منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون (كاملة) (https://www.liilas.com/vb3/t205436.html)

زهرة منسية 08-12-17 01:50 PM

399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون (كاملة)
 


يسعد كل اوقاتكم جميعاً آل ليلاس الكرام

طبتم و طابت كل اوقاتكم بالخير اسرتى الكبيرة

اليوم موعدنا مع رواية من روائع الكاتبة الكبيرة ديانا هاملتون

خفقات من زمن ضائع


https://f.top4top.net/p_7074sx5h1.jpg

الأسم الأصلى للرواية :
A Spanish Vengeance


https://a.top4top.net/p_707jd6ln2.jpg

تاريخ النشر : 2003

الرواية خاصة و حصرية لـ منتديات ليلاس ولا احل نقلها إلى اى مكان آخر



زهرة منسية 08-12-17 01:54 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

الملخص


بدت ليز بينينغتون أكثر جمالاً مما يتذكر . فمازال وجهها الرائع مشرقاً ينضح بالجاذبية....
منذ خمس سنوات كان باستطاعة دييغو رافاكانى الحصول عليها و هو من تراجع....
الآن و بطريقة أو بأخرى سيحصل على ما يريده منذ زمن طويل و سيكتشف أسرارها الدفينة ثم يرميها و يعيدها إلى حيث تنتمى ....
بدت نبرة دييغو تحمل معانى أكثر من العادة حين قال بصوت ناعم كالحرير:
ــ لدى عرض لك آنسة بينينغتون .


نبذة عن الكاتبة

إنها فتاة رومانسية جداً و الدليل على ذلك أنها وقعت فى حب زوجها من النظرة الأولى .
إنهما يعيشان حتى الآن فى بيت أشبه بقصور الحكايات الخرافية و فى هذا المنزل تربى أولادهما الثلاثة.
تتقاسم العائلة منزلها الآن مع ثمانى قطط أنقذوها من الشارع و جرو صغير .
وعلى الرغم من هذه الحياة الصاخبة داخل المنزل لا تستطيع ديانا أن تذكر وقتاً لم تكن فيه ممسكة بكتاب إما تقرأه أو تكتبه , وهذا ما تنوى أن تفعله لوقت طويل بعد.



للتعرف اكثر على الكاتبة برجاء زيارة

http://www.liilas.com/vb3/t190014.html

فصول الرواية


1- الــــحـــب الــخـــائــــــن
2- وجه ملاك و طباع هره
3- الــــخــيـــار الــصـعــــب
4- مـــــاذا أقـــــــول لـــــه ؟
5- رحلة الأحلام ...و الآلام
6- ثـــــــلــــج و نـــيـــــــران
7- حـــــــــــب أم انـــتـــقـــام
8- .... وعـــادت الــنــــيـــران
9- زيـــارة غــيـــر مــتـوقـعـة
10- لـــيــســت حــبــيــبــهـــا
11- لــــــعــــــبـــة الـــــقـــــدر
12- و انـــتـــصــــر الـــحـــب !


رابط تحميل الرواية


زهرة منسية 08-12-17 01:59 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ا- الحب الخائن

إحساس عميق غامض سيطر على ليزا بنينغتون هو مزيج من توتر منهك فى أعصابها و أزيز قوى من الحماس جعلها تشعر بالغثيان .
بحثت أصابعها الطويلة فى حقيبتها لتجد منديلاً ورقياً تمسح به العرق عن وجهها . كان العرق يتصبب منها و كأنها عامل فى منجم للمعادن.
حاولت أن تقنع نفسها أن سبب ذلك يعود إلى حرارة شمس المغيب فى إسبانيا, و قالت لنفسها إن عليها التخلص من ذلك كله لأنها ستغدو كتلة مجردة من الحيوية و النشاط إن لم تستجمع قدرتها و تقوى ذاتها . وهذا يجب ألا يحدث مطلقاً زهرة منسية
عليها أن تبدو هادئة , رائعة و جميلة . و إن لم يكن لأى شئ فمن أجل أن تبطل ردة فعل بن. و أخرجت من حقيبة مستحضرات التجميل كريم الأساس الذى يخفف من سمرة بشرتها التى اكتسبتها خلال الأسابيع الثمانية الماضية , ظل للعينين فضى اللون ليُظهر بقوة حجم و شكل عينيها الزرقاوين الداكنتين أما أحمر الشفاه القرمزى فيعطيها لمسة من الشجاعة.
طوال فترة عطلتها كانت تتجول فى مرتدية بنطلوناً قصيراً و قمصاناً قطنية خفيفة . لكنها هذه الليلة ارتدت فستاناً أنيقاً من الحرير يتماوج لونه بين الفضى و الأخضر , آملة أن تبدو رفيعة الثقافة و ذات خبرة فى الحياة. فهى لا تستطيع الظهور فى أحدث و أجمل فندق فى ماربيلا و هى ترتدى تلك الخرق القديمة التى تملكها.
غداً ستعود هى و بن و صوفى إلى إنكلترا , بعد أن تنكشف لهم جميعاً نوايا دييغو. ارتجفت و قد واجهتها موجة جديدة عنيفة من توتر الأعصاب.
دييغو, أهـ, كم تحبه! لا يمكنها ان تصف فعلاً مقدار شعورها. ففى الأسابيع السبعة الأخيرة اصبح عالمها كله, و مركز كل فكرة تطرأ على بالها, و كل نفس تستنشقه. هو ايضا يحبها... و هى تعلم انه يحبها. معرفتها تلك اشبه بالعيش في عالم سحرى رائع.


منتديات ليلاس


زهرة منسية 08-12-17 02:00 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
الليلة سيعلن ما يريد منها. و إلا لماذا اقترح عليها ان يلقاها مع رفيقي رحلتها بن و صوفى في منتديات ليلاس المقهى, في هذا الفندق الفاخر؟
أنه يعلم كم هما مقربان منها, فهما الأبن و الأبنة التوأمان لشريك والدها في العمل. لقد كانت دائما صديقة لهما, لا سيما بعد وفاة والدتها منذ اربع سنوات مضت, حيث اعتنيا بها و ضماها تحت اجنحتهما بعنايو و محبة.
عقدت ليزا اصابعها, و اخذت تصلى متمنية ان يجرى اللقاء بهدو و ود, و الا يصدر عن بن اى تصرف يسئ إلى كبرياء دييغو الإسبانية التى تدفعه إلى عدم المغفرة و التسامح ابداً. لن تستطيع تحمل فكرة ان يكون الاشخاص الثلاثة الذين هم اكثر من تحب في هذا العالم على وشك القتال مع بعضهم.
رفعت كتفيها و شعرت بمبلامسة شعرها الأشقر الطويل الناعم كالحرير لبشرة ظهرها. خاطرت بإلقاء نظرة خاطفة على ما يحيط بها, كان بن يتجول في مكان قريب, و هو على ما يبدو, يراقب السيارات الفاخرة التى تمر امام البحر رائع الجمال.
لم يكن ينظر إليها, لكنها تعلم أن ملامحه الوسيمة ستنكمش بإزدراء إن استدار و نظر إليها.
أنه في العشرين من عمره و يكبرها بعامين فقط. مع ذلك كان يتصرف احيانا و كأنه جدها! تنهدت ليزا و هى تتذكر تعليقاته اللاذعة عندما اعترفت له و لصوفى أنها قابلت شخصاً مميزاً, و ذلك لتبرر عدم قضائها معظم الوقت معهما.
توهج خداها, و شعرت بالتعجب لأنها وجدت حب حياتها في اسبانيا, في حين أنها لم تكن ترغب ابداً بالقدوم إلى هنا, بل كانت ترغب بقضاء فرصتها السنوية بالتسوق في اوروبا. يومها اخبرتهما ان اسمه دييغو رافاكانى, و اضافت من دون داع لذلك أنه اسبانى الأصل. لكنها لم تذكر أنه الشخص الأكثر وسامة على سطح الكوكب, بسبب دقات قلبها التى تتسارع بجنون كلما فكرت فيه.
رماها بن بنظرة من تحت حاجبيه, ما اعلمها أنها ستتعرض للتو إلى محاضرة.
- كم يبلغ هذا الشاب من العمر؟ بما انكما تمضيان كل الأيام معاً, افترض أنه عاطل عن العمل ايضاً!
رفعت ليزا ذقنها بكبرياء, و قالت تدافع عنه :
- افتراضك خاطئ. دييغو يعمل معظم الامسيات في احد مطاعم ماربيلا, و لهذا هو حر في قضاء ايامه معى. و إذا كنت حقاً مهتم للأمر, فهو في الثانية و العشرين من عمره.
أكبر منها باربع سنوات فقط, و هو وسيم بشكل لا يوصف, رشيق, رياضى الجسم, و يجعل قلبها يذوب من الشوق لمجرد النظر إليه.
قال بن بفظاظة:
- إذن لقد وقعت بين براثن نادل اسبانى, ما هذه الصيغة المبتذلة التى تتكرر على الدوام؟!
ضحكت ليزا بصوت عالى, و لن يسامحها بن على ذلك, فهى تعلم أن بن يضع دائماً النقاط على الحروف. استعادت بمخيلتها ذلك اليوم منذ ثلاثة اسابيع مضت. لقد امضت الاسبوع الأول هنا منشغلة بما يفعله صديقاها. كانوا ينزلون تلال المزرعة المخصصة للعطل, و التى استأجروها لأنها المكان المناسب للقيام بكل النشاطات. و قد فعلت كل ما يسعد بن و صوفى, لعب الغولف, التبضع و التسوق, شرب القهوة في المقاهى الموجودة على الارصفة, و اكتشاف كل الأماكن الفخمة و احدث ما يتعلق بطبقات المجتمع العليا قرب منطقة بورتو بانوس. في ذلك اليوم المحدد نقضت اتفاق معهما, و قد شعرت بالملل.
فضلت أن تمضى بعض الوقت و هى تكتشف التلال القريبة و المناطق الريفية المحيطة بها على قدميها. ارتدت بنطلوناً قصيراً و قميصاً صفراء اللون قصيرة الأكمام تناسبه, و حذاء رياضى مريحاً.
سمعت ازيز دراجة نارية, فيسبانو, كما يدعوها دييغو, لكن حركتها اتت متأخرة جداً. التقيا عند منعطف في مكان شديد الانحدار في طريق ضيقة. تراجعت ليزا و سقطت إلى الوراء على مرجة اعشاب برية, اما الشاب الاسبانى الوسيم فسارع إلى إيقاف دراجته على ارض مليئة بالحصى, فانزلق إلى جانب الطريق مترنحاً.
قفز الشاب عبر الفسحة الضيقة, و ساعدها بلطف لتقف على قدميها.
نعم! لقد التقطها بالمعنى الحرفى للكلمة! رفعت نظرها إلى تنيك العينين الغامضتين المليئتين بالاهتما, و رأت ملامحه الارستقراطية. الكبرياء و الجسارة بدتا واضحتين في ذلك الجسم الاسمر الطويل و الذى ينم عن تكامل وسامة و جاذبية لا تقاوم.
كان يرتدى بنطلوناً من الدنيم ذا جيوب كبيرة, يلتصق بوركيه الضيقين, و قميصاً اسود قديم تحول لونه إلى رمادى. شعرت كأنها مشلولة بالكامل, و كأن قلبها يقفز إلى حلقها ثم يتخذ سبيلاً لولبياً ليهبط بطريقة مدمرة نحو معدتها.
التقت عيونهما بينما راح الشاب يؤكد لنفسه أنها لم تصب بأى آذى.
بدأ يصوغ اسئلته بنعومة و بلكنة إنكليزية خفية, و قد لمعت اهدابه السوداء المغطأة برموش كثيفة, كأنها ترسل رسائل متهورة صامتة إلى عينيها الزرقاوين الواسعتين. يداه القويتان و الثابتتان اللتان احاطتا بكتفيها النحيلتين ارسلتا إحساسً بطيئاً و ألما عنيفاً ناعما لا يحتمل في داخلها.
هكذا بدأت الأمور بينهما.... و هى لن تسخر مطلقاً بعد اليوم من فكرة الوقوع في الحب من النظرة الأولى.
اطلق بن تنهيدة قلقة, بينما راح يراقبها و هى تُعد قهوة الصباح فيما صوفى تضع بعض الإجاصات الطازجة على صحن وسط طاولة الفطور. قال بصوت منخفض :
- كل فتاة يمكنها قضاء عطلة رومانسية مرة في حياتها, طالما بقيت الأمور ضمن نطاق السيطرة.
تابع سيره و قد ازداد وجهه تجهماً :
- لم تخرج الأمور عن نطاق السيطرة, أليس كذلك؟
و كأنها ستخبره! و لكن لا, لم تخرج الأمور عن السيطرة. فلمسات دييغو و عناقه يُشعرها كأنها و سط ألسنة من النار, لكنه يبتعد عنها دائماً في اللحظة المناسبة. و قد شرح لها بصوته الناعم الجذاب قائلاً :
- أنت يافعة جداً, عزيزتى. يوماً ما ستصبحين عروسى. و حتى ذلك الوقت, يا ملاكى, براءتك هى اغلى ما لدى.
قالت بصوت مرتجف ملئ بالعاطفة, و قد شعرت بغصة في حلقها:
- هل هذا طلب زواج؟
هذا كل ما ارادته يوماً... و كأنها تعيش قصة من نسج الخيال.
- بالطبع يا عزيزتى. فأنت ملاكى, و أنا احبك من كل قلبى و بكل صدق.
لمس بأصبعه حدود شفتيها الجميلتين بنعومة, ما جعلها ترتجف. بالكاد استطاعت ان تتكلم و قد غمرتها موجة سعادة عارمة, لكنها قالت و هى مقطوعة الأنفاس :
- متى؟
اجاب برقة:
- عندما يحين الوقت المناسب, حبيبتى, عندما تتخرجين من الجامعة.
قالت بسرعة:
- هذا يتطلب سنوات طويلة!
ابتعدت عنه و هى تشعر بصدمة. لقد قدم لها الجنة, و الآن ها هى تراها تنزلق بعيداً عنها كأنها مياه تتسرب من ثقب كبير.
أمسك بيديها و قال:
- ليس هناك من نهاية لحبنا, الوقت لن يغير ذلك.
ابتسم لعينيها بدف و حنان, و تابع:
- انا ايضاً لدى اشياء علىّ القيام بها. سيمر الوقت بسرعة, اعدك بذلك. ستحظين بكثير من العطل, و سأخبرك اين اكون فتأتين إلىّ.
اتسعت ابتسامته لتصبح ابتسامة ساخرة و قال:
- لديك أب غنى جداً و سيدفع لك تكاليف سفرك.
سحبت يديها من يديه, و قطبت جبينها رافضة الكلام لما تبقى من ذلك النهار, لو أنه يحبها كما تحبه ما كان لينتظر....
بقاؤها مستيقظة في تلك الليلة جعلها تضع افضل خطة ممكنة. ستعود إلى بريطانيا في نهاية عطلتهم كما كان مقرراً, و ستسوى الأمر مع والدها. لطالما كان والدها بعيداً عنها, و لا يهتم بمكان وجودها طالما لا تسبب له أى ازعاج. ستمضى ما تبقى من عطلتها السنوية هنا مع دييغو. في نهايةة السنة سيصبحان مقربان جداً, و يعشقان بعضهما بقوة لدرجة أنه لن يستطيع بعدها تحمل فراقها, و لن يسمح لها بالرحيل.
- هل فكرت بالأمر جيداً؟
سؤال بن اعادها إلى ارض الواقع, إلى مطبخ المزرعة. كان ذلك منذ اربع اسابيع مضت. اخذ من يدها فنجان القهوة الذى سكبته له و تابع:
- افترض أنك اخبرتيه من تكونين؟
- بالطبع هو يعلم من أكون.
لم يكن لسؤال بن أى اهمية إلى ان فسر ما يقصده.
- أى ان والدك شريك في مجلة شهرية لامعة. و أننا ننشر "لايف ستايل", و هى من اهم المجلات و اكثرها شهرة في الأسواق, بأن عائلتينا لديهما الكثير و الكثير من الأموال؟
علقت ليزا بلطف:
ها هو المحاسب يتحدث الآن!
كان بن قد انهى لتو دراسة فصل في الاعمال الحسابية, و عند عودتهم مباشرة إلى انكلترا في نهاية عطلتهم سينضم إلى قسم المحاسبة في "لايف ستايل".
رد بن عليها بهدوء و لطف:
- لا! الآن يتحدث صديق قديم, يهتم كثيرا بشأن سعادتك. ماربيلا هى مركز هام جداً للأثرياء. و هى تجذب الرجال المتملقين و صائدى الفرص كما تجذب الفراشات النار. هؤلاء الرجال يتقربون من النساء الثريات لكى يحصلوا على أى شئ منك بالتملق أو بطريقة ما؟
- بالطبع لا!
لكن ليزا ادركت أن خديها يشتعلان من الشعور بالذنب. قالت لنفسها محاولة تبرير تصرفاته إنه لم يحصل على تلك الساعة غالية الثمن منها بالتملق, فذلك أمر بعيد عنه. لقد اضاع ساعته, و اخبرها ان طوقها قد انقطع دون أن يلاحظ. و لم يفتقدها إلا حين نظر إلى رسغه ليتأكد أن الوقت قد حان لمغادرة المكان المنعزل على الشاطئ الذى اخذها إليه.
في ذلك المساء بينما كانت صوفى مع بن ينظران بإعجاب إلى اليخوت التى تساوى ملايين الدولارات في حوض رسو السفن, غادرت خلسة لتشترى له بديلاً عنه. كانت تعلم أنه لا يملك ما يكفى من المال لشراء واحدة, فاجر النادل زهيد جداً, و هو لن يكتب لأهله ليقول لهم أنه بحاجة إلى ساعة....
بحكمة بدلت الموضوع قائلة:
- دييغو لا يحب ماربيلا, فنحن لم نذهب إلى هناك ابداً. و هو يقول إنها كليئة بالبهرجة, و هى لا تشبه اسبانيا الحقيقية بشئ. نحن نذهب إلى القرى المنتشرة على التلال الجميلة, أم نسير بعيداً عن الطرق المكتظة قرب الشاطئ.
أنها تحب بن كـ أخ لها, لكنها شعرت في تلك اللحظة بالكره نحوه لأنه يلمح إلى ان حبيبها دييغو يهتم بها فقط من اجل ما يستطيع الحصول عليه منها. و لا رغبة لديها ابداً في ان تحدثه عن الساعة المطلية بالذهب التى اهدتها إليه.
حاولت صوفى ان تزيل التوتر بين صديقتها و أخيها, فما أن عادت إلى الطاولة و مدت يدها إلى رغيف الخبز الجاف و وعا العسل حتى قالت :
- إذا, متى سنقابله؟
لم تجب ليزا, إذ لك يكن لديها اى جواب عن سؤال صديقتها. لقد اقترحت مرة على دييغو يجتمعوا هم الأربعة, لتعرفه على اعز و افضل صديقين لها, لكنه اكد لها انه رجل انانى و هو يريدها لنفسه فقط.
و الآن ها هم اخيراً في طريقهم لمقابلته, و ذلك بناء على اقتراح منه.
جاء تعليق بن قاسياً و جافاً جداً:
- لقد اختار اكثر الملاهى فخامة في المنطقة. اتساءل من الذى سيدفع ثمن الشراب و الطعام الذى سنتناوله.
اقتربوا من المكان الذى سيتم فيه اللقا, و هو فندق مطلى باللون الأبيض, يطل على الشاطئ المتعرج المليئ بأشجار النخيل الباسقة.
امتلأ قلب ليزا بعاطفة قويةز شعرت ان الأمور ستسير على خير ما يرام و فكرت أن هذا بالضبط ما يجب أن يحدث. عندما يدرك بن مدى روعة دييغو و تميزه سيتراجع عن كل كلمة مهينة او حتى تلميح قاله عنه.
بطريقة ما استطاعت ليزا ان تتفهم تحفظاته, فمنذ أن كانوا اطفالاً و هو دائم الاهتمام بها, و مازال يفعل ذلك. قد يكون لنحافة و رقة جسمها علاقة بذلك, فهى متوسطة القامة, رقيقة العظم, نحيلة برقة و أناقة, و لديها عينان واسعتان. لو أن بنية جسمها تشبه بنية صوفى, طويلة و ممتلئة الجسم لكانت لديه ثقة اكبر بقدرتها على الاهتمام بنفسها.
هذا لا يعنى ان رأيه سيشكل اى فرق بالنسبة لما تشعر به تجاه الرجل الذى صممت على الزواج به. لكنها لا تريد ان تتشاجر مع بن, فهم عزيز جداً عليها.
صرخت صوفى :
- بن, ليزا.... تعالا و انظرا إلى الداخل.
اقتربت صوفى من متجر للثياب النسائية و هو نوع المحلات المفضل لديها, و نظرت إلى الداخل و قد الصقت انفها بالزجاج
- هل سأبدو جميلة بهذا الثوب؟
ارادت ان تأخذ رأى أخيها في الموضوع, فاستدار بن ليعود و يقترب من اخته و هو يبتسم. بينما وقفت ليزا في مكانها, منشغلة بما فيه الكفاية كى لا تتأوهـ أو تتأسف على اى شئ تتمناه صوفى و تشتهيه.
نظرت إلى ساعتها المصنوعة من البلاتين, و هى هدية والدها لها في عيد ميلادها الثامن عشر. لطالما اعتقد والدها ان الاشياء المادية تعوضها عن ايه علاقة عاطفية ابوية. لاحظت انه مازال امامهم ثلاثين دقيقة قبل أن يجتمعوا بـ دييغو. شعرت ليزا بأنها اطول ثلاثين دقيقة في حياتها.
بدأت البلدة تكتظ بالساهرين, و تزايد عدد الذين يتجولون على الأرصفة راغبيين في التفرج على كل شئ. كما تزايد عدد السيارات المتجولة. إلا ان سيارة واحدة بالذات اثارت انتباهها, سيارة رياضية مكشوفة قرموزية اللون تقودها امرأة فاتنة, تبدو كأنها خرجت للتو من غلاف مجلة تعرض افخر الازياء و اثمنها. لكن الشخص الذى كان برفقتها هو ما جعل عيناها تتسعان و تحدقان..... أهو دييغو؟ مستحيل!
إنه فعلاً دييغو, بشعره الداكن الأسود الكثيف المصطف بطريقة جيدة, مرتدياً بدلة من الشينو و قميصاً مفتوح عند العنق ذات لون فاتح مناسب للبدلة, يبرز لون بشرته السمراء, بدلاً من تلك السراويل القصيرة و القمصان القطنية التى اعتادت على رؤيه يرتديها.
هدرت السيارة و توقفت في مكان لا يسمح فيه بوقوف السيارات امام متجر للمجوهرات.
ابعد دييغو ذراعه عن ظهر المقعد و خرج من السيارة.
من الواضح أنه اهتم كثيراً بمظهره من اجل لقائهم في الفندق, فهو يبدو وسيماً جداً. يا لـ دييغو الغالى! لقد وصل قبل الموعد بنصف ساعةمثلهم. لابد ان المرأة الثرية قد رضيت بنقله و هى في طريقها إلى هنا. من المحتمل أنه تقيم في الفندق الذى يعمل فيه, و قد تعرفت عليه كنادل يخدم الطاولة التى تجلس عليها عادة, لذلك اقلته معها.
لمع هذا التفسير في فكرها, ما جعلها تشعر بالارتياح.


منتديات ليلاس

زهرة منسية 08-12-17 02:01 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

كادت أن تصر خ باسمه و تلوح له كى تجذب انتباهه, لكنها لم تفعل. رأته يسير حول السيارة إلى الجانب الآخر, ثم يفتح الباب من جهة السائق و يساعد المرأة الفاتنة لتخرج و هو يمسك بيدها.
بدت المرأة فاتنة حقاً! كانت تنتعل حذاء عالى الكعبيين, و هكذا لم تكن اقصر منه إلا بثلاث إنشات. لاحظت ليزا ان حاشية ثوبها الأسود الحريرى تصل إلى ما فوق ركبتيها, و القماش الغالى الثمن يلتصق بجسمها مما يجعل من الصعب على الناظر ألا يحدق بها. اما ذراعاها العاريتان فكانتا تلمعان على ما يبدو, بأساور تويد عن نصف طن من الذهب.
انزلقت اليدان المليئتان بالمجوهرات من بين اصابعه و ارتفعتا لتمسكا بوجهه بينما كان منحنياً نحوها. قالت المرأة شيئاً ما, فالتوت شفتاه بابتسامة ساخرة تعرفها ليزا جيداً. توقف قلبها عن الخفقان ما أن انحنت المرأة عليه, و طبعت القبل على خده الناعم ثم على الخد الآخر قبل أن تبعد رأسها الجميل اللامع إلى الوراء. ضحكت له المرأة ثم قادته بيده إلى المدخل الأنيق لمتجر المجوهرات.
ما ان عاد قلبها المحطم يخفق من جديد حتى شعرت ليزا كأنها تحترق من شدة الحرارة, ثم شعرت ببرد تحول إلى إحساس بالجليد. ضاقت انفاسها و شعرت بدوار قوى. لابد من وجود تفسير واضح و ملائم لما شاهدته للتو. لم تستطيع التفكير في اى شئ آخر. حاول عقلها المشتت و الرهق من الدوار ان يجد تفسير ما. و عوضاً عن ذلك ذكرها عقلها ان الزبائن الاثرياء لا يتجولون مع الخدم و لا يقبلونهم إلا إذا كان هناك الككثير من الود و العلاقة الحميمة بينهم. ثم تذكرت خيبة املها و عدم تصديقها, عندما اخبرها البارحة انه لن يتمكن من لقائها في صباح اليوم التالى.
قال لها :
- لدى اعمال اقوم بها, لكننا سنلتقى عند المساء.
لو كانت اصغر بعدة سنين من عمرها الحالى لاثارت شجاراً بينهما.
لكنها حين سمعته تصرفت و كأنها بالغة جداً و بإمكانها تحمل الحرمان من رفقته في اليوم الأخير لها في اسبانيا.
ارادت ان تفاجئه بعودتها بعد ان تقنع والدها بقضاء عطلتها في ماربيلا. لذلك تصرفت بهدوء و بالكاد هزت رأسها و هى تقول :
- إذا, سأراك لاحقاً.
و كأن عدم رؤيته خلال النهار لن تسبب لها اى ازعاج!
هل كان يقصد بالاعمال إيجاد فتاة بديلة لها؟ إن كان ذلك ما قصده, فلابد انه اصاب الجائزة الكبرى و حقق نجاحا باهراً.
ارتجفت, و ابتلعت بغصة الإحساس بالألم الذى تشعر به. كرهت نفسها لمجرد التفكير بأن امراً كهذا محتمل الحدوث. فركت جبهتها بيدها الرطبة. إنه ذنب بن, فهو من وضع في رأسها الشاب الاسبانى الوسيم المحتال الذى يبحث عن النساء الثريات الوحيدات لقضاء ايام العطلة معهن, و الحصول على ما يستطيع الحصول عليه منهن.
- هل تحاولين ان تقفى كـ التمثال ؟
مررت صوفى ذراعيها تحت ذراع ليزا و تابعت :
- كان عليك ان ترى تلك البذلة, فهى رائعة! لكن بن قال إن اللون الأسود لا يناسبنى, و انه على ان اعيش و انام و انا ارتديها لمدة خمسين سنة كى تستحق المال الذى سادفعه ثمناً لها.
قالت ليزا بغضب ساخطاً :
- المحاسب النموذجى الممل!
مازالت غاضبة منه لأنه جعلها تشك, و لو للحظة فقط, بحبيبها الرائع دييغو.
عنفتها صوفى بلطف قائلة :
- انت بالتأكيد لا تقصدين ما قلته؟
سارتا ببطء, و ذراع صوفى ملتفة حول ذراع صديقتها, و اقتربتا من الردهة الواسعة للدرج الذى يوصل إلى بهو الفندق.
- انت تعلمين أنه لا يستطيع إلا ان يكون عملياً, تماما كما لا تستطتيعين انت إلا ان تكونى حالمة. و الآن, هيا ابتهجى. فما هذا الوجه العابس! لا استطيع الانتظار لأرى حبيبك دييغو. يبدو أنه جاد بعلاقته معك طالما انه اراد رؤيتى و رؤية بن في آخر ليلة لك في اسبانيا.
ضغطت على ذراع ليزا بعطف و حماس و تابعت:
- طلبت من بن ألا يقول اى كلمة تثير غضبك, لكنك تعلمين كم يبالغ في حمايتك.
قلت له:
- طالما ان والدك ليس هنا فإن دييغو قد يطلب منه الإذن ليتمكن من زيارتك في إنكلترا.
او ليتمكن من الحصول على وجبة مجانية من الطراز الأول مع انواع فاخرة و عديدة من المشروبات كحفلة مرح اخيرة. كرهت ليزا هذه الفكرة المزعجة التى قفزت إلى رأسها تماماً كما كرهت عدم قدرتها على التخلص منها. شعرت بالنفور و الاشمئزاز من بن لأنه عمل على وضعها في رأسها منذ البداية, فطردتها من رأسها بقوة.
فكرت أن دييغو لا يحب الطعام الفاخر و لا المشروبات الغالية الثمن.كان دائما يأتى مزوداً بغداء للنزهة في الايام التى امضياها معاً. و كان الطعام مقتصراً على الخبز الجاف و الزيتون و الفاكهة و الماء. طعام بسيط, رخيص و صحى....
علق بن ما ان اصبح قربهما على الدرج :
- وصلنا قبل الوقت بقليل.
ثم نظر إلى الأبواب المتحركة الفخمة ذات الزجاج الضبابى.
رفعت صوفى كتفيها و قالت:
- و إن يكن؟ سنجلس في الردهة الداخلية لنشعر بالبرودة و الراحة, فنتسلى بمراقبة الناس؟
سارت عبر الابواب, تبعتها ليزا متمنية ان تمر تلك الدقائق البطيئة, لتتخلص من ذلك اليأس الميت. لن تشعر بالارتياح قبل ان تقابل دييغو و تسأله ماذا كان يفعل مع تلك المرأة الجميلة الجذابة, و لماذا سمح لها أن تقبله. و لماذا اختفيا في محل المجوهرات معاً.
كانت تشعر بيأس كبير لتسمع تفسيراً كاملاً و مقبولاً لذلك كله.
بدا كأنه الوقت يمر ببطء في تلك القاعة المكيفة, ذات المقاعد المزينة و الثريات التى تدل على الغنى الفاحش.
جلست ليزا و قد ادارت ظهرها إلى القسم الرئيسي في القاعة, بينما جلست صوفى في مواجهته لتتمكن من مراقبة القادمين و الخارجين من الزبائن الاثرياء.
قالت صوفى و هى تضحك:
- و الآن, ما رأيكما بهذان العاشقان! انظرا... هناك, بجانب مكتب الاستقبال. استديرى و انظرى للحظة. لابد ان هذا يوم سعده.
اجبرت ليزا نفسها على الالتفات, فهى مستعدة للقيام بأى شئ لكى يمر الوقت بسرعة, و لتمنع صديقاها من التساؤل عما حدث لها, و لماذا تلبس هذا الوجه الذى وصفاه و هما يسخران منها بالوجه المأساوى.
إنه دييغو و تلك المرأة!
ارتجفت ليزا غير مصدقة ما ترأه. شعرت بأصابع باردة مؤلمة تلتف بقوة حول قلبها. ما رأته امامها مسح كل لحظة جميلة عاشتها في الاسابيع الماضية. امتلأت عيناها بالدموع, فرمشت لتخلص منها. كان دييغو يضع يده على خصر المرأة بينما يحمل بيده الأخرى علبة صغيرة للمجوهرات, ثم رأته يضع العلبة في جيبه. هل هو خاتم من الذهب ليناسب الساعة التى اشترتها له؟ هل اشترت له هذه المرأة الجميلة ذات الشعر الأسود تلك الثياب الانيقة التى يرتديها؟
رفعت صاحبة السيارة الرياضية القرمزية اللون جسمها لتهمس بأذنه كلاما ما, كلاما جعله يبتسم الابتسامة العريضة الجارحة التى تُظهر سعادته. فهى تعرف ابتسامته جيداً.
ارتفعت ذراعها النحيلة المليئة ابلاساور الذهبية و تدلى من اصابعها المليئة بالخواتم مفتاح لغرفة في الفندق, ذلك قبل ان تستدير و تبتعد متمايلة نحو المصاعد. كانت تسير بثقة كاملة تظهر بوضوح في كل حركة من حركات جسمها الرشيق و ساقيها الطويلتين.
استمر دييغو في مراقبتها و هو يبتسم, بعد ذلك استدار و سار على مهل باتجاه مكتب الاستقبال.
همست صوفى :
- انهما يعيشان قصة حب, أليس كذلك؟
استجمعت ليزا كل ما لديها من قوة لتتمكن من عدم إظهار التأثر على وجهها و هى تستدير لتواجهها.
استمر بن في النظر إلى ساعته بفقدان صبر, فقالت ليزا, و هى تحاول ألا تظهر انهيار عالمها امامها و تبعثره إلى اجزاء بشعة و مشتة:
- لنذهب و نشرب شيئاً ما. سئمت من الجلوس هنا.
وقفت على قدميها لتمنع اى اعتراض من صوفى التى بدت مستمتعة بمراقبتها الناس. تبعها بن لكنه اصر على الذهاب إلى المطعم, مع ان ليزا كانت مقتنعة ان دييغو لن يحضر . لماذا سيأتى؟ فمن الواضح ان لديه فرصة افضل يعمل عليها!
خيانته كانت صعبة جداً و ضخمة, لدرجة انها لم تستطيع تحمل التفكير بها. و هى لا تستطيع ايضاً ان تبعد صديقيها عن المكان دون الاعتراف بأن بن كان محقاً بشأن دييغو.
دخلوا إلى الملهى حيث بدت الموسيقى صاخبة و النايرقصون على وقع الطبول.
قالت صوفى :
- هيا ! لنمرح قليلاً, فهذه آخر ليلة لنا هنا.
مرت عشر دقائق على الموعد المحدد, و دييغو لم يحضر بعد. اخذت ليزا تحث نفسها لتخبرهما الحقيقة, و تعترف بأن بن كان مجقاً بشأن النادل الاسبانى. راقبها بن و هى تضع كوبها جانباً على الطاولة الصغيرة فابتسم لها و قال:
- اتريدين ان ترقصى, ليزا؟
كانت ترغب في الرقص تماماً كما ترغب في الجلوس في برميل من القطران الحار, لكن اى شئ هو افضل من الجلوس هنا قلقة, راغبة في البكاء. ارادت ان تضع يدها على دييغو و تخنقه, بعد ان تسأله كيف تمكن من التصرف بقسوة هكذا.
امسكت بيد بن و نهضت على قدميها. شعرت بالدوار بدلاً من الرقص امامه كما يفعل كل الراقصين, تمسكت بكتفيه و شعرت باالامتنان عندما وضع يديه على خصرها. رفع صوته لتمكن من سماعه, رغم صوت الموسيقى المرتفع و هو يقول:
- ما الأمر, ليزى, هل تشعرين بالدوار؟
كادت ان تضحك, أو ان تبكى..... شعرت بغصة في حلقها. فكرت ان تدفن رأسها في كتفه العريضة و تعترف له بكل ما عندها.... عندها رأت دييغو يصل... قال شيئاً ما لصديقته الجديدة الفاتنة و رمته بغمزة متآمرة, قبل ان تتوجه إلى الناحية الاخرى من الملهى.
كيف يجرؤ على القيام بذلك؟ كيف يمكنه ان يفعل ذلك؟
علمت ليزا انها ستصاب بالغثيان. لكن عليها ان تحافظ على تماسكها! ضغطت باصابعها على كتفى بن. لم تحتمل شعور الألم الذى راح يُعتمل في داخلها. عليها ان تفكر في اى شئ آخر.
الانتقام.....
ستدعه يرى انها ليست مجرد فتاة صغيرة سخيفة تفوح منها رائحة المدرسة. و أنها ليست مجرد مرتهقة من النوع الذى يبكى لشهر كامل لأنها خُدعت من قبل شاب متملق.
وقف دييغو على بعد ثلاث خطوات منها, و عيناه الجميلتان تراقبانها بحدة. ما الذى يقصده بذلك؟ ماذا يفعل الشباب امثاله؟ هل سيربت على كتفها, و يتمنى لها سفرة سعيدة في صباح الغد, ثم ينضم إلى ضحيته الجديدة؟ او انه ببساطة سيتجاهلها؟
حسناً, لن تدعه يتجاهلها. بدون ان تعطى نفسها اى وقت لتفكيررفعت يدها و شدت رأس بن نحوها و عانقته بقوة. كان حزنها و بؤسها كبيرين جداً لدرجة منعاها من التفكير بذلك الحل المتسرّع. بينما حاول بن ان يفهم ما يجرى اصطبغ وجهه بلون احمر قاتم. نظرت ليزا إلى عينى دييغو المتفاجئ الغاضب و صرخت به :
- ابتعد عنى, فانت تفسد علىّ حياتى!
راقبته و هو يستدير و د ظهرت القسوة على وجهه, و التوتر على كتفيه, بينما سار باتجاه امرأته الجديدة. عضت ليزا قبضة يدها بقوة.... ارادت ان تركض وراءه لتعتذر عن كل ما حدث, و تتوسل إليه ان يعود.
كل شئ بينهما كان رائع كما كان في السابق.
لكنها تعلم انها لا تستطيع القيام بذلك. فقصة حبها الخيالية الرومانسية قد انتهت.... ايامها الحلوة حيث هناك قلبان يدقان كأنهما قلب واحد, قد انتهت و تحولت إلى كابوس مخيف.
استدارت لتقول لـ بن, و وجهها شاحب شحوب وجوه الموتى:
- خذنى إلى البيت, فهو لن يأتى. يمكننى ان افسر لك ما حدث, لكن ليس الآن. خذنى إلى البيت.

نهاية الفصل الأول

قراءة ممتعة


bluemay 08-12-17 04:41 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يا مية هلا بزهورتي

جيتي وجبتي معك الغنايم ...


مو متخيلة شو ممكن يكون سوء الظن اللي بينهم

يعني اللزقة المتعلقة برقبته رح تكون اخته مثلا ؟!!!!

يستاهل ينهجر ولا يعطيه عافية فوق تعبه <<<< فيسي المتعسف لووول

عاد رغم انه اسباني فقد دخلته للقائمة السوداء وبستصدر فيه مذكرة شنق وتعذيب قبل ما يتجرأ ويساوي اي شي

وينك يا بت يا آيسو عليك به يا بت اودعيه غياهب سجون قسم شرطة ليلاس ليعتت فيها.


يسلمو ايديك يا زهورة ومتشوقين لمتابعة القادم


تقبلي مروري وخالص ودي

الوفى طبعي 08-12-17 05:08 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ما بعرف ليه اعتقد انها هي اللي غلطت بحقه وشكوك بين هي اللي اثرت عليها, اكيد في سبب, لانه لو حقير لكان استغل براءتها من الاول وما انتظر كل هذي الفترة..

بس مين البنت اللزجة اللي معاه, معقول اخته؟؟

fadi azar 08-12-17 09:30 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
مشكورة على الفصل

Rehana 09-12-17 05:53 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
القسم منور زهرتي بوجودك من جديد , الله يعطيك العافية على تعبك
المخلص محير , ليش راح يتعامل معاها بكل حقارة ويرميها؟!!

تم تثبيت رواية من قبلي

زهرة منسية 10-12-17 03:54 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3694218)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يا مية هلا بزهورتي

جيتي وجبتي معك الغنايم ...

يا مية هلا و غلا ميمى وحشاااانى ادارينا الجميلة

مو متخيلة شو ممكن يكون سوء الظن اللي بينهم

يعني اللزقة المتعلقة برقبته رح تكون اخته مثلا ؟!!!!

راح نعرف سوا شو المشكلة

يستاهل ينهجر ولا يعطيه عافية فوق تعبه <<<< فيسي المتعسف لووول

عاد رغم انه اسباني فقد دخلته للقائمة السوداء وبستصدر فيه مذكرة شنق وتعذيب قبل ما يتجرأ ويساوي اي شي

وينك يا بت يا آيسو عليك به يا بت اودعيه غياهب سجون قسم شرطة ليلاس ليعتت فيها.

شو هيدا ميمى فين رأى العقل

ادانتى دييغو المسكين و كمان حكمتى عليه من غير محاكمة لسة ما عرفنا ايه اصل الحكاية انتِ متعسفة ضد بطلى ميمى و كمان بتندهى الشرطة لااااااا كدة كتير

يسلمو ايديك يا زهورة ومتشوقين لمتابعة القادم


تقبلي مروري وخالص ودي

تسلمى حبيبتى و الله يسلم عمرك غاليتى

اسعدنى بحجم السما تواجدك ميمى زدتى الرواية قيمة بحضورك العطر

مووووووووووووووووووووواه

زهرة منسية 10-12-17 03:59 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوفى طبعي (المشاركة 3694219)
ما بعرف ليه اعتقد انها هي اللي غلطت بحقه وشكوك بين هي اللي اثرت عليها, اكيد في سبب, لانه لو حقير لكان استغل براءتها من الاول وما انتظر كل هذي الفترة..
بس مين البنت اللزجة اللي معاه, معقول اخته؟؟

يا هلا بياسمينتنا الغالية
حلو صوت المنطق اللى بيتكلم استمرى على نفس المنوال

اممممم حتى لو ما كانت اخته مش معقول يعنى تتهمه الهبلة ليزا و تحكم عليه

سعيدة بتواجدك ياسمين نورتى الرواية


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fadi azar (المشاركة 3694240)
مشكورة على الفصل

العفو اخى الفاضل تواجدك اسعدنى كتيرررر

زهرة منسية 10-12-17 04:00 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3694275)
القسم منور زهرتي بوجودك من جديد , الله يعطيك العافية على تعبك
المخلص محير , ليش راح يتعامل معاها بكل حقارة ويرميها؟!!

تم تثبيت رواية من قبلي

القسم منور باهله ريرى و بكرر دائما يظل بيت الأول و مكانى وسطكم

راح نشوف سوا اسباب حقارة دييغو فى الفصل التانى

يسلموا ريرى

مووووووووووووووووووووواه

زهرة منسية 10-12-17 04:04 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

2- وجه ملاك و طباع هرّة

منتديات ليلاس



شعرت ليزا ان احدهما يراقبها. أحست بقوة تلك النظرات الثاقبة المسلطة عليها من عينين مجهولتين. تلك النظرات لا تشبه مطلقاً النظرات الغامضة التى تحملتها طوال السهرة من الاشخاص المشهورين الذين قصدوا هذا المكان لتقديم المساعدات, أو بالأحرى للظهور أمام وسائل الاعلام بمظهر المحسنين الذين يساعدون المؤسسات الخيرية.
احست و كأن قوة تلك النظرات تُحدث ثقباً في ثوبها الحريرى و تخترق عظم كتفيها. كما شعرت أنها نظرات مراقبة, باردة, مليئة بالاحتقار و الازدراء.
إنه شعور مزعج و مقلق و مخيف.... اعترتها رجفة باردة...
لابد ام ما يحدث لها هو من صنع مخيلتها. غضبت من نفسها و من القلق الذى جعلها ضحية لخيالها الجامح, لكنها قاومت بكل ما تستطيعه لتتخلص من تلك الأفكار. فهى مرهقة جداً, و من الواضح أنه حان الوقت لتغادر.
بما انها تعمل بديلة عن محررة الصفحة الاجتماعية, بالإضافة إلى قيامها بوظيفتها المعتادة كمحررة لصفحة الازياء الحديثة, كان عليها تدوين الأسماء و الألقاب, و جمع اجمل الصور و التفاصيل عن الأثواب التى ترتديها النساء هذه الليلة. أما مرافقها نيل, فهو من التقط الصور. و الآن ستبحث عنه في ذلك المكان, حيث كان يأكل بنهم, لتخبره أن عملهما لهذا النهار قد انتهى.
شعرت بتعب شديد, و احست أن ساقيها بالكاد تستطيعان حمل جسمها الخفيف. إذا سارت الأمور في لايف ستايل على المنوال ذاته كما هى في الفترة الأخيرة فأنها سوف تعمل بديلة في اقسام المجلة كلها, و ستعمل على مدار الساعة طوال سبعة ايام في الاسبوع. لأن المحررين ذوى الخبرة يتركون العمل بأعداد كبيرة. كما يقول والدها كلما وصلته رسالة استقالة إلى مكتبه:
- الفئران تهجر السفينة المعرضة للغرق.


منتديات ليلاس



زهرة منسية 10-12-17 04:10 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
الضجة التى رافقت نشاطات المجتمعات المخملية اصابتها بصداع في رأسها و طنين في اذنيها. لم تعد تستطيع الانتظار لتعود إلى الهدوء و الأمان في شقتها. شعرت ليزا انها غريبة في هذا المجتمع المخملى. ربما هذا هو سبب احساسها الوهمى بنظرات الاحتقار التى تتبع كل حركة من حركتها. إنها ببساطة تنقل شعورها الداخلى و تفسر نظرات الناس على اساسه.
بالطبع لا احد يراقبها, او يحتقرها. لماذا سيفعلون ذلك بحق السماء؟ بدت نحيلة في ثوبها الاسود المتواضع. وقفت مستقيمة لتريح ظهرها المتعب قليلاً, ثم سارت نحو طاولة الطعام المليئة بالمأكولات الشهية, وجدت نيل, تماماً كما تصورته, يلتهم الخبز المحمص المليء بالجبن و الكافيار, و كأنه لم يأكل منذ اسبوعين.
قالت و هى تهز رأسها رافضة ان تأكل أى شئ:
-لقد انتهيت. كما اننا حصلنا على كل ما نحتاجه.
لم تكن متأكدة من ان الصور التى التقطتها قد تظهر في عدد الشهر القادم, فهذا امر لا يزال نقاش حتى الآن.
منتديات ليلاس
جالت عينا نيل على وجهها الشاحب.
- تبدين مرهقة. يجب ان تجدى عملاً افضل و أكثر ملائمة لك.
ابعد عنه الطعام و تابع :
-انتظرى لحظة.... سآقلك إلى المنزل بنفسي. هل اعتبر نفسي مدعواً إلى خطوبتك الشهيرة مساء الغد؟
- بالطبع, فكلما زاد عدد المدعوين, زادت الفرحة.
ابتسمت ليزا, و كانت تلك اول ابتسامة لها في تلك الامسية. احساس دافئ مريح احتاجها, ليبعد عنها الشعور بالقلق و ذلك الهوس الذى اوهمها بوجود من يراقبها.
يا لروعة بن! ستفعل كل ما بوسعها لتكون زوجة صالحة له. رغم عدم وجود عاطفة كبيرة تجمعهما إلا انها قررا معاً بأن ذلك فد يعطى زواجهما فرصة اكبر للنجاح. لقد ناقشا الأمر جيداً, إنها علاقة آمنة, مليئة بالاحترام و الود المتبادلين. تقبّلا ذلك, و هما مقتنعان ان زواجهما سيؤمن لهما الأمان و الشعور بالاكتفاء, و هذا ما يريده كلاهما. تعتقد ليزا ان بن واقعى جداً, اما بالنسبة إليها, فالحوادث التى مرت بها منذ خمس سنوات قد ابعدتها نهائياً عن الحب العاطفى. لن تشعر ابداً مرة ثانية بعاطفة كتلك التى شعرت بها نحو ذلك الشاب الاسبانى. و هذا أمر جيد, إذ كلما كانت العاطفة اقوى كلما كان الألم اشد ايضاً.
بدون اى انذار, عاودها الشعور بأنها مراقبة. لكنه عاد مع إحساس بالانتقام و الثأر. كرهت ذلك الشعور, فهو يخيفها. جعلها ذلك تنسي كل الأفكار المريحة بشأن بن و الحياة التى خططا لها معاً.
إنها بعيدة جداً بأفكارها عن هذا المكان, و عليها العودة إلى منزلها لتحصل على الراحة التى تحتاجها, قبل ان يسيطر عليها ليلاس خيالها بالكامل.
شعرت كأنها تبذل مجهود و هى تقول:
- سأستخدم هذا المصعد, ثم سأستقل سيارة اجرة و اذهب إلى المنزل. أراك لاحقاً.
كان عليها ان تبذل المزيد من الجهد كى تستدير. شعرت أن من المستحيل عليها ان تكبح شهقة الصدمة عندما شاهدته..... كانت عيناه السوداوان الباردتان تراقبانها.....
إنه تماماً كما تتذكره, لكن مع تغييرات تخطف الأنفاس. بدا انيقاً جدا مما جعله يظهر اكبر من سنين عمره السبع و عشرين. اما بذلته الداكنة الرائعة فأضافت تأثيراً مرعباً على ثقته بنفسه.
اظهرت ملامح وجهه الوسيمة كبرياء و تفاخراً كبيرين. ضاقت عيناه السوداوان بشدة و هما تطوفان على وجهها الشاحب.
- دييغو!
خرج اسمه من فمها عبر انفاسها المرتعشة, و شعرت أن كل شئ في داخلها تحول إلى تشوش كامل. ما أن تعرف عليها, حتى استدار على عقبيه, و سار مبتعداً عنها. لاحظت انه ينتعل حذاء جلدياً اسود يدوى الصنع. علمت ليزا من خلال ثيابه المرصعة بالجواهر و المصممة لتبهر كل من يراه انه لن يتعب نفسه بإجراء اى اتصال بينهما, و لو حتى بكلمة واحدة.


منتديات ليلاس


زهرة منسية 10-12-17 04:11 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

تمددت صوفى على الأريكة في غرفة الجلوس في الشقة الصغيرة التى تتشارك فيها مع ليزا قرب كلبها كومون و قد أكتسي وجهها الجذاب بتألق داخلى تُحسد عليه. رفعت نظرها لحظة وصول ليزا و قالت :
- يا إلهى, تبدين مخيفة!
على الفور جلست منتصبة الظهر و تابعت:
- ما الذى حدث؟ هل تودد إليك نيل مرة ثانية؟ هل اتصل بـ بين حتى بذهب إليه و يوبخه؟
لوت ليزا شفتيها, فـ صوفى دائماً تبالغ بردة فعلها. أما هى فتحتاج إلى من يساعدها لتتمكن من التحدث عن اهم حدث في الأمسية كلها, و هو رؤية الرجل الذى كانت مقتنعة أنه حب حياتها.
- لا. لا شئ من هذا القبيل, و الحمد لله!
رمت حقيبتها على الأرض, ارتمت على احد المقاعد الوثيرة و هى تتابع :
- الحفلات الخيرية للمجتمعات المخملية حقاً لا تحتمل.
علقت صوفى بدون اى تعاطف :
- انها غلطتك بالكامل. ما كان عليك ابدا ان تسمحى لهم بضمك إلى فريق عملهم. لقد حاولوا ذلك معى ايضاً, لكنى تمسكت بالقيام بعملى الخاص في قسم العلاج الطبيعى.
رفعت ليزا كتفيها بعدم اهتمام, و خلعت حذاءها. انها قصة قديمة.... فهى لم تدخل الجامعة و تحصل على مهنة خاصة بها. منذ عودتها من اسبانيا, انضمت إلى والدها للعمل في قسم الخدمات قرب المكتب الرئيسي للمجلة, بعد ان طلب منها ان تعيد فكرة التفكير في مستقبلها.
كانت شركة التوزيع و النشر تمر بصعوبات جمة. و تعمل على تخفيف النفقات, إما ببيع لوحات الإعلانات الضخمة الخاصة بالمجلة على الطرقات أو بإزالة تلك اللوحات. لكنهم عملوا جميعاً على حصر نفقاتهم. كان من واجبها ان تنضم إلى فريق العمل, بأجر زهيد, و ان تقوم بكل ما تستطيع القيام به للمساعدة في تبديل الأحوال.
في الوقت نفسه, كانت مرهقة من الناحية العاطفية, فلم تحاول المواجهة للحصول على ما تريده, حتى انها كانت في وضع لا تعرف فيه حقاً ما تريده.
- اعتقد أنك محقة.
نزعت ليزا الدبابيس التى كانت تبعد بنعومة شعرها الأشقر الطويل عن وجهها و هى تفكر أن عليها اخبار صديقتها الوحيدة عن رؤيتها لـ دييغو رافاكانى .
في تلك اللحظة لاحظت وجود كوبين فارغين على الطاولة المنخفضة.
رفعت حاجبها باستغراب و هى تنظر إلى صوفى متسائلة.
اصطبغ وجه صوفى بلون وردى قاتم, ثم ضحكت قبل ان تقول :
- جيمس طلب يدى هذا المساء, و انا وافقت.
كل النعاس و التعب اللذين كانت تشعر بهما ليزا تبخرا نهائياً. قفزت على قدميها لتضم صديقتها و تعانقها بقوة, و جلست متربعة قربها على الأريكة و قالت:
- هذا افضل خبر سمعته منذ فترة لا استطيع تذكر مدى طولها.
كانت صوفى تقابل الطبيب الجذاب منذ أكثر من سنة, و هى تحبه بجنون.
قال ليزا:
- إننى سعيدة جدا من اجلك, اخبرينى المزيد.
- سينضم إلى فريق العمل في وست كونترى. أنها منطقة ريفية جميلة جدا, و قد تم استدعاؤه إلى هناك. هل تصدقين ذلك؟
اضافت بحماس و ثقة:
- سنحظى بمنزل صغير هناك, و استطيع منذ الآن أن ارى نفسي زوجة طبيب, و لدى عدد كبير من الأطفال. كما اننى سأنضم إلى مجموعة ربات البيوت, و اضع نفسي بتصرف كاهن القرية, و سارتدى تنانير فضفاضة و معاطف خضراء ضخمة, و القبعات المزينة بريش الطيور. إنه سيناريو غير قابل للتصديق, هذا إذا كنت قد سمعت بمثله من قبل.
ضحكت ليزا و هى تبعد بحزم الأمنية التى شعرت بها بأن تكون مثل صوفى لجهة الحماسة بشأن الخطط التى تعدها لزفافها. فهى و بن لا يعيشان في عالم الرومانسية و الخيال, فهما صديقان و يتعاونان معاً لا أكثر و لا اقل.
بسرعة اخفت احساسا مزعجاً مليئا بالالم و الحسد و هى تقول :
- إذا, متى سيكون ذلك اليوم السعيد؟
- بعد ثلاثة أشهر. سأكون عروساً في منتصف الصيف.
اتسعت عينا صوفى بشكل كبير و تابعت:
- يمكننا ان نحظى بزفاف مزدوج! سيكون ذلك رائعاً. و هكذا يتمكن بن من الانتقال للعيش معك هنا. لقد حان الوقت لينهض بأعباء حياته و يغادر المنزل الأبوى.
إنه امر محتمل! هذا ما فكرت فيه ليزا و هى تصغى لـ صوفى و هى تتحدث عن فساتين الزفاف, و وصيفات العروس, و الأماكن المفضلة لقضاء شهر العسل.
ذكر بن لها انهما سينتظران سنة بعد الإعلان الرسمي لخطوبتهما غداً كى يتزوجا. كما انه يعيش في منزل العائلة في هولند بارك بسبب الأعباء المالية الجمة. لكن عندما ترحل صوفى, على ليزا ان تؤمن إيجار هذا المنزل, لذلك سيكون من العملى و المنطقى ان يشاركها بن فيه كزوج لها.
بعد مرور الوقت نسيت ليزا نفسها, و قالت بصورة لا إرادية:
- كان في الحفلة الخيرية الليلة.... تماماً كما اذكره.... لكنه مختلف ايضاً.
- من؟؟
سألت صوفى و هى تراجع قائمة الضيوف.
- دييغو!
كم كان من السهل لذلك الاسم الذى لم تذكره منذ تلك الليلة المخيفة ان ينزلق بهذه الخفة على لسانها. كم كان من السهل أن يُعيد ذكر اسمه احاسيسها المدفونة مرة ثانية..... آلام قلبها, غضبها, و ذلك اليأس المطلق الشديد. تلك العواطف التى اعتقدت أنها ماتت منذ زمن بعيد و دُفنت إلى الأبد عادت بسرعة إليها.
انتبهت إلى نظرة صوفى الغامضة فاندفعت قائلة:
- اسبانيا. ألا تتذكرين؟ تلك العطلة التى اصرتِ انت و بن على تقديمها لىّ؟
- بالطبع!
ضربت صوفى جانب رأسها بعقب يدها و تابعت:
- النادل الوسيم الذى اعتقدت انك كنت مجنونة بحبه... ذلك الشخص الذى تخلى عنك في تلك الليلة الأخيرة هناك. الحقير! ما هذا العالم الصغير؟ و ما الذى كان يفعله هناك بالاختلاط مع اولئك الناس؟
لا فكرة لدى مطلقاً.
وضعت ليزا كوبها جانباً على الطاولة, و هى لا تعلم حقاً لماذا بدأت بالتحدث عنه. حاولت جاهدة ان تتفهم حاجتها للحديث.... اتراها عقدة نفسية, و هى ترغب في التحدث عنها لتتخلص من آلم الخيانة المدفون بعمق داخلها؟
بدا كأنه يملك مليون دولار. حسناً! لنقل انه بدا و كأن هذا المبلغ مجرد فكة نقود بالنسبة إليه. اعتقد ان عمله الاجتماعى قد اوصله إلى مجالات واسعة.
عليها ان تقول ذلك, و تعبر عمّا يدور في رأسها بشأنه و ان تصفه بكل الصفات السيئة التى تخطر في بالها لكى لا تعود ابداً إلى ذكره من جديد, فلا تشتاق إليه او تحلم به بعد اليوم.
قالت صوفى باشمئزاز:
- يا له من مخادع متأنق! اتمنى ان تكونِ قد و بخته بقساوة!
- لم نتحدث مع بعضنا.
بل مجرد كلمة واحدة, فقد انزلق اسمه من بين شفتيها.
وافقت صوفى قائلة:
- ربما ذلك افضل. لو كنت مكانك لضربته بشدة, و اثرت فضيحة كبيرة في المكان. و الآن, لتنس ذلك اللعين, و لنتحدث عن شئ جميل. ما الذى سترتدينه في حفل خطوبتك؟ من جهتى, اعتقد اننى سأرتدى فستانى الأخضر الحريرى. يقول جيمس انه رائع جداً علىّ.

منتديات ليلاس
منتديات ليلاس


زهرة منسية 10-12-17 04:14 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

رأت ليزا منزل هولند بارك في ابهى حلة للاحتفال. كان معظم الضيوف في الانتظار عندما وصلت. كانت الزهور منتشرة في كل مكان و قد عبقت رائحة الربيع في الغرف الأنيقة الجميلة. حتى وفاة والدتها كان والداها يعيشان في منزل كهذا, بالكاد يبعد عن هنا مسافة خمس دقائق سيراً على الاقدام. كانت لا تزال في المدرسة الداخلية و لم يتجاوز عمرها الرابعة عشر, عندما تلقت ذلك الخبر المشؤوم.
تماماً بعد الجنازة اخبرها والدها ببرودة انه سيبيع منزل العائلة, لينتقل إلى شقة مناسبة اكثر لرجل يعيش بمفرده. و في تلك اللحظة وعت للخسارة الفادحة التى تعرضت لها. لقد احبتها أمها كثيراً, و الآن رحلت المرأة الرائعة اللطيفة زهرة منسية التى كان يسيطر عليها زوجها القوى الشخصية إلى الأبد.
اعتقدت بساذجة انها و والدها سيتقربان اكثر من بعضهما البعض بسبب حزنهما الشدي على امها. لكنه كان يبعد نفسه عنها اكثر فاكثر, لا سيما عندما اخبرها انه سيشترى منزلاً جديداً قائلاً:
- اقترحت عائلة كليتون أن تقضى ايام العطل المدرسية معهم. فلطالما كنت سعيدة مع التوأمين بن و صوفى, و رفقتهما ستكون افضل بكثير لك من رفقتى.
اغمضت ليزا عينيها لفترة وجيزة, راغبة فى التخلص من الذكريات المؤلمة غير المرغوب فيها. فهذه مناسبة سعيدة, حباً بالله! وضعت ابتسامة على وجهها, و سلمت معطفها إلى الموظفة التى تم استخدامها لهذا العمل في الحفلة, و دخلت لتبحث عن بن.
امتلأت الغرف بالضيوف, لذلك اخذت تسير ببطء, و هى تحيي اصدقاءها و زملاء العمل, و اشخاصاً لم تعرفهم من قبل تمت دعوتهم من قبل والدىّ بن على ما تعتقد.
كانت قطع المفروشات قد ابعدت إلى حدود الغرف و منها ما ازيل بالكامل, و وضعت مائدة مليئة بالطعام السخى الشهى في غرفة الطعام الكبيرة, يخدم حولها موظفون يرتدون ثياباً انيقة مرتبة. رأت بن و والديه يقفون قرب إحدى النوافذ الطويلة, مستغرقين في حديث خاص جدى.
حديث انتهى على الفور ما ان وصلت ليزا و لمست كم بن لتحظى بانتباهه.
سألتهم و قد عقدت حاجبيها البنيين الناعمين:
- هل هناك خطب ما؟
بدا على ملامحهم القلق بشكل غريب, لكن هونور كليتون نفت ذلك على الفور و قالت:
- بالطبع لا! كم تبدين جميلة, عزيزتى. اليس كذلك, بن؟ هل اتت صوفى معك؟ لماذا تأخرتما هكذا؟
- انها بانتظار جيمس. سيذهب إلى الشقة لإحضارها و سيأتيان معاً.
وضعت ليزا يدها تحت ذراع بن و تابعت:
- لا اعتقد انك سمعت بآخر الأخبار, أليس كذلك؟
كانت تعلم أن هونور علمت بالأمر. كانت موجودة عندما اتصلت صوفى بأمها, و رأت تعابير القلق على وجهها, و كيف رفعت كتفيها بلا اهتمام و هى تقلب عينيها إلى اعلى.
رفعت هونور كتفيها بطريقة تُظهر عدم رضاها عن الأمر, و قالت :
- بالطبع علمت. لكن, هل تبدو صوفى مناسبة كزوجة لطبيب متواضع في الريف في المستقبل؟
عملت ما في وسعها لتتمكن من الابتسام قبل ان تتابع :
- الوقت وحده سيعطينا الجواب على ما اعتقد.
قالت ليزا بلطف:
- أنها سعيدة جداً.
حماتها العديدة متكبرة لكنها لا تتمنى إلا الافضل للجميع. و ليزا لن تنسي مطلقاً الإحساس بالعطف الذى اظهرته لها هذه المرأة في العطل المدرسية بعد وفاة والدتها.
كانت ليزا يافعة, و مع ذلك علمت بحدسها ان هونور لا تملك الكلمات المناسبة لتعزية الطفلة اليتيمة لشريك زوجها. لذلك عمدت إلى القول :
- و الآن عزيزاى, جِدا شيئاً مفرحاً للقيام به مع الصغيرة ليزا, لا مجال للتكاسل داخل المنزل! هناك الكثير من الأشياء التى يمكنكم القيام بها, كالذهاب إلى السينما, المنتزهات, المقاهى....
بعد الصمت المطبق الذى ساد عقب جملتها الأخيرة, فكرت ليزا بتعجب, لماذا على العائلة ان تشعر بكل هذا التوتر لأن شاباً رائعاً كـ جيمس تقدم بطلب يد ابنتهم للزواج. سألت فجأة:
- اين ابى؟
ساد الاحساس الغريب للمرة الثانية. نظر آرثر كليتون إلى ابنه اولاً ثم إلى زوجته. تحدث للمرة الأولى منذ ان انضمت ليزا إليهم, فقال:
- في المكتب, في اجتماع مع اكبر مُعلن لدينا. و لن يتأخر كثيراً. علم ان هذا ليس تصرفاً مثالياً في احتفال عائلى خاص, لكن من الواضح ان إقامة الرجل ليس طويلة في المملكة المتحدة و علينا استغلال هذا الأمر.
قالت هونور بحماسة:
- حان الوقت لنتحدث مع الضيوف. هيا آرثر يمكنك أن تبدأ بالكلام ما ان يظهر والد ليزا, و اعتقد أنه يريد قول بعض الكلمات بنفسه.... بالمناسبة اعلم ان الجميع هنا على علم بالموضوع, لكن علينا ان نجعل الخطوبة رسمية.
ابتسمت بثبات, و امسكت بذراع زوجها لتسير برفقته نحو قاعة الاحتفال الرئيسية.
عندما سألت :
- هناك أمر غريب يحدث, أليس كذلك بن؟ في البداية اعتقدت أن والديك غير مسرورين بشأن زواج صوفى. لكن ليس هذا ما في الأمر, أست محقة؟
- المشاكل تتعلق بريع الاعلانات.
تابع معترفاً و قد ابقى صوته منخفضاً, كى لا يسمعه احد غيرها:
- لكن لا شئ بالنسبة لك يدعو إلى القلق, فهه الأخبار قديمة. هل هذا الفستان جديد؟ يبدو أنه قد كلف ثروة.
سرعان ما تبدل الحديث, و بدا غير راغب بمواصلته. ظهر بعض العبوس على وجهه و هو يقطب جبينه و ينظر إلى الثوب الانيق الذى ترتديه, و هو ثوب من الحرير الشفاف بلون القهوة الباهتة, ينساب فوق جسمها على شكل طبقات, اما الجزء الأعلى منه فمعقود حو رقبتها بشريطين من الترتر الرفيع.
ابعدت اصابعها عن ذراعه و هى تنتظر ان يهدأ غضبه غير المبرر. إنه دائما شديد الحذر بالنسبة إلى المال, و هى تعلم ذلك.
لم يكن هذا الأمر يقلقها ابداً, فهى ترى ذلك الجانب من شخصيته مسلياً. لم تتوقع منه أن يتغير لكنها تفضل لو أنه اظهر بعض الإعجاب بمظهرها قبل ان يبدأ بانتقاد ثمن الفستان.
ابتسمت له ابتسامة متآمرة و قالت:
- لقد استأجرته لهذه الأمسية فقط, لكن لا تخبر أحداً بذلك!
تقبلت ابتسامته كمكافأة على عملها. وضع بن يده الدافئة حول خصرها الناعم. التوت شفتاها فظهرت ابتسامة صغيرة ابرزت الغمازة في خدها, لكنها ادركت انه يخفى عنها امراً هاماً.
- لا تتظاهر امامى, بن. إن كانت لدينا مشاكل مالية, فيجب أن اعرف بها.
القسم المالى اختصاصه هو و ليس اختصاصها, و هو بدوره لا يتدخل في عملها لتحريرى, لكن هذا أمر مختلف كلياً.
احنى بن كتفيه إلى الأمام ليظهر عدم ارتياحه. و للحظة اعتقد ليزا انه لن يخبرها بما يحدث. لكنه رماها بنظرة قلقة و قال:
- لم نكن نرغب في إثارة قلقك. ففى النهاية, قد يتمكن والدك من تغيير رأيه.
- رأى من؟
- رئيس الشركة الدولية للاستيراد و التصدير. انه يهدد بسحب اعلاناته من مجلتنا.
- و هل لهذا الأمر اهمية كبرى؟
- يمكنك المراهنة على حياتك بذلك, فـ إعلاناته تضم الثياب الجلدية الفاخرة, سلسلة محلات "لويس كلاسيوس" للمجوهرات, انواع متعددة من العصير, افخر انواع الأجبان, و العديد من الفنادق الفاخرة و المبانى المنتشرة عبر العالم. مع سحب تلك الإعلانات كلها سنصبح في النهر بدوان اى مجداف.
- يبدو الأمر سيئاً جداً.
عضت ليزا شفتها السفلى بقوة. كانت تعلم ان هذا سيحدث. اى معلن يرضى بالاستمرار مع مجلة تتجه نحو الاقفال الحتمى؟
- ما هى فرصة والدى ليتمكن من جعله يبدل رأيه؟
رفع بن كتفيه و هو يقول:
- الله وحده يعلم!
سار معها ليبتعدا عن النافذة و هو يتابع :
- ما كان على اخبارك.... لا تدعى هذه الاخبار تفسد علينا سهرتنا ليزى. إذا سارت الأمور على نحو الأسوأ و توقفت لايف ستايل, فنحن سنتدبر امرنا بخير. مع اختصاصى و خبرتك سنجد عملاً آخر. احتفظى بتلك الفكرة و نحن نختلط بالناس.
ابتسمت و قامت بكل ما بوسعها لتظهر ان كل شئ بخير في عالمها. لكن ليزا شعرت بالفراغ في داخلها, و راحت عيناها تنظران بصورة دائمة نحو المكتب, حيث كان والدها يعمل على إقناع رجل الأعمال البارز المتكبر بألا ينتزع صمام الأمان في حياتهم جميعاً. عدد كبير من الزوار كانوا من فريق عمل منتديات ليلاس لايف ستايل. لكن, بعد مرور شهر واحد فقط قد يصبحون بدون عمل, فوالدها و آرثر كليتون على ما يبدو يواجهان الإفلاس بوضوح.
كيف يمكن لـ بن أن يتوقع منها إبعاد تلك الأفكار عن رأسها, و تعزية نفسها بفكرة أنهما سيكونان بخير؟
لا يعقل ان يكون بهذه الأنانية, أليس كذلك؟ هزت رأسها بصورة لا شعورية رافضة تصديق ذلك. بالطبع هو ليس كذلك.... لابد أنه قال ذلك فقط كمحاولة منه ليسعدها, فهو غير راغب في إفشال تلك السهرة المميزة لهما.
ما إن امسكت بكوب الشراب الذى قدمه لها احد الخدم حتى رأت والدها, فشعرت بقلبها يضرب بقوة بين اضلاعها.
من المستحيل عليها ان تعلم من تعابير وجهه إن كان قد نجح في مهمته أم لا, لأنه كالعادة يحتفظ بما يشعر به لنفسه.
ساد الصمت و كأن حضور الرجل القوى قد فرض ذلك. عندما تحدث عن سعادته بالعلاقة المميزة بين العائلتين, دخلت الكلمات من إحدى اذنيها لتخرج من الأخرى. و عندما وضع بن الخاتم الماسي في إصبع ليزا شعرت الألم في وجهها من الابتسام المصطنع و التهانى المفرطة.
و مرت السهرة بدون وعى منها. و في الواقع, لم تترك المناسبة أى أثر جميل لديها على الإطلاق.
كل ما كان يهمها هو ملامح وجه والدها الصارمة التى اظهرت التوتر القاسي. كان يقف وراء المجموعة التى تحيط بها و تتحدث معها و مع بن. و بانحناءة خفيفة جانبية من رأسه فهمت أنه يريد محادثتها فقدمت اعتذاراتها, و توجهت مباشرة نحوه. قال:
- هناك من يحتاج إلى رؤيتك في المكتب.
- إلى رؤيتى انا؟
لاحظت ليزا تعابير الضيق و عدم الصبر على فمه القاسي بسبب سؤالها الأحمق بعد جملته الواضحة التامة. و لتتجنب الرد الساخر الذى تعرفه من خلال التجارب السابقة اسرعت بالسؤال:
- كيف سارت الأمور؟ اخبرنى بن ان هناك الكثير من المشاكل.
ما الذى يمكن ان يطلبه منها الثرى الكبير؟ قراءة المزيد من المقالات المثيرة التى تخطف الأنفاس في مجال عملها؟ و كان جميع المشاكل ستُحل فورا خلال لقاءات المحررين الشركاء!
تجنب والدها الرد على سؤالها, و علق ببرودة:
- كما قلت لك, يبدو اننا نحتاج لمساعدتك, و كل ما استطيع قوله هو ان تحاولى بجهد ألا تجعلى الأمر اكثر سوءً لن يستغرق ذلك وقتاً طويلاً, و بعدها تستطيعين التمتع بما تبقى من سهرتك.
نعم, ربما يكون محقاً.... هذا ما فكرت به ليزا. لذا بدون أى تذمر, سارت نحو المكتب لتعرف ما يريدونه منها. وضعت يدها على باب المكتب, و توقفت للحظة, تراجع نفسها و لتتمكن من التحدث بهدوء.
إن امكنها ان تكتب الافتتاحية في المستقبل و هى صفحة مهمة فربما تستطيع ان ترجح كفة الميزان لصالحهم. مع ان مواضيع الافتتاحية بعيدة عن الصفحات التى تهتم بها عادة و هى اخبار المجتمع المملة او مقالات الازياء التى تهم الأثرياء فقط.....
ان افسدت الأمور فلن يسامحها والدها مطلقاً! لم تكن المرة الأولى التى تتساءل فيها لما تزعج نفسها بمحاولة إرضائه. لماذا ترغب في الحصول على شئ لن تحصل عليه ابداً, و هو دفء رضاه و محبته؟!
جعدت انفها الصغير بحركة ما, و ابعدت علاقتها بوالدها عن تفكيرها. رفعت رأسها لتتمكن من التنفس بقوة و لتريح عمودها الفقرى, ثم وضعت ابتسامة على وجهها, و دخلت إلى المكتب.
هناك رأته! يتكئ على حافة مكتب آرثر كليتون, ساقاه الطويلتان متقاطعتان عند الكاحلين, و عيناه السوداوان القاسيتان تنظران ببرودة وضيق إلى وجهها.
تقلصت معدتها من الصدمة!
بدا صوتها كالصدى عبر الطنين و الأزيز اللذين ملأ اذنيها و هى تقول :
- لابد من وجود خطا ما!
تراجعت خطوة إلى الوراء, و مدت احدى يديها لتلمس الباب.....
فرؤية دييغو رافاكانى وجها لوجه ليلة البارحة أمر سيئ جداً, لأنه اثار كل الذكريات المؤلمة و اعادها إلى الوجود, لكن رؤيه هنا متظاهراً انه معلن مهم و اساسي....!
- ابدا. ليس هناك أى خطأ. اؤكد لك, آنسة بنينغتون. اجلسي.
تحرك ليقف منتصباً و قد تباعدت قدماه, فيما وضع يديه ذات الأصابع الطويلة على وركيه الضيقين. كانت سترة بذلته مفتوحة لتُظهر صدرية متناسقة, ملتصقة بنعومة على جسده القوى الرائع. إنه صورة واضحة للأناقة المترفة. لم يكن هناك اى اثر لثيابه العادية او الرديئة.
حين تعرفت عليه في اسبانيا كان يرتدى ثيابه بدون اهتمام, أما هذا الشخص الأنيق فل يمت بصلة إلى حبيبها الإسبانى الذى مزق قلبها.
خاطبها بنبرة صوت رسمية جداً ما ساعدها على استجماع قوتها. لقد مر وقت طويل على قصتهما.... وقت طويل جداً يمنع الذكريات من العودة مجددا. هذا ما حاولت إقناع نفسها به. إن كان هو قد تغير, و هو أمر مؤكد و واضح في وجهه الوسيم القاسي, إذا فهى ايضا تغيرت.
راقبته زهرة منسية يجلس على الكرسي الدوار وراء مكتب آرثر فشعرت بقلبها يخفق بقوة قرب حلقها. إنه لا يزال يتحرك بتلك الرشاقة الفطرية العفوية نفسها, و لم تستطيع إلا أن تتذكر كم كانت تشعر بالسعادة و هى تراقبه.
جلست ليزا على المقعد المقابل له و يداها مرخيتان في حضنها.
ضغطت عليهما بقوة باحثة عن القليل من التماسك, و قالت تسأله بصوت هادئ بقدر ما استطاعت: منتديات ليلاس
-إذا أن تعمل الآن في الشركة الدولية للاستيراد و التصدير؟
كبحت في داخلها التعليق الوضيع الذى قفز إلى ذهنها : إنها خطوة كبيرة بالنسبة إلى نادل متواضع. فمن اجل مصلحة الجميع لا يمكنها ان تضايقه او تغضبه, مع أنها لا تزال ترغب في انتزاع عنقه بسبب ما فعله بها.
- منذ تقاعد والدى استلمت مكانه في "الشركة الدولية للاستيراد و التصدير"
وضع مرفقيه على ذراعي المقعد الذى كان يشغله. اخذت عيناه الضيقتان تراقبان عدم تصديقها و الصدمة الواضحة التى لمعت على وجهها.
وجه ملاك و جمال اسطورى, مع اخلاق بهرة متشردة! هذا ما فكر به و هو يراقبها.
بدت اكثر جمالاً مما يتذكر, فجسمها الناعم الرائع التقاسيم مازال فاتنا بشكل لا يصدق.
منذ خمس سنوات كان بإمكانه الحصول عليها لكنه لم يسمح بذلك لأسباب تخصه. ضاقت عيناه السوداوان المبهمتان و لمعتا بشدة من خلال رموشه السوداء الكثيفة . منذ خمس سنوات حرم نفسه من الحصول علي تلك السعادة بامتلاكها مع كل الإغراءات التى احاطت به. الآن بطريقة أو بأخرى, سيتمكن من الحصول عليها. سيحصل على ما يريده من فترة طويلة, سيتعلم اسرار هذا الجمال, ثم سيرميها ثانية إلى حيث تنتمى.
ابعد يديه, و إتكأ بارتياح على المقعد.... فكر ببطء بالسعادة التى سيحظى بها إن انتزع المشبك الذى يرفع شعرها إلى اعلى ليتمكن من رؤية جدول الحرير الذهبى يتهادى على بشرتها البيضاء.
قال بنبرة واضحة أكثر من العادة بصوته الناعم:
- لدى اقتراح سأعرضه عليك, آنسة بنينغتون.


نهاية الفصل الثانى

قراءة ممتعة


bluemay 10-12-17 06:20 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
أوووووو نوووووو


طلع وريث على غفلة ..... !!!!!

ما علينا ما زلت منتظرة تفسير للعلقة التي ظهرت معه بالفصل الماضي ، ولماذاتأخر عن موعده ؟!
والى ذلك الوقت احتفظ بحق الفيتو الذي لا ادري ما دخله في موضوعي هذا لووول

سلمت يداكِ زهرتي

متشوووووقة للآتي

تقبلي مروري وخالص ودي

الوفى طبعي 10-12-17 06:54 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
مساء الخير

الفصل يعتبر بداية حقيقية للأحداث، وارتباطها مع بين كانت علاقة عملية اكثر من عاطفية واعتقد مستحيل تتغير علاقتهم من يوم وليلة..

بصراحة في الفصل الاول شكيت اني سبق اني قريت هذه الرواية وفِي المنتدى نفسه، وهلا تأكدت والمضحك اكثر اني املك الرواية ورقيا وما كنت متذكرة..

شكرا كثير نونا على اعادة تنزيل الرواية وعلى تعبك في الكتابة، انا ما رح اكشف سير الاحداث، لكن من الأفضل ان اشاركك الرواية بصمت، هههههه

نورة تولة 11-12-17 05:17 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
حلوةو مشوقة شكرا.

زهرة منسية 13-12-17 03:22 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3694381)
أوووووو نوووووو
طلع وريث على غفلة ..... !!!!!

شوفتى طلع وريث هى ليزا اللى ظنته جرسون دائما متسرعة و تسرعها بسبب لها الآذى تستاهل اللى يجرالها

ماعلينا ما زلت منتظرة تفسير للعلقة التي ظهرت معه بالفصل الماضي ، ولماذا تأخر عن موعده ؟!

اولاً : هو ما تأخر عن موعده هما اللى وصلوا على الموعود بدرى

ثانياً ليزا توقعت و قررت مين العلقة و اتصرفت حسب استنتاجاتها بدون ما تسأل و تواجه

والى ذلك الوقت احتفظ بحق الفيتو الذي لا ادري ما دخله في موضوعي هذا لووول
سلمت يداكِ زهرتي
متشوووووقة للآتي
تقبلي مروري وخالص ودي

ههههههههه معاكى كل الحقوق مايتى كفاية حق الفستان الأحمر تبعك اقوى من حق الفيتو
يسلم عمرك غاليتى
مرورك يشرفنى و يزيد الموضوع قيمة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الوفى طبعي (المشاركة 3694397)
مساء الخير
الفصل يعتبر بداية حقيقية للأحداث، وارتباطها مع بين كانت علاقة عملية اكثر من عاطفية واعتقد مستحيل تتغير علاقتهم من يوم وليلة..

يسعد كل اوقاتك ياسمينتى
علاقتها بـ بن علاقة اخوية و هو بيتصرف من ها المنطلق

بصراحة في الفصل الاول شكيت اني سبق اني قريت هذه الرواية وفِي المنتدى نفسه، وهلا تأكدت والمضحك اكثر اني املك الرواية ورقيا وما كنت متذكرة..

ههههههههههه بتحصل مع احسن القارئات وااااو كمان ورقيا حالتك مستعصية :lol::lol:
و فعلا هى موجودة فى المنتدى فى قسم الروايات المصورة و اخترت انزلها مكتوبة لمحبى متابعة الروايات المكتوبة

شكرا كثير نونا على اعادة تنزيل الرواية وعلى تعبك في الكتابة، انا ما رح اكشف سير الاحداث، لكن من الأفضل ان اشاركك الرواية بصمت، هههههه

عفوا ياسو شكرا لتواجدك العطر

حبيبتى هو مش اعادة تنزيل لكن تنزيلها فى قسم الروايات المكتوبة يختلف عن قسم الروايات المصورة فى قراء يفضلوا متابعة الروايات المكتوبة و تحميها على الفون اسهل من المصور
وجودك يشرفنى دائما

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة تولة (المشاركة 3694448)
حلوةو مشوقة شكرا.

يا مية اهلا و سهلا بيكى يا قمر
اسعدتينى جدا بتواجدك على صفحات موضوعى بمشاركتك الأولى فى ليلاسنا
نورتى المنتدى اهلا و سهلا بيكى فى العالم الليلاسي

زهرة منسية 13-12-17 03:25 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

3 – الخيار الصعب
منتديات ليلاس


- بالتأكيد أنت لا تقصد ذلك !
أنه امر مروع.... منتهي الجنون.... اقتراح لا يُصدق!
لابد أنها أخطأت بما سمعته, أو ربما دييغو رافاكانى قد اصيب بالجنون.....
دفعت ليزا نفسها و نهضت على ساقيها....
لكنها سرعان ما تمنت من كل قلبها لو انها لم تفعل ذلك.
راح جسدها يرتجف بشدة, فترنحت لعدم قدرة قدميها على حملها.
ضاقت انفاسها و اتسعت حدقتا عينيها الزرقاوين اللتين تحولتا إلى اللون أسود داكن. رأته ينهض على قدميه و يلف حول المكتب ليقف بجانبها.
شهقت بقوة ما ان تنشقت رائحة عطره, و احست بحرارة جسمه.
شعرت بجفاف في فمها واخذ قلبها يضرب بقوة بينما راحت تحدق في وجهه الرائع القوى النحيل.
راقبت فمه الجذاب و هو يؤكد لها:
-انا اقصد كل كلمة قلتها!
ـ لماذا؟
جاء صوتها أجش بينما راح فكرها يراجع مراراً و تكرارا كل كلمة قالها.
اصبح من المستحيل عليها ان تستجمع افكارا منطقية او متماسكة في راسها لأكثر من جزء من بليون من الثانية.
- لانك تدين لىّ بذلك.
لمعت اسنانه البيضاء و هو يتابع:
- منذ خمس سنوات كنت ترغبين كثيراً في هذا. لكن بسبب احترامى لشبابك و لإيمانى بحبك عاملتك كما تعامل النساء المحترمات, لكنك برهنت انك لا تستحقين احترام اى رجل.


منتديات ليلاس



زهرة منسية 13-12-17 03:27 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

بدا وجهه الجميل القاسي مليئا بالتوتر, و تابع قائلاً:
-لقد احببتك لكنك رميت ذلك الحب في وجهي. كانت مكافأتى على اهتمامى بك من دون انانية. و الآن حان الوقت لكى تسددى دينك لىّ. ستة اشهر أو ربما ثلاثة فقط قد تكون كافية لأنزعك من افكارى.
ظهر بريق في عينيه, و التوت شفتاه بطريقة جعلتها تشعر بانزلاق مياه باردة على ظهرها و هو يقول :
- حين تجرحين كبرياء رجل اسبانى, عليك ان تتوقعى و تنتظرى انتقامه المحتم.
ارتجفت ليزا. رفعت يديها المرتجفتين وغطت فمها, محاولة ان تفهم ما يطلبه منها. جاهدت بقوة لتتمكن من إضفاء بعض المنطق على الوضع برمته. و قالت تتهمه :
- قلت انك مجرد نادل, بينما انت في الواقع رجل فاحش الثراء. لقد كذبت علىّ.
ظهرت السخرية على وجهه و استدار مبتعدا عنها.
- لم اكذب عليكِ. أنت, ببساطة, قمت بذلك الاستنتاج بنفسك. كنت سعيدة بتسلية نفسك حين اعتقدت اننى شاب لا قيمة له. اردت البحث عن عطلة رومانسية رخيصة, و عندما لم اوافقك على ما تريدينه اقمت علاقة مع الرجل الذى اعرفه الآن باسم بن كليتون.
غادر اللون وجهها و هي تقول:
- حبا بالله! كنت فقط اراقصه, كيف تجرؤ على قول ذلك؟
عاد إلى مقعده في الجهة المقابلة من المكتب, رفع يده بوقاحة ليمنعها من التلفظ باى كلمة.
- كنت مرتمية عليه تعانقيه بشدة, و إذا كنت قد نسيت ما قلته لىّ, فانا ما زالت اذكر.
اجفلت ليزا من القسوة التي التمعت في عينيه السوداوين. بالطبع هي تتذكر...! انها تتذكر كل كلمة قالاها لبعضهما البعض. أما بالنسبة للكلمات التافهة الأخيرة التي قالتها له, فهي لن تستطيع تبريرها, و هو بدون شك لن يصغى لما ستقوله. فلقد تحدث عن جرح كبرياء الرجل الاسبانى.....
- العرض امامك!
تابع بنبرة لاذعة وضعها في صوته, مما جعل ليزا تشعر كأنها سمعت للتو انها مصابة بمرض مميت:
- ستعيشين معى, ترافقينى حيثما اذهب لمتابعة اعمالى, فتهتمين بشؤونى و تنفذين اوامرى إلى ان اشعر بالضجر منك. و في المقابل لن الغى إعلانات شركتى, و لن الجأ إلى مجلة منافسة لكم, بل سأزيد مدخول الشركة, و سأعمل على ضخ دم جديد فيها لأحسن صورة "لايف ستايل" المظلمة, و اعيدها إلى سابق عهدها من النجاح. لكن إن رفضتِ .... و هذا ام يعود إليكِ بالطبع, عندها....
بحركة خفيفة من كتفيه العريضتين سمح للتهديد ان يبقى معلقاً في الهواء, الهواء الذى اصبح الآن خانقاً كما يبدو, بسبب كثاثفته و ثقله.
لم تعد ليزا تستطيع التنفس. فعقلها لم يعد يعمل كما يجب. لم تعد تسمع سوى تلك الكلمات التي راحت تضج في رأسها : ستعيشين معى.... تهتمين بشؤونى.... تنفذين اوامرى.... تساءلت بكره لنفسها لما لاتزال تشعر بذلك الانجذاب إليه! فبعد مرور هذا الوقت كله لا يزال يستطيع ان يؤثر فيها. كم مرة قالت لنفسها إنه لا يستحق حتى التفكير به للحظة واحدة؟ لقد قالت ذلك ملايين المرات! و مع ذلك كل ما تريده الآن هو ان تكون بقربه.
- لقد عقدت خطوبتى للتو.
قالت ذلك فجأة بإندفاع من بين شفتيها المرتجفتين.
- افسخيها!
نهض على قدميه.... بدا ضخماً, مخيفاً, لكنه فاتن جدا, ما جعل فمها يجف ما ان نظرت إليه, باحثة عن الرجل الذى عرفته.... الرجل الذى وقعت في غرامه بجنون.
- سأتصل بك صباح الغد باكراً, لأعرف ما هو قرارك.
خرج دييغو من الغرفة, و اغلق الباب وراءه بطريقة حاسمة. ارتجفت ليزا و لفت ذراعيها حول جسمها الذى بدا لها كأنه سينهار.
فكرت و هي ترتجف بأن الغرفة بدت باردة و فارغة حالما خرج دييغو منها. لكن ما الجديد في هذا؟ فهو دائما يملك القدرة على اضفاء جو من الحيوية حيثما يكون, بحيث يبدو الهواء الذى يحيط به مشحونانً دائماً بطاقة من الجاذبية و الحياة.
شعرت بالألم بسبب توتر اعصابها, فما تحدث عنه دييغو و ما طلبه منها مستحيل! فقط لو انه أتى و اخبرها انه بحاجة إليها, و اعترف و هو نادم, انه كان يخونها في تلك الفترة الماضية التي امضياها معاً, لسامحته و عادت إليه مسرعة.
لكنها عادت توبخ نفسها بقوة لتفكيرها بطريقة غير منطقية, فهو على عكس ذلك تصرف كأى متفاخر متكبر و اتهمها بكل وضوح انها هي من كانت مخطئة. صحيح انها قامت بتصرف بغيض, لكنها كانت يافعة جداً لتتمكن من التعامل مع خيانته بكريقة متعالية, كما انها كانت تشعر بالقلق و التوتر لذا تصرفت كالمجنونة.
- إذا كيف سارت الأمور؟
اجفلت ليزا بقوة, إذ كانت مستغرقة في افكارها الخاصة التي تعذبها و لم تسمع بن يدخل الغرفة, و يضع يده على كتفها.
-رأيت السنيور رافاكانى يغادر لتوه. يبدو هذا الاسم مألوفاً لدى!
رفع كتفيه ليتخلص من تلك الفكرة لعدم اهميتها, و تابع :
-لا اعتقد انك تحدثت معه عن سحب استثمارته الإعلانية معنا, فوالدينا لم يصلا إلى اى اتفاق معه, كما هو واضح.
قال تعليقه هذا و هو يشعر بالهزيمة مسبقاً.
بسبب القلق الواضح في صوته تعثرت ليزا و هي واقفة. فرفع بن حاجبه متسائلاً. لا يحمل بن هالة من الجاذبية حوله, هو متبلد الحس. إنه بكل بساطة, إنسان عادى. لأول مرة في حياتها ارادت الارتماء بين ذراعيه, و ان تتوسل إليه كى ينقذها من اشواقها القديمة الخائنة التي احياها دييغو داخلها. لكن علاقتها العاطفية ليست قوية مع بن لكى تتمكن من القيام بذلك. منذ سنوات, و هي تحاول ما بوسعها لتبدو هادئة و مسيطرة على نفسها تماماً, و هو بالتأكيد سينزعج إن رآها ينهار و تضعف.
شعرت بألم في عينيها بسبب دموعها, فانحنت لترتب شريط حذائها كى تخفى دموعها. يا لـ بن العزيز! إنه عملى و منطقى, و سيشعر بالرعب إن اعتقد أنها تفكر, و لو للحظة واحدة, ان تضحى بنفسها من اجل انقاذ المجلة.
لكنها لا تفكر بالقيام بهذا, أليس كذلك؟ ناشدت نفسها بصمت. لا مجال مطلقاً! استقامت في وقفتها و اجبرت نفسها على ان تبدو عادية و هي تقول:
- لا يمكننا التحدث عن ذلك الآن. سنفعل ذلك في ما بعد. يمكننا البقاء لمدة ساعة, ثم ستوصلنى إلى منديات ليلاس منزلى و هناك سنتحدث بالأمر.
ظهرت نظرة من الشك على ملامح وجهه المرح و قال :
- الوالدان يريدان ان يعرفا ما قاله لك. ان تعلمين انهما سيسألانك عن ذلك, و لا يمكننا ببساطة ان نخرج من سهرتنا المميزة دون كلمة توضيح. سيجد الناس هذا الأمر غريباً, هذا اقل ما يمكن قوله.
تنهدت ليزا باستسلام و قالت:
- لا! لن يقولوا شيئاً. سيعتقدون أننا كأى شخصين مرتبطين حديثاً, نتلهف البقاء مع بعضنا على انفراد.
- لا تكونى فظة, ليزى. فهذه الصفة لا تناسبك.
اذداد وجهه تهجماً و تابع :
لِمَ كل هذا السيناريو التآمرى؟ فإما أن ينهي هذا الشاب اعماله معنا, أو أنه لن يفعل. كلمة نعم أو لا ببساطة و وضوح تكفى.
تجاهلت تأنيبه, وضعت يدها تحت ذراعه و قالت بجدية:
- ليس الأمر سهلا كما تعتقد. قدم رافاكانى لىّ عرضاً, لكنه مرتبط بعقبات كثيرة. و انا بحاجة لأخبرك عنها على انفراد, قبل ان يتحطم كل شئ فوق رؤوسنا.
فاجئها من ما قالته بنظرة حائرة, لكنها تمكنت من جعله يتوقف عن الجدال و المناقشة, و هكذا انضما إلى الحفلة. طوال فترة الخمس عشرة دقيقة أو اكثر التي امضياها يختلطان مع الناس و يتحدثان معهم, كان رأس ليزا يدور و كأن الأمور قد اختلطت عليها بقوة. فاليأس المطلق جعل معدتها تتقلص, و جعل قلبها يضرب بقوة بين ضلوعها.
لديها القدرة لتنقذ عمل زملائها, و لتضمن لهم مستقبلاً أكث امانا و اشراقا. كلمة واحدة منها ستمنع آرثر كليتون و والدها من مواجهة الفشل و الخسارة. أنها تدين لهما بشئ ما, أليس كذلك؟ لمسة خفيفة على كتفها جعلتها تتوتر حتى اطرافها. كانت تلك اللمسة من كاغى دفونشير, محررة الصور.
اشرق وجهها اللطيف من الفرح و هي تقول :
أخيراً رأيتك! إننى سعيدة جداً لأجلكما. فانتما شابان, و ستبدأن بالنجاح معاً. هذا شئ رائع و جميل جداً.
ظللت عيناها المتعبتين ذات اللون البندقى دموع حارة و هي تتابع:
دعينى ارى الخاتم.
ما إن وضعت ليزا يدها في يد المرأة الأكبر سناً حتى شعرت بعينيها تخزانها. كانت ماغى واحدة من اعظم النساء, فهي تتحمل اعباء مشاكلها بثبات و إيمان. فأبنها بيلي مصاب بقصور في الدماغ منذ ولادته, و هو يملك عقل طفل في الرابعة من عمره لكن جسمه جسم رجل شاب. و لأن زوج ماغى تخلى عنها منذ سنوات عديدة, فهي تعيش بمفردها. تأخذ بيلي إلى مركز العناية اليومية و هي في طريقها إلى العمل, و تأتى لاصطحابه عند عودتها مساء إلى المنزل. لم تتذمر يوما او تتلفظ بكلمة لتشفق على نفسها, و إن فقدت عملها فلن تجد عملاً آخر. إنها في منتصف الخمسينيات من عمرها, و كل ما تستطيع ان تجده هو عمل وضيع بأجر زهيد كتنظيف المكاتب أو شئ من هذا القبيل.
رعشة باردة سيطرت على كل جزء من جسم ليزا. ما إن انتهت ماغى من إظهار اعجابها بالخاتم الماسي و تركت يدها, قالت لها:
- علىّ حقاً الذهاب الآن. سيمضى بيلي الأمسية عند إحدى الجارات, لكننى لا أريد أن استغل طيبتها, فلا احد يعلم متى سأحتاج إليها ثانية. ربما سيدعونى مليونير وسيم لتناول العشاء خارجاً.
ما ان استدارت ماغى و هي تسخر من نفسها بخفةحتى وضعت ليزا يدها بتوتر على ذراع بن, و تمتمت بحزم:
- لنذهب.
هل يمكنها ان تضحى بنفسها من اجل مصلحة المجلة؟ لماذا تشعر بتلك الحرارة الغامضة في عروقها لمجرد التفكير بما سيحدث فعلاً ؟
عليها ان تعيد الخاتم لـ بن.... كم سيؤلمه هذا الأمر!
لكن هذه العلاقة العابرة مهما طالت ستنتهي حين يقرر دييغو ذلك.
و عندها لن يتبقى لديها إلا الشعور بالفراغ العميق.
لا شك أنها ستشعر بالمهانة لأنها ستضطر إلى مرافقته إينما يذهب, و إلى رؤيته كل يوم. هذا ما فكرت به, و هي تشعر بالغضب من نفسها لأن جسمها بدأ يرتعش و دقات قلبها أخذت تتسارع لمجرد التفكير بالبقاء بقرب دييغو رافاكانى.


منتديات ليلاس
منتديات ليلاس

زهرة منسية 13-12-17 03:28 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

- أو ستفعلين ما يطلبه منك؟
جلس بن مسترخياً على الأريكة و قد اصبح فنجان القهوة الذى قدمته إليه بارداً على الطاولة أمامه. اصغى إلى كل ما ارادت قوله في صمت ثقيل, و الآن ها هو ينتظر جواباً على سؤاله.
راحت ليزا تذرع الغرفة ذهاباً و اياباً, يقودها توتر داخلى مؤلم, فهي لم تستطيع ان تجد جواباً لسؤاله. لكنها توقفت عن الحركة فجأة و قد بدت مصدومة, عندما قال لها بن بكل وضوح:
- ان تريدين ذلك, فأنت ما زلت تحبينه. منذ خمس سنوات اقسمت بأنك تححيه بجنون. اعتقدنا انا و صوفى أنه غرام متطرف كذلك الذى يصيب المراهقين. لا احد منا كان يعلم من هو في الحقيقة, لذلك اوصلتك بكلامى إلى أسوأ الاستنتاجات بشأنه. اعتقدت أنه كان يعمل على جعلك تتعلقين به ليتمكن من الحصول على اى شئ منك.
احنى كتفيه إلى الأمام بقلق قبل ان يرفعهما ثانية و تابع:
- تلك الليلة افترضت أن القصة بينكما قد انتهت لأنه لم يحضر. لكن يبدو واضحا انها لم تنتهِ بعد.
اعترفت ليزا بنبرة حزينة:
- لقد حضر في تلك الليلة.
تساءلت لما لم يبدُ بن غاضباً بجنون بسبب اقتراح رافاكانى, لماذا لم يقسم انه سيقتل ذلك الرجل إن اقترب منها ثانية. و تساءلت ايضاً, لِمَ لم تسبب لها تصرفاته المدروسة و ردة فعله الواقعية الألم ؟
بحيوية جلست على حافة الاريكة بقربه و قالت:
في تلك الليلة حضر مع امرأة فاتنة و ثرية جداً. ثراؤها يبدو واضحاً بمجرد النظر إليها.....
لم تذكر من قبل الملاحظات الدقيقة, فقد بدا لها ان لا اهمية لقول ذلك و تابعت:
- ...... كانت الغيرة تلتهمنى. و اردت أن ارد له الصاع صاعين, لذلك عانقتك, اتذكر؟
- هل أذكر؟!!
تحرك في مقعده بعدم ارتياح و قال:
- لقد صدمتنى, فذلك التصرف في مكان عام ليس لاشخاص مثلك. مرت شهور قبل ان اشعر أننى استطيع التصرف بسهولة و بطريقة عادية عندما تكونين موجودة بعد تلك الحادثة.
اعترفت ليزا, متجاهلة بمظاهر الاحتشام:
- كان دييغو واقفاً تماماً وراءنا. قلت له كلاماً وضيعاً حقاً, و لهذا السبب وضع تلك القيود المستحيلة على خطة الإنقاذ. إنه يريد ان يعاقبنى, فلقد جرحت كبرياءه العزيزة.
ادار بن رأسه لينظر إليها. شئ ما في تلك النظرة اعلمها انه قد استسلم و انه سيتركها لمصيرها. شعرت بالرعب حقاً! فعلى الرغم من عدم وجود حب بينهما, إلا ان بن يمثل لها الأمان العاطفى.
- هذا امر غير مقبول, بالتأكيد! فمن الواضح انك جرحت اشياء اعمق من كبريائه.
تابع بلطف:
- خمس سنوات فترة طويلة لرجل مثله ليحمل كل هذا العداء....
قاطعته بحدة:
قلت لك أنه يريد ان يعاقبنى.
- و انت تريدين ذلك النوع من العقاب, أليس كذلك؟
- بالطبع لا!
انكرت ما تشعر به, لكن خديها اصطبغا باللون الاحمر من فكرة العقاب الذى سيمارسه دييغو عليها.
- إذا لِمَ لم تقولى له بصراحة إنكِ لست مستعدة لذلك؟ لماذا تشعرين انك بحاجة للبحث في المسألة إذا كنت غير راغبة في القيام بها؟ و لا تكررى ذلك الكلام الذى لا طائل منه, كإنقاذ "لايف ستايل" و كل ما يتعلق بها. لأنها إذا انهارت فلن تكون تلك نهاية العالم. فوالدينا سيحظيان بتقاعد مريح و أنا سأجد عملاً آخر في مجال اختصاصى, و لن يكون هناك أية مشكلة.....
قاطعته بحرارة:
- و ماذا عن الباقين؟ سيصبحون بلا عمل. و ماغى..... ما الذى ستفعله؟
أثار غضبها الشديد لأنه وضع اهتمامها في خانة الشوق و الرغبة الدفينة لتقوم تماماً بما اقترحه دييغو.
قال مفسراً لها:
- الشركات تتخلى عن الفائض من عمالها كل يوم. ولا احد منهم يجوع او حتى يموت. إنهم مسؤولون عن انفسهم. اما بالنسبة إلى ماغى, فهي تقترب من سن التقاعد. و ستحظى بتقاعد لا بأس به.
نفخ في الهواء و نهض ببطء عن الاريكة.
- اعترفى بالأمر, ليزى. انت ترغبين بشدة بالقيام بدور الضحية. انت و انا لم نتظاهر يوماً اننا عاشقان. و إذا كنت في اعماقكِ ما زلت مغرمة بذلك الاسبانى, فإذهبى إليه. لكن كونى صادقة بما تفعلينه, و لا تفكرى بأعذار اخرى إلا الحاجة الحقيقية لتكونى بقربه مهما كلف الأمر.
وضع يده على كتفها و ضغط عليه بعاطفة صادقة و تابع:
- فكرى بالأمر, و كونى صادقة مع نفسك, و إذا قررت أن تفعلى ما يطلبه, فأنا اعفيك من ارتباطنا. أنا لا أؤمن بقصص الحب الرومانسية, و انت تعلمين ذلك, لذا لا اريد زوجة لديها عواطف دفينة نحو رجل آخر, لأن زواجنا لن يكون ناجحاً.
ابتسم لها آخر ابتسامة لطيفة و قال:
- احتفظى بالخاتم كعربون محبة بيننا, فأنا اتمنى لك السعادة في حياتك.
لم تعرف ليزا مطلقاً كم من الوقت جلست هناك بعد رحيل بن.
شعرت كأنها تجمدت من الصدمة. كيف تخلى عنها بهذه السهولة؟ و كيف تمكن -ببساطة شديدة- ان يضع اصبعه على جرحها و يفهم الموضوع بهذه السرعة؟ هي لا تزال تريد دييغو! و لا تزال مغرمة بذلك الشاب الاسبانى الوسيم الساحر الذى مزق قلبها طوال تلك السنين الماضية!
لم تفكر في يوم أنها ساذجة و حمقاء, لكن هذا ما تراه الآن في ذاتها بقلق و تعب. دخلت إلى غرفتها, غير راغبة بمواجهة صوفى. اغلقت الباب وراءها, و إتكأت عليه, ضاغطة برؤوس اصابعها على صدغيها النابضين.
سيأتى دييغو عند الصباح ليعلم ما هو قرارها.
هل ستكون قوية و عاقلة بما يكفى لتطلب منه ان يرحل من امامها؟ هل بإمكانها ان تترك "لايف ستايل" لقدرها المشؤوم؟ كما قال بن, لن تكون نهاية العالم إذا أفلست المجلة. و إنقاذها ليس سوى عذر لتحقق ما تريده, ام انها ستوافقه على طلبه, و تذهب و تعيش معه؟
تتمتع بأيام جميلة برفقته ثم تتحمل الألم عندما ينتهي الأمر؟ هل تستطيع مقاومة تلك الأفكار الشريرة؟


منتديات ليلاس

منتديات ليلاس


زهرة منسية 13-12-17 03:30 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
خرج دييغو من السيارة الاجرة التي احضرها من فندق سنترال لندن حيث يقطن هذه الأيام, و طلب من السائق ان ينتظره لأنه لن يحتاج إلى الكثير من الوقت.
شعر بارتجافة قوية مع انه يرتدى معطفاً من الكشمير الصافى. لكنه وضع اللوم على الطقس البارد في لندن خلال شهر آذار. ضغط على فمه بتجهم, و فكر ان لا علاقة للآلم الحاد الذى يشعر به و تلك الرجفة في اعماقه بجوابها مطلقاً.
أنه يشعر بالإحباط من هذه البلاد بسبب الطقسو الشوارع الرمادية و المبانى. فهي لا تشبه ابداً بلاده التي تشع حياة و الواناً. هذا هو السبب الذى يجعل روحه ترتجف داخل جسمه. اتراه اطيب بانفلونزا و هذا ما يفسر العرق المتصبب من جبهته؟
التوى فمه الأنيق بقلق, ها هو الآن قد تحول إلى مصاب بوسواس المرض!
دفع باب المبنى الذى تحوّل من منزل ريفى قديم إلى بناية سكنية صغيرة الشقق. بدت القاعة الخالية من المفروشات باردة جدا و كئيبة. رأى دراجة ملقاة بجانب الدرج, فبدأ قلبه يقفز كـ السمكة الحية المطروحة على اليابسة و هو يصعد الدرج, لكنه رفض التفكير في احتمال تلقيه اجابة سلبية على عرضه.
ذكر نفسه بقوة انها منذ خمس سنوات, عندما احبها فعلاً, شعرت برغبة قوية في البقاء بقربه, و كان يحتاج إلى كل ما لديه من قوة ليتمكن من الابتعاد عنها. كان يعلم تماماً انه يرغب بها كما لم يرغب ابداً بامرأة اخرى في حياته. لكنها كانت شابة سريعة التأثر, و ارادها ان تتأكد من عاطفتها نحوه كما كان متأكداً من عاطفته نحوها. لكنها في المقابل و في تلك الليلة الأخيرة الكريهة حولت اهتمامها إلى كليتون متخلية عن من افترضت انه نادل فقير, و كأنه غبار تحت قدميها النحيلتين.....
كانت عابثة منذ ذلك الوقت, و بالطبع لم يتغير شئ عبر سنوات الابتعاد, فلا مشكلة إذا. الموافقة على ما يطلبه كعقاب لها لن يكون امرا صعبا بالنسبة إليها. بالإضافة إلى الربح المالى غير المتوقع و الذى سينشأ عنه نهضة "لايف ستايل" و هذا أمر بالغ الأهمية بالنسبة إليها. كان لديها الليل بطوله لتفكر بكل إمكانيات عرضه. ستختار ليزا بنينغتون دائما ما هو الأفضل لها.
لقد تمكن منها! إنه متأكد من ذلك بشكل مطلق.
تحولت يداه إلى قبضتين قاسيتين, و إزداد توتر جسمه لمجرد ذكرى شوقه إليها و قوة مشاعره نحوها طوال تلك السنين الماضية. كم كان مغرماً بها! انه السحر الأعمى للوقوع في الحب للمرة الأولى في حياته مما جعله يفكر بطريقة رومانسية, معتقداً انها ملاك اُرسل إليه من الجنة من أجله وحده.
يا له من احمق!
ضغط بقوة على اسنانه. وضل إلى ردهة الطابق الثانى, وقف امام باب الشقة التي تسكن فيها, و شعر بظلام يحيط بأفكاره بسبب احساسه بالشك.
منتديات ليلاس
كليتون! اتراها أمرت الشاب المسكين بالرحيل؟ و هل هو الآن يعمل على تضميد جراح قلبه؟ ما زال يتذكر, و بكل وضوح, كل ما شعر به في تلك الليلة منذ خمس سنوات.
في تلك الليلة من ليالٍ اخرى لا تحصى لم يتمكن من النوم مطلقاً. سيطر عليه شعور بالألم من جراء التعاطف معه. بعد ذلك, و بتصميم قوى, تخلى عن تلك الأفكار.
ليزا بنينغتون مجرد عابثة. لقد قدم خدمة كبرى لـ كليتون بعرضه هذا.
رفع يده و ضغط بعزم و تصميم على جرس الباب.



نهاية الفصل الثالث

قراءة ممتعة


bluemay 13-12-17 04:59 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
لا طوليها وهي قصيرة ، احكيله ما بقبل بعرضك واتكلي على الله و دوريلك على وظيفة تانية .

متل ما حكالها بن بلا تضحية بلابطيخ ،، وهي فعلاً لو بتحبه رح ترفض ، لأنه عرض مذل .

بس اتوقع انه رح تخيب ظني وتقبل من مبدأ يضرب الحب شو بذل.

المهم ما علينا فخار يكسر بعضه،

يسلمو ايديك زهورتي وفعلا انا بحب الروايات المكتوبة

ونااادرة ما اروح ع المصورة .

متشوقة للقادم

تقبلي خالص ودي

زهرة منسية 15-12-17 11:18 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3694596)
لا طوليها وهي قصيرة ، احكيله ما بقبل بعرضك واتكلي على الله و دوريلك على وظيفة تانية .

هههههه لازم تطولها مايتى و تفرسنا

متل ما حكالها بن بلا تضحية بلابطيخ ،، وهي فعلاً لو بتحبه رح ترفض ، لأنه عرض مذل .

بس اتوقع انه رح تخيب ظني وتقبل من مبدأ يضرب الحب شو بذل.

المهم ما علينا فخار يكسر بعضه،

من جهة تخيب الألم فهى هتخيب امالنا طول الوقت البنت ليزا فرسانى بكل تصرفتها هى و الأخ دييغو الاتنين اضرب من بعض

على قولت فخر يكسر بعضه

يسلمو ايديك زهورتي وفعلا انا بحب الروايات المكتوبة

ونااادرة ما اروح ع المصورة .

متشوقة للقادم

تقبلي خالص ودي

يسلم عمرك حبيبتى

و انا كمان بتفق معاكى بحب كتير الروايات المكتوبة و بحبتفظ بيها على تليفونى دائما
وجودك بيزيد الرواية قيمة مايتى و يضيقف رونق على الموضوع

جمعة مبارك بداية لاسبوع كله خير و بركة

زهرة منسية 15-12-17 11:23 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

4- ماذا اقول له.
منتديات ليلاس

فنجان الشاي الذى تشربه كل صباح بشهية, بدا مذاقه كريهاً. وضعت ليزا الفنجان جانباً مع قطعة الشوكولا, فهي لم تعد تستطيع تناول اي شيء بسبب تشنج معدتها.
الليلة الماضية لم تستطيع النوم و لم تتوقع ان تنام. سألت نفسها بقلق:
(ما الذى قصده دييغو بالصباح الباكر؟)
على الأقل صوفي لن تكون مستيقظة عندما سيصل دييغو ليعرف جوابها.
كانت الساعة قد تجاوزت الثالثة عندما احست بوصول الفتاة الأخرى التي بالغت بحذرها و هي تسير نحو غرفة نومها, لذلك من المحتمل ان تنام حتى الساعة الحادية عشر أو اكثر. فاليوم نهار الأحد, و عادة ما تقضى الفتاتان هذا اليوم و هما ترتاحان و تتحدثان بصراحة عن اهم الأعمال الملحة, و عن الثرثارات التي تجري في المجلة.
انتقلت إلى غرفة الجلوس و هي تشعر بعدم ارتياح. ليس هناك أي شيء عادى بالنسبة لهذا النهار.
اح قلبها يترنح في صدرها.... هل تقبل؟ هل ترفض؟
سحبت بقوة قميصها الداكن اللون فوق بنطلونها الجينز الذى يحيط بوركيها بشدة, و تحركت بدون وعى منها نحو المرآة التي عُلقت فوق المدفأة. ما رأته لم يعطيها أي احساس و لو ضئيل بالثقة بالنفس. بدت كأنها في الثانية عشر من عمرها, فتنهدت و هي تشعر بالاشمئزاز.
اخفت القميص الفضفاضة كل معالم جسمها الرشيق الجميل, كان شعرها معقوص إلى الوراء بعيداً عن وجهها. بدا شعرها باهتا لا حياة فيه, كذلك بدت عيناها اللتان احاطتهما هالة من السواد و هما تحدقان بها بحزن.
قمعت رغبة مفاجئة لتعود إلى غرفتها, و لتقوم بشيء ما لتغيير مظهرها, فاستدارت و سارت نحو المطبخ, إذ لا رغبة لديها لتؤثر به. في الواقع, قد تقرر انه لا يريد أى شيء يتعلق بها, و يستعيد اقتراح عرضه المشين. سيأخذ قراره الذى كانت تتصارع معه طوال هذه الليلة المظلمة القاسي من بين يديها.
لو اكلت شيء ربما تتخلص من الاحساس المرعب بالارتجاف في داخلها. لكن نظرة واحدة إلى فنجان الشاي البارد جعلها تشعر بالغثيان, فتخلت عن فكرة تناول أى شيء. قفزت كالهرة المذعورة عندما قُرع جرس الباب.

منتديات ليلاس


زهرة منسية 15-12-17 11:24 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
منتديات ليلاس

ها هو هنا!
إنها لم تُقرر بعد أي جواب ستعطيه. جعلها بن تنظر نظرة عميقة و صارمة إلى دوافعها في أي قرار ستتخذه. الاستنتاجات التي توصلت إليها جعلتها تفكر بأشياء بغيضة. في ما يخصها, هي تعلم ما الذى تريده, لكنها لم تستطيع إقناع نفسها ان ذلك سيكون الحل الأمثل لها و لـ دييغو.
نقرة اخرى اكثر اصراراً علي الجرس جعلتها تسرع بالخروج من المطبخ على ساقين شعرت كأنهما تحولتا إلي قماش. الضجة ستوقظ صوفي, و هذا سيعرضها إلي مصيبة كبرى. حسناً! عليها ان تختار كلمتها بحذر و عناية عندما ستخبر صديقتها الأقرب ان خطوبتها من اخيها التوأم قد فُسخت.... عليها ان تشرح لها السبب, فـ بن لن يضع نفسه في موقف مذل بالزواج من امرأة لا تزال مغرمة برجل آخر. هذا ما قرره بنفسه.
راحت يداها ترتجفان و هي تفتح الباب, سرعان ما التقت عيناها بعيني دييغو الداكنتين النافدتى الصبر. حبست انفاسها في صدرها, و سيطر الم شديد على معدتها. ما من رجل يحق له ان يكون بهذه الوسامة و هذه الفتنة! في السابق كانت تبتهج بشدة وسامته و جماله المثالي, اما الآن و قد اصبح اكبر و اقسى بات هذا يخيفها حتى الجنون.
تنحت جانباً بدون ان تتفوه بأية كلمة, لتسمح له بأن يدخل, لاحظت المعطف الأنيق الحديث الطراز الذى يرتديه بعجرفة تليق برجل فاحش الثراء.
في ما مضى, في تلك الأيام الرائعة من الحب العنيف, كانت تعتقد انه فقير لا يملك شيئاً. ظنت انه شاب شق طريقه بصعوبة لتأمين حياة هزيلة, بينما تنحدر هي من عائلة ثرية. تخيّلها له على حدود الفقر لم يزعجها البتة, أما الآن فثراءه الواضح يجعلها ترتجف.
راقبته و هو ينقل بصر ه بانزعاج بين محتويات غرفة الجلوس العادية. بحثت عن شيء ما أي شيء من ذلك الشاب الإسباني الذى استولى على قلبها الرقيق و امتلكه خلال ذلك الصيف الرائع منذ خمس سنوات, إلا انها لم تجد شيء. لا شيء في عينيه الضيقتين و هو ينظر إلى مظهرها. كما لم يكن في ذلك الوجه النحيل القاسي ما يذكرها بالرجل الذي احبها.... او بالأحرى تظاهر بأنه يحبها. كما اكدت لنفسها بتعب و قلق.
لا شيء فيه يشبه دييغو رافاكانى كما عرفته في السابق. في تلك اللحظة الكئيبة توصلت إلى قرارها النهائى.
- حسناً.
الكلمة الوحيدة القاسية التي تلفظ بها جعلت معدتها تنقلب رأساً على عقب. اصابعه الطويلة ابعدت كم معطفه لينظر إلى ساعته. ادركت ليزا انه فعل ذلك كـ إيماءة منه ليهول عليها كي تتلفظ بإجابتها على الفور. رأت الساعة التي يضعها, انها ليست تلك التي قدمتها له. تلك الساعة كانت أنيقة و مصنوعة من الذهب, اما هذه فهي داكنة اللون ضخمة الحجم. لكن..... لِمَ آلمها الأمر إلى هذه الدرجة؟
تمسكت بأخر ما تبقى لها من رباطة جأشها, و قالت بصوت ضعيف:
- يبدو ان الطقس بارد في الخارج. سأحضر القهوة.
ارادت ان تُعلمه ان هذا هو بيتها, و انها لن تُصاب بالرعب بسبب أي شيء. لكن في الحقيقة, اعترفت لنفسها بصدق مؤلم و هي تسير عائدة إلى المطبخ انها تريد ان تُأخر ولو قليلاً الوقت الذى سترمى فيه المجلة إلى قاع المحيط, و تُبقى زملائها بلا عمل.
لكن الاسباب الحقيقية لمحاولة تأخير جوابها كانت اكثر عمقاً. فما إن تخبره برفضها لاقتراحه حتى يرحل إلى الأبد و لن تراه من جديد. رغم ان هذا الأمر يجب ألا يؤلمها و ألا يُشعرها بهذا الفراغ القاتل, إلا انها في الحقيقة ارادت ان تكسب مزيد من الوقت برفقته.



منتديات ليلاس

زهرة منسية 15-12-17 11:26 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ما ان اُغلق الباب وراءها حتى بدأ دييغو يبذل جهدا كبيرا ليوضح الأفكار المضطربة في رأسه. بدت له هذا الصباح شاحبة كأنها طفلة متشردة, ترتدى ثياب لا تشبه مطلقاً الثوب الأنيق الذى ارتدته ليلة امس.
رأى بشرتها الناعمة بيضاء كالحليب, و خالية من مساحيق التجميل. جعله مظهرها هذا يشعر برغبة في إبعادها عن محيطها الكئيب, و يأخذها بعيداً إلى بلاد الشمس كي يعتنى بها و يدللها. و يرى تينك العينين الواسعتين تعودان إلى الحياة لتبدوا مليئتين بالمرح و الحيوية, فتبتسمان له كما كانتا تفعلان في السابق.
أيعقل ان يصل إلى هذا الحد من الجنون؟
بالرغم من مظهرها البسيط فإن ليزا بنينغتون امرأة ماكرة. لن يسمح لأى احساس من التعاطف ان يردعه عن الانتقام الذى يخطط له منذ ان علم ان لايف ستايل تسير نحو الهاوية بشكل محتم.
بإمكان ليزا بنينغتون ان تعتنى بنفسها بصورة جيدة, فهي معتادة على إيقاع الرجال في شباكها و رميهم بعيداً حين تشعر بالملل. لا شك لديه مطلقا انها امضت وقتها في الجامعة و هي ترمى بشباكها و تغري الطلاب برموشها الجميلة, مما جعل العديد من الشباب بالتأكيد يصدقون انها تبادلهم الحب بشغف.
صرّ على اسنانه ليتخلص من احساس مفاجئ بالغضب.... أنه بالتأكيد شعور بالغضب لا بالغيرة... اخذ يتجول في الغرفة الضيقة متسائلاً لماذا قررت اخيرا ان تتزوج من ذلك الرجل المغفل كليتون, أ لأنها اعتبرته وجبة سهلة؟ ربما.....! فنظراً لمحيطها, لا يبدو انها تعيش حالة اقتصادية جيدة.
فكر دييغو انها على الرغم من خطوبتهما, قد تتخلى عن كليتون فارتباطها بأي رجل من دون حب لن يكون مشكلة بالنسبة إليها, أليس كذلك؟
هو يعرف سجل حياتها, فما ان بلغت الثامنة عشر حتى بدأت تتصرف كعابثة. عندما عاملها بكل لباقة, بسبب حبه و احترامه لها حوّلت اهتمامها إلي اقرب شاب وجدته بالقرب منها, و هو كليتون.
اظهر دييغو تكشيرة, و اطلق شتيمة بصوت منخفض. فذكريات تلك الليلة لا تزال تلاحقه و تعذبه حتى في احلامه. لكنه سينتقم منها الآن, و هو متأكد من ذلك.
قرر التوقف عن ذرع الغرفة ذهاباً ة إياباً فوق السجادة الرثة, و رمى بنفسه على احد المقاعد. اغمض عينيه, مستمتعاً بالنصر القادم الحاسم الذى سيجعله يتخلص من تأثيرها عليه.
أخيراً سيصبح حراً. و سيتمكن من العيش بسعادة. عندها فقط سيجد الرضي و الفرح مع امرأة تستحق ان تشاركه ما تبقى من حياته, ليُنشئ معها عائلة و يُرزق بأطفال.
لا مجال لـ ليزا ان ترفض عرضه. مع ازدهار و نمو لايف ستايل ثانية على يدي دييغو سيصبح لدى والدها ما يكفى من مال لتدليلها, فلن تحتاج للعمل ثانية لتأمين معيشتها.
تذكرت ليزا و هي تضع الفنجان الخزفي الوحيد و صحنه قرب إبريق القهوة على الصينية ان دييغو يحب قهوته قوية بدون حليب او سكر.
بدأت يداها ترتجفان. تشجعي! قالت ذلك لنفسها و هي تسحب نفس قوياً تسير خارجة من المطبخ. هيا انتهي من هذه المسألة برمتها!
إنها بالتأكيد أنانية لتسمح بإفلاس لايف ستايل. لكن كما قال بن, لا احد سيموت من الجوع سيتمكن فريق العمل من إيجاد عمل آخر.
و ماغي التي هي مركز اهتمامها ستحظى بمعاش تقاعدي.
اما موافقتها على عرض دييغو بمرافقته حتى يمل منها, فسيلحق بها ضررا يتعذر اصلاحه. هي تعلم ان هذا العرض سينعكس بالسوء على دييغو ايضاً. آهـ, هو الآن يعتقد ان انتقامه سيسعده, و هي تتفهم ذلك, لكن خلف ذلك القناع الوسيم البارد الذى يختبئ وراءه, لابد من وجود ذرة من الاحترام لنفسه. في وقت ما, سينتهي به الأمر كارها نفسه على ما قام به.
لكنه لم يتصرف بشهامة من خمس سنوات, أليس كذلك؟ مجرد التفكير بالمرأة التي كانت بقربه تجعل معدتها تنقبض. و مع ذلك ها هو يُلقي اللوم عليها بسبب ما حدث, و لديه ميل جنوني للانتقام منها!
توقفت لتدفع باب المطبخ بقدمها كي تفتحه, و قد تجعد جبينها. أيعقل ان يكون غروره كبير لدرجة لا يستطيع تحمل فكرة ان مجرد امرأة, أية امرأة, بإمكانها ان تتخلي عنه, حتى لو انه وجد امرأة اخرى تحل محلها؟
أو...... هل من الممكن ان يكون هناك تفسير برئ لطريقة تصرفه مع تلك الفتاة التي رأتها برفقته؟
بدون وعي منها هزت رأسها نافية ما تفكر فيه. لقد رأت بأم عينها.... ألم تفعل؟ لكن بالطبع بعد ان عرفت مؤخراً هويته الحقيقية قد يتغير السيناريو كله. إذ لا حاجة به ليتودد إلى النساء الثريات للحصول على منافع مالية منهن....
بدا الأمر كله مشوشاً, و بات رأسها في فوضى كاملة, و لم تعد تستطيع ان تفكر بطريقة جيدة.
دفعت الباب بكتفها و دخلت منه. حبست انفاسها في حلقها من الدهشة. كان دييغو منطرحاً على الكرسي القديم و قد اغمض عينيه. كم يبدو جميلاً! لكنه يبدو ايضاً متأثراً بشكل يدعو للغرابة إلى درجة انها شعرت بقلبها يتوقف عن الخفقان لأجله. في تلك اللحظة, عاودتها تلك الأحاسيس القديمة. عاودها ذلك الحب العميق الذى شعرت به نحوه, و الذى لا تزال تشعر به إلى اليوم!
شعرت بوخز في مؤخرة عنقها, بينما زادت دقات قلبها في صدرها. احست بألم مرارته حلوة, جعل انفاسها تنقطع.... و كان شهقتها غير الارادية نبهته إلى وجودها, ففتح عينيه بقوة.
في تلك اللحظة العفوية, التقت عيونهما, فرأى كل منهما في عيني الآخر مرآة لروحه. توقفت ليزا عن مواجهة الأمر بقساوة, و قالت بصوت مرتجف:
- سأفعل ما تطلبه منى.
علمت اخيرا انها لن تستطيع تحمل ابتعاده عنها, و خسارته مرة ثانية.
قفز دييغو على قدميه, فيما مازالت عيناه تحدقان بوجهها الذى اصطبغ فجأة باللون الأحمر. شعر بصدمة ممزوجة بالفرح سرت عبر جسده المتوتر. لقد حصل عليها! و هل خالجه شك في ذلك للحظة واحدة؟ ألم يكن يعلم ان هذه الفتاة الوقحة الجشعة ستأخذ هذا القرار و تلجأ إلي الخيار الأسهل؟
ردة الفعل الوحيدة التي سمح لنفسه بإظهارها هي انحناءة صغيرة من رأسه ذي الشعر الداكن. مد يده إلى جيب معطفه الداخلي, و اخرج بطاقة كتب بسرعة علي ظهرها و هو يقول:
- هذا رقم هاتفي الجوال و عنوان الفندق الذي اقطن فيه. اذهبي إلي هناك غدا عند الساعة الثامنة مساءاً. سنبحث خطة رحلتنا اثناء تناول العشاء.
اسقط البطاقة المستطيلة بلا مبالاة, على صينية القهوة التي احضرتها و استدار مبتعداً. مذكراً نفسه بقوة انه لم يعد ذلك الأحمق المشتاق المسلوب العقل. و بحزم منه, قمع إحساسه الفطري بأن يأخذ ها بين ذراعيه. لكن بإمكان ذلك ان ينتظر, فلا حاجة لإظهار ذلك الشوق الذي يسيطر عليه.
تسمرت عينا ليزا على كتفيه العريضين و علي رأسه ذي الشعر الأسود اللامع الذى يرفعه عاليا بكبرياء, فيما راقبته و هو يسير نحو الباب. ارادت ان تناديه, لتخبره انها تحبه, و انها اعتقدت انها توقفت عن حبه, لكنها الآن تعلم انها لم تفعل. ارادت ان تشرح له بالتحديد لماذا تصرفت بتلك الطريقة السيئة منذ خمس سنوات.
لكن كبرياءه و قسوته, و ردة فعله القاسية, او بالأحرى المشمئزة على موافقتها, منعتها من القيام بما تشعر به. بالنسبة إليه ما يحدث الآن هو عمل خاص به, انتقام قاس لرجل متكبر, و لابد انه سينظر إلى كل الكلام......... او الاعتراف بالحب بكره و سخرية.
ما إن اغلق الباب وراءه حتى وضعت قبضة يدها بين اسنانها و عضت عليها بقوة إلى ان شعرت بدموعها الحارة تسيل على خديها.
منتديات ليلاس
منتديات ليلاس

زهرة منسية 15-12-17 11:27 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ما ان غادرت ليزا الاجتماع العادي للمحررين صباح الاثنين, حتى اقتربت منها سكرتيرة والدها قائلة:
- يريدك والده في مكتبه, الآن. لكن لا تقلقي!
ابتسمت ما ان رأت ملامح الاضطراب الشديد على وجه المرأة الشابة, و تابعت:
- انه في الحقيقة في مزاج جيد اليوم.
لم يكن مزاج والدها فقط ما يقلقها. و هذا ما فكرت به ليزا بحيرة و هي تسير نحو مكتبه. فكل ما يدور حولها الآن اصبح يثير اضطرابها و قلقها.
إخبار صوفي البارحة عن فسخ خطوبتها بدأ كابوسا حقيقياً.
بالطبع, استعدت ليزا لمواجهتها بكل ما يمكنها. شرحت لها انها بعد رؤية دييغو مرة ثانية, ادركت انها لا تزال تحمل له الكثير من العواطف, و ان الزواج من بن لن يكون عادلاً او صحيحاً. لم تذكر لها عملية الابتزاز التي قام بها دييغو , لأنها ببساطة علمت منذ تحدثت مع بن ان انقاذ المجلة ليس مشكلتها, و لا علاقة لها بالموضوع حقاً.
منذ ان غادر دييغو و هي تفكر بالأمر من ناحية مختلفة تماماً. امضت النهار و هي تحدق برقم هاتفه الجوال حتى اخذت الأرقام تتراقص امام عينيها.
لو انه اظهر بعض العاطفة نحوها او حتى ابتسم لها, لربما شعرت بإحساس مختلف عما تشعر به الآن. لو انه اخذ يدها كما كان يفعل في الماضي عندما يلتقيان ليمرر شفتيه بنعومة على عقد اصابعها قبل ان يطبع قبلة طويلة على راحة كل يد, لشعرت بالانجذاب إليه من جديد.
عندما بدلت رأيها و وافقت على ما يطلبه منها شعرت ان كل ما يحتاجانه هو لمس بعضهما البعض حتى يعوض ذلك السحر القديم ليجمعهما معا مرة ثانية. لكنه لم يلمسها و هي دون شك حمقاء لتفكر ان بإمكانهما ان يعودا إلى سابق عهدهما, لأن لا شيء مما مضى كان حقيقياً.
لذا فهي لا تشعر بالإهانة فقط, بل بأنها غبية. انطبع رقم هاتفه الجوال في رأسها بشكل يتعذر محوه. قررت الاتصال به في اللحظة التي ستعود بها إلى مكتبها, متمنية لو انها تستطيع إخفاء الالم الذي تشعر به عندما تخبره انها بدلت رأيها.
رأت والدها يحدق بالمناظر الخارجية عبر النافذة. استدار عندما دخلت و ظهرت ابتسامة صغيرة على وجهه القاسي و هو يبلغها:
- يمكنك اليوم ان تُخلى مكتبك. ففي ظل الظروف المستجدة, لا حاجة لك لتعملي على مقالك. لقد تولى رافاكانى زمام كل الأمور.
- منذ الآن! هل تحدثت معه؟
امسكت بظهر احد المقاعد امام مكتب والدها الضخم كي لا تتعثر.
ت لقد غادر للتو. طلب اجتماع طارئاً لمدراء المجلة كأول عمل له هذا الصباح.
تابع بنبرة مليئة بالإعجاب:
- أنه من رجال الاعمال الذين لا يعرفون الهدوء و المماطلة في اعمالهم. يعجبني هذا النوع, لأنه يبشر بالخير .
لمن؟ سألت ليزا نفسها بحزن ما ان جلست و هي تراقب والدها يسير نحو مقعده, و يجلس عليه وراء مكتبه. اخذت عيناه الباردتان الثاقبتان تنظران إلى ملامح وجهها الشاحب كأنه يراها للمرة الأولي.
- لم يكن لدي فكرة انكما تعرفان بعضكما. اخبرني رافاكاني كيف التقيتما في اسبانيا, و انه لم يتمكن من رؤيتك ثانية. كما اخبرني عن موافقتك على قضاء بعض الوقت معه في الاندلس.
سمح لنفسه بإطلاق ابتسامة صغيرة مرة ثانية و تابع :
- العبي اوراقك جيداً, و اقنعيه انك ستكونين زوجة مثالية له, و عندها ستضمنين نجاح حياتك كلها. اذكر ان آرثر انتقدك انتقاداً لاذعاً و بن تلقي صدمة كبيرة, فخطوبتكما هي اقصر خطوبة في العالم. لكن سلة رافاكانى تتضمن استثمارات مالية ضخمة, و تعاقد مع اشهر و ألمع المحررين, و هذا ما جعل آرثر يعود بسرعة عن قرار تخليه عن المجلة.
نظر إليها نظرة تتسم بالحكمة و قال:
- اعتقد ان الفضل في إنقاذ المجلة يعود إليكِ. لا اريد ان اعرف ما هو الاتفاق الذى جرى بينكما, لكنني استطيع ان اقول لكِ الحقيقة. لقد تمكنت فعلاً ان تعوضي عن كونك لست الصبي الذى كنت ارغب به دائماً. فأنتِ فتاة صالحة.
إذا لقد تمكنت اخيرا من الحصول على رضاه! لكن بأي ثمن؟ ابتلعت ليزا الدموع التي كادت ان تنهمر على وجهها. لا فائدة من القول لنفسها إن ذلك غير مهم, و إنها اعتادت على التعايش مع عدم اهتمامه. لقد انتظرت طوال حياتها للحصول على حنانه و رضاه, لتجعله يعترف , بأنها جزء منه, و بأنها ابنته! إنه شعور لم تستطيع التخلص منه يوماً. و في هذا الوقت بالذات هي بحاجة إلى دعمه هذا لتتمكن من الاستمرار, و لتتمكن من إرضائه عليه ان لا يعلم القصة الحقيقية بينهما و بين دييغو.
إذن هي لن تتصل بـ دييغو.... لا يمكنها هذا.... ليس بعد الآن.
إذا فعلت, سيعمد إلى سحب كل التقديمات لإنقاذ المجلة. و والدها سيضع اللوم عليها من جديد و سيكرهها بدون أدني شك!
احسنت صنيعاً بالاحتفاظ بالفستان الأسود القصير! هذا ما اعترفت به ليزا بسخرية و هي تدفع المال لسيارة الأجرة, و تدخل ردهة احد افخم و اهم فنادق لندن.
ارادت ان تسلي نفسها بأي شيء ليمنعها من التفكير بالمهانة التي ستتعرض لها لاحقاً.
لقد استحمت و ارتدت ثيابها كرجل آلي. رفعت شعرها إلى اعلى رأسها, و ارتدت قرطين من اللؤلؤ في اذنيها و تمهلت في وضع زينتها.
اخيرا تأملت النتيجة النهائية برضي و حزن في آن, فهي تعلم انها تبدو باردة, هادئة و صعبة المنال. المرأة الجليدية! هذا ما اردت قوله لها صديقتها صوفي لو لم تكن غاضبة منها لدرجة أنها لم تعد تتكلم معها مطلقاً.
قالت صوفي لها البارحة:
- كنت دائما افكر فيكِ كـ أختي الصغرى, و صديقتي الأغلى, و كم أسعدني ان تصبحي جزء من العائلة. لكن لا تنسي, أنني انا من اقنع بن بتلك الخطوبة. نصحته بأن يتقدم لخطبتك لكي نبقي جميعا عائلة محبة صغيرة!
لم تكن ليزا علي علم بذلك لكنها وجدت ما سمعته منطقياً. لابد ان بن فكر كثيراً و لمدة طويلة بما اقترحته عليه اخته, و توصل إلى القبول بهذا الزواج التقليدي. فهو لا يملك حساً رومانسياً او حبا للمغامرة, و إذا فكر في الزواج في مرحلة ما, لينشئ عائلة, فبإمكانها الارتباط بأبنة شريك والده. فهما يحبان بعضهما كثيراً, و هما يعرفان بعضهما جيداً, و يعرف كلاً منهما عن الآخر كل التفاصيل. بعد القصة التي ندمت عليها مع النادل الإسباني لم تقدم ليزا على أي خطوة خاطئة و لم تقابل أي شاب مطلقاً. فمن اين له بفتاة افضل؟!!
تنهدت بعمق, فهي تعلم تماماً كيف يفكر بن, و يمكنها ان تعرف بالتحديد الحوار الذى جرى بينه و بين نفسه.
و الآن ها هي قد فقدت صوفي, صديقتها الأغلى و كذلك بن. لن يعود الثلاثة إلى ما كانوا عليه في السابق ابداً. و عندما ينتهي منها دييغو, و يرميها جانباً كأنها شيء تافهاً, لن يبقي لها لا كبرياء ولا احترام لنفسها, و لا حتى عمل.
عرفت رقم غرفته, فاستقلت احد المصاعد. شعرت بتوتر جهازها العصبي, فتنفست بعمق و هي تقف في الطابق الذى تريده. ستعمل على مجاراة مزاجه, خطوة بخطوة. و إن بدا قاسيا متعاليا, فستكون هي كذلك ايضا.
ستكون جافة إلى درجة الفظاظة, و إذا كانت هذه هي الطريقة التي سيعاملها بها. الاحتفاظ بعاطفتها مخبأة هي الطريقة الحيدة للدفاع عن نفسها. فإن عاشت لمرة ثانية مع قلب محطم سيستحيل عليها ان تداويه من جديد.
ثراؤه الفاحش اعطاه القدرة ليشفي غليل غضبه بالانتقام, لكن هذا لا يعنى ان يحصل على اى نوع من الرضي و الثقة بالنفس من جراء ذلك. إذا اراد التقرب منها ليتمكن من الحصول عليها, فهذا ليس إلا جزء من المساومة القذرة, وهى ستعرف كيف تتعامل مع ذلك الاتفاق الجهنمي.
فهو لن يتمتع ابداً برفقة كتلة من الخشب او الجليد.
هذا سيكون انتقامها!
منتديات ليلاس





نهاية الفصل الرابع

قراءة ممتعة


شيماء علي 16-12-17 04:27 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
يخرب بيت أبوها!!
ما همه غير الزفت المجلة ولا عنده اي مشكلة مع وضع بنته!!
بغض النظر عن كون بنته هبلة يعني 😹
قال احبه واشفق عليه وكتلة جليد مدري لوح خشب قال
شكله مثير للشفقة ولا للانتقام يا ليزا
ما ترسي على حل 😒
ولا دييغو
عايز الضرب هو التاني باقتراحه اللي زي وجهه اسود ومغبر
اول مرة احسني مش طايقة البطلين مرة واحدة وبنفس الوقت متحمسة لمعرفة مصيرهم
😹😹

زهرة منسية 17-12-17 04:56 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3694732)
يخرب بيت أبوها!!
ما همه غير الزفت المجلة ولا عنده اي مشكلة مع وضع بنته!!
بغض النظر عن كون بنته هبلة يعني 😹


يا دى النور يا دى النور و السرور
شيما عندنا يا دى الهنا يا دى الهنا
من هبلانتها تستاهل اللى يحصل فيها
بس هى هتكون صريحة مع نفسها

قال احبه واشفق عليه وكتلة جليد مدري لوح خشب قال
شكله مثير للشفقة ولا للانتقام يا ليزا
ما ترسي على حل 😒

هبببببببببببببلة و شكلها هتفضحنا بهبلها

ولا دييغو
عايز الضرب هو التاني باقتراحه اللي زي وجهه اسود ومغبر
يا حبى انتى داخلة على امتحانات لازم تهدئ اعصابك و تروقى سبيلى انا الطلعة دى
:22::22:
اول مرة احسني مش طايقة البطلين مرة واحدة وبنفس الوقت متحمسة لمعرفة مصيرهم
😹😹

الحمد لله ان الحماس موجود للآسف مش هقدر الومك لأنه نفس شعورى اما نشوف اخريتها ايه معاهم
نورتى و شرفتى الرواية و القسم كله شيما
مووووواه

زهرة منسية 17-12-17 05:01 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
منتديات ليلاس
5 – رحلة الأحلام.... و الآلام.

بدت ليزا غافلة تماماً عن الغنى الفاحش لجناح دييغو في الفندق.... لم تتحرك أكثر من خطوة واحدة عبر الباب الذي فتحه لها بعد دقة يدها المترددة. لم تبتسم, و بالتأكيد لم تستطيع الكلام.
لم تنظر إليه, بل ركزت نظراتها على قطعة صغيرة من السجاد الناعم ذات لون قشدي أمام قدميها مباشرة, لكنها شعرت بقوة وجوده مما جعل رأسها يدور و دقات قلبها تزداد بين ضلوعها. ابقت اسنانها مضغوطة بشدة فوق بعضها البعض, لأنها إن استرخت ستتبدد تلك القبضة الحديدية التي تمسك نفسها بها, و ستشعر بالارتجاف بسبب توتر اعصابها.
- لا تمشي هكذا!
اعتراضه بصوت أجش اعادها إلى رشدها. من المفترض بها ان تقدم له التعامل البارد ذاته الذى يعاملها به, لا ان تتصرف كالضحية الخائفة بانتظار سقوط السيف القاطع عليها. أليس كذلك؟
رفعت رأسها ببطء و عمدت إلى اظهار نظرة جليدية في عينيها الزرقاوين. إنها بحاجة إلى قوة كبيرة لتتمكن من إظهار تعابير عدم الاهتمام و التعالي و هي تنظر إلى ذلك الوجه الغامض الوسيم, و هي تعرف في فرارة نفسها ان كل ما عليه ان يفعله هو ان يقول كلمة واحدة لتذوب كرقائق الثلج فوق الجمر المشتعل.
رفعت ذقنها إلى أعلي ما ان بدأت عيناه الباردتان الجميلتان في النظر إليها لتقيمها, مما تسبب بتسارع نبضها. تجاهلت اضطراب معدتها و قالت بوضوح و صراحة بقدر ما امكنها:
- اخبرني والدي انك بدأت بتطبيق ما يتعلق بك في اتفاقنا.
رفعت كتفيها قليلاً باستسلام. هل يمكنها ان تتابع بهذه الطريقة المتعالية و بلا مبالاة؟ لا فكرة لديها, لكن يمكنها ان تحاول.
- يمكننا ان نبدأ بتطبيق دوري في الاتفاق, ايضاً.
هذا اقل ما تستطيع قوله لتعلمه اتها تضع افاقهما في خانة العمل الممل فقط, فليس هناك اي وجود لأية عاطفة.

منتديات ليلاس


زهرة منسية 17-12-17 05:03 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

منتديات ليلاس

- إذا كانت هذه دعوة فأنا ليس سعيداً على الإطلاق.
ظهر الضيق في فمه القاسي. يا إلهي, إنها قاسية كالمسمار! كان عليه ان يتوقع ذلك, أليس كذلك؟ فهي لم تُظهر أي تردد من فكرة استعمالها كآلة لإنقاذ المجلة. منذ خمس سنوات وقع في اوهام الحب بعمق مع ملاك رائع كريم برئ. أي قدرة تمثيل تمتلكها!
مع ذلك فهى لا تزال جميلة, و ربما ازدادت جمالاً. فعيناها لا تزالان قادرتين على جعل روحه ترتجف, و جسده يتألم من الشوق إليها. سوف يحصل عليها, لكن ضمن شروطه هو....
تراجع خطوة إلى الوراء, و أشار بيده إلى طاولة وضعت امام نافذة كبيرة تطل على المدينة المليئة بالأضواء و الحياة, و قال بهدوء:
- أفضل ان تكون علاقتنا مميزة, و هكذا سنبدأ و نتابع حتى النهاية. طلبت العشاء, و بينما نحن نأكل سنبحث باتفاقاتنا المستقبلية.
بعد أن انهي تلك الملاحظة الباردة, وضع دييغو يده بنعومة على ظهرها ليشجعها كي تسير نحو الطاولة الأنيقة. في تلك اللحظة وصلت العربة من قسم خدمة الغرف, يقودها ببراعة نادل هادئ الوجه.
كانت ليزا ترتدي الثوب الذي ارتدته في الحفلة الخيرية. لاحظ دييغو انه ثوب انيق من الحرير, صُمم ليُظهر رشاقة قوامها و جمال جسمها. شعر بأوصاله تؤلمه بشدة. لو انهما بمفردهما لضمها بين ذراعيه...
آهـ! لكنه بذلك يُفسد خطته.... المطلوب ألا يلمسها.... ليس بعد.
ابعد يده بهدوء, و سار امامها ليمسك لها الكرسي لتجلس عليه, ثم جلس على الكرسي المقابل, و هو يشعر بالغضب من نفسه لأنه لا يستطيع السيطرة على نفسه عندما يتعلق الأمر بها.
اخذت تراقبه, و قد تعمدت ان يبدو وجهها جامداً كالحجر. فكرت كم اثرت بها لمسة يده! حسدته ليزا على كياسته و هو يتحدث إلى النادل بشأن الطعام و الشراب الذى طلبه. كان يرتدي بذلة رمادية انيقة المظهر و قميصا ابيض عليه خطوط رمادية باهتة اللون, تناسب تماماً بشرته السمراء....
رفعت شوكتها ما ان انسحب النادل من الجناح, لم تكن جائعة ابداً, لكن هذا الطعام الشهي في الصحن سيعطيها شيئاً تفعله.
قالت تتحداه:
- اعتقد انك تريد ان تبحث بوضعي المؤقت كمرافقة لك.
تمنت ان تجعله نبرتها العملية يشعر بأنها تريده و ترغب به بقدر ما ترغب بحشرة ضخمة سوداء في وسط صحن سلطة.
لكن رد الفعل الوحيد الغامض الذى قام به هو رفع احد حاجبيه بازدراء قائلاً:
- وضع المرافقة ليّ هو اكبر بكثير مما اخطط له.
رفع كوبه ليشرب منه, و تابع يسألها:
- هل يمكنني ان اعتبر انك تملكين جواز سفر صالح الاستعمال؟
كلامه هذا اعادها إلى وضعها. إنه فعلا لا يحترمها!
جاء صوتها حاداً و هي تجيب عن سؤاله:
- بالطبع! لماذا؟
- سنغادر إلى احد المنازل التي امتلكها في اسبانيا. اما في الوقت الحاضر فسأكون منشغلاً جداً مع المحاميين بتنظيم الشؤون المالية للمجلة, و بتعيين ممثل شخصي لىّ ليتمكن من نقل لايف ستايل إلى القرن الحادي و العشرين. لن نتقابل ثانية حتى نهار الجمعة عندما سأذهب لأقلك معي في طريقي إلى المطار .
ما كان على ليزا ان تتفاجأ و تصاب بالذعر من تلك الكلمات, لكن هذا ما حدث لها. فخلال المقابلة مع والدها في الصباح شعرت بالذهول للسرعة التي تصرف بها دييغو. اما ما اثار غضبها فهو انها لم تستطيع ان تبدل رأيها لأنها لا تستطيع تحمل خسارة ما لم تحظ بهمن قبل ابداً, و هو رضي والدها. كما ان مسألة إخلاء مكتبها لم تثر لديها أي رد فعل, ايضاً. فبوجود محررين اكفاء جدد لا احد يريدها هناك, لأنها ستكون كالسمكة خارج الماء.
شعرت بالغثيان في معدتها لم تشعر به من قبل, مع انها اصبحت معتادة على هذا الأمر منذ ان عاودت الاتصال بـ دييغو رافاكاني ثانية.
ما دامت هنا في لندن في هذا الطقس البارد لأوائل الربيع, ستتمكن من التظاهر بعدم المبالاة, على الرغم من صعوبة ذلك. لكن هناك في اسبانيا, حيث بدأ كل شيء بينهما, لن تتمكن مطلقاً من تحمل ذلك الألم الحلو المر.
وضعت ليزا شوكتها جانباً, و اشتبكت نظراتها بنظراته. احتاجت لبعض الوقت لتتمكن من كبت وخزة الألم الحاد المفاجئ في اوتارها الصوتية. علقت بضيق:
- صحيح ليّ أن اخطأت, انت لم تذكر أي كلمة عن الذهاب إلى اسبانيا, اعتقدت.....
قاطعها دييغو بقسوة:
- اعتقدت اننا سنلتقى عدة مرات اثناء وجودي هنا في انكلترا, و سيكون ذلك كافياً لدفع دينك.
ضغط بقوة على قاعدة الكوب الذى يحمله و تابع:
- لا! ليس الأمر كذلك. عندما ستعوضين عليّ عن تصرفك السابق منذ خمس سنوات, سيكون ذلك في الوقت و المكان اللذين اختارهما بنفسي.
و تابع في سره: عندها لن تعتبر هذه الوقحة ان البقاء معي عمل ضروري, و مزعج و يشبه القيام بالأعمال المنزلية. ستكون راضية و مشتاقة كما كانت منذ خمس سنوات. و سيجعلها تعلم للمرة الأخيرة ما المعني الحقيقي لرفض شخص ما و نبذه.
لاحظت اللون الداكن المفاجئ الذى ظهر على خديه, و لمعان عينيه القاسيتين تحت رموشه الكثيفة. و قررت ان الوقت حان لتوضيح كل الأمور. عندئذ لا شك انه سيعيد التفكير بما يفعله, و يدعها ترحل, و ربما سيعتذر منها و يعدها و هو نادم انه لن يسحب عرضه في الاستثمار في المجلة.
لكن هل تريد ذلك حقاً؟ في مكان ما داخلها, سمعت صوتاً ينتقدها بشدة لأنها ما زالت تشتاق إليه على الرغم من تظاهرها بالعكس, و لأنها مازالت تتمسك بأمل احمق يحثها على التفكير بأنه سيقع في حبها من جديد. أتراه سيقع في حبها فعلاً هذه المرة, و لا يعتبر علاقتهما مجرد لهو مع فتاة مراهقة حمقاء؟ في ما مضى لم يكن يقصد كلمة واحدة مما قاله لأنه كان يمضي امسياته, ليس بالعمل كما كان يقول, بل المرح مع فتاة فاتنة ثرية من مستواه. فتاة تعرف تماماً كيف تسعد رفيقها.
لا انها تدين لنفسها بالتملص من اتفاقه المهين إذا كان بإمكانها ان تفعل ذلك. تدين بذلك إلى ما تبقي من سيطرتها على نفسها و كرامتها.
امسكت الكوب الذي لم تمسه حتى الآن, و سألته :
- ألا تعتقد انه يجب علينا التحدث بالأمر؟
رفع حاجبه الأسود قليلاً, و كان ذلك التعبير الوحيد على ذلك الوجه الوسيم الخطير, ثم قال:
- اعتقد اننا فعلنا ذلك.
-لا! لا اعنى الشروط و الاتفاقات المتبادلة.
قالت ذلك بقوة, و هي تعي بخوف اللون الأحمر الذي اصطبغت به بشرتها.
- استغرب انك ما زلت غاضب جدا منى على ما حدث تلك الليلة منذ سنوات. إنه وقت طويل جداً لحمل ذلك الحقد كله, دييغو.
تابعت بنعومة, آملة ان يستمع إليها, أو علي الأقل أن يفهم ان اللوم لا يقع عليها بالكامل:
- أعلم انني تصرفت بغباء كامل, لكن.....
- توقفي عن الكلام ! لا رغبة ليّ لأصغي إلى سلسلة اكاذيب كان لديك الوقت الكافي لتخترعيها!
لمعت عيناه السوداوان بازدراء كبير, و قال لها بوضوح تام:
- قد تبدين كأنك ملاك, لكنك تكذبين كـ الشيطان! لقد رأيت ما رأيته, و سمعت ما سمعته, و انتهي الأمر!
نهض واقفاً على قدميه, دافعاً كرسيه إلى الوراء.
ارتجفت ليزا, و قد احست كأنها اصيبت بجرح اخترق قلبها لأنه يكرهها بهذه القوة. امتلأت عيناها بدموع لا ترغب بها بينما راح دييغو يذكرها بصوته الهادئ :
- الماضي اصبح بلاداً بعيدة جداً, فأنسيه. ركزي على المستقبل, و على دفع ديونك. و عندما ينتهى ذلك العقاب, يمكنك أن تنسيه ايضاً.
..... و هي ايضاً ستصبح منسية, تماماً كما يقول! وقفت ليزا ايضاً بقوة. إنه شرير, متحجر القلب! كيف يمكن لها ان تكون بهذا الغباء لتتخيل ان علاقتهما قد تتطور؟ لقد تغيير دييغو بشكل لا يمكن إنكاره.
واجهته, و عيناها مليئتان بالدموع, فتقابلت عيونهما.... فكرت أنه ربما لم يتغير ابداً.... أتراه كان قاسي القلب هكذا؟
قالت له منقادة بعنف قوي:
- اكـــرهــــك!
- آهـ, هذا امر جيد.
سار ببطء و يتعمد حول الطاولة ليصل إليها. غلفت فمه ابتسامة ناعمة جعلتها تشعر بالرغبة في الابتسام. امسكت يدان قويتان بوجهها بلطف مؤلم جعلها ترتجف. قال دييغو:
- أية عاطفة قوية هي افضل كثيراً من عدم المبالاة. أليس كذلك؟
بعدئذ قام بما كانت تتمناه في سرها, و تخاف منه في الوقت نفسه.
ضمها إليه و عانقها......


منتديات ليلاس



زهرة منسية 17-12-17 05:04 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
تفجر عناقه هذا كالبركان داخلها, دافعاً موجات الصدمة إلى كل عصب في جسمها. قابلت شوقه المفاجئ بيأس كبير شتتها, و جعلها ترمي بنفسها على صدره القوي, واضعة يدها حول عنقه, و شابكه اصابعها في شعره الأسود الناعم.
جاء ذلك العناق مليئاً بالعاطفة القوية.... إنه كل ما تريده, و هو الرجل الوحيد الذى احبته في حياتها.
كان جسمها يرتجف, و ركبتاها تصطكان, عندما اوصلها دييغو بعد وقت قصير إلى سيارة الأجرة التي طلبتها لتوصليها إلى منزلها. بدت افكارها مضطربة. كيف تمكن أن يبعدها عنه ببساطة؟ تخلي عنها ببرودة, و علق ببساطة انه حان الوقت لها لتعود إلى منزلها, بعد ان ذكرها انه سيتصل بها نهار الجمعة عند الساعة السابعة و نصف. راحت تلك الكلمات ترن في انيها و هى تشعر بالخجل من نفسها.
فوق ذلك كله, زودها بتهديد صريح مفاده انه سيجدها إن اعتقدت انها تستطيع الهروب و الاختباء.
بعد مرور ساعة ارتمت على السرير و هي لا تزال في حالة من الصدمة العميقة, و معظمها بسبب تصرفها الشخصي الذى افصحت عنه. دييغو رافاكانى هو مجرد حشرة شريرة, و هو يعمد إلى ابتزازها. إنه متكبر, واثق من نفسه..... حتى انه رفض بشدة ان يسمع كلمة واحدة من ما ارادت قوله لتدافع عن نفسها. نعتها بالكاذبة, و هذه الكلمة وحدها كافية لتبعدها عنه لأجيال اجيال. لكن لا. آهـ, لا! إنها على العكس من ذلك, جعلتها تدرك كم تحتاجه و كم هي مشتاقة إليه, و كم تبدو متوترة بقربه....
إنها لا تزال تحبه! بكت حتي امتلأت وسادتها بالدموع, فهو الرجل الوحيد الذى احبته يوماً. بغض النظر عن الأفكار الوضيعة التي يتخيلها عنها, فهي لم تحب يوماً احداً سواه.
لا بد من وجود شيء خاطئ او خلل في شخصيتها مادامت تستطيع ان تحب رجلاً بلا ضمير. رجل يريد إجبارها على البقاء معه كفعل انتقامي, بعد ان اقنع نفسه ان اللوم يقع عليها لتسببها بإهانة كبريائه الغالية, في حين انها كانت يافعة جدا لتدرك ما الذى تفعله.
بدا لها المستقبل اكثر كآبة و غموض من صورة طبيعية للقمر. و شعرت ان لا قدرة لها على تحمله.......
كانت سيارة دييغو الرياضية بانتظاره في المطار, و قد وصلت إلى هناك بفضل موظفيه الاسبان. هذا ما استنتجته ليزا. بدا مزاجها متوتراً لأنها امضت معظم لياليها بلا نوم.
دق جرس المنبه لكى يغيظها في اللحظة التي غلبها فيها النعاس اخيراً. لم يتحسن مزاجها عند رؤية دييغو الذى وصل بالتحديد عند الساعة السابعة و نصف.
سألها بنشاط واضح:
منتديات ليلاس
- هل انت جاهزة؟
بدا واضحاً انه تمكن من الحصول علي ثماني ساعات نوم كاملة, ثم اخذ حمام منشطاً و تناول فطور شهياً.
- لم انهِ توضيب حقائبي.
تلك كانت كذبة, فهي لم تبدأ بعد. منذ تلك الأمسية في جناحه في الفندق و هي تتمني ان يحدث شيء ما يدفعه لإلغاء هذا الأمر برمته. لكنه لم يفقد ذاكرته بطريقة عجائبية, و هي لم تتعرض لحادث ما.
- إذا, اقترح عليك ان تنهي مما تفعلينه. فالسيارة الأجرة بالانتظار. إذا كنت دائما بهذه الصورة من عدم التنظيم فأنني اتعجب كيف يمكنك ان تتولي زمام أي عمل كان, حتي العمل الذى اخترعه لك والدك الكريم.
ارتفع مستوي توترها ألف مرة.... ما الذى يعرفه عنها و عن والدها؟
قالت بغضب و بسرعة:
- أبي ليس كريماً.
و سارت نحو غرفة النوم لتسحب الثياب من الادراج و الخزانة و تضعها بعدم ترتيب في حقيبة صغيرة.
منذ تلك اللحظة و هو يعمل على إثارة توترها و القلق في حياتها. في الطريق إلى المطار, و اثناء إتمام الإجراءات القانونية هناك, كان يتصرف بتهذيب مطلق و بمهارة عملية ملفتة. كأنها غريبة فعلاً عنه و قد وجد نفسه مجبرا على مرافقتها, بينما هي في الواقع المرأة التي يبتزها بقساوة و يريد ان يجعلها رفيقته المؤقتة.
بعد ان قاد دييغو السيارة لمدة ساعة انطلاقاً من المطار, سألها:
- ما الذي قصدتِه عندما قلت إن والدك ليس كريماً؟
ابعدت ليزا نظراتها عن الطريق الضيقة الملتوية عبر الجبال, و حدقت بثبات بجانب وجهه المعبر الوسيم. إنها الملاحظة الشخصية الأولى التي قالها منذ ان دخلا سيارة الاجرة في لندن.
رفعت كتفيها بلا مبالاة, و اعادت انتباهها إلى المناظر الطبيعية التي تمر امامها. بين الحين و الآخر كانت تلمح لمعان البحر. على العكس من طقس لندن, كان الهواء دافئ يلفها بترحيب حار.
- قصدت تماماً ما قلته.
علاقتها بابيها امر لا ترغب في التحدث عنه مع أي كان. عمدت إلى تبديل الموضوع و سألته:
- إذا, إلى اين نحن ذاهبان؟ منتديات ليلاس و كم من الوقت تحتاج لتصل إلى هناك؟
توترت كتفا دييغو و هو يمسك بالشريط الذي يثبت شعرها و يزيله بسهولة و خبرة. من تعتقد انها تخدع بحق السماء؟
لابد انها دُللت حتي الفساد منذ ولادتها. أي اب لا يعطي اهتمامه إلى فاتنة ساحرة مثلها, لا سيما بعد ان خسرت امها في عمر صغير و حساس؟
عاودته ذكري مرت معه منذ خمس سنوات, بدت واضحة في فكره تماماً ككل الذكريات التي لا تُحصي و التي عذبته و اغضبته لفترة طويلة. يوم اضاع ساعته, نزعت ساعتها لأجله. تلك الساعة كانت تكلف ثروة صغيرة. و عندما قال لها ذلك رفعت كتفيها ببساطة و قالت:
- إنها هدية عيد ميلادي من ابى.
و كأنها شيء تافه لا قيمة له.
الطفلة الفاسدة المزعجة اُعطت عملاً محترماً يتطلب تحمل مسؤولية كبيرة في المجلة مع ان المؤسسة برمتها كانت تتراجع, و كانت بحاجة إلى كاتب متمرس. أما الثوب الرائع الذى كانت ترتديه في حفل خطوبتها, فلابد انه كل ثروة صغيرة ايضاً. و المال الذي دفعته ثمناً له لابد ان مصدره والدها الكريم.
ولّد لديه تحليله هذا سلسلة مختلفة كلياً من الأفكار, فسألها :
- كيف تقبل بن فسخ الخطوبة؟
لقد لاحظ غياب الخاتم الماسي..... تذكر آلمه البائس عندما ابلغته هذه المدللة الصغيرة بأن عليه ام يرحل و يتركها و شأنها. و تساءل, و هو يشعر بالذنب, إذا ما شعر بن كليتون بشعوره نفسه. أم تراه قدم خدمة إلى ذلك المغفل المسكين؟
ردت ليزا عليه بحدة:
- هذا الأمر ليس من شأنك, أليس كذلك؟
كيف يمكنها اخباره عن علاقتها بـ بن كانت علاقة خالية من العاطفة, و ليست قائمة إلا على التفاهم و الاحترام المتبادل؟ و أن بنكان حكيماً بما فيه الكفاية ليعلم ان الزواج الذي سينتج عن هذه العلاقة لا يمكن ان يستمر إذا كان احد الشريكين مازال مستعبداً لحب قديم مضي؟
ذكرته بعصبية :
- وانت لم تُجب بعد على سؤالي, لدي الحق ان اعرف إلى اين تأخذني.
توقعت منه ان يقول لها إن لا حقوق لها مطلقاً, و ان يستمر بالتحدث عن فسخ خطوبتها.
تفاجأت عندما اجابها برصانة:
- إلى المخبأ المفضل لدي. ذلك المنزل كان ديراً, و عائلتي نادراً ما تستعمله هذه الأيام. تلك المنطقة ليست معتادة على وجود السياح فيها مع ان جمالها و هدوءها لا مثيل لهما. فلا احد يعكر صفوها, بعكس ماربيلا.
اضاف بعد قليل بنبرة جافة:
- لن تجدي اناساً لطفاء, و لا متاجر مشعة, او يخوتاً رائعة أو حتى فنادق مميزة لتثير انتباهك. كل ما سيشغلك هو الاهتمام بشؤوني.
كان عليها إبقاء فمها مغلقاً! هذا ما اعترفت به ليزا و هي تشعر بالانزعاج. فأي شيء ستقوله سيتمكن من الرد عليه بشيء ما, مصمماً على إسكاتها و اذلالها.
الأيام القادمة, او الاسابيع القادمة تعدها بأن تكون كابوساً من الألم و الاحباط. هذا ما اعترفت به لنفسها.... و غابت المناظر الريفية الجميلة تحت ضباب من الدموع الحارة المؤلمة.


نهاية الفصل الخامس

قراءة ممتعة


ahlamyy 19-12-17 02:18 AM

شوقتينااااا ارجوك لا تتاخري علينا انا وقفت القراية لحين تكتمل الرواية بلييز انا ما عادتي اجاوب او اكتب الرد لكن هالقصة شوقتني لانها مختلفة

شيماء علي 19-12-17 11:29 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
حلو الاخت اللي تتساءل اذا كان فيه خلل بشخصيتها
توك اكتشفتي يختي؟!
يختي فيه واحدة عاقلة تسكت وما تقول الحقيقة وترحب بمعاملة زي الزفت على امل الحب 😒😒
جتك نيلة 😒
ولا دييغو باستنتاجاته العبقرية هو الثاني
مدللة مين يا شخص دا انت مدلل اكثر منها !!

بسس مين البنت اللي كانت معه من خمس سنين؟
اخته؟
سكرتيرته؟
عمته؟
زوحة ابوه؟
من بسس

bluemay 19-12-17 01:44 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
يا للهول

اغيب يومين اقصد فصلين واجد البنت في اسبانيا... !!!!


كله كان ماشي تمام لحد ما راحت تجيبله قهوة يشربها

فمين اللي حط الكومبارس بدالها..

يعني هلأ هي مصدومة عاطفياً وماكانت متوقعة هالجفاف هادا كله؟!


عن جد انه اتنيناتهم بجلطوووو

ومو متخيلة كيف المخ الصوان رح يوصل للحقيقة

يسلمو ايديك زهورتي

وبعتذر عن الغياب الاضطراري

لكِ خالص ودي

زهرة منسية 20-12-17 04:27 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahlamyy (المشاركة 3694964)
شوقتينااااا ارجوك لا تتاخري علينا انا وقفت القراية لحين تكتمل الرواية بلييز انا ما عادتي اجاوب او اكتب الرد لكن هالقصة شوقتني لانها مختلفة

ان شاء الله ما في اي تأخير
سعيدة ان الرواية اخرجتك عن صمتك
ليه ما من عادتك غيرى عادتك لأن ردودكم بتسعدنا و تحمسنا
نوووورتى الرواية

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3694976)
حلو الاخت اللي تتساءل اذا كان فيه خلل بشخصيتها
توك اكتشفتي يختي؟!
يختي فيه واحدة عاقلة تسكت وما تقول الحقيقة وترحب بمعاملة زي الزفت على امل الحب 😒😒
جتك نيلة 😒
ولا دييغو باستنتاجاته العبقرية هو الثاني
مدللة مين يا شخص دا انت مدلل اكثر منها !!
بسس مين البنت اللي كانت معه من خمس سنين؟
اخته؟
سكرتيرته؟
عمته؟
زوحة ابوه؟
من بسس

ههههههههههه الرفاق حائرون يفكرون يتساءلون
البنت اساسا عندها مشكلة فى الفهم و هبلة و متسرعة و فيها كل العبر
اول مرة اشوف بطلة -سورى- في غباءه

و دييغو اضرب منها
اما نشوف اخرتها معاهم ايه


اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3694980)
يا للهول

اغيب يومين اقصد فصلين واجد البنت في اسبانيا... !!!!

عصر السرعة ميمى لو تاخرتى اكتر من كدة مين عارف ايه هيحصل
كله كان ماشي تمام لحد ما راحت تجيبله قهوة يشربها

فمين اللي حط الكومبارس بدالها..

يعني هلأ هي مصدومة عاطفياً وماكانت متوقعة هالجفاف هادا كله؟!

ههههههههه فعلا كومبارس و هبلة

عن جد انه اتنيناتهم بجلطوووو

ومو متخيلة كيف المخ الصوان رح يوصل للحقيقة

و الله اللى مصبرنى على غباءهم عايزة اعرف هيوصوا لأيه فى الأخر
على فكرة انا بقرا معاكم صحيح سبقاكم شويا لكن مثلى مثلكم

يسلمو ايديك زهورتي

وبعتذر عن الغياب الاضطراري

لكِ خالص ودي

يسلم عمرك ميمى
حياتى ما بينا اى اعتذارات
الرواية بيتك و مكانك تشرفيها فى اى وقتك
الله ييسرلك امورك
موووووووواه

زهرة منسية 20-12-17 04:32 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 


6 – ثلج و نيران
منتديات ليلاس
لم تستطيع ليزا أن تجد عيباً في مخبأ دييغو المفضل من ناحية الجمال او الراحة. بُني المكان من قرون مضت بأحجار ملساء ذهبية اللون. هذا الدير السابق يل علي مناظر رائعة من الوديان المزروعة و الغابات الكثيفة و التلال التي تظهر من بينها لمحات من البحر الأزرق الرائع, الواقع خلف سلسلة من الجبال الضخمة.
كما انها لم تستطيع ان تجد عيباً في تصرفات دييغو. هذا ما قالته لنفسها بغضب و هي تسير عبر المدخل الحجري الواسع في ضوء الفجر الناعم. و هذا ما يحيرها!
ما يثير حيرتها هو انها اُعطيت جناحاً خاصاً من الغرف, و هي غرف جميلة و مريحة, إلا أنها لم تكن تري دييغو إلا قليلاً. لم تقم بأي شيء إلا البقاء كضيفة في منزله. كان يلتقي بها اثناء وجبات الطعام, فتبهجها محادثته, فأحاديثه شاملة و عامة علي الدوام, و من الصعب عليها تحملها لأنها غير شخصية بشكل مؤلم. و في كل الأوقات كان يبدو كأنه لا ينظر إليها بصورة مباشرة, بل, بل كأنه لا يراها ابداً.
بين فترات الطعام كان دييغو يذهب إلي مكتبه, شارحاً بتهذيب مطلق أن لديه الكثير من العمل, تاركاً إياها لشؤونها الخاصة و لأفكارها المقلقة.
ضغطت بيدها علي الحجر الدافئ للدرابزين.
لماذا يتصرف كـ هرة برية كبيرة, يطارد ضحيته و هو لا يشعر بالجوع نحوها, ولا يدعها تبتعد عن نظره؟
شعرت بتوتر شديد و باضطراب في افكارها. و كأن أطراف اعصابها تقفز كـ برغوث علي صفيح ساخن.
- تستيقظين باكراً كـ العصافير. ألا تستطيعين النوم؟
الصوت الناعم الأجش غير المتوقع جعل شعر مؤخرة عنقها يقف, و جعل قلبها يقفز في حلقها كأنه حيوان خائف مذعور.
وضع اصابعه الرقيقة علي كتفيها و ادارها ليري وجهها.
بدا دييغو جذابا كـ العادة.... لاحظت ذلك بتوتر شديد. فهو يرتدي هذا الصباح بنطلوناً بلون القشدة و قميصاً اخضر بلون الزيتون دسها تحت حزام خصره الضيق. ملامح وجهه الوسيمة بدت رقيقة, لكن بدلاً من أن ينظر بضبابية كما كان يفعل دائماً, راحت عيناه السوداوان تنظران إليها, كأنه يجري مسحاً شاملاً لوجهها المتوتر.


منتديات ليلاس


زهرة منسية 20-12-17 04:33 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

وجوده بالقرب منها هكذا زاد من توترها. حاولت أن تهدئ من توتر انفاسها و اعصابها. نظراته التي شملتها جعلتها تشعر كأنه يلمسها حقاً.
رفع يده عن كتفها كـ إجابة علي السؤال الذي لمع في عينيها و لم تسأله.
ابعدت اصابعه الطويلة السمراء خصلة من الشعر عن وجهها, و لمس بظهر تلك الاصابع بشرتها بنعومة مميزة.
شعرت بالحرارة..... حرارة لا تُحتمل..... كأنها تحترق. حاولت ان تجعل وجهها خالي من أي تعابير, و كأنه مصنوع من الحجر. ارتاه يدرك ما الذي يفعله بها؟ ببطء ابعد يديه الاثنتين و قال معلقاً بخفة:
- الفطور بانتظارنا. رأي بلير انكِ نهضتِ و اصبحت جاهزة فاعتقد اننا قد نفضل تناول الفطور في الحديقة. تعالي!
ركزت ليزا نظراتها علي قامته الطويلة و علي رشاقة خطواته, و هز يسير امامها ليفسح لها الطريق.... شعرت انها علي وشك الانهيار عندما جلست علي مقعدها في وسط الحديقة, التي كانت مظلمة في هذا الوقت من الصباح, و محمية من حرارة الشمس التي ترتفع بسرعة كبري.
سمعت هديل الحمام الأبيض و هو يحط علي الأشجار التي تطل من فوق الجدران الحجرية العالية, فيما كانت رائحة الهواء مشبعة بعطر الازهار المختلفة.
ها هو المضيف اللطيف المجامل كالعادة....! سكب دييغو لها زهرة منسية العصير, قدم لها وعاء مليئاً بالفاكهة الطازجة, اختارت منها ليزا حبة دراق. لم تكن تشعر برغبة في تناولها, إلا انها كبتت رغبتها بالصراخ في داخلها.
إذا كان سيفعل هذا اليوم كما كان يفعل في الأيام السابقة, منذ وصولها إلي هنا, فهو سيتحدث معها بلطف فيما هما يتناولان الطعام, ثم سيقترح عليها ان تذهب للسير قليلاً قبل ان يشتد الحر, ثم سيعتذر بتهذيب و يمضي وقته بعيداً عنها في مكتبه.
في هذه الحالة ستقوم ليزا بدورها الذي قررته لنفسها, سترفع كتفيها بملل ظاهر, و كأنها غير مهتمة البتة. تساءلت لكم من الوقت ستستطيع الاستمرار في ادعاء عدم الاهتمام و اللامبالاة!
لت اسأله لماذا لم يمضي القليل من الوقت معها, فهذا أمر مرفوض كلياً. ألم يقل إنه يريد منها الاهتمام بشؤونه لأربع و عشرين ساعة في النهار؟ هذا هو السبب الرئيسي لإحضارها إلي هنا, أليس كذلك؟ فكرت في ذلك باستغراب محاولة إيجاد عذر للشوق الذي تشعر به نحوه.
- سنذهب في نزهة إلي ماربيلا هذا الصباح.
افصح دييغو عن ذلك و هو يضع فوطته جانباً, ثم تابع:
- يبدو أنك احضرت معك بنطلونات جينز و قمصان سميكة, و هذه الثياب مناسبة لإمضاء ايام العطل في لندن الباردة, إلا انها ليست مناسبة لهذا الطقس و هذه الأجواء.
نظر نظرة ميالة للنقد إلي وجهها الشاحب بسبب شدة الحرارة.
سكب لها و لنفسه فنجاناً آخر من القهوة و قال بحزم :
- سأشتري لك ملابس مناسبة.
تفاجأت من رغبته في إمضاء بعض الوقت معها, في حين أنها كانت تعاني طوال الأيام الأربعة الأخيرة من نفوره.
بدت دقات قلبها تتسارع و اصبحت انفاسها متقطعة, غطي الاحمرار وجهها. من الواضح ان الثياب التي دستها بلا اهتمام في حقيبتها لا تعجبه. ما الذي يفكر فيه؟ تنانير قصيرة, و جوارب شبكية, مع احذية ذات كعوب عالية, و قمصان أنيقة مزينة بالترتر؟
أتراه سيعاملها كامرأة تافهة؟ قال إنه يريدها مرافقة مؤقتة له, فهل يود أن يفرض عليها ايضاً طرازاً معيناً من الثياب؟
بدت الفكرة سخيفة جداً, حتي إنها لم تعلم إن كان عليها ان تضحك أم تبكي, و بدلاً من ذلك أخذت تحدق به, و قد تورد خداها الشاحبان.
ادركت ليزا انها فتحت فمها من الاستغراب, لكنها لم تكن قادرة علي القيام بأي شيء بخصوص ذلك.
اعاد دييغو فنجان قهوته إلي صحنه و هو يصدر صوتاً. وقف علي قدميه, و هو ينظر بكره إلي عينيها المتسعتين, و فمها المندهش الذي ظهرت عليه ملامح السعادة. يا لها من وقحة!
انها العاطفة الوحيدة التي ظهرت علي وجهها منذ ان وصلت إلي هنا. كانت تبدو إما متوترة أو شاعرة بالملل خلال لقاءاتهما الحذرة. كل ما كان عليه ان يفعله هو ان يذكر أنه سيشتري لها بعض الثياب الجميلة التي تشع كأنها شجرة عيد الميلاد. لكن ماذا كان يتوقع غير ذلك؟ سأل نفسه بإيجاز قبل ان يقول لها ببساطة :
- سيجهز مانويل السيارة. سأراكِ في الردهة الأمامية للمنزل قبل عشر دقائق.
هل تكفي عشر دقائق لتعيد دقات قلبها المتسارعة إلي سابق عهدها, و لتهدئ من روعها بصوة كافية لمواجهة ما يبدو المرحلة الثانية من اللعبة؟
إنه بدون شك يمارس ألعاباً! قالت ذلك لنفسها بقلق و هي تبدل قميصها بقميص ضيق أكثر اناقة, مصنوع من القطن, ذات لون زهري داكن. مررت احمر الشفاه بسرعة فوق شفتيها و هي تفكر. ما الذي يفسر تركه لها بمفردها معظم الوقت, دون ان يذكر لها مرة واحدة سبب وجودها هنا؟ و لماذا يريد اليوم ان يمضي الوقت برفقتها؟ اليوم لامس وجهها بأصابعه, و وضع يديه علي كتفيها, كما لمست اصابعه بشرة خدها بينما كان يبعد شعرها عن وجهها. يبدو ان المرحلة الثانية من اللعبة قد بدأت...
لم يخفف ذلك من تسارع نبضها مطلقاً. لاحظت ذلك و هي تصفف شعرها و تعقده كذيل فرس. اعترفت لنفسها انها هي ايضا تقوم بألاعيب. فهي تتصرف بعدم مبالاة, و بطريقة مملة. و هي حتي الآن تسير علي هذا المنوال بطريقة جيدة, لكن لديها شعور غامض أنها لن تتمكن من الاستمرار هكذا لفترة اطول.
منتديات ليلاس
بينما كان يقود السيارة, أخبرها عن التاريخ العريق للدير السابق, شارحاً لها أن جده قد اشتراه منذ سنين عديدة, و اعاد بناءه مستعيناً بعمال مهرة, و حوله إلي منزل رائع, من دون ان يبدل شيء من الجو العام للمكان.
- كان والدايّ نادراً ما يأتيان إليه, فهما يجدانه منعزلاً جداً . لو لم اكن احبه كثراً, و آتي إلي هنا كلما استطعت ذلك, لأصبح مهجوراً.
بينما كان يتكلم تغيرت ملامح وجهه و اصبحت اكثر رقة, و عادت قسماته لتشع بالحياة. ابتلعت ليزا غصة بصعوبة, و ابعدت نظراتها عن الدفء المعلن في نظراته الجانبية التي كان يرمقها بها.
هذا هو دييغو الذي تتذكره..... دييغو الذي وقعت في غرامه... المذهل المليء بالحيوية. ذكرت نفسها بذلك الشعور الدائم بالشوق إليه.
راحت الطريق الضيقة تنحدر عبر منحني محاط بالأشجار و النباتات الكثيفة. و بعد قليل, اصبح الهواء ألطف قليلاً, مما ساعد بطريقة ما علي إيجاد عذر للرجفة التي اصابتها.
سألها بنعومة:
- هل انت خائفة؟
و كأن عينيه ادركتا من خلال النظر إليها ما بها. لوي شفتيه برضي كامل, و اعاد اهتمامه إلي الطريق المعبدة الملتوية.
ادركت ليزا ما يفكر به. لكن لا مجال مطلقاً للاعتراف انها تأثرت علي الإطلاق من تصرفاته الأكثر لطفاً و وداً. تمتمت بجفاء:
-لا, علي الإطلاق! أنت تقود السيارة بمهارة, فلِمَ علي ان اخاف؟ انا فقط اشعر بالبرد, هذا كل شيء.
ابتسامته الواضحة اعلمتها أنه لم يصدق كلمة من ما قالته. فحتي تحت الأشجار كان الهواء الناعم مازال دافئاً. ولا احد يشعر بالبرد في مثل هذا الطقس!
تمتم بسخرية:
- لكن بالطبع, هل هناك أي شيء آخر قد يجعلك ترتجفين حتي اخمص قدميك الجميلتين؟
حان الوقت لتسوية الأمور بينهما, و لوضع نهاية للعبة الهر و الفأرة التي يقوم بها, خلافاً لكل ما يقوله المنطق و العقل فهي في سرها لا زالت مغرمة بذلك البائس, لكنها تكره طريقته في التلاعب بها.
ما إن اقتربا من ضواحي المنطقة ذات الثراء الفاحش حتي قالت له :
- لم أكن افكر بطريقة واضحة عندما وضبت حقيبتي. نسيت الفرق الكبير في الطقس, حتي في هذا الوقت من السنة. و هذه غلطتي.
اعترفت بذلك بخسارة, و تمنت لو أنها لم تكن مولعة بالمشاكسة فبسبب مزاجها الغاضب رمت ثياباً قديمة فقط في حقيبتها.
تابعت تقول :
- كما أنني سأشتري بنفسي ثيابي, و شكراً لك بكل الأحوال.
بعض التنانير القطنية و القمصان, هذا كل ما تستطيع ان تشتريه. ماربيلا ليست المكان المناسب إذا كانت تريد الشراء بميزانية محدودة. فكرت بذلك بضيق, و هي تفكر برصيدها في المصرف, و بحقيقة أن لا عمل لديها لتعود إليه.
- لن اسمح بذلك مطلقاً!
قال دييغو ذلك بحزم ما أن وجد مكاناً ليركن فيه سيارته. استدار بحوها, مد ذراعه عبر ظهر مقعدها. اصابعه الرشيقة وجدت الرفيع الذي يبعد شعرها عن وجهها و نزعته. اصبح صوته الآن ناعماً كالحرير, مما جعلها ترتجف:
- كي لا ابدو فظاً جداً, اخبرك ان لا مشكلة عندي مع المال, لا سيما ان والدك الكريم ليس معنا ليدفع لك الفواتير.
قالت ليزا بسرعة و غضب كبيرين:
- لا تفعل ذلك.
و سرعان ما اصطبغ خداها باللون الأحمر. اختفي الشريط في جيب بنطلونه, و فكرت ليزا في ان محاولة استعادته سينتج عنها صراع غير ملائم, و هي ستخسره بالطبع.
- إذا ذكرت ابي, و قلت أنه كريماً مرة ثانية سأضربك.
التفت اصابع قاسية جول رسغها بينما كانت تحاول ان تخرج من السيارة. اعادها ديغو إلي الوراء لتنظر إلي وجهه. رفع حاجبه الأسود بقوة و تمتم :
- أضربيني و سأنتقم!
سقط عيناه علي فمها المرتجف و بقي ينظر إليها مطولاً و هو يتابع:
- لكن ليس من خلال العنف الجسدي. فهناك طرق اخري أكثر سروراً لإخضاع المرأة.
سيطر عليها احساس بالرضي, لقد تركها بمفردها لمدة اربعة ايام و اربع ليال كاملة, مما جعلها تبدو متوترة كأنها علي حد السيف. و الآن, ها هي قشرتها الخارجية من عدم الاهتمام و اللامبالاة تتحطم, و هو سيعمل علي سحقها لتصبح غبار.
ابتسامة خفيفة غلفت فمه ما ان اعادتها كلماته إلي مظهرها الجليدي ثانية. بدا ذلك واضحا في العينان الكبيرتان, و بعد ان ضاقت شفتاها عن صمت معبر, أنها تحارب بكل ما لديها من قوة إرادة, لكن بعد وقت قصير سيجدها ضعيفة جداً. سوف تغدو متعلقة به, و هي تشتعل ناراً من اجله.... و من اجله هو فقط.
تخلص دييغو من هذه الأفكار, و ببطء ترك رسغ ليزا. تجهم وجهه عندما رأي آثار الاحمرار علي بشرتها.
- سنأخذ شراباً باردا قبل ان ننطلق إلي السوق.
و سيدفع فاتورة ثيابها التي ستضفي مزيداً من الحسن و الجمال علي فتنتها الملائكية, علي الغم من رفضها غير المتوقع. لا شك انه رفض ظاهري فقط.
انضم إليها علي الرصيف. كانت تضع حقيبتها علي ظهرها, و شريطا الحقيبة يتقاطعان فوق قميصها القطني الضيق الزهري اللون. اما قماش بنطلونها الجينز فينساب باتساق فوق وركيها و ساقيها الرشيقين.
ابعد نظره عنها. يا إلهي! إنها جذابة جداً! و قبل ان يعلم سيكون هو من سيركع علي ركبتيه و يتوسلها, و ذلك ليس هو مخططه.
تقضي خطته بأن يذلها, و ليس العكس. سارا مسافة خمسين ياردة, ما اوصلهما إلي اقرب مقهي علي الرصيف. جلسا إلي طاولة تظللها شجرة من الكرمة, تطل علي منظر شامل الرؤية للبحر الأزرق اللماع. طلب دييغو مياه معدنية لـ ليزا و عصير ليمون لنفسه سامحاً للأجواء ان تصفو بينهما قبل ان يحث نفسه عن السؤال عن شيء بدأ يثير حيرته.
- أخبريني شيئاً, ليزا.....
قال ذلك عندما لاحظ بوادر الراحة بدأت تظهر عليها من خلال عدم توتر كتفيها, و تابع قائلاً:
- لماذا تغضبين كثيراً عندما اضع كلمتي والدك و كريم في الجملة ذاتها؟
قالت ليزا بهدوء:
- لأنك لا تعرف عما تتكلم.
شعرت بالراحة بسبب الأجواء المحيطة بها, و التي اذابت كل انزعاجها. وضعت ابتسامة علي وجهها لمجرد التفكير ان هناك من يستطيع تخيل جيرالد بينينغتون صاحب عواطف أبوية لأبنته الصغيرة غير المميزة.
- إذاً, لِمَ لا تدعيني اعرف الحقيقة؟
بإشارة من إصبعه عاد النادل إلي الطاولة و هو يحمل كوب من العصير لها. راقب دييغو نظرة الدهشة و الفرح معاً تمر علي وجهها الجميل, و انتظر حتي ارتشفت رشفة من الكوب قبل ان يتابع بلطف:
- احب ان اعرف ما الذي اتكلم عنه.... فهذا يجعلني اكثر...
توف عن الكلام للحظة, قبل ان يضيف و هو يسخر من نفسه:
- ...... جاذبية.
رفعت نظرات عينيها الرائعتين لتلتقيا بعينيه, وضحكت بنعومة, تماماً كما ارادها ان تضحك. ساوره إحساس من الكره لنفسه ما إن تذكر أنها لم تأكل شيء اثناء الفطور. فهي بالكاد تذوقت حبة الدراق التي اختارتها قبل ان تبعدها عنها. لكم يحب ان يراها مرتاحة, لتتخلص من توترها و رغبتها بالمحافظة علي عدم اهتمامها!

منتديات ليلاس


زهرة منسية 20-12-17 04:35 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

رفعت كتفيها النحيلتين بلا مبالاة, و قالت :
- حسناً !
تنهدت بغضب و اخبرته:
- لم يكن ابي يُظهر الاهتمام بيّ عندما كانت امي حية, و اصبح اهتمامه أقل بعد وفاتها. عندما كنت اعود إلي المنزل من المدرسة الداخلية كنت اذهب إلي منزل شريكة, لهذا السبب انا مقربة جداً من صوفي و بن.
عضت ليزا علي شفتها السفلي بقوة. و قد ظهر الندم في عينيها. صححت لنفسها:
- كنا مقربين جداً, إلا ان هذا ايضاً لم يعد له وجود الآن!
رأي دييغو خيبة املها المفاجئة. و شعر برغبة بأن يأخذ اليدين الصغيرتين النحيلتين اللتين وضعتهما علي الطاولة, و يضمهما بين يديه, لكنه تنكر لهذا الاحساس بصعوبة قصوي....
ربما كان حزيناً جداً بعد موت امك المأساوي المبكر, و كان يريدك أن تكوني سعيدة و قادرة علي مواصلة حياتك بطريقة افضل.
اقترح ذلك محاولاً ان يكون منصفاً فلا يتخذ موقفاً متحيزاً, و راغباً في تفهم دوافع رجل لديه طفلة وحيدة, و هو يبعدها عنه باتجاه اشخاص آخرين. فهو قد نشأ في عائلة تهتم جداً بأفرادها, و تعتبر العائلة الأمر الأكثر اهمية في الحياة كلها.
ظهرت معالم السخرية علي وجه ليزا و قالت:
- من الواضح انك لا تعرف ابي.
انها تبحث عن الشفقة و التعاطف, إنها فتاة مدللة فاسدة بكل ما في الكلمة من معني!
قال دييغو بنعومة:
- ربما لا. لكنني أعلم انه يقدم لك هدايا ثمينة, و من المحتمل انه يفعل ذلك لأنه لا يجد ما يستطيع القيام به معك. كما انه اعطاكِ مركزاً مرموقاً في "لايف ستايل". بالمناسبة, هل حصلت علي إجازتك الجامعية؟
انقشع الضباب المخادع عن عيني ليزا. فما اعتبرته اهتمام لطيف منه لم يكن سوي ازدراء و قد ظهر ذلك في صوته العميق.
- الهدايا الوحيدة التي كان يقدمها ليّ هي كتاب بمناسبة عيد الميلاد, و ساعة في عيد ميلادي الثامن عشر, حتي انه لم يختارها بنفسه. اخبرتني هونور كليتون انه كلب منها ان تشتري ليّ شيئاً ما. أما بالنسبة للشهادة الجامعية, فلم احظ بفرصة للذهاب إلي الجامعة. فما إن عدت من إسبانيا حتي اخبرني ان امبراطورية التوزيع في "لايف ستايل" قد تقلصت إلي حجم جزيرة صغيرة. طلب مني –بالأحري امرني- ان اتخلي عن دراستي الجامعية و انضم إلي فريق العمل, فأحاول ان أتعلم الشروط و القواعد الخاصة بالعمل. "كل الأيادي تعمل علي إنقاذ المجلة, و كل حسب إمكانيته" هذه الجملة التي اتذكرها.
- و هل كنتِ سعيدة بهذه التضحية؟
أراد دييغو ان يعرف الحقيقة.... تجهم وجهه قليلاً و هو يشد حاجبيه السوداوين معاً.
قالت بعناد:
- لا! لكنني شعرت بالإطراء لأنه, و لأول مرة في حياتي, قد لاحظ وجودي, و طلب مني شيء ما. بالطبع وافقت. أردت ان اسعده, أليس كذلك؟ أردته أن يجد ليّ قيمة خاصة لديه.
شعر دييغو بأنفاسه تنحبس في رئتيه حين غطي عينيها الجميلتين ضباب كئيب من الدموع. ضاقت عيناه و هو يراها ترمش بعينيها بقوة لتتخلص منها. تنفست بصوت منخفض, و اظهرت ابتسامة تدل علي انها قالت الكثير مما في داخلها, و افصحت عن الكثير.
- هل نذهب؟
ما إن حاولت النهوض حتي امسك دييغو يديها بين يديه.
- في غضون لحظات.
بدت يداها صغيرتين جداً بين يديه. نعومة هاتين اليدين و رقة عظامهما اشعلتا مشاعره و الهبتا العاطفة التي يكنها لها منذ خمس سنوات, و جعلته مدركاً لجمالها الفاتن الهش الرقيق. ما إن ضاقت عيناه و هو ينظر إلي ملامحها الفاتنة, حتي ارتجف فمها قليلاً, فشعر بأن كل شيء يحدث من جديد مرة ثانية, ساورته الرغبة في ان يدللها و يحبها لأقصي درجة.
إذا كانت تقول الحقيقة في ما يتعلق بعلاقتها بوالدها –و هو متأكد تماماً أنها كذلك- فهو إذاً يسيء الظن بها و يقسو في حكمه عليها. هذا ما اعترف به لنفسه بقوة.
أتراه اساء الحكم عليها بأمور اخري؟ هل عليه ان يصغي إلي ما كانت تريد قوله عن تلك الليلة المخيفة, بدون انتقادات و افتراضات؟ لا.....! إن ما ستقوله هو مجرد سلسلة من الأقاويل الكاذبة....
إذا اقتنع بما يقوله له ضميره بكل وضوح, أي انه كان مخطئاً بعدم إعطاءها أي خيار إلا ان تفسخ خطوبتها, و تأتي معه إلي إسبانيا, عندها ربما يمكنهما البدء من جديد. فالانجذاب بينهما ما زال موجوداً, و هو يثير جنونه منذ اللحظة التي التقي بها ثانية. كما انهما الآن اكبر و اكثر حكمة.
شعر ان اليدين الصغيرتين الجامدتين عادتا إلي الحياة, التفت اصابعها النحيلة حول أصابعه, و كان تأثير ذلك عليه تأثير تيار كهربائي. قال:
- و هل فعل ذلك؟ هل اصبح لكِ قيمة خاصة لديه؟
لم تستطيع ليزا الاجابة. ببساطة حدقت بوجهه الغامض الفاتن. إمساك يدي دييغو القويتين الدافئتين ليديها حبس انفاسها, وجعلها ترتجف من تدفق الذكريات. تذكرت كيف كانت الأمور بينهما في الأيام الماضية, عندما كانت تؤمن حقاً انه يحبها بجنون كما تحبه أرادت ان تعود غلي ذلك الزمن الساحر الجميل, و بشوق كبير دفع أي شيء آخر من تفكيرها.
سحبت يديها من يديه, و شعرت بالألم من فقدان الإحساس بالأمان. حاولت ان تركز علي ما كان يسأله عنه.
قالت اخيراً و قد ظهر الحزن في عينيها:
- لم يعطِ أي اشارة تدل علي ذلك.
انحني دييغو فوق الطاولة, و شعرت ليزا كأنها ستتجمد في مكانها من لمعان عينيه. سألها بفظاظة:
- أي نوع من الرجال هو؟
اجابت بصدق:
- أنا حقاً لا اعرف, فهو لم يسمح ليّ مرة أن اكون قريبة منه كي اعرف.
منتديات ليلاس
- و مع ذلك وافقتِ علي طلباتي. فسختِ خطوبتك, و أظن انكِ سببت الألم للرجل الذي تحبين, و ذلك كله بهدف إنقاذ العمل و المستقبل المالي للمؤسسة. مع أن والدك حسبما تقولين, يُظهر اقل القليل من الاهتمام الأبوي بك.
بدا واضحاً من كلامه انه لا يجد مبرراً يفسر حاجتها الدائمة للحصول علي رضي والدها, لاسيما إذا كان ذلك علي حساب رجل آخر هو خطيبها.
هزت ليزا رأسها الذي اصيب فجأة بالألم, و تمنت لو لم تبدأ هذا النقاش كله.
- لم يكن الأمر كذلك! أن تجعلني ابدو قاسية القلب. أنا و بن لم نكن ابداً مغرمين ببعضنا.
و بدون وعي منها نظرت إلي إصبعها الذي نزعت منه خاتم الخطوبة, و تابعت:
- لطالما احببنا بعضنا كأخوين, و اعتقد اننا انجرفنا في فكرة الزواج.
رفعت كتفيها و ظهرت ابتسامة صغيرة علي وجهها, قبل ان تتابع:
-في الواقع بن اقنعني ان إفلاس "لايف ستايل" لن يكون نهاية العالم لوالدينا أو حتي لفريق العمل. و أنه يمكنني ببساطة ان اطلب منك أن ترمي عرضك في سلة المهملات, و دون أن اشعر بأي عذاب ضمير.
لكنها لم تفعل, أليس كذلك؟ موجة دفء انتشرت عبر جسد دييغو و هو يقف و يقدم لها يده, هذا يعني انها اتت إلي هنا لأنها تريد ذلك.... و هذا يعني بالمقابل أنها لا تزال تشعر بشيء نحوه. يا إله السماوات! لو كان بإمكانه أن ينسي الماضي, و أن يمحو تلك السنوات المريرة, عندها....
- كنت قد قررت أن اتصل بك....
قالت ذلك ما ان وصلا إلي الرصيف تحت اشعة الشمس القوية و هما يسيران ببطء, و تابعت:
- .... لأخبرك أنني بدلت رأيي, و أن اتفاقنا ملغي. عندها اخبرني والدي انه التقي بك في اجتماع, و أنا لا اعلم ما الذي قلته له, لكنه بدا مقتنعاً ان سبب إنقاذك للمجلة له علاقة بمعرفتنا السابقة لبعضنا.
التوي فمها بابتسامة صغيرة, مدركة انها تتكلم كثيراً. أكلمت تقول:
- قال ليّ أنني اخيراً قمت بالتعويض عن كوني لست الصبي الذي اراده دائماً. يمكنك ان تقول أنني حمقاء, فأنا في الواقع استحق ذلك. لكنني لم استطع ان اخبره أن كل شيء قد اُلغي, و اجعله يتحول من عدم المبالاة بشأني إلي كرهي فعلياً. هل استطيع؟
فجأة اظلمت الدنيا في عيني دييغو. اصبح دمه بارداً, ثم عاد فاشتعل كالنار. يا له من احمق! ألا يملك من المنطق أكثر مما كان عليه منذ خمس سنين؟ بالطبع, هي لم توافق علي القدوم إلي هنا لأنها لا تزال تريده, أو لأنها لا تزال تحمل عاطفة من أي نوع كان له.
إنها راضية ببيع نفسها له لفترة من الوقت لتحصل علي رضي والدها.
تحولت غيرته من الرجل الآخر, من والدها, إلي غضب صارخ. صرّ علي اسنانه بقوة, فالمرارة عادت إليه كالطوفان.




نهاية الفصل السادس

قراءة ممتعة


زهرة منسية 20-12-17 04:39 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
منتديات ليلاس
7- حب ام انتقام


ادركت ليزا أن كل شيء قد تغير, و ان أي تحرك من قبلها, مهما كان بسيطاً سيؤدي إلي ظهور مواقف جديدة. توقفت عند أعلي الدرج الحجري العريض, و هي ترتدي الفستان الأزرق الضيق المصنوع من الشيفون , و الذي اختاره دييغو لها.
ألقت اللوم علي تلك اللحظة المحددة, عندما شرحت لـ دييغو بالتحديد لماذا وافقت علي عملية الابتزاز. فعندما كانا في ماربيلا هذا الصباح, شعرت بالكلمات تنزلق علي لسانها علي الرغم من إرادتها.
التغيير الذي طرأ علي دييغو بدا دقيقاً جداً, بالكاد يمكن لسواها أن يلاحظه أو يعلق عليه. أما بالنسبة لها, فد اصابها ذلك التغيير في الصميم, وكأن طناً من الحجارة سقط فوق رأسها. لا يمكنها ان تصف طريقة سيره علي الرصيف بقربها بأقل من الاستبدادية المطلقة. بدأ كأنه يملك البلدة و كل شخص, بل كل شيء فيها. كان يرفع رأسه عالياً, و قد علت وجهه الوسيم ملامح ترشح بالازدراء.
قادها عبر الأبواب الزجاجية لمتجر للأزياء العالمية. المجموعة الغالية التي رأتها ليزا جعلتها تشعر علي الفور بالرعب و الرهبة, إذ شعرت أنها لا تنتمي إلي هذا المكان ببنطلونها الجينز و قميصها ذات اللون الزهري المشرق.
قام بخدمتها موظف طويل القامة, نحيل الجسم في الثلاثين من عمره, علي وجهه ابتسامة دائمة عديمة الحيوية. استلقي دييغو إلي الوراء علي كرسي مغطي بقماش من الحرير, و اخذت الفساتين ذات النوعية أو الطراز المميز تُعرض أمامه من اجل الحصول علي إيماءة من موافقته المتعالية.
بعد مرور ساعتين حمل شاب نشيط, يرتدي بذلة رمادية عادية, تحيط به هالة خاصة من الأهمية, بيديه الاثنتين علبا و حقائب أنيقة إلي سيارة دييغو. كادت ليزا تصاب بالهستيريا لكنها فكرت: ليبدد امواله إذا كان يرغب بذلك!
بعد ان تناولا غداءً متأخراً لم يتحدثا خلاله إلا القليل, كما لم يأكلا إلا بعض الطعام, بدأ بالرحلة الطويلة نحو الدير القديم. تملكها بقوة إحساس غريب ينذر بالشر, و ذلك بسبب السلطة الجديدة الباردة التي رأتها في دييغو. أحست انه يراها مجرد دمية متحركة اشتراها و دفع ثمنها, ثم صممها لتقوم بكل ما يريده عندما يشد خيوطها. لم يكن بإمكانها ان تندم لأنها كشفت له عما يحدث معها, ليس فقط بشأن علاقتها بأبيها و بن, بل فيما يتعلق ايضاً بسبب موافقتها علي ما طلبه منها منذ البداية.


منتديات ليلاس



زهرة منسية 20-12-17 04:42 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

و هي تبدأ في السير وحيدة نحو غرفة الطعام الرئيسية, فكرت أن هذا هو الوقت المثالي ليكشف لها دييغو و يفصح عن نواياه بشأنها. فمنذ أن التقيا ثانية, و كلاهما يتجنب الافصاح عن أفكاره الحقيقية تجاه الأخر. مهما كان نوع هذا الأفكار, من الأفضل كثيراً لو انهما يستطيعان التحدث عنها.
حمل مانويل جبلاً من الحقائب إلي جناحها بعد عودتهما, و كسر دييغو الصمت بينهما ليقول :
- ارتدي ثوباً جميلاً الليلة. لأننا سنتناول العشاء في قاعة الطعام الرسمية, و احب أن أري ما امتلكه مسرّاً للنظر.
ما يمتلكه؟!!
لو سمعته يقول ذلك في وقت باكر هذا اليوم لارتجفت, أما الآن فهي تستطيع تقبل ذلك. لقد فعلت ما طلبه منها, اختارت هذا الثوب من عشرات الفساتين التي قامت روزا زوجة مانويل الجميلة, بإخراجها من الحقائب الورقية و تعليقها في خزائن جدارية يستطيع المرء أن يسير بداخلها.
انتعلت زهرة منسية حذاء ذا كعبين مرتفعين مغطي بقماش من الحرير الأزرق, يناسب تماماً ما ترتديه. و صففت شعرها تاركة إياه ينسدل حول كتفيها كشلال من الحرير الأشقر, بعد ان ضمته من جانب واحد من وجهها بحلية صغيرة مثبتة بمشبك, و بالغت حتي النهاية بوضع مساحيق الزينة علي وجهها.
لا يستطيع أن يتهمها بأنها تبدو قبيحة, مع أنها ما إن تنتهي منه من المحتمل أن يتهمها بأنها سببت له آلماً لا يُنسي.
في السابق, كانا يتناولان طعامهما في باحة داخلية أو في غرفة الفطور الصغيرة التي تطل علي المدخل الأمامي للمنزل و علي المناظر الرائعة للجبال. إذا كان قد اختار الفخامة التي تحيط بقاعة الطعام الكبيرة ليؤثر عليها فهو لن ينجح بذلك. هذا ما اقسمت عليه و هي تفتح الأبواب الثقيلة المنحوتة للقاعة.
بدت غرفة الطعام مثيرة للدهشة بكل ما في الكلمة من معني. السقف العالي بقناطره المحفورة مضاء بواسطة ثريات معدنية ضخمة, أما الجدران المغطاة بلوحات من الجص فقد حُفرت فيها نوافذ ضيقة تعلوها أقواس. اما الطاولة الضخمة التي تلمع كالزجاج فقد وضع حولها مقعدان فقط, واحد في كل جانب.
سارت إلي الأمام و كعبا حذائها يطوفان بخطوات واثقة علي الأرض الواسعة اللماعة. نهض دييغو عن كرسيه المزين بصور محفورة عند رأس الطاولة, و كان يحمل بيده شرابا ما.
حبس انفاسه بوسامته و أناقته. بدا رائعاً بثيابه الرسمية, الخالية من أي عيب, إلا أنه بدا ايضا بارداً جداً كالفقر نفسه.....
خلال اقترابه المدروس منها كانت عيناه المحجوبتان بأهدابه الطويلة ترمقانها بنظرات تقييمية, بدءاً من شعرها الحريري, إلي كتفيها النحيلتين حيث الشريطين الرفيعين للفستان نزولاً إلي خصرها و ساقيها النحيلتين اللتين بدتا اطول تحت الثوب الأنيق الذي يصل إلي ركبتيها, وصولاً إلي حذاءها الجميل.
كان من الصعب عليها ألا ترتبك تحت تلك النظرات المدققة التي لا تحمل أي تعابير. لكن ليزا تمكنت من تحمل ذلك, و كادت ان تظهر ارتياحها عندما احني رأسه ليُظهر موافقته. استدار دييغو ليسير نحو طاولة من خشب السنديان وضعت بجانب المدفأة, حيث النيران المشتعلة تضفي جمالاً و دفئاً علي المكان, مبددة برودة المساء من هذه الغرفة الحجرية الكبيرة.
شعرت بتوتر كبير عندما عاد إليها و هو يحمل علبة مغطاة بالجلد, و قال لها:
- لم اعرف أي لون ستختارين لهذه الليلة, لذلك قررت ان الماس سيكون الاختيار الأنسب.
لمعت احجار الألماس كالنيرات فوق قطعة المخمل الأزرق الباهت اللون. اتسعت عينا ليزا برعب ما إن رفع عقداً من فصوص الألماس الرائعة المرتبة علي شريط من الذهب الأبيض, و سار خلفها ليثبت العقد حول عنقها.
تصميمها علي ان تبقي ثابتة, هادئة و منطقية طار من رأسها, فعمدت إلي الابتعاد عنه و قالت بسرعة :
-لا اريده!
- أنه ليس لكِ, صدقيني! اريدك ان تضعيها لهذه الأمسية فقط, لتكتمل الصورة و تجعليني اشعر بالسعادة عندما انظر إلي مقتنياتي المادية.
تألمت ألماً شديداً بسبب الإهانة المتعمدة. وقفت ليزا كالحجر بينما كان يبعد شعرها جانباً ليثبت العقد حول عنقها. لمسة يديه جعلتها ترتجف بشدة. سيطر عليها إحساس غريب كوخز الإبر طوال ذلك الوقت.
في المرحلة الثانية, آتي دور السوار. صفان منن الأحجار الجميلة رُتبت بشكل نادر, و هي تناسب العقد تماماً. قال دييغو ببساطة:
- تجد أمي جواهر العائلة قديمة الطراز جداً, و تبقيها في خزانة من الفولاذ هنا. احياناً تقوم بتنظيفها و رؤيتها عندما تزور المكان هي و ابي, قائلة إنها تجد بذلك شيء تفعله.
ماس مرصع علي شكل دمعة كـ قرطين لتكتمل اللوحة.... لامست اصابعه بشرتها الحارة بينما كان يضعهما في اذنيها, و ما لبث ان تراجع إلي الوراء لينظر إليها. مع ان ليزا شعرت كأنها تشتعل من جراء تلك اللمسة الخفيفة, لكنها استجمعت قوتها و سألته في تعالٍ و إشراق مصطنعين:
- متي يزور اهلك المكان؟ و هل سألتقي بهما؟
افترضت ان سؤالها هذا سيشعره بالإهانة و هو في ذلك المزاج المتعالي.
- هذا أمر صعب جداً. هناك نساء يسعد الرجل بتعريفهن علي والديه, و من الواضح انك لست منهن.
أجابها بحدة واضحة في صوته, و علمت أنها كانت علي حق في افتراضها, لكنها لم تهتم لذلك. بعد ان تقول له ما تنوي ان تقوله الليلة, لن يكون قادراً علي إيذائها.
منتديات ليلاس
علي الأقل هذا ما قالته لنفسها بينما وصلت روزا و مانويل لتقديم العشاء. إلا انها لم تعد متأكدة من ذلك عندما أبعد دييغو الكرسي لها, و تمتم بنعومة في اذنها:
سيكون لدي شيء جميل أنظر إليه و نحن نأكل. فالنظر إليك يسعدني.
يمكنه أن يسبب لها الأذي لأنه هو نفسه الرجل الذي احبته و كرهته معاً. هل تريد ان تعطيه تلك السعادة؟ سعادة رجل بارد موضوعي حصل علي تحفة غالية. أيحسبها كالماس, ممتلكات يتباهي بها في مناسبات معينة ثم يقفل عليها خزانة حديدية و ينساها؟ بالطبع لا!
عملت روزا و مانويل علي خدمتهما بتقديم المحار و الشراب الشهي, و احضرا طيور السلوي مع صلصة الأعشاب و سلطة الخضار المشوية, و اخيراً تركاهما مع القهوة و صحون صغيرة مليئة بالكريما و الحلوي الشهية وصحون من الفاكهة الطازجة.
قالت ليزا بخفة متعمدة :
- كان عليك ان تزودهما بمزلجة ذات عجلات كي يتمكنا من الوصول من طرف هذه الطاولة إلي الطرف الآخر بصورة اسرع.
حاولت ان تتجاهل تأثير نظراته عليها طوال فترة تناولهما الوجبة. ارادته أن يعلم ان كل تلك الفخامة الرسمية, و كومة الماس علي رقبتها و معصمها و اذنيها, لم تؤثر بها مطلقاً.
لم تظهر أي ردة فعل علي دييغو. اتكأ علي ظهر الكرسي المحفور, و قد وضع يديه بخفة علي ذراعي الكرسي. كانت عيناه لا تزالان عليها, و هو يفكر ملياً.
قالت ليزا بحزم:
- سأغادر عند الصباح. حتي لو اضطررت إلي الذهاب سيراً علي قدماي. يمكنك ان تفعل ما تشاء بشأن الأموال التي وضعتها لإنقاذ المجلة, فهذه المسرحية المزعجة بدأت تثير مللي. و قد قررت أنني استطيع التعامل مع انزعاج أبي, لو سحبت كل أموالك من هذا الرهان. ففي النهاية, لقد تحملت ذلك, أو ما يشبهه كثيراً, طوال سنين عمري.
لم تكن تقصد ما قالته... أي شيء مما قالته, قالت ذلك فقط لتثير ارتباكه و لتخرجه من وضعه الاستبدادي و برودته المحتملة. إنها لا تريد الرحيل قبل ان يتحدثا عن الأخطاء التي مرا بها منذ خمس سنوات. لا يعلم دييغو أنها رأته مع تلك المرأة الجميلة, و شاهدت بألم كبير كيف كان يتصرف بقربها. كما انه لا يعرف سبب تصرفها السيء الذي تلا تلك الحادثة, و الذي سببته من آلام لقلبها الذي تمزق و تشتت من الغيرة.
حان الوقت لإظهار الحقيقة, كل الحقيقة. لقد منعها من التحدث في لندن بقوله إنه ليس مستعداً لسماع المزيد من الأكاذيب. و بطريقة ما, عليها ان تجبره علي ان يسمع وجهة نظرها من القصة.
مفاجأة غير مرحب بها طرأت علي ذهنها, قد يشعر دييغو انه مل من هذه التمثيلية مثلها, و سيوافق علي الفور علي رحيلها. جعلتها هذه الفكرة ترتجف من البرد للحظة, لكن الابتسامة الكئيبة التي رماها بها جعلتها تشعر بالتجمد حتي اعماق اعماقها.


منتديات ليلاس

زهرة منسية 20-12-17 04:44 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
سمعته يقول بنعومة:
- إذا ذهبتِ سألحق بك. و إن اختبأتِ سأبحث عنك.
علي الرغم من النعومة التي ظهرت في صوته بدا المكر واضحاً فيه. لكنها لم تسمح له بالسيطرة عليها. قالت بانفعال:
- إني متأكدة من وجود قانون يمنع ذلك النوع من المضايقة و الإزعاج. و ليس هناك من قانون ينص علي انه علي البقاء هنا.
أخذت رشفة من فنجان قهوتها لتقوي الصورة المخادعة التي كانت ترغب في إظهارها بقوة.
- مهما يكن, سأبقي إذا وافقت علي الإجابة عن سؤال او اثنتين فقط. لكن ليس هنا, فالمكان رسمي جداً. سأذهب إلي الحديقة يمكنك ان تتبعني إذا كنت موافقاً علي ما قلته.
لم تعرف مطلقاً كيف تمكنت من الخروج من الغرفة بدون ان تسقط علي الأرض. و لم تعرف ايضاً إن كان سيتبعها. لكنه فعل....
أتي دييغو بعد مرور عدة دقائق امضتها ليزا في قلق كبير. خلع سترته الرائعة الداكنة اللون, و رفع اكمام قميصه البيضاء حتي مرفقيه, و حل ربطة عنقه. بهرها بجماله الرائع مع كل خطوة يخطوها بتكبر و عدم مبالاة, في ضوء القمر الشاحب.
تمكنت من السيطرة علي الرجفة التي اعترتها من الإثارة لمجرد التفكير أنهما اخيراً قد يصلا إلي مكان ما بعد التخلص من اعباء الماضي و وضعها و راءهما.
سار دييغو فوق الأرض الحجرية باتجاه الطاولة المظللة بأغصان كثيفة لشجرة تين قديمة. قال بصوت اجش:
- لنوضح هذا الأمر جيداً, يمكنك ان تسألي أي سؤال تريدينه, لكن قد اختار ألا أجيب عليه. و أنت ستبقين هنا حتي اقرر أنا متي يمكنك الذهاب.
و تابع :
- أجلسي في مكان أستطيع رؤيتك فيه.
اشار نحو مقعد يواجه الحائط المغطي بأشجار الكرمة, و بطريقة عجائبية غرقت المساحة بأضواء خافته مميزة.
فكرت ليزا:
- لابد أنه ضغط علي مفتاح كهربائي, لأن الأنوار المنتشرة و الموزعة عبر اماكن مرتفعة و منخفضة كانت تشع من خلال أحواض من النباتات الخصبة. من الواضح أه لم يكن في مزاج يسمح له بالتحدث من القلب إلي القلب, و لا رغبة لديه في مناقشة الأمور الجدية.
مازال دييغو رافاكاني يوتر اعصابها. فكرت بذلك و هي تكاد تشعر بانهيار, ما إن جلست حيث قال لها ان تفعل.
صممت أن تفعل شيئاً ما بشأن هذه المسألة المذلة. جلست مستقيمة جداً و قالت:
- أن تعاملني كأنني مجرمة, و تُلقي اللوم بالكامل علي ما حدث منذ خمس سنوات. لكن لِمٍ لا تفكر انك كذبت علي منذ أول لقاء لنا؟
إنه الرجل الوحيد الذي احبته في حياتها. فبعده ما من رجل يستطيع أن يأمل بامتلاك قلبها الأحمق في راحة يده, و هي مازالت تريده مهما كان سيئاً. قالت ذلك لنفسها بحزن.
أرادت أن تستعيد دييغو السابق ثانية, تماماً كما كان في تلك الأيام الرائعة حيث كانا مغرمين ببعضهما البعض. لم يكن مخلصاً كما كانت تعتقده, و الآن ها هي تراه بصفته الحقيقية. مع ذلك ما زالت تريده. يا لغبائها!
جلس علي المقعد قبالتها, و فكرت أن ذلك أفضل من وقوفه بقامة بطول ست اقدام تلوح فوقها, مليئة بالوسامة و القوة. فذلك يفوق قدرتها علي الاحتمال. مع ان جلستهما لم تشعرها بالارتياح, لأنها تجلس تحت الأضواء و هو يجلس في الظل.
كان من المستحيل عليها أن تقرأ تعابير وجهه, و عليها بذل جهد كبير لتعرف ما الذي يفكر فيه. بدا صوته مرحاً قليلاً عندما رد عليها قائلاً:
- بالنسبة لكونك مجرمة فأنت تستحقين خمس نجوم علي ذلك, لكنك لم تحصلي بعد علي عقابك. و أنا حقاً ما كنت لأتذمر لو كنت مكانك.
اصبح صوته أقسي و هو يتابع:
- كما أنني لم اكذب عليك ابداً. لذلك لا تهينيني بالقول إنني فعلت.
ثم تابع:
- لكن هذا ما تفعله النساء عادة, أليس كذلك؟ عندما يتم حجزهن يبدأن بإلقاء الاتهامات السخيفة بسهولة.
أجابت ليزا بهدوء:
- لا شك أنك تعرفت علي نساء سيئات جداً.
إذا سمحت لصوتها أن يرتفع و لو لأقل من درجة, ستفقد السيطرة علي نفسها, و ستبدأ بالتحدث بصخب, و ستهاجمه بعنف. لذا تابعت تقول بهدوء:
- إذا يمكنك أن تستعيد ملاحظتك تلك, و تشرح ليّ لماذا قلت ليّ إنك مجرد نادل متواضع بينما أنت طوال الوقت مفعم بالثراء؟
كان دييغو متكئاً علي كرسيه بارتياح, قال:
- أنت من قررت أنني نادل متواضع. أنا قلت لك كل الحقيقة. أخبرتك أنني امضي معظم الليالي و أنا أعمل في احد مطاعم الفندق. هل ترين يا ملاكي المزيف, كيف اتذكر كل كلمة قلناها لبعضنا البعض؟ الفندق الذي كنا سنلتقي فيه في الليلة الأخيرة كان الفندق الأخير من سلسلة فنادق العائلة. و أبي, كونه رجل منطقياً, اصر علي ان يكون ليّ تجربة فعلية في كل فرع من المؤسسات التجارية المتنوعة التي نمتلكها. كنت اعمل مديراً للمطعم في ذلك الوقت.
امتلأت عينا ليزا بالدموع الحارة. لم تستطيع منع حدوث ذلك, فقلبها المجنون تحول إلي هلام. من الواضح أنه لم يقصد ان يكون قاسياً جداً, و لم يدرك ما الذي صرح عنه بدون انتباه منه, إنه هو أيضاً يتذكر كل كلمة قالاها لبعضهما البعض. و هذا لن يحدث إذا كان يعتقد أنها مجرد مغامرة عابرة, فتاة تسليه و ترضي غروره, أليس كذلك؟
لابد انها عنت شيئا ما له....
سألته بصوت مرتجف:
- لماذا لم تخبرني من تكون؟ لقد اخبرتك كل شيء عن نفسي. ما اقصده هو, أنني اجبت عن كل سؤال سألتني اياه بصدق كامل. لماذا تركتني اعتقد انك تحصل علي معيشتك من خلال الخدمة علي الطاولات؟
لقد صدقت كذبة, و هو تركها تفعل. لابد أنه اكن يضحك من فكرتها الخاطئة, معتقداً أنها حمقاء فعلاً. هذا ما آلمها حقاً... كانت صريحة و صادقة معه بينما هو....
- لماذا كنت ماكراً جداً معي؟
- لماذا برايكِ؟
تابع دييغو بحزم:
- أنا افضل مدرك و منطقي علي ماكر.
رمشت الدموع من عينيه, و نظرت إليه وقد ضاقت عيناها عبر رموشها الرطبة.
ما الذي يريده منها هذه الليلة؟ حتي الآن لم يُظهر أي اشارة عن استعماله لأية وسيلة ماكرة او خبيثة معها.
وجدت ليزا من الصعب عليها ان تركز علي أي شيء آخر, فأجبرت نفسها علي الإصغاء بانتباه له عندما قال لها بتوتر:
- منذ ان اصبحت في السابعة عشر من عمري و أنا ملاحق من قبل الفتيات اللواتي يحلمن بالحصول علي الفرصة الذهبية.
ساد صمت قصير بينهما, مليء بالسخرية و الانتقاد. بعد ذلك تابع بنعومة, كأنه يتحدث مع نفسه:
- احببت فكرة أنك ظننتني مجرد شاب عادي.
هل كان هناك ابتسامة في صوته؟ لم تكن ليزا متأكدة, لكنه تمنت ذلك. اميراً كان ام فقيراً, لا احد يستطيع ان يصف دييغو بالشاب العادي.
بعد ذلك افسد كل شيء بقوله متشدقاً:
- كنت صغيرة جداً, بالسنين و بالخبرة. و فكرت ان الفتاة بحاجة إلي وقت قصير لتتعلم كيف يمكنها ان تصبح أكثر تميزاً باستخدامها جمالها و فتنتها. أتكلم طبعا من الناحية الاقتصادية.
كانت لا تزال تحلم بإعجابه بها لأنها اعتقدت انه لا يملك أي مال. احتاجت ليزا لعدة لحظات لتفهم ما قصده و ما الذي كان يرميها به ببساطة.
إنه يتهمها ببساطة أنها باحثة عن الذهب.
من الواضح انه لم يصدق أية كلمة مما قالته عن الأسباب التي دفعتها أخيراً للموافقة علي عرضه المشين. لقد اعتقد انها قفزت للحصول عليه متمنية الحصول علي الكثير منه. كالاستلقاء تحت اشعة الشمس, و الخدمة الدائمة و الرفاهية : طعام شهي, ثياب جديدة و جميلة, و جواهر مستعارة.....
بإمكانها التخلص من مجوهراته الكريهة. قالت ذلك لنفسها في غضب, لأنها تكرهه لاعتقاده أنها فتاة وضيعة. و لأنه يجعلها تحمل له الحب مع انه يحتقرها إلي درجة كبيرة.
اشتعل وجهها بالغضب القاتل, قفزت علي قدميها و سحبت من رسغها السوار الرائع, و تبعته بالقرطين في اذنيها, رمتهم بدون اهتمام علي الطاولة. كانت ترغب في رمي العقد من عنقها علي طول الشرفة كلها, ليختفي بين النباتات المزهرة, لكنها علمت انه سيقف قربها حاملاً عصا بينما هي ستعمل بيديها و علي ركبتيها حتي تجده, و لو استغرقت عشر سنوات للقيام بذلك.
العقد كان مسألة مختلفة.... بإحباط و بدموع غاضبة تنهمر من رموشها علي خديها حاولت بقوة ان تفتح المشبك. راحت تضغط شفتيها بقوة, و كأنها بطريقة ما ستتمكن من حل المسألة.
نهض دييغو بتكاسل علي قدميه, و سار ليقف قربها, ثم قال :
- اسمحي ليّ.
توترت ليزا ما ان شعرت بأصابعه الرشيقة تزيل العقد. اصيبت كل اطراف اعصابها بتوتر غير محتمل. عندما يكون بهذا القرب منها تشعر بدفء جسمه في كل نفس تأخذه و في كل دقة قلب سريعة. رجفة ضعيفة سيطرت عليها فحاولت حبس تنهيدة كادت ان تفلت منها. ما إن أنهي عمله و رمي العقد علي الطاولة, امسك كتفيها بيديه و ادارها لمواجهته. تحولت نظرة عينيه من تكبر و غطرسة إلي تجهم خفيف.
- لم اقصد ان اجعلك تبكين.
رأت ليزا صدره العريض يتمدد فحبس انفاسها. عضت بقوة علي شفتها السفلي بينما كان يمسح الدمع عن وجهها بأصابعه.
اصابع لطيفة, لطيفة جداً. شعرت أن دموعاً جديدة تتشكل وراء عينيها....
كانت غاضبة منه, غاضبة جداً, لأنه رماها بلقب الجشعة و الباحثة عن الذهب, أليس كذلك؟ إذاً, لماذا تريد ان تدفن رأسها في صدره العريض و تبكي حتي تشفي من كل آلامها؟
تمتم دييغو بقوة:
- من فضلك, لا تبكي!
مرر إصبعه فوق شفتيها المضغوطتين بقوة. تأوه عندما رأي عينيها ترتفعان لتصرحا عن الموافقة علي الطلب الذي كان يرسله من عينيه الغامضتين.... و عانقها.....
لم تعرف ليزا كيف بدأ ذلك العناق و في أية لحظة, ولم تهتم لذلك. فهذا ما تريده و ما تتمناه. التخلص من توتر الأيام الماضية آتي سريعاً. شعرت بإحساس من الأمان وكأنها عادت إلي ديارها, إلي حيث تنتمي بعد سنوات عقيمة من النفي و الهجران.
رفع دييغو رأسه, و ابعدها عنه لينظر إلي جمالها. بدت مشرقة كأنها لؤلؤة كبيرة تحت القمر, عيناها مليئتان بالشوق له.... له فقط.
عليه ان يصدق ذلك.

نهاية الفصل السابع

قراءة ممتعة

منتديات ليلاس

bluemay 20-12-17 07:20 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ربي يصبرني ع كمية الانجلاط والاحباط اللي بعيشوني فيها هالجوز...

يعني بعد ماوضحت مشكلتها مع ابوها ما زال بفكر انها بتستغله..!!!

وهي كمان بقيها لهالبحصة بقاااا

قوليله عن العلقة اللي كانت متعلقة برقبته مو تتهميه بالكذب ومدري شو ...

يسلمو ايديك زهورتي

تتقبلي خالص ودي

شيماء علي 21-12-17 05:17 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
أشعر بالـ "تبا تبا تبااا"
انتي يا هبلة يا مجنونة يا مضيعة الفرص
كان عندك سؤالين
ليش ما سألتيه عن هوية المرأة اللي كانت معه ؟!
ولا هو الثاني
يعني كونها وافقت على عرضك بسببب أبوها اللي ما شافت منه يوم عدل ومع ذلك ما قدرت تخيب أمله
هذا ما أعطاك فكرة ما عن شخصيتها؟!
غبااء غبااااء
استغفر الله بسس

زهرة منسية 23-12-17 10:34 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3695062)
ربي يصبرني ع كمية الانجلاط والاحباط اللي بعيشوني فيها هالجوز...
هلا و غلا حبيبتى الانجلاط جماعى مايتى
يعني بعد ماوضحت مشكلتها مع ابوها ما زال بفكر انها بتستغله..!!!

وهي كمان بقيها لهالبحصة بقاااا

قوليله عن العلقة اللي كانت متعلقة برقبته مو تتهميه بالكذب ومدري شو ...
و الله اكتشفت انها حتى لو بقت ها البحصة برضوا الغباء مسيطر الله يعين
يسلمو ايديك زهورتي
تتقبلي خالص ودي

يسلم عمرك يا الغلا
بيسعدنى مرورك و تواجدك العطر حبيبتي

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3695145)
أشعر بالـ "تبا تبا تبااا"
انتي يا هبلة يا مجنونة يا مضيعة الفرص
كان عندك سؤالين
ليش ما سألتيه عن هوية المرأة اللي كانت معه ؟!
بقدم خالص اعتذاراتى شيما :lol:
للاسف مش قادرة ادافع عن حد فيهم لأنى متغاظهم من اتنيناتهم سوا
ولا هو الثاني
يعني كونها وافقت على عرضك بسببب أبوها اللي ما شافت منه يوم عدل ومع ذلك ما قدرت تخيب أمله
هذا ما أعطاك فكرة ما عن شخصيتها؟!
غبااء غبااااء
استغفر الله بسس

غباء غباء غباء نقول ايه بس

الله يشفيهم من غباءهم

زهرة منسية 23-12-17 10:41 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

منتديات ليلاس

8- ..... وعادت النيران

عكس ضوء القمر الصافي جمال ليزا الرائع و انسياب شعرها الذهبي, و تلك الخصل الحريرية التي تحيط بوجهها.
راح قلبها يدق بسرعة, فلقد انتظرها طويلاً, طويلاً جداً.
لم يبعد نظره عن عينيها فضوء القمر يجعل منها لغزاً مبهماً, و هو سيحل هذا اللغز.
شهقة صغيرة منها نبهته إلى ان عينيها تنظران إليه كأنها مسحورة به. و بدون ان يفكر في الأمر, أمسك بيديها و لمس بشفتيه ظاهر اصابعها, ثم أدارهما ليطبع قبلاً طويلة على راحتي كفيها. تماماً كما كان يفعل منذ وقت بعيد عندما كان يافعاً و غالياً جداً, بل هو اغلي ما لديها في هذه الدنيا.
- دييغو!
سماع اسمه خارجاً من بين شفتيها هو كل ما كان ينتظره. شعر كأن قلبه قد اصبح اكبر بمرتين من حجمه الطبيعي داخل صدره. جعله ذلك منقطع الأنفاس, و هو ينظر إلى عينيها. يا إلهي! هل تعلم ما الذي تقوله عيناها له؟ انحني يلمس برؤوس اصابعه شفتيها, فسمع تنفسها الناعم و شعر بارتجاف في شفتيها.
تنهد دييغو بقوة. هذا ما كان يريده, أليس كذلك؟ ان يجد ليزا بقربه تسعده, و تخلصه من ذكرى تلك السنوات المليئة بالغضب و المرارة.
مع ذلك, فهو يريد اكثر من ذلك. يريد ما هو أهم من لقاء حسي. لم يعلم من أين قفزت هذه الحاجة المفاجئة, لكن القوة التي أتت بها راحت تضرب بقوة و إصرار في دماغه.
شعر بقوة حبها له, و هذا سبب التغير في عاطفته الدفينة. فكر ان الذهاب في طريق الانتقام يحط من قدرهما معاً. علم أنه سيكون خاسراً في مطلق الأحوال إذا سمح لرغباته الحسية بالسيطرة عليه, فلن تكون لديه فرصة لتحرير نفسه. ابتعد دييغو عنها و ضاقت عيناه بوقار و هو ينظر إلى وجهها الغالي.

منتديات ليلاس



زهرة منسية 23-12-17 10:42 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
قال لها بصوت ابح, لأنه يعلم ما الذي سيتبع ذلك:
-لقد انتهت اللعبة, ليزا. لقد قمت بدورك من العرض السخيف الذي ارغمتك عليه, و انا سأنفذ وعدي. المجلة بأمان, و والدك لن يحظى بفرصة ليبدل رأيه الجيد عنك.
تنفس بقوة و هو يشعر كأن الهواء قد غادر جسمه, و تابع:
- أنت حرة بالعودة إلى ديارك في هذه اللحظة, إذا كان هذا ما تريدينه. يمكنك أن تعودي إلى لندن في اقرب فرصة ممكنة, ما أن نستطيع تأمين حجز في الطائرة. كل ما عليك فعله هو أن تقولي إنك تريدين ذلك.
جمدت الصدمة ليزا, و افقدتها القدرة على النطق. إنه لا يريدها! كانت بقربه و هو يقول لا شكراً! قصده الوحيد و الحقير هو إذلالها!
حاولت بيأس أن تفهم ما الذي يجري امامها. نظرت إلى وجهه بعينين يائستين لكنها لم تجد أى جواب, إنه احجية غامضة. فمزاجه يتغير بسرعة و كأنه ما زال مراهقاً. الذهاب إلى ماربيلا عند الصباح, و الآن هذا....
الآن بعد أن اثبت لنفسه إن بإمكانه ان يجعلها تذوي بين يديه, راغبة به, يقوم برميها كأنها شيء لا قيمة له عندما قرر أنها كذلك.
- انت إنسان تافه و فاسد! هل تعلم ذلك؟
انفجرت بإحساس غريب من الكره له, و هي تشعر بالإذلال في داخلها. حاولت ان تبتعد عنه إلى ابعد مكان ممكن. يا له من شخص متوحش!
يدان لطيفتان احاطتا بكتفيها, و ظهرت ابتسامة رقيقة على وجه دييغو, و قال:
- اهدئي, و اسمحي للإنسان التافه الفاسد أن يكمل ما يقوله.
اختفت ابتسامته بسبب الغضب الذي ظهر علي وجهها. قال بصوت مرتجف:
- اريدك ان تبقي. صدقيني, اريد ذلك أكثر من أي شيء آخر. لكن فقط إذا اردت أنت ذلك , بدون أي تهديد فوق رأسك. ليزا, أنت لا تدينين لي بشيء. و إذا بقيت هنا فيجب ان يكون ذلك بملء ارادتك الحرة. و إلا, لن يكون هناك أي معنى للحب بيننا. هل تفهمين ما اقوله؟
غرقت ليزا في الصمت, ثم رفعت يديها لتمسك بوجهه الغالي. شعرت فجأة بقلبها يمتلئ و كأنه سينفجر, يريدها دييغو ان تبقي معه! قال ذلك بطريقة جادة جعلت قلبها يُعتصر. يريد ان يكون هناك حب بينهما و ليس علاقة عابرة, و يريد ان بكون لتلك العلاقة معني ما.
أنه حقاً يهتم بها. هذا واضح جداً, أليس كذلك؟ تحول تنفسها إلى تنهيدة عاطفية, اقتربت منه آمله أن يتذكر الأوقات الرائعة المميزة التي عاشاها في الماضي, و ان يكون نادماً لأنه لم يكن صادقاً معها ربما.....
قالت له هامسة كأنها تعترف:
- أريد البقاء, دييغو. اريد ان يعود كل شيء بيننا كما كان في السابق.
اجابها دييغو بقلق:
- هذا لن يحدث يا ملاكي, فلا احد يستطيع استعادة الماضي. فنحن الآن اكبر و اتمني ان نكون أكثر حكمة. كل ما نستطيع فعله هو ان نركز على الحاضر.
تابع بصوت ملئ بالعاطفة, و هذا ما لم تسمعه منه من قبل:
- أنت جميلة جداً, ليزا. و أنا مشتاق إليك كثيراً, لطالما حلمت بك طوال سنوات. لن تجدي في فكرك بعد اليوم مكان لأي رجل آخر.
لم يكن هناك أي رجل آخر! فكرت ليزا بذلك و تساءلت إن كان عليها ان تقول له ذلك, لكنها لم تفعل. فما يهمها هو أنها الآن معه.
منتديات ليلاس
منتديات ليلاس

زهرة منسية 23-12-17 10:43 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
استيقظت ليزا صباح اليوم التالي, بسبب اشعة الشمس القوية. سمعت اصوات الطيور تزقزق في الحديقة... اصواتاً ناعمة تناسب مزاجها فعلاً. نهضت من السرير و هي تحدق بالمكان حولها كأنها تراه لأول مرة. اليوم, شعرت أن كل ما حولها اكتسب معني جديداً, و اكتسي بحلة أكثر بهاءً.
لابد ان دييغو قد نهض. تنهدت بارتياح عندما فكرت به. بإمكانه تغيير مزاجه كما يغير جواربه, لكن هذا ليس مهماً, فهي تعرف انه يهتم لأمرها. ما يشعر به نحوها أعمق بكثير من مجرد اعجاب و انتقام, و هي تعلم ذلك. ألم يعرض عليها ان تذهب إذا ما رغبت بالمغادرة؟ ألم يعترف لها انه يريدها ان تبقي, لكن فقط إذا ارادت هي ذلك؟
لا يمكنه أن يُظهر لها عواطفه الحقيقية بصورة افضل, أليس كذلك؟
ضمت ذراعيها حول صدرها. شعرت ببعض الارتباك من شدة السعادة. علي الرغم مما قاله, بإمكانها استعادة الماضي. و إذا كان لا يزال ينكره, عليها ان تعمل علي تبديل رأيه.
سمعت طرقة خفيفة على باب غرفتها, فارتدت عباءتها علي عجل و سارت لتفتح الباب. دخل دييغو إلى الغرفة مبتسماً, و هو يحمل باقة من الأزهار البرية لها. إلا أن عينيها تركزتا عليه فقط, مأخوذة بسحره الفاتن.
بدت نظرة عينيه دافئة, و انتقلت عدوي ابتسامته إليها. لاحظت أنه يرتدي قميصاً قطنياً بدون اكمام, التصقت بكتفيه العريضين, و قد بدت ساقاه طويلتين في بنطلون جينز بلون الرمل. اصطبغت بشرتها الشاحبة بلون زهري ما ان رأت عينيه ترمقانها بنظرات الأعجاب. اسبلت جفنيها, إذ لم تعد تستطيع النظر إليه. إنها تحبه و تريده بكل جارحه من جوارحها.
سار دييغو نحوها و تابع سيره من دون أن يلمسها. بدا الحزن على وجه ليزا, لكنها نسيت ذلك بسرعة عندما رأته يضع الازهار على الطاولة قرب السرير يستدير نحوها قائلاً:
- قمت بنزهة صباحية, و قطفت هذه الأزهار لك.
توقف قليلاً عن الكلام و تابع و قد التوي فمه بابتسامة ماكرة:
- قبل ذلك قمت بإعادة الماس الذي تركناه في الحديقة البارحة إلى مكانه.
استقام في وقفته و قد ابعد قدميه عن بعضهما. بدا شعره الناعم مشعثاً بسبب النسيم الناعم الذى عبث به, اما عيناه فكانتا تبتسمان لها, و تابع :
- تركنا هناك ثروة من الماس. أتذكرين؟
شهقت ليزا عندما تذكرت الأمر. لكنه طمأنها بقوله:
- الماس اصبح في الخزانة الحديدية. و كل شيء على ما يرام.
بعد ان فعل ذلك سار عبر التلال ليوضح افكاره, أنه لم يكن راضياً عن نفسه. يمكنه فقط ان يصف تصرفاته بالمرعبة. لقد انجرف بطبع غاضب مخز لم يعان منه من قبل, بعد ان اعترفت له ان السبب الوحيد لموافقته على عرضه هو رضى والدها عنها. لم يدرك ما الذى كان يحدث لع فعلاً! صفعته تلك الحقيقة في وجهه, فقرر ان يعاقبها.
كان في الواقع مغرم بها من جديد, لكنه عنيد جداً, ليعترف بذلك امام نفسه. أنه لا يهتم مطلقاً لكيفية تصرفها في الماضي. يا إله السماوات! كانت اكبر قليلاً من طفلة في ذلك الوقت!
اقترب منها برقة ليضمها بين ذراعيه ليعانقها, كأنه اراد ان يعوضها عن ذلك الألم الذي سببه لها ابتزازه لها و عناده في الاعتراف بحبه لها. شعر بها تذوب بين ذراعيه, لكنه احبر نفسه على الابتعاد عنها, ثم نظر إليها متسائلاًً و قال:
- سيصبح الفطور جاهزاً بعد نصف ساعة, أيناسبك ذلك؟
هزت ليزا رأسها بصمت, فأحنى دييغو رأسه متفهما. كانت تقف وكأن قدميها قد التصقتا بالأرض, فتراجع خطوة إلى الوراء, واضعاً يديه في جيبي بنطلونه. قال بصوت أجش مليء بالتفهم:
- اعلم انني إن لمستك ثانية فلن اتمكن من مغادرة الغرفة. و أنا لدي خطة اخرى لقضاء هذا النهار. هناك كهف اعرفه لا يبعد عن هنا أكثر من ساعة في السيارة. لا أحد ابداً يذهب إلى هناك, و سنكون هناك فقط نحن الأثنان.
اراد ان يضمها بين ذراعيه مرة اخرى, و ان يشعر بجسمها الجميل قربه. اراد ان يعانقها حتي ينسيا معاً في أي كوكب هما. كان يريد ذلك بقوة لدرجة انه لم يعرف كيف تمكن من الخروج من الغرفة. لكن كيف يمكنه التحدث معها بمنطق و هما معاً في موجة من الحب العارم؟
علي الشاطئ الفضي السري, سيكونان فقط هما الأثنان, و لديهما كل وقت العالم. عندها يمكنه ان يفتح قلبه لها. بإمكانه إعادة النظر بكل ما حدث في الماضي, ليخططا معاً للمستقبل. مستقبل طويل و سعيد لهما معاً, إذا رضيت ان تتزوجه, و تقع في غرامه من جديد.
اما إن كانت لديها مشكلة بشأن هذا الأمر , فسيعمل على إقناعها بكل ما يملك من حب و شوق إليها. هذا ما قرره و قد سيطر عليه شعور قوى بالتملك الإسباني, قبل ان يعيد تفكيره إلي الأمور العادية. سار باحثاً عن روزا لتحضر لهما سلة كبيرة مليئة بالطعام الشهي للنزهة.
منتديات ليلاس
لم تستطيع ليزا التحرك لبعض الوقت و هي تحتفظ بابتسامة لطيفة على وجهها. هي و دييغو سيمضيان النهار معاً. لن يكون كيوم البارحة, حيث كان يتجول قربها و وجهه غاضب كالرعد, منفقاً المال عليها و كأنها واجب ضروري و غير سار. او كالأيام الماضية التي مرت دون أي لقاء باستثناء اوقات الطعام. سوف يمضيان النهار كحبيبين حقاً! إنها متأكدة من ذلك.
شهقت بغتة عندما ادركت ان الوقت يطير بسرعة. استحمت و عادت بسرعة إلى غرفة النوم لترتدي ثيابها. ارتدت قميصاً قطنياً ناعمة بدون اكمام, لونه كلون عينيها مع ازرار صغيرة من الأمام. آهـ! تستطيع تخيله و هو ينظر إليها بإعجاب.....
قبل ان تستولي عليها تلك الأفكار ارتدت تنورة واسعة بلون القشدة واضعة طرف القميص تحت خصرها الضيق. سرحت شعرها حتي عاد إلى طبيعته الناعمة, و تساقط على كتفيها كالشلال.
بدت متوترة كأنها عصفور في قفص. اعترفت بذلك ما إن انتعلت حذاء يناسب زيها. و شعرت بالخوف مما سيُجلبه لها المستقبل.
ماذا إذا رأى دييغو المستقبل مجرد اسابيع قليلة أو ربما عدة ايام فقط, قبل ان يعود ثانية إلى حياته المليئة بالأعمال؟ ليقول بعد ذلك
"الوداع.... من الرائع اننا التقينا ثانية... اراك في وقت ما.... ربما...."
تنفست بعمق لتتمكن من تهدئة اعصابها, و امرت نفسها بالتوقف عن الخوف بدون مبرر. فهي بدون شك تعني الكثير له, أليس كذلك؟
بالطبع, تعني له الكثير.
لتمنه نفسها من التفكير في ذلك السيناريو السيء, قررت ان تتوجه إلى غرفة دييغو لكي ينزلا معاً لتناول الفطور.
وجدت باب الغرفة مفتوحاً, لكن دييغو لم يكن موجود. دخلت لتلقي نظرة إلى الداخل بدافع الفضول. كانت هذه الغرفة بسيطة و بعيدة عن كل زينة, يحتلها سرير كبير . ارضها تلمع كالرخام و ليس عليها أي سجادة. فيها خزانه كبيرة, محفورة بأشكال الفواكه و اوراق الكرمة. رأت مكتباً وحيداً في احد جوانب الغرفة بين نافذتين كبيرتين. و اقتربت من المكتب, و لاحظت المصباح المنحني و الأقلام الموضوعة في كأس كبيرة علي شكل قرن.
ثم رأت صورة في إطار فضي بسيط, زوجان جميلان في منتصف العمر. هل هما والديه؟ مررت اصبعها فوق الإطار , و تساءلت إن كانت ستقابلهما يوماً. حاولت ان تلغي من ذاكرتها كلامه الجارح:
"هناك نساء يسعد الرجل بتعريف اهله عليهن, و من الواضح انكِ ليست منهن"
كان ذلك قبل ان يجدا بعضهما مرة ثانية. اصبحت الأشياء مختلفة كثيراً الآن. بالطبع اصبحت مختلفة! اكدت لنفسها بقوة.
لمحت إطاراً اصفر اللون شبه مختبئ وراء صورة الزوجين تلك. بفضول رفعت الصورة لتراها بوضوح. و علي الفور توقف قلبها عن الخفقان, ثم انسحق بقوة. لن تنسى مطلقاً صاحبة الوجه الرائع الفاتن.... وجه المرأة التي رأتها معه منذ خمس سنوات. شعرت بالغثيان و دفعت الصورة بعنف بعيدا عن ناظريها.
ما كان ليحتفظ بصورتها قرب سريره لو كانت مجرد علاقة عابرة في حياته, و جزء من حياته العابثة. هل يفعل؟ لابد أنها شخص مهم و مميز بالنسبة إليه. معرفة ذلك جعلت ليزا تشعر بالبرد و الخوف. أتراها فهمت الأمور بصورة خاطئة؟ هل سيحطم قلبها من جديد؟ و هل ستتمكن من تحمل ذلك؟
هل تزوج من تلك المخلوقة الرائعة زهرة منسية التي تضج بالحياة؟ و لهذا السبب يحتفظ بصورتها بجانب صورة والديه؟ أهي جزء من العائلة؟ هل يخون دييغو زوجته, و يعاملها هي نفسها, ليزا, كأنها لا شيء أكثر من عمل غير منتهِ؟
لقد اعتاد على التلاعب بالنساء و خداعهن. أليس كذلك؟ إنها تعلم ذلك بنفسها. كان عليها أن تتذكر ذلك.
غظت فمها المرتجف بيدها لتخنق صرخة الألم. تزايدت شكوكها بسرعة و كثافة. لماذا لم تفكر بأن تسأله عندما كان في لندن إن كان متزوجاً؟
خرجت من الغرفة و هي تترنح. عليها ان تعالج هذه المسألة على الفور. هذه هي المرة الأخيرة, التى تواجه فيها برهاناً عن خيانته. لقد ابعدته بقسوة عن حياتها في السابق من دون ان تقول له السبب.
هذه المرة سيكون الأمر مختلفاً جداً.




نهاية الفصل الثامن

قراءة ممتعة


موزة سالم 23-12-17 09:53 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
شكرًا على المشاركة

زهرة منسية 24-12-17 02:56 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موزة سالم (المشاركة 3695237)
شكرًا على المشاركة

العفو عزيزتى كلك ذوق

اهلا و سهلا بيكي عضوة جديدة فى ليلاسنا

شيماء علي 24-12-17 07:38 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
وانا اللي قلت هيتهدو بئا والدنيا تضحك في وشهم العكر؟
اتمنى ان هبولة زمانها تساله عن صاحبة الصورة الأول قبل ما تقفز للاستنتاجات
أتمنى

زهرة منسية 25-12-17 03:04 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3695283)
وانا اللي قلت هيتهدو بئا والدنيا تضحك في وشهم العكر؟
اتمنى ان هبولة زمانها تساله عن صاحبة الصورة الأول قبل ما تقفز للاستنتاجات
أتمنى

آهااااااا يا شيما و الله الأتنين هيشلوني

فرسونى من اول الرواية و هما الاتنين عايزن الضرب على دماغهم

و انا اللى افتكرت دييغو اسباني و مسيطر

اشكك فى جنسيته

زهرة منسية 25-12-17 03:08 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

منتديات ليلاس
9- زيارة غير متوقعة

هادئة! مهما كلفها ذلك عليها أن تبقي هادئة. كررت ليزا ذلك على نفسها و هي تسير عبر الممرات العليا للدير القديم, متجهة نحو الدرج الحجري الذي تنزل عليه إلى القاعة الكبرى الرائعة الجمال.
لابد من وجود تفسير منطقي لوجود هذه الصورة في غرفة نوم دييغو, مع انها لو عاشت عمرا كاملاً لما وجدت سبباً واحداً لذلك. أنها تحبه حتي لو كان انانيا مخادعا. استحضر ذهنها تلك الصفات بسبب شكوكها الغير مرغوب بها.
تمنت لو انها تستطيع التوقف عن حبه, لكنها تعلم انها لا تستطيع.
كان بإمكانها الزواج من شخص عزيز, أهل للثقة, و أمين هو بن. فتمضي حياتها في هدوء و ثبات, متجنبة العواطف المشتتة و المتناقضة في كونها مجنونة بحب رجل لا تستطيع الوثوق به تماماً, كما لا تستطيع أن تتخلي عنه. أنها ترغب بقوة ان تثق به, لكن كيف يمكنها ذلك؟
توقفت في الطابق الأول لتسمح لدقات قلبها أن تهدأ و لو قليلاً. اتكأت على حجارة النافذة الباردة. عليها ان تكون منطقية و هادئة في معالجتها لهذه المشكلة, و لن تسرع بإلقاء الاتهامات التي قد تجد لها دليلاً.
لم تعد تلك الساذجة التي تبلغ الثامنة عشرة من عمرها, و التي غادرت للتو مقاعد الدراسة. هذا ما ذكرا نفسها به بغضب و تكبر. لقد اصبحا الآن كما قال دييغو اكبر و اكثر حكمة. عليها ان تحاول الوثوق به على الرغم من الذكريات المحزنة لما حدث معهما منذ سنوات بعيدة.
علمت انها تأخرت عن موعد نصف الساعة التي اعطاها إياها دييغو. مهما يكن, عمدت إلى التأخير لبضع لحظات ايضاً, و قد جذبت انتباهها سيارة رياضية صفراء اللون مشعة متوقفة بطريقة منحرفة عند الممر الحجري في الباحة الأمامية للمنزل.
لدي دييغو زائر. هذا ما استنتجته و هي تشعر بالمزيد من التوتر. إنه ليس وقتاً مناسباً للزيارة! ربما عليها ان تؤجل المصارحة إلى وقت آخر..... و ربما لن يكون ذلك امراً سيئاً. قالت ذلك لنفسها و هي تفكر, و بدأت بالسير على الدرج الأخير الذي يوصل إلى الطابق الأرضي.
سيعطيها ذلك المزيد من الوقت لتهدأ كلياً و تُشفي من الصدمة التي سببتها لها رؤية صورة تلك المرأة في غرفة نوم دييغو.
لا شهية لها مطلقاً لتناول الفطور الذي يُقدم في الحديقة. لكن إذا كان هناك بعض القهوة الممتازة التي اعدها روزا, فهي بدون شك ستشرب فنجان منها.
اعجبتها فكرة الجلوس في هدوء و عزلة الحديقة, التنفس في الجو الدافئ المعطر, الإصغاء إلى اصوات الحمام الرخيمة, و رؤية الماء ينبثق من نافورة حجرية و سماع حفيف اوراق شجرة التين القديمة من خلال النسيم العليل.... بدا لها ان هذا ما تريده بالتحديد بانتظار تخلص دييغو من ضيفه.
من المؤكد أن البقاء في جو من السلام كهذا يساعدها للوصول إلى حل اكثر نضجاً و وعياً....

منتديات ليلاس



زهرة منسية 25-12-17 03:09 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اسرع طريق للوصول إلى هناك هو عبر البوابة الخارجية للمكتبة, بدلاً من الأبواب الفرنسية الموصلة إلى الصالون الصغير الذي تستعمله عادة. و دفعت الباب الثقيل المصنوع من السنديان لتفتحه. عليها اولاً ان تسمع وجهة نظر دييغو في الموضوع. فمن المحتمل ان تكون قد كونت فكرة خاطئة كلياً, و ذلك قد يؤدي إلى السؤال عن سوء تصرفها السابق منذ خمس سنوات.
كانت تلك اخر فكرة منطقية لديها, لأن ما كان علي دييغو قوله بشأن صاحبة الصورة الفضية اصبح امراً منسيا بعد ان رأت صاحبة الصورة بنفسها. كانت المرأة جالسة على الطاولة تحت شجرة التين, و فيض من الدموع ينهمر كالشلال علي وجهها الجميل. أما دييغو فكان يجلس على المقعد المقابل منحنيا إلى الأمام, ممسكا بيديها بين يديه, و يتحدث معها.
لم تكن ليزا قادرة على سماع اية كلمة من تلك المسافة, لكن بدت لها نبرة صوته مشجعة و مهدئة, و مما لا شك فيه انه كان راغباً في استرضاء تلك المرأة.
شيء ما اثار غضب الفتاة الجميلة.... حدث ذلك بسرعة, مما جعل ليزا المتوترة بسبب الصدمة الأولي تزداد توتراً بسبب ما تراه امام عينيها.
لم تستطيع إلا أن ترتجف غير مصدقة ما إن وقفت المرأة الأخرى بسرعة, و قد بدت منفجرة من الغضب, و راحت تصرخ بحدة و جنون. الكلمة الوحيدة التي تمكنت من فهمها عبر موجة الكلام الاسباني هي "برفيديا"
أليست هذه الكلمة هي واحدة من كلمات اخري استعملتها ليزا بنفسها و هي تصف الرجل الذي خانها مع هذه المرأة بالذات منذ خمس سنوات؟
تجمدت ليزا في مكانها, و شعرت ليزا بألم شديد في معدتها, و هي تراقب دييغو ينهض علي الفور ز يمسك بيدي المرأة اللتين كانتا تلوح بهما. قال بعض الكلمات الهادئة مطلقاً الأعذار, ثم ضمها بين ذراعيه لتستكين هناك. رأته يضغط على الرأس المغطى بالشعر الأشقر بنعومة على كتفه العريض, و يهزها بلطف إلى الأمام و إلى الخلف, إلى ان سارا على مهل نحو باب المنزل.
ما إن اختفيا في الداخل حتي عضت ليزا قبضة يدها لتمنع نفسها من البكاء بصوت عالٍ. لم تكن لديها أية فكرة عما يجري أمامها, لكنها استنتجت مما تراه أن هذين الشخصين لا يعرفان بعضهما معرفة سطحية! عاودها الشك ان المرأة الأخرى اما خطيبته او زوجته, مما جعلها تشعر انها علي وشك الإغماء....
الطريقة الوحيدة لاكتشاف ذلك هي ان تجدهما و تسألهما! الطريقة الوحيدة لتجعل ساقيها الثقيلتين كالرصاص قادرتين على الحركة هي ان تحاول التأكد بنفسها ان الأمر هو مجرد سوء تفاهم. لا شك ان ما يبدو مشكوكاً فيه في ظاهر الأمر يخفي تفسيراً بريئاً. فبعد التقارب الذي شعرت به مع دييغو ليلة امس, يجب ان يكون الأمر كذلك. لن تستمر بتعذيب نفسها بالتفكير بطريقة اخري, أليس كذلك؟
وجدت ليزا نفسها في القاعة الكبرى. كانت ترتجف من الداخل, و شعرت ان الجدران الحجرية القديمة ستجمدها حتي اعماقها بدلاً من ان تخلق حولها الجو اللطيف البارد المعتاد, كما شعرت بالصمت ملقي على كتفيها كالجبل الثقيل. الآن ستبدأ بالبحث عن دييغو و عن المرأة الأخرى لكنها لا تعتقد انها تملك الشجاعة الكافية لذلك.
ماذا لو كان ما تشك فيه حقيقة لا جدال فيها؟ هي لا تعتقد انها تستطيع تحمل ذلك. ليس بعد أن عانقها دييغو بشغف, و جعلها تشعر بأنها المرأة الأكثر جمالاً و حباً في العالم كله.
ازداد توترها, و كادت تقفز عندما ظهرت روزا قرب كتفها, مع أن المرأة تنتعل حذاء ناعماً خفيفاً مريحاً. كان القلق بادياً علي ملامح وجهها الجميل و لم تعرف ليزا سببه.
قالت لنفسها, عليها إلا تكون جبانة, 8ليها ان تُنهي هذه المسألة.
بالطبع عليها ان تفعل ذلك! سألتها:
- إني ابحث عن السنيور, فهل تعلمين أين هو؟
تجهم سريع غطي العينين البنيتين الكبيرتين في وجه روزا قبل أن تجيبها:
- علىّ أن اخذ لهما القهوة و العصير و اغادر.... بمفردهما.
راحت روزا تتعثر بلغتها الإنجليزية البدائية, ثم تابعت:
- أنت.... غادري ايضاً. الأمر سيء.... وجدت إيزابيلا الجميلة زوجها مع امرأة اخرى..... الكثير من الغضب. يحتاج السنيور أن يكون بمفرده. غادري أنت ايضاً.
المغادرة! انها الخيار الوحيد.... هذا ما قررته ليزا بيأس و حزن ما إن اختفت روزا لتلبي طلب دييغو بإحضار القهوة و العصير. بالكاد تمكنت من الحركة بسبب الألم القاسي الذي كان مسيطراً علي جزء في جسمها. جرت نفسها عبر الدرج إلى الجناح اُعطي لها. السماح لنفسها بأن تنخدع بـ دييغو مرة كان غلطة شنيعة, أما ان يحدث ذلك مرة ثانية فسيكون كارثة كبرى.
عدم معرفة انه متزوج ليس بعذر كاف. انتقدت نفسها بقسوة و هي تغلق باب غرفة نومها وراءها, و اتكأت عليه بضعف شديد. احست بغثيان قوي و ألم شديد في معدتها. كان عليها ان تسأله.... كان عليها أن تعرف. فرجل رائع و وسيم بهذا القدر, و ثرى إلى أقصى حدو الثراء كان ليُخطف منذ سنين عديدة.
من الواضح أن إيزابيلا, كما اسمتها روزا, اكتشفت أن لديه امرأة مخبأة هنا. و كما اعترف بنفسه هذا هو مخبأه الخاص, المكان الذي لا تزوره العائلة إلا نادراً, حيث بإمكانه أن يُخفي نساءه و علاقاته المشبوهة. لكن لابد أن احدهم أعلمها بالأمر. هل اخبرتها روزا بالحقيقة لأنها تدين للعائلة بالولاء؟ لا شك أن الزوجة المخدوعة ظهرت هنا لتواجهه, طالبة منه تفسيرات لاختفائه هنا. لقد رأت ذلك بنفسها. فكرت بإرهاق شديد, لا شك أن زوجته المسكينة لديها ما يكفيها من المشاكل من دون ان تواجهه وجها لوجه بآخر أخطائه.
شعرت ببغض شديد لنفسها بسبب انجرافها خلف عواطفها. سارت ليزا بخطى متعثرة نحو الخزانة حيث علقت ثيابها, و بدأت بانتزاعها. ستأخذ فقط الأشياء التي احضرتها معها. هي لا تريد مطلقاً ان تلمح ثانية الثياب الغالية التي اشتراها لها.
منتديات ليلاس
بعد دقيقة واحدة ستغير هذه التنورة الجميلة و القميص الرائع. لكن اولاً عليها ان تتأكد أنها لديها كل ما تحتاجه. كان رأسها مصاباً بدوار عنيف, و افكارها منشغلة باكتشافها المخيف. إذا لم تسيطر على نفسها بقوة قد تصاب بهيستريا, و لن تعرف بحق السماء ما الذي ستفعله.
أخرجت محتويات حقيبة يدها, و رمت بها علي السرير بجانب حقيبة ملابسها, و بجانب كومة الثياب التي وضعتها للتو. اخذت تقلب ما يسميه أي رجل بالخردة. أمشاط, احمر شفاه, مناديل ورقية, مفاتيح, مفكرة مواعيد قديمة, رزمة من الرسائل القديمة و بطاقات معايدة من الاصدقاء. امسكت بجواز سفرها و محفظتها بقوة, ستستعمل بطاقة الائتمان لتتمكن من دفع تذكرة السفر. لكن لسوء الحظ, عليها ان تطلب من احدهم ان يقلها إلى المطار.
هل سيرضى مانويل بالقيام بذلك؟ لن تجد صعوبة في إقناعه. فكرت و هي لا تزال تشعر بالدوار. ألم تصر روزا عليها لتغادر؟ لابد ان المرأة الإسبانية منزعجة منها, و ستعمل بكل تأكيد علي جعل زوجها يسهل لها الخروج, و إن يكن فقط لتراها مغادرة.
راحت اصابعها ترتجف. بحذر, وضعت جواز سفرها و محفظتها في القسم الخارجي من الحقيبة, و بدأت بوضع بقية الأغراض مرة اخرى في الحقيبة.
في تلك اللحظة دخل دييغو....
بدا وجهه الوسيم متجهما. من الواضح أن زوجته جعلته يعاني من وقت صعب و قسي. نال ما يستحقه! هذا ما فكرت به ليزا و هي تحاول تجاهل طعنة الألم التي تمزق قلبها المحطم. لم تكن تريد رؤيته ثانية, لكن الآن, بعد ان حصل ذلك, لن تدعه يري كم هي منزعجه و محطمة.
- ماذا تفعلين بحق السماء؟
- و ماذا تعتقد أنت؟
تمتمت بعصبية و هي راغبة في ان تخنقه, ثم تابعت:
- لا داعي لأن تصرخ في وجهي. أنها غلطتك إذا كانت زوجتك قد كشفت تصرفك المشين. لذلك لا تلق اللوم علىّ.
امسكت برزمة المناديل الورقية, يبدو ان يدها اصابت احد الاغراض فانقلب عن السرير.
- روزا, لشدة حكمتها, نصحتني ان اغادر, و لهذا تراني اوضب حقيبتي. إنه امر منطقي في ظل هذه الظروف. ألا يمكنك قول ذلك؟
وقف مستقيماً على الفور بعد ان انحني ليلتقط الغرض الذي سقط عن السرير. تنفس دييغو بقوة من بين اسنانه, و عقد حاجبيه, و هو يسأل:
-كررى ما قلته سابقاً. لماذا بحق السماء طلبت منك روزا الرحيل؟ بأي حق تفعل ذلك؟ و عن أي زوجة تتحدثين؟ فليس لدي زوجة!
رماها بنظرة غاضبة ملؤها الغموض, فجلست ليزا على السرير و اطلقت تنهيدة كبيرة بدت كأنها أتية من اخمص قدميها.
إذا هذه هي الطريقة التي سيستعملها معها, سيكذب عليها باستمرار! أنه نموذج صارخ للكاذبين و المخادعين.
لابد انه اقنع إيزابيلا الغاضبة بأن تعود من حيث أتت, و في وقت سريع جداً. جعلها تصدق ان لا وجود لـ امرأة اخرى هنا معه, و انه هنا بمفرده ليتناغم مع الطبيعة, أو اية قصة اخري مشابه لتلك.
لكنها ليست ساذجة و من السهل خداعة. لا, بالتأكيد! قالت من بين اسنانها التي راحت تضغط عليها بقوة:
- أحقاً؟ إذا انتظرني هنا.
سارت بسرعة و خرجت من الغرفة و علامات الغض و الاشمئزاز قد ملأت خديها باللون الاحمر الداكن. توجهت إلى جناحه, و سمعت وقع اقدامه الثابتة تتبعها. لم ينفذ دييغو تعليماتها بل سار وراءها.
تود البقاء بمفردها لبضع دقائق, بعيداً عن الرجل الذي ترغب بقوة بأن تسبب له ضرراً حقيقياً. لكن علي الأقل, بهذه الطريقة لن تجبر نفسها علي البقاء لأكثر من عدة دقائق فقط في هذا المكان.
انقضت على غرفة نومه, و سارت على الفور نحو الصورة الموضوعة في إطار. التقطتها, و استدارت لمواجهته. كان يقف كالبرج فوقها, و قد امتزجت الحيرة مع التوتر في ملامحه. بدا بوضوح علي ملامح وجهه الوسيمة ان الوضع الذي وجد نفسه فيه يسبب له الارتباك.
اشارت ليزا بإصبعها إلى وجه المرأة الجميلة المبتسم و قالت:
- هذه المرأة هي المرأة التي رأيتك معها في ماربيلا في تلك الليلة الأخيرة. كنتما سعيدين جداً.... حتي ان صوفي قالت إنكما زوجان رائعان....!
كانت تعابير وجه تبدو كـ تعابير رجل اصيب على رأسه بحجر كبير. لكن هذا لن يحولها إلى حمقاء, ليس للحظة واحدة!
- و انا وجدت هذه.
مرة ثانية اشارت بأصابعها إلى صورة إيزابيلا, تابعت:
- رأيتها هذا الصباح.... بعد ان تقاربنا و انسجمنا معاً مساء امس.
ما إن انتهت من تلك المواجهة الضرورية حتي فكرت انها قد تشعر في ما بعد انها حمقاء كبيرة, فتذرف الدموع كل ليلة لمدة سنة من الآن. لكن في هذه اللحظة لم تتمالك نفسها, و جعلها الغضب تهاجمه بعنف.
- خرجت ابحث عنك لأسألك تفسيراً عن علاقتك المستمرة بها, و رأيتها امامي. رايتها تعاني من حالة هستيرية, و انت كنت.... كنت....
خانتها الكلمات بسبب غضبها, مع أنها كانت ترغب في ان تصرخ في وجهه, لكنها تمكنت من المتابعة بتوتر:
- .... تضمها إليك و تهدهدها.
ارتفع صوتها حتي قارب الصراخ:
- بعد ذلك اخبرتني روزا أن إيزابيلا انفجرت من الغضب لأنها.... وجدت ان لديك امرأة اخري... طلبت مني ان ارحل.
حاول دييغو جاهداً ان يجد شيئاً من المنطق في كلماتها المتناثرة التي راح فمها الرائع يتفوه بها, لكنه شعر كأنه يسير في ضباب كثيف. ثم ما لبث ان دخل منطقة مضاءة بنور الشمس! التوى فمه على رضى داخلي كبير, إنها تتصرف كـ امرأة سليطة اللسان بسبب الغيرة, رائع! هذا خبر رائع! هذا يعنى انها تهتم لأمره.
مد يده ليأخذ صورة إيزابيلا منها, و فجأة ادرك ان هناك شيئاً ما في راحة يده الأخرى. فتح قبضة يده عل لمعان خاتم يحمل فصوص ماس صغيرة, كان قد رآها تضعه في اصبعها ليلة خطوبتها.
سحب نفساً قويا, و فكر ان هذا لا يعني شيئاً. قد الخاتم لها, فتفاجأت ليزا و اصبح وجهها قرمزي اللون. اخذته منه و هي تشعر بالرعب, ارادها بن ان تحتفظ به كذكرى لحبه لها, و ما الذي فعلته؟
وضعته بدون اهتمام مع اشياء اخرى لا قيمة لها في حقيبة يدها!

منتديات ليلاس


زهرة منسية 25-12-17 03:11 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
هي تعلم ان بن لن يسألها عنه يوماً, لكنه يستحق العناية, فهو تعبير عن الصداقة و الحب الكبير الذي رافقهما معظم حياتهما.
انبت نفسها لأنها لم توله أية عناية, سرعان ما وضعته في إصبعها من اجل الحفاظ عليه. راقبها دييغو تفعل ذلك و قد ضاقت عيناه فجأة. قال لنفسه ان وضعها خاتم رجل أخر لا يعني أي شيء
بدت ليزا متوهجة من الغضب, و جميلة بشكل رائع. و الآن بعد ان توضح كل شيء, لا يستطيع إلقاء اللوم عليها.
ما ان سارت لتتخطاه خارجة من الغرفة, و علي ما يبدو خارجة من حياته, وضع دييغو يديه الاثنتين على كتفيها الناعمتين المتوترتين, و ادارها لتنظر إليه.
نظرت عيناها الزرقاوان بلون البحر إليه نظرة قاتلة, فابتسم دييغو.
من المحتمل ألا تكون ابتسامته عملاً حكيما في مثل هذه الظروف, لكنه لم يستطيع إلا ان يبتسم.
لقد اتخذت ليزا موقفاً عدوانياً منه كـ الهرة البرية, و بدت جاهزة لاستعمال مخالبها.
ما ان رفعت يدها الصغيرة لتصفعه و تزيل تلك الابتسامة عن وجهه حتي امسك يدها, واضعاً ذاعه حول خصرها النحيل. و برشاقة اجلسها على السرير و جلس قربها بسرعة.
- هل يمكنك التوقف عن معاملتي بهذه القسوة؟
ارتجفت شفتها السفلي, و غادرها الغضب الذي كان مسيطراً عليها, و تحول إلى تذمر. اصبحت انفاسها سريعة و قصيرة. لاحظ دييغو ذلك و قد سيطر عليه احساس كبير من العطف نحوها, و شيء آخر من الشوق ايضاً. فهي تبدو رائعة جداً , و هو يرغب في ان يضمها إليه لأنه توصل إلى قرار هام في حياته: هو يرفض ان يمضي ما تبقى من حياته بدونها!
- معاملتك بقسوة ليس ما افكر به إطلاقاً.
اكد لها بقوة, عندما شعر بها ترتجف. توقف عن التقرب منها, و اعاد تفكيره إلى الوضع الحالي بين يديه.
ضغط بضيق على حلقه, و قال بصوت عادي:
0 اعتقد من خلال كلامك المهين انني فهمت ما الذي جعلك تثورين كالبركان.
عيناه اللتان استقرتا على ملامح وجهها الحزين اصبحتا اكثر رقة بسبب التعاطف معها. كان يرغب بقوة ان يضمها إليه و يجعلها تؤمن أنه يحبها, و انه لن يتوقف يوماً عن حبها, لكن عليه أن يتخلص من هذه الفوضى اولاً.
- إيزابيلا, الفتاة التي رأيتني برفقتها في ماربيلا, و التي ترينها في هذه الصورة هي شقيقتي. في تلك الليلة الأخيرة, عندما طلبت مني ان اقابل صديقيك, كنت قد خططت لأشرح لك من أكون, و ان اعرفك على الشخص الوحيد من عائلتي الموجود في اسبانيا. في ذلك الوقت كان والداي خارج البلاد, يقومان بزيارة إلى اقاربنا في جنوب امريكا.
اضطربت ليزا و شعرت بالحيرة مما سمعته. نظرت إليه خلسة. كان يبدو جاداً فعلاً, و لكن.... هل صدقه هذا مجرد مخزون من تملقه و خداعه؟
اطلقت نفساً حاداً, و ادارت بصرها لتحدق إلى موضع قدميها. إنها تريد ان تصدقه, و لكن الجلوس بجانبه على هذا السرير ليس افضل فكرة في العالم.
- التقينا انا و ايزابيلا في ماربيلا, فأصرت على الذهاب معي و انا اختار الخاتم الذي كنت ارغب في تقديمه لك. و إذا كنت قد رأيتنا و قررت أننا كنا كـ المغرمين..... حسناً! اعتقد انه كان من السهل أن تحظي بهذا التصور و الانطباع.
امسك ذقنا و ادارها لتواجهه, ثم تابع:
- ليزا, شقيقتي, هي ملكة الدراما في الحياة منذ يوم ولادتها, فهي تبالغ دائما في تصرفاتها. كانت سعيدة جداً لأن اخاها الغالي قد وقع في الغرام فعلاً, و سيقدم على الخطوبة, و كانت مصممة على الاحتفال بذلك طوال الوقت.
شعر بعظامه تذوب عندما رأى ارتجاف شفتيها, و حدقتي عينيها اللتين امتلأتا بالدموع. جاء صوته مرتجفاً و هو يتوسل إليها ان تصدق ما يقوله. تابع يقول:
- تلك الطبيعة نفسها و العناد القوي فيها جعلاها تخرج من بيتها هذا الصباح باكراً بحثاً عني, و هي تقسم إنها ستترك سيزار, زوجها المحامي اللامع, لأنه لديه علاقة غرامية مع مساعدته الشخصية الجديدة.
مسح بإبهامه بنعومة دمعة تساقطت على خدها مكملاً كلامه:
- و هذا كلام لا جدوي من, بالطبع. عملت على تهدئتها و اتصلت بـ سيزار الذي كان قلقاً بشكل لا يوصف. من الواضح ان صديقة مزيفة لـ إيزابيلا اخبرتها انها رأت سيزار في احد اكبر مطاعم سيفيل مع مساعدته الرائعة الجمال, بينما قال لها هو إنه سيعمل حتي ساعة متأخرة. حسناً! هذا تماماً ما كان يفعله, كان لديه عشاء عمل مع زبون مهم جداً, و مساعدته كانت هناك لتسجل الملاحظات, لا لأي شيء آخر. فـ سيزار يحب إيزابيلا حتي الجنون, و فكرة أن يخونها لم ترد على باله مطلقاً.
- هذا ما فعلته انا طوال السنين الماضية, أليس كذلك؟ بالغت في ردة فعلي فأفسدت ما كان بيننا. قررت انك نادل فقير, و من الاشخاص الذين يلاحقون النساء من اجل مالهن.
اعترفت ليزا بحزن كبير بعد وقت طويل من الصمت. شعرت بالذنب فعلاً بسبب النعوت السيئة التي اطلقتها عليه في رأسها, و شعرت بألم في قلبها لمجرد التفكير فيما فعلته.
شهقت بيأس.... منذ خمس سنوات أحبها هذا الرجل الرائع و اختار خاتماً لها ليجعل خطوبتهما رسمية, و هي عملت على إفساد كل شيء, و فكرت أسوأ الافكار بشأنه. لم تعطيه فرصة ليقول أية كلمة, فقط فتحت فمها الكبير و ابعدته عنها.
- لا تبكي!
وقف دييغو على قدميه و سار إلى الطاولة الموضوعة بجانب السرير ليحضر منديلاً ورقياً. بدون ان يتفوه بأي كلمة, اعطاها إياه و وقف منحنيا فوقها. راقبها و هي تمسح عينيها ثم تمزق المنديل إلى قطع صغيرة جداً. بدت صورة واضحة من البؤس و الحزن معاً. دق قلبه بقوة تعاطفاً معها. إنه يعرف تماماً ما الذي تشعر به. هو ايضاً نادم و بشكل كبير على سوء التفاهم الذى مروا به منذ خمس سنوات. تلك السنوات الضائعة.... القاحلة... الحزينة....
لكن اللحظة مرت, و الحزن علي ما لا يمكن تغيره هو عمل الاغبياء. فقط المستقبل هو المهم. ما إن تصبح إيزابيلا بأمان و هي في طريقها إلى سيفيل, سيجد كل وقت العالم ليقنع هذه المخلوقة الرائعة الرقيقة التي يحبها حتي العبادة أنه يحبها أكثر من الحياة نفسها. و سيطلب يدها للزواج, سيركع على قدميه و يتوسل إليها إذا كان ذلك ضرورياً! لكن حتي حدوث ذلك.....
سلها بضيق, مخاطباً الشعر الاشقر الحريري فوق رأسها المحني فيما هي تنظر إلى حضنها:
- هل يمكنك أن تتذكري كيف طلبت منك روزا ان تغادري؟
كان هذا الأمر الذي يشغل باله. فالعمال لديه ليسوا معتادين على إخبار ضيوفه ماذا يجب ان يفعلوا.
كانت أفكار ليزا منشغلة بتصرفها السيء الذى ابعد هذا الرجل الراجل عنها. ليس فقط منذ خمس سنوات, بل هذا الصباح ايضاً. إنه رجل فخور بنفسه, شريف و صادق. و هو لن يستسيغ فكرة انها اعتبرته أولاً شخصاً يتودد للنساء كي يعيش, ثم اعتبرته غشاشاً و زوجاً مخادعاً. ليلة البارحة صدقت حقاً أنه يهتم بها, و إن بإمكانهما وضع الماضي وراءهما و البدء من جديد. اما الآن فلا شك أنه يحتقرها, و انه يعتقد أنها مجنونة بشكل كامل. و هو يريدها أن تغادر في اقرب فرصة ممكنة.
سألها دييغو بنبرة لاذعة:
- ألا تستطيعين التذكر؟
ارتجفت ليزا. لقد نفد صبره منها, و هي لا تستطيع ان تلومه. تذكرت السؤال, و شعرت بالخدر. قالت:
منتديات ليلاس
-آهـ! ذلك.....
قالت له ما اخبرتها به روزا حرفياً, و بعد ذلك شهقت من المفاجأة عندما وضع يديه القويتين حول خصرها و شدّها لكي تقف علي قدميها.
- تجد روزا صعوبة في التحدث بالإنكليزية. لقد طلبت منها ان تحضر القهوة و العصير, و بعد ذلك ان تعمل على ان نبقي انا و إيزابيلا بمفردنا. طلبت منها ان تبلغك هذه الرسالة مع اعتذاري. كنت بحاجة لبعض الوقت لأعمل على تهدئتها, ثم الاتصال بـ سيزار. هي لم تقصد ابداً ان عليك مغادرة المنزل.
للمرة الأولي في حياته تمني دييغو لو ان اخته لا تأتي إليه راكضة في كل مرة تواجهها مشكلة تزعجها. إنه يريدها الآن بعيدة عنه, و بعيدة من هنا, ليبدأ حملته في إقناع ليزا بالزواج منه.
- هيا لنجعلك تبدين افضل من يوم ماطر, ثم نذهب لنبقي برفقة إيزابيلا.
يدان لا تحملان أية عاطفة ابعدتا شعرها عن وجهها بينما كان يقول لها:
- سيزار في طريقه الآن إلى هنا ليأخذ إيزابيلا. سيحضر معه احد الموظفين ليقود سيارتها, فهو يرفض ان تقود السيارة عندما تكون في هذه الحالة. هذا ما تكون عليه إيزابيلا عادة: إما سعيدة بشكل لا يوصف كأنها تحلق في السماء, أو محطمة كأنها في قعر محيك داكن.
ضاق فمه ما إن لمست اطراف اصابعه جانبي وجهها! لمسة بشرتها تحرفه, يا إلهي! كيف سيتمكن من منع نفسه من أن يأخذها بين ذراعيه و يعانقها؟ لكنه سيعوض عن ذلك في ما بعد, عندما يصبحان بمفردهما.
لاحظت ليزا الضغط القوي على فمه الجميل, و شعرت ببرودة حقيقية, إنه لا يُظهر أية ردة فعل عاطفية تجاهها رغم اقترابهما من بعضهما. عضت بقوة على شفتها السفلي لتمنع نفسها من البكاء. السحر الذي شعرا به ليلة امس قد رحل تماماً و انتهي إلى الأبد... ها هي تخسره مجدداً لأنها لم تثق به, بل نعتته بصفات لا يمكن لأي رجل ان يتسامح و يغض الطرف عنها.
- في الوقت الحالي كلانا نحتاج إلى تناول الفطور.
قال دييغو ذلك و اشار بيده كأنه يدعوها لتسير امامه باتجاه الباب و هذا ما فعلته ليزا و خرجت, محاولة ألا تبدو منهارة كما تشعر فعلاً.
راقب بلا وعي منه كيف كانت ليزا تتنقل برشاقة و دلال و هي تخرج من الغرفة, فخنق تنهيدة كادت تصدر عنه. جزء منه يريد أن يجذبها إليه ليفتح قلبه لها.... ليعترف انه لن يرتاح حتى تعطيه كلمتها و تعده بأنها ستمضي بقية حياتها بقربه.
لكن الجزء المنطقي منه اصرّ عليه أنه بحاجة لأكثر من بعض الدقائق المستعجلة ليتمكن من إقناعها انه, بالرغم من محاولاته المخجلة للانتقام, فهو يحبها حقاً!



نهاية الفصل التاسع

قراءة ممتعة


زهرة منسية 25-12-17 03:14 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
منتديات ليلاس
10 – ليست حبيبها!

وجدا إيزابيلا ممددة على كرسي طويل تحت اشعة الشمس على الشرفة. ما إن سقط ظل دييغو عليها حتى فتحت عيناها الناعستين قليلاً, و تمتمت بحزن:
- تنغو ميشا هامبر.
- تحدثي بالإنكليزية, عزيزتي. لدينا ضيفة.
لا مجال للخلط ابدا بين نبرة الحب الخالص في صوته الآن مقارنة مع طريقته الغاضبة عندما كان يتحدث معها. لاحظت ليزا ذلك بإرهاق و انزعاج.
- نحن جميعاً جائعون. و لقد تأخر وقت الفطور بما فيه الكفاية.
قال دييغو بلطف و هو يأخذ بيدي اخته, و يساعدها كي تقف. قدمها لأخته بنعومة, فيما بدت ابتسامته موجهه لأخته فقط:
- إيزابيلا, اعرفك علي ليزا بنينغتون.
قابلت ليزا ابتسامة إيزابيلا الواسعة بابتسامة ضعيفة منها. لم يعد هناك أثر الآن لغضبها الهستيري السابق, هناك فقط نظرة دافئة من الفضول علي ذلك الوجه المليء بالحيوية.
- هولا! لو سينتو..... آهـ! نسيت. ممنوع التحدث بالإسبانية. انت إنجليزية الجنسية, صحيح؟
شبكت إيزابيلا ذراعها بذراع دييغو. كانت ترتدي بنطلون بألوان نارية و فميصاً ابيض من الحرير. بدت مرتاحة جداً و هي تنظر إلى ليزا نظرة تقيمية:
- أنت إذا المرأة السرية, التي يخبها أخي بعيدا عن عيون الناس.
عينان مثيرتان تلمعان بالاحتيال التقيتا بعيني ليزا....
- اخبريني, كيف تمكنت من القيام بذلك؟ دييغو لا يتودد عادة للنساء, و هذا امر محزن. من الرائع رؤيته يتصرف كـ انسان عادى, كما نحن جميعاً. و هو ماكر ايضاً! اخبريني, هل أخي الأكبر ماكر فعلاً
قاطعها دييغو بطريقة قمعية:
- والد ليزا هو شريك في الأعمال المستحدثة. و هي جزء من المؤسسة نفسها.
ها هو يصرف الأنظار بحدة عن موضوع ليزا في حياته, تابع قائلاً:
- قلت انك جائعة, لِمَ لا نأكل إذا؟
لا يمكن إعطاء إيزابيلا و لو مجرد لمحة صغيرة عن العلاقات الرومانسية التي ستنشأ بينه و بين ليزا في المستقبل القريب, لأنها ستصبح عديمة الرحمة, كما يتذكر تماماً. ستبدأ بالممازحة السمجة التي لا تُحتمل, لن تتوقف عن طرح الأسئلة. عندما دعاها إلى ماربيلا لمقابلة الفتاة التي ستصبح خطيبته, كما كان يتوقع منذ خمس سنوات, عمدت إلى اختبار صبره إلى اقصي الحدود. هو و ليزا عليهما حل مشاكلهما بنفسيهما. و هما بحاجة ليكونا بمفردهما. قالت إيزابيلا بخيبة امل بينما كان دييغو يوجهها نحو المنزل:
-آهـ! فقط علاقة عمل. كل هذا ممل!


منتديات ليلاس



زهرة منسية 25-12-17 03:16 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
تبعتهما ليزا على ساقين كالرصاص. ها هو دييغو يبعدها عن حياته, هذا واضح جداً, و بشكل مؤلم. لكن ماذا توقعت غير ذلك بعد الأشياء التي أتهمته بها؟
لقد استيقظت علي صباح بدا لها مليئاً بالوعود, كانت متأكدة إن بإمكانها استعادة الفرح و السعادة اللذين اعتقدت أنها فقدتهما. أما الآن فلم يعد هناك مجال للذهاب للتنزه علي الشاطئ الذي تحدث عنه. لن يكن هناك حب او احاديث, و لن يكون هناك مجال لتكتشف إن كان حقاً لا يزال يهتم بها.
انخفضت كتفاها, و لم تتمكن حرارة شمس اسبانيا علي ظهرها من إذابة الجليد الذي احاط بقلبها. إذا كان دييغو قد بدأ يؤمن أنه ما زال هناك شيء مميز جداً بينهما, فهي عملت و بدون شك علي إبعاد ذلك بفتح فمها الكبير و إلقاء التهم القاسية. من المؤكد أن هذا ما يفكر فيه بشأنها. و هي لا تستطيع أن تنهي هذه الحيرة و تسأله.
ليس بوجود إيزابيلا.
تبعت دييغو و إيزابيلا بصمت. حلست ليزا في مقعدها علي الطاولة في الصالون الصغير , حيث اعدت روزا أطباق من البيض المخفوق و الفطر, الخبز المحمص العادي, و كثير من الطعام الشهي.
صرّحت إيزابيلا بطريقة مسرحية:
- أكاد اموت من الجوع.
تابعت:
منتديات ليلاس
- الذنب كله ذنبي بالطبع. لم استطيع تناول أي شيء بعد أن صدقت أن حبيبي سيزار يخونني مع امرأة اخرى! كيف يمكن أن اكون سخيفة هكذا؟ سيغضب مني كثيراً. و أنا ارتجف منذ الآن.
لم تبدُ أنها متأثرة فعلاً من أمكانية حدوث ذلك, هذا ما فكرت به ليزا و هي تشعر بالإرهاق, بينما تناولت مُكرهة قطعة خبز و بدأت بتفتيها في صحنها. دييغو ايضاً لم تكن له شهية للطعام, و قام بتقطيع حبة بندورة في صحنه و شرب عدة فناجين قهوة.
نشطت نفسها لتقوم بأي مجهود كان. إنها غلطتها وحدها إن كان دييغو قد غسل يديه منها. عليها ان تتقبل ذلك لا ان تتخبط بالشفقة علي نفسها بالجلوس هنا صامتة كأنها كتلة من البؤس.
سألت بإشراق مصطنع:
- في أي وقت تتوقعين وصول زوجك, إيزابيلا؟
ادركت ان دييغو سيتصرف بتهذيب مصطنع معها إلى ان يصبحا بمفردهما ثانية, بعد ذلك سيعمل علي ترتيب مغادرتها في اسرع وقت ممكن.
كانت إيزابيلا قد انتهت من تناول البيض, و راحت تضع الخبز علي اللحم المقدد. قالت:
- دييغو؟ ماذا تعتقد؟ هل سيصل في منتصف النهار؟
- ربما سيصل في وقت أرب من ذلك.
يا إلهي! كلما كان الوقت أقرب كلما كان ذلك أفضل! لو كان لديه المزيد من الشجاعة في وقت سابق لأخبر سيزار أنه سيوصل زوجته المتهورة بنفسه إلى سيفيل. لو أنه فعل ذلك, لتمكن على الأقل من القيام بعمل بناء, بدلاً من الجلوس منتظراً, و متجنباً النظر إلى ليزا . عندما ينظر إليها يشعر ان هناك معركة حقيقية بين يديه, فهو يريد أن يضمها بين ذراعي و يعانقها حتي توافق ان تصبح زوجته.
ابعد كرسيه إلى الوراء بتوتر وحدة, و نهض علي قدميه. بدا وجهه القاسي متجهماً. مسحت إيزابيلا فمها بالمنديل و قالت:
- هل أنت في مزاج سيء؟ و هل أنا مزعجة؟ قل ليّ إذا كنت كذلك.
أمالت رأسها بدلال, و ابتسامتها تدل علي أنها لا تصدق أنها قد تسبب ازعاج لأي كان.
- إذا كان لديكما اجتماع عمل, أو أي شيء آخر , إذا من فضلكما, تابعا اعمالكما. أنا لن أصغي إذا كان ما ستقولانه امر سري.
اجاب دييغو بوقار:
-بإمكان نقاشنا أنا و ليزا أن ينتظر.
إلا انه فكر في هذا الاقتراح, الاختلاء بـ ليزا في اجتماع عمل مزيف في المكتبة, أمر شديد الإغراء. لكنه لا يستطيع الوثوق في ان اخته الفضولية سريعة الملل لن تقتحم عليهما المكان. من المحتمل أن تقوم بذلك في لحظة مصيرية. لذلك كل ما عليه أن يفعله هو ان يضبط صبره, و يطحن اسنانه بانتظار مغادرتها. قال:
- سأطلب من روزا ان تُحضر ابريقاً من القهوة الطازجة, و تأخذه إلى الحديقة. سأنضم إليكما بعد قليل.
راقبت ليزا خطواته الرشيقة, و ارتفاع رأسه المتكبر الوسيم بينما كان يسير خارجاً من الغرفة, و شعرت بالدموع تحرق عينيها. هي تعلم أي نوع من النقاش سيُجريه معها لاحقاً.
هل سيتقبل اعتذاراتها القلبية؟ ربما... مع انحناءة رسمية باردة. لكن كل الاعتذارات في العالم لن تغير أي شيء. فالخسارة قد وقعت. موقفه الحالي نحوها, و طريقته المتعمدة بعدم النظر إليها أكبر دلل علي ذلك.
ربتت إيزابيلا على معدتها و قالت:
- انتفخت! سأنفجر عما قريب! هل نفعل كما طلب منا؟
شبكت ذراعها في ذراع ليزا ما إن نهضتا عن الطاولة. و بينما كانتا تسيران إلى الحديقة الداخلية فكرت ليزا أنه في ظل ظروف أخرى لكانت تمتعت برفقة هذه المرأة المليئة بالحيوية. و كان بإمكانهما حقاً ان تُصبحا صديقتين حميمتين.
توقفتا بجانب النافورة الرئيسية. غطست إيزابيلا اصابعها في المياه الباردة, و قالت:
- دائما اقول لـ دييغو إن عليه أن يضع بركة سباحة في هذا المكان هكذا سيجد المرء على الأقل شيئاً يفعله هنا.
رفعت كتفيها الأنيقتين بنعومة, و تابعت:
- لكنه يقول ليّ دائما إن أضافة أي شيء حديث هنا لن يناسب... لا ادري ما نسميه بالإنجليزية
اكملت ليزا عنها بلطف:
- أتقصدين الجو؟ اعتقد أنه علي صواب. يبدو هذا المكان القديم خارج الزمن, و اظن أن هذا الخطأ سيفسد الأجواء.
- إذا انا خارج الموضوع. لابد أن دييغو على صواب عندما يقول ليّ انني بربرية!
ابتسامتها البيضاء الواسعة بدت مشرقة جداً و هي تتابع:
- لكن بالطبع, لديه بركة سباحة في منزله الحديث قرب جريز. يفاجئني أنه لم يدعك إلى هناك لإنجاز عملكما, أو يحجز لك في فندق من الفنادق التي تمتلكها العائلة. هذا امر طبيعي, فهذا ما يفعله عادة مع شركائه في العمل.
كانت عيناها الداكنتان تتراقصان بسخرية مبطنة, مع ذلك تمكنت ليزا من أن ترفع كتفيها ببساطة كأنها لم تفهم ما الذي تقصده إيزابيلا بكلامها.
تراقصت الأنوار المشعة على سطح الماء, و كانت الشمس تسطع بقوة علي رأسها. احست ليزا أن الطريق الحجرية تتمايل تحت قدميها, و ان الهواء المشبع برائحة الزهور المنتشرة فوق الجدران الحجرية القديمة و التي شعرت بها فجأة قوية جداً, قد سببت لها الدوار و الغثيان. رفعت ليزا يدا مرتجفة إلى صدغها, و فكرت انه عليها ان تجبر نفسها لتأكل شيئاً ما.
- أوهـ, أنت مخطوبة و على وشك الزواج؟
هل بدت خيبة الأمل في صوت إيزابيلا؟ إنه امر مستحيل, بالتأكيد! لا بد أنها تتخيل ذلك. عبست ليزا ما إن امست الفتاة الأخرى يدها لتنظر عن كثب إلى خاتم بن. انت قد نسيت أنها تضعه في إصبعها هو لا يشبه بشيء الخاتم الكبير المزين بالزمرد الذي ترتديه إيزابيلا.
سألت الفتاة الإسبانية بحماس :
- إذاً, متي سيكون اليوم الكبير؟ هل ستتزوجين قريباً من رجل إنجليزي من بلادك؟ ام ان خطيبك شخص آخر. شخص.... ربما اعرفه؟
- عفواً؟
ظهرت الدموع في عيني ليزا و هي تحاول أن تستوعب العدد الكبير من الأسئلة, بينما اصيب رأسها فجأة بصداع لم تشعر بمثله من قبل.
اصرّت إيزابيلا على الموضوع, و عادت تسألها:
- هل ستتزوجين من رجل إنجليزي قريباً؟
ظهرت روزا فجأة من الجهة البعيدة للحديقة و هي تحمل صينية القهوة الطازجة, و ضعتها على الطاولة تحت شجرة التبن. قالت ليزا بقدر ما تستطيع من حزم:
- نعم.
حاولت ألا تُظهر حقيقة شعورها, و كم هي ضعيفة و مترددة. أنها كذبة سخيفة لا قيمة لها بالطبع, لكنها ستتمكن من كبح جماح الأسئلة المتشوقة المتطفلة. لأنها إن اجابتها بلا فهذا سيتبعه المزيد من التساؤلات بشأن فسخ الخطوبة, و اسباب وضعها لخاتم خطيبها السابق. تفسيرات لا تشعر أنها قادرة على القيام بها الآن. كانت تشعر بيأس قاتل حتي إنها لم تكن ترغب بالتحدث إلى أي كان عن أي شيء بعد اليوم.

منتديات ليلاس

زهرة منسية 25-12-17 03:18 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
امرهما دييغو بصوت عصبي و بشدة:
- انتقلا إلى الظل.
جاء صوته من وراءهما مما جعل ليزا تقفز من جلدها.
هل سمع تلك الكذبة السخيفة؟ على الأرجح انه فعل. ترنح قلبها في صدرها بسرعة لم تستطيع السيطرة عليها. يمكنها أن تشرح له الأمر في ما بعد.... بالطبع يمكنها ذلك. ادارت رأسها باحثة في عينيه, لكنه كان يسير برفقة إيزابيلا إلى الطاولة.
لابد أنه سمع ما قالته إيزابيلا. لقد تلفظت بتلك الكذبة بتأكيد و حزم, و هو ليس أصم. من المؤكد أن هذا الأمر لم يزعجه البتة إذ كان يبتسم و يبدو مرتاحاً بشكل واضح و هو يمسك الكرسي لأخته.
بالنسبة إليه, يمكنها أن تذهب و تتزوج من الشيطان نفسه. لم تشعر ليزا يوماً أنها بائسة إلى هذا الحد.....
شعر دييغو بالألم في وجهه من كثرة الابتسام و التحدث مع إيزابيلا بثرثرة لا طائل منها, و شعر بالألم في قلبه بسبب ما سمعه.
أتراها ما توال تخطط للزواج من كليتون؟
لن يسمح بحدوث ذلك! لا بد أنه اخطأ السمع. لا يمكن أن ينمو ذلك الحب و الشوق بينهما إذا كانت تحب رجل آخر, فـ ليزا ليست من هذا النوع من النساء.
إلا إذا....! فكرة غير مرحب بها أظلمت روحه, و جعلت دمه يجري في عروقه بارداً كالثلج: إلا إذا كانا قد اتفقا على ذلك معاً!
خطر أغلاق المجلة, الديون المتراكمة على والديهما, فقدانهما لما يعتبرانه ميراثاً لهما, هذا بدون ذكر عملهما.... كاد ان يسمع كليتون يقول لها:
"افعلي ذلك من اجلنا, من اجل مستقبلنا. افعلي ما يشاء, و فكري فقط بازدهار (لايف ستايل) ثانية. و عندما يبعدك عنه سنتزوج بكل الأحوال.
لا! لا! إنه كلام لا قيمة له مطلقاً!
لن يسير في ذلك النفق المظلم الذي سارت فيه ليزا من قبل وقت قصير, عندما اعتقدت أن إيزابيلا زوجته. و من خلال ما سمعته من روزا يمكنه أن يفهم لماذا توصلت إلى ذلك الاستنتاج, لا سيما انها مزجته مع سوء التفاهم الذي حدث منذ خمس سنوات.
بإمكانه أن يفهم و يسامح.
لكنها كانت تعانق كليتون و كأنها لا تستطيع الانتظار لتبقي معه بمفردهما.
تمني لو أنه يستطيع نسيان ذلك المشهد الحار الذي يجعله يشعر بالتشتت, تلك الصدمة التي تحولت بسرعة إلى مرارة و غضب. بكل الأحوال, ليزا لم تقم يوماً علاقة حميمة مع كليتون. هو يعلم ذلك بالتأكيد, و يراهن على ذلك بحياته.
يا إلهي! لو يستطيع ابعادها إلى مكان ما يبقيان فيه بمفردهما في غضون الدقائق القليلة القادمة سيصاب بالجنون! يريد أن يوضح كل الأمور. يريد أن يعرف إذا كانت مشاعرها نحوه عميقه و قوية كما هي مشاعره نحوها.
عيناه الثاقبتان استقرتا عليها لفترة طويلة, اطول مما سمح لنفسه بالنظر إليها حتي الآن. رمقها بنظرات سريعة جانبية, و بسرعة ايضاً ابعدها عنه.
لاحظ أنها على غير عادتها, اضافت كمية من الكريما و عدة ملاعق من السكر إلى فنجان قهوتها. و شربت بعطش كوب الماء المثلج الذي قدمته لها روزا. بدت شاحبة من القلق عندما انضمت إليهما تحت الظل لكنها, و الحمد لله, تبدو بحالة أفضل الآن.
إنه يحبها كثيراً, حباً يقارب العبادة. شعر بقلبه يتلوى في صدؤه1 كانت تُصغي إلى وصف إيزابيلا المفرح و هي تتكلم عن مباهج سيفيل, مركزة بالتحديد على المتاجر الفخمة و المطاعم و النوادي الليلة, بلازا دو إسبانيا, و الحدائق الغناء في ماريا لويزا بارك.......
بذلت ليزا ما في وسعها لتظهر اهتمامها, فراحت تبتسم و تلقى بعض الأسئلة عندما تستطيع أن تتلفظ بكلمة, لكن عيناها الجميلتين بدتا مضطربتين.
حان وقت التدخل. سيقدم اعتذاراته لـ إيزابيلا, و سيأخذ ليزا إلى مكان ما حيث لا يمكن لأحد ان يزعجهما.... إلى الشاطئ, كما خطط منذ البداية. بإمكان إيزابيلا ان تضجر قدر ما تشاء حتي يصل سيزار.
احست ليزا بنظرات دييغو عليها. شعرت بتلون خديها, و حاولت أن تركز على ما تقوله إيزابيلا. بدت المرأة الأخرى سعيدة, غير مدركة للقلق الذي يعتمل تحت المظاهر المصطنعة, و من أين لها ان تدرك؟ تساءلت عمّا يفكر به دييغو ؟ تفاجأت عندما ظهرت روزا و هي تحمل هاتفاً نقالاً, و قدمته لها.
- ليّ؟
أي سؤال أحمق هذا! و لأي سبب آخر ستحضر روزا الهاتف لها؟
انقلبت معدتها بسبب إحساسها بالغثيان. اصرت علي دييغو أن يترك رقم الهاتف لدي والدها, فلعله أراد ان يتصل بها, فقط للتحدث معها. مع انها كانت تعلم في قرارة نفسها أنه لن يفعل. بالنسبة إليه, إن كانت بعيدة عن عينيه فهي بعيدة عن افكاره.
ارتجفت يدها ما أن امسكت بالسماعة..... هل حدث له مكروه؟ عاودها الصداع الذي تخلصت منه لتوها.... عاد بقوة اكبر.
ما ان ذكرت اسمها بصوت كالهمس حتي سمعت صوت صوفي عالياً, واضحاً ممزقاً من التوتر.
- بن تعرض إلى حادث سير مروع, و هو في غرفة العمليات الآن. آخر ما قاله قبل ان يدخل إلى هناك: اطلبي من ليزا أن تحضر. أريد أن اراها. لذلك من الأفضل لك ان تنسي ما تفعلينه هناك.
تلون صوت صديقتها بازدراء واضح و هي تتابع:
- أنت تدينين له بالكثير........ و هو قد يموت جراء الحادث. لا اعتقد أنها مجرد صدفة أن يتحول رجل يقود بحذر لا مثيل له إلى نقيض ذلك بعد ان تخليت عنه, أليس كذلك؟
شعرت ليزا بالصدمة فلم تستطيع الكلام. تحركت شفتاها من دون أن تتفوه بكلمة. بالكاد استطاعت استيعاب ما تسمعه. آه بن العزيز! صديق عمرها الذي اهتم بها لسنوات و سنوات... ربما هو يحتضر. يجب ألا يحدث هذا.
بنبرة عصبية ذكرت صوفي اسم المستشفى الذي يُعالج فيه, و تابعت بغضب:
- قولي شيئاً, لًمَ لا تتكلمين؟ حتي لو قلت فقط آسفة!.
تنفست ليزا بسرعة و قد جعل القلق صوتها ضعيفاً. قالت:
- قولي له أنني سأكون معه في اقرب فرصة ممكنة. سأستقل أول طائرة عائدة إلى لندن. و قولي له......
منتديات ليلاس
طغت عاطفتها علي صوتها لكنها تمكنت من المتابعة:
- .... ليتمسك بالحياة و ينتظرني.
إن مات بن فسيكون الأمر صعباً عليها, لأنها ستخسر اخاً. كما انها ستخسر صوفي التي كانت كـ اخت غالية لها. لأن هذه الأخيرة ستلقي اللوم عليها دائماً.
تعثرت و هي تنهض, و سقط الهاتف من اصابعها المتوترة. حاولت ان تبعد الرعب و الخوف من صوتها, فقالت لـ إيزابيلا التي اتسعت عيناها من الدهشة:
- اعذريني, عليّ الذهاب.
ألقت نظرة سريعة باتجاه دييغو, و لاحظت انه التقط الهاتف و كان قول شيئاً ما لـ صوفي, فركضت إلى غرفتها.
ما ان اصبحت هناك حتي راحت تتنفس بهدوء لتجبر نفسها علي التفكير بطريقة صحيحة, علها تستجمع قوتها. لابد ان تطلب من احدهم ان يوصلها إلى المطار, أو ان تطلب سيارة اجرة. و الشيء الأكثر اهمية هو ان عليها توديع دييغو و ان تشرح له ما الذي يحدث.
تركته و هو يتحدث إلى صوفي الشديدة الاضطراب, فلابد أنه علم بالأمر الآن. لن تكون هناك أية مشكلة معه.
مجرد التفكير في وداع دييغو جعلها ترغب في رمي نفسها على السرير و البكاء. فكرها المليء بالشك أعلمها انها خسرته إلى الأبد. انهمرت الدموع علي خديها الشاحبين ما أن بدأت تضع الأشياء التي رمتها علي السرير في وقت سابق في حقيبتها المفتوحة.
كانت ترغب في ان تحظي بفرصة للاعتذار, لتقول له إنها ستندم علي كل شيء بدءاً من تصرفاتها السخيفة منذ خمس سنوات إلى موجة الغضب التي اجتاحتها بشكل مزعج, حتي آخر يوم في حياتها.
مجرد التفكير ان العلبة التي رأته يضعها في جيبه في قاعة الاستقبال في الفندق كانت تحتوي علي خاتم اراد تقديمه لها جعلها تكره نفسها. تنهيدة كبيرة ولدت في داخلها, في اللحظة التي دخل فيها دييغو إلى الغرفة.
قفز قلبها, و كاد ان يتوقف عن الخفقان, ثم اندفع الدم سريعاً فيه بطريقة مؤلمة. بدا شديد التوتر, عناه السوداوان تلمعان بشدة و كتفاه متوترتان بشكل زاضح. بدا وسيما و رائعاً. فكرت ليزا انها فقدته إلى الأبد! قبل ان تتمكن من قول كم هي نادمة علي كل شيء, قال دييغو ببساطة:
-أنا آسف لسماع الأخبار السيئة. لابد انك و عائلته قلقون جداً.
الكلمات المتعاطفة التي صدرت عنه زادت من آلامها كثيراً.
الاحساس بالذنب طعنها في قلبها, مذكراً إياها كم هي انانية. فهي تبكي بسبب خسارتها للفرصة التي قد تجعل دييغو يقع في حبها مرة اخرى, في حين ان صديقها العزيز يحارب من اجل بقائه حياً.
عاودتها الذكريات عن لطف بن الدائم, و عن مساندته المستمرة لها, واضعاً إياها تحت جناحه منذ وفاة امها و هجران والدها لها. لطالما تشاركت هي و صوفي الضحك و التسلية من تصرفاته القديمة الطراز, لكن كان هناك دائما حب كبير بينهم.
ملامح وجه دييغو الوسيمة لم تكن تحمل اية تعابير عندما سألها:
- هل تحبينه؟
الاحساس القوي بالذنب من التفكير فقط بمشاكلها الخاصة و يأسها القاتل جعلاها تقيّم كثيراً علاقتها مع الرجل الذي ستحبه حتي اخر يوم في حياتها, مما دفعها للقول بصوت كالنحيب خرج من بين شفتيها المرتجفتين:
- بالطبع احبه!
لمعت عيناه بالألم, و استدار خارجاً من الغرفة. كان عليه ان يعلم..... و الآن أسوأ كابوس ف حياته يحدق به وجها لوجه.
إلي متي كانت ستستمر بالتظاهر, تشاركه ايامه, حتي بعد ان قال لها إنها حرة في الذهاب؟ إلى متي كانت ستستمر بخطتها في جعله احمق, لتحصل منه هي و بن علي كل ما يستطيعانه؟ و الآن ها هو الرجل الذي اعترفت بحبه يتصل بها و هو علي فراش الموت....
عندما وصل إلى الباب استدار ليحدثها. لكن رؤية دموعها علي الرجل الذى تحبه اصابته بـــ آلم بارد في صميم قلبه. أما الكلمات الأخيرة التي قالها لملاكه المخادع فكانت: (سيوصلك مانويل إلى المطار. ما إن تنتهي من توضيب حقيبتك, حتي يكون جاهزاً, و بانتظارك.)


نهاية الفصل العاشر

قراءة ممتعة


زهرة منسية 25-12-17 03:21 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
موعدنا إن شاء الله يوم الأربعاء مع الفصلين الأخير و ماقبله

كونوا بالقرب

:)

زهرة الفلامنجو 25-12-17 04:38 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
فصل مؤثر ٠٠ منتظرين اشكري على مجهودك الرائع

شيماء علي 25-12-17 06:42 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
الشيء الوحيد اللي يبقيني مقتنعة ان هذا الدييغو أسباني هو نظرته للقبلة بين ليزا وبن قبل خمس سنوات
غير كدا
فين شفنا رجل أسباني مشبع بالرغبة في الانتقام لكبرياءه المجروح يترك حبيبته تروح لحبيبها؟!!
لا ويبرر لها كمان
وهي الغبية
طلعت المرأة أخته
تسكت ؟؟
لا
تلفلف كلامه وتبني نظرية وهمية عن ابعاد مفترض لها وتعيش على النظرية يا فرحة قلبي
لا وكمان تعترف انها تحب بن بدون توضيح لنوع الحب فقط عشان احساس ما له اي اساس من الصحة بالذنب

mind you, I think this whole accident is a big trick

زهرة منسية 27-12-17 06:12 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الفلامنجو (المشاركة 3695313)
فصل مؤثر ٠٠ منتظرين اشكري على مجهودك الرائع

يسلموا زهورة الشكر لتواجدك العطر ... اشتاقتلك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شيماء علي (المشاركة 3695316)
الشيء الوحيد اللي يبقيني مقتنعة ان هذا الدييغو أسباني هو نظرته للقبلة بين ليزا وبن قبل خمس سنوات
غير كدا
فين شفنا رجل أسباني مشبع بالرغبة في الانتقام لكبرياءه المجروح يترك حبيبته تروح لحبيبها؟!!
لا ويبرر لها كمان
اتفق معاكى جدا شيما
وهي الغبية
طلعت المرأة أخته
تسكت ؟؟
لا
تلفلف كلامه وتبني نظرية وهمية عن ابعاد مفترض لها وتعيش على النظرية يا فرحة قلبي
لا وكمان تعترف انها تحب بن بدون توضيح لنوع الحب فقط عشان احساس ما له اي اساس من الصحة بالذنب
غبية قليلة عليها انها كبيرة الحمقاوات و الغبيات
mind you, I think this whole accident is a big trick

mind you, I think the novel is a big joke from The writer

:)

زهرة منسية 27-12-17 06:14 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

11- لعبة القدر
منتديات ليلاس

حالف الحظ ليزا في رحلة السفر, و مع ذلك كان الوقت متأخراً عندما اوصلتها سيارة الأجرة امام المستشفى. راحت طيلة الوقت تصلي كي يتمكن بن من النجاة, و كي تكون العملية قد تمت بنجاح. جرت ليزا نفسها و جرت حقيبتها نحو المبني الأساسي علي ساقيين متعبتين لم تصدق انهما قد يحملانها.
حتي لو كان بن بصحة جيدة, و قادراً علي استقبال الضيوف, فان الوقت متأخر جداً لرؤيته. لكن على الأقل, يمكنها ان تطمئن عن حالته, من المؤكد ان هناك من يستطيع اخبارها, حتى لو لم تكن قريبة له.
لو ان دييغو معها لتمكن من الحصول على كل المعلومات المطلوبة, فهو من ذلك النوع من الناس الذين يملكون سلطة طبيعة في شخصيتهم.
انعصر قلبها بألم..... عليها ان تتوقف عن التفكير به. ذكرت نفسها بذلك و هي تراجع كل ما حدث معها. إن لم تفعل فسوف تتحطم لإشلاء.
اقتربت من الأبواب المزدوجة التي تُفتح تلقائياً, و رأتهم هناك.... جميع افراد عائلة كليتون, هونور, آرثر و صوفي كانوا جميعاً متوترين. راح قلب ليزا يضرب داخل ضلوعها.
ادركت بعد اتصال صوفي انهم يلقون اللوم عليها بشأن ما حدث لـ بن. عليها ان تواجههم بكل ما لديها من شجاعة. رفعت كتفيها ما إن ساروا باتجاهها, و التوي قلبها تأثراً عندما رأت عيني هونور الحمراوين و فم صوفي المرهق.

منتديات ليلاس

زهرة منسية 27-12-17 06:16 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
كانت تشعر بالرعب حقاً, متوقعة ان تسمع اخباراً سيئة. ظهر القلق في صوتها حين سألت:
- كيف حاله؟
اجابها والده:
- كانت العملية ناجحة, و الحمد لله. من المحتمل أن يصبح اعرج حتي آخر حياته, لكنه لن يفقد ساقه.
بدا صوته رصيناً بسبب التوتر, و كتفاه العريضتان منحنيتان.
- هل سيكون بخير, مع ذلك؟
اجابت والدة بن:
- إنه نائم الآن. سُمح لنا فقط بأن ننظر إليه لعدة لحظات.
بدت هونور كليتون أكبر بعش سنوات عن آخر مرة شاهدتها فيها ليزا, و ذلك في حفلة الخطوبة.
- غداً, إذا سارت الأمور جيداً, سيسمح لنا برؤيته لعدة دقائق. كان ذلك, اقصد....
تلعثمت بالكلمات قبل ان تتابع:
- كم هو رائع من قبلك ان تصلي بهذه السرعة.
ارتجفت ليزا ما إن حرك الهواء البارد تنورتها على جسمها. انحنت برأسها كرد على شكر هونور, لأنها لم تكن قادرة على الكلام. و ادركت فجأة ما الذى ترتديه.
مع أنها نوت تبديل ثيابها لترتدي بنطلون جينز و قميصا ما, لكنها لم تعد تستطيع التركيز على ما تفعله بعد ان تخلي دييغو عنها ببساطة, من دون ان يعطيها فرصة لتقول له كم هي آسفة , في تلك التنورة الناعمة و القميص الجميل لم تكن مستعدة ابداً لطقس إنجلترا البارد في الربيع.
قالت هونور محاولة لم الشمل من جديد:
- حسناً, لا يمكننا الوقوف هنا لنصاب بالبرد. اقنعنا صوفي بالبقاء معنا إلى ان يتمكن بن من تجاوز محنته. و انت ايضاً يمكنك استخدام غرفتك القديمة.
هزت ليزا رأسها بصورة لا شعورية. كيف يمكن لها أن تقبل بذلك بينما هم يلقون اللوم عليها لكونها السبب الغير مباشر في حادث بن؟
تحدثت صوفي للمرة الأولي:
- أرجوك وافقي! نريدك معنا. نحن حقاً نريد ذلك.
عيناها الزرقاوان التقتا بعيني صوفي المليئتين بالدموع, و سألتها:
- أحقاً؟
هزت صوفي رأسها بالموافقة بقوة. بدت متأثرة جداً لا تستطيع الكلام. حل آرثر المشكلة, بحمله الحقيبة من يدها و وضع يده الأخرى على كتفها و هو يقول:
- لنذهب إلى السيارة. لا جدوى من بقائنا هنا. فليس هناك ما نستطيع القيام به. و كل ما نحتاج إليه الآن هو شراب ساخن.
لطالما كانت هذه الغرفة غرفتها بعد وفاة والدتها, و اثناء العطل المدرسية, حتى السنة الأولي لعملها في "لايف ستايل" لم يتغير فيها شيء على الإطلاق, اوراق الجدران الجميلة نفسها, الستائر نفسها, غطاء السرير المناسب لها نفسه, و قطع السجاد الصغيرة البيضاء الموضوعة هنا و هناك فوق الموكيت الأزرق الشاحب نفسها ايضاً.
كانت قد توقعت ان تكون الغرفة مختلفة تماماً, و أن تكون هونور قد غيرت طرازها بعد ان انتقلت هي و صوفي إلى شقة بالإيجار رغم معارضة بن, لأنهما كانتا ترغبان بالاستقلال.
فتحت حقيبتها, لتبحث عن حقيبة تنظيف الوجه. شعرت بتعب كبير و بأنها مستنزفة عاطفياً, بالكاد تستطيع ان تعرف ما الذي تفعله.
مرت الأمسية بين الانشغال بالعمل و المشاعر المضطربة. انشغل آرثر بالرد على اتصالات الأصدقاء الذين يشعرون بالقلق على بن و يريدون الاطمئنان على صحته, اما هي و هونور فذهبتا إلى المطبخ لإعداد الشوربا و تسخين التوست, بينما اعدت صوفي الشاي للجميع, و قامت بالاهتمام بهم.
تركز الحديث على حادث بن:
- من الواضح, انه تفاجأ بشاحنة عند منعطف مغلق, فيما كانت عربة نقل تمر إلي جانبه.
ارتجفت هونور بعنف, كانت يدها ترتجف و هي ترفع فنجان الشاي إلى شفتيها. تابعت:
- و كما قالت الشرطة, لو لم يتمكن من الانحراف في اللحظة الأخيرة لكان الحادث اسوأ. لحسن الحظ ان سائق العربة لم يصاب بأي أذى. لكن بن لم يكن يضع حزان الأمان. و أنا ببساطة لا افهم ذلك, فهو دائما سائق منطقي و واع.
منتديات ليلاس
و بشكل محتم ايضاً, التقت عينا ليزا بعيني صوفي. و ادركت ليزا ما الذي تفكر به صديقتها القديمة. لكن الفتاة الأخرى ضغطت على شفتيها و هزت رأسها بينما كانت الدموع تنهمر من عينيها كالشلال.
بعد تناول الوجبة التي تم إعدادها كيفما اتفق على طاولة المطبخ, دفعت صوفي كرسيها إلى الوراء, و نظرت إلى ساعتها.
- اظن ان جيمس عاد الآن. كان يقوم بالمناوبة مكان الطبيب المسؤول الذي سيغادر. لم يشأ ان يذهب إلى هناك, لكني طلبت منه الذهاب, إذ لا شيء يستطيع القيام به لمساعدة بن. إلا أنني وعدته أن اتصل به و اخبره بكل ما يحدث.
كتمت صوفي تنهيدة و غادرت المطبخ. ساعدت ليزا هونور على وضع الصحون في آلة غسل الصحون, ثم اعتذرت و ذهبت إلى غرفتها. لكنها تمنت لو أنها لم تفعل.
الآن, عندما اصبحت بمفردها, عادت افكارها إلى مأساتها الخاصة. كانت تعلم ان عملها هذا بمنتهي الأنانية, لكنها ببساطة لا تستطيع تبديل الأمر. ما الذي يفكر فيه دييغو عنها؟ هل صدق تلك الكذبة الحمقاء التي سمعها؟ هل اساء فهم يأسها بسبب الحادث الذي اصاب بن؟
من الطبيعي ان تشعر باليأس, فـ بن هو صديق عزيز و منذ وقت طويل جداً. لكن دييغو لا يعرف القصة كلها, لا يدرك كيف تمكنت صوفي من جعلها تشعر بالذنب اللعين, محملة إياها المسؤولية, مما ضاعف رغبتها بالعودة إلى انجلترا على الفور لأن بن كان يسأل عنها. كيف له ان يعذرها و هو لم يعطيها فرصة لتشرح له أي شيء على الإطلاق؟
هل تبقي لها و لو زاوية صغيرة في افكاه؟ هل قرر اخيراً أنه لا يريد أية علاقة بها بعد ما أتهمته به؟
- هل استطيع الدخول؟
بعد لحظة من التردد دفعت صوفي بنفسها إلى داخل الغرفة, و بعد مرور ثانيتين كانت تضم ليزا إليها بعناق اخوي حار و هي تابع:
- إنني آسفة جدا, ليزي! فالذي قلته على الهاتف كان كريهاً. هل يمكنك مسامحتي؟
- أنسي ذلك.
تابعت ليزا بنفس قصير هو آخر ما تبقي لها:
- سامحتك و انتهي الأمر. كنتِ منزعجة.....
- لا, كنت كريهة جداً!
انكرت صوفي ذلك بسرعة. ابتعدت عنها قليلاً و وقفت و عيناها طافحتان بالدموع.
- كنت قلقة, بل كنت كالمجنونة لشدة قلقي, لكن هذا لا يعطيني الحق بأن ألقي اللوم على صديقتي المفضلة!
أنه الاحساس الأول بالدفء الذي شعرت به ليزا منذ ان استيقظت هذا الصباح! دفعت صديقتها صوفي دفعة لطيفة جعلتها تجلس على آخر السرير بينما احاطت نفسها بالوسائد و قد شبكت ساقيها تحتها, تماماً كما كانتا تفعلان في الأيام الماضية حيث تجلسان معاً و تثرثران حتي منتصف الليل.
- عندما اعتقدت ان أخي التوأم سيموت, و طلب مني والدي ان احصل على رقم هاتفك من والدك كي اتصل بك و اخبرك ان بن يسأل عنك, ببساطة اندفعت بعنف و لم ابالِ. كنت سأخسر أخي, او هكذا اعتقدت, و انت كنت تتجولين تحت الشمس مع ذلك الاسباني الضخم. بدا ليّ ذلك امراً غير عادل و خاطئ, إذ يبدو أنني كنت غاضبة جداً منك لأنك فسخت خطوبتك من بن.
تنفست صوفي بصوت مسموع قبل ان تتابع:
- كنت اريد أن ابقيك في عائلتنا. لكن بن شرح ليّ الأمر, بعد ان قررت الرحيل إلى اسبانيا. قال إنكما كنتما ستعيشان زواجاً مملاً قاتلاً, زواجاً خالياً من العاطفة و الشغف.
راحت صوفي تفتل حاشية كنزتها بين اصابعها, اكملت قائلة:
- ثم عدت و التقيت بالحب الحقيقي الوحيد في حياتك, و حصلت على الجائزة الكبرى.
رفعت عينيها المتورمتين من البكاء معتذرة, و تابعت:
- إنني مجنونة بحب جيمس, لذلك انا حقاً افهم ما الذي حدث معك.
قالت ليزا بلطف:
- اصمتي!
حاولت ان تبتلع غصة في حلقها. على الأقل, عادت إليها صديقتها المفضلة, و هذا امر كبير يستحق ان تشكر الله عليه.
سألتها صوفي:
- كيف تجري الأمور مع الاسباني العظيم؟ اعتقدنا انه قد يأتي معك, لذلك جهزنا غرفة الضيوف تحسباً لحضوره. صممت أمي على بقائك معنا هنا و ليس بمفردك في تلك الشقة البائسة.
تنهدت قليلاً و تابعت:
- اتوقوع أنك ستعودين سريعاً, ما أن يصبح بن بخير, و يزول عنه الخطر.
بتصميم قوي عمدت ليزا إلى تبديل الموضوع:
- لا اهمية لتلك الأمور الآن.... لنتحدث عنك و عن جيمس. اخبريني, ما اخبار ذلك المنزل الريفي؟ و هل ما زالت مصممة على إقامة الزفاف في منتصف الصيف؟
لا كجال مطلقاً للتحدث عما يجري بينها و بين دييغو. ربما ستتمكن من التحدث عن الأمر مع صديقتها فيما بعد, عندما يصبح الألم أقل عذاباً.... لكن بالتأكيد ليس الآن

منتديات ليلاس


زهرة منسية 27-12-17 06:17 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

مرّ يومان قبل ان يُسمح لـ بن برؤية الزوار. في الصباح اليوم التالي تم نقله من غرفة العناية المركزة إلى غرفة خاصة, و اصبح بإمكان والديه و شقيقته زيارته لمدة نصف ساعة. بدا انه في تقدم مستمر, و هو مقيد في الفراش في قفص يغطي القسم الأسفل من جسمه.
اصبح الجو أكثر ارتياحاً في المنزل. غادرت صوفي من أجل دوامها المسائي في المجلة, أما ليزا و هونور فبقيتا في البيت لإعداد فطيرة التفاح المفضلة لـ آرثر بالإضافة إلى وجبة للاحتفال من اللحم المشوي. كان والد ليزا يتصل يومياً بعائلة كليتون ليتتبع آخر اخبار بن اليومية. تحدث معها مرة واحدة فقط, ليقول إنه سمع بعودتها و إنه يتمني ألا يستاء رافاكاني بسبب مغادرتها. لم يقترح عليها أن يلتقيا, و لم تتوقع ليزا منه ذلك. و لأول مرة في حياتها, لم يكن هناك مكان في قلبها لخيبة الأمل.
اقتربت ليزا من سرير بن بخوف و ذعر. لم تستطيع ان تفهم لماذا كانت في اولويات افكاره عندما اعتقد انه سيموت. احتفظت بابتسامة على وجهها, و اتسعت ابتسامتها عندما اعلنت بفرح كبير:
- أنت افضل حالاً مما كنت اظن.
انحنت لتعانقه, و وضعت الزهور التي احضرتها على الخزانة بجانب سريره.
- ما كان عليك إزعاج نفسك.
و قال ذلك مشيراً بيده إلى باقات الزهور المنتشرة في كل مكان في الغرفة, و تابع:
- كل ما كان عليك القيام به هو الحضور فقط.
- صحيح!
اخذت ليزا وقتها لتتمكن من إحضار كرسي إلى جانب سريره. في نهاية المطاف, طلب رؤيتها و عليه أن يخبرها لماذا. خشيت أن تسمع أنه كان مغرماً بها و بعمق طوال حياته, لكنه فعل الشيء الصحيح و وقف جانباً عندما استنتج أنها مغرمة برجل آخر.
منتديات ليلاس
لم يُظهر بن مرة واحدة أية اشارة و لو صغيرة عن حبه, ما كانت لتوافق ابداً على الزواج منه لو أنها اعتقدت و لو للحظة واحدة أنه كان مغرماً بها بجنون. لكن بعض الناس ماهرون بإخفاء مشاعرهم الحقيقية.
قالت بهدوء ما إن جلست على كرسيها:
- حسناً! انا هنا الآن. اخبرني لماذا اردت رؤيتي عندما اعتقدت انك قد تموت؟
نظر إليها نظرة مستغربة, و بسرعة انكر التفكير بمثل هذه الأمور:
- من الذي تحدث عن الموت؟ بعض الناس يبكون و ينتحبون و يفكرون بالأسوأ, لكنني كنت اعلم أنني سأكون بخير.
اصبح صوته مرتاحاً و هو يخبرها عن حالته الصحية:
- تعرضت لكسر في ساقي, و قد وضعوا بعض المسامير المعدنية فيها, لكن ما تبقي من جروحي هي بسيطة جداً. لذلك أجد انني أكثر حظاً مما اعتقدت. المسألة هي أنني وقت وقوع الحادث كنت أفكر بسؤال والدك عن رقم هاتفك. و كان الموضوع لا يزال يدور في رأسي.
مد يده و امسك بيدها, و ربت عليها بود قائلاً:
- كنت قلقاً عليكِ, كنت اريد أن اعرف إن كنتِ بخير, و أن كان رافاكاني يعاملك معاملة جيدة. لدي فكرة واضحة عن شعورك نحوه, لكنني لم أكن متأكداً من شعوره نحوك. اقصد, جاء ذلك الشاب ليقول لكِ تعالي و عيشي معي.... هذا ما كان يزعجني عندما أفكر في الأمر.
ابتسم لها بقلق, و تابع:
- لقد اعتدت على الاهتمام بك. و كثيرا ما تصبح العادات جزء من شخصيتك. كنت أريدك ان تعرفي ان لا داعي للخوف من العودة إذا لم تسر الأمور كما تشائين. كنت سأعمل مع والدينا على إيجاد عمل مناسب لك و هكذا لن تخشي ان تكوني بدون عمل. اعترف لك ان اهلي تضايقوا جداً عندما علموا بفسخ خطوبتنا. شرحت لهم السبب و لم اذكر مطلقاً تهديد رافاكاني بفسخ عقد الشركة, لكنهم تقبلوا الأمر في النهاية. اردت ان تعرفي اننا جميعاً نرحب بك, إن احتجت للعودة.
قالت ليزا بصوت فرح:
- انت صديق جيد, بن.... الصديق الأفضل.
امتلأت جوارحها بعاطفة كبيرة. رمشت بعينيها و لاحظت شحوب وجه, فشعرت بطعنة من الذنب لأنها سمحت له ان يتحدث كثيراً.
تابعت:
-علي الذهاب, فأنت تبدو متعباً. لقد جعلتك تتحدث لفترة طويلة. سأزورك غداً, إذا وافقت عائلتك على زيارتي.
نهضت واقفة. علمت أنها لو بقيت دقيقة بعد فسوف يسألها عن علاقتها بـ دييغو.
ليست مستعدة بعد للتحدث عن تلك العلاقة مع أي كان, حتي مع اصدقائها المقربين, من دون أن تجعل من نفسها حمقاء بالكامل.
لكن بن حرك رأسه على الوسادة, و قال:
- لا تذهبي! فأنا مصاب بملل كبير. لن يأتوا ليطلبوا منك الرحيل قبل عشر دقائق اخرى.
بدا حزينا جدا, فلم يطاوعها قلبها ان تغادر. لكن عليها أن تُبقي النقاش بعيداً عن علاقتها المدمرة مع دييغو و بأي طريقة كانت.
عادت و جلست على كرسيها, ثم قالت بسرعة:
- إذا, لدينا عشر دقائق لتخبرني لماذا بدأت تُظهر نزعة من القيادة بسرعة جنونية. لطالما تذمرنا أنا و صوفي بشأن قيادتك, فكنا نشبهك بالمربية العجوز و هي في طريقها إلى التسوق! لم يفهم أياً منا لماذا فعلت ما فعلته.
عبس بن و قد ظهر الاحراج على وجهه:
- لن يحدث ذلك ثانية, صدقيني. عندما حصل الحادث كنت شارد الأفكار في كوكب آخر.
في كوكب آخر!
قالت بنعومة:
- هذا أمر جديد عليك, بن. فأنت دائما تسير بخطي ثابتة.
غزا اللون الأحمر وجهه قال لها:
- ألا أعلم ذلك! لكنني أفكر يوماً أنني قد اقع في الحب.... بمجرد نظرة إليها حدث ما حدث. اخترق حبها قلبي على حين غرة.
شعرت بالسعادة من أجله, فظهرت على وجها ابتسامة حقيقية هي الأولي منذ ايام, فقالت:
- بن, هذا خبر رائع! من تكون تلك الفتاة؟
- سارة دايفيس.
لفظ اسمها بنوع من التبجيل, و تابع:
- أنت لا تعرفينها, بالطبع. أنها واحدة من المحررين الذين احضرهم رافاكاني, و هي تكتب في قسم البيئة. إننا نتوسع بشكل دائم, و لم يعد اهتمامنا محصوراً فقط في الأزياء. فتلك المواضيع لم تعد ذات فائدة للمجلة, و قلة من الناس يهتمون بها. كذلك الأمر بالنسبة لأخبار المجتمع التي تخلق اهتماماً حقيقياً لمعظم القراء.
استجمعت ليزا قوتها و سألته:
- و هل تبادلك هي الشعور نفسه؟
آخر ما تريده أن تراه مصاب بالأذى. فـ بن كان حتي وقت قريب يسخر من فكرة الحب و الرومانسية. و قد يسبب له الوقوع في الحب الأذى.
رفع بن كتفيه, و اجفل عندما شعر بالألم في بعض جروح صدره.
– كيف ليّ أن اعرف؟ مع أنني عندما استجمعت شجاعتي و سألتها أن نتناول العشاء معاً بدت مسرورة بذلك. كان ذلك ليلة الحادثة. هل تصدقين ذلك؟ كنت مشتتاً الذهن في تلك اللحظة, منشغلاً بالتفكير فيها, متسائلاً كيف سأتصرف. فلا خبرة لدي مطلقاً بمثل هذه الأمور, كما تعلمين. و هكذا اصطدمت بشاحنة كبيرة بيضاء. اعتقدت أنني قد افسدت الأمر نهائياً إلى ان وصلني هذا.
اشار برأسه باتجاه بطاقة جميلة وضعت على الخزانة, و تابع:
- اقرئي ما كتبته ليّ, و اعطيني رايك في الموضوع.
- إنها ما زالت في انتظار موعد ذاك العشاء, و تتمني أن تزورك ما أن يُسمح لها بذلك.
اكدت له ليزا ذلك بعد أن قرأت تلك الرسالة المفرحة. نهضت و وضعت البطاقة بين يديه قائلة:
- لا اعتقد انك افسدت الأمر. في الواقع, أنا متأكدة من ذلك.
انحنت و ودعته بعناق سريع, ثم قالت:
- أما كيف ستتمكن من القيام بذلك فلا تفكر بالأمر. فقط اتبع قلبك, و افعل ما يطلبه منك.
××××

سار دييغو عبر الممر بخطوات واسعة, الجدران الحجرية للدير القديم التي تلمع تحت ضوء القمر تخلصه من افكاره التي تعذبه.
لم يكن هناك أي أمل بتحسن حالته. فلقاءهما القصير الذي كان يفترض به ان يشفي الجراح القديمة, فتح جراحاً جديدة. جراح طرية مؤلمة لا تسمح له بأن يرتاح في النهار أو ينام في الليل.
قال لنفسه من قبل أنه يستطيع أن يضع كل ما حدث وراءه, فينساها, و يتابع مسيرة حياته. لكن ذلك لم يحدث! أنه لا يريد العودة إلى منزله في حريز, أو إلى متابعة اعماله, أو حتي البقاء هنا. يريد فقط أن يكون مع ليزا..... إنه بحاجة إليها. مهما كانت اخطاؤها, فهو يريدها في حياته, يريد أن يقنعها أن بإمكانه ان يجعلها أكثر سعادة معه مما ستكون عليه مع كليتون.
لكي يحقق ذلك عليه القيام بأمر جيد. عليه أن يذهب إليها ليحضرها إلى هنا, و يجعلها ترى ما معني أن يكونا معاً. هذا هو قدرهما منذ أن رفعها علي قدميها في ذلك الممر الجبلي منذ خمس سنوات, و منذ اول نظرة إلى عينيها الجميلتين. لقد اصبح رجلاً ضائعاً منذ ذلك الوقت, و هو سيعمل جاهداً على ايجاد نفسه ثانية معها, و معها فقط....
تأرجح على عقبي قدميه, و سار بخطوات واثقة نحو المنزل. راح يصعد درجتين في كل خطوة, و بدأ بترتيب حقيبته بوضع بعض الأشياء القليلة التي قد يحتاجها.
أول ما سيفعله في الغد, هو الصعود على متن أول طائرة متجهة إلى لندن!


نهاية الفصل الحادى عشر

قراءة ممتعة




زهرة منسية 27-12-17 06:19 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

12- و انتصر الحب!
منتديات ليلاس

بدأت معدة ليزا تزداد تشنجاً ما إن صعدت بسيارتها المستأجرة الطرق الجبلية الملتوية.
لا شك انها تقوم بالعمل الأنسب. عليها أن تؤمن بذلك و إلا ستجد نفسها و قد عادت أدراجها متجهة مباشرة إلى سيفيل.
نشرت على المقعد الأمامي بجانبها خريطة مفصلة للمنطقة, لكنها لم تشعر أنها بحاجة إليها فعلاً إلا عند بداية الرحلة من المطار. احست كأنها تملك بوصلة داخلية تجذبها نحو منزلها, و نحو الرجل الذي تحبه.
خففت سرعة السيارة عند منعطف ضيق لتتمكن من مشاهدة المناظر التي تخطف الأنفاس. راقبت المنحدرات الجبلية التي تنتهي عند واد عميق يخترقه نهر كبير, و رأت عددا كبيراً من المنازل البيضاء المنتشرة هناك تحيط بها اشجار الكرمة و الحامض و الزيتون.
ما إن اتسع الطريق قليلاً حتي بدأت بالنزول و ازداد تشنج معدتها. اصبحت رقبتها و كتفيها مشدودين كالأسلاك من التوتر, و على الرغم من جهاز التبريد في السيارة بدأت ليزا تشعر بحبات العرق على جبهتها. بعد ميل أو اكثر ستصل إلى الدير و إلي دييغو.
لكنها تقوم بالعمل الصحيح.....!

منتديات ليلاس


زهرة منسية 27-12-17 06:20 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 

ما ان وصلت إلى منزل عائلة كليتون في هولند بارك بعد زيارتها إلى بن مساء البارحة, حتي اخذت الكلمات التي قالتها لـ بن ترن في رأسها بوضوح لا مفر منه: (فقط اتبع قلبك, و افعل ما يقوله لك.)
وقفت جامدة كأنها تمثال من حجر عند مدخل الباب تصغي إلى قلبها. عليها أن تعود إلى اسبانيا, و ان تجد دييغو, لتخبره كم تحبه. جاء الصوت واضحاً مليئاً بالإصرار.
توهج جسمها, و شعرت بكل عرق و كل عصب فيها, كل عضلة و وتر تستجيب إلى نداء لا مر منه, و كأن دييغو يناديها من مخبئه وراء تلك الجبال البعيدة.
الآن ها هي ترى تلك التجربة الغامضة التي حدثت لها البارحة بطريقة جديدة. قد لا يكون دييغو في الدير القديم, لكن روزا و مانويل قد يستطيعان اخبارها أين تجده, سيعطيانها عنوان منزله في جريز و مكان عمله ايضا.
هي تعلم عندما تعترف له بحبها قد لا يستجيب لهذا الحب, و ربما يقول لها بكل بساطة إنه غير مهتم لأمرها. عندها عليها ان تتقبل ذلك.
لو كان هذا هو موقفه, فهي تقوم بالعمل الصحيح. فهناك منطق عليها اتباعه. إذا تركت الأمور مبهمة, فهي لن تحصل على السلام الداخلي في فكرها.
الحياة دائما محفوفة بالمخاطر و المجازفات و إذا حدث شيء لها أو لـ دييغو لا سمح الله, قبل ان توضح له الأمور فلن تحصل ابداً على السلام .
بللت الدموع وجهها, ما أن اطفأت محرك السيارة في الباحة الأمامية. اغمضت عينيها لفترة قصيرة, و اعطت نفسها بضع لحظات لتهدئة اضطراب افكارها, قبل أن تمسح دموعها بمنديل ورقي. خرجت و مددت اطرافها المتشنجة, ثم اخذت نفساً عميقاً, و سارت بعزم و قوة فوق البلاط الحجري باتجاه الباب الرئيسي.
شعرت بجفاف في فمها, و دقات قلبها تضرب بعنف في صدرها. هل سيرفض السماح لها بالدخول؟ هل سيرف الإصغاء إلى ما ستقوله؟ اتراها اقدمت على عمل احمق؟
لا تفكرى حتى بذلك, لا تقبلي بالهزيمة حتى اصبح امرا محتما, فكرى بأي شيء آخر, او لا تفكري نهائياً!
اخذت اشعة شمس بعد الظهر المتأخرة تتسلل عبر قميصها القطنية الناعمة. في هذا الوقت من السنة تمتاز الأمسيات في الجبال ببرودتها المنعشة.
- سنيوريتا!
فُتح الباب و اشرق وجه روزا الجميل بابتسامة كبيرة. تنفست ليزا و عملت ما في وسعها لتتمكن من رد الابتسامة بمثلها.
- سمعت السيارة. إذا هذه أنت....! هل ستبقين هنا؟
وضعت ليزا خصلة كبيرة من شعرها وراء اذنها, تنفست بهدوء و قالت:
- لست متأكدة من ذلك.
أليست تلك هي الحقيقة؟ فمن الممكن أن تُرمي خارجاً في غضون ثانيتين فقط.
- لكنني اريد التحدث مع السنيور. هلا اخبرتيه أنني هنا, من فضلك.
- تفضلي بالدخول.
دعتها روزا للدخول
غلى الفسحة الباردة في القاعة الكبيرة و تابعت:
- سأبحث عن مانويل. فهو يجيد الإنجليزية. انا لست مثله.
هذه ليست بفكرة سيئة, هذا ما فكرت به ليزا و هي تجلس على كرسي ثقيل منحوت وضع تحت النافذة الطويلة المواجهة للباب. تمنت لو أن اضطراب اعصابها لا يجعلها تشعر بكل هذا الغثيان.
في الوقت الذي ظهر فيه مانويل كانت ليزا تذرع الغرفة ذهابا و ايابا, و في فكرها رغبة بخرق الجدران, لتبحث عن دييغو بنفسها لأن هذا الانتظار بدأ يقتلها.
استدارت على عقبيها لمواجهته, و اعصابها تتفتت. قريباً جداً سترى حبها.
- قالت لىّ روزا إنك اتيت من انجلترا لرؤية السنيور.
بدت ملامح وجهه الداكن متعاطفة و هو يتابع:
- لكنه ليس هنا. لقد غادر في الصباح الباكر من هذا اليوم قبل شروق الشمس.
- فهمت.
غادرها كل التوتر, ليحل مكانه إحساس عميق بالإحباط. لكن على الأقل, لا شيء يدعو للإحساس بالرعب. لقد توقعت ذلك تقريباً و اعدت نفسها لتقبل ذلك الاحتمال, أليس كذلك؟
- إذا, هل بإمكانك إعطائي العنوان حيث يمكن أن اجده؟
بدا لها كأنه يفكر في طلبها لوقت طويل, ثم ابتسم و قال:
- ربما استطيع القيام بأفضل من ذلك! ستعد روزا القهوة لك, ستحضرها إلى الصالون الصغير, أما أنا فسأقوم بالاتصالات المطلوبة. من الأفضل ان نعرف بصورة مؤكدة أنه في منزله, فمن المحتمل ان يكون قد ذهب إلى أي مكان في الالم, فأعماله المتشعبة تأخذه إلى اماكن عديدة و مختلفة.
اشعرتها هذه الفكرة بالغثيان.
بإندفاع و تهور, امسكت بذراع مانويل ما إن تحرك ليغادر. كانت عيناها مليئتين بالتوتر, و كانت يدها التي تمسك بذراعه ترتجف قليلاً, قالت له:
- احب أن اتناول القهوة. فلقد قدت السيارة لمسافة طويلة جداً, لكن, هل يمكنني أن اتناولها مع روزا في المطبخ؟
بدت عينا مانويل لطيفتين و قال:
- بالتأكيد. تعالي معي. ستشربين القهوة بينما اجرى الاتصالات.
كان المطبخ الكبير مغطي بالأحجار الناعمة و هناك مدفأة كبيرة على إحدى جدرانه. غير أن الجو العام بدا عائلياً, مع اللحم المقدد, و الأعشاب المجففة المعلقة على النوافذ الكبيرة, و رائحة القهوة التي تجعل كل شيء مباركاً.
تحدث مانويل مع زوجته بالإسبانية, ثم استدارت روزا قرب الفرن الكبير و هي تحمل وعاء القهوة في يدها و قالت:
- بالتأكيد.
ابتسمت روزا كإجابة على كل ما قاله زوجها, ثم وضعت القهوة على طاولة خشبية ضخمة قرب مزهرية تحتوى على ورود صفراء.
تابعت روزا تحدث ليزا:
- كلنا سنشرب القهوة! هل تريدين الجلوس سنيوريتا؟
جلست على الكرسي الذي اشارت روزا إليه, و اغمضت عينيها المتعبتين للحظة, ساعدها الجو الهادئ المريح لترتاح قليلاً. احضرت روزا ثلاثة فناجين من القهوة و صحن حلوى, امسك مانويل بقائمة و اقترب من الهاتف المثبت بالحائط, و بدأ بالاتصال.
شربت ليزا القهوة الشهية و رفضت تذوق الحلوى. تمنت لو تستطيع فهم النقاش الدائر مع مانويل بعدما اجري ثلاثة اتصالات منفصلة. من الواضح ان ملاحقة دييغو اصعب بكثير مما اعتقدت و تمنت.
رغب مانويل في ضرب الحائط و هو عائد ليأخذ فنجان قهوته من على الطاولة. رفع كتفيه بتعب, و قال:
- لقد اتصلت بمكتب السنيور, و هو ليس هناك. اخته لم تراه منذ ان غادرت من هنا مع زوجها. و مديرة منزله هي الوحيدة التي اعطتنا معلومات قد تفيدنا بشيء.
مد يده الفارغة كأنه يريد القول إنها لا تستحق المعاناة ثم تابع:
- اتصل السيد بمنزله في منتصف هذا النهار ليطلب منها إلغاء موعد العشاء الذى كان متفق عليه مع والديه الأسبوع القادم.... هذا كل شيء. لم يقل إلى أين سيذهب. فقط قال إن لا فكرة لديه متي سيعود.
بدا اليوم رائعاً, لكن ليزا لم تستطيع ان تستمتع به. فشيء ما بداخلها قد مات. قد يكون دييغو في أي مكان في العالم. ها هو قد استعاد حياته المليئة بالعمل و النجاح, و هو لا يحتاج إليها في حياته.
البارحة, و في وقت متأخر من بعد الظهر, اقدمت ليزا على شكر روزا و مانويل لمساعدتهما و لم تستطيع ان تخفي خيبة املها, و همت بالرحيل.
لكن مانويل جادلها بحزم عن رغبتها بالعودة إلى سيفيل, مشيراً إلى انها قامت برحلة طويلة بقدومها من إنجلترا, و أن الظلام سيحل بعد قليل, و أن بإمكان روزا ان تعد لها غرفة بسرعة في الجناح الذى كانت تقيم فيه.
اصرّ أنه لن تكون هناك أي مشكلة في ذلك.
لذلك يقيت ليزا و امضت الليلة هناك, على الرغم من حاجتها للابتعاد عن هذا المكان الجميل حيث كانت سعيدة و مليئة بالأمل و لو لفترة وجيزة جداً. إن قضاء الليل هنا أمر منطقي, لكنها تمنت لو لم تنم حتي ساعة متأخرة بسبب الساعات الطويلة المليئة بالقلق و التعب.
رتبت غطاء فراشها بسرعة, و اعادت الأشياء التي احتاجت إليها إلى حقيبتها, ثم حملتها و توجهت إلى سيارتها المستأجرة.
كانت قد ودعت روزا و مانويل, و شكرتهما اثناء تناول الفطور المتأخر الذي اصرت مدبرة المنزل على تحضيره, و عرض عليها مانويل اعادة محاولة معرفة مكان دييغو لأجلها.
بإمكانه ان يتصل بوالديّ السيد, لماذا لم يفكر في ذلك من قبل؟ فهناك أمل و لو ضئيل. فالسنيور لا يخبرهما ما الذي يفعله, لكن قد يكونان على علم بمكانه, مع انه يشك في ذلك. ألم تخبره مدبرة منزله في جريز أن السنيور كلفها ان تبلغهما رسالته؟ هذا يعنى أنه لم يتكلم معهما بنفسه, أليس كذلك؟
مهما يكن سيحاول من اجل السنيورة.
للآسف ظهرت هناك مشكلة في إجراء الاتصال, إذ يبدو ان الهاتف مُعطل. هذا يحدث دائما! قال مانويل ذلك و هو يرفع كتفيه مستسلما.
و هكذا خاب الأمل الضئيل الأخير الذي كان سيوصلها إليه. و لم يعد هناك مبرر لوجودها هنا.
ادارت محرك السيارة, و قالت كلمات الوداع بصمت. لن تكون هناك نهاية سعيدة في حياتها, و عليها ان تعيش مع ذلك. عليها أن تواصل حياتها, تمامً كما فعل هو.
منتديات ليلاس
اجبر دييغو نفسه على السير ببطء ما إن اخذت الطرقات تزداد حدة في انعطافها, فأخذت عجلات السيارة تتهادي على الطريق الناعمة. فهو لا يرغب بالانتحار, إنه فقط على عجلة من أمره!
افرغ جام غضبه بإطلاق سيل من الشتائم. بدت ملامح وجهه قاسية و مضطربة, فكل شيء يعمل ضده. تذكر ما قاله لـ ليزا منذ خمس سنوات, قال لها إن حبه لا نهاية له, و هو يعني ذلك تماماً.
عليه أن يجدها و يبرهن لها عن حبه, طالباً منها ان تعطيه فرصة جديدة. يريدها ان تفهم أن بإمكانها ان تجد السعادة معه كزوجة له و لس لـ كليتون. تحولت هذه الفكرة إلى مشكلة و كابوس دائما له.
البارحة وصل إلى شقتها في منتصف النهار, و لم يحظ بأي جواب. و بعد الاتصال بوالدها, اخبره انها تقيم عند عائلة كليتون في هولند بارك, إلى ان يزول الخطر عن بن. بدا له موقف الرجل العجوز مدافعاً, كأنه متردد بإخباره عن مكان ابنته.
اثناء وجوده في سيارة الأجرة التي أقلته إلى هولند بارك, اصيب بالإحباط بسبب ازدحام السير الكبير. و ما ان وصل إلى هناك حتي بادرته صوفي, توأم منافسه, و هي تنظر إليه بحدة:
- أين ليزي؟
- هذا تماماً ما اريد معرفته.
أتراها لا تزال جالسة قرب سرير كليتون, تمسح جبهته, و تطعمه العنب و تعانقه؟ مجرد التفكير في ذلك اثار غضبه.
- هي ليست معك, إذاً؟
- من الواضح أنها ليست معي.
امضي وقت صعباً هناك, محاولاً ان يتمسك بآخر ما لديه من صبر.
سألها:
- لِمَ يجب ان تكون معي؟
- لأنها سافرت إلى اسبانيا هذا الصباح لتراك. قالت إنه ما زال لديها اعمال غير منتهية معك. اسمع! هي لم تخبرني بأي شيء, لكنها قالت أنها لا تعرف متي ستعود. بن في صحة جيدة, لذلك اعتقد أنها تظن أن لا حاجة لها هنا.
فتحت الباب جيداً و تابعت:
منتديات ليلاس
- هل تريد الدخول؟
اجبر نفسه على الابتسام و قال:
- لا, لا! شكرا لك.
اكمل بعد ان فكر للحظة:
- هل ما زالت خطوبة ليزا لـ بن مستمرة؟
حدقت به صوفي كأنه يتلفظ بكلام مجنون, بعدها قالت:
- لا! بالطبع لا! اعتقدت.... أنك انت من بين كل الناس تعرف ذلك.
دفعه كلامها إلى المزيد من التفكير, تماماً كما اتي من لندن ليجدها, طارت هي إلى اسبانيا باحثة عنه. من المحتمل أن طائرتيهما مرتا بالقرب من بعضهما في اتجاهين متعاكسين! هذا يعني أنها لم تتخل عنه بسبب تصرفه الفظ في الساعات الأخيرة التي امضياها معاً.
كما ان خطوبتها من كليتون مازالت مفسوخة. لماذا قالت لـ إيزابيلا انها ستتزوج قريباً من الرجل الذي تضع خاتمه في إصبعها؟
لابد أنه اعتذر من صوفي و هو يغادر, لكنه لا يستطيع تذكر انه فعل ذلك. كل ما يتذكره هو انه عاد إلى الشارع, منادياً سيارة اجرة لتعيده إلى المطار, استعمل هاتفه النقال ليتحدث مع مانويل ككي يطلب منه ان يُبقي ليزا هناك حتي عودته.
كان الخط مشغولاً, و بقي كذلك لمدة عشرين دقيقة اخرى. حاول ثانية عندما وصل إلى المطار, و كاد ينفجر من الغضب و الإحباط لأن الخط كان مقفلاً. لم يعد هناك اتصال بالدير. عندما تجد ليزا انه رحل, و لا احد يعلم اين مكانه. فلابد أنها ستحاول العودة و الرحيل. فكر ان لديه خياران لا ثالث لهما: الجلوس على عتبة باب آل كليتون حتي تقرر العودة, أو العودة إلى اسبانيا, متمنياً ان يجدها هناك بانتظاره. حتي لو غادرت منزله, ربما تكون قد اخبرت مانويل و روزا عن مكان وجودها, سواء عادت مباشرة إلى منزلها أو إلى أي مكان آخر.
كان دييغو يعيش حالة صعبة من التوتر, بحيث لم يعد يستطيع البقاء حيث هو. حجز مقعداً على اول طائرة مغادرة إلى سيفيل, ثم توجه إلى قاعة الانتظار آملاً ان تكون ليزا في تلك الطائرة القادمة إلى لندن.
لكنها لم تكن هناك.
و الآن ها هو يأمل و قد أصبح على بعد عدة أميال فقط من الدير, أن يجدها هناك. أخذ يفكر كيف سيعيش بانتظار أمل بعد أمل. كانت افكاره منشغلة جداً مما اجبره على الضغط على المكابح بقوة كي لا يصطدم بالسيارة القادمة بالاتجاه المعاكس. تباً! كان السائق يقود سيارته عبر المنعطف الضيق بسرعة جنونية. بعض الناس يجب ألا يصعدوا وراء المقود!
لم يكن هناك مجال يسمح لـ دييغو ان يمر, فالطريق ضيقة جداً. على السائق الآخر أن يتراجع, و بسرعة فهو على عجلة من امره!
ظهر الضيق على وجهه الذي كساه الشعر النابت بعد ليلة البارحة المضنية. خرج من السيارة, و سار خطوتين واسعتين و.... توقف قلبه عن الخفقان.
ليزا!
شعر يقلبه يضطرب ثم يذوب و هو يراقبها تفتح الباب من جانبها. و ببطء تدلت ساقاها إلى الأرض. وقفت و قد رفعت وجهها إليه. بدت شاحبة, تحيك بعينيها الجميلتين ظلال سوداء, و شعرها مشعث و خصلاته متدليو بأشكال مختلفة حول وجهها. ارتجف فمها ما إن التقت عيونهما... لم يشعر دييغو في حياته بهذا الفيض من مشاعر الحب كما يشعر الآن.
تلك النظرة التى ظهرت في عينيها, و ذلك الاضطراب الذي علا وجهها الملائكي, جعلها يضع يده على غطاء السيارة و يقفز بخطوة واحدة فقط لكي يصل إليها. خطوة واحدة كبيرة و إذا به يمسك بها بين ذراعيه و يضغطها بقوة إلى قلبه. اصدر صوتا و هو يشعر بارتجاف جسمها الناعم.
اقتربت منه ليزا أكثر, و وضعت ذراعيها حول عنقه, و رفعت وجهها الجميل إليه. ما أن رأى الدموع في عينيها حتي شعر بقلبه يتلوى. يجب ألا يكون هناك حزن في حياتها..... ليس بعد اليوم..... لن يسمح بحدوث ذلك لها ابداً.
- دييغو!
قال بقوة, بلهجة آمرة:
- صه! لا حاجة للكلام. فقط هذا.
و اخفض راسه و عانقها.
شعرت ليزا انها بالجنة. تسلل الفرح إلى كل عصب و كل شريان في جسمها, مخترقاً خلايا جسمها كلها.
رفع يده ليلامس شعرها, فشعرت بتوتره و قوة احاسيسه و هو يقول:
- ستتزوجين بيّ.... و ستنسين كليتون.... ستنسين انك عرفتيه يوماً. لو لم يكن مستلقياً في السرير في المستشفى بسبب جروحه, لضربته حتي يصبح كالعجينة.
عاد يعانقها برقة كأنه يؤكد لها ما قاله. انفجرت ليزا بالضحك و نظرت إلى وجهه لترى رأسه ذا الشعر الأسود يتراجع إلى الوراء, و الغضب يلمع في عينيه السوداوين.
هذه ليست مسألة مضحكة. أنتِ ليّ, و انا رجل متملك. و انا اقصد تماماً ما اقوله. اتقد طالباً يدك للزواج و انت تضحكين!
كبرياء رجل متفاخر قد اُهينت!
اكمل بغضب:
- لكن هذه المرة لن ادعك حتى اضع خاتم الخطوبة في إصبعك, لن يكون لك مهرب مني بعد ذلك.
- لا مشكلة في ذلك, فأنت لن تتمكن من التخلص مني بعد اليوم.
اكدت له ليزا ذلك و هي تبتسم ابتسامة عذبة و تابعت:
- دع المسكين بن خارج نقاشنا. لقد خُطبت له لعدة ساعات فقط. و لا رغبة ليّ مطلقاً بالزواج منه, و لا داعي لتغار منه. و طلبك هو تحقيق لرغبتي.
اضافت ذلك و هي تمازحه. شعرت بالأمان الآن لأنها لم تخسر حب حياتها. كان هذا الحب مضللاً لفترة فقط.
امتدت يداه النحيلتين على كتفيها. رفع حاجباً اسود و هو يسألها:
- إذا لماذا عرضت خاتمه متباهية به امامي. و قلت لـ إيزابيلا إنك ستتزوجين منه قريباً؟
و قرر في قرارة نفسه انه سامحها منذ الآن, و من دون ان يعلم ما فكرت به في ذلك الوقت. أم تعد إلى اسبانيا باحثة عنه؟ مع أنها لم توافق رسمياً على طلبه. إلا أنها قالت ان طلبه تحقيق لرغبتها, كما أنها لم تستطيع إخفاء ما تشعر به نحوه عندما عانقها!
عاد لونها إلى حالته الطبيعية و هي تتذكر كم كانت حزينة و بائسة هذا الصباح. نظرت إليه مباشرة و هي تقول:
- كان ذلك عملاً غبياً مني. لكن في ذلك الوقت بدا ليّ الطريقة الأسهل لإسكاتها. كنت يائسة جداً و متأكدة أنك لا تريد أية علاقة بيّ بعد كل تلك الاتهامات التى\ي رميتك بها. لم أكن استطيع ان اشرح لـ إيزابيلا أنني كنت اضعه من اجل الحفاظ عليه فقط. كانت أختك لتسأل المزيد من الأسئلة.
- لم تتعلم إيزابيلا كيف تسكت منذ اليوم الذي تعلمت فيه الكلام, بالإضافة إلى ذلك, فأنت ما كنت تطيقين الانتظار للمغادرة عندما علمت ان بن قد اصيب بجراح خطيرة. عندما سألتك إذا كنت تحبينه قلت إنك تفعلين. لا يمكنك أن تتخيلي ما الذي شعرت به بسبب ذلك.
همست بتأثر, و رفعت يديها لتلمس وجهه النحيل الوسيم قائلة:
- آهـ! بل استطيع. عندما فكرت انك ادرت ظهرك ليّ تشتت كل عالمي, حبيبي. أنا حقاً احب بن, لكنني احبه كـ أخ ليّ, لا كما احبك.
تنفس بقوة, و لمعت عيناه و هو يقول آمراً :
- قولي ذلك ثانية. قولي انك تحبيني!
- و لأي سبب آخر أنا هنا؟ كنت اعلم أنني لن استطيع مواصلة حياتي بدون أن لك إنني احبك بعمق شديد. لكنك لم تكن هنا. أين كنت؟
شعر أنه لم يعد بحاجة لأية مواساة. طبع دييغو قبل ناعمة على يدي ليزا و تمتم هامساً:
- في لندن, باحثاً عنك. أنا ايضاً, كان علي أن اقول لكِ أنني احبك أكثر من حياتي كلها.
اكمل و هو يعانقها:
- نحن نقطع الطريق, ملاكي. يجب أن نذهب. انتظريني في سيارتي, و انا سأركن السيارة السيت في مكان آمن.
م إن قال ذلك حتي اصبح وراء المقود, و اخذ السيارة الصغيرة مع سحابة من الغبار. و في غضون دقائق قليلة كان يسير عائداً إلى حيث كانت لا تزال واقفة في مكانها, و قد تجمدت بسبب سحر ما يجري معها.
دييغو يحبها! و هي ستصبح زوجته! ستبقي معه إلى آخر يوم في حياتهما. كيف يمكن لأي شيء في العالم أن يكون افضل من ذلك؟
بكل ثقة بالنفس, فتح دييغو باب سيارته الجانبي, و ساعدها بلطف لتجلس قربه, و اضعاً إياها في جو من البرودة المثالية قبل أن يسير خلف السيارة و يصعد وراء المقود. قال لها:
- لقد وضعتها في مكان مناسب, و ستبقي هناك.
من دون ان يفكر ان عليها إعادتها إلى مكتب التأجير في المطار.
- و أنت حبيبتي الأغلى, لن تذهبي إلى أي مكان. و هذه المرة سأبقيكِ هنا. فتصرفي السيء اصبح شيئاً من الماضي.
وضع يده على مفتاح المحرك, ثم استدار نحوها و عيناه تطفحان بالنعومة و اللطف:
- مرت السنوات الخمس و طيفك يلاحقني و يعذبني, و عندما رأيت انني استطيع الحصول على ما هو حق ليّ من خلال الانتقام, فعلت ذلك. هل يمكنك مسامحتي؟
اعترفت ليزا بصدق:
- لا استطيع إلقاء اللوم عليك لأنك فكرت بيّ بشكل سيء. لقد تصرفت منذ خمس سنوات كفتاة مدللة فاسدة. رأيتك مع تلك المرأة الرائعة الجمال مرتين. مرة و انت ذاهب إلى متجر المجوهرات و مرة ثاني في ردهة الفندق. اعتقدت انك تخليت عني من اجلها, و انك لم تقصد ما قلته عندما قلت إنك تحبني. قمت بتصرف طفولي كي انتقم منك.
امسك بيديها و طبع قبلاُ, على راحتي كفيها, قال:
- عزيزتي, هذا كله اصبح نسياً منسياً الآن. لكنني اريد ان اسمعك تقلين انك سامحتني على تصرفي السيء. كنت اريدك كالمجنون, و كنت اعلم انك تكنين ليّ المشاعر, لذلك قررت ان اجعلك تتوسلينيّ. فكيف لك ان تحبي شخصاً متوحشاً هكذا؟
اجابت و الصدق يطل من عينيها:
- كيف يمكنني ان اتوقف عن حبك؟ كما انك اعطيتني الخيار عندما اصبحت الأمور جدية بيننا. اتذكر ؟ لذلك لا يمكن ان تكون سيئاً!
ابتسم لها تلك ابتسامة التي تحول ركبتيها إلى ماء, و ادار المحرك و انطلقا.

منتديات ليلاس

زهرة منسية 27-12-17 06:22 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
كاد الظلام يحل, كان هناك ضوء ارجواني ناعم ينتشر فوق الجبال. راقبت ليزا ظهور النجوم من الشرفة, و هي تتساءل إلى اين ذهب دييغو.
استحمت و بدلت ملابسها كما اقترح عليها, و ارتدت بعناية فائقة واحداً من الفساتين الجميلة التي لم تتوقع انها ستراها ثانية. اختارت فستاناً من الحرير بلون العسل ينساب على جسمها تماماً, و تركت شعرها متدلياً على كتفيها.
- تعالي!
وقف دييغو وراءها و قد وضع يديه بخفة على كتفيها, و ادارها لتنظر إليه. لم تسمعه يقترب, فشعرت بقلبها يقفز بين ضلوعها.
قال بصوت أجش:
- انت جميلة جداً.
بدا لها هو ايضاً و سيما, و قد ارتدي سترة بيضاء تحتها قميص من الحرير الطبيعي و بنطلون أسود اللون, مما جعله يبدو رائعاً في هندامه و وسامته.
كالحلم سمحت له ان يقودها إلى البيت بصمت. و عندما فتح باب غرفة الجلوس لمعت عيناها بفرح.
كانت الغرفة ذات الضوء الشاحب مليئة بالزهور, لابد ان هناك من جرد الحديقة و الباحة الأمامية من الزهور ليملأ بها المكان. كما كان هناك شراب بارد و موسيقي ناعمة تنبعث من ارجاء الغرفة.
بدون أي كلمة قادها دييغو إلى الأريكة الكبيرة حيث وضعت الوسائد الحريرية على شكل عرش كبيرو اجلسها بينه, و بحركة شبه مسرحية ركع على ركبة و احدة و امسك بيدها.
اصطبغ وجهها بلون داكن مؤكداً حيويته و اندفاعه, و جاء صوته مليئاً بالعاطفة القوية و هو يقول:
- ليزا, هل تتزوجين بيّ؟ موافقتك ستجعلني أسعد رجل في العالم.
شعرت بغصة في صدرها, و لم تستطيع الكلام في البداية. رفعت اليد التي كانت تمسك يدها بقوة إلى وجهها بتأثر كبير حتى اصبحت قادرة على الهمس و قالت:
- نعم. آهـ! نعم, حبيبي!
مرت لحظة لم يتحرك ايا منهما, بعد ذلك ابتعد دييغو عنها قليلاً, و وضع الخاتم في إصبعها, فالتمعت حبوب الزفير التي تزينه تحت الضوء الخافت.
- هذا هو الخاتم الذى اخترته لك منذ خمس سنوات. ها هو الآن في المكان الذي ينتمي إليه.
لمعت عيناها بدموع الفرح, و اخذ دييغو وقته ليبعد تلك الدموع بأصابعه برقة.
توقف عندما امسكت اصابعها برسغ يده و قالت بفرح:
- أنت.... لم ترميها إذا.
- ارمي ماذا, ملاكي الغالي؟
- الساعة!
فقد رأت لمعان ساعته الذهبية.
للحظة بدا عليه الارتباك. بعد ذلك ابتسم و عانقها بعاطفة قوية قبل ان يعترف قائلاً:
- كنت اضعها في يدي دائماً. فقط عندما ذهبت إلى لندن في مهمة الانتقام وضعت مكانها ساعة رهيبة رخيصة اشتريتها من المنطقة الحرة في المطار. لو أنك رأيتها لعلمت انك مازالت في قلبي, و لم تغادريه قط. و في ذلك الوقت لم يكن إعطاؤك تلك المعلومات على برنامج عملي.
منتديات ليلاس
- فهمت!
لمعت عيناها بالشوق إليه, و هي تقول:
- لطالما تساءلت إن كنت قد نسيتني حقاً. من جهتي لم استطيع اقتلاع حبك من قلبي لحظة واحدة رغم غضبي منك.
ابتسم لها و هو يضمها إليه بقوة و يقول:
- من الآن فصاعداً, صدقي قلبك حبيبتي, و افعلي ما يقوله لك. و هذا ما سأفعله انا.
تمت بحمد الله
قراءة ممتعة 




شيماء علي 27-12-17 07:04 AM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون
 
ههههههههههههه
والله انها صدق مزحة كبيرة من الكاتبة
يا اما ان دييغو اسباني صافي ما فيه عرق عربي بعيد << الحل الوحيد غالبا
لسة فاكر يعلن انه متملك
عصبني يختاااي
ولا ليز الهبلة اللي مبسوطة انه جرد الحدايق من الزهور عديمة الإحساس اللي تستاهل ضربة على راسها << اليوم قررت اطلع عصبيتي كله عليهم رغم انهم انتهو مع بعض هعع

تسلم يدك زهورتي ونشوفك برواية تانية قريبا ان شاء الله
:قلووب:

زهرة الفلامنجو 27-12-17 10:19 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون (كاملة)
 
تسلمي على الرواية الجميلة المؤثرة ٠٠٠منتظرينك في وروايات اخرى ان شاء الله

paatee 18-04-18 05:16 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون (كاملة)
 
يعطي العافيه تسلم الانامل ننتظر جديدك

نجلاء عبد الوهاب 04-09-21 10:21 PM

رد: 399 – خفقات فى زمن ضائع - ديانا هاملتون (كاملة)
 
:iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754: :iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754: :iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754::iU804754: :iU804754:


الساعة الآن 06:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية