منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   (رواية) نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام (https://www.liilas.com/vb3/t205339.html)

شقى الماضي 12-11-17 08:42 PM

نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كيف حالكم يا آل ليلاس؟

وأخيرًا نزلت روايتي
وانا كلي رجاء إنها تعجبكم

نزلت دي الرواية في منتديات أخرى بس ما لقيت التفاعل اللي أنا أبغاه
واليوم عرفت عن دا المنتدى وبإذن الله الاقي تفاعل

ما أسمح لأي أحد ينقل الرواية دون ذكر أسمي.. أو إنه ينسبها لنفسها
وأنا راح أكون خصمه يوم القيامة، لأنو في النهاية دي الرواية تعبت عليها
وما أرضى أحد ينسبها لنفسه وهو ما تعب فيها أبدا

ودحين أسيبكم مع الفصل الاول
بعنوان "مجرد بداية"

وهي مجرد بداية تعريفية لـ بعض شخصيات الرواية.. وبالفصول القادمة بإذن الله حتنعمق فيهم

قــــــــــــــــراءة مــــــــــــمـــــــــــتــــــــــــعــــــــــــــة

شقى الماضي 12-11-17 08:46 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحة من الماضي..
قبل 19 سنة، تركيا.. إسطنبول

جالس على الكرسي يطالع في ملامحها اللي كانت دووم تفتنه وخصلات شعرها الكستنائية تتحرك مع نسمات الهوا اللطيفة، يعشقها وبجنون.. دخلت في حياته بدون أي مقدمات، حياته التعيسة تغيرت من لما شافها، صار يحس إن وجوده له معنى، فيه شخص يهتم له.. شخص يحبه.. شخص مستعد يضحي عشانه وما راح يتركه في يوم!

طالعت فيه لما حست بنظراته، ابتسمت بحياء وخدودها حمرت وهي تقول: مشعل، لا تنظر إليّ هكذا.

مشعل بهيمان وهو يطالع في عيونها اللي بلون البحر الصافي: إن لم أنظر إليكِ هكذا كيف سأنظر؟ إنني لا أستطيع الشبع من تأملك يا ذات الوجه الملائكي.

بلعت ريقها بتوتر وهي تعبث بطرف كمها.. سنة كاملة وهي معاه، عشقته بكل تفاصيله.. السيئة والحسنة، ما تقدر تتخيل يوم يمر من دونه، صار حاجة أساسية في حياتها وما تقدر تتخلا عنها، هم من بلدين مختلفين ولغة مختلفة، عادات مختلفه وأفكار مختلفة، بس قدروا يكونوا مع بعض رغم كل اختلافاتهم، هو قدر يتفهم بيئتها المتفتحة، وهي تفهمت غيرته عليها بس عمره ما جبرها على ترك شي تعودت عليه!

رفع يده لوجهها ورجع خصلات شعرها ورا إذنها وبصوته اللي يبعث الدفا لأعماقها: أتمنى من كل قلبي أن أمضي ما تبقى من حياتي معك.

طالعت فيه ودقات قلبها زادت كأنها عرفت إيش راح يقول

دخل يده بجيب جاكيته.. خرج علبة سوداء صغيرة وفتحها: دينيز، أتقبلين الزواج بي؟

طالعت في الخاتم اللي بوسط العلبة بعيون مليانه دموع وتكلمت بصوت متأثر: مــشــعــل!

طالع فيها بكل حب، قعد أسابيع عشان يفاتحها بالموضوع بس ما قدر بسبب تردده، بس خلاص تأكد إنه يعشقها وبجنون، سنة كاملة كانت كفيلة لتثبت هالشيء: أريدك أن تكوني زوجتي، وأن نكون تحت سقف واحد، وتنجبين لي طفلة مثلك تمامًا يا ذات وجه ملائكي.

سكتت لفترة قصيرة وعيونها تتنقل ما بين ملامح وجهه والخاتم، تبا تنطق بـ نعم.. بس تحس كل شي خانها، تحس صوتها انبح من الفرحة وعدم تصديقها، مالت بجسمها عليه وضمته وهي تقول بهمس مسموع: نعم.. أقبل بأن أكون زوجتك حتى الممات.

بلع ريقه بتوتر وهو يحس بحرارة تسري بجسده، هذا أكثر شيء يخاف منه.. يخاف من مشاعره المجنونة والمندفعة لما تقرب منه بهالشكل، يخاف يسوي الغلط.. ويندموا اثنيناتهم، يمكن هي تشوفها حركة أقل من عادية وممكن تحضن صديقها، بس هو لا، ما يفكر كذا، ما تعود على كذا، ولـ هالسبب قرر يعرض عليها الزواج، لتدخل علاقتهم هذي في إطار الزواج.. بعدها ما راح يخاف من أي شي!



"الفصل الأول"
"مجرد بداية"



في الوقت الحالي..
عروس البحر الأحمر.. جدة

جالس في كرسي طاولة الطعام، حاط يده على ذقنه وغارق بأفكاره.. صحى من سرحانه على أكثر صوت يعشقه في هالحياة: بابا.. ها ايش رأيك في الكلام اللي قلتو؟

رفعت عيونه لها وقال: ايش قلتي؟

تنهدت بأسى: يا ربي منك، نفسي أعرف في ايش تفكر، المهم ما علينا كنت أقول، ليه ما تعيش عمتي ندى عندنا..، شافت ملامح وجهه تغيرت فكملت بسرعة: يعني.. أمم حرام تعيش في عمارة قديمة وعندنا فيلا كبيرة.. ما فيها غير عمي عبد العزيز وستو هدى واحنا.

أخذ نفس عميق: كلمت عمتك قبل كدا.. مارضيت وما حترضى.. وعاد تعرفي أبوكِ ما يحب يجري ورا أحد.

طالعت فيه وهي مو مقتنعه بكلامه: دحين سارت عمتي أي أحد، أظن إنو هيا أكتر وحدة لازم تجري وراها، يعني حاول معاها دي المرة، ازا رفضت أوعدك إني ما حكلمك في دا الموضوع مرة تانية.

حرك رأسه بالنفي وكمل أكله: تغريد ما أقدر، أسويلك كل شي تبيه الا دا الشي.

تغريد قطبت حواجبها: بابا، صراحة انا مليت من البيت دا، دايما فاضي وانا لما ارجع من المدرسة أكون لحالي، إنتا تكون في مستشفتك.. وعمي عبد العزيز يكون برضو معاك، وستو هدى تكون نايمة، وانتو لما ترجعوا تكونوا تعبانين، محد فيكم متفرغلي!!

أبوها: عندك بتول، أبوها صاحبي.. وهيا صاحبتك، بيتهم قدامنا تروحيلهم وقت ما تبي.

طالعت في عيونه ودموعها بدت تملي عيونها، نزلتهم بسرعه وبزعل: بس عمتي حتكون غير، هيا وبنتها وولدها الصغير، طول عمري وأنا أتمنى يكون عندي عمة، الله يخليك حاول فيها اخر مرة عشاني بس!

حرك رأسه بقلة حيلة، تعرف إنه ما يقدر على دموعها، ما يحب يشوفهم وهي أغلى ما عنده: طيب.. عشانك بس!

ابتسمت بفرح وقامت من محلها، راحت عنده وباست خده بحب: يااااه فديتك يا أحلى مشعل في الدنيا.

تكلم بجدية مصطنعه وهو يكتم ضحكته: يا بنت قولي يا أحلى بابا في الدنيا.. أبغا شوية بر.

.
.
.
.


وقف قدام وحدة من الشقق، أخذ نفس ومد يده ليضغط على الجرس، انتظر ثواني وبعدها جاء له صوتها: ميـــن إنتا؟

مشعل بهدوء: أنا مشعل.. إنتي ميس؟

…:إيوه أنا ميس.. انتا ليش جاي هنا؟ ما سمعت إيش قالتلك ماما؟ قالت ما تبا تشوفك!

قطب حواجبه وجاء بيرد بس سمع صوت ندى وهي تعاتبها على كلامها، وبعدها فتحت له الباب، رفعت عيونها له وبهدوء: معليش.. خدها على قد عقلها.

ناظر فيها وما تكلم كلمة، وجهها شاحب، عيونها فقدت لمعتها، مين هذي؟ مستحيل تكون نفسها ندى، أستغربت من نظراته وأرتبكت، بعدت عن الباب: يلا أدخل لا توقف كدا.

دخل وهي سكرت الباب ولفت له: غريبة دي الزيارة مو من عادتك!

أخذ نفس نفس وطالع فيها: بكلمك في موضوع، تنهد وبدون مقدمات: تعالي.. تعالي بيتي يا ندى.

ابتسمت بسخرية: دحين دا هوا موضوعك؟ برأيي جيّتك هنا على الفاضي، خسرت بنزين سيارتك.. وضيعت وقتك الثمين، قلتلك قبل كدا يا مشعل.. فينك من أول.. ليش ما جيتني وقت كنت احتاجك من جد، إنتا جيتني وتأخرت.. مره تأخرت أستنيتك سنين ولا جيت، كملت حياتك برا ونسيتني..، فتحت باب الشقة ولفت له: لا تجي تاني مرة هنا ازا كان دا موضوعك.

خرج من الشقة بدون ما يتكلم ونزل من الدرج بسرعه، عارف إيش بيكون ردها ليش أنصدم كذا؟ حاس قلبه يحرقه من كلامها.. قاسية بس ما يلومها، ما عنده الحق لـ يلومها، ما يقدر ينكر إنه وده تكون في بيته وتحت عيونه، بس هي ما تبي، ما يقدر يجبرها، يجبرها بعد غياب دام سنين!!

وأما عند ندى، رفعت يدها لخدها ومسحت دمعتها، بتحاول ما تبكي وتكون قوية، سنين لحالها عانت وما سأل عنها في يوم، سندت رأسها على الباب وراح بالها لماضي بعيد، في الوقت اللي أتخلى عنها!


قبل 22 سنة!

قفل شنطة سيارة التاكسي بعد ما حط أغراضه فيها، اعتدل بوقفته ورفع عيونه للفيلا يشوفها لآخر مره في حياته، أنتبه لها وهي واقفة عند الباب بلبس خفيف وبالي يادوب يغطي جسدها الصغير، ملامح وجهها حزينه.. مكسورة لفراقه، فتح ذراعيه يناديها لـ تدفن نفسها في حضنه

ركضت ناحيته بأقدامها الحافية ورمت نفسها في صدره، أعتلت شهقاتها وصوت بكاها اللي يوجعه، تكلمت بصوت طفلة ما تعدت الـ 12 سنة: مــشـ..ــعـــل لا تروح وتـسـيــ.ــبـــنـي عـنـدهم، نـا..صـر وهــدى يـكـرهـونـي، الله يــخـ.ـلــيــك أقـعـد عــشــا..نــي.

مرر يده على شعرها القصير وهو يشدها له أكثــر بدون ما ينطق بكلمه

سائـق التاكسي نطق بتذمر وهو يضغط على بوري السيارة: لـو سمحت ممكن تستعجل شويا، ترا المطار بعيد من هنا.

أرخى مسكته من عليها وبعدها عن حضنه شوي، حاوط وجهها بيدينه وبنبره حازمة: ندى توعديني انك تكوني قوية قدام ناصر وهدى حتى لو رحت؟

رجفت شفاتها وزادت دموعها: لا تـ.ـروح!! لا تسيـ.ـبني عـنـد..هـم.

قرب منها وباس جبينها بعمق: أنا آسف، بس أوعدك إني حجي عشان أشيلك من دا الجحيم.

ابتعد عنها ومشى للسياره بخطوات متسارعه، يتجاهل وجع قلبه من صراخها باسمه الممزوج بشهقاتها وصوتها الباكي، تترجاه عشان ما يروح ولا يبعد عنها!!
** ** ** ** **


بعد مرور شهرين ونصف من الوقت الحاضر

خرجت من غرفتها بفستانها المدرسي ونزلت الدرج متجهة ناحية غرفة الطعام، ابتسمت وهي تشوفه جالس ينتظرها على الفطور: صباح الخير.

رفع عيونه نحوها وبحنان: صباح النور والسرور بشوفة بنتي الحبيبة.

باست رأسه وجلست بجانبه: الله يخليك ليا يالغالي، معليش عذبتك معايا أمس..، وبحرج: حسيت نفسي كأني طفلة.

قرص أنفها بخفة وهو يضحك: طيب انتي طفلة في عيوني مهما كبرتي، وعاد أمس ذكرتيني بـ أيام زمان، كنتي معذبتني مررره.

تغريد: هههههههههههههههه الله يسامحك يا بابا مدري اللي كان معذب مين، بس في النهاية كانت أيام حلوه ما أنساها.

بلعت غصتها وهي تسمع ضحكهم اللي وصل لمسامعها، دخلت للغرفة وهي ترسم ملامح الجمود على وجهها، حقد كبير بداخلها اتجاهه هو بالذات، لأنه حرمها من أبوها، حرمها المواقف اللطيفة معه، وتحسد بنته على الحنان اللي تأخذه منه، وهي إنحرمت من حنان أبوها، سحبت كرسي وجلست عليه بهدوء، سمعت صوته يكلمها: ميس، فين ندى.

ميس تكلمت بدون نفس: مدري.

ما علّق بأي كلمة وكلها ثواني حتى تدخل بهدوء وهي ماسكة ولدها من يده: انا جيت، كنت بغير ملابس عبودي.

جلست بجانب بنتها وولدها بحضنها الكل سمّى بالله وبدأوا يأكلوا، وندى رفعت عيونها له كأنها تذكرت شيء: مشعل، اليوم ميس حتداوم في مدرسة تغريد خلاص؟

هز رأسه بالإيجاب: آههم، والمريول انا وتغريد رحنا وأشتريناه مره وحدة.

رفعت رأسها ناحيتهم وبصدمة: إيـــــش! نقلتوني بدون رضايا، بدون ما ادري؟

مشعل بـ برود وهو يكمل أكله: مو لازم تدري، وانا نقلتك عشان أوصلكم وأخدكم انتي وبنتي مره وحده..، كمل بنبره آمره: خدي من تغريد المريول وغيري اللي لابستو بسرعه.

قامت من الكرسي وضربت الطاولة بـ غضب: الــســـواقـــيـــن مــالــيـــن الـــبــــيـــت، يـــقـــدروا يـــاخــدونــي مــن مـــدرســـتــي الـــقـــديـــمــة حــتــى لــــو بــعــيــده، مــو انــتــا الــلــي تــقــرر عــنــي مــالــك حــق يــا مــشـعــل.

ندى بحده: إحترمي خالك يا بنت، بلا قلة حيا!

ميس وهي على نفس حالها: وإنــتــوا خـلـيـتـوا فـيــا أحــتــرام؟

ناظرها بـ برود ولا مبالاه لصراخها وهي تخرج من الغرفة، جت تقوم وتلحقها بس وقفها صوته الحازم: ندى سيبيها، حتصرخ وتبكي ونضيع وقتنا عليها، وأصلا عارفين ليش معصبه كدا تبغا تشوف لؤي..، أخذ نفس وكمل بهدوء: الله يهديها.

ندى من أعماق قلبها: آميــــن.

تغريد كانت تتابع اللي صار بصمت، خلاص شي تعودت عليه، يجتمعوا في طاولة الطعام وبعدين ميس تعصب على أي سبب وتطلع، تعودت على نكدها، أكثر حاجه ندمت عليه إنها تمنت عمتها تعيش عندها، من لما جات والمشاكل ما تخلص.. يا من طليقها أو من ميس، وكل هذا تشوفه يأثر على أبوها وراحته.. زفرت بخفة وكملت أكلها وهي تتمنى كل شي يرجع مثل قبل
** ** ** ** **


دخلت غرفتها وشافتها دافنه نفسها بالسرير وتشهق من البكاء، قطبت حواجبها على حالها، معقوله كل هالبكاء عشانه؟ عشان الشخص اللي تعذبت منه وما أحترمها وذاقت أنواع الذل والإهانة عنده، جلست على طرف السرير وبهدوء: ميــس بنتي.. مسحي دموعك وغيري ملابسك، شوفي خالك ما قصر دخلك في أحسن مدارس جده، إش تبي بهديك المدرسة.

عدلت جلستها وهي تمسح دموعها وتكلمت بحقد: إنتوا تسوو كدا عشان تبعدوني عن بابا صح؟ هزت رأسها بالايجاب بحرقه: بابا كان صادق يوم كان يقولي إنو انتي تكرهيني، كل شيء تسويه بكيفك، ما أهمك اللا نفسك.

ندى تكلمت بصوت شبه هامس وهي مصدومة من كل كلمة خرجت من فم بنتها: ميـس أش دا الكلام؟ عيـب عليكِ والله..، قامت من السرير وبصوت هادي تخفي فيه حسرتها: يلا بسرعه سوي اللي قلتلك عليه، لا تتعبيني وتتعبي خالك.
** ** ** ** **


دخلت السيارّة بـ وجهة عابس عكس مرح أخوها وأبتسامة تغريد، ثلاثتهم منتظرين مشعل يخرج من الفيلا


داخل الفيلا

واقف بالمدخل منتظر ندى تجيب فطور عبد الله اللي ياكله بالفسحة، كلها ثواني وجات ندى ومعها علبة صغيره فيها فطوره وأخذها: متأكده انك ما تبي تروحي مع ميس للمدرسه، عادي تقعدي لحالك؟

ندى بـ ابتسامه باهته: لا لا في تغريد وأدري انها ما حتقصر وتكون معاها طول الوقت، وأصلا ميس ما تباني..!!

أخذ نفس عميق: الله يصبرنا على دي البنت.

ندى بنبره بان فيها الألم: مشعل، إحنا أكيد مضيقين عليك، كملت ببعثره: غلطت لما جينا عندك يا أخويا.

قطب حواجبه من كلامها اللي مو عاجبه وبنبرة جادة: دآ الموضوع مقفل وما ينفتح تاني مرا يا ندى أوكي..؟

نزلت راسها: أنا آسفه، بس..

قاطعها بـ إصرار: بدون بس، وعلى فكرة بعد يومين موعدك مع الدكتورة النفسية وانا حوصلك.

رفعت راسها وناظرت عيونه وبضيق حاولت تخفيه: طيب.. بس مو عندك دوام؟

مشعل بـ ابتسامه: لا عادي هداك الوقت حخرج وأوديكِ.
** ** ** ** **


داخل مستشفى متواضعة، كان في الطابق الأرضي متوجه ناحية الاصنصير لـ يدخله، ضغط على آخر طابق حيث يوجد مكتبة، الحين يقدر يكمل أعماله بعدما تفقد أحوال المرضى والموظفين فهو ما يحب يكون في مستشفاه الخاص أي نقص أو شكوى، لأنه قبل ما يضر أسمه وسمعته اللي تعب عليهم يضر المرضى والناس الواثقة منه

وقف سكرتيره بـ ابتسامة لما شافه: دكتور.. دكتور عبد العزيز جوا المكتب.

مشعل إلتفت له بـ إستغراب: جوا المكتب؟ متأكد سلطان؟

سلطان: إيوه.

رجّع نظره لباب المكتب وصار يمشي ناحيته، دخل وشافه جالس ينتظره: السلام عليكم.

بـ ابتسامة واسعه قام من الكرسي متوجه له حتى يوقف قباله ومد يده: وعليكم السلام.

تعداه بتجاهل تام ومقصود لـ يده الممدودة، جلس على كرسي مكتبه وسأله: إيوه.. كيف كانت إجازتك اللي أخدتها من عندك؟

لف له وبقهر من حركته: كدا الأخوان يسلموا على بعض؟

مشعل: تدري انو حينخصم من راتبك النص؟

عبد العزيز:طيب تدري انو تصرفك زي البزورة؟ مو واحد حيخش الاربعين بعد كم شهر!

مشعل ببرود: ليه تجاوب سؤالي بـ سؤال؟

حرك رأسه بقلة حيلة ومشى للكرسي وجلس عليه: سارت لي ظروف! وكنت مضطر اغيب دي المدة كلها..، سكت شوي وبعدها قال بتردد: كيف حالها؟ شافه يطالع فيه بـ استغراب، فوضح له: أممم.. ندى ندى، كيف حالها.

ظهرت على ملامحه أثار الفهم وبهدوء: الحمد لله بخير.

عبد العزيز: أبغا أشوفها لازم أكلمها.

مشعل طالع فيه بسخريه: تشوفها؟ طيب لو أقولك انها ما تبا تشوفك؟ ولا تسمع صوتك!

عبد العزيز: ما يسير كدا انا أخوها لازم أكلمها.. وبرجاء: الله يخليك يا مشعل.. حاول فيها أكلمها وأشرحلها أسبابي، صدقني حتسامحني.

مشعل ببرود: طيب هيا تكرهك وما تعتبرك أخوها! ما أقدر أجبرها على شي ما تباه، ما أبغا أفقد ثقتها بعد ما كسبتها بصعوبة.

أخذ نفس وهو يحاول يتحمل كلماته القاسية وبنبرة موجوعة: هيا كدا بتظلمني، سامحتـك إنتا وكرهتني، ريحتك من تأنيب الضمير يا مشعل وأنا...

قاطعة بنبرة حاده شوي: عبد العزيز لا تقارن نفسك بيا، وهو يهز رأسه بالنفي: إنتا ما عشت نفس اللي عشناه أنا وندى.

عبد العزيز بنفس نبرته: بس اللي عشتوه مو بسببي.

مشعل بـ لا مبالاة: مو مشكلتي.. خلاص يا عزيز، ندى ما تبغاك، ما تبا تسمع حتى أسمك.. يعني أجبرها إنها تكلمك مثلا؟!

ما تكلم بكلمه، اكتفى بنظرة غريبة ما فهم معناها، وبعدها خرج من الغرفة
** ** ** ** **


في مدرسة تجمع بين بنات المتوسط والثانوي

…:طيب هيا دحين فينها؟

تكلمت بـ عدم إهتمام وهي ترتب شعرها: مدري عنهآ، تلاقيها اتصاحبت مع بنات..،
لفت لها وكملت: بليز بتول لا تجيبلي سيرتهآ.

بتول: صراحه انتي مرا بطاله، دي بنت عمتك ما يسير تقولي كدا.

تغريد بـ تسليك: طيب طيب.. لما هيا تسير طيبه انا ابطل شر..، شيّكت على ساعتها الملتفة حول معصمهآ النحيل: اوف، أتأخرت وعليا أبلة هاجر.

بتول ضحكت بشماته: اوووه الله يعينكم، وربي بس درستنا حصتين الترم اللي فات وكرهت عمري صوتها خرقلي اذني.

تغريد طالعت فيها بحقد: انتي بس سيري سنة تالت وداك الوقت اتشمت فيكِ وانا رايحة للجامعه.

بتول ضحكت أكثر على شكلها: أقول يلا روحي لا تهزأك بس.

ناظرتها بعدم أهتمام وطلعت للدور الثاني ودخلت لأحد الصفوف، ناظرتها المعلمة ورجعت تعبث بالوراق اللي كانت بالطاوله، ابتسمت براحة لأنها ما تكلمت، ما تحب أحد يتفلسف عليها ويهزأها، وأصلا ما توقعت انها تتهزأ من بداية الترم الثاني، حست بنظرات شخص تتسلط عليها، ناظرتها وشافت بنت تبتسم لها فـ ردت لها الابتسامة وجلست بمحلها.

أما هي فكانت تناظرها من بعيد، تبي تتعرف عليها وتكون صديقه مقربة منها، من أول تحاول وتحاول وهذي فرصتها، تشوفها شخصية متواضعه وحبوبه وإبتسامتها ما تفارقها، وأخيرا إجتمعوا بفصل واحد، قامت من كرسيها وصارت تتوجه نحوها، وقفت عندها، وفجأة توترت وانخرست ما عرفت إيش تقول.

رفعت رأسها لما حست بها، حركت نفسها وطالعت فيها بـ أستغراب من سكوتها: تبي حاجه؟

حكت شعرها: اءء.. إيوه، مدت يدها بـ إبتسامة: أنا جود.

مدت يدها وصافحتها وهي مبتسمة: وأنا تغريد.

جود: عادي أجلس على الكرسي اللي جنبك؟

تغريد بـ تأكيد وابتسامتها ما زالت على شفاتها: ايوه ايوه عادي.

جود: فيـن صحبتك بتول غريبه أول مره أشوفك بدونها؟

تغريد بضحكة: تعرفي بتول وما تدري انها سنة تاني ثنوي مو تالت، إلا بسألك.. إنتي جديده بالمدرسة.

هزّت رأسها بالنفي: لا جيت في أولى ثنوي.

تغريد: أمــا! غريبه أول مره أشوفك.

جود ضحكت على شكلها المتعجب: لالالا.. أكيد شفتيني قبل كدا بس ما تتذكريني.

تغريد بتفكير: يمكن.

مرت الدقايق وهم مندمجين بالكلام مع بعض كأنهم يعرفوا بعض من أول، قاطعهم الجرس معلن إنتهاء الحصه

جود: أووه ما حسيت بالوقت! طيب أصبري ممكن سنابك أو أنستقرامك..، حست بـ أن وجهها أنقلب فكملت بسرعة: بس اذا ما تبي مو لازم تعطيني.

تغريد بحرج: لالا مو كدا بس انا ما عندي لا سناب تشات ولا إنستقرام.

جود: ليه أبوكِ ما يرضى؟

تغريد بـ إندفاع: لا وي بابا مو كدا.. انا مو حابة اني أسوي حسابات، بس عندي واتساب أذا تبي أعطيكِ رقمي.

هزت رأسها بالموافقه: أوكي أعطيني رقمك.

تغريد: حلو خليني أطلع ورقه أكتبلك رقمي.

طلعت الورقه وكتبت رقمها، مدتها لها وابتسمت: بكلمك اليوم إن شاء الله.
** ** ** ** **


بالليل

كان في إحدى الكافيهات وبيده لَيْ الشيشة يشفط منها وينفث الدخان، خرج من جيب بنطاله الجوال وأتصل على وحدة من الارقام المسجلة عنده، أنتظر كم ثانية وبعدها رد: السلام عليكم، دي عيادة الدكتورة النفسية سمر؟

الطرف الثاني: إيوه هادي عيادتها.

…:أبغاكِ تحجزيلي أقرب موعد عند الدكتورة.

…:طيب أستنا لو سمحت ثواني بس.. وبعد فترة قصيرة: أقرب موعد بكرا يوم الثلاثاء الساعة ثمانية بالعشاء.

…:طيب حلو.. أحجزيلي بأسم عبد العزيز ناصر نجم الدين.


**


نهاية الفصل الأول..

أتمنى رأيكم في الرواية كبداية، توقعاتكم للأحداث والشخصيات
وأتقبل جميع انتقاداتكم بصدر رحب

شقى الماضي 14-11-17 08:45 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
نزلت آخر درجتين من درج المدرسة بخطوات سريعه وهي تتعدى تغريد وجود: يلا يا بنات أنا حروح أكيد جات سيارتي.

تغريد مسكت يدها وسحبتها بخفه: يا هو بدري ليش مستعجله أول مره أشوفك كدا.

بتول طالعت فيها: فارس اللي حياخدني دي المرة مو السواق.

تجمدت ملامحها من سمعت اسمه، فكت يدها وببرود: أهااا.

حست بها فتضايقت منها بس سكتت لأنها ما تبا تتكلم قدام جود

تكلمت جود وهي مو حاسة باللي صاير: أنا اللي دايما ياخدني اخويا، يدرس في المبنى التاني للأولاد.

تغريد طالعت فيها: أخوكِ يدرس في نفس المدرسة.

جود بابتسامه: اخويا التوأم.

بتول شهقت: يا حيوانه ما قد قلتيلي انو عندك توأم.

تغريد طاحت عيونها على ميس، جالسه على وحده من الكراسي وواضحه العصبية من هزة رجولها ووجهها المحمر

بتول طالعت في نفس المكان اللي تطالع فيه وفهمتها: أوه غريبة ما راحت مو الفروض المتوسط اليوم يخرجوا من الساعة وحده ونص.

تغريد ولزالت عيونها عليها: إيوه.. شكلو بابا نسي وتأخر عليها.. وهي تمشي ناحيتها: بروح اكلمها.

مشوا ناحيتها لين وصلوا عندها فتكلمت تغريد: ميس ما رحتي.. بابا ما جا؟!

رفعت عيونها لها وبعصبية: يعني إنتي إش شايفه، أبوكِ أتأخر عليا أكتر من ساعه.

تغريد ناظرت بتول بمعنى: شفتي كيف أسلوبها؟ أخذت نفس وناظرتها: طيب يلا ألبسي عبايتك أكيد بابا جا.

خرجت عبايتها من شنطتها وصارت تتمتم لنفسها: أكيد حيكون برا مو إنتي خلصتي وأنا أتحرق في الشمس دي.

سمعتها بس طنشتها، وصارت تلبس عبايتها بدورها، بتول قربت منهم: وأنا رايحه كمان… مع السلامة.

تغريد بـ ابتسامه: سلام.. أشوفك بكرا.

جود: وانا كمان بروح اكيد اخويا جا.



"الفصل الثاني"
"ماضي مؤلم"



بعد شوي..

دخلت السيارة وراء تغريد تكلمت بحده موجهة كلامها لـ مشعل: الـسـاعــه كـــم؟!

رفع حاجبه على نبرتها: الساعة تلاته!

ميس وبنفس نبرتها: يـوم الاثـنـيـن والـثـلاثـاء أخـرج الـسـاعـه وحـده ونــص، لا تـتـأخـر عـلـيـا بـكـرا زي الـيـوم ولا خـلـي الـسـواق يـاخـدنـي!

مشعل حرك السيارة وهو يجاريها: إن شاء الله مدام ميس.

تنرفزت من بروده وكلمة "مدام" زفرت بقهر ولفت وجهها لـ نافذة السيارة
** ** ** ** **


العصر..

نزل من جناحه الخاص بخطوات هادية وثابته، مشى لوحده من الغرف وطرق الباب عدة مرات حتى سمع صوتها وهي تسمح له بالدخول، دخل للغرفه وشافها تمسح وجهها بفوطة وشعرها مبلل: ندى.. حنروح للدكتورة اشبك ما اتجهزتي.

نزلت فوطتها وهي تشتت عيونها عنه وبتردد: لازم أروح؟ طالعت في ملامحه وبسرعه: ما أحس نفسي مرتاحه يا مشعل، عكس اللي قلتلي هوا.

مشعل اقترب منها بهدوء وهو يحط يدها على خدها وبنبرة دافية.. مريحه: ما ابا أجبرك على شي، بس لازم تكملي عند الدكتورة، في أول الجلسات إحساسك بالضيق يكون طبيعي، كان نفس إحساسي.. بس سرعان ما يتبدل بالراحة، شوية شوية تحسي بالثقل يخف لين ما يروح، صدقيني يا أختي ما حتندمي.

فرت دمعه على خدها، اشتاقت حيل لكلامه الحنون وخوفه عليها، بعدت عنه ومسحت دمعتها بارتباك: معليش، ما حسيت على نفسي.

مد لها علبة المنديل من التسريحة لتأخذه وبنبرة هادية: تاني مره لا تنكسفي تنزلي دموعك قدام أخوكِ الكبير، لأني أنا اللي كنت دايما أمسحهم..، أخذ نفس عميق وكمل: يلا أستناكِ تحت.


بعد نصف ساعة.. بالعيادة النفسية

جلست على الكرسي المقابل للدكتورة رافعه عيونها لها تتأمل ملامحها، ملامحها تدل بأنها إنسانه طيبة ومريحه، ما تقدر تنكر هالشي، بس لاتزال تحس بالضيق، وهالضيق مو راضي ينفك عنها

الدكتورة بابتسامة هادية: ندى.. كيف حالك اليوم؟

ندى بهدوء يغلب عليه الكآبة، والحزن من نبرة صوتها: الحمد لله.

الدكتورة: طيب حلو، كيف تبينا نبدا جلستنا لليوم؟ بـ إنك تقوليلنا آخر الطورات، أو نكمل محل ما وقفنا الجلسة اللي فاتت؟

ندى: اللي يريحك يا دكتورة سمر.

أخذت نفس وتكلمت: طيب، خلينا نكمل في محل ما وقفنا، وقفنا من لما تزوجتي لؤي!

ندى نزلت عيونها بضيق: ما أبا أتكلم عنو.

الدكتورة طالعت فيها بتمعن: ليـش؟

تجمعت الدموع بعيونها وبهمس موجوع: لؤي صفحة سوده في حياتي، مستحيل أنسى اللي سواه فيا، عذبني..، كملت برجفه أتملكت صوتها: مـ.ـا رحمـ.ـني! غمضت عيونها وصارت دموعها تنزل وراء بعض

الدكتورة عدلت جلستها وهي تسمع كلامها: اتزوجتو لما كان عمري 18، وهوا أكبر مني بسنين وسنين، ما قبلت.. عاندت وانا اللي تضررت، في يوم الزواج رضيت بقدري وقلت يمكن يعوضني عن اللي عشتو عند ناصر، يمكن يعوضني عن غياب مشعل اللي طول في تركيا ولا عاد رجع، تزوجت بـ لؤي وكان كويس في البداية، ووحدة مرة وداني عند ناصر..، كملت بنبرة ساخرة: يحسب أنو اشتاقلي ويبا يشوفني زي أي أبو في دي الدنيا.. عشان من يوم الزواج ما شافني، المهم وداني عندو.. ومن لما شافني..، تكلمت وهي تخفي عبراتها.. رغم إنه مرت سنين على هالموقف إلا انه يألمها: طردني وضربني قدام لؤي ويقولو.. انتا ليش جايبها عندي.. أنا زوجتها ليك عشان تفكني منها ولا عشان تجبلي هيا

مسحت دموعها اللي نزلت وكملت: ومن بعد داك اليوم لؤي متغير عليا، أساسا ايش كنت حتوقع منو غير كدا، ازا شاف ابويا يضربني ويهينني قدامو هوا ما حيسير أحسن منو!


في غرفة انتظار الرجال..

جالس ومعه كم رجال، يسولفوا ويتجاذبوا أطراف الحديث مع بعضهم، أما هو في عالم ثاني، سرحان، يفكر في حالة أخته وتعبها، كان يشوفها تذبل قدامه يوم بعد يوم، وهي تحاول تبين إنها قويه.. ما يهزها شي، لكن فين مستحيل تقدر تخبي عنه، تعب معها حيل، ما رضت بسهولة تروح لدكتورة نفسية، ولكن حاول معها وجاها بـ أسلوب الإقناع واقتنعت، وبرضو لما عاشت معه ما رضت بسهولة.. غمض عيونه بقوه وهو يتذكر اللي صار قبل وكيف رضت تعيش عنده

دخل للشقة بعد مآ فتح له الباب عبد الله اللي عمره سبع سنوات، خاف من منظره ووجهه مغرق دموع ويشهق، نزل لمستواه وحاوط وجهه، مسح دموعه وبحنان رغم الخوف الفضيع اللي دب بقلبة: عبودي حبيبي إيش فيه؟ فين ماما؟ ليه ما فتحت لي هيا الباب؟

عبد الله بعد عنه ومسك يدينه يسحبه للصاله وهو يبكي أكثر: ماما.. ماما!

دخل للصالة وهو لسا مو فاهم، قطب حواجبه بقوة لما شاف منظر ندى وهي بحالة يرثى لها، جالسة على الأرض.. جالسة على زجاج الطاولة المكسور وهي تبكي وتشهق، بعد عبد الله عنه عشان لا يتعور، مشى لها وما تعور من الزجاج لأنه كان لابس جزمته، حاوط كتوفها وحاول يقومها، قلبه شوي ويخرج من خوفه عليها.. وبالذات وهي في هالوقت منهاره، سألها بـ ارتباك: ندى حبيبتي.. ايش فيه.

ندى لا رد سوى صوت شهقاتها اللي كانت تزداد وتحرق قلبه، مشعل خاف عليها أكثر من قبل: ندى اتكلمي لا تخوفيني كدا.

ندى حاوطته وصارت تبكي على صدره ومن بين شهقاتها: لـ.ـؤي.. لـ.ـؤي!!! جا لهـ.ـنا..، تعلقت فيه أكثر وببكا: جــ..ــــا!!!

غمض عيونه بقهر على الحالة اللي وصلت لها بسببه، مسح على ظهرها وشعرها لـ يهديها: دا الكلب إيش عرفوا بمكانك!

…: أحترم نفسك ولا تسب بابا، أنا قلتلو عن مكان بيتنا!

لف لناحية الصوت وشاف ميس فقطب حواجبه، بعد ندى عنه وجلسها على الكنبة بهدوء، مشى لها وهو يقول بنبرة هادية عكس الحريقة اللي بداخله: ايش قلتي؟!!

ميس بنظرات مليانه كره وتحدي: أنــا الـلـي قــلــتــلو عــ… ما قدرت تكمل لأنها طاحت على الأرض من قوة الكف اللي جاء لها منه

مآ قدر يستحمل أكثر من كذا فضربها كف بـ أقوى ما عنده، ما توقعها منها، ما توقع إنها توصل لهدرجه، تعرف أمها قد ايش تكرهه، وحتى ما تقدر تشوف وجهه، لدرجة إنه هو اللي يوصلهم له، ما يخليه يشوف وجهها ولا هي تشوف وجهه، سحبها من شعرها ورفع رأسها له، همس لها بحرقه: يا الله قد إيش إنتي زي أبوكِ، كريهه.. حقيره وتكرهي الراحة لـ ندى، لكن بوريكِ شغلك، وربي حتندمي إنتي وأبوكِ.

ميس صرخت بوجع من مسكته: أييييي، سـيـب شـعـري يـا حـيـوان، ســيــبــو!!!

تركها ودفعها لتطيح على الأرض مرة ثانيه، ما أهتم لها ولف لـ ندى ماشي لها بـ أسرع ما عنده، مسكها من كتوفها ووقفها رغم عنها، قال بصراخ وهو يهزها بقوه: شــوفــي يــا نــدى دي آخــر مــره أقــلــك تــجــي الــبــيــت عــنــدي، مــا حــتــرفــضــي ولا والله لأجـرك من شــعــرك إنــتــي وأولادك، فــهــمــتــي؟ وبصرخة أعلى: فــهــمــتــي ولا لا؟

نزلت رأسها وهي تبكي بقلة حيلة: طـ.ـيـ.ـب!!

رجع لواقعه فتنهد بقوه، ناظر يده اللي ضرب ميس بيها، أول مره يمد يده على أنثى وما يندم، إيوه ما ندم، رغم صغر سنها إلا إن حركاتها إجراميه، أصلا هي ما تهمه أبد، كل اللي يهمه راحة ندى وبس، مستحملها عشان ندى!

……


ضلت تسمعها، تسمع كل كلمة تقولها من بين شهقاتها بتمعن، تسمع وتكتب بالنوته، وهي مسحت دموعها وقالت: أنـ.ـا.. آسـ.ـفه، تعـ.ـبتك معـ.ـايا!

ابتسمت بهدوء ومدت لها علبة المناديل: لا وي، دي وظيفتي، تتكلمي وأسمعلك! سكتت شوي وكملت: نوقف من لؤي ونشوف التغيرات والإيجابيات اللي سارتلك؟

حركت رأسها بالإيجاب ومسحت دموعها بالمنديل، الدكتورة سمر: طيب كيف سارت علاقتك بمشعل وبنتو؟ تقبلتيهم؟ قدرتي تسامحي مشعل؟

نزلت عيونها ليدينها اللي ضامتهم لبعض: قلتلك قبل كدا، مهما يسير مستحيل أزعل على مشعل، ولما أشوف بنتو تغريد.. كأني أشوفو..، تجمعت الدموع بعيونها وهي تتذكر: صح سابني وسافر.. بس من لما جا ما قصر.. هوا اللي وقف معايا وما كان قد الثقة، حاول يثبت للقاضي إني بتعرض للعنف وقدر يثبت، وخلى لؤي صغير بعيون الناس، كيف ما أسامحو وهوا سوالي دا كلو؟

الدكتورة: طيب وعبد العزيز؟

تغيرت ملامحها للشمئزاز: عدوي، يوم كنت أعاني من لؤي ما حماني منه ما دافع عني.. حالو حال ناصر، قلوبهم متجرده من الرحمة وخلاص، كلهم شافوا كيف لؤي ضربني، وما تحركت شعره منهم، ما أعتبرو أخويا، وناصر ما أعتبرو أبويا!

الدكتورة: طيب ما جربتي تسمعيلو؟ تعطيه فرصة تانية.. زي ما أعطيتي لمشعل؟

هزت رأسها بالنفي: لأ، ما أقدر أسمع أعذار كدابة، وهي تتنهد بتعب: ما أقدر!

في عز وجعها واحتياجها لمشعل ما كان موجود، راحت لعبد العزيز وصدها بكل قسوه، ما أشفق عليها، ما فكر فيها وهي أخته، حقد أمه اتنقل له، والحين يباها تسامحه، بكل سهوله تسامحه وهو خلاها بين يدين رجل قاسي لـ مدة عشر سنين، سامحت مشعل، لأنهم تقاسموا الأوجاع في طفولتهم، ما كانت تلقى حضن يحتويها من قسوة ناصر الا مشعل
** ** ** ** **


دخل غرفتها المظلمة وهي متلحفة بشرشف السرير، تتفرج فيلم في اللاب توب وتبكي، ضحك بخفة على شكلها وهو عارف إنها بتبكي على خرابيط، فتح الأنوار وبضحكة: يا بنــت استخفيتي تبكي على فيلم؟

ناظرته ودموعها لزالت تنزل، وقفت الفيلم: والله القصة حقيقيه..، وهي تمسح دموعها: كلام البطل يحزن إش أسوي؟

ضحك مرة ثانيه ومشى ناحية البلكون، بعد الستارة شوي وعيونه مثبته على الفيلا اللي قدامهم.. على بلكون غرفتها تحديدا، تخيلها وهي واقفه فيها وخصلات شعرها السوداء تتحرك مع نسمات الهواء، أبتسم وهو يتذكر.. كيف الحين صار شعرها؟ طويل؟ تعدى كتفها على الأقل؟ كانت تكره الشعر الطويل، ودايم تقصه لتحت أذنها

تنهد وهو يرجع يتخيلها، تبتسم ابتسامه تاخذ قلبه وعيونها العسلية الصافية تتلاقى بعيونه، وخدودها دايم يشبهم بالتفاح، لذيذه ولونها احمر، قطب حواجبه وهو توه بس يتذكر انها صارت ما تطيقه، حتى انها ما تطالع في عيونه ولا تبتسم في وجهة، ما كانت علاقتهم كذا قبل لا يعترف بحبه لها، كانت علاقة قويه، كان يحميها ويدافع عنها وهي تشكره، كانت تمدحه وتعتبره بطلها وكان يطير من فرحه، بس كل هذا صار ماضي يتمناه يرجع!

تكلم بصوت هادي يخفي وجعه: ما سارت تخرج ولا سرت أشوفها.

بتول فهمت انه يقصد تغريد ما غيرها تكلمت وعيونها عليه: من لما اعترفت بحبك ليها.

فارس لف لها واخذ نفس عميق: ابغاكِ تكلميها تاني مرا!

نزلت عيونها عنه وناظرت شاشة اللاب توب بصمت، كانت عارفه انه بيجيها ويطلبها هالطلب، ما تدري ليش هو يحب يعذب نفسه كذا، يعرفها ويعرف جوابها من أول مره اعترف بحبه لها.. الرفض، اصلا تغريد دوم ترفضه بدون ما تبالي بمشاعره، وهي ما يهون عليها تشوف أخوها ينكسر قلبه للمره الألف!

فارس بهدوء وهو يخرج من الغرفة: لا تنسي يا بتول بكرة تكلميها، ولا أنا حكلمها بنفسي. قالها وخرج من الغرفة
** ** ** ** **


بالعيادة النفسية..

خرج إحدى المرضى من مكتب الدكتورة.. قام من الكرسي لأنه عارف إنه بيدخل بعد هالمريض، مشى لمكتبها ودخل بعد ما طرق الباب، جلس بالكرسي وهو يحس نفسه متوتر

ابتسمت ومسكت ملفه وقرت أسمه: عبد العزيز ناصر.. طالعت فيه بابتسامة خفيفة تنتظره يبدأ يتكلم.

حك جبينه بتوتر، ايش يقول بالضبط؟ ما يعرف من فين يبدا ولا من فين ينتهي، أستغرب لأنها ما عرفته من أسمه، بس ما يلومها ندى مو هي المريضة الوحيدة لها، شاف المرضى الكثآر عندها، تحفظ مين ولا مين، أخذ نفس وتكلم: أنا عبد العزيز زي ما قلتي.. أخو ندى بالتحديد.

قطبت حواجبها، مسكت ملفه من جديد وقرت أسمه مرة ثانيه، معقولة ما انتبهت لأسمه ولا عرفت التشابه بين الأسماء: طيب أنا بسمعلك قول اللي تبغاه.

نزل عيونه ليدينه: طبعا تعرفي انو انا اخو ندى من ام ثانية، واكيد ندى قالتلك لما صديتها لما جاتني تشتكيلي عن لؤي.. ودحين أنا جيت هنا عشان أبين لك موقفي…

قآطعته وهي ترفع عيونها من الورقة: ليه ما تروح لندى وتبرر لها بدآل مآ تجي عندي!

عدل جلسته وطالع فيها بجدية: طيب دي هيا المشكلة، ندى تكرهني وحتى صوتي ما تبا تسمعو، جيتك هنا عشان تساعديني.. أبا ندى تسامحني ولو كلفني عمري كلو!

دكتورة سمر: طيب قولّي.. بيّن موقفك.

عبد العزيز أخذ نفس عميق: أبويا هددني بأمي.. قال إنو حيطلقها وبيطردنا لو فكرت إني أساعد ندى، في البداية ما أهتميت قلت خلليه يسوي اللي يسويه، بس أمي بكيت.. وترجتني، ما قدرت أستحمل وعشانها بس وافقت، صديت ندى بس صدقيني قلبي كان يتقطع لما ورتني جسمها كلو كدمات ومتورم من ضرب لؤي..، طالع فيها وبحرقة: بس ما كان بيدي شي، ندى من جهة وأمي وأبويا من جهة، ما كانت سهلة عليا! نزل عيونه للأرض وقال بـ فشيله وهو يتذكر اللي أكتشفه: وبعد فترة أكتشف إنو دا الشي مآ كآن إلا مسرحية من أمي، هيا ما أهتمت إنها تتطلق من أبويا ولا لا، حقدها على ندى عماها، ما أكتفت بتعذيبها وهيا عايشة عندنا، عذبتها حتى وهيا بعيدة عنها، رفع عيونه لها وبرجاء صادق: ابا اسوي لندى حاجة تتمناها طول عمرها عشان تسامحني على اللي سار.

الدكتورة حركت رأسها بتفهم: فاهمة موقفك يا عبد العزيز، واقدر اللي جالس تسويه عشانها، بس لازم تصبر عليها، اللي مرت فيه ندى مو هين، ولا تنسى انها معتبرتك سبب من اللي مرت فيه.

عبد العزيز طالع فيها: مستعد اصبر طول عمري.. هديك الفترة كنت مضطر اسوي اللي اسويه، ولا انا كنت ادافع عنها قدام ابويا وامي، وعمري ما توقعت اني حكون ضدها في يوم من الايام..، رفع عيونه للسقف وهو يتذكر موقف صار بيناتهم وبصوت هادي: قبل ما تتزوج ندى بكم يوم في الليل، مريت من غرفة ابويا وامي ولقيت الباب مفتوح، أستغربت وجيت بقفلو بس شفت ندى بين ظلام الغرفة وبيدها سكينة، هداك الوقت عصبت عليها، لاني عرفت اللي كانت تفكر فيه، كانت تفكر تقتلو! اخذ نفس عميق وكمل: سحبتها من الغرفه وصرت أهزأها على خطوتها الغبية والجريئة بنفس الوقت، وانا كنت داري ما فكرت بدا الشي الا لأنها ما سارت تستحمل كل اللي جالس يسير لها، من قسوة ابويا وامي.. مشعل اللي سافر لدراستو وما عاد رجع ولا سأل!

خرج من العيادة، دخل لسيارته وحركها متوجه لبيته، الحين حاسس بأمل كبير بأن الدكتورة تلاقي شي في ندى تساعده فيه، مستعد يعطيها عمره عشان تسامحه، هو كذا، حنية الكون كلها متجمعة فيه من صغره، حتى لما كان يشوف تعامل ابوه وامه مع مشعل وندى ما كان يتقبل هالشيء، كان على فطرته النقية والحنونة، ما تطبع بأطباع أمه وابوه أبد!

دخل لشقته وحيله مهدود، من الصباح وهو يشتغل بالمستشفى، وبعدها على طول راح للدكتورة، تنهد.. اكيد الحين هي قلقانه عليه، وهو ما كلمها ولا قلها فين رايح، شاف الخادمة اللي جابها خصيصا لأمه وباين عليها آثار الضيق والتذمر: مستر عزيز، مدام هدى ماهي راضيه تاخد أدويتها، تباك أنتا تعطيلها هيا.

حرك رأسه بالإيجاب: طيب دحين حروحلها.

دخل عليها بالغرفة بعد ما طرق الباب، شافها وهي تطوي سجادتها وتلف له، قالت بصوت دافي هادي: عزوز حبيبي فين كنت؟ خفت عليك.. ليش ما اتصلت عليا؟

طالع في ملامحها.. جزء بسيط تشوه في حريق أخذ كل شيء عزيز على قلبها، من جمال ومال.. وحتى طغيانها أحترق معاهم.. وصارت ضعيفه، بلا حيلة، ما لها غيره، تكلم بصوت هادي: انا كان عندي شغله مهمه.. ليش ما أخدتي الدوا؟؟

هدى بضيق: ما حبيت آخدهم من غيرك..، سكتت شوي وبعدها قالت وهي تنزل عيونها للأرض: عبد العزيز فيه بعض اغرضي في بيت مشعل.. نسيت اجيبهم، تقدر بكرا تجبلي اياهم كانت في غرفتي.

قطب حواجبه: ايش نسيتي؟

هدى: فيه بعض ادويتي وقرآني.. بس عادي خلاص مو لازم تجيبهم..، كملت بصوت خافت: يعني اذا ما تبا ندى تشوفك.

عبد العزيز: لا عادي بكرا بكلم مشعل يعطيني مفتاح البيت، قرب منها وباس راسها: يلا تصبحي على خير يا أمي.


**


نهاية الفصل الثاني..

لا تنسوا تكتبوا توقعاتكم هيا اللي تحفزني للكتابه

شقى الماضي 23-11-17 06:54 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
الساعة 9:00 صباحًا.. بالمستشفى

يمشي بخطوات هاديه وثابته باتجاه مكتبه، وبيده كوب القهوة الصباحية المعتاد عليها شاف سكرتيره سلطان وهو يبتسم له.. فرد الابتسامة له: السلام عليكم.

سلطان: وعليكم السلام.. صباح الخير دكتور مشعل.

مشعل: صباح الخير.

كمل خطواته لمكتبه جاء يدخله بس وقفه صوت عبد العزيز من وراه يناديه بإسمه فلف له وطالع فيه بصمت

عبد العزيز تكلم ببرود وقلبه شايل على مشعل بسبب قسوة كلامه وانه ما عطاه فرصه ليبرر لندى او يكلمها: ابغا مفتاح الفيلا، بمرها اليوم!

رفع حاجبه: وليش إن شاء الله؟

عقد يدينه حول صدره وطالع فيه ببرود: لا تخاف.. ما بسوي لندى شي، فيه أشياء أمي ناسيتها بروح أجيبها.

مشعل وهو يدخل للمكتب: لما تروح مرني عشان أعطيك هوا.

لف متوجه لمكتبه، رن جواله فسحبه من جيبه وناظر الرقم بابتسامة، دخل لمكتبه بسرعه ورد: هلا والله.

جاءه صوت أنثوي ناعم: اهلين بيك دكتور عبد العزيز.

جلس على كرسيه وريح ظهره عليه: هاه بشري وديتي الهدية؟

…: ترا قلتلي يوم الخميس اشبك!

عبد العزيز: المهم وديلها لا تنسي.. البنت اسمها جود.



"الفصل الثالث"
"صاحب الهدايا المجهول"



في المدرسة الثانوية للبنات..

رن الجرس معلن عن انتهاء الحصة الثالثة وبداية الفسحة.. خرجت تغريد من الفصل، شافت بتول تخرج من فصلها فراحت لها وهي تبتسم: هاي بتول.

طالعت فيها وتذكرت فارس وكلامه فتضايقت، سألتها وهي تحاول تتجنب شعور الضيقة: فين جود غريبه ماهي معاكِ؟ دي البنت اللي فجأة سارت صحبتك.

تغريد بضحكة: غايبه اليوم.. ليه تسألي؟ غيرانه منها!

ضربت كتفها بقوه: إنقلعي.. اصلا ما تلاقي صحبه زيي.

مسحت على محل الضربة بألم: آآآآييي.. أعوذ بالله اش دي اليد!!

ضحكت عليها وهي لوت بوزها: بروح الحمام تجي معايا؟

حركت رأسها بالإيجاب تذكرت مرة ثانيه كلام فارس فقالت بتوتر بسيط: أممم تغريد أصبري في حاجه بقلك هيا.

تغريد باستغراب: طيب قولي يعني تستأذني مثلا.

تكلمت بسرعه: فارس يا تغريد.

حركت عيونها بملل: اشبو كمان؟

بتول بزعل: يحبك ترا، لا تسوي فيه كدا.. بليز تغريد.

تغريد ببرود: طيب وازا يحبني؟ ايش أسويلو يعني؟

بتول بانفعال تكلمت: انتي ليش كدا تسوي في أخويا؟ هوا ايش سوالك حتى تكرهي كدا، رفضك لأخويا ما لو أي مبرر، جا وخطبك عشان تتأكدي إنو ما بيلعب عليكِ وقد ايش هوا جاد بمشاعرو ليكِ، بس انتي برضك رفضتيه، ليش؟

تغريد تنرفزت من كلامها وبنفس الوقت توترت من نبرة صوتها، ما تحب تتضارب معاها، أخذت نفس عميق وتكلمت بهدوء: بتول.. شوفي أخوكِ ما شاء الله انسان كامل من كل النواحي.. والكمال لله، بس ايش هيا المشكلة؟ أنا حقولك، أنا ما في قلبي لفارس أي حب.. هوا كان مجرد أخو ليا، ودحين سار أخو صحبتي وبس.

بتول كانت راح تتكلم بس قاطعتها على طول وهي تمسك يدها وطالعت فيها برجاء: بليز خلينا نقفل على دي السيرة لأني تعبت منها.. نعيدها ونزيدها على الفاضي والله.

بتول بضيق: خلاص طيب، وأساسا أخويا هوا الغلطان المفروض يستحي على وجهو.

تغريد بابتسامة: يلا ننزل؟

بتول تنهدت: طيب.
** ** ** ** **


الساعة 3:15 عصرًا

خرج من سيارته ومشى لناحية بوابة الفيلا الكبيرة، شاف حارس الفيلا اللي انتبه له ومشى له وهو يرحب فيه بحراره: اوووه استاذ عبد العزيز فينك ما شفناك من أسبوعين لا انتا ولا مدام هدى.

ابتسم له عبد العزيز: والله احنا نقلنا من هنا رحنا نقلنا في شقة.

الحارس: اهااا مدام ندى تجي وانتا تروح.. والله ما يصير.

ضحك عبد العزيز على كلامه.. ما يدري انه خرج من هنا عشان ندى بس تاخذ راحتها، مايبيها تشوف أمه ويزيد حقدها وكرهها: عبد الكريم.. الكل موجود في الفيلا؟

الحارس بتفكير: ايوه بس أستاذ مشعل في المستشفى.

حرك رأسه بالإيجاب ودخل بعد ما فتح له الحارس البوابة.. دخّل مفتاح الفيلا في الباب وبعدها دخل للفيلا نفسها
** ** ** ** **


المستشفى

خرج مشعل من مكتبه وبإذنه جواله يكلم في تغريد: حبيبتي تغريد لا تستنوني على الغدا اليوم..، طالع في ساعته الملتفة حول معصمه: عندي اجتماع مهم حيكون لين الساعة اربعه.

تغريد وهي تخرج من غرفتها متوجهة لناحية الدرج: طيب دحين نازلة اكلم مؤمنة تحط الغدا………...يلا مع السلامة انتبه على نفسك.

قفلت السماعة ورفعت رأسها لتتفاجأ بعبد العزيز واقف قدامها، ابتسمت بعدم تصديق وبفرحه: عـــمــي عـــزيـــز!!

عبد العزيز بضحكة: بشحمو ولحمو.

نزلت الدرج بسرعه وضمته: وحشتني يا دبة، من زمان عنك انتا وستو هدى..، بعدت عنه وطالعت فيه بشوية زعل: فين رحتو كدا فجأة؟!

اخذ نفس عميق وزفره: نقلنا شقة تانيه!

تغريد بصدمة: امــــا.. ليه كدا؟

عبد العزيز يحاول يصرفها: يعني خفنا ندى تضايق مننا.

تغريد: طيب تعال اتغدا معانا دحين حنحط الاكل.

عبد العزيز بإندفاع خفيف: لا لا لا، بس جيت آخد كم شي من غرفة امي.

تغريد تضايقت شوي: طيب كنت أحسبك جاي تسلم علينا، على العموم سلملي على ستو هدى لما ترجع لها.

عبد العزيز حس فيها فحط يده على كتفها وبنبرة هاديه: لا تزعلي يا حلوه، يوم الجمعة زي دا الوقت حاخدك مع امي نتغدا برا..، غمز لها: وحقولك كل شي.

رفعت عيونها له وابتسمت برضى: إن شاء الله.. تبغى مفتاح الغرفة؟

عبد العزيز: لا شكرا ما يحتاج..، رفع المفاتيح اللي بيده: أبوكِ قالي انو هنا فيه المفتاح.. يلا حطلع للغرفة.


………


خرج من الغرفة ومعه حقيبة صغيرة فيها أغراض أمه، قفل باب الغرفة بالمفتاح، التفت وبنفس الوقت انفتح باب الغرفة المقابلة له، تجمد وهو يشوفها تخرج منها، همس بصوت مسموع: نـــدى..

رفعت عيونها له برعب وهي توها بس تنتبه له، قطبت حواجبها وهي تستوعب انه عبد العزيز، تراجعت كم خطوه للوراء لتدخل الغرفة وتقفل الباب وراها بقوة

طالع في باب غرفتها بنظرة هادية لفترة وبعدها نزل من الدرج
** ** ** ** **


في صباح اليوم اللي بعده
بالمدرسة.. بداية الدوام قبل الطوابير

دخلت جود للمدرسة وقفت على جنب وفسخت عبايتها، دخلتها في شنطتها، رفعت عيونها وشافت بتول وتغريد متجهين نحوها، ابتسمت لهم: هاي بنات كيف حالكم.

تغريد: الحمد لله تمام.. اقلك ليه غايبه امس؟

جود وهي تمشي معاهم: أمممم.. رحنا في الصبح للمطار، نستقبل اخويا كان يدرس في كندا.. بس دحين الحمد لله خلّص.

بتول: مين؟ أخوكِ نادر؟

جود ضحكت: يا هبله كم مره أقولك.. نادر توأمي، مهند اللي رجع مع زوجتو وولدو.

تغريد شهقت وكأنها تذكرت شيء: يـا بنـــــات اليوم خميس صح؟

بتول طالعت فيها: ايوه.. ايش فيه يعني؟

تغريد ابتسمت من قلب حتى بانت أسنانها: اليوم ميس حياخدها ابوها.. لين الويكند الجاي.. يا سلاااام يعني راحه نفسية!

بتول حركت عيونها بملل: يالليــــل، ترا عرفنا انك تكرهيها بس خلاص عاد.

جود بتفكير: نفسي اعرف ليه تكرهيها قدي كدا؟ مع انها بنت عمتك حرام عليكِ!

تغريد عدلت نفسها وطالعت فيها بجديه: والله اسباب كتيرة.. وأهمها انها ما تحترم امها..، تنهدت بضيقه وبنبره هادية يخالطها الحزن: بعض الناس امنيتهم الوحيدة في دي الدنيا يقابلوا أمهاتهم، تحسسهم بحنانها، وتغمرهم بأحضانها الدافيه، وهيا تكرهها، وانا عشان كدا أكرهها!

بتول ضربت كتفها بخفه: دوبي اعرف انك تكرهيها لدا السبب.. ما قلتيلي.. كنتي تقولي انو من لما دخلت حياتنا بابا اتغير، وما سار زي اول!

طالعت فيها وابتسمت: امس في الليل جلست افكر من جد ليه انا اكره ميس، وطلعت بدا السبب، وحسيتو مقنع.. لأني أنا اتمنى ماما تكون فيه عشان اعاملها احسن معامله وهي كدا تعامل عمتي.

جود اجتاحها الفضول من كلام تغريد: ليه فين امك؟

تلاشت ابتسامتها تدريجيًا وقالت بصوت هادي بدون ما تطالع فيها: الله يرحمها.

انحرجت من نفسها: اوه.. انا آسفه، الله يرحمها.

تغريد طالعت فيها وهي تحاول تكون طبيعيه: لا لا عادي، ماتت لما كان عمري 9 سنوات، بس برضو اتذكرها واتذكر كل تفاصيلها.

بتول حست بالجو المتوتر فجت تبي تتكلم لتغير الموضوع بس سكتت وهي تشوف وحده باين انها ما تدرس هنا من عبايتها ولبسها.. قربت منهم وسألت: مين فيكم جود.

جود قطبت حواجبها وطالعت فيها: انا جود.. ايش فيه؟

البنت بابتسامة غريبة وهي تمد لها كيس: دي الهدية وصليها لأختك رنين.. قوليلها من الدكتور عبد العزيز.

عطتها الكيس وراحت بسرعه بدون ما تعطيها فرصة لتتكلم

تغريد وبتول طالعوا فيها وهم مستغربين، فقالت بتول: جود مين دي ومين الدكتور عبد العزيز.

جود بدهشة: يا بنات لحد يسألني أنا زيكم مفجوعه..، تنفست بقهر وهي تشد على يدها: الحيوان طلع اسمو عبد العزيز..، طالعت في تغريد وبتول اللي مو فاهمين شي من كلامها: دا يا بنات من فتره بس يرسل هدايا لأختي، بس كان يجيبها للبيت وما كان يكتب اسمو، كنا نسميه صاحب الهدايا المجهول، بس دحين عرفنا أسمو!

تغريد قطبت حواجبها: طيب انتو كيف ساكتين كدا، وجع اش دي الوقاحة في دا الرجال.

جود بسخرية: رنين الغبية خايفه خطيبها يعرف وبعدين يزعل ولا شي.


نهاية الدوام

جالسة بداخل الفصل مع كم بنت تعرفت عليهم، دق الجرس من فترة طويلة.. كانت راح تخرج بس تذكرت هذاك اليوم لما تأخر عليها فهي حبت ترد له نفس التأخير، يقول انه نساها فتأخر، وهي الحين نسته وتأخرت، ما راح تسكت عن حقها ولا تنتظر احد ياخذه لها هي تأخذ حقها بنفسها

وحدة من البنات كلمتها: ميس! غريبة ما رحتي لين دحين؟

ابتسمت وهي تريح ظهرها على الكرسي: خالي قال انو حيتأخر اليوم، دحين الساعة كم؟

نفس البنت وهي تشوف على ساعتها: سارت الساعة تلاتة.. ما رح تروحي؟

ميس قامت بهدوء وهي تسحب شنطتها: دحين حروح!

خرجت للساحة وهي تفكر تأخرت عليه ساعة ونصف، يا ترى كيف هو؟ أكيد معصب ومتنرفز، اخيرا بتشوف غير بروده اللي شوي ويجلطها، تقدمت لها وحدة بنت ما عرفتها فقطبت حواجبها وهي تسمع سؤالها: انتي ميس صح… ترا تغريد راحت لما شافتك أتاخرتي!

توسعت عيونها للأخير: ايـش تــقــولــي..، نزلت شنطتها بسرعه وهي تخرج عبايتها منها وتلبسها بعجلة، تكلمت بعصبية وهي تلف طرحتها: وجع ما استنوني حتى.. ياربي اش حسوي.

جود كتمت ضحكتها وهي تشوف ردة فعلها: امزح معاكِ يا هبلة، تراهم يستنوك بره من اول.

ميس طالعت فيها ودفعتها من كتفها بنرفزة: من متى عرفتك عشان تمزحي معايا كدا؟ اصلا من فين تعرفي تغريد؟

جود بضحكة: انا صحبتها وكم مره اشوفك معاها فعرفتك.

مشت عنها وهي تتوجه لبوابة المدرسة وتمتمت بنفس نرفزتها: وجع جيت بحرق دمهم ألاقيهم جالسين يحرقوا دمي انا.


ميس دخلت عندهم.. وما لقت غير البــرود والتجاهل من مشعل، عكس تغريد اللي كانت متنرفــزة منها، تحرك رجولها ونفسها تتضارب معها، بس سـاكته عشان أبوها طلب منها إنها ما تعيرها أي أهتمام ولا تصغر عقلها مثلها
** ** ** ** **


الساعة 4:00 عصرًا..

جالسة على سريرها وبيدها علبة مغلفة بغلاف مخملي عليه نقوش باللون الذهبي المطفي، محتاره تقول لأختها عنه او لا، لو عرفت بتعصب وينقلب مزاجها، وهي ما تبي يصير لها كذا، فتحت درج كمدينتها ودخلت العلبة فيها، شافت اختها وهي تدخل بخطوات هادية، علقت عبايتها على الشماعة ولفت لها: جود.. روحي كلمي ماما.

طالعت فيها وبخبث: ما شاء الله، دوبك تجي ها.. فين كنتي.

طالعت فيها وهي رافعه حاجبها: كنت مع فيصل.. خرجنا نشوف اثاث الشقة وأغراض المطبخ، عند مانع حبيبتي؟

جود ضحكت وهي تقوم من السرير: لا لا ابدا، خدو راحتكم، بس ترا قرب زواجك، لازم ما تقابليه كل شوية عشان يشتاقلك. قالتها وعلى طول خرجت لأنها عارفه انها تتنرفز من هالكلام

وهي حركت رأسها بقلة حيلة وضحكت غصب عليها، مشت لدولابها وهي تخرج لنفسها لبس مريح للبيت، طاحت عيونها على كيس هدايا.. قطبت حواجبها ومسكته، لقت ورقة صغيرة معلقة بالكيس وقرت المكتوب فيها: إن شاء الله تعجبك الهدية مع حبي واشواقي.. عبد العزيز!

دخلت جود بحماس وسرعان ما تلاشى هالحماس وهي تشوفها ماسكة الكيس، سبت نفسها مليون مره على غبائها نست تشيله، عضت شفايفها بخوف: رنيــن!

لفت لها واقتربت منها بعصبية: جــود!! إش داا!!

جود وهي تحاول تخفي ارتباكها، فضحكت وهي تسحبه منها: ههه.. اش دا؟ لا ولا شي، أممم يعني..

قاطعتها بحده: جود اتكلمي!

حركت رأسها بقلة حيله وباستسلام: شوفي الدرج حق الكمدينة.

فتحته وطلعت العلبة، طالعت فيها لثواني وبعدها رفعت عيونها لجود: كيف اعطاكِ هيا؟

جود: جات وحدة وقالتلي دي هدية من الدكتور عبد العزيز وراحت.

رنين بعصبية: كيف يعني راحت!! ما قدرتي تسأليها، على طول كدا سبتيها تروح.

جود تنرفزت: خلاص ايوه راحت، يعني اش اسوي.

قطعت الغلاف وهي تبي تفتح العلبة، بس مسكتها جود: لا لا تفتحي، متأكدة انك حتعصبي زياده، وانتي مو ناقصة.

رنين طالعت فيها بحده: مالك صلاح اسوي اللي اباه.

سكتت وهي متنرفزه من عنادها، وضلت تشوف عليها وهي تفتح الهدية، فتحتها وقطبت حواجبها وهي تشوف خاتم وبداخل العلبة ورقه، أخذتها رنين وقرتها بصوت مسموع: خاتم خطوبتنا.. لا ترميه زي الهدايا اللي قبل، لأنك حتلبسيه ليا في يوم من الايام.

طالعت في جود وبسخرية: شايفه لفين وصلت حقارتو؟ رمته بالسلة بدون اهتمام: هه.. مرا واثق من نفسو!

جود بدون ما تحس شهقت: واااا حرام عليكِ يا رنين شكلو يجنن، ليش رميتيه؟

طالعت فيها وهي رافعه حاجبها، انكتمت من نظرتها: أمزح أمزح، أيوا أرمي الخاتم، أحسن خلي فلوسو تضيع!
** ** ** ** **


عصريّة اليوم التالي

دخلت المطعم وعيونها تدور بين الناس الجالسين، تبحث عن عبد العزيز وهدى، ابتسمت ابتسامة واسعة وهي تشوف عبد العزيز يلوح لها بيده لتنتبه لهم، راحت عندهم وسلمت على عمها بالخد: أهلين.

عبد العزيز بابتسامه: اهلا بيكِ نورتي المطعم.

مشت ناحية هدى وسلمت على رأسها ويدها، أبتعدت عنها وطالعت فيها: كيف حالك ستو وحشتينا.

حطت يدها على خدها وبحنان: الحمد لله يا بنتي، وانتي كيف حالك؟

تغريد: بخير الحمد لله.

وآخر شي صافحت الخادمة وبعدها جلست في محلها، سحبت المنيو وصارت تقلب صفحاته: طيب، طلبتوا ولا لا؟

عبد العزيز: بس المشروبات، وطلبنالك معانا ليمون نعناع.

هدى: يا بنتي ليه تأخرتي؟ خفنا عليكِ.

ابتسمت بإحراج: أممم والله جالسة أقنع بابا اني اجي هنا.. لأنو كل جمعة هوا يودينا مطعم مع عمتي ندى لأنو ميس وعبد الله يكونوا مع ابوهم.

عبد العزيز عدل جلسته بإهتمام: على سيرة ميس.. سمعت انو لسانها طويل، كيفكم معاها.

كشرت بوجهها وقالت بضيق: بالله لا تسألني عن دي الإنسانه، يا ربي مدري كيف عمتي وبابا مستحملين طول لسانها، وربي لو أنا ما حسكت لوحدة زي كدا، تخيل امس اش مسوية في بابا المسكين، متأخرة عليه ســآآآآعــة كاملة، وبابا سكت لها، كملت بنبرة مقهورة: ياربي عليه مدري كيف بابا صابر قد كدا.

هدى بصوت هادي: اكيد حتستحملها يا بنتي.. في النهاية دي بنتها.

تغريد تنهدت وطالعت فيهم: تراني مفتقدة جوكم في بيتنا.. مرآ البيت ساير كئيب، حتى بابا متغير دي الأيام باين انو شايل هم، هم ايش؟ ما أعرف! من لما جات عمتي وبابا اتغير كدا.. والله لو أدري انكم حتخرجوا ما كنت حتمنى ابدا انو عمتي تجي وتسكن عندنا، كنت متوقعة انو لو جات، حيتملى البيت ونكون عائلة وحده، ما اتوقعت انو حيسير بدي الكآبه!

سكتوا ومحد منهم عرف ايش يقول، ما توقعوا ان عدم وجودهم بيأثر عليها كذا، عبد العزيز حط يده على كتفها وبنبرة هادية: حيجي يوم وكل شي يتصلح! ويسير نفس اللي تبغيه واكثر.

طالعت فيه: متأكد؟

عبد العزيز بثقة: أوعدك!!

تغريد بضحكه: اووه.. دامك قلت أوعدك، فأنا واثقة فيك.

هدى ابتسمت: ايوه كدا اضحكي، ما يليق لك الحزن والكلام الفاضي.

تغريد بـ حنين: ماما كانت تقول نفس كلامك..، ابتسمت ومسكت يد عبد العزيز وبيدها الثانية مسكت يد هدى: الله يرحمها، وإنتوا ربي لا يحرمني منكم.

جاء لهم الجرسون ووزع عليهم العصيرات وأخذ طلباتهم للأكل، قامت تغريد من كرسيها: انا بروح الحمام، اغسل يدي واجي.

حرك رأسه بالإيجاب: طيب نستناكِ.. بس بسرعة تعالي، ولا حخلص الاكل عليكِ.

تغريد ضحكت بخفة: اصلا ما تقدر، ولو سويتها.. حدبحك!
** ** ** ** **


بعد عدة أيام

في إحدى المحلات للمفروشات

مشى وعيونه تدور بين الأثاث المعروض يبحث عن شيء يناسب ذوقها، يعرفها صعبه.. ما يعجبها أي شيء، تتعبه كثير من هالناحيه بس كل شيء يهون لأجل فرحتها لما تشوف اللي يعجبها، حس بيدها الناعمة تمسك يده وتشبك أصابعها بأصابعه، ابتسم لما سمع صوتها الهادي وهي تهمس له: شكلي حمشي طول الوقت وأنا ماسكتك كدا.. ياربي منك مدري فين فجأة تختفي!

ضحك بخفة على كلامها ليقول بعدها بحب: جالس أدوّرلك كنب للصالة، كل ما أوريكِ شي ما يعجبك.. طفشتيني.

طالعت فيه وببراءة مصطنعه: ياا ظالم.. أجل أنا طفشتك وما يعجبني شي؟ غيرت نظرتها للغرور وكملت: قول إنك انتا اللي طفشتني والأشياء اللي تختارها مو حلوة!

حب تعابير وجهها اللي تتغير بطريقة لطيفة مع كل كلمة تنطقها جاء بيرد عليها بس قاطعة صوت جوالها وهو يرن، شافها تفتح شنطتها لتدور جوالها: أقول رنين لا تردي تلاقيها جود ولا مهند يبو يعكروا صفونا.

مسكت جوالها وطالعت الرقم وبعدها طالعت فيه بضحكة: نفس اللي قلتو.. طلعت جود.

كشر بملامحه: لا لا لاتردي.

رنين: لا وي كيف ما أرد يا فيصل.. يمكن تحتاجنا في حاجه.. تبانا نجيب شي لها او لماما.

أنهت كلامها وبعدها رفعت سماعتها حتى يوصلها صوت جود الباكي، وهي تتكلم بكلام غير مفهوم، وقفت فجأة وهي مفجوعة منها واللي خلى فيصل يستغرب: جــود أهدي.. أتكلمي بشويش كيف أفهمك أنا؟ شهقت بخفة وحطت يدها على فمها: أيـــــش؟ مــــامــــا؟ خـــلاص دحين هــــدي نـفـسك دحين أنا وفيصل جايينكم.

قفلت السماعة وناظرت فيصل والخوف يعتريها: فيصل.. ماما.. ماما طاحت، نادر ماهو في البيت ومهند ما يرد على جوالو.. لازم نروح لهم.


……


إلتفتت لأمها المتمددة على مراتب السيارة الخلفية ورأسها على فخوذ جود اللي صوت شهقاتها مالية السيارة، ما تنلام فهي اللي شافتها لما طاحت من الموية المبللة أرضية الحمام، طالعت فيها رنين نبرة الخوف باينه على صوتها: جود طيب قوليلي اش سار بالزبط.

حاولت تستجمع نفسها فمسحت دموعها وقالت: شفتها طايحة.. ولما سألتها.. قالتلي قبل ما يغمى عليها إنها طاحت.. حاولت تقوم بس طاحت مره تانية..، كملت ودموعها ترجع تنزل: جيت أساعدها.. بس ما قدرت.. أنفلتت من يدي وطاحت..، وهي تبكي أكثر: كلو مني.. كلو مني، ما أنتبهت لها من البداية.

فيصل زاد سرعة السيارة وتمتم بصوت مسموع: لا حول ولا قوة الا بالله.

رنين زفرت والضيقة ماليه قلبها: خلاص يا جود أهدي ما سار الا خير..، لفت لفيصل وكملت: بتودينا أي مستشفى؟

فيصل وعينه على الطريق: مستشفى مشعل نجم الدين.. هناك في دكتور مرا ممتاز، أتوقع اسمو عبد العزيز!

رنين طالعت فيه و الدم نشف بعروقها بعد ما سمعت الاسم اللي نطقه!


**


نهاية الفصل الثالث

شقى الماضي 12-12-17 03:19 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
رنين زفرت والضيقة ماليه قلبها: خلاص يا جود أهدي ما سار الا خير..، لفت لفيصل وكملت: حتودينا أي مستشفى؟

فيصل وعينه على الطريق: مستشفى مشعل نجم الدين التخصصي.. هناك في دكتور مرا ممتاز، أتوقع اسمو عبد العزيز!

رنين طالعت فيه والدم نشف بعروقها بعد ما سمعت الاسم اللي نطقه ومن ثم تكلمت باندفاع: لااااء فيصل..، سكتت لما شافته يناظرها باستغراب من ردة فعلها فكملت بتردد وارتباك خفيف: أمم يعني.. انــا، أنا سمعت انهم مو كويسيين ويبالغو في حالة المريض.

فيصل حرك رأسه بالنفي: بالعكس يا رنين.. واحد من الشباب لما تعب راح هناك، مدحلي طبيب منهم..، سكت شوي ليفكر: والله نسيت مو متأكد من أسمو ازا عبد العزيز ولا لا، بس يقول إنو أخو مدير المستشفى.

سكتت وما نطقت بحرف وهي خايفه بأنها تلتقي فيه، تلتقي فيه بعد غياب!



"الفصل الرابع"
"لقاء بعد غياب"



كان واقف بالممر ينتظر خبر من الدكتور، صار لهم عشر دقايق من لما دخل يكشف عليها، طالع في جود اللي جالسه في وحده من الكراسي ومسنده رأسها على الجدار، هديت عن أول ووقفت دموعها، يعني صارت أحسن من أول بكثير بس بادي على ملامحها الخوف والإرهاق، ورنين تروح وتجي بالممر تفرك يدينها بتوتر فضيع، مشى لها ووقف قبالها، حاوط يدينها وبنبره هادية: رنين خلاص أهدي.

طالعت فيه وبلعت ريقها: إيش أسوي؟ خايفه.. ماني مصدقه إني شفت ماما بصحة وعافيه أخيرًا، ما أباها ترجع زي أول.

أبتسم لها ليطمنها: لا.. أن شاء الله ما فيها إلا كل خير.

رنين وملامحها بدت ترتخي: إن شاء الله..، طالعت في جود وبعدها رجعت نظرها له: أنا بروح الحمام، وبسأل جود أذا تبا تجي معايا.

فيصل: تمام.. خلاص اذا خرج الدكتور انا حكون فيه.

راحت لجود لتقولها، فقامت معاها تروح تغسل وجهها وتصحصح شوي


بعد عدة دقائق

فيصل واقف يستمع بإهتمام وهو يوصف حال أم رنين: دحين نحتاج نسوي لها أشعة للحوض.. لأني أتوقع فيلو كسر، وبعدها إن شاء الله ننقلها لغرفة عشان ترتاح فيها.

فيصل: طيب يا دكتور اذا طلع فيه كسر ايش راح يسير.

سكت لثواني وبعدها قال بجدية: ممكن تحتاج لعملية، وهو يكون على حسب الكسر ونقول إن شاء الله ما تحتاج، وتخرج بالسلامة.

فيصل أبتسم له: طيب شكرا دكتور مشعل ما قصرت.

مشعل أبتسم بدوره: ولو دا واجبنا.

دخل فيصل لغرفة الطوارئ اللي كانت فيها أم رنين، شافته وهو يجلس بجانبها فسألته بتعب: فيـ.ـن رنــيــن وجـ.ـود؟

فيصل: دحين حيجوا.. راحو الحمام.

الأم بنفس نبرتها المتعبة: طيـ.ـب أيـ.ـش قـ.ـال الـدكـ.ـتـور؟

فيصل: دحين ارتاحي يا أمي بعدين حقول كل شي لما يجوا رنين وجود.
** ** ** ** **


دخلت رنين على الغرفة اللي حطوا أمها فيها ولقت جود ماسكة يد أمها النايمة وتقرأ عليها قرآن: كلمت نادر، دحين جاي، ومهند حيجي مع أمل وحيحطوا سيف عند أهلها.

بنفس الوقت دخل فيصل والضيق باين على وجهه، حست رنين بيه فسألته: ايش قالك الدكتور.

وهو يتنهد: تحتاج عملية في الحوض لأنه مكسور، قال العملية لازم تصير اليوم لأنو الكسر مرة خطر.. ممكن في الليل راح يسويها.

بان على وجهها الأسى: يا الله يا لطيف..، سكتت شوي بعدها قالت بتردد: طيب هوا اللي حيسوي العملية لماما؟

فيصل بحيرة: مدري والله ما قالي.. لا بس أتوقع إنو هوا اللي حيسويها!

……


خرج من المصعد بخطوات سريعة.. خرج من عنده ونسى يقول له شيء مهم، مشى للاستقبال يسأل عن رقم الغرفة فقاله الموظف وراح لنفس اللي قاله، وقف قبال الغرفة، طرق الباب وبعدها دخل على طول: السلام عليكم، استا…

ما قدر يكمل وهو يشوفها واقفه قباله، بلع ريقه وهو يرمش عدة مرات يبي يستوعب هي حقيقة أو من كثر ما يتخيلها صار يشوفها قدامه، هي حقيقة بس ليش ملامحها بارده وهي تشوفه، ما عرفته؟ معقوله نسته؟ نسته وهو طول هذي السنين كلما غمض عيونه تدور صورتها في باله، لاحظها وهي تشبك أصابعها بأصابع فيصل وعيونها تطالعه بثقة، هي نفسها نفسها، نفس النظرات ونفس الثقة والشموخ، نفس الملامح!

حس بنظراته لها فإحترق بداخله من الغيرة وشد بيده على يدها، طالع في مشعل وبحده: خــيــر يـا دكــتـور مــشــعــل؟؟!!

تدارك نفسه ووجه نظره لفيصل، اللي باين على وجهه الغيرة.. مين هذا؟ ما يتذكره؟ ما قد شافه، قطب حواجبه على الخفيف، هو يعرف عائلتها فرد فرد، من كبيرهم لـ صغيرهم.. هذا مين يكون؟ اجل يا أنه زوجها او خطيبها، تراجع بخطواته للوراء وخرج من الغرفة!
** ** ** ** **


بينما هو يفحص المريض على السرير طُرِق الباب عدة مرات ليدخل بعدها ممرضه ومعه ملف، إلتفت له ولاحظ توتره: ها سامي اش فيه؟

وهو يحك حاجبه الأيمن بخفة: أمم الدكتور مشعل أداني دي الأوراق يقول انتا اشرف على دي الحالة، وكان باين عليه العصبيه.

رفع حاجبه وابتسم بتهكم: طيب حطهم على المكتب ولا تخرج..، وهو يلتفت للمريض: خلاص يلا عدل نفسك نقعد هناك.

عبد العزيز جلس يشرح للمريض عن حالته وأعطاه دواءه وموعد لمراجعته، وآخر شيء راح المريض، ريح عبد العزيز ظهره على الكرسي وسحب الملف ليفتحه، ناظر أسم المريض بتمعن "سعاد أحمد الـ………" فإبتسم بغموض: جيتوني بنفسكم وما تعبتوني! نقل نظراته للممرض: سامي ما قالك ليه طلب مني اشرف بدالو على دي الحالة.

سامي: لا والله يا دكتور، بس اذا تباني اروح واكلـ..

قاطعه وهو يقوم: لا خلاص ما يحتاج انا بروح أكلمو.

خرج من مكتبه وبيده الملف، دخل مكتب مشعل بعد ما طرق الباب وأذن له بالدخول، قال بـ إستهزاء: خير قالولي إنك معصب!

مشعل بنبرة باردة بدون ما يطالع فيه: لا أبدًا مين قال؟ بس بقولك انو ملف المريضة اللي أعطيتك هوا اليوم تحتاج عملية خطيرة في حوضها.

عبد العزيز: طيب ليه انتا ما تسويها سار شي؟

مشعل ناظره وبنبرة حادة شوي: الليله عندي اجتماع ولغيت كل مواعيدي عشانو، تعرف دا الشي ما يحتاج تستغبي!!

عبد العزيز بخبث: دحين بس دي هيا المشكلة؟ ولا عشانك شفت رنيـن؟ لالا اكيد عشان شفت خطيبها فيصل؟ طيب شفت أختها جود؟ ولا أمهم سعاد؟

طالع فيه بحقد حس من كلامه إنه يبي يستفزه، تفاجأ بأنه عرف عنهم بس ما حب يبين له هالشيء فرجع لنبرته الباردة: اللي يكون، المهم انتا اللي حتشرف على حالة امها..، وبتحذير: ما أبا أي احد منهم يعرف أنك أخويا، خبي بطاقتك الشخصية في جيبك بعدين أدخل لهم.

عبد العزيز رفع حاجبه: مين قال اني بروح؟ يمكن ما أرضى!

مشعل أبتسم ببرود: مو بكيفك! ويلا خد الملف وروح لهم!
** ** ** ** **


صباح يوم الأحد..

تغريد وندى ومشعل مجتمعين على طاولة الطعام، مشعل جالس يأكل بصمت، وكل تفكيره عندها هي، شوفتها من بعد سنين طويله قلبت كل أفكاره، تذكر فيصل ونظراته المليانه غيرة فتضايق وبان هالشيء على وجهه وتأفف بصوت مسموع وهو يرمي ملعقته بصحنه

من أول وهي حاسه انه سرحان وفي باله شيء شاغله بس ما هي عارفه ايش هو، وتدري انه اذا ما قالها حتى لو سألته مستحيل يقولها، بس استغربت حيل منه: بـابـا.. ايش فيه؟

ندى: صح يا مشعل، باين إنك مو على بعضك.

مشعل وهو يحاول يخفي ضيقته: لا بس فيه مشكلة بالمستشفى شاغلتني..، كمل وهو يغير الموضوع: المهم ما علينا، ما سألتيني عن الاجتماع اللي كان يوم الربوع، قلت لعمتك ندى يوم الجمعة، حزري أيش؟

تغريد استمعت له بـ إهتمام: ايش؟

مشعل: تتزكري لما جاتي شركة وعرضت عليا برنامج؟ داك اليوم اتفقنا على كل شي، وخلاص بعد اسوعين حنبدأ عرض البرنامج وحيكون بث مباشر!

تغريد بفرحه: أمآآآنه؟ قول والله.. يعني حركات يا بابا حتسير مشهور!

مشعل ابتسم على فرحتها: اي والله، بس يعني مو شرط أنشهر، الشهرة ما هي مهمة، اهم شي اني اكمل اللي بديت فيه.

ندى وهي مبتسمة: الله يوفقك يا رب، ويعطيك على قد نيتك.

مشعل: آمين يا رب.
** ** ** ** **


كانت متمددة على سريرها ومسترخيه على الآخر، حتى تدخل لها جود وهي معصبة: هي رنين.. بسرعه كلمي زوجك خليه يجي، ترا أتأخرت عن المدرسة.

فتحت عيونها وناظرتها: احمدي ربك انو جاي يوديكِ للمدرسة، غيرو ما كان سواها!

جود: والله لو نادر او مهند كانو هنا ما كنت احتاجو، وبعدين تعالي.. هوا زوج اختي على الفاضي خلينا نستفيد منو شويه كمان!

شافتها تغمض عيونها بتجاهل بدون ما ترد عليها، جاء في بالها وعلى طول جلست بجانبها، قالت بنبرة هادية خبيثه: رنيـــن، حتروحي المستشفى؟ ولا لا.

فتحت عيونها وهي فاهمة المقصد من سؤالها فعدلت نفسها وجلست: ايوه بروح..، طالعت فيها وبغرور: ليه تحسبيني خايفة من شوفتو؟ لو تلاحظي انو هوا اللي ارتجف لما شافني.

طالعت فيها بإستخفاف: يا عيني عليك.. مسويه فيها مو خايفة؟ وانتي لما قال فيصل حنروح دي المستشفى وجهك اختفى لونو من الخوف.

سكتت لفترة بسيطة وبعدها تكلمت: كانت ردة فعلي طبيعيه يا جود، لو حطيتي نفسك في مكاني.. انتي عارفه انك حتشوفي الشخص اللي سابك لسبب تافه.. تشوفيه بعد خمسة سنوات.. ايش حتتوقعي حتكون ردة فعلي؟

تنهدت جود: ادري وما ألومك، بس كان سببو مقنع بالنسبة ليا، كان خايف عليك، ولولا خوفو ما سابك..، وهي تطالعها بجديّة: وغير كدا هوا يعنيلنا كلنا، كلنا نحبو يا رنين، وبالأخص ماما!

رنين بصوت جاف وهي تحاول تخفي السيل المنجرف من ذكريات قديمة خبتها لفترة طويلة: جود سيرة دا الرجال ما عاد ابا اسمعها، ولا تجيبي سيرة لمهند ونادر.. وكمان فيصل لا يوصلو شي.. الحمد لله راح وجا بدالو دكتور تاني.

جود بهدوء: طيب بس حقولك آخر شي.. انا في المدرسة اتعرفت على بنتو.

رنين: تغريد؟

شافتها وهي تحرك رأسها بالإيجاب، دق الجوال فسحبته من الكمدينة، طالعت في جود.. وبنبرة هادية: يلا دا فيصل.. اكيد هوا اسفل.
** ** ** ** **


بالمستشفى

رتب آخر الأوراق وآخر ملف، قفلهم ورفع عيونه للساعة المعلقة فوق الباب، الساعة 1:00 زفر براحه وأخيرًا بدأ بريكه، علق لابكوته، مشى للباب وخرج، شاف السكرتير سلطان جالس بمكتبه ولأن مكتب أخوه قريب جدًا فسأله: سلطان الدكتور مشعل جوآ؟

هز رأسه بالإيجاب: ايوه.

عبد العزيز: غريبه مو المفرض يكون خارج من الساعة وحده؟

سلطان: ما أدري والله ما أعطاني خبر.

هز رأسه بهدوء ومشى لباب مكتبه، دق الباب سمع صوته وهو يسمح له بالدخول فـ دخل

رفع عيونه للباب يشوف من اللي دخل، نزل عيونه للأوراق وما تكلم، مرت دقيقة وما سمع له صوت، ما أهتم، مرت دقيقة ثانيه وهم في حالة صمت، رفع عيونه له مرة ثانية وشافه يناظر فيه، أعطاه نظره بـ معنى: خيـــر؟

عبد العزيز بعباطه حرك كتوفه: لا بس أشوف جمالك.

مشعل طالع فيه بجديّه: لا من جد إيش فيه؟

عبد العزيز بهدوء: في موضوع مهم لازم أكلمك فيه!

مشعل: طيب قول! إيش تستنى؟

عبد العزيز: رنيـن!

قطب حواجبه ونزل راسه للأوراق يعبث بيها: لا تجيبلي سيرتها، ما أبا أزعجها بعد السنوات دي كلها.. وأنتا تعال، ليش قدي كدا مهتم فيها، شيلها من بالك، البنت مخطوبة!

مال بجسمه على الجدار بـ ابتسامة غامضه ظهرت على شفايفه: أدري ترا أدري، بس يا مشعل ترا خطيبها أنا أعرفو، وتراه مو كفو! حتطلق منو في الوقت المناسب وأنا حكون بدالو.

مشعل بنرفزة واضحه: عبد العزيز أهجد، انتا داري كم الفرق بيناتكم؟ لما تبا تتزوج اتزوج وحده تناسب عمرك، ولا تجلس تهايط عندي..، وهو يقلد نبرته بسخرية: أنا حكون بدالو!!

عبد العزيز ضحك وهو يهز رأسه: هههههههههه! إن شاء الله، إن شاء الله، لا تخاف عليا ولا عليها دامها تحت عيوني!

حرك رأسه بأسى، ما يدري ايش يفكر فيه ويخاف حيل انه يسوي شي غبي، بالذات ان عبد العزيز كل حركاته من تحت لتحت، فيه خباثه بطريقة غريبه تظهر عليه في بعض الأحيان
** ** ** ** **


في جهة ودور ثاني من المستشفى

رفع عيونه لأخوه اللي كان جالس في الكرسي وهو شارد الذهن، حزن عليه، أكيد ما نام وهو مع أمهم، المفروض يرجع البيت ويرتاح بس هو أصر إنه يقعد معاها وما يتركها لحالها بالمستشفى، حتى انه غاب عن المدرسة، ناظر في السرير.. فاضي، أمه بالحمام من أول وهي بالحمام، مرر نظره وطالع في رنين اللي كانت بجانب نادر وبعد هي سرحانه: رنيــن.. كلمتي فيصل؟

طالعت فيه: ايوه كلمتو.. قال انو امل حتجي معاه.. تقول انها تبا تزور ماما، بس ماما زكية ما تقدر تجي لأنها حتقعد مع يوسف، يقول المرة الجيه حتجي.

مهند: اها.. الدكتور جا ولا لا؟

حركت رأسها بالنفي: لأ ما جا بس نادر قال في الصبح انو جا، بس انا ما شفتو.

مهند وهو يقطب حواجبه: يا شيخه دا الدكتور كأني شايفو في مكان، ما ادري فين بالزبط تعرفي اسمو؟

نادر اللي كان يسمع لهم تكلم بنبرة هاديه وهو يوافق مهند: حتى انا، كأني شفتو.. بس ماني متذكر.

رنين: بصراحه ما ادري عنكم، بروح وأسأل بعدين عن أسمو.. سكتت شوي وقالت: انا بروح الحمام، ماسكة نفسي من اول وماما طولت مرا.

مهند: طيب روحي واحنا حننتبه على امي.

وقفت ومشت للباب لـ تخرج من الغرفة، قطبت حواجبها وهي توها تتذكر إنها ما تعرف فين تكون دورات المياه في هذا الدور، شافت ممرضة تمر من جنبها فسألتها ودلتها على المكان، دخلت لـ دورات المياه، وبعد خمس دقايق خرجت، لفت وكملت طريقها، تجمدت في أرضها وهي تسمع صوته يناديها، هذا الصوت قدرت تميزه رغم السنين اللي مرت، صوته يفرق عن كل الأصوات، هذا صوت مشعل!

...: رنــــيـــن!

………



كان يلاحقها من لما خرجت من الغرفة ليـن وصلت دورة مياه النساء، كان وده يكلمها على طول، بس ما جاته الشجاعة ليكلمها قدام الناس، خاف إنها تخرج من المستشفى فلحقها وأرتاح لما دخلت دورة المياه ومن حسن حظه ما فيه أحد بالممر، وإلحين صار له كم دقيقة ينتظرها، الدقايق جالسه تمر ببطئ وكأنها تعانده، كلها ثواني يشوفها تخرج وتلف معطيته ظهرها، أخذ نفس وناداها: رنــيـــن!

أخذت نفس تهدي رجفتها وكملت طريقها بخطوات متسارعه، ما تبي تلتفت له، ما تبي ترجّع ذكرياتها معه

قطب حواجبه لما شافها تكمل طريقها ومتجاهلته، إيش تظن؟ تظنه مو عارفها، تظن إنها ممكن تتخبى منه وما يعرفها، ما تقدر تبعد، وما رح يخليها تبعد أكثر من كذا، مشى وراها، مسك يدها ولفها له: رنــيــن، لا تشردي مني!

سحبت يدها وبنبرة حادة: خيـــر خــــيــــر! إيش تحسب نفسك تمسك يدي كدا.. وانتا إيش جالس تخرف، ميـــن رنين دي ما أعرفها.

مشعل بـ إصرآر وهو ينآظر عيونهآ: إنتي رنيـن..، تغيرت نبرة صوته وصآرت ليّـنه حيــل: ليش انتي بتشردي مني؟ كرهتيني بعد ما سبت المعيديه؟!

عقدت يدينها حول صدرها وهي تنزل عيونها عنه، وبـ استسلام لنبرة صوته اللي اشتاقت لها: ما عمري كرهتك، بس لا تنسى إنك انتا اللي رحت وشردت مني..، رفعت عيونها له: انتا مو بس سبت المعيدية، انتا سبتني كمان!

مشعل وبنفس نبرته: كل شي سويتو عشانك! عشان راحتك، أنا خلّيت دكتور تاني يشرف على حالة أمك بعد ما عرفت إنك كنتي بتتهربي مني.. ما كنت أباكِ تحسي بضيقة وتوتر بوجودي!

جت بترد عليه بس قاطعها صوت حــاد واضح عليه العصبيـة: رنيـــن!

التفتت وراها ناحية الصوت، شافت فيصل وهو يتقدم منهم، حست بالمصيبة اللي هي واقعه فيهـا، تعرف فيصل غيور، ولما يغار يصير مجنون، وما حست فيه اللا وهي تنسحب من مرفقها بقسوه، لـ درجة إنها تحسه شوي وينخلع فشهقت من الوجع: فـيصل بشويش.. إنتا بتعورني!

توسعت عيونه بصدمه وهو يشوفها تنسحب كذا، بعدها عنه بقوة حتى اصطدم ظهره بالجدار، وبحدة: خـــيــــر لو سمحت.. فين إحنا، في حراج عشان تسحبها كدا.

فيصل والعصبية عمت عيونه: انتا اللي خيـر.. أحترم الشيب اللي براسك جالس تتكلم مع زوجتي!

مشعل بصرامة: زوجتك كانت تسألني اذا فيه حمامات تانيه ولا لأ، لأنو دي مقفلة.

مسكه من ياقته وسحبه له، وبصراخ: إيش اللي يأكدلي كلامك، إيش دراني إذا ما كانت بتخونني.

حس بالقرف من كلامه.. مستحيل يفكر للحظة إن علاقته برنين تكون كذا، مستحيل يفكر فيها بطريقة قذرة.. حكم عليها بدون ما يسمع لها؟ يظلمها كذا بكل سهوله؟ رفع عيونه لها يشوف إيش ردة فعلها من الكلام اللي سمعته، وما لقى غير الجمود معتلي ملامحها، أكيد انجرحت بعد ما سمعت هالكلام منه، جاء بباله كلام عبد العزيز: يا مشعل ترا خطيبها أنا أعرفو، وتراه مو كفو!

ما أخذ كلامه بجدية، لكن اللي يشوفه صح، يا ترى إيش اللي عاجبها فيه، تحبه مثلا؟ معقوله تحب واحد كذا ما يحترمها، أتهمها بالخيانة قدامها وقدام شخص غريب ما يعرفه، مسك يدينه بقوه ونزلها: إذا ما صدقت فدي مشكلتك!

أنهى كلامه وبعدها نفض يده بقرف

ناظره بحقد وبعدها التفت لـ رنين، وبنبرة امره: أمشي، حنخرّج أمك من هنا.

مشت خلفه ونظرات مشعل تلاحقها، ما بتعدي الأمر بسهولة، بتسكت الحين على كلامه القوي اللي قاله في حقها، مو هي اللي تنظلم وتسكت، ما رح تسمح له يخرج أمها مو بكيفه، هي تعرف كيف تتصرف معاه!


***


نهاية الفصل الرابع

امواج الخريف 15-12-17 06:07 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
مرحبا
رواية جميلة من مجموعة روايات جميلة على ليلاس موفقين
استمري موفقة باذن الله بانتظارك....... تحياتى

عمر البعد 16-12-17 10:59 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
مرحبا شوشو
بدايه جميله وواصح انها مشووقه جدا
رنين ومشعل حبيتهم رغم الظروف اللي مروو فيها بس باين يحبون بعض
واللي استغربت منه شدخل عزوز يرسل هدايا ل جود توصلها ل رنين
افتكرت بالبدايه انه يحبهااا وتضاربت عندي الاحداث ههههه
تغريد وبنت عمتها الحقوده الله يكفينا شرهاا
بتول واخوهاا العاشق تشوقت اعرف عنه اكثر مع اني مارتحت له ولاسلوبه يعني اتوقع بكذا يحاول يضيق ع تغريد ويحاصرها تحبه غصب
ياابت يااتغريد ياااويلك ترضي فيه خلك على رايك وحناا معك

عزوز هذا حبيته من جد مع ان تصرفاته غريبه يمكن عشان كذا عجبني هههه
امممم
ندوش زين رضت تسكن عند اخوهاا وتعالج احسن لها تسيب بنتها تروح عند ابوهااا حبيبها
وتلتفت لنفسهاا وتشوف حياتها بعدالعلاج بتتغير نظرتها للحياه

ننتظرك شووشو لاتتاخرين

شقى الماضي 16-12-17 09:02 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امواج الخريف (المشاركة 3694692)
مرحبا
رواية جميلة من مجموعة روايات جميلة على ليلاس موفقين
استمري موفقة باذن الله بانتظارك....... تحياتى

اهلين بأول رد على روايتي :peace:

تسلمي يا قلبي، ان شاء الله اشوف تعليكم وتوقعاتك الفصل الجاي يا قمر

شقى الماضي 16-12-17 09:15 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
قبل ست سنوات

قطب حواجبه بقوه وهو يسمع رد أبوه: مستحيل أخليك تتزوج أخت مهند يا فيصل.. ماحنا ناقصين مشاكل، خلي أمك تدورلك على وحده غيرها.

جلس بجانبه ومسك يده يترجاه: أبويا.. طيب قلي ليه.. أنا أحبها.. وأبا أتزوجها، كيف تقلي امي تدورلي غيرها وأنا ما أفكر إلا فيها.

طالع فيه بغضب وبنبرة حاده: لما أشوفك رجال وتبطل خرابيطك.. حنروح ونخطبها ليك، اما في حالتك دي مستحيل.. تسوي مشاكل مع البنت وبعدين أختك أمل اللي تاكلها على راسها وتتطلق، وبعدين لسا البنت صغيره، دوبها متخرجه من الثانوية!

أخذ نفس عميق يهدي حاله: انا سبت كل شي.. من زمان، واذا على المشاكل ما أعتقد مهند يظلم أمل.. يعني لو سارت مشكلة بيني وبين أختو حتكون…

أبوه وهو يقاطعه بحزم: فيصل كلامي ما حعيدو مرتين.. أخت مهند شيلها من بالك.. ولا عاد تفتح دا الموضوع لأنو ما حيسير خير!

ناظره والجمود على ملامحه، قام وخرج من المجلس بسرعه داخل لغرفته، سحب جواله وضغط على وحده من الأرقام المسجلة عنده، أنتظر ثواني وبعدها جاء له صوتها الهادي: الو.. ميـن معايا؟

فيصل بنفس نبرتها الهادية: أنا فيصل.

ارتبكت وهي تسمع صوته: فـيـ.ـصـل! من فين أخدت رقمي؟

فيصل: أخدتو من جوال مهند.. من أول أخدتو، بس ما تجرأت اني اتصل عليكِ إلا دحين..، ما كان لها رد.. فكمل وهو يتنهد بألم: رنـيــن.. أنا آسف، يمكن علقتك فيا وأنا ما أدري، بس سامحيني.. ما قدرت أقنعو، ما هو راضي.. من كم أسبوع وانا أفتح معاه موضوع الخطبة بس رافض.

رنين بصوت واضح فيه الضيقة: أدري.. كلمتني أمل أمس، لا تعتذر مو ذنبك، وشكلو ربنا مو كاتبلنا نصيب.

فيصل بسرعه: لا تقولي كدا، مستحيل أخليكِ تروحي لغيري.. أحبك ومستحيل أفرط فيكِ.

سكتت وهي تبلع ريقها بصعوبة.. دقات قلبها سريعه لأن أول مره هالكلام ينقال لها، خجلانة وماهي عارفه ايش تقول: فيـ.ـصل.. أنا.. أنا لازم أقفل دحين.. وأتمنى انك ما تدق عليا تاني لأنو غلط.

قفلت السماعة ودفنت وجهها بمخدتها، إحساس جميل يغزو قلبها من كلامه، بس سرعان ما تلاشى هالإحساس وهي تتذكر موضوع الخطبة ورفض أبوه، عدلت نفسها وناظرت السقف وهي تدعي بداخلها إن ربنا يجمعهم بالحلال ولو بعد حين، تحس مشاعرها مضطربه، ما تبا تعيش نفسها بأحلام ورديه وبعدها تنصدم بواقع مر.. واقع يكون فيصل ما هو زوجها!..



"الفصل الخامس"
"ابن القاتل"



في الوقت الحالي

دخلت الغرفة وبإذنها جوالها، شددت من قبضتها عليه وهي تحاول تمسك نفسها من كلامه اللي بيجننها: فيصل.. تستهبل صح؟ تعرف ايش سويت انتا؟ تخيل بس لو مهند قالي نفس كلامك؟ ايش حيكون شعورك ناحيتو وقتها؟ يا فيصل ترا أكتر شي يدمر العلاقات هوا الشك وسوء الظن ما يسير تسوي كدا.. والله عيب عليك! تنهدت بضيقة وكملت: بابا الله يرحمو كان لو الحق لما وقف في وجهك قبل ستة سنوات.

فيصل بقلة حيله: أمل الله يخليكِ خلاص.. ما جيتك عشان تقولي دا الكلام، اش دخل دا في دا دحين، أدري غلطت بس ماني عارف كيف حراضيها والله مكسوف منها.

أمل: أنا ايش دخلني فيك.. شوف ايش هيا تحب وسويلها هوا.

فيصل بنرفزة: أصلا الواحد ما يستفيد منك في حاجه. قالها وبعدها قفل بوجهها

طالعت في الجوال بعدم اهتمام ورمته على السرير بخفه، أخذت عبايتها ولبستها وبنفس الوقت دخل مهند وهي التفتت له وابتسمت: خلاص الأولاد اتجهزوا؟

مهند بمزح: جهزتهم ونزلتهم كمان انتي دوبي تلبسي عبايتك.

أمل: عشان كنت بكلم فيصل، واصلا خلاص اتجهزت خلينا ننزل.. حندخل سيف وملك المستشفى؟ أخاف يزعجوا ماما.

مهند: لا ما عليكِ امي مشتاقتلهم مرا.. حيكونوا زي العسل على قلبها.
** ** ** ** **


كانت جالسه بالصالة وبحضنها لابها تدخل من موقع لموقع تضيع فيه وقتها، حست بـ اهتزاز جوالها بس ما أعطته أي أهمية لأنها عارفه إن المتصل فيصل ما غيره وهي ما لها نفس تكلمه بعد اللي صار أمس بالمستشفى، تحبه بس ما ترضى بالإهانة لنفسها.. مهما بلغت محبتها للشخص، إلا كبريائها لحد يقرب منه، تنهدت بضيقة لما مر ببالها مشعل وصار يتردد كلامه في عقلها "كرهتيني بعد تركت المعيديه؟ كل شي سويتو عشانك.. عشان راحتك" تذكرت كيف عرفته، كان دكتورها بالجامعة، أغلب البنات معجبين بيه، يتكلموا عنه.. وكيف وهو بـ هالعمر الصغير عنده بنت بـ عمر الـ 12، يحسدوا زوجته.. يتمنوا يكونوا بدالها، وهي ما كانت تهتم له، كان اللي في بالها دراسة وبس، لكن تغير كل شيء لما… حركت رأسها بعنف، خلاص يكفي ما تبا تتذكر!..

قطع عليها حبل أفكارها.. صوت جود: يا بنت شوفي فيصل يتصلبك من أول ردي عليه.

طالعت فيها ببرود: مالك دخل.

جلست بجانبها وقالت: طيب مانتي ناوية تقولي ايش المشكلة اللي سارت بيناتكم؟

رنين وهي تكره تبين لأحد مشاكلها حتى لو كانت أختها: ما سار شي، اللي بيني وبين فيصل حيكون بيني وبينو ما أدخل أحد فيه.

حركت عيونها بملل: يالليل دي الجملة اللي طفشتينها بيها.

رنين: على كتر ما أعيدها بس ما قد فهمتيها.

جاها تنبيه بجوالها أخذته وشافت ان فيصل هو اللي مرسل لها، قرت محتواها واللي كان يقولها فيه انه يبا يكلمها ضروري لا تطنشه، وانه شوي ويدق عليها مرة ثانية

انتظرته لعدة دقايق وبعدها رن جوالها فردت عليه ببرود: آلـــو.

فيصل وهو يتنهد: السلام عليكم.. كيف حالك؟

رنين: وعليكم السلام.. الحمد لله.

فيصل بعد صمت: امم.. رنين اليوم حمر عليكِ من المستشفى نخرج مع بعض، بعد المغرب.

رنين بنفس نبرتها: ليه؟ صراحة ما أقدر اروح أبا أقعد مع ماما اليوم، ونادر دحين حيجي ويودينا لها.

فيصل تضايق من نبرتها.. وقال بجدية: ما حياخد منك وقت بقلك شي مهم انا أعطيتك خبر وانتي اتجهزي.
** ** ** ** **


في المستشفى

خرجت من المصعد متوجهه لمكتب أبوها صار لها فترة طويلة ما جات لـ هالمستشفى.. مرت من عند سكرتيره تذكرت شيء مهم فراحت له: السلام عليكم.. كيف حالك سلطان؟

سلطان بـ ابتسامة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. الحمد لله على كل حال، وانتي كيف حالك آنسه تغريد؟

تغريد وهي تجلس قباله: الحمد لله تمام.. بابا عندو مريض؟

سلطان: ايوه.

تغريد: طيب فيه أحد بعدو ولا لا؟

سلطان: أكيد.. بس عادي يعني تقدري تخشي قبل ما يخش المريض اللي بعدو.

تغريد: طيب..، سكتت شوي وبعدها قربت منه شوي وهمست: اقولك سلطان.. ما سارت مع بابا مشكلة هنا؟ يعني مع واحد ولا مريض؟

سلطان قطب حواجبه وهو يتذكر: أممم والله يعني سمعت انو سارت مشكلة.

تغريد باهتمام: طيب ايش سار بالزبط.

سلطان: ما أعرف ايش سار بالزبط بس كأنو الرجال قال للدكتور مشعل زوجتي جالسة تخونني معاك.

توسعت عيونها بصدمة: وجع ايش دا يا لطيف، متخلف دا الرجال ولا إيش؟ ايوا وبعدين؟ بابا جاب السكيوريتي ولا سابو كدا؟ بليز لا تقولي انو بابا سكت لدا المعتوه.

سلطان: ما أعرف والله.

في هالوقت خرج المريض من مكتب أبوها وهي قامت وقالت له: طيب شكرا سلطان.

سلطان: ولو ما سويت شي.

مشت لمكتب أبوها ودخلت بابتسامة: مــفــآآآجــأة.

رفع رأسه ناحيتها وابتسم لها بس ما تفاجأ لأن السواق قاله راح يوصلها لهنا وهو ما عنده أي مانع.. مخليها على راحتها ومعطيها حريتها: يا عيني.. احلى مفاجأة والله.. بس ليه كدا سايبه عمتك ندى لحالها.

جلست بالكرسي وناظرته: أكيد عمتي قالتلك اني جاية وخربتلي المفاجأة.. بس ترا سألتها قالت عادي ما تبا تجي.

مشعل: طيب ماشاء الله ايش دي الزيارة من زمان ما جيتي المستشفى.

تغريد بابتسامه بريئة مصطنعه: يعني نسيت زمان كيف كنت أزورها أسبوعيا وبعدين بطلت، فقلت لنفسي خليني ارجع لديكا العادة.

مشعل بضحكة وهو فاهم كل حركاتها: أهااا.. تبي ترجعي لهديك العادة أجل؟ مسك أحد ملفات المرضى وفتحه: تدري.. فارس اليوم حجز موعد عندي شكلو دحين دورو.

تغريد قطبت حواجبها: فارس أخو بتول؟ ليه ايش فيه؟

مشعل طالع فيها لفتره بصمت وبعدها تكلم بهدوء: كان يلعب مع أصحابو كوره وانصاب.. بس ما في شي يخوف.

تغريد تبدلت ملامحها للبرود: اها.

مشعل: يلا بنتي حبيبتي.. عندي مرضى كتار، لا أحد يجي ويحسبني دخلتك قبلو ويقوم يعصب.

تغريد وهي تقوم وتبوس خده بحب: الله يسهل عليك يا بابا يا حبيبي.

سمعوا أصوات مرتفعة صادرة من برا، فتنهد مشعل: أكيد سار نفس اللي قلتلك عليه..، وهو يقوم من كرسيه: بروح أشوف ايش الهرجة.

خرج وهي خرجت معه وشافوا فارس اللي كان يتضارب ومعصب على السكرتير، فقال مشعل: يا فارس يا سلطان إيش فيه؟

فارس التفت له: يعني انا بستنا من أول ويدخل واحد قبلي.

مشعل: كانت فيه تغريد يا فارس.. ما كانت حتطول، ما عندك صبر الله يهديك!

فارس توه بس ينتبه لتغريد الواقفة بجانب أبوها، فـ ضل مثبت عيونه عليها وهو مو حاس بحاله، يبي يكحل عينه بشوفتها، كل هذا اللي يهمه الحين

مشعل حس بنظراته المسلطة على بنته، أصلا هو يعرف قد إيش هو يبيها ويحبها وفي نفس الوقت عارف ايش موقف تغريد.. مستحيل يجبرها دامها ما تباه، قال بنبرة شوي حاده: فــارس.. يلا خلينا ندخل جوا.

فارس انتبه على نفسه وطالع فيه: طيب.. بس أزهم أمي من غرفة الانتظار ما ترتاح إلا لما تجي معايا.

تغريد قالت له وهي في بالها شيء لازم تسويه: لا لا، ما يحتاج، انا حقعد معاها، من زمان ما قعدت مع خالتي أميرة.

طالع فيها وهو يحاول يخفي فرحته لأنها كلمته.. حتى لو كانت جملتين بسيطة: آآ.. طيب، عادي خدي راحتك معاها.
** ** ** ** **


في مطعم مطل على البحر..

كان فيصل جالس ورنين قباله ينتظروا الأكل يجي، طول الوقت وهم ساكتين، محد
راضي منهم يتكلم، فيصل مرتبك كثير، يدري إنه غلط في حقها وما هو عارف كيف
يبدأ، أول مرة تزعل منه كذا، دايم تكون جلستهم مع بعض حلوة، هي تسولف.. تضحك وهو يبادلها، رفع عيونه لها وشافها تناظر الاسوارة اللي بيدها، أبتسم بهدوء، هذي الاسورة أهله أعطوها هي بيوم الشوفه، عدل نفسه وحس بـ إنه لازم يقطع هالصمت: أمممم.. رنين.

رفعت عيونها له بس ما ردت وهو كمل: الجو حلو اليوم مو حر زي دايمًا.

حركت رأسها بالإيجاب وما تكلمت

ما علق وفضل إنه يسكت، مرت كم دقيقة وهم على حالهم حتى جاء الجرسون ومعه الأكل، بدأوا ياكلوا وما زالوا ساكتين، ما قدر يستحمل هالحال فتكلم: رنين، أنا.. أنا آسف ما كنت أقصـ…

رنين قاطعته: ما يحتاج تتأسف، مو أول مرا، أصلا أتعودت إنك تشك فيا كدا وما تحترمني قدام الناس كأني بهيمة..، حركت كتوفها بخفة: عــادي.. ما سار شي غير متوقع.

فيصل بسرعة: إزا انتي عارفة إني بعصب لو شفتك بتكلمي رجّال ليه تتكلمي معاه.

رنين زفرت بقهر: شفت كيف، أخذت نفس وبنبرة جادة: فيصل مو عشاني طاوعتك وتركت الطب تلغي شخصيتي، أنا تركتها لأني أحبك، تركت حلمي وحلم أمي عشانك، لا تسوي فيا كدا، كدا تحرجني والله!

مسك يدينها وحاوطهم بيدينه، ناظر عيونها وبهدوء: أنا آسف، سامحيني ما حعيدها.

رنين: كل مرا حتقولي دا الكلام؟ كل ما تغلط دي الغلطة تتأسف كدا؟ أجل ما أقدر أثق فيك! سحبت يدينها وكملت: خلينا لا نفتح دا الموضوع يكون أحسن.

حرك رأسه بقلة حيلة: طيب، اللي تبغيه يسير.
** ** ** ** **


في المستشفى.. غرفة انتظار النساء

تغريد مسكت يدينها: خالة أميرة أن شاء الله ما زعلتي من كلامي، انتي تعرفيني ما ابا اجرح أحد ولا أخليه يحزن، ما أقدر أستحمل.

أميرة ابتسمت بحنان وهي تمسك كتف تغريد: وي يا تغريد كيف أزعل منك.. انتي زي بنتي بتول، وكلامك اللي قلتيه يدل على أهتمامك في الناس وانك أنسانه فاهمة وعاقله، بس ولدي فارس ما حيقدر يستوعب اللي قلتيه، كم مرا عمك وليد كلمو بي يحبك يا بنتي وما حيهمو أي حاجه تقوليها ولا نقولها!

تغريد: بس يا خاله، أنتي حاولي فيه.. لا تخليه يتعلق فيا أكتر!

حركت رأسها بالإيجاب: أكيد راح أحاول.

تغريد ابتسمت بـ امتنان وراحه لها، إنسانه راقيه وتحب الخير للكل.. جد تحسد بتول وفارس انو عندهم أم مثلها، حنانها يذكرها بأمها كثير.. وهذا اكثر شي يعلقها فيها
** ** ** ** **


بعد مرور يومين..

حرك الصاج وقلب البيض المقلي للجهة الثانية باحترافية، ضحك بـ وناسه وبصوت عالي تكلم: أمـــي فــاتــك الـلـي سـويـتـو.

سمع صوتها وهي تدخل بكرسيها المتحرك للمطبخ: ما شاء الله وإيش اللي سويتو؟

حط الصحن في طاولة الفطور وأبتسم بوجهها: سويتلك أحلى فطور دقتيه في حياتك، فطور من الشيف عزوز.

ضحكت على طريقة كلامه وحركت كرسيها للطاولة، ناظرته وبحب كبير لوحيدها: تسلم يدك يا ولدي، بس ليش ما خليت أستر تسويلنا الاكل؟

جلس قبالها، أخذ زيتونة وأكلها: صراحة أخاف تسويلنا شي في الأكل، يعني بس جالسة تخدمك إنتي ودايما معصبة، وفيه شي تاني يا أمي ما سمعتي إيش قال الدكتور؟ إنو لازم تمشي على رجولك، ما يسير تعودي نفسك على دا الكرسي.

أمه وهي تتنهد: الله يسامحها سيتي راحت وما جات، وترا أنا بس دوبي جلست فيه لأنو شويه رجولي توجعني من حفلة أمس.

عبد العزيز: أها إيوه إن شاء الله انبسطتي أمس عند الجيران؟

حركت رأسها بالإيجاب: يعني الحمد لله بس…

ناظرها باهتمام: بس إيش؟

أخذت نفس وكملت: كلمت أم سعد تدور على عروسة ليك!!

عبد العزيز توسعت عيونه للأخير وبصدمة: أمـــي!! انتي ايش سويتي؟ ليش كـدا…

قاطعته بهدوء: أمزح معاك يا مجنون، معقولة أسويها فيك؟

حط يده على قلبه اللي صار يدق بجنون يحاول يهديه: أمي الله يسامحك دا شي ينمزح فيلو كنتي شويا وحتوقفي قلبي، وهو يزفر براحه: انفجعت، خفت!!!

ابتسمت وهي ترفع عيونها له: بـس حبيت أتأكد من ولدي، إذا كان يحب البنت اللي قلي عليها من أول ولا لا، بس ما شاء الله عليه إنسان وفي وصادق في حبو.

عبد العزيز: لالالا كدا كتير الملكة هدى توجه كل دا المدح ليا مو ممكن.

ابتسمت أكثر ومسكت يده: الله يخليك ليا يا ولدي، متى أشوفك عريس، أفرح فيك، أخاف أموت وما أقدر أشوف دا اليوم، يوم فرحك ياولدي.

رفع يدها وباسها بحب: دا اليوم قريب، وحتكوني أول وحدة تشوفيني.

تجمعت دموعها بعيونها: أخاف دي البنت تكسر قلبك يا ولدي، لو عرفت حتكرهك، أدري مالك ذنب بس حتكرهك، ليه علقت قلبك فيها، ليش هيا بالذات؟

أبتسم بهدوء: شفتها وحبيتها يا أمي، ما قدرت أمسك قلبي وأقلو لا تحبها، انتي لو شفتيها حتدخل قلبك، هيا غيـــر، غيــر عن كل البنات يا أمي!!

مسكت يده وطالعت في عيونه بهدوء: أوعدني إزا رفضتك تتزوج غيرها!!

طالع فيها بتردد، ترفضه؟ يتزوج غيرها؟ هالشيئين يكره يتخيلهم، ما يفكر فيهم أبد، وألحين هي تطلب منه يوعدها إنه يتزوج غيرها إذا رفضته، نزل رأسه وهمس: مستحيل، قام من الكرسي ومشى لباب المطبخ بأسرع ما عنده، جاء بيخرج بس وقفه صوتها الباكي: عبد العزيز، دي وصيتي ليك، إذا مت ورفضتك، تزوج غيرها!!ما قدر يستحمل كلامها الكبير بالنسبه له فخرج من البيت بكبره
** ** ** ** **


كانت جالسة على الكرسي، بيدها المصحف تقرأ الآيات بصوت خاشع، وبيدها الثانية ماسكه يدين أمها بشدة، من فترة وهم على حالهم كانت تنتظرها تغفى شوي وترتاح، قاطعها صوت طرقات الباب فسكرت المصحف وحطته على جنب، لفت الطرحة على شعرها وبهدوء: أدخل.

رفعت عيونها له وشافته يدخل بـ ابتسامته اللي تعشقها: فيصل؟ حسبتك الدكتور..، طالعت في بوكيه الورود الحمراء اللي جايبها معه فسألته: دي الورود لمين؟

فيصل قرب منها وعيونه تعلقت بعيونها: دي الورود ليكِ، أعرفك قد إيش تحبيها فجبتها..، مسك يدها ورفعها لشفايفه ليقبلها بلطف، أبتسم وهو بداخله عارف قد إيش هالحركة تأثر فيها حتى لو ما بينت: آسف يا روحي.. انتي سامحيني دي المرا وصدقيني ما حعيدها تاني.

أخذت البوكية وهي تبتسم بسعادة رغم كل شي ما تقدر تطول بزعلها، طالعت في عيونه بعيون بريئة جننته: توعدني بدا الشي حبي؟

قرب منها أكثر، نزل رأسه شوي لناحيتها وبحب: أوعدك يا قلبي.

…: أحــم أحـــم.. إحـــنـــا هـــنــــا.

بعد عنها وهو يعض شفته بقهر، يعرف هالصوت مزبوط، وبدون ما يلف له: آآآآخخخ مهند لو إنك في كندا أبرك لك.

ضربت كتفه بخفه: يا ربي منك، شوف كيف أحرجت أختك.

مهند: أموله حبيبتي خليني أذكرهم باللي كانوا يسووه فينا لما كنا مخطوبين.

رنين بقهر: وجع.. إنتا ما نسيت؟ مرت سبعة سنوات على زواجكم ترا!

مسك يدها وبصوت دافي متجاهل وجودهم: حبيبتي لا تعصبي زواجنا قريب وما يقدر يزعجنا أخوكِ دا..، غمز لها: صح؟

رنين ابتسمت: صح!

فيصل وهو يمشي لمهند اللي رافع حواجبه: يلا خلينا نخرج من هنا.

طالعه بنفس رفعة الحاجب: ما شاء الله! بقعد أستنا أمي لين تصحى.

فيصل برفض: لا ما حخليك تقعد وتزعج زوجتي، أختي وأختك خليهم مع بعض وإحنا مع بعض، بعدين نجي ونشوفها أنا وانتا.
** ** ** ** **


وقف قدام الشقة ودخل المفتاح بالباب وفتحه، فتح أول زرين من قميصه وهو يحس نفسه مخنوق، ما يدري ليش تضايق كذا من كلامها، تفاجئ منها وما توقعها تقول هالكلام، شافها تخرج من غرفتها وهي تركض له بفزع وخوف: مستر عبد العزيز.. ماما هدى ما أدري إيش فيه.

قطب حواجبه وراح للغرفه بأسرع ما عنده، مالقاها بس شاف باب الحمام مفتوح فراح له، شافها طايحة على الأرضية المبللة وتبكي، اقترب منها وحاوط كتوفها، تكلم بخوف عليها: أمي حبيبتي إيش فيه، طحتي من المويه؟ شافها وهي تحرك رأسها بالنفي وتبكي أكثر، مسك يدينها وبحنان: أمي طيب قوليلي إيش فيه؟ لا تخوفيني كدا.

طالعت في عيونه ومن بين شهقاتها: راح تـكـ.ـسـر قـلـ.ـبـك، أبـ.ـاا أشو..فك مرتاح، أوعـد..نـي، إنـ.ـك حتتزوج غيـ.ـرها.. إذا رفـضـ.ـتـك.. أوعــــدنـــــــي!

عبد العزيز وهو يآخذ نفس عميق، قام وقومها معه: أوعدك.. أوعدك بس لآ تبكي، انتي توجعي قلبي كدا.
** ** ** ** **


كانت واقفة قريب من باب غرفة أمها وأبوها تتصنت للكلام اللي بيدور بين امه وفارس.. حاطه يدها على فمها بصدمة من الكلام اللي بتسمعه من أمها

-تغريد يا ولدي ما تناسبك.. خدلك وحدة من بنات عماتك، أو أنا أدورلك غيرها، بس هي يا ولدي بالذات أنساها، هي كلمتني بنفسها، ليه برضك تفكر فيها.

ما تدري كيف وصلت لتغريد أنها تكلم أمها عن فارس.. باقي تقول لأبوها وما تستبعد هالاحتمال.. تعرفها ما في شيء يمنعها من اللي تبي تسويه، قوية ما تسكت عن حقها ابد، بس كيف قلبها يقوى تجرح فارس، فارس صديق طفولتها اللي كان قريب لها أكثر منها.. لكن وفي لحظة كل شي تغير، تغير في اللحظة اللي أعترف فارس بحبه لها!

ابتعدت من الباب بفجعه لما فتحه فارس.. كانت ملامح وجهه بارده، حست بالحزن عليه : فــآآرس…

قاطعها وهو يتنهد بألم: أنا حبيت عديمة أحساس يا بتول، ربي بلاني بحبها.

طالعت فيه ومسكت يده: تعال الغرفة نتكلم شوية.

سحب يده وبهدوء غير اللي يحس فيه: ما في شي نتكلم عنو يا اختي.. خلاص اظن رسالتها وصلت، احاول ما افكر فيها عشان قلبي لا ينوجع أكتر.

طالعت فيه وهو يعطيها ظهره والدموع تتجمع بعيونها من قهرها على الحالة اللي وصل فيها بسببها، ضغطت على يدينها بقوة وهي تتوعد بتغريد في داخلها!..
** ** ** ** **


بالمستشفى

سمعوا دق الباب ورنين وجهت كلامها لأمل وهي تلف طرحتها: أكيد دا الدكتور، اللي ما نعرف اسمو ألين دحين.

…: عبد العزيز..! مشى لناحية الأم اللي بالسرير وهو يبتسم لها: أسمي عبد العزيز نجم الدين.

قطبت حواجبها: نجم الدين!!

عبد العزيز: ايوه.. وإذا تعرفي أحد بدا اللقب ترانا كتــار، ومو كلنا نعرف بعض.

كمل شغله وهو حاس بنظراتها عليه، طالع فيها وابتسم بخفه، وهي على طول شتت عيونها عنه: ما شاء الله أمك اليوم متحسنة كثير، إن شاء الله الاسبوع الجي حتخرج.

رنين براحه من كلامه: الحمد لله.

اتبعته بعيونها لين ما خرج من عندهم، راحت لأمها ومسكت يدها: أمي حبيبتي بتأكد من حاجه وراجعتلك يا عيوني..، شافتها تحرك رأسها بالإيجاب فابتسمت ولفت لأمل: أموله بالله انتبي على ماما بسوي شي ضروري.

خرجت من الغرفة وشافته، مشت لناحيته وسألته بصوت شبه عالي حتى يسمعها: انتا ولد ناصر نجم الدين؟؟

توقف عن المشي ولف لها: عفوا تكلميني؟

رنين بجدية: إيوه! وأتمنى إنك تجاوب على سؤالي.

عبد العزيز بكذب: لا ما هو أبويا، قلتلك قبل إحنا كتار، مو كلنا نعرف بعض.

رنين: طيب معليش، آسفه عطلتك عن شغلك!

لفت ومشت للغرفة، بطريقها شافت مهند، استغربت عدم وجود فيصل معه فسألته: فين فيصل مو كان معاك؟

مهند وهو يحرك رأسه بالإيجاب: إيوه بس جاتو شغلة وراح قال إنو حيجي بعدين.

رنين: أها أوكي.. يلا خلينا ندخل ماما صحيت.
** ** ** ** **


بعد مرور عدة أيام.. يوم الجمعة

جلست بالكنبه اللي قدام عمها عبد العزيز وبجانبها هدى، ابتسمت وطالعت فيهم: ما عرفتو آخر خبر؟!

عبد العزيز: ما ادري.. انتي قولي.

تغريد عدت جلستها وبفرحه ما تقدر تخفيها: أممم بابا زي ما تعرفوا قبل كم شهر فيه شركة عرضت عليه برنامج يسويه في وحده من القنوات.. دا الاسبوع سوو التجهيزات والمواضيع اللي يقولها، والاسبوع الجي حتنعرض أول حلقة مباشر على خير ان شاء الله.

هدى: ما شاء الله، الله يوفقه يارب.

تغريد: آميــن.

عبد العزيز: ما شاء الله حلو، طيب ايش المواضيع اللي حيتكلم عنها أبوكِ؟

تغريد: اممم.. والله الين دحين بابا ما قلي شي بس يعني اكيد حتكون مواضيع طبية..، سكتت شوي وكملت: ايوه صح عمي نسيت اقلك، بكرا موعد عمتي ندى مع الدكتورة النفسية.

عبد العزيز: ايوه ادري، دايما موعدي حيكون بعد ندى على طول.

تغريد طالعت فيه: طيب تتوقع تلاقي شي؟

عبد العزيز حرك رأسه بالايجاب: انا متفائل من دي الناحية، بس خوفي كلو انو ندى حتى بعد تعبي دا ما تسامحني!

تغريد: لا وي لا تقول زي كدا، خليك متفائل!
** ** ** ** **


أغلقت أزارير بجامتها الحريرية وسمعت رنين هاتفها.. توجهت للتسريحة وأخذت جوالها بلهفه وهي تتمنى اللي أتصل عليها فيصل، طالعت الرقم اللي طالع في الشاشة بخيبة أمل، رقم غريب، ما حبت إنها ترد فـ قفلت السماعة وتنهدت بأسى

جود طالعت انعكاس وجه رنين من المراية: ما طلع هوا؟

حركت رأسها بالنفي وهي تحاول تخفي ضيقتها: لا، من يوم الربوع وهوا مختفي وما يرد على اتصالاتي.

جود: طيب لما نروح عند أمل أسأليها أكيد تعرف فينو.. هيا اختو.

رنين مشت لسرير أختها وجلست جنبها: إن شاء الله..، سكتت شوي وكملت: تعرفي الدكتور المشرف على ماما؟

جود: ايوا.. اشبو؟

رنين تنهدت بعمق: يمكن يكون ولد ناصر نجم الدين.

جود قطبت حواجبها بقوة: أما عاد، دا الدكتور شكلو محترم.. انتي ايش دراكِ؟

رنين بسخرية: قالي انو اسمو عبد العزيز نجم الدين، وبعدين لا يغرك مظهرو، حتى ناصر كان تاجر معروف ويحسبوه الناس محترم وهوا ما في اوسخ منو.. كان يتاجر بالمخدرات وفوق دا قاتل!

رنين قالت آخر كلمة بكــره كبيــر، وعيونها لمعت بحقد

جود حست بوجع في قلبها من كلمتها: لا لا، إن شاء الله ما يكون ولدو.
** ** ** ** **


بالمستشفى

دخلت الممرضة ومعها صينية الأكل، ودخلت بعدها ممرضة ثانيه بيدها كيس متوسط الحجم، ابتسمت وهي تمرر عيونها بين سعاد ورنين وجود، وقالت بلغة انجليزية: اين آنسه رنين؟

قطبت حواجبها وطالعت فيها: أنا رنين.. ماذا تريدين؟!

الممرضة قربت منها ومدت لها الكيس: هذه هدية من الطبيب عبد العزيز، وهو يتمنى جدا ان تقبليها منه هذه المرة.

جود طالعت في رنين اللي بدت تعصب: دا الرجال لاحقنا في كل مكان؟

قالت رنين للممرضه بحده: قولي له لن أقبل بهذه الهدية أبدًا.

قربت منها الممرضه وباستعطاف: لماذا يا آنسه رنين؟ هل لأنه فقط لم يعطيكِ اياها بنفسه؟ لا تحزني.. لقد استأذن من عمله لديه عمل آخر مهم يقـ…

رنين وهي توها بس تستوعب ان هذا الدكتور هو اللي يرسلها الهدايا، ما قدرت تستحمل كلام الممرضة المستفز بالنسبة لها فقاطعتها بعصبيه: أغربي عن وجهي حالا! مسكتها وهي تدفعها لخارج الغرفة: تبا لك ولعبد العزيز وهداياه المقرفة، قولي له أن لا يريني وجهه أبدا، والا سوف أشتكي عليه.

دخلت للغرفه ووجهت كلامها لجود: مو قلتلك لا يغرك مظهرو المحترم، لأنك حتكتشفي انو اوسخ واحد!
** ** ** ** **


اليوم التالي.. بالعيادة النفسية

ندى بهدوء وهي تطالع الدكتورة: الحمد لله دي الأيام أحس نفسي احسن بكتير، بس فيه شي مضايقني وهيا بنتي ميس، كل ما ترجع من أبوها تتغير.. تسير عدوانيه لتغريد ومشعل..، وبضيق: طبعا عليا أنا أكتر شي تقولي إنتي شتتينا، انتي سبب هموم بابا، حاولت أفهمها موقفي بس ما أقتنعت..، ودموعها تتجمع في عيونها: بنتي خلاص تكرهني، تشوفني سبب تعاستها!!

الدكتورة سمر بهدوء: بس تعرفي إنك ما غلطي ومنتي سبب تعاستها، بالعكس انتي سويتي الشي الصح لما تطلقتي من لؤي، حررتي نفسك من ظلمو.. حتعيشي ميس وعبد الله في بيئة أحسن!

ندى وهي تحارب دموعها: أدري بس ميس ما هي راضية تفهم، أخاف تأثر على عبد الله هيا وأبوها، أخاف أخسر ولدي كمان..، مسحت دمعتها اللي نزلت من طرف عينها بسرعه: لما بدت ميس تكرهني، أتمنيت أمي تكون فيه، تعلمني كيف أتعامل معاها، تقولي الشي الصح وتفهمني.

الطبيبة طالعت فيها باهتمام، لأول مره تجيب سيرة أمها: ليش أمك فينها؟

ندى: ما أدري، مشعل ما قد جابلي سيرتها.. ولمن كنت أسألو عنها يعصب ويزعل، وحدة مرا قلي انو هيا سابتنا عند ناصر وراحت.

الطبيبة: طيب ما نفسك تشوفيها؟

ندى نزلت عيونها: طول عمري عايشة بدونها.. ما أعرف شكلها.. ما حسيت بحنانها، بس في نفس الوقت أبا أعرف ليه هيا سابتنا أنا ومشعل، غابت عننا سنين أبا أعرف إيش عذرها! رفعت عيونها لها: وبصراحه.. أبغاها تعوضنا عن غيابها!..
** ** ** ** **


التفت لسعاد اللي جالسة على السرير بعد ما كشف عليها وبـ ابتسامة حلوه: ما شاء االله يا خالة سرتي تمام ويوم الخميس موعد خروجك، ما بقي شي إن شاء الله.

سعاد ردت له الابتسامة وهي تحس نفسها أحسن بكثير من قبل: الحمد لله يا ولدي، طبعا ما حنسى فضلك بعد الله، ما شاء الله عليك دكتور طيب وعارف شغلك كويس.

عبد العزيز بلطف شديد: والله كلامك شهادة أفتخر فيها.

لفت وجهها عنهم وهي مو طايقة حتى تشوف وجهه: ماما انا حروح الكفتيريا أخد لنا كم حاجة ناكلها.

خرجت من الغرفة وعيون عبد العزيز تلاحقها ليـــن ما أختفى طيفها، صد عيونه عن الباب وطالع الأم: يلا يا خالة أستأذنك دحين.


……..

كفتيريا المستشفى

العامل وهو يحسبلها اللي خذته: إثنين كروسون، واحد بجبن واحد سادة، وإثنين مويا باردة بـ 37 ريال.

طلعت فلوسها من محفظتها وجت بتعطيه بس صوته من وراها وقفها: يا محمد خلاص ما يحتاج تاخد منها خلي الحساب عليا.

تنرفزت من لما عرفته من صوته، لفت له وبغضب: إنتا إيش تبا مني طالع بوجهي في كل مكان وأصلا مين قلك اني حقبل دي الصدقة منك.

عبد العزيز بابتسامة جذابه: طيب أعتبريها هدية مو صدقة.

أحتقن الدم بوجهها من وقاحته معاها، رصت على أسنانها وبهمس مقهور: صدقني يا دكتور عبد العزيز إزا أتعديت حدودك مرا تانية أنا حشتكي عليك للإدارة، وأقول إنك بتتحرش فيا وبعدها حيفصلوك وتتأدب..، كملت بتهديد: أنا تراني من أول ساكتتلك ومسوية نفسي ما أشوف شي ومحترمة، بس والله ترا حتشوف وجه تاني مني، وحدة ما في أوقح منها ازا استفزيتني.

ضحك بسخرية على كلامها: يا مسكينه مرا خوفتيني بصراحة.. عارفة مين أنا عشان تشتكي عليا؟

طالعته بتحدي: أدري إنك تقرب للدكتور مشعل.. واللي هوا مدير المستشفى، بس شكلك ما تعرفو مزبوط يكره اشكالك، وحيطردك بدون أي تردد.

عبد العزيز بنفس نبرته وهو يطلع بطاقته الشخصية من جيبه: شوفي.. أنا مو بس أقربلو، أنــا أخوه!!

سحبت البطاقة وهي تقرأ أسمه، ناظرته بسخرية.. زي ما توقعت: يعني فرحان إنك ولد قاتل، بس صراحة ما ألومك لما تخفي لقبك عننا، أكيد متفشل من أبوك وما تبانا نعرف إنو اللي يعالج أمي ولد اللي قتل زوجها..!

رفع حاجبه وببرود: ترا مشعل اللي قلي أسوي كدا، وبصراحه أنا أحزن على أخويا مرا، تعلق في وحده بس أستغلتو وتبا تنتقم منو لأنو ابوه قتل ابوها، وهوا مالو ذنب..، أبتسم بنصر لما شاف الصدمة تعتلي ملامحها: صح ولا أنا غلطان يا رنين؟

رنين بحده: غلطان وأكبر غلطان كمان..، ضربت البطاقة بصدره وطالعت فيه بكره كبير: في حريقة إنتا وأبوك ما هميتوني، ما برد قلبي على أبويا إلا بعد ما شفت إعدام ناصر وهوا ياخد جزاءو!!


**


نهاية الفصل الخامس


-الحمد لله عدا الأسبوع على خير ومعاه الاختبارات، وبإذن الله الدرجات كاملة.. في شي بوضحه ومره مهم، عن رنين ومشعل..
ما كانوا متزوجين.. ما كانوا مخطوبين.. مشعل قاعد على ذكرى دينيز ورنين تحب فيصل من قبل ما تعرف مشعل، يشوفوا بعض كأخوة، وعشان كدا مشعل أنقرف من فيصل لما قال بتخونني معاك، لأنو مستحيل يفكر فيها بدي الطريقة
على العموم قصتهم حتتوضح في الفصل السابع ان شاء الله وحبيت أقول دا الكلام عشان بالفصول الجاية لا تنفجعوا

-أشوفكم الفصل القادم يوم الاثنين إن شاء الله.

شقى الماضي 16-12-17 09:23 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3694739)
مرحبا شوشو
بدايه جميله وواصح انها مشووقه جدا
رنين ومشعل حبيتهم رغم الظروف اللي مروو فيها بس باين يحبون بعض
واللي استغربت منه شدخل عزوز يرسل هدايا ل جود توصلها ل رنين
افتكرت بالبدايه انه يحبهااا وتضاربت عندي الاحداث ههههه
تغريد وبنت عمتها الحقوده الله يكفينا شرهاا
بتول واخوهاا العاشق تشوقت اعرف عنه اكثر مع اني مارتحت له ولاسلوبه يعني اتوقع بكذا يحاول يضيق ع تغريد ويحاصرها تحبه غصب
ياابت يااتغريد ياااويلك ترضي فيه خلك على رايك وحناا معك

عزوز هذا حبيته من جد مع ان تصرفاته غريبه يمكن عشان كذا عجبني هههه
امممم
ندوش زين رضت تسكن عند اخوهاا وتعالج احسن لها تسيب بنتها تروح عند ابوهااا حبيبها
وتلتفت لنفسهاا وتشوف حياتها بعدالعلاج بتتغير نظرتها للحياه

ننتظرك شووشو لاتتاخرين


أهلين بعمر البعد
واو مرا مرا حبيت تعليقك يا قمر، أتوقعت انو الرواية حتخلص وما حلاقي تعلقات هههههههههههههه

بالنسبة لمشعل ورنين ترا ما يحبوا بعض، مشعل يحب دينيز اللي جبتها بأول مشهد بالرواية ورنين تحب خطيبها فيصل، خلو دا الشي في بالكم

عزوز ههههههههه فعلا حركاتو غريبة بس راح تفهميه ان شاء الله وايوا هوا يحب رنين ترا بس رنين ما تبادلو

ميس دي أساس البلا انتوا لسا ماشفتو منها أي شي، حتبهركم بوقاحتها الفصول الجاية

وي فارس حبووووه، هوا صح الحب مو غصب بس يا خي تغريد والله بتجرحو كتير ما يستاهل،بس راح نشوف ايش نهايتو، وايش سبب رفض تغريد له

شوفي فوق نزلت فصل جديد لعيونك

امواج الخريف 17-12-17 04:07 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
مرحبا
الرواية في البداية لسة وماوضحت الاحداث كويس
بس الصراحة بداية مشجعة للمتابعه ....اما مشعل هو اظن اساس الرواية وبطلها ما اعتقد حياته بس شغل ومستشفي وبيت الا يكون قصة ننتظر ونشوف
طيب انتى تقولي ما فيه شي بين مشعل ورنين طيب شو قصته معها وليش يقولها ((انا عملت كل شي عشانك لا وكمان يقول كيف تنسانى وانا كل ماغمضت عينى اشوفك وافكر فيك)) صراحة في غموض بالقصة لسة ما اتوضحت..... تسلم ايدك على الفصل جميل ولا تزعلي من قلة الردود لسة انتى في البداية واشوي اشوي تسخن الاحداث وتمطر عليها الردود ............ موفقة شقى الماضي ......

شقى الماضي 17-12-17 07:58 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امواج الخريف (المشاركة 3694847)
مرحبا
الرواية في البداية لسة وماوضحت الاحداث كويس
بس الصراحة بداية مشجعة للمتابعه ....اما مشعل هو اظن اساس الرواية وبطلها ما اعتقد حياته بس شغل ومستشفي وبيت الا يكون قصة ننتظر ونشوف
طيب انتى تقولي ما فيه شي بين مشعل ورنين طيب شو قصته معها وليش يقولها ((انا عملت كل شي عشانك لا وكمان يقول كيف تنسانى وانا كل ماغمضت عينى اشوفك وافكر فيك)) صراحة في غموض بالقصة لسة ما اتوضحت..... تسلم ايدك على الفصل جميل ولا تزعلي من قلة الردود لسة انتى في البداية واشوي اشوي تسخن الاحداث وتمطر عليها الردود ............ موفقة شقى الماضي ......

أساسا الرواية غامضة وشويا شويا راح يوضح كل شي

حابة أقول إنو محور الرواية الاساسي هم تغريد ومشعل والاشياء اللي حتأثر فيهم وفي علاقتهم كأب وبنتو

بالنسبة لمشعل ورنين صراحة ما حقول شي بس من جد حتتفاجؤ لما تعرفوا قصتهم بالتفاصيل

أساسا سرت ما أهتم كتير للردود بس هيا اللي تشجع وتحفز الكاتب للإستمرار والالتزام بمواعيد الفصصول

شقى الماضي 18-12-17 01:06 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
يوم الخميس..

خرجت تغريد من فصلها وبجانبها جود اللي قالت: تعالي نروح لبتول زمان عنها.

تغريد نزلت عيونها ومسكتها لتمنعها: لا ما أبا..، وبنبرة سخرية: خليها مع صحباتها الجداد.

جود طالعت فيها: زعلانه منها يعني؟

تغريد وهي تتظاهر بعدم الاهتمام: لا مو زعلانه هيا اللي مسوية نفسها زعلانه وفجأه ما سارت تجلس معايا، لو تلاحظي إنها لما تكلمك تكون عادي بس شوفي كيف تتكلم معايا، مو انا الزعلانة وما حجري وراها وأسألها ايش فيها!

جود بإستنكار: وي! صحبتك.. يعني تشوفيها زعلانه وما تسألي عنها؟

تغريد بشبه عصبية: لا تجلسي تتفلسفي على راسي يا جود، أعرف ليش هيا زعلانه وسببها تافهه وما يهمني، هيا بكيفها ما تبا تقعد معانا لا تجي، ما حزعل، واذا تبا تقعد معانا عادي.. ما حتكلم.

جود بهدوء: طيب ليش زعلانه منك؟

تغريد طالعت فيها لفتره وهي متردده تقولها ولا لا، وجود استغربت: ايش فيه؟

تغريد وهي تاخذ نفس عميق: أخو بتول يحبني، وأنا عادي، يعني.. ما أكرهو ولا أحبو، يمكن كنت أحبو زمان كأخ، ألعب معاه ونتضارب ونمزح، بس قبل تلاته سنوات سرت أغطي عنو ومرا قالي أحبك وبعد ما نكبر حنتزوج، وكلام فاضي ما أتقبلتو.

جود بتفكير: طيب ايش المشكلة، ليش بتول زعلانه منك؟ لا تقولي عشان ما تحبي أخوها بس؟

تغريد: يعني تقدري تقولي شي زي كدا، وقريب كلمت أم بتول وقلت لها إنو خلّي فارس ينساني لأني مستحيل أحبو ولا عاد يخلي بتول تكلمني عنو، وبعد داك اليوم بتول أتغيرت.. بالله يا جود مو معايا حق أني أرفضو.. يعني مو فاهمه غصبًا عني أحبو؟

جود: شوفي.. معاكِ حق، مو غصبًا عنك تحبيه، بس إنتي يعني ليش ما تحبيه؟ فيه حاجه كدا بطّاله؟

تغريد رفعت كتوفها: ما في سبب محدد، يعني انا لسا ما أتخرجت وما أبا أصدع راسي بدي الأشياء حب وزواج وكلام فاضي، أنا أبا أكمل جامعه برا وفي بالي أشياء كتيرة ما أبغا أحرم نفسي صراحة.

جود: أها يعني كدا!

تغريد: بالزبط، وغير كدا فارس ما أعتبرو غير اخويا، بس هوا بتول مو قادرين يفهموا دا الشي، صراحة سببولي أزمة في حياتي!



"الفصل السادس"
"ميار؟"



دخلت لمصعد المستشفى وهي تفكر، أخيرا خلاص أمها راح تخرج اليوم.. نادر وجود بيساعدوا أمهم ويرتبوا الأغراض، مهند راح ليجيب السيارة، وهي بتروح لمكتبه.. تودعه وتشوفه لآخر مره على حسب ما تفكر فيه، خرجت من المصعد وتوجهت لمكتبه، شافت سكرتيره فتكلمت معه: لو سمحت.. فيه مريض عند الدكتور مشعل دحين؟

السكرتير: حاليا لا، تبي تحجزي موعد أختي؟

رنين: لا أبا أدخل عندو وأكلموا لو سمحت.

السكرتير: طيب عندك موعد؟

رنين: لا ما عندي، وهي تكمل بسرعه: بس انا أبا اكلمو بسرعه ما حطول عندو.

السكرتير: لو سمحتي ما أقدر أدخلك كدا بعدين يعصب الدكتور.

رنين بهدوء واصرار: انتا قلو أنو رنين برا تبا تدخل راح يرضى!

حرك رأسه بقلة حيلة وقام من كرسيه ليدخل عند مشعل بعد ما طرق الباب: يآ دكتور فيه وحدة أسمها رنين تقول انها تبا تكلمك ضروري.. أدخلها؟

مشعل اللي كان يقرأ أحد الملفات طالع فيه من لما سمع أسمها فتكلم: ايوه ايوه دخلها عادي.

خرج السكرتير وبعدها بفتره بسيطة دخلت رنين بهدوء وهي تحس نفسها متوترة مو عارفه ليه: السلام عليكم.

مشعل أبتسم بهدوء: وعليكم السلام..، أجلسي أرتاحي.

رنين طالعت فيه: لا ما يحتاج بس جيت عشان أودعك.

مشعل: تودعيني؟! خلاص اليوم أمك حتخرج؟

حركت رأسها بالإيجاب: ايوه اليوم، خلاص بس باقي مهند يجيب السيارة..، قربت منه ومدت يدها: يلا مع السلامة.

مشعل طالع في يدها لفتره وبعدها صافحها: مع السلامة.. أشوفك مرة تانية إن شاء الله..، والحمد لله على سلامة أمك.

جت بتخرج من مكتبه بس صوته وقفها: رنين..، إلتفتت له وهي تناظره.

مشعل قام من محله وطالع فيها بجدية: تعرفي اني من زمان أعتبرك زي أختي وأكتر؟ شافها تحرك رأسها بالايجاب فكمل: هداك فيصل اللي كنتي تكلميني عنو زمان؟

رنين ضاق صدرها من سيرته وبان على وجهها: ايوه هوا.

مشعل: أنا حاب أنصحك كأي أخ يخاف على أختو، دا الرجال أنتبهي منو.. ما طمني بعد المشكلة اللي سواها وكيف شك فيكِ بدون ما يسمع منك كلمة، لا تسكتي عن حقك أبدا حتى لو كنتي تحبيه، لا ترضي بأحد يقلل من قيمتك ويهينك، ولا انتي اللي حتاكليها على راسك في النهاية!

رنين ما تكلمت وهي تفكر بكلامه بكل جدية، ما يرد عليها صار له أكثر من أسبوع، واليوم بتروح عند أخته أمل وتسألها عنه، رفع عيونها له وأبتسمت بإمتنان: شكرا مشعل على كلامك، راح أفكر فيه كثير..، يلا أنا لازم أروح دحين تأخرت.
** ** ** ** **


بالمدرسة..

جود ضربت بتول الماشية بجانبها بقوة: يا معفنه ليش سحبتي علينا اليوم؟ مزاعلتني؟

طالعت فيها ببرود وهي تمسح مكان الضربة: انتي ايش دخلك، مو زعلانه منك.

جود رفت حاجبها: زعلانه من تغريد يعني؟

بتول: مو مزاعلتها، بس خلاص ما أقدر أقعد معاها.

جود طالعت فيها بجدية مصطنعه: ليش ايش فيها تغريد؟ تخرج مع شباب؟ قوليلي عشان كمان أنا ما أقعد معاها، ما أبا اسير زيها.

بتول قطبت حواجبها من كلامها: انتي ايش جالسة تخرفي يا جود، أنا قلت كدا دحين؟

جود بنفس جديتها: طيب ليش ما تبي تقعدي معاها؟ دي صحبتك.. أكيد مسوية شي كبير! مو بس عشان ما تحب أخوكِ.

بتول طالعت فيها بحاجب مرفوع: ايش قصدك.

جود: يعني قصدي يا ست بتول، ازا انتي زعلانه من تغريد عشانها ما تحب أخوكِ فبصراحة انتي ما عندك سالفه، لا تخلي احد يخرب بينك وبينها.

بتول بنفس نظرتها: دحين هيا أرسلتك عشان تقولي دا الكلام.

جود: لا، أنا جيتك من نفسي وبقولك دا الكلام ولا تنسيه، تغريد مو مجبورة تحب أخوكِ والحب مو بالغصب، ويا ليت يوصل دا الكلام لأخوكِ!

بتول طالعت فيها مصدومة من كلامها: انتي مين عشان تقولي دا الكلام؟ ومن متى ما شاء الله سرتي تدافعي عن تغريد كانك من زمان تعرفيها وكانها تعنيلك حاجة!

جود بنبرة غريبة: تغريد تعنيلي كتيــر..، ابتسمت لها ومسكت كتفها وبهدوء: بتول شوفي لا تزعلي من كلامي، بس أنا بقول اللي شايفتو صح لا أكتر!

بتول بعصبية بعدت يدها: انقلعي عني مابا أشوف وجهك!

جود مسكتها مرة ثانية وباست خدها بقوة: مع نفسك ما حخليكِ تروحي وانتي زعلانه مني.

بتول مسحت خدها بقرف: يع مقرفه، بعدي عني.

جود بضحكة: أنا أحبك ما اقدر أبعد عنك.

شمقت بوجهها وهي تحاول تخفي ابتسامتها من أسلوبها الأهبل اللي يخلي الشخص غصبا عنه ما يزعل
** ** ** ** **


المستشفى-مواقف السيارات..

خرج عبد العزيز من المصعد للمواقف ومرر عيونه يبحث عن شخص معين في باله، مشى بخطوات ثابته لأحدى السيارات وهو يشوفه معطيه ظهره وبصوته الخشن تكلم: مهند.

قطب حواجبه وهو يسمع صوت قريب يناديه، التفت وشاف عبد العزيز.. الشخص اللي ما يعرفه غير إنه دكتور أمه بس ملامحه مو غريبة أبد وكأنه شافه في مكان: نعم؟

عبد العزيز بابتسامة ساخره وهو يعطيه نظرة لها معنى: ما عرفتني؟ مين أنا؟ وأكون ولد مين؟

مهند طالع فيه بريبة: أظنك مجرد دكتور اللي كان مشرف على حالة أمي! ولا أنا غلطان؟

عبد العزيز: لا أبدًا مو غلطان، بس فيه شي كمان..، اقترب منه بخطوة وكمل: أنا عبد العزيز ناصر نجم الدين.. معقولة نسيتني ونسيت أبويا؟!

مهند تذكره وتذكر الايام والسنين اللي عاشوها بألم بعد ما فقدوا أبوهم، حزن أمه، عزلة أخوه نادر عن الناس.. ومعاناة أخواته، كل هذا بسبب ناصر وجبروته!

مهند بحده: الناس الوسخة مستحيل تتنسي.

عبد العزيز بضحكة عاليه: أهآآآ عشان كدا، مشعل ما نساكم!

مهند بعصبية ونبرة حادة: ايش قصدك؟

عبد العزيز وهو يريح ظهره على السيارة: ما يحتاج أقولك ليه؟ أنتا ادرى وأعلم مني..، وهو يعدد بأصابعه: استغليتوا مشعل، علقتوه فيكم، سويتوا نفسكم تحبوه كأنو فرد من عايلتكم وهوا حبكم من قلبو، بس يا ترى ايش حتكون ردة فعلو لما يعرف…

قاطع كلامه مهند وهو يجره من قميصه: أذا زدت حرف تاني أدبحك.. والله أدبحك.

عبد العزيز نزل يده وهو يحرك رأسه بالنفي وباستفزاز: تؤ تؤ تؤ تؤ، ما يسير كدا يا مهند ليه تعصب؟ العصبية مو حلوه، شوف.. ايش رأيك نتفاهم زي الطيبين في الموضوع بهدوء وروقان؟

مهند أبتعد عنه وبنبرة حاده: ما بيننا تفاهم.

عطاه ظهرة وهو بيدخل للسيارة بس يد عبد العزيز منعته

مسك ذراعه وسحبه بقوه، دفعه على السيارة ليصطدم ظهره بها بقسوة، أقترب منه وبفحيح: شوف انتا مو مخير.. انتا مجبور، أدري بيك خايف من ردة فعل مشعل ازا عرف عنكم الشي اللي مخبينو، بس أنا ما يهمني مع الأسف، كل اللي يهمني هوا أختي ندى، وانتا غصبا عنك حترضى!

طالع فيه وكأنه فهم اللي يقصده، وبعد فترة من الصمت: طيب إيش تباني أسوي؟

عبد العزيز أبتعد عنه وطلع كرت من جيبه ماده له: هنا فيه رقمي، نتكلم بعدين لأنو فيه أشياء مهمة ما ينفع تنقال هنا!
** ** ** ** **


في الليل..

خرجت من المطبخ وبيدها المبخرة عليها الجمر ورائحتها فايحه، سرعت بخطواتها وهي تسمع نداء أبوها لها: طيب بابا دحين جاية..، دخلت الصاله وسرعان ما ابتسمت وهي تشوفه بالثوب، وكاشخ لأبعد درجة: الله على الشياكة دي، كأنك عريس ما شاء الله، مو كأنك رايح تقدم برنامج.

مشعل وهو يضحك على تعليقها عليه: أقول بس، تعالي بخريني.

تغريد قربت منه وبخرته، وبعد شوي خلصت حطت المبخره في الطاولة والتفتت له: حصنت نفسك؟

مشعل بابتسامة حرك رأسه بالإيجاب: ايوه أتحصنت..، سكت شوي وقال وملامحه تحولت للجدية: تعالي نجلس في موضوع مهم لازم أقلك هوا.

تغريد حست بجدية الموضوع من نبرته وملامحه اللي تبدلت، فجلست على الطاولة قباله: ايش فيه خوفتني.

مشعل ابتسم ليطمنها: ما في شي يخوف إن شاء الله، بس كنت بقولك إنو اليوم أبو ميس وعبد الله حيجي وياخدهم وما في أحد يفتح له الباب إلا أنتي.

تغريد والضيق ظهر في وجهها: أنـــآآ؟

مشعل وهو يمسك يدينها: ايوه انتي يا بنتي، ما كان نفسي يسير كدا وأنا رايح أصور البرنامج، وكنت المفروض أقلك من أول بس كنت مشغول مرا.

تغريد: طيب حيكون كل خميس كدا؟ أنا اللي أفتح الباب؟

مشعل بابتسامة هادية: لا طبعا، بس دا الخميس، المرات الجاية عمك عبد العزيز هوا اللي حيوديهم لأبوهم، بس عمك أمو تعبانه فما يقدر يسيبها مع الشغالة وهيا كدا.

تغريد بخوف: ستو هدى؟ ايش سار فيها؟

مشعل: لا تخافي يا نور عيني ما فيها شي بس تعب بسيط، إن شاء الله تتعافى بسرعة.

تغريد وهي تزفر بضيق وتطالع فيه: طيب بكرا أبغا أروح عندهم لازم.

مشعل وهو يمسح على يدها بإبهامه: أبشري من عيوني..، طالع في ساعته الملتفة حول معصمه: يلا يا بنتي شوفي سارت الساعة كم لا أتأخر.

تغريد وهي تقوم وتلحقه لباب الفيلا: بابا أصبر.. بلعت دواك النفسي؟

مشعل: لا العلبة خلصت، يبغالي أروح وأشتري.

تغريد بقلق: يا الله، طيب أنتبه على نفسك لا تعصب ولا شي عشان لا تجيك الحاله.

مشعل: وي يا بنتي، خلاص أنا كبرت والعصبية بعدت عنها.

تغريد ابتسمت له: برضو أنا أخاف عليك.. المهم يلا بسرعه روح ولا تتأخر من أول مرا.
** ** ** ** **


خرجت من غرفتها وقفلت الباب بهدوء شديد، زفرت براحه ومشت للصالة، شافت جود ورنين جالسين بالكنبة ويتفرجوا: أوووه الحمد لله نومت البزورة جننوني!!

جود ضحكت وبحضنها صحن الفشار: الله يعينك مسكينة!

أمل رمت نفسها على الكنبة.. بيناتهم: نصيحة ليكِ يا رنين من متزوجة وعندها أطفال، أول سنة زواج بــدوون أولاآآآآد، عيشوا حياتكم إنتي وفيصل كعرسان بعدين خلّفي!

رنين طالعت فيها: على سيرة فيصل.. من الاسبوع اللي فات ما يرد عليا ولا كلمني.

أمل: اشبك فيصل سافر!! ما قالك؟

حركت رأسها بالنفي وبداخلها مصدومة، ما نطقت بكلمة.. لأنها وباختصار مو عارفة إيش تقول

أمل قطبت حواجبها: معليش يا رنين على اللي جالس يسويه فيصل، قالي على آخر مشكلة سارت بيناتكم، ودحين جالس يسوي حاجة غبية أكتر من قبل، حكلمو وأشوف إيش اللي في مخو التنك!!

رنين حاولت تبتسم وهي ما تبي تبين لها إنها تأثرت وزعلت، تكره أحد يتدخل بمشاكلهم: لا تتعبي نفسك يا أمل أنا حكلمو إزا رجع جدة.
** ** ** ** **


كانت متمدده في كنب الصالة، تنتظر أبو ميس يجي وياخذهم خلاص بسرعه تبيه يجي وتفتك، شافت على ساعتها باقي كم دقيقه بس عشان تصير تسعة تمامًا.. دقايق ويبدا برنامج أبوها، ابتسمت وعدلت نفسها بحماس وهي تفتح التلفزيون وتحط على وحده من القنوات، وبنفس الوقت دق جرس البيت، حركت عيونها بملل وقامت وهي تلف طرحتها، أخيرًا جاء..

توجهت للباب وفتحته، استغربت وهي تشوف شاب تعطي عمره في العشرينات، مستحيل يكون أب لبنت عمرها 13!

رفع عيونه بصدمه وهو يشوف ملامح وجهها، رجع كم خطوة للوراء وعيونه ثابته عليها وبتلعثم: مــ.. مــ.ـــيــــآآآر!!!!؟؟

أستغربت أكثر من ردة فعله، ميار؟ تلفتت حولينها مين هذي؟ ما في أحد حولها يعني يقصدها؟ ما أهتمت فناظرته بثبات: انتا جاي تاخد ميس وعبد الله؟ مو المفروض أبوهم؟

أخذ نفس عميق ليهدي حاله وبعدها تكلم بهدوء: أنا أمير، أخوهم من أم ثانيه، وابويا قالي أخدهم اليوم..، كمل وعيونه تتفحصها بطريقه غريبه: أنتي مين؟ بنت مشعل؟

تغريد اشمأزت من نظراته، يطالع فيها وكأن عمره ما شاف بنت، أعطته نظره من فوق لتحت وبعدها قالت بحده خفيفه: بروح أناديهم.

لفت وأعطته ظهرها رايحه لتناديهم، بس يده منعتها وهي تلفها وتسحبها: فين رايحة ومطنشتي.

توسعت عيونها بصدمه ساحبه يدها منه وسرعآن ما ضربته بقبضة يدها على وجهه، وهي تقول بعصبيه مجنونه: أنتا كيف تتجرأ تمسك يدي كدا وأنا ما أعرفك ولا تعرفني.

تأوه من قوة ضربتها وكأنها يد رجل مو بنت، تحسس أنفه وطالع في يده المدمية، وبنفس عصبيتها: يا حقيره، تضربيني هــاهـ؟ قد الحركة اللي سويتيها!

تغريد وهي تناظر عيونه بحده وتحدي: قدها وأعيدها وأدوسك كمان إذا فكرت تلمس شعره مني، بابا صح معطيني حريتي في أغلب الأشياء.. بس حسب حساب إني أقابل زي أشكالك المشفوحه وعلمني كيف أتعامل معاهم.

جاء صوت ميس من وراء تغريد: هي أنتي وهوا إيش فيه!

تغريد إلتفتت لها وبنبرة سخرية: لا أبدا بس أخوكِ ما شاء الله محترم الله يحفظو.

…….


ميس كانت تطالع في أخوها، عيونه مثبته بالطريق ويسوق السيارة بكل هدوء فتكلمت: أمير.. ما تلاحظ نفسك مرا هادي زيادة عن اللزوم؟

أمير: ليش كيف المفروض أكون؟

ميس: يعني على الأقل متنرفز ومتوتر.. مو دا البرود لا تسير زي مشعل بليز!

أمير: طيب أنا لين دحين ما فهمت؟ ليش ما تبيني أكون هادي وتبيني أعصب؟

ميس طالعت فيه: شكلك منتا مستوعب انو بنت زي تغريد تضربك صح؟

أميـر وكأنه دوبه يستوعب: أهـــااا انتي قصدك كدا!

ميس بسخرية: ايــــــوااا قصدي كدا.

أمير بعد فترة من الصمت: دي بنت مشعل متأكدة؟

ميس: ايوا، ليش تسأل؟

أمير وهو يمرر يده على ذقنه بتفكير: ما كنت أدري انو عندو بنت، كم عمرها؟

ميس بضيق: انتا ليش بتسألني عنها؟

أمير بابتسامة جانبية: خشت مخي.. عجبتني.. عشان كدا أبا اعرف كم عمرها، أشوفها تناسبني ولا لا..، طالع فيها وغمز لها: ترضى بالتعدد؟

ميس بنرفزة: يا حيوان لو زوجتك سمعتك والله لتقتلك انتا وهيا..، كملت بقرف: وغير كدا ايش يعجبك فيها دي القردة.. نسخة من أبوها.

أمير بجدية: ميس سألتك سؤال.. جاوبيني وخلاص!

ميس لوت بوزها بعدم رضا: خلاص خلاص حقولك، عمرها 18!

سكتوا الاثنين وميس ما زالت مستغربه، أكيد وراه شي.. مستحيل يكون بهذا البرود إلا وفي مخه حاجه، ودامه ما قال لها.. مستحيل راح تعرف!
** ** ** ** **


رفعت عيونها لرنين اللي كانت واقفة قدام التسريحة وتمسح مكياجها بهدوء، ضلت هادئة طول الوقت عند أمل وللحين هادئة تدري إنها بأي لحظه بتنفجر، حست بحقد اتجاه فيصل، بس يزعل رنين، وهي تكره تشوف أختها بـ هالحاله، ما تعرف ليش وكيف حبته، تقول إنها تشوف فيه أشياء ما في أحد شافها فيه، إيش يكون فيه؟ جمال؟ طول؟ عرض؟ طز في كل هالأشياء دامه يعذبها كذا

لفت لها وشافتها تطالع فيها: إيش فيه!

جود: يعني ما حتتكلمي عن فيصل؟ حتسوي يعنني ما اتأثرت!

رنين بحده وهي تمشي للسرير: لا تكلميني عنو ولا تجيبي سيرتو قدامي!! انا حكلمو لما يرجع جدة واعرف ليه سوا كدا، يحسبني هبلة عندو يراضيني من جهة وبعدين يتجاهلني ويسافر!!!
** ** ** ** **


بعد مرور يومين، يوم الأحد..
في المدرسة وقت الصرفة

كانت تمشي في الساحة الخارجية، لحالها.. جود غايبة اليوم، وبتول ما صارت تقعد معاها أبد، وهذا شيء يجرحها.. يجرحها حيل بس ما تبين لأحد، بتول هي أعز صديقة لها والوحيدة، ما تقدر تستغني عنها وتحبها، بس هي جالسه تفرط بصداقتهم عشان فارس، جلست في وحده من الكراسي وهي تشوف في ساعتها، تأخر أبوها عليهم ربع ساعه، الله يعين.. حاسه إنه فيه سوء حاصل، تعوذت من إبليس وهي تبعد هالافكار من عقلها، ما تقدر تتخيل أن يصيب أبوها مكروه، لأنه إذا صابه.. هي يصيبها أضعاف وأضعاف وجعه، رفعت عيونها وطاحت عيونها على بتول تمشي لحالها وكأنها متوجهة لها، شتتت عيونها عنها بحزن وضيق أجتاح قلبها

بتول وهي تقرب منها، تكلمت بنبرة شبه بارده: تغريد، غريبه ما رحتي عمو مشعل دايما يجيكم بدري.

تغريد ببرود بدون ما تطالع فيها وهي تضم يدينها لبعض: ما أدري.. عادي مو مشكلة، حيجي إن شاء الله.. شفتي ميس؟

بتول: إيوه شفتها كانت مع صحباتها.

خرجت بتول من المدرسة، جات ميس وقعدت مع تغريد ينتظروا يجيهم مشعل، مرت نصف ساعه ومحد جاء، المدرسه فضيت ما فيها أحد، جاءت لهم الأستاذة المناوبة وهي تسألهم: يا بناتي ليه ما جات سياراتكم ألين دحين.

تغريد بضيق وتوتر: يا أبله أبغا أتصل مو من عادتهم يتأخروا كدا.

الاستاذة وهي تمد لها الجوال: طيب يا بنتي إتصلي..، وهي تلتفت لميس: وإنت ما حتتصلي؟

ميس بهدوء: أنا أخرج معاها، بنت خالي.

تغريد أتصلت على رقم أبوها بس يعطيها مقفل، خافت أكثر وصارت الوساوس تلعب في عقلها لعب، أتصلت على عمها عبد العزيز ما يرد، الأستاذة لتغريد: ها يا بنتي ردوا عليكِ؟

تغريد وعيونها دمعت بخوف: بابا وعمي ما يردو عليا.

الأستاذة بقلق: طيب رقم أمك أو أي رقم تاني.

تغريد وهي تقول لميس: ميس حافظة رقم مامتك؟

حركت رأسها بالايجاب وأخذت الجوال من تغريد وبدأت تضغط في الارقام واتصلت عليها

….: ميس، تغريد!

التفتوا لمصدر الصوت وشافوا بتول فكملت وهي تقترب منهم: أنا جاية آخدكم مع فارس، راح نوصلكم..، وهي تلتفت للأستاذة: ممكن أكلمك يا أبلة شوية؟ شافتها وهي تحرك رأسها بالإيجاب، وهي تكلم ميس وتغريد: إنتو عبال ألبسوا العُبي.

ميس طالعت في تغريد باستغراب وهي أشرت لها بأنها ما تدري بس لبسوا العبايات، تغريد طالعت في ملامح الأستاذة وهي تتبدل، وتحرك رأسها بأسى، قربت منهم بتول وقالت: يلا.

تغريد وهي مو متطمنة: إيش فيه يا بتول؟

بتول بهدوء: نتكلم في السيارة.


………


في السيارة.. وهم في الطريق

رفعت عيونها بصدمة لتلتقي بعيونه في المرآية، نطقت برجفة وعيونها بدت تملتي بالدموع: بـــ.ـــابــــ.ـــا فــــي الـــمــســـتـــشـــفـــى!



**



نهاية الفصل السادس..

-فيصل فين أختفى وليش ما يرد على اتصالات رنين؟
-مشعل ايش صار له؟ سبب دخوله للمستشفى؟
-بتول وتغريد لين متى راح يستمروا بزعلهم؟
-ايش تتوقعوا السر اللي المخفي عن مشعل؟
-أمير.. الشخصية الجديدة، رأيكم فيه.. وايش انطباعكم الأول عنه؟ ومن هي ميار؟

دي الأسئلة اللي جات في مخي.. واذا عندكم أي شي في بالكم لا تنسوا تكتبوه

-الفصل الجاي راح يكون بـ عنوان حياة أخرى، راح يكون كله عبارة عن ماضي بعض الشخصيات وكيف كانت له حياة مختلفة تماما عن حياتهم حاليا..

عمر البعد 20-12-17 06:12 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شقى الماضي (المشاركة 3694776)
أهلين بعمر البعد
واو مرا مرا حبيت تعليقك يا قمر، أتوقعت انو الرواية حتخلص وما حلاقي تعلقات هههههههههههههه

بالنسبة لمشعل ورنين ترا ما يحبوا بعض، مشعل يحب دينيز اللي جبتها بأول مشهد بالرواية ورنين تحب خطيبها فيصل، خلو دا الشي في بالكم

عزوز ههههههههه فعلا حركاتو غريبة بس راح تفهميه ان شاء الله وايوا هوا يحب رنين ترا بس رنين ما تبادلو

ميس دي أساس البلا انتوا لسا ماشفتو منها أي شي، حتبهركم بوقاحتها الفصول الجاية

وي فارس حبووووه، هوا صح الحب مو غصب بس يا خي تغريد والله بتجرحو كتير ما يستاهل،بس راح نشوف ايش نهايتو، وايش سبب رفض تغريد له

شوفي فوق نزلت فصل جديد لعيونك

وي وي تسلم عيونك وروحك العسوله :c8T05285:

طيب طيب ياااعزوز اناقلت ان في قلبك شي لرنين
اتوقع فيصل لو بيعرف او يشوفك معها بيمسح فيك وفيهاا ارض المستشفى

ناصر ابوهم او زوج امهم!!! استغربت لانهم ما يقولون ابوي !!!
الحمد لله انه اخذ جزاه
تغريد صج وجهها مغسول بمرق كيف تقول لام فارس هالكالام
اتوقع بعد فتره تصيرهي اللي تجري وراه وهو سااحب عليهاا اقووى شي

وعاد ياحلوه مانبي مفاجعاات ترووع خليك حنينه على قلوبنا الرهييفه ههههه

ودمتي بكل حب :welcome3:

عمر البعد 20-12-17 06:16 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
يوووه نزل فصل جديد
طيران بقراه وراجعه لكم

شقى الماضي 20-12-17 08:41 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695055)
وي وي تسلم عيونك وروحك العسوله :c8T05285:

طيب طيب ياااعزوز اناقلت ان في قلبك شي لرنين
اتوقع فيصل لو بيعرف او يشوفك معها بيمسح فيك وفيهاا ارض المستشفى

ناصر ابوهم او زوج امهم!!! استغربت لانهم ما يقولون ابوي !!!
الحمد لله انه اخذ جزاه
تغريد صج وجهها مغسول بمرق كيف تقول لام فارس هالكالام
اتوقع بعد فتره تصيرهي اللي تجري وراه وهو سااحب عليهاا اقووى شي

وعاد ياحلوه مانبي مفاجعاات ترووع خليك حنينه على قلوبنا الرهييفه ههههه

ودمتي بكل حب :welcome3:

الله يسلمك يا قمر

ههههههههه عزوز حياخد حذرو من فيصل لأنو عارف انو غيرتو مريضة ومو طبيعية، وممكن يأزي رنين

ناصر أبوهم بس من كتر ما يكرهوه ندى ومشعل ما يعترفوا بيه كأب ليهم لأنو أساسا ناصر ما كان يعاملهم كويس، بعكس عزيز

ههههههههههههه تغريد لسا ما شفتي منها شي، لو فارس ما بعد عنها وبرضو يلاحقها راح تسوي حاجة أقوى من كدا، أصبري عليها بس

حابة أقوووولك انو الفصل الجاي راح أفجر القنبلة>>فيس يبتسم بشر

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695056)
يوووه نزل فصل جديد
طيران بقراه وراجعه لكم

أستناكي

عمر البعد 20-12-17 08:58 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
امممم ايش مخبين عن مشعل يااترى .... بشطح وتحملي شطحاتي هههههه
يمكن رنين تكون اخت مشعل وهو مايدري
او ممكن السالفه لها علاقه بزوجته الميته وهذا اللي احسه اقرب

اما فيصل زن على خراب علاقته مع رنين بهالسفره >> ياارب صحيح هالتوقع

جوود هذي احسهاا هي اللي تنفع لعزوووز ليته يلتفت لهاا

ننتظرك بكل حمااس

شقى الماضي 20-12-17 09:43 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695068)
امممم ايش مخبين عن مشعل يااترى .... بشطح وتحملي شطحاتي هههههه
يمكن رنين تكون اخت مشعل وهو مايدري
او ممكن السالفه لها علاقه بزوجته الميته وهذا اللي احسه اقرب

اما فيصل زن على خراب علاقته مع رنين بهالسفره >> ياارب صحيح هالتوقع

جوود هذي احسهاا هي اللي تنفع لعزوووز ليته يلتفت لهاا

ننتظرك بكل حمااس

ههههههههههه عجبتني شطحاتك في دا التعليق من بدايتو لنهايتو

وراح نشوف اذا كلامك صح ولا لا الفصل الجاي..

بس تدري ما قد فكرت بجود وعزوز... بس حلوين وممكن يكونوا ثنائي حلو ههههههههههههه

شقى الماضي 20-12-17 10:26 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
في الماضي البعيـد، تحديدًا قبل 33 سنة!

في حارات جده القديمة، تحديدًا داخل إحدى البيوت الشعبية، واقف وراء الباب المهترئ يستمع لهم، رجلين ما يعرفهم دخلوا معاها للصالة، جاله فضول وحاول يسمعهم، غمض عيونه بقوة وشدد بقبضته على قميصه وهو يسمعه يقول بصوته المرعب: دي الفـلوس، خديها وأنــا آخدهم دحين.

فتح عيونه ورفعها للفتحة الصغيرة اللي على الباب ليشوفها تناظر في الشنطة اللي بداخلها فلوس بتردد كبير، تمنى إنها ترفضهم وتتمسك فيهم، متأكد إنها بتختارهم وبترفض الفلوس، هي أمهم، تحبهم، ما تفرط فيهم، يدري إنها ما بتفرط فيهم، بس خاب ظنه وانكسر لما شافها تسحب الشنطة وتهمس: طيب!

ابتسم وهو متوقع هالشيء منها، هي تزوجته من أجل هالكم ريال، تتخلى عن فلذات كبدها عشان هالكم ريال، قام من الكنبة ومشى للباب، ولحقه مساعدة، يده اليمين اللي ما يتخلى عنه

ابتعد عن الباب كم خطوة للوراء وهو يحرك رأسه بالنفي، ما يصدق إنها باعتهم كذا، بكل سهوله، ليش؟ مو هي وعدتهم إنها بتحميهم.. تعيشهم أحلى عيشه، بتدخلهم أحسن المدارس، بيصيروا نفس الأولاد الباقيين اللي بنفس عمرهم، خرج ناصر وكلمه بنبرة آمره: مشعل.. روح جيب أختك وتعال إنتا وهيا!

رفع عيونه المليانين دموع له: لا مـ.ـا حجيـ.ـبها..، وبصراخ: مـــا أســـمـــحــلـــك تــاخــدهــا.

سحبه من وسط قميصه لـ يهزه بعصبيه: إيـــــش تــحــســـب نــفـــســـك، تـــرفـــع صــوتـــك عــــلـــيـــا، وبنبره أعلى: أنـــا أبــــوك.. أبـــــوك!

ناظره وهو يحاول يبعده عنه: أبويا مـيت من لما انولدت، من فين جاي انتا دحين، إيش جابك..، صرخ مرة ثانيه: قــلــي إيـــش جــــابــــك!

أبتسم بسخريه على كلامه، يتكلم بثقه.. بتحدي.. بدون خوف، يقولها بطريقه أكبر من عمره، ما كأنه ولد بـ عمر سبع سنوات، إذا هو معتبره ميت أجل بيخليه يعتبر أمه ميته، دفعه ليطيح على الأرض، عدل وقفته والتفت لمساعده.. كان صغير بالسن.. بس أكثر شخص يثق فيه: سمير خدو للسياره وأنا حجيك بعد شويه.

مشى لإحدى غرف البيت المهترئ ودخلها، لقى طفله صغيره ما تعدت السنه نايمه بوسط السرير بين مخدتين أنحطت عشان ما تطيح، أقترب منها وحملها بين يدينه، قطب حواجبه لما سمع صوت بكائها المزعج بالنسبة له، بكت كأنها حاسه بأنها بين يدين إنسان قاسي.. جبروت، كأنها حاسه بأنه ما بـ يرحمها!

خرج من الغرفة ومشى ليــن باب البيت، جاء بيخرج بس وقفه صوتها: نـــــاصـــــر.

التفت لها وشاف دموعها تتدحرج على خدودها: لا.. تـ.ـأذيـ.ـهم!

ناصر بنبرة حاده: أسوي فيهم اللي أبغاه، من بعد اليوم انتي مالك دخل فيهم الفلوس اللي قبلتيهم حتنسيكِ كل شي، حتى أولادك!

أنهى كلماته وبعدها خرج، وهي انهارت على الأرض تبكي



"الفصل السابع"
"حياة أخرى"



2012 ميلادي
جامعة الملك عبد العزيز بجدة

طالعت في اسمه المكتوب على ورقتها.. مشعل ناصر نجم الدين! طالعت فيه وهو يشرح للكلاس.. واقف بطوله اللي معطيه هيبه، وملامحه الحادة تدل على شخصيته الجدية، لفت لصحبتها اللي جالسة بجانبها وبهمس: وجدان.. دحين دا الدكتور اللي أبوه ناصر نجم الدين اللي اعدموه قبل فتره؟

صديقتها بنفس همسها بدون ما تلف لها: إيوا هوا..، كملت بخبث: اشبك فجأة سرتي بس تسأليني عنو، ما كنتي مهتمة!

رنين حست ببعض الارتباك: لا وي ما في حاجة، بس كنت بسأل.

وجدان: تراه أرمل متزوج وعندو بنت من زوجتو الاولى عمرها 12.

رنين طالعت فيها بعدم تصديـق:أمــانــه!! مو باين عليه، شكلو صغير، وبعدين انتي من فين عرفتي كل دا؟

وجدان: يا بنت الحلال انتي خليكي نايمة، كل الجامعة تقريبا عارفة عنو، وبعدين هوا أصلا صغير، عمرو 34 أو 35.

رنين طالعت فيه بشرود وهو يكمل شرح، معقوله يكون هو...؟!!
** ** ** ** **


فيلا ابو فارس.. بالحديقة الخلفية

كانوا جالسين على الفرشة اللي حطوها على الأرض، طالع فيها وبنبرة مقهورة من رأسها اليابس: تغريد.. لا تسكتي عن مرت أبوكِ، روحي اشتكيها عند عمي مشعل.

طالعت فيه بضيقة: فارس حرام عليك.. والله إنها طيبة، وانا مرا احبها.. حتى بابا كمان يحبها، ليش اخليها تزعل من حاجه تافهه.

فارس: كيف حاجة تافهه؟ صرخت عليكِ قدامنا أنا وبتول، كانت شوية وحتضربك! عادي عندك احد يهزأك كدا؟

تغريد باندفاع: أكيد لا.. بس ماما فرح غير! يعني لو أحد غيرها كان ما سكت وكنت اتضارب معاه..، وهي تبرر لها: لا تنسى انو احنا سوينا شقاوه وزعلناها، وبعدين هيا حامل!

فارس وهو يعقد يدينه حول صدره: ايش يعني حامل.. يعني عادي تصرخ عليكِ؟

تغريد وهي تحرك رأسها بالإيجاب: ايوه عادي.. لاني سمعت مامتك تقول للحريم اللي جوا انها لما كانت حامل فيك وفي بتول مرا تعبت، وتقول انو الحامل تتغير نفسيتها وتحتاج احد يهتم فيها وما يسوي شقاوه، ويعني انا كمان لازم اراعيها..، ضمت يدينها لبعض وبفرحه وهي تتخيل يكون عندها أخ أو أخت: انا اصلا متحمسه للنونو، وما ابغاه يكون زعلان لما يطلع!

فارس مسك يدها وهو يتحسس الكدمة المزرقة اللي عليها: شوفي دي الكدمة أكيد هيا عصبت عليكِ وضربتك بعد ما خرجنا.

تغريد سحبت يدها منه وبغضب طفولي: استغفر الله يا فارس، لا تخليني اعصب عليك دحين، لا تتهمها كدا حرام..، كملت بصدق: دي الكدمة طلعت لما كنا نلعب انا وصحباتي شرعت في المدرسة.. كنت اجري وطحت، حتى اسأل بتول كانت معايا ازا انتا مو مصدقني.

فارس وهو للحين مو مقتنع: طيب خلاص مصدقك بس لا تعصبي انتي!

شافوا بتول وهي تجي لهم ركض، وصلت عندهم وهي تلهث من ركضها: تغريد.. ابله فرح تقول يلا عشان ترجعوا البيت.

تغريد بدون تردد قامت بفستانها اللي يوصل لتحت ركبها: اوكي.. يلا مع السلامة.

فارس بغيظ: غريبه ليه سمعتي كلامها على طول وكأنك متحمسة ترجعي البيت.

تغريد طالعت فيه بغرور وبنبرة استفزته اكثر: ما ابا اتأخر عليها عشان لا أزعلها.
** ** ** ** **


وقفت قدام المراية وهي ترفع شعرها وتربطه، ناظرت لبسها اللي كان عبارة عن تنورة سوداء ماسكة على جسمها وبلوزة سكريّة بأكمام طويلة، ابتسمت لنفسها برضا تام عن شكلها

طالعت فيها جود وهي رافعه حواجبها: اول مرا أشوفك كدا متحمسه للجامعه.

رنين طالعت فيها: لأن اليوم غير، ما حكون طول الوقت في الجامعة.

جود بنفس حالتها: ما شاء الله.. وفين حتروحي؟ خارجة مع مشعل صح.

استغربت من معرفتها بالموضوع وهي ما قالتلها وبحده: البزورة ما يتدخلوا في أشياء الكبار!

جود ابتسمت: يعني كلامي صح؟ المهم انا اصلا سمعتك وانتي تكلمي مهند.

طنشتها واخذت عبايتها لتلبسها، زفرت بضيق وصارت تتذكر الكلام اللي صار مع مهند

مهند بعصبيه مسك يدها: انتي مجنونه كيف ترضي تروحي ما حسمحلك يا رنين والله يا ويلك اذا خرجتي معاه، أدبحك.. أدبحك، تخيلي اذا مسكوكم الهيأة وقتها ايش ايش حيسير..، وبنبرة ساخره: يزوجوكم!

رنين سحبت يدها، وباسلوب هادي لأنها تدري إن العصبية ما راح تفيد مع مهند، لازم تجيه بأسلوب الأقناع: مهند سار يثق فيا بشكل ما تتخيلو، ما تقدر تجي وتقولي لا تخرجي معاه..، حطت يدها على كتفه وطالعت في عيونه: اللي بسويه عشان ماما، عشان كلنا نرجع ونشوف ماما مبسوطة زي ما كانت.. امي ندمانه على اللي سار من أول وانا ابغا اصلحو!

طالع فيها وبصدق: رنين انا خايف عليكِ، اخاف انو انتي في النهايه اللي حتضرري، أخرجي انتي من السالفة وانا أصلح كل شي!

رنين: مهند.. تحسب شي سهل عشان توصل اللي وصلتو؟ مشعل ما يثق بأي أحد بكل سهوله، وانا جالسه اتقرب منو من بداية الترم وشوف متى بس بدى يهتم ويثق فيا وكمان تعرف انو حتى لو مسكتنا الهيأة برضو مستحيل يزوجوني هوا، وانتا اكتر واحد عارف ليه!

رجعت لواقعها فتنهدت مرة ثانيه بضيقة شديده، ودعت بداخلها أنّ كل شيء يصير مثل ما تبي، واثقة إنها بتنجح.. لأنها ما بتسوي شيء غلط!
** ** ** ** **


كانت جالسه على المرجيحة، تتمرجح بهدوء وفارس كان بالمرجيحة اللي جنبها وكان يناظرها بس ما كانت معاه ولا حاسه فيه، عيونها على الارض وباين فيهم الحزن، جات لبيت أبو فارس عشان تحاول ترفه عن نفسها بس الحزن مو راضي يروح، رفعت رأسها وطالعت فيه بصمت لما سألها: تغريد ايش فيكِ؟

تغريد بحزن: ماما فرح سقّطت البيبي اللي كان حيجي! والدموع تتجمع بعيونها وهي تحس كل اللي خططته للطفل اللي كان راح يجي انهدم وفي لحظة: ماما فرح مسكينه من كم يوم وهيا بس تبكي، بابا حزين وما سار يقعد معانا!

فارس ابتسم ليخفف عنها: لا تزعلي، ان شاء الله المرة الجايه ما حيطيح.

تغريد من كل قلبها: آميــــن.

سكت لثواني وبعدها قال: اممم تغريد ابويا قال ازا جيتي يباكِ في موضوع.

تغريد: طيب دحين أروح بس تعرف ليه؟

فارس وهو يخفي توتره: لا ما اعرف.. وهو يقوم ويروح عندها: يلا تعالي نروحلو.


……..

بعد فترة.. في الصالة

كانت جالسه على الطاولة اللي بقبال وليد.. اللي هو أبو فارس، منزلة رأسها وعيونها مثبتتها على الأرض تستمع لكلامه ودموعها تتجمع بعيونها، كيف يقول عن فرح كذا؟ مين قاله هالكلام وظلمها؟ ليش يظلموها اصلا، يقولها اذا كانت تضربك كلميني لا تخافي انا مثل أبوكِ، طيب حتى فرح مثل أمها وأكثر، تهتم فيها أكثر من أي شخص، هي ايش سوت لهم حتى يظلموها.. ولا هم بس يبوا يحرموها من اللي تحبهم، يعني معقولة يكونوا بسوطين كذا؟ ينبسطوا لما يحرموها منها؟!!

رفعت عيونها المليانين دموع وبانكسار: والله ماما فرح طيبه، انتوا ليش ما تصدقوني؟ هيا اللي تصحيني لصلاة الصبح كل يوم، تسويلي فطوري وتلبسني مريول مدرستي، أرجع من المدرسة وألاقيها مسويتلي غدا لزيز، بعدين تتفرج تلفزيون معايا وإحنا نسوي واجباتي، ولما أنام تجي تقرأ لي قصة..، كملت ودموعها صارت تنزل بحرارة: حتى ماما ما كانت تسوي زيها، انتو جالسين تظلموها وهيا ما سوت لكم شي، حرام عليكم!

وليد مسح على شعرها القصير بحنيه، هالبنت تكسر خاطره حيل.. انحرمت من أشياء كثيرة واهمها حنان الأم، انحرمت منها وهي بسن صغير: لا يا تغريد لا تبكي.. ليه الدموع دي دحين؟

تغريد كل ما تمسح دموعها ترجع مره ثانيه تنزل، فتكلمت بالقوة من بين شهقاتها: أنـ.ـا أحبـ.ـها، مـ.ـا أباها تروح!

وليد: طيب مين قال إنها حتروح؟ أحنا نخاف عليكِ عشان كدا نسألك يا حبيبتي، يلا مسحي دموعك ما نبغا بابتك يشوفها لمن ترجعي ويحسبنا بعدين زعلناكِ.

تغريد مسحت دموعها وهي تحاول تمسك نفسها لا ترجع تبكي: طيـ.ـب.

…..…

خرجت من الصالة بخطوات هادية، متوجهة للباب لترجع بيتها، شافتها بتول وهي تنزل من الدرج، استغربت فنادتها: وي تغريد أصبري.. فين رايحه؟ ما كملنا لعب!

تغريد لفت لها وطالعت فيها بكبرياء: انا رايحه البيت وما حرجع هنا أبدا، قولي لفارس اني حقعد مع ماما فرح طول الوقت.

…….

بتول تخصرت وهي تطالع في فارس المندمج بلعب السوني: يعني خلاص عاجبك كدا زعّلت تغريد ولا همك جالس تلعب بالسوني؟ شوفها ما حتجي بيتنا ولا عاد تلعب معايا بالعرايس..، كملت بتذمر: دحين أيش استفدت منك؟ بس قلت لبابا على الفاضي، استغفر الله!

فارس وهو حاس بتأنيب الضمير بس متجاهله: أصلا تعرفيها بس ترمي كلام وما تسوي اللي تقولو.. كلها كم يوم وترجع تكلمنا زي أول.

ومثل ما قال.. كلها كم يوم ورجعت لهم، مهما صار فهي تعودت عليهم حيل وما تقدر على بعدهم، وغير بتول اللي معاها في المدرسة، كل يوم تجلس تزن على رأسها ليـــن ما استسلمت وسامحته!
** ** ** ** **


في إحدى كافيهات جدة..

منزلة عيونها ليدينها، تحاول تجيب أي سالفة تفتحها معه، تكره أي جلسة لما يكون الصمت حوارهم، رفعت عيونها له وقالت: أممم مشعل، سارلنا أكتر من شهرين وإحنا مع بعض ولا مرا قِد حكيتني عن حياتك.

وهو يريح ظهره بظهر الكرسي: أووه حياتي طويلة عريضة وحتصدع راسك.. يعني بإختصار حياتي ما راح تهمك، ولا حتفيدك.

رنين حركت كتوفها بخفه: طيب وأنا معايا الوقت كلو عشان أسمعلك، ولا تنسى أنو أي شي يخصك يهمني، وغير كدا انا قلتلك كل شي عني، قلتلك عن فيصل وكيف ابوه رفض انو يتزوجني، قلتلك عن بابا الله يرحمو، وانتا ســـاكـت.

مشعل أبتسم: طيب.. خلاص ولا تزعلي بقول كل شي، أمي وأبويا كان عندهم مشاكل كتيرة، ابويا ما كان يجي البيت كتير، من فين لفين نشوفو، لين سار عمري سبعة سنوات وبعدين… سكت وما قدر يكمل، إيش يقولها؟ أمي تخلت عننا عشان فلوس؟ عاشت حياتها وللحين ما أعرف عنها شيء ولا سمعت لها خبر!

رنين حركت يدها بالهواء لما حست إنه شرد: مشعل فين رحت؟ وبعدين إيش؟

مشعل أخذ نفس وبدون تردد: وبعدين ماتت!

طالعت فيه: أمك ماتت؟

حرك رأسه بالإيجاب وكمل: ايوه ماتت بعد ما ولدت أختي على طول، وبعدين أبويا أخدنا نعيش عندو، ولما سار عمري 18 سافرت تركيا أكمل دراستي، وبعد كم سنة اتزوجت وحدة تركيه من هناك.

رنين: أوه، طيب إيش سار بعدين.

مشعل: أظن الباقي معروف ومنتشر في الجامعة كلها، زوجتي الأولى ماتت وجابتلي أحلى شي في دنيتي وهيا تغريد، واتزوجت التانية عشان تكون أم لتغريد وتعوضها..، وهو يتنهد: أدري إني ما بدوم لها طول عمري، اتمنالها عائلة، كبيرة تحميها بعدي، اتزوجت عشان يكون لها أخوان يسلوها وتسليهم ما عمرها شكتلي عن وحدتها بس حاس فيها أنا، لأني كنت في محلها وأنا في عمرها، شعور الوحدة يقتل!

رنين استمعت لكل كلمة يتفوه بها بإنصات، أنسان بسيط، كلامه يدل ان بنته هي الشيء الوحيد اللي يفكر بيه، طالعت فيه: حمستني أشوف بنتك.

مشعل بتفكير: اصبري انا حاط صورتها في محفظتي، خليني أطلعها بس..، فتح محفظته وطلع صورة لتغريد مادّها لها: أسمها تغريد..

أخذت الصورة وتأملتها: اوه مــره تشبهك..، طالعت في ملامحه بتفحص: من جد نسخه منك!

مشعل بضحكة: كل الناس يقولوا كدا..، اختفت ابتسامته لما تذكر: كنت دايما أقول لها أبغا بنت تشبهك، وبعدين جات تشبهني، بس برضو كل ما أطالع فيها تزكرني بيها.

جات بترد عليه بس قاطعها صوت جوالها، خرحته من شنطتها وردت: الو…….هلا نادر......….ياربيييه منك لآ تقولهآ.....…..وحتى جود كمآن……..لآ لا لا مو معقول إنتو حتجننوني رسمي أكيد…….وأنا من فين أجبلكم؟……….طيب أسألو مهند مو بس أنا……. أوكي أوكي يلآ بآآي.

قفلت جوآلهآ وطآلعت في مشعل: معليش مشعل كآن لآزم أرد دآ أخويآ.

-لآ وي عآدي مآ فيهآ مشكلة، بس أظن المشكلة في نفس المكآلمة، مآ شفتي شكلك وإنتي منفعلة.

رنين ضحكت بحرج: معليش، لأنو أخويآ طفشني، مآهو عآرف حل الريآضيآت والاسبوع الجآي إختبآرو النهآئي يبآ مدرس يفهمو المنهج!

مشعل بـ إهتمآم: كم عمرو؟

رنين: 12!

أبتسم وهو يحرك رأسه: جيتي للشخص الصح يآ رنين! فيه حآجة مهمة نسيت أقلك هيآ، إني أعشق حآجة إسمهآ ريآضيآت.

رنين: من جد..؟؟!

مشعل: إيوه ومستعد أجي وأدرس أخوكِ.

رنين بتردد: وحتى اختي.. توأمه!

مشعل: طيب مآ عندي أي مشكلة.. أقدملك المسآعدآت في أي وقت، أعطي رقمي لأخوكِ وقوليلو وحدة من البنآت أعطتني رقم مدرس ممتآز.
** ** ** ** **


مرت الأيام.. ومشعل حاء لحد بيتهم.. درّس التوأم، قعد مع مهند، ما هو حاس.. ولا جاء في باله أن مهند عارف بأنه يدرس رنين بالجامعة، مو عارف باللي يفكروا فيه ولا مقصدهم بجيته لعندهم، تعلق في هالعائله حيـل وصار كأنه واحد منهم!

وفي نهاية السنة.. طلعت إشاعة عنهم وعن طلعتهم اللي الكل لاحظها، طلعت هالإشاعة ووصلت لزوجته!

كانت تمشي بالجامعه رايحه لكلاسها مو منتبهه لنظرات البنات حولها وهمسهم، شافت صديقتها وجدان مع كم بنت تضحك وتسولف، مشت لها بإبتسامة: أهلــيــن وجدان.

وقف ضحكهم من لما جات لهم رنين، واحداهم قالت: يلا بنات خلينا نروح.

راحوا البنات وبقيت وجدان معها وباين إنها مو مرتاحه فحست بها: بنت ايش فيك.

وجدان: لا أبدا، بس شوفي كيف البنات يطالعوا فيكِ، سايره على كل لسان!

قطبت حواجبها: كيف يعني.

وجدان: الكل يتكلم عنكم يا رنين أصحي وشوفي اللي حولك حبي.

رنين بشبه عصبيه: يا ربي أتكلمي عدل مو بالألغاز.

وجدان: الكل يتكلم عن خرجاتك الكتيره انتي ومشعل وكيف تعامله غير عن الكل.. باين انو يفضلك من بين الطلاب، تبي تخربي بيت الرجال خافي ربك.. تراه متزوج! ما أتوقعتك من دا النوع بصراحة.

رنين عصبت من كلامها وبحده: هي انتي انتبي لكلامك، ما أسمحلك تقولي عني كدا.

وجدان بعدم أهتمام وهي تمشي: هيا دي الحقيقة اللي الكل يشوفها يا رنين بكيفك!
** ** ** ** **


جالسه على طرف السرير منزلة رأسها تخفي دموعها عنه، قلبها يوجعها حيل.. صار له فترة مهملهم، مهمل تغريد، خرجاته كثرت ما تعرف ليه، ما صار يقعد معهم مثل قبل، ولو قعد.. يكون الجوال بيده، شكّت فيه غصبًا عنها، شكّت انه يخونها، يخونها مع بنت ثانيه غيرها، لين ما تأكدت من صديقتها اللي تشتغل بالجامعة، وهي تقولها أن زوجها يخرج مع وحده من طالباته، يميزها عن الكل.. والكل لاحظ هالشيء، أخذت نفس عميق وطالعت فيه وهي تحارب دموعها: مشعل أنا ما أقدر أكمل معاك، ما أقدر أكمل مع شخص تفكيرو وقلبو عند أنسانه تانيه، انسانه ماهي موجوده في دي الحياه، انا كنت أول ساكته ومتحمله بس عشان الروح اللي كانت في بطني، بس دحين..، وهي تتحسس بطنها الخاويه: بعد ما راح.. ما أقدر أكمل معاك، وبالذات بعد ما عرفت عن البنت اللي تخرج معاها، ما أقدر أقعد في ذمتك ولا ثانيه، ودحين أنا بروح لبيت أهلي، بروح ومو راجعه وأتمنى ورقة طلاقي توصلني.

كان طول الوقت ساكت، منصت لكل كلمة تنطقها، يفكر بكلامها.. يشوف ايش الحل اللي ما يظلم أحد، ما يبي يغلط أكثر.. كفايه أغلاط ماضيه، ما يبي يجرح أحد يكفي الناس اللي جرحهم، طالع فيها وهي تبكي بحرقه، ما يبيها تكون بهالحاله، ما يبي يعذب بنات الناس معه، مشى لها وجلس بجانبها، تنهد بخفه وقال بصوت هادي بدون ما يناظرها يحاول ينتقي كلماته عشان لا يجرحها أكثر: حاولت كتير يا فرح.. بس ما قدرت، لو تسأليني في أيش حاولت حقولك اني حاولت انساها.. انسى حبي لأم تغريد.. حاولت اني أحبك يا فرح.. بس قلبي متعلق بحب أم تغريد!

مسحت دموعها وهي تحس انها بتنحرق غيره من كلامه، يحبها وهي تعرف ما يحتاج يقول، كل ليله وهي بجانبه لما يكون نايم تسمعه يناديها في منامه، كل ليله تكون بين يدينه بس تفكيره عندها حتى وهي مو موجوده في هالحياة: أفهم من كلامك اني ما قدرت أوصل لمكانتها في قلبك، لدرجة إنك رحت لبنت غيري! ماني قادره أستوعب يعني فيا شي غلط فيا عيب!!!

مشعل طالع فيها بضيق: راح أكون ظالم لو طلعت فيكِ عيب، فرح ما أبا اكون عائق في طريقك ولا أبا اكون ذكرى سيئه…

قاطعته: أذا تباني اذكرك بالخير يا مشعل طلقني!

مشعل بجدية: متأكدة؟

وهي تأخذ نفس عميق: متأكدة!

حط يده على كتفها وباس جبينها بهدوء: شكرا فرح على كل شي سويتيه، صبرتي عليا.. حبيتي بنتي وعاملتيها كأنها بنتك، دخلتي في بيتنا ذكريات مستحيل ننساها أنا وتغريد، وطول عمرنا حنذكرك بالخير..، وهو يبتسم بهدوء: شكرًا على كل شي!
** ** ** ** **


دخل مكتبه وهو ماسك كرتون، بدا يجمع أغراضه، ملاحظاته.. كتبه.. ملفاته, حطهم بالكرتون ولف لجهة الباب، شافها واقفه ودموعها متجمعة بعيونها، غمض عيونه بقوه ما يبي يضعف قدامها، فتحهم وتعداها بتجاهل، وصار يمشي بالسيب

…: مــشــعـــل.

وقفته نبرة صوتها الحزينة، أنوجع قلبه عليها بس إيش يسوي؟ الكل صار يتكلم عنهم وعن خرجاتهم مع بعض، صاروا يتهموها في شرفها وهو حتى يدها عمره ما لمسها، ما يقدر يشوفها تتأذى منه، حرك رأسه بحزم, مشى وتجاهلها مرة ثانية!

رنين صرخت بنبرة بكاء: يعني خلاص كل شي أنتهى، بدي السهولة تتخلى عني بدال ما تدافع عني يا مشعل.

لف لها وبغضب من كلامها: أنا جالس أسوي اللي في مصلحتك وتقولي أتخليت عنك؟ انتي راضية عن كلام الناس؟ راضية إنهم يتهموكِ في شرفك؟ أنا معتبرك زي أختي وشوفي كيف الناس معتبريننا.

رنين وهي تحارب دموعها: من متى سرت تهتم لكلام الناس؟ سيبك من كلامهم.. تتذكر لما قلتلي كل اللي تتمناه يكون لك أهل..، قربت منه وبرجاء: بكون لك كل اللي تتمناه بس لا تروح، فيه أشياء كتيرة لازم تعرفها ولا حتكون في رقبتي لين ما أموت، صدقني لو ما قلتها حتعذب طول حياتي.

مشعل قطب حواجبه هالبنت ليش ما تبعد عنه رغم كل الاتهامات الباطلة اللي اتوجهت ناحيتها؟ ليش متمسكه فيه لهالدرجة؟ أجل ما عنده إلا إنه يقول هالكلام ويصير اللي يصير، قرب منها وبتحذير: تدري إيش يا رنين؟ إنـتـي جالسة تدمري العائلة اللي أتمناها من صغري، زوجتي سابتني بسببك، بنتي وسارت تكرهني لأنها تشوف اني حرمتها من فرح، أخاف ازا دخلتك أكثر لحياتي تدمريها اكتر من كدا!

جفت دموعهآ من قسوة كلآمه، طآلعت فيه بصدمة وبصوت مرتجف: أنـ.ـاا.. أد.. أدمــر..هــا؟

مشعل بنظرة قوية: ايوه تدمريها، وعشان كدا قررت أشيلك منها!!
** ** ** ** **


حك شعيرات ذقنه القصيرة وهو ماسك الأوراق بيده الثانية، رفع عيونه لـ مشعل وتسائل بـ استغراب: يعني تباني اتجسس على أهل دي البنت؟

مشعل: مو تتجسس انتا بس تطمنّي عليها..

عبد العزيز طالع في اسمها المكتوب في الورقة بتفكير.. رنين أحمد الـ……، هذي ايش تبي منه؟ ليش تقربت له؟ مشعل حكاه كل شي.. يحسه مخدوع فيهم.. ما قالوا له مين هم.. والحين طلب منه يراقب كل تحركاتهم، طلبه غريب.. بس راح يجاريه لفترة ويشوف ايش سالفتهم!
** ** ** ** **


نزلت درجة واحده وشافت فرح معطيتها ظهرها وتسحب شنطتها لتخرج من الفيلا، تجمعت الدموع بعيونها وهي ما تبي اللي في بالها يصير وبصوت مخنوق: مــامــا!

وقفت في مكانها وهي تسمع صوتها المائل للبكاء، ما هي سهله عليها وهي تتركها، تحس أن تغريد صارت جزء منها وكأنها بنتها ما هي بنت زوجها، تعلقت فيها بشكل خيالي وماهي حزنانه لأنها بتفارق مشعل، حزنانه لأنها بتفارق بنته!

حست بيدينها الصغيرة وهي تحاوطها وتدفن وجهها بظهرها، تشهق بألم وتنطق من بينهم: مـــامـــا.. فــيـ.ـن رايحة مــ.ــن دون مـ.ـا تــقــولــيــلــي؟

نزلت دموعها لا أراديًا وهي تحس إنها بتنهار حاليًا، راح تترك كل شيء وتقعد عشانها، جت بتحط يدها على رأسها لتمسح عليه بس سرعان ما تذكرت كلام صديقتها، أن مشعل يخرج مع بنت تاركها في عز حاجتها له.. لما أسقطت طفلها، مسحت دموعها وبصوت عالي: مــــشـــــعــــــل.. مـــــشـــــعــــــل.

خرج مشعل من الغرفة وهو مقطب حواجبه من الصراخ: إيش فيه؟

فرح وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها: بـــعــــد بــنــتــك عني.. بـــعـــدهــا!

مشعل بهدوء وهو يقترب منهم: يا فرح على الاقل خليها تودعك مو كـ…

فرح قاطعته بحده وهي تحس انها راح تستسلم بسببها: خُدها عني بعدها يا مشعل.

زفر بضيق ومشى لين وصل عند تغريد، سحبها من فرح وأخذها لحضنه وهو متضايق حيل من دموعها، دايم يوعد نفسه ويوعدها انه ما يبكيها، أنه ما يزعلها ولا يحرمها من شيء تحبه، بس ما يبي يظلم فرح معه أكثر، يخاف ظلمه لها يرجع في تغريد لما تكبر وتتزوج، يجي أحد يجرحها.. شخص يكون قلبه عند إنسانه ثانيه، ما يرضى الوجع لبنته.. فعشان كذا ما يبي يوجع بنات الناس

تغريد ابتعدت عنه وطالعت فيه ودموعها تنزل على خدودهاا: بـ.ـابـ.ـا، ماما فرح حتجي تاني مرا صح؟ ما حتسيبني زي ما سابتني ماما، الله يخليك لا تخليها تسيبني.

مشعل حاوط وجهها وإبهامه يمسح بيه دموعها بحنيه: حبيبتي، ماما فرح ما تقدر تقعد هنا، ما راح تقعد!

تغريد: طيب انتا مو تحبها؟ قولها تقعد.. هيا تسمع كلامك.

زفر بقلة حيله ورجع ضمها لصدره، وفي داخله متيقن إنها فتره وتعدي وتنسى فرح، بس لأنها صغيره فتعلقت بها بسرعه، وراح تتعود على بُعدها أسرع!
** ** ** ** **


رمى الأوراق بالمكتب أمام الشخص الواقف أمامه: سمير مين دولا؟

سأله وكان واضح عليه أنه عارف الإجابه من نظرته الواثقة فنزل عيونه بارتباك وهو يقول: مـ..ـا أدري!

عبد العزيز: طيب دامك ما تعرف أباك تدورلي عنهم، وتجبلي كل شي يخصهم.

سمير أخذ نفس وهو مقرر يقول اللي عنده: أستاذ عبد العزيز، أدري مين هم ما يحتاج أبحث عنهم.

عبد العزيز بسخرية: كويس يعني أخيرا حتتكلم، ايوا اشرحلي بسمعك!

نزل عيونه مرة ثانية وقلبه يدق بسرعــة متوتر لأنه راح يكشف عن سر مخبيه من 33 سنة، سر محتفظ بيه ووعد ناصر إنه ما يكشف عنه بيوم بس الحين ما يقدر يخبيه أكثر من كذا.. حمل جدا ثقيل عليه، رفع عيونه لعبد العزيز ونطق أخيرا: دولا أخوان مشعل وندى من أمهم!
** ** ** ** **


بعد مرور ثلاث سنوات.. في بيت أبو فارس

بتول وهي تسحب تغريد وتنزلها من الدرج بإستعجال: تغريد فارس يبغاكِ ضروري مراااا.

تغريد وهي تحاول تسحب يدها: يا بنت عيب أروح أكلم أخوكِ، خلاص انا سرت كبيرة، مامتك كمان قالتلي كدا، قالت اني كبرت وما يسير ألعب مع الأولاد، ودحين كيف تبيني أخش في غرفتو؟

بتول حركت عيونها بملل: يا هبلة طبعا ما حدخلك غرفتو، بس نروح برا في الحديقة، خلاص لا تطفشيني بس حيقولك كلام وتروحي.

تغريد بإستسلام: طيب بس خليني ألبس عبايتي على الاقل!

مشوا للحديقة وتغريد لابسه عبايتها حاطه طرحتها بإهمال، شافوا فارس وهو جالس على المرجوحة ينتظرهم، أبتسم بحب كبير وهو يشوف تغريد تمشي له، وقف وأقترب منهم وهو يسأل تغريد: أمــم.. تغريد كيف حالك؟

طالعت فيه وهي حاسة بمشاعر غريبه تجتاحها لما تشوفه، بلعت ريقها بتوتر وقالت: الحمد لله، وانتا كيفك؟

بتول ابتسمت وهي تشوف نظراتهم لبعض: أوكي قايز انا داخله البيت.

مسكتها تغريد بإندفاع: لآآآآ خليكِ هنا، أممم يعني عادي ما فيها شي لو قعدتي هنا.

بتول بكذب: لا ماما قالت تباني لازم أروح.

تغريد شدت على بتول أكثر وهي تحس نفسها شوي وتبكي من التوتر اللي حاسته: لا لا بتول أقعدي شويه الله يخليكِ.

فارس حس بتغريد فقال بهدوء: خلاص يا بتول عادي خليكِ هنا مو مشكلة.

بتول طالعت فيه: طيب أنتا قلتلي لما أكلمها اباكِ تخشي جوه.

فارس بحده خفيفه: طيب دحين أقلك عادي لو تقعدي وي..، طالع في تغريد وسرعان ما لانت ملامحه وبابتسامة هاديه: امم في شيء من أول كنت أبا أقلك هوا.

تغريد شتتت عيونها: يلا بسرعه يا فارس قلي لا توترني كدا.

فارس بسرعه: كنت بقول إني أحبك يا تغريد.

تغريد بضحكة: طيب يا فارس أدري إنك تحبني زي ما تحب بتول، عادي حتى انا أحبك زي أخويا..، وهي تزفر براحه: أوه وترتني حسبت حاجه تانية.

فارس قطب حواجبه، فهمته عكس اللي يقصده: لا يا تغريد، مو قصدي كدا..، حك جبينه وهو يحاول يفهمها: أممم يا ربي كيف أفهمك.. شفتي كيف بابتك كان يحب مامتك؟ وامي كيف تحب أبويا؟

حركت رأسها بالإيجاب والتوتر بدا يرجع لها من كلامه

فارس اقترب منها خطوة ومسك يدها: أنا أحبك زي ما هما يحبوا بعض، وعينه بعينها: يعني حيجي يوم وأتزوجك!

رمشت عيونها بارتباك من كلامه اللي صار يتردد في عقلها، سحبت يدها من يده ورجعت كم خطوة للوراء وهي تحرك رأسها بالنفي: لا يا فارس..!

قطب حواجبه من ردة فعلها، طالع في بتول بتساؤل وهي ردت له انها ما تعرف ايش فيه: ايش هوا اللي لا يا تغريد؟

تغريد والدموع بدت تتجمع بعيونها: لا تحبني يا فارس، لا تحبني الله يخليك.

فارس باستنكار وعدم أستيعاب: يا مجنونه ايش جالسه تخربطي؟ ليش ما أحبك؟

تغريد وهي تمسح دموعها بسرعه: يا فارس انا ما أحبك وما حتزوجك ولا أفكر فيك أصلا زي كدا، كيف تفكر كدا؟ وهي تبتعد عنهم تمتمت لنفسها: أنا رايحه البيت وما حجيكم زي أول مستحيل!


**


نهاية الفصل السابع..

عمر البعد 22-12-17 08:05 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
مرحبا شووشو

جزء جميل الله يسعدك
وطلعت رنين اخت مشعل .. بس ليه مايبونه يعرف ؟؟؟؟
وليش خايفين انه يعرف السر
اكيد غي شي كبير صار زمان
وسعاد ايش وضعها يعني ؟؟
اتوقع ام مشعل للحين موجوده ماماتت
واخر شي كنت اتوقعه ان مشعل تزوج ثانيه صج رجال مالهم امان
يحب زوجته ووعايش على ذكراهااا خرطي

شكرا شوشو وننتظر المزيد

شقى الماضي 26-12-17 11:35 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695205)
مرحبا شووشو

جزء جميل الله يسعدك
وطلعت رنين اخت مشعل .. بس ليه مايبونه يعرف ؟؟؟؟
وليش خايفين انه يعرف السر
اكيد غي شي كبير صار زمان
وسعاد ايش وضعها يعني ؟؟
اتوقع ام مشعل للحين موجوده ماماتت
واخر شي كنت اتوقعه ان مشعل تزوج ثانيه صج رجال مالهم امان
يحب زوجته ووعايش على ذكراهااا خرطي

شكرا شوشو وننتظر المزيد

مرحبتين يا قمرة
رنين كانت حتقولو بس تراجعت لما قال انو أمو ميته
يعني حست انو ما يبغاها وما حيتقبلها
سعاد هيا ام مشعل
مشعل اتزوج عشان لأنو ما كان يقدر ينتبه لتغريد ومشغول بعمله كطبيب
ايوا يحب دينيز بس ما يقدر يربي تغريد لحالو

العفو حبي، دحين حينزل الفصل الفصل التامن

شقى الماضي 26-12-17 11:37 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
رفعت عيونها بصدمة لتلتقي بعيونه في المرآية، نطقت برجفة وعيونها بدت تملتي بدموعها: بـــ.ـــابــــ.ـــا فــــي الـــمــســـتـــشـــفـــى!

شتت عيونه عن عيونها وهو يحس بالضعف لما يشوف دموعها، أخذ نفس ليبعد توتره وبعدها قال: ايوا.. وعمك كلم أبويا عشان ناخدكم..، وهو يرفع عيونه لها مرة ثانية وبنبرة دافيه: ما فيه الا الخير.. خرجوه من غرفة العمليات، عمك قال إنه بخير وما سارلو شي خطير، مجرد رضوض وكدمات حتى ما طول في غرفة العمليات!

عقدت يدينها حول صدرها ولفت وجهها للنافذة وهي تكتم دموعها، هي السبب في اللي صار لأبوها، ما راح تسامح نفسها إذا تأذى.. أكيد عصب بعد ما عرف، غمضت عيونها بقوه ونزلت دمعتها، المفروض ما كانت تجاريهم وترضى.. يا ليتها وقفت في وجههم وما أهتمت بغير أبوها، رجعت رأسها للوراء وسندته وهي تتذكر اللي صار قبل يومين



"الفصل الثامن"
"حين لا ينفع الندم"



قبل يومين.. يوم الخميس

طلعت الدرج تاركة التلفزيون مفتوح في الصالة، انسدت نفسها عن كل شي بسبب هالأمير.. أخو ميس، نظراته وأفعاله تدل على مدى وقاحته، دخلت لغرفتها وسكرت الباب وراها، سحبت منشفتها وهي ناوية تتحمم، جت بتدخل الحمام بس صوت طرقات الباب أوقفتها، تنهدت وهي تقول: أدخل.

دخلت ندى بهدوء وهي تقفل الباب وراها: تغريد، ما حتتفرجي على البرنامج؟

تغريد: لا.

ندى: كيف لا بعدين مشعل يزعل إزا عرف إنك ما أتفرجتي.

تغريد بضيق: مالي نفس والله أتفرج، يمكن أشوف الإعادة، أما دحين بروح أستحم.

ندى بتفهم: اهاا.. طيب، انا حنزل أتفرج.

تغريد بتردد قبل ما تخرج: عمة ندى.

ندى وهي تلتفت لها: نعم إيش فيه حبيبتي؟

تغريد وهي تأخذ نفس: في حاجة بسألك عنها.

ندى باهتمام: طيب أسألي.

تغريد بتردد: همم، طليقك.. اللي هوا أبو ميس، عندو ولد من زوجة غيرك؟

ندى وملامحها تبدلت للبرود والجمود: إيوا عندو.. ليه تسألي؟

تغريد جلست على سريرها وقالت لها كل اللي صار تحت

ندى قطبت حواجبها بقوة وبجدية: تغريد انتبهي، قولي لمشعل اللي سار.. لا تسكتي.

تغريد طالعت فيها: أنا ما سكتلو، وما أظن أنو حيتجرأ ويعيدها مره ثانية.

ندى بتحذير: يا تغريد أنتبهي منو، أنتبهي من أمير، تراه مو أحسن من أبوه، إلا أخص منو، أنا عشت معاهم 12 سنة وأعرفهم مزبوط.. دولا ناس أنغروا بفلوسهم ومناصبهم، يحتقروا اللي أقل منهم وما يرحموهم.. قلوبهم متجردة من الرحمة والإنسانية.. ما عندهم ضمير!

تغريد والفضول أجتاحها من كلامها: ليه تقولي عن أمير كدا يا عمتي، فيه شي سار يوم كنتي متزوجة أبو ميس.

ندى بعد فترة من الصمت: إيوه سارت مشكلة بين أمير وأبوه، لدرجة أنو ضربو قدامي وما أهتم.

تغريد قطبت حواجبها: طيب إيش هوا عرفتيه؟

ندى: إيوه عرفت..، سكتت شوي وهي تطالع فيها وبعدها كملت: لؤي عرف أنو أمير اغتصب بنت!

توسعت عيونها بصدمة وهي تحط يدها على فمها: أغـتـصـب! شافتها وهي تحرك رأسها بالإيجاب، فقالت بألم وهي تنزل يدها: حسبيَ الله ونعم الوكيل، طيب ايش سار بعدين؟

ندى بإستهزاء لتخفي ألمها على البنت، رغم إنها ما شافتها ولا عرفتها: ايش سار؟ أتستروا على الموضوع، أخفوه، دبحوا البنت المسكينة وهيا حية وأنقذ ولدو، تزوج وعاش حياته كأنو ما عمل شي.

تغريد بشفقه: طيب زوجتو تعرف؟

ندى: تتوقعي فيه بنت ترضى تتزوج واحد زيو؟ أكيد ما تعرف، لكن لازم يجي يوم وينكشف قدامها وربنا ياخد حق البنت!

تغريد دمعت عيونها وهي تتخيل حال البنت حاليًا، يا ترى هل أهلها وقفوا معاها؟ ولا حملوها ذنبه؟ يا ترى لقيت اللي يواسيها؟ اللي يطبطب على جرحها وينسيها؟ يا ترى كيف تكون؟ حية أو ميتة؟ يا ترى أهلها ذبحوها ليتخلصوا من العار؟ حتى لو كانت عايشه على هالدنيا فأكيد هي جسد بلا روح بعد اللي تعرضت له، تعرضت لظلم عظيم.. تعرضت لوجع مستحيل ينمحى اللا بعد ما تشوف اللي عذبها ياخذ جزاءه، اشمأزت من أمير أكثر، وبداخلها تدعي عليه إن الله يعذبه أضعاف تعذيبه لهالبنت
** ** ** ** **


اليوم التالي.. على طاولة الغداء

دخلت تغريد لغرفة الطعام بعجلة وهي لابسة عبايتها، قربت من أبوها وباست رأسه على السريع وهي تقول: يلا بابا أنا رايحة، ما حتغدا معاكم دحين، لما أجي إن شاء الله.

مشعل بهدوء: طيب بالسلامة، أنتبهي على نفسك يا بنتي.

ندى: ما حتتغدي عندهم؟

تغريد: لا والله، عشان ستو هدى تعبانه أنا رايحة بس أزورها..، وهي تكمل بلذة: وأصلا ما أقدر أقاوم سمك يوم الجمعة.

…….


دخلت للغرفة وبيدها صينية فيها شوربة وماء مع أدوية هدى، أبتسمت بهدوء وهي تحطها على الطاولة الصغيرة اللي بجانب السرير: شوفي دي الشوربة ضروري تشربيها قبل الدوا، لين بكرا حتتعافي إن شاء الله.

عبد العزيز وهو يحاول يكتم ضحكته: تغريد نفس الحريم العجايز، تقول مفيده مفيدة، ولما تشربيها على طول تبي تستفرغيها.

ضربت كتفه بخفة: انقلع..، أبتسمت بشرود وهي تتذكر وعيونها تلمع باشتياق وحنين: ماما كانت دايمًا تسويلي هيا حتى لو ما كنت تعبانة، لأنها كانت لذيذة.. وأنا كنت أحبها، أدخل معاها المطبخ، أقطع الخضار، وأجهز النار عشان تسخن، كنت أحبها.. لدرجة إني أتعلمتها وما نسيتها لدا الوقت.

هدى طالعت في عبد العزيز بلوم إنه كيف بكلامه ذكرها بأمها المرحومة، وبإمتنان لتغريد: تسلم يدك يا بنتي، أصلا باين من ريحتها إنها تفتح النفس، ما عليكِ من عزوز يحب يجاكر الناس.

تغريد رجعت لواقعها بعد ما تكلمت هدى، فجاءة راحت في عقلها لمكان بعيد.. مكان ما يوجد فيه غيرها هي وأمها، قالت وهي تصطنع الابتسامة: لا وي انا ما أزعل من أحد.

دق جوالها ومشت لشنطتها وأخذته لترد على أبوها: ألو بابا..، بعدم رضا: دحين أرجع؟…..ما أقدر أقعد شوية كمان……..بس شوية بليز..، لوت بوزها بعدم رضا: خلاص طيب دحين أرجع…….أرسلي السواق……..إنتا تجيني؟…..طيب خلاص أستناك..……..دحين أرسلك اللوكيشن..، رفعت عيونها لعمها وهو يأشر لها أنها تعطيه الجوال: آآآآ بابا عمي يبا يكلمك..، مدت له الجوال وأخذه

عبد العزيز: ألوو السلام عليكم…….كيف حالك……..أنا الحمد لله…….شوف أنا بأكلمك عشان أقولك خلاص انتا أرتاح، أنا حرجع تغريد…….لا والله إنك ما تجي هنا انا اللي حرجعها........طيب مع السلامة.

قفل السماعة ومد لها الجوال: يلا ألبسي عبايتك أرجعك أنا.

تغريد بخيبة أمل: هييييه، حسبتك قلت كدا على أساس إني أقعد عندكم أكتر، مو على طول.

عبد العزيز: أقول لا تكتري هرج، ألبسي عبايتك، فيه شي في بالي أبغا أسويه.. ولازم مساعدتك يا بنت أخويا.

تغريد: في ايش؟

عبد العزيز وهو يحط يده على ظهرها ويمشيها: نتكلم في السيارة.. إنتي ألبسي عبايتك بس وأنا أنزل اشغل السيارة.

……

دخلت للسيارة وهو حركها.. قعدوا كم دقيقة كذا هادئين وساكتين، حتى أتكلمت تغريد: طيب.. في ايش تباني أساعدك.

عبد العزيز بهدوء وعينه على الطريق: تتوقعي جدتك، أم مشعل.. حيّة؟

تغريد بتفكير: ما أدري، بابا ما يجيب سيرتها، أنا ما أفتحها معاه.. لأنو يبان إنو يتضايق، وانا ما أبغاه يتضايق، فما أدري يعني.

عبد العزيز بجدية: لا تفكري في أبوك فكري في نفسك إنتي إيش اللي تتمنيه.

طالعت فيه وهي رافعه حواجبها: لازم أفكر في بابا، وأصلا ليش تسأل دا السؤال يعني! ما قد سألتني عنها أبدا، ولا أحد سألني عنها أصلا.

عبد العزيز: انا رحت عند دكتورة ندى النفسية، آخد أخبارها منها وأحوالها.. ودا الشي تعرفيه وبسخرية: ندى ما تباني أكلمها.. وأبوكِ ما يباني أكلمها، يعني ساد الطريق في وجهي، ما عليكِ خلينا ندخل في المهم.. آخر مرا زرت الدكتورة، كلمتني وقالتلي عن أكثر شي ندى تتمناه.. تدري إيش؟

تغريد: مدري.. يمكن إنها تشوف أمها، أو إنو ميس تتغير.

عبد العزيز: أمنيتها إنو تشوف أمها، قالتلي الدكتورة كدا وعاد أنا ما قصرت، سويت اللي عليا، بس فيه شي لازم تساعديني فيه.

تغريد طالعت فيه وهي شبه مصدومة: عرفت إنو جدتي حية؟

عبد العزيز: حية.. عندها بنتين وولدين، وحدة من البنات مخطوبة، والثانية بنفس عمرك في نفس مدرستك مع أخوها التوأم، والاخ الاكبر متزوج وعندو ولد وبنت!

تغريد وهي ترمش عدة مرات بعدم أستيعاب: ما شاء الله! عندي أعمام وعمات غيركم! وجدتي كيف؟ يعني سابت بابا وعمتي وعلى طول أتزوجت؟ وكيف عرفت دا كلو عنهم، والبنت اللي تقول في نفس مدرستي إيش اسمها؟

عبد العزيز بضحكة: شوية شوية عليا بالأسئلة، كيف أجاوب عليها دي؟

تغريد بنرفزة واضحة: يعني كيف، بلسانك حتجاوبني..، وهي تقطب حواجبها: يلا قول ايش اسم البنت اللي في مدرستنا.

عبد العزيز أخذ نفس عميق وتكلم بجدية: أسمها جود، وتوأمها نادر.

قطبت حواجبها أكثر: ترا دي تقعد معانا دايمًا ما كنت أدري.

عبد العزيز: أدري أنها تقعد معاكِ أنتي وبنت وليد.

تغريد باستخفاف: أنتا كيف تعرف كل دي الاشياء؟ من فين؟ مخلي جاسوس عليهم وعلينا!

عبد العزيز ضحك بخفة على كلامها: أما عاد جاسوس ما وصلت لدي الدرجة، عرفت دي الاشياء منهم، أمهم يعني جدتك، دخلت مستشفى أبوك وأنا يعني عارفهم من أول بس ما تكلمت.. يعني حسيت أنو مو وقتو، بس أمس كلمت مهند الأخ الكبير حكاني كل شي، أبا ندى تعرف عن أمها عن طريقي، مو عن شخص غيري.

تغريد: انتا من متى تدري انو دولاك أهل بابا؟

عبد العزيز: أووهووو من زمان، يعني أبوكي قلي راقب دولا الناس وأنا على طول عرفتهم بس ما أتكلمت!

قطبت حواجبها: وي ليش؟

عبد العزيز: بصراحة ما كان لو داعي، يعني بابتك لو عرف ايش حيستفيد؟ بس حيزعل ويتنكد وخلاص، وهما لو يبغوا كانوا قالولو من زمان، حسيت اني ما لي دخل وبس.. وسألتهم لما شفتهم أمس ليش ما قلتولو؟ جاوبتني رنين.. كان كاره أمي ومعتبرها ميته ومو موجوده.. دا الشي اللي خلاها تتراجع وتبطل تقولو!

تغريد بعد فترة من الصمت: طيب ايش تباني أسوي؟

عبد العزيز: لما تدخلي البيت، ما حأروح.. حاستناكي، وانتي راح تقنعي ندى بأي طريقة إنها تخرج وتكلمني، وانا حكلمها عن اللي قلت لك هوا.

تغريد: بس؟

عبد العزيز بتأكيد: بس!

تغريد: طيب بابا متى يعرف؟ ليه ما تقولو مع عمتي؟

عبد العزيز: يوم الأحد، راح أكلمهم ونجتمع في مكان، وكل شي راح يعرفو في داك الوقت، وانا بكلم ندى حاليا عشان أشوف ردة فعلها هل حتتقبلهم في داك الوقت ولا لا.

تغريد: طيب بابا؟ ما حتشوف ردة فعلو؟ يمكن يعصب ويتنرفز، لازم تقولو!

عبد العزيز ببرود: ما يهمني! هوا سارلو فتره متجاهلني، وانا ما حهتم لردة فعلو!

تغريد باستنكار: ما يهمك؟!! تقولها في وجهي وتباني أساعدك؟

طالع فيها من طرف عينه: بكيفك لا تساعديني.. أقدر أدبر نفسي ما أحتاجك!

تغريد وهي تقطب حواجبها: هي ايش فيه؟ اشبك قلبت فجأه؟ يعني طبيعي أفكر في بابا، وانتا تقول ما يهمني؟

عبد العزيز وعيونها رجعها على الطريق: بكيفك يا تغريد في النهاية كل همي ندى.. ندى تسامحني وبس، أبوكِ ما أهتم في دا الشي، ما ساعدني وصدني، ما خلاني حتى أكلم ندى عشان أحاول أليّن قلبها عليا، فأنا اضطريت أروح للدكتورة قعدت كم أسبوع على نار ومو عارف إيش أسوي، وتبيني أفكر فيه كمان؟

تغريد بضيق: أوف يا ربي، عزوز بليز لا تحطني كدا في موقف صعب..، أبا أساعدك بس بابا…

عبد العزيز وهو يقاطعها: بكيفك.. أنا ما حجبرك على شي!

وهي تتأفف: خلاص طيب راح أكلمها، بس بليز لو بابا عصب أنتبهو لو، لا تسيبوه لحالو على الأقل، بابا إزا عصب ما يشوف اللي حولو أبدا..

عبد العزيز بهدوء: ما يحتاج توصيني، قيدي عارف طبع أبوكي.
** ** ** ** **


وقفت قبال مرآية الحمام وهي تتأمل عيونها المتورمة من كثر البكا اللي بكته أمس بالليل، كانت طول الوقت كاتمة بقلبها وساكتة عن تصرفاته، ما تدري كيف تقدر تعذره هالمرة، يخليها تنتظره على نار، قلبها يحترق وبالها ينشغل لما تتصل عليه وهو ما يرد أو يعطيها مشغول، معقولة ما يقولها أو يطمنها حتى برسالة في الواتس على الاقل؟ عصرت مخها وهي تفكر، يمكن سوت حاجة تزعل أو قالت كلام جرحه وهي مو حاسة، بس ما لقت وعجزت.. بالعكس.. هو في آخر فترة صار يزعلها كثير ويطعنها باتهاماته، قطع عليها صوت طرقات الباب وصوت جود يقول: رنين يا هو ترا طولتي في الحمام ولا كأنك إيش!

رنين مسحت دموعها اللي نزلت غصبًا عنها وبدون ما تحس، قالت بصوت حاولت تخليه طبيعي: خلاص لا تطفشيني راح أخرج وترا فيه كم حمام مو دا الوحيد!!

غسلت وجهها بسرعه ومسحته بمنشفتها، طالعت في المرآية عشان تتأكد أن آثار البكاء راحت وخرجت من الحمام

جود قامت من السرير وبسخرية: أخيرا كان نمتي في الحمام أحسن لك.

أعطتها نظرة حادة وبتجاهل لكلامها: فين ماما؟

جود: في الصالة مع نادر ومهند.

رنين: جات أمل؟

جود: لآ.

خرجت من الغرفة بدون ما تنطق بكلمه، دخلت للصالة وشافت أمها جالسه ومهند ونادر قبالها مشغولين ويسولفوا مع بعض، ارتاحت كثير وهي تشوف أمها بدت ترجع عافيتها وتصير أحسن من قبل، جلست بجانبها وباست يدها: كيفك دحين ماما أحسن من أول؟

سعاد بحنان وهي تمسح على يدها: أيوه يا بنتي أكيد بخير الحمد لله.

نادر: غريبه دوبك صاحية يا أختي، ولا في عادتك كل يوم جمعة تخرجي مع فيصل تتغدوا.

رنين وملامحها أكتساها البرود من سيرته: فيصل مسافر.

مهند: أما مسافر.. ما قالي، طيب وشغلو في المدرسة؟

رنين بدون ما تناظره: ما أدري عنو.. يعني أكيد أخد إجازة ما يبالها تفكير.

سعاد: يا بنتي ما حددتوا متى حيكون الزواج؟

رنين بضيق من سيرته: ما أدري يا أمي، لسا أمو ما لها إلا كم شهر خارجة من العدة، مو دحين الزواج، وبعدين أنا وهوا ما سار لنا مخطوبين ولا سنة ليش مستعجلين؟ كملت وهي تغيير الموضوع: مهند، متى نتقابل بمشعل وندى؟

مهند وهو يزفر بعمق: كلمني عبد العزيز قبل ما أجيكم، خلاص يوم الاحد، كدا نتجمع.. مين راح يجي؟

رنين بهدوء وهي تشد على يد أمها: من وجهة نظري اشوف إنو انا وإنتا بس نروح ونادر وجود يقعدوا مع ماما.. انتوا ايش تقولوا؟

نادر: أنا عن نفسي عادي وما فرقت معايا.

سعاد بشرود وهي تناظر الفراغ: تتوقعوا راح يقبلوا وجودي في حياتهم بعد دي السنين؟

كلهم سكتوا ولا أحد رد، وهي ابتسمت بحزن.. ما يهمها إذا يقبلوها أو لا، أهم شيء ألحين إنها راح تشوفهم، تشوف بنتها اللي انحرمت منها وهي في مهدها، تشوف مشعل اللي ما تتخيل أن هذاك الطفل ذو سبعة سنوات صار عمرة 40 وأب لبنت بعمر الـ18، صحيح تخلت عنهم، بس ندمت.. لكن الندم ما فادها بعد كل هالوقت، ما فادها..!
** ** ** ** **


طلعت لجناح أبوها الخاص به، وراحت لغرفته حطت يدها على مقبض الباب ودارته بهدوء ما دقت الباب عليه لأنها تعرف انه بهالوقت ياخذ له قيلولة، فتحت الباب بحذر وهي ما تباه يصحى، مشت للتسريحة وشافت صورتهم مع بعض، مسكت البرواز وتحسست الصورة وهي تبتسم برقة على الذكريات المتجمعة بـ هالصورة، هذي أول مرة تشوف فيها أبوها يبتسم بعد وفاة أمها، إلتقطوا لنفسهم صورة وصارت لهم أحلى ذكرى، شعور حلو لما تعرفي أن أمك وأبوكِ جمعهم حب عظيم مستحيل يتكرر، رجعت البرواز لمحله وفتحت درج خاص بالأدوية اللي ياخذها، بحثت ما بين الحبوب والمراهم عن الدواء اللي تبيه، فتحت العلبة ولقتها فاضيه فقطبت حواجبها، أمس قالها انه خلص ووعدها إنه راح يشتري بس شكله ما راح، تضايقت حيل وهي خايفه عليه لا يصير له شيء، هالدواء اذا ما أخذه تجيه نوبات مثل الصرع بس ما هو صرع، حاجة مثل المرض النفسي والعقل الباطن، فلسفة معقدة وغريبة ما فهمتها من دكتوره النفسي

تقلب على جنبه وهو متضايق من النور الخفيف، فتح عيونه وهو يرمش عدة مرات شاف تغريد وهي معطيته ظهرها، أستغرب وجودها في غرفته وبصوت ناعس: تغريد؟

إلتفتت له وبهدوء: نعم بابا.

مشعل مسح وجهه بكفوفه وهو يعدل نفسه: متى جيتي من عند عمك؟

تجاهلت سؤاله ومشت عنده، جلست على طرف السرير وبيدها علبة الدواء: ما رحت أشتريت الدوا!

مشعل: يا بنتي، خلاص أروح وقت ما أروح.. امس أنشغلت واليوم ما قدرت يعني.

تغريد لوت بوزها وكلامه مو عاجبها: يعني كل يوم يكون عذرك كدا؟ ترا انا حاسبة متى كل علبة تخلصها..، وهي ترفع الدواء في وجهه: دي سار لها أسبوع وأنتا مخلصها ولا رحت أشتريت..، كملت بتذمر: يعني مو فاهمة لازم أجري وراك دايما.

عقد يدينه على صدره وعيونه تناظرها بانتقاد على أسلوبها، بس ما نطق بكلمه لأنها هي راح تحس على نفسها

كملت تغريد بلطف وهي تمسك يده: تعرف اني أخاف عليك، وأخاف تجيك الحاله وتتعب.

مشعل بهدوء: طيب أنا سرت أقدر أتحكم بنفسي يا بنتي والحالة ما تجيني الا اذا عصبت، حتى لو أخدت الدوا.

تغريد نزلت عيونها عنه وهي تفكر في اللي يصير يوم الاحد، راح يعصب.. أكيد راح يعصب ويزعل بعد ما يعرف: حتى ولو، يعني لازم تاخد الاحتياطات ولازم تسمع كلام الدكتور، يعني بالله تخيل إنو عندك مريض تعطيه أدوية وما يستعملها وبعدها يقولك أنا ما أتعافيت أنا مدري أيش أكيد حيقول كدا لانو ما سمع كلامك.

شافته ساكت وما تكلم فكملت: خلاص أنا حرسل السواق يشتريلك، أوكي؟

وهو يحرك رأسه بقل حيلة من إصرارها وعنادها: طيب.
** ** ** ** **


دخلت للفيلا وكلام عبد العزيز لزال يتردد في عقلها، راح تشوف أمها.. مـــعـــقـــول؟؟!!! بعد ثلاث وثلاثين سنة تشوفها؟ تجمعت الدموع بعيونها وهي مو قادرة تتخيل الموقف اللي راح يجمعها فيها، شافت مشعل وهو نازل من جناحه فمسحت دموعها بإرتباك

أستغرب لما شاف ندى بعبايتها فقطب حواجبه: ندى فين كنتي؟

نزلت عيونها عنه وما ردت عليه، العبرة خانقتها.. ولو تكلمت راح تنفجر بكى وهي ما تبي تشغل باله عليها، فـ جات تغريد وأنقذتها: كانت مع عمي.

التفت لها وقطب حواجبه أكثر: إيـــــــش؟؟!! ليش راحت عنده؟ أيش سوت؟

تغريد وهي تقترب منهم وبهدوء: بابا، تراه أخوها وما هي مشكلة لو شافها.. ما حيأذيها!!

مشعل بإنفعال خفيف: كيف ما يأذيها، شوفيها حتى مو راضية تتكلم..، قرب من ندى ورفع رأسها، تكلم بخوف وهو يشوف دموعها اللي بعيونها: ندى قولي إيش فيه؟ ايش سوا عبد العزيز.

قطبت حواجبها وما تكلمت بس ما عجبها كلامه، يعني ايش راح يسوي لها؟ مستحيل يضر أخته، بالعكس هو يبي يسعدها.. يبي يحقق أمنيتها، يبي مسامحتها ليرتاح ضميره، وشوفوا كيف هو يفكر!

ندى رسمت ابتسامة مغصوبه على شفايفها وهي تبعد يده: مشعل لا تخاف ما سار شي..، وبكذب: أنا اللي طلبت أكلمو، يعني أتطمن!

أبتعد عنها وهو بعده مو مرتاح: خوفتيني لما شفتك كدا ساكته وما أتكلمتي.

ندى: خلاص لا تخاف أنا بخير..، وهي تلتفت لتغريد: تعالي في الغرفه فيه شي بكلمك عنو.

مشعل رفع حاجب وبشك: ليش تجي غرفتك ولا ما تبي تقولي قدامي؟!!

تغريد: يــــووه بابا، لا تدقق كتير.. يمكن في شي خاص فينا كبنات!

مشعل بنفس رفعة الحاجب: سار كدا يعني.

ندى بابتسامة: ايوا كدا.


فوق بالغرفة

فسخت عبايتها وطرحتها وعلقتها بالشماعة، ومن ثم التفتت لتغريد وهي تقول: متى عبد العزيز قالك عنها؟

تغريد وهي تجلس على السرير: دوبو قبل ما أرجع، في السيارة! كملت بتردد وهي تطالع فيها: راح تشوفيها؟

حركت رأسها بالإيجاب وجلست بجانبها على السرير بدون ما تنطق بكلمة

تغريد أخذت نفس وهي تقول بجدية: عمي راح يكلم بابا بكره في المستشفى وبس راح يقولو أنو حنتجمع في مكان، يعني ما راح يقول أنو حيشوفها، فأنا حطلب منك طلب.

ندى بهدوء: قولي.

تغريد برجاء: بعد ما بابا يعرف أباكِ تكون معاه، لا تسيبيه لحالو.. أخاف يعصب ويسيرلو شي.. أنا وصيت عمي بس قلتلك عشان أرتاح أكتر وأتطمن.

ندى: إن شاء الله، لا تخافي عليه.

تغريد وهي تبتسم راحة: شكرًا.
** ** ** ** **


يوم الأحد.. بالمستشفى

خرج من بوابة المستشفى رايح لسيارته، بيروح ياخذ ندى وبعدها يجتمعوا بعبد العزيز في وحدة من الكافيهات، ما يدري في إيش يبغاهم، بس ملامحه الجدية ونبرته خلته يوافق، يشوفوا ايش يبي منهم.. في إيش يفكر.


بعد ساعة ونصف..

رفع عيونه لهم وشافهم يطالعوا فيه.. ينتظروا ردة فعله المجهولة بالنسبة لهم، بلع ريقه وهو يحس جسمه يرتجف من عصبيته وحزنه.. ما تخيل في حياته أن هاليوم راح يجي، اليوم اللي يقولوا له أمك عايشه وتبي تشوفك، قام من كرسيه ومسك يد ندى وهو يقول بألم حاول يخفيه: قولوا لها إنو ما عندها ولد أسمو مشعل، ولا بنت أسمها ندى.. وهيا بالنسبة لنا ماتت، ماتت من زمان وما نباها.

رنين بنبرة حاده: ما لك حق تاخد ندى معاكِ، يمكن هيا تبا تشوفها!!

مشعل بعصبية وهو يرفع اصباعه في وجهها: انتي انكتمي ولا حرف، ما أبغا أسمع منك، خدعتيني إنتي وأهلك قبل ستة سنوات، ما كنت أدري إنو هديك الحرمة أمكم..، وهو يلتفت لندى: يلا خلينا نرجع البيت.

سحبت يدها من يده ونزلت راسها كأنها ترفض إنها ترجع معه، قطب حواجبه وبحده خفيفة: نـــــــدى!!

عبد العزيز قام ومسكه: مشعل خلاص، ندى تبا تشوف أمها.. لا تدخّل فيها.

مشعل بعد يدينه وصرخ بعصبية: إنــتــا الــلــي لا تــتــدخــل، نـــدى مـا تــبــاهـــا.. مـــا تـــبـــا تـــشـــوفــ…

ندى رفعت رأسها وقاطعته: أبغا أشوفها..، شافته يطالع فيها بصدمة وهي كملت بخنقة: أبـ..ــغـ.ــا أشــ..ــوف أمـ.ـي.

زفر بقهر وبوعيد: شوفيها يا ندى.. شوفيها، ما يهمني..، وهو يكمل بعصبيه: خليهم يفيدوكِ يا ندى، خلي سعاد تفيدك، بس أنسي أنو ليكِ أخو أسمو مشعل.. أنــسـيــنـي!!

أنهى كلامه وسحب محفظته وجواله، ومن ثم طلع من الكافي بكبره

دخل سيارته وهو يسوقها بأسرع ما عنده، وكلامهم يتردد في عقله: إحنا أخوانكم.. أمي تبا تشوفكم.. أمي ندمانة.. أمي ندمانة.. أمي ندمانة، نـــــــدمـــــــــانـــــة؟؟!!! إلحين؟ وبعد كل هالسنوات؟ بعد ما تعذبوا وعاشوا بجحيم ناصر وهدى تندم؟ بعد ما عاشت حياتها بسعادة.. بعد ما تزوجت وأنجبت غيرهم تندم؟ صرخ بقهر نابع من أعماقه.. ودموعه تحرق عيونه وروحه، مستحيل يسامحها على تخليها عنهم.. مستحيل!!! دعس على البنزين وهو يسرع أكثر وبجنون، مجنون ومتهور لما يعصب.. ما يشوف اللي قدامه لما يحس بضعفه، لما يلاقي شي يذكره بماضيه، وبالذات لا كان ماضي يوجعه، شاف الإشارة وهي تضيء باللون الأحمر، وكم من شخص مشوا بدون ما ينتبهوا له، ما قدر يوقف السيارة من سرعتها وبنفس الوقت مستحيل يصدم هذولي الناس، فلف بسيارته وصدم الجدار بعنف..!


**


نهاية الفصل الثامن..

-لا تنسوا تكتبوا توقعاتكم، هيا اللي تحفزني للكتابة وتدفعني للإستمرار

عمر البعد 27-12-17 11:41 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
شو هالاحداث النااار
اول شي خطاك السوء يااميشو والحمد لله ع السلامه
بعها رحمت الام وحزنت على مشعل بنفس الوقت
يمكن لو يروح دكتورنفساني يساعده<< يصف مع ندى وعزوز بنفس العياده
هالمشعل حتى وهو معصب ماايبي يضر الغير
تغريد يااروح رووحي حبيت اهتمامهاا بابوهاا وخوفها عليه الله يخليكم لبعض
واحسها شايله مسؤليه اكبر من عمرهاا واتوقع سبب رفضها الزواج ماتبا تسيب باباتها لحالو

عزوز العسل روح يااشيخ الله يسعدك كثر ماتحاول تسعد قلوب اللي حولك وتصلح بينهم
ويارب يطير فيصل من حياه رنين وتتربع انتا وبس في قلبها
هالجزء ياااشوشو احسه قلب الروايه واهم الاحداث فيه الله يسعدك متحمسين للقادم
لا تتأخرين عليناا

شقى الماضي 28-12-17 05:38 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695490)
شو هالاحداث النااار
اول شي خطاك السوء يااميشو والحمد لله ع السلامه
بعها رحمت الام وحزنت على مشعل بنفس الوقت
يمكن لو يروح دكتورنفساني يساعده<< يصف مع ندى وعزوز بنفس العياده
هالمشعل حتى وهو معصب ماايبي يضر الغير
تغريد يااروح رووحي حبيت اهتمامهاا بابوهاا وخوفها عليه الله يخليكم لبعض
واحسها شايله مسؤليه اكبر من عمرهاا واتوقع سبب رفضها الزواج ماتبا تسيب باباتها لحالو

عزوز العسل روح يااشيخ الله يسعدك كثر ماتحاول تسعد قلوب اللي حولك وتصلح بينهم
ويارب يطير فيصل من حياه رنين وتتربع انتا وبس في قلبها
هالجزء ياااشوشو احسه قلب الروايه واهم الاحداث فيه الله يسعدك متحمسين للقادم
لا تتأخرين عليناا

ان شاء الفصول القادمة حتعجبك أكتر

ايوا أساسا مشعل يروح لدكتور نفسي..

شايفة قد ايش مشعل طيوب

تغريد حتعشقيها وحتعشقي أهتمامها بأبوها أكتر الفصول الجاية

كويس انو في أحد يحب عزوز، حسيت الاغلبية ما حبتو وحيصدمك عزوز بقرارو بعد كم فصل

أفا عليييك من متى وأنا أتأخر دحين حينزل الفصل

شقى الماضي 28-12-17 05:43 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
قبل 33 سنة

كانت جالسة بقرب باب البيت تبكي بحرقة، ترفع يدها المرتجفة وتغطي فمها لتكتم شهقاتها، متألمة كثير على فراقهم.. بس مجبورة، تدري إنهم راح يتعذبوا عنده.. بس راح تدعي لهم في كل وقت إن ربي يسخّر لهم الناس الطيبة.. عمرها ما راح تنساهم، حست بيد صغيرة تنحط على كتفها.. وصوت أختها الصغيرة تتكلم بخوف من منظرها: سعاد، أنا شفت واحد ياخد مشعل وندى، انتي جالسه تبكي عشان كدا؟

سعاد ابتسمت من بين دموعها: لا ما أبكي عشان كدا..، مسحت دموعها وكملت: يلا حبيبتي خشي عند أخوانك وأنا حروح عن أمي وأبويا.

قامت سعاد وهي تمسح بقايا دموعها، تحاول تتماسك ولا تبكي، فراقهم صعب عليها.. بس كله يهون لأجل أمها وأبوها اللي ضحوا كثير عشانها، مشيت ناحية غرفتهم ودخلتها، لقتهم متمددين على أسرتهم والمرض هلك أجسادهم الضعيفة، حست بالعبرة تخنقها وهي تشوف حالتهم اللي وجعتها فوق وجعها على فراق أطفالها

مسكت يد أبوها وانهارت على الأرض ببكاء وهي تقول من بين شهقاتها: سامحني يا أبويا، أدري انك ما حتسامحني عشاني فضلتكم عليهم، بس كنت مجبورة.. عشانكم والله عشانكم..، رفعت وجهها المغرق بدموعها: بس أوعدكم إني حجيبهم، راح أجيبهم!

انجبرت تاخذ الفلوس من ناصر.. عشانهم، هي أكبر وحده، هي اللي تصرف على أخوانها الصغار، ما عندهم أحد غيرها!



"الفصل التاسع"
"فكرة انتقام"



شاف الممرض وهو يعدل جهاز الضغط ويقيس السكر، غمض عيونه بتعب لما تذكر اللي صار، مرت بباله تغريد.. وعدها انه بياخذها من المدرسة، فتح عيونه مرة ثانيه وهو يحس بقلبه يرتجف خوف عليها، مين اللي أخذها؟ تكلم بصعوبه وبصوت مبحوح: تــغــ.ـــريــ.ــد!!

إلتفت له الممرض وبإبتسامة: مساء الخير.. الحمد لله صحيت وما شاء الله كل شي تمام الضغط والسكر.

قطب حواجبه.. إلحين ما راح يفكر في نفسه: تـــ.ــغــ.ـــريـــــد.

إقترب منه الممرض وهو مو سامعه: عفوًا ما سمعتك.

مشعل وبنفس حالته: بـــ.ـــنــ.ــتـــي!!

الممرض: صراحة ما أدري كانو في بنتين هنا من الظهر.. بس قبل شوي راحوا لأن موعد الزيارة خلّص وأنت ما صحيت إلا دوبك.

قطب حواجبه أكثر وحاول يقوم بس تأوه وهو يحس بكل عضلة بجسمه توجعه، فإقترب الممرض منه وهو يسنده: إنتبه لا تضغط على نفسك ما عندك كسور بس أكيد جسمك يوجعك، قولي اللي تبيه و راح أجيب لك هو.

جاء بيتكلم بس سكت وهو يشوف الباب ينفتح وتدخل منه تغريد وهي شايله كم غرض معها، حطت اللي بيدها على الطاولة وهي تبتسم بفرحة لما شافته صاحي: بـــابـــا!

لانت ملامحه حيل براحه وهو يشوفها تجي لعنده، تبوس يده ورأسه وعيونها مدمعه: خفت عليك.. ومن الظهر انا أستناك تصحى، متى صحيت؟ أكيد خفت لما ما شفتني فيه، أنا رحت البيت أجيب أشياء مهمة ورجعت..، وهي تبتسم: راح أبات عندك الليلة، وحغيب من المدرسة، بكرا الصبح راح نخرج من هنا.

أبتسم بتعب وما رد عليها، خلاص كذا ارتاح وهو يشوفها قدامه بكامل عافيتها وصحتها
** ** ** ** **


يوم جديد..

خرجت من غرفتها وهي تفرك عيونها بنعاس وتمشي للصالة بخطوات متثاقلة، سمعت صوت جرس الشقة وهو يرن.. قطبت حواجبها مين اللي جاي لهم في هالوقت؟ ممكن تكون ندى؟ رفعت عيونها للساعة المعلقة في الجدار، الساعة 10:18 الصباح، ندى قالت إنها راح تجي في العصر مو الحين، مشت للباب وناظرت في اللي يسموها العين السحرية، تراجعت بخطوات للوراء وهي فاتحة عيونها بصدمه، فـــيـــصــل؟؟!! تسارعت دقات قلبها وأرتبكت لما صار يدق الجرس أكثر من مرة ووراء بعض، أخذت نفس عميق لتهدي حالها، ودها تسحب عليه وتخليه يوقف على الباب لين ما يفقد الأمل ويخرج، بس تدري إنه ما راح يروح وراح يضل يدق الجرس وتخاف بعدها أمها تصحى ففتحت له الباب

طالع فيها لفترة بوجه جامد وبارد لكن بداخله مشتاق لها حيل ووده يحاوطها لصدره، بس هي اللي أجبرته على كذا.. أجبرته يعاملها بهالطريقة: كيف ما راح تدخليني ولا راح تسلمي عليا؟

قطبت حواجبها ونزلت عيونها وهي تفكر، رفعت عيونها له مرة ثانية وابتسمت ببرود: لا ما راح أدخلك، خليك برا كدا..، وقبل لا يستوعب كلامها دفته بخفه وسكرت الباب بوجهه

توسعت عيونه بصدمة وركل الباب برجوله وهو معصب من تصرفها: رنــيـــن أفتحي، إيش حركات البزوره دي.. والله حتى الصغار ما يسوو كدا، بالله فيه وحدة تستقبل خطيبها بدي الطريقة.

سمع صوتها من وراء الباب: أحسن خليك برا، ما شاء الله دوبك تفتكرني.. وتفتكر إنو عندك خطيبة، فينك من أسبوع مختفي ولا كلمتني.. خلّي السَّفرة تفيدك.

أخذ نفس عميق وبهدوء قد ما يقدر: رنين أفتحي، عشان نتكلم في دا الموضوع.

رنين بسخرية: طبعا راح أفتحلك، وأنتا تجلس تقولي أوه معليش حبيبتي نسيت، ما لحقت أكلمك.. كنت مشغول لدرجة إني ما لقيت وقت عشان أطمنك، خلاص حافظتك وحافظة أعذارك صم.

فيصل بنبرة جاده وحاده في نفس الوقت: رنــيــن، أقولّك أفتحي الباب.. لا تخليني واقف كدا، ما ينفع نتفاهم هنا.

رنين لا تعليق

ما قدر يستحمل فضرب الباب مرة ثانية بيده وبعصبية أكبر: أحسن لا تفتحي، أنا الغبي اللي جاي عندك، وأبغا أعرف الحقيقة منك.

لف ومشى للدرج، جاء بينزل بس صوتها وهي تفتح الباب وقفه: أي حقيقة قصدك يا فيصل؟؟!!

إلتفت لها وطالع في عيونها بنظرة حاده: ندخل نتكلم!
** ** ** ** **


وقفت السيارة قدام الفيلا.. نزل مشعل منها بصعوبة وهو يحط يده على مكان الخياطة ويحس بنغزات خفيفة تألمه، مشت له تغريد بسرعه وهي تحاول تسنده

مشعل بهدوء: روحي انتي أفتحي الباب إلين ما أجيكِ، وعثمان يساعدني.

حركت رأسها بالإيجاب وراحت لتفتح الباب، رجعت لأبوها وقلبها ما يطاوعها إلا هي اللي تساعده: عثمان خلاص.. أنا اللي حوصل بابا وانتا دخل الاشياء لعند بابا البيت.

سندت أبوها بخفة وصارت تمشيه بهدوء لين دخلوا الفيلا، جت بتطلعه الدرج بس قال: خلاص يا بنتي، وديني للصالة أقعد فيها شويا.

مشوا للصالة وقعد مشعل في الكنبة المنفردة، وقالت تغريد: أنا رايحه المطبخ نشوف شي تشربه وتاكل شي خفيف.

حرك رأسه بالإيجاب وهو ما يقدر يرفض لها مساعداتها.. لأنها بتزعل منه، وتقول هذا الشيء اللي يرضيها، ما تتعب أبدًا وهي تخدمه، رجع رأسه للوراء وسنده على الكنبة بهدوء، مروا بباله فقطب حواجبه بقوه، تذكر كل لحظة كانت معاهم.. خدعوه واستغفلوه وهذا الشيء أغضبه، غضبه على كلهم حتى ندى فضلتهم عليه.. إلا تغريد بنته، هي الوحيده اللي تستحق كل حبه واهتمامه.. مو غيرها!!

نزلت من الدرج بسرعة، شافتهم من الشباك وهم يدخلوا للفيلا.. ما نامت طول الليل وهي تفكر فيه، شافت مشعل في الصاله وجالس على الكنبة مشت له وبصوت خافِت بس سمعه: مشعل.

فتح عيونه وتحولت ملامحه للجمود وهو يشوف ندى، قطب حواجبه وحاول يقوم بس ما قدر فتأوه بألم: آآآآهــ.

قربت منه بخوف ومسكت ذراعه: مشعل.. انتبه، لا تتحرك بقوة، بعـ…

قاطعها وهو ينفض ذراعه من يدها وبصوت عالي: تـــــــــغـــــــريــــــــد.. تــــــغـــــريــــــــد!!

جات تغريد من المطبخ وهي شايلة صينية فيها عصير وغيره وهي مو حاسه باللي صاير: نعم.. شوفني جيت ومعــ…

مشعل وهو يقاطعها بنبرة حاده: طــلــعــيــني لــغــرفــتــي مــا أبــغــا أقــعــد هــنــا.

ندى نزلت رأسها وهي فاهمته والدموع بدت تتجمع في عيونها

تغريد بإرتباك: بس بابا…

قاطعها مرة ثانيه بحزم: قلت لك طلعيني، ما راح أقعد هنا.

طالعت في ندى ومن ثم طالعت في أبوها بقلة حيله، مشت له وصارت تساعده: خلينا نمشي للمصعد الدرج راح يتعبك.

مشعل وبنفس حالته: ما يهم، أطلع بأي طريقة.. بس ما أقعد هنا.

جلست ندى على الكنبة ودموعها صارت تنزل، عمره في حياته ما عاملها بهالطريقة ولا قد زعل منها، ما تقدر تلومه في زعله.. بس ما يعاملها كذا، وكأنه كاره وجودها حولينه، ما تستحمل قسوته.. وبنفس الوقت قلبها يشتاق ويحن لأمها.. مو بيدها، اليوم راح تروح لها وتشوفها لأول مره.. أمس ما قدرت تشوفها لأنهم في طريقهم وهم رايحين لها جائهم إتصال من المستشفى يخبروهم أن مشعل سوا حادث، لكن اليوم راح تشوفها وتعرف السبب الحقيقي لتخليها عنهم، وبعدها راح تقرر.. تشوفها مره ثانية ولا تنساها للأبد!


في جناح مشعل

أخذت كيس اللي فيه أدويته وصفها الدكتور له ومعها قارورة صحة حطتهم على كمدينته وسحبت كرسي لتجلس عليه بجانب سريره: دي ادويتك، لازم تاخدها بإنتظام ولا تتأخر دقيقة حتى، عشان تتعافى بسرعه إن شاء الله.

غمض عيونه وما رد عليها، مدت يدها لشعره وصارت تمسح عليه بهدوء، جات في بالها عمتها ندى.. كسرت خاطرها بس هي اللي جنت على نفسها، وصتها على مشعل لأنها عارفة طبع أبوها.. بس ندى ما سمعت كلامها وسوت اللي تبيه، على الاقل لو جارته هذاك الوقت وسوت اللي تبغاه وقت ثاني كان سلمت من قسوته إلحين..!
** ** ** ** **


قطبت حواجبها وهي تسمع كلامه، ندمت إنها فتحت له الباب، راح يجننها بكلامه راح يجننها!!

فيصل وهو يمرر يده على شعره وبنبرة مقهورة: لما أمك دخلت المستشفى وقمت أنا راضيتك وجا مهند وخرجنا مع بعض وانتي قعدتي مع أمل، أنا ومهند كنا خارجين من المستشفى..، كمل والحقد باين من عيونه: وبعدين أخوكي شاف هداك الدكتور اللي كان مشرف على حالة أمك…

رنين طالعت فيه وهي تبتسم باستفزاز: الدكتور مشعل صح؟ ايوا أكيد عرفوا بعض وسلموا بعض قدامك صح؟ وسأل عن حال جود ونادر؟ أكيد مشعل كان يطالع فيك بحقد، لأنك أهنتني قدامو صح؟ بس ما أتكلم قدام مهند بشي عنك..، وبنبرة تحدي: لأنو إنسان محترم.

طالع فيها بصدمة، وصفت اللي صار بطريقة صحيحة رغم إنها ما كانت معاهم.. هذا معناه هي كانت تعرفه وقريبه منه لدرجه انها تعرف ردات فعله، تكلم بحده وهو يرص على أسنانه: ايش علاقتك بيه يا رنين، ايش كان بالنسبة ليكِ، حبيبك، خطيبك وأنا ما أدري!

رنين وهي تحس حالها مقهورة: انتا.. انتا كيف تفكر بدي الطريقة؟ كيف تتجرأ وتشك في حبي لك يا فيصل.. انتا مو نفس الشخص اللي حبيتو قبل ستة سنوات..، وهي تحارب دموعها لا تنزل قدامه: عشان دا الشي التافهه سبتني كدا؟ بد…

فيصل وهو يقاطعها بحده: مـــو ســبــب تــافــهــه يــا رنــ…

رنين قاطعته بنبرة عاليه: الا ســـبــــب تــــافـــهـــه يــــا فـــيـــصـــل، إنــــتـــــا مـــا تــــعــــرف أي شـــــي، لا تــــــتـــكــــلــــــم مــــن راســـــك..، وهي تضربه من صدره وتدفعه بخفه: مـــشــعـــل، أخــويــاا.. أخـــــويــــا، فـــهــــمـــــت؟

فيصل قطب حواجبه وهو يمسك يدينها ليصد ضرباتها: إيش تقولي؟

رنين ناظرته بحده: اللي سمعتو!! وهي تفك يديها من يدينه: يلا خلاص عرفت ايش في بيني وبينو.. أخرج، ما أبا أشوف وجهك.

فيصل بعصبيه: أنا مو فاهم شي يا رنين، ما راح أخرج الا لما أفهم كل شي من البدايه.

رنين عقدت يدينها حول صدرها: ما راح أتكلم أكتر من كدا، تبا تعرف كل شي، روح أسأل مشعل يجاوبك!

فيصل بعصبيه: رنـــــيـــــــــن أتــــكــــلــــمـــــي لا تـــــجـــــنــــيـــنـــــي!!!

أقتربت منه، رفعت رأسها له وعيونها تناظر عيونه بتحدي: أجبرني أتكلم يا فيصل.

زفر بقهر ونرفزة من عنادها ورأسها اليابس، دفعها عنه ومشى لباب الشقة، خرج وصفق الباب بأقوى ما عنده..!!
** ** ** ** **

وقفت قدام المرآية وتعدل طرحتها، رايحه لتشوفها.. تشوف أمها، دخلت عليها تغريد: رايحه دحين؟

ندى بهدوء: شوية.. عبد العزيز لسا ما خرج من المستشفى.

حركت رأسها بالإيجاب وبعد فترة قالت: عمتي..

طالعت فيها بدون ما ترد، وهي كملت: لا تاخدي على خاطرك من بابا، كلها كم يوم ويرجع زي أول، بس هوا دحين مصدوم شوية وزعلان.. راح يرضى بسرعه!

ندى بإبتسامة حزينه: ما أتوقع يسامحني بسهولة، أول مره أشوفو كدا.

تغريد بابتسامة لـ تطمنها: صدقيني.. راح يسامحك، وينسى.. ما يقدر يزعل من الناس اللي يحبهم!!
** ** ** ** **


خرج من مكتبه ويشوف على ساعته، صارت 3:30 بالضبط، مشى للمصعد وجاء يضغط ليطلعه بس لفته صوت رجال وهو يصارخ ومعصب على الأمن والسكرتير سلطان

…: أقـــــولّــــكــــم أبــــغــــا مـــشـــعــــل مـــا تــــفــــهــــمــــوا، عـــــنـــدي مــــوضـــوع مـــعـــاه.

مشى لهم وهو يبي يشوف مين هذا، رفع حاجبه وهو يشوف فيصل يتمشكل معهم، سكت وهو يبي يشوف آخرتها معه

سلطان بنرفزه منه: إنـــتـــا غـــبــي ولا أهـــبـــل؟ الدكتور مشعل ماخذ إجازة، صار له حادث وأنصاب، ما يقدر يداوم وهو مريض، كيف تبانا نجيب لك هوا؟

فيصل بعصبيه: أعطيني عنوانو، أروح لبيتو.. أبغا أكلمو أنا ما لي دخل.

سلطان وهو يأشر للأمن بعصبيه: خذوه وأقلعوه عني لا أجرم فيه المتخلف، ناقصني ناس مجنونة أنا..!

قبل ما ياخذوه الأمن تكلم عبد العزيز: أصـــبـــروا..، وهو يقترب من فيصل وبنبره حاده: إيش فيه؟ خير؟ فين إحنا عشان تسوي كدا؟ ما تفهم كلامو؟ مشعل ما في.. تبغاه يكشف عليك وهو تعبان ولا إيش؟

فيصل بحده: إنتا ليش تدخل نفسك في شي ما يخصك؟ مين إنتا أصلا؟

عبد العزيز بثقة: أنا أخو مشعل، فـ يعني اللي يسير في المستشفى راح يكون على مسؤوليتي دامو مو موجود.

قطب حواجبه وهو يسمعه يقول إنه أخوه، يعني يعتبر أخ لـ رنين! أقترب منه وبنفس نبرته: إيش علاقتك عائلة بـ مهند أحمد الـ……...، أخوه؟

عبد العزيز رفع حاجبه، هو بعد صار يعرف؟: لأ، أخو أخوهم!

فيصل قطب حواجبه أكثر بعدم فهم: كيف يعني؟! أخو أخوهم!!

عبد العزيز بسخرية: يعني يا ذكي، أنا أخو مشعل من أم تانيه لكن من نفس الأب، فيعني ما أعتبر أخوهم..، وهو يبتعد عنه: لا عاد توريني وجهك في دي المستشفى عشان لا تنطرد..، وهو يناظر ساعته ويتمتم لنفسه: تأخرت عليها!
** ** ** ** **


دخلت غرفة الطعام وجلست قبال أبوها وهي تقول: زهمت ميس وعبد الله ياكلوا معانا..، وهي ترفع عيونها له: بس ما زهمت عمتي ندى.. خرجت.

مشعل وهو يأكل بعد إهتمام: أها.

تغريد: ما راح تسأل فين راحت؟

طالع فيها لفترة بسيطة وبعدها كمل أكله: ما يهمني، أصلا عارف فين راحت، ما يحتاج أسألك!

تغريد وهي تتنهد: بابا، لا تسوي كدا والله عمتي مسكينه.. يعني ما تستاهل برودك وتطنيشك لها، هي بس تبا تشوفها.

مشعل ببرود: أنا خيرتها.. أنا أو هيا، قالتها في وجهي.. قدامهم، أبغا أروح عندها.. أختارتها..!

تغريد بهدوء: طيب من حق عمتي تشوفها.. ما شافتها ولا مره في حياتها، وهي تكمل بتردد: وأنتا كمان تقدر تشوفها، يعني اذا…

قاطعها بنبرة حاده: ما أبغا أشوف وجهها، أصلا ما أتشرف بدا الشي..، سكت وهو يشوف ميس وعبد الله يدخلوا، قطب حواجبه ورمى ملعقته في صحنه، قام وهو يكبس على نفسه عشان لا يبان عليه الالم وبنفس نبرته: لا عاد تجيبي سيرتها يا تغريد.. لا تجيبيها بالله عليكِ.

تغريد قامت له وهي تمسك ذراعه بخوف: آسفه.. آسفه، والله ما حجيب سيرتها تاني، بس أجلس وكل.. لازم تاكل.. عشان تقوي نفسك.

مشعل بتعب: ما أبغا آكل، أنسدت نفسي.. راح أطلع غرفتي.

تغريد بقلة حيلة: يا ربي منك، خلاص مالك نفس؟ طيب مالك نفس، بعدين لما تتعب أكثر أجلس أأنب نفسي، بس دي المرة ما راح يجيني تأنيب ضمير، لأنك عنيد، عنيد!!

كانت ميس تطالع فيهم بصمت، البيت هاليومين مضطرب نوعًا ما، هو وأمها ما يتكلموا أبد، وكل ما تشوفه يكون معصب ومتوتر، معصب بطريقة تذكرها بهذيك المرة لما ضربها، تلقائيًا حطت يدها على خدها وصارت تمسح عليه وهي تتذكر حرقة الكف اللي جاء لها منه.. يمكن حرقة خدها زالت، لكن حرقة جوفها ما راح تزول أبد، ما راح تزول إلا لما تنتقم، تنتقم مو بس على الكف.. تنتقم لأنه حرمها من شوفة أبوها مثل أي بنت طبيعية!..
** ** ** ** **


مدت يدها للجرس وجت تضغط عليه بس نزلت يدها بسرعه، تراجعت خطوة للوراء وهي تطالع في عبد العزيز بعيون مليانه دموع وبصوت يرجف: مـ.ـا أقدر، مني قـ.ـادره، كيف أقـ.ـدر أشوفها بـعـ.ـد دي السـ.ـنــيـ.ـن؟

عبد العزيز أقترب منها، حط يده على كتفها وبهدوء: ندى دي فرصتك عشان تشوفيها، تشوفيها وتعرفي ليش سابتكم دي السنين!

طالعت فيه فتره وبعدها أخذت نفس عميق تهدي نفسها، لفت ومسحت دموعها وهي تناظر الباب


بعد فتره

ندى كانت ساكته، أو بالأحرى مصدومة من الكلام اللي سمعته منها، عرفت سبب تركها لهم ويا ليتها ما عرفت، طلبت منها تقول الحقيقة وما تكذب.. وياليتها ما طلبت، ما توقعت أن الحقيقة مؤلمة وموجعه لروحها لهالدرجة، رفعت عيونها لها وبهدوء غير اللي تحس فيه: سبتينا انا ومشعل في العذاب عشان إنتي ترتاحي؟ عشان تنسينا وتكملي حياتك؟

سعاد نزلت عيونها عنها وهي تحارب دموعها: ما نسيتكم، كل يوم وأنا أفكر فيكم، كل ليلة وانا أبكي عليكم، في كل صلاة أجلس أدعي إنو ربي يحميكم من كل شر وسوء، لا تقولي إني نسيتكم وتحرقيني يا بنتي، لا تحرقيني أكثر يا بنتي..!

ندى وبنفس حالتها قامت من كنبتها وجلست في نفس الكنبة اللي جالسه عليها سعاد: بنتي! يا دي الكلمة الغريبة اللي أول مرة أسمعها، طيب.. جلستي تدعيلنا جزاك الله خير، بس تعرفي ايش سار لي لما كنت عند ناصر؟ ودموعها تتجمع بعيونها: وأنا طفلة ما رحمني، كل يوم أتعرض للإهانه، كل ليلة أجلس أبكي يا من جوعي أو من ألم الضرب اللي كنت آخدو منو، في كل صلاة أجلس أدعي ربي ياخد ناصر أو ياخدني عشان أرتاح، لو تبي تتكلمي عن الحرقة لا توصفي نفسك شوفي كيف كانت حالتي وتعرفي ايش الحرقة!!

ما قدرت تستحمل كلامها فبكت، بكت بصمت وهي تخبي عيونها بيدينها، مهما تقول عنها فهي صادقه، صادقة بكل كلمة تقولها، حست بها تبعد يدينها عنها وترفع وجهها له

ندى بصوت يرتجف: بس تعرفي أنا أحتاجك، أحتاجك..!

قالتها وبعدها رمت نفسها في حضنها وهي تبكي بحرقه وصوت شهقاتها صارت عالية، تجمدت وما عرفت إيش تسوي غير إنها تضمها لها وتبكي أكثر..!


**


نهاية الفصل التاسع..

-لين متى راح يطول زعل مشعل؟ هل راح يقدر يسامح ندى وأمه لو عرف إنها تركتهم عشان تعالج أمها وأبوها بفلوس ناصر؟
-ميس ايش تفكر تسوي؟ كيف راح تنتقم ومين اللي راح يتضرر غير مشعل؟
-رنين وفيصل ايش نهاية غيرته وسوء ظنه؟

اذا عندكم شي في بالكم غير الاسئلة اللي كتبتها لا تنسوا تكتبوها

شقى الماضي 28-12-17 05:49 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اللي يبا حسابي في انستا

يكتب روايات كوكيز..

أبا أكتب الاسم هنا بالانقلش بس مو راضي كدا يطلعلي

******s.novel

عمر البعد 31-12-17 06:55 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
ياهلا شوشو
اوووف من هالغيصل احس قرب انفصاله عن رنين جعله انفصام بالشخصيه نشوفه بعد يتعالج بالنفسيه وماايطيب << عشان عيون عزوز وبس

ميس مكرها بيرجع عليها الحقوده وماتقدر تضر احد باذن الله
مشعل دام تغريد هي اللي مهتمه بصحته اكيد بيتعافى بسرعه ويقوم مثل الحصاان
بس اتوقع يصير موقف يعرف ان امه تخاف عليه وتحبه ممكن يحتاج لدم او كليه او زراعه عين
ههههههه بالغت شكلي كثثثيير هههههه
المهم مانبي مصاايب ولا نهايه مأساويه وحزينه بلييييز

شقى الماضي 31-12-17 09:11 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695645)
ياهلا شوشو
اوووف من هالغيصل احس قرب انفصاله عن رنين جعله انفصام بالشخصيه نشوفه بعد يتعالج بالنفسيه وماايطيب << عشان عيون عزوز وبس

ميس مكرها بيرجع عليها الحقوده وماتقدر تضر احد باذن الله
مشعل دام تغريد هي اللي مهتمه بصحته اكيد بيتعافى بسرعه ويقوم مثل الحصاان
بس اتوقع يصير موقف يعرف ان امه تخاف عليه وتحبه ممكن يحتاج لدم او كليه او زراعه عين
ههههههه بالغت شكلي كثثثيير هههههه
المهم مانبي مصاايب ولا نهايه مأساويه وحزينه بلييييز

أهلين

حرجع أعيد انو عزوز حيفاجئك
متأكدة انو ميس ما حتقدر تضر أحد؟
ههههههه ما عليكي خدي راحتك في التوقعات
مصايب لازم تكون في، أما عن النهاية فبصراحة أنا محتارة كيف حتكون مو عارفة بأي أحداث حنهي الرواية

شقى الماضي 31-12-17 09:20 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
الصباح.. بداية الدوام

مشت لفصلها ودخلته، شافت جود جالسة بجانب المكان اللي تجلس فيه دايما وهي تبتسم لها، تجاهلتها وجلست بمكان ثاني

اختفت ابتسامتها وقطبت حواجبها، أنقبض قلبها ما تدري ليه، قامت من محلها متوجهة لتغريد، وبنبرة مرح تخفي استغرابها: هي يا بنت ليه أمس غايبة؟ وكمان أكلمك واتس ما تردي؟

تغريد بوجه جامد لفت لها: بابا سارلو حادث، نمت عندو في المستشفى عشان أنتبهلو.

جود: أوه.. سلامتو، ما يشوف شر.

تغريد بسخريه: الله يسلمك، تبي تعرفي كيف سار الحادث.

قطبت حواجبها وهي مو مرتاحه أبد من نبرة صوتها، بس فضلت إنها تسكت وتحرك رأسها بالإيجاب

تغريد: كان في مطعم مع ناس..، وهي تشدد على كلامها: وهدولا الناس، جايين يقولوا إنو أمك عايشة، وهوا من عصبيتو وقهرو خرج من المطعم وكان مسرع وصدم..، وهي تناظرها بقوه: صدم بسببهم، والحاله اللي هوا فيها دحين بسببهم!..

جود بإرتباك: تغريد.. ترا أنا.. يعني أمي...

تغريد قاطعتها وهي تلف وجهها عنها وتقول: ما يهمني يا جود اللي تقوليه دحين، وأنا جيت يوم الأحد على أساس أكلمك بس لقيتك غايبة.

جود طالعت فيها فترة وهي ساكته.. وبعدها تكلمت: بكيفك لا تسمعيني بس ما تقدروا تنكروا الحقيقة انتي ومشعل، إني أنا أخت أبوك.. وأمي هيا جدتك، وأخواني هم عُمّانك غير عمك عبد العزيز، ودام ندى سامحت أمي.. حتشوفينا نسير عايلة وحده وأبوكِ حيقبل فينا.. بس أعرفي إني مو ميته على دا الشي..!

تغريد أعطتها نظرة حارقة.. حاقدة: اللي يسويه بابا على عيني وراسي، ازا كرهكم أنا حكرهكم، وازا حبكم أنا ححبكم، غير كدا ما عندي، ولا هميتوني!



"الفصل العاشر"
"ثلاث وثلاثون عام"



خرجت من غرفتها وقفلت الباب بحذر، اليوم غابت عن المدرسة، والبيت فاضي ما فيه أحد غيرها والخادمات، مشت للدرج وطلعت جناح مشعل الخاص، تلفتت بحيرة وهي تشوف ثلاثة أبواب، ما تدري من أي واحد تدخل منه، توجهت لأقرب باب لها ودارت المقبض بس لقته مقفل، قطبت حواحبها وراحت للباب الثاني، مسكت مقبض الباب ودارته بهدوء، دخلت وقفلت الباب وراها، كانت غرفة نومه، فتشت أدراج تسريحته ودولاب ملابسه بس ما لقت شي يفيدها، جات بتخرج من الغرفة بس لفتتها خزنة في إحدى زوايا الغرفة، راحت لها وحاولت تفتحها بس عجزت لأنها مقفلة برقم سري، زفرت بغضب وطلعت جوالها من جيبها، اتصلت على وحدة من الأرقام اللي عندها انتظرت لين ما رد عليها: الـــــووو أمــــيـــر.

أمير: هـــاه إش تبي؟

ميس: أقلك دحين أنا في غرفة مشعل، لقيت خزنه برقم سري خرفت أرقام بس ما سار شي، ساعدني يمكن تعرف!

أمير:امممم.. أصبري، جربي تكتبي سنة ميلادو! 1978.

ميس كتبت بس ما رضت تفتح: لا غلط.

أمير: أكتبي عمرو مرتين أربعين أربعين.

زفرت بضجر: يـــوهه وجع برضو ما سار!!

أمير بطولة بال: أصبري يا بنت لا تستعجلي، قوليلي كم عمر بنتو تغريد؟

ميس: ثمانطعش.

أمير بعد فترة قصيرة: طيب حطي دي الارقام، 2000.

حطتها وفتحت معاها، أبتسمت بخبث وبحماس: أمير إيوه إيوه.. فتحت أخيرا.

فتحت الخزنة وقطبت حواجبها بقوة وهي تشوفها فاضية، ما فيها الا مفتاح، وبإحباط: ما فيها شي لا أوراق ولا ملفات، بس لقيت مفتاح، شكلو مفتاح حق باب..، سكتت شوي وهي تتذكر: أصبر وأنا في الجناح كان فيه غرفة مقفلة يمكن دا مفتاحها.

أمير: روحي وجربي حظك.

ميس قامت وخرجت من الغرفة بعد ما أغلقت السماعة، راحت للباب اللي لقته مقفل قبل ودخلت المفتاح فيه، دارته مرتين وبعدها دخلت، هالغرفة عبارة عن مكتبة، كان فيها رفوف كثيرة وكتب، بمنتصف الغرفة كان فيه مكتب وكرسي جلدي ضخم، فتشت أدراج المكتب ولقت أوراق مكتوبة باللغة التركية، قطبت حواجبها وهي تحاول تقرأ، عرفت تقرأ بس ما فهمت شيء، سكرت هالدرج وفتحت درج آخر، لقت دفتر.. أخذته، فتحته وبدت تقرأ صفحاته، ومع صفحه تقراها تجي في مخها ألف علامة أستفهام، قطع عليها قراتها صوت من وراها: مــامـــا مـــيــــس؟!!

من فجعتها طيحت الدفتر ولفت للصوت، ارتاحت نوعًا ما وهي تشوف إحدى الخادمات في البيت، تكلمت بلهجة حاده وهي تخفي خوفها: أيوه ميس ايش فيه؟!

الخادمة: انتي ليش يدخل هنا؟ بعدين بابا مشعل يعصب.

ميس: مشعل قالي أدخل هنا.

الخادمة: انتي كدابة، بابا مشعل ما يحب أحد يدخل هنا، والله راح يعصب منك.

ميس بحده وهي تقترب منها: مشعل ما حيعصب.. لأنو ما حيعرف، لو قلتيلو عني ترا يا ويلك مني ما تعرفيني، ما تعرفي ايش حسوي فيكِ. قالتها وبعدها خرجت

الخادمة تمتمت بغضب وهي تخرج من الغرفة وتقفلها بالمفتاح: يحسب أنا خوف واحد صغير يهدد أنا!..
** ** ** ** **


في المدرسة

دق الجرس معلن عن بداية الفسحة، نزلت من الدرج بهدوء عكس اللي داخلها من أفكار ومشاعر متضاربة، تحس نفسها مضغوطة.. تحس إنها تحتاج أحد يسمعها، أحد يفهمها، شخص يرشدها للتصرف الصح، رفعت عيونها وطاحت عليها.. تحتاج لـ بتول، ما تنكر إنها اشتاقت لها مره، اشتاقت لـ صداقتها، لـ حبها، لـ هبالتها، لـ سوالفها، ارتبكت لما شافتها تطالع فيها ونزلت عيونها، اشتاقت بس بتول اختارت تنسى كل شي بيناتهم لسبب تافه!..

مشت وتعدتها بتجاهل، جت بتجلس بس فيه بنت من بنات فصلها كلمتها: تغريد تغريد.

طالعت فيها بصمت، وهي كملت: المديرة تباكِ.

تغريد باستغراب: تباني؟ تعرفي ليش.

حركت رأسها بالنفي

تغريد بهدوء: طيب دحين رايحتلها.

قامت وراحت لمكتب المديرة، وقفت قدام الباب وطرقته عدة مرات، فتحته بعد ما أذنت لها ودخلت لها وهي تحاول ترسم ابتسامة على شفايفها: السلام عليكم.

رفعت عينها لها وردت لها الابتسامة، قامت وصافحتها وهي تحط يدها على ذراعها: وعليكم السلام.. كيف حالك يا بنتي؟

تغريد: تمام الحمد لله، وانتي كيف حالك أبلة مها؟

وهي ترجع لكرسيها: الحمد لله على كل حال، كيف حال بابتك سمعت من عادل أنو سارلو حادث.

تغريد ابتسمت بضيق: ايوه، سارلو.

المديرة: الحمد لله على سلامتو.. اليوم ابراهيم حيزورو كدا في العصر.

تغريد: من جد؟ لأنو بابا قالي انو في الصبح حيروح لعيادة الدكتور ابراهيم.

المدير بتفاجئ: أهاا طيب كويس..، وبمزح: وفر على زوجي فلوس الهدية وبنزين السيارة.

ضحكت لها بمجاملة وهي أصلا ما لها نفس، سكتت شوي وبعدها قالت: طيب في ايش تبيني؟

المديرة وكأنها تذكرت، تحولت ملامحها للجدية وأشرت لها على الكرسي لتجلس فيه: طيب أجلسي يا بنتي عشان نتكلم.

تغريد جلست في الكرسي وهي مو مرتاحة لا لنبرتها ولا لملامح وجهها وصارت تستمع لكلامها..
** ** ** ** **


في العيادة النفسية..

وقف قدام باب مكتب الدكتور وعيونه على أسمه المنحوت على لوحه خشبية.. غرفة الطبيب النفسي ابراهيم صبحي، دخل للغرفة بابتسامة

وقف الدكتور ابراهيم وصافحه وهو يبتسم قبل ما تكون علاقتهم طبيب ومريضه فهم أساسا أصحاب: الله ايش دي الزيارة الحلوة، تصدق اني كنت ناوي أزورك اليوم؟ كنت مفجوع لما عرفت عن الحادث من أبو فارس، الحمد لله على السلامة، ما تشوف شر.

مشعل: الله يسلمك الشر ما يجيك يا دكتور.

ابراهيم بنفس ابتسامته: ايوه وايش سبب الزيارة الحلوة دي؟

مشعل وهو يتنهد: أعتبر السبب أي شي، بس أكتر كلمة مناسبة هيا الفضفضة.

ابراهيم: جاي عشان تفضفضلي يعني.

مشعل: أي والله، حاليا أنا مالي غيرك بعد الله طبعا، لو رحت لأبو فارس حيبدأ بالنصايح المثالية اللي ما تخش مزاجي، وكمان ما أبغا اكلم بنتي وأصدع راسها.

ابراهيم: طيب قولي ايش فيه؟

تنهد وقال بحزن حاول يخفيه لكن عيونه فاضحته: جا اليوم اللي كنت أحكيك عنو.. وكيف أنا خايف أواجه دا اليوم.

طالع في ملامح وجهه بتمعن وهو يحاول يتذكر، مشعل قاله عن كل شي صار له في حياته، عن أمه.. عن أبوه.. عن حبه.. عن تغريد.. لأنه كان يتعالج عنده وكان لازم يحكيه كل شيء: اليوم اللي تشوف فيه أمك؟

حرك رأسه بالايجاب وهو يتنهد: اليوم اللي يقولولي فيه أمك تبا تشوفك!..
** ** ** ** **


خرجت من غرفة المديرة والضيق مالي قلبها وباين هالشيء في وجهها، رفعت رأسها وهي ماسكة خصرها بتعب: آآآآهه يا ربي ساعدني.

حست بيدها تمسك كتفها وهي تقول: تغريد إيش في؟

عدلت نفسها وأخذت نفس عميق، لفت لها وقالت: مافي شي يا بتول.

بتول بإصرار: الا فيه شي، دخلتي وانتي متضايقة وخرجتي وانتي متضايقة أكتر وأكتر.

تغريد بإنفعال: ما في شي اقولك، وبعدين أنتي ليش تهتمي، من متى سرتي تهتمي أصلا!..

بتول وهي تقطب حواجبها: أنا الغلطانه أني جيت وسألتك أساسًا.

اقتربت منها وبنفس نبرتها: ايوه غلطانه، فجأة كدا سرتي تسألي وسرت أهمك.

بتول بابتسامة ساخرة: مين قال اني أهتم أصلا؟ سألتك بس لأنو شكلك أثار شفقتي بس!

طالعت فيها بقهر من كلامها، أخذت نفس عميق لتهدئ نفسها وبعدها قالت من بين أسنانها: شوفي.. أنا ما أحتاج شفقتك عليا ولا أبغاها أوكي؟ أشفقي على نفسك.. لأنك ما اهتميتي لصداقتنا، وسرتي كأنك ما تعرفيني حتى السلام ما تسلمي.

قطبت حواجبها مرة ثانية، قربت منها وبحده: انتي اللي ما أهتميتي يا تغريد، بس حابة أقلك دا كلو أسويه عشان أخويا، طبعا انتي ما حتفهمي اللي سويتو لأنو ما عندك أخ أو أخت، ما تعرفي دا الشعور يا تغريد.

تغريد بتحذير: شوفي يا بتول، أحسن لك تسكتي ولا تتكلمي معايا تاني مرا، أنا مو ناقصتك، اللي فيا مكفيني، لا تجي إنتي وتزوديها عليا.. كفاية الحالة اللي بابا فيها، كفاية الكلام اللي قالتو المديرة ليا، أحسن لك روحي عند صحباتك الجداد وبعدي عني، لاني ممكن حنفجر في وجه أي أحد يستفزني، وما أتمنى أنو يكون إنتي، عشان لا ينكسر خاطرك!.. قالتها وبعدها مشت للدرج
** ** ** ** **


في العصر

طلعت للجناح وهي تاخذ نفس عميق، مرتبكة وخايفة، مشعل طلبها لجناحه وتحديدا بمكتبه، أكيد هذيك الخادمة الغبية قالت له، يا ترى ايش راح يسوي لها؟ يضربها أو يهزأها؟ فركت يدينها بتوتر وهي تحاول تبعد من رأسها الأفكار السوداوية هذي، وصلت لمكتبه، طرقت الباب وبعدها دخلت، شافته جالس بمكتبه وباين إنه يتنظرها، قالت بهدوء تخفي وراءه خوفها: قالولي إنك تباني!

مشعل أبتسم على كلامها وقام من كرسيه لـ يظهر طوله الفارع: وأنا قالولي إنك دخلتي مكتبي وفتشتيه!

ميس طالعت فيه باستغراب من أبتسامته الغريبة

مشعل كمل: فقلت في نفسي أكيد عندها أسئلة كتيرة في مخها تبا تدورلها أجوبة!

قطبت حواجبها وهي مو فاهمة كلامه أبد

مشعل لف لها وبنفس الابتسامة: يلا أشبعي فضولك، وأسأليني بدل ما تفتشي على أشيائي في غيابي.

رفعت حاجبها وابتسمت بـ استهزاء: على أساس إنك حتجاوبني.

مشعل: أكيد حجاوبك.. ليش لآآ؟

ميس بثقة وهي تمشي لمكتبه: طيب.. لقيت أوراق كتيرة حاولت أقرا اللي فيها بس ما فهمت، إيش هيا دي الاوراق وايش المكتوب فيها؟

مشعل: طيب، دي أوراق ميلاد تغريد، باللغة التركيّة، لأنهآ أتولدت في تركيا وأمها تركيّة!

ميس بـ إستنكار: أمها تركيّة!!!

مشعل اكتفى بأنه يحرك رأسه بالإيجاب

ميس: طيب.. في سؤال تاني وأخير، قريت دفتر كاتب كلام إنك حتتغير عشان تغريد.. وانك كنت أنسان مو كويس، وإنها ما تستحق تعيش مع أبو زيك، صراحة أثارت فضولي كتاباتك!

طالع فيها: عاد هنا شي خاص فيا، ما أرضى أحد يتكلم عنو.

ميس: طيب براحتك.. مع أنك قلت حتشبع فضولي بس حمشيها ليك دي المرة.

مشعل بسخرية وهو رافع حاجبه على كلامها: وإن شاء الله خلاص، أشبعتي فضولك ولقيتي أجوبة للأسئلة اللي في مخك؟

ميس: تّو، بالعكس.. زادتني فضول وحيره.

مشعل أقترب منها وبتهديد: شوفي دي أول وآخر مرة أسمع إنك خاشة مكتبي، ازا عدتيها ما راح أعدّيها ليكِ، وما حتعرفي ايش ممكن أسوي..، وبنبرة حاده: يــلا أخـــرجـــي ولا عــاد أشـوف وجــهــك!..

طالعت فيه بنظرات قوية، أعطتها ظهرها وبعدها خرجت وهي تقفل الباب بقوه
** ** ** ** **


طلعت تغريد لجناح أبوها وشافت ميس تخرج من مكتبه وهي متنرفزه، رفعت حاجبها وشبه أبتسامة ظهرت على شفايفها، مشت لمكتبه ودقت الباب، دخلت بابتسامة حلوة بعد ما أذن لها

لانت ملامحه وهو يشوف تغريد تدخل ورد لها الابتسامة: نوّر مكتبي.

زادت ابتسامتها وقالت: دوبي شفت ميس خارجه من هنا.. ليه؟

مشعل: ما عليكِ منها، بس إنتي ليه جاية هنا.

تغريد: كنت بكلمك في موضوع بس..، وهي تطالع الأوراق اللي بمكتبه: شكلك مشغول، ايش جالس تسوي؟

مشعل: جالس أعبي لحلقة يوم الخميس، بس عادي يعني.. قولي اللي تبغيه.

تغريد بتأكيد: خلاص يا بابا، كدا حشغل بالك وما تقدر تكمل شغلك.

مشعل طالع فيها وبهدوء: يا بنتي قولي، أوقف كل شي عشانك ما عندي مشكلة، وانتي طول الوقت في بالي أساسًا.

تغريد وهي تتنهد بقلة حيلة: يعني هوا مو مرا، انتا كلم أبلة مها وهيا تقولك.

مشعل: ابلة مها مين؟ مديرة مدرستك؟

تغريد وهي تحرك رأسها بالإيجاب: ايوه، عندك رقمها؟

مشعل بتفكير: إلا إلا أتوقع عندي، أنا مسجلو عشان أذا احتجتها أكلمها.

تغريد: تمام حلو.. كلمها وهيا حتقولك، بس كلمها بعد ما تخلص شغلك.

ابتسم ليطمنها: طيب خلاص، لا تخافي.

تغريد ابتسمت: طيب خلاص أنا حخرج عشان لا أزعجك.
** ** ** ** **


بعد مرور يومين.. يوم الخميس

كانت جالسة بالصالة.. فاتحة التلفزيون وتقلب في القنوات، انتبهت لندى وهي تنزل بعبايتها.. جاء في بالها على طول إنها رايحه لأمها كعادتها في هاذي اليومين فسألتها: جا عمي؟

ندى وهي تدخل للصالة وتجلس بجانب تغريد: لا، بس جهزت نفسي عشانّو قريب..، وهي تطالع في التلفزيون: تستني برنامج مشعل؟

حركت رأسها بالإيجاب، طالعت فيها وفي بالها سؤال نفسها تعرف أجابته

حست بنظراتها فغمزت لها بابتسامة: ايش في؟

تغريد وهي تعدل جلستها: شوفي بسألك سؤال، وجاوبيني أوكي؟

ندى: طيب أسألي.

تغريد بفضول: كيف جدتي.. أقصد يعني أمك.

ندى بهدوء: أمي وأم مشعل، وكمان جدتك.

تغريد بضيق: ما يهمني دا الشي، بس انتي قوليلي.. ايش شعورك لما شفتيها، كيف هيا طيبة.. أولادها طيبين، أتقبلوكِ وأتقبلتيهم؟

ندى بابتسامة: مو قلتي سؤال واحد.

تغريد بضحكة: يالله عاد، لا تدققي أهم شي جاوبيني.

أخذت نفس وطالعت فيها بجدية: طيب، في البداية لما دخلت مع عبد العزيز ما حسيت بشي، الخوف والتوتر اللي كنت فيه راح مني.. كانوا فيه أولادها، يعني أخواني، كانوا أربعة أشخاص بنتين وولدين، أكدب عليكِ لو قلت إني حبيتهم، من وجيههم باين إنهم ما كانوا راضيين بوجودي، ودا شي مرا ضايقني، المهم بعدين شفت أمي، بكيت.. لمتها.. عاتبتها.. خرجت كل اللي في قلبي وبعدين سامحتها.

تغريد بابتسامة سخريه ممزوجه بحزن: سامحتيها.. أكيد!

ندى: سامحتها وأتمنى كمان مشعل يسامحها زيي، ويسامحني معاها.

تغريد: ليش؟ هيا تسألك عنو؟

ندى حركت رأسها بالنفي: لا ما تسأل، بس أنا أتمنى، لأنو دحين بعد ما سرت أزورها يوميًا أتعرفت على أخواني أكتر.. وتقدري تقولي حبيتهم وأتعلقت فيهم.

تغريد طالعت فيها بعدم تصديق وهي رافعه حاجبها: بدي السرعة؟ وفي أقل من أسبوع؟!

ندى طالعت فيها وابتسمت: الحب من الله، وكمان غير كدا لمّتنا على سُفرة الغدا والأجواء العائلية اللي هما فيها كانت حلوة مرا، شعور أول مرا أحس فيه، الكل يحب بعض، الكل يضحك مع بعض، دا شعور يجنن وأتمنى مشعل يحس بيه زيي.

جت بتتكلم بس قاطعها صوت جوال ندى وهو يرن

ندى وهي تقوم: شوفي دا عبد العزيز، أكيد وصل، يلا مع السلامة.

تغريد: مع السلامة.*

تتبعتها بعيونها حتى خرجت من الفيلا وهي تفكر في كلامها اللي أثر فيها حيــل
** ** ** ** **


في الاستديو..

طالع في ساعته خلاص بقى ثواني ويبدأ البث المباشر، الكل مستعد.. المصورين في أماكنهم وهو في مكانه، أنتبه للمخرج وهو يعد بأصبعه العد التنازلي لبداية البث، أعتدل بجلسته ورسم أبتسامة حلوة على شفايفه وبعدها بدأ البث..

بدأ البث والكل صار يتفرج..
حاطة يدها على خدها وهي تتأمله بابتسامة نفس ابتسامته، اللي يشوفها قول هاذي عاشقة وتشوف حبيبها

وفي الجهة الثانية
طالعت في التلفزيون وعيونها تلمع، هذا هو طفلها مشعل؟ هذا اللي كان ما يتعدى نصف طولها صار أطول منها؟ هذا هو اللي كان طفلها واقف على الهواء مباشرة بكل ثقة وشموخ، التفتت لندى وقالت: دا هوا مشعل؟

ندى لاحظت لهفتها على برنامجه: ايوه هوا.

سعاد ابتسمت بدفئ وهي تناظر أولادها وبناتها وأحفادها حولها، بس ناقصها هو، طالعت في التلفزيون وهي تتأمله، ناقصها مشعل
** ** ** ** **


صباح يوم جديد..

خرجت من غرفتها بفستان وردي يوصل لنصف ساقها ونزلت للصالة، شافت أبوها صاحي وفاتح التلفزيون ابتسمت: صباح الخير.

ابتسم لما شافها: صباح النور.

تغريد وهي تجلس بجانبة: ايش جالس تتفرج؟

مشعل وهو ماسك الرموت ويقلب في القنوات: أبدا، ولا شي.

تغريد: ايش رأيك نتفرج إعادة برنامجك.

مشعل: أووهووو لسا في الضهر حتنعاد مو دحين، طيب انتي قوليلي كيف عجبتك؟ ما سألتك أمس.. رجعت ولقيتك نايمة.

تغريد: ايوا والله نمت عشان بعد ما رجعت من المدرسة ما نمت، واما عن الحلقة بصراحة كان الموضوع مهم ويشد الانتباه، بس فيه شي!..

مشعل وهو يسمع لها باهتمام: أيش؟

تغريد: كان شكلك شوية تعبان، يعني ما كان لازم توقف كتير كان قدمت وانتا جالس ترا عادي يعني.

ابتسم لها بحب ومسح على شعرها بحنان: لا تخافي عليا يا بنتي شوفيني كيف كويس دحين.. وبعدين أعرفك انتي تحبي تدققي بزيادة يعني عارف انو ما فيا شي.

تغريد بابتسامة: الحمد لله..، سكتت شوي وهي تفكر وبعدها قالت: بابا.

مشعل: نعم يا روحي.

تغريد: كلمت ابلة مها؟

مشعل وملامحة تحولت للجدية: ايوه، ايوه كلمتها وأتفاهمنا خلاص..، أبتسم بهدوء ليطمنها: يعني خلاص أرتاحي.

تنهدت براحه وبعدها حطت رأسها على كتفه: طيب شكرًا، والله اني كنت شايلة هم.

مشعل وهو يبوس رأسها: لا تشيلي أي هم دامني موجود يا بنتي، أسوي كل شي عشان راحة بالك.

تغريد بابتسامة: الله لا يحرمني منك ولا من حنانك، أسمع ابا قولك شي.

مشعل: قولي.

تغريد: بكرا أبغا أروح عند ستو هدى.

مشعل: ايوه وليش ان شاء الله؟

تغريد: والله يعني بس كدا، أغير جو شوية، وكمان وحشوني من زمان ما شفتهم.

مشعل: الاسبوع اللي فات كنتي عندهم، على طول وحشوكي.

تغريد بمحاولة لإقناعه: ايوه أكيد وحشوني، لأنو أنا كنت متعودة أشوفهم كل يوم، نضحك مع بعض كل يوم، ونتكلم مع بعض كل يوم، وفجأة كدا يختفوا لما جات عمتي ندى، ولما سرت أشوفهم ما أشوفهم غير مرة في الاسبوع، بالله ما حشتاق؟

طالعت في وجهه وهي متأملة أنه يوافق من بعد كلامها: ها ايش قلت بابا، خلاص أكلم عمي وأقولو أني جاية بكرا؟

مشعل بكل برود: لأ.

تغريد بإحباط: أما عـــاد، طيب ليش؟

ما علق على كلامها فكملت: يعني عادي عندك أقعد كدا طفشانة دا الويكند، عمتي مافي.. وانتا مشغول، وحتى ميس عند أبوها ما أقدر أتناقر معاها!..

مشعل بملامح جدية: تغريد.. اذا تبيني أزعل وآخد على خاطري روحي عند عمك، دا اللي عندي وخلاص.

طالعت في تفاصيل وجهه لفتره وبعدها قالت بهدوء: طيب خلاص.. اللي تشوفو.

مشعل وهو يطالع فيها يحاول يفسر ملامح وجهها وبعدها تكلم بتردد: زعلتي؟

تغريد ابتسمت: يعني تبغاني أزعل؟

مشعل: لآآ الله لا يقدر.

تغريد قامت: أوكي.. أنا طالعة غرفتي أسوي واجباتي.

مشعل: تمام، الله يوفقك يا بنتي.
** ** ** ** **


خرجت من الغرفة وراحت للصالة، شافت أمها جالسه تتفرج، استغربت لأنه مو من عادتها في يوم الجمعة تلتهي، دايما تكون في غرفتها تصلي وتقرأ قرآن: ماما ايش جالسة تتفرجي؟

طالعت في التلفزيون ورفعت حاجبها وهي تشوفها فاتحه على برنامجه، طالعت في أمها وقالت وهي تكتم الضحكة: ماما ترا امس أتفرجناها.

سعاد: أششششش، خليني أسمع.

رنين جلست جنبها: شوفي يلا جا أعلان، ما طفشتي؟

سعاد بحزن: اشوف شكلو وأسمع صوتو هنا يمكن يخف حنيني لو، بس ما نفع.. نفسي أشوفو قدام عيني، يمكن ينفع..، وهي تغير الموضوع: فين أخوك نادر؟

رنين بهدوء: راح يجيب ندى.

حركت رأسها بالايجاب وما علقت بس في قلبها تتمنى أن مشعل يكون معاها.. تتمنى!


دخل غرفة أمه ولقاها على سجادتها تقرأ قرآن كعادتها في يوم الجمعة

قفلت قرآنها وطالعت فيه: ولدي.

مشى لها وهو يبتسم: هلا يا روحي.

هدى: شكلك طالع، رايح تودي ندى لبيت أمها؟

عبد العزيز: ايوه طالع بس مو عند ندى أخوها الصغير اللي حيودها، وانتي حتطلعي معايا.

هدى بإستغراب: نطلع؟ فين؟

عبد العزيز: تطلعي برا دا البيت شوية، تشمي هوا.

هدى: لا يا ولدي ما يحتاج مرتاحه كدا أنا كفاية إني أروح عند الجيران.

عبد العزيز بإصرار: لا خلينا نتغدا برا.

هدى: لا يا ولدي خلاص تعبانه ما أقدر أخرج، إنتا روح جبلنا أكل وناكل هنا.

عبد العزيز وهو يحرك رأسه بقلة حيلة: يا ربي منك يا أمي، خلاص شكلي بروح أشتري أكل وأجي، مع أنو قلبي ما يطاوعني أسيبك اليوم مع الخدامة.

هدى: أساسا انتا لما تكون في عملك أكون معاها فليش خايف دحين.

عبد العزيز: أصلا حتى أنا في الدوام مو مرتاح والله، بس متوكل على ربي.

هدى ابتسمت: طيب دحين أتوكل على ربنا وروح جبلنا أكل.

قرب منها وهو يبوس راسها: يلا مع السلامة.

هدى: مع السلامة الله يحفظك يارب.
** ** ** ** **


طلع الدرج بخطوات هادية وثابته، مشى لوحده من الغرف وطرق الباب عدة مرات حتى سمع صوتها وهي تسمح له بالدخول، دخل للغرفه وشافها جالسة على سريرها وتسوي واجبتها، ابتسم على عادتها هذي.. عندها مكتب بس ما ترتاح الا في سريرها: تغريد.. خلصتي واجباتك؟

تغريد: بقي شويا.. ليش؟

مشعل: لا بس كنت بقلك، ايش رايك نخرج نتغدا برا ولما ترجعي تكملي.

تغريد وهي تحس نفسها أتهلكت من الواجبات والاختبارات: طيب.. ويكون أحسن لو رحنا السوق.

مشعل: أبشري يا قلبي نروح، وكمان حنروح السوبر ماركت مرة وحده، فيه كم شي ناقص.

تغريد قامت من سريرها وهي تبتسم: أوكي.


……


نزل من جناحه وهو يسكر كم ثوبه وبصوت شبه عالي: يلا يا تغريد خلاص أنا حكون في السيارة.

شاف ندى وهي تخرج من غرفتها، تجمدت ملامح وجهه وهو يشوفها لابسه عبايتها أكيد رايحه لها، تجاهلها.. أعطاها ظهره ونزل الدرج

ندى مشت كم خطوه وتكلمت بصوت يرتجف وهي تحارب دموعها: مشعل..، شافته يكمل نزوله ولا أهتم: مشعل الله يخليك أسمع.

وقف وقلبه يوجعه، مو قادر يتجاهل نبرة صوتها الضعيفة

ندى نزلت عنده ولفته لها ودموعها صارت تنزل: مشعل لين متى حتتجاهلني كدا؟ كيف تقدر تسويها فيا؟ والله أنا ما أقدر أستحمل، والله كدا قلبي يوجعني.

مشعل بهدوء ظاهري نزل يدها اللي ماسكته من ذراعه: ما تعرفي اللي في قلبي يا ندى، مهما أتكلمت ومهما قلت ما في شي يوصف وجعي منك وعليكِ.

كمل نزوله للدرج وبعدها لف لها، شافها واقفة بنفس مكانها ودموعها بعينها: يلا أخرجي وروحي لأخوكِ عشان لا تتأخري عليها.
** ** ** ** **


خرج من سيارته وبيده أكياس من المطعم، مشى لباب العمارة ولقاه مفتوح، ما أهتم ودخل وهو يقفل الباب وراه، كمل خطواته لين باب الشقة بس برضه لقاه مفتوح، قطب حواجبه ودخل للشقة، حط الأكل على جنب وراح لوحدة من الغرف، توسعت عيونه للأخير وهو يشوف أمه مغمى عليها، ركض لها بسرعه وانحنى لها ليشوف نبضها.. كان ضعيف جدًا فخاف عليها، شالها وخرج من الغرفة، صرخ بصوت عالي على الخادمة بشكل متكرر بس ما في أي جواب، عصب منها مره، راح للصالة ومدد أمه على الكنبه بحذر وبعدها راح للمطبخ ومالقاها، قطب حواجبه وراح لغرفتها اكيد راح يلاقيها فيها، فتح الباب وبرضه ما هي في، أتجنن لما جات في باله فكرة أنها شردت، أساسًا يتوقع منها هالشي، دخل للغرفة وفتح دولابها لكن لقى ملابسها زي ما هي، قفل باب الدولاب بعصبيه وهو يقول: الله يحرقها شردت!
** ** ** ** **


دخل للفيلا وكان شايل كم كيس معاه، حطهم على عتبة الباب والتفت لها لما تكلمت: خلاص يا بابا أرتاح أنا حكلم مؤمنه تجيب باقي الاشياء.

مشعل: طيب أساسا انا رايح آخدلي دش.

تغريد: أيوه والله حتى انا، عفنّا في دا الحر.


بعد فترة

خرجت من الحمام وهي لابسة روب استحمامها، حاسة بشوية خمول ونفسها تنام بعمق، رطبت جسمها ولبست ملابس مريحه، مشت لسريرها وتمددت عليه، غمضت عيونها وغفت لـ دقايق معدوده بس سرعان فتحتها وهي تسمع أصوات عاليه صادره من تحت، عدلت نفسها وهي تقطب حواجبها: بسم الله ايش فيه.

خرجت من غرفتها ونزلت للصالة لأنه من هناك كانت سامعه صوت أبوها وهو معصب بس سرعان ما تراجعت وهي تشوف رجلين غريبين وأول مره تشوفهم، بس كانت فيه ندى بدون حجابها وبجانبها بنت ما عرفتها، تفاجئت وهي تشوف جود ماسكة حرمة كبيرة في السن، على طول عرفت أنهم أهل أبوها، والرجالين الغربين هم عمانها، والبنت اللي جنب ندى.. عمتها، والحرمة اللي ماسكتها جود.. جدتها، استغربت وتسألت بينها وبين نفسها ايش جابهم هنا؟

طالعت في أبوها، جالس على الكنبة، يهز رجوله بعصبيه وملامح وجهه احتدت، تكلم من بين أسنانه وهو ماسك أعصابه: انتوا دحين ايش جايبكم هنا..، وهو يأشر على سعاد بأصباعه بدون ما يطالع فيها: ودي ليش جات هنا، ليش جبتوها ما أبغا اشوف وجهها...

قاطعه صوت مهند وهو يقول بعصبيه: خلاص يكفي يا مشعل، ما يسير تقول كدا، سكتنالك كتير، بس أمي لا تتكلم معاها كدا!..

طالع فيه بنظره حاده وقام من مكانه، رفع سبابته قدام وجهه يهدده والحقد باين بعيونه: مو أنتا اللي تسكتني بدي الطريقة فاهم؟ أنا حتكلم.. وحقول اللي أقولو، عجبكم ولا ما عجبكم حتسمعوه، وأهم وحده أمكم.

تغريد خافت من ملامح وجه أبوها المرعبة اللي صار لها زمن طويل ما شافته زي كذا

تقدمت رنين ناحيته وبقوة: أمنا هيا أمك يا مشعل وما تقدر تنكر دي الحقيقة.

طالع فيها وجاء بيتكلم بس قاطعه نادر: صح كلامها واحنا جينا عشان نقول لك كلام ونروح.

مشعل ببرود وهو يعقد يدينه حول صدره: وإذا قلت إني ما أبغا أسمع ولا كلمة منكم وأباكم تخرجوا من بيتي، ماني مستعد أسمع كذبة من كذباتكم، ولا عذر من أعذاركم.. سووا خير فيا وأخرجوا، أنا عشت بدون أم لمدة 33 سنة، اعتبرتها ميتة.. زي ما أعتبرتني سلعه تبيعني عشان فلوس.

ندى تكلمت بحرقة وعصبيه بنفس الوقت، جالس يقول كلام جارح بدون ما يفهم، بدون ما يهتم لمشاعرها كأم: بس خلاص يا مشعل..، أخذت نفس عميق وهي تطالع في عيونه اللي تحسها شوي وتحرقها: لا تتكلم وتجرح وانتا مو فاهم، أسمعها وأعرف الحقيقة كامله منها، أسمعها لمرة وحده ولا تعاند يا مشعل.

مشعل ضحك بصخب.. ضحك بسخرية على كلامها، والكل أستغرب من هالضحكة: أعرف الحقيقة الكاملة منها ها؟ أساسا أعرف كل شي..، طالع في سعاد وهو يعطيها نظرة وكأنه قرفان منها: سابتنا عند ناصر وأخدت فلوس منو عشان تعالج أمها وأبوها وتعيش أخوانها عيشة كويسه، تحسبيني ما أعرف يعني؟ ترا عارف من يومني صغير كنت أسمعها وهيا تقول حاخد فلوس من ناصر عشان أعالجكم!

كلهم مفجوعين، طيب دامه يعرف ليش هو يتعامل معاها بهالقسوه
يعرف عذرها ولكنه كارهها وكأنها عدوته!!!

مهند بحده: طيب ليش تسوي كدا، ايش دي الوقاحه اللي فيك.

رنين تكلمت بحرقة وهي تشوف أمها منزلة رأسها: سيبو سيبو يا مهند، رجال زي دا ما عندو أحساس ولا مشاعر ما حينفع معاه الكلام.

نادر معاهم يأييدهم: صح كلام رنين خلينا نخرج ما حيسمعنا دا.

ندى تكلمت بهدوء وهي تطالع في مشعل: تعرف.. دحين لما أطالع فيك، أحس كأني أطالع في ناصر، سرت تشبهو مو بس في الشكل، في قسوتو وعدم إحترامو للناس، سرت نسخه منو!..

تغريد حست أنها لازم تدخل وتوقف مع أبوها، ملامحة المرعبة اللي كانت على وجهه فجأه أختفت وصار محلها الضعف من لما ندى تكلمت، كلهم ضده يبوا يثبتوا له أنه غلطان، بس ما راح تخلي أبوها لحاله.. مستحيل، دخلت عليهم وقالت بقوه: خلاص بس، انتوا بأي وجه جايين هنا؟ مين اللي سمحلكم تدخلوا دا البيت وبابا مو راضي! كملت وعيونها على جود بقهر: عرفنا انكم تحبوا بعض، بس سيبوا بابا في حالو، ازا قال ما يبا يسمع ما حتغصبوه يسمع..، أخذت نفس عميق وهي تحاول تهدي نفسها: كفاية اللي جالسين تسووه لبابا، كفاية، دخلتوا حياتنا وخربتوها، ما ريحتوا أبويا أبدا، وما هو مجبور يسمعكم، ولا تستغربوا دا التعامل.. ايش حتتوقعوا يعني معاملة من شخص سابتو أمو، أنا أعرف انو الام مستحيل تتخلى عن أولادها مهما يكون.

مشعل أبتسم بسخرية ومن داخله مجرووح من ندى، كيف تشبهه بناصر؟ تشبهه بالشخص اللي عذبهم لسنين! شخص ما يعتبره أبوه: الحمد لله وأخيرا أحد معايا، أظن بنتي نور عيوني وضحت الكلام اللي في قلبي، وما في شي أزيدو على كلامها.

تغريد اتبعته بعيونها وهو يطلع للدرج، جت بتلحقه بس وقفت والتفتت لهم، تكلمت بحرقة وهي ماسكة دموعها بالقوة: شكرًا ليكِ يا عمتي على أهتمامك بمشاعر بابا، أشكركم كلكم على الحالة اللي وصلتوا أبويا فيها، تقدروا دحين ترجعوا بيتكم وانتوا مرتاحين.

انهت كلامها وبعدها لفت وطلعت الدرج ركض

طلعت لجناح أبوها وكان باب غرفته مفتوح فدخلتها، لقتها مقلوبة فوق تحت.. كل الاشياء اللي في التسريحة طايحه والابجورة اللي كانت على الكمدينه طايحه ومكسره لأجزاء صغيرة، رفعت عيونها لمشعل المعطيها ظهره وأنفاسه المتسارعة ينسمع صوتها، مشت ناحيته لين ما صارت وراه تماما، مررت يدها على ظهره بهدوء لين استقرت على كتفه ولفته لها، انصدمت وهي تشوف عيونه الحمراء بسبب دموعه اللي صارت تنزل، توجعت وهي تشوفه بهالمنظر فهمست والعبرة خانقتها: بــــ.ـــــابـــ.ــــا!!!

جذبها لصدره وهو يدفن وجهه بكتفها وصار يبكي بصوت مسموع قطع قلبها

رفعت يدها المرتجفة ومسحت على شعره بهدوء وقالت بنفس نبرتها: خلاص يا بابا لا تبـ.ـكي، محد يستاهل عشان تنزل دموعك، والله محد يستـ.ـاهل.

تكلم صوت غليظ بسبب دموعه وهو محروق من ندى ومقهور: أنــ.ــا الـلـي ربــيـ.ـتــهــا، أنا الــلـ.ـي تــعــبــت علـ.ـيـها 11 سـنـ.ـة، وهديك الحرمـ.ـة بـعـ.ـد مـ.ـا أتــخـ.ـلـت عـنـنا تــخـ.ـتــارهــا وتــكـ.ـســرنــي، نــســيـ.ــت كـ.ــل شـــي ســويـ.ـتــو لــيـ.ـهــا، نـسـ.ـيــت وكــســرتـــنــي!!

انهارت وهي تسمع كلامه اللي حرق قلبها أكثر، شدت عليه وهي تحاول تخفي دموعها اللي ما قدرت تمسكها، ما استحملت وهي تسمع كلامه ونبرة صوته الموجوعة، شهقاته مع رجفة صوته ودموعه اللي صارت تبلل كتفها، تكلمت بصوت حاولت تخليه طبيعي: أششش خـ.ـلاص، صدقني بكرا حتـ.ـجي وتعتذر بنفسها، في النهااية إنتا أخوها وحتـ.ـعـرف قيمتك، أساسا أنا في.. أنا معاك دايما وللأبد، حتى لو كنت غلطان حـكـ.ـون معاك.. ولو كانوا كل الناس ضدك أنا حكون مـعـ.ـاك لآخر عمري.

ما رد عليها، اكتفى بأنه يدفن رأسه في كتفها أكثر ويكمل بكاه بصمت!..

مهما كبر في عمره.. راح يبقى بداخله طفل صغير أنخذل، طفل أمه رمته للنار وأعطته ظهرها ليتحرق.. لتكمل حياتها بدون ما تفكر فيهم، ولين الحين هالنار تحرقه، تحرق كل ذرة في جسمه.. تحرق قلبه!

بعد مرور عدة ساعات


طالع في يدها المغروسة فيها ابرة المغذي بأسى، من ثلاث ساعات وهو على هالحالة في غرفة الطوارئ، هو يطالع فيها.. وهي نايمة بعمق غارق في أفكاره وخوفه على أمه من أنه يفقدها حتى إنه ما حس بدخول تغريد الا بعد ما نادته: عمي عبد العزيز.

طالع فيها وزفر بضيق: معليش، ما أنتبهتلّك.

تغريد بهدوء وهي تحط يدها على كتفه: لا عادي وي المهم دحين كيف حال ستو هدى، مرا خفت لما اتصلت عليا.. ايش قالولك الدكاترة؟

عبد العزيز: قالو تسمم غذائي، سوولها تنضيف معده وقبل تلاته ساعات خرجوها.

تغريد بحزن: يا الله ليش كدا هيا ايش أكلت حتى يسرلها تسمم؟

عبد العزيز بقهر: هوا أنا أعرف ايش تأكلها الشغالة الحيوانة دي.. تأكلها أكل مخمج أكيد، وأنا زي الأهبل مو داري عن أمي ولا عن أكلها.

تغريد وهي تقطب حواجبها: طيب روح أسألها!

عبد العزيز ضحك بسخرية: فين أسألها وهيا شردت.

تغريد بتفاجئ: أوه لا تقولها!

عبد العزيز وهو يتنهد: ما عليكِ منها دحين، قوليلي أنتي كيف جيتي هنا؟

تغريد: بالسيارة يعني كيف.

عبد العزيز: لا يعني قصدي مشعل كيف خلاكي تجي هنا لحالك وفي دا الوقت وهوا ما كان راضي تجي بيتنا بكرا؟

تغريد بهدوء وهي تسحب كرسي وتجلس عليه: أساسا بابا نايم وما يعرف اني خرجت.

عبد العزيز رفع حاجب: طيب ما حيهزأك لو عرف انك خرجتي بدون علمو؟

تغريد حركت راسها بالنفي: لأ، حشرحلو إني خفت وما حبيت أزعجو وهوا نايم، واصلا نام وهوا تعبان، فيعني حيتفهم موقفي.

عبد العزيز بسخرية: ما شاء الله ايش اللي يخليكي واثقة قد كدا؟

تغريد بإنزعاج: خلاص عزوز، قلي انتوا ايش حتسوو بدون شغالة؟ مين حيهتم في ستو هدى لما تكون في الدوام؟

عبد العزيز: طبعا على طول حبلغ عنها، واروح أستقدم شغالة تانية.

تغريد سألته وفي بالها شي: وقد أيش عشان تجي الشغالة التانية؟

عبد العزيز: اربعه شهور تقريبا.

تغريد: طيب خلال دي الاربعة شهور ايش رايك تجو عندنا الفيلا؟

عبد العزيز: قصدك لما أروح الدوام أحط امي عندكم وآخدها لما أرجع ما عندي مانع.

تغريد وهي ترفع حاجبها: ياهو ما قلت كدا، أنا كان قصدي إنكم ترجعوا تعيشوا عندنا.

عبد العزيز: تؤ أنسي الفكرة.

تغريد: والسبب؟

عبد العزيز: السبب هوا مشعل يا تغريد، ندى اللي هيا أقرب وحده لو في دي الدنيا شوفي كيف زعلان منها وهيا ما سوت شي، بس عشان سارت تروح عند أمهم، وأنا كيف تتوقعي حيعاملني وهوا عارف اني سويت كل شي.

تجمدت ملامحها من سمعت أسمها وتذكرت اللي سوته، طالعت في عيون عبد العزيز وبجمود: يعني تلوم بابا يا عمي؟

عبد العزيز باندفاع: يعني غلطان ليش يعامل ندى كدا ما تستحق.

تغريد: حتى بابا ما يستحق اللي سوتو فيه اليوم، جابت أمها لين البيت، جابتها وهيا تعرف إنو بابا يكرهها، ما سار يطيق شوفة وجهها.

عبد العزيز بعدم تصديق: من جدك إنتي؟

تغريد: أسأل عمتي من جِدها هيا مو أنا..، كملت بضحكة قهر: لا وكمان العائلة الكريمة كلها جات، باقي داك الكبير اللي ما أدري ايش اسمو يجيب زوجتو وبزورتو معاه.

عبد العزيز ضحك بخفة غصبا عنه من كلامها وأسلوبها: مهند قصدك مهند.

تغريد بقرف: مدري عنو، يكون اللي يكون.. أنا مالي صلاح فيهم.

عبد العزيز طالع فيها بتمعن: تغريد، إنتي من جد كارهتهم ولا تقولي دا الكلام من ورا قلبك عشان بابتك؟

تغريد تذكرت كلام ندى عن جو العائلة اللي حست بيه معاهم، هذاك اليوم تمنت أن أبوها ينسى كل شي ويبدأ صفحه جديدة معاهم، عشان نفسها تعيش هذا الإحساس هي بعد، بس بعد اللي صار اليوم.. وبعد ما شافت إنهيار أبوها وبكاءه، ما صار يهمها الا هو، طالعت في عبد العزيز واكتفت بـ: أكرههم.

قعدوا فتره وهم على هالحال ساكتين.. حتى تكلمت تغريد وهي توقف: خلاص أنا لازم أرجع البيت دحين..، كملت وهي تبتسم: بس لا تحسبني نسيت.. حتجوا لبيتنا تاني مرا، حكلم بابا وأقنعو.

عبد العزيز حزم: ولا يجي في بالك يا تغريد انك تكلمي مشعل!

تغريد بخيبة أمل: عزوز ليه؟ والله انتا وستو هدى تغيروا جو البيت، وكمان انتا ما حتقدر توفق بين شغلك وستو هدى وهيا بدون خدامة، خليها في بيتنا عندنا خدم كتار يعتنوا فيها ولما أنا أرجع من المدرسة أقعد معاها وانتا ترجع من شغلك تعبان فترتاح في بيتنا بدون ما تشيل هم.

عبد العزيز: وندى؟ حتتقبل أمي زي مشعل؟ ما أتوقع تسامحها وأنا ما أقدر أجبرها تسامحها دحين.. حاليا كويس لو بدأت تكلمني!

تغريد بهدوء: عمتي ما لها دخل! دا بيت ابويا.. وأدخل اللي أباه فيلو، وزي ما هيا دخلت جود وأهلها أنا حخلي ستو هدى تعيش عندنا، ما حنتظر موافقتها!

عبد العزيز طالع فيها وكلامها عن ندى مو عاجبه: تغريد دحين ايش دا الكلام؟!

تغريد أخذت نفس في محاولة أخيرة لإقناعه: شوف يا عمي بالعكس لو انتوا جيتوا عندنا، كل شي حيسير سهل، ندى معاك وتقدر تكلمها في أي وقت.. تقدر تلين لها قلبها، ودامها سامحت أمها انتا اللي حتوديها لها، دي الاشياء كلها حتخليها تسامحك غصبا عنها!

عبد العزيز سكت لفترة وهو يفكر بكلامها وبعدها تكلم بحيرة: مدري أشوف.

تغريد بابتسامة هادية بدأ يقتنع: خد راحتك بالتفكير بس ترا كلامي هوا الصح!


**


نهاية الفصل العاشر

-لا تنسوا تعليقاتكم وتوقعاتكم هيا اللي تحمسني وتدفعني للإستمرار

عمر البعد 01-01-18 05:24 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
ربي يوفقك يااشوشو
تدرين لما اقرأ ينعوج لساني واصير احكي مثلكم بااقي اليووم << فديت جده واهلهاا
تغريد البطله يااناس هالبنت صاايره ام لباباتهاا تخاف عليه وتعتني فيه الله يسعدها ويسخر لهاا زوج صالح مو اخو بتول نسيت اسمه ههههه

في كثير مثل مشعل يلووم امه وابوه لانهم انفصلوو وتربى مشتت بينهم عنده ذكريات جدا سيئه من طفولته ياااحرام فمو بالساهل يقدر يسامح وينسى
نبي ندى وعزوز يحاولو اكثر في نغريد وهي بدورها بتقنعه

الله يحرق الشغالات مااحبهم الله لا يحوجنا لهم بعضهم مجرمات والله
زين تلاحق امه وانقذهاا

حلوالجزء لان مافيه ذكر فصول النزق

تسلم ايدينك شووشو

شقى الماضي 02-01-18 07:54 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695746)
ربي يوفقك يااشوشو
تدرين لما اقرأ ينعوج لساني واصير احكي مثلكم بااقي اليووم << فديت جده واهلهاا
تغريد البطله يااناس هالبنت صاايره ام لباباتهاا تخاف عليه وتعتني فيه الله يسعدها ويسخر لهاا زوج صالح مو اخو بتول نسيت اسمه ههههه

في كثير مثل مشعل يلووم امه وابوه لانهم انفصلوو وتربى مشتت بينهم عنده ذكريات جدا سيئه من طفولته ياااحرام فمو بالساهل يقدر يسامح وينسى
نبي ندى وعزوز يحاولو اكثر في نغريد وهي بدورها بتقنعه

الله يحرق الشغالات مااحبهم الله لا يحوجنا لهم بعضهم مجرمات والله
زين تلاحق امه وانقذهاا

حلوالجزء لان مافيه ذكر فصول النزق

تسلم ايدينك شووشو

تسلمي ياقلبي❤💋

والله انك عسل، انا من مكة بس عادي تقدري تعتبريني من اهل جده لاني كل شويا هناك ✌🏻

قصدك فارس هههههههههههه، صدقيني لو تغريد اتزوجت مشعل حتشتغل الغيرة عندو، مين دا اللي ياخد بنتو منو😂😂

الفصل الجاي مشعل حيقرر، ازا حيسامح امو ولا لا، وفعلا دايما الاطفال هم ضحية الطلاق💔

ايوا الله يحفظنا منهم بس💞

😂😂 حابه اقولك انو فيصل حيغثك الفصل الجي

شكرا يا حلوه على تعليقك اللي يفتح النفس😘

شقى الماضي 03-01-18 03:17 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم
قبل ما أنزل الفصل حابه أشكر الحلوة عمر البعد لأنها هيا اكتر وحده بتشجعني وتحفزني هنا وعشانها بس انا بكمل في دا المنتدى
وأتمنى من كل قلبي اني ألاقي ردود وتوقعات حلوة زيكم، أحتاج دعمكم ومتابعتكم وحابة أقول انو ما بقي للرواية غير 6 فصول فـ لطفا أسعدوني❤

شقى الماضي 03-01-18 03:19 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 

لمحه من الماضي..
قبل 20 سنة، تركيا- إسطنبول..

دخل للمقهى وجلس في وحده من الكراسي، طلع كتبه وأوراقه.. ينتظر واحد من أصحابه ليشرحله بعض الأشياء اللي مو فاهمها، سند ظهره بالكرسي وعيونه تدور بين الناس، يبحث عنها في زوايا هالمقهى يمكن يشوفها وتتكحل عيونه، ابتسم ابتسامة خفيفة وهو يشوفها تدخل للمطبخ الخاص للمقهى.. يمكن ما شاف وجهها بس هذا يكفيه، صحى من شروده على صوته: مشعل.

طالع فيه واختفت ابتسامته: هلا والله.

سحب الكرسي وجلس عليه وهو يضحك: يا واد وجهك كأنو شاف جني لما شفتني، كنت مبسوط وفرحان وأنقلب لما شفتني.

مشعل باسلوبه البارد والهادي: لا وي ما أقصد، بس اتزكرت حاجه.

-المهم ما علينا، ما لقيت غير دا المكان عشان تشرحلي فيه؟ كان رحنا شقة العجوز وخلاص.

جات في باله فتكلم بسرعه: لا بس يعني حبيت أغير من جو الشقة، وكمان دا المكان حلو وهادي.. ينفع يعني.


بعد عدة ساعات.. نهاية الدوام

دخلت للمطبخ وهي شايله التبسي اللي عليه الصحون والكاسات، حطته على الطاولة وقالت بتعب وهي تمسك وسطها: أهه يا ربي لقد تعبت حقا..، التفتت لها وكملت: دينينز أرجوكِ قومي بتنظيف الطاولات.. أساسا أنا لم أعد أشعر بقدماي.

تكلمت بتردد وهي ترجع خصلات شعرها ورا أذنها: حسنا يا فاطمة لكن، هل ذاك الرجل موجود الى الان؟

حطت يدها على كتفها وبجدية مصطنعه: نعم انه هناك كي يهجم عليك.. أنها لحظته المنتظرة..، ضحكت بخفه لما شافت ملامح وجهها المفجوعة ومن ثم بعدت عنها: يا فتاه إن الرجل معجب بكِ حقًا، لمَ تتصرفين بهذه الطريقة؟ وهي تكمل بحالمية: فقط إذهبي واستمتعي بتنظيفك للطاولات وأنتي تنظرين إلى عيناه العسليتين الجميلة التي تنظران لك بإعجاب.

ضربت كتفها بقوة: أخرسي، لا أريد أن أسمع منك هذه التفاهات، أنا لم آت إلى اسطنبول كي أنشغل بالحب. قالت كلامها وبعدها سحبت المنشفة والمنظف معها لتخرج

خرجت وشافته خلاص قايم يبا يروح.. هو الشخص الوحيد اللي في المحل رفع رأسه وطاحت عيونها بعيونه، فجاء ببالها كلام فاطمة
"عيناه العسليتين الجميلة التي تنظران لك بإعجاب"

تأملتها لعدة ثواني تبي تشوف الإعجاب اللي تقول عنه، بس ما لقت غير عيون مظلمة وحزينة، انتبهت لابتسامته الخفيفة اللي ظهرت على شفاته، ارتبكت ونزلت عيونها، كملت شغلها بهدوء عكس الضجة اللي مسوتيها دقات قلبها من ابتسامته الحلوة

توسعت ابتسامته لما حس بتوترها وقال بلغة تركية متقنه: سهل الله لك عملك.

دينيز ارتجف قلبها من سمعت صوته، صوته عميق ورجولي.. يحرك المشاعر، تكلمت من دون ما تطالع فيه لتخفي ارتباكها: شكرا.

خرج من المقهى بابتسامة واسعه، ابتسامته حلوة بس نادرا ما تظهر على شفايفه، مبسوط على خطوته الأولى للتقرب منها، شايف اللي سواه شيء جريء، لأنه كسر عادته ولأول مرة يكلم بنت في شي غير ضروري، ما يدري ايش سوت له، شافها بالصدفة وجننته، صار يجي للمقهى بس عشان يشوفها، يدور عن أي حجة ليجي هالمقهى، جامعته مختلطة ولقى أنواع البنات هناك، بس هي فيها شيء جذبه، شيء شده لها وما يدري لوين راح يوصله!



"الفصل الحادي عشر"
"أمي"



الوقت الحاضر
السعودية- جدة

خرج من الغرفة وهو يسكر أزرار كمه، أنتبه لأمل وهي تجهز الفطور، مشى لها وباس خدها بسرعه وبعجله: يلا حبيبتي أنا رايح.

أمل لفت له وهي تعقد يدينها حول صدرها: ما شاء الله فين رايح دحين، والاكل مين ياكلو؟؟؟

مهند: والله كلمي أخوكِ هوا اللي يباني، قال الموضوع مرا مهم، بس ان شاء الله ما أطول معاه.

أمل قطبت حواجبها: فيصل؟ طيب ودوامو في المدرسة؟

مهند: حتى انا سألتو نفس السؤال وقالي أول حصتين ما عندو شي.

أمل ما عجبها إهمال فيصل في حضوره للدوام متأخر راح يخصموا له وهو يحتاج من الراتب عشان زواجه، ولكن مع ذلك ابتسمت لمهند: طيب مع السلامة… انتبه على نفسك.

خرج من الشقة واختفت ابتسامتها، رايح عند فيصل.. الله يستر، متأكده أنو أخوها راح يجيب العيد، غلطاته على رنين كثرت.. ومافي أحد يرضى على أخته وبالذات مهند، تعرفه كيف يحب رنين وما يرضى أحد يزعلها
** ** ** ** **


خرجت من غرفة الطعام وشافت أبوها يدخل للفيلا، استغربت حيل لأنه المفروض يكون في المستشفى بس قالت بابتسامه: بابا غريبة ليش جيت.

مشعل باسلوب جامد غريب: يعني مو فاهم أخرج وقت ما أبا وأجي وقت ما أبا.

اختفت أبتسامتها، وبتوتر من أسلوبه: لا ما كان قصدي كدا…

مشعل قاطعها وهو يتعداها ليطلع للدرج: أوكي تغريد بعدي، لا تأخريني عن شغلي لو سمحتي.

مسكت يده ووقفته، تكلمت بصوت مخنوق تخفي عبرتها: بـ.ـابــ.ـا.. زعلان عشاني خليت ستو هدى وعمي يجو للبيت؟

مشعل سحب يده وبدون ما يطالع فيها: أساسا الناس يدخلوا ويخرجوا في دي الفيلا على كيفهم، أنا ما لي كلمه ولا ليا رأي، خلاص كل واحد يسوي اللي يبغاه ما يهمني!

تتبعته بعيونها لين أختفى وهي تمسحها قبل لا تنزل دموعها، قلبها واجعها على حاله.. حتى لو كان يعاملها بهالطريقة فهي تعذره، مضغوط وكاتم بقلبه، من لما شاف أمه تغير، صار طول الوقت ساكت.. طول الوقت مقطب حواجبه وملامحه جامده، ما يتكلم ما يضحك وكأنه بدون مشاعر، خايفه عليه حيـل، ما تبغاه يكون كذا، رجعت من سرحانها وهي تسمع صوت هدى من غرفة الطعام: تــغــريـــد يــا بــنـــت فـــيـــنـــك؟ اخـــتــفــيـــتـــي.

عضت على شفايفها وهي تتذكرها، راحت لها وقالت بأسف: معليش ستو، عشان بابا جا وأتكلمت معاه شويه.

هدى: من جد أبوكِ جا؟

تغريد جلست على وحده من الكراسي: ايوه جا، نسي حاجه شكلو.

هدى طالعت فيها بتمعــن: أشبو وجهك كدا متغير كأنك باكية.

تغريد ابتسمت عشان ما تبين لها أنه فيه شي: لا وي ما كنت أبكي.

ضربت كتفه بخفة: يا بنت بس بلا كدب، وجهك مرا متغير.. قوليلي ايش فيه عادي ما أقول لأحد.

تغريد: طيب حقولك، لأنو ما في أحد حيسمعلي غيرك.

طالعت في ملامحها الحزينة وحطت يدها على كتفها وهي تقول بحنية: قولي يا بنتي، لا تكمتي شي في قلبك.. ريحيه وخلاص.

شتت عيونها حول الغرفة وهي تحاول تخفي دموعها اللي صارت تتجمع بعيونها: بــابــا، أظن أنك شفتيه كيف متغير..، طالعت فيها وشافتها مهتمة لكلامها وهذا الشي دفعها لتكمل: من لما دخلو حياتنا وبابا عرف عن امو أتغير، بس ما كان متغير عليا..، كملت وهي تحس إنها مخنوقة: بس دحين.. يعني، سار يعاملني كأني غلطت في شي، وانا ما سويت شي.. أنا ما أقدر أستحمل بابا يعاملني بدي الطريقة.

هدى ابتسمت: انتي دحين زعلانه من دا الشي يا بنتي؟ لازم تعذري بابتك لأنو بيمر بوقت صعب.

ما قدرت تستحمل فنزلت دموعها وقالت بصوت باكي: كـ.ـلـ.ـو مـ.ــن ســـبـ.ــبـ.ــهـــم، دخـــلـــوا حـــيـــاتـ.ــنـــا وخــ.ــربــــوهـــا.. كــــنـــت أكـــر..هـــهــــم ودحـــيـــن ســــ.ـــرت أحــ.ــس أنــ.ــهـــم أعــــدائــــي.

هدى بصوت ليّــن حيل ومريح وهي تمسح على ظهرها: وي وي يا تغريد دا لكلام مرا ما يناسبك، ما شاء الله الكل يحبك عشان أخلاقك، وروحك الحلوه، هيا كلها فتره ومشعل يصحى على نفسه ويعرف غلطو، لازم إحنا أهم شي إننا نعذرو.. بكوننا ناس نحبو ونهتم في أمرو، كلها فتره وتعدي يا بنتي.

تغريد مسحت دموعها وسكتت، نزلت عيونها للأرض وهي تفكر، ما راح تتركهم كذا يبهدلوا أبوها ويروحوا، راح تجيب طريقة عشان توجعهم نفس وجعها اللي حاسة بيه حاليا، تسوي حاجه وحده بس عشان توجعهم كلهم وما راح يهمها شي.. وما راح تفكر بأحد وتسوي اللي تسويه!..
** ** ** ** **


على الكورنيش..

كان البحر فاضي على غير العادة.. اصلا في هذا الصباح مستحيل تلاقي أحد موجود غير الصيادين المنتشرين وقليل من الناس يتمشوا، نزل من سيارته وهو حاط جواله في أذنه وعينه عليه: ايوا ايوا خلاص شفتك لف وحتلاقيني.

مشى له وسلموا على بعض

فيصل: تبغا تجلس ولا نتمشى؟

مهند: عادي أي شي.

فيصل: خلينا نمشي طيب.

مشى فيصل ومهند بمحاذاته.. بدوا يتكلموا وسالفه تجر سالفه، وبعدها جاء صمت رهيب بيناتهم وكسره مهند: طيب ألين دحين ما عرفت ليه تباني.

فيصل أخذ نفس عميــق: قبل أسبوع كلمت رنيــن.. عن واحد أسمو مشعل.

كان مهند يطالع قدامه بس لما سمع الاسم طالع فيه بإهتمام: ايش قالتلك عنو؟

فيصل وهو تايه ومحتار: مدري ما فهمتني شي مزبوط، قالت انو أخويا وبس ما فهمتني أكتر من كدا.

مهند: يعني تباني أفهمك؟

فيصل: أكـــيـــد، لو تشوف حالتي حاله، من كم يوم وأنا افكر.

مهند تنهد: أوهووو من فين أبدأ ومن فين أنتهي!

فيصل: خد راحتك، وقتي كلو ليك.

مهند: طيب.. أمي قبل ما تتزوج أبويا بـ تلاته سنوات كانت متزوجه واحد متزوج أسمو ناصر جابت منو دا مشعل وسار عندها بنت كمان، بس ناصر ما كان كويس معاها، كان غني وهيا فقيره.. مستحقرها وذالها.. كارهها، أمي أستحملتو بس عشان شي واحد.. كان يعطيها فلوس عمرها ما توقعت تكون عندها، كانت تعالج بيها أمها وأبوها، وفي يوم ناصر قرر يطلقها، ووهيا ما كانت تبا عشان أمها وأبوها.. فما قدرت تقنعه أبدا، كان قاسي وحقير.. فساومها، حيطلقها.. وترتاح منو وحيغرقها بالفلوس، بس بشرط أنو ياخد الاولاد معاه، ولا عاد تشوفهم.. طول حياتها.

فيصل قطب حواجبه ما أتوقع فيه ناس بهالحقاره: وخالتي أيش سوت؟

مهند: أخد مشعل وأختو وأخدت هيا الفلوس.. أعطاهم بيت مناسب لهم وسيارة مع سايق خاص، بس تدري؟ ما أتهنت فيهم.. يوم من الأيام خرجوا مع السواق وصدموا في شاحنه.. كلهم ماتوا واحد ورا التاني.. ما بقي غير أمي، بعد ما خرجت من المستشفى راحت لناصر تبا تاخد الاولاد، كانت حاسة بوحده وفراغ في حياتها، بس ناصر ما رضي، رفعت عليه قضيه بس ما كسبت، كان عندو واسطات، يرشي دا وداك ألين ما أستسلمت خلاص، وبعدها جمعها القدر مع أبويا الله يرحمو.

فيصل أنتبه لنبرة صوته اللي صارت دافيه بعد ما ذكر أبوه: آميـن يا رب.

مهند وهو يبتسم بهدوء: أتزوجتو، عاشت حياه حلوة وهيا تحاول تنساهم، وبعدين جابتنا، كبرنا ونسيت ناصر.. كانت تحسب أنها تخلصت منه بس غلطت، ناصر كان تاجر مخدرات وحق خراب.. بس في يوم من الأيام أنفضح وشركتو فلست وسارت حالتو مبهدلة ويشرد من الشرطة، لما شاف أمي مرتاحه في حياتها حب يخربها..، مهند وهو يحس بدموعه اللي تحرق عيونه: وقتل أبويا.. قتلو عشانو خسر كل حاجه حتى مرتو وولدو ومشعل وندى قيدو خاسرهم من أول بسبب تعاملو معاهم، خسرهم كلهم وبعدها أعدموه.

مهند كمل بسرعه وهو يمسح على عينه قبل لا تنزل دمعته: المهم بعد سنتين دخلت رنين كلية الطب، ولقيت أنو مشعل هوا اللي يدرسها، عرفتو من أسمو.. وأمي أصلا قيدها حكتنا كل شي، طبعا رنين شافت حالة أمي سيئة بعد ما مات أبويا، وكانت دايما تجيب سيرة مشعل وندى، دخلت في راسها فكرة أنها تعرف مشعل علينا..، طالع فيه وهو يبتسم بخفة: طبعا تعرف لما تدخل فكرة في راسها ما حتخرج، حاولت فيها بس كانت تقنعني وقدرت عليا، المهم أتقربت منو مرا، وبعدين كل الجامعة حست فيهم.. وعن خرجاتهم، والكل سار يتكلم عنهم.. شككوا بشرفها، ما سلمت من نظراتهم ولا كلمهم، وزي ما تعرف كلام الناس ماهو كيس يمدينا نقفلو، بس مشعل ما حب اللي سار مرا وعشانها ترك وظيفتو في الجامعة.

فيصل: طيب ما عرف عنها أنها أختو؟!

مهند: لا رنين لما كانت تبا تقولو عننا.. سألتو عن أمي، وقال أنها ماتت ترددت وخافت إنو ما يتقبلنا، بس يعني كان دايما يقولها انتي زي أختي وأنتي زي أختي، ما كان معتبرها أكتر من كدا، واصلا كان متزوج وعندو بنت.

فيصل طالع فيه: كان؟

مهند حرك راسه بالإيجاب: ايوه بس طلبت الطلاق عشان كمان هيا وصلها عن خرجاتو مع رنين.

فيصل وهو يبتسم بتعجب: ودحين بعد كم سنة أنا وديت خالتي للمستشفى حقتو!

مهند أبتسم: بالزبط، واللي سوا العملية لأمي أخوه عبد العزيز، وتقدر تقول إنو دا الأنسان طيب وكل شي بس عندو حركات من تحت لتحت ويعرف كيف يلوي ذراعك، تقدر تقول يشبه ناصر في دي الناحية.

فيصل تذكره وقت ما كان يبحث عن مشعل، رفع حاجب وقال: بل، ايش سوا؟

مهند حكاه الموقف اللي صار في مواقف السيارات: أتقابلت معاه وقالي إنو هوا يبغا ندى تعرف عن أمي أنها عايشه وأنها ما تعرف شي عنها من هيا صغيرة.. حتى إنو مشعل ما حكاها عن أمي، زبدة الموضوع إنو ندى أتقبلتنا بس مشعل مرا مرا لا، عنيد وقاسي، لدرجة انو ما سار يكلم ندى عشانها أتقبلتنا!!

فيصل: يا لطيف، جبّار!

مهند بسخرية: وكمان يزعل لو شبهناه بأبوه..، تكلم بقهر وهو يتذكر هذاك اليوم: وبنتو يا أنو لسانها طويل، مترين يبغالو قص، وحدة مرا رحنا عندهم، وأنا ترايا مو راضي وكلنا مو راضيين غير أمي ومع اصرارها خلاص وافقنا.

فيصل بجديه: بس انتو المفروض ما تلوموه! يعني كم سنه عاش بدون أمو؟ وكمان أتوقع ناصر كان بطال من كلامك.

مهند: أقول بس، ترا يعرف إنو أمي كانت مضطرة تسوي كدا، بس زي ما قلتلك، قلبو كان حجر على أمي! مهند سكت وتكلم بعد فترة: طيب إنتا ليش سألت وأيش اللي دراك عنو؟

فيصل نزل عيونه للأرض وهو يفكر، كبر السالفة ونكد على رنين وعلى نفسه على ولا شي، خنقها بغيرته اللي ما كانت بمحلها أبدا، منحرج من نفسه بس تجرأ وحكاه!
** ** ** ** **


المدرسة في وقت الفسحة..

نزلت للساحة الخارجية بهدوء ظاهري كالعادة، مشت كم دقيقة لحالها.. صارت تقعد كذا من فترة.. وحيدة، بدون بتول ولا جود، يجوها بنات ويقولوا لها أجلسي معانا بس ترفض، صارت تفضل وحدتها هذي، رفعت رأسها وطاحت عيونها على جود، جالسه مع كم بنت ومعاها بتول، جايبين أكلهم من بيتهم ويضحكوا، أصوات ضحكاتهم تخترق أذنها وتحرقها، حاقدة أكثر شي على جود، أهلها أخذوا من أبوها راحته وابتسامته، وهي أخذت صديقتها الوحيدة، عمرها ما حقدت على شخص لهذي الدرجة، لدرجة أنها تبغا تنتقم بأي طريقة!

توجهت لهم والعصبية معمية عيونها، مسكتها من كتفها ولفتها بعفاشه

رفعت حواجبها بتعجب: خـــــيـــــر!!!

تغريد دفتها كم مرة من كتفها بنفس الأسلوب بحيث جذبوا أنظار كل البنات

جود قطبت حواجبها وبعدت يدين تغريد: أش بامك؟ متخلفة انتي؟

تغريد ما تكلمت وبقبضة يدها وجهت لها ضربة قوية في وجهها

جود تأوهت بألم وهي تمسك محل الضربة، ما قدرت تسكت وبالذات أنها تعورت فدخلت بمضاربة معاها.. وفي النهاية هي اللي تضررت أكثر شي، لأن تغريد تعلمت طرق الدفاع عن النفس لفترة وللحين تدرب عليها

حاولوا كم بنت يفكوهم عن بعض ومن بينهم بتول، بس ما قدروا.. ما قدرت عليهم إلا المديرة!..
** ** ** ** **


مهند طالع فيه وهو مو مصدق الكلام اللي جالس يقوله، يشك في أخته؟ ليش؟ رنين خارجه من بيت نظيف وشريف.. وغير كذا حبته لسنين وما رضت بغيره!..

شتت عيونه يتهرب من نظراته: مهند، أنا آســـف…

ما كمل كلامه، قطب حواجبه وقاطعه: ليش؟

فيصل ما رد عليه

مهند بغبنه: ليش تعتذر مني أنا؟ جاوبني لا تسكت كدا!..

فيصل بتوتر وهو يحك حاجبه: آممم.. مهند، رحت وأعتذرت بس…

قاطعه مرة ثانية وهو ماسك نفسه لا يضربه: خلاص لا تتكلم، لا تكلمني تاني مرا الا وأنتا مخلي رنين تسامحك!..

بعصبيه أعطاه ظهره ومشي، مشى كم خطوه بس لف له وهو رافع سبابته بوجهه: لو عدت دي الحركات وزعلت أختي والله ثم والله، حخليك تطلقها غصبا عنك يا فيصل، وقتها ما حهتم لحبكم لبعض ولا لأي شي.
** ** ** ** **


في المدرسة.. داخل غرفة المديرة

واقفين قدام مكتبها وهي تهزأهم، تقولهم قد ايش هالمدرسة راقية.. وتصرفهم ما تناسبها.. راح تشوه سمعتها، وأنه حتى الأولاد اللي في الجهة الثانية ما عملوا زيهم

تكلمت جود اللي شكلها مبهدل، شعرها مشعتر وبعض من أجزاء وجهها متورم وهي تبكي: هيا اللي بدأت زي المتخلفين، كنت في حالي مع صحباتي وضربتني، ايش تبيني اسكتلها يعني، شوفي كيف سار وجهي!!

طالعت فيها وكتمت ضحكتها الساخرة فلفت وجهها وهي تبتسم بلا مبالاة

المديرة مها لمحت أبتسامتها اللي استفزتها بشكل فضيع: وأنتي ليش جالسة تضحكي يا ست تغريد، تضحكي على خيابتك وهمجيتك يعني؟

طالعت فيها بوجه جامد خالي من أي تعبير، وهذا شي أستفزها أكثـــر: تعرفي ايش؟ انتي مرا حالك زآآآآد عن حدو وما في شي يبررلك أنك تتصرفي زي كدا، إنتي مفصولة لمدة أسبوع..، وبلهجة حاده: يلا أتصلي على ولي أمرك ياخدك من هنا!

أعطتها الجوال.. أخذته واتصلت على أبوها بضمير مرتآآآح وتكلمت لما رد: بابا تعال خدني من المدرسة.

جا لها صوته البارد: أنا مو فاضيلك دحين.

تغريد حركت عيونها بملل: فصلوني من المدرسة، تعال خدني!

قطب حواجبه بقووة وبحده: ايش دا الكلام الفاضي يا تغريد؟

تغريد تأففت: خد كلم المديرة تقولك يمكن تصدقني.

مدت لها الجوال وعيون المديرة تناظرها بانتقاد من أسلوبها مع أبوها، أخذت الجوال كلمته وحكته كل شي على حسب ما قالوه، وهو جالس يسمعها ومصدوم من تغريد، قفل السماعة بعصبيه وهو متوعد فيها!..
** ** ** ** **


دخل للشقة وقفل الباب وراه، خرجت أمل من لما حست بدخوله، شافته يحط جزمته في مكانها المخصص ورفع رأسه لها، ابتسمت له وقالت: أهلين حبيبي..، بوزت بزعل: تأخرت وبرد الاكل.

مهند تعود على دلالها ويعشقه بس الحين أخلاقه قافلة وبسبب أخوها فمشى وتعداها بتجاهل لها ولسؤالها متوجه لغرفة نومهم

بهتت ملامحها لتجاهله الغريب بس سرعان ما جاء في بالها فيصل، أكيد صار شي نكد عليه، لحقته ودخلت للغرفة، شافته يفسخ قميصه ويلبس تيشيرت عادي.. تكلمت بهدوء: أتضاربت انتا وفيصل صح؟

ما رد عليها، جلس على سريره وأخذ جواله وصار يقلب فيه

حركت رأسه بقلة حيلة على حركاته، يحب يتدلع أكثر منها، مشت له وجلست بجانبه: عادي يا مهند لو قلتلي، ما حزعل منك عشانو أخويا..، بعدت خصلات شعره عن وجهه وهي تتأمل ملامحه: أتخيل أنو فيصل مو أخويا، وقول اللي سار، فيصل متهور وأدري بدا الشي.

مهند تكلم وكأنه يبا يسمع هالكلام منها من أول: ليش يسوي لأختي زي كدا؟ حط جواله على جنب وطالع فيها بانفعال: يشك فيها؟ دي آخرتها؟ يشك فيها وأمي مربيتها أحسن تربية؟ لا واللي قاهرني يا أمل سايبها كم يوم ومسافر.. لـــــيــــش كـدا؟ لــــــيـــــش؟؟!!

أمل وهي متفهمته: صح كلامك، زوج أختك مرا غلطان وما يستحي، ورنين مرا ما تستاهل كدا يتسوا فيها.

مهند مسح وجهه بقلة حيلة وقام: أنا رايح آخدلي شور يمكن يهديني.

أمل حركت رأسها بالإيجاب: طيب حبيبي روح.
** ** ** ** **


خرجت من المدرس وما لقت غير سيارة أبوها.. مشت لها ودخلتها وهي تقول بهدوء: السلام عليكم.

مشعل وملامح وجهه ما تبشر بالخير: وعليكم السلام.

ما أهتمت لملامح وجهه، صح هي غلطت وتعترف بهذا الشي، بس ما يهمها غلطها أهم شي سوت اللي في راسها، وخلاص أتوقع أخذت عقابها على حسب تفكيرها.. انفصلت من المدرسة وهذا يكفي

مشعل تكلم بحده بعد صمته: ايش التخلف اللي سويتيه جوا؟ أنا دخلتك دورات الدفاع عن النفس عشان تمارسيها على بنت ما سوت لك شي؟ ولا عشان لما أحد يتعرضلك تمنعيه؟

تغريد طالعت فيه: تراها تستاهل أكتر من كدا كمان، وبعدين مين قال إنها ما سوتلي شي؟ انتا عارف مين هيا البـ...

قاطعها بصرخته وهو متنرفز منها.. ولها عين تبا تبرر اللي سوته كمان: أنــــــكــــتـــــمـــي!!! أحـــد قــلــك بـــرري الــــتـــصـــرف الـــهــمـــجـــي الــــلـــي ســـويـــتـــيـــه؟ أنـــا ســـمـــحـــتـــلـــك تـــتـــكـــلـــمـــي؟؟!!! مــا أبــــغـــا أســــمــــع صـــوت نـــــفــــســــك!

طالعت فيه بصدمه من صراخه عليها وسرعان ما لفت وجهها للطاقة لما بدت الدموع تتجمع في عيونها، هذا الصراخ كله عشان أيش؟ عشان مين؟ عشانهم؟ تصرفه ما زادها الا عناد وحقد إتجاههم

مشعل تكلم بوعيد بعد ما هديت نبرته: حـسـابــنــا فــي الــبـــيـــت يــا تــغــريــد.
** ** ** ** **


في المدرسة.. داخل غرفة الصحة

حطت علبة الإسعافات الأولية في مكانها المخصص ومن ثم التفتت لها: حتروحي لفصلك ولا حترجعي لبيتك؟

جود بصوت مخنوق حاسه بوجهها يحرقها بشكل: تعبانه ما ححضر الحصص، حستنى أخويا للصرفه هوا يدرس هنا.

تكلمت بشفقه وهي حزنانه على شكلها: طيب يا بنتي إنتي أرتاحي هنا عبال، ولما تشوفي نفسك كويسه روحي، كمان شوفي ايش أستفدتوا من المضاربة.

جود مالها نفس تتكلم ففضلت السكوت وغمضت عيونها..
** ** ** ** **


خرجوا من السيارة وهو يسحبها من مرفقها، ساحبها وراه في حوش بيتهم

تغريد وهي تحاول تفك قبضة يده اللي صارت توجعها: بـــابـــا سـيـبـ.ـنـي!

دخلوا للفيلا وبعدها فكها وهو يدفها وقال بسخرية: فيـن حركات الدفاع عن النفس هاه، يلا وريني!

تغريد نزلت رأسها وهي تتحسس ذراعها وماسكه دموعها بالغصب: يعني الواحد يضرب أبوه؟

مشعل: ما أدري عنك، فيه شخص يفشل أبوه عند الناس كدا؟ أنا من كم يوم حاولت أقنع المديرة وكلمت عادل عشانك وانتي بالمضاربة الغبية حقتك ممكن تهدم كل شي!

تغريد رفعت راسها وطالعت في عيونه، تكلمت وشفايفها ترتجف: مو المفروض انتا تصلح كل شي؟ مو دا غلطك اصلا وأنا بتحملو؟!

مشعل بعصبية من كلامها: لسانك ساير طويل على أبوكِ يا ست تغريد!!

تغريد ونبرتها أعتلت شوي: يـعـنـي تـزعـل مــن كـلـمـة الــحــق؟ أقتربت منه وعيونها لزالت بعيونه ومن ثم تكلمت بصوت متشحرج.. متوجع: مـو هـوا أسـاسـا غـلـطـك انــتــا؟!

ندى نزلت من الدرج على الأصوات العالية اللي استغربت منها لأن البيت كان فاضي: تغريد.. مشعل، بسم الله اشبكم؟

في الغرفة اللي بجانبهم، عبد العزيز اللي كان خلاص متجهز وناوي يروح لدوامه اللي صار يبدأ في هالوقت بس كان يبغا يشوف أمه قبل لا يخرج، هم كمان سمعوا الأصوات العالية فقالت هدى: دا شكلو صوت تغريد؟!

عبد العزيز: ايوه بروح أشوف ايش فيه، انتي خليكِ هنا.

هدى برفض: لا لا يا ولدي خليني أشوفها معاك، اليوم الصبح ما كانت بخير.

حرك رأسه بالإيجاب ودف عربيتها، مشوا للباب وخرجوا

قطب حواجبه بقوة وهو يشوف تغريد وجهها أحمر، رافعه سبابتها بوجه أبوها وتتكلم بصراخ ممزوج ببكائها: لآآآ تــجـــيـــب ســـيــــرة أمـــــي بــالـــبـــطــــآآآآل، مــــــــا أســــمـــحـــلــك تــــــقـــــول عـــــنــــهـــا ######..، قربت منه وهي تشهق ببكاء وتضرب صدره: حـــرمـــتـــنـــي مـــنـــها وتـــقــذفــــهـــا قـــدامـــي؟ لـــيــــش؟!! وهي تضربه أكثر: لـــــــــــــــيـــــــــــــش؟!!!

ندى حطت يدها على فمها وبدون ما تحس تجمعت دموعها بعيونها على حالة تغريد

عبد العزيز مسك تغريد وهو يمنعها تضرب أبوها ويقول: تــغــريــد يــا بــنـــت مــا يــنــفـــع كــــدا!!

دفعته عنها بأقوى ما عندها وقالت بنفس نبرتها الباكية: يـعــــنـي هـوا عــادي؟ عادي يسب أمي قدامي، جاوبني.. عــــــــادي؟ يــــــنــــفـــع؟

طالع في مشعل يتأكد من اللي قالته بس ملامحه كانت جامده وبارده

تغريد تكلمت بضحكة سخرية من بين دموعها ولساتها الكلمة اللي طلعت منه بتحرق قلبها: مو مصدقني يعني يا عمي؟ طبعا أنتا ما تعرف ايش انا عشت..، بلعت ريقها وطالعت في مشعل وهي تحاول تهدي نفسها: بسببك ماتت أمي، لو ما سويت اللي في راسك كان أنا دحين معاها.. كنت صغيرة هداك الوقت صح.. بس لا تحسبني ما كنت أفهم تعاملك معاها، كنت عارفة إنك تكرهها.. ومن كتر العذاب النفسي اللي كانت عايشتو ماتت وهيا…

مشعل قاطعها بصرامه: لا تزيدي كلمة يا تغريد ولا حتشوفي شي ما يسرك!

مين يصدق انه هذا مشعل يكلمها بهالأسلوب وبهالنبرة، وهي كمان ما كانت أقل منه، كملت ولا أهتمت له، بتكلمه بوقاحة ما كأنه أبوها.. ولا كأنها تغريد اللي تعشقه وما ترضى بكلمة تزعله: ايش في؟ خايف أقول كيف ماتت؟ وبسببك؟ أصلا من وأنا صغيرة أعرف إني مو بنتـ…

ما قدرت تكمل كلامها من الكف اللي جا لها منه ومن قوته طاحت على الأرض!

رفعت يدها المرتجفة وتحسست خدها وهي تغمض عيونها بألم، الكل أنصدم هدى.. عبد العزيز وندى، ندى ما قدرت تطالع كذا وما تسوي شي، اقتربت من تغريد وهي تقول: تغريد قومي، أنتي بخير؟!

فتحت عيونها وتجاهلت سؤال ندى، طالعت في مشعل وبصوت مرتجف: مـ.ـا.. مـ.ـانــي مـصـدومـة مـــنـ.ـك.. لأنـ.ــي شـ.ـفــت أشـــيـــاء أكـــتــر مـ.ـن كــدا وأنـ..ـا صــغــيــرة!

مشعل وهو مو قادر يستحمل كلامها اللي خلا الكل يشك فيه فقال بعصبيه: تــــــــــغــــــــــــريـــــــــــــــد!!

أخذ نفس وهو يحاول يهدي نفسه وبنبرة حــآآآده: روحي أطلعي لغرفتك.

قامت من الأرض وهي تمسح دموعها بعشوائية، وقالت بحقد قبل لا تطلع للدرج: حطلع وأن شاء الله أموت وأرتاح من العيشة معاك دامها كدا.

مشعل فقد أعصابه من طول لسانها وقال بصوت عالي لتسمعه وهي طالعة الدرج: أحــســن مــــوتــــي وأنــــــا مـــــو راضــــي عـــنـــك، عــــشـــان تـــــلـــحــــقــــي أمـــــك فـــــي نـــــار جـــــهــــنـــــم.

لا شعوريًا سدت أذنها وهي تسمع كلامه اللي حرق قلبها أكثر، دخلت لغرفتها وقفلتها، سندت ظهرها على الباب ورفعت يدها لفمها لتكتم شهقاتها، جلست على الارض وتكورت على نفسها، كلماته لساتها ترن في أذنها وتوجع قلبها بقسوة.. بدون رحمة، كلمت نفسها وهي تتخيله قدامها: خـــ.ـــلاص.. خــ.ـــلاص، كــ.. كــفـــا...يــــة، كــــفــــايــــــة!..


تحت..

عبد العزيز طالع فيه بعدم تصديق لكل اللي صار قدامه: مـشعــل إنتا مجنون؟ كيف تقول دا الكلام لبنتك؟ كيف تتمنالها الموت؟!!! وتضربها!

ما رد عليه وهو يتعداه ويخرج من الفيلا

قطب حواجبه بقوة وقال لندى: ندى لو سمحتي دخلي أمي للغرفة خليني أشوف ايش هرجتو دا.

ندى بطاعه: طيب.

عبد العزيز لحقة للحوش، لفه وبنبرة حاده: هي أنتا جالس أتكلم معاك، جاوبني!!!

مشعل بعد يده ودفه: أوهووو ناقصك انا، بكيفي.. تغريد بنتي أنــــآ.

عبد العزيز بابتسامة جانبية ساخرة: صراحه بديت أشك في دا الشي بعد كلامها..، كمل باستفزاز: متأكد إنها بنتك يا مشعل؟

مشعل سحبه من ياقته وصرخ بحرقة: أقـــلـــك تـــغـــريـــد بـــنـــتــي.. بــــنـــتـــي، لا يـــجـــي فـــــي بــــالـــك غــــيـــر دا الـــشــــي.

عبد العزيز دفعه وضربه في وجهه بقبضة يده: طيب.. ودي الضربة عشان الكف اللي أديتو لبنتك!..

مشى عنه ودخل للفيلا وهو منقهر، دخل لغرفة هدى وقفل بابها بقوة

هدى طالعت في ملامحه بتمعن: ايش قال يا ولدي؟ ايش سبب المضاربة دي؟

عبد العزيز وهو يجلس على السرير بجانب ندى: ما أدري يا أمي، دولا الاتنين حيجننوني.

هدى بطيبة: طيب روح كلم تغريد.

عبد العزيز وهو يتنهد: لا خليها شوية، أكيد دحين تعبانه ما أبغا ازعجها.

هدى بخوف: يا ولدي روح شوفها لا يكون سوت في نفسها شي!

عبد العزيز: لا يا أمي تغريد عاقلة وما تسويها.

ندى هي كمان خافت: لا لا أحسن شوفها يا عبد العزيز، لأنو كانت حالتها تحزن.. ولا حتفكر بالعقل ولا هم يحزنون.

عبد العزيز قام: دامكم تقولوا كدا.. أحسن لي أشوفها..، بس مو كأنك يا ندى كنتي معاهم، ما عرفتي ليش؟ وإيش جاب سيرة أم تغريد فجأه؟

ندى: لا والله نزلت على مضاربتهم وفجأة سمعتو يسبها الله يهديه.


……

دق على باب غرفتها كم مره ومن ثم جاء لها صوتها الباكي: خلاص.. ما راح أفتح الباب، لا تطفشوني.

عبد العزيز بنبرة دافية: تغريد دا أنا.. عبد العزيز، أفتحي، خلينا شويا نتكلم.

أنتظر دقيقة وبعدها فتحته، طالع فيها، لساتها بعبايتها ووجهها محمر، شفايفها تهتز وهي كاتمة بكاها، كسرت خاطره لما شافها كذا وغير خدها اللي صار متورم، دخل للغرفة وقفل الباب وراه وهو يقول بحنان: تـــغـــريـــد، خلاص لا تبكي.

ما قدرت تمسك حالها فصارت دموعها تنزل على خدودها بهدوء عكس الحرقة اللي شابّة بصدرها وما هي راضية تهدأ

ما قدر يشوفها كذا الا وهو حاضنها لصدره ويمسح على شعرها بحنان: آآآششش..، شد عليها أكثر لما حس بشهقاتها ترتفع فانوجع قلبه: خلاص يا قلبي لا تبكي.

تغريد من بين شهقاتها: خـ.ـلـ.ـوا بــابــا يــتــ.ــغـــيـ.ــر عــلـــيــا.

عبد العزيز وهو لزال يمسح على شعرها: ما حد غيرو يا تغريد، أبوك.. عندو عقل.. يعرف يتصرف، واللي سواه كان بوعيو وعن إرادتو.

تغريد عارفه انه كان بوعيه وعن إرادته بس ما كانت تبا تصدق نفسها، ولا تبا تصدق إن اللي صار قبل شوي من أبوها، أصلا هي عارفة طبعه، لما يعصب يبدأ يجرح بالكلام وما يهتم بمشاعر الشخص اللي قدامه ولا يفكر ايش يقول، بعدت عن عبد العزيز وصارت تمسح دموعها، فسخت عبايتها، رمتها على سريرها وقالت: طيب ممكن تخرج؟ أبغا ارتاح شويا.. تعبانه.

عبد العزيز: طيب، بس أعطينا توضيح بسيط عن اللي سار تحت، كلنا مو فاهمين.

ردت باقتضاب: فصلوني المدرسة لمدة خمسة أيام وعصب عليا.

عبد العزيز بحيرة: طيب ايش جاب سيرة أمك؟

تغريد تأففت وهي تلف بجسمها وتعطيه ظهرها، ضغطت على عيونها عشان لا تبكي: خلاص يا عمي لا تفك دي السيرة.. ما أبغا ابكي خلاص، وعشان ترتاح.. مضاربة جرت مضاربة لين ما وصلنا هنا.

لانت ملامحه وقال بهدوء: طيب.. أنتبهي على نفسك، ولا تخلي أحد ينكد عليكِ.
** ** ** ** **


بعد عدة ساعات.. في الفيلا المقابلة

متجمعين على طاولة الطعام.. كل واحد يحكي عن يومه وكيف كان، عائلة صغيرة ويحبوا بعض، طالع وليد في بنته وهو يبتسم: ايش سويتي في المدرسة اليوم؟

بتول بعدم أهتمام: ما في شي مهم يا بابا، عادي دروس وواجبات.. ما كان عندنا إختبار اليوم..، سكتت شوي بس كملت لما تذكرت: أووووه صح، كمان اليوم سارت مضاربة بين بنتين، أقصد مصارعه.

أميرة: يا لطيف.. ليش؟

وليد: مين دول البنتين نعرفهم؟

بتول: مع الاسف نعرف وحده منهم حق المعرفة..، كملت وهي تطالع في أخوها الغير مهتم: كانت تغريد.

طالع فيها ورفع حاجبه: تغريد؟

وليد طالع في ولده لفتره بسيطة وبعدها رجّع نظره لبتول بإهتمام: وليش أتضاربوا؟ تعرفي؟

بتول: والله يا بابا ما في سبب، البنت كانت قاعدة معانا وتضحك، فجأة الا تجي تغريد وتضربها، البنت ما سكتت بس أقلك خرجت ووجهها مفقع تبكيس من تغريد ويمكنها ندمت أنها أتصاحبت مع تغريد طول حياتها.

أميرة: صحبتها؟ وي تغريد تسوي في صحبتها كدا؟

بتول: مدري عنها والله.. آخر فترة متغيرة وسايرة ما تنطاق، الزبدة أنو المديرة فصلت تغريد خمسة أيام عن المدرسة وأخدها عمي مشعل والبنت التانيه كتبوها تعهد.

أميرة: عشان كدا شفت سيارة أبوها اليوم، استغربت.

وليد: يبالي أكلم مشعل وأشوف ايش الهرجة، تلاقيه أتجنن بعد ما عرف.

وليد قال كلامه وهو عارف أنو مشعل يهمه أكثر شي الدراسة..
يبغا بنته تجيب درجات كاملة ويكون ملفها نظيــــف..
وبعد ما أنفصلت راح يفوتها دروس كثيرة وواجبات، وحتى يمكن أختبارات
وكل هذا راح يأثر على درجاتها اللي هي محتاجتهم، وبالذات أنها آخر سنة لها
غريبة طول هالسنين ما عمرها سوت مشكلة..

طالع في فـارس شوي في باله موضوع ولازم يفتحه معاه، يمكن هذا مو وقته بس يمكن ما راح يفضى بسبب شغله: فارس، باقيلك سنتين عشان تخلص دراسة..، طالع فيه، تكلم ببطء وهو عارف مدى تأثير الكلمة اللي راح يقولها عليه: وتتزوج.

حس باللقمة توقف بحلقه وبالقوة بلعها، طالع فيه بعدم تصديق: أتزوج؟ مو كأنّو بدري يا أبويا، حتى ما خلصت الجامعة!..

وليد طالع فيه وهو رافع حاجب: مو كأنو السنة اللي فاتت قلتلي أكلم مشعل عشان أخطب لك تغريد، وإنتا برضو ما خلصت الجامعة؟!..

فارس حس بقلبة ينعصر من هالسيرة اللي تذكره برفضها له، قطب حواجبه وتكلم: أظن إنو الموضوع أنقفل من زمان وأنا ما عاد فتحتو لما انرفضت!

وليد بنفس نظرته: بس اللي وصلني غير اللي جالس تقولو، سمعت إنك برضك تبغاها وما استوعبت اللي أتكلمناه مع بعض عنها! فقلت خلاص نزوجك وحده من بنات عمتك جميلة.

فارس بعصبية رمى الملعقة في صحنه: ايــــــــش؟ عمتي جميلة، ما لقيت إلا من أهلك وكمان عمتي دي؟

وليد بنبرة تحذير: فــــــآآآرس، أحترم نفسك وأحترم أهلي، حالك حال باقي أولاد العيلة ما يتزوجوا الا مننا وفينا.

أميرة خافت من أنفعال ولدها وعصبية زوجها اللي مخفيها: خلاص يا أبو…

رفع يده يمنعها من الكلام وقال بصرامة: أميرة لو سمحتي لا تتدخلي.

فارس بسخرية: أهلك اللي تدافع عنهم.. أستغلاليين، لما أتزوجت أمي أتبروا منك، وبعد ما جانا الخير الحمد لله، يعنني هم الطيبين سامحونا، بعدين أنا مو زي ..أولاد العيلة!..

طالع في ولده لفترة بصمت بدون ما يتكلم، ملامحه صارت بارده ورجع يكمل أكله وقال: على العموم حاب أقولك إنو حبك لتغريد ما حينفعك، شيلها من بالك وريح نفسك..، طالع فيه فيه وهو يعدد بأصابعه: لا تغريد.. ولا أبوها.. ولا أنا.. ولا أمك راضيين، يعني في النهاية ما حيكون فيه نصيب بيناتكم.

فارس عصب حيـل من كلامه مانه ناقص أحد يزيد عليه، قام من الطاولة وبحدة خفيفة: الحمد لله.. شبعت!

بتول طالعت في أخوها وهي حزنانه عليه، نفسها تصرخ وتقول: خلاص لا توجعوا قلبه أكثر، لا تصيروا كلكم ضده.. كفاية الصد من تغريد، بس فضلت إنها تسكت.. لأن أبوها سكّت أمها، فأكيد ما راح يسمح لها تتكلم
** ** ** ** **


بالمستشفى

واقف قدام مكتب مشعل، دق الباب كم مرة ولما جاء يدخل سمع صوت سلطان: دكتور عبد العزيز، دكتور مشعل ما في.. خرج من فترة.

لف له وبإستغراب: من جد خرج؟ تعرف ليه؟

سلطان حرك رأسه بالنفي: لا والله ما قالي، بس كان شكلو تعبان حتى كمان قلي ألغي كل مواعيد اليوم.

عبد العزيز: طيب شكرا سلطان..، حتى أنا كمان خارج، بس حرجع..، طالع في ساعته الملتفة حول معصمه: تقريبا على حول 5 حكون فيه.
** ** ** ** **


خرجت من الحمام بعد ما أخذت لها شور بارد يمكن تطفئ النار اللي جوتها وتنعشها شوي، مسكت بطنها وهي حاسة بجوع فضيع.. ما أكلت شي من الصبح حتى فطورها ما أكلت مزبوط، لبست وخرجت من غرفتها، نزلت الدرج وشافت ندى تبغا تخرج وقالتلها بسخرية: رايحتلهم؟

ندى لفت لها وقالت: ايوه، عبد العزيز برا.

تغريد بنفس نبرتها الساخرة: طيب وصلي سلامي الحار لجود.

راحت للمطبخ قبل ما تسمع ردها لتسوي سندويشه تسد جوعها على الأقل

ندى استغربت بس ما أعطت أهتمام للموضوع وخرجت برا، نزلت الكم درجة وانفجعت لما جاها العامل الهندي اللي يجي ينظف برا الفيلا كل فتره وهو أصلا مفجوع: مــــــدام.. بابا مشعل.. يطيح.. شوف.. يهز كأنو فيلو جني.

قطبت حواجبها بقوة على كلامه: إنتا ايش تقول.

أخذ نفس عشان يحاول يهدي نفسه ويفهمها: بابا مشعل ورا في الحديقة.

مشت للحديقة الخلفية وقلبها يرتجف خوف، شهقت وتجمعت الدموع بعيونها لما شافته طايح مثل الجثة الهامدة


سيارة عبد العزيز..

طفش وهو ينتظرها تقريبا ربع ساعه.. أتصل عليها كم مره بس ما ترد، حرك عيونه بملل وقرر إنه يدخل ويشوفها، خرج من سيارته ودخل من البوابة للحوش، طاح قلبه وهو يشوف الحارس والعامل شايلين مشعل بصعوبة بسبب ضخامة جسمه وطوله اللي ما يتقارن بيهم

لا شعوريا ركض لهم وصار كمان يساعدهم وهو يسألهم وسط أرتباكهم: بسم الله ايش فيه؟ كيف طاح؟

الحارس الكبير في السن نوعا ما: ما أدري زهموني بس عشان ندخلو جوا.

عبد العزيز وهو يوجه كلامه للعامل والحارس بعد ما دخلوا للفيلا: خلاص انتوا روحوا أنا حطلعو.

تغريد خرجت من المطبخ وهي مقطبة حواجبها من الأصوات، وبإنزعاج: يا هو ايـش فيــ…

قطع كلامها عبد العزيز بصوت عالي: تغريد تعالي ساعدينا.

أنصدمت وهي تشوفهم، أقتربت منهم وبخوف واضح في عيونها: بـــــــابـــــــا!!!.. وهي تطالع في ندى: ايـش سـار؟

ندى: ما أدري، يا تغريد.. ما أعرف، قالي إنو طاح وهوا يتحرك بشكل غريب.

دموعها تجمعت بعيونها وطلعت الدرج ركض وهي متجاهله نداءهم لها عشان تساعدهم، عبد العزيز عصب عليها وتوقع سبب تجاهلها هو اللي صار الصباح، حس إن حركتها طفولية.. خليها تساعدهم الحين وبعدها تزعل لين بكره: اشـــبـــهـــا دي مــــا تـــســـمـــع!!

ندى: خلاص يا عزيز سيبها وخلينا نطلعو بالمصعد.

طلعوه بالمصعد لجناحه وبعدها دخلوا لغرفته اللي لقوا تغريد فيها، جالسه على الأرض وماسكة علبة دوا بيدها، تبكي بحرقة وشهقاتها عالية، ندى راحت لها وقلبها متقطع على حالتها، حطت يدها على كتفها وبحنية: تغريد ايش فيه؟ اشبك لا تخوفينا.

رفعت لها العلبة اللي بيدها وقالت من بين شهقاتها: مـ.ـا يــاخـــد الأدويــــ..ـــة!..

ندى بنفس نبرتها الحانية: يعني هيا خلتو زي كدا؟

حركت رأسها بالإيجاب وهي بنفس حالتها، مسحت على رأسها وبضيقة: خلاص يا تغريد لا تبكي.

تغريد قامت وهي تمسح دموعها وتحاول تهدي رجفتها، تموت من خوفها عليه وهو ما يهتم في نفسه أبدا، مشت لسريره بعد ما مدده عبد العزيز وجلست على الأرض بهدوء، مسكت يده الباردة وسندت رأسها على السرير، ثبتت عيونها عليه وصارت دموعها تنزل بهدوء

طالع عبد العزيز في ندى اللي كانت تطالع في تغريد بحزن على حالها، أشر لها بمعنى أنهم خليهم يخرجوا ويخلوها تاخذ راحتها

عبد العزيز: تبغي تروحي عند أمك؟

ندى: لا والله ما أقدر أسيب مشعل وتغريد وهما كدا، قلبي ما يطاوعني.

عبد العزيز وهو يزفر بتعب: استغفر الله يا ربي أيش دا اليوم.

ندى بنفس حاله: منجد.


جوا الغرفة..

قعدت على نفس حالها لفترة طويلة وقلبها واجعها عليه، دموعها متحجرة بعيونها وتكلم نفسها وتلومها: بابا كان تعبان، وأنا زدت عليه.. طولت لساني عليه قدام الكل، خليته يزعل أكتر، الحالة اللي هوا فيها بسببي، فصلوني من المدرسة وهوا اكيد حاسس بخيبة أمل مني..، شدت على يده وباستها وهي تتمتم: سامحني يا روحي، آسفه ما أقصد اني أزعلك، ما كنت أعرف انك حتوصل لدي الحالة.

فزت من مكانها لما حست بحركة يده: بــ.ــابــ.ـــا؟

قربت منه لما سمعته يتكلم بهذيان، تجمدت ملامحها لما سمعته ينطق باسمها

...: ديــ.ـــنــــ.ـــــيـــ.ــــز!


قامت من الأرض وجلست في السرير، طالعت في ملامحه وهي تمسح دموعها، تكمت وهي عارفه انه ما راح يسمعها: أنا أستحمل كل شي منك، تعبس بوجهي.. ما تكلمني.. تتعامل معايا ببرود.. تضربني..، بلعت ريقها وهي تحس بدموعها ترجع لعيونها: بس ما أستحمل لما تتكلم عن ماما بدي الطريقة.. ما أسمحلك تقول عنها شي بطال قدامي أو قدام أي أحد، ما أسمح لأي أحد يقول كلمة عليها كيف انتا تسويها؟ حتى المفروض انتا ما تفكر كدا..، مسحت دمعتها بطرف اصباعها وكملت: لو عندك ذرة حب لها أو على الاقل احترام لا تتكلم عنها بشي مو كويس..، وهي تاخذ نفس عميق: ماما عندي خط أحمر، حبها في قلبي أكبر شي، ماما أغلى شي عندي حتى وهيا ميته!..
** ** ** ** **


مرت أسبوعين وتغيرت فيه أشياء كثيرة، حابه أكتب اللي صار بلسان الشخصيات

تغريد..
بعد ما خلصت كلامي.. خرجت من عندو بسرعه وأنا في حالة تناقض
حاسة بتأنيب ضمير لأن الحالة اللي بابا فيها بسببي
ومن جهة تانية لما سمعته يقول أسم ماما.. تذكرت اللي سار في الصباح وقلبي قسى!
بعدها سار الكلام بيني وبينه قليل، وأنا طول الوقت بغرفتي ما أبا اشوفو
ما حقدر أسامحه بكل سهولة على كلامه، ما راح أنسى!
ما أتعودت أزعل من بابا، وفي نفس الوقت ما أرضى بكلمة على أمي!
كيف قدر يتكلم عنها قدامي ويحرق قلبي بيها؟
وهوا يدري قد ايش أنا متعلقة فيها
وأنا أعرف قد ايش هوا يحبها.. بس من جد ما أدري ايش سارلو
وان كانت كلمة في وقت غضب… فلازم يعرف يتحكم بأعصابه!
وحدة مرا حسيت نفسي مخنوقة وجــدا تعبانه، فرحت عند بتول
قابلت فارس.. سار يطالع فيا.. بنظرات اربكنتي، ما قدرت أفسرها
بس طنشته وطلعت لغرفة بتول وأنا عارفة أنو برضو بيطالع فيا
دا الانسان يحبني مهما سويت فيه، مهما كسرت قلبه ومهما عملت فهوا يحبني
صراحةً استسلمت وما راح أسوي شي، لأني أتصالحت مع بتول ووعدنا بعض اننا ما نتضارب على أشياء تافهة تاني مرة!
داك اليوم بكيت عندها وقلتها كل اللي سار
ندمت لأنها ما كانت معايا وقت ما كنت أحتاجها أعتذرنا لبعض واتصالحنا!


مشعل..
دي الأسبوعين كانت الاتقل عليا، من ناحية تغريد اللي ما أقدر ألومها على تصرفاتها معايا
سارت وكأنها تنفر مني و… تكرهني، ما أستبعد دا الشي وأستاهل أكتر
المفروض ما أستغرب لأنها ماخده دا الطبع مني..
اذا قسيت ما راح تلين بسهولة
اذا كرهت ما راح تحب زي أول
اذا انجرحت ما تسامح بسرعه!
كل شي ماخدتو مني.. بس ما أتعودت تكون علاقتي ببنتي تكون بدا البرود
بس الشي اللي منجد مفرحني إنها لين دحين تزكرني بمواعيد دوايا النفسي
ترسلي مسج على الجوال.. واذا العلبة قربت تخلص توصيني أشتري جديدة
هيا تكره تشوفني تعبان بدا المرض أكتر من إنها خايفة عليا، وما ألومها برضو
لأنو يذكرها بأشياء حاولت تنساها، شي صعب عشناه أنا وهيا
لما كان عمرها 11 بدأت أعراض المرض تظهرلي
كان يجيني صداع في رأسي.. وفجأة ينخفض ضغطي وأطيح مغمى عليا..
وبعض الاحيان جسمي كلو يتحرك بطريقة غريبة ومفجعة
وتطلع أصوات من فمي، ولما أفوق أكون مو متذكر ولا شي
دا كلو يسرلي وأحنا كنا لحالنا، كانت تبكي وتحاول تقومني بس ما تقدر
بدات تتكرر الحالة وتزيد عليا وقعدت أسابيــع وأنــا بالسرير تعبان
ما حد عارف ايش فيا، أروح من دكتور لدكتور كلــــهم يقولولي اني كويس
وقالي عبد العزيز خليني أروح عند شيخ يمكن فيا شي
سمعت كلامه.. وكل شيخ يحطلي بلا جديد فيا..
اللي يقول سحر
اللي يقول عين
اللي يقول حسد
اللي يقول مس!
وما زادوني إلا تعب.. واللي كان يعذبني أكتر هيا تغريد
كانت تسمع صراخي وأنا متفاعل مع الآيات
وكل ما الشيخ يخرج من بيتي تجيني جري وهيا تبكي بخوف وأنا قلبي يتقطع عليها
مرت سنة على حالتي وأنا ما أستفدت، لين ما كلمني وليد.. صاحب عمري، عن صاحبه الدكتور النفسي أبراهيم
في البداية عارضت وقلتله أنا أروح دكتور نفسي؟ ايش شايفني يعني!
بس أقنعني بكلمتين وهيا
جربت كل شي يا مشعل لمدة سنة وما فادك، ترا ما حتخسر شي لو رحت لدا الدكتور يمكن تلاقي حل لحالتك دي!
وفعلا رحت، وشرحتلو حالتي وعلى طول فهمني وفهم اللي فيا
وبكل بساطة قالي انو عندي نقص في وحدة من الهرمونات..
وهوا السبب في حالتي دي كلــها، كتبلي أدوية في الروشتة
ومعاناة السنة الكاملة خلصها في ثواني!
بس بشرط إني أستمر على دي الادوية طول حياتي..
لأني لو بطلت أستعملها وعصبت وأتنرفزت كل اللي سارلي أول حيتكرر
وفعلا دا اللي سار…
وكمان علاقتي بندى بدأت تتحسن وخلاص سامحتها، ما أقدر أطول بزعلي عليها أكتر من كدا
وسرت انا اللي أوصلها لأمها.. إيوا أمها، أنا لساتي ما أعترف بيها كأم
ودام ندى رضيت بيها ما حتحكم في قراراتها وحريتها بالذات ما شفت تحسنها الملحوظ في نفسيتها، ما ححرمها منها وإن شاء الله ربي ما يحرمني من شوفة ابتسامة أختي
دي الابتسامة اللي طلعت منها من قلب.. من زمان ما شفتها
ويوم ورا يوم حسيت قلبي بدا يلين ويحن اتجاه سعاد
بس على طول أتذكر كل شي عشته بسببها عشان أخلي قلبي يقسى!
رحت عند وليد أشكيلو حالي، دا صاحب عمري وشافني في أسوء حالاتي
وياما نصحني وأرشدني للطريق الصح..
أثق فيه ثقة عمياء، وكل ما أحتار وأشوف نفسي متضايق أروح له
عندو نظره ثاقبة ويشوف الأمور بعقلانية أكتر مني
وعمري ما ندمت على أي نصيحة منه وسويتها، كل كلمة قالي هيا كانت صح!
مهما أتكلم عن دا الرجال ما حوفيه حقه
ودا من الاشخاص اللي غيرلي حياتي للأحسن..
قلتله اللي في بالي من أيام
خرجت من عنده وأنا أفكر بكلامه، لساتي محتار وأحتاج كم يوم حتى أتقبل اللي قاله
ما هي سهله أني أسويها.. ما أقدر أتقبل وجودها في حياتي بدي السرعه..


ندى
شفت تغريد تخرج من الغرفة ولمحت دموعها، ناديتها بس طنشتني ونزلت لغرفتها
ما عرفت ايش سارلها، دخلت عند مشعل ولقيته نايم فزاد أستغرابي
جلست عندو لما صحي وسار ينادي باسم تغريد ودينيز اللي عرفت إنها أمها من اسمها الغريب
في داك الوقت عرفت قد ايش هوا يحبهم واللي سار الصباح كلو كان بوقت غضبه
أتصلت على تغريد وقلتلها ابوكِ يبغاكِ، ينادي باسمك.. بس هيا ردت بنبرة ضعيفة باكية: انتي خليكِ عندو أنتبهيلو بدالي. وقفلت بوجهي
أحترت ايش أسوي، تغريد ما تبا تجي، ومشعل لساته زعلان وتوقعت انو ما حيرضى بأي مساعدة مني
بس بالعكس.. كان ســاكت وهادي، لو يبغا شي يقولي أنا وحتى ما سأل عن تغريد تاني، ما سأل عنها بس واضح إنو ندمان على كلامه
وعلى دا الحال لمدة كم يوم.. حتى أستعاد صحته والحمد لله
بكل صراحة أنا ما أستحملت وضع مشعل وتغريد
حسيت اللي بتسويه تغريد عقوق!
ما تكلمه.. ما تسأل عنه.. ما تقعد معاه، لما يجي تقعد شويا وتقوم على طول
رحت وكلمتها، ما جيتها بالطيب والكلمة الحسنة!
هزئتها وعاتبتها على كل تصرف وجلست أأنبها على تعاملها مع مشعل
بس سكتتني بجملتين وهيا تقولها بمرارة
صعب لما أحد يحرق قلبك بشخص عزيز.. ويكون أصعب عليكي لما تكوني تحبيهم كلهم وتتمني تعيشي معاهم لين تموتي!
قالتها ومشيت وأنا وقفت وقلبي يوجعني عليها
حالتهم الاتنين صعبه، وأنا أحس اللي تغريد بتسويه في مشعل نفس اللي بيسويه لأمي
لو يدري قد ايش نفسها تشوفه تاني مرا
تشوفه بدون ما يكون معصب وحاقد زي ديك المرا
وأنا بحاول قدر الإمكان ألين قلبه وأجلس أحكيه ايش بسوي عندهم
ووحدة مرة تعمدت ما أتكلم ولا أحكيه
وهوا سألني كيفها أمي! ما حكيتيني عنها اليوم!
فرحتي ديك اللحظة ما توصف، يعني بجد حسيته وكأنو شويا بدأ يتقبلها؟
كأنو يتمنى وجودها في حياته!


رنين
فيصل يحاول يراضيني من مدة، وأنا صادتو.. عرف غلطو وندمان..
يباني أسامحو زي العادة وكأنو ما سار شي
أحبو؟
أيوا وبجنون
راح أسامحو؟
برضو أيوا بس كرامتي ما تسمح لي أسامحو بسرعة
أكتر شي محزني هيا أمـل..
تقولي آسفه على تصرفات أخويا.. متهور ومجنون ومن حقك تزعلي
دي الإنسانه أحبها، جــدا راقية وقمة في الأخلاق
رغم إنها ما لها دخل بالمشكلة إلا إنها جاسة تعتذرلي عن تصرفات أخوها
وشفت مهند يعاملها ببرود شويا لما جو عندنا..
مسكتو وقلتلو لا تسوي فيها كدا
أمل ما تستاهل أمل ما لها دخل ما تستحق تعاقبها
فيصل الغلطان وأنا اللي حعاقبو، لا تظلمها
بس قالي دي الحالة مو عشان فيصل يا رنين.. عشان أمي
أتنهد بألم وأتزكرت ماما..
لما ندى تجينا أشوفها تبحث عنه بعيونها يمكن يكون قلبه القاسي حن عليها ويسامحها
بس تكسرني نظرة الخيبة اللي تظهر بعيونها
عارفين إنو هوا دايما اللي يجيبها لهنا، بس شكلو مو ناوي يفرحها أبد..
بس لين ما صحيت اليوم وجا مهند بالخبر اللي ما توقعتو!
** ** ** ** **


فتح باب الحديقة الخلفية، شافها جالسة على الدرج وتعبث بالتراب بيد ويدها الثانية حاطتها على خدها، باين على وجهها الملل، أبتسم بخفة وصار يتأملها

في البداية ما حست بيه، طالعت في يدها المتربة بسرحان، فزت بخوف لما سمعته يتنحنح، قامت ونفضت يدها، جت بتدخل وتتجاهله بس صوته وقفها: تغريد.

لفت له وطالعت فيه بصمت وهو كمل: تعالي نتكلم.

تغريد ببرود: ما أتوقع في شي نتكلم عشانو.

مشعل طالع فيها بجدية: وأنا عندي كلام حقولو، وانتي لازم تسمعيه.

مشى وجلس على الدرج، جلست بعيد عنه شوي ورفعت عيونها له لما بدأ يتكلم: في دي الأيام فكرت، وقررت قرار.. مو بالسهولة قررتو، كلمت أبو فارس.. رحت للدكتور النفسي، قلت لندى، يمكن أخلي..، اخذ نفس عميق وهو حاس بصعوبة لينطق الكلمة: أخلي أمي تعيش عندنا.

طالعت فيه بصدمة وهي ترمش بعدم تصديق بس ما نطقت بحرف

كمل وهو يتجاهل ملامحها: الحياة قصيرة يا بنتي.. وأنا اليوم سار عمري 40، ما قدرت أبر أمي ولا مرا في حياتي.. غلطت وغلطها كبير بس كيف ابغا أتوفق في حياتي وأنا ما بريتها؟

نزلت عيونها للأرض بصمت وهي تفكر

مشعل: ها ايش قلتي؟

تغريد قامت من الدرج، قالت وهي معطيته ظهرها وتبغا تدخل: ما يهمني.. سوي اللي تبغاه معاهم.. ما عندي مشكلة.

مشعل وهو مو قادر يستحمل برودها، قام من الدرج وبنبرة حادة شوي: تـغــريــد!.. وقفت بس ما لفت له وهو كمل بنبرة مقهورة: ما تلاحظي إنك جالسة تزوديها؟ ناسية إني أبوكِ وتعامليني دي المعاملة؟؟!! فين الاحترام فين البِر!!!

تغريد لفت وصارت تمشي له، طالعت فيه بعيونها المدمعة وهي تحرك رأسها بالنفي: لأ.. أنا ما زودتها.. دي ردة فعل طبيعيه مرا.. أنتا لازم تستحملني.. لأني..، وهي تأشر على قلبها: لأني أنا هنا انجرحت.. ومو من أي أحد.. من الشخص الوحيد اللي أثق فيه..، كملت وصوتها بدأ يميل للبكاء: لين دحين وأنا مو مصدقة أنو داك الكلام خرج منك.. مو مصدقة.

خنقته العبرة وهو يسمع كلامها، ندمان على كل كلمة قالها وجرحتها، بس ايش يسوي إذا هذا طبعه؟ والحين هو محتار، باين أن طريقه عشان يخليها تسامحه طويل، مسك يدها وهو يضغط عليها.. وبيده الثانية مسح دمعتها من خدها بحنان: تغريد.. بنتي.. نور عيوني، أوعدك أني…

سحبت يدها من يده وغطت فمه بها وهي تقول بتعب: لا.. خلاص.. لا توعدني.. لا تتعب نفسك وتعيشني بأوهام.. لا توعدني ازا كنت حتخلف بوعدك زي دايما.. توعدني بس عشان تخليني أرضى.. بس دي المرة غير.. ما حرضى، وحتكلم، أنا ما سرت أثق في وعودك.. ما اثق في أي احد يوعدني بسببك.. أصلا كل واحد يوعدني يخلف بوعدو.. كل واحد فيكم يفاجئني بخيبة أمل توجع..، شالت يدها وكملت: خلاص أنا قلت اللي عندي.. وأنتا قلت اللي عندك، ما في شي نتكلم عنو!.

ما يقدر يتكلم بكلمة بعد اللي قالته وكل اللي قدر يقوله بملامح هادية تخفي وجعه : طيب متى حتسامحيني؟!

تغريد بنظرة عميقة: تقدر تخليها للأيام..


**


نهاية الفصل الحادي عشر

-رأيكم بمواقف دينيز ومشعل، تبوني أكتب عنهم أكتـر؟
-كيف تغريد راح ترضى؟ وايش سر مضاربتهم؟
-فارس راح يتزوج بنت عمته زي ما قال وليد؟
-عبد العزيز وحبه لرنين ايش مصيره؟
-تغريد كيف راح يكون تقبلها لجود واهلها؟0.

عمر البعد 05-01-18 06:43 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شقى الماضي (المشاركة 3695830)
السلام عليكم
قبل ما أنزل الفصل حابه أشكر الحلوة عمر البعد لأنها هيا اكتر وحده بتشجعني وتحفزني هنا وعشانها بس انا بكمل في دا المنتدى
وأتمنى من كل قلبي اني ألاقي ردود وتوقعات حلوة زيكم، أحتاج دعمكم ومتابعتكم وحابة أقول انو ما بقي للرواية غير 6 فصول فـ لطفا أسعدوني❤

ولا يهمك ياعسوله كل الروايات بالبدايه كذا بس اصبري وكملي وان شاء الله بتشوفي اللي يسرك من كثره الردود خصوصا انك من الكاتبات اللي يلتزمون بتنزيل الاجزاء بانتظام

عمر البعد 05-01-18 07:10 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لا لاا ايش بنااااا
والله على طول جا ببالي بنت هدى مسويه شي لهم او سحر مثلا اعوذ بالله

ليش الاوضاع تازمت والقلوب ماصارت على بعض بين تغريد وابوها
وليش مشعل يتكلم عن دنييز بوقاحه مع انه كان يحبهاا
طيب هي كيف ماتت ؟ مشعل تسبب بموتها مثل ماتقول تغريد ؟؟؟؟
اتوقع انهاا كانت مريضه بمرض خطير وهو بما انه دكتور خاف يعالجهاا وماينفع العلاج وتموت فماتت من تطور المرض
ياليت توضحين لنا عن حاله دنييز وسبب وفاتهاا
بسبب تغريد وسوالفها فرحتي ماكانت تمام لان ميشو قرب يتصالح مع امه

رنين يااهبله لا تفكري تسامحي فيصل واتركيه احسن دامكم ع البر

اتوقع اخو بتول بيوافق على بنت هن عايلتهم ولما تسمع تغريد وتعرف انه بيروح من يدينهاا
بتقتنع فيه خصوصا ان ابوهاا بينشغل عنها بامه
هاااا شووشو شرايك فيني هههه رسمت احداث جديده لروايتك

بس عندي استفسار عن اسم الروايه ؟؟ اتوقع مشعل يكلم دانييز

دمتي بود

شقى الماضي 06-01-18 08:27 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695963)
ولا يهمك ياعسوله كل الروايات بالبدايه كذا بس اصبري وكملي وان شاء الله بتشوفي اللي يسرك من كثره الردود خصوصا انك من الكاتبات اللي يلتزمون بتنزيل الاجزاء بانتظام

يا قلبي انتي اكيد ما حيهمني دامك موجوده وبتحفزيني😘

وان شاء الله حبقى بدا الالتزام لين نهاية الروايه❤

شقى الماضي 06-01-18 09:07 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3695965)
لا لاا ايش بنااااا
والله على طول جا ببالي بنت هدى مسويه شي لهم او سحر مثلا اعوذ بالله

ليش الاوضاع تازمت والقلوب ماصارت على بعض بين تغريد وابوها
وليش مشعل يتكلم عن دنييز بوقاحه مع انه كان يحبهاا
طيب هي كيف ماتت ؟ مشعل تسبب بموتها مثل ماتقول تغريد ؟؟؟؟
اتوقع انهاا كانت مريضه بمرض خطير وهو بما انه دكتور خاف يعالجهاا وماينفع العلاج وتموت فماتت من تطور المرض
ياليت توضحين لنا عن حاله دنييز وسبب وفاتهاا
بسبب تغريد وسوالفها فرحتي ماكانت تمام لان ميشو قرب يتصالح مع امه

رنين يااهبله لا تفكري تسامحي فيصل واتركيه احسن دامكم ع البر

اتوقع اخو بتول بيوافق على بنت هن عايلتهم ولما تسمع تغريد وتعرف انه بيروح من يدينهاا
بتقتنع فيه خصوصا ان ابوهاا بينشغل عنها بامه
هاااا شووشو شرايك فيني هههه رسمت احداث جديده لروايتك

بس عندي استفسار عن اسم الروايه ؟؟ اتوقع مشعل يكلم دانييز

دمتي بود

لا لا لا مو سحر، ابشرك هيا بس دي المرا، بعد كدا ما حيتضاربو تاني

واكيد جواب اسألتك حتلاقيها بالفصول القادمه وما اقدر اجاوب عليها عشان لا احرق لك الاحداث

انا بالفصل الاخير ان شاء الله حوضح اللي صار في الماضي بالتفصيل وكيف ماتت دينيز وسبب موتها وكللللل شي

كيف يعني فرحتك ما كانت تمام؟ ما فهمتك؟

رنين مشكلتها مرا تحب فيصل وكلما يغلط تسامحه

هههههههههههه تجنن توقعاتك والاحداث دي، بس بصدمك واقول انو مافي شي منها صح وتقدري تقولي انو وليد كان بس بيهدد فارس ويفهمو انو خلاص شيل تغريد من عقلك

صراحةً لقيت دا الشعر وعجبني، يعني ما خليتو لشخصيات معينه.. بس حسيت انو ينفع لمشعل ودينيز وبرضو فارس وتغريد 😍

ودي لكِ

شقى الماضي 06-01-18 06:35 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
بعد مرور شهر ونصف، في المستشفى..

مشعل جالس قبال عبد العزيز في مكتبه: المستشفى أمانه في رقبتك يا عبد العزيز، ما أبغا يكون فيها أي نقص.. ولا أي شكوى من مريض الله يرضى عليك.

عبد العزيز وهو مبتسم: روح وأنبسط ولا يهمك، أستمتع في إجازتك ومسامحة تغريد ليك.

مشعل ضحك: بس بس، دحين أرجع ألاقيها قالبه عليا الدنيا، تعرفها سارت تستغل دا الشي..، قام من الكرسي وكمل: يلا أنا لازم أروح عندي أشغال تانية.

عبد العزيز ضحك من قلبه وهو يمرر يده على لحيته الكثيفة وقال بعد ما خرج: والله مو هينه يا بنت أخويا.. أول مرا أشوف مشعل يدور على رضا أحد.

برا المكتب

مشعل مر على سلطان، حط راحة يده على مكتبه وأستند عليها وهو يقول: سلطان.. أي أحد يتصل يبا يحجز عندي موعد خلاص تقولو إنو الدكتور مشعل في إجازة وما حيرجع إلا في نهاية إجازة الصيف.

سلطان أبتسم وهو ملاحظ حماسه.. ما يلومه: إجازة سعيده يا دكتور، بس حتوحشنا والله.

مشعل أبتسم كمان: يلا كلها اربعة شهور وأرجع.. تمر بسرعه.



"الفصل الثاني عشر"
"تغيير"



لمحه من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- تحديدا إسطنبول..

خلص دوامهم من فترة وهي واقفة بوسط المقهى وعيونها على المكان اللي يجلس فيه دايما، اليوم ما جاء.. وتضايقت حيـل ما تعرف ليه، فزت بفجعه لما حست بقرصه على خصرها وضحكة عاليه تصدر منها، طالعت وهي متنرفزه منها بس ما تكلمت

فاطمة وهي برضها تضحك: آآآهه إن معدتي تؤلمني من الضحك.

دينيز: وما المضحك يا آنسة فاطمة؟

فاطمة وقفت ضحك وناظرتها بابتسامة: انتِ المضحكة.. تصرفاتك مضحكة، ما هذا العبوس يا فتاة اليوم؟ لقد أبعدتي الزبائن عنا لهذا اليوم بهذا العبوس!

دينيز بملل: هل العبوس تصرف مضحك بنظرك؟

فاطمة بنفس ابتسامتها: سبب عبوسك مضحك، انتِ عابسة لأنه لم يأتِ اليوم، وانتِ تتصرفين وكأنه لا يهمك.. لكنك مكشوفه أمامي، وهذا ما يضحكني.

عقدت يدينها حول صدرها: حسنا، وهل تتوقعين من هذا الرجل أنه معجب بي حقا؟

فاطمة بحالمية: آآهـ يا دينيز، جدا وجدا معجب بك.

دينيز وهي تحاول تخفي أعجابها بيه من خلال أعذارها: ولكن لماذا لا يأتي ويصارحني؟

فاطمة: ربما هو من الفتيان الخجولين وليس لديهم جراءة للتحدث مع من يعجبون بها.

دينيز بتفكير: ربما!..


في الوقت الحالي..

واقف وسط المقهى اللي ما تغير من سنين.. عيونه تدور بين زواياه والذكريات تعصف بيه من كل مكان، يتذكر ضحكتها الرقيقة وابتسامتها الخجولة، ملمس بشرتها الناعمة.. وريحتها اللي كانت تجنن دقات قلبه، ما يقدر يوصف حبه لها بأي كلمة.. وما فيه وحدة تقدر توصل لقلبه من بعدها!..

حاوطت ذراعه وهزته بخفه لما شافته سرح وهي مو عارفة أنه هذا المكان اللي جمع أمها وأبوها: بابا أشبك وقفت كدا فجأة؟

طالع فيها وهو يبتسم بهدوء: لا ولا شي.

تغريد ابتسمت كمان: يلا نمشي؟

مشعل: يلا.

تغريد: فين دحين حنرووح.

مشعل بهدوء: حروح للمقبرة، أزورها.. تجي معايا؟

تغريد بان على وجهها الضيـــق وحركت رأسها بالنفي، تكره تروح المقبرة.. ما تبغا تشوف قبرها ولا عمرها راحت له، تخاف تضعف وتنهار من البكاء، تخاف تشوف قبرها: انتا روح هناك وأنا حرجع للفندق عبال أرتب شنط السفر.
** ** ** ** **


قبل 4 شهور.. في المدرسة

دخلت للفصل وعيونها تبحث عن جود، بعد ما قعدت مع نفسها وراجعت اللي سوته قررت تعتذر لها، طبعا تتوقع ردة فعل عنيفة وما راح تسامحها أكيد وما تلومها، لقتها جالسة في نهاية الفصل ومن حسن حظها فيه مكان فاضي جنبها

رفعت عيونها وهي حاسه بخطوات شخص جاية لها، ملامحها صارت جامده لما شافتها وحاولت تشغل نفسها بأي شي..

تغريد بهدوء: جود.. أبغا أقلك شي.

طالعت فيها وببرود: خير ايش في؟ ايش في كلام تبي تقوليه كمان، ما كفاكِ الضرب؟

تغريد وهي متوقعه ردة فعلها: أوكي من حقك تعصبي، بس أنا جايه أعتذر لك عن اللي سار، آسفه.. ما كنت أبغا الأمور توصل لدي الدرجة.

جود بنفس أسلوبها: طيب؟ ايش تبيني أقلك؟ شكرا على أعتذارك؟

تغريد وهي تكتم ضحكتها من سؤالها الأخير: لا أبدا.. مين قال كدا؟

تغريد لفت لما دخلت المدرسة عليهم وبدون تردد جلست جنب جود

رفعت حاجبها بتعجب وهي تشوفها تجلس جنبها، وتغريد ابتسمت لها ببراءة وهي تقول: انتي لازم تتعودي على وجودي دايما، لأنو أتوقع وصلك الكلام اللي بابا قالو.. فغصبا عنك حتسامحيني.

جود نظرها لقدام تسوي نفسها منتبهة مع الشرح بس تكلمت: هـه.. من قال إننا حنعيش عندكم؟ مين قال إنو حنوافق وأنا حسامحك؟

تغريد بثقة: حتجو عندنا وحتشوفي، بس ترا أنا مو ميته عليكم، دا قرارا بابا وأنا أحترمو، في النهاية هوا بكيفو.


في الوقت الحالي

ابتسمت على هالذكرى، ثقتها كبيرة ودايما تكون في محلها، طالعت حوالينها، الحين هي في غرفتها، غرفة تغريد اللي كانت بسرير صارت بثلاثة أسرّة بإصرار من تغريد، خرجت من الغرفة ونزلت للصالة، شافت أمها ورنين ماسكين علب متوسطة الحجم ويزينوها: ايش جالسين تسووا؟

رنين طالعت فيها: يعني ايش جالسين نسوي؟ تعالي ساعدينا!

رمت نفسها على الكنبه وبملل: أنا مالي دخل، دا دبشك انتي.. وزواجك انتي.

رنيــن بنرفزة: انقلعي يا حيوانه، أصلا مانتي أختي، أوريكِ كيف في دبش زواجك ما حساعدك.

ما ردت عليها وسألت أمها: ماما فين أبله هدى ما أشوفها معاكم زي دايما؟

سعاد وهي مشغولة باللي في يدها: راحت مع عبد العزيز للسوق.

حطت يدها على خدها وبملل: ما شاء الله عبد العزيز كل شويا ياخد أبلة هدى ويخرجها، ليش ما ياخدني معاها.

رنين رفعت حاجب: انتي اشلك؟ الرجال يبغا يخرج مع أمو لحالهم.

سعاد تركت اللي بيدها وطالعت فيهم وهي تقول بغيرة ما قدرت تخفيها: ما شاء الله ولدها رضي بها مرا مو زي أخوانكم.. يخرجها ويشتريلها هدايا ويسفرها.

جود ضحكت: ماما غيرانه من أبلة هـــدى.

رنيـن كتمت ضحكتها من كلام جود: حرام عليكِ يا أمي، لا تظلمي أولادك كدا.

سعاد بقهر: فين الظلم، مهند ما أشوفو الا مرا في الاسبوع، ونادر دا بس طول الوقت برا البيت، ومشعل ما شاء الله رايح تركيا مع بنتو وسايبني هنا.

جود بدفاع عن نادر: ماما لو سمحتي نادر أكتر واحد يقعد عندك اذا تعبتي.

رنين بجدية: مهند يادوب يقعد مع مرتو وأولادو، شغلو ماخدو عن الكل، ومشعل أظن خلاص كفاية يعني معيشنا كلنا هنا، بدون ما يشتكي ولا يتكلم.
** ** ** ** **


تركيا.. أحد المقابر

واقف قدام قبرها من فترة طويلة، قرأ على روحها ودعا لها، دعا أنه مثل ما جمعهم في هالدنيا.. يجمعهم في الاخرة، تكلم بصوت هادي يخفي كل أوجاعه من فراقها: جيت يا دينيز بعد فطرة طويلة.. سامحيني على دي السنين اللي تركتك فيها هنا لحالك بدون زيارة.. يا ريتك عايشة لين دا الوقت، عشان تشوفي كيف سارت بنتنا، حتفتخري فيها زي ماني مفتخر فيها دحين، اللي مصبرني على دي الحياه.. هيا، أبتسامتها، مستقبلها، ضحكتها، ما حتركها ولا حتخلى عنها زي ما وعدتك..، تنهد بألم وهو يتذكر: ما حتخلى عنها في يوم زي ما أتخليت عنك وانتي كنتي في عز حاجتك ليا، ما حخلي غضبي اللي يحكمني زي كل مرا..، أبتسم بسخرية على نفسه: غضبي وجرحي وحقدي اللي خلوني أخسرك، بس أنا أتغيرت، أنا ما حعيد غلطي يا دينيز، ما حخليها تعيش أي وجع ولا حسمح لأحد يوجع بنتنا.. وأدري إنو سعادتها أكتر شي كان يهمك في دي الحياة، وأنا أحاول بكل الطرق عشان أسعدها..، رفع رأسه للسماء وغمض عيونه، أخذ نفس عميق وزفره بهدوء.. حاسس بالعبرة تخنقه من الذكريات اللي صارت تجي بباله: الله يرحمك.. الله يرحمك، ويجمعنا كلنا في الجنه يارب، ويسامحنا على كل غلطة سويناها.

فتح عيونه لما سمع شخص يكلمه، كان شخص في نهاية الخمسين.. معروف عنه أنه يسقي القبور هنا ويدور عليها: شكرا جزيلا لك يا أخي.

أبتسم باستغراب: لماذا؟

العجوز وهو يقترب منه وعينه على القبر: أنا أعمل هنا منذ فتره طويلة يا بني، رأيت قبور مهجوره، لا أحد يزورها ويؤنس من بداخله، وهذا القبر كان واحدًا من تلك القبور حتى جئت أنت لتزورها بشكل شبه يومي، ليرضى الله عنك يا بني.

مشعل بهدوء: شكرا.

العجوز: ما صلتها بك؟

مشعل بابتسامة هادية: حبيبتي.. زوجتي.. أم طفلتي، إنها كل الشيء بالنسبة لي.

العجوز: ليحفظ الله لك طفلتك وليرحم أمها.

مشعل من أعماق قلبه: آمـــــــيــن.
** ** ** ** **


واقفين في الإشارة وهو بداخل السيارة مع أمه.. يمسك يدها ويبوسها، يمزح معاها ويشاكسها فتضربه، يستغل كل لحظة معاها لأنه ما صار يشوفها كثير، ما صار يقعد في البيت كثير، ينحرج من مشعل وأمه وأخواته كثير وفي نفس الوقت ما يبا يزعجهم بوجوده ويكونوا مضطرين يلبسوا حجابهم في كل وقت، ما يجي إلا في آخر الليل.. ويخرج الصبح بدون ما يفطر، طبعا تضايق من هالحال ونفسه ياخذ له شقة لحاله.. بس لما شاف أمه منسجمة معاهم وحابتهم، قلبه أبدا ما طاوعه يبعدها عنهم، وفيه غير هالسبب.. نزل عيونه لاصباعه يناظر الخاتم اللي ببنصره…

قاطع حبل أفكاره هدى وهي تنبهه: عزوز يلا فكت الإشارة.

رفع رأسه وبعدها حرك السيارة ومشى، عبد العزيز ألقى نظرة سريعه للمراتب اللي وراه.. يشوف باقة الزهور وبعدها ناظر هدى: تتوقعي يعجبها؟

هدى ابتسمت بكل حب لولدها: أكيد حيعجبها، البنت ناعمة وما يليق لها إلا دا الورد.

عبد العزيز وبلا شعور منه ابتسم على طاريها، أعطاها خبر أنه راح يجيها اليوم، تخيلها وهي تتجهز له.. ايش ممكن تلبس، بأي تسريحة راح تزبط شعرها

هدى بقلق: يا ولدي مو تعب عليك تطلع مكة وبعدين تجي هنا وتاخد مشعل وتغريد من المطار؟

عبد العزيز: لا تشيلي هم، ما عندي مشكلة.

هدى: طيب أنتبي على نفسك ولا تسرع في الطريق.
** ** ** ** **


تركيا.. في احد الفنادق

واقفة على شباك الفندق وعيونها على الناس والسيارات اللي تروح وتجي، راح تشتاق لهالمدينة حيل، عاشت طفولتها هنا، ذكرياتها الجميلة مع أمها هنا في هالمدينة، سمعت صوت جوالها، أخذته من السرير وفتحت السماعة بسرعه لما شافت المتصل أبوها فجاء لها صوته: حبي أنزلي خلاص وصلت.

تغريد ابتسمت: فين حتوديني؟

مشعل بضحكة: يعني ما تعرفي حنروح فين؟

تغريد وعيونها تلمع بعشق: deniz.. (أسم أمها وبنفس الوقت معناه البحر باللغة التركية)

….…


كانوا بيمشوا على الساحل وموية البحر تبلل أقدامهم الحافيه

مشعل رفع جواله وتكلم بابتسامة وهو يصور نفسه فيديو على السناب: الله على منظر البحر مع غروب الشس، سبحانه منظر رائع.

قالها وبعدها سكت ليصور منظر البحر لمتابعينه اللي صاروا بالآلاف وكل شوي يزيدوا، وبعدها نزلها على الستوري

ابتسمت بخفة وهي تشوفه منشغل بجواله، يرد على الرسايل بكل روقان وقالت وهي تبا تستفزه شوي: يا ربي نفسي تسيب الجوال شويا وتقعد معايا، مو تسحب عليا.

رفع عينه من الجوال وطالع فيها وحاجبه مرفوع: دحين عشاني بس مسكت الجوال شوية ونزلت وحده سنابة سرت ساحب عليكِ؟

تغريد ضحكت بحب، حاوطت ذراعه بتملك وبنبرة كلها دلال ودلع: دحين لازم كل وقتك ليا.. ربنا بلاك ببنت زيي، لازم تستحمل.

باس جبينها وهو يقول بحب: أحلى بلوه والله.

تغريد طالعت فيه: بابا ما قلتلهم متى حتسوي موسم تاني لبرنامج؟

مشعل: دا أكتر سؤال جاني في حياتي.

تغريد: طيب قولهم!

مشعل وهو يعدل نفسه: طيب يلا زبطي نفسك، حزل سنابه أجاوب فيه على دا السؤال وحطلعك معايا.

رفع جواله مرة ثانية وتغريد طالعت في نفسها من الكاميرا الأمامية لتتأكد من حجابها، وابتعدت شوي بحيث إنها ما تبان، وهو تكلم لما بدأ يصور: دي الفترة فيه سؤال سار بس يتكرر عليا.. وهوا متى يا مشعل يبدأ الموسم التاني من برنامجك..، وجه العدسة ناحية تغريد وكمل: متى الموسم التاني يا بنتي؟

تغريد تكلمت بابتسامة: حيكون في بداية الدراسة إن شاء الله.

نزل هالسنابه وهو متعود في بعض الأحيان أنه يتصور معاها وينزلها.. يمكن في البداية وجد نقد وشتائم شديدة لكن ما أهتم لكلامهم، هو ما يعتبر بنته عورته ولازم يخفيها من الناس وكأنه يخجل منها، بالعكس.. جدًا يفتخر فيها ويقول للكل ايوه هاذي بنتي ولولاها بعد الله ما كنت واصل لين هنا، ما فيه شي مخجل دامها بحجابها واحترامها، وبعد كذا الناس أتعودوا على وجودها وما صار أحد يتكلم!..
** ** ** ** **


قبل ثلاثة شهور ونصف
مكة المكرمة.. في بيت أول مره نزوره

حطت اللمسات الأخيرة في وجهها وتوجهت للمرآية الطويلة عشان تشيّك على شكلها بالكامل، لابسة بلوزه بيضاء ناعمة بأكمام طويلة مع تنورة قطنية طويلة باللون الزهري، ماسكة عليها وراسمة تفاصيلها الأنثوية.. وكعب يبينها أطول بكثير، ألتفتت للباب لما أنفتح وأختها اللي أصغر منها تقول: رزان، يلا شويا وتدخلي عندو.

حست بتوتر لما سمعت كلامها: يا بنت إنتي كيف أول دخلتي عند سامي ما أتوترتي؟

قفلت الباب وراها وضحكت بدلع وهي تمسك خاتم زواجها: لا طبعا، إحنا أتزوجنا عن حب فكنت متعوده عليه وما خفت، وبس إنتي لا تخافي يعني عادي.

فجأة أنفتح الباب بقوة، دخلت بنت صغيرة بعمر الـ 10 سنوات، تكلمت وهي تتنفس بسرعه: رورو بسرعه لا يفوتك.

طالعت فيها وهي مستغربة حالتها: بسم الله ايش في؟

تكلمت وهي تلتقط أنفاسها: آههه شفت عريسك يا رزان، مرا مرا يجنن..، حطت يدها على قلبها: آآخ يدوّب القلب.. لازم توافقي عليه يا رورو.

رفعت حاجبها وهي تكتم ضحكتها: ايش قلة الحيا دي؟

رزان حركت رأسها بأسف: خسارة والله، ما سار فيه أطفال في دا الزمن.

بوزت وهي تقول بطريقة طفولية: وي، يعني الأطفال ما يقولوا رأيهم وما يعجبهم شي؟

ضحكوا الاخوات على كلامها، وفي نفس الوقت دخلت أمها وقالت بحنان فائض: يلا يا بنتي.. عشان تدخلي لـ عبد العزيز.

حركت شعرها الطويل بتوتر حاولت تخفيه وبنبرة هادية: طيب.

طالعت في بنتها وقلبها يرفرف، تتمنى من كل قلبها أن بنتها ترتاح له مثل ما هي ارتاحت لـ هدى وحبتها، تتمنى إنها تشوف بنتها البكر متزوجه ومبسوطة في حياتها، وصلت لعمر الـ 31 وما تزوجت حتى أن أختها اللي أصغر منها تزوجت قبلها، مو لـ عيب فيها، بالعكس هي تشوف بنتها كاملة من كل النواحي.. جميلة.. عندها شهادة وموظفة في قطاع حكومي، أخلاقها عالية والكل يشهد، بس ما جاء اللي يستحقها ويناسبها.. ما جاء نصيبها!..


في الوقت الحالي..

مشيت في السيب اللي يودي لغرفة الضيوف وبيدها التبسي اللي عليه الحلا سوته خصيصًا عشانه لأنه قال أنه يحبه وهي عاد لعبتها الحلا، دخلت الغرفة بابتسامه هادية وحلوه وهي تقول: شوف ايش سويتلك.

عبد العزيز بمرح: انتي مسويتو ولا طلبتي من وحده؟

رزان حطته في الطاولة الصغيرة اللي قدامه: لا طبعا أنا سويتو يا روحي، أنتا دوق بس، ومرا حتدمنو، أساسا أي شي من يدي لزيز.

عبد العزيز بعد ما جلست بجانبه مسك يدها ورفعها لشفايفه ليقبلها: تسلم يدك يا قلبي.

طالعت فيه ودقات قلبها جالسه تتزايد من حركته، معقولة اللي جالسه تحس بيه يسمى حب؟ ما قد تخيلت إنها راح تحس بهذا الاحساس وما توقعته شعور جميل لهالدرجه، وأحلى شي إنها مرتبطة برجل كآآآمل في عينها من كل النواحي، عنده شهاده تناسب شهادة الماجستير اللي تعبت عشانها، وغير تفكيره المتحضر اللي يطابق عقليتها وطريقة تفكيرها تماما

حس بنظراتها عليه فابتسم وقالها: في شي غلط في وجهي؟

ابتسمت هي بعد وهي متجننه على ابتسامته الحلوة، كل شي فيه كامل حتى ابتسامته وملامح وجهه تجنن: لا بالعكس..، نزلت عيونها وأنتبهت لاصباعه بدون الدبلة، طالعت فيه وعيونها بعيونه: مانتا لابس الخاتم.

طالع في يده وبعدها رجع عيونه لعيونها: شكلي نسيتو في الحمام، لا تزعلي بعدين أنا لسا ما أتعودت عليه.

رزان بهدوء: يعني، بس ترا سارلنا تلاته شهور.. وما أتعودت عليها، استغربت بس.

عبد العزيز وكأنه تذكر شي: ايوه صح، انتي تروحي دوامك مع السواق صح؟

رزان: ايوا، ولما يكون في إجازة بابا أو أحمد يودوني.

عبد العزيز: طيب وبعد الزواج؟ عارفة إنك حتعيشي في جدة مو هنا.

رزان سكتت لفترة وبعدها قالت: كنت حكلمك في دا الموضوع، حيدوني إجازة أكيد عشان الزواج، بس مدري كم بالزبط.

عبد العزيز: طبعا يدوكي، شوفي.. أنا حدبر سواق هوا يوصلك ويجيبك، وأساسا شقتنا قريبة من الخط فلا تشيلي هم المشوار.
** ** ** ** **


قبل شهرين ونصف

في وحده من الحدائق العامة، فارشين على الأرض الجلالة وكل واحد جالس في مكانه والكل كان مستمتع بتغييرهم لمكان عشائهم، إلا هي كانت ملّانه وحاطة يدها على خدها، تعد الأيام والساعات لتروح عند أبوها، أبوها اللي زرع فيها كره أمها من وهي صغيرة.. تكره أمها وتكره ضعفها وتعشق قوة أبوها وكل شي فيه!

طالعت فيهم وتجلس تفكر من فين جوا هذولا؟ صار عندها خالات وأخوال أكثر، هي كانت بالقوة مستحملة تغريد ومشعل كمان هم يجوا؟ قطع عليها تفكريها صوت جود: تعالي ألعبي معانا يا ميس، لا تقعدي لحالك كدا.

ميس ببرود: ايش هيا اللعبة؟

جود: لعبة بدون كلام بس بدل الأمثلة العربية حتكون أغاني بالإنقلش، تعرفيها؟

ميس وهي تحب هاللعبة شوي تحمست: ايوه أعرفها، قسمتوا لـ كم فريق؟

رنيـن تكلمت: قسمنا لـ فريقين.. أنا وجود ومهند، وأنتي وندى وأمل.

ميس طالعت في سعاد وهدى: وانتوا ما حتلعبوا؟

هدى حركت رأسها بالنفي وهي تضحك: يا بنتي أحنا ايش درانا بدي اللغة ما نعرفلها.

ميس بتريقة طالعت في ندى: انتي كمان خليكِ معاهم، أخاف تخلينا نخسر، أعرفك جاهلة ما تعرفي إنقلش.

صدمة أعتلت في وجيههم كلهم من كلامها اللي أهانت فيه أمها قدامهم بدون ما تحترمها، بعكسهم ندى اللي كان ملامحها كاسيها البرود وكأنها خلاص تعودت عليها

مهند عصب، كمية الوقاحة اللي في هالبنت غير محدوده يوم عن يوم ينصدم أكثر، ولا شعوريا مد يده على كتفها ودفعها بقسوة: أعــــرفــــي مـــع مـــيـــن جــــالـــســة تــتــكــلــمــي يــا وقـــحــه، دي أمـــك يــا عـــاقّـــة.

ميس بعصبيه بعدت يده: هي أنتا لا تمد يدك عليا.

مهند الود وده يكفخها عشان تعرف إن الله حق بس تمالك نفسك فتكلم بحزم: أدخلي للسيارة أصلا إحنا الغلطانين جبناكِ معانا، كان حبسناكِ في البيت، بلا في شكلك نكدية.

ميس قامت وقالت لعبد الله اللي جالس بجانب ندى بحده: عبودي تعال معايا.

ندى حاوطت ولدها وضمته لصدرها وهي تطالع فيها بثبات: عبودي ما حيروح لأي مكان، روحي لحالك.

ميس سحبت شنطتها بغضب ومشت ناحية السيارة..


في الوقت الحالي

رجعت لواقعها وهي تناظر اللابتوب اللي قدامها في المكتب، دوبها خلصت من ثاني دورة لها باللغة الانجليزية.. كانت دورة عن بعد تتعلم وهي في بيتها، هذاك اليوم حاولت أنها ما تبين تأثرها من كلام ميس، بس اكتشفت أن كلامها خلاها توعى على نفسها وتصحى، أعطت وعد لنفسها إنها تبدأ تتغير.. وراح تبدأ أول شي بالدراسة، هي ما عندها غير شهادة الثانوية، ما كملت بسبب زواجها من أبو ميس.. زواجها الغير متوقع واللي حطم كل أحلامها، بس الحين ما عندها أي عائق وراح تكمل الجامعة!..

قاطع تفكيرها صوت الخادمة: مدآم ندى، يلا عشان نضف غرفة.

لفت لها وهي تقول: طيب دحين.

الخادمة دخلت وهي شايلة المكنسة الكهربائية تسائلت بفضول: متى مدام تغريد وبابا مشعل يجي؟

ندى بابتسامة: اليوم في الليل إن شاء الله.
** ** ** ** **


بالمطار..

واقف عند البوابة ينتظرهم يخرجوا له، ما هي الا ثواني ويشوف مشعل يخرج وهو يدف العربية اللي فيها الشنط وتغريد معاه، رفع يده لينتبهوا له فطالعوا فيه بابتسامة وهم يلوحوا له، مشى ناحيتهم وضم أخوه وهو يقول: هااه كيف حالك؟ ان شاء الله بس أنبسطوا في تركيا.

مشعل: الحمد لله على كل حال، ايوه أكيد كيف ما ننبسط.

عبد العزيز: كويس الحمد لله..، التفت لتغريد: وانتي كيفك يا شقية؟

تغريد ابتسمت على تعليقه: كويساا..، بشقاوة مسكت يده: يا عمي ما يسير كدا فين الدبلة حقتك؟ بعدين خطيبتك تشوفها فاضيه وتزعل.

مشعل بضحكة: بدينا في حركات الزناوه يا عزيز؟ على طول تزعلها منك؟!

عبد العزيز بتأفف سحب يده: لا حول ولا قوة إلا بالله، الابو وبنتو عليا ايش يفكني منهم..، دخل يده بجيبة وطلع دبلته: هاه شوفوها، ودحين حلبسها ولا يهمكم.

تغريد بخفة سحبت الخاتم وصارت تقرأ اسمائهم من الداخل وهي مصغرة عيونها: عبد العزيز، ورزان..، طالعت فيه وابتسمت: أسمها حلو ومناسب ليك مــرآ، يا ترا شكلها حلو، ويناسب وسامتك؟

حرك عيونه بملل وسحب منها الدبلة ودخلها بأصباعه: مشعل شيل بنتك عني تغازل واحد متزوج عيني عينك.

تغريد لوت بوزها: يا ربي منك يا عزوز، سألتك سؤال وأنتا جاوب وي!.. أصلا ما تستاهل واحد يجاملك..


خرجوا من المطار وحطوا شنطهم في السيارة، وعبد العزيز حرك السيارة متوجه للفيلا، بعد ربع ساعة وصلوا لأن المطار يعتبر قريب منهم، خلاص دخل الحارس الشنط وعبد العزيز بداخل السيارة

أنتبه عليه مشعل فدخل رأسه للسيارة من النافذه: يلا تعال خش جوا معانا.

عبد العزيز: لا لا، أنا بروح الاستراحة عند أصحابي.

مشعل: أفااا كلنا حنتجمع يا عزيز، مو حلو لما ما تكون معانا.

عبد العزيز أبتسم: يلا المرة التانية إن شاء الله.
** ** ** ** **


صباح اليوم التالي

دخل بخطواته الصغيرة لغرفتها وراح ناحية سريرها، شافها نايمة بعمق ومغطيه رأسها، بعد اللحاف عنها وهو يبوس خدها بقــوه فدفعته عنها بخفه وهي تقول بصوتها الناعس: هيــــه بعد عني.

أتربع على سريرها وهو ينطق بكل براءه: ميمي يلا قومي وننزل تحت، أنا طفشان لحالي.

طالعت فيه بنصف عين وهي دوبها تستوعب انه عبد الله فابتسمت بحب: عبودي؟

عبد الله: ايوا أنا، ماما تقول تعالي انزلي تحت كلنا فيه حتى خالو مشعل.

ميس بملل: قولها شويا ونازله.

........


نزلت للصاله ولقت الكل مجتمع وبااااين انو فيه موضوع مزعج جالسين يتناقشوا فيه من ملامحهم، انتبهوا لها وهي تدخل بس ما اهتموا كثير وصارت انظارهم كلها لمشعل اللي بدا يتكلم

مشعل: والله دا قرارنا انا وبنتي، احنا جينا نقلكم بس.. عشان وقت المدارس لا تستغربوا وتسألونا ليش ما تروح للجامعه!..

رنين والموضوع منرفزها شوي: معليش بس دا القرار مرا غبي، حيضيع ترم كامل من حياة بنتك الدراسيه.

مشعل طالع فيها وبهدوء: مو كانو انتي كمان ضيعتي ظ¤ سنين دراستك في الطب وبعدها سحبتي؟

رنين بتبرير: لا دا غير...

تغريد قاطعتها: ايوه صح غير، انا بس دا الترم حقعد وبعدين حكمل دراسه، وانتي درستي وتعبتي وبعدها سحبتي!

سعاد بعدم اقتناع: طيب ايش السبب اللي يخليكي ترم كامله تقعدي عاطله باطله بدون دارسه.. وانتي نسبتك كويسه مرا ؟

مشعل حاوط تغريد من كتوفها بابتسامة: عشان تقضي وقت مع ابوها اكتر.

جود: لا حول ولا قوه الا بالله!!! انتوا ما تشبعوا من بعض؟ خلاص تلاته شهور ما كفتكم في تركيا؟

ندى بهدوء: لا لا اكيد في شي بس انتوا ساكتين، صح؟

مشعل طالع في تغريد وبعدين مرر نظره عليهم كلهم: صح، تقضي وقت معايا اكتر عشآن بعد كدا ما حنشوفها إلا في المناسبات والإجازات.

كلهم انفجعوا من كلامه وسعاد اللي تكلمت: كيف يعني!!!

تغريد بهدوء: انا حكمل دراسه في تركيا مو هِنا!..

جود بشهقه: ايـــــــــــش؟ وأنا أقعد لحالي؟

رنين: طيب اشبها جامعاتنا هنا، ما اتوقع تركيا حتكون احسن مننا.

تغريد حركت كتوفها بخفه: بس كدا، ابغا اكمل هناك، ماما من هناك وبابا تقريبا عاش نص حياتو هناك وحتى انا كمان ترا عشت في تركيا.

هدى اللي كانت ساكته طول الوقت تكلمت: طيب ايش حتخشي؟

تغريد: حدرس حقوق.

ندى ابتسمت: حركات يعني حتسيري محاميه هناك.

تغريد بابتسامه وهي تتخيل نفسها: محامية او قاضيه.

رنين قاعدتلها: طيب خلال دا الترم ايش حتسوي؟ حتقعدي كدا؟

تغريد ابتسمت ببرود: حقعد زي مانتي قاعده، عادي ولا فيها مشكله؟

مشعل: طيب خلاص قفلوا على الموضوع، خلينا نتكلم في شي تاني..، طالع في هدى وابتسم: زواج عزيز قرب، وزعتي كروت الزواج لخالاتو؟

هدى ابتسمت: ايوه خلاص وزعنا، وفيه كروت كتيره زايده تقدر تعطيها لـ أهل وليد.

سعاد: أهل وليد قصدك دولا الجيران اللي قبالنا؟

جود: أيوا ماما واللي نادر سار صاحب ولدهم فارس.

رنين بتعجب: غريبة نادر مو من النوع اللي يتعرف على الناس يعني، ودحين ساير كل وقتو مع دا فارس.

سعاد: قولي الحمد لله يا بنتي خليه يتغير وينبسط.

جود قربت من تريد وهمست: تلاقيه فارس أتصاحب معاه يحسب انو كدا يقدر يتقرب منك.

تغريد طالعت فيها بعدم رضا: أسكتي مو وقتو دا الكلام.

جود بضحكة: صدقيني كلامي هوا الصح!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- إسطنبول

كانت تمشي في الشارع المظلم اللي متناثر في بعض زواياه الثلج، كان الطريق مخيف بس هي تعودت كل ليلة من بعد ما تخلص دوامها تمشي فيه لتروح بيتها.. ومن حسن حظها أنه ما قد أحد أتعرض لها، فجأه وبوسط هالظلام ظهر ضوء وحده من السيارات وهي تمشي بمحاذاتها

نزل قزاز النافذة المظللة وتكلم بنبرة هادية: تعالي فـ لأوصلك للمكان الذي تريدين.

تسارعت دقات قلبها بخوف ولا شعوريًا سرعت بخطواتها بدون ما تلتفت لصاحب السيارة، قطب حواجبه وهو توه ينتبه لخوفها وبنفس نبرته: هيا لا تخافي، حقا لن أؤذيك، فقط سأوصلك للمكان الذي تريدين.

دينيز وهي تلتفت له تكلمت بشبه عصبيه: أذهب من هنا، وأغرب عن..، تبلعمت وهي تشوف ملامح وجهه.. تعرفت عليه، وبعدم تصديق: أنـــت؟

مشعل بابتسامة حلوه خطفت قلبها: نعم أنا.. هيا أدخلي سأوصلك فالمكان هنا غير آمن.

دينيز تجاهلته وكملت مشيها وهو بعد ماشي بالسيارة بالقرب منها عارف أنها ما تثق فيه وما تعرفه وتظن إنه راح يضرها

شدت على معطفها الباهت لما لفحتها نسمة هواء بارده وحركت خصلات شعرها الناعمة، مشعل رجولته ما سمحت له أنه يخلي بنت بهالوقت وفي هالبرد لحالها فتكلم بإصرار وهدوء: هيا تعالي إن الجو أصبح بارد.

دينيز وقفت وهي تطالع فيه بتردد كبير، وهو كمل ليطمنها: أعدك إني لن أمسك بسوء.

دينيز توكلت وراحت للجهة الثانية لتفتح الباب وتدخل، رفع قزاز النافذة وبداخله فرح كبير، بعد ما دخلت وقفلت الباب حرك السيارة وهو يسألها: اين هي وجهتك؟

دينيز بنبرة هادية وعينها على الطريق: حي الـ……….

طالع فيها بعدم تصديق: إنه حي غير آمن أبدا، كيف لفتاة مثلك أن تعيش هناك بمفردها؟

دينيز: اعتدت على ذلك، كما أن سعر الإيجار هنا في إسطنبول مرتفع جدا، وفي هذا الحي وجدت ما يناسب مزانيتي.

مشعل رجع عيونه للطريق بصمت وهو يفكر بكلامها، بعد فتره وصلوا للحي فقالت: حسنا يمكنك إنزالي هنا، فبيتي لا يبعد كثيرا.

مشعل وقف السيارة وهي فكت الباب وقبل لا تخرج لفت له وقالت بابتسامه ساحرة: شكرا لك..، مدت يدها ناحيته: بالمناسبة اسمي دينيز.

طالع في يدها الممدودة ومن ثم رفع عيونه وتعلقت بعيونها، وبعدها أبتسم: وأنا اسمي مشعل.

حست بإحراج من تجاهله ليدها الممدودة وعلى طول سحبتها لحضنها: تشرفت بمعرفتك.

مشعل بتردد: دينيز، هل من الممكن أن أوصلك يوميا إلى هنا؟

دينيز بعد فترة قصيرة من الصمت: ممكن!


**


نهاية الفصل الثاني عشر

-أسعدوني بتوقعاتكم وآرأكم.. أستناها بشغف.


شقى الماضي 08-01-18 09:11 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحة من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- إسطنبول

خلصت دوامها في المقهى وخرجت منه، ابتسمت ابتسامة واسعه وهي تشوف سيارته واقفة وهو متكي بجسده عليها، كانت بتروح له بس انتبهت على نفسها وغيرت اتجاهها، تذكرت فاطمة وهي توصيها إنها تكون ثقيلة معاه.. وما تعطيه وجه، هي ما تعرف لهالأمور فتلجأ لها

كان مبتسم بس اختفت ابتسامته لما تجاهلته فنادها: ديــنـــيــــز..، قطب حواجبه لما ما شاف منها أي رد وقرر إنه يروح لها ويكلمها: دينيز.. دينيز..، تنرفز منها لما ما وجد منها أي رد فمسك ذراعها ولفها له: دينيز ما هذه التصرفات!

ما توقعت إنه بيمسكها، حاولت تسحب ذراعها من قبضة يده وبعصبية: لا تلمسني هكذا.

مشعل سحب يده وهو يحاول يتمالك نفسه: حسنا أهدئي.. أنا آسف، ولكن لماذا تجاهلتني؟

دينيز: لا أريدك أن توصلني إلى منزلي.

مشعل باستغراب: ولكنك قد قلتي لي حسنا!..

دينيز: الله الله، حتى وإن قلت حسنا، الآن غيرت رأيي..، كملت كلامها وهي تعطيه ظهرها وتكمل مشيها: أتمنى أنك لا تتدخل في ما لا يعنيك.

مشعل مرر يده على شعره وهو يزفر: لا حول ولا قوة الا بالله، ايش دا العناد اللي فيها..، لحقها ومسكها مرة ثانية ولفها: هيا يا دينيز، أدخلي للسيارة ولا تطيلي.

دينيز عصبت أكثر: انت ماذا تريد مني، لماذا مصر على ايصالي لا أفهم ذلك.

مشعل شتت عيونه بتوتر من سؤالها وما رد عليها

قربت منه وطالعت في عيونه: جاوبني يا مشعل، لمَ كل هذا الإصرار؟

جاوبها بكل هدوء: إني معجب بك، والبارحة قد عرفت بالصدفة أنك تذهبي للمنزل بمفردك، فخفت أن يحصل لك مكروه..، والآن هل ستأتين معي أم لا؟

فرحت بداخلها على أعترافه بالبداية وحاولت تخفي ابتسامتها: حسنا.

مشعل تنهد بتعب: أتمنى أنك لا تغيرين رأيك غدا.

ابتسمت بخفة ولحقته للسيارة، بعد فترة وقف السيارة قدام بيتها وقبل لا تنزل تكلم: دينيز.

دينيز طالعت فيه: نعم؟

مشعل: أريد أن أسألك، هل لديك غدا عمل؟

دينيز: لا غدا يكون يوم عطلة بالنسبة لي، ولكن لماذا تسأل؟

مشعل بابتسامة: حسنا إن هذا رائع، كنت أريد أن أصطحبك إلى مكان ما إذا لم تمانعي.

دينيز: حسنا، ولم لا؟



"الفصل الثالث عشر"
"هدوء ما قبل العاصفة"



بالليل.. غرفة البنات

تغريد منسدحة على سريرها وتطالع السقف، النوم مو جايها: رنين نمتي؟

رنين: أحاول أنام، بس مو قادرة.

تغريد وهي تزفر: حتى أنا..، لفت رأسها لها وقالت بحسد: ول عليها جود، حطت راسها على المخدة ونامت.

تكلمت بصوت ثقيل وناعس وهي ترفع يدها: هــــــيــــه انتي، قولي ما شاء الله لا تحسدي نومي بس.

ضحكوا عليها، تغريد قامت من سريرها وهي ترفع شعرها وتقول: أنا رايحه أشرب مويا.

….….


نزل من الدرج وهو ناوي يروح للمطبخ بس لقى النور مفتوح، تأفف في نفسه وهو متوقع يا جود أو رنيـن جوا، مشى لين الباب وتنحنح فسمع صوتها: ميـــن؟

تغريد شافت أنه عبد العزيز فقالت: عموو، تعال لا تستحي دي أنا.

عبد العزيز دخل للمطبخ وهو يجلس على الكرسي: كويس إنو انتي اللي هنا.

تغريد وهي تصب الموية في الكاسه: يعني كنت تتوقع غيري؟

عبد العزيز: ايوا.

تغريد جلست قباله: والله مو جايني النوم أبدا أبدا.

عبد العزيز زفر بضيق: نفس الحال معايا والله.

طالعت فيه بخبث: جالس تفكر فيها صح؟

عبد العزيز يسوي نفسه مو فاهم: في مين؟

تغريد: في رزان يعني مين!

طالع فيها بابتسامة وما رد عليها

قعدوا فتره وهم ساكتين وتغريد تطالع فيه ونفسها تقول حاجه بس متردده، وعبد العزيز على طول فهمها فغمز لها: ايش تبا تقولي.

تغريد بسرعه: لا ولا شي.

عبد العزيز طالع فيها بتمعن وبلهجة مصرية: ئووول ما تخفش.

تغريد ضحكت: ههههههههه.. طيب أبشر..، وهي تعدل نفسها: أحم أحم..، طالع فيها باستغراب فكملت: أصبر شويا..، سكتت فترة وتكلمت بجدية: عزوز انتا مقتنع بدا الزواج؟

عبد العزيز قطب حواجبه: ايش دا السؤال يا تغريد؟

تغريد: أنتا جاوب بس، ويعني أنا سألتك لأنو كل شي سار بسرعه بسرعه.

عبد العزيز بثقة: متأكد مية بالمية، وترا في أشياء كتيره خلتني أتمسك في دا الزواج.

تغريد: طيب ليش ما أتزوجت من أول يا عمي؟ حست بملامحه تتغير من سألته فقالت بسرعه: أوكي معليش ما كان قصدي أتدخل في دا الشي، سوي نفسك ما سمعتني.

عبد العزيز: لا وي عادي، حجاوبك.

تغريد طالعت فيه بفضــول حتى قال: بكل إختصار أي أهل كانوا حيقبلوا بـ ولد قاتل!..

تقشعرت تغريد من نبرته وبهدوء: عادي، كيف وافقت مامـ..، أستوعبت إنها كانت راح تقول ماما فقطعت كلامها بسرعه وقالت: قصدي فرح على بابا؟

عبد العزيز بهدوء: نصيب..

تغريد: طيب قلي ليش أتمسكت بـ رزان.

عبد العزيز أبتسم على طول من جابت سيرتها: طبعا صفات في شخصيتها عجبتني مرا، أول شي صريحه تديكِ في الوجه.. ما عليها من أحد، يعني في الشوفة لما جيت بتكلم معاها، قلتلها أنو انا عندي أهم شي أمي ولازم تهتم في أمي، قامت قالتلي وهيا مفجوعه مني.. مين قال اني حوافق عشان تقولي دا الكلام، أخخخخ بس لو تشوفي وجهي وقتها.

تغريد بضحكه: كمان إنتا فجعتها.. تستاهل رد زي كدا، طيب ايش كمان؟

عبد العزيز وهو ماخذ راحته مع تغريد اللي يحسها كمان قريبة منه: تحسيها كدا، أنسانه مستقلة.. واثقة من نفسها.. تحل أمورها بنفسها.. دا أكتر شي عاجبني فيها، ما كنت أبا وحده مدلعه، واللي خلا شخصيتها بدي الطريقة على حسب ظني.. لما كانت تدرس مع أخوها برا.. أضطرت تعيش في مدينه بعيده عن أخوها شوية، يعني تقريبا عاشت تلاته سنوات لحالها.

تغريد حطت يدها على خدها عجبها كلامه عنها، طالعت فيه وتكلمت بعفوية: يعني دحين نسيت رنين؟

عبد العزيز بمضض: خلاص بلاش تجيبي سيرتها.. أصلا ما سرت أقعد في الفيلا عشان لا أتصادم معاها واللي في قلبي ناحيتها يتحرك وأنا خاطب بنت تانية وهي مخطوبه لواحد تاني.

تغريد حست على نفسها وباحراج: معليش.
** ** ** ** **


مكة المكرمة..

متمدده على سريرها وبحضنها أختها الصغيرة، طلبت منها إنها تنام معاها هالليلة ولآخر مره.. بس للحين محد منهم نام، طالعت فيها وابتسمت بخفة لما شافت دموعها متجمعة بعيونها وتكلمت بهمس: ميمي ليش جالسة تبكي؟

همست لها بخفوت وهي تحاول تخفي عبراتها وحزنها: رزان أنتي لازم بكرا تروحي مع عبد العزيز؟ صراحة أنا زعلانه لأنك حتروحي.

رزان وهي تمسح على شعرها بحنان: لازم أروح زي ما راحت سهى.

ماريا نطقت ببراءة: طيب سهى عايشة قريبة مننا مرا، بس انتي حتروحي جدة.

رزان: ايوا لازم أعيش في جدة.. عشان عبد العزيز عايش هناك.

ماريا بوزت: أفففف، خلاص يا ريتك ما وافقتي عليه حياخدك مننا.

رفعت حواجبها وضحكت: أقول بس نامي يا دلوعه، وخليني أنام..، كملت وهي تزفر: بكرا ورانا يوم طويل.
** ** ** ** **


ظهرية اليوم التالي...

كان البيت في حالة ما يعلم بها إلا ربي، مقلوب فوق تحت.. الخادمات جالسين يكووا ثياب الرجال وفساتين البنات، هدى تكلم منسق الكوشة بكل عصبية لأنه للآن ما راح للقاعة، والبنات قاعدين في الصالة ينتظروا الكوافيرة والممكيجة

دخلت الخادمة للصالة وبيدها ثوب وغترة وهي تقول لتغريد: مدام أنا خلاص يكوي توب حق أبويا.

ندى تكلمت: طيب فين التياب الباقية؟

الخادمة: دحين أنا يكوي.

قامت من الكنبة واخذت منها الثوب والغترة: خلاص أنا راح أودي التوب لبابا.

رفعت يدها بكل حذر وهي ما سكتهم بيدها وتوجهت بالمصعد، دخلته وطلعت على الدور اللي فيه جناح أبوها، خرجت ومشيت لغرفته، دخلتها بس ما لقته فيها وعلقت الثوب والغترة وراحت لمكتبه، دقت الباب كم مرا بس ما رد عليها فقررت تدخل

كان جالس بمكتبه، حاط يده على تحت ذقنه وغارق بتفكيره لدرجة إنه ما سمع الباب وهو يندق، رفع عيونه لها لما تكلمت: بابا.

مشعل جمع الأوراق اللي بمكتبه ودخلها بالدرج، طالع فيها مرا ثانية وهو مقطب حواجبه: تغريد.. لما تخشي دقي الباب مو كدا!

تغريد طالعت فيه باستغراب: بابا اشبك ترا دقيت الباب بس شكلك ما سمعت.

أخذ نفس عميق وبعدها زفر: شكلو كدا، ايش كنتي تبي؟

تغريد: بس كنت حقولك أنو توبك خلاص في غرفتك؟

مشعل: متأكدة إنو ما في شي تاني؟

تغريد بابتسامة: يا عيني على اللي فاهمني بس.

أبتسم هو كمان: ايش في؟

تغريد وهي ما زالت مبتسمة: أمممممم أول شي قول تم.

مشعل عارف إنها ما تقول كذا الا وهي عارفة إنه ما راح يرضى على طلبها: ما أقول تم على شي ما أعرفو!

تغريد لوت بوزها: طيب طيب، خلاص حقول..، قربت من المكتب وهي تطالع فيه بعيون بريئة: بصراحة نفسي أشتغل.

طالع فيها باستخفاف وحاجبه مرفوع: تشتغلي؟

تغريد: ايوه أشتغل فيها شي؟ طفشت من قعدتي في البيت وجود تروح الجامعه، على الأقل أشغل نفسي في حاجة.

مشعل: ما شاء الله عليك، مو كأني أنا خيرتك بأكتر من حاجه وانتي أخترتي تدرسي في تركيا وكنتي عارفة انو حتقعدي فاضية كم شهر.

تغريد بعدم رضا: بــــــابـــــا!..

مشعل بنفس نبرتها: تـغـريـــــــد!..

تغريد لوت بوزها مره ثانية وبإصرار: الله يخليك بابا، شوف ، أنتا أكيد ما توافق عشان تخاف عليا بس عندي فكرة تجنن.. تخليني أشتغل بدال سلطان، وأكون قدآآآآآآم عيونك في المستشفى.

مشعل: إيوه ما شاء الله وسلطان فين أوديه؟

تغريد ابتسمت وبكل بساطة: أديه إجازة! ما يبالها تفكير.

مشعل: أقول بس.. شيلي الفكرة من بالك.. لأني ما حوافق أبدا.

تغريد بإحباط: بــــابــــا لــــيــــه؟

مشعل قام وحط يده وراء ظهره وهو يمشيها ويخرجها برا المكتب: بلا ليه بلا كلام فاضي، روحي أتجهزي لزواج عمك أحسن لك.

تغريد: العريس بنفسو ما صحي ليش أنا أتجهز.

خرجت من المكتب، ما هي زعلانه من رفضه، لأنها عارفه انه ما يرفض لها طلب، يقولها لا، وبعدين يجلس مع نفسه ويفكر بكلامها، كلها كم يوم وراح يبدأ يبحث لها عن شغل مناسب لها بمستشفته، كلها كم يوم وبس!
** ** ** ** **


دخلت لغرفته ولقتها بارده زي الثلج، الانوار مطفية وولا نقطة ضوء داخله من الستاير، فتحت الانوار وهي تبعد اللحاف عن وجهه: عـــــزوز.

غطا وجهه باللحاف وهو يقول بصوت ناعس: خلاص سبيني أنام يا ندى.

بعدته مره ثانية وهي تقول: يا ولد قوم يلا جهز نفسك، ترا اليوم زواجك المفروض تكون متحمس شوية.

جلس على السرير وهو يتأفف، رفع يده لشعره المبعثر وحركه، وبصوت مبحوح من النوم: نمت متأخر، الساعه كم دحين؟

ندى: الساعة أتنين ونص.

عبد العزيز: بدري يا هو.

ندى: لا مو بدري يا حبيبي..، كملت وهي تعدد بأصابعها: وراك تروح الحلاق تزبط كشتك وتجيب توبك من المغسلة، وكمان تاخد التقديمات من المحل.

عبد العزيز قام من السرير: أففف الله يعينني بس.

ندى طالعت فيه وهو يدخل للحمام باستغراب من كمية البرود اللي فيه

.........


خرج من غرفته بكل حيوية عكس خموله اللي قبل شوي، مرر يده على شعره المرتب وابتسامته طـــاغية على وجهه

جود خرجت من الغرفة وانتبهت له، فتحت فمها بفهـــاوه وهي تتأمل حركاته وشكله الجذاب، حطت يدها على قلبها وتمتمت: يا ربي ايش دا الجمــــآآآل؟

عبد العزيز حس بها فلف لها وشافها تطالع فيه بس سرعان ما صد عنها وقال: جــــود.. كيف حالك.

ضمت يدينها لصدرها وهي تقول بتناحه: أنا مــــرا مـــرا كويســآآآ.

أبتسم على نبرتها: إن شاء الله دايما.

تتبعته بعيونها وهو ينزل الدرج لين ما أختفى، جود تنهدت بحسره: يا خسارتك يا جود ضاع من يدك واليوم زواجو!

أما هو نزل للدور اللي تحت ودخل المطبخ واللي ما كان يبغاه صار.. كانت فيه، تلاقت عيونه بعيونها وارتبكت دقات قلبه.. صارت تدق بجنون

أما رنين حاسبه حسابها، كانت حاطة طرحتها على رأسها بإهمال ومن لما دخل زبطتها وصارت تكمل اللي كانت تسوي وهي حاسه بنظراته

طالع فيها وهي تدهن التوست بالجبنة متجاهله وجوده تماما، رفع عيونه لها لما قالت: خــــيــــــر؟!

عبد العزيز بكل برود طنشها، راح للثلاجة وخرج جك الموية، راح لوحده من الدواليب وأخذ كاسه ليصب الموية فيها

ما أرتاحت لوجوده معاها لحالهم فأخذت توستها وقررت تخرج من المطبخ بس صوته وقفها

عبد العزيز: رنين.

لفت له وبنفس نبرتها الحاده: إيـــش فـــي؟

جلس على الكرسي وأصباعه يدوّره على أطراف الكاسه من فوق: أمس رجعتي في الليل على الساعة تلاته مع فيصل!

رنين: يعني جالس تراقبني كمان! بكيفي والله أرجع معاه في الوقت اللي أبغا.

عبد العزيز طالع فيها بابتسامة مستفزة بالنسبة لها: إن شاء الله بس ما سويتو شي غلط قبل الزواج.

توسعت عيونها بصدمة من كلامه الكبير في حقها، توجهت له بكل غضب وبنبرة حاولت ترخيها حتى ما يسمعها أحد: شوف إنتا ما تتدخل في حياتي فـــــــآآهـــم؟ أحمد ربك إني ما قلت لأحد عن هداياك الوسخه اللي كنت ترسلي هيا..، كملت بإستهزاء: الله يعين مرتك أتزوجت واحد زيك، حزنانه عليها بصراحه.

عبد العزيز بملامح بارده: أحزني على نفسك.

رنين كانت راح تتكلم بس دخول تغريد عليهم خلاها تسكت

تغريد وهي تنقل عيونها ما بيناتهم: ايش في؟

عبد العزيز قام وبعثر شعرها القصير بابتسامه: ما في شي، بس سارت محادثة بسيطة ووديه بيني وبينها.
أنهى كلامه وبعدها تعداهم وخرج من المطبخ

تغريد طالعت في رنين تبا تتكلم بس رنين قاطعتها ويدينها ترتجف من العصبية: لا تسأليني ايش سار، الحمد لله انو زواجو اليوم وحيفكنا!..
** ** ** ** **


الساعة الثامنة مساءً

البيت صار هادئ لأن الكل صار جاهز، عبد العزيز وهدى وندى راحوا للقاعه يشيكوا على الأشياء ليتأكدوا من أن كل شيء كامل ولا لا والباقيين بالبيت

وفي غرفة البنات

لفت لهم بفستانها العنابي الطويل وسألتهم بتوتر: كيف حلو؟

رنين ابتسمت: تجنني ما شاء الله، حصنتي نفسك؟

حركت رأسها بالإيجاب وبعدها قالت: ما تحسو إنو مكياجي تقيل؟

جود بتأفف: لا حـــول، اشبك يا تغريد؟ أحسك متوترة أكتر من العروسة نفسها.

رنين بنفس ابتسامتها: ما عليكِ من دي الدبة، بالعكس حلو عليكِ وطالعة قمر اليوم.. حتغطي علينا وعلى العروسة كمان.

ابتسمت لها بخجل لأنها ما تعودت من أحد يمدح بجمالها، ومتوترة لأنها ما قد حضرت زواج هنا!

دق جوال تغريد وشافت المتصل بتول وطالعت فيهم: دي بتول، أكيد هيا تحت.. نازلة أفتحلها الباب.

دق جرس الفيلا كم مره، وتغريد نزلت باستعجال لتفتح الباب وهي رافعه فستانها بكل حذر، فتحت الباب بابتسامة واسعه، بس سرعان ما تلاشت وهي تشوف الواقف على الباب.. ما كانت بتول، رمشت بعيونها عدة مرات تبا تستوعب مين اللي واقف، شهقت بخفة وبلا شعور منها قفلت الباب في وجهه

أما هو يطالع في الباب اللي تقفل بوجهه بتناحه وصورتها أترسخت بباله رغم إنه شافها لـ ثواني معدودة، أبتسم لنفسه بسعادة وهو يتذكر شكلها الفاتن، شكلها كان غيــر غيــر عن اللي تعود عليه من قبل وصارت أجمل بكثير، بفستانها الغامق واللي أكيد راح يبرز بياضها وشعرها لساته قصير مثل قبل بس هالمرة غيرته وخلته متموج، حط يده على قلبه اللي صار يدق بجنون وتمتم بحب: يا رب تكوني من نصيبي، يا رب لا تردني خايب!..


وبداخل الفيلا

نزل نادر للمدخل ولقى تغريد، واقفة وسانده ظهرها على الباب فتكلم بإستغراب: تغريد؟ ليش واقفه هنا بسرعه ألبس العباية دحين رايحين..، تمعن في ملامح وجهها المخطوف لونه: أشبو كدا وجهك؟ لا يكون فكيتي الباب؟

رفعت راسها له وهي تقول بثبات: كنت راح أفتح، بس ما فتحت.

نادر ارتخت ملامحه: طيب كويس، طيب أطلعي فوق لأني حدخل فارس هنا.

حركت راسها بالإيجاب بسرعه وطلعت بخطوات واسعه وهي تسب بتول مليون مرة بداخلها، دخلت الغرفة، أتصلت عليها حتى ردت وتكلمت بعصبيه من الاحراج: بتول يا حيوانه فينك ما جيتي!

بتول: ايش في يا بنت! دوبي كنت حتصل عليكي وأقولك انو أنا وماما حنتأخر شويا وحنجي مع بابا، أما فارس حيروح مع نادر.

تغريد أخذت نفس تحاول تهدي حالها: أها أوكي، يلا خليني أقفل.

جود تكلمت بعد ما قفلت السماعة: تغريد أيش سار؟

تغريد بهدوء: ما سار شي!
** ** ** ** **


في قاعة العرس

مرت الساعات وبدأت السهرة، المعازيم بدأوا يجو واحد ورا الثاني حتى أتملت القاعة، وبعيد عن ضجيج القاعة.. في غرفة العروس

جلست على الكنبة الطويلة بتعب من التصوير وغير فستانها المنفوش اللي يعيق حركتها نوعا ما وكعبها العالي اللي هلك رجولها، قالت موجهة كلامها لعبد العزيز: الله يعينني ايش حسوي لما أنزف.

عبد العزيز: طيب فسخي الكعب.

رزان تنحرج بعض الأحيان من قصرها.. وكعبها هذا يبينها أطول بكثيــر مما هي عليه وفوق هذا ما تعدا رأسها الا مسافة بسيطة من كتفه، يعني تعتبر نتفه قدامه: لا لا خليه أصلا دحين ماما حتجي وتقولنا ننزف.

وفعلا كانت كلها كم دقيقة وجات أم رزان تقولهم يتعبوا للزفه، خرجوا من الغرفة وعاملات الفندق يساعدوها في مشيها ويزبطولها فستانها كل شوي، وقفت قدام الباب ودقات قلبها بدأت تتسارع والتوتر بادي على ملامحها

وقف عبد العزيز بجانبها ولاحظ توترها فشبك أصابعه بأصابعها وضغط على يدها بخفة: لا تخافي.

طالعت فيه ومشاعرها ممزوجه ما بين توتر وفرح، ابتسم لها ليطمنها وهي ردت له أبتسامه صغيرة: إن شاء الله.

ثواني وأنفتح الباب الضخم ليخرجوا اثنيناتهم على أنغام موسيقا هادية، نزلوا من الدرج الطويل بكل هدوء متوجهين لكيكة العرس عشان يقطعوها، وابتسامه خفيفة على شفايف رزان توزعها على كل من تعرفه

ومن زاوية بعيده.. كانت تطالع فيها بعيون دامعه وهي تشوف بنتها تنزف لزين الرجال، أخيرا هاليوم جاء قبل ما تموت.. تقدر ترتاح على بنتها الكبيرة لأنها متأكدة إنها لشخص يناسبها في كل شيء وهذا اللي لقته في عبد العزيز، طالعت في هدى وما كانت في حال أحسن منها، خلت لدموعها بحرية النزول بدون ما تهتم لمكياجها اللي ممكن يتخرب، ما تلومها.. ولدها الوحيد وفرحتها الوحيد!


على الساعة 3:30.. في لوبي الفندق

واقفة بعبايتها وتسلم على أهلها واحد واحد، والكل دموعهم على خدهم.. وأكثرهم ماريا، اللي تعلقت فيها وما هي راضية تفكها وعبد العزيز كان يطالع فيهم بصمت وابتسامة هادية على شفاته، هالموقف بين له قد إيش هي مهمة عندهم ويحبوها.. وأكيد مستحيل في يوم راح يرضوا عليها الزعل.. ولا راح يرضوا بأحد يزعلها!

بعد ما جاء أخو رزان وبعد ماريا عنها وهو يهديها، شبك يده بيدها وهو يقول: يلا نستأذنكم.

طالعوا فيهم وهم يمشوا ويعطوهم ظهرهم لين اختفوا، وفي قلب كل واحد منهم يدعيلهم بالسعادة
** ** ** ** **


بعد مرور عدة أيام

جالسه بالصالة وماسكة جوالها، داخله على الواتس تشوف الصور اللي أرسلها عبد العزيز من شهر عسلهم، صوره هو ورزان، صور الطبيعة اللي عندهم وكل مكان راحوا له صوره، في البداية ما كان يبا يروح لشهر العسل عشان لا يتركها لحالها بس أصرت عليه لين وافق.. والحين الحمد لله تشوفه مبسوط مع رزان ومرتاح، ابتسمت بحب وهي تدعي من كل قلبها أن حبه لرنين أتمحى!
** ** ** ** **


في المستشفى..

كان جالس في مكانه.. في الاستقبال، أنتبه لمشعل وهو يخرج من المصعد بخطوات ثابته وهاديه متوجه لمكتبه، تذكر حاجة مهمة لازم يكلمه عنها فقام وهو يمشي له: دكتور مشعل.

مشعل لف له وقال: هلا، خير يا سلطان إيش فيه؟

سلطان بابتسامة محرجه: ما فيه إلا كل خير، زي ما تعرف يا دكتور إنو زواجي بعد أسبوع و...

مشعل قاطعه بابتسامة: أول شي مبروك الزواج والله يوفقك فيه..، حط يده على كتفه وربّت عليه: لا تخاف يا سلطان ما نسيت موضوع إجازتك، بس عندي شرط.

سلطان: أبشر يا دكتور أسوي اللي تبغاه.

مشعل وفي باله شيء: بكرا حقولك عنو بس انتا كدا ولا كدا ضامن الاجازة، يعني تطمن..، وهو يكمل بإستعجال: يلا خليني أكمل أشغالي.

سلطان تكلم بسرعه قبل لا يروح وكأنه تذكر شي: أصبر يا دكتور، فيه حاجة مهمة كل ما أبغا أقلك هيا أنسى.

طالع فيه باهتمام: ايش.

سلطان: لما كنت في اجازتك.. في وحده كانت بس تجي وتسأل عنك.

مشعل: طيب ما قلتلها إني في إجازة!

سلطان وهو يتذكر حالتها الغريبة كانت ما تجي تكون متوترة وتطالع حولينها بخوف وريبة: والله قلتلها بس شكلها ما تفهم، تقول تبغاك في موضوع خاص.

رفع حاجبه مين ممكن تكون ذي تبغاه في موضوع خاص؟

مشعل: ما قالتلك ايش أسمها.

سلطان: الا الا قالت..، قطب حواجبه بمحاولة لتذكر: استغفر الله يا ربي، نسيت أسمها.

مشعل بحيرة: طيب كانت كاشفة ولا مغطية؟

سلطان: كانت كاشفة.. ضغط باصبعه على جبينه وهو يعصر مخه عشان يتذكر أسمها وفجأة قال: أيـــــوآآ، أتذكرت!...

مشعل بكل أهتمام: ايش.

سلطان: قالتلي أسمها فــــرح!..

مشعل بدهشة: فرح؟!! متأكد؟

حرك رأسه بالإيجاب: ايوه متأكد.

رفع حواجبه وهو يحك شعيرات ذقنه بتفكير، هو ما عرف في حياته غير وحده فرح، اللي هي طليقته.. وما يتوقع أحد غيرها، بس يا ترى إيش هو موضوعها الخاص؟

مشعل بهدوء: طيب شكرا، أتوقع إني عرفتها!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- إسطنبول

طالعت حولينها بعيونها وهي تتفحص المطعم الفخم اللي جابها له، حست بنوع من الاحراج.. الكل لابس شيء يليق بفخامة المطعم حتى هو لابس بدلة رسمية ومزبط شعره، أما هي لبسها كان أقل من العادي

مشعل نطق بخوف وهو يحسب أن المكان ما عجبها: دينيز، هل يوجد ما يزعجك؟ أم أن المكان لم يعجبك.

دينيز تكلمت بسرعه لتطمنه: لا لا، بالعكس..، مسكت المنيو وهي تبا تغير الموضوع: حسنا لم نختر ما نطلبه، يبدو أن هناك أطباق جيده هنا.

مشعل أبتسم: نعم إنه كذلك.

شوي وجاء لهم الجرسون يأخذ طلباتهم وبعدها أخذ منهم المنيو

دينيز طالعت في مشعل بابتسامة وهي تحط يدها على خدها: انني متشوقة جدا لأتعرف على شخصيتك وعلى حياتك!

مشعل: وما سبب هذا الفضول يا ترى؟

دينيز رفعت كتوفها: لا أدري، إنني متشوقة فحسب.

مشعل أبتسم لها: حسنا من أين تريدينني أن أبدأ؟

دينيز: من حيثما تريد.

مشعل: سوف أشرحلك ماضيّ وعائلتي باختصار، كنت أعيش أنا وأختي مع أبي وزوجته وأبنهم، ومن ثم قررت أن أبتعد عنهم وجئت إلى هنا منذ سنتين لأكمل الجامعة، ولكني على تواصل مع أختي الصغرى عبر رسائل البريد.

دينيز بإهتمام: وهل زوجة أبيك تعاملكم بقسوة؟

مشعل بهدوء: إنها زوجة أب ما الذي نتوقعه في النهاية، لكن ابنها حقا مختلف عنها.. وكأنّه ليس ابنها.

كانت تبا تسأله عن أمه بس ما تجرأت، تخاف تحرجه فحبت تغير الموضوع: حسنا، ما الذي تدرسه هنا في إسطنبول.

مشعل: أدرس الطب.

جاء الجرسون وحط لهم أكلهم ومشروباتهم، دينيز أخذت كأس الكحول وصبته بكاستها وبعدها قالت وهي تمده له: أأصب لك؟

مشعل ما هو راضي على شربها بس يحس إنه ما له حق يتحكم بتصرفاتها: لا شكرا، أنا لا أشرب.

بدون ما تعلق رجعت الكأس مكانه وسرعان ما طالعت فيه لما تكلم بابتسامه: أممم أتوقع أني قلت كل ما لدي، والان جاء دورك!

دينيز: حسنا سأقول، أنا لست من أسطنبول، جئت من إحدى القرى إلى هنا كي أعمل، وأرسل ما أقاضيه من العمل إلى أمي وإخوتي الصغار، أبي لقد مات منذ فترة ولدي أخ كبير لكنه إتكالي لا يعتمد عليه كثيرا، فاضطررت أن آتي إلى هنا، ولكن انت لم تقل لي لمَ جئت إلى إسطنبول تحديدا لدراسة الطب وتركت أمريكا وبريطانيا؟

مشعل: عندما كنت في الثانوية كنت أعمل في الحرم المكي وقت الحج، وهناك رأيت العديد من الجنسيات وسمعت العديد من اللغات، في تلك الفترة تعرفت على عائلة تركية، كانوا جدا لطفاء معي، ومنذ ذلك الوقت قررت أن أدرس الطب هنا.

دينيز: هذا رائع، ولكن لماذا كنت تعمل هناك؟

مشعل: لم تكن علاقتي بأبي جيدة، فكنت الفتى المتمرد وهو كان بعض الأحيان يطردني من المنزل.. وبعد ذلك قررت أن أعتمد على نفسي.. حسنا هذا سبب ولكن أعتقد مجيئي هنا له سبب آخر.

دينيز: وما هو؟

مشعل طالع فيها بنظره دافيه: ربما ليجمعني القدر بك.

نزلت عيونها بارتباك من نظرته اللي خلت خدودها تورد بخجل، وكلامه وصل لأعماق قلبها، رفعت يدها لإذنها وصارت تحكها بإحراج بدون ما تنطق بكلمة.. ما عرفت بايش ترد عليه فابتسمت وقالت ببلاهه: شـ.. شكرا!


**


نهاية الفصل الثالث عشر..


-رأيكم بزواج عبد العزيز ورزان، وايش راح يسير بالمستقبل؟
-مشعل راح يقبل يوظف تغريد ولا لا؟ واذا قبل ايش راح يسير؟
-عبد العزيز ايش قصده بكلامه مع رنين؟
-تغريد وفارس؟؟
-فرح ايش تبغا من مشعل؟ وايش موضوعها الخاص؟
-للناس اللي يحبوا فارس ان شاء الله عجبكم موقفه مع تغريد؟ أنا ما أحب مشاهد الصدف دي بس عشان بنت عمي تحب فارس ما حبيت أكسر خاطرها هههههههههههه

ازا عندكم شي ببالكم لا تنسوا تكتبوه

شقى الماضي 08-01-18 09:36 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
رابط صراحه
kennaznov.sarahah.com

اذا ما يشتغل انسخو الرابط وسووا لصق

عمر البعد 09-01-18 10:28 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اهلين شووشو الابداع <<<< اموواح اموااح لكل خد بووسه :peace:

تفاجأت مثل الكل من قرار غريد تدرس بتركياااا
ندعيلها بالتوفيقق بس اهم شي لا تعيش قصه حب مع شاب اشقر وعيونه زرقاا هههههه
ويح قلبك يااافارس بينسحب عليك:lol:

رحمت ندى اللي عندهاا بنت بكل هالوقااحه كان ودي احد منهم يتوطاا ببطنهاا الحقوده سود الله وجههاا العااق
كللووولوووش مبرووك للعرساان
عزوز الحب اتوقع رزان وشخصيتهاا بتلاحظ حبه لرنين وماابتكمل معااه
احسن لك يااشوشو ريحي قلبي وقلب عزوز ووفقي بينه وبين رنين

ميشوو مثل ماقالت غريد وهي ادرى بباباتها بيوافق انهاا تشتغل
مكان سلطان وجت الاجاازه على حظهاا
اماا فرح عااد ليش تبي تشوف ميشوو لا يكون تبيه يرجعهاا


اعذريني شوشو ع لتاخير بالرد بس بدت الاجاازه وضاع النظاام بالبت ولا عدن الاقي وقت للروقاان

دمتي بود

شقى الماضي 11-01-18 05:29 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3696198)
اهلين شووشو الابداع <<<< اموواح اموااح لكل خد بووسه :peace:

تفاجأت مثل الكل من قرار غريد تدرس بتركياااا
ندعيلها بالتوفيقق بس اهم شي لا تعيش قصه حب مع شاب اشقر وعيونه زرقاا هههههه
ويح قلبك يااافارس بينسحب عليك:lol:

رحمت ندى اللي عندهاا بنت بكل هالوقااحه كان ودي احد منهم يتوطاا ببطنهاا الحقوده سود الله وجههاا العااق
كللووولوووش مبرووك للعرساان
عزوز الحب اتوقع رزان وشخصيتهاا بتلاحظ حبه لرنين وماابتكمل معااه
احسن لك يااشوشو ريحي قلبي وقلب عزوز ووفقي بينه وبين رنين

ميشوو مثل ماقالت غريد وهي ادرى بباباتها بيوافق انهاا تشتغل
مكان سلطان وجت الاجاازه على حظهاا
اماا فرح عااد ليش تبي تشوف ميشوو لا يكون تبيه يرجعهاا


اعذريني شوشو ع لتاخير بالرد بس بدت الاجاازه وضاع النظاام بالبت ولا عدن الاقي وقت للروقاان

دمتي بود

فديتك والله تعليقاتك تجنن تجبلي السعاده

ههههههههههه ايش دراكي يمكن يسير شي وتغريد ما تقدر تروح؟

يوه دي ميس استنيها في الفصل ال 15 حتجلطك مزبوط بحقدها

امممم ممكن عزوز ما حيظهر مشاعرو، لانو رزان انسانه طييييبه وحيندم لو جرحها

ههههههههه ما تدري ايش يسير يا حلوه بالمستقبل😉

حنشوف ايش تبغا منو الفصل الحاي

عادي معذوره يا قمر، فعلا حتى انا بديت انشغل بالعزايم والجمعات

شقى الماضي 11-01-18 05:40 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحة من الماضي
سنة 1998، تركيا.. اسطنبول

دخلت على المطبخ بخطوات سريعه.. وبيدها ماسكة ورقة مكتوب فيها طلبه، تكلمت بصوت مرتفع شوي: هناك طلب للطاولة رقم 5، سميت بالجبن وشاي.

تكلمت فاطمة اللي كانت سانده نفسها على الطاولة: انه طلبه المعتاد.. وفي طاولته المعتاده.

دينيز بابتسامة واسعه: نعم انه كذلك.

وقفت عند الباب وهي تميل رأسها عشان تشوفه بحيث انه ما يقدر يشوفها، تأملته شوي.. يجالس على الكرسي بظهر مستقيم ويسند أكواعه على الطاولة، يرفع يده لشعره الكثيف ويبعثره، حركات بسيطة إلا إنها تذيب داخلها، ما تدري ايش هي مشاعرها اتجاهه بالضبط، ما تقدر تحددها وهي ما عرفته إلا من أسبوع

فاطمة ابتسمت بخبث: أوه اني ارى تطورات عجيبة تحدث هنا.

طالعت فيها وابتسمت بخفه: لقد دعاني لتناول العشاء وذهبنا البارحة.

فاطمة بصدمة: ولمَ لم تقولي لي؟

دينيز: لم أجد الوقت المناسب.

فاطمة بحماس: حسنا وماذا قد حصل؟

دينيز: لا شيء مهم يذكر.

حطت يدها على خصرها وهي تقول بعدم تصديق: أيتها الكاذبة، الم يقترب منك؟

قالتها وغمزت لها

دينيز ابتسمت باحراج: أمممم لا أتوقع أن يحصل شيء مثل هذا

فاطمة رفعت حاجبها: الله الله، ولماذا؟

دينيز: على ما يبدو أنه من بيئة محافظة جدا، عندما أوصلني أول مرة، مددت يدي لأصافحه ولكن لم يصافحني.

فتحت عيونها على وسعها: إلى هذه الدرجة؟

حركت رأسها بالإيجاب: نعم مع الأسف إلى هذه الدرجة.

فاطمة سكتت فترة وبعدها قالت بابتسامة: يا فتاة انظري من الناحية المشرقة، انك ستضمنين أنه لن ينظر إلى فتاة غيرك.

دينيز رجعت تطالع فيه وقالت بشرود: هل تظنين أن نستمر مع بعضنا رغم كل اختلافاتنا!

فاطمة بثقة: ان كان أصبح حبكما قوي جدا فجوابي هو نعم!



"الفصل الرابع عشر"



جالسة على المكتب وقدامها كتبها واللابتوب والاوراق حقت الجامعة، كارفينها بشكل مو طبيعي، واجبات ومشاريع وأختبارات كله وراء بعضه.. هذا كله وهي لسا في السنة التحضيرية اللي لسا ما أختارت تخصصها، زفرت بتعب وهي تقفل لابها وتقول: خلاص يكفي كدا، بكرا حكمل.. لو سويت شي تاني حنتحر.

تكلمت تغريد اللي كانت متمدده على السرير وهي تطالع فيها: يلا هانت يا جود، كلها أسبوع وتجي اجازة نص الترم، وغير كدا كل دا التعب تشوفيه إن شاء الله في معدلك.

جود رمت نفسها على السرير: آآآآه إن شاء الله بس..، طالعت فيها وبحسد: آآخ يا ريتني زيك متسدحه ومتبطحة طول الوقت.

تغريد بضحكة: مع نفسك، حتى أنا طفشت من حالتي دي.. حاولت أسوي شي مفيد بس ما نفع، وقلت لبابا اني أشتغل.

جود: وطبعا ما وافق!

تغريد بابتسامة واسعة حيـل: مين قال؟ بس في البداية قال لا، وبعدين وافق.. كلمني الصباح وقال عبي نفسك بكرا، عشان سلطان يبدا يعلمني كل شي.

جود رفعت حاجب: ايش يبغالو تعليم؟ تجلسي وسجلي مواعيد وبس.

حركت كتوفها بخفة: ايش دراني بابا قالي كدا.

سكتت لفترة وهي تفكر فيها، مدلعه.. كل شيء تطلبه يلبيه لها، علاقتهم ببعض قوية وما في أي حواجز بيناتهم.. نفس اللي كان بينها وبين أبوها بالضبط.. بس الفرق انه ما هو موجود الحين!

جود تكلمت بغيرة ما تقدر تخفيها: أشوف مشعل مدلعك مرا.

تغريد ابتسمت بكل حب: مين عندو غيري عشان يدلعو، ومين عندي غيرو عشان أتدلع عليه؟

طالعت فيها وبعيونها لمعة دموعها: أتزكرت بابا.

تلاشت ابتسامة تغريد تدريجيًا.. وبدون احساس منها تجمعت دموعها بعيونها هي كمان، طالعت فيها وهي تخفف عنها: انتي ادعيلو بالرحمة وبس يا جود.

جود حست انها شوي وتنفجر بكى فقامت من السرير وهي تقول: أنا.. أنا رايحة الحمام.

طالعت فيها لين ما دخلت الحمام، تنهدت وقالت بضيق: أووووف الله يعين.

قامت من سريرها وخرجت من غرفتها نازلة للصالة، شافت مشعل وسعاد ورنين جالسين بكل روقان، قدامهم الحلا مشترينه من برا والقهوة فيه، دخلت بابتسامة تحاول تنسى جود وحزنها عليها، طالعت في سعاد لما قالت: فينها جود ما نزلت؟

جلست بجانب أبوها وقالت: دوبها خلصت من مشروعها وقالت تبا تنام.

سعاد تنهدت بضيق: يا ربي والله دي البنت حزنتني، ما سرنا نشوفها كتير.

رنين: طبعا الجامعة مو سهلة، خلاص حتتعود عليها، وبعدين في إجازة ترتاح شوية.

مشعل: على دي السيرة، من أول جالس أفكر ليش ما نروح في دي الاجازة مكان كدا كتغيير؟

تغريد: زي أيش؟

مشعل: أبو فارس كلمني عن منتجع في الهدا.. ايش رايكم؟

رنين: لآآآ ايش نسوي هناك، خلينا نحجز هنا في الكباين أحسن.

سعاد وفكرة مشعل عجبتها: لا ايش كباين في دا الحر والقرف، أحسن الهدا هناك برد شوية.

مشعل: يعني خلاص أأكد على وليد؟

سعاد: كلمو ونشوف.

دق جوال رنين، شافت المتصل ورفعت السماعة على طول بابتسامة: الــووو..….انتا برآآ؟ خلاص طيب دقايق وأخرجلك.

مشعل طالع فيها وهي تقوم من الكنبة: دا فيصل؟

رنين: ايوه.

مشعل ما زال حاقد عليه وكارهه بشكل بس ساكت عشان رنين: قوليلو خليه يجي ويسلم، مو كدا ياخدك ويروح زي دايما، ما يدخل لا يسلم عليا ولا على أمي.

رنين حاسه بحقده المبطن من كثر ما يدقه بالكلام: دحين إحنا مستعجلين، المرة الجاية إن شاء الله.

مشعل حط رجل على رجل وبسخرية: نشوف، إن شاء الله ما يتهرب زي دايما بس.

…..


جالسة على المقعد الامامي للسيارة وهي تطالع الطريق قدامها بشرود، تكذب على نفسها لما تقول إن موضوع كره مشعل لفيصل ما يهمها، بالعكس يهمها وكثير نظرة أخوانها على الشخص اللي أختارته لتعيش حياتها الباقيه معاه، يعني مستحيل راح يضلوا يكرهوه طول العمر ولازم فيصل يخلي نفسه يكبر بعينهم

حس بشرودها فمسك يدها وباسها وهو يقول بحب: فين رحتي؟

طالعت فيه بشوية ضيق حاولت تخفيه: أنا هنا..، مسكت يده بيدها الثانية وصارت تلعب بأصابعه وبعدها كملت: أمممم دي الاجازة شكلنا حنروح الهدا، ايش رايك لو تجي معانا؟

فيصل حرك شعره بتوتر: آآآ ما أتوقع أقدر أجي.

رنين قطبت حواجبها: وليه يعني؟

فيصل: عندي سفرة مع الشباب، وغير كدا تعرفي أخوكي مشعل ما يطيقني.

رنين قلبت عليه: طيب طبعا ما حيطيقك، ما تكلمو ولا تسلم عليه.. كيف تبغاه يحبك، تراه أخويا ويهمني رأيو عنك.

فيصل طالع فيها: اول ما كان كلامك كدا! اشبك غيرتيه؟

رنين بنبرة حاده: ايوا غيرت رأيي، وكمان ترا زودتها، كل شوي تسافر وتسافر تنطلي من بلد لبلد.

فيصل تأفف وهو يقول بنبرة عاليه: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما في أحد قلك إنك مرررااا نكدية، وكلامك كتير على الفاضي.

رنين: ايــــوا يا فيصل، في الكلام اللي ما يعجبك سوي نفسك ما تسمع وحط البلا فيا، أنا نكدية وكلامي كتير وانتا ملاك الله يحفظك!

ما علق على كلامها وشد بيده على الدركسون بنرفزة، يكره اللحظات اللي يتضاربوا فيها.. تهديد مهند له ما زال يرن في اذنه.. ما يبا يخسر رنين، سكت لفترة طويلة لين ما حس إنه هدئ، لف برأسه يشوف رنين ما زالت على حالها، مقطبة حواجبها وعاقدة يدينها حول صدرها، طلع جواله وشبكه بسمعات السيارة: أسمعي دي الأغنية إهداء ليكِ.

طالعت فيه بنصف عين وهي تسوي نفسها غير مهتمه بس من داخلها مبتسمة، بدأت ألحان الأغنية وبدأ المنغي يتكلم: مشكلتهـآآآآآآ… بطلة العالم في النكد، ونمرة واحد في العقد.. شكاكة بحاجة مش معقولة.

لفت وجهها له بصدمة من الكلمات: تستهبل انتا ووجهك؟ دي أغنية تسمعني هيا وأنا زعلانه منك؟

مات ضحك على تعابير وجهها: أصبري أسمعي للنهاية وي.

طالعت الطريق قدامها وهي مبوزة بزعل وتسمع الكلمات المستفزة للنهاية.. يمكن كانت راح تكون عادية لو ما قال لها إنها إهداء لها

فيصل وهو ماسك ضحكته: ها ايش رأيك؟ حلوة صح؟

طالعت فيه وبحقد: اجل أنا راديو ما يسكت ها.

رفع كتوفه وببراءة مصطنعه: سبحان الله الكلمات توصفك بالزبط.

ما قدرت تخفي ابتسامتها، ابتسمت وقالت بتهديد: يا ويلك لو تعيدها تاني مرا، وقتها حزعل منك من جد.
** ** ** ** **


نازلة من الدرج مع أبوها وهي مبوزة من كلامه اللي ما عجبها

مشعل بحزم: ما أشوف شعره من شعراتك طالعه.. حتى لو أضطريتي تحطي بندانه تحطي، ومكياج مافي.. ما أبغا ولا نقطة مكياج في وجهك، حتى مرطب أبو لمعه ما أشوفك تحطيه في شفايفك.

تغريد بعدم رضا: بابا ايش دا؟ ولا كأني في معسكر، ودا الكلام بس ليا.. والبنات التانين اللي يشتغلوا عادي؟

مشعل بعدم اهتمام: إنتي بنتي وأنا مالي صلاح ببنات الناس..، اللي يطالع فيكِ أخرق عيونو بالمشرط اللي عندي.

تغريد عقدت يدينها حول صدرها وبوزت مره ثانية: أمزح خلاص ما أبغا أشتغل بدال سلطان خليه يرجع.

مشعل وهو يكتم ضحكته: والله انتي اللي زنّيتي فوق راسي ودا الشغل اللي تبغيه.. وبعدين سلطان أعطيتو اجازة عشان زواجو.

رفعت يدها وبدعاء خاشع: يا رب صبرني.. كيف حتحمل دا كلو..، شهقت بخفة وكأنها تذكرت شي: لا تقولي لو رحنا الهدا برضو حشتغل؟

مشعل بتريقة: ايوه حتشتغلي، حنسيبك هنا وإحنا نروح.

تغريد وهي عارفة إنه يتمسخر عليها: إيوه صدقتك.
** ** ** ** **


خرجت من غرفة أطفالها بعد ما تأكدت إنهم ناموا، راحت لغرفة النوم ودخلتها، شافت مهند جالس على مكتبه وقدامه لابتوبه داخل في إحدى المواقع، أتوجهت له وحطت يدها على كتفه وهي تتساءل: أمممم ايش جاس تشوف..، نزلت رأسها شوي وقرأت المكتوب بالصفحة وباستغراب: جالس تدور على شاليهات في الهدا؟

حرك رأسه بالايجاب وهو مندمج: ايوا، بنروح الاتنين الجاي مع أمي، مشعل قالي عن شاليه هناك وجالس أشوف كلام الناس عنو، يعني يمدحوه ولا لا.

أمل: طيب ايش يقولوا الناس؟

مهند: والله يمدحوه، وكمان شفت كم صوره لو، كدا تحسيه يفتح النفس، أسعارهم كويسا وعندهم فلل..، وهو يأشر على شاشة اللاب: شوفي هنا في مسبح للبزورة.

أمل بابتسامة: حلو كمان سيف وورد حينبسطوا مرا، خلاص كلم مشعل أكدلو عشان نروح.

مهند بضحكة خفيفة: اشوفك انتي اتحمستي مو الأولاد.

أمل بنفس ابتسامتها: طبعا أهم شي عندي بزورتي.
** ** ** ** **


جالسه على الكرسي وحاطة يدها على خدها بملل، تحس نفسها شوي وتنام من الزهق اللي حاسته.. شردت من ملل الفراغ وجات لملل الوظيفة هذي، تمتمت لنفسها: الله يعين سلطان كيف عايش على دا الشغل، آآه بس متى تمر الأيام وأدرس في تركيا.

قعدت فترة قصيرة على حالها وبعدها شافت وحده تتجه ناحيتها، قطبت حواجبها وهي تحس أن هيئتها أبدا مو غريبة عليها وكأنها تعرفها بس ما هي متذكرة مين بالضبط لأنها مغطية وجهها، عدلت جلستها وحاسة بدقات قلبها تتسارع بشكل غريب

جات عندها وقالت بصوت هادئ: أبغا أدخل عند الدكتور مشعل.. هوا في؟ ولا لين دحين في الإجازة؟

بلعت ريقها بتوتر، صوتها مو غريب أبدا.. متأكدة إنها تعرفها: ايوه رجع من زمان، بس قبل كدا لازم تحجزي من هنا.

….: آآآ لازم يعني؟ أنا بتكلم معاه في موضوع.

تغريد: ايوه برضو لازم، غير الا اذا كان عندك مراجعه.. انتي خلاص أديني أسمك لو سمحتي.. عندك ملف هنا؟

تكلمت بتوتر واضح بصوتها: لا ما عندي.

قالتها وسكتت

تغريد باستغراب: طيب أديني أسمك.

تكلمت بتردد كبير: اسمي فرح.

طالعت فيها بصدمه، كان فيه إحساس من أعماقها يقولها إنها هي، بس أنكرت والحين صدقت.. حتى لو ما قالت أسمها بالكامل فهي خلاص عرفتها، تغريد تكلمت بلا شعور منها: مـــامـــا فـــرح!!

شافتها وهي تلف وتمشي بخطوات سريعه لتبتعد عنها، قامت من كرسيها لتلحقها وهي تقول برجاء: أصبري الله يخليكِ لا تروحي.

ما أهتمت لها وكملت خطواتها السريعة لـ ناحية المصعد

تغريد كانت راح تلحقها بس توقفت وهي تفكر، ليش تروح لها اذا هي تهرب منها؟ نفس الموقف صار قبل ست سنوات، ترجتها إنها ما تروح بس ما أهتمت وتركتها.. لحقتها وبكيت عندها بكل ضعف وصدتها، فإيش تتوقع منها الحين؟ أخذت نفس عميق تحاول إنها ما تبكي، تكره تبين ضعفها حتى لنفسها، توجهت لمكانها والتوتر لساته باين عليها، كل تفكريها فرح وسبب مجيئها بعد غيابها الطويل جدًا!


بعد مرور عدة ساعات

خرج من مكتبه وعينه على ساعته الملتفة حول معصمه صارت الساعة 6:00 بالمغرب، قطب حواجبه لما ما شاف تغريد في مكتبها بس جاء في باله إنها ممكن تكون في الحمام أو راحت تشتري لنفسها شي من الكفتيريا، راح للمصعد وضغط عليه، انتظر ثواني وبعدها انفتح الباب

خرجت منه تغريد وهي منزلة رأسها ومشت بسرعه بدون ما تنتبه لأبوها

مشعل استغرب منها وناداها: تغريد.

شافها تلف له، ترفع يدها لخدها وتمسحه.. كأنها بتمسح دمعه، قطب حواجبه ودقق في ملامحها، عيونها وخشمها محمرين.. كانت تبكي؟ قرب منها وهو يتفحص ملامحها بقلق: تــغــريــد! ايش فيكِ؟

ما قدرت ترد عليه، حطت يدها على وجهها وبكت وهذا الشي زاد قلقه، حط يدينه على كتوفها وبخوف عليها: يا بنتي جاوبيني.

تغريد من بين شهقاتها: تـــعـــبــ..ــانـــه.

ارتخت ملامحه نوعا ما وكأنه شوي تطمن: طيب لا تبكي، تبيني أرجعك البيت؟

حركت رأسها بالإيجاب وهي تمسح دموعها

حاوط كتوفها من الجنب وهو يقربها له داخلين للمصعد: طيب أبشري يا قلبي، حرجعك البيت وحخلي أي أحد يجي بدالك هنا.. تمام؟

تغريد بصوت مبحوح: طيب.

ضغط على زر الدور الأرضي وبعدها خرجوا متوجهين للمخرج اللي يودي لمواقف السيارات، لكن بدون سابق إنذار توقف فجأة

تغريد طالعت فيه باستغراب: بابا ايش فيه؟

مشعل وملامحه صارت جامده وغريبه: تعرفي فين السيارة صح؟

تغريد: ايوا اعرف، ليش تسأل؟

مشعل: عادي تروحي لحالك لهناك ولا تبيني أجي.

تغريد: ازا عندك شغلة عادي اديني المفتاح وأنا أستناك في السيارة لين ما تخلص.

مشعل خرج مفتاح السيارة وأعطاها هو: طيب خلاص، ما حطول.

تغريد أخذت المفاتيح منه، طالع فيها لين ما تأكد إنها خرجت وبعدها لف متوجه ناحيتها بنفس ملامحه الجامده، تكلم بحده وهو متأكد إنها سبب بكاء تغريد: لـيـش جـايـة هــنــا.

فركت يدينها بتوتر اللي صارت حمراء وهي تناظر حولها بكل ريبة وخوف: جـايه أكلمك انتا.. من فترة بس أجي وتكون في إجازة كدا يقولي سكرتيرك، واليوم شفت بنتك بدالو.

مشعل بعصبيه مسك ذراعها وشد عليها: نفسي أعرف ايش قلتيلها حتى تضايقيها كدا، وتخليها تبكي؟

فرح سحبت ذراعها من يده بقوه وهي شوي وتبكي وكان واضح من صوتها: أنا غطيت وحهي بالعنية عشان ما تعرفني بس برضها عرفتني.

أخذ نفس عميق يحاول يهدي نفسه: طيب ايش تبي تكلميني؟ شي مرا مهم؟

فرح بجدية تامة: لو مو مهم ما كان جيتك كم مرا.

مشعل: طيب، أستنيني كدا نص ساعه، حوصل تغريد البيت وبعدها نتكلم مزبوط.

فرح تكلمت بسرعه: ما أقدر أستنا أكتر من كدا، عندي ليك كلمتين وحروح..، قربت شوي وطالعت فيه وهي تحاول تهدئ نفسها: أنتبه على بنتك يا مشعل، ما تدري ايش الزمن مخبيلها، راح تضرر بسبب أغلاط غيرها، تكون ضحية لـ ذنب مو ذنبها..، طالعت فيه بقوة: بسبب غلطك.

مشعل قطب حواجبه بقوه من كلامها: انتي ايش جالسة تخرفي؟

فجأة تجمدت ملامحها وكل جسدها تصلب، وكلها ثواني رجعت لحالتها المذعورة: أنا قلتلك اللي عندي وخليه خرص في إدنك.

شافها تلف وتعطيه ظهرها، قطب حواجبه أكثر، خير تجي ترمي كلام كله الغاز وبعدها تروح؟ مسكها مرة ثانيه وهو يقول بنبرة حادة: اصبري فين رايحة كدا؟

حاولت تسحب ذراعها وهي تقول بتهديد: سيبني، لا تلحقني ولا تمسكني تاني مرا كدا ولا والله ألم الناس عليك.

طالع فيها بصمت وفكها، تهدده وخوفها باين عليها

وهي بدون تردد أعطته ظهرها ومشيت بخطوات سريعه حتى اختفت بين الناس
** ** ** ** **


كانت في المطبخ بتخمر الشاي لـ هدى، تعودوا في هذا الوقت يكونوا رايقيين، ابتسمت ابتسامة دافيه وقشعريرة سرت بجسمها لما حست بذراعه تحاوط خصرها: يلا تعالي في الصالة.

طالعت فيه بنفس ابتسامتها: طيب جاية.. بس عمتي تبا شاهي، وكمان بعبي لغدا بكرا.

عبد العزيز بابتسامة مسك يدها وباسها: أخيرا رحمتيني وحتدوقيني أكلك اللزيز.

رزان لفت له وهي شوي حزنانه عليه: انتا تدري اني لو عليا أطبخلك كل يوم، بس تعرف عشان دوامي.

عبد العزيز وهو يرجع خصلات شعرها وراء إذنها: على سيرة الدوام ايش رأيك تاخدي إجازة؟

رزان: ليش حنروح مكان.

عبد العزيز: ايوا، مشعل كلمني.. حنروح للهدا في دي الاجازة كدا كم يوم ونرجع.

رزان ابتسمت: حلو، طيب.. إن شاء بكلم المديرة وتديني كم يوم.
** ** ** ** **


متمددة على سريرها ومغمضة عيونها تحاول تنام، فتحت عيونها على طول لما سمعت صوت الباب وهو ينفتح وكان أبوها، دخل وقفل الباب وراه

مشعل بهدوء: تغريد قومي، أبا أتكلم معاكي.

تغريد بضيق وهي تغطي وجهها بالشرشف: ما ليا نفس أتكلم في شي.

قطبت حواجبها بقوة لما سحب منها الشرشف وتكلم بصوت جدي: قلت ابا نتكلم!

عدلت نفسها وجلست على السرير، ملامحها ما زالت متضايقة ومقطبه حواجبها

مشعل جلس قبالها بسرير جود، طالع فيها بصمت لفترة وبعدها قال: طيب ما حتقوليلي ايش في؟

تغريد رفعت كتفها: ما في شي، اصلا عن إيش جالس تتكلم.

مشعل باستغراب: تغريد بلا بهلله زايده، جالس أتكلم من جد..، أخذ نفس وكمل: ليش كنتي بتبكي؟

لفت وجهها عنه وهي تعقد يدينها حول صدرها وما ردت عليه

مشعل بطولة بال: عشان شفتي فرح يعني؟

طالعت فيه بسرعه وعيونها امتلت بالدموع، نزلت عيونها وهي تحرك رأسها بالنفي: لا، مين قلك كدا؟

مشعل: اليوم شفتها واتكلمت معاها، قالتلي إنك شفتيها!

تغريد: طيب صح كلامها بس انا ما حبكي عشاني شفتها.

مشعل: اجل على ايش بكيتي؟

تغريد طالعت فيه بثقة: قلتلك كنت تعبانه.

حس بإنها مخبية شي وما تبا تقوله فخلاها على راحتها: طيب ما تبي تعرفي في ايش اتكلمنا؟

تغريد: ما عندي مشكلة، لو تبا تقول قول.

مشعل: قالت أشياء غريبة واللهي، بس كان أساس هرجتها انتي.

تغريد بسخرية أشرت على نفسها: أنا؟

حرك رأسه بالإيجاب وهي كملت بنفس أسلوبها: طيب ليش شردت مني وكأنها ما تباني؟

مشعل: ابدا لا تسأليني، أساسا كانت مو على طبيعتها.. فيها شي مو طبيعي.

تغريد: اصلا حسيت، ولا ايش اللي يخليها تشرد مني وكني حاكلها، طيب ايش قالت عني؟

مشعل: قالتلي انتبه على تغريد، وراحت.

تغريد باستغراب: تنتبه عليا؟ من ايش؟

مشعل: سألتها بس ما جاوب عليا.. راحت على طول، وللأمانه فرح وسوست في عقلي مرا، وجلست أفكر في كلامها بجدية.

تغريد بهدوء: ما عليك منها، جالسة تخرف.

مشعل بشك: متأكده إنو ما في شي يخليني أوسوس؟

تغريد بثقة: ايوا.

مشعل قام من السرير: طيب، أنا حخليك تنامي دحين.. يلا تصبحي على خير.

تغريد: وانتا من أهلو.
** ** ** ** **


لمحه من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- تحديدا إسطنبول..

ماشيين على الرصيف.. والأنوار الخفيفة تضيء لهم الطريق متوجهين لـ بيتها

دينيز تطالع في يدها المشبكة في يده بابتسامة خفيفة.. غير مصدقة، صار لهم عدة أشهر مع بعض وهذي أول مرة يمسك فيها يدها

وقفوا اثنيناتهم لما وصلوا البيت، دينيز طالعت في مشعل بنفس ابتسامتها الهادية: مع السلامة.. أراك غدًا.

رد لها الابتسامة وعيونه تتنقل بين ملامحها، بسيطة وبدون نقطة مكياج إلا إنها فاتنة

دينيز ذابت من نظراته وما قدرت تكبح رغبتها بـ ملامسة بشرته الخشنة رفعت يدها وصارت تمرر أصابعها النحيلة بهدوء على خده

غمض عيونه بهدوء وهو مستمتع بـ لمسات يدها الناعمة، إحساس مستحيل يتكرر لو كان مع أنثى غيرها.. ومستحيل يرضى بوحدة تأخذ مكانتها في قلبه

دينيز بهمس وهي تقترب منه حتى صارت تحس بأنفاسه: ماذا تسمي علاقتنا هذه يا مشعل؟ ما هي مشاعرك اتجاهي؟

فتح عيونه لتتعلق بعيونها.. مشاعر كثيرة يكنها لها بس ما يعرف كيف يقولها، لأنه ما تعلم يعبر عن حبه لأحد، وفي نفس الوقت ما لقى أحد يحبه.. ولا لقى أحد يمدّه بالحنان، نزل يدها بهدوء وما تكلم بحرف

طالعت فيه برجاء وهي تتمنى منه في هاللحظة يعترف بحبه لها، بس كل آمالها خابت لما نطق بهمس: إلى اللقاء دينيز.

تراجعت كم خطوة للوراء وعيونها تعاتبه، صح تشوف الحب من عيونه بس تباه يقلها، يعترف بمشاعره ويحسسها بحبه.. كانت تنتظر ولو كلمة بسيطة تريح داخلها، لفت وفتحت باب البيت، دخلته وقفلت الباب بقوة


**


نهاية الفصل الرابع عشر

-ايش توقعاتكم للرحلة؟ ايش راح يسير فيها؟
-فرح ايش تقصد بكلامها مع مشعل؟
-ليش تغريد بكيت؟ عشان بس شافت فرح؟
-دينيز ومشعل ايش نهاية حبهم وعلاقتهم؟
دي الاسئلة اللي جات ببالي واذا عندكم شي في بالكم لا تنسوا تكتبوها

عمر البعد 11-01-18 10:04 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
برااافو شوووشو
ماشاء الله ابداعع وتبدعي اكثر لان الروايه تقريبا مافيهاا اخطاء املائيه يراافوو من جد
تعلمت كلمه جديده ههههه < عبي > اكيد معناها اجهز
عندنا معناهااا املي خخخ

ككنت بقوول يمكن سلطان تعجبه تغريد ويقرر يتزوجهاا ههه بس تذكرت انه ماخذ الاجاازه عشاان زواجه ههههه الله يتمم له

كلام مس فرح ارعبني بقووه يمكن مسووده الوجهه مطلعه اشااعه او شي كذا ضد تغريد تشووه سمعتعاا مع امير الشيااطين اخوهاا

يسلموو شووشو لا عدمناك

شقى الماضي 12-01-18 05:08 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3696307)
برااافو شوووشو
ماشاء الله ابداعع وتبدعي اكثر لان الروايه تقريبا مافيهاا اخطاء املائيه يراافوو من جد
تعلمت كلمه جديده ههههه < عبي > اكيد معناها اجهز
عندنا معناهااا املي خخخ

ككنت بقوول يمكن سلطان تعجبه تغريد ويقرر يتزوجهاا ههه بس تذكرت انه ماخذ الاجاازه عشاان زواجه ههههه الله يتمم له

كلام مس فرح ارعبني بقووه يمكن مسووده الوجهه مطلعه اشااعه او شي كذا ضد تغريد تشووه سمعتعاا مع امير الشيااطين اخوهاا

يسلموو شووشو لا عدمناك

‎تسمي يا عسل والله كلامك افتخر فيه

اساسا لو تعرفي كيف اراجع، لازم اطبع الفصل في الاوراق واراجع واغير واعدل 🙆🏻

ههههههههههه ايوا عبي يعني جهزي

دريت انكم حتفكروا بسلطان وعشان تشيلوه من بالكم صرفتو بالزواج😂😆

وي حرام ليش، فرح طيبه وشوفي قد ايش تروح وتجي عشان تحذر مشعل

على العموم حنشوف ايش سر كلامها بعدين

شقى الماضي 12-01-18 05:48 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحه من الماضي.. قبل 20 سنة
تركيا- تحديدا إسطنبول..

يدور بـ شوارع إسطنبول من ساعات، يبحث عنها في كل مكان، راح لـ مكان شغلها بس قالوا له إنها ما جات، راح لـ شقتها وقعد فترة طويلة يدق الجرس بس ما كان لها أي رد، زفر بضيق ملأ قلبه وهو يمرر يده على شعره، حاسس بالذنب.. توقع غيابها هذا بسبب اللي صار البارح


أما هي كانت في البار.. جالسة على الكرسي وهي حاطة يدها على خدها وتشرب الوسكي كاسة ورا الثانية حتى ثملت، خبطت الكاسة في الطاولة وهي تقول بـ لسان ثقيل: أريد كأسًا آخـ..ــر، ما هذه الخدمة السيئة؟ لا أحد يعمل هنا؟

أقترب منها رجل في نهاية الثلاثينات وهو من الناس المعروفين جدا في هالعالم القذر وفي هالملهى بشكل خاص.. جلس بالكرسي بجانبها: لبّوا طلب هذه الفتاة وضعوها في حسابي.

دينيز طالعت فيه باستغراب: الله الله، من أنـ.ـت يا هـ.ـذا؟ أقال أحد لـك إنـ.ـي لا أستطيع شراء كأس كـحـ.ـول بـ بضـ.ـع لـيـ.ـرات؟

الرجل وهو يمرر نظراته الخبيثة عليها: حسنا إذا لم تريدي الكحول فإنني أريد شيئا آخر...



"الفصل الخامس عشر"
"كل خيانة تبدأ من الحب"



مر أسبوع جدا عادي على الكل، وجاء اليوم اللي راح يروحوا فيه للهدا..

الساعة 2:30.. عند رزان وعبد العزيز

دوبها بديت في ترتيب الشنطة.. جابت ملابس ثقيلة شوي.. لأنه معروف هناك بجوها البارد حتى في الصيف، جت بتقفل سحاب الشنطة بس عبد العزيز وقفها: أصبري.. أصبري..، قرب منها وبيده شنطة حجمها متوسط: حطي دي الشنطة كمان لا تنسي.

رزان طالعت فيها: شكلها مهمة مرا.. ايش فيها؟

عبد العزيز بكل حماس حطها على السرير وفتحها: دي العدة اللي تلازمني في كل مكان، وربي مرا رهيـــبة.

طالعت في الشنطة وقطبت حواجبها، كان فيها عدة المعسل الإلكتروني وكل أنواع النكهات، طالعت في عبد العزيز: يعني تباني آخد دي الأشياء المضرة؟

حرك راسه بالإيجاب: ايوه مرا مهمة..، كمل بابتسامة: أنا بروح أشوف أمي أتجهزت ولا لا.

حركت رأسها بقلة حيلة وقفلت عدته لتدخلها جوا الشنطة الكبيرة وقفلتها، ما ناقشته كثير لأنها تعرف الكلام ما راح يغير من إدمانه على هذي الأشياء، عبد العزيز في عينها كامل.. وهذا عيبه الوحيد!
** ** ** ** **


نزلت من الدرج بخطوات سريعه، خلاص الكل تجهز وخرج الا هي، خرجت من الفيلا وقطبت حواجبها بقوة من أشعة الشمس القوية اللي أزعجت عيونها، خرّجت نظاراتها الشمسية، لبستها وبعدها ابتسمت بكل راحه، سمعت صوت أبوها وهو يناديها بصوت عالي لـ يعجلها: تــــغــــريـــــد يــــــلا بــــســــرعــــة.

تغريد مشيت بخطوات متسارعه حتى وصلت للسيارة، طلّت برأسها على الطاقة الخلفية للسيارة وتكلمت باستغراب: بابا فين جود؟ ما دخلت؟

مشعل وهو منشغل.. يحط الأغراض في السيارة: حتروح مع عمك وليد، السيارة ما تكفي لينا كلنا، لو تبي انتي كمان روحي.

زمت شفايفها بتفكير، ما تبا تروح هناك، تشوف فارس ويطفشها بنظراته.. بس في نفس الوقت تبا تقعد مع جود وبتول وما تكون متضايقة في السيارة

مشعل وهو يقفل شنطة السيارة: ها ايش قلتي يا بنتي؟ تبي تروحي مع جود؟

تغريد: ايوا خلاص حروح مع عمو وليد.

مشعل: طيب يلا روحي..، حس باهتزاز جواله بجيبه فخرجه ورد لما شاف المتصل مهند: الــــوو ....…… ايوه خلاص دقايق ونحرك، إنتوا فينكم؟ …… أوه ماشاء الله حركتو من نص ساعه؟ ..…… طيب طيب ..…….. يلا مع السلامة نشوفكم هناك.

رجع جواله بجيبه ودخل السيارة في مكان السائق

أما تغريد.. مشيت للجهة المقابلة لسيارة وليد.. فتحت الباب ولقت بتول وجود في المقاعد اللي ورا، تكلمت بابتسامة واسعه: مفآجأة.

جود كشرت بوجهها بمزح: يـــوه ايش جابك هنا؟ انتي بس ورايا ورايا في كل مكان.

تغريد: انقلعي.. أنا جايه عشان بتول.

بتول بنذالة: طيب أنا ما أباكي.

تغريد طالعت فيها بغرور مصطنع: هه أنا أصلا جيت هنا عشان هناك مرا زحمة ولا أنتو ما تهموني.

جود ضحكت: أووه زعلت زعلت.

بتول بابتسامة: أقول تعالي أجلسي ورا معانا.. جبت العود معايا.

تغريد ضمت يدينها لبعض بحماس: أووه، يلا في الطريق أطربينا.

طالعت فيها بنصف عين: فارس هوا اللي يعرف مو أنا.

اختفت ابتسامة تغريد اللي كانت على شفايفها وقالت بتصريف للهرجة: أوكي أوكي، يلا خليني أدخل بس.

دخلت تغريد عندهم وجلست ما بينهم، كلها ثواني والباقيين دخلوا.. أميرة قدامهم وفارس يسوق ووليد بجانبه، فارس كان يحاول يخفي ابتسامته عن أبوه لما يسمع صوتها أو صوت قهقهاتها الخفيفة مع جود وبتول.. بس ما يقدر يمنع نفسه من تأمل وجهها من المراية الأمامية للسيارة.. عيونه كانت تتنقل ما بين الطريق وملامح وجهها، يحس نفسه أنسان غريب.. رغم صدها له وقساوتها معاه إلا انه ما يفكر إلا فيها ومستحيل يفكر بغيرها

جود همست بخفوت في إذن تغريد: الرجال شويا وحياكلك بعيونو يا شريرة.. باين إنو يحبك ليش تسوي فيلو كدا؟

تغريد قرصت جود بقوة وبنفس همسها: انكتمي.. لحد يسمعك.

جود بألم مسحت على محل القرصة: انتي مرا يدك توجع لما تضرب، ايش دا؟

تغريد: تستاهلي.. لو سمعت بتول كلامك حأدبحك.

بتول: انتوا ايش جالسين تتكلموا كدا؟ ما تبوني أسمعكم يعني.

جود حست نفسها تورطت: لا وي مو كدا، يعني ما في شي مهم.

بتول: أها أحسب.

مرت ربع ساعة ووصلوا لطريق الكر اللي يودي للطائف ومن ثم الهدا، كان الطريق عبارة عن جبال بمنحدرات خفيفة وبعضها قوية، فارس قفل مكيفات السيارة وفتح الطاقة، دخل هواء قوي بسبب سرعة السيارة بس كان حار لأنهم ببداية الطريق، بس مع الوقت وهم يطلعوا الجبل في الطريق الممهد، صار الجو أحسن بكثير

تغريد لصقت وجهها بقزاز الطاقة وهي تشوف منظر الجبال الساحر: وآآآآه المنظر هنا مرا حلو، حركات أول مرا أشوف زي كدا هنا.

تكلم وليد بابتسامة بعد ما سمع كلامها: يا بنت كيف تقولي أول مرا؟ أتزكر مرا أبوكي وداكي الهدا.

تغريد ابتسمت لما تذكرت: إلا صح اتزكرت.
** ** ** ** **


وصلوا للمنتجع اللي حجزوا فيه، كل واحد خرج من من السيارة وشايل معه كم غرض لـ يدخلوها الفيلا اللي استأجروها لـ مدة يومين، كانت الفيلا واسعه جدا وتكفيهم كلهم، مكونة من ثلاث أدوار..

الدور الأول فيه المطبخ والصالة وبعدها في الخارج فيه جلسات خاصة بالفيلا تطل على مسبح الأطفال

الدور الثاني ثلاث غرف وحمامين.. إحدى الغرف لها بلاكونه واسعه جدا اللي يقعد فيها يستمتع بـ منظر المنتجع والأشجار والجبال حوله

وآخر دور فيه غرفتين وحمام واحد..
** ** ** ** **


في داخل الفيلا.. جالسين النساء في الصالة بعد ما كل واحد رتب أغراضه وأختار غرفة نومه، وبما إنه أهل ابو فارس راح يرجعوا لـ جدة الليلة وما راح يناموا كفتهم هالفيلا

أمل وجهت كلامها لـ رزان بابتسامة وهي تهز بنتها ورد اللي عمرها سنة: ها في شي في الطريق ولا لسا؟

رزان بابتسامة واسعه: لا والله مو دحين، أنا وعبد العزيز ما نفكر بالأطفال حاليًا.

أمل: ايوه واالله، أحسن شي فكرتوا فيه، بصراحة أكبر غلط سويتو إني حملت بـ سيف على طول.. يعني انبسطي مع عبد العزيز وبعدين فكري بالحمل.

رزان بنفس ابتسامتها: سمعت دا الكلام مرا كتير والله.. من صحباتي ومن أختي.

أمل جات تبا تتكلم بس قاطعها صوت ولدها ودخوله عليها وهو مبلل من موية المسبح: مــــــامـــــــا.. حــــــمـــــــآآآم.

أمل قامت وورد اللي كانت بحضنها هادية صارت تبكي، تأففت وهي تقول: يا ربي كأني ناقصة أنا!

رزان حزنت عليها وقالت لها: أديني هيا، وأنتي روحي مع ولدك.

أمل بإحراج: والله أخاف تغلّبك وما تسكت.

رزان بابتسامة مدت يدها: هاتي يا شيخة أنا ربيت تلاته بزورة مع ماما.

أخذت ورد منها وصارت تهزها بهدوء وهي تمرر أصابعها على ظهرها حتى هديت وريحت رأسها على كتف رزان، ابتسمت لا شعوريًا وإحساس غريب وجميل سرى بجسدها، غمضت عيونها وفكرة إنها تكون أم عجبتها حيل وراح تفاتح عبد العزيز بالموضوع!
** ** ** ** **


سعاد مرت من المطبخ ولفت انتباهها عبد الله وهو ماسك صحن زجاجي ورافعه على فوق وكأنه يبا يكسره، قطبت حواجبها ودخلت المطبخ، شافت ميس كمان موجودة بس ما اهتمت لها كثير، تكلمت بهدوء وهي ما تبغا تصرخ عليه: عبودي حبيبي، ايش جالس تسوي؟

عبد الله أنفجع من دخولها اللي ما توقعه ونقل نظراته ما بين ميس وسعاد: آآآآ أناا…

سعاد قاطعته وهي تقرب منه وبنفس هدوئها: حبيبي كنت تبا تكسرو؟ ليش؟ كملت باسلوب يناسب تفكيره: تعرف ازا رميتو على الأرض حيتكسر ويدك كلها حتسير مليانه أجراح والدم حينزل منها.

عبد الله فتح فمه بفجعه: هآه؟

مسحت على رأسه بحنان: يلا حبيبي رجعو في مكانو.. ازا رجعتو في مكانو ما حيسيرلك شي.

عبد الله بكل طاعه رجع الصحن في الدولاب وسعاد ابتسمت: شطور عبودي يلا تعال وأخرج برا ألعب مع البزورة.

طالعت فيهم وهم يخرجوا المطبخ بقهر وعدم تصديق.. ما توقعت ردة فعلها اللي تعتبر لطيفة جدًا، عضت شفايفها بقهر وتمتمت لنفسها: دولا يخلوني أضطر أسوي حاجات ما أباها.
** ** ** ** **


برا عند الرجال..

أذن العصر.. صلّوا جماعة وبعدها كل واحد أنشغل بشيء.. وليد ومشعل كانوا بيرتبوا أغراض الشوي، الجمر واللحم وآلة الشوي

فارس ونادر.. شوي يتكلموا مع بعض وشوي يساعدوا مشعل ووليد

أما عبد العزيز كان مشغول بتجهيز رأس معسله عشان على قولته يروق ويمخمخ عليه

ومهند كان بيراقب ولده سيف في المسبح عشان لو صار له شيء لا سمح الله يكون موجود، أنتبه لـ ميس وهي تجر دراجتها متوجهه لأعلى التل، رفع حاجبه ايش بتسوي هذي: هي يا بنت، أنتبهي لا يسيرلك شي!

ميس ما أعطت أهمية لكلامه وصارت تدف دراجتها للتل المُنحدر.. صارت ما تطيق وجودهم.. فجاء شيء في بالها لتتخلص منهم، وصلت للأعلى، وهي تشوف الانحدار دق قلبها بسرعه.. راح تسوي حاجة مجنونه.. وراح تتضرر كثير.. بس ما يهمها

جلست على الدراجة وساقتها، نزلت من المنحدر بسرعه جنونيه.. وما عرفت كيف تتحكم فيها لـ توقفها لين وصلت للأرضية المسطحة، بما أنها دراجة بـ عجلتين أختل توازنها.. صدمت بالجدار وطاحت بعنف فصرخت بألم: آآآآآآآآآآآآآآآهـ.

مهند قطب حواجبه بقوة: مـــــــيــــــس!!

ندى اللي كانت بداخل الفيلا، سمعت صرخة بنتها المدوية وقلبها فز بخوف، عرفتها من صوتها، قامت من مكانها والخوف يعتريها: دي.. دي مــيــس!

خرجت من الفيلا بخطوات سريعة جدا وهي تلف طرحتها على رأسها، شافت كل أخوانها جالسين عندها يحاولوا يقوموها بس ما هي قادرة وتبكي بقوة

مشعل أتوتر من بكاها وخاف عليها.. لا يكون عندها كسر في مكان، وجهه كلامه لـ نادر: نــــادر.. أدخل في سيارتي وحتلاقي علبة إسعافات أولية جيبها للفيلا بسرعه!

أنهى كلامه وبعدها شال ميس متوجه للفيلا وهي صرخت بوجع

ندى لحقته ودموعها سبقتها، تكلمت ببكى وهي متألمة من صرختها اللي قطعت قلبها: مشعل ايش سارلها، كيف طاحت.

عبد العزيز: كانت راكبة الدراجة وبعدين طاحت، بس لا تخافي .. ما فيها شي إن شاء الله.

طالع مهند في عبد العزيز وهو يهدي ندى ويدخلها للفيلا.. ما هو مرتاح للي صار دوبه أبدا


بداخل الفيلا.. في وحده من غرفها

مشعل كشف على ميس وما لقى أي كسر بس الكدمات منتشرة في بعض الأماكن في جسدها..

ندى حمدت ربها كثير وارتاحت نوعا ما، جلست بجانب بنتها المتمددة على السرير ومسحت على شعرها بحنان: والله خفت مرا عليكِ يا بنتي، الحمد لله انك بخير.

ميس ما ردت عليها اكتفت إنها تغمض عيونها بسلام وراحه
** ** ** ** **


صارت الساعة6، وقربت تغرب الشمس.. النساء قرروا يخرجوا برا، يستمتعوا بالهواء مع منظر غروب الشمس، والرجال بدأوا بالشوي..

وليد أخذ من مشعل سيخ الكباب وحطه على الجمر.. تكلم بهدوء وخفوت عشان لحد يسمعه: أشوفك ما جبت سيرة موتها أبدا!

مشعل طالع فيه باستغراب: أعوذ بالله.. مين مات؟

طالع فيه بحاجب مرفوع: ما تعرف إنها ماتت!

مشعل قطب حواجبه: مين قصدك؟

وليد تنهد من قلب وهو يحرك سيخ الكباب: شكلوا من جد ما وصلك الخبر..، وهو يطالع فيه: فرح ماتت!

مشعل قطب حواجبه أكثر: مـــــــيـــــن؟ فـــــــرح!!

حرك رأسه بالإيجاب بكل أسف: ايوا والله، قبل كم يوم خلص العزا، رحنا أنا وأم فارس عزيناهم، والله أهلها في حال ما يعلم بيه الا ربي.

مشعل بذهول جلس على الكرسي: يا ربي ما أصدق..، طالع في وليد: الأسبوع اللي فات شفتها وأتكلمت معاها، كانت مرا مو على طبيعتها..، تنهد بضيق: الله يرحمها يا رب.. ماني قادر أستوعب.

وليد: من رأيي إنك تروح تعزي أهلها وتصبرهم.


عند النساء..

تغريد وجود وبتول.. جالسين على الفرشة بجانب بعض وهم يتكلموا

جود رفعت عدسة عينها ناحية رجل غريب ما تعرفه، جالس على الكرسي وبعيـد عنهم، قربت رأسها لـ بتول وتغريد وهي تهمس بخفوت: بنــات بنــات، شوفوا داك الرجال اللي جالس هناك.

بتول بحماس: فينو فينو أبا اشوفو.

جود بفشلة ضربت فخذها: ارخي صوتك يا هبلة، فضحتينا.

تغريد حطت يدها على فمها وهي تكتم ضحكتها: تستاهلي، ما في أحد قلك تتكلمي قدام دي المشفوحه.

بتول وهي تمسح على فخذها: أوووه ايوه شفتو، داك اللي لابس نضارات شمسية.

تغريد وهي تصغر عيونها: مين يلبس نضارات شمسية في دا الوقت؟

جود بضحكة: عشان يطالع في البنات براحتو.

تغريد وبتول ضحكوا بخفة وما لقوا تفسير غير هذا، والرجال في نفس الوقت لف وكأنه يطالع فيهم

بتول شهقت بخفة: يا ويلي شكلو سمع الحش.. جالس يطالع في مين دا؟

جود بغرور: أكيد يطالع في جمالي.

تغريد بمزح: أقول بس مين يطالع في وجهك العفن.

بتول: خلاص يا بنات الجلسة انقلبت حش ما يسير..، مددت رجولها وبتعب: يا ربي جيعانة متى يخلصوا شوي.

تغريد قامت: من جد مرا جوع، رايحه أشوفهم.

هدى تكلمت لما شافتها توقف: يا بنتي بالله وانتي راجعة جيبيلي مويا.

تغريد ابتسمت: ابشري.

مشيت لين وصلت عند أبوها ووليد وسألتهم: متى تجينا أول دفعة؟ مرررا جيعانين.

مشعل ابتسم يخفي ضيقته: خلاص شويات ويستوي، انتي روحي عندهم وإحنا نجيبلكم ازا استوى.

تغريد: طيب، اوكي.

مشعل طالع فيها وهي تعطيه ظهرها وتمشي، حس قلبه يتقطع بس لما تخيل ردة فعل تغريد لو عرفت عن خبر موتها.. كيف راح تستحمل.. يعرفها كويس.. قوية وما ينخاف عليها بس نقطة ضعفها الناس اللي تحبهم، حط يده على كتف وليد وبنبرة رجاء: بالله عليك يا وليد ما تجيب سيرة لتغريد عن موت فرح، وكلم أم فارس والاولاد ازا يعرفوا.. لا يفتحوا سيرة قدامها، والله ما حتستحمل بنتي.. حتنهار.

وليد: ابشر أبشر يا مشعل، هدي نفسك، ما حقول شي، بس حتعرف في يوم من الايام.

مشعل مرر يده على شعره وزفر بضيقة ملأت قلبه: خليها تعرف بس مو دحين!
** ** ** ** **


فارس أنتبه لتغريد وهي تدخل للفيلا، أنسحب من عند الرجال بهدوء عشان لحد ينتبه لاختفائه، دخل للفيلا وتوجه للمطبخ

تغريد قفلت باب الثلاجة وجات تبا تخرج بس فجأه فارس طلع قدامها، انفجعت وتراجعت كم خطوة للوراء، حطت يدها على صدرها وهي تزفر: بسم لله فجعتني مرا.

بلعت ريقها بتوتر من نظراته اللي ينقلها بين ملامحها، نزلت رأسها ومشيت لتخرج من المطبخ بس منعها بكامل جسده

أخذت نفس عميق وهي تحاول تخفي ارتباكها من حركته: فارس بعد خليني أخرج.

فارس ما رد عليها، أقترب منها خطوة وعيونه بعيونها: وازا ما بعدت؟

طالعت فيه بصدمة.. أول مرة يسوي مثل هالحركة الغريبة وبنبرة حادة: بـعــد وبــطــل دي الــحــركــات الـلـي مــا لــهــا داعــي.

فارس بنفس نبرته: وازا ما بطلت؟ ايش حتسوي؟ حتزهمي أمير هنا عشان ينقذك مني مثلا؟

تغريد فتحت عيونها على وسعها من كلامه: انتا ايش جالس تخرف هـا؟ ميــن هوا دا أمير؟

فارس وهو يتكلم بعصبية وحرقة عكس بروده اللي قبل شوي: لا تسوي نفسك غبية يا تغريد، أمير قالي كل شي، أدري انك في علاقة معاه وعشان كدا ترفضيني..، مسك ذراعها بعصبية وسحبها له: تحبي أمير الـ##### وترفضيني عشانو يا تغريد!!

تغريد من الصدمة ما عرفت ايش تقول، ايش عرفه بأمير، وايش هذي السخافات اللي جالس يقولها، ليش خلصوا الرجال عشان تحب أمير؟ ما بقى غيره لـ تحبه؟

استوعبت لما حست بقبضته تشد على ذراعها أكثر وتألمها، قطبت حواجبها ودفعته عنها، رفعت سبابتها بوجهه وهي تقول بعصبية: لا تلمسني بدي الطريقة يا فارس، لا تطيح من عيني أكتر من كدا..، طالعت فيه بتحدي: وازا عن أمير، ايوه.. صح كلامك، أنا أحبو وفي علاقة معاه، ومو بس أرفضك عشانو، أنا أرفض كل الرجال عشان أمير.

قالت كلامها وبعدها دفته لتخرج من المطبخ بخطوات غاضبة وهي مقطبة حواجبها، ما كانت تبا تقول هالكلام.. بس هو جبرها، ما كانت تبا تكسر قلبه بس هو تعدا حدوده معاها، بأي حق يجي يمسكها كذا؟ بأي حق يحاسبها ويحكم عليها!

أما هو واقف في مكانه وكل جسمه متصلب، قلبه مكسور مثل كل مرة ترفضه فيها، بس هالمرة غير، في هالمرة اعترفت بحبها لشخص ثاني، في هالمرة خيبت آخر أمل له، ما كان متوقع رد قاسي مثل هذا، تمنى إنها تجي تقوله كلامي كله كذب.. أنا أحبك وقلبي لك ما هو لأمير!
** ** ** ** **


بعد ما خلصوا من الشوي وزعوا الأكل وبدأوا ياكلوا.. تغريد كانت متضايقة حيل بعد اللي صار مع فارس، ما أتوقعت يصدر مثل هالتصرف منه، أخذت أكلها وراحت قدام المسبح جلست تأكل لحالها، بعد كم دقيقة حست بشي ناعم ولطيف يلتف حول رجولها، نزلت عيونها وابتسمت وهي تشوف قطة بيضاء، شالتها في حضنها وهي تمسح على رأسها وهي تكلمها بطريقة طفولية: واااي مرا يناسو تجنني، شكلك حقت بيت مو حقت شوارع.

القطة تمددت في حضنها وهي تموء، مسكت تغريد قطعة اللحم وقربتها منها: حبوبة تبي تاكلي؟ جيعانة؟ مين الشرير اللي سابك هنا وراح؟ والله ما يستحي.

….: دي بسّتي.. كنت بأدور عليها.

إلتفتت لناحية الصوت وشافت الرجال اللي كانوا يتكلموا عنه هي وبتول وجود.. والغريب في الموضوع إنه ما زال لابس نظارته، قامت من كرسيها وهي شايلة القطة لـ تمدها له بابتسامة: مرا كيوت، ايش اسمها؟

أخذ القطة وحطها على ذراعه: ميار.

تغريد بنفس ابتسامتها: حلو اسمها.. شكلها كانت جيعانه.. أكلها.

الرجل ابتسم بهدوء: شكلك تحبي البسس.

تغريد: ايوا أحبها مرا، بس ماما كانت تكرههم وبابا عندو حساسية منهم.. فما قدرت أربّي وحدة.

فجأة تغريد سمعت صوت جود العالي وهي تناديها: يـــــــا تــــــــوتــــــــــي.

قطبت حواجبها ولفت لـ تبحث عنها بعيونها بس ما لقتها

جود بنفس صوتها العالي: يـــا تــــــــــوتـــــــي أنــا فــــي الـــبــــــلاكــــونــــة..، تــــعـــــــالــــــي.

رفعت عيونها للبلاكونه وصارت تأشر لها بنرفزة عشان تبتعد وجود ماتت من الضحك

تغريد لفت للرجل وهي تبتسم له باحراج: معليش دي اختي هبلة شويا.

رد لها ابتسامة: عادي.

تغريد أخذت أكلها ودخلت للفيلا، شافت جود تنزل من الدرج وهي تضحك: يا معفنه ايش كنتي بتسوي! تقولي لبتول مشفوحة وما في اشفح منك!

تغريد رفعت حاجبها: ها؟ ايش قصدك؟!

جود خافت من ملامح وجهها الجدية فتكلمت بهبل: ههههههه الله يحفظك يا عمري مو قصدي شي.

تغريد شمقت بوجهها وهي تمشي للمطبخ ما لها نفس تتكلم وأخلاقها قافله: طيب أحسنلك
** ** ** ** **


صارت الساعة 1:00

وليد وأهله رجعوا لـ جدة من ساعه، والحين صارت الفيلا هادية وكل واحد بغرفته

وفي إحدى الغرف في الدور الثالث

كانت حاطة رأسها على صدره ومغمضة عيونها براحة تامة وهو مدخل يده بين خصلات شعرها ويفرك فروة رأسها يعرف انها تحب هالحركة حيل

فتحت عيونها لما تذكرت موضوع الأطفال وعن شعورها الحلو اللي حسته اليوم لما ورد نامت بحضنها..

عبد العزيز طالع فيها: وي.. حسبتك نايمة.

رزان: لا ما نمت، كنت بفكر في حاجة.

عبد العزيز: وايش هيا؟

رزان: أفكر أبطل حبوب منع الحمل..، كملت بابتسامة وهي تطالع في ملامحه: ازا ما عندك مانع طبعا.

بابتسامة واسعة قرص خدها بخفه: وليه يكون عندي مانع؟ أكيد أبغا بنت حلوة زيك.

ضحكت بخفة وهي تمرر يدها على لحيته بحب: يمكن يكون ولد حلو زيك!

دق جوال عبد العزيز.. وهو بدون تردد أخذه وشاف المتصل، بعد رزان عنه وهو يقوم من السرير بعجلة: معليش رزان.. دا الاتصال مرا مهم، لازم أرد عليه.

قطبت حواجبها بعدم رضا وهي تشوفه يلبس قميصه: عزوز.. بعدين رد عليه وخلينا ننام.

عبد العزيز طالع فيها بجدية: أقولك الاتصال دا مهم يا رزان، ما راح أطول.. شويا وحرجعلك.

خرج من الغرفة ونزل للصالة وبعدها خرج لبرا، ورنين جواله ما توقف.. رفع السماعة وتكلم: الو السلام عليكم ……. هاه طمّني يا رجال..، توسعت عيونه بصدمة: لا يا شيخ.. ما أصدق! كنت أحسب فبركة والله ……. الله عليك.. صراحه ما أدري كيف أشكرك ….. تسلم والله ….. يلا مع السلامة.

قفل السماعه وحط الجوال بجيبه، طـاح قلبه لما سمع صوت صرخة صادرة من الداخل، دخل للفيلا وشاف عبد الله يخرج من المطبخ، رافع يده وهو يبكي من الوجع: أتـــحــرقـــت.

قطب حواجبه وقرب منه وهو يفحص يده.. زفر براحة: حرق من الدرجة الاولى.. عبودي كيف أتحرقت؟

عبد الله ببكا: الـمـويــا حاارة.

زفر بقلة حيلة وأخذ علبة الإسعافات الأولية اللي كانت على الطاولة، فتحها وخرج مرهم الحروق.. جاء بيحطه على يده بس تذكر إنه لازم يعرضها للماء البارد، أنتبه لـ رنين وهي تنزل من الدرج: ايـــش فــــي؟

قالها بعجلة: روحي جيبي مويا باردة يدو أتحرقت.

رنين لما شافت عبد الله يبكي راحت للمطبخ وأخذت من الثلاجة ماء صحة كانت بارده، خرجت ومن عجلتها ما انتبهت لـ ميس اللي كانت بالمطبخ، راحت عند عبد العزيز وهي تقطب حواجبها: كيف أتحرق؟

عبد العزيز أخذ موية الصحة وكبها بهدوء على يده: ما أدري.. بس يقول بالموية الحارة.

عبد الله عض شفايفه بألم: آآآييي.

عبد العزيز وهو يدهن المرهم على الحرق بحنان: خلاص حبيبي، خلصنا..، أخذ الشاش ولفه على يده.

عبد الله وهو يمسح دموعه بيده الثانية: ليش تحط دا الشي.

عبد العزيز بابتسامة: نحط الشاش عشان لا تتعور أكتر ويحمي حرقك.

طالع في يده بسرحان لفترة وبعدها طالع فيه بابتسامة بريئة: شكرا خالو عزوز.

عبد العزيز قرص خده بلطافة: عفوا حبيبي، بس ليش ما نمت لين دحين؟

نزل عيونه للأرض وما جاوبه

زفر بهدوء وبعدها طالع في رنين: فين ندى؟

رنين: فوق معانا بس هيا نايمة، وأنا لما سمعت صوت عبد الله نزلت.

عبد العزيز: طيب طلّعي عبودي معاكي ولا تصحي ندى.. كفاية اللي سار لـ بنتها لا تنفجع أكتر من كدا.

رنين سمعت كلام عبد العزيز وطلعت عبد الله معاها، دخلته الغرفة وقالت: يلا عبودي لازم تنام.. بس أنتبه على يدك.

عبد الله بكل طاعة راح للسرير وأتمدد عليه بمحاولة للنوم، ورنين انتبهت لتغريد وجود اللي في البلاكونه.. خرجت لهم وقالت: وانتوا ما تبوا تناموا؟

جود: الا شويا وحنّام.

رنين: أها طيب.

شافوها تخرج وتقفل باب البلاكونه، مرت نسمة هواء باردة خلتهم يرتجفوا

تغريد شدت على الشرشف اللي مغطيها وعيونها تناظر اللاشيء بشرود تـآآم

جود رجعت خصلات شعرها وراء أذنها وبخبث: تفكري فين ميــن؟ في فارس ولا في داك حق البسة؟

تغريد طالعت فيها بنصف عين: في ولا واحد.. وفارس دا مرا خلاني أعصب، لا تجيبيلي سيرتو بالله.

جود: ليش ايش سار؟

تغريد بعد فترة من الصمت: توعديني إنك ما تقولي لأحد؟

حركت رأسها بالإيجاب: أوعدك وتقدري تثقي فيا.

تغريد: اليوم كنت في المطبخ ودخل عليا فارس، مسكني وقلي انتي تحبي أمير ومدري ايش.

جود قطبت حواجبها: ومين دا أمير؟

تغريد تنهدت: دا مصيبة تانيه، ححكيكِ عنو بعد شويا، المهم انو فارس قالي انتي ترفضيني عشانك في علاقة معاه وتحبيه.

جود بصدمه: وااااه وبعدين ايش قلتيلو؟

تغريد: شوفي أنا صراحة عصبت منو.. وفي نفس الوقت أباه يشيلني من بالو، فقلتلو اني ايوا احب أمير وأرفضك عشانو.

جود شهقت: يا هبلة يا متخلفة من عقلك قلتيلو دا الكلام؟ تخيلي لو قال لـ مشعل وشوه سمعتك؟

تغريد طالعت فيها وبثقة: مستحيل، فارس ما يسويها.

رفعت حاجبها على ثقتها الكبيرة هذي: طيب، ومين دا أمير؟

تغريد: أخو ميس.. وطبعا بما إنو أخوها فـ حيكون إنسان زبالة الله يكرمك.

جود: شكلك حاقدة.

تغريد بجدية: وبقوة كمان، وحده مرا جانا عشان ياخد ميس وعبودي، فتحتلو الباب وقام يطالع فيا بشكل يفجع كأنو ما شاف بنت، ولما جيت أزهمهم مسك يدي.. وبعدها ضربتو في وجهو.

جود: أوووه كدا انتي تعجبيني لما تضربي شخص يستاهل.

ريحت ظهرها على الكرسي ورفعت عيونها للسماء: ودحين حقولك موقف تاني.

جود طالعت فيها باهتمام: ايش؟

تغريد وهي تتذكر اللي صار قبل أسبوع

جالسة على مكتبها بعد ما شافت فرح، حاولت تشيلها عن تفكيرها وتشغل نفسها بأي شيء، وهي جالسة حست بخطوات شخص تتجه ناحيتها، رفعت رأسها وطالعت في ملامحه لـ ثواني وعرفته، تظاهرت بـ عدم الاهتمام وهي تقول: في ايش تبغاني اساعدك؟

سند كوعه على المكتب وحط يده على خده: مابا شي بس جاي أباركلك على شغلك.

ابتسمت له بدون نفس: الله يبارك فيك.

أنهت كلامها وصارت تشغل نفسها بأي شي، أهم شي إنها ما تحتك معاه ولا تسوي مشكلة، لأنها مو ناقصة أحد يعكر مزاجها.. كفاية فرح

مرت ربع ساعة وهو على وضعه، وهي ما قدرت تتجاهله أكثر، رفعت عيونها له وبحدة خفيفة: أمير لو سمحت ازا ما عندك شي مهم أبعد عني، وقفتك فوق راسي بتزعجني.

عدل نفسه وأبتسم لها ابتسامة غريبة: أحسك ما تعرفي مين أنا، وايش ممكن أسويلك عشان أسلوبك دا اللي جالسة تعامليني بيه.

تغريد طالعت في عيونه بثبات وثقة: أنا ما أخاف من أحد دامني ما سويت شي غلط.

أمير سند راحة يده على طرف المكتب وهو يرخي رأسه ناحيتها: وأنا أقولك خافي مني يا تغريد، لأني حطيتك في راسي.. خــافــي!!

جود توسعت عيونها: ول ايش يحس دا المريض، وليش كدا حاقد عليكِ؟ معقولة عشان ضربتيه؟

تغريد: أبدا لا تسأليني!
** ** ** ** **


في مطار الملك عبد العزيز الدولي بجدة..

خرج بالسيارة من مواقف المطار، مريح ظهره على الكرسي ورافع صوت الأغاني بأعلى صوت، سمع رنين جواله، رخى صوت الأغاني ورفع السماعة المشبوكة بـ سماعات السيارة وجاء له صوته: ألوووو، يا واد فينك كدا ما جيت اليوم عشان تنبسط.

فيصل: أنقلع انتا وقرفك، قال انبسط قال.

الطرف الثاني: ههههه أشوف إنو دي الاشياء ما سارت تعجبك بعد ما خطبت؟

فيصل بصوت رايق: لو ما كانت تعجبني ما كنت جيتكم.

الطرف الثاني ضحك بخبث: أها يعني أفهم من كلامك مرتك ما كفتك، انتا ما تشبع يا حيوان؟ تفووو عليك.

فيصل بـ ضحكة صاخبة: أنقلع يا ######.

فقل جوله وهو ماسكه أنفلت من يده وطاح عند رجوله، تكلم بنرفزة: أفففف، كأني ناقصك أنا..، أرخى نفسه وهو يحاول يجيبه، ما كان مركز في الطريق كويس..

فجأة سمع صوت بوري إحدى الشاحنات، أنفجع من الصوت وعدل نفسه.. شاف شاحنة كبيرة موقفه بوسط الطريق، ضغط على الفرامل بس تأخر كثير وبعدها صدم فيها!
** ** ** ** **


قبل 10 سنوات

مشيت في سيب بيتهم المظلم وهي شادة على لعبتها بخوف، كانت تبحث عن أمها وسط هالظلام الدامس، وأخيرا وصلت لإحدى الغرف، مدت يدها للمقبض وفتحت الباب، شهقت بخوف من منظر أمها المرعب، منظرها وهي متعلقة بالحبل ومنتحرة فصرخت بفزع بلغتها التركية: أمـــــــــــــي!

قامت من نومها وهي مرتعبه، حطت يدها على صدرها تهدئ أنفاسها المتسارعة، قامت بخطوات مرتجفه وفتحت أنوار الغرفة، طالعت رنين وجود.. نايمين بعمق، سندت ظهرها على الجدار وهي لزالت مرعوبه من هالحلم، رفعت يدها لفمها لتكتم شهقاتها وهي تبكي بحرقة، هذا مو مجرد حلم هذي حقيقة عاشتها بكل تفاصيلها من كان عمرها 8 سنوات، كل ما تقول أنها تجاوزت موتها الا إنها تكتشف مدى ضعفها وحساسيتها من هذا الموضوع، ما تقدر تتجاوز شكلها وهي منتحرة، ما تقدر تتجاوز فكرة أن أمها فضلت الموت وتخلت عنها!..

خرجت من الغرفة وهي تحاول تهدي نفسها، أخذت جاكيتها وطرحتها لـ تلبسهم، نزلت الدرج وخرجت من الفيلا بكبرها لـ ناحية المسابح، سحبت معاها كرسي بلاستيكي وجلست عليه بكل استرخاء تحاول تنسى أو تتناسى اللي صار!

غمضت عيونها بهدوء ونسمات الهواء الباردة تلفح وجهها، قعدت فترة على حالها حتى حست بكل جسمها صار بارد، تذكرت ببالها كلام كانت تقوله لـ أمها لما تحس بالبرد: أمي.. عندما أشعر بالبرد أبدأ بالتفكير بك، لأني عندما أفعل هذا أشعر بالدفئ بداخلي.

كانت تحب أمها.. متعلقة فيها، وتكره الثواني اللي تبعدها عنها.. والحين راح تكمل حياتها الباقية من دونها، زفرت بألم وهي تتذكر اليوم اللي فقدتها فيه، فتحت عيونها الغرقانه بدموعها وتمتمت بهمس: يا رب أرحمها برحمتك التي وسعت كل شيء واجمعني معاها في الجنه.

هذي هي الحقيقة اللي توجع تغريد، كان دايما يجي في بالها علامات استفهام كثيرة.. ليش أمها تخلت عنها وفضلت الموت؟ من آذاها؟ من أوجعها لـ هالدرجة؟ كيف قوى قلبها تتركها في متاهات هالحياة لحالها؟

انتبهت لـ عدة رجال يخرجوا من إحدى الفلل اللي قدامهم، أشكالهم كانت مخيفة طولهم فارع بهيئة ضخمة وعريضة.. حست بالريبة وعدم الارتياح فقررت تدخل لـ الفيلا قامت وهي تسحب الكرسي معاها

الرجال سرعوا بخطواتهم لها لما عرفوا إنها حست بـ خطرهم

جاء إثنين منهم قدامها.. وهي تراجعت بخطوة للوراء وبنبرة حادة تخفي خوفها من أشكالهم: بـــعــــدوا عـــنــــي!

شافتهم ما أعطوها أي أهمية وواقفين بمحلهم، ما قدرت تخفي خوفها لما قربوا منها وهم مو ناوين على خير أبد، وكـ ردة فعل سريعه مسكت الكرسي ورمته عليهم لـ تكسب بعض الوقت على الأقل

حموا أنفسهم بأيديهم، وبعدها استوعبوا أنها هربت منهم وركضت بأسرع ما عنده

كانت تجري بدون وعي منها حتى ابتعدت عن الفيلا جدًا، جريت وتعثرت بـ إحدى الأحجار، انلوت رجولها فطاحت.. وقفت وضغطت على نفسها رغم الألم اللي تحس فيه برجولها، تراجعت بخطوات للوراء لما شافت إثنين غيرهم بوجهها لفت للجهة الثانية ولقت واحد ثالث، التفتت حولها ولقتهم محاصرينها من كل الجهات

بلعت ريقها بصعوبة وانفاسها تسارعت بشكل ملحوظ، إلحين كل اللي تعلمته في الدفاع عن النفس ما بيفيدها، هي تعرف تضرب، تعرف تلوي اليد، بس ما تقدر على كل هالعدد، خمس رجال على بنت وحدة، وكل واحد مخيف أكثر من الثاني، تجمعت الدموع بعيونها وهي تحس نفسها عاجزه، ما تعرف الحين ايش راح يسووا فيها، ما تعرف ايش يبوا منها، أرتعبت اكثر وهي تشوفهم يقتربوا، غمضت عيونها وهي تنتظر نهايتها اللي راح تكون على يدينهم!
** ** ** ** **


قبل 20 سنة
تركيا.. أسطنبول

كانوا عمال الملهى ماسكينها ويجروها بالسيت وهي تقاومهم بكل قوتها وتصرخ ليسيبوها بس ما زالت في حالة سكْر: أتــركـــونــــي يـــا ######، لا تـــمـــســـكـــونـــي هـــكـــذآآ.

فتحوا الباب ودفعوها لتخرج من الملهى وأحدهم قالها: يجب أن تشكري الله لأن السيد تركك، لكن ستندمين لاحقا لن يمرر حركتك هذه.

طالعت فيه وهي معصبة وبنفس الوقت مفتخرة بنفسها: هـ.ـذا مـ..ـا يـحـ..ـصــل إن لــمــس أحــد..كـــم شــعــرة مــ..ــنــي.. لـ..ــن أرضـ.ـى أن يــلــمـ..ـســنــي أحـ..ـد غـ.ـيـ.ـره..، وبصوت عالي: أتــــفــــهــ..ــمــــون؟؟

….: ديـــنـــيـــز.

قطبت حواجبها وهي تسمع صوته، يا ترى هي من كثر شربها صارت تتخيل صوته؟ لفت عشان تتأكد من شكوكها وتوسعت عيونها لما شافته جاي لها بخطوات سريعــه، ما بتتخيل!

مشعل ما صدق عيونه لما شافها.. من فترة طويلة وهو يبحث عنها وآخرتها يلاقيها بمكان زي كذا، مشى لها بخطوات سريعه والغضب طغى على أحساسه بالخوف عليها مسك ذراعها وهو ينطق بغضب: ديــنــيــز!! ماذا تفعلين هنا؟؟

قطبت حواجبها بألم من مسكته وصارت تحاول تبعد يده: مشعل، أتركني!

طالع فيها بحده خوفتها.. أول مره تشوف هالنظره منه، مشعل بجمود: هيا تحركي أمامي.

طالعت فيه بعناد: لا أريد، أتركني وشأني.

زم شفايفه وهو يحاول يتحكم بغضبه.. حتى وهي ثملة ما تتخلى عن عنادها وحاليا ما عنده أي قدرة ليصبر على رأسها اليابس وبدون أي نقاش سحبها من ذراعها وصار يجرها وراه للسيارة.. خلى دينيز تدخل وهو دخل وحرك السيارة بسرعه


بعد فترة.. تحت شقة دينيز في سيارة مشعل..

طالع فيها وهي ساندة نفسها على الطاقة ونايمة.. أتلاسن معاها بكلمتين وبعدها جاها صداع قوي بسبب الكمية اللي شربتها من الكحول، ما قدر يعصب عليها أكثر بعد ما شاف حالتها وهي من التعب غفت..

خرج من سيارته وراح لجهتها، فتح بابها وهو ينزل نفسه لمستواها وبهمس: دينيز.

حركت رأسها بانزعاج فتمردت كم خصلة من شعرها وجات على وجهها

بلع ريقه بتوتر وهو يتأمل ملامحها مد يده بتردد ناحية وجهها ليبعد خصلات شعرها بس سرعان ما سحبها لما شافها بدت تفتح عيونها وتكلم بهدوء: دينيز هيا استيقظي لقد وصلنا إلى شقتك.

لما شافها بدأت تصحصح عدل وقفته وصار ينتظرها تخرج من سيارته

خرجت من السيارة وقفلت الباب وهي ماسكة رأسها

مشيت خطوتين ومشعل يراقبها بصمت حاس انها مو على بعضها وأن آثار الثمالة ما زالت موجود: دينيز أأنتي بخير؟

رفعت يدها وهي مقطبة حواجبها: نعم نعم أنا بخير لا تقلق.

أنهت كلامها وبنفس الوقت حست بتوازنها يختل بس لحقها مشعل، مسكها وهو يقول بسخرية مبطنه: نعم واضح جدا انك بخير.

دخلوا للعمارة ودينيز نعسانه حيل ودايخة، سندها على صدره وهو مرتبك من قربها منه لهذي الدرجة، مرتبك من ملمس جلدها الناعم بخشونة جلده، بلع ريقه وصار يحاول يهدي نفسه وطلعها لشقتها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، خرج مفاتيحها وفتح الباب ودخلوا لبيتها، مشى بيها للصالة جلسها بالكنبة وكان راح يبعد بس كانت متمسكة بيه بشدة، حس بتوتر وعلى طول بعد يدها

جاء بيعدل وقفته بس هي تمسكت فيه مرة ثانية، حاوطت رقبته وتكلمت بهمس ناعس: مشعل، لا تتركني أرجوك، أبقى معي.

اتوتر أكثــر من حركتها، بعد يدها عن رقبته بهدوء ظاهري وهو يعدل جلسته على الكنبة: دينيز أنتي ثملة جدا، ولا أدري ما هو سبب فعلتك هذه، أنا غاضب منك جدا!

دينيز اقتربت منه وقبل لا يستوعب اللي في بالها حطت يدها على خده وقبلته بشغف!


**


نهاية الفصل الخامس عشر

عمر البعد 14-01-18 11:59 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
ماشاء الله بارت حلوو مع انه فيه مقاطع تجلط
لميس الحقووده النفسيه توقع فيه مرض نفسي له نفس الاعراض صح ؟؟؟
رحمت عبود مسكين بس كيف اقنعته يسوي بنفسه كذاا حسبي الله عليهاا شكلها مسويه له غسيل مخ
دنييز ماتوقعت انها تكون منتحره والعيااذ بالله ليش كذا
خسرت دنياهاا واخرتهاا
تغريد ليش قلتي كذا لوليد وحطيتي نفسك بموقف غبي وباايخ كيف بتطلعين منه ؟؟!!!!
فرح ؟؟ ايش السر اللي ماات معهاا ... اتوقع تركت رساله عند اهلها يوصلونها لمشعل

ننتظرك بكل حماااااس شوشو

شقى الماضي 16-01-18 01:06 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3696400)
ماشاء الله بارت حلوو مع انه فيه مقاطع تجلط
لميس الحقووده النفسيه توقع فيه مرض نفسي له نفس الاعراض صح ؟؟؟
رحمت عبود مسكين بس كيف اقنعته يسوي بنفسه كذاا حسبي الله عليهاا شكلها مسويه له غسيل مخ
دنييز ماتوقعت انها تكون منتحره والعيااذ بالله ليش كذا
خسرت دنياهاا واخرتهاا
تغريد ليش قلتي كذا لوليد وحطيتي نفسك بموقف غبي وباايخ كيف بتطلعين منه ؟؟!!!!
فرح ؟؟ ايش السر اللي ماات معهاا ... اتوقع تركت رساله عند اهلها يوصلونها لمشعل

ننتظرك بكل حماااااس شوشو

هههههههههههههههههه لسا الجلطات جايه بالفصل القادم استني بس انتي
يوه ميس يا ترى ايش سر حركاتها دي المجنونه
امممم صغير الولد وتقدر تلعب عليه بكلمتين
يمكن لو تعرفي اللي مرت فيه تعذريها
حنشوف الفصل الجاي كيف حتطلع منو
القصل القادم حيزور اهلها ونشوف ايش سر موتها

الفصل يوم الجمعه ان شاء الله 💕

شقى الماضي 17-01-18 11:11 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
دي مقتطفات الفصل السادس عشر
اتمنى انها تعجبكم وتحمسكم
.
.
كان يمشي بحذر وهدوء ولا كأنه فيه مضاربة قوية بين رجال مخيفين، مشى لـ ناحية تغريد وهو ماسك عصا طويلة، شافها متكورة على نفسها و…
.
.
.
نزل يده وطالع فيه: مستفزة.. متمردة.. لسانها طويل، ما سويت شي بس خليتها تهجد.
.
.
.
مسك وجهها ولفه له بقوة، تكلم بقساوة تعود عليها بدون ما يهتم إن كان اللي قدامه أنثى أو غيرها: شوفي.. غصبا عنك حـ تثقي فينا، حتسمعي كل كلمة نقولها زي الشطار وتسويها غصبا عنك فاهمة ولا لأ؟
.
.
.
جلس على الكرسي بتعب وهو يمرر يده على شعره.. حاسس بهم كبير وثقل بقلبه، فين كذا تختفي.. ايش صار لها.. معقوله أحد خطفها؟ شد على شعره وغمض عيونه بقوه وهو ما يبغا يفكر حتى بـ هالإحتمال يموت لو صار لها شي، ما يتحمل لو تأذت شعره من شعراتها!
.
.
.
كمل وهو يقترب منها بخطوة:…
.
.
.
فزت بخوف وصارت تزحف للوراء ودموعها بعيونها: ايـ..ـش تــبـغــا مني!!
.
.
.
وجهه مليان بالخدوش ونصف رأسه ملتف بالشاش.. رجله اليمنى مجبسة، ما قدرت تمسك نفسها فنزلت دموعها، شكله قطع لها قلبها…
.
.
.
من لما سمعت صوته بعدت عن حضن ولدها وطالعت فيه بعيونها الدامعة، قامت وصارت تنزل الدرج بخطوات مرتجفة وهي متمسكة بالدرابزين، الأم نطقت بكل ضعف: انــتــا جـ..ـوز بــنـ..ــتـــي فـ..ــرح؟؟!!
.
.
.
أما هو بلا مشاعر، ما تحركت شعره من جسمه.. وجهه جامد، كل اللي سواه بعدها عنه بهدوء متجاهل كلمتها: لازم نتكلم.
.
.
.
تمددت على جنبها ودموعها صارت تنزل بهدوء من طرف عينها
.
.
أستنوني يوم الجمعة بفصل طويل.. مليء بالأحداث
وايوا انا ما اقدر ادخل الانستا مدري اشبو☹💔
يقولي الرقم السري غلط وبحاول فيه من كم يوم مو راضي
بس حبيت ادي خبر هنا عشان ازا اي احد بيتابعني هناك لا يستناني، وشكلي حبدا من الصفر مرا تانيه، اددعولي بس انو ربنا يصبرني 💔

شقى الماضي 19-01-18 05:51 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحه من الماضي، قبل 19 سنة
تركيا.. اسطنبول

دخلوا للعمارة ودينيز نعسانه حيل ودايخة، سندها على صدره وهو مرتبك من قربها منه لهذي الدرجة، مرتبك من ملمس جلدها الناعم بخشونة جلده، بلع ريقه وصار يحاول يهدي نفسه وطلعها لشقتها وهي تتمتم بكلمات غير مفهومة، خرج مفاتيحها وفتح الباب ودخلوا لبيتها، مشى بيها للصالة جلسها بالكنبة وكان راح يبعد بس كانت متمسكة بيه بشدة، حس بتوتر وعلى طول بعد يدها

جاء بيعدل وقفته بس هي تمسكت فيه مرة ثانية، حاوطت رقبته وتكلمت بهمس ناعس: مشعل، لا تتركني أرجوك، أبقى معي.

اتوتر أكثــر من حركتها، بعد يدها عن رقبته بهدوء ظاهري وهو يعدل جلسته على الكنبة: دينيز أنتي ثملة جدا، ولا أدري ما هو سبب فعلتك هذه، أنا غاضب منك جدا!

دينيز اقتربت منه وقبل لا يستوعب اللي في بالها حطت يدها على خده وقبلته بشغف!

توسعت عيونه بصدمة من قبلتها اللي جننت كل أحساس بداخله.. شعور غريب أول مرة يحسه، لكن ما قدر يطول أكثر، يحس إنه بيستغلها لأنها مو بوعيها أبد، بعدها عنه وقام من الكنبة وهو يمرر يده على شعره بتوتر: اللعنة يا دينيز، ماذا فعلتي!

ما أهتمت لردة فعله كثير، قامت ناحيته وعادت حركتها.. قبلته بحرارة ويدينها محاوطة وجهه، هذاك الوقت ما كانت بوعيها، ولو كانت.. عمرها ما راح تتجرأ وتسويها، لو استوعبت اللي سوته كان ممكن بكت من أحراجها!

مشعل مسك ذراعها وبعدها عنه بقوة وعيونه تطالع فيها بغضب واضح، هو شخص عنده مبادئ ما يتجرأ يكسرها، وهي دامها ثملة عمرها ما راح تحترم هالمبادئ، صار يسحبها للحمام ليدخلوه، وداها للبانيو وخلاها تحت الدش وفتحه عليها!

شقهت بقوة من برودة الماء وكانت تبا تخرج بس مشعل مسكها وخلاها تقعد بالغصب وهو ينطق بغضب: أبقي هنا لعلك تتوقفي عن التصرف بحماقة.

دينيز وهي مغمضة عيونها وتحاول تسحب يدها من قبضته: أتركني يا مشعل، يكفي هكذا..، قدرت تسحب يدها ودفعته بقوة من صدره وهي تبكي: قــلــت لــك يــكــفــي ألا تــســمـــع؟!!

قفلت الدش وصارت تمسح دموعها بقهر، ما تدري هو قهر على جرأتها ولا على حركة مشعل، كلمته بصوت مرتجف من البرد وعيونها على الأرض.. ماهي قادرة تطالع فيه من احراجها: ناولني المنشفة.

مشعل أخذ المنشفة المعلقة بالباب ومدها لها وهو يقول بجمود: خذيها وأنا سوف أخرج من هنا.

أخذت المنشفة وصارت تنشف وجهها وعيونها تراقبه لين ما خرج من الحمام، خرجت من البانيو والمنشفة ملفوفة على جسمها وترتجف من البرد، حاسة بحقد ناحيته من حركته المستفزة كان يقدر يمنعها بأي طريقة بس مو كذا، خرجت للصالة بس ما لقته، تجمعت الدموع بعيونها وتكلمت بقهر: لقد ذهب ولم يتعب نفسه كي يتأكد أكنت بخير أم لا



"الفصل السادس عشر"
"لست امرأة مهانة"


في الوقت الحالي

بلعت ريقها بصعوبة وانفاسها تسارعت بشكل ملحوظ، إلحين كل اللي تعلمته في الدفاع عن النفس ما بيفيدها، هي تعرف تضرب، تعرف تلوي اليد، بس ما تقدر على كل هالعدد، خمس رجال على بنت وحدة، وكل واحد مخيف أكثر من الثاني، تجمعت الدموع بعيونها وهي تحس نفسها عاجزه، ما تعرف الحين ايش راح يسووا فيها، ما تعرف ايش يبوا منها، أرتعبت اكثر وهي تشوفهم يقتربوا، غمضت عيونها وهي تنتظر نهايتها اللي راح تكون على يدينهم!

فتحت عيونها وحاولت تقوي نفسها: انتوا ايش تبو مني؟ مين اللي مرسلكم؟

شافتهم يقتربوا منها أكثر فصرخت بـ فزع: أوكي أوكي لا تسووا شي الله يخليكم أنـ…

ما قدرت تكمل كلمتها إلا وأحدهم يمسكها من يدها ويجرها وراه صرخت بكل صوتها وهي تحاول تبعده منها.. بس كل محاولاتها بتروح عبث، بالرغم من انه ماسكها بيد وحدة إلا ان قوته أكبر من قوتها بـ كثيـــر

طفش من محاولاتها العابثة، لوى يدينها وراء ظهرها ودفعها لتتقدم بكم خطوة للأمام، تكلم بحدة صوته المخيف: أهجدي أحسن لك، مقاومتك ما لها أي معنى في دا الوقت!

تنفست بقهر وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها.. مشت بإستسلام ظاهري وعيونها تلمع بتحدي وحقد.. اذا يبوا يخطفوها ليش ما يخدروها وياخذوها؟ أكيد اللي مرسلهم لها يبا يعيشها برعب.. يبا يخليها تحس بضعفها قدامهم وقدام قوتهم وضخامة أجسادهم

الرجل اللي ماسكها وجه كلامه للرجال الباقيين: إنتوا أسبقوني للسيارة وأنا حلحقكم!

عيونها اللي كانت منزلتها رفعتها وشافت باقي الرجال قدامها معطينها ظهرهم، حست إنه هذي هي فرصتها للهروب، تسارعت دقات قلبها وبحركة سريعه ضربت الرجل اللي ماسكها بـ مؤخرة رأسها بأقوى ما عندها في وجهه

توجع من ضربتها فترك يدينها وانحنى بجسمه وهو يمسك أنفه بألم وصرخ: لا تــشــردي!

ما قدرت تخفي ابتسامتها المنتصرة بس سرعان ما اختفت لما شافت الباقيين يتوجهوا لها.. فصارت تركض، حاسة بوجع كبير في رجولها بس ضاغطة على نفسها بالقوة

ثلاثة منهم راحوا ورائها والرابع كان مع اللي ضربته تغريد وبعصبية: عبد الإله حمار انتا؟ بنت صعلوكة طولها شبر تسوي فيك كدا؟

مسح الدم الخارج من أنفه وطالع فيه بحده: أبلع لسانك، وروح وراها ووريني فلاحتك!

….: تعال نروح لهم دحين!

أما عند تغريد اللي ما زالت تركض، فجأة وقفت، أرتجف جسمها كله واسودت عيونها لما شافت رجلين طلعوا بوجهها غير الثلاثة اللي وراها، أنفجعت وصارت تحس بالخوف، هالمرة بجد ما لها مفر منهم.. حاسه باليأس، تجمعت الدموع بعيونها وهي تقول بنبرة بكى: الله يلعنكم، إنتوا في كل مكان تطلعولي..، صرخت بحرقة لما شافت الرجلين يقتربوا أكثر: الله ياخدكم ايش تبوا مني.. أنا ايش سويتلكم.

كانت تطالع في الرجلين ودموعها تنزل، تنتظر منهم يأخذوها وخلاص.. أيقنت إنهم راح يطلعوا لها بكل مكان وما تقدر تهرب منهم.. بس جفت دموعها وهي تسمع كلامه

أحدهم تكلم بصوته الجهوري: ما جينا عشان نضرك، جينا عشانهم هما، عشان نحميكِ منهم!

احد الرجال الثلاثة مسكها وسحبها، وهي صارت تصرخ.. عصب منها صراخها خرق طبلة إذنه.. أزعجته، فصفعها بأقوى ما عنده حتى طاحت على الأرض من قوته، شهقت بوجع وهي تتكور على نفسها لـ تحمي نفسها.. ما تقدر تتصنع القوة أكثر من كذا.. تعبت وحاسه بأن أنفاسها جالسه تضيق وتخنقها، ضغطت بيدها على رأسها بقوة وهي تتمنى إن كل اللي جالس يصير لها مجرد كابوس وراح تصحى منه!

الرجل اللي ضربها كان راح يسحبها ويأخذها بس يده منعته..

الرجلين اللي طلعوا في وجه تغريد فجأة، تولوا أمر الرجال ودخلوا معاهم في عراك.. جاء لهم الرجل الرابع ودخل بالمضاربة معاهم.. أما عبد الإله اللي كان يمشي بحذر وهدوء ولا كأنه فيه مضاربة قوية بين رجال مخيفين، مشى لـ ناحية تغريد وهو ماسك عصا طويلة، شافها متكورة على نفسها وأشفق على شكلها.. تنحنح وتكلم بنبرة هادية: يــا أخـــتـــي.

تغريد فزت بخوف وصارت تزحف للوراء ودموعها بعيونها: ايـ..ـش تــبـغــا مني!!

عبد الإله طالع فيها بشدة ومد لها العصاية: قومي وأضربيني.

تغريد فتحت فمها بعدم استيعاب: هــ..ـــا؟

عبد الإله بنفس نظرته: قلتلك قومي وأضربيني..، وبحدة: يلا!

تغريد قامت بصعوبة.. أخذت العصايه وطالعت فيه بكل حقد لما حست بألم رجولها وحرقة خدها من الكف اللي أخذته، وصارت تضربه بقوة في أنحاء متفرقة من جسده بدون تردد..

أما في العراك.. رغم إنه كانوا رجلين ضد أربعه، إلا أن الأربعة ما قدروا عليهم ولما شافوا تغريد تضرب عبد الإله المستسلم لها، كل اللي سووه إنهم يهربوا لـ جهة السيارات ويركبوها تاركين عبد الإله!

تغريد رفعت العصاية بنية إنها تضربه مره ثانية بس انسحبت منها

سحب العصاية ورماها على الأرض وبنبرة حازمة: يكفي كدا!

لفت له بشراسه وكانت راح تتكلم بعصبية بس انلجمت وهي تشوف صاحب القطة البيضاء مثل ما سمته بس هالمرة بدون نظارته!

وهو ما أعار صدمتها أهتمام كبير.. مشى لـ عبد الإله وهو يحاول يقومه: شكرا يا عبد الإله ما قصرت..، لف لرجليه الإثنين: وإنتوا كمان ما قصرتوا الله يعطيكم العافية.

الرجال بأصوات متفرقة: ولو يا سيد معتز \ ما سوينا إلا اللي أمرتنا بيه \ إحنا دايما تحت أمرك سيدي.

لف معتز لتغريد اللي كانت تطالع فيهم وما هي فاهمة أي شي من اللي صاير قدامها: يا أختي تعالي نشوف رجولك.

تغريد بحدة: ماني رايحه لأي مكان حرجع الفيلا.

معتز طالع فيها بصمت وهي تمشي بخطوات عرجاء.. ما قدرت تكمل خطواتها إلا وتطيح على الأرض، قطب حواجبه ومشى لها.. خاف إنه اغمى عليها بس تطمن لما شافها تمرر يدها على رجولها وملامحها واضح عليها الألم

معتز بنبرة هادية: لا تعاندي، تعالي للفيلا المستأجرها.. عندي ممرضة تشوف رجولك، راح نرجعك لما نتأكد إنك بخير مع واحد من الرجال عشان نتطمن من دخولك بأمان..، مد يده عشان يساعدها على الوقوف: يلا تعالي، لا تخافي ما حنأذيكِ.

طالعت في يده بتردد.. كيف تثق فيه؟ كيف تعرف إنه ما راح يأذيها؟ لكن الحين ما لها غيره.. تخاف اذا عاندت ممكن الرجال يطلعوا لها مره ثانية، قامت بصعوبة متجاهلة يده الممدودة، طالعت فيه وبنبرة متعبة: فين هيا فلتك؟
** ** ** ** **


بالفيلا.. عند رنين

فتحت عيونها وطالعت في الجوال اللي بيدها.. عدلت جلستها وضغطت على عيونها بتعب، من فترة وهي تدق عليه.. قالها إنه راح يتصل عليها أول ما يوصل لـ السعودية وما أتصل، أتصلت عليه كم مرا بس يقول إن جواله مقفل.. أنقبض قلبها وحاسة بضيقة مو طبيعية.. غفت وهي تنتظر اتصال منه.. غفت وهي مو مرتاحه!

طالعت في الجهة الثانية شافت جود بس ما لقت تغريد.. غريبة ما انتبهت لها وهي تروح، طالعت في ساعة جوالها دقايق ويأذن.. قامت وهي تبا تدخل الحمام عشان تتوضأ
** ** ** ** **


جالسة بالكنبة المنفردة مادّة رجولها على الطاولة بعد ما كشفت عليها الممرضة، وبيدها كيس بلاستيكي مليان ثلج تمرره على خدها، طالعت في معتز اللي بيكلم الممرضة، قالت له بعد ما راحت الممرضة: أبا أكلم بابا.

معتز طالع فيها: تكلميني.

تغريد طالعت حوالينها: هوا في أحد غيرك هنا؟ أديني جوالك أبا أكلمو.

معتز: مع الأسف ما أقدر أديكِ هوا، ولا اقدر أخليكِ تكلمي أبوكِ.

تغريد قطبت حواجبها: وليش إن شاء الله؟ ايش فيها لو كلمتو؟

طالع فيها بصمت وما رد عليها

تغريد كملت بهجوميه: وبعدين انتوا مين؟ ايش هرجتكم؟ تعرف مين اللي كان يبا يخطفني؟ مخلي واحد من رجالك جاسوس عندهم؟

كان برضه ملتزم الصمت فقالت بنرفزة: جاوب عليا ليش كدا ساكت!

معتز بهدوء: كل ما عرفتي أقل كان أحسن ليكِ..، شاف الخادمة تخرج من المطبخ ومعاها تبسي الأكل فكمل بتغيير للموضوع: المهم انتي كلي دحين وقوي نفسك، وبعدها نشوف ايش يسير.

أنهى كلامه وما خلى لها مجال تتكلم عطاها ظهره وخرج لرجاله

الخادمة حطت التبسي قدامها في الطاولة بابتسامة: بالعافية عليكِ.

تغريد: عندك جوال؟

جات بتتكلم بس تغريد قاطعتها برجاء: الله يخليكِ أديني ازا عندك، أبا أكلم بابا.. أكيد دحين صحي وخاف لما ما لقاني، أبغا أكلمو.

حست نفسها بموقف صعب، حزنت على شكلها ورجائها كسر خاطرها بس ما تقدر تعصي أوامر معتز، وبتردد: ما.. ما أقدر.

تغريد دمعت عيونها: الله يخليك أبا أطمّن بابا عليا أكيد جلس يدورني في كل مكان.

زفرت بقلة حيلة وقررت تمشي وراء قلبها وعواطفها، دخلت يدها بجيبها لـ تخرج الجوال بس صوته الحاد وهو ينزل من الدرج وقفها: آســــيــــا!!

تغريد طالعت فيه وهي مفجوعه من وجود رجل ثاني هنا، استوعبت إنه راح يمنعها من الاتصال، فسحبت الجوال من يد الخادمة وصارت تضغط على رقم أبوها بسرعة وهي تعطيهم ظهرها

كمل نزول الدرج ومشى لهم بخطوات واسعة وغاضبه، مسك ذراع تغريد ولفها وهو يسحب الجوال منها ويرميه على الجدار لتتناثر أجزاءه بالأرض ومن ثم طالع فيها بحده: هــيــه انــتــي، خليكِ عاقلة وأسمعي الكلام.

تغريد بعصبية وهي تحاول تفك ذراعها من قبضته: لــيــه كــســرتــو.. كـنـت أبـا أكـلـم بــابـــا.. ايــش هــيــا مــشــكــلــتـــكـــم!!

تركها بدون ما يجاوبها، حس إنها ما راح تفهم وراح تعاند، لف للخادمة وبتهديد: شوفي دي أول وآخر مرا تسويها فاهمة؟ ولا حتنطردي من شغلك ترا!

الخادمة وهي منزلة رأسها: أنــا آســفــه يا ســيـد جـابـر مـا حـعــيـدهـا.

جابر بنبرة حادة: دي المرا حعديها ليكِ ويلا روحي عن وجهي.

في نفس الوقت دخل معتز وسمع آخر شي قاله فاستغرب وتسائل: ايــش فــي؟

تجاهله وهو يعطي تغريد نظرة حارقة: وانتي أسمعي الكلام ولا تغلبينا، قلنا ما حتتصلي يعني ما حتتصلي، أحمدي ربك إنو جا معتز ورجالو وأنقذوكِ، ولا كنتي دحين عندهم، ربي الوحيد العالم ايش كانوا حيسووا فيكِ.

تغريد تحس نفسها مقهــوره لما شافت كيف الجوال مرمي ومتكسر.. مو عارفة سبب رفضهم القاطع: ليش تمنعوني؟ دا مو من حقكم.. أبا أرجع للفيلا.. رجعوني، خلاص شكرا أنقذني معتز من دولاك الرجال ودحين أبا أروح عند بابا.

معتز بهدوء: يا أختي لا تخافي.. ما راح نضرك.. لو نبالك الضرر كنا طالعنا في الرجال وهما يخطفوكِ واحنا نضحك، بس لا.. ما سويناها وخليت الممرضه تجي وتشوف رجولك، حطينالك الأكل وخرجت برا عشان تاخدي راحتك.

أما جابر أستفزته حركاتها الطفولية والمدلعة بنظره، ما يستحمل هذي التصرفات ابدا فمسك وجهها ولفه له بقوة، تكلم بقساوة تعود عليها بدون ما يهتم إن كان اللي قدامه أنثى أو غيرها: شوفي.. غصبا عنك حـ تثقي فينا، حتسمعي كل كلمة نقولها زي الشطار وتسويها غصبا عنك فاهمة ولا لأ؟

غرزت أظافرها الطويلة بيده وعيونها تناظره بكل حقـد من أسلوبـه الهمجي بنظرها، عكس معتز المتفهم تماما، تكلمت وهي ترص على أسنانها: شيل يدك عني.. جالس توجعلي خدي.

توه ينتبه لـ خدها المزرق فسحب يده وهي خربشته بقوه حتى طلع الجلد من بشرته الحنطية وهو أساسا ما تألم ولا أهتم.. شايفه جرح بسيط، وهي سوتها لـ تطلع حرتها وقهرها فيه

تغريد دفعته بقوة حتى طاح على الكنبة: وغصبا عني أخاف على نفسي منكم ولا أثق فيكم دام دا أسلوبكم معايا، خلاص أبا أرجع للفيلا.. أبا بابا!!

عدل نفسه وشفايفه مالت بابتسامة ساخرة: حنرجعك لـ بابا، لا تخافي ما حناكلك..، وهو يشدد على كلمته ويطالع فيها بتحدي: يــا تــــــغـــــــريـــــــد.

تراجعت كم خطوة للوراء وعيونها معلقة بعيونه بصدمة: انـــتـــا ايـــش دراك بإســـمـــي؟!!

معتز طالع فيه وهو مقطب حواجبه: جــــابـــــر!

تغريد نقلت نظراتها مابينهم ونبرة الخوف أتملكت صوتها: إنتوا إيش تبوا مني بالزبط؟ ودا إيش دراه باسمي وأنا ما تكلمت؟

جابر حط رجل على رجل وبنفس ابتسامته الساخرة: سمعت اسمك من عمتك جود وهيا تناديكِ من البلاكونه.

تغريد ارتجفت أطرافها بصدمة وخوف أكبر: انتا ايش دراك إنها عمتي؟ كداب.. انتا كداب، هيا ما قالت اسمي.. واصلا اللي كان في معتز.. مو انتا!

معتز عصب منه وما قدر يستحمل تصرفاته الغبية أكثر، مسكه وقومه من الكنبة وصار يجره لـ خارج الفيلا

جابر باستفزاز: أصبر يا معتز خليني أعدد لها عايلتها كلها وي.

معتز بـ حده: جــــــــــــــابـــــــــــــــــر خـــــــــــــــــــلاص!!

جلست على الكنبة المنفردة ولساتها تحت تأثير الصدمة، شعور الأمان والثقة ناحيتهم انعدم كليًا، رفعت يدها وصارت تمررها على نحرها وهي تتمتم برعب: يا رب استودعت نفسي يا رب، استودعتها عند الذي لا تضيع ودائعه..، رفعت رجولها وضمت ركبها لصدرها والدموع بدت تتجمع بعيونها غصبا عنها، اللي صار لها اليوم أرعبها، وحاسه بخوف من جابر بعد اللي قاله: يا رب ازا كانت نيتهم سيئة.. فيارب رد كيدهم في نحرهم يارب.
** ** ** ** **


وهو متمدد على سريره ونايم.. يدق جواله بصوت أذان الفجر، فتح عيونه بضيق ومد يده وأخذه ليشوف الساعه كم، قام وخرج من الغرفة رايح للحمام الثاني، بعد فترة خرج وقطرات الماء تبلل وجهه ويده باين إنه توضأ، مشى في الممر وطالع في الغرفة اللي تنام فيها تغريد مع جود ورنين، مشى له ودخل، فتح النور وما لقى غير جود نايمة، توقع إنهم صحوا وتوضوا فسكر الأنوار وقفل الباب بهدوء

أما في غرفة مهند وأمل.. في وسط نومهم العميق يرن جوال أمل وكان المتصل أمها، صحيت وردت عليها بصوت ناعس: ايوا ماما..، عدلت جلستها على السرير بسرعه لما سمعت صوت شهقاتها: ماما أشبك.. ايش في؟ توسعت عيونها بصدمه: فــيــصـل..، بلعت ريقها وهي تحاول تهديها: خلاص ماما جايين.

قفلت منها وطالعت في مهند اللي صحى باستغراب منها والدموع بعيونها: فيصل سارلو حادث.

مهند عدل جلسته بـ فجعه: ايـــش؟

أمل ببكاء: مهند الله يخليك خلينا نرجع جده.. ماما مرا منهارة ومافي أحد معاها.

قام وأخذ قميصه ولبسه بعجله: طيب يلا، والبزوره خليهم هنا أمي وجود يكونوا معاهم.

حركت رأسها بالإيجاب ومسحت دموعها وقامت لتتجهز


تحت بالصاله

رنين كانت موجودة وما لقت تغريد، قرصها قلبها وحست إنه فيه سوء قادم، شافت مشعل ينزل من الدرج توجهت له وقالت بقلق: مشعل تغريد مافي!

مشعل قطب حواجبه: كيف ما في.

رنين بنفس نبرتها: صحيت دوبي وما لقيتها نايمة معانا، وهنا كمان ما في.

مشعل والشك بدأ يراوده: طيب أتصلتي على جوالها؟

رنين: ايوه أتصلت بس ما ترد.

مشعل: معقولة تكون برا!

رنين: لدا الوقت؟

مشعل وهو يحرك شعره بتوتر: لا أكيد برا.. أنا حخرج وأشوفها، وانتي عبال أتصلي عليها.

رنين وهي تحس نفسها شوي وتبكي: حتى فيصل ما يرد عليا وربي مرا خايفه عليه.

…..: ازا تبي تشوفي فيصل تعالي معانا.

رنين لفت لمهند وهو ينزل الدرج مع أمل اللي لابسه عبايتها، قربت منهم وقالت بشك وخوف: فين فيصل عشان نرحلو؟ ايش سارلو؟

مهند أخذ نفس عميق: سارلو حادث…

ما قدر يكمل كلامه الا وهي تشهق وتغطي فمها بصدمه.. زفر بقلة حيله وكمل: ازا تبي تجي بسرعه ألبسي عبايتك وتعالي للسيارة.

في نفس الوقت.. خرجت سعاد من غرفتها لما سمعت الإزعاج والأصوات العالية وهي كمان نزلت للصالة وتسائلت لما شافت حالتهم: يا أولاد ايش في؟

رنين جات بتتكلم بس قاطعهم دخول مشعل من الخارج وهو يتنفس بسرعه: تغريد مافي برا.. لقيت كرسينا مرمي على الأرض وجوالها مرمي جنبو!

مهند طالع فيه: وفيصل سارلو حادث وهوا خارج من المطار.

سعاد ضربت كفوفها ببعض وهي تقول بحسرة: لا حول ولا قوة إلا بالله ايش دي المصايب اللي تجي ورا بعض، أمس أولاد ندى ودحين دولا..، قالت لمشعل بخوف: يا ولدي فين تكون بنتك دحين في دا الوقت؟

مشعل: ما أدري ما أدري..، أخذ جواله وهو يتصل على أحد الأرقام: بكلم عبد العزيز حندور عليها شبر شبر في المنتجع.. وحكلم العمال يمكن شافوها ولا شي.

مهند وهو ماسك يد أمل نازلين من الدرج: بالله طمنّا عليها ازا لقيتوها.

مشعل: ان شاء الله وانتوا كمان طمنونا على فيصل لما توصلوا.
** ** ** ** **


أما عند تغريد، جالسة بنفس مكانها وتفرك فخذها بكل ارتباك حست بالصدق من كلام معتز، للحظة كانت راح تترك عنادها وتثق فيهم من كلامه، بس معرفة جابر عن اسمها خوفها، يدري عن اسمها ويعرف إن جود عمتها بالرغم إنهم بنفس السن، ويقول إنه يقدر يعدد عائلتها كلها! كيف ما تخاف منهم؟ كيف تقدر تثق فيهم؟

شافت القطة البيضاء تجي عند رجولها وتموء بس هي على طول رفعتها وضمت ركبها لصدرها: هــــش بعدي عني.


خارج الفيلا

معتز بغضب وهو يمسك جابر من ياقته ويلصقه بالجدار: دحين إيش استفدت لما سويت زي كدا في البنت وأرعبتها؟ قولي ايش استفدت؟ بس فالحلي تستقوي على بنت الناس!

جابر نزل يده وطالع فيه: مستفزة.. متمردة.. لسانها طويل، ما سويت شي بس خليتها تهجد.

معتز ضربه بقبضة يده على وجهه ومن ثم أبتعد عنه: أنقلع من هنا مع واحد من الرجال وأرجع لجدة.. أنا الغبي اللي خليتك تجي معايا.

جابر بكل برود: غريب اهتمامك فيها يا معتز.. ليش؟!

معتز بسخرية: روح بالله من هنا يا جابر، أساسا ما حقولك أي شي عن دي الهرجة، وأعتبر نفسك خرجت من الخطة..

جابر: دا كلو بس عشان اللي سويتو دوبو؟

معتز طالع فيه بحده: ايوا، انتا دوبك غلطت واللي حنسويه ما يتحمل الاغلاط.. من أبسط شي ممكن يضيع كل تعبنا!..

جابر بنفس بروده: قول اللي تبا تقولو.. ماني راجع جدة بس ما حدخل للفيلا..، وبسخرية: لين ما ترجع ضيفتنا الصغيرة لـ بابتها.

شمق بوجهه وبعدها دخل للفيلا وراح للصالة، سمعها تكلم القطة بكل عصيبة: أقولك أنقلعي، بعدي عني وي.. بقرة ما تفهمي!

تكلم وهو يكتم ضحكته من أسلوبها: غريبة ليش كارهه ميار؟ كنتي حابتها! طالع في الأكل اللي ما لمست منه شي: ما أكلتي حاجة.. حتى موية ما شربتي.. ما يسير كدا حتتعبي.

ما طالعت فيه أكتفت بالصمت وعيونها مثبتتها بالجدار

معتز زفر بقلة حيلة ومن ثم تبدلت ملامحه للجدية: تغريد شوفي.. ما ألومك، بس انتي حاولي لو شويا انك تثقي فيا.. سيبيكِ من جابر.. بعض الأحيان يسير متخلف ويخربط في الكلام، بس أنا أتمنى من كل قلبي انك تثقي فيا، لو حضرك كان ضريتك في أول مرا شفتك فيها.. بس أنا نيتي مو سيئة أبدا.. صدقيني!

طالعت فيه بحدة، قامت من مكانها وصارت تقترب منه وهي تقول بريبة: أنا ايش اللي يخليني أصدق كلامك وأصدق نيتك؟! يمكن دولاك الرجال رجالك، أمرتهم يخطفوني وبعدين جبت رجالك الاتنين يعنني انك تنقذني منهم عشان تكسب ثقتي ويمكن ثقة أهلي كمان بدا الشي.

معتز من مميزات شخصيته الصبر والهدوء، رغم عنادها اللي راكب راسها ما زال متمسك بهدوئه: أوعدك.. وعد رجال، دي أول وآخر مرا تشوفيني فيها أنا وجابر.. عشان أثبتلك إني ما حبين نفسي قدام أبوكِ وأهلك البطل اللي أنقذك وأكسب ثقتو..، كمل وهو يقترب منها بخطوة: وبعدين أنا ما حأذيكِ أبدا.. مهما سار.. لأنك تزكريني بشخص عزيز على قلبي وأحبو، شخص.. مستحيل أضرو.

تغريد بثبات ظاهري وعيونها بعيونه: مين؟

أقترب منها بخطوة ثانية.. نزل رأسه ناحيتها وبهمس: انتي تزكريني بزوجتي.

ارتبكت من كلمته ومن قربه منها فتراجعت بخطوات للوراء وسألته: ماتت؟

أعتدل بوقفته وملامحه كساها البرود، تكلم بتجاهل تام لـ سؤلها: على العموم أدّن الفجر، آسيا حتعطيكِ شرشف صلاه وسجادة عشان تصلي.. ولما تشرق الشمس حـ وديكِ لأبوكِ، تبغي تكلميه؟

تغريد بسرعه: أكيد.

معتز: طيب ما حمنعك، بس عندي شرط!

تغريد بدون تردد: أسوي اللي تبغاه ازا أقدر!
** ** ** ** **


في الجهة الثانية.. كلهم متجمعين بالصالة ووجيههم ما تبشر بالخير، كل واحد فيهم يدعي بقلبه إنها تكون بخير وما صابها مكروه ولا يكون أحد مسها بسوء

أما عبد العزيز ومشعل راحوا يدوروا عليها بكل مكان، مشعل جلس على الكرسي بتعب وهو يمرر يده على شعره.. حاسس بهم كبير وثقل بقلبه، فين كذا تختفي.. ايش صار لها.. معقوله أحد خطفها؟ شد على شعره وغمض عيونه بقوه وهو ما يبغا يفكر حتى بـ هالإحتمال يموت لو صار لها شي، ما يتحمل لو تأذت شعره من شعراتها!

عبد العزيز طالع فيه بحزن.. شكله يكسر الخاطر، جلس بجانبه وحط يده على كتفه وربت عليه: أدعي ربك إنها تكون بخير.. دا أهم شي يا مشعل.

مشعل وهو يهز رجوله وشاد على يده بقهر: يا عبد العزيز.. حاسس نفسي ضعيف وماني قادر أسوي شي…

كان راح يكمل كلامه بس شاف نادر يجي عندهم ركض وبيده جواله، وصل عندهم ومد الجوال لـ مشعل وهو يلهث بتعب: خـــد كــلـــم تــغــريـــد!

طالعوا فيه بصدمه وبصوت واحد: تـــــغـــــريـــــــد!

تغريد كانت جالسة وتهز رجولها بانتظار وتوتر، اختفت ملامح القلق من وجهها وسرعان ما ابتسمت لما سمعت صوته اللي ميزته وقالت بفرحة: بــــــــابـــــــا!

سحب الجوال من نادر بيد مرتجفة، حط الجوال بإذنه وهو يقول بصوت متحشرج: تـــغــــريــــد!! بــنــتــي!!

تغريد بابتسامة وعيونها تلمع: بابا ايوا أنا لا تخاف ما سار لي شي، أنا مرااا كويسا، انتا خليك جنب المسابح وأنا شويا حجيك.

مشعل بحنية: بنتي الحمد لله انك بخير بس فينك؟ ايش سارلك؟ متنا خوف عليكِ والله.

تغريد: بابا حبيبي.. ححكيك كل شي لما أجيك بس انتا لا تخاف عليا تمام؟

مشعل ابتسم ببعض من الراحة: طيب، نستناك أنا وعمك هناك.

قفلت السماعة ومدت الجوال لمعتز وبنفس ابتسامتها: مرا شكرا كدا ارتحت لما كلمتو.. دحين نروح؟

حرك رأسه بالإيجاب: ايوا يلا.

تغريد قامت ومشيت وراه لين خرجوا من الفيلا، انتبهت لجابر يطالع فيها شمقت في وجهه ولفت وجهها على طول.. ما طاقته ولا ارتاحت له

وهو ابتسم بسخرية وبخاطره يقول: طفلة غبية وعقلها صغير.

معتز بصوت مرتفع: عبد الإله.. يا عبد الإله.. روح معاها لين توصل عندهم وتتأكد انها بخير.

عبد الإله: حاضر سيدي.

تغريد طالعت في معتز بـ احراج: أممم معليش على إني ما وثقت فيك وانتا قد الثقة، أنا آسفه.. بس برضو ما أنلام.. خفت من كلام جابر شويا، وكمان شكرا إنك حميتني وأهتميت فيا..، كملت بهدوء وعيونها بعيونه: أتمنى إنها مو آخر مرا أشوفك فيها!

معتز تنهد: صدقيني ما راح تحبي تشوفيني مرا تانية، لأني ما راح أجي إلا في مواقفك الصعبة زي اليوم.

تغريد ابتسمت وبجراءة: أجل راح أحط نفسي دايما في مواقف صعبه.. بس تاني مرا لا تجيب جابر معاك.

معتز ضحك بخفة وهو رافع حاجبه: يلا أشوفك طولتي، شكلك حبيتي الجلسة هنا ونسيتي بابتك!

تغريد: ما نسيتو.. دحين رايحه.

مشيت وراء عبد الاله وعيون جابر ومعتز تلاحقها حتى أختفى ظلها

جابر وقف بجانبه وسمع الحوار اللي دار بيناتهم: شكلها حبتك.

معتز: تؤ ما أتوقع، وأساسا مو من صالحها إنها تفكر فيا.

جابر وهو يطالع فيه: وانتا ايش رأيك فيها؟

معتز دخل يدينه بجيب بنطلونه: تشبهها وبس!

جابر قطب حواجبه: تتوقع انهم أخوات؟

معتز بسرعه: مستحيل! سكت شوي وبعدها طالع فيه بلوم ونبرة عتاب: كيف تفكر تفكر بدا الشي يا جابر؟!

جابر بملامح باردة ما رد عليه إلا بعد فتره: يتشابهوا في الملامح أما شخصياتهم غير.

معتز: تغريد قوية، جريئة وعنيدة.

جابر: وزوجتك كانت ضعيفة، خوافة وبكاية!
** ** ** ** **


في إحدى المستشفيات الحكومية بجدة..

وأخيرا بعد انتظار ساعات.. شافوا الطبيب يخرج من غرفة العمليات، قاموا وراحوا له، تكلمت أمه وهي تمسح آثار دموعها من خدها: أنا أم فيصل كيف حال ولدي.. بخير؟

الطبيب نزل كمامته لـ تظهر ملامحه المتعبة بسبب وقوفه لوقت طويل جدًا: عمليته خلصت ولله الحمد، سار له نزيف داخلي وبعض الكسور بسبب التصادم، والمريض بخير بس صدم راسه بقوة فيعني ألين ما يستعيد وعيه راح يحتاج وقت.

رنين: بس هوا دحين كويس؟ يعني وضعو مو خطير؟

الطبيب: في دا الوقت ما أقدر أقولكم شي أكيد، لما يصحى المريض راح نكشف عليه ونتأكد من سلامته أكثر إن شاء الله.. ودحين راح ننقله للعناية المركزة ليرتاح فيها!

أمل: طيب متى نقدر نشوفو؟

الطبيب: حاليا ما تقدروا، راح تستنوا وقت ما يصحى.
** ** ** ** **


عند تغريد وعبد الإله..

ماشي قدامها بجسمه الضخم وهي تطالع فيه بكل فضول وتلحقه، سابقها بكم خطوة بسبب خطواته الواسعة وهي أصلا تمشي ببطئ عشان رجولها، سرعت شوي وهي تتسائل: أمممم انتا كنت مع الرجال اللي يبوا يخطفوني بس ساعدتني ليش؟

لوت بوزها بعدم رضا لما شافته ما طالع فيها ولا عبرها يمشي وبس: عبد الإله جاوبني.. دحين معتز وجابر كيف يعرفوني؟ مين اللي يبا يخطفني؟ يعني انتا اصلا من رجال معتز صح؟ طيب دولاك رجال مين؟ تعرفهم؟

عبد الإله بطفش من أسئلتها الكثيرة: يا أختي خلاص، ما تعرفي المثل اللي يقول أبعدي عن الشر وغنيلو؟ خلاص أحمدي ربك انك بخير.. ولا تصدعي راسي بأسئلتك!

تغريد بإصرار: مالي صلاح، ابا أعرف عنكم ولو شويا.. من حقي وي! دحين من جد معتز متزوج؟

عبد الإله وقف فجأة ولف لها بعصبيه أخافتها: انتي اش دراك عن زوجة معتز!

تغريد بفجعه: هـا؟ هوا قلي إني أزكرو بيها، يعني من جد هوا متزوج! فينها؟ ماتت؟

عبد الإله رجع لنبرته الباردة: لا تدخلي نفسك في أشياء ما تعنيكِ، وأحسن لك أنسي معتز.. وأنسي زوجتو.. أنسي كل شي شفتيه وسمعتيه هنا.

كملت مشيها وراءه وهي مقهورة تبا تسحب الكلام منه بس ما قدرت عليه: صدقني حعرف ايش هرجتكم في يوم من الأيام.

عبد الإله ببرود: أدعي انو دا اليوم ما يجي.

وصلوا قريب من المسابح.. وقف عبد الإله وقال: يلا روحي لو، وأنا حكون هنا لين ما توصليلو.

تغريد فهمت إنه ما يباه يشوفه فمشت وتعدته، شافت أبوها مع عبد العزيز بس كانوا معطيها ظهرهم، ابتسمت بامتنان وحب، الحمد لله وأخيرا رجعت بسلام، أصعب ليلة مرت فيها هنا.. ما بين خوف ويأس وانعدام للأمان، تكلمت بصوت مرتفع: بــــــــابــــــــا!

لف لها وهو يطالع فيها بفرح ممزوج بخوف لما شاف حالتها، تمشي بخطوات عرجاء.. خدها متورم وكأنه تعرض للضرب.. واللي يدقق في وجهها يلاحظ التعب والإرهاق عليه لأنها ما نامت كويس

تغريد لما شافت وجهه حست براحة عظيمة ولمعت عيونها، سرعت بخطواتها ورمت نفسها في حضنه، حاوطت رقبته وهي تبا تدفن نفسها بحضنه أكثر.. تبا تنسى كل شي، تبا تنسى الغموض المحاوط معتز.. تبا تنسى الرعب اللي عاشته الليلة اللي فاتت، كل اللي تبا تفكر فيه إنها تتنعم بالأمان في حضن أبوها

مشعل بعدها عنه شوي وهو يطالع في ملامحها بخوف كبير ومسك وجهها بيدينه بكل حنان: تغريد ايش سارلك؟ اشبو وجهك كدا؟ كيف أتعورتي؟

مسكت يده ونزلتها من على خدها اللي يوجعها.. تحاول ما تبين له شي: ما فيا شي، أنا دحين كويسا.

مشعل تكلم بجدية وهو مقطب حواجبه: تغريد، انتي شايفة حالتك كيف وتقوليلي كويسا.

تغريد طالعت فيه برجاء وهي تقول بتعب: بابا الله يخليك، نتكلم جوا.. دحين تعبانه وما نمت من أمس.

مشعل كان راح يتكلم ويعارض بس عبد العزيز قاطعه وهو يقترب منهم: صح كلامها شوف كيف شكلها، في الفيلا تحكينا كلنا.

مشوا لناحية الفيلا بعد ما أقتنع وهو مقربها منه، خايف عليها حيل لا يصير فيها شي

دخلوا عندهم، والكل فرح برجوعها، جلسوا يضموها لهم بقوة ويسألوها ايش سار.. أحد سوا لها شي.. يسألوها اذا هي بخير ولا لا، وهي تبتسم لهم بحب رغم التعب اللي تحس فيه.. اللي صار لها مو شوي، وبعدين جلست في الكنبة بجانب مشعل

تغريد أخذت كوب الموية من جود: شكرا.

هدى بـ قلق: طيب يا بنتي ما حتقوليلنا ايش سار؟

نزلت عيونها لـ يدها اللي ماسكة الكوب: أممم إلا دحين، بس بقولكم لا تخافوا عليا أنا كويسا.

سعاد تكلمت بقلة صبر: طيب خلاص فهمنا دي الكلمة اللي بس تقوليلنا هيا من لما دخلتي، يلا أهرجي وريحينا.

تغريد وهي تزفر: طيب طيب، أمس في الليل ما قدرت أنام.. خرجت من الفيلا وبعدين لقيت رجال كدا يخوفوا، ولما جيت بدخل، جو قدامي.. شردت منهم بعيد عن الفيلا، بس كانوا كتير.. وكل ما أشرد يجوا في وجهي.

قالتها وبعدين سكتت وهي تفرك يدها بتوتر لما شافت ملامح أبوها تتغير 180 درجة، هي ملامح غضب أو خوف، ما تدري.. ما قدرت تفسرها، نزلت عيونها وكانت راح تتكلم بس سكتت وصارت تتذكر كلامها مع معتز قبل لا تتصل على أبوها..

أعتدل بوقفته وملامحه كساها البرود، تكلم بتجاهل تام لـ سؤلها: على العموم أدّن الفجر، آسيا حتعطيكِ شرشف صلاه وسجادة عشان تصلي.. ولما تشرق الشمس حـ وديكِ لأبوكِ، تبغي تكلميه؟

تغريد بسرعه: أكيد.

معتز: طيب ما حمنعك، بس عندي شرط!

تغريد بدون تردد: أسوي اللي تبغاه ازا أقدر!

معتز: ما حطلب منك شي صعب..، جلس على الكنبة وهي ما زالت واقفه فأشر لها بيده على الكنبة اللي قباله وكمل: أرتاحي أول شي.

جلست على الكنبة وقالت بهدوء: أسمعك، اشرحلي اللي تباه.

معتز: إن شاء الله لما ترجعي لأبوكِ بالسلامة، أكيد راح يسألك ايش سارلك وفين كنتي، أنا كل اللي أبغاه منك إنك ما تجيبي سيرتي أبدا، وكأني ما كنت في ولا كأنك قابلتيني أصلا.

قطبت حواجبها من طلبه الغريب: طيب ليش؟

معتز بجدية: دا هوا شرطي.. وانتي اللي عليكِ توافقي أو ترفضي وبس!

تغريد بعد فترة من الصمت: طيب، أنا موافقة.. ما حجيب سيرتك لبابا أو لأي أحد..، مدت يدها له: ويلا دحين أديني جوالك عشان أتصل.

معتز: طيب أقدر أثق في كلامك؟

تغريد: انتا مضطر تثق فيا زي ما أنا وثقت فيك!

ما قدر يخفي ابتسامته لما سمع أخر كلمة، وأعطاها الجوال..

رجعت لواقعها لما سمعت هدى تكلمها: يا بنتي.. أشبك سكتي؟ ايش سار بعدها؟

تغريد بهدوء وهي تمرر نظرها عليهم: ما في شي مهم، قدرت أشرد منهم ولما أتأكدت إنهم راحوا كنت برجع للفيلا.. بس قابلت وحدة كدا في طريقي شافت حالتي فحزنت عليا وكشفت على رجلي، من حسن حظي إنها ممرضة وبس.

عبد العزيز وهو مقطب حواجبه: بس؟ طيب هيا لحالها؟ ما عندها أحد؟ زوجها ولدها أبوها؟

تغريد تكلمت بارتباك، ما توقعت هالسؤال: إلا في أبوها، ايوا أبوها، قالتلو إني طحت وهيا حبت تساعدني، وهما ما قصروا، كانوا طيبين.. سوت لي ساندويشة جبن وعصير، يعني أهتمت فيا.

جود قطبت حواجبه: مدري ليش أحس إنو كلامك دا مو حقيقي أبدا، يعني ما أخيل إنو يسير أبدا!

تغريد تنهدت من قلبها هذا كلامها وهي ما قالت كل اللي صار لها، وبتعب: والله حتى أنا أحس كل اللي سار كابوس وصحيت منو، بس الحمد لله كل شي مر وراح، وانا دحين كويسه دا أهم شي..، طالعت في مشعل: صح بابا؟

مشعل طالع فيها بهدوء ظاهري عكس اللي يحس فيه تمامًا: طبعا.. اهم شي انك تكوني بخير.

نادر تكلم بعد صمت وهو مقطب حواجبه حاسس انه فيه شيء غلط: طيب سارلك دا كلو، فين العمال حقين المنتجع؟ معقولة ما في أحد شافك ولا ساعدك!

تغريد: ايش دراني أنا.. ما فكرت بدا الشي والله.

مشعل لين هنا وخلاص ما قدر يمسك أعصابه ضرب الطاولة اللي قباله بقهر والكل فز بفجعه، تكلم بوعيد وهو يقوم من الكنبة: والله ما أسيبهم دولا الكلاب.

شافوه خرج من الفيلا بخطوات واسعة وغاضبه، تغريد شهقت وهي تبا تقوم وتلحقه: بـــابــــا..

عبد العزيز على طول مسكها: فين رايحه، أجلسي دحين انتي تعبانه.

تغريد بقلق: طيب بالله روح معاه لا يسيرلو شي.

عبد العزيز: طيب.

ميس كانت تراقب اللي جالس يصير بفجعه، لما حست أنهم منشغلين بمشعل انسحبت من الصالة بهدوء وراحت بالمطبخ، أتصلت على أحد الأرقام اللي عندها بس ما رد عليها، اتصلت كم مرة وأخيرا رد عليها، حطت السماعة بإذنها وجاء لها صوته المتنرفز: هــا يا ميس ليش داقة عليا في دا الوقت؟ حلمتي بيا؟

ميس بنرفزة مو أقل منه: مرا ميته عليك.. أقولك انتا اللي ارسلت دولاك الرجال؟ انتا كنت تبا تخطف تغريد يا أمير؟ معقولة تسوي شي متخلف زي كدا؟

أمير بعد فترة من الصمت تكلم بصرامة: أول شي لما تكلمي أخوكي الكبير تكوني محترمة معاه، تاني شي.. انا ايش أبغا من دي تغريد؟ ليش أخطفها هاه؟

ميس بعصبية: أنا أعرف كيف تكون لما تحقد على شخص يا أمير.. تقعد تنبش في ماضيه.. تعرف نقاط ضعفو.. تراقب كل تحركاتو.. تأزي كل شخص يحبو، على فكرة أنا أكتر انسانة تعرف شخصيتك المريضة!

أنهت كلامها وسكرت السماعة بوجهه، صحيح هي تكره تغريد وتفكر تأذيها بس مستحيل تأذيها بهذي الطريقة!
** ** ** ** **


جدة..

متمدد على سريره وحاط ذراعه على عيونه، أنفاسه مخنوقة.. والألم اللي بقلبه يكبر كلما يتذكر كلماتها السامة.. كلماتها سممت حبه لها.. سممت قلبه اللي عشقها وما حب غيرها، ليش حبت غيره وهو موجود؟ ليش تحب واحد حقير زي أمير وتترك الشخص اللي يحبها ويسوي أي شي عشانها؟

عدل نفسه وجلس على طرف السرير، طول عمره ضعيف قدام حبه لها.. كان يستحمل كل صدها.. وكان يحسه زي العسل على قلبه.. كان متيقن إنه في يوم من الأيام راح يلين قلبها وتحبه، بس لين هنا وخلاص بعد ما اعترفت بحبها لشخص غيره قرر يمحي حبه لها، يمكن راح يكون صعب عليه بالبداية، بس راح يحاول لين ينتزعها من قلبه، هي ما تستحق كل هالحب، ما تستحقه!

سمع رنين جواله.. أخذه من الكمدينه ورد على المتصل بكل عصبيه: إنــتـــا ايــــش تــــبـــا مـــنـــي!! مـــا لـــي دخــــل فـــيـــك.. لا تــــدخــــلــــنــــي فــــي وســاخـــتـــك، وســــوي الـــلـــي تـــبـــاه فـــيـــهـــا لـــحــــالــــك.. فــــاهــــم؟! لا تـــدخـــلــــنـــي فــــي دي الأشـــيــاء!

قفل السماعه بوجهه ورمى الجوال على السرير، خرج من غرفته وصفق الباب بقوه، نزل الدرج وصادف بتول اللي سألته: فــارس اشبك.. ايش في؟.. فين رايح؟

فارس بنبرة حاده: جهنم الحمرا.

بتول ضحكت بدون ما تدرك باللي يصير لـ فارس: أها طيب سلملي على الناس اللي تشوفهم هناك.

ما رد عليها وخرج من الفيلا
** ** ** ** **


بالهدا

عبد العزيز خرج لـ برا وراح ناحية مواقف السيارات يبحث عن مشعل، قطب حواجبه بقوة لما شافه داخل غرفة إدارة المنتجع، ماسك أحد الرجال من قميصه ويهزأه بغضب.. شافه لأن الباب كان شفاف ويبين اللي بالداخل، مشى بخطوات سريعه.. يلحقه قبل ما يسوي شي غبي، دخل لهم وحاول يبعده: مــشــعــل يـــا مــجـــنــون ســـيـــبـــو!

طالع فيه وعيونه صارت مثل الجمر من الغضب، دفع عبد العزيز بيده بكل قسوة: والله ما أسيب دا الـ#####..، وجه نظره للرجل اللي ماسكه وبفحيح: أجل مالكم دخل ببنتي ها؟ كدا تدخلوا أي أحد هنا في الليالي؟ فين عمالكم؟ ايش دا الإهمال؟ صدقوني كل واحد يشتغل هنا حيندم.. كلكم حتندموا، حرفع عليكم قضية وحتترجوني أسحبها، بيني بينكم الأيام يا #####!

دفعه بقوة حتى أصطدم بالجدار وأعطاه نظرة حقد وهو ينفض يده بقرف، لف وخرج من الغرفة، لحقة عبد العزيز ولفه من ذراعه وهو يحاول يمسك أعصابه: انتا غبي، تتهجم عليه؟ وكمان تقذف؟ دحين هوا اللي حيجرجرك في المحاكم، أكيد في كمرة في الغرفة وحياخدها كدليل ضدك.

سحب ذراعه وقال بحدة: بــعــد عــنــي، مــانــي فــايــقــلــك.. وقـلـهـم يـعـبـوا أغـراضـهـم حـنـرجـع جـدة!
** ** ** ** **


جدة

نقلوا فيصل للعناية المركزة وما رضوا يدخلوهم أبدا إلا بعد عناء وزن بس كل شخص لحاله، ورنين طلبت إنها تكون آخر وحده تشوفه لتاخذ راحتها، رنين دخلت عنده بخطوات مرتجفة وشافته نايم على السرير الأبيض، وجهه مليان بالخدوش ونصف رأسه ملتف بالشاش.. رجله اليمنى مجبسة، ما قدرت تمسك نفسها فنزلت دموعها، شكله قطع لها قلبها.. مشيت له ورؤيتها ضبابية بسبب دموعها.. مسكت يده وتعالت شهقاتها بوجع، أنحنت له وهي تقبل جبينه وبهمس باكي: الله يقومك بالسلامة يا روحي.

ما قدرت تستحمل منظره وهو بـ هالضعف وقلة الحيلة، حست بالوجع ينهش قلبها.. عدلت نفسها وبعدها خرجت من الغرفة ودموعها تسبقها

شافها مهند وهي تستند على الجدار وتغطي فمها بيدها لتكتم شهقاتها، توجه لها وهو خايف عليها، مسكها ورفع وجهها له وهو يتكلم بحنية: رنين ايش في؟ سار شي جوا؟

حركت رأسها بالنفي وهي تمسح دموعها، تكلمت من بين شهقاتها: شــكـ..ـلــو يــحــزن! مـ.ـا أســتــحـ..ـمــلــت أشــوفــو وهـ..ـوا كـ.ـدا.

مهند بنفس حنيته: طيب يلا مسحي دموعك، حنرجع البيت.

رنين طالعت فيه بخوف: طيب وفيصل؟ مين حيقعد معاه؟

مهند: ما في فايدة من وجودنا هنا، فيصل ما حيصحى دحين على كلام الدكتور.

رنين: قلبي ما يطاوعني أسيبو! وبرجاء: انا بقعد هنا وانتوا روحوا.

مهند: لا يا رنين ما أقدر أسيبك هنا، صدقيني أول ما يصحى أنا حوديكي عندو.

رنين طالعت فيه: توعدني؟

مهند وهو يحط يده على كتفها ويمشيها: أوعدك، ويلا نروح البيت الكل هناك حيكون موجود.

رنين: كيف يعني، لقو تغريد؟ هيا كويسا؟

مهند: ايوا الحمد لله، ما أدري ايش سار بالزبط، نروح هناك ونشوف ايش يقولو.
** ** ** ** **


الساعة 9:00 بالليل.. بيت أبو فارس

نزلت بتول من الدرج وهي لابسة عبايتها بعجلة، شافت أمها قبل لا تخرج من البيت وسألتها: حتروحي عند تغريد؟

بتول وهي تلف طرحتها: ايوا ماما، دوبي سمعت ايش سارلها من بابا، مرا حزنت عليها قلت خليني اشوفها.

أمها ما ردت عليها وطالعت في ساعتها بقلق واضح، فقالت بتول: ايش في؟ خايفة على فارس صح؟

أميرة بضيق: اكيد يا بنتي، راح الصبح وما جا لين دحين، وحتى جوالو مقفل.

بتول ما تبا تقولها انه خرج معصب حيل عشان لا تقلق أكثر: لا تخافي ان شاء الله ما فيلو شي.

أميرة وقلبها مو متطمن.. إحساس الأم: إن شاء الله!

بتول خرجت وراحت لبيت مشعل، كان قدامهم بالزبط.. ما يفصل بيناتهم غير شارع واحد، دخلت للفيلا بعد ما فتحت لها جود الباب سلمت عليها وسألتها: تغريد فوق؟

جود: ايوا فوق تبي تطلعي عندها؟

بتول: ايوا أكيد.


في الغرفة اللي فوق..

جالسه قدام التسريحة ببجامتها القطنية الزرقاء وتمشط شعرها المبلل بسرحان تام، بالها كله عند معتز، تفكر بكلامه الغريب، بزوجته.. وإنقاذه لها، حتى وقت ما كانوا بيخرجوا من المنتجع كانت عيونها تدور بين زواياه لعلها تلمحه، تنرفزت من نفسها وحطت المشط بعصبيه على التسريحة: وجع أنا ليش بفكر فيلو قد كدا.

لما أنهت كلامها تفاجأت بدخول بتول عليها، ابتسمت لا شعوريا وقالت بفرحه: بتول!

بتول مشيت عندها وضمتها: ايوا بتول يا عفنه، كيفك دحين، صح الكلام اللي سمعتو؟

تغريد تسوي نفسها غبيه: أي كلام؟

جود بضحكة: بس بلا هبل يا تغريد.

بتول: يقولوا في أحد كان حيخطفك! صح بالله دا الكلام؟

تغريد بتنهيدة: مع الأسف، بس يعني الحمد لله ربنا نجاني منهم.

بتول برأفه مسكت يدها: يا حياتي انتي، الله ينتقم منهم الحـيوانات

سمعت رنين تلفونها، طلعته من الشنطة وطالعت المتصل: دي ماما.. غريبة ايش تبا دوبي شفتها قبل ما أخرج.

جود: ردي عليها شوفي ايش تبا.

بتول ردت على أمها وصوتها كان غالب عليه الخوف ونبرة البكاء، أستغربت منها وسألتها ايش فيها، ملامحها بهتت بخوف لما سمعت كلامها وتغريد وجود انتبهوا لملامحها كيف تبدلت، قفلت السماعة وهي تنزل يدينها المرتجفة..

تكلمت تغريد بخوف عليها: بتول ايش فيه؟ ايش قالت مامتك؟

طالعت فيها وبنبرة مصدومة: قا.. قالت إنو فارس بالمستشفى!!!

جود شهقت: أما ايش سارلو؟

بتول بربكة: مــادري مادري..، وهي تحط جوالها بشنطتها وتبا تخرج من الغرفة: أنا رايحه عند ماما.. حنروح عندو!

قبل ما تخرج من الباب تغريد مسكتها وطالعت فيها برجاء، وخوف حاولت تخفيه: بليــز يا بتول طمنينا عليه لما توصلوا!

حركت رأسها بالإيجاب ومن ثم خرجت بعجلة.. وتغريد حطت يدها على صدرها بخوف

جود رفعت حاجبها على حالتها: اشبك؟ معقولة دا الخوف عليه؟ وبسخرية: لا تكوني حبيتيه دحين؟

تغريد قطبت حواجبها وبعصبيه تخفي توترها وكأن جود كشفتها: بس بلا هبل زايد، ايوا خفت عليه.. عادي ما فيها شي! الولد في المستشفى أفرح يعني؟

كانت راح تخرج بس جود مسكتها: يا بنت انتي تحبيه؟ طيب ليش تبيني العكس؟

تغريد سحبت يدها بغضب: مــا أحــب أحــد يــا جــود! ولا عــمــري حــحــب.. افهمي.

جود بصوت شبه مرتفع لـ تسمعها: الحب أحلى شي في دي الدنيا، الحب ما حيجيكي الا مرا وحده، ولما يجي لا ترفسيه، لأنك ازا رفستيه حتندمي طول عمرك وتتمنيه يجيكي تاني!
** ** ** ** **


مر أسبوع على الأحداث السابقة

فيصل صحى.. لكن ما أكتملت فرحتهم لما قالهم الطبيب بعد ما كشف عليه إن فيصل صار له "عجز" وقدرته على الإنجاب جدا ضعيفه، فيصل لما قالوا له انهار وعصب عليهم كلهم، ما رضى يشوف أحد بالذات رنيــن!!

ورنين قلبها يتقطع عليه.. ما يهمها شيء غيره ولا يهمها اللي حصله، مستعده تتخلى عن الكل مو بس عن الأطفال، أهم شي تكون بقربه، لأن حبها له أقوى من كل شي وأملها بالله كبير

………..

فارس دخل المستشفى بسبب دخوله في عراك مع عدة رجال وهو اللي خرج متضرر من ضربهم القاسي، لدرجة إنه صار ما يمشي إلا بـ عكاز، وحالته النفسية متدمره، والكل يظن بسبب العكاز اللي ما صار يفارقه.. ماهم عارفين باللي يحمله في قلبه أكبر من كذا

………..

تغريد عايشة في حالة تشتت، قرب موعد سفرها لـ تركيا، جزء متحمس ومندفع جدا للحياة اللي رسمتها في بالها هناك، وجزء ما يبا يبتعد عن جدة وناسها وبالذات أبوها

………..

عبد العزيز قبل ما ينام في كل ليلة يجلس يفكر بالصور اللي وقعت بيده.. محتار.. مرة يقول راح أعطيها لرنين.. خليها تعرف من أي نوع من الرجال حبت، وبعدين يقول أحسن لي ما أتدخل في حياة الناس، ربي رزقني بـ زوجة زي رزان لو لفيت الدنيا ما راح الاقي زيها.. ما ابا اخسرها

………..

مشعل من كم يوم رفع قضية على المنتجع ولسا ما أتحدد موعد للجلسة وهو حالف انه ما يخليهم بدون عقاب بسبب اهمالهم


يوم الأربعاء، قرب المغرب..

واقف قدام المراية الطويلة بثوبه وهو يزبط عقاله وغترته، اليوم رايح لـ أهل فرح، من بين انشغاله والمشاكل نساهم والحين فجأة تذكرهم فقرر يعزيهم اليوم، حتى لو متأخر.. على الأقل يسوي الواجب ويأخذ الأجر..

تغريد مرت من عنده واستغربت: بابا، فين رايح؟

مشعل: رايح مكة، في ناس أعرفهم بزورهم.. وشويا حيجي أبو ميس وياخد أولادو.

تعمد ما يقولها انهم أهل فرح.. للحين ما تعرف إنها ماتت

تغريد قطبت حواجبها: هوا في أحد تعرفو هناك غير أهل فرح؟

قالت كلامها بكل عفوية وابدا ما جاء في بالها إنه يروح لهم.. يعني ما يوجد أي سبب بنظرها

مشعل وهو يخفي توتره: ايوا أعرف ناس هناك واحد من أصحابي اليوم عازمني في بيتو.

تغريد انفكت عقدة حاجبها وابتسمت: طيب، تروح وترجع بالسلامة يا روحي.. بس أباك تجبلي شي من مكة.

مشعل بحنية: أتدللي يا قلبي.

تغريد بتفكير: أتزكر كدا قبل كم سنة، أخدنا عمرة أنا وانتا وكان في الضهر ومتنا من الحر، بعدين وقفنا واشترينا آيسكريم مرا لزيز كان قريب من الحرم..، حكت جبينها وهي تحاول تتذكر أسم المحل: بس والله مو متزكرة الاسم.

مشعل ابتسم: آيسكريم العاصمة.

تغريد نطت بحماس: ايـــوااا هوا دا، ايسكريم العاصمة! طالعت فيه وهي ترمش بدلع: مرا مشتهيتو، ونفسي آكلو، وزي ما تعرف انو هوا مافي الا في مكة وهوا مرا لزيز.

مشعل اتسعت ابتسامته: ابشري يا عيوني، بس حيدوب ترا.

تغريد بكل بساطة: عادي ندخلو في الفزيزر ولما يتجمد آكلو.. جبلي بنكهة المانجا والفنيليا وكدا من فوق عليها رشة فستق.

مشعل وهو يقرص خدها بخفة: من عيوني يا عيوني.

طالعت في وجه أبوها وملامحها تبدلت للحزن، ما تدري ليه حاسة بسوء والضيقة بقلبها، أما مشعل على طول انتبه لملامحها اللي تبدلت فخاف عليها، حط يده على خدها وبحنان: بنتي اشبك؟

تغريد ابتسمت رغم كل اللي بتحسه: ما فيا شي بابا.

مشعل: بس انا ملاحظ عليكِ دي اليومين منتي على بعضك.

تغريد تنهدت: يمكن عشان قرب موعد سفري.

مشعل طالع فيها: يعني بطلتي تسافري؟

تغريد نزلت راسها: لا مو كدا، بس قلبي مو مطاوعني أسيبك، أباك معايا، هوا صح أول شهر حتكون معايا عشان تشوف أموري وتتأكد من وضعي، بس في النهاية حترجع وحقعد لحالي من دونك.

مشعل حاوط وجهها ورفعه وهو يتكلم بجدية: روحي هناك يا بنتي وادرسي عشان ترفعي راسي.. خدي شهادتك وسيري قاضية عادلة، أو محامية تدافع عن حقوق المظلومين، زي ما كانت أمك الله يرحمها تبغاكِ!

تغريد وهي تضمه تكلمت بتأثر: عشانها وعشانك أنا حتحمل كل شي، لأني بنتكم الوحيدة وأملك الوحيد حروح وأرفع راسك يا بابا.

مشعل ابتسم بهدوء وهو يمسح على ظهرها وبداخله يدعي إن ربنا ما يحرمه منها ولا يشوف فيها أي سوء

دق جرس الفيلا وتغريد بعدت عنه: شكلو دا أبو ميس.

مشعل: شكلو كدا.

كلها ثواني وشافوا ميس وعبد الله ينزلوا الدرج: بابا جا.

مشعل: ايوا، يلا روحولو.

بعد ما خرجوا، تغريد راحت للصالة اللي كانوا فيها الكل، جود ورنين وسعاد، وحتى هدى جابها عبد العزيز صباح اليوم بما إنها لحالها فقرر يجيبها هنا

سعاد كانت تتكلم بالجوال: ايوا ودحين هوا كيف؟ ايش قالو الدكاترة عن رجولو؟ تنهدت بحسرة وهي تسمع كلامها: لا حول ولا قوة إلا بالله طول عمرو حيكون كدا يعني؟ مافي أمل أبدا؟ صبري نفسك يا أميرة وخليكِ قوية عشان ولدك.

تغريد جلست على الكنبة جنب جود وقلبها وجعها من كلامها عارفة انها بتتكلم عن فارس

جود بهمس لتغريد: جالسة تكلم أم فارس.

تغريد بعدم اهتمام: أها طيب.

جود بخبث: ما حتسألي كيف حال فارس؟

تغرد ببرود ظاهري: تؤ لأنو ما يهمني.

جود: أهااا طيب صدقتك.. بس أحب أقلك إنو عيونك تفضحك.

تغريد هنا عصبت طول هالأسبوع تجلس تدقها بالكلام ومتحملتها: خـــلاص يـــا جـــود، أفـــهــمـــي مـــن مـــرا وحـــدة وي! مـــا يــهــمــنــي يــعــنــي مــا يــهــمــنــي!

انهت كلامها، خرجت من الصالة وطلعت لغرفتها

طالعوا فيها باستغراب ورنين سألت جود: ايش قلتيلها حتى عصبت؟

جود تسوي نفسها بريئة: ما أدري عنها، سارت عصبيه.
** ** ** ** **


مكة المكرمة..

نزل من الدرج رجل في نهاية الأربعينات لما سمع صوت الجرس يدق، لابس ثوبه ومبهذل، واضح على ملامحه الإرهاق بس ضاغط على نفسه، اللي عاشوه آخر فترة كان جدا صعب على عائلته، وعلى أمه الكبيرة بالسن بالذات، فتح الباب لـ مشعل ودخله للمجلس.. ما تفاجأ من قدومه، أعطاه خبر انه راح يجي وهو ما رفض

جلس قبال مشعل بعد ما قدم له القهوة والتمر، مشعل تكلم بهدوء بعد ما حط فنجانه على الطاولة: كيف حال الوالدة؟ إن شاء الله بخير.

رفع عيونه له وتكلم بحزن مكتوم: بعد ما ماتت المرحومة تعبت شويا، بس الحمد لله على كل حال.

مشعل بنفس هدوءه: الله يرحمها ويجعل مثواها الجنة.

وهو يطلق تنهيدة متعبة: آمــــين يـا…

ما قدر يكمل جملته إلا ويسمعوا صوتها وهي تصرخ ببكاء: آهـــ يــا بــنــتــي لــيــش تــســـيـــبـــي أمـــك لـــحـــالـــهـــا..، وصوت صراخها يعلى: ليش كدا تسوي فيا ليش تروحي وتسيبيني.

قام من الكنبة بخوف وهو يقول لـ مشعل: أعذرني يا مشعل بروح أشوف ايش في.

مشعل وهو يحاول يخفي ملامح الحزن: خد راحتك يا غسان.

خرج من المجلس بسرعه وشاف أمه جالسه في الدرج منهارة تمامًا.. تصرخ باسم فرح، وأخته الصغيرة تحاول تقومها وتهديها، طلع الدرج بخطوات واسعه وصار يساعدها على الوقوف، طالع في أخته والخوف يعتري قلبه.. يخاف يفقدها: اشبها؟ ايش سارلها.

أخته والدموع بعيونها: ما أدري دخلت الحمام ولما خرجت لقيتها كدا.

غسان: طيب انتي خلاص أطلعي فوق وأنا أشوفها.

أخته بخوف: بس…

قاطعها بابتسامة باهته مغصوبه: يلا حبيبتي، أطلعي الله يرضى عليكِ.

طالعت فيه بقلة حيلة: طيب.

غسان أنحنى لأمه وهي تعلقت فيه مثل الأطفال.. تبكي بحرقة على فقد بنتها، يحس بأنه شوي وينهار معاها بأي لحظة.. قعد فترة وهو حاضنها ويقرأ عليها الآيات القرآنية حتى هديت

في نفس الوقت خرج مشعل وهو خافض نظره ومن ثم تنحنح: أعذرني يا غسان باين إني جيتكم في وقت غلط.

الأم من لما سمعت صوته بعدت عن حضن ولدها وطالعت في مشعل بعيونها الدامعة، قامت وصارت تنزل الدرج بخطوات مرتجفة وهي متمسكة بالدرابزين، ومن ثم نطقت بكل ضعف: انــتــا جـ..ـوز بــنـ..ــتـــي فـ..ــرح؟؟!!

غسان لحقها ومسكها: يا أمي فين رايحة دا طليقها وجاي يعزي.

الأم ابتسمت ومالت براسها، كلامها موجه لغسان بس عيونها على مشعل: يعني دا مشعل صح؟ انتا مشعل صح؟ وبنتك تغريد..، لمعت عيونها بحب: فرح والله مرا كانت تحبها، وكمان قبل لا تنتحر كانت بس تجيبلي سيرتها!

مشعل أنصعق لما سمع كلمة "تنتحر" طالع في غسان يبا يتأكد من اللي سمعه ولقاه منزل رأسه، بلع ريقه وحس بالعبرة تخنقه.. هذي أسوء كلمة ممكن يسمعها في حياته، تذكرة بالطريقة اللي ماتت فيها حبيبة عمره

مشعل نطق بثقل: صـ.ـح كـلامـهـا يـ..ـا غــســان؟
** ** ** ** **


جدة..

دخلت جود للغرفة واستغربت عدم وجود تغريد فيها، ارتخت ملامحها لما شافتها بالبلاكونه، مشيت لها وفتحت الباب وخرجت عندها وهي تقول: تغريد اشبك قاعدة هنا؟ مرا رطــوبـة كيف مستحملة دا الجو.

تغريد بنبرة هادية.. شاردة، وعيونها مثبتة على الفيلا اللي قدامها: عادي.

جود بدهاء استوعبت حالة تغريد، زفرت بقلة حيله على حالتها وقربت منها وهي تحط يدها على كتفها بحنية: تــحــبــيــه يــا تـــغـــريـــد؟

طالعت فيها وعيونها مليانه دموع، نطقت بضعف وباحت بمشاعر حاولت تخبيها لـ سنين: إيــ..ــوا، أحـ..ــبـ..ــو!!

جود بذهول: تـــغـــريــــد!! انتي ما تمزحي صح!

حركت رأسها بالنفي وهي تمسح دموعها اللي كل مالها بتزيد: مــ..ــا أمـ..ــزح!

جود مسكت كتوفها، دارتها لها وبنفس حالتها المذهولة: طيب ليش تعذبي نفسك والولد كدا؟ هوا يحبك ومجنون فيكِ، وانتي تحبيه! ايش في؟ أكيد في حاجة ما أعرفها!!

تغريد تبكي بوجع: ما أبا أتكلم في دا الموضوع يا جود الله يخليكِ، لا أوجع قلبي زيادة.. كفاية اللي فيا.

جود مسكتها وخلتها تجلس على الكرسي وجلست بالكرسي اللي جنبها وبإصرار: أجلسي يا تغريد، ما حتحرك مكان إلا لما تحكيني كل شي.

تغريد غطت عيونها بيدها وما زالت تبكي وما ردت عليها

جود شكلها كسر خاطرها حيل.. حست إنها مخبية أشياء كثيرة بقلبها وما لقت اللي يسمعها، تكلمت بحنية: تغريد، بليز لا تبكي، أنا آسفه ما كان قصدي، بس من جد أحس مخي مو مستوعب شي.

مسحت دموعها، أخذت نفس عميق وصارت تحاول تهدي نفسها

جود طالعت فيها بصمت، تنتظرها لين ما تهدى وتستجمع نفسها

تغريد تكلمت بعد فترة وهي تطالع في أظافرها: اللي في قلبي لفارس عمرو ما حينمحى، أحبو منجد وما أستحمل لو سارلو شي، هوا أطيب شخص شفتو في حياتي وما حلاقي شخص يحبني زيو، في كل مرا أجرحو فيها جالسة أجرح نفسي، صدقيني ما أكون مبسوطة لما أكسر قلبو، أحاول أخفي حبي.. ولهفتي.. وخوفي لما اسمع اسمو، حاربت نفسي كتير يا جود، ودا أكتر شي كان متعبني، ما كان سهل!

جود: طيب كل دا وليش دي الدراما يا تغريد؟ مو هوا خطبك؟ ليش ما وافقتي وخلاص.. بدل دا العذاب اللي بتعيشوه؟

تغريد بتعب: حاجة أحتفظ بيها لنفسي، وما أقدر أقولها لأي أحد يا جود، لو كانت سهلة على اللسان كان قلتها وريحت نفسي، وكل اللي اقدر أقولو انو الحب ما يكفي، الفروقات اللي بيننا ما تسمح لحبنا يكتمل أبدا، ورفضي لو حيكون في مصلحتو!

جود: ايوا أقنعي نفسك بأعذارك الغبية، تراها ما حتفيدك، بكرة النهار تشوفيه متزوج ومكمل حياتو وجايب بزورة من وحدة غيرك وانتوا تحبو بعض…

تغريد أنحرق قلبها من كلامها، أخذت نفس عميق وبحدة: جـــــود أســــكـــتـــي!

جود كملت وهي تبا تضغط عليها: أساسا مرتو المستقبلية تحزن.. حترتبط بواحد قلبو مع تانيه، مرا حتتعزب بسببك يا تغريد، وأولادهم لما يشوفوا أمهم وأبوهم كدا نفسيتهم حتكون تعبانة، يا ربي بس أتخيلت قلبي عورني، وانتي قلبك ما يعورك؟

تغريد وقفت بغضب ومن ثم تكلمت بحرقة ودموعها رجعت: اصلا انتي ايش دراكِ باللي في قلبي، وأي وجع أنا بحس! أنا لما بسوي دا الشي عشان فارس.. عمري ما فكرت بنفسي، أنا مو أنانية يا جود، مو أنانية، كل همي فارس!..

أنهت كلامها ودخلت للغرفة وهي تبكي..


تحت بالصالة

كانت رامية نفسها على الكنبة وتسمع لكلام أمها وهدى، سمعت صوت تنبيه من جوالها، مسكته وبعد شوي شهقت وعدلت نفسها

طالعوا فيها باستغراب وتكلمت سعاد: ايش في يا بنتي؟

رنين بتوتر وهي تحرك شعرها: فيصل يقول شويا ويجي.

سعاد: وي، اشبو ما أداكِ خبر!

رنين قامت: خلاص ماما كويس انو حيجي أصلا، سارلو فترة كدا ما يكلمني.

سعاد وكلامها أبدا ما عجبها، يعاملها وكأنه لها ذنب في اللي صار له: طيب طيب لما يجي روحي دخليه في الصالون.

هدى تكلمت بعد ما رنين خرجت: اشبو الولد؟ زعلان منها؟

سعاد: مو زعلان، بس نفسيتو تعبانة.. ما ينلام والله، الدكاترة قالولو ما يقدر يجيب بزورة، بس بنتي ايش ذنبها يعاملها كدا، يحمد ربو ما فسخت الخطوبة.

هدى وهي تخفف عنها: أكيد هيا تحبو وما تقدر تسيبو يا سعاد، خليها تختار حياتها.

سعاد: طيب أنا ما قلت شي الله يسعدهم، بس ترا لو وحدة غيرها كانت ما أهتمت للحب ولا شي، وبالذات رنين ترا تحب النواني..، وهي تغير الموضوع: وانتي كيف رزان معاكِ.. طيبة؟

هدى ابتسمت بحب: ايوة والله ما في اطيب منها، الله يحفظها ويخليها لولدي، الحمد لله عبد العزيز مرتاح معاها مره، بس أمنيتي اشوف حفيد منهم.

سعاد بمزح: ها تبيه يكون أبيضاني زي ولدك ولا أسمر زي رزان؟

هدى بابتسامة: أي شي يا سعاد، الأهم يكون بصحة وسلامة.

سعاد: متى حتروحي؟

هدى: والله عزوز قالي كدا على الساعة 8 بالزبط.

سعاد: اها يعني لسا باقي.


بعد شوي

دق جرس الفيلا ورنين فتحت له الباب، دخل وهو يستند على عكازته.. ما يقدر يمشي بدونها بسبب الكسر اللي برجوله

رنين ضمته بشوق وهمست: وحشتني.

أما هو بلا مشاعر، ما تحركت شعره من جسمه.. وجهه جامد، كل اللي سواه بعدها عنه بهدوء متجاهل كلمتها: لازم نتكلم.

تضايقت من حركته بس ما بينت، حبها له مخليها تعذره بكل حركة يسويها، غصبت ابتسامتها وقالت: طيب تعال الصالون.
** ** ** ** **


مكة المكرمة

غسان طلع أمه للغرفة بعد ما هديت، نزل من الدرج ولقى مشعل واقف بنفس مكانه، قطب حواجبه وتكلم بعصبية: انــتــاا مــا رحــت لــيـــن دحــيـــن!!

مشعل طالع فيه وبإصرار: أنا ما حروح لين ما أعرف التفاصيل يا غسان.

مسكة من ياقة ثوبه وجره وصرخ: بــصــفـــتـــك مـــيـــن؟ قــلــي بــصفــتــك مين عــشــان تــعــرف كــيـــف اخـــتـــي مـــاتــت؟

مشعل بكل هدوء: بصفتي واحد حاسس فيك..، مسك يده ونزلها: غسان.. حتى أنا أم تغريد ماتت وهيا منتحرة، كدا سابتني وسابت تغريد لحالنا نتوجع من غيابها لين دحين، أتمنى انك تتفهمني وتحكيني.

غسان تجمعت الدموع بعيونه وهو يتذكر منظر فرح الغرقانة بدمائها، أخذ نفس عميـق وسحب يده وهو ينطق بحده: أخرج من هنا يا مشعل!

مشعل: فرح.. جاتني قبل ما تموت!

غسان بصدمة: ايــــش؟!!

مشعل: جاتني في المستشفى وكانت حالتها مو طبيعية.. تعبانة وخايفة، اتكلمت في موضوع خوفني وفجعتني.

رجعت الدموع بعيونه وحس بتوازنه يختل فتمسك بالدرابزين وهو منزل رأسه وحاط يده على قلبه، مشعل خاف عليه ومسكه: غسان اشبك؟

رفع يده لعيونه يمسح دموعه قبل لا تنزل وبصوت مرتجف: فــ..ــرح مـ.ــا أنــتـ..ـحــرت، مـ..ــا تــســويــهــا فــيـ..ـنــا، مــا تــســو..يــهــا!..

مشعل وهو يطبطب على ظهره: تعال للمجلس وحكيني كل شي، يمكن أقدر أساعدك، وحسوي كل اللي أقدر عليه.


بعد شوي..

غسان: قبل كم سنة قدمت على وظايف وما جاتها إلا في المدينة، ما كنا راضيين في البداية، ايش يخليها تروح لهناك واحنا من مكة طبعا معروفة المسافة بعيدة أربع ساعات بيننا وبينهم، يعني لازم تعيش هناك، زي ما تعرف قبل أمي تحب فرح وما ترضى شي يزعلها فقالت حتروح هناك يعني حتروح وما حترضى علينا اذا رفضنا، وطبعا انجبرنا نوافق عشان رضى أمي.

مشعل طالع فيه باهتمام انقطعت أخبارها عنه من لما طلقها وأول مرة يعرف ان شغلها بالمدينة المنورة: ايوا وبعدين؟

غسان: وبدت شغل هناك، استأجرت لها شقة هناك وجابت سواق خاص ليها وكل ويكيند تجي عندنا بالطيارة وترجع بالطيارة وكل بعد فترة نروح كلنا هناك عندها عشان نتطمن عليها، أستمرت لدا الحال لكم سنة وهيا مرتاحه في شغلها، لين ما بدات آخر فترة تتغير وتسير حالتها مو طبيعية على قولك وما كان على لسانها الا تغريد وتغريد.

مشعل وهو يقطب حواجبه: متى دا الكلام؟

غسان بتفكير: أممم تقريبا في اجازة الصيف!

مشعل سكت فترة وبعدها تكلم: طيب كمل..

غسان: قبل ما تموت بأسبوع كان ويكيند كلمت أمي وقالت لازم أوصل لمشعل، وأنبهو عشان ينتبه على بنتو، قالت دا الكلام وسابت أمي وخرجت مع سواقها بدون ما تقولها فين هيا رايحه، وبعد كدا ما جاتنا، نتصل عليها ما ترد نتصل على السواق ما يرد أتجننت وأمي كانت حتموت من خوفها، قلت بحجز بالطيارة للمدينة ما لقيت حجز في داك اليوم، ما قدرت أجلس كدا وأخدت سيارتي وطلعت المدينة رحت شقتها ومعايا نسخه من مفاتيحها، دقيت الباب ما ترد وفتحت الباب ودورت عليها وناديتها ما لقيتها.. بعدين آخر شي رحت للمطبخ..، كمل وملامحه ونبرته تتحول للوجع: لقيتها مرمية بالأرض غرقانه بدمها والمسدس بيدها، أتصلت على السعاف بس اتأخرت..، وهو يزفر بحرقة وألم: اتأخرت مرا، قيدها ماتت من قبل ما أجي!

مشعل بصدمة ما قدر يخفيها: طيب دام في مسدس أكيد أحد قتلها، مو معقولة انتحار!

غسان: مع الأسف قلت دا الكلام وحاولت بس ما كان في أي دليل يثبت كلامي، فخلوا القضية قضية انتحار!
** ** ** ** **


جدة.. الساعة 8:00

وقف سيارته قدام الفيلا وخرج منها داخل لحوش البيت، دق جواله وكان المتصل رزان فرد عليها: ايوا يا قلبي …….. خلاص دحين انا جاي بس آخد أمي …….. يسلّملي يدك يا شيخة ……… يلا سلام.

وقف عند باب الفيلا وكان بيدق الجرس بس انفتح الباب وكان قدامه فيصل، كان شكله معصب ويتنفس بسرعه، تكلم بهدوء: السلام عليكم.

فيصل دفعه حتى ابتعد عنه ومشى بـ عكازه وهو يحاول يسرع بخطواته

عبد العزيز أستغرب من حاله بس ما أهتم كثير، بس اللي شد انتباهه لما رنين خرجت وراه ولحقته بدون ما تنتبه له

رنين مسكت ذراع فيصل وعيونها تطالع في عيونه بقوة: مـــو بــكـــيــفــك يــا فــيــصــل، مــا حخليك تسيبني وبعد دا الوقت، مــا اسمحلك.

فيصل تنفس بقهر وهو يبعدها عنه: مــا أثــق فــيــكِ، مــا أتــخــيــلــك زوجــتـــي!

رنين صرخت بقهر وهي تدفعه من صدره كم مره: كيف تقول كدا بعد كل اللي سار بيننا، بعد ما سلمت نفسي ليك ووثقت فيك كيف تسويها فيا يا فيصل.

عصب أكثر من كلامها، نسى نفسه ونسى وجود عبد العزيز، رفع يده وصفع وجهها

حطت يدها على خدها وطالعت فيه وهي ترمش بعدم تصديق

فيصل وصدره يطلع وينزل من شدة أنفاسه: وعشان سلمتي نفسك ليا ما أقدر أثق فيكِ!

أنهى كلامه وبعدها لف بظهره ومشى

أما عبد العزيز، مصدوم مره، ومعصب، قبل ما يكون يحب رنين.. ما يرضى يشوف إمرأة تنضرب قدامه وتنهان بهذا الشكل، مشى بخطوات واسعه وغاضبه متوجه لفيصل حتى تعدى رنين اللي كانت واقفة بمحلها ولساتها مصدومه، مسك فيصل ولفه ولما جاء يبا يضربه صوتها وقفه

رنين تكلمت بفجعه لما شافته، ما توقته يكون هنا: عــبــد الــعــزيــز ســـيــبــو!

عبد العزيز طالع فيها وعيونه تلمع بحقد: خليني أكسر اليد اللي أتمد عليكِ يا رنين، عشان تاني مرا ما يفكر يسويها.

رنين تقدمت لهم وقالت بشموخ: حيندم على اللي سواه، بس الإستعجال مو كويس!

عبد العزيز طالع في فيصل بابتسامه مخيفة وهو يدفعه كأنه حشره عنده: اشكرها لأنها هيا اللي خلصتك من يدي، بس جرب تضرها مرا تانية صدقني ما حتتنفس تاني.

رنين دوبها تستوعب انها واقفه بدون حجابها قدامه، أخذت نفس عميق لتهدي الحرقة اللي بقلبها، أعطتهم ظهرها وهي تتوجه للداخل، وبراسها ألف فكرة وفكرة.. مرت من الصالة وسمعت صوت أمها وهي تسألها: فيصل راح؟

وقفت عند الدرج.. وجاوبتها بدون ما تلف عشان لا تشوف احمرار خدها: ايوا راح.. كمان عبد العزيز جا..، كملت بسخرية: وسلموا على بعض.
** ** ** ** **


مكة المكرمة

مشعل حط يده على كتف غسان وشد عليه: يا رجال لو تباني أشهد وأقول عن حالة فرح وكلامها ما حتكون عندي أي مشكلة.

غسان بهدوء: ما أبا أورطك في دا الشي يا مشعل، وغير كدا مهما أتكلمت ما حيسمعوني، صدقني ورا دا الشي واحد لو شأن ويحركهم زي اللعبة بكلمة منو..، كمل وهو يمرر يده على صدره وعيونه تلمع بحقد: بس أنا ما حسيبهم، والله لأكشفهم، ما حخلي دم أختي على الأرض ولو كان على موتي!

مشعل بجدية: وأنا حكون معاك.. حساعدك وقت ما تحتاجني!

غسان: شكرا يا مشعل ما قصرت.. جيتك هنا كفاية، يلا مع السلامة.

مشعل: مع السلامة..
** ** ** ** **


جدة

متمدده على بطنها في السرير وهي تفكر بكلام جود عن فارس، زفرت بتعب وجلست على طرف السرير، تمردت دمعه على خدها وسرعان ما مسحتها، جالسة تمر بحالة صعبة جدا، حرب بين عقلها وقلبها، بين إنها تروح لفارس وتعترف بحبها، أو إنها تسكت وتكمل اللي بدته: جود أكلمو؟

جود طالعت فيها باستغراب: مين؟ فارس؟ شافتها تحرك رأسها بالإيجاب وهي كملت: وكيف ان شاء الله حتكلميه؟

تغريد وهي تميل راسها: أروح لبيتهم.. أقدر أدبر نفسي وأشوفو.

جود: أقول أهجدي بلا جنان زايد، دوبك عرفتي إنك تحبيه؟

تغريد ودموعها بعيونها: جود لا تسوي زي كدا، والله لو تعرفي ايش في حتعذريني.

جود وهي تصطنع اللامبالاة: خلاص بكيفك.. دامني ما أعرف ما حعذرك.

تغريد وقلبها صار يوجعها: يعني من كلامك أفهم إنو حتى لو قلت لفارس اني أحبو ما حيعذرني، دام اني ما قلت السبب؟

جود: بالزبط.

تغريد سكتت لفترة طويلة وبعدها فجأة قامت: أنا رايحة.

جود مسكتها: يا هو فين منجدك رايحتلو؟ يمكن يكون كارهك بعد ما قلتي انك تحبي أمير، يمكن ما يبا يشوفك ولو شافك حيقول كلام يزعلك ويجرحك يا تغريد

تغريد ابتسمت وعيونها تلمع بالدموع: عادي خليه يكرهني، ياما وجعتلو قلبو، ما فيها شي لو دي المرا وجعلي قلبي!

جود بخوف: لا لا يا تغريد لا تتهوري، بابتك أكد عليكِ انك ما تخرجي لحالك، أجليها لبعدين.

تغريد: لا تخافي عليا، بيتهم قدامنا ما حيسيرلي شي إن شاء الله.

جود استسلمت: طيب براحتك، وانا عشان أريح ضميري حراقبك لين ما تخشي عندهم.

تغريد: طيب بس ما حروح دحين كدا لما يكون البيت نايم وقبل ما يرجع بابا.

جود وهي مره مو متطمنه: طيب.
** ** ** ** **


مكة المكرمة..

وقف سيارته قدام احدى المحلات.. خرج منها ودخل محل الآيسكريم.. ومن حسن حظه كان فاضي، وقف عند البائع اللي سأله: أي نكهة تبغا يا أخويا؟

مشعل: فانيلا ومنجا.

البائع بابتسامة: ايوا دا طلب أهل مكة المعتاد، ما تباني أحطلك غيرو؟

مشعل بحب: لأ، بنتي تحب دي النكهة، وبالله عليك حطو كدا في علبة كبيرة.

البائع: الله يحفظها ليك.

مشعل أبتسم، أكثر دعاء يقوله.. و أكثر دعاء يحب يسمعه من الناس: آميــن وكمان حطلو شوية فستق.

البائع: أبشر.

حاسبه على الأيسكريم وأخذها: شكرا.

مشى للباب عشان يخرج ودق جواله، خرجه من جيبه وكان المتصل تغريد فرد عليها: ايوا حبيبتي.. خلاص أنا شويا وحمسك الخط …….. ايوا أشتريتلك يا قلبي معقولة أنسى؟ يلا أنتبي على نفسك ……. أشوفك لما أجي.

أنفلت من يده الكيس اللي بداخله الايسكريم وطاح على الأرض، حس بقلبه ينقبض فقطب حواجبه بقوة وإحساس جدا غريب سرى بجسده، تعوذ من أبليس وشال الكيس ودخل سيارته
** ** ** ** **


جدة..

طالعت فيه وهو معطيها ظهره ونايم.. آخر فترة حسته متغير شوي، وكأن فيه موضوع شاغله، كلما تحاول تعرف ايش به يغير الموضوع.. حاله مو عاجبها ابدا، قامت من السرير وراحت لجهته، أخذت جواله من الكمدينة وحاولت تفتحه بس حتى جواله غير رقمه السري وقبل كانت تعرفه.. أكيد مخبي شي عنها

مسكت يده وأخذت اصباع اصباع تحاول تفتح جواله ببصماته، بس ما فتح، زفرت بعدم صبر وسحبت يده الثانية، جربت ابهامه وعلى طول فتح، حمدت ربها ان نومه جدا ثقيل وتقدر تاخذ راحتها، مسكت الجوال بيدينها المرتجفة، قلبها يدق بسرعه.. خايفه من أنها تلاقي شي مو كويس

دخلت على الواتساب ودخلت في آخر محادثة أتكلم فيها وقريت اللي كاتبه

"حسام.. أرسل الصور لـ رنين"

"متأكد من اللي تباني أسويه يا عزيز"

"ايوا متأكد مليون مرا، الكلب شفتو اليوم يضربها، والله ما أسيبو، كنت أقول لنفسي لا أتدخل في حياة البنت دامني أتزوجت، ما أقدر أستحمل.. خليها تعرف فيصل على حقيقتو"

"طيب ومرتك؟ ايش وضعك معاها دحين، لازم تحدد يا عزيز.. لساتك تحب رنين وتحاول تخليها تكره خطيبها، ما يسير زي كدا"

"لا تتدخل في حياتي، يكفي انك تسوي اللي أباه!”

"طيب"

رفعت رأسها وهي تطالع في عبد العزيز بعيون دامعه ويدها ترتجف أكثر، مفجوعه من الكلام المكتوب، مو مصدقة اللي قرأته، جاها فضول فضيع لتعرف ايش هي الصور فراحت للميديا وما لقت غير كم صورة فضغطت عليها، حطت يدها على فمها بصدمه لما شافت فيصل بأوضاع مخلة جدًا وحوله كم بنت، لفت للصور الثانية وكانت كل صورة مخلة أكثر من اللي قبلها!..

رجعت للمحادثة وكملتها

صاحبه كتب بعد ساعه
"خلاص أرسلت الصور، أتمنى انو ما تخرب على البنت، ما في أحد يستحق كدا"

"من حقها تعرف، لا تكون على عماها، تستاهل واحد أحسن منو بكتير، بس حاب أقولك، حتى لو إني أحب رنين.. وأني أتزوجت عشان أنساها، بس أنا ما أقدر أفرط بزوجتي، حط دا الشي في بالك"

حطت الجوال في مكانه بعد ما خرجت من الواتس وقفلته، رجعت لمكانها وهي تجر رجولها جر، تحس بثقل برجولها وحمل كبير بقلبها، جلست على السرير وتمددت على جنبها ودموعها صارت تنزل بهدوء من طرف عينها
** ** ** ** **


جود طالعت في رنين اللي كانت نايمة ومن ثم رجعت نظرها لتغريد وبهمس: تغريد ورب الكعبة أنا خايفة عليكِ، كدا قلبي مو متطمن.

تغريد ابتسمت وهي تمسك يدها لتهديها: لا تخافي يا جود اشبك، كل اللي بيننا وبين بيتهم كم خطوة وي!

جود: حصني نفسك لا تنسي.

تغريد: طيب.

خرجت من الغرفة وهي خلاص لابسه عبايتها ومتجهزة، نزلت الدرج وراحت لين الباب، فتحته وخرجت وهي تقفله بكل حذر، مشيت للفيلا المقابلة وكانت راح تدق الجرس اللي يفتح البوابة الكبيرة للفيلا بس الحارس شافها وقالها: مدام تغريد؟

تغريد: ايوا أنا، تقدر تفتحلي الباب؟

الحارس: أكيد ما في مشكلة.

فتح الباب وهي دخلت وصارت تمشي بالحوش، نزلت عيونها للأرض وهي تفكر، كيف راح تبدأ بكلامها معاه، ايش راح تقوله؟ كيف راح تبرر تصرفاتها القاسية وصدها له!


بداخل الفيلا

وليد كان يشرب الشاهي ومنصت لأميرة اللي كانت تتكلم وقلبها محروق على ولدها: الله يحرق قلوبهم زي ما حرقوا قلبي في فارس يا وليد، والله ما سار ولدي اللي اعرفو طول الوقت في غرفتو، مكتئب وحزين والله مو دا ولدي.

وليد بهدوء عكس الحريقة اللي جواته صحيح هو شديد وصارم مع فارس لكنه يحبه وهو ولده الوحيد: كلهم حياخدوا جزاهم وأكتر ما حسيبهم، ما حرتاح إلا بعد ما أمرمطهم في المحاكم وأعفنهم في السجون يا أميـرة، دامني مسكتهم ما في شي يمنعني من إني آخد حق ولدي منهم.

أنتبهوا له وهو ينزل من الدرج فأشر وليد لأميرة إنهم ما يفتحوا هالموضوع قدامه، وبعدها كلمه: فارس فين رايح؟

فارس بهدوء بدون ما يطالع فيهم: خارج برا، حاس نفسي مخنوق.

أميرة: طيب انتبي على نفسك.

ما رد عليها، خرج للحوش وتفاجأ بوجودها: تــغــريـــد!!

رفعت رأسها بعد ما ميزت صوته ودقات قلبها تسارعت: فـــــارس..

فارس شكله شكل واحد مفجوع من جيتها: انتي ايش جابك هنا؟

تغريد طالعت فيه وعيونها تلمع بحب، شعور حلو بتحس فيه، احساس كانت تحاربه من أول، والحين قررت تطلق العنان لمشاعرها وحبها: جـاية عشانك فارس.

فارس لساته بحالته المفجوعه، فيها شي متغير، لمعة عيونها.. نبرة صوتها.. كلامها، حس عل نفسه وقطب حواجبه سائلها باقتضاب: ايش تبي؟

تغريد قربت منه كم خطوه وعيونها بعيونه: فارس تعرف اني ما أحب أمير؟ أصلا مستحيل أفكر بواحد زيو، يعني مستحيل أحب واحد متخلف زي أمير، ولا قد فكرت فيه من دي الناحية..، كملت بصوت ساحر وابتسامة ساحرة: فارس أنا أحبك انتا، ومستحيل أفكر بغيرك.

فارس طالع فيها بذهول: انتي.. انتي ايش جالسه تقولي!

تغريد مالت برأسها وهي تضم يدينها لصدرها وبنفس نبرة صوتها: زي ما سمعت يا فارس..، حست بالخجل وهي تنطقها للمرة الثانية: أحبك انتا مو أمير، وأرفض كل الرجال عشانك مو عشانو هوا.

قطب حواجبه وكأن اللي سمعه ما عجبه وشد على قبضة يده، لف وجهه وهو يرجع شعره على ورا بقوة ومن ثم طالعها بألم: ليش دوبك تقوليها يا تغريد؟ شفقانه عليا؟ على رجولي اللي ما أقدر امشي بيها كويس؟

تغريد باندفاع: لا لا يا فارس..، وعيونها بدت تدمع: صدقني أحبك من زمان ويمكن من قبل ما تقولي هيا وأنا أحبك..، وصوتها بدا يميل للبكاء: صدقني عشانك سويت كدا.

فارس ضحك بقهر: عشاني؟ طيب قوليلي اللي سويتيه عشاني فادني ولا ضرني؟ حالتي اللي وصلتها بسببك دحين عاجبتك؟

تغريد همست بعدم استيعاب وهي تأشر على نفسها: بسببي؟

فارس بنبرة حاده: ايوا بسببك.

تغريد بصوت مخنوق: آسفه يا فارس.. بس كنت أحسب حبنا ما يكفي، كنت…

فارس قاطعها بعصبيه: كنت كل اللي أباه اني أسمع من البنت اللي حبيتها كلمة تحسسني على الاقل إني انسان مهم في حياتها، بس انتي حتى نظرة ما كنتي تديني.. كلمة تخليني أرتاح في الليل وأنام كويس، بدون ألم يوجع قلبي لما أتزكر اللي كان بيناتنا يا تغريد، وانتي دحين أتأخرتي مرا أتأخرتي!

تغريد ودموعها صارت تنزل بحرقة: مين قال اني انام مرتاحة يا فارس؟ وهي تحرك رأسها بالنفي: ما أرتحت، عمري ما أرتحت يا فارس وأنا أتذكر كيف أرفضك، كل يوم أنام وأنا أبكي، أبكي لاني اجرحك، ابكي لأني بقولك عكس اللي بقلبي دايما، في الوقت اللي أنا أعشقك فيه انغصب اني ابين لك العكس، صعب عليا اني أدفن حبك في قلبي..، كملت وهي تشهق ببكاء: بـ..ـس انــ..ــا مــجـ..ـبــورة، مــجــبـ..ـورة!..

طالع فيها وهي تغطي وجهها وتبكي بصوتها، كلامها يرن بأذانيه ويعور قلبه، ما يعرف يبكي أو يفرح من كلامها، أخذ نفس عميق وبعد يدينها عن وجهها وتكلم بهدوء: ليش انتي مجبورة يا تغريد؟ ايش الشي اللي فيكي ممكن يخليني أكرهك وأفكر بيكي بطريقة تانية!

تغريد سحبت يدينها بتوتر من سؤاله واخفضت نظرها: مـ..ــا أقـــدر أقــ.ـول!..

فارس بنفس هدوئه: طيب اهلي يعرفوا؟ وهما كمان ما يبغوكِ لدا السبب؟ وانتي تخافي افكر بيكِ بنفس الطريقة؟

طالعت فيه وهي تمسح دموعها، حركت رأسها بالإيجاب وبصوت مبحوح: ايــوا!..

فارس وهو يطالع في عيونها ودقات قلبه بتزيـد مع كل كلمة ينطقها: لو قلتلك.. خلينا نشرد من هنا.. ونخلي لهم أفكارهم وعاداتهم الغبية.. تجي معايا؟

تغريد بنظرة خوف: فارس انتا ايش تقول؟

فارس بجدية: اللي سمعتيه يا تغريد.. خلينا نشرد، لو رفضتي ممكن مستحيل نجتمع تاني أنا وانتي، ابويا مصر يخليني اتزوج بنت عمتي، وانا ما أبغا غيرك، ويا خوفي عمي مشعل يصر عليكِ في يوم من الأيام انك تتزوجي غيري.

تغريد وعيونها بدت تدمع: فــ.ــارس، ما أقـدر اسـويها في بابا، ما أقـدر أكسرو عشان سعادتي، ماني أنانية لدي الدرجة!

فارس بسرعه: أمير.. دا نيتو مو كويسه ليكِ، هوا اللي أمر الرجال يخطفوكِ ديك المرا.. ودحين مهددني والحالة اللي أنا فيها بسببو، كلو عشان ما رضيت أضرك!

تغريد شهقت: ايش؟ ليش بيسوي كدا؟

فارس: ما أعرف ايش نيتو بالزبط، بس انتي..، وهو يمد يده لها: أمسكي يدي وخلينا نشرد منهم، من أهالينا اللي يرفضوا حبنا ومن أمير اللي يبا يضرك..، شافها جدا متردده فكمل بتشجيع: خلي يدك بيدي وعمري ما حسيبك وما حتخلى عنك!

تغريد طالعت فيه، نسيت كل شيء وما صارت تفكر إلا بمشاعرها: توعدني يا فارس؟

فارس بثقة: أوعدك!

جات بتمد يدها ليده بس ضربه قوية في رأسها منعتها، أفقدتها الوعي وأخلت توازنها، فارس مسكها بسرعه قبل لا تطيح وهو مفجوع، رفع عيونه ونشف الدم بعروقه لما شاف الشخص اللي ضربها: انــــتـــــآآآ.

أبتسم بخبث وهو يرمي الخشبة اللي ضرب بيها تغريد: أيوا أنا، كنت حاس انك حتضعف قدامها يا خروف، فقلت لازم أروح وأتأكد بنفسي، وطبعا لما شفت حالكم مو عاجبني أتدخلت! كمل بنبرة آمره: بسرعه وديها للسيارة، وصدقني حتندم لأنك كنت حتخدعني!
.
.
.
خلينا نوقف بالوقت هنا.. ونقدمه بعد مرور أكثر من 24 ساعة!

جلس على الأرضية الحمام المبللة بانهيار دون ما يهتم لشظايا المرايا اللي كسرها.. ذكريات الماضي تلاحقهم مثل الشبح، عدت سنين على الموضوع بس رجع انفتح من جديد لتنفتح جروحهم، غلطته.. لكن هي اللي تضررت، هي اللي بتدفع ثمن هالغلطه!

رفع رأسه للسقف وصرخ بآهــ متوجعه.. صرخ من أعماق قلبه وصورتها اللي أترسلت لجواله تدور بباله، حرق قلبه فيها وهي ما لها ذنب، طفلته.. صغيرته تعذبت وبسببه! لو يقدر يعدل الماضي كان عدله، كان تغير قدرهم، ما كانوا وصلوا لهلحال، سمع صوت سعاد الباكي وهي تطرق الباب كم مرة: مشعل حبيبي أفتح الباب الله يخليك لا تسوي زي كدا لا تفجعنا فيك حبيبي أفتح الباب.

ثبت عيونه المتلألأه بالدموع على الباب ونظرته فارغة.. تايهة، متجاهل صرخاتها وبكائها وكانه ما يسمعها، نزلت دمعة من طرف عينه وذكرى أليمة مرت بباله، توجعه لدرجة انه يفكر لو انه سامحها.. لو إنه غفر لها خيانتها ومشى وراء قلبه وحبه لها.. لو إنه داس على كرامته ورجولته، كانت حياته راح تتغير، ما كان صار اللي صار اليوم، ما كان منهار، ما كانت بنته بين يدين رجل الرحمة منزوعة من قلبه، ما كانت دينيز ميته!

لمحه من الماضي، قبل 19 سنة
تركيا.. اسطنبول

تايهة في شوارع اسطنبول المظلمة عيونها ممتلئه بدموعها ويدها على بطنها، لفحتها نسمة هواء باردة خلتها ترتجف أكثر، بلا شعور منها قادتها رجولها لبيته، طالعت فيه وشفايفها مقوسه تعلن بقرب انفجارها من البكاء، ماسكة نفسها بالقوة لا تنهار، اللي صار لها آخر فترة كثير عليها، ما تقدر تتحمله لحالها، تحتاجه.. تحتاج مشعل يشيل عنها همها ويحميها من كل أذى، مالها غيره، واذا رفضها هو كمان ما عندها مكان لتروح له!

دقت الجرس وانتظرت لثواني حتى فتحلها الباب مشعل، طالع فيها بدهشة وسرعان ما تحولت ملامحه للجمود: ماذا تفعلين هنا؟

دينيز بصوت متعب وهي على وشك البكاء: مـشـ..ـعــل، أنا.. أنـ…

حست بأنفاسها تضيق أكثر وأكثر وتخنقها فما قدرت تكمل كلمتها وتسندت على الباب بكل تعب

مشعل ما قدر يخفي خوفه عليها مسكها وسدنها عليه: دينيز، إن حالتك مزرية سادخلك هنا.

حطت رأسها على كتفه ودمعه تمردت على خدها باشتياق لـ هالخوف والحنان، هي اللي حرمت نفسها منه وندمانة، ندمت أشد الندم بس ما كان بيدها!

مشعل مشاها للصالة ويده محاوطة خصرها وبعدها ساعدها لتتمدد على الكنبة، جلس على الطاولة اللي قبالها، وهو يتحسس جبينها ليتفقد حرارتها، قطب حواجبه بقوة: حرارتك مرتفعه جدا يجب أن أضع لك كمادات.

كان راح يقوم بس مسكت ذراعه، أرتجف من ملمس يدها وعيونه اللي تعلقت بعيونها المترجية.. سحرته مثل كل مره ورجع جلس بلا شعور منه، كسرت قلبه ولساته العاشق الهائم بحبها.. يبحث عن راحتها ويخاف عليها مع إنها فضلت رجل غيره وتركته عشانه!

مشعل بحنان: ماذا هناك يا دينيز؟

دينيز وعيونها دمعت: مـ..ــشـعــل، أنــ..ــا لدي مـ.ـا أقولــه!

مشعل: حسنا، أنا أسمعك!

طالعت فيه بتردد كبير، شافت بعيونه نظرة خوف وترقب من الكلام اللي راح تقوله، عدلت جلستها، تكلمت بعد فترة وهي تضم يدينها لصدرها: أنــا.. أنا حــامــل!

طالع فيها وعيونه موسعه على الأخير بصدمة! شي أبدا ما خطر على باله! قام من مكانه وتراجع بخطوات للوراء وهو مو مصدق للحين اللي سمعه: ماذا تقولين يا هذه!

دينيز ضغطت على نفسها، توجهت له رغم تعبها وتكلمت بصوت باكي: مشعل أنا وحيدة لم يعد لي أحد سواك..، قربت منه وحطت رأسها على صدره وهي تبكي أكثر: مشعل، أنا متعبة، جدا مرهقة وعندما عرفت بأمر الطفل أنهرت ولم أعد أستحمل.

تقطع قلبه عليها لما سمع شهقاتها المرتفعة، رفع يده لرأسها وجاء بيمسح على شعرها بس يده تجمدت لما كملت كلامها

دينيز: كرم عندما علم بذلك لقد تركني، عائلتي طردتني من البيت، لم يعد لي أحد سواك أرجوك سامحني.

مشعل تجدد الحقد بقلبه، وكأنه بكلامها هذا ذكرته باللي سوته فيه، أرتكبت غلط لما ذكرت اسمه قدامه.. غلطت حيل لما ذكرت أسم الرجل اللي تركته عشانه، مسك ذراعها بقسوة وبعدها عن حضنه، تكلم بحده وهو يرص على أسنانه ويناظر بعيونها المفجوعه: ما الذي يشفع لك حتى أسامحك يا دينيز؟

طالعت فيه بصدمه من تحوله المفاجئ، ذراعها صارت توجعها من مسكته القوية، تكلمت بخنقة ووجع: الطفل الذي في أحشائي هو طفلك، ألا يكفي ذلك؟

مشعل بصوت ملاه الحقد وفاض: لا شيء سيشفع لك يا دينيز، حتى إن مرت السنين، فإن قلبي لن يجبر كسره شيء، لن يبرئ جرحي أبدا، ولن أسامحك ما حييت.

دينيز نزلت دموعها بانهيار من كلامه، اذا هو رفضها كمان لوين راح تروح؟ ما عندها أحد غيره، رفعت يدها بتوسل وهي تشهق ببكاء: أرجوك يا مشعل لا تقل هذا، لا تكن بمثل قسوتهم وتتركني وحيدة، أتوسل إليك لا تفعل هذا بي، أنا لم أعشق سوى غيرك، أرجوك اترك هذا العناد، أعلم بأنك تحبني.. أعطيني فرصه وسأثبت حبي لك.

نزل رأسه لناحيتها وهمس بفحيح: لقد تأخر الوقت يا دينيز! هذه التوسلات، والدموع الكاذبة لن تهز شعره مني، لقد مسحتك من قلبي منذ تلك اللحظة التي فضلتي بها كرم علي، كنت قد أعطيتك الفرصة من قبل، ولكن أنتي رفضتها!

دينيز: ولكن طفلنا! كيف سأعتني به وحدي؟ كيف سأطعمه وأجلب المال وأربيه بنفس الوقت كيف سأفعل كل هذا وحدي يا مشعل!

مشعل أبتسم بسخرية وبتجريح: أذهبي إلى والده وحاسبيه، لا أفهم لماذا انتي هنا لتحاسبيني!

دينيز: انه طفلك، طفلك يا مشــ…

مشعل قاطعها بنفس سخريته وتجريحه: طفلي؟ أم طفل كرم؟ أوه أتوقع طفل رجل ثالث أو رابع، ربما قد خنتي كرم مع رجل آخر مثل ما فعلتي معي!

كلامه القاسي أوجع قلبها، جفت دموعها وصارت تطالع فيه وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها، تكلمت بصوت متقطع ومتألم: أنـ.ـا لـ..ـم يـلـمـسـ..ــنــي أحـ..ــد غـ..ــيــرك! لـ..ــم أعـ.ــشـ..ــق أحـ..ـد غــيـ.ــرك، لا تــكــن بهذه الــقـ..ــســـوة أرجـ..ــوك!

ما علق على كلامها كل اللي سواه مسك ذراعها ومشى بها لخارج البيت دفعها بقسوة وقال بحده: لن أعترف بهذا الطفل الغير شرعي، ولا أتشرف بطفل منك، وأتمنى أن لا أرى وجهك أبدا!

انهى كلامه وقفل باب الشقة وخلاها واقفه مصدومة، رجولها ما قدرت تشيلها من الصدمة، جلست على عتبة الباب ودموعها صارت تنزل بحرقة، كذا بكل سهوله طردها وتخلى عنها؟ ما اهتم لها؟ ما فكر بالطفل اللي تحمله بين أحشائها؟ ايش يكون مصيرهم الحين وهم بدون أحد؟ كيف تقدر توازن حياتها من جديد بعد ما الكل تركها؟ ارتفعت شهقاتها وعلا صوت بكاها الحزين لعله يسمعها ويحن قلبه عليها، مرت الدقايق وهي على حالها، ما تغير ولا شي.. يأست منه، قامت وهي تستند على الجدار، مشيت وابتعدت عن البيت وهي ما تعرف ايش مصيرها المجهول مع طفلها أو…
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
طـــــــفــــلــــــتـــــــيـــــهـــــــا!


**


نهاية الفصل السادس عشر

-إن شاء الله عجبكم الفصل بالأحداث اللي فيه، ولا تحرموني من توقعاتكم هيا اللي تدفعني للاستمرار، أشوفكم بالفصل الأخير على خير.

عمر البعد 21-01-18 01:27 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 

يوو يووو الاحداااث نااااار
احسك تلعبين بااعصابنااا شوشو
دنيييز خانت مشعل قبل ماتولد تغريد او قبل !!!!!
يعني كذا شااك بان تغريد مو بنته واكيد عمل التحاليل عشاان يتأكد
معه حق بكل صرااحه
عزووز هذا قااهرني بتفكيره برنين سييبهاا وانسى انك كنت تحبهاا بيوم لا تخرب بيتك
ميس وامير الشياطين ياامال الساحق المتلاحق الله ينتقم منكم

من جد حسيتني دخلت بروايه ثاانيه مع تصاعد الاحداث
احمدي ربك شوشو ماشفت المقاطع اللي حطيتيهاا قبل الجزء والا كان جبت العيد بالتوقعاات ههههههه

ننتظرك يااا عسوله
:55:

شقى الماضي 21-01-18 07:43 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر البعد (المشاركة 3696702)

يوو يووو الاحداااث نااااار
احسك تلعبين بااعصابنااا شوشو
دنيييز خانت مشعل قبل ماتولد تغريد او قبل !!!!!
يعني كذا شااك بان تغريد مو بنته واكيد عمل التحاليل عشاان يتأكد
معه حق بكل صرااحه
عزووز هذا قااهرني بتفكيره برنين سييبهاا وانسى انك كنت تحبهاا بيوم لا تخرب بيتك
ميس وامير الشياطين ياامال الساحق المتلاحق الله ينتقم منكم

من جد حسيتني دخلت بروايه ثاانيه مع تصاعد الاحداث
احمدي ربك شوشو ماشفت المقاطع اللي حطيتيهاا قبل الجزء والا كان جبت العيد بالتوقعاات ههههههه

ننتظرك يااا عسوله
:55:

هههههههههه تحسي؟ اكيييد لازم العب بأعصابكم 😈😈😈

قبل ما تولد تغريد واختها😉.. خانتو
قيدو عبد العزيز خرب بيتو خلاص، المفروض من اول ما يتدخل في حياة رنين
لسا لسا حياتي، امير ماشفتي منو حاجه وفري دعواتك عليه للفصل الاخير🙂

تسلمي يا قلبي
ههههههههه بالعكس كنت اتمنى انك تشوفيها وتعلقي عليها

على العموم يا قمر شرفتيني بردك

شقى الماضي 23-01-18 04:14 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
يا جماعه انا صبرت كتير على التعليقات ووصلت الفصل الاخير وما لقيت تشجيع الا من عمر البعد
يا ليت اللي بيقرا روايتي يعلق صدقوني ما حتخسروا شي بالعكس انتوا بتفرحوني وتشجعوني للكتابه😭😭
بليز ابا حماس شويا يخليني احس انو روايتي احد بيتابعها مو كدا ميته💔💔💔💔💔💔
وربي انا مكتئبه☹

امواج الخريف 24-01-18 04:18 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم
روايتك جميلة جدا ومع كل فصل بدي اعلق عليها لكن الظروف بتحكم خصوصا احنا الكهربا عندنا معاناه حقيقي يعنى مرة مافي كهربا ومرة ما في نت اعذرينا على التقصير بس بجد روايتك حلوة واحداث سريعة ومشوقة استمري و الله يوفقك يارب

شقى الماضي 25-01-18 08:13 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة امواج الخريف (المشاركة 3696815)
السلام عليكم
روايتك جميلة جدا ومع كل فصل بدي اعلق عليها لكن الظروف بتحكم خصوصا احنا الكهربا عندنا معاناه حقيقي يعنى مرة مافي كهربا ومرة ما في نت اعذرينا على التقصير بس بجد روايتك حلوة واحداث سريعة ومشوقة استمري و الله يوفقك يارب

تسلمي يا حلوة على ردك المحفز، معذوره يا قلبي والله يعينكم 🌷

bluemay 25-01-18 08:30 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحب اعتذر منك على عدم متابعة روايتك

ظروفي مو متل أول وقليل للاقي وقت فراغ

وروايتك جميلة وبدها رواقة وفضى بال

ما تنحبطي ولا تتضايقي

اكيد في الك متابعين ولو ما لاقيتي ردود كتيرة

فهادا غالبا بسبب الظروف.

واصلي وبالتوفيق يا رب

تقبلي مروري وخالص ودي

نغم الغروب 26-01-18 10:26 AM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة شقى الماضي (المشاركة 3696774)
يا جماعه انا صبرت كتير على التعليقات ووصلت الفصل الاخير وما لقيت تشجيع الا من عمر البعد
يا ليت اللي بيقرا روايتي يعلق صدقوني ما حتخسروا شي بالعكس انتوا بتفرحوني وتشجعوني للكتابه😭😭
بليز ابا حماس شويا يخليني احس انو روايتي احد بيتابعها مو كدا ميته💔💔💔💔💔💔
وربي انا مكتئبه☹


السلام عليكم و رحمة الله
عايزه أقلك إني حاسه بيكي والله
أعرف الإحباط الي بيحس بيه الواحد لما يجتهد و يتخيل و بعد كده يحط ده كله في كلمات و في الآخر ما يلاقيش اهتمام كافي من القراء
الي عاوزه أقولهولك إن الإحباط ده موش لازم تخليه يوصل لاكتئاب أبدا:Taj52:
احنا ككتاب هواة بنكتب عشان بنحب نكتب فلو ظبطت معانا ظبطت ، ما ظبطتش هتظبط مره تانيه إن شاء الله
و صدقيني كونك توصلي بروايتك للنهايه ده في حد ذاته نجاح ، كفايه تشوفي كمية الروايات المغلقة
ربنا يوفقك يا رب و خلي دايما معنوياتك مرتفعة:ma1:
و أنصحك تقري الكتاب ده عن الكتابه و الأدب و الكتاب الهواة " لعبة الأدب " لفتحي خليل
دمت في حفظ الله و رعايته

شقى الماضي 04-02-18 07:50 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3696867)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بحب اعتذر منك على عدم متابعة روايتك

ظروفي مو متل أول وقليل للاقي وقت فراغ

وروايتك جميلة وبدها رواقة وفضى بال

ما تنحبطي ولا تتضايقي

اكيد في الك متابعين ولو ما لاقيتي ردود كتيرة

فهادا غالبا بسبب الظروف.

واصلي وبالتوفيق يا رب

تقبلي مروري وخالص ودي

شكرا حبيبتي على ردك
أنا كل اللي اباه الناس اللي بيقروا روايتي ومسجلين في المنتدى انهم يعلقو
واتمنى انك ما تضغطي على نفسك عشان تقري الرواية
وأدري كل واحد بظروفو

شقى الماضي 04-02-18 07:54 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نغم الغروب (المشاركة 3696891)

السلام عليكم و رحمة الله
عايزه أقلك إني حاسه بيكي والله
أعرف الإحباط الي بيحس بيه الواحد لما يجتهد و يتخيل و بعد كده يحط ده كله في كلمات و في الآخر ما يلاقيش اهتمام كافي من القراء
الي عاوزه أقولهولك إن الإحباط ده موش لازم تخليه يوصل لاكتئاب أبدا:Taj52:
احنا ككتاب هواة بنكتب عشان بنحب نكتب فلو ظبطت معانا ظبطت ، ما ظبطتش هتظبط مره تانيه إن شاء الله
و صدقيني كونك توصلي بروايتك للنهايه ده في حد ذاته نجاح ، كفايه تشوفي كمية الروايات المغلقة
ربنا يوفقك يا رب و خلي دايما معنوياتك مرتفعة:ma1:
و أنصحك تقري الكتاب ده عن الكتابه و الأدب و الكتاب الهواة " لعبة الأدب " لفتحي خليل
دمت في حفظ الله و رعايته

ههههههه يعني مو انا الوحيدة اللي بعاني
شوفي هيا هرجة الاكتئاب لأنو حساب الانستا حقي مو قادرة أخشو وتعب تلاته شهور ضاع، فمرة زعلت عليه وكمان قلة الردود أحبطتني
وإن شاء الله حقرأ الكتاب اللي قلتيلي عنو
وشكرا

شقى الماضي 13-02-18 12:42 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
يا جماعه اخيرًا اخيرًا حددت موعد للفصل 💃🏻💃🏻
موعدنا يوم الاثنين الساعه 10 الليل ✨✨
الفصل تقريبا جاهز
بس ما حنزلو الا يوم الاثنين
اكيد مافي احد يبا يقرا الفصل وهوا مليان اخطاء املائية
المهممم اخليكم مع المقتطفات الحريقة🔥🔥
.
.
همس بحرقة وهو يشوف خدها المحمر: ضــربــك عــديـــم الــرجــولـة!
.
.
.
كانت تدور بالغرفة وتفرك يدينها بتوتر، تغريد تأخرت كثير.. بدأت الوساوس تلعب بعقلها وتخوفها…
.
.
.
وهو يرجع خصلات شعرها وراء أذنها: رزان ايش في؟ ليش تبكي؟
.
.
.
...: أيوا، خلاص سويت اللي تباه.
.
.
.
أبتسم بخبث وهو يشوفها تختنق ووجهها بدأ يتحول لونه للاحمر: تعرفي ايش؟ نفسي أخنقك لين ما تموتي…
.
.
.
خرجت من الصالة وانتبهت للظرف، قطبت حواجبها وهي توها تتذكره، أخذته من فوق الطاولة وصارت تقلبه..
.
.
.
قلبه ذايب منها.. من قربها.. من همسها ومن ريحة عطرها
.
.
.
والدموع تتجمع بعيونها: طيب كدا تغريد حتتدمر!
.
.
.
حطت يدينها على كتوفها وهزتها: هــــيــــا جـــاوبـــي يـــا ديـــنـــيـــز، أيـــن مــــلــــك؟
.
.
.
نطقت بنبرة جدا باردة وهي تمد يدها: أنا شهد الـ……. من جمعية حقوق الأطفال التابعة لحقوق الإنسان
.
.
.
ما قدرت تستحمل وانهارت، حطت يدينها على وجهها وصارت تشهق!
.
.
.
نزل لمستواها وهو يحاول ما يتعدى حدوده معاها فتلكم بهدوء: أشبك، ليش جالسه هنا؟

رفعت عيونها المليانة دموع له ونطقت بشهقات متتالية بلا شعور منها: الـــصـ.ــور…
.
.
.
تعلقت فيه وهي تقول من بين شهقاتها: أنا تعبت منها، تعبت وما أقدر أستحملها أكتر من كدا، ما أقدر، وديها عند أبوها، وديها!
.
.
.
…: يــا كـــلــــب يــا حــقــيــر، يــا زبــالــه لا تـــقــرب مــنـهــا، لا تــنــجــســهــا.
.
.
.
خرج من جيبه السكينة الحادة والجيب الثاني داسس فيه المسدس!
.
.
أشوفكم يوم الاثنين على خير
اذا اتجهز مية من مية حنزلو لكم قبل الموعد

خديجة أبوكردوغة 23-02-18 06:32 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
أنا بعدني ماقريت الرواية بس المقتطفات حمسوني عشان أقرأ تابعي حبيبتي ولايهمك وخلي ثقتك بنفسك عالية♥♡
القدس♥نبضي

شقى الماضي 25-02-18 06:20 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة أبوكردوغة (المشاركة 3698322)
أنا بعدني ماقريت الرواية بس المقتطفات حمسوني عشان أقرأ تابعي حبيبتي ولايهمك وخلي ثقتك بنفسك عالية♥♡
القدس♥نبضي

الحمد لله انها حمستك وان شاء الله أشوف تعليقك مرا تانبة

شقى الماضي 27-02-18 07:06 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لقد عشت طفولة مشتتة
لم أكن أعرف من هو أبي
عشت مع أمي في منزل متهالك
ولكني كنت أرضى بالأمر الواقع لأن وجودها كان يكفيني
كنت أعرف أنها تعاني وتحارب من أجلي.. من أجل راحتي
حتى جاء اليوم الذي تتخلى فيه عني
ذهبت بي لدار الأيتام
بكيت كثيرا وترجيتها أن لا تتركني
ولكنها أدارت ظهرها لي قائلة:
آسفة صغيرتي بيرين.. لا أستطيع تربيتك بمفردي
ثم تركتي.. مكسورة.. حزينة.. أعاني من فراقها الموجع حتى يومكم هذا..
مرت أحداث كثيرة وموجعة..
كانت فوق طاقتي بالنسبة لطفلة لا تتجاوز التاسعة من عمرها
وأسوأها حين تعرفت على أبي
كان يملك اسمًا غريبًا "مشعل"
بدايةً.. لم يكن نعم الأب لي
يعاملني بقسوة لا أعرف سببها
كان يكرهني ويكره أمي
أمي.. كيف كنتي تقولين لي أنه كان متيم بكِ؟
أمي.. كيف احببتي رجلًا مثله؟!
أمي.. سمعته يقول عني أنني ابنة زنا.. ماذا يعني ذلك؟
أمي.. خذيني معك.. لم أعد أتحمل قسوته
أمي.. أريد حنانك.. أريد الموت بجانبك

انتظروني بالفصل السابع عشر والأخير من الجزء الأول
بعنوان:
"وكان أسمها بيرين"

شقى الماضي 27-02-18 07:11 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
لمحة من الماضي، قبل 18 سنة
تركيا.. إسطنبول

مشيت بخطوات هادية ناحية سريرها، طالعت لطفلتيها النائمتين "ملك" و "بيرين" تأملت ملامحهم، صارت أعمارهم أربعة شهور وكل ما يكبروا بيصيروا يشبهوا لأبوهم أكثر، بملامحهم العربية البحتة، وخاصة بيرين أخذت كل شيء منه سوى بياض بشرتها، بس عيونها العسلية واسوداد شعرها مثله، بعكس ملك اللي شعرها كستنائي وعيونها زرقاء مثلها، ما يشبهوا بعض كثير بس هالشيء ميزهم وخلا الناس تعرف تفرق بيناتهم

صحاها من شرودها صوت طرقات باب بيتها، مشت للباب المهترئ وفتحته ليصدر صوت صرير مزعج تعودت على سماعه، كان خلفه جارتها العجوز، كلمتها لتجي ترعى بيرين، وقالتلها إنها راح تاخذ ملك للمستشفى لأنها تعبانة حيل ولازم تكشف عليها..

خرجت دينيز من البيت وفي حضنها ملك، كانت ساكنه في حي جدا متواضع، غيرت الشقة اللي كانت عايشة فيها لأن الإيجار يعتبر مكلف بالنسبة لها وزادت عليها المصاريف بوجود ابنتيها، زفرت بعمق وهي تتذكر صدمتها لما عرفت إنها حامل بتوأم، شالت هم أكبر.. كانت شايلة هم مسؤولية طفل واحد فكيف بطفلين!

بعد ما وصلت لوجهتها المحددة وقفت بالرصيف ورفعت عيونها للمستشفى اللي قبالها، مشيت ناحيتها بس سرعان ما غيرت اتجاهها للجامع اللي بجانب المستشفى!

كانت تقرب من المسجد بخطوات متردده، اللي بتسويه صعب عليها، بس مجبورة، ما تقدر تربي الطفلتين، انجبرت تختار واحدة منهم تعيش معاها، والثانية تخليها للقدر، مو بيدها.. الفقر والحاجة أجبرتها.

عضت شفايفها وهي تمنع دموعها من النزول، تركتها عند باب المسجد وابتعدت عنها وقلبها يتقطع، ما هي سهله عليها تتركها، راح تخليها هنا لعل أحدهم يشوفها ويأخذها من فناء المسجد البارد.. لبيت دافئ!

بيت أدفئ من بيتها! وناس يحنوا عليها أكثر منها! سمعت صدى بكاها وكأنها عارفة ايش يخبيلها القدر من وجع وفقدان لحنان الأم وهي بهالعمر الصغير، ابتعدت عن المسجد بأسرع ما عندها لحتى ما تسمع صوت بكائها، لأنها اذا سمعته متأكدة إنها راح تضعف، راح ترجع وتأخذها لأحضانها!



"الفصل السابع عشر"
"وكان أسمها بيرين"



الوقت الحالي

فتحت عيونها وكل شي صار يتعاد ببالها، كلمات فيصل السامة، الكف اللي أخذته منه، غمضت عيونها بقوة وقلبها صار يحرقها.. من الظلم وخيبة الأمل، فيصـل تعدى حدوده معاها كثير، لين متى راح تستحمل؟ كلما تقول إنه تغير يرجع يصير أسوء من قبل!

عدلت جلستها على السرير وهي تضغط على قلبها بوجع بدون ما تنتبه لجود اللي كانت فيه

جود نطقت بخوف وهي تشوف حالتها: رنيــن! أشبك؟

طالعت فيها بعيون دامعه وهي دوبها تستوعب وجودها فتكلمت بخنقه: ما.. مـ..ـا فــيـــا شــ..ــي!

جود طالعت فيها بعدم تصديق: متأكدة؟

رنين بعدت الشرشف عنها وقامت، وهي تتوجه للحمام لتهرب منها: ايوا.. ايوا متأكدة.

جود ما أهتمت كثير، خرجت للبلاكونه وعيونها على فيلا أبو فارس، حست بالقلق على تغريد وهي تقول بخاطرها: مو كأنها تأخرت!


واما عند رنين في الحمام

وفقت قدام المرآية وطالعت في خدها، لساته يوجعها من صفعته.. تألم قلبها أكثر.. عمرها ما توقعت إنه راح يمد يده عليها!


تحت بالفيلا..

مشعل ركن سيارته، وخرج منها وشايل معاه كيس الأيس كريم الذايب، مشى لباب الفيلا وخرج مفاتيحه ليفكه بس انتبه لظرف مرمي على عتبة الباب، أخذه وصار يقلب فيه حتى قرأ المكتوب عليه بخط جدا صغير: إلى رنيـن.

مشعل أخذه ودخل للفيلا وهو بيده.. شافها تنزل من الدرج فقال لها: رنيــن.. خدي دا الظرف ليكِ، لقيتو عند الباب.

أخذته وهي تقلبه باستغراب: ليا؟!

مشعل: شوفي مكتوب اسمك.

رنين قطبت حواجبها: غريبة، حطلع وأشوف ايش فيلو.

مشعل: أصبري..أصبري..، قرب منها وهو يتفحص ملامحها: خدك ليش كدا محمر؟

رفعت يدها لخدها، نزلت عيونها للأرض وبارتباك واضح: هـ..ــا؟ ما في شي بس عشان دوبي صاحية وشكلي كنت نايمه عليه.

رفع حاجبه باستنكار: ولما تنامي عليه كدا يسير لونو؟ وملامحه تتحول للجدية: بسرعه قوليلي ايش في يا رنين!

شبكت يدينها ببعض وعيونها الدامعة متعلقة بالأرض، تكلمت والعبرة خانقتها: فيصل ضربني!

مشعل بصدمه رفع رأسها بأطراف أصابعه من ذقنها وهمس بحرقة وهو يشوف خدها المحمر: ضــربــك عــديـــم الــرجــولـة!

حركت رأسها بالإيجاب وهي تشد على شفايفها تحاول تمنع دموعها من النزول: ضـــربـ.ـــنــ.ــي!

مشعل نطق بقهر: الحقير! وربي ما حرحمو، حيموت على يدي اليوم حيموت!

منفعل بزيادة لأسباب كثيرة، أولها هو خايف عليها من إنها تصير مثل ندى.. تتعذب من فيصل، ما يبا يشوفها بهالحالة وما يبا حالة ندى تنعاد فيها، وثاني شي هو كاره فيصل، كارهه بشكل مو طبيعي ولا عمره أرتاح له وداري انه ما راح يسعد رنين، واليوم اثبت له هالشيء!

رنين بدموع ما قدرت تمسكها: أمس جانا في الليل قبل ما أبلة هدى تروح، قعدت معاه في غرفة الضيوف وطلب إننا ننفصل..، كملت وهي تمسح دموعها: قال إنو حيطلقني يا مشعل وأنا رفضت، رفضت الطلاق وضربني..، رجعت تبكي وكملت بشهقات متوجعه: ضربني عشان ما أبغاه يطلقني.


فوق عند جود..

كانت تدور بالغرفة وتفرك يدينها بتوتر، تغريد تأخرت كثير.. بدأت الوساوس تلعب بعقلها وتخوفها، أتصلت على جوالها بس ما بترد، أتصلت مرة ثانية وصار مغلق أتصلت على بتول وسألتها إذا تغريد عندها ولا لا.. بس قالت لها إنها أساسًا ما جات بيتهم، وهنا مغصتها بطنها وحست نفسها شوي وتبكي

خرجت من الغرفة ونزلت الدرج ودموعها بعيونها، خايفة على تغريد حيـل، خايفة إنها تتعرض لمحاولة الاختطاف مرة ثانية، شافت مشعل ورنين باين انهم داخلين بنقاش حاد، بس ما أهتمت كثير.. كل همها تغريد فتكلمت بصوت مرتجف: مــشـ..ــعـــل! تــغـــريـــد ماهــ..ـي فـــي!

مشعل نسي ايش كان بيقول لرنين، طالع في جود وهو مو مستوعب: كيف يعني ماهي في؟

جود تكلمت بسرعه ودموعها تنزل.. حاسة بتأنيب ضمير لأنها ما منعتها: كانت بتروح لبيت بتول، بس طولت من الساعة 9 هيا عندهم وأنا خفت فاتصلت على بتول وقالتلي انها ما جات عندهم.

مشعل قطب حواجبه: جود انتي متأكدة إنها قالتلك حتروح لبيت بتول؟

جود: ايوا متأكدة!

مشعل بعثر شعره بتوتر وهو يقول: طيب طيب خلاص لا تبكي، دحين أنا حتصل عليها…

جود قاطعته بسرعه: أقولك ما ترد، ما ترد!

مشعل: طيب خلاص حتصل على وليد، يمكن شافها.

خرج جواله من جيبه وأتصل على وليد حتى رد عليه فتكلم بسرعه: الو وليد فينك؟ في البيت؟…….انتا كنت فين بعد الساعة 8؟………وليد جاوب عليا انتا دحين..، مشعل بلهفه: حلو طيب، تغريد جاتكم؟

بهتت ملامحه بعد ما سمع جوابه، نزل السماعة من على إذنه بدون ما يجاوب على تساؤلات وليد من الجوال، رفع عيونه لرنين وجود اللي كانوا مترقبين رده بس خافوا عليه لما حسوا بصمته الطويل، رنين مسكت ذراعه بخوف وهي ناسية همها مع فيصل، الحين كل تفكيرها تغريد: هــا يا مشعل ايش قال؟ تغريد عندهم صح؟

مشعل بثقل وعلبة الايسكريم انفلتت من يده: يـ.. يـقـول مــ..ـا جـ.ـات، تــغــريــد مـ..ـا راحــتـــلـ..ـــهـــم، مــا.. مـ.ـا..

ما قدر يكمل جملته.. حس بأنفاسه تضيق وتضيق حتى تخنقه، ما يقدر يتنفس.. أسودت الدنيا بعيونه وبعدها ما صار يحس باللي حوله!
** ** ** ** **


في الصباح..

خرج عبد العزيز من الحمام بعد ما أخذ له دش وهو ينشف شعره بمنشفة صغيرة، شاف رزان لساتها نايمة، استغرب كثير فتكلم وهو يخرج بلوزته من الدولاب ويلبسها: رزان حبيبي قومي يلا شوفي سارت الساعة سته ونص لا تتأخري على دوامك!

ما كان لها أي رد فزاد استغرابه، مشى لها وبعد اللحاف عن وجهها: رزان قومي أشبك؟!

فتحت عيونها المتورمة من البكاء وتكلمت بصوت مبحوح: ما فيا شي.

قطب حواجبه وهو ملاحظ بوجهها شي غريب.. ذبلان وباهت، وبقلق: متأكدة انو ما فيكي شي؟!!

رزان عدلت نفسها وجلست على السرير وعينها تراقب قلقه عليها وخوفه بصمت، مشاعرها مضطربة وما هي عارفة كيف راح تتعامل معاه بعد اللي شافته بجواله

عبد العزيز بنفس قلقه تحسس جبينها: تعبانه حياتي؟

تجمعت الدموع بعيونها ونزلت رأسها عشان لا ينتبه لها، ضغطت على يدينها بقوة تبا تصرخ بوجهه وتطلع حرتها فيه بس ماسكة نفسها: خلاص يا عبد العزيز روح، قلتلك ما فيا شي.

ما أقتنع بكلامها، جلس جنبها ورفع وجهها له، تكلم باستغراب من دموعها وهو يرجع خصلات شعرها وراء أذنها: رزان ايش في؟ ليش تبكي؟

أطبقت على شفايفها ودموعها صارت تنزل وراء بعض.. ما قدرت تمسكها، ما يدري انه بتعامله الحنون هذا يعور لها قلبها ويحيرها، ما هي عارفة ايش تسوي تواجهه ولا تخفي عنه، معقولة يكون يحبها؟ يحب رنين؟ وهي؟ ايش تكون في حياته؟

رفعت عيونها له وبصوت باكي: تـــــعـــ.ـــبــــــانـــــه.. تــــعـــــبــ.ــانـــــه.

عبد العزيز بخوف واضح رجع يتحسس رقبتها وجبينها: ايش فيكِ مسخنة؟ في شي يوجعك؟ تعالي نروح المستشفى طيب.

ما ردت عليه، قربت منه وحطت رأسها على كتفه وهي تبكي بكل صوتها مما زاد من خوفه عليها، مسك وجهها بين يدينه ونطق بحنية: رزان أتكلمي قولي ايش في شي يوجعك؟

كان نفسها تقوله قلبها اللي بيوجعها وهو سبب هالوجع والحالة اللي هي فيها، ليه حظها كذا؟ في أول مرة بحياتها تسمح لشخص يدخل قلبها يقوم يكسره؟ الغيرة جالسه تحرقها.. صارت تكره هذي رنين اللي ما شافتها إلا عدة مرات، بعد فترة حست على نفسها وهديت، بعدت عنه وهي تمسح دموعها

عبد العزيز وهو يمسك كتفها: تبي تروحي لشغلك ولا بلاشي شكلك تعبانه.

رزان بنفور حاولت تخفيه، بعدت عنه وقامت من السرير وهي تهدي نفسها: لا خلاص سرت أحسن وغير كدا ما ينفع أغيب عن الدوام فجأة!

عبد العزيز بهدوء: أوكي ازا حاسة نفسك كويسة خلاص روحي بس لا تضغطي على نفسك.

حركت رأسها بالإيجاب وبعدها أعطته ظهرها ودخلت الحمام..
** ** ** ** **


في إحدى مستشفيات جدة..

وليد واقف عند باب أحدى غرف الطوارئ ويطالع ساعته، صارت سبعة تمامًا وللحين مشعل ما صحي.. لما ما رد عليه وخلى السماعة مفتوحة سمع صراخ رنين وجود من جواله فخاف عليهم، بسرعه راح للفيلا ورنين فتحت له الباب، شاف مشعل مغمى عليه، وداه المستشفى ورنين جت معه لتطمن أهلها

مرر يده على شعره بضيق وتنهد، قالت له عن سبب إغمائه.. تغريد مختفية! يا ترى الحين هي فينها؟ مين اللي يبي يأذيها ويحرق روحها وروح مشعل فيها؟! مين اللي حاقد عليه! وليد عارف صاحبه.. ما عمره اذى أحد من لما جاء للسعوديه، كان دايما يتجنب المشاكل خوفًا على تغريد لا يصيبها مكروه

وليد وهو يتمتم لنفسه: الله يردها سالمة لأبوها، الله يردها سالمة!

فجأة طلعت أصوات من الغرفة أستغرب كان راح يدخل بس تراجع لما تذكر وجود رنين


بالداخل

مشعل جالس على السرير يبا يقوم، ورنين تحاول تهديه وتمدده على السرير

مشعل تكلم بعصبية رغم التعب اللي حاسس فيه: بـــعـــدي عـــنــي يــا رنــيــن.

رنين بعصبيه ما تقل عنه: مشعل بلا جنان زايد أهجد أحسن لك، خلي المغذي يخلص! وترا لساتك تعبان فين تبا تروح؟

مشعل: بروح أدور على بنتي يعني فين، ايش تبيني اسوي كدا، بنتي مخطوفه وأنا أنسدح وأرتاح، أي راحة يا رنين قوليلي انتي لا تجننيني.

مسكت ذراعه بتوسل: طيب خلي المغذي يخلص على الأقل.

مشعل سحب المغذي من يده بقسوة ورماه على الأرض: خلاص ما يحتاج.

رنين شهقت بفزع وهي تشوف الدم ينزل من محل الإبرة: مشعل يا متخلف ايش سويت!

وفي هاللحظة وليد دخل بخوف من صرختها: ايــــش فــي! طالع في مشعل: انتا ايش بتسوي!

مشعل: يعني ايش شايفني بسوي! رايح أدور على بنتي.

وليد طالع في لي المغذي المرمي وبعدها وقف بوجه مشعل قبل لا يخرج: ما حتروح أي مكان يا مشعل بدي الحالة!

مشعل بعصبية وهو يتنفس بتعب: بعد عني يا وليد ولا تتفلسف على راسي لو سمحت.. يعني تحسب حالتي حتتحسن وانا قاعد هنا؟

وليد بصرامة: حتفلسف ونص، اترزع في السرير ولا أشوفك تروح مكان! دحين حنادي الممرضة ترجعلك المغذي، شايف كيف حالتك، يدوب حتى تقدر تتنفس! كيف حتلاقي بنتك يا مشعل!

مشعل بألم: بنتي يا وليد، حدور عليها حتى لو كنت بموت!

وليد: خلاص يا مشعل، دحين أخوك مهند حيروح يبلغ عن فقدانها بمركز الشرطة أكيد هما ما حيقصروا، ويلا أرجع للسرير!

رنين تكلمت بعد ما شافت مشعل أنصاع لكلام وليد: أنا رايحة أزهم الممرضة.

مشعل تمدد على السرير والممرضة حطت له المغذي مرة ثانية، رفع عيونه للسقف وقلبه يوجعه.. أي راحة يبغوها له وهو مو عارف فين تغريد، نزلت دمعة حارقة من طرف عينه وهو يدعي لها بداخله: الله يحفظك ليا يا بنتي فين ما كنتي، الله يبعدك من كل سوء وشر يا نور عيوني.

قعد فتره على حاله وهو يهدأ من حاله وألمه، طالع في رنين.. وتكلم بصوت مبحوح: رنين!

قربت منه بهدوء: ايوا؟

مشعل بنفس نبرته: ما نسيت فيصل! بس خليني ألاقي تغريد وصدقيني حشوف ايش هرجة أهلو، يحسب انو ما وراكي أحد عديم الرجوله.

رنين ابتسمت ودموعها تلمع بعيونها: مشعل لا تفكر فيلو، دحين أهم شي انتا!

ما رد عليها اكتفى بأنه يرجع عيونه للسقف ويغمضها..
** ** ** ** **


شافته يسحب ميدالة مفاتيحه ومحفظته من على الكمودينه بسرعه ويدخلها بجيبه، استغربت من هالعجلة وسألته: مهند فين رايح في دا الصباح.

مهند حاسس نفسه تايهه: دوبو أتصل عليا صاحب مشعل وليد، يقولي أنهم في المستشفى وتغريد مافي.

أمل بنبرة قلقة: كيف مافي؟ نفس اللي سار في الهدا؟

مهند: ايوا ويبوني أبلغ الشرطة.

أمل: طيب حبيبي روح في أمان الله، طمني بعدين وقولي ايش سار.
** ** ** ** **


قفلت من رنين بعد ما طمنتها عن مشعل.. جلست على كنب الصالة ونزلت دموعها بخوف على تغريد، تلوم نفسها، كل اللي صار بسببها، كان المفروض منعتها وما سمحت لها تخرج من الغرفة حتى!

مسحت دموعها بسرعه وهي تشوف أمها تنزل من الدرج وتسألها مستغربة: جود ايش صحاكي دحين؟ مو اليوم تروحي 10؟

جود ما قالت لأحد عن اللي صار كان الكل نايم وهي الوحيدة الصاحية بالبيت: ما نمت.

قطبت حواجبها باستغراب: وي ليش؟ حست بالريبة وهي تشوف وجهها متغير: ايش سار يا جود؟

جود ودموعها رجعت لعيونها: مشعل في المستشفى!

سعاد: يعني في شغلو؟!

حركت رأسها بالنفي وهي تشد على شفايفها: لأ اغمى عليه وعمو وليد وداه المستشفى مع رنين.

شهقت بخوف وهي تحط يدها بوسط صدرها: ايـــش! ليـــش ايـــش ســـارلــــو!

جود بكيت مرة ثانية: تغريد مفقودة! وهوا ما أستحمل، يقولوا ضغطو انخفض.
** ** ** ** **


ماسكينه رجال الشرطة في السيب حق المركز، وهو يقاومهم ويصارخ باعتراض، أستفزوه بشكل مو طبيعي، كان جاي ليشتكي عن اختفاء تغريد بس كان بيتكلم وكأنه مو موجود! متجاهلين وجوده ومو معطينه أي أهتمام كأنه مجرد مجنون دخل عندهم! ما قدر يستحمل تصرفهم ودخل على رئيس المركز، وهو بعد ما أعطاه أهمية كبيرة! ما قدر يستحمل برودهم فتهجم عليه والحين هم بيطردونه!

مهند وهو ينفض نفسه من بين يدينهم تكلم بكل عصبيه: خلاص خرجنا سيبوني.

بعد ما تركوه عدل نفسه ومن داخله محــروق، أتصل على رنين ومن لما ردت سألته بسرعه: ايوا مهند، رحت مركز الشرطة؟

تجاهل سؤالها وبنفس نبرته العصبية: أديني مشعل بسرعه.. خلصتو صح؟

رنين استغربت نبرته مهند من النوع الهادئ وما يعصب لأي سبب: ايوا خلاص شويا ونخرج من المستشفى مع وليد، بس مهند اشبك؟ ايش سار؟

مهند بقلة صبر: رنين دحين انتي اديني مشعل وبعدين اسألي.

رنيـن بطاعة مدت الجوال لمشعل الواقف بجانبها وعلى طول تكلم: ايوا مهند رحت لمركز الشرطة؟ بشرني الله يبشرك بالجنة.

مهند زفر بقلة حيلة وهو حاس بنبرته المتلهفة.. راح يخيبه: مع الأسف يا مشعل، ما قدرت أسوي شي يا مشعل.

مشل قطب حواجبه: كيف يعني؟ ما رحت؟

مهند: إلا رحت..، كمل بحرقة: بس يا مشعل ولا كاني موجود ولا كاني جاي ابا اشتكي، ما يسمعوني أقسم بالله العظيم اتضاربت مع مدير المركز، تخيل ايش جالس يقولي؟ يقول ما نقدر نساعدك الا بعد ما يمر على اختفاء تغريد 24! بعدين احنا نتحرك!

مشعل بصدمة: ايش! ايش جالس يقول دا؟ يحسب نفسو في فيلم! حركات الافلام دي ما تمشي علينا! وانتا ايش سويت؟

مهند: قلتلك هجمت عليه وطردوني!

مشعل بلوم: يا الله يا مهند ليش ما مسكت نفسك ما تنفع دي الحركات!

مهند: قولي ايش اسوي يا مشعل؟ لو شفت نبرتو وعدم اهتمامو كنت حتسوي الأسوء! وغير كدا أتجننت لما قالي بعد 24 ساعة من اختفائها! أتخيلت ايش ممكن يسير لتغريد وأحنا نستنى الساعات تمر وربي ما أستحملت وقمت عليه، حط نفسك موقفي يا مشعل وأتخيل.. تفتكر كيف كان شكل بنتك لما رجعتلكم في المنتجع؟ تعبانه ومبهدله وهما ما خطفوها! دحين وهما خاطفينها ايش حيسرلها!!

مشعل غمض عيونه وتخيل كل كلمة قالها مهند، وفعلا لقى نفسه العصبية متملكته!

فتح عيونه وبنبرة حـآآقدة: خلاص خلاص، انتا روح بيتك وأنا حتفاهم معاهم!


داخل المركز

بعد ما العساكر أخذوا مهند وقفلوا الباب، جلس على كرسيه وسحب سماعة الهاتف الثابت وضغط بالأزرار على أحد الأرقام، وانتظر حتى جاوبه: أيوا، خلاص سويت اللي تباه.

…..: تمام حلو، خلاص اتأكد بعد كدا انو محد حيزعجك، وأهلها الباقيين أنا أعرف أتصرف معاهم..، وبنبرة خبيثة: بالذات أبوها!
** ** ** ** **


دخل مصعد المستشفى وضغط على الدور اللي يبا يروحه، باله مشغول بـ رزان، اليوم حالتها ما عجبته.. بس أصرت إنها تروح لعملها، خرج جواله من جيبه واستغرب إنها ما طمنته بوصولها كعادتها، عذرها وقال لنفسه يمكن نسيت! فحب يرسل لها: وصلتي بالسلامة؟

انفتح باب المصعد وخرج منه، مر من مكتب سلطان وسأله: دكتور مشعل ما جا؟

سلطان: لا والله.

عبد العزيز باستغراب وهو يطالع بساعة جواله: وي غريبه مو من عادتو يتأخر، سارت الساعة 9 ونص.

سلطان: إيوا حتى أنا استغربت.. حتى كمان ما لغى مواعيد اليوم وفي ناس بتجي.

عبد العزيز استغرب أكثر: همم غريبة، شوف ازا جاك خبر منو تعال كلمني.

سلطان: إن شاء الله.
** ** ** ** **


فتحت عيونها بصعوبة وهي تشوف الدنيا ضبابية، قطبت حواجبها وهي تدور برأسها على الغرفة، تتفحصها باستغراب وهي مو متذكره شيء من اللي صار لها، انتبهت لجسم قابع في إحدى زوايا الغرفة، رمشت كم مره تحاول تستوعب ملامحه، توسعت عيونها بفجعه.. هــذا فــارس! كانت راح تصرخ باسمه بس ما قدرت لما حست باللاصق على فمها، تبغا تقوم له وتشوفه ليه كذا متمدد بدون حراك، بس برضه ما قدرت لأن جسمها مقيد بالكرسي اللي جالسه عليه!

وفارس ما كان أقل منها، يدينه مربوطة مع بعض ورجلينه نفس الشيء، متمدد على الأرض بدون حراك ومغمض عيونه مو لأنه مغمى عليه، لأنه جالس يفكر.. بطريقة للخروج من هنا، بدون ما تتضرر تغريد، هو يصير له اللي يصير.. بس هي أهم شي ما يصيبها أي مكروه، ما يتحمل، يدري بصلابتها وقوتها بس قلبه ما يتحمل يشوفها تتأذى، حس بالحقد يتجدد وهو يتذكر كيف وصلوا لـ هالحال وكيف خرب عليهم، ما صدق إنها تعترف له بحبها، اللحظة اللي انتظرها من سنين.. خربها عليه، خرب فرحته.. فرحتهم، وقبل ما يبدأوا حبهم أنهى كل شيء!

من بعد ما ضربها "أمير" برأسها وأفقدها الوعي، هدده إنه يقتلها وهي بين يدينه وفي نفس اللحظة بدون ما يرف له جفن، طلع مسدسه وقاله انه كاتم للصوت، يعني في لحظات راح تصير جريمة قتل بدون علم أحد، والضحية راح تكون تغريد، حس نفسه بموقف صعب، خاف من تهديده.. ارتعب من الفكرة (موت تغريد) فما كان عنده خيار غير إنه يرضخ ويسلمها له!

حس بصوت صادر من جهة تغريد اللي كانت تحاول تتكلم، يصدر منها صوت.. بس صوتها مكتوم وغير مفهوم، فتح عيونه بسرعه وقال: تــــغــــريـــــد.

حست براحة كبيرة لما شافته يفتح عيونه وينطق باسمها، بس حالته مو عاجبتها، حاولت تفك نفسها بس ما هي قادرة.. مقيدة بإحكام، صرخت بقهر وهي تهز الكرسي الخشبي اللي جالسه عليه.. صرخة مكتومة

أخذ نفس عميق لما شاف محاولاتها العابثة وبعدها تكلم: تغريد لا تقلقي ولا تخافي، حنخرج من هنا، حلاقي طريقة يا تغريد أوعدك.

طالعت فيه وهي نفسها تقوله: إن شاء الله، أنا واثقة فيك!

في نفس الوقت سمعوا صوت الباب ينفتح ويدخل منه شخص، تغريد التفتت له.. ومن لما ميزته طالعت فيه بحقــــد يفيض من عيونها وأخفت صدمتها بداخلها

دخل لهم لما بدأت أصوات تصدر من الغرفة، مشى ناحيتها وانحنى لمستواها حتى صار وجهه مقابل وجهها وبابتسامة خبيثة تكلم: صحيت الحلوة؟

طالعت فيه بملامح خالية من أي تعبير، وفي نفسها تتمنى انه يشيل اللي بفمها حتى تبصق بوجهه لتمحي ابتسامته المستفزة

وما هي إلا ثواني ويشيل اللاصق عن فمها بقوة حتى إنصبغ مكانه باللون الأحمر!

بالرغم من إنها تألمت بس كتمت الوجع بداخلها، حركت فمها بحرية.. كانت مكتومة باللاصق، زفرت براحة ظاهرية وهي تغمض عيونها بس رجعت فتحتها لما سمعته يتكلم: خلينا نسمع صوتك الحلو! زمان ما سمعناه.

طالعت فيه ببرود.. عنادًا فيه ما راح تتكلم، راح تستفزه لين يخرج عن طوره

مسك ذقنها ورجع رأسها للوراء وهو ينطق بحده: انطقي! البسة أكلت لسانك؟

تغريد ابتسمت بسخرية: لا الحمد لله شوفني بصحة وسلامة، لساني موجود وأقدر أتكلم، أوريك كمان ايش أقدر أسوي؟ سكتت شوي لتجمع لعابها بفمها لتبصق بوجهه: أوووه الحمد لله الغدد اللعابية تشتغل عندي مزبوط!

تراجع بخطوات للوراء وهو يمسح وجهه، صرخ بعصبيه والقرف بدى على ملامحه: قد دي الحركة يا بنت الكلب!

ابتسمت بنشوة الانتصار وبتحدي طالعت عيونه: قدها وأعيدها وأدوسك كمان.

فارس في هاللحظة خاف عليها من أمير، حركتها قويه وكلامها أقوى بكثير، وهو ما راح يسكت.. ما راح يمرر لها هالحركة، تكلم بنبرة عالية: تـغـريـد أهـجــدي!

ما قدر يستحمل تصرفاتها أكثر، من كم شهر وهو ماسك نفسه حتى ما تضيع مخططاته، والحين يقدر يسوي فيها اللي يبي دامها تحت رحمته وفي أرضه وبين يدينه!

صرخ فارس بعصبية باسمه لما شافه يمسك رقبتها ويخنقها، ومن ثم يجلس يكلمها بهدوء وكأنه بيسوي شي طبيعي، ولا كأنه ممكن بأي لحظة تموت بيده، الحين تأكد إن هذا الإنسان مجنون رسميًا، يسوي اللي في مخه ولا يبالي بالعواقب، وكأنه ما راح يعاقب على أفعاله!

أمير: شوفي يا تغريد، حاب أقولك انتبهي ولا تتعدي حدودك معايا، أنا إنسان جدا صبور بس لا تمتحني صبري بتصرفاتك وتشوفي وجه تاني ليا..، أبتسم بخبث وهو يشوفها تختنق ووجهها بدأ يتحول لونه للأحمر: تعرفي ايش؟ نفسي أخنقك لين ما تموتي، بس كدا ما حشوفك وانتي تتعذبي..، ترك رقبتها وكمل وهو يبتعد عنها: شوفيني رحمتك دحين بس ما تدري ايش ممكن أسوي فيكي ازا استفزيتيني بدي الطريقة مرا تانية.

كحت بقوة عدة مرات وهي تحاول تلتقط أنفاسها، طالعت فيه بحقــد وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها: أنـــتـــا ايــــش تـــبـــا مـــنـــي! ليش تبا تخطفني كم مرا! ايش اللي في بالك يا أمير!

طالع فيها بنظرة غــامضه وهو يبتعد: كل شوي في وقتو حلو، لا تستعجلي على رزقك وبعدين تندمي! انهى كلامه وبعدها خرج من الغرفة

فارس طالع في تغريد وهو يقول برجـاء: تغريد الله يخليكي لا تعانديه، والله دا الانسان قلبو أسود، وربي ما عندو ضمير وحيأذيكي، الله يخليكي أنتبهي لكلامك معاه!

تغريد ونظرة أمير علقت ببالها: فارس أنا مخنوقة، خرجني من هنا.. دور أي طريقة بس خلينا نخرج أنا وأنتا، ماني قادرة أستحمل، مو مرتاحة للي حيسويه.

فارس بحزم: تغريد خليكي قوية، في بالي شي، انتي ثقي فيا بس!

تغريد طالعت بعيونه لفترة وبعدها نطقت بهدوء: أنا واثقة فيك!
** ** ** ** **


نادر وجود وسعاد، جالسين بالصالة ينتظروهم يوصلوا، سمعوا صوت المفاتيح فقامت سعاد وهي تقول بسرعه: شوفي.. شكلهم جو.

مشت لمدخل الفيلا وشافت رنين بدون مشعل، استغربت وسألتها بخوف: رنين، فين أخوكِ؟ فين مشعل!

رنين بضيق وهي تعلق عبايتها: رايح للشرطة يشتكي على اختفاء تغريد مع صاحبو وليد.

سعاد: طيب مهند ما راح؟

رنين: إلا راح بس سارت مشكله وطردوه، ودحين مشعل حيتفاهم معاهم.

سعاد قطبت حواجبها لما شافتها تبا تطلع الدرج: رنين وي، فين طالعه تعالي يا بنت!

رنين لفت لها وبضيقة: ماما، ترا أنا تعبانه.. ما نمت كويس وبعدين رحت مع مشعل من الليل ودوبي راجعه.

سعاد بهدوء: رنين قلتلك تعالي، قوليلنا ايش سار مزبوط وبعدها روحي أشبعي نوم!

حركت رأسها بقلة حيلة وصارت تنزل الدرجات اللي طلعتها: طيب.

جلست بالصالة وحكتهم كل اللي صار بالمستشفى.. من عناد مشعل لـ اتصال مهند وهو يقولهم عن تصرفاتهم الغريبة

سعاد بخوف: مين دا اللي خطفها، مشعل ما يعرف؟ خليه يفكر يمكن يكون أحد حاقد عليه ويبا يحرق قلبو في تغريد.

نادر بقهر: يكون اللي هوا يا أمي بس تغريد ما لها دخل عشان يخطفها!

جود كانت تطالع فيهم بصمت ودموعها رجعت لعيونها، تأنيب الضمير راح يقتلها وهي خايفة تقولهم، خايفة يلوموها مثل ما هي بتلوم نفسها، حست بيها رنين فقربت منها وهي تمسح على ظهرها: لا تبكي يا جود، انتي ادعي إنها ترجعلنا بالسلامة.

جود بهمس وهي تمسح دموعها: إن شاء الله.

رنين قامت وقالت: أنا بطلع فوق أنام..، وهي تزفر بضيق: دا ازا قدرت أنام أصلا.

خرجت من الصالة وانتبهت للظرف اللي أعطاها هو مشعل، قطبت حواجبها وهي توها تتذكره، أخذته من فوق الطاولة وصارت تقلبه، مالها نفس تفتحه وتشوف اللي فيه.. بتخليه لبعدين، مشت للمصعد ودخلته، حاسه بخمول.. ما فيها تطلع الدرج.
** ** ** ** **


بالمستشفى..

عبد العزيز طالع في ساعته بقلق، لين الحين مشعل ما جاء.. ولا أعطى خبر إنه بيتأخر، قام من كرسيه وخرج لسلطان، شافه يسكر سماعة الهاتف الثابت ويرفع رأسه له ليقول: ايوا دكتور عبد العزيز، دوبو اتصل عليا دكتور مشعل وألغى كل مواعيدو.. دوبي كنت حقولك.

عبد العزيز: طيب ما قلك ليش؟

حرك رأسه بالنفي: لا والله ما قلي.

عبد العزيز قطب حواجبه: خلاص طيب.

رجع لمكتبه وقفل الباب وراءه، دق جواله ورد عليه بسرعه لما شاف أسمه :ايوا مشعل فينك دوبو سلطان يقولي انك لغيت كل مواعيدك ايش سار خير؟ فتح عيونه على وسعها: مشعل انتا بتتكلم من جد؟ طيب ليش أنا دوبي أعرف وكأني مو أخوك! زفر بضيق: اها ما تشوف شر، خلاص وأنا كمان حلغي كل مواعيدي..، قطب حواجبه: وي! ايش تباني اسوي يعني؟ أكمل شغلي ولا كأنو بيسير شي؟ أخذ نفس وكمل باصرار: مشعل لا تحاول فيا أنا مصمم.. ما أقدر اتجاهل الموضوع، دحين بكلم سلطان عشان يلغي كل مواعيدي!

قفل منه وخرج لسلطان بعجلة وقاله يلغي كل مواعيده لليوم!
** ** ** ** **


مركز الشرطة..

صفق الباب بعصبية وهو يتوجه لمكتبه بخطوات غاضبه، هو ما قاله انه ما حد راح يجي من أهلها؟ كيف يقول كذا وما ينفذ كلامه! جاء أبوها وسوى مشكلة وأمر العساكر يطردوه، بس جالس يقاوم.. قاوم أكثر من عمها! لدرجة إنه الحين بيسمع صوته وهو يتوعده ويقوله إنه راح يرجع ويندم على تجاهله، اتصل عليه وانتظره حتى رد وبعدها تكلم بنبرة حادة: أمــيــر، أبــوهــا جــا هــنــا وسوى فضيحة كبيرة! وكمان جالس يهدد، قلتلي انك حتتصرف! صدقني راح أرميه بالتوقيف!

أمير بنبرة ما تخف عن حدته: أصحك تحطو بالتوقيف، هوا أكتر شخص أحتاجو، خلاص صدقني ما حتشوف وجهو تاني.

أخذ نفس عميق وهو يحاول يهدئ نفسه: طيب نشوف، بس صدقني اذا رجع ما راح تعرف ايش حسوي فيه!


خارج المركز

بعد ما أنطرد مشعل من المركز ووليد كان معه ومقهور من تصرفات مشعل، ومشعل حاس بالدم يتدفق بعروقه من العصبية كان راح يدخل مرة ثانية وهو مو ناوي على خيـر أبدا، بس من حسن الحظ انتبه له وليد ومسكه وهو يدفعه حتى يصطدم ظهره بالسيارة ومن ثم تكلم بحده: مشعل ايش تبا تسوي هــا؟ دوبك جالس تقول لأخوك ايش دي الحركات؟ أحسن لك أهجد.

مشعل بعصبية: مو فاهم يا وليد ايش تباني أسوي، أقعد كدا أستنى تجيني بنتي؟ قلي ايش تباني اسوي غير اني أقلب الدنيا فوق راسهم!

وليد بأمر: أدخل السيارة وخليا نبعد من هنا عشان نتفاهم مزبوط.

دخل مشعل للسيارة ووليد كمان وبعدها حرك، مشعل سند رأسه للوراء وغمض عيونه بتعب.. ما هو عارف ايش يسوي، ما في أحد بيساعده وبكذا مستحيل راح يوصل لتغريد، كيف راح يقدر يوصلها.. ما في أي طرف خيط يدله لمكان وجودها، قاطع حبل أفكاره صوت تنبيه من جواله تأفف بضيق وخرجه من جيبه، شاف رسالة من رقم غريب.. قلبه انقبض ما يدري ليش، فتح الرسالة وتوسعت عيونه للآخر وهو يشوف محتواها بصدمة!

مرسل له صورة.. صورتها وهو حاط المسدس برأسها، وراسل رسالة ثانية مكتوب فيها "شوف دي بنتك يا مشعل ازا ما كنت مصدقني، شوفها معايا وفي أي وقت ممكن أقتلها.. ازا ما سويت اللي بقولك عليه حرف حرف!”

حس نفسه إنه ما أستوعب كلامه وشاكك بأنها بنته، ضغط على صورتها وصار يكبرها ويتأملها أكثر، يبا يشوف شيء يثبت إنها مو هي، بس ما لقى.. ما لقى وتأكد إنها تغريد، قرأ كلامه مرة واثنين وثلاثة حتى يستوعبه، بلّم وما عرف ايش ينطق من صدمته، ما يبا يقول لوليد شيء حتى يشوف ايش يبا منه فأرسله "ايش تبغا؟"

انتظره فترة وبعدها أرسله رد طويل، صار يقرأه وملامحه بدت تبهت من الكلام اللي بيقرأه، مصدوم منه.. مصدوم من كمية المعلومات اللي يعرفها عنه، ومن طلبه المستحيل يسويه إلا إذا كان مجنون، ما يسويه إلا اللي يبا يحرق نفسه!

جاته رسالة ثانية "شوف إزا ما سويت اللي أباه، صدقني ما حتتخيل ايش ممكن حسوي في بنتك"

حس نفسه بموقف صعب، ما يدري ايش يقوله، في النهاية هي اللي راح تتعذب.. وهي المتضررة في كل الحالات.. سواءً رفض طلبه ولا لا، هي أكثر وحدة راح تعاني!

جاته صورة وفتحها، استغرب لما شاف كم رجال بهيئات مخيفة وأجساد ضخمة، وبعدها رسله "شوف دولا رجالي، وبكلمة مني حيدمروها، أتخيل ايش ممكن حيسووا في تغريد.. أو خلينا نقولها بيرين، لو ما سويت اللي قلتلك عليه.. وازا بس قربت من مركز الشرطة ما حرحم أحد!"

انتفض جسمه من بعد كلامه هذا، صرخ بحرقة وهو يرمي الجوال تحت رجوله، مما خلى وليد ينفجع منه ويوقف السيارة بسرعه ومن ثم يلتفت له: مــشــعـــل اشــبــك!

مشعل وجسمه يتنافض بغضب ممزوج بخوف، رفع عيونه له وتكلم بثقل: و.. ولـيـد، أنـ.ـا حعترف بكل شــ.ــي!

طالع فيه بعدم فهم: ايش قصدك؟

مشعل مد له الجوال وخلاه يقرأ اللي أنرسله، ووليد مع كل كلمة يقراها تعابير الصدمة تعتلي ملامحه، أخذ نفس عميق وهو يحاول يهدي نفسه، تغريد غالية على قلبه.. بغض النظر إنها بنت أعز أصدقائه فهو يعرف بايش مرت وقد أيش عانت في طفولتها، والحين بعد ما ارتاحت وعايشة بطمأنينة يجي هذا الحقير يبا يقلب حياتها، يبا يقلب مواجعها ويذكرها بأحزانها وبمعاناتها، طالع في مشعل بحدة: طبعا أنتا ما حتسوي اللي قالو!

طالع فيها بانكسار وكأنه يقوله اجل ايش راح أسوي

وليد بنهر: مشعل أصحك أصحك تسمع كلامو، انتا أتجننت شكلك صح، كدا يا مشعل والله حتدمرها.. والله حتتدمر، لا تسويها يا مشعل.. لا تطاوعو!

مشعل غمض عيونه وما رد عليه.. دخل في سكون غريب وراح باله لبعيـــد!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي، قبل 20 سنة
تركيا.. إسطنبول

مشعل أخذ المنشفة المعلقة بالباب ومدها لها وهو يقول بجمود: خذيها وأنا سوف أخرج من هنا.

أخذت المنشفة وصارت تنشف وجهها وعيونها تراقبه لين ما خرج من الحمام، خرجت من البانيو والمنشفة ملفوفة على جسمها وترتجف من البرد، حاسة بحقد ناحيته من حركته المستفزة كان يقدر يمنعها بأي طريقة بس مو كذا، خرجت للصالة بس ما لقته، تجمعت الدموع بعيونها وتكلمت بقهر: لقد ذهب ولم يتعب نفسه كي يتأكد أكنت بخير أم لا

بعد هذا اليوم.. مشعل راح للمقهى وشافها.. كان مقرر انه يكمل معاها ولا كأنه صار شي الليلة اللي فاتت.. كانت مجرد قبلة عابرة وغلطة منها لأنها ما كانت بوعيها.. هو ما يبا يغلط.. يدري لو إنه ما قاومها راح تصير أشياء هو ما يباها.. ما يبا شيء بالحرام، وهو مستمر معها الحين ليتأكد من مشاعره ناحيتها.. يبا يشوف إذا هي البنت اللي راح يكمل حياته معاها ولا ما تناسبه.. يكمل معاها باحترام بدون ما يتعدى الحدود، بس يا ترى لين متى راح يقاوم؟ ليـن متى راح يمسك نفسه عنها وما يسلك الطريق اللي ما يبغاه!

وهي ما تنكر إنها فرحت لما شافته، ظنت انه زعل منها وما راح يجي ليشوفها، بس كعادته جالس بالمحل بس بدون ما يطلب شي.. بس كانت تحس بعيونه تتبعها في كل مكان، وكل ما تطيح عيونها بعيونه يبتسم ابتسامة تعشقها، كانت تعد الساعات حتى يخلص دوامها لتأخذ راحتها معاه وتشبع عيونها من شوفته


عند بيتها وهم بالسيارة، قبل ما تنزل من سيارته طالع فيه وهي تنطق بهدوء: بعد شهر يوجد حفل زفاف لإحدى صديقاتي في المقهى.. ولقد دعتني للحضور.

طالع فيها وهو ينتظرها تكمل، وهي كملت: ارد منك أن تحضر معي إلى هناك، هل تستطيع؟

سكت لفترة قصيرة يفكر وبعدها تكلم بابتسامة: حسنا ولمَ لا؟

دينيز ابتسمت بدورها: رائع.. سأسعد جدًا بذلك.


مر الشهر وجاء موعد الزفاف.. مشعل وقف قدام باب شقتها، رفع يده وصار يدق الجرس.. ثواني وفتحت الباب له، استقبلته بابتسامه واسعه وكانت راح تتكلم بس سكتت وهي تتأمله، اليوم شكله غير.. شعره الأسود مرجعه على وراء بتسريحه مرتبه تظهر كثافته، لابس بدلة رسمية سوداء معطيته فخامة وهيبه.. وغير طوله الفارع اللي زاده جاذبيه ورجولة سحرتها.. مثل ما دايما تسحرها

وهو ما كان أقل منها، مبهور منها، مبهور من فستانها اللي ابرز تفاصيلها الأنثوية، مبهور من جمالها اللي زاد اليوم، لابسة فستان أحمر قاني طويل بس مفتوح من عند الركبة لنهاية رجولها، يكشف ذراعيها ومن عند الأكتاف فيه فصوص فضية، رفع عيونه لوجهها.. هالمرة ما كانت بسيطة كعادتها، حطت مكياج ثقيل يبرز جمالها.. بداية من عيونها الواسعة.. لأنفها الحاد ونهاية لشفايفها المصبوغة باللون الأحمر الصارخ.. كأنها متعمدة تحطه لـ تجننه أكثر!

انحرجت من نظراته اللي تتفحصها ومن ثم تكلمت بارتباك: مشعل.. هيا أدخل لقد وقفت هكذا لا يصلح.

ارتبكت اكثر لما ما لقت رد منه فتراجعت بخطوات للوراء وصوت كعبها العالي وصل لمسامعه.. يحس هالصوت مثل طرقات على قلبه تربكه وتجننه فيها لحد العذاب، حس على نفسه فتكلم بسرعه وبدوره رجع بخطوات للوراء: اءء، لا لا.. سأنتظرك في السيارة أفضل.

دينيز مسكته بسرعه: لا لا، أدخل.. لم أتجهز بعد، هناك بعض اللمسات الأخيرة سأحتاج لوقت لأنتهي، ولا أريدك أن تنتظر في السيارة كثيرا فتمل.

مشعل بهدوء: حسنا.

دخلته للصالة وعيونه تتبعها وهي تمشي لغرفتها بكل أنوثة وغنج حتى تدخلها، نزل عيونه للأرض وهو يحاول يطرد الأفكار اللي صارت تراوده، حرك رجوله بتوتر لما حس إنها طولت.. وإن صبره فاض وهو يتخيلها معاه بكامل أنوثتها، تعوذ من الشيطان، قام من الكنبة وهو ناوي يخرج وينزل للسيارة، أفكاره ذي نهايتها ما راح تسره وهو متأكد، مشي بس وقفه صوتها وهي تناديه باسمه بطريقة خلت دقات قلبه تتسارع.. تدق بسرعه وكأنها تسابق بعضها، حس بكفها الصغير يستقر على كتفه وتلفه لها، ومن ثم همست وهي تقرب منه: مشعل، إلى اين أنت ذاهب؟

مشعل بلا شعور منه حاوط خصرها وقربها له أكثر، قلبه ذايب منها.. من قربها.. من همسها ومن ريحة عطرها، نزل رأسه ناحيتها ومن ثم حط جبينه بجبينها وبنفس همسها: لن أذهب إلى أي مكان.

دينيز غمضت عيونها وهي تحس بأنفاسه وهو بهالقرب منها، دقات قلبها بدأت بالاضطراب من قربه ومن لمسة ذراعه المحاوطة خصرها، ابتعدت عنه وهي تبلع ريقها بتوتر حاولت تخفيه، مسكت يده وشبكت أصابعها بأصابعه، مشت ناحية الغرفة وهو وراءها مثل المسحور.. يتبعها وهو مو حاس بنفسه ويده بيدها حتى دخلوا للغرفة ليقفلوا الباب وراءهم!
** ** ** ** **


في صباح اليوم التالي

فتحت عيونها وصارت ترمش كم مرة، انتبهت إنها عارية تمامًا واللي يغطيها مجرد شرشف، صار وجهها أحمر حيل لما تذكرت اللي صار ليلة البارحة ولفت للجهة الثانية بس ما لقت مشعل، حطت يدها على نحرها وبأنفاس متسارعه: لا أنه مجرد حلم..، غمضت عيونها وصارت تهدي نفسها: نعم انه مجرد حلم، لم يحصل بيننا شيء.

فتحت عيونها مرة ثانية وشافت فستانها الطايح على الأرض، شهقت بقوة وغطت وجهها بكفوفها وهي تحس نفسها راح تبكي من الإحراج: لـــقـــد حــصــل!!

رفعت وجهها من كفوفها وكلمت نفسها باستغراب: لكن أين مشعل؟

قامت من السرير وهي تلف الشرشف على جسدها، تحاول انها ما تفكر بهذا الشي، دخلت الحمام وأخذت دش، كانت الموية تنساب على جسمها وهي تتذكر تفاصيل ليلة البارحة، حضنه الدافي.. لمساته الحانية على جسدها.. كلماته الغزلية اللي حسستها بأنوثتها، خرجت من الحمام وهي لابسه روب الاستحمام، رطبت جسمها ولبست ملابس تناسب لعملها، ابتسمت لا اراديًا.. أكيد هو ينتظرها هناك، يختار طلباته المعتادة وهي تحطها له مثل كل مرة، حست بدقات قلبها تزداد وهي تتخيل ابتسامته لما عيونه تجي بعيونها، اخذت نفس لتهدأ نفسها وتمتمت: أهدأ يا قلبي لم يحصل شيء للآن.

راحت لعملها وبدأت بحماس وهي تنتظره، شافتها فاطمة وصارت تنغزها بالكلام.. لأنها جايه ووجهها منور بزيادة وهي ترد عليها بضحكة بدون ما تجاوبها وتكمل عمل، مرت كم ساعة وما جاء، قالت لنفسها أكيد انشغل بشيء وما قدر يجي.. خلص دوامها وهو برضه ما جاء.. حاولت تعذره.. وما تشغل بالها عليه.. مر اليوم الثاني والثالث حتى وصل أسبوع وهو ما جاء لها، حست بالحزن.. وخافت إنه تركها لأنه ما أعطاها خبر بغيابه، ويوم من الأيام وهي كانت تنتظره وتطالع طاولته اللي دايم يجلس فيها تنتبه لشخص مألوفة ملامحه يدخل للمقهى، يدور بعيونه على المقهى كأنه يبحث عن شخص ولما طاحت عيونه عليها شافته يبتسم ابتسامة غريبة ما فهمت معناها، حاولت ما تهتم كثير وراحت له لتأخذ طلباته بعد ما جلس

قالها طلبه وهي دخلت الدفتر بجيبها وأخذت المنيو، لفت لتمشي بس يده منعتها

سحبت يدها ولفت له وهي تقول بحده خفيفة: ماذا تفعل!

مرر نظراته الخبيثة عليها وتكلم: يا حلوة لم تعرفيني؟

قطبت حواجبها وهي تحاول تتذكر هي فين شافته، سكتت لفترة وبعدها توسعت عيونها بصدمة: كــــرم!

كرم بابتسامة واسعة: نـــعـــم، أحسنت لقد تعرفتي علي!

أخذت نفس عميق وهي تحاول تهدي نفسها: ماذا تفعل هنا؟

كرم: ألا يمكنني القدوم إلى مقر عمل ابنة عمي وأرى كم هي جادة في عملها؟

دينيز طالعت فيه بحقد.. تكرههم وما تطيق سيرتهم فكيف لو أحد منهم يكون قدامها، قربت منه وبهمس: اتمنى أن تغرب عن وجهي، لأني وكما تعرف أكره وجودك أمامي.

تتبعها بعيونه وهي تعطيه ظهرها وتمشي حتى تختفي، من فترة طويلة وهو حاط عيونه عليها.. يوم كانوا ساكنين بالقرية، بس هي تكرهه.. تكره تصرفاته وهمجيته، عمرها ما فكرت بيه وهو ترك القرية وأسس حياة هنا تليق بيه، وصدفة قبل فترة يشوفها بالملهى من بعد غياب سنين طويلة، شافها وهي ثملة وتتمتم باسمه.. تهذي فيه بعشق، تقرب منها وحب يستغلها بس هي صدته وبعدين شافها معاه وهو يوصلها، شافها وانحرق، حلف على نفسه إنها ما تكون إلا له مثل ما تمنى قبل!
** ** ** ** **


نزل درجات الطائرة ونسمات الهواء تحرك شعره، صار له أكثر من شهر وهو بعيد عن هالأرض وعن هالهواء النقي، تعتبر فترة قصيرة بس بالنسبة له وكأنه دهر، دخل للباص اللي يوصلهم لـ صالة المطار.. كان شبه فاضي فجلس على أحد الكراسي وهو يفكر، كانت نيته يطول أكثر بالسعودية.. بس ما قدر يبعد عنها أكثر، هو أبتعد عنها لأن الندم أكله أكل بعد هذيك الليلة، وأبتعد كمان لسبب ثاني، ليختبر نفسه.. ليتأكد من حقيقة مشاعره ناحيتها، هل هي حقيقية ولا مجرد نزوة، وقدر خلال هالشهر يتأكد من كل شي، خرج من جيبه علبة سوداء صغيرة، هو سافر وتركها بدون ما يقولها فأكيد هي مفكرته كان بس يلعب عليها.. بس هو مو كذا.. مانه إنسان لعوب ويضحك على البنات.. كان يحتاج فترة ليختلي بنفسه ويراجع قراراته، فتح العلبة وكان بداخلها خاتم خطوبة.. ايوا وأخيرا وصل لقرار.. وهذا آخر شيء توصل له.. راح يعرض عليها الزواج!
** ** ** ** **


من لما خرج من المطار.. ركب التاكسي سأله عن وجهته وقاله اسم المقهى، السائق استغرب شوي.. توقع انه بيقوله اسم فندق أو منتجع، بس ما علق وكمل طريقه، مشعل طالع في ساعته.. شوي ويخلص دوامها، إن شاء الله يقدر يلحقها.. بعد نص ساعة وصلوا أخيرًا، رمى عليه الفلوس بسرعه وخرج من السيارة، الحمد لله دوبه بس قفلوه واضح من الأنوار الخفيفة المضاءه بالداخل، زفر براحة وجلس ينتظرها لين ما تخرج

خرجت دينيز من المقهى وهي ترفع شعرها لتربطه بإهمال، رفعت عيونها وطاحت عليه، فتحت فمها بصدمة وهي مو مصدقة إنها تشوفه.. قطبت حواجبها وهي تقنع نفسها إنه خيال.. رمشت كم مرة بس برضه موجود، واقف قدامها ويطالع فيها بحب وهو مبتسم.. ابتسامته اللي تعشقها، إمتلت عيونها بالدموع، اشتاقت له كثير.. اشتاقت لصوته.. لعيونه.. لابتسامته، كل شيء فيها اشتاق له

مشعل اقترب منها بخطوة وهو يقول بدفا: ألن تقولي أهلا بك يا مشعل.

حست على نفسها ومسحت دموعها بسرعه، المفروض ما تضعف له بهالسرعه، المفروض تعاقبه وما تكلمه مثل ما هو فجأة تركها بدون ما يعطيها خبر أو يودعها، ما ردت عليه وتعتدته بتجاهل وهي تحاول تحافظ على كبريائها.. وما تلين!

توقع حركتها.. وما ينتظر أقل من كذا، ما يقدر يلومها.. لأنه هو الغلطان، مسك يدها وسحبها لحضنه، حاولت تدفعه وتبعده عنها وهي تتكلم بغضب ممزوج بارتباك من قربه: مــشــعــل أتــركــنـــي!

وهو حاوطها له بقوة ليدفن رأسه بشعرها وهو ينطق بهيمان: اشتقت لك جــدا يا حبيبتي..، حس بارتخائها بحضنه ولما ما شاف منها رد كمل كلامه وهو يمرر يده بين خصلات شعرها الكستنائية: أعتذر منك يا ذات الوجه الملائكي.. أعلم أنه لا عذر لغيابي الطويل، ولكني أتمنى أن تعفي عني، فشوقي وحبي لك هو من أتى بي هنا..، بعدها عنه شوي ومن ثم حاوط وجهها بيدينه، لاحظ لمعة دموعها بعيونها فتنهد بتعب وهو يمسح على خدها بإبهامه: أتأسف إذا ذرفت هاتين العينين الدموع بسببي، ولكن أوعدك أني لن أبكيك أبدًا، سأبذل كل جهدي لكي أسعدك!

دينيز رفعت عيونه المليانة دموع له وتكلمت بصوت مهزوز: أتعني ما تقوله؟ أم انه مجرد كلام تقوله لي كي تجعلني أرضى؟

مشعل بحنان: أيعقل هذا الشيء؟ طبعا أعنيه.. وسترين ذلك..، قرب منها أكثر وباس جبينها بهدوء: دينيز.. أنا لدي ما أقوله، ما رأيك أن نذهب في مكان مناسب كي أستطيع قوله براحة؟

دينيز بعد فترة من الصمت: حسنا!
** ** ** ** **


جالسين على الكرسي وقبالهم البحر، وهو يطالع في ملامحها اللي كانت دووم تفتنه وخصلات شعرها الكستنائية تتحرك مع نسمات الهوا اللطيفة، يعشقها وبجنون.. دخلت في حياته بدون أي مقدمات، حياته التعيسة تغيرت من لما شافها، صار يحس إن وجوده له معنى، فيه شخص يهتم له.. شخص يحبه.. شخص مستعد يضحي عشانه وما راح يتركه في يوم!

طالعت فيه لما حست بنظراته، ابتسمت بحياء وخدودها حمرت وهي تقول: مشعل، لا تنظر إليّ هكذا.

مشعل بهيمان وهو يطالع في عيونها اللي بلون البحر الصافي: إن لم أنظر إليكِ هكذا كيف سأنظر؟ إنني لا أستطيع الشبع من تأملك يا ذات الوجه الملائكي.

بلعت ريقها بتوتر وهي تعبث بطرف كمها.. سنة كاملة وهي معاه، عشقته بكل تفاصيله.. السيئة والحسنة، ما تقدر تتخيل يوم يمر من دونه، صار حاجة أساسية في حياتها وما تقدر تتخلا عنها، هم من بلدين مختلفين ولغة مختلفة، عادات مختلفه وأفكار مختلفة، بس قدروا يكونوا مع بعض رغم كل اختلافاتهم، هو قدر يتفهم بيئتها المتفتحة، وهي تفهمت غيرته عليها بس عمره ما جبرها على ترك شي تعودت عليه!

رفع يده لوجهها ورجع خصلات شعرها ورا إذنها وبصوته اللي يبعث الدفا لأعماقها: أتمنى من كل قلبي أن أمضي ما تبقى من حياتي معك.

طالعت فيه ودقات قلبها زادت كأنها عرفت إيش راح يقول

دخل يده بجيب جاكيته.. خرج علبة سوداء صغيرة وفتحها: دينيز، أتقبلين الزواج بي؟

طالعت في الخاتم اللي بوسط العلبة بعيون مليانه دموع وتكلمت بصوت متأثر: مــشــعــل!

طالع فيها بكل حب، قعد أسابيع عشان يفاتحها بالموضوع بس ما قدر بسبب تردده، بس خلاص تأكد إنه يعشقها وبجنون، سنة كاملة كانت كفيلة لتثبت هالشيء: أريدك أن تكوني زوجتي، وأن نكون تحت سقف واحد، وتنجبين لي طفلة مثلك تمامًا يا ذات وجه ملائكي.

سكتت لفترة قصيرة وعيونها تتنقل ما بين ملامح وجهه والخاتم، تبا تنطق بـ نعم.. بس تحس كل شي خانها، تحس صوتها انبح من الفرحة وعدم تصديقها، مالت بجسمها عليه وضمته وهي تقول بهمس مسموع: نعم.. أقبل بأن أكون زوجتك حتى الممات.

بلع ريقه بتوتر وهو يحس بحرارة تسري بجسده، هذا أكثر شيء يخاف منه.. يخاف من مشاعره المجنونة والمندفعة لما تقرب منه بهالشكل، يخاف يسوي الغلط.. ويندموا اثنيناتهم، يمكن هي تشوفها حركة أقل من عادية وممكن تحضن صديقها، بس هو لا، ما يفكر كذا، ما تعود على كذا، ولـ هالسبب قرر يعرض عليها الزواج، لتدخل علاقتهم هذي في إطار الزواج.. بعدها ما راح يخاف من أي شي!
** ** ** ** **


في الوقت الحالي..

رفع عيونه له بعصبيه وهو يحرك كتفه حتى يفوقه من سكونه: مــشــعــل.. أتــكــلـــم، لا تــقــولــي إنــك حـــتـــســـويـــهــا، مــا حــســمــحـــلـــك!

مشعل بنبرة هادية: حسويها.. ومافي أحد حيمنعني.. حتى إنتا يا وليد!

وليد بنفس نبرته الغاضبة: يــا مشـــعـــل لا تــجـــنـــنـــي، كـــيـــف حتسويها؟ كيف حتتجرأ وتقول كل شي بسهولة، مـــا فـــكـــرت بــالــعــواقــــب؟ مــا فــكــرت كــيــف حــتــطــالــع بــالـنــاس؟

مشعل سحبه من ياقته وصرخ: ما عـــــنــــدي غـــــيــــر دا الـــحــــل يــــا ولـــيــــد.. ازا تــــقــــدر تــــجــــيـــبــــلـــي تــــغـــريـــــد بــــدون مــــا تــــنـــضــــر جــــبــــلــــي هـــيــــا، إذا عــــنـــدك حــــل أديـــنـــي.. لا تــــمـــنـــعـــنـــي وانـــتـــا مـــا بـــيـــدك حــــيـــلــة، تـــغـــريـــد بـــيـــد واحـــد مــــا أعــــرف عـــنـــو شــــي.. بــــس أدري إنــــو مــــا حـــيـــخـــاف الله فـــيـــهـــا، هـــددنـــي بــيـــهــا هـــددنـــــي.

تركه وهو يدفعه بقهر، أخذ نفس عميق يحاول يهدي حاله وهو يرفع يده المرتجفة ليمررها على شعره: أمشي لقدام شويا ووقفني عند المحلات.. حاخدلي تاكسي، أحتاج أقعد لحالي فترة، أفكر باللي حقولو!

وليد عدل نفسه وهو يحاول يكتم غضبه منه، حرك السيارة ومن ثم تكلم: أتمنى في دا الوقت اللي حتفكر فيه انك تعقل وتبطل.

مشعل بحدة: وصلني وبس يا وليد!
** ** ** ** **


عند تغريد وفارس..

بعد ما خرج أمير، تغريد تسمع لـ فارس وهو يحكيها كيف أمير وصل له، يقول إنه كان بجامعته.. قاعد مع أصحابه، يضحك ويمزح معاهم، وهو فجأة يجيه ويطلبه باسمه يبا يتكلم معاه، هو ما كان يعرفه واستغرب انه ناداه بس راح له وجلسوا بمفردهم، وأمير فجأه وبدون مقدمات دخل بالموضوع.. قاله إنه يحب تغريد وهي تحبه ويباه يبتعد عنها وما يفكر فيها، قاله إنهم بعلاقة مع بعض وشوه صورتها الجميلة قدامه، وهو هجم عليه وضربه، ما استحمل.. الغيرة حرقته، رجع لأصحابه وهو يحاول ينكر اللي قاله.. يحاول يقنع نفسه إن تغريد ترفضه لأنها مو مستعدة لتدخل بعلاقة مو لأنها تحب غيره.. هذا كان أول وآخر لقاء بيناتهم، مرت شهور ونسى اللي صار، حتى جاء يوم رحلتهم للهدا وبعد ما وصلوا للمنتجع، تجيه رسالة منه وكان محتواها انه كان يلعب على تغريد.. ومقرر ياخذ اللي يباه منها بمساعدته، كان يبغاه يساعده ليستدرجها.. كان يريده ينزل لمستواه ويخطفها!

وهو بكل تأكيد رفض ما كان يفكر إنه راح يأذيها.. بس أمير كان مصر.. هدده وما أخذ كلامه بجدية.. بس كان معصب من تغريد ودخل بقلبه الشك من كلامه، وحب يتأكد منها وراح كلمها بالمطبخ هذاك اليوم.. طبعا من بعد كلامها تأكد من شكوكه وللحظة كرهها وكره نفسه لأنه حبها، وبعدين لما رجعوا لجدة.. في الصباح خرج من البيت بعد ما اتصل عليه أمير، يقوله ينفذ طلبه وإنه يخطفها ويجيبها له، وهو لما رفض.. أرسل رجاله ليهجموا عليه كانوا كثيرين وما قدر عليهم فتغلبوا عليه، بعد ما صار بالمستشفى أول من شافه هو أمير، بعدها حس بكمية بشاعته، وأصعب شي عليه لما كان بينفذ كلامه ويخطفها، ما تخيل نفسه يسلمها له وهو داري إنه بيأذيها، بس تفاجأ لما شافها قدامه، جات لـ حتفها برجولها بدون ما تدرك!

سكتت وما قدرت تعلق، انصدمت من كلامه وما توقعت انه هذا اللي صار، فارس تعذب كثير من أمير بسببها، وهي ما جازته إلا بالصد والجفاء، لو كانت تدري إنه يتعذب هالكثر كان يمكن تكلمت.. كان يمكن ندمت!

تغريد: طيب فارس دا ايش يبا مننا.. تفكيري مشتت وماني فاهمة.

فارس: ما أعرف، بس هوا يباكِ انتي، وما أدري ايش في بالو.

تغريد سكتت لفترة وبعدها تكلمت: طيب متى نشرد!

فارس حرر يده من الحبل وطالع فيها بنبرة مليانة ثقة: دحين!

توسعت عيونها بعدم تصديق: فآآآرس كيف قدرت تفكو؟ أنا يدي سارت توجعني وأنا بحاول أفكها!

فارس تكلم من بين انشغاله بفك الحبل من رجوله: واحد من الرجال ما ربطني بقوة شكلو متعمد، وأنا حسيت بدا الشي لما طالع فيا بنظرة فهمتها على طول.

تغريد: طيب وأنا ليش ما سوالي زيك!

بعد ما حرر رجوله ويدينه قام بسرعه ناحيتها: ما أدري، يمكن مو نفسو اللي ربطك.

حاول يفك الحبل اللي على يدها بس عجز، عصب منه وصار يحاول بقوة، وتغريد كانت تكتم ملامح الألم وما تظهرها على وجهها، لأن الحبل مشدود بقوة على يدها

وفجأة انفتح الباب عليهم بعنف!

تجمد فارس بمحله لما شاف رجاله اللي دخلوا عليهم، وللمرة الأخيرة حاول يفكها بس ما قدر لأنهم توجهوا له وصاروا يسحبونه لخارج الغرفة.. وهو حاول يقاوم لـ آخر نفس له، وتغريد تصرخ باسمه وهي خايفة عليه منهم لا يأذونه

بس فيـــن، مستحيل يلتفتوا لها، خرجوه من الغرفة قدامها وسط مقاومته وبعدها قفلوا الباب ورائهم!

تغريد بصراخ: ســـيـــبـــوه الله يـــاخـــدكم، لا تــبــعــدوه عــنــي، لا تــــأذوه!
** ** ** ** **


عند مشعل

وأخيرا وقف له تاكسي، دخل والسائق سأله عن وجهته ومشعل جاوب: ما عندي مكان محدد، لفلفني بالشوارع لين ما أقولك خلاص وليك المبلغ اللي تباه!

ما علق السائق وسوى مثل ما طلب.. صار يلفلفه بشوارع جدة.. بالطرق السريعة والطرق الفرعية.. وداه للبحر بس يطل عليه، بيتأمل كل شيء لدرجة إنه انتبه لأشياء توه يشوفها.. طرق جديدة وناس غريبه، حس برأسه شوي وينفجر من التفكير، ما هو عارف ايش يسوي، خايف ومتردد من اللي راح يسويه، وأما خايف إنه بعد ما يسويها راح يفقد تغريد وتتأذى ويغدر فيه الرجال اللي ما يعرف عنه شيء

جات بباله رنين فـ زفر ما نساها بس مو قادر يلحقها.. ضغط على عيونه وهو يتمتم بتعب: يا رب رحمتك.

أخذ جواله واتصل على مهند وهو رد عليه بلهفة: ايوا مشعل، ها بشر إن شاء الله لقيتو طرف خيط يوصلكم لتغريد؟

استند على المرتبة وهو ينطق بضيق: ما عندي شي عشان أقولك هوا، ولا تستنى مني إني أبشرك بحاجة يا مهند!

مهند: وي مشعل، ليش دا التشاؤم والـ…

مشعل قاطعه بهدوء: مهند أنا ما أتصلت عليك عشان كدا!

مهند بعدم فهم: طيب قولي ايش في؟

مشعل تكلم بنفس هدوءه: أتصلت عليك عشان رنين.

مهند: اشبها؟

مشعل: أمس جاها فيصل.. تقولي إنو ضربها!

مهند عدل جلسته بصدمة: ايـــــش!

مشعل بتنهيدة: اللي سمعتو يا مهند، أمس لما رجعت الفيلا شفت خدها أحمر.. سألتها وحكتني وهيا تبكي!

مهند قطب حواجبه: طيب.. ايش تباني اسوي؟

مشعل: انتا قولي ايش رأيك؟ ايش حتسويلو؟

مهند تكلم ونبرة الحقد وضحت بصوته: حخليه يندم على اللحظة اللي مد يدو عليها!

مشعل: مو بس كدا.. خليه يندم على اللحظة اللي ارتبط فيها برنين!

قفل منه ومن ثم سند رأسه للوراء وغمض عيونه.. كذا يقدر يرتاح من ناحية رنين
** ** ** ** **


عند تغريد..

كانت تحاول تهدي نفسها وما تتوتر، تحاول تضبط أنفاسها وهي تتمنى إنهم ما يضروه أكثر من كذا، يكفي إنه ما صار يمشي إلا والعرجة توضح بخطواته.. ما راح يقدر يمشي زي قبل إلا بعد جلسات علاج طبيعي، انقطعت أفكارها لما انفتح الباب ودخل منه أمير، التفتت له وعيونها تناظره بنظرات حادة: فيـــن وديــت فـــارس؟ ايـــش سويتلو يا حقير! لما شافته ساكت كملت بشراسة وهي تحاول تفك نفسها: أتكلم يا حيوان لا تسكتلي كدا، قولي فينو.

سحب كرسي فاضي كان بزاوية الغرفة، حطه قدامها وجلس عليه: أمممم هوا في الغرفة اللي جنبنا ورجالي جالسين يأدبوه شويا عشان لا يحسب نفسو ذكي، انتي لا تخافي.. ما حيأذوه كتيــر.. بس حيخلوه يعرف مين هوا أمير عشان ما يستهون بيا!

تغريد بحقد: انتا انسان مريض، لالالا وي ايش انسان.. حتى الحيوان ما أقدر اشبهك بيه، انتا نكرة ربي ما خلقك إلا لتأذي الناس.. الله يبيد اشكالك!

أمير بسخرية واضحة: الله يبيد أشكالك القذرة انتي يا شيخة مو أنا، انتوا ناس مالكم داعي بالحياة، جايين زيادة عدد وبس.. جايين عبئ على أهاليكم بس منتوا حاسين!

تغريد قطبت حواجبها وهي مو فاهمته: انتا ايش جالس تخرف!

ابتسم ابتسامة استغربت منها: حاب أقولك لا تستعجلي على رزقك حتفهمي كل شي لما يجي وقتو.. صدقيني قوتك دي اللي تتظاهري بيها حتنكسر اليوم.. بس تدري ايش أحلى شي في دي اللحظة؟ انو نفسك تقتليني وباين من نظراتك، بس ما تقدري لأنك عاجزة.. ما تقدري تحركي جزء من جسمك، وأنا أقدر اسوي اللي أباه!

تغريد: لا تفرح كتير يا أمير، ودامك تبا تشوفني مكسورة صدقني ما حظهرلك انكساري، اذا كان نفسك تشوف دموعي.. حتى في أحلامك ما حتشوفني أبكي!

أمير: لا تكوني واثقة قد كدا!

تغريد: أميــر، شوف.. أنا وحدة عانت كتير في حياتها وانتا ما تدري بايش مريت، فلا تحلم كثير، لا تتأمل لأنك حتنصدم!

أمير: أنا ما بحلم.. ولا بتأمل، أنا متأكد، متأكد لأني أعرف إنو أكتر شي يوجعك لما تشوفي شخص غالي على قلبك يتأذى قدامك!

قلبها انقبض من آخر جملة قالها.. سكتت وما تكلمت لأنها فعلا هي ما تتحمل تشوف أحد تحبه ينضر، ما تستحمل تفقد أحد تحبه، لأنها ياما حبت وبعدها تركوها، تعلقت بأشخاص وداروا ظهورهم لها وراحوا!
** ** ** ** **


قفل من عند مشعل وهو منزل عيونه للأرض ويفكر، كيف يا ترى ياخذ بحق رنين؟ كيف يطلع صفعته من عيونه ويخليه يعض أصابعه ندم؟ رفع عيونه لأمل وصار يفكر فيها هي كمان، أرتبك من تفكيره ونفض رأسه بسرعه وكأنه يطرد الأفكار اللي دارت برأسه بهالحركة، لا مستحيل يسويها في أمل، هي ما لها ذنب، هي أخته صح بس ما هي مسؤولة عن تصرفاته، هو رجال كبير ويعرف الصح من الغلط، حرك رأسه بحزم.. ما راح يظلمها!

أمل لاحظت سرحانه فتكلمت وهي تسحب روب أستحمامها: مهند حبيبي ايش في؟

انتبه على نفسه وبهدوء وهو يرفع عيونه لها: لا ما في شي!

أمل لانت ملامحها، مشت ناحيته وجلست بالسرير بجانبه: إلا في شي، أكيد بتفكر في تغريد صح؟ حطت يدها على كتفها وصارت تمسح عليه بحنان: إن شاء الله ترجعلكم بالسلامة، انتوا خليكم واثقين بربنا.. إنو راح يحميها من كل أذى وترجعلنا بالسلامة، خلي أملكم بالله كبيـر ولا تيأسوا، وإن شاء الله تلاقوا اللي تبغوه!

مهند ابتسم لها بامتنان على كلامها المريح، حاوطها لصدره وهو يدفن وجهه بكتفها، في هالموقف وفي هاللحظة تأكد إن أمل ما تستاهل إلا أحسن معاملة، تستاهل إنه يكون لها نعم الزوج، وفيصل دواه عنده!

بعدت عنه شوي وطالعت في ملامحه: يلا أنا بروح أتروش.

أبتسم وطبع بوسه على جبينها: يلا روحي حياتي، ونعيما مقدما.

ردت له الابتسامة وبعدها قامت: الله ينعم عليك.

طالع فيها وهي تدخل للحمام وتسكر الباب وراها، فتح جواله وبحث بالأرقام على أسمه، طالع في اسمه لفتره.. كان راح يدق بس تراجع ورمى الجوال بالسرير، أكيد ما راح يرد عليه، راح يحس بالريبة منه إذا كلمه من جواله، وهو ما يباه يحس بشي.. راح يفاجئه وراح يندم!

قام من السرير وراح لجهة أمل لياخذ جوالها من الكمدينة، فتحه وهو عارف رمزه السري، فتح محادثه مع فيصل على الواتس ومن حسن حظه إنه لقاه اون لاين فأرسله بسرعه "فيصل، فينك؟"

شاف رسالته وبعدها جاوب "عند واحد من أصحابي"
"ليش بتسألي؟"

مهند "فيصل لازم تجيني اليوم البيت، في موضوع بكلمك عنو"

طالع في الكلام اللي رسله وتأفف، على طول جاء بباله رنين.. أكيد شكت لها
" ما ليا نفس أخرج يا أمل، أكيد الموضوع عن رنين صح؟ جاتك وشكتلك!”

سبه مليون مره بداخله وتمنى انه يشوفه قدامه ليحط حرته فيه، وبالرغم من كذا أرسله وهو يكتب بهدوء عشان لا يغلط بـ كلمة "لا ما دخل يا فيصل، بكلمك عن مهند.. أنا ما أقدر أكمل معاه"

عدل جلسته بسرعه " ليش؟ ايش سوالك!”

"ما أقدر أقول هنا يا فيصل أخاف يشوف المحادثة!”
"الله يخليك تعالي قبل ما يسوي اللي في راسو"

فيصل قطب حواجبه ورد عليها
"خلاص طيب دحين جايك"

أرتبك من كلامه.. لا الحين ما ينفع، فيه أمل وأطفاله، أرتبك أكثر لما سمع صوت الدش وهو يتقفل.. أمل شوي وراح تخرج، فكتب له بسرعه "لا مو دحين.. خلي مهند يخرج وبعدها أنا وأنتا نتفاهم!”

فيصل "طيب"

حذف المحادثة اللي دارت بينهم وبنفس الوقت أمل خرجت، حط الجوال بمكانه ولف لها بابتسامه مرتبكة: أمل! هه ما شاء الله سرتي تستحمي بسرعه!

طالعته باستغراب: لا بسرعه ولا شي، نفس دايما يعني.

مهند مازال مبتسم بس بدا الارتباك يخف تدريجيا، قرب منها وهو يقول: أمل، ايش رأيك تروحي اليوم لأمك وتاخدي معاكي البزورة؟

أمل: ليش تبانا نروح؟

مهند وهو يلعب بخصلات شعرها المتبللة: أمم لأني ما حكون بالبيت اليوم كتير وما أباكي تقعدي لحالك مع ورد وسيف ويغلبوكي.

أمل ابتسمت: ههه عسل على قلبي والله، فكرتك حلوة بس ماما اليوم عندها عزيمة وما في أحد بالبيت، أحسنلي أروح لأهلك يا مهند، أشوفهم.. أساعدهم، يمكن يحتاجوني في حاجة، وانا ان شاء الله ما حقصر.

أبتسم بحب، يعشق أخلاقها العالية: طيب يا روحي اللي تشوفيه يناسبك سويه!
** ** ** ** **


انتبهت للظرف اللي عطاها هو مشعل أخذته وصارت تقلبه بحيرة، ايش يكون بداخله يا ترى، جلست على سريرها وهي تطالع فيه لفترة.. مالها نفس تفتحه بس صوت قوي بداخلها يقول لها أفتحيه يا رنين، أخذت نفس عميق وفكته خرجت اللي موجود فيه وكانت عبارة عن صور بس كانت مقلوبة على قفاها وما شافت اللي فيها.. عدلتها لتشوف الصورة ما تحرك فيها ساكن وكأنها ما استوعبت اللي بتشوفه، قامت بفجعة ورمت الصور على السرير وهي تتعوذ من ابليس وتمتمت لنفسها: لا اللي شفتو دوبي خيال أكيد..، حركت رأسها بحزم: ايوا خيال ومجرد تهيؤات مني.

في نفس الوقت دخلت جود للغرفة وهي تقول: رنيـ…

كانت راح تكمل بس سكتت لما شافتها تطالع فيها بصدمه والدموع بعيونها، أقتربت منها بخوف وهي تحط يدها على كتفها: رنين ايش في؟ اشبك؟

بلعت ريقها بصعوبه وهي تحاول تستجمع نفسها، مسحت دموعها بسرعه وأخذت الصور اللي على سريرها ومدتها لها بدون ما تطالع فيها، سألتها برجاء وهي تتمنى إن اللي شافته كذب: جود شوفي الصور دي؟ ايش فيها؟

أخذتهم من يدها وقطبت حواجبها بقــووه وهي تشوف الصور.. هذا فيصل؟ في ملهى ليلي؟ بيده خمر واليد الثانية بنت؟ قلبت الصور بين يدها وكل مرة بتنصدم من جراءة الصور وقبح المنظر حتى رفعت رأسها لها وبذهول: دا فيصل!

رنين بعد ما شافت ردة فعلها تكلمت بوجع: لا تقوليها يا جود.

جود وهي تتنفس بسرعه طالعت في رنين بصدمة: دا.. دا فيصل، والله العظيم إنو…

رنين قاطعتها بنبرة عالية: مــســتـــحــيــل.. دا مو فيصل، ما أصدق الصور دي، أكيد فبركة ولا فوتوشوب.

جود أخذت نفس عميق وهي تحاول تهدي نفسها حاسه بصدمة أختها: طيب كيف حتتأكدي؟ يمكن تكون حقيقية؟

رنين طالعت فيها وهي تحارب دموعها: ما أدري ما أدري..، دارت حول الغرفة بجنون وهي تضغط على رأسها: أنا لازم ألاقي حل، ما ححكم عليه.. أخاف اظلمو!

جود طالعت في أختها وقلبها مقبوض عليها، حالتها ما تسر الخاطر، نزلت عيونها للصور اللي بيدها، رمتها على السرير بتقزز وضح بملامحها.. راح تكرهه إذا طلعت هالصور صحيحه، ما راح تعتبره زوج أختها أبدا، ما راح تعتبره إلا واحد خاين ومستشرف.. معقولة انه بس يستشرف على رأس أختها؟ يسوي كل اللي يبغاه وهو يحرمها من أبسط حق لها!

رنين فجأة وقفت وهي تقول: ايوا لقيتها يا جود.

جود: ايش؟

رنين: صحبتي من الثانوية نجود تتزكريها؟ سمعت من البنات انها سارت مصوراتية تروح للزواجات والمناسبات وتصور، أكيد حتعرف ازا هيا مفبركة ولا لا.. لازم آخد رقمها اليوم..، كملت بعصبية وتوتر وهي تبحث عن جوالها بالسرير: فينو دحين دا الجوال.

جود وهي تأشر برأسها على الكمدينه: شوفيه هناك.

أخذته وقعدت نص ساعة على جوالها مندمجة وبعدها رفعت رأسها لها وهي تقول براحة جزئية: كلمتها وتقولي خلاص تعاليلي بعد المغرب وما ردت لأنو الجوال بعيد عنها..، كملت ودموعها تلمع بعيونها: يا رب تكون الصور مفبركة.

جود: أنا متأكدة إنها مفبركة.. ما أتوقع من فيصل يسويها.

قالت كلامها لتواسيها بس، ومن داخلها إحساس يقولها العكس تمامًا!

رنين بأمل: ايوا فيصل ما يسويها، فيصل يحبني وما يخونني!
** ** ** ** **


تحت..

بعد ما فتحت له الخادمة باب الفيلا مشى للصالة بخطوات سريعة وقبل لا يدخلها تنحنح فسمع صوت ندى: عبد العزيز؟ تعال تعال، مافي أحد!

دخل وألقى السلام وهي بدورها ردت عليه، جلس بجانب ندى وعلى طول سألها: ما أتصل مشعل مرا تانية.

ندى حركت رأسها بالنفي وهي تزفر بهم: لا ما أتصل، ودوبي أتصل عليه بس ما يرد.

عبد العزيز: لا تخافي تلاقيه أنشغل، أكيد حيتصل ويدينا خبر.

حركت رأسها بالإيجاب وهي تتمتم بـ: إن شاء الله..، رفعت عيونها له: فين أبله هدى سايبها في البيت؟

عبد العزيز: ايوا سايبها هناك، ما قلتها عن تغريد ما أبا بالها ينشغل.. أخاف تتعب!

سكتت وما علقت على كلامه، طالعت في ساعتها وبعدها تقطبت حواجبها بس ما تكلمت، وهو حس فيها فسألها: ندى ايش في؟

طالعت فيه وتنهدت: المفروض ميس وعبد الله يجوني اليوم.

عبد العزيز: أمس راحوا لأبوهم!

ندى: ايوا أدري، هوا المفروض يقعدوا معايا لين بكرا بس ميس حبت تروح امس وترجع، وأنا ما حمنعها، بس شكلو حتقعد اليوم كمان، محد فاضي يجيبها!

عبد العزيز باستغراب: وي وأنا فين رحت يا ندى؟ كدا تزعليني منك!

ندى بسرعه: لا ما يحتاج خلاص خليهم هناك مو مشكلة.

عبد العزيز بحزم: إلا يحتاج، أنا حجيبهم دحين!

ندى حركت رأسها بقلة حيلة: طيب خلاص جيبهم، بس مو دحين، قبل المغرب أوكي؟
** ** ** ** **


لمحة من الماضي
قبل 19 سنة، تركيا.. إسطنبول

دخلت شقتها وعلقت معطفها بالشماعة، تسلل لها شعور لطيف ولذيذ كلما تتذكر الوقت اللي قضته معاه اليوم، اعتذاره لها.. اعترافه بحبه.. وعرض الزواج، مر اليوم عليها مثل الحلم.. وكان من أحلى الأيام اللي مرت عليها، دخلت للصالة وفتحت انوارها.. دارت عيونها بالصالة وابتسامتها اللي كانت مرسومة على شفايفها اختفت وحلت محلها تقطيبة حواجبها لما شافته جالس بالكنبه وحاط رجل على رجل: انــت.. انت ماذا تفعل هنا؟! كيف دخلت إلى شقتي!

طالع فيها بابتسـامة واسعه وبتجاهل تام لسؤالها: أووه.. آنسة دينيز وأخيرا شرفتِ، أين كنتي حتى هذا الوقت؟ أصبحت الساعة 3 صباحا وانتي عدتي الآن!

دينيز: هه، حقا؟ ولكن أنت ما شأنك؟ لماذا تتدخل فيما لا يعنيك؟

قام من الكنبة، مشى لها وحرك رأسه بالنفي: تؤ تؤ تؤ، لا يمكن أن تقولي هذا الكلام لأبن عمك، فأنا ملزم بـ الاهتمام بك.

دينيز بسخرية: كرم، أنا لن أطلب المساعدة منك ولا الاهتمام، ولا أريد منك ذلك، من الأفضل أن تهتم لنفسك وترى حياتك كما رأيت حياتي..، رفعت يدها لتوريه الخاتم: انظر، أنا سأتزوج.. حبيبي عرض الزواج علي اليوم.. ولأني أحبه جدا وافقت دون تردد، لذا أتمنى أن لا تزعجني دائما وتظهر أمامي كي لا يراك مشعل.. بعدها ستندم جدا يا كرم، لن يتركك بشأنك!

كرم اقترب منها وبنبرة ساخرة ما كانت أقل منها: لن يتركني بشأني؟ حقا يا دينيز؟ ألا تذكري كيف كنت في القرية؟ من كان الذي يأخذ كل ما يريده؟ من هو الذي لا أحد يجرئ على الاقتراب من ممتلكاته لأنه سيندم جدا على ذلك؟ من كان الذي يعرف نقطة ضعف كل شخص ويستغلها لمصلحته؟ أتريدين أن أقول لك من كي تنعشين ذاكرتك قليلا، عرفتي من هو؟

دينيز اقتربت منه أكثر وهي تطالع فيه بحدة: ما الذي تقصده الآن؟!

كرم: يعني، أنا أريدك.. وأنا سآخذك، سيندم مشعل هذا على أخذك مني، سيندم لأنه وبكلمة مني يمكنني أن أطرده من الجامعة.

دينيز بحقد: لن تستطيع فعل هذا، ولكن أنت هكذا معتاد على أسلوب البلطجة ورجال العصابات.. ولهذا السبب لطالما كرهتك وكرهت أسلوبك، وسعدت جدًا عندما تركت القرية.

كرم: هرائك هذا الذي قلته الآن لا يهمني حسنا؟ هههه حقا إن جامعته ودراسته هي أهم ما لديه ونقطة ضعفة، يبدو أنك خفت قليلا على حبيبك هذا.. انظري أنا لدي عرض مغرٍ جدًا.

دينيز بسخرية: حسنا، وما هو؟

كرم: لـن آذي حبيبك.. لن أقترب حتى من جامعته..، وهو يبتسم بخبث: ولكن بشرط أن تتركيه.. تذهبين إلى بيته وترجعي له الخاتم الذي بيدك.

دينيز بنفس سخريتها: حقا يا كرم؟ هل تتوقع أن أخاف من تهديدك هذا؟ أبدا لن أنصاع لك ولن أجرح مشعل، أبدا!

كرم: هل انتي متأكدة؟

دينيز بثقة: نعم.. متأكدة!

كرم بلا مبالاة: حسنا.. ولكن تأكدي أنك تصرفتي بأنانية كبيرة، ولن تستطيعي تخمين ما سأفعله!

دينيز ما تحملت وجوده وكلامه فدفعته بقوة وهي ترص على أسنانها: أخـــــــرج! وهي تدفعه أكثر: أغــــــرب مـــن هـــنـــا يـــا كـــرم، لا أريـــــد الـــــنظــــر إلــــى وجــــهــــك!

خرج من شقتها بكامل إرادته وهو يضحك بلا مبالاة، وهي قفلت الباب وسندت نفسها عليه، مشت للصالة وجلست على الكنبة، حطت يدها على رأسها وهي تحاول تهدي حالها، تحاول تقنع نفسها إنه ما يقدر يسوي شي، بس ما قدرت، الثقة اللي كانت فيها كانت مزيفة، لأنها هي أكثر وحده تعرفه.. عاشت حياتها في القرية وعارفه أطباعه.. ما تقدر تستهين فيه، وبرضه ما تقدر تترك مشعل، صار جزء من روحها تعشقه بكل ما فيها وما تقدر تجرحه، تمتمت بـ تعب ورجاء: يا رب ســاعــدنــي!
** ** ** ** **


في الوقت الحالي.. عند تغريد

كانت تحاول تفكر بأي شي.. بس لتنشغل بتفكيرها عن فارس، لأنها لو ضلت تفكر فيه راح تنجن، دارت بعيونها حول الغرفة تتفحصها.. جدارنها بحالة جيدة، ما هي مثل اللي تشوفه بالأفلام، الغرفة واسعة ونظيفة.. وبالرغم من هذا حاسة بشيء يخنقها، تحس بالكتمة تضيق على أنفاسها، شافته يدخل ولفتها اللي بيده، ماسك آيباد.. رفعت حواجبها بسخرية وما علقت

سحب الكرسي وخلاه قدامها تماما، حط الايباد عليه وثبته بالعرض بحيث إنها تقدر تشوف الشاشة، وهنا ما تقدر تمسك لسانها وتسكت، تكلمت وابتسامة ساخرة ظهرت على شفايفها: جايبلي هوا عشان أتسلى بدال ما أقعد لحالي؟

طالع فيها بابتسامة لعوبة: ايوا كلنا حنتسلى بدا الايباد مو بس انتي.

تغريد باستهتار: أها اوكي، في برنامج باليوتيوب المفروض أمس أتفرجو بس ما قدرت وانتا داري ليش.

فهم قصدها بس ما أهتم لها كثير، تكلم وهو مشغول بالآيباد: كسرتي خاطري، حفتحلك اليوتيوب بس ما ححط البرنامج اللي تبيه، عندي ليكي برنامج أحلى، حق أبوكي ما تبي تشوفيه؟ ما أشتقتيلو؟

تغريد: صراحة انتا مرا حنون، جزاك الله خير تباني أشوف أبويا.

بعدما حط على بث القناة المباشر الموجود باليوتيوب.. أعتدل بوقفته واقترب منها بخطوات ثابته، وقف قدامها وحط يده على ذقنها ليرفع وجهها له ومن ثم نطق بهدوء: أتمنى إنك تستمعي وانتي بتسمعي اللي حيقولو، كحلي عيونك بشوفتو.. لأنها يمكن تكون آخر مرا تشوفيه!

انهى كلامه وخرج تاركها متشتته من حكيه، رفعت عيونها للشاشة.. إذا هنا فيه شبكة انترنت معناها إنهم مو بعيدين عن جدة كثيـر، أخذت نفس عميق تهدي حالها بيه، معقوله أبوها راح يجي بالبرنامج ولا كأنها مخطوفة؟ ما راح يدور عليها؟ يعني البرنامج أهم منها؟ حست على نفسها ونفضت رأسها، لأ ما راح تفكر فيه بهذي الطريقة، أكيد أنجبر، لأنها هي بالنسبة له أهم من كل شي!
** ** ** ** **


بعد ما لفلف أغلب شوارع جدة بالتاكسي، وصف له الاستديو الخاص ببرنامجه، خلاص فكر واتخذ قراره.. من ساعات وهو يفكر، سمع صوت جواله ينبهه عن وصول رسالة، كانت من نفس الرقم "ها بدأ الوقت يضيق، ايش قلت؟"

بأصابع ثقيلة كتب "واقف عند الاستديو، حسوي اللي تباه، بس بنتي لا تأذيها"

"سوي نفس اللي نقولو ليك وبعد كدا انتا لا تهتم"

"كيف أقدر أثق فيك؟"

"هههههه ما حتقدر، لأنو أنا أنسان ما ينوثق فيه.. بس طبعا انتا مجبور تسمع الكلام بالحرف"

مشعل غمض عيونه بقهر من كلامه، ما بيده حيلة.. ومثل ما قال مجبور يسوي اللي يبغاه، حصره في زاوية ضيقة وما يقدر يخرج منها، بعد فترة وقف سائق التاكسي محل ما قاله، خرج من محفظته الفلوس بدون ما يحسبها ومدها له: ها كدا تكفيفك؟

سائق التاكسي بعد ما حسبها حرك رأسه بالإيجاب: إيوا خلاص تكفي..، كمل قبل ما يخرج: ما أدري ايش فيك بس ما أقول غير الله يعينك ويفرج كربك يا ولدي.

حرك رأسه ونطق بحسره: جزاك الله خير.. ربنا يسمع منك.

خرج من السيارة ومشى للبناية ليدخلها وهو يمشي بثقل..
.
.
.
باقي دقايق على البث، دقات قلبه بتتسارع بشكل غريب، رهبة سيطرت عليه وكأنه أول مرة يبث ولا كأنه تعود على هالشيء، ثقته وصلابته كلها تبخرت من الحين كيف يا ترى راح يبدأ، طلب منهم إنه يجلس على كرسي عشان يخفي خوفه ورجفة جسمه وهم ما رفضوا.. ما هم عارفين باللي في رأسه، انتبه للمخرج قدامه يعد العد التنازلي لبدئ البث، أخذ نفس عميــق وقوي، وبــــدأ الـــبـــــث!

طالع في الكاميرة بنظرات واثقة وهادية عكس اللي بداخله تماما ومن ثم تكلم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حياكم الله ببرنامجنا الاسبوعي..
اليوم موضوعنا غير عن دايما
قلت خليني أبعد عن جو الطب والدراسات في دي الحلقة
وقبل ما أبدأ في موضوع الحلقة حاب أوجه رسالة لبنتي..
ازا كنتي تشوفيني وتسمعي كلامي فبقولك إني آسف على اللي حسويه..
ما كنت أبا أسويه بس أنا مجبور
كوني قوية دايما زي ما أنا أبغاكِ..
لا تنهاري ولا تظهري ضعفك قدام أحد
ولا تخلي أحد يشكك بحبي ليكِ، حتى لو تصرفاتي بينت لك العكس
وأرجع أقولها ليكِ يا نور عيوني..
مو انا اللي ربيتك.. انتي اللي ربيتيني وخليتيني إنسان كويس!

سكت شوي وطاقم العمل من حوله بدأوا يتهامسوا مفجوعين من كلامه، مو مثل ما أتفقوا عليه، الكاتب تنرفز منه وحاول يسكته بس مشعل كمل ولا كأنه بيسمعه!

وعند تغريد، في بداية أعتذاره لا شعوريا عيونها دمعت، من كلامه عرفت هو ايش ناوي عليه فتمتمت لنفسها: يا رب رحمتك!
** ** ** ** **


متجمعين بالصالة وينتظروا بس اتصال من مشعل ليطمنهم، بس للحين ما أتصل، والأغلب متوتر

رنين ناسية أتفاقها مع صديقتها.. أذن العشاء وهي ما راحت لها

عبد العزيز حرق جواله من الاتصال بمشعل وهو ما يرد.. ومن جهه ثانية أمه قاعدة لحالها مع الخادمة وما تدري باللي صاير، ورزان اللي ما رجعت للبيت، كان مخطط إنها ترجع وتقعد مع أمه لـ تسليها بس ما رجعت للحين!

جود تحاول ما تحسس نفسها بتأنيب الضمير، بس في كل مرة تفشل، في كل مرة قلبها يوجعها زيادة!

ندى كانت جالسة وهي تشوف ساعتها طالعت في عبد العزيز وطلبت منه إنه يروح يجيب ميس وعبد الله وهو ما رفض


عند هدى

بعد ما كلمها عبد العزيز وقالها إنه بيتأخر في دوامه اليوم، قعدت بالصالة بمساعدة الخادمة اللي جاتها من كم شهر وارتاحت لها كثير عكس اللي قبلها والفرق واضح، أخذت الريموت وصارت تقلب القنوات وما في ببالها شيء محدد، رفعت عيونها للساعة المعلقة بالجدار.. صارت 9 تمامًا، تذكرت برنامج مشعل فحطت على القناة اللي يعرض فيه، بالعادة ما تتفرجه.. بس هالمرة عشانها طفشانة وما فيه أحد يسليها راح تتفرجه، فتحت على القناة وشافته قيده بدأ.. سمعت كلامه بالبداية واستغربت حيل، كمل كلامه فقطبت حواجبها بقوة.. ايش جالس يقول هذا؟ أخذت جوالها بسرعه واتصلت على سعاد.. ردت عليها بعد فترة وبسرعة تكلمت: سعاد شفتي ولدك ايش جالس يقول!

سعاد قطبت حواجبها: مين قصدك؟

هدى: انتي ما بتشوفي برنامج مشعل؟ بسرعة أفتحي التلفزيون وأسمعي ايش يقول، البرنامج عن الطب بس مدري ايش بيقول.

قفلت السماعة من هدى وعلى طول فتحت التلفزيون مثل ما قالتلها، ومن كلامه الملفت الكل صار يستمع له باهتمام، استمعوا في البداية باهتمام.. بس مع كل كلمة يقولها.. وكل موقف يقوله علامات الصدمة تسيطر على وجوههم، مفجوعين من الكلام اللي بيقوله.. سامعين أصوات طاقم العمل من خلف الكواليس وهم يحاولوا يسكتوه، بس هو اللي يسكتهم بـ صرآآمه ومن ثم يكمل ببرود تــآآم!

وفي الفيلا المقابلة لهم أميرة ما كانت أقل حال منهم، بس الفرق إنها عارفة تكملة القصة وما راح تندهش إلا من جراءة مشعل وهو يسرد الحكاية للعلن!

طالعت في وليد اللي منزل رأسه بأسى وحاط يده عليه، تكلمت والصدمة متملكتها: و.. وليد، ايـ...

قاطعها وهو يرفع رأسه لها: لا تسأليني يا أميرة..، وهو يتنهد: لا تسأليني أبدا.

أميرة والدموع تتجمع بعيونها: طيب كدا تغريد حتتدمر!

وليد زفر بضيقة: تغريد هيا المتضررة في كل الحالات، بتنضر لسبب مالها ذنب فيه!
** ** ** ** **


عند تغريد..

كانت تسمع له وهو يسرد لهم كيف عرض الزواج عليها، ابتسمت بسخرية وهي تتخيل ردة فعل الناس وهم يسمعوا كلامه.. يفكروا إنهم بـ فيلم رومنسي بحكايتهم الفريدة وحبهم لبعض، ما يدروا باللي راح يصير.. راح تنقلب كل حياتهم.. عشقهم راح يتحول لحقد.. راح ينصدموا بالتحول اللي بيصير، وعرض الزواج ما كان إلا بداية النهاية لحلمهم الوردي!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي، قبل 19 سنة
تركيا.. إسطنبول

كانت تمشي في الشارع بخطوات هادية متوجهة لبيته، وكرم كان يتبعها وهي عارفة، رايحة لبيته وهي مجبورة.. إلتفتت له ولقته يبتسم بوجهها ابتسامة وقحه مثله، طالعت فيه بحقد وهي تقول: لن أسامحك على ما فعلته يا كرم.. أبدا.

ما رد عليها وهي كملت طريقها، مانها متخيلة ردة فعله.. بينهار؟ أكيد راح ينهار، ياما قالها إنه وحيد طول حياته، وهي أحلى شيء صار له، هي اللي خرجته من عزلته وحببته في الحياة، قلبها وجعها على اللي راح تسويه.. ما كانت راح تنصاع لـ كرم، ما كانت راح تتركه بس قبل فترة جاءت المصايب على مشعل وراء بعض، وهي عرفت إنه بسبب كرم، أمس طلع في وجهها فجأة وقالها، إذا ما تتركه وترفض الزواج منه، راح يدمر حياته الدراسية، راح يبلغ الشرطة عن وجود مخدرات بسيارته وبعدها راح ينحرم من الدراسة هنا، لما قال لها كذا اضطرت توافق عشانه.. لأنها تدري إن دراسته بالنسبة له كل شيء، وهي قررت تضحي بحبهم من أجل دراسته!

وقفت قدام الباب وضغطت على الجرس كم مرة وبعد فتره فتح الباب لها، أبتسم بتفاجئ ما توقع مجيئها لأنها ما قالت له: أوه دينيز أهذه انتي.. أدخلي أدخلي للداخل فالجو بارد بالخارج.

دينيز بدون كلمة دخلت وهو أخذ معطفها وعلقه ومن ثم التفت لها بابتسامة: حسنا ما سر هذه الزيارة الجميلة.

طالعت فيه وهي تحاول تهدئ حالها وتكلمت بجمود: مشعل يجب أن نتحدث.

اختفت ابتسامته من نبرتها الجامدة، مسك يدها وسألها بقلق: ماذا جرى.

سحبت يدها بهدوء وبنفس نبرتها: يجب أن نتحدث!

مشعل حرك رأسه بالإيجاب: حسنا فالندخل إلى الصالة.

كان راح يمشي للصالة بس مسكت ذراعه وتكلمت: لا داعي.. نتكلم هنا.

مشعل باستغراب: حسنا دينيز، لكن ما هذه التصرفات الغريبة؟

دينيز وهي تبلع ريقها بصعوبة: مشعل أنا لا أريدك.

مشعل قطب حواجبه: لم أفهم، ماذا تقصدين؟

دينيز: مشعل كيف لم تفهم، كلامي واضح، أنا لا أريدك.. لا أريد الزواج منك ولا أن أكمل حياتي معك.. أريد أن ننفصل!

اقترب منها بخطوة وكلامها يحس إنه للحين ما أستوعبه: انتي تمزحين، ولا تعنين ما تقوليه أنا متأكد.

دينيز حركت رأسها بالنفي: أنا جادة في كلامي..، كملت وهي تشيل الخاتم من اصباعها، مسكت يده لتحطه فيه: أريد أن ننفصل، لا أستطيع العيش معك.

مشعل طالع الخاتم اللي بيده ومن ثم رجع عيونه لها بصدمة: دينيز! لمـ.. لماذا؟!

طالعت فيه وهي تحاول ما تنهار: لأني لا أستطيع العيش معك.. أفكارك وعادتك مختلفة عني، لا يمكن أن نجتمع ونتزوج، عندما أكون معك لا أستطيع العيش بكامل حريتي، أشعر وكأنني مقيدة يا مشعل، لست مرتاحة ولن أستطيع الراحة معك، أتمنى أن تنساني وتكمل حياتك مع شخص يستطيع تحملك، أما أنا لا أستطيع!

كان يطالع فيها وفمه مفتوح بصدمة من كلامها، عمرها ما تكلمت وشكت له عن تصرفاته، عمرها ما بينت له إنها متضايقة منه.. كيف تقوله إنها ما عادت تستحمله، هو كان دايما يراعيها، يراعي أختلاف الأفكار والعادات بيناتهم، عمره ما جبرها إنها تترك أو إنها تلتزم بشيء محدد، شافها تأخذ معطفها تبي تخرج فتكلم: دينيـ…

قاطعته وهي ترفع يدها: أرجوك يا مشعل لا تحاول، أنا مصرة برأيي ولن أغيره.

أنهت كلامها وخرجت من الشقة تاركته بحيرة وصدمة من كلامها.. من صدمته قعد فترة واقف بدون حراك، عقله مو قادر يستوعب شيء، رمش كم مرة وهو يتنفس بسرعه ويحاول يهدي حاله: لا لا أكيد في الموضع شي غلط لازم بكرا أروحلها وأكلمها..، وهو يحرك رأسه بحزم: لازم أكلمها وأفهم منها مزبوط!
** ** ** ** **


كانت راجعة لشقتها بعد ما خلصت شغلها، كانت متعودة إنه هو يوصلها، يوصلها لباب الشقة، ما كان يرتاح إلا كذا، زفرت بضيق لما جاء ببالها، مر أسبوع على هذيك الليلة، من كم يوم وهو يحاول فيها، يحاول يقنعها بالتراجع.. يحاول يلين قلبها ومن لما تحس نفسها تضعف له تتذكر كرم وتهديده، كلما تحاول تقوله تتراجع بخوف، واليوم ما طلع بوجهها.. شكله يأس منها وهذا اللي تبغاه!

انقطعت أفكارها لما اصطدمت بصدره، اصطدمت به فتراجعت بكم خطوة للوراء وهي تطالع فيه: مـ.. مشعل!

أقترب منها بخطوات ثابته حتى صار قدامها تماما، ملامح وجهه جامدة مو مثل اللي تعودت عليه، مسكها من مرفقها وصار يسحبها وراءه بدون ما ينطق بكلمة

دينيز شهقت بوجع من قبضته القوية، بيسحبها وراه بسرعه وهي تحاول توازن نفسها وتعدل خطواتها، تكلمت وهي تحاول تبعد يده: مشعل اتركني، لا تفعل هكذا أنت تؤلمني.

مشاها معه لحد السيارة وفتحها وهي تصرخ، مفجوعة منه ومن تعامله: مشعل ماذا تفعل ما الذي تريده مني؟

دفعها بقهر حتى ضرب ظهرها بباب السيارة وبعصبية: ماذا تتوقعين إني أريد يا دينيز، إني أقولها لآخر مرة لك، سأعطيك فرصة أخيرة كي تتراجعي..، مسك كتوفها وبرجاء: دينيز تراجعي أرجوك أنا أحبك، وأنتي أيضا تحبينني أعلم ذلك ولكن لا أعلم لمَ ترفضينني.. قولي أحبك يا مشعل، صدقيني الآن سنذهب لعقد القران.

دينيز رفعت عيونها المليانة دموع له: مشعل انت تجعلني في موقف صعب، لا أريد أن أجرحك.. قلتها لك من قبل لا أستطـ…

قاطعها لما جمع قبضته وضربها بالسيارة، فزت بخوف وهو صرخ بقهر منها: لا أصــــدقـــــك! وهو يأشر على قلبه: هـــنـــاك شــــيء هـــنــا لا يـــــــصـــــدقــــك! هـــيـــا تــــراجــعــي! لا يـــمـــكــن أن يــكــون قــلــبــي كــاذبــا!

طالعت فيه ودموعها صارت تنزل وراء بعض على خدها: أعـ.. أعــتـ.ـذر! وهي ترفع رأسها له: قــلـ.ــبــك لا يقول الصـ..ــدق! أنـ.ـا أعـــشــق غيرك، وسأتزوجه قريبا.

سأتزوجه قريبا
سأتزوجه قريبا
سأتزوجه قريبا

ضلت هالجملة تترد بعقله ومانه قادر يستوعبها، مسك كتوفها مرة ثانية وشد عليها بقسوة وهو يهمس: ماذا تقولين يا هذه!

تعورت من مسكته بس كتمت الألم بداخلها طالعت فيه بثبات وهي تحاول تمسك دموعها: هذه الحقيقة، أنا لم أعد أحبك.. لقد كنت مجرد علاقة عابرة بالنسبة لي.. أنا وجدت حلم حياتي ولكن ليس انت.

مشعل تجنن من كلامها، مستحيل يخليها تروح لغيره، شد عليها أكثر وفتح سيارته ليدخلها فيها، وهي تحاول تقاوم وهو الجملة الوحيدة اللي يرددها لها: لن تكوني لغيري.

قدر يدخلها، وجاء يسكر الباب بس فيه يد منعته

كرم كان من أول يشوفهم، يشوف نهايتهم، وتدخل لما شافه يغصبها لتدخل السيارة، مسكه وبعده وهي يصرخ: ماذا تفعل لها؟

مشعل عدل نفسه ومن ثم تقدم له: وانت ما شأنك؟ من انت حتى تمنعني.

كرم بثقة وتحدي طالع في عيونه: أنا كرم خطيب دينيز، سنتزوج قريبا.

سمع آخر كلمة فتجنن وهجم عليه بالضرب، واللي ما حسب حسابه هو رجال كرم اللي تدخلوا من شافوا مشعل يهجم على كرم، سحبوه وهم صاروا يضربوه، دينيز قامت وصرخت بخوف، كانت راح تروح له بس يد كرم منعتها، التفتت له وبرجاء وهي تبكي: أرجوك يا كرم قل لهم أن يتوقفوا.. لا تفعل هذا به أرجـــوك!

ما رد عليها كل اللي سواه سحبها معاه رايحين لشقتها، تارك رجاله يضربوا مشعل، يضربوه وهم يعرفوا متى يوقفوا بدون ما يقول لهم!
** ** ** ** **


واقف قبال المرايا الطويلة يطالع في الكدمات اللي صارت بعد ما أنضرب من رجال كرم، مر أسبوعين ولساتها ما خفت، رفع عيونه لوجهه الكدمات اللي عليه راحت، بس باقي جرح خفيف بحواجبه، من بعد هذيك الليلة ما راح لها، ولا كان يبي يروح لها لأنه حقد عليها، ما هو طايق يشوف وجهها وما راح يستحملها سمع صوت جرس الشقة، لبس قميصه ونزل الدرج، فتحلها الباب.. طالع فيها بدهشة ما توقع يشوفها، وعى على نفسه فتحولت ملامحه للجمود: ماذا تفعلين هنا؟

دينيز بصوت متعب وهي على وشك البكاء: مـشـ..ـعــل، أنا.. أنـ…

حست بأنفاسها تضيق أكثر وأكثر وتخنقها فما قدرت تكمل كلمتها وتسندت على الباب بكل تعب

مشعل ما قدر يخفي خوفه عليها مسكها وسدنها عليه: دينيز، إن حالتك مزرية سادخلك هنا.

حطت رأسها على كتفه ودمعه تمردت على خدها باشتياق لـ هالخوف والحنان، هي اللي حرمت نفسها منه وندمانة، ندمت أشد الندم بس ما كان بيدها!

مشعل مشاها للصالة ويده محاوطة خصرها وبعدها ساعدها لتتمدد على الكنبة، جلس على الطاولة اللي قبالها، وهو يتحسس جبينها ليتفقد حرارتها، قطب حواجبه بقوة: حرارتك مرتفعه جدا يجب أن أضع لك كمادات.

كان راح يقوم بس مسكت ذراعه، أرتجف من ملمس يدها وعيونه اللي تعلقت بعيونها المترجية.. سحرته مثل كل مره ورجع جلس بلا شعور منه، كسرت قلبه ولساته العاشق الهائم بحبها.. يبحث عن راحتها ويخاف عليها مع إنها فضلت رجل غيره وتركته عشانه!

مشعل بحنان: ماذا هناك يا دينيز؟

دينيز وعيونها دمعت: مـ..ــشـعــل، أنــ..ــا لدي مـ.ـا أقولــه!

مشعل: حسنا، أنا أسمعك!

طالعت فيه بتردد كبير، شافت بعيونه نظرة خوف وترقب من الكلام اللي راح تقوله، عدلت جلستها، تكلمت بعد فترة وهي تضم يدينها لصدرها: أنــا.. أنا حــامــل!

طالع فيها وعيونه موسعه على الأخير بصدمة! شي أبدا ما خطر على باله! قام من مكانه وتراجع بخطوات للوراء وهو مو مصدق للحين اللي سمعه: ماذا تقولين يا هذه!

دينيز ضغطت على نفسها، توجهت له رغم تعبها وتكلمت بصوت باكي: مشعل أنا وحيدة لم يعد لي أحد سواك..، قربت منه وحطت رأسها على صدره وهي تبكي أكثر: مشعل، أنا متعبة، جدا مرهقة وعندما عرفت بأمر الطفل أنهرت ولم أعد أستحمل.

تقطع قلبه عليها لما سمع شهقاتها المرتفعة، رفع يده لرأسها وجاء بيمسح على شعرها بس يده تجمدت لما كملت كلامها

دينيز: كرم عندما علم بذلك لقد تركني، عائلتي طردتني من البيت، لم يعد لي أحد سواك أرجوك سامحني.

مشعل تجدد الحقد بقلبه، وكأنه بكلامها هذا ذكرته باللي سوته فيه، أرتكبت غلط لما ذكرت اسمه قدامه.. غلطت حيل لما ذكرت أسم الرجل اللي تركته عشانه، مسك ذراعها بقسوة وبعدها عن حضنه، تكلم بحده وهو يرص على أسنانه ويناظر بعيونها المفجوعه: ما الذي يشفع لك حتى أسامحك يا دينيز؟

طالعت فيه بصدمه من تحوله المفاجئ، ذراعها صارت توجعها من مسكته القوية، تكلمت بخنقة ووجع: الطفل الذي في أحشائي هو طفلك، ألا يكفي ذلك؟

مشعل بصوت ملاه الحقد وفاض: لا شيء سيشفع لك يا دينيز، حتى إن مرت السنين، فإن قلبي لن يجبر كسره شيء، لن يبرئ جرحي أبدا، ولن أسامحك ما حييت.

دينيز نزلت دموعها بانهيار من كلامه، اذا هو رفضها كمان لوين راح تروح؟ ما عندها أحد غيره، رفعت يدها بتوسل وهي تشهق ببكاء: أرجوك يا مشعل لا تقل هذا، لا تكن بمثل قسوتهم وتتركني وحيدة، أتوسل إليك لا تفعل هذا بي، أنا لم أعشق سوى غيرك، أرجوك اترك هذا العناد، أعلم بأنك تحبني.. أعطيني فرصه وسأثبت حبي لك.

نزل رأسه لناحيتها وهمس بفحيح: لقد تأخر الوقت يا دينيز! هذه التوسلات، والدموع الكاذبة لن تهز شعره مني، لقد مسحتك من قلبي منذ تلك اللحظة التي فضلتي بها كرم علي، كنت قد أعطيتك الفرصة من قبل، ولكن أنتي رفضتها!

دينيز: ولكن طفلنا! كيف سأعتني به وحدي؟ كيف سأطعمه وأجلب المال وأربيه بنفس الوقت كيف سأفعل كل هذا وحدي يا مشعل!

مشعل أبتسم بسخرية وبتجريح: أذهبي إلى والده وحاسبيه، لا أفهم لماذا انتي هنا لتحاسبيني!

دينيز: انه طفلك، طفلك يا مشــ…

مشعل قاطعها بنفس سخريته وتجريحه: طفلي؟ أم طفل كرم؟ أوه أتوقع طفل رجل ثالث أو رابع، ربما قد خنتي كرم مع رجل آخر مثل ما فعلتي معي!

كلامه القاسي أوجع قلبها، جفت دموعها وصارت تطالع فيه وصدرها يطلع وينزل من شدة أنفاسها، تكلمت بصوت متقطع ومتألم: أنـ.ـا لـ..ـم يـلـمـسـ..ــنــي أحـ..ــد غـ..ــيــرك! لـ..ــم أعـ.ــشـ..ــق أحـ..ـد غــيـ.ــرك، لا تــكــن بهذه الــقـ..ــســـوة أرجـ..ــوك!

ما علق على كلامها كل اللي سواه مسك ذراعها ومشى بها لخارج البيت دفعها بقسوة وقال بحده: لن أعترف بهذا الطفل الغير شرعي، ولا أتشرف بطفل منك، وأتمنى أن لا أرى وجهك أبدا!

انهى كلامه وقفل باب الشقة، لف بظهره وصار يتنفس بقوة، ما راح يضعف لها.. ما راح يستسلم لصوت شهقاتها، هي جاية لتخدعه مرة ثانية، كلامها مانه إلا كذبة لتحنن قلبه عليها دموعها، ما هي إلا زيف لتخليه يسامحها، ما راح يسمح لها تخدعه مرة ثانية، ما راح تستغفله، إذا هي صادقة بكلامها راح تقدر تدبر نفسها، بتلقى رجال غيره وتكذب عليه، طلع الدرج بسرعه وهو يقسي قلبه ويصم أذنه!
** ** ** ** **


في الوقت الحالي

جمعت صحون الأكل بعد ما انتهوا من العشاء، انتبهت لولدها اللي كان بعمر 11 سنة يجي ليساعدها بس تكلمت: خلاص سيبهم حبيبي، انتا روح فرش أسنانك وألبس بجامتك ونام.

لوى بوزه بعدم رضى: مـــامـــا، اليوم خميس ويكيند ليش أنام بدري!

أمه بحزم: بدون ليه يا أحمد، بكرة جمعة لازم تصحى بدري للصلاة وتروح مع أبوك، الاسبوع اللي فات ما رحت واتغاضيت عن الموضوع!

أحمد باستسلام: طيب ماما.

مشيت باتجاه المطبخ ودخلته، حطت الصحون على المغسلة والتفتت لخادمتها: إيتي روحي شيلي السفرة.

حركت رأسها بطاعة: حاضر مدام.

خرجت وكانت راح تدخل لـ غرفتها بس وقفت لما سمعت صوت زوجها يناديها: مـــهـــا تـــعـــالـــي.

مشيت للصالة حيث يوجد زوجها، فاتح التلفزيون يقلب بالقنوات فسألته: نعم يا إبراهيم ايش في؟

إبراهيم: يا شيخة تعالي اجلسي معايا نتفرج برنامج مشعل شكلو فاتنا!

مها جلست بجانبه وهي تطالع في ساعتها: لا لسا دوبها تسعه ونص، لسا ما فاتنا.

إبراهيم: أوكي كويس، قبل كم يوم كلمني على الموضوع اللي حيتكلم فيه.. عجبني وأتحمستلو.

مها باهتمام: همم، عن ايش حيتكلم؟

إبراهيم: دحين تشوفي.

فتح على القناة اللي يبث فيها، سمعوا كلامه وانصدموا منه، كيف قدر يقول هالكلام قدام الملأ بذي التعابير الجامدة المعتلية ملامحه؟ رخى صوت التلفزيون بسرعه وهو يقول بفجعة: ايش بيسوي مشعل!

مها تكلمت وفجعتها ما تقل عنه: ايش دراني، طيب وبنتو تغريد؟

قطب حواجبه بقــوه وهو يتذكرها، معقولة ما فكر بيها؟ ما فكر بنفسيتها وهي تسمع هالكلام؟ قام من الكنبة وهو يأخذ جواله من الطاولة اللي قباله وبغضب: حتصل بوليد يمكن يعرف ويقولي ايش هرجة أهلو دا.

مها حركت رأسها بالإيجاب بصمت ورجعت عيونها لصورة مشعل بالتلفزيون، كيف يفضح نفسه بعد ما حاول يخبي على غلطه كل ذي السنين! ليش يدمر تعبه وجهده في أقل من ساعة بس، رفعت عيونها للسقف وهي تتذكر اليوم اللي طلبت فيه تغريد لمكتبها
.
.
.
سكتت شوي وبعدها قالت: طيب في ايش تبيني؟

تحولت ملامحها للجدية وأشرت لها على الكرسي لتجلس فيه: طيب أجلسي يا بنتي عشان نتكلم.

تغريد جلست في الكرسي وهي مو مرتاحة لا لنبرتها ولا لملامح وجهها وصارت تستمع لكلامها..

مها: زي ما تعرفي يا تغريد دا آخر ترم ليكِ وبعدها حتتخرجي ان شاء الله بتفوق زي ما أتعودنا عليكِ.

تغريد بهدوء: إن شاء الله.

مها: حنسوي حفلة التخرج وطبعا في فقره اللي ننادي فيها أسماء الطالبات المتخرجات من المدرسة وطبعا انتي من بينهم و…

تغريد قاطعتها بنفس هدوئها: والمشكلة اسمي صح؟ تبي تقوليلي حنزهمك بـ تغريد دينيز يلدز.. ما نقدر نعدّلك اسمك ونناديكِ باسم أبوكِ!

مها بثبات: ايوا بالزبط.

تغريد: طيب ما يمديكِ تحليها زي ما بتحليها كل سنة في الكشف عند المعلمات.

مها بتبرير: تدري يا تغريد إنو مؤسس دي المدرسة مات.. واللي أتولى أمورها بعد موتو بنتو.. تراها ماهي زي أبوها متفهم وتمشي زي ما سواها معاكِ، هيا شديدة ودقيقة بأمورها، وتعرفيني أنا بس مجرد مديرة المدرسة وما أقدر اسويلك شي.

تغريد ما قدرت تخفي نبرة القهر اللي بصوتها: يعني كيف؟ يزهموني باسمي والكل يستغرب ويعرف إني تغريد بنت مشعل!

مها بقلة حيلة: والله دا الموضوع مو بيدي يا بنتي.

تغريد زفرت بضيق وقامت: أوكي مو مشكلة.. حكلم بابا وأشوف.

رجعت لواقعها وتنهدت، مشعل سوى كل شي بس لترتاح هي، تذكرتها وهي هادئه وكأنها بتتكلم بوضوع عادي.. ما تدري كيف أتقبلت ذا الموضوع إنها (ابنة غير شرعية)، إبراهيم يقولها قد ايش هم متعلقين ببعض، تحس بغرابة شوي.. كيف مشعل قدر يتقبلها وما يحس بالخجل منها، وكيف تغريد متعلقة بابوها وما كرهته بعد كل اللي سواه فيها، ما تتخيل نفسها مكانها وما تبا تكون!

شافت إبراهيم يرجع لها فسألته: كلمت وليد.. ايش قال؟

إبراهيم تنهد: ايوا كلمتو ويقولي إنو هوا كمان مفجوع منو وما يعرف ليش سواها!
** ** ** ** **


رنين خرجت بسرعه من الفيلا بعد ما كلمت سائقهم ينتظرها برا، دخلت السيارة وصارت تلتقط أنفاسها لأنها كانت تركض، لما شافت رسالة نجود وهي تقولها بالواتساب "فينك.. ما حتجي؟" بس هي تداركت وقالت لها إنها انشغلت بس راح تجيها، وهي ما رفضت بالعكس رحبت بيها، رفعت عيونها للسائق لما سألها: فين يبغا روح مدام؟

رنين وهي تأخذ نفس عميق: وديني عند صحبتي، أول مرا أروحلها أنا حوصفلك الطريق..، شافته يحرك رأسه بطاعة وهي كملت بعد فترة: بس قبل ما توديني، وقف عند الصيدلية اللي في الشارع الرئيسي!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي، قبل 18 سنة
تركيا.. إسطنبول

كانت تقرب من المسجد بخطوات متردده، اللي بتسويه صعب عليها، بس مجبورة! ما تقدر تربي الطفلتين! انجبرت تختار واحدة منهم تعيش معاها، والثانية تخليها للقدر! مو بيدها.. الفقر والحاجة أجبرتها! عضت شفايفها وهي تمنع دموعها من النزول، تركتها عند باب المسجد وابتعدت عنها وقلبها يتقطع! ما هي سهله عليها تتركها، راح تخليها هنا لعل أحدهم يشوفها ويأخذها من فناء المسجد البارد.. لبيت دافئ!

بيت أدفئ من بيتها! وناس يحنوا عليها أكثر منها! سمعت صدى بكاها وكأنها عارفة ايش يخبيلها القدر من وجع وفقدان لحنان الأم وهي بمهدها! ابتعدت عن المسجد بأسرع ما عندها لحتى ما تسمع صوت بكائها! لأنها اذا سمعته متأكدة إنها راح تضعف وترجع لها لتأخذها لأحضانها!
.
.
.
قفلت باب البيت وبعدها انهارت على الأرض تبكي، مسحت دموعها بيدها المرتجفه بس رجعت محلها غيرهم، سندت ظهرها على الباب وحطت يدينها على وجهها وهي تشهق ببكاء، كارهة نفسها.. وكارهة كل اللي حولها وكل الظروف اللي خلتها تتخلى عن بنتها، ما تقدر تربيهم مع بعض وبنفس الوقت ما تقدر تتخلى عنهم كلهم.. تدري إنها أنانية لما اختارت واحدة منهم، بس ما كان عندها حل إلا هذا!

وصلت صوت شهقاتها للعجوز اللي كانت تهتم بـ بيرين، خرجت من الغرف بخطوات سريعه.. شهقت بخوف لما شافت حالتها: ديــنـيـــز! ما هذه الحالة يا ابنتي؟ ماذا جرى؟

دينيز لا رد سوى صوت شهقاتها اللي بترتفع أكثر، العجوز قطبت حواجبها لما ما شافت ملك بيدها، نزلت مستواها وبعدت يدينها عن وجهها وهي تسألها بحيرة: دينيز، اين هي ابنتك؟ إني لا أراها معك.

دينيز نزلت رأسها وصارت تبكي أكثر: لا تسأليني عن هذا يا خالتي، لا تسأليني.

العجوز خافت وقلبها أرتجف من ردها.. حطت يدينها على كتوفها وهزتها: هــــيــــا جـــاوبـــي يـــا ديـــنـــيـــز، أيـــن مــــلــــك؟

دينيز رفعت وجهها الغرقان بدموعها وبانهيار: مـــآآآتـــــــت، صــــغــــيـــرتـــــي مـــآآتــت..، كملت بشهقات متتالية وهي ترمي نفسها في حضنها: مـــاتــــت.. مـــاتـــــت!

تجمدت وهي تسمع كلمتها، تجمعت الدموع بعيونها وحاوطتها لها وهي تحاول تهديها!
** ** ** ** **


بعد مرور ثمانية سنوات..

رمت نفسها على الكنبة وهي تمرر يدها على وجهها بتعب، دوبها كانت بتكلم صاحب البيت.. كان معصب منها لأنها ما دفعت الإيجار من كم شهر، حاولت فيه كم مرة إنه يصبر عليها بس ما تفهمها، يقول إنه صبر كثير عليها.. ولها مهلة لأسبوع، يا تدفع الإيجار أو تفضي البيت!

شافت بنتها تجي لها بخطوات سريعه وبيدها فرشة الشعر وقالت لها بابتسامة لطيفة: أمي سرحي لي شعري.

طالعت فيها وهي تحاول تغصب ابتسامة على شفايفها: حسنا.

أخذت فرشة الشعر وصارت تمشط شعر بنتها الواصل طوله لنهاية ظهرها ومن ثم سألتها: أتريدين أن أجدله لك؟

ابتسمت وحركت رأسها بالإيجاب: نعم أمي العزيزة.

صارت تضفر لها شعرها.. كان شعرها كثيف وأسود بتمويجات ناعمة، وصلت لنهاية شعرها فربطته: انتهينا!

قامت وتكلمت بحماس: سأذهب وأراه.

بيرين دخلت الغرفة ووقفت بالمرآية الطويلة لتشوف نفسها، ابتسمت برضا على شكلها ومن ثم رجعت لأمها وباست خدها: شكرا أمي.

دينيز بهدوء مسحت خدها وما ردت عليها، كانت تطالع ملامحها بشرود.. وكأنها بتطالع فيه وبتتخيله، وعت على نفسها فركت رأسها بحزم، المفروض ما تفكر بيه بحب بعد كل هالسنين، لازم قلبها يقسى مثل ما قلبه قسى عليها، قامت وتكلمت: بيرين، هيا جهزي نفسك سنذهب.

سألتها بحيرة: إلى أين؟

دينيز: ستعلمين عندما نذهب.

حركت رأسها بالإيجاب ومن ثم قالت: حسنا.
** ** ** ** **


واقفه قدام بيته ويدها بيد طفلتها، عيونها على الباب ودقات قلبها سريعه، راح تقابله بعد سنين طويلة من الهجر، كيف راح يكون لقائهم، هل راح يكونوا بنفس مشاعرهم المجنونة؟ راح يكونوا بنفس نشوة حبهم وعشقهم لبعض ولا رياح البعد والهجر نستهم كل شيء!

رجعت لواقعها على صوت صغيرتها وهي تشد على يدها: أمي، ألن ندخل إلى هنا؟

طالعت في عيونها.. مثل عيونه، بنته اللي مو معترف فيها نسخة منه بملامحها واسوداد شعرها وكثافته، ابتسمت بحنان.. وكعادتها تخفي ورائها حزنها وألمها حتى ما تحس بها: سندخل يا ابنتي.. سندخل.

بيرين بابتسامه جميلة وبريئه توصف ما بداخلها: أمي.. أصاحب هذا البيت هو الرجل تخبريني عنه كل ليلة؟!

دينيز بنفس ابتسامتها الحنونة: نعم إنه هو، صاحب البيت هو والدك!

طالعت الباب بفرحة ما تنوصف، أخيرا راح تشوفه.. راح تشوف أبوها اللي ما عمرها شافته، اللي ياما تمنت تشوفه لتصير مثل الاطفال الباقيين، ما راح تحس بالنقص مثل دايما، عندها أم وأب، يحبوها ويخافوا عليها

أخذت نفس عميق ورفعت يدها المرتجفه للجرس وقبل ما تدقه سمعت صوته من ورائها يناديها

….: ديــــنـــيـــز!

كان واقف وشايل أغراض اشتراها من البقالة، عيونه عليها بعدم تصديق ودقات قلبه كل مالها بتزيد، معقولة رغم كل هالسنين اللي مرت ما زال يتأثر لما يشوفها؟

لفت له وطالعت بعيونه اللي عشقتها أول ما شافتها، تقدمت له بشموخ عكس رجفة قلبها من شوفته، ليش قلبها يحبه رغم قسوته معاها في آخر مرة شافته؟ تركها هذيك الليلة لحالها تتوجع، بس الحين راح تحاسبه على كل شيء سواه فيها، كل شيء!

طالع فيها وهي واقفة قباله بالزبط، مركز فيها هي وبس لدرجة إنه ما أنتبه لـ الطفلة اللي ماسكة يدها، يتفحص ملامحها.. ما تغيرت، بس زادت فتنه، تكلم بصوت عميق وعيونه متعلقة بعيونها: مر وقت طويل يا دينيز، أي رياح قد جلبتك إلي!

دينيز اللي كانت تحاول تخفي اشتياقها وعشقها خلف كبريائها المجروح، ماسكة نفسها لا ترتمي بحضنه وتطلب منه يحتويها بأمانه ويعوضها عن السنين اللي فاتت، بعكس مشعل اللي كل شيء فيه فاضحه، حبه مفضوح من عيونه، من نظراته المتفحصة لها!

بيرين كانت تطالع فيهم ونظراتهم لبعض أترسخت ببالها، ما فهمتها.. بس عمرها ما راح تنساها وراح تفهمها يوم من الأيام لما تكبر!

دينيز: لندخل إلى الداخل، هنا ما يجب أن نتحدث بشأنه.

مشعل وكأنه حس على نفسه، تجمدت ملامحه وصارت خاليه من أي تعبير، ابتعد بخطوة عنها ما يبغا أي شي منها يأثر عليه: لا يوجد بيننا أي شيء حتى نتحدث بشأنه، لقد مسحتك منذ زمن.

دينيز ضحكت بسخرية: مسحتني؟ أأنت متأكد من هذا؟ قربت منه بخطوة وهو أبتعد عنها: اذا مسحتني لم مازلت تتأثر من قربي.

مشعل بنفس نبرتها الساخرة: أنا لا اتأثر من قربك، بل أبتعد عنك لأني أتقزز منك، لأن قربك يذكرني بقذارتك.. وخيانتك.. وكذبك.

عرف كيف يستفزها.. عصبت منه، رفعت سبابتها بوجهه ويدها ترتجف: أياك تتفوه بهذه الكلمات يا مشعل، لا أسمح لك بإهانتي هكذا.

مسك يدها بقوة ونزلها ومن ثم نفضها بقرف: هذا أقل ما يمكنني وصفك به!

بيرين ارتعبت من ملامحه اللي تبدلت وتزداد قسوة وحقد، شدت طرف فستان أمها وتكلمت بهمس مسموع: أمـي، فالنذهب من هنا أرجوك.. بدأت أشعر بعدم الارتياح.

نزل عيونه لها وهي تخبت وراء أمها بخوف، رفع عيونه لدينيز.. ما تكلم ولا علق بشأنها، توه بس ينتبه لوجودها، إحساس غريب تملكه لما شافها ما يدري ليش!

دينيز حست بيه فتكلمت بسرعه: هي ستكون موضوعنا يا مشعل!

طالع فيها لفترة وبعدها مشى وتعداهم وهو يقول: اتبعوني!
.
.
.
كانت جالسة بالكرسي الموجود عند مدخل الشقة، أمها قالت لها تجلس هنا وتنتظرهم لين ما يخلصوا، وهي ما رفضت.. جلست بطاعة بس طولوا وهم يتكلموا، حطت يدها على خدها وهي حاسة بالملل، سمعت صوت المفاتيح عند الباب، رفعت عيونها وشافت شخص يدخل، قطب حواجبه باستغراب من وجودها، قرب منها وسألها بلطف: من أنتي أيتها الصغيرة الحلوة؟

طالعت فيه وبابتسامة: أنا بيرين، ابنة دينيز يلدز.

طالع فيها بتفاجؤ وهو يسمع اسمها.. من لما شافها حس في وجهها شيء مألوف، في النهاية طلعت بنتها.. ويعني كمان بنت مشعل، نزل لمستواها وسألها مرة ثانية بنفس لطفه: حسنا يا بيرين.. أين هي أمك؟

جاء في بالها فكشرت بوجهها وهي تأشر على الصالة: بالداخل..، طالعت فيه وبفضول: أأنت صديق الرجل الذي مع أمي هناك؟

حرك رأسه بالإيجاب: آههم.

رفعت حاجبها بتعجب: حقا؟ لا أعرف كيف برجل لطيف مثلك يصادق مثله..، وهي تفتح عيونها على وسعها وتقلده بسخرية: إنه ينظر إليّ هكذا متعجبا مني.

ما قدر يكتم ضحكته على ملامحها وهي تسخر منه.. أكيد تعجب منها لما لاحظ كمية الشبه اللي بيناتهم.. يعني في الأخير حتى لو ما اعترف بيها كبنته ملامحها تثبت هالشيء وما يقدر ينكر، طالع في بيرين.. نتحب وتدخل القلب بسرعه، رفع يده ومسح على رأسها بابتسامة هادية: حفظك الله لأمك يا صغيرة.

سمعوا أصوات عالية من الصالة، بيرين ناظرته بخوف: ماذا يحدث!

قطب حواجبه باستغراب: لا أدري، سأرى وانتي ابقي هنا.

بيرين وهي برضها حاسة بالخوف بس سمعت كلامه: حسنا.

عدل نفسه وجاء بيمشي ليدخل لهم بس توقف لما شاف باب الصالة ينفتح ويخرج منه مشعل وهو ماسك دينيز من ذراعها، يسحبها ومن ثم يدفعها بقسوة حتى تطيح على الأرض!

بيرين قامت بفجعة ناحية أمها ونطقت بصوت مهزوز: أمــ..ـــي!

اقترب منه وتكلم بعصبية: مشعل، ليش تسوي فيها كدا قدام بنتها!

مشعل دفعه عنه وهو يحاول ما يطلع عصبيته عليه: وليد بعد عني دحين لا أتضارب معاك، مرا مني فايقلك.

وليد بحدة: مشعل أهدى، فهمنا ايش ساير بيناتكم كمان، لا تجننوني وتجننوا البنت الصغيرة!

مشعل بسخرية: ايش تتوقع يعني يا وليد..، وهو يأشر عليها بحقد: دي ما جاتني إلا عشان تحاسبني على شي ما لي دخل فيه.

وليد التفت لها وشافها تقوم وهي تداري دموعها عنهم وعن بنتها، رجع التفت لمشعل وتكلم وهو يحاول يكون هادئ: أكيد ما هي جاية إلا عشان بنتكم!

مشعل تنرفز من آخر كلمة نطقها.. عمره ما فكر فيها ولا اهتم لها ويتنرفز لأنه لساته مو متقبلها كبنته ولا هو معترف بيها، دفعه مرة ثانية وهو يقول بنفس عصبيته: لـــيـــســـت ابــنـــتــي وتـلــك الـ##### تريد أن تــربــطــنــي بــهــا كــي تــتــخــلــص مـــنـــهــا!

بيرين صرخت والدموع تتلألأ بعيونها: لا تـــصـــرخ عــــلـــى أمــــي هـــكــــذا.

مشعل ما كان ناقصه إلا هي لترفع ضغطه، اقترب منها وعيونه مشتعلة من الغضب: ماذا تقولين أنتي!

دينيز خافت عليها منه، سحبتها لحضنها وهي تقول بحرقة: لا تقترب منها.. لن أسمح لك بأذيتها ما دمت حية! وهي تقترب منه وتطالع في عيونه: ستندم كثيرا يا مشعل على هذا اليوم، تذكر أنك خسرتني..، وهي تطالع في بيرين وترجع نظرها له: وخسرت أبنتك للأبد.. ستكون وحيدا يا مشعل، لن يلتفت لك أحد، ولن يشفق عليك أحد، حينها ستندم على ما فعلته بنا..، وهي تحاول تعدل رجفة صوتها: أنا لن أسامحك أبدًا، ابنتك لن تسامحك أبدا!..
** ** ** ** **


في الوقت الحالي..

ندى قامت وخرجت من الصالة وهي مو قادرة تسمع أكثر.. ولا تبا تسمع، راحت للمطبخ وطلعت جك الموية لتصبها في الكاسة وتشربها، فيها فضول لتسمع باقي القصة بس ما راح تستحمل دامها من الحين استنكرت تصرفاته، وما هي دارية كيف الباقي مستحملين، سمعت صوت جرس الفيلا يدق راحت للمدخل وشافت الخادمة تبا تفتح فقالت بسرعة: مؤمنة خلاص أنا حفتح.

حركت رأسها بالإيجاب وندى فتحت الباب، شافت بنت تعطيها في نهاية الثلاثينات: السلام عليكم.

ندى ردت بهدوء: وعليكم السلام

رفعت عيونها لندى ونطقت بنبرة جدا باردة وهي تمد يدها: أنا شهد الـ……. من جمعية حقوق الأطفال التابعة لحقوق الإنسان بالمملكة، جاية هنا عشان أكلم ندى..، وهي تعطيها نظرة تقييم من فوق لتحت: وأتوقع إنك هيا.

ندى مدت يدها وصافحتها وهي مو متطمنة لا لشكلها ولا لنظراتها: ايوا أنا ندى، اديني عبايتك وتعالي نجلس.

شهد تقدمت ودخلت للفيلا: لا شكرا كدا مرتاحة.

مشت ورائها لغرفة الضيوف وجلست محل ما أشرت لها

ندى: أرتاحي هنا، تشربي شي؟

شهد بهدوء: لا شكرا.

جلست ندى بالكنبة اللي قبالها تنتظرها تقول اللي عندها
.
.
.
كانت تسمع لها بدون ما تقاطعها، تسمع كلامها وقلبها يتقطع من الاتهامات الموجهة لها، تقول إنه أولادها بيتعرضوا للعنف هنا.. منها ومن أخوانها وأمها، عرفوا عن هالموضوع عن طريق بلاغ جاهم من كم يوم!.. وإنه اذا وصل لهم بلاغ آخر راح يكون لهم إجراء ثاني معاها، أعطتها محاضرة طويلة عريضة عن نفسية الطفل وأهمية الاهتمام بيه وعدم تعنيفه!

بعد ما خلصت كلامها طالعت فيها بصمت لفترة طويلة وبعدها خرجت منها ضحكة خفيفة تعبر عن صدمتها: هه أنا؟ وهي تأشر على نفسها: أنا أضرب ميس وعبد الله؟

شهد بنظرات واثقة ونبرتها هادية: ايوا يا سيدة ندى، قلتلك جانا بلاغ إنو أطفالك بيتعرضوا للعنف منك ومن عائلتك.

ندى قطبت حواجبها: أكيـد في شي غلط، أتأكدي لو سمحتي، أنا عمري ما مديت يدي عليهم حتى ما عمري رفعت صوتي عليهم.

شهد بصرامة: ندى.. قابلت ناس كتيرين يعنفوا أطفالهم وكلما أكلمهم ينكروا ويقولوا نفس ما تقوليه! وغير كدا بنتك أتكلمت وورتنا آثار الضرب، في دليل يثبت عنفكم.

ندى بدأت ترتبك من كلامها، جديتها حسستها وكأنها فعلا غلطانه: بس أنا منجد بتكلم، عمري ما لمست شعرة منهم، كيف أسويها وأنا أخاف عليهم من نسمة الهوا…

شهد قاطعتها: نكرانك دا ما حيفيد، بقولك بنتك بنفسها كلمتنا وقالتلنا إنك حرقتي أخوها عبد الله..، قامت من محلها: على العموم.. أنا سويت اللي عليا وحذرتك وزي ما قلتلك ازا جانا بلاغ تاني راح نضطر نسوي اجراء آخر معاكِ، انتي وأهلك!

بلعت ريقها وهي تاخذ نفس عميق لتهدي نفسها، قامت بدورها والجمود يرتسم بوجهها: خلاص فهمتك، بس أتأكدي انو ما حيجيكم بلاغ تاني.

شهد: نشوف!
** ** ** ** **


عند رنين..

دخلت عند صديقتها وجلسوا بالصالة، ما كانت مستعجلة كثير، بالعكس كانت خايفة.. تخاف تستعجل وبعدين تنصدم، حبت تخلي كل شي بوقته.. خليها تقعد مع صديقتها وتسولف، من زمان ما شافتها.. رفعت عيونها لها ولقيتها مبتسمة وهي ردت لها الابتسامة

نجود: يا الله يا رنين زمان عنك.. زمان ما جلسنا مع بعض وبعد الثنوي انقطعت أخبارك فجأة، ايش مسوية في حياتك؟

رنين بابتسامة هادية: الحمد لله كل شي تمام، انتي قولي ايش آخر أخبارك.

نجود بفرحة: الحمد لله أتحقق حلمي وسرت مصوراتية، في البداية كان كل شي صعب بس الحمد لله دحين كل شي سار حلو، في زباين.. وناس كتيرين بيجوني.

رنين: ما شاء الله يا حياتي، الله يوفقك.. أهم شي صبرتي ونلتي اللي اتمنيتيه.

نجود حركت رأسها بالإيجاب: غير كدا أحمد الله يديه العافية ما قصر معايا، وقف معايا كتير.. أكتر واحد ساعدني وشجعني لأكمل حلمي، يعني وقت ما كنت محبطة هوا اللي يرفع معنوياتي، ولما كنت أقول خلاص أنا راح أفشل يجي ويقولي لا تستسلمي، الله لا يحرمني منو.

رنين حاولت تحافظ على ابتسامتها بعد كلامها، صارت تقارنه بفيصل.. شتان ما بينهم، بين شخص دعم زوجته لين وصلت اللي تتمناه وبين شخص منعها من تكملة دراستها بحجة الغيرة! قريب بس حتى استوعبت هالشيء.. وهي تشوف جود منغمسة بدراستها حست بمدى فضاوتها، وهي تشوف تغريد متحمسة ومتوترة لسفرها حست بمدى فراغ حياتها، والحين وهي تسمع كلام صديقتها اللي ما شافتها من سنين.. حست بالندم يتملكها لأنها طاوعته!
فشلت وانمحت ابتسامتها ليرتسم الضيق بملامحها

حست بها نجود فتكلمت: وي معليش يا رنين، شكلي صدعت راسك بكلامي، تعرفيني من أيام الثانوي وأنا أحب أهرج وما أحس بنفسي.

رنين بهدوء: لا وي مو كدا..، أخذت نفس لتكمل بجدية: نجود أنا هنا جيتك لموضوع مهم ومتعلق بالتصوير.

نجود باهتمام لكلامها: ايوا ايش في؟

طلعت من شنطتها الظرف ومدته لها: هنا في صور.. وأباكِ تعرفي ازا هيا مفبركة ولا لا.

أخذت الظرف وحركت رأسها بالإيجاب: أبشري!


بعد ساعة إلا ربع

خرجت من السيارة بخطوات ثقيلة، تحس رجولها ما هي قادره تشيلها وركبها ترجف، بتغصب نفسها لتمشي حتى توصل بس لباب الفيلا، دموعها متعلقة برموشها ومشوشة رؤيتها، شدت على شنطتها بيدينها وهي تمنعها من النزول.. لأ مستحيل تبكي، ما راح تنزل دمعة عشانه.. ما يستاهل تبكي عليه، أخذت نفس عميق وهي تفتح شنطتها وصارت تدور على مفتاح الباب.. خرجته وجت بتفتح الباب بس المفتاح مو راضي يدخل، جربت كم مرة فعصبت وقالت بصوت مرتجف وهي تحاول أكثر: أدخـــــــــل، أدخـــ.ــــل!!

صرخت بعصبية وضربت الباب.. تحط حرتها فيه، جلست على عتبة الباب وهي تبكي، دموعها اللي ماسكتها من لما خرجت من بيت نجود نزلت بحرقة، مسحتها بسرعة بس حلت محلها غيرها، ما قدرت تستحمل وانهارت، حطت يدينها على وجهها وصارت تشهق!
** ** ** ** **


عبد العزيز خرج من السيارة بعد ما ميس وعبد الله نزلوا، قفلها ومشى للفيلا، شاف عبد الله يرجع له وينطق بخوف: خالو خالو، شوف خالتو رنين تبكي عند الباب، نسألها اشبك ما ترد علينا تبكي زيادة.

سمع اسمها فارتبك وقطب حواجبه، عبد الله مسك يده وسحبه لباب الفيلا

وأما عند رنين فكانت على نفس حالها، جالسه على عتبة الباب وتبكي بكل صوتها، ميس واقفة بجانبها مفجوعة منها وما هي عارفة ايش تسوي، جاء عبد الله وعبد العزيز وسألها: اشبها؟

طالعت فيه بفجعة: ما.. ما أدري!

عبد العزيز: طيب أفتحي الباب وأزهمي أي أحد عشان يهديها يسرعه.

ميس سوت مثل ما قال لها، وعبد العزيز نزل لمستواها وهو يحاول ما يتعدى حدوده معاها فتلكم بهدوء: رنـيـن أشبك، ليش جالسه هنا؟

رفعت عيونها المليانة دموع له ونطقت بشهقات متتالية بلا شعور منها: الـــصـ.ــور حـــقـــيـ..ــقـــيـــة..، وهي تشهق بخفة: حـقـ.ـيـقية.. حقيقـ.ـة.

انقبض قلبه عليها واستوعب إن الحالة اللي هي فيها بسببه، أعتدل بوقفته وشد شعره على وراء بقهر: خلاص يا رنين لا تبكي، أدخلي جوا أحسن.

رنين سكتت بس كانت دموعها تنزل على خدها وراء بعض، دوبها استوعبت اللي قالته له

خرجت أمل بسرعه بعد ما قالت لها ميس عنها، شافتها وخافت عليها، مسكت كتوفها وبخوف: رنين حبيبتي اشبك؟ ايش دي الحالة تعالي أدخلي جوا.

رنين بإشمازاز بعدت يدها وصرخت بصوت مبحوح وهي تزحف للوراء: ســــيــبـ.ــيـــنـــي!

أمل انفجعت منها فبعدت عنها على طول: رنين اشبك..

قاطعتها وهي تقوم: حتى كمان لا تسأليني! بـــعـــدي عـــنـــي وخـــلاص!

قالتها ودخلت للفيلا وهي تركض، طلعت الدرج ودخلت غرفتها، قفلت الباب، رمت شنطتها على الأرض وتكلمت بقهر: خــــــــــآآيــــــــــن!

عند عبد العزيز، أرسل مسج لرزان يسألها فينها، كان معصب منها لأنها ما بترد عليه ولا رجعت لجدة، وتوها بس ترد عليها برسالة " أنا في بيت أهلي!”

تنرفز منها مو لأنها ببيت أهلها، لأ.. متنرفز لأنها ما أدته خبر وهو ينتظرها من أول، من الصباح وهو ينتظر منها شيء ليطمنه عليها!

أما ميس بعد ما كلمت أمل كانت راح تطلع الدرج بس وقفها صوت أمها الحاد

ندى: مـــــيــــس!

التفتت لها وهي مستغربة من نبرتها، عمرها ما نادتها بالطريقة: نعم؟

ندى اقتربت منها بنظرات حادة: ايش كدا تطلعي بدون لا تسألي فين أمي ولا تسلمي عليها!

ميس ببرود: ما شفتك فما أهتميت! كمان دي مو أول مرا.

ندى: طبعا مو أول مرا، شفتينا لما سكتنالك قمتي أخدتي راحتك ها؟ بعد كدا ازا ما تحترمي نفسك والله ما تشوفي شي يسرك يا ميس!

ميس رفعت حاجبها على كلامها فاقتربت منها: ايش حتسويلي يعني.

ندى: بدون ما أفكر حديكي كف يخليكي تحترمي نفسك وتعرفي انو اللي بتكلميها دي أمك مو خدامة عندك، شكلو بعد كدا حتعامل معاكي بدا الاسلوب يا ميس، عشان تعرفي إنو الله حق ويكون في سبب حقيقي عشان تشتكي عليا!

ميس بسخرية: أوه شكلهم جوا حقين حقوق الطفل.

ندى طالعت فيها: ايوا جوا، ودحين بسألك، انتي اللي اشتكيتي عليا؟ قلتيلهم انو أمي تضربني أنا وعبودي؟

ميس بكل وقاحة جاوبتها: ايوا أنا أشتكيت.

ندى: كيف أثبتيلهم..، ما جاوبت عليها فدفعت كتفها وبقهر: أقـــــولــــك كـــيــــف أثــــبـــتـــيــــلـــهـــم!

ميس صرخت عليها: بالكدمات اللي جاتني من طيحة الدراجة في الهدا!

ندى طالعت فيها بصدمة وتجمعت الدموع بعيونها: انتي.. انتي كيف تسوي شي زي كدا؟ خالك يا حيوانة عالجك لما طحتي.. كنتي تبكي وهوا اللي نضفلك أجراحك وشالك للفيلا، كان حيموت من الخوف، ما قدر يسيبك لين ما أتأكد انك كويسه

عبد العزيز جاء لهم لما سمع اصواتهم العالية، كان راح يتكلم بس سكت وهو يسمع رد ميس الوقح لأمها: لا تسووا نفسكم واو يعني، أنا اللي طيحت نفسي بنفسي وما همني اهتمامك بيا..، وبنبرة عالية: طيحت نفسي وحرقت عبودي عشان أشتكي عليكم.

ندى بحرقة: كمان عبودي؟ طيب ليش ليش يا ميس، داكا اليوم مت من الخوف عليكي، كلهم خرجوا عشان يستمتعوا بالهوا إلا أنا قعدت عشانك، وخالك عبد العزيز كان كل شويا يتطمن عليكي، قوليلي لـــــيــــش!

ميس بنفس نبرة صوتها: لأني أكرهكم، أكرهكم ومجبورة أعيش معاكم، إنتي أكتر وحده ما أبغاكي، أبا أكون مع أبويا مو أنتي...

عبد العزيز قاطعها بصرخة: ميس اسكتي لا أقطعلك لسانك خلاص!

ميس التفتت له ومن ثم طالعت فيها: شفتي كيف أخوانك يكرهوني؟ ما يبوني ودايما يصرخوا فيا ويهزأوني، هناك عند أبويا معززة مكرمة مو عندك هنا الكل يكرهني أكره نفسي وأكرهك.

ندى: هنا الكل يكرهك لأنو أخلاقك زفت زي أبوكي، عمرك ما أحترمتي أحد فما حتلاقي أحد يعاملك كويس لو تحلمي، إنتي وأبوكي زي بعض وعمركم ما حتتعدلو، الله يفكني منكم ومن شركم.

ميس: لا تتكلمي عن أبويا تفهمي؟ ما أسمحلك تقولي عنو شي بطال، أنتي ما تعرفيه انتي دايما تظلميه…

ندى قاطعتها وهي تأشر على نفسها: أنا أظلمو يا ميس؟ انتي ما تفتكري لما كنت أنضرب منو لين ما يغمى عليا؟ ما تفتكري صوت صراخي؟ طيب وأنا أبكي؟ ما تفتكري دا كلو يا ميس؟ سنين عانيت من أبوكِ، قدام عيونك كان يضربني.. ما كان يهتم لصغر سنك، انتي تقولي أنا ظلمتو؟ انتوا كلكم بتظلموني بس أنا ما بظلم أحد!

ميس ارتبكت، ما هي ناسية.. ما تنسى هالأيام ومستحل تنساها وبالرغم من هذا تكلمت بدفاع عنه: لأ ما افتكر، اللي أفتكرو إنو جا لين شقتنا المعفنة هديك لما أتطلقتي منو، جاكي وهو معاه ورد ويعتذر منك وانتي ايش سويتي؟ طردتيه وجلستي تبكي وبعدها جا مشعل وسرنا نعيش هنا!

ندى أخذت نفس وهي تحاول تهدي حالها: ما تفتكري يا ميس؟ طيب أنا حنعشلك ذاكرتك..، مسكتها وصارت تسحبها للدرج يطلعوه، هي تحاول تسحب يدها بس ندى تشد عليها أكثر وتصرخ: أصبري أوريكي يا ميس، أوريكي عشان تفتكري، عشان لا تقولي نسيت، وتعرفي انو أبوكي انسان أقذر منو مافي!

دخلوا غرفة نوم ندى وعبد العزيز لحقهم، دفتها بقوة حتى طاحت فتألمت، ندى ما أهتمت كثير وصارت تبحث بأدراجها وتبعثر الأوراق والأغراض اللي فيها، خرجت ظرف من احد الأدراج وصارت تفتحه قدامها وصرخت: شوفي دا تقرير يثبت العنف اللي أخدتو من أبوكي، شوفي شوفي يا ميس..، كان فيه مجموعة صور نثرتها قدامها وصرخت هستيرية: شوفي دي صور تثبت العنف، ولين دحين باقية الآثار باقية يا ميس، شوفي جسمي كلو مشوه من ضربو شوفي شـــــوفـــــــي! لا تقولي ما أفتكر، لا تنكري أفعال أبوكِ السودة اللي عملها فيا، مهما تكوني تحبيه لا تنكري قدامي وتحرقي قلبي، أنا تعذبت، والكل عارف، ودي اثباتات ضد أبوك يا ميس، ما كنت حوريكِ هيا، بس لين هنا ويكفي، ما حسكت عنك أكتر من كدا، ما حخليكِ تعامليني كدا!

ميس شافت الصور ومررت وحدة وراء الثانية وهي تقطب حواجبها، نزلت رأسها وما ردت عليها

مشت لها وتكلمت بحرقة: أتصلي على أبوكي خليه ياخدك، خدي ملابسك من هنا وأخرجي ولا عاد توريني وجهك، روحي معاه ولا ترجعي الله لا يردك.

ارتجف قلبها من كلامها وما تدري ليش، عمرها ما توقعت إنها تسمع هالكلام منها: مامـ...

ندى صرخت: أنـــا مـــو أمـــك، أنــتــي مـــا عــنـــدك أم، وأنـــا مـــا عـــنــدي بــنــت اسمها مـــيــس!

عبد العزيز خاف عليها فمسكها ليهديها: ندى أتعوذي من الشيطان، لا تخليه يوسوسلك.

ندى بعدت عنه وصارت تدفعه من صدره بقوة تحط حرتها فيه: بعد عني، أنا ما حتراجع عن كلامي، خليها تروح عند ابوها وتعرف وجهو الحقيقي، خليها يا عبد العزيز!

انهت كلامها وبعدها انهارت على الأرض وبكت بحرقة، وصار صدى بكاها يعم أرجاء الغرفة، كل اللي كاتمته بقلبها من اول قالته.. كانت مستحملتها.. مستحملتها لأنها كانت متأملة إنها راح تتغير بيوم وربنا راح يصلحها، كانت دايما تدعي ربي إنه يهديها، بس صبرها فاض، ما تقدر تستحمل أكثر من كذا، هي إنسان لها حدود للتحمل، واليوم استنفذت طاقتها كلها!

عبد العزيز طالع فيها بحسرة وقهر، ندى أكثر وحده تعذبت من بينهم، عمرها ما لقت الفرحة، دايما فيه شيء ناقص بحياتها، نزل لمستواها ليسحبها لحضنه وصار يهديها، وهي كل مالها شهقاتها بتزيد لتخترق قلبه فدمعت عيونه وهو ينطق بخنقة: خلاص يا روحي خلاص لا توجعيلي قلبي.

ندى تعلقت فيه وهي تقول من بين شهقاتها: أنا تعبت منها، تعبت وما أقدر أستحملها أكتر من كدا، ما أقدر، وديها عند أبوها، وديها!
** ** ** ** **


جالس على الكنبة ومنزل رأسه وهو يمرر يده على شعره، ربع ساعة مرت وهو ينتظر فيصل يجي.. مرت وكأنها دهر، دق جرس الشقة فقام بسرعة ناحية الباب وعيونه تلمع بحقد، أخذ نفس عميق ليهدي حاله وبعدها فتح الباب.. شاف فيصل وراءه، رفع حواجبه وهو يقول بسخرية: أووووه فيصل أفندي شرفنا!

فيصل تفاجأ لما شاف مهند.. كان متوقع يشوف أمل لأنها هي اللي كلمته، تذكر كلامها فتهجم عليه وهو يدخل للشقة ويسحبه من ياقته: فــــيــــن أمــــل يــــا كـــلــــب؟ ايــــش ســــويــــتــــلــــهــــا؟!

مهند دفعه عنه، مسك يده ولواها وراء ظهره بإحكام ومن ثم همس بفحيح: أنا المفروض أسألك دا السؤال.. ايش سويت في أختي؟ تركه وهو يدفعه بقوة: وريني فلاحتك وقوتك معايا بدل لا تطلعها على رنين..، وهو يشمر عن أكمامه: تعال خلينا نتضارب..، وقبل ما يستوعب فيصل كلامه تقدم مهند له وبقبضة يده لكمه بوجهه

تراجع فيصل بكم خطوه وهو يمسك محل الضربة، تأوه بألم وصرخ بعصبية: يــعــنــي تــبــا كــدا يــا مــهــنــد!

مهند بتشفي: ايوا أبا كدا، يلا وريني قوتك.

عدل نفسه وهجم عليه ويطيح فيه ضرب، هو الثاني ما سكت وصار يضربه، ما يعرفوا كم مر عليهم وهم بنفس حالتهم


بعد نص ساعة..

جسمه كله يعوره من الضرب اللي أكله، شدد قبضته على ياقته أكثر وهو يرصه على الجدار، أنفاسه متقطعة بس مانه راضي يفكه، ما يحس أن حرته بردت للحين، همس بفحيح: أنا أمنتك مليون مرا على أختي يا فيصل، ليش تخون الثقة، ما كنت أرضى لمشعل إنو يجيب سيرتك بالبطال، وكنا دايما على خلاف عشانك، وفي النهاية كلام مشعل طلع الصح..، وهو يرصه على الجدار أكثر: هيا في أيش غلطت عشان تضربها، رنين عمرها ما انضربت لا مني ولا من أبويا، مين أنتا عشان تضربها؟

فيصل قاطعه بصوت مخنوق: فـ.ـكـ.ـنـي أول شـ..ـي!

مهند فكه وابتعد بخطوات للوراء: فكيتك بس ما أبا أسمع منك ولا شي.. أخرج من هنا ولا عاد توريني وجهك، أرسل لـ رنين ورقة طلاقها وبس، أديتك فرص كتيرة لتثبت نفسك وحبها ليها، بس إنتا ما تستحقها، ما تستاهل أختي وما حرخصها ليك، طلقها وما أباك تكون غير أخو مرتي، ما أبا شي يربطك بينا أكتر من كدا!

فيصل حط يده على صدره وهو يحاول يلتقط أنفاسه ومن ثم رفع عيونه له: مين قال إني أبا أكمل معاها، أمس رحتلها عشان ننفصل بس هيا رفضت، أختك هيا اللي تبا ترخص نفسها، خرجت من البيت ولحقتني بس عشان ما أطلقها..

مهند بعصبية: فيصل لا تخليني أكفر فيك!

فيصل وهو يمشي لباب الشقة ليخرج: دي الحقيقة اللي بقولها، أختك ما تباني أطلقها.. وروح أسألها لــيـش!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي، قبل 10 سنوات
تركيا.. إسطنبول

مدت لها أوراق ثبوتيتها وحطتها على المكتب، رفعت عيونها لها بهدوء عكس اللي تحسه: حاليًا لا يوجد لدينا بيت نأوي فيه، وضعت ابنتي عندكم كأمانة وسآخذها حالما يتحسن وضعي، أنا لا أتخلى عنها.. بل لا أريدها أن تتشتت.

مديرة الدار حركت رأسها بالإيجاب ومن ثم قالت: بالتأكيد يمكنك أن تأخذينها معك مرة أخرى، ولكن قبل ذلك يجب أن نتأكد من وضعك.

دينيز: حسنا..، كملت بتردد: أبمكاني أن أزورها يوميا في أي وقت؟

المديرة: طبعا عزيزتي، يمكنك زيارتها وقتما تشائين، ويكون ذلك أفضل لـ نفسيتها.

دينيز ابتسمت براحة.. خافت إنهم يمنعونها: حسنا، أريد أن أراها قبل أن أذهب!
.
.
.
كانت في غرفة الألعاب مع إحدى العاملات في الدار، تضحك وتمرح بدون ما تدري باللي يصير حولها، بكل سهولة نسيت مشعل والرعب اللي عاشتة لما كانوا عندهم.. وهذي هي ميزة إنك تكوني طفلة!

رفعت رأسها وشافت أمها، تركت اللي بيدها وركضت ناحيتها بابتسامة: أمـــي، سنذهب الآن؟

دينيز أخذت نفس عميق ونزلت لمستواها وتكلمت بهدوء: أنا سأذهب، ولكن أنت ستبقين.

بيرين اختفت ابتسامتها: لماذا؟

دينيز: ابنتي العزيزة لا تخافي، إن هذا المكان أفضل من بيتنا، ألم يعجبك؟

دارت عيونها حول الغرفة بـ تفكير وبعدها قالت: أمممم جيد، ولكن أنا أريدك.

دينيز: حسنا وأنا أيضا أريدك أن تكوني بجانبي..، وهي تمسك يدها وتشد عليها: سآتي يوميا لأراكِ، أساسا هنا سيعتنون بكِ جيدًا.. سيعدون لكِ أفطارًا لذيذا يوميا، ستذهبين لمدرستك وتتعرفين على أصدقاء، ويوجد لديهم رحلات.

بيرين طالعت فيها وكأنها بدت تقتنع، أغلب هالأشياء ما كانت تقدر تسويها بسبب حالتهم المادية: حقًا؟

دينيز ابتسمت وهي تحارب دموعها اللي بدت تتجمع بعيونها: حقا.

حطت يدها الصغيرة على خد أمها وتكلمت: حسنا أمي العزيزة، سأكون سعيدة هنا.. ولكن لا تبكي إنني أحزن هكذا.

مسحت دموعها ومن ثم ابتسمت لها وهي تمسح على شعرها بحنية: أحسنتي طفلتي المطيعة..، وهي تقبل يدينها الصغيرة بعمق: أعتني بنفسك صغيرتي، أراكِ غدا.

اعتدلت بوقفتها وبيرين كانت تحاول تخفي خوفها من بُعدها عن أمها ومن هالمكان، تحاول تفكر بالأشياء اللي قالتها حتى ما تخاف..

مر أول يوم وكانت متوترة بعض الشيء لأن المكان والبنات غير عنها..
في أول يوم البنات عاملوها بطريقة عادية، بس ثاني يوم كل شيء تغير لما جات لها دينيز
بيرين كانت الوحيدة اللي تجيها أمها..
بعكس الباقيين، اللي ما يعرفوا أهلهم، واللي أهلهم تركوهم ولا عاد سألوا عنهم
كانت تحس نفسها مميزة ومحظوظة لأن أمها كانت تزورها
كانت تزورها بس كل يوم وجهها يذبل عن قبل
لين ما بدأت وقت زيارتها يقل وتروح عنها بسرعه
شوي شوي بدأت تمر أيام وأمها ما تجي..
كل يوم صارت تتأمل قدومها بس ما تجي.. لين ما يأست منها
وبدأ الحزن يسيطر على قلبها
وصارت مثلها مثل اللي بالدار!
أهلهم رموهم ومشوا عنهم!

وفي وحدة من الأيام الصعبة عليها، كانت قاعدة مع صديقتها الوحيدة اللي تقبلتها في هالدار وسألتها سؤال: ما معنى طفل غير شرعي؟

قطبت حواجبها: من أين سمعتي هذه الكلمة؟

رفعت كتوفها وقالت: أمم لا أدري، أتوقع أني سمعتها من إحدى الفتيات هنا، هل معناها غير جيد؟

صديقتها: تقريبا..، شافتها فيها فضول لتعرف معناها فـ تكلمت: لست متأكدة من معناها، ولكن كما سمعت هو أن والدتك قد أنجبتك دون أن تتزوج بأبيكِ.

سكتت فترة تحاول تستوعب كلامها بس قطبت حواجبها بعدم فهم: أووه إن عقلي لا يستوعب هذا، كيف ذلك؟

حركت كتوفها بـ معنى ما أعرف وقالت: لا تهتمي يا بيرين، ولم تهتمي لأناس لم يهتموا بنا وتركونا هنا؟

بيرين بعدم اقتناع: أمي لم تتركني، ستأتي.

لوت بوزها من رأسها اليابس.. طول الوقت وهي تقول كذا: وانتي أيضا لم تستسلمي؟ أمك تركتك مثل أي طفلة توجد هنا!

بيرين حز في خاطرها كلامها فبوزت بـ زعل: لا تقولي هكذا.

كانت راح تقوم بس مسكتها بسرعه: أوه بيرين، إني أمزح، ستأتي أمك ستأتي.

رجعت لمحلها وتكلمت برضا: نعم ستأتي، ولكن أبي لن يأتي.. لم أره من قبل سوى مرة واحدة.

صديقتها: ياه كم أنتي محظوظة فأنا لم أرى أي أحد منهم، جئت لدار الايتام عندما كنت صغيرة جدا جدا.

بيرين كشرت بملامحها لما تذكرته: أنا محظوظة بأمي فقط، ولكن أبي عندما رأيته كان شريرا، وفي الواقع لا يحب أمي ولا يحبني!

تنهدت بحزن: أنا أتوقع حب الوالدين للأبناء مجرد كذبة، لا أرى أي حب منهما!

بيرين: وكيف ستجدين حبا ممن لم تريه.

…: هذا ما أقصده، إن كانوا يحبوننا لم يضعوننا هنا؟ لمَ لا نعيش معهم لكي نشعر بحبهم! الحب كذبة يا بيرين! هذا ما أنا مقتنعة به!

مرت الأيام والأسابيع، وبيرين لساتها تنتظر أمها على أمل إنها تجي، تحاول تشغل تفكيرها عنها بس غصبا عنها قلبها يشتاق لها، في الصباح وبالمدرسة تلعب وتضحك مع البنات بس بالليل وقبل ما تنام تتذكرها وتجلس تبكي بخوف من فكرة إنها تخلت عنها وما راح ترجع تاخذها

بس في يوم من الأيام بالصباح وهم يتجهزوا للمدرسة جاتها المشرفة وقالت لها تجهز ملابسها وتأخذ أشيائها اللي تحبها، لأن أمها جات لتأخذها!

في البداية لما قالت لها كذا تنحت وما عرفت ايش تقول، ما كانت مصدقة اللي تقوله طالعت فيها والدموع تتجمع بعيونها: أمــــي؟!

اقتربت منها ومسحت على رأسها بحنان: نعم أمك.

لما شافت جديتها حست بالفرحة تتملكها، مسحت دموعها بسرعه وقالت: لا أريد أن آخذ شيء، أريد الذهاب إلى أمي حالا!
.
.
.
جالسة على الكرسي وتحرك رجولها بتوتر، بداخلها شوق كبير لبنتها، ما تركتها هالفترة من عبث، كانت مشغولة حيل، تشتغل ليل ونهار حتى تجمع فلوس تكفيهم، كانت تتعب كثير وما كانت تباها تشوفها بهالحالة، والحين بعد مرور كم شهر كل شيء تغير، صبرت واشتغلت حتى وصلت لهنا، لقت لهم شقة تناسبهم، شقة أحسن من هذاك البيت المتهالك اللي كانوا عايشين فيه.. انفتح باب الغرفة وطلت منه بيرين، دمعت عيونها لما شافتها، قامت ناحيتها وتكلمت بصوت مهزوز: ابنتي.

بيرين بدورها تجمعت الدموع بعيونها لما شافتها، ركضت ناحيتها ورمت نفسها بحضنها وهي تشهق بخفة: أمـــ..ــي!

حاوطتها لها بقوة ودموعها نزلت، صارت تشمها وتلمها لها أكثر وهي تحاول تكتم شهقاتها وهي بتسمعها تعاتبها على تركها لها فترة طويلة، تشكيها قد ايش عانت هالفترة بدونها ومع البنات اللي ما تقبلوها كثير، طلبت منها توعدها إنها ما تتركها مرة ثانية كذا حاوطتها أكثر ووعدتها..

دينيز أخذت بيرين وخرجتها من الدار وراحوا شقتهم
بيرين انبسطت بها وعجبتها كثير..
أخيرا صار لها غرفة بعد ما كانت تنام بالصالة في بيتهم اللي قبل!
مرت الأيام وهي مرتاحة مع أمها.. حتى جاء هذاك اليوم المشؤوم..
لما صحيت من نومها بالليل ودخلت إحدى الغرف ولقتها منتحرة!
** ** ** ** **


في الوقت الحالي

بتول طالعت التلفزيون ومن ثم صارت تنقل عيونها بين أمها وأبوها وهي تحاول تخفي صدمتها: ماما.. بابا، دا الكلام اللي بسمعو منجد؟

وليد قطب حواجبه وبهدوء بدون ما يطالع فيها: بتول أطلعي لغرفتك!

كانت راح تعترض بس نظرة أميرة الحادة خلتها تبلع لسانها وتطيع كلامه

أميرة جلست بجانب وليد وحطت يدها على ذراعه لتسأله: وليد ايش ساير؟

وليد رجع ظهره للكنبة وهو يزفر بقلة حيلة: حاولت أكلمو وأغير رأيو.. قلتلو لا تسويها وتفضح نفسك.. ما قدرت أمنعو.. ما أقدر أمنعو يا أميرة لأنو هددوه بيها، ناس حاقدين عليه ويبوا يخربوا حياتو خطفوا تغريد وقالولو ازا ما تقول كل شي راح نقتلها، راح… وهو يتذكر صورة الرجال اللي أنرسلت: حتتعزب كتير وبسببك.

أميرة قطبت حواجبها بقوة: طيب يروح للشرطة يكلمهم.

وليد بسخرية: رحنا يا أميرة بس تتوقعي لقينا أحد يسمعنا؟ اللي قدر يوصل لماضي مشعل اللي ياما حاول ينساه ويبدأ حياة جديدة مع بنتو طبعا حيقدر يوصل للشرطة، صدقيني في دا الموضوع صاحب شأن ويقدر يحركهم بكلمة منو، راح لهم مشعل وطردوه وهددو بأنو يرميه بالتوقيف!

أميرة وهي تتنهد: أنا ماني شايلة هم غير تغريد.. كيف حتكون ردة فعلها على دا الموضوع!

ما رد عليها وصار يمرر يده بشعره بقلة حيلة، متضايق كثير.. ومو عارف ايش يسوي.. كل اللي بناه مشعل بسنين راح ينهدم بلحظات قليلة، غمض عيونه وشرد بذهنه لذكرى قديمة...


لمحة من الماضي، قبل 10 سنوات
تركيا.. اسطنبول

فتح عيونه بضيق من أشعة الشمس اللي صارت تزعج عيونه، عدل جلسته وهو يدور بعيونه في الغرفة وانتبه لقميصه المرمي على الأرض، حاول يتذكر ايش صار بس عجز فقام وسحب قميصه ليلبسه ودخل الحمام


في زاوية ثانية بنفس الغرفة

واقف ببلاكونه وبيده كوب القهوه، شارد الذهن وهو يتذكر اللي صار امس.. مو مصدق اللي انقال له، ما راح يصدق إلا لما يشوفها قدام عيونه سمع صوت من وراه يصحيه من شروده: كيف جيت لهنا؟

تكلم ببرود بدون ما يطالع فيه: هوا عندك مكان تاني عشان تروحلو؟

أخذ سيجارة من بكت دخانه: ما يحتاج تتمنن عليا، داري اني حجي هنا بس مو مفتكر شي.

طالع فيه بسخرية: طبعا يا وليد ما حتكون مفتكر شي، من السم اللي بتشربو.. مو فاهم ليش رجعت لعادتك، شوف صدقني حتروح في داهية وحتندم.

تكلم باستهتار وهو يسحب نفس من السيجارة وينفثه: ليش انتا جربت وندمت؟

مشعل تكلم ببرود: وليد.. انتا عندك حياة كويسة ما أدري ليش بتشرب وايش هيا أسبابك، أرجع للسعودية وخليك مع مرتك وبزورتك بدل المسخرة دي اللي عايشها، تكدب عليهم وتقولهم إنك بتشتغل.. وانتا ما عندك شي ولا بتسوي شي.

وليد أستند على درابزين البلاكونه وهو ينطق بهمس مسموع: كل شي ضايع من يدي.. الشركة اللي كنت حبنيها أهلي دمروها بس عشان قررت أختار حياتي بنفسي وما أكون لعبة بيدهم زي باقي أولاد العيلة.. وأميرة بدأت تفقد صبرها يا مشعل، حخسرها.. قريب حخسرها صدقني.

مشعل: طبعا حتخسرها دامك بدي الحالة، صحصح وأبني نفسك من جديد.. لا تخلي الشي اللي يكسرك يهدم حياتك.

سكت وليد لفترة يفكر بكلامه، بس سرعان ما تكلم لما تذكر: ايوا ايش سار امس؟ رحت للمركز؟

مشعل والبرود يرجع لملامحه: ايوا رحت.

وليد: طيب ايش كانوا يبوك، انطق بسرعه!

مشعل طالع فيه وهو يحاول يخبي مشاعره: دينيز أنتحرت!

رفع عيونه له بصدمة: ما تمزح.

حرك رأسه بالنفي: ما أمزح، قالولي انهم بيحققوا في سبب انتحارها، وعلى حسب كلام الطبيب الشرعي إنو كان ببطنها جنين.. في الأسبوع الخامس!

رمش بعدم تصديق: ايــــش! طالع فيه بشك: لا يكون دا منـ…

مشعل قاطعه بسرعه والغضب تملك ملامحه: أصحك تفكر إني قربت منها وإنو دا الجنين مني، أنا عرفت طينتها ومستحيل حرجع أعيد غلطي وأسامحها وأضعف ليها، وغير كدا كلو حيبان وحيتوصلو لأبو الطفل من خلال التحاليل!

وليد: طيب ايش حيسير بعدها؟

مشعل: ما أدري.. وما يهمني قبل ما أخرج أدوني صندوق وقالولي انها قبل ما تنتحر كانت حاطتو جنبها ومكتوب عليه أسمي يعني دا ليا.

وليد: طيب فتحتو؟

مشعل: لأ وما أتوقع اني حفتحو.

وليد تذكرها وبسرعه كمل: وبيرين؟ فينها دحين؟

مشعل بنبرة هادية: حاطينها في دا الايتام.. لين ما يخلص التحقيق.. وبعدين حجيبها لهنا.. بعد ما يتأكدو إني أقدر أربيها!

وليد مو قادر يستوعب كل اللي صار مرة وحده: انتا؟ تربيها؟

مشعل: ايوا أنا عندك مشكلة لا سمح الله؟

وليد بجدية: لا مو كدا، بس أنا أكتر واحد عارف قد ايش تكره دينيز وما تبا بيرين حتى إنك طردتها داك اليوم، ايش اللي أتغير دحين؟

مشعل: أتغيرت أشياء كتيرة يا وليد، كنت افكر أخليها في دار الايتام وما أهتم بس في شي منعني وخلاني آخدها، وفجأة حسيت نفسي متورط فيها!

وليد حرك رأسه بابتسامة وما رد عليه، متأكد إنها راح تغيره، هذي الطفلة راح تلين من قسوة قلبه وبيتعلق فيها، راح يحبها كأب ويعاملها كبنته.. شخصيته راح تتغير بوجودها ومتأكد من هالشيء، ما راح يتغير بسرعه.. شوي شوي وكل شي راح يصير حلو!

رجع لواقعه من هالذكرى، فعلا أتغير.. وكل شي صار حلو.. عانت شوي معاه بس في النهاية تغير.. في النهاية وعى على حاله وقرر يتغير عشانها.. ضحى كثير عشانها والحين بيسوي أكبر تضحية!

مو بس مشعل اللي تغير، حتى هو تغير، ما كان إلا شاب طائش ومتهور، يسوي اللي برأسه وما يهتم للعواقب، بس بعدها أتعدل وصار يفكر بعائلته، صاروا هم كل حياته، وأميرة كمان عانت معاه بس صبرت عليه، صبرت ونالت
** ** ** ** **


بعد ما وصل لمشعل خبر انتحار دينيز حاول يتماسك ولا ينهار
مهما خبى مشاعرة فهي في النهاية أول إنسانه قلبه يدق لها والوحيدة
بس حآآقد عليها لما قاله المحقق إنها كانت حامل
غلطت نفس الغلطة.. وجت تبي تعالجها بالانتحار!!
ما قدر يفهمها ولا يفهم تصرفها!
والصندوق اللي تركته له حلف إنه ما يفتحه!
مرت الأيام ومشعل أخذ بيرين من دار الايتام
قالوا له إنها تحتاج مراعاة نفسية، لأنو منظر أمها لساته عالق ببالها
أخذها وحس من تصرفاتها انها مو زي باقي الاطفال
فيها شي حزين ومكسور ما يليق لـ طفلة بعمرها
بس كان دايمًا يتجاهلها.. ما كان يديها أهتمام كبير في حياته
كان حاسس إنها عبئ عليه وندم لأنه أخذها
تمنى إنه ما طلب منهم يربيها
كان كارهها وكاره كل شي فيها..
كلما يطالعها الشي الوحيد اللي يجي بباله هي دينيز
صار يعاملها بقسوة وكره يوضح فيه
بعكس وليد اللي كان يعشقها وبدون مبالغه

كان وليد عايش عند مشعل كصديق تعرف عليه بالصدفة
بس مو جاي للدراسة، كان جاي للتجارة
من أول ما شاف بيرين مع دينيز دخلت قلبه وحبها كبنته وأكثر!
صار يدافع عنها كثير.. وما يرضى عليها بشيء يزعلها
لما يزعلها مشعل يراضيها بخرجة بسيطة تنسيها اللي صار
لما تنزل دموعها بسبب مشعل هو اللي يمسحها وما يرتاح إلا لما يشوفها تضحك!
كان دايما يهزء مشعل بعد كل مشكلة
وفي يوم وليد كان لازم يرجع للسعودية لأن أميرة سقطت جنينها!
كان لازم يروح وما يقدر يأخذ بيرين
تركها عنده وهو مو متطمن أبدا
كان عارف إن مشعل راح يزعلها
عارف بقسوة مشعل في التعامل مع الكل
بس هالطفلة ما راح تتفهم قسوته

مر شهرين وهو بالسعودية
ومعاملته ما تغيرت..
بس شوي.. شوي بس
وهي محتارة ومو عارفة سبب كرهه
قالولها إنه ابوها وراح يعوضها عن أمها
قالولها إنه راح يكون أحسن من أمها..
يقولوا عنده وظيفة محترمة هنا وبيت واسع
ما كانوا يدروا أن هذي الأشياء ما تهمها كثر وجود أمها حوالينها
تحس نفسها كرهت الحياة من بعدها
دايما سؤال يجي ببالها، هي ليش تركتها؟
ليش أبوها ما يحبها؟
طيب ووليد وينه ليش سافر وما رجع!
معقولة هي شخصية غير مرغوبة!
ما قدرت تستحمله، فهربت منه!

صحى مشعل هذاك اليوم وتوقع إنه يشوفها كالعادة
بس ما لقاها
فكرها راحت للبقالة، خلاص شوي وترجع
بس طولت وما رجعت
حاول يهدي حاله وما يشغل باله بس ما قدر!
جاه شعور غريب، زمان ما حس به
خاف عليها حيــل
خاف إنه يفقدها ويفقد حسها بالبيت
يفقد عنادها ولسانها اللي بدا يطول عليه آخر فترة
دور عليها مثل المجانين بالشوارع بس ما لقاها
أنهار من خوفه وما كان حاسس بنفسه
رجع البيت وخيبة الأمل متملكته..
وفجأة رن جواله باسم وليد فاستغرب، لأنه كان يحسبه بالسعودية
جاوبه وقبل لا يتكلم أنهال عليه بالسب والشتم
أنفجع بس على طول فهم لما قاله إنه لقى بيرين في الشارع وأخدها
حلف عليه إنه ما راح يخليه يشوفها ثاني
لأنه لقاها وهي تبكي وكاره كل شيء بمشعل!

وليد أخذها للفندق اللي ساكن فيه مع أميرة وأولاده
بتول اللي كانت أصغر منها بـ سنتين وعمرها 7 سنوات
وفارس وعمره 11 سنة
كلم أميرة وقالها حكايتها، فأشفقت عليها كثير
وعاملتها بحنية تذكرها بحنان أمها وأكثر!
ووليد محتار ايش راح يسوي معاها!

مشعل كان يحاول يأقلم نفسه على عدم وجودها حوالينه
بس في كل مرة يفشل
مر بباله الصندوق اللي تركته لها
حلف إنه ما يفتحه بس ما قدر
فتحه وقرأ رسالتها المكتوبة له
كانت توصيه بـ طفلتهم الصغيرة بيرين..
أغلب كلامها عنها وعن الأشياء اللي تحبها واللي تزعلها
وآخر شي كتبت إنه هو الشخص الوحيد اللي حبته
وكرم ما كان إلا شخص حقير هددها ومن ثم تركها!
كرم ما كان يعني لها شي، وهو كان كل حياتها
أنصدم مشعل من المكتوب ودخل بدوامة ما عرف كيف يخرج منها
ليه توها تقوله عن كرم؟
ضيعت حبهم وحياتهم عشان شيء تافه
قعد فترة لحاله يفكر وبعدها قرر
أنه يفتح صفحة جديدة مع الكل
يحاول ينسى اللي صار
كلم وليد وقاله كل شيء
قاله جيب بنتي، أنا راح أعوضها عن كل شي
أبغا أرجع السعودية وأباها تكون معايا!
فعلا جابها له، وبدأ مشعل يتغير باسلوبه معاها
كلمها بهدوء وبطريقة تناسب تفكيرها
وعدها إنه يتغير عشانها وما يزعلها
وعدها باشياء كثير بس هي ما فرحت إلا بالقليل
بعد ما مشعل تغير وصار للأحسن
رجع للسعودية وكان كل شيء غريب عليها
بس هو شوي شوي وبهدوء كان يوعيها ويفهمها
حتى تأقلمت على الوضع، بس أكثر شيء كان يضايقها.. أسمها
لما كانوا يتعجبوا من اسمها كانت تتضايق وأصرت إنه يغير لها هو!
حتى صار اسمها تغريد!
أختارته وهي مقتنعه بيه، كان عاجبها
مرت سنتين وكانت جميلة جدا بالنسبة لها
عاشت باستقرار وهدوء.. متنعمة بحب أبوها
بس المشكلة الوحيدة اللي كانت تعاني منها
"الوحدة"
ومن ثم جات لأبوها الحالة الغريبة، وصارت تخاف أكثر
ومشعل برضه يخاف عليها أكثر
فأضطر يلجأ لـ هدى اللي كان لساته يكرهها ومو مقتنع بتغيرها
بس هدى أثبتت له إنها تغيرت بمعاملتها لـ تغريد
كان برضه ما يوثق فيها فكان دايما يسال تغريد عنها
وكانت تجاوبه بأنها ما في أحن منها معاها
وهو يرتاح.. لأنه معلمها أهم شي بعلاقتهم كبنت وأبوها "الصراحة"
وبكذا مشعل سامح هدى
فتح صفحة جديدة معاها عشان تغريد اللي تعلقت فيها
ما كان يبا يحرمها منها!
** ** ** ** **


مكة المكرمة..

جالس في غرفة الضيوف، أبو رزان دخله وضيفه وبعدها قام لـ يناديها، والحين صار له خمسة دقايق وهو ينتظرها، مرت خمسة دقايق ثانية ورفع عيونه للباب اللي أنفتح داخلة منه رزان، طالع فيها ببرود وهو مقهور منها، ألقت السلام وهو رد عليها ومن ثم سألها وهو يحاول يخفي نرفزته منها، لأنه ملاحظ ذبون وجهها: ايش دي الحركات يا رزان؟

رزان بهدوء وهي تجلس بالكنبة: أنا المفروض أسألك يا عبد العزيز..، وهي ترفع عيونها له: ايش اللي في جوالك؟

عبد العزيز قطب حواجبه بعدم فهم.. ما جاء بباله إنها فتشته: ايش قصدك؟

رزان بنبرة حادة شوي: لا تسوي نفسك مو داري، قصدي الصور الخليعة اللي في جوالك!

سكت شوي يفكر وبعدها لما استوعب لانت ملامحه وتكلم: قصدك صور فيصل!

رزان: ما أدري ايش اسمو، بس اللي أعرفو انو دا خطيبها..، وهي تطالع فيه وتدقق بردة فعله لما يسمع أسمها: خطيب رنين!

عبد العزيز رفع حاجبه: أصبري.. انتي ايش دراكي بـيها.. بالصور؟ فتشتي الجوال!

رزان عقدت يدينها حول صدرها: ايوا فتشتو!

جاء بيتكلم بس قاطعته: وانتا المفروض ما تلومني، آخر فترة متغير عليا، دايما مسرح وكل ما أسألك تصرفني، أمس بالليل لما شفتك نايم أخدت جوالك وببصمة أصباعك فتحت الجوال لأنك غيرت الرقم السري، فتحت محادثتك مع صاحبك، شفت كلامك معاه كلو..، كملت والدموع بدت تتجمع بعيونها: تحبها يا عزيز؟

لمح دموعها فارتبك، هنا يضعف وما يقدر يتحمل، دايما هذي كانت نقطة ضعفه، أخذ نفس عميق ومسك يدها وتكلم: رزان أسمعيني...

رفعت عيونها للسقف لتمنع دموعها من النزول ومن ثم رجعتها عليه: ايش تباني أسمع يا عبد العزيز، أنا قريت كل شي وفهمتو عرفت إني في حياتك بس زوجة لا أكتر، وأما هيا حب حياتك.. اللي ما قدرت توصلو، هيا اللي تحبها من جد ومستعد تشوه سمعة خطيبها، وأنا ولا كأني موجوده وكأني ولا شي في حياتك، فعشان كدا ما يحتاج أسمع شي زيادة، ما يحتاج تألف كلام وتكدب عليا، كل اللي أبغاه انك تسيبني في حالي..، وبقهر: دحين تلاقيها كاره خطيبها بسببك!

سحبت يدها وقامت لتخرج من الغرفة بس هو لحقها، مسكها ولفها له وهو ينطق بعصبية: رزان أهجدي، ما حتروحي أي مكان، انتي قلتي كل الي في قلبك، رميتي كلامك وتبي تروحي؟ تروحي وانتي مو فاهمة شي، تمشي وانتي ظالمتني بتفكيرك، ما حسمحلك بدا الشي، أنا كمان حقول كل شي عندي، وانتي بعدها قرري اللي تبيه وأنا حسويه..، سكت لفترة ومن ثم كمل: حتى لو تبينا ننفصل!
** ** ** ** **


بعد ما انتهى البرنامج دخل عندها بابتسامة.. ابتسامة ما تزيده إلا بشاعة بس سرعان ما انمحت وهو يشوف ثباتها وقوتها، رفعت عيونها له وملامحها جآآمدة، ما انهارت.. ما ضعفت.. حتى عيونها ما لمعت بالدموع، تقهر.. قوتها مستفزة، بس ما كان يدري باللي داخلها، ما هو عارف بالانهيار اللي جواتها، كانت متماسكة بس عشان كلمات أبوها لها في البداية، لو ما أرسل لها هالرسالة ما كانت حالتها كذا

أمير طالع فيها وهو يحاول يخفي نرفزته منها: ايوا تغريد كيف؟ ان شاء الله أستمتعتي بس؟

طالعت فيه وعيونها تلمع بتحدي وحقد: استمتعت كتير لدرجة اني عمري ما حنسى اللي سويتو، صدقني راح تندم يا أمير وحتشوف، حتترجاني أرحمك، بس داك الوقت حكون بدون رحمة حكون قاسية..، كملت بنبرة وعيد: ترا حتندم على دا اليوم.. حــ..

قاطعها بضحكة ساخرة: أقلك لا تتكلمي كلام أكبر منك، ما يمديكي تسوي ولا شي!

تغريد بكل جدية: وأنا دحين أقلك.. لا تستهون بيا وخاف مني يا أمير، خــاف مني لأني تغريد، وأنا مو سهلة وما أستسلم بسهولة.

تبدلت ملامحه فجأه بطريقة غريبه، اقترب منها ونزل نفسه لمستواها وهي بنفور بعدت وجهها عنه، بس مسك فكها ورجع وجهها حتى صار مقابل وجهه تمامًا ومن ثم همس: تدري ايش؟ من لما شفتك عجبتيني، قوتك عاجبتني، عنادك عاجبني…

تغريد بنبرة حادة لتخفي خوفها من الشعور الغريب اللي جاها: بــعــد يـــدك عـــنـــي!

شد على فكها، قرب وجهه منها أكثر وبنفس نبرته الهامسة: لـــيــش؟

اشمأزت وهي تحس بأنفاسه تضرب وجهها، حست انه راح يتمادى فحاولت تبعد رأسها شوي حتى تضربه بكل قوتها بوجهه: أقـــــلــــــك لا تـــقـــرب مـــنــــي!

أبتعد بخطوات للوراء وهو ماسك أنفه بألم ويصرخ عليها بكل السبات والشتايم: يا حقيرة يا بنت الـ####، قدي كدا قرفانة مني؟

تغريد قاطعته بـ صرختها: ايوا اقرف، أكيد حقرف منك انتا إنسان مـريـض ومعتوه، لا تقرب مني تاني ولا حستفرغ في وجهك!

أمير بـ عصبية مجنونه نطق بوعيد: طيب طيب، ازا كان قربي منك يقرفك والله لأوريكِ كيف شغلك..، كمل بصراخ يفجع: مــــــــــآآآآآآآآآهـــــــــــر.. مــــــــــــآآآآآآهــــــــــــر.

دخل أحد رجاله وتغريد مغصتها بطنها بخوف غريب وهي تشوف هيئته الضخمة والمخيفة، بلعت ريقها بصعوبه وقلبها يرجف.. يا ترى ليش ناداه!

أمير طلع جواله ومده له: صور اللي راح أسويه دحين، صور وأرسلو لمشعل خليه يشوف ايش بيسير لبنتو.. خليه يتحرق.. بس انتبه لا يبان شي مني!

طالعت فيه بفجعه وهي مو عارفة ايش اللي بباله، شافته يتجه ناحيتها وعيونه يطلع منها الشرار، ما قدرت تسوعب إلا وشفايفه تحرقها بكل عنف، حاولت تبعد رأسها بس كان شاد بيده بقوة من وراء رقبتها، ولا تقدر تدفعه لأن كل جسدها مقيد، ما تقدر تمنعه ومستحيل تستسلم له كل اللي قدرت تسويه إنها تقاومه لآخر لحظة حتى لا يتوقعها سهلة وضعيفة، وهو يطيل بوساخته وانتهاكه لها مستغل عدم قدرتها لمنعه!

بعد فترة ابتعد عنها وهو يمسح شفايفه، وهي بتقزز تفلت بالأرض وهي تكح بقوة وتلتقط أنفاسها اللي انكتمت

ابتسم بوساخه على حالتها اللي صارت يرثى لها: نشوف مشعل ردة فعل لما يشوف الفيديو.

توسعت عيونها بصدمة: أصــحــك تـسـويـهـا يـا أمـيـر.

بضحكة خبيثة: ما حزّرتي!

تغريد لما شافته أخذ الجوال من رجاله تكلمت بنبرة مترجية: أمير لا تسويها، ما يحتاج توري بابا لا تخليه يشوفها..، صرخت بعصبية وهي تشوفه يتجه للباب بتجاهل تام لها: أمـــيـــــر أســـمـــعـــنـــي.. أمـــــيــــر لا تــــروح..، كملت بصوت مهزوز بعد ما خرج بدون ما يعطيها أدنى اهتمام: بابا لا يشوفها، ما حيستحمل!
** ** ** ** **


دخلت جود للغرفة وقفلت الباب وراها.. توها خارجة من غرفة ندى بعد ما تطمنت عليها، كسرت خاطرها حيل وكرهت ميس، كرهتها وتمنتها إنها ما تكون موجوده، ندى ما تستحق بنت مثلها، ما في أي أم تستحق بنت زي ميس..

راحت للحمام وجت بتدخله بس لقته مقفل قطبت حواجبها ومن ثم تكلمت: رنـــيــن! انتي الين دحين ما خرجتي! يا بنت اشبك!

انفتح الباب فتراجعت كم خطوة للوراء، رفعت عيونها لها وانصدمت من دموعها المغرقة وجهها وسألتها بخوف: رنـــيــن أشبك! قربت منها ومسكتها: ايوا صح دوبي أفتكر، ايش قالتلك صحبتك عن الصور؟

رنين تكلمت بصوت مهزوز ودموعها تطيح على خدها وحدة وراء الثانية: الـصـ.ــور حـقــيـ.ــقــية!

حطت يدها على فمها بصدمة: واااا لا تقولي.

رنين بنفس حالتها: بس دا يـ.ـهــون عـ.ـند المصـ.ـيبة الـلـي حــقــولــك عــنـ.ـها دحـيـن!

جود بخوف: ايش؟

رنين تذكرت وكل جسمها ارتجف، زادت دموعها وكل ما تمسحها ترجع تزيد، حالتها خوفت جود أكثر مسكت كتفها وهزتها بخفه: رنين أنطقي ايش في!

رفعت عيونها المليانة دموع ونطقت برجفة: جــ.ــود أنــا.. أنـا حــامـ.ــل! شهقت بوجع: حـ..ــامـــل مـ..ــن فـــيـ..ــصـــل!

أنهت كلامها وانهارت بكي، ما جاء ببالها إنها بـ تحمل منه، بس كانت تبا تتأكد.. قبل ما يوصلها السائق لـ نجود وقفها الصيدلية وأخذت جهاز كشف الحمل، وتوها كشفت، قعدت مصدومة لما شافت الإشارة إيجابية، ما تقدر تطلب الطلاق، مصيرها انكتب لـ فيصل من لما سلمت نفسها له، لو تدري إنه خاين ما كانت سوتها، أمس جاها وطلب منها الطلاق، أنصدمت منه.. من طلبه.. بعد اللي صار يبي يطلقها، الحين هي مو عارفة ايش تسوي، مجبورة تكمل معاه.. لتستر على الفضيحة اللي سوتها حتى محد يتكلم عليها، مجبورة تكمل حياتها مع شخص خاين بسبب اللي في بطنها!
** ** ** ** **


مكة المكرمة

عبد العزيز: رنين كانت شي عابر في حياتي وراح، ما سارت تهمني مرا، ايوا ما أقولك إني ما كنت أهتم لها، بالعكس هيا كانت كل شي بالنسبالي وكل حركة تسويها أنا أعرفها، بس دا كان قبل ما أتزوجك، قبل حتى ما أعرف إني حخطب وحدة غيرها.. هيا اللي كانت في بالي صح، بس من لما خطبتك شلتها من بالي، حتى قبل ملكتنا سرت ما أهتم لها..، وهو يمسك يدها: صدقيني يا رزان.. أنا مو خاين، ولا عمري حكون شخص زي كدا، واساسا حكون حيوان لو خنت وحدة زيك، انتي يا رزان بجد غالية على قلبي وما أقدر أفرط بيكِ.. ما أقدر!

رزان بلعت ريقها وهي تحاول تخفي رجفة صوتها: طيب ازا انتا مو مهتم كيف وصلت الصور بيدك، ليش أرسلتها أساسا!

عبد العزيز: دا الرجال لما أتزوجتك فجأة ما سرت أكلمو عشان خلاص ايش أبغابو، ما سرت أفكر فيها، وهوا ما كلمني إلا لما كنا في المنتجع، بالصدفة شاف فيصل وأتزكرني، صورو وأساسا فيصل دا ما كان في وعيو وبعدين كلمني وقالي عنها، مرت أسبوعين وهيا بيدي، ما أرسلتها ما سويتلها شي، بس أمس وانا باخد امي من عندهم شفتو يضربها.. في داك الوقت ما قدرت أستحمل وقلت للرجال يرسلها.

رزان تكلمت بسرعه بعدم اقتناع: ما أقنعتني يا عبد العزيز، برضو انتا اشلك بيها، ليه تدخل في حياتها، ما كان رفضت الصور وخلاص، انتا لين دحين ما نسيتها!

قطب حواجبه وبعدها تكلم بجمود: زران أنا قلت اللي عندي ودي تبريراتي وقناعتي، ما حسكت عن الحق، ازا انتي مو عاجبك تصرفي لدي الدرجة ولساتك مجروحة فا نقدر ننفصل!

طالعت فيه بدون ما تتكلم وقطبت حواجبها.. يا ترى هل هي تقدر تبعد عنه؟ بعد ما سمعت كلامه وتبريراته تطلب الطلاق؟ رفعت عيونها لوجهه.. يا ترى تقدر تصحى وتنام دون ما تشوف هالوجه؟ تقدر تكمل حياتها بدونه؟ بدون ما تسمع صوته أو ضحكته؟ تعلقت فيه وحبته مع الأسف، وهي للحين ما تعرف مشاعره ناحيتها، عمره ما قالها أحبك.. ما نطقها لها، يا ترى تقدر تكمل معاه وهم كذا؟ أخذت نفس عميق وفتحت فمها لتقول:…
** ** ** ** **


جدة..

وبعد ما خلص برنامجه الكل كان ســاكـــت، فترة صمت قعدوا فيها مصدومين..
ما هم قادرين يتخيلوا كيف مشعل كان عنده الجراءة ليقول كل هذا قدام وبكل برود
طبعا ما كانوا يتوقعوا يشوفوه يقولها بضعف، لأنه مو متعود يظهره لأحد
تماسك حتى ما ينقال عنه ضعيف

سمعوا صوت باب الفيلا ينفتح، الكل توقع إنه مشعل، شافوه وهو يمر من الصالة بتجاهل تام لهم ويطلع الدرج، ماله خلق يسمع كلامهم، عارف إنهم راح يفتحوا سلسلة تحقيقات معاه، كان راح يكمل طلوع الدرج بس وقفه صوت أمها وهي تقوله بنبرتها الحادة: مـــشـــعـــل!

مشعل نطق ببرود بدون ما يلف لها: أنا حكون في غرفتي وما أبا أي إزعاج من أي أحد، سيبوني في حالي وخلاص!

سعاد بنفس نبرتها: قلي ايش تسوي في غرفتك ها؟ بدال ما تقعد تدور على بنتك المختفية سار لها يوم كامل تروح لبرنامجك؟ يعني ايش برنامجك دا أهم من بنتك، ويا ليت بس قلت شي مفيد، لاااا يا حسرتي فضحت نفسك وفضحت بنتك قدام الناس والعالم، قلي يا مشعل ايش سار!

مشعل صرخ بعصبية وهو يضرب الدرابزين بقبضته: خلاص لحد يفتح دا الموضوع قدامي، أنا داري باللي أسوي ما أحتاج أحد يعلمني!

أنهى كلامه وبعدها طلع لجناحه بخطوات غاضبة، دخل الحمام واتجه للمغسله لـ يستند عليها بيدينه، نزل رأسه وأنفاسه المتسارعة ينسمع صوتها، يحس بقهر، بنار في قلبه، ما سواها بكل سهولة.. هدده فيها فانجبر، لو يقدر كان جابه وجابها من تحت الأرض، بس ما بيده حيلة.. كل اللي يقدر يسويه انه راح ينتظر منه خبر عنها، قاله إذا تحركت خطوة برا البيت صدقني بأقتلها.. وهو أرتجف من خوفه عليها، ما صار يستهون بقوته!

صرخ بعصبية وصار يكسر كل شي في الحمام، أسوء شعور ممكن يمر فيه الإنسان هو الضعف وقلة الحيلة، لما ما يقدر ينقذ الشخص اللي يحبه، سمع صوت تنبيه من جواله فاخذه ويدينه ترتجف، يتمنى إنه أرسله شي يطمنه عنها، فتحها.. فتحها وتوسعت عيونه بصدمة، صرخ بعصبية أكبر وجنون بعد ما شاف الفيديو اللي أرسله: يــا كـــلــــب يــا حــقــيــر، يــا زبــالــه لا تـــقــرب مــنـهــا، لا تــنــجــســهــا.

ارسل كلام بعد الفيديو "ما كنت ناوي أوصل الأمور لدا الحال، بس غباء بنتك هوا اللي جبرني، والله يستر من اللي جاي"

حس بأن عالمه ينهـار ويتدمر قــدامــه بعد كلامه، رمى الجوال على الجدار حتى تتفتت أجزاءه على الأرض وكل جسمه يرجف، جلس على الأرضية الحمام المبللة بانهيار.. ذكريات الماضي تلاحقهم مثل الشبح، عدت سنين على الموضوع بس رجع انفتح من جديد لتنفتح جروحهم، غلطته.. لكن هي اللي تضررت، هي اللي بتدفع ثمن هالغلطه!

رفع رأسه للسقف وصرخ بآهــ متوجعه.. صرخ من أعماق قلبه وصورتها اللي أترسلت لجواله تدور بباله، حرق قلبه فيها وهي ما لها ذنب، طفلته.. صغيرته تعذبت وبسببه! لو يقدر يعدل الماضي كان عدله، كان تغير قدرهم، ما كانوا وصلوا لهلحال، سمع صوت سعاد الباكي وهي تطرق الباب كم مرة: مشعل حبيبي أفتح الباب الله يخليك لا تسوي زي كدا لا تفجعنا فيك حبيبي أفتح الباب.

ثبت عيونه المتلألأه بالدموع على الباب ونظرته فارغة.. تايهة، متجاهل صرخاتها وبكائها وكانه ما يسمعها، نزلت دمعة من طرف عينه وذكرى أليمة مرت بباله، توجعه لدرجة انه يفكر لو انه سامحها.. لو إنه غفر لها خيانتها ومشى وراء قلبه وحبه لها.. لو إنه داس على كرامته ورجولته، كانت حياته راح تتغير، ما كان صار اللي صار اليوم، ما كان منهار، ما كانت بنته بين يدين رجل الرحمة منزوعة من قلبه، ما كانت دينيز ميته!

بعيونه الدامعة تلفت حوالينه.. شاف شي حاد مرمي بجنبه قزاز انكسر لما بدا يكسر الحمام.. فكره مجنونه جات بباله، مسكه وقربه من معصم يده، يا ترى يسويها؟ ينتحر؟ هل بيقدر يتحمل وجع الموت؟ ولا روحه راح تطلع بكل سهولة؟!
ما فكر كثير بـ هالأمور، كل اللي أستحوذ تفكيره إنه يموت وخلاص، يموت لـ يرتاح من الوجع اللي يحس فيه!
** ** ** ** **


مشى بخطوات متعبة وهو يحاول يسرع بس الألم المحتل جسمه من ضربهم منعه، دارت عيونه بترقب حوالين المكان ولما حس بالأمان خرج من جيبه السكينة الحادة والجيب الثاني داسس فيه المسدس!

دخل للغرفة اللي فيها تغريد، انفطر قلبه وهو يشوف الدموع تنزل وراء بعض على خدها ومن نبرتها الباكية وهي تنطق أسمه: فــ..ــارس!

اتجه ناحيتها وبسكينته فك قيد يدها وهي رفعتها لوجهه تتحسس الجروح اللي فيه، وسألته بوجع: هـ.ـوا ســوالـ..ـك كــ.ـدا؟

حرك رأسه بالنفي: رجالو!

مسحت دموعها وبصوت مبحوح: كيف قدرت تخرج وتجيب السكينة؟

جاوبها وهو مشغول بفك قيد رجولها: نفس داكا الرجال ساعدني وأداني هيا، قالي انو أمير جالو اتصال وخرج من المبنى وبعدها خلى الرجال الباقيين يتشتتوا وأشغلهم عننا عشان نقدر نشرد..، أبتعد عنها براحة لما فكها ومد يده لها: يلا يا تغريد خلينا نشرد من هنا قبل لا يجوا!

قامت ومدت يدها لـ يده لتمسكها، خرجوا من الغرفة وهم يركضوا، كل خلية بـ جسمهم تألمهم بس بيضغطوا على نفسهم، يضغطوا على نفسهم لـ يخرجوا من هالمبنى وينتهي كابوسهم، أسوء يوم لهم قضوه هنا، سرعوا بخطواتهم لما شافوا الرجال يصرخوا باسمهم ويلحقوهم، شد على يدها أكثر وصرخ: تغريد شوفي الدرج داك.

مشوا ناحية الدرج وصاروا ينزلوه بكل سرعتهم، عتبات كثيرة.. ما هي راضية تخلص وكأنها تعاندهم، وفجأه تغريد تعثرت باحداهم فتأوهت بألم

فارس رجع لها وصار يحاول يساعدها على الوقوف وهي تضغط على نفسها أكثر، كل اللي في بالها إنها تخرج من هنا معاه مهما كلفها، والرجال ما زالوا يلحقوهم وبيسمعوا أصواتهم العالية بس بعيدين شوي وهذا شي خلاهم يتطمنوا شوي، كملوا خطواتهم وفارس كان يحاول ما يسرع عشان تغريد، شافوا بوابة البناية، حسوا بالأمل.. طالعوا في بعض وابتسموا.. أخيرا راح يخرجوا، بس صار الشيء الغير متوقع، فجأة طلع بوجههم أمير وهو رافع السلاح وينطق بسخرية: ها حبايبي فين رايحين؟

تغريد بقهر صرخت بوجهه: خلاص سيبنا.. ايش تبابنا كمان؟ ما كفاك اللي سويتو؟

أمير: انتي انكتمي، أوكي خلصت اللي أبغاه منكم، بس مو يعني إنكم تشردوا! أنا وقت ما يجي ببال أسيبكم كنت حسيبكم، أما حركات الشردة دي ما تنفع معايا..، وهو يوجه كلامه لفارس: أديني هيا.

فارس شد على يد تغريد ومن بين أسنانه: تــحـــلــم.

شوي شوي بدأوا رجاله يجوا ليكونوا محاوطينهم، كانوا منتظرين.. ساكنين حتى أمرهم أمير فـ وجههوا أسلحتهم ناحيته وقال: أديني هيا بالطيب يا فارس، ما نبا نشوف دم!

تغريد خافت عليه: فارس خلاص خليني أروحلو.

طالع فيها بنظرة حادة: ولا يجي في بالك!

ما قدرت تخاطر بيه فتركت يده واتجهت لـ أمير بس وقفها صوته الحاد، الفتت له ووقفت بصدمة لما شافته رافع السلاح بوجه أمير، وقفت وصارت وسطهم.. ما بينهم، بين أمير وفارس!

فارس رفع السلاح وصرخ: تــغـــريـــد وقـــفـــي!


رفعت عيونها له ونطقت وهي لساتها تحت تأثير الصدمة: فارس انتا تعرف كيف تستعملو؟

وهو يفتح زر الأمان: لا ما أعرف، بس عشان ما تروحيلو حأجازف ولو قدرت حقتلو!

تغريد صرخت برجاء: فارس الله يخليك نزل السلاح.. لا تسير قاتل، ما يستاهل توسخ يدك بدمو!

بدت يده ترتجف من شدة غضبه، يحس عالمهم انهار وبسببه، يبا يقتله لينتقم منه، ينتقم لأنه أذى البنت اللي يحبها، ينتقم على صحته اللي سلبها منه، طالع فيها لما تكلمت ونبرة البكى بانت في صوتها: فارس لو كنت تحبني حتنزل المسدس!

فارس ودموعه تلمع بعيونه: أحبك أكتر من أي شي في دي الدنيا، بس دا يستحق القتل صدقيني.

نقل عيونه ما بينهم، ابتسم لنفسه بسخرية على حالهم، مصدقين نفسهم بـ زيادة، مانه خايف من السلاح الموجه له من فارس، لأن عنده رجاله يقدروا يحموه وهو ما راح تتاذى منه شعرة، حب يستغل وضعهم وانشغالهم ببعض، فاقترب ناحية تغريد بهدوء فسحبها له، سحبها وهي شهقت، حط فوهة السلاح على رأسها وابتسم بخبث لما شاف ملامحه اللي تبدلت للصدمة والقهر: نزل سلاحك يا قيس زمانك واسمع كلام حبيبتك.. ولا تراها حتموت.

تجمدت برعب وهي تحس بفوهة المسدس على رأسها، غمضت عيونها.. في أي لحظة ممكن يطلق عليها وتموت!

فارس تجنن لما سحبها فصرخ بحرقة: سيبها يا كلللب سيبها ولا تأذيها.

أمير: نزل سلاحك ولا والله اقتلها بدون ما يرف ليا جفن.

حس بالعجز من كلامه، يعرف إنه راح يسويها.. لأنه ما عنده ضمير وقلبه أسود، راح يقتلها وبعدها راح ينحرم منها طوال عمره، نزل يده المرتجفة ورمى سلاحه حتى صار تحت رجول أمير: يلا سيبها!

أمير طالع المسدس ومن ثم رجع نظره له: أنا ما أدري ليش انتا متعلق فيها وتحبها لدي الدرجة.. حتى بعد ما عرفت إنها بنت زنا برضك تحبها؟ بالله كيف تتزوجها؟ عادي عندك تسمع الناس يقولو متزوج دي اللي أبوها فضحها قدام العالم؟ أساسا أتحدى أزا أهل أبوك وافقوا عليها، ازا امك بس عشانها مو من نفس العيلة قاموا أتبروا من أبوك لفترة فكيف لو أنتا اتزوجت دي؟

فارس بقهر من كلامه عنها: انتا اششلك؟ شكيتلك همي؟ أحد قالك اني متضايق منها! انتا سيبها وخلاص!

أمير: خلاص حسيبها.. بس تدري ايش؟ وهو يوجه السلاح ناحيته: انتا اللي ما حسيبك!

قبل ما يستوعبوا اللي في باله، انطلقت رصاصتين من مسدسه لتستقر واحدة منهم على كتفه والثانية على صدره، أرخى قبضته اللي كانت على تغريد وكمل بكل برود وهو ينفخ على فوهة مسدسه: مع الأسف أنا لازم أقتلك، عشان ما تكون شاهد ضدي وتمسكني الشرطة!

توسعت عيونها بصدمة لما شافته يختل توازنه ويطيح على الأرض، صرخت بفزع وكأنها توها تستوعب إنه أطلق عليه: فـــــــــــــآآآرس!

تركها وهي ركضت ناحيته، نزل وأخذ مسدسه وصار يشوف انهيارها وبكائها بتشفي ما تأثر لأنه مو أول مرة يقتل!

نزلت لمستواه وهي تصيح بحرقة، دموعها تنزل وراء بعض لتحرق خدودها، صرخت باسمه ما تباه يموت، تشهق بوجع.. تحس بطعنات تنغرس بقلبها وهي تشوفه بهالحالة والدم ينزل بغزاره من الأماكن المصابة، حاولت ترفع رأسه الثقيل لتحطه بحضنه، تشوفه يتنفس بس أنفاسه ضيقة، روحه لساته موجوده بس كل جسمه بدا يصير بارد وكأنه بلا روح، عيونه مغرقة بالدمووع اللي اوجعت قلبها زياده، تكلمت بصوت متحشرج وفكها يهتز: فارس.. فارس لا تموت، الله يخليك لا تموت، أنا جرحتك كتير ولساتني ما عوضتك، فارس أنا كنت دايما أقول إني ما أشوفك كحبيب، بس أنا كنت أعشقك.. ما قلتها ليك بدري بس والله أحبك، آسفه.. آسفه، سامحني.

حس بدموعها تطيح على وجهه، انعصر قلبه أكثر وتوجع فوق وجع جسده، خلاص ما بقى له في هالدنيا غير دقايق وبعدها يموت، يموت في حضن اللي يحبها وهي تعترف له، هاللحظة تسوى كل حياته، تسوى الـ23 سنة اللي عاشها، رفع عيونه لها ونطق بصعوبة: قوليلهم يسامحوني!

تدمرت وهي تسمع صوته المنهك، رفعت رأسها وصارت تبكي بكل صوتها بانهيار تام، سمعته يعيد جملته وبعدها حست بانتفاضة جسده، هالانتفاضة المرعبة أعلنت للكل إن روحه ما عادت بجسده، حطت يدها على فمها وهي تكتم شهقاتها، يعني خلاص هو مات؟ مات قبل ما يخرجوا من هالبناية المشؤومة؟ مات بين يدينها؟ كيف يا ترى تقدر تعيش بعد كذا؟ نزلت عيونها لأمير، هو سبب موته.. قتله بدم بارد، قتله من دون ما يرف له جفن، كيف قدر يسويها؟ زحفت للوراء ووجهت كلامها له: أقـــتـــلــــنــــي! قامت على حيلها وصرخت بحرقة لما حست بصمته: اقــولــك أقــتــلــنــي انــتـــا مـــا تـــســـمــع؟ مـــا تــفــهــم؟ قربت منه وهي تشده من قميصه وصارت تهزه: أقــــتـــلـــنـــي.. أقــــتـــلـــنـــي.. أقــــتـــلـــنـــي! وهي ترجع تبكي بانهيار: أقتلني زي ما قتلتو يا أمير!

طالع فيها بنظره غريبه: تبي تموتي؟

تغريد بتأكيد: أبا أموت! مسكت يده وحطت فوهة المسدس جهة قلبها، كملت ودموعها تلمع بعيونها: أبا أموت لأني ما أقدر أعيش بعد كدا في دي الدنيا، مات فارس، وما أقدر اروح عند بابا.. أكيد متفشل مني، عماتي وعمّاني وجدتي أكيد كارهيني بعد ما سمعوا ايش قال بابا عني..، جمدت نظراتها بطريقة غريبة وكملت وهي تشدد على يده: أقتلني وكمل جميلك، عشان أرتاح من الدنيا.. وعشان بابا يرتاح من همي!


**


نهاية الفصل السابع عشر والأخير من الجزء الأول .

ويتبع بالخاتمة



bluemay 03-04-18 01:47 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

مبااااااارك ختام الرواية بجزءها الاول ..

وبعتذر منك ع التأخير ، بسبب انشغالي بهالفترة..


بإنتظار عودتك بالجزء التاني ..


*تم تثبيت الرواية*


تقبّلي خالص ودي

fadi azar 18-06-18 10:43 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
رواية رائعة جدا

شقى الماضي 29-08-18 03:12 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
الـــخــاتــــمــــة



في عام 2000 ميلادي، تركيا- اسطنبول..

في فناء المسجد البارد توجد طفلة صغيرة في مهدها، من الساعة الثالثة فجرا حتى الآن وصوت بكائها لم يهدأ، تحتاج من يحتويها ويدفئها بعد ترك أمها لها، قرب وقت الصلاة وإمام المسجد الكبير في السن جاء لـ يأذن ويقيم الصلاة، خطى نحوها متعجب من وجودها هنا، أي قلب يستحمل تركها وسط هذا البرد، حملها في حضنه وهو يحاول أن يهدئ من بكائها ولكنها لم تهدأ، لمس خدها واتلسع من حرارتها، نطق بصوت مذعور وقلبه يؤلمه عليها: حسبنا الله ونعم الوكيل حسبنا الله ونعم الوكيل.

من فجعته ما حس بنفسه، ما عرف كيف وصل لطوارئ المستشفى يصرخ بأنهم ينقذوها، بكائها المتواصل والعالي.. حرارتها العالية فجعت الطبيب اللي عاينها

الطبيب: ما الذي حصل؟

رفع رأسه له وجسمه يرتجف بألم وخوف على هالطفلة الصغيرة: لا أعلم، لقد وجدتها في فناء المسجد هكذا وأسرعت إليكم.

كان هذا آخر شي قاله للطبيب وبعدها دخل للغرفه ليفحصها، مرر يده على جبينه المبتل من التوتر ومسحه، مرت ربع ساعة.. مرت نصف ساعة ولدحين الطبيب ما خرج، دعى بداخله إنها تكون بخير.. ووعد نفسه إنه راح يربيها، ربنا ما رزقه بأولاد يبروه ولعلها هي تكون خير له بعد هالعمر

خرج الطبيب وهو توجه ناحيته واللهفة وضحت بوجهه: ماذا حدث؟

الطبيب تكلم وملامح الألم والأسى سكنت وجهه: مع الأسف لم نستطع إنقاذ الطفلة، البقاء لرأسك عمي.

كان كلام الطبيب وكأنها سهام تنغرس بقلبه، حياة طفلة صغيرة انتهت، ما كان لها ذنب، ذنبها الوحيد إنها كانت لعائلة ما تملك أدنى رحمة، غطى عيونه ولف بظهره ليخفي دموعه، تأثر بموتها وهو ما يعرفها، أصعب موقف مر بحياته

ودينيز كملت حياتها بدون ما تدري إنها قتلت بنتها.. قتلت بنتها وحرمت توأمها من أجمل معاني الإحساس والأخوة، ولكن ذنبها صار يلاحقها في كل مكان، ما توفقت بحياتها.. انطردت من البيت اللي كانت تعيش فيه وأهلها ما رضوا يسامحوها، ودت بنتها دار الايتام مجبورة وصارت تايهة بالشوارع تبحث عن لقمة عيشها، ليـن ما طاحت في إحدى الكازينوهات وصارت وحدة من بنات الليل!

وبعد ما تعدلت حياتها شوي وصار عندها شقة محترمة وأخذت بنتها من الدار لترجعها أحضانها، توقعت إنه حياتها وأخيرا زانت وصارت حلوة، حتى اكتشفت إنها حامل بعدها ما تحملت وقررت الانتحار وتركت بنتها الثانية تعاني بعدها!

ذنب وراء ذنب والنتيجة نهاية تعيسة لها، طفلتين عانوا كثير بسبب تفكيرها الغير سليم، وماهي المذنبة الوحيدة.. مشعل اشترك معاها بالذنب لما تركها بالوسط بعد ما غلط معاها!
** ** ** ** **


في الوقت الحالي 2018 ميلادي

في تلك البناية المشؤومة
رجاله يحيطونهم ولم يبدوا أي انفعال
فهذا المشهد المأساوي متكرر لهم
جثة مرتمية لشاب صارع الموت
وفتاة شابة تريد اللحاق به
تثبت يده الممسكة بالسلاح على صدرها
وعيناها تحثه على ضغط الزناد حتى ينهي حياتها
تلاحظ جموده ونظراته الثاقبة..
صمته المريب يخيفها لتصرخ: اطلق وريحني! ايش تستنى يا أمير؟ ايش اللي تبا توصلّو؟ اطلق وريحني.. لا تجنني!

أمير: أريحك؟ تتوقعي إني أباكي ترتاحي؟ جت بتنطق بس هو ما خلا لها مجل وكمل بسرعه: اذا تبي تموتي راح تموتي، بس ابدا مو بدي السهولة.. ما حتموتي بطلقة وحدة في قلبك وبس.. فيه كلام لازم أقولك هوا قبل ما أقتلك بالطريقة اللي أباها!

كلامه جننها، ايش يبي يسوي فيها أكثر من كذا؟ مو كفاية انه أخذ روح الروح؟ ما يكفيه؟ هي ايش سوت له، في ايش اذته حتى يوجعها لهدرجة، حاولت تلملم نفسها وشتاتها لأنه واضح اللي بيقوله راح يصدمها، نطقت بصوت مبحوح: قول اللي تقولو، بعد ما قتلتو قدام عيني، ما سار يهمني شي.

تقولها وعيونها مليانه دموع، أنهارت على موت فارس وترجته يقتلها، والحين تحاول تثبت قوتها وصمودها حتى في آخر لحظات حياتها، بس بكلامه بيرجع كل انهيارها وكل قوتها بتتبخر: في أول مرة شفتك رجعت البيت وعلى طول أمرت واحد من رجالي يبحث عن كل شي يخصك وطلبت ادق التفاصيل عنك، ولما جات أوراقك أكتر شي اثار استغرابي هوا اسمك مو منسوب لمشعل ومكان ولادتك تركيا، بحثت وبحثت عنك أكتر واتعمقت فيكِ وفي مشعل، حتى انصدم انو ما اتزوج غير وحده وهيا فرح.

تغريد هنا لما نطق اسمها ارتجف من الخوف، وعلى طول جاء ببالها موقفها معاها في المستشفى ربطت خوفها وتهربها منها بسببه: ايش سويتلها!

أمير: داك الوقت لسا ما سويتلها شي بس طبعا ما وقفت عندها بديت رحلة بحث تانيه ووصلت لها في النهاية، اشتغلت في المدينة وفي شقة لحالها عندها سواق يوصلها للدوام ويرجعها وفي الويكيند تروح لأهلها، نجي للمهم دحين، كلمتها وسالتها عنك وعن مشعل، ما أتكلمت.. هددتها كم مرة بس حلفت انها ما تنطق بحرف عنكم، طبعا أنا عشان ما أشغل بالي قررت أني بنفسي اروح لتركيا أشوف ايش هرجتك انتي وابوكِ، وعرفتها بعد ما وصلت لصحبة أمك المقربة وقالتلي كل شي، بدون تردد.

تغريد ما بين خوفها من كلامه وكيف يقدر يطلع أي شيء يبغاه نطقت بسخرية ما قدرت تخفيها: انتا ليش قد كدا مهتم فيا، تعبت نفسك وبحثت وسافرت بس عشان تعرف ليش اسمي مو منسوب لبابا؟ قد كدا كنت شاغلة بالك؟

امير بنفس سخريتها: ما كنتي شاغلة بالي كتر ما كنت ابا أعرف هل تستحقي تعيشي ولا ما تستحقي..، طالع فيها بتحدي: وطلعتي ما تستحقي.. لانك بنت زنا.. وأشكالك ما يستحقوا يعيشوا، ودامك طلعتي في وجهي أنا ما حرحمك!

هالكلام أثار أعصابها، صرخت بحرقة ودفته: انتا واشكالك اللي ما يستحقوا يعيشوا، حرام عليك كلمة انسان، يا قاتل يا مغتصب، الله ينتقم منك..، وبحرقة أكبر: الله ينتقم منك!

رفع يده كدلالة لإستسلام ساخر: اوه صراحه انجرحت لما ناديتيني بدي الالقاب!

تغريد جسمها صار ينتفض بغضب، تلفظه عليها حسسها بإهانة كبيرة، وما تقدر ترد كرامتها المهدورة بوجود كل هذولا الرجال المعدومين الرحمة، شافته يقرب منها وخبث كبير بوجهه وهو يقول: اصبري اسمعي كلامي لا تثوري كدا بسرعه.

دفعته مره ثانية وثالثة وهي تصرخ: ما عاد فيا صبر يا أمير، اقتلني وخليني أرتاح.

مسك يدينها وكبلها بقوة يمنعها من ضربه: اصبري ما وصلنا للشي اللي اباه لين دحين، رجعت السعودية ولقيت انو فرح تبا توصلكم باي طريقة عشان تقولكم عني وانا عشان اريح راسي منها تدري ايش سويتلها؟

ما ردت عليه.. بس عيونها رجعت تمتلي بالدموع وكأنها كانت عارفة الجواب بس ما تبا تصدق أفكارها، ما تبا تعرف إنها فقدت شخص غالي عليها

ثبت عيونه بعيونها يبا يشهد انهيارها وبكائها للمرة الثانية، وبنبرة امتلت حقارة وتعدتها: قتلتها وفي شقتها، يعني مو انا اللي جيت وطلقت النار عليها بس كل شي كان بإرادتي وتخطيطي، أتعاونت مع سواقها انو يسمح لرجالي يدخلو شقتها ويقتلوها وهوا يشرد بدون ما تتلبسو أي تهمة، وفي النهاية تدري ايش سار؟ القضية اتقفلت وسارت قضية انتحار بدال قضية قتل.

رمشت كم مرة بعدم استيعاب ومن ثم نطقت بضياع.. بالم فقد جديد: ايـــش؟

ارخى قبضته على يدينها حتى يهمس: فــرح مــاتــت!

لما عاد كلمته شهقت بألم ورجولها ما عادت تشيلها، ترتجف حتى تطيح وهي تبكي بصوت مكتوم وآهات مكبوته، دحين عرفت سبب خوفها.. عرفت سبب تهربها وتشتتها، ويا ليتها ما عرفت!

نزل لمستواها، دحين أرضى حقارته، كرهه للناس اللي مثلها تعدى كل شيء، وبرضو لكرهه أسباب عاشها في صغره، رفع وجهها له وبنفس نبرته الهامسة الخبيثة: لساتك تبي تموتي؟

حركت رأسها بالايجاب ودموعها تنزل وراء بعض دون توقف، معلنة للكل عدم رغبتها بالعيش مع هذا الوجع أكثر من كذا: أقـتـلـ..ـنـي وريــحـ.ــنـــي.

أمير رجع يمسك مسدسه، فتح زر الأمان ووجه فوهته لقلبها: طيب اتشهدي قبل ما تموتي.

غمضت عيونها وهي تتمنى إنها تلاقي السلام والراحة بعد موتها

وهو جاء بيطلق إلا صوت رجولي غاضب زلزل أركان البناية منعه: أمــــــــــــــيـــــــــــــر!

تغريد قلبها فز من سمعت صوته المألوف، رفعت عيونها ناحيته حتى تقول بصوت هامس مصدوم: جــــابــــر!

نطقت اسمه وعيونها صارت تبحث عن الشخص الثاني اللي تمنته يجي وينقذها قبل ما يصير هذا كله، تمنته ينقذها قبل فوات الاوان مو دحين!

دخل وشعور الغضب يسيطر عليه ممزوج برغبة الانتقام اللي خطط لها من سنين، دخل من وراه رجاله وبسرعة فضيعه بدأوا ينتشروا بالمكان ويحاوطوا رجال أمير حتى صاروا أضعاف مضاعفه من عددهم لدرجة انهم مستحيل يقدروا يواجهونهم، صدمة أعتلت ملامح وجه أمير وهو يشوف هالشخص اللي أقتحم المكان

ما قدر يخفي ابسامته الشامتة، وبداخله مخبي له الكثير من الصدمات وهذي مجرد البداية، بدأ يقرب منهم وهو رافع سلاحه ومن ثم ينطق بحده: سيبها، لين متى وانتا تدمر حياة الناس ما كفاك اللي سويته..، صرخ بحرقة: ما كفاك اللي سويتو في أختي..، كمل وهو يسحب أزرار الامان ويوجه السلاح بوجهه: سيبها قبل ما أفرغ السلاح دا في راسك.

أمير بخبث: أنا جالس اسويلها معروف، حاجه هيا طلبتها وأنا جالس البي لها طلبها!

جابر بصوت عالي حتى يسمعه اللي برا: مـــعــــتـــــز دخــــلــــهـــا!

تغريد على هالاسم اللي وقع على مسامعها فز قلبها مرة ثانية، وكل انتباهها وتركيزها اللي كان معاهم تشتت وصار مع اللي داخل ومعه بنت يسحبها، ببهذلتها وشهقاتها اللي ملت المكان انقبض قلبها عليها

قرب معتز منهم وهي معه وملامحهم اللي كانت غير واضحه انكشفت لأمير وصدمة جديدة وأقوى تلقاها وبقهر ما قدر يخفيه: مرتي ايش تسوي عندكم يا كلاب..، وبغضب طالع معتز: وانتا يا الخسيس طلعت جاسوس عندي.

جابر باستهزاء: لا تخاف ماحنا مغتصبين ولا قاتلين، بس طلبت منك انك تسيبها وما سبتها ودحين قررنا نتعامل معاك بالطريقة اللي تفهمها..، طالع فيها بحده: اتكلمي.

نطقت بشهقات متتالية.. حاولت فيها تعدل صوتها: أمير الله يخليك سيبها، ماخدين سيف ومهدديني فيه..، كملت برجاء ودموعها زادت: سيبها ولا تضرها لانو سيف راح يتضرر!

معتز كمل عنها لما حس إنها ما تقدر تكمل من بكاها: واذا ما أتضرر راح يعرف كل بلاوي أبوه، عاد وقتها كيف حتطالع في وجهو ما أدري!

امتلى قلبه بالقهر، عرفوا نقطة ضعفه الوحيدة، ولده سيف، لو جابوا زوجته مقتولة ما أهتم كثر ما يهمه ولده ونظرته له، راح يترك تغريد، بس مو بهالسهولة، رفع نظره لجابر.. مو قبل ما يحرق روحهم باسترجاع ذكريات الماضي: طيب حسيبها، بس قبل كدا بسألك، كيف كان السجن؟ ناسبك؟ قدرت تتأقلم فيه خلال سته سنين؟

جابر جاوبه بكل ثبات وثقة: كانت تجربه أتعلمت فيها كتير، ما حسيت بعمري يروح وأنا أتعلم وأكتشف كل يوم شي جديد وانو اللي حوليا كانوا خونه، دي التجربة كشفت لي أوجه الناس وأزالت أقنعتهم، بعدها عرفت مين هوا عدوي ومين هوا صديقي.

عرف انه ما حرك فيه شعره لما طرا له هالموضوع.. قرر يمسكه من ناحية حساسه وممكن توجعه: طيب زوجتك طلعت عدوتك؟ شكلها في أول محنه واجهتها سابتك.. ويا حسرتك على حبك لها وجنونك فيها.

جابر بتحذير: أميـــر، شكلو جسمك يحكك يحتاج ضرب لين ما عاد تحس فيه صح؟

أمير لساته مصر إنه يطلع اسوأ ما فيه ويجننه، هو يعرفه ويعرف كيف يخليه يفقد أعصابه: وميار؟ طيب ميار قلي ايش سارلها؟ خطيبها معاها ولا سابها برضو؟ يا حظكم الخايب، الاخت وأخوها ما عرفوا يرتبطوا بالناس الصح ويكونوا معاهم وقت حاجتهم!

جابر يحس كل جسمه يحرقة وهو ينطق اسمها على لسانه، يدينه تحكه تبا تقتله، ياما تخيلها تحاوط رقبته وتعصرها، وغليله يشفى لما يشوفه يصارع الموت بين يدينه وبين رحمته، وقتها ما راح يرحمه، وقتها ما راح يسمح لأحد يمنعه، راح ياخذ ثأره بيده وبطريقته، بس دحين لقوا الفرصة المناسبة ليسلموه للعداله وما راح يضيعوها من بين يدهم، وجاء الوقت اللي تظهر حقيقته للناس!

جابر بصرخه: أنا ما اتحسفت ولا ندمت غير إني اتعرفت على واحد حقير زيك، ندمي إني وثقت فيك واعتبرتك واحد من أخواني، وفي النهاية تطعني بشرفي وبعرضي يا حقير..، سحب نفس عميق يحاول يهدي حاله وبعدها كمل: شوف.. اذا اتكلمت بكلمة زيادة صدقني موتك اليوم على يدي، وما أقول انك أنسان وارحمك، يلا سيبها ولا ترا بتندم وتتحسر في ولدك!

زوجته بكت أكثر وبحرقة نطقت: أمير الله يخليك لا تستفزو، لا تنسى سيف وتتهور!

تغريد كانت تتابع بصمت حوارهم الغامض جدا، حاولت تربط بين المواضيع، تحاول تعرف ايش ذنب هالمسكينة اللي مع معتز يجروها لهالمكان ويهددوها بولدها، كل اللي طلعت بيه انه أمير اغتصب هالميار اللي تشبهها وهي أخت جابر ومعتز خطيبها، طيب هي ايش موضعها بالضبط وليش في كل مرة تلاقيهم بوجهها ينقذوها!

ومعتز كان كالعادة يحاول يسيطر على انفعالاته وغضبه، يحاول يتمسك بهدوءه ولا يهجم على امير، صورتها تدور بمخيلته.. هي اللي تمنعه من كل تصرف مجنون يقوده للهلاك لما يتذكرها ويتذكر إنها بانتظاره، عكس جابر اللي بايعها.. وكل همه يأخذ بانتقامه ويسترد حقه بأي طريقة!

فجأة صوت سيارات الشرطة طغت على المكان، وللمرة الثانية هالبناية اقتحمت، دخلوا وكانوا كثيرين بـ زي الشرطة الموحد، موجهين أسلحتهم ناحية أمير ورجاله.. حتى ينطق أحدهم بصوته الجهوري: ســلــم نــفــســك.

جابر ابتسم بتلذذ وهو يشوف جميع الانفعالات على وجه أمير، صدمة.. غضب.. قهر.. شيء ما يتوقعه انه يمسكوه في مكان جريمته ورجاله شهود عليه: مفاجئه!

وعلى هالكلمة جن جنونه، صرخ بعصبيه: حاقتلها والله العظيم أقتلها وأخليها تلحق بحبيبها!

أقترب منه وشد على سلاحه وبتحذير: أمــيــر، أصحك تلمس شعره منها!

صرخ بغضب معلن انهزامه وقلة حيلته لأول مرة، بس مستحيل يروح بدون ما يترك بصمته عليهم، بحركة سريعة رفع سلاحه ناحية جابر لتنطلق رصاصة وتستقر بكتفه

تغريد شهقت بفجعه وحركته المفاجئة هذي تشبه حركته لما قتل فارس، حطت يدها على فمها وعيونها امتلت بالدموع

رجال جابر ومعتز فقدوا أعصابهم.. للحظه كانوا راح يهجموا عليه بس جابر رفع يده السليمة ناحيتهم، تعابير وجهه الجـامدة وثباته رغم الرصاصة اللي استقرت بكتفه ما يدل على انه بيتوجع بس الحقيقة إن كله يحارب الألم المسيطر عليه.. يموت ولا يظهر له ضعفه: سيبوه، من هنا مهمتنا انتهت، سلمنا واحد من المجرمين للشرطة ودحين دورهم، وبعد اللي شافوه بعيونهم، ما لهم عذر يطلعوه لنا بحقه، كل شي واضح وبشاعته واضحه!

زوجة أمير بدت تمسح دموعها المزيفة وهي تشوف الشرطة تمسك رجال أمير، وأمير معاهم يصفدوا يدينه، يسحبوه للسياره ويدخلوه غصب عنه مثل الذليل، شكله اللي ما توقعت إنها راح تشوفه، هو اللي ياما ذلل وأهان، دحين تشوفه مذلول ومهان، مشهد يبرد حرة السنين التعيسة اللي عاشتها معاه، كل اللي سوته قدامه كان مسرحية، وولدها في مكان آمن محد يقدر يمسه بسوء!

مشى جابر ناحية تغريد اللي كانت تطالع في اللي يصير بعدم استيعاب وبلا ردة فعل.. كأنها مو مصدقة، مد يده اليسرى لها حتى يساعدها على الوقوف: تعالي، دحين انتي بحمايتنا ومحد حيأذيكِ!

نقلت عيونها الدامعة ما بينه وبين جثة فارس الهامدة، حتى تقول بشفاه مرتجفه: و.. وفــ..ـــارس؟ ليه ما جيتوا قبل ما يموت؟ من بعدو ما تهمني حياتي!

ما يدري كيف لها حيل تعاتب وتأنّب بعد اللي عاشته وبالرغم من هذا نطق بهدوء غير معهود عليه بسبب شفقته عليها وعلى حالها: ليش ما تهمك؟ ابوكِ يستناكِ، لا تكوني أنانية وتنسيه، لا تطلبي الموت ولسا عندك ناس يحبوكِ!

أخيرا ولأول مرة قررت تتخلى عن عنادها، في النهاية هي في حال ما يسمح لها تعارض أو تتمرد أكثر، قامت من على الأرض بمساعدته وقبل ما تمشي التفتت وراها والقت نظرة أخيره على فارس، غمضت عيونها بألم مزق قلبها وزفرت بـ أهـ حاره تساوي حرارة جوفها، كيف راح تشوف أهله بعد كذا، كيف بتحط عينها بعين بتول.. خاله اميرة.. عمو وليد، بسببها وعشانها مات، ما راح يسامحوها.. في الأساس هي ما راح تسامح نفسها ومنظره هذا ما راح تنساه طول حياتها، فتحت عيونها وناظرت جابر وسألته: أمير منجد حيتعاقب ولا حيقدر يخرج منها!

جابر بثقه ممزوجه بتعب من جرحه: ما يقدر يخرج منها لو ايش كانت واسطتو، سمعتو حتسير في الحضيض، ولا أحد حيفكر يساعدو!

خرجوا من البناية، وكانت سيارة الإسعاف تنتظرهم، معتز كلمهم عن الجثة الموجودة بالداخل، جابر وجثة فارس دخلوا لسيارة الإسعاف ويحاولوا يوقفوا نزيف جابر من كتفه، تغريد دخلوها في أحدى السيارات اللي جو بيها مع معتز وزوجة أمير ماشيين وراء سيارة الإسعاف

جالسه في المرتبة وملامحها كساها الحزن والكآبه، ما نطقت بحرف من لما دخلت، عيونها على الطريق بتوهان وتشتت، بدت رؤيتها للأشياء تغبش، ضغطت على رأسها ورمشت عينها كم مرة تحاول تفوق، بس الالم النفسي والجسدي كان أقوى منها، أسودت الدنيا بعيونها ومال رأسها على كتف زوجة أمير اللي بجانبها!

حست بثقل رأسها على كتفها فالتفتت لها حاولت تعدل لها راسها ونطقت: تغريد، تغريد..، انفجعت لما ما لقت رد منها.. فضربت خدودها بخفه: تغريد تغريد قومي! تكلمت بـ فزع لمعتز اللي كان بجانب السائق: معتز تغريد أغمى عليها!

التفت لها وقطب حواجبه: ايش؟ ومن ثم وجه كلامه للسائق وبنفس فزعها: بسرعه يا محمد، حتى لو أتعديناهم!
** ** ** ** **


منهار على أرضية الحمام المبللة..
غير مبالي بنداء والدته باسمه..
عيناه مثبته على تلك الزجاجة الحادة بالقرب من معصم يده
وفكرة واحدة مجنونه تدور بباله
الانتحار!
وبالخارج هناك والدته
سمعت صرخته المدوية ومن ثم شعرت بصمت مهيب
صمت مريب لم يبعث الراحة لها..
ارتجفت وبدأت الوساوس تخيفها..
طرقت الباب مرة أخرى وأخذت تنادي بـ اسمه مرة أخرى بنبرة باكية: مشعل لا تسوي في نفسك حاجة، أنا كيف حعيش بدونك، طيب على الاقل لا تفكر فيا فكر في بنتك، في تغريد!

وعلى اسمها اللي سمعه وعى على نفسه، خفف من قبضته على الزجاجة وطاحت على الأرض، يناظر يده المرتجفة بعدم تصديق للخطوة المجنونة اللي كان راح يسويها، كيف كان راح يسويها ويترك تغريد لحالها ويخليها تذوق نفس هالوجع مرة ثانية.. كره نفسه واللحظة اللي استسلم فيها لضعفه، قام ووقف وهو يمرر يده على وجهه.. يأخذ نفس عميق ويرجع شعره لورا، يحاول يجمع نفسه قبل لا يخرج لامه اللي انهلكت من خوفها عليه وبداخله يستغفر ربه لعله يسامحه على فكرة الانتحار!

خرج وشعور الذنب تملكه وهو يشوف امه جالسه على السرير وتبكي، كل خوفها انه يأذي نفسه، تكلم والضيقة بانت بوجهه: أمـي.

وقفت أول ما شافته ونطقت بعتاب وهي تقترب منه: مشعل.. حرام عليك تخوفني كدا، الله يسامحك فجعتني عليك.

مسك يدينها ونطق بحنان: أنا آسف، واعتذر منك لاني رفعت صوتي عليكِ تحت.

سعاد بهدوء تحاول ما تضغط عليه: قلي يا ولدي انتا ليش سويت كدا، مو عارف بكمية الخطر اللي سويتو.

مشعل: والله داري، وانا مو مجنون حتى اقول كل دا في اللايف بدون سبب..، كمل وهو يحاول يخفي النار اللي بجوفه: هددوني بيها يا أمي، قالوا إنهم حيقتلوها اذا ما سويت اللي يبوه!

سعاد شهقت بخوف: مين دا يا مشعل، ايش مصلحتو من دا كلو!

مشعل بقهر: ما أدري ما أدري، بس متاكد انو اللي وراه شخص كبير، كبير لدرجة مركز الشرطه معتبرينني ولا شي ومنصاعين لكلامو..، كمل بحسرة: آخخ آخخ لوا ذراعي بيها!

سعاد بالم وهي تفكر بحال تغريد: يا وجعي عليكِ يا تغريد آه الله ينتقم منو الله لا يوفقو!
** ** ** ** **


مكة المكرمة..

ينتظر منها كلمة بشغف ممزوج بخوف
فإما كلماتها ستنهي زواجهما أو تحييه
سيطيعها وإن كان بعدها عذابًا له
حاوط كفيها وعيناه تحتضن عيناها بحنان
بحنان يضعفها هي..
ابعدت كفيها وشتتت نظراتها عنه
لا تريد ادنى تصرف منه يؤثر على قرارها
صمتت لفترة حتى نطقت بثبات: أحتاج فترة أفكر فيها بذهن صافي، دحين وفي دي اللحظة متأكدة اني ما حاخد القرار الصح!

عبد العزيز أقترب منها بهدوء ورجع يحاوط يدينها ويثبت عيونه بعيونها: خدي الوقت اللي تحتاجيه، ووقت ما تحسي نفسك أخدتي القرار المناسب.. كلميني.

رزان ما ردت، دقات قلبها بتزداد بعنف.. تعترف إنها تعشقه وتأثيره عليها قوي، سحرها من لما طاحت عيونها عليه.. ومتأكده إن عمرها ما راح تنفك من سحره، بس تقدر تمثل عكس اللي تحسه وبجدارة: طيب.

قرب منها أكثر وهو يعرف تأثير لمساته عليها، غمضت عيونها وحست بالدفا ينتشر بجسدها وهي تحس بشفايفه تطبع قبلة على جبينها، ابتعد عنها وابتسامة هادية انرسمت على وجهه: انتبهي على نفسك.

بالقوة منعت نفسها من الرد "وانتا كمان انتبه على نفسك" اكتفت إنها تقولها بداخلها، بعد ما خرج من الغرفة جلست على أقرب كنبة لها وكلها ضايع، بين كبريائها وعشقها له، يا ترى ايش راح تختار؟!
** ** ** ** **


جدة

انصعقت وهي تسمع الكلمة اللي خرجت من فمها، كل خوفها وفزعها عليها وعلى حالتها تبخر، موسعه عيونها على وسعها وتناظر انهيار رنين بـ صدمة، أختها الكبيرة اللي تشوفها كـ مثال للتعقل والرزانة والهدوء، تغلط هالغلط مع إنسان متخبط وغير متزن مثل فيصل؟

كل اللي كانت تسمعه صوت أفكارها لين ما طغت شهقات رنين على مسامعها حتى ترجع للواقع، أخذت نفس عميق.. تحاول ترتب كلماتها عشان لا تقول كلمة تزعلها.. غلطها كبير صح، بس بنظرها هذي أختها الكبيرة وما تقدر تزعلها: طيب ايش حتسوي؟

رنين تحس عقلها توقف عن التفكير.. تحس أنه هالمصيبة ما لها حل، جنونها حاليا مو مخليها تفكر بعقلانيه، كل اللي تفكر فيه إنها إنسانه غبية.. وثقت بالشخص الغلط.. أعطت قلبها وروحها وجسدها لشخص ما يستحقها، في الوقت اللي كانت هي صاينته وما تناظر غيرة حتى لو نظرة إعجاب كان هو يخونها.. يسحب بنت وراء بنت لسريره، ضاربها وضارب حبهم بعرض الحائط!

جود تقطع قلبها على حال أختها، مسكتها وسحبتها للسرير لتجلسها عليه، تحاول تهديها بكم كلمة لعلها توقف بكائها، بعد فترة بسيطة هدت شوي، بس ما زالت دموعها تنزل وراء بعض على خدودها، تناظر الجدار بشرود، تفكر كيف تتخلص من هالمصيبة اللي حلت عليها، فيصل يبا يطلقها.. وهي أبدا ما عندها اي مانع.. كرهته بعد الصور اللي اترسلت لها وبينت لها حقيقته.. بس اللي في بطنها؟ ايش مصيره؟ كيف بتخفي الفضيحة هذي، لازم تلقى حل سريع غير إنها تسقطه!

فجأة قامت وهي تمسح دموعها وتلتفت لجود: جود أخرجي، أبغا أنام!

جود ما قدرت تسكت فتكلمت بسخرية ممزوجه بصدمة: ايش؟ تبي تنامي؟ منجدك تقوليها يعني حصدق أنو النوم حيجيكي بعد دا كلللو؟ صارت تعدد لها باصابعها: أول شي تغريد مختفية وبعدين مشعل اتكلم كل شي لايف وكانو شي عادي ولما كنتي برا بتول كلمتني تقول إنو فارس برضو أختفى، قبل شويه ندى وبنتها ومضاربتهم ودحين انتي، كللل دي المصايب فوق راسنا تتوقعي النوم حيجيكي؟

رنين بجمود ينافي حالتها اللي قبل شوي: أنا من أمس تعبانة وما نمت كويس على فكرة، يعني لو حطيت راسي على المخدة حنام على طول!

جود رفع يدينها باستسلام: والله بكيفك، بس صراحه برود أكتر من كدا ما شفت!

رنين ما أهتمت لكلامها.. واساسا فيه فكرة ببالها ممكن تحل مشكلتها.. ومالها حيل حتى تفكر بمشاكل غيرها، يمكن أنانية ايوا بس دحين المفروض هذا اللي يصير.. ما تفكر إلا في نفسها وبس، لازم ترتاح بعد هاليوم العصيب وتنام، متأكدة إنه تنتظرها أيام أصعب من هذي بكثير!

وجود خرجت وهي متأكده إن رنين تجننت، تجننت بعد اللي سواه هالفيصل الحقير!
** ** ** ** **


لمحة من الماضي..
داخل إحدى السجون..

يمشي بممرات السجن، بجانبية الأيمن والأيسر حارسين.. يدينه مكبلة بـ الأساور الحديدة، لحيته طالت وتخللتها بعض الشعيرات البيضاء.. أعطته منظر أكبر من عمره ما كأنه شاب توه بالثلاثينات! بس فعلا شبابه اندفن هنا وسط هالجدران البالية والغرف المظلمة، اندفن بغير حق وظلم كبير تلقاه بحقه، بس ميــن يسمعه وهو ليس له حول ولا قوة؟ ماله غير الصبر وانه يقوي إيمانه بربه!

وأخيرا وصلوا المكان المقصود، شباك الزيارات اللي غاب عنه فترة طويلة! ماله أحد يزوره، من لما دخل السجن وهو منقطع عن الزيارات، فكوا يدينه ورفع عيونه للشخص اللي زاره

غضب.. غضب وجنون تملكه وهو يشوف هالعيون الخاينه.. الناكرة للجميل واللي خذلته في عز حاجته، هجم عليه وهو يغرس أصابعة بحدايد الشباك، يتمنى يخلعها حتى يبرح الشخص المتخبي وراها ضرب، صرخ بغضب وهو يهزها: انــتــا ايــش جــابــك هـــنــا؟!

بـ فزع رجع بـ عدة خطوات للوراء، اندفاعه وغضبه فجعه.. ما توقعه لأنه ما تعود عليه وهو كذا، رفع عيونه له وبصدمه من هالانسان الغريب المتغير كليًا: جابر؟!

نطق بحقد فاض من عيونه ونبرته: ايوا جابر، قلي مفجوع؟ أنفجعت مني؟

عدل وقفته ومن ثم رجع يقترب منه وعيونه مثبتها بعيونه: اتغيرت!

جابر بقلة صبر: قلي ايش جابك يا معتز ولا خليني أخرج، ما أبغا اضيع ولا لحظة معاك!

معتز سكت لفترة وهو يتأمل شكله، كيف كان وكيف صار، مو بس مظهره الخارجي اللي تغير حتى شخصيته تغيرت ولاحظ هذا الشي من عيونه، نطق بهدوء: جابر.. أنا آسف، يمكن سبتكم في أكتر وقت تحتاجوني فيه، بس ما قعدت بدون شي، سنين سارلي وأنا أبحث، أبا اعرف مين سبب تعاستنا وبؤسنا!

جابر نطق بحدة: أخرج من هنا، أخرج، مابا اسمع مبرراتك وكدبك، فينك من أول يا معتز، دخلت السجن سارلي تلاتة سنين واختي ما أدري ايش سارلها، انا هنا وهيا برا.

معتز بثقة: ميار عندي.. ما أتخليت عنها، بعد ما عرفت انك دخلت السجن وهيا سارت لحالها أخدتها عندي، وما رف ليا جفن الا لما عرفت من السبب في دا كلو!

جابر بشك: عرفت مين؟

معتز: ايوا عرفت، وبعد كم يوم حشتغل عندو.. حاتقرب منو وأسير شخص يثق فيه، وبعدين حقلب الطاولة عليه، حمسك شي ضدو وبعدها أخليه يندم على كل شي سواه!

جابر قطب حواجبه بعدم ارتياح: مـــيـــن هـــوا؟

معتز بهدوء وهو يدري انه راح يفجر قنبلة عليه: أمير لؤي الــ#####!


في الوقت الحاضر..

فتح عيونه بصعوبة.. رؤيته للأشياء ضبابية وبيحاول يستوعب هو فين

الشخص اللي بجانبه فز لما شاف عيونه ترمش عدة مرات، وقف واقترب منه وهو يقول: جابر.. الحمد لله على السلامة.

قطب حواجبه والتفت بشويش ناحية الصوت حتى ينطق بصوت مبحوح: ايش سار؟

معتز: ما سار شي، بس سووا لك عملية عشان يخرجوا الرصاصة اللي في كتفك!

جابر وهو مقطب حواجبه بالم من الوخزات اللي يحسها بكتفه: معتز زبطلي السرير أبا أشرب موية.

معتز سوا له مثل ما قاله، مد له قارورة الموية وشرب منها وبعدها سأله: ايش سار لها؟ اتصلتوا باهلها؟

معتز جاوبه وهو عارف انه يقصد تغريد ما غيرها: ايوا أتصلوا على ابوها ودحين هوا معاها!

جابر: طيب والولد؟

معتز بـ حسرة: قصدك فارس؟ أخدوه على غرفة التشريح، ولسا ما أتصلوا على أهلو.

جابر بعدها ما رد عليه، اكتفى بانه يريح ظهره ويغمض عيونه براحة شبه جزئية، نصف همه انزاح، باقي شي وحيد.. يشوف موت أمير بعيونه!


في الغرفة المجاورة..

جالسة على السرير، ساندة ظهرها عليه ويدها الموصولة بالمغذي في حضنها، مثبته عيونها على الابرة المغروسة بظاهر كفها وشعور الوحدة سيطر عليها لما فتحت عيونها وما لقت شخص تعرفه بجانبها، مجرد ممرضات موجودين لـ يعتنوا فيها

فـراغ كبير بداخلها.. وكأن روحها نزعت من جسدها بعد رؤيتها موت فارس قدامها، غمضت عيونها وهي تحاول تسترخي وتريح نفسها، وما تدري أي راحه بتلاقيها بعد اللي مرت فيه!

انفتح باب الغرفة داخل منه مشعل بلهفة بعد ما قالوا له الممرضات إنها صحيت، تقدم لها بعدة خطوات وبنبرة دافية: تــغــريـــد.

فتحت عيونها على صوته، شافته وابتسامة باهته انرسمت على شفايفها: بــــابــــا!

سرع بخطواته ناحيتها ولمها لصدره بحنان كبير وحب لها

دمعت عيونها وبدورها حاوطته وهي تسمعه يتمتم بـ: الحمد لله الحمد لله انك صحيتي.

بعد مرور فترة بسيطة وهو محتضنها ابتعد عنها شوي ومن ثم حاوط وجهها بيدينه: ها يا بنتي قوليلي انتي كيف، كويسه؟ حاسة بـ شي يوجعك؟

تغريد بهدوء: لاا الحمد لله تمام، ما أحس بشي..، مسكت كفه اللي على خدها ونزلتها: يكفي انك هنا..، كملت بغصه: لما صحيت وما لقيتك استوحشت المكان.

انفطر قلبه عليها ورجع يحاوطها لصدره وهو يقول باسف: معليش والله أنا كنت موجود قبل ما تصحي بس عرفت انو واحد من الرجال اللي جابوكِ هنا متصاوب فرحت أسال عنو وعن عمليتو كيف مرت، وأول ما قالتلي الممرضة انك صحيتي جيتك!

تغريد ما ردت عليه، اكتفت إنها تدفن نفسها في حضنه أكثر وهي تحاول تخفي دموعها..

بعد فترة سمعوا طرقات على باب الغرفة، تغريد بعدت عن مشعل وهو وقف بعد ما دخلوا شخصين بـ مظهر جدي حتى يتكلم أحدهم: الحمدلله على السلامة..، كمل وهو يمد يده ليصافح مشعل: أنا الضابط ماجد الـ#### جاي أسأل بنتك كم سؤال بخصوص مقتل فارس الـ#### كونها شاهدة على الحادثة، واللي معايا راح يكتب اللي تقوله.

مشعل: الله يسلمك بس ما تقدر تأجلها لوقت تاني؟ دوبها بنتي صحيت وما أبا شي يضغط عليها.

تغريد بهدوء: بابا.. عادي!

مشعل باعتراض: لا بس مو شايفــ…

تغريد قاطعته بجدية: حتى لو كنت بالتقط آخر أنفاسي حاتكلم واقول كل شي!

مشعل مع إصرارها هذا ما قدر يمنعها، حرك رأسه برضوخ وقال: تمام وأنا راح أكون موجود هنا.

الضابط جلس على الكرسي بمقابلها وبدأ يوجه لها الاسئلة، وهي تجاوبه بادق التفاصيل ورجائها الوحيد إن أمير يأخذ أشد العقاب، والرجل الثاني اللي معه يسجل اللي تقوله، بعد ما انتهى قام من الكرسي ووجهه كلامه لهم: تمام، كدا خلصنا واشكركم على تعاونكم، دحين نستأذنكم.

تغريد تكلمت قبل ما يخرج: حضرة الضابط.

…: نعم.

تغريد بتردد: دحين أمير حياخد عقابو؟ حتثبت عليه الجريمة؟

…: حاليا ما أقدر أحدد لك، بس أتاكدي إن المجرم ما راح يفلت من عقابه اذا ثبتت إدانته!
** ** ** ** **


خطى المحامي إلى صالة البيت، أخذ نظرة سريعة لها، كلمة وحدة توصفها.. فخمة، بسقفها المرتفع.. تتوسطها نجفة ضخمة تنشر الضوء الأصفر في أرجاء الصالة، جدرانها تتخللها بعض النقوش الذهبية.. جلس على الكنب بقماش فاخر بـ اللون الأبيض الناصع، حس بالتوتر يسيطر عليه، كل خوفه إن هالثراء الفاحش اللي تكوّن بعد سنين من الشقاء والعناء ينمحى!

رفع عيونه للرجل النازل من الدرج الحلزوني ويتوجه نحوه، وقف له باحترام وهو مستشعر هيبته وحضوره القوي: صباح الخير سيد لؤي، ان شاء الله تكون بخير!

لؤي رجل في نهاية الخمسينات، مظهره ما كان أقل فخامة وهيبة، ما يظهر عليه العجز أبدا، شكله كان معاكس لـ عمره رغم التجاعيد المرسومة ببعض تفاصيل وجهه، نطق بصوت رخيم وهو يجلس بالكنبة المقابلة له: إن شاء الله يكون خير، ايش دي الزيارة الغير متوقعة في دا الصباح؟

حرك رجوله بعدم ارتياح.. خايف من ردة فعله بعد ما يسمع اللي راح يقوله: ما أقدر أقول اني جايبلك أخبار تسرك!

لؤي مازالت ملامح وجهه باردة.. ما يعرف أي مصيبة واقع فيها: قول.

بلع ريقه ونطق بتوتر واضح: أمــيــر في التوقيف.

لؤي: طيب خرجوا من هناك ايش تستنى؟

المحامي: هنا المشكلة يا سيد لؤي، ما حاقدر اخرجو بكل سهولة، أو بمعنى أصح.. امكانية خروجه مستحيلة والقضية الموقوف بيها ما هي عاديه ويمكن…

انشدت ملامحه لما سكت فجأة: ايش فيه كمل؟

المحامي: راح ينسجن ويمكن ينقتل!

لؤي قطب حواجبه: انتا ايش جالس تقول؟ ليش ايش سوا دي المرا؟!

المحامي برهبه: راح أحاول اخرجو باي طريقة بس ما أوعدك.. لانو دي المره اللي سواه صعب صعب مره انه يتجاهل.

أخذ نفس يحاول يتمالك نفسه وبعدها قال: قولي ايش مسوي دا السرسري كمان، وصل لـ 30 وما عقل.


بعد فترة

انشدت ملامحه بغضب وهو يسمع كلامه، ولده رماه للهاوية بعد أفعاله.. مستحيل يتغاضوا عنها دام كل شيء صار واضح للعلن، ضرب الطاولة الخشبية اللي بيناتهم، الأشياء اللي فوقها انتفضت مثل انتفاضة جسده لـ يصرخ بعصبية: مستحيل، تدري ايش راح يسير بعد دا يا اسامة، كدا أنا اتدمرت، سمعتي شركتي فلوسي كل شي حيروح بغمضة عين.

اسامة بصوت مرتجف: أدري ادري يا سيد لؤي، وامير كان بنفس وضعك يباني اخرجو باي طريقة صدقني ححاول، للآن كلمت شخصين من معارفنا وواحد منهم بعد ما عرف ايش الهرجة بطل يساعدنا.

لؤي ضيق عيونه بحذر: والتاني ايش قال؟

اسامة: لدحين ما رد، بس متأمل انو ما بيخذلنا.

وقف من مكانه وهو يتنفس بشدة: بسرعه أبا اشوفو.. دحين دحين.

قام اسامة بدوره وحرك رأسه بالايجاب: إن شاء الله!
** ** ** ** **


واقفة عند باب الغرفة، تراقب بنتها وهي تجمع أغراضها بجمود، نطقت بنبرة بارده غير معهوده: لا تسيبي حاجة من أغراضك! خديها كلها معاكِ.

ميس سكرت سحاب شنطتها ومن ثم عدلت وقفتها بكبرياء وهي تلتفت لها بتحدي: لا تخافي أخدت كل شي يخصني ويخص عبودي كمان!

استفزتها النظرة المتحدية اللي اعتلت عيونها، بس تجاهلتها.. مصيرها بتندم.. مصيرهم بـ يرجعوا لها وما يتمنوا غيرها!

ندى: خلاص سواقكم تحت البسي عبايتك وخدي عبد الله!

شافتها تعطيها ظهرها وتخرج من الغرفة، أخذت نفس عميق ونزلت الشنطة للأرض حتى تسحبها وراءها، لين دحين مو مصدقة تصرفات أمها، طردتها لهم.. قوتها بعد أنهيارها أمس.. ثباتها وهي تشوفهم يجمعوا أغراضهم، فيه شي مو مريحها، بس برضو ما راح تترجاها تسامحها، راح تتجاهلها!
** ** ** ** **


بالمستشفى

بعد خروج الضابط مشعل واقف ومصدوم من الكلام اللي سمعه من تغريد، قالت إن أمير من فترة بـ يزعجها، يطلع لها بكل مكان ويرمي عليها كلام مو مفهوم، حكته عن اللي صار لها بالمنتجع في الهدى وإنها تعرضت لمحاولة الاختطاف واللي انقذوها هذاك الوقت هم نفسهم معتز وجابر ورجالهم وطلبوا منها تخفي أمرهم لـ سبب ما تعرفه، وأخيرا لما راحت لفارس وهي مقرره تعترف بحبها له حتى يخطفها أمير!

وتغريد تتحاشى النظر له، تدري إنه مستغرب، من متى وهي تخفي شيء عنه، من متى ولها أسرار ما يدري بها، وهي كانت ما تبا تضيق صدره على أشياء كانت بنظرها تافهه وما تسوى، بس للأسف غلطت لأنها ما خبرته عن مضايقة أمير لها!

مشعل وده يسألها ويعرف ليش اخفت عنه.. بس فضل إنه يسكت حتى لا يضغط عليها زيادة، قرب منها ببضع خطوات وانحنى حتى يقبل رأسها: بنتي أنا بخرج شويه وراجعلك تمام.

تغريد أرتاحت نوعا ما لأنه ما سألها عن شيء: حتخرج من المستشفى؟

مشعل: لا مو خارج، ما حطول أقل من نص ساعه وراجع.. عبال انتي اتمددي وارتاحي، أوكي؟

حركت رأسها بالايجاب: تمام.

بعد ما تطمن عليها خرج من الغرفة متوجهه للغرفة المجاورة، دخلها بعد ما طرق الباب عدة مرات.. وبنبرة هادية ألقى السلام: السلام عليكم.

معتز تفاجأ وهو يشوفه جاي عندهم هنا: وعليكم السلام.

مشعل وعيونه على جابر المتمدد على السرير: الحمد لله على سلامتك.

جابر: الله يسلمك

جلس على الكرسي المقابل لهم وصارت عيونه تتفحصهم بطريقة أثارت استغرابهم، ينقل عيونه مابينهم بصمت وأفكاره توديه وتجيبه وعدة أسأله تدور برأسه وأخيرا نطق: إنتوا ايش قصتكم؟

جابر قطب حواجبه: عفوا؟ ايش قصدك؟

مشعل بجدية: سؤالي واضح، أبا اعرف ايش قصتكم وايش علاقتكم بأمير وبنتي!

معتز: بيننا وبين أمير ثأر قديم، أما بنتك ما تمت لنا بأي صلة أو علاقة!

مشعل: وليش هداك اليوم في الهدى انتوا أنقذتوها وبرضو اليوم أنقذتوها من أمير!

جابر: وجودنا في الهدى كان مجرد صدفه!

مشعل بغضب: لا تحاول تكدب عليا وتقنعني إنها صدفة، مستحيل انها تكون صدفة طيب قولولي ليش طلبتوا منها ما تقول عنكم لما أنقذتوها؟

معتز تنحنح وتكلم بسرعه لـ يتدارك غضب مشعل: تمام حقولك بس ما تقاطعني أبدا!

مشعل أخذ نفس عميق يحاول يهدي نفسه: طيب أنا بسمعك.

معتز: قبل 7 سنوات كان أمير صاحب جابر.. كانت علاقتهم عادية بس مع مرور الايام صارت تقوى، حتى إنو جابر أستغرب تقرب امير منه، ما كان يدري إنه حط أخته بباله وأخته أصلا خطيبتني وكنا متملكين وقتها.

سكت شوي وهو يحاول يضبط نفسه وبعدها كمل: أمير سوا اللي بباله وأحنا ما كنا عارفين مين اللي سوا فيها كدا وما كانت تجاوبنا لأنها مرت في حالة صدمة، بعد كم شهر وجابر خلالها كان يحاول يعرف مين وصل أخته لدي الحالة بس ما فاده كل ما يقرب يتخرب كل حاجه لين ما أتدبس في النهاية في قضية مخدرات امير حطها في سيارته عشان يتخلص منه وما يقعد ينبش وراه، بعدها أنا خليت ميار تعيش عندي لأنو ما كان لها غيري لين ما اتحسنت نفسيتها وقدرت تتكلم أخير بعد الصدمة وقالت انه أمير.. عرفته لأن جابر كان يعزمه للبيت، وبعدها بديت ابحث ورى أمير ولقيت إنه شخص سيء لأبعد الحدود، سرت أشتغل عنده كأحد رجاله جاسوس وبنفس الوقت واحد من رجالي كان معايا.. عبد الاله، أمير ما كان يعرفني لانو ما قد شافني ولا انا ما كنت اعرفو، ولمدة 3 سنين وأنا أحاول أتقرب منه وأشوف ايش نقطة ضعفه.. وقبل فترة أداني اسم وحده طالب مني أبحث عن أصغر تفصيل لها.

أخذ نفس وبعدها طالع فيه بجدية: وهيا كانت بنتك، وبطلب من أمير سرت أبحث عنها وبديت أشوف فين تروح وفين تجي، وأكتر شي لفتني فيها هوا شبهها لميار، وأعتقدت إنو أمير طالب مني أبحث عنها لدا السبب، أنا ما كنت متأكد من نية أمير ناحية بنتك وايش يبغا منها بالزبط.. لأنه أساسا بعد ما جبت له كم معلومه عنها بدا يتحفظ بـ بحثه عنها لنفسه وما كان يطلب مننا أي شي، وبالصدفه سمعت من عبد الاله إنه طلب منه ومع مجموعه رجال إنهم يخطفوا تغريد في الهدى، وبكدا عشان نحميها حجزنا في نفس منتجعكم، ولما حاولوا الرجال يخطفوا تغريد منعناهم..

مشعل نطق بألم: ما أنكر فضلكم لما انقذتوها في الهدى، بس ما قدرت تعرف بخطة أمير التانية لـ محاولة خطفها.

معتز: مع الاسف أمير كان شاكك فيا وفي عبد الاله، فما قال لنا عن خططه أبدا، عبد الاله ما كان موجود وقت خطف تغريد مع فارس بس كان موجود بالبناية وهو قالي انو لازم أجي وأمير سوا اللي بباله، حاولنا نوصل للبناية بأسرع ما عندنا، أتصلنا بالشرطة ودا اللي قدرنا عليه، صحيح تأخرنا ومع الاسف خسرنا فارس وانتا ضحيت بسمعتك بس على الاقل تغريد خرجت بسلام، ويكون في علمك إنو زوجة أمير كانت في صفنا بعد ما عرفت إنها بتعاني معاه حاولت أكسبها والحمد لله قدرت.

مشعل ما عرف ايش يقول، بس جدا تأثر من قصتهم وحس بكمية المعاناة اللي سببها لهم أمير فنطق بكره: وأمير حياخد جزاءو؟

جابر وأخيرا تكلم بنفس نبرته الكارهه: حابذل كل اللي عندي ليـن ما أشوفو قدامي يموت.

مشعل وقف وهو يحط يده على كتف جابر السليمة ويشد عليها: وأنا حأكون معاكم في كل حاجة تسووها تخص أمير، وبالذات إنو قتل ولد أعز أصحابي.

معتز حرك راسه بالموافقة: لا تشيل هم وان شاء الله كلنا حنشوف موت أمير!

مشعل بعدها أستأذنهم ليخرج من الغرفة وأعتذر على اسلوبه الهجومي بالبداية ورجع أتحمد لجابر بالسلامة

جابر أرخى نفسه على السرير وتكلم بغيظ ما قدر يخفيه: كان باقي شوية ويقول انتوا السبب بخطف بنتي، مستفز!

معتز وهو يحاول يكتم ضحكته: وأنا من أول استناك تتضارب معاه، بس كويس شكلك هجدت وبطلت من جفاصتك!

جابر: مين قال اني بطلت؟ بس حاليا انا في وضع ما يسمحلي اتمشكل مع أحد، وغير كدا يعني تقدر تقول شفقان على مشعل دا.. ما أبغا أزيد عليه واتضارب معاه!

معتز ابتسم: شفقان على الابو وندمان على تعاملك مع بنته.. يا خي عجبتني أخلاقك اليوم.

جابر: يلا عاد زودتها كل شوية تذكرني باللي قلتلك عليه!

معتز عدل جلسته بجدية: لا منجد ايش كنت تحس وقتها حاط عقلك بعقلها!

جابر بعدم اهتمام: ايش اسويلك طيب، كان واضح من شكلها إنها دلوعة وحركاتها مجغة.. رسمت لها صورة خاطئة ببالي، ما كنت مقتنع بفكرة إنها مستهدفة من أمير.. قلت ايش يبغا من دي الطفلة، بس منجد الكلب دمرها ما أتوقعت يسوي كل دا فيها!

معتز زفر بعمق: الحمد لله انو اتمسك!

جابر: الحمد لله!

الصمت ساد بيناتهم لفترة حتى تكلم معتز بعد تردد: شوف بقولك شي.. بس اوعدني انك تكون هادئ!

جابر: قول ايش في؟

معتز: لما كنت في غرفة العمليات فجر اتصلت عليا!

انشدت ملامحه بجمود وهو يسمع اسمها وبنبرة بارده: ايش تبا؟

معتز: عرفت انك اتصاوبت وتبا تزورك!

قطب حواجبه ونطق بعصبية وكره ما قدر يخفيهم: دي ايش دراها بكل حاجة تسرلي؟ حتى رقمك جابتو!

معتز: والله ما أدري عنها، بس أنا ما اديتها جواب أكيد، قلت خليني اسألك أول شي.

سكت لفترة بسيطة وبعدها نطق بهدوء: اتصلبها وقولها تجي!

معتز بدهشة: حتديها فرصة تانية؟

جابر: في أحلامها، بس خليها تجي عشان تعرف قدرها عندي وإنها سارت مجرد ماضي ومستحيل أرجعها لذمتي مهما ابدت ندمها!
** ** ** ** **


فتحت باب البيت بمفاتيحها ودخل وراها عبد الله، نادت الخادمة بصوت مرتفع حتى تسمعها: مريم.. مريم تعالي.

جاءتها الخادمة: نعم مدام.

ميس: فين بابا؟ في غرفتو؟

الخادمة: بابا مو موجود في البيت، قبل شوية خرج.

ميس استغربت من عدم وجوده بالبيت مع إنها قالت له إنهم راح يجوا.. متعوده إنه يستقبلهم بكل حب: اها أوكي، طيب دحين منصور يجيب الشنط وانتي طلعيها لغرفنا.

الخادمة حركت رأسها بالإيجاب: حاضر مدام.
** ** ** ** **


مركز الشرطة..

جالس بزاوية الزنزانة النتنة اللي حطوه فيها، مغطي أنفه بطرف كمه يسد الروائح الكريهة الصادرة من الموقوفين معاه وعددهم كثير بالنسبة لمساحة الزنزانة..

دخل الشرطي ووراءه لؤي اللي ما كان أقل من ولده، اشمئز واستنكر المكان، وبداخله سب ولده اللي خلاه يدخل مثل هالأماكن!

لما لمحه أمير فز واقف بطوله وهو يتوجه لأبوه، نطق برجاء وهو يتمسك بالقضبان الحديدية: أبويا.. أكيد انتا جاي تخرجني من هنا صح..، طالع في العسكري: يلا افتحلي الباب ايش تستنى!

لؤي بغضب: قدي كدا واثق من نفسك؟ بعد كل البلاوي اللي مسويها تبا تخرج يعني؟ ما بيدي شي أسويه ليك طول عمرك في السجون حتتعفن!

أمير جن جنونه من آخر كلمة نطقها: مستحيل، أنا ما حقعد هنا أكتر من كدا، حخرج حخرج سوي اي شي وخرجني!

لؤي بنفس غضبه: أسامة قال انو أمل خروجك جدا ضعيف، فاهم ايش يعني كلامو دا؟ كل التهم موجهة عليك..، مسك ياقته وشدها بقوة: انتا كم بنت أغتصبتها، الاولى وأتزوجتها ودحين دي التانية.. أخوها وزوجها واقفين معاها ضدك، قلي مين كمان فيه وأنا ما أعرف، وبعدين أنتا اشلك ببنت مشعل تخطفها وتقتل الولد ليـش ليــــش!

أمير: قتلتو عشان أحرق قلبها!

نفض يدينه من ياقته بغضب ومن ثم رجع شعره لورا وأعصابه تلفت من هالبرود اللي فجأه نزل عليه: نكبتني حرقتني يا أمير طيب ليش دا كلو ليش دا الحقد شوف حالتك دحين بسبب أفعالك مبسوط يعني؟

أمير رفع رأسه ناحيته وبنظرة فهم مغزاها: مو أنتا اللي قلتلي من وأنا صغير انو أولاد الزنا ما يستحقوا يعيشوا؟

توسعت عيونه بصدمه من كلامه وسرعان ما رجع يمسكه من ياقته وهو يصرخ: انا قلتلك كدا يعني تقوم تحاول تقتلها وتسوي كل دا يا أمير، الله ياخدك.. الله ياخد جنونك، خليك أتعفن في السجون ولا عليا منك، وان شاء الله تاخد جزاءك وأكتر!

قال كلامه وبعدها دفعه وهو يلف حتى يخرج..

أمير تكلم بنبرة عالية حتى يسمعه: اذا انحرقت انتا حتنحرق معايا، حتخسر كل شي زي ما أنا بخسر.. خلي دا الشي في بالك.
** ** ** ** **


بالمستشفى

دخلت الممرضة بعربية الأكل حطتها على جنب وبعدها قالت: هذا طعام الغداء، دجاج وأرز مع عصير التفاح.

مشعل: شكرا.

تغريد تكلمت بعد ما خرجت الممرضة: يوه ماليا نفس آكل ما أبا.

مشعل رفع حاجبه: وأنا ما حسيبك إلا لما تخلصي الصحن كلو..، قام من كرسيه وأخذ صينية الاكل لها: يلا عدلي جلستك عشان تاكلي.

تغريد برجاء: بابا الله يخليك مابا آكل.

مشعل: مع الاسف أنا جدا مصر انك تاكلي وتخلصي صحنك، كلي وصحصحي نفسك شويا وامي والباقيين حيجوا هنا!

تغريد قطبت حواجبها: ايش؟ وليش يجوا؟

مشعل: جايين عشان يشوفوكي ليش يعني!

تغريد: ما يحتاج يجوا مو لازم، اساسا اليوم حخرج!

مشعل رفع حاجبه: اليوم حتخرجي! أنا ماحخرجك إلا لما أتاكد مية بالمية إنك بخير.

تغريد: الحمد لله ما فيا إلا العافية وما يحتاج أقعد أكتر من كدا اتصلبهم وقولهم لا تجو!

مشعل سكت لفترة يفكر وتغريد لما حست بصمته تكلمت: بابا انتا تدري انو جو المستشفيات ما أحبو ووجودي فيها يخنقني، فـ بليز سجلي خروج من هنا اليوم.

مشعل زفر وهو يرك رأسه بالإيجاب: طيب حسوي اللي تبغيه بس أول شي كلي.

تغريد: أوكي حاكل ولا يهمك!
** ** ** ** **


نزلت رنين الدرج للصالة وشافت أمها وجود وندى لابسين العبايات وتحمسين حتى يشوفوا تغريد ويتطمنوا عليها

ندى تكلمت بعد ما شافتها ما هي متجهزة مثلهم: رنين يلا ألبسي عبايتك حنروح دحين.

رنين: ما حنروح!

جود رفعت حاجبها: على كيفك هوا وليش ما نروح؟

رنين: مشعل دوبو أتصلبي وقالي لا تجو!

سعاد: وي على كيفو هوا..، كملت بسرعه وهي تعجلها: يلا احنا نروح!

رنين بجدية: ماما ترا مشعل بيتكلم من جدو قالي انو اليوم تغريد حتخرج فمالو داعي تجوها وتتعبوا نفسكم.

جود: طيب هيا بخير لدرجة انو عادي المستشفى يخرجوها؟

رنين: ايوا اعتقد وأصلا تغريد هيا تبا تخرج قرفانة من المستشفى وما تبا أحد يجيها.

ندى: طيب دحين حيجوا؟

رنين: لا في الليل.

سعاد: تمام كويس، أهم شي انها بخير حبيبتي والله انو قلبي يوجعني عليها.

جود: ماما كلنا حزنانين عليها، جد جد خفت اني ما عاد أشوفها.

ندى بابتسامة: يا حبك للتفليم.

جود: ايش اسوي والله خفت.

رنين تركتهم يكملوا كلامهم طالعه للدرج، دخلت غرفتها وهي تتوجهة للكمودينة وتفتح درجها لتطلع صور فيصل من الظرف، جلست على السرير وصارت تمرر الصور وحدة ورا الثانية.. تحفظها في عقلها وتحفر جرح بقلبها حتى يتبدل عشقها له إلى كره، أخذت نفس عميق وبعدها مسكت جولها تبحث عن رقمه وتتصل عليه، حطت السماعة في إذنها لما رد وقالت: الو….…مستغربة كيف رديت عليا بدي السرعة…..المهم عشان لا أطول بالكلام حابة أقولك بسرعه إنو لازم نتقابل…..ايوا نتقابل وبعدها نحدد ايش هوا مصيرنا…...طيب حددلي يوم تكون فيه فاضي.

قفلت السماعة بعد ما أتفقوا على يوم محدد، شدت يدها على الصور وعيونها تفيض من الحقد: حتندم يا فيصل، والله حتندم!
** ** ** ** **


بالتوقيف..

تمشي ورا الشرطي بكل ثبات، فتح الباب وتكلم بنبرة صارمة: عشرة دقايق وبس بعدها تخرجي!

حركت رأسها بالإيجاب، وكملت مشي بخطوات مترددة عكس ثباتها قبل شوي، تبا تشوفه مذلول مرة ثانية، تبا قلبها يبرد أكثر، مشيت ناحيته وشافته يناظر الجدار بسرحان تام لـ درجة إنه ما حس بوجودها إلا لما نطقت باسمه

…: أميـــر!

رفع رأسه ناحيتها وبصدمة: مهــا! انتي ايش جابك هنا.

مها بحقد: جاية أتشمت فيك طبعا..، ناظرت المكان اللي هو فيه بسخرية: بس هوا دا اللي يقدر عليه أبوك، انو ينقلك من زنزانة لزنزانة، وفي الوقت اللي تحسب انك رحت لمكان أفضل حتستوعب في النهاية إنك محبوس بين أربع جدران، كلها نفس الكآبة ونفس الوحشة!

أمير قام من الارض وعلى شفايفه ابتسامة ساخرة: دحين انتي كل دا في قلبك؟ لساتك ما أتقبلتي حياتك معايا؟

مها: دا ولا نص من اللي في قلبي! كيف تباني أتقبلك وأنا لساتني ما نسيت كيف خدعتني وأنا بنت، أوهمتني بحبك لين ما استدرجتني لشقتك، استغليت مراهقتي، وسويت اللي في بالك، وبعدها سرت تبتزني، ولما حملت منك رميتني، أهلي اتبرو مني بسببك، قلي مين غيري أكلها وأتهان؟

أمير بحدة: وانتي ما قصرتي، جيتي عند ابويا وقلتي إني أغتصبتك والحقيقة إنك سلمتي نفسك بكل رضا!

مها صرخت بقهر: ايش تتوقع مني بعد ما دمرتلي حياتي وخليتني أخسر كل شي؟ ولا تنسى انك أنتقمت في ليلة الزواج، ضربتني لين ما نزفت وسقطت الجنين!

أمير بنفس نبرته الحادة: أعيدها للمرة المليون يا مها، أولاد الزنا ما يستحقوا انهم يعيشوا، ولو أنك ولدتي دا الطفل كان أنا قتلته برضو!

مها رفعت حاجبها وقالت: انتا لين دحين متعقد من هرجة أمك يا أميــر؟ تبا تكون على نفس منهج أبوك لما قتل أمك هيا وجنينها اللي بالحراام؟ متعقد من دي الهرجة وتحط كل عقدك عليا وعلى تغريــد يا أمير! حابه أقولك انو خلآآآصـ لـ هنا وبس انتهى استبدادك، حتعفن في السجن وتغريد اللي خربت سمعتها وحاولت تقتلها حتعيـــش حياتها وانتا حتموت هنا، وولدك سيف أنساااه، عمري في حياتي ما حتشرف اني أذكرك قدامو، وبعد كدا تحـــلم تشوفه تاني في حياتك!
** ** ** ** **


تمتمت هدى بـ راحة تامة وهي تحسه مثل الهم على صدرها وانزاح: يا رب لك الحمد، الحمد والشكر لك يا الله انك رجعتلنا تغريد وهيا سالمة..، كملت وهي تطالع في ولدها بلهفة: طيب يا ولدي متى نروحلها عشان نتطمن عليها؟

عبد العزيز: لو تبي دحين أكلم كريمة تتجهز عشان نروح.

حركت هدى رأسها بابتسامة: تسوي خير يا ولدي.

عبد العزيز: أوكي رايح أكلمها.

هدى مسكته قبل لا يروح وبلين: عزيز.. ولدي، حاسة انك مو على بعضك دي اليومين، ورزان عند اهلها برضو خير إن شاء لله.

عبد العزيز ربت على يدها برفق وهو يقول: لا تشيلي همي دحين، سحابة صيف وتمر إن شاء الله.

هدى دعت لهم بصدق: الله يسعدكم يا رب ولا يخلي للمشاكل مكان بيناتكم.

عبد العزيز تنهد من قلبه وبعدها قال: آميـــن يا رب!
** ** ** ** **


في المستشفى

معتز يناظر جابر بانتقاد لـ عناده وهو يقوم من السرير ويقول: اليوم حخرج وخلاص، ما أقدر أقعد اكتر من كدا هنا!

معتز بنرفزة: طيب بكيفك سوي اللي تباه..، قام من كرسيه وكمل: أنا حستناك في السيارة لين ما تخرج.

خرج معتز من الغرفة وجابر لبس بنطلونه بعد ما خلع لبس المستشفى، سحب بلوزته ولبسها بشويش وتأوه بألم لما دخل يده المصابة بالكم، توجعه ما يقدر ينكر والمفروض إنه يرتاح بس يفضل يكون في البيت

سمع من وراه شهقة انثوية خائفة تنطق اسمه بحذر: جــابــر!

التفت لها وعرفها من صوتها، حقد جديد أشتعل بقلبه وهو يشوف ملامحها اللي ما تذكره إلا بتركها له.. حقد كبير وفي زمن آخر كان قلبه مليان عشق لها..

حست بنظراته الغريبة.. ما قدرت تفسرها، تقدمت بعدة خطوات وعيونها على كتفه المصاب: كيف يوجع مرة؟

جابر حاول يضبط نفسه لا يمسكها ويطردها من هنا، ما يبغا يعصب لين يوصل لها اللي بباله فتكلم باستغراب مصطنع: عفوا أختي.. مين انتي كيف تعرفيني؟

صــدمــة! كلامه مثل الموية الباردة انكبت عليها، انخطف لون وجهها وبتردد: جـ..ـابــر! أنا فـجـر.. كيف تنساني؟

جابر بتمثيل لـ دور طيب القلب والودود: معليش، أنا دخلت السجن لفترة، سابوني اللي أعزهم واللي أعطيتهم قيمة في حياتي، فقررت أمحيهم من قلبي وذاكرتي.. يمكن تكوني انتي منهم؟

تجمعت الدموع بعيونها، فهمته.. رسالته وصلتها، أقتربت منه وعيونها بعيونه: جابر، مستحيل إنك كرهتني، حقدت عليا ايوا ممكن وما ألومك، بس مستحيل تنسى فجرك وروحك وعمرك!

جابر: وليش مستحيل؟ أنا كمان كنت أقول مستحيل الشخص اللي أحبو يسيبني، بس فجأة وقت ضيقي.. في أسوأ أيام حياتي، ما لقيت احد حولي!

ما قدرت تستحمل أكثر، نزلت دموعها ونطقت بصوت باكي: جابر لا تقول كدا الله يخليك، انتا ما نسيتني والله تفتكرني لا تنكر..، بجراءة قربت منه ومسكت ذراعه: جابر أنا أحبــك والله العظيم أحبك وندمانه على الأيام اللي تركتك فيها، أنا سرت تعيسة من بعدك!

طالعها بازدراء من محاولتها لـ تخليه يلين بكم دمعه.. تتوقع إنه بلمسة يدها راح تحنن قلبه عليها، نفض ذراعه بقسوة وبنبرة حادة: استحي على وجهك، انتي بأي حق جاية هنا وتمسكيني ها؟ ما عندك حيا؟ قدي كدا الوقاحة وصلت فيكِ..، كمل بنظرات احتقار: أساسا أنا ايش متوقع من وحدة زيك غير كدا..، رفع سبابته بوجهها بتحذير: شوفي دي آخر مرة في حياتي أشوف وجهك طيب؟ صدقيني لو تاني مرة شفتك والله العظيم أقتلك، شوفي ترا اسويها، جنوني يسويها ويقتلك، أنا ما عندي حاجة في حياتي أخسرها، شايفة فين وصل كرهي ليكي يا ….، أعوذ بالله حتى أسمك أكره أنطقو، أكره كل شي فيكِ.

شهقت فجر مرة ثانية، وتتبعها شهقات كثيرة وهي تبكي بحرقة من كلامه، صدمة ثانية تلقتها منه، مفجوعه.. مو هذا جابر زوجها.. مو اللي عشقته وعاشت معاه أحلى سنين حياتها، حطت يدها على فمها تمنع صوت بكاها حتى لا يرتفع، هي اللي وصلته لـ هذا الانسان القاسي والحاقد لما تركته في عز حاجته لها، ودحين هو يكرهها ويتمنى موتها وعلى هذي الفكرة ماتت من الوجع ما قدرت تقعد هنا أكثر، تاكدت دحين إنها ولا شي في حياته، لفت أعطته ظهرها وخرجت من الغرفة ركض!

لما تأكد إنها خرجت.. جلس على السرير وهو يمرر يده على وجهه بتعب، الكلام اللي بقلبه من سنين، طلعه كله اليوم.. يوم مليء بالأحداث المتعبة اللي أنهكته، يكرهها.. لأنها تذكره بـ جابر القديم والغبي وطيب القلب، ما صار بـ هالشخصية الصلبة والقاسية بسهولة، اللي عاناه ما كان شوي، كان كثيــر كثيــر عليه!
** ** ** ** **


وقفت سيارة الشرطة أمام فيلا وليد حتى يخرج الشرطي منها، الحارس الخاص لفيلا وليد من لما شافه فتح له الباب بدون ما يسأله سامح له بالدخول للحديقة الفيلا، الشرطي وقف عند الباب الخشبي ودق الجرس عدة مرات حتى يفتحه أبو فارس

الشرطي: السلام عليكم.. دي فيلا وليد الـ….. صح؟

وليد حرك رأسه بالايجاب: وعليكم السلام، ايوا.. وأنا هوا.

الشرطي: امس انتا بلغت عن اختفاء ولدك، اليوم جابو جثة مشابهة لـ مواصفاتكم.. فاتفضل معانا يمكن تتعرف عليها.

وليد أرتجف قلبه من الرعب: جــــثـــة؟!

الشرطي: ايوا.

وليد بتوتر مسح وجهه: طيب ثواني وجايك.

وليد لف يطلع من الدرج وهناك صادف أميرة.. ولما شافت توتره خافت وسالته: وليد ايش فيه.

وليد وهو يحاول يكون هادئ: ما في شي ما في شي، أنا دحين حطلع ضروري وانتي استني مكالمة مني تمام؟

أميرة مسكته قبل لا يروح: وليد فين رايح كدا والله قلبي مو مطمني.

وليد: إن شاء الله ما يكون فيه إلا خير!

أميرة إن شاء الله، إن شاء الله!


بعد مرور 45 دقيقة..

بتول وأميرة جالسين بالصالة وينتظروا مكالمة من وليد على نار، ما يعرفوا ايش مخبي لهم، أميرة مو مرتاحة وبتول تحاول تفكر بايجابية!

رن جوال أميرة وبتول وقفت وأخذته لترد عليه: بــابــا أنا بتول!

انقبض قلبها لما وصلها صوته الثقيل والواضح عليه آثار البكاء: بنتي.. أديني أمك.

بتول بنبرة مرتجفه: بابا ايش فيه!

أميرة وقفت حتى تاخذ الجوال: اديني يا بنتي.

مد الجوال لها، أخذته أميرة وصارت تسمعه، تسمع صوته الباكي وهو يزف لها أسوأ خبر مر عليها في حياتها، تجمعت الدموع في عيونها وانفلت الجوال من يدها وهي تنطق بعدم تصديق: ولدي!

جلست على الكنبة بعد ما أستحلت الرجفة على جسدها، صرخت بانهيار ودموعها تنزل: فــــــــــــآآآآآآآآآآآرس!!
** ** ** ** **


مرت أيام العزاء الثلاثة..

موت فارس كان وجع كبير للكل، شاب في عمر الزهور يموت مقتول
شعور جدا صعب.. وحالة كآبه دخلوها أهله من بعدها
وليد يحاول يقوي نفسه وقلبه عشان أميرة وبتول
في النهاية ما صار لهم غيره، ما يقدر يأمنهم عند احد

مشعل طول الايام الثلاثة كان مع وليد يسانده في العزاء
ما يقدر يترك صديق عمره في أصعب أيام في حياته

تغريد منعزله عن الناس والعالم كلها..
ما قدرت تواجه أهل فارس..
تحس نفسها مذنبة
كارهه حياتها وتتمنى الموت لنفسها
جود والبقية يحاولوا يخرجوها من حزنها
بس هي رافضة انها تندمج حتى معاهم
متحسسه من الكل وتتوقعهم شفقانين عليها
بسبب اللي سمعوه من ابوها في اللايف
حاولوا يفهموها إنهم يحبوها زي ما هي
بس للأسف ما كانت تقتنع!

رزان ما تنازلت عن كبريائها للآن
وعبد العزيز ينتظر منها كلمة وحدة بس عشان ياخذها

ندى تحترق من الشوق لبنتها..
طردتها؟ ايوا..
بس الندم أكلها أكل
ما هي مرتاحه بوجودها عند أبوها بعد ما عرفت عن تستره لـ جرائم ولده
تخاف إنه يأذي أولادها وتموت من خوفها
تبا توصل لأخبارهم بس ماهي عارفة كيف!
** ** ** ** **


صباح يوم جديد..

يرن جواله باستمرار وهو يتقلب في السرير بضيقة وانزعاج منه، فتح عيونه أخيرا وبحزن تحسس الجانب الفاضي من سريره متى ناوية تحن عليه!

رن جواله مرة ثانية وهو بملل سحبه بدون ما يطالع في الرقم ورد بصوت ثقيل من النوم: الو.

وصل له صوت انثوي خافت: خالو.

عدل جلسته على سريره وهو يقطب حواجبه: ميس! دي انتي؟

ميس: ايوا أنا.

عبد العزيز: طيب اشبك تتكلمي كدا انتي فين.

ميس بـ رجاء ونبرة باكية: خالو أنا عند بابا، الله يخليك تعالي خدني أنا وعبودي من هنا، ما أبا اقعد!

عبد العزيز: طيب ميس اهدي اول شي قوليلي ايش فيه.

ميس بنفس نبرتها الباكية: ما أبا اقعد عندو، دا مجرم وولدو أخص منو، ضربني قدام عبودي، الله يخليك تعال خدني قبل ما يرجع دحين هوا مو موجود!

عبد العزيز بـ عجلة وهو يقوم من سريره: تمام تمام خلا حجيكي عبال انتو عبو نفسكم يلا!
** ** ** ** **


في إحدى الكافيهات..

جالسة أمامه بكل هدوء وروقان تتصفح المنيو

حرك رجوله بعدم صبر من تصرفاتها الباردة وقال: يلا أهرجي ايش تبي وليش جايبتني هنا!

رنين بمزاج عالي: فيصل وي صبر خليني أطلب، انتا كمان أطلب وبعد الاكل نشوف متى نحدد زواجنا على رواقة!

فيصل رفع حاجبه بسخرية: انتي من جدك تفكري بيوم زواجنا؟ هيه أصحي من أحلامك الوردية، كلها فترة وتشوفي ورقة طلاقك عندك.

رنين نزلت المنيو على الطاولة وناظرته بابتسامة خبيثة: لا انتا اللي اصحى من أوهامك، وخلي في بالك إني مو ميته عليك، دا أول شي، تاني شي أنا مجبورة أكمل معاك ونمثل للكل إننا نحب بعض ليــن بعد الزواج بفترة تطلقني!

فيصل مو فاهم ايش ببالها: ليش نمثل قدام الكل؟ خلينا نتطلق من دحين وكل واحد يشوف حال سبيله!

رنين حطت يدها على الطاولة وبحده ناظرته: فيصــل أنا حامل! تباني انفضح بين الناس؟! تباهم يقولوا حملت وهيا مملكة وبعدين طلقها؟

فيصل بسخرية وقف: عاد دا الشي يخصك ومالي علاقة فيه، أو أنك تجهضيه!

رنين قامت ووقفت قباله وباستهزاء: بكل دي البساطة يا فيصل أفندي.. أجهضو!

فيصل بثقة: بالزبط.. ومافي شي يجبرني أكمل معاكي.

رنين ضحكت بسخرية: ما في يجبرك متأكد يا فيصل؟ طلعت من الشنطة الظرف ومدته له: شوف ايش فيه هنا حيجبرك تسوي كل كلمة أقولها.

اخذ الظرف وخرج الصور اللي فيه، صار يمررها وحدة وراء الثانية ورنين مستمتعة بـ تعابير وجهه المنخطفة

رفع رأسه لها وبتوتر واضح: من فين جبتي دي الصور!

رنين: من فين جبتها دا شي ما يخصك، ومتأكدة من حقيقتها.. لا تنكر وتقول انها مفبركة.

فيصل بعصبية شقها وهو يعصرها بين يدينه وهي ضحكت: الصورة الاصلية عندي بالبيت، ودي بس نسخه طبعتها ويا كتر النسخ اللي عندي، اتخيل يا فيصل لو انك طلقتني، وانا انجبرت أسقط اللي في بطني، ياا انك حتنفضح فضيحة، وربي ما حرحمك وانشر دي الصور في كل مكان وقتها ما حتقدر تطالع في وجه أحد من الفشلة!

فيصل وجهه حمر من العصبية: تبتزيني يا حقيرة!

رنين ابتسمت: بالزبط، شايف انتا بتصرفاتك فين وصلتني؟ من رنين المجنونه فيك إلى وحدة تبتزك، سامحتك على أغلاطك كتيـــر، بس إلا الخيانه ما حسامحك فيها إلا الخيانه، وتاني مرة أعيدها، مو حبا فيك أبا اكمل معاك، كلها فترة لين بعد ولادتي ونتطلق!
** ** ** ** **


جالسه في الصالة تنتظرهم على نار، تحرك رجولها بتوتر ودموعها بعيونها.. اتصل عليها عبد العزيز دوبه، حكاها عن ميس وقلبها انحرق عليها

جلست جود بجانبها وهي تحط يدها على كتفها لتهديها: دنو حبيبتي أهدي، خلاص ما سارلهم شي ودي اهم حاجه الحمد لله.

ندى طالعت فيها بندم: حتى لو، ضربها الحقير.. وقدام عبودي.

جود بجدية: يمكن دا خير ليها، تتعلم من خطأها، وتشوف أبوها على حقيقتو!

ندى ما ردت عليها وبنفس الوقت رن جرس الفيلا فقامت على طول وهي متأكدة إنهم جو، فتحت الباب وشافت بوجهها ميس فقالت بحنية: بنتي.

ميس تجمعت الدموع بعيونها، كثير كثير ندمت بعد ما ظهرت الحقيقة وطاح قناع أبوها، رمت نفسها في حضن أمها وانفجرت بكا

تراجعت بعدة خطوات للوراء من قوة حضنها لها وعيونها متوسعه بـ صدمة، متأكدين هذي بنتها ميس؟ سمعتها تقول من بين شهقاتها سامحيني فحاوطتها لها بقوه ونزلت دموعها هي كمان!

عبد العزيز ما كان أقل منها صدمه.. وعبد الله نزلت دموعه لا شعوريا وهو يشوف أمه وأخته يبكوا ويضموا بعض لأول مرة!
** ** ** ** **


بعد مرور شهر..

تغيرت فيها حياة البعض والبعض الآخر على نفس الروتين والكآبة والحزن!

رنين وفيصل حددوا زواجهم للكل بعد أسبوعين بالتمام.. أم رنين وأم فيصل بالتاكيد تفاجؤا وفرحوا بزواجهم اللي كان من المفروض من أول يتحدد، مهند ومشعل منصدمين من قرارها.. حاولوا يقنعوها بس مثل ما تعودوا عليها عنيدة وتحبه مهما سوا فيها، والوحيدة اللي تعرف حقيقة زواجهم هي جود، تدري إنه زواج مؤقت لين ولادة رنين وبعدها كل واحد يشوف حياته، وما وافق فيصل إلا بعد تهديدات رنين المتكررة بنشر صوره الخليعة!

ندى وميس.. أكثر شخصين سعيدين وسط تعاسة وحزن اللي حولهم، ندى مبسوطة وهي تشوف بنتها ترجع لها.. تحبها.. تحترمها.. تستشيرها بأبسط الأشياء، في كل يوم تجيها وتعتذر لها عن أغلاطها اللي كانت تسويها، ما كانت تعاتبها.. بالعكس تبغا تنسى هذيك الأيام والذكريات السيئة لـ ترسخ ذكريات جديدة وجميلة مع بنتها.. وعبد الله بعد ما كان غير مستقر.. ماهو عارف يصف مع مين، وأخيرا استقرت نفسيته بتهادي النفوس ورجوع الوضع لطبيعته

الحال في بيت وليد نفس ما هو ما تغير، الكآبة تسيطر عليهم، وطريقة موت فارس ما زالت تؤلمهم، وأحدهم يكن الكره لشخص آخر ويظنه سبب موته!

تغريد.. ما زالت منعزلة رغم المحاولات المتكررة من أبوها واللي حولها لإخراجها من وحدتها وحزنها، بس هي ما بتسمح لهم يساعدوها.. ومبعدة الكل عنها وحاطة مسافة بين كل اللي يحبوها، وجود أكثر وحدة مصرة إنها تساعدها وما تخليها تغرق في حزنها اكثر وما استسلمت للحين!

أمير.. بعد ما ثبت عليه انه قاتل فارس مع وجود الادلة والشهود، حكم عليه بالاعدام!
واخيرًا بعد ظلمه لـ العديد من الناس وتدمير حياتهم ونفسياتهم أخذ العقاب اللي يستحقه وأكثر!
** ** ** ** **


بالفيلا تحديدا بالمطبخ..

ميس وندى في المطبخ.. جالسين يعبوا بعض الاغراض البسيطة ليحطوها بالصالة وبنفس الوقت بيسولفوا ومبسوطين بالهروج: جود مسويتلنا فعاليات عازمة بتول وتبا تخلي تغريد تنزل معانا، أهنيها على اصرارها.

ندى: كويس على الأقل تخرجها من عزلتها شوية يا بنتي والله حالها مو عاجبني!

كملوا هروجهم بمواضيع مختلفة وبمزح وضحك، في هالوقت دخلت جود للمطبخ، وهي تناظر ميس بـ عدم اقتناع بتغيرها

ميس حست بنظراتها والتفتت لها: جود ايش فيه؟

جود: ما في شي بس جيت أقول ترا قدرت أقنع تغريد تنزل وعاد الهدف يا جماعه نخليها تضحك معانا كمان.

ميس ابتسمت بصدق: منجد نزلت؟ كـويــس، بروح أجلس معاها لا تقعد كدا لحالها.

جود باندفاع تكلمت: لالا وي الله يستر عليكي تبي تجيبيلها الكآبة أكتر، خلاص أنا أروحلها.

ندى باستغراب: وي جود، يعني ايش حتسوي خليها تروح.

ميس تدري إن جود لساتها ما تثق فيها وما تقدر تلومها.. نطقت وهي تقول بإصرار: انتي ما تعرفيني يا جود، أنا حطيت في بالي اني أتغير واتغيرت للأحسن الحمد لله، ومن دحين اقولك حطيت ببالي إنو أنا اللي حضحك تغريد وحتشوفي.

جود: اوكي يلا نشوف ايش علينا!

وندى ابتسمت بعد كلام بنتها وهي تدعي ان ربنا يحفظها ويخليها لها

كلهم راحوا الصالة بوجه بشوش مبتسم، ندى فتحت التلفزيون وجلست بالكنبة.. جود حطت التسالي والقهوة والشاي فوق الطاولة.. ميس جلست بجانب تغريد وكلمتها وهي تفتح جوالها على أحد المقاطع: شوفي تغريد بوريكي فديو لواحد حق مقالب يموووت ضحك، حرفيا حتموتي من الضحك.. يتصل على ناس ما يعرفهم ويستهبل عليهم، اسمو عبودي باد.

تغريد بـ نبرة باردة نطقت: مابا اتفرج ماليا نفس.

ميس باصرار: وي هوا كل شي ما تبغيه.. يلا اتفرجي معايا ما حتخسري شي.

حركت عيونها بـ ملل وقالت: طيب وريني، إن شاء الله ما يكون سامج بس.

في نفس الوقت دق جرس البيت، جود وقفت بحماس بعد ما كانت مندمجة بـ حوارهم وقالت: اوه شكلها بتول جات، يلا أنا رايحه أفتحلها الباب.

فتحت الباب لـ بتول وبعد ما دخلت أخذت منها العباية وعلقتها، فجأة سمعوا صوت ضحك عالي صادر من الصالة قطبت حواجبها بتول: وي مين دي؟

جود: معقولة تغريد؟ كملت بابتسامة: والله وسوتها ميس ماهي هينة!


في الصالة..

وعلى قولة ميس ماتت من الضحك!
في البداية ما كانت مركزة وتفكيرها بعيد ومشتت
بس لفتتها صرخته الفجائية وسط كلامه مع الطرف الثاني
انشدت للمقلب اللي بعده مع شخص آخر وهو ينعم صوته مثل البنات
مو لايق عليه وشكله يضحك!

كلامه الغريب والمضحك.. ردود الناس وردوده القاتلة.. تعابير وجهه، ما قدرت تمسك نفسها، بدأت بابتسامة صغيرة ومن ثم ضحكة خفيفة حتى انفجرت ضحك لين ما وجهها حمر وعضلاتها بدأت توجعها، ضحكت بقوة وكأنها ما قد ضحكت

ميس مبسوطة مبسوطة لأنها قدرت تخليها تضحك، وندى لا شعوريا دمعت وهي تشوف مود تغريد أتغير تمامًا وبداخلها تدعي إنها دايما تكون مبسوطة وتضحك!

في هاللحظة دخلت جود وبعدها بتول اللي في البداية ما كانت مهتمة لما سمعت صوت ضحكتها، بس شكلها المبسوط هنا قهرها، ليه هي بتكمل حياتها وما كأن فارس مات!

مشيت بـ خطوات واسعه ناحيتهم والحقد أعمى عيونها، سحبت الجوال من يد ميس وصرخت بقهر وسط نظرات الكل المصدومة: انــتــي الــمــفــروض تتعاقبي حال داك الحيوان، انــتــي كــيـف قادرة تكملي حياتك وفارس مـــاات بسببك هــاه، بينما أحنا ميتين من الوجع في بيتنا انـتـي جــالــســة تــضــحــكــي!

ضحكتها الرنانة والعذبة اللي كانوا مبسوطين بيها أختفت لـ تحل مكانها رجفة سيطرت على شفاتها وعيونها غرقت بدموعها لما طـرت فـارس، اسم حبيب القلب!

تغريد بـ صوت مرتجف جاوبتها: بــتـ..ـول!

بتول بـ نفس صرختها: لا تنطقي اسمي، تدري إني أكرهك، انتي سبب حزننا، وياما كنتي سبب حزن فآرس، دايما كنتي تكسري قلبو دايما.. كنتي تحبي تعذبيــه، وانتي سبب موتو، يا ريتك لو متي معاه يا ريت!

فركت يدينها بتوتر وبنبرة ملاها الضعف: لا تقولي كدا.. أنا كمان أحب فارس، وامير هوا هددو، هوا دمرلنا حياتنا وعذبنا، هوا قتلو وحياخد جزاءو لا تلوميني أنا مالي ذنب!

بتول بكره: طيب اذا تحبيه ليــش ما جيتي عزاااه؟ ما وقفتي معانا ولا سويتي الواجب، اصلا انتي كدااابه وتحاولي تثيري شفقة اللي حولك بس..، رجعت توجه لها أصابع الاتهام: انتي كمان قدتي أخويا للهلاك، استغليتيه وهوا ضحى نفسو عشانك، بس انتي مـا تستااهلي، انتي اللي السبب في كل اللي سآآآر!

تغريد ما قدرت تستحمل قسوة كلامها، حطت ادينها على أذونها وانهارت بكى وهي تحرك رأسها بالنفي.. تنكر كل أتهامات بتول الموجعة، شهقاتها بتزيد وتعلى أكثر وأكثر وصورة فارس وهو غارق بدمائه رجعت تدور ببالها..

ميس بكت بالم على حال تغريد وبداخلها كره لأميــر وهي تدعي عليه من كل قلبها، اقتربت من تغريد تضمها وتحاول تهديها!

ندى انحرق قلبها على تغريد فنطقت بحدة موجهة كلامها لبتول: اســكــتــي يا بتول ولا حاقطعلك لسانك الطويل دا، ما تشوفي حالة البنت وانتي تزيديها كانها ناقصتك!

بتول: طيب واحنا؟ شفتي حالتنا؟ صرخت بحرقة: أخــويـــا أنــقــتــل أخــويــا الوحيـــد مـــات وما عــاد حــشــوفــوا، مــات فــي عــز شــبابـو بـسـبـبـهـا!

ندى صرخت بانفعال: انــكــتــمــي يـا بـتـول، بــس بــس على الاقــل أحترمــي انـك فــي بـيـتـنا..، طالعت في بنتها وكملت: ميس خدي تغريد وطلعيها لغرفتها يلا.

جود انقهرت وهي تشوف تغريد بهالحالة، أول مرة تشوفها بـ هالضعف، ما قدرت ترد على بتول ولا دافعت عن نفسها، أكتفت بالبكاء، من متى وهي كذا؟ من متى والضعف احدى صفاتها؟ فين أعتزازها بنفسها.. فين ثقتها وقوتها، ما تشوف إلا شخصية مهزوزة ومكسورة، وفوق كذا هذي ما تراعيها!

تسارعت أنفاسها بحقــد تكلمت وصدرها يعلى وينزل من القهر: انتي ما عندك ولا ذرة رحمة في قلبك؟ تشوفيها كدا وتتكلمي بسخافة قدامها؟ ناظرتها بحدة وبكل جدية نطقت: اخرجي من هنا يا بتول، بــــــــرا!

بتول: تطرديني يا جود؟

جود: ايوا أطردك وأطردك كمان، يلا خدي عبايتك واخرجي من هنا لا عاد أشوف وجهك، اذا انتي تلومي تغريد على حاجة مالها ذنب فيه فاخرجي من هنا واعتبري صداقتنا انتهت..، كملت بصرخة: يلا انقلعي!

بتول نطقت وهي تحاول تمسك دموعها: حخرج من هنا وكلكم حتندموا!
** ** ** ** **


مكة المكرمة

جالسة بسريرها وماسكة ورقة التحليل بيدها، تقرأ المكتوب فيها للمرة الخامسة بعدم تصديق: سهى بليز قولي اللي بقراه من جد ولا لا.

حركت عيونها بملل: للمرة المليون أقولك، صح اللي تقريه صح..، كملت بابتسامة: وبعدين تعالي تعالي، المفروض دحين طيراان تتصلي بزوجك تقوليلو انك حامل يا رزان.

رزان بتشتت: بس…

سهى بحدة: أقولك بلا بس بلا كلام فاضي، يعني ايش حتسوي، ما حتقولي للرجال المسكين؟ ويلا سارت عندك حجة عشان تتصليبو وياخدك، أول كنتي يعنني متحججه بكبريائك!

رزان بتردد: يعني تقولي اتصل؟

سهى: لساتك تسألي! ايوا اتصلي، صراحة أنا دحين شكيت مين الاخت الكبيرة فينا!

رزان مسكت الجوال وضغطت على رقمه لتتصل عليه، عيونها على الجوال وقلبها يدق بسرعه.. اشتاقت لسماع صوته جدًا، بعد فترة بسيطة جاوبها: الــــو.

أخذت نفس عميق تهدي فيه حالها وردت: أهلين عبد العزيز، كيفك؟

عبد العزيز رد بنبرة بارده: الحمد لله على كل حال.

قعدوا فترة ساكتين عبد العزيز ما سأل فيه عن حالها وهو ماخذ على خاطره منها
ورزان ما هي عارفة من فين تبدأ وايش تقوله بالزبط

عبد العزيز واخيرا نطق: يعني حتقعدي كدا ساكتة وما حتقولي ليش اتصلتي؟

رزان بدون مقدمات: عزيز.. أنا حامل، تعال خدني!

عبد العزيز بعد ما كان منسدح عدل جلسته من كلمتها وبصدمه: ايـــش؟

رزان بلعت ريقها وبتوتر: حامل..

عبد العزيز بسخرية: يعني لو ما كنتي حامل ما كنتي حتتصلي فيا؟

رزان باندفاع: لا والله، عزيز أنا أحبك، وكنت حتصلبك قبل كدا بس كنت متردده، ما كنت أعرف ايش حاقولك.

عبد العزيز بنبرة معاتبه: يعني كان لازم تعذبيني كل دي الفترة عشان تتصلي؟

رزان: أنا آسفة عبد العزيز، تعال خدني.. وحشتني مرة!

زفر براحة وهو يقول بابتسامة واسعه: طيب مسافة الطريق واجيكِ!
** ** ** ** **


في الليل..

يتقلب على سريره بعدم ارتياح واللي صار اليوم لـ تغريد مضايقه حيــل، حكته ندى وبكت وهي توصف حالة تغريد الموجوعة، كلمه وليد واعتذر له بشدة عن تصرف بنته، جلس على طرف السرير وهو يمرر يده على شعره ويشده بألم، يالله بنته في أي وجع وأي حالة جالسة تمر بيها والمشكلة ما هي راضية تعطيه فرصة لـ يحسنها!

نزل من جناحه متوجهة لغرفتها وما لقاها، على طول جاء بباله إنها راحت في مكانها المعتاد لما تتضايق، نزل للدور الأرضي وخرج للحديقة الخلفية، ومثل ما توقع كانت هناك، تجلس على الدرج وفي العادة تسرح ببالها وهي تعبث بالتراب، بس هالمرة سمع شهقاتها الخافتة وهي تحاول تكتمها بيدها

نطق بنبرة لينة وقلبه يألمه عليها: تــغــريــد!

التفتت له ووجهها غرقان بدموعها ولساتها تشهق بوجع، وقفت وهو مشى ناحيتها بسرعه وحاوطها له بقوة وهي ضمته، ومن بين شهقاتها نطقت بصوت مذبوح: بابا أنا تــعـ..ـبــانــه.. تــعــبـ..ـانــه.

انفطر قلبه من كلمتها فمسح على شعرها وهو يكمل بحنية: يا عمري انتي، قولي ايش يوجعك، قولي مين وجعك عشان اوجعه.

بعدته عنها ودموعها تنزل أكثر.. تتكلم ويدينها تتحرك في الهواء بانفعال: في الأساس أنا اللي بوجعكم، أنا عبئ عليك دارية بدا الشي، اسمعك وانتا تشكي لجدتي عني انك شايل همي، تقول إني ما سرت زي أول، ما اضحك، ما اقعد معاكم، ما اتكلم، بابا أنا ما أقدر اسير زي أول، حاولت اتجاوز الموضوع ما قدرت، ما انسى شكل فارس وهوا ميت قدامي، شكل أمير الحقير وهوا يقولي كيف قتل ماما فرح..، كملت وهي تشهق بوجع: ديك الليلة راسخه ببالي وماني قادرة أنساها، حرقلي قلبي.. قتل فارس قدامي وقتل كل أحلامي معاه، دمرلي حياتي.. خلاها ســوده بعيني..، غطت وجهها بيدينها وانهارت على الأرض ببكا: آآآآههـ يا ريت لو قتلني داك اليوم، يا ريتني مــت وارتحت من دا العــذآآآب بدل ما أنا بمــوت في اليوم ألف مرا!

نزل لمستواها ودموعه نزلت معاها، رجع يحاوطها بقوه وصوت آهاتها وشهقاتها تمزق قلبه لـ أشلاء عديدة!


بعد فترة..

وأخيرا هديت وقدر يطلعها لـ غرفتها، غمضت عيونها بعد جهد كبير وراحت لـ نومة عميقة، غطاها كويس وهو يمسح على شعرها بحنان، باس جبينها بعمق وبداخله يوعد نفسه إنه يبعد عن كل شيء يوجعها، انهيارها هذا ما جاء إلا بعد تهجم بتول عليها، لازم يبتعدوا، لازم يعالجها ويشفي جروحها وللأبد يقفلوا ماضيهم حتى يعيشوا بسعادة!
** ** ** ** **


صباح يوم جديد..

متمدده على السرير ووجهها مقابل وجهه، رأسها مريحته بنفس مخدته وشعرها بالجهة الثانية، قريبة منه حيل وما يفصلهم شي، مررت يدها على وجهه وعيونها تتأمل أدق تفاصيله الوسيمة، اشتاقت له حيــل وما توقعت إن حبها له وصل لـ درجة كبيرة، تعذبت ببعده وتدري إنها عذبته، في كل مرة كانت تبا تتصل بيه وتقوله أبغاك تتراجع بسبب كبريائها، عقلها وقلبها كانوا في حرب لمدة شهر كامل، وأول ما عرفت بحملها.. أتصلت به لـ تقوله رجعني.. ماخذه من حملها حجه!

رن جواله للمرة الرابعة.. زران ابتسمت وهي تشوف ملامحة تحولت من الاسترخاء للانزعاج وبصوت هادي تكلمت: يلا رد عليه، أخوك كم مرة أتصل عليك واضح انو فيه شي مهم.

عبد العزيز بملل: مشعل يحب يأذيني، ودامو اتصل في دا الوقت يعني ناوي يكرفني وأنا حتى أصباع واحد ماني قادر أحرك.

رزان: يلا معليش رد عليه ما يسير تسيبو كدا.

ابتعد عنها وهو يتأفف، جلس على السرير وسحب جواله ورد وهو واصل حده: هــااا ايش في؟

جاء له صوته الحاد والجدي: ايش هـااا؟ في أحد يرد كدا؟ وكمان من أول بتصل عليك ليش ما ترد؟

عبد العزيز بنرفزة: أول شي شوف الساعة كم، دوبها تسعه، ايش تبغابي في دا الوقت؟

مشعل ببرود: ايوا داري، المهم جهز نفسك وتعال البيت أحتاجك.

عبد العزيز بصوت منخفض وهو يرص على أسنانه: ايش تقول تباني أجيك دحين! يعني قلتلك أمس الحمد لله رجعت الموية لمجاريها واني حكون مشغول دي الفترة، لازم تخرب عليا؟

مشعل: ما نسيت يا عبد العزيز ما نسيت، بس في موضوع حتكلم فيه وانتا لازم تكون موجود!

عبد العزيز: طيب قول اللي تباه هنا!

مشعل باصرار: تعال البيت وحتعرف!

أنهى كلامه وبعدها قفل السماعة بوجهه
** ** ** ** **


في الفيلا.. تحديدا في الصالة

مشعل في هالصباح جامع الكل هنا عدا تغريد فبعد الليلة المتعبة غرقت في النوم.. وموصي جود ورنين انهم يتحجبوا بما أنه عبد العزيز راح يجي

ندى باستغراب: طيب ما حتقول ليش مجمعنا هنا؟

مشعل بهدوء: اصبري خلي عبد العزيز يجي!

جود وهي تتثاوب: ومتى إن شاء الله ناوي يجي، أنا نعست مو متعوده أصحى في دا الوقت!

مشعل بجدية: اصبري يا جود!

رنين: والله لا تلومها، اذا انا نفسي أعرف ليش مجمعنا كدا، آخر مرة سويتها صدمتنا وقلت إنو تغريد حتدرس في تركيا، دي المرة أيش؟

مشعل ما جاوبها، وبنفس الوقت دق جرس الفيلا لتفتح الخادمة الباب ويدخل منها عبد العزيز وهو يقول: السلام عليكم.

الكل رد السلام بأصوات مختلفة، عبد العزيز أستغرب وما كان داري بانه مجمع الكل، جلس بجانب مشعل بالرغم من استغرابه لكنه ساكت لأنه ملاحظ تعابير وجه مشعل فيها شي غريب، والكل ساكت يترقب موضوع مشعل اللي راح يقوله بما أن عبد العزيز جاء

مشعل: الكل يدري أمس ايش سار لتغريد والاغلب شاف بعيونه كيف كانت ضعيفة ومكسورة قدام بتول وهيا تتهمها، أنا عن نفسي ما أقدر ألوم بتول، في النهاية دا أخوها وفقدتو بابشع طريقة…

جود باندفاع: ليش ما تلومها حتى لو، مو من حقها كدا تتهجم على تغريد.. تحسب انو هيا الوحيدة اللي بتعاني!

مشعل بجدية: طيب وعشان كدا انا مجمعكم اليوم، تغريد نفسيتها تعبانه والناس عمرهم ما حيراعوها لأنهم ما عاشوا اللي عاشته ولا يدروا ايش هيا شافت، فـ حيضلوا يلوموها وهيا تصدق وتتعب أكتر!

عبد العزيز: يعني تقول اذا امس بتول بكره غيرها!

مشعل: بالزبط.

سعاد حزينة جدا على حال حفيدتها وما بيدها شي تسويه: طيب والحل.

مشعل مرر نظره عليهم وبعد فترة صمت: الحل اني آخد نفسي وبنتي برا، في مكان محد يقدر يلومها، وتبدأ تعيش تاني بنفسية أفضل!

ندى: يعني تشوف دا حل مناسب؟ طيب تتوقع تتحسن وهيا في بلد مو بلدها مع احساسها بالغربه؟

مشعل: مين قال إنو غربه؟ حنسافر لـ تركيا وتركيا ما تعتبر بلدة غريبة لـ تغريد، بالعكس عاشت فيها طفولتها وأمها من هناك.

جود بحزن: والله حفقدها!

سعاد وهي تحارب دموعها: وأنا بفقدكم الاتنين، بس اللي تشوفو يا ولدي الانسب لها سويه، دامك تعرفها وأنتا أقرب شخص ليها.

مشعل بحنان: ليش بتتكلموا وكاننا مو راجعين، ترا حنجيكم في كل فرصة نشوفها!

رنين رأيها برأي مشعل فتكلمت بمرح وهي تحاول تغير جوهم: شوف أنا موافقه خلاص، بس يا ويلك لو تحجز قبل زواجي وما تحضروه!

مشعل ابتسم: الا وي مستحيل ما نحضر زواجك وننبسطلك..، طالع في عبد العزيز وكمل: وانتا ما سمعنا رأيك في الموضوع!*

عبد العزيز: اللي تشوفو صح يا مشعل تسويه وأنا حأيدك وما حكون ضدك.. بس المستشفى؟!

مشعل: وانا عشان المستشفى قلتلك تعال..، تكلم بجدية يخالطها الثقة فيه: المستشفى أماانه في رقبتك يا عبد العزيز، من بعدي هيا ليك وانتا مديرها.

عبد العزيز ابتسم رغم خوفه من المسؤولية الكبيرة اللي عليه: أبشر وما حتشوف مستشفاك الا أحسن مستشفى في جدة!

مشعل بابتسامة: خلاص سارت حقتك من دي اللحظة يا عبد العزيز!
** ** ** ** **


بعد مرور عدة أشهر..

واقف بزاوية بعيد عن هالحشود المتجمعين لـ يشهدوا على اعدامه
وهو بابتسامة منتصرة ينتظره ينقتل..
خلاص كذا يقدر يكمل حياته بسلام
صح خسر كثيــر أشياء حتى وصل لـ هذا اليوم*
بس في نفس الوقت اتعلم وأخذ درسه
ما كان لازم يثق في أي شخص
زفر براحة تامة ورضا كبير
كل شي رجع بمكانه..
أمير راح يموت..
أخته ميار سعيدة في حياتها مع معتز
كان مستعد يفني بحياته بس عشان يشوف هاليوم
والحمد لله جاء..
ايش يبا من الدنيا أكثر من كذا؟
أمممم باقي هو يتزوج؟
لاااا مستحيــل
خلاص شال هالفكرة من راسه
مكتفي بـ تجربته مع فجر ومانه مستعد يخوض تجربة ثانية
على الأقل حاليًا!
** ** ** ** **


في المطار الملك عبد العزيز الدولي، صالة الانتظار..

مشعل ماشي ناحية الكراسي وبيده سندويشين، جلس بجانب تغريد ومد لها وحدة منهم: خدي وكليها.. اليوم ما شفت أكلتي حاجة.

تغريد عبست بوجهها: لا مابا.

مشعل بجدية: أقولك خديها، لو استمريتي على دا الحال صدقيني حتختفي من النحف، وبعدين تعالي، فيه شي مضايقك من لما خرجنا، في البيت كنتي متحمسة ودحين ليش طافية؟ زعلانه؟ تبينا نقعد وما نسافر؟

تغريد: لا وي بابا ما في شي زي كدا، بس جالسة أفكر!

مشعل: طيب قولي في ايش بتفكري ومخليكي كدا زعلانه.

تغريد تنهدت بضيقة: بفكر في بتول، حزت بخاطري إنها ما جات وودعتني، كانت تطالع فينا من بلكونه فارس واحنا بنخرج الشنط، ولما لمحتها دخلت على طول..، كملت بأسى: يعني هيا حتفضل طول عمرها زعلانه مني وتلومني على موت فارس؟

ارتخت ملامحه شوي براحة.. توقع فيه حاجة أكبر من كذا، حاوط كتوفها وقربها له: لا تفكري فيها كتير يا قلبي وتضايقي نفسك، في النهاية دي صحبتك من صغرك.. ومستحيل حتقعد طول عمرها زعلانه، صدقيني حتلين مع الايام.. لما تشوفك جاية هنا في الإجازات، قلبها حيحن، وترجعوا زي أول وأكتر إن شاء الله.

طالعت فيه: يعني كدا برأيك؟

مشعل بحنان: أيوا حبيبتي، ولا تفكري فيها كتير، حاليا انتي أهم شي فكري بنفسك، بصحتك، بدراستك ومستقبلك ولا يشغل بالك غيرهم.

ريحت رأسها على كتفه وزفرت بعمق وهي تتمتم: إن شاء الله!
** ** ** ** **


بعد مرور عدة سنوات..

تركيا.. اسطنبول

جالس وسط الحضور.. ينتظرهم ينادوا باسمها، كلها ثواني وصدح أسمها في القاعة وهم يكرموها بمناسبة التخرج مع مرتبة الشرف

لما نادوها.. مشيت بكل ثقة وابتسامه جميلة مرسومة على شفايفها، أخيرا قدرت تحقق حلمها وبكل جدارة بعد دراسة لـ سنوات، انسلخت من شخصيتها القديمة وبكل قوة رجعت لتثبت نفسها قدام الجميع، قدرت تتجاوز كل الصعوبات والعقبات أولا بفضل الله وثانيًا أبوها اللي كان أكبر داعم لها، لمحته جالس فابتسمت له ولوحت له بيدها، وهو رد لها ابتسامة دافية وفخورة فيها حتى يتمتم لـ نفسه: الحمد لله إني شفت دا اليوم يا بنتي الحمد لله.


بعد انتهاء الحفل..

انفتحت الكميرا الامامية لتظهر صورتهم لهم، متصلين عليهم صوت وصورة باحدى التطبيقات وبابتسامة واسعه تغريد نطقت: هـــــاي!

وردت سعاد كالعادة على هالكلمة: يا بنت الواحد يقول السلام عليكم أول شي!

بابتسامة عبيطة قالت: السلام عليكم.

جود ضحكت عليها: يا لطيف بالله دا شكل وحدة متخرجه من قانون وحتشتغل محامية.

مشعل رد عليها بفخر: ايوا واحسن محامية كمان.

تغريد بدلع: واااه أحلى واحد يدافع عني قدام الغيورة!

رنين: هههههههه والله تضحكوا بمناقراتكم الهبلة دي، المهم تغريد مبروك التخرج حبيبتي شفناكي على رابط البث المباشر للحفلة، طالعه تجنني.

سعاد: ايوا مبروك والله احنا فخورين فيكي رفعتي راسنا الله يسعدك.

تغريد ابتسمت بامتنان: الله يبارك فيكم يا رب، ايوا ماني شايفة عمة ندى بيناتكم فينها!

ميس: والله هيا في دوامها دحين، سارت مترجمة لدكتورة بريطانيه في المستشفى.. بس لا تخافي وصيتها تشوف حفلتك من الرابط..، كملت بضحكة خفيفة: وتلاقيها بكيت لما شافتك تتكرمي.. هههه تعرفي ماما مرهفة إحساس.

ضحكت بخفة: ههههههه الله يسعدكم يا رب..، اممم يا حلوين يلا خلاص أنا حقفل دحين ولا تنسوا توصلوا سلامي لعمة ندى.

رنين: اوكي يلا مع السلامة.

قفلت المكالمة والتفتت لأبوها المنشغل بجواله: بابا يلا نمشي.

مشعل قرب منها وهو يوريها صورة بجواله: شوفي شوفي الكياته دي.

تغريد شافت صورة لـ طفلة بعمر الثلاث سنوات: واااه يا قلبي مين دي الحلوة.

مشعل بابتسامة: بنت معتز وميار، تعرفي إني لساتي بتواصل معاهم واليوم أرسلي صورة بنتو.

تغريد بابتسامة: يناااسو الله يحفظها ليهم ويسعدهم في حياتهم!

مشعل: آميــن يارب.. وكمان دوبي سألتو عن جابر، قالي لساتو على حاله ما يبا يتزوج وشايل دي الفكرة مرة من راسو.

تغريد ما علقت على كلامه ومن بعيد لمحوا رجل طويل بملامح وسيمة يتقدم نحوهم، اقترب منهم بابتسامة ودوده وبيده شايل كيس، تكلم ببحة مميزة بـ لغته التركية: أهلا تغريد، جئت حتى ابارك لك بمناسبة تخرجك وحصولك على مرتبة الشرف.

ردت له الابتسامة: شكرا.

كمل وهو يمد لها الكيس: وهذه الهدية اتفقنا أنا والأصدقاء على شراءها لك، اتمنى أن تعجبك.

تغريد أخذت الكيس وهي ترد بخجل وامتنان: لماذا كلفتم على انفسكم، حقا لم يكن داعي لـ هذا.

مشعل كان منصت لـ حوارهم بـ صمت وهو ملاحظ بشيء غريب فيهم وقرر يتكلم: تغريد، لم تعرفيني على صديقك هذا، لأول مرة أراه!

توه بس ينتبه لـ وجود أبوها.. ما كان مركز إلا فيها وبأبسط تفاصيلها.. تدارك وضعه ورد عليه وهو يمد يده لـ يصافحه: أحم أنا مراد …… ادرس في نفس صف تغريد.

مشعل صافحه وهو يشد على يده وعيونه تتفحصه: تشرفت بك، أنا والد تغريد.

مراد رد بـ توتر لما حس بنظراته: وأنا أيضا تشرفت بك..، كمل بسرعه: آآآ اذا أنا مضطر للذهاب الآن.. إلى اللقاء.

ودعته وبداخلها تتمناه ما يروح وعيونها تتبعه لحد ما أختفى ظله، ضجيج مسويته دقات قلبها وما هي عارفة السبب.. هل لأنها بس شافته وغرقت بخضار عيونه؟ معقولة وجوده حولها صار يأثر فيها؟

مشعل رفع حاجبه على حالتها: تغريــد، شكلو فيه أشياء لازم تحكيني عنها اليوم في البيت!

تغريد ببراءة: ليش ايش في؟

مشعل: وتسأليني؟ انتي المفروض تقوليلي ايش فيه!

تغريد ما قدرت ترد عليه إلا بابتسامة منحرجة، وبخاطرها تقول:
أنا بس معجبه فيه.. مو اكتر من كدا
وأصلا أنا ما أعرف ايش مشاعرو ناحيتي..
يمكن ما يعتبرني إلا زميلتو في الدراسة!

وفي نفس الوقت اترسلت رسالة على جوالها، وجهها حمر بإحراج وهي تشوف محتواها المرسل من صديقتها المقربة

"الهدية من مراد لك، لم تكن مننا جميعا كما قال، بل هو سألني قبل فترة عن ما هو أكثر شيء يعجبك كهدية، كما قلت لكِ يا صديقتي، هذا الرجل عاشق لك بصمت لكنك لا تنصتي إلي!”

مشعل ما قدر يمسك ضحكته: يا بنت اشبو وجهك كدا؟

رفعت رأسها عن الجوال وناظرته: هاه؟ احم احم بابا ايش رأيك نتكلم في البيت دحين.

مشعل بابتسامة: طيب يلا.

مشت بمحاذاة أبوها وهو حاوط كتوفها
حطت رأسها على كتفه بدلال معتادة عليه
وتفكيرها محصور بـ مراد صاحب العيون الخضراء
اللي يوترها بوجوده وكل شيء فيه يجذبها
يا ترى هي تحبه؟
هل راح تحب مرة ثانية؟
تقدر تسويها وتنسى حبها لفارس؟
زفرت بخفة وخطر ببالها مقولة لمحمود درويش:
الحب الأول لا يموت..
بل يأتي الحب الحقيقي ليدفنه حيًا!


الــنــــهـــــايـــــة
تمت بحمد الله



لكل بداية نهاية
وهيا دي نهاية روايتي الاولى
ان شاء الله عجبتكم ونالت رضاكم
حاولت قدر الامكان اني اختصر وبنفس الوقت ادي كل شخصية حقها
وان شاء الله ربنا وفقني في دا الشي
للامانه كان نفسي اطول الرواية اكتر بس انا اعرفني جدا بطيئه بالكتابه وآخد وقت عشان اخلص الفصل الواحد
ممكن دحين حكون ملتزمه معاكم بالمواعيد بس متاكده انو اول ما تبدأ الدوامات ما راح افضى
فعشان كدا قررت اختم الروايه دحين وان شاء الله القادم اجمل
.
.
اشكر لكل اللي تابعوني وسابوا ولو تعليق واحد على روايتي
ربما كان تعليقها في وسط احباطي اكبر داعم ودافع لي
وطبعا اكبر شكر لبنت عمي رغد هاشم هيا اكتر وحده شجعتني في كتابة الروايه قبل ما انزلها ويمكن لو ما كانت هيا موجوده ما كنت حاقدر اكمل روايتي💗
.
.
آخر شي.. اتمنى انكم تدوني انتقاداتكم وافكاركم ومشاعركم اتجاه الرواية وشخصياتها.. بليز لا تحرموني منها، كلامكم هوا اكبر دافع ليا ويخليني استمر
.
.
اي احد يبغا يتواصل معايا او حاب يوصلي مشاعره عن روايتي دا حسابي في انستقرام حياكم فيه كلكم
rw.kenn
واذا ما طلع لكم الحساب او اللي ما عندها عضويه في المنتدى تدخل في رابط صراحة انا حأقرا تعليقاتكم واحد واحد باذن الله ❤❤
https://kennaznov.sarahah.com/
.
.
أحبكم.. كناز ✨

bluemay 31-08-18 07:36 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،

بعتذر عن التأخير
و بحب اقلك
مبارك ختام الرواية


*تم التثبيت*

اشواق الديحاني 23-10-18 10:25 PM

رد: نامي فقد حل الظلام نامي ولاتنسي لقائي في المنام إن الوصال محرم والحلم ليس به حرام
 
تجنن الرواية
في احداث قطعت قلبي


الساعة الآن 05:23 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية