيا على ما يبدو لأنها لم تسال عن شيء آخر .. كأنه من ‏الطبيعي جدا ان تصطحب معك نصابا يهوديا أمريكيا حينما تزور الناس ‏في بيوتهم ..‏
اطلقت شهقة واطلق ( كولبي ) صفارة برغمه عندما دخلنا الفيلا .. انا ‏لست طفلا .. لقد رايت الكثير وليس إبهاري سهلا .. لكني لم ار هذا ‏القدر من الفاخمة والثراء والرقي .. كأن نظراتك ذاتها يمكن ان تخدش ‏كل هذه التحف .. رواق طويل تحف به التحف . .ثمة ( كونسول ) ‏عملاق .. اكثر من ( انتريه ) وصالون .. طنافس تثير الحسد في نفس ‏‏( هارون الرشيد ) ذاته .. بيانو اسود مهيب الشكل لا بد انه كان يخص ‏الخواجة ( هاندل ) او ( ليست ) .. وعلى الجدار لوحة تأثيرية لن ‏اندهش لو قيل لي إنها حقيقية . هناك طابق علوي .. طبعا ..‏
قال ( كولبي ) في سذاجة :‏
‏-‏ ‏" اساتذة الجامعة عندكم يكسبون جيدا .."‏
قلت في غيظ :‏
‏-‏ ‏" كلهم ! انا الفاشل الوحيد .. ولاحظ لسانك لان السيدة تجيد ‏الانجليزية "‏
قالت لنا متجاهلة هذه التعليقات : ‏
‏-‏ ‏" لا يوجد خدم .. كلهم في إجازة .. هذا يعطينا حرية أكثر .."‏
ثم تقدمتنا بسرعة الى الدرج . فلا بد ان غرفة المكتب في الطابق ‏الثاني .. ومن جديد مشينا في ممر يشي بالثراء .. قدماك تغوصان في ‏السجاد كأنها الرمال المتحركة .. رائحة عطرة تفوح في الجو .. عندما ‏يكون عمرك عدة قرون فأنت لا تعاني الفاقة .. لو ادخرت قرشا كل يوم ‏لصرت في ثراء ( قارون ) ..‏
سالها ( كلوبي ) عن الحمام لانها مشكلة بروستاتا ، فازدادت دهشتها ‏‏.. إلا انها اشارت الى باب جانبي عن يمين الممر ، فمشى إليه وتوارى ‏بضع دقائق عاد بعدها وقد بلل صنبور الماء نصفه العلوي كله .. لامر ‏الذي لم يزدها ثقة به ..‏
اتجهت الى باب عملاق ففتحته بمفتاح أخرجته من صدرها ..‏
كانت قاعة طويلة ذات إضاءة مريحة خافتة .. هناك مكتبة جدارية ‏وثمة بعض تماثيل برونزية لفتيات إغريقيات يفعلن اشياء ما .. لا ‏يمكنك ابدا فهم ما تفعله هذه التماثيل .. هناك مكتب انيق صغير اعتقد ‏انه من طارز ( شيبنديل ) .. هكذا يقولون في القصص .. وثمة أباجورة ‏صغيرة على شكل افعى تلتف حول شجرة .. الخلاصة انه طراز ‏المكاتب التي يتجسسون على محتوياتها في أفلام الجاسوسية ..‏
راح ( كولبي ) يتفحص رفوف الكتب في الضوء الخافت ، يطالع ‏العناوين الإنجليزية ، ثم قال بخيبة أمل :‏
‏-‏ ‏" مجرد كتب تاريخ .."‏
قلت في ضيق :‏
‏-‏ ‏" لا تتوقع ان يضع على الرف كتابا مثل ( مذكرات شيطان ) او ( ‏الطرق العشر لامتصاص الدماء ) .. إنه استاذ تاريخ لذا لا بد انه ‏يملك كتب تاريخ ..‏
كان هناك صف كامل من المجلدات السود التي يبدو انها الرسائل التي ‏اشرف عليها .. هذا رجل قد اعطى الكثير للعلم حتى لم يتعمد هذا .. ‏لكني ما زلت مندهشا من قدرته على انتحال هذا الدور .. كيف خدع كل ‏هؤلاء الطلبة الذين جلسوا بين يديه ؟ ‏
مدت ( علياء ) يدها في صدرها وأخرجت سلسلة في طرفها مفتاح ، ‏وبيد راجفة عصبية عاجلت قفل المكتب فانفتح .. ثم نظرت لنا نظرة ‏تقول ( هو لكما ) ..‏
جلست الى المكتب ووقف ( كولبي ) ورائي ..‏
ورحت اعبث في الدرج محاولا عدم تغيير شيء من معالمه ..‏
قالت ( علياء ) بصوت كالفحيح : ‏
‏-‏ ‏" لا تحاول .. إه يضع خيوطا رفيعة في كل مكان وكل شيء .. لا ‏يمكنك ان تخدعه ابدا .."‏
نظرت لها في توتر .. واعدت النظر الى الدرج .. ثم سألتها :‏
‏-‏ ‏" إذن ما جدوى السرية ؟ "‏
قالت وهي تتنفس بصعوبة : ‏
‏-‏ ‏" لا جدوى .. فقط آمل ان تجدا ما يخلصني منه او يضعفه .. فيما ‏عدا هذا انا ميتة .."‏
بعد برهة صمت عدت أتأمل الدرج مدققا .. بالفعل كان الوغد قد نثر ‏عشرات الخيوط الرفيعة كأنها خيوط عنكبوت فوق كل شيء .. من ‏المستحيل فعليا ان تتحاشى تمزيق أي خيط ، لكني اتساءل عما يفعله ‏هو ليعيد الامور سيرتها الاولى ..‏
هكذا قررت ان اتعامل بتهور اكثر من منطق من ليس لديه ما يخسره .. ‏ومددت يدي الى دفتر صغير ورحت اتفحصه .. كان مليئا بأرقام الهاتف ‏والعناوين .. بعضها في مصر وبعضها في الخارج .. قررت ان ادسه ‏في جيبي لأطلب من ( عادل ) ان يجد شيئا مهما فيه .. إن كفاءة رجال ‏الشرطة تتلخص في قدرتهم العددية مثابرتهم الصبور .. فقط رجال ‏الشرطة يستطيعون ان يعرفوا كل شيء عن كل اسم في هذا الدفتر ‏خلال اسبوع ، بينما احتاج انا الى عام كامل لهذا ..‏
كانت هناك مجموعة صور فوتوغرافية لأشخاص .. بعض الصور ‏عتيقة وبعضها حديث ..‏
اما الجائزة الكبرى فكانت تلك المخطوطات التي تم وضعها في كيس ‏بلاستيكي صغير .. إنها عتيقة جدا واصلية .. وكتبت بحروف لا يمكن ‏ان تعرف كنهها .. ليست العبرية ولا السريانية ولا اية لغة اعرف ‏منظرها .. لغة ( عفاريتي ) .. هذا هو الوصف الادق ..‏
وعرفت ان هذا المخطوط مهم .. ربما يفهم ( كولبي ) شيئا منه فيما ‏بعد .. وربما يمكن تدميره لنحرم ذلك الشيء من شيء ما مهم .. لا ‏اعرف .. المهم ان يكون معك لا مع ( مختار ) ..‏
اغلقت الدرج وسألت الزوجة : ‏
‏-‏ ‏" هل من مكان آخر تشكين فيه ؟"‏
قال ( كولبي ) الذي لم يفهم السؤال الاخير : ‏
‏-‏ ‏" الثلاجة ! لا بد من رؤية الثلاجة !"‏
‏-‏ ‏" طلب غريب بعض الشيء .."‏
بذكاء قال : ‏
‏-رأس الاستحواذ يكون موضوعا في الثلاجة دائما !"‏
قلت في لا مبالاة : ‏
‏-‏ ‏" لا تنس ان البيت يعج بالخدم والزوجة نفسها .. هذا الي تقوله ‏يحدث حينما يكون الشخص ذئبا متوحدا مثلي .."‏
قالت الزوجة التي كانت تتابع المحادثة بالانجليزية : ‏
‏-‏ ‏" بالفعل لا يوجد شيء من هذا .. لا اعتقد ان هناك اماكن اخرى ‏يمكن ان تكون صومعته الخاصة .. غرفة النوم ليس فيها إلا ‏الفراش وخزانة الثياب .. وانا متأكدة من أنه لا شيء يريب بصددها ‏‏.."‏
هكذا وضعت كل الكنوز في الحقيبة التي يحملها ( كولبي ) .. واشرت ‏له ان الوقت حان لنرحل ..‏
لكنه ابتسم .. اتجه الى خزانة الكتب الجدارية ، وقال لي :‏
‏-‏ ‏" ساعدني على إزاحتها ! لا بد من ان نرى ما خلفها !"‏
قلت له في ارتباك :‏
‏-‏ ‏" كف عن الجنون .. لا يستطيع الرجل ان يزيحها لأي سبب و .."‏
لكنه راح يدفعها بذراعية ودرفيه واحتقنت عروقه واحمر وجه .. هكذا ‏اتجهت اليه ورحت اساعدة على قدر ما تسمع صحتي ..‏
قالت مدام ( علياء ) :‏
‏-‏ ‏" ‏That's nuts ‎‏ .. لا يوجد شيء هنا .."‏
‏-‏ لكن المكتبة بدأت تنزاح ببطء بطريقة الخلخلة المعروفة .. هوب ‏هوب ! هوب هوب ! دفعة صغيرة تلو دفعة صغيرة .. هكذا قررت ‏ان تستسلم وبدأت تنزاح جانبا فوق البساط الذي قلل احتكاكها ‏بالأرض ..‏
‏ هنا فقط ادركت ان ( كولبي ) مفيد جدا ..‏
وراء المكتبة كان ذلك النفق الذي يبلغ ارتفاعه قامة طفل في العاشرة . ‏فتحة في الجدار تقود الى ممر مظلم . لكن إضاءة زرقاء تأتي من مكان ما ‏تضيء جوانبه .. لا اريد ان ابدو هستيريا لكن هذا النفق بدا كأنما هو يقود ‏الى الجحيم ذاته .. من يجسر على الدخول ؟ من ؟ ليس أنا ..‏
صحت في بلاهة : ‏
‏-‏ ‏" هذا لا يصدق .. وإلام يقود هذا الممر ؟ "‏
قالت الزوجة بدورها وهي ترتجف :‏
‏-‏ ‏" لكن جدار غرفة المكتب لا يقود لشيء .. لا يوجد إلا الخارج في ‏الجهة الأخرى !"‏
قلت وانا الهث واجفف عرقي :‏
‏-‏ ‏" ربما هو جدار مزدوج .. غرفة سرية ما . .هذه الاشياء واردة ‏‏.."‏
بدا عليها عدم التصديق ، فقال ( كولبي ) :‏
‏-‏ ‏" لا هذا ولا ذاك .. هذا نفق بين الأبعاد .. إنه الممر الذي يتصل به ‏‏( مختار ) بالكيانات القديمة .. وهذا لا يخضع للجغرافيا المعهودة .. ‏تدخل منه فتخرج في مجرة أخرى ربما .. في زمن آخر ربما .. كنت ‏اعرف اننا سنجده .."‏
ثم وقف عند مدخل النفق ، ومن حقيبته اخرج اشياء تشبه الأوتاد ـ ‏لكنها فضية اللون وراح يثبتها بمطرقة صغيرة على الجدران ، ثم ‏اخرج قنينة صغيرة بها سائل احمر قان راح ينثر محتواها على المدخل ‏‏.. بعدها اخرج كتيبا راح يقرأ منه أشياء لم افهمها .. لكن احسها ..‏
هل كان الضوء الأزرق يتراقص مع كلماته ؟ لست متأكدا ..‏
فقط رحت اتوقع ان تخرج من النفق يد مخلبية عملاقة تمسك به ‏وتجره الى الداخل .. لم يحدث هذا لحسن حظه .. ‏
في النهاية توقف عن الكلام .. وقال بصوت هامس : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد أنني اغلقت هذا الممر .. لن يستطيع العودة منه .."‏
‏-‏ ‏" ألا تحتاج إلى بعض الخرسانة والقرميد كذلك ؟ "‏
قال دون ان يضحك :‏
‏-‏ ‏" لا .. الامر ليس ماديا إلى هذا الحد .. إن قوته مريعة ولن يعوقه ‏شيء كهذا .. لن يعوقه إلا رمز .."‏
في هذه اللحظة تصلب ثلاثتنا ..‏
لقد سمعنا صوت باب يتفح ثم يغلق بالطابق السفلي !‏

^RAYAHEEN^ 05-11-05 03:57 PM

‏6-‏
‏-" لقد عاد !"‏
قالتها الزوجة وهي تنتفض كورقة .. فانتفضنا بدورنا ..‏
‏-‏ ‏" قلت إنه سيبيت ليلته هناك !"‏
‏-‏ ‏" قلت .. وقال .. واضح ان الظروف تغيرت .."‏
تساءل ( كولبي ) وهو شاحب الوجه :‏
‏-" ماذا نفعل ؟ "‏
‏-" أولا نعيدالمكتبة الى مكانها ثم نفكر .. هل يمكنك ان تغادري الدار ‏معنا يا مدام " علياء " ؟" ‏
تقلص وجهها المذعور وقالت :‏
‏-‏ ‏" سيكون هذا صعبا .. سيثير ريبته .."‏
‏-‏ ‏" ليس من مصلحتك أن تبقي معه .. قلت إنه سيعرف كل شيء .."‏
‏-‏ ‏" ( علياااااااء ) !!"‏
هذه كانت من الطابق السفلي .. لقد عاد الزوج فعلا وهو يبحث عن ‏زوجته الحبيبة التي حرمها من الإنجاب .. هكذا لم نجد وقتها لعمل أي ‏شيء .. خرجنا من المكتب ومشينا في الرواق مسرعين ..‏
وفجأة وجدناه أمامنا ! ‏
‏*** ‏
كان وسيما راقيا متأنقا مهذبا ..‏
هذا هو ما رأيته بلا ادنى مبالغة .. شخص ظريف له طابع أولاد البلد ‏الودودين .. هل قابلت يونانيا ممن عاشوا في مصر طيلة حياتهم ‏واتقنوا العربية ؟ له ذات الطابع المحبب الذي يجعلك تشعر بأنه ‏صديقك على الفور .. من السهل ان يثق ( يوسف ) .. به ..‏
المشكلة الآن انه ضبطنا متلبسين .. لو قابلنا على الباب لكان التفسير ‏ممكنا ..‏
كان ينظر لنا بوجه مشرق مرحب ، فصاحت الزوجى على الفور :‏
‏-‏ ‏" د. ( مختار ) .. زوجي .. د . ( رفعت ) .. مستر ( كولبي ) .. ‏جميل ان تلتقوا هنا .. جميل جدا . انا . انا . مسرورة .. "‏
لكن لهجتها كانت تقول بوضوح : انا لم افتح درج مكتبك واكشف لهم ‏أسرارك .. لو حسبت هذا فانت مخطئ ..‏
ابتسم ابتسامة رقيقة وقال :‏
‏-‏ ‏" هل لي ان اتشرف بمعرفتهم فعلا ؟ إن الأسماء لا تكفي يا ‏عزيزتي .."‏
قالت بتلك اللهجة المتسارعة : ‏
‏-‏ ‏" الدكتور ( رفعت ) طبيب نفساني .. لقد دعوته لأحدثه عن حالات ‏الاكتئاب . الاكتئاب .. التي .. انت تفهم .. قال لي إن رؤية بيتي ‏ستاعده على ..." ‏
‏-‏ ‏" فهمت .."‏
ثم قال وهو يشير الى غرفة المكتب :‏
‏-‏ ‏" لو سمحتما لي .. فانا ايضا لدي أسئلة مهمة .. نحن لن نترك ‏فرصة كهذه دون ان نغتنمها .. انت تعرف ما إن يدرك الناس إنك ‏طبيب حتى يبحث كل واحد منهم في جسده عن علة ما .. هذا نوع ‏من ( الاستخسار ) لو سمحت لي بالتعبير .. هلا اعددت لنا الغداء ‏يا ( علياء ) .. انا لن اترك ضيفي يرحلان على سغب .. أين الخدم يا ‏‏( علياء ) ؟ "‏
ونظر لي وغمز بعينه وقال ضاحكا : ‏
‏-‏ ‏" كما يقول الشاعر العربي القديم : ‏
سألونا عن قراه .. فاختصرنا في الجواب ‏
كان فيه كل شيء .. باردا إلا الشراب !"‏
طبعا ( القرى ) بكسر القاف هو م ايقدم للضيف من طعام او شراب .. ‏إن الرجل مثقف كذلك .. لكني لن اندهش لو كان قد سمع هذين البيتين ‏من فم الشاعر ( الزوزني ) نفسه ..‏
‏-‏ ‏" اعطيت .. اعطيتهم إجازة .."‏
‏-‏ ‏" آه .. اخشى ان إعداد الطعام سيكون مسؤوليتك .. والآن ارجو ان ‏تسبقاني الى المكتب .."‏
كنت اعرف ان هذا سخف . لو كان هو من الشياطين العشرين فهو ‏يعرف بالتأكيد دوري في القصة .. إنه يقودنا لفخ ما .. لكن كيف ‏نتخلص منه ؟ ‏
هكذا عدت الى غرفة المكتب مع ( كولبي ) وجلسنا على مقعدين هناك ‏بانتظاره .. المكتبة ! لم نعدها الى مكانها ! لكن لا وقت لهذا الآن ..‏
فجأة رأيت ( كولبي ) ينظر الى شيء في يده .. ثم نظر لي وعيناه ‏تتوهجان : ‏
‏-‏ ‏" القلادة ! قلادة ( موسفاديم ) تتوهج ! أحد الشياطين يتحرك للقتل ‏‏!"‏
هكذا نهض مسرعا وانا معه ..‏
اين نذهب ؟
فجأة رايت ذلك النفق فصحت في ( كولبي ) ان يتبعني .. لا يوجد ‏مخرج آخر في الحجرة كلها غير الباب وهذه الفتحة .. لو كان حمارا – ‏وأنا اثق بهذا ـ فقد انتهى أمرنا !‏
هكذا عبرنا مدخل النفق وقفنا متصلبين نرمق غرفة المكتبة الخالية .. ‏لحظات قبل ان ينفتح الباب ويدخل الدكتور ( مختار ) .. لقد انتهى ‏عصر المجاملات الرقيقة والأقنعة .. وبدأ عصر الرعب ..‏
لقد صار طوله ثلاثة او اربعة امتار .. وانتفش الشعر الثائر على جانبي ‏رأسه كالمذءوبين .. عيناه بلون الدم والدم يسيل من شدقيه .. ليست ‏له يدان وذراعان بالمعنى المفهوم لكنها كتل بروتوبلازمية اميبية ‏تسيل وتزحف في كل اتجاه وبسرعة لا تصدق .. الدخان كبريتي ‏الرائحة يتصاعد من جسده ..‏
رباه ! انا الذي زرت جانب النجوم وحسبت اني رأيت كل شيء !‏
من بين شفتيه يدي صخب هو اقرب الى حروف :‏
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش ش ش ش !!‏
لكن هذا ليس كل شيء .. كان يصرخ وهو يجر ( علياء ) من شعرها ‏كأنها دمية : ‏
‏-‏ ‏" تكلمت يا امراة !!"‏
ورايت السيدة ( علياء ) تجر على الارض جرا وهي تصرخ وتتوسل : ‏
‏-‏ ‏" لم انذر احدا ..! لقد جاءا الى الكمين كما اتفقنا ..! لا اجسر على ‏عصيان اوامرك ! صدقني ! "‏
فهمت الآن سر عودته المفاجئة .. كانت طعما لنا لكنها كانت مرغمة ‏على ذلك كما هو واضح .. لا الومها كثيرا بعد ما رايت حقيقة هذا ‏الرجل ..‏
تخلص منها بطريقة بسيطة هي ان قذفها قذفها لتضرب الجدار ‏بظهرها ثم تهوى على الأرض وهي تئن . أعتقد انها ماتت او تحطم ‏ظهرها .. فلا احد يتحمل ضربة كهذه .."‏
لكننا كنا في أسوأ حال بدورنا فلم نجد الوقت الكافي للنواح والتمرغ ‏على الأرض باكين ..‏
إنه ينظر لنا ثم يضحك .. أقذر وأسود وأبشع ضحكة رأيتها في حياتي ‏‏.. من اين جاء هذا المسخ ؟ لم ار هذا القدر من الشر من قبل برغم ‏خبارتي غير المتواضعة ..‏
يلعق عينيه بلسانه .. لسان أزرق يتفرع الى ما يشبه أقدام العنكبوت ‏‏.. ثم يقول : ‏
‏-‏ ‏" الآن حان وقت المزاح أيها الصبيان !! "‏
ثم ينقض علينا والدم يتناثر من حوله .. دخان الكبريت .. القطرات ‏اللزجة .. كل شيء ..‏
إنه اقدم .. ‏
قادم ..‏
قادم ..‏
اغمضت عيني وارتجف ( كوبي ) كالورقة .. وراح يهمس : ‏
‏-‏ ‏" الحمام .. ! الحمام !! "‏
على انني ادركت من منظر ساقيه انه بلل نفسه فعلا .. لم يعد بحاجة ‏الى الحمام الا ليستحم .‏
‏" .. اعرف انكما من دوني ستكونان دجاجتين عجوزين حمقاوين .. " ‏قالها ( عادل ) وكان محقا لكني اتمنى ان ارى ما كان سيفعله لو كان ‏معنا ..‏
في اللحظة التالية رايت ذلك امسخ يتراجع وقد صارت غضبته لا ‏تصدق ..‏
همس ( كولبي ) بصوت كالفحيح : ‏
‏-‏ ‏" لقد نجحت في غلق الفتحة .. ! نجحت !"‏
فتحت عيني ونظرت .. لولا تلك القلادة لتأخرنا اكثر من اللازم ولانفرد ‏بنا المسخ في الغرفة .. ولولا هذا الباب غير المرئي الذي شيده ( ‏كولبي ) لما فصل بيننا والمسخ شيئ ..‏
ووقفنا نراقبه يحوم حول الفتحة وهو يزأر .. يحطم المكتب .. يسقط ‏الكتب من فوق الأرفف ..‏
صحت من حيث وقفت : ‏
‏-‏ ‏" يا دكتور ( مختار ) !"‏
بدا لي هذا اللقب مضحكا الآن .. لكني واصلت الكلام :‏
‏-" لو كنت تفعل هذا كله باعتبار انني اعرف التسعة عشر شيطانا ‏فأنت مخطئ .. انا لا اعرف سواك .. الذين ماتوا جميعا لم يعرفوا ‏سواك .."‏
لم يتكلم وواصل الدوران في الغرفة :‏
قلت لـ ( كولبي ) وانا امسك بيدي يده الباردة الراجفة :‏
‏- " اعتقد انه لن يتركنا نخرج من هذا الجانب .. يجب ان .. يجب ان ‏نجتاز النفق !"‏


Ala_Daboubi 06-11-05 11:24 AM

yeslamo ......3indi fekra , leash ma tseeeri tjeebi el qesa ma3ik 3al sho3'ol wo toktobee feeha kaman

Ala_Daboubi 06-11-05 11:30 AM

esma3i 3indi fekra a7la , sho ra2yik nseer netkhayal sho bedo yseer bel qesa !!!! hehehe eza ento lessa ma kamalteeha

shoofi , raj3a 3al 3'orfeh sa3beh shwai , fa batkhayal eno ra7 yemsho bel nafaq wo yowsalo la bawabeh zamanyeh , wo ba3dain yla2oo 6aree2 lal madi , la2ano sara7a 2arba3a mato wo sa3b eno tetfasar lal 7okomeh hai el 2esa , fa ashal 6aree2a lal katib eno yerja3 la noq6et el bidayeh , el mohim berja3o la 2awal el a7daath wo be7awlo be 6aree2a tanyeh enhom yemna3o el 2arba3a enhom ybalsho fel 6abkha

2aw b foto el 3'orofeh wo be7ko : salamo qowlen min raben ra7eem , wo bemoot el she6an wo btekhlas , enti sho ra2yik

^RAYAHEEN^ 06-11-05 11:43 AM

ههههههههه
لا علاء الاقتراح الاول او التخيل الاول لباقي القصة هوي اكثر ملائمة للاحداث واكثر يسر في معالجة الموقف
لانو اكثر مسايرة في طريقة الكاتب بللكتابة واعتمادوا على انهاء القصة بسرعة وبطريقة يمكن ما كان يتخيلها ولا يتوقعها القارئ بالبداية
لو كان الدكتور رفعت وكولبي شيوخ دين كنت قلتلك الطريقة التانية بتزبط معهم
ههههههههههههه
بس بعتقد الاقتراح الاول هوي الاكثر صحة
على العموم بكرة رايحه نزل الاجزاء الاخيرة
يمكن بعد في فصلين بس
وانا فكرتك بكرة مداوم علشان هيك ما كفيتها امس هههههههههه
ويا سلام اذا بدي جيب لكتاب معي كمان على الدوام
هيك ما رح شارك بباقي الاقسام ابدا
بيكفي اني بالعيد قضيت اكتر وقتي اكتب فيها

Ala_Daboubi 06-11-05 11:59 AM

hehehehe wallahi ana m3'albik ma3i , i think ts too much 3aliki , khalas khali hai awal wo akhir qesa , 7aram , 7asis b ta2neeb el dameer

bas eza moserah , ts ok

^RAYAHEEN^ 06-11-05 12:09 PM

لااذا ما كنت بحبها لهالنوعية من القصص ما كنت كتبتها خخخخخخخخ
بس انا بحبها كتير
بالنسبة لعملية التخيل بهالقصة بالتحديد ما رح تمشي
لانك قلت ببداية القصة انك قاريها وانت صغير هههههههه
يمكن يمشي الحال مع القصة الي بعدها

Ala_Daboubi 06-11-05 12:13 PM

i didnt say that i read it wana zgheer !!! yemkan hada 7ada tani b montada tani hehehehehehe

^RAYAHEEN^ 06-11-05 12:24 PM

yeslamo raya7eeeeeeeeeno , i really enjoy this black comedy way of writing , ba7ashish 3ala mos6ala7ato , ba3dain el good part ine mosh qare2ha hai el qesa , tab3i

ههههههههههههه مع اني قريتها العكس
بس سبحان مغير الاحواااااااااااااااااااااال

Ala_Daboubi 06-11-05 12:28 PM

Elik 3al 3adeh 3a fikra hehehehehehehe

U need to focus mashi ......wela 3alai el 6alag min marti eli lessa ma tjawaztha in ma ertada3ti ya raya7een la ............bas keef bakhawif wana m3asib aaaah ???? hehehehehehe

^RAYAHEEN^ 06-11-05 12:35 PM

ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه علاء ما بعرف ليش حسيت برعشة بالابهام استمرت لمدة خمس ثواني
هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 06-11-05 12:46 PM

ebham shaheen !!! wela ebhaam madfa3i ??? wela ebhaam b 3'nonah hehehehehe, ebham wela wara ??? lool

^RAYAHEEN^ 06-11-05 12:54 PM

لا هيده ولا هيده
ابهام عبدالقدوس
ههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 06-11-05 01:00 PM

La wnti el sad2a shiklo l3adil abhaam hehehehe

^RAYAHEEN^ 06-11-05 01:12 PM

ههههههههههه علاء والله انت شكلك متفق مع الدكتور مختار عليي هههههههههه
بس امليح انو معي التعويذة خخخخ

^RAYAHEEN^ 07-11-05 12:41 AM


‏-7-‏
انت تجتاز هذه الثغرة بين عالمين ..‏
تمشي في عالم لم يجتزه سواك من قبل .. لم يجتزه إلا تلك المسوخ .. ‏ربما اجتازه ( كراولي ) ربما اجتازه ( دي ) .. لا شك في ان ( الحظرد ‏‏) اجتازه .. لكن ( الحظرد ) مات .. واية ميتة !!‏
تمشي مع ( كولبي ) محاذرا ان تتعثر في الارض .. إنها مزيج غريب ‏من اليابسة والماء .. مزيج من النار والرماد .. مزيج من الحقيقة ‏والوهم ..‏
الهواء مزيج من السماء والارض .. يمكنك ان ترى نفسك مقلوبا هناك ‏‏.. ومن حين لآخر يشق السماء مذنب ليس سوى وطواط ملتهب ‏يصطدم بشيء ما فيتناثر الشرر ..‏
إننا ندنو من قلب الشر .. قلب الكوابيس ..‏
‏*** ‏
‏" إن النكرونوميكون كتاب تاريخ يحكي عن الكيانات القديمة أكثر منه ‏دليلا للسحرة المبتدئين كما يظن البعض .وهذا هو ما يجعل الكتاب ‏مخيفا .. فهو لا يعتقد بنا ملوك الكون وأن الكون في خدمتنا ، بل هو ‏يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية ، بينما نحن مجرد غبار معدوم ‏الحيلة وما يبقينا احياء هو اننا اتفه من اللازم .. "‏
‏*** ‏
هنا يصطدم الجبابرة .. جبل يقاتل جبلا .. شلال يصارع شلالا .. محيط ‏يضطرم في محيط ..‏
وتنظر الى السماء فترى ( رفعت ) الطفل يركض في شوارع ‏المنصورة .. ارى وفاة أبي .. انا اجلس في عزاء امي .. عجلات ‏الطائرة تلمس الارض البريطانية .. سير ( ارشيبالد ماكيلوب ) يقدم لي ‏تلك الشقراء الرقيقة الناحلة ويقول باسما : " ابنتي .. ( ماجي ).." ‏المريضة تموت وانا غارق في العرق .. ( لوسيفر ) يضحك ويقول : " ‏انا بك اسعد ولك قلبي يطرب .."‏
و " مندهش انت للقاء من لا ترتقب لقاءه ايها الفاني .."‏
يرفع وحش ( لوخ نس ) راسه من البحيرة . . النداهة تنادى .. ( ‏هويدا ) تتظاهر بالحنان .. رجل ( بكين ) يحطم عربة القطار .. ( هن ‏تشو كان ) يتراجع للوراء ويهتف : " جوانغ سارايانا ! " ..مومياء ‏الفرعون تنهض .. الشيء يتمدد .. صندوق ( بندورا ) امامي فهل ‏افتحه ؟ العزيف .. العزيف .. ( رونيل السوداء ) قد صارت زوجتي .. ‏لماذا تلقي عظام الطيور تحت نافذتها ؟ ‏
لوس دوس سولادوس ايخيبسيوس استين إن لا روناس ! لوس دوس ‏سولادوس إيخيبسيوس إستين إن لاش روناس ! لوس دوس ‏سولادوس إيخيبسيوس إستين إن لاس روناس !‏
لا تطلب الإسعاف .. لا تطلب الإسعاف .. لا تطلب الإسعاف وإلا ستندم ‏‏! ‏
لا تطلب الإسعاف .. لا تطلب الإسعاف .. لا تطلب الإسعاف وإلا ستندم ‏‏! ‏
العساس يخرج من بين الرمال ليفتك بي .. ثم ترتسم الضحكة على ‏وجهه ( فلاد الوالاشي ) .. فامفيري .. فامفيري .. مكالمة اخرى بعد ‏منتصف الليل مع ( شريف السعدني ) ..‏
في الواجهة الأولى ثمة يد بشرية .. يد مبتورة عند المعصم محفوظة ‏في وسائل ( الفرومالين ) .. هذا جميل وربما هو من المناظر المبهجة ‏بالنسبة لطبيب مثلي .. لكن ما يثير الحيرة ـ وربما الرعب ـ هو تلك ‏الأظفار الطويلة الشبيهة بالمخالب التي تخرج منها .. وعلى الزجاج ‏كانت صورة رجل وقور يبتسم .. هل هذه يده ؟ إذن لماذا يبتسم ؟ ‏
اجثوا على ركبتي واصرخ : ‏
‏-‏ ‏" انا تعبت .. لا اريد المزيد .. ساموت هنا والآن .." ‏
اليد ذات المخالب تمتد من تحت الأرض وسط بخار الكبريت لتمسك بي ‏‏.. يا لها من حفاوة ! لم يخذني احد بالأحضان من قبل ..‏
ساموت هنا والآن .. ولتكونن ميتة جميلة .. إنها السبات ذاته ..‏
فقط أشعر بـ ( كولبي ) يصرخ في أذني : ‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) ! لا تستسلم ! سوف يفوزن بك ! لا تترك نفسك .. ! ‏يجب ان نخرج من هنا !!"‏
‏ فجأة أرى العالم من حولي يتحرك .. ومن معالم هذا العالم ارى خمسة ‏كيانات فارعة الطول .. تحيط بـ ( كولبي ) .. لا اتبين حدود هذه الاشياء .. ‏إنها اقرب الى خدعة بصرية ما .. لا أفهم .. إنها تذوب في الخلفية ثم ‏تظهر . كأنها انعاكاست على سطح ماء .. لا ابين أي شيء منها ولا أحب ‏‏..‏
لكني اواصل الصراخ : ‏
‏-‏ ‏" هيا ! .. خذوني ! أنا قد خسرت كل شيء .. ليس لي ولد ولا ‏زوجة .. مفعم بالامراض والندوب النفسية .. ولن اظفر بحبيبتي ‏ابدا .. كل ما ظفرت به هو كوابيس .. لن اضيف شيئا لو خرجت من ‏عالمكم حيا لان هذا سيكون مجرد كابوس آخر احكيه للناس .. لا ‏اكثر !"‏
‏( كولبي ) يتكلم بلغة لا أفهمها .. إنه يمسك بكتاب ضخم في يده ويفتح ‏صفحاته ..‏
الأيدي ذات المخالب تعتصرني .. تريد ان تجعل الحياة تنز مني ‏كالليمونة ..‏
‏( كولبي ) يتكلم وسط اصوات زئير يتعالى ..‏
‏( كولبي ) مذعور لكنه يتماسك..‏
الزئير يحدث عواصف تطير ثيابه وتبعثر شعره لكنه يتكلم .. السماء ‏تحمر ثم تزرق ثم تخضر ..‏
‏ كوبي ) يساعدني على النهوض وامانا ارى العالم الخارجي كما تراه ‏من طائرة .. ارى شارعنا . ارى الإسكندرية .. ارى الاسكندرية .. ارى ‏الفيلا .. ارى الحديقة .. ارى غرفة المكتب .. إنها خالية .. ‏
هناك كتب مبعثرة في كل مكان وجثة الزوجة على الارض ..‏
فجأة يشد ( كولبي ) يدي بحزم ..‏
إننا نعبر .. نخرج من الفتحة التي دخلناها .. ‏
فجأة اجد نفسي على ارض غرفة المكتب والأرض تعلو وتهبط بي ..‏
انظر الى حيث جئت فلا ارى شيئا .. المكتبة منزاحة حيث هي ، لكن لم ‏تعد هناك أية فتحات خلفها . الجدار مصمت سليم ..‏
و ( كولبي ) جواري يزحف على ركبتيه وهو يئن ..‏
انظر الى جواري فأرى جثة الزوجة ملقاة جوار الجدار حيث تركناها ..‏
لقد سال الدم من رأسها .. والدم الذي سيسل ينساب على الأرض .. ثم ‏يحتشد على شكل كلمة واضحة :‏
لم يعد ..‏

^RAYAHEEN^ 07-11-05 01:36 AM


‏-8- ‏
بعد ما استعدت توازني في غرفة الفندق ، أخذت حماما دافئا ثم سألت ( ‏كولبي ) : ‏
‏-‏ ‏" ماذا حدث بالضبط ؟ "‏
كان أسوأ حالا مني .. لم يتوقع ان يدخل الى ذلك العالم الرهيب .. لكنه ‏استطاع ان يصمد على الأقل بينما تهاويت انا ..‏
‏-‏ ‏" فعلت ما فعله ( دي ) .. تكلمت مع الكيانات القديمة بتلك الشفرة ‏‏!" ‏
‏-‏ ‏" ماذا ؟ اية شفرة ؟ "‏
‏-‏ ‏" كتاب ( إينوخ ) .. .. ! إنه معي في حقيبتي ! "‏
ثم رتب على الحقيبة في فخر وقال :‏
‏-‏ ‏" قالوا إنهم غير قادرين على إيذائنا ما دمنا نملك كتاب ( ‏نيكرونوميكون ) كاملا .. إن ( مختار ) او هذا الذي يشبه ( مختار ) ‏كان أحمق .. لقد أنسته فكرة افتضاح امره هذه القاعدة البسيطة ، ‏وحاول خرق القوانين .. وعندما قابلت هذه الكيانات تكلمت معهم .. ‏اخبرتهم انه لا جدوى من إيذائنا واننا لا نريد إلا ان نترك وشأننا .. ‏واخبرتهم اننا لا نعرف عنهم شيئا .. هكذا قرروا ان يصدقوني .. ‏تمت الصفقة وسمحوا لنا بالخروج .."‏
‏-‏ ‏" وهذا الذي اعتبرناه ( ( مختار ) ) ؟"‏
‏-‏ ‏" اختفى .. إنه الآن في مكان آخر يبحث عن عمل ويحمل اسما ‏جديدا .. لها كتبت لنا الكلمات ( لم يعد ) .. لقد رحل .. لم يعد ‏وجوده هنا مأمونا برغم انه اخطط للبقاء عشر سنوات أخرى .."‏
دق جرس الهاف في غرفة الفندق فرفعت السماعة .. كان هذا ( عادل ‏‏) يصيح ي غيظ : ‏
‏-‏ ‏" اتركك تعاين البيت فتحيله خرابا ؟ الزوجة ماتت والزوج اختفى ‏‏.. وجثة خاسة سطرت دماؤها كلمات !"‏
قلت في كبرياء : ‏
‏-‏ ‏" لو كان أدائي يضايقك فعليك ان تجد خبيرا غيري .. لقد فعلت ما ‏بوسعي .."‏
ثم اضفت : ‏
‏-‏ ‏" لكنها الجثة الأخيرة .. انا متاكد من ذلك . لقد انتهت القصة .. ‏اعرف ان هذا لن يقنع أية محكمة لكننا عرفنا على الأقل من قتل ‏ولماذا قتل .."‏
تنهد في ضيق وضع السماعة .. كان طن من العمل بانتظاره الآن ..‏

( ما قلي خلق كفيها ههههههههه )

Ala_Daboubi 07-11-05 08:48 AM

sho khilsat haik ???? wela lesa

^RAYAHEEN^ 07-11-05 08:52 AM

لا بعد الجزء الاخير الي هوي التامن ما كفيتوا
هييه لكتاب جنبي بس ما قلي خلق كفيه ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 07-11-05 09:42 AM

allah b 3eeeeenik yala oktobee wo kolo b thawabo

^RAYAHEEN^ 07-11-05 10:06 AM

اوكي استنا هلء رايحه كفيها

Ala_Daboubi 07-11-05 10:09 AM

bsor3a ballah , mesta3jil shwai

^RAYAHEEN^ 07-11-05 10:26 AM

في مفاجأة حلوي وااااااو غير شكل بالقصة انا عمبكتبها ومبسوطة عليها ههههههههههههههه

Ala_Daboubi 07-11-05 10:30 AM

mosh tkooon min 3indik ??? aiwaaaaaa.........tara ba3rafik ana......,,hmmmm ....hasa be6la3 kolo 7ilim

3ashan a6okhik

^RAYAHEEN^ 07-11-05 10:53 AM


سوف يرحل ( كولبي ) غدا ..
ما زلت مصرا على انه نصاب . وعلى انه احمق .. لكن وجوده في هذه القصة أفادني كثيرا .. لا انكر هذا . اعتقد انني سأتوقف عن مضغ اللادن نصف دقيقة كلما تذكرته بعد سفره ..
كان يحزم حقائبه في شقتي بالقاهرة ، وقد تناثرت اشياؤه على الفراش .. فجلبت له كيسا بلاستيكيا املأ بالورق وقلت له :
- " لقد استحققت هذا الكتاب .. انا لا اريده .. لا احد يريده .. لكني اعتقد انه سيفيدك حتما ."
قال ضاحكا وهو يضع الكيس بين طيات ثيابه :
- " جميل . جميل .. هذا هو هدف رحلتي .. الآن انا اقوى ساحر في العالم كله .. انا املك النيكرونوميكون كاملا .. لو احتفظت به لصرت الأقوى ، ولو بعته لصرت الأغنى !"
- " اتمنى ان يغير شيء من حظك العاثر هذا .."
ثم جمعت اوراقي التي في خزانة الثياب .. اتجهت الى المطبخ وبدأت احرق مذكرات ( يوسف .. ) ومذكرات ( زكي ) .. فانا لا احب ان ارى شيئا يذكرني بهذه القصة .. الدخان يتصاعد وانا اقف الى حوض غسيل الأطبال .. الاوراق تتجعد ثم تسود ثم تصير رمادا ..
فجأة وجدت ( كولبي ) وراء ظهري يلقي نظرة ، ثم سمعته يهتف :
-" ماهذا ؟ "
كان ينظر الى ذلك الملف الخاص بالمدعو ( مصطفى ابو زينة) .. الملف الذي كتب عليه ( استنتاجات بشأن العشرين شيطانا ) .. مد يده وانتزعه وراح يحملق فيه .. لم يفهم المكتوب بالعربية لكنه راح يطالع اول سطر :

-" Fjjj fytjgi 8ojklll gkjg lhh khkhou889j uxvyuioymklmm "
ثم هتف بانبهار :
- " هذه شفرة .. شفرة ( اينوخ ) .. لماذا لم تجعلني ارى هذا الملف من قبل ؟ "
- " لم اعرف انك تهتم بهذا .."
قال مفكرا :
- " معنى هذا ان رجلين على الأقل كانا يعرفان شفرة ( إينوخ ) .. وكانا يستعملانها كلغة خاصة طلبا للسرية .."
ثم راح يتأمل الاوراق وهتف في انبهار :
- " هذه الاوراق لا تحوي اسماء لكنها تحوي قواعد اساسية للبحث عن العشرين شيطانا .. إن هذا لا يصدق ! لقد بلغ هذا الباحث ذروة الدقة والتجرد .. يمكن بسهولة لاية هيئة ان تبحث بعناية طبقا لهذه القواعد فتجدهم .. إنه يشرح كيف تجدهم .. اين تجدهم .. العلامات المميزة لهم .. وهو يضيق دائرة البحث الى اقصى حد "
قلت له في نفاد صبر :
- " هل تريد هذا الملف ام احرقه ؟"
- " بل اريده برغم انه خطر .. من الواضح ان كل من اقتناه هلك ..."
- " لقد ظل معي فترة طويلة جدا .."
- " لقد حماك كتاب ( نيكرونوميكون ).. لكن نهايتك كانت قريبة .."
وعدنا الى حجرة النوم ليواصل تفقد حاجياته ..
كانت القلادة ملقاة على الفراش .. وحانت مني نظرة لها فوجدتها تتوهج ..
" القلادة ! قلادة ( موسفاديم ) تتوهج! احد الشياطين يتحرك للقتل !"
( كولبي ) منحن على حقائبه يتفحص الملف .. ساعده ظاهر لعيني . هناك وشم واضح عند المعصم .. ربما وحمة . . لا ابين الرسم من هذه المسافة .. هل كانت هناك وحمة هنا من قبل ؟ لا اذكر . بل لا اعتقد ..
" تارة تشعر انها دائرة سوداء ، وتارة تراها اقرب الى شعار تجاري فلا ينقصها الا رمز .. وتارة هي ثعبان يلتهم ذيلة او نجم خماسي .. ربما سداسي .."
ثم السؤال :
لماذا لم يدخل ( كولبي ) الحمام مرة واحدة منذ عودتنا من الاسكندرية ؟ هل شفيت البروستاتا فجأة ؟
مفاوضات مع الكيانات القديمة .. فهل هذا الساحر التعس يملك هذه البراعة ؟ ومنذ متى يجيد شفرة ( إينوخ )؟
الجواب الوحيد هو ان هذا ليس ( كولبي ) .. إنه واحد منهم عاد معي من النفق .. ومهمته ان يعرف ما اعرفه بالضبط .. عليه ان يجد اي اثر يفيد في البحث عن العشرين شيطانا .. وقد وجده الآن وانتهى دوري في القصة ..
اتجهت الى المطبخ وتناولت اكبر سكين عندي وعدت به الى غرفة النوم .. إن ظهره لي .. ترى هل ؟
ليس قتل هذه الاشياء سهلا .. لكن ربما لو اخذته على حين غرة ؟ وبم ابرر قتله امام رجال الشرطة ؟
هنا دق جرس الباب فأجفلت ..
التفت لي فداريت ما احمله تحت ثيابي وبصوت متحشرج قلت :
- " احدهم على الباب .."
قال وهو يعود كان يقوم به :
- " فالتر من .."
اتجهت الى الباب وفتحته فوجدت مساعد الشرطة ( شوقي ) الذي يحضر لي الاوراق .. لم اسر من قبل كما سررت برؤية وجهه البريء الصبوح ..
قلت له في لهفة وهو يلتقط انفاسه :
- " تعال .. لا بد من ان تجلس قليلا .. ان اتركك هذه المرة .."
دخل مرتبكا وهو لا يفهم سر هذه الحفاوة فأجلسته .. انا متأكد من ان ( كولبي ) لن يهجم وانا لست وحدي .. لكن لا . من قال هذا ؟ في حالتي كاد القتل يحدث في بيت ( مختار ) وقد كنا ثلاثة .. ما سبب صوت الطرقات هذا ؟ ماذا يدقه ذلك المسخ في غرفة نومي ؟
- " اهلا وسهلا "
- " اهلا بك .."
- " مرحبا "
- " مرحبا بك "
- " لقد شرفت داري "..
- " الشرف لي .."
وهو مرتبك لا يفهم سبب هذا كله .. اتراني جننت ؟
هنا سمعت ( كولبي ) يناديني من غرفة النوم بصوت متحفظ :
- " أ .. ( رفعت ) ! "
ماذا يريد ؟ هل يريد الانفراد بي ؟ "
اتجهت في حذر الى الغرفة فرأيته يشير لي كي ادخل .. نظرت للوراء في تردد ثم قدرت انه لن يفعل شيئا الآن . إنه يريد ان يكذب .. اعتقد هذا ..
دخلت الغرفة لأرى ما هنالك فوجدت نارات تشتعل في ركن الغرفة .. اوراق متناثرة في كل مكان كلها تحترق .. ماذا فعلت ايها المخبول ؟ ستحرق الغرفة ونحن فيها ..
إنه يقف جوار الباب وينثر قطرات من ذلك السائل الأحمر على الأرض .. نظرت للباب ففوجئ بأنه دق وتدين فضيين . ثم اخرج كتابه إياه وراح يتلو كلمات معينة ..
ما هذا ؟ هل استبدت به روح التمثيل ـ جنون المسرح ـ الى هذا الحد ؟ ما معنى ان يسجن نفسه في الغرفة ؟ ام ان هذا كان تمثيلا هنا وهناك ؟ ام ؟
صحت في جنون :
- " لا بد انك فقدت صوابك ! لماذا تحرق الاوراق في غرفة نومي ؟!"
قال بصوت كالفحيح :
- " إن القلادة تتوهج ..! رايت هذا الآن "
قلت متظاهرا بالبراءة :
- " وما في ذلك ؟ "
قال وهو يجذبني الى الوراء :
- " لقد سمعوني .. يبدو انهم لم يعرفوا ان هذا الملف الخطر موجود .. وقد قرروا ارسال من يدمرنا .. وقبل اي شيء احرقوا الكتاب .. احرقوا ( النيكرونوميكون ) حتى يكون بوسعهم تدميرنا بلا مشاكل مع قوانينهم ! ثم .."
ونظرت للوراء لارى الهول ذاته ..
لقد تحول عم ( شوقي ) الى شيء مخيف لا يمكن وصفه . شيء يختلف تماما عن ( مختار ) .. ليس لهذه الكيانات شكل واحد فيما يبدو..
لقد كان ( كولبي ) صادقا .. كان الخطر خارج الغرفة لا داخلها ..
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش شش ش ش ش !!
قلت همسا وانا لا ابعد عيني عن الباب :
- " ما سر هذه الوحمة على معصمك ؟ "
- " هذا وشم . الساحر المحترم لا بد ان يستعمل الوشم .."
- " ولماذا شيت من دخول الحمام !"
- " لم اشف . . لكني لن اعلن في الراديو عن كل مرة احتاج فيها الى البول . هل هذا وقت هذه الاسئلة السخيفة ؟"
إن ذلك الكائن يعوي ثم ينقض على الغرفة ..
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش ش ش ش ش !!
فجأة يبدو كأنه اصطدم بجدار زجاجي صلب .. يتراجع ويهجم من جديد ..
لكنه لا يمل ولا يكل ..
زئيره يصم الآذان .. إنه لن يكتفي باقتلاع قلوبنا بل سيقتلع اكبادنا .
إ ج ج ج ج ت ت ت و و و و ش ش ش ش شش ش ش ش !!
صرخ ( كولبي ) بكلمات بلغة لا اعرفها واخرج من جيبه عود ثقاب ..
نظرت بطرف عيني لأراه يحرق الملف لاذي كان على الفراش .. ملف العشرين شيطانا ..
صرخت والقيت بالاوراق المشتعلة على الارض ورحت ابعدها عن الفراش ..
وفجأة ساد الصمت ..
نظرت الى ( كولبي ) ونظر هو لي .
وفي حذر اتجهنا الى الباب فوجدنا الشقة خالية تماما ..
لا شيء سوى رائحة الرماد .. لا شيء سوى الفوضى ..
غرفة النوم عبارة عن مسرح عمليات تناثرت فيه اوراق محترقة صار من المستحيل قراءتها ..
وهمس ( كولبي ) وهو يلهث :
- " لا اعرف السبب لكن اعتقد انهم قرروا ان الخطر قد زال .. لقد اقتنعوا بما قلته لهم .. لا احد سيعرف محتوى ذلك الملف .."
- قلت وانا اسمع الزئير في اذني :
- " ارجوا هذا .."
***
حقا ارجوا هذا ..
لقد سافر ( كولبي ) وبرحيله بدأت اشعر بالذعر .. فهو الشخص الوحيد الذي اعرفه ويعرف ما يفعله في هذا الموضوع .. من الغريب ان اجد ( كولبي ) ذا نفع لاول مرة في حياتي لكنه حدث ..
ترك لي القلادة .. فعلقتها جوار فراشي ..إنها مفيدة وإن قال لي :
- " ليس معنى توهجها انك هدف القتل .. ربما تحرك احدهم في الصين أو ألمانيا ليقتل شخصا سواك .. على الاقل سيكون عندك وقت كاف لاتخاذ قرارك الخاص .."
قلت له وانا اتنهد :
- " اعتقد انهم لن يرتبكوا اعمال عنف الى ان يقرروا ان الوقت قد حان .. معنى هذا ان توهجها يشير الي بشكل خاص .."
ثم اضفت باسما :
- بعد كل هذا الجهد انت تعود من دون كتابك اللعين "
قال في مرارة :
- " الى حد ما اشعر ان هذا الكتاب انقذ حياتنا اكثر من مرة .. لكني لن اكف عن البحث . ساجده وعندها .."
ما لم اقله له هو ان هذا الكتاب كامل تقريبا لدى رجال الأمن .. صحيح ان اجزاءه متفرقة لكه كامل ويمكن جمعه بشيء من الجهد ..
لكن من يريد ذلك ؟ حقا من يريد ذلك ؟
هناك كذلك تلك المخطوطات التي وجدتها في مكتب ( مختار ) .. يمكن ان اعرضها على ( عادل ) .. ربما تحوي معلومات عن باقي الشياطين .. لكن .. لا .. لن اجازف بهذا .. انا لا اعرف شيئا عنهم ولن اجازف بتبديل هذه الصورة .. هذه المخطوطات سوف تحرق اليوم بالذات ..
إن النكرونوميكون كتاب تاريخ يحكي عن الكيانات القديمة اكثر منه دليلا للسحرة المبتدئين كما يظن البعض . وهذا هو ما يجعل الكتاب مخيفا .. فهو لا يعتقد بأننا ملوك الكون وان الكون في خدمتنا ، بل هو يتحدث عن كون معاد فيه قوى عاتية ، بينما نحن نجرد غبار معدوم الحيلة ، وما يبقينا احياء هو اننا اتفه من اللازم .
***
تمت

Ala_Daboubi 07-11-05 11:00 AM

fannan hada el bani 2adam

thanksssssssssssssssssssssssssssss

rayaheeeeeeeeeeeennnnnnnnnnnnnnnnnnnnnnooooooooooooooooooooo oooooooooooooooooooooooo

^RAYAHEEN^ 07-11-05 11:13 AM

طيب اوكي استنى قصة بكرة
"ارض العظايا "
هيدي احلى مع انها اقصر من هيدي بس سمعت انها حلوي كتير
علشان هيك جبتها

^RAYAHEEN^ 07-11-05 10:25 PM


اسطورة ‏
ارض العظايا ‏
‏(( ما وراء الطبيعة )) ‏
د. أحمد خالد توفيق ‏

مقدمة المقدمة ‏
هناك ذلك الظل الذي تراه أماك .. ثم تنظر للوراء فلا ترى أحدا ..‏
هناك ذلك الحفيف الذي يضايق العصبيين ، والذي لا مصدر له .. ‏
هناك تلك الغمغمة التي تقسم إنها ضحكة ساخرة ، لكن لا احد يضحك ضحكات ‏ساخرة ..‏
هناك الخوف من المجهول .. هناك التوجس .. هناك المفارقة الدرامية ، حين تعرف ‏ان الخطر ينتظر هنالك خلف الباب الموصد ، لكن صوتك لا يصل ـ ولن يصل ـ إلى ‏الاحمق الذي يوشك على فتح الباب ..‏
هناك الخوف من الغد .. وهو ـ لعمري ـ اشد انواع الرعب شناعة ..‏
لماذا لا يكتبون على ملصقات الافلام التي تناقش الخوف من الغد عبارة ( ممنوع ‏لأقل من 16 سنة ) ؟
أنا العجوز الاحمق ( رفعت إسماعيل ) الذي يحول مراوغة الموت .. للدقة أكثر : ‏مراوغة التفكير في الموت ، وهذا عن طريق حكاية قصص مسلية لكم .. قصص ‏تتمسح بالرعب .. تدنو منه او تبتعد .. تتأبط ذراع الظواهر الخارقة أحيانا .. تلبس ‏عباءة الغرائب أحيانا اخرى ..‏
لكنها قصص لعوب .. خبيثة .. تحاول بأية طريقة كانت ان تلفت النظر لنفسها ، ‏وهي في سبيل ذلك تفعل أي شيء ..‏
عم نتكلم اليوم ؟ ‏
هل حكيت لكم قصة ( المقبرة ) ؟ نعم ؟ لم استكملها بعد ؟ غريب هذا .. خيل لي ‏انني اكملتها .. لكني سأطلب منكم معروفا .. لقد تأهبت لحكاية ارض العظايا .. منذ ‏اعوام وانا اتوق لأرض العظايا .. القصة مكتوبة بخط الأخ ( سالم ) ولن تحتاج ‏مني الى جهد غير القراءة .. مع تصحيح بعض أخطاء القواعد ، التي يمارسها بدقة ‏غريبة كأنها هي القواعد ذاتها ..‏
إتفقنا ؟ سافسح المجال لــ ( سالم وسلمى ) على ان نلتقي على خير في المرة ‏القادمة ، ونكمل قصة المقبرة ..‏
لماذا افعل هذا ؟ ‏
لانكم اعتدتم نزوات ( رفعت إسماعيل ) ، وعرفتم أنه لا يفعل شيئا أبدا كما يفعله ‏السادة المهذبون الآخرون .. يبدأ من النهاية ، ويتوقف في الوسط ، ويخرج من ‏النوافذ ، ويشم الهواء من الأبواب ..‏
فنصغ إذن لــ ( سالم وسلمى ) ..‏
مقدمة
أنتم تعرفوننا جيدا .. أنا ( سالم ) وهي ( سلمى ) .. الدليلان الحيان على وجود ما ‏يعرف بالعوالم الموازية ، وهو دليل لا يمكن إذاعته للأسف ..‏
هي ( سلمى ) وانا ( سالم ) .. صحيح اننا زوجان لكننا كذلك نوشك على ان نكون ‏الشخص ذاته ، وهذا يسبب لنا الكثير من الضيق والهم .. سؤال الفلاسفة الأزلي : ‏هل تشابه الطباع افضل ام توافقها ؟ كيف تستطيع المشي لو كانت كلا قدميك يمنى ‏؟ لو رأت عيناك الشيء ذاته لفقدت القدرة على التجسيم ..‏
نحن نجول في العوالم التي تشبه الارض مع اختلاف بسيط .. مرة نحن في عالم لم ‏يعرف بعد اللغة الهيروغليفية ، ومرة نحن في عالم لم يظهر فيه ( قطز ) قط . . ‏
إن مغامراتنا حقيقية .. أؤكد لك هذا . لكن كتاب الارض يكتبون نوعا من الادب ‏يشبه ما نمر به ، ويطلقون عليه اسم ( التاريخ البديل ) او ‏Allohistory ‎‏ .. وقد ‏يطلقون عليه مصطلحات مثل ( الخيال المضاد ‏Counterfactuals‏ ) او قصص ( ‏ماذا إذا ؟ ) او ( الاوكرونيات ‏Uchronias‏ ) ..‏
على كل حال لن اطيل عليكم . إن المصطلحات هي الشيء الذي يجعل الماء شيئا ‏مستحيل الشرب او الفهم ..‏
انا وزوجتي ضيفان هنا ، وقد عرفتمونا في ( اسطورة ارض اخرى ) و ( ارض ‏المغول ) .. لماذا لا تعرفوننا من جديد في ( ارض العظايا ) ؟ ‏
لا مزيد من التفاصيل ، ولن اضيع اربع صفحات في تلخيص القصتين السابقتين كما ‏يفعل ( رفعت اسماعيل ) .. إنه يملك الكثير من الوقت والكلمات ، بينما نحن نعاني ‏حالة مزمنة من الشح فيهما ..‏
هل نبدأ ؟
فلنبدأ ..‏
‏-1 أرض اخرى ..‏لا اعرف السبب في أن كل مغامرة جديدة لنا تبدأ ونحن في اسوأ حال ممكن ..‏
‏250-77 ..‏
هذا هو المكان والزمن الذي حملنا إليه الجهاز . لو كان لي ان احكم بالحدس فإن ‏هذا الكوكب بهيج .. انا مولع بالكواكب التي تبدأ برقم 250 كما تعرفون ..‏
كان كعبي يوشك على قتلي .. من قرءوا المغامرة السابقة يعرفون أنني تلقيت ‏رصاصة فيه ، ولا اعرف إن كانت قد غادرته ام لا .. يداي غارقتان في دماء ‏متجمدة لا اعرف إن كانت تخصني ام تخص الجثث التي قمت بسرقتها كالضباع .. ‏اضف لهذا ان يدي نفسها متجمدة من الجليد ..‏
‏250-ج-77 ..‏
‏( سلمى ) ليست افضل حالا وإن كانت غير جريحة.. لكنها تشعر بالالم ذاته في ‏كعبها ..‏
كنا راقدين على الارض وسط الرمال .. الطقس حار فعلا وإن لم نشك من هذا ..‏
قالت لي وهي تتحسس راسها :‏
‏-‏ ‏" لا اعرف أي شيء عن هذا العالم ، ولا ما سنلاقيه هنا ، لكن اول تجربة ‏سنمر بها هي اعتقالنا بتهمة التشرد .. إن منظرنا لا يوحي بالثقة .."‏
‏-‏ ‏" في ارضي انا يطلقون على هذا ( محضر اشتباه وتحر ).."‏
ثم راحت تتشمم الهواء الساخن من حولنا .. وقالت : ‏
‏-‏ ‏" ( سالم ) . . اعتقد اننا في المنطقة العربية .. هذه صحراء عربية ولتقطع ‏ذراعي إن لم اكن على حق .."‏
‏-‏ ‏" الصحراء هي الصحراء في كل مكان فلا داعي للرهان .."‏
ونهضت وساعدتها على النهوض .. كنت اتواثب كالقلق وخطر لي انني امشي ‏في ثقة الى النهاية الإغريقية المحتومة .. التلوث .. الغنغرينا .. بتر قدمي من ‏تحت الركبة .. ‏
لا بد من حل ما .‏
‏250- ج -77 ..‏
اضفت وانا ارمق الافق حيث الجبال تحيط بنا من الجهات الأربع : ‏
‏-‏ ثمة مشكلة أخرى ، هي أننا لا نعرف طريق العودة.. لا نعرف أين يوجد ‏الناس .. ارى ان تجربي مجموعة أخرى من الأرقام .."‏
قالت وهي تتواثب بدورها :‏
‏-‏ ‏" لكن المغامرة لم تبدأ بعد .."‏
‏-‏ ‏" حتى المغامرة لا نعرف كيف نصل إليها .. لا بد من اتجاهات صحيحة تدلنا ‏على مكان المغامرات هنا .."‏
قالت في ضيق :‏
‏-‏ ‏" ( سالم ) .. لا تضايقني .. على الاقل لا يوجد أي عامل ضغط من حولنا .. ‏نحن حران مسيطران على الموقف ، فلماذا لا نتمهل بدلا من إحباط كل ‏شيء قبل ان يبدأ؟"‏
وكانت هذه هي الميزة الفريدة لتجربتنا .. انا احب الاماكن التي يوجد لها باب ‏هرب خلفي للطوارئ .. في اللحظة التي تسوء فيها الامور ، تمسك بالجهاز و ( ‏كليك .. كلاك .. ) .. ‏
تنهي كل المشاكل في ثانية .. وتبدأ من جديد .. لطالما تمنيت في كل مآزق ‏حياتي ـ قبل ان القي ( سلمى ) ـ لو كان عندي هذا الباب الخلفي ..‏
ثمة مشكلة واحدة . . هي انني لا اعرف على الإطلاق ما هي حياتي الحقيقية .. ‏ما هي مشاكلي الحقيقية.. لا بد من نقطة ارتكاز تقف عليها وتجرب الاحتمالات ‏‏.. لكني بدا فعلا افقد نقطة لارتكاز هذه .. كان ( ارشميدس ‏Archimedes ‎‏ ) ‏يقول : هاتوا لي نقطة ارتكاز خارج الكرة الارضية ، ولسوف اخترع روافع ‏تحرك الارض .. حتى ( ارشميدس ) لم يجد نقطة ارتكاز ..‏
واصلنا السير .. ‏
وانا نمطي جدا في مشاعري .. م إ ن ارى الصحراء حتى اشعر بالظمأ .. هكذا ‏دون ان اعطي خلاياي فرصة تجربة الجفاف .. وقد بدا لي الأمر رهيبا ..‏
‏-‏ ‏" هل تشعرين بالظمأ ؟ " ‏
‏-‏ كف عن المزاح .. انت تعرف اننا متطابقان شعوريا .. لكن الامور لم تتطور ‏الى هذا الحد .." ‏
سبحان الله .. منذ ربع ساعة كنت ارتجف بردا وسط الثلوج .. والآن انا اموت ‏عطشا في الصحراء ..‏
كنا نمشي وسط الرمال الناعمة الساخنة .. لا توجد نقطة ظل من أي نوع .. لا ‏بد انه متوار في مكان ما تحت اقدامنا لعابي لزج ثقيل .. الهواء الساخن يخرج ‏من انفي كأنما يخرج من فتحة فرن ..‏
قلت لها في ضيق : ‏
‏-‏ ‏" ارى ان هذا يكفي .." ‏
‏-‏ ‏" ربع ساعة في هذا العالم ؟ إذن انت لن تجد مكانا يناسبك في الكون كله .. ‏تريد مكانا بلا معاناة من أي نوع ؟ "‏
‏-‏ ‏" اصبت ! هذا من قي ما دمت املك الاختيار .." ‏
‏*** ‏
لكن الامور لم تتحسن..‏
لا بد اننا مشينا نحو ساعة او اكثر بلا جدوى ..‏
هناك جبال من بعيد .. جبال تعسة فقيرة لا تسر الناظرين ، عليها بعض نباتات ‏او طحالب كئيبة المنظر .. وعلى كل حال ليس بلوغ هذه الجبال بالهدف المحبب ‏‏. . لا بد ان تلك التجاويف تحوي ثعابين او عقارب او أي شيء من تلك الأشياء ‏التي تعرف كنهها ، لكنها بشعة تتحرك ! ‏
وفجأة تعالى صوت الهدير من بعيد ..‏
بللت شفقتي السفلى بلسان جاف وهمست : ‏
‏" طائرة !"‏
قالت وهي تنظر لأعلى : ‏
‏-‏ ‏" هذا صحيح .. لكن اين ؟"‏
الهدير ياتي من كل مكان ، ثم بدأ الامر يتحسن ..‏
إنه آت من الغرب ..‏
أخيرا لاحت لنا الطائرة العمودية .. قادمة من الأفق تزحف نحونا في إصرار ‏وتؤدة ..‏
لسبب ما لم احب هذه الطائرة ..‏
وثبت ( سلمى ) في الهواء ملوحة بيدها .. وراحت تصدر اصواتا مثل ( أووه ! ‏هييه ! نحن هنا ! " ‏
قلت لها في توجس : ‏
‏-‏ ‏" اصمتي يا بلهاء .. هؤلاء قد لا يكونون الملائكة .. عن الملائكة لا تأتي ‏دوما بطائرات مروحية .."‏
ونظرنا لأعلى .. لم يكن لكلامي جدوى ، فالسمع ليس من الحواس التي يحتاج ‏إليها هذا الطيار ، لأننا منظوران واضحان تماما .. لو لم يرنا هذا الطيار فهو ‏اول طيار كفيف في التاريخ..‏
الآن صارت الطائرة فوقنا ، والذي أثار دهشتي انها لم تطلق وابلا من النيران ‏‏.. لم تقذف علينا قنبلة .. لم ترسل لنا سلما من الحبال .. لم تفعل شيئا على ‏الاطلاق ..‏
ظلت تحوم حولنا على ارتفاع امتار ، واستطعت ان ارى أن هناك من يطل من ‏بابها ..‏
وكان يحمل كاميرا ..‏
بعد قليل فهمت انهما رجلان ينظران لنا باهتمام وكلاهما يحمل كاميرا ..‏
ESF‏ ..‏
متى رايت هذه الحروف وكيف ؟ لا اعرف .. فيما بعد عرفت مصدره ا.. كانت ‏مكتوبة على الطائرة ، لكني لم اجد الوقت الكافي لتبينها ، ولهذا تسربت الى ‏عقلي الباطن .. هذا شيء معروف .. كان خبير في علم نفس الإعلان يعرف هذا ‏‏..‏
على الرغم مني ابتسمت محاولا ان اكون وسيما .. وتخليت صورتي من اعلى ‏انظر إليهما بأغبى نظرة ممكنة ..‏
لماذا لا يمدون لنا يد العون ؟ لماذا لا يقتلوننا ؟ لماذا لا يقولون شيئا ؟ ‏
قالت ( سلمى ) وهي تنظر لأعلى محاولة ان تتحاشى نور الشمس . .الشمس ‏التي تتوارى خلف الطائرة كاشفة عن انيابها من حين لآخر لتحرق عيوننا بألف ‏نصل ساخن :‏
‏-" ( سالم ) .. يبدو انك كنت على حق .."‏
‏- " انا دوما على حق .. ولكن لماذا ؟ "‏
‏- " هناك رجل ثالث يصوب بندقية نحونا "

^RAYAHEEN^ 08-11-05 12:15 AM


-‏2-‏
ارض العظايا

انطلقت الرصاصة ..‏
لم اعرف ما حدث .. وحسبت انها أخطأت طريقها ..‏
لكني نظرت الى الوراء نحو ( سلمى ) فوجدتها تجثو على ركبتها وتمد يدها الى ‏شيء في كتفها .. كانت تترنح .‏
هتفت كم يولول :‏
‏-‏ ‏" ايها الأوغاد !"‏
وتواثبت نحوها .. رايت ذلك الشيء مغروسا في كتفها .. لم تكن هناك دماء .. ‏كان هناك ما يشبه الريشة الهفهافة البيضاء يخرج من ثيابها .. ولم افهم في ‏البدء ثم تذكرت :‏
‏-‏ ‏" هذه طلقة مخدرة . . إنهم .."‏
لكها كانت تترنح مغمضة العينين .. ثم هوت على وجهها وسط الرمال ..‏
نظرت لأعلى ولوحت بقبضتي واطلقت فيضا من الشتائم ، لكن حين نظرت ‏لركبتي وجدت ذلك السهم ذا الريشة يتشبث بلحمي في ثبات ! لقد أصابوني لا ‏اعرف متى ولا كيف ..‏
الظلام يبدأ من مركز الرؤية ثم ينتشر كبقعة من الحبر .. ‏
اسمع صوت الطائرة يتعالى ..‏
اشعر بالهواء العنيف من مراوحها ..‏
ESF‏ ..‏
ESF‏ ..‏
اعرف انها تهبط وانني ..‏
‏*** ‏
حين فتحت عيني كانت هذه المرة الاولى التي أرى فيها د. ( ستارسكي ) ..‏
حاولت تحريك ذراعي فلم استطع . السبب طبعا هو أنني مكبل بسيور جلدية الى ‏مقعدي ..‏
المكان خليط غريب من المختبر وقاعة المحاضرات والمطبخ ومكتب وكيل ‏الوزارة .. اما الرجل الذي ينظر في عيني باستعمال كشاف صغير فهو د.( ‏ستارسكي ) كما عرفت فيما بعد ..‏
كان يمسك بلوح كتابة من الطراز الذي تثبت فيه الأوراق بمشبك .. وجواره ‏يقف ثلاثة يرتدون المعاطف ويحمل كل منهم شيئا مماثلا ..‏
قلت في وهن : ‏
‏-‏ ‏" اين نحن ؟ "‏
نظر الى من حوله ، وقال بلهجة واثقة :‏
‏-‏ ‏" كما قلت لكم .. هو يتكلم لغة ما .. احسبها العربية .."‏
نسيت ان اقول إنه قالها بالإنجليزية .. لست خبيرا في اللهجات لكني احسبها ‏إنجليزية أمريكية .. كما ينطقونها في الأفلام .. كان كل امريكي مصاب باللحمية ‏إلى ان يثبت الع******** ..‏
لم اكن ضليعا في الإنجليزية ، لكني تلقيت قسطا هائلا من التدريب في القصة ‏السابقة ، وصرت بالفعل أجيدها .. لهذا عدت اكرر سؤال بالإنجليزية :‏
‏-‏ ‏" اين نحن ؟"‏
ثم تذكرت السؤال الأهم :‏
‏-‏ ‏" اين ( سلمى ) ؟"‏
نظر الى جواري نظرة ذات معنى ، فاستدرت لأرى ان ( سلمى ) مقيدة على ‏مقعد مجاور لي .. كانت غائبة عن الوعي لكنها حية .. صدرها يعلو ويهبط ‏ورأسها يموج بحركة ما ..‏
قال الرجل وهو ينظر الى الآخرين :‏
‏-‏ ‏" يعرف الإنجليزية .. هذا غريب .."‏
ثم قال لي وهو يواصل تفحص عيني :‏
‏-‏ ‏" اسمها ( سلمى ) ؟ هذا اسم عربي على ما اظن ؟ "
‏- " من انت ؟"‏
‏-‏ ‏" ما سبب تلك الطلقة في كعب قدمك ؟"‏
وهنا تذكرت الطلقة ، ونظرت لأسفل لأجد ان كعبي مضمد بعناية لا بأس بها . ‏والاهم ان الألم زال تماما .. هؤلاء السادة لم يتركوا قدمي تتعفن حتى تبتر .. ‏هذه نقطة لهم .. لكني لست سريع الصفح بهذه الدرجة : ‏
‏-‏ ‏" من انت ؟ "‏
هنا جاءت الإجابة من احد الواقفين :‏
‏-‏ ‏" هل نحلل عينات الدم الآن يا د. ( ستارسكي )؟"‏
هز رأسه ان نعم .. ثم مد يده الى جيبه وأخرج شيئا ..‏
كنت حتى هذه اللحظة اعاني دوارا كأن هناك طبقة ضباب ملتصقة بوعيي ‏والعالم كله .. عوينات متسخة بالشحم لا يمكن خلعها او غسلها ..‏
لكني رايت ما في يده فتنبهت حواسي على الفور ..‏
هذا هو جهاز الانتقال . .. طبعا كان في جيب ( سلمى ) ووجوده ، وطبعا لا ‏يعرفون كنهه .. ومن الواضح اننا سنعاني الكثير حتى نسترده ثانية .. لقد ولدت ‏المغامرة والحمد لله !‏
قال لي في برود :‏
‏-‏ ‏" ما هذا الجهاز ؟"‏
كانت هناك كذبة واحدة جاهزة ، وقد قررت ان استعملها لمرة أخرى :‏
‏-‏ ‏" هذا منظم لضربات القلب .. إنها تعتمد عليه للبقاء حية .."‏
ابتسم ونظر في عيني :‏
‏-‏ ‏" انت سمعتهم يدعونني بـ ( دكتور ) .. انا طبيب وليس من السهل خداعي ‏‏.. ثق من انني رايت كل انواع منظمات القلب .. وعلى كل حال لا افهم من ‏اين يمكنك الحصول عليه ؟"‏
‏-‏ ‏" هذا هو الطراز الذي لم تره .."‏
‏-‏ ‏" ليكن . سأتحمل المخاطرة وافترض انك كاذب .. والآن هلا قلت لي كنه ‏هذا الجهاز ؟"‏
‏-‏ ‏" ليس لدي سوى ما قلت .."‏
‏-‏ ‏" ماذا تفعلان في ارض العظايا ؟"‏
‏-‏ ‏" لا اعرف عم تتحدث .."‏
نظر لي كأنما اسقط في يده بفضل ثباتي وقوة شكيمتي ..ثم التفت الى الرجال ‏وقال :‏
‏-‏ ‏" خذوهما الى الداخل .."‏
إذن نحن في الخارج .. ولم ادر كيف ولا متى فكوا قيودي .. ولا كيف صارت ( ‏سلمى ) تمشي على قدميها بطريقة ثملة تدعو الى الشفقة ..‏
لكننا في النهاية وجدنا مجموعة من الأقفاص البائسة .. انا لا اعرف شكل ‏الأقفاص التي كان الرومان يسجنون فيها العبيد قبل المصارعة ، لكن هذه لم ‏تختلف كثيرا ..‏
رائحة عطنة .. ظلام دامس .. باب حديدي صدئ ينغلق .. قفل ثقيل يوضع ..‏
ثم شيء يزاح من تحت الحديد .. طعام على الأرجح ..‏
أخيرا نطقت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" هل .. هل الجهاز معك ؟"‏
أرحت ظهري الى حديد القفص وتنهدت :‏
‏-‏ ‏" اخذوه طبعا يا حمقاء .. ماذا كنت تتوقعين ؟ لقد صار هذا مملا .."‏
بللت بلسانها شفتها السفلى .. فزحفت على ركبتي لى حيث كان الشيء الذي ‏ادخلوه لنا .. تحسست بيدي فشعرت بأصابعي تنغرس في مادة لزجة .. غالبا ‏هي تؤكل لكن ملمسها لا يدعو الى الحماسة ، وثمة دورق ماء يحيط به البلل ‏الرطيب الجميل ..‏
حملته وزحفت الى حيث كانت جالسة في الظل .. اراها بصعوبة لكنها غير ‏مختفية ..ناولتها الدورق فراحت تجرع الماء في نهم حتى اكتفت .. ثم تناولت ‏الدورق لأنال نصيبي .. ‏
قالت وهي تلهث في الظلام :‏
‏-‏ ‏" اين نحن بالضبط ؟"‏
قلت لاهثا بدوري من دون سبب :‏
‏-‏ ‏" سألت كل هذه الأسئلة السخيفة من قبل .. بل وسألت : من هؤلاء .. وماذا ‏يريدون منا .. لا إجابة .. المؤكد ان هؤلاء أمريكيو هذا العالم .. وان هناك ‏من يدعى الدكتور ( ستارسكي ) .. يبدو انه عالم او شيء من هذا القبيل .. ‏وقد اصطادونا بطريقة تذكرني بصيد الغزلان البرية .. النقطة الأخيرة هي ‏ان هذه ارض العظايا .."‏
كررت الاسم في استهجان :‏
‏-‏ ‏" عظايا ؟ "‏
وضغطت على ( العين ) كأنها موشكة على القيء .. ثم أردفت : ‏
‏-‏ ‏" ما دور العظايا في الموضوع ؟"‏
‏-‏ ‏" لا ادري .. وأكون مشكورا لو عرفت منك ما هي العظايا .."‏
‏-‏ ‏" العظايا هي الديناصورات .. عظايا الرعب ( وساوروس ) .. العظايا ‏الطاغية ( تيرانوسوروس ) .. الخ .. هل رايت اية سحلية هنا ؟
‏-‏ ‏" لم ار .. لاحظي أنني غبت عن الوعي بعدك بدقيقة .."‏
قطبت ( سلمى ) في الظلام .. تسألني كيف عرفت ؟ الا تعرف الصوت المقطب ‏حين تسمعه ؟
قالت :‏
‏-‏ ‏" يا ترى ما هو سر هذه الأرض ؟"

^RAYAHEEN^ 08-11-05 12:18 AM


‏-3- ‏
ESF‏ ..

‏-‏ ‏" منذ متى أنتما هنا ؟"‏
اجفلنا من الرعب ، ثم تبينت ان هذا الصوت المنهك ياتي عبر القضبان ..‏
قلت لها وقد امسكت بيدي رعبا :‏
‏-‏ ‏" لا تخافي .. هذا هو الموقف الشهير .. مع ( الكونت دي مونت كريستو ) ‏يكون هذا الجار هو السجين ( فاريا ) الذي يعرف سر الهروب ..حتى في ‏السجون عندنا تسمعين من الزنزانة المقابلة من يسألك : ما هي تهمتك يا ( ‏زمل ) ؟ بضم الزاي والميم طبعا .. " ‏
ثم بحثت عن مصدر الصوت وهتفت : ‏
‏-‏ ‏" نحن هنا من دقائق .. من انت ؟"‏
وهنا فطنت لحقيقة انه يتكلم العربية .. عربية غريبة مضعضعة نوعا لكنها ‏كافية ..‏
‏-‏ ‏" انا ( اسماعيل خان ) .. عالم با********تاني .. لا اعرف إن كان هذا يفيدكما ‏‏.."‏
قتل له في تعب :‏
‏-‏ ‏" أعتقد انك تملك الإجابة عما يحدث هنا .."‏
‏-‏ ‏" سوف تريان .." ـ قالها في غموض ـ " سوف تريان .."‏
حتى رفيق السجن او ( الزمل ) ـ بضم الزاي والميم طبعا ـ لا يبدوا ثرثارا هنا ‏‏.. كل الاطراف غير عادلة تتوقع منا ان نعرف بنفسينا وإلا فلا .. على كل حال ‏اعتقد ان هذا الرجل ليس عربيا على الإطلاق .. ربما هو هندي او أفغاني او ‏ماليزي ..‏
وهكذا مرت علينا الساعات .. بين نوم واكتئاب ، واكتئاب ونوم.. وتساؤلات لا ‏تنفذ ابدا ..‏
بعد ساعات او ايام او اشهر ـ لا يمكن معرفة الوقت في هذا الظلام الدامس ـ ‏جاء من يصحبنا الى ما يشبه غرفة التحقيق ..‏
لا بد انها كانت ساعات .. لأنني لم احتج الى استعمال الحمام مرة واحدة ولو ‏احتجت لوجدت نفسي في مأزق ..‏
‏*** ‏
الآن وقد وثبت الى رشدي قليلا يمكن ان اصف لكم الدكتور ( ستارسكي ) .. إنه ‏رجل ذو ملامح مزعجة .. يمكن ان تقول بشكل سطحي إنه وسيم أشقر .. لكن ‏في وجهه قسوة وبرودا ، وهو من طراز الوجوه التي لا تشيخ مما يثير الرعب ‏في عروقك .. كأنه وجه مصاص دماء او ( زومبي ) ..‏
كان هناك مقعدان ، وكان هناك عدد من الحراس مفتولي العضلات يدس كل ‏منهم سماعة في أذنه . لا اعرف من اكتشف ان الرس الأصلع يجعل المرء يبدو ‏أضخم وأشرس ، لكن هذا الاكتشاف بلغ هذا العالم .. وكانوا يلبسون بزات ‏عسكرية ما لكن بلا غطاء رأس .. هذا المكان عسكري إذن ..‏
لماذا يلف كل منهم حول عضده شارة تقول ‏ESF‏ ؟ ‏
ما معناها ؟
ثمة جهاز تسجيل يدور ببطء ، وثمة إضاءة تذكرك بغرف استجواب النازيين ..‏
ما عن دخلنا حتى أشار لنا بالجلوس ، وقال : ‏
‏-‏ ‏" هل أقدم لكما مشروبا ؟ "‏
‏-‏ ‏" بالتأكيد .."‏
فالحقيقة ان الحرارة كانت مرهقة بالفعل .. من الواضح اننا لم نفارق المنطقة ‏الصحراوية بعد ..‏
جاء حد الحراس حاملا زجاجة بها سائل اصفر ، وبعض الأكواب الملأى بالثلج ‏، فقال الطبيب وقد راى ارتباكنا :‏
‏-‏ ‏" عصير برتقال لا اكثر .. نحن في وحدة عسكرية ولا يسمح بالكحوليات . ‏زاعرف انكما معشر العرب لا تشربونها اصلا ..‏
وهكذا امسكت بالكوب .. ونظرت الى ( سلمى ) .. كانت ترشف ما في كوبها ، ‏وخلاياها تنتعش .. تينع بعد جفاف .. فعلت مثلها وشعرت بما شعرت به ..‏
هنا نظرت الى المنضدة فرأيت الجهاز العزيز .. جهاز الانتقال .. إنه هنا ..‏
قال الطبيب وهو يصب لي كوبا آخر :‏
‏-‏ ‏" والآن هل يمكنك ان تتكلم ؟ من انتما ؟ لماذا انتما هنا ؟ هل انتما عربيان ‏حقا ؟ "‏
‏-‏ ‏" وهذا ؟ ما وظيفته بالضبط ؟ "‏
قالت ( سلمى ) وقد بدا انها تحبس انفاسها :‏
‏-‏ ‏" هذا جهاز خاص للترجمة .. هل تسمح لي ؟"‏
مد يده في تردد ووضع الجهاز في كفها المفتوحة ، ثم اراح ذقنه على قبضته ‏وراح يتابع ما تفعله ..‏
‏-‏ ‏" نطلب رقما .. ليكن 300 مثلا .. ثم نضغط حرفا ليكن ( الهاء ) .. ثم .."‏
كان الجهاز على حجرها ، وكانت تضغط على الأزرار بإصبع واحد ، ثم انها ‏مدت يدها اليسرى في رفق لتمسك بيدي اليمين من تحت مستوى النظر ..‏
‏-‏ ‏" نختار رقما مثل .. "‏
هنا هتف الرجل : ‏
‏-‏ ‏" كفى ! "‏
‏-‏ ‏" لحظة .. 2 .. 8 .. "‏
‏-‏ ‏" قلت كفى !! "‏
ثم نهض بسرعة البرق وانتزع ـ ذلك الوغد الذكي ـ الجهاز من يدها قبل ان تتم ‏عمليتها ، وقال وهو يدسه في جيبه :‏
‏-‏ ‏" لا اعرف ما أنت بصدده لكني لن اسمع بان تنجحي فيه .. والآن ارجو ان ‏تجيبا على أسئلتي .."‏
قلت له وانا اضع الكوب :‏
‏-‏ ‏" أسئلتي مثل أسئلتك بالضبط .. من انتم ؟ لماذا انتم هنا ؟ هل انتم ‏أمريكيون ؟ " ‏
تبادل النظرات مع الرجال ثم سألني :‏
‏-‏ ‏" ما معنى ( أمريكيون ) ؟"‏
تبادلت نظرة مع ( سلمى ) .. إما ان تمييزي للهجات فاشل ، وإما ان هذا هو ‏الاختلاف الأساسي .. هذا عالم لا توجد فيه أمريكا .. طبعا سيتضح ان ( ‏كولومبوس ‏Colomber ‎‏ ) لم يصل الى ساحل امريكا ، ربما لانه كان احمق ، ‏وقد غرقت سفينته .. او لأن بحارته ثاروا وألقوه لأسماك القرش .. وهو ما كان ‏سيحدث في عالم على كل حال لولا انهم بلغوا الشط قبل ان يتموا خطتهم ..‏
هكذا لم اجب وأجابت ( سلمى ) عن السؤال الآخر : ‏
‏-‏ ‏" ما حقكم في احتجازنا ؟ هل انتم شرطة ؟
تنهد الرجل في انهاك وراح يصف اوراقه ، ثم قال دون ان ينظر لنا :‏
‏-‏ ‏" واضح تماما اننا لن نصل لطريق مشترك .. كلما سال سؤالا تلقيت آخر.. ‏لا بد من ان يجيب احد الطرفين عن الأسئلة أحيانا .."‏
‏-‏ ‏" قل هذا لرجالك ولنفسك .."‏
أشار الى الشارة المعلقة على عضد الحارس الواقف جواره ، وقال : ‏
‏-‏ ‏" نحن من ‏EFS‏ .. هل هذا كاف ؟ هذا يعطينا كل الحق في استجوابكما .."‏
‏-‏ ‏" وما هي الـ ‏ESF‏ ؟ "‏
بدا كأنما تعلم أسلوبنا في عدم الإجابة على شيء . فنهض ورتب أوراقه ، ثم ‏قال وهو يغادر المكان :‏
‏-‏ ‏" ثمة طائرة ستحملكما الى ( لوس انجيليس ) صباحا .. اعتقد انهم هناك ‏سيعرفون عنكما كل شيء .."‏
‏( لوس انجيليس ) ؟ إذن ما معنى انه لا يعرف معنى لفظة ( أمريكيون ) ؟
دنا منا احد الحراس .. إنه غير مسلح لكن من الواضح انه لن يتورع عن ‏استخدام العنف .. وهكذا مشينا معه في تهذيب .. لكنه لم يقتدنا الى الأقفاص ‏إياها .. بل إنه أجلسنا في مكتب مكيف مريح نوعا .. مكتب لا يحوي إلا جهاز ‏كمبيوتر وثلاجة صغيرة .. ثمة نافذة صغيرة وأريكة وثيرة وبعض نباتات الظل ‏‏.. هناك لحسن حظ الجميع ـ حمام صغير نظيف في غرفة صغيرة جانبية ..‏
ثم أغلق الحارس الباب ..‏
بمجرد خروجه فعلت ( سلمى ) الشيء الذي كنت اعرف انها ستفعله باعتبارها ‏بارعة في الإلكترونيات .. لن اقول إنها اكثر براعة مني ، لأنه لا براعة لي ‏على الإطلاق .. لا يمكن ان تقارن بيننا على أساس كثافة شعر اللحية او نسبة ‏هرمون الأنوثة .. هذه أمور غير واردة اصلا ..‏
لقد فتحت جهاز الكمبيوتر ! هذه معجزة كما ترى ..‏
قالت في ضيق وهي تتأمل الشاشة : ‏
‏-‏ ‏" ليس لديهم نظام تشغيل أعرفه .. مثل ( الخوارزمي ) او ( الإدريسي ) .. ‏لا اعرف كيف يبدأ البحث في هذا الشيء .."‏
تذكرت ان الكمبيوتر في عالمها اختراع عربي صرف ، وليس لديهم اسماء ‏كالتي نستعملها على غرار ( ميكوسوفت ) و ( النوافذ ) .. الخ .. ‏
لكن على الشاشة ـ حيث ما تسمونه سطح المكتب ـ كانت هناك صورة عملاقة ‏لديناصور ( سبيونوسوروس ‏Spinosaurus ‎‏ ) ضخم يقف جوار بحيرة ‏واعدا بخراب بيت من يقترب .. وكانت هناك الحروف المعتادة ‏ESF‏ كتبت ‏بحروف مجسمة عملاقة كأنما تطير مع السحب في السماء ..‏
فيما عدا هذا بدا كأن الشاشة جدار مبهم لا يمكن تجاوزه ..‏
حتى الصور الصغيرة ـ هل تسمونها الأيقونات ؟ ـ كلها تمثل ديناصورات منوعة ‏‏..‏
أغلقت الجهاز وقاتل :‏
‏-‏ ‏" لا اعرف .. لا يبدو لي هذا المكان ذا طابع عسكري .. كأني بهذا الحاسوب ‏خاص بصبي يهوى الديناصورات .."‏
قلت لها في ضيق :‏
‏-‏ ‏" صدقيني انا لا اهتم كثيرا سوى بالحصول على الجهاز الكريه . في المرة ‏المقبلة يجب التأكد من انه مخفي بعناية.. ربما لو ابتلعته لكان الامر افضل ‏‏.."‏
قال توهي تجوب الغرفة جيئة وذهابا : ‏
‏-‏ ‏" لو تركنا الأمر لك لانتهت كل احتمالات هذا الجهاز خلال ربع ساعة .. ‏ولن نعرف شيئا ابدا .."‏
‏-‏ ‏" انا لا أبالي كثيرا .. لاحظي اننا نتعلم عن عوالم اخرى ، لكننا لن نعود ابدا ‏للعالم الذي تكون فيه هذه المعلومات ذات قيمة .. هل تفهمين ما اقول ؟ ‏لفظة ( عجيب ) و ( غريب ) لا معنى لها إلا في ارضي انا .. اما هنا فلا ‏قيمة لرأيك .." ‏
لم تكن تسمع ما اقول .. كانت تنظر الى النافذة ..‏
ثم اتجهت لها ورفعت الزجاج .. كانت هناك شبكة دقيقة مخصصة لإبعاد ‏البعوض ، لكن لا توجد حماية اخرى من أي نوع .. ومن الخارج كان الظلام ‏وبعض مصابيح قصية ونسمة هواء حانية رقيقة ..‏
‏-‏ ‏" انهم حمقى .. ما رأيك ؟"‏
‏-‏ ‏" ومن ادراك ان الخارج افضل ؟"‏
‏-‏ ‏" لا احتاج الى حكمة العالم كي اختار الفرار من أي مكان مغلق يقف على ‏بابه حارس .. سل عن هذا أية قطة او ذبابة تحترم نفسها .. أي مكان هو ‏أفضل من المكان المغلق الذي يقف عليه حارس .."‏
‏-‏ ‏" والجهاز ؟ "‏
‏-‏ ‏" لن نستطيع استرداده لو حملونا الى ( لوس انجيليس ) .. ثق بهذا ..‏
ثم بحثت قليلا حتى وجدت فتاحة ورق على المكتب .. غرستها في السلك فبدأ ‏ينهار ..‏
تبا ! لا بد ان قرحتي عادت تنشط من جديد ..‏
تدريجيا اتسعت الثغرة اكثر فأكثر .. وهكذا نظرت لي باسمة ، ثم حشرت جسدها ‏في الفتحة .. نسيت طبعا ان اقول إننا في الطابق الأرضي ..‏
لم يبد لي هذا مريحا .. ليس الامر بهذه البساطة ..‏
على كل حال انتهى ما كان يربطني بهذه الحجرة ، فحشرت نفسي عبر الفتحة .. ‏لا يكلفك هذا اكثر من بضعة تمزقات في الكفين ، لكنك تعبر في النهاية ..‏
أخيرا تقف في الخارج .. ‏
الرمال والبرد والظلام .. نحن في الصحراء ليلا .. هذا واضح ..‏
لا يوجد حراس .. هذا واضح .. هناك كشافات من بعيد ، لكنها كشافات محايدة ‏ودود لا تبحث بل تنتظر ..‏
مشينا في الظلام عاجزين عن معرفة وجهتنا بالضبط .. لا فارق عندنا إن سمعنا ‏‏( قف ! ) ام لم نسمعها .. المشكلة الوحيدة هي ان نسمع صوت الطلقات .. لكن ‏لا يبدو ان هناك طلقات حتى الآن ..‏
كان هناك هدير محرك ، والهدير كان آتيا من سيارة تقف هنالك على اليسار .. ‏سيارة عسكرية هي .. شاحنة عليها علامة ‏ESF‏ اللعينة المعتادة ، وكانت ‏تلوث الهواء بلا كلل ..‏
هناك جندي يقف على بعد يثرثر مع صديقه ويبدو انه يمزح .. لكمات على ‏الكتفين وسبب إنجليزي فظ ..‏
وبالطبع خطرت لنا نفس الفكرة معا ..‏
اتجهنا الى مؤخرة العربة .. وثبت الى ظهرها ، ومددت يدي الى ( سلمى ) ‏اساعدها على الوثب ..‏
كانت هناك أغطية لعلها قماش خيام .. لا اعرف .. إن الظلام يجعلني لا أرى ‏يدي كما لاحظتم ..‏
المهم اننا تدثرنا بهذه الأغطية ورقدنا على بطنينا .. وهكذا صرنا في معزل عن ‏الأبصار .. محرك يهدر .. معنى هذا ان الرجل سيرحل ، ولو عاد ليغلق لمحرك ‏وينام لقتلني الغيظ ..‏
فجأة سمعت ( سلمى ) تهمس في أذني :‏
‏-‏ ‏" هناك أشياء صلبة تحت قديم .. هل تشعر بها ؟"‏
‏-‏ ‏" لا .. لا اعتقد .."‏
مدت يدها تتحسس وهي تغمغم : ‏
‏-‏ ‏" صبرا .. سأرى .. يبدو لي ان ..ط
ثم صرخت صرخة أنثوية هستيرية متقنة جدا :‏
‏-" ( سالم ) !! هذه السيارة محملة بعظام بشرية !! "

Ala_Daboubi 08-11-05 09:15 AM

ya allah , balashna

^RAYAHEEN^ 08-11-05 09:16 AM

شوقصدك يعني بدك اياني اكتبها كلها بيوم واحد
بلا ما تشكرني اني تعبت وكتب كل هول هههههههههه
بجد اعمل خير وارمي بالبحر

Ala_Daboubi 08-11-05 09:24 AM

no no no no

fhemti 3'ala6

asdi zay ma be7ki el wa7ad awal ma ysawi ai sha3'leh , eno besm allah , balashna

bas enti niytik mozh mazboo6ah

wo dayman bedik t6al3eeeni 3'al6aan

bas badal a7san minik wo ba2olik..................ya36eeek el 3afyeh

^RAYAHEEN^ 08-11-05 10:10 AM

هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هه
طيب كون اكثر دقة في التعبير لما اتكون العبارة ذات معنيين
خخخخخخخخخ

^RAYAHEEN^ 08-11-05 11:32 PM


‏-
4-‏
الصيادون ..‏

مددت يدي تحت الغطاء ورحت أتحسس ..‏
حقا هناك عظام . لكن من قال إنها بشرية ؟ كل العظام تتشابه وإلا ما كان تمييز ‏العظام المفتتة معضلة معروفة في الطب الشرعي .. هذا بالطبع ما لم تجد ‏جمجمة واضحة تنهي التساؤل ..‏
قلت لها همسا :‏
‏-‏ ‏" خفضي صوتك يا بلهاء .. هناك عظام لكن من قال إن .. ؟ "‏
‏-‏ ‏" انا اعرف هذا .."‏
حسن .. هانحن اولا نعود الى الحدس الانثوي .. النقطة التي لا نجرؤ معها نحن ‏الرجال على الكلام ويخرسننا بها .. هن شفافات نقيات الروح ونحن ماديون ‏مغلقو الروح كالحجارة .. ليكن .. لكن هذا لا يغير من خطتنا شيئا .. سنبقى هنا ‏لان مغادرة السيارة قد يكون اخطر من ركوبها ..‏
الحق ان هذا القرار كن صعبا لأنها دخلت في حالة هستيرية وراحت ترتجف ‏وتتشنج .. ‏
هنا تعالى صوت هدير المحرك .. وكان يوحي بالحركة هذه المرة ..‏
إننا ننطلق .. ‏
هكذا توارى صوت نشيجها ورحنا نفكر صامتين ، بينما رأسانا يرتفعان ‏ويهويان ..‏
لحظات توقف وكلام ثم تحرك .. واضح ان هناك نقاط حراسة يقدم عندها ‏السائق أوراقه .. أرجو الا تكون هذه النقاط تفتش الحمولة ..‏
اخيرا يبدو ان السيارة تنطلق فعلا ..‏
ازحت الغطاء قليلا فرأيت الصحراء المظلمة .. النجوم جلية محددة كما لم أرها ‏قط .. ثقوب صنعت بدقة في الغطاء الأسود الذي يغلف الكون .. ومن بعيد ‏وحوش لا يمكن ان تعتقد انها جبال ما لم تلمسها ..‏
ومن أمامنا لم يكن يشق الظلام إلا ضوء السيارة الخافت .. كأنه عصا سيدنا ( ‏موسى ) تشق أمواج البحر الأحمر .. طريق يولد في كل لحظة ويختفي في ‏اللحظة ذاتها ليولد مزيد منه . .‏
الأغرب هنا انني ارى مشهدا على كوكب آخر .. مجرة أخرى لا اعرف كيف ‏اصف هذا .. لا اعرف كيف أصدقه .. لكنه بالتأكيد حقيقي ..‏
ارتجفت رهبة .. تمالكت نفسي .. ثم ألصقت وجهي بوجه ( سلمى ) وقلت ‏بصوت عال هذه المرة :‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان هذه العظام آدمية بالفعل و .."‏
‏-‏ ‏" قلت لك هاذااااااااا !"‏
وبدأت في مزيد من الصراخ ، فوضعت يدي على فمها لتخرس قليلا :‏
‏-‏ ‏" لم اطلب منك استئناف الهستيريا .. دعيني أكمل كلامي .. ما دامت هذه ‏العظام آدمية وهذا معسكر حربي ، فمن الواضح ان الامر يتعلق بجريمة ‏حرب ما .. هذه العظام تخص ضحايا المعسكر !"‏
‏-‏ ‏" وماذا تقترح ؟"‏
‏-‏ ‏" ثمة احتمال لا باس به في ان يكون هدف هذه الرحلة التخلص من هذه ‏العظام ـ بقايا مذبحة ما ـ في الصحراء بعيدا عن العيون ، وهذا يضع أمامنا ‏احتمالا لا بأس به ان تكون الصحراء نهاية الرحلة وبعدها يعود الرجل الى ‏المعسكر أي اننا لسنا ذاهبين الى أي مكان .. إن هي إلا رحلة في هواء الليل ‏بعدها نعود حيث كنا .."‏
‏-‏ ‏" لا ارى هذا .. لن يستطيع السائق وحده إفراغ العربة .. لا بد من أيد ‏عاملة معه .."‏
‏-‏ ‏" ومعنى هذا ؟ "‏
‏-‏ ‏" معناه انه بالفعل ذاهب الى مكان ما .. قاعدة او محطة او مدينة .."‏
وهكذا لبثنا راقدين نراقب الصحراء .. الصحراء الصامتة العجوز التي لا تعبأ ‏بشيء .. لقد رأت الكثير ولم تعد تهتم بسيارة عابرة ..‏
فقط ارتجف لفكرة ان هناك في الظلام تتحرك الف حياة وحياة .. الف حياة ‏تنتهي بين انياب الف حياة تحاول الاستمرار .. ترقد بين العظام تحت غطاء من ‏النجوم في صحراء مجهولة قاصدة وجهة لا تعرفها .. كل هذا على مجرة لم ‏تسمع عنها قط لكنها تشبه عالمنا سطحيا ..‏
وفكرت في منظر السيارة وهي تعبر المدق الصحراوي في هذه الساعة .. ‏مسكينة هي الأشباح والغيلان في الفيافي ! لا بد انها تصاب بهلع كبير حين ‏ترى هذا المشهد المخيف يقطع خلوتها ..‏
لا بد أنني نمت .. من اليقين أنني لم أغمض عيني ثانية واحدة ، لكن كيف تفسر ‏ان وعيي غاب عن الكون للحظات ، بعدها شعر بـ ( سلمى ) تهز كتفي ..‏
‏-‏ ‏" يبدو اننا ندنو من شيء .."‏
رفعت راسي ، فوجدت بوابة عملاقة تدنو منا ببطئ ..‏
بوابة تحرس ما بدا لي كمدينة صحراوية كاملة .. رقعة تستحم في أضواء ‏باهرة .. وثمة مبان حقيقية تتناثر هنا وهناك ..‏
قالت لي : ‏
‏-‏ ‏" هل ترى ان نثب الآن ؟"‏
فكرت حينا ثم هززت راسي ان نعم .. ليس من مصلحتنا ان تجتاز هذه الأسوار ‏‏.. لا نعرف ما يوجد بالداخل ، ثم ان الاحتمال الأهم هو ان يأتي عمال ليفرغوا ‏الشاحنة .. هذا هو ما توقعته ..
لا اعرف ما يبدو خلف هذه الاسوار .. هل هذا مدفن عملاق لضحايا المعسكر ‏السابق ؟ لكن اندهش لشيء حتى ولو اتضح ان هذه ( لوس انجيليس ) نفسها ‏‏..‏
كانت سرعة السيارة الآن اقرب الى التوقف منها الى السير . .نهضنا ثم وثبنا ..‏
وبعد قليل كنا على الرمال الباردة المبللة بالندى ..‏
هكذا يمكن الى حد ما القول إننا عدنا الى لحظة البداية .. فقط ازددنا علما ـ او ‏حيرة ـ وفقدنا الجهاز ..‏
خلف احد الكثبان القريبة رقدنا منبطحين ورحنا نراقب المشهد الذي يدور من ‏بعيد .. البوابة تفتح والسيارة تتقدم ببطء الى الداخل .. البوابة تغلق .. الأضواء ‏الصامتة لا تثرثر بالكثير ..‏
قلت لــ ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" تعال نحاول ترتيب ما عرفناه .. اولا هذا عالم لا توجد فيه امريكا لكن ‏يوجد فيه امريكيون .. ولا اعرف كيف .."‏
قالت وهي تفكر في عمق : ‏
‏-‏ ‏" للديناصورات اهمية خاصة في هذا العالم .. لا تنس اننا في ارض العظايا ‏ويعلم الله ما معنى هذا .."‏
‏-‏ ‏" هؤلاء القوم وحدة عسكرية ما .. ربما طبية كذلك .. والامر على الأرجح ‏يتعلق بضحايا مذبحة يتم التخلص منهم .."‏
ثم نظرت لها في غباء وفردت كفي :‏
‏-‏ ‏" جميل .. لكن ما معنى هذا ؟"‏
‏-‏ ‏" لا معنى له .. ثمة قطع كثيرة تحتاج الى قطعة تربط بينه اكما يحدث مع ‏ألغاز الأطفال ‏Jigsaw‏ .. وهذه القطعة لا بد ان تكون طرفا آخر لا نعرفه ‏‏.."‏
‏-‏ هل تعرفين ؟ اعتقد الآن أنه كان من الخطأ ان نثب قبيل دخول المدينة .. لو ‏كانت هناك إجابات فهي في الداخل .."‏
ونظرت الى المدينة الصحراوية الملتفة بالأنوار ، ومن بعيد كثبان الرمال ..‏
شعرت بقشعريرة تزحف على عمودي الفقري وغرقت في تفكير عميق ..‏
فجأة حدث الشيء الذي لا تتوقعه والذي يغير كل شيء بشكل غير مسبوق ..‏
دوى انفجار هائل من وسط المدينة .. لسان برتقالي تصاعد الى السماء ، ثم ‏دوى الصوت المروع الذي اهتزت له الصحراء ..‏
قبل ان نتساءل إن كان هذا هو الروتين هنا ، دوت صفارات الإنذار .. ثم تعالت ‏الصيحات ، وكأنما بعصا ساحر برزت عشرات العربات .. كلها تطلق الأضواء ‏المجنونة ، وكلها تتسابق نحو مركز المدينة ..‏
ثم دوت طلقات البنادق الآلية .. من كل مكان وفي كل اتجاه .. كأنك تجلس في ‏قاعة سينما تتمتع بنظام ( دولبي ‏Dolby ‎‏ ) ممتاز ..‏
راتاااااااااا .. راتااااااااا .. راتااااااااا !‏
من اين ولأين ؟ هذا ابسط حقوقنا .. نحن بلا ناقة او جمل في هذا الذي يحدث ، ‏ومن حقنا ان نعرف من اين يأتي الخطر لنتفاداه ..‏
شعرت بيد ( سلمى ) تضغط على يدي وتشير لأعلى ..‏
نظرت الى حيث أشارت .. الى الوراء .. لأعلى ..‏
كان هناك عدد من الرجال يقفون فوق تلة تعلو مستوانا قليلا ويطلقون البنادق ‏الآلية بلا توقف .. ثم ينبطحون ..‏
هذا يفسر تأثير ( الستيريو ) العجيب الذي شعرنا به .. إن الطلقات تأتي من ‏فوقنا ومن أمامنا في الوقت ذاته .. ومن الجلي أنهم لو يرونا في الظلام .. لقد ‏كنا وسط السواد كأننا مجموعة من الصبار ..‏
‏-‏ ‏" فنتوار قبل قدوم الطائرات !!"‏
كان قائل هذا احد الرجال ، وقاله بالعربية .. عربية واضحة جدا لم اصدق انني ‏اسمعها ..‏
طبعا كان من الواضح انني لا استطيع ان اعلن عن وجودي .. لا أستطيع ان ‏اقف لأتكلم لأن الكلمة الأولى منهم ستكون طلقة من هذه الطلقات ..‏
لكن ( سلمى ) تصرفت بلا تفكير ..‏
رفعت ذراعها دون ان تنهض وصاحت :‏
‏-‏ ‏" نحن هنا ! لا تطلقوا الرصاص !!"‏
‏-‏ ‏( سلمى ) يا بلهاء ! لا تــ .."‏
طلقة واحدة مرت جوارها وبعثرت الرمال في كل مكان .. ثم ..‏
انقطعت الطلقات من اعلى ولم تعد إلا طلقات من اسف .. من موضع المدينة ‏الصحراوية ..‏
‏-‏ ‏" من انتما ؟ هل عربيان ؟ "‏
‏-‏ ‏" نعم .. ونقسم على هذا .."‏
فليس الوقت مناسبا لأخذ قياسات الجمجمة وعينات الحمض النووي .. آخر ‏وقت ومكان يصلح للدراسات الانثروبولوجية هو في ميدان رماية رصاص ..‏
‏-‏ ‏" إذن تعاليا معنا بسرعة ! إن هذه المنطقة ستتحول الى محرقة حالا .."‏
وثبنا من مكاننا ورحنا نتسلق بينما قلبانا في حلقينا ..‏
أخيرا صرنا وسط هؤلاء ، ولم يكن الوقت مناسبا لتبين وجوههم او إجراء ‏تعارف مناسب للسادة المهذبين .. فقط راحت أيد قوية تقودنا كما يفعلون ‏بالدلاء في الحرائق .. يد تلو يد تلو يد ، حتى صرنا عند كهف في سفح تل من ‏التلال .. ‏
‏-‏ ‏"ادخلا بسرعة !!"‏
ولم ادخل بالسرعة الكافية . .استغرقت وقتا يكفي لان ارى .. ارى سيلا من ‏القذائف النارية كأنها النيازك ينطلق من المدينة الصحراوية قاصدا المكان الذي ‏كنا فيه .. هذه القذائف غريبة جدا .. إنها لا تسقط كما تسقط القنبلة العادية . .بل ‏هي تنتشر اولا كأنما هي مليئة بسائل ناري ، ثم تشتعل كل البقعة بلهب اخضر ‏عجيب .. يلي هذا انفجار يذكرك بالبراكين التي تراها في السينما ..‏
كان هذا كافيا كي ادخل ..‏
وفي اللحظة التالية انغلقت فتحة الكهف وصرنا بالداخل ..


^RAYAHEEN^ 08-11-05 11:33 PM


-5-‏
ابوالعتاهية وآخرون ..‏

لم يكن المشهد عبارة عن مدينة داخل الجبل كما توقعنا ..‏
كان كهفا بالفعل .. لا يميزه شيء إلا عشرات المشاعل وكان هؤلاء الرجال ‏متناثرين فيه .. وكانوا ..‏
فجأة ارتج المكان لأن قنبلة على ما هو واضح ارتطمت بالكهف من الخارج ..‏
سقطت على الارض .. وسقطت ( سلمى ) .. لكن بدا أن قوانين الجاذبية لا تؤثر ‏في هؤلاء ..‏
قلت وانا انهض :‏
‏-‏ ‏" سيهدمون هذا المكان على رءوسنا .."‏
قال احدهم وهو يجلس على الأرض :‏
‏-‏ ‏" لا .. الجبل اصلب مما تتوقع .. ثم إنهم لا يملكون أدنى فكرة عن كوننا ‏بالداخل .. هم يتوقعون اننا متوارون في مكان ما بالخارج .. هكذا نتعامل ‏معهم .. كل جبل هنا غرفة عمليات نخرج منها ونفعل ما نريد ثم نعود ‏لنتوارى فيها .."‏
وقال آخر :‏
‏-‏ ‏" وفي كل مرة يتساءلون : أين ذاب هؤلاء ؟ لكن برغم كل شيء تظل ‏الفتحة واضحة لمن يدقق البحث .. لا بد من واحد منا يأتي فيما بعد ليسدها ‏بعناية من الخارج .."‏
برغم كل شيء فأنا سعيد بكوني اسمع العربية .. عربية لا أنسى ابدا أنها عربية ‏مجرة أخرى ، لكن هذا لا يمنع شعور الألفة الذي شعرت به ..‏
نسيت ان أصفهم لكم . .كانوا مجموعة من الثوار .. كيف عرفت هذا ؟ لأنني ‏عبقري طبعا .. كل منهم يحمل بندقية آلية وقد لف حزامين من الطلقات على ‏كتفيه على شكل × على طريقة الاخ ( زاباتا ‏Zapata‏ ) ، وعلى وجهه ملامح ‏العيش الخشن .. ذقون غير حليقة .. قسمات سمراء قاسية .. ثياب هي خليط ‏من عدة أجناس معا .. هناك كوفية منطقة او اثنتان ..‏
ومد اثنان ساعدين قويين ، وتصافحا ثم تعانقا وتبادلا القبلات على الخدين : ‏
‏-‏ ‏" نجحت العملية !"‏
‏-‏ ‏" حمدا لله !!"‏
لا يحتاج الأمر الى مترجم كي يعرف ان هؤلاء القوم الذين دبروا الانفجار داخل تلك ‏المدينة الصحراوية ..‏
الآن جاء وقت السؤال المهم .. السؤال المهم الذي وجهوه لنا :‏
‏-‏ ‏" من اين جئتما ؟"‏
قالت ( سلمى ) وهي تنفض الرمال عن شعرها :‏
‏-‏ ‏" من ذلك المعسكر .. ذلك الــ ‏ESF‏ .. ركبنا في مؤخرة شاحنة للفرار ‏ووثبنا قبل ان تدخل المدينة .."‏
‏-‏ ‏" أنتما سعيدا الحظ .. فررتما في الوقت المناسب بالضبط .. لقد كانت هذه ‏الشاحنة ملغمة وقد انتظرنا هنا حتى مرت من البوابة ثم .. هوب "‏
شعرت بركبتي تتهاويان من تحتي .. إذن كانت الشاحنة تحوي أشياء أخرى ‏غير العظام . .أشياء لا تقل هولا ..‏
وقال آخر :‏
‏-" هل رأيتما ما كانت الشاحنة تحمله ؟"‏
ابتلعت ريقي ولم أرد :‏
‏-‏ ‏" حسن . لقد دفنا تلك العظام في الصحراء مع جنود عديدين منهم .."‏
قالت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" لا ادعي اني افهم شيئا في حروب العصابات ولا الاستراتيجية .. لكن ما ‏جدوى إطلاق البنادق الآلية إذن ؟ لقد حسبنا انكم ستهاجمون او تحمو ظهر ‏زميل لكم بالداخل .."‏
ضحك الرجل الذي بدأ الكلام طويلا وقال :‏
‏-‏ ‏" هذا توقيعنا حتى لا يعتقدوا ان ما حدث كان بفعل حادث .. نقول لهم إننا ‏الفاعلون .."‏
ثم صافحني بيد تشبه جرافة البلدوزر لو ان هذه كانت شديدة الخشونة ، وقال :‏
‏-‏ ‏" انا ( ابو العتاهية ) .. وانت ؟"‏
بدا لي الاسم غريبا .. هو على الأرجح اسم حركي قلت له :‏
‏-‏ ‏" انا ( سالم ) هذه زوجتي ( سلمى ).."‏
قالت ( سلمى ) في مودة : ‏
‏-‏ ‏" مساؤكم حليب .."‏
تلك التحية المستعملة في عالمهم ، والتي ما زلت اشعر بأنها ذات طابع سوقي ‏، بينما تصر هي على ان ( مساء الخير ) اكثر سوقية ..‏
سال الرجل : ‏
‏-‏ ‏" ومن أين جئتما ؟
آه سأفسد كل شيء إذن .. لكنه قاطعني قبل ان ارد ملوحا بيده :‏
‏-‏ ‏" لا عليك . .كلنا لا نعرف من اين جئنا .. لكننا هنا .."‏
قالت ( سلمى ) وهي التي لم تعتد ان تحبس أسئلتها كثيرا :‏
‏-‏ ‏" لا ازعم ان هذا يضايقني ، لكن ما الذي يدعوكم للثقة بمن ترونه لأول ‏مرة منذ ربع ساعة ؟"‏
‏-‏ ‏" لهجتك .. هذه اللهجة لا يتكلمها إلا عربي مثلنا .. ولو تصنعها أحدهم ‏لفضح نفسه .. كما انه لا يوجد جواسيس بيننا .. هؤلاء القوم لا يستخدمون ‏الجواسيس .."‏
نظرت الى الكهف ، فوجدته ينتهي عند هذا الحد .. لا يوجد امتداد .. هذا مكان ‏جيد للاختباء لكن اين حياتهم ذاتها ؟ اين قراهم ؟ اين واحاتهم ؟ اين نحن ‏بالضبط ؟ ‏
لسبب ما عرفت ان علي ألا اسأل كثيرا ، وقد خمنت ( سلمى ) الشيء ذاته .. ‏هم اعتبرونا منهم بشكل ما ، واعتبروها بديهية .. لو بدأنا في الأسئلة ‏سيعرفون على الفور اننا متسللان .. ربما جاسوسان .. ولتكونن غضبتهم ‏مرعبة ..‏
من الأفضل ان نستمر في أداء الدور الذي برعنا فيه .. لا نتكلم على الإطلاق ‏ونجيب عن الأسئلة بأسئلة ..‏
قال احد الرجال : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد انه من الأفضل ان نتفرق .."‏
ثم أشار لنا : ‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان ( جمشيد بن عباس ) يجب ان يراهما .."‏
دنت مني ( سلمى ) وهمست في شيء من التوتر : ‏
‏-‏ ‏" ما هذه الأسماء الغريبة ؟ ‏
‏-‏ ‏" ليست غريبة . .إنها أسماء من أعلام العرب ( جمشيد ) عالم من علماء ‏الجبر .." ‏
قالت في غيض هامس : ‏
‏-‏ ‏" يا للعبقرية !! إن هذه الأسماء موجودة في كوكبي كذلك .. بل هي التي ‏حددت تاريخ الكوكب كله ، لكن ألا ترى من الغريب ان تتخذ هذه كأسماء ‏كودية لمجموعة من الثوار ؟"‏
تذكرت ان وضع العرب في عالم ( سلمى ) يخطف الانفاس .. إنهم قوة عسكرية ‏واقتصادية مرعبة ( أ . ع . م ) او ( أمة عربية متحدة ) .. وبالتأكيد هناك من ‏العلماء العرب من لم نسمع نحن عنهم في أرضنا .. لكن اعتراضها وجيه بحق ‏‏..‏
ما معنى هذا ؟ ‏
هنا وجدنا الرجال يشيرون لنا كي نلحق بهم .. إلى الجهة الأخرى من الكهف ..‏
فتحة كالتي دخلنا منها .. يزاح الغطاء فترى الصحراء من جديد .. هذه المرة ‏وقد بدأت تستحم بلون الفجر الوردي .. يخرج اول الرجال جسده من الفتحة ‏ويتلصص حوله ، ثم يزحف الى الخارج ونتبعه نحن ..‏
في الخارج كنا على الجانب الآخر من التل ، لكن الحقيقة هي اننا كنا على ‏ارتفاع كبير .. لم ادرك هذا إلا حين ارتقيت التل اكثر والقيت نظرة ..‏
من الغريب ان المدينة الصحراوية تحولت الى بقعة صغيرة عند قدمي ، وبدا لي ‏هذا غريبا .. إن الكهف لم يبد لي بهذا الاتساع قط ..‏
خرجنا اربعة من الكهف كما ترى ، فعكف آخرنا على سد الفتحة .. أولا يضع ‏قطعة من الورق المقوي ليسد بها الفتحة ، ثم يهيل عليها بعض الرمال المبتلة ‏المعجونة بالماء من قارورة يحملها ، ثم يضع بعض نباتات الصبار .. حين ‏تجف هذه مع الشمس سوف يكون من العسير تبينها إلا لعين مدربة تعرف ما ‏تبحث عنه ..‏
لا اعرف كم من الوقت مشينا لكن الشمس كانت قد بدأت تعتلي السماء ..‏
كنت افكر .. ماذا لو ظهرت طائرة عمودية جديدة ؟ لقد مررنا بموقف مماثل ، ‏ووجدناه سيئا بما يكفي .. ماذا يضمن لهم أمن هذه المسيرة فوق الرمال ‏مكشوفين كنمل على مرآة ؟
قالت ( سلمى ) وقد عرفت ما افكر فيه :‏
‏-‏ ‏" يبدو انهم يعرفون اماكن ومواعيد تلك الدوريات ..|‏
وتوقفت عن الكلام ، لأن احد الرجال كان يفتح فجوة من الرمال المزيفة ‏والصبار في كهف ..‏
هؤلاء القوم يجدون طريقهم ببراعة حقا ، لكن أية حياة هذه ؟‏
‏*** ‏
والآن دعني أقدم لك الأخ ( جمشيد بن عباس ) ..‏
‏ أولا هو مسن جدا كما ينبغي ان يكون .. لحية طويلة بيضاء على صدره ، ‏وغطاء رأس عربي ( شماغ ) يغطي به رأسه من دون عقال .. وجه مسن مفعم ‏بالتجاعيد .. ربما يذكرك بلحاء شجرة عجوز في مدرستك القديمة .. لكن تحت ‏هذا الرأس الواهن هناك جسد قوي لم تذبل عضلاته بعد .. على الاقل هو اقوى ‏من جسدي انا .. ولدرجة ما كان منظره يذكرني بصورة ( انتوني كوين ) في ‏دور ( عمر المختار ) ..‏
جواره تجد ( الفارابي ) و ( ابو الاسود الدؤلي ) و ( خليل ابن احمد الفراهيدي ‏‏) .. هكذا أسماؤهم التي عرفتها فيما بعد مما يدل على أن ملاحظتنا كانت صائبة ‏‏.. لن تجد كل هذه المجموعة من أعلام العرب في مكان واحد مهما حاولت .. إلا ‏في الموسوعات طبعا ..‏
كانوا مدججين بالسلاح يفترشون الأرض .. وكانت هناك أقداح قهوة و ( دلة ) ‏‏.. بالإضافة الى مجموعة أخرى من الرجال .. وكان سقف الكهف مجوفا بطريقة ‏تجعله اقرب الى مدخنة .. ويبدو ان هناك نظاما ما للتخلص من الدخان وإدخال ‏الهواء .. بدائي لكنه فعال ..‏
يبدو ان هذا هو مقر القيادة الرئيسي .. كل شيء يوحي بهذا ..‏
نظر لنا ( جمشيد ) من تحت حاجبية الكثيبين ، وقال : ‏
‏-‏ ‏" السلام عليكما .. من اين جئتما ؟"‏
كان له صوت عميق مليء بالحكمة .. صوت لا يجب ان تمزح معه .. لا تستطيع ‏المزاح معه .. كانت ليلة منهكة ولم يغمض لنا جفن منذ ساعات ، لذا قلت ‏كلمات غيبية على غرار : ‏
‏-‏ ‏" لسنا من هنا .. نحن من هناك .. تسألني لماذا جئنا من هناك .. اقول لأن ‏هنا أفضل من هناك .."‏
هراء كثير من هذا الطراز ، وكان هو ينصت ويهز رأسه كأنما يصدق كل حرف ‏لكن الشك في عينيه العجوزين صار عادة ..‏
قال احد مرافقينا :‏
‏-‏ ‏" إنهما فرا من معسكر الـ ‏ESF‏ .. ركبا شاحنة ترجلا منها قبل المدينة .."‏
‏-‏ ‏" إذن هما مجدودا الحظ .. لو بقيا بضع دقائق لانفجرا .."‏
ثم ناول كل منا قدحا .. وأمر بمن يصب لنا القهوة العربية في الأقداح .. فلما ‏فرغت من قدحي عاد الرجل يصب فيه المزيد .. قالت لي ( سلمى ) همسا :‏
‏-‏ ‏" لو اكتفيت هز القدح حتى لا يعيده ملأه لك .."‏
ما هذا المكان ؟ اسماء عربية وتقاليد عربية تمارس بدقة امينة . . ثمة خاطر ‏يسيطر علي .. هؤلاء القوم يجاهدون لاهثين للاحتفاظ بهويتهم .. إن هذه ‏الاسماء هي صورة رمزية لمن ينشب أظفاره في تراب أرضه كي لا ينتزع منها ‏‏..‏
ظل الرجل ينظر لنا بعض الوقت ، ثم قال : ‏
‏-‏ ‏" هل ترغبان في المشاركة ؟"‏
‏-‏ ‏" بالتأكيد ..|‏
دون ان ندري ما هذا الذي نشارك فيه.. لكني احتفظت بسياسة الموافقة على ‏أي شيء كي لا أسأل ..‏
قال الرجل : ‏
‏-‏ ‏" إنهما متشابهما كتوءمين .."‏
‏-‏ فعلا تعالت أصوات الرجال تؤكد ان نعم .. هذا غريب .. حقا ..‏
‏-‏ ‏" وملامحهما تختلف عنا .. بشيء من المعالجة يمكن ان يبدو منهم .. هل ‏أنتما أخوان ؟"‏
قلت في حرج :‏
‏-‏ ‏" زوجان .."‏
‏-‏ ‏" هذا غريب . . لا يوجد ما يدعو لتشابه الأزواج إلا في ظروف نادرة .. ‏عندما يكون تفاهمهما مطلقا .."‏
هنا سألني احدهم وهو من يدعونه ( سلمان ) :‏
‏-‏ ‏" هل تتكلم لغة غربية ؟"‏
‏-‏ ‏" نعم . الإنجليزية .. بالفعل .."‏
ابتسم الوجه العجوز وقال : ‏
‏-‏ ‏" هذا يرجح الكفة أكثر .. لا احد منا يجيد لغة غربية .. هذه نقطة مهمة .. ‏ثم إن جسديهما من القياس ذاته .."‏
ثم اشار لنا الى بعض الأغطية على الأرض .. وقال بلهجة آمرة :‏
‏-‏ ‏" أنتما منهكان . .الآن تنامان وعند الاستيقاظ تعرفان ما يجب عمله .."‏
بالطبع لم تكن بنا من حاجة الى هذا الامر .. ولم نغرق في التفكير طويلا لأننا ‏حين اتخذنا وضعا افقيا تصرفنا كتلك الألغام النازية : التي لم تكن تنفجر إلا حين ‏تميل نوعا الى المستوى الأفقي .. وانفجارنا كان غطيطا وخليطا من الأحلام ..‏
فقط أذكر ان آخر كلمة قالتها العزيزة ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" هل لاحظت هذا المدعو ( سلمان )؟"‏
قلت في تعب : ‏
‏-‏ ‏" م م م م م م؟"‏
‏-‏ ‏" يبدو لي ان هذا هو اسمه الحقيقي لا الحركي .. اسمه ( سلمان ) .. الا ‏ترى شيئا غريبا ؟"‏
‏-‏ ‏" م م م م .. وما في .. م م م . . ذلك ؟"‏
‏-‏ ‏" إنه يبتسم ابتسامة بزاوية فمه اليسرى !! ابتسامة تبدو لي مألوفة .."‏

^RAYAHEEN^ 08-11-05 11:35 PM


‏-6- ‏
التنكر..

حين صحونا عند العصر ، قدموا لنا وجبة تتكون من الفول المهروس .. وكان ‏هناك الكثير من التمر .. معنى هذا ان لهؤلاء القوم مكانا آخر غير هذا .. ربما ‏واحة قريبة ..‏
لم يكن المكان مريحا .. ربما هو خانق كذلك ، يذكر كثيرا بشبكة المجاري التي ‏كنا نعيش فيها في ارض المغول ، وإن كانت الكهوف أنظف وأعطر رائحة من ‏المجاري طبعا ..‏
كنت في حاجة ماسة الى شخص يجلس معنا ونبدأ في سؤاله .. من البداية .. قل ‏لنا يا اخي : ما معنى كذا وكذا ؟ لماذا يبدو كذا كذا ؟ ما اسم اللعبة ما قواعدها ؟
لكننا لا نجرؤ ابدا .. في هذا العالم وسط هذه الاحداث يسهل اعتبارك مجنونا ـ ‏لو كنت سعيد الحظ ـ او جاسوسا ..‏
‏*** ‏
عند الغروب ظهر ( جمشيد بن عباس ) .. اين كان ؟ ‏
لا ادري لكننا لم نره ي الكهف لدى استيقاظنا ..‏
كانت ثيابه قد اختلفت قليلا وإن كان مدججا بالسلاح ، وقد التف حوله عدد من ‏الرجال ، سأعرف أسماءهم فيما بعد وإن كانوا يحملون اسماء مثل ( امرؤ ‏القيس ) و ( جابر بن حيان ) ..‏
ابتسم لا وبصعوبة يمكنك ان تعرف ان هذا الأخدود الذي ظهر في ملامحه ‏ابتسامة .. وقال :‏
‏-‏ ‏" نمتما جيدا ؟ ليكن .. هل تحبان ( فيروز ) ؟"‏
طبعا كان هذا آخر سؤال يمكن ان نتخيله في التاريخ .. بالصدفة كلانا يعشق ( ‏فيروز ) لكن ما اهمية هذا السؤال الآن وهنا ؟ ‏
مد احد الرجال يده الى جهاز عتيق وضغط على زر ، وعلى الفور تصاعد ‏الصوت الرخيم يحكي عن ( شادي ) الذي ( ركض يتفرج ) وهو ما زال ( بعد ‏صغير عم يلعب عالتل ) ..‏
كان الجهاز في أسوأ حال ، حتى لم يكن يصلح إلا كمبراة ، كما ان الحجارة ‏الجافة المثبتة إليه تم غليها عدة مرات .. دعك من آثار العض التي تدل على ‏محاولة إطالة عمر تكررت كثيرا ..‏
قال ( ابو العتاهية ) وقد لاحظ دهشتنا :‏
‏-‏ ‏" نعم .. لا توجد حجارة جافة في أي مكان .. لكننا سرقنا عددا منها منهم ‏منذ سنين .."‏
قال ( جمشيد ) وهو ينظف سلاحه :‏
‏-‏ ‏" هناك جولة اليوم .. حوالي مائتين قادمون .. نعتقد أنكما قادران على ‏الاندماج بينهم .. نريد معرفة كل شيء عن العرض .. ماذا ستريان ؟"‏
تبادلت و ( سلمى ) النظرات ..‏
الحقيقة اننا لا نفهم شيئا على الإطلاق ..‏
هنا جاء احد الرجال يحمل ثيابا نظيفة مطوية بعناية .. هناك شعر مستعار أشقر ‏وأشياء اخرى لا اعر ف ما هي ..‏
قال ( جمشيد ) دون ان ينظر لنا :‏
‏-‏ ‏" ستدخلان الآن الى إحدى الفتحات الجانبية لتستبدلا هذه الثياب بما تلبسان ‏‏.. ثمة لمسات نضيفها نحن .. لكن لا تنسيا اننا فقدنا الكثيرين من رجالنا كي ‏نحصل على هذه الثياب .. حافظا عليها .."‏
وهكذا دخلنا انا و ( سلمى ) احد الشقوق في الكهف ، وعلق لنا احدهم مشعلا ‏كي نرى بعضنا .. كنا في حالة مروعة من البغاء لكننا لا نجسر على توجيه ‏أسئلة .. ثيابنا واحدة على كل حال .. قميص بلون خاكي وسروال ( جينز ) ‏ازرق .. ثم حذاءان رياضيان ..‏
فرغنا من ارتداء هذا كله ، ثم إن ( سلمى ) ثبتت الشعر الأشقر المستعار على ‏رأسها ، فكانت النتيجة لا بأس بها .. صحيح ان بشرتها خمرية ، لكن طقس ‏الصحراء هذا يجعل اية بشرة تحترق ..‏
ثبت انا الجمة على رأسي ، ولم ار نفسي لكنها هزت رأسها بمعنى أنه لا بأس ‏بي ..‏
ثمة أشياء في الجيب .. مدت يدي ابحث ، فوجدت بطاقة بلاستيكية مزودة ‏بدبوس تصلح لتعليقها على الصدر .. فهمت الآن لماذا رأى الرجل أنه لا مشكلة ‏‏.. إن الصورة لرجل أشقر ، مع كثير من الظلال ورداءة التصوير تجعل تعرف ‏ملامحه مستحيلا .. فقط كانت البطاقة المغلفة تحمل شارة‎ ESF ‎‏ .. لاحظت ان ‏الجنسية تشير الى اننا ( ولايات شرق ) .. لم افهم معنى هذا ..‏
فيما بعد عرفت ان اهمية ( ولايات شرق ) هذه ان بوسعنا ان نتكلم إنجليزية ‏غير متقنة .. فلا يفتح امرنا لأن إنجليزيتنا لن تخدع غريبا بالتأكيد ..‏
وكذا خرجنا الى القوم فأبدوا الكثير من الاستحسان ..‏
أضافوا بعض اللمسات مثل كاميرا حول كتفي .. وحقيبة ظهر لـ ( سلمى ) .. ‏وزجاجتي ماء لكل منا .. ثم أضافوا اسوأ جزء في الموضوع .. عدسات ‏ملتصقة زرقاء اللون .. لقد تبدل منظرنا تماما ، واستبعد ان تتعرفني ( سلمى ) ‏لو لم ترني اتنكر امامها ..‏
هؤلاء القوم مستعدون تماما .. لكن يمكن القول إن هذه الاشياء كلها مسروقة ‏من غريبين حقيقيين .. ربما ميتين كذلك .. هذا مفهوم .. وإن كنت لا احب كثيرا ‏ان اسأل اسئلة بصدد مصدر العدسات اللاصقة ‏
كنت قد كونت ـ بعبقريتي المعهودة ـ بعض الاستنتاجات .. هم يريدون منا ان ‏نتنكر كغربيين .. لماذا ؟ طبعا لنندس .. نندس في ماذا ؟ في الجولة التي بها ‏نحو مائتين ..‏
حقا إن الترتيب المنطقي يقود الى الحل دائما !‏
قال ( جمشيد ) :‏
‏-‏ ‏" لا بأس .. لاحظا كل شيء .. ( ابو العتاهية ) سيقودكما الى هناك .."‏
ثم انصرف الى احد رجالة ، وبدا كأنما نسي الموضوع تماما وفتح موضوعا ‏آخر ..‏
‏*** ‏
تحت ستار الظلام نتسلل في الصحراء ماشين خلف ( ابو العتاهية ) .. النجوم ‏تعطي ضوءا لا بأس به ابدا .. تشعرك بالألفة برغم انك لا تميز نجما واحدا ‏مألوفا لك .. لا بد ان ( وعاء الدب الكبير ) هنا يدعى ( طشت غسيل التمساح ) ‏او أي شيء مماثل ..‏
كان هناك ضبع نظر لنا من بعيد ، ثم قرر انه بائس وحيد ففضل الانصراف ..‏
لا بد انا مشينا نحو نصف ساعة .. كنا في الحقيقة ندور حول تلك المدينة ‏الصحراوية الغامضة .. رأسانا يزدحمان بالأسئلة لكننا لا نجرؤ ، وعلى كل حال ‏كنا قد قدرنا ان هذه الجولة ستشرح لنا كل شيء .. ستلعب دور كتاب التاريخ ‏الذي قرأته انا في أرض المغول فأعفانا من أسئلة مربكة ..‏
قال لنا ( ابو العتاهية ) وهو يتقدمنا : ‏
‏-‏ ‏" النصيحة المهمة هي : لا تتبادلا أية كلمة عربية .. أنتما غربيان في كل ‏شيء .. ثم إنكما وحيدان تماما ولو وقعتما في أيديهم فلا علاقة لكما بأي ‏شيء .. لن تعرفا كيف تجداننا .."‏
ثم اشار الى الكاميرا وقال :‏
‏-‏ ‏" هذه لا تعمل .. لكنها تطلق ضوءا .. حاول ان تبدو فضوليا .."‏
هذا الجزء بالذات لا يحتاج الى توصيات .. لن يحتاج أي جهد منا .. ان الفضول ‏يقتلنا بالفعل ..‏
اخيرا راينا مشهدا عجبا ..‏
كان هناك سياج من السلك .. سلك مضلع يذكرك بالذي تثبته في دارك لتتقي ‏البعوض .. ومن بعيد ـ على مسافة ثلاثين مترا ـ كانت هناك طائرة متوسطة ‏الحجم .. لها ذات منظر حاملات القوات التي تراها في الصور .. إنها تخص ‏الجيش .. جيشا لا يعلم كنهه إلا الله .. وعلى بعد اكبر كانت هناك طائرتا ‏هليكوبتر وطائرة تبدو لي كالمقاتلات ..‏
كانت الطائرة المعنية واقفة تهدر كالوحوش ، غارقة في الأضواء .. وادركت ‏انها وصلت من فورها .. كانت هناك حركة غير عادية ، مع عملية تقريب سلم ‏على عجلات من بابها .. ‏
‏-‏ ‏" بالضبط في الموعد .."‏
قالها ( ابو العتاهية ) وهو يدنو من السور ويثبت أظفاره في فجوات السلك ..‏
ثم نظر لنا وقال : ‏
‏-‏ ‏" حين ينزل الركاب تدخلان .. لا توجد حراسة هنا ، ويسهل ان تندمجا ‏وسط الفوج .. الركاب سينتشرون في كل مكان ومن المستحيل مراقبتهم .. ‏كما اننا نعرف أنهم لا يجرون حصرا لهم .. الجولة تنتهي غدا في نفس ‏الوقت .. سأكون هنا لأساعدكما على الرحيل ..‏
‏-‏ هتفت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏-" تتكلم كأنه لا يوجد سلك .."‏
ابتسم ومد يده ليرفع جزءا من السور .. واضح ان هؤلاء القوم مزقوا اجزاء ‏من السياج من قبل ، صانعين بابا يدخلون منه متى أرادوا .. وحين يعود السلم ‏لمكانه ويثبتونه بالخيط يصعب ان تلاحظ انه تمزق ..‏
اخيرا بدأ الركاب ينزلون من الطائرة ..‏
بالفعل سادت الفوضى ، وبدا كأن الساحة أمامنا تحولت الى نوافذ الدرجة الثالثة ‏قبل مباراة كرة قدم .. هم مائتان لكنهم يقومون بما يقوم به الف من صخب ‏وفوضى ..‏
وفي هذه اللحظة همس ( ابو العتاهية ) : ‏
‏-‏ ‏" هيا .. لا تنظرا للوراء .. كونا طبيعيين .."‏
يبدو ان للرعب دورا مهما في اتخاذ القرارات الحاسمة .. لا اعرف كيف ولا ‏متى وجدنا نفسينا بالداخل ، ولا كيف اجتزنا المسافة الحرجة بين السور ‏والزحام ، لنتحول من ( متسللين ) إلى ( ربما كان هذان معنا من البداية ) ..‏
ولم ننظر الى الوراء ..‏
الزحام كله من الغربيين .. والأجمل هنا ان أكثرهم يلبسون مثلنا .. هذه ثياب ‏صالحة للرحلات او لغرض ( السافاري ) .. وقد ذكرني منظرهم بالسياج ‏الواقفين عندنا خارج معبد الكرنك بانتظار الدليل الذي يلوح لهم طالبا ان يتبعوه ‏‏..‏
سرعان ما اندمجنا وسط الزحام .. وكانت هناك كلمات بالإنجليزية والفرنسية ‏والألمانية .. فتاة تلتقط الصور لصديقتها وصديقها .. رجل يجمع بعض الرمال ‏في كيس .. مزاح .. بعض العجائز الأثرياء من طراز المومياوات إياه الذين ‏نراهم في مصر ، والذين يجمعون المال طيلة حياتهم لينفقوه أكثر من ربع ‏دولار يوميا والذين تعرفهم مصر كذلك ..‏
بعد قليل ظهر رجل يبدو أنه عسكري ، وكان يضع ( بادج ) صغيرا يقول : ‏ESF ‎‏ وامسك بمكبر صوت وقال بإنجليزية جيدة : ‏
‏-‏ ‏" إن المركز الصحراوي الرئيسي يرحب بكم .."‏
وكررها ثلاث مرات الى ان انتهت الضوضاء وصار قادرا على سماع نفسه ..‏
‏-‏ ‏" .. ستكون هذه رحلة الأحلام ، وقد خصصنا لكم خياما مكيفة ووجبة ‏عشاء ساخنة .. تبدأ الجولة صباحا ، إلا إذا رغب بعضكم في استكشاف ‏الصحراء ليلا .. هناك طائرات عمودية مخصصة لهذا .."‏
ثم دس يده في جيبه وقال :‏
‏-‏ ‏" هل من أسئلة ؟"‏
رفعت إحدى الفتيات يدها وبلهجة أمريكية سألته : ‏
‏-‏ ‏" كيف يتم تمويل المشروع ؟ هل انتم جهة حكومية ؟"‏
قال في ( ألاطة ) لا بأس بها وهو يدير عينيه في وجوهنا :‏
‏-‏ ‏" اكثر تمويلنا من الجامعات .. ومن ‏ESF‏ .. وبعض النفقات يتم تدبيرها ‏برحلات سياحية باهظة الثمن مثل هذه "‏
تعالت ضحكات عصبية لا مبرر لها .. واضح انها دعابة قوية فعلا ..‏
قال احد الواقفين ضاحكا :‏
‏-‏ ‏" خمسمائة ( كومون ) عن الفرد .. هذا ليس مبلغا زهيدا .."‏
قال الرجل الذي يبدو أنه عسكري : ‏
‏-‏ ‏" انا لا احدد الاسعار .. لكن ما اعرفه حقا هو ان كل من زارنا لم يشعر بعد ‏الزيارة بأنه دفع اكثر من اللازم .. والآن هل هناك من يرغبون في ‏استكشاف الصحراء ؟"‏
ارتفعت بعض الأيدي ، فرفعت انا و ( سلمى ) أيدينا .. كنا في حاجة الى الفهم .. ‏وعدم ترك فرص لهذه العملية ..‏
‏-‏ ‏" جميل .. هناك خمسون منكم .. سنحاول ترتيب الطائرات اللازمة .."‏
‏*** ‏
في المقصف انتظرنا في طابور طويل حتى جاء دورنا .. كان الطعام الذي ‏حملناه في صينية هو نوع م اللحم الممهوك او الممزق .. لا اعرف بالضبط .. ‏مع كوب من الكولا الباردة وبعض البطاطس المحمرة ..‏
لم أتحمس كثيرا للحم لأنني لا اعرف نوعه .. ربما هم يأكلون الذئاب على ‏العشاء في هذا الكوكب ، والادهى أن تكون ذئابا مخنوقة كذلك لكن البطاطس ‏كانت جيدة .. وعرفت ان ( سلمى ) أحبتها كذلك ..‏
ترى كي فيبدو تنكرنا في الضوء الساطع داخل المقصف ؟ لحسن الحظ أنه لا ‏احد ينظر الى الآخر ..‏
بعد العشاء تجمعنا حول الطائرات الهليكوبتر ، وقد قسمونا الى مجموعات ..‏
بدأت طائرتنا ترتفع .. ترتفع .. دورة حول المدينة التي لم تظهر معالمها ‏بوضوح .. مجرد نقاط لا حصر لها من الأضواء .. ثم ننطلق في السماء ‏الشاسعة التي تملؤها ثقوب النجوم .. متى قرأت عن الثقوب في السماء ، ‏والبرق الذي يحاول ان يرفوها كأنه إبرة خياط ؟ متى كان هذا ؟ في قصة أطفال ‏؟ ديوان شعر ؟ من المستحيل ان أتذكر الآن ..‏
ومن تحتنا بدت الصحراء الغامضة المسربلة في السواد .. كأنها طلسم لا قبل ‏لأحد بفتحه ..‏
‏( سلمى ) جواري .. تدنو مني اكثر وتهمس بالإنجليزية ( على سبيل الاحتياط ) ‏‏:
‏- " هل تشعر به ؟ هل تحسه ؟"‏
فألمس يدها .. ألثمه اوأصمت .. الليل والصحراء والصمت وهدير المحرك .. لا ‏بد ان شيئا تحرك فيها كما تحرك في .. ليس هذا وقته ، لكن العواطف ‏كالعضلات تبحث عن لحظات تستجمع فيها انفاسها .. لا يمكن ان تكون الحياة ‏كلها تخطيطا ومؤامرات ومحاولات للفهم والنجاة بالحياة .. لا بد من لحظة ما ‏يتقارب فيها رأسان يرمقان الليل ..‏
تقول لي : ‏
‏-‏ ‏" منذ متى لم تقل إنك تحبني ؟"‏
في الحقيقة لا اذكر انني قلتها على الإطلاق ـ هل تذكر انت ؟ ـ لكني اكذب فأقول ‏‏: ‏
‏-‏ ‏" منذ راح جهازك هذا يلقينا من حفرة لحفرة .. ومن بركان لبركان .. لا بد ‏من كوكب ما يصلح لالتقاط الأنفاس .."‏
‏-‏ ‏" لقد بدأت اعتقد ان عالمي هو أفضل العوالم المحتملة .."‏
الطائرة تحلق فوق تلال لا نعرف عددها ، ولا نهايتها .. ثم ‏
ظهر وميض ناري من على أحد التلال ..‏
وشهق البعض صرخ البعض .. على حين صالح الطيار :‏
‏- " تماسكوا ! إن صاروخا حراريا يتجه نحونا !!"

Ala_Daboubi 09-11-05 09:06 AM

nice story ..........yeslamo

^RAYAHEEN^ 09-11-05 09:10 AM

ولكموووووووووو

^RAYAHEEN^ 10-11-05 12:20 AM


-
7-
الجولة

‏" ساتر يا رب ! "‏
دوت الصيحة من ( سلمى ) وهي تتكور حول نفسها .. لو أصابنا هذا الصاروخ ‏الحراري فلن نعرف هذا .. طريف ان تتحول الى فتات من اللحم المشوي ‏وتقضمه فئران الصحراء بعد ثانية من كلامك عن الحب والعالم المحتملة ..‏
فيما بعد سيكون لي ان أقلق بصدد من سمعوا ( سلمى ) تصرخ بالعربية .. فيما ‏بعد ..‏
الطيار يرتفع بحركة عصبية ، ثم يأتي بحركة مناورة جعلتنا نرتطم ببعضنا .. ‏والبطاطس المحمرة تصعد الى الحلوق .. لا بد انه يقوم برسم حرف ‏Z‏ الشهير ‏الذي يتفادون به الصواريخ الحرارية ..‏
ثم رأينا وميضا الى اليسار ، والتفتنا فرأينا انفجارا في السماء يضيء المكان ..‏
‏-‏ ‏" استرخوا يا شباب .. لقد تفاديناه !! "‏
قالها الطيار ، فتصاعدت شهقات الارتياح .. وبكت بعض النسوة من فرط ‏الإجهاد العصبي ..‏
لا اعتقد ان هذا المشهد جزء مدبر من الجولة لإمتاعنا .. هو حقيقي .. واعتقد ‏ان صاحب هذا الصاروخ ينتمي لـ ( جمشيد بن عباس ) ورجاله ..‏
‏-‏ ‏" من ( انتريبيد ـ 3 ) الى الإوزم الأم .. من ( إنتيبيد ـ 3 ) الى الإوزة الأم .. ‏صاروخ عند ( دلتا إكس ـ 18 ) .. حول .." ‏
كانت هذه من الطيار طبعا .. ‏
وبعد دقائق ، اشار لنا الى الافق في نغمة انتصار ، ورأينا ثلاث مقاتلات قادمة ‏من بعيد .. ‏
هتف الناس واحتشدوا يتزاحمون ليروا ما سيحدث من النوافذ .. لم تفعل ‏المقاتلتان على الجانبين شيئا ، لكن الوسطى انفصلت لـ ( تتعامل معهم ) ـ كما ‏يقولون في سلاح الطيران ـ والتعامل معهم يعني انها ارتفعت قليلا وفي اللحظة ‏ذاتها انطلق منها صاروخ طار ليضرب بالضبط لنقطة لتي هوجمنا منها ..‏
وهوب ! لا اعرف نوع هذه القنابل العجيبة ، لكنها تشبه ما رأيته من قبل .. ‏الانتشار على مساحة واسعة .. اللهب الأخضر .. رأيت مرة نارا تشتعل في ‏كيروسين ، وقد بدا المشهد مماثلا لهذا بالضبط ..‏
المهم ان الافق تحول إلى نيران ، على حين حلقات المقاتلات مبتعدة ..‏
وهلل الركاب .. وراحوا يلوحون مودعين ..‏
تبادلت نظرة مع ( سلمى ) .. على الأرجح لم يحدث شيء للمهاجمين ، لانهم ـ ‏كما رأينا امس ـ اطلقوا صاروخهم وتواروا في إحدى الفتحات ..‏
ليتنا نفهم ما يحدث هنا ..‏
‏*** ‏
‏-‏ ‏" معذرة .. لكن اسميكما ليسا عندي على الإطلاق .."‏
قالها الرقيب وهو يراجع الأسماء المكتوبة أمامه ..‏
كان علي أن أتمادى في التمثيل أكثر ، فصحت في عصبية :‏
‏-‏ ‏" ونحن كنا نحسب انه لا أخطاء تحدث في جهاز بهذا الحجم .. والآن قل لي ‏‏.. هذا انا أمامك وهذه زوجتي وقد دفعنا ثمن هذه الجولة .. لا تتوقع منا ان ‏ننام في الصحراء .." ‏
قال في حرج وحزم عسكري برغم هذا :‏
‏-‏ ‏" آسف .. لا أستطيع ان اقدم لكما خيمة .."‏
رحت اضرب كفا بكف ، على حين بدا الاشمئزاز على ( سلمى ) من ( كل هذا ‏الإهمال ) ..في النهاية جاء رجل أرفع رتبة فرأى المشهد ، وسمع ما يقال ‏فهتف : ‏
‏-‏ ‏" ( سميث ) .. لتكن اكثر مرونة .. اعطهما استراحة المقصف .. على ‏مسئوليتي .."‏
‏-‏ ‏" ولكن .."‏
‏-‏ ‏" بقيت اربع ساعات على الصياح .. هذا لن يضير احدا .." ‏
استسلم ( سميث ) الاحمق ، على حين قلت انا من تبجح وانا اصافح الاعلى ‏رتبة : ‏
‏-‏ ‏" اخيرا هناك شخص ذو عقل في هذه القاعدة .. حسبتهم لا يختارون إلا ‏امثال هذا الـ ( سميث ) .."‏
لم يبد ( سميث ) سعيدا بكلامي ، ولا الومه على هذا .. إلا انه اصطحبنا إلى ‏غرفة ضيقة ملحقة بالمقصف .. هناك فراش واحد ، وحالة الغرفة توحي بأنها ‏كانت استراحة للبط أو وشق الأستبس .. لكنه على الأقل موضع يسمح لك ‏بوضع أفقي ..‏
انغلق الباب علينا فقالت ( سلمى ) في مرح :‏
‏-‏ ‏" انت .."‏
‏-‏ ‏- " حذار ! بالإنجليزية بصوت خفيض .."‏
قالت بالانجليزية :‏
‏- " أنت ممثل بارع حقا .. من يرك في غضبك يقسم على أنك صاحب حق .."‏
‏- " لدينا مثل يقول ( الحقوهم بالصوت ) ولا اعرف إن كان في أرضكم انتم ‏ايضا .. إذا كنت انت الطرف الخطأ الذي لا حق له ، فعليك ان تكون أعلى صوتا ‏والأكثر صراخا .. هذا يقنع الناس بعدالة قضيتك !"‏
على كل حال .. لقد نمنا .. وكان نومنا عميقا بالفعل .. لولا الطرقات الحازمة ‏على الباب في الصباح تخبرنا أن موعد الإفطار قد حان ..‏
في الصباح بدأنا الجولة التي لا نعرف أي شيء عن كنهها ..‏
كان المكان ذا طابع عسكري لا تخطئه العين ، لكن الجميع كان يتظاهربالمودة ‏واللطف ..‏
هذه المرة اقتادونا كالخراف الضالة الى مبنى عملاق له ذات الطابع المميز ‏للمتاحف في كل مكان .. وفوقه اللافتة اللعينة ‏ESF‏ التي تطاردنا في كل صوب ‏‏.. اصطففنا على الباب ، ودنا منى رجل مسن يحمل زوجا من الكاميرات وقال ‏لي في لهفة :‏
‏-‏ ‏" فيلم .. هل تعرف من اين ابتاع واحدا ؟"‏
ثم رأى البطاقة على صدري فهتف في مرح :‏
‏-‏ ‏" ولايات شرق ؟ انت ابن وطني إذن !! "‏
يا للمصيبة !‏
عاد يسألني وهو غير عازم على ان يخرس :‏
‏-‏ ‏" لطيفة زوجتك .. وإن كانت تشبهك كثيرا .. لا اقول هذا بصيغة الذم ! هل ‏انت من ( وارسوا) ؟ لا بد انك يهودي مثلي .."‏
ثم قال عبارة ما بلغة لا استبعد انها البولندية .. فهززت راسي وقلت الكلمة التي ‏فتح الله علي بها : ‏
‏-‏ ‏" بوخارست .."‏
أعتقد ان هذا اقرب الى الحكمة .. ما دمنا نتكلم عن الشرق ، وما دام هو بولنديا ‏فمن الحكمة ان أدعي الرومانية .. هز رأسه في أسى وحيانا وابتعد ..‏
على الباب اصطففنا كما قلت لك ، ثم ظهر رجل له ذات السمت العسكري ، ‏وهتف : ‏
‏-‏ ‏" سندخل في مجموعات .. لا داعي لأن أذكركم بأن اللمس ممنوع .."‏
ثم أضاف :‏
‏-‏ ‏" لقد انفق صندوق الأنواع المنقرضة الكثير على هذا المتحف .."‏
هنا بدأت افهم .. ( صندوق الأنواع المنقرضة ) .. أو ‏Extinct Species ‎Fund‏ .. من هنا جاءت الــ ‏ESF‏ التي تطاردنا في كل مكان .. اعرف هذه ‏المشروعات .. ما يوشك على الانقراض مثل دب الكوالا والباندا والنسر ‏الأمريكي الأصلع ، وما انقرض فعلا مثل ذئب ( تسمانيا ) الذي لم يكن ذئبا ولم ‏يكن من ( تسمانيا ) ..‏
سمعت ( سلمى ) خواطري ( لا يوجد خطأ مطبعي هنا ) فقالت : ‏
‏-‏ ‏" انت مخطئ .. لا تنس ان هذه ارض العظايا .. لا بد ان الموضوع يتعلق ‏بالديناصورات .."‏
صحيح .. نسيت هذا ..‏
طبعا لا بد في المدخل ان نجد ذات الهيكل المعهود للـ ( تي ركس ) أو ( ‏Tyrannosaurus‏ ) المحبب للأطفال .. لا بد من آثار أقدام على الطين الذي ‏حول الى حفريات .. لا بد من نباتات متكلسة وعظام متحجرة لطائر ( الإصبع ‏المجنح ) المثير ‏Pterodacty1‎‏ ..‏
ووثب قلبي طربا .. انا احب الديناصورات .. من الذي لا يحبها ؟ ‏
وتقدمنا في تؤدة الى الداخل ..‏
كانت هناك خارطة كبيرة تحتل اهم موقع في المكان .. ثم رأينا عينات متكلسة لا ‏تعرف كنهها .. لا توجد هياكل للديناصور لكن هناك هياكل عظمية آدمية واقفة ‏وقد حفظت في واجهات عرض ..‏
ثمة قاعات جانبية في إحداها جمل كامل محنط .. لا اعرف . هل انقرض الجمل ‏في هذا الزمن ؟
هناك ثياب عربية معلقة على مشاجب . وأجزاء من خيام .. هناك قطع من ‏تماثيل .. وأسلحة آلية صغيرة ..‏
هناك صور لمطربين نعرفهم .. ما معنى هذا ؟‏
قال المرشد وهو يتقدم الحشود الذين لا يكفون عن التقاط الصور :‏
‏-‏ ‏" في الداخل هناك نماذج حية .. سندخل ولكن بهدوء من فضلكم .. إن ‏الزحام قد يكون خطرا .. تذكروا ان هذه العينات غالية جدا ونادرة جدا .." ‏
وفي هدوء مشى الى ممر جانبي ، فمشينا وراءه ..‏
بالداخل كانت هناك نوافذ عرض .. وكان بداخلها . أشخاص .. أحياء ..‏
النوافذ عملاقة جدا مما يتيح ان يوجد بالداخل بيت صغير، واسرة كاملة مكونة ‏من اب وزوجته واولاده ينظرون لنا في خوف وتوجس وملل .. كانوا سود ‏البشرة يبدو أنهم من إفريقيا ..‏
ثمة لافتة على الزجاج تقول : أوضح نموذج لـ ‏Home erectus‏ .. تم العثور ‏على هذه العينة في ( تنزانيا ) ..‏
ألصقت ( سلمى ) وجهها بالزجاج وراحت ترتجف .. رآها طفل أسود بالداخل ‏فاقترب منها وقد غلبه الفضول لكنه أمه ركضت لتبعده ..‏
‏-‏ ‏" ممنوع لمس الزجاج يا آنسة !"‏
قالها المرشد في عصبية ، فابتعدنا ..‏
وفي واجهة أخرى كانت اسرة من الاستراليين البدائيين .. و ..‏
هتفت ( سملى ) بصوت مبحوح :‏
‏-‏ ‏" ( سالم ) .. هل فهمت ما هي العظايا المنقرضة ؟ إننا لا نتكلم نفس اللغة ! ‏إن العظايا هي نحن !"

^RAYAHEEN^ 10-11-05 12:24 AM


‏-8- ‏
فالنفر من هنا ..‏

كنا في حالة نفسية بالغة السوء ، ونحن نتقدم الى الطائرة .. طائرة كبيرة نوعا ‏هي التي رأيناها أمس رابضة في المطار .. لأين ؟ ( أبو العتاهية ) قال إن ‏موعدنا في الليل ، وما زال الليل بعيدا ..‏
لقد ارتفعت الطائرة في الهواء ، وبدأت تعلو باستمرار .. ‏
لحسن الحظ كانت هناك مقاعد خالية وإلا لافتضح امرنا لدى السعود .. هذه ‏الرحلات ليست تامة العدد فيما يبدو ..‏
ولم نتبادل الكلمات .. لم نفتح فمنا بكلمة واحدة ..‏
لأننا لو تكلمنا لانفجرنا في شلال من الأسئلة والاحتجاجات والهستيريا ..‏
الليلة لو نجونا سنذهب الى ( جمشيد بن عباس ) .. سنلقي بأنفسنا تحت قدميه ‏نتوسل إليه ان يشرح لنا كل شيء .. لا تقل إن الحقيقة هي ما فهمناه نحن .. قل ‏إننا غبيان .. قل إننا حماران .. قل أي شيء .. لكن من فضلك لا تقل ما نعرف ‏الآن هو الحقيقة .. ‏
‏-‏ ‏" يمكنك ان تروا النيل لو نظرتم الى الجانب الأيمن .."‏
كان هذا صوت المذيع الدليل او الطيار ذاته ..‏
تصاعد الكثير من ( الواو ) و ( الياي ) ونظر الجميع من النوافذ اليمنى ، حتى ‏شعرت بان الطائرة تميل مهددة بالسقوط ..‏
‏-‏ ‏" انهضي .."‏
قلتها لـ ( سلمى ) في كآبة لأن منظرنا بدا غريبا الآن .. نهضنا ونظرنا من ‏النوافذ وأطلقنا الكثير من الـ ( واو ) بدورنا ..‏
دوى صوت المذيع او الدليل او الطيار ذاته :‏
‏-‏ ‏" من الناحية اليمنى ترون الأهرام .."‏
وتكرر المشهد من جديد بحماس كبير ..‏
‏-‏ ‏" جوار الهرم الأكبر تجدون معبد ( فيلة ) و ( الكرنك ) .."‏
ما هذا التخريف ؟ هل هذا من أنواع الخلط الشهيرة بين العوالم ؟ لكن لا .. ثمة ‏شيء يقول لي إن هذا ليس خليطا ..‏
‏-‏ ‏" والآن ترون أجزاء من سد ( مأرب ) .. وأطلال ( بترا ) .. ثمة آثار ‏قرطاجية بالغة الأهمية لو .."‏
هنا لم تتحمل ( سلمى ) اكثر فهتفت : ‏
‏-‏ ‏" لحظة .. انت تجمع أقصى اليمين مع أقصى اليسار في مكان واحد .. هذه ‏الآثار مقلدة طبعا ؟"‏
لا ادري كيف سمعها فقد دوى صوت المذيع او الدليل او الطيار ذاته يقول : ‏
‏-‏ ‏" بل هي أصلية طبعا .. هذا عملنا هنا في ‏ESF‏ .. لقد تمكنا من نقل هذه ‏الآثار المهمة للحضارات الغابرة، وجمعناها كلها في مكان واحد .. هذا ‏يسهل زيارتها وصيانتها ويحميها من التلف .."‏
الآن نرى بقايا من الحضارة الآشورية .. وبعض بقايا الرومان في ليبيا ..‏
‏-‏ ‏" يمكن القول إننا استبقينا بعض الأجناس بهدف علمي بحت .. لكن خطتنا ‏مستمرة لجعل كل شيء تحت السيطرة .."
أخيرا انتهت الجولة ، فبدأت الطائرة تدور بالعكس لنرى نفس المعالم من ‏جديد ..‏
بعد ساعة او اقل كانت الطائرة تنحدر لتهبط في المطار ..‏
وترجلنا انا و ( سلمى ) شاعرين بحاجة ماسة الى العثور على مكان نستجمع فيه ‏خواطرنا .. مكان بلا بشر ..‏
وقف أحد العسكريين على باب الطائرة وهتف في مكبر الصوت :‏
‏-‏ ‏" هناك وجبة عشاء جاهزة لكم ، بعدها جولة حرة قبل ركوب الطائرة الـ ( ‏شارتر ) للعودة .."‏
كانت الحماسة قد بلغت بالقوم مبلغها ، وراحوا يلتقطون الصور لكل شيء .. ‏لاحظت ان هناك شعبية كبرى للرمال ، الكل حريص على أن يحتفظ ببعضها في ‏كيس ..‏
تناولناه في شرود ، بعدها وقفنا في المطار بينما الطائرة الضخمة التي سترحل ‏بهؤلاء تدور ببطء على الأرض ، وصخب المحركات يصم الآذان .. يبدو أن ‏تزويدها بالوقود قد تم ..‏
إن فتحة السور هناك .. لو وجدنا اللحظة المناسبة لتسللنا الى هناك ورفعنا ‏السلك و ..‏
فوجئت بالعجوز البولندي الثرثار إياه يقترب منا ومعه فتاة .. فتاة من طراز ‏ابيض الشعر أحمر الجلد رمادي العينين ، حتى لتشعر بأنها سلبية صورة تمشي ‏على قدمين ..‏
قال لي بالإنجليزية :‏
‏-‏ ‏" معذرة .. انت ( بوخارست ) .. هه ؟ "‏
قلت باسما في عصبية :‏
‏-‏ ‏" وانت ( وارسو ) "‏
رفع يد الفتاة وقال :‏
‏-‏ ‏" هذه ( ناديا ) من ( بوخارست ) هي الأخرى كانت تبحث عن رفقة فقلت ‏لها إن مواطنيها هنا "‏
توارى الكون كله خلف غشاوة بينما الفتاة تضحك في مودة ، وتنطلق في حديث ‏بالرومانية جدير بأن يخرج من فم الكونت دراكيولا نفسه ..‏
نظرت لــ ( سلمى ) ونظرت للفتاة ثم هززت رأسي بمعنى أنني لا افهم .. إشارة ‏غبية جدا لا معنى لها .. ربما لو كنت أثبت جنانا لاتهمت الفتاة بأنها نصابة وان ‏ما تتكلمه ليس الرومانية ..‏
وقف رقيب ما على باب الطائرة وصاح :‏
‏-‏ ‏" فليركب الجميع .."‏
تأهب الجميع للصعود ، لكني سمعت صوتا يقول :‏
‏-‏ ‏" لحظة ثمة نقطة لا بد من استيضاحها .."‏
نظر الجميع لمصدر الصوت .. كان هذا هو العجوز البولندي اليهودي ..‏
قال في حماسة ضاغطا على كلماته :‏
‏-‏ ‏" هذان الشابان .. لا استريح لهما على الاطلاق .. يزعمان انهما رومانيان ‏وهما لا يعرفان حرفا من الرومانية .. وأكاد أقسم إنهما لم يكونا معنا في ‏الطائرة عندما جئنا !"‏
صاح صائح :‏
‏-‏ ‏" بالفعل لم نرهما قط .."‏
هنا ـ كما في الكوابيس ـ ظهر الجندي ( سميث ) الذي تشاجرت معه البارحة .. ‏تدخل في الكلام قائلا :‏
‏-‏ ‏" بالفعل .. هذان لم يكن اسمهما في الاوراق !! نحن لا نرتكب أخطاء .. لا ‏تسقط منا اية اسماء سهوا .."‏
وهتفت عجوز شمطاء اخرى :‏
‏-‏ ‏" الفتاة كانت معنا امس في الطائرة العمودية .. وصاحت حين رأت ‏الصاروخ بعبارة لم اسمعها من قبل بأية لغة !!"‏
هنا ادركت اننا وقعنا في الشرك ..‏
لكن الشرك لن يكون السجن هذه المرة . .انا اعرف ما يحدث لمن يقع في يد ‏الجماهير الغاضبة ..‏
كان الجميع ينظر لنا الآن .. حوالي مائتي سائح متحمس ، ومعهم عدد من ‏رجال القاعدة او المدينة ..لو كان الجهاز معنا الآن ! هذ اوقت مناسب جدا ‏لضغط الأزرار ..‏
بالفعل راحت أناملي تضغط على زر وهمي وفق قماش سروالي .‏
‏*** ‏
في اللحظة التالية حدث ما يمكن ان تسميه ( اسلوب جريفث ) في الإنقاذ على ‏اللحظة الأخيرة ..‏
لقد دوى إنفجار مروع في مكان ما من المطار .. وفي اللحظة التالية كانت ‏سحابة كثيفة من الدخان تغلف الجميع .. وتفرق الناس في رعب .. وتعالت ‏عبارات ( النجدة ) و ‏Help ‎‏ و ‏Secours‏ و ...‏
هنا شعرت بيد قاسية عنيفة كالمنجل تطبق على معصمي وسط الدخان ..‏
حدث الشيء ذاته مع ( سلمى ) على ما يبدو .. وشعرت بأننا نجر كالخراف الى ‏السور واخيرا وجدت الفتحة فاجتزتها ..‏
‏-‏ ‏" تمرغا ! بسرعة ايها الاحمقان قبل ان ينقشع الدخان !"‏
كان ها سهلا لان هناك منحدرا ، وسرعان ما راح جسدانا يدوران فوق الرمال ‏كأننا حزمة من الصبار الجاف ..ومعنا حزمة ثالثة بدأت أفهم أنها ابو العتاهية ‏‏..‏
أخيرا وجدنا أننا نرقد فوق الرمال التي يبللها السواد والندى ..‏
لا بد ان تأثير اختفائنا كان دراميا بالنسبة لهؤلاء القوم بمجرد ان زال الدخان ..‏
قال ( ابو العتاهية ) :‏
‏-‏ ‏" اعددت قنبلة دخان لاستعمالها لو ساءت الامور .. ويبدو أنني كنت ‏حويطا في هذا .. ما كانوا ليسمحوا لكما بالفرار مهما حدث .."‏
ثم هتف وهو ينهض :‏
‏-‏ ‏" نبتعد الآن .. هناك فجوة كهف قريبة .. يجب ان نتوارى قبل ان تأتي ‏الطائرات العمودية .. للاسف افتضح امر هذه الفجوة في السلك .."‏
رحنا نركض بين الرمال حتى بلغنا فتحة من تلك الفتحات المعالجة بعناية.. يزيل ‏الرمال المعجونة .. ينزع الورقة المقواة .. ثم ندخل . الخطر في الدخول هو أنه ‏مهما حاولت من الداخل ، فإن الفتحة تظل واضحة للعيان منهكة .. بينما ‏الفتحات التي تعالج من الخارج يستحيل اكتشافها ..‏
اخيرا جلسنا في الكهف المظلم ، فأشعل مشعلا ما جعل الأمور أفضل ..‏
قال لي باسما :‏
‏-‏ ‏" فقدت شعرك المستعار يا صاح .."‏
قلت له منهكا :‏
‏-‏ ‏" لهذا خير من ان افقد إحدى عيني .."‏
بعد تفكير قالت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" لدينا عشرات الأسئلة .."‏
قال وهو يضع بندقيته الآلية جانبا :‏
‏-‏ ‏" نحن لدينا مئات الأسئلة لكننا لن نتكلم عن شيء إلا امام ( جمشيد بن ‏عباس ) .."‏
للمرة الأولى اظهرت ( سلمى ) جهلها بقواعد هذا العالم وكانت عامدة :‏
‏-‏ ‏" هل هذا اسمه الحقيقي ام الحركي ؟"‏
نظر لها في حيرة ، ثم قال بصدق :‏
‏-‏ ‏" اسمه الحقيقي طبعا .. ( جمشيد بن عباس بن محمود ) .. نحاول ان ‏نبقي اسماء جدودنا حية ساخنة .. إن ابني اسمه ( فرناس ) .. لهذا صار ‏محتما ان يكون اسم ابنه ـ لو رزقه الله بابن ـ هو ( العباس بن فرناس ) .."
قلت لـ ( سلمى ) مفسرا :‏
‏-‏ ‏" رائد حلم الطيران .."‏
هزت رأسها في غيظ :‏
‏-‏ ‏" اعرف .. بالله العظيم أعرف .. لدينا واحد منه كذلك .."‏
وأطبقنا شفاهنا عن الكلمات .. وأخلدنا لصمت طويل اختلط بلحظات نوم عميق ‏‏.

فلسطين 10-11-05 03:32 PM

يسلمو كتير رياحين

ورح ازور هون كل يوم لشوف القصص

يعطيكي الف عافيه

تحيه

^RAYAHEEN^ 10-11-05 03:39 PM

على الرحب والسعة فلسطين
وان شاء الله رايحه اتلاقي المتعة والاثارة والتشويق
بهالنوعية من القصص
شاكرة لكي مرورك
تقبلي مني فائق التحية ،،،

^RAYAHEEN^ 13-11-05 12:41 AM


-9-
كيف بدأ كل شيء
..


‏-‏ ‏" الحقيقة يا ( جمشيد ) أننا لسنا من هذا الكوكب على الإطلاق .. لا اعرف ‏إن كنت تصدق هذا ام تكذبه ، لكننا لا نطلب منك التصديق او التكذيب ، ولا ‏نبالي برأيك .. فقط نريد فهم ما يدور هنا .."‏
كان( جمشيد ) جالسا على الرمال ، يجدل سلة صغيرة ، وقد جلس حوله طفلان ‏‏..‏
المكان كان واحة صغيرة .. لا .. لا اجسر على ان اسميها واحة .. لنقل إنه بئر ‏جواره ثلاثة أكواخ من الشعر .. ثمة نساء هنا وأطفال ، وبضع اشجار النخيل ..‏
لم يبد عليه انه سمع ما نقول . فقط واصل جدل السلة ، وعيناه العجوزان ‏المنهمكتان تحاولان قدر الإمكان ان تريا ما تقومان به .. ثمة نظارة ذات إطار ‏من اسلك مثبتة عل أنفه ومن الجلي انها لا تقدم له الكثير ..‏
الحقيقة أنني لم افهم قط السر الذي جعل هذا المكان آمنا بالسبة لطيران قادر ‏على الوصول إلى أي مكان .. ثم فهمت أنه من الأماكن المختارة للجولات ‏السياحية الطائرة .. لا احد يهاجمه لأنه مكان محبب للسياح ..‏
من الواضح ان ما يعرفه هؤلاء القوم في ‏ESF‏ هو ان هذه الواحة تضم بدويا ‏مسالما وزوجتيه وبعض الأطفال .. لكن الحقيقة كانت انها ملتقى محبب لرجال ‏المقاومة .. ( جمشيد ) ورجاله ..‏
كذلك لا يمكن الآن الجدل في حقيقة أن ( جمشيد ) هو الحاكم الفعلي لهذا العالم ‏السفلي المتشابك الرهيب .. إنه عقل على جسد ليس واهنا تماما بينما رجاله ‏عضلات ..‏
لكن ما يضايق5ني الآن هو ان الرجل لا ينصت لنا على الإطلاق ..‏
قلت له بعد قليل : ‏
‏-‏ ‏" ( جمشيد ) .. هل تسمعني ؟"‏
قال دون ان ينظر لي : ‏
‏-‏ ‏" كلمات .. كلمات .. سمنا منه الكثير فلم اعد ابالي بها.. ما الفارق بين ان ‏تكون من هنا او هناك ؟ ما المطلوب مني بالضبط ؟"‏
وهو ما يقول بوضوح إنه لا يصدق حرفا : نحن مجنونان او عميان .. وهو ‏يميل الى الرأي الاول لان الجاسوس لا يكون بهذه الحماقة ..‏
قلت له :‏
‏-" النقطة الأولى هي جهازنا .. الجهاز الذي اخذوه منا في القاعدة الاولى .. ‏من اخذه طبيب يدعى ( ستارسكي ) ..‏
‏- " اعرفه .."‏
‏- " النقطة الثانية هي ما معنى هذا الذي يحدث ؟؟ سواء صدقتنا ام لم تصدق ، ‏فنحن لا نعرف البتة كيف حدث هذا ، ولا متى وضع الهرم جوار آثار ( بترا ) .. ‏من هم العظايا؟ من هؤلاء الناس ؟ "‏
قال وهو ينزع النظارة : ‏
‏-‏ ‏" سأحكي كل شيء .. ربما لأذكر نفسي ، سأسألكما أسئلة كثيرة بعد ما ‏تنتهي القصة .."‏
‏*** ‏
قال ( جمشيد ) وهو يرشف القهوة العربية : ‏
‏-‏ ‏" إنهم يحاولون إبادتنا بالكامل .. بعدما انتصروا علينا وسادوا البر والبحر ‏والسماء ، يحاولون ان يزيلونا من على وجه الارض ..‏
‏-‏ ‏" فيما مضى كان هناك عالمان .. عالم الشرق وعالم الغرب .. هذا قديم جدا ‏‏.. وكان التناقض بين العالمين قويا جدا برغم المحاولات العديدة لتقريبها .. ‏لكن الغربيين كانوا يؤمنون بان العالمين لن يلتقيا .. وقديما قال احد أدبائهم ‏إن الشرق شرق والغرب غرب ولن يلتقيا ابدا .."‏
كان يتكلم عن ( رديار كيبلنج ‏RUDYARD KIPLING ‎‏ )‏
واصل ( جمشيد ) الكلام : ‏
‏-‏ ‏" كانت هناك شعوب عدة في الشرق .. العرب .. الهنود .. بالإضافة الى ‏بعض الشعوب الصغيرة مثل تلك الموجودة في قلب إفريقيا وأجزاء من ‏استراليا .. وكان الصدام الحضاري قاسيا وصل درجة الحروب في أوقات ‏ما .. المشكلة بالنسبة لنا العرب هي ان ثرواتنا كانت عظيمة ، ولم يكن ‏الغرب ليستطيع تكوين صناعة ناجحة من دون الاعتماد علينا .. كما ان ‏بعض دولنا ـ مثل مصر ـ تميز بموقع جغرافي غير عادي يحتم السيطرة ‏عليه ..‏
‏-‏ ‏( بونابرت ) الغازي الشهير قال ( إن مصر اهم بلد في العالم ) .. وكان يعني ‏بهذا ان من يسطر على مصر يسيطر على العالم .. كما كانت هناك دول بالغة ‏الأهمية .. مثل الصومال التي تشكل نقطة حاكمة على ساحل إفريقيا وعلى ‏الخليج الهندي . .‏
‏" كانوا أذكياء بارعين .. وقد طوروا علومهم بحيث استطاعوا السيطرة علينا ‏‏.. كانوا يأخذون منا الثروات ليصنعوها ، ثم يبيعوها لنا بسعر باهظ .. وكان ‏اعتمادنا عليهم كليا ..‏
‏" النقطة الثانية هي انهم استطاعوا ان يزيلوا الخلافات بينهم .. لم يعودوا شتى ‏‏.. بل كونوا جيشا موحدا .. وصارت لهم تجارة واحدة واقتصاد واحد .."‏
قالت ( سلمى ) في حماسة : ‏
‏-‏ ‏" نفس الشيء حدث في عالمي .. لكن العرب هو من صنع هذا .."‏
لم يهتم الرجل بملحوظتها وواصل الكلام :‏
‏-‏ ‏" صارت هناك الولايات الشرقية في شرق اوروبا .. والولايات الوسطى ‏في غرب أوروبا ووسطها .. ثم الولايات الغربية عبر المحيط .. هذه الدولة ‏الكبرى ذات الموارد غير المحدودة إسمها ( إمبيريا ) ..‏
‏" لكننا في زمن التكتلات هذا ازدادت خلافاتنا ومشاكلنا .. كلما تقاربوا هم ‏تباعدنا نحن .. تكالبنا على مصالحنا الشخصية الضيقة .. غرقنا في الشعارات ‏والشعر .. ومن حين لآخر يقول قائل : فلنكف عن الخطب .. حان وقت العمل .. ‏ثم تتحول كلماته هذه الى خطبة جديدة .. ولم نستطع النفاق على شيء واحد ‏حتى كدنا نختلف حول ما إذا كنا في النهار ام الليل .. والنتيجة هي أننا تلاشينا ‏‏.. فجأة لم نعد قوة لها حساب .. وصاروا قادرين على ان يعملوا بنا ما يريدون ‏‏.. بدءوا بالبلد ( أ ) وقالوا إن هذا لمصلحتنا .. فتناسينا الامر .. ثم انتقلوا الى ‏البلد ( ج ) زاعمين ان هذا ضروري .. ثم جاء دور البلد ( د ) .. انتم تعرفون ‏قصة الثيران الثلاثة الشهيرة التي ( اكلت يوم اكل الثور الابيض ) .. الآن لم ‏يبق منا إلا بلد واحد على الساحل الغربي لشمال إفريقيا . وهم لا ينوون تضييع ‏الوقت .. إن دوره قادم حتما ..‏
‏-‏ ‏" المشكلة الأخر هي ان ثرواتنا انتهت .. نفذت .. وهكذا انصرفوا عنا .. ‏حتى الاحتلال حمل عصاه ورحل تاركا بعض المعسكرات المتناثرة .. في ‏الماضي كانوا يصدرون لنا الطائرات والسيارات والأجهزة الالكترونية.. اما ‏الآن فلم يعد لدينا ما نعطيه .. بالتالي لم يعد لديهم ما يقدمون .. وبالتدريج ‏لم يعد لدينا دواء ولا كساء ولا أي شيء .. يسهل تصور هذا إذا تذكرت انهم ‏يصنعون القلم الرصاص ذاته ..‏
‏" هنا وجد هؤلاء القوم أنفسهم في مشكلة .. إن الشعوب التي نفدت ثرواتها لم ‏تعد لها اهمية ما ، تشكل خطرا دائما .. إنها غاضبة جوعى والجائع الغاضب ‏يفعل أي شيء ..‏
‏" لم يكن الغربيون ممن يهتمون بالحياة البشرية إلى هذا الحد .. إن إبادة ‏الهنود الحمر بالرصاص او التجويع او حتى البطاطين الملوثة بالجدري لأمر لا ‏ينكره التاريخ .. وقد جاء الدور علينا .. لا بد من استئصال الشعوب التي لم يعد ‏لها اهمية ..‏
‏" استغرقت حملات الإبادة مائة عام .. والنتيجة هي اننا كدنا نزول بالفعل .. هنا ‏يبرز الجانب الإنساني المنافق لهؤلاء القوم .. إنهم يبيدوننا بيد ويقدمون لنا ‏العون باليد الأخرى .. ليس الغرض هو الحفاظ على أرواحنا ولكن الحفاظ على ‏جزء مهم من تاريخ هذه الارض .. نحن كنز ثقافي علمي لا بد من إبقائه ..‏
‏" وهكذا تكونت الـ ‏ESF ‎‏ وهي هيئة علمية شبه عسكرية ، تعمل على الحفاظ ‏على ما تبقى من آثار تلك الشعوب التي بادت او كادت .. ثمة متحف . زرتماه ‏أمس ـ يضم ما بقي من عينات بشرية حية او ميتة .. هياكل .. ادوات كنا ‏نستعملها .. إلخ ـ وهم يجمعون أي عظام في الصحراء باعتبارها كنزا ثمينا ‏يزداد قيمة يوما بعد يوم ..‏
‏" قاموا بجمع كل الآثار في مكان واحد كما رأيتما لتسهل زيارتها وصيانتها .. ‏وهم يطلقون لفظة ( العظايا ) على كل شيء يحاولون الحفاظ عليه .. بدءا ‏بعظام الديناصور وانتهاء بعظامنا نحن .." ‏
ابتلعت ريقي وقلت :‏
‏-‏ ‏" إن كلامك مخيف .. والآن اعرف الاختلاف بين الكوكبين .. ليس جوهريا ‏‏.. إنه اختلاف زمني لا اكثر ! فقط انتم تسبقوننا في الأعوام !"‏
سالته ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" وانتم ماذا تفعلون ؟"‏
قال منهمكا : ‏
‏-‏ ‏" نحاول ما يفعله أي كائن آخر ما فعله الهنود من قبل .. نحاول ان نبقى .. ‏ان نحافظ على حضارتنا .. نقاومهم .. نقاومهم بشراسة لكننا في الحقيقة لا ‏نحدث اكثر من بعض الخدوش في الدبابة ..‏
‏" نحاول التشبث بهويتنا .. نحافظ على ديننا .. نحافظ على لغتنا .. على اسمائنا ‏‏.. كل واحد منا يحمل اسم علم من اعلام العرب .. هكذا لا ننساهم ابدا .. لاحظت ‏ان طعامنا غارق في التقاليد العربية .. حتى الأغاني لا نسمعها للمتعة ولكن ‏لانها تجعلنا على خطوط اتصال مفتوحة بماضينا .. نتناسل .. نعلم اطفالنا .." ‏
سالته ( سملى ) :‏
‏-‏ ‏" هل تعتقد انهم سينجحون في إبادتكم ؟"‏
‏-‏ ‏" لا اتساءل . . لقد نجحوا فعلا !! فقط آخر معقل لنا هو لك القطاع في ‏شمال إفريقيا ..ومن الواضح ان اجتياحه قادم .. لسوف يبقى عشرات منا ‏يمثلون ما يمثله الهنود في امريكا الشمالية ..مجرد اثر انتروبولجي عالي ‏القيمة .. ولربما يظهر بعضهم في السينما من حين لآخر في ادوار السحرة ‏الهنود الذين يعرفن الاسرار كلها !"‏
قلت في غيظ :‏
‏-‏ ‏" هذا مهين حقا يا ( جمشيد ) .. توضعون في المتحف وتنظم الزيارات ‏لرؤيتكم .."‏
قال ببساطة :‏
‏-‏ من انكر هذا ؟ لا حاجة بك الى ان تخبرني .. لكنك تر اني اقاتل ولسوف ‏اموت وانا أحمل بندقيتي .."‏
‏-‏ هذا غير كاف .. الهنود كانوا من ابسل الشعوب وأشجعها .. وليس منهم من ‏لم يمت وهو يقاتل .. لكنهم انقرضوا برغم هذا .."‏
ابتسم في قسوة لأنه وجد ساذجا يهذي ، وقال :‏
‏-‏ إذن قل لي ما افعله ولسوف اكون شاكرا .."‏
قالت ( سلمى ) :‏
‏-‏ ‏" يتكلم عن السلاح طبعا . ما هي حالة تسليحكم ؟"‏
لوح بالبندقية وقال باسما :‏
‏-‏ ‏" هذا .. وبعض المتفجرات ..بعض الصواريخ الحرارية .. لا يوجد الكثير ‏‏.."
‏- " نعني الاسلحة المحترمة .. ما هو وضعكم النووي ؟"‏
ارتجفت للفكرة ، لكني نظرت لها وقلت في استخفاف :‏
‏-‏ ‏" ماذا تتوقعين ؟ هذه الاشياء تحتاج الى قدر هائل للعلم والمال .."‏
قال ( جمشيد ) في جدية :‏
‏-‏ ‏" كما تقول .. لكن هناك كذلك القنبلة الأيونية ، وهي لا تقل خطرا عن ‏النووية .. هناك عالم باكستاني استطاع ان يصنع قنبلة ايونية خفيفة الوزن ‏رخيصة الثمن ، وبحث كثيرا عمن يموله لكن الجميع خشى الكلفة او ‏المسئولية .. الرجل الآن ضائع ولا يعرف أحد مكانه .."‏
ثم لعق شفته السفلى الجافة وغمغم :‏
‏-‏ ‏" رحمه لله إن كان ميتا .. إسمه ( إسماعيل خان ) .."‏
هتفت ( سلمى ) وهي تثب على قدميها:
‏- " ( إسماعيل خان ) لقد كان سجينا في المعسكر الاول .."

hiss77 13-11-05 12:42 AM

aham eshi ref3at esma3eel el 3aha loooooooooooooooool

^RAYAHEEN^ 13-11-05 12:49 AM

hiss77
ههههههههههههههههه شايف كيف علاء بيحرف بالاسماء

Ala_Daboubi 14-11-05 09:15 AM

thanks rayaheen

meen el akh hiss77 ?? shiklo 3ajabak 7akyee ??0

^RAYAHEEN^ 14-11-05 09:27 AM

على الرحب والسعة يا ابو عمر طويل ههههههههههههه

Ala_Daboubi 14-11-05 09:45 AM

wala tadri nafson be 2ay arden tamoot

^RAYAHEEN^ 14-11-05 10:52 PM




-10-‏
عملية ليلية

قلت في ملل :‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان كل الباكستانين اسمهم ( حشمت خان ) أو ( إسماعيل خان ) .. ‏هذا لا يضيف شيئا .."‏
‏-‏ ‏" على قدر علمي لا يوجد في المنطقة إلا هذا الـ ( إسماعيل خان ).."‏
جلس وللمرة الاولى تتفحص عيناه القويتان وجوهنا .. سالنا عن كل التفاصيل ‏‏.. كان يعرف المعسكر جيدا ، ولكنه يجهل كل شيء عمن فيه .. كنوا يطلقون ‏عليه ( مجزر ستارسكي ) .. و ( ستارسكي ) هذا هو مدير المشروع والمسئول ‏عنه بالكامل ..‏
ومن جديد عاد يسألنا عن تفاصيل زيارتنا السياحية اياها .. فلما انتهينا من ‏سرد قصتنا ، قال لنا وهو ينهض :‏
‏-‏ ‏" ستظفران بقسط من الراحة .. إن هذا الخبر اهم شيء سمعته منذ سنين .. ‏‏( إسماعيل خان ) حي .."‏
دخلنا الى احد الاكواخ حيث مارسنا تلك المتعة العظمى : خلع الحذاء .. وجاءتنا ‏امرأة بجرة مليئة بالماء كي تغسل وجوهنا ونشرب .. ثم جلبت جرة بها لبن ‏بارد .. لا بد أنه لبن ماعز ..‏
قت لـ ( سلمى ) وانا ارقد على الارض التي غطتها بعض الجلود : ‏
‏-‏ ‏" لا اعرف ما هي تلك القنبلة الأيونية .."‏
قالت في ثقة وقد ضمت ركبتيها الى صدرها :‏
‏-‏ ‏" موجودة في عالمي .. إنها شديدة الفتك .."‏
قلت لها في ضيق :‏
‏-‏ ‏" انا اكره الدمار اينما كان .. وعلى قدر علمي لم يمتلك انسان سلاحا إلا ‏وجربه .. لقد كانت الحرب العالمية قد انتهت تقريبا لكن الأمريكان وجدوا ان ‏‏( اوبنهايمر ‏OPPENHEIMER ‎‏ ) اخترع القنبلة الذرية فعلا .. هكذا ‏كان الإغراء اكبر من ان يرفض .."‏
‏-‏ ‏" تعني انهم القوها على اليابان لمجرد انهم يستطيعون ؟"‏
‏-‏ ‏" هذه هي الحقيقة .."‏
شردت ( سلمى ) وابتسمت بزاوية فمها اليسرى قائلة :‏
‏-‏ ‏" على قدر علمي لا يوجد طريقة لحفظ السلام لا ان يملك ما يملكه خصمك ‏‏.. فيما عدا هذا لا توجد اسس للسلام .. لقد عرف العرب في عالمي هذا ‏الدرس مبكرة وطبقوه بعناية .. إن هذا هو توازن الرعب .. لا اعرف إن كان ‏عندكم هذا المصطلح ام لا .. لو امتلك العرب هنا قنبلة ايونية فإنهم ‏يستطيعون الحفاظ على حضارتهم العريقة من الانقراض .."‏
ثم اضافت وهي تعتصر قبضتها :‏
‏-‏ ‏" ثم أي شيء يمكن ان يصمد امام هذه المهنة ؟ رحلات سياحية وعروض ‏في نوافذ عرض ؟ اسم المشروع نفسه مهين ( صندوق الأنواع المنقرضة ) ‏‏.. هل تقبل لنا ان نتحول الى نوع ؟"‏
الحقيقة ان كلامها لم يخل من منطق .. وتذكرت الاسم الذي اختاره ( بن ‏جوريون ) في عالمي لمشروع القنبلة الذرية الإسرائيلية : ميكرع هاكول .. ‏عبارة عبرية معناها ( قبل ان يضيع كل شيء ) !‏
لو كان الهنود الحمر يملكون مدافع وديناميت وجيوشا منظمة لظلوا احياء .. ‏ولربما طردوا الغزاة الأوروبيين كذلك .. لقد صدقوا مقولة ( إن الشجاعة تكفي ‏‏) .. لكنهم لم يعرفوا ان ( التكنولوجيا تقهر الشجاعة ) ..‏
قلت وانا أغمض عيني :‏
‏-‏ ‏" ارجو فقط ان يكون هدف هؤلاء هو التهديد لا اكثر .."‏
‏*** ‏
في المساء رأيناهم ..‏
كانوا عشرة من الرجال الأشداء كاملي التسليح .. لقد لفوا الكوفيات ملثمين ‏وجوههم فبدوا شديد المراس مرعبين .. وكانوا يرسمون على الرمال خطة ‏كاملة لعملية الليلة ..‏
قلت لهم وانا أقدم رجلا وأؤخر أخرى :‏
‏-‏ ‏" هل آتي معكم ؟ "
قال ( سلمان ) وهو ينظر لي في ثبات :‏
‏-‏ ‏"لا يا اخي .. فانت خائف .."‏
كيف عرف هذا ؟ بالطبع لو كان هو أنا .. لا بد انه يعرف ما اشعر به .. هو ‏كذلك خائف لكن للضرورة احكامها ..‏
وددت لو بقي فترة اطول لأساله عما إذا كان يحب القطط الصغيرة وقراءة ‏الصحف في الحمام ومصاب بالقرحة .. طبعا لا مجال لاسئله سخيفة كهذه في ‏هذا الوسط الذكرى القاسي شديد الخشونة .. لا بد انه لم ير جريدة ولا حماما ‏قط .. ‏
وقال ( جمشيد ) الذي وقف وسط الرجال : ‏
‏-‏ ‏" مهمتهم خطرة ووصفك للمكان دقيق .. إن ذهابك معهم سيعوقهم .."‏
ثم نظر لهم نظرة ذات معنى وقال :‏
‏-‏ أتوقع ألا يعود منهم إلا ثلاثة لو كانوا مجدودي الحظ .. بهذا اطلب منهم ‏الاستعداد للشهادة من الآن .. لقد ابلغنا اسركم بانكم قضيتهم نحبكم ظهر ‏اليوم .."‏
دنوت منه في خجل وقلت :‏
‏-‏ ‏" ثمة شيء آخر يهمني .. ( ستارسكي ) هذا .. إن معه جهازا في حجم ‏قبضة اليد .. جهازا يشبه الآلة الحاسبة لو رايتم واحدة .. آلة حاسبة عليها ‏حروف وأرقام عربية .. هذا الجهاز هو مفتاح عودتنا الى عالمنا .. لا اعرف ‏إن كنت تصدق ام لا .. اعرف انك لا تصدق .. لكني راغب فعلا في استرداد ‏هذا الجهاز سليما .."‏
نظر الى الرجال وقال : ‏
‏-‏ ‏" سمعتم ما قال .. لا داعي للشرح .. لكني أرجو ان تحاولوا استرداد هذا ‏الجهاز .. لو اضطررتم الى تهديد ( ستارسكي ) فلا بأس .."‏
ثم نظر لي وسألني :
‏-" كيف تقول ( الجهاز صغير ) بالإنجليزية ؟ ‏
قلت في ارتباك :‏
‏-‏ ‏" ديفايس .. أو فلنقل .. سمول أباريتص .."‏
‏-‏ ‏" ليكن .. لا تنسوا هذه العبارة .. سمول أباريتص .."‏
‏ ثم لوح بقبضته وهتف :‏
‏-‏ ‏" أريد الباسكتاني .. اقسموا على ان تأتوا به لي .."‏
اقسم الرجال وتعانقوا مع ( جمشيد ) .. حتى انا نالني عناق او اثنان بغرم انه لا ‏دور لي في هذه القضية ..‏
ثم إن الصحراء المظلمة ابتلعت الرجال ..
قال (جمشيد ) وهو يجلس :‏
‏-‏ ‏" لن يعود من تبقى منهم الا في الصباح ..لنشرب بعض القهوة ثم نخلد الى ‏النوم .."‏
لكن النوم مستحيل في ليلة كهذه ..‏
الشعور بانك مسئول عن حياة هؤلاء الرجال ، وانك ربما كنت مخطئا .. الشعور ‏بان كل هذا مستحيل .. لقد فررنا بنوع من السهولة من المسكر في المرة ‏السابقة ولكن هذا لانهم تصرفوا معنا بإهمال .. لكن ماذا عن إهمالهم الآن ؟
ورحت اشق بعيني المسافات .. ‏
ارى الرجال يتسللون على المعسكر ..‏
يقطعون السلك الكهربي الذي يتصل بالسياح ، ثم يقطعون السلك الشائك نفسه ‏‏..يزحفون على البطون الى الداخل .. ثمة حارس يقابلهم فيلتحمون معه ‏بالسلاح الابيض .."‏
يفتشون بين الغرف .. يلتحمون مع حراس آخرين .. الآن لم تعد هناك حاجة ‏للسلاح الابيض لان بعض الطلقات انطلقت بالفعل ، ودوت صفارات الإنذار ..‏
الآن صارت العملية اكثر قسوة .. وبدت الطلقات تدوي .. ثم اخيرا يدخل احدهم ‏السجن فيجد الشكل القابع في الظلام .. يطلق الرصاص على القفل ليخرجه ..‏
مزيد من الطلقات ..‏
‏( ستارسكي ) يغادر مكتبه فيجد فوهة بندقية تلتصق بصدغه .. يعود الى ‏المكتب شاحب اللون عاجزا عن الكلام .. لقد فعل الكثير بالعرب من قبل ، ولو ‏كان من يهدده الآن يعرف هذا لانتهى أمره ..‏
لكن من يقتاده الى المكتب يسأله بلغة إنجليزية فظيعة :‏
‏-‏ ‏" سمول ..سمول أباريتص .. أباريتص .. سمول .."‏
يفرع كل ادراج مكتبه من أي ( أباريتص ) .. يضعها على المنضدة وعيناه لا ‏تفارقان الفوهة .. يبحث المهاجم بين الاجهزة ثم يلتقط ذلك الجهاز الذي وجده ‏مع الغربيين في الصحراء .. يدسه في جيبه .. ينظل هل .. ثم يغادر المكتب ..‏
يجلس ( ستارسكي ) يجفف عرقه غير مصدق .. لو عرف الاحمق انه اضاع ‏اكبر فرصة للانتقام في التاريخ .. الحقيقة أن ( ستارسكي ) اجرى على العرب ‏تجارب تفوق ما كان ( يوسف منجيل ) الرهيب قد أجراه على اليهود .. تفوقها ‏عدد وتنوا .. لكن في هذا العالم .. كما في أي مان آخر ـ يوجد ثمن للدم اليهودي ‏بينما لا ثمن لأي دم آخر ..‏
الحقيقة هنا ان هؤلاء الرجال لم يتلقوا تعليمات بقتل ( ستارسكي ) إلا لو قاوم ‏‏..‏
المهاجمون يغادرون المعسكر وهم يطلقون النيران .. تتفجر طائرتان عموديتان ‏كان الكل يعتمد عليهما في مطاردة الهاربين عبر الصحراء ..‏
هناك من سقطوا من المهاجمين .. لكنهم جثث هامدة .. لا يمكن استجوابهم ..‏
واحد فقط وثب على مجموعة من الحراس .. ثم دوى انفجار مريع وتناثرت ‏الشظايا في كل صوب .. لقد لغم نفسه .. ‏
حقا لم استطع النوم وانا احلم بهذا كله ..‏
نظرت الى ( سلمى ) فوجدتها تنعم بنوم هادئ ..‏
غادرت الخيمة خرجت الى العراء ..‏
كان ( جمشيد ) يجلس امام جهاز صغير .. دنوت اكثر فوجدت انه جهاز ‏تلفزيون .. اقدم جهاز رايته في حياتي ، وعلى شاشته كانت اسوأ صورة رايتها ‏في حياتي .. المتكلم لا يكمل جملة واحدة من دون ان تتلاشى الصورة الى ذرات ‏‏. من ثم يقوم ( جمشيد ) بتحريك الجهاز او لفه .. بعد قليل تتحول الذرات الى ‏متكلم ..‏
كان الجهاز يعمل بالبطاريات الجافة .. ورأيت ان سلكا يخرج منه علقه ( ‏جمشيد ) الى اقرب نخلة ..‏
جلست جواره وغمغمت : ‏
‏-‏ ‏" تلفزيون .. لم اعرف ان عندكم واحدا .."‏
‏-‏ ‏" الأخير .. يساعدنا في معرفة ما يدور هناك .. لكننا لا نعرف اية لغة ‏اجنبية ، لهذا نشاهد الصور فقط .."‏
‏-‏ ‏" من عرف لغة قوم امن شرهم .."‏
‏-‏ ‏" هذا حق .. لكن لا يوجد معلمون هنا كما ترى .. هل تقبل تعليمنا ؟"‏
كنت لا ارغب ولا اتمنى ان اظل هنا الى هذا الحد ، لكنها فكرة لا بأس بها .. من ‏المفيد ان تعلم هؤلاء القوم شيئا .. إنهم عرب برغم انهم على كوكب آخر في ‏مجرة أخرى !‏
‏-‏ ‏" لدينا كذلك كاميرا وشريط فيديو . . لم نستعمل هذين قط لكنهما قد ‏يصلحان يوما .."‏
على الشاشة كان هناك مجموعة من السادة يبدو عليهم الهم مع الكثير من ‏الجدية ..‏
قلت لـ ( جمشيد ) :‏
‏-‏ ‏" إنهم قلقون بصدد وجود مجموعات إرهابية في المنطقة الغربية من ‏الشمال الإفريقي .."‏
قال ضاحكا : ‏
‏-‏ ‏" هم دائما قلقون .. منذ مائة عام وهم قلقون .. أحرقوا أطفالنا وقرانا ‏ومساجدنا وما زالوا قلقون .. يملكون الطائرات والقنابل النووية ‏والهيدروجينية والنيوترونية والأيونية وما زالوا قلقون .. عروا نساءنا ‏واقتحموا ديارنا وما زالوا قلقين . . لا اعرف كيف نطمئنهم على انه لا خطر ‏منا ! " ‏
هزتني كلماته فرحت أراقب الشاشة صامتا كي لا يتهدج صوتي ..‏
قلت له :‏
‏-‏ ‏" يبدو انهم ينوون تجردي حملة لتطهير هذا القطاع .."
‏- " بالتأكيد ... كلنا يعرف هذا .. سيمرحون كثيرا هناك ..‏
ثم نظر إلى الأفق وقال وهو ينهض :"‏
‏-‏ ‏" إنه الصياح .. ربما يعود رجالنا او لا يعودون .. لكني على كل حال ‏سأخفي السلك الآن حتى لا تلاحظه الطائرات .. من الخير ان نختفي نحن ‏ايضا فلربما كانت جولة سياحية مبكرة .. ثم توقف ونظر للأفق وهتف : "‏
‏-‏ ‏" لم تعد عيناي على ما يرام .. هل ترى رجالا هناك ؟"‏
نظرت الى حيث اشار وقلت :‏
‏-‏ ‏" نعم .. هناك رجال واحدهم يحمل رجلا على كتفه .. إنهم رجالك .. اعني ‏رجالنا .."

^RAYAHEEN^ 16-11-05 12:28 AM


‏-‏11-‏
ميكرع هلكول ..‏
أو ( قبل ان يضيع كل شيء )


كانوا قد صاروا خمسة ..‏
تركوا منهم خمسة هناك جثثا هامة .. لم يتركوهم إلا بعدما تيقنوا من انهم ‏جثث هامدة ، لان تعذيب ( ستارسكي ) ينتزع الأسرار من حوض الاستحمام ‏ذاته ..‏
لماذا لم يعذبنا حين كنا في قبضته ؟ ثمة رأيان .. الرأي الأول يقول ما معناه ( لا ‏تتعجل رزقك .. كل شيء كان في الطريق ).. الراي الثاني يقول : لاننا كنا ‏غريبين غير معتادين بالنسبة له . وكان يشعر اننا قد نفيده اكثر مما لو عذبنا ‏وتركنا حطاما بشريا ..‏
والسؤال هنا : ماذا بقي من ذلك الباكستاني لو كان هو المطلوب ؟‏
اما الخبر السيء فهو ان ( سليمان ) قد كان من الذين لم يعودوا قط .. ولن ‏يعودوا ابدا .. كتب لي و ( سلمى ) ان تلقى نسختنا هنا الشهادة اللذان لم نتبادل ‏معه اكثر من ثلاث عبارات ..‏
وصلوا الى الخيام وبسرعة تمت عملية إخلاء عاجلة .. ‏
لم يبق إلا عدد محدود منا دخلوا الى الخيام ، بينما ذاب أكثرهم في الجبال .. إن ‏الطائرات قد تصل في اية لحظة ..‏
كان الباكستاني في حالة مريعة .. تذكروا اننا لم نره في النور قط .. بل لم نره ‏في الظلام .. وقد بدا لي ( روبنسون كروزو ) بعد اعوام من حبسه .. أظفار ‏طويلة ولحية تغطي اعلى بطنه وأسمال بالية .. لكني رايت عينيه فأدركت انهما ‏تشعان ذكاء .. إنهم لم يقضوا عليه بعد ..‏
كان اول سؤال سالناه له :‏
‏-‏ ‏" هل تكلمت ؟ "‏
قال بعربية واهنة عرجاء :‏
‏-‏ ‏" لا .."‏
وهكذا هدأت النفوس وبدأت عملية إطعام الرجل وسقي الرجل وغسل جسد ‏الرجل وإبدال ثياب الرجل وإراحة الرجل .. طبعا قامت ( سلمى ) بالجزأين الاول ‏والثاني ، بينما وقعت الأجزاء الثلاثة الباقية على عاتقي ..‏
في نهاية اليوم كان قد بدأ يبدو بشريا لكنه ظل عاجزا عن الوقوف .. الآن فقط ‏اجد انه يبدو كالعلماء وليس كالمجاذيب .. وهكذا جلسنا على الرمال في حلقة ‏صغيرة حول نار متقدة .. ودارت الدلة تقدم لنا القهوة العربية ..‏
قال له ( جمشيد ) وهو يقدم له بعض اللبن :‏
‏-‏ ‏" منذ متى وانت معهم ؟"‏
‏-‏ ‏" خمس سنوات ! "‏
‏-‏ ‏" ولماذا احتفظوا بك كل هذا ؟"‏
‏-‏ ‏" خمنو ان ما لدي خطير .. لكني لم اتكلم .. لهذا كان الحل الوحيد أن ‏يبقوني حبيسا .."‏
‏-‏ قال ( جمشيد ) وهو يعقد يديه امام وجهه :‏
‏-‏ ‏" دعني اقل لك إننا لم نفقد خمسة من رجالنا لأننا نحب ذلك .. نحن نعرف ‏انك الوحيد القادر على صنع او اختراع القنبلة الأيونية .. ومصيرنا كله ‏معلق بها .."‏
قال الباكستاني واللبن يسيل على ذقنه :‏
‏-‏ ‏" لقد صنعتها بالفعل !"‏
هنا ساد صمت رهيب .. وسقطت بعض الاقداح من الايدي .. إذن كانت القنبلة ‏موجودة طيلة هذه الاعوام ولا احد يعرف ..‏
‏-‏ ‏" وهل تستطيع عمل سواها ؟"‏
‏-‏ ‏" مستحيل ! لم يعد الزمن ذات الزمن .. قمت بتركيب آخر جزء منها وانا ‏في قسم الفيزياء في ( كراتشي ) قبل ان تسقط البلاد .. إنها مدفونة في ‏الصحراء هنا في موضع لم انسه قط .. لكني في السجن منذ خمس سنوات ‏‏.. وكنت اتمنى لو خرجت وفجرتها في قلبي ( إمبيريا ) .. في هؤلاء الكلاب ‏الذين عذبونا واهانونا .."‏
ولمعت عيناه ببريق متوحش :‏
‏-‏ ‏"اتمنى ان ارى لحمهم يحترق ويذوب.. ان اسمع صرخات نسائهم .. أن .."‏
هنا تدخلت أنا في عصبية :‏
‏-‏ ‏" اسمع يا سيدي .. قبل ان تدخل في تفاصيل .. هذه القنبلة لن تلقى على ‏بشر .. سيتم استعمالها كورقة ضغط !"‏
نظر لي متحديا بعينيه الواهنتين وقال :‏
‏-‏ ‏" ومن انت كي تحدد لي ؟"‏
قال ( جمشيد ) وهو يهدئ الامور :‏
‏-‏ ‏" هذا هو الرجل الذي لولاه لقضيت في محبسك وإنني لأرجو سماع خطته ‏قبل ان نتحرك .."‏
تكورت على نفسي ودنوت اكثر من النار ، وبحثت عن ( سلمى ) فوجدتها ‏تبتسم لي مشجعة .. قلت بلهجة حاسمة :‏
‏-‏ ‏" أولا .. يجب تفجير هذه القنبلة هنا في الصحراء .."‏
قال ( جمشيد ) في غيظ :‏
‏-‏ ‏" إذن انت تمزح .. كل هذا الجهد كي نفجر أملنا الأخير في الصحراء؟"‏
قلت ضاغطا على كلماتي :‏
‏-‏ ‏" ليس هدف القنبلة التدمير بل التخويف .. لا بد من ان تصل الرسالة كاملة ‏‏.. هل هناك محطات تلفزيونية هنا ؟ اعني شبكات عالمية للأخبار ؟"‏
قال (جمشيد ) :‏
‏-‏ ‏" هناك شبكات عدة كلها في المدينة الصحراوية .. إنها تبث الى العالم ‏الغربي أخبار العظايا .."‏
‏-‏ ‏" وما هي قدرتكم على توصيل شريط فيديو لهم ؟"‏
‏-‏ ‏" اعتقد ان رجالي قادرون على ذلك . .هناك صناديق بريد على كل حال .."‏
‏-‏ ‏" إذن سيتم التفجير في أقرب فرصة .. وسنقوم بتصويره .. أنت قلت إن ‏هناك كاميرا .."‏
قال ( جمشيد ) بسما :‏
‏-‏ ‏" لا داعي للتصوير .. ما إن يتم الانفجار حتى تلتقطه الاقمار الصناعية .. ‏سيعج المكان برجالهم خلال ساعات .. لو ان ثعبانا تثاءب في هذه الصحراء ‏لالتقطوا صورته .."‏
‏-‏ ‏" لكني اريد التصوير .. لن اسمح بالمجازفة او ان يمر الانفجار دون ان ‏يلاحظه احد .."‏
انتهيت من كلامي فاسترخيت قليلا ، هنا قال لي ( جمشيد ) وهو يضحك ضحكة ‏ذات معنى :‏
‏-‏ ‏" بالمناسبة عندي هدية لك .."‏
‏-‏ ‏" وما هي ؟"‏
كان الجهاز ناقل الجزيئات في يده .. لم ار قط جهازا اجمل من هذا ..‏
مددت يدي لكن يد ( سلمى ) كانت الأسرع .. لقد انتزعت الجهاز وراحت تقلبه ‏في يدها في نهم .. ضغطت زرا صغيرا للتأكد من ان البطاريات بحال جيدة .. لم ‏يخدش لحسن الحظ ، وكان من السهل ان تخترقه رصاصة ..‏
قالت لي في خبث : ‏
‏-‏ ‏" ما رأيك ؟"‏
‏-‏ ‏" مثل رأيك .. لم يحدث قط ان استرددناه بهذه السهولة .."‏
‏-‏ ‏" هل نرحل ؟"‏
‏-‏ ‏" لا .. لا بد من اتمام مهمتنا .. لكني أوصيك به خيرا .. انت لا تفعلين شيئا ‏إلا إضاعته كأنما يدفعون لك راتبا من اجل هذا .."‏
ونظرت لـ ( جمشيد ) طويلا وابتسمت .. ومن قلبي همست :‏
ـ " شكرا .."‏
‏*** ‏
تم التفجير في السابعة صباحا بعد يومين .‏
كانت القنبلة تعمل جيدا ، وكان العالم قد دفن جوارها اجهزة التحكم عن بعد ‏اللازمة لهذا التفجير ..‏

ابتعدنا مسافة كافية في تقدير العالم ـ حوالي كيلو مترين ـ ثم تم الانفجار .. ولم ‏تفارق عين ( سلمى ) العدسة لحظة واحدة ..‏
حقا كان اغرب انفجار رايته في حياتي .. له ذات الطابع الذي رايته للقنابل في ‏هذا العالم .. الانتشار الشبيه بالسوائل ، ثم اللهب الأخضر .. لكنه انفجار ضخم ‏مريع .. سحابة زرقاء تتصاعد لتنتشر على ارتفاع كيلومتر من سطح الارض ‏لكنها لا تشبه سحابة عش الغراب الشهيرة ..‏
كان الباكستاني في حالة مريعة من التوتر والقلق .. إنه لم يجرب قنبلته قط ‏وكان من السهل ان يفشل .. لهذا بكى فرحا حين رأى الانفجار ..‏
توقعت ان يقول ( انا قد صرت الموت .. مدمر العالم ) كما فعل ( اوبنهايمر ) ‏بعد نجاح اول تجربة للقنبلة الذرية في ( لوس الأموس ) على كوبي .. لكنه لم ‏يكن يعرف هذه الصلاة الهندية على كل حال ..‏
المهم ان الفيلم كان ناجحا ..‏
بعد هذا عدنا الى الأكواخ ..‏
بدأنا بتعليق ملاءة كبيرة على الجدار لتكون خلفية محايدة للصورة ..‏
ثم جاء دوري ..‏
كنت قد كتبت الخطبة عدة مرات ، وتدربت على إلقائها .. في النهاية صرت ‏احفظها عن ظهر قلب ..‏
جلست ( سلمى ) أمامي وبدأت تشغيل الكاميرا العتيقة ..‏
كنت اظهر بوجهي كاملا الآن . لو سارت الامور كما نريد فلن نكون هنا حين ‏يفتشون عنا ..‏
اشارت لي باسمة كي ابدأ الكلام فابتلعت ريقي ..‏
كنت اا الوحيد الذي يمكن ان يلقي هذه الخطبة لأنني أجيد الإنجليزية .. ولأنني ‏و ( سلمى ) لن نكون هنا كما قلت لك ، حين يشرع الجنود يفتشون تحت كل ‏حجر ..‏
فقط عليهم الا يعرفوا اننا كنا في هذه القرية .. لهذا وضعنا الملاءة ..‏
قلت بصوت هادئ :‏
‏-‏ ‏" نعم يا سادة .. ما رأيتموه هو انفجار تجريبي للقنبلة الأيونية التي تمكنا ‏من صنعها بمعونة بروفسير باكستاني ، الذي يدهشني انه كان في قبضة ‏د.( ستارسكي ) ولم ينتزع منه اية اسرار بل وتركه يفلت من يده .. والأهم ‏هنا انني كنت انا نفسي في قبضة د. ( ستارسكي ).."‏
كان هذا نوع امن ( الإسفين ) أدقه عمدا .. وانا اعرف ان حالة الهياج والذعر ‏التي ستحدث كفيلة بسلخ الرجل حيا ..‏
واصلت الكلام :‏
‏-‏ ‏" الحقيقة المخيفة يا سادة هي ان هناك اربع قنابل من ذات النوعية ‏موجودة الآن في مخابئ حصينة في أربع مدن مهمة من مدنكم .. اية مدينة ‏هي ؟ هل ( لندن )؟ ( لوس انجليليس ) ؟ ( شيكاغو ) ؟ ( بوخارست ) ؟ إن ‏الحدس متروك للجميع .. لكني اؤكد لكم ان هذه القنابل تم تركيبها بالداخل ‏على ايدي عملائنا وبخامات محلية .. وهناك شاب مسئول عن كل قنبلة .. ‏هذا الشاب من ذويكم ويتقاضى اجرا على مهمته هذه .. وهو لا يعرف أي ‏شيء عنا ولا عن القنابل الاخرى ، لكنه سينفذ مهمته بمجرد ان يتلقى ‏إشارتنا .. والإشارة قد تكون أغنية او اعلانا في التلفزيون .. قد تكون ‏رسالة وقد تكون موعدا محددا .."‏
‏-‏ ‏" والآن لنا يا سادة ان نتخيل ما سيحل بمدنكم المزدحمة لو وجدت فيها ‏ذات المشهد الذي رأيتموه في الصحراء .. هل تخلون مدنكم ؟ مستحيل .. لا ‏يمكن ان خلوا كل مدينة من مدنكم .. ولو انني حددت المدن المستهدفة لكان ‏الأمر سهلا .."
‏- " هل هذا ابتزاز ؟ نعم يا سادة .. إنه ابتزاز .. لم لا وقد تعلمنا منكم النفاق ‏والخداع وازدواج المقاييس منذ زمن ..انتم أبدتم قومنا وفي الوقت ذاته ‏تنفقون المليارات من جل الحفاظ علينا لمتاحفكم وتطلقون علينا ذلك اللفظ ‏المهين ( العظايا ) .. أي أننا انقرضنا لأننا لم نتطور .."‏
‏-‏ ‏" لقد تعلمنا الدرس كاملا ، ومن اللحظة سيكون توازن الرعب حقيقة ‏واقعية .."‏
‏-‏ ‏" نحن لا نهدد الآمنين .. لا نخيف احدا . فقط نحن نحمي وجودنا وحضارتنا ‏من صياديكم .. وما نطلبه منكم بسط جدا .. لا تأتوا الينا .. نحن لن نذهب ‏اليكم ، فلا تأتوا الينا .. إن هناك حملة يتم إعدادها لإبادة غرب القارة عما ‏قريب ( لأنكم قلقون ) .. وانا اقول لكم إن هذه الحملة لن تتم .. لان لحظة ‏بدئنا ستكون هي اشارة التفجير للقنبلة الاولى .. ثم يتم تفجير قنبلة كل ‏يومين ..‏
‏-‏ ‏" لا تقنطوا يا سادة .. فلا تنسوا انكم فعلتم شيئا مماثلا في اليابان منذ ‏اعوام ولم يتحدث احد عن الابتزاز .. كان تفكيرا عملي حقن دماء جنودكم ‏كما قلتم وقتها ..‏
‏-‏ ‏" نحن نفعل نفس الشيء فلا تكونوا خاسرين سيئين .. يجب ان تتحملوا ‏الهزيمة بروح رياضية ..‏
‏-‏ ‏" ستظل القنابل في مكانها ولن تعرفوا مكانها ابدا .. ولسوف تسحبون ‏قواتكم وفرق الدراسات إياها .. لسوف تتعاونون مع الحكومات الجديدة التي ‏ستنشأ في هذه المناطق .. لسوف تمولون مشروعات التعمير وما يلزم ‏لإنشاء دولة .. هذا نذر يسير من كل الثروات الطبيعية التي سرقتموها من ‏هذه البلدان .. نحن لا نطلب إلا الحق في الحماية وهو مطلب عادل .. كما ان ‏كلامنا واضح : لا تأتوا الينا فلن نذهب اليكم ..‏
‏-‏ ‏" ستبحثون عني يا سادة لكنكم لن تجدوني .. لا تتعبوا انفسكم في ‏استجواب الابرياء وتعذيبهم .. فلا احد يعرف اين انا .. لا احد يعرف مكان ‏القنابل سواي .. ودعوني اؤكد لكم اننا نعتبر تعذيب الأبرياء او البروفسير ‏الباكستاني خرقا واضحا منكم ربما يستدعي تفجير واحدة من هذه القنابل ‏‏.."‏
‏-‏ ‏" شكرا يا سادة .. اكرر : نحن لم نفعل إلا تطبيق ما تعلمناه منكم .."‏
انتهى التسجيل فرحت الهث . العرق يغمرني .. ونسبة الأدرينالين في دمي ‏تجعلني كانما أنا خرقة بالية .. بينما رفعت ( سلمى ) إبهامها بمعنى أنني كنت ‏رائعا ..‏
سألت ( جمشيد ) : ‏
‏-‏ ‏" الآن هل يمكنكم توصيل الشريط الى إحدى وكالات الأنباء ؟"‏
قال في رضا وهو يأخذه مني :‏
‏-‏ ‏" بالتأكيد .. سيلقيه رجالي في صندوق بريد الآن "‏
قالت لي ( سلمى ) باسمة :‏
‏-‏ ‏" هذه فكرة لا باس بها .."‏
قلت لها :‏
‏-‏ ‏" كانوا سيفجرون القنبلة على سبيل الانتقام لا اكثر .. وكنا سنفقدها بثمن ‏بخس .. بهذه الطريقة من ( البلف ) يشعرون باننا اقوى من حقيقتنا .. ‏بالإضافة الى ان يدنا لم تتلوث بجريمة حرب مثلهم .."‏
‏*** ‏
وفي نشرات المساء راينا الصورة مرارا وسمعت كلماتي تتردد مترجمة لعديد ‏من اللغات ..‏
اما الاجمل فهو حالة الاضطراب العامة التي بدت واضحة .. مظاهرات في ‏الشوارع . .مشاجرات برلمانية .. فرق بحث .. وهدير الطائرات فوق رءوسنا ‏عدة مرات خلال نصف ساعة من إذاعة الرسالة مما دلني على ان وقت الرحيل ‏قد حان .. لقد صرت فجأة صاحب اشهر وجه في العالم الغربي .. ‏
ثم اعلن المذيع ان وفدا من ( إمبيريا ) قادم الى الشرق الاوسط لدراسة إجراء ‏مفاوضات مع بقايا العظايا .. قالها في النشرة الاولى ثم عدل الاسم الى ( ‏المتمردون العرب ) وفي النشرات التالية تحول الاسم الى ( الثوار العرب ) ..‏
هكذا ! كاد يستفزني الى حد ان افجر قنبلة ثانية !‏
جاءت اخبار اخرى عن وقف الزحف نحو القطاع الشمالي الغربي في افريقيا .. ‏ستتوقف العمليات بعض الوقت حتى ينبلج الضباب .. ليس هذا خضوعا للابتزاز ‏ـ كما قالوا ـ لكنه حرص على سلامة مواطنيهم ..‏
‏-‏ ‏" إنهم خائفون لكنهم يتظاهرون باللامبالاة !"‏
قالها ( جمشيد ) في رضا وهو يتابع الاخبار فهززت راسي في فخر ..‏
‏-‏ ‏" يجب ان يخافوا .. هم مهددون بفقد كل شيء .. بينما نحن ـ علميا ـ لن ‏نفقد أي شيء إلا حياة لا قيمة لها .. سيظل شبح القنابل الباقية جاثما فوق ‏رءوسهم لأعوام عديدة .. يجب ان يعرفوا ان الخوف لعبة يلعبها اثنان .. ‏وأنه لا يوجد بشر بلا ثمن لأرواحهم .. اعتقد الآن انكم في الطريق الصحيح ‏‏.. لا اعرف طوله لكنه مرهق شاق .."‏
قال في حكمة وهو يطفئ جهاز التلفزيون :‏
‏-‏ ‏" ليكن خمسين عاما او مائة .. هذا لا قيمة له في حياة الشعوب . انا ‏ساكون في القبر خلال عام او عامين .. لكني ساموت راضيا لو عرفت ان ‏وجودنا لن يزول .. واننا لم نعد عظايا .."‏
‏-‏ ‏" العظايا انقرضت لانها بال عقل ولا إرادة .. لا يمكن ان نكون عظايا ابدا ‏إلا لو فقدنا عقولنا وإرادتنا .."‏
ثم عانقته طويلا .. كان يعرف اننا الآن راحلون .."‏
‏-‏ ‏" شكرا لك يا ( سالم ) .. فقد ساعدتنا كثيرا .."‏
‏-‏ شكرا لك يا ( جمشيد ) فقد علمتنا كثيرا .."‏
وامسكت بيد ( سلمى ) على حين ضغطت هي على أزرار الجهاز بالترتيب ‏المعروف ..‏
وتلاشت الصحراء من حولنا ..‏
‏(( تمـــت ))

Ala_Daboubi 16-11-05 03:07 PM

a7la 3athaya 3al best

^RAYAHEEN^ 17-11-05 12:10 AM



أسطــــــــــــورة رفعــــــــــت !‏
ما وراء الطبيعة ‏
بقلــم :‏
د.أحمد خالد توفيق
مقدمة ‏
قال ( كراكوس ) وهو يشعل عود الثقاب .. ويدنيه من الدمية :‏
‏-" إن هناك أشياء مرعبة في هذا العالم يا زميلي .. لكنهم يقولون ـ وهم على حق ـ ‏إن مالا تعرفه لن يؤذيك .."‏
قلت له وانا ارقب اللهب يتوهج في القماش :‏
‏-‏ ‏" هذا خطأ .. إن ما اعرفه هو ما لن يؤذيني .."‏
ورحت ارمق ضوء الشموع يتوهج في محاجر الجماجم السبع .. وشعرت بقلق ‏غريب .. إن هذه الدمية تشبهني الى حد غير عادي .."‏
فلا توجد دمى كثيرة صلعاء ناحلة ترتدي العوينات ، ويبدو عليها السقم ..‏
قال ( كراكوس ) وأنيابه تلتمع بين شفتيه المتآكلتين :‏
‏-‏ ‏" يقولون إنك رايت كثيرا جدا في سني عمرك السبعين .."‏
‏-‏ ‏" أكثر من اسماك المحيط .."‏
ورحت ارمق الدمية التي تتوهج بالهلب رويدا : ‏
ربما ـ برغم كل شيء ـ لم تكن هذه الدمية تمثلني .. ولو كانت تمثلني ربما هي ‏ليست ( فتيش ) حقيقيا . آمل هذا وأتمناه ..‏
قال ( كراكوس ) ـ كأنما لا يلاحظ توتري ـ وهو يطفئ العود :‏
‏-‏ ‏" إن أشنع مسخ يمكن ان يلقاه هو نفسه !"‏
قلت مؤمنا على كلامه :‏
‏-‏ ‏" انا قابلت نفسي في عام 1970 .. وكانت لهذا قصة غريبة .. اسمح لي ‏ان احكيها لك .."‏
وفي سري تمنيت ان يكفي الوقت الباقي لي لذلك ..‏
سأحكي القصة لـ ( كراكوس ) .. وستسمعونها معه ..‏
اعتقد انكم ستحبونها .. أو ـ على الاقل ـ لن تثير مللكم ..‏
هذا لو استطعت ان أكملها حقا !‏
‏*** ‏

1- لقاء مع نفسي !!

إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا لن تكون مبالغة مني لو ابتعت زجاجتي ‏مياه غازية ، وقطعتين من ( الجاتوه ) استعدادا للقاء كهذا !‏
‏*** ‏
أعتقد ان ما سيحدث ليس غريبا على أكثركم ..‏
إن من قرءوا منكم ( بعد منتصف الليل ) ـ وارجوا ان يكونوا كثيرين ـ يذكرون ‏بلا شك تلك المكالمة الهاتفية التي تلقيتها على الهواء في الإذاعة ..‏
إنها مكالمة طريفة بعض الشيء .. فصاحبها يتكلم بصوتي.. وله اسمي نفسه ..‏
ويستعرض أخص ذكرياتي التي يعرفها جميعا .. ‏
لاحظوا أنه لا أحد يعرف ما تعرفون انتم .. فالأحداث جرت عام 1970 ، وأنا لم ‏امسك القلم لأكتب ذكرياتي الا عام 1992 .‏
لهذا بدا لي الامر غريبا .. لا يمكن تفسيره بمزحه أو معاكسة هاتفيه ..وكان ‏البت في الأمر مستحيلا وقتها ..‏
لهذا اقترح المذيع ( شريف السعدني ) ـ وهو شاب لامع الى درجة لا تطاق ـ ان ‏يتم لقاء بيننا . وقررت ان يتم اللقاء في شقتي ..‏
إن الذي اتصل بي يزعم انه هو ( رفعت إسماعيل ) الحقيقي .. وهو امر أرحب ‏به فقط لو قال لي من اكون انا ؟ لا احب ان ينتزع مني احد هويتي ليتركني بلا ‏هوية .. ثم انه لا يوجد حافز قوي لدى أي إنسان كي يتقمص شخصيتي .. فانا ‏لا املك ثروة ولا نفوذا .. فقط املك جعبة هائلة من المتاعب والعيوب والذكريات ‏الرهيبة ..‏
فمن يريد مشاركتي في كيس الأفاعي هذا ؟‏
هذا هو الموقف الذي بدأت به القصة ..‏
ولكن كيف عساها تنتهي ؟
‏*** ‏
في شقتي العامرة ..‏
الساعة تقترب من الساعة السابعة مساءا ..‏
هأنذا أعد الاستعدادات الأخيرة لاستقبال ضيفي .. ‏
لو كان هو انا حقا فمن السهل ان ارحب به كما ينبغي .. فأنا اعرف ما احب .. ‏ادير اسطوانة لـ ( عبدالوهاب ) في قصيدة قديمة ، واضع علبة تبغ على ‏المنضدة أمامه ، واعد اكواب الشاي ـ هو لا يحب الاقداح مثلي ـ والقهوة ولا ‏بأس بزجاجة ( كولا ) .. إنها رباعية اللون الاسود التي يتحدث عنها اطباء ‏القلب : الشاي ـ القهوة ـ الكولا ـ الدخان .. والتي يندر الا يحبها مرضى ‏الشرايين التاجية ، وتقودهم الى القبر او العناية المركزة ايهما اسرع ..‏
كل شيء جاهز .. اكواب الشاي والاقداح مغسولة ومقلوبة على ( رخامة ) ‏المطبخ .. والبراد مليء ومستعد للعمل .. والمياه الغازية في الثلاجة ..‏
ولا باس بعود من البخور يزيل رائحة شقتي الخانقة .. ‏
لماذا احتفي به الى هذا الحد ؟ سؤال سخيف ..‏
لانه أنا .. هذا مفهوم وواضح تماما ..‏
كنت ادرك من البداية ان الامر سيكون خارقا للعادة .. سيكون شيئا من عالم ما ‏وراء الطبيعة .. ادركت هذا وتمنيته ..‏
ودعوت الله ألا يسفر انتظاري عن امر مبتذل ، كأن تكون مزحة سخيفة او حيلة ‏نصاب .. ولو ان هذا مستبعد لان كل مزحة لها حدود لا تستطيع تجاوزها ..‏
وهذا هو ما جعلني اؤمن بان ما ينتظرني هو حدث جلل .. حدث يستحق ان ‏احتفل به بالاحترام والوقار الضروريين ..‏
‏*** ‏
وهكذا رحت أطالع بعض المجلات ، وانظر ان يدق جرس بابي ..‏
ذهني كان فرسا جموحا يابى ان تضع فوقه سرج التركيز .. فكلما حاولت ان ‏أروضه ليفهم ما يقرأ ، كان يفر مني .. ويركل .. ويصهل .. ويرمح في سهول ‏الشرود الإنساني حيث تتناثر أشجار التساؤلات :‏
كيف ؟ من ؟ لماذا ؟
هل يمكن ان القي نفسي حقا ؟
إن هناك تقسيمات متعددة لا أستطيع التفكير في خير منها .. وكعادتي في ترتيب ‏أفكاري أمسكت بالورقة والقلم وبدأت التدوين حتى لا تفلت الأفكار مني : ‏
‏1-‏ فرضية الجنون : هي أفضل الفرضيات ها هنا .. إنني قرأت الكثير من ‏روايات ( دستويفسكي ) الرهيبة التي تغوص حتى العنق في مستنقع النفس ‏البشرية .. يوجد موقف خالد متكرر فيها هو ان يلقى البطل نفسه ! يجلس ‏معها ويتحاور معها .. ويكون هذا هو بداية الجنون او نهايته ..‏
إذن الاحتمال الأول و انني مجنون ..‏
كان هذا سيحل المشكلة بأسرها ، لكن عيب هذه الفرضية هو أن ( شريف ) ـ ‏وكل من سمع حلقة البرنامج إياها ـ استمع معي الى هذا الـ ( رفعت ) وهو ‏يحاورني ويتحداني ويستعرض ذكرياتي ..‏
ربما تصورت انا ذلك ؟ يسهل سؤال ( شريف ) وسماع تسجيل الحلقة على كل ‏حال .. هذه الفرضية قابلة للتمحيص إذن ...‏
‏2-‏ الفرضية الثانية هي فضية النسخة الجينية : أي ان هناك نسخة جينية لي ‏انا بالذات .. تمشي على الأرض وتتكلم وتمزح ..‏
كان هذا حلما دائما لدى كتاب الخيال العلمي .. لكنه لم يتحقق ـ أو يوشك على ‏ذلك ـ إلا في التسعينات .. لهذا بدا لي هذا الفرض مستبعدا تماما وقتها ..‏
برغم أنني قرأت كتابا كاملا عن ( الإيوجينيا ) وعرفت ان هذا ممكن في ‏المستقبل ..‏
‏3-‏ فرضية التوءم : فرضية سخيفة .. فانا لا اعرف لي توءما ..وأمي ـ طيب ‏الله ثراها ـ لم تقل لي ان هناك واحدا ..‏
وحى لو فضنا تجاوزا ان لي توءما ، فما كان ليعرف كل شيء عن حياتي ما دام ‏قد ظل بعيدا عني كل هذه السنين ..‏
‏4-‏ فضية التوءم السيامي ، توءم كان ملتصقا بجسدي .. ونموت انا بينما ‏تضاءل هو .. وانفصل عني .. لكنه مصمم على الانتقام .‏
إنها فكرة مرعبة قابلت مثلها بعد ذلك باعوام .. فذكروني كي احكيها لكمكما إن ‏هناك فيلما يحمل اسم ( قضية السلة ) له ذات الحبكة ..‏
لكني اعتقد أنني كنت سأعرف لو انفصل جزء من لحمي في اية فترة من حياتي ‏‏. الا ترون هذا معي ؟ ‏
‏5-‏ فرضية المزحة : وهي مزحة عسيرة حقا تم ترتيبها بين معارفي جميعا .. ‏حيث جلسوا .. وكتبوا تاريخ حياتي كما رآه كل منهم .. ثم انتخبوا خبيرا في ‏تقليد الأصوات ليتصل بي مداعبا .. ويسبب حيرتي .. هذا عسير حقا .. ‏فالناس لا يمزحون بهذا الجهد المعقد ..‏
‏6-‏ ‏ فرضية ( شيء ما ) : وهي اكثر الفرضيات قبولا لدي .. بهذا يمكن تفسير ‏أي لغز من ألغاز الكون .. شيء ما تسبب في إرباكي .. شيء ما يحمل كل ‏صفاتي ويعرف كل أسراري ويؤكد أنه أنا .. شيء ما سيزورني في شقتي ‏بعد قليل ..‏
ما هو هذا الــ ( شيء ما ) ؟
لو عرفت لأعطيته اسما ذا دلالة ..‏
سأحاول هنا ان أتجنب نظرية ( القرين ) لما فيها من اشواك .. واتجنب نظرية ‏أن قارئ أفكار ـ مثل د. ( لوسيفر ) يتسلى بإغاظتي .. لان هذا يمكن نفيه ‏بسهولة بمجرد لقائي به ..‏
وهكذا ـ وانا ازيح الورقة جانبا ـ رأيت ان الحل الأمثل هو سياسة : انتظر لترى ‏‏.. ورحت أتأمل عقارب الساعة في توتر ..‏
‏*** ‏
إنها العاشرة مساءا ..‏
للأسف .. ليس سهلا ان يلقى المرء نفسه .. ساحاول ألا اموت حسرة على ‏قطعتي ( الجاتوه ) اللتين اشتريتهما اليوم ، وسأضطر الى العشاء بهما ..‏
هنا دق جرس الهاتف ..‏
هنا سمعت صوتي الوقور المميز يتكلم :‏
‏-‏ ‏" آلو.. د.( رفعت )؟"‏
قلت في غب :‏
‏-‏ هأنتذا ايها النصاب !"‏
طقطق بلسانه محذرا .. وقال بذات الوقار :‏
‏-‏ ‏"أنت تخرج عن اتزانك !"‏
‏-‏ ‏" بعد كل هذا الانتظار تتهمني بأنني خرجت عن اتزاني ؟ إنني غاضب .."‏
‏-‏ ‏" لكل منا ظروفه .."‏
وأردف في تؤدة :‏
‏-‏ ‏" إن هنك مشاكل معينة لدي ها هنا في العمل .. لا ادري متى تنتهي .. ‏اقترح ان نجعل الميعاد مفتوحا .."‏
‏-‏ ‏" آها ! إذن هو التراجع !"‏
‏-‏ ‏" يمكن ان تقنع نفسك بذلك الى ان نلتقي .."‏
وقبل ان اجد ردا لاذعا كان قد وضع السماع..‏
إنه نفس أسلوبي في المشادات : لتكن لك الكلمة الأخيرة دائما قبل ان يجد ‏خصمك الرد المناسب .. إن هذا سيقتله غيظا ..‏
وقد قتلني غيظا بالفعل ..

^RAYAHEEN^ 17-11-05 12:17 AM



‏2- أشياء مريبة ها هنا ..‏

إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا لم استطع ان امنع نفسي من الشعور ‏بخيبة أمل ساحقة ..‏
‏*** ‏
ومرت الليلة في سلام ..‏
لم تكن هناك أحداث سوى ذلك الكابوس المقيت الذي ألقى فيه مئات النسخ مني ‏، وكلهم غاضبون لسبب لا ادريه . لحظتها خطر لي ان اختفائي لن يشكل كارثة ‏ما دام هناك المئات مني ، ومرارا صرخت : انا الوحيد ! أنا الأصل ! لكن ما ‏معنى هذا ما دام الجميع يقولون نفس الشيء عن أنفسهم ؟ ‏
في الصباح استعددت للذهاب الى المستشفى ، وقد بدت لي ليلة امس شيئا بهاتا ‏سحيقا كنقش رسمه الآشوريون على جدار ..‏
حييت البواب ، وادرت محرك السيارة الواقفة امام البناية.. كروو كروو !‏
ثمة مشكلة ما .. إن السيارة من طراز عتيق حقا لكنها لم تنته بعد ..‏
نظرة الى مؤشر الوقود جعلتني ادرك ان الخزان خاو او يكاد ..‏
كيف ؟ لقد كان به ما يكفي امس .. انا متأكد من ذلك .. هناك من يسرق البنزين ‏من سيارتي او يسرق السيارة ذاتها ليتنزه بها ..‏
ناديت البواب .. وهو بالمناسبة شديد الكبرياء حاد جدا يعاملنا ـ نحن سكان ‏العمارة ـ باحتقار لا مبرر له ، ولسان حاله يقول : لست خادما لأبيكم إن الزمن ‏الأغبر هو ما جعلكم تصدرون الأوامر لي ..‏
جاءني متململا مشمئزا ، ويداه في جيبي جلبابه .. ‏
فسألته في أدب معلنا عن خجلي من وقاحتي :‏
‏-‏ ‏" أ .. ( عبدالله ) .. هل رايت احدا يتحرك بهذه السيارة ؟"‏
اطلق زفرة ضيق .. وقال :‏
‏-‏ ‏" سبحان الله ! لا احد سواك .."‏
‏-‏ ‏" ولم ترا احدا يدنو منها ؟"
‏" سبحان الله ! لا أحد .. منذ ركنتها ها هنا مساء امس .."‏
‏-‏ ‏" لحظة .. تعني ظهر امس .."‏
‏-‏ ‏" بل مساء امس .. التاسعة مساء . سبحان الله يا بك ! لقد صار النسيان ‏دأبك هذه الايام .. وبعد هذا غادرت العمار راجلا .. ويبدو انك قضيت ليلتك ‏في الخارج .."‏
‏-‏ ‏" انا بت في الخارج ؟"‏
عاد ينفخ في ازدراء .. وقال وهو يدير سده في اتجاه الباب :‏
‏-‏ ‏" سبحان الله ! أنت قلت هذا .."‏
‏-‏ ‏" واين بت إذن ؟"‏
‏-‏ ‏" هذا ليس عملي .. الله اعلم بما يفعله كل من هؤلاء السكان ليلا !"‏
وجدت أنني لن أظفر منه سوى بمزيد من التذمر ونفخ الهواء ،فصرفته .. وانا ‏أمرر كلماته مرارا على جهاز التحليل الموضوع في مخي ..‏
وقدت السيارة الى اقرب محطة بنزين ، وانا أتساءل عن كنه هذا الذي قال .. ‏إنه ذكي ـ برغم ضيق صدره ـ ويمكن الثقة بان الامر لم يختلط عله او يتشابه . ‏أمثاله يدسون أنوفهم في كل شيء ..‏
وفضوليون جدا ..ولو سطا لص على العمارة فسيكون هذا البواب شاهدا دقيقا ‏جدا لدى الشركة وسيحدد ملامح للص بدقة فوتوغرافية مذهبة ..‏
لكني بدأت انسى الامر مع الساعات الأولى من اليوم ..‏
‏*** ‏
وفي المستشفى بدأت جولة المرور مع ذلك الطبيب المقيم الذين نسيت اسمه ، ‏ولكن له أذنين حمراوين كالدم ، وهو عصبي كقال جالس على الكرسي ‏الكهربائي في ( متشيجان )..‏
سأتله عن الأحوال فقال ، وهو ينظر لممرضة تمزح مع صديقتها :‏
‏-‏ ‏" كل شيء على ما يرام .. إن حالة هبوط القلب قد تحسنت كثيرا .. لقد ‏فعلت كما طلبت بالضبط .."‏
‏-‏ ‏" عظيم !"‏
لا ليس عظيما على الإطلاق .. لأنني لم اطلب منه أي شيء بخصوص أية حالة ‏أساسا .. دعك من كونها حالة هبوط قلب ..لهذا سألته والفأر ( يلعب في عبي ) ‏كما يقولون :‏
‏-‏ ‏" ماذا أعطيتها ؟"‏
‏-‏ ‏" كما طلبت تماما !"‏
قالها في فخر وهو يتقدمني الى العنبر ..‏
لم يفسر الأحمق شيئا .. ولم أجرؤ على سؤاله .. ودخلنا لنرى أمامنا ألعن حالة ‏فقر دم رأيتها في حياتي .. إمرأة في الثلاثين من عمرها ، صفراء كالموز ، ‏تجاهد كي تلتقط انفاسهما .. والتشخيص واضح دون جهد كبير .. هبوط في ‏القلب ناتج عن فقر دم رهيب ..‏
دنوت من المرأة وسألتها في شك !‏
‏-‏ ‏" هل أنت متأكدة من أنك تحسنت !!‏
لو كانت أسوا من هذا أمس ، فمن المؤكد انها كانت ميتة .. فلا يوجد أسوأ مما ‏اراه أمامي .. لكنها قالت وهي تلهث :‏
‏-‏ ‏" حمدا لله ! أشكرك على رعايتك .. لــ .. لي .."‏
قال الفتى في حماس وهو يربت على ذراعها :‏
‏-‏ ‏" لو لم يمر د.( رفعت ) ها هنا مصادفة في العاشرة مساءا ، لكان من ‏السير ان ننقذك .."‏
حقا .. يا لي من عبقري شهم ! المشكلة الوحيدة هي انني لم أغادر داري طيلة ‏امس .. أتراني جننت ؟ ‏
انا واثق من أنني كن تجالسا في شقتي انتظر ذلك الـ ( رفعت إسماعيل ) الذي ‏لم يأت ..‏
فهل اكون فعلتها دون علمي ؟
قالت المرأة كأنما تزيد حيرتي :‏
‏-‏ ‏" حفظه الله .. لقد ظل جواري ساعتين كاملتين .."‏
قال الفتى بدوره :‏
‏-‏ ‏" كان لديه موعد في التاسعة لكنه ـ مشكورا ـ قرر إلغاء الموعد هاتفيا ‏ليظل بجوارك !"‏
وانهمرت عبارات المديح لي .وانا اشعر بان رأسي يتحول الى مستشفى مجانين ‏كلهم يصرخون ويصخبون في آن واحد .‏
هاتفيا ؟ ( هو ) اتصل بي امس وقال إنه لن يستطيع الحضور بسبب ظروف ‏العمل .. أي عمل ؟ كان ها هنا ينقذ حياة هذه المريضة .. وهو جهد استحق ‏عليه الثناء .. واستحق غيظي ..‏
من هو هذا المدعي ؟ ماذا يريد بالضبط ؟ وما الذي يحاول قوله ؟ وهل من ‏الممكن الخلط بيني وبينه الى هذا الحد ؟ ‏
مستحيل ..‏
يوجد احتمال واحد هو أنني جننت .. وأنني أفعل أشياء لا ادري ما هي . .هذا ‏يحدث كثير اجدا ولن يكون غريبا أن يحدث لي .. لست ممن لا يتصورون ان ‏يجنوا .. كل إنسان قابل للجنون .. ولا احد معصوم ..‏
وكذا يمكن ـ دون جهد كبير ت ان أتصور نسي ها هنا ي المستشفى ، أنقذ هذه ‏المرأة البائسة من توقف قلبها ، بينما عقلي الباطن هناك في داري يتخيل أنه ‏ينتظر شبيها له ..‏
تبا .. إن حالتي سيئة حقا !‏
وقد ازداد الأمر سوءا حين دخلت قاعة الدرس ..‏
كان هناك عدد محدود ـ حوالي ثلاثين من الطلبة ، يجلسون في تعاسة بانتظار ‏تعذيبي لهم بساعتين من الملل .. وفي مؤخرة القاعة كان هناك طالبان يثرثران ‏وقد غطى كل منهم فاه بكفه حتى لا ألاحظه .. وهو مشهد وجدت ألا داعي لان ‏اعلق عليه .. كما كانت هناك طالبتان تتبادلان كتابة أشياء في دفتر المحاضرات ‏، ثم تناولها كل منهما لصاحبتها .. إنها نوع من المحادثة المكتوبة لا يمكن الا ‏ألاحظها ..‏
كأنها اساليب عتيقة جدا طالما لجأنا اليها في صبانا . واكره ان اعلن احتاجي ‏عليها لمجرد اني من يقف وراء المدفع هذه المرة ..‏
وعلى لوح الكتابة العتيق الي تشقق خشبه ، كتبت بقطعة الطبشور وبخط ‏عريض ( الأورام اللمقاوية ) .. وهنا سمعت همهمة ..‏
نظرت لهم في تساؤل .. فبادلوني النظر في حيرة .. ‏
‏-‏ ‏" هل ثمة مشكلة ما ؟ "‏
لم يقل أحدهم شيئا .. فبدأت أتكلم بعدما سكنت الهمهمة : ‏
‏-‏ ‏" اليوم تتحدث عن نوع من الأورام التي تصيب الخلايا اللمفاوية .. ونحن ‏مدينون بأكثر ما نعرفه عن هذا الموضوع للعالم ( هودجكين ) الذي .."‏
هنا تعالت الهمهة من جديد .. لا أفهم .. هل فيما اقول شيء بذيء لاسمح الله ؟ ‏أم أن ...؟
هنا نهض احد الطلاب مستجمعا شجاعته الأدبية ليقول ..‏
‏-‏ ‏" سيدي .. لقد شرحت لنا الموضوع ذاته امس !"‏
‏-‏ ‏" انا ! امس ؟ "‏
‏-‏ ‏" نعم .. حتى موضوع اننا مدينون لـ ( هودجكين ) و .. كل شيء "‏
ورايتهم يتبادولن النظرات الباسمة ..‏
فميا بعد قال ( علاء ) ـ أحدهم ـ إن الامر بدا لهم كأنه شريط سينمائي يعاد ‏تشغيله من جديد . . ذات الوقفات والسكنات .. والخط ذاته .. وكان رأيهم هو ‏أنني احفظ الموضوع كما يحفظه طالب في حصة المحفوظات .. وبالطبع لم ‏يتخيلوا ان الموضوع لم يكن حاضرا في ذهني .. وانين كنت ارتبه وانا اتكلم .. ‏
أي انني لم اكن استقررت بعد على ما ساقول ..‏
لم آت برد فعل معين ، بل مسحت لوح الكتابة بقطعة من القطن ..وكتبت عنوانا ‏آخر بخط عريض .. وبدأت اتكلم ..‏
هذه المرة لم يصدر أحدهم همهمة ..‏
في داري ـ بعد كل هذه الاحداث ـ قررت ان اغفو قليلا .. فلربما إذا صحوت من ‏النوم وجدت ان كل هذه اهلاوس من عقل مرهق ..
وتهيأت للنوم حي دق جرس الهاتف ..‏
هرعت حافي القدمين لأرد .. يجب منع المصيبة القادمة التي يدق الهاتف مندرا ‏بها .. فلا بد من واحدة كما تعلمون ..‏
سمعت صوتا أنثويا ذكريا يقول : ‏
‏-‏ ‏" هاللوا ! د.( رفعت ) ؟"‏
‏-‏ ‏" اعتقد أنه انا وإلا فبيتي مسكون .."‏
‏-‏ أنا ( كاميليا )!"‏
وهنا استعدت الاسم الذي نسيته لفترة طويلة ..ربما منذ الكتيب الحادي ‏والعشرين ..‏
إن القارئ يذكر ـ دون شك ـ د.( كاميليا ) استاذ الفلسفة ، التي حاول د.( محمد ‏شاهين ) ان يجعلني اتزوجها ، ونمت بيننا صداقة لا بأس بها.. الى ان اتضح ‏ليانها ليست ( كاميليا ) لكنه مخلوق طيفي يلعب دورها ببراعة ..‏
لقد سادت المودة بيني وبين ( كاميليا ) بعد هذا اللقاء .. وانتهى سوء التفاهم ‏بيننا .. وكانت بيننا مكالمات هاتفية طويلة تحدثنا فيها عن كل شيء يمكن ان ‏يتحدث فيه رجلان ..‏
لماذا تبتسم بخبث ؟ بالطبع لم نتحدث فيما تفكر فيه .. فهي انضج وانا أحكم ـ أو ‏أغبى ـ من ان اقع في الحب .. ولو فعلنا لبدا الامر سخيفا ..‏
إن ( كاميليا ) هي صديق راجح العقل .. وتملك كل مزايا الرجولة النفسية ولن ‏اقول الشكلية حتى لا يتهموني بالوقاحة ..‏
قلت لها وانا اتثاءب :‏
‏-‏ ‏" يسرني ان اسمع صوتك يا كآآآآآآآآآآآآه .. ميليا .."‏
ثم اضفت في حذر :‏
‏-‏ ‏" منذ متى كففت عن النوم عصرا ؟ "‏
قالت في زرانة جعلتني اوقن ان شيئا ما في الطريق :‏
‏-‏ ‏" لم استطع النوم .. إن الافكار تصطرع في ذهني .. والسبب انت !!"‏
‏-‏ ‏" أنا !"‏
لو كانت تتصل بي عصرا فتحرمني من نوم القيلولة ، لتصارحني بأنها تميل لي ‏، فمن المؤكد انها فقدت قطاعا لا بأس به من عقلها . ولكن دعنا نر ..‏
قالت بنفس الصوت الرزين :‏
‏-‏ ‏" طبعا لقد بلبل عرضك أفكاري !!"
‏" أي عرض ؟"‏
‏-‏ ‏" لا تتغاب يا ( رفعت ) .. طبعا عرضك الخاص بالزواج مني !"‏

Ala_Daboubi 17-11-05 09:30 AM

aha , hai el 2esas wela balash , shiklha 7ilweh

bsharafik el 6alib esmo 3ala2 bel qesa ?????0

^RAYAHEEN^ 17-11-05 09:34 AM

والله العظيم اسمو علاء
حتى انا فرطت من الضحك امس بليل وانا بكتبها
قلت معقولي علاء مستقصد يطلب هالقصة
وقاريها مسبقا لانو مو مصدق انو اسموا مكتوب فيها
هههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 17-11-05 09:49 AM

hehehehehe , sob7an allah.................2oltilik ana zalameh 3alam , ma betrodi 3alai

hehehehe

^RAYAHEEN^ 17-11-05 09:56 AM

ههههههههههههههههههههه
لا اسم الله عليك ـ الواحد بس يحكي معك لازم يشبك نت من بيت شيخ ههههههههههههه

^RAYAHEEN^ 17-11-05 11:17 PM


‏3- وأشياء مريبة هناك ..‏

إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. ولهذا تجدني ميالا الى نظرية الجنون لأسباب ‏يطول شرحها ...‏
‏*** ‏
هرب الدم من نافوخي . ويمكن القول ـ عمليا ـ إنني بدأت امر بأعراض الصدمة ‏كما تصفها الكتب الطبية :الدوار .. ضربات القلب السريعة .. العرق البارد .. ثم ‏ذلك الشعور المقيت بأن الحياة تنسحب مني ..‏
لكني وجدت صوتا واهنا استطعت ان اجبره على سؤالها :‏
‏-‏ ‏" أنا طلبت .. الزواج ؟"‏
تنهدت كأنما تجد الأمر سيئا .. وقالت :‏
‏-‏ ‏" أمس .. في الواحدة صباحا .. هل نسيت ؟"‏
هنا وجدت من الحكمة ألا أشعرها بشيء غير عادي .. فسألتها بعسر :‏
‏-‏ ‏" و .. وما رأيك ؟"‏
‏-‏ ‏" ما زلت حائرة .."‏
‏-‏ ‏" كنت بالنسبة لي دوما مجرد صديق ذكي .. ومن العسير ان افكر فيك من ‏وجهة نظر أخرى .. انت تفهم قصدي .. اليس كذلك ؟"‏
‏-‏ ‏" بلى .. بلى !"‏
‏-‏ ‏" لكني أحاول !"‏
هنا ارتجف قلبي هلعا ..‏
أتراها ترفض وتحاول ألا تجرح ـ كما تتوهم مشاعري ؟ أم هي فعلا تحاول؟ ام ‏هي قبلت وتنتظر مني مزيدا من التوسل ؟ ‏
قلت لها وانا ارى بقعة سوداء تتضخم امام عيني :‏
‏-‏ ‏" حاولي يا ( كاميليا ) .. حاولي !"‏
‏-‏ ‏" هذا عسير كما تعلم !"
‏" أعلم .. ولكن حاولي .."‏
فكرت قليلا .. ثم قالت كأنما تكلم نفسها :‏
‏-" لم أكن قط كالفتيات الأخريات .. كنت دوما جادة صارمة .. ولم أتزوج لأني لا ‏اريد ان افقد عقلي وسط أواني المطبخ ورائحة السمن ..‏
لكني ـ لو قررت ان اتخذ فارس احلام لي ـ لكان بالتأكيد يختلف عنك .."‏
هذا هو ما خطر لي كثيرا ..‏
إن فارس الأحلام الاصلع النحيل الذي يسعل طيلة الوقت ، ليبدو غريبا حقا حتى ‏بالنسبة لسكان ( المشتري ) إن كان له سكان ..‏
أنا كذلك تختلف فتاة أحلامي كثيرا عن ( كاميليا ) .. لكني لن أصارحها بذلك .. ‏سأحاول تفادي هذا الموقف المحرج بكياسة وحكمة ..‏
قلت لها بصوت العاشق الجريح :‏
‏-‏ ‏" أرجوك أن تحاولي يا ( كاميليا ) .. سأعطيك فرصة .."‏
وتثاءبت واعدا نفسي بنومة مريحة تزيل إرهاقي الذهني .. فقط فلتنته هذه ‏المكالمة بأسرع ما يمكن . .‏
وأردفت وبرودة البلاط تفتل قدمي العاريتين :‏
‏-‏ ‏" لا تقولي ردك الآن .. وداعا .."‏
‏-‏ ‏" وداعا .."‏
قالتها في عدم رضا .. كانت تريد توسلا حارا ورجاء .. وربما تهديدا لها بان ‏أقلتها وانتحر إذا رفضت ..هذا هو ما يرضي كبرياء أنوثتها .. اما ان اتكلم بهذا ‏الأسلوب العقلاني البارد فأمر اقرب للإهانة ..‏
وضعت السماعة .. وهرعت لأندس تحت أغطية فراشي ..‏
ألن أحاول فهم ما سمعت ؟ فيما بعد .. حينما أصحو من النوم مرتب الذهن ، ‏سأفكر مليا وانا ارشف قدحا من القهوة ـ في كل هذا ..‏
‏*** ‏
في المساء دق جرس الباب حاملا في مصيبة جديدة ..‏
فتحته لأجد ( عزت ) ـ بوجهه الكئيب المكفهر الترابي ـ يقف على الباب ، وقد ‏رسم على سحنته ابتسامة رقيقة ( أعوذ بالله ) ..‏
كان يحمل في يده شيئا ما ملفوفا في قطعة من الورق ، وتم ربطه بحبل ..‏
وقال لي في مودة وهو يتراجع للوراء خطوة :‏
‏-‏ ‏" مرحبا ( رفعت ) .. عسى الا اكون قد أزعجتك.."‏
‏-‏ ‏" انا لا أجد أي إزعاج في ان يقرع احدهم جرس بابي عند منتصف الليل ..‏
هذا من حقه كما تعرف .."‏
‏-‏ ‏" وعلى العموم لن أطيل عليك .."‏
ووجدته يضع لفافته المرعبة في يدي .. ويقول وهو يبتعد :‏
‏-‏ ‏" هذا هو ما طلبته مني .. إنه اقل ما يجب اتجاهك .."‏
ثم تقلص في وجهه في تواضع أبله .. وأردف :‏
‏-‏ ‏" الحق أنني لم أتوقع أنك تفهم في الفنون إلى هذا الحد .."‏
هنا بدأ الأمر واضحا لي ..‏
لا داعي لمزيد من الأسئلة ( أنا ) زرته أمس مساءا وقضيت معه ساعة أو ‏ساعتين .. ولا بد أنني أبديت انبهارا شديدا بأحد تماثيله المرعبة ، وطلب منه ‏ان يهديه لي .. كل هذا واضح ولا داعي للاستفسار عنه ..‏
عدت لشقتي ووضعت اللفافة على مائدة الطعام ، وقطعت الحبل بسكين الفاكهة ‏‏.. وكان التمثال ينتظرني .. تمثال يمثل سحلية فشلت في التظاهر بأنها بطيخة .. ‏او جزرة مصابة بسرطان البنكرياس .. يبدو ان الاخ (عزت ) بدأ يتجه الى ‏النحت الحديث .. وقد جعلني هذا ادرك للمرة الاولى مدى جمال وعبقرية ‏تماثيله القديمة ..‏
إن هناك من يسخر مني .. من المستحيل ان يروق هذا التمثال لإنسان عاقل ..‏
‏*** ‏
وهكذا ـ لكم ان تراهنوا ـ جلست اتأمل التمثال وافكر في معنى كل هذا .. ‏
يمكنني رسم خط سير لا بأس به لهذا الـ ( رفعت إسماعيل ) الموجود في كل ‏مكان .. إنه نشيط جدا .. نشيط الى حد مرعب ..‏
لقد قاد سيارتي .. ثم قضى بعض الوقت مع ( عزت ) ، واختار هذا التمثال .. ثم ‏ذهب الى المستشفى وأنقذ حياة مريضة ، وحاضر الطلبة عن سرطان اللمف .. ‏وايا ما كانت شخصية هذا النصاب فهو يفهم جيدا في أمراض الدم ..‏
ليس هذا فحسب ..‏
بل إنه اتصل الدكتورة ( كاميليا ) وطلب يدها نيابة عني !‏
لقد قضى الوغد يوما حافلا مليئا بالإنجازات ، بينما انا غارق حتى أذني في ‏حسابات معقدة ، وحيرة غبية ..‏
والغريب أنه يمارس كل هذا بعيدا عن بيتي .. يجري الاتصالات الهاتفية ، ‏ويحاضر ويعالج ويعجب بالفن الحديث .. كل هذا في وقت لا أتوقعه فيه ..‏
أمس كان المفترض ان احاضر الطلبة .. لكني اعتذرت .. وهكذا خلا المكان له ‏كي يحاضرهم هو .. ويعتذر عن الاعتذار ..‏
ولم يكن مفترضا ان امر على المستشفى ليلا .. لكنه فعلها هو .. وقام بما قام به ‏‏.. وعرف أنني لن أزور ( عزت ) لأني سأنتظر في شقتي .. وهكذا زار هو ( ‏عزت ) وقضى معه ساعة ممتعة .. ممتعة لـ ( عزت) طبعا ..‏
من هو ؟ من هو ؟
‏*** ‏
حتى هذه اللحظة كان دور الرجل لا يزيد على أداء بعض المجاملات عني .. ‏وهو أمر يسرني انا الذي لا اطيق المجاملة ..‏
لكنني بدأت اشعر بخطورة الأمر حين توجهت الى البنك صباحا ، لأنهي ورطة ‏مادية مزمنة يعرفها كل من يتقاضى راتبه اول الشهر مثلي ..‏
هنا بدت الدهشة على وجه الصراف ، وكان هذا كافيا جدا لأعرف أنني قد ‏مررت بالبنك امس وقمت بسحب ألف جنيه .. والتوقيع هو توقيعي ذاته بالطبع ‏‏.. كلا .. لا داعي لإثارة جلبة .. أريد مبلغا آخر من فضلك ..‏
وغادرت البنك مخدر الأعصاب ..‏
إن الامر أخطر مما ظننت .. فما دام يتعلق بالنقود الشيء الوحيد القادر على أن ‏يؤلمني ـ فلم يعد تجاهله ممكنا .. إن ألف جنيه لمبلغ فادح في عام 1970 ‏
ماذا ينوي هذا النصاب عمله بمالي ؟ وهي يستمر في خرابي على ذات الوتيرة ‏الى الابد ؟ أين هو ؟ ولماذا هو مختف حتى هذه اللحظة ؟
‏*** ‏
في طريق العودة عرجت على الجزار لأبتاع لحما .. لست أكولا لكن قطعة لحم ‏من حين لآخر قد تنعش روحي .. الست من رأيي ؟
كان الرجل يقضي ساعات فراغه في عد المال .. وتكديسه في الدرج ، والتلويح ‏بتلك السكين الهائلة الحجم ، والحديث عن الرضا بالقليل .. فهذا هو المقسوم ‏لنا ..‏
قال لي حين رآني أتأمل اللحم المعلق في رهبة :‏
‏-‏ ‏" حمدا لله على السلامة يا دكتور ! أرجو أن تكون ( قطعية ) الأمس قد ‏راقت لك !‏
نظرت له في غباء ..‏
ثم فهمت على الفور .. فلم أحتج الى مزيد من الأسئلة ..‏
حييته شاكرا على روعة ذوقه ، وهممت بالانصراف ، لكنه استوقفني في أدب ‏وهو يلو السكين :‏
‏-‏ ‏" لم اتقاض ثمنها بعد .. وعدتني بالدفع غدا !"‏
ثم فرك يديه في ترقب متلذذ :‏
‏-‏ ‏" وها نحن أولاء في الغد !"‏
لا جدوى من محاولة التظاهر بالحيرة او عدم الفهم .. نقدته ماله ، وانا اتمنى ‏لو تحولت نظراتي الى ( مترليوز ) يثقب جسده .. وجسد كل من أراه في هذه ‏اللحظة ..‏
وانطلقت بالسيارة وقد فقدت شهيتي للطعام نهائيا ..‏
لكن اللحم كان في ثلاجتي !‏
قطعة كبيرة حمراء تستقر هناك ، وقد اقتطع منها جزء صغير .. وأدركت ـ حين ‏نظرت الى حوض المطبخ ـ ان هناك من طهى بعض الطعام في آنيتي .. ‏
لقد تناول أحدهم الطعام في شقتي ظهر اليوم ، ربما منذ نصف ساعة لا أكثر .. ‏إن المقود م ازال دافئا .. كما أنه ليس من هواة غسل الأطباق كما هو واضح ..‏
رحت ابحث في كل أرجاء الشقة عن متسلل لكني لم أجد ..‏
لقد فرغ من تناول طعامه وغادر المكان .. قبل وصولي بأقل من ساعة ..‏
على أن بحثي الدءوب استطاع أن يجد رزمة من الأوراق المالية ـ أقل من الف ‏جنيه ـ على ( الكومود ) جوار فراشي ..‏
هذا هو المبلغ الذي سحبه من البنك .. وذلك هو اللحم الذي اشتراه من الجزار ‏امس .. إنه ليس لصا .. ولا يتلاعب بي ..‏
كل ما هنالك مشكلة صغيرة جدا .. إنه يعتقد أنه انا !

^RAYAHEEN^ 17-11-05 11:18 PM


4‏- الجنون ‏

حقا لا يلقى المرء نفسه كل يوم.. لكن ليت ذلك ممكن لأخبره برأيي الحقيقي في ‏هذا السخف ..‏
‏*** ‏
قال د. ( محمد إبراهيم ) وهو يشعل غليون ويسترخي في مقعده :‏
‏-‏ ‏" منذ ان دعوتي الى ( كفر بدر ) لافحص أخاك ( رضا ) ـ موضوع النداهة ‏إياه ـ لم نلتق ثانية ظننتك تعادي الطب النفسي .."‏
قلت وانا ارمق الغرفة :‏
‏-‏ ‏" الحق أنني لا اثق بالطب النفسي البتة.. أعتبره نوعا من الفلسفة الراقية ‏‏.. إنه ضرب من الطب لا يسمع بالمسماع ، ولا يرى تحت المجهر ، ولا ‏يقاس بالترمومتر .. والقياس فيه مستحيل .."‏
‏-‏ ‏" اشكرك لصراحتك .. لكن الطب النفسي له مقاييسه .."‏
‏-‏ ‏" هل يمكن ان تذكر لي عدد الشرايين التي تغذي ( الأنا) ؟ ما هو الفارق ‏بين أشعة المخ في حالة الاكتئاب التفاعلي والاكتئاب الداخلي ؟ ما هو تحليل ‏الدم الذي يثبت إصابة المريض بـ ( البارانويا ) ؟"
ابتسم .. وراح ينفخ في غليونه بضع نفخات ملأت الغرفة بالضباب .. ثم قال ‏‏:‏
‏-‏ ‏- " ما دمت تؤمن بتفاهتنا إلى هذا الحد .. فماذا تلجأ إلينا ؟"‏
‏-‏ ‏" لأنكم ـ على الاقل ـ تعرفون الجنون حين ترونه .."‏
راح يمارس اعمالا معقدة في الغليون .. وهذه هي مشكلة تدخين الغليون ‏الدائمة .. إنه يتطلب جهدا أكثر مما يتطلبه محرك سيارة قديم . و من يمسكون ‏به يقضون الوقت في أعمال عديدة ليس التدخين من بينها ..‏
ثم قال بعد ما انتهت معاناته :‏
‏-‏ ‏" انا لا اراك مجنونا يا د. ( رفعت ) .. والوساوس لا تعني الجنون ‏بالضرورة .. وإلا لما عاد في الكون عاقل .."‏
‏-‏ ‏" أهي وساوس أم ظلالات ؟"‏
‏-‏ إنها الاثنان معا .. لكنك تعرف أن هذا وهم وتجاهد كي تتخلص منه .. هكذا ‏يمكنني أن اساعدك .. ‏
‏-‏ سأتله وانا انظر الى السقف من جديد :‏
‏-‏ ‏" هل يمكن ان تكون لي شخصية أخرى ؟"‏
‏-‏ ‏" لا أرى ما يمنع .."‏
‏-‏ ‏" دون أن اعلم أنا بذلك ؟"‏
‏-‏ ‏" هكذا القصة دائما .."‏
ثم اخرج أداة لتسليك الغليون ، وعشرة انواع من الإبر والمطارق والأسلاك ‏وراح يواصل كفاحه مع الغليون .. قبل أن يضيف :‏
‏-‏ ‏" أنت هادئ متحفظ ميال للوحدة .. وعقلك الباطن لا يحب هذا .. لهذا تحرر ‏جزء من عقلك اسمه ( رفعت اسماعيل ) .. هذا الجزء نشط متوثب إيجابي ‏يفعل كل ما لا تجرؤ على عمله .."‏
‏-‏ ‏" نعم .. يطلب يد امرأة .. ويشتري عشرة كيلوجرامات من اللحم مرة واحدة ‏‏.. ويعجب بتمثال قبيح لدى جاري .."‏
ثم عدت أسأله ، وقد بدأ التفسير لا يروق لي :‏
‏-‏ ‏" لحظة . وهذا الجزء يتصل بي هاتفيا ؟"‏
‏-‏ ‏" هنا قد تكون واهما .."‏
‏-‏ لقد سمع كثيرون صوته عبر موجات الأثير .."‏
‏-‏ ‏" هنا قد يكون هناك من يداعبك دعابة قاسية .."‏
ثم نفخ في الغليون نفختين .. وسحب سحبتين من الدخان .. ثم عاد يسكب التبغ ‏في مطفأة أمامه ، ويحاول ملأه من جديد بالطباق .. وقال بلهجة مسرحية :‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) يا صديقي العجوز .. إن من يوقع توقيعك ويملك مفاتيح دارك ‏ويبدو مثلك ، حتى امام ادنى معارفك .. لا يمكن ان يكون شخصا آخر .. إنه ‏انت يا عزيزي .. أنت !"‏
‏-‏ ‏" أنا ؟ "‏
‏-‏ ‏" انت !"‏
وراح يسلك الغليون بأداة تشبه دودة الأرض .. وقال دون أن ينظر لي :‏
‏-‏ ‏" هاك ! حاول أن تغير المكان قليلا .. اتبع النصيحة القديمة .. أترك القاهرة ‏العجوز بمشاكلها التي لا تنتهي واذهب الى .. إلى الإسكندرية مثلا .. هناك ‏مؤتمر لأمراض الأعصاب بعد أسبوع .. ولسوق يعقد هناك .. ويمكنك ان ‏تدون اسمك فيه .."‏
‏-‏ لكني طبيب أمراض دم .. ولا .."‏
‏-‏ ‏" لنقل إنك متحمس للعلم مهما كانت فروعه .. "‏
نظرت له هنيهة .. وللمرة الأولى لم أجد الفكرة سخيفة ..‏
عدت أسأله : ‏
‏-‏ ‏" اترك شقتي ها هنا لذلك النصاب ؟ "‏
‏-‏ ‏" لا يوجد نصابون .. لا يوجد سوى عقلك الباطن .. وأولى خطوات العلاج ‏هي ان تعرف ذلك .."‏
شكرته ونهضت لأنصرف .. لكنه كان منهمكا مع الغليون فلم ير يدي الممدودة ‏كي يصافحها .. قلت له في أدب : ‏
‏-‏ ‏" أ .. هل تريد رأيي ؟"
‏- " هــه !"‏
‏-‏ ‏" اقترح أن تتخلص من هذا الغليون قبل ان تصاب بجنون ذهولي .. أو ‏اكتئاب ضموري .. أو أي اسم من هذه الاسماء التي لا تنتهي !"‏
‏*** ‏
الليلة اسافر الى الاسكندرية ..‏
ساقضي أسبوعا في ( بنسيون ) كذلك الذي كنت امضي فيه ليلتي عندما كانت ( ‏هويدا ) خطيبتي ..‏
بعد هذا يمكنني ان اقرر حضور المؤتمر من عدمه .. إن المؤتمر ذريعة مناسبة ‏أقنع بها نفسي أبنني لم اهرب من القاهرة ..‏
لم تكن هناك مشاكل بصدد طلب إجازة ، لأنني وجدت ان هناك من طلبها بالفعل ‏‏! بالطبع هو ( انا ) .. وهكذا وفر علي عناء الإجراءات الإدارية ..‏
ثم شرعت أحزم حقيبتي ..‏
لقد ترك الوغد أبوابا كثيرة مفتوحة في دنياي .. منها باب ( كاميليا ) وسواه .. ‏ليس بوسعي ان أغلق تلكم الأبواب الآن .. لهذا سأتركها كما هي وأفر بضعة ‏أيام .. وعندما أعود قد اكون مت او مات هو او مات الجميع ..‏
‏*** ‏
ولكني ـ حين بدأت في إعداد حقائبي ـ وجدت ان عددا لا بأس به من قطع الثياب ‏ليس موجودا ..‏
البذلة كحلية اللون على سبيل المثال ـ وانتم تعرفون حبي لها ـ ليس هنا ‏والقميص السماوي .. وربطة العنق الرمادية .. وبعض ـ إحم ـ بعض الثياب ‏الخاصة .. كلها لم يعد لها وجود هنا ..‏
حتى ماكينة حلاقتي ، وفرشاة الشعر الناعمة التي أرتب بها الشعر المبعثر على ‏جانبي جمجمتي .. ومعجون الأسنان ..‏
ليس الأمر مزاحا إذن ..‏
إن هذا ( الآخر ) يزمع القيام بإجازة طويلة أيضا .. ‏
ولن يدهشني في شيء ان تكون الإسكندرية هي وجهته .. ربما سبقني الى ‏هناك ..‏
متى يجئ ومتى يرحل ؟ وكيف لا يتصادف ان اضبطه متلبسا أبدا ؟ الإجابة ‏واضحة جدا : لانك جننت يا عزيزي ( رفعت ) .. جننت .. وهذا الآخر ليس ‏سوى أنت في صورة لا تدركها ..‏
كنت أخاف دوما رواية د. ( جيكل ) ومستر ( هايد ) .. لان المسخ الذي يثير ‏الذعر في نفسي حقا هو أنا .. انا الذي لا اعرفه .. والذي يفعل أشياء ويقول ‏كلمات لا يمكن ان افعلها او اقولها .. ثم لا يصدق أحد أنه ليس أنا .. بل هو ..‏
آه ه ه ه ! إنني قد جننت . أو دنوت من ذلك جدا ..‏
كان رفيقا بي فترك سيارتي .. لم ياخذها لحسن الحظ ..‏
امامي رحلة قيادة مرهقة .. لكني أحبها .. إنها تذكرني بأيام خطبة ( هويدا ) .. ‏ايام البراءة الاولى حين كنت احسب من حقي ان احب .. وأن اتلهف على أي ‏شيء في هذا العالم ..‏
‏*** ‏
وفي الثانية عشرة مساء دخلت الى المدينة الحسناء .. كانت موشكة على النوم ‏لكنها فتحت عينيها المنهكتين وعرفتني .. فابتسمت وراح عنها النعاس : ‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) أيها العجوز ! يا له من دهر !"‏
‏-‏ ‏" أعلم ذلك .. واعتذر عنه .. لكنك تحملين لي ذكريات سعيدة الى حد انها ‏شديدة القسوة .."‏
‏-‏ ‏" لا عليك .. حاول أن تنام قليلا وبعد هذا نتحدث .."‏
‏-‏ ‏" شكرا .. هل ما زال بنسيون ( السعادة ) موجودا ؟"
‏" بالتأكيد .. يمكنك المبيت فيه ما لم تكن الذكريات هناك اكثر من اللازم .."‏
وهنا تذكرت شيئا .. فسألت شوارع المدينة : ‏
‏-‏ ‏" بالمناسبة .. هل رأيت من يشبهني اليم ؟"‏
‏-‏ ‏" يشبهك ؟ من هذا التعس ؟ إن واحد فقط يكفي العالم .."‏
‏-‏ ‏" هذا هو رأيي .."
وكما أخبرتني ( الإسكندرية ) ، وجدت البنسيون كما هو ، بذلك المصباح ‏الخافت جوار مدخله .. واللافتة التي يمكن قراءتها بكثير من العسر .. ‏ووجدت الخادم ذاته يفتح لي الباب ويتذكرني على الفور ..‏
بعد كل هذه الأعوام ؟ ‏
قال وهو يضحك .. ويفرك النعاس عن عينيه :‏
‏-‏ ‏" أعوام ؟ أنا أتحدث عن مرورك هنا ساعة أذان العشاء .. اليوم .. هل ‏نسيت ؟ كنت مترددا بشأن الإقامة هنا .. يبدو أنك لم تجد فندقا به غرفة ‏خالية .. إن هذا يحدث .." ‏
التزمت الصمت .. وقطبت جبيني ..‏
حتى هنا أجد الشخص ذاته .. وكالعادة سبقني ببضع ساعات .. إن الامر لم يعد ‏قابلا لتفسيره بدعابة أو مؤامرة أو حتى الجنون .. فما تفسيره إذن ؟ ‏
أخرجت بطاقتي الشخصية .. ودفعت حساب الليلة .. ثم أخذت مفتاح الغرفة ‏واتجهت إلهيا بخطوات من يألف الدار ..‏
وأغلقت باب الحجرة علي .. ثم رحت أجول في الحجرة أتأمل أثاثها الرخيص ‏النظيف .. عن نظافة هذا البنسيون هي اهم ما جذبني إليه . نظافة لها رائحة ‏الغسيل الذي جمعته من على الحبل في يوم مشمس .. ‏
لكني لم أكن انظر الى شيء بعينه .. كنت أدعة الله في سري .‏
رباه ! لا تدعني أفقد عقلي ..‏
إنني لفي مأزق مخيف ..

Ala_Daboubi 20-11-05 08:52 AM

yeslamo.................0

^RAYAHEEN^ 20-11-05 09:05 AM

ولكموووووووو

Ala_Daboubi 20-11-05 09:24 AM

looooooooooooooooooooooooooooooool walik sho hal tawqeeeeeeeeee3 el damawi haaaaaaaaaaad


looooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooooo ooooooooooooooooooooooooool

^RAYAHEEN^ 20-11-05 09:42 AM

عجبك والله انا قلت اكيد رايح يعجبك
ههههههههههههههههههههههههههههههه

Ala_Daboubi 20-11-05 01:10 PM

looooooooooooooooooooooooool

^RAYAHEEN^ 20-11-05 01:16 PM

ههههههههههههههههههه لا انت توقيعك دموي اكتر من توقيعي

^RAYAHEEN^ 20-11-05 07:06 PM




-5موقف محرج


كنت اقول إذن إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لأن المرة الأولى هي الأخيرة غالبا ‏‏.. وبعدها يجد نفسه في المصحة العقلية ..‏
‏*** ‏
في الصباح عرجت على مطعم فتناولت وجبة إفطار لا بأس بها ، وعند الظهيرة ‏اتجهت بسيارتي الى مديرية الأمن ، لأطلب لقاء ( عادل ) .. لقد صار عقيدا منذ ‏فترة ، وهو ما يفسر الشك الذي عوملت به أولا .. فالاحترام الذي عوملت به بعد ‏ذلك ، حينما طلب ان يوصلني إليه ..‏
وصعدت في الدرج وسط هذا الجو البوليسي الذي تتوتر له أعصابي .. حتى وصلت ‏الى مكتبة .. طرقت الباب قبل ان يسألني الجندي الواقف على الباب عن غايتي ، ‏فسمعت صوت (عادل ) الجمهوري يدعوني للدخول ..‏
كان وسيما كعهدي به ، وإن ازدادت الشعيرات البيضاء في فوديه .. وكان يرتدي ‏ثيابا مدنية القميص وربطة العنق دون وسترة كما يفعلون جميعا ، فما إن رآني ‏حتى نهض واقفا .. وصرخ وهو يفتح ذراعيه :‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) ! إذن حل الخراب بالمدينة !"‏
تعانقنا .. واشار بطرف الى الجندي الذي كان يحاول اللحاق بي محتجا .. ثم ‏سألني عما اشرب .. فطلبت فنجانا من القهوة .. اشار للجندي كي يجلبه لي .. ‏لم يكن على علم بقدومي .. لكنه كان ودودا جدا .. أنا اعرف ان ( عادل ) يحبني ‏حقا .. حتى برغم ما كان من موضوع ( هويدا ) شقيقة زوجته .. صداقة الصبا ‏هي أمتن انواع الصداقة وأخلصها .. ومن العسير ان تتزحزح ، لانها صداقة ‏روحين لا مجال فيها للماديات ولا النفاق ولا المصالح المشتركة ..‏
سألني وهو يجلس جواري على مقعد امام المكتب : ‏
‏-‏ ‏" لماذا عدت ؟ هل تبحث عن شبح جديد ؟"‏
‏-‏ ‏" بل انا هارب . .هارب من نفسي .. بالمعنى الحرفي للكلمة !"
انفرج يضحك كدأبه في الضحك من اعمق اعماقه .. وقال :‏
‏-‏ ‏-" كلنا يهرب من نفسه .. هل نسيت فلسفتك السقيمة ؟"‏
‏-‏ لا مجاز هنا .. الهرب من النفس هو الهرب من النفس .. قلت لك إن هذا هو ‏المعنى الحرفي .."‏
عاد يضحك وضربني على ظهري ضربة فجرت شرياني الرئوي .. وقال :‏
‏-" إن فهم هذا كله قد يكون مسليا .. لكن لا وقت لدي لذلك .."‏
ونظر في ساعته .. ثم قال بلهجة لا تناقش :‏
‏-‏ ‏" لا ارتباطات لديك طبعا .. ستتناول طعام الغداء في داري .. صه ! لا تقل ‏المزيد ! انتهى ! "‏
ورفع سماعة الهاتف وأدار القرص .. قبل أن أتمكن من الاعتراض ، وسمعته ‏يقول ـ لـ ( سهام ) طبعا ـ إنني مدعو على الغداء .. وأننا قادمان بعد نص ساعة ‏‏.. ثم وضع السماعة واتسعت ابتسامته أكثر .. ‏
صحت في ذعر : ‏
‏" لكني لن أقابل ( سهام ) بعد ما .."
تقلص وجهه معبرا عن تفاهة ما اريد قوله :‏
‏-‏ ‏" كل هذه الأشياء قسمة ونصيب .. لقد مر دهر على هذا الموضوع .. و ( ‏هويدا ) سعيدة الآن مع زوجها .. إن آخر شيء تعتذر عنه يا ( رفعت ) هو ‏عدم الزواج من فتاة ما .. لان احدا لا يعتذر عن خدمة عظيمة كهذه !"‏
لم افهم عبارته الملتفة أولا .. ثم فهمتها فاحمر وجهي .. يريد القول إن افضل ‏معروف قدمته لـ ( هويدا ) هو أنني لم اتزوجها .. لهذا استحق كل ترحاب ‏وتكريم !‏
‏-‏ ‏" شكرا .."‏
واحضر لي بعض مجلات الشرطة إياها ، وطلب مني ان اتسلى بها على حين ‏يفرغ مما بين يديه من اوراق .. وأشعل لفافة تبغ وانهمك في العمل ..‏
رحت أتصفح المجلات ـ التي هي اقرب للنشرات الدورية ـ في غير اكتراث .. ‏الى ان وقعت عيناي على اسمي .. بالتأكيد اسمي .. وكان الموضوع عن التبرع ‏بالدم وكيف أنه عمل جليل .. ويبدو ان كاتب المقال طلب رأيي باعتباري من ‏المختصين بالموضوع .. غريب !‏
رحت اقرأ السطور بعين زائغة :‏
وقال د.( رفعت إسماعيل ) ـ ويرى د.(رفعت إسماعيل ) ـ ويقترح د.( رفعت ‏إسماعيل ) .. إلخ ... ها هي ذي اشياء قلتها .. وآراء اعلنتها .. لكني والله يعلم ‏ـ لم افعل قط .. إن تاريخ المجلة يشير الى هذا الشهر .. الشهر الذي بدأ فيه ‏الكابوس ..‏
أحسست بالرجفة تعاودني .. ورفعت رأسي أتامل ( عادل ) ..‏
هل أصارحه ؟ لن يفهم .. ولو فهم فلن يجد ما يفعله .. إن الوضع كله غريب ‏غريب .. ولكن أية مصادفة هذه ؟ ‏
رفع وجهه قوى التقاطيع عن الأوراق ولمح المجلة في يدي .. فقال باسما :‏
‏-" آه ! وجدت مقالتك ؟ نسيت ان أهنئك عليها .. إن الرائد ( عماد ) هو أخ ‏صغير لي .. وانا الذي رشحتك كي يستعين بك في هذا المقال .. إنه أديب اكثر ‏من كونه رجل شرطة .."‏
رفعت إصبعا مهتزا .. واشرت الى الكلام المكتوب وقلت : ‏
‏-‏ ‏"أ . .أين اجروا هذا الحديث ؟ "‏
‏-‏ ‏" هل نسيت بهذه السرعة ؟ لقد اتصل بك ( عماد ) هاتفيا في دارك وكتب ‏ما تقول .. الم يرسل لك عددا من هذه المجلة ؟ "
‏- " نعم .. إنها مفاجأة سارة حقا .."‏
وكدت ابكي غيظا وكمدا ..‏
إن هذا ( الآخر ) يزداد نشاطا وشهرة يوما بعد يوم .. إنه يتوسع في كل يوم ‏ويلتهم جزءا جديدا من عالمي .. حتى أوشك انا ان اغدو ظلا له ..‏
من هو ( رفعت ) الحقيقي ؟ بالتأكيد هو .. ما دام الاكثر حيوية وسرعة ..‏
هنا كان ( عادل ) قد انتهى من اوراقه .. أو قرر إرجاء ما تبقى منها لغد .. ‏ورأيته يتناول سترته ليرتديها .. ويقول متجها الى الباب :‏
‏-‏ ‏" هيا بنا .."‏
‏*** ‏
كانت ( سهام ) فاترة ..‏
أرضى هذا غروري الى حد كبير ، فهي ـ على الأقل ـ قد خيبت ظن ( عادل ) ولم ‏تلثم يدي شاكرة على عدم زواجي من اختها ..‏
كان الطعام قد اعد على عجل لأنها لم تتوقع قدومي .. بعض ( المكرونة ) ‏والبطاطس المحمرة ودجاجة لم تنضج تماما ، لانها اخرجت من الثلاجة من ‏ساعة واحدة ..‏
ولأن ( سهام ) فاترة ، لم تصدع رأسي ـ لحسن الحظ ـ بالطقوس المعهودة لدى ‏البيت المصري .. على غرار ( نحن لا نترك طعاما في أطباقنا ) أو ( لن نلح ‏عليك فأنت صاحب الدار ) أو ( دعنا نر ما إذا كنت بخيلا ) ..‏
كان الأكل صامتا .. لهذا أحببته ..‏
ومن حين لآخر كان (عادل ) يحاول تبديد الجو الفاتر بمزحة سخيفة أو مزحتين ‏، فكنت ابتسم ابتسامة متكلفة ، واختلس نظرة الى ( سهام ) لأجدها لا تبدي أي ‏انفعال من أي نوع ..‏
وجاء (اشرف ) إبنهما ـ هو الآن في العاشرة من العمر ـ ليقول شيئا .. لكن امه ‏زجرته بعنف .. وامرته ان يعتكف في حجرته ..‏
انصرف الطفل حائرا .. فأنا بمثابة عمه .. ولا يوجد ما يبرر أن....‏
إنها شرسة إلى حد مبالغ فيه .. ثم لماذا لا يشاركنا الطفل الطعام ؟ ولماذا تدن ‏وجهها في طبقها وكأنها أقسمت ألا تلتقي عينانا ؟ ‏
الخلاصة ان الغداء كان فشلا كاملا .‏
وشعرت بجبل من الجليد يعلو شيئا فشيئا ، حتى ليوشك على خنقي وراءه ..‏
ورحت ابتلع المكرونة كأنني القي بها في صفيحة قمامة ، متعجلا لإنهاء هذه ‏الجلسة المؤلمة ..‏
‏( سهام ) تباغل .. تبالغ أكثر من اللازم ..‏
لو كانت ( هويدا ) مخطوبة لــ ( أغاخان ) ثم فسخت خطبتها لبدا الأمر مفهوما ‏‏.. لكني لا ارى في فقداني ما يدعو لهذا الغضب المتعصب ..‏
‏*** ‏
انتهينا من الطعام ..‏
هنا دق جرس الهاتف ، فنهض ( عادل ) ليرد ، وهو يقول شيئا عن الأعباء ‏التي توشك على قتله .. ‏
ظللت و ( سهام ) على مائدة الطعام شبه الخاوية ، والصمت يجلس معنا ‏كصديق حميم ..‏
أداعب عظمة فخذ الدجاجة بطرف سكين ، باحثا عن كلمة يمكن قولها .. ورابع ‏المستحيلات هو أن تجد موضوعا صالحا للكلام حين تبحث عن واحد ...‏
أخيرا سألتها مبتسما : ‏
‏-‏ ‏" ألا تنويان أن تهديا ( أشرف ) أخا او أختا ؟"
ساد الصمت هنيهة وهي تقلب المكرونة في طبقها شاردة .. ثم همست : ‏
‏-‏ ‏" ربنا يسهل .."‏
قالتلها متنهدة ، كأنما تضع مزيدا من الجليد فوق الجبل بيننا ..‏
عدت أقول بعد قليل : ‏
‏-‏ ‏" إن عشرة أعوام لفترة أطول من اللازم بين طفل وآخر .."‏
‏-‏ ‏" هذا ليس من شأنك !"‏
كان هذا أقوى مما تصورت ..‏
صفعة معنوية هوت فوق خدي فاحمر .. ورحت أتأمل عظمة الدجاجة في طبقي ‏باهتمام اشد .. حاول أن .. أعتذر .. فقلت :‏
‏-‏ ‏" لم اقل هذا سوى دعابة لكما .. لم اعن ما قلته .."‏
‏-‏ ‏" أما انا فأعني ما قلته !"‏
هنا فاض بي .. فلو لم اكن في دارها لهشمت رأسها على الحائط .. ثم تسليت ‏بعد الشرايين التي تغذي مخها .. لكني تماسكت .. وقلت كـ ( جنتلمان ) يجد كل ‏هذا غريبا ..‏
‏-‏ ‏" ( سهام ) .. انا لا افهم ما .."‏
‏-‏ ‏" مدام ( سهام ) من فضلك !"‏
‏-‏ حسنا .. انا لا اجد سببا لهذه المعاملة غير المقبولة .. إن أية خطبة هي ‏مجرد اختبار .. قد ننجح فيه وقد نفشل .. وليس من الحكمة ان نكابر فتكون ‏زيجة تعسة .. إن فسخ الخطبة أبسط من الطلاق على ما أظن .."‏
‏-‏ ‏" عم تتحدث بالضبط ؟"‏
قالتها واتسعت عيناها في وحشية . .العينان العسليتان اللتان تتوهجان بالنار ‏عند الغضب ..ومالت على المائدة .. وبصوت كالفحيح قالت :‏
‏-‏ ‏" إذا كنت استقبلتك في داري ثانية ، فذلك إكراما لـ ( عادل ) .. ولأنني ‏اعرف أنه يمكن ان يجن ويرتكب جريمة .. ولكن لا تتصور لحظة أنني أفعل ‏ذلك من أجلك .. ولهذا فقط لن أخبره بما فعلت !"‏
‏-‏ فعلت ؟ انا لم افعل لـ ( هويدا ) شيئا !"‏
ازدادت عيناها توحشا .. وصار وجهها اقبح وهي تهمس :‏
‏-‏ ‏" انا لا اتحدث عن ( هويدا ) .. أتحدث عما قلته لي صباح اليوم !"‏
[/align][/color]

^RAYAHEEN^ 20-11-05 07:09 PM




‏6 أخيرا نلتقي !‏


إن المر لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا قد تصرف هذه النفس بكامل حريتها ، ‏ودون رقابة .. وهذا قد يكون خطرا .. خطرا أكثر مما تظن ..‏
‏*** ‏
‏-‏ ‏" أنا قلت لك ماذا ؟ "
اندفعت الصرخة من حلقي .. ويبدو أنني وقفت : أو أنني وضعت ركبتي ‏على المائدة .. لا اعرف حقا ما فعلته . لكنه كان مجنونا ..‏
‏-‏ قالت همسا وهي تضع سبابتها أمام شفتيها المضمومتين :‏
‏-‏ ‏- " صه ! لا فضائح من فضلك .. يكفيك ما كان صباح اليوم ! "‏
عدت أسألها مستعملا ( أوكتافا ) اقل في صوتي :‏
‏-‏ ‏" انا قلت ماذا ؟"‏
مطت شفتيها في اشمئزاز .. وغمغمت : ‏
‏-‏ ‏" ما كان لك ـ ايها ال**************** ـ ان تستغل غياب صديقك عن داره .. وتأتي ‏لزوجته كي تصارحها بحبك .. أبعد كل هذه الصداقة ؟ أبعد كل هذه الثقة ؟"‏
كانت تكرهني حقا .. تحتقرني حقا ..‏
وشعرت أنني اتلاشى تماما .. لن تفهم شيئا ولن تصدق شيئا .. لقد احيط بي ‏حقا ولم تعد الكلمات تجدي ..‏
هنا ـ غارقا في مجرور أفكاري مقيت الرائحة ـ سمعت ( عادل ) عائدا ..‏
لقد انهى مكالمته .. كان يقول أشياء وأشياء ..‏
‏-‏ ‏" قلت لك إنها مهنة تقصف العمر " .. عساه لم يسمع .. عساه لن يعرف .. ‏‏" كلهم لا يجدون سواي كي .." .. والخطيئة المرتسمة على وجهي تعلن ‏للكون كله أنني حقا فعلتها .. " .. لقد قتل زوجته لأنها عايرته بفقره .." .. ‏كيف افسر شيئا كهذا لا اصدقه انا نفسي ؟" ثم سلم نفسه .. ويقول .." .. ‏الصديق الخائن .. لكني لم أخن .. فعلها الوغد .. و .. " الساطور .. دماء ‏‏.." .. لم يعد البقاء ممكنا هنا .. " الجيران سمعوا صراخها " .. هذا البيت ‏محرم علي إلى يوم الدين .. لكن هل محرم عليه ( هو ) ؟
ووثبت على قدمي المتخاذلتين .. وبصوت كالتوسل صحت :‏
‏-‏ ‏" خذني معك !"‏
‏-‏ ‏" لا تكن سخيفا .. نحن لم نجلس معا بعد .. ثم إنك لم تحتس الشاي .."‏
بصوت كالبكاء : ‏
‏-‏ ‏" خذني معك يا عادل !"‏
‏-‏ ‏" لن اتأخر .. ستنتظرني هنا.. إن (سهام ) بمثابة أختك لون يضير في ‏شيء أن .."‏
‏-‏ ‏" خذني معك !"‏
نظر لها في حيرة .. ثم لي ..ثم لها .. وهز كتفيه باستسلام : ‏
‏-‏ ‏" ليكن .. طالما تصر على ذلك .. لكننا سنعود .."‏
واتجهنا الى الباب ، ولم استطع ان التفت الى الوراء لأشكر ( سهام ) على ‏حسن ضيافتها .. أعرف أنني لن اضع قدمي في هذا البيت الحبيب أبدا ..‏
وفي السيارة ظللت صامتا ارمق الشوارع بعينين من زجاج ..‏
‏( عادل ) يتكلم.. يتكلم .. ثم سمعته يقول بنبرة عالية ليجذب انتباهي : ‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) ! ما بالك ؟ تبدو كمن رأى شبحا .. بل تبدو شبحا أنت نفسك ! ‏‏" ‏
ثم أردف وهو يدس لفافة تبغ في فمه : ‏
‏-‏ ‏" ربما لم تكن ( سهام ) ودودا كما يجب ..لكني أعرف أنك واسع التفكير .. ‏ونحن لن نفهم النساء أبدا .. هل تعرف السبب ؟ " ‏
فلما لم ارد .. اجاب على السؤال بنفسه : ‏
‏-‏ ‏" لأننا لسنا نساء ! نياهاهاهاه ! حلوة ! اليس كذلك ؟"‏
كان هذ اهو ما أحتاج اليه كي أبكي .. انفجرت ماسورة عواطفي وأحزاني كي ‏تغرق الميادين وتعطل المرور في مدينة الواقع .. وسمعت ( عادل ) يتساءل في ‏لهفة عما حدث . أتراها ( سهام ) ؟ اللعينة ! لا بد أن لسانها الشبيه بذيل الأفعى ‏قد ...( رفعت )! بسم الله الرحمن الرحيم ! هل نتوقف ؟ هل احضر لك بعض ‏الماء ؟ ‏
كنا قد وصلنا الى ( مديرية الأمن ) ، وحيث تركت سيارتي .. ففتحت باب ‏سيارته وخرجت متثاقلا . وبصوت لم آلفه همست وأنا انحني على نافذته : ‏
‏-‏ ‏" اسمح لي .. اريد ان انفرد بنفسي قليلا .."‏
‏-‏ ‏" لكنك لا تبدو في حالة تسمح بــ .."‏
‏-‏ ‏" انا بخير .. فقط أنا مرهق . مرهق .."‏
وابتعدت دون ان اترك له فرصة الاستزادة ...‏
‏*** ‏
كان الشاطئ خاليا تقريبا من الناس ...‏
في ذلك الوقت لم يكن ( العجمي ) بالازدحام الذي نعرفه ، ولم يكن الوقت وقت ‏اصطياف على كل حال ... لهذا مشيت .. مشيت ...‏
يداي في جيبي بنطالي . والريح تصفر في أذني كأنما قوقعة عملاقة ملتصقة ‏بها .. ورذاذ البحر يبلل زجاج عويناتي .. ويملأ فمي بمذاق مالح ..‏
رمال .. رمال .. يبعثرها حذائي يمينا ويسارا ..‏
وخواطر لا تنتهي ..‏
نظرت الى البحر .. وقلت له : هأنتذا ايها البحر بأسرارك الغريبة ، ترمقنا منذ ‏ملايين السنين .. وتخفي في أعماقك الكنوز والجثث و ....‏
ثم وجدت أنني لا أتأمل .. بل أمثل أنني أتأمل .. واردد ذات ما يقوله كل من ‏يقرر ان يكتب عن البحر .. الواقع أنني لا اجد في البحر ما يثير أبدا ...‏
مجرد صفحة غبية مملة من المياه ... مثله امثل ترعة قريتي .. الفارق الوحيد ‏هو أنني لا ارى الضفة الأخرى ...‏
ونظرت الى الأمام لأتجنب سخف الأمواج .‏
كان هناك رجل يقف في الماء الضحل ، وقد ثنى طرفي بنطاله .. وغمر قدميه ‏العاريتين حتى الساقين في الزبد .. وكان منحنيا على الماء يتفحص شيئا ما ، ‏بدا لي شيء مألوف في مظهره ..‏
دنوت منه أكثر ..‏
كان نحيلا كعود خلة .. اصلع ككوكب المشتري .. يرتدي بذلة كحلية اللون وقد ‏تطايرت في الريح ربطة عنق رمادية .. على أنفه عوينات سميكة ..‏
وكان يضع تحت إبطه حذائين مألوفي الشكل لي .. أنا اعرف هذا الكهل .. ولكن ‏أين ؟ ‏
شعر بوجودي ـ وقد صرت على بعد مترين منه ـ فرفع رأسه ، وتلاقت عينانا .. ‏فابتسم .. لقد عرفني كذلك ..‏
لقد رأيت وجهه مرارا .. أين ؟؟ أين ؟؟ في مرآتي ؟!‏
في صوري الشخصية ؟ في عقلي الباطن ..‏
وهنا بدأت افهم ..‏
لقد جاء الفهم بطيئا .. لكن جاء شاملا قاسيا مروعا ..‏
إنه هو !‏
إنه أنا !‏
‏*** ‏
ظللنا لفترة لا بأس بها نتبادل النظرات .. إن كلام ( اينشتاين ) عن الدقيقة التي ‏تمر فوق موقد مشتعل فتبدو كساعة .. والساعة التي تمر مع حسناء فتبدو ‏كدقيقة ، هذا الكلام لا يعني شيئا ها هنا .. فأنا لم اتعذب بلقاء هذا الرجل .. لكن ‏دهرا كاملا مر عليها ونحن صامتان ..‏
اخيرا وجدت الكلمات : ‏
‏-‏ ‏" انت ؟ "‏
بنفس صوتي .. قال :‏
‏-‏ ‏" وانت ؟"‏
‏-‏ ‏" إنني لم اتصورك بهذا القبح ! قرد أصلع يرتدي بذلة كحلية اللون .. بذلتي ‏ايها اللص !"‏
وقبل ان يجد ردا .. كنت قد اطلقت العنان لغضبي .. ‏
اندفعت قبضتي في لكمة عنيفة الى انفه . اكاد اقسم إنني سمعت العظام تتهشم ‏‏.. إنه ضعيف مثلي .. لكني حانق .. وهذا ما يجعلني اتفوق عليه ..‏
واندفعت قدمي في ركلة شرسة لساقه فأطلق صرخة ألم .. وراح يتواثب كالقلق ‏على ساق واحدة .. سقطت عويناته على الرمال .. فلم أتردد في سحقها تحت ‏حذائي ..‏
ثم وثبت لأدفن راسي الصلبة في بطنه .. وهنا سقط على الأرض ، وسقطت ‏فوقه .. اعتصر عنقه بين أصابعي واضغط ..‏
انا لا استطيع إيذاء دجاجة .. ولماذا أؤذيها ؟ لكني ـ بالتأكيد ـ قادر على سحق ‏افعى حينما اجن .. حينما انزع عن روحي أصفاد التحضر وقيود الخوف ‏والوقار .. سأقتله الآن .. لن أنتظر حتى اسمع تفسيراته ..‏
كان يحاول أن يتكلم .. لكن الكلام مستحيل حينما تضغط يد مجنونة على ‏حنجرتك ..‏
وأخيرا نجح في انتزاع عويناتي .. وشعرت به يحاول غرس إصبعين في عيني ‏‏.. لهذا أبعدت وجهي إلى آخر مدى ممكن ..‏
هنا كان ( الأدرينالين ) قد ملأ دمي .. وشعرت بان قلبي قد صار اسرع من ‏اللازم .. اسرع مما تحتمل شرايينه المجهدة ..‏
لحظة وهن مرت بي .. لكنها كانت كافية ..‏
وعلى طريقة المصارعين نجح في ان يعتليني بدوره ..‏
لكنه لم يحاول خنقي لم يوجه لكمات لي .. كان يمسك بمعصمي .. ويردد مرارا ‏وهو يلهث :‏
‏-‏ ‏" صبرا ! هيه ! قلبك ايها الغبي ! إنه سيتوقف !"‏
لكني لم اكن مستعدا للتعقل ..‏
رفعت ركبتي معا وضربته في مؤخرة رأسه .. ثم نهضت لأعتليه من جديد .. ‏ورحت أوجه لكمات مجنونة إلى وجهه ..‏
هذه من اجل البنك .. بوم ! هذه من اجل ( كاميليا ) .. بوم ! هذه من اجل اللحم ‏‏.. بوم ! وهذه .. هذه من اجل ( سهام ) .. بوم بوم ! أقوى بكثير .. أما هذه فــ ‏‏.. بوم ! من اجل بذلتي الكحلية .‏
‏.كان صلبا او انا أضعف مما ينبغي .. هذه اللكمات لو كان صاحبها رجلا عاديا ‏لأمكنها قتل فيل .. لكين لست رجلا عاديا .. إن قوتي تعادل قوة دجاجة مصابة ‏بضمور العضلات ..‏
والوغد ما زال يحاول الكلام ..‏
كان الغضب اقوى من عضلاتي .. لهذا انحنيت وفعلت الشيء الوحيد الممكن ‏‏..عضضته في ساقه عضة جعلته يصرخ .. يصرخ ليثير ذهولهم في ( إيطاليا ) ‏‏..‏
والتحمنا في صراع فوق الرمال .. ‏
لا بد ان منظرنا بدا غريبا .. نوعا من مصارعة الديوك . لم تطل كثيرا .. ‏
وفي النهاية جاءت الأمواج لتغمر جسدينا .. جسدينا الراقدين فوق الرمال وقد ‏قتلهما الإنهاك والانفعال ..‏
وحين انحسر الموج كنت قد هدأت نوعا ..‏
ورحت أكافح لأعب الهواء في صدري .. وأحاول النهوض جالسا . أما هو فظل ‏راقدا على ظهره يلهث .. وصدره يعلو ويهبط ..‏
في النهاية استطاع ان يقول :‏
‏-‏ ‏" انت .. شرس .. حقا !"‏
قلت وان ابصق الماء المالح من فمي :‏
‏-‏ ‏" وانت صلب حقا .. كان المفترض ان تكون في جهنم الآن .."‏
قال وهو ينظر الى السماء :‏
‏-‏ ‏" إنا متعادلان في القوة .. فلا أمل في أن يفوز أحدنا .. كما في الشطرنج ‏حين ينتهي الدور ( باطة ) .. " ‏
‏-‏ ونهض .. وأردف وهو يحاول الاتزان :‏
‏-‏ ‏- " ثم إنني اطول منك نفسا لأنني .. أقلعت عن التدخين منذ خمسة أعوام .. ‏هلم ساعدني على النهوض .."‏
مددت له يدي فالتقطها .. ونهض ..‏
على حين مشيت الى الماء لأغسل عويناتي ثم اضعها على أنفي .. ورحت ‏أتأمله عبر قطرات الماء التي تبلل الزجاج ..‏
إنه أنا .. دون زيادة أو نقصان ..‏
حسن .. مرحبا بك يا ( دستويفسكي ) يا استاذ الجنون .. .هو ذا المشهد الذي ‏طالما وصفته في رواياتك .. لقاء البطل مع نفسه .. الرواية تدنو من نهايتها ..‏
سالت الرجل وانا انفض الرمل المبتل عن ثيابي : ‏
‏-‏ ‏" والآن كفانا مزاحا .."‏
‏-‏ ‏" هذا حق .. إن المزيد من المزاح سيقتلنا .. "‏
‏-‏ ‏" قل لي من أنت .."‏
نظر لي وضيق عينيه .. ثم قال في ثبات : ‏
‏-‏ ‏" يا سلام .. ومن أنا إذن ؟ "‏
‏-‏ ‏" هذه مشكلتك .. لا بد أنك شخص ما .."‏
قلت في غضب :‏
‏-‏ ‏" أسمع يا صاح .. انت تعرف أنني اعرف أنك تعرف أنني ( رفعت إسماعيل ‏‏) فكف عن هذه التمثيلية .."‏
قال وهو يمط شفتيه في سخرية : ‏
‏-‏ ‏" تمثيلي ؟ احقا تأمل في هذا ؟ انت رجل يا .. يا ( رفعت ) .. لهذا أناشدك ‏بالله ان تقول لي : هل حقا يمكن لتشابهنا ان يكون مصادفة ؟"‏
قلت وانا ادير الإحتمالات الرياضية في ذهني : ‏
‏-‏ ‏" هذا عسير لكنه ليس مستحيلا .. إن الرجال نحيلي القوام ذوي العوينات ‏صلع الرءوس يتشابهون .. ثم إن الشارب يجعل الرجال جميعا يحملون ذات ‏الطباع .."‏
‏-‏ ‏" نعم .. ونفس الندبة في الكوع الأيسر !~"‏
قالها وهو ينزع سترة البذلة .. ثم يطوي كم قميصه ليريني ما يتحدث عنه .. ‏وكان صادقا ..‏
قليلون يعرفن بأمر هذه الندبة . .الكسر الذي حدث حين سقطت من فوق ‏الأرجوحة .. كان ذلك في بيت خالي في ( المنصورة ) .. سن العاشرة ؟ ‏
الألم .. الجبس .. كسر لم يلتحم جيدا .. ندبة .. فتحت فمي ومددت إصبعي داخله ‏‏.. هنا صاح قبل أن أسأله :‏
‏-" تتحدث عن الحشو الذي سقط في الضرس الثاني . .هو ذا ! يمكنك ان تراه ‏وتتحسسه إذا لم تخش ان اعض إصبعك !"‏
‏" أنا اشمئز من محتويات فمك !"‏
‏" عسير على المرء ان يشمئز من فمه الخاص .. وانت تدرك جيدا اننا ذات ‏الشخص .."‏
‏-" وتريد مني ان اصدق هذا ؟ "‏
‏" تصديقك او عدم تصديقك لن يضير الحقيقة .. إن الشمس تشرق من الشرق ‏‏.. وعاصمة ( النرويج ) هي ( هلسنكي ) .. اردت او لم ترد .."هذا صحيح .. ‏حتى تعبيراتي الأثيرة يستعملها بذات الأسلوب ..‏
لكن هناك تفسيرا لك هذا .. ‏
وواجبه ان يقدم لي هذا التفسير .. ‏
وهنا تذكرت خطأ صغيرا ارتكبه وهو يتكلم .. فقلت مصححا :‏
‏-‏ ‏" آ . بالمناسبة عاصمة ( النرويج ) ليست ( هلسنكي ) بل هي ( اوسلوا ) ‏‏!"‏

^RAYAHEEN^ 20-11-05 10:46 PM


7-المكاشفة ..



إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا يجب اعتبارها حادثة غير عادية .. حادثة ‏يجب التوقف عندها بعض الوقت ..‏
‏*** ‏
قال في إصرار : ‏
‏-‏ ‏" بل ( أوسلو ) عاصمة ( فنلندا ) .. ودعك من دقتك الجغرافية هذه .. ‏فالوقت ليس وقتها .." ‏
قلت وانا اواصل تنفيض ثيابي :‏
‏-" كما أرى .. لست وقحا فحسب .. بل انت جاهل ايضا .."‏
ثم اردف : ‏
‏-" لم لا نذهب الى أي مكان لنتكلم كالمتحضرين ؟"‏
قال في سأم :‏
‏-‏ ‏" لن يكون هذا مناسبا .. إن تشابهنا لمريب ويلفت الأنظار أكثر من اللازم ‏‏.. لتكن لقاءاتنا كلها هنا في هذا الموضع المنعزل .."‏
سألته وانا اثبت عيني في عينيه محاولا ان اسبر غوره :‏
‏-" والآن .. من أنت ؟ "‏
‏- " لقد صار هذا مملا .. أنا ( رفعت إسماعيل ) .. ولكن من بعد آخر !"‏
فتحت فمي غير فاهم .. الكلام له مذاق من قصص الخيال العلمي .. لكني لا افهم ما ‏يعنيه حقا ..‏
قال في تؤدة وهو يتأمل البحر :‏
‏-" هل عندك فكرة عن الموضوع ؟ "‏
‏-"لا ؟ "‏
‏-" حسن .. انت تعرف ان ضخامة حجم الكون غير المتناهية قد جعلت مجرات ‏عديدة تمر بذات الظروف التي مرت بها هذه المجرة .. وفي هذه المجرات شموس ‏‏.. وحول كل شمس كواكب ربما مر أحدها بذات ظروف الأرض .. وهكذا يوجد ألف ‏‏( رفعت إسماعيل ) في الكون في هذه اللحظة !"‏
نظرت اليه مذهولا :‏
‏-" انت تتحدث عن العوالم الموازية !"‏
‏- " هو ما تقول .. انا نسختك القادمة من عالم مواز آخر .. أنا اعرف انك ستفهم ‏ما اقول لأن ذكاءك هو نفس ذكائي .. وكل ما نحبه واحد .. وكل ما نكرهه واحد .."‏
كان الأمر مذهلا .. لكني مرغم على تصديقه .. كل الملابسات تحملني على تصديقه ‏‏.. إما هذا وإما الاعتراف بأنني مجنون ..‏
هأنذا واقف على الشاطئ مع نسخة أخرى مني .. أتحدث معه عن نظرية من ‏نظريات الخيال العلمي عسيرة التصديق .. إذن هو الجنون ذاته !‏
عدت أسأله :‏
‏-" ومن اين جئت ؟ من وعاء الدب الأكبر ؟ "‏
مط شفتيه وقال وهو ينظر للسماء :‏
‏-" إن شرح هذا عسير .. لكننا ـ في عالمي ـ نسمي كوكبنا ( الارض ) مثلكم .. ‏وتقدمنا العلمي لا بأس به .. لهذا نصدق أشياء كهذه .."‏
‏- " وهل جئت ها هنا في طبق طائر ؟ "‏
‏- " بل عن طريق مدفع طاقة .. لا يمكن تحقيق هذه الأسفار ما لم تتخلص من ‏جزيئاتك .. وإلا تحولت الى رماد كوني .. نحن نحول الجزيئات الى طاقة تعبر الكون ‏بمربع سرعة الضوء ، ثم يعاد تجميعها عند الوصول الى هدفها .."‏
‏- " هذه المدافع متوافرة عندكم ؟ إذن لماذا لا ارى مئات النسخ لكل معارفي ؟ إن ‏هذا النوع من السياحة مثير كما تعلم ؟ "
قال وهو ينحني ليلتقط بقايا عويناته المهشمة : ‏
‏- " من قال إنها متوافرة ؟ يوجد مدفع واحد في اليابان .. وقد قاموا بانتقاء سبعة ‏أشخاص من جنسيات مختلفة ليقوموا باختبار سبعة كواكب في أبعاد أخرى .. إن ( ‏رفعت ) في كوكبنا وكوكبكم لمن المهتمين بخوارق الطبيعة .. وقد صارت شهرته لا ‏بأس بها في هذا الصدد .. لهذا وقع الاختيار علي كي اكون أحد هؤلاء السبعة ‏المحظوظين .. وهأنذا هنا اقف مع نسختي مبرهنا على صحة الافتراضات العلمية ‏الخاصة بالعالم الموازي .."‏
‏- " وكيف وجدتني ؟ "‏
ابتسم في تؤدة .. وقال :‏
‏-" يا له من سؤال ! إنني اعيش في العنوان ذاته وفي جيبي ذات مفتاح الشقة ‏ومفتاح السيارة .. احيانا يصعب علي ان اصدق أنني في كوكب آخر .. كل شيء ‏يسير كما تركته في عالمي .."‏
‏- " وطبعا ( هلسنكي ) هي عاصمة ( النرويج ) عندكم .."‏
قال في دهشة :‏
‏-‏ ‏" طبعا .. اليست كذلك عندك ؟ آه .. فهمت .. لا بد من بعض الاختلافات بين ‏الكوكبين .. فمثلا انا اكثر صحة وايجابية منك .."‏
يا للجنون ! كل هذا غريب .. لكني ميال الى تصديقه بالتأكيد .."‏
عدت أسأله ورذاذ البحر المالح يداعب وجهي :
‏-" واين تقيم ها هنا ؟ لم نلتق في شقتي قط .."‏
‏-" اخترت احد الفنادق .. فلم يكن الصراع بيننا مرغوبا فيه في وقت مبكر .."‏
‏- " لكنك تدخل وتخرج من شقتي كأنها ملكك .."‏
‏-" إنها ملكي !" ـ قال ضاغطا على كلماته ـ " حاول ان تفكر جيدا في ‏الموضوع من ناحية أخلاقية .. تجد أنني امارس حقي الطبيعي في التعامل مع ‏ممتلكاتي .. كل من هو (رفعت اسماعيل ) المولود في ( كفر بدر ) في يوليو ‏‏1924 له حق التعامل مع هذه الشقة .."‏
‏- " .. واللحم يا وغد !"‏
‏-" إن ثلاجتك خاوية .. ولست راغبا في الموت جوعا .."‏
‏- " .. و ( كاميليا ) يا لعين !"‏
‏-" إنها زوجة لا بأس بها .. وأرى انها مناسبة لي .."‏
‏-" .. و (سهام) يا**************** !"‏
ابتسم وقال في بساطة :‏
‏-" أما هذه فمجرد وسيلة لجعل حياتك لا تطاق !"‏
‏-" لا افهم .."‏
جذب يدي في رفق كما نجذب يد طفل .. وقال :‏
‏-" تعال نتمشى على الشاطئ قليلا .. لا جدوى من قضاء العمر ها هنا .."‏
وتأبط فردتي حذائه ، وإلى جواري مشى عاري القدمين ، يتسلى بمداعبة ‏الأمواج لقدميه .. فتارة تتسخان بالرمال .. وتارة تنظفان ..‏
قال لي :‏
‏-" كما قلت لك هناك اختلافات ما بين الكوكبين .. اختلافات صغيرة لكن لها ‏تبعات هائلة .. كلانا كان مخطوبا لـ ( هويدا ) أو خاطبا لها .. لا ادري بالضبط .. ‏لكنك تشاجرت معها وأنهيت الامر ..‏
‏- " أما انا فكان احتمالي اقوى منك .. وتسامحي أشد .. لهذا نجحت في إصلاح ‏الأمور .. وتزوجتها .."‏
في ذهول نظرت له :‏
‏-‏ ‏" انت تزوجت ( هويدا ) ؟ "‏
‏-‏ ‏" نعم .. ولي منها طفل اسمه ( ناجي ) !"‏
مررت الاسم على لساني مجربا مذاقه .. وغمغمت : ‏
‏-‏ ‏" ( ناجي رفعت إسماعيل ) .. ليس اسما موسيقيا.. يبدو لي ملفقا !"‏
‏-‏ ‏" ربما .. في البدء .. لكن سرعان ما تعتاده حين يتعلق الأمر بكائن حي ‏يلعب ويكبر أمامك .."‏
نظرت له في دهشة من جديد ..‏
إذن فهذا الأخ فأر تجارب يمكن ان أعرف منه بالكامل ما كان سيحدث لو ‏تزوجت ( هويدا ) .. إن لعبة ( ماذا إذا ؟ ) أو ( ‏What if ‎‏ ) تثير شغفي دوما ‏‏..‏
ماذا إذا عاش ( هتلر ) واحتل العالم ؟ ماذا إذا لم يأخذني خالي للحياة معه في ( ‏المنصورة ) ؟ ماذا إن وصلت إشارة ( عجلون ) إلى ( مصر ) ، وخرجت ‏طائراتنا للتصدي للطائرات الإسرائيلية في 5 يونيو 1967 ؟‏
قلت له وانا اشعر بانه ليس مقيتا إلى هذا الحد : ‏
‏-‏ ‏" وكيف كان الزواج منها ؟"‏
‏-‏ ماذا تتوقع ؟ إن ( هويدا ) من الفتيات الرقيقات الحالمات .... حتى تجد زوجا ‏‏.. عندها لا يعود لديها وقت لهذه الترهات .. انت تعود من عناء العمل لتجد ‏إمرأة شرسة منكوشة الشعر ، لم تبدل قميص نومها منذ أسبوع برغم كل ‏بقع الزيت عليه ، ولا يسرها سوى انخفاض سعر الطماطم ..ولا يضايقها ‏سوى ارتفاعه .. وليس عندها ما يهمك .. وليس عندك ما يهمها لأن كل ما ‏تتحدث أنت عنه سخف .. مجرد هلاوس من دماغ فارغ مترف !"‏
سرني ما قال .. إذن انا لم اخسر الكثير حقا .. عدت أسأله :‏
‏-‏ ‏" وماذا عن ( كاميليا ) ؟"‏
قال لي وهو يبتسم في إنهاك :‏
‏-" إننا أرقى منكم علميا بعض الشيء .. لهذا قمنا بتطوير حاسب آلي قادر على ‏دراسة احتمالات المستقبل .. أنت تعطيه المعطيات وهو يصل الى النتائج ، ‏يقدمها لك في صورة فيلم متكامل على الشاشة.. ويبدو ـ من وجهة نظر ‏الحاسب الآلي ـ أن ( كاميليا ) ستكون زوجة لا بأس بها .. إنها بحاجة الى بيت ‏وأطفال .. عندها ستكف عن التحاذق .. لن تكون أستاذا للفلسفة في دارها.. بل ‏ستكون أما .. أما فاضلة .."‏
قلت وانا اداري ضحكة خبيثة :‏
ـ " لهذا انت هنا .. لقد فررت من كوكب بأكمله كي تتجنب ( هويدا ) المزعجة ‏وتتزوج ( كاميليا ) الوفية .. اليس كذلك ؟ "‏
لم يضحك .. وبجدية كاملة قال :‏
ـ " .. لقد قلتها .. إن هذا هو أهم سبب يرغبني في الحياة ها هنا .."‏
ثم ارتسمت على وجهه مخايل شيطان يحلم .. وقال :‏
ـ " إن حياتك هنا ملأى بالفرص التي لم تقتنصها .. ولن تفعل .. لانك اكثر جبنا ‏مني . .اما انا فقد جربت كل شيء في عالمي وفشلت فيه .. لكني اعرف الصواب ‏وأستطيع ان افعله ها هنا .. إنك قادر على إعطائي فرصة نادرة : فرصة البدء من ‏جديد .. أنت لم تبدد حسابك في البنك بعد .. لم تبع نصيبك في الأرض التي ورثتها ‏عن أمك بعد .. لم تتزوج ( هويدا ) ولم تطرد ( كاميليا ) من حياتك بعد ..‏
حتى برنامجك الإذاعي الذي بدأ يعطيك قسطا من الشهرة ، لم تمنعه الرقابة بعد .. ‏إن المكان شاغر لـ ( رفعت إسماعيل ) آخر يعرف ما يفعله !"‏
ثم التقط أنفاسه .. وفي إرهاق قال :‏
ـ " لهذا جئت لآخذ مكانك ها هنا !"‏

Ala_Daboubi 21-11-05 09:22 AM

ra2i3a .,........min ajmal el qesas

^RAYAHEEN^ 21-11-05 09:40 AM

اي بالفعل رائعة علشان هيك كتبت تلات فصول لاني كل ما خلص فصل لاقي حالي
مدفوعة اني اكتب التاني
وهكذا ..... الخ الخ الخ
ههههههههههههه

^RAYAHEEN^ 22-11-05 12:15 AM


8‏- كوكب لا يسع اثنين ‏


كلنا يعرف أن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لكن صراعات مروعة قد تنجم عن ‏هذا اللقاء إذا حدث ...‏
‏*** ‏
‏" يا للسخرية ! وتظن انني سأتركك تأخذ مكاني ؟ "‏
‏-‏ ‏" بالطبع لن تفعله الا مجبرا .. وانا اعرف كيف اجبرك .. هذا الكوكب لا ‏يسع اثنين يا عزيزي ( رفعت ) .. وعليك ان تفهم هذا بالحسنى .. وتعود ‏بدلا مني الى كوكبي حين يأتي ميعاد العودة .. فالحياة هناك تناسب إنسانا ‏رخوا سلبيا مثلك .."‏
‏-‏ ‏" انت مجنون !"‏
‏-‏ ‏" ربما .. لكني قادر على جعل الحياة لا تطاق بالنسبة لك هنا .. انت تعرف ‏أنني قد زرت ( سهام ) في شقتها صباح اليوم .. بالطبع رحبت بي وأكرمت ‏وفادتي ..‏
‏-‏ هنا فتحت الموضوع الشائك الذي جئت من اجله : انا احبها .. واريدها ان ‏تتخلى عن ( عادل ) من اجلي .. بالطبع فقدت البائسة تعقلها وانهالت علي ‏لوما وتقريعا ، وطردتني من المنزل دون رحمة .. بعد هذا جاء ( رفعت ‏إسماعيل ) البريء الذي لا يعلم شيئا عما حدث ، ليزور ( عادل ) ويأتي معه ‏للغداء .. أية وقاحة هذه ! أية سفالة ! تصور مئات المواقف المماثلة !"‏
صعد الدم الى راسي حتى غدا العالم احمر كعرف ديك ..وصحت :‏
‏-" أيها اللعين ! لماذا فعلت هذا ؟
‏- " الجواب معروف .. لاجعل هذا الكوكب لا يطاق بالنسبة لك .. سيكون الفرار ‏الى عالم مواز ـ أو الى القبر ـ هو الحل الأخير في جعبتك !"‏
‏-" لكنه سيكون الما مستحيلا بالنسبة لك ايضا !"‏
ـ " هذه مشكلتي .. إنني شخص ناضج يعرف كيف يتولى أموره .."‏
كنا قد وصلنا الى نهاية الشاطئ ، حيث مجموعة من الصخور كساها الطحلب .. ‏وكنت قد وصلت إلى سؤالي الأخير :‏
‏-" وماذا إذا رفضت ؟"‏
التقت عيناه بعيني .. وقال في هدوء :‏
ـ " لن يكون لي بديل عن قتلك "‏
‏*** ‏
مبلبل الأفكار عدت الى البنسيون .. حزمت حقائبي وتهيأت للرحيل ..‏
يجب ان اعود الى ( القاهرة ) اليوم .. الآن قبل ان يحدث ما لا تحمد عقباه .. ‏فأن اعلم بما يستطيع هذا الوغد أن يحدثه من ضرر .. ‏
دفعت إيجار اليوم ..وهرعت الى سيارتي .. ‏
وراحت معالم ( الاسكندرية ) تهرب مني الى الوراء ..‏
من أدراني انه لن يبقى في ( الاسكندرية ) ، ليواصل افساد حياتي ؟ لكني ‏وجدت أنه قادر على إحداث ضرر بالغ في ( القاهرة ) .. أما هنا فليس لي سوى ‏‏( عادل ) ، وام ( هويدا ) العجوز التي استبعد ان يخنقها تاركا بصماتي على ‏أكواب الماء في شقتها ..‏
إنه لموقف صعب ..‏
يوجد شخص آخر يشبهني ، وله بصماتي ، وهو مصمم على إفساد سمعتي ‏
ولا يحدث هذا إلا لي ..‏
‏( كفر الدوار ) .. ( إيتاي البارود )..‏
ماذا قال ؟ قال إن علي لو قبلت عرضه أن اقف في مكان معين فوق سطح داري ‏‏.. المكان الذي يلمسه ظل هوائي التلفزيون في السابعة صباحا يوم الجمعة ‏الاقدم ـ أي بعد أسبوع ـ وعندها ستهبط الطلقة التالية من مدفع الطاقة إياه .. ‏عندها تبدأ عملية الاسترداد ..‏
وماذا لو لم يقف أحدنا فوق السطح ؟
عندها يرزق العالم باثنين ( رفعت إسماعيل ) للأبد .. وهو أمر غير مقبول .. ‏لهذا سيكون على أحدنا ان يقتل وعلى الآخر ان يقتل ..‏
‏( كفر الزيات ) .. ( طنطا ) ..‏
ولماذا اقبل ان اترك عالمي من اجل وغد مدع ؟ لماذا لا يرحل هو ؟ ‏
إن الإيذاء لعبة الاثنين .. لكنه لن يترك هذا العالم قابلا للحياة فيه بعد رحيله .. ‏هذه هيه المشكلة ..‏
‏( بركة السبع ) .. ( بنها ) ..‏
صبرا ايها القادم من عالم فيه ( هلسنكي ) عاصمة ( النرويج ) لسوف أدبرك .. ‏وستعرف أنني لست سهل الهضم ..‏
‏( القاهرة ) .. العجوز المنهكة ..‏
عرجت على اول ( سنترال ) وجدته ، وقد خطر لي خاطر مزعج ..‏
ادرت قرص الهاتف طالبا مديرية الأمن في ( الاسكندرية ) .. وانتظرت في توتر ‏حتى سمعت صوت ( عادل ) يسألني عما هناك ..‏
‏-‏ ‏" ( رفعت ) ؟ أبهذه السرعة ؟"‏
ابتلعت ريقي .. وسألته بدوري :‏
‏-" لم أقل لك إني سافر .. كيف عرفت ؟"‏
ـ " كنت عندي منذ ساعة .. هل نسيت ؟ انت تتكلم من ( القاهرة ) طبعا .. يبدو ‏هذا مثيرا .. ارجو ان تتمكن من اللحاق بموعدك .."‏
ـ " أي موعد ؟"‏
نفد صبره .. فقال في خشونه :‏
‏-‏ ‏" موعدك مع ذلك الدائن .. الخمسمائة جنيه التي اقترضتها مني .. اتراك ‏نسيت ام انك تلعب بي ؟ لا تبدو لي على ما يرام يا ( رفعت ) !"‏
وابتلعت ريقي من جديد .. فعلها اللعين .. ولم تعد جدوى من محاولة الإنكار .. ‏لهذا قلت لـ ( عادل ) كمن يتذكر :‏
‏-" آه ! آه ! عفوا فأنا انسى سريعا هذه الايام .. لا تقلق بصدد مالك يا ( عادل ) ‏‏.. سيكون عندك بعد اسبوع .."‏
ـ " لا عليك .. وإلا فما نفع الأصدقاء ؟ على كل حال قد سررت حين عرفت أن ‏الديون هي سبب شرودك وغرابة أطوارك .. ولكني اصارحك يا ( رفعت ) ‏يدهشني من استاذ جامعة في هذه السن ، ولا يملك خمسمائة جنيه في وقت ‏الطوارئ .. إن التبذير لم يكن .."‏
لا اجد الوقت مناسبا لهذا الهراء ..‏
لذا صحت فيه في غلظة :‏
‏-" ( عادل ) .. اسمعني .. إياك ان تسدى لي أي خدمات مالية ، او تصدق أي ‏حرف أقوله لك ، او تسمح لي بزيارة دارك لمدة اسبوعين من الآن .. هل ‏تفهمني ؟"‏
‏- " طلب غريب حقا .. هل انت ..؟"‏
‏-" لا وقت للشرح .. وداعا !"‏
ووضعت السماعة ..‏
ها هي ذي اولى خسائري .. كل الناس تشك في حالتي العصبية حاليا ..‏
ولا الومهم على ذلك أبدا ..‏
ثم هرعت الى سيارتي فاستقللتها إلى داري ..‏
‏*** ‏
احضرت المفك وعالجت قفل الباب ، ثم استبدلت بقلبه ذلك القلب الذي ابتعته من ( ‏الاسكندرية ) .. وهكذا لن يدخل الشقة سواي ..‏
لقد تأخرت هذه الخطوة كثيرا .. ربما لأنني كنت احسبني مخبولا لا اكثر .. اما الآن ‏فانا اعرف ان العدو هنا .. وقريب جدا ..‏
ثم رفعت سماعة الهاتف ، وادرت بضعة أرقام على القرص ..‏
صوت أنثوي ذكري يتساءل عن المتكلم : ‏
‏-‏ ‏" ان ( رفعت ) يا ( كاميليا ) .."‏
‏-‏ ‏"مرحبا ( رففت ) .. اتصلت بك امس لأول إنني ـ بعد عدة تحفظات وشروط ‏ـ على استعداد لأن أقبــ ...."‏
سارعت بمقاطعتها قبل ان يخرج حرف ( اللام ) القاتل من فمها :‏
‏-" نعم .. اعرف أنك مترددة يا ( كاميليا ) ..‏
وانا لن اثقل عليك .."‏
وابتلعت اكبر قدر من الهواء لأتمكن من التلفظ بالتالي :‏
‏-" يبدو أنني وضعتك في مأزق حرج .. صداقتي ام حبي ؟ لن اضايقك اكثر من ‏هذا .. صداقتك تعني لي كل شيء .. ويمكنني ان اتحمل الحرمان من حبك ما ‏دمت ستكونين صديقتي .. حسن اعتبري أنني لم أقدم عرضا !"‏
كنت اتكلم وانا اعتصر السماعة كالثعبان في قبضتي ..‏
يا له من موقف ! يا له من موقف !‏
قالت لي في تردد :‏
‏-‏ ‏" لكني لم أقل لك .. ربما كانت هناك فرصــ .."‏
‏-‏ ‏" لا يا ( كاميليا ) .. أنا لن اثقل عليك مرة أخرى .. فأنا اعرف حدودي .. ‏وقد حسبت للحظة أن النجوم من حقي .. لكني كنت احمق كديدني .."‏
لقد لعبت الدور كأعظم ممثل شكسبيري .. ‏
أعرف انها لا تفهم .. اعرف انها تشعر بالإهانة .. اعرف انها تعتبرني حمارا او ‏مهرجا سخيفا .. اعرف انني بالغت في تقليل شأني ..‏
لكني مرغم .. يجب ان اقطع هذا الجسر على الوغد الآخر ..‏
سمعتها تقول في خيبة أمل تداريها :‏
‏-" حسن .. كما تشاء .. والآن وداعا .."‏
‏-" وداعا !" ‏
ووضعت السماعة ..‏
رجل يعرض الزواج على امرأة ويتوسل لها .. ثم يعتذر عن عرضه حين توشك هي ‏على القبول ! أي نذل هذا .. ومن أية مباءة جاء ؟ ‏
المهم أنني ـ بجراحة دامية ـ نجحت في قطع ذيول هذا الموضوع الشائك .. وهأنذا ‏قد فقدت اسما جديدا في لائحة أصدقائي ..‏
هل سيتصل بها ؟ هل يكرر العرض ؟ ‏
هذا جائز .. لكن كبرياء الأنوثة عاتية حقا .. وهناك احتمال 99.99 % أن تغلق ‏السماعة بمجرد سماع صوته ..‏
ماذا بقي لي من أعمال مهمة ؟ ‏
هرعت الى البنك .. وطلبت تغيير توقيعي .. ها هي ذي مشكلة جديدة تم حلها ..‏
ثم اتجهت الى الجزار ـ اللحام حتى لا استفز المجمع اللغوي ـ واخبرته برسالة ‏غريبة بعض الشيء : لا تبع لي لحما لمدة اسبوعين .. حتى لو بدا لك أنني اموت ‏جوعا !‏
رجل ثالث يحسبني جننت ..‏
لن تكون هناك مشاكل في الجامعة لأن إجازتي لم تنته بعد ..‏
هل نسيت شيئا ؟ ‏
طبعا نسيت !‏

^RAYAHEEN^ 22-11-05 12:27 AM



9-ثغرات . ثغرات
...


يقولون إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لكن عليك ان تتذكر كل ما كنت تفعله ‏كروتين قبل هذا اللقاء ...‏
‏*** ‏
أول الغيث قطرة ..‏
وقطرتي كانت مع رنين الهاتف اللحوح المزعج .‏
رفعت السماعة وانا أتمنى ان يكون المتكلم أمامي لأخنقه ..‏
كان هذا صوت ( رضا ) أخي يتحدث من ( كفر بدر ) .. فصحت : ‏
‏-" مرحبا ( رضا ) . .هل ماتت زوجتك ؟ سيؤسفني هذا كثيرا .."‏
لكنه لم ذا مزاج للمزاح .. وسمعته يقول بصوت متجهم :‏
‏-" لماذا لم تقل لي إنك تردي بيع القيراطين ؟"‏
قيراطين ؟ هناك خطأ ما ..‏
‏-" من قال هذا الكلام الفارغ ؟"‏
‏-" ( عبد المنصف ) .. الم تزره منذ يومين وتطلب منه ان يجد مشتريا على وجه ‏السرعة ؟ هذه أشياء غير مفهومة يا ( رفعت ) .. من العار أن اعرف هذا من ‏الغرباء .. ثم إنني مستعد للشراء إذا أردت بيعا .. أنت تعرف هذا جيدا وبرغم ذلك .. ‏وبرغم ذلك ..."‏
آه ! فهمت سر اختفاء ( رفعت إسماعيل ) الآخر عني منذ عدت الى ( القاهرة ) .. ‏كان هناك في ( كفر بدر ) يبيع القيراطين اللذين املكهما .. وطبعا لن يصدق ( رضا ‏‏) .. حرفا من تفسيري للأمر ..‏
‏-" حسن يا ( رضا ) اذهب لـ ( عبد المنصف ) وقل له إنني تراجعت .. لن أبيع .. ‏وأمنحك صلاحية مطلقة لمنع أي محاولة للبيع !"‏
‏- " لكن .. أتراك مريضا يا أخي ؟"‏
ـ " افعل ما قلت يا ( رضا ) أرجوك .."‏
وأنهيت المكالمة ..‏
هو ذا شبيهي يتصرف بأسلوبه المعتاد .. الضرب تحت الحزام .. ولا شك أنه ذهب ‏الى البنك ليسحب كل مدخراتي ، لكنه اصطدن بتغيير التوقيع .. لا اعرف كيف ‏تخلص من هذا الموقف .. لكنه راح يحاول لعبة جديدة في ( كفر بدر ) ..‏
إن السيطرة على أفعاله شبيهة بالسيطرة على قطيع من الخراف الهائجة .. كلما ‏سيطرت على عشرة منها فر اثنان .. طارد الاثنين تجد ان العشرة قد فرت بدورها ‏‏..‏
دق جرس الباب فذهبت لأفتحه ..‏
كان هذا هو الحاج ( عرفة ) صاحب المنزل .. وهو تاجر خردة واسع الثراء .. لكن ‏كبر السن أورثه ضيق خلق وجهامة .. ولم يكن من المعتاد أن يزور شقتي إلا في ‏المصائب ..‏
حييته .. لكنه لم يكن ودودا .. دعوته للدخول فلم يبد على استعداد .‏
ـ " خيرا يا حاج ؟"‏
سعل مرارا .. وبصق .. وراح يهز عصاه في عصبية مرددا : ‏
ـ " من أين يجيء الخير ؟ من أين يجيء ؟ أبعد كل هذا العمر والشعرة تحرر ضدي ‏محضرا في المخفر ؟ لم ؟ ولم تراع هذه الشيبة ؟ "‏
كان التفسير واضحا .. مأزق جديد من المآزق التي صارت إيقاع حياتي في الآونة ‏الأخيرة ...‏
‏-‏ ‏" بعد كل هذا العمر تشكوني لأن مصباح السلم مكسور ؟"‏
إذن مصباح السلم مكسور .. هذا جديد علي . وطبعا قام شبيهي بعمل ما يلزم ‏لتدمير العلاقة بيني وبين صاحب الدار للأبد ..‏
رحت أعتذر للشيخ عاجزا عن إيجاد تفسير مقنع .. وفي النهاية وعدته بالتنازل ‏عن المحضر . لكن هذا لم يكن عذرا كافيا .. فالمحضر لا يهم .. المهم هي أروح ‏الخسيسة الشريرة التي أملت علي ما فعلت .. وانصرف غاضبا .. وأنا ابحث ‏عن شيء أقوله ..‏
‏*** ‏
ثالث قطرات الغيث ...‏
‏*** ‏
عند البقال .. وقفت انتظر دوري . ثم تقدمت الى النضد الرخامي الذي تعلوه ‏شظايا الجبن الرومي .. وبقايا الخل .. والزيت ..‏
‏-‏ ‏" هل يوجد عندكم جبن دمياطي جيد ؟"‏
كانت الحسناء الواقفة جواري تحدجني بعينين متهمتين ..‏
ثم ازدادت عيناها اتساعا ..‏
نظرت لها في غباء .. انا لم أرها من قبل ..‏
ثم تذكرت ان كل شيء ممكن في الآونة الأخيرة ..‏
هذه الفتاة تعرفني .. وقد آذيتها أذى كبيرا في وقت ما .. هذا أكيد ..‏
رايتها تجذب وحشا مفتول العضلات من ذراعه .. وكان يقف جوارها منهمكا ‏في تذوق قطعة من الجبن ناوله البقال إياها ليجربها ..‏
نظر لي بدوره وفي عينيه نظرة تنذر بحش الرقاب .. وسمعتها تقول له :‏
‏-" ( ميمي ) ! هذا هو الوقح الذي عاكسني أمس !"‏
نظرة حش الرقاب صارت نظرة فتح كروش .. وهو يرمقني مذهولا ويقول :‏
‏-" هذا ؟ ( خيال المقاتة ) هذا ؟"‏
ـ " اقسم لك .. قال عبارة غزل ثم ارسل قبلة في الهواء ، وانصرف !"‏
هنا ازداد الأخ ( ميمي ) هياجا .. وتكورت العضلات في ذراعيه وصدره .. ‏ورأيته يتقدم مني وهو يزأر كالنمر . الجبن يتساقط من شفتيه مع اللعاب .. لم ‏انتظر لأقدم تفسيرات أو أسئلة .. انا اعرف ان هذا حدث .. اعرف ان هذه هي ‏الحقيقة ..‏
وقبل أن افهم أنا نفسي ما يحدث ، أطلقت ساقي للريح .. إنني خفيف الوزن ‏على كل حال .. لكن منظري بدا لي مهينا .. مهينا إلى حد لا يوصف ..‏
بعد كل هذه السنين .. أنا د. ( رفعت إسماعيل ) يهرب كأرنب .. ومتهم بمعاكسة ‏إمراة ! ‏
ولو امسكني هذا الأخ ( ميمي ) لتناثرت كرامتي مع دمائي في كل أرجاء ‏الشارع .. تدوس عليها الكلاب وأحذية العابثين ..‏
وحين ابتعدت بمسافة كافية ، أرحت ظهري الى جدار .. ورحت ألهث .. وعيناي ‏تدمعان قهرا ..‏
ورحت اردد دون كلل : سوف أقتله ! سوف أقتله !‏
‏*** ‏
وتحت باب شقتي وجدت ورقة دسها أحدهم لي .. تقول : ‏
‏-" اهرب بجلدك ! أنا اعرف كيف أتوافق مع هذا الجحيم .. أما أنت فلا .."‏
لم يكن ثمة داع للتوقعي .. لان الخط خطي ذاته ..‏
‏*** ‏
ثم انهمر الغيث ..‏
صار مألوفا ان يتهمني كل الناس بأشياء لم اعملها .. جاري ـ المهندس الشاب ـ ‏جاءني ومعه طفلته الصغيرة .. كانت تنتحب في حرارة وفي يدها دمية مكسورة ‏‏..‏
تقول الطفلة إنني قابلتها على السلم ، فانتزعت منها الدمية وهشمتها بضربها ‏في الحائط مرارا . ثم صفعت الطفلة وانصرفت .. فما هو دفاعي ؟!‏
اقسم بالله إنني لم افعل ..‏
وبعد جدل حميص وتلويح بالأيدي ، يحاول الرجل إقناع نفسه ان الطفلة تكذب ‏او تتوهم .. أما انا فأعرف ان كل حرف قالته صدق .‏
ثم يجئ البواب ومعه صديقان له . ليلومني على السبة التي أطلقتها عليه .. لم ‏افعل .. اقسم بالله لم أفعل ..‏
وينتهي الموقف على تراض غير ذي أسا ..‏
‏*** ‏
لم افعل . اقسم بالله لم افعل ...‏
‏*** ‏
بعد يومين في هذا الجحيم كنت قد حزمت أمري .. سأقتل (رفعت إسماعيل ) ‏دون شفقة !‏

^RAYAHEEN^ 22-11-05 12:31 AM




10-‏ ألعاب القتل ..‏


إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا يحتاج إلى ما هو أكثر من الحظ كي يقتل ‏هذه النفس دون ان يموت هو نفسه !‏
‏*** ‏
أراكم مندهشون !‏
هو ذا العجوز المسالم ( رفعت إسماعيل ) الذي اعتاد ان يبيت مظلوما لا ظالما ‏، يتحدث عن القتل في تصميم حاقد ..‏
خذوا الموقف من الناحية الأخلاقية ..‏
أولا : أنا لن اقتل سوى نفسي .. لكنه وضع فريد لن يكون من السهل ان تعتبره ‏انتحارا ، لأنني سأظل حيا بعد هذا ..‏
ثانيا : إن قتل الأفاعي السامة ليس جريمة ، وقد أثبت هذا الـ ( رفعت ) .. أنه ‏اشد أذى من كل الأفاعي المقرنة وذات الجرس .. ثم إن أحدا لن يساعدني ‏سواي .. لا جدوى من أن اشكوه الى الشرطة ..‏
ثالثا : لو أك صادفت طبقا طائرا ونزل منه كائن مغطى بالحراشف ، وله لسان ‏مشقوق وثلاث أعين .. عندها يمكنك ان تقتله . من الناحية الأخلاقية لن يتهمك ‏احد بأنك قاتل آثم .. قوانين الأخلاق لا تتضمن تلك الكائنات الشنيعة القادمة من ‏عوالم أخرى .. وهذا الــ ( رفعت ) كائن قادم من عالم آخر ..‏
صحيح أنه يبدو بشريا .. صحيح أنه مثلي ومثلك .. لكن القاعدة لا تتحمل أية ‏استثناءات ..‏
هذا عن الناحية الأخلاقية ...‏
من الناحية الأمنية لن تكون هناك مشكلة .. فهذا الــ ( رفعت ) لا وجود له.. ‏وطالما انا حي ارزق فلا جريمة هنالك ..‏
يبقى الآن التدبير العملي لهذه الجريمة ..‏
‏1-‏ يجب ان يكون قتلا سهلا لا يحتاج الى مجهود عضلي ..‏
‏2-‏ يجب ان تختفي جثته تماما .. كأنما لم يوجد قط ..‏
‏3-‏ يجب أن أكون حذرا .. لانه ـ بالتأكيد ـ يتوقع هذا .. ولأنه يحمل مسدسا طبعا ‏ما دام نسخة أخرى مني ..‏
الآن ـ بوصفي قاتلا مرتب الذهن ـ غدا من واجبي ان أضع الطرق المختلفة ‏للقتل على الورق ، مع اختيار أفضلها وأنسبها ..‏
‏1-‏ القتل بالخنق .. الشنق .. العنف الجسدي : بالتأكيد لا يصلح .. فنحن ‏متعادلان في القوة .. بل كفته أرجح قليلا .. وهذا يعني انه قادر على سحقي ‏متى شاء ..‏
‏2-‏ القتل رميا بالرصاص : حل لا بأس به ، ولا يحتاج الى قوة جسدية .. لكن ‏تبقى مشكلة صوت الرصاصة .. لا املك كاتما للصوت ولا اعرف من اين ‏ابتاع واحدا ..‏
‏( ربما لو استطعت تدبير لقاء في الصحراء لغدا هذا ممكنا )..‏
‏3-‏ القتل رميا من عل : يحتاج الى صراع عنيف .. ولربما كان هو الطرف ‏الأقوى فيه .. ثم إن هذا القتل تتخلف عنه جثة .. والجثة ستثير أسئلة كثيرة ‏‏.. خاصة انها ستكون ملقاة في عرض الطريق ..‏
‏4-‏ ‏ القتل بالسم : حل رائع .. وغير خطر .. فقط يحتاج الى جلسة صافية بيننا ‏في مكان منعزل ..‏
وهكذا استقر رأيي على القتل بالسم ..‏
واتجهت الى صيدلية داري ، فاخترت بعض عقاقير القلب الفعالة .. إن أقراص ( ‏الديجيتالا ) مناسبة جدا .. يكفي ان اطحن منها ثلاثين قرصا بقاعدة الكوب .. ثم ‏أضعها في وريقة صغيرة .. وأدس المسحوق في جيبي بانتظار اللحظة المناسبة ‏‏.. ‏
وهكذا رحت امضي الساعات استعدادا لمهمتي الخاصة هذه ..‏
‏*** ‏
إنه يريد ان يطردني من وجودي .. يحتل عالمي . لهذا صارت الحرب هي ‏المخرج الوحيد لي .. ولتكون حربا ضروسا لا تذر ..‏
‏*** ‏
أين هذا الوغد ؟ لماذا لا يتصل بي ؟ ‏
‏*** ‏
في اليوم التالي لم تكن هناك مضايقات كثيرة ..‏
فقط استدعوني الى المخفر .. وهناك رأيت د. ( رشدي ) جالسا ينتظر ..‏
كان د. ( رشدي ) زميلا لي في الكلية .. وكان متوترا دوما كذيل حية ذات جرس ‏‏.. وله شعر أشيب ناعم ينساب على جبينه كلما حاول رفعه للأعلى .. ووراء ‏عويناته تطل نظرة اتهام دائمة ..‏
كانت بيننا منافسة طال امدها .. فهو من نفس صفي الدراسي قديما .. وكلانا ‏يحاول ان يسبق الآخر بخطوة ليريه كم هو أحمق ..‏
وفي الآونة الأخيرة نما بيننا عدم استلطاف متبادل ، كان يتحول أحيانا الى ‏تراشق بالاتهامات .. فأنا اعتقد ـ وأومن ـ انه سرق إحدى اوراقي البحثية ‏ونشرها باسمه .. اما هو فيؤمن انني المسئول عن اختفاء عيناته المعملية من ‏ثلاجة المستشفى .. وهذا كلام فارغ طبعا ..‏
كنا لا نطيق بعضنا .. لكننا حافظنا دوما على روح التحضر بيننا .. ولولاها ‏لهشم كل منا رسا الآخر على أقرب جدار ..‏
كان جالسا مع مأمور القسم يجرع بعض المياه الغازية من زجاجة ، وحين ‏رآني أشاح بوجهه بعيدا وازداد توترا ..‏
دعاني مأمور القسم للجلوس .. ثم قال في تحفظ : ‏
‏-‏ ‏" معذرة يا د. ( رفت ) .. إنه سوء تفاهم سيتم حله سريعا .."‏
سوء تفاهم ؟ ماذا حدث في هذه المرة ؟!‏
قال المأمور بنفس اللهجة المهذبة : ‏
‏-" يبدو ان هناك من يستغل اسمك ، ويداعب د. ( رشدي ) مداعبات قاسية .. ‏لكننا واثقون ان هذا لم ولن يحدث بين أستاذي جامعة راقيين مثلكما !"‏
هنا صاح ( رشدي ) في هستيريا : ‏
‏-‏ ‏" إنه هو ! الخط خطه والتوقيع توقيعه !"‏
نظر له المأمور كي يصمت .. ثم عاد يسألني بنفس الابتسامة المهذبة :‏
‏-" هل عندك فكرة عن هذا الخطاب ؟ "‏
مددت يدي لأتناول المظروف من يده .. وفتحته متوجسا ..‏
كان يفتقر الى التهذيب .. هذا هو اقل ما أستطيع وصفه به .. ولما كان نصه ‏غير قابل لنشر فإنني ارجو إعفائي من تلاوته عليكم .. لكنه ـ على كل حال ـ ‏يحوي قدرا لا بأس به من التهديد .. وعددتا محترما من نعوت ( الحمار ) و ( ‏الخنزير ) و ( اللص ) و ( المعتوه ) ..‏
كان الخطاب يهدد ( رشدي ) بقطع أذنيه إذا لم يكف عن سرقة بحوثي العلمية.. ‏وطبعا كان الخط خطي دون حاجة لخبير خطوط ، وكان مذيلا بتوقيعي وباسمي ‏‏.. مفاجأة جديدة يقدمها لي ذلك الـ ( رفعت إسماعيل ) .. رفعت الخطاب في يدي ‏‏.. وقلت بلهجة من يجد كل هذا سخيفا :‏
‏-‏ ‏" طبعا إن من يكتب خطابا كهذا لا يوقعه باسمه ايضا .."‏
نظر المأمور الى د. ( رشدي ) وابتسم ..وهز يده ..‏
كأنما يقول له : أرأيت ؟ إن هذا منطقي جدا . ‏
لكن د.( رشدي ) هتف في عصبية وتعصب : ‏
ـ " إن ( رفعت ) ذكي جدا .. لقد وقع الخطاب كي يبعد الشك عن نفسه .. كان ‏يعرف أننا سنقول ذات الشيء !"‏
قلت انا محنقا ( وقد زاد من حنقي أنني أعرف ان كلامي كذب ):‏
ـ " ولماذا ارسل خطاب تهديد ؟ يمكنني دوما ان أقول لك ما اريد بلساني .. ‏لست مراهقا يخشى ان يصارح ابنة الجيران بحبه ، فيكتب لها خطابا .."‏
قال المأمور بلهجته المهذبة الميالة الى تهدئة الأمور : ‏
‏-‏ ‏" انا كذلك ارى ان هذا غير منطقي .. هناك من يلعب لعبة قاسية كي يوقع ‏البغضاء بينكما .."‏
هتف ( رشدي ) وهو يزيح الخصلات البيضاء عن جبهته : ‏
‏-" خبير خطوط ! انا أطالب بعرض هذا الخطاب على خبير خطوط .. عندها ‏سيعرف الجميع ان هذا هو خط ( رفعت إسماعيل ) ! " ‏
آه ه ه ! هذا هو ما أخشاه .. انا اعرف جيدا ان الخط خطي .‏
لكني تظاهرت بقوة موقفي .. وباستخفاف قلت !"‏
‏-" خبير خطوط ! لم لا ؟ وقارئ كف كذلك .. إن الخط يشبه خطي يا د. ( رشدي ) ‏‏.. لكنه ليس خطي .. هل هذا واضح ؟ هناك من تعمد تقليد خطي ليحكم خداع ‏شخص مثلك .."‏
صاح الرجل في عصبية بالغة وهو يشير إلي :‏
‏-‏ ‏" هل تسمع يا سيدي ما يقول ؟ انا أطالب بحمايتي من هذا الرجل .. فهو ‏مجنون تماما .. مجنون ولا يتحكم لحظة في نفسه .. " ‏
ظل المأمور جالسا ينقل عينيه بين وجهينا .. نظراته تقول بوضوح : تالله ما ‏اغرب هؤلاء الأطباء ! إنهم يجنون جميعا في النهاية ..‏
بعد هنيهة قال : ‏
ـ " يمكنني تصعيد الأمر وعرضه على النيابة .. لكني لست ميالا الى هذا .. ‏فلسنا بصدد مشاجرة بالمطاوي ( قرن الغزال ) في مقهى .. بل هو خلاف بين ‏عالمين .. لهذا أسألك يا د. ( رشدي ) ان تتناسى الأمر .."‏
ثم نظر لي .. وقال بلهجة مناشدة :‏
ـ " وأسالك ان تعتذر له يا د. (رفعت ) !"‏
هنا (أخذتني العزة بالإثم ) فواصلت تمثيل دوري ..‏
ـ " أنا ؟ أعتذر له ؟ اعتذر عن أي شيء ؟ انا لم اكتب هذا الخطاب .. وعليه ان ‏يعي ذلك .. وإلا فيفعل ما يروق له .."‏
ـ "أرجو ألا تزيد الأمور تعقيدا .."‏
ثم نظر الي د. ( رشدي ) مناشدا من جديد :‏
ـ " هلم .. تنازل عن شكواك .. الامر ليس بهذا السوء .."‏
بعد دقائق وجدنا اننا أنهكنا الرجل أكثر من اللازم .. وكان الوقت قد صار مناسبا ‏لي كي اعتذر لا عن كتابة الخطاب .. بل عن ما سببته للرجل من صداع .. وقبل ‏‏( رشدي ) ان يتنازل بدوره ..‏
وهكذا انتهت هذه الجلسة المرهقة ..‏
وانصرفت و ( رشدي ) عدوين يتمنيان الدمار لبعضهما ..‏
ضربة أخرى تحت الحزام من شبيهي .. وهي ليست الأخيرة .. إن الغيث ينهمر ‏بغزارة .. يمكنه ان يفعل كل شيء : خطابات غرامية للجارات المتزوجات .. ‏خطابات تهديد للجيران .. خطابات تحوي السباب لزملائي في العمل .. ‏منشورات تهدد امن الدولة يعلقها في كل مكان ..‏
وفي جميع الأحوال يستطيع خبير الخطوط ان يؤكد ويقسم على أن هذا هو ‏خطي ..‏
سوف أقتله .. لا اجد حلا أكثر رقة ..

^RAYAHEEN^ 22-11-05 12:34 AM



‏11-‏ التسلل ..‏


إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. لهذا ربما احتاج الى البحث عن هذه النفس في ‏كل مكان مطروق ..‏
‏*** ‏
ولكن اين هو الآن ؟
ما دام لا يحث عني فعلي أن ابحث عنه..‏
إن يوم الجمعة يقترب .. وبعده سيكون علي ان أتحمل وجوده معي للأبد .. لكنه ‏لن يحاول تعكير حياتي وقتها .. بل سيحاول إنهاءها !‏
لقد تجاوزنا مرحلة ( المقالب ) إلى مرحلة القتل .. علي ان أجده سريعا .. لكن ‏اين ؟ ‏
‏*** ‏
هو قال إنه يقيم في فندق ..‏
يمكننا هنا ان نستغل التشابه الشديد في طباعنا ، لنتوصل الى هذا الفندق .. هو ‏فنقد من النوع الذي يناسبني .. نظيف .. صغير .. ثم هو فندق رخيص الثمن .. ‏لان إمكاناته المادية محدودة ..‏
أضف لهذا أنه فندق دان من بيتي .. ما دام الرجل يحوم حول منطقة سكني بهذا ‏الإفراط .. وهو لا يملك سيارة .. ولا يستعمل سيارتي في المعتاد .‏
وهكذا ـ وعلى طريقة ( هولمز ) الشهيرة ـ أمكنني ان أركز شكوكي في ستة ‏فنادق . كلها تتمتع بالشروط الثلاثة ..‏
ورحت اجول بينها بالسيارة .. بعدما أعددت بعض احتياطات ضرورية ..‏
دخلت فندقين لأسأل عن (رفعت إسماعيل ) .. وهو سؤال غريب طبعا لو أتضح ‏ان الرجل يقيم في أحدهما .. ( رفعت ) يسأل عن ( رفعت ) .. سيجن موظف ‏الاستقبال حتما ..‏
لكن الفندق الثالث أراحني من عناء السؤال .. كان اسمه ( فندقا المهراجا ) .. ‏وهو اسم غريب لا يبعث الطمأنينة في النفس ..‏
فما إن دخلت إلى ردهة المكان ، حتى وجدت موظف الاستقبال يمد يده ـ دون أن ‏ينظر لي ـ ليلتقط مفتاحا من اللوحة خلفه ، ويناوله لي دون اكتراث .. ثم يعود ‏لمطالعة الجريدة التي أمامه ..‏
فهمت ! هذا هو الفندق المقصود .. والموظف يحسبني انا ( رفعت إسماعيل ) ‏غير عالم ـ الأحمق ـ أنني ( رفعت إسماعيل ) !‏
للأسف فاتني ان اعرف رقم الحجرة .. فاللوحة بها عدة مفاتيح ناقصة .. لهذا ‏استجمعت شجاعتي وسألته أسخف سؤال ممكن :‏
ـ " معذرة ! غرفة رقم .."‏
ارتفع حاجباه في دهشة .. ونظر لي هنيهة ثم قال :‏
ـ " رقم ستة وخمسين ! هل نسيت يا دكتور ؟"‏
حاولت أن ابرر موقفي بشرود الذهن .. حكيت له عن الأديب ( تشسترتون ) ‏الذي وقف في طابور البنك حتى وصل الى الصراف .. عندها أدرك انه نسي ‏أمسه ! والتفت الى الواقفين يسألهم : هل يعرف أحد اسمي من فضلكم ؟ ‏
ابتسم الموظف ابتسامة باهتة .. إن هذه النكتات الإنجليزية لا تناسب موظفي ‏الاستقبال كما هو واضح .. على كل حال لقد عرفت ما اريد ..‏
وتهيأت للانصراف حين تذكرت .. تذكرت أنني نسيت الرقم من جديد ! تبا لعقلي ‏الفراغ المتخاذل ! لقد أنستني حكاية ( تشسترتون ) الرقم بعد دقيقة من سماعه ‏‏.. لهذا التفت الى الموظف من جديد :‏
ـ " سامحني على وهن ذاكرتي .. قلت لي ما هو الرقم ؟"‏
نظرة حيرة تبدت في عينيه . .أتراني اسخر منه ؟ في النهاية قال نافذ الصبر : ‏
ـ " ستة وخمسون ! إنه مكتوب على المفتاح على كل حال !"‏
ـ " شكرا .."‏
وصعدت في الدرج .. لا بد أن الغرفة السادسة والخمسين في الطابق الثاني .. ‏ووجدت أرقام الخمسينات على الأبواب أمامي .. فسرت معها حتى وصلت الى ‏الغرفة المطلوبة ..‏
ليس ( رفعت ) هنا حتما ما دام مفتاحه مع موظف الاستقبال .. فلأدخل دون ‏وجل .. كليك ! انفتح الباب عن وكر الأفعى ..‏
ودون تردد خطوت الى الداخل .‏
لم تكن الغرفة آية في النظام والنظافة ..‏
هذا طبيعي .. أليس هو ( انا ) آخر ؟ ثم إن عاملة الفندق لا تنظف الغرفة إلا ‏مرة واحدة في الصباح ..‏
رحت أتأمل أشياءه في فضول نهم ..‏
أكوام من الجريدة التي أقرؤها دون سواها .. ثيابي التي سرقها مني في كل ‏موضع ..‏
لا اعتقد أنه سيحتفظ بمالي هنا ..‏
وجوار الفراش وجدت علبة مميزة .. علبة أقراص ( النتروجلسرين ) إياها .. ‏فهو مثلي يشكو من ضيق الشرايين التاجية في سن مبكرة نسبيا ..‏
كان المقلب الأول في ذهني تماما ، وقد استعددت له منذ وقت مبكر..‏
مددت يدي الى جيبي وأخرجت علبة أقراص ( الإفدرين ) .. ثم إنني أفرغت ‏محتويات علبة ( النتروجلسرين ) في جيبي .. وملأت العلبة بـ ( الإفدرين ) ..‏
إنها مفاجأة غير سارة لمرضى القلب عموما .. سيشعر بألم في صدره ، ‏ويحاول ان يخفف منه بقرص ( نتروجلسرين ) .. عندئذ يؤدي ( الإفدرين ) ‏عمله ويزداد العبء على القلب أكثر فأكثر .. ربما يؤدي الى الوفاة أيضا ..‏
الوفاة ؟ ‏
عندها توقفت .. تصلب أطرافي .. ثم ـ لا شعوريا ـ مددت يدي لأفرغ العلبة من ‏‏( الإفدرين ) .. إن القتل أصعب مما توقعت .. خاصة حين يكون قتلا خسيسا ‏مخادعا كهذا .. على كل حال إن علبة ( نتروجلسرين ) فارغة لأفضل واقل ‏ضررا من علبة ملآ بسم زعاف ..‏
قررت ان امرح قليلا على طريقته ..‏
وهكذا قمت بإتلاف بعض الأشياء في الحجرة .. وخدشت الجدران بقلمي .. ‏ومزقت حشية الفراش .. أتمنى ان أرى وجهه حين تطالبه إدارة الفندق بثمن ‏هذه الإصلاحات .. إن فندق ( المهراجا ) هذا لا يقبل التشيكات طبعا .. وبالطبع ‏يحتفظ ببعض البلطجية لإقناع الرافضين من أي نوع ..‏
‏*** ‏
تأهبت للانصراف حين سمعت صخبا خارج الغرفة .. أرهفت السمع .. فتبينت ‏صوتي الوقور يتكلم بالخارج .. والصوت الآخر كان موظف الاستقبال .. لقد ‏وقعت في الشراك !‏
كان موظف الاستقبال يكرر في حماس : ‏
ـ " أقسم إنك أخذت المفتاح وصعدت لحجرتك منذ دقائق .."‏
وكان ( رفعت ) يقول في إصرار : ‏
ـ " وهأنذا أمامك ! فهل وثبت من النافذة وعدت لأدخل من الباب ؟ "‏
ـ " أستغفر الله العظيم !"‏
ـ " لن نظل هنا طيلة اليوم .. هل معك مفتاح آخر ؟"‏
ـ " بالطبع . لكن .." ـ ثم في استسلام ـ " استغفر الله العظيم !"‏
لم يكن هناك مفر من الاختباء ..‏
وراء الستائر ؟ لا .. إنه مكان أبله لا يناسب سوى أبطال مسرحيات ( شكسبير ) .. ‏تحت الفراش ؟ سيكون في هذا ( بهدلة ) لا بأس بها .. لكنه الحل الوحيد ..‏
وهكذا شرعت أزحف تحت الفراش ، ومددت جسدي .. يا له من جسد مليء بالعظام ‏لم يخلق للنوم على الأرض !‏
وهنا سمعت صوت المفتاح يدور في الباب ..‏
ـ " يا الله ! ماذا أصاب الغرفة يا سيـ ..؟"‏
ـ " لا عليك .. خذ هذا .. سنتفاهم فيما بعد ..؟"‏
ـ " لكن ..."‏
وعرفت ـ من مكاني ـ أن جنيها قد استقر في جيب الموظف ليخرس. .ثم سمعت ‏صوت الباب يغلق ..‏
لقد صار ( رفعت ) وحده هنا الآن ..‏
سمعته يصدر عبارات ذهول او ضيق .. ثم غمغم: " فعلها اللعين " !"‏
كان يتأمل الخراب الذي قمت به .. ثم سمعت خطواته تدنو أكثر فأكثر .. حبست ‏أنفاسي .. شعرت به يجلس على الفراش فوق .. الملة تئن ..‏
ثم سمعته يقول بصوت هادئ : ‏
ـ " هلم يا د. ( رفعت ) .. اخرج ! أنت لن تظل ها هنا ليوم الدين !"‏
واصلت الصمت .. فشعرت بيده تتحسس الملاءة ..‏
وارتفع طرفها .. وعاد يكرر إلحافه بذات الصوت الهادئ : ‏
ـ " هلم .. انا اعرف أنك هنا .. لا تجبرني على الانحناء .."‏
هنا لم اعد واجدا نفعا من البقاء في هذا القبر ، فأخرجت جسدي بكثير من العناء .. ‏وجلست القرفصاء على الأرض انفض الغبار عن ثيابي .. بينما جلس هو فوق ‏الفراش يتأملني كأنما أنا شيء معتاد في عالمه ..‏
سألته وأنا انهض :‏
ـ " كيف عرفت ؟"‏
بلا مبالاة قال :‏
ـ " أنا اعرف انك صعدت ولم تهبط .. إذن أنت في الغرفة .. ولا يوجد مكان ‏للاختباء بالغرفة سوى تحت الفراش . .إن الاختباء وراء الستائر لا يناسب سوى ‏أبطال مسرحيات ( شكسبير ) !"‏
حقا هو يفكر مثلي بدقة تامة ..‏
عاد سألني دون ان ينظر إلي :‏
ـ " هل جئت لقتلي ؟"‏
ـ " ربما خطر لي هذا .."‏
ـ " ... وجبنت.. اليس كذلك ؟ اما أنا فلن اجبن عن هذا .. لكن لا تخف .. لن أقتلك ‏ها هنا لان التخلص من جثتك مشكلة .. وعلى كل حال .. ما زلت أعتقد أنك سترجح ‏جانب العقل .. ما زال يوم ( الجمعة ) ينتظرنا ."‏
ثم تأمل فوضى الحجرة حوله .. وقال دون ان يبدو لوم في كلامه :‏
ـ " انت تضرب تحت الحزام .."‏
ـ " مثلك ! والبادئ اظلم .."‏
ضحك من قلبه حتى غرق في نوبة سعال .. ثم سألني :‏
ـ " كح كح ! هل ستكون هناك يوم ( الجمعة ) ؟"‏
ـ " لا تعتمد على هذا .."‏
ونهضت وسويت ثيابي .. واتجهت الى الباب ..‏
قال لي مذكرا :‏
ـ " موظف الاستقبال سيطلب المفتاح منك .."‏
ـ " سأعطيه إياه .. إنه معي .. هل نسيت ؟"‏
ـ " وكيف أخرج أنا ؟"‏
ـ " تلك مشكلتك !"‏
وغادرت الحجرة دون تردد .. ولم أنظر للوراء ..ونظر لي موظف الاستقبال نظرة ‏لن أنساها ابدا . فأنا إنسان مجنون تماما لا يكف عن الدخول والخروج ، واستبدال ‏بذلته .. دونما تفسير واضح .‏
تجاهلت نظرته ، وغادرت الفندق ..‏
‏*** ‏
إن يوم ( الجمعة ) قادم بسرعة جنونية ..‏
إنه منتصف ليلة ( الخميس ) !

Ala_Daboubi 22-11-05 09:22 AM

nahfeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeh

^RAYAHEEN^ 22-11-05 09:44 AM

يلا احزر شو ممكن يصير
لانو الرواية هلء معي
حابي اكتب الفصل الاخير

Ala_Daboubi 22-11-05 10:53 AM

wala shi , bi2olo 7ab ashoofak , belta2o 3al sa6i7 fe saba7 el jom3a , maw3ad el entiqaaal , wo bas yeeji el maw3id bidizo wo biroo7 ma3ha wo fakat khilsat

wo pleeeeeeeeeeeeeeease oktobeeeeeeha

^RAYAHEEN^ 22-11-05 10:58 AM

يعني بتقصد اتنايناتهم بينتقلو لعالم ( رفعت إسماعيل ) التاني
هيك قصدك !!!!

Ala_Daboubi 22-11-05 11:05 AM

masalan , 2as bas el mozayaf berja3 , bas zay ma 2oltilik , momkin ref3at ydezo

^RAYAHEEN^ 22-11-05 11:26 AM



12- لحظة الحقيقة ..


إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. وهذا من حسن حظه ..
***
دق جرس الباب فذهبت لأفتحه ..
كانت الإضاءة خافتة بسبب المصباح المكسور إياه .
لكن الضوء الخارج من شقتي كان كافيا لأعرف من القادم ..
كان هو .. وقد بدا جادا صارما .
ـ " من قال إنني سأدعك تدخل شقتي ؟"
ـ " انا اعرف انك ستفعل . فانت تريد معرفة سر قدومي .."
كان صادقا .. لكني سألته :
-" جئت لقتلي طبعا ؟"
ـ " أنت اذكى من هذا .. انا لا اريد جثثا تشبهني تسبب تساؤلات عديدة .."
ثم تساءل حالما :
ـ " متى يخترعون وسيلة للقتل تزيل جثة القتيل من الوجود ؟ إننا بحاجة الى مدفع ( ليزر ) يحول المقتول الى بخار ...
ـ " إن الرفاهية التي يقدمها العلم لن تقف عند حد .."
ثم سمحت له بالدخول ..
ما أقبحني ! لو كان هذا الشيء حقا نسخة مني ، فإنني لا اجد سببا يجعل حسناء كـ ( ماجي ) تتعلق بي .. او فتاة عادية كــ ( هويدا ) تقبل بي عريسا .. لا بد أنني ظريف أو رائع الى حد مذهل .. بحيث تغطي جاذبية روحي على هذا القبح المريع ..
قال لي وهو يسترخي على الأريكة :
ـ " الحق أنني بدأت ارتاح لك يا ( رفعت ) .. يؤسفني ان لقاءنا يوشك على الانتهاء .."
ـ " انت صادق في هذا .. احدنا ذاهب الى الجحيم .. ولن يكون أنا !"
تنهد .. وقال وهو يفك رباطي حذائه :
ـ " إن الخلاص من نفسك لأمر عسير .."
ابتلعت ريقي وقلت له وانا اتحاشى نظراته :
- " دعنا نغادر الشقة .. سأدعوك الى كوب من العصير في مكان جيد .."
- ابتسم . وتربع على الاريكة قائلا :
- " ولوسف تدس لي مسحوق ( الديجتالا ) في العصير .. ثم تلقي بجثتي في الصحراء .. اليس كذلك !!
اسقط في يدي .. فسألته :
ـ " إذن لماذا انت هنا الآن ؟ "
ـ " اردت ان اعاود إقناعك .. فما ادعوك اليه ليس بهذه البشاعة.."
ـ " هذا عالمي .. وهذه حياتي .. ولا انوي التخلي عن أي شيء منهما .."
قال وهو يمد يده في سترته :
ـ " انا اعرض عليك حلا جذريا .."
وفي بلاهة رحت ارمق المسدس المصورب الى راسي .. مسدسي او نسخته إذا اردنا الدقة .. وتصلب جسدي كله :
- " لا تكن سخيفا .. انت لا لن تطلق علي الرصاص !"
- " لم لا ؟"
- " قلت إنك لا تريد جثثا تشبهك ."
- " هذا حق .. لكن احدا لن يجد جثثا .."
- " سيسمع الجيران الطلقة ..
- " عندما افتح الباب لهم ، واقول إنني بخير .. وان المسدس انطلق بينما كنت انظفه ، عندها سيعودون الى بيوتهم مغمغمين : يا للمجنون ! ثم ينسون كل شيء . بعدها احمل جثتك الى السطح ليتم التبادل .."
- كان مخي يعمل كسيارة سباق ..
هذا كلام منطقي .. ومن الغريب أنني لم افكر فيه عندما سمحت له بالدخول ..
عدت أسأله :
-" ولماذا لا تفعل ذلك الآن ؟"
ـ " لاني آمل في أن تفعلها حيا .. لست شغوفا بقتل من يشبهني الى هذا الحد .. لكني بالتأكيد سأضغط الزناد إذا استمررت في عنادك .."
نظرت الى ساعتي ..
إنها الرابعة صباحا .. ما زالت ثلاث ساعات تفصلنا عن الموعد المنتظر ...
وعلى أن اخدع هذا الوغد قبل فوات الأوان ..
ومرت الدقائق بطيئة مملة ..
يبدو أنني جست على الأريكة بعض الوقت فغبت عن العي .. ثم عدت لصوابي .. وتأملته .. كان جالسا يقاوم النعاس بدوره .. والمسدس في يده ..
أغمضت عيني من جديد .. وفتحتها فوجدته قد أغمض عينيه تماما ..
هل أثب عليه لأنتزع المسدس ؟
إنها مخاطرة .. ماذا لو كان حافظ الخطر عنده قويا . وفتح عينيه وانا على بعد مترين منه ؟ سيضغط الزناد بدون تفكير .. و ..
وعاد النعاس يهزمني من جديد ..
لكني كنت اعرف ان حرب النعاس سجال بيننا .. وانه يصحو حين انام أنا .. والعكس صحيح ..
وبدأ الضوء النظيف المنتعش يتسلل الى الشقة ..
صياح الديكة من مكان ما .. وصوت الطيور تتشاجر على لقمة العيش ..
ألقيت قطعة قرميد في المكان المذكور ..
ثم هرعت الى الهوائي .. فجاهدت حتى انتزعته من مكانه . كان مثبتا الى السور ببعض الحبال لم اجد مشقة في قطعها ..
ثم حملته الى موضع بعيد .. واحكمت ربطه هناك .. لم يأت شبيهي بعد ..
يحتاج الى بضع ثوان كي يفيق .. ويهرع الى الباب .. ثم يبحث عني في الطوابق السفلى لأنه يتوقع أنني هربت الى الشارع ..
بعد هذا سيفطن إلى انني لم ابرح النباية بعد .. وسيبدأ في البحث عني من اسف لأعلى .. حتى يصل الى السطح ..
ونظرت لساعتي . ربع ساعة .. عشر دقائق على الموعد ..
اشرقت الشمس .. ورايت ظل الهوائي ـ في موضعه الجديد ـ يرتسم على ارض السطح .. إنها السابعة إلا دقيقتين ..
هنا انفتح الباب ..
ورأيت ( رفعت ) يدخل شاهرا مسدسه ..
كان شرسا .. نظرة الغضب الوحشية في عينيه .. واحساسه بأنه قد خدع بشكل ما .. ولو لم يكن يخشى تأثير الموت على انتقال الجزيئات ، لافرغ رصاصة في جسدي فورا .. لكنه كان يخشى ان يفسد شيءا ما بقتلي ..
قال لي بصوت لم يفارقه النعاس تماما :
ـ " كانت محاولة حمقاء .. والآن تحرك . فقد حان الموعد !"
قلت وانا اتراج للوراء :
ـ " لن افعل !"
ـ " اسمع .. لم يعد الوقت يسمع بالمزاح .. هيا !"
قالها وازداد عصبية .. للمرة الأولى لا يبدو واثقا من نفسه الى هذا الحد .. وتقدم نحوي .. بطء .. ببطء ..
بدأت اتراجع بدوري الى البقعة المحددة .. حيث سقط ظل الهوائي ..
خطواته تقوده نحو قطعة القرميد ..
إنها السابعة تماما ..
تقف لحظة .. نظر حوله .. فتراجعت الى الوراء أكثر .. صار الظل فوق صدري ..
انتظر هنيهة .. ثم نظر للسماء .. وغمغم في شك :
ـ " غريب ! لم يحدث شيء .."
ـ " لعلها فوراق التوقيت بين الكوكبين .."
ـ " كلا .. إن الموعد في السابعة بتوقيتكم هنا .."
وعاد ينظر حوله .. ثم غمغم في شك اكبر ، وهو يركل قطعة القرميد :
ـ " لحظة ! هل قمت بتحريك الهوائي من موضعه ؟!"
والتمع الفهم في عينيه :
ـ " انت حركت الهوائي من موضعه !"
وهنا شعرت ان الهواء مشحون كأنما عاصفة رعدية تدنو . . وفي اللحظة التالية رأيت جسده يتحول الى لون ازرق باهت .. ثم بدأت ظلال سوداء تزحف لتغزو اللون الأزرق .. وازداد اللون شحوبا ..
لقد صار جسده شفافا تماما .. ثم لم يعد هناك شيء ..
اختفى ( رفعت إسماعيل ) من امام عيني ..
اختفى من الوجود في ثانية واحدة ..
لقد كان الاسترداد ناجحا ودقيقا .. وعاد الرجل الى عالمه مرغما .
ولحسن الحظ لم يفهم الجزء الأخير من اللعبة إلا بعد فوات الأوان ..
***
إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم ..
شكرا لله ..!
***
الخاتمة


هذا هو كل ما استطيع قوله عن هذه القصة ..
اشبه شيء هي بهلوسة في عقل اضناه المخدر او الإدمان .. لكنها حقيقة واقعة ..
ولقد احتجت الى جهود كونية ، كي أصلح كل الخراب الذي تركه الوغد في عالمي قبل ان يرحل ..
تحججت لدى البعض بإرهاق أعصابي .. او بحيرتي .. أو بمرضي النفسي . او بخرقي وغبائي .. المهم أنني خسرت كثيرين لم يقبلوا مبرراتي ..
ولطالما دعوت الله الا يعود ذلك المأفون الى عالمي .. وإن كنت استبعد عودته ، فاجتياز العوالم الموازية ليس حقا من حقوق الإنسان يمارسه متى شاء .. ثم إنني اعتقد ان لدى الجرل مشاكل جمة في عالمه .. مشاكل اعقد مما حكاه لي .. ربما هو متورط في جريمة ما أو مأزق ما .. هذا هو المبرر الوحيد لحماسه الشديد كي يجعلني اعود بدلا منه .
على كل حال لم يجل بخاطري قط أنني قد أكون مرعبا الى هذا الحد ..
إن المرء لا يلقى نفسه كل يوم .. ومن الأفضل لنواميس الطبيعة ألا يحدث هذا ابدا ..
***
والآن ـ بعد هذه المغامرة القصيرة ـ يمكننا العودة الى روتين الحياة المعهود ..
تمت ،،،


Ala_Daboubi 22-11-05 11:31 AM

walahi qesa 7ilweh kteeeeeeeer

yeslamo yeslamoooooo

^RAYAHEEN^ 22-11-05 11:41 AM

ولكمو ولكموووووووووو
هههههههههههههههههههههه
وان شاء الله بكرة بكتب روابة
" اسطورة المقبرة "

^RAYAHEEN^ 23-11-05 12:50 AM



-أسطورة المقبرة ـ ‏
ما وراء الطبيعـــة ‏
د. أحمد خالد توفيق


مقدمة
أنتم تعرفون ( نجيب السمدوني ) فلن أعلق كثيرا ..‏
يمكننا أن نتجاهل ما يقول كلية ، فلم تعد سني ولا صحتي تسمحان لي ‏بأن احقق في هذا النوع من القصص .. لو كنت اصغر من هذا ثلاثين ‏عاما ، لذهبت اليه وبحثت في كل ركن من داره عن تلك البقع ..‏
بقع دموية على البساط.. كلما غسلت ظهرت من جديد .. هذه القصة ‏معتادة وقد قابلتها مرارا . . لقد صرت اغلق بابي كي لا اصطدم بهؤلاء ‏الذين يرون بقعا دموية على بساطهم .. افتح النافذة يدخل عشرة منهم ‏‏.. افتح صنبور المياه ينزل لك خمسة منهم ..‏
لكن الجديد في قصة هذا الرجل هي الخادمة الطفلة التي تنام في ‏المطبخ ، والتي تدخل زوجته المطبخ ليلا لتشرب لتفاجأ بان طولها ‏صار ثلاثة امتار ، حتى إن قدميها تتسلقان الجدار .. دعك من ملامح ‏وجهها التي تذكرها وقتها بأسد عجوز نائم ..‏
انتم تعرفون ( نجيب السمدوني ).. لهذا يمكننا ان ننسى هذه القصة ‏وإن اتضح أنها صحيحة فلن نخسر الكثير .. إن الخادمات اللاتي ‏يستطيع جسدهن ليلا موجودات في كل مكان .. لقد صرت اغلق بابي ‏كي لا أصطدم بهن .. افتح النافذة تدخل عشرة منهن .. افتح صنبور ‏المياه تنزل لك خمس منهن ..‏
ثم القط .. القط الذي يضحك ضحكة بشرية واضحة .. انتم تعرفون ( ‏نجيب السمدوني ) .. لهذا دعونا نتجاهل هذا ايضا .. لا اجد شيئا مسليا ‏في هذا كله .. لقد صرت اغلق بابي كي لا اصطدم بالقطط التي تضحك ‏ضحكة بشرية .. افتح النافذة يدخل لك عشر منها .. افتح صنبور المياه ‏ينزل كل خمس منها ..‏
ولكن دعونا من هذا الهراء ولنبدأ قصتنا ..‏
ساحدثكم عن اسطورة المقبرة ..‏
اعرف ان المقابر المفزعة ليست موضوعا جديدا .. ماذا تقولون ؟ ‏تقولون إن هذه القصة معتادة وقد قابلتموها مرارا ؟ تقولون إنكم ‏صرتم تغلقون الأبواب كي لا تصطدموا بمقبرة مفزعة ؟ تقولون إنكم ‏تفتحون النافذة فتدخل عشر منها .. تفتحون صنبور المياه فتنزل لكم ‏خمس منها ؟
انتم تتلفظون بكلمات غريبة على مسمعي ، وإنني لعاجز حقا عن فهم ‏شباب اليوم ..‏
من أين تأتون بهذه السخرية المقيتة ؟
من علمكم تسفيه الآخرين الى هذا الحد ؟
على كل حال ، سأحكي لكم القصة .. واعرف انكم ستحبونها .. إنها ‏مرعبة .. وأنتم تعرفون أن الرعب يحتاج الى قدر كبير من الخيال .. ‏إلى سعة صدر وصفاء بال .. يحتاج الى هدوء.. يحتاج الى ليل ..‏
هذا هو ما قاله ( لافكرافت ) الذي اعتبر كاتب قصص الرعب مسكينا ن ‏يحتاج الى ماهو اكثر من الحظ كي يعترف القارئ بأنه خاف ..‏
تعالوا الآن واصغوا إلي ..‏
إن ( رفعت إسماعيل ) العجوز سيحكي لكم قصة أخرى ....‏
العام 1675 .....‏
المكان : ( ليفورد ) .. البلدة الهادئة في مقاطعة ( تيركونل ) كما كانت ‏تعرف في ذلك العصر أو ( دونيجال ) كما نعرفها الآن .. إن الخبراء ‏منكم في أمور ايرلندا يعرفون أن ( دونيجال ) مقاطعة في أقصى شمال ‏‏( ايرلندا ) تطل على المحيط الأطلسي من جهتين . إنها مقاطعة رعوية ‏وعرة مليئة بالجبال ، وتشكل حاليا جزءا من جمهورية ايرلندا ، ‏وجزءا مما يعرف بـ ( اولستر ) التي تتكون من تسع مقاطعات .. و .. ‏إن الموضوع معقد جدا لهذا لن ادخل في التفاصيل التي تجدونها في ‏أي كتاب جغرافيا او تاريخ ..‏
الآن يحتشد أهالي البلدة الهادئة التي لا يحدث فيها شيء على الإطلاق ‏‏.. اليوم من الأيام النادرة التي تحدث فيها أشياء ، ولهذا لم يبق واحد ‏في داره ..‏
الحدث : أي حدث غير حرق الساحرة طبعا ؟
في هذه البلدة لا يحدث شيء مثير سوى تعذيب أحد المهرطقين من ‏حين لآخر ، او حرق ساحرة .. وتهمة الساحرة هذه مطاطة تتسع لأية ‏امراة تعالج المرضى بطريقة غريبة ، او تشاهد عند المستنقعات ليلا ، ‏او توجد في جسدها علامة ما يفترض ان الشيطان يتركها في زوجاته ‏‏.. كما قلت سابقا كل هذه التفاصيل الدقيقة مشروحة في كتاب ( مطرقة ‏الساحرات ) الرهيب ..‏
عندها يكون الاستجواب .. ثم التعذيب .. والتعذيب اسلوب عبقري في ‏استخلاص الحقائق ، يستطيع ان يقنع فار بان يعترف بقتل اسد ، او ‏يقنعك بالاعتراف بتزعم عصابات المافيا في الثلاثينات ..‏
كثيرات بريئات هلكن بهذه الطريقة .. اما المرأة التي تصمد فكانوا ‏يقيدونها ويلقون بها في الماء .. فإن غرقت اتضح انها بريئة للأسف ، ‏وان طفت عرف الجميع انها ساحرة وعندها تعدم !‏
يجب ان نقول هنا إن ( هيلين ) أو ( رونيل السوداء ) ـ كما يدعونها ‏في البلدة ـ كانت غيبة الاطوار جدا ..‏
اولا كانت جميلة جدا .. كان جمالها من الطراز الذي يخطف الأبصار ‏ويذهل العقول . هناك امثلة نادرة جدا من هذا الطراز من ( الجمال ‏المؤلم ) وكما نعرف يقولون عن المرأة بارعة الجمال إنها ( ساحرة ) ‏‏.. يسهل إذن تصديق ما يقال عنها في هذا الصدد ..‏
ثانيا : لماذا لم تتزوج ( رونيل السوداء ) ؟ لقد هام بها السير ( باتريك ‏مليجان ) حبا وفعل كل ما هو ممكن كي تقبل ان تكون له .. إن السير ‏‏( مليجان ) ليس سيئا .. ويمكن بسهولة ان تدرك انه ثري .. فما الذي ‏ترفضه هذه الراعية الفقيرة في رجل كهذا ؟
الشباب ؟ هذا وارد .. إذن لنر ما سيحدث حين يتقدم إليها اقوى شاب ‏في البلدة وأكثرهم وسامة .. إنه ( جون اونيل ) الذي لم يقل أحد قط ‏إنه ليس حلم كل فتاة في البلدة .. لقد كلمها ثم قابل أمها العجوز مائة ‏مرة .. لكن الاجابة دوما هي : لا .. ( لا ) غير مسببة هي نوع من النقد ‏الانطباعي الذي لا نفع له ..‏
هذه النقطة هي الأخرى لا بد أن تثير التساؤل ..‏
ثالثا : لماذا تلتزم بثياب الحداد السوداء طيلة الوقت ؟
رابعا: ماذا يدفع فتاة حسناء ترتدي الاسود الى الذهاب الى المقابر ليلا ‏وحدها ؟ هناك من شاهدوها وهم يقسمون على انها كانت تمشي بخفة ‏بالغة .. برغم ان طريق المقابر وعر مليء بالمستنقعات .. لم تكن ‏تمشي بل كانت ( تسري ) .. ( تنساب ) .. هكذا يؤكدون .. ومما يزيد ‏الامور سوءا انها تختار الليالي القمرية لهذه الرحلات وإلا ما رأوها ‏اصلا ..‏
وهكذا اخبر ( جيمس ) العجوز زوجته .. وزوجته اخبرت ( اليوت ) .. ‏و ( إليوت ) اخبر ( جاك ) و ( جاك ) اخبر القس . والقس ـ الذي تذكر ‏انه لم ير الفتاة في كنيسته منذ زمن ـ اخبر السيد ( كيلبارون ) الحاكم ‏‏..‏
وهكذا دارت العجلة الشهيرة ..‏
وقد تمت محاكمة سريعة وإن كان من العسير ان نزعم انها ظالمة .. ‏إن للفتاة كهفا قرب المقابر .. وكان هذا الكهف يحوي اشياء تقشعر لها ‏الابدان ، حتى إن القس لم يتحمل نفسه وأفرغ معدته لدى رؤيتها .. ‏كانت الحقيقة التي ادركها الجميع هي ان ( رونيل السواء ) كانت تفعل ‏بالاطفال ما تفعله اية ساحرة شريرة أخرى .. كانت تلتهمهم .. لكن ‏غرض الالتهام لم يكن الجوع طبعا ، بل استكمالا لطقوس أهم ..‏
هذه إذن من المرات القليلة التي كانت فيها تهمة السحر مؤكدة وعادلة ‏‏..‏
والآن جاء اليوم الكبير ..‏
خرج أهل البلدة جميعا والحماسة تغلبهم كي يروا المشهد الذي لا يجود ‏الزمان بمثله إلا كل عام ..‏
ثم إن رجال الشرطة في البلدة ظهروا وبينهم كانت الفتاة التي بدت ‏شاحبة جدا ، لكن من الظلم ان نقول إنها كانت خائفة .. كانت ترتدي ‏ثوبا من الخيش البسيط وقد وضعت يديها في قطعة من الخشب تحيط ‏بعنقها في أسلوب ( الفلقة ) الشهير ، الذي كان يعتقد أنه ضروري ‏لتوبة الساحرات ..‏
كان القاضي ( ستيوارت بارنيل ) المحترم موجودا ، وعلى المنصة ‏وقف الجلاد جوار العمود الخشبي يضع الحطب والقش ..‏
صعدوا بها الدرجات الخشبية .. وأعلى الدرج كان القس ينتظرها ..‏
سألها في اقتضاب :‏
ـ " هل تعلنين توبتك الآن ؟"‏
فالحقيقة أنه لم يكن خبيرا في هذه الطقوس ، بينما كان الأسبان ‏والألمان والفرنسيون علماء فيها . . إن التاريخ يحكي لنا قصصا نادرة ‏جدا عن حرق الساحرات في جزيرة .. بينما يعج بتلك القصص في ‏أسبانيا ، كما تشتهر ( سيلم ) الامريكية عبر المحيط الأطلسي بسمعة ‏سيئة مماثلة ..‏
كانت الإجراءات مقتضبة وكذا كان رد فعل الفتاة ..‏
نظرت للقس بعيني متسعتين تنبعث منهما النيران تقريبا .. لا يعرف ‏السبب لكن هذه النظرة الحاقدة هزته من الأعماق وجعلته يصمت تماما ‏‏..‏
ولنفس السبب لم ينظر لها الجلاد كثيرا وهو يقيدها الى العمود ..‏
هنا دوت صرخة الم من بين الجميع : ‏
ـ " الرحمة !"‏
ونظر الناس ليروا الشاب ( جون أونيل ) الذي انفجر فجأة في بكاء ‏هستيري جدي بالمراهقات ، من العسير نوعا ان ترى حبيبتك في هذا ‏الموقف حتى لو قيل لك إنها ساحرة شريرة ..‏
ويحاول الفتى القوي ان يشق طريقة الى المنصة ، لكن القوم تكأكأوا ‏من حوله ، وقيده أشداء الرجال من ذراعيه كي لا يتهور ..‏
على حين نظر الجلاد الى ( بارنيل ) ينتظر إشارته ..‏
وكان هذا الاخير لا يتميز برقة القلب .. كان من جلادي الساحرات ‏المعروفين الذين يعطون المحرقة مزية الشك .. من الخير حرق خمس ‏بريئات بدلا من ترك ساحرة واحدة تعيش ..‏
هز الرجل رأسه في وقار فقذف الجلاد بالشعلة على الخشب ..‏
بدأت الزهرة البرتقالية المخيفة تهمس بأسرارها .. تتوهج .. تضطرم ‏‏..‏
وتصاعدت شهقات رعب ممزوج بالنشوة من الواقفين ..‏
هنا فقط تكلمت ( رونيل السوداء ) ..‏
كان الدخان يتصاعد فلم يتبين القوم ملامحها وإن أكد البعض أنه لم ‏يعد وجهها ..‏
فقط كان الصوت أغلظ مما يمكن تصوره .. صوتا ذا صدى كانما الف ‏شيطان يتكلمون بصوت واحد :‏
ـ " ايها البلهاء ! لقد حكمتم بالويل على أحفادكم ! وليكون انتقامي ‏شنيعا !! سأعود بع ـ .. ا .. م .. ا .. ئة .. عام .. كي ...... "‏
لقد تلاشى صوتها مع النيران التي راحت تتعالى ..‏
ليس في هذا شيء جديد ..‏
كل الساحرات يهددن أو يقلن نبوءة كريهة ما وهن على المحرقة .. إن ‏الساحرة التي لا تفعل ذلك إنما تجازف بسمعتها .. وقد اعتاد اهل البلدة ‏على هذا ..‏
لكن كانت هذه هي المرة الاولى التي تلقي الكلمات كل هذا الرعب فيهم ‏‏..ولم ينتظر الكثيرون حتى تتلاشى سحب الدخان كما هي العادة ليرو ‏الجسد المتفحم ..‏
لسبب ما عاد أكثرهم الى داره ، ليغلق الباب عليه وعلى أطفاله ، ثم ‏يندس تحت الأغطية راجفا مرددا الصلوات ..‏
لسبب ما لم يبد الفخر على الجلاد بعما أتم عمله الرهيب ..‏
لسبب ما لم يحاول أحد الكلام عن هذا اليوم قط ..‏
وفي قبر بلا شاهد في مقبرة المدينة وضعوا بقايا ( رونيل السوداء ) .. ‏ومن يومها نسي الجميع او تناسوا هذه القصة المؤسفة ..‏
وبعد هذا بثلاثمائة عام زارت المكان إمرأة اسكتلندية شقراء ..‏
كان اسمها ( ماجي ماكيلوب ) ..


العام 1975 : ‏
المكان : ( ليفورد ) في ( دونيجال ) كما نعرفها الآن و ( تيركونل ) أو ‏‏( اودونيل ) كما كانت تعرف في الماضي ..‏
في الفترة الاخيرة ، يبدو ان حارس المقابر ( جيمس إدوود ) قد لاحظ ‏عدة أشياء لا تبعث الراحة في النفس .. كل حراس المقابر يلاحظون ‏اشياء غريبة أهمها غالبا الجثث التي تحاول الخروج من القبور ليلا .. ‏وليس الرجل استثناء ..‏
لكن ما لاحظه هو كالتالي :‏
ـ " في الليالي المقمرة بالذات .. بعضها لا كلها .. ارى عددها من ‏النساء يمر عبر شواهد القبور .. لا استيطع ان اصفهن بدقة ، لكني ‏اعرف جيدا انهن مسربلات في عباءات طويلة وأن شعورهن منكشوة ‏ثائرة .. لا داعي لأن اقول إنني تجاسرت أكثر مرة ولحقت بهن .. ‏لكننني كنت اصل الى هناك فلا ارى احدا على الإطلاق ..‏
وقد قررت أن اقنع نفسي بان هذا كله نوع من الهلاوس الليلية .. إن ‏منظر المقابر في ضوء القمر ليثير شتى انواع الخيالات في النفس ‏حتى بالنسبة لمن كانت تلك مهنته ..‏
‏" لكني من جديد ارى هذا المشهد من حين لآخر .. ومن جديد ألاحظ ‏أنهن يحمن حول قبر بعينه .. يصنعن حوله دوائر وربما يرقصن رقصا ‏مجنونا مخيفا .. " ‏
‏*** ‏
ولم تكن ( ماجي ماكيلوب ) تعرف شيا من هذا ..‏
إن لها أسبوعين في إيرلندا وهي ليست زيارتها الاولى .. لكنها في هذه ‏المرة كانت على موعد ( رفعت إسماعيل ) قادم لاحد المؤتمرات ‏العلمية في جامعة ( دوبلين ) .. أي انه سيكون قريبا جدا منها ، وكانت ‏هي تنوي من البداية ان تقضي بعض أيام في ( ايرلندا ) لان هواية ‏التصوير القديمة عادت تغلبها هذه الأيام .. وقد اختارت ( دونيجال ) ‏كي تزورها ، وتقضي الوقت في تصوير القلاع القديمة المهيبة على ‏السواحل هناك .. قلعة ( كيلبارون ) قرب ( باليشانون ) وقلاع ملوك ( ‏ايرلندا ) الاوائل في ( لوسويلي ) .ز
كانت ( ماجي ) قد نشات في قصر .. الحقيقة انها كانت قلعة مخيفة الى ‏حد ما .. ومن الطبيعي ان حياتها فيها وحيدة بعد وفاة أبيها كانت خبرة ‏مرعبة ..‏
لكنها تعلمت فن ( تذوق القلاع ) من نشأتها .. وادمنت ذلك الشعور ‏الغامض الذي هو مزيج من الرعب والرهبة والافتتان وسحر التاريخ ‏والجمال الذي نشعر به حين نرى القلاع ..‏
اشباح ؟ إن قلاع اسكتلندا تعج بها ، وهي لم تتصور قط ان هناك بعض ‏الاشباح قد بقيت لأيرلندا . من المستحيل ان يبقى شبح واحد لشعوب ‏الارض المسكينة بعدما احتكرتها اسكتلندا جميعا .. إن كثيرا من ‏المفكرين الساخرين اعتبروا اشباح اسكتلندا موظفين في السياحة ‏هناك .. ولن يكون غريبا ان تقبض هذه الاشباح راتبها آخر الشهر من ‏الحكومة ..‏
لكن قلاع ايرلندا الرهيبة لها مذاق خاص لم تعتده ( ماجي ) ، وهي لم ‏تعرف نفسها طيلة حياته إلا هوايتين محببتين حقا : دراسة الفيزياء ـ ‏لو كانت هذه هواية ـ والتصوير الفوتوغرافي الذي لم تكن موفقة فيه ‏في البداية ، ثم أجادته بشدة وصار يسيري في عروقها كالدماء ..‏
الجديد هنا انها كانت ترى البلاد بعينين بريئتين فيهما بكارة .. هاتان ‏العينان اللتان يملكهما أي طفل وتجعلانك ترى كل شيء بمنظور ‏مختلف كأنك تراه للمرة الأولى ..‏
الحقيقة ان الصغيرة ( إليانور ماكدوجلاس ) ذات السبعة اعوام طفلة ‏رائعة الجمال .. اضف الشعر الاشقر الطويل حتى الخصر الى العينين ‏الزرقاوين الواسعتين ، تجد انها دمية حقيقية ، وكانت تحب ( ماجي ) ‏بجنون .. السبب الظاهر طبعا هو أنها قريبتها .. لكن لو أحب كل ‏إنسان أقاربه بهذا الجنون لتحول العالم الى جنة .. إن ( ماجي ) برغم ‏ذكائها الخارق وأعوامها التي تجاوزت الاربعين طفلة رائعة الجمال ‏هي الأخرى .. ولا تحتاج الى مجهود كبير كي تفكر وتضحك وتحلم ‏كالأطفال ، وكانت غريزة الأطفال الجهنمية لا تخطئ في هذا الصدد .. ‏دعها تدخل اية قاعة مزدحمة .. تجد الاطفال يتجهون نحوها لا ‏شعوريا .. دعها تداعب رضيعا تجده يقرقر ضحكا ، بينما لو داعبته انا ‏لانفجر في بكاء مجنون حتى يزرق لونه ويموت ..‏
‏( إليانور ) إذن في ضيافة ( ماجي) .. وهي ضيافة كانت ( ماجي ) ‏تتوق لها من زمن .. وهكذا تأخذ ضيفتها الصغيرة في رحلتها تلك الى ‏ايرلندا ، وإن رسمت لها خططا اكثر طموحا .. ماذا عن فرنسا ؟ماذا ‏عن إيطاليا ؟ بل ماذا عن الشرق الأقصى وربما مصر ؟ ‏
فقط لو أن اهلها سمحوا لها ، وهذا مستحيل على كل حال .. ولو انها ‏تركت لنفسها العنان لاختطفت الطفلة الى مكان قصي ، ويومها لن ‏تراها امها إلا بعد ما تدفع ثمن التذكرة في كل مرة ..‏
الن ، قدمنا لك الاسباب التي دفعت ( ماجي ) الى القدوم إلى هذا المكان ‏بالذات ..‏
أما عن سبب ذهابها الى المقبرة ليلا فبسيط جدا .. إنه القمر .. إنه ‏مكتمل الليلة ، ولك ان تتصور المشهد المهيب للكنيسة العتيقة الواقفة ‏تغلفها الظلال والأشعة الفضية الباردة .. صحيح ان المقابر تقع على ‏مرمى حجر من الكنيسة .. لكن من قال إن المقابر لا تصلح لوحة رائعة ‏ذات طابع قوطي محبب ؟
كانت الاستعدادات بسيطة .. ( بول أوفر ) سميك لها والسويتر ذو ‏الكبود للطفلة .. ثم القفازات .. لا غنى عن القفازات .. فيلم حساس ‏يناسب التصوير الليلي .. مع حامل لا غنى عنه لهذه الصور طويلة ‏التعريض ..‏
وغادرت الفتاتان الخان في التاسعة مساء ..‏
سألتها المسز ( بانكروفت ) عن سب بخروجها ليلا ، فقالت ( ماجي ) ‏ضاحكة :‏
ـ " بعض صور للكنيسة في ضوء القمر .."‏
قالت صاحبة الخان ذات الشعر الأبيض المعقوص :‏
ـ " ولكن .. ليكن .. انت ذات حساسية للصور الجيدة .."‏
ـ " لقد كففت عن اعتبار نفسي هاوية منذ زمن .. سيأتي يوم تتقاتل ‏فيه الصحف على تعييني .."‏
ـ " خذي الحذر إذن من الحفر .. إن بلدتنا وعبرة .. ولكن لا .. لا بد ان ‏القمر قد جعل الرؤية كأنما هي في النهار .. أنت فاتنة يا عزيزتي .." ‏
وهكذا خرجت ( ماجي ) مع الطفلة مميتين وجهيهما شطر المقبرة ..‏
كانت البلدة خالية تماما .. البرد والظلام جعلا الجميع يكمنون في ‏ديارهم جوار المدفأة .. وكانت ( ماجي ) تفضل هذا على كل حال .. إن ‏سكان هذه البلدان الصغيرة يتعاملون مع الكاميرا باعتبارها جسما شاذا ‏هبط من المريخ ..‏
أخيرا ترى ( ماجي ) المشهد المهيب الذي وصفناه . تشهق انبهارا ثم ‏تنصب الحامل وتعالج سرعة التعريض .. إنها تفضل فتحات الحاجب ‏الضيقة مع سرعة تعريض أطول لأن هذا يجعل الصور حادة نوعا ..‏
قالت ( إليانور ) وهي تلتصق بها :‏
ـ " فلنسرع .. إن المكان مخيف بحق .."‏
ابتسمت ( ماجي) في رفق .. هي تحب هذه اللحظات حين يشعرون ‏بالخوف ويلتصقون بها كقطط صغيرة عندها تشعر بأنها ( هرقل ) ذاته ‏‏..‏
كليك .. كليك .. كليك .. ثم..‏
ـ " فلنغير الزاوية .." ‏
وحملت الحامل على كتفها وباليد الأخرى أمسكن بيد الصغيرة الدافئة ‏في قفازها الصوفي ، وراحت تشق طريقها في حذر نحو الغرب ‏محاولة ألا تتعثر في الحفر ..‏
آه ! من هذه الزاوية ترى المقابر بوضوح تام ..‏
الشواهد الباردة بما عليها من كلمات صار من العسير قراءتها .. وما ‏بقي عليها من زهور جفت او ذرتها الريح .. تستحم في الضوء الفضي ‏المصفر قليلا ..‏
قشعريرة زحفت على سلسلة ظهر ( ماجي ) لكنها تجاهلتها .. وبدأت ‏تضبط مجال الرؤية ..‏
ـ " أنا خائفة .."‏
ـ " ليس هنا سوى أحجار .. لا تتوقعي ان تنفتح القبور ويمد لنا ‏الموتى أيديهم الباردة كي .."‏
وهوت على ساعد الصغيرة بأناملها تعتصره ، ورسمت على وجهها ‏نظرة مخيفة ضاحكة ، فأطلقت الفتاة صرخة هلع : ‏
ـ " ( ماجيىىىى ) !! أنا لم ار إنسانا اخبث منك ولا أشر !"‏
ـ " ستقابلينه يا عزيزتي .. ستقابلينه .. إنه نائم في مكان ما من ‏إنجلترا الآن .. ولسوف يكون زوجك بعد عشرة أعوام !"‏
ولسبب ما فكرت في ( رفعت ) .. هل لأن الكلام كان عن الزواج ؟ ام ‏هو مشهد المقابر الرهيب ؟ ام هي سيرة الخبث والشر ؟ لا اعرف ‏طبعا ..‏
إنه قادم خلال ايام ، ولسوف يبهرها بالمزيد من الضمور الجسدي ‏والامراض المزمنة .. مع هذا الرجل يمر العام الواحد كأنه خمسة .. ‏ولن تدهش هذه المرة لو وجدت أنه فقد عينا او ساقا او اصيب ‏بالشلل الرعاش .. فقد ستدهش لو مات ، لان برهن على قدرة خارفة ‏في ان يظل حيا برغم هذا كله ..‏
كليك .. كليك . كليك .. ثم .. كليك ..‏
ولا بد من كليك هنا ايضا ..‏
لو ان الصور خرجت كما تراها الآن فهذه أروع مجموعة التقطتها منذ ‏عام ..‏
هنا هتفت الطفلة وهي تلتصق بها اكثر :‏
ـ " هناك أشخاص !"‏
بالفعل كان هناك اشخاص ..‏
لا تستطيع ( ماجي ) تحديد العدد بالضبط ، لكنه يقترب من الخمسة او ‏الستة .. لمزيد من الدقة اللغوية خمس او ست .. لان كل شيء يوحي ‏بان هذه أشباح نساء ..‏
ثمة شيء ما لا يريح في هاته النسوة ..‏
إنهن مسربلات في عباءات فضفاضة وشعورهن ثائرة.. يمكنها ان ‏ترى ان شعورهن ثائرة برغم أنهن على بعد خمسين مترا على الأقل ..‏
إنهن يمشين وسط المقابر .. ما الذي يدفع مجموعة من النسوة كي ‏يمشين وسط المقابر ليلا ؟ ‏
وبشكل غريزي مدت يدها الهشة تضعها على فم الطفلة ، وغاصت في ‏موضعها أكثر .. لحسن الحظ أنها تقف خلف شاهد حجري يسمح لها ‏ببعض الاختباء لا كله ..‏
النسوة يتجهن الى مكان معين في المقبرة .. يقفن فيما يشبه الدائرة .. ‏إنهن يرسمن شيئا على الارض .. ثم يلتففن ويشبكن أيديهن صانعات ‏دائرة بأجسادهن ..‏
إنهن يدرن كأنهن يلعبن لعبة اطفال .. تزداد السرعة وطيلة الوقت ‏يرددن شيئا ما لا يمكن ان تتبينه . لكنك تشعر به ..‏
هنا فقط خرجت ( ماجي ) من شبه الغيبوبة التي شلت حركتها ، وخطر ‏لها ان ما تراه مهم جدا .. وعلى الفور خرجت عدسة ( الزوم ) وقامت ‏بتثبيتها الى الكاميرا ، وبدأت تلتقط بعض الصور لهذا الجمع ..‏
شهيق الطفلة يتعالى من فرط إثارة وتوتر .. ولا شك انها تشوك على ‏الفرار في أية لحظة ..‏
النسوة يقمن الآن بإخراج أقفاص صغيرة .. يخرجن ما بها ... الآن ‏فقط تفهم ( ماجي) طقوس سحرية .. يمكنها ان ترى بعين الخيال ان ما ‏رسم على الارض لن يكون إلا نجمة خماسية .. يمكنها ان ترى بعين ‏الخيال ان ما يخرجنه من تلك الأقفاص حيوانات صغيرة يقمن بذبحها ‏‏..‏
ثم بدأت الجنون .. فعلا الجنون ..‏
رقصات مجنونة لا يمكن وصفها لا بد ان قبائل ( البوشمان ) لم تقم ‏بمثلها حول النار ليلا . تلك الضحكات الرفيقة الماجنة التي تضحك بها ‏الساحرات في السينما ..‏
صوت غراب يدوي من بعيد ، فتزداد حماسة الراقصات ..‏
ترى هل تفهم الصغيرة معنى هذا الذي تراه ؟ على الأرجح لا .. ولعل ‏هذا من حسن الطالع .. هي فقط خائفة وهذا من حقها ..‏
ولكن ما هذا ؟ هل ثمة قبر يفتح ببطء ؟
هل هذا الذي يخرج منه دخان فعلا ؟
لماذا تصلبت النسوة وكففن عن الاحتفال الصاخب ؟
وقدرت ( ماجي ) ان الوقت قد حان كي تجمع حاجياتها وتفر .. لقد ‏رأت الكثير .. هاذ المكان يحتاج إلى زيارة صباحية لرؤية ما كانت ‏هاته النسوة يفعلنه ..‏
لكن الآن لا بد من الــ ..‏
ضربة في مؤخرة رأسها فأطلقت صرخة عالين واستدارت . فقط لترى ‏ذلك الغراب الكريه يفر مبتعدا .. لا شيء يخيف .. إن الغربان تهاجم ‏الأجسام اللامعة ، وقد كانت الكاميرا تلمع في ضوء القمر ..‏
لكن المشكلة هي ان النسوة سمعن الصرخة ..‏
إنهن قد تصلبن ..‏
إنه يتحركن نحو مصدر الصوت ..‏
وهنا فقط صرخت ( ماجي ) في الطفلة : ‏
ـ فلنفر يا ( إلانور ) !!"‏
ولم تكن الطفلة بحاجة الى شرح ، لانها كانت قد انفجرت في البكاء ‏الهستيري ..‏
جذبتها ( ماجي ) من يدها وانطلقتا تركضان وسط الأراضي الوعرة .. ‏حامل الكاميرا في يد والطفلة في يد .. حفر .. حفر .. وهدة .. حفرة .. ‏حفرة .. صخرة ..‏
ولم تجسر قط على النظر إلى الوراء .. لسوف ينتابها الهلع . .لسوف ‏تتعثر ..‏
لا بد من فرارا سريع بلا تردد ..‏
وعندما تصل الى الخان ، سيكون هذا الكابوس قد انتهى ..‏
لكن هذه كانت ـ كما نعرف جميعا ـ هي البداية ..‏

Ala_Daboubi 23-11-05 09:16 AM

Aha ..............ai hai el 7aki wela balash

^RAYAHEEN^ 23-11-05 09:33 AM

ههههههههههههههههه على فكرة اول صفحات بالقصة لانو ما كان فيها دور لرفعت اسماعيل كانت مملة
بس لما يجي دوروا بيبلش التشويق الحقيقي
والله ا لرواية معي بس ما قلي خلق اكتب هههههههههههه

Ala_Daboubi 23-11-05 09:51 AM

Pleeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeaaaaaaaaaaaaaaaaaaaasssssssssss ssssssseeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeee

^RAYAHEEN^ 23-11-05 10:00 AM

هههههههههههههههههههه اها هيدي الحركات ما بتمشي معي
قاعد بتذبح البنات وبتقطع بمصارينهم وبتقلي بليز هههههههههههه
تتذكر نكتة بليز هههههه

^RAYAHEEN^ 23-11-05 10:45 AM



1-
لقاء تأخر
..

أنهيت أعمال المؤتمر وصرت حرا ..
لا ازعم هنا انني امقت المؤتمرات .. بشكل ما انا اعتبر نفسي خبير مؤتمرات متمرسا .. ولا اخفي سرا إذا قلت إن ملاحقة المؤتمرات عبر العالم هي المتعة الوحيدة لي في الحياة .. انت تسمع أفكارا جديدة وتعرف أشياء جديدة وترى اناسا جديدين طيلة الوقت .. تصور شيئا كهذا بالنسبة لشخص ملول مثلي .. الامر نوع من المهرجانات العلمية ، والاهم انك لا تتكلف شئا تقريبا .. لانني ادى إلى اكثر هذه المؤتمرات ، كأنهم يحتاجون دوما الى تعكير مزاجهم بوجود ( رفعت إسماعيل ) الكئيب . .
طبعا كانت لمؤتمر ( دوبلين ) هذا مزية مهمة ، هي انني على ارض ( ماجي ) .. ومعنى هذا انني سأقابلها بالتأكيد .. وقد عرفت انها ستكون ي ( ايرلندا ) في هذا الوقت بالذات .. وحددت لي بلدة ( ليفورد ) في ( دونيجال ) لقاء .. لم اكن اعرف هذا المكان طبعا لانني لست ملكة بريطانيا ، لكني عرفت انها تقع في اقصى شمال البلاد ، وتطل على المحيط الاطلسي ..
كانت مع ( ماجي ) طفلة هي قريبتها وقد ضايقني هذا نوعا ، لانني لا اطيق الاطفال ولا الزهور ولا الربيع كما تعرفون عني ، لكن ( ماجي ) تستحق تضحية صغيرة كهذه ..
وجاء اليوم الموعود ..
كانت بانتظاري حين بلغت البلدة .. ( ماجي ) الرقيقة التي تمشي على العشب دون ان تثني منه عودا واحدا ..
( رفعت ) الملول العصبي غريب الاطوار كان يملك عالما لم يخط فيه بشرى من قبل .. ارض ( اللا بشر ) لو صح التعبير .. فقط واحدة استطاعت ان تخطو فوق هذه الارض .. تغزوها .. تغرس فوقها علمها الخاص .. ومنذ ذكل اليوم صرت رجل إمرأة واحدة ..
أتشاجر .. افرح .. افكر .. اخاف .. اطمئن .. لكنها هناك ..
اسافر .. اعود .. انام .. اصحو .. لكنها هناك ..
وكما يقول ( صالح جودت ) : فأنت المنتهى وهنا المصب ..
هل كان هذا في صالحي ؟ الحقيقة انني لا ادري بالضبط .. هذا الحب العتيد الذي أحسبه ولد قبل ان اولد ربمابينما المصريون القدماء ينحتون مسلاتهم .. ربما بينما ( التي ركس ) العملاق يتحرش بـ ( برونتوساوروس ) وديع قرب المستنع .. ربما بينما القمر يولد من المحيط الهادي .
هذا الحب قد جعلني عمليا عاجزا تماما عن ممارسة حياة طبيعية .. جعلني ذئبا متوحدا يحيا هنا في مصر ، بينما قلبه ينبض هناك في ( إنفرنسشاير ) ولعمري ما اطول تلك الدورة الدموية !
لم تتغير .. حقا لم تتغير .. إن الايام تعاملها معاملة غير عادلة .. فبينما تترك كل دقيقة ندبة لا تمحى على وجهي ، تلتف الاعوام حولها تزيل الغبار المتراكم .. قرر الزمن ان يضع قناعا ويدخل غرفة الجراحة ليصير جراح تجميل خصوصيا لها ..
هذه هي ( ماجي ) خمسة وخمسون كيلو جراما من السحر والرقة والرقي والمرح .. حساسة كزناد تفجير لغم نازي مدفون تحت رمال العلمين .. كتلة من الاعصاب المرهفة مغطاة بالجلد ..
وأنا ..
أهيم بها ..
***
قالت لي حين رأتني :
ـ " للابد ؟ "
ـ " ماذا ؟ "
ـ " ستون ملكي للابد ؟"
ـ " وحتى تحترق النجوم كلها .. وحتى .."
وتوقعت ان اكمل العبارة الاخيرة ، لكن الروتين هو الروتين .. لقد خنقني التأثر كالعادة ..
قالت ضاحكة وهي تقدم لي الطفلة :
ـ " ( إليانور ماكدوجلاس ) .. المفترض انها قريبتي لكنها في الحقيقة شريكتي .."
انحنيت وصافحت الطفلة بشكل رسمي مباغل فيه ، وتأملت ملامحها .. بارعة الجمال كما لا بد ان يكون كا ما يمت لـ ( ماجي ) .. هذا باستثنائي طبعا ما دمت اعتبر انني امت لها ..
ـ " تشرفنا ايتها الآنسة .. هل سبق لي ان حظيت بشرف معرفتك ؟ "
نظرت لي في فضول بعينيها الزرقاوين الصافيتين وقالت :
ـ " بالواقع .. لا .."
كأنه من الممكن ان ينسى المرء ( رفعت اسماعيل ) بسهولة !
كان الخان الذي اختارته لنا مريحا له ذات الطابع البريطاني ـ بل الأيرلندي طبعا ـ الودود الذي يذكرك بقصص ( أجاثا كريستي ) .. كانت قد اتخذت هي الطفلة غرفة .. واختارت لي غرفة جميلة لا تطل على شء على الإطلاف لإنها تعرف ذوقي ..
قالت للمسز ( بانكروفت ) صاحبة الخان وهي تقدمني :
ـ " هذا هو البروفسور ( إسماعيل ) الذي حجزت له الغرفة رقم ( 12 ) .. مسز ( بانكروفت ) .."
هززت رأسي متظاهرا بالرقي ،وقلت :
ـ " تشرفنا .."
كانت امرأة في المائتين من عمرها ، لها شعر ابيض ناعم عقصته بعنف بتلك الطريقة التي توحي لك بان فمها صار في موضع اعلى وأنها لن تستطيع إغلاق جفنيها للابد .. وكان لها وجه لطيف مليئ بالتجاعيد لكن فيه شيئا من الخبث بالتأكيد ..
قالت لي ( ماجي )
ـ " يمكنك ان تذهب لغرفتك وتتأهب للعشاء ، او نجلس هنا نتحدث .."
وكان اللوبي لهذا الخان شيئا اقرب الى قاعة الجلوس في البنسيونات الصغيرة .. جو حميم دافئ .. ثمة نار مشتعلة في مدفأة ، ومجموعة من الرجال لا يبدو عليهم انهم من طبقات المجتمع الراقية ، لكنهم ليسوا كلك من طبقة العمال .. كانوا يشربون ويدخنون ويرمقوننا في فضول ..
قلت لـ ( ماجي ) إنني افضل الجلوس قليلا .. فهزت رأسها راضية .. الغريب ان ( ماجي ) هي الشخص الوحيد في الكون الذي اعرف جيدا انه يحب وجودي ويستمتع به . . فأنا ابصر روحها كما ابصر روحي انا .. إن ا ختي تحبني بالتأكيد لكنني اشكل هلا ظاهرة تعجز عن فهمها ، ولا شك ان وجودي يسبب لها توترا غريبا .. ( عزت ) ؟ من المجنون الذي يزعم ان ( عزت ) يحب وجودي ؟ إنني اجلب له المصائب في كل لحظة .. لكني لن ابالغ .. بالتأكيد هنا اشخاص كثيرون يحبون وجودي ، لكني لا استطيع ان ازعم هذا بالثقة التي اتكلم بها عن ( ماجي ) ..
قالت لي باسمة وقد اسندت ذقنها على قبضتها ، وراح كشافاها الازرقان يتفحصانني :
ـ " هممم ؟ ماذا فعل الزمان بك ؟ هل فقدت أشياء او اكتسبت اشياء ؟ "
ـ " اضفت امراض البروستاتا وتصلب عدسة العين وحصوة كلية صغيرة الى قائمة امراضي .. بينما فقدت إصبعين من قدمي .."
تقلص وجهها ذعرا وهتفت :
ـ " ماذا ؟ إصبعين ؟ متى ؟ "
قلت في لا مبالاة وانا احتسي الشيكولاتة الساخنة التي طلبتها لنا :
ـ " ليلة في ثلاجة الموتى مع وباء يشبه التيفوس .. قضمة صقيع .. انت تفهمين هذه الامور !"
نظرت لي في هلع ثم ارتجفت اهدابها بضحكة تحاول ان تكتمها .. كانت ترغب في التأثر لكن لا مبالاتي جعلت الامر اقرب الى دعابة :
ـ " أنت لن تتغير !"
ـ " وانت ؟ هل تغيرت ؟"
قالت وهي تداعب شعر الصغيرة :
ـ " بمناسبة حضورك .. عندي لك قصة مثيرة حدثت منذ ثلاثة أيام ، واعتقد انها تنتمي الى عالمك.."
ـ " هاتها .."
وهكذا بدأت ( ماجي ) تحكي لي القصة التي يعرفها الجميع الآن باستثنائي طبعا ..
ـ " كنت راغبة في تصوير الكنيــ.."
***
ـ .. حتى وصلنا الى الخان وعرفنا اننا في امان .. "
انتهت القصة ، بينما انا اصغي باهتمام .. وكانت الطفلة بدورها تصغي وقد بدا عليها نوع من الفخر لأنها شاركت في هذه المغامرة الليلية ..
سألت ( ماجي ) في توتر :
ـ " وطبعا عدت في الصباح الى نفس البقعة .."
ـ " ولم اجد شيئا غريبا ... لقد تم تنظيف البقعة بعناية .."
ـ " ولم تتخيلي ما حدث ؟ "
ـ " أوه .. إن ما معي من جرعات عقار الهلوسة قد انتهى للأسف .."
نظرت في عينها بثبات وقلت :
ـ " وهل فهمت الآن انك رايت اجتماعا للسحرة ؟ يقول الأوربيون إن الغراب لاذي يحضر هذه الاجتماعات هو الشيطان ذاته ! "
قالت في ضيق :
ـ " ( رفعت ) .. كف عن هذا السخف .. نحن في القرن العشرين يا بني .."
ـ " على قدر علمي لم يتوقف الانسان عن ممارسة السحر منذ فجر التاريخ حتى هذه اللحظة .. لاحظي عدد الجماعات السرية Cult التي تمارس طقوسا سحرية في امريكا حتى اليوم .. لاحظي هذا الجمع الغريب بين ذروة التقدم التكنولوجي وممارسة السحر .. لا يوجد ما يمنع وكل خبراتي في ا لحياة تؤكد هذا .. سواء كان هؤلاء يمزحون او يأخذون الامور بجدية ..
ثم رحت اقدم محاضرة قصيرة عن الموضوع :
ـ " كان الاعتقاد السائد في القرون الوسطى هو أن السحرة كائنات اجتماعية جدا .. ولهذا يجتمعون في اطراف السهول او الاحراش الموحشة .. ثمة سمعة سيئة بالذات لجبال ( هرتز ) شمال ألمانيا . وتظهر الرسوم ان هذه الاحتفالات كانت استعراضا لاحدث ما وصلت اليه التكنولوجيا في التنكر وتغيير الشكل .. بعض السحرة كانوا يحضرون على اشكال حيوانات غريبة .. وبالطبع لا بد من عصي المكانس التي هي بمثابة بطاقة الدعوة لتلك الحفلات .. ويقولون إن الشيطان كان يحضر هذه الاجتماعات على شكل قط او ـ على الارجح ـ غراب .. وكان إثبات أن امرأة ما حضرت اجتماعا كهذا كفيلا بحرقها في غالبية الاحوال .. لقد احرق رجل يدعى ( جودفري ) عام 1611 لأنه حضر واحدا من هذه الاجتماعات دون ان يشارك فيه .. واحرقت طفلة تدعى ( كاترين ناجوي ) في فرنسا لانها وصفت شيئا شبيها بهذا .."
هنا نظرت الطفلة وتذكرت اين انا فابتلعت كلامي . الحقيقة انها الآن مؤهلة تماما للعقاب لو كانت في القرون الوسطى ..
واصلت كلامي :
ـ " ما رأيته انت في المقبرة كان اجتماع سحرة .. لا شك في هذا .."
فقالت ( ماجي ) باسمة :
ـ " على كل حال لدي ما يثبت أنني لم اكن واهمة لقد قمت بتحميض الصور وهي عندي .."
جميل وهل أبدى استديو التحميض إعجابه بها ؟"
ـ " لا احد يعلق على هذا .. وعلى كل حال لا يمكن فهم ما تدور حوله الصور إلا لو كنت تعرف ما تبحث عنه .."
ثم نهضت وقالت :
ـ " سأحضرها لك .."
ـ " بشرط ان يتم ذلك خلسة .. لا احب ان يلتف حولنا خمسون متحمسا .."
ـ " طبعا .."
وانطلقت تعدو بخفتها المعهودة نحة حجرتها .. لن اصدق ابدا ان هذه الطفلة المرحة تجاوزت الأربعين .. إلا لو صدقت انني في العشرين من عمري ..
هنا ـ ما إن ابتعدت ( ماجي ) ـ فوجئت بالطفلة الاخرى تهتف بي :
ـ " يا للروعة !!"
ونظرت الى حيث اشارت ..
وكان ما رايته يخطف الانفاس ..

Ala_Daboubi 23-11-05 10:56 AM

kamleeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeee eeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeeee

^RAYAHEEN^ 23-11-05 11:02 AM

هههههههههههههههههههههههه يا سلام
بدي شارك بالمنتدى ما بيصير ضلي هون

Ala_Daboubi 23-11-05 11:10 AM

haik betfashleeeeeeni

^RAYAHEEN^ 23-11-05 11:27 AM

لا حرام عليك اصلا والله قلت مشاركاتي بالمنتدى بسببك وسبب الروايات هههههههههههه
خليني استرزق يا زلمي

^RAYAHEEN^ 23-11-05 11:54 PM



‏2- حسناء سوداء ...‏


وقفت الفتاة ذات الثياب السوداء امام مسز ( بانكروفت ) مستندة الى ( ‏الكاونتر ) ..‏
كل شيء فيها كان اسود مثل د. ( لوسيفر ) .. الشعر الاسود المنسدل ‏حتى الكتفين شديد البريق .. مما يذكرني بالسطوح المعدنية.. المعطف ‏الاسود الطويل .. التنورة السوداء .. الجوربان الاسودان .. الحذاء ‏طويل الرقبة الذي تتدلى سلسلة ذهبية على طرفه العلوي .. ثياب ‏غالية الثمن توحي بانها من اصل راق لا شك فيه .. ربما من سلالة ‏احدى الاسر المالكة في اوروبا .. إنهم تحت كل حجر هنا ..‏
كانت جوارها على الارض حقيبة ، وكان هناك سائق يلبس ثيابا لا ‏استطيع شراءها ولو ادخرت راتبي لعشرة أعوام ..‏
سألها باحترام وبتلك اللكنة الأوكسفوردية الخاصة بأساتذة الجامعات :‏
ـ " هل ترغب الآنسة في شيء آخر .."‏
قالت بصوت خشن قليلا قوي النبرات : ‏
ـ " لا شيء يا ( إدموند ) .. يمكنك الانصراف ولا تنس الموعد .."‏
ثم استدارت الى مسز ( بانكروفت ) وقالت : ‏
ـ " بخصوص الغرفة التي حجزتها هاتفيا .."‏
كان الامر الآن اقوى من تحمل العجوز البريطانية الفضولية .. ‏وللحظات بدا ان الأسئلة تزدحم في ذهنها بحيث لا تعرف من اين تبدأ ‏‏.. الحقيقة ان اسئلة مماثلة كانت تحتشد في ذهني ..‏
من هذه الحسناء ؟ ما الذي يدفع مثلها الى هذا الخان ؟ هل لأنه الوحيد ‏في ( ليفورد ) ؟ وما اهمية ( ليفورد ) اصلا ؟ ليست مكانا سياحيا ‏مهما وبالتأكيد لا يوجد كثيرون من هواة القلاع هنا .. انت تفهمني .. ‏طراز هذه الحسناء الثرية تجده حيث تذهب الحسناوات الثريات .. أي ‏مكان غير هذا بالتاكيد ..‏
ثم إن الحسناء أخرجت بعض الأوراق وقالت : ‏
ـ " مس ( بلاك ) .. ( لورين بلاك ) .. من ( شيفيلد ) .."‏
ثم تهجأت الاسم بصوت عال :‏
ـ " ‏‎..L..O..R..E..A..N..E‏ " ‏
إذن المرأة كتبت الاسم ‏Lorine ‎‏ كما كنت سأفعل انا نفسي .. لماذا لا ‏تنطقه الفتاة ( لوريان ) كما اتوقع ؟
ثم دارت محادثة لم استوعب منها الكثير ، لاني كنت امرق الجالسين ‏في المكان والذين أرهفوا جميعا السمع لالتقاط ما يمكن سماعه .. ‏الحقيقة ان دخول الفتاة احدث توترا ودهشة لا يختلفان عما لو كان ‏وشق الاستبس هو الذي دخل ..‏
كان هناك عجوز راح يمضغ غليونه .. وشاب التهم المنديل الورقي ‏بدلا من قطعة الحلوى في طبقه ..‏
وامرأة اتسعت عيناها حتى لا تفوتها شاردة او واردة .. فضول .. ‏فضول .. وهو ما يقول لي إنني لست مخطئا في دهشتي .. هذه البلدة لا ‏ترى الغرباء ، فإن رأتهم كانوا مثل ( ماجي ) التي لا تشعر أبدا بأنها ‏غريبة عنك ، وانا بمظهري الذي يقول بوضوح : لا خطر منه .. إنه ‏على الارجح سيموت خلال دقائق .‏
وجاء صوت العجوز : ‏
ـ " كم من الوقت تنوين الاقامة هنا ؟"‏
ـ " ربما بقيت اسبوعين .. لا اعرف بالضبط .. على كل حال سيعود ‏سائقي بعد أسبوعين .."‏
وهكذا جاء الخادم ( ويليام ) ليحمل حقيبتها .. واصدرت له المديرة ‏الأمر : رقم ( 13 ) .. هذا الخان إذن ليس ممن يحذفون الرقم 13 من ‏ارقام الغرف منعا للتشاؤم .. وفي ثقة مشت الحسناء وراءه بينما ‏صوت كعبي الحذاء يحدثان ذلك الصوت المنتظم : تيك .. توك ..تيك .. ‏توك ..‏
اخيرا عاد مستوى الأدرينالين في دماء الجالسين الى مستواه الطبيعي ‏‏..‏
سألتني الصغيرة في خبث : ‏
ـ " هي اعجبتك كثيرا .. اليس كذلك ؟"‏
انحشر شيء ما في حنجرتي ، فعالجت ربطة العنق لأريح رقبتي ، ‏وقلت : ‏
ـ " بلى .. بل نعم .. لم تعجبني ..إن .. ما الذي يدفعك لقول كهذا ؟"‏
ـ " لم ترفع عينيك عنها ثانية !"‏
وهو كذب واضح وافتراء لانني قضيت اكثر الوقت اراقب وجوه ‏الجالسين .. لكني قلت لها :‏
ـ " إنها غريبة على هذا المكان .. هذا كل شيء .."‏
هنا كانت ( ماجي ) قد عادت حاملة مظروفا .. وجذبت مقعدها لتجلس ‏ثم مدت يدها تحت المنضدة وناولتني الصور ..‏
رحت أتفحصها من تحت المنضدة .. حقا كانت صورا شديدة الإبهام .. ‏هناك نسوة في أوضاع راقصة .. ومنظرهن عامة ليس مما يبعث ‏الطمأنينة في النفس .. لكن تأثير عدسة الزوم قاتل ، مع فترة التعريض ‏الكبيرة التي جعلت الاهتزازات كثيرة ..‏
اعدت لها المظروف وقلت هامسا : ‏
ـ " لا يوجد ما يثير الريبة فعلا .. لكن ربما كان من الافضل الا يعرف ‏احد بأمرها .."‏
تدخلت الطفلة ـ كغراب البين ـ لتعلن انني كنت معجبا بالزائرة الحسناء ‏‏.. وطبعا كان لا بد ان تعرف .. مني ( ماجي ) كل شيء عن تلك ‏الزائرة الحسناء .. حكيت لها كل شيء فقالت : ‏
ـ " هذا غريب .. لكني مسرورة لان شيئا من الحياة ما زال ينبض فيك ‏‏.. إن كل ما تعانيه من امراض لا يمنعك من ان تكون وغدا .."‏
برغم هذا سررت للعصبية التي تكلمت بها .. هاذ يعني ان كل شيء ‏على ما يرام .. وما لا تفهمه هذه الحمقاء أنني ـ فعلاـ اراقب الناس في ‏فضول كمن يراقب نوعا غريبا من البكتيريا تحت المجهر .. لا انفعالات ‏ولا عواطف من أي نوع . إلا لو حسبنا أن عالم البكتيريا إذ يبتسم وهو ‏ينظر في مجهره ، إنما يغازل العصويات التي يراها !‏
قلت لـ ( ماجي ) وانا انهض :‏
ـ " الآن اعتقد أنني في امس الحاجة الى قسط من الراحة .. غدا نبدأ ‏استكشاف هذه البلدة .."‏
هزت راسها موافقة .. وابتسمت لي في رقة وهي تضم الطفلة الى ‏صدرها ..‏
‏*** ‏
تقع غرفتي رقم ( 12 ) في الطابق الثاني .. ويلاحظ من يجيدون ‏الرياضيات منكم ان الرقم (12) ملاصق للرقم ( 13 ) .. لمزيد من ‏الدقة يواجهه .. إذن جارتي هنا هي الاخت ( لورين بلاك ) .. اما ( ‏ماجي ) فغرفتها رقم ( 9) في الطابق ذاته ..‏
فتحت الغرفة واتجهت الى النافذة كعادتي ..‏
كانت موصدة بحيث لا يمكن فتح الزجاج الذي تغطيه ستارة رقيقة .. ‏لكني كنت أستطيع ان ارى من هذا الموضع أجمل مساحة من الفراغ ‏رايتها في حياتي .. لا معالم على الإطلاق ما عدا مرجا واسعا يمتد الى ‏ما شاء الله .. إن ( ماجي ) تعرف ذوقي بالضبط ..‏
كانت التدفئة تعمل على ما يرام ، فبدأت ارتداء منامتي ووضعت ‏حاجياتي في الخزانة .. الحق انني مرهق فعلا ..‏
طرقات على الباب .. هذا هو ( ويليام ) طبعا فلا بأس ان يراني ‏بالمنامة ..‏
فتحت الباب فأصابني الهلع لا، القادم كان المس ( بلاك ) بالذات اولا ‏اصابني الخجل من مظهري ، ثانيا لا اعرف بالضبط كنه الشيء ‏المخيف في هذه الفتاة حين تراها عن قرب .. إنها جميلة .. ربما هي ‏جميلة اكثر من اللازم او المقبول .. وهي في هذا تشبه جرعة زائدة ‏من السكر تصيبك باضطراب الهضم وربما الغثيان .. ملعقة العسل ‏الابيض الكبيرة التي كانت امك ترغمك على شربها برغم انها ( تشحط ‏‏) في حلقك .. وقدرت انها في العشرينات من عمرها ، وانها على ‏شيء لا يخفى من القسوة ..‏
قالت بصوتها الخشن العميق :‏
ـ " معذرة على التطفل يا سيدي .. لكن الخادم لا يرد على الجرس .. ‏كنت بحاجة الى عون .."‏
ـ " نعم .. نعم .. أي شيء .."‏
ـ " نافذة الغرفة غير قابلة للفتح .. كنت بحاجة الى بعض الهواء النقي ‏‏.."‏
ـ " في هذا البرد ؟ لكن .. ليكن .. لحظة حتى ارتدي الروب .."‏
وطبعا خجلت من ان اقول لها إنني عاجز عن فتح نافذة حجرتي ذاتها ‏‏.. الرجال لا يرفضون طلبات من هذا النوع لأنها من صميم كرامتهم ..‏
لحقت بها في حجرتها وكانت نسخة طبق الأصل من حجرتي انا .. ‏اتجهت للنافذة وامسكت بعارضتها ورفعت لأعلى ، وهول ! تدفق ‏الهواء البارد ليلسع صدري ..‏
كانت غير موصدة اصلا .. لا بأس .. لقد أنقذنا كرامتنا الرجولية ولو ‏بنصر مزيف ..‏
قالت لي في امتنان : ‏
ـ " شكرا جزيلا .. انا اقدر هذا .. بالمناسبة .. لا تبدو لي من القارة ‏اصلا .. لنقل إن ملامحك شرق اوسطية .."‏
اعتدت دوما ان ابدو اجنبيا في كل مكان .. في إفريقيا انا ابيض جدا ، ‏وفي اوروبا انا اسمر جدا ، وفي آسيا انا احمر جدا .. على كل حال هذه ‏الفتاة تتمتع بالملاحظة الدقيقة ..‏
ـ " انا مصري .. دكتور ( إسماعيل ) .. ( رفعت إسماعيل ) .." ‏
ـ " ( لورين بالك ) .. مس .. كاتبة قصصية محدودة الشهرة .. من ( ‏شيفلد ).."‏
هكذا بدأت القصة تبدو على شيء من المنطق .. لا يزور هذه الناحية ‏إلا مجنون مثلي و( ماجي ) او كاتب قصصي يريد ان يعيش بيئة قصته ‏‏.. لعلها تكتب عن قلاع ( ايرلندا ) .. لقد تعودت اشياء كهذه من ‏الكاتبات البريطانيات ، حتى إنني اتخيل ان ( اجاثا كريستي ) أو ( ‏دافني دومورييه ) لم تجلسا قط إلى مكتب في داريهما .ز طيلة الوقت ‏هما في فنادق في كل ركن من العالم ..‏
ـ " أي نوع من القصص تكتبين ؟ " ‏
ـ " أشباح !! لا تنس انك في بريطانيا حيث أحفاد (هنري جيمس ) .. ‏هنا تجد الرعب البريطاني الذي يلمح بالخطر لكنك لا تراه .. يصفونه ‏بأنه ( رعب الأشياء اتي تتحرك خارج مجال بصرك .. فإذا ادرت ‏وجهك نحوها لم ترها .."‏
كاتبة رعب في غرفة جوار ( رفعت إسماعيل ) لو تعرف هذه الفتاة أي ‏كنز يقف امامها الآن ! رعب الاشياء التي تتحرك خارج مجال بصرك ‏‏.. يا سلام ! فماذا عن رعب الأشياء التي تقف أمامك ، وتعرف عنوان ‏دارك ، وتمشي في شقتك ليلا وتقف جوار فراشك ..‏
على كل حال لا انكر ان اسمها له رنين مرعب ويبدو ان هذا شرط مهم ‏لنجاح كتاب الرعب ..‏
تمنيت لها ليلة طيبة وعدت الى غرفتي ..‏
ولم يفتني قبل ان اغلق باب غرفتي ان ألاحظ ان موضوع النافذة هذا ‏كان ذريعة .. لو ان طفلا مد يده لفتحها..‏
هذه الفتاة ارادت ان تفتح اتصالا معي .. فلماذا ؟ ‏
أي رجل آخر سيقول إن سحره الرجولي بدأ يعمل .. اما انا فأعرف ‏نفسي جيدا ..‏
هناك سر غامض وراء هذه الفتاة .. غامض وآمل الا يكون مخيفا كذلك ‏‏..


^RAYAHEEN^ 23-11-05 11:56 PM




‏3- أحداث ليلية ...‏


كنت قد غبت تماما في ملكوت النوم ، حين تصير غير ذي حول ولا ‏قوة .. إنه الموت بكل تفاصيله ولا شيء إلا إرادة الله التي تجعلن ا فتح ‏عيني بعد هذا كله واتثاءب ، بدلا من ان ابدا في التصلب الرمي ‏فالتعفن ..‏
طرفات على الباب . طرقات .. طرقات ..‏
بشكل ما دخلت هذه الطرقات الى الحلم كعادة احلام ( المنبه ) ، ثم ‏أفقت فهرعت الى الباب . الخان يحترق بالتأكيد ، والدم كله احتشد في ‏قدمي فترنحت وقد اسود العالم للحظة ..‏
في النهاية وجدت المفتاح ففتحت ، وكان من رأيت هو ( ماجي) ‏والطفلة .. كلاهما ممتقع الوجه منكوش الشعر يرتدي الروب ..‏
ـ " كم الساعة الآن ؟ " ‏
صاحت ( ماجي ) دون ان تنتظر حتى اعرف الإجابة ..‏
ـ " (رفعت ) لقد سرقت غرفتي !"‏
يا فتاح يا عليم .. يا رزاق يا كريم ! لا احد يريد ان يتركني استرد ‏توازني .. وهكذا وجدت نفسي اضع الروب على كتفي ، واثبت ‏العوينات ، والحق بها في غرفتها ..‏
كانت باردة كثلاجة ـ الغرفة لا ( ماجي ) برغم ان جهاز التدفئة يعمل ‏جيدا .. ولم استطع ان الاحظ شيئا غير عادي او منفرا .. لكنها لم تحك ‏قصتها بعد .. لهذا واصلت الكلام وهي تمرر يدها في شعر الطفلة ‏الاشقر حتى كادت تصيبها بالصلع : ‏
ـ " انت تتساءل لم النافذة مفتوحة .. انا ايضا اتساءل ! لقد نمت مع ( ‏إليانور ) بعد رحيلك بساعة .. وكانت النافذة موصدة .. هل تفهم ؟ ‏موصدة ! ثم صحوت شاعرة بأنني موشكة على التجمد .. وجدت ان ‏النافذة مفتوحة .. ووجدت ان هناك من عبث في حاجياتي .. لم يختف ‏مال ولا حلى .. فقط الصور اللعينة وكل ما كان معي من أفلام تم ‏تحميضها !"‏
رحت احك راسي محاولا ان ابعث بعض النشاط في كتلة الهلام تلك : ‏
ـ " غريب .. وهل .. الكاميرا .؟"‏
ـ " موجودة !!"‏
ـ " هذا غريب .."‏
وأضفت : ‏
ـ " هلا اطلقت سراح الطفلة ؟ إن شعرها كله قد انتصب بالكهرباء ‏الاستاتيكية .. لسوف تنبعث منها الصواعق حالا .."‏
واتجهت الى النافذة فعالجتها كما فعلت مع تلك التي في غرفة الفتاة .. ‏واختلست نظرة الى الخارج .. هل هذا الواقف على الشجرة هناك ‏غراب ؟ لا .. هذه اوهام .. هناك إفريز يمر تحت النافذة بالضبط .. ‏فهمت.. إفريز يمر تحت كل نوافذ الطابق .. النوافذ ذات الرقم الفردي ‏مثل 7 و 9 و 11 و 13 و 15 ..‏
من هذا الطريق جاء المتسلل الذي لا بد انه رشيق كالفراشة .. إن نوم ‏‏( ماجي ) ليس عميقا على الإطلاق ، ولا يستطيع التسلل جوار فراشها ‏إلا فراشة ..‏
أغلقت النافذة وكانت لينة فعلا سهلة الإغلاق ..‏
ثم جلست على طرف الفراش ورحت افكر قليلا ..‏
قلت له اوانا أتسلى بهز خفي المتدلي من قدمي التي وضعتها على ‏ركبتي : ‏
ـ " الامر واضح ولن نضيع الكثير من الوقت في فهمه .. الصور كانت ‏تمثل خطرا بالنسبة للبعض في هذه البلدة إنها الدليل على انهم كانوا ‏في المقبرة في تلك الليلة .. هذا سلوك من يريد الصور باي ثمن .." ‏
تربعت على الأرض المغطات بالموكيت ، وحركت خصلات شعرها ‏الأشقر مفكرة ثم قالت : ‏
ـ " لكن الصور لم تكن بهذا الوضوح .."‏
ـ " بالنسبة لنا .. لكن لو ان احد اهالي البلدة رآها لهتف : ويلي ! هذه ‏‏( جين ) !! يا للغرابة !هذه ( ماري ) ! إن من يعرف تلك الوجوه من ‏قبل سيتعرفها على الفور في الصور .."‏
ـ " ومن قال لهم إن هذا الفيلم معي ؟"‏
ـ " اولا هن رأين فتاة ومعها طفلة تركضان .. والفتاة تحمل حامل ‏كاميرا .. ما كل هذا الذكاء ؟ لا حظيان حامل الكاميرا يستخدم غالبا ‏لحمل كاميرا ، ويندر ان يستعمل لتنظيف الأذن .. ثانيا : اعرف ‏طريقتك الشهيرة في افتراض ان كل شيء آمن وانني مصاب ‏بالبارانويا .. بالطبع هناك ألف واحد رأوا هذه الصور معك .."‏
ظلت تنظر للموكيت كأنما تريد ان تثقبه .. من الغريب انها في اروع ‏صورها بهذا الشعر المنكوش ، وذلك الوجه شبه المنتفخ من النوم .. ‏قالت لي : ‏
ـ " ومن فعلها ؟"‏
ـ " احد سكان الغرف فردية الرقم مثل 7 و 9 و 11 و 13 و 15 .. او ‏خادم الغرف لو كانت هناك غرفة خالية .. او أي واحد من اهل البلدة ‏يمكنه تسلق ماسورة المياه الى هذا الطابق .. إن الاحتمالات محدودة ‏جدا كما ترين ! " ‏
ـ " وماذا ترى ؟"‏
ـ " أعتقد أنه لم يسرق منك شيء ذو أهمية بالغة .. صور القلاع يمكن ‏إعادة التقاطها .. لا داعي لإحداث شوشرة لن تقود الى شيء ، ولربما ‏كان إخبار مسز ( بانكروفت ) هو الحل الاصوب .. هذه النفاذة تحتاج ‏الى تقوية .."‏
ابتسمت في غموض وقالت :‏
ـ " هناك شيء مهم قد سرق .." ‏
ـ " وما هو ؟ " ‏
ـ " الإحساس بالامن .. لا اطيق ان اتصور ان متسللا كان في غرفتي ، ‏بينما انا والطفلة نائمتان واهنتان هشتان .."‏
نهضت واتجهت الى الباب ، وقبل ان اخرج قلت لها : ‏
ـ " ( ماجي ) .. هل تتزوجينني ؟"‏
قالت في بساطة وهي تمسك بالباب : ‏
ـ " لا "‏
ـ " إنني سأحمي من المتسللين الليليين .. على الاقل ساموت اولا ‏فأمنحك فرصة الفرار .."‏
ـ " سافكر في الأمر .."‏
‏*** ‏
فرغنا من مشاهدة معالم البلدة ، وقد تظاهرت بالحماسة فقط كي ‏ارضيها .. لكني اجز تماما عن الانبهار بمجموعة من القلاع العتيقة ‏تظل على المحيط .. دعك من أنني مصري ، حيث تجد أثرا مهما تحت ‏أي حجر بال ادنى مبالغة .. الم يكن الفلاحون ينتزعون قطعة من معبد ‏‏( السيرابيوم ) كلما احتاجوا الى بعض الحجر الابيض ؟ ألم يطه البدو ‏عشاء الإيطالي المغامر ( بلزوني ) على المومياوات المشتعلة ‏باعتبارها افضل من الاخشاب ؟ كيف أتحمس بعد هذا لقلعة البارون ( ‏فلان ) والإيرل ( علان ) ؟ ‏
في النهاية قادتنا الجولة الى المقبرة الرهيبة ..‏
إنها مكان يثير من الافكار اكثرها جموحا وسوداوية بالفعل .. ‏
من هذا المكان ترى الكنيسة من بعد ، وترى مروجا خضراء تبدو كأن ‏بشريا لم يمش فيها من قبل ..‏
مشت ( ماجي ) وسط الشواهد كأنها تعرف بالضبط ما تبحث عنه .. ثم ‏توقفت في موضوع ما وهتف في انتصار : ‏
ـ " بالضبط هنا .."‏
كانت تتحدث عن حفل تلك الليلة ..‏
مشيت الى حيث وقفت ورحت أتأمل الارض .. حقا لا يوجد اثر لشيء ‏‏.. لو كانت هناك آثار ما فقد أزيلت بعناية .. توجد بعض آثار الطبشور ‏لكنك لا تستطيع ان ترى شيئا .. لن تجد نجمة خماسية لو كنت تفكر في ‏هذا ..‏
اما ما لفت نظري هو ان هذا المكان قبر. كان هناك شاهد قبر تشابكت ‏عليه الاعشاب والنباتات الشيطانية بحيث صار من المستحيل ان ترى ‏بقعة معقولة من الحجر .. لكن ـ وهذه نقطة مهمة ـ كان العشب ممزقا ‏في اكثر من موضع ، كأنما هناك من كشف هذا الشاهد ، ثم اعاد ‏تغطيته ..‏
ازحت العشب بلا رفق .. وكان هناك عدد لا بأس به من الاشواك ، ‏لكني كنت البس قفازا ..‏
أخيرا تمكن من رؤية الشاهد واضحا .. كان جليا انه قديم جدا .. لكن لا ‏خطأ هناك .. لا يوجد حرف واحد على الحجر ، فلم تكن عوامل التعرية ‏هي السبب ..‏
قلت لها وانا راكع على ركبة واحدة : ‏
ـ " هل تفهمين ؟ لم يكتب حرف واحد على هذا الشاهد .. فماذا ‏تستنتجين ؟ ‏
قالت في توتر وهي تنفث الدخان الابيض من فمها : ‏
ـ " اعتقد انها كانت من علامات الحرمان الكنسي في القرون الوسطى ‏‏.. او ربما صاحب هذا القبر كان على صلة بأعمال ..."‏
ـ " كان ساحرا واعدم .. لماذا لا تقولينها ؟"‏
ـ " لان هذا كلام فارغ .."‏
ـ " حسن .. لنقل إنني لا اعرف إن كان ساحرا ام لا .. لكن المؤكد ان ‏من حوله حسبوه كذلك .."‏
وساد صمت طويل .زف قط رحت انظر الى المقبرة الخالية ، والطفلة ( ‏إليانور ) التي وقفت هنالك في الخارج تنتظرنا .. طبعا لم يكن من ‏المستحب ان تزور معنا هذا الجزء ..‏
قلت لـ ( ماجي ) : ‏
ـ " وهاته النسوة كن يقمن احتفالهن في هذه البقعة بالذات .." ‏
ـ " نعم .."‏
ـ " إنهن يأتين في الليالي المقمرة !"‏
جاء هذا الصوت من خلفي فأجفلت واستدرت لارى المتكلم ..‏
كان من الطراز الذي تراه في مراجع علم السموم وقد كتبت تحته ( ‏اعراض الكحول المزمن ) .. سكير بلغة اقرب الى فهمنا .. كان رث ‏الثياب احمر الانف .. في العقد السادس من عمره .. يترنح بشدة ..‏
قال وهو يحاول الوقوف منتصبا :‏
ـ " انا ( جيمس إدوود ) حارس هذه المقابر .. هك ! ولا داعي .. هك ! ‏أن اقول لك إنني اعرف عم تتكلمان ..أعرفه تماما .."‏
لهجة إيرلندية قوية لا يمكن ان تخطئها .. كانما يقلد شخصا إيرلنديا !‏
تشممت ( ماجي) الهواء في اشمئزاز وغمغمت بصوت مسموع : ‏
ـ " كحول في هذا الوقت !"‏
صاح الرجل وقد سمع ما قالت : ‏
ـ " انا لم اقرب الخمر قط ! كلهم يحاول إثبات أنني سكير وان كل هذه ‏هلاوس .. لكني اعرف ما أقول .. هؤلاء النسوة يأتين عندما يكتمل ‏القمر ليمارسن طقوسا لا يعلم إلا الله ما هي .."‏
قلت له في حذر : ‏
ـ" انت لا تقرب الكحول ؟ لعلك مصاب بخلل في المخيخ إذن "‏
ـ " الآن اقرها ! اقربها كثيرا ! لقد دمرت هذه المقبرة اللعينة أعصابي ‏والمشكلة ن سني لا تسمح لي بالرحيل والبحث عن عمل جديد !"‏
سألته ( ماجي ) وهي تدس يديها في جيبي معطفها الطويل : ‏
ـ " هل تعرف صاحب هذا القبر ؟ هذا الشاهد الذي بلا اسم ؟"‏
ـ " هي ! منذ عهد جد جدي ونحن حراس هذه المقابر .. حكى لي جدي ‏شيئا عن ساحرة دفنت هنا .. ساحر ة حرقوها في ساحة البلدة .. هذه ‏القصص كثيرة على كل حال .. هك !"‏
ثم ابتعد وهو يترنح ويقول كلاما ايرلنديا كثيرا لم استوعب منه حرفا ..‏
قالت ( ماجي ) باسمة بعدما رحل : ‏
ـ " ما رأيك ؟ القصة واضحة ومكتملة .. إن الساحرات يزرن أمهن ‏الروحية .."‏
ـ " يبدو الامر كذلك .. لست من الطراز المتفائل لكني اعتقد ان القصة ‏انتهت عند هذا الحد .."‏
هذا خطأ آخر ..‏
أنتم تعرفون ان هذا خطأ آخر ..‏

^RAYAHEEN^ 23-11-05 11:58 PM



4- عن ( رونيل السودء ) ...


في التاسعة مساءا جلسنا في قاعة الجلوس نثرثر ، والجريدة أمامي لا ‏افهم عم تتكلم ..‏
ان ( ماجي ) لم تتغير قط.. قلت هذا مائة مرة وأقوله مرة أخرى .. ‏دعابات تلقيني من على المقعد ضحكا ، ورقة ( تكاد تنبت الزهر في ‏قلب الصخرة الجلمود ) على راي عمنا العبقري ( الشابي ) .. ولربما ( ‏طهارة تبعث التقديس في مهجة الشقي العتيد ) كذلك ..‏
رحت ارمقها وهي تتكلم .. كالعادة لم اعرف حرفا مما تقول لأن ‏خواطري تزاحمت . اصغيت لها اكثر من اللازم لم اعد افهم شيئا ..‏
لماذا لانتزوج ؟ لقد اجبنا عن هذا السؤال الف مرة ، والاجابة تبدو ‏واهية لكنها الحقيقة .. كل منا يريد ان يبقى الآخر على مسافة كي يظل ‏رمزا عزيزا أبديا .. حين يتحول الآخر إلى معنى..‏
لكن ما يثير جنوني بصدد ( ماجي ) هو التفكير في كل الساعات التي ‏تعيشها بعيدا عني .. كل الافكار الذكية والدعابات والرقة التي تشعها ‏من حولها ، بينما انا في شقتي الكئيبة أقاسم الأشباح الطعام .. يمضني ‏ذلك الشعور المزمن بانها ( ستنفد ) .. لن يبقى منها شيء لي لان ‏مصير الشموس كلها الخمود ( الإنتروبي ) .. لو استطعت لاستوليت ‏على ماضيها وحاضرها وغدها بوضع اليد .. كل العوام التي فاتتني ‏وهي طفلة ، وكل الاعوام التي ستفوتني حين اختفي في القبر .. كل ‏هذا يجب احتكاره .. ربما لو كان هناك محام بارع لاستطاع ان ..‏
ـ " ( رفعت ) ! انت لا ترفع عينيك عنها !"‏
تبا لكن من ظالمات ! انا ارتدي عوينات القراءة ولا ارى ابعد من متر او ‏اقل .. ثم إنني غارق في التفكير فيك وبرغم هذا ..‏
ـ " لا اعرف عمن تتكلمي .."‏
‏- " تلك المرأة السوداء .. نزيلة امس .. طبعا ..‏
هنا فقط فهمت عمن تتكلم ، وبدلت العوينات .. عوينات المسافات كي ارى ‏افضل .. كانت تلك الآنسة جالسة الى منضدة مجاورة تشرب الشاي ‏وتطالع الجريدة مثلي .. رفعت عينها فرأتني فهزت رأسها في رقة ، ‏وهتفت : ‏
ـ عمت مساء يا دكتور .. صارت نافذة غرفتي سلسة . .شكرا لك !"‏
همست ( ماجي ) بصوت كالفحيح : ‏
ـ " نافذة غرفتها ؟ متى وكيف ؟ ‏
قلت وانا ابدل العوينات : ‏
ـ " نافذة غرفتها كانت متيبسة .. وقمت بفتحها لها .."‏
ـ " ومنذ متى تجيد فتح النوافذ ؟ الاحظ ان فتح الجريدة قد اصابك بنوبة ‏قلبية "‏
في هذه اللحظة دخل المكان شاب على درجة من الوسامة .. كان فارع ‏القامة قويا يبدو أنه خلق ليمثل افلام رعاة البقر مع ( جاري كوبر ) أو ( ‏جون واين ) .. حين كان أبطال الأفلام يوجهون لكمات قوية الى فك ‏أعدائهم ، قبل ان يظهر اختراع الركلات .‏
وتصايح الجالسون : ‏
ـ " قد عاد ( اونيل ) !"‏
عاد ؟ أين كان إذن ؟ ‏
بدأ الحوار الأيرلندي الذي أقنعني بالفعل ان الإيرلندية لغة لا علاقة لها ‏بالإنجليزية .. حين يتحدث هؤلاء القوم مع بعضهم يأخذون راحتهم ‏ويستحيل عليك فهم حرف واحد ، بينما حين يكلمونك يحرصون على جعل ‏كلامهم مفهوما لك .. نفس الظاهرة تلاحظها مع الاسكتلنديين .. ومع ‏رعاع لندن حين يستعملون لهجة ( الكوكني ) ..‏
قالت ( ماجي ) :‏
ـ " هذا الفتى كان في دوبلين ) يجرب حظة في التمثيل مع فرقة مسرحية ‏ما .."
ـ " سينجح لو كان الدور المطلوب هو باب مخزن .." ‏
ثم إن الفتى نظر نظرة عابرة الى الفتاة السوداء الجالسة وحدها .. رايتك ‏يترك المحيطين به ويتجه نحوها .. يقف أمامها .. يتكلم معها في لباقة ‏والفتاة تبتسم ثم تضحك .. تشير إليه كي يجلس .. هذه الفتاة أرستقراطية ‏لكنها ذات ميول بروليتارية لا شك فيها . فالفتى لا يبدو من طبقتها على ‏الإطلاق ..‏
وقف رجل مرح جوار منضدتنا وقال : ‏
ـ " ( ويليام أونيل ) .. إن الفتى يعرف كيف يروق للنساء .."‏
ثم مد يده لي مصافحا وقال : ‏
ـ " ( باتريك بارنيل ) .. من اعيان البلدة .. بمعنى آخر انا عاطل بالوراثة ‏‏.."‏
نظرت له ( ماجي ) في فضول وهتفت كمن دق الاسم جرسا في رأسه : ‏
ـ " أنت.." ‏
ـ " نعم .. من اسرة ( بارنيل ) .. وهي اسرة اشتهرت في سلك القضاء .. ‏إننا علامة على هذه البلدة .. لكنني لم ادرس القانون او بمعنى آخر لم ‏استكمل دراستي .."‏
دعوته للجلوس فشد مقعدا وجلس ، ومد يده يداعب شعر ( إليانور ) .. ‏لن اندهش لو عادت الطفلة لأمها صلعاء تماما بعد هذه الرحلة .. لسبب ما ‏يفترض الجميع انها ************ ( بالك جاكت ) يجب المسح على رأسه ..‏
بعدما تم التعارف قال لي : ‏
ـ " لا تؤاخذنا .. نحن الأيرلنديين قوم حارو العواطف مرحون ، ولسنا ‏ثقيلي الظل منشين كالإنجليز . يقولون إننا سريعو الغضب ميالون ‏للشجار.. هذا صحيح .. لكن هذا يدلك اكثر على طيبة قلوبنا .."‏
وأشار الى الجالسين حولنا وبدأ يشرح لي : ‏
ـ " كل واحد من الجالسين هنا لم يترك البلدة قط .. كل واحد يعرف أجداده ‏وأجداد الآخرين .. يمكنك ان ترى الجميع هنا لأن هذا الخان اقرب الى ‏النادي .. هل ترى هذا الرجل المتأنق كث الحاجبين ؟ إنه السير ( جون ‏مليجان ) سليل أسرة ( مليجان ) الأرستقراطية .. كانوا دوما اكثر الناس ‏ثراءا في هذه البلدة .. هل ترى هذا العجوز البدين الذي ينظر في ساعة ‏الصديري ؟ إنه آخر احفاد ( كيليبارون ) الذين حكموا هذه البلاد في عصر ‏الإقطحاع .. انت رأيت قلعتهم .. لكنه لا يعيش هناك .. هذا الذي يحتسي ‏القهوة هو القس ( كيرباتريك ) وهو من أسرة قساوسة لا تدري من اين ‏بدأت .. ربما منذ دخول المسيحية الى ايرلندا .."‏
قلت مبتسما في يخبث : ‏
ـ " يبدو ان الزمن لا يتغير هنا .. لو كان في هذه القاعة خبير قنابل ذرية ‏، فلا شك انك ستقول إن جده كان خبير قنابل نووية في القرن الخامس ‏‏.." ‏
ـ " هو ما تقول .. هو ما تقول .." ‏
هنا مالت ( ماجي ) عليه وسألته السؤال الذي كنت سأسأله بنفسي : ‏
ـ " اليوم وجدنا قبرا ليس على شاهده كتابة .. لقد أثار هذا فضولنا .. هل ‏تعرف هذه القصة ؟"‏
قطب للحظة كأنما يتذكر ثم هتف في مرح : ‏
ـ " آه ! يا للغرابة ! ( رونيل السوداء )!! كنت قد نسيت هذه القصة تماما ‏‏!! " ‏
هنا دوى صوت تهشم الزجاج !!‏
‏*** ‏
قالت ( لورين ) بصوتها الخشن نوعا: ‏
ـ " آسفة .. سأدفع ثمن ما هشمت .."‏
قالت مسز ( بانكروفت ) وهي تجمع بقايا براد الشاي الخزفي بالمكنسة : ‏
ـ " لا عليك . .هذه أشياء تحدث لأي واحد .."‏
وقال الشاب في شهامة وهو يجفف مفرش المائدة : ‏
ـ " إن مسز ( بانكروفت تعرفني .. سوف أسوي الامر فلا تقلقي .."‏
راح مرافقنا السيد ( بارنيل ) ينظر الى الفتاة في فضول ، ولاحظت نظراته ‏بدورها فنظرت له في حدة لا شك فيها .. ثم التفت لي وتساءل : ‏
ـ " ما زلت لا افهم سبب وجودها هن ا.."‏
ـ " كاتبة قصصية هي .. انت تعرف هؤلاء الكتاب .."‏
ـ " قلت إن اسمها ( لورين ) ؟ غريب .. ليكن .. والآن اكمل قصتي .. اين ‏كنا ؟ آه .. هل تعرف ان ( رونيل السوداء ) هذه اتهمت بالسحر ، وكان ‏القاضي الذي حكم عليها بالحرق هو جدي القاضي ( ستيوارت بارنيل ) ‏المحترم ؟ كان صارما يختلف كثيرا عن أحفاده ، وقد اعدم ساحرات ‏كثيرات برغم ان هذه القصص نادرة في إنجلترا .. لسنا في أسبانيا او ‏فرنسا .." دخل الكمان رجل يوحي بعدم الكفاءة .. لو كان سباكا فهو ‏خائب ، ولو كان طبيبا فهو غبي ، ولو كان ...‏
ـ " هذا رئيس الشركة ( آرثر بيرك ) .. إنه لا يعمل شيئا على الإطلاق ‏وراتبه يناسب ما يعمله بالفعل .."‏
هذا رئيس شرطة ! في بلدة هادئة مسالمة كهذة يكون هذا الرجل كحارس ‏المرمى الذي لم يختبر .. لكنني اعرف نتائج عمله جيدا من شاربه الكث ‏المتهدل ونظرة عينيه الرخوة ، وثيابه الزرية ..‏
ثم إن الرجل ـ ( بارنيل ) ـ راح يحكي لنا ما أعتقد انك قرأت ملخصه في ‏بداية الكتيب .. هناك تفاصيل معينة اخرى ابقيها لنفسي وتفاصيل نسيتها ‏، وتفاصيل يحسن ان ننساها ...‏
ظللنا نتحدث طويلا جدا حتى إن الطفلة احمرت عيناها ، ثم وضعت رأسها ‏الأشقر الصغير على كتف (ماجي ) وراحت تغط .. اعترف انني إن كنت ‏اكره الاطفال فأنا احبهم نائمين .. إنهم يبدون ملائكة بالفعل يختلفون تماما ‏عن الشياطين التي يكونونها وهم متيقظون .. وقالت ( ماجي) في رفق :‏
ـ سأضعها في الفراش ثم أعود .." ‏
واسندت الطفلة حتى تصل بها الى الغرفة ..‏
نهض القس أولا وحيانا جميعا في رصانة ، ثم اتجه الى الباب ..‏
في هذه الاثناء بدا ان صداقة حقيقية انعقدت بين الفتى ( اونيل ) وتلك ‏الأرستقراطية..‏
رايتهما ينهضان وهما يواصلان حديثا ضاحكا هامسا ، ثم اتجها الى الباب ‏بدورهما .. ونظر ( إليوت ) من وراء كتفه الى الرجال نظرة من طراز ( ‏إياكم ـ أن ـ تتناولوا ـ سيرتنا ـ بالسوء ـ وإلا ـ الويل ـ لكم ) ..‏
فخفض الجميع عيونهم الى أكوابهم ..‏
لكمن ما إن خرج حتى هتف ( باتريك بارنيل ) : ‏
ـ " بارع هذا الفتى بحق !"‏
وغمغم احدهم في ضيق : ‏
ـ " إنهن منطلقان في ( شيفيلد ) ولسن مثل نسائنا اللواتي يحلقن ذقونهم ‏يوميا .."‏
ثم ساد الصمت لأن ( ماجي ) قد عادت ، وهي تفهم الإنجليزية لو كنت ‏تدرك هذا !‏
ثم بدأ اكثر الموجودين في الإنصراف .. هنا دوى صوت الغراب ..‏
تبادلنا النظرات ..لم يكن التأثير العام مريحا ، لولا ان قطع ( بارنيل ) ‏الصمت بترديد مقطع من قصيدة ( بو ) الشهيرة ( الغراب ) ..‏
ـ " غربان هنا ؟ لم اسمع احدها هنا قط .."‏
ـ " هذه الأشياء تحدث .."‏
وحياتي الرجل ونهض .. بينما جلست مع ( ماجي ) لمدة ساعة اخرى ..‏
هناك دائما تلك اللحظة المؤسفة التي تدرك فيها حقيقة انك لن تظل هنا ‏للأبد . لا بد من كلمة ( مساء الخير ) .. ثم تصعد الى حجرتك ثملا بالالام ‏‏.. تترنح في صعودك الدرج ، وتنزلق قدمك .. تدخل غرفتك ورأسك ينبض ‏بأشياء كثيرة الى حد انك لا تعرف فيم كنت تفكر على الإطلاق .. ‏
أعرف هذه الأعراض جيدا ..‏
وفي الصباح عرفنا نبأ موت الضحية الأولى ..
‏***

^RAYAHEEN^ 24-11-05 12:01 AM



‏5- وتهاوى السد ...


لم يكن هناك الكثير مما يقال ..‏
لم يعرف أحد بنبأ الوفاة إلا في السابعة صباحا حين جاء بائع الجرائد الى ‏الخان ، وكان معتادا على ان يجتاز الزقاق المجاور .. هذا ممر لا يهواه ‏الكثيرون لانه قذر ، لكن الفتى كان يحبه لأنه يختصر الكثير من الوقت ..‏
وكانت جثة القص ممددة على الأرض ، ويبدو أنه لم يتعذب كثيرا لان ‏الضربة التي هشمت رأسه من الخلف فعلت كل شيء في الوقت ذاته ..‏
طبعا اصيب الفتى بالهستيريا ، وركض الى الخان وهو يولول ويصرخ .. ‏يصرخ ويولول .. وكانت هذه الضوضاء هي ما أيقظنا من سباتنا ..‏
تحول المكان الى خلية نحل .. فهذه البلدة لم تر حدثا غير تقليدي ربما منذ ‏حرق ( رونيل السوداء ) .. وجاء رجل الشرطة غير الكفء ( آرثر بيرك ) ‏وقد بدا عليه ارتباك شديد .. هو لا يعرف كيف يبدأ ..‏
راح يسال هذا ويسأل ذاك ويسجل أشياء في دفتره ، لكنه كان عاجزا عن ‏تجميع أفكاره ..‏
المشكلة هي أنه كان جالسا فعلا عندما غادر القس الخان .. أي انه يعتبر ‏واحد من آخر من رأوه .. والسؤال هنا هو : من يكره القس الى حد ضربه ‏بمطرقة على مؤخرة رأسه ؟ ‏
ـ " كيس رمل ! ليس مطرقة بل كيس رمل ! لا تنس اننا في إنجلترا بلد ( ‏أجاثا كريستي ) حيث يحبون القتل بكيس رمل مليء .. أو قطعة ثلج ‏سرعان ما تذوب جوار الضحية ليختفي سلاح الجريمة !"
قالتها ( ماجي ) في شيء من السخرية المريرة ونحن جالسون الى مائدة ‏الإفطار .. ثم اضافت : ‏
ـ " انت هنا ! الواقع أنني بدأت اتساءل عن الكارثة ولماذا لم تحدث !"‏
ـ " هذا غير عادل .."‏
جاء ( بيرك ) وطلب قدحا من الشاي ، ثم اتجه الى حيث جلسنا الى ‏المنضدة ، فقال : ‏
ـ " معذرة ايها السيدان .. الحقيقة أ،ني يجب ان اثقل عليكم بالأسئلة ‏لأنكما غريبان في هذه البلدة .."‏
قلت له باسما : ‏
ـ " هذا من حقك يا سيدي .. لكن لاحظ أننا كنا جالسين امامك .. ثم صعد ‏كل منا الى حجرته امامك ايضا .. هل غادر أحدنا الخان ليلا ؟ " ‏
ـ " لا .. مسز ( بانكروفت) تقول لا .. لقد تأكدت من هذا .."‏
وداعب شاربه في حنكة بوليسية ثم أضاف : ‏
ـ " هناك تلك الفتاة من ( شيفيلد ) .. لكن ( اونيل ) لم يتركه لحظة .. وقد ‏عادا الى الخان بعد ساعة .. أنا اثق بـ ( اونيل ) طبعا .."
قلت له وانا ارشف القهوة : ‏
ـ " آعتقد انك بحاجةالى آخرين . ( سكوتلانديارد ) او شيء من هذا ‏القبيل ..‏
ـ " هناك فريق جنائي قادم اليوم .. لكن من واجبي أن آخذ بعض البيانات ‏‏.."‏
وبالفعل جاء بعض السادة شديدي الاهمية عند الظهيرة .. كانوا يرتدون ‏المعاطف الخاكية ويرمقوننا في شك ، ومعهم عربة إسعاف وضعوا فيها ‏الجثة ، ثم راحوا يستجوبون الجميع ويعرفون كل شيء ..‏
في النهاية ـ عندما اقترب المساء ـ نظروا لنا في كراهية ثم انطلقت ‏سياراتهم عائدة الى حيث جاءت .. إلى أين ؟ إلى المكان الذي يأتي منه ‏الرجال شديدو الأهمية الذين يرتدون المعاطف الخاكية ..‏
لا ادري لماذا شعرت بحاجة الى ان امشي قليلا في البلدة في هذه الإضاءة ‏الغريبة . .إضاءة المساء المقبل ..‏
قدماي حملتاني الى المقبرة إياها .. ووقفت فوق مرتفع صخري ارمق ‏المشهد الرهيب .. ‏
من المؤسف أنني لن اكون هنا الشهر القادم حين يكتمل القمر .. لربما لو ‏رأيت مشهد الساحرات هذا لخطرت لي بعض الأفكار ، لكن القمر كان ‏مكتملا قبل قدومي بثلاثة أو أربعة أيام .. سأكون وقتها في مصر .‏
هنا لمحت ذلك الشبح يتحرك في شواهد القبور .. ما كل هذا الثبات ؟ كأنها ‏تمثل فيلما سينمائيا والمخرج قد طلب منها ان تبدو رهيبة ثابتة الجنان .. ‏كما انها تعرف التأثير المسيطر الغريب للشخص الذي يضع يديه في جيبي ‏معطفه الاسود الطويل ، وينقل كعبي حذائيه طويلي الرقبة في ثقة .. كل ‏من رأى نمط الجنرالات النازيين في السينما يعرف ما اقصد ..‏
كانت هذه هي كاتبتنا الشابة الواعدة ( لورين ) ..‏
تمنيت ألا تراني .. لسبب ما لا اطيق وجودها ..‏
لكنها رأتني .. وهكذا مشيت بنفس الثقة الى حيث كنت واقفا ارتجف من ‏البرد .. وقالت : ‏
ـ " هالو .. انت تجد ذلك السحر الشاعري في المقبرة مثلي ؟ "‏
ـ " ليس موضوع شاعرية .. فقط أحب زيارة البيت الذي سأعيش فيه ‏للأبد بعد قليل .."‏
أخرجت علبة تبغ ،وجذبت منها لفافة غريبة طويلة تشبه القلم الذهبي ‏،وأشعلتها في أناقة وقالت : ‏
ـ" احيانا تشعر بأنك أقوى من الموت ذاته .. انك كنت هنا يوما ثم تحررت ‏وعدت .. وان الحياة تبدأ من جديد ولا تنتهي .. احيانا تشعر بأنك في زمن ‏آخر في كمان آخر كن واحدا آخر .. لكن هل كنت تعرف ذاتك وقتها ؟ هل ‏كنت تعرف أنك هو انت ؟ لو لم يكن الأمر كذا فلا قيمة له .. هل تفهمني ؟
ـ " لا .."‏
ـ " تبدو لي ذكيا لا يحتاج الى كلمات كثيرة .."‏
قلت وانا انظر الى المقبرة التي لم يعد فيها اإلا درجات اللون الأزرق : ‏
ـ " لو كنت تتحدثين عن تناسخ الأرواح فأنا لا أؤمن به .."‏
ـ " لا اتحدث عن تناسخ الأرواح .. بل اتحدث عن عودتها الى عالم المادة ‏‏.."‏
هززت راسي غير راض .. ساد الصمت برهة ثم سألتني وهي تنفث ذلك ‏الدخان العطر : ‏
ـ تحبها ؟ "‏
ـ " من ؟ " ‏
ـ " تل كالفتاة الاسكتلندية .. مس ( ماكيلوب ) .. لا اعتقد انها تميل لك ‏كثيرا .. انتم الرجال تخلطون بين المجاملة والمعاملة اللطيفة والحب .."‏
ـ " يمكني ان اكون فظا واقول إن هذا ليس من شأنك .. لكن لا .. أريحك ‏‏.. احبها جدا .. ولا يهمني رأيها في الأمر .. لن أتغير .. سأظل منتميا لها ‏‏.."‏
كانت وحة لكن لسبب غير واضح لم استطع ان اخرسها كما يجب .. ربما ‏ارتج على .. وقالت لي في مكر : ‏
ـ " كما تحب .."‏
كانوا يقولون عن ممثلة الرعب العظيمة ( باربرا ستيل ) ،إنها ترمز الى ‏المرأة ( كآخر ) .. المرأة كعدو خارجي مخيف غامض . .هذه الفتاة ‏جعلتني بالفعل أتذكر هذه الكلمات ..‏
وفي صمت مشينا معا عائدين الى الخان .. لكن هذه المحادثة ظلت في ‏ذهني طويلا ..‏
‏*** ‏
في المساء وجدوا جثة ( كيلييارون ) .. العجوز البدين .. ‏
هذا الرجل تعذب كثيرا لأن كل أطرافه كانت مهشمة ، وقد التوى عنقه ‏للخلف بتلك الطريقة الشهيرة في القرون الوسطى للذين قتلتهم الشياطين ‏‏.‏
إن الجنرال يعيش وحيدا في داره بعد ما رحل أولاده وماتت زوجته .. ‏هناك كالعادة مدبرة عجوز هي مسز ( سميث ) ـ ككل مدبرات البيوت ـ ‏كانت قد أخذت إجازة لهذا اليوم على ان تعود في المساء ..‏
ـ " فكرت في زيارة أختي .."‏
فلما عدت ، كان ما لفت نظرها ان المنزل مغلق من الداخل جيدا .. فتحت ‏الباب بالمفتاح ودخلت ، ولما لم تر اثرا للحياة ، افترضت ان الرج لذهب ‏ليقضي سهرته في الخان ..‏
ـ " ثم سمعت صوت المذياع مفتوحا .."‏
وبالطبع ذهبت لتعرف سبب ترك المذياع مفتوحا .. فوجدته في قاعة ‏الجلوس .‏
كان راقدا على السجادة ، وخطر لها انها نوبة قلبية .. لكنها ادركت ان ‏اتجاه وجهه لأعلى لا يعني ان بطنه في نفس الإتجاه ! هنا اصيبت هي ‏نفسها بنوبة قلبية .. واحتاجت الى بضع دقائق وقرص من موسع ‏الشرايين تحت لسانها حتى استطاعت استخدام الهاتف وطلب الشرطة ..‏
وعندما جلست مع ( ماجي ) والطفلة في قاعة الجلوس ، كان الخبر قد ‏انتشر كالنار في الهشيم ..‏
ـ " ( كيليبارون ) مات ! "‏
ـ " ( كيليبارون ) مات ! "‏
وصاحت مسز ( بانكروفت ) في رعب : ‏
ـ " ماذا حدث في هذه البلدة ؟ فقدنا شخصين من خيرة أهلنا في يوم ‏واحد !!"
اخفيت وجهي في مفرش المنضدة كي لا تقول شيئا على غرار ( الخير ‏على قدوم الواردين ) .. والحقيقة أنني اعرف نفسي جيدا بحيث صرت ‏لا اغضب لتهمة من هذا النوع بل وأؤكده ا.. فعلا الخير على قدوم ‏الواردين في حالتي على الأقل .. ما إن اظهر في مكان حتى يتحول الى ‏جحيم .. وهي كما ترون موهبتي الوحيدة التي تؤهلني لسرد هذه ‏القصص ..‏
وجاء ( بارنيل ) ليجلس إلى مائدتنا ، وقال : ‏
ـ " رجل آخر يعض التراب .. كنا كل يوم نتوقع ان يحدث هذا .. مع كل ‏الكولستيرول الذي يفعم شرايينه ، وكل ما يجثم على روحه من شحم ، ‏لكننا توقعنا ان يمنحنا وقتا . . عناية مركزة .. شلل .. فترة ما تجعل ‏الرحيل تدريجيا ، لكن من المؤلم ان يرحل بهذه الطريقة .. تهشيم ‏أطراف ولوي عنق ؟ هذا رهيب !"‏
قلت له همسا : ‏
ـ " قل لي . . هل هناك من نتهمه بهذا ؟ " ‏
نظر لي كأنما يراني لأول مرة ، وهتف : ‏
ـ " سيكون هذا غريبا .. من يستطيع عمل هذا ؟؟ لا بد انه كتلة من ‏العضلات .." ‏
ـ " لنتكلم بصراحة أكثر .. ألا يوحي الامر بشيء خارق للطبيعة ؟"‏
بدا الإرهاق على وجهه وقال : ‏
ـ " بلى . ربما. لكن هذه الأشياء لا تحدث على قارعة الطريق . .انا بعد ‏كل هذا العمر لم أر ظاهرة خارقة في حياتي .."
ـ " انت إنسان سعيد الحظ .."‏
ومن جديد بدأت الأسئلة المملة والتحقيقات .. لن أتحمل البقاء في هذه ‏البلدة بعد القتيل الثالث ما لم يكن انا بالذات .. وقد تساءل كثيرون : ‏
ـ " ما الذي يربط بين القص وهذا الرجل ( كيليبارون ) ؟ " ‏
لم تكن هناك إجابة واضحة ..


الساعة الآن 02:30 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية