منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات أحلامي (https://www.liilas.com/vb3/f506/)
-   -   304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة ) (https://www.liilas.com/vb3/t209010.html)

Rehana 02-10-23 11:11 AM

304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
https://encrypted-tbn0.gstatic.com/i...5WuzA&usqp=CAU

من زمان ما نزلت رواية هنا
راح انزل رواية ( ميراث الاحقاد ) واتمنى تنال اعجابكم

الملخص

ذهبت جيني إلى أسبانيا لتحصل على ميراثها في مؤسسة فرانسيسكو، لكن زوجة عمها دونا صوفيا لا تريد جيني تأخذ أي شيء لا في هذه المؤسسة ولا قلب ...؟
عناد جيني لنفسها ولقلبها يجعلها تعاني كثيراً.
هل تسلم جيني لرغبة انطونيو ولكلام عمها رافائيل؟
جيني تعلم أن الجميع يريد أن يحصل على حصتها في المؤسسة، فهل تستطيع التغلب على الصعاب التي تواجهها وعلى حب ابن عمها الذي نفذ صبره والذي أحب جيني؟
إنه يحبها ولا يريد أي شيء غير قلبها...؟

لا احلل نقل تعبي في كتابة رواية لأي تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي بأي طريقة كانت بدون ذكر اسمي والمصدر

Rehana 02-10-23 11:24 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
الغلاف الاصلي للرواية

https://m.media-amazon.com/images/I/...C255%2C255.jpg

Rehana 02-10-23 11:25 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
روابط فصول الرواية

1- اللقاء الاول

2- مناعة ... الحب

3- الحوار القاسي

4 - لا للخيل

5 - على ظهر العاصي

6 - النسر صياد النسور

7 - جراح المطاردة

8- السيارة المعطلة

9 - منزل الصقر

Rehana 10-10-23 08:02 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
1- اللقاء الأول

كانت ساعة مطار اشبيليا تشير دقائقها إلى الساعة الثانية عشر ظهراً وكان هذا هو موعد وصول الطائرة القادمة من انكلترا حاملة على متنها جيني وهي الفتاة التي أتمت لتوها عامها الحادي والعشرين وجيني فتاة انكليزية تتسم ملامحها بالبراءة والجمال, فقدت جيني والديها الواحد تلو الآخر ثم بعد ذلك توفي جدها أنطونيو فرنسيس وكان جدها قد تزوج من امرأة اسبانية وأنجب منها ابنه رفائيل وكان يمتلك جدها مؤسسة في اسبانيا تسمى مؤسسة فرنسيسكو وكانت تعتمد هذه المؤسسة على صناعة العصير.
كانت جيني تزور جدها في اسبانيا على فترات متباعدة وذلك لارتباطها بالحياة الانكليزية وطابعها الذي تعودت عليه وايضاً لارتباطها بالدارسة هناك .
وكان العم رفائيل متزوجاً من دونا صوفيا وهي امرأة اسبانية ذات طباع وملامح قاسية وأنجب منها ابناً أسماه على اسم والده انطونيو , وانطونيو يكبر جيني تقريباً بخمسة عشرة عام وقد أخذ من والدته ملامحها القاسية .منتديات ليلاس

Rehana 10-10-23 08:03 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
عندما توفي انطونيو الجد كان من الطبيعي أن يرث المؤسسة رفائيل وابنه انطونيو ولكن الجد قد أورث حصة من المؤسسة لجيني هذا أثار غضب دونا صوفيا وانطونيو أما العم رفائيل فلم يبد رأي حول هذا الإرث, وعندما أتمت جيني عامها الحادي والعشرين تلقت دعوة من عمها رفائيل للعيش معه في أسبانيا وقبلت جيني هذه الدعوة اولاً لأنه لم يتبقى لها من أقرباء والدها إلا عمها رفائيل وزوجته وابنه انطونيو وثانياً حتى ترى ما أورثها جدها وتتابعه وتشارك في إدارة المؤسسة .
كانت جيني خائفة من تلك الدعوة وذلك لأنها في زيارتها الأخيرة منذ سبع سنوات كانت عمتها دونا صوفيا تعاملها باستياء حيث ان دونا صوفيا لم تحبها فقط وكانت تعتبر أنطونيو ايضاً قاسية .منتديات ليلاس
وكانت جيني تتوقع في هذه الزيارة ان تعاملها عمتها بقساوة وأكثر من قبل وذلك لأنها ورثت حصة في مؤسسة فرنسيسكو وهي حق من حقوق زوجها وابنه انطونيو .
وكان ابن العم انطونيو في انتظارها بمطار اشبيليا وتوقعت جيني ان يقابلها بحفاوة وترحيب في أول مواجهة بينهما منذ فترة طويلة . لكن انطونيو على غير ما توقعت قابلها ببرود وكأنه مستاء لحضورها او هكذا تراءى لها من تصرفاته. وأخذها واتجها إلى السيارة لتبدأ رحلة الذهاب إلى المنزل بقيادة انطونيو . ظل الجو ساكناً لفترة ليست بقصيرة منذ ركوبها السيارة فسألته :
" أنت مستاء لقدومي يا أنطونيو , أليس كذلك؟"
وادركت انه فوجئ بسؤالها إذ نظر إليها نظرة حادة ثم رفع حاجبه الأسود فأحست فجأة بضآلتها وضعفها على رغم انزعاجها لقلة حفاوته .ريحانة
وسألها بانكليزية طلقة متكلفة بعض الشيء :
" كيف تبنين افتراضك هذا ؟"
ولاحظت انه لم يبتسم اثناء كلامه مما دل على أنه حمل سؤالها على محمل الجد, فقالت مبتسمة ابتسامة طفيفة :
" لأنك لم تكلميني إلا قليلاً منذ أن غادرنا اشبيليا "
وتذكرت ان الأسبان قوم لا يتهاونون مع من يتهمهم بسوء الضيافة وقال لها بصوت بارد عميق:
"كنت أفكر في زيارتك الأخيرة لنا , لم تسألي أحداً ان يحادثك وقتذاك بل التزمت الصمت
طوال فترة زيارتك "
وانزعجت جيني لملاحظته هذه فرفعت خصلة من شعرها الأحمر عن جبينها ثم رمقته معاتبة . فهي فعلاً لم تكثر الكلام في أثناء زيارتها الأخيرة وكانت لها أسبابها وقتذاك , ومن بينها انها كانت تحس بالرهبة في حضوره وحضور دونا صوفيا التي لم تكن تحبها .
واحتجت على كلامه قائلة :
" انصفني يا أنطونيو . لم أكن سوى طالبة في المدرسة آنذاك وأنت..."

Rehana 10-10-23 08:03 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وامتنعت عن الافصاح بأن لسانها كان ينعقد في حضوره . وايقنت انه كان يقرأ أفكارها إذ رأته يبتسم , ثم رفع حاجبه من من جديد وقال :
" هل تعنين أنك كنت تخافين مني ؟"
وبدا وكأنه سر للفكرة وايقنت جيني أنها محقة تماماً في اعتباره قاسياً وقالت محتجة :
" لم أكن خائفة فعلاً , إنما كنت صغيرة السن "
والتفتت عيناه الداكنتان نحوها وخيل إليها انها رأت ابتسامة على ثغره . وتفحصها من أعلى رأسها المكلل بالشعر الأحمر الى فتحة قميصها فارتعشت لفجائية نظرته هذه . وقال :
" لكنك ما زلت صغيرة السن". منتديات ليلاس
فقالت له بصوت حاولت تخمينه ما استطاعت من الثقة :
" بلغت السن الكافية لا استطيع ان أتدبر شؤوني بنفسي ولاسيما في ما يتعلق بحقي من المؤسسة "
صعب عليها الظهور بمظهر الواثق من نفسه في حضرة رجل كأنطونيو وأدركت انها ستلاقي صعوبات جمة في محاولتها الاتكال على ذاتها كما كانت قد ظنت . وتراءت لها الأيام المقبلة مليئة بالتصادمات بينها وبين الطرف الأسباني من عائلتها وادت ان تتمنى للحظة لو ان جدها أورث المؤسسة برمتها إلى أنطونيو وولده . لكن الآوان فات فات الآن للتراجع وبات عليها مواجهة المستقبل بما تملكه من قدرة وسألها أنطونيو :
" هل أنت عازمة على المشاركة في إدارة المؤسسة مشاركة فعلية "
وبدا كأنه مرتاب للفكرة بحد ذاتها , فرمقت جانب وجهه القاسي والغاضب وادركت انه من الصعب جداً على رجل أسباني أن يتقبل فكرة مشاركة امرأة في إدارة مؤسسة وقالت :
" أود المحاولة "
وفي رحلتها إلى المنزل مرت جيني على مدينة جيريزدو لافرونتيدا وهي مدينة مزدهرة وجميلة وكانت جيني تتذكرها من زيارتها الأخيرة لأسبانيا ووعدت نفسها بالمجيء لزيارة بعض معابدها القديمة والجميلة .ريحانة
ولم تستطع جيني الاحتفاظ بحماستها لنفسها فتأوهت :
" آه , ما أكثر الأشياء التي أريد رؤيتها "
والتفت انطونيو ونظر إليها ثم ابتسم ابتسامة طفيفة وكأنه سر للفكرة وسألها :
" هل تريدين التنزه ؟"
فأومأت إيجاباً , وقررت ألا تدع انطونيو أو غيره يثنيها عن عزيمتها فقالت :
" أود رؤية معالم البلد هذه المرة , هناك الكثير من الأمور أريد رؤيتها "

Rehana 10-10-23 08:04 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" لم أعرف أنك جئت لقضاء عطلة "
وأدارت جيني رأسها بحركة تحد وقالت :
" كلا لم آت لتمضية عطلة لكني متأكدة من إيجاد الوقت الكافي لمشاهدة ما أريد من دون أن تتخذ زيارتي طابع الأجازة "
ونظرت محدداً إلى جانب وجهه القاسي وشعرت برغبة طفولية جامحة في معاكسته وأضافت :
" لن أزعجك , فباستطاعتي المجيء بمفردي"
" بالطبع لا , لن تأتي بمفردك"
توقعت جوابه لكنها احست بلذة غريبة للاصرار الذي أبداه فقالت :
" ولم لا ؟ إني قادرة على الاهتمام بنفسي على أكمل وجه"
فقال لها بصوت لم يخل من السخرية :
" إذ كنت تبغين دور السائحة فسأتأكد من أنك برقعة مناسبة "
وشعرت مجدداًوبقوة أكبر من قبل باحساس اللذة ذاته لاصراره . ورمقته ثم سألت :
" هل سترافقني أنت ؟"
" هذا جائز ويتوقف على عدد من الأمور "
" هكذا إذن ".منتديات ليلاس
وولدت تصرفاته انزعاجاً في نفس جيني لكنها امتنعت عن متابعة الخوض في الموضوع . وأدركت جيني انهما أوشكا على الوصول إلى قصر دي لوس فرنسيسكو حيث بداية مشاكلها الحقيقية .وتراءى المنزل لها بجماله وكان ذائباً في الشمس ولم يتغير المنزل عليها حتى خيل إليها للحظة ان جدها سيكون واقفاً في انتظارها كما فعل في زيارتها الأخيرة .منتديات ليلاس
لكنها كانت تعرف انه توفي ولم يبقى سوى عمها رفائيل وزوجته صوفيا إضافة إلى أنطونيو . وبذهاب العجوز فقد المنزل آخر ميزاته الانكليزية واستعاد طابعة الأسباني المجرد . تراءت لها نوافذ الشرف المقنطرة وكأنها عيون واسعة وداكنة وسط وجه مذهباً للورود المتسلقة .
نزل انطونيو من السيارة وأتى نحوها يساعدها على النزول وأمسك مرفقها بيده القوية , إزداد قلقها لاقتراب موعد لقائها بالعائلة . وذعرت جيني لفكرة مقابلة دونا صوفيا مجدداً وتمنت لو يوجد شخص بجانبها تطمئن إليه أكثر من انطونيو .
بدت لها عطور الباحة وأصواتها أكثر رومنطيقية من قبل . وفوجئت حين احست ان مرافقها كان ايضاً أكثر رومنطيقية وحبست جيني انفاسها وهي تمشي إلى جانبه وسط الباحة الظليلة بنوافيرها واحواضها وأريجها المثقل بالعطور كأنه يداً خفية نقلتها فجأة إلى عالم ألف ليلة وليلة .ريحانة

Rehana 10-10-23 08:05 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وزادت النبرة الفاتحة اللون التي كان يلبسها أنطونيو من طول قامته وبدا رأسه المتغطرس والداكن كأنه من نسج الخيال .اعترفت في قرارة ذاتها انه لو لم يكن هو أنطونيو بالذات لكانت سحرت به .
وخرجت امرأة من المنزل وأسرعت في اتجاههما ثم ألقت نظرة خاطفة على جيني قبل أن تلتفت نحو أنطونيو وتعتذر منه بالأسبانية عن تأخرها في ملاقاتها لهما .
أعطاها أنطونيو بعض التعليقات حول ما يجب ان تفعله بحقائب جيني ثم أدخل جيني المنزل .وقادها أنطونيو إلى البهو وهو عبارة عن غرفة فسيحة باردة الجو اكتست أرضها بالبسط الثمينة وتدلت من سقفها ثريا من الحديد المليف وكانت نوافذها مشرعة ليدخل أريج الحدائق واهوائها .
وعندما فتح أنطونيو الباب احست جيني بخفقات قلبها تتسارع على رغم هدوء الغرفة وجمالها . نهض عمها بسرعة وعبر الغرفة في اتجاههما ماداً لها يده مرحباً وافتر ثغره عن ابتسامة عريضة فأغمضت جيني عينيها وقد غمرتها الراحة لحفاوته , فقد وجدت أخيراً من يرحب بها بابتسامة حقيقية اعادت لها بعض الثقة . وقال لها بصوت ناعم :
" خوانيتا " وغمرها بحنان .
كانت جيني قد نسيت اللفظ الأسباني لاسمها لكنها قبلته على وجنتيه شاكرة له حفاوته وابتسمت لأول مرة منذ هبوطها أرض أسبانيا .منتديات ليلاس
وسألها رفائيل بقلق :
" هل استمتعت برحلتك ؟"
وعادت جيني بأفكارها إلى الواقع لكنها ادركت انه توقع أن يجيبه أنطونيو عن سؤاله فابتسم أنطونيو ورمق جيني وكأنه يسألها رأيها ثم قال :
" كانت الرحلة هادئة تماماً"
وضحك رفائيل ثم قال :
" لم تعتادي مناخنا بعد يا خوا... كلا سأناديك جيني "
وأمسك بيديها ثم نظر إليها لحظة وكأنه يحاول إدراك أمر ما , ثم استطرده بصوت هادئ.
" أنك تذكريني بوالدتك ايتها الطفلة , ولقد اصبحت امرأة شابة في غاية الحسن"
" شكراً يا عمي رفائيل"
سرها مديحه لكنها لم تستطع ان تفهم لماذا أرمقت أنطونيو هذه اللحظة بالذات.
وأمسك رفائيل بذراعها وقادها إلى حيث جلست دونا صوفيا وقد بانت عليها علامات الاستياء والقساوة كما توقعت جيني . فعاود قلبها الخفقان بتوتر , وخاطب رفائيل قائلاً :
" عزيزتي صوفيا أنظري كيف ان جيني اصبحت حسناء جميلة منذ رأيناها لآخر مرة , أليس كذلك؟"

Rehana 10-10-23 08:05 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وردت دونا صوفيا وقالت بصوت بارد :
" تغيرت كثيراً يا خوانيتا "
واتضح لجيني ان دونا صوفيا لا تكتفي باعتبارها من الأقارب غير المرحب بهم بل تعتبرها غريبة جاءت لاغتصاب ملكية زوجها وابنه.ريحانة
وابتسمت جيني عازمة الا يقلقها استقبال عمتها البارد وقالت :
" أنا سعيدة بالتغير هذا يا عمتي صوفيا "
وتذكرت جيني لتوها ان دونا صوفيا تكره ان يناديها أحد "عمتي "
وقالت بصوت بارد " في اللغة الانكليزية كثير من الكلمات القبيحة , لكن القليل منها ايضاً هي كلمة عمتي ... وأرجو ألا تناديني بها ثانية يا خوانيتا "
اضطربت جيني لعدائيتها وغضت على شفتيها ثم رمقت عمها متوسلة .
لم تكن راغبة في افتتاح فترة بقائها في المنزل بمشادة مع عمتها لكن سيطرتها على مزاجها الحاد ستصعب إذا تمادت عمتها في عداوتها لها .
وخاطب رفائيل زوجته بصوت هادئ قائلاً " عزيزتي صوفيا ليس من العدل ان تطالبي جيني بتكلم الأسبانية وهي لم تتعلمها بعد . علينا التحلي بالصبر ومساعدتها على تعلم لغتنا . ألا توافقين ؟".منتديات ليلاس
وتكهنت جيني ان عمها حمل كلامه أكثر من مجرد الدفاع عنها فسألته :
" كنت جاهلة انه يجب أن أتعلم الأسبانية , أظن مع الأسف أني لست بارعة في تعلم اللغات"
كانت تتوقع ان يجيبها عمها لكنها فوجئت انطونيو البارد والخافت يقول لها :
" إذا كنت راغبة بالمشاركة في إدارة المؤسسة كما تدعين فعليك إذن تعلم الأسبانية "
نظرت جيني إلى انطونيو نظرة تحد وقالت بصوت خافت لكن صارم :
" لا أرى ضرورة لتعلمي الأسبانية, كان جدي انكليزياً وانتم تتكلمون جميعاً الانكليزية "
فقال لها انطونيو :
" اعتاد جدي مخاطبة العمال بالأسبانية "
وابتسم ابتسامة عبرت عن سروره للصعوبات التي تكهن بان تلاقيها جيني في اثناء تعلمها الأسبانية , ثم تابع :
" الأفضل لك ان تقتدي بجدك يا ابنة العم الصغيرة "
ولم تكن جيني متأكدة من كونها تحب مناداته لها ب "يا ابنة العم الصغيرة"التي لم تخل من الازدراء أم لا , فظهرت الريبة على وجهها وقالت له :
" إنني لست بارعة في تعلم اللغات "منتديات ليلاس
" آه, فهمت "
وراح انطونيو يداعب ذقنه فتراءى لها وكأنه استاذ مدرسة صبور يواجه تلميذاً عنيداً , وكادت ان تقهقه ضاحكة لكنه أضاف :
" إذن إن كنت عاجزة عن تعلم الأسبانية فلن تستطيعي المشاركة في إدارة المصنع يا جيني . ولهذا السبب انصحك بتعلمها , أما إذا رفضت ..."
ورفع كتفيه معبراً عن الاستسلام .ريحانة
ادركت جيني أن مشروع تعلم الأسبانية لربما اخفى محاولة لارغامها على التخلي عن حصتها في المؤسسة فنظرت إليه مجدداً بتحد وقالت :
" سأتعلم, إن كان الأمر ضرورياً عندما يحضر الأستاذ "
فابتسم انطونيو قائلاً :
"اطمئني لهذا الأمر فأنا أستاذك "
ونظرت جيني الى عمها متوسلة لكنه أكد لها :
" انطونيو استاذ ممتاز يا جيني "
وأدركت هنا جيني مقدار التحدي الكامن في تعلمها لغة جديدة على يد شخص يستخف بقدرتها مثل انطونيو واحست بلهفة لما هو مقبل وقالت بتحد:
" حسناً سأتعلم الأسبانية "

Rehana 14-10-23 05:51 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
2- مناعة ... الحب

ارتأبت جيني حين علمت أن عمها لن يرافقها في زيارتها الأولى للمصنع وتمنت لو انه أصر أكثر مما فعل حين عرض عليها القيام بدور الدليل لكنه رجلاً لطيفاً وإنما لا يستطيع مقاومة قرارات عائلته الصارمة . وقد ورث انطونيو قوة إرادة والدته واعتاد التصريح بما ينوي عمله ثم المباشرة في تنفيذه . وفوجئت جيني بأنه لم يعد يذكر دروس الأسباينة ثانية ولم تكن راغبة قط في تذكيره بالأمل.
امضت يومها الأول في المنزل الريفي تستمتع بالحدائق. وتتكلم مع عمها عن جدها الذي أحباه كثيراً . وتجنبت لقاء عمتها قدر المستطاع لا لأنها تكرهها بل لأن عمتها لم تشجعها على التقرب منها برغم استعدادها هي إكراماً لعمها . ونشبت دونا صوفيا بتحفظها ولم تكلمها إلا عند الضرورة , في اليوم التالي لوصولها .
جلسوا يتناولون الإفطار الأسباني التقليدي وأعلن انطونيو انه ينوي مرافقة جيني لزيارة مصنع انتاج العصير ورفع رفائيل كتفيه مذعناً لقرار ابنه وقال بصوت هادئ :
" كنت أنوي مرافقة جيني بنفسي , لكن إن كنت تفضل أنت مرافقتها يا انطونيو فلك ما شئت "

Rehana 14-10-23 05:52 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وحاولت جيني الاعتراض فقالت :
" لكن ..."
وشرعت تنقل نظرها بين الابن والاب وكانت تخشى الانفراد بانطونيو لمدة طويلة لكثرة ما كان يربكها .منتديات ليلاس
قاطعها انطونيو مخاطباً والده:
" أود الاطلاع على مدة تعليم جدي لجيني عن صناعة العصير"
واجابته جيني من دون تردد :
" لا أعرف شيئاً عنها , ولم يكن جدي يكلمني عن اعماله جين كنا نلتقي , بل كنا نتحدث عن مسائل أخرى "
ثم رمقت انطونيو وتابعت :منتديات ليلاس
" في أي حال لا اظن أن من المهم أن أعرف شيئاً عنها "
ورفع انطونيو حاجبه الأسود وكأنه كان يتوقع ما قالته , ثم ابتسم وقال :
" أرى أنك لن تكوني شريكة جدية لنا ! ولكن لا أحد يتوقع من النساء ان يقمن بهذا الدور"
كان جالساً في الظل يواجهها وقد زادت ظلال اشجار النخيل من دكنة ملامحه وعمق عينيه الداكنتين وابرزت كل خط من خطوط وجهه. واضطربت جيني لرؤيته وتمنت لو استطاعت التوقف عن الانتباه إلى كل هذه الأمور المتعلقة به.ريحانة
وقالت بصوت حاولت جعله ثابتاً برغم خفقان قلبها :
"لا علاقة لذلك بكوني امرأة , كل ما في الأمر أن لم أعد هذه المصلحة أي اهتمام من قبل ولكن اطمئن يا انطونيو فسوف أتعلم بسرعة "
" إني مطمئن "
وحاول ارغامها على النظر إليه مدة أطول مما أرادت ثم تابع :
" لكن ارجوك ألا تظني أنك قادرة على تعلم كل شيء خلال بضع ساعات قليلة فالعمر كله قد لا يكفي لتعلم هذه الأمور "
وهزت جيني رأسها ثم قالت :
" أعرف هذا لكن بوسعي التعلم شيئاً فشئياً فلدي متسع من الوقت "
وأدركت جيني ان انطونيو اعتبر تفاؤلها من باب التهور لكنها رفضت الإذعان له. سألها :
" وهل يعني هذا أنك مستعدة للمباشرة فوراً؟"
لم تجب جيني على سؤاله فوراً بل تناولت بعض العسل ثم قالت :
" أنت تريد مني رميي في الماء من غير ان أجيد السباحة "

Rehana 14-10-23 05:53 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وأحست انه مضطرب لعدم فهمه معنى جملتها فسرت لاضطرابه ونظرت إليه تبتسم ظافرة وقالت مفسرة :
" أعني هل تريد مني أن أباشر العمل فوراً؟"
كان الطقس حاراً جداً وكانت جيني تفضل الجلوس في ظل اشجار النخيل طوال النهار لكن صعب عليها الآن التهرب من التحدي الذي جبهها به . واتضح لها انه ظن انها تحاول التراجع او تأجيل الزيارة فسألها :
" ألا تودين مرافقتي اليوم يا جيني ؟"
وأومأت إيجاباً وهي تلعق العسل عن شفتيها :
" بالطبع سأرافقك , أني متلهفة لزيارة ما ورثته "
وادركت ولكن بعد فوات الأوان انها اخطأت بلفظها كلمة "ورثت ". وثار سخط دونا صوفيا التي اعتبرت كل منها استفزازاً مقصوداً فنظرت إلى جيني بعينين ماكرتين متجاهلة محاولة زوجها لتهدئتها وسألتها بلهجة قاسية :
" هل انت تسخرين من ابني لفقدانه ارثه , يا للهول, ألا تعرفين الشفقة ؟"
واستاءت جيني من اتهام دونا صوفيا لها وحاولت السيطرة على نوبة الغضب التي اجتاحتها, فلم تقصد الهزء من أنطونيو كما ظنت والدته لكن دونا صوفيا لن تقتنع .ريحانة
ولم تكن جيني راغبة في إثارة جدال مع عمتها وكانت على وشك تلطيف الأجواء ونزع قتيل التوتر إكراماً لعمها على الأقل حين قاطعها أنطونيو إذ خاطب والدته بالأسبانية فيما وضع يده على ذراعها وفوجئت جيني بصرامة ملامحه الصقرية في هذه اللحظة .
وأذعنت دونا صوفيا لابنها . وادركت جيني انه نادراً ما كانت دونا صوفيا تتجادل مع ابنها وسبب ذلك انها تعرف انها لا تستطيع قهر إرادته الجبارة على رغم قوة شخصيتها.
وتابعت جيني تناول افطارها محاولة عدم إظهار إحساسها بالراحة لتطور الأمور لكن أنطونيو بدا وكأنه مصراً على بلورة الأمور في ذهنه .منتديات ليلاس
فسألها :
" سترافقينني إذاً يا جيني ؟"
وأومأت جيني إيجاباً وقالت :
" لقد سبق أن قلت لك أني سأرافقك"
وخيل إليها انها ترى بريقاً من الرضى في عينيه , وقال لها :
" ستحتاجين إلى ثوب يغطي ذراعيك "
وكادت ان تحتج على افراطه في التعامل معها وكأنها طفلة صغيرة لكنه قاطعها رافعاً يده وقال مفسراً:
" إن جو المعمل بارداً جداً خصوصاً بعد دفء الشمس في الخارج"

Rehana 14-10-23 05:53 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" آه فهمت "
وحدق فيها بعيني امتلأتا بهجة ثم قال لها بصوت ناعم :
" ما دمت تريدين تعلم الأسبانية فينبغي ان تتعلمي ايضاً ألا تتكلمي قبل ان تفكري جيداً بما ستقولين . هذا من خصائل المرأة, وإن كنت ستصبحين واحدة من آل فرنسيسكو فعليك تذكر هذا"فوجئت جيني بكلامه فحدقت فيه ثم هزت رأسها وقالت :
" لكني لست من آل فرنسيسكو ولا أريد تغيير اسمي يا أنطونيو"
وابتسم للحظة ثم رمق أباه الذي هز رأسه مما زاد في اضطرابها فقطبت حاجبها إلا انه ابتسم لها ثم تمتم بالأسبانية شيئاً لم تفهمه فسألته :
" ما الذي تقوله عني ؟"
وفوجئت به يقهقه وانفرجت أساريره الصقرية الصارمة وأثار رنين ضحكته الناعم الخافت خفقات قلبها وجعلها ترتعش. وأكثر ما أدهشها هو تلك اللطافة والنعومة اللتان فاضتا من ملامحه , وسطعت عيناه سروراً ثم حدق فيها للحظة قبل ان يتكلم قائلاً:
" قلت لتوي اني معتاد الحصول على ما أرغبه "
ثم ابتسم حين رأى حالة الضياع التي انتابت جيني , لكنها قالت :
" وما علاقة هذا الأمر بانتمائي إلى آل فرنسيسكو ؟"
وشعرت بقلق عميق حين رأت علامات الاستياء والغضب على وجه دونا صوفيا .
ظل أنطونيو يبتسم غيراً به لاستياء والدته الواضح وهز رأسه ببطء ثم قال بصوت ناعم :
" سوف تفهمين يا ابنة العم الصغيرة , سوف تفهمين "
كان لجو المصنع البارد والشبيه بالكهف وقع عظيم في نفس جيني فراحت تنظر حولها دهشة . كانت البراميل الخشبية مصطفة على الأرض الرملية في غرف واسعة طليت جدرانها بالأبيض وفي ممرات كممرات الكاتدرائيات وكأنها دهاليز لا نهاية لها .ريحانة
وسمعت جيني اصواتاً دلت على وجود اشخاص كثيرين في المعمل بيد انهما لم يصادفا سوى رجل قصير القامة أسمر اللون , مجعد الوجه تقدم في اتجاههما لحظة وصولهما . وبدا قلقاً او هكذا تراءى لجيني وألقى على جيني نظرة خاطفة , ومستغربة ثم التفت نحو أنطونيو وخاطبه بالأسبانية فظنت جيني انها سمعت لفظة آنسة , وبدا أنطونيو منزعجاً لسماع اخبار هذه الآنسة إذ هز رأسه بصرامة ثم رمق جيني قبل ان يجيب بصوت لبق ومتشدد . ثم التفت نحو جيني ورفع حاجبه وابتسم ثم قال :
" آسف لأنك لم تفهمي ما دار بيننا , واعتذر لاستعمالي الأسبانية لكن العجوز بيديز لا يتكلم الانكليزية "
واجابته جيني بصوت ناعم :منتديات ليلاس
" أظنك مسروراً جداً لكوني لم افهم "

Rehana 14-10-23 05:54 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ولم تستطع مقاومة الابتسام جيني رأت علامات الاستهجان على وجهه .
وسألها بصوت بارد :
" هل تعتقدين فعلاً ذلك ؟"
وأمسك بذراعها .
نظر العجوز إلى أنطونيو ثم تناول كأساً وسكب فيه بعض العصير وقدمه إلى جيني . شربت جيني وادركت انها لم تذق في حياتها شراباً أطيب. وعبرت باللغة الانكليزية عن إعجابها وسر العجوز برغم عدم فهمه لما قالته بالتحديد, ثم خاطب أنطونيو بالأسبانية .
وتذكرت جيني رغبة أنطونيو لها بضرورة تعلم الاسبانية للتعامل مع المستخدمين وسألت أنطونيو قائلة :
" ما هي المدة التي يستغرقها انتاج العصير"
حاولت بطرحها السؤال هذا إظهار بعض الاهتمام الذكي وقد تذكرت انه شكك في ذكائها حين اعترفت له بقلة مقدرتها على تعلم اللغات. منتديات ليلاس
رفع حاجبيه بفضول ثم ابتسم وسار يرشدها في الممرات وسط البراميل الخشبية وهو يمسك بذراعها , ثم قال :
" تستغرق عملية الانتاج وقتاً طويلاً إذا ما أردنا الحصول على شراب جيد النوع "
وابتسم فيما رفع حاجبه مرة أخرى معبراً عن أحاسيس كثيرة ومتنوعة وقال :
" أخشى ألا تكون هناك طريقة لجني الأرباح بسرعة "
ثار سخط جيني لكلامه وصاحت به :
" إني لا أفتش عن طريقة للكسب السريع بل أنا مهتمة فقط بتعلم كل ما يجب أن أتعلمه "
ولاحظت ان تصرفاته الهادئة وابتسامته كانت تخفي مقداراً كبيراً من الاحتقار لجهلها وتساءلت استفزازه لزعزعة ثقته بنفسه فقالت :
" لربما من الأفضل ان أسأل غيرك عن هذه الأمور "
ارتبك لكلامها وسألها :
" عفواً , لم أفهم؟"
وشجعها ارتباكه على متابعة استفزازها له فرمته بمكر ورفعت حاجبيها ثم ابتسمت وقالت :
" تساءلت لتوي هل أنت الشخص المناسب للإجابة عن اسئلتي حول انتاج العصير, لربما أفادني عمي رفائيل او أحد مستخدمي المصنع أكثر منك . لم يخطو قط في بالي أنك قد تجهل بعض الأمور بل افترضت انك ملم بكل التفاصيل"
وصمت أنطونيو لبعض الوقت لكنه أطبق قبضة يده على ذراعها وشد بأصابعه عليها فآلمتها وقال لها بصوت ثابت وهادئ جعلها ترتعش:
" يا لوقاحتك "

Rehana 14-10-23 05:54 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" وقاحتي"
رمقت جيني وجهه الداكن والصارم وادركت انها بالغت في استفزازها له لكثرة تهورها .
وقال لها بسرعة :منتديات ليلاس
" أتعرفين معنى هذه الكلمة؟".منتديات ليلاس
وحاولت جيني ترطيب شفتيها ثم قالت :
" بالطبع أعرف ولكن لم ... لم أعنِ... لم أكن وقحة "
وحاولت تهدئة أنطونيو بعد أن نجحت في زعزعة ثقته بنفسه .وانزعجت للقساوة والقوة اللتين رأتهما في وجهه .منتديات ليلاس
وسار بصمت يقودها عبر الممرات وسط الجدران البيضاء وبين البراميل التي تراءت لها في ظلمة المعمل الباردة وكأنها وحوش مفترسة وتوقف أنطونيو في مكان مقفر وهادئ وتصورت جيني أنه من السهل على المرء ان يختفي من الوجود في مكان كهذا .ولم تستطع تحمل الصمت مدة أطول, فقالت :
" كنت أعني أنه لربما لم يكن لديك الوقت الكافي لتعلمني كل شيء "
ورمقها أنطونيو كأنه تكهن بما يساور ذهنها من شكوك وكانت أصابعه لا تزال تقبض بشدة على ذراعها الناعمة . حاولت جيني الافلات من قبضته لكنها لم تفلح وكأنه يزدرئ ضعفها . وزاد من شدة قبضته وبدا وكأنه قاض يسعى وراء الانتقام . وأحست بالذعر يعتر بها فجأة .
" أنطونيو ارجوك هل تستطيع أن ..."
لكنه قاطعها بصوت صارم وخافت متجاهلاً رجاءها :
" إني أعرف هذه المصلحة معرفتي لذاتي , وقد تعلمتها منذ طفولتي لإيماني انها ستصبح ملكاً لي يوماً . تعلمتها كما تعلم الطفل الأبجدية بعكسك أنت ايتها النحيلة . هذه حياتي ولن أدع أحداً ولا حتى انت أن ينتزع قسماً منها "
" أنطونيو ارجوك "
والتفت إلى الخلف ورأت أن المكان خال إلا منها وراح قلبها يخفق بسرعة فيما سار أنطونيو بسرعة وهرعت للحاق به.
وسألها بصوت قاس فيما اصابعه راحت تجرها :
" تعتقدين أن بأمكانك التعلم ؟ إنك لا تعرفين شيئاً"
" أرجوك "
وحاولت مجدداً الافلات منه وقد امتلأت عيناها بالدموع .
" أرجوك أريد العودة"
توقف فجأة ونظر إليها وبرقت عيناه الداكنتان في النور الخافت ثم هز رأسه وكأنه يريد التخلص منها وأرخى قبضة يده عن ذراعها فنظرت إليه بعينين مذعورتين, مفضوحة بدموعها فيما كان قلبها يخفق بسرعة .منتديات ليلاس

Rehana 14-10-23 05:55 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" جيني ؟"
وقطب حاجبيه كأن دموعها أربكته .
" إني ... إني آسفة ... لن أرد"
استدار أنطونيو لمواجهتها ووضع يده على ذراعيها وضاقت عيناه فضولاً فيما نظر إليها ثم سألها :
"مم أنت خائفة ؟"
لم تجبه جيني بل اخفضت عينيها وحاولت ألا تنتبه لقوة وضخامة جسمه.
"جيني !"
رفع ذقنها بيد قوية فواجهت عيناها عنقه الأسمر والنبض الخافق في أسفله , ثم قال لها بصوت ناعم :
" انت تسيئين فهمي مرة أخرى يا ابنة عمي الصغيرة"
وهمست :
" أرجو يا أنطونيو أن تعيدني إلى المنزل "
لكنها رفعت رأسها وحدقت فيه غاضبة حين سمعت رنين ضحكه الناعم والعميق. وانزلقت يداه ببطء حول عنقها الناعم وعصرت أصابعه القوية عنقها لبرهة ثم ضحك من جديد لكنه بدا غاضباً.ريحانة
" هكذا اعتقدتِ أني جئت بك إلى هذا المكان كي ..."
وعبر بحركة من يده عما كان يساورها , فارتعشت وتوسلته بصوت خافت:
" وكيف لي أن أعرف ما تنوي عمله"
وحاولت جاهدة ان تسيطر على ارتجاف ساقيها فيما أمسك بذراعها من جديد وسألها بقوة :
" تعتقدين أني أرغب على قتلك كي احصل على ما هو ملكي"
ورمقته جيني بطرف عينيها متوسلة وقالت :
" إني...إني آسفة "
وتمنت لو استطاعت التغلب على ضعفها وهي لم تعتد البكاء وطلب الرحمة من قبل وهاهي الآن تتوسله ان يتركها لكن يديه القويتين احكمتا قبضتهما عليها لمنعها من الفرار .
وسألها مجدداً بصوت هادئ وطبيعي :
" هل تظنين فعلاً انني قد أقدم على عمل كهذا؟"
ونظرت الى وجهه الصقري القاسي واعترفت هامسة :
" لا أدري"
" يا للهول, يالك من حمقاء"

Rehana 14-10-23 05:55 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وفوجئت جيني بذراعيه تلفانها وبجسمه يلتصق بها فافلتت منه بسرعة وهرعت لاهثة في الممر وإذا بها تصطدم بالعجوز بيريز الذي غمرها ايضاً بين ذراعيه ولكن بلطف ونظرت الى وجهه ورأت علامات التعجب والفضول عليه وتخطاها بنظرة يسأل انطونيو عن تفسير لما يحدث.
وقف أنطونيو حيث تركته وبدا عليه السخط الشديد .وسألها العجوز :
" ما بك يا آنستي ؟"
التفتت إلى الخلف ثم رطبت شفتيها وسألت العجوز بلهفة :
" أرشدني إلى المخرج , أرجوك"
ورفع العجوز كتفيه حائراً وألقى بنظرة إلى أنطونيو ثم قال لها معتذراً :
" لا أفهم الانكيزية يا آنستي , إني آسف"
فكررت جيني سؤالها بيأس :
"المخرج ؟ اين المخرج ؟"
وادركت أن الأوان كان قد فات عندما رأت أنطونيو يتجه نحوهما وغار قلبها ذعراً فيما ارتاح العجوز لقدوم مستخدمه .
كان أنطونيو يربكها في الظروف العادية فكيف وقد حاول الآن معانقتها وشعرت بضعف غريب وبرغبة جامحة في الفرار بسرعة .منتديات ليلاس
وشرع العجوز قائلاً:منتديات ليلاس
"دون أنطونيو "
لكن أنطونيو أومأ له أن اصمت ثم نظر إلى جيني وقال لها بصوت رقيق:
" لقد تصرفت برعونة يا ابنة عمي الصغيرة " وأمسك بذراعها مجدداً ثم تابع " لماذا حاولت الهرب؟"
وهمست بسرعة :
" أنت مدرك تماماً السبب"
وأثار التعبير الذي اعترى وجه العجوز سخطها وكأنما اتضحت له فجأة حقيقية ما يحصل.
وسألها أنطونيو بهدوء:
" هل حاولت الفرار لأنني عانقتك ؟ لماذا يا جيني ؟ هل تلوذين بالفرار كلما عانقك رجل؟"
وصرخت جيني باكية :
" اتركني وشأني".ريحانة
وابتعدت عنه متجهة نحو نهاية الممشى من غير ان تدري إلى اين يؤدي, ما لبث ان لحق بها وأمسك ذراعها بيده من جديد وراحت أصابعه الرشيقة تداعب بشرتها الناعمة بلطف لكنها انتزعت ذراعها وابتعدت عنه بقدر ما سمح لها ضيق الممر . وابتسم ثم سألها برقة :
" هل افهم منك ان رجلاً من قبل لم يعانقك ؟ لا استطيع تصديق ذلك يا جيني "

Rehana 14-10-23 05:56 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" كان الأمر مختلفاً من قبل"
ورفعت كتفيها غير راغبة في متابعة الكلام , كل ما أرادت هو الابتعاد عنه والخروج من جو المعمل البارد والعودة إلى دفء الشمس.
وكرر سؤاله بصوت لطيف لكن باصرار :
" وكيف ذلك ؟"
وشعرت من جديد بضعفها , وبلعت ريقها بصعوبة وحاولت السيطرة على خفقات قلبها المتسارعة والمستجيبة لملامسته ذراعها ثم قالت بصوت خافت :
" من الخطأ ان تعانقني فأنت ابن عمي"
سمعت رنين ضحكه القاسي وذعرت , ثم أفلتت ذراعها من قبضته وسارت في الممشى بعيدة عنه , عادت إلى ذاكرتها لتلك النظرات التي تبادلها أنطونيو مع العجوز لدى وصولهما.
واتضح لها ان ثم امرأة أتت لمقابلة أنطونيو عالمة بوجوده في المعمل ولم يسر أنطونيو لقدومها بل انزعج لورود اسمها !! جيني على رغم عدم فهمها الأسبانية, وتساءلت حول هوية هذه المرأة , وسألها من جديد:
" هل تعتقدين انه من الخطأ ان يتعانق اولاد العم؟ لماذا يا عزيزتي ؟"
" أننا أقوياء ما فيه الكفاية "
" أهاه!"
أرفق صيحته اللاتينية هذه بحركة واسعة بيده وكأنه يبعد شيئاً لم يحبه . وتذكرت جيني ان من عادة أنطونيو ان يتجاهل الأمور التي تزعجه او تحول دون تحقيق رغباته وكأنها غير موجودة.منتديات ليلاس
وتراءى لها المدخل على مسافة قصيرة إلى الأمام فحثت خطاها في اتجاهه. كانت تشعر بالراحة لمجرد دنو لحظة خروجها إلى الشمس.
وتعجبت لراحتها هذه على رغم اضطرارها إلى العودة برفقة انطونيو في السيارة حيث لن يوجد من ينجدها إذا ما احتاجت إلى أحد , واعترفت في قرارة ذاتها انها كانت تبني كثيراً من الاستنتاجات ولربما ظلمت بعضها انطونيو كما ادعى لكنها لم تستطع نسيان تلك النظرات الخاطفة التي تبادلها مع العجوز لدى وصولهما .
اقتصرت معرفتها للأسبانية على بعض الكلمات الأساسية لكنها كانت متأكدة من انه تمنى لو لم تسمع بعض ما ورد في حديثهما وايقنت ان لفظة آنسة تتعلق بامرأة أراد انطونيو اخفاءها عنها . أربكتها حال انطونيو هذه أكثر من حالات الغضب او الازدراء لها باتت تعرفها . وعلى رغم محاولته معانقتها , شعرت بتزايد تأثيره عليها يوماً بعد يوم .
ايقنت انه لا ينوي إيذاءها , رغم استيائه منها بسبب حرمانها له من امتلاك المصنع برمته وقد أظهر لها مقدار تعلقه به .ريحانة

Rehana 14-10-23 05:57 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
توجها معاً نحو السيارة المتوقفة واحتفظ بيده على ذراعها من دون ان يداعبها بل كان يقبضها بغضب وكأنه اغتاظ لملاحظتها حول صلة القرابة بينهما , وقال لها :
" جيني "
حاولت الافلات منه وراح قلبها يخفق بسرعة فائقة . ونظرت إلى عينيه الداكنتين وحاولت فهم التعبير الذي رأته فيهما لكنه تابع يقول :
" هل تظنين ان صلة القرابة بيننا تمنعنا من المعانقة ؟ هذا سخف يا جيني "
" لست من رأيك"
لم تنظر إليه لكنه أمسك بذقنها ورفع وجهها نحوه كما فعل في المصنع من قبل , وعلق نظرها مجدداً على عنقه الأسمر والنابض وانكمشت يداها على صدره ثم ابتعدت عنه .
وقال بصوت هادئ مقنع :
" صحيح أن أبوينا من جد واحد ولكن ..."
وحاولت جيني فهم سبب اصراره لكن من دون جدوى , وبدا مصراً على ان تعتنق وجهة نظره فقالت :
" هذا يجعلنا ابناء عم "
لكنه أصر قائلاً :منتديات ليلاس
" نعم , لكننا لسنا أبناء عم , فوالدي شقيق والدك من أم ثانية "
" أعرف ذلك ولكن ..."
لكنه قاطعها بقوة :
" مما يعني ان الدم الذي يجري في عروقنا ليس مشتركاً إلا بنسبة قليلة "
" لا أنكر ذلك ولكن ..."
"إذن"
رفعت جيني عينيها أخيراً ونظرت إليه بفضول وقد شعرت انه حمل كلمته الأخيرة أكثر من معنى فسألته :
" أنطونيو ؟ وما أهمية هذا الأمر ؟"
صمت أنطونيو قليلاً وغارت عيناه الداكنتان ثم شدد قبضته على ذقنها فجأة وافتر ثغره عن ابتسامة أثارت خفقان قلبها ثم قال بصوت هادئ:
" لأنني أنوي الزواج منك يا ابنة عمي الصغيرة ".منتديات ليلاس
تمكنت جيني بعد جهد من حمل عمها على التكلم معها على حدة فخرجا إلى الحديقة في مساء اليوم ذاته وكان مهتماً لمعرفة ما يجول في ذهنها فسألها بأسلوبه اللطيف والناعم :
" هل من أمر يزعجك ايتها الطفلة ؟ لربما عمتك ..."

Rehana 14-10-23 05:58 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وسارعت جيني ان طمأنته قائلة :
" كلا, ليست عمتي صوفيا إنما انطونيو يا عمي رفائيل"
أكفهر وجه عمها عند سماعه كلامها وكأنه يرفض التكلم عن ابنه واجهت جيني صعوبة في اكمال كلامها فعضت على شفتيها مضطربة وسمعته يقول لها :
" كنت آمل ان تتوطر الصداقة بينكما"
ثم بسط ذراعيه معبراً عن أسفه.منتديات ليلاس
نظرت إليه جيني وادركت فجأة انه على علم بخطط أنطونيو للزواج منها ولابد ان تكون دونا صوفيا على علم بها ايضاً مما يفسر كرهها لها . رطبت جيني شفتيها مرتبكة لكنها ادركت ان عليها متابعة تقصي الحقائق على رغم اضطرابها وقالت بصوت حاولت إعطاءه نبرة البرودة:
" أني على أتم الاستعداد لأن أكون صديقة لأنطونيو , لكنه يريد مني أكثر من ذلك. أليس كذلك يا عمي رفائيل"
ورمقت عينيه الحزينتين فتذكرت عيني جدها واحست بالشفقة حياله من دون أن تعرف السبب. ومشى بجانبها عبر الحدائق العطرة وذراعه حول خصرها ثم قال لها بعد صمت طويل وبصوت هادئ ورقيق:
" نصحت انطونيو بالانتظار مدة أطول حتى يتسنى لك الاعتياد على اسالبينا وعلى حياتنا وبلادنا. ولكن ..."
وبسط ذراعيه مستسلماً :
" لكن ابني رجل لا يعرف وينال دائماً ما يريد"
وصاحت به جيني :
" لكن لن ينال مني"
لم تكن مقتنعة بما قالته إذ كانت متأكدة من أن أنطونيو قادر على اقناع الطيور بمغادرة الأشجار إذا أراد , وكانت تخشى قدرته على تحريك مشاعرها.منتديات ليلاس
والتفت رفائيل بسرعة لسماعه رفضها ورمقها بعينين ضيقين ثم سألها :
" وهل صارحت أنطونيو بهذا؟"
أومأت جيني إيجاباً ثم قالت:
" نعم , بالطبع"
وقطبت جيني حاجبيها حين تذكرت رد فعل أنطونيو. وتوقعت وقتها ان يجادلها او أن يصر عليها كعادته لكنه اكتفى بهز رأسه وبالابتسام ثم فتح لها باب السيارة .
وهز رفائيل برأسه فقطبت حاجبيها من جديد وقال لها بصوت متأسف:
" من المؤسف انك تصرفت بهذا التهور . كانت الحكمة تقضي بأن تنتظري بعض الوقت قبل الاجابة"

Rehana 14-10-23 05:58 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وذهلت جيني حين سمعت قوله وهزت رأسها غير مصدقة وقالت " ولكن هل تعني انك موافق على خططه, أي أنك تريدني ان اتزوج أنطونيو"
ورفع رفائيل مجدداً كتفيه ثم بسط يديه وقال :
" وما الضرر من ذلك ايتها الطفلة ؟"
ذهلت للموقف المتباين الذي تبناه وكانت تحسبه حليفاً لها وقالت :
" ولكني لا أكاد أعرفه"
ثم تذكرت حادثة العجوز في المصنع فتابعت :
" ألا توجد امرأة اخرى في حياة أنطونيو؟"
رمقها وقد اضطرب ثم قال :
" كلا يا جيني لا نساء في حياته"
كانت تتمنى تصديقه لكنها كانت مقتنعة بتفسيرها للحوار الذي دار في المصنع فرمقته بفضول وقالت وهي تحاول انتقاء الكلمات المناسبة :
" ظننت ... قد أكون مخطئة"
ورنا إليها رفائيل بعيني حزينتين ثم قال بصوت رقيق :
" انت لا تعلمين ايتها الطفلة ان جدك أراد لك ان تتزوجي أنطونيو وهو الامر الذي مدا به إلى جعلك وريثة له وهذا سبب قدومك إلينا "
حدقت جيني في عمها وسطعت عيناها الخضراوان في النور الخافت وقد اتسعتا لدهشتها وتضاربت الأفكار في ذهنها لما سمعت . لقد بدا رفائيل واثقاً من كلامه ولكن صعب عليها التصديق بأن جدها يتصرف بهذا الشكل وهي التي اعتقدت انه أحبها . وقالت بسرعة :
" لا , لا استطيع تصديق ان جدي قد يعاملني بهذه الطريقة إذا كان يحبني "
" وكان يحب أنطونيو ايضاً".ريحانة
ووضع رفائيل يده بلطف على ذراعها وتابع :
" كان دائم التحسر على التفرقة التي سادت عائلتنا وهو الذي أرادها متحدي بشقيها واعتبر أن زواجك من أنطونيو هو السبيل الوحيد لاعادة لحمة العائلة يا جيني "
وهمست قائلة :منتديات ليلاس
" لكن هذه الحسابات مريعة "
" لا, لا ايتها الطفلة"
دل احتجاجه هذا على عدم معارضته مشروع والده وعلى المرونة التي كان يتعامل بها مع الموضوع , وسمعته يقول :
" يتعدى زواجكما كونه مناسباً فهو زواج لحمة ايضاً إذ ستنمو العائلة كما تمنى والدي وتستمر مؤسسة فرنسيسكو وأولاده مزدهرة"

Rehana 14-10-23 05:58 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وصاحت جيني بيأس :
" كلا استطيع الزواج في ظروف كهذه خصوصاً من أنطونيو "
وعبرت عينا رفائيل عن ارتباك كبير وكأنه لا يستطيع فهم امرئ لا يحب أنطونيو وسألها:
" ألا تحبين أنطونيو؟".منتديات ليلاس
تفادت جيني النظر إليه لكن قلبها راح يخفق بسرعة جنونية حين تذكرت معانقة أنطونيو لها وملامحه القاسية حين نعتها بالرعونة وادركت انه لن يتردد ابداً في الزواج منها من أجل الحصول على حصتها . وهي تفضل الموت على التخلي عن حصتها بهذه الطريقة واجابت عمها بصوت هادئ:
" إني أكن كل المودة لأنطونيو , لكني لن أتزوج منه مهما كانت الظروف . آسفة يا عمي رفائيل . لكن تربيتي تمنعني من القبول بأمور كهذه . لا استطيع الزواج لتلبية رغبة جدي او للحمة العائلة . لم نعد في القرون الوسطى يا عمي رفائيل ولا يتزوج الناس لدوافع مماثلة في أيامنا"
وصمت لوهلة لكنه تابع السير بجانبها . كانت جيني لا تزال تستصعب التصديق ان جدها الذي احبته حباً جماً وظنت انها تعرفه معرفة وثيقة قد خطط مستقبلها بهذه الطريقة . وسألها رفائيل بصوت ناعم :
" تنوين الزواج بدافع الحب وحده, ايتها الطفلة "
ورمقته جيني وادركت مجدداً مقدار استهجانه رفضها الزواج من ابنه , وقالت موافقة :
" متى قررت الزواج فلن أتزوج إلا بدافع الحب. هذا هو السبيل الصحيح الوحيد يا عمي رفائيل"
" هذا معقول "
وطأطأ رأسه لبرهة وجيزة ثم نظر إليها وابتسم فيما سألها بصوت ناعم:
" ولم لا يكون الحب دافعك ايتها الصغيرة ؟ انت لا تنوين مغادرتنا أليس كذلك؟"
هزت جيني رأسها مترددة , ولم تعد واثقة ابداً من صواب بقائها في المنزل بعد أن سارت الأمور على هذا المنحنى وقالت :
" لا, لن أغادركم او بالأحرى ليس في القريب العاجل".ريحانة
وابتسم فتوجهت أسنانه في الظلام ثم قال بصوت هادئ:
" سيكون الوقت كافياً إن شاء الله"

Rehana 17-10-23 06:13 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
3- الحوار القاسي

وجدت جيني صعوبة في التصرف وكأن شيئاً لم يحدث وادركت انها باتت تحاول تفادي لقاء أنطونيو على رغم عيشهما في منزل واحد وعلى رغم دروس الأسبانية . لم يبد أنطونيو منزعجاً أبداً لكونه أفشى لها مخططاته للزواج والدوافع الكامنة وراء قراره, كان نادراً ما يحقق في الحصول على ما يريد.
كان يعتبرها جزاءاً من المؤسسة التي يمتلكها عن حق وهو مستعد لأي شيء في سبيل تحقيق رغباته . وبرغم اصرارها على رفض مقترحاته كانت تحس بفضول احياناً لمعرفة موقفه منها إذا ما استمرت في رفضها . وشعرت بالمغامرة لبقائها في المنزل في حضور انطونيو ورفضها له.منتديات ليلاس
لم تفهم جيداً الدوافع التي حددت بها إلى قبول دروس الأسبانية لكنها ادركت ان لعمها رفائيل دوراًكبيراً في قرارها لكونه متلهفاً لأن تتكلم لغتهم. ولم تجد سبباً مقنعاً للاعتراض فقد لعب طابع التحدي الذي اضفاه انطونيو تشكيكه في مقدرتها الذهنية على تكلم الأسبانية دوراً مهماً إذا سمحت الفرصة أمامها كي تبرهن انه مخطئ في الاستخفاف بها .
فوجئت لكونها تكيفت تماماً بعد مرور أربعة أسابيع على اقامتها في المنزل الذي احتفظ ببعض بصمات جدها اضافة إلى طابعه الأسباني الأكيد وكانت تحب جو غرفتها وتستمتع بالنوم في سريرها الحريري الكبير وسط اعمدته الأربعة وقد احاطت بها الرفاهية من كل جانب احبت البساط واغطيت السرير المعلقة والنوافذ المقنطرة والعالية التي تطل من خلال التلال الخضراء وأزهار الورد والمانوليا التي تدلت على حافة النوافذ مالئة الغرفة الواناً وعطراً. وادركت جيني انها لم تسكن في حياتها غرفة أجمل وشعرت انها بمكوثها في هذا المنزل تلبي مشيئة جدها وكانت عازمة على الاستمرار ولو رفضت الانصياع لبقية مخططاته لها .
هبطت السلم ما بعد ظهر ذات يوم تتأبط كتاباً واحست بشعور الانتفاضة ذاته الذي يتكرر لاقتراب موعد الدرس مع استاذها القليل الصبر . كانت بطيئة في تعلم اللغات وغالباً ما كان صبر انطونيو ينفذ لظنه انها تتعمد ارتكاب الأخطاء.
التقت به في الغرفة المجاورة للبهو ورمق ساعة يده حين فتحت الباب . وقد حولت المكان إلى غرفة دراسة فيها مكتب ضخم فرب النافذة وآخر أصغر منه عند الحائط المقابل للتخفيف من سبل التلهي .منتديات ليلاس
كان انطونيو مختلفاً عن جميع الأساتذة الذين عرفتهم . وكانت تنزعج لكثرة انتباهها إلى قميصه الأبيض الذي يعطيه طابعاً من القوة والشراسة وعنقه الأسمر القوي والنابض وملامحه الصقرية وقد زادت ركنتها في جو الغرفة الباردة والظليل .

Rehana 17-10-23 06:14 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
جلس على حافة المكتب وساقه تتأرجح ونظر إليها ثم قال :
" لقد تأخرت "
قطبت جيني حاجبيها لملاحظته التي طالما كررها واجابته بصرامة :
"انطونيو لست تلميذة في المدرسة ولست مضطرة إلى الحضور في ساعة معينة"
واجابها بهدوء:
" اعتقد ان حسن التهذيب يقتضي بأن تتقيدي بالمواعيد ولربما لست تلميذة مدرسة يا ابنة عمي الصغيرة لكني لست ايضاً مدير مدرسة وإذا ما استمرت تتعمدين الحضور متأخرة فسأضطر إلى اتخاذ إجراءات لتقويمك تفوق صداقتها كتابة السطور"
واحمر وجه جيني غضباً ورمت الكتاب على المكتب وسطعت عيناها حين نظرت إليه وقد وقف على بعد قد أو قدمين منها وقالت :
" لا أبالي ان تعلمت او لم أتعلم"
وتمتم :منتديات ليلاس
" تباً لك, يا لك من طفلة عنيدة"
وصاحت به :
" لست طفلة ولست عنيدة أبداً وإذا ما استمررت بضيق خلقك فإني راحلة "
كان من الواضح انه لم يفهم التعبير الانلكيزي الذي استعملته فابتسمت لارتباكه ورمقته بطرف عينها ثم قالت :
" انت في حاجة إلى ان اعطيك بعض الدروس في الانكليزية"
ورأت الغضب في عينيه , فأجابها بصوت بارد:
" من الأفضل ألا تكوني وقحة ؟"
ثم تناول الكتاب الذي رمته على المكتب وتابع :
" إنني أجيد الانكليزية واظن ان اللفظة التي استعملتها غير صحيحة نحوياً ".ريحانة
وترجمة له جيني التعبير :
" ضيق الخلق يعني سيء الطباع لكنه أكثر ملاءمة في الحال هذه"
وتنهد أنطونيو وكأنه يبحث عن الصبر الكافي ثم قال :
" يا إلهي هناك أوقات استطيع أن ..."
وقبضت يداه السمراوات على الكتاب وكأنهما تحاولان سحقه ونظر إليها بغضب ثم سمعته يتنهد وأشار إلى كرسيها وقال :
" اجلسي , لن نهدر مزيداً من الوقت في اشياء تافهة"
ولما ادركت ان صبره على وشك النفاد جلست وراء المكتب الصغير مذعنة برغم احساسها بالظلم لمعاملته لها وكأنها تلميذة مدرسة , وكانت تتوق للتعبير له عن رأيها فيه فعزت نفسها باليوم الذي ستتقن فيه الأسبانية.

Rehana 17-10-23 06:15 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
فتح الكتاب عند صفحة معينة ووضعه على الطاولة أمامها وأشار باصبعه إلى مقطع عليها محاولة قراءته . كان يعتمد هذا الأسلوب لتدريسها اللفظ وهي تكره القراءة لكثرة الأخطاء التي ترتبكها.
وقال لها باختصار :
" حاولي قراءة هذا المقطع "
ثم عاد إلى الجلوس على حافة المكتب وساقه تتأرجح من جديد, ثم تكتف وراح يراقبها بعينيه السوداوين.منتديات ليلاس
شرعت بالقراءة وبارتكاب الأخطاء في لفظ الكثير من الكلمات التي غالباً من ظنت انه يستحيل عليها لفظها. وكانت تحاول تذكر الفروق بين الانكليزية والأسبانية وتعرفت إلى اسم واحد وهو مدينة قادش فسارعت إلى لفظه لكن أنطونيو استوقفها قائلاً بغضب:
" لقد اخطأت لفظ كلمة قادش كعادتك يا عزيزتي , لماذا ؟ "
واجابت :
" لست أدري , ربما لأنك جالس على المكتب هنا ترقبني وكأنك صقر ينتظر لحظة ارتكابي الخطأ للأنقضاض عليّ, إنك تثير أعصابي فلا يعود في وسعي حفظ أي شيء"
" أنا ... أنقض"
وفاضت ملامح وجهه بالاستهجان وتأكدت لتوها من صحة استعمالها لكلمة انقضاض , إذ كان يذكرها بتلك الطيور الكبيرة المنقضة .لكن استعداده للانقضاض لم يكن السبب الوحيد لعصبيتها . وعدم تركيزها بل كانت هناك أسباب أخرى لم تستطع تحديدها حتى الآن لكنها كانت تربكها .منتديات ليلاس
وأصرت على موقفها فقالت :
" أنت حقاً تنتظر لحظة الانقضاض عليّ , وتعلم هذا الأمر يا أنطونيو"
" وأنا أثير عصبيتك ؟"
" أجل"
استاءت لاعترافها هذا لادراكها انه أقل غضباً مما توقعت ولاحظت ان عينيه السوداويين تراقبانها عن كثب . وسألها بصوت هادئ:
" وما السبب ؟"
ثم ابتسم للحظة .
اجابته بصوت خافت متفادية النظر إليه :
" لقد سبق ان اخبرتك عن السبب , لأنك تتوقع مني أن أخطئ فلو ذهبت وجلست في مكان آخر لاستطعت التركيز على نحو أفضل "
" أهاه..."

Rehana 17-10-23 06:15 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
عبرت صيحته هذه عن الكثير وافتر ثغره عن ابتسامة عريضة غمرت عينيه وخفضت عن مساوئهما المعهودة فراح قلبها يخفق بسرعة:
" لا أحب ان يراقبني أحد عن كثب في أثناء الدراسة , لا أحد يحب هذا ..."
" لكن من الطبيعي ان يراقب الاستاذ تلميذته"
وانحنى في اتجاهها فجأة وحاول التقاط أفكارها ثم قال :
" أنت تحاولين التذرع يا جيني ؟ أليس كذلك ؟"
ارتجفت يداها وعضت على شفتيها قلقة ثم قالت :
" أني لا اتذرع , ارجوك يا أنطونيو ان تذهب وتجلس وراء المكتب الثاني"
"إني متلهف لمعرفة سبب الهائي لك عن دروسك يا جيني "
ثم داعب ذراعها بلطف فارتعشت وسحبتها وأن على مضض وسألها برقة :
" كيف ذلك ؟"
"أنطونيو أرجوك"
كانت تريده أن يبتعد عنها ويجلس وراء المكتب المقابل او أن يخرج من الغرفة , إذ ادركت فجأة قوة حضوره في ذهنها وهي لم تعهد الشعور هذا قبلاً ورأت في عينيه انه يعي تماماً تأثيره عليها , وقد أخطأت في الكشف له عن مدى تأثيره لكونه قادراً على استغلال قدرته هذه لتحقيق أغراضه .منتديات ليلاس
وقال بصوت ناعم :منتديات ليلاس
" يا عزيزتي ..."
وانحنى أكثر نحوها ثم أمسك ذقنها ورفعها نحوه . تسارعت خفقات قلبها بقوة وارتخت ساقاها لكنها ابعدت يده اللطيفة عن ذقنها بقوة وعضت على شفتيها متحدية, وقررت ألا تسمح لنفسها بالتأثر بمحاولاته الوصولية للتقرب منها .منتديات ليلاس
وقالت له بصوت خافت ومضطرب :
" لا جدوى يا أنطونيو, لن أغير رأيي مهما حاولت اقناعي"
وارتفع حاجباه بتساؤل مع انها ايقنت انه فهم تماماً قصدها لكنه قال بصوت هادئ:
" لم أفهم قصدك , هلا فسرت لي"
" لا داعي للتفسير. فأنت تعلم أني أعرف أنك تحاول بكل الطرق ارغامي على الزواج بك كي تحصل على حصتي في المصنع , لن أستطيع أبداً"
وسألها بقساوة وقد فاض الغضب من عينيه :
" يبدو لي أنك تنظرين إلى زواجك بي وكأنه أمر مريب"
ثم نظر إليها بقساوة وقال غاضباً:
" ألا تدركين ان هناك الكثيرات من النساء يتمنين لو كن مكانك؟"

Rehana 17-10-23 06:17 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" إذن تزوج احداهن"
ونظرت إليه لاهثة مضطربة وبرقت عيناها وكأنهما بحران كريمان ثم انكمشت يداها على الكتاب الذي يفترض بها أن تقرأه .
قاوم نظراتها لبعض الوقت وفاق غضبه ثم نهض فجأة وجارته في النهوض لا شعورياً ووقفت وراء المكتب مرتابة للعاصفة التي أثارتها فيه .
ثم استدار فجأة ووضع يديه في حيوية وشمخ رأسه بتعجرف ثم قال بصوت قاس ومؤثر:
" لأنني لا أريد الزواج بأحداهن , اريدك انت زوجة لي, وسأبلغ هدفي , أعدك بذلك يا حبيبتي بل اقسم لك أني سأفعل هذا "
ألقت جيني بنظرة خاطفة عليه, قلبها يخفق بسرعة جنونية لتصريحه هذا لكنها سرعان ما تذكرت نواياه الجشعة ووصوليته فقالت بصوت مضطرب:
" هل لأني أملك حصة في مؤسسة فرنسيسكو وابنه "
" آه , يا لشهامتك "
ونظرت إليه بتحد حين التفت فضحكت للحظة حين رأت عينيه الضيقتين وثغره الملتوي ثم قذفته بالكتاب وسارت باتجاه الباب :
" لا تتعب نفسك في تعليمي الأسبانية يا أنطونيو فهو لن يجديك نفعاً "
" جيني "
لم تلتفت بل وقفت أمام الباب الموصد وشدت يدها على راحة كفها حين احست بوقع خطاه تقترب منها . وقف وراءها على مقربة وكانت تشعر بغضبه الجامح وبمحاولاته السيطرة على اعصابه وفوجئت بصوته الهادئ يقول لها :
"عودي أدراجك وأكملي الدرس"
استدارت على نفسها ونظرت إليه مقطبة الحاجبين . ثم هزت رأسها ببطء وثبات وقالت :
" لا, لا أرى جدوى في متابعتي الدروس"
لكنه أصر:
" أن اردت البقاء شريكة في المؤسسة فعليك ان تتعلمي ". ريحانة
وترددت فترة ثم التفتت لتواجهه وعبرت عيناها عن ارتكابها :
" وإذا قررت الرحيل "
وخيل إليها للحظة انها رأت شبح ابتسامة على ثغره الواسع وفي عينيه الداكنتين وقال لها بصوت رقيق:
" سأعتبرك عندئذ حمقاء كما اعتدت أن أناديك والحقيقة انني لا أعني ما أقول يا جيني "
وارتخت قبضتة اصابعه بعض الشيء وعاودت خفقات قلبها إلى التسارع ثم تنهدت وقالت محاولة الظهور بمظهر غير المستسلمة:
"سوف أبقى ولكن ... انتظر حتى أتقن الأسبانية فسأعبر لك عندئذ عن رأيي فيك وأظن انك لن تسر لسماعه"

Rehana 17-10-23 06:18 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ومد يده نحوها يرشدها إلى المكتب ويناولها الكتاب وقال :منتديات ليلاس
" معقول , أما الآن فعليك تعلم الأسبانية يا ابنة عمي الصغيرة وقد تفكرين لاحقاً في انتقادي"
وشدد قبضة اصابعه للحظة على يدها وابتسم من جديد ثم قال بصوت ناعم:
" سوف نرى , سوف نرى"
اقترح عمها عليها ان ترافق أنطونيو لركوب الخيل لكنها رفضت ضاحكة وأكدت له انها لا تحب ركوب الخيل . ولم يصر أنطونيو عليها لكنه كان قد عرض عليها سابقاً مرافقته لرؤية الجياد.منتديات ليلاس
لم تحب الخيل في حياتها وكانت تدرك في قرارة ذاتها انها تخشاها ولا تكرهها . لكنها قررت ألا تبوح بدوافعها هذه لأنطونيو واكتفت بالتصريح انها غير مهتمة بالخيل . وقد اعتاد أنطونيو أن يركب الخيل تقريباً كل يوم في الصباح الباكر ويرتدي سروال الفروسية القصير وينتعل جزمة ساطعة وقميصاً أبيض يبرز سمرة بشرته . وكانت جيني تعجب دائماً بمنظره في بدلة الركوب التي تزيد من رجوليته وعدائيته وتفسر بنظرها افتتان كل النساء اللواتي تكلم عنهن .
ولا شك ان المرأة التي أتت لزيارة المصنع كانت احداهن وكانت جيني تتساءل احياناً إن كان يقابل تلك الآنسة التي أصر عمها على انها غير موجودة , وكانت جيني متأكدة ان أنطونيو يشكل نصيباً ممتازاً, ليس فقط لكونه شريكاً في ملكية مؤسسة مزدهرة بل لجاذبيته وسحره .منتديات ليلاس
ولم يأت على ذكر اسم أي امرأة خلال الأسابيع الستة او السبعة التي امضتها جيني في المنزل, إلا اسم غازاريس الذي سمعت جيني عمتها صوفيا تلفظه ذات مرة وانتبهت للنظرة الخاطفة التي خصها بها زوجها محذراً, ورأتها تذعن له .
رحب بها النسيم العليل حين خرجت من غرفتها إلى الشرفة وتأملت الحديقة تحتها , وعبير الورود وأزهار المانوليا يفوح ويطغي على العطور الأخرى وتمايلت اشجار البرتقال بفعل النسيم المنعش فيما ألقت اشجار النخيل بظلالها على زوايا الباحة حيث اعتادوا تناول الافطار الذي كان قد اقترب موعده.
وتمطت جيني ثم تثاءبت بكسل وبسطت ذراعيها وتدلى شعرها الأحمر المبعثر. وإذا بها تسمع وقع خطى في الباحة وقد دلت سرعتها وايقاعها على ان صاحبها هو أنطونيو فخفضت يديها ليتسنى لها مراقبته , وظهر لها بقامته الطويلة والنحيلة وقد انتعل جزمة وسار عبر الحديقة الرائعة بخطى واثقة كعادته فابتسمت .
رأت رأسه الأسود المتعجرف والسوط القصير في يده وحبست نفسها في حلم لكنها وجدت نفسها تمد يدها إلى عنقها لكثرة اضطرابها .
خرج من البوابة الحديد ولما استدار لاقفالها وقع نظره عليها . لم تحرك جيني ساكناً بل حبست انفاسها حين رفع يداً سمراء يلوح لها :
" صباح الخير يا خوانيتا"

Rehana 17-10-23 06:24 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ودهشت لسماع اللفظ الأسباني لاسمها وهو نادراً ما كان يستعمله فيما وقف في الظل يراقبها . استعادت رباطة جأشها بسرعة فصاحت :
" صباح الخير يا أنطونيو "
لوح في اتجاهها مرة ثانية ثم أوصد البواية ومشى ثم توارى بين الشجيرات الكثيفة , ولبثت جيني مكانها لبضع دقائق تنظر إلى مكان تواريه, ورفعت حاجبيها فضولاً , خيل إليها انها لاحظت شيئاً في تصرفاته يختلف عن بقية الأيام وكأنه كان في أوج سعادته لسبب او لآخر.
استحمت جيني ثم ارتدت ملابسها بتأن ولم تخطط للقيام بأي عمل هذا الصباح وقررت الاستمتاع بهذا النهار الرائع. كانت مقتنعة ان الوقت لم يحن بعد لدرس آخر في الأسبانية مما يتيح لها الخروج للتنزه ان وجدت النشاط الكافي لقيادة السيارة التي اشترتها حديثاً.ريحانة
في اثناء تناولها الافطار لاحظت انها لم تزل تتساءل عن اسباب سرور أنطونيو ورأت نفسها تسأل عمها عن الاصطبل الذي يحتفظ فيه أنطونيو بجياده , لم تنتبه للصمت الوجيز, لكن المعبر الذي واجه به سؤالها لكنها التقطت إيماءة دونا صوفيها في اتجاه زوجها الذي هز رأسه مما أثار فضول جيني فنظرت إليهما الواحد تلو الآخر ثم سألت :
" لا أظن ان المكان بعيد, لا تنسى انني أملك سيارة الآن "
ورمق رفائيل زوجته ثم قال :
" المكان قريب ولكن ايتها الطفلة جيني هل تريدين قطع تلك المسافة لمجرد رؤية الخيل؟."
واتضح لها انه يحاول ثنيها عن قرارها وتساءلت عن دوافعه فنظرت إليه نظرة متسائلة وقالت :
" لا أمانع أبداً يا عمي رفائيل , كنت انوي الذهاب لرؤية جياد أنطونيو وقد دعاني مراراً إلى مرافقته وقد خرج باكراً هذا الصباح ولم يكن في وسعي ذلك"
وازدادت علامات القلق على وجه رفائيل الطيب وكان متلهفاً ان يقنعها ثم مد يده وغطى يدها بأنامله اللطيفة وقال :
" لربما خرج يمتطي جواده في الحقول ولن تجديه , من الأفضل ان تنتظري متى يرافقك هو بنفسه".منتديات ليلاس
وخاطبت دونا صوفيا زوجها بالأسبانية وبصوت خافت ولم تلتقط جيني من كلامها سوى لفظة خطيبة وقفز قلبها فجأة وتأكدت انها ليست المعنية بكلمة خطيبة وعادت إلى ذاكراتها الآنسة .
وزاد فضولها فرمقت عمها بثبات وسألته بصوت هادئ :
" هل ينزعج أنطونيو ان ذهبت , يا عمي رفائيل ؟"
رمق زوجته مجدداً قبل ان يجيب وادركت ان سؤالها احرجه , لكنه سألها :
" ولماذا ينزعج ؟"

Rehana 17-10-23 06:25 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وادركت صحة تكهناتها لأن عملها لم يستحب قط فكرة لحاقها به مما يعني ان انطونيو برفقة امرأة هناك . لم تكن تبالي للأمر لكنها شعرت ان لا حق له بأن يطالبها بالزواج وهو يقابل نساء أخريات , ويحق للخطيبة ان تستاء من هذا الأمر وأن لم تكون سوى خطيبة مجبرة .
وقالت مخاطبة عمها بصوت هادئ ومن دون ان تنظر إليه :
"لقد ظننت انه ذهب ليركب الخيل بمفرده لكني ادركت الآن انه قد لا يكون بمفرده "
ثم رمقت عمتها صوفيا لاعلامها انها هي مصدر معلوماتها ثم ابتسمت بمكر:
" من الأفضل ان تعلمي ان ما علمني أنطونيو من الأسبانية , فهم كلمة خطيبة "
ورمق رفائيل زوجته معاتباً ثم صاح:
" أهاه ولكنك أنت الخطيبة يا جيني"
لكن جيني هزت رأسها ببطء وقالت :
" قد أكون خطيبة انطونيو في نظرك انت يا عمي لكني متأكدة اني لست خطيبة في نظر دونا صوفيا".ريحانة
ورمق زوجته من جديد ثم رأته جيني يستسلم للأمر الواقع برغم محاولته اقناعها مرة اخيرة إذ قال بصوت هادئ لكن بعينين قلقتين :
" انت على خطأ يا جيني "
ولاحظت جيني ابتسامة الرضى على ثغر دونا صوفيا فيما رحلت تنظر إلى زوجها وقد سرت
لكشف النقاب عن الأمور وانتظرت من زوجها ان يفسر المسألة كيفما استطاع . وكان مرتبكاً وتشابكت يداه وبحث جاهداً عن الكلمات المناسبة . وبدا تعيساً جداً حتى ان جيني احست بالشفقة عليه وقال اخيراً بصوت ناعم :
" من الصعب القول , يا جيني "
لكن دونا صوفيا كانت أقل تحفظاً فقالت لجيني وعيناها الداكنتان تومضان :
" لا يصعب قول الحقيقة , يركب ابني الخيل مع الآنسة ماريا غازاريس"
وكان الرضى يفيض من ملامحها وتابعت :
" وكان من المقرر ان يتزوجا لولا وقوفك عارضاً في وجهه انت والحقوق التي سلبتها منه "
"آهاه...فهمت الآن "
تأوهت جيني , واتضحت الأمور لها وأن لم يخف تعقيدها .
"بات ابني الآن مرغماً على تزوجك من أجل استعادة ما هو ملكه شرعاً"
وقاطعتها جيني بحماسة:منتديات ليلاس
" لن يحصل على حصتي أبداً, لقد رفضت الزواج منه "

Rehana 17-10-23 06:26 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
صدمت جيني لاطلاعها على طبيعة العلاقة التي تربط انطونيو بالآنسة غازاريس على رغم انها توقعت شيئاً هائلاً. لكنها لم تتصور ان الأمر جدي إلى حد الخطبة كما ادعت دونا صوفيا واضحاً انها تفضل ان يتزوج ابنها الفتاة الأسبانية ولن يمر أبداً ببال دونا صوفيا لومه على رغبته في الزواج من امرأة من أجل استرجاع حصته ليس غير.منتديات ليلاس
وسألتها دونا صوفيا وكان سؤالها في غاية التعقل :
" وكيف له ان يستعيد ما هو ملكه شرعاً ان لم يتزوجك , إلا إذا ظنك مستعدة ان تتنتازلي له عن حصتك ؟"
" لا أنوي التخلي عما تركه لي جدي, ولا أنوي الزواج به يا عمتي صوفيا "
اجتاحت دونا صوفيا موجة من الغضب الشديد حتى ظنت جيني انها ستقدم على ضربها وأوشكت ان تهجم عليها لكنها قبضت على يديها بكل قواها ورمقتها ثم قالت بصوت بارد:
" سوف يتزوج إذن من ماريا غازاريس ويضع حداً لهذه المهزلة برغم حرمانك له من حقه"
وخاطبها رفائيل بصوت خفيض :
" لا تصدقي ايتها الطفلة جيني , ارجوك ان تتفهمي"
ثم ضغط على أناملها ورمق زوجته بقساومة لم ترها جيني من قبل. ثم قال لزوجته بلهجة قاسية وعينين تحذرانها من مغبة المتابعة في الاستفزاز :
" كفانا يا صوفيا . لم يكن هناك أي وعود او خطبة وأنت تعلمين ذلك"
لكنها الحت وقد شوهت الخيبة ملامحها الداكنة وقالت :
" أنت مخطئ كان انطونيو مقدماً على الزواج من ماريا لولا وجود هذه ..."
" صوفيا!!"
صرخ بها رفائيل وقد تحول إلى رجل مثير للرهبة على غرار ابنه انطونيو لكثرة غضبه ونظرت إليه جيني تكاد لا تصدق ما تراه . لكن سرعان ما تلاشى غضبه وهز رأسه حزيناً ثم التفت نحو جيني وأمسك بيدها بين يديه يود اقناعها وقال بصوت رقيق:
" لم يثر قط موضوع الزواج بينهما يا جيني, ولم يكن انطونيو راغباً في الزواج من ماريا غارايس"
وابتسمت جيني ابتسامة حزينة ثم هزت رأسها. منتديات ليلاس
" أنا آسفة يا عمي ولكني أميل إلى تصديق عمتي صوفيا في هذه الحال , لقد عدل انطونيو عن رأيه حين ورثت الحصة في المصنع"
" كلا, كلا ايتها الطفلة"

Rehana 17-10-23 06:26 PM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ونظرت إليه بثبات وقد تعرفت عيناها على الحقيقة التي كان يجهد في رفضها وقالت بصوت ناعم :
" عمي لقد قلت لتوك ان هذا ما أراده جدي , وانطونيو لا يخفي كونه راغباً في الزواج مني لاسترجاع حصتي في المؤسسة فقط. لا أخادع نفسي حول نوايا انطونيو لكني لا أريد الزواج منه أبداً فإذا أراد ماريا غازاريس او أية إمرأة غيرها فلا مانع عندي"
"آه يا جيني أنك تصورين الأمر وكأنه غاية في ..."
"الوصولية , أجل يا عمي وهو ما يردعني الموافقة ويروعني حتى مجرد التفكير فيه"
واجابها بصوت رقيق :منتديات ليلاس
"كل ما يريده انطونيو هو تحقيق رغبات جده"
لكنها هزت برأسها من جديد وقالت :
" ربما , لكن بعض آراء انطونيو تعود إلى القرون الوسطى يا عمي رفائيل أما آراني فلا"
ثم ابتسمت حزينة وحاولت اقناعه مرة أخيرة بصواب رأيها وقالت :
" لو اقتصر الأمر على تلبية رغبات جدي لما عارضته بهذه القوة لكن انطونيو لا يعطي وزناً لأمينات جدي بقدر ما هو مصمم على استرجاع حصتي في مؤسسة فرنسيسكو وابنه , وهو لن يحصل عليها أبداً".منتديات ليلاس

Rehana 30-10-23 11:01 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
4- لا للخيل

بدا أن نزهة انطونيو وماريا غازارس قد عكرت مزاجه وتساءلت جيني حول طبيعة الأحداث التي ساهمت في احداث التبديل هذا .
لربما انزعجت الآنسة من قرار حبيبها الزواج من امرأة أخرى وكان من الصعب على جيني ان تلومها نظراً إلى ظروفها الحالية . وكانت متأكدة من أن انطونيو مغرم لاقناعها بكلام دونا صوفيا وعلى رغم تكذيب عمها . وبعد ان علمت بهوية الفتاة الأسبانية أرادت ان تعرف المزيد عنها . وقد استبعدت ان يتكرر ذكرها بعد المشهد العاطفي الذي جرى حول مائدة الافطار ولن يتجرأ أحد بالطبع ان يتطرق إلى الموضوع ذاته على مسمع من انطونيو لكن هذا لم يمنعها من الشعور بالفضول الكبير.
كانت دونا صوفيا ترغب في توطيد العلاقات بين ابنها وماريا غازاريس. وبات عليها الآن هي ايضاً الخضوع لرغبات ابنها الجشعة واحست جيني بالمودة حيالها هذه المرة . وفي الصباح التالي هبطت جيني السلم لتناول الافطار والتساؤلات تجول في ذهنها , هل ذهب اليوم ايضاً انطونيو لركوب الخيل برفقة المرأة نفسها أم لا ؟ لم تشاهده اليوم في اثناء خروجه لكنها نادراً ما كانت تحظى به إذ كان يخرج قبل الإفطار في وقت مبكر جداً ثم يعود بعد نحو ساعتين.منتديات ليلاس

Rehana 30-10-23 11:02 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لكنها رأته هذا الصباح جالساً إلى الطاولة البيضاء في ظل أشجار النخيل برفقة عمها ودونا صوفيا . ونهض مبتسماً لما رآها .
وتمتمت محيية اياهم بعد ان رحبوا بها بالأسبانية وساعدها انطونيو على الجلوس ثم عاد إلى مقعده.
احست جيني بالارتباك لوجود انطونيو هذا الصباح ولم تكتشف السبب ولم تتفوه إلا بالقليل. لكنها نظرت إليه مندهشة عندما وضع إناء العسل أمامها وابتسم وقد سر لدهشتها ورفع حاجبه بفضول ثم سألها بصوت رقيق :
"تحبين العسل عادة أليس كذلك؟"
أومأت برأسها إيجاباً. ريحانة
ثم تابع قائلاً :
" ويبدو عليك كأنك في حاجة إلى تناول بعض الحلوى اليوم ياجيني "
امتعضت لتلميحه هذا لكنها أبت خوض جدال مع انطونيو ولم يكن النهار قد ابتدأ بعد فتناولت إناء العسل وهزت رأسها شاكرة ثم قالت بصوت بارد :
" يا للباقتك يا انطونيو , شكراً"
وأدركت ان عمها ودونا صوفيا قد أحسا بانشغال ذهنها وكان عمها هو البادئ في التعبير عن قلقه حول حالها فسألها :
" هل أنت بخير يا جيني ؟"
فابتسمت تطمئنه وقالت :منتديات ليلاس
" إني بخير , بكل خير , شكراً يا عمي"
" تبدين وكأنك مشغولة البال"
وحاول إيجاد الكلمات الضرورية للتعبير عن نفسه لكن يديه عبرتا عن عبث هذه المحاولة فابتسم من جديد غير أن انطونيو قاطعها , قبل ان يتسنى لها معاودة الحديث مع عمها وقال مخاطباً والده:
" خلقها ضيق يا أبي , هل استعملت اللفظ الصحيح يا جيني ؟"
لم تستطع تفادي مجابهة تحدي عينيه السوداوين فسارعت إلى الدفاع عن نفسها من دون تردد وقالت :
" لست ضيقة الخلق, ولقد ظننت أنك لا توافق على استعمال الألفاظ العامية "
قاوم نظرها لبعض الوقت ثم ضحك ضحكة عذبة وكأنه يستمتع بفكاهة دفينة وراح ينظر إلى خديها وقد احمر وإلى عينيها البراقتين تلمعان , ثم قال لها بصوت رقيق:
" امتنع عادة عن استمعال العامية بداعي حسن السلوك لكني من وقت إلى آخر ..."

Rehana 30-10-23 11:02 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقاطعته جيني بسرعة :
"احسبك لا تعتبرني جديرة بالمعاملة اللبقة"
ورأت يد الوالد على كتف الابن محذرة , وتكلم رفائيل متوسلاً بلطف :
" طونيو"
وتفحصها مجدداً بعينيه السوداوين ثم هز رأسه وقال بصوت عذب:
" سأتوقف عن مضايقتك اليوم خصوصاً انك لست في أحسن حالاتك يا ابنة العم الصغيرة , اعذروني"
وتابع تناول افطاره لبرهة ثم نظر إليها مجدداً ورفع حاجبه وسألها :
" هل تنوين دراسة الأسبانية هذا الصباح؟".منتديات ليلاس
ورفعت جيني كتفيها غير متلهفة أبداً للانزواء برفقته لساعة أو أكثر في المكتب ولاسيما في هذا الظرف . كانت واثقة من انه إذا ما بالغ في تأنبيها فسوف تتطرق إلى موضوع ماريا غازاريس.
وقالت له بصوت أفهمه تماماً ما يخالجها من شعور:
" إن شئت فنعم"
فعقد حاجبيه , ثم قال لها باقتضاب :
" إنك المستفيدة الأولى من تلك الدروس . فإن كنت ترغبين في البقاء في مستنقع الجهل
فإني لا استطيع اجبارك على التعلم"
صمت لوقت قصير وكأنه مندهش لعدم مبالاتها ثم أعاد النظر في المسألة وعرض عليها قائلاً:
"هل تفضلين الذهاب في السيارة لمشاهدة الجياد؟. لقد وعدتك منذ زمن بمرافقتك لرؤيتها"
وسرعان ما ساورها الشك في دعوته هذه التي أتت بعد اطلاعها على هوية رفيقته وارتابت لدعوته لها في هذا اليوم بالذات . ولم يفتها تبادل النظرات السريعة بين عمها وزوجته وتساءلت عن معناها وسألته :
" هل ترغب فعلاً في مرافقتي؟"
ورمقها متعجباً :
" بالطبع , ألم أعرض عليك مرافقتك من قبل؟".منتديات ليلاس
وأدركت انه جاهل لمعرفتها بوجود ماريا غازاريس وللقائه بها أمس وكان من الواضح انه لو لم يتوقع عدم رؤيتها اليوم لما عرض عليها ان ترافقه. وادركت انها قد استرسلت في تأملاتها لوقت طويل ورأته يرمقها بفضول متسائلاً حول اسباب ترددها . وقالت له :
" هذه هي المرة الأولى التي تشدد فيها دعوتك . كنت اتساءل هل كنت ..."

Rehana 30-10-23 11:02 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وانتبهت بصورة خاطفة إلى القلق الذي ظهر على وجه عمها فهزت رأسها واضافت بصوت مبهم :
" لا شيء..."
سمعت أنطونيو يتنهد بعمق ثم رمقها بثبات وهز رأسه ثم قال :
" لا أفهمك , لماذا تستغربين دعوتي لك اليوم؟"
عجزت جيني عن إيجاد جواب يمكنها من تفادي الخوض في تفسير طويل ومربك فاكتفت وتابعت تناول الافطار مدركة انه كان يراقبها وقد نفذ صبره , ووافقت أخيراً قائلة :
" لا أدري "
ورمقته ثم لعقت بعض العسل عن شفتيها بأسلوب استفزازي ولاحظت ان عينيه السوداوين إزداد لمعاناً لرؤيتها وكأنها رأت أمامها شيئاً لم تفهمه كلياً لكنه جعلها ترتعش. وتنهد من جديد وقال بصوت رقيق:
" أترك لك الخيار , أما ان تتعلمي الأسبانية او تأتي لمشاهدة الخيل"
فقالت له وهي تلعق اصابعها وترمقه بطرف عينها :
" أفضل مشاهدة الخيل , شكراً"
وتساءلت عن سبب اضطرابها بهذا الشكل اليوم ثم اضافت بصوت ناعم :
" آمل ألا يربكك قدومي ".ريحانة
واتضح لها ان رفائيل قد فهم قصدها كل الفهم ورماها بنرة معاتبة انتبه لها ابنه ايضاًَ وسألها مستغرباً وقد نفد صبره :
"أراك !! وكيف لك إذ تربكيني يا جيني ؟"
احست وكأنها في سجن عينيه الداكنتين تحدقان فيها فعضت على شفتها فيما نظرت إلى رفائيل متوسلة مساندتها :
" كنت أعني..."
ورفعت كتفيها يائسة حين ادركت انها لن تلقي عوناً من عمها ثم صاحت :
" لا أهمية لذلك , حتى أنت لا تستطيع ان تكون فاقد الحس إلى هذا الحد"
نظر إليها أنطونيو طويلاً وقد ضاقت عيناه حتى أحست بخفقات قلبها تتسارع لها بصوت ثم رمق أباه :
" أظن أنك ستوضحين قصدك يا جيني , لكن فيما بعد وفي غير هذا المكان"
وكان رفائيل يهز رأسه قلقاً ونظر إلى كل من جيني وزوجته قبل ان يتكلم قائلاً:
" طونيو ... جيني تعني أن ..."
فقاطعه أنطونيو بسرعة وقد تابع التحديق في جيني :
" لا عليك يا أبي لدي أسلوبي الخاص لمعرفة قصد جيني "
ثم أضاف شيئاً بالأسبانية لم تفهمه وضحك ضحكة ناعمة عندما انتبه إلى دهشتها المشككة , ثم نهض متمتماً عذراً وانحنى في اتجاهها فوق الطاولة حتى اقترب وجهه الأسمر من وجهها وقال :منتديات ليلاس
" إن تعلمت الأسبانية بسرعة تمنى لك فهم ما أقوله عنك يا عزيزتي الصغيرة"

Rehana 30-10-23 11:03 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وضحك من جديد واحست بنفسه الدافئ يداعب ثغرها ... لم تستغرق الرحلة إلى الأسطبل مدة طويلة لكن جيني استمتعت بها على رغم مشادتها مع أنطونيو وارتيابها لتوقيت دعوته لها .ادركت انه سيطالبها عاجلاً أم آجلاً بتوضيح قصدها من التلميحات المبيتة التي بدرت عنها والمتعلقة بماريا غازاريس وبانعدام الاحساس فيه .منتديات ليلاس
كانت قد زارت بعض الاماكن منذ وصولها ولكن أقل مما رغبت فيه وكانت دائمة الافتتان بالريف الأسباني وتحب رؤية كروم العنب الشاسعة التي كست التلال بلونها الأخضر المتناقض مع لون اشجار الزيتون الرمادي. وتناثرت مجموعات من المباني البيضاء وسط خضار الطبيعة وسحرتها القباب التي تناطح السحاب.
واطلعت عليها عند منعطف مجموعة من البيوت البيضاء القديمة ذات السقوف المصنوعة من الطين واعجبت بهندستها قبل ان تدرك أن الفقر لا الحس الهندسي هو الذي اضفى عليها بساطتها . لكن الفقر هذا لم يكن ليحول دون احساسها بالسعادة لرؤيتها بابا منزل يتوهج في نور الشمس الساطعة او أزهار خبازي حمراء تقاوم بعزم حرارة الشمس الأسبانية المحرقة.
وقد سحرتها رؤية الأطفال الممتلئ الأجساد , السمر البشرة , وأنصاف العراة أكثر من أي مشهد آخر , يلهون على جنبات الطريق المغبّر ويلوحون بغبطة تامة لرؤيتهم السيارة وتبتسم عيونهم البراقة السوداء بمودة لدى رد جيني التحية .منتديات ليلاس
" هل تحبين الأولاد ؟"
فوجئت جيني بالسؤال ولم تكن تتوقعه واحست باحمرار خديها فيما حاولت فهم سبب ارتباكها . ظنت ان لسؤاله طابعاً شخصياً.
ووافقت قائلة :
" أحب اولئك الأطفال السمر ... فهم كالدمى "
وسألها مبتسماً :
" ألا يشبه الأطفال الانكليز الدمى ايضاً؟"
وهزت رأسها موافقة ثم قالت :
" بعض الشيء , لكن نظافة مظهرهم المتناهية ولونهم الزهري لا يشجعان المرء على حملهم ومداعبتهم "
ثم نظرت إلى مجموعة أخرى من الوجوه الصغيرة ولوحت بيدها وقالت :
" لست أدري ولكني أحس برغبة في مداعبة أولئك الأطفال أكثر من رغبتي في تنظيفهم , انهم رائعون"
وسمعت رنين ضحكته الناعم والعميق فانزعجت ورمقته بفضول وبعض شك لكنه قال بصوت رقيق :
" إذن ها قد وجدت أخيراً شيئاً تحبينه عندنا , حتى ولو اقتصر الأمر على أولئك الأطفال القذرين"

Rehana 30-10-23 11:03 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ودافعت جيني عن نفسها غريزياً وقالت :
" هذا غير صحيح , لم أقل ان هناك أشياء لا تعجبني في بلدكم"
" أهاه...إذن انت تحبيننا".ريحانة
انزعجت لابتسامته وادركت اخيراً انه كان يحاول إثارة رد فعل غاضبة لديها . وبدا وكأنه يسر احياناً لفقدانها السيطرة على اعصابها وأن كان يستاء حين تبالغ في استفزازه , وقالت :منتديات ليلاس
" إنني احب البلد وأهله"
نظرت اليه بطرف عينها وتابعت بصوت رقيق :
" إلا البعض من أهله بالطبع"
ورمقها ثم قال :
"أهاه, وأنا المستثنى"
ردت بالايجاب:
" نعم , معظم الوقت "
ثم التفتت اتجاهه متحدية واضافت بسرعة :
" لا تدع أنك لم تتوقع مني أن أقول هذا , لقد كنت تحاول استفزازي يا أنطونيو كعادتك"
وضحك فتوهجت أسنانه الناصعة البياض وسط ملامحه الداكنة والصقرية ثم هز رأسه :
"إنني مخطئ بتصرفي هكذا يا جيني أليس كذلك؟".منتديات ليلاس
فأجابته بعد أن رمقته بطرف عينيها :
" أنت لست عادلاً"
لم تكن واثقة من فهمها لطرافة مزاجه في هذه اللحظة وبدأت تتساءل عن صحة قرارها مرافقته . وكان يملك القدرة على ارباكها أكثر من أي شخص آخر عرفته في حياتها ولم تكن مرتاحة أبداً لوجوده معها في هذه اللحظة , وسألها بصوت ناعم :
" وكيف لي أن اجعلك تبدلين رأيك فيّ با ابنة عمي الصغيرة ؟"
ونظرت اليه مجدداً مندهشة بعض الشيء ثم اجابت :
" وهل يهمك فعلاً ان أغير رأيي فيك؟".ريحانة
"افضل لو أقدمت على الزواج مني وانت تكنين لي بعض المودة في الأقل "
وصعقت جيني لصراحته وانقبضت يداها فيما راح قلبها يخفق ذعراً وابتعدت عنه لا شعورياً. كانت وكأنها نسيت انه مصمم على الزواج منها إذ كانت مصرة منذ البارحة على اعتباره عشيق ماريا غازاريس. وكانت تتساءل بقلق عن أسباب قبولها المتزايد للفكرة هذه .
وراحت جيني تراقب ذراعيه العاريتين والقويتين وكفيه السمراوين وقد امسكتا بالمقود وكأنه يستخف بالآلة الجبارة التي يقودها . وكأن سحره القاسي يحرك فيها اشياء خفية تربكها على رغم شعور متأصل فيها بعدم الوثوق به تمنت لو استطاعت أن تكون أقل انفعالاً وان تتعاطى مع ملاحقته الضاغطة عليها بموضوعية أكبر.

Rehana 30-10-23 11:04 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقالت محاولة السيطرة على ارتعاش صوتها :
"اظن انه سبق لي أن عبرت عن رأيي في الموضوع بوضوح تام . لن يتم أي زواج بيننا يا أنطونيو او بالأحرى لن نتزوج نحن الاثنين "
وظنت لوهلة انه اندهش لجوابها وما إن تكلم حتى ادركت السبب :
" هل تحبين شخصاً آخر, هل هناك رجل ينتظرك في انكلترا ؟"
أغراها للحظة ان تكذب عليه للتخلص منه لكنها تذكرت انها كانت قد اعترفت له من يوم وصولها ان لا ارتباطات جدية لها في انكلترا . ومن الصعب ان يكون قد طرأ أي تغيير على ذلك في اثناء مكوثها في أسبانيا . فوافقت ولو على مضض واجابته :
" كلا, لا رجل في حياتي "
"عظيم"
" ليس مهماً إن كان في حياتي رجل او لا"
وابتسم وكأنه فاته تشديدها العفوي على لفظة أنا.منتديات ليلاس
والتفتت نحوه فلاحظت كيف أضفى نور الشمس القوي على ملامحه الصقرية طابعاً قاسياً وجاداً ولد لديها خوفاً وبهجة في الوقت نفسه من دون ان تدرك السبب. واستدار للحظة في اتجاهها وقد سطعت عيناه وقال لها بصوت رقيق :
" هذا مهم بالنسبة إليّ ايتها الطفلة الصغيرة, إذ لا أحب ضرّ رجل في خطيبته فهذا أمر غير لائق"
وانكمشت يدا جيني بقوة في حضنها وحدقت غاضبة في وجهه الداكن والمتعجرف وقد ومضت عيناها وصاحت به:
" إن تحاول جبري على الزواج أفهذا أمر لائق في نظرك ؟ يا لغرابة مفهوم اللياقة عندك يا أنطونيو "
وابتسم لحظة وكأنه لم يحمل الجد وقال لها بصوت من اعتاد على السلطة المطلقة :
"أهاه ... اعتراضك ليس إلا بداعي المشاكسة النسائية , لا أرى أي سبب آخر وراءه "
وذهلت للهجته لكنها اجابته وقد قررت زعزعة ثقته بنفسه بأي ثمن :
" الأمر هو أنني لا أحبك". ريحانة
لكنه راح يبتسم ويهز رأسه مجيباً بكل ثقة :
" إنني لا أصدقك "
حدقت به جيني وصاحت :
" أنطونيو ..."
لكنه قاطعها بلطف قائلاً:
" ألا تظنين انه حان الوقت لأن تناديني كما تفعل عائلتي ؟ وطونيو هي المرادف لطوني بالانكليزية فهي حميمة أكثر من لفظة أنطونيو "

Rehana 30-10-23 11:04 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وأومأ محملاً كلمته الحميمة أبعاداً كثيرة حتى احست باحمرار خديها وقال لها بصوت ناعم:
"تنوين استعمالها أليس كذلك يا جين ؟"
وقالت جيني لاهثة :
" لا لن أفعل , لن أقوم بأي عمل لتشجعيك يا أنطونيو "
وهز رأسه الداكن ببطء وهي لم تجد الشجاعة الكافية للنظر إليه وإلا كانت رأت الابتسامة الخفيفة التي شقت ثغره . وسألها بصوت لطيف:
" يا لتصميمك على معاداتي يا ابنة العم الصغيرة , كيف لي ان أعاملك , كيف يمكنني كسب مودتك ؟"
"في إمكانك الكف عن الحديث عن زواجك مني وطلب يد الآنسة ماريا غازاريس عوضاً عني "
وعضت جيني لتوها على شفتها عندما ادركت ان تهورها رمى بها في داهية . كان من الواضح ان تصريحها فاجأه , لكنه ما لبث ان استعاد رباطه جأشه وعقد حاجبيه ثم قاد السيارة إلى حافة الطريق وضغط على الكابح فجأة وبعنف فارتمت جيني من مقعدها إلى الأمام وصرخت من خوفها.منتديات ليلاس
لم ير أنطونيو أي خطورة في طريقة إيقاف السيارة بل استدار في مقعده ونظر إليها بقساوة . ووضع ذراعه على ظهر المقعد الذي تجلس فيه . وباتت تحس بالعنف الغاضب والمتوتر الذي اجتاحه فيما حدقت فيها عيناه الداكنتان والبراقتان . كان واضحاً انه غير راض أبداً عن معرفتها لماريا غازاريس وقد كان في استطاعتها ان تفهم ذلك . قال :
" إذن , فهمت الآن قصدك من ابدائك كل تلك التلميحات حول عدم رغبتك في المجيء إلى الاسطبل هذا الصباح . مع من كنت تتكلمين يا جيني ؟"
وشرعت جيني قائلة :منتديات ليلاس
" لا حق لك ..."
لكنه قاطعها بحركة من يده اسكتتها , وسألها بصوت رقيق جداً جعلها ترتعش :
" ماذا تعرفين عن ماريا غازاريس ؟"
" اعلم انك ركبت الخيل برفقتها البارحة"
" وهل يعنيك هذا الأمر؟"
وهزت جيني رأسها وقالت محتجة :
"لا, بالطبع لا يعنيني , وأعرف ايضاً أنك ... او كنت تنوي الزواج منها ... وأنك لا تزال تأمل في تحقيق ذلك"
" من قال هذا ؟"
أتى السؤال وجيزاً لكنه زاد من ارتباكها وراحت تحدق في يدها المتشابكين في حضنها وقالت مستنكرة :
" لا حق لك في استجوابي وكأني مجرمة أمامك". ريحانة

Rehana 30-10-23 11:04 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
حبست انفاسها عندما شعرت فجأة بأصابعه القوية تمتد من ورائها وتمسك كتفها بقوة , وأمرها بلهجة عادية :
"اجيبي على سؤالي , من حدثك عن ماريا غازاريس يا جيني ؟ فأنت تورطت بما لا يحق لك. ومع من تحادثت ؟"
وحاولت جيني الافلات من قبضته لكن عبثاً وبدأت تحس بالغضب لسوء معاملته لها فصاحت بحدة :
" دونا صوفيا اخبرتني , وأترك كتفي الآن , أنك تؤلمني , يا أنطونيو"
"آه , إنها والدتي إذن!"
لم يرخ قبضته وحاولت الافلات من جديد لكنها لم تنجح لضيق المكان في السيارة , وسألها وكأنه يزدري جهودها الفاشلة :
" لماذا اخبرتك أمي عن ماريا غازاريس؟ ألم تحرضيها أنت على الكلام وذلك بدافع من فضولك"
وثار عنفوان جيني قالت :
" كلا لم يكن بداعي فضولي , لا اهتم أبداً بأصدقائك"
" إذن لماذا؟"
" لأنها أرادت ان تعلمني انني خربت مشاريع زواجك من الآنسة غازاريس بحصولي على حصة جدي من المؤسسة "
وكادت ان تبكي لكثرة غضبها , لكنه أعلمها بصوت بارد ادهشتها :
" لم تفعلي شيئاً مما تدعينه".منتديات ليلاس
واضافت حانقة :
" تلومني أمك ايضاً لأنني السبب وراء جشعك وهي لا تلومك أنت أبداً ا, بل تريدك ان تتزوج من الآنسة غازاريس وهي تدعي أنك كنت تزوجت منها لولا امتلاكي شيئاً تريده فعدلت"
" وهل فعلت ذلك؟"
وبدأ غير مبال للأمر مطلقاً مما أربك جيني فنظرت إليه ثم قالت بلهجة اتهامية :
"ركبت الخيل برفقتها"
وساءلت نفسها في صواب النبرة الاتهامية واسباب سخطها هي التي كانت تعتقد انها غير معنية بركوبه الخيل برفقته ماريا غازاريس او غيرها من النساء حتى ولو فعل ذلك كل يوم من أيام حياته . ووافق على كلامها بصوت هادئ :
" نعم ركبت الخيل برفقتها "
ولم تستطع جيني تصديق هدوئه كما أراد الظهور لكنه أضاف:
" لقد عرفت ماريا منذ كنا اولاداً ونركب الخيل معاً احياناً"
وتفحصتها عيناه الداكنتان بدقة وتمعن مما زاد في ارتباكها ثم سألها بصوت هادئ:
" انت لا تركبين الخيل يا جيني ؟ أليس كذلك؟"

Rehana 30-10-23 11:05 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
فأجابته بلهجة قاطعة :
" لا أركب الخيل ولكنك لست مضطراً, لأن تفسر لي أي شيء"
لكنه قال لها :
"أود تفسير الأمور لك ".منتديات ليلاس
ولم ترد جيني لوهلة بل راحت تحدق في اصابعها المتشابكة وقالت أخيراً:
" اخبرتني دونا صوفيا انك كنت تزوجت ماريا غازاريس لولا حصولي على حصة جدي"
والتوت شفته السفلى معبرة عن استخفافه بقولها وقال بصوت هادئ:
" يجب ان تدركي ان لا أحد يستطيع اثنائي عن قراراتي "
" ولكن ..."
حدقت فيه للحظة محاولة فهم قصده ومدى تعلقه بماريا غازاريس . فأن كان فعلاً يحبها فمن الصعب او حتى من المستحيل ان تتصور انه قاس إلى درجة تجعله يتخلى عنها ويضحي بها من أجل الحصول على ملكية المؤسسة العائلية بكاملها فسألته لاهثة :
" وماذا عن ماريا غازاريس؟"
وحدقت فيها عيناه السوداوان وخيل إليها ان في استطاعتها قراءة مئات الأشياء في غورهما وهي أشياء جعلتها ترتعش ترقباً, ثم قال لها بصوت هادئ:
"عليك ألا تكترثي لماريا أبداً بمخططاتنا"
وأصرت جيني :منتديات ليلاس
" أنها مخططاتك انت لا مخططاتنا"
وقد انزعجت من الأسلوب الذي أصاح به بالمرأة التي أصرت والدته عليه للزواج منها . وقال بصوت هادئ:
" تشملك المخططات يا صغيرتي , فهي إذن مخططاتك ايضاً"
ثم ابتسم لبرهة وزادت نصاعة أسنانه التي توهجت في دكنة وجهة وأصرت قائلة :
" لكن إذا كنت فعلاً تنوي الزواج من الآنسة غازاريس, وإذا كنت تكن لها المودة فكيف تستطيع حتى التفكير في الزواج مني؟".ريحانة
وبنات اسنانه وحدق فيها فيما راحت الأفكار المقلقة تتلاعب بذهنها , وسألها بصوت هادئ:
" ألم تقرري أنت أنني مقدم على الزواج منك للتحكم بحصتك في المؤسسة "
وهزت رأسها محاولة تنقية أفكارها من البلبلة ثم وافقت قائلة :
" لست أدري, اخبرني عمي رفائيل ان جدي أراد أن ... أو بالأحرى أراد منك ان تتزوجني
حتى تتحد العائلة ولكن آه ... لست أدري..."

Rehana 30-10-23 11:05 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ونظرت إليه متوسلة وقلقة وحاولت التكهن بما يجول في ذهنه وسألته :
" ألا ... ألا تريد الزواج من الآنسة غازاريس؟"
وابتسم ابتسامة متأنية ومثقلة بالمعاني زادت من اضطراب جيني .ريحانة
ثم وافق قائلاً بهدوء:
" لربما كنت تزوجتها في غير هذه الظروف , لكن القدر أراد غير ذلك, لذا ..."
ورفع كتفيه بحركة تعبر عن المتحدرين من أصل لاتيني عن أكثر مما تعبر عنه الكلمات ونظرت إليه جيني وأحست بدمها يجمد في عروقها , إذ ايقنت انه مستعد لأي شيء لنيل ما يريد.وقالت له بصوت خافت تتهمه :
" ولكن حصل ان ورثت ما تعبره ملكاً لك وها أنت تتخلى عن الفتاة التي تحبها , انت مستعد للتضحية بها لأنك لا تقبل ان يمتلك شخص ما تعتبره لك. انت مهتم بمؤسستك الثمينة فقط. انك أكثر الناس قساوة و... يا لفظاعتك"
"جيني !"
لم تأبه جيني لتحذيره الرقيق اللهجة لكثرة غضبها . وكانت في حال من التذبذب العطفي لا توصف وكانت تواقة إلى إيذائه ودفعه إلى الاحساس فسألته وقد لمعت عيناها واحمر خداها :
" أتتخلى عن الفتاة التي تحبها من دون أي تردد وذلك من أجل الحصول على ما تريد ؟"
وقال لها انطونيو بصوت هادئ وهو يحدق فيها :
" لم أقل انني في صدد التخلي عن الفتاة التي أحبها , لا أرى ضرورة لذلك, أحب أن أرمي عصفورين بحجر واحد ولم لا ؟"
" أنت ..."
حدقت فيه لبضع ثواني ولم تكن فهمت قصده بعد , ثم تراءى لها فجأة ما عناه ونظرت إليه مشدوهة ورفعت يدها إلى ثغرها لصدمتها , وتكهنت بأنه بعد ان يتزوجها , وهي مدركة في قرارة ذاتها انها باتت أقل رفضاً للفكرة مع مرور الزمن , ويتحكم بحصتها في المؤسسة بصفة كونه زوجها الشرعي ,سوف... وارتعشت حين تذكرت قدرته على التصرف بقساوة احياناً, ففي السيارة مثلاً وفي طريقهما من المطار إلى المنزل ثم في جو المصنع البارد حين لامست اصابعه عنقها لبضع ثوان, كان يضحك في كل مرة ويقنعها بأنه يحاول فقط اغضابها لكثرة خوفها منه وكانت مستعدة لأن تصدقه ولكن الآن ...
واحست فجأة بأنها وقعت في فخ هذا المكان المقفر من الريف الاسباني ولا من أحد ينجوها. ولم يخطر ببالها انه اذا ما آذاها في هذه اللحظة فقد كل ما كان يخطط له وبحثت عن مقبض الباب , وخلا ذهنها إلا من فكرة الفرار , بأسرع وقت ممكن من دون ان تعلم إلى اين .منتديات ليلاس

Rehana 30-10-23 11:05 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" جيني "
وكانت صرخته صرخة تعجب أكثر منها غضباً وجاهدت تحاول فتح الباب والدموع تنهمر على خديها لاخفاقها ثم تذكرت انه من حادثة ايضاً قفل الباب في اثناء مرافقتها له ففتحت القفل بسرعة وصاح بها:
" جيني توقفي "
وحاول امساك يديها لكنها قاومته بيأس , فصاح من جديد:
"خوانيتا يا إلهي هل جننت؟ "
وتطاول فوقها حتى استطاع إعادة اقفال الباب ثم اخذ يديها بين يديه وقبض عليها بقوة اصابعه فيما حاولت جاهدة الافلات منه وقد اعتراها الذعر الشديد .وصاحت قائلة وهي تقشر يدها السجينة محاولة الافلات :
" اتركني ... اتركني "
وخاطبها راجياً بالأسبانية :
" جيني حبيبتي ماذا تحاولين ان تفعلي, يا للهول ما بك ؟"
ولو لم تكن في حالة من الذعر الشديد لأرشدها استعماله للغة الأم إلى قلقه العميق لكنها استمرت عبثاً في محاولتها الافلات :
" أتركني أرجوك أن تتركني "
وسألها :منتديات ليلاس
" ولكن يا صغيرتي ما الذي تفعلينه ؟".ريحانة
امتلأت عيناه السوداوان لطافة كما لم ترهما قبلاً فيما راحت يده السمراء الضخمة تداعب ذراعها وتدفع بخفقات قلبها نحو الشارع المجنون ليس خوفاً هذه المرة .
" ماالذي يدفع بك إلى الهرب فجأة يا صغيرتي ؟"
وساهم صوته العميق والرقيق ويده العذبة على ذراعها ونظرة اللطف العميقة في عينيه في التخفيف من ذعرها لكنها ولدت فيها احساسات اخرى أكثر اضطراباً ونظرت إليه بعينين زائفتين وعضت على شفتها للحظة قبل ان تستطيع إجابته بصوت خافت :
" كل ما أريد هو الابتعاد عنك , انني خائفة "
" خائفة ؟"
نظر إليها بثبات للحظة ثم هز رأسه وكأنه نادم بعض الشيء وعاتب ايضاً وقال لها بصوت ناعم :
" إذن ما زلت تظنين انني أنوي إيذاءك ؟ يا لك من مجنونة !".منتديات ليلاس
ورأى الخوف يفيض من عينيها فهز رأسه وامسك يديها بلطف بين راحتيه الكبيرتين الدافئتين . وبدأت جيني تقول له :
" ارجوك"

Rehana 30-10-23 11:05 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لكنه تابع يهز رأسه وسألها بنعومة :
" ماذا ظننت أنني سأفعل بك؟"
وتساءلت للحظة عما إذا كان يلعب معها لعبة القط والفأر لكن لطافة يديه ونعومة صوته أشارتا إلى عكس ذلك إذ دخلتا من القساوة انني ظننت انها رأتها فيه بعض المرات وهزت رأسها فيما علق نظرها على النبض الخافق في أسفل عنقه الأسمر وسألها بلطف قائلاً :
" كيف لي أن أقنعك انني لن أؤذيك " ثم ابتسم وتابع " لابد من إيجاد طريقة أليس كذلك يا جيني ؟"
وهزت رأسها فيما احست بنبض يخفق عند صدغها ينذرها بأحساسيس لا يمكن تجاهلها وقالت :
" اتمنى , أتمنى لو ..."
لكنها لم تستطع اكمال الجملة إذ انحنى فجأة نحوها والتصقت بمقعد السيارة . وانزلقت ذراعاه حولها تشدانها إلى صدره الرحب فيما حاول معانقتها .
رغم انها اضطربت للطف حركته الأولية, ثارت غريزتها لعنف محاولته معانقتها فقبضت بيديها تلقائياً على صدره ثم فتحت أناملها واحست بخفقات قلبه من خلال القميص الرقيق لكن على رغم تجاوبها معه عاودها بعض من حذرها القديم وضغطت براحتيها المفتوحتين على الجسم الدافئ الذي بدا كأنه يغلفها وابعدت فمها عنه وحبست انفاسها ثم اغمضت عينيها لتفادي مشاهدة اللهفة التي ملأت عينيه السوداوين وملامحه الصقرية .
وراح ينظر إليها مشدوهاً فيما تابع امساكها بين يديه فلم تتمكن من الافلات من تلك اللمسة المتوترة وكان قلبها يخفق بسرعة مجنونة حتى كادت تتقطع انفاسها واعجب ما في الأمران انطونيو لم يلاحظ كل هذه الأمور بل اعتاد صدها المفاجئ دليلاً على براءتها وعدم تجاوبها معه .ريحانة
فنظر إلى ملامحها الدقيقة والناعمة وقد اغمضت عينيها للحظة ويداها على صدره وكأنها تحاول ابقاءه بعيداً عنها ثم همس:
" يا لك من امرأة خجولة , لماذا تتصرفين وكأنك أصغر المخلوقات وأكثرها خجلاً يا جيني ؟ لا اصدق أنك مازلت تخافين مني ايتها الصغيرة ؟"
وجاهدت جيني لالتقاط انفاسها وهمست بسرعة :
" ارجوك... لا استطيع "
وسألها :
"ألا تحبين المعانقة , هل هذا هو السبب؟"
وقبل ان تتسنى لها الاجابة عاود معانقتها بلطف ثم ابتسم وقال وهو يحدق في فمها :
" عليك تعلم الكثير يا جيني , ولكن لا تخافي فسأعلمك ...سأعلمك "

Rehana 30-10-23 11:06 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
احست جيني وكأن تياراً يجرفها وأسوأ ما في الأمر انها بدأت تميل أكثر إلى الاستسلام في حالات مماثلة . وقررت الا تنجرف من جديد فحاولت دفعه بعيداً عنها وفوجئت به يبتعد عنها ويعود إلى مقعده . منتديات ليلاس
لكن الابتسامة لم تفارق ثغره وبرقت عيناه السوداوان فيما مرر يده في شعره الكثيف الأسود . وكما قال من قبل فهو لا يدع أحداً ولا أي شيء يحول دون تحقيقه رغباته . وقالت له جيني بصوت خافت :منتديات ليلاس
" أفضل ... أود العودة أرجوك أنطونيو"
وجلست ويداها في حجرها محاولة اسكات ارتجافهما. واستدار ونظر إليها لبرهة بيد انها تفادت نظره ثم قال بلطف:
" إنني أقوم بمرافقتك لمشاهدة الخيل ايتها الصغيرة "
واكتفت جيني بالإيماء ايجاباً من دون ان تتكلم محاولة تجاهل ابتسامة الرضى التي لم تفارق ثغره فيما اطلق عنان السيارة من جديد.
واحست جيني ان لا جدوى من مقاومة إرادة حديدية لا تقهر كارادة انطونيو فرنسيسكو.

Rehana 02-11-23 07:31 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
5- على ظهر العاصي

ادركت جيني ان محاولتها تعلم كل أساليب تصنيع العصير ومراحله مسألة تتخطى طموحاتها خصوصاً بعد أن علمها انطونيو ان العصر بكامله قد لا يكفي لذلك, لكنها زارت المعمل مرات عدة برفقة انطونيو احياناً وبرفقة عمها احياناً اخرى حتى باتت الآن تملك بعض المعلومات الأولية تخولها ابداء اهتمام أذكى من قبل, وتابعت حضور دروس الأسبانية إكراماً لعمها الذي بدا متلهفاً لتعلمها اللغة لكنها رافقت انطونيو إلى الاسطبل ايضاً أربع مرات او خمساً بعد الحادثة المذكورة . لم يفارقها حذرها منها لكنها اقتنعت بأنه لا ينوي إيذاءها جسدياً لكن كان عليها الحذر باستمرار من نواياه في الزواج منها .
كان النهار حاراً ومشمساً وشعرت جيني بالكسل وقد اكتفت بحساء بارد اثناء الغداء التقليدي المتأخر. وقد انعشها الحساء المصنوع من الخضر والذي يقدم بارداً وادركت انها باتت تحب كثيراً هذا النوع من الأكل . وقد مضى شهران ونصف على قدومها إلى اسبانيا واحست بأنها تكيفت مع البلد أكثر مما كانت تتصور .منتديات ليلاس

Rehana 02-11-23 07:32 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
كانت تشتاق بالطبع احياناً إلى مناخ الصيف الانكليزي البارد والمنعش وإلى اصدقائها هناك,
لكن لم يكن لديها الوقت الكافي لتحن للعودة إلى الوطن لكثرة انشغالها ونشاطاتها . وقد ارتاحت لرفقة انطونيو في الأسبوعين الآخريين أكثر من ذي قبل وهو لم يتطرق إلى موضوع الزواج من جديد. دونا صوفيا وحدها استمرت في موقفها العدائي والمتشنج وغالباً ما كانت جيني تأسف لانقطاع الاتصال بينهما , الأمر الذي أحزن عمها .
كان جو المكتب والمشمس حيث تدرس الأسبانية , منعشاً جداً إذا ما قورن بالحر الشديد في الخارج حين جلست جيني وراء مكتبها الصغير مسرورة . وشرعت تقرأ او تحاول القراءة في كتاب اسباني يتناول موضوع الفن فيما جلس انطونيو بالقرب من النافذة يتداول بعض أوراق العمل.
وراحت أفكار جيني تختال بعيداً عن عالم الفن خصوصاً حين يكون مكتوباً بالأسبانية ويتضمن الكثير من الكلمات التي لم تفهمها وغالباً ما سرحت نظراتها نحو النافذة المفتوحة بالقرب من انطونيو حيث تدلت الورود المثقلة بالعطور تحت الشمس المحرقة فملأت الغرفة عطراً. ريحانة
ولم تكن تدرك ان انطونيو يراقبها إلا حين سمعت صوته يعيدها من دنيا التخيلات إلى واقع المكتب. واحست بالذنب بادئ الأمر ثم رمقته للحظة متوقعة ان يؤنبها لاسترسالها في احلام اليقظة واستعدت للدفاع عن قلة تركيزها بسبب الجو الحار.
وسألها بالأسبانية لاصداره على مخاطبتها بالأسبانية في اثناء الدروس وكانت غالباً ما يفلت منها حبل الحديث فتفقد اعصابها :
" كيف حالك يا خوانيتا؟"
كان جالساً في المقعد المغطى بالجلد وقد أسند ظهره إلى الخلف يراقبها منتظراً لحظة ارتكابها خطأ وكانت تعرف ذلك كل المعرفة وتحس بنظرة المنصب عليها لا يتركها لحظة وسألها من جديد:منتديات ليلاس
" هل ستتأخرين في الإجابة ؟"
وهزت رأسها محاولة ترجمة سؤاله بأكبر سرعة وشرعت تقول بالانكليزية :
" لا تنتظرني إذ كنت ..."
لكنه ضرب الطاولة امامه بكف يده محدثاً ضجيجاً مفاجئاً جعلها تقفز من مكانها :
" تكلمي الأسبانية يا خوانيتا , ارجوك"
وصاحت جيني معارضة :
" لكني لا استطيع مجادلتك بالأسبانية "
وعبست عاتبة عندما سمعته يضحك , وسألها بصوت هادئ:
" وهل تريدين مجادلتي ايتها الصغيرة ؟"
وهزت جيني رأسها ونظرت إلى الكتاب أمامها , لم تكن تخطت الصفحة الأولى بعد وهي الآن على وشك ان تخوض جدالاً معه فقالت له :
" كلا , لا أريد مجادلتك"

Rehana 02-11-23 07:32 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ورفعت الكتاب تقربه منه ليتسنى له رؤية عدد الصفحات الضئيلة التي قرأتها ثم اضافت :
" لم أتخط الصفحة الثانية بعد واني أعلم أنك ستغضب مني ولكن ... ولكني لا استطيع العمل اليوم لشدة الحر وفي أي حال فالقراءة تبعث على النعاس"
وتنهد انطونيو عميقاً ثم نهض من وراء مكتبه وتوجه نحو النافذة حيث وقف وأدار ظهره لها ثم مر بيده على مؤخرة رأسه ملزماً الصمت . كان يرتدي سروالاً بلون الظبية وقد التصق بساقيه الطويلتين والمفتولتي العضلات وهو يقف وقميصه الأبيض المعتاد الذي بدا وكأنه بشرة ثانية له كست ظهره العريض وتراءت من تحتها بشرته الذهبية .منتديات ليلاس
ووجدت جيني نفسها تراقبه بوعي لاهف لم تتعوده وتترقب لا شعورياً ملامحه وحركاته المألوفة . وقد شمخ رأسه متعجرفاً واثقاً فوق العنف القوي ولاحظت كيف كان يمرر اصابع يده اليسرى في مؤخرة شعره الأسود في المكان الكثيف حيث يقص الشعر فوق ياقة القميص الأبيض وقد سحرها جسمه النحيل القوي والطويل بنعومته وخطورته وتحركاته الشبيهة بتحركات قط كبير.
"جيني "
قطعت حبل تصوراتها وعادت لتجبه نظرة عينيه السوداوين الثابتة . وخطورته وتحركاته الشبيهة بتحركات قط كبير.
" جيني "
قطعت حبل تصوراتها وعادت لتجبه نظرة عينيه السوداوين الثابتة . وابتسم ابتسامة طفيفة وكأنه يعلمها بتفهمه لسهوها .منتديات ليلاس
ووقف برهة بجانب النافذة ينظر إليها , ثم قال بصوت لم يحمله مقدار السخط ذاته الذي توقعته :
" لا اظنك قادرة على حفظ أي شيء ما دمت مشغولة البال . أرغب في الذهاب بنزهة إلى سنتران فهل ترافقيني ؟"
ولم تكن الزيارة إلى الاسطبل تخلو من المتعة , لكون سنتران تقع في اجمل بقاع الريف وسط برودة اشجار ظليلة . ورغم أن جيني لم تكن اكتسبت بعد روح المغامرة فقد باتت أقل خشية من الجياد الأندلسية الحادة الطبع التي يملكها انطونيو ويمتطيها وباتت تتذوق جمالها.
وقالت متسائلة إن كان فعلاً يتوقع ان ترافقه او انه عرض عليها المشروع من باب اللياقة :
" تبدو لي الفكرة عظيمة "
ووضعت الأوراق على الطاولة وكأنها تريد إعطاءه الفرصة لتغيير رؤية أن أراد فقالت :
" ألا يفترض بنا ان نعمل ؟"
وظنت للحظة انه لن يجيب عن سؤالها لكنه توقف عن العبوس ورفع حاجبه وعلى ثغره ابتسامة طفيفة وسألها بصوت هادئ:
" هل تعترضين على فكرة إعطائي بعض الوقت للتنزه"
وسارعت في الهز برأسها وقالت مستدركة :
" كلا, بالطبع لا, بل ظننت ..."

Rehana 02-11-23 07:32 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
واتجه نحوها فيما راح صوتها يتلاشى واحست بخفقات قلبها تتسارع حين وقف أمامها وقد لفتها قوة حضوره بحزام من الدفء.
وقال لها بصوت تضطرب كلما سمعته فيما حدق فيها بعينيه .
" انت شريكتي, ظننت أنك تعبت فوافقت على رغبتي في التنزه وقت العمل"
وأوضحت له جيني مرادها :منتديات ليلاس
" لم أفعل ذلك, بل وافقت على الفكرة "
" آه, نعم "
ومد يده ولامس خدها بخفة بطرف أنامله فتسارعت خفقات قلبها واحمر خداها وخفضت عينيها متحاشية النظر إليه, وتابع بصوت ناعم :
" انت تحمرين كلما لامستك يا يمامتي "
وانسحبت جيني إلى الوراء وأدارت له ظهرها فيما حاولت مقاومة مئات الأحاسيس التي أثارها وقالت له محاولة الظهور بمظهر الغاضب.ريحانة
" انطونيو لماذا تحاول دائماً ان تجعلني اتصرف وكأني طفلة غبية ؟"
لكن صوتها كان لاهثاً واحست بيديها ترتجفان فقبضت على اصابعها محاولة السيطرة عليها . وردد كلامها وكأنه فوجئ باختيارها للمفردات : " طفلة غبية ؟" ثم تنهد من جديد وتأبط ذراعها متوجهاً نحو الباب وقال بصوت رقيق :
" هيا بنا ايتها الصغيرة , قبل ان نغرق في الجدال..."
قاومت ضغط يده لبعض الوقت ونظرت إلى وجهه الداكن مذعنة وسألته :
" انت تحب اغضابي أليس كذلك؟ أنت تتسلى لرؤيتي أفقد اعصابي"
وابتسم معترفاً بصحة قولها فشدت على راحة يديها بقوة :
" آه, يا انطونيو هناك اوقات احس بها أني أكرهك"
وهز رأسه من غير ان يتوقف عن الابتسام وقال لها بكل ثقة :
" كلا يا عزيزتي الصغيرة , أنك لا تكرهينني "
كان على حق وهي تدرك ذلك لكنها لم تكن مستعدة للقبول بهذا الامر خصوصاً في الوقت الحاضر . وقد كانت تشعر بخليط من العواصف حياله وهي لم تحاول او هي ربما حاولت قليلاً تفهم الأحاسيس هذه وتحليلها . وقد كانت تدهش بعض لأحيان لردات فعلها العاطفية حياله وتذعر حيناً . كان مختلفاً عن جميع اقربائها ويمتلك قدرة كبيرة على جعلها تضطرب ولم يكن من السهل التخلص منه او تجاهله .منتديات ليلاس
وانذرته قائلة :
" انت سائر على الدرب الصحيح الذي يؤدي بي إلى كرهك"

Rehana 02-11-23 07:33 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لكنه هز رأسه من جديد . وقد ازعجتها ثقته المتناهية بنفسه لكن يده واصلت مداعبة ذراعها بلطف فأغمضت عينيها جزئياً للتركيز على الأحاسيس التي ولدتها تلك اللمسة فيما خفق قلبها بسرعة مجنونة .
وقال بسرعة :
" إنني لا اصدقك ايتها الطفلة "
وانتزعت جيني يدها من لمسة انامله المداعبة في محاولة اخيرة للتحكم بالموقف وبعواطفها التي خانتها ثم نظرت إليه وقالت لاهثة :
" لن اتزوجك يا انطونيو مهما حاولت اقناعي بأن هذا هو ما أريد"
وحدق فيها بثبات لوقت طويل حتى اخفضت عينيها وقد ركز بصره على ثغرها وكأنه سحر به وقال لها بصوت رقيق:
" لا استطيع بسهولة يا جيني , لابد انك اصبحت تعرفين ذلك فالاستسلام ليس من طبيعتي وقد صممت على الزواج منك ايتها الطفلة المحبوبة"
لم تتمكن جيني من ترجمة عبارة التحبب الأخيرة التي قالها لكنها ارتعشت لرنينها العذب واحست بشعور غريب يلف معدتها وكأنه ناتج عن خوف او إثارة ولم يكن في وسعها تحديد ايهما الصحيح. ريحانة
وقالت له بصوت يرتجف رغم محاولتها الجاهدة للظهور مظهر الواثق والعقلاني:
" لا افهم كيف تستطيع الزواج مني من دون موافقتي , إلا إذا كنت تنوي جريّ بالقوة , ولا اظن انك مستعد للجوء إلى هذه الأساليب"
وتفحصها مطولاً ثم ابتسم ابتسامة اقلقتها ومد اصبعه نحو ثغرها يرسم خطوطه بتأن ثم سألها بصوت هادئ:
" هيا نذهب"
وحدقت فيه جيني لوهلة :
"انطونيو"
وقاطعها بلطف "طونيو , ألن تستعملي ابداً الاسم الذي يناديني به المقربون لي ايتها الطفلة "
" انطونيو لا ..."
وأحنى رأسه بسرعة وعانقها ثم ابتسم لها وعيناه الداكنتان تلمعان ونفسه الدافئ يداعب ثغرها . وأصر بلطف مشوب بالصراحة قائلاً:
" سأبلغ هدفي يا عزيزتي خوانيتا"
وابقت جيني عينيها مطرقتين لبعض الوقت فيما تسارعت الافكار في ذهنها . ثم رفعت عينيها وجابهت نظرت عينيه السوداوين وقد اقتربتا منها كثيراً فأربكتاها . وقالت بتعمد واضح:
"انطونيو"

Rehana 02-11-23 07:33 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وأفلتت بسرعة من قبضته قبل ان يتسنى له إدراكها وهرعت في اتجاه الباب .
لقد سرت للأنتصار المتواضع الذي حققته إذ برهنت لذاتها انها لا تزال قادرة على مقاومة قوة اقناعه وهربت منه ضاحكة في اثناء ركضها نحو الباب.منتديات ليلاس
" خوانيتا"
أدركتها مناداته وهي تحاول تحريك قبضة الباب وتتساءل إذا كان سيلحق بها قبل ان تتمكن من الفرار. وما إن شرعت الباب حتى حبست انفاسها مصعوقة فقد اصطدمت بدونا صوفيا داخلة إلى الغرفة.منتديات ليلاس
وعبرت عينا عمتها الداكنتان والمشككتان عن ازدرائها للفتيات السيئات التربية. ثم رمقت ابنها الذي كان في أثر جيني وقد قطب حاجبيه لكن بريق عينيه دل على سروره . وقالت بصوتها البارد والمتساوي النبرة بعد ان رمقت جيني :
"طونيو , ماذا يحدث يا عزيزي ؟"
ونظر انطونيو إلى جيني بعينيه السوداوين ثم هز رأسه ببطء, وقال مخاطباً والدته بصوت ناعم :
" لا شيء , يا أمي , لا شيء"
وتابعا التكلم بالأسبانية ولم تستطع جيني ان تفهم ما يتبادلان من حديث لكنها التقطت اسماً عرفته لتوها وانتبهت إلى النظرة السريعة التي خصها بها انطونيو عندما تفوهت والدته بلفظة السريعة التي خصها بها انطونيو عندما تفوهت والدته بلفظة ماريا.
وقفز قلبها في صدرها عندما سمعت الاسم من غير أن تجد سبباً يوجب اضطرابها لورود اسم ماريا غازاريس. هذا إذا كانت هي المعنية . وكان واضحاً من تصرفات دونا صوفيا أنها تخصه على القيام بعمل ما لكن جهل جيني بالأسبانية حال دون فهمها بقية الحديث.ريحانة
وكل ما فهمته ان ماريا أتت لزيارة دونا صوفيا وقد رأت انه من المستحسن ان يذهب انطونيو ويحييها ما دامت في المنزل . وبدا انطونيو غير مشغوف بالفكرة وهز رأسه وقد عبر انعقاد حاجبيه عن قرب نفاد صبره , وقال موضحاً:
" كنت انوي مرافقة جيني في السيارة إلى سنتران "
تكلم بالانكليزية هذه المرة وقطبت أمه حاجبيها ثم نظرت إلى جيني نظرة ساخرة جعلت جيني ترتعش لا ارادياً . واجابته دونا صوفيا مستاءة لاضطرارها استعمال لغة غريبة:
" ليس من باب اللياقة ان تتجاهل ضيفتي وقد طلبت مقابلتك , ولن تأخذ الكثير من وقتك يا ابني "
ووقف قلبها لوهلة مرتبكاً ثم رفع كتفيه وكأنه يستجيب للواقع وأشار على والدته ان تسبقه . وأمسك بذراع جيني يقودها في الممرات البيضاء وشرعت جيني تتساءل عن رد فعل أنطونيو المحتمل لفكرة مقابلة ماريا غازاريس لو كانت هي الشريكة في مؤسسة فرنسيسكو وابنه عوضاً عنها . أقلقتها هذه الفكرة وفضلت الأحجام عن الانسياق فيها وراحت تحاول التنبؤ بهيئة ماريا غازاريس.

Rehana 02-11-23 07:33 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
كانت قد كونت فكرتها الخاصة عن الفتاة الاسبانية وتصورتها طويلة القامة لا تخلو من التعجرف, رائعة الجمال من دون شك وإلا لما كان انطونيو أبدى أي اهتمام بها حتى كرفيقة له في ركوب الخيل.منتديات ليلاس
فتح باب البهو لوالدته وانحنى أمام جيني مشيراً إليها أن تسبقه إلى الغرفة وقد امتلأت عيناه ظنوناً وهو ينظر إليها . وكانت جيني تتمنى لو استطاعت تفادي هذا اللقاء لكن يبدو ان أنطونيو قرر انه مادام عليه مقابلة ماريا فالأمر ينطبق عليها هي ايضاً ولن تجديها محاولة التهرب منه.
دخلت القاعة الكبيرة الباردة الجو وقلبها يخفق بسرعة مجنونة وقد لف معدتها شعور بالذعر فيما سارت ويداها مقبوضتان أمامها.
ولاحظت ان المرأة التي نهضت عن مقعدها كانت أنيقة ترتدي ثياباً ثمينة , لكن التشابه بينها وبين صورتها في ذهن جيني توقف عند هذا الحد.
فهي من جهة كانت أكبر سناً مما توقعت جيني وقد صدمها ذلك إذ تذكرت ان أنطونيو يكبرها بأربعة عشر او خمسة عاماً وهو أمر اعتادت نسيانه . وكانت شبه متأكدة من أن ماريا غازاريس قد تجاوزت الثلاثين وقد بان تقدمها في السن على ملامحها وكأن نساء اسبانيا
يهرمنا بسرعة أكبر من نساء البلدان الأخرى .منتديات ليلاس
كانت لبقة ومتكلفة وتنطبق عليها صفة سيدة مجتمع . وشعرت جيني بحداثة سنها واغترابها حين رأتها . وكانت اليد التي صافحتها بتهذيب , ثابتة وقوية وكأنها يد رجل. ولم يصعب على جيني تخيل ماريا ممتطية جواداً ومسيطرة بسهولة على طباعه الحادة . وانتبهت إلى ان عيني ماريا قاسيتان كعيني دونا صوفيا وقد تفحصتاها بفضول ظاهر, ثم التفتت نحو أنطونيو ولطف تعبير وجهها حين وقع نظرها على وجهه الوسيم وعينيه الداكنتين وايقنت جيني ان ماريا غازاريس مغرمة بأنطونيو بغض النظر عما يكنه لها . ورفعت عينيها لتنظر إليه ثم أومضتا حين رفع يدها إلى شفتيه يقبل أناملها , وقالت بصوت ناعم وبالأسبانية :
"طونيو كيف حالك؟"
" دعونا نتكلم الانكليزية إذا كنت لا تمانعين يا ماريا !!"
استعمل لهجة تبريرية كان لها وقع عظيم في أذني جيني فاحمر خداها.
ووافقت ماريا غازاريس مبتسمة :
" بالطبع , لكني ظننت أنك تحاول تعليم ابنة عمك الأسبانية يا طونيو , أليس كذلك يا آنسة فرنسيسكو؟"
واجابتها جيني :
" أنني أحاول التعلم"
وتساءلت عما إذا كانت تملك الشجاعة الكافية لتصحيح طريقة لفظ اسمها بالأسبانية لكنها قررت ألا تفعل فهزت رأسها وابتسمت ابتسامة حزينة ثم قالت :
" لست بارعة في تعلم اللغات"

Rehana 02-11-23 07:34 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقالت لها ماريا غازاريس بصوت لم يخل من نبرة الارشاد:
" لم يكن سهلاً عليّ تعلم الانكليزية , لكن كانت دراستها إجبارية في المدرسة الانكليزية التي كنت فيها ففعلت"
" أدرست إذن في مدرسة في انكلترا؟"
ونظرت إليها جيني متعجبة وكأنها لم تستطع ستيعاب الفكرة قد درست في مدرسة في الخارج ولربما في مدرسة من أكثر المدارس الداخلية كلفة وصعوبة في اختيار تلامذتها .ريحانة
واجابتها ماريا غازاريس بإيجاز :
" لم أبق فيها لفترة طويلة , إذ لم أكن مستعدة هناك وطلبت العودة إلى المنزل "
ورمقت عيناها الداكنتان اللامعتان أنطونيو وابتسمت نصف ابتسامة , إذ غمرته نبراوية من زوايا ثغرها الواسع , ثم تابعت بصوت رقيق :
" لقد افتقدت الكثير اثناء إقامتي في انكلترا "
وتكلمت بحيث لم تترك أي مجال للشك في قصدها , وتكلم أنطونيو مخاطباً إياها وكأنه أساء فهمها إذ قال :
" لا تركب جيني الخيل"
لكن جيني كانت متأكدة انه فهم قصدها تماماً بعد أن لاحظت الطريقة التي تكلم بها .
وارتفع حاجبا ماريا غازاريس السوداوان تعبيراً عن دهشتها وأسفها وهزت رأسها .
" آه , لكن ينبغي ان تعلمها ركوب الخيل ايضاً يا طونيو , فمن المؤسف ألا تستطيع إشراك ابنة عمك في هوايتك المفضلة"
ودلت لحظة التردد هذه على الكثير, وبنحو خاص على أن ماريا غازاريس كانت تعارض مشاريع زواج أنطونيو بقدر معارضة دونا صوفيا لها , او بالأحرى معارضة جيني لها . وأحست جيني لوهلة أنها حليفة للفتاة الأسبانية وهما تسعيان لتحقيق هدف مشترك , إذ في استطاعت ماريا غازاريس ان تقوم بدور الزوجة لأنطونيو على نحو أفضل بكثير من جيني وكان واضحاً انها متلهفة لزواج منه بينما ترفضه جيني .منتديات ليلاس!
" لا اظن انه من الضروري ان أتعلم ركوب الخيل يا آنسة غازاريس"
وكانت متأنية في لفظ اسمها على النحو الصحيح ثم تابعت :
" حتى انه ليس من الضروري فعلاً ان أتعلم الأسبانية لكن عمي رفائيل يصر على تعلمي ..."
وأحست ان الطريقة التي رفعت فيها كتفيها للتعبير عن مشيئة القدر لم تكن مختلفة عن حركة اقربائها من ذوي الأصل اللاتيني ولاحظت دهشة أنطونيو حين رآها . وقال لها بصوت هادئ :منتديات ليلاس
" لم أدرك أنك تدرسين الأسبانية إكراماً لأبي, هل هذا هو السبب الوحيد لمتابعتك الدروس؟"

Rehana 02-11-23 07:34 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" بالتأكيد"
وسرت جيني لتعبير وجهه عندما نظر إليها ثم ابتسم بتأن وهز رأسه ثم تمتم بصوت خافت بالأسبانية شيئاً لم تفهمه , لكن فهمته ماريا غازاريس إذ نظرت إليه نظرة قاسية وساطعة ثم قالت بصوت ناعم :
" يا لبلاهتك يا نطونيو"
وتساءلت جيني بعد أن فهمت أخيراً بعض الحديث عن سبب نعت ماريا لأنطونيو بلا بلاهة .
ورفع كتفيه ثم ابتسم مجدداً ونهض ثم نظر إلى ماريا لبرهة وقال بصوت هادئ:
" أراك غير مستعدة لركوب الخيل اليوم يا ماريا لكن هل لي ان آمل في مقابلتك غداً صباحاً؟"
طرأ تغيير جذري على ملامح ماريا القاسية لسماعها دعوته وبدت علامات الرضى على دونا صوفيا ايضاً وألقت بنظرة ساخرة وانتصار على جيني وكأنها ظنت انها نجحت أخيراً في حمل ابنها على البوح علناً بتفضيله ماريا على جيني . لكن جيني فوجئت بشعورها بالامتعاض للدعوة وعقدت حاجبيها لا إرادياً . وسمعت صوت أنطونيو الرقيق والعميق يسألها :
" لا مانع عندك يا صغيرتي ؟"
وهزت رأسها وقد تخضب خداها وبرقت عيناها الضخراوان لحظة التقتا بعينيه وادركت الدافع الذي حدا بأنطونيو إلى إبداء الدعوة.منتديات ليلاس
وقالت له :
" كلا ! بالطبع لا أمانع , ولِمَ أمانع ؟!"
وابتسم بتأن ثم مد يده يرسم بطرف اصبعه الخط الذي أبرز عقدها لحاجبيها , ثم قال لها بنعومة متناهية :
" لا داعي لأن تمانعي , لا داعي أبداً"
تمتعت جيني كعادتها بالنزهة في السيارة إلى الاسطبل حيث يحتفظ أنطونيو بجياده وراحت تنظر حولها بشغف كبير اثناء سيرها على الطرقات المغبرة والمتعرجة بين كروم العنب وقد شارفت محاصيلها على النضج تحت شمس اغسطس المحرقة.
كان أنطونيو قد بدل ثيابه قبل مغادرتهما المنزل وكانت ترمقه بين الحين والآخر من طرف عينها وتعجب كحالها دائماً لحسن منظره في سرواله القصير وحذائه وقميصه الأبيض المفتوح كعادته عند الياقة والذي التصق على صدره الواسع . وقد فتح اليوم القميص أكثر من العادة لحرارة الجو وتذكرت جيني كيف رمقها وقد رفع حاجبه لحظة فتح القميص وكأنه يتوقع منها أن تعارض فعله .

Rehana 02-11-23 07:34 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ورحبت جيني بالنسيم الناتج عن سرعة السيارة وكانت تتفهم تماماً رغبة أنطونيو وارتياحه للهواء يلامس بشرته مباشرة لكن رؤيته ولدت فيها احساسات مختلفة تماماً لم تخلُ من الاضطراب. ريحانة
كان منظره البدائي والذهبي بسمرته ساحراً جداً خصوصاً عن قرب وحاولت جيني ألا تراقب كفيه وذراعيه الأسمرين الجبارين تتحكمان بالسيارة .
وكان رأسه الأسود المتعجرف الصقري يحرك فيها عواطف غريبة قد زادت حدتها اليوم أكثر من أي وقت مضى وتساءلت عن سبب ذلك . وخيل إليها أنها ترى شخصاً مختلفاً, فهو الآن ليس فقط ابن عمها أنطونيو بل أكبر سناً منها يسحرها برجولته , وقد يكون شعور ماريا غازاريس الظاهر حياله هو الذي جعلها تراه بمنظار آخر لكن مهما يكن السبب فقد احست باضطراب عاطفي كبير.
كان لأنطونيو شريك في الاسطبل يسكن في منزل قريب منه, يرحب بجيني كلما أتت برفقة أنطونيو , اما الاسطبل فهو عبارة عن مجموعة متناثرة من المباني البيضاء في أرض شاسعة.
كانت الأراضي تشتمل مراعي خصبة ترويها مياه الهضاب المجاورة وقد جرت بواسطة نظام ري قديم العهد إنما فعال جداً وكانت تحيط بها حقول أشجار تين ضخمة وقديمة شكلت واحات من الظل !
كانت الجياد من النسل الأندلسي ويعود أصلها إلى الجياد العربية التي أتى بها الفاتحون العرب وكانت رائعة الجمال. إلا انها كانت حادة الطباع ايضاً يتطلب ركوبها فارساً ماهراً كأنطونيو وكانت جيني قد تأكدت من مهارته بعد أن شاهدته مرات عدة .ريحانة
وهي تبقى عادة في رفقة خوسيه غارسيا, وبعد ان رحب بهما مضيفهما دخل المنزل ليعلم زوجته بقدومها وللاستعداد لركوب الخيل برفقة صديقه , وتوقعت جيني أن تسير الأحداث كالعادة.منتديات ليلاس
بعد ان اختار أنطونيو مطيته وأسرجها قاد الجواد إلى حيث وقفت جيني بجانب سياج حقل الفروسية فنظرت إليها مستغربة . إذ كان يركب عادة جواده وينتظر خوسيه كي يلحق به ويكتفي بالتلويح. لكنه توجه نحوها اليوم وسألها مبتسماً:
" هل تمانعين في بقاءك برفقة زوجة خوسيه ؟"
وهزت رأسها ورمقته مندهشة ثم قالت :
" كلا, بالطبع لا , ولم أمانع ؟"
ورفع كتفيه بعد ان فكر للحظة ثم ابتعد وردد قائلاً بصوت هادئ:
" لِمَ تمانعين ؟ ظننت انه لربما ..."
ورفع كتفيه العريضتين من جديد واعتلى السرج , لكنه لم يبتعد بل جلس لوقت طويل يحدق فيها بعينين غائرتين ثابتتين , ثم ابتسم من جديد ولوح وقال بصوت ناعم :
" إلى اللقاء يا جيني , لن أتأخر"

Rehana 02-11-23 07:35 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
حث الجواد النحيل الشاحب اللون الذي كان يمتطيه على السير رادعاً إياه عن الركض إلى أن يتجاوز المراعي, وراحت جيني تراقبه بكآبة .
كان السهل عليها تصور قامة ماريا غازاريس الرشيقة ممتطية إلى جانبه وهي تمسك بسير لجام فرس جميل وتسيطر على طبعه الحار بسهولة , لقد اخبرها أنطونيو انهما كانا يركبان الخيل معاً منذ الطفولة , وقد لمحت ماريا نفسها إلى ان قدرتها على الفروسية تقربه منها.
وما أفاقت جيني إلى نفسها إلا وهي تناديه باسمه وتوقفت جاهلة ما ستقول له . احست نفسها بحاجة ماسة إلى التكلم معه وإن لم يكن لديها ما تقوله بالتحديد لكن تراءت لها الفكرة المجنونة حين رأته يستدير نحوها.منتديات ليلاس
شد بقوة على لجام مطيته ليوقفها فوراً ثم استدار بالجواد نحوها.
وراح قلبها يقفز في صدرها وعضت على شفتها بقلق محاولة إيجاد الكلمات للتعبير عن الدافع المفاجئ والفوري الذي اجبرها إلى مناداته وسألها بصوت رقيق وهو ينظر إليها وكأنه يدرك دوافعها :
" ما بك ايتها الصغيرة "
واجابته بصوت لاهث وخافت :
"إني آسفة أنطونيو, لقد ظننت لتوي انه لربما ...لربما "
وهزت برأسها متوقعة ان تراه منزعجاً لترددها لكنه ظل ثابتاً فوق جواده وهو يحدق فيها ثم سألها :
" ماذا تحاولين ان تقولين يا جيني ؟"
ووجدت الكلمات المناسبة أخيراً فنظرت إليه وقد إعتراها نوع من الدوار فيما قالت له :
" كنت ... كنت أتساءل هل في استطاعتي ..."
ورأت نظرة التعجب في عينيه وادركت انه لم يفهم قصدها فتابعت بسرعة :
" أعني انني كنت أتساءل هل استطيع تعلم ركوب الخيل".ريحانة
" آه"
وبرقت عيناه فجأة وابتسم نصف ابتسامة ثم قال :
" ترغبين في تعلم ركوب الخيل , أليس كذلك؟"
ادركت جيني ان تهورها هو الذي قادها إلى التفكير بتعلم ركوب الخيل إذ كانت تخشى الجياد منذ الصغر . لكن الأوان كان قد فات فلن يدع أنطونيو الفكرة تفلت منه بسهولة فقالت محاولة إيجاد مبرر للتراجع :
" لست أدري إن كنت قادرة , لقد كنت دائماً ... أعني أنني لا اهتم فعلاً بالجياد"
وقال بصوت ناعم :
" سأعلمك يا عزيزتي"
وتراءت لجيني زواية أخرى للمسألة لم تأخذها في الاعتبار . ماريا غازاريس كانت هي التي طرحت فكرة تعليمه إياها ركوب الخيل لكن أياً منهما لم يقدم عملياً على هذا .

Rehana 02-11-23 07:35 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وبدأت الشكوك تساور جيني حول المشروع بكامله , وسألته :
" أنت ؟"
وأومأ إيجاباً ورمقها ساخراً ثم قال :
"بالطبع أنا , ألا تتوقعين مني أن أكون استاذك , ومن أحسن مني ؟"
وقالت قلقة :منتديات ليلاس
" آه لكن لم أفكر , أعني أنه لربما ..."
وقاطعها وبدا نافذ الصبر:
" اوه ... مالي أراك تحاولين تغيير رأيك, لن تفعلي هذا لأنني سأعلمك أنا ؟ وما اعتراضك عليّ؟".منتديات ليلاس
ووقفت جيني على مقربة من الجواد الهائج واحست بقوته ونفاد صبر كل من المطيئة والفارس وهزت رأسها ثم اعترفت :
" لا ادري "
وضحك فارتعشت , وأنبها بلطف قائلاً:
"لا تتصرفي برعونة إذاً, عزيزتي خوانيتا , لا داعي للخوف "
ونظر إليها وقد رفع حاجباً داكناً وامتلأت عيناه تساؤلاً. فقال :
"هل ركبت جواداً من قبل؟"
وهزت رأسها بالنفي , ثم قالت :
" كلا"
وادركت للمرة الأولى على المسافة بين الأرض والسرج .
" يبدو لي الارتفاع عن الأرض شاهقاً "
وابتسم ثم انحنى نحوها ومد يده داعياً إياها بلطف:
" تعالي تحققي بنفسك"
وهزت رأسها ثم قالت بسرعة :
" لا , ليس الآن "
نظرت إلى الثوب القصير الذي كانت ترتديه واضافت :
"لا استطيع الركوب وأنا في هذا الثوب"
لم يسحب يده السمراء واستمر مبتسماً بتحد في ما راح يراقبها .وأكد لها قائلاً بصوت ناعم :
" لن أؤذيك يا يمامتي , ولا تخافي شيئاً إن جلست أمامي , مدي لي يدك وأصعدي , تعالي يا عزيزتي لن أدعك تقعين , أعدك بذلك".منتديات ليلاس
كانت نبرته رقيقة , مغرية واحست بخفقات قلبها تتسارع متجاوبة . لكنها نظرت إلى الجواد الهائج بعينين امتلأتا حذراً وتمنت لو لم تتهور وتزج بنفسها في هذا الموضوع . إذ اتضح لها انه سيؤدى بها إلى أبعد مما تصورت , وقالت:
" الجواد ... لا اظن انه ..."

Rehana 02-11-23 07:35 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وامسك بسير اللجام محكماً السيطرة على الجواد الهائج , بسهولة قريبة من الازدراء وابتسم ثم قال مطمئناً :
" لن يؤذيك العاصي , تعالي جيني امسكي بيدي"
ومدت يدها مذعنة وامسكت بيده لكن قلبها كان يخفق بسرعة جنونية وتسارع تنفسها وصاحت خائفة عندما رأت نفسها على صهوة الجواد امام أنطونيو وانغرز حد السرج القاسي في ساقها , واحاطت بها ذراعه القوية فيما راح الجواد يدور على نفسه لازدياد في الوزن وحبست انفاسها من جديد عندما احست بضغط جسم أنطونيو النحيل الضاغط على جسمها وسألها بصوت غائر رقيق:
" أنت تحبين هذا الموقع المرتفع , أليس كذلك؟".منتديات ليلاس
وأومأت ايجاباً ولو يتردد إذ كان عليها مواجهة مشكلة ركوبها الخيل لأول مرة ومشكلة قربها الحميم من أنطونيو إيضاً. ونظرت إلى أسفل تقيس ارتفاعها عن سطح الأرض ثم قالت :
" أجل ... لكن ... "
وسمعت إصداء ضحكته وقد ملأت صدره واحست بخفقات قلبها تعود إلى التسارع , وقال لها :
" إذاً ستوافقيننا "
وقبل ان يتسنى لها إدراك قصده, غمز الجواد بكعب قدمه :
" آه ! لا! "
استجاب الجواد لأوامر فارسه . تعلقت جيني بأنطونيو وتشبثت اصابعها بقميصه ودفنت وجهها في رحابة صدره الدافئ .
"طونيو , أوقف الجواد , أكاد أقع , أرجوك طونيو أريد النزول"
وسمعت رنين ضحكته في أذنها وقد انطلق الجواد يسابق الريح ثم قال :
" ايتها الطفلة , ايتها الطفلة الخجولة لن يصيبك مكروه"
ولم تتجرأ جيني على لقاء نظرة حولها وقد طمس القميص صوتها لكنها تنبهت إلى عدم خطورة رحلتهما وقد كان يعدو بها الجواد في المروج الفسيحة والريح تعبث بشعرها الأحمر.
احست جيني بشعور غريب من الإثارة لسرعة الجواد وقوته وتشجعت فألقت نظرة خاطفة على الأشجار التي بدت وكأنها تتسابق , فأدركت سرعة انطلاقهما وهمست :
"طونيو , ارجوك يا طونيو ان تتهمل"
وسمعت من جديد رنين ضحكته في أذنها وضمتها ذراعه أكثر فأكثر إلى صدره إلى أن ملأ صدى ضحكته جسمها وقال بصوت فاض رضى :
" آه , أخيراً ناديتني باسمي , أنت تتعلمين أساليب ارضائي يا حبيبتي "
ولم تدرك جيني ما قاله لكنها رفعت أخيراً رأسها ونظرت إلى عينيه السوداوين وقد امتلأتا تحدياً. وابتسم لها بوجهه الصارم الصقري ثم ضحك ساخراً واحست بالسعادة تفيض من كل انحاء جسمها .منتديات ليلاس

Rehana 02-11-23 07:35 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
الريح الناتج عن عدو الجواد بعثر شعرها وأنعش خديها فتطايرت خصلاتها إلى الوراء ولمعت عيناها من الاثارة والتقى نظر أنطونيو بعينيها فضحك فيما برقت عيناه الداكنتان.
ظنت انها خائفة وأرادت الظهور بمظهر الغاضبة لكنها ادركت ان كل شيء تلاشى الآن ولم يبق سوى ذلك الشعور الجامح بالاثارة الذي ولدته الرحلة المجنونة , ولفت ذراعيها حوله تعانقه فيما وجهها على صدره الدافئ والرحب واغمضت عينيها .
خيل إليها ان الرحلة استغرقت دهراً وان الجواد لن يتعب أبداً وفوجئت به يمهل سيره وكادت ألا تشعر بالمجهود العضلي الذي كبح جماحه, وأدركت انهما بلغا حدود أرض خوسيه غارسيا حيث علت أشجار اوكاليبتس ظليلة بجانب الطريق ورأت كروم العنب على مسافة قصيرة فوق التلال .
ونظرت إلى أنطونيو وأحست فجأة بخجل عظيم بعد أن توارى شعور الإثارة الأولى وأتيح لها ان تدرك بسهولة استسلامها العفوي لأحداث الحاضر. وحدق فيها أنطونيو بثبات حتى خفضت عينيها فتعلقتا على ياقة قميصه المفتوحة فتفادت بذلك مواجهة نظرته البراقة الاستجوابية مدة أطول وقد تسارعت خفقات قلبها .
ومد يده وبعثر شعرها الأحمر بلطف وازاحه عن جبينها ثم ابتسم وهو يلامس بشدة عنقها الناعم , وسألها بصوت ناعم:
" هل وجدت أخيراً السبيل لارضائك ايتها الصغيرة؟"
وارتعشت جيني إنما لا إرادياً. ولما لم تجب رفع ذقنها بيد ثابتة وارغمها على النظر إليه وقال :
" لا تستطيعين الانكار انك تمتعت بالرحلة "
كانت قد تمتعت فعلاً وكانت على وشك الاعتراف له بذلك لولا رؤيتها في هذه اللحظة خوسيه غارسيا يقترب منها وادركت للمرة الأولى ما قد يفكر فيه أسباني تقليدي حين يراهما في هذا الوضع . وكان أنطونيو يعي ايضاً هذا الاحتمال لكنها رأته يعبس وكأنه غير راض عن ظهور صديقه المبكر.منتديات ليلاس!
وتوجه خوسيه غارسيا بجواده نحوهما وقد علت على ثغره ابتسامة مؤدبة لم تخل من الفضول وقال مخاطباً جيني :
"لم أجدك قرب المرج يا آنسة فرنسيس , ولم أدرك أنك ..."
وعبر عن قصده بحركة واسعة من ذراعيه ملاحظاً ثوبها القصير الزهري اللون والبعيد كل البعد عن ثياب الفروسية وتراءى لجيني انه صدم لرؤيتها ملتصقة بأنطونيو. ولم تدرك إلا بعد دقائق عدة انه اعتاد رؤية أنطونيو في رفقة ماريا غازاريس. وأن زواج هذه الأخيرة من أنطونيو الذي كانت ترغب فيه دونا صوفيا بات أمراً واقعاً مما يزيد في غرابة المشهد الذي واجهه.منتديات ليلاس
وكان أنطونيو يبتسم لكنه كان واضحاً انه أدرك نظرات صديقه المتسائلة بسهولة وقال له :
"شاءت جيني ان اعلمها ركوب الخيل"

Rehana 02-11-23 07:36 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ثم نظر إليها بعينين براقتين وتابع :
" وهذا ما يسمى بالانكليزية رحلة تجريبية , أليس كذلك ايتها الطفلة ؟"
ورفع خوسيه غارسيا كتفيه بلباقة وقال بصوت هادئ:
" إنه لأسلوب تعليمي غير معهود يا صديقي طونيو لكن ..."
وأكمل جملته بحركة من كتفيه بدت وكأنها تضمنت رأيه في الموضوع وقال له أنطونيو:
" وهو أسلوب مسموح به في هذه الظروف".منتديات ليلاس
وضيقت ذراعه القوية التفافها حول جيني حتى صعب عليها التنفس ثم اضاف :
" إذ ان جيني ستصبح زوجتي يا خوسيه "
"أنطونيو!"
طردت صيحة احتجاجها هذه تعابير الشرور عن وجه خوسيه والتفتت تنظر إلى أنطونيو بعينين غاضبتين فيما حاولت يداها عبثاً الافلات من قبضته الفولاذية :
" لا حق لك بأن ..."
وتوجه أنطونيو بالكلام إلى صديقه المرتبك وهو يحدق فيها :
" هل سمعتها ؟ وهل كنت وافقت على مرافقتي في هذه الحالة لو لم يكن ذلك صحيحاً , ايتها الصغيرة ؟"
ونظر إلى ساقيها النحيلتين وقد ظهرتا من تحت الفستان الزهري القصير وإلى يده السمراء الضخمة وقد ضمت خصرها . ثم مرر اصبعه يرسم خطوط جسمها اللطيفة وأضاف :
" وهل يمكن ان تقوم فتاة حسنة التنشئة بعمل مماثل يا عزيزتي؟"
ثم أحنى رأسه الداكن في اتجاهها للحظة وهمس في أذنها :
" مصلحتك تقضي الا تجادليني بشدة يا جيني ؟"
واستدارت جيني بقدر ما سمحت لها قبضته وحدقت فيه بعيني خضراوين فاض الغضب منهما وهمست لاهثة :
" أنني أكرهك , لن أتزوجك حتى ولو انقطع الرجال عن الأرض"
وادركت ان خوسيه غارسيا كان يراقبهما بفضول وقد اربكه تبادل العواطف اللاهبة بينهما لكن أنطونيو بدا وكأنه غير مبال بمراقبة صديقه وأحنى رأسه تجاهها وعانقها لوقت طويل ثم ابتسم مجدداً وقال لها بصوت رقيق:
" سنتزوج يا صغيرتي , سنتزوج "

Rehana 08-11-23 06:26 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 

6- النسر صياد النسور


أفاقت جيني في صباح اليوم التالي باكراً على غير عادتها وبقيت مستلقية في السرير الواسع والمريح لبعض الوقت تفكر في احداث الأمس. وقد كانت كثيرة كلقائها ماريا غازاريس , وأكثر اهمية تلك الرحلة المجنونة على متن الجواد برفقة أنطونيو التي انتهت باعلانه نيته الزواج منها امام خوسيه غارسيا .منتديات ليلاس
وادركت ان خوسيه غارسيا انتهى إلى الصديق أنطونيو واعتبار نفيها ذلك من باب التحفظ الذي تقدم عليه فتاة على وشك الزواج مما أثار غضبها فاعتصمت بصمت صارم بقية النهار وقد لاحظ عمها ودونا صوفيا صمتها هذا.
صعب عليها قبول كونها تمتعت بالرحلة المجنونة برفقته بعد أن أثار غضبها على هذا النحو . وشعرت ان عليها معاودة التفكير في قرارها بتعلم ركوب الخيل لكون الفكرة مشوبة بالمحاذير وأولها انه يقتضيها تمضية المزيد من الوقت برفقة أنطونيو , وقد كانت مؤخراً أقل رغبة في مرافقته .ريحانة
ولم تكن ماريا غازاريس تماماً كما توقعتها برغم أناقتها وتكلفها الأكيدين لكنها ادركت انها قد تتحول إلى خصم عنيد إذا شاءت الصدف ان تتواجها . واحست ان أنطونيو كان يحاول جاهداً ان يبقى الواحدة منهما بعيدة عن الأخرى . وقد اغضبها ذلك.
وتذكرت فجأة انه ذهب برفقة ماريا هذا الصباح بالذات لركوب الخيل وقطبت حاجبيها , وخيل إليها انه لو كان فعلاً مصمماً على الزواج منها لتخلى عن ركوب الخيل برفقة ماريا إلا إذا كان يحاول إثارة غيرتها . واقتنعت بأنه سيخيب أمله إذا كان هذا قصده لكن من المرجح انه كان يتصرف من موقع الذي يحاول رمى عصفورين بحجر واحد كما اخبرها سابقاً.منتديات ليلاس
وتنهدت بعمق لاضطراب حالتها العاطفية ثم تثاءبت بكسل وأخيراً نهضت من السرير وارتدت ثوباً خفيفاً . كان الجو مشمساً ودافئاً كالعادة وابتسمت حين ستنشقت العطور التي فاحت من الباحة ومن الورود على شرفة غرفتها .
مشت نحو احدى النوافذ ووقفت كعادتها في إطار النافذة الدائري تنظر إلى الخارج وقد احاطت بها شلالات من الورود وأزهار المانوليا وراحت تنعم بالسكون الهادئ والدافئ.
لامست وردة حمراء قانية خدها فالتفتت ووجدت يدها تداعب توجياتها المخملية الباردة وابتسمت . داعب أريج الوردة أنفها فقطعت عنقها وقربتها من أنفها فستنشقت عبيرها بغبطة ثم استدارت عائدة إلى الغرفة .

Rehana 08-11-23 06:27 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
"جيني "
ترددت برهة وخفق قلبها فجأة بعمق فأصيبت بدوار وتعرفت بسهولة إلى الصوت وتكهنت انه خرج لملاقاة ماريا غازاريس كما وعدها في الأمس.
وفكرت بادئ الأمر في تجاهل ندائه والاكتفاء بالدخول إلى غرفتها والاستحمام ثم الاستعداد للفطور , لكن قلبها دلها إلى أنه لا يزال واقفاً في الباحة ينتظرها فترددت لبعض الوقت ثم استدارت من جديد.منتديات ليلاس
وقف أنطونيو في ظل شجيرة مانوليا فاح عبيرها . وتراءى لها كعادته في هذا الموضع بالذات وكأنه مزيج من الحسن والخيال. وكان يرتدي كما توقعت ملابس الفروسية وينتعل حذائه واقفاً فارجاً ساقيه بعض الشيء يضرب احداهما بمهمار الركوب القصير. وابتسم حين اطلت من جديد وكأنه متأكد من أنها ستعود مستجيبة لندائه وقد لمعت عيناه السوداوان فرحاً , حياها بصوت رقيق:
" صباح الخير"
ولامست نظراته ثوبها الفاتح اللون وشعرها الأحمر المبعثر وهز رأسه علامة انشراحه لرؤيتها :
" ألم ترتدي ثيابك بعد يا حبيبتي ؟"
وهزت جيني رأسها فيما راحت تفرك الوردة الحمراء بين اصابعها محاولة إخفاء ارتجاف يديها وعلى رغم احساسها بسخافة غيرتها شعرت في هذه اللحظة بالذات وأنطونيو واقف هناك بأنها تكره فكرة مرافقته لماريا غازاريس لركوب الخيل وقالت له في اقتضاب:
" أي أنك أفقت باكراً لملاقاة الآنسة غازاريس"
ولاحظت حاجبه الداكن يرتفع بسرعة , وسألها بصوت رقيق على رغم المسافة التي بينهما :
" وهل أنت مستاءة من ذلك؟"
وفهمت قصده المبيت في السؤال فاغتاظت وشددت قبضتها على الوردة , فانقطع رأسها ورمته بحركة غاضبة , ثم أكدت له :
" طبعاً لا , لا أبالي بمن يرافقك يا أنطونيو وإنني متأكدة من ان الآنسة غازاريس تسر لمرافقتك أكثر مني"
ولاحظت انه توارى لحظة تحت الشرفة وقطبت حاجبيها فضولاً ثم ظهر مجدداً ممسكاً نشئ بين يديه . وابتسم لها ابتسامة لم تخل من المكر ثم مد يديه في اتجاهها ليتسنى لها رؤية الوردة الحمراء التي رمتها وقد امسكها بأصابعه السمر القوية بمنتهى الرفق. رفعها إلى ثغره ولامست شفتاه التويجات العابقة عطراً ثم وضعها بدقة في جيب قميصه , وذكرها بصوت رقيق قائلاً:
" إنها الوردة الحمراء , وساحتفظ بها إلى جانب قلبي يا حبيبتي"

Rehana 08-11-23 06:28 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وتأثرت جيني لقيامه بهذا العمل التقليدي المحبب لكنها كانت مصممة على ألا تجد فيه سوى خطة لاقناعها وهزت رأسها وأومضت عيناها عزماً ورغبة في إيذائه وقالت محاولة تحجيم الحدث قدر المستطاع:
" لم اكترث في حياتي لعمل تخطاه الزمن كهذا, ولم يعد احد يحمله على محمل الجد, ولم اعطك الوردة بل قذفتك بها ".ريحانة
وادركت انها تمكنت من جرح شعوره حين لاحظت انقباض فكيه وبريق عينيه السوداتين وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية .
اجابها بصوت بارد أخافها لكثرة هدوئه:
" لو لم تكن اللباقة وحسن الأخلاق يمنعاني من الصعود إلى غرفتك لكنت جعلتك تأسفين لكلامك. أما الآن ... فإني احييك فلقاؤنا حين أعود من نزهتي"
" قد لا تجدني "
انطلق جوابها بصورة عفوية وبدافع التحدي لكنه التفت نحوها من جديد وقد فاضت الدهشة من وجهه وردد قائلاً:
" لن أجدك؟"
وأومأت إيجاباً. أربكها رد فعله وأدهشها في آن ولم تدرك السبب. وحدقت فيها عيناه السوداوان طويلاً بنظره غائرة لا قرار لها اطلقت العنان لخفقات قلبها من دون ان تفهم بسبب اضطراطبها , وقالت :
" لربما قررت الذهاب في نزهة"
وحدقت فيه مشدوهة عندما سمعته يتنهد ارتياحاً ورأته يغمض عينيه وكأنه تخلص لتوه من عبء ثقيل.منتديات ليلاس
خاطبها مستعملاً اللقب الذي يفضله لها :
" يا ايتها الحمقاء , لقد أردت إعطائي انطباعاً خاطئاً"
ولم تحتج على تسميتها حمقاء إذ كانت قد تحولت الكلمة بينهما إلى مجرد لقب لا تعارضه , لكنها حاولت تفهم مئات الأفكار التي جالت في ذهنها وتساءلت عما قد يفعله أنطونيو لو كانت تنوي مغادرة المنزل.منتديات ليلاس
ثم رمقته بطرف عينها للحظة , وتفحصت ملامحه الصقرية الداكنة وجسمه الطويل النحيل القوي وكأنه مستعد حتى في هذه اللحظة للانقضاض , وكانت لا تزال مصممة على مقاومة محاولات اقناعها بالزواج منه وإذا بها تتساءل ان كانت فعلاً قادرة على السفر الآن . وقد تعودت على الكثير من الأمور في اسبانيا ستفتقدها إذ قررت الرحيل. ومن أم تلك الأمور جهود أنطونيو المثابرة لاقناعها بالزواج.منتديات ليلاس
وهزت رأسها وكأنها تحاول تنقيته وتفادت النظر إليه ثم قالت :
" من الأفضل ان أباشر ارتداء ثيابي وإلا تأخرت عن الفطور"
واستقر أنطونيو واقفاً ينظر إليها ويضرب حذائه بالمهماز القصير وعرض عليها قائلاً بلطف :
" بإمكانك مرافقتي"

Rehana 08-11-23 06:30 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ولم تحاول جيني تفهم أسباب دعوته لها هذه بل اكتفت بسبب واحد منها اعتبرته مناسباً وهزت رأسها تقول :
"حتى يتسنى لك رمي عصفورين بحجر واحد"
ورأت الغضب يجتاح ملامح وجهه واستطردت :
" لا , شكراً يا أنطونيو, لا أظن ان الآنسة غازاريس ستسر لرؤيتي أو أني سأسر لرؤيتها "
" آه !"
دوت صيحته كالقنبلة وادركت انه فهم أخيراً مسألة كانت غير واضحة في ذهنه ثم أكمل بصوت رقيق:
" إذن , انت مستاءة من ركوبي الخيل برفقة ماريا"
ووضع الوردة الحمراء في جيبه برفق ثم تابع قائلاً:
"فهمت الآن طبيعة احساسك نحوي على حقيقتها يا حبيبتي ؟"
" أنت ... أنت لا تفهم شيئاً " قالت جيني لاهثة ثم اضافت " ليس هناك شيء يحتاج للفهم . لا سيما ما يجول في ذهنك"
وضحكت عيناه وكأنه سر لغضبها وسألها برقة :
" وماذا يجول في ذهني يا حبيبتي ؟"
وراحت جيني تعبث بأصابعها بثوبها محاولة إيجاد الكلمات للرد عليه ثم ضربت بقدمها أرض الشرفة الحجرية الباردة ضربة آلمتها وصاحت به غاضبة :
" آه , اذهب , وقابل ماريا . اذهب واركب الخيل برفقتها لكن إياك ان تظن انك قادر على اثارة غيرتي حتى أقبل بالزواج منك , لأنك لن تنجح في ذلك أبداً"
ايقنت جيني ان عمها اشتبه بحدوث تأزم علاقتها مع أنطونيو في اليومين الماضيين فلم تفاجأ عندما لحق بها إلى الحديقة ذات مساء بعد العشاء.ريحانة
ولم تكن تكيفت تماماً بعد مع وقت العشاء المتأخر جداً وهو الوقت التقليدي في كثير من المنازل الأسبانية وكانت تستمتع دائماً بتلك السهرات الهادئة خصوصاً متى كان القمر بدراً. وجلست لبضع دقائق على حافة حوض البركة الحجري رغم ضيق المكان لوفرة ازهار الخبازي الحمراء والورود الحمراء والبيضاء والصفراء التي تسلقته وراحت تستمع إلى خرير المياه من النافورة المزخرفة .منتديات ليلاس
اختفت الألوان إلا عن بعض البقع التي يصلها النور الآتي من أضواء المنزل , لكن أريج الزهور لم يختف بل عبق به الجو الدافئ والساكن . مضى على جلوس جيني بعض الوقت تداعب المياه بأناملها حين وصل عمها . واتجه نحوها قائلاً:
" جيني يا طفلتي , هل أنت جالسة هنا لأنك حزينة ؟"

Rehana 08-11-23 06:31 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وهزت برأسها تطمئنه باسمه :
" كلا يا عمي رفائيل بل جلست هنا استمتع بالأمسية الرائعة وبجمال المكان هذا في ضوء القمر..."
ثم ضحكت برقة فيما نظرت إلى الكرة الصفراء المعلقة في السماء الداكنة:
" إنني متأكدة من أن قمركم اضخم بكثير من القمر في بلادنا"
وبدا وكأنه استوحى معنى جملتها الأخيرة فوقف ينظر إليها وقد قطب حاجبيه وكأن شيء ما اربكه ثم سألها :
" هل تحنين للعودة إلى وطنك يا جيني ؟"
وهزت رأسها من جديد :
" كلا, لا أحس بالحنين إلى وطني".ريحانة
ومدت يدها وامسكت إحدى يديه وابتسمت له :
" إنني حقاً سعيدة هنا يا عمي رفائيل , أؤكد لك هذا ولا داعي لأن تشغل بالك"
وابتسم رفائيل ببعض المرارة ووضع يداً بلطف على رأسها ونظر إليها بعينين وادعتين كعيني جدها وكأنه لم يصدق بعد تطميناتها ثم قال بصوت لطيف وعذب:
" اشعر الآن انك ابنتي ايتها الطفلة. وأنا مسؤول عن سعادتك بقدر مسؤوليتي عن صحتك"
واجابته جيني بصوت رقيق:
" أعرف ذلك يا عمي وأنا شاكرة لك"
وامسك بيدها بين اصابعه وتردد وكأنه يبحث عن الكلمات المناسبة للتغيير عن أمر تكهنت جيني أنها عرفت سلفاً مضمونة وتابع بعد صمت طويل قائلاً:
" في الفترة الأخيرة روادني شعور انك وطونيو ..."
وهز رأسه ببطء فنهضت جيني وهزت رأسها بدورها ويدها بين يديه وقالت بصوت ارادته هادئاً وثابتاً:
" ليس هناك أشياء كثيرة تجمع بيني وبين طونيو يا عمي رفائيل فهو ...".ريحانة
وترددت متسائلة حول صحة الحجة التي هي في صدر ابدائها لكنها تابعت :
" فهو يكبرني بخمس عشرة سنة "
واستوقفها رفائيل قائلاً برفق:
" لكن يا ابنتي أليس هذا الأمر مستحسناً؟ ألا يشكل الرجل الأكبر سناً من زوجته زوجاً صالحاً أكثر من غيره ؟"
قاطعته جيني رافضة :منتديات ليلاس
" لا يشكل زوجاً صالحاً إلا إذا خلا قلبه من طموحات جشعة "

Rehana 08-11-23 06:32 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وتمنت جيني لو لم تحس بهذا المقدار من المرارة حيال هذا الوضع واضافت :
" وهو عدا ذلك يكن المودة للآنسة غازاريس وهي تبادله عاطفته "
" وأنت يا صغيرة , ألا تكنين المودة له ولو قليلاً ؟"
وبالغت في الانتظار قبل الاجابة لكنها شعرت بالحاجة إلى اختيار كلماتها بدقة :
" طبعاً نعم , فهو ابن عمي"
وشددت اصابعه اللطيفة على قبضتها بعض الشيء وسألها:
" هل لأنه ابن عمك فقط ؟"
" نعم , لأنه ابن عمي لا لشيء آخر"
وتنهد رفائيل كما كان يتنهد أنطونيو من يومين حين اعتقد انها راحلة . وأسفت جيني لتخييبها أمل عمها لكنها كانت لا تستطيع الموافقة على مشاريع أنطونيو الأنانية حتى ولو إكراماً لعمها . وقال لها رفائيل بصوت هادئ:
" اخبرني خوسيه غارسيا ان انطونيو اخبره عن خطبتكما"
وصعقت جيني لمعرفته الأمر إذ ادركت للمرة الأولى الابعاد التي اكتسبها إخبار أنطونيو صديقه الحميم عن زواجه منها , ولربما لم بد خوسيه غارسيا أي دافع لكتم الخبر وقد تكون نصف البلاد قد علمت بالأمر بغض النظر عن مقدار الحقيقة فيه.ريحانة
من الصعب التنصل من إعلان كهذا امام قوم تقليديين كالأسبان ولابد ان أنطونيو كان عارفاً بذلك أكثر منها , ولربما أخبر خوسيه غارسيا بدافع تعقيد الأمور في وجهها ليجعل رفضها الزواج منه مسألة مستحيلة . وأحست بشعور غريب يلفها حين لمست تصميمه وقالت فجأة وهي تحاول ان تبل شفتيها الجافتين :
" لم يكن له الحق ان يخبر أياً كان , لقد أثار سخطى بعمله هذا , ولقد اخبرت السيد غارسيا بأن الخبر عار من الصحة وظننت انه صدقني "
" ظن خوسيه ان تكذيبك للخبر كان بداعي التحفظ على الأسلوب غير الرسمي الذي اعتقده أنطونيو في إعلان خبر زفافكما".منتديات ليلاس
وشد من جديد على اصابعها :
" هل أنت مضطرة إلى تكذيب أنطونيو بهذه الشدة. طونيو متلهف للزواج منك ولقد لاحظت مؤخراً ..."
وتردد بين التكلم والسكوت ثم قال بسرعة :
" بدا لي أنطونيو مؤخراً وكأنه ليس مهتماً بتحقيق مشيئة جده بقدر اهتمامه بتلبية نداء قلبه . وأنني أعني بصدق ما أقول ايتها الطفلة "

و

Rehana 08-11-23 06:33 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وراح قلب جيني يخفق بسرعة جنونية وادركت ان عمها تنبه لهذا الأمر إذ أن يدها كانت لا تزال بين يده . كم هو سهل عليها ان تصدقه وان تترك نفسها تنجرف في الاعتقاد ان أنطونيو مصر على الزواج منها لأنه يحبها , لكنها هزت رأسها بشدة للتخلص من الفكرة , فهو ذهب لركوب الخيل برفقة ماريا غازاريس ولم يكتم أمر استمتاعه برفقتها وأن بدا مستعداً لأن يضحي بحبها العميق له من أجل الحصول على حصة أكبر في المؤسسة العائلية . فالرجال أمثال أنطونيو قساة جداً ولابد ان ماريا غازاريس مؤهلة أكثر للتعامل معهم.منتديات ليلاس
" لا أصدق , لا استطيع تصديق ذلك يا عمي رفائيل"
قالت محاولة تخفيف حدة الكلمات لئلا تجرح شعوره , وأيقنت أنه أكثر قابلية للأذى متى تعلق الأمر بابنه أنطونيو وقالت :
"أنطونيو لن يلبي نداء قلبه , لأنه لو فعل لتزوج من الآنسة غازاريس"
" جيني ايتها الطفلة ارجوك"
" لا جدوى يا عمي"
وهزت رأسها بعزم ثم نظرت إليه مطولاً وبحزن راجية لو استطاعت تصديق كلامه إذ بدأت تدرك في قرارة نفسها مدى رغبتها في تصديقه , وبعد قليل ابتسمت بمرارة ومدت يدها تلامس وجهه بلطف وقالت بصوت رقيق:
" إنني آسفة , أتمنى لو استطعت تصديقك يا عمي ولو إكراماً لك فقط ولكن ..."
قاطعها قائلاً :
" ولكن لن تتزوجي إلا بدافع الحب"
وتنهد , هزت جيني رأسها ونظرت إلى يديهما المتشابكة واحست بتعاسة فاقت توقعاتها ورددت بصوت ناعم:
" نعم سأتزوج بدافع الحب فقط , وينبغي ان يكون الأمر متبادلاً".ريحانة
ثم استبقت تساؤله عن قصدها بابتسامة عريضة وقالت له بخفة:
" لربما اسكرني تأثير القمر الأسباني هذا , من المستحسن ان ادخل إلى المنزل قبل ان أفقد صوابي"
لم تحبذ جيني يوماً في حياتها انواع الرياضة التي تتضمن اهداراً للدماء ولم تستهويها ابداً مصارعة الثيران لكن حين عرض عليها أنطونيو ذات يوم مرافقته إلى حفلة صيد النسور لم ترفض فوراً بل نظرت إليه بفضول متسائلة هل هو جاد.منتديات ليلاس
وأوضح لها قائلاً اثناء تناولهم الغداء:
" ظن خوسيه انك لربما وددت مرافقتنا "
وعبرت عيناه السوداوان عن تحديهما المعهود فيما راح يسكب مزيداً من الشراب في كوبه.
" إلى صيد النسور؟ لكني لم أكن على علم أنك تصطادها , أعني إني لم أسمع من قبل بصيد النسور"

Rehana 08-11-23 06:34 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ورفع كتفيه غير مبال وبانت بسمته من خلال الكأس فيما راح يرتشف منها ثم سألها :
" لم تأت إلى الاندلس من قبل أليس كذلك؟ لقد اخبرت خوسيه انك لا تحبين رؤية الدم لكنه أصر على دعوتك وأني أحبذ فكرة قدومك لذا..."
وفتح يديه تاركاً المبادرة لها . واحمر وجه جيني للتهكم الذي أبداه حيال كرهها للصيد وانتبهت لشفتي دونا صوفيا الرفيعتين تعبيراً عن ازدرائها لحساسيتها المفرطة واعترفت جيني قائلة:
" لا احب مشاهدة الحيوانات تقتل بداعي الرياضة. لعلك تشكر السيد غارسيا عني وتفهمه حقيقة شعوري"
وأصر أنطونيو وقال وهو يحدق فيها :
" حاولت افهامه ولكن "
ورفع كتفيه العريضتين وكأنه يشارك صديقه استهجانه ثم تابع :
" يصعب احياناً على الأسباني تفهم موقف الانكليز"
واجابته جيني بحدة :
" يمكنني تصديق هذا, حتى الانكليز انفسهم لا يفهمونها"
ولم تنتبه إلى مضمون ملاحظتها الساخرة الا حين سمعت ضحكته العميقة والهادئة وابتسمت عفوياً. وقد احست فجأة بقربها منه وقد استغربت هذا الشعور ولم تفهمه لكنها شاركته في الضحك , إلا ان دونا صوفيا استاءت من هذه اللحظة الحميمة بينهما وحدقت بشراسة في عينيها وقد ضاقت عيناها غضباً ثم قالت مخاطبة ابنها بصوت هادئ:
" ستذهب ماريا بكل تأكيد"
وأحست جيني بلسعة الامتعاض لسماعها اسم ماريا غازاريس بدا لها انها ايقنت ان دونا صوفيا تعمدت ذكر اسمها لتذكيرها هي وأنطونيو بكثرة الأمور المشتركة بينهما وندرتها بينه وبين جيني .ريحانة
لم يبب أنطونيو مباشر قبل رمق جيني التي جلست تنظر إلى أسفل وكأنها تعير كل اهتمامها لقطعة العجة في صحنها ثم قال أخيراً :
" أتوقع ان تحضر ماريا برفقة والدها يا أمي"
ورفعت جيني عينيها ونظرت إليه , ثم قالت :
" إذاً من الأفضل ألا أذهب"
وناداها أنطونيو بصوت رقيق :
" ايتها الحمقاء الصغيرة , ألن تأتي اكراماً لي يا جيني ؟"
وتفادت النظر إليه لكنها هزت رأسها . كانت تخشى مقابلة ماريا غازاريس من جديد خصوصاً إذا كان اللقاء سيتم في ظروف لم تعهدها جيني فيما ماريا معتادة عليها وقالت :
" أفضل عدم الذهاب يا أنطونيو "

Rehana 08-11-23 06:34 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
"جيني"
مد يده نحوها وغطت أنامله السمراء القوية يديها وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية حتي في اثناء هزها رأسها . وسألها بصوت رقيق:
" ألن تلبي ولو إكراماً لي ؟ سيستغرب خوسيه عدم مرافقتك لي وأنا سأسر كثيراً إذا جئت "
ونظرت إليه جيني في محاولة أخيرة لمقاومة اسلوبه المقنع اللطيف. وسألته بسرعة لاهثة :
" حتى يتسنى لك رمي عصفورين بحجر واحد ... لقد سبق إذ اخبرتني ان هذا هو ما تريد"
وتحولت أنامله فجأة إلى قبضة فولاذية تسحق يدها حتى صرخت لألمها وبرقت عيناه السوداوان غضباً وتقلص فمه حتى تحول إلى خط رفيع قاس وسط ملامحه الصقرية .
"تباً لك "
ولم تره في حياتها غاضباً غضبه الآن واحست بالذعر لعدم قدرتها على تحريك يدها وتمتم :
"حسناً لن أتحصل المزيد من نوباتك الغاضبة يا ايتها الحمقاء , بوسعك ان تفعلي ما تشائين وان تذهبي إلى حيث ترغبين ولن أضايقك بعد الآن أبداً. لقد انتهى الأمر بيننا "
أفلت يدها بحركة غاضبة عنيفة ونهض عن كرسيه لكن رفائيل مد يده واستوقفه راجياً:
"طونيو ارجوك ان تتحلى بالصبر يا بني ".منتديات ليلاس
ووقف أنطونيو ونظر إلى جيني متجاهلاً والده واحست بلهيب عينيه السوداوين يحرقها فنظر إليه لا إرادياً. وقد اتسعت عيناها تتوسلانه , وخيم الصمت للحظة وكأن الطير فوق رؤوسهم .
عبرت عينا دونا صوفيا الداكنتان عن رضاها لنبذ ابنها لجيني علناً امام رفائيل الذي احتفظ بيده على ذراع أنطونيو الساخط وجيني التي جلست ساكنة وعينا أنطونيو تحدقان فيها وقلبها يخفق بسرعة مجنونة وموجات الدفء تجتاحها كلما نظرت إليه وقد أشرف عليها وكأنه من الطيور المفترسة الخطيرة.منتديات ليلاس
ولمست فيه حالة من الالحاح والشغف ألهبت أحاسيسها وبدا في لحظات الصمت هذه وكأن كل شيء متعلق بها , وأدركت أن انقطاع العلاقات بينها وبين أنطونيو سيحزن عمها كثيراً وستكون دونا صوفيا هي الوحيدة التي ستسر لذلك. وبللت جيني شفتيها وهي تحاول جهدها ان تقاوم تحدي عينيه السوداوين ثم سمعت نفسها تقول له بصوت خافت ورقيق:منتديات ليلاس
" إنني آسفة يا أنطونيو "
" ماذا إذاً؟"
تكلم بصوت رقيق ايضاً حتى خيل إليها للحظة انهما وحيدان على الأرض , ثم أضاف بالأسبانية :
" وما العمل الآن يا عزيزتي ؟"

Rehana 08-11-23 06:35 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وعضت على شفتها قلقاً . لم تقصد إثارة سخطه بهذا الشكل لكنها لم تكن مستعدة لأن تدل ايضاً ولم تدري ما العمل , فالقرار يعود إليه.
كانت قد اعتذرت له ولم ترى سبباً لتتابع رفع غصن الزيتون إذا لم يبدر عنه بعض اللين , فاكتفت بالجلوس صامتة وشبكت يديها على الطاولة أمامها.
" جيني ؟"
رفعت عينيها للحظة ثم خفضتهما بسرعة فمد يده ورفع ذقنها وسألها متنهداً:
" أنت لا ترحمين أليس كذلك؟"
ودوى صوت دونا صوفيا البارد والقاسي:
" طونيو , طونيو لا تحاول ..."
لكنه قاطعها قائلاً:
" أمي , استطيع اتخاذ القرارات وحدي , شكراً لك ".منتديات ليلاس
ثم نظر إلى جيني من جديد وسألها :
" هل افهم منك أنك قررت مرافقتي إلى سنتران ؟"
ووجدت نفسها تومئ إيجاباً لا شعورياً :
" حسناً"
قالتها بصوت رقيق وخفت حدة نظرته القاسية حين ابتسم راضياً.

Rehana 14-11-23 08:58 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
7 - جراح المطاردة

فوجئت جيني حين اكتشفت ان موعد رحلة الصيد قد حدد قبيل الغروب , وسبب ذلك كما وضحه لها أنطونيو ان الغسق والفجر هما حين تتداخل نشاطات الطيور المفترسة والحيوانات النهارية, لم تكن راضية قط عن المشروع برمته, لكنها مرتابة للقائها بماريا غازاريس من جديد أكثر من اهتمامها بمصير الطيور ولم تتعجب حين علمت ان الصيد الفعلي يتولاه الرجال فيما تكتفي النساء بدور المتفرج . وقد بدأت تعتاد هذا الوضع التقليدي في اسبانيا .
حضها أنطونيو على ارتداء تنورة داكنة وسترة , وان تعتمد قبعة جلدية كبيرة فوق شعرها الأحمر. ولم تتعود ارتداء القبعات لكن أنطونيو ابتسم راضياً عن شكلها وأمال القبعة لتظلل جبينها وقال لها مبتسماً:
" تبدين وكأنك اسبانية حقيقية"
وابتسمت مشككة ثم سألته :
" أسبانية بشعر أحمر؟"

Rehana 14-11-23 08:58 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" هناك نساء اسبانيات شعرهن أحمر يا ايتها الصغيرة وفي إمكانك ان تكوني خوانيتا فرنسيسكو رائعة"
واحتضن ذقنها بيده لبرهة ثم اضاف برقة :
" باستثناء لون بشرتك الفاتح طبعاً"
واحنى رأسه بسرعة وعانقها لوهلة . احست جيني بخفقات قلبها تستجيب تلقائياً لحركته اللطيفة وقالت له ضاحكة :
" لن أصير سمراء أبداً, مهما جلست في الشمس". ريحانة
ولامست اصبعه فكها تداعبه ونظر إليها مبتسماً ملتزماً الصمت لبعض الوقت ثم هز رأسه وقال لها برقة :
" لا اريدك سمراء أبداً"
سكتت جيني وابقت عينيها مطرقتين . كانت تريد البوح له بأمور كثيرة لكنها كانت لا تجد الكلمات المناسبة للتعبير عما كان يخالجها في اليومين الماضيين . وكان قد أقسم لها ألا يكلمها عن الزواج ثانية ولم ينكث بوعده حتى الآن وكانت تشعر بالقلق كلما احست بلهفتها لسماع كلامه عن الزواج.
وسألها بصوت هادئ:
" هل من أمر يقلقك يا جيني ؟"
وهزت رأسها لكنها بدت مشغولة البال فرفع ذقنها من جديد ونظر إليها بعينين سوداوين ثاقبتين وسألها بدقة :
" هل الصيد هو الذي يشغل بالك؟"
ورفعت كتفيها مرتبكة ثم وافقت قائلة:
" ليس فعلاً" منتديات ليلاس
ونظر الى جدية وجهها بعض الوقت ثم داعب خدها وقال :
" إذن لماذا تبدين حزينة بهذا الشكل ؟ لا عليك فسوف تلتقين بأصدقائك "
وتراءت لها صورة ماريا غازاريس فاكفهر وجهها وقالت :
" آمل ذلك"
رمقها مرات عدة في طريقهما إلى سنتران وكان يبتسم في كل مرة لكنهما لم يتكلما كثيراً وتساءلت عما إذا كان مدركاً مدى تخوفها من مقابلتها لماريا غازاريس. فلن يكون هناك الكثير من الناس وتمنت لو حصل العكس فتندر فرص الاتصال المباشر بينهما .ريحانة
كانت ترتاح لخوسيه غارسيا وزوجته لكنها تجهل كل شيء عن دون ميغيل غازاريس وتمنت لو كان أقل عداء تجاهها من ابنته بيد ان هذا الأمر يبدو مستعداً في هذه الظروف.
ولكن إذا كان يحبذ فكرة زواج ماريا من أنطونيو فمن المؤكد انه يعتبر جيني دخيله غير مرغوب بها . ولربما اعتاد مع السنين اعتبار أنطونيو صهره المستقبلي . وسوف يصدم صدمة عنيفة اذا ما تلاشت آماله بسبب مجيء خصم لماريا , لا يكفي ان يكون الخصم هذا غريباً عن البلد ويمتلك حصة في مؤسسة فرنسيسكو بل يصغر ماريا بعشر سنوات وأكثر.

Rehana 14-11-23 08:59 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وارتعشت من جديد لما ينتظرها فالتفت أنطونيو نحوها ورمقها متعجباً ثم سألها :
" هل تشعرين بالبرد يا جيني ؟".منتديات ليلاس
وكان الجو دافئاً كعادته في الصيف ولا أثر لأي نسيم:
" لا أبداً , انها امسية رائعة "
" خيل إليّ أني رأيتك ترتعشين"
وهزت رأسها وقد تسارعت خفقات قلبها وحاولت تفسير ما احست به :
" كنت... كنت أفكر بـ ..."
وعضت على شفتها وهزت رأسها مجدداً لعدم عثورها على الكلمات المناسبة وغارت عيناها في ظل القبعة الجلدية المنحدرة على جبينها وقالت برقة وهي موقنة انه لن يقتنع بكلامها.
" لا شيء "
ونظرت إلى وجهه الصقري الداكن وقد زادتها ظلال الكروم واشجار الزيتون المتوارية قسوة وبدائية وأدار رأسه نحوها من جديد وقد ضاقت عيناه ريبة :
" أما زلت قلقة بسبب الناس الذي ستقابلينهم ؟"
ولاحظت علامات نفاد الصبر في صوته. خاطبها مستعملاً اللقب الساخر الذي كان قد أحجم عن استعماله في الأيام القليلة الماضية :
" انت تتصرفين بسخافة ايتها الحمقاء الصغيرة , ما الذي يدعوك إلى هذا القلق ؟ انت تعرفين خوسيه وتيريزا وسبق لك أن قابلت ماريا"
ووافقت جيني قائلة :
" قابلتها مرة واحدة , وهي لم تستلطفني كثيراً"
فسألها بسرعة :
" وهل استلطفتها أنت؟"
وهزت رأسها لا شعورياً. منتديات ليلاس
" هل تكرهينها ؟"
بدا فضولياً أكثر منه مضطرباً للاحتمال هذا وقطبت جيني حاجبيها غير راغبة في الانحراف في موضوع ماريا غازاريس وقالت بصوت حاولت تثبيته قدر المستطاع :
" لست مضطرة إلى الاجابة عن سؤالك"
وضحك ضحكة قصيرة فيما عالج منعطف طريق:
" لا داعي لأن تجيبي عن سؤالي , لكنني فضولي لأعرف السبب"
وانقبضت يدا جيني بقوة في حجرها وايقنت انها بصدد الانهزام كعادتها في هذه المشادة الكلامية وقالت بصوت خافت ومخنوق:
" ربما لأنني أدرك مقدار كرهها لي, وأنت , أنت يا أنطونيو أدرك الناس بالسبب"

Rehana 14-11-23 09:00 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" وماذا بعد؟"
وتراءى لها جانب وجهه الصقري القاسي فأحست برعشة تعتريها لرفضها الخوض في جدل جديد معه خشية من النتيجة . وصمتت لوقت طويل وحولت انتباهها إلى جو الريف الساحر في الضوء الخافت .
كل شيء أحاط بها كان يحثها على تفادي الجدل.ريحانة
غرابة أشكال الأشجار التي شمخت في السماء الداكنة وظلال كروم العنب الممتدة حتى الأفق فوق التلال والناس وقد مشوا في طرقات القرى المغبرة مستمتعتين بعد نهار عمل قاس وحتى الأطفال نصف العراة يلعبون على جنبات الطريق أو يطاطئون رؤوسهم على الأكتاف الرحبة. كل هذه الأشياء كانت تدعو إلى السلام والتأمل.
فقالت جيني يتردد :منتديات ليلاس
"أنطونيو "
لكنه لم يلتفت نحوها كما توقعت وشكرت الله انه لم يفعل إذ سمح لها الصوت لأن تستعيد انفاسها وان تكبح جماح رغبتها المفاجئة في البكاء ونجحت في القول أخيراً:
" لا اريد خوض نقاش معك, لا اريد ذلك"
ومد يده السمراء غطت يديها وعصرت اصابعه القوية أناملها حتى كادت تسحقها ثم قال بصوت ر قيق:
" إذن لا تفعلي يا حبيبتي "
"أنطونيو "
" نعم ايتها الصغيرة"
وهزت جيني رأسها وتنهدت بصوت خافت فيما استلقت في مقعدها واغمضت عينيها لوهلة مدركة عبث محاولاتها افهامه وقالت بصوت خافت ومذعن :
" لا شيء"
كان المنزل في سنتران مشعاً ولم يكن حل الظلام بعد وادركت جيني ان الشرفات الرومنطيقية المكسورة ازهاراً هي التي تحجب قسماً كبيراً من النور عن الطبقة السفلى وتحتم الاضاءة المبكرة .منتديات ليلاس
وشعرت باحساس غريب يلفها لدى اقترابهما من المنزل ورمقت أنطونيو بطرف عينها يترجل من السيارة ويأتي نحوها ليفتح لها الباب .
كانت جيني متأكدة ان خوسيه غارسيه صدق خبر خطبتهما مما يعني ان زوجته تشاركه في اعتقاده هذا وتمنت لو استطاعت مقابلتها اولاً لتوضح لها الموقف.
ورأت جيني سيارة أخرى متوقفة أمام المنزل وايقنت ان صاحبها هو دون ميغيل غازاريس وتلاشت الآمال القليلة التي راودتها سراً في احتمال تغيب ماريا ووالدها وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية حين تأبط أنطونيو ذراعها يساعدها على الترجل من السيارة , وسألها بصوت رقيق :
" هل أنت على ما يرام؟"

Rehana 14-11-23 09:00 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وأومأت إيجاباً لكن من دون اقتناع.
كانت تيريزا غارسيا امرأة ممتلئة الجسم ودودة الطبع تناهز الثلاثين من العمر وقد ارتاحتا, هي وجيني الواحدة للأخرى منذ اللحظة الأولى للقائهما فابتسمت جيني حين رحبت بها مضيفتها متناسية للحظة هموم السهرة المقبلة .
" اهلاً وسهلاً بك يا خوانيتا, تفضلي ارجوك تفضلي"
ونظرت تيريزا إلى جيني بعينيها الداكنتين والخجولتين ثم مدت يدها تصافحها وايقنت جيني ان ساعة الحقيقة قد دقت وحبست انفاسها مذعورة تنتظر لحظة ورود التهاني فقالت مترددة:
"تيريزا"
وحاولت جاهدة إيجاد الكلمات المناسبة فيما وقف أنطونيو على بعد قدمين منها بحيث يمكنه سماع كل ما يدور بينهما .وهمست تيريزا غارسيا تسألها:
" تودين اخباري عن زواجك أليس كذلك ؟ إني على علم به فقد اخبرني خوسيه يا خوانيتا"
وصاحت جيني بيأس محاولة توضيح الأمر قبل فوات :
" انت وخوسيه لا تعيان حقيقة الأمر كاملة , لست خطيبة لأنطونيو , لقد حصل خطأ وأتمنى لو استطعت افهام زوجك آنذاك , لقد حاولت ولكن ..."
وتوقفت عند هذا الحد إذ شعرت بعيني أنطونيو السوداوين تحدقان فيها وادركت انه سمع ما قالته, لم يبد غاضباً بقدر ما بدا متألماً ونظر إليها بعينين غائرتين حزينتين ولدنا فيها شعوراً غريباً بالذنب جهلت سببه.
ورددت تريزا غارسيا:
" خطأ؟"
وراحت تنتقل بنظراتها من أنطونيو إلى جيني , تحاول فهم هذا التناقض. ريحانة
وقطع أنطونيو الخطوات القليلة التي كانت تفصل بينهما ووقف بجانب جيني يحدق فيها لكنه خص تيريزا بابتسامة حزينة وقال بصوت رقيق :
" أنه لأمر محزن لكنها الحقيقة يا تيريزا, لقد صدتني ابنة عمي الجميلة "
وحبست جيني أنفاسها عندما ادركت ان أنطونيو في ما قاله عن إنتهاء كل شيء بينهما وراح قلبها يخفق في صدرها حين تراءت لها الخطوة البديلة لقبوله رفضاً له, إذ سيقدم حتماً على الزواج من ماريا كما كان سيفعل لو لم تصبح جيني شريكة له في المؤسسة العائلية .
" أنت تعني أن خوانيتا قد ..."
وامتلأت عينا تريزا الداكنتان استهجاناً حتى خيل إلى جيني انها على وشك الظن ان المسألة مجرد نكتة , لكنها تذكرت أن الطبع الأسباني ليس ميالاً إلى المزاح بسهولة وأيقنت ان الخبر قد صدم فعلاً مخيفتها التي قالت بصوت مذهول :
" لا يا خوانيتا هل حقاً فعلت ذلك؟"

Rehana 14-11-23 09:01 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لم يعطها أنطونيو الوقت الكافي للإجابة وسرت جيني لهذا إذ كانت تلاقي صعوبة كبيرة بالاستمرار في هذه المواجهة وقال يوضح الأمور لتيريزا بصوت هادئ متفادياً النظر إلى جيني :
" أخطأت في استباقي الأمور بهذا الشكل, ولقد وعدت جيني ألا اتطرق ثانية إلى هذا الموضوع"
وذهلت جيني لسماعها كلامه وما زاد من ذهولها هو انزعاجها لسماعها أمراً كانت تحاول تحقيقه بكل قواها .ريحانة
وصمتت تيريزا غارسيا لبرهة ثم وضعت يدها على ذراع أنطونيو بحركة حميمة زادت من اضطراب جيني وقلقها ثم قالت بصوت ناعم :
" إني آسفة يا طونيو "
وابتسم يهز رأسه .منتديات ليلاس
ولم تستطع جيني معرفة ما إذا كان يستجيب إذ ظهر في هذه اللحظة خوسيه غارسيا وبرفقته ماريا غازاريس ورجل قصير القامة ناحيتها , قاسي الملامح يرتدي ثياباً سوداً وارتعشت جيني حين رأته . وحين رأت هذا الرجل المتعجرف وابنته ادركت جيني فجأة أنها ألحقت قدراً كبيراً من الأذى بأنطونيو حين كذبت خبر خطبتهما .
كان أنطونيو رجلاً فخوراً بنفسه إلى حد العجرفة احياناً وبات عليه الآن ان يعترف لهؤلاء القوم إن المرأة التي كان ينوي الزواج منها قد رفضته . ريحانة
وقع نظر ماريا غازاريس عليها فضاقت عيناها وكأنه يستحيل عليها إخفاء كرهها لها حتى ولو بداعي حسن الآداب . ولم يكن رأي أبيها مختلفاً عن رأيها فيما يتعلق بجيني .
وخاطبه خوسيه غارسيا :
" دون ميغيل أظن أنك لم تقابل بعد الآنسة خوانيتا فرنسيس وهي ابنة عم طونيو وخطيبته , آنسة فرنسيس أقدم له دون ميغيل غازاريس"
" كيف حالك يا آنسة ؟"
كان صوته بارداً كعينيه اللتين نظرتا إليها بازدراء مهذب وتمتمت جيني ترحيباً وسارعت إلى سحب يدها من قبضته الباردة القاسية وفي يقينها أن ماريا غازاريس تراقبها بعينين فاحصتين .
" مساء الخير يا آنسة فرنسيس , هل تحبين الصيد؟"
ورفعت حاجبها وكأنها تشكك في ملاءمة القبعة الجلدية لرأس جيني واحست جيني للمرة الأولى بالارتباك لاعتمارها .
وادركت جيني ان طرح ماريا للسؤال هو بقصد دفعها إلى الاعتراف بأنها تنبذ فكرة القتل بداعي الرياضة لكنها قررت ألا تنجرف بسهولة ورفعت كتفيها مدركة ان أنطونيو يراقبها وقالت بصوت ارادته ثابتاً:
" لم أشاهد هذا النوع من الرياضة من قبل يا آنسة غازاريس فلا استطيع ابداء رأي فيها "

Rehana 14-11-23 09:02 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لم يخطر في بالها معاودة تكذيب خبر خطبتها من أنطونيو واحست بنظرة تيريزا غارسيا المرتبكة حين لم تصحح تعريف زوجها لها بخطيبة أنطونيو , ولربما تساءل أنطونيو عن ذلك ايضاً.منتديات ليلاس
لم تكف ماريا عن مراقبتها وكأنها صقر وقد فاض الكره من عينيها الضيقتين وتسنن صوتها ثم قالت :
" افترضت أنك تقاسمين حساسية مواطنيك السخيفة فيما يتعلق بالحيوانات , ولم تحضري اية حفلة مصارعة للثيران منذ قدومك أليس كذلك؟"
" كلا لم أحضر"
وهزت جيني رأسها تحاول بجهد السيطرة على اعصابها وتتساءل إذا كان هذا العداء لها سيستمر طوال السهرة فيتعذر عليها عندئذ الاحتفاظ بتهذيبها . كانت تكره ان تزعج مضيفتها ولربما كان الحل الوحيد ان تغادر الحفلة بمفردها إذا اقتضى الأمر.
حملوا قفصاً فيه بومة واتجهوا نحو موقع الصيد وذعرت جيني إذ ادركت ان الطعم المستعمل لاجتذاب النسور هو عبارة عن بومة طولها ثلاثون سنتيمتراً تقريباً . شرسة المظهر, ربطت بحبل بين شجرتين لتجتذب محاولاتها للافلات النسور المكلكية السوداء اللون فتنقض عليها .
واختبأ الفريق المؤلف من ستة اشخاص في مخبأ بني خصيصاً لهذه الغابة بين الاشجار وقبعوا ينتظرون اللحظة التي ترفرف فيها البومة باضطراب منذرة بقدوم أحد الطيور المفترسة الكبيرة , وارتاحت جيني حين ادركت انه نظراً لاقتراب الظلام , فلن يتمكنوا من متابعة الصيد لوقت طويل.منتديات ليلاس
لم يكن المخبأ واسعاً وبد لجيني انه من الطبيعي ان تجد نفسها واقفة بالقرب من أنطونيو الذي انتصب ينتظر مجيء طريدتهم وفي يده بندقية الصيد , واحست جيني من جديد بقساوته وبدائيته وكأنه يشبه ذاك الطائر الغاضب والثائر أمامها وتلك الطيور التي لابد ان تكون قد بدأت بالتحويم في السماء منتظرة الانقضاض على فريستها . واجفلت حين لمست ذراع أنطونيو بشرتها الناعمة فالهبتها وكأنها نار متأججة , وأدار رأسه نحوها فتراءت لها ملامحه الداكنة وبريق عينيه السوداوين وبياض ابتسامته وهمس في أذنها :
" ما بك ايتها الحمقاء الصغيرة ؟"
وانتبهت إلى ماريا غاواريس تدير برأسها بسرعة في اتجاههما فأجابته جيني بصوت خافت :
" لا شيء "
وسمعت ضحكته الهادئة تدوي في الغبش فاهتز جسمها من ارتجاجها على فرار ما حدث من قبل. وهمس بالأسبانية :
" انت كذابة "

Rehana 14-11-23 09:02 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وفهمت معنى كلامه لتوها.
وما هي إلا لحظة حتى سمعت البومة ترفرف جناحيها وتهتاج لاقتراب عدوها ومشط الرجال السماء بعيونهم بحثاً عن طريدتهم .
واهتاجت البومة مذعورة لكونها مقيدة وتحت رحمة النسر الأسود الكبير الذي حلق على علو منخفض فوق الموضع وكأنه يستعد للانقضاض .
ودل تحليقه التمهيدي هذا على وشك انقضاضه وعلى ضرورة رميه , وسمع دوي البنادق الثلاث فأغمضت جيني عينيها وكأنها ترفض مشاهدة لحظة الحقيقة حتى ولو كانت تتويجاً لجهود الصيادين.منتديات ليلاس
لقد سبق لها ان شاهدت تلك النسور البيض والسود تحلق بأجنحتها الواسعة في السماء وأزعجها ان ترى احدها مصاباً حتى ولو قتل من اجل سلامة القطعان والغزلان التي كان يفتك بها .منتديات ليلاس
ولم تلحق جيني بالآخرين الذين تجمعوا حوله ونظرت عوضاً عن ذلك إلى البومة المقيدة بالحبل وقد جمدها دوي الأسلحة ومصرع عدوها.
وقبل ان تعي ما يجري لها وجدت نفسها تقترب منها وعيناها الشرستان تحدقان فيها وبدأت تفك الرباط عن قدميها فلم تحرك ساكناً فظنت جيني انها ستستطيع اكمال مهمتها بسلام لكن ما كادت تفك آخر عقدة وتطلقها حتى لسعتها فجأة ومن دون انذار. وغرزت مخالبها في ذراعها العارية ثم عضتها بمنقارها الحاد القاطع كالسكين وكأنها ترد لها الجميل على معرفتها فصرخت لألمها وحضنت ذراعها المجروحة وهوت إلى الأرض وقد اتسعت عيناها لا تصدقان ما حدث فيما طارت البومة فوق أعالي الاشجار.
واستدار انطونيو على نفسه حين سمع صرختها وتابع نظراتها واستعد لرمي الطائر ببندقيته لكنها سمعت نفسها تصيح به :
" لا يا طونيو لا ! أرجوك لا ترميه "
واستدار مجدداً بسرعة ورأى الجرح الطويل النازف في ذراعها وهرع نحوها فيما دوى صوت إحدى البنادق كان يلعلع. وغمرت الدموع عينيها ورأت ان دون ميغيل هو الذي أطلق النار ثم شاهدت كتلة صغيرة تهوي من السماء وادركت انها ما تبقى من مهاجمها الذي تتطاير ريشه وهوى على الأرض بخفة .
ركعت تيريزا غارسيا بجانبها والقلق باد في عينيها ويداها السمينتان تتفحصان جرحها بلطافة وتنهدت بلطف قائلة :
" مسكينة يا خوانيتا, يا لك من فتاة متهورة "
وردد انطونيو ما قالته تيريزا وقال بصوت رقيق ومستسلم وقد ركع بجانبها :
" ايتها الحمقاء الصغيرة , كنت أعلم أنك لن تستطيعي المقاومة أليس كذلك؟"

Rehana 14-11-23 09:03 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقالت له بصوت خافت :
" لا يمكنك فهمي , لا يمكنك ذلك"
وهز رأسه وقال بصوت رقيق:
" إنني افهمك كل الفهم يا ايتها الفتاة الصغيرة".ريحانة
وبينما تجمع حولهم الباقون أضاف:
" آه, لو كنت تلبين نداء قلبك في المسائل الأخرى كما فعلت حيال هذا الطائر لسهلت الأمور علينا كثيراً"
وقالت تيريزا بصوت ثابت وناعم :
" ينبغي تضميد الجرح وعرضه على طبيب "
وأومأ انطونيو موافقاً على كلامها . ولف خصر جيني بذراعه وساعدها على النهوض محتفظاً بيده حول خصرها حتى بعد ان وقفت تتكئ على ذراعه مما اغضب ماريا غازاريس وسألها :
" هل أنت قادرة على السير ايتها الطفلة ام تشعرين بالضعف؟"
واجابته جيني بصوت مرتجف :
" أنا بخير , استطيع السير يا انطونيو , شكراً"
كانت تخشى ألا يصدقها فيحملها بين ذراعيه , فلا تستطيع عندئذ مقاومة رغبتها في دفن وجهها بصدره الرحب والبكاء وحاولت تفادي اكتراثه المفرط بها خصوصاً ان ماريا غازاريس كانت تراقبها عن كثب.
وايقنت ان تيريزا غارسيا كانت ترى اهتمام انطونيو بها بعين غير مصدقة وقد رأتها تصده من قبل وتناول منديلاً ابيض كبيراً من جيبه ولفه برقة حول ذراعها الجريحة وخفف القماش البارد من آلامها للحظة. كان الجرح يؤلمها كثيراً برغم انكارها ذلك.
عاد الجميع إدراجهم الى المنزل بعد ان تعذر حتى على الذين لم يكترثوا لاصابة جيني متابعة الصيد لفقدانهم البومة. وسارت تيريزا غارسيا إلى جانبها وانطونيو إلى الجانب الآخر ليساعدها وعضت جيني على شفتها لتزايد آلامها.منتديات ليلاس
وتقدمت تيريزا باقتراح لطيف إذ قالت :
" استطيع تضميد الجرح قبل الذهاب إلى الطبيب, إنه يؤلمك أليس كذلك يا خوانيتا؟"
وأومأت جيني إيجاباً وألقى انطونيو نظرة حادة إليها وشدد قبضة ذراعه حول خصرها ثم هز برأسه وقال بصوت هادئ:
" من الأفضل ان نذهب فوراً إلى الطبيب , إن الجروح التي تسببها مخالب الحيوانات المفترسة معرضة لخطر التسمم ولا أريد تحمل مسؤولية موت هذه الطفلة المجنونة"
ادركت جيني انه لم يكن جاداً في كلامه لكن ماريا غازاريس التي كانت تسير وراءهما مع والدها كان لها رأي مختلف وحثت خطاها حتى اصبحت تسير إلى جانب انطونيو وقد استاءت لفشل سهرتها الرياضية ولرؤيتها ذراع انطونيو حول خصر جيني .

Rehana 14-11-23 09:03 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وخاطبت انطونيو بصوت قاس وبارد قائلة :
" هذا عمل بمنتهى الغباء وليس من أحد يحسدك عليه يا طونيو"
ولم تكن جيني في وضع يسمح لها بالتكلم دفاعاً عن نفسها . وتوقعت ان يدافع انطونيو عنها وان اكتفى بالتعبير عن تفهمه لدوافعها لذا قدرت له ذلك لكنه بدا الآن وكأنه يستصعب التعاطف معها وابتعدت عنه جيني لحظة سمعته يقول بقساوة :
" إنني ادرك أنها قامت بعمل غبي يا ماريا لكن هذا لا يمنع كون الجرح مؤلماً وخطراً ينبغي أن آخذ جيني إلى الطبيب حالاً كي يعالج جرحها ".ريحانة
ولم تعرف جيني في حياتها حالاً أسوأ من تلك التي كانت فيها الآن وعضت على شفتها لبعض الوقت محاولة امساك دموعها التي كادت تنهمر وقالت له بصوت مختنق:
" لا تزعج نفسك , أكيد ان دون خوسيه لن يتردد في مرافقتي إلى عيادة الطبيب "
وانسلخت عنه بقوة وكادت ان تقع على الأرض لانحجاب رؤيتها بالدموع لكنها تابعت :
" سأكره نفسي ان أفسدت سهرتك وسهرة الآنسة غازاريس"
وخيم سكوت مزعج لبعض الوقت وكانت تسير بجانب تيريزا غارسيا بخطى صغيرة غير ثابتة وإذا بانطونيو يلحق بها فجأة ويقبض على ذراعها السليمة بقوة من شدة غضبه.
وهمس في أذنها بسرعة كي لا تستطيع ماريا غازاريس سماعه :
" ستكفين عن التصرف وكأنك طفلة غبية والاستعراض أمام الناس وتعالي معي الآن إلى الطبيب ودعينا من المزيد من غباوتك"
"لا" منتديات ليلاس
" لا أهتم أبداً بما تريدين ومالا تريدين , لقد استفززتني ما فيه الكفاية هذا المساء يا عزيزتي وأني انصحك بأن تأتي معي إلى الطبيب من دون جدال والا كشفت لك قدرتي على ايذائك, مفهوم؟".منتديات ليلاس
ولم تنبس بكلمة , وقد فقدت معظم قدرتها على المقاومة وكانت تجهل ما قد يقدم عليه لحملها على الأذعان . وتذكرت ثورات غضبه العاتية وادركت انه على وشك بلوغ حد الغليان وفقدان السيطرة على أعصابه وقد يؤذيها عندئذ. وأصر بعد أن التزم الصمت للحظة :
" هل تصغين إليّ؟"
وأومأت جيني إيجاباً , ثم التفت نحو ماريا غازاريس من جديد محتفظاً بأصابعه على ذراع جيني وسألها :
" أراك غداً صباحاً, أليس كذلك؟"
ونظرت إليه ماريا رافعة حاجبيها تسأله :
" ولكن ألن تلحق بنا بعد مرافقتك لابنة عمك إلى الطبيب ثم إلى المنزل؟ ألن تعود لنقضي السهرة معنا؟"

Rehana 14-11-23 09:04 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ونظرت إلى تيريزا تسألها عن رأيها فوافقت تيريزا بعد أن ألقت نظرة قلقة على جيني ثم على زوجها الذي سار وراءهما برفقة دون ميغيل , وقال خوسيه غارسيا لصديقه:
" طبعاً يا صديقي طونيو , من الواضح ان الآنسة فرنسيس لن تكون راغبة في اللحاق بنا لكن إن كنت أنت راغباً في ذلك فأهلاً وسهلاً بك"
وقالت ماريا تشجعه بصوت ناعم وعيناها الداكنتان تتوسلان القبول :
" إذن عد إلينا يا طونيو , ألن تعود ؟"
وألقى نظرة متسائلة على جيني ثم رفع كتفيه وقال :
" لا أرى سبباً لأن أعود"
وأدركت جيني أن ما قاله حقيقي , إذ لم يعد يربطه بها أي رابط حتى ذاك الوعد بالزواج القائم من جهة واحدة وقد قطعته الليلة وأحست بصغرها وضياعها لحظة قدرته عائداً إلى لقاء ماريا غازاريس كما اعتاد ان يفعل من قبل.ريحانة
لم تنبس بكلمة بل جلست إلى جانبه في السيارة المسرعة على الطرقات الريفية الداكنة وانهمرت الدموع على خديها ويديها ولم تكن تلك الدموع بسبب ألم جرحها فقط.

Rehana 19-11-23 05:38 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
8 - السيارة المعطلة

بدا اهتمام انطونيو بذراع جيني المجروحة صادقاً رغم انه لم يتوان في لومها . اما دونا صوفيا فلم تخفي قط ازدراءها لغباء جيني . حتى عمها لاقى صعوبة في تفهم دوافعها , لكونه متشرباً الروح الأسبانية التقليدية التي لا تولي اهمية إلا لحياة البشر وذلك برغم لطفه , لقد هز رأسه محاولاً التعاطف معها لكنه ارتبك حين اخبرته عن دوافعها .
لم تر انطونيو كثيراً في الأيام الثلاثة التي تلت وظنت انه يقضي معظم وقته برفقت ماريا غازاريس, ولم تكن قادرة على الخروج من المنزل إذ آلمتها ذراعها كثيراً لكنها شعرت انها مهملة بعد ان توقف عن الاهتمام بها . وأدركت ان الذنب يقع عليها وحدها لأنها اوضحت لتيريزا غارسيا انها عازمة على رفض الزواج من انطونيو. ولا يلام الرجل أن قرر الاهتمام بمن يقدر له ذلك . وكانت جيني تحس بالتململ والضياع . حتى إنها راحت تفكر جدياً في اليوم التالي لرحلة الصيد بحزم امتعتها والعودة إلى انكلترا . وتساءلت هل سيحاول احد ثنيها عن الرحيل هذه المرة لكنها كانت متأكدة أن انطونيو لن يبالي كما فعل لبضعة أيام خلت .

Rehana 19-11-23 05:43 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وجلست في الباحة على عادتها وشعرت بالكسل والنعاس في شمس أواخر شهر اغسطس فيما رقد كتاب دون كيشوت في حضنها ولم تكن فتحته بعد. كان الجو ساكناً لا يعكره سوى طنين النحل في أزهار المانوليا التي التجأت إلى ظلالها العصافير التي قارب وقت مبيتها.
وسمعت رنين الهاتف يدوي في ارجاء المنزل ويتكرر رنينه مراراً حتى اوشكت على النهوض للاجابة لكنه توقف فجأة فأغمضت عينيها مرتاحة وابتسمت .كان عليها بذل مجهود كبير فيما لو قامت تجيب.منتديات ليلاس
وتكهنت ان المخابرة لدونا صوفيا إذ كان عمها يزور المعمل وانطونيو خارج المنزل وهي تجهل إن كان برفقة إليه أم لا . وعادت إلى أفكارها وإذا بها تفاجأ بعد لحظات وجيزة بيد تلامس ذراعها بنعومة وفتحت عينيها فرأت الخادمة واقفة إلى جانبها بوجهها النحيل الداكن وقد فاض منه الفضول كعادتها.
كانت ماتيلد:منتديات ليلاس
"عذراً يا آنستي , هناك مخابرة لك"
وقطبت جيني حاجبيها مرتبكة تحاول ترجمة ما قالته الخادمة ثم سألتها:
" مخابرة لي؟"
وأومأت المرأة إيجاباً رافضة التكلم بالانكليزية كعادتها:
"نعم يا آنستي"
وخلعت جيني نظارتيها الداكنتين وجلست على حافة الكرسي متسائلة عن هوية المخابر:
" من المتكلم يا ماتيلد , هل عرف عن نفسه ؟"
" نعم يا آنستي انها السيدة غارسيا"
"تيريزا؟"
ونهضت جيني بنشاط مبتسمة ومتلهفة للتكلم مع صديق:
"شكراً يا ماتيلد أنني قادمة"
وهرعت نحو الهاتف وتناولت السماعة :
" مرحباً يا تيريزا"
" مساء الخير يا خوانيتا , كيف حالك؟"
اعتادت تيريزا مخاطبة جيني بالأسبانية بتحريض من انطونيو لكنها احست اليوم انها في حال من الكسل لا تشجعها على الخوض في متاهات الأسبانية فقالت لها :
" أني على ما يرام يا تيريزا شكراً. لكن هلا تكلمنا بالانكليزية فذهني لا يتحمل الأسبانية في هذا الجو الحار ولغتك الانكليزية أجود من أسبانيتي بكثير"
وسمعت ضحكة تيريزا تقرقع في أذنها على رغم المسافة فابتسمت :
" شكراً يا خوانيتا , لكني كنت أتساءل إذا كنت راغبة في القدوم لزيارتي , ما رأيك ؟"

Rehana 19-11-23 05:43 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
"الآن؟"
ولم يكن تردد جيني مردة إلى عدم حماستها للفكرة بل لم تكن واثقة من قدرتها على تحمل قيادة السيارة إذ كانت ذراعها لا تزال تؤلمها كلما حركتها.
" نعم , الآن "
وضحكت تيريزا ثم تذكرت فجأة :
" آه يا خوانيتا, نسيت ذراعك المجروحة , إنني آسفة , اعذريني". ريحانة
واجابتها جيني بخفة :
" لا, ليس الأمر بهذا السوء, فالخطأ كان خطأي وأنني أتوق إلى رؤيتك , سأصل بعد قليل , حالما أغير ملابسي"
" عظيم , إني في انتظارك"
وقد بدا من صوت تيريزا انها متلهفة لزيارتها. ودخلت جيني على عمتها تخبرها بداعي اللياقة عن زيارتها المقدرة لسنتران لكن الدونا قطبت جبينها لسماعها الخبر مما أربك جيني وسألتها دونا صوفيا بنبرة قاسية :
" وما الهدف من زيارتك هذه ؟"
وبدا استياؤها لفكرة الزيارة واضحاً إلى درجة ازعجت جيني واغضبتها وقالت لها بصوت ثابت :
" دعتني تيريزا , وأرجوك ان تعذريني دونا صوفيا فأنا ذاهبة لتغيير ملابسي قبل أن أخرج , إلى اللقاء"
شعرت جيني ان دونا صوفيا حاولت ابقاءها لسبب تجهله, لربما شعرت ان آل غارسيا هم اصحاب انطونيو ولا يحبذن أن تزورهم بمفردها. وكانت متأكدة ان محاولة عمتها ثنيها عن الذهاب لم تكن قط بدافع الاهتمام بذراعها المجروحة.
كانت هذه المرة الأولى التي تقود فيها جيني السيارة إلى سنتران وكان عليها بذل مجهود كي تتذكر الطريق على رغم انها تعرفت على بعض الاشارات البارزة ودهشت لشعورها ببعض التحسر في اثناء مرورها ببعض الأماكن التي زارتها برفقة انطونيو , وكأنها حبيب يزور أمكنة حبه القديم لكنها سارعت إلى قطع حبل تخيلاتها .منتديات ليلاس
واكتشفت بسرعة ان القيادة آلمت ذراعها أكثر مما توقعت لكنها اعتبرت ان بعض الألم يستحق تمضية ساعة او ساعتين برفقة تيريزا غارسيا. وأسفت لكون عمتها لم تعاملها بروح حسن الضيافة الأسبانية التقليدية لأنها لو فعلت لكانت الحياة في المنزل أفضل بكثير.
ورحبت وسرت لكونها ارتدت فستاناً لا أكمام له واسع الفتحة إذ أتاح للهواء العليل المبرد ان يداعب ذراعيها وكتفيها , لكنه كان بالطبع يظهر الضمادة التي شوهت ذراعها إلا ان هذا كان أمراً لابد منه ولم تتساءل عن الدوافع التي حثت تيريزا دعوتها المفاجئة هذه إلا بعد ان شارفت على الوصول إلى منزل آل غارسيا.

Rehana 19-11-23 05:44 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
لم تكن هذه زيارتها الأولى لآل غارسيا لكنها دائماً في زياراتها السابقة برفقة انطونيو وعقدت حاجبيها للحظة عندما أدركت هذا الأمر لربما أرادت تيريزا اعلامها بأنها لا تزال ترحب بها على رغم رفضها الزواج من انطونيو.
وما إن اقتربت من بوابة الباحة الحديد حتى أيقنت سبب دعوة تيريزا لها وسبب استياء دونا صوفيا. كانت هناك سيارة واقفة في ظل أشجار النخيل وتعرفت جيني إلى سيارة انطونيو بسهولة.منتديات ليلاس
جلست في مقعدها لثوان عدة تنظر إلى السيارة الأخرى وقلبها يخفق بسرعة وفكرة العودة فوراً تداعب ذهنها . واتضح لها ما شغل بال جيني هو رد فعل انطونيو المحتملة فيما لو اعتقد أنها لحقت به . وسيربكها كثيراً إن فسر مجيئها على غير حقيقته.
وكانت تعلم أن رفضها الزواج من انطونيو أقلق تيريزا وقد اتضح لها ذلك من تصرفات تيريزا في أثناء حفلة الصيد ولم تكن تيريزا بالسذاجة التي يوحي بها مظهرها لكن محاولتها هذه قد تزعج أحد الفريقين اللذين تحاول جمع شملهما .منتديات ليلاس
لم تر جيني بديلاً من ترجلها والدخول إلى المنزل بعد أن قاست الأمرين للوصول إليه فتنهدت مستسلمة وترجلت من السيارة في الوقت الذي أطلت فيه مضيفتها. ودوت فرقعة مؤخرة حذائها على أرض الباحة الحجرية فهرعت مضيفتها باسطة ذراعها تأهيلاً:
" أهلاً بك يا خوانيتا"
ورمقت سيارة انطونيو الضخمة البراقة أمام سيارة جيني الأصغر حجماً وابتسمت ابتسامة خجل وكأنها تعتذر وبسطت يديها بحركة عبرت عن الرضى والاعتذار في آن واحد.
" أرى أن لديك زواراً غيري"
قالت جيني ولم تستطع إخفاء ابتسامتها حين رأت علامات الريبة على ملامح تيريزا السمراء
" هل كنت تعرفين انه هنا يا تيريزا "
" أجل"
واعتذرت من جديد بحركة من كتفيها فيما راحت تقودها عبر الباحة , وقد وضعت يدها على ذراعها السليمة وكأنها تخشى أن تعود جيني أدراجها ثم سألت جيني :
" تمانعين في أن أدعوك لزيارتي بوجود انطونيو؟ أليس كذلك؟"
وهزت جيني رأسها مذعنة وسألتها :
" ولماذا أمانع , فنحن نقطن منزلاً واحداً"
ثم ضحكت .
" آه , صحيح "
وعبرتا الباحة الظليلة التي ضاهى جمالها باحة منزل آل فرنسيسكو بألوانها وعطر أشجار البرتقال وأزهار الورود, في ظل أشجار النخل .

Rehana 19-11-23 05:45 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ورطب خرير المياه في حوض الرخام المزخرف من حرارة الجو برغم ان الحرارة كانت قد خفت إلى درجة كبيرة فالساعة تخطت الخامسة بعد الظهر.
وايقنت تيريزا ان جيني صفحت عنها لاخفائها خبر وجود انطونيو فقادتها إلى داخل المنزل وصدمت جيني كعادتها في اثناء زيارتها المنزل سنتا آنا لتأثير شخصية ربة المنزل على جو البيت. ريحانة
لم يكن التيار الخارجي يختلف كثيراً عن منزل عمها لكن الجو الداخلي كان مختلفاً تماماً. وقد أضفى طبع تيريزا اللطيف جواً ودوداً محبباً على منزل سانتا آنا.
كان النصب التقليدي يتصدر الممشى الواسع والبارد الجو لكنه كان أقل رهبة من التمثال الضخم المحاط بأزهار الورود والبرتقال الذي في بيت عمها .
وقد تعلقت رسوم عدة تمثل معظمها اولئك الأطفال الداكني العيون والكئيبي المظهر الذين طالما أحب الفنان موريلو رسمهم.
كان الجو البيت ودوداً ومرحباً على غرار اصحابه وكانت جيني ترتاح دائماً فيه . سارت وراء تيريزا ودخلتا القاعة الكبرى بجوها البارد وقد توقعت رؤية خوسيه غارسيا وانطونيو لكن الغرفة كانت خالية ورمقت جيني تيريزا متسائلة . فأشارت تيريزا إلى كرسي وقالت مفسرة :
"ذهب طونيو وخوسيه لركوب الخيل"
وابتسمت ثم جلست على كرسي قريب من جيني حتى يتسنى لهما التحدث بصوت هادئ .
" اظن ان انطونيو في صدد شراء بحيرة صغيرة "
وقالت جيني بصوت لم يخل من المعاتبة :
" كنت جاهلة تماماً وجوده هنا "
ورفعت تيريزا كتفيها بحركة تعبر عن أمور كثيرة .منتديات ليلاس
"وهل كنت رفضت المجيء؟"
لم تجبها جيني , كانت تود إخبار تيريزا عن أسباب رفضها الزواج من انطونيو لكنها كانت تدرك قوة العلاقة التي تربطها وزوجها بانطونيو ولم تكن واثقة من انهما لا يحبذان موقف انطونيو ووالده من زواجهما , ونظرت إلى تيريزا تنتقي كلماتها بدقة وقالت بصوت هادئ:
" نعم كنت رفضت المجيء"
وأحست لتوها بالذنب حين رأت عيني تيريزا تفيضان لوماً:
" لكن يا خوانيتا من المؤسف فعلاً ان تتغيبي لأن انطونيو موجود هنا فيما هو ..."
وحاولت العثور على الكلمات المناسبة وتمنت جيني لو علمت مسبقاً بوجود انطونيو في المنزل. وقد تراءى لها بوضوح مقدار الأوهام التي تتخبط فيها تيريزا في نظرتها الى العلاقة بينهما ولن يسهل عليها اقناعها بالعكس لكنها قررت المحاولة . فقالت لها :

Rehana 19-11-23 05:45 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" اخشى ان تكوني جاهلة الكثير عما يدور بيني وبين انطونيو , واعتقد انه من المستحسن ان اخبرك الأمر يا تيريزا لتفادي الأخطار"
وقالت لها تيريزا تطمئنها وقد بدت قلقة تخشى ان تظنها جيني عديمة اللياقة .
"لكن يا خوانيتا لست في صدد التدخل في شؤونكما , ارجوك ألا تتصوري هذا, بل ظننت ان خلافك مع انطونيو هو خلاف بين حبيبين , هل تفهمين ؟ يحزنناً هذا الأمر كثيراً , فانطونيو صديقنا ويبدو تعساً جداً هذه الايام "
" تعس ؟ بالطبع لا يا تيريزا!"
" بلى, فالمسكين طونيو تعس جداً منذ رفضت الزواج منه ولم يعد كما كان وأظن انه يتألم كثيراً ..."
شعرت جيني ان من واجبها تصديق كلامها لكن غريزتها أوحت لها ان الرجال امثال انطونيو يتألمون لجرح في عنفوانهم لا في قلوبهم.منتديات ليلاس
ولكنها أبت أن تبدي تعاطفاً معه كي تعطي صورة خاطئة عن شعورها , فهزت رأسها وابتسمت بمرارة .
"لقد جرحت عنفوانه , هذا كل ما في الأمر , انت تجهلين القصة بكاملها يا تيريزا"
وقالت تيريزا بهدوء:منتديات ليلاس
" أعرف أن طونيو يريد الزواج منك بكل قواه , وأنني متأكدة من هذا الأمر يا خوانيتا"
ووافقت خوانيتا لتوها قائلة :
" بالتأكيد : أو بالأحرى كان يريد , لكنه حاول اقناعي بالزواج منه لأسباب مخطئة ولم يكن في وسعي أن أجاريه الرأي يا تيريزا "
" أسباب مخطئة ؟"
وحدقت فيها باهتمام وفضول بالغين وتساءلت جيني عما إذا كانت النساء متشابهات جميعهن في ما يتعلق بمواقفهن حيال الآخرين وسألت تيريزا :
" هل تعلمين ان جدي , جدنا قد ترك لي حصة في مؤسسة فرنسيسكو وابنه ؟"
وأومأت تيريزا إيجاباً ثم وافقت قائلة :
" اخبرني طونيو , ولقد فوجئنا يا خوانيتا بالخبر"
وتكهنت جيني انه لابد ان يكون قد عبر عن رأيه في الموضوع بحرية أكبر أمام أصدقائه فباتوا يدركون مقدار مرارته وغضبه لفقدانه جزءاً مما اعتقد انه ارثه الشرعي"
وقالت جيني :
"لا ألومه فعلاً على مرارته وغضبه". ريحانة
وتساءلت وهي تتكلم إن كانت تيريزا ستنظر إلى قراره الناتج من الموقف هذا بالأسلوب ذاته الذي تنظر به هي إليه , ثم تابعت :

Rehana 19-11-23 05:46 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
" لا أحب الحل الاعتباطي الذي أوجده من أجل استعادة ما يعتبره ملكاً له"
وانتبهت إلى أن تيريزا مرتبكة جداً إذ قالت :
" وكيف ذلك؟"
احتاجت جيني إلى ثوان عدة قبل ان تتمكن من حمل نفسها على أخبارها بافتقار انطونيو الدوافع العاطفية للزواج منها. إذ كانت لا تزال تلقي صعوبة جمة في مواجهة واقع الانفصال المرير. ولكنها تابعت بصوت هادئ :
" اخبرني انطونيو انه ينوي الزواج مني في اليوم الثاني لقدومي هل تفهمين يا تيريزا ؟"
وتمهلت تيريزا قليلاً قبل ان تجيب ثم تكلمت وهي تنظر إلى يديها المتشابكتين :
" لابد ان فتاة مثلك يصدمها هذا الأمر أكثر مني أنا مثلاً "
كانت جيني قد توقعت سماع شيء كهذا فلم تتفاجئ به لكنه قد هزها .ريحانة
" لربما ظننت اني انسانة متزمتة سخيفة أليس كذلك يا تيريزا؟"
ورفعت تيريزا عينيها أخيراً وابتسمت لها قائلة :
" لا أعرف ما معنى متزمت يا صديقتي , لكني اعتقد انك انزعجت لكون انطونيو يريد الزواج منك كي يحصل على حصتك في المؤسسة , وأنت تعتقدين أنه فعل ذلك عن غير حب"
" طبعاً عن غير حب"
صاحت جيني في موقف الدفاع :
" وكيف تريدني ان يحبني ولم يعرفني بعد إلا ليوم واحد وهو لم يسألني حتى عن رأيي"
وسألتها تيريزا :
" لقد زرت آل فرنسيسكو من قبل أليس كذلك؟"
وأومأت جيني إيجاباً .
" أجل, أتيت لزيارتهم مرات عدة حين كنت طفلة لكني لم آت منذ سبع سنوات , وكنت في الرابعة عشرة من عمري آنذاك"
" ولكن لابد ان يكون كان عرفك من خلال تلك الزيارات"
وظنت جيني انه لابد ان يكون قد عرفها تلميذة , لكن يستحيل ان يكون قد بني رغبته في الزواج منها الأعلى ركيزة الجشع والطموح , ووافقت حزينة على كلام تيريزا حين قالت :
" أجل لربما كان يعرفني إلى حد ما لكن ..."
سمعت هدير محرك سيارة وراء بوابة الباحة فتوقفت عن الكلام ونظرت وتيريزا إلى النافذة . وسمع وقع خطى الخادمة الخافت في الممشى وما هي إلا ثوان قليلة حتى علا صوتان عكرا سكون الحديقة المشمسة وقالت تيريزا بصوت ناعم :
" إنها ماريا "

Rehana 19-11-23 05:46 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
فنهضت وقد بدا القلق في عينيها :
" كنت اجهل أنها قادمة يا خوانيتا , أقسم لك انني كنت جاهلة قدومها "
قالت جيني وابتسمت ثم وضعت يداً مؤاسية على ذراعها :
" لربما قدمت لركوب الخيل برفقة انطونيو وزوجك"
" اذن هي ليست محظوظة "
قالت تيريزا جملتها وكأنها سرت تماماً لهذه الفكرة ثم استدارت لترحب بزائرتها غير المرغوب فيها .منتديات ليلاس
ودخلت ماريا الغرفة دخول المعتاد على المنزل وفوجئت جيني عندما رأتها مرتدية ثوباً رسمياً لابد أنها دفعت ثمنه ثروة في أحد متاجر باريس ومن الواضح انها لم تأتي لركوب الخيل .منتديات ليلاس
ورحبت ماريا بمضيفتها بسرعة ثم نظرت إلى جيني بطريقة لم تخفي فيها استياءها لتواجدها في هذا المكان اضافة إلى ارتيابها بدوافع جيني في المجيء. ولم تمد لها يدها للمصافحة بل اكتفت بهز رأسها وألقت نظرة ازدراء على فستان جيني البسيط وشعرها الأحمر الذي بعثرته الريح .منتديات ليلاس
وقالت بصوتها البارد والقاسي:
" لقد فهمت الآن من صاحب السيارة الغريبة في فأنا ظننت أني لم أعرفها"
وافترت شفتاها عن ابتسامة متوترة ثم تابعت :
" اذن قدت السيارة بنفسك إلى هنا ؟"
كان التلميح هذا واضح المعالم وثات غريزة جيني على إزدراء ماريا لها , لم تكن تعرف عن ماريا غازاريس إلا القليل لكنها أدركت من دون تردد أنها تكرهها بشدة . ولم يكن كرهها هذا متعلقاً بكونها تصلح زوجة رائعة لرجل كانطونيو, لا , بل كانت تكره بكل بساطة , طريقة معاملة ماريا لها , وقالت جيني بهدوء:
" غادر انطونيو المنزل قبل أن أقدر المجيء"
وأحست بفضول تيريزا لسماعها المزيد فتابعت :
" هذا الجو الحار يجعلني أتكاسل وتجدر الإثارة إلى أن انطونيو ليس أكثر الرجال صبراً"
وأيقنت في قرارة نفسها أنه من السخف بمكان ان تستطرد في هذا النوع من الجدل لكن شيئاً ما في ماريا كان يحرك فيها أسوأ نزوات طبعها وتكهنت ان تيريزا لا تمانع في أن تكذب جيني بعض الشيء ولم تكن تستهزي ماريا بصوت لم يخل من الاحتقار .
" لم أره في حياتي نافد الصبر لربما لأني لا أتصرف معه بطريقة تفقده صبره"
" معقول كلامك, اخشى أني أفقده صوابه احياناً, لكن أظن انه لا يمانع"

Rehana 19-11-23 05:47 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقهقت جيني كالطفل وأحست بالخجل من تصرفاتها . لكن تيريزا وافقت جيني على كلامها قائلة :
" بالطبع لا , يا صديقتي "
ثم التفتت وابتسمت لماريا التي لم تكن مسرورة قط وقالت :
" هلا اجلس يا ماريا ". ريحانة
هزت ماريا رأسها بسرعة رافضة الدعوة ووقفت في الباب وقالت :
" كنت أرجو أن أجد طونيو هنا , تعطل محرك سيارتي وكنت آمل ان يوصلني إلى البيت"
آهة, تأكدت جيني مما يجول في ذهن ماريا , فهي عازمة على البقاء برفقة انطونيو اليوم وأن لم تركب الخيل معه بل ستجعله يوصلها إلى البيت بسيارته. وابتسمت بمكر بعد أن ادركت أنها لن تستطيع مقاومة إغراء تحدي ماريا وكانت متأكدة من وقوف تيريزا بجانبها فقالت مشيرة إلى ذراعها المضمدة :
" كنت آمل ان يوصلني أنا إلى البيت, محرك سيارتي يعمل بصورة طبيعية لكن ذراعي تؤلمني كثيراً ولا أظنني قادرة على تحمل تلك الطرقات الملتوية والقاسية "
كانت ذراعها حقاً تؤلمها ولم تكن ترغب في القيادة عائدة إلى البيت لكنها كانت متأكدة انها لو اضطرت لكان في استطاعتها تحمل الطريق من دون أي شك. لكن كل مافي الأمر ان شيئاً ما في تصرفات ماريا كان يثير سخطها وقد اختلقت القصة هذه لتوها ولم يعد في وسعها التراجع عنها , ورأت ماريا تقطب حاجبيها وتقول :
" إن كنت حقاً عاجزة عن القيادة وذراعك مصابة فمن الأفضل لك ألا تقطعي هذه المسافة البعيدة"
وأومأت جيني إيجاباً ثم وافقت متهكمة :
" أظن أنك على حق"
وسألتها ماريا مجدداً:
" هل أنت عاجزة فعلاً عن القيادة ؟"
ورفعت جيني كتفيها وقد وجدت ان هذه الحركة اللاتينية مفيدة للغاية متى كانت غير راغبة في الاجابة .منتديات ليلاس
وضعت تيريزا يداً على ذراعيها السليمة وقالت :
" لا يصح أبداً ان تحاولي القيادة : وأنا متأكدة ان طونيو سوف يغضب كثيراً إذا ما حاولت "
وأدركت جيني بمرارة انه سيغضب في الحالتين وبدأت تندم على اختلاقها القصة لادراكها ان ماريا غازاريس أحق منها في نيل مساعدته الآن وسيعتبر طلبها من باب الازعاج وقد يرفض حتى ان يرافقها بل يدعوها إلى القيادة بنفسها بغض النظر عن آلام ذراعها لكنها لم تستطع تصوره مقدماً على شيء كهذا . وأياً تكن عيوبه فهو لم يتصرف معها بقساوة متعمدة قط بل كان مهتماً فعلاً بشفائها.

Rehana 19-11-23 05:47 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وهزت رأسها وتمنت لو استطاعت ان تتراجع عن القصة بكاملها , لم تتعود التصرف بخبث وكرهت نفسها لتصرفها وكأنها حبيبة تغار في حين انه لا يحق لها ذلك, وقالت :
" اعتقد انه في استطاعتي تدبير أموري"
ورمقت ماريا بطرف عينها , فأجابتها ماريا بصوت قاسٍ:
" لا أشك في كونك قادرة على العودة بمفردك"
لكن تيريزا كانت تنصت إلى الخارج ونهضت رامقة جيني بنظرة ظافرة وقالت :
" اظن ان خوسيه وطونيو قد عادا, وسنرى ما رأي طونيو بعودتك إلى المنزل بمفردك يا صديقتي"
ورمقتها جيني متوسلة :منتديات ليلاس
"تيريزا"
لكن تيريزا قاطعتها :
" سيغضب إذا قدت السيارة وذراعك هكذا, لكنه لن يتوقع منك أن تقودي السيارة عائدة إلى البيت يا خوانيتا, أنا متأكدة من ذلك "
وعبر الرجلان الباحة وهما يتحدثان وحين سمعت جيني صوت انطونيو العميق الهادئ يتكلم بيسر وطلاقة احست بخفقان قلبها بتسارع بجنون , كأن صوته العميق أكثر من الانكليزية , وقد اخفت عليه جزمته الطويلة وكذلك سرواله القصير طابعاً من الرجولة التي غالباً ما كانت تهز مشاعرها كذلك قميصه الأبيض الملتصق بصدره العريض.منتديات ليلاس
اجتاز خوسيه غارسيا الغرفة في اتجاهين ورحب بضيفته فيما وقف انطونيو في الباب قرب ماريا لكنه راح ينظر إلى جيني مندهشاً لوجودها هنا , وقال لها بصوت هادئ:
" لم أنتبه إلى سيارتك"
وهزت رأسها :
"ظننت ان الوقت حان لاقود سيارتي بنفسي"
ثم ضحكت ضحكة مضطربة وقصيرة , ولم تكن متأكدة من نوايا تيريزا .
وسارعت تيريزا إلى التكلم بعد أن رمقت ماريا بنظرة ظافرة :
" كان من الأفضل لها ألا تقوم بعمل كهذا متهور إذ أن ذراعها تؤلمها الآن يا طونيو "
" تؤلمها؟"
وتوجه انطونيو نحو الكرسي حيث جلست فيما قطبت ماريا حاجبيها استياء , وسارعت جيني إلى طمئنته :
" لا داعي للقلق!"
لكنه وقف كالمارد يطل عليها حاجباً نور النوافذ خلفه ثم امسك ذراعها بلطف ونظر إلى الضمادة مقطباً حاجبيه وسألها :
"هل تؤلمك ذراعك؟"

Rehana 19-11-23 05:48 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
واضطربت ان تصارحه فأومأت إيجاباً, لكنه تابع:
"وعلى رغم كل هذا قدت السيارة كل هذه المسافة"
" لم أتصور ان ذراعي ستؤلمني بهذا الشكل". ريحانة
وكانت تشعر بالاضطراب الشديد لملامسة أنامله السمر القوية لذراعها . وذعرت لكثرة تجاوبها الحسي معه . بدا وكأنه لم يلامسها منذ أشهر وكادت ان تنسى تأثير ملامسته.
نظر إليها محدقاً ثم هز رأسه وافتر ثغره عن ابتسامة طفيفة حين انحنى في اتجاهها وقال بصوت رقيق:
" يا ايتها الحمقاء الصغيرة, ألن تتعلمي يوماً من اخطائك؟"
واعترضت على كلامه قائلة :
" لا افهم قصدك , كان علي أن أحاول, أليس كذلك؟ رغبت في القدوم لزيارة تيريزا"
" كان من الأفضل لك لو جئت برفقتي"
ورفعت نظرها إليه مجدداً لكنها اخفضتها بسرعة حين رأت لطافة نظرته ونعومتها ولم تكن قد رأتها هكذا إلا مرة واحدة من قبل, وقالت له بصوت خافت :
" لم أكن على علم أنك قادم إلى هنا, لم أعلم اين كنت"
واجابها بصوت رقيق:
"لو شئت معرفة مكاني لكان سهل عليك ان تجديه يا صغيرتي , لقد قطعت عهداً لك وسأتقيد به مادمت ترغبين في ذلك لكن حالما تقدرين ..."
ورفع كتفيه العريضتين ثم استقام وهو ممسك بذراعها المصابة بين أصابعه القوية واللطيفة وقال:
"سأوصلك إلى البيت"
ثم نظر إلى خوسيه غارسيا وسأله :
" هل تمانع في بقاء سيارة جيني هنا يا صديقي؟"
ورفع خوسيه كتفيه وبسط ذراعيه مؤكداً عدم ممانعته ثم ابتسم لجيني وقال بصوت رقيق:
" حسناً يا آنستي ".منتديات ليلاس
ولم تحاول جيني فهم قصده لكنها احست من جديد انه يسئ فهم علاقتها بأنطونيو.
"طونيو"
والتفت أنطونيو ونظر الى ماريا وكأنه يعتذر منها مبتسماً وتوجه نحوها وقد أدار ظهره لجيني كي لا يتسنى لها رؤية وجهه.
" ما بك يا ماريا؟"

Rehana 19-11-23 05:48 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ودارت عينا ماريا الداكنتان نحو جيني بسرعة قبل ان تتكلم .وتكلمت بصوت ناعم ومقنع عن سيارتها متخلية تماماً عن النبرة القاسية التي كانت استعملتها منذ بضع دقائق:
" لقد تعطل محرك سيارتي"
ووضعت يدها على ذراعه باسلوب امتلاكي واضح والتقت أناملها الرشيقة على البشرة السمراء وكأنها تستمتع بملامسته. وسألته وكأنها تحاول إظهار حقها في امتلاكه:
" هل في امكانك القاء نظرة عليه يا حبيبي؟"
بدا أنطونيو وكأنه انزعج من لفظها التحببي التي استعملتها, إذ رأت جيني انكماش عضلات ظهره تحت القميص وأبعد ذراعه عنها بحركة ناعمة . وإن كان قد تقبل مطالبتها له بتفحص محرك سيارتها لكنه امتعض للفظة حبيبي وقد دهشت جيني لامتعاضه لاعتقادها انه معتاد على سماعها منها, لكونهما عاشقين واجابها انطونيو بصوت بارد:
" لست ضليعاً في ميكانيكا السيارات يا ماريا , فلن يجدي نفعاً تفحص لمحرك سيارتك لكني متأكد ان خوسيه مستعد للطلب من ميكانيكي ان يأتي لاصلاح المحرك , ويمكنني إيصالك إلى المنزل إن شئت".منتديات ليلاس
لم يكن عرضه مشجعاً للغاية وتأسفت جيني على ماريا وقد صدها أنطونيو بهذا الشكل. ومدت ماريا يديها من جديد وأمسكت بذراعه وغرزت أظافرها في بشرته وكأنها تتصرف بيأس ثم قالت له بصوت رقيق لم يخل من العتاب وبعينين متوسلتين:
"طونيو يا حبيبي أرجوك لا تعاملني بقسوة"
وحاولت جيني ألا تسمع وألا ترى , لكنها شعرت ان تيريزا تتابع المشهد بفضول كبير. وأعلمتها غريزتها ان ماريا قد بالغت في التمادي بدافع من حبها للامتلاك وخيم جو من السكون والجمود على الغرفة الواسعة إذ صمت الجميع لثوان عدة.
ثم فك أنطونيو بلطف قبضة الأصابع عن ذراعه وتكلم بصوت خافت جداً حتى يتحاشى إحراج ماريا إذا ما سمعت جيني كلماته.
وقال لها بصوت هادئ:
" إني آسف يا ماريا , لقد أخطأت لتصرفك بهذا الشكل"
كانت ماريا قد ارتكبت فعلاً الخطأ ذاته الذي ارتكبته جيني حين اعتقدت ان شعور أنطونيو نحو ماريا أعمق مما هو عليه في الحقيقة.
وما بدر منه تجاه ماريا لم يكن مودة ولطافة عاشق بل عن تعاطف مع صديق أساء فهم نواياه , وكأنه أحس بخيبة أمل طفيفة ورقيقة.
وراح قلب جيني يخفق بسرعة خانقة فيما نظرت إلى ظهره القوي وعضت فجأة على شفتها حين اجتاحت ذهنها مئات من الأفكار والتخيلات المذهلة, وبغض النظر عن بقية الشكوك التي راودتها تأكدت من أن أنطونيو ليس مغرماً بماريا غازاريس وقد اكتسب الأمر هذا اهمية كبرى في نظر جيني .ريحانة
لم تكن ملامح ماريا الداكنة جميلة بكل معنى الكلمة على رغم وسامتها الجذابة لكن التعبير الذي بان على وجهها حين ادركت انها كانت تسئ فهم علاقة أنطونيو بها جعلها تبدو قبيحة جداً.منتديات ليلاس

Rehana 19-11-23 05:49 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ووقفت في مكانها تواجهه ولم يكن بامكانها ان تتحاشى نظرته المتعاطفة معها وتشنجت يداها بقوة فيما اومضت عيناها سخطاً لشعورها بالاهانة, وأحست جيني بالشفقة إزاءها وقد حاول أنطونيو جاهداً ألا يخيب أملها لكن لابد ان تكون قد صدمت أعنف صدمة لكونها أهينت في حضور جيني .
وقال أنطونيو بصوته الهادئ اللطيف بالانكليزية :
"يسرني ان أوصلك إلى البيت, إن كنت راغبة في ذلك "
وراقبت جيني ماريا بطرف عينها وكانت تحاول السيطرة على غضبها وقد رسمت موجات العواطف خطوطاً قاسية على وجهها. ثم تنهدت بعمق والتوى وجهها محاولاً الابتسامة وقالت بصوت بارد وقاس:
" لن أزعجك"
واستدارت على كعبيها شامخة الرأس مستقيمة الظهر باعتزاز وهمت بالخروج. وادركت تيريزا فجأة أن أحد ضيوفها على وشك الرحيل وتذكرت واجباتها كمضيفة , فلحقت بها إلى الممشى حيث وقفت واستدارت تتفحص جيني اولاً ثم خفضت عينيها لأنها تصادف في حياتها مقداراً مماثلاً من الكراهية كالتي تكنها لها ماريا غازاريس في هذه اللحظة ثم ارتعشت وكأن جو الغرفة تحول فجأة إلى صقيع مفزع .منتديات ليلاس
ودوى صوت ماريا القاسي مودعاً مضيفتها وزوجته متجاهلاً جيني وأنطونيو:
" إلى اللقاء تيريزا , إلى اللقاء سيد غارسيا"
"خوسيه"
التفتت تيريزا نحو زوجها وتذكرت جيني ادعاء ماريا أن سيارتها في حاجة إلى إصلاح . ودنا خوسيه من ماريا لكن أنطونيو استوقفه مخاطباً إياه بسرعة وبالاسبانية من غير أن تفهم جيني ما قاله .
لم تمض برهة حتى سمع محرك سيارة يمزق السكون , وأومأ خوسيه بعلامة تفهم , وقال بصوت ناعم :
" صحيح!"
ثم رفع كتفيه.منتديات ليلاس

Rehana 22-11-23 06:55 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
9- منزل الصقر

استيقظت جيني في الصباح التالي باكراً على غير عادتها واحست بتململ لم تعهده من قبل. وعادت احداث البارحة إلى ذاكرتها وبدت كأنها من نسج الخيال. بعد أن انجزت ماريا غازاريس خروجها الغاضب والمسرحي ندر الكلام وانتهت زيارة جيني بوقت أقصر مما توقعت . وتكلم خوسيه غارسيا وأنطونيو عن البحيرة التي كان أنطونيو ينوي شراءها وأصغت إليهما تيريزا وجيني لم تفتحا حديثاً في ما بينهما بيد ان سكوت جيني كان ملحوظاً وقد رمقتها تيريزا بنظرة او نظرتين فضوليتين.
لقد التزمت جيني الصمت ذاته في اثناء عودتها مع أنطونيو في السيارة لكنه بدا غير متحمس للكلام هو ايضاً فتكهنت انه حزين بعض الشيء لاسلوب انفصاله عن ماريا , وبعد التفكير اعتقدت جيني انه كان في وسع أنطونيو التخلي عنها بأسلوب الطف وذلك بمجاراة رغبتها في امتلاكه على الاقل حتى لحظة انفرادهما معاً لكن أسلوب أنطونيو في التعامل كان مختلفاً . وقد أخبرها أبوه انه رجل متهور سريع الانفعال وأراد تفادي أن تحصل أية اساءة فهم لعلاقته بماريا.
ورقت جيني لبعض الوقت تشعر بالشفقة على ماريا فبرغم معاملتها لها كانت ماريا واثقة من أن أنطونيو يحبها وقد صدمتها الحقيقة بقدر ما صدمت جيني .
أحست جيني أنها عاجزة عن الاسترخاء والتمتع بكسلها كعادتها بل عاودها شعور بالتململ والاثارة التي أفاقت بهما . وما كان منها إلا ان نهضت من السرير واستحمت ثم هبطت السلم. كان وقت الافطار لم يحن بعد وكان في وسعها التنزه في الباحة او الجلوس قي ظل أزهار المانوليا . ورمقتها الخادمة ماتيلد بعينين حادتين وداكنتين فيما كانت تهبط السلم وتمتمت سلاماً ثم اختفت في مضاجع المنزل الداخلية .
كان واضحاً انها لا تجد المستيقظين باكراً وتساءلت جيني فجأة إذ ما كان أنطونيو قد أفاق ايضاً . وقد اعتاد النهوض باكراً في الأيام التي يمارس فيها الفروسية لكنه لربما لم يزعج نفسه اليوم بعد ان توقف عن رؤية ماريا.
وكانت متأكدة من انه لن يركب الخيل مع ماريا لأنها لن تصفح عنه حتماً بهذه السهولة بعد أن أوضح لها علناً انه لا يشاركها الرأي في علاقتهما . وقد عجزت جيني تماماً عن تفهم رد فعلها هي لانفصالهما , وما سبب سرورها لهذه الفكرة وان ماريا خرجت نهائياً من حياة أنطونيو. ريحانة
القت نظرة على القاعة الكبيرة ولم تجد احداً فيها . ورفعت كتفيها ثم راحت تذرع البهو أمام غرفتها خطوات قلقة حيث اعتادت حضور دروس الاسبانية ولم تكن واثقة من نفسها إن كانت ترغب في رؤيته أولاً.

Rehana 22-11-23 06:56 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
كانت مرتبكة جداً في ما يتعلق بشعورها نحو أنطونيو في هذا الصباح , وخيل إليها انها سمعت حركة خافتة في المكتب وقفز في صدرها حين تصورت أنطونيو خارجاً من الغرفة ليصادفها امام الباب فاستدارت بسرعة وخرجت إلى الباحة .
رائحة الارض الدافئة والرطبة تعني ان البستاني روى الحدائق المعطشى مستغلاً بردوة الجو في الصباح الباكر وتنشقت رائحة التراب المنشعة الذكية بلهفة .
تعودت على الحدائق بقدر تعودها على غرفتها وسارت ببطء حول الباحة المسورة بجدران عالية تستمتع بالعطور والألوان, مسترسلة في أفكارها .
توجهت نحو أزهار المانوليا ذات العبير العابق ثم نحو أشجار النخل الظليلة التي تطاولت فوق البرتقال الذي فاحت منه روائح عطرة . في هذا الوقت من السنة كانت أزهار الحديقة متفتحة وناضجة برمتها وقد نزلت رؤوس الورود المثقلة وتناثرت التويجات الحمر والبيض والصفر على أرض الباحة .كان المنظر رائع الجمال وكأنه من نسج الخيال وأحست انها تحبه كما يحبه جدها .منتديات ليلاس
ووقفت تفكر بعدها في ظل شجرة ورد حمراء قانية شبيهة بتلك التي تسكو شرفتها , وكسرت عنق إحدى الورود العابقة . بحركة لا شعورية وراحت تفركها بين أناملها لبعض الوقت محاولة تذكر الظروف التي رأت فيها شخصاً يعامل الوردة بالطريقة ذاتها. ثم تذكرت وهزت برأسها مبتسمة حين عادت إلى أذهانها صورة الوردة المقطوعة الرأس التي وضعها أنطونيو في جيبه.منتديات ليلاس
"جيني "
فوجئت بسماع صوته في اللحظة التي كانت فيها تفكر فيه فالتفتت بسرعة والوردة بين يديها وقد اتسعت عيناها دهشة . وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية وحدقت فيه لبعض الوقت وكأنها غير مصدقة أنه أمامها.
"هل روعتك؟"
وقف قريباً منها وقد اسند يداً إلى أحد أعمدة الشرفة , وكان قريباً منها حتى انها اصطدمت به حين التفتت ومد يده يساعدها على استعادة توازنها . ونظر إليها بعينين سوداوين فيهما مسحة لطيفة من المكر وأشاحت النظر سريعاً بعيداً, وقد ارتابت لهياج أحاسيسها أثر ملامسته لها . وقالت له وقد ذعرت لتسارع لهاثها:
" لا, لم أرك قادماً, صباح الخير يا أنطونيو"
أبقى يده على خصرها وحاولت ألا تلاحظ دفء راحة يده عبر قماش الرقيق. ريحانة
وقال لها :
" لقد افقت باكراً جداً هذا الصباح"
وأومأت إيجاباً متسائلة عن رد فعله أن هي قررت الابتعاد عن لمسته المثيرة لأحاسيسها .
" شعرت بالتململ , ولم استطع المكوث في الداخل مدة أطول فنهضت"
وضحكة ضحكة قصيرة وحاولت العودة إلى الواقع :
" لا أظن أن ماتيلد تحبذ هذه الفكرة أبداً"
وسألها :
" ولماذا لم تدخلي الغرفة وتسلمي على عوضاً من التودد؟"

Rehana 22-11-23 06:57 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
ثم ضحك بصوت رقيق حين رأى التعجب على وجهها وقال :
"سمعتك تسيرين في الممشى وتوقعت ان تدخلي ولكن ..."
ورفع كتفيه.
" لم أعرف أنك في الغرفة"
وقالت وتمنت لو لم تكن مضطربة إلى هذا الحد, ولاحظت انه لم يكن مرتدياً ثياب الفروسية بل كان يرتدي سروالاً أزرق داكناً والقميص الأبيض التقليدي , وتعرفت إلى عطر مثير للاحساس فاح منه وادركت انه من نوع شائع من عطر ما بعد الحلاقة, حاد الرائحة واحست بأنه كان يطغي على عطر أزهار الورود والمانوليا. وشعرت بين ذراعيه براحة واطمئنان لم تعهدهما من قبل وقد وقفت قريبة منه إلى حد كانت تحس فيه بكل جسمه .واستغربت عدم مقاومتها لجاذبيته اليوم ومدى رغبتها في السماح له بمعانقتها بهذا الشكل ووضع يده الثانية تحت ذقنها ورفعها حتى واجهته وقال لها بصوت هادئ:
" لم تعرفي اني كنت في الغرفة, ظننت أنك امتنعت عن الدخول لعلمك بأني في الداخل ايتها الصغيرة , انني سعيد ان أكون قد أخطأت "
"أنطونيو"
وأحنى رأسه بسرعة نحوها ومن دون انذار مسبق عانقها لوقت طويل حتى انقطعت انفاسها ثم افلتها واحست بنفسه الدافئ حين تكلم مصححاً كلامها:
" طونيو, لقد طلبت منك مرات عدة ان تسميني طونيو يا خوانيتا , ألن تحاولي ارضائي أبداً؟".منتديات ليلاس
احست جيني بدوار ينتابها وابقت عينيها مغمضتين فيما حاولت السيطرة على الموقف الذي ادركت انه يفلت منها شيئاً فشيئاً ودهشت لمقدار تجاوبها مع كل لمسة من لمساته هذا الصباح .
في الأيام القليلة المنصرمة وبعد ان أعلن نية التوقف عن مطالبتها بالزواج منه وراحت تشعر بفراغ عدم اهتمامه المتواصل بها وإذا هو الآن يثير عواطفها بلطافة متناهية وادركت انها تتوق إلى ان يعطيها أكثر وأكثر من ذاته . كانت متلهفة لارضائه وذلك للمرة الأولى منذ وصولها , وقالت مذعنة :
"طونيو"
ثم خفضت عينيها ونظرت إلى الوردة التي احتفظت بها بين يدها وقد بدأت تذبل لشدة الحرارة . وبدا لها فجأة انه ينبغي عليها ان تخبره عن لعبتها البارحة وانها كانت قادرة على القيادة وقد اختلقت القصة لا شعورياً.
كان قد أدرك لعبة ماريا غازاريس حول العطل في سيارتها وتعجبت كيف انه لم يكتشف لعبتها .
واستعصبت التكلم عن ماريا خوفاً من ان يعتبر كلامها مؤذياً لها ... وفي مثل هذه الظروف لا يصح التكلم عن ماريا بسوء فهو وان لم يكن مغرماً بها لابد انه يكن لها مودة كبيرة لكونها صديقة قديمة له . وقد يستاء منها إذا تطرقت إلى موضوع ماريا وكانت ترغب في تفادي إثارة غضبه بأي ثمن هذا الصباح.منتديات ليلاس
ولم تنبس بكلمة لثوان عدة ثم عقدت العزم ونظرت إلى الوردة الذابلة بين أصابعها وقالت له :
"اريد أن أعترف لك بأمر مهم"

Rehana 22-11-23 06:57 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وحاولت جاهدة إيجاد كلمات اخرى للتعبير عن خوالجها بأسلوب أقل مأساوية لكنها لم تفلح. وراح ينظر إليها دون أن يقطب حاجبيه بريبة كمل توقعت ان يفعل بل ابتسم ابتسامة لم تخل من المكر ورفع حاجبه بفضول وسألها بلطف:منتديات ليلاس
" ماذا يا يمامتي؟"
وأدركت ان لفظة التحبب هذه تستعمل عادة بين العشاق لكنها لم تعترض عليها بل بلعت ريقها بقوة للسيطرة على الدوار الذي اجتاحها وابتدأت تقول :
" بالأمس عندما... عندما قالت تيريزا اني عاجزة عن القيادة ..."
وقاطعها مصححاً كلامها بصوت رقيق:
" قالت تيريزا ان ذراعك تؤلمك وأنا الذي قررت أنك عاجزة عن القيادة"
ونظرت إليه في ارتباك للحظة ثم ادركت انه على حق:
" أجل... أجل صصحيح ما تقول لكن قبل ذلك..."
وتوقفت تتساءل هل يتوجب عليها المتابعة وادركت انها لا تستطيع التراجع بعد ان بلغت هذا الحد.
وتكهن بصوت هادئ:
" قلت لماريا انك عاجزة عن القيادة , لقد تكهنت ان شيئاً كهذا قد حصل بينكما . إذ ليس من عادات ماريا ان تتصرف بهذا الأسلوب في حضرة الناس . او ان تدعي هذا الادعاء الكاذب عن تعطل سيارتها"
وضحك بمكر ثم هز رأسه , وأدركت جيني لتوها ان ذراعه قد شدتها نحوه أكثر فأكثر إذ احست بصدى ضحكته يهزها.ريحانة
" كنت عالماً بالأمر"
وكان واضحاً من الطريقة التي تصرف بها خوسيه انه عالم بالأمر لكنها لم تتوقع ان يعترف بهذه السهولة .
" طبعاً كنت عالماً بالأمر يا حبيبتي , ماريا لا تحسن التمثيل"
ورفع ذقنها من جديد وطاف بنظره الحاد على قسمات ثغرها مما جعل قلبها يخفق بسرعة جنونية ثم تابع :
" اما أنت يا حبيبتي الغالية, فأظن أنك بارعة في اخفاء شعورك الحقيقي, أليس كذلك؟"
وفضلت جيني ألا تجيب عن سؤاله في هذه اللحظة . وكانت مضطربة إلى حد كبير فلاقت صعوبة جمة في التفكير السليم وقالت :
" لقد قسوت على الآنسة غازاريس المسكينة"
وحاولت ترطيب شفتيها اللتين ازداد جفافها حين شعرت بازدياد طفيف في قبضة ذراعيه حولها . " وماذا بعد؟"
ولم ترشدها هذه الكلمة إلى رأيه في انتقادها له ورمقت ملامحه الصقرية القاسية التي كانت في ظل الشرفة فوقهما وبدت داكنة وبدائية جداً وكأنها صدى لأجداده العرب وأثارت احساسها حتى انقطعت انفاسها وقالت :
" ظننت أنك مغرم بها "
وتعجبت لتجرؤها على البوح له بهذا الأمر وخشيت ان تثير استياءه . وشددت ذراعاه التفافهما حولها وحبست انفاسها حين التصق وجهها بصدره العريض والدافئ.ريحانة

ا

Rehana 22-11-23 06:57 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
غمضت جيني عينيها ثم فتحتهما من جديد حين سمعته يقول :
"لم أقل شيئاً عن مدى علاقتي بماريا أنت قررت عني يا ايتها الحمقاء الصغيرة"
"ولكن ..."
ومالت برأسها إلى الوراء فانقض شعرها الأحمر عن وجهها واتسعت عيناها الخضراوان فضولاً وبرقتا من الإثارة وقالت له :
" لقد اخبرتني في اثناء كلامك عن الزواج بأنه لا مانع لديك في أن ترمي عصفورين بحجر واحد".ريحانة
وبرقت عيناه حين نظر إليها فارتعشت . وتنهد وأكفهر وجهه وقال :
" كنت اتمنى لو استطعت رمي عصفورين بحجر واحد. لكنك رفضتي يا جيني أليس كذلك؟"
وصمتت جيني لوهلة لكن مئات الاسباب راحت تجول في ذهنها تنصحها بالابتعاد عنه ورفعت عينيها تنظر إليه فوجدت صعوبة أكبر في متابعة الكلام. وقالت له بصوت خافت :
" لم أرى طريقة أخرى تستطيع من خلالها الحصول على ما تريد وعلى الفتاة التي تحبها . كنت تريد الزواج مني من أجل حصتي في المؤسسة"
واجابها بصوت رقيق:
" كانت هناك أسباب ثلاثة وراء رغبتي في الزواج منك"
وراح يعدد الاسباب الواحد تلو الآخر ويعانقها كلما أورد سبباً :
"كنت مهتماً بادئ الأمر بحصتك في مؤسسة فرنسيسكو وابنه ثم كانت هناك مشيئة جدي وأخيراً يا ايتها الحمقاء الحبيبة لأنك كنت ذات صباح واقفة على شرفة غرفتك وكنت راحلاً لركوب الخيل. وحيت التفت كي أقفل البوابة رأيتك في إطار النافذة بجمالك الرائع ونعومتك ولطافتك وأدركت أني مغرم بك"
ونظرت إليه جيني مدهوشة لكنها غير مفاجأة كثيراً بما قاله لأنها تنبهت في ذاك الوقت إلى المناسبات العديدة التي كان في إمكانها ان تلمس حقيقة شعوره نحوها لكان سهلاً عليها أن تعرف . كذاك الصباح الذي يتكلم عنه حين احست انه سعيد ومتيم على غير عادته لما ابتسم لها وناداها. منتديات ليلاس
ثم فكرت في المناسبات التي كان في امكانه ان يستغلها للبوح لها بحقيقة شعوره وهزت رأسها , ثم همست لاهثة :
"لكنك لم تخبرني عن حبك لي"
وهز رأسه رافعاً حاجبيه بارتياب ثم سألها برقة : " وهل كنت صدقت كلامي يا حبيبتي ؟"
وهزت جيني رأسها نفياً فتابع :
" كنت ميالة أكثر إلى التصديق أني أريد الزواج منك من أجل حصتك فقط, أليس كذلك؟"
وصمتت جيني لبعض الوقت وقد رقدت أناملها لا شعورياً عند فتحة قميصه وراحت ترسم خطوط الياقة على بشرته الذهبية لا شعورياً.

Rehana 22-11-23 06:58 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وقالت أخيراً بصوت خافت :
"لربما مازلت تخادعني إلى الآن"
وفوجئت به يعانقها بقوة وحاولت غريزياً مقاومته لبضع ثوان ثم استسلمت وأحست بقوة ذراعيه تشدها نحوه حتى خيل إليها انه سيسحقها . ورفعت ذراعيها ولفتها حول عنقه موقعة الوردة الحمراء على الأرض, وسألها بصوت عميق متلهف ارتعشت له:
" أما زلت تعتقدين اني مهتم بك من أجل حصتك فقط ؟"
" طونيو..."
وضحك ضحكة ظافرة وشدها نحوه فالتصق وجهها مجدداً بصدره المذهب العريض. واغمضت عينيها تعانقه كما عانقته على صهوة الجواد وسمعته يقول لها :
"أعيدي لفظ اسمي يا حياتي, هذه المرة الأولى تلفظين فيه اسمي بملء ارادتك , اعيدي"
" طونيو... طونيو"
وغرق وجهها في صدره ثم نظرت إليه مجدداً بعينين براقتين وشعرت بدواراً رهيب وكأنها تعيش حلماً لا واقعاً. وتفحصت عيناها ملامحه الصقرية الداكنة وتتوقف بحب عند كل منها . ثم ضحكت برقة وأحنت رأسها إلى الوراء فتساقط شعرها الأحمر على كتفيها . ريحانة
وقالت لاهثة :
" قلت أني أكرهك كرهاً عظيماً . ولم أدرك أني أحبك حباً أعظم"
وسألها بصدق رقيق:منتديات ليلاس
" ألم أخبرك بهذا يا حبيبتي . ألم أخبرك مرات عديدة بأنك لا تكرهينني "
وعند سماعها كلمة كره عادت إلى ذاكرتها دونا صوفيا وكرهها لها فخفضت رأسها من جديد ترسم خطوطاً وهمية على بشرة صدره العريض وقالت :
" لا اظن ان عمتي صوفيا ستسعد بي ... بنا "
ورفع أنطونيو ذقنها وأجبرها على النظر إليه وقد امتلأت عيناها بريقاً مطمئناً بعث الاحمرار إلى خديها وقال لها برقة:
" لن تزعجك أمي يا حبيبتي , فلن نسكن في البيت هذا ولن تضطري إلى تمضية الوقت برفقتها . إني أدرك ان هذا لن يسعدك"
" ولكن طونيو..."
ووضع اصبعه على شفتيها ثم ابتسم ورفع حاجبيه بمكر وقال لها :
" من بين الصفات القبيحة التي نعتني بها با حبيبتي أنك قلت لي ذات مرة أنني أشبه طائراً مفترساً ينتظر لحظة الانقضاض عليك, أليس كذلك؟"
وضحكت جيني بطلاقة وأومات برأسها :
" أجل قلت ذلك حين كنت تحاول تعليمي الأسبانية"
"وستتابعين تعلمها. لكني تذكرت ملاحظتك هذه في اثناء بحثي عن منزل نقطنه يا خوانيتا"

Rehana 22-11-23 06:58 AM

رد: 304 - ميراث الأحفاد - ريبيكا ستراتون ( روايات احلامي المكتوبة )
 
وحدقت فيه جيني لبعض الوقت وسألته :
" لقد اشتريت منزلاً؟"
وتصورت رد فعلها لو كان اخبرها بهذا الشيء قبل بضعة أيام:
" لكنك لم تكن تعرف أني..."
وعانقها مطولاً وبقوة ثم ابتسم وبرقت عيناه .
" طبعاً, كنت أعرف , ألم أعرف طوال الوقت يا حبيبتي "
وأومأت جيني موافقة وعانقها مدركاً انها لا تستطيع الاجابة ثم تابع :
" هذا المنزل الريفي, إنني متأكد انه سينال موافقتك, فهو يقع بالقرب من سنتران وسيسرك ذلك".منتديات ليلاس
وضحك برقة وعانقها وتابع بالأسبانية :
" وسيسرك ايضاً متى علمت ان اسمه يليق بطائر مفترس يطوي جناحيه يا صغيرتي واسمه منزل الصقر"
ورددت جيني وراءه بالانكليزية :
" منزل الصقر"
ونظر إليها بعينين براقتين :
" سوف أحبه يا طونيو, انني متأكدة انني سوف أحبه "
وسألها أنطونيو برقة :
" كما تحبينني ؟"
وأومأت برأسها فيما رفعت ثغرها وهمست :
" كما أحبك "

النهاية


الساعة الآن 04:18 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية