رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!
اقتباس:
و عليكم السلاام و رحمة الله و بركااته ،، شرفتيني و نورتيني فيتامين سي .. أثلجتِ صدري بتعليقك الجميل و مرورك الراائع ،، أسعدني إطرائك و مديحِك و هذا شي يشجعني أكثر ، و باذن الله ما راح يكون في إنقطاع و ربي يقدرني أوصل فيها للنهاية ،، أتوقعع إنك تخربطتِ بين الشخصيات ههههههه ، بس طبيعي كوننا ما زلنا في البدااية ، عصام زوجته مريم ، أما آمنة فهي واالدته اللي تبي تزوجه .. ربي يعافيكِ و يسلّم أناملك على تعليقك الجميل ،، و إن شاء الله تكون الرواية عند حسن الظن .. أنرتِ عزيزتي .. |
رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!
اقتباس:
القمر عندنا يا هلا و مرحبا ،، أنرتِ عزيزتي ،، قلبي إن شاء الله ما راح أقطعكم و بكمل معاكم للنهاية و إن شاء الله أكون أنا و روايتي عند حسن ظنكم .. بالنسبة لمرييم ،، هههههههه أعجبتني " أم دميعة " ،، ممكن إنها شخصية إنهزامية تستسلم بسرعة و تخاف من المغامرة ؟؟ و فهد هل راح يكون في حياته مكان للحب و العواطف ؟؟ هذا ما سنعرفه في الأجزاء القادمة "" نظام سبيستون ههههههههه " حبيبة قلبي ربي يسعدِك ، أنرتِ .. |
رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!
" و أجمَل الحب ما تلقاه مختبئاً
خلف العيون حييًّا يرسم الخجلا يؤجل الموعدَ المشتاقَ مرتبكاً و قلبهُ خفقاتٌ تعشق العجلا " -أحمد شوقي و في نَشوة العشقِ صرنا رماداً ، طِيفْ! الجزء 5 * قبل البداية : هالبارت في شخصيات جديدة و مهمة بتدخل معانا ،، قلت لكم عشان ما تتخربطوون .. بسم الله نبدأ، كتمت حسناء صوت المسجل مع دخولهم إلى ساحة منزلهم ، و قد تغيرت تعابير وجهها التي كانت مبتهجة قبل دقائق ، بطريقة واضحة لاحظها فهد ، الذي كان سيسألها ، لولا تقدم والدها و هو ينظر باستغراب إلى السيارة و يتساءل في داخله عن سبب قيادة فهد لها ، بلهفة تقدم خائفاً من تعرض ابنته لمكروه ما ، نزلوا من السيارة ، تساءل عمر و هو يتقدم من ابنته : يبه وش فيكِ ليش مو إنتِ اللي سايقة ؟ اكتفت بالصمت ، و راسلت عيناه بنظرات تشع ألماً ، لوماً و عتباً ، التفت إلى فهد متسائلاً : فهد صاير معاكم شي ؟ فهد : في أشخاص كانوا ملاحقيننا ، و حاولوا يتعرضولنا بس قدرنا نوقفهم عند حدهم .. عمر و هو يعرف تماماً أن لا أحد يجرؤ على مس ابنته : صارلك شي يبه ؟ ابتسم فهد : لا تخاف ، عندك بنت تسوى 100 رجال .. رد له الابتسامة القلقة من صمت حسناء ، بصوت منخفض أقرب إلى الهمس : عن إذنكم أنا فايتة أنام .. دخلت بحركات سريعة ، يؤلمها أن تسمع تلك الكلمة من فهد ، و من الكثيرين الذين يعتبرون أنها مديحاً لها ، لـِم علي أن أكون بعشر رجال ، أو مئة رجل ؟ ألا يحق لي أن أكون أنثى ؟ أنثى واحدة فقط ؟ لِم أدفع الثمن دائماً يا أبي ، لعداواتك و أعمالك التي تُصِر على تلويثي بها رغماً عني ؟ لِم لا أفعل كما تفعل الإناث ؟ أرتجف خلف ظهر رجل يحميني ؟ يشعر بأنوثتي معه و يحاول حمايتي و المحافظة علي ؟ لم أنت مصر يا أبي على طمس أنوثتي ! ألا تعلم أن أكثر ما يؤلم الفتاة ، هو أن تطعن في أنوثتها ؟ في الأسفل ، دخلوا إلى المكتب ، يبتسم عمر بفخر : بنتي من يومها رافعة راسي .. تجاهل فهد كلامه ، و تساءل بريبة : مين اللي كانوا ملاحقيننا ؟ ممكن يكونوا عارفين شي ؟ تنهّد عمر : ما أتوقع ، هذي التصرفات أنا أعرف من وراها ، وراح أحاسبه .. فهد يلتزم الوقوف مكانه : يعني ، مثل ما قالت حسـناء ؟ أعداء ؟ هز رأسه : تقريباً .. شرد فهد ، و هو يفكر كم من الأعداء بعد ، سيخلق له عمله مع عمر حرْب ! تساءل عمر : وش فيك سارح ؟ فهد بخفوت : ما في شي .. شبك عمر أصابعه أمام الطاولة : ما تبي تعرف شغلك الثاني ؟ تنهّد فهد ، و أخذ نفساً عميقاً : قلت لك ما في اتفاق لين ننتهي من الكمبيالة الأولى .. أمال عمر رأسه : مثل ما تبي .. جلس فهد أمامه : أنا عندي سؤال ، و يا ليت تجاوبني بصراحة .. عمر : قول .. وش عندك ؟ فهد : أبوي عليه كمبيالات بحوالي 500 ألف ريال ، صحيح ؟ عمر : صحيح .. المعنى ؟ فهد : يعني أبوي كان ماخذ منكم حوالي 500 ألف ريال ، طيب وين صرف هالفلوس ؟ ابتسم عمر : مادري ! فهد بشك : شلون يعني ما تدري ؟ أنا و أمي ما شفنا شي من هال500 ألف ، و عمري ما حسيت إن وضعنا تحسن ! عمر : ما سألت نفسك أدوية والدتك الغالية من وين حصّلها أبوك ؟ ما سألت نفسك شلون قدر أبوك يدرسك في الجامعة ؟؟ فهد و ذات نبرة الشك في صوته : ما أتوقع إن أدوية أمي و دراستي في الجامعة كلفت 500 ألف ريال !! عمر : والله يا فهد ، أبوك الوحيد اللي يعرف وين راحت الفلوس ، ما تدري وش بيطلعلك مفاجأت بعدين .. صح ؟ فهد : وش تقصد ؟ نهض عمر بابتسامة من مكانه : ما في شي سلامتك .. يلا بقول للشباب يوصلوك .. ترك فهد مكانه ، ينظر إلى عمر بريبة و يحاول أن يفهم الألغاز في كلماته ، نزل معه إلى الأسفل ، ناوله مفاتيح سيارة حسناء ، رمقه بنظرة أخيرة قبل خروجه ، و رحل برفقة الحرس إلى أوتيله .. ،, في مكان لا يبعد كثيراً ، وقفا أمامه خائبين ، طأطأوا رأسيهما بخجل لفشلهما في المهمة ، يقف " يـعقـوب " و هو ينظر إليهما بعينين حانقتين ، و صرخة تردد صداها عدة مرات في ذلك المكان شبه المهجور ، تنفس عن غضب بالغ : أغبيـــــــــــــــــــــــااء ! رفع يده و صفع الأول على وجهه صفعة قوية ، اقترب و دفّ الآخر بقوة حتى سقط أرضاً ، و قال بصوت باهت منخفض : اللي صار كان مفاجأة .. أيده الأول " هِشام " : صحيح ، يا سيد يعقوب كنا مسيطرين عالوضوع بس البنت ماهي سهلة ! بسخرية ، يعقوب : بــنــت ، لا راحت ولا جات ، تسوي فيك كذا إنت و هو ؟؟ مسوي فيها رجال يا سيد شريف ؟ نهض شريف من مكانه ، التزم الصمت و هو يخفض عينيه في الأرض خجلاً ، جلس يعقوب على كرسي وحيد في تلك الغرفة ، تنفّس بقوة و قال : هالحين وش بيخلّصنا من أبوها ؟ الموضوع كلـــه إنقلب علينا بسبب غباءكم !! هـشام : سيد يعقوب ، خلينا نحاول مرة ثانية ، عالأقل الحين نعرف قدرات الخصم و ما رح نتفاجئ بشي ! يعقوب بسخرية : نعرف قدرات الخصم ؟ و تعرف تتفلسف بعد ؟ انصرفوا من قدامي انتوا الثنين تصنموا في مكانهما ، تبادلوا النظرات الاستفهامية ، حتى انتفض كليهما من صرخة صوته القوية : انــــصــــــــــرفـــــــــــووا !! خرجوا كليهما بسرعة ، لا يعرفان إلى أية وجهة عليهما الذهاب الآن ، تنفّس يعقوب بغضب ، أخذ مفتاحه و جوّاله ، و خرج باتجاه سيارته ، غير آبهٍ برجاله اللذان تركهما في مكان مهجور دون أية وسيلة نقل .. ركب سيارته و عقله يفكر في ردة فعل عُمـر حـربْ ، الذي عرف بالتأكيد ماذا حصل ، تحرّك في شوارع روما ، و خلال دقائق ، كانت شاشة هاتفه تضيء برقم غريب ، عرف فوراً أن هذا الرقم ، لـعمر .. بعد تردد لم يدم طويلاً ، فتح يعقوب الخط : آلــو .. نبرة غاضبة تتضح في صوته من الجهة الأخرى : شـوف يا يعـقـوب ، لا تحسب إني ما دريت باللي صار ، أو ما دريت إنّك إنت ورا اللي صار مع بـنـتي اليـوم .. يعقوب : وش صـار . و مـنو إنت و منو بنتك أصلاً ؟ قهقه بسخرية : هههههههههه ، و مسوي نفسك مو عارف .. " تحولت نبرته إلى الجدية " ، أنت عارف منو أنا ، بس دام إنك حاولت تلعب معاي في أغلى شي أملكه ، يعني للحين ما تعرف عمر حرب لا عصّب وش يصير .. ابتسم يعقوب بسخرية ، و التزم الصمت ، أردف عـُمر بنبرة يتضح فيها الغضب : أحذرك يا يعقوب ، إياك ثم إياك تقرب من بنتي ، لأني ساعتها مسـتعد أحـرقك و أحـرق عيلتك ، ولا يرف لي جـفـن .. ثوانٍ عم فيها الصمت ، قبل أن يغلق عمر الخط ، ألقى بعدها يعقوب الجوال من يده بقوة ، بدأ يضرب المقود بجنون و هو يصرخ : أغبيــــــاااااااااء !!! ،, الثـانيـة بعد منـتـصف اللـيل ، تجلس في غرفتها و الظلام يحيط بها من كل جانب ، على الكرسي المقابل للنافذة المطلّة على الحديقة ، يتقلّب عِصام في سريره ، يبدو أنه غير مرتاح في نومه ، تتنهّد بعمق و تنظر إليه بعتب ، تعيد أنظارها إلى النافذة و صراع بين الأفكار يدور في رأسها .. فَتـَح عصام عينيه بعد أن شَعر أنها ليست نائمة إلى جانبه ، رفع رأسه و نظر إليها ، بصوت يلمؤه النـعاس : مـريم ؟! التفتت إليه بارتباك ، تساءل : وش فيكِ للحين ما نـمتِ ؟! مريم بصوت منخفض : ما في شي حبيبي ، ما جاءني نوم ، نام إنت .. زفـر و هو يناظرها بعتب ، نهض من مكانه ، اقترب منها ، وضع يده على كتفها و قال : نفس الموضوع ؟ أخفضت بصرها أرضاً ، كأنها تجيب على سؤاله ، تنهّد و قال : حبيبتي ما تكلمنا في هالموضوع ؟ مريم : أنا خـايفة .. انحنى و جلس على ركبته أمامـها ، : من إيش خايفة ؟ مريم : من الأيـام الجـاية ! ظهرت نـصف ابتسامة على شفتيه ، مد سبابته ليلمس بها ذقنها و يرفع وجهها : شلون تخافي و أنا معـاكِ ؟ تلألأت الدموع في محاجر عينيها : خـايفة عليك مني .. عـقد حاجبيه : شنو قصدك ؟ مـريم : خايفة أظلمك معاي ، أنا أحـبـك عصام ، مابي أحرمك تكون أبـو ! مو ذنبـك .. ضغط بيده على يدها : الله هو المعطي ، و هو المانـع ، و إذا رب العالمين مو كاتبلي الخلفة خلاص ، الحمدلله على كل شي .. قفزت دمعتها الأولى ، لتستقر على كفّ عصام ، بصوتٍ مرتجف : بس ربنا شـرع لك الزواج ، و بهالحالة ما تقدر تقول قضاء و قـدر ، لأنك إنت بنفسك رفضت تعالج الموضوع . عِصام بملل و هو الذي يعجز دائماً عن مواساة شخصٍ باك : مو شايفة إن الكلام بهالموضوع سابق لأوانه ؟ نهض من مكانه ، و أردف : قبل كل هالكلام ، لازم تتعالجي و تآخذي الأدوية ، و بعد كل هالشي لو ما في أمـل ذيك الساعة نقرر ! وقفت هي الأخرى ، بصوت مبحوح : يعني لو ما في أمل ، ما عندك مانع تتزوج صحيح ؟ أطلق ضحكة خفيفة : ههههه ، تدري إنّك حيرتيني ؟ يعني تغاري لا تزوجت ، و بنفس الوقت ما تبيني أظلم نفسي و ما أتزوج ! أخفضت بصرها ثانية و هي تشعر بتشتت مشاعرها ، رفع رأسها مجدداً بطرف سبابته ، مسح دمعها النائم على خدّها ، قبّل جبينها بحنية لم تعتــَد عليها منه ، و قال : نـامي الحين ، و اتركيها على ربنا .. احنا نسوي اللي علينا و نتعالج ، و الباقي عند رب العالمـين .. ،, سـاعات الليل ، تمر ببطء على عاشق ، و مشتاق ، و متألم .. و تمر كالبرق على متعب يستجدي ساعات النوم و الراحة .. تشرق بعدها شمس نهار آخر ، نعرف جميعاً أنه لن يكون مختلفاً عما سبقه ، إلا أنه صوت العصافير دوماً ، ما يجعل للنهار نغماً آخراً ، و لحناً مختلفاً تماماً في كل مرة .. دخل يحيى إلى المكتب مبكراً على غير عادته ، يجلس إبراهيم في مكانه ، ولا زال مكان عصام فارغاً ، ينظر يحيى إلى الزاوية الفارغة من المكتب ، و يبدو أنها تُجهّز لأجل شخص ما ، جلس خلف مكتبه ، وضع سلاحه فوق الطاولة ، تساءل موجهاً كلامه لإبراهيم : في موظف جديد ؟ إبراهيم دون أن ينظر إليه : العالم تقول صباح الخير .. لوى يحيى شفتيه ، ثم قال : صبـــاح الخــير .. رفع إبراهيم رأسه ، ابتسم : صباح النور ، أكيد ، ناسي إن عزيز معانا ؟! رفع يحيى حاجبيه : عــزيــز ! إبراهيم : إيه عزيز ، خلاص تكلف رسمياً ، صار زميلنا .. استند إلى ظهر الكرسي : يا سلام .. رائع .. خلال ثوانٍ ، دخل عزيز إلى المكتب و هو يحمل بعض الملفات بين يديه ، قال : صباح الخير .. رد إبراهيم : صباح النور .. شعر عزيز بتجاهل يحيى له ، لم يعره أي اهتمام ، توجه إلى مكتبه و بدأ يرتب أوراقه و ملفاته ، بينما رمق إبراهيم يحيى بنظرات حادة ، قام هو بتجاهلها .. إبراهيم ينظر إلى عزيز بابتسامة : إن شاء الله ترتاح معانا في الشغل .. رد له الابتسامة : إن شاء الله .. يحيى دون أن يناظره : ترى شغلنا مو سهل .. يبيله إنسان متفرغ و .. قاطعه عـزيز : عارف ، تراني مو جاي من كلية الرياضة ! ابتسم إبراهيم على سرعة بديهة عزيز في الرد ، تجاهل يحيى ذلك ، و قال لإبراهيم : الحين بقول لعصام ، أبي أفتح ملف قضية مشعل شهران مرة ثانية .. تأفف إبراهيم بملل : الله يرزقني صبر أيــوب بس ، وش تبي في هالقضية ؟ ليش مصر عليها ؟ عزيـز : كل واحد في بداية شغله يحب يحل قضية بروحه كذا ، لازم ، عشان يكوّن إسمه في عالم التحقيق .. يحيى بإندفاع : أنا ماني بحاجة أكوّن اسم ، اسمي معروف ، قبل لا تعرف حضرتك كلمة تحقيق أصلاً ! عـزيز : ما قلنا شي ، ترا عادي ، حتى أنا عندي حلم أحل قضية ترفعني في شغلي .. يحيى ساخراً : طبيعي لأنك للحين بغو في التحقيق ، يبيلك دروس ما تنعد علشان توصل لمرحلتنا .. بس ما عليك دام إنك معانا بتتعلم ، يعني تقريباً تاخذلك حوالي 5 سنين أو أكثر شوي .. عزيز : يعني إنت بعد بغـو ، مثلي ؟ يحيى : نعـم ؟؟ عزيز بابتسامة ذكيّة : لأنك ما قضيت هنا إلا سنة و نص ،، إبراهيم يحاول أن يكتم ضحكته و يهمس بينه و بين نفسه : يا سلام ابتدا شغل الضـرايـر .. تجاهل يحيى الرد عليه ، يقول في داخله : لسانه يبيله قـص ! تنهّد عزيز ، و بلا مبالاة متعمدة قال : على كل حال ، بإتصال مني ، أقدر أجيبلك الموافقة على فتح ملف القضية ، و تتكلف إنت بنفسك فيها .. التفت إليه يحيى و عيناه بارزتين : وش قـلـت ؟ اكتفى عزيز بابتسامة جانبية و هو يمثل الانشغال في ترتيب أغراضه ، ترك يحيى مكانه و اقترب منه : من جدّك تتكلم ؟ عزيز : تبي تجرّب ؟ رفع يحيى أحد حاجبيه : متى تقدر تجيبلي تكليف رسمي بالقضية ؟ عزيز و ابتسامته ذاتها على وجهه : اليوم ، أو بكرا .. مادري على حسب فضاوتي .. جلس يحيى أمامه و قال بتلهف : ليش مو اليوم ؟؟؟ بعدين إنت شلون بتجيبها ؟ أشار عزيز بسبابته ليحيى بإشارة تعني " اقترب قليلاً " ، اقترب يحيى ، و قال عزيز بهمس : عمي .. يحيى : وش فيه عمك ؟ استرخى عزيز إلى ظهر كرسيه : عمي يكون أخو مدير المركز الأمني ، بس مو اخوة بالدم ، بالرضاعة .. فهمت ؟ يحيى : آهــا ، يعني واسطـة ؟ عزيز بابتسامة : عندك مشكلة ؟ يحيى باستفهام : دام إنك مثل ما قلت ، حابب تسوي إنجاز بشغلك ، ليش ما تأخذ القضية ؟ عزيز : ولو ؟ العين ما تعلى عن الحاجب ! ابتسم يحيى لذكاء عزيز في الإجابة ، وقف وقال : خلاص اتفقنا ، أنتظر منك الموافقة .. إبراهيم من خلفهم : يا شين الصلح لا صار بين الضّرايـر ! ،, روما ،، العاشرة و النصف صباحاً ، جلست في قاعة الانتظار منتظرة قدومه ، و يبدو عليها ذلك اليوم أنها في كامل رضاها ، تقدّم منها فهد مبتسماً ، و قال : صباح الخير .. رفعت نظرها ، ردت الابتسامة الأولى التي لم تكن مزيفة : صباح النور . جَلس أمامها ، و قال بضحكة : الله يعطينا خيرِك ! حَسناء رفعت حاجبيها : والله ! الشرهة علي ! فهد : ههههههههه ، أمزح معاكِ .. ابتسمت : كنت طالعة بفطر و قلت آخذك معاي أحسن ما أفطر بروحي ! فهد : والله مادري وش بتسوّي بروحك بعد سفري ، بتصيري وحيدة و ما عندك ناس .. حَسناء تنظر إليه بطرف عينها : والله ، لا تخاف عندي جامعة الأسبوع الجاي .. فهد : تدري شنو ، لو عارفِك حسناء حقة أمس ، كان غيّرت الهديّة .. حسناء : لـ شو ؟ يعني وش بتجيب بدالها ؟ فهد يكتم ضحكته : كيس ملاكمة مثلاً ! اختفت ابتسامة حسناء من وجهها ، تلك الكلمات اللاذعة التي تجرح أنوثتها ما عادت تحتملها ، نهضت من مكانها و بلهجة جادّة : عن إذنك .. لحظات حتى استوعب فهد وقع كلامه و تأثيره ، خرج خلفها مسرعاً ، أوقفها بصوته : حَسـناء .. استني شوي ! تنهّدت ، وقفت في مكانها ، وقف هو مقابلها : ضايقتِك ؟ حسناء بغـرور : مو إنت اللي تضايقني .. فهد : أنا آسف ، ما كان قصدي .. تحاول التحرّك و هو واقف أمامها كالجدار يمنعها من الحركة : على شنو آسف ، قلت لك ما تضايقني .. فهد : طيب ليش قمتِ ؟ تأففت : افففف ، غيرت رأيي خلاص مابي فطور .. ابتعد فهد من طريقها : أنا فعلاً آسف ، ما قصدت أهين أنوثتِك .. رفعت حاجبها الأيسر و التفتت إليه ، قالت باستنكار : منو إنت عشان تهين أنوثتي أساساً ؟؟ مرة واثق من نفسك ! صمت ، أردفت : الشرهة علي سويت لك قيمة ، و جيت لك .. أطلقت كلماتها الأخيرة و ذهبت ، تركت فهد في مكانه و على وجهه ابتسامة ساخرة ، في داخله يقول : أتِلك كانت نهايتي يا أبي ؟ أنا الذي لم أرضَ بالهوانِ يوماً ، أقبل الإهانة على يد امرأة ؟ لِم فعلت بي كل ذلك ؟ و لِم لست قادر أنا على الحقد ، أبت نفسي أن تنساك ، لو أبغضك بعد كل ما فعلت بي ، لكنني أعود دوماً و أجدني لا أملك لك إلا شوقي و غفراني . قادَت سيارتها بسرعة جنونية ، هي الأخرى تلوم والدها الذي جعل منها نصف رجل ، بجسدها و صوتها ، و تحركاتها ، أو تكون النهاية أن يسخر مني رجلٌ لم يحلم يوماً أن يجلس مع فتاة مثلي على طاولة واحدة ؟ وصلت إلى المنزل ، دخلت بحركات سريعة ، لتتلاقى في المدخل مع رِيم ، التي ما إن رأتها حتى ابتسمت بفرحة : حـسناء ، كويس إنّك جيتي .. حسناء بملل : نعم ؟ ريم : أبغاكِ تشوفي وش حضّرت عشان اليوم .. حَسناء عاقدة حاجبيها : ايش فيه اليوم ؟ ريم بفرحة : أبغى أبلغ أبوكِ بالحمل ، بس بطريقة غير .. دخلت حسناء خلفها إلى الصالة ، جلسوا على الصوفا أمام التلفاز ، تساءلت حسناء : شلون يعني غير ؟ ريم : مممم ، أبغى ألبس فستان أبيض ، و أحط هنا بلالين حمرر ، و أجيب جاتو و أكتب عليه إني حامل .. نهضت حسناء من مكانها ، و بغيظ حاولت إخفاؤه قالت : مرة قديممة ! دوري لِك غيرها ! تركتها ، متجهة إلى غرفتها ، و جدران هذا البيت تضيق عليها ، ستنطبق فوقها يوماً ما لتخنقها ، تشعر أنها تعيش بلا هدف ، تعيش فقط لأن ما كُتِب عليها حتى الآن هو التنفّس ، دون أن تعي معنى حقيقي للحياة ! ،, وقفت أمامه بعينين ذابلتين لقلّة النوم ، نظر إليها و هو يرتدي جاكيته فوق قميصه الأبيض ، تأملها له طال ، غمزها و قال بابتسامة : شعندِك ؟ ابتسمت مرغمة ، بتعب : ما في شي .. عِصام و هو يضبط تسريحة شعره ، نظر إليها من خلال المرآة : لما أطلع نامي كويس ، أمس ما نمتِ .. مريم : مـقدر ، بروح لأختي جيهان ، عرسها قريب ، لازم أكون معاها .. التفت إليها : نامي ساعتين عالأقل ، بعدين روحي لها ، لازم تكوني مرتاحة ! عقد حاجبيه و كأنه تذكر شيئاً : متى العرس ؟ مريم : الجمعة إن شاء الله .. بنفس الاستغراب : غريب ! سألته مريم : وش الغريب ؟ التفت و هو يرش من عطره : إبراهيم ، ما طلب إجازة عشان العرس ! يعني مو باقي إلا يومين و اهوة ما أخذ إجازة ! ابتسمت مريم : الرجال وش بيجهز لعرسه ؟ كل الضغط على العروس .. ابتسم و قال بهمس : و لو كان ، أنا قبل 10 أيام من عرسنا أخذت إجازة ..حرمتيني أزورك فيها ! ضحكت مريم و قالت بخجل : عاد هذي التقاليد ، مو لازم تشوفني قبل العرس عشان تشتاق لي .. عِصام : هههههههه ، أجل كذا ؟ و أنا سألتك ليه ما تبيني أزورك قلتِ مشغوولة ! الحين بعد 3 سنوات زواج تعترفي مريم : ههههههههههه ، هذي أسرار مو لازم العريس يعرفها ، مثل ما تقول خدع سحرية علشان نخلي الرجال يوله علينا .. أمسك وجهها بيديه ، اقترب و قبّل جبينها : فديت الضحكة اللي تنور بيتي .. حبيبتي هالفترة ما راح نبلّغ أمي بموضوع العيال ، اتفقنا ؟ عاد وجهها للعبوس ، هزّت رأسها بالموافقة ، قال عصام معاتباً : رجعنا للعبوس ؟ مابي ابتسامتك تفارق وجهك .. ابتسمت بخفوت ، خرج عصام : يلا سلام ،، مريم : مع السلامة .. جلست على سريرها ، تغيّر عصام كثيراً ، طوال 3 سنوات كان جامداً ، بارداً ، حتى أنني كدت أجزم أنه بلا مشاعر ، لِم الآن يا عِصام ؟ أصبحت رجلاً كما اشتهيت طيلة حياتي ، تِلك الحنيّة العذبة في تصرفاتك لم أعتـَد عليها من قبل ، أيكن علي أن أمرض أو أصاب بكُربةٍ حتى أشعر بك في داخلي ؟ لِم قررت أن تزداد جمالاً و حسناً ، حين باتت نهايتنا قريبة ؟ لِم أنت مُصِرٌ على احتراقي ؟ إنك تجعل المهمة أصعب فأصعب ، أرجوك ، توقف عن كونِك جميلاً ، دعني أتركك دون أن ألتفت ، دعني أتعافى منك ولا تصعّب علي الأمر ، فأنت دائي ، و دوائي ! ،, في قصر آخر ، يحفه الجمال من الخارج ، لا يعلم أحد ما بداخله ، صعدت و اليأس واضح على وجهها ، فتحت باب الغرفة ، لفحها هواء المكيف البارد ، و الأجواء الغريبة التي تحب أن تعيش بها تِلك الفتاة ، تجلِس في ظلام ، لا نور حولها سوى نور جهاز حاسوبها ، أحد أفلامها الأجنبية يعرض ، طاولة متحركة أمام سريرها ، جميع أنواع الشوكولاتة و البوشار و الشيبسات ، مع زجاجة كولا كبيرة أمامها ، قالت والدتها بيأس : و بعدين مع هالحالة ؟ أوقفت " سارة " الفيلم مؤقتاً ، نظرت إلى والدتها و قالت بملل : نعم ؟ والدتها " يُسرى " : إلى متى بتظلي حابسة روحك بهالغرفة و على أكل و شرب و أفلام ؟ قومي سوِّ شي مفيـد ! تنهّدت سارة ، رفعت اللحاف عن قدميها ، وضعت اللابتوب جانباً ، نهضت بتثاقل من مكانها ، أخذت جهاز المكيف و أطفأته ، أشعلت النور و قالت : ضيوفِك راحوا؟ يعني أقدر أطلع ؟ يُسرى متكتفة : راحوا من زمان .. ابتسمت سارة بسخرية : يعني إفراج ... لا تلوميني إني بظل بالغرفة و ما أطلع منها ، إنتِ اللي حابستني فيها ، و تخجلي تقولي قدام العالم هذي بنتي ، قدّام العالم ما عندِك إلا جمانة ، و رهف و حبيب القلب ، غَسّـان ! يُسرى : المسألة مو مسألة أخجل فيكِ ، أنا أبيكِ تحسني من نفسك ، شوفي نفسِك ، إذا تبي تقومي من مكانك تحتاجي ساعة عشان تقومي ! حرام على عمرك ! لسا 27 سنة ، شوفيني أنا عمري 56 سنة و ما هو باين علي .. سارة : ماهو باين عليكِ ، لأن يَعقوب مرفهّك ، بس أنا ، ما قدر يعطيني فلوس و يقول خذي روحي سوي عملية أشفط هالدهون كلها ! يُسرى بغضب : عيب يا بنت وش هذي يعقوب ! هذا عمك ، بمقام أبوكِ ! سارة بإندفاع : ماهو بمقام أبوي ، و ما في أحد مثل أبوي .. تنهّدت يسرى و قالت : ماما حبيبتي ، هذي العمليّات اللي قاعدة تتكلمي عنها حراام ، ما سمعتِ عن ناس ماتوا تحت هالعمليات ؟ تبي تموتي نفسك ؟ ضحِكت بسخرية : على أساس إني عايشة ! و بعدين كل هالحراام اللي يسويه عمي يعقوب ، وقفت على عمليـة ؟ يُسرى و قد وصلت حدّها من مناقشة ابنتها العنيدة : سارة خلاص عاد ! وش هالكلام إنتِ تجاوزتِ حدودك ! صدق إنك ما تنعطي وجه ! التزمت سارة الصمت ، أردفت والدتها : عمّك يعقوب جاي اليوم من السفر ، إياكِ تتصرفي بغباء .. و راح تنزلي تقعدي معانا ، هذا يعقوب ماهو غريب ، عمّك أخو أبوك الله يرحمه ، و زوجي .. يعني تحترميه برضاكِ أو غصبن عنك .. تجاهلت سارة الكلام ، عادت للجلوس مكانها بعد أن أصبحت جامدة بلا مشاعر ، لا يحرّكها غضب أو حزن ، و الفرح بات غريباً عليها ، تِلك الأيام و ما تفعله بقسوتها على من لا يملك حولاً ولا قوة ! ،, دخل عزيز و ابتسامة النصر على وجهه ، اقترب من يحيى ، وضع الورقة أمامه و جلس ، قرأ يحيى الموافقة و الابتسامة تتضح تدريجياً على وجهه ، نهض من مكانه بفرحة : الله عليك يا عـزيز ، فعلاً إنّك قدّها .. نظرات متسائلة أرسلها عِصام لإبراهيم ، كأنه يتساءل عن سبب اتفاق " زينغو و رينغو " أخيراً ، ضحِك إبراهيم ، قال عِصام بصوت جهوري : خير إن شاء الله شسـالفة ؟ يحيى : عـزيز ، جاب لنا مـوافقة لنفتح قضية مشعل مرة ثـانية ، و أنا المكلّف رسمياً ، و طبعاً عـزيز راح يكون مسـاعدي .. عِصـام : طيب مبـارك ، بس ممكن أفهم وش مخليك مصر على هالقضية ؟ أخذ يحيى نفساً عميقاً : مادري ، شي في داخلي مخليني أحس إني محتـاج أحـل هالقضيـة .. بعدين هذي بتكون أول قضيّة أستلمها أنـا بشكـل مستقـل ،، يعني إذا بحلّها بيكون إنجـاز عظيم .. نهض عزيز من مكانه و قال و هو يكـتم ضحكته : يعني كـلامي الصبح كان صحيح .. يَحيى : كونَك محقق يعني من الطبيعي تتوقع توقعات صحيحة ، و ترى الحين إنت مساعدي ، يعني أقول لك جيب لي قهوة وش تقول ؟ ضحِك عزيز و هو يستشعر المزاح في نبرته : ههههههههه ، أقول لك تآمر يا ابني .. يحيى بجدية مصطنعة : ابني في عينَك ، لو متزوج بدري كان عيالي كبرك .. يلا أنا بـروح .. عِصام : وين إنشـالله ؟ يَحيى دون أن يلتفت : عندي شغل ، يلا يا عـزيز .. خرجوا سويّة من المكتب ، التفت عصام إلى إبراهيم : الله يسترنا من اتفاقهم ، بيخربوا الدنيا ! إبراهـيـم : ههههههههههه ، مالك إلا الدعـاء .. لحظة صمت ، تساءل بعدها عِصام : إبراهيم ؟ إنت مو زواجك بعد بكرا ؟ عبس وجهه : صحيح ... عِصام : طيب ، ليش للحين ما طلبت إجازة ؟ في أحد يكون زواجه بعد يومـين و ما يآخذ إجازة ؟ تنهّد إبراهـيـم : مادري ، غالبـاً رح نأجل العرس .. ،، يُـتـبـَع ... |
رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!
،, تنهّد أبو طارق ، و قال بقلّة صبر : هالحين المحقق ما قال لك إن هذا يعتبر شغل ؟ طارق : صحيح ، قال هالكلام .. أبو طارق : يعني راح يعطونك راتب .. طارق دون أن ينظر إليه : المعنى ؟ أبو طارق : المعنى ، ليش ما توافق ؟؟ نظرت شهد إلى والدها بقلق ، تبعتها نظرات طارق المحرجة : يبه شلون تبيني أكون جاسوس ، و على مين ؟ على صديق عمري ؟ اقترب منه والده : يبه إذا صديقك هذا مو قاعد يسوي شي غلط ، ما رح تأذيه لو تجسست عليه ! بينما لو قاعد يسوي شي غلط ، و إنت كشفت هالشي بتكون خدمت وطنك ، و بعد بتكـون حميت صديقك من إنه يتورط في الغلط أكثر و أكثر .. صمت قليلاً ، هز رأسه طارداً لتلك الفكرة من رأسه : لا لا ، ماني مقتنع ، يبه يقدروا يكلفوا أي واحد ثاني ، أنا مـقدر !! بغضب : يا غــبي ! أكـيد حضرة المحقق ماهو عاجز يجيب ناس تراقبه ، بس اهوة طلب منك إنت لأنك مقرب يعني تقدر تعرف معلومات ما يعرفها غيرك ! طارق : و هذا اللي مخليني راافض ، يبه هذي خيــانة ، شلون أخليه يأمن لي و يقول لي أسراره و أنا أروح أفضحها !! نهض أبو طارق من مكانه ، نظر إلى شهد و والدتها اللتان تبدوان مؤيدتان لطارق ، اقترب منه و قال : تعال معاي ، خلينا نتكلم برا .. طارق : وين يبه ، أنا ماني موافق .. رمقه بنظرة حادة ، قال بلهجة صارمة : قلت لك تعاال معااي ! رح آخذك للشيخ مسعود ، و نقول له كل السالفة ، و إذا ما فيها حرام راح توافق .. رفعت شهد حاجبيها مصدومة من تفكير والدها ، نظرت إلى والدتها الضعيفة كأنها تتحراها أن تقول شيئاً .. التزم طارق الصمت ، حتى أحكم والده قبضة يده على ذراعه بشدة و قال : يلا مشينا .. خرجوا سوية ، أطبقوا الباب خلفهم ، التفتت شهد لوالدتها و قالت باحتجاج : عاجبِك يمه أبوي وش قاعِد يسوي ؟؟ تنهّدت والدتها و التزمت الصمت ، أردفت شهد : بعدين منو هذا الشيخ مسعود ؟ واحد دجال مسوي فيها شيخ ، شلون أبوي يصدقه ؟ لا و يأخذ بفتاويه بعد ! قالت والدتها بصوت متعب : لعنة الله على الحاجة ، لو أبوك ماهو محتاج فلوس ما كان ضغط على أخوكِ بهالشغل .. شهد : حتى لو ، ماهو مبرر ، من متى كانت الحاجة تخلينا نتخلى عن مبادئنا ؟ قطَع عليهما صوت الطرق على الباب ، نهضت شهد عن الأرض ، اقتربت من الباب و قالت : مين ؟ صوت رجولي ضخم جاء من خلف الباب يقول : الأمـن الجـنائي .. تنفست شهد بغضب ، أخذت حجابها المعلق إلى جانب الباب ، لفته على رأسها بإحكام و فتحت للرجلين اللذين كانا يديران ظهرهما للباب ، التفت يحيى بينما ظل عزيز على وقفته ، أخفض يحيى بصره أرضاً و قال : طارِق موجود ؟ بنبرة حادة و نظرات حانقة : لا ماهو موجود ، و كلفني أبلغك إنه ما يبغى يشتغل معاك .. رفع حاجبه ، مال بكتفه حتى استند إلى الباب و قال و هو يضع يديه في جيوبه : والله ؟ شهد متكتفة : مثل ما سمعت ، يا ليت تتركونا بروحنا ، احنا مالنا في أحد .. ظهرت ابتسامة خفيفة ساخرة على وجهه ، قال بلهجة الأمر : ارفعي جوالك و اتصلي عليه ، بلغيه ييجي حالاً ،، أنا أنتظره هنا .. شهد : بس .. قاطعها و هو يضع سيجارة في فمه : بدون اعتراض ، الله يرضى عليكِ .. أدار ظهره ، لتغلق الباب بقوة من جهتها ، تحدّث نفسها بلهجة قد تكون مسموعة لديه : وقـح ! أخرجت جوالها ، رفعت السماعة و اتصلت بطارق ،، سمِعت صوته فقالت : طارِق ، هذا المحقق هِنا ، قال يبيك ، قلتله إنك ما تبي تشتغل معاه بس أصرّ يستناك ! تنهّد طارق و قال بلهجة معاتبة " بهمس " : و إنتِ ليش تكلميه ؟ طيب ، راجـع .. أغلق الخط ، التفت إلى والده بعد أن وصلا إلى منتصف الطريق : يبـه ، شهد تقول إن يحيى عند البيت ، و يبيني فوراً ،، خلينا نرجـع .. هزّ رأسه بالموافقة ، ثم قال محذّراً : إياك يا طارق تتصرف بغباوة و تقول ما أبي ، هذي رزقـة و جاتنا ، حـرام ترفس النعمة .. هزّ طارق رأسه ، يتنهّد بحيرة ما بين إرضاء والده ، و إرضاء ذاته و ضميره ،، خلال دقائق من التفكير المشوّش ، وصلا إلى المنزل ، ليجدا يحيى و عزيز واقفان انتظارهما ، اعتدل يحيى في وقفته : السّلام عليكم ، طارق و والده : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. يحيى يُشير إلى عزيز : أعرّفكم ، عزيز زميلي ، و مساعدي في القضية .. تقدّم أبو طارق ، فتح الباب و قال بترحيب : يا أهلاً و سهلاً ، تفضلوا .. لم تكن تبدو على وجه طارق علامات الرضا ، دخلوا بعد أن تركت شهد و والدته الساحة الخارجية ، و جلسوا في المطبخ ، جلسوا الرجال على الكراسي الصغيرة التي تتوسط الساحة ، تقدّم أبو طارق من المطبخ و همس : ساوي قهوة يبه .. تأففت شهد بحقد على ذلك الرجل ، نزعت حجاب رأسها و اتجهت نحو الغاز لغلي القهوة ، في الخارج ، يحيى لِطارق : أول شي نبي نفتّش غرفتك .. طارِق متعجباً : ليش ؟؟ يحيى : لازم نتأكد إن الرجال اللي يشتغل معانا " نظـيـف " ، ما عليه شي .. وقف طارق متكتفاً و قال بإندفاع : و منو قال إني بشتغل معاكم ؟ رمقه والده بنظرة ، و قال بنبرة حادة : طـارِق !! وضع يحيى مغلّفاً على الطاولة و قال بابتسامة : والله يا طارِق مهو بكيفك ، هذا تكليف رسمي بهالمهمة ، و امتناعك عن أدائها بيعرضك للمساءلة القانونية ؟ رفع طارق حاجبيه ، انحنى ليتناول المغلف و يقرأ ما بداخله ، بينما التفت يحيى إلى عزيز : قوم فتّش غرفته ،، " وجه كلامه إلى طارق " يا ليت تدلّه غرفتك .. أخذه طارق ليدله على الغرفة ، دخل عزيز و بدأ التفتيش ، عاد طارق إلى يحيى و قال : يعني بتجبروني ؟ وضع سيجارة في فمه ، أشعلها و قال : مو إجبار ، ممكن تعتبره ، واجِب وطني .. و راح يكون لك مكافأة مرتبة ، و على فكرة إذا أعجبنا شغلك ، ممكن تصير موظف رسمي في جهاز الأمن ،، طارِق بحدّة : و الثمن صديقي ؟ يحيى : صديقك هذا ، لو مساوي شي ، راح نقبض عليه بمساعدتك ، و بدونها ، لا تحط في بالك إنك بتأذيه ، بالعكس .. هذي مساعدة .. تمنعه يتورط أكثر .. جَلس طارق : يتورّط ؟ قاعِد تتكلم و كأنك واثق إن فهد متورط في شي ! ظهرت ابتسامة جانبية على شفتيه : بحسب خبرتي كمحقق ، فهـد متورط ، قولاً واحِداً .. نهض يحيى من مكانه ، و قد تقدّم منه عزيز ، سأله : كل شي تمام ؟ عزيز و أخيراً ظهر صوته : كل شي تمام ،، التفت يحيى إلى طارق و والده ، و قال بابتسامة : طارِق ، أبيك اليوم عندي في المركز ، عشان أفهمك وش بتسوي .. هزّ رأسه : إنشالله ،، يحيى : عن إذنكم .. أبو طارق : يا حضرة المحقق ما شربتوا القهوة ! وصل إلى الباب ، التفت إليه بابتسامة : مكثور الخير عمي ، مرة ثانية إنشـالله ، سلام .. ،, مَساء الأربعاء الأول ، و الأربعاء الأخير في روما ،، بعد أن وضّب حقيبته ، رفع السماعة ليتصل بـ عُمـر ، قال : السلام عليكم ، عُمر : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته .. فهد : عمي ، أنا غيّرت حجز الطيارة .. عمر مبتسماً : أكيد عجبتك روما و حابب تقعد يومين زيادة فيها ، صح ؟ فهد مُحرجاً : ههههه ، لا بصراحة ، حجزت الساعة 10 الصبح ، يعني بدال 6 المسا ،، انكمش وجه عمر ، اختفت ابتسامته : ليش ؟ فهد : ما في شي أسويه طول اليوم ، مليّت ،، برجع لبيتي و أمي ، و أهلي .. عُمـر : يعني تبي مني أبعثلك السواق الساعة 7 الصبح ؟ فهد : لو سمحت ،، تنهّد عمر : طيب ، مثل ما تبي .. و تكلمني أول ما توصل السعودية .. فهد : إن شاء الله ، عمي ،، قول لحسـنا إني آسف .. عقد عمر حاجبيه : على شنو ؟! أطبق فهد عينيه : هي عارفة .. عمر بلهجة حادة : فهـد !! وش مسوي مع بنتي ؟؟ فهد ضحِك : هههههههه لا تخاف ، ما سوّيت شي ، بس مزحت مزحة ثقيلة .. رفع عمر حاجبيه : والله ؟ و من متى فيه مزح بينك و بين بنتي ؟ فهد و قد استغرب الغيرة المفاجئة في عُمر على ابنته : من يوم ما خليتنا نطلع نلف في روما إجــبــاري ، لا تخاف تراني محترم و عارف حدودي كويس ! سلام .. أغلق فهد السماعة دون أن يسمع ردّه ، في الجهة الأخرى ، دخل عُمر إلى البيت مستغرباً انطفاء الأنوار في وقت كذلك ، الشموع وحدها تحترق لتنير الصالة الداخلية ، تمتم محدثاً نفسه : ما في كهربا يعني ؟؟ شلون كذا في الحديقة موجودة الكهربا ! دخل إلى الصالة ، تشنّج في مكانه مما رأى ، تختلط البلالين الحمراء و البيضاء مع بعضها ، الورد الأحمر المجفف منثور فوق الأرض ، طاولة يتوسطها قالب جاتو ، تقف ريم بأنوثتها القاتلة ، مرتدية فستاناً أحمراً ضيقاً على رأس الطاولة ، تنظر إليه بابتسامة ، يبتسم عمر و هو الذي لم يعايش أجواءً كتلك منذ زمن طويل ، تقدّم عمر و قال بضحكة : ههههه ، ريمووه وش مسوية ؟ اقتربت منه ، وقفت أمامه و قد فاقته طولاً بحكم الكعب الذي ترتديه ، تلعب بياقة قميصه و تقول بنبرة دلع : حبيبي حبيت أسوي شي جديد في حياتنا ، ما مليت من الروتين ؟ عُمر بخفوت : أنا اللي ملّيت .. أمسكت بيده و قالت : تعال نقعد ،، تساءل و هو يمشي برفقتها : بس وش خطرلك ، في مناسبة اليوم ؟؟ إنتِ عارفة إني أنسى فلا تلوميني .. ضحِكت : ههههههههه حبيبي طبعاً في مناسبة ، بس إنت ما نسيتها لأنك أصلاً ما تعرفها .. عقد حاجبيه : ما فهمت شلون يعني ؟ أمسكت راحة يده برقّة ، وضعتها بهدوء فوق بطنها و قالت : المناسبة هِنا . أبعد يده عن بطنها ، اختفت الابتسامة عن وجهه : يعني ؟ هزّت رأسها بابتسامة : أنا حـامل .. لم تبدو عليه الفرحة كما توقعت ، أدار ظهره و قال : شلون صار كِذا ؟ ريم بتعجب : شلون يعني شلون ؟؟!! التفت إليها : أنا مو معطيكِ حبوب لمنع الحمل ؟ شلون ؟؟ ما كنتِ تاكلينها ؟ ريم : إلا ! بس ربنا أراد يصير حمل وش أسوي ؟؟ عمر و هو يجلس على الصوفا : إنتِ عارفة إني ماني جاهز الحين لمسألة الأولاد .. جلست أمامه على ركبتيها و بدأت الدموع تجتمع في عينيها : متى بتصير جاهز ؟؟ أنا عمري صار 37 سنة يعني قربت أفقد الأمل من الخلفة ، و ربي سبحانه ما أراد يقطعني من الضنا ،، إلى متى بنتظرك تجهز ؟؟ 10 سنين متزوجين حارمني من أبسط حقوقي إني أكون أم ، كل سنة تقول لي ماني جاهز ماني جاهز ! متى بتجهز ؟ إلين تنتهي صلاحيتي و تطلقني مثل ما سويت مع حريمك اللي قبل ؟ عُمر بحدّة : ريـــــــم ! 100 مرة قلت لك سيرة حريمي لا تفتحينها !! نهضت من مكانها ، تكتفت و قالت : ليش ؟؟ مو لازم أخاف على روحي منك ؟ أخاف تظلمني مثلهم ؟ عمر : أنا عمري قصّرت عليكِ بشي ؟ ريم : الفلوس و الهدايا و السفر مو كل شي ،، صحيح أنا عايشة بنعيم ما كنت أحلم فيه ، بس إنت كلّك مو معاي ،، حتى طفل ما تبي مني ! تنهّد عمر و قال : هالحين ماهو وقت العتب و اللوم ، أنا ماني جاهز أربي طفل ،، شوفي حل .. اتسعت عيناها : حل شنو ؟؟ لا تقول لي إجهاض ! صمت عمر و كان صمته الجواب ، قالت ريم بحدة : مستحيل يا عُمر ، مستحيل ! ،, في الجهة الأخرى من كَوكَـبنا ، جلس مقابلها و هو يشبك أصابعه ببعضها البعض ، سقطت دمعتها الأولى ، حار جداً الدمع إذا ما كتمناه طويلاً ، يسقط ليحرقنا بدلاً من إخماد نيران قلوبنا ، بهمس قالت : هالحين تذكرت تقول هالكلام ؟ أخذ نفساً عميقاً : شوفي يا جيهان ، أنا عارف إني غلطت و ظلمتك لما تقدمت لك و أنا ماني مقتنع بالزواج من أصله ، و ظلمتك أكثر لما انتظرت 4 شهور و ما بلغتك إلا قبل العرس بكم يوم ،، بس قلت أبلغك الحين أحسن ما أظلمك معاي .. جيهان تحاول أن تعدّل نبرة صوتها المرتجفة : كل هالظلم ، و خايف بعد تظلمني ؟؟ كم مرة قلت لك إني ماني حاسة بحبك ؟ ليش يا إبراهيم ؟ تنهّد : أنا جاهز لكل شي تبيه ، مستعد أكفّر عن ذنبي معاكِ بأي ثمن .. أنا معترف بغلطي .. ابتسمت بسخرية : أيامي اللي ما نمت فيها و أنا أنتظر منك كلمة ؟ و سمعتي اللي بتسوّد قدام الناس إذا قلنا التغى العرس ؟؟ باندفاع : اللي يقول عنّك كلمة وحدة بقص لسانه ! نهضت جيهان : يا ليت تطلع من المحقق اللي بداخلك مرة وحدة في حياتك ،، واضح إن شغلك في التحقيق حوّلك لجماد .. تحركت لتخرج ، استوقفها صوته : جيهان ، أنا ما قلت نلغي الزواج ،، أنا أعطيتك الخيار ، نلغيه أو نأجله فترة ، ع بال ما أحس إني استقريت .. التفتت جيهـان و قالت بسخرية : فكرة ، نأجله 4 شهور ، و بعد 3 شهور و 28 يوم و قبل العرس بيومين تيجي تقول لي والله سامحيني ، ما قدرت ، حاولت .. لا يا إبراهيم ، ما راح أستجدي عواطفك و مشاعرك ، دام إنك ما حبيتني من البداية ، ما راح تطولني في النهاية . خرجت من المجلس ، اتجهت إلى غرفتها ، خرج هو و نظر خلفه بألم ، لم يكن الحب يوماً عادلاً يا جيهان ، العشق يا جيهان ، الجريمة التي نقترفها جميعاً دون تردد او خوف ، إلا أننا لسنا من ندفع ثمن تلك الجريمة ، إنما يدفعها من حولنا ، و ها أنتِ الآن تدفعين ثمن عشقي لأخرى ، دون أن تعرفي ، يلتف حبل مشنقتي على رقبتك ، و يقتلك أنتِ ، و أنظر أنا إليكِ ، بكل قوتي و ضعفي ، بكل مكري ، و حزني ، ولا أستطيع أن أفعل لكِ شيئاً ، فأنا المجرم و أنتِ المتهمة الوحيدة ، و أنا الظالم المتيقن من براءتك ، و أنا الذي سينفذ حكم الإعدام بكِ ، أيتها الجميلة .. ،, نَزلت مجبرة بعد تهديدات والدتها الكثيرة لها ، بخطوات بطيئة على الدرج ، صوت ضحكاتهم ينبعث في آذانها و هي تعلم جيداً أن لا مكان لها بينهم ، وصلت إلى الصالة حيث يجلسون ، لم يلتفت أي منهم ، حتى قالت : مَساء الخير .. بصوت واحد ردوا : مساء النور .. وقفت سارة تنظر إليهم بنظرات غير مفهومة ، اخواتها جمانة و رهف ، تجلسان كل منهما في طرف محتضنة والدها ، كانت تتمنى لو أن والدها حيّ ، لتجلس في حضنه ساعة واحدة فقط ، قال يعقوب بصوت أجَش و هو يمد يده للمصافحة : تـعـالي يا بـنـت .. يُسرى بابتسامة : قربي ماما من عمّك حبيبتي ، ما تبي تسلمي عليه ؟ اقتربت سارة ، مدت يدها للمصافحة ، ثنى يعقوب يده و كأنه يقول له " قبليها " ، رفعت نظرها إليه لترى وجهه المتجهّم ، قبّلت يده بغيظ ، وضعتها على رأسها ، انتصبت قامتها و قالت بصوت خافت : الحمدلله على سلامتك عمي .. تجاهل الرد عليها ، قالت جُمانة : تعالي سارة قعدي معانا ، ليش حابسة روحك فوق ؟ رهف بسخرية : أكيد ما في شي في هالبيت يحملها غير سريرها ، يمكن لو تقعد على الصوفا تكسرها ههههههههههههه .. ابتسم يعقوب ، نظرت يسرى إلى ابنتها بقلب ملتاع ، التفتت إلى رهف و قالت : عيب عليكِ تكلمي أختك الكبيرة كذا ! احترمي نفسِك ! يعقوب بحدّة : يُسـرى ! وش فيكِ عالبنت ؟ قاعدة تمزح مع أختها وش صار ؟ جُمانة مؤيدة لوالدتها : يبه ماما معاها حق ، يعني رهف صارت 18 سنة و لسا تتكلم مثل الأطفال ! دخل غسّان إلى الصالة فعمّ الصمت ، اقترب من أخته سارة ، وضع يده على كتفها و قبل رأسها : شلونك حبيبتي ؟ ابتسمت له بحب : مشتاقة حبيبي .. غسّان يمسك بيدها و يجلس معها على الصوفا : جبت لك كل شي طلبتيه مني ، هالحين أخلي السايق ينزل الشناطي .. بابتسامة : ما أنحرم منك ،، يَعقوب بنبرة غاضبة : وش طالبة منك ست الحسن ؟ و بعدين تذكرتها و ما تذكرت خواتك ؟ اختفت ابتسامة غسّان : لا يبـه ، ما نسيت أحد .. بس سارة كانت موصيتني على عطور و كريمات جبتهم لها .. نهضت سارة من مكانها ، و هي تشعر بالغربة في كل مرة تجلس معهم فيها : ربي يسلمك ياخوي ، عن إذنكم .. اتجهت للصعود إلى غرفتها ، توقفت حين سمعت يعقوب يقول : خير يا آنسة سارة ، القعدة معانا مو عاجبتك ؟ التفتت إليه ، تجاهد نفسها كي تبقى بذلك الثبات و الصلابة أمامهم ، قالت بمكابرة : أبداً مو كِذا ، بس مـالي مكـان بينكـم ، إنتوا عائلة واحدة و .. قاطعها بقسـوة : طيب طيب يلا مع السلامة .. صعدت سارة بحركات بطيئة إلى غرفتها ، حتى اختفت عن أنظارهم ، ابتعدت جُمانة عن ذراع والدها بضيق ، قالت يُسرى : خفّـوا شوي عالبنت ! وش مسوية معاكم عشان تعاملونها كذا ؟! يَعقوب بحدّة : شلون نعاملها ؟ كافي مقعدينها معانا و متحملين مصروفها ! يُسرى : بس هذي بنت أخوك ، و إنت ولي أمرها بعد وفاته ، يعني مجبور فيها .. تأفف يعقوب و نهض من مكانه : ما تخلوا الواحد يتهنى في سهرة ! تركهم و صعد إلى جناحه ،، ،, يـتبـَع ... |
رد: و في نشوة العشق صرنا رماداً ، بقلمي : طِيفْ!
،, تأففت جيهان ، مستلقية في حِجر جدّتها التي تداعب خصلات شعرها البني الطويل ، قالت و هي تنقل سماعة الهاتف من أذنها اليمنى إلى أذنها اليسرى : ما أعرف شي يا مريم ، و اللي يخليكِ ماني قادرة أتكلّم ! تنهّدت مَريم : يعني وش قررتوا ؟ بتأجلوا العرس ؟؟ شلون كِذا و العرس مو باقي عليه إلا يومين ؟ جيهان : إبراهيم يقول عنده ظروف ، و أكثر من كذا ما أعرف شي .. مريم : طيب حبيبتي ، اللي تبوه ، على راحتكم .. أغلقت جيهان السمّـاعة ، زَفـَرت بقوة ، التزمت الصمت متجاهلة نظرات أخيها " سُليمان " ، الذي يجلس أمامها و يناظرها بنظرات غير مفهومة ، يهز قدمه اليمنى بتوتر ، دون أن تنظر إليه : سلـّوم ، كافي نظرات ! تكتّف سليمان : أبغى أفهـم بس ، ليش ؟ وش صاير بينكم ؟ جيهان بملل : قلت لك مو صاير شي ! سُليـمان بِشك : جيهان ، إذا إبراهيم مضايقِك بشي قولي .. قالت جدّتهم " أم طلال " بشيء من الغضب : خلاص يمه قالتلك ما في شي وش فيك ؟ سُليمان : ماني مصدّق هالكلام .. أم طلال : عيب عليك يعني أختك كذابة ؟ سُليمـان بحرج : العفو جدّة مو القصد ، أنا حاسس إنها مخبية شي .. أم طلال و هي تلاعب خصلات شعر حفيدتها : خلاص ما عليك منها ، قوم نام بكرا عندك شغل ،، تنهّد سُليمان بيأس ، ترك الصالة و اتجّه إلى غرفته ، لاحقته جيهان بنظراتها حتى اختفى ، نظرت إلى جدتها بحيرة : جدة ، وش تقولي ؟ محتارة ماني عارفة وش أسوي ! ابتسمت جدّتها بِحُب : أعطيه فرصـة حبيبتي ، خليه يأجّـل العرس مثل ما يبي ، و إذا خلال شهرين ما حسيتي بتغيّر من جهته ، أنا بتصرّف .. جيهان : شلون بتتصرفي ؟ أنا مابــي أرخّص نفسي قدّامه ! تحسسّت جدتها وجهها بيدها : ما عاش من يرخصك و أنا موجودة .. ألقت نفسها في حضن جدتها الدافئ الذي كبرت و نَمَت فيه ، قبّلت جدتها رأسها بحنان : إنتِ و اخوانك من ريحة أبوكِ الله يرحمه ، إنتوا اللي صبرتوني على هالحياة بعد ما راح بغمضة عين ، شلون برخصكم و إنتوا أغلى شي عندي ؟ تشبثت جيهان بها كطفل متشبث بأمه : ربي ما يحرمني منّك ، من دونك مادري وش كِنت بسوّي ! ،, ينظرون إليه باستفهام ، بينما انخفض بصره في الأرض خجلاً ، قالت والدته بغيظ : يعني في الآخر سويت اللي في دماغك ؟ إبراهيم بصوت خافت : يمه أنا ما طلّقتها ، أجلت الزواج بس عشان ما أظلمها معاي ! قالت أخته عَروب : من جدّك إبراهيم ؟ يعني بعد ما تجهزنا و حجزنا و اشترينا الفساتين تلغي كل شي ؟ إبراهيم : ما لَـغيــــــت ما لغيييت ! أجلت ، كل الناس تأجل !! وين المشكلة ؟ أخته الأصغر " سَحَر " : بس مو قبل العِرس بيومين ، هذي أول سمعة ، وش بيقولوا الناس ؟ إبراهيم بحدّة : ملاحظين إنكـم قاعدين تحاسبون أخـوكم الكبير ؟ نهضت والدته و قالت بغضب : طبعاً يمه ، أخوكم الكبير ممنوع تحاسبوه حتى لو كان غلطـان ،، يا رب لا تبلانا يا الله ! إبراهيم وقف إلى جانبها : يمه ليش معطية الموضوع أكبر من حجمه ؟ رمقته بنظرة ، أدارت ظهرها و صعدت إلى الأعلى ، تبعتها سَحر ،، تقدّمت منه عَروب ، مسحت على كتفه من الخلف و قالت بهدوء : رشـا السبب ؟ التفت إليها ، نظر إليها باستفهام ، أردفت : احنـا ما قصّـرنا يا إبراهيم ، طلبناها لك ، و أبـوها ما وافـق ، و حتى اهيـة ما كان عندها الجرأة تقول أنا أبـي ولد خـالي ، تزوجّت غيرك و عاشت حياتها ، إلى متى بتظل موقف حياتَك عشانها ؟ جلس على الصوفا منهكاً : في مخيلتي و حياتي اللي بنيتها في عقلي ، كانت اهية الوحيدة اللي مشاركتني كل أحلامي ، شـلون أطلعها و أحط جيهان مكانها ؟ جلست أمامه : طيب ، دام إنك مو قادر تنساها للحين ، ليش تقدّمت لجيهان و خطبتها ؟ ليش ظَلمت البنيّة معاك ؟ هزّ رأسه بجهل : مادري ، يـوم قال لي عِصام عنها ، و إنها أخت زوجته ، قِلت يمكن أتعافى على يـدها ، قالت عَروب بلوم : بس اللي صار إنك زدت على جروحك يوم ظلمت هالبنت اللي مالـها ذنب بكل شي صـار .. أخذ نفساً عميقاً : و أنا هالحين صحيت على نفسي ، و إذا بكمّل بهالحال بظلمها أكثر ، أنا تركت لها الخيـار ، إذا تبي نأجـل الزواج ، أو ننفصـل ،، و أتمنى يكون قرارها الانفصـال ، راح تأخذ عن صدري هم كبير .. ابتسمت عَروب بسخرية : حتى لو طلبت الطلاق ، لا تتخيّل إنها بتكون راضية ، ما في بِنت ترضى تتطلق ، و خاصّة بهالشكل .. أوشكت على الذهاب ، ناداها إبراهيم : عـَروب .. التفتت إليه ، قال : جيهان ما تعرف شي عن سالفة رشـا ، و ما أبيـها تعرف ،، ابتسمت عَـروب : ولــو ؟ عِيب هالكلام ! اقترب منها إبراهيم : عَروب ، اللي مخوّفني إن علاقتك بـ سليمان تتأثر من وراي .. عَروب : لا تخاف ، سليمـان عاقِل ، ما راح يدخّلني بمشاكلك مع أخته . ،, أشرق صباح روما الأخير عليه ، لم يكن نائماً ، السـاعة الخامسة و النّصف فجراً ، بدأت العصافير تغرّد ألحانها ، و الشمس تغزل خيوطها ، أنهى صلاة الفجر ، تحمم و تجهّز للذهاب إلى المطار ،، في بيتهم الواسع ، نزلت حسناء إلى المطبخ بحركات بطيئة ظانّة أن الجميع نِيام ، غَلت كوب قهوتها بهدوء ، دون أن تشعر بذلك الذي تسلل إلى المطبخ خلسة ، قال بحب : صـبـاح الخيير انتفضت حسناء بخوف ، التفتت لتجد أبيها : يبه ! صباح النور ،، رعبتني .. ضحِك و اقترب : هههههههههههه ، " قبّل جبينها " ، شعندها حبيبة أبوها صاحية بدري ؟ حَسناء تحرك القهوة : ما في شي ،، بس صرلي نايمة 16 ساعة تقريباً .. عُمر : ممم ، طيب ، طيارة فهد الساعة 10 .. التوَت شفتيها : و المطلوب ؟ عمر : ما في شي حبيبتي ، بس ما تبي تودعيه ؟ حسناء باستهجان : أودعه ؟ ليش إن شاء الله من هو ؟ و من متى أعرفه أصلاً ،، درب السلامة الحمدلله إنه بيسافر و بفتك منه ! عمر بابتسامة : أمس كلّمني ، و طلب منّي أوصل لك اعتذاره .. ارتشفت شفة من القهوة ، رفعت غرّتها بأطراف أصابعها : على شنو ؟ عمر : أنا اللي بسألك ، وش مساوي معاكِ ؟ أجيب خبره لو مضايقك بشي .. حسناء : مو مساوي شي ، انسى الموضوع ، مزحة بايخة .. عُمر بجدية : يكون تحاول يتحرّش فيكِ ؟ ترى ولد فقر و بحياته ماهو شايف بنات ! ضحِكت حسناء : افـا يبه ، يتحرش فيني و أسكت له ؟ " بلهجة ساخرة " ما إنت عارف شعندك ،، بنت بمية رجال ..حتى صوتي صار مثل صوت الرجال ،، اقترب منها و هو يعلم ما تكتمه في داخلها : يبه ، لا تزعلي ، كذا الظروف حكمتنا .. رفعت رأسها : و لو ريم خلّفت بنت ؟ بتسوي فيها مثل ما سويت فيني ؟ ولا بتتركها تعيش أنوثتها لأني موجودة ؟ ابتسم عمر : بدينا غـيرة ؟ ما في أغلى منّك عندي ،، و بعدين ريم ما راح تجيب لا بنت ، ولا ولد .. عقدت حاجبيها : وش تقصد ؟ عُمر : أنا ما أبي هالطفل ، و راح تنزله .. شهقت حسناء : يبـه ! بتقتل ولدك ؟ خرج عمر من المطبخ ، و بلهجة حادة قال : إياكِ تشجعيها على الاستمرار بالحمل يا حسناء ، إياكِ .. ،, الخميس ، بعد العصر ، قرَع الجرس مرتين ، ثم أدخل المفتاح في الباب ، من الداخل ، فتحت ياسمين الباب ، ابتسم حين رآها ، قالت بابتسامة : الحمدلله على السلامة سيّد فهد .. دخل و هو يجر حقائبه إلى مدخل المنزل ، ابتسم : ربي يسلمك ، وين الوالدة ؟ ياسمين تعدّل حجابها : في غرفتها ، تفضل .. دخل بلهفة إلى غرفة والدته المستلقية فوق سريرها ، التي ابتسمت فرحاً حين رأته داخلاً عليها ، اقترب منها ، جلس أمامها و أخذ يقبّل يدها بحب و شوق ، و تقول هي : الله يرضى عليك يا ولدي الله يرضى عليك .. فهد : شلونك يمه شلون صحتك ؟ جواهر : نحمد الله و نشكره على الدوام ، انت شلونك وحشتني موت .. فهد : و إنتِ أكثر يمه .. شلون ياسمين معاكِ ؟ قصّرت في شي ؟ جواهر بعتب : لو كان يهمّك كنت اتصلت ، مو أسبوع كامل ما أدري عنك ولا تدري عني ! فهد بخجل : سامحيني يمه ، حاولت أوصل لك بس ما لقيت طريقة ، إنتِ ما معاكِ جوال ، و رقم ياسمين مو معاي ،، قلت أتصل لطارق و ييجي اهوة يتطمن عليكِ .. جواهر بنظرة ذات معنى : جاءت شهد ربي يرضى عليها ، و قعدت عندي شوي .. ابتسم فهد ، يسمع اسمها و يشعر أنها وطنه الي افتقده ، الراحة التي لم يشعر بها في أكثر المدن سحراً ، تساءلت جواهر : يمه ، ما بتقول لي وش كان سبب هالسفرة ؟ و من وين جب فلوس تغير البيت و تجيب سيارة ، و تسافر ؟ أخذ نفساً عميقاً ، ابتسم بارتباك : يمه هالحين مو وقت هالكلام ، قاعدة تاخذي دواكِ بانتظام ؟ جواهر : الله يرضى عليها ياسمين ما قصّرت ، تعطيني الدواء في موعده .. قبّل جبينها : الحمدلله ، يمه أنا بنسيكِ عيشة الفقر ، كافي طول حياتِك اللي عشتيها بهم و غم مرض و فقر ،، كافي .. جواهر : يمه أنا أعيش بخيمة طول حياتي ، بس أشوف فهد القديم ، عقد حاجبيه ، و ابتسم : فهد القديم ؟ جواهر : ايه ، فهـد القديم ، اللي كان على طول مبتسم و يضحك ، و متفائل و يحب الحياة ،، مو فهـد اليوم ، اللي الهموم ماكلة وجهه ، و الشيب بدا يطلع في راسه و لحيته ، و اهوة لسا ما صار ثلاثين سنة .. ضحِك فهد : ههههههههه ، يمه الشيب هذا وراثة ، أبوي الله يرحمه ما أذكره إلا و اهوة شايب ، من صغره .. جواهر بجدية : الشيب بكير ، يعني هموم يا ولدي .. حافظ فهد على ابتسامته : يمه كلنا عندنا هموم ، ما في أحد ما عنده هموم ، " لَقَد خلقْنا الإنسان في كَبَد " جواهر : ما بتقول لي وش مخبي عني ؟ فهد : ماني مخبي شي يمه ، سلطان و عمر حرب اللي كان أبوي يشتغل عندهم ، كان تارِك عندهم فلوس ، و موصيهم يعطونا هالفلوس بعد وفاته ، و هذا اللي صار .. نظرت إليه بطرف عينها : هالحين هذا الكلام علي ؟ أبوك من وين معاه فلوس عشان يتركها لنا ؟؟ نهض فهد من مكانه : يمه ، واللي يخليكِ لا تزودينها علي ،، لا تخافي ماني قاعد أسوي شي حرام ، لا تخافي ، أنا بروح أتروش و بعدين أبغى أزور طارق ، تآمرين على شي ؟ جواهر : لا تتأخر علي .. انحنى ، قبّل جبينها ، تحرّك حتى وصل إلى الباب : صحيح ،، جبتلك معاي شي راح تحبيه .. ،, يجلِس سلطان في مكتبه السري ، على الحاسوب ، محادثة سكايب مرئية ، بينه و بين عمر ، يقول عمر : مثل ما نبّهتك يا سلطان ، اليوم أبي هالموضوع منتهي ، هذا الولد ماهو سهل .. سُلطان : ولا يهمّك ، اترك الموضوع علي .. عمر : عرفت وينه الحين ؟ سُلطان ينفث دخان سيجارته : الرجال اللي يراقبه قال إنه راح لبيته ، و طلع بعد ساعة ،، غالباً راح يكون بطريقه عندي .. عُمر : طيب ، سكّر هالحين ، و بلغني كل شي أول بأول .. ،, ,، دخل إلى الغرفة ، الغضب يشع من عينيه ، رغم أنه كان متوقعاً لما سيحدث ، إلا أنه لم يكن يتوقع غضباً كذلك ، كوّر قبضة يده ، لكمه على أنفه ، أسال منه الدم ، نهض و هو يمسح دمه بكم قميصه ، ينظر إليه بنظرات حاقدة ، اقترب و شدّه من قميصه ، و قال بصراخ : قـاعـــد تــلعــب معــاي ؟ مَنت عارف وش ثـمـن اللعب معــاي !! ،, ,، أطفأ سُلطان الجهاز الصغير أمامه ، يراقب نظرات فهد و عينيه المتسعتين بدهشة ، بلع فهد ريقه ، ابتسم سلطان بخبث : للأسف إن ذكاءك ما نفعك هالمرة ،، تعرف المثل وش يقول ؟ يقول غلطة الشاطر بـألـف .. فهد بصوت خافت : وش المطلوب الحين مني ؟ سُلطان بنفس اللهجة المستفزة : للأسف إنك مالك خيار ، اللي بقوله ، بيتنفذ .. مفهوم ؟ ضرب الطاولة بكفّه ضربة قوية ، نهض من مكانه و قال : سُلطــااان ! ،, شحب وجهها و اصفر لونها و هي ترى دماً مائل لونه إلى السواد يغطي يديها ، ارتجف فكّها ، بدأت تبكي و تعتصر ألماً بصوتٍ غير مسموع ، بدأ العرق يتصبب من جبينها ، ثم سقطت مغمى عليها . ،, ,، انتهى إن شاء الله يكون البارت مُرضي لأذواقكم الجميلة و الرفيعة بطوله ، و أحداثه ،، كل جمعة إن شاء الله راح يكون لدينا بارت ، و ممكن يصير في الأيام الجاية تعديل على مواعيد الأجزاء ،، بالنسبة للساعة اللي رح ينزل فيها البارت مو محدد ، حال ما يجهز بينزل ،، لا تبخلوا علي بتعليقاتكم و آراءكم ،، أحبكم ... طِيفْ! دمتم بودّ .. |
الساعة الآن 06:52 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية