منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله من وحي قلم الاعضاء (https://www.liilas.com/vb3/f498/)
-   -   رواية "ظلال الماضى" (https://www.liilas.com/vb3/t204846.html)

بسمه ااسيد 28-07-17 10:39 AM

رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا
بسمه السيد
بكتب اول رواية ليا حاليا
---
الرواية بعنوان "ظلال الماضى"
وهى اول جزء فى سلسلة "بين دموعى وابتسامتى"
هى رواية دراما اجتماعية رومانسية فيها مزيج بين حاضر و ماضى الشخصيات اللى اثر على مستقبلهم..
كوكتيل اتمنى انه يسعدكم
بقلمى "بسمه السيد"
----
انا محتاجة الناس يقرأولى ويقيمونى اول باول، عشان أحسن أسلوبى وأوصل لمستوى ينال الاعجاب
---
مواعيد نزولها 3مرات اسبوعيا (الأحد-الثلاثاء- الخميس)
---
أتمنى دعمكم
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 29-07-17 11:15 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
حياتنا عبارة عن سلسلة حواديت شوية فرح على شوية حزن..
احيانا بتكون حواديت عادية..
ميلاد دراسة كفاح جواز ذرية وتتختم بالنهاية..
واحيانا بتكون حواديت صعبة.. حواديت بتغير جوانا كتير..
حواديت ممكن تكسرنا.. وحواديت ممكن تبنينا من جديد..
حواديت ممكن تخلى الواحد فينا جانى او مجنى عليه..
او تخلق ناجى بيكافح عشان يعيش..
---------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى

بسمه ااسيد 29-07-17 11:17 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
المقدمة
**الحلقة 1: حساب قديم
الزمان: فجر احد أيام يناير الباردة 2010
المكان: أحد غرف العناية المركزة لواحدة من أكبر المستشفيات الخاصة بالعاصمة القاهرة
تجلس سيدة ثلاثينية شابة ذات شعر بنى مموج منسدل حتى منتصف ظهرها.. صاحبة عينان عسليتان ملامحها رقيقة بيضاء ابرزته بلمسات خفيفة من مستحضرات التجميل.. تجلس على كرسى جلدى صغير مجاور لسرير عجوز سبعينى قابع على سرير العناية متصل بالكثير من الاجهزة التى لم تتوقف لحظة عن صريرها المزعج..
تتحدث السيدة ذات الحلة الكلاسيكية الفاخرة داكنة اللون بصوت هامس للعجوز الذى كان يتردد صدى تنفسه بصعوبة شديدة وهو يحاول النظر اليها والاستماع لكلماتها بحرص شديد وكأنها اخر كلمات يتمنى سماعها بحياته.. فهذه مقابلة من نوع خاص جاءت متأخرة بعض الشئ.. جاءت متأخرة بنحو ثلاثون عاما..
لو مكنتش انت اذتنى مكنش هو اذانى.. مهو العيب مش عليه.. انا كنت سهلة.. وحيدة.. ملييش حد يحمينى..
استكملت حديثها بعيون دامعة وهى تلوى فمها بتهكم: ولا حتى يسأل عليا..
أخذت نفس عميق فى محاولة منها لحبس دموعها وهى ترجع ظهرها الى الوراء لتسنده على ظهر كرسيها لتقول بمرارة شديدة بألم كسكين يرسم لوحة دامية على جدران قلبها المسكين
متقلقش أنا مش جاية احاسبك..
لأ انا جاية افرحك بيا..
جاية اوريك انى بقيت وحش..
معرفتش اكون زيها..
رغم انى عيشت تلتين عمرى زيها..
غلبانة طيبة فى حالى..
معرفش ان فى الدنيا شر فى كل حاجة محوطانى..
كنت عامية..
عايشة برة الدنيا بعيد عن خبثها..
اللى حصلى غيرنى..
قلب حالى..
ضحكت ساخرة وهى تعود لتقترب منه ثانية ناظرة فى عينيه نظرة كره وحقد: يظهر انها جينات يا كامل باشا وكانت مستنية فرصة عشان تظهر..
------------
الزمان: سبتمبر 2008
المكان: منزل دوبليكس راقى فى ستاتن آيلاند جنوب منهاتن بنيويورك يطل على حديقة صغيرة تحاوط المنزل الصغير
بغرفة المعيشة نجد فتاتين فى اواخر عقدهما الثالث احداهما بطلتنا صاحبة العينان العسليتان والاخرى صديقتها صاحبة الشعر الاشقر
تبدأ ذات الشعر الاشقر الحديث وهى ترتشف قهوتها السادة فى صباح يوم مشرق وهى تضع ساق فوق الاخرى: خلاص نويتى يا فريدة
تومئ فريدة رأسها بالموافقة وهى تشرب قهوتها هى الاخرى: حجزت التذكرة من النت بليل وهسافر فجر الجمعة
تتنهد مادلين تعبيرا عن اعتراضها على قرارها: اللى زيك حرام يمشى فى السكة دى
فريدة: مادى انتى عارفة انى مش هغير قرارى.. ده حق مصطفى ولازم اخده
مادلين: مصطفى اختارك انتى وادم.. بلاش تضيعى اللى عمله.. خصوصا انك ممكن تخسرى كل حاجة.. انتى رايحة جحر الافاعى سهل يخلصوا منك
فريدة: من سنين وانا برتب كل حاجة مش هاجى دلوقتى واتراجع
كادت مادلين ان تتحدث ولكن اشارة من فريدة منعتها من الحديث لتنهى فريدة الحديث: مادى.. المهم دلوقتى ان ادم ميحسش بحاجة.. انا بعت للمدرسة الداخلية حساب 3 سنين قدام.. ورتبت مع المحامى كل شئ عشان تكونى انتى المسئولة عنه فترة غيابى والوصية عليه لو لا قدر الله وحصلى حاجة
انتفضت مادلين: ايه الكلام العجيب ده.. ربنا يخليكى لابنك ويتربى فى حضنك علطول
فريدة مقاطعة: لازم اعمل حسابى على كل حاجة.. اخرجت ورقة صغيرة من جيبها لتعطيها لصديقتها.. وده رقم الخزنة اللى فيها السندات.. انا مجمعة ميراث ادم فيها سليميهاله لما يتم العشرين.. اما المصاريف العادية فالحساب اللى فتحناه الشهر اللى فات هيغطى ولو احتاج زيادة فاسحبى من ارباح الشركة عند مامتك
اخذت مادلين الورقة واحتفظت بها فى شنطة يدها الصغيرة ثم تناقشت مع صديقتها ما خططت له..
---------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى

بسمه ااسيد 29-07-17 11:19 AM

**الحلقة 2: عرض زواج
 
**الحلقة 2: عرض زواج
بأحد حوارى القاهرة القديمة فى صيف 1994نجد شاب فى بداية الثلاثينات.. قمحى البشرة.. أسود الشعر.. ذو عينين سوداويين.. طويل القامة.. قوامه عريض يعطيه مظهر رجولى جذاب.. يتجه بخطوات مسرعة أقرب للركض ناحية ذلك المنزل قديم البناء قوى الأساس المكون من دورين.. الاول يحتوى على محلين احدهما لبيع الخضروات والفاكهة والاخر بقالة صغيرة كما توجد صيدلية صغيرة بجوار مدخل المنزل.. والدور العلوى تسكن به عجوز مع حفيدتها.. وما ان وصل الشاب الى اول سلم حتى بدأ طى السلالم وهو يصيح بصوت جهورى يملؤه الفرح: يا نينة.. يا نينة سعاد
لتأتيه صوت الجدة سعاد من الداخل وهى متجهه لباب الشقة: حاضر.. اصبر يا واد يا عادل "عادل مصطفى ابو الفتوح جارهم.. ومأجر الصيدلية اللى فى الدور الارضى" هيفوتك القطر يعنى
عادل بسعادة جلية وهو يطرق شراعة باب الشقة الزجاجية بنغمة يلحنها بأطراف أصابعه: افتحى بسرعة يا عجوزة..
تفتح سعاد الباب فتلكزه بقبضتها بخفة على صدره: أنا عجوزة يا قليل الرباية
يضحك عادل وهو يسحب قبضتها بسرعة من على صدره ويرفعها لمستوى شفتيه ليلثمها برقة: ماهى تربيتك برده يا قمر.. ولا تكونى فاكرة يعنى ام عادل هى اللى ربتنى لوحدها
سعاد تتجه لكرسى السفرة لتجذبه للخارج وتجلس عليه، ثم بتنهيدة وببطء: الهب يرحمها.. يا زين ماربت..المهم يا واد مفتحتش صيدليتك ليه انهاردة؟ وجى دلوقتى بالظيطة دى ليه؟
عادل وهو يجوب بعينيه المكان بحثا عن ضالته: هى فين يا نينة؟
سعاد: خرجت يابنى من ساعتين.. راحت الكلية تشوف نتيجيتها
جلس عادل على الكرسى المجاور لها: مهو انا جى عشان كده.. واحد حبيبى فى الكنترول جابهالى.. مبروك يا نينة حفيدتك رافعة راسنا زى كل سنة
فرحت سعاد بشدة لصغيرتها حتى انها قامت بما اشتهرت به نساء المحروسة فى المناسبات السعيدة وأطلقت عدد متتالى من الزغاريد
عادل: اهدى شوية يا سوسو.. عارفين انك شباب وأصغر من العروسة
سعاد بفرحة: دى عوض ربنا الغالية بنت الغالية
نكس عادل رأسه لاسفل وبنبرة حزينة: الله يرحمهم كلهم
ثم استدرك نفسه وتنحنح قليلا ثم قال بنبرة متريثة: وبمناسبة العروسة.. كده معدلكيش حجة يا نينة.. قلتيلى تخلص تعليمها الاول.. واهى خلصته بتفوق.. انا مش هستنى خطوبة وكلام فاضى.. نجيب احلى شبكة لست الحسن.. نكتب الكتاب ونعلى الجواب.. وهو وش بوية وننزل نجيب العفش اللى تؤمرونى بيه
سعاد: حيلك حيلك يا واد.. مالك مستعجل كده ليه؟
عادل باستغراب وعصبية خفيفة: نعم.. مستعجل!.. انا مستنيها من يوم متولدت تكبر.. وكل مفاتحك فى الموضوع.. تقوليلى صغيرة ولازم تكمل علامها وتبقى عندها شخصية.. اقولك طب خطوبة.. طب فاتحيها حتى.. ترفضى بحجة خوفك تتعطل وتتلهى عن دراستها.. ولا انا مش عاجبك وشيفالها حد احسن منى ولا هى قيلالك على حد يا حاجة
سعاد: لم لسانك يا واد.. سلمى مفيش فى حياتها حد.. دى وردة بيضا مفتحة محدش شم ريحيتها.. وانا مش هلاقيلها حد احسن منك.. وهى من نصيبك ان شاء الله.. بس مش عوزاها تبعد عن حضنى
عادل: يا سوسو تبعد فين دى شقتى فى البيت اللى قصادكم.. دا انتى بتكلمينى من الشباك وكأنك فى صالة بيتنا.. ثم يا ستى هى هتروح فين يعنى وانا فى الصيدلية مهى هتطلع تقعد عندك..
ثم تابع بلهجة مرحة: وبالمرة اتغدى من ايدك الحلوة يا حجوج.. ما انا عارفها خايبة ومبتعرفش غير سلق البيض..
ضحكت العجوز: يخيبك واد انت لسه فاكر لما حرقت البيض.. فات ع الموال ده 5 سنين.. دلوقتى سلمى ست بيت معتبرة
عادل لاويا شفتيه ساخرا: انتى هتقوليلى.. مهو مين يشهد للعروسة.. ع العموم بتعرف مبتعرفش انا راضى ملكييش دعوة انتى.. اخرجى منها يا حاجة
قالها وهو يتجه ناحية باب الشقة للخروج
سعاد: بقى كده اخرتها, اخرج منها يا ابن اللذين امنوا وعملوا الصالحات
عادل وهو يغلق الباب خلفه ضاحكا: سلام يا جدة
--------
على سلالم المنزل قابل عادل حبيبته الصغيرة اثناء صعودها لجدتها.. سلمى كامل ابو المجد فتاة فى بداية العشرين.. بيضاء البشرة.. عسلية العينين.. رشيقة القوام.. صاحبة طول مناسب 170سم تقريبا.. ذات شعر بنى ناعم يتعدى كتفيها بقليل تزينه بحجاب بسيط.. ملامحها بريئة تجذب لها الاعجاب..
أطلت عليه فذاب لوهلة، فقد كانت جميلة فى فستانها الابيض المطعم بنقوش وردية صغيرة واضفى عليها حجابها الابيض جاذبية خاصة لا يراها الا عاشق متيم.. ومن سيكون ذلك المتيم غير ذلك السارح فى عسل عينيها..
تنحنحت سلمى بخجل لتخرجه من شروده: ازيك يا ابيه عادل
عادل (محدثا نفسه بتهكم: ابيه!.. الله يسامحك يا سعاد.. من يوم معلمتيهالها وهى بقت لبانة فى بوءها): انا بخير طول مانتى بخير يا سلمى
سلمى بابتسامة يزينها حياؤها: تسلم يا ابيه
عادل (ابيه تانى.. يووووووووه هانت معدش فاضل حاجة وتبقى فى حضنى): نتيجتك مظهرتش؟
سلمى بحزن: لا برده لسه
عادل: واللى يجبهالك؟
سلمى: ياريت يا ابيه
عادل: النتيجة هتظهر بكرة ان شاء الله
سلمى بتوتر: بجد.. طب ربنا يستر بقى
عادل بابتسامة: مهو ربنا سترها زى كل سنة والجميل ناجح بتقدير يخزى العين.. مش هنعرف بعد كده نكلمك يا جميل (غامزا بطرف عينه) اللى على على بقى
سلمى بدأت تنط من الفرحة: بجد.. قول ان ده حقيقى مش بتضحك عليا
عادل بعتاب مصطنع: كده يا سلمى انا من امتى بكدب عليكى
سلمى بفرح: طب عرفت توصلها ازاى
عادل بغرور وهو يعدل ياقة قميصه الابيض: واحد حبيبى ليه قريب فى الكنترول.. كل يوم اروحله يشوفهالى لحد انهاردة لما ادانى البشارة.. الف مبروك يا جميل.. دايما رافعة راسى
استغربت سلمى كلمته الاخيرة ولكنها تجاوزت عنها: الله يبارك فيك يا ابيه
عادل: خلاص بقى يا سلمى.. انتى كبرتى على ابيه دى.. من هنا ورايح تندهيلى من غير القاب زى زمان..
سلمى بخجل: اتفقنا يا ابي.....
قاطعها عادل: احنا قلنا ايه؟
سلمى بابتسامة: اتفقنا يا عادل
عادل: دانا احب اسمى من هنا ورايح بقى مادمتى هتنطقيه بالرقة دى
ارتبكت سلمى من مغازلته الصريحة لها ولكنه انقذها عندما شعر بارتباكها فجاوزها متجها لاسفل ليفتح صيدليته: هستنى حلاوة النجاح يا سلمى.. طبق كنافة كبير ليا لوحدى.. (لف رأسه نحوها يخاطبها اثناء صعودها ضاحكا) انتى اللى تعمليه بايدك مش سعاد.. هى قالتلى انك شيف محترف
استدارت سلمى واضعة يدها فى خصرها مغتاظة: هتشوف يا عادل بنفسك
ثم استدارت صاعدة فى اتجاه شقتها وهى تتمتم فى غيظ: مش هينسهالى.. هيفضل ذليلنى بالبيض اللى حرقته لما طلب منى اسلقهوله
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

amiraorabi 29-07-17 09:45 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم

كيفك بوسى و نورتى ليلاس يا قمر ..

احب اباركلك على الرواية اولا و دخولك صرح الكتابه و عقبال ما تنهيها بسلام و توصلى بر الامان على خير ان شاء الله ..
البداية مشوقه و اسلوبك رائع و مميز .. احب القصص اللى تخطفك من الاول و تعلقك بيها و قصتك واضح انها من النوع ده تسلم ايديكى احييكى ..
استمرى حبيبتى لكن احب انوه انك نزلتى موضوعك فى قسم الروايات المكتمله و انتى لازم تنزليها الاول فى روايات من وحى قلم الاعضاء .. يمكن علشان كده محدش اخد باله منها .. انا بحب اقرأ روايات مكتمله عشان كده حظى انى لقيتك ..
روايتك جميله .. مش عارفه هتابعها ولا لأ حسب ظروفى لكن لو اكتملت اكيد هقرأها بإذن الله ..
استمرى و تمنياتى ليكى بالنجاح ان شاء الله

بسمه ااسيد 30-07-17 01:19 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
شكرا ليكى amiraorabi حبيبتى
ان شاء الله أكملها على خير
وتعجبك
---
أنا مش عارفة أنقلها ازاى لمكان تانى
دى اول مرة اتعامل مع منتديات

بسمه ااسيد 31-07-17 02:46 AM

**الحلقة 3: أحببتك منذ الصغر
 
**الحلقة 3: أحببتك منذ الصغر
نزلت سلمى عصرا الى صيدلية عادل حاملة صينية كبيرة, فوضعتها على مكتبه وقد لمحت صديقه وجارهما بهى جالسا معه: اتفضل يا سيدى، ازيك يا بهى.. حماتك بتحبك حبة محشى يستاهلوا بؤك
"بهى صديق عادل ويصغره بأربعة أعوام، ابن جواهرجى الحارة.. وسيم جدا وخلوق.. ويحبه الناس ولكن قليل من يتعامل معه حيث يصعب فهم ما يقوله لأنه يعانى من التهتهة الشديدة لذلك ترك العمل مع والده ليعمل بمصنع ليحتك بالعمال لتحسين نطقه"
بهى ببطء وتهته ولكن عادل وسلمى يستطيعون فهمه لكثرة المعاشرة بين ثلاثتهم: واللى زيى ممكن يكونله حمى
أومأت سلمى برأسها ايجابا وببسمة ودودة: طبعا وليها الشرف كمان
عادل وهو يضربه بخفة على مؤخرة رأسه: مش قولتلك 100مرة خليك واثق فى نفسك ياض.. ثم فى وحدة تطول تكون مع راجل زيك.. وغير كده السنة اللى قضيتها فى المصنع فرقوا معاك كتير..
بهى بتهته: ربنا يكرمه أبويا هو اللى صمم اشتغل هناك, رغم انى مكنتش فاهم قصده فى الاول لكن دلوقتى فهمت
سلمى مقاطعة: طيب اسيبكم تتغدوا قبل مالفراخ والمحشى يبردوا
بهى بتهته: تسلم ايدك يا سلمى
عادل متهكما وهو يلتهم اصبع المحشى: ايد مين يا عم دى جدتها اللى لفة الحلة
سلمى وهى تضع يدها حول خصرها غاضبة: تصدق انك بايخ.. انا غلطانة انى جبتهوملك.. بطلوا أكل أنا هاخده واطلع
عادل وهو يقطع الفرخة ويعطى بهى جزء ويتناول هو جزء أخر: امشى يا بت اتجرى على فوق.. ثم انتى هتكروتينى فين الكنافة؟
سلمى: الحق عليا قلت اغديك الاول.. وبعدها انزلكم الكنافة مع الشربات
بهى بتهته: شربات مين؟ أنتوا خلاص هتتجوزوا؟
حرجت سلمى من كلامه وارتبكت، ولكن أنقذها عادل قائلا بلا مبالة ليرفع عنها الحرج: سلمى نجحت.. وزى كل سنة بتفوق.. باركلها يلا
بهى بتهته: مبروك يا سلمى
مازالت سلمى مرتبكة: الله يبارك فيك.. هطلع أنا أجهز الشربات على متتغدوا
عادل مبتسما: طب متتأخريش عليا
ثم غمز لها بطرف عينه متابعا حديثه: عشان مجهزلك مفاجأة حلوة هدية نجاحك
ثم تابع بصرامة وهو يلتهم طعامه: واعملى حسابك مفيش توزيع ع الحارة.. نزليلى الشربات وأنا اللى هوزعه مع بهى ومحروس القهوجى
أومأت سلمى برأسها وابتسامة خفيفة على محياها: حاضر
--------
التفت عادل لصديقه وهما يتناولان طعامهما: ايه يا ابنى بتحدف الكلام زى الطوب ليه؟ البت اتحرجت واتلخمت لما جبت سيرة الجواز
تحدث بهى أثناء تناوله لطعامه: انت لسه مفتحتهاش فى الجواز؟
عادل: طبعا كلمت نينة ومستنى ردها
بهى بتهته: شكلها لسه مفتحتهاش
توقف عادل عن الاكل ثم تنهد: امتى بقى تبقى حلالى؟
بهى بابتسامة: للدرجة دى بتحبها يا صاحبى؟
أرجع عادل ظهره لمسند كرسيه: أحبها بس! دانا بعشق التراب اللى بتمشى عليه.. دى هى أملى فى الدنيا ومنايا
تنهد بحرارة وهو يسترجع ما حدث خلال العشرون عاما الماضية
Flash back
تصرخ الجدة سعاد من شرفة منزلها بالطابق الثانى بحارتهم القديمة فجر الجمعة لتنادى على جارها مصطفى (أبو عادل): الحقنى يا مصطفى.. شادية بتولد.. الحقنى يا ابنى البت هتروح منى..
كان مصطفى نائما وقتها فزع عندما سمع صراخها، وارتدى قميصه مسرعا لاحضار طبيب لجارته, موصيا زوجته بالاسراع للجارة لتقف الى جانبها.. هرعت زوجته اليها وقد لحق بها ابنها الصغير عادل ذو الثمانى سنوات وهو يقاوم النعاس
صعدت ام عادل سلم الجارة وقد انتبهت للحاق صغيرها بها: ايه اللى جابك يا عادل كنت خليك نايم يا حبيبى
عادل: جى اجيب النونو اللى هيلعب معايا
ضحكت الام وهى تسرع على السلم: طب ولو جات بت هتعمل ايه
توقف عادل عن الصعود وبدأ يحك رأسه مفكرا: هتجوزها
التفتت امه اليه ضاحكة: يخيبك واد
دلفت ام عادل لشقة الحاجة سعاد والذى كانت العجوز غير موصدة له، واستأذنت لدخول غرفة شادية التى لم تتوقف عن الصراخ فقد كان الامر عسيرا على تلك الفتاة الصغيرة
حضر مصطفى مصطحبا الطبيب وماهى الا دقائق حتى توقف صوت شادية ودوى صوت المولود وخرجت ام عادل تحمله ، فأسرع عادل لحمله منها، ولم تستطع أمه منعه عن ذلك
عادل: ها واد ولا بت
ام عادل: بت زى القمر، حاسب عليها يا عادل واديهانى يا حبيبى ممكن تقع منك
عادل: لا متخفيش انا عارف اشيل سلمى كويس
استغربت امه، فضحك أباه: بمزاجك كده اخترت اسمها مش يمكن ميعجبش أمها
لم يهتم عادل كثيرا لحديثهم حيث توجه للاريكة القريبة منه وجلس عليها يتأمل صغيرته, ولكن قطع تأمله صراخ الجدة.. لقد ماتت ابنتها الوحيدة تاركة يتيمة لا ذنب لها سوى أن قدرها ان تحيا وحيدة دون أب او أم
****
كان عادل فى الحادية عشر من عمره يلعب كرة القدم فى الشارع أمام منزله، كان متحمس للغاية فهو هداف فريقه، ولكنه وقف اللعب فجأة غصبا عن الفريقين عندما وجد طفلته ذات الثلاثة أعوام تجلس أرضا على الرصيف أمام منزلها ويبدو عليها الحزن..
حمل كرته تحت ابطه حتى يمنعهم من استكمال اللعب بدونه, واتجه نحوها.. جلس جوارها فلم تعيره اهتماما، وانما ظلت جالسة ضامة كفها الصغير على خدها بحزن.. ابتسم بشدة فضحكت عيناه لمظهر غضبها الطفولى
أَحَبَّبَتْكَ يا صَغِيرَةُ
فكفاكى دَلَالًا
قَدْ حاكيتى الْقَمَرَ جَمَالًا
وورثتى الشَّمْسَ بَهَاءًا
فَأَصْبَحَتْ أَسِيَرُ بِسَمْتِكَ
وَلَا أَمَلُكَ سِوَاكِ مَلَاَذًا
تنحنح عادل: احم احم ممكن اعرف سلمتى زعلانه ليه؟
ظلت الصغيرة على وضعها ولم تجيبه
فتحايل عليها: طب لو رديتى عليا هجبلك شوكولاته اللى بتحبيها
بغضب اجابت بلهجتها الطفولية: عييع السارع مز أوزين سمه اعب اولوا مس اارف (عيال الشارع مش عوزين سلمى تلعب بيقولوا مش بتعرف)
لم يعرف عادل على ايهما يضحك، أيضحك على غضبها ام على حروفها المبعثرة: ههههههه، ده اللى مزعلك.. طيب مش انتى عارفة انى مانعهم يلعبوا معايا.. أنا هخليكى تلعبى معايا عشان انتى احسن منهم.. موافقة؟
سلمى: ماسى بث سرط اول (ماشى بس بشرط الاول)
عادل بتهكم لاويا جانب شفتيه: كمان هتتشرطى
نظرت له سلمى بغضب, فتراجع سريعا: اشرطى يا برنسيسة وبلاش 111 اللى فى وشك دى
سلمى مستفهمه: اى 11 دى
عادل: سيبك سيبك.. خلينا فى شروطك
بدأت سلمى بالعد على أصابعها، وعادل يزفر فى ضيق
اشارت على اصبعها الاول: ادل ايب سوكولا لامه (عادل يجيب شوكولاته لسلمى)
ثم اشارت على اصبعها الثانى: ايب سل تلب (تجيب سالى صحبتها تلعب معاهم)
اشارت على الثالث: بأى يلب (بهى يلعب معاهم)
كادت تشير على اصبعها الرابع، ولكن عادل كان أسرع فحملها على كتفه وانزلها فى منتصف الفريقين وأعطاها الكرة ليبدأ المرح
Return
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

زارا 31-07-17 03:13 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
حبيبتي الروايه مكانها قصص من وحي قلم الأعضاء ..مو قصص مكتمله .لانها ما اكتملت.. فخليها بمنتدى قصص من وحي قلم الأعضاء عشان البنات يشوفونها ويتابعونها ويردون عليها بمكانها الصحيح واطلبي من المشرفات العزيزات ينقلونها لك هناك او يعلمونك الطريقه لنقلها..وماراح يقصرون معك ابدا..
وبدايه موفقه يااا قلبي ..

amiraorabi 04-08-17 03:10 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
فصل لذيذ و خفيف تسلم ايديكى .. علقتى فى دماغى يا بنت و قلت اشوفك وصلتى لفين ههههههههه .. يلا شدى الهمه و متعمليش زى اختك اللى نايمه فى روايتها مش عايزه تخلصها .. استمرى و ان شاء الله الردود هتزيد مع الوقت لأن الروايه لسه فى اولها و الاحداث مسخنتش .. طالما المشاهدات بتزيد يبقى فى متابعين ليكى بس مستنيين الوقت المناسب عشان يدخلوا بتعليق .. متقلقيش ان شاء الله كله هيبقى تمام و الروايه تحقق نجاح ساحق .. و بالتوفيق ان شاء الله

بسمه ااسيد 04-08-17 11:05 AM

**الحلقة 4: كذبة
 
ممكن لو انا كاتبة فى مكان غلط حد من الادمن ينقلها للمكان الصح
--------------------------------
الفصل الأول
شادية
**الحلقة 4: كذبة
فى مساء تلك الليلة تدخل الجدة سعاد الى غرفة حفيدتها الصغيرة حاملة كوب اللبن الدافئ كما هى العادة كل ليلة، لتجد سلمى تقرأ احدى روائع احسان عبد القدووس رواية انف وثلاث عيون..
الجدة سعاد: يابنتى ارحمى عيونك شوية، كل ليلة تمققيهم فى اشى رواية واشى مجموعة قصصية
سلمى تتناول منها الكوب مبتسمه: احسان عبد القدووس ده عبقرى.. وروايته جميلة اوى.. عادل ادهالى هدية نجاحى
جلست العجوز على طرف السرير, وتحدثت بخبث: امممممم قولتيلى عادل.. هو خلاص معدش فيه أبيه
سلمى بتململ: مخلاص بقى يا تيته.. ابيه ايه وبتاع ايه (أخذت رشفة من الحليب).. هو انا لسه عيلة بضفيرتين هتقوليلى عيب
أكملت سلمى مشروبها وهى تستمع لكلمات جدتها: عوزة اطمن عليكى قبل ما اموت يا بنتى
وضعت سلمى الكوب على الكمود بجوارها, وهتفت فى ضيق: بعد الشر عليكى يا تيته ان شالله انا.. وانتى تبقى بخير دايما
سعاد: ربنا يحفظك لشبابك يا بنتى.. بس انا ان عشتلك انهاردة.. مش هعيشلك بكرة.. يبقى تطمنينى عليكى يا حبيبتى
جلست سلمى جوارها ثم جذبت يد جدتها وقبلتها: ربنا يخليكى ليا ولا يحرمنى منك ابدا
سعاد: انتى عارفة ان عادل رايدك فى الحلال من زمان.. انتى ذكية واكيد خدتى بالك انه بيحبك.. أنا كنت دايما برفض انه يفتحك فالجواز قبل متخلصى علام.. واهو خلصتى وبقى سلاح فى ايدك من غدر الزمن والناس..
ضمت سعاد حفيدتها وهى تتابع حديثها: عادل يا بنتى ده اللى اقدر اتطمن عليكى معاه.. بيحبك و هيتقى ربنا فيكى وهيكون ضهرك وسندك.. هو عصبى وغضبان علطول، بس ده من حبه ليكى بيكون غيران عليكى ومش هيهدى الا لما تكونى ليه.. يا بنتى أنا مش هخاف وانتى فى ضله ان مخلوق يقربلك ويأذيكى..
ثم تنهدت واخرجت زفيرها بتمهل وهى تتابع كلماتها ببطء: وهموت وانا مستريحة
قاطعتها سلمى وهى تبعد عن حضنها: بلاش السيرة دى يا تيته ارجوكى.. متخوفنيش عليكى
سعاد: لو عوزانى اقفل السيرة دى توافقى على عادل، بقاله سنين بيتقدملك وانا بأجل فى الموضوع
سلمى: مش عوزة اتجوز يا تيته.. حرام اظلم عادل معايا.. انا مش بتاعت حب.. مش هعرف ابادله مشاعره.. غصب عنى والله
سعاد بحزم: مش كل صوابعك زى بعضها يا بنتى.. لا انتى هتكونى شادية.. ولا هو هيكون كامل
غادرت سعاد الغرفة تاركة الفرصة لحفيدتها لتفكر فى عرض الزواج بهدوء ودون التأثير على قرارها، بينما شردت سلمى بماضى لم يكن لها ولكنه شكل مستقبلها..........................
--------
Flash back
كانت الجدة سعاد تجلس على السفرة الصغيرة التى تتوسط صالة المنزل وهى ترتدى نظارتها وتنقى الارز لاعداد طعام الغذاء لها ولحفيدتها, والتى من المفترض ان تعود للمنزل بعد انتهاء يومها الدراسى من 10 دقائق.. فسلمى الان فى السنة النهائية بتعليمها الثانوى
سعاد: بس لما تيجى يا مقصوفة الرقبة هعرفك شغلك.. عشان تفضلى تتلكعى عند بتاع الجرايد.. مش عارفة هيعود عليها باية الهبل اللى بتمقق عنيها فيه.. ايش ابصر راجل مستحيل ولا التانية ست عبير.. ماشى
فتحت سلمى باب المنزل ودخلت غاضبة وهى منهارة من البكاء: انتى كدبتى عليا يا تيتة
احتدت الجدة: انتى اتهبلتى يا بت.. كدب ايه يا مقصوفة الرقبة.. باين عليا مربتكيش.. وشبشبى هيقوم بالواجب
رمت سلمى شنطة مدرستها أرضا وصرخت: ايوة انتى كدابة
قامت الجدة من مكانها وجذبت الصغيرة من شعرها, فسقطت أرضا بينما مازالت العجوز ممسكة بها بيد والاخرى سحبت بها فردة شبشبها لتضربها به.. ظلت تبكى الصغيرة ومن بين شهقاتها تفوهت بكلمات مبعثرة: قلتلى مات.. وهو عايش.. أبويا عايش
لجمت تلك الكلمات جدتها فتركتها: انتى جبتى الكلام الفارغ ده منين؟
سلمى باكية: لأ مش فارغ يا تيته.. ده حقيقى.. عايش.. واسمه نازل فى الجرنال بتاع النهاردة
جدتها بتوتر: كذب.. ده مش أبوكى.. ده تشابه أسماء
سلمى مدافعة وهى تفتح حقيبتها لاخراج جريدة اليوم: تشابه أسماء وشكل كمان يا جدتى!
اعطت الصغيرة الجريدة لجدتها لترى صورة والد حفيدتها.. لم يغيره الزمن.. نفس ذلك الرجل ذو الوجه الصارم والذى لم يمنحه الزمن سوى خصلات فضيه على جانبى وجهه
الجدة: وانتى عرفتى منين ان دى صورته؟
سلمى بارتباك: اصل يا تيته.. بس عشان خاطرى بلاش الشبشب.. مرة دخلت عليكى اوضتك فلقيتك قفلتى صندوقك الخشب الصغير.. ومخدتيش بالك ان فى صورة مطبقة وقعت منك.. انا خدتها من غير متنتبهيلى.. كانت صورة لبابا باعتها لماما وكاتبلها شعر فى ضهرها..
الجدة: انتى تنسى الموضوع ده يا سلمى ومتفتحيهوش تانى.. انتى فاهمة
سلمى: لا يا تيتة.. مش بعد متحرمت منه العمر ده كله تقوليلى انسى.. انا لازم اشوفه.. واعرف كل حاجة
الجدة بخوف جلى: اوعى.. اوعى يا بت.. انسيه خالص
سلمى باستنكار: ليه ده أبويا
الجدة: يا بت انكتمى عوزة تفتحى علينا أبواب جهنم تانى.. مش كفاية بنتى راحت.. عوزة تروحى منى انتى كمان وتحصليها
سلمى: وأنا قلت ايه بقى عشان المناحة دى كلها.. فى ايه مخبياه عليا يا جدتى
الجدة باستسلام: هحكيلك كل حاجة.. بس مش دلوقتى
سلمى وهى تمسح دموعها بطرف كم قميص مدرستها الابيض: امال امتى يا تيتة
الجدة: بعد امتحاناتك.. وتكونى طالعة الأولى زى العادة، عوزاكى تدخلى الجامعة وترفعى راسك بعلامك.. دماغك توزن بلد و محدش يضحك عليكى بكلمة
سلمى باستسلام: ماشى يا تيتة
اتجهت سلمى لغرفتها, ولكن اوقفتها كلمات جدتها: بس أوعدينى متعمليش حاجة من ورايا ومتفكريش فى الموضوع ده ولا يشغلك عن مذاكرتك
سلمى: أوعدك يا تيته
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 04-08-17 05:01 PM

**الحلقة 5: شادية 1974
 
**الحلقة 5: شادية 1974
بالفعل وفت الجدة بوعدها للصغيرة عقب اجتيازها للمرحلة الثانوية.. بدأت تروى لها ماض ليس لها به حيلة.. وياليتها تعلم تلك الصغيرة ان
كسرتها ستبدأ بمعرفة ماضيها.. فأحيانا كتمان الاسرار حلا لانقاذ الابرياء.. ولكن ذلك مالم يحدث معها..

ليلة عشوراء 1974
فتاة صغيرة فى السادسة عشر تمشى بخطوات سريعة تحمل صينية متراصة عليها أطباق العاشوراء اللذيذة والتى تتفنن أمها الحاجة سعاد فى صنعها, وقد اعتادت توزيعها فى مثل هذا اليوم على الجيران وأهل الحارة.. تساعدها ابنتها الوحيدة والتى جاءتها بعد طول انتظار كمنحة من الخالق لتعوضها عن تلك السنوات الضائعة فى البحث عن علاج.. حيث كان زوجها المرحوم الحاج محمد يعانى من بعض المشاكل التى أخرت الانجاب. ورغم أن تلك الصغيرة لم تذق من حنان ابيها سوى سنوات تمثل تقريبا نصف عمرها الا ان أمها لم تدخر وسعا لتعويض ابنتها عن غياب ابيها، وساعدها فى ذلك تفرغها التام لابنتها فقد ترك لهما الاب منزلا مكون من طابقين مؤجر الدور الارضى كمحلات تغنيهما عن السؤال والخوف من الايام.
شادية قصيرة القامة بيضاء البشرة يشوبها حمرة خفيفة تتوهج مع ضحكاتها وخجلها.. شعرها طويل أسود من الليل الحالك وعيناها سوداء.. باختصار أية فى الجمال
اتجهت شادية سريعا بصينية تحمل عليها أربعة أطباق من العاشورة الى المنزل المقابل لمنزلها لتقدمها لجارها الصيدلى وأسرته، ولكن لحظها العاثر اصطدمت برجل يدلف للخارج وهو على عجلة من أمره، فأفسدت العاشوراء بذلته القيمة فصاح محتدا :مش تفتحى انتى عامية
وقبل ان يكمل توبيخه لتلك المسكينة صدم بجمال عيناها السوداوان، كانتا كليل هربت منه النجوم وهى تعتذر وهى فى قمة الارتباك: أنا أسفة والله مشوفت حضرتك انا مقصدش انا بجد أسفة
ارتخت ملامح وجهة المتصلبة وحاول تهدئتها وعلى ثغرة ابتسامة بسيطة: طب خدى نفسك انتى مش حافظة غير كلمة اسفة
شادية بحرج: أنا أسفة.. طب
قاطعها وهو ينظر اليها متفحصا جسدها: ولا يهمك حصل خير.. انتى اسمك ايه يا شاطرة
شادية بخجل وهى تنظر أرضا: شادية
كامل معترضا: لا لا لا انتى مسمكيش شادية
شادية بدفاع عن نفسها: لا والله ده اسمى
كامل: مينفعش شادية.. انتى اسمك قمر
ابتسمت شادية فى خجل: طب ممكن حضرتك تدينى جاكت البدلة هطلع انضفهولك بسرعة.. بيتى اهوه (واشارت بيدها للمنزل المقابل لهم) حضرتك ممكن تستنانى ع القهوة دى
واشارت بيدها على القهوة المجاورة لمنزلها.. فوافق
أخذت شادية الجاكت وصعدت جريا الى شقتها، فتحت الباب فأتاها صوت والدتها من الداخل: كل ده يا بنتى عند ابو عادل، اكيد قعدتى ترغى مع مقصوف الرقبة الواد عادل
اتجهت شادية الى المطبخ: لا والله يا ماما ده انا مروحتش أصلا
استغربت سعاد: ليه
قصت شادية عليها ماحدث
سعاد بعتاب: يا دى العيبة.. 100 مرة اقولك تبطلى سربعتك دى، طب خدى طبق العشورا ده وانزلى ادميها للاستاذ وتعالى اكون نضفتلك الجاكته، واهو يبقى اعتذار للراجل عن العطلة..
نزلت شادية كعادتها جريا متجهة الى القهوة: يا أستاذ
استغرب كامل من عودتها السريعة، لكن نطق بسرعة بابتسامة جذابة: كامل.. اسمى كامل
" كامل أبو المجد رجل شارف على الاربعين ولكن هيئته الرياضية ألتهمت من عمره على الأقل عشرة أعوام.. أسمر البشرة.. أسود الشعر.. عسلى العينين.. ذو صوت رجولى ولكنه آسر"
شادية تمد يديها بالطبق لتقدمه اليه وهى مبتسمه: اتفضل
كامل: ده ليا؟
شادية: ايوة ده طبق عاشورا عمرك مدقته فى حياتك.. امى بعتتهولك يعنى اعتذار عن غلطى
كامل: هدية مقبولة يا جميل
استأذنت شادية لتحضر له جاكيته، فتابع خطواتها وهو يتنهد: مهرة ومحتاجة خيال..
----------
بمرور الايام توطدت العلاقة بين شادية وكامل، بعد توالى مقابلاتهم صدفة كما يدعى كامل دائما كلما رأها وهى تقضى طلبات المنزل من داخل الحارة وخارجها، حتى شغل بالها وأسر قلبها.. فهو فارس أحلامها مالك الحصان الأبيض الذى ستنعم ببسمة الحياة الى جواره.. أما هو فيراها صغيرة تجدد شبابه وغروره، فهى لم يصل عقلها الى النضوج الكافى ولكن جسدها نضجت مفاتنه سريعا.. وما كان كامل ليتركها قبل ان يتذوق شهد سحرها.. فتنها بكلماتها الساحرة وجذبها بغزله الصريح، فسلب لبها وأحكم السيطرة على عقلها المراهق حتى استطاع نيل اعترافها بسلطانه على قلبها..
على كورنيش النيل تنظر شادية لكامل بحياء وابتسامة جميلة على ثغرها: انا كمان بحبك يا كامل
كامل: أخيرا يا حبيبتى كان نفسى اسمعها من زمان.. مكنتش متخيل انها هتطلع بالجمال ده
شادية وقد ادارت وجهها اتجاه النيل ومازالت مرتبكة خجلة من اعترافها: الله بقى متحرجنيش
كامل بحزن مصطنع وقد تظاهر بالشرود فى النيل: بس يا خسارة.. على قد فرحتى حزنت
شادية: ليه بس
كامل: لانى عارف ان نهاية حبنا قربت
شادية: ليه؟!
كامل بتريث وبنبرة حزينة مليئة بالتنهدات: لأن فرق بينى وبينك اكتر من 20 سنة.. تفتكرى فى عيلة ممكن ترضى بيا.. ممكن اهلك يوافقوا وانتى وحيدتهم ال...........
قاطعته شادية بحماس: لا لا متخفش.. امى عمرها مرفضيتلى طلب.. ولا كسرت بخاطرى نهائى.. هتوافق ان شاء الله صدقنى..
تنهد كامل: ياريت
ثم استدار ليواجهها ويحاوط ذراعيها: بس لو موفقتش هتنفذى اللى اقولك عليه.. ماشى؟
شادية باستسلام وخضوع: حاضر
ضمها كامل لصدره: شاطرة يا شوشو يا حبيبتى.. واوعدك انك هتكونى أسعد واحدة فى الدنيا.. ملكة متوجة.. كل الناس تشاور عليها وتقول دى اللى قدرت تسكن قلب كامل
شادية بسعادة فى احضانه: يا حبيبى يا كامل
----------------------------

يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى

بسمه ااسيد 06-08-17 09:38 PM

**الحلقة6: ساذجة بين براثن شيطان
 
**الحلقة6: ساذجة بين براثن شيطان
طرق باب شقة الحاجة سعاد بعد أذان المغرب بدقائق, فنادت على ابنتها لتفتح الباب لانشغالها بالوضوء
شادية من داخل غرفتها: مش فاضية يا امه، افتحى انتى
سعاد وهى تنزل كم جلبابها المنزلى وتتجه للباب: بوريه منك، علطول لازقة فى المراية
بينما الصغيرة تقف وراء باب غرفتها والتى تعمدت ان تجعله مواربا لتتلصص على الضيف القادم، وما كان ذلك الضيف سوى كامل نفسه.. ابتسمت شادية وبدأت بفك طرف ضفيرتها واللعب بخصلاتها السوداء وعيناها لا تحيد عن حبيبها
----------
تمر دقائق قليلة وتدخل الحاجة الى الغرفة حاملة بيدها كوبا من الشاى لتقدمه لذلك الضيف الغريب، الذى لا تعرفه: اتفضل يا بنى الشاى
كامل بابتسامة خفيفة: تشكرى يا حاجة.. أكيد بتسألى أنا مين وعاوز ايه؟
سعاد بحرج: والله يا ابنى.......
قاطعها كامل: أنا كامل أبو المجد.. تاجر انتيكات.. عندى 37 سنة.. مقطوع من شجرة.. أهلى اتوفوا فى حادثة من سنين.. ويشرفنى أتقدم لبنتك مدموزيل شادية
سعاد: أهلا بحضرتك.. وطبعا يشرفنى عرضك بس متأخذنيش يعنى انت عرفت أن عندى بنت للجواز منين؟
كامل بابتسامة: الحقيقة قابلت بنتك من شهرين لما دلقت العاشورا عليا
وضعت سعاد أصابع يسراها على شفتيها شاهقة بحرج: يا دى الكسوف يا سى الأستاذ
كامل ومازال محتفظا بابتسامته: ولا يهمك يا حاجة.. ده كان أسعد يوم فى حياتى
قاطعت استرساله فى الحديث: بس يا بنى شادية صغيرة اوى.. ومتأخذنيش ايه اللى أخرك لحد دلوقتى عن الجواز.. كان زمانك مخلف أدها
تنحنح بحرج: الحقيقة أن أهلى اتوفوا وأنا عندى 12 سنة وكنا فقرا.. ومكنتش عاوز أسيب العلام فاشتغلت كل حاجة وأى حاجة.. بس طبعا شغل شريف
سعاد: أكيد يا بنى.. الله يصلح حالك
أكمل حديثه: اتعلمت بس اتبهدلت.. واللى جى على اد اللى رايح.. ودقيت بيبان كتير طالب الحلال.. بس محدش رضى يرمى بنته لواحد كحيان زيى.. فصرفت نظر وركزت على أكل عيشى.. والسنين مرت وتحويشة العمر كبرت.. وبقيت تاجر ملو هدومى.. وفضلت ناسى الجواز لحد مشفت بنتك وأدبها ورقتها
سكت قليلا ليترك لها فرصة للتفكير: ها.. موافقة يا حاجة؟
سعاد بحيرة: والله يا ابنى مش عارفة أقولك ايه.. أنت راجل كمل.. ملو هدومك.. بس البت لسه صغار.. وفرق السن مش شوية.. وأنا كده أبقى بظلم بنتى
كامل كمن يتوقع الرد تماما, ولكنه مثل الحزن ببراعة: أنا أسف يا حاجة
سعاد بأسف: كل شئ قسمة ونصيب يا ابنى
أستأذن كامل وانصرف.. بينما انهارت شادية على سريرها، فقد رفضت امها حبيب قلبها وكتبت التعاسة على قلبها
ويالها من طفلة ساذجة، لا تفقه غدر البشر
----------
مرت ثلاثة أيام على زيارة كامل لمنزل الحاجة سعاد
وفى صباح اليوم الرابع استيقظت الحاجة سعاد فى تمام التاسعة كما هى عادتها، فخرجت من غرفتها وهى تعقد طرحتها الصغيرة على رأسها متجهة للمطبخ وهى تنادى على صغيرتها الكسولة: شادية.. بت يا شادية..اصحى يا بت وبطل كسل..
لم تجب الصغيرة, وعندما ملت العجوز من كثرة النداء تركت ما بيدها فى المطبخ واتجهت لغرفة ابنتها، فوجدتها مرتبة نظيفة والفتاة غير موجودة
حكت سعاد طرف ذقنها بيدها, وهى تضيق مابين نظرها: راحت فين البت دى ع الصبح، يكونشى نزلت تجيب عيش.. بس من امتى بتنزل من غير أذنى؟
تنفست ببطء محدثة نفسها: يمكن تكون استأذنتنى وأنا رايحة فى النوم, عشان كده مش فاكرة
اتجهت الى أقرب كرسى لتستريح عليه منتظرة ابنتها: ربنا يطمنى عليكى يا بنتى
----------
مر أسبوع والحاجة سعاد تبحث عن ابنتها فى كل مكان وقد أنفطر قلبها, فيما تعاون رجال الحارة فى البحث عنها بالمستشفيات وادلاء أوصافها فى الأقسام.. ولكن لا جديد..
فدائما الرد: أسف.. لم يردنا فتاة بمثل تلك الاوصاف
ولم يدر ببال العجوز أن ذلك المدعو كامل له علاقة باختفاء ابنتها غير المفسر، فهى لم تخبرها حتى بأن هناك من تقدم لخطبتها، فهى بالنسبة لها طفلة صغيرة لا شأن لها بأحاديث الكبار..
----------
يسترخى كامل على كنبة صالون شقته المؤجرة الفاخرة بأحد أحياء القاهرة الراقية تجاوره شادية وهو يحمل كفها ويقبله بشغف، بينما الفتاة قد ذابت من جراء حديثه المعسول وأفعاله التى تفنن فى ابهارها
شادية بهيام: بتحبنى للدرجة دى يا كامل
كامل وقد بدأ فى تقبيل خدها: لأ.. مبحبكيش
حاولت شادية ابعاده عنها فى غضب: اوعى ابعد عنى
ليقربها كامل ثانية وهو يهمس فى أذنها: أنا بعشقك
فتذوب الساذجة من كلمته, فيدنو منها ويقبل شفتيها باستمتاع وشغف, ثم يبعد شفتيه قليلا ليهمس وعينيه مسلطتان على مفاتنها فى نظرة سريعة: بدوب فيكى يا شوشو
ليغوصا معا فى عالم الاحلام خاصتها، بينما هو عالم الفساد والخسة خاصته
----------
تمر الايام وحال السيدة سعاد فى انهيار مستمر منذ اختفاء وحيدتها، فقد تفرق جميع من حولها كل فى شأنه بعد يأسهم فى العثور عليها، خاصة بعد أن بدأت بعض نساء الحارة ذوات اللسان البذئ فى الحديث السئ عنها..
ولم يبقى من يؤازرها سوى عائلة مصطفى الصيدلى, فهم جيرانهم من أيام والده رحمة الله عليه, وقد كبرت شادية تحت ناظره فكانت بمثابة أخته الصغيرة.. فكان لا يترك يوما أو مكان دون ان يبحث عنها، بينما زوجته تلازم الحاجة سعاد خاصة بعد تدهور حالتها الصحية..
عقب مرور حوالى 42 يوما, تفاجئ مصطفى بأحد شباب الحارة يدخل صيدليته مهرولا.. تفاجئ مصطفى من هيئة الشاب محمد والتى يبدو منها كمن جاء من وحدته العسكرية جريا, فقد كان محمد مجندا فى الجيش المصرى وأحد صغار الرتب المشاركة فى نصر اكتوبر العظيم.. وبعد استقرار الاوضاع فى الجيش أصبح يمكنه العودة لمنزله كل فترة 40 يوم فى اجازة صغيرة
مصطفى مستفهما: اهدى يا محمد، أمك جرالها حاجة؟
محمد يشير برأسه علامة النفى، ثم يتابع وهو ينهج: أمى بخير الحمد لله.. بنت الحاجة سعاد مختفية من أمتى بالظبط؟
مصطفى: من حوالى 40 يوم تقريبا، أنت تعرف هى فين؟
محمد وهو يحاول أخذ أنفاسه: أتأكد كويس، هى اختفت من 42 يوم ولا لأ؟
مصطفى وهو يومئ برأسه موافقة: أه فعلا.. مظبوط
زفر محمد على مهل: أنا شوفتها يومها وانا بركب عربية الجيش كنا حوالى 6صباحا.. ركبت عربية وأنا لمحتها من بعيد، قلت يمكن بيتهيألى ويمكن حد قريبها مسافرة معاه لأن كان معاها شنطة هدوم صغيرة.. بس لما رجعت البيت أبويا حكالى عن اختفائها وكان عاوزنى أشوف حد من معارفى فى الجيش يمكن يساعد
مصطفى وقد ازداد حيرة: طب مشفتش اللى كان سايق
محمد: لأ مشفتش.. بس العربية دى لمحتها كتير على مدخل الحارة وتفضل بالساعة والاتنين
مصطفى: طب لونها ايه وماركتها؟
محمد: عربية حمرا مفتوحة موديل.......................
مصطفى محاولا التذكر: ايه..
ثم جال بباله خاطر فحدث نفسه: معقول!.. كامل!!
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 08-08-17 03:51 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك بسمه روايتك شدتنى لاخر كلمه موفقه فى سردك الممتع للاحداث ونقلات الفلاش باك مش مدخل الماضى بالحاضر موفقه باذن الله استمرى يا عسل فى انتظارك

بسمه ااسيد 08-08-17 08:04 PM

**الحلقة7: ليس زواجا
 
**الحلقة7: ليس زواجا
عقب علم مصطفى باحتمالية أن كامل له يد باختفاء الفتاة، ترك صيدليته سريعا دون اهتمام حتى باغلاقها، وأسرع الى حى جاردن سيتى.. فهو يعلم ان صديقه القديم يسكن مع زوجته الارستقراطية فى فيلا والدها ، سيذهب اليه ويحاول كشف الأمر, فصديقه قد غيرته الايام واكسبته خسة ودناءة وقد تكون تلك طباعه الحقيقية ولكنه لم يكتشفها سوى مؤخرا عندما تعارضت مصالحهم.. فقرر محاولة استدراجه ليعرف ماهية الامر فلربما قد ظلمه..
بالفعل وصل الى الفيلا، وقد أدخله البواب سريعا من البوابة فهو يعرف جيدا صديق زوج الهانم، فأدخله مرحبا به.. وما ان وصل الى مدخل الفيلا حتى صحبته الخادمة الى الصالون لحين هبوط سيدتها من أعلى..
هبطت منال هانم واتجهت الى الصالون مرحبة بضيف زوجها الحبيب: أهلا أهلا.. أزيك يا مصطفى.. عاش من شافك يا راجل..
ترك مصطفى قهوته ومد يده ليصافحها: ازيك يا منال هانم
اتجهت الى الكرسى المجاور له وجلست واضعة ساقا فوق اخرى، ثم توجهت له بالعتاب: أخص عليك فى بين الاخوات ألقاب برده
ابتسم مصطفى وخفض بصره فى احراج: اعذرينى يا منال
توقفا عن الحديث لحظات حتى وضعت الخادمة القهوة امام سيدتها، ثم انصرفت
منال: وصلنى خلافك مع اونكل سليم.. بس مش معنى كده تعتبرنى فى صفه هو وكامل.. بالعكس تقريبا بنتخانق كل يوم ع الموضوع ده
مصطفى: منتيش محتاجة تعرفينى ده يا منال.. انا عارف انك حقانية..
توقف قليلا عن الحديث، ثم استأنف: هو فين مصطفى دلوقتى؟
لوت جانب شفتيها تهكما: هو انا بقيت بشوفه.. علطول بره البيت فى الشركة.. ممكن يجى شوية الصبح او بليل يغير هدومه.. بيتحجج أنه لازم يخلى الشركة واقفة على رجلها زى أيام بابى الله يرحمه
مصطفى: الله يرحمه.. يعنى هو هناك دلوقتى
تومئ برأسها موافقة، فيستأذنها للانصراف للذهاب للشركة
منال: أتفضل يا مصطفى.. بس بليز متتخانقوش هناك, وأنا هقنعه يبعد عن الموضوع خالص.. وعلى فكرة أنا كمان بحاول مع أنكل سليم
مصطفى: انتى بتحلمى يا منال, متتعبيش نفسك.. وكتر خيرك
----------
ذهب مصطفى الى شركة كامل, وسأل موظف الأمن عن صاحب الشركة، فأكد الموظف وجوده بمكتبه..
بقى مصطفى جوار الشركة فى سيارة التاكسى منتظرا خروج كامل للحاق به حيث وجهته, وبالفعل بعد مرور ساعة ونصف تقريبا خرج كامل من البناية وقاد سيارته مسرعا بينما عادل يتبعه..
توقف كامل بسيارته أسفل احدى البنايات الحديثة متعددة الطوابق المطلة على النيل، فحياه البواب بحرارة بينما يعطيه كامل بعض النقود..
عقب صعود كامل بدقائق غادر مصطفى سيارة الاجرى بعد ان دفع ببعض النقود الى السائق, ثم اتجه للبواب
----------
فتح كامل باب شقته فوجد شادية تضع أحد أطباق طعام الغذاء على السفرة، وما أن رأته حتى اتجهت نحوه بخطوات راكضة لتلقى بنفسها بين أحضانه: وحشتنى يا حبيبى
ليربت كامل على ظهرها بحنان: انتى وحشتينى اكتر، نفسى مفارقكيش ابدا
ابتعدت عنه قليلا قائلة بعتاب مصطنع: مانت اللى بتسبنى وتخرج
ليجيبها بكدبة جديدة: حبيبتى مينفعش مروحش الجاليرى، كان جايلى شوية انتيكات من برة مصر ولازم استلمهم بنفسى
لعبت بكرافتة بذلته وهى تقول بدلع زائد: يعنى انتيكاتك أهم منى؟
يضمها من خصرها لتسكن أحضانه مرة أخرى وهو مسلط عيناه على شفتيها وقد اندلعت الرغبة كالنار بداخله: أنا أقدر برده
ثم قبل شفتاها, وسحبها من يدها باتجاه الغرفة، فاعترضت قليلا: تعالى اتغدى، الاكل هيبرد ومش هيبقاله طعم
كامل: مانا هحلى الاول
دلفا للغرفة، وأغلق الباب خلفه..
----------
وماهى الا دقائق وكان هناك صوت طرق عال على باب الشقة, فأسرع كامل بلبس بنطاله واتجه للباب، وما ان فتحه حتى سقط أرضا على أثر لكمة مصطفى
مصطفى وقد جثى فوق كامل يكيل له اللكمات صارخا: البت فين؟ عملت فيها ايه يا وضيع يا ندل
كامل لم يكن ضعيف البنيان هو الاخر، فقد صد عنه اللكمات ودفع كامل عنه: وانت مال أهلك
ثم سدد كامل بعض لكمات لمصطفى، ومصطفى قد أصبح فى أوج غضبه ولم يعد لكامل المقدرة على صده أكثر من ذلك
فى نفس الوقت كانت شادية قد ارتدت ملابسها، واختبأت بجوار باب الغرفة تتابع ما يحدث، وعندما وجدت كامل لم يقوى على الصمود صرخت عاليا وهى تجرى اتجاهه باكية لتمنع عنه لكمات مصطفى: سيبه يا ابيه ارجوك كامل ده جوزى
صدم مصطفى من جديد فتوقف عن ضرب كامل، بينما اقتربت شادية من كامل تحاول افاقته ومازالت دموعها على وجنتيها: كامل حبيبى فوق ارجوك فوق وابقى كويس عشانى
مصطفى بذهول: مراته!!.. ازاى؟!
اتجه مصطفى الذى بدء يفيق ويعى ما تفوهت به منذ ثوان، فاتجه لكامل الراقد أرضا فجذبه من ذراعه العالية صارخا به: عملت فيها ايه يا حقير
بينما الفتاة تحاول تخليص زوجها من يديه: والله مراته حتى اسأله
استعاد كامل اتزانه، وبحركة سريعة سدد لكمة قوية لمصطفى اطاحت به.. سقط مصطفى ارضا, وبينما يحاول الوقوف نظر غاضبا لخصمه: جواز ازاى يعنى؟ دى عيلة طفلة.. مأذون مين اللى جوزها من غير ولى؟
ببراءة اجابت شادية باكية: لأ ده عند محامى
استشاط غضبا، واتجه لضرب كامل من جديد: اه يا واطى يا ابن .... تضحك ع البت بعقد باطل
أخذا الرجلان يتصارعان، صرخ كامل بغضب وهو يقذف كامل بعيدا عنه: جاتلى بمزاجها
مصطفى وهو يعيد له اللكمات: ضحكت على عيلة من دور عيالك بحتة ورقة عشان مراتك متعرفش
صرخت شادية: ايه مراته، لأ هو مش متجوز غيرى
جرت ووقفت بين الرجلين لتنهى الصراع، وتتأكد من براءة حبيبها من ادعاءات جارها، نظرت فى عينى زوجها برجاء: قوله انى مراتك ومفيش واحدة تانية فى حياتك
أزاح كامل يدها من على صدره، ونظر فى عينيها بقوة رافعا أحد حاجبيه: أنا مضربتكيش على ايدك، ولا شربتك حاجة أصفرة.. أنتى جتيلى بمزاجك
بعيون لامعة ونبرة منكسرة: أنا مراتك
كامل بقوة: لأ مش مراتى
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 09-08-17 05:31 PM

**الحلقة8: زوار الفجر
 
**الحلقة8: زوار الفجر
صدمت شادية من تصريح كامل أنها كانت مجرد نزوة لرجل متزوج بأخرى, وأن شرفها لا يهمه.. انهارت أحلامها عندما اصطدمت بصخرة دناءته.. ولكن الذنب ذنبها فهى من صدقته وأطاعته.. أعطته قلبها ليمزقه.. ليتها ما رأته
عاد مصطفى من جديد يستعد لبدء العراك مرة أخرى، ولكن منعته شادية بيدها
ثم نظرت لكامل بانكسار وعيون باكية:
انت فاكر أن ربنا هيسيبك..
فاكر ربنا هينسى حقى..
فاكر أن الدنيا مش دوارة..
واللى عملته فيا مش هتدوق مرارته..
أوعدك بكرة هتكون مكانى وهتتوجع وجعى يوم متلاقى اللى جرارى فى أقرب حد ليك..
هتشهد على كسرت قلب وذل أكتر حبيب ليك..
هتلاقيه مكانى وهتكون عاجز عجزى..
نظرت له باحتقار وهى تضع يدها على ذراع مصطفى، فى اشارة منها للخروج من ذلك المكان الذى شهد أسعد أيامها كما شهد ذبحها: أنا بكرهك
----------
كانت سعاد جالسة تندب حظها وتبكى، وبين قدميها شادية تبكى ندما: ليه كده يا بنت بطنى.. ليه يا بنتى تفضحى نفسك وتفضحينا.. ده ابوكى كان راجل كمل, وأنا عمرى معملت العيبة.. ليه يا بنتى تعملى فى نفسك وفينا كده
شادية ببكاء هستيرى: سامحينى يا امه.. أنا غلطانة بس أبوس أيدك ورجعلك تسامحينى
انحنت على قدميها تقبلها، فنزعتها أمها من الارض، وأخذتها فى حضنها.. فتدفن شادية وجهها فيه: ليه بس يا بنتى تقهرينى.. دانا ملييش فى الدنيا غيرك يا ضنايا.. ليه بس
--------
مرت الأيام ثقيلة مؤلمة على سعاد وابنتها ولا يدريان ما العمل لانقاذ سمعة الفتاة فهما وحيدتان على الرغم من وقوف جارهما مصطفى معهما، ولكن تظل المصيبة وصمة عار لهما فقط.. وما زاد من خطورة الموقف هو أن الفتاة بدأت بالشعور ببعض التعب، وعندما اصطحبتها أمها للطبيب علمت أن شادية حامل فى بداية شهرها الثانى، فاستدعت سعاد مصطفى لتبحث معه عن مخرج من أزمتها..
تتحدث الحاجة سعاد بمنتهى الغل: اسمع يا مصطفى.. حق بنتى مش هيضيع.. عرفنى طريق الواطى ده.. وأنا اجيب أجله
مصطفى محاولا تهدئتها, فجلس جوارها ليحادثها: اهدى يا حاجة عشان الضغط ميعلاش عليكى، بنتك محتجالك
سعاد بغضب: بنتى محتجالى انصرها على اللى ظلمها
مصطفى: مصطفى شيطان ونابه أزرق، ومش هنوصل معاه لحق ولا باطل.. العقل دلوقتى بيقول أننا نضغط عليه يكتب كتابه عليها يومين ويطلقها
سعاد مقاطعة: يا مصطفى بدل مشرب من دمه أكافئه على ندالته مع بنتى
مصطفى بتعقل: لو ده اللى هيستر على بنتنا يبقى أيوة، والا فهمينى هتعيشوا ازاى وسط الناس لما الحمل يبان عليها
سعاد بنحيب: أه يانى.. بنتى ضاعت خلاص
مصطفى: أهدى يا حاجة.. أنا هتكلم معاه، وهضغط عليه واهدده ان معقدش عليها هبلغ مراته.. هو بيخاف منها عشان طمعان فى ثروتها
سعاد بقلة حيرة: وان موافقش؟
مصطفى: مقدميش حل الا منال مراته
--------
مرت ثلاثة أيام بطيئة، خيم فيها الحزن وأسدل أستاره على منزل الحاجة سعاد ومصطفى.. فى نفس الوقت الذى أندلعت فيها النيران بين كامل ومصطفى، وانتهت بالتهديد بابلاغ الزوجة المخدوعة..
تستيقظ الحارة فجر اليوم الرابع على صراخ وعويل بمنزل مصطفى، لقد اقتحم زوار الفجر المنزل كما هى العادة دون أدنى اعتبار لحرمة البيت وقاطنيه.. وبين لحظة وأخرى اختفى مصطفى كأن لم يكن موجودا من قبل..
توالت الأيام والجميع يحاول البحث عن الغائب، ولكن كل المحاولات قد باءت بالفشل.. حتى أن المجند محمد أستغل علاقاته القوية بقادته، ولكن جاء الرد باغلاق هذا الموضوع وعدم التحدث فيه مرة أخرى، فهذا الرجل قد قبض عليه بتوصية عليا ولا مجال لحل الأمر..
--------
بخطوات مرتبكة صعدت للشقة، وبيد مهزوزة رنت جرس الباب.. كانت مترددة ولم تستطع سوى الاقدام على الأمر، فبسببها ضاع رجل لم يكن له ذنب سوى انه وقف بجانبها، ليدفع بذلك ثمن خطيئتها التى لا تغتفر..
فتح الباب بهيئة المعهودة، نظرات جامدة على وجهه يشع منها مكر ودهاء
يالله كيف أحببت ذلك الرجل!
هكذا حدثت شادية نفسها, فأخرجها من شرودها صوته الذى أصبحت تكرهه: خير
شادية بارتباك وهى مسلطة عيناها على الارض: من فضلك خرجه من المعتقل
استغرب كامل كلماتها: معتقل! مين ده؟
شادية ناظرة له بعتاب ممزوج بالالم: ابيه مصطفى.. أنا متأكدة انك انت اللى سجنته
قاطعها كامل: وانا هعمل كده ليه؟
ببراءة اجابته سريعا: لما عرفت انى حامل
أدعى جهله بالامر، وجذبها من يدها لداخل الشقة ممثلا السعادة والفرح: انتى بتتكلمى بجد يا شوشو
ثم جذبها بالقوة لحضنه: قوليلى انى مبحلمش وانه حقيقى، أخيرا هكون أب ومنك انتى يا حبيبتى
أجلسها على كرسى الصالون، ونزل على ركبتيه ناظرا فى عينيها بحب: أنا أسف يا حبيبتى على كل اللى حصل، مكنتش أقدر أقولك انى متجوز.. الجوازة دى كانت غصب عنى.. أنا كنت بشتغل عند ابوها وبعتبره فى مقام والدى، ولما حس أنه هيموت صمم اتجوزها لانه كان خايف عليها من ولاد الحرام.. ومكنتش اقدر أرفضله طلب
ثم تابع: والله مش بحب غيرك
شادية بدموع: أمال لو بتكرهنى كنت عملت فيا ايه اكتر من كده؟!
مسح كامل دموعها: اضطريت اكدب عليكى عشان متسبنيش، ومكنتش أقدر أتجوز عند مأذون شرعى عشان هى متعرفش، دى ست شرانية.. اوعى تصدقى مصطفى انى جوازنا باطل.. أنا كنت مستنى الفرصة عشان أطلقها ونتجوز واعملك فرح كبير
شادية بشك: أمال ليه عملت معايا كده لما أبيه مصطفى جه
كامل مبررا ماحدث: كنت غضبان من هجومه عليا، فقلت أى كلام انرفزه بيه.. كنت غضبان سامحينى..
شادية: طب مجتش ليه تعرفنى الحقيقة عند أمى
كامل: كنت عاوز اتكلم معاكى الاول وافهمك كل حاجة.. تعرفى كنت بستناكى كل يوم بالساعات ادام الحارة يمكن تخرجى، بس ولا مرة سبتى البيت
بدأت شادية تصدقه، فتوقفت عن البكاء: بجد بتحبنى؟
كامل: ايوة طبعا بحبك وبموت فيكى انتى وابننا.. وهننزل حالا نتجوز، وهطلق منال.. يستحيل يجى ابنى ع الدنيا الا وانتى وهو الوحيدين فى حياتى
فرحت شادية كثيرا به ولكنها تذكرت ما جاءت بسببه: طب وأبيه مصطفى؟
كامل: أنا معرفش حاجة عنه وحياتك انتى وابنى عندى، بس أوعدك يا ستى أكلمله ناس كبار والليلة دى ينام فى بيته
شادية بفرح: بجد يا كامل
كامل مبتسما وهو يحتضنها: بجد يا روح كامل
أبعدها عن حضنه قائلا: يلا بسرعة ننزل ع المأذون
شادية: طب وأمى
كامل: هتصل بالشركة، أبعتلها عربية بالسواق يجبهالنا على مكتبه
شادية: طب منعدى ناخدها أحسن
كامل وهو يتجه صوب الهاتف: أنا مستعجل يا حبيبتى، معنديش صبر على وقت أضيعه وأنا بعيد عنك
--------
قاد كامل سيارته تجاوره شادية هائمة بأحلامها الوردية.. زوج حبيب سيكون عوضا عن أبيها الذى تفتقده بشدة.. وطفل تحمله يبهج قلبها.. وستنال رضا أمها بتلك الزيجة.. ولن يستطيع أحد الخوض فى عرضها.. حقا كلها أحلام رسمت البسمة على ثغرها..
على الجانب الأخر كان كامل شارد فى ملكوته.. فالموقف أصبح خطير.. من جهة زوجته الارستقراطية والتى الى الان لم تمنحه توكيلا بادارة ممتلكاتها فكل شئ مازال تحت سيطرتها، فهى عائق أمام طموحاته.. فتلك الزيجة تخضع للمصلحة فقط.. ومن الجهة الاخرى تلك الساذجة التى منحته بسمة رقيقة كالنسيم على صحراء سنين عمره الجرداء.. لن ينكر أنه استغل سذاجتها لينال مراده الخبيث، ولكن عندما رحلت شعر بالحنين.. يا لسخرية القدر فكامل أبو المجد أصبح فى حيرة من أمره بعد أن أعلمه مصطفى بحمل شادية.. هو ليس على استعداد للعودة للشوارع والضياع فقد كانت منال زوجته هى ورقة يناصيبه الرابحة.. جاءته محطمة القلب فلعب ببراعة على أوتار أحزانها، فأصبحت بين ليلة وضحاها خاضعة لكلماته الحنونة المزيفة.. ولكنها ليست كالساذجة الجالسة جواره.. فهى مازالت الملكة الحاكمة لامبراطورية أبيها الراحل، وهو مجرد وجهة ذكورية لمملكتها.. مع الأسف الشديد طمعه غلب مشاعره المؤقته بالحنين لتلك الفتاة.. فسارع بالتخلص من مصطفى عبر الزج به فى غياهب المعتقلات بوشاية كاذبة العمل مع جهات أجنبية للتخلص من حكم السادات عقب نصر أكتوبر العظيم.. بذلك استطاع القضاء على عصفورين بضربة واحدة, حقق لسليم باشا هدفه بالضغط على مصطفى وأسرته للرضوخ لسلطانه وفى نفس الوقت أبعده عن شادية حتى يستطيع الوصول اليها للتخلص من مشكلتها للأبد..
ظل كامل الايام الماضية مراقبا منزل شادية علها تخرج, ولكنها لم تفعل.. ولكن حظها العسير أرسلها اليه، ليحقق مبتغاه بسهولة، ودون أن يشعر به أحد.. لقد عقد العزم على التخلص من الجنين قبل افتضاح أمره أمام زوجته.. يعلم جيدا أن أسرة شادية لن تجابهة خصوصا مع سقوط مصطفى، وان علمت زوجته سيمر الامر وكأنه نزوة عابرة لن تؤثر على زواجه وطموحاته.. أما بالنسبة للذرية فمازال أمامه العمر بطوله لينجب أطفالا كثيرة يرثوا الامبراطورية التى يطمح ببنائها.. لا يهمه من أمهم، منال أم غيرها، ما يهمه الان هو الثروة وحتى ينالها يلزم التخلص من شادية..
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 09-08-17 08:45 PM

خاتمة الفصل الأول **الحلقة9: دماء على الطريق
 
خاتمة الفصل الأول
**الحلقة9: دماء على الطريق
شعرت شادية بالريبة، فلقد قاد كامل كثيرا حتى انها بالكاد ترى سيارات مجاورة، فسألته: هو المأذون مكتبه فين؟ السكة دى مقطوعة ولا أنا بيتهيألى؟
كان كامل مازال سابحا بأفكاره, وترتيب حساباته من جديد عندما قاطعه سؤال شادية، فأجابها بشرود: أه هو بعيد شوية، لأنه أبو صاحبى’ هيتغاضى عن حكاية سنك وولى الأمر.. عشان كده هنروحله.. متقلقيش يا حبيبتى
شادية بارتباك: كامل أنا خايفة
كامل باستنكار مصطنع: تخافى ازاى وأنا معاكى حبيبتى
مر الوقت بطيئا، والخوف حل محل أحلامها الوردية: أنا عوزة أرجع عند أمى..
كامل بعصبية خفيفة: والمأذون؟
شادية بخوف بدأ يسيطر عليها: أبقى هاته عند أمى
رد بغضب محاولا السيطرة عليه: أنا مش فاضى للعب العيال ده، زمان أمك عند المأذون أصلا..
--------
كما هو حال البشر
نتقلب بين خير وشر
أبيض وأسود
طريقان متوازيان استحال تقاطعهما
لا يمكننا السير عليهما معا
لذلك عند كل اشارة نتخذ القرار أيهما نسلك
كانت شادية هى اشارته, وعليه اتخاذ قراره.. فلا مجال للعودة أو الندم.. الان يمكنه التراجع والبدء من جديد معها ومع طفلهما.. حياة أسرية هانئة بغض النظر عن صغر سنها وبطلان زواجهما.. يمكنه تصحيح ذلك الخطأ.. خاصة أنه يكن لها المشاعر التى حرم منها طول حياته.. هو يعى ذلك تماما.. ورغم ذلك اختار طريق الضلال ليسر فيه دون تردد.. اختار بنفسه لون صحيفته..
--------
لاح بيت صغير من طابق واحد أمامهم، فأكمل كامل حديثه بهدوء وهو يزفر ببطء: خلاص وصلنا، هو البيت اللى هناك..
شادية بريبة: مش قولتلى ان السواق بتاعك هيجيب ماما؟ أمال فين العربية؟
كامل بارتباك: ممكن ميكونوش لسه وصلوا.. أو مستنيانا جوه والسواق مشى.. مهو أكيد هتروح معانا..
أوقف كامل سيارته أمام المنزل، ودعا شادية لمغادرة السيارة.. ترددت شادية قليلا، فما كان منه سوى أن دار حول السيارة ليقف قبالة بابها ليفتحه ويجذبها اليه: يلا بلاش لكاعة عندى شغل انهاردة كتير..
وقفا أمام باب المنزل الصغير فطرق بابه، لتفتح سيدة خمسينية الباب: أهلا يا بيه
ثم نظرت للفتاة المجاورة له متفحصة اياها من أعلاها لاسفلها: هى دى اللى عليها العين؟
أومأ كامل برأسه وهو يدفع شادية للداخل برفق حتى ولجا المنزل، فى حين ازداد خوف شادية.. فالمنزل يكاد يخلو من الاثاث, مجرد كنبة قديمة أمامها يجاوره كرسى وأمامه منضدة صغيرة عليها دورق مياه معدنى صدئ والارض مفترشة بحصير بالية.. لايمكن أن يكون ذلك منزل مأذون أبدا..
أخرجها من شرودها يد تلك السيدة وهى تجذبها من ذراعها باتجاه غرفة جانبية, فسحبت شادية يدها بسرعة فى فزع: سيبي ايدى، انتى وخدانى على فين؟ وعوزة منى ايه؟
أجابتها السيدة بتهكم وهى تضرب كف بكف وتنظر الى كامل الذى أخرج سيجارته وأشعلها لينفس بها بعض ما اعتمل بصدره: هكون عوزة منك ايه يا اختى! عوزة أخلصك من العار اللى بليتى أبوكى بيه..
قالتها وهى بتشير بنظرها لكامل
ياله من حقير، خدعها للمرة الثانية.. اليوم يريد التخلص منها ومن ابنهما, مدعيا أنه أباها.. لا وقت الان للندم.. ما عليها سوى الفرار قبل أن يقتل طفلها..
هكذا حدثت شادية نفسها، وكأن كامل قد قرأ أفكارها فجذبها اليه، كانت تصرخ مستغيثة وهو يجرها باتجاه الباب المغلق ومازالت سيجارته بين أصابع يده الأخرى وخلفه تلك السيدة.. وما ان اقترب من الباب، حتى فتحت سيدة أخرى الباب من الداخل.. لم تكن تختلف كثيرا عن السيدة الاولى، نفس الملامح الشرسة المحتقرة لها..
بصعوبة دلفت شادية للغرفة، ولم تتوقف عن الصراخ والاستغاثة.. ولكن لم يكن هناك مجيب.. وما هى سوى دقائق حتى انقطع صراخها تماما..
وصل كامل لقمة توتره فى تلك الدقائق، مشاعر مختلطة اربكته، ولا مجال للتراجع الان.. دقائق أخرى كان قد انهى خلالها سيجارته الثالثة عندما وجد احدى السيدتين تدلف خارج الغرفة فى ارتباك تحمل منشفة متسخة تنظف بها يدها من الدماء العالقة بها.. ألقى سيجارته أرضا ودهسها بحذائه وهو ينظر لها بترقب..
السيدة: خدها يا بيه بسرعة على أقرب مستشفى.. بنتك لو فضلت هنا هتروح فيها
جذبها كامل من طوق جلبابها المنزلى: انتى بتقولى ايه يا خرفانة انتى؟ انتى قيلالى ان الحكاية بسيطة، والبت هتطلع صاغ سليم
تحاول السيدة تخليص نفسها من قبضة يده: مش وقته يا بيه.. البت لسه صغار وعضمها طرى مستحملتش.. بتنزف ولو متلحقتش هتموت.. العيل خلاص نزل.. ومهمتى انتهت..
ابتعدت عنه السيدة والشرر يتطاير من عينيها، وبنبرة محذرة: خدها يا بيه دلوقتى احسنلك وأحسنلها، البت لو فضلت ساعة زمن كمان هتفرفر, وأنا عندى اللى يتاوى جتتها لامن شاف ولا من درى.. خدها لو خايف عليها.. انا مش هجيب مصيبة لنفسى هنا..
أسرع كامل للداخل فحملها، وغادر ذلك البيت المشؤم.. دماؤها تقطر أرضا، قميصه الأبيض تحول الى الحمرة.. قد يكون الندم عرف طريق قلبه.. ولكن من منا يمكنه تغيير الماضى..
--------
لم يكن ذلك ما خطط له، كان هدفه واضحا التخلص من الحمل مع الحفاظ على حياة الفتاة.. ولكن ها هو الان يحملها وهى بين الحياة والموت بعد أن تخلص من طفلهما.. وضعها بسيارته، وانطلق بها غير عابئ بتخطيه السرعة القصوى، والتى من المحتمل أن تودى بحياتهم أثر حادث وشيك.. انقطعت أنفاسها، وشحب لونها، وجسدها يزداد برودة.. وهو يسارع الوقت للوصول لأقرب مشفى..
--------
ترجل كامل أمام المشفى وتوجه ناحية شادية فحملها مسرعا لادخالها المشفى، غير عابئ بسيارته التى ترك بابيها مفتوحين على مصرعيهما وغير مهتم كذلك بثيابه المخضبة بدماء بريئة..
ما ان دلف كامل مدخل المشفى حتى صرخ بطقم الممرضات بحدة أن يأتوا لانقاذها, وبالفعل هرولت اثنتين اليه وأخرى سحبت ترولى ليضعنها عليه بينما توجهت احداهن لغرفة الأطباء لاستدعائهم..
--------
عقب علمه باداعها غرفة العمليات توجه كامل الى الحسابات، أودع مبلغ كبير جدا فى حسابها.. كما استغل نفوذه وأمواله فى طى الأمر بعيدا عن المساءلة القانونية واخفاء اصطحابها الى المشفى .. نوى الرحيل للأبد دون حتى انتظار للاطمئنان عليها.. فكل دقيقة تعرضه للخطر خاصة ان توفت.. ولكن قبل المغادرة أوصى باستدعاء أمها, دون أدنى الاشارة اليه..
--------
هرولت الحاجة سعاد الى المشفى عقب ذلك الاتصال الغريب من الاستقبال والذى أتاها على هاتف البقال..
وما ان وصلت حتى علمت أن ابنتها بغرفة العمليات، لم يكن الأمر يحتاج لكثير من الشرح، ولم يكن ينقصها الذكاء لفهم الجريمة التى حدثت لابنتها.. ابن الشيطان تخلص من مصطفى ليستدرج ابنتها ليتخلص منها ومن جنينها.. لو كانت امرأة قوية لذهبت اليه لتثأر لشرف ابنتها وتحاسبه على جرائمه، ولكنها لا حول لها ولا قوة فهى مكلومة على وحيدتها لايهمها الان سوى حياتها.. تتضرع للخالق أن ينقذها، ويسامحها على تقصيرها فى تربية ابنتها.. أه من نفسها اللوامة، وجب عليها حمايتها وتوعيتها ولكنها دوما تراها طفلة لم يخطر ببالها أن يستغل شيطان سذاجتها..
لن ينفعها ندمها الان، أحسنت الظن بالله.. ولم يخيب الله رجاها، أنقذ طفلتها وحمى جنينها.. طمأنها الطبيب بتوقف النزيف واستقرار حالة ابنتها وحملها الذى نجى بأعجوبة.. حمدت سعاد ربها وشكرته شكرا كثيرا على رحمته بهم وقبوله لمناجاتها..
--------
كما فعل كامل فعلت سعاد، أخفت خبر نجاة الجنين بالمال خشيت أن يعلم ذلك الشيطان فيحاول مرة أخرى قتل ابنتها.. وعقب استقرار حالة شادية عجلت أمها بمغادرة المشفى، ولكنها لم تعد للحارة.. فضلت التوارى حتى لا يعلم كامل بنجاة ابنتها وحملها، خافت بشدة من تكراره المحاولة.. وبالتأكيد ان وصل لابنتها فلن يكون هناك للنجاة سبيل.. كما أنها تحتاج للوقت لتدبر أمرها فلا يفضح سترهم بالحارة.. تدبرت الأمر المرة الماضية فأشاعت عقب عودة ابنتها المرة الاولى أن ابنتها غضبت منها لرفضها عريس من أقاربها، فلجأت الى أهل أبيها للضغط على أمها للموافقة.. أما الان تحتاج للوقت حتى تفكر فى حجتها هذه المرة..
--------
مرت شهور قليلة كانت الحاجة سعاد تتابع ما يحدث فى الحارة من خلال تلك المكالمات مع زوجة مصطفى، والتى زادت عقب خروج مصطفى من المعتقل وعودته لحياته الطبيعية وانتهاء علاقة كامل بهم نهائيا..
وقد أشاعت زوجة مصطفى زواج شادية بأحد أقربائها بناء على طلب الحاجة سعاد لقطع ألسنة القيل والقال وأيضا حتى لا يثير حملها الأسئلة..
لم تعد لدى الحاجة سعاد رغبة فى العودة لمنزلها ولكن شادية أصبحت غريبة، بالتأكيد مامرت به أثر عليها كما أن المرض أضعفها حيث أصبحت ملازمة لفراشها.. أنطفأ بريق عينيها، أصبحت زاهدة للحياة، بصعوبة تقتات القليل بعد الحاح بصبر شديد من أمها.. لم تعد ثرثارة كعادتها، قليلا ما تتحدث ودائما تلح على أمها برغبتها فى العودة للمنزل، ويقابل ذلك رفض أمها خوفا عليها وعلى حملها من ظهور كامل مرة أخرى.. وقد برهن الأخير على سطوته ونفوذه, فرغم كل آثامه لن ينال أى عقاب.. ولكن حالة شادية النفسية السيئة دفعت أمها للتخلى عن عنادها وخوفها، خاصة بعد مرور تلك الأشهر والتى يبدو فيها أن ذلك الشيطان نسيها تماما بعد أن حقق مراده ونال ما أراد من ابنتها وعائلة جارهم..
ولكن القدر لم يمهلها الكثير, وكأنه عقاب السماء على تقصيرها فى رعاية ابنتها.. فقد شاء القدير استعادت منحته، فماتت شادية أثناء ولادة ابنتها.. لتكن سلمى بلسم يداوى جرح فراق وحيدتها..
Return
--------
صيف 1994
طرقت سلمى باب غرفة جدتها لتخبرها بموافقتها على الزواج من عادل، ولكن الجدة لم تجيب.. فزادت سلمى من حدة الطرقات، وكما السابق لا مجيب.. انشغل بال الفتاة على جدتها فدخلت مسرعة الغرفة وحاولت ايقاظ جدتها فلم تستجب، ومازاد من فزعها ان ملمس جلدها بارد وبشرتها شاحبة
فأسرعت سلمى بوضع ايشارب على رأسها واتجهت الى بلكونة الغرفة ففتحتها على مصراعيها بقوة وهى تصرخ لتستغيث: أبيه عادل.. الحقنى يا عادل
كان عادل مازال بصيدليته تحت منزلها يتسامر مع صديقه بهى ولم يشعرا بالوقت.. فخلال تلك السويعات استمتع مع صديقه بذكريات الطفولة والتى كانت سلمى وصديقتها سالى محورها حتى سمع استغاثة سلمى باسم عادل، فتوقف بهى عن الضحك: سلمى بتصرخ (لفظها بصعوبة بسبب عيب النطق لديه)..
نهض عادل عن كرسيه بفزع: سلمى
ثم أسرع بالخروج لينظر لاعلى بخضة: مالك يا سلمى؟
سلمى برعب وبكاء: الحقنى.. اتصل بالاسعاف.. تيته مبتردش عليا
ثم برجاء وقد ازدادت حدة بكائها فأصبحت نحيبا: أرجوك بسرعة هتروح منى، متسبنيش يا عادل
----------------------------
يتبع....
فى انتظار نقدكم البناء
وشكرا مقدما
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 12-08-17 10:04 AM

**الحلقة10: عفوا.. لا مكان للحب
 
الفصل الثانى
عشق ودماء
" عادل و سلمى "
---------------------
**الحلقة10: عفوا.. لا مكان للحب
لم ينتظر عادل سيارة الاسعاف فقذف بمفاتيح سيارته لبهى لتدويرها، فى نفس الوقت الذى أسرع فيه باتجاه شقة سلمى لجلب الجدة ونقلها للطوارئ..
عادل وهو يحمل الجدة وسط بكاء سلمى وعويلها متجها ناحية باب الشقة: يلا بسرعة يا سلمى هنقلها الطوارئ أسرع..
ثم بحدة ولهجة آمرة: بس حطى عباية عليكى متنزليش كده..
تناولت سلمى احدى عباءات جدتها وارتدتها سريعا فوق منامتها وهى تجرى للحاق بعادل..
نزل عادل فوجد بهى فاتحا باب السيارة الخلفى فأسرع واضعا الحاجة سعاد، جاورتها سلمى سريعا فأغلق الباب واتجه لمقعد القيادة يجاوره صديقه وأسرع للمشفى وقد تبعه بعض أهل الحارة..
--------
أصر طبيب الطوارئ على اخراج سلمى من غرفة الكشف بسبب حالة البكاء الهستيرى التى تعيقه عن عمله.. فأخرجها عادل وعاد ثانية للغرفة، وكلما حاولت الدخول منعها بهى.. وبصعوبة أستطاع جذبها من عند الباب واتجه بها الى كراسى الاستقبال فى نهاية الرواق وتركها مع بعض الجيران، واتجه هو مجاورا لباب الكشف الذى انفتح بعض دقائق فهمس عادل لبهى ببعض كلمات تغيرت فيها معالم وجه الأخير..
اغلق عادل الباب ثانية بينما اتجه بهى ناحية سلمى ببطء, وما ان اقترب منها حتى أسرعت بالنهوض عن كرسيها: بهى.. تيتة فيها ايه؟ هى كويسة صح؟
قالتها بخوف ممزوج ببكاء, فقاطعها بتهتهته المعتادة: يلا بينا هروحك يا سلمى..
لم تتمالك نفسها وهى تسأله ثانية عن حالة جدتها، فنظر أرضا: البقاء لله..
صرخت سلمى باسم جدتها وهى تركض ناحية غرفة الكشف، ففتحته دون استئذان لتتجه ناحية جدتها الساكنة فوق سرير الكشف.. وبسرعة سحبت الغطاء عن وجهها تناديها باكية: يا تيتة أخرجى، تعالى نروح يا تيتة، خلينا نمشى من هنا عشان خاطرى.. متسبنيش.. ملييش غيرك يا تيتة.. عشان خاطرى..
جذبها عادل بصعوبة فأخرجها من الغرفة واغلق الباب خلفه ليمنعها من الدخول ثانية.. ظلت تنوح وتصرخ حتى جلست أرضا ضامة ركبتيها معا لتدفن رأسها بينهما..
آه يا سلمى
و فى عشقك أنا مجنون
لو أغمضت عيون الخلق عنا، لكنتى الآن ساكنة ضلوعى
كم رغب عادل فى احتضانها لمواساتها، ولكنه يعلم أن ذلك غير مقبول فهى ليست زوجته بعد ليقرب منها كما يتمنى.. لم يرغب أن يراها أحد على تلك الحالة فوقف قبالتها ليدارى بجسده اياها، حتى شعر بمن يجذبه من ذراعه ليجثو أرضا جوار حبيبته..
أسرعت سالى بضم سلمى فى حضنها، بينما ضغط عم محمد أبو سالى على كتف عادل بخفة لينبهه لوجوده: سيبها لسالى وتعالى معايا يا ابنى..
أطاعه عادل بوجه واجم
محمد: خلص انت وبهى تصاريح الدفن يا ابنى.. وأنا هكلم خالتك أم سالى تتصرف عشان الغسل، والجيران اللى جم معانا سبقوا ينصبوا الصوان..
أطل عادل بنظرة على سلمى المنهارة: طب وسلمى؟
عم محمد: هخدها أروحها هى وسالى، مينفعش تفضل هنا.. دى قلبت المستشفى.. ميصحش نزعج المرضى أكتر من كده..
عادل بحزن ومرارة: الله يكون فى عونها..
--------
بعد أسبوع
تجلس سلمى على طرف سرير المرحومة جدتها بعد انتهاء أيام العزاء، ترتدى فستان أسود وشعرها معقوص ديل حصان.. يبدو على وجهها الأرهاق نتيجة لقلة النوم والأهمال فى طعامها..
فقدت جدتها التى كانت لها أما وصديقة.. فقدت بر أمانها وملجئها.. فقدتها الى الأبد, وفقدت معها نكهة الحياة.. كانت عائلتها، فأضحت اليوم وحيدة.. آلمها ذلك الشعور بالخواء الذى سكن روحها..
ظنت أن فى البكاء راحتها، ولكنها توهمت أنه ترياقها.. فما زادها الا وجعا, فكفكفت دموعها بظهر يدها، وفتحت صندوق جدتها الصغير المجاور لها.. ذلك الصندوق النحاسى ذو النقوش الدقيقة والذى يحمل بداخله ذكريات جدتها التى أصبحت ميراثها الان..
فتحت الصندوق وبحثت فيه حتى وجدت ضالتها.. ألتقطت صورة والدها القديمة والتى استردتها منها جدتها عقب اخبارها بحقيقة أبيها.. أمسكتها بيدها تتمعن النظر اليها بعيون تقاوم الاستسلام للدموع: معدلوش لزوم أقابلك..
- كان نفسى تشوفنى ادامك وأنا قوية وبعرفك انى عايشة غصبن عنك..
واخد حق أمى منك.. واحاسبك انك كنت سبب فى حرمانى منها..
بس خلاص معدش مهم
كده انا اتحرمت من كل حاجة.. ودوقت طعم اليتم من تانى.. بقيت وحيدة بجد
حدثتها نفسها: طب وعادل.. ليه متوفقيش عليه وتأسسى معاه الاسرة اللى حلمتى بيها.. يكون ليكى بيت وعيال كتير يعوضوكى عن وحدتك ويخلوكى تنسى أبوكى؟
فكرت برهة ثم هزت رأسها يمينأ ويسارا ببطء علامة ع الرفض: أسفة يا عادل مقدرش أحل بيك مشاكلى وأظلمك معايا.. مفيش مكان فى قلبى للحب.. قلبى انجرح من ابويا وانت مش دوايا
- وليه ميكونش دواكى.. انتى عارفة انه طول عمره بيحبك حتى من قبل ما جدتك تعرفك.. خوفه عليكى وحنيته حتى عصبيته وغضبه انتى واثقة انه بيحبك
Flash back
من أسعد أيام حياتها ذلك الصباح الذى أعلن نجاحها بالمرحلة الثانوية.. أخيرا ستلتحق بالجامعة.. لم تعد طفلة كما يدعوها الجميع.. ستودع ضفائرها البنية وذلك المريول ذو اللون الداكن.. سترتدى الفساتين والكعب العالى كما كانت تتمنى..
هكذا حدثت نفسها وهى فى طريقها للعودة للمنزل عقب احضارها لنتيجتها من المدرسة ولكن قاطع حبل أفكارها ظهور عادل أمامها بابتسامته المخصوصة لها، نعم كانت له ابتسامة جذابة وكأنها اتخذت عهدا الا تظهر على محياه الا لها وحدها: الجميل جه منين..
بفرحة وابتسامة طلت على محياها: أبيه عادل.. أنا نجحت..
زفرعادل فى ضيق مصطنع ومازالت ابتسامته تشرق على وجهه: يا دى أبيه.. ماشى يا ستى.. مانا عارف من بليل..
سلمى وقد تبدلت ملامحها للغضب: كده متقولييش.. زعلانة منك..
شبكت يداها أمام صدرها، وازاحت عينيها عنه فى استياء، فبررعادل لها: ميهونش عليا زعلك يا سوسو.. بس كان لازم اشتريلك هديتك الأول زى كل سنة..
ثم ناولها كيسا ورقيا كبيرا كان يحمله، فصفقت يدها فى مرح قبل أن تتناوله: هدية ليا أنا، ربنا يخليك ليا وميحرمنيش منك أبدا..
عادل: طب بصى فى الهدية الأول يمكن متعجبكيش..
تهز سلمى رأسها يمينا ويسارا: من غير مشوفها.. أنا واثقة أنها تحفة..
لمعت عيناها العسلية وهى تغمز بطرفها لتقول فى مرح ممزوج بالخبث: وغالية كمان..
ضحك عادل ثم تابع بالحاح: افتحيها بس..
استسلمت سلمى لالحاحه وفتحت الكيس الورقى لتتفاجأ بوجود فستان فيروزى وحذاء ذو كعب عال, بالاضافة الى ايشارب منقوش..
تفاجأت سلمى بمحتوى الكيس: جبتلى حجاب؟
عادل بهدوء وابتسامة رقيقة: سوسو كبرت خلاص، ضفايرها لازم تتفك.. بس مينفعش حد يشوفها.. أن الأوان للحجاب يا سوسو..
سلمى: حاضر..
أندهش عادل من استجابتها السريعة لطلبه، لقد عهدها عنيدة.. ترفض كل ماهو مقبول.. لتبرهن فقط على قوة شخصيتها: بجد.. حاضر من غير خناق وعناد!
سلمى بابتسامة: عندك حق يا أبيه، لازم اتحجب دلوقتى.. وأى حاجة نفسى فيها هعملها فى البيت براحتى..
عادل بذهول: ربنا يكملك بعقلك يا سوسو.. كنت فاكر هندخل فى معارك عشان توافقى..
سلمى: يعنى لا كده عاجب ولا كده عاجب..
عادل بعصبية خفيفة ونفاذ صبر: أمشى اتجرى يا بت على فوق، ومشفكيش من غير حجاب تانى..
سلمى: بت! كده انت أبيه عادل اللى أنا أعرفه.. مش تقولى سوسو..
اتجهت ناحية منزلها: قال سوسو قال!
أعطته ظهرها، فارتسم على وجهه ضحكة برع فى كتمانها..
Return
- أول مرة انتبه يومها أن العيون دى عيون عاشق.. ابتسامته.. هدوءه.. عصبيته وغضبه.. كلها كانت بتقول أنه بيحبنى.. وانى غير الدنيا كلها عنده.. طول عمره سندى وضهرى وأمانى.. عندها حق تيته لما قالتلى أنها هتكون مطمنة وأنا مراته..
- ايوة هو بيحبنى.. لكن أنا.. معرفش اذا كنت بحبه ولا لأ..
- طبعا بتحبيه..
- لأ مش عارفة ثم انتى نسيتى ان ابوكى ضحك على أمك بالحب.. ميمكن عادل زيه.. بيعمل كده برضه عشان يتجوزك وخلاص
- لا لا لا عادل مش زى أبويا
- وايه اللى مخليكى متأكدة انه مش زى أبوكى.. كلهم واحد كدابين وغشاشين
- لا.. عادل بيحبنى
- حتى لو فعلا بيحبك.. بلاش تبقى غبية وتكررى غلطها.. بلا حب بلا جواز بلا كلام فارغ
شيلى من دماغك الحاجات دى وشيلى برده منها فكرة الانتقام من ابوكى.. انتى مش اده.. ولا أصلا هتعرفى تعمليله حاجه.. فوقى لنفسك وبس
تذكرت سلمى أخر يوم فى الجامعة قبل وفاة جدتها عندما أخبرها أحد أساتذتها بالجامعة عن بعثة لهولندا لاستكمال دراستها العليا فهى من أوائل الكلية وهى جديرة بها.. وقد وعدته بالتفكير فى الأمر..
سلمى بتنهيدة المضطر: يظهر آن الأوان فعلا انى ابدأ من جديد..
----------------------------
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 12-08-17 10:24 AM

**الحلقة11: أَنْتِ لى
 
**الحلقة11: أَنْتِ لى
طرقات خفيفة على باب شقتها أخرجتها من حديثها مع نفسها، فخرجت من غرفتها لترى من الطارق..
سلمى مرحبة بضيفاها، وقد سرت من رؤيتهما: أهلا وسهلا.. اتفضلوا..
عم محمد: يزيد فضلك يا بنتى.. معلش أزعجناكى.. احنا عارفين ان اليومين دول صعبين عليكى.. بس انتى عارفة الكل كان بيحب الحاجة سعاد.. أفضالها وخيرها ع الكل.. مكنش بيفوتها واجب.. فدايما هتلاقى الجيران بيشأروا عليكى..
قالها عم محمد أثناء اتجاهه للصالون يتبعه عادل ثم سلمى..
سلمى بترحيب: أنتم أصحاب بيت يا عم محمد، وأحنا أهل..
عادل: أزيك يا سلمى.. عاملة ايه..
سلمى بحزن: الحمد لله على كل شئ.. مقدر ومكتوب..
عم محمد مستفسرا: أمال البت سالى فين، أمها قالتلى أنها نزلتلك أول مصحت من النوم؟
سلمى: لسه نازلة من شوية، رجعت البيت يا عمى..
عم محمد: ندخل فى الموضوع اللى جايينلك فيه..
سلمى: اتفضل حضرتك..
عم محمد: أنا عارف أن الوقت مش مناسب، بس العقل هو اللى هيخلينى اتكلم دلوقتى عشان مصلحتك.. عادل كان طالب ايدك من الحاجة..
كادت سلمى تقاطعه فأشار لها بالسكوت: من غير متتكلمى، أنا فاهم.. بس هو وحدانى وأنتى زيه.. وهو طالب الحلال.. تتلموا فى بيت واحد..
توقف عن الحديث برهبة ليمنحها مساحة للتفكير فى الأمر، ثم تابع: كلام الناس مبيرحمش يا بنتى لو لقوكى عايشة لوحدك من غير راجل..
سلمى بحرج وصوت منخفض: مينفعشى يا عمى..
كان عادل صامتا موليا عم محمد زمام الأمور للتحدث باسمه، وقد آثر متابعة حركاتها وسكناتها التى يعشق الاستغراق فيهما، حتى قطعت كلمتها صمته: أكيد يا سلمى مش هينفع نتجوز دلوقتى، هنقرا فاتحة بس دلوقتى، وبعد الاربعين نكتب الكتاب ولما السنوية ان شاء الله تعدى تبقى الدخلة..
سلمى بهدوء: أنا هسافر أحضر الماجستير والدكتوراة برة..
كاد عادل أن يتحدث ولكن ضغط عم محمد على مرفقه بهدوء: يا بنتى ايه اللى يخليكى تتشحططى بره بلدك، واحنا عندنا فى مصر نوابغ.. وأكيد عادل مش هيمانع..
عادل بسرعة: لا طبعا دانا أفرح بطموحها، وطول عمر نجاحها بحسه نجاحى أنا..
بهتت سلمى من صدق كلماته، ولكنها قد اتخذت قرارها مسبقا: أسفة، أنا خلاص قررت أسافر، ومش هينفع أرتبط حاليا..
بدى الغضب جليا على وجه عادل، فآثر عم محمد الانسحاب به قبل أن يتفوه بأى كلمة حمقاء قد يندم عليها مستقبلا..
--------
دخل عم محمد شقته وألقى السلام على زوجته وابنته، ثم اتجه لأقرب كرسى: بت يا سالى أنتى مش قولتيلى أن صحبتك ميالة لعادل..
رفعت سالى عينها عن صينية العدس التى تجمع منها الشوائب العالقة: أيوة يا بابا، فعلا..
استغرب محمد من كلمات ابنته الموجزة: أمال رفضته ليه، دى
قاطعته سالى بشهقة: رفضته!، البت دى هبلة..
تحركت عن مقعدها سريعا, وهى تجذب طرحتها: بعد أذنك يا حبيبى، هنزل أشوف المجنونة دى..
أذن لها أباها بعد وعد منها ألا تتأخر لتشاركهم طعام الغذاء، فأسرعت بالذهاب لصديقة طفولتها لتفهم منها سبب رفضها للزيجة الغير مبرر..
--------
طرقات متلاحقة عنيفة على الباب ازعجت سلمى، فاتجهت بغضب لتعنف الطارق الذى لم يكن سوى صديقته، فهدرت بضيق: ايه الرزع ده، هتكسرى الباب..
ثم اتجهت لتجلس على احدى مقاعد منضدة السفرة بالصالة، بينما سالى تحدثها بغضب بعد أن دخلت وأغلقت الباب ورائها متجهه الى الكرسى المقابل للجالسة عليه سلمى ببرود: دأنا هكسر دماغك مش الباب، ايه اللى هببتيه ده!.. فى واحدة عاقلة ترفض شاب زى عادل!..
سلمى ببرود: أه.. أنا..
سالى: تبقى غبية ومش وش نعمه ومتستهلهوش.. شاب طول بعرض.. مثقف.. كسيب
ثم غمزت بطرف عينها: وحليوة.. راجل ملو هدومه..
سلمى بسخرية وتهكم: لو عاجبك اتفضليه.. حلال عليكى..
سالى بتنهيدة: ياريت يا اختى كان القلب خالى.. بس أنا شبه عادل.. بحب ومش طايلة.. الفرق اللى بينا أنه بيصرحلك بحبه ورايدك.. لكن أنا مقدرش أنطق وأصرح باللى فى قلبى
ثم تابعت باستياء: يظهر أنه حب من طرف واحد..
أنبت سلمى نفسها على عدم حذرها فى الكلام، فألبت بسخريتها المواجع على صديقتها: أسفة يا سالى، مكنتش أقصد.. بهى مش هيلاقى ضفرك.. بس تلاقيها مشكلة نطقه هى اللى مخلياه منطوى..
نفضت سالى عن رأسها تلك الأفكار التى ألهتها عن سبب حضورها: ممكن تفهمينى ليه رفضتى، طول عمرى عارفة انك هتكونى من نصيبه.. والأعمى بس هو اللى يفكر أنك مش ميالة ليه.. ممكن أفهم السبب..
تنهدت سلمى وأخفضت بصرها: لأنى مش قادرة أكون بيت.. مش حاسة انى أقدر أقدمله الحب اللى بشوفه منه.. مش عارفة اتخيل نفسى مسئولة عن أسرة.. حاسة قلبى بارد..
أمسكت سالى بيد صديقتها الموضوعة على المنضدة: ده مش سبب يا سلمى.. كلنا بنخاف.. ده طبيعى.. يا سلمى لو احنا متجوزناش وبقينا أمهات مين اللى يستاهل ينول ده..
صوت تكسير عال قطع استرسالهم فى الحديث، فهتفت سالى متسائلة: فى صوت تكسير؟ صح؟
سلمى بقلق وهى تتجه للشرفة: بيتهيألى جاية من قصادنا..
سالى وهى تلحق بها: من عند عادل؟
--------
نوبة غضب أصابته منذ رفضها اياه ، فصعد منزله ليختلى بنفسه.. حاول اقناع نفسه أن رفضها ناتج عما تمر به من صدمة فراق جدتها، وترى أن الهروب هو الحل حتى تخفى آلامها.. ولكن ذلك العذر بدى واهيا أمامه، فزادت تلك القناعة من غضبه فبدء بتكسير كل شئ أمامه فى هياج
أنا ترفضينى ياسلمى
بعد العمر ده كله ترمينى ورا ضهرك
عوزة تسيبينى وتحرمينى منك
20 سنة ملازمك زى ضلك
احاجى عليكى واحميكى من غدر الدنيا
وبعد ده كله تقوليلى لأ
طب ليه؟
عشان ايه!
لا
مش ممكن
مش هسيبك
ثم سقط أرضا فأسند ظهره للحائط ضاما ركبتيه الى صدره، رافعا رأسه قليلا مثبتا مؤخرتها على الحائط ليفضفض باكيا: ليه تعملى فيا كده
دانتى الوحيدة اللى ساكنة قلبى، وشاغلة فكرى
مش هسمحلك تسيبينى
مش هسيبك
انتى ليا
مش هتفارقينى حتى لو وصلت احبسك فى قمقم
--------
توالت الأيام ومازالت سلمى على عنادها وقد بدأت الاجراءات الرسمية لنيل المنحة بالخارج، بينما عادل لا يكل ولا يمل فى عرضه للزواج مرة وراء أخرى ويقابل دائما بالرفض حتى أصبحت تتهرب من رؤيته، ولا تغادر المنزل الا للضرورة القصوى..
مرت أشهر معدودة على ذلك واقترب موعد سفرها، كان عادل يغيب باليومين والثلاث يغلق معها صيدليته مما أقلق سلمى عليه خاصة مع توقفه عن محاولة اثنائها عن رأيها، ولكن لم تحاول السؤال عنه حتى لا تعطيه أملا زائفا.. ثم اختفى شهرا كاملا ليعود وقد بقيت أيام معدودة على رحيلها..
كان بصيدليته يقوم ببعض أعمال الجرد عندما سمع سالى تحييه تجاورها سلمى تنظر أرضا فى خجل: صباح الفل كنت غايب فين ده كله، قلقتنا عليك..
لكزتها سلمى برفق، فتوقف عن العمل ورد السلام وهو متجه اليهما خارج الصيدلية: صباح الخير يا بنات، أبدا كان عندى شوية مصالح بقضيها.. ادخلوا الصيدلية عاوز أقول لسلمى كلمتين مينفعوش فى الشارع عشان محدش يلسن عليكم..
سالى وهى تجذب صديقتها من ذراعها: أه وماله.. أنت صح.. أبو الأصول والمفهومية كلها..
جلست الفتاتان على المقعدين المقابلين لمكتبه، فوجه حديثه الى سلمى: بداية كده يا بنت الناس أنا لسه شارى.. لو مخنوقة من المكان هنا عشان ذكريات جدتك بسيطة
أخرج مفتاح من جيبه وورقة عقد: ده عقد شقة هتعجبك جدا فى حى بعيد وهنعزل من هنا خالص، دراستك كمليها براحتك ان شالله ابيع شقتى عشان مينقصكيش حاجة.. المهم عندى ترضى..
سلمى: عادل أنا مش عوزة اتجوز..
عادل: لو فى حد تانى عرفينى..
أسرعت سلمى بالنفى: لأ مفيش.. ولو في حد كان هيكون أنت
عادل بنفاذ صبر: يا سلمى....
فقاطعته لتمنعه عن استكمال حديثه المعهود: أنا كنت عوزاك فى حاجة كده وأرجوك مترفضش..
عادل: أأمرينى يا سلمى
سلمى: أنا هعملك توكيل عشان تبيعلى البيت على مهلك بعد مسافر..
عادل وقد أرجع ظهره للخلف: دانتى مش ناوية ترجعى بقى..
سلمى بارتباك لفهمه طريقة تفكيرها: مش الفكرة.. بس مضمنش ظروف المعيشة تبقى عاملة ايه هناك، فالأفضل يبقى تحت ايدى فلوس بزيادة..
عادل بتنهيدة: مجهزة الرد كمان، ماشى يا سلمى يعنى مأمنانى على مالك، ومش مأمنانى على نفسك!
سلمى: عادل أنت لو قولتلى أرمى نفسك فى النار.. هرمى روحى فيها.. لأنى واثقة أنك عمرك متأذينى..
تخلت سالى عن صمتها: دانتى بت غريبة والله..
بينما شرد عادل للحظات فيما أقدم على ترتيبه طوال الشهر المنصرم..
----------------------------
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 13-08-17 04:19 PM

**الحلقة12: حمقاء ومجنون
 
**الحلقة12: حمقاء ومجنون
قاد عادل سيارته الصغيرة قديمة الطراز مساء وبجواره سلمى لايصالها الى المطار، وهو يعلم جيدا انه لم يتبق له سوى سويعات مع محبوبته قبل ان تحلق بها الطائرة لتبعدها نهائيا عنه، لتبدأ بذلك صفحة جديدة من حياتها فى نفس الوقت الذى ستنتهى به حياته هو.. لن يسمح لها بفراقه ولكن لم يتبق من الوقت سوى القليل.. ليس هناك مفر امامه سوى محاولة اخيرة لاقناعها بالعدول عن قرارها..
نظر اليها بزاوية عينه نظرة خاطفة استجمع بها شتات افكاره، ثم اخذ نفسا عميقا ليحدثها بمرارة واضحة بادية فى صوته الراجى، وهو مركزا بصره على الطريق السريع الذى يكاد يخلو من السيارات فى مثل تلك الساعة التى تجاوزت منتصف الليل: غيرى رأيك يا سلمى متسافريش..
سلمى بهدوء وقد اخفضت وجهها لتستقر عيناها على يديها التى لم تتوقف عن فركهما: عادل من فضلك معدش ينفع انا لازم اسافر مش هرجع عن قرارى.. ده مستقبلى وأنا........
اوقف سيارته بشكل مفاجئ أفزعها وكادت رأسها تصطدم بالزجاج أمامها، مما صدمها واربكها فتوقفت عن الاسترسال فى حديثها.. نظر لها بغضب فالتفتت له وهى تحاول ابتلاع ريقها.. حاول ان يستجمع شتات نفسه ليتابع بهدوء عكس ما يعتمل بنفسه: هتسافرى بس عشان مترجعيش فى قرارك..
توقف دقيقة ثم أكمل بصوت راجى: ماشى يا سلمى مترجعيش فى كلامك بس تقدرى تأجلى سفرك يوم واحد.. يوم واحد بس احجز فيه واجى معاكى..
اشاحت سلمى بوجهها لتنظر من الشباك المجاور لها وتقول فى حرج: مينفعش أأجل سفرى..
أمسك بيدها المجاورة له: طيب سافرى، وانا هحصلك بكرة أو بعده.. بس تستنينى هناك..
سحبت سلمى يدها من يده ونظرت له ثم اخفضت عينيها لاسفل: أسفة يا عادل.. احنا مش هينفع نتجوز.. أنا مبفكرش فى الجواز ومش عوزة حاجة تعطلنى عن الدراسة..
عادل برجاء: والله مهعطلك.. أوعى تخافى انى......
قاطعته: من فضلك يا عادل وصلنى للمطار..
مسح عادل وجهه بكلتا يديه، ثم شبكهما وراء رأسه دقيقة ليدير بعدها سيارته لاستكمال رحلتهما أو بمعنى أصح ليبدأ رحلته مع حبيبته العنيدة..
--------
تستيقظ سلمى بصعوبة، وهى تشعر بصداع شديد لتجد نفسها بغرفة نوم غريبة.. كانت مدثرة على سرير كبير بمنتصف الغرفة.. يجاوره كومودين على الجانبين تحتل أحدهما أباجورة صغيرة ذات لون وردى، بينما تتوسط صورتها الاخرى..
استغربت بشدة ثم بهمس سألت نفسها بحيرة: أنا فين؟ وجيت هنا ازاى؟
ازاحت غطاءها عنها لتجد نفسها بكامل ملابسها حتى حجاب رأسها ويجاور السرير حذائها الاسود.. ظلت قابعة على طرف السرير تحاول استجماع شتاتها والسيطرة على الصداع الذى احتل رأسها.. رفعت رأسها لتشاهد انعكاسها على مرآة التسريحة المقابلة لها..
مسحت جبهتها بيدها، وحاولت الوقوف وهى تتأمل تلك الغرفة الكبيرة، لتجد بالكونة مغلقة تجاور التسريحة بينما يقابلها دولاب متوسط الحجم..
وورائها هناك باب صغير مغطى بزجاج سميك غير شفاف، يبدو أنه لحمام ملحق بالغرفة..
اتجهت الى باب الغرفة المجاور للدولاب، ولكن قبل ان تفتحه تلمح حقيبة سفرها الكبيرة مستندة على الحائط وفوقها حقيبة يدها الصغيرة..
حاولت تذكير نفسها بما حدث لتفهم ما يجرى الان..
Flash back
قاد عادل السيارة مرة اخرى وقد أرتسم وجهه بالجمود، بينما فضلت سلمى الصمت ومتابعة ظلام الطريق من شباكها المجاور..
عادل موجها حديثه اليها ليخترق صمتها، ويخفف من حدة الموقف بينهما: سوسو افتحى تابلوه العربية..
سلمى تفتح التابلوة: ليه عاوز ايه منها فى الضلمة دى؟ تتحسست بيدها التابلوة الفارغ فلم تجد سوى شئ صغير ذو ملمس ورقى ناعم..
حانت من عادل التفاتة خفيفة اليها، وعلى ثغره ابتسامة خفيفة جاهد لاظهارها لمحبوبته الحمقاء: طلعيها طلعيها.. انتى فاكرة ممكن تمشى من غير ما اراضيكى..
سلمى بعد ان اخرجتها تهلل وجهها بابتسامة عريضة وهى تفتحها: شوكولاتى حبيبتى.. انت مش بتنسى خالص..
عادل بتنهيدة: ازاى انتى تفكرى انى ممكن انسى! اتفضلى يلا خلصيها كلها..
فتحتها سلمى وبدأت بقضمها والاستمتاع بكل قطعة منها.
Return
سلمى محدثة نفسها: انا مش فاكرة حاجة تانية ليه؟
دلكت جبهتها بأطراف أصابعها, ثم فتحت باب الغرفة وخرجت منها.. لمحت أربع غرف موصدة.. الغرفة التى تركتها كانت الثانية.. وأمامها سلم ينتهى الى الطابق السفلى..
نزلت للطابق الارضى لتجد صالة كبيرة تحتوى على أثاث يبدو عليه القدم بعض الشئ، ولكنه يدل على ذوق راقى جدا.. كأنه بهو قصر من قصور بشوات أفلام الأبيض والأسود التى تعشقها، ولكن على مساحة أصغر بعض الشئ..
سمعت جلبة بسيطة من جانب السلم، فاتجهت لمصدر الصوت على أطراف أصابعها لتستكشف الأمر..
كان الصوت صادرا من مطبخ كبير المساحة.. وقفت أمام الباب لتفاجئ بعادل أمام البوتاجاز منهمكا فى اعداد الطعام ويوليها ظهره..
--------
شعر عادل بوجودها خلفه.. دائما كان يشعر بها لقد احتلت عرش قلبه منذ لحظتها الاولى فى الحياة..
عادل: عاملك الاكل اللى بتحبيه يا سلمى.. صينية لحمة بالبطاطس ايه ليها العجب..
فتح عادل فرن البوتاجاز ليخرج الصينية ويضعها على المنضدة الخشبية فى المنتصف والتى تراصت عليها أطباق الارز والسلطة وكوبين للمياه..
عادل: يلا تعالى كلى، عشان الصداع يروح والدوخة اللى انتى حساها..
سلمى بصدمة لا تعرف كيف شعر بألمها ولا لماذا هى هنا، ولكن حاولت بصعوبة مقاومة صداعها للاستفسار: هو احنا فين؟ وجيت هنا ليه؟ وازاى؟ وعرفت ازاى انى مصدعة ودايخة؟
جلس عادل على كرسيه بهدوء دون أن يعير أى اهتمام لسؤالها وكأنه لم يسمعه من الأساس: الصداع مش هيروح الا لو كلتى..
بتردد تحركت سلمى صوب المائدة، وجلست فى حيرة محاولة فهم مايحدث ليقاطع عادل تفكيرها: كلى يا سلمى.. وبعدها هنتكلم، المهم (صب لها كوبا من الماء وناولها اياها) اشربى شوية مايه صغيرة الاول..
شربت سلمى قليلا وأعقبتها بلقيمات بسيطة دون أن تتفوه بحرف، كانت تشعر بجوع شديد ولكن توترها طغى عليها، وقد تحول صداعها الى تنميل برأسها صعب من قدرتها على اكمال وجبتها..
سلمى: انا خلاص شبعت..
قاطعها عادل معترضا: نعم شبعتى من معلقتين.. لا بتهزرى كلى يلا خلصى طبقك الاول..
ردت سلمى بعصبية: انا هنا ليه؟.. أنا مش فاهمة حاجة.. ايه اللى حصل.. أنا لازم امشى حالا..
توقف عادل عن الاكل، وعلى الرغم من تشنج عضلات وجهه بسبب ارتفاع صوتها عليه الا انه كظم غيظه وحدثها بهدوء وببطء شديد وكأن لهجته تحذيرية: انتى مش هتمشى من هنا..
تركت سلمى كرسيها واتجهت لخارج المطبخ بغضب: لأ همشى، وحالا ومفيش قوة فى الدنيا تمنعنى.. انا اصلا مش عارفة انا هنا ليه ومش مرتاحة..
خرجت سلمى الى الردهة المؤدية لبهو الفيلا، وظلت تجوب المكان حتى اهتدت للباب فحاولت فتحه ولكنه كان مغلقا.. لحقها ببطئ فقد توقع كل ما ستفعله، ولم تخيب هى ظنه بها، فغضبها سريع الظهور.. وقف على بعد أمتار عديدة منها، ثم كتف ذراعيه أمام صدره مستندا على عمود فى منتصف البهو يشاهدها وهى تدق الباب بكل قوتها..
مر وقت طويل وهى لا تمل محاولة فتح الباب، فطارة تجاهد مع المزلاج وطارة تطرق الباب وكأن هناك من سيستجيب لها من الخارج وأخرى تركله بقدمها.. كل ذلك وحدة الصداع تزداد وكأن ورشة حدادة برأسها، ولا تكف تلك المطرقة عن عملها الذى لا تتقنه فقط بل تتفنن فيه، يبدو أن رأسها عميل مميز لديها.. ومع الوقت يأست، فجلست أرضا تبكى..
عادل بلامبالة: فى حمام فى أوضتك اطلعى خدى دوش وغيرى هدومك.. شنطتك فوق.. يلا قومى بقالك يومين بنفس اللبس..
رفعت سلمى رأسها، ونظرت له متعجبة وسط دموعها: هو انهاردة ايه؟
عادل: عصر التلات..
شهقت سلمى: نعم (آخر ما تذكره أنها كانت فى طريقها للمطار أول ساعات الأحد)..
عادل: على فكرة الباب مفتاحه فيه، ومفيش نسخة تانية.. خدى راحتك ولما تخلصى انزلى نشرب الشاى سوا ونتكلم..
لم يترك لها فرصة للحديث، فأعطاها ظهره ليغادر البهو سريعا متجها الى المطبخ.. بقيت سلمى لدقائق ثم مسحت دموعها بطرف كم فستانها، وبحيرة صعدت الى غرفتها وأغلقتها ورائها بالمفتاح، ثم اتجهت الى السرير واستكانت عليه قليلا فى محاولة يائسة للتغلب على صداعها ومحاولة التفكير فى كل الغرابة التى تحدث لها..
----------------------------
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 13-08-17 07:03 PM

**الحلقة13: تدبير محكم
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة13: تدبير محكم
بعد ساعتين أعد عادل الشاى بالنعناع كما تحب سلمى، فقد اعتادت الحاجة سعاد شربه مع أمه يوميا قبيل المغرب، وقد ورثا عادل وسلمى تلك العادة منهما.. تركه بصالون الفيلا المذهب، واتجه صاعدا باتجاه غرفة سلمى المجاورة لغرفته.. طرق طرقتان خفيفتان على الباب فلم تستجب، فاستنتج خلودها للنوم.. وقد كان ذلك متوقعا، فقد اضطر لاستخدام مخدر قوى التأثير..
--------
شرع فى الهبوط متجها لغرفة المكتب، وهو يستعيد أحداث الليلتين الماضيتين..
Flash back
الزمان: بعد ظهر الثلاثاء السابق لموعد سفر سلمى
أعاد عادل سلمى لمنزلها، عقب انهائها اجراءات عمل توكيل عام له لبيع المنزل.. لم يتبادلا الحديث منذ لقائهما الأخير بالصيدلية، مجرد بضع كلمات مقتضبة، فبات كل منهما مصمما على ما عزم عليه..
فتح صيدليته بجمود عقب صعودها، ثم اتجه للداخل فضغط على زر الاضاءة وألقى بالقفل والمفاتيح على مكتبه فى غير اعتناء، ثم عاد مرة أخرى للباب الحديدى وأسدله ليبدو مغلقا أمام المارة..
اتجه الى الغرفة الداخلية الصغيرة الخاصة بتركيب العقاقير التى كان بارعا بها، فقد تعلم من أبيه الكثير رغم أنه لم يكن قد التحق بالجامعة بعد.. حبه لأبيه دفعه لملازمته من الصغر، ومع مرور الأيام أصبح مساعدا له.. وعندما وجده قد أظهر بعض الغرور، نهره عن ذلك.. فمهما تعلم سيظل سمكة صغيرة فى بحر العلم، وحتى لا يصطاد يلزمه المثابره على التعلم وترويض غروره ليصبح سمكة كبيرة تسبح دون مخاطرة..
عند تلك الذكرى ابتسم، لقد سحبته من دوامة التفكير بسلمى.. فجلس على كرسيه الجلدى مسندا ظهره عليه ، بينما ألقى بثقل رأسه على مقدمة المسند المبطنة لينظر لسقف الغرفة مشبكا أصابع يديه فوق صدره, ليهمس مفضفضا لنفسه: انت بجد هتعمل كده!؟
- عندك حل تانى؟
- هتقدر؟
- مش عارف، بس هى السبب
- بتبرر
- عشان دى غلطتها
- حقها
- جاك كسر حقها
- الأمور ممكن تفلت منك، هتعمل ايه ساعتها؟
- لا مستحيل
- لو فلتت هتعمل ايه؟
- يستحيل أأذيها.. دى روحى.. مش ممكن يحصل
- أنت مش ملاك
- دى روحى
- لو الأمور خرجت بره حسبتك مش هتسامحك
- عمرها مهتخرج
- سلمى مبتسامحش اللى يأذيها, هتخسرها للأبد
- مانا مش هأذيها
- واثق زيادة عن اللزوم
- واثق فى حبى ليها مش فى نفسى
- اوعى تنسى انى حذرتك.. الشيطان تالتكم
- أنت عاوزنى أسيبها تروح منى، دانا روحى تطلع معاها.. مقدرش أسيبها.. وزى ماهى مبترجعش فى قراراتها، أنا مش هرجع عن اللى مخططله..
ترك مجلسه بتصميم ثم أرتدى روبه الأبيض، ليلتقط بعدها بعض الزجاجات المرصوصة بعناية على الأرفف المحيطة به..
--------
الزمان: أول ساعات الأحد
يجلس عادل على كرسى بداخل شقته أمامه مغلف الشوكولاته الشهير فى ذلك الوقت، وبيده حقنة صغيرة أسرع برشقها بقالب الشوكولاته دون فتحه حتى أفرغ محتوياتها، ثم سحب السرنجة والقاها بصندوق القمامة..
وضع المغلف بجيبه وأغلق الاضاءة بعد أن سحب مفاتيحه ليخرج من شقته متجها للشارع.. وبالاسفل فتح سيارته ووضع الشوكولاته بتابلوه السيارة، ثم بدء تدويرها لتسخن استعدادا لتوصيل سلمى..
وبعد أن تمم على سيارته، صعد لأعلى فطرق الباب لتفتح له سالى بوجه حزين: اتفضل يا عادل..
عادل: هاتى الشنط قريب من الباب عشان انزلهم..
أتت سلمى تحمل شنطة كبيرة من مقبضها بصعوبة: هى شنطة واحدة بس يا عادل..
حمل منها الحقيبة، ثم أسرع بالهبوط: طب يلا ورايا من غير لكاعة..
أعطتها سالى شنطة يدها، ثم أغلقا مفاتيح الكهرباء بالشقة تبعه أغلاق الشقة.. نزلتا سويا تمسكان بيد بعضهما البعض.. فمن أصعب اللحظات فراق أصدقاء كانا بمثابة الأختين..
وضع عادل حقيبتها بشنطة سيارته، وظل منتظرا اياها مع الحاج محمد أمام منزلها..
عم محمد: خلاص نويتى يا بنتى..
سلمى: أيوة يا عمى ان شاء الله..
عم محمد ناصحا: شوفى يا بنتى لو لقيتى الوضع مش عجبك، أرجعى.. متتكسفيش.. دى تجربة لصابت لخابت.. لكن أوعى تعاندى نفسك وتكملى طريق مش بتاعك.. لكن لو شوفتى أنه طريقك، يبقى أياكى ترجعى قبل متاخدى أكبر شهادة من هناك.. أعتبرى العلم أكلك وشربك وترفيهك.. أتعلمى على أد متقدرى، عشان لما ترجعى تفيدى بلدك بعلمك.. وربنا يجعله فى ميزان حسناتك ان شاء الله..
سلمى وسالى: يارب..
بينما لم ينطق عادل ببنت شفة حيث لازم موقعه مستندا باسترخاء على باب السيارة ناحية القيادة مربطا ذراعيه أمام صدره، تعجبت سلمى وسالى من سكونه الغريب ولكن لم تعقب أى منهما على ذلك..
سالى: سلمى.. أول متوصلى كلمينى.. ولازم تكلمينى ديما..
سلمى مازحة: أنتى ناوية تفلسينى.. دى مكالمة دولية.. غالية جدا..
أطرقت سالى رأسها فى حزن، فخففت عنها سلمى: مش هينفع أتصل بيكى، لما أمورى تستقر هبعتلك جواب وكده نقدر نتراسل براحتنا.. اتفقنا..
شبح ابتسامة صغيرة ارتسم على وجه سالى: أتفقنا..
عم محمد: يلا يا بنتى.. رغيكم هيأخرك على معاد طيارتك..
ودعت سلمى الجميع، فاتجه عادل ناحية المقعد الأمامى ففتحه لها لتركب، بينما اتجه لمقعد القيادة خاصته المجاور لها، تاركين سالى مع أبيها والتى أستمرت فى التلويح حتى غابت السيارة عن نظرها..
--------
حاول معها للمرة الأخيرة فلم تستجب، فلجأ لمخططه.. أهداها مالا يمكنها رفضه مطلقا، فرحت سلمى كالأطفال عندما التقطت مغلف الشوكولاته التى اعتاد عادل اهدائها اليها، وأسرعت فى التهامها كلها.. بعد قليل نادها عادل لأكثر من مرة، ولكنها لم تجب فقد أتى المخدر بتأثيره بالطبع..
أوقف سيارته بهدوء فى محاولة للسيطرة على انفعاله، أو ربما لاثناء نفسه عما ينوى فعله.. طالعها بعينين دافئتين لدقائق، ثم عدل من وضعها على الكرسى لتكن جلستها مريحة.. بدأ بتدوير سيارته من جديد، ولكنه غير اتجاه الحركة الى الجهة المعاكسة لينطلق ناحية فيلته التى هى واحدة من تبعات ماضى أسراره دفينة داخله..
--------
بعد قيادة طويلة وصل الى فيلته، ولم يكن ضوء النهار قد أخترق حجاب السماء بعد، ومازالت تلك المعاندة نائمة الى جواره.. أوقف محرك السيارة أمام البوابة الحديدية الضخمة ليترجل منها ساحبا سلسلة مفاتيح من جيبه، أسرع بتحديد مفتاح قديم ليدخله بالقفل الضام طرفى الجنزير الضخم الملتف حول ضلفتى البوابة الحديدة.. وما ان فتحه حتى سحب الجنزير بسرعة وأسقطه أرضا مع القفل ليفتح بعدها البوابة بصعوبة شديدة فى البداية حتى أتاح فرجة لتدلف منها السيارة..
عاد للسيارة وقادها فى ذلك الممر الممهد حتى توقف أمام تلك السلالم الرخامية المؤدية لباب الفيلا الخشبى الكبير.. ترك باب سيارته مفتوحا واتجه ناحية البوابة الحديدية لاغلاقها من جديد..
حمل سلمى الى الطابق العلوى بالفيلا، وأدخلها غرفتها.. اختار لها ثانى أكبر غرفة.. بذل مجهودا مضنيا طوال الشهر المنصرم فى احياء تلك الفيلا.. فرغم أنه مالكها الوحيد الا أنه لم تطئ قدماه أرضها يوما، ولولا سلمى ما كان أقترب منها.. لقد عاهد نفسه من قبل على عدم المساس بأى شئ، ولكن بسببها كسر لأول مرة عهدا قطعه على نفسه ظانا أنها ستكون آخر مرة، ولكن من منا يعلم الغيب ليؤكد لنفسه فعل الشئ أو عدمه..
دثرها فى الفراش ذو الألوان المبهجة كما تحب، وغطاها بغطاء خفيف.. جلس جوارها على الفراش واقترب من وجهها يحدثها: شوفى عشانك عملت ايه، الأوضة دى أول حاجة وضبتها عشانك وعلى ذوقك.. وردى زى مبتحبى.. والله يا سلمى لولا حبى ليكى مكنت جيت هنا.. بس عشان خاطرك أرمى نفسى فى النار..
طبع قبلة طويلة على جبهتها: لازم أرجع الحارة،هطلع شنطك الأول.. متخفيش مش هغيب.. كلها كام ساعة وأرجع.. مش لازم حد يلاحظ حاجة.. سلام يا سلمتى..
--------
عاد قبيل الظهر الى منزله بالحارة، كان مرهقا من أثر الذهاب والعودة السريعة، ولكنه آثر تناول مسكن والاتصال ببهى لاحضاره سريعا..
ألتقط سماعة الهاتف الموجودة على البوفيه واتصل به على تليفون المنزل:
- ألو.. صباح الخير يا خالتى
- .......
- الحمد لله بخير
- .......
- أه وصلتها المطار ولسه راجع
- .......
- الله يسلمك.. بعد أذنك صحيلى بهى وخليه يجيلى حالا
- .......
- الله يخليكى متخليهوش يتأخر عنى أصلى مستعجل
- .......
- سلام يا خالتى
أغلق الهاتف، ثم اتجه لغرفته لتحضير حقيبته التى لا يحتاج لمحتوياتها، وانما هى مجرد اثبات لحبكة اختفاؤه فى الفترة القادمة..
طرق بهى الباب، ففتح له عادل دون اهتمام بالسلام عليه لانشغاله حيث أسرع لغرفته: أدخل يا بهى المطبخ، الشاى ع النار.. صبلنا كوبايتين..
بهى بتلعثمه المعتاد: تعالى أفطر.. أمى محضرلنا فطار معتبر..
أجابه عادل: مش وقته.. مش فاضى.. لازم أوضب شنطتى وأقفل الشقة بسرعة..
بدء بهى بتجهيز السفرة للافطار بينما يحدث صديقه: أنت لسه مصمم تستلم تكليفك اللى فى الأرياف؟
عادل: لازم أشغل نفسى عن التفكير فيها.. شغل جديد.. مكان جديد.. ناس جديدة..
تهته بهى وهو يتجه لغرفته: وأنا يا صاحبى؟
عادل: فى أيه يا ابنى.. هو أنا هنساك.. كل فترة هاجى..
جذبه بهى من ذراعه: نفطر الأول، وبعدين نكمل رص الهدوم سوا..
استجاب عادل لالحاحه، وبدءا تناول الطعام، وبعد برهة تسأل عادل: تفتكر هترجع؟
بهى بتلعثم: شوف حياتك يا صاحبى متضيعش عمرك على أمل احتمال يجى واحتمال لأ..
عادل: هستناها..
يعلم بهى تماما صعوبة تنفيذ كلامه فهو شاهد على ذلك الحب من البداية، لذلك آثر السكوت.. أكملا طعامهما، وعادا بعد ذلك لجمع أغراض عادل المهمة: متشوف بنت الحلال يا بهى..
بهى بتهتهة: مين هترضى بيا؟!
عادل: ايه رأيك فى سالى؟
----------------------------
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

موضى و راكان 13-08-17 08:56 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
رواية شيقة و مثيرة جذبتنى لمتابعتها و موفقة كاتبتنا العزيزة و فى انتظار المزيد شكرا لك

بسمه ااسيد 13-08-17 10:34 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان (المشاركة 3687783)
رواية شيقة و مثيرة جذبتنى لمتابعتها و موفقة كاتبتنا العزيزة و فى انتظار المزيد شكرا لك

اسعدنى رأيك
واتمنى الحلقات الجاية تنال اعجابك

بسمه ااسيد 14-08-17 01:02 PM

**الحلقة14: مصارحة حرة (ج1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة14: مصارحة حرة (ج1)
Return
الزمان: الثامنة صباح الأربعاء
طرقات خفيفة على باب حجرتها دعتها للخروج من غيبوبة النوم التى خضعت لأسرها الأيام الماضية.. لتستيقظ على صوته العذب يشدو بأحد أغانيها المفضلة:
ياحلو صبح ياحلو طل ,, ياحلو صبح نهارنا فل
م قد ايه انا بستناك وعيني ع الباب والشباك
عشان اقولك واترجاك ,, عشان اقولك واترجاااك
ياحلو ,, ياحلو يا ياحلو صبح
مع نغمات أجاد نقرها بأنامله على باب غرفتها الخشبى ذو النقوش الدقيقة تململت ببطئ على فراشها الوثير: أنا فين؟
جلست على فراشها مستندة على ظهر السرير تتفحص الغرفة بدقة، لتهمس لنفسها بخفوت: ده بجد اللى حصل.. يعنى مكنش حلم..
علت نبرة صوتها: حاضر يا عادل.. خلاص صحيت..
عادل بمرح: يلا يا خم النوم.. الفطار جاهز من بدرى..
بخطوات بطيئة اتجه ناحية السلالم ومازال يحدثها بصوت مرتفع نسبيا: اعملى حسابك بعد كده الفطار هيكون اختصاصك..
سلمى بغضب وهى تغادر السرير متجهه للباب تتحدث بعصبية دون فتحه: بعد كده! ليه؟ هو الوضع ده هيستمر كتير؟
تجاهل سؤالها وهو فى منتصف السلالم: يلا الشاى قطع نفسه غلية..
زفرت بغضب واستدارت لتفتح حقيبة سفرها لاحضار فستان آخر لترتديه بعد حمام منعش يزيل أثر الأيام الماضية..
--------
أطلت عليه بفستانها السيمون والذى برز لونه مع وشاح من نفس اللون تتخلله نقوش بيضاء صغيرة، لطالما أعجب بهذه الطلة الآثرة لقلبه قبل عينيه.. حاول ألا يبدى اعجابه بها، ولكن عيون العاشق تفضحه دون استئذان..
ارتبكت سلمى لتلك النظرة التى كست ملامحه عندما ظهرت أمام مدخل المطبخ الكبير، فبادر بتشتيت نظرها عن عينيه المحدقة بجمالها البسيط الخالى دائما من لمسات التجميل الصناعية: الشاى باظ.. مردتش أعمل تانى الا لما تنزلى الأول..
قالها وهو متجه للبوتاجاز ليشعله بعد أن وضع ابريق الشاى المعدنى على احدى عيونه الصغيرة..
سحبت سلمى بهدوء أقرب كرسى لتجلس عليه، وانتظرته حتى يعود ثم بدأت بتناول الطعام معه بصمت.. كانت جائعة بشدة ومع ذلك كانت كعادتها بطيئة فى المضغ، وبعد تناول عدت لقيمات قاطعها عادل: مقولتليش حتى صباح الخير!
أجابته باقتضاب دون أن تشيح بنظرها عن طبقها: صباح الخير..
حاول تقليد صوتها، فحاول ترفيع طبقة صوته الغليظة لتخرج الحروف ببحة مضحكة: صباح الخير..
ضحك كلاهما لينكسر بذلك حاجز الصمت والتوتر بينهما.. فى ذلك الوقت غلت حبيبات الشاى الصغيرة كما يحب كلاهما، فأسرع باحضار الأبريق، بينما قامت سلمى بوضع السكر بالأكواب..
مجرد لفتة صغيرة جعلته يشرد كثيرا
- كلاهما يعرف الآخر حد التمام
- كلاهما يكمل الآخر فى القول والأفعال
- كلاهما كتاب للآخر
- اذا ماذا يمنعها عنه؟!
- هل من الممكن أن مشاعرها اتجاهه ليست مشاعر امرأة لرجل؟
- أيعقل أن يكون احساسها به مجرد احساس بأخ وليس حبيب؟
عند تلك الخاطرة أنزعج كثيرا، وظهر التجهم فى وجهه، ولكنه أفاق على صوتها الرقيق: عادل.. الشاى وقع ع الصينية حاسب..
رفع بصره لينظر لعسليتيها الآثرتين دون أن يوقف سيل المشروب الساخن الذى فاض فأحدث فوضى بسيطة، مما دعاها للتدخل قبل تفاقم الوضع..
أسرعت بأخذ الأبريق من يده: سيبنى.. أنا هصبه.. كمل فطارك..
عاد كل منهما مكانه لاكمال فطوره.. تعمد عادل الابطاء على غير عادته فى الأكل حتى لا يدفعها للنهوض.. فسلمى حساسة بشدة, وبالتأكيد وجودها معه وحدهما يربكها ويحرجها.. هى تعتبر لم تتناول الطعام خلال الأيام الماضية.. بالطبع هى جائعة بشدة..
- هعمل ايه دلوقتى؟
- أنا محبوسة بجد هنا
- كده المنحة راحت عليا
- عادل شكله مش هيجيبها لبر
- خلاص أنا تحت رحمته هنا
- المكان غريب
- فيلا قديمة
- الموبيليا شيك
- لما فتحت البلكونة الجنينة ورقها دبلان.. بمعنى أصح ميت.. زى متكون متفتحتش من سنين
- معقولة جايبنى فى فيلا مهجورة!
- أصحابها ناسيينها أو مسافرين!
- لا لا عادل ميعملش كده
- مستغربة ليه مهو خاطفك
- خاطفنى!
- أمال تسمى وجودك هنا ايه؟
- وقت اللعب انتهى.. يلا روحى بيتك
رفعت عيناها لتصدم بعينيه السوداوين كليل حالك: أنا شبعت الحمد لله.. بيتهيألى كفاية استضافة لحد كده..
تابع شرب الشاى الدافئ دون اكتراث لكلماتها، لتحدجه بنظرة متحدية: عوزة أرجع الحارة.. بيتى..
أسند كوب الشاى على المنضدة، وحدثها ببرود مستفز وهو يرجع ظهره بأريحية على مسند كرسيه الخشبى دقيق الصناعة: هنا بيتك يا سلمى..
سلمى بسخرية: دى فيلا يا عادل مش بيت..
عادل بنفس الهدوء المحتل لقسمات وجهه: هنا فيلتك يا سلمى..
سلمى بفضول: عاوز تفهمنى أنها ملكك؟
عادل: هى حاليا بتاعتى، ولما أفضى هبقى أنقلها بأسمك.. أعتبريه مهرك..
ضحكت سلمى وهى تصفق بكلتا يديها فأخرجته من هالة هدوئه المصطنع: فيلا.. ومهرى أنا.. وبتاعتك..
ثم توقفت عن السخرية، وقد تبدل حالها للين والهدوء: قوم يا عادل خلينا نرجع بيوتنا، بدل ما أصحاب البيت يطبوا علينا ونروح فى داهية.. هيفتكرونا حرامية، ونقضى زهرة شبابنا ورا القضبان مع المجرمين..
ضحك عادل بشدة حتى أدمعت عيناه، فصغيرته تكذبه: يخرب شيطانك يا سوسو.. أنتى فكرانى حرامى؟
هدرت ببراءة وهى تطالع المكان حولها: عاوزنى أصدق أن عادل ابن عمى مصطفى وخالتى حياة يمتلك فيلا أبهة كدة.. أكيد أبقى مجنونة لو صدقتك..
اقترب عادل من المنضدة وأسند يديه على طرفها: أنا كدبت عليكى قبل كده؟
أحرجت من سؤاله، فهزت رأسها بخفة علامة للنفى وهى خافضة لبصرها حتى لا تصدمها نظرته العاتبة.. فتابع تأكيد كلماته: الفيلا بتاعتنا..
رفعت سلمى رأسها لتنظر اليه: بس ازاى؟
تنهد عادل: بعدين يا سلمى هحكيلك كل حاجة..
كادت أن تقاطعه بالحاح كما هى عادتها معه لا تكل ولا تمل حتى ينفذ رغبتها، ولكنه منعها من التفوه بحرف باشارة من يده: أنا هفهمك كل حاجة.. اصبرى.. الوقت لسه مجاش.. أنا واهنف نفسى أحكيلك كل حاجة.. كله بمعاد..
زفرت بضيق، ولكن ليس بيدها حيلة أمام غموض كلماته..
--------
يتبع
الحلقة14: مصارحة حرة (ج2)
غدا ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 14-08-17 03:37 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
جميل تسلم ايدك بسمه واضح ان عادل بيحطها امام الامر الواقع والبحر من امامك وعادل من خلفك وبيعيد تجربة امها مع ابوها بس بشكل مختلف ونيه مختلفه بس نفس مكر الرجال

بسمه ااسيد 14-08-17 03:59 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3687830)
جميل تسلم ايدك بسمه واضح ان عادل بيحطها امام الامر الواقع والبحر من امامك وعادل من خلفك وبيعيد تجربة امها مع ابوها بس بشكل مختلف ونيه مختلفه بس نفس مكر الرجال

فعلا يا مملكة الغيوم
مهم بيقولوا فى العشق جنون
وعادل ابو الفتوح فى عشق سلمى اكبر مجنون

بسمه ااسيد 14-08-17 04:00 PM

**الحلقة14: مصارحة حرة (ج2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة14: مصارحة حرة (ج2)
سحبت كرسيها للخارج لتتيح لنفسها منفذا للقيام، ثم جمعت بواقى الطعام والصحون الفارغة متجهة للحوض المقابل لها لتنظيف الصحون.. تبعها عادل بالبقية، فيما انشغلت هى بجليها وهو بتجفيفها مما علق بها من قطرات مياه..
أسرع برص الصحون بأماكنها منعا لتكدسها على الرف الرخامى، والذى قد يسبب فوضى ان سقط أحدها بدون قصد، قاطع صمتهما بسؤاله: رفضانى ليه يا سلمى؟
سلمى بارتباك: أنا سبق وقلتلك السبب..
استدار عادل ليواجهها، بينما ظلت هى ممسكة بمقبض صنبور الحوض مولية ظهرها له: الكلام الأهبل ده تضحكى بيه على عيل.. مش على عادل.. دانا مربيكى على أيدى..
ثم تابع بلهجة آمرة: أدورى.. بصيلى وأنتى بتكلمينى..
أطاعت أمره، ولكنها واجهته بنظرة تمرد تلتمع معها عسليتيها بوهجة غريبة وقد أرتفع أحد حاجبيها لأعلى: كلامى مش هيتغير..
أغضبته بنظرتها الشرسة ولهجتها المتحدية، فدفعته لعدم التعقل والتسرع فى ظنون سيئة بها، هو يعلم علم اليقين براءتها منها، ولكن ذلك حاله عند الغضب خاصة معها: أتعدلى يا سلمى، وفهمينى فى ايه بالظبط..
ثم جذبها من معصمها: بت أنتى فى حاجة مخبياها عليا؟
نفضت ذراعها لتتخلص من قبضته بغضب هادر:
- أنت اتجننت؟!
- ازاى تفكر فيا كده؟
- أنا سلمى أبو المجد تربية الحاجة سعاد..
- هعيش وأموت وأنا بشرفى وأخلاقى..
- أنت فاكرنى ايه؟
حاول عادل تدارك الأمر: آسف يا سلمى مقصدتش اللى فهمتيه..
صاحت بغضب هادر:
- مقصدتش!
- مقصدتش ايه؟
- تعيب فى أخلاقى!
- عشان كده جبتنى هنا؟
- فاكرنى جاية من الشارع يا عادل؟
- سهلة!
لطمة على وجهها ألجمتها وبعثرت الحروف على شفاها، لتمتلئ عيناها بدموع سارعت الهروب من مقلتيها، فتحدث مبرئا نفسه من اتهاماتها:
- أنتى هنا عشان بحبك
- عشان أنتى حقى
- ملكى
- تربية ايدى
- مقصدتش أعيب فيكى
- أنتى أطهر حد فى الدنيا
نطقت بصعوبة من بين دموعها التى لا يمكنها كبحها، ليس ألما من شدة الصفعة، ولكن وجعا لماضى كتب عليها الشقاء: عشان أنا منفعكش.. ولا أنفع أى حد لأنى.......
تعلقت عيناه بتلك الناطقة بتلعثم وسط شهقاتها، فقاطعها: اهدى يا سوسو.. متقوليش حاجة لو مش عوزة..
شعر برغبتها فى ازاحة ثقل يجثم على صدرها، ولكن مازال هناك حاجزا يقف حائلا بين قلبها وعقلها.. الغريب أنه لا يستطيع تخمين ما بداخلها رغم معاصرته لكل حياتها..
أجلسها مرة أخرى، ثم نزل أمامها على احدى ركبتيه: اهدى يا حبيبتى.. لو عوزة تتكلمى، فضفضيلى.. وأنا جنبك، متخفيش..
سلمى وقد علت حدة بكائها، وأصبحت تفرك أصابعها بتوتر: أنا.. أنا.............
أحاط كفيها الصغيرين بيمناه قمحية اللون: أنتى ايه؟
مرة أخرى تحولت من الجميلة الباكية الى الشرسة الغاضبة، فتنفض عنها يده وهى تترك مجلسها: عاوز تعرف ايه؟ عاوز تفهم ليه خدت جنب من الدنيا كلها.. عاوز تعرف انى رفضتك عشان سبب مش بايدى..
كلماتها محتدة غير مترابطة معا، ولكنه تجاهل ذلك ليعطيها مساحة كبيرة تخرج فيها ما يجيش به صدرها.. اعتدل ليقف خلفها وهى مولية ظهرها له: كملى..
أغضبتها كلمته،يريدها ببساطة أن تخبره بمصدر خذيها وعارها، ليمن عليها بعدها بموافقة أو رفض لعلاقته بها.. لا لن تكون اليد العليا لك.. أنا من لا تريدك وتترفع عن وجودها بجوارك.. أنا من سترفضك وليس أنت..
استدارت قبالته لتهتف بلهجة غاضبة، وعيون كستها الحمرة وسط دموع وشهقات حاولة مرار السيطرة عليها ولكن كل محاولاتها باءت بالفشل.. فخرجت كلماتها كطلقات رصاص من مسدس أحمق متهور: أنا بنت حرام..
--------
ثلاث كلمات.. جملة قصيرة للغاية، ولكنه رغم ذلك لم يعيها، فقطب جبينه فى تساؤل: ايه اللى بتقوليه ده مش فاهم؟
بحدة واعصار غاضب أجابت بتحفز مقاتل: مش فاهم!.. ماشى أفهمك.. سلمتك اللى أنت طاير بيها.. متستهلكش.. لأنى ببساطة بنت مش شرعية..
انهار قناع الغضب، ليحل محله الوجه الحقيقى.. شابة تتألم، روحها مجروحة.. والزمن بدلا من مداواته يثبت ندوبه ويقويها.. انهارت على أقرب كرسى لتبكى بنواح: قتل أمى.. كامل أبو المجد.. الامبراطور.. ضحك عليها، ولما عرف انها حامل حاول يقتلها، وهرب..
جلس على كرسى مجاور لها بنظرة احتواها بها، فتابعت ببكاء زاد من حسرته عليها: افتكرنى مت.. وفاكرها بتموت هى كمان.. فهرب قبل ميتكشف..
تردد الأسم داخل عادل, وكأنه يبحث عنه بين ثنايا ذاكرته: كامل أبو المجد!.. الامبراطور!.. ازاى مخدتش بالى قبل كده؟.. ازاى مربطش اسمها بعمو كامل؟.. معقول لتانى مرة هيكون سبب فى حرمانى من حقى؟
--------
نظرت الأحتواء التى منحها اياها، لم تؤت ثمارها، بل على العكس تماما أعادتها لقناع الغضب.. ظنتها شفقة على حالها، فسنت مخالبها لتنهض من جديد تاركة كرسيها.. صاحت بصوت هادر وعيون انفجرت شعيراتها بلون الدم: أرتحت يا عادل.. عرتنى أدامك.. خلاص عرفت السبب اللى محيرك.. بنت الحرام متنفعكش..
ولأول مرة منذ ظهرت عليها بوادر جسد الأنثى يجذبها لحضنه، تصطدم بصدره الصلب لترتمى بين يديه.. أذنها فوق قلبه النابض بدقات اعلنت أسمها مالكا ديكتاتورا لها.. شعرت بدفء بين ضلوعه الكبيرة.. يداه احتوت جسدها الصغير.. استند بطرف ذقنه أعلى رأسها..
تناسى فى تلك اللحظات أن كل منهما مازال محرما على الآخر ولم يحلا لبعضهما بعد.. كانا كقطبى المغناطيس أحدهما موجب ليلتصق به قطبه السالب دون تنافر وبقوة جذب هائلة.. كشمس وقمر لا حياة بالأرض دون وجودهما.. كلاهما ناقص، وفى الآخر كماله..
ليت الدنيا اختذلت فى تلك اللحظات، لكان حكمنا على ذلك الثنائى بالسعادة الأبدية ببيتهم المنعزل عن أحقاد وخبائث الدنيا.. عفوا.. أقصد بعيدا عن أحقاد وخبائث البشر.. بل عن ضعف نفوسنا..
--------
يتبع
الحلقة14: مصارحة حرة (ج3)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 14-08-17 05:51 PM

**الحلقة14: مصارحة حرة (ج3)
 
"ظلال الماضى"
**الحلقة14: مصارحة حرة (ج3)
--------
أفاقت من دفء عاطفته المغلفة لكل ثنايا روحها.. دفعته بعيدا عنها.. بعينيها لهيب صدمة ممزوجة بالاستنكار: أنت ايه اللى بتعمله ده!
لتلتمع عيناها بعتاب ولوم: أنت مين أداك حق تقرب منى كده؟!
ثم بغضب خرجت حروفها وهى تكز على أسنانه: أنت لا جوزى ولا أخويا عشان تحط ايدك عليا..
غلبتها دموعها، فركضت باكية صاعدة لغرفتها.. وعادل يحاول اللحاق بها: استنى يا سلمى، أسف والله مقصدش.. اسمعينى بس..
وما ان وصل اليها حتى أغلقت بابها بوجهه، ارتمت باكية على سريرها الجديد.. حقيقة لا تعرف لما البكاء الان، هل لتجرؤه علي ضمها لصدره، أم لتعرية نفسها أمامه وكشفها لحقيقة نسبها، أم لاحتياجها الذى ترفض التصريح عنه..
هل تحتاج لأب يريدها ميتة..
--------
جلس أرضا مسندا ظهره على باب غرفتها.. رغم علمه أنها لم تغلق باباها بالمفتاح الا أنه لم يتعدى حدوده معها، فضل محادثتها وهو مكانه.. سلمته بحاجته الآن أكثر من أى وقت مضى، يبدو أنها بركان أخرس يحتاج للتنشيط، فتفيض حممه ليزول ثورانه..
عادل: سلمى.. هكدب لو قلت انى حاسس بيكى.. بس أنا عارف أنك موجوعة أوى ومش سهل تعيشى بذكرى زى دى.. سلمتى قوية.. سلمتى لما النار تكويها مبتتحرقش، لأ بتتألق زى جوهرة..
خفت حدة بكائها قليلا فتركت وسادتها، واتجهت لباب الغرفة لتجلس أرضا مثله مسندة ظهرها عليه.. تحدثت بخفوت وكأنها تخشى سماعه لصوتها، ولكنه يسمعها بوضوح:
- كان نفسى يكونلى بابا
- وماما
- واخوات
- كنت بشوفك مع عمو مصطفى زمان وانت بتقوله كل شوية بابا.. اتغاظ
- ولما سالى تنده على مامتها واحنا عيال بنلعب فى الشارع، كنت اسمع مامتها تقولها نعم يا حبة عين أمك
- كنت اشوف الاخوات بيلعبوا مع بعض، ولو حد غريب قرب من واحد فيهم بأذى، يصرخ على أخواته، كانوا بيجروا عليه ياكلوه ويضحضحوه..
- لكن أنا كنت دايما لوحدى
- نسية.. منسية
- أنا والله مكنتش بحسدكم
- أنا كان نفسى أكون زيكم بس
- نفسى أحس بأحاسيسكم اللى اتحرمت منها
- كنت براقب الجيران من ورا الشيش
- بتفرج عليهم عايشين سوا فى بيت واحد ازاى
- كنت بتخيل نفسى مكان حد منهم
- كان نفسى أجرب طعم الحب ده
- بس يظهر انى مستهلوش
أدمعت عيناه لكلماتها الموجعة: لأ.. غلطانة.. أنتى تستاهلى فرحة الدنيا كلها تملا قلبك.. هو اللى ميستاهلش يشوفك.. يحس حضنك.. يسمع قلبك قبل لسانك وانتى بتندهيله بابا..
تنهد، فأخرج نفسا حارا من صدره: أنا حاسس بيكى.. عارف طعم وجع أنك تتحرمى من مشاعر من حقك.. صدقينى أنا عارف الأحساس ده..
--------
فتحت الباب ببطئ, فاعتدل واقفا يواجهها بينما هى مستندة بالباب، مسحت دموعها بظهر يديها: تحس بيا ازاى! أنت معشتش عيشتى.. مجربتش حياتى..
ابتسم ساخرا لاويا جانب فمه فى تهكم: حاسس بيه أوى
قطبت ما بين حاجبيها، ولكنه أزال ما ظهر على ثنايا وجهه سريعا.. لطالما استطاع عادل اخفاء ما بداخله جيدا.. عادل كالصندوق الأسود، يخفى بداخله كثيرا من الأسرار..
سلمى بابتسامة متهكمة: تعرف أن ليا أخوات
أنقبض قلبه عند تلك الكلمة "أخوات"، بينما تابعت سلمى بفرح غريب: أه والله ليا أخوات.. أنا مش وحيدة..
تبدل وجهها للانكسار، فأخفضت بصرها لتحدق بالأرض، لتتابع بصوت خفيض: لأ.. وحيدة
--------
كاد يقترب منها ليربت على كتفها، ولكنه تذكر ثورتها عندما اقترب منها آخر مرة، ففضل البقاء مكانه.. ولكن سؤال ألح على باله فجأة: سلمى.. امتى عرفتى الحكاية دى؟
سلمى بحزن: بعد نجاحى فى ثانوى
Flash back
الزمان: 1990
المكان: صالة منزل الحاجة سعاد
يتجه عادل ليجلس على الكرسى المقابل للجدة: ايه يا نينة البت دى هتفضل كسلانة لامتى؟ معدش فاضل غير كام يوم وطب تتقفل "اغلاق التسجيل لكلية الطب بجامعة القاهرة"..
اجابت الحاجة سعاد بحيرة وحزن: والنبى يا ابنى مانا عارفة أقولك ايه..
اندهش عادل من كلماتها الغير واضحة : جرالها ايه؟
سعاد بحزن: علطول يا ابنى قافلة باب أوضتها عليها، وبالعافية لما تقعد معايا ولا حتى تاكل لقمة..
قطب عادل ما بين حاجبيه: ليه؟
كانت سلمى بغرفتها عندما تخلل لسمعها المحادثة بين عادل وجدتها، فأبدلت ثوبها المنزلى بفستان أزرق رقيق ووشاح من نفس اللون وحملت حقيبة يدها الصغيرة وخرجت اليهم: صباح الخير..
طالعها عادل بعيون مبتسمة: صباح النور ع البنور..
الجدة: صباح الخير يا حبيبتى
سلمى بهدوء: أنا هنزل أسجل اسمى فى تجارة
ضربت الجدة يدها على صدرها: تجارة!
بينما وقف عادل ليطالعها متسائلا: ليه يا سلمى؟!، دانتى طول عمرك بتحلمى تكونى دكتورة, ومجموعك كبير
سلمى: أنا فكرت كويس.. وشايفة أنى أحسن أدخل تجارة
عادل: ليه؟
سلمى بتلعثم ناظرة أرضا، وهى تفرك أصابع يديها ببعض فهى حركتها الأزلية عند التوتر: عوزة أبقى سيدة أعمال..
Return
استرجع عادل ذكريات تلك الفترة.. كانت فترة دقيقة.. تبدلت فيها أحوال سلمى.. انطوائية شديدة.. غموض.. خجل ملازم لها.. انفصلت عن كل صديقات المدرسة، عدا سالى.. ظن أن ذلك التغير ناتج عن مرورها بمرحلة المراهقة.. لم يكن يعلم أن الأمر أكبر من ذلك.. والآن اتضحت الصورة أمامه.. فصغيرته كانت تعد العدة لمواجهة أباها..
عدو كان فى طى النسيان..
عادل مكتفا يديه أمام صدره: يعنى ده السبب اللى خلاكى ترمى طب ورا ضهرك وتصممى على تجارة..
أشاحت وجهها عنه حتى لا يرى الاجابة واضحة أمامه، ليهز رأسه باجابة أصبح واثقا بها: عوزة تقابليه يا سلمى؟!
سلمى بتلعثم: لأ
ارتفعت نبرة صوته: كدابة
ثم أكمل غاضبا:
- أنتى أكيد غبية
- فاكرة لما تروحيله هتقوليله ايه؟
- أنا بنتك
- اللى ضحكت على أمها
- اللى كنت فاكر أنك قتلتها
- وطلعت عايشة
جذبها من مرفقها بقوة وعنف وهو يصرخ بوجهها:
- تبقى مجنونة لما تحدفى نفسك للتهلكة
- تبقى هبلة لو فكراه هياخدك بالحضن
- ويبدى الندم
- مش هيستنى لحظة واحدة يا سلمى
- هيموتك
- والمرة دى بجد
كانت عيناها لا تفارق قسمات وجهه، لم تستطع مقاطعة كلماته التى أصبحت بمثابة ضربات سكين متلاحقة على قلبها المرتجف على أثر تلك المصارحة التى لم تتخيل يوما أن تقوم بها..
ترقرقت الدموع من عينيها، فلم يتحمل رؤيتها بهذه الصورة.. ولثانى مرة أجبرها على السكون بين ضلوعه، رغم مقاومتها له وتشبثها بالابتعاد عنه الا أنها لم تستطع الهروب من بين يده..
بنبرة رخيمة هادئة، وكأنه يقطع وعدا أصبح عهدا عليه تنفيذه:
- أنتى مش هتخرجى من هنا أبدا يا سلمى
- مش هسمحلك تروحيله
- هخبيكى عنه العمر كله
- هبعدك عن طريقه
- مش هسمحله يأذيكى
- عمره مهيعرف أنك عايشة
- أحنا هنفضل عايشين هنا علطول
- مش هنرجع الحارة
- أنا عندى اللى يعيشنا العمر كله
- احنا وأولادنا
----------------------------
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 14-08-17 08:37 PM

**الحلقة15: وجه آخر (ج1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة15: وجه آخر (ج1)
ساعات تلتها ساعات وساعات، قضاها كليهما فى الحديث، أخرجت سلمى ما يجيش به صدرها.. كلمات دائما مبعثرة.. أحداث وذكريات عير مرتبة.. طفلة ظنت نفسها يتيمة الأبوين، لتصدم بكونها ابنة غير شرعية منذ أربعة سنوات.. تسعى للمواجهة مع أبيها عندما كانت مطمئنة لوجود جدتها كدعم وحماية لها.. لتنهار أحلامها مع وفاتها فتقرر الهروب.. لم تكن تهرب منه ولا حتى من أبيها، بل كانت تهرب من سلمى ذاتها.. سلمى المترددة بين بغضها لرجل يطلق عليه لقب أب وبين احتياجها لذلك الأب..
هى بالفعل بركان أخرس، وكان هو سبيلها للثوران.. فأسقطت حمما، لم تعى أنها أحيانا كثيرة لامست ندوبا قديمة بروحه.. فتحت جروحا ظن أنها ألتأمت مع الزمن.. ولكن هيهات يبدو أن كليهما يقترب من التماثل فى الألم..
أكتشف عادل يومها أن سلمى التى يراها يجهلها كليا.. ليست كتابا مفتوحا عاصر صفحاته كما كان يخبر نفسه دائما.. سلمى بحر عميق يغرق به من لا يجيد السباحة.. فهل سأجيد عبوره، أم سأغرق بين موجاته..
هكذا حدثته نفسه وهو مسترخيا على سريره بغرفته المجاورة لغرفتها.. كان يوما مرهقا لكليهما، وقد اقترب موعد الفجر.. غفت أثناء حديثهما على سجادة الممر أمام بابى غرفتهما.. ابتسم عند تلك الذكرى، فهذه هى عادتها عندما كانت طفلة تنطق بتلعثم، تنام فى أى مكان.. وقد كان واجبا ألزم به نفسه أن يعيدها لفراشها عقب نهار حافل باللعب فى الشارع مع أبناء الجيران الصغار وتحت رعايته هو ومتابعة جدتها المستمرة لها من بلكونة شقتها.. فحملها اليوم من جديد، ودثرها فى فراشها.. وعند اطمئنانه عليها أوصد الباب خلفه، واتجه لغرفته ليستريح قليلا..
ولكن هل لمثله راحة بعدما علمه، هل سيهدم مستقبله بعودة عدو قديم؟
Flash back
الزمان: نهاية عام 1974 "عقب خروج مصطفى الصيدلى من المعتقل"
المكان: غرفة مصطفى بالحارة
عادل طفل صغير فى الثامنة، يتوسط صدر أبيه النائم على سريره الكبير.. أباه الذى شارف على الأربعين عجز وظهر عليه الكبر.. من يراه يكاد يقسم أنه جاوز الستين.. جسد قد نحل قبل أوانه.. عيون أخفتها هالاته السوداء.. وجه مرهق نمت لحيته الخشنة المبعثرة، وكأنما قد ذبلت منه الحياة..
كان عادل يستمع لدقات قلب أبيه البطيئة، يتابع حركة تنفسه عبر صعود وهبوط صدره المستريح فوقه حتى همس بغضب: مش بتحبنى
استغرب كلمات طفله الصغير، فحمله بيد مهتزة ليجلس فوق صدره ووجهه مقابل له، وبصوت مكسور: تقصد مين يا حبيبى؟
عادل وقد اقترب من وجه أبيه وكأنه يخشى أن يستمع غيره لكلماته: ماما
مصطفى باستغراب: وليه بتقول كده؟
عادل بهمس بعد أن تلفت حوله ليتأكد من خلو المكان: عشان قلتله يمشى، عمو كامل سمعته بيقولها كده.. هو كان لازم يمشى عشان الناس الوحشة تسيبك..
اعتدل مصطفى جالسا على السرير مسندا ظهره على وسادة قطنية كبيرة، وقد قام بعدل جلسة عادل على ركبته: حبيبى أنت فاهم غلط.. ماما بتحبك أوى.. ومعندهاش أغلى منك..
نفى عادل برأسه: لأ.. هى زعقتلى.. وفضلت تصوت.. كانت بتعمل كده
لطم عادل على كلا خديه مقلدا أمه، ثم تابع: وكانت بتعيط جامد، وهى عمالة تقولى "الله يسامحك يا ابنى، ليه كده يا عادل.. حرمتنى منه ليه يا ابنى.. حرقت قلبى بفراقه ليه؟"
ضم مصطفى ابنه لحضنه، وكأن كلمات الصبى التى لا يعيى كل أبعادها أعادته مرة أخرى لواقعه.. لينفض عن كاهله ما عايشه بالمعتقل من أيام قاسية.. صحيح أن الأوامر لدى جميع القيادات والرتب ألا يمس منه شعرة ولا يأذى بأى صورة، ولكن من قال أن الأذى أذى جسدى ومادى فقط؟.. هناك أذى لا يمكن مداواته بسهولة، أذى الروح لا يندمل بسهولة.. ولكن من أجل طفله وأسرته سيلقى بتلك الأيام السوداء خارج حياته.. سيعود مصطفى لشمل طفله وزوجته بالرعاية والحماية.. لن يترك طفله ضحية ذنب لم يرتكبه أى أحد منهم..
تعاقبت الأيام والسنون ومازال الجرح غائرا فى القلب رغم الادعاء بنسيانه.. دائما يشعر بوخز بقلبه، وكأن عينى والدته تلومه على طرد قطعة من روحها.. فكسر الروح لا يجبر.. ولكن كلاهما تفادى التحدث فى الأمر ثانية، خاصة مع حزم أبيه الذى كان بمثابة وتد أستند عليه عادل فى مسار حياته..
Return
--------
عادل محدثا نفسه بسخرية: كامل باشا كان سبب فى خرابها زمان، وجى يخربهالى دلوقتى..
لقد كان سببا فى سلب حقه قديما فى حب أمه خالصا له، والآن ظهر من جديد ليسلب حقه مرة أخرى فى حب سلمى..
اعتدل بمجلسه وقد ظهر غضب ممزوج باصرار داخله: لا.. لا.. لا مش هيحصل أبدا.. سلمى حقى.. ومش هفرط فيها.. هى تعويض الأيام عن كل وجع اتكتب عليه من غير ذنب..
ثم تبدلت لهجته الى نبرة توعد وعداء:
- ولو كنت عاوزها زمان مرة
- دلوقتى متمسك بيها ألف مرة
- سلمى حقى
- هى التعويض اللى يرضينى عن كل اللى خسرته
- بنت كامل أبو المجد حلالى
--------
مرت الأيام بطيئة تلتها الأسابيع حتى حل الشتاء ببرودته المعتادة كل عام.. سلمى ملازمة لغرفتها بشكل دائم.. يبدو أن فك عقدة لسانها كان له تأثيرا سلبيا عليها وعلى علاقتها بعادل.. تكاد لا تتقابل معه رغم محاولاته المضنية لاخراجها من عزلتها.. فقدت بريق عينيها الخجلة التى طالما نعم بها فى صباها، وهجرها بريق تمردها الملازم لها فى سنواتها الأخيرة، لتحل الآن محلهما نظرات مكسورة متألمة..
كلما تقابلا تؤثر السكوت، وان تحدثت طالبت بالرحيل والمغادرة.. ودائما يقابل طلبها بالرفض.. وقد دعاها ذلك مرارا وتكرارا للبحث عن وسيلة للهروب، والتى دوما تبوء بالفشل.. فالدور الأرضى لا يحتوى سوى ذلك الباب الكبير المغلق دائما، ولا توجد شرفة واحدة به بالاضافة الى غرف مغلقة لا تعلم عنها شئ باستثناء غرفة المكتب والتى لم تدخلها نهائيا لكثرة تواجد عادل بها وتفاديها للقاؤه حتى ولو على سبيل الصدفة.. أما الدور الثانى والواقع به غرف نومهم، فعلى الرغم من كثرة المنافذ الا أنها لا تستطيع المجازفة باستغلال أحدهم للهروب، لأنها ببساطة تعانى من فوبيا الأرتفاعات حد الفزع.. فالمسمى أنها بالطابق الثانى، لكن على أرض الواقع كان بمثابة ارتفاع طابق ثالث أو أكثر..
تراجعت صحتها، وفقدت بضع كيلو جرامات من وزنها لزهدها أغلب الوقت فى الطعام، فبدت نحيلة ولكن ذلك لم ينل من جمالها الذى اعتاد عادل رؤيته بقلبه قبل عيناه..
حاول عادل بشتى الطرق اخراجها من عزلتها، ولكن يبدو أن الأكتئاب قد سيطر عليها.. فتعمد الهائها عبر منحها كتبا وروايات مسلية باستمرار، اعتاد وضعها أرضا أمام غرفتها كل ليلة فيطرق الباب مرتين ثم يذهب غرفته مدعيا الخلود للنوم ليمنحها بعض الخصوصية والحرية.. فبمجرد أن يوصد بابه وراءه، يسمع صوت فتح باب غرفتها.. لتبدأ نشاطها اليومى بالتسكع بجنبات الفيلا، ومحاولة اكتشاف ثغراتها.. كان يعلم جيدا ما تفعله، ولم يقلقه ذلك.. فمن ناحية يراه الهاء مناسبا لها، ومن ناحية أخرى هو مطمئن لتأمين المكان وانعزاله.. كما أن ذلك يمنحها حرية التصرف فى المكان، فكثيرا كان يستيقظ ليتفاجأ بتغييرات فى ترتيب الأثاث أو تحضيرها لبعض الأطباق الخفيفة الشهية..
بينما حاول هو الهاء نفسه صباحا بالاهتمام بالحديقة الميتة نباتاتها.. وبعد الظهيرة يعد الأطعمة التى دوما ترفضها سلمى رغم علمه بحبها لها.. وفى المساء يعتكف بمكتبه يطالع أحد كتب المكتبة الضخمة..
--------
طفح الكيل وفاض
لن أبقى أسيرته
سأرحل
ولن يرغمى على البقاء
خلقنى الله طيرا حرا
فكيف أرتضى سكنا بين قضبان سجنه!
أريد الرحيل
الآن
والى الأبد
فتحت باب غرفتها الموصد عليها دائما، تحمل حقيبة سفرها الكبيرة.. كان بمكتبه يطالع أحد كتبه المفضلة، عندما أثار انتباهه أصوات حركة غير منتظمة على السلم القريب من بابه.. اتجه ليرى ما تفعله تلك المتحصنة بغرفتها الآن على السلم..
تفاجئ بحقيبتها التى تحاول حملها تارة وجرها أخرى، ليرتفع أحد حاجبيه ويزفر ضيقا.. وضع يديه بجيبى بنطال ردائه الرياضى "تريننج سوت" راسما قناع البرود واللامبالاة على صفحة وجهه: خير يا سلمى.. يعنى تختفى تختفى، ويوم متظهرى تظهرى بشنطة سفر..
انتبهت سلمى لوجوده، وبهامة مرفوعة أجابت: اللى مفروض يحصل من أول يوم خطفتنى فيه..
ظهر الغضب بقسمات وجه، فأخرج يديه من جيبه ليشبكهما حول صدره: خطفتك؟!
سلمى: أمال تسمى احتجازى ضد ارادتى هنا ايه؟ فسحة ولا استجمام؟
عادل: وكمان بتتريقى
اتجه عادل ناحية السلالم فصعد أول درج وتوقف ممسكا الدرابزين: سبق وقلتلك أن هنا بيتك.. ومفيش واحدة بتسيب بيت جوزها بدون أذنه..
صدمت سلمى من كلمته، فظنت ربما خيل اليها ما تسمع: أنت بتقول ايه؟ مين جوز مين!
صعد اليها ليقف قبالتها مقربا وجهه من وجهها بطريقة اربكتها لضيق حيز الفراغ بينهما فحاولت الرجوع برأسها للخلف قليلا، ولكن زاد من توترها بنظرته اليها والتى تحمل تملك وتحدى: مش ذنبى أنك لحد دلوقتى مفهمتيش أنك مراتى..
--------
يتبع
الحلقة15: وجه آخر (ج2)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 15-08-17 12:24 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
سلمى اسقطت القناع البارد اللى كانت لابسه عن فتاه كل امنيتها انها تعيش فى ظل اسره ام محبه واب حنون ومثل اعلى لبنته لكن كامل ابو المجد حطم المثل الاعلى وكل القيم اللى ممكن لبنت انها تتمناها فى ابوها ووضع مكان الحلم صوره لذئب بشرى لايتورع عن نهش لحم من يقترب منه حتى اقرب المقربين اليه الحبيبه والصديق وحتى الذئاب البريه لاتحاول قتل ابنائها فكان هو الفريد من نوعه فترك لسلمى عقد لايعلم الا الله متى تحل وكان الله فى عون عادل على حل هذه العقد
احسنتى بسمه تسلم يدك الجميله اللى خطت هذا الابداع:55::55::55:

بسمه ااسيد 15-08-17 03:50 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3687885)
السلام عليكم ورحمة الله
سلمى اسقطت القناع البارد اللى كانت لابسه عن فتاه كل امنيتها انها تعيش فى ظل اسره ام محبه واب حنون ومثل اعلى لبنته لكن كامل ابو المجد حطم المثل الاعلى وكل القيم اللى ممكن لبنت انها تتمناها فى ابوها ووضع مكان الحلم صوره لذئب بشرى لايتورع عن نهش لحم من يقترب منه حتى اقرب المقربين اليه الحبيبه والصديق وحتى الذئاب البريه لاتحاول قتل ابنائها فكان هو الفريد من نوعه فترك لسلمى عقد لايعلم الا الله متى تحل وكان الله فى عون عادل على حل هذه العقد
احسنتى بسمه تسلم يدك الجميله اللى خطت هذا الابداع:55::55::55:

يا سلام يا سلام يا سلام
مملكة الغيوم
عبرتى عن سلمى حقيقى صح
ظلال الماضى هيكون فعلا أذى لسلمى وعادل
الله اعلم حكايتهم المعقربة دى هتوصل لايه

بسمه ااسيد 15-08-17 04:12 PM

**الحلقة15: وجه آخر (ج2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة15: وجه آخر (ج2)
-----
لسنا ملائكة
ولكن قد نقترب من طبع الشياطين
فهذا هو حالنا نحن البشر
تدفعنا أحلام للأمام
بينما تجذبنا ظلال الماضى للوراء
من منا لم يتمنى العودة بالزمن لتصحيح أخطائه
ولكنى عكس الكثير لا أتمنى العودة
وان كان الأمر بيدى
لكررت ما فعلت
مرارا وتكرار حتى يمل القدر منى
فأنتى حقى
ولن تفارقينى
Flash back
الزمان: عصر الثلاثاء السابق لموعد طائرة سلمى
أثناء قيادة عادل لسيارته تجاوره سلمى بعد اتمام مهمة عمل توكيل عام له، تفحصت حقيبة يدها الصغيرة لتزفر بضيق فينتبه لها عادل: مالك.. بتنفخى ليه؟
سلمى: مش لاقية بطاقتى، شوفها معاك كده..
عادل: تصدقى نسيتها مع الموظف
ثم تفحص ساعة يده فوجدها قد شارفت على الثالثة عصرا، فتابع قائلا: خلاص المصلحة قفلت دلوقتى.. بكرة أعدى اجيبهالك قبل مفتح الصيدلية..
أغلقت سلمى حقيبتها، واجابت فى عدم اكتراث: لا مش مهم خلاص.. معدتش تلزمنى.. الباسبور معايا وهسافر بيه الأحد.. متعطلش نفسك كفاية كده..
أوقف عادل سيارته أمام باب منزلها: طيب ماشى.. خلاص وصلنا.. محتاجة حاجة تانية؟..
فتحت سلمى باب السيارة وخرجت منها لتصعد لشقتها: لا شكرا.. سلام..
ابتسم لها مجاملا: سلام
تمم على اغلاق سيارته، ثم اتجه لصيدليته.. رفع بابها الحديدى وبعد دخوله أغلقه ثانية.. وبمجرد فتحه لزر الكهرباء سحب شئ من جيب بنطاله الخلفى.. وما كان ذلك الشئ سوى بطاقتها..
--------
الزمان: مساء الثلاثاء السابق لموعد طائرة سلمى
المكان: مكتب مأذون أحد أحياء القاهرة
يجلس المأذون على مكتبه وأمامه عادل عن يساره ورجل عجوز عن يمينه، وقد أتم العقد: بالرفاء والبنين ان شاء الله، اتفضلوا امضوا..
لتصدح الفتاة الجالسة لجوار العجوز بزغرودة مصرية كما هو متعارف عليه فى مثل تلك المناسبات..
تناول عادل دفتر المأذون الكبير ليزيل أمضته أسفل وثيقة الزواج.. تابعه ثلاث رجال بالامضاء، العجوز بصفته ولى أمر العروس والأثنين الباقيين شهودا..
أعاد عادل الدفتر للشيخ: يا فضيلة الشيخ أقدر استلم العقد امتى؟
المـأذون: 10 أيام كده يا ابنى على مسجله فى المحكمة..
عادل: لا مينفعش.. أنا عاوز استلمه السبت الصبح بالكتير.. عشان مسافرين برة مصر..
المـأذون: ملحقش يا ابنى.. ممكن تخلى خال العروس ( أشار بيده على الرجل العجوز ولى أمر الفتاة الجالسة الى جواره) يجى يستلمها..
عادل: مينفعش.. شوفلى الموضوع ده ومفيش مشكلة فى الفلوس.. يتكلف زى ميتكلف.. المهم الورقة تكون معايا قبل منسافر..
المـأذون: ربنا ييسر الأمور يا ابنى..
استأذن عادل فى المغادرة يرافقه الأربعة المشاركين بالأمر.. هبط الجميع أسفل البناية الموجود بها مكتب المأذون.. أخرج عادل سيجارة وقداحة من جيب قميصه، أشعلها والجميع يتطلع اليه منتظرين المكافأة السخية التى وعدهم بها.. لم يتأخر عادل على تنفيذ ما انتظروه فأخرج من جيبه رزمة النقود المتفق عليها..
تنفس عادل نيكوتينه وهو يوجه كلماته للعجوز: دى الفلوس اللى اتفقنا عليها يا عوض وبزيادة.. حقك انت وبنتك والرجالة "الشهود"..
أسرع عوض متلهفا لامساك النقود: يدوم الكرم يا بيه..
ومع آخر لحظة أبعد عادل النقود بعيدا عنه ليصاب الرجل بخيبة: الفلوس دى زيادة أوى عن اللى اتفقنا عليه، وأنا مش هستخسرها فيكم.. بس لو لمحت خيال ضل واحد منكم أنتم الأربعة متلوموش الا حالكم وقتها..
ثم بنبرة باردة تعمد الضغط على كل حرف ينطقه: ده لو بقى فى عمركم بقية تندموا فيها..
ألقى اليه النقود، وأشار لهم بالانصراف فأطاعوه على عجل بعد خوفهم من لهجته التى تنذر بالشر ان خالفوه.. بمجرد اختفائهم عن ناظريه سحب بطاقة سلمى الشخصية من جيبه، يطالع فى ازدراء صورة تلك الفتاة الغريبة جوار اسم محبوبته.. فنزع الصورة سريعا وقذفها أرضا مع سيجارته ليدهسهما بحذائه وهو متجه لسيارته المصطفة على الجانب الآخر من الطريق..
Return
--------
ببرود وبلهجة جامدة تابع عادل كلماته التى ألقاها على مسامعها وكأنه يقر بأمر عادى لا حاجة لاستغرابه: مفيش واحدة محترمة بتسيب بيت جوزها بدون أذنه..
سلمى بذهول: جوز مين؟
تعمد عادل اهانتها لاخراجها من حالة الصدمة التى تملكتها، فاستفزها بسخريته: سلمى متحسسنيش أنك فجأة بقيتى غبية..
وقد أتى توبيخه بالنتيجة المنتظرة، فاشتعلت مقلتيها بغضب، وصدح صوتها عاليا: أنت اتجننت فى عقلك؟ مين دى اللى مراتك؟ ومين دى اللى غبية؟
غضبها خرج عن حده فأثار حفيظته، فتبدل قناعه الساخر بآخر كاتم للغيظ.. جذبها من ذراعها، فاختل توازنها لتفلت احدى قدميها من على درج السلم فأسرع باسنادها فاصطدمت بصدره.. لم يهتم بما حدث لها ولا لسقوطها فى حضنه وكأنه أمر أعتاد عليه معها، فتابع هاتفا بنبرة صوت متوسطة رخيمة: اتجننت فى عقلى؟!.. اغلطى تانى.. ودماغك النشفة دى هفلقهالك نصين..
--------
اضطربت أنفاسها وتلاحقت أثر تهديده الذى تعلم جيدا قدرته على تنفيذه.. خوفها دفع الدموع لتلتمع بعينيها، فزادها جاذبية ممتزج مع ارتباكها نتيجة قبضته المحيطة بها بين أحضانه.. أمر عجيب، كيف يحبها وفى نفس الوقت يستمتع لمرآها فى تلك الحالة.. أحيانا يكمن فى الحب الغرائب..
أبعدته عنها فاستجاب، وبصوت مضطرب سألته: ازاى يعنى؟
عادل بلامبالاة: ايه هو اللى ازاى؟
تنفست سلمى الصعداء، ظنته يداعبها مداعبة ثقيلة، فوضعت يمناها على قلبها فى محاولة لتخفيض ضربات قلبها: وقعت قلبى يا شيخ.. دانا صدقتك..
أسبل عينيه فى استياء، لقد عادت طفلته للظهور من جديد، فظنته يكذب عليها.. صحيح أنه اشتاق لبراءتها، ولكن لا يمكنه التراجع الآن.. مسح وجهه بباطن كفيه: سلمى..
توقف برهة عن استكمال حديثه كمحاولة منه لتقييم الموقف والتفكير فى التراجع عن اخبارها.. تشبثت عيناها بحدقتيه تلهفا لسماع تكذيبه لنفسه.. لا تريد أن ترى سوى عادل حصنها المنيع، تخاف أن يهدم ذلك الحصن دافنا اياه تحت حطامه.. وليته تراجع، ولكنها مواجهة حتمية جاءت مبكرة للغاية: للمرة التانية هقولهالك.. أنتى فعلا مراتى..
هزت رأسها بحيرة: أزاى يعنى؟ عملتها ازاى؟
وضع يديه بجيبى بنطاله، ثم أردف بهدوء: عادى.. زى أى جوازة فى الدنيا..
أخرج يديه من جيبه، ثم أشار على نفسه: عريس..
ثم أشار بأصبعه عليها: وعروسة..
ثم تابع: ومأذون.. وشهود..
خبط بكف يده اليمنى على ظهر يده اليسرى: ودقوا المزاهر..
سلمى بحدة: محصلش..
عادل بجمود: لأ حصل..
سلمى: لو فرضت ان اللى بتقوله ده حقيقى، يبقى انت سلبتنى حقى..
عادل: أنتى حقى..
سلمى: من حقى أوافق او أرفض أتجوزك..
عادل: حقك الوحيد أنك ترضى..
سلمى: مش من حقك تجبرنى أكون معاك..
عادل: أنتى حقى..
استدارت سلمى بعصبية لتعطيه ظهرها: حقى.. حقى.. حقى.. عن أى حق بتتكلم..
وكأنها تفاجأت من اجابة اقتحمت عقلها، فاستدارت تواجهه باحثة عن تأكيد ظنها بعينيه، فسألته بعيون منكسرة: أنت بتمن عليا أنك وقفت جنبى السنين اللى فاتت؟
لم يحالفها اليقين باجابة فى نظرته، فترقرقت الدموع من مقلتيها: ده التمن؟ عاوز تتجوزنى تمن وقفتك ورعايتك ليا؟
أسرع بالنفى هازا رأسه مرارا وتكرارا، وهو ممسك بكلا مرفقيها بيديه: لا يا سلمى.. والله أبدا.. أنا بحبك.. والله بحبك.. أنتى دنيتى.. النور اللى منور حياتى.. خفت تسيبينى.. عشان كده عملت ده كله والله..
غضبت سلمى من تجرؤه المستمر عليها ولمسه اياها دون وجه حق: شيل أيدك من عليا..
بهت من فظاظتها، فسحب يده بينما مسحت الدموع بكفها: ورينى ورقة الجواز..
ثم تابعت بسخرية: ده لو موجودة أصلا..
أومأ برأسه، وأشار بيده أمامهما: اتفضلى معايا ع المكتب..
--------
ما ان طالعت ذلك العقد حتى مزقته بغضب، وألقته أرضا وداسته بقدمها.. وتحت نظراته المشتعلة صاحت بعداء ممزوج بتحقير: أنت مجنون؟
جذبها من مرفقها اليه، ولكن هذه المرة ردة فعلها كانت أسرع فنزعت يدها منه بقوة، وبشراسة دفعته فاختل توازنه وسقط أرضا..
غضبت سلمى عند رؤيتها لعقد الزواج، الذى حمل فى طياته كل بياناتها الشخصية جوار بياناته.. وقد زيلت بامضائه، اما امضائها فبالتأكيد لم يماثل خط يدها.. هو عقد مزور، وبالتالى ذلك الزواج باطل..
واصلت غضبها الذى امتزج مع نظراتها المحتقرة لفعلته: باطل..
هب عادل واقفا.. ثم اتجه لأحد الكرسيين المقابل للمكتب فجلس عليه، بينما سلمى مازالت على وقفتها العدائية المنفعلة مولية ظهرها اياه.. تفوه بصوت واضح هادئ جدا وكأنما يمليها أمر قد اتفقا عليه من قبل: برضاكى يبقى صحيح..
استدارت وذهبت للجلوس على الكرسى المواجه له، ثم ضحكت ساخرة: نسيت تعرفنى بنفسك.. أهلا يا كامل أبو المجد.. يظهر مكتوبلى أشوفك..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 15-08-17 09:22 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
توقعت ان عادل اتجوزها اول ما زكرتى انها عملت له توكيل عام لانه من خلال التوكيل ممكن يجوزها لنفسه ما يحتاجش حد يمضى بدلها يكفيه التوكيل وشيخ الجامع لانها ملهاش ولى امر لكن بوجود البنت اللى مضت اعتقد افسدت العقد واصبح عقد باطل عادل معرفش يلعبها صح وسلمى مازالت على عنادها وبتخلط كل الاوراق مش عارفه تفرق بين الحب والشفقه لكن نقول معاها عذرها اللى اتلسع من الشربه ينفخ فى الزبادى وهى الماضى بينعاد معاها بصوره مزهله مع فروق طفيفه بين شخصية سلمى الحزره وشخصية شاديه اللى الدنيا عندها خبر خير
تسلم يداتك بسمه موفقه باذن الله:55::55::55:

بسمه ااسيد 15-08-17 10:47 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3687910)
السلام عليكم ورحمة الله
توقعت ان عادل اتجوزها اول ما زكرتى انها عملت له توكيل عام لانه من خلال التوكيل ممكن يجوزها لنفسه ما يحتاجش حد يمضى بدلها يكفيه التوكيل وشيخ الجامع لانها ملهاش ولى امر لكن بوجود البنت اللى مضت اعتقد افسدت العقد واصبح عقد باطل عادل معرفش يلعبها صح وسلمى مازالت على عنادها وبتخلط كل الاوراق مش عارفه تفرق بين الحب والشفقه لكن نقول معاها عذرها اللى اتلسع من الشربه ينفخ فى الزبادى وهى الماضى بينعاد معاها بصوره مزهله مع فروق طفيفه بين شخصية سلمى الحزره وشخصية شاديه اللى الدنيا عندها خبر خير

تسلم يداتك بسمه موفقه باذن الله:55::55::55:

اموت انا فى التحليلات العميقة

بسمه ااسيد 17-08-17 01:56 PM

**الحلقة16: اجتياح (ج1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة16: اجتياح (ج1)
-----
لقد عقدت فتاته مقارنة بينه وبين أبيها، وللمفاجأة جاءت النتيجة تشابه الطرفين، مما أثار حفيظته.. مط عادل شفته السفلى بأصابع يسراه، ثم دلك ذقنه:
- أنا مش كامل..
- ولا أنتى شادية..
- للمرة المليون بفهمك أنى عملت كده عشان بحبك..
- مكنش عندى استعداد أجازف بسفرك..
- خفت تقضى باقى عمرك طير شارد عنى ومترجعيش..
تركت مقعدها، وأولته ظهرها وهى قابضة على مسند مقعدها، ومازالت ثورة غضبها فى أوجها: لأ أنت مش زيه..
ومن جديد تساقطت دموعها، لتتحدث بهمس مسموع اليه بنبرة منكسرة تبين مدى خيبتها فيه: أنت أسوء منه..
وقف عادل خلفها.. رغب فى ضمها، ولكنه تراجع عن فعله حتى لا يزيد الموقف سوء.. فحاول من جديد أثنائها عبر بثه اياها لمشاعره الصادقة: بحبك يا سلمى..
هزت رأسها لأعلى ولأسفل عدة مرات فى استياء ظاهر على وجهها: عشان كده خطفتنى.. زورت عقد جوازى.. والله أعلم عملت ايه تانى ومخبيه عليا..
عادل متفهما تخوفها من مفاجآت جديدة تصعد من احتدام الموقف بينهما: خلاص يا سلمى.. ده أخرى..
لوت فمها تبرما وسط دموعها: أخرك!.. مظنش..
بدت كأنما تحدث نفسها بصوت مسموع، وهى تنظر لسقف الغرفة تارة وتشرد فى التجوال بأنحاء الغرفة بعينيها :
- ازاى كنت مغفلة أوى كده؟
- ازاى مفهمتش أن كلكم زى بعض!..
تركها تفضفض بما يجيش به صدرها من غضب وحنق.. ولكن أخرجه من حالة الصمت والسكون التى خلد اليها برغبته كلمات لم يتوقع سماعها منها عندما التفتت ناظرة اليه بكره ونفور:
- لأ انت مش زيه..
- أنت أسوء منه..
- هو ضحك على أمى بكلمتين..
- لكن أنت ضحكت عليا العمر كله..
- خدعتنى..
تطلع اليها مزهولا من قسوتها، وحكمها الخالى من الرحمة: ازاى مكنتش شيفاك شيطان كده..
عادل: متقوليش شيطان..
سلمى: أمال أقول ايه؟..
عادل: قولى أن العشق جنون..
سلمى: أنت عديت الجنون..
عادل: وفى عشقك أنا مجنون.. والله بحبك..
كلمته كانت ضربة خنجر من جديد بصدرها، فأولته ظهرها مرة أخرى، فحدثت نفسها بصوت مسموع ودموع حارقة لقلبه قبل قلبها:
- يعنى أيه حب؟
- يعنى ايه الكلمة دى؟
- ازاى حرفين يدبحونى مرتين!..
- ازاى حرفين يموتوا أمى؟!
- ويخلوا ده كله يجرالى!
على حين غرة منها ضمها عادل اليه.. كلتا يديه على خصرها فالتصق ظهرها بصدره، وأسند طرف ذقنه على كتفها: بحبك.. أنا.............
فزعت سلمى من فعلته، فحاولت الافلات منه مرتعبة من مدى قربه لها، صارخة بهستريا: ابعد عنى سبنى.. ابعد.. اوعى..
ضم قبضتيها بيسراه، ومازالت يمناه آسرة لخصرها، وذقنه كما هو محتل كتفها الأيمن.. وهى تحاول الافلات من بين يديه:
- بحبك يعنى فرحة ملكت قلبى لما عرفت أن شادية اللى دايما بتلاعبنى وأنا عيل صغير بتولد وممكن تجيب بنت تونسنى..
- بحبك يعنى اتلهفت أكون أول من يشيلك وانتى فى اللفة..
- بحبك يعنى زعلى عليكى لما قالوا أمها سابتها حتة لحمة حمرا، وأنا عيل مش فاهم.. وعاهدتك وانتى فى حضنى أنى هخلى بالى منك..
- بحبك يعنى ألازمك عمرك كله، أحاجى عليكى واخد بالى منك..
- بحبك يعنى افرح معاكى، وازعل معاكى، وارضى بأى حاجة تكون عجباكى حتى لو مكنتش على هوايا..
- بحبك يعنى مش هفارقك العمر كله..
- بحبك يعنى انتى مراتى دنيا وآخرة..
- بحبك يعنى مش هيكونلك عيال الا منى..
نظرة ألم احتلت وجهه فطبق جفنيه لوعة، وحدث نفسه لكيلا تسمعه: بحبك يعنى أن حبى ليكى ميقلش وأنتى بنت عدوى..
--------
وتبقى غريزة الانثى متجسدة فى بنات حوا، ان أحست بالخطر لجأت لأمر من اثنين لا ثالث لهما، اما الهروب أو الهجوم.. يا فتاتى ان وجدت نفسك فى موقف الخطر، فالحكمة فى الهروب السريع لتقليل حجم الخسائر.. أما ان كنتى كصديقتنا سلمى فأرة فى مواجهة الأسد، فلا تظنى أن أن تناول حبة دواء مكتوب فى وصفتها الطبية أنها تمنح الشعور بالشجاعة ستؤتى ثمارها المرجوة.. فستبقين فأرة مزعورة تدفع الأسد للاستمتاع بمقاومتها..
حاولت الابتعاد عنه مرارا وتكرارا لتخليص نفسها من قبضته، ولكنها ضعيفة بجسد هزيل أمام جسده الرياضى.. وقد ازداد رعبها عند اخر جملة نطقها: بحبك يعنى مش هيكونلك عيال الا منى..
بهتت من كلماته فزاد خوفها الذى تحول سريعا الى شراسة، فظلت تصرخ بهستريا وهى تتمايل يمينا ويسارا للافلات من قبضته.. حتى استطاعت بصعوبة تحرير يديها، ولكنه سريعا شدد قبضتيه على خصرها النحيف، مما دفعها لخدشه بأظافرها: أبعد عنى.. سيبنى.. أبعد عنى بقولك.. سبنى يا همجى يا متوحش.. سيبنى..
دب الرعب بقلبها، التصاقه بها دفع انتشار سريع للحرارة فى جسديهما.. تلك الحرارة كانت بمثابة خمر له، لا يستطيع البعد عنه بل يدفعه للمزيد.. ولما لا فهى زوجته حقه، ما الفارق بين اليوم أو انتظاره لها فى الغد..
حدثته نفسه، وقد تسرب الخدر لجسده فأسبل جفنيه.. تسرب العقل من رأسه، وهام بشعور استلذه بقربها: آه من تلك الحرارة الغازية لكل ذرة من جسدى.. هى لى اليوم وغدا وبعد الغد..
ما تلك الرائحة حبيبتى المزكية لأنفى؟
عبيرك طغى وكأنه غازى منتصر
استكينى بين اضلعى، لا تفزعى
أرجوكى امنحينى قربك حتى لا تخدشى
لتخرج كلماته أخيرا بعد طول صمت:
- انتى قدرى..
- مكنتش اعرف بوجود كامل..
- ولا كنت فاهم حكايات زمان كنت يدوبك سبع تمن سنين..
- مربطش الأمور ببعض..
- كنت فاكرك بتعاندينى.. دلال، أو زعلانة على فراق نينة سعاد..
- كنت متخيل عندك هيستمر كام يوم، وبعدها هتلينى..
- ماهى دى عادتك عندية..
- بس طيبة ورقيقة..
- وبتسمعى كلامى دايما..
- كنت ناوى أول متوافقى نرجع الحارة..
- نعمل فرح كبير..
- أنا كان ممكن امنع سفرك بحكم كونى جوزك وبالقانون..
- بس خفت ده يبعدك عنى.. ويخوفك..
- عشان كده جبتك هنا..
- نفضل سوا.. نقرب من بعض.. لحد متوافقى نتجوز..
- بحبك يا سلمى..
- وعارف أنك بتحبينى..
- يمكن مقولتيهاش، لكن أوعدك هتقوليها..
- ده عهد بينى وبينك..
لم تتوقف سلمى عن الصراخ والبكاء، ولا حتى عن محاولة الأفلات من قبضته:
- انا مبحبكش..
- أنا بكرهك..
- بكرهك..
- وهوديك فى 60 داهية..
- هسجنك..
- عقد الجواز باطل..
- وخطفنى..
- هسجنك..
- هتعيش باقى عمرك فى السجن..
- أنا بكرهك..
- بكرهك..
----------------------------
يتبع مساء اليوم
**الحلقة16: اجتياح (ج2)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 17-08-17 08:49 PM

**الحلقة16: اجتياح (ج2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة16: اجتياح (ج2)
-----
تتعمدين اغضابى..
تتعمدين اذلالى بحبى اياكى..
تظنينى سأبقى دوما رابط الجأش..
مسيطرا على خلجات نفسى وعقلى وقلبى..
أى عقل لديك يا صاحبة القلب الصخر؟!
تركها بارادته مذهولا من جرأتها على التفوه باعلان صريح لكرهها له، بل وسجنه أيضا.. فسقطت أرضا لاهثة تحاول ابتلاع ريقها بصعوبة، شعرت وكأن الغرفة قد خلت من الأكسجين، فأصبحت ذرات الهواء ثقيلة لا يتحملها جهازها التنفسى.. تحسست رقبتها تلقائيا لتدليكها بعيون ذائغة، تحاول افساح مساحة بأناملها بين رقبتها وحجابها وهى تلهث..
هتف عادل باستنكار، وهو واقف خلف تلك الجاثية على ركبتيها ومولية ظهرها اياه: بتكرهينى! وهتسجنينى!
ثم سأل مستفهما: طب ولو قدرتى تعمليها وتبيعينى، هتعملى ايه بعد كده؟
لم ينتظر اجابتها: هتروحيله.. صح؟ عشان ياخدك منى أنتى كمان.. عشان يموتك!
لم تكن بكامل تركيزها لتعى ما يقول، أو تنتبه لالغاز تظهر بخلجات حديثه، كل ما استطاعت فعله أن رجته بنبرة مختنقة ضعيفة:
- عادل أنا خايفة..
- أرجوك سبنى لحال سبيلى..
- متخلنيش أكرهك..
- أرجوك عشان خاطرى..
جذبها عادل من حجابها فتعلقت بين اصابعه خصلات شعرها البنية، فصاح بها فى غضب:
- أنا صبرت عليكى كتير عشان تعقلى..
- رغم أنى متأكد من غبائك..
- أنتى مراتى..
- ملكى..
- بتاعتى..
- حلالى..
أخذت سلمى تبكى وهى تحاول تخليص خصلاتها من بين يديه صارخة: سيبنى.. سيب شعرى.. سيب.. أنا مش حلالك.. أنا حرامك.. أبعد عنى.. أنا مش مراتك أصلا.. ابعد عنى..
ضم عادل وجنتيها بيسراه، ومازال قابضا على شعرها بيمناه وقد سقط حجابها بالكامل أرضا.. يطالع وجهها، وبنبرة قاسية ضغط فيها على حروف كلماته وكأنه يحفرها بعقلها كيلا تنساها:
- مش بمزاجك..
- عمرى مهبعد عنك..
- أنتى بتاعتى وبس..
- ومش هتبعدى..
- هنا بيتك ومش هتسيبيه..
- ممكن بس نسيبه فى حالة واحدة..
- لو بقيتى حامل..
- ده السبب الوحيد اللى يخلينا نسيب هنا..
- يعنى برده هتكونى معايا..
هتفت سلمى برعب وقد استطاعت افلات فكها من قبضته، ومازالت تحاول تخليص شعرها من بين يديه: لا لا لا.. حامل ايه.. ازاى.. لا لا لا..
مازالت قبضته اليمنى محكمة على خصلاتها فى حين جذبها من فكها مرة أخرى بيده اليسرى ليطالع وجهها المرعوب ويخبرها بنبرة غاضبة:
- لأ!..
- ايه اللى لأ؟..
- انتى فاكرة أنه بمزاجك؟..
- أنتى مراتى..
- وطبيعى أعوز منك ولد واتنين وعشرة كمان..
بكلتا يديها تحاول فك قبضته عن فكها لتقول بصوت مبحوح من اثر البكاء والصراخ: أنا مش مراتك.. ده جواز باطل..
عادل: وافقى، وهو ميكونش باطل..
ظلت على صراخها المبحوح:
- مش مراتك..
- ولو أخر راجل فى الدنيا مش هتجوز مجرم زيك..
- أنت خاطفنى..
- ومسيرى أهرب منك..
- وهبلغ عنك..
- واوديك فى ستين داهية..
توقفت عن الاسترسال فى كلماتها الغاضبة على أثر صفعته القوية والتى أسقطتها أرضا.. لتصرخ هى ألما: ااااااااااااااه.. حرام عليك.. أرحمنى.. أنا خايفة.. خايفة..
انحنى لاسفل ليجذبها ثانية من شعرها الثائرة خصلاته على وجهها: أنا هعرفك دلوقتى اذا كنتى مراتى ولا لأ.. هخليكى تبوسى رجلى عشان أرحمك.. وقتها رضاكى هيبقى تحصيل حاصل..
ثم جذبها من مرفقها تاركا غرفة مكتبه وفى اتجاه سلم الطابق العلوى وسط صرخاتها ومقاومتها للتحرك: لا لا لا بلاش.. أرجوك يا عادل.. متأذنيش.. عشان خاطرى.. متأذنيش.. لا لا لا..
هذه المرة لم يعد هناك رادع يمنعه عنها..
أستماتت سلمى لتخليص نفسها من بين يديه.. ولكن تلك المقاومة لا شئ أمام غريمها الذى حملها من خصرها وهو يصعد بها السلم حتى لا تنفلت منه وتسقط..
كانت صرخاتها تصم أذنيه, ولكنه لم يبالى.. لم يستمع الى توسلاتها بل أنصت لصوت الوحش بداخله.. لقد فكت لجامه بتحديها له, وليس عليها الان سوى تحمل تبعات عنادها معه..
أدخلها عنوة الى غرفته الواسعة, وألقاها على فراشه وتوجه الى باب الغرفة يوصده.. لم يعد يفكر فى شئ سوى ان يأخذ منها ما اعتقد أنه حقه.. ما أعتقد أن بأخذه سيدفعها للخضوع والاستكانة للأمر الواقع..
التفت عادل اليها وحدثها وعيناه قد اشتعلت رغبة بها: ده حقى يا سلمى.. أنا هاخده الليلة.. خليها بمزاجك أحسنلك.. بدل متبقى غصب عنك..
برعب وبكاء غادرت فراشه وتراجعت الى الخلف: لا.. لا.. لا مش هيحصل الا على جثتى.. مش هيحصل..
ظلت تتراجع الى الخلف حتى منعها ذلك الحائط, فى نفس الوقت الذى أصبح فيه عادل أمامها, لا مهرب منه سوى ان يعفو عنها ويتراجع..
التصق ظهرها بالحائط وأحاطها بذراعيه حتى لا تهرب منه, حاولت ان تبعده بكلتا يديها ولكنها غزالة صغيرة بين براثن ذئب جائع لن يتوانى عن افتراسها..
لم تطق النظر اليه فاستدارت بوجهها الى الجانب وهى تحاول دفعه عنها, ولكنه أمسك كفيها بكلتا يديه, والتصق صدره بها..
احس بنهديها النافرين ملامسا لصدره فسرت قشعريرة بجسده، نظر لعينيها اللتين تحول بياضهما الى حمرة من شدة البكاء فأخذتا ما تبقى من عقله, فانقض على شفتيها الوردتين بقبلة طويلة كادت تمنعها من التنفس..
لم يمهلها الوقت لتفيق من قبلته الساخنة حتى شعرت بأنفاسه الحارة على رقبتها تلثمها.. ترك يديها بحركة مباغته ليمزق فستانها..
القاها على سريره وشرع فى نزع ما تبقى من ستر جسدها، وهى تحاول الفرار من تحته وتجذب ملاءة السرير لستر نفسها..
ولكن هيهات..
موقف واحد..
لحظة واحدة..
كلمة واحدة..
قد تختم عهد من حياتنا..
ليبدأ عهد آخر مختلف عنه كلينا..
حيث يتحول الأبيض الى أسود..
وقد يتحول الخير الى شر..
فتكون تلك القطرات الحمراء بمثابة بداية لعهد آخر لم يتخيله كلاهما يوما..
عهد دماء باسم العشق..
فهل ستكون تلك الدماء الأخيرة؟
أم أن الدماء أصبحت هى المشهد الرئيسى لحياتهما سويا؟
فتصبح تلك الليلة مجرد بداية قاسية لمرحلة من حياة بطلينا
وستليها أحداث أكثر قساوة
فى "عشق ودماء"
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 18-08-17 01:45 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابدعتى بسمه فى وصف المشهد سلمى خرجت المارد من القمقم بمنتهى الغباوه اللى سلمى فيه ده مش بسميه عند ده غباء محكم كان ممكن بشوية سياسه تخلى عادل يصبر عليها لكنها بمنتهى الغباء حدته على اغتصابها وحولت العاشق بداخله الى ذئب جائع لاتفرق معه اءكل طعام زكى ام سطى على طعام بالاكراه
عادل فقد اعصابه وفقد معاها كل تعقل وحكمه بدل ما ينفى لها انه شبه كامل ابو المجد اثبت لها ان الرجاله كلهم كامل ابو المجد على الاقل كامل اخد شاديه بالحيله والدهاء لكن هو اخد ها غصيبه هو مقتنع ان عقد الجواز صالح ومنتظر منها توافق وهى بمنتهى الغباوه حولت نفسها من زوجه برضاها الى حليله غير شرعيه وما ينتج عن هذه الليله سيكون مثلها ابن غير شرعى وكله بسبب غباوة سلمى وجنون عادل اللى الامبير عندة احترق من كتر الغليان
اعتقد انهم الاتنين حيندمو على غباوتهم لما يصحو من الثوره اللى هما فيها لكن وقتها مش حيفيد حد الندم موقف صعب صورتيه بدقه لدرجة انى تنفسى كان بيعلى مع تسابق الاحداث احسنتى وتسلم يمناكى ويسراكى وفى انتظار باقى ابداعك:55::55::55:

بسمه ااسيد 18-08-17 06:28 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3688099)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابدعتى بسمه فى وصف المشهد سلمى خرجت المارد من القمقم بمنتهى الغباوه اللى سلمى فيه ده مش بسميه عند ده غباء محكم كان ممكن بشوية سياسه تخلى عادل يصبر عليها لكنها بمنتهى الغباء حدته على اغتصابها وحولت العاشق بداخله الى ذئب جائع لاتفرق معه اءكل طعام زكى ام سطى على طعام بالاكراه
عادل فقد اعصابه وفقد معاها كل تعقل وحكمه بدل ما ينفى لها انه شبه كامل ابو المجد اثبت لها ان الرجاله كلهم كامل ابو المجد على الاقل كامل اخد شاديه بالحيله والدهاء لكن هو اخد ها غصيبه هو مقتنع ان عقد الجواز صالح ومنتظر منها توافق وهى بمنتهى الغباوه حولت نفسها من زوجه برضاها الى حليله غير شرعيه وما ينتج عن هذه الليله سيكون مثلها ابن غير شرعى وكله بسبب غباوة سلمى وجنون عادل اللى الامبير عندة احترق من كتر الغليان
اعتقد انهم الاتنين حيندمو على غباوتهم لما يصحو من الثوره اللى هما فيها لكن وقتها مش حيفيد حد الندم موقف صعب صورتيه بدقه لدرجة انى تنفسى كان بيعلى مع تسابق الاحداث احسنتى وتسلم يمناكى ويسراكى وفى انتظار باقى ابداعك:55::55::55:

دا انتى اللى أبدعتى فى التحليل
ده أنا قرأت تعليقك 3 مرات يا مملكة الغيوم
:55::55::55::55::55::55:
شكرا شكرا شكرا
بجد كنت خايفة الحلقة تقع وتوقع الرواية
وتعليقك دعمنى حقيقى

بسمه ااسيد 20-08-17 06:52 PM

**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج1)
-----
وكأن تلك الليلة تحالفت مع صرخات سلمى.. السماء ملبدة بالكثير من الغيوم.. أصوات البرق والصواعق مستمرة.. فكانت ليلة شتاء قاسية كئيبة.. استمرت فيها الأمطار بالهطول بغزارة، كانت تدق دقا على الأبواب والنوافذ مما زاد من كآبة تلك الليلة..
فقدت سلمى الوعى بعد مقاومة باسلة منها استمرت ساعات كثيرة، حاولت فيها التشبث ببراءتها وطهرها حتى النهاية.. ولكن خذلتها قوتها، كما خذلها عادل من قبل.. لقد تحول عادلها الى ظالمها.. فاستسلمت لغيبوبة مؤقته قد ترفع عنها بعض الألم الذى اجتاحها هذه الليلة..
شعر عادل باستكانتها أخيرا وغفوتها، تنام على بطنها ووجهها مغطى بخصلاتها المشعثة المفترشة للوسادة أسفل رأسها، وجهها فى الاتجاه الآخر المعاكس له.. فسحب الخصلات من على وجهها وجمعها للخلف ثم قبل وجنتها بعمق.. كانا عاريين تماما، جسدها بارد للغاية ممتلئ بالكثير من آثار عنفه عليها.. أسرع بحمل تلك البطانية التى ألقاها أرضا منذ ساعات ليعطى لنفسه مساحة تسمح له بالتحرك بحرية، فدثرها بها.. ثم ذهب ليحضر بطانية أخرى من دولابه فالبرد قارس للغاية الآن..
زحف الى جوارها تحت دفء البطانيتين، واللتان اثبتتا فشلهما فى تدفئة حبيبته، فضمها اليه بقوة ليبثها بعضا من دفئ جسده.. قبلها من ظهرها قرب عنقها بحميمية، ثم رفع رأسه قليلا ليهمس بالقرب من أذنها وكأنها مستيقظة تحسن الاصغاء له:
- ليه خلتينى أعمل كده؟
- مكنتش عاوز أغصبك على حاجة..
- كنت عاوزك برضاكى..
- حلالى..
- تكونى فرحانة..
- ومبسوطة بقربى منك..
- مش تكونى نافرة منى..
- وبتقاومينى..
- ليه خلتينى أأذيكى؟
- ليه بس عملتى فينا كده؟
- ليه؟
ضمها أكثر اليه، لم يبالى بآهاتها الخافتة، كل ما شغل باله هو بثها بعضا من دفء جسده والاستمتاع باحساس كونهما متلاحمين كالجسد الواحد:
- هتسامحينى يا سلمى؟
- ولا كده خلصت؟..
- وأتكتب على قلبى يفضل مجروح..
- محروم من حقه..
- عشان خاطرى يا سلمى متسبنيش أنتى كمان..
- أنا بحبك أوى..
- ملييش غيرك فى الدنيا..
- أنتى دوا روحى الموجوعة..
- أنتى هتسامحينى..
- أنا عارف مش هتقدرى تفضلى زعلانة منى..
- انا مقربتش منك الا وأنتى مراتى..
- فمينفعش تفضلى زعلانة منى..
عندما شعر بدفء تسرب لجسدها طبع قبلة عميقة على خدها، ثم نهض من السرير لاحضار ملابس نظيفة من دولابه، واتجه للحمام المرفق بغرفته لينعم بحمام ساخن يزيل آثار ارهاقه فى تلك الليلة الباردة ولعله يهتدى لكيفية مواجهة الموقف بحكمة عند استيقاظ زوجته..
--------
أستغرق وقتا فى ضبط حرارة المياه فلم يشعر بمرور الوقت.. بينما على الجانب الآخر استيقظت سلمى.. شعرت بكثير من الألم يجتاح جسدها، تطلعت للمكان بذهول فتلك الغرفة لا تعرفها رغم وجود تشابه طفيف مع الغرفة التى احتلتها الشهور القليلة الماضية.. لم تعى بعد ما حدث لها..
حاولت النهوض فدفعت بضعف ذلك الثقل الدافئ من فوقها لتتفاجئ بنفسها عارية تنساب خيوط دماء رفيعة من أسفل، وكثيرا من الكدمات الحمراء وأخرى بنفسجية اجتاحت جسدها..
مازالت غائبة الادراك لم تتذكر ما حدث بالأمس.. لمحت شبحها بمرآة التسريحة المقابلة لها بينما تناها الى سمعها تدفق مياه وحركة بالحمام، فنظرت مذهولة الى ذلك الباب المغلق..
انسابت دموعها لااردايا.. تطلعت للمرآة مرة أخرى فبدت كالأسيرة لذلك الشبح المحدق بها، وكأنه يجبرها على اللحاق به.. فاتجهت صوب المرآة بوهن دون انتباه لعريها.. ظلت كالصنم أمام المرآة، تطالع كل أنش من جسدها ودموعها تذرف دون توقف.. اختلطت الأصوات برأسها، كانت كلمات الجميع تنساب على مسامعها بسرعة:
- الجدة سعاد: حافظى على نفسك يا سلمى..
- عادل: بحبك يا سلمى..
- الجدة سعاد: سلمى محدش يلمح جسمها..
- سالى: والله بتحبيه يا سلمى..
- الجدة سعاد: سلمى مؤدبة متكلمش حد غريب..
- عادل: أنتى ملكى..
- عادل: أنتى مراتى..
- الجدة سعاد: أنتى مش شادية..
- عادل: طبيعى أعوز منك ولد واتنين وعشرة كمان..
- سالى: بتحبيه، زى مهو بيحبك..
- عادل: كنت متخيل عندك هيستمر كام يوم، وبعدها هتلينى..
- سلمى: أرجوك سبنى لحال سبيلى..
- عادل: بحبك..
- عادل: بحبك..
- سلمى: أنا خايفة.. خايفة..
- عادل: بحبك..
- عادل: بحبك..
- عادل: بحبك..
- عادل: بحبك..
توالت مشاهد اعتداؤه عليها تزامنا مع تلك الأحاديث المحتشدة برأسها، فاندمجت مع ما تطالعه بالمرآة من آثار تلك الليلة البائنة.. وضعت يديها على أذنيها كي تتوقف تلك الأصوات العابثة برأسها فلا تسمعها.. وتحرك رأسها يمينا ويسارا فى عدم تصديق.. حتى طاوعتها حنجرتها بصرخات متتالية قوية..
أعقبها قذف تلك الزجاجات العطرية المرصوصة بعناية على التسريحة بالمرآة، لتحطيمها علها تمحى تلك الصورة التى تمثلها.. لم تكتفى بذلك، بل اندفعت لاكمال تحطيمها بيديها.. تحمل بين كفيها شظايا المرآة فتضغط عليها، فتدفقت الدماء سريعا من بين أصابعها.. لم تشعر بالألم، فحملت احدى الشظايا القابضة عليها بيدها اليسرى وبدأت بتشويه جسدها..
--------
يتبع الليلة
**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج2)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 20-08-17 10:09 PM

**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة17: ترويض الشرسة (ج2)
-----
انتبه لصرخاتها ولذلك التحطم، فشعر بانقباضة بصدره وهم بالخروج من الحمام سريعا لتفقدها.. فترك المياه منسابة، وخرج كما هو دون اهتمام بوضع حتى منشفة لستره.. أقل من ثانية استغرقها فى الخروج، ليفاجئ بكل تلك الدماء المحيطة بها..
أسرع اليها، وبصعوبة كتف يديها، وأسقط تلك الشظايا من كفوفها.. كانت تصرخ بهستريا، وهى تحاول ضربه فى صدره بقبضتيها الصغيرة.. خدشت وجهه كثيرا بأظافرها، وهو لم يبالى سوا باحتوائها والسيطرة عليها، لايقاف ذلك النزيف الذى انبثق من أماكن كثيرة بجسدها..
بصعوبة احتواها عندما استطاع ضم ظهرها لصدره, فشدد على خصرها بيمناه بينما أمسك قبضتيها بيده اليسرى.. كان يسحبها بقوة وهو يسير بظهره للخلف فى اتجاه الدولاب.. وما ان اقترب من درفة الدولاب المنشودة حتى ترك قبضتيها سريعا ليفتحها.. انتزع سريعا حقيبته الطبية، بينما استطاعت سلمى الافلات منه.. لم يكن بحاجة لكثير من الوقت لفتح حقيبته وسحب تلك الحقنة المعروفة جيدا بالنسبة له والمعبأة من قبل.. وبسرعة نزع الغطاء عن السرنجة واتجه لهدفه، تلك الزاحفة بعيدا عنه تعانى الألم والحسرة والعار.. استطاع بصعوبة طفيفة السيطرة على مقاومتها الضعيفة، فتسلل ذلك السائل سريعا بأوردتها..
استكانت قليلا، فحملها بين يديه ليضعها بالسرير.. انتبه لتلك الدماء المحتلة لمكانها بالفراش والزائدة عن الطبيعى.. قطعت شروده بصوتها الباكى المتألم بضعف، والذى يقاوم الخلود فى غيبوبة نوم اجبارية:
- أنت عمرك ما كنت كده!..
- أزاى بقيت كده؟!
ليجيبها ألما: أنتى الوحيدة اللى ممكن تخلينى عاقل أو تطلع جنونى..
سلمى بنظرة قوية يملؤها الكره والنفور: أو يمكن ده وشك الحقيقى اللى مكنتش أنا أعرفه..
عادل باصرار: أنتى مراتى.. اللى حصل طبيعى بين المتجوزين.. أهدى.. والله يا سلمى أنتى حلالى..
سلمى بعدائية: أنا حرامك..
قاومت سكونها تحت تأثير المخدر، لتهمس ببكاء: حسبى الله ونعم الوكيل فيك.. لما اروح لربنا هقوله أنى مش مسمحاك..
غصة أقتحمت روحه تألما على حالها، ولكنه لم يسمح للندم بالتسرب لقلبه.. دافع عن نفسه بأنها دفعته لذلك، لاجبارها على الأعتراف بزواجهما الذى تراه هى باطلا ولا يرقى لرباط مقدس يجمع بينهما للأبد، وكذلك منعها مستقبلا من المجازفة بحياتها بمواجهة أبيها..
أسرع بتنظيف جروحها، وقد حمد الله كثيرا أن جميع الجروح بجسدها كانت مجرد جروح سطحية لا تمثل خطورة.. بينما أصابه القلق قليلا من نزيفها والذى ساعد ضعف بنيانها الجسدى على استمراره.. ولكن أمامه تقريبا يومين للسيطرة على الوضع قبل افاقتها من تأثير مخدره القوى..
الآن يحتاج الى استبدال ملابسها بأخرى نظيفة، وكذلك تغيير تلك الشراشف فاتجه الى تلك الردفة الكبيرة التى توسطت دولابه الكبير، ففتحها على مصراعيها يطالع تلك الثياب الجديدة التى اشتراها لسلمى فى فترة توضيبه للفيلا.. كان يمنى نفسه أن تسعد بهداياه عقب موافقتها على الزواج، ولكنها أصبحت بالنسبة له الآن درب من دروب الخيال.. أختار أحد القطع المغلفة وبحث عما يليق بها من كماليات ثم عاد مرة أخرى لها لتنظيف الفوضى التى أحدثاها..
--------
مر الشتاء مرا علقما على سلمى، ولم يكن عادل فى وضع أفضل منها.. أرغمها على مشاركته كل شئ وأولها غرفته.. لم يسمح لها بمغادرتها مطلقا.. سيطر عليها الأكتئاب، مما دفعه لافراغ الغرفة من أى شئ حاد قد تستخدمه لاذاء نفسها خاصة مع تكرارها لتلك الفعلة أكثر من مرة، والتى جعلته قاسيا خشنا فى التعامل معها للسيطرة على سلوكها..
حاول مرارا وتكرارا بناء الجسور بينهما، ولم تستطع هى التفاعل معه.. غلب عليها الخوف والذعر كلما اقترب منها.. وعلى الرغم من ذلك لم تخلو المواقف بينهما من بعض لحظات حاولت هى فيها المقاومة، فتثير حنقه وينالها وقتها بعضا من غضبه وعنفه معها..
--------
فتح عادل باب غرفته وبصوت هادئ دعاها للطعام: حبيبى.. يلا الغدا جاهز..
انتفضت سلمى عندما سمعت الصوت الناتج عن فتحه للباب، وانكمشت على نفسها بجانب السرير.. أصابه الأحباط مرة أخرى من خوفها البادى جليا على وجهها.. أقترب منها، فازدادت بعدا وتشنج جسدها عند جلوسه جوارها على حافة السرير: هنفضل كده لحد أمتى؟ سلمى أنا والله بحاول أصلح اللى فات.. عارف أنه مشوار طويل وصعب.. بس هفضل أحاول.. بس هفشل طول مانتى خايفة منى وبتبعدى..
ألتمعت عيناها بالدموع، شعر بألم اعتصر قلبه فأسرع بمسح دموعها المنسالة بكفه.. ولكن بدلا من أن تلين لفعلته، انتفضت خوفا فأطاحت يده بعيدا عنها وهى تفر من فوق ذلك الفراش وهى تهمس بألم: بكرهك..
لم تظن أن همسها قد يصل الى أذنيه، ولكن كلمتها لم تخترق مجال سمعه فقط وانما أيضا حطمت معنوياته فى كسر الحاجز بينهما.. حاول عادل السيطرة على أعصابه حتى لا يزيد من تفاقم الوضع بينهما: بلاش عشان مزعلكيش يا سلمى..
كانت نظراته كفيلة بارعابها، ولكنها بمنتهى العنجهية تحدته رغم ضعفها وخوفها المرسوم بحرفية على وجهها: بكرهك.. بكرهك.. ربنا يخدك.. حسبى الله ونعم الوكيل فيك..
استمرت كلماتها وهى تتراجع للخلف فى نفس الوقت الذى تقدم عادل فيه ناحيتها، ثم جذبها اليه عنوة لتسقط فى حضنه فتلتمع عيناه بنظرة شرسة وقحة تطالع كل تفصيلة فى منحنيات جسدها، لتتلجم الكلمات فى حلقها وتتسارع دموعها هروبا من بين أهدابها: بتقولى ايه تانى؟.. سمعينى صوتك كده.. مكان عالى..
كز على أسنانه ليضغط على حروف كلماته: اتخرستى ليه؟
القاها على السرير، ونزع عنه قميصه، فارتعبت واسرعت بالاختباء فى تلك المساحة الصغيرة الفارغة بين الحائط والدولاب.. ذهب اليها ببطء ونظراته لا تحيد عن عيناها، بينما ظلت هى تربت بيدها اليسرى على صدرها راجية وهى تبكى: خلاص أنا أسفة.. سامحنى.. مش هكررها والله العظيم.. عشان خاطرى متأذنيش.. أبوس رجلك بلاش..
جذبها من يدها لتخرج من مكمنها، ثم احتضنها بقوة بين ذراعيه القويين حتى أحست بالألم والندم على تجرؤها عليه.. بينما أخذ هو يستنشق عبير شعرها المرتب الأخاذ، ويهدئ ضربات قلبه القوية بضمها أكثر اليه..
أنزل أحدى يديه على خصرها، ثم أسند ذقنه فوق رأسها بينما دفن وجهها بقوة فى صدره، أما يده الاخرى فقد أسدل بها حمالتى قميص نومها الزيتونى القصير.. فهمست ببكاء راجية اياه: عشان خاطرى.. والله مهكررها.. هبقى مؤدبة والله.. بلاش..
أطلت ضحكة خفيفة على محياه، مازالت حبيبته طفلة تستخدم مصطلحات الأطفال فى حديثها "مؤدبة".. لم يكن يحتاج أكثر من ذلك، أراد فقط أن يلمس جسده جسدها بدون حائل ليشعر بأنهما جسد واحد لا انفصال بينهما..
ظل محتضنا اياها لعشر دقائق دون أن يتفوه أيهما بأى كلمه.. ومازالت تلك المسكينة مستمرة فى البكاء حتى رفع حمالتى قميصها وثبتهما على كتفيها مرة اخرى..
رفع ذقنها بأطراف أصابعه: أدخلى خدى دوش.. وغيرى هدومك.. ربع ساعة وتكونى تحت عشان نتغدى..
ثم تركها ليغادر الغرفة بعد أن أخذ قميصه الملقى على طرف السرير ودون أن ينظر اليها: ومتزعليش من اللى هعمله لو أتأخرتى زى عادتك..
ارتمت سلمى على الفراش وأكملت بكائها وندبها على حظها العاثر الذى أوقعها بين يد من لا يرحم..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 21-08-17 07:33 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك بسمه عادل بيحاول يبنى مع سلمى حياه طبيعيه لكن بدفاشه الطريقه دى تعد هدم مش بناء المفروض يحتويها مش يناطحو زى التيران قصاد بعض وكمان سلمى راسها يابس واعند من بغل مش مقتنعه بصحة العقد اطلبى منه يجدده انتى كده كده اصبحتى زوجته ان بالحلال او بالحرام غيرى من الواقع بدل ماتتنى متشبسه بعند الاطفال وعادل انسان كويس بس لظرف ما وبسبب عندك حولتيه لما هو عليه من تسلط وقسوه يختى ابطال عوزين الدق على راسهم جتهم الهم منكدين على نفسهم وعلى القراء ههههههههههههههه
داعى على ابطالك من قلب اصلى لس قارى كنا فمتى نعود ودماغى شياطه من فيصل ونوره
تسلمى بسمه وتدوم البسمه على شفاهك يارب

بسمه ااسيد 22-08-17 12:00 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3688284)
السلام عليكم ورحمة الله
تسلم ايدك بسمه عادل بيحاول يبنى مع سلمى حياه طبيعيه لكن بدفاشه الطريقه دى تعد هدم مش بناء المفروض يحتويها مش يناطحو زى التيران قصاد بعض وكمان سلمى راسها يابس واعند من بغل مش مقتنعه بصحة العقد اطلبى منه يجدده انتى كده كده اصبحتى زوجته ان بالحلال او بالحرام غيرى من الواقع بدل ماتتنى متشبسه بعند الاطفال وعادل انسان كويس بس لظرف ما وبسبب عندك حولتيه لما هو عليه من تسلط وقسوه يختى ابطال عوزين الدق على راسهم جتهم الهم منكدين على نفسهم وعلى القراء ههههههههههههههه
داعى على ابطالك من قلب اصلى لس قارى كنا فمتى نعود ودماغى شياطه من فيصل ونوره
تسلمى بسمه وتدوم البسمه على شفاهك يارب

انتى عسل والله يا مملكة الغيوم
دايما بستنى اشوف تعليقك
:8_4_134::55::55::55:

بسمه ااسيد 22-08-17 04:36 PM

**الحلقة18 : قهر الرجال
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة18 : قهر الرجال
------
بحبها بحبها وفقلبي ساكن حبها
يا ريت يا شوق يا ريت يا شوق توصلها ويحس بي قلبها
بحبها بحبها
صدح صوته بغناء عذب أثناء استحمامه بالحمام الملحق بغرفتهما، بينما تجلس سلمى على السرير مرتدية قميص نوم لأسفل ركبتها خفيف ضيق من اللون الكنارى والذى قد اختاره عادل لها عقب جولة دقيقة بمحتويات دولابه كما هى عادته اليومية والتى استمرت نحو عشر دقائق تقريبا حتى استقر على هدفه.. كانت ضامة ساقيها اليها لتدفن وجهها بينهما.. بداخلها صراع.. شك لم يصل لليقين بعد منذ أيام معدودة..
حدثت نفسها وقلبها يعتصر ألما ممزوج بالخوف من القادم:
- ممكن!.. معقول!
- وليه مش معقول.. فات كتير.. عدى أكتر من شهر..
- لا لا لا.. أكيد بتوهم..
- الدوخة.. والقرفان.. والحمام كل شوية برده وهم!
بكرا خلاص حقولها روحي لها عقلي لها
وحقولها هي الهنا...هي المنا... كل المنا هي حياتي كلها
بحبها بحبها
انتبهت لكلمات أغنيته، فرفعت رأسها المسندة على ركبتيها وسلطت بصرها على باب الحمام.. ارتجف قلبها وعلت دقاته انتظارا لفتحه للباب ودلفه للغرفة..
- لا لا.. يارب أرجوك.. بلاش.. كفاية المصيبة اللى أنا فيها..
- ما يمكن يرحمك وقتها زى مبيقول..
- معدش عندك حل تانى خلاص غير أنك تستسلمى لقدرك معاه..
التمعت عيناها بالدموع والتى لم تتمهل لحظة لتهبط سريعا على وجنتيها، لتمسحها سريعا خوفا من ظهوره فجأة واثارة غضبه.. فدموعها هى المحفز الرئيسى لتبدل حاله من اللين والرقة الى الغضب والمعاملة الخشنة أحيانا..
- أرضى بجوازكم.. وانسى اللى فات..
- جوازنا!..
- أحنا مش متجوزين أصلا..
- أرضى بجوازكم.. وعيشى..
- أنا خايفة منه..
- وهتفضلى خايفة طول ما بيلمسك..
- حاولى تنسى كل اللى حصلك، وحاولى تبدئى معاه..
- أنسى!.. طب ازاى؟..
عاودتها نوبة الذعر مع توقف صوت تدفق المياه بالحمام.. فانكمشت على نفسها من جديد..
- أرضى عشان الطفل ده ملوش ذنب يجى من حرام.. ملوش ذنب يبقى نسخة من اللى عشتيه.. مكنش ليكى يد فى اللى فات من عمرك ولا فى اللى بيجرالك دلوقتى.. لكن تقدرى تغيرى قدر المسكين ده..
- أنا خايفة..
- خايفة من عادل؟ ولا خايفة على الجنين؟
- مش عارفة..
- والعمل؟
- أنا خايفة.. خايفة من نفسى.. مش هعرف أحافظ عليه.. مش هعرف أحميه منه..
- حاولى يا سلمى كفاية استسلام للى بيجرالك..
خرج عادل من الحمام، ومازال يجفف شعره من قطرات المياه المتخللة خصلاته بمنشفته الصغيرة ومتجها الى التسريحة..
والكلمة اللي أنا عايش بيها
رح دوب كل الشوق فيها
وحقولها وأعدها وغنيها
ألتقط سريعا فرشاة شعره من على التسريحة الخالية من وجود مرآة منذ أشهر.. ثم التفت قبالتها، وبدأ تمشيط شعره وهو جالس على حافة التسريحة وابتسامة هادئة تزين محياه وهو يدندن بصوت هامس حميمى:
حقول أحبك حقول أحبك
وعيش أحبك أعيش أحبك
أحبك أحبك يا حياة قلبي
لولا الصدع بينهما لأقرت بوسامته وجاذبيته، ولكنها لا ترى سوى المشاهد العنيفة التى اتسمت بها حياتهما سويا مؤخرا فى ذلك المكان الكئيب..
- هيجى يشوفنى مسجونة!.. هيطلع قاسى.. ظالم زيه.. أو تيجى بنت تتكوى بنار الماضى وتكون نهايتها زيى..
- لو بقى روح مش هتقدرى..
بنفس الابتسامة التى حافظ عليها مدة طويلة غمز لها بطرف عينه أثناء تمشيطه لشعره، فأجفلت وارتبكت.. تلك العينان الضاحكتان تعلمهما جيدا وتعى ما يلمح لها بهما بشكل مستتر غير صريح.. ازداد انكماشها على نفسها وهى تحاول جاهدة سحب طرف قميصها لعله يدارى جزء منها..
- لا مقدرش أخلف من الوحش ده.. حرام عليا أجيب طفل يكون ده أبوه..
قاطعها اقتراب عادل منها.. جلس جوارها.. وضع يده اليمنى على ركبتها.. وقارب وجهه من وجهها مبتسما برقة: وحشتينى الشوية اللى غبتهم عنك..
فنظرت له بعيون فزعة تحاول الصمود حتى لا تنهار باكية فتغضبه..
- مش هقدر.. أنا مش هجيب عيل يتأذى زيى.. مش عوزاه.. أنا خايفة عليه.. أنا خايفة.. أنا خايفة..
فأبعد يده عنها سريعا عندما شعر بوادر خوفها: أهدى.. أنا بس بطمن عليكى.. مالك؟.. فيكى ايه؟.. منتيش مظبوطة اليومين دول..
حرك عادل يده أمام وجهها: أيه؟ كل ده سرحان!.. أنا بكلمك يا بنتى.. فيكى ايه يا سلمتى؟
سلمى بارتباك وصوت مبحوح يقترب من الهمس: مفيش حاجة.. مفيش..
تحسس بسبابة يده اليسرى شفتيها ببطء محدقا بهما بحميمية: اشتقتلك أوى..
وكما هى العادة تخشاه وتخاف من لمسته مما دفعها للتهور.. فحدثتها نفسها مرة أخرى: يستحيل يفضل..
وخرج صوتها بصعوبة من حنجرتها وهى تشيح بوجهها بعيدا عنه عندما اقتربت شفتاه تلامس شفتيها لتقبيلهما: جعانة..
عادل مستغربا: نعم أحنا متعشيين من ميكملش ساعة..
سلمى بارتعاشة وخوف جلى فى نبرة صوتها: أنا جعانة.. جعانة أوى..
عادل: طيب.. طيب.. 10 دقايق واجهزلك عشا تانى..
سلمى: لأ أنا عوزة اكل مكرونة.. جعانة..
عادل بنفاذ صبر من محاولتها المستمرة لابعاده عنها: مكرونة 10 بليل.. حاضر.. نص ساعة ويكون جاهز..
خرج عادل من الغرفة بعد أن صفق الباب خلفه فى غضب صادحا: أما نشوف أخرة حججك الفاضية ايه..
--------
"هو"
الأمل والألم
جزء من حياتنا
موجودين سوا
عشان نقدر نحس بطعم الدنيا
بس حياتى غريبة شوية
كنتى أملى
وبقيتى ألمى
فبقيت بسأل نفسى كل يوم نفس السؤال
أمتى حرف الميم يوقف المهزلة دى
أمتى يرحمنى ويستقر فى مكانه
لامتى هيخلينى حيران
--------
"هى"
جوه قلب كل واحد باب أسود
مش بس بيتحط وراه الناس اللى خذلونا
بيتحط وراه الناس اللى كانوا حبايبنا فى يوم من الايام
دايما كنت أسمع أن مامحبه الا من بعد عداوة
لكن أكتشفت أن أشد أنواع الكره هو اللى بيجى بعد حب
"أقسمت بعشقك أن تكون عدوى"
--------
نظرة صوبت على الباب الذى صفقه خلفه، تملؤها مشاعر متضاربة داخلها، لم تعلم سلمى أيهم المسيطر عليها هل هو كره لشريكها الاجبارى أم حنق على حياتها أم غضب أم ألم ممزوج بكسرة روحها؟.. لم تعلم سوى الاحساس بتلك الدموع الحارقة لعينيها وهى تتطلع لذلك الباب الذى أغلقه خلفه غاضبا..
انتظرت دقائق ثم اتجهت على أطراف أصابعها ناحية الباب ففتحته ببطء لتتأكد أنه ترك الطابق العلوى واتجه للمطبخ بالاسفل, ثم أغلقت الباب ثانية واتجهت الى السرير لتنفذ مخططها للتخلص من ذلك الحمل الذى أثقل روحها غما وخوفا..
صعدت الى حافة السرير وبدأت فى القفز من عليه، كانت تشعر بالألم مع كل قفزة.. لازمت الدموع عيناها, ليس فقط من اللألم وانما قهرا أيضا..
كانت تفكر فى ذلك الجنين.. أى ذنب قد اقترفه لتتخلص منه.. لم يكن له ذنب سوى أن أمه ضعيفة أمام ذلك الوحش الذى من المفترض أن يكون أباه..
مرت 10 دقائق وهى على هذه الحال حتى أحست بألم شديد أسفل بطنها وسخونة بين ساقيها.. نظرت لأسفل فرأت خيط دم رفيع ينساب على ساقيها..
جلست أرضا مستندة بظهرها الى السرير تبكى منهارة.. هل ما أقدمت عليه صواب أم خطيئة؟.. لم تعلم الأجابة، ولكن رؤية دمائها أتلف ما تبقى من أعصابها.. وزاد من انهيارها وتشويش تفكيرها.. فعقدت العزم على الاستمرار للتخلص من حملها، وربما من حياتها أيضا، فتستكين روحها المعذبة للأبد.. فصعدت مرة أخرى على السرير وعادت الكرة من جديد..
--------
فى ذلك الوقت كان عادل منهمك فى المطبخ لتجهيز وجبة صغيرة لحبيبته العنيدة.. كان يدندن أغانيه بسعادة، وهو يمنى نفسه بسهرة خاصة تلك الليلة..
فكر فى احضار كوب من العصير لها.. فأسرع الى الثلاجة وأخرج عصير الفراولة الذى تعشقه وصب لها كوبا واتجه لأعلى..
كلما أقترب من الغرفة كان يسمع أصوات لا يفهمها تزداد وضوحا.. شعر بالخوف.. فترك كوب العصير على السلم وأسرع قفزا على السلالم الباقية..
فتح الباب فجأة ليجد سلمى تقف على الطرف الآخر من السرير وكانت مولية ظهرها له.. وما ان سمعت صوت فتح الباب حتى التفتت تنظر له والدموع تغرق وجهها.. لاهثة يتصبب منها العرق.. متقطعة الأنفاس.. شاحبة الوجه.. زائغة العينين.. ثم قفزت من جديد لتسقط أرضا على ركبتيها لتحاول الوقوف من جديد لتكرار فعلتها..
ذهل عادل مما يراه.. لم يستوعب ما تفعله.. كان يقف ممسكا مقبض باب الغرفة ينظر لها ليفهم مايجرى حتى لمح دماءها على طرف السرير فأسرع اليها صارخا: بتعملى ايه يا مجنونة؟.. لو اللى فى دماغى صح هجيب أجلك..
حملها بين يديه ووضعها على سريرهما، بينما ظلت سلمى تصرخ بألم وهى تتلوى فى فراشها.. هابط عادل مهرولا باتجاه غرفة مكتبه بالاسفل لاحضار حقيبته الطبية، عله يستطيع انقاذ مايمكن انقاذه..
--------
بعد مرور عدة ساعات أستيقظت سلمى.. بدأت تفتح عيناها بصعوبة فالألم أسفل بطنها قوى لا يحتمل.. ظلت تتأوه وهى تحرك رأسها يمينا ويسارا على الفراش..
كان عادل جالسا أرضا الى جوارها مستندا بظهره للسرير منكس الرأس، وبنبرة يكسوها الحزن والقهر همس بصوت باكى:
- موتيه!..
- ارتاحتى يا سلمى خلاص؟..
- العيل اللى مستنيه طول عمرى منك قتلتيه!..
- موتى ابنى!..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 23-08-17 01:05 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
فصل موجع سلمى وصلت لحاله خطيره ويلزمها علاج نفسى الخوف الغريب من عادل وممكن نعذرها فيه للطريقه اللى اخدها بيها لكن خوفها يوصلها انها تجهد نفسها عمد ا ازهاق روح حتى لو لسه ما نفخش فيه الروح يعد جريمه من وجهة نظرى كل كائن من حقه يعيش طالما وجد فى الحياه وده جنين ليس له ذنب سوى ان امه غبيه وابوه مجنون بعشقها
اعتقد ان عادل مش حيسامحها لانه واضح انها اجهدت الامل اللى كان بينتظره انه يربط بينهم ا
كتر وبعدين الغبيه ملاقتش غير ميرفت امين وتقلدها سخافه ارضى غرورك واغضبى ربك بدل ماتسعى لتصليح الخطئ عالجته بخطئ اكبر كان الله بعونك من ثورة عادل لو انا منه اعلئك فى المروحه بتاعة السقف يا سافكة الدماء البريئه
تسلم ايدك بسمه وفى انتظار باقى ابداعك:55::55::55:

بسمه ااسيد 23-08-17 03:37 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3688368)
السلام عليكم ورحمة الله
فصل موجع سلمى وصلت لحاله خطيره ويلزمها علاج نفسى الخوف الغريب من عادل وممكن نعذرها فيه للطريقه اللى اخدها بيها لكن خوفها يوصلها انها تجهد نفسها عمد ا ازهاق روح حتى لو لسه ما نفخش فيه الروح يعد جريمه من وجهة نظرى كل كائن من حقه يعيش طالما وجد فى الحياه وده جنين ليس له ذنب سوى ان امه غبيه وابوه مجنون بعشقها
اعتقد ان عادل مش حيسامحها لانه واضح انها اجهدت الامل اللى كان بينتظره انه يربط بينهم ا
كتر وبعدين الغبيه ملاقتش غير ميرفت امين وتقلدها سخافه ارضى غرورك واغضبى ربك بدل ماتسعى لتصليح الخطئ عالجته بخطئ اكبر كان الله بعونك من ثورة عادل لو انا منه اعلئك فى المروحه بتاعة السقف يا سافكة الدماء البريئه
تسلم ايدك بسمه وفى انتظار باقى ابداعك:55::55::55:

أشهر كلمة قالها عادل لسلمى "أنا بحبك"
أشهر كلمة قالتها سلمى لعادل "أنا خايفة"
..............
سلمى محتاجة لدعم نفسى وعادل تجاهل ده رغم انه من القطاع الطبى وسهل يفهم ان اللى هى فيه مش طبيعى
بس هو نفسه اصلا مش طبيعى
-------------
غلطة صغيرة جرت غلط اكبر
وما بنى على باطل فهو باطل
هتعرف سلمى تعيش ازاى حياة طبيعية وتجيب طفل وهى مخطوفة ومستباح جسمها بالاجبار
طب عادل هيكون أب طبيعى ازاى
-----------
زمان شادية قالت لكامل ان اللى عمله فيها هيتعمل فى اقرب حد ليه
وهيكون عاجز انه يلحقه
والنهاردة باسم الحب اتكتبت قصة عادل وسلمى بالدم
حقيقى ثنائى مظلوم
ياترى الدنيا هتنصفهم وتنور حياتهم ؟

بسمه ااسيد 25-08-17 02:49 PM

**الحلقة19 : أبنة أبيها ج(1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة19 : أبنة أبيها ج(1)
------
لم يتحرك من مكانه, أما سلمى فظلت تتألم وتبكى ليس فقط من الألم ولكن من الندم.. ذهول تملكها، فجالت حدقتيها المكان باستنكار.. لا يمكن أن ما تعيشه حقيقى.. لا هذا مجرد كابوس سخيف.. هى لم تخسر طفلها.. لا.. هى لم تقتله.. لا.. هى فعلا قاتلة ابنها..
وسريعا ما نفضت عنها احساس الذنب ليجتاحها الغضب.. أجل غضب ممن تسبب بمصيبتها.. قاومت الألم وراحت تحاول النهوض من رقدتها، وهى تهدر بغضب ودموع متلاحقة غزت وجنتيها:
- أيوة قتلته..
- قتلته..
- أنت متستهلش تكون أب..
- أنت مجرم..
- وأنا بكرهك..
- قتلته عشان مش هشيل حته منك جوايا..
- نزعتها من روحى قبل ميكونلها روح..
أطلقت المارد بداخله، ليطالعها بعيون اشتعلت نار غضبها وقد استدار بجسده اتجاهها ومازال جالسا أرضا: ليه؟
صرخة أهدرها بقوة فى وجهها فكانت كريح عاتية تقتلع ما تلقاه من جذوره، وبدلا من أن تنحنى أمامها واجهته بنظرة تحدى قوية وهى تطالعه بعينيها اللتين تشبعتا بخيوط دموية..
نظرتها كانت كفيلة باطلاق باقى شياطينه، هى فعلا غير آبهة بما فعلت.. لا ندم.. لا احساس بالذنب.. لا يرى فى عينيها سوى نظرة غضب ممزوجة بتحدى..
انتفضت سلمى تشير باصبعها عليه، باكية بنظرات ممزوجة بالكره والألم:
- ليه!
- أنت بتسأل بعد ده كله!
- ليه!
- عشان بكرهك..
- وهافضل طول عمرى بكرهك..
- أنت وحش مش بنى آدم..
- مبتشفش الا نفسك وبس..
- بتستمتع بألمى وقهرى..
- فاكرنى ساعة فى ايدك ولا كرسى مشتريه..
- مجرد شئ بتملكه..
- عروسة بتحركها بخيوط..
- تنفذ أوامرك..
- تشبع بيها رغباتك..
- والا تتعاقب وتتأذى بمنتهى البساطة..
- كان نفسك فى ولد؟!
- أنت متستهلوش..
أنتفض من مكانه يكز على أسنانه غضبا، يضم قبضة يمناه بقوة ناظرا لها بغل جلى: بنت أبوكى حقيقى..
--------
لم يتمالك شتات نفسه بعد فعلتها، وجهرها بالنكران.. فكالعادة توالت أخطاؤه.. ما كان عليه الاتيان بذكر أبيها.. فها هى تنتفض من مكانها، ودموعها منهمرة من عينيها:
- عندك حق..
- أنا بنته..
- بنت أبويا..
- عملت اللى هو مقدرش يعمله..
- قتلت ابنى..
- عشان أنت متكونش أبوه..
فى نفس الوقت الذى أصبح فيه كالبركان النشط، جحظت عيناه وتخطط جبينه بانحناءات الغضب، وأصبح نفسه ثقيلا مختنقا..
لم يشعر بنفسه وهو يتهاوى عليها صفعا حتى أسقطها أرضا جاذبا لها من خصلاتها التى ضفرها لها منذ أقل من ساعة عقب تغييره لثوبها الملطخ بدم ابنه..
كان كالوحش الكاسر الذى فكت قيوده فى غفلة من حارسه، صفعات متلاحقة أعقبتها ركلات لم يسلم منها أى جزء من جسدها.. غضب سيطر على عضلاته.. ودموع لم تخضع لرجولته، فغزت وجهه فى انتصار..
ورغم صرخاتها المستمرة لم تبدى أى مقاومة تذكر.. استسلام تام لما يفعله بها.. لقد سقط عنها قناعى النكران والغضب، ليحل محلهما شعور طاغى بالذنب والندم.. ألم اعتصر قلبها كما اكتسح جسدها.. أصبحت كتلة من الدماء المتناثرة من كل مكان بجسدها..
--------
لم يشف غليله ما فعله بها، وكأن خضوعها لعقابه بمثابة رد متحد له.. فتوقف عن ايذائها مؤقتا، وهبط مثنيا ركبتيه ليقارب جسدها المسجى أمامه.. مسح بكفيه دموعه، ثم دلك وجهه براحة يديه مرارا وتكرارا.. أقترب من أذنها، وبصوت تعمد أن يكون هامسا:
- أنتى لسه متعرفيش يعنى ايه تكرهينى..
- لأنك مشفتيش غير وشى اللى حبك..
- وعشقك..
- بس أوعدك بكرة هتعرفى الكره اللى بحق..
وبعنف جذبها من خصلات شعرها المتناثرة ليطالع وجهها الذى بدء يتورم وممتلئ بالجروح، أصبح وجهه قريبا من وجهها فصاح صارخا:
- حرمتينى من ابنى..
- وأنا هحرمك من كل الدنيا، حتى الهوا اللى بتتنفسيه..
- هجيب منك بدل اللى راح غصبن عنك..
- أنتى السبب يا سلمى فى اللى هعمله فيكى..
- أنتى سبب فى نار جهنم اللى هتعيشى فيها..
--------
ما بين اليقظة والغياب عن الوعى كانت عيناها زائغتين، تستمع لكلماته الغاضبة فى سكون واستسلام.. حتى عندما اندفع بها خارج الغرفة يجرها من شعرها لم تبدى أدنى مقاومة..
تعمد غرز أظافرها بجسدها كلما سنحت له الفرصة، بينما لم يسمع منها سوى صوت أناتها المكتومة وثقل تنفسها، وكأن ذرات الهواء أصبحت عبء على جسدها الضعيف..
هبط بها السلالم المؤدية للدور الأرضى بالفيلا ليتركها أمام باب مكتبه الذى ركله عدة ركلات حتى انفتح على مصراعيه.. لم يكن بحاجة لاتلاف الباب وكسر رتاجه ولكن كانت تنفيسا عن غضبه.. دلف للداخل واتجه غاضبا لمكتبه..
هبط لمستوى تلك الردفة الكبيرة بالمكتب، ثم سحب ذلك المفتاح الصغير المختبئ على مسمار صغير داخل تجويف المكتب والذى تحفظ أنامله مكانه جيدا.. أخذ المفتاح فى عصبية وفتح به تلك الدرفة المغلقة والتى عاين محتوياتها بطرف عينه سريعا.. فها هى سلسلة مفاتيح كبيرة تخص كل الغرف والأقفال الموجودة بالفيلا ترقد فوق صندوق متوسط الحجم خشبى ثقيل جوار ذلك الهاتف المعدنى العتيق والذى يرقد بتلك الردفة منذ أشهر لا يخرج الا فى حالات نادرة عندما يشتد احتياج عادل له، فيخرجه من مرقده ليوصل ذلك الكابل الرفيع بفيشة الحائط فى سرية تامة ودون شعور رفيقته بالأمر..
اختطف تلك المفاتيح بعنف ثم صفق الردفة وعاد من حيث أتى، ولكنه لم يهتم بتلك الهامدة أرضا فقد تخطاها متجها لذلك الباب الخشبى الصغير المتوسط للمسافة بين المكتب والسلم المؤدى للطابق العلوى والمغلق بقفل كبير دائما..
--------
ما ان فتح ذلك القفل حتى ألقاه مع سلسلة المفاتيح أرضا فى اهمال متعمد، ثم اتجه اليها يتطاير الشرر من عينيه.. سحبها من جديد من ضفيرتها التى نفرت منها الخصلات واتجه بها عائدا لذلك الباب.. وما ان تخطاه حتى بدءا هبوط عدة درجات قليلة.. كان الظلام يعم المكان باستثناء قبس نور متدفق من بهو الفيلا..
تراب يلامس جسدها جراء جره لها كل تلك المسافة.. ذلك التراب المتراكم وتلك الأشياء الملقاة بعشوائية لا تدل سوى على أنه قبو الفيلا حيث يحتفظ بكراكيب غير مرغوبة بها الآن ولم يتم فتحه حتى لتنظيفه منذ سنوات.. لتكن سلمى من تنظفه الآن بجسدها بدلا من قميصها القطنى الممزق والذى استحال بياضه الى لون التراب الرمادى القابع بالمكان..
ركل ذلك الباب الجانبى بقدمه مرتين فانخلع بعنف.. بينما جذب سلمى داخل الغرفة التى لا تختلف عن الطرقة المؤدية اليها.. نفس ذرات التراب التى عبأت جسدها، بنفس رائحة الغبار والهواء المكتوم بالاضافة لرطوبة المكان والتى جعلت منه قبرا لا يسكنه سوى الأموات.. وما سلمى الا ميتة بجسد قاربت روحه على الخبوت..
عاد ثانية لفسحة القبو فبحث بين الكراكيب حتى وجد ضالته فى ذلك الظلام المشفوع بثقب ضوئى ممتد من الخارج.. جنزير صغير ولكنه يؤدى الغرض جيدا، قد القاه هنا من حوالى ثمانية أشهر عندما كان يجهز الفيلا لاقامتهما.. بخطوات واضحة دلف الحجرة الصغيرة، وبدون تمهل قيد أحد قدميها بطرف الجنزير، بينما سحبها بالطرف الأخر حتى منتصف الغرفة حيث ربط الطرف المقبض عليه بيده فى تلك الحلقة المعدنية المثبتة بأرض الحجرة..
ورغم تقييده لها وعلمه جيدا باستحالة مغادرتها للمكان الا أنه أغلق باب الحجرة الصغيرة ذات النافذة العلوية الصغيرة والتى تسمح بتسرب القليل من الهواء والضوء الى الغرفة.. بعدما انهى مهمته غادر المكان صاعدا مرة أخرى لبهو الفيلا تارك باب القبو مفتوحا..
دخل مكتبه ثانية، وفتح أحد الأدراج الصغيرة والتى تحتوى على كمية من النقود ذات الفئة العملية الكبيرة.. أخذ بعضا منها ثم أحضر مفاتيح سيارته من درفة المكتب وخرج مغادرا للفيلا كلها..
--------
يتبع
**الحلقة19 : أبنة أبيها ج(2)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 25-08-17 07:55 PM

**الحلقة19 : أبنة أبيها ج(2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة19 : أبنة أبيها ج(2)
------
مسجاة على الأرض الباردة، وجهها ملتصق به.. نصف غائبة عن الوعى.. تلك الرقعة الباقية من ثوبها لا تستر شئ من جسدها.. أنفها ممتلئ بالتراب.. بينما فمها مازال يقطر دما خفيفا.. لم تشعر بكم مضى عليها من الوقت عقب رحيله.. ولكنه وقت كاف لتتجلط بعض دمائها من مكان، بينما مازالت تنزف ببطء من أماكن آخرى..
توالت الذكريات على رأسها.. تتخللها مشاهد تلك الليلة.. لم تعد لها مقدرة على الهروب من فعلتها.. فالندم الآن هو حليفها..
Flash Back
الزمان: بعد يومين من اعتداء عادل
يدخل عادل غرفتهما يحمل صينية كبيرة ممتلئة بطعام ساخن شهى متعدد الأصناف والتى يعلم حب سلمى لها.. بينما ترقد سلمى على جانبها الأيمن، منكمشة على نفسها، تتعالى شهقاتها.. وقد ثبت أنبوب رفيع بيدها بآخره يظهر ذلك المحلول المثبت أعلى السرير ..
عادل بابتسامته المعتادة: يلا يا سوسو الغدا.. عاوزك تفرمى الأكل ده كله يا حبيبى..
وضعه جوارها على السرير ثم دنا منها يساعدها على النهوض.. فانتفضت فزعة من لمسته فما زالت ذكرى ليلة اعتداؤه عليها تلاحقها، ولم تفق بعد من صدمتها به: أبعد عنى.. عاوز منى ايه تانى؟..
انتحبت بشدة مما زاد من ذلك الصداع المهيمن على رأسها، والناتج عن المخدر الذى حقنها به، فأدى لغيابها عن الوعى يومين متتاليين.. حاوط كتفيها براحتى يديه: أهدى يا قلبى.. مش هعملك حاجة.. عاوزك بس تاكلى عشان تستردى صحتك..
زاد لمسه لكتفيها الأمر سوء، فقد حملها على تذكر تلك الليلة المشينة.. فحاولت الافلات من يده، وعندما فشلت، أصابتها هيستريا صراخ: أبعد عنى.. أبعد عنى.. أنا خايفة.. سيبنى.. أبعد عنى..
حاول تهدئتها، ولكن مع الأسف كل ما يتفوه به يدفعها دون قصد منه للانهيار: سلمى اهدى شوية.. أنا مش عاوز أعود جسمك ع المهدئات ليكون فى حمل..
فتعالت صرخاتها الهيستيرية اعتراضا واهنا منها على ما يخطط له.. فأثارت حفيظته، فجذبها من رسغها اليه: بقولك اهدى، تقومى تهيجى.. ده مش كويس على صحتك.. يلا عشان تاكلى..
وبيده الأخرى جذب الملعقة المعدنية فملأها بالخضار الساخن، ثم اتجه بها ناحية فمها ليدسها فيه.. ولكن سلمى وسط حالة الفوضى التى أصابتها، أبعدت يده عنها فأسقطت المعلقة بما تحتويه على ملابسه.. فصاح بها صارخا: لا فوقى كده واتعدلى.. أنا مش فايق لدلعك ده.. أنا قضيت أسوء يومين فى حياتى مرعوب من نزيفك اللى مبيقفش.. تيجى دلوقتى وتتشنجى عليا!.. لا يمكن يحصل.. هتخلصى الأكل ده كله، والا أقسم بالله لأكرر اللى عملته تانى.. ومتلوميش الا نفسك..
Return
--------
حسرة ممزوجة بالعويل داخلها، وهى تحاول تحريك حدقتيها بالظلام المحيط بها، منتحبة، تتردد صدى الكلمات داخل جدران عقلها فتصدعه: مش أنت اللى متستاهلوش.. أنا اللى مستاهلوش.. أنا السبب..
مازالت شفتيها ترتجف، شعور بالبرد تسرب لجسدها، والكلمات تتردد بثنايا روحها: هو بيحبنى.. وأنا اللى بضايقه.. أنا المذنبة.. قتلته.. زيى ما أبويا موتنى.. مش أنت كامل.. أنا كامل..
Flash Back
الزمان: أول عام لسلمى بالمدرسة الثانوية
وكما هى عادة النميمة بين الفتيات المراهقات، تحدتها احدى صديقاتها بالفصل..
تتوسط يد رغد خصرها وهى تقف أمام جمع صغير من الفتيات القاصرات، بعضهن تجلس على مقاعد الفصل والباقيات يجاورنها بالوقوف.. لتصيح فى استهزاء متعمد: وده مين ده اللى هيبصلك يا ست سلمى! دانتى بتمشى زى الشاويش عطية فى اسماعيل ياسين فى السجن الحربى..
سلمى بغضب: مين دى اللى الشاويش عطية يا شبر ونص!.. يا أوزعة.. يأم عود زى زعزوعة القصب..
ضحكت الفتيات وتحمسن لتلك المبارة والمعروف مقدما نهايتها.. علقة ساخنة سينالها الفريق الضعيف.. فانقسمن.. منهن من تشجع سلمى وتؤازرها والباقيات مع رغد..
احتقن وجه رغد غضبا: زعزوعة القصب دى يا حبيبتى بيحبها ظابط النجوم منورة كتفه.. الدور والباقى على اللى مبتبصش فى مراية، ولا خطت رجلها فى يوم عتبة كوافير.. واللى يلمحها يقول عليها أرجل من الشحات مبروك..
تعمدت سلمى عدم الاكتراث بكلماتها فضحكت بميوعة: الظابط بتاعك دى ميسواش ضفر خطيبى..
صعقت الفتيات وبدأن استجوابها عن حقيقة الأمر، حتى أن بعضهن كشفن الحيلة سريعا عندما أفصحت عن هوية خطيبها المزعوم..
أخبرتهن سلمى أنه ذلك الوسيم ذو البشرة القمحية الذى اعتاد توصيلها فى الذهاب والعودة من المدرسة.. وبالطبع أغلبهن استنكرن فعلها لظنهن أنه أخوها الأكبر.. لتتقن سلمى كذبتها بابتسامة واثقة ماكرة: لأ مش أخويا.. أنا وحيدة.. ده خطيبى وحبيبى عادل.. أحنا مخبيين الموضوع عشان منتحسدش بس..
رغد: ولما هو خطيبك فين دبلته؟!
لقد أوقعتها رغد بسهولة فى الفخ، ولكن سلمى لديها من الذكاء والبديهة ما جعلها تعيد الدفة مرة أخرى لصالحها.. فأسرعت بالقول وابتسامة متشفية تملأ وجهها: أصل عمو مصطفى.. حمايا يعنى.. أتفق مع تيتة أن الشبكة وكتب الكتاب أول مخلص ثانوى.. عشان متعطلش عن مذاكرتى.. أصل خطيبى عاوزنى أدخل طب.. أصله صيدلى.. دايما يقولى أننا بنكمل بعض..
ضمت قبضتى يدها الى صدرها وهى تتقافز فرحا من أجل حبك قصتها واستمرارا فى غيظ رغد وفريقها: يا حبيبى يا عادل.. ربنا يخليك ليا..
Return
--------
تنتفض على تلك الأرضية الباردة من أثر تلك السعلات المتلاحقة، فتسقط دمعتان متلاحقتان : أنا السبب..
Flash Back
الزمان: الشتاء الماضى
بغرفة نومه حيث يقبع كلاهما تحت ذلك الغطاء الخفيف الذى يخفى عريهما.. يقبلها بشغف تملك كل كيانه، رقيقة هى كالبسكوت المحلى..
كالغائب عن الدنيا يهمس لاهثا وشفاهه تتلاحق على شفاهها سريعا بقبلات متتالية: انتى زى البسكوته تدوبى فى كوباية لبن، وأنا كوباية اللبن دى..
بينما تبكى هى تحته فى محاولة بائسة للافلات من قبضته القوية وعنفوانه عليها: أرجوك.. مش قادرة.. عشان خاطرى بلاش..
عادل بهيام: أنتى السبب.. حد قالك تبقى حلوة أوى كده.. أنتى طلعتى أطعم مما كنت أتخيلك..
أنقض بشفتيه يلثم جانب رقبتها بقبلات حارة، بينما يديه وجسده يعبثان بجسدها.. دقات قلبها تتسارع خوفا من القادم، لتبكى رجاء: عشان خاطرى، لو بتحبنى بجد كفاية كده.. مش هأقدر.. بتوجعنى..
سحب نفسه قليلا ليغوص بجسدها أكتر: أهدى، ومش هتحسى بوجع..
ليقبل بطنها وأسفله: هبسطك.. بس اهدى أنتى بس، ومش هتتوجعى.. ها يا سوسو.. هبسطك..
راحت تبعده عنها بدفعات خفيفة: بلاش عشان خاطرى.. أنا خايفة..
Return
لم تعد ترى نفسها مجنى عليها.. ضحية.. بل ترى الآن أنها الجانية الوحيدة.. الآثمة.. المتسببة فى كل ما جرى لها من حوادث.. بل الأدهى من ذلك أنها أصبحت تحتسب عادل ضحيتها.. ما عاد يتردد داخلها سوى صدى صوته صادحا بتأنيب مستمر"أنتى السبب"..
تصلب جسدها وتيبس
فشعرت بخدر يسرى بجسدها رويدا رويدا
بطء زاد من ألمها واستسلامها

هل الزمن كفيل بشفاء جروحنا؟
ولا الزمن عدو صريح لينا؟
----------------------------
يتبع
**الحلقة20
خاتمة الفصل الثانى
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 26-08-17 02:15 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
فصلين ممتعين بسمه تسلم ايدك
سلمى ورطت نفسها وخرجت المارد من القمقم ومش حتعرف تدخله بسهوله وبعد ما نالت اسوء عقاب على فعلتها دلوقت بس ابتدت تفكر بهدوء وتشوف الامور من الزاويه الصحيحه هى فعلا السبب فيما حدث لعادل من انقلاب مش حئول تغيير ده انقلاب فى كل المعيير وفى كل قنعاته بعد ما كان المحب اللى بيقدرها كامرءه اصبح وحش لا يتورع عن ضربها وركلها وده كله من عمل ايديها كان ممكن بشوية زكاء تخلى عادل خاتم فى اصبعها لكن هى فعلا بنت ابيها من ناحية الغباوه وظلمت نفسها وظلمت عادل والجنين اللى ملوش ذنب وياريت لو تعيد ترتيب افكارها وتعرف تكسب عادل من جديد وتغير الحظ العاسر اللى رمت نفسها فيه
شكرا بسمه على مجهودك وكتابتك الرائعه :55:

بسمه ااسيد 27-08-17 09:38 PM

الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(1)
 
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(1)
------
الى هذا الحد تبغضه..
الى هذا الحد تنكره..
الى هذا الحد قسى قلبها..
فتقتل طفلهما..
كيف لم ينتبه لها..
كيف غاب عن عقله تصرفاتها فى الأيام الماضية..
غضب يجتاح عقله.. بدون ارادته تمردت دموعه.. يقود بلا هدف واضح حيث المجهول.. سرعته تخطت المسموح، وكأنه بتلك المخاطرة يعاقب نفسه على فعلتها..
--------
فى المساء بأحد الملاهى الليلة التى تعج بأصناف من البشر.. بعضهم هادئ يتابع الفقرات الاستعراضية مع مشروب خاص، والآخر ماجن تعدى المعقول.. نجد عادل يجلس على أحد الطاولات الصغيرة منفردا، وقد تراصت أمامه عدد من الزجاجات الفارغة.. يحمل كأسا صغيرا بيده المرابطة على سيجارة التهم نصفها حتى الآن.. ورغم تكوم أعقاب سجائر أخرى أمامه بدى وكأنها لم تؤتى فائدتها، فمازال الوجع بداخله لم يمحه أى من هذا الخبل الذى أسقط نفسه فيه بارادته..
صامت.. لا يشعر بذلك الصخب حوله.. ولم تشغل باله تلك الفتاة الاستعراضية ذات الوجه الملون والموسيقى العالية.. كانت تعابير وجهه تنم عن حديث داخلى، وجدال مستعر لم ينتهى..
أقتربت منه أحدى الفتايات الشابات صاحبة الملابس المكشوفة والوجه الملطخ بمستحضرات تجميل رخيصة بأمر مباشر من رئيسها.. جلست على الكرسى المقابل له، فلم يبدى اهتمام.. ضايقها عدم استعناؤه بها وكأنها حشرة، فليس كجميع الحاضرين تطمع نفسه فى تذوق شهدها.. كادت تغادر ولكن اشارة من طرف عين صاحب المكان لجمتها مكانها، لأداء مهمتها المعتادة من تغريم الزبون أكبر قدر من المال، وان حالفها الحظ تصحبه بجولة خاصة آخر الليل لتقضى على ما تبقى بمحفظته المنتفخة..
صافى بميوعة مصطنعة: طب مش تقولى نورتينى يا صافى..
سكتت لحظة ثم تابعت بدلال وهى تقرب وجهها من وجهه: أحب أتعرف بالبيه..
سحب عادل نفسا من سيجارته.. وهو زائغ العينين، ثقيل اللسان.. ثم فتح زجاجة الخمر ليصب لنفسه كأسا آخر.. ويشير للنادل لاحضار غيرها مع كأس جديد لرفيقته الاجبارية: هش هشش.. أنا عارف أنتى جاية ليه.. فاقعدى ساكتة.. متنطقيش.. أو امشى غورى من هنا..
استفزتها كلماته، ولكنها اعتادت على مثل تلك الاهانات وتقبلها.. فحاولت معه بطريقة أخرى.. لامست يده: طب احكيلى ايه مزعلك؟
انتفض عادل جاذبا يده من تحت يدها، أخفاها بيده الأخرى وبدأ يدلكها بعنف كمن قرصته نحلة، يريد ازالة أثرها: حوشى ايدك عنى..
تفاجأت من ردت فعله المبالغة واستنكرته: فى ايه يا بيه؟ هو عضك كلب!..
تمتم عادل ومازال يدلك يده بقوة وباشمئزاز: مفيش واحدة تلمسنى الا سلمتى..
بدأت صافى تستوضح خطب جليسها غريب الأطوار.. عاشق متيم، قد أحرقه قلبه.. قاده حظه العاثر لمكان ظن فيه راحته.. يورد عليها الكثير ممن على شاكلته.. تتعاطف مع بعضهم، وتنفر من البعض الآخر.. ولكن الشئ الدائم بالنسبة لها هو أن فضولها محركها ووقودها، فهى تلهث لاشباع رغبتها بمعرفة قصص العاشقين..
صافى بابتسامة ودودة مشجعة، وهى تتناول كأسها والذى افرغته من زجاجة خمر جديدة: طب ما تحكيلى عن ست الحسن..
وكأنها أعطته تصريحا بانطلاق لسانه الثقيل من أثر الكحول، فأجاب مبتسما وهو يتناول رشفة من كأسه: سلمتى مش ست الحسن.. سلمتى ملاك نزل على الأرض عشان يعيش فى قلبى..
أشار على قلبه، ثم تحول وجهه الى العبوس: بس أنا شيطان.. مستهلهاش.. أذتها.. فأذت نفسها.. وأذتنى.. أنا السبب.. مش هى السبب..
ارتشفت جرعة جديدة من كأس آخر، ثم تابعت لتحفزه على الاسترسال بالحديث: ولما بتحبها كده يا سى الأستاذ، ايه اللى جابك عندنا؟
ضربت الطبول برأسه معلنة عن هجوم صداع حاد، فأسقط رأسه على الطاولة يطالع زجاجة الخمر من جانب وجهه: بحبها، وبتحبنى.. بس أذتها، فأذتنى..
زمت جانب شفتيها بملل: طب متحكيلى..
بضيق ونفور رفع رأسه، وأعاد ظهره للخلف: يوووووووه.. أنا عارف بترغى تصدعينى ليه.. عوزة فلوس خدى وسيبينى فى حالى..
ألقى بوجهها عملات نقدية من الفئة الكبيرة، فجمعتها بلهفة واستغراب.. عادة هناك مقابل كبير لمثل تلك الكمية من النقود، ولكن مضيفها لم يطلب شئ سوى مغادرتها وتركها له وحيدا.. حثها ذلك أكثر على البقاء ومعرفة خطبه، فجمعت النقود سريعا وكومتها بفتحة فستانها العلوية..
--------
تجرعت كأس ثالث ورابع، ولم تنضب عزيمتها.. وهو كما هو لا يعيرها اهتماما، بل بدا وكأنه يحادث نفسه، وأثر تلك المحادثة ظاهر على قسمات وجهه.. مرت ساعات وهى تقتنص منه الكلمات بفضول أنثى شرقية.. تجمع الكلمات سويا لتكون منها جمل مفيدة تستطيع بها فهم ذلك العاشق الغامض..
لم يترك الكأس يده ولا حتى السيجارة فارقته، حتى بدا الاختناق والتعب يظهر جليا عليه.. فهو غير معتاد على مثل تلك السموم بجسده.. أسرعت صافى اليه، خاصة عندما سقط أرضا يسعل بقوة.. ظل يسعل بشدة وكلما حاولت الأقتراب منه ابتعد عنها.. ذكره حاله ببعد سلمى عنه، فهو يخشى اقتراب تلك الفتاة منه كما تخشاه سلمى.. يخاف قربها كما تخاف سلمى قربه.. هو الآن فى أضعف حالاته، كما هى سلمى بأضعف حالاتها..
--------
أشارت صافى لأحد رجال الحراسة المفتول العضلات ليذهب اليها على عجل: شيله بسرعة هاته على أوضتى..
حمله الحارس ببساطة فيبدو أنه معتاد على تلك الأمور، واتجه به الى ذلك الركن الخالى وراء ستارة داكنة اللون حتى اختفى وخلفه صافى..
أرقده على تلك الأريكة الكبيرة المجاورة لمرآة الزينة خاصتها، ومازال يشعر باختناق وكأن كتلة صلبة تتربع على صدره..
الحارس بصوت أجش: هيحصل مشاكل يا صافى، ده مدفعش الحساب..
أسرعت صافى فدست يدها بالجزء العلوى من فستانها فسحبت بعض النقود: لا يا خويا.. البيه محاسبنى ع الليلة كلها.. ده زبونى..
أومأ الحارس لها دلالة ع التفهم، وسحب من يدها النقود: طب طرئيه بسرعة.. بدل منتكرش من هنا.. أنتى عارفة الباشا "صاحب الملهى" صعب ازاى..
أدعت صافى خوفها على عملها، بينما هى بالحقيقة تشفق على ذلك الشاب وترغب فى اخراجه من المكان بأقل خسائر: متخفش يا اخويا.. هعمله تلقيمة بن تفوقه بدل ميروح فيها، وميرجعش تانى.. ده بيه متريش.. زبون سقع.. شكله وارث..
كان عادل يتلوى فوق الأريكة يمينا ويسارا فى ضيق، يرى لمحات من الأشهر الماضية.. لم ينتبه لحديث رفيقى الغرفة، ولكنهما انتبها اليه عندما بدأ أفراغ ما بمعدته ليهدأ بعدها تماما..
وجهت صافى حديثها للحارس: روح أنت يا اخويا.. نص ساعة وهخلص المصلحة واطلعلك..
أحضرت صافى منشفة نظيفة لتعطيها لعادل، ثم اتجهت لصنع قهوة سادة تساعده على الافاقة..
بدأ عادل ارتشاف قهوته والتى اعادة له بعضا من رشده، لتقاطعه صافى: أرجعلها يا سى الأستاذ.. هنا مش مكانك.. مكانك مع ست سلمى..
--------
ترددت كلمات صافى الأخيرة بعقله أثناء قيادته للسيارة فى طريق العودة للفيلا:
"أنت محتجلها، وهى محتجالك أكتر.. بس الظاهر أنك مش واخد بالك هى محتجاة لايه منك.. الواحدة مننا متتمناش أكتر من راجل يحبها ويبقى سترها، لما تحتاجله تلاقيه موجود فى ضهرها.."
ليصدح عقله بشريط ذكريات، غاب بثنايا عقله..
Flash Back
الزمان: قبيل ميلاد سلمى
دخل عادل الطفل ذو السبعة أعوام غرفة شادية بمنزلها بالحارة حاملا كرته الصغيرة، ليحدثها بضحكة تملأ ثغره: أنا جيت يا شوشو..
صعد على السرير جوارها: أنا زعلان منك..
شادية بتعب واضح فقد اقترب موعد ولادتها: ميهونش عليا زعلك..
مدت يدها جوارها فالتقطت تفاحة من طبق الفاكهة الموضوع على الكومود جوارها، ثم ناولته اياها: بس أنت زعلان ليه؟، مش احنا صحاب.. يبقى مينفعش نزعل من بعض..
قضم قضمة صغيرة من تفاحته: معدتيش بتلعبى معايا..
شادية بابتسامة شاحبة: معدش ينفع.. هجبلك نونو يلعب معاك..
عادل بتفكير: بس ده هيبقى صغير.. لسه هستنى يكبر؟
ربتت شادية على رأسه: هيكبر على ايدك.. خد بالك منه.. أوعى تسمح لحد يأذيه أو يضحك عليه..
سألها عادل بحيرة: طب لو جبتى بت زى سالى بنت عم محمد هعمل ايه؟
ابتسمت شادية عند ذلك الاحتمال الذى تحبذه، فعادت بظهرها للخلف تستند على تلك الوسادة الكبيرة: بنت.. ياريت.. هسميها سلمى..
Return
--------
لامته نفسه: كنت عارف طول الوقت هى محتاجة ايه، وطنشت.. كنت فاكر هتجبرها تتقبل الوضع لما متسبلهاش طريق تانى تخطى فيه!.. أهى بدل متمشى فى طريقك وقفت مكانها وفضلت تخبط راسها فى الحيط.. ودى النتيجة.. مش هى اللى قتلت ابنك، أنت اللى قتلته، مش هى..
Flash Back
الزمان: الشتاء الماضى
مذعورة من لمساته المتتالية، لم تعتد على كونه زوجها بعد: عشان خاطرى، لو بتحبنى بجد كفاية كده.. مش هأقدر.. بتوجعنى..
ليجيبها بصوت هامس فهى لم تخرجه بعد من لحظاته السعيدة معها: أهدى، ومش هتحسى بوجع.. هبسطك.. بس اهدى أنتى بس، ومش هتتوجعى.. ها يا سوسو.. هبسطك..
حاولت ابعاده عنها بقوتها الواهنة: بلاش عشان خاطرى.. أنا خايفة..
يعلم تماما أنها تمر بصدمة عقب علمها بزواجهما واصراره على تحويله من مجرد ورقة الى حياة فعلية حتى لو كان بالاجبار والعنف، فقد قرر الطرق على الحديد وهو ساخن.. فحسب وجهة نظره هو يستطيع اخضاعها بسهولة لقراراته مادام يستخدم معها شدته وصرامته المعهودة.. استغلال خوفها ضدها هو أقصر طريق لفرض هيمنته عليها..
تعمد اثقال جسده عليها، ثم قبض على ذراعها اليمين بقوة لايلامها، وهو يهيم تقبيلا عشوائيا لجسدها ويهمس بالقرب من أذنها: مسمعش كلمة خايفة دى تانى.. أنتى بتاعتى.. أعمل فيكى مابدالى.. فاهمة؟
زادت من بكائها: أبوس ايدك سبنى.. كفاية كده.. أنا خايفة.. سبنى أرجوك..
سحب نفسه من فوقها ليجاورها جالسا، ثم جذبها من ذراعها المجاور له لتعتدل جالسة.. سحبت الغطاء بلهفة لستر جسدها، فجذبه بعنف من يدها ليبقيا كما هما.. ثم استدار ليواجهها..
نظر لها طويلا ثم جذب رأسها اليه بيمناه وقد أسند جبينه بجبينها ينظر لعيناها وبينما دموعها تنسال بغزارة على وجنتيها وبين شهقاتها المكتومة همس بصوته الرجولى:
أنتى فعلا أسيرتى..
أنتى أسيرة قلبى عشان كده مقدرش أحررك..
معرفش حتى لو حاولت..
أنتى ادمانى..
مقدرش..
أنا وأنتى واحد ومش هيفرق بينا الا الدم..
--------
يتبع
الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(2)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 30-08-17 04:54 PM

الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(2)
 
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(2)
------
حاولت بصعوبة التملص من أحضانه، وهى تهمس بخفوت: طب أدينى فرصة.. سبنى أتعود..
اضطرب صوتها من كثرة البكاء: خلينا نمشى من هنا.. خلينا نرجع الحارة.. أنا بكره البيت ده.. أدينى فرصة أتعود.. أنا خايفة منك..
تشدد فى التمسك بها بين أحضانه ليتلاصق جسدهما سويا كما يحب دائما أن يفعل ليمنح نفسه شعور أنهما جسد واحد بلا افتراق: ولو أدتيك ألف فرصة هتفضلى زى مانتى جبانة.. ومش هتتعودى أنك معايا.. مراتى..
أسند رأسها على كتفه، فهمست وسط شهقاتها: أنت دخلت فى علم الغيب؟!
عادل بثقة: كان قدامك فرصة الشهرين اللى فاتوا..
سلمى باستنكار: شهرين! أتعود فيهم ازاى على اللى أنا فيه؟!
عادل: شهرين زى سنتين.. فالأحسن ترضى بالأمر الواقع..
استطاعت سلمى بصعوبة الوصول لطرف الغطاء بأناملها فقبضت عليه وسحبته سريعا.. ثم أبعدت نفسها عنه فجأة وعلى حين غفلة منه اعتصمت بطرف الغطاء ليكون حائلا أمام عينه فتمنعه عن استرقاق النظر لجسدها..
نظرت لعينيه بعيون لامعة بانكسار: أنتى واخدنى غصب.. برافو عليك.. نجحت.. بس نجحت أكتر تخلينى أخاف منك وأكرهك..
تشنج وجهه مع تصريحها، فجذب الغطاء عنها فى انفعال ليلقيه أرضا وسط فزعها.. ثم جذبها من ذراعها ثانية لتصطدم بصدره العارى الذى ماثل الآن قطعة صخر فى الجمود: بتكرهينى؟!
مازال محتفظا بذراعها تحت قبضته، بينما ابتعدت هى بخوف أكبر ناظرة لأسفل وبدموع مستمرة.. فى نفس الوقت الذى أشار بسبابة يده الأخرى على قلبها: لو أنا فى يوم واحد فى عمرك مكنتش هنا، مكنتيش هتبقى هنا انهاردة..
ثم تابع ناظرا فى عينيها بقوة وبانفعال تحدث وهو يضغط على كل كلمة ينطقها: يمكن تكونى لسه صغيرة ومش فاهمة حقيقة مشاعرك ويعنى ايه حب.. أو يمكن حكايات زمان عاملة غشاوة جواكى فمش عارفة تشوفينى.. بس يستحيل أصدق أن العيون دى بتكرهنى أو ممكن مهما حصل تكرهنى.. مستحيل..
ضغط بقسوة على ذراعها القابض عليه فآلمها: أنتى فاهمة؟
تطلعت اليه ودموعها منسالة لتومئ برأسها بالايجاب فى خوف..
Return
--------
وجعى منك يوم
وعشقى ليكى عمر
كان يقود سيارته بالسرعة القصوى ليعود لسلمى.. نسى فعلتها.. فاحساسه بالذنب يجثم على صدره، وخوفه على سلمى يقتله.. لقد تركها وحيدة فى ظلام قبو الفيلا تتألم، تعانى الفقد والخوف.. لم يتخيل للحظة أن تكون هذه هى شكل حياتهما سويا.. خرجت الأمور تماما عن سيطرته وحساباته.. كان فاشلا دائما فى الحسابات ويلجأ لسلمى لانقاذه، ولكن هذه المرة سلمى هى الحسابات ذاتها..
Flash Back
الزمان: 1980
المكان: صالة منزل عادل بالحارة
ذهبت الحاجة سعاد لقضاء مشوار هام، فتركت حفيدتها بصحبة السيدة حياة أم عادل لحين عودتها فسلمى صغيرة لم تتجاوز السادسة بعد من عمرها..
كانت سلمى تجلس على كرسى السفرة الكبير بينما خرجت حياة من المطبخ تحمل طبقا صغيرا لتقدمه للصغيرة: يلا يا سوسو الرز باللبن اللى بتحبيه غرقان زبيب وجوز الهند مخصوص عشانك..
سلمى بنبرة فرحة: أنا بحبه أوى.. شكرا يا خالتو..
حياة بتحذير: أوعى تسيبى حاجة فى الطبق..
هزت سلمى رأسها برقة علامة للنفى، ثم بدأت بالتهام طبقها بتلذذ..
فى غرفة الجلوس المجاورة كان عادل ذو الرابعة عشر من عمره ينهى احدى دروسه التى يتابعها أباه فى مذاكرتها، ثم خرجا سويا للصالة حيث تجلس سلمى جوار حياة..
مصطفى: حبيبة عمو مصطفى هنا..
جرت الطفلة اليه فحملها وقبلها بعاطفة أبوية، بينما أشاح عادل وجهه للجهة الأخرى فى ضيق.. أستغرب أباه فعلته، بينما صاحت سلمى بغضب طفولى وهى على يد مصطفى مخاطبة عادل: أنا زعلانة منك.. أنت وحش..
لم يعرها اهتماما، واتجه لكرسيها فجلس عليه وبدأ يكمل طبق طعامها وسط حيرة أمه وأبيه..
نزلت سلمى سريعا من على يد مصطفى، وجرت فى اتجاه عادل لتجذبه من قميصه بغضب: دى بتاعت سلمى.. سيب الرز بتاعى.. أنا بحبه..
نظر لها عادل بطرف عينه، ثم تناول ملعقة أخرى ليغيظها أكثر: صالحينى الأول..
حياة: فى ايه يا واد يا عادل.. بتشاكسها ليه؟
عادل موجها كلامه لسلمى: أقولها على عملتك، ولا تقوليلها أنتى؟
استدارت سلمى فأعطته ظهرها، ثم كتفت يديها أمام صدرها بغضب.. ضحكت حياة لمشاكستهم، بينما تحدث أباه جديا: واد يا عادل أنطق فى ايه؟ لو سلمى عيطت مش هنخلص من جدتها، هتقيم علينا الحد كلنا..
التفتت اليه سلمى مصححة: لأ.. انهاردة الجمعة يا عمو..
ضحك الجميع على سذاجة الصغيرة، بينما نظرت لهم ببلاهة وعدم فهم..
حياة: حد فيكم ينطق.. متخاصمين ليه؟
عادل بانفعال: يعنى يرضيكى يا ست الكل.. المفعوصة دى واقفة انبارح على مدخل الصيدلية وبتتخانق مع العيال اللى بتلعب معاهم.. لا وكمان بتقولهم أنا هضربكم كلكم.. أنا أقوى منكم..
ثم التفت ناحية سلمى المسلطة نظرها عليه ليتابع: طب يا سلمى معدش فى لعب فى الشارع تانى..
فتنظر سلمى اليه غضبا وتتضع يديها بخصرها: أنا مكدبتش.. أنا أقوى منهم..
زفر عادل غيظا: أقوى منهم ازاى يا شبر ونص أنتى؟
سلمى بسرعة وببراءة: عشان أنت موجود..
لم يستوعب عادل مقصدها: وأنا مالى..
سلمى بحزن: لما عادل يبقى موجود سلمى تبقى أقوى حد فى الدنيا.. عادل يمشى سلمى تبقى لوحدها يضربوها..
عادل ببرود: برده مفيش لعب تانى فى الشارع، أنا مش هفضل طول اليوم شغال حارس خصوصى ليكى، وخايف تتعورى ولا حد يضربك.. أنا ضارب عيال الحارة كلها من تحت راسك يا قردة..
دبدبت سلمى بقدمها أرضا: متقوليش قردة..
قهقه مصطفى على حوارهم وانسحب لغرفته ليستعد للخروج.. بينما تبسمت الأم، فلقد نبأها حدسها ببذور محبة نبتت بقلوب صغيرة..
Return
--------
حدثته نفسه بعتاب: كنت دايما أمانها وقوتها.. ودلوقتى بقيت مصدر خوفها.. هتحلها ازاى يا فالح دلوقتى؟
يكاد عقله يحترق وهو يبحث عن وسيلة لتدارك الموقف.. كيف سيمحو شهورا أنطفأ فيها الأمل بينهما بتهوره وانفعالاته الغير محسوبة مسبقا؟
صحيح أنه الآن بنصف عقل من تأثير الثمالة، لكنه يشعر بحاجة للعون والنصيحة.. يتجسد أمامه صورة شخص واحد يمكنه اللجوء اليه.. يعلم علم اليقين أنه سيكون ملاذه وسيحفظ سره، وسيسعى باخلاص لتصحيح وضعه.. نفض عن رأسه تلك الفكرة، لا يريد عونه، ويدعى بينه وبين نفسه أنه لا يثق به.. بل منذ سنوات اختار الفراق مرة أخرى برغبته.. صحيح أنه قد كسر احدى عهوده من أجل سلمته، ولكنه لن يعيد تلك الكرة مجددا.. يذكر نفسه دائما أنه أفضل حالا بدونه.. لن يكسر عهده ثانية..
مازال احساسه بالتوعك يطارده.. أثر الثمالة تشكل على هيئة مغص وصداع مستمر مع احساس بالضيق والاختناق.. يضاف الى ذلك اقترابه من ثلاثة أيام دون نوم أو راحة مناسبة مقرون بمجهود ذهنى وعصبى وجسدى كبير.. أصبح على وشك النوم، أو الغياب عن الوعى، لا يعلم أيهما، ولكنه بالتأكيد يحاول الحفاظ على ذهنه حاضرا من أجل سلمى.. هو يعى الآن جيدا فداحة الموقف الراهن، اذا حدث له أى مكروه فهذا يعنى انتهاء أمر سلمى للأبد.. لزاما عليه العودة اليها سالما الآن..
زادت سرعته عن المسموح به فى ذلك الطريق السريع شبه الخالى، ومع الوقت شعر بدنوه من المنزل مما زاد حماسته واصراره على الاحتفاظ بطاقته.. ولكن مالم يعلمه هو اقترابه من الخطر.. فقد خيل اليه فجأة مرور شئ أمام سيارته، فاصابه ارتباك.. حاول التشبث بعجلة القيادة فى محاولة منه لمنعها من الانفلات على الطريق أو الانقلاب.. حاول محازاة الجانب الأيمن للطريق ولكن للأسف أصطدم بشجرة على جانب الطريق، فأظلمت الدنيا أمام عينيه..
--------
يتبع
الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(3)
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 30-08-17 06:16 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
كل عام وانتى بخير اولا بمناسبة العيد اعاده الله عليكى وعلى الامه الاسلاميه بالخير واليمن والبركات
عادل مابين الماضى والحاضر مشتت ويبحث عن تبريرات لفعله وذهنه مشتت من خوفه من كراهيت سلمى لكن هو محق فى ان سلمى بتحبه حتى لو انكرت لكن تعلقها بيه وركنها الى كل ما تجده من اهتمام ورعايه منه كانها حق مكتسب اعطاه هو كمان خق الملكيه وكانها حق حصرى له هو فقط فهى من طفولتها تلجاء اليه فى كل ما يخصها وهو قبل ده بصدر رحب لو ماكنتش بتحبه كانت صدت مشاعره من اول ما تبينت لها لكن هى كانت متمتعه بدلاله ودلوقت وقت حصاد النتايج هو كمان فهم تعلقها بيه وحبها ليه منذ الصغر وحب يتوج الحب ده بالنتيجه الحتميه الزواج ولو رغم ارادتها بعد ما قررت انها اكتفت من اهتمامه وحبت تسافر بعيد ولوقت غير معلوم ما حدث بينهم كان تحصيل حاصل نتيجة تراكمات منذ الصغر وتملك من الطرفين
الماءزق الان الصدام اللى حصل لعادل وهو رابطها فى القبو موت عادل يبشر بنهاية سلمى اللتى لايعلم مكانها غيره ومقيده بجنزير قفله رهيبه الله يستر
تسلم ايدك وكل عام وانتى بخير

بسمه ااسيد 30-08-17 06:56 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مملكة الغيوم (المشاركة 3688753)
السلام عليكم ورحمة الله
كل عام وانتى بخير اولا بمناسبة العيد اعاده الله عليكى وعلى الامه الاسلاميه بالخير واليمن والبركات
عادل مابين الماضى والحاضر مشتت ويبحث عن تبريرات لفعله وذهنه مشتت من خوفه من كراهيت سلمى لكن هو محق فى ان سلمى بتحبه حتى لو انكرت لكن تعلقها بيه وركنها الى كل ما تجده من اهتمام ورعايه منه كانها حق مكتسب اعطاه هو كمان خق الملكيه وكانها حق حصرى له هو فقط فهى من طفولتها تلجاء اليه فى كل ما يخصها وهو قبل ده بصدر رحب لو ماكنتش بتحبه كانت صدت مشاعره من اول ما تبينت لها لكن هى كانت متمتعه بدلاله ودلوقت وقت حصاد النتايج هو كمان فهم تعلقها بيه وحبها ليه منذ الصغر وحب يتوج الحب ده بالنتيجه الحتميه الزواج ولو رغم ارادتها بعد ما قررت انها اكتفت من اهتمامه وحبت تسافر بعيد ولوقت غير معلوم ما حدث بينهم كان تحصيل حاصل نتيجة تراكمات منذ الصغر وتملك من الطرفين
الماءزق الان الصدام اللى حصل لعادل وهو رابطها فى القبو موت عادل يبشر بنهاية سلمى اللتى لايعلم مكانها غيره ومقيده بجنزير قفله رهيبه الله يستر
تسلم ايدك وكل عام وانتى بخير

:55::55::55::55:
برافووووووووووووووووووووووو
تحليل جميل يا مملكة الغيوم
اتمنى ان الكابل ده يرتاح قلبه
ويعيشوا فى سعادة
هم اتوجعوا قوى
ومحتاجين يطبطبوا على بعض
**********
كل سنة وانتى فى سعادة وهنا وفرحة يارب
أضحى مبارك

بسمه ااسيد 31-08-17 09:36 PM

الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(3)
 
خاتمة الفصل الثانى
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة20 : أنتى أسيرتى ج(3)
------
توقفت سيارة بعد مرور ما يقرب من ساعة جوار سيارة عادل، فترجل قائدها للمساعدة عندما لمح السيارة مصطدمة بتلك الشجرة وقد تحطم جزئها الأمامى..
كان عادل منكبا على المقود فاقدا للوعى.. جرح بسيط أعلى جبينه، لا ينذر بالخطر.. فتح ذلك الشاب باب السيارة، وأرجع رأس عادل للخلف لتفقده.. وقد حمد الله كثيرا عندما وجده يتنفس بصورة طبيعية.. ورغم أنزعاجه من تلك الرائحة الكحلية المنبعثة من عادل الا أنه أسرع الى سيارته لاحضار زجاجة مياه لافاقته..
متاهة سحب اليها فى ذلك الظلام الذى اقتنصه رغما عنه، بدا وحيدا خائفا.. يريد العودة اليها، لايهمه الآن سوى الاطمئنان على سلامتها ونجاتها.. يتخبط تائها محاولا الافلات من تلك الدوامة مناديا باسمها طوال الوقت لتكن زاده وقوته..
يمسح الشاب بالماء على وجه عادل ويربت على خده عدة مرات كمحاولة لافاقته: فوق يا بيه.. دانت مونون على الآخر.. شكلها سهرة من اياهم..
تمتم عادل بصوت خافت: سلمى.. سلمى..
الشاب ومازال يحاول معه: فوق يا أستاذ.. شكلك مش وش البهدلة دى.. فوق واصحى..
بعد عدة محاولات بدأ عادل يفتح عينيه بصعوبة، ومازال يهمس باسم سلمى حتى أفاق تدريجيا.. وبعيون زائغة طالع وجه ذلك الشاب، فتمايل برأسه يمينا ويسارا بتعب: أنا فين؟ ايه حصل؟
ليجيبه الشاب: حمد الله على سلامتك.. دانت ربنا بيحبك..
ثم أمسك ذراعه ليسحبه خارج السيارة: أخرج يا أستاذ.. خدت الشر وراحت..
حاول عادل الوقوف بعد خروجه من سيارته، ولكن اختل توازنه، ولكن يد الشاب كانت أسرع فساعده على الثبات..
الشاب: تحب نروح مستشفى؟
عادل: لأ.. عاوز ارجع بيتى لو ممكن توصلنى..
الشاب: أه طبعا.. بس مركز تدينى العنوان؟
عادل: هدلك.. أحنا قريبين..
استغرب الشاب: فين؟ دى الدنيا فاضية هنا..
فعلا اختار عادل مكانا بعيدا عن العمران ليضمن بقاء سلمى، الآن يدرك لو أن مكروها أصابه ستبقى سلمى بالقبو حتى تتوفاها المنية.. كم كان أنانيا غبيا فى جميع قراراته..
الآن سيصحح كل أخطاؤه سيعودان مرة أخرى لحياتهما القديمة.. سيعودان للحارة ثانية..
دلك عادل وجهه ببطء: أه قريب.. بيت العيلة..
--------
ترجل عادل من سيارة مضيفه الكريم فأسرع الى البوابة لفتحها بخطوات حاول التركيز فيها للمحافظة على اتزانه حتى لا يغشى عليه.. بمجرد دخوله أغلق البوابة ثانية بترباسها المعدنى فقط أما الجنزير فقط ألقاه بعيدا عن متناول يده..
ركض تلك المسافة الكبيرة بين البوابة المعدنية وباب الفيلا الخشبية، لم يكن يشعر بطول المسافة مسبقا لأنه اعتاد تجاوزها بسيارته الصغيرة.. أما الآن فهو يتصبب عرقا وهو يفتح الباب بيد مرتعشة تعبا وخوفا على سلمى..
لم يهتم بغلق الباب، بل ركض فى اتجاه القبو.. وجدها فاقدة للوعى، قام بحملها للذهاب لغرفتهما، ثم أسرع بالشروع فى مداواتها..
جسدها ممتلئ بالكدمات، وقد تجلطت دمائها مما أدى لتوقف نزيفها.. علق لها محاليلا طبية متتالية لتسرع من شفائها.. و لم يحاول افاقتها، فقد رغب فى منح كليهما وقتا كافيا للراحة..
--------
دخل غرفتهما حاملا صينية افطار خفيفة لاترهق معدتها خاصة بعد انقطاعها عن الأكل الطبيعى مدة طويلة واعتماده على محاليل طبية لتغذيتها.. فتحرك قبالتها ووضع الصينية على الكومود المجاور لها، ثم أثنى ركبتيه ليكون وجهه محازيا لوجهها.. فناداها بصوت خافت هادئ دون أن يلمسها: سوسو.. حبيبى.. سوسو.. اصحى..
بعد عديد من المحاولات بدأت تفتح عينيها ببطء، لتطالع عيناه المبتسمة بهدوء: بصحيكى من بدرى يا جميل.. ولا هو تقاوى النوم نوم زى مبيقولوا؟
أغمضت عينيها باستسلام مرة أخرى وكأنها لم تسمعه.. تركها ظنا منه أنها مازالت بحاجة للراحة، ولكن الأمر تكرر مرة أخرى مما دفعه الى الاصرار على ايقاظها هذه المرة.. لم يكن يرغب فى لمسها حتى لا تخافه.. لا يريد تكرار الأخطاء السابقة خاصة مع قراره تصحيحها.. ولكن ليس بيده حيلة الآن، يحتاج الى ايقاظها الآن لاطعامها والاطمئنان عليها..
جلس بجوارها على سريرهما الكبير، يهمس بهدوء: أصحى يا سلمى كفاية كده نوم.. بلاش تقلقينى عليكى يا قلبى أكتر من كده..
ربت على خديها برفق عدة مرات حتى استجابت وبدأت فتح عينيها ببطء وتراخى.. أسرع بابعاد يده عنها قبلما تفيق فتفزع خوفا منه، ولكن على عكس المتوقع كانت هادئة صامتة رغم ظهور آثار التعب جلية فى وجهها..
--------
يعلم جيدا أن الطريق الذى قرر أخيرا انتهاجه صعب يحتاج لكثير من الصبر ليكلل بالنجاح، وهذا ما بدأه بالفعل..
مرت عدة أيام قليلة كان يفترش الأرض جوار فراشها ليكن بقربها دون أن يفزعها بقربه ولتلتمس بنفسها تغيره الجذرى فى معاملتها.. وقد حاول عادل خلال تلك الأيام التودد والتقرب من سلمى دون اثارة خوفها، ولكن الغريب كونها هادئة تماما.. مسالمة.. شجعه ذلك على الاقتراب منها بحرص شديد.. لم تبدى أى انفعال لقربه منها، أو حتى خوفا مما فعله بها آخر مرة.. ولكن رغم ذلك السكون كانت أغلب الوقت شاردة تحدق بالحائط.. لم تنطق بحرف وكأن عقلها بمكان آخر..
جلس قبالتها على السرير، واضعا يده على يدها القابعة على ساقها: هتفضلى لامتى مخصمانى يا سلمى؟
ظلت سلمى على حالتها صامتة، لم تنظر بعينيه.. كانت تنظر الى الفراغ المجاور له، نظر الى ما تنظر اليه فلم يجد شئ.. فعاد ثانية لمحادثتها بعد أن ضم يدها القابعة تحت يده بين كفيه: عندك حق مترديش عليا.. ولا حتى تعبرينى..
رفع كفها لمستوى فمه فقبله برقة: طب أنا هقولك على خبر حلو أوى.. لأ.. هم مفاجأتين هيفرحوكى أوى..
لم تبدى أى استجابة، فواصل حديثه: أول مصحتك تتحسن وتقدرى تتحركى هنرجع الحارة..
كما هى وكأنها لم تسمعه مطلقا.. وضع يدها بين كفيه، ثم ضغط عليها بخفة: وبعدها هنسافر برة مصر..
ابتسم بهدوء رغم احباطه من تجاهلها: هرتب كل حاجة عشان تكملى دراستك زى ماكنتى حابة.. وهكمل أنا كمان معاكى.. أهو نشجع بعض..
سألها بجدية: موافقة؟
أصابته الحيرة من شرودها: سلمى أنتى سمعانى؟
لم تجيبه أو حتى تنظر اليه..
--------
نائمة على جانبها الأيمن بوداعة منذ أكثر من ساعتين، بينما جفاه النوم.. يجاورها على الفراش، فقد أصبحت ساكنة بقربه.. ورغم أن ذلك أصاب قلبه بالسرور كثيرا، لذلك تخلى عن قراره بافتراش الأرض جوارها.. اقترب منها بهدوء كيلا تستيقظ، وضمها اليه فالتصق ظهرها بصدره، ليطبع على وجنتها قبلة طويلة هادئة.. وانشغل فى ذلك الظلام الشامل للغرفة بالتفكير فى وضعها الصحى الذى لا ينبأه بخير..
- ساكتة طول الوقت..
- سرحانة.. مبحلقة فى الحيطة..
- هادية على غير العادة..
- زاهدة الأكل، ولما بغصبها عليه مفيش حاجة بتصبر فى معدتها..
- وعلطول نوم..
- فى ايه؟
- بمزاجها ده؟
- بس ساعات بحس أنها مش سمعانى ولا حتى شيفانى..
- وساعات بتكون سامعة وعينيها بتتحرك معايا..
- ممكن يكون اكتئاب؟
- أكيد اكتئاب..
- اللى مرينا بيه مكنش قليل..
- طب هعمل ايه؟
- أدوية تانى؟
- مينفعش أديها حاجة منهم الا باشراف طبيب..
- أنا صيدلى مش طبيب..
- مانا لو أديتها مضادات اكتئاب ممكن تتعب أكتر..
- هى مش ناقصة..
- جسمها ضعيف والآثار الجانبية مش مضمونة..
- ولو ملحقتهاش المسألة مسألة وقت قبل متفكر فى الانتحار..
- يعنى هى لسه مفكرتش فى انتحار!
- مهى عملتها كام مرة وآخرهم ابنك..
- هتستنى لامتى؟
- اتصل بيه.. بطل عندك معاه..
- هو كل مقول كلمة ترزعه أدامى.. ايه مخك وقف والدنيا كلها معدش فيها غيره..
- كابر أنت عن طلب المساعدة.. بس أتمنى سلمى متدفعش تمن عندك وكبرك..
- كده كده هنرجع الحارة كمان كام يوم لما تبقى قادرة تتحرك، وسهل هناك أجيبلها أحسن دكاترة..
--------
حاول مرارا التسرية عنها والهائها حتى لا تشرد فى ذكرياتهما الأليمة، أبدت استجابة طفيفة عندما بادر بأخذها لتناول الفطور بالحديقة.. تلك اللفتة كان لها أثرا حسنا عليها, فهى لأول مرة منذ قدومها تغادر ساحة الفيلا الداخلية..
كانا فى ساعات الصباح الأولى عندما دلفت سلمى لخارج باب الفيلا العملاق.. لم تكن قدماها تحملنها من أثر الاجهاد، ولكن لم يتركها عادل فكما هو دائما وأبدا سيظل دعما لها.. كانت تسير مستندة عليه بهدوء.. شاردة.. ساكنة.. وما ان هبت نسمة هواء باردة حتى منحتها تنبيها بسيطا لتغير روتينها اليومى، فرفعت بصرها عن الأرض لتطالع المكان حولها.. لم تستوعب بعد ذلك التغيير رغم محاولتها التركيز..
بذل عادل خلال الشهور الماضية جهدا مضنيا لاحياء تلك الحديقة.. وها هو اليوم يؤتى ثمار تعبه.. فعلى المنضدة الصغيرة والتى اقترب منها كرسيان مريحان تراصت العديد من أطباق الافطار الخفيفة فى جو هادئ يساعد على رفع روح سلمى المعنوية..
ساعدها فى الجلوس، وبدء فى اطعامها.. كانت سلمى متعاونة تماما، وكأن ذلك الجو الهادئ منحها بعضا من سلام داخلى كانت تفتقر اليه..
وبعد تناول الافطار بقيا لساعات فى الحديقة ينعمان بالتجول فى أركانها.. وعندما ضرب قرص الشمس عنان السماء واشتدت الحرارة، دلفا الأثنان للداخل مرة أخرى..
--------
لاحظ عادل استجابة سلمى لخطة اخراجها من اكتئابها، فقرر المضى قدما أكثر.. حيث أصطحبها الى مكتبه للاطلاع على محتوياتها..
يقف جوارها أمام مكتبته الضخمة، وكلما لمحها تنظر لكتاب اتجاه صوبه مباشرة واحضره لها ليطلعان عليه سويا.. مر الوقت خفيفا ما بين شرود سلمى وتركيزها.. كانت كطفل صغير يثير انتباه كل ماهو غير مألوف وجديد.. وهذا ما اتكل عليه عادل، حيث تعمد تقليب صفحات الكتب وقراءة بعض نصوصه أولا ثم يعطيه لسلمى حتى يحضر كتابا آخر..
شعرت سلمى ببعض التوعك، وبدأت تسعل بخفة.. جثى عادل على ركبتيه أمام الكرسى الذى تجلس عليه، ثم وضع يديه على يديها القابضة بخفة على الكتاب، ليسألها بقلق بين على وجهه: ايه يا قلبى.. مالك؟ أنتى خدتى برد ولا ايه؟
وكأنها لم تستمع اليه، فلم تجيبه، ليتابع بتفهم: أحنا خرجنا بدرى أوى للجنينة.. أكيد تعبتى.. هطلع أجيبلك الروب واعملك كوباية لمونادة بسرعة..
فتح الكتاب الموضوع بين راحتى يدها: لما اجى احكيلى ايه اللى عجبك فى الكتاب.. أتفقنا؟
أسرع الى أعلى فأحضر روبها لترتديه فوق تلك العباءة المنزلية الخفيفة، ثم ذهب سريعا للمطبخ.. بينما جالت سلمى ببصرها المكان، فلفت انتباهها أحد الكتب أمامها خلف كرسى المكتب الرئيسى..
ببطء اتجهت اليه، وسحبته من موضعه، ولكنه كان ثقيلا فسقط من يدها أرضا.. فجثت على ركبتيها لاحضاره.. لفت انتباهها درفة المكتب الكبيرة نصف المفتوحة أمامها والتى أنسدل منها ذلك السلك المعدنى.. فتحت تلك الدرفة لتطالع محتوياتها، والتى لم تكن سوى هاتف معدنى يجاوره صندوق خشبى.. حملت ذلك الصندوق ببطء ثم اعتدلت فى وقفتها لتفتحه..
--------
دخل عادل هاشا باشا: أحلى كوباية عصير لأحلى سوسو فى الدنيا..
رفع بصره اليها ليصعق بما رآه فتسقط الصينية الصغيرة من يده..
خشى اقترابه منها، فحاول الثبوت مكانه كيلا يربكها.. وعلى الرغم من ذلك نظرة الفزع المطلة من عينيه أثارت انتباهها.. تنقلت عيناها بين عادل والمسدس القابع بين يديها..
وجد ذلك الصندوق عند تجهيزه للفيلا قبل اقامتهما به.. لم يعلم ما المفترض القيام به، فاحتفظ به فى تلك الردفة مع الهاتف وسلسلة مفاتيح الفيلا.. كان يظن المكان آمن، حيث أن تلك الردفة لها مفتاحا وحيدا خاصا يحتفظ به.. ولكن فى ذلك اليوم المشؤم الذى حبس سلمى فيه بالقبو أهمل اغلاقه فى ثورة غضبه.. ولم يدخل تلك الغرفة سوى اليوم فقط مع سلمى لتحل الكارثة بعثورها على سلاح معمر، الله وحده يعلم كيف ستكون نهاية ذلك اليوم..
حاول محادثتها بهدوء مع الاقتراب منها ببطء دون اثارت توترها، ولكنها لم تنتبه له..
عادل بصوت خافت رغم التوتر الجلى على وجهه: حبيبتى.. سيبى المسدس اللى فى أيدك يا قلبى..
أنا غير مكتمل الا بكى حبيبتى.. فلا تفارقينى
عادت ثانية لتطالعه ثم نظرت من جديد للمسدس دون اهتمام بكلماته..
تلك الثوانى التى طالعت فيها المسدس كانت كافية ليقطع المسافة بينهما ليسحبه على حين غفلة منها، ولكن ما لم يعلمه لجهله بالأسلحة النارية أنها قد سحبت زر الأمان قبل دخوله الغرفة.. وبين شد وجذب بينهما فى أقل من ثانية أنطلقت رصاصة عرفت هدفها جيدا.. تلك الرصاصة أسفكت آخر قطرة دماء لتنهى عهد عرف بعهد عشق ودماء..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله بعد أسبوع العيد
أضحى مبارك
وكل عام وأنتم بخير
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 10-09-17 10:44 PM

**الحلقة21 : هو .. هى
 
عدنااااااااااااااااااااااااااااااا
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الثالث
الجميلة والجراح
**الحلقة21 : هو .. هى
الزمان: 2001
المكان: فيلا فخمة بأحد أشهر أحياء القاهرة الراقية
"هى"
تتململ عشرينية فى تمام الخامسة صباحا كما هى عادتها، تستيقظ دون ازعاج المنبه.. تحرك رأسها الغارق فى منتصف وسادتها اللينة الصغيرة يمينا ويسارا لارساء النشاط فى تلك العينين الناعستين..
ابتسامة هادئة تزين ملامح وجهها عندما التقطت عيناها زوجها النائم جوارها على بطنه ووجهه مقابل لها، فتقبل جبينه برقة.. ثم تجذب ذلك الغطاء الخفيف من عليها بهدوء لتجلس على طرف الفراش، تطالع بعينيها ذلك المنبه القابع بموضعه على الكمود المجاور لها لتتأكد من التوقيت، ثم تتناول كوب المياه المجاور له لترتشف جرعات صغيرة تطفئ ظمأها..
تتناول روبها الستانى الأسود الطويل الموضوع على طرف سريرها لترتديه، فتخفى تحته أنوثة تغنجت بقميص نوم أسود قصير ذو حمالات رفيعة.. لتنسحب بعدها بهدوء من فراشها الوثير كيلا تقلق زوجها فيستيقظ..
تدلف الحمام الكبير الملحق بغرفتهما لتنعم بحمام منعش برائحة الياسمين يجدد نشاطها ويمنحها طاقة فياضة لتحمل أعباء يومها الجديد..
وبعد انتهائها تترك مغطسها وتسحب برنسها الوردى لتنعم بملمسه القطنى الذى يداعب بشرتها التى تشبه بشرة الأطفال فى نضارتها، وتخفى شعرها بداخل فوطة صغيرة من نفس اللون..
تحتاج الى ترتيب مهام اليوم الجديد بعقلها، حيث يجول بداخله عدة حسابات تحتاج لتقييمها.. فتتجه كما هى عادتها لمرآتها الكبيرة ذات الاطار الذهبى ذو النقوش المنمنمة الدقيقة والمقابلة لها لتطالع فيه نفسها بثقة..
شقراء أنا
خصلاتى ذهبية متمردة
بيضاء ممزوجة بحمرة الوجنتين
عيناى عسل مصفى باطار زيتونى مميز
يتوهج عند جلجلة ضحكاتى
رشيقة القوام كعارضات الأزياء
حادة الذكاء
أيقونة جمال كما يقال
صاحبة اطلالة باريسية
ولكنة انجليزية أصلية
برفق تدير مقبض الحمام لتخرج ثم تتجه لملحق الملابس المجاور لتنتقى ما يناسب صباحها.. أختيار موفق لذلك الرداء الصيفى الخفيف والمكون من قطعتين قميص من اللون الأحمر القانى وبنطلون أبيض بحزام وسط أسود عريض يتلاءم تماما مع حذائها ذو الكعب شديد القصر والذى يناسب مهام صباحها المزدحم..
تصفف شعرها بعناية لتعقصه فى النهاية بمنتصف رأسها فيما يعرف بذيل الحصان.. ثم تنتقى بعناية ما خف وزنه ورقى ذوقه من صندوق مجوهراتها النفيس.. وبأصابع محترفة التقطت أحمر شفاه من اللون الأحمر الصارخ وكذلك مخطط عيونها الأسود واللذان خضعا اجلالا لأنوثتها، لم ليزيداها جمالا بل لقد شرفا بملمسها لترتفع قيمتهما..
تغادر غرفتها والتى بمثابة جناح ملكى فخم فى تمام الخامسة والنص لتهبط الى الطابق الأرضى وتتجه للمطبخ لتعد وجبة افطار لعائلتها الصغيرة.. هى ترفض وبشدة تدخل أى من طاقم الخدمة بالفيلا فى شئون عائلتها فهى من تحضر وجباتهم الثلاث اليومية وتترك لهم مهام التنظيف فقط..
ومع دقات السادسة صباحا تدلف لغرفة صغيرها ذو الخمسة أعوام لتوقظه استعدادا للذهاب لمدرستة الدولية الخاصة ذات الشهرة العالية..
--------
"هو"
كما هو المعتاد فى تمام السادسة صباحا يستيقظ ذلك الأربعينى، والذى يختفى سنه مع بسمته المطبوعة دائما على صفحة وجهه رضا وسعادة، بأمر مباشر من زوجته المصون القائد المفوض بادارة شئون حياته الخاصة على صرير ذلك المنبه المزعج..
هى
حبيبتى
مفضلتى
ضياء أنار روحى
من ظلمة قبعت داخلى لسنوات
حولتنى كهلا زهد الحياة
لتأتى هى
مقبلة على الحياة
تقتنص الفرح بارادتها
فتكون
أيقونة سعادتى وبسمتى
ينعم بحمام سريع ويبدل ثيابه خلال نصف ساعة فقط، والا ستعلن زوجته الحرب عليه.. فمواعيد الطعام مقدسة لديها، واجبارية فى كثير من الأحيان احقاقا للحق.. يقدر لها حرصها على وجوده معها ومع طفله، فالصغير مازال طفلا لا يعى ضروريات العمل التى تضطرنا أحيانا لاهمال عائلاتنا من أجل انقاذ الأرواح..
يخرج من غرفته سريعا فى اتجاه غرفة السفرة بخطوات شبه راكضة واسعة مرتديا منامته القطنية وفوقها روبه القصير، فبعد الأفطار ومغادرة الطفل المنزل بصحبة والدته سيعود لأحضان فراشه الدافئ ليكمل نومه حتى موعد ذهابه لعمله..
--------
"هى"
تقود سيارتها الحديثة بحرفية ومهارة تحسدها عليها الكثيرات عقب توصيلها لطفلها الى مدرسته الجديدة فى تمام السابعة صباحا.. ثم تنطلق فى اتجاه ذلك النادى الشهير ذو الاشتراك السنوى الضخم..
تصل ناديها فى تمام السابعة والنصف صباحا، فتترجل عن سيارتها مرتدية نظارتها الشمسية ذات الماركة الأصلية الشهيرة والتى تكاد تلتهم كل وجهها خلفه.. ثم تنطلق لممارسة رياضتها الصباحية بمفردها حتى وقت الظهيرة.. لم يكن لها أى أصدقاء، فقد قدمت منذ فترة وجيزة مصر بصحبة طفلها بغية الأستقرار.. تعلم جيدا أن الكثيرات تتحدثن بشأنها همزا ولمزا، وهى بارعة فى تجاهل الحمقى..
يرانى البعض صائدة ثروات
معزورون
فأنا زوجة طبيب من أشهر جراحى مصر
صاحب عدة مشافى خاصة
تحمل أسم عائلته العريقة
ذات الأصول الطبية الممتدة حتى عهد محمد على باشا
يظنونى فتاة لعوب لأسرق قلب رجل يقارب عمر أبى
أتركوهم لخيالاتهم
فما أنا سوى زوجة تنعم بزوج قد ضنى به الزمان
هو لى أبا
وأنا له ابنة
وقد أكرمنا المولى بصبى بمثابة منحة من الرحمن
آدم
تعود للمنزل عند الظهيرة لتحضير وجبة غذاء صحية لعائلتها الصغيرة، ثم تتجه سريعا لاحضار طفلها بعد انتهاء يومه الدراسى..
تجتمع العائلة السعيدة على سفرة الغذاء فى تمام الثالثة عصرا عند عودة الأب السريعة من عمله.. ذلك التجمع يعتبر اجتماع رئيسى يومى.. صغيرهما بمثابة نجم الاجتماع، يكاد لا يتوقف عن الثرثرة وسط مقاطعات مستمرة من أمه وأبيه وضحكات تدعم تماسك تلك الأسرة..
--------
"هو"
أعود سريعا لعملى، فكما هى العادة عملياتى الروتينية مجدولة لا تختل الا فى حالات الطوارئ فقط..
تقريبا نص عمرى قضيته فى غرفة العمليات
البالطو الأخضر هو زي الرسمى
حياة روتينية فاترة
وكأنى عايش فى صحرا
لحد ماهى ظهرت
الصحرا بقت جنة
مأهولة بحورية
منحتنى هدية غالية
آدم
ومن وقتها وكل يوم فى حياتى يوم مش عادى
يخرج من غرفة العمليات فيزيل القناع عن فمه ورأسه سريعا، ثم يتجه بخطوات واسعة واثقة الى ساحة الأنتظار حيث تقبع عائلة المريض.. يطمئنهم ببسمة هادئة على حال مريضهم، ويقوم بشرح مبسط لارشادات التعامل والرعاية الصحية والنفسية خلال الفترة القادمة..
يستأذنهم بعد التأكد من اطلاعهم على كافة التطورات والارشادات، ليتجه بخطوات قاربت الركض حيث هى.. مصدر سعادته وبسمته..
--------
"هى"
تجلس بمكتبه الأدارى الفخم فى المشفى تطالع العديد من المستندات الهامة لتزيل بعضها بامضائها كعلامة بالموافقة بينما تختم البقية بكلمة مرفوض.. تطالع ساعة الحائط البيضاء ذات الأطار الذهبى لتتأكد من الوقت، لقد اقتربت من الثامنة مساء..
من المفترض خروج زوجها الآن من غرفة العمليات وقدومه اليها لتباحث المستجدات.. كما هو حالهم مرتين أسبوعيا، والتى حافظا عليها منذ عودتها للاستقرار بمصر منذ ستة أشهر تقريبا.. فقد كانت تفضل البقاء بالخارج بصحبة ابنها وزيارات زوجها المنتظمة لهما، ولكن قررا تعديل منهاج حياتهما عندما حان موعد تقديم أوراق الصغير بالمدرسة.. فضلا كلاهما تربية طفلهما بمصر، موطن الأب وأصل الأم..
دقت الساعة معلنة أنها الثامنة، فتطالعها الشقراء بابتسامة..
أنا مش مغرورة زى ما الناس فاكرين
لأ
أنا بس عرفت قيمة نفسى لما دخلت حياته
لو فضلت أتكلم مش هقدر أوفيه حقه
فبه تستقيم حياتى
--------
يفتح باب غرفة مكتبه ليطالعها بعيون فرحة وابتسامة لم تقل عن ابتسامة زوجته..
"هو"
أنا
مصطفى الجوهرى
"هى"
أنا
فريدة منصور
تترك مكتبها، يتسابق كلا منهما للوصول للآخر، وقد أجتيزت تلك المسافة بحديث طويل بين عيونهما..
تحيط رقبته بيديها كالأطفال فى دلال، بينما يحيط خصرها الرشيق جيدا بيديه: I miss you (افتقدتك/ اشتقت اليك)..
أراد أثارة حنقها ليتلذذ بوجهها الغاضب قليلا، فيرفع أحد حاجبيه وابتسامة متسلية على جانب فمه: تؤ تؤ تؤ.. مش هنا.. أنتى عوزة حد يظبطنا فى وضع مخل بالآداب!
لتنتفض هى غضبا فتبتعد عن حضنه، وتصيح باستنكار: What?! (ماذا؟!)..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 18-09-17 07:55 PM

**الحلقة22 : أثق بك
 
بعتذر عن التأخير
النت كان فاصل
لاهمال شركة اورانج لعملائها
-----------
**الحلقة22 : أثق بك
ابتعدت فريدة عنه بحنق، فضمت ساعديها أمام صدرها وزفرت بغضب طفولى مستهجنة دافعه بعد أن أولته ظهرها: I'm your wife or I play a trick!? (ألست زوجتك، أم انها خدعة؟!)..
ابتسم بظفر لنجاحه فى استفزازها.. فهى تتحول طفلة حينها.. تتخلى عن منطقية التفكير وارستقراطية التعامل واتيكيت السلوك شديد الأنضباط، لتكن وقتها طفلته المدللة التى يعشق استماتته فى محاولة ارضائها والتى دائما تكون سريعة على يديه.. فضمها من ظهرها الى صدره، لتحاول هى بوهن مقصود الابتعاد عنه بدلال أنثى متمكنة من قلب زوجها، بينما شدد هو قبضتيه على خصرها وقد أسند طرف ذقنه على كتفها الأيسر: حبيبتى طفلة.. مكنش فاضل غير أنك تدبدبى فى الأرض، وأروح أنا أداديكى بلعبة..
سحبت نفسها سريعا من حضنه احتجاجا، لتنقر بكعب حذائها الأسود الرفيع ذو الكعب العالى: أنا طفلة، وكمان بدبدب؟
ضحكت عيناه قبل ثغره وهو يتطلع الى حذائها: ده على أساس أنك مبدبدبيش دلوقتى..
أنتبهت فريدة لفعلتها، فانفجرت ضاحكة ضحكات مجلجلة شاركها فيها زوجها وهو يضمها لصدره بعاطفة صادقة شديدة الدفئ بينما اندمجت فريدة داخله فهو مصدر أمنها وسكنها..
--------
تحدث مصطفى بنبرة جدية لا تخلو من حنيته عليها، ومازالت هى مستكينة بحضنه: لسه خارج من العمليات، وريحتى كلها بنج.. خايف عليكى تدوخى..
تشبثت بأحضانه أكثر لتجيب بهمس: ملكش دعوة أنت.. عاجبنى البنج..
أبعدها عن حضنه ليجيب بمشاكسته المعهود: مليش دعوة ازاى! مانا اللى بشيل..
ضربته بقبضة يمناها بخفة على صدره: you're fool (يالك من أحمق).. It's my romantic moment (أفسدت لحظتى الرومانسية)..
ارتسمت الجدية على جهه وهو يشير الى مقعده الجلدى ذو الحركة الهيدروليكية خلف مكتبه: طب اتفضلى أقعدى على المكتب.. عندى كلام مهم فى الشغل لازم نخلصه النهاردة..
نظرت له بحرج بين: احم احم.. عيب اقعد على مكتبك وأنت موجود..
رفع حاجبه الأيسر استنكارا: ولما أنتى عارفة كده مبتروحيش مكتبك ليه؟! من يوم ما اتجهز وهو فاضى..
ثم سألها مستفهما، وهو يعقد ذراعيه أمام صدره: قاعدة معايا ترقبينى؟
تفوه بتلك الكلمات, بينما طالعته هى بحرج: أبدا والله ما اقصدش كده..
ثم ابتسمت برقتها المعهودة وهى تجيبه: حرام اشغل المكتب عشان يومين فى الاسبوع..
ثم نظرت أرضا بخجل: كمان بحب أكون معاك..
بذكائها وعفويتها وصدق مشاعرها استطاعت الفوز هذه المرة بالجولة، ليتخلى هو عن جديته.. فيقترب منها حتى يجاورها ويضع يده على كتفها ليصحبها فى اتجاه مكتبه ويجلسها على مقعده: لازم تتعودى تنفصلى عنى..
رفعت رأسها اتجاهه بعد أن جلست على مقعده لتنظر له بغضب: وعاوزنى انفصل عنك ليه؟
تركها ليجلس قبالتها على ذلك المقعد المنخفض: عشان فريدة منصور مش محتاجة دعم من حد، حتى لو كان أنا..
ثم أعقب بعصبية خفيفة: هتفضلى لامتى تتصرفى زى عيلة خايفة تتوه من أبوها!
نظرت له مستنكرة طريقته فى التفكير وقبل أن تتفوه بكلمة منعها باشارة من يده: بس بس.. مش هنضيع الوقت فى كلام ناقشناه كتير.. خلينا فى المهم..
نظرت بطرف عينها للساعة لتطالع توقيتها والذى يشير الى اقتراب موعد انصرافهما للعودة للمنزل: أتفضل..
مصطفى بعملية: قررت أزود النسبة من 10% ل 25%..
تبدل حالها للنقيض فتهللت أساريرها لتنطق بفرح: بجد يا مصطفى!
أومأ برأسه، فانطلقت هى اتجاهه تقبل وجنته بعد أن أحاطت عنقه بيدها:بحبك يا بابتى أووووووووووووووى.. فرحانة بجد جدا جدا جداااااااااااااااا..
سحب أحد كفيها ليلثمه بقبلة رقيقة: الحمد لله أولا.. والفضل ليكى ثانيا.. أنتى صاحبة الفكرة فى الأصل.. أنتى دليلى للخير يا فريدة..
--------
مر أكثر من عامين على تنفيذ فكرتها، حيث أقترحت على زوجها تخصيص 10% من أرباح المستشفى بفروعها لعلاج غير القادرين.. هى نسبة صغيرة، ولكنها ساهمت كثيرا فى ازالة بعض آلام المرضى دون أن تصبح عبء ثقيل على مجموعة مستشفيات الجوهرى.. وبالتالى لم تثقل كاهل زوجها فتدفعه للتنصل منها وهجرها..
ومنذ ذلك الوقت تولت جميع مهام المشافى الأدراية.. كانت تديرها بجدارة رغم أنها كانت فيما سبق تديرها من الخارج.. أكتفت فقط بالمشورات الشفهية أو الكتابية غير معتمدة التوقيع، وقد أثبتت لزوجها فى فترة قصيرة أنها سيدة أعمال موهوبة رغم عدم وجود سابق خبرة لها.. هى فقط تحتاج الى ثقته ودعمه لتصبح محنكة، وهو لم يبخل عليها بأى منهما..
أتجهت لتجلس على المقعد المقابل له، وقد التمعت رأسها بفكرة مثالية، أرادت انتهاز الفرصة لطرحها رغم أنها لم تفكر بها بشكل متعمق مدروس من جميع الجوانب كما هى عادتها: طب ايه رأيك نحافظ على 10% للعلاج حاليا، و15% الباقية نبنى بيهم ملحق للمستشفى زى مركز طبى كده للعلاج بأجر رمزى.. كده هنفيد عدد أكبر، وهنشغل ناس أكتر معانا؟
عقد ما بين حاجبيه دهشة من اقتراحها وآثر الصمت مما أنبأها باحتمالية أكيدة اخفاقها بهدفها الغير مدروس.. ندمت على تسرعها، فتركت مقعدها واتجهت اليه وقد أثنت ركبتيها قليلا لتنحنى بجسدها أمامه فتربت بكفها الأيمن على ساقه: I'm so soory (أسفة).. أتسرعت من غير مقصد.. أعتبرنى مقولتش حاجة..
كان فى ذلك الوقت يحك رأسه بأطراف أصابع يمناه، بينما أصابع يسراه لم تتوقف عن النقر على المكتب حتى أخرجته من شروده باعتذارها.. لم يعيرها انتباهه، وواصل التفكير فى الأمر.. هو شخص متريث جدا فى قراراته بعكس زوجته صاحبة الدماء الشابة التى تميل فى بعض الأحيان للتهور، وقد أستطاع خلال السنوات الماضية السيطرة على ذلك الأندفاع كثيرا..
مر وقت طويل ومازال كلاهما على نفس وضع جلسته حتى قطع مصطفى ذلك عندما جذب كفها الموضوعة على ساقه، وأشار لها بطرف عينه لتجلس على المقعد الرئيسى للمكتب، فنفذت أمره على عجل وهى تستمع لكلماته الرزينة: فى تعديل على أقتراحك..
تهللت أساريرها فالنجاح حليفها الآن: هتأسسى شركة باسمك..
ظهر الأنزعاج والدهشة على وجهها فقاطعته: وايه علاقة فكرتى بالشركة! ولا ايه لزمتها حتى؟
أجابها ببرود: أعتقد أننا اتفقنا قبل كده أنك متقاطعنيش لما نكون بنتكلم فى الشغل..
أحرجها تأنيبه فاعتذرت سريعا، ليكمل بعدها بهدوء: أتصلى بالدادة خليها تعشى أدم وتنيمه..
قطبت ما بين حاجبيها وهى تطالع الساعة المقابلة لها لتتأكد من تأخرهما عن موعد العودة للمنزل، فاستجابت لأمره واتصلت بالمنزل..
--------
أنهت مكالمتها الهاتفية التى أسترضت فى نهايتها طفلها الصغير المتذمر على تغيبهما المقصود عنه، مع وعد بعدم تكرار ذلك مرة أخرى..
أعقبتها بطلب فنجانين من القهوة لتساعدهما على التركيز، ثم رفعت وجهها لتنظر لزوجها فى انتظار متابعته لسرد قراره..
وبشكل عملى تماما تابع: المبانى هتتبنى.. كل مستشفى فيها مبنى واحد دورين..
أومأت رأسها تفهما ليتابع هو حديثه: الشركة مهمتها أنها تتتعاقد على استيراد أجهزة ومعدات جديدة..
حركت رأسها يمينا ويسارا وهى تزن كلماته بحسابات العقل، ليتهلل وجهها: ده هيوفر معانا كتير جدا.. غير أنى أقدر أعمل شغل للغير..
أومأ برأسه تأييدا لما استنتجته فهى سريعة البديهة.. أراحت ظهرها للخلف لتنعم بجلسة مريحة على ذلك المقعد الجلدى الوثير وأصابع يديها تتشابك معا أمام وجهها وقد أرتسمت ابتسامة سعادة عليه.. فأراد اغتنام الفرصة واكمال مخططه الذى لن يقبل اعتراضها عليه: وهتدخلى فى سوق استيراد الأدوية مؤقتا..
فاجأها اقتراحه فعادت ثانية لتقترب من المكتب باندهاش: بس أنا مفهمش حاجة فى ده كله، ومقدرش..
أبتسم بظفر لعدم انتباهها لكلمته الأخيرة حتى لا يقع فريسة فضولها الذى قد يسبب فشل ما ينتويه، فقد أستطاع جذب انتباهها للفكرة العامة وألهاها بها عن عزمه الخفى.. فلقد آن أوان اصلاح أمور متراكمة على كاهله..
فقاطعها دون اكتراث لحديثها، ولمنعها من اثارة مبررات واهية للهروب من تحمل مسئولية أمر جلل مثل ذلك: الشركة لازم تجهز فى خلال 3 شهور.. وتبدأى بعدها علطول فى تنفيذ مهامك..
طرقات خافتة على باب المكتب أوقفتهما عن الحديث، لتأذن للطارق بالدخول.. فيدلف أحد السعاة بصينية معدنية فاخرة تحمل ذلك السائل البنى قوى التأثير معشوق الملايين.. ليرتشف كلاهما قطرات متتالية ذات المعيار المظبوط..
خرج الساعى، فتركت فريدة فنجانها لتتحدث بتوتر: مصطفى أنا فعلا مقدرش على الحمل ده.. أنا يدوبك بقدر أجى هنا يومين.. مش هعرف أرتب مواعيد جديدة لده كله..
أخيرا أبتسم مصطفى ليجيبها بثقة: أنتى أدها وأدود.. هتعرفى تجدولى أمورك..
لتتابع هى: 3 شهور! قليل أوى..ملحقش أعمل دراسة جدوى حتى.. أنت مستعجل أوى كده ليه؟
أرتشف القليل من قهوته ليتابع بهدوء غير مكترث باجابة سؤالها: هتشوفى مقر جاهز أو محتاج تعديلات بسيطة.. وكل الموظفين الأداريين والقانونيين هنا تحت أمرك، أستعينى باللى تحتاجيه منهم.. المهم المقر والأمور القانونية الخاصة بتأسيس الشركة تنجزيها فى 3 شهور..
بهتت من كلماته: أنت مدينى حجم أكبر من حجمى..
ابتسم مصطفى لينطق ببساطة: أنا واثق فيكى يا فيرى..
----------------------------

بسمه ااسيد 18-09-17 07:56 PM

**الحلقة23 : العرافة
 
**الحلقة23 : العرافة
تتمايل على أنغام أحد الأغانى الشعبية المشهورة أثناء ذهابها لمقر الشركة القابع بطابق كامل بأحد الأبراج الحديثة فى ذلك الحى القاهرى الشهير.. لتدندن بصوت عال معها، فتجذب نظرات مستنكرة لقائدى السيارات المجاورة.. يظنوها مجنونة.. أو احد الفتايات الثريات التى لا تعلم من خسائر الدنيا سوى كسر أحد أظافرها المطلية بعناية.. فتتجاهلهم هى عمدا:
زحمه يا دنيا زحمه
زحمه وتاهوا الحبايب
زحمه ولا عادشي رحمه
مولد وصاحبه غايب
اجي من هنا زحمه
واروح هنا زحمه
هنا او هنا زحمه
صحيح هى أجنبية التربية لكنها تفضل الأغانى المصرية الشعبية، فهى تمنحها احساس بالحياة بعيدا عن أتيكيت الوضع الأجتماعى الكئيب.. وبالتأكيد لا يعلم أحد عن ميولها الغير منطقية..
شهر كامل تخلت فيه عن رفاهيتها.. تصطحب طفلها لمدرسته، ثم تذهب بعدها لمقر شركتها الجديدة.. متخلية بذلك عن ممارسة رياضتها اليومية لتستعيض عنها ببعض التمرينات البسيطة الصباحية..
تفتح الشركة عند السابعة والنصف صباحا قبل قدوم العمال المسئولين عن اتمام التجهيزات للبناية.. تراجع أوراقها ومستنداتها وتعدل ما يحتاج للتغيير ليلائم ظروفها.. ثم تبدأ عند التاسعة صباحا رحلة طريفة معهودة فى مصر لانجاز أوراق الشركة، بعضها يسير بشكل روتينى بغيض، وقليل منها ينجز عند معرفة هوية زوجها.. وبعد الظهيرة تعود مهرولة للمنزل لاعداد وجبة الغذاء لأسرتها الصغيرة.. بينما يحضر زوجها ابنهما من مدرسته فى موعده بدقة بدلا من أمه.. فلا ذنب لطفلها بمخطط أباه، ولا داعى لأفساد روتينه اليومى بشكل مبالغ يؤثر على نفسية الصغير..
حافظت على روتين ذهابها لمشفى زوجها، بينما يتابع أحد الموظفين الأداريين الصغار أعمال الديكور بمقر الشركة..
ثم تخلد منهكة ليلا بعد تناولهم العشاء بالمنزل لتنعم بنومة تزيل بعضا من مجهود اليوم الحافل.. لتعيد الكرة فى اليوم التالى بنفس المنوال دون كلل، وبمزيد من الأصرار والسعى لانجاز مهمتها خلال المهلة الوجيزة التى منحها لها زوجها.. ونتيجة لذلك أصبحت شديدة التعلق بالكافيين والمشروبات المنبهة، والتى ساهمت كثيرا فى زيادة توترها وارهاقها العصبى..
--------
تسير بخطوات رشيقة مرتدية ذلك المعطف الثقيل فوق فستانها الأسود الذى يتخطى ركبتها بقليل، لتتجنب لفحة البرد القارص والتى تشتهر فرنسا بأنها الراعى الرسمى لقسوته.. لم تكن لتنزل فى ذلك الوقت المتأخر لولا الحاح صغيرها أدم ذو العامين والنصف.. لقد أجبرها على الذهاب لشراء بعض الخبز الفرنسى الشهير بلسان يبتلع حروفا أكثر من نطقها.. حاولت تأجيل ذلك للصباح ولكنها لم تصمد أمام لمعان عينيه.. فتركت طفلها بصحبة الخادمة المرافقة لهما ووضعت معطفها على جسدها النحيل، بينما أخفت رقبتها بين طيات تلك الكوفية الصوفية المحيطة بها.. ثم هرولت مسرعة للمتجر القاطن بالشارع الخلفى للبناية التى تسكن بأحد شققها الفاخرة..
أشترت خبز طفلها المفضل، وقبل عودتها أنتبهت لتلك الدمية الصغيرة ذات الألون المبهجة خلف الجدار الزجاجى للمحل المجاور.. فدلفت لتقتنيها لطفلها الحبيب، وبعد أن غلفتها البائعة اتجهت بخطوات راكضة فى اتجاه العودة، دون أن تنتبه لتلك العينين الزرقاوين كبحر هائج المتابعتين لها منذ دخولها لمحل لعب الأطفال..
تحتاج السير فى ذلك الشارع الطويل قبل أن تحيد بشكل عمودى وتسير مسافة تقترب من نصف المسافة السابقة حتى تصل لبنايتها التى تقطن بطابقها الحادى عشر.. مسافة طويلة قضتها وهى تدندن موسيقى احدى مقطوعات بيتهوفن الشهيرة.. لم تنتبه لذلك الظل الضخم الملازم لظلها، فقد كانت سعيدة شاردة بلحنها وكيف سيستقبل صغيرها دميته الجديدة..
وعند أحد المنحنيات المظلمة لم تشعر سوى بيد قوية جذبتها لتسقط الهدية كما سقطت حقيبة الخبز الورقية.. شعرت برعب يداهم قلبها.. جالت بحدقتى عينيها محاولة لاكتشاف هوية من قطع طريقها، ولكن صدمها الظلام حولها واضاءة الشارع لم تنبأها سوى بظلين أحدهما ضئيلا ينتمى اليها والأخر ضخم يجثم عليها..
حاولت الأفلات وقد أرتفعت نسبة الأدرنالين بجسدها ولكن لم تستطع الفرار.. حاولت الصراخ ولكنها أخيرا أنتبهت أن فمها الأن رهينة تحت يدها الغليظة..
نعم أنها امرأة.. ذلك ما اكتشفته مؤخرا.. لم أهتم بهوية تلك المعتدية، فقد شغلنى أمر أخر.. ذلك الألم النابع من كفى الأيمن.. ألم كقرصات نحل متتالية على جلد عار.. سرعان ما تحول الى خدر مع احساس بسخونة سائل يقطر من بين أصابعى.. لم أحتج لكثير من النباهة لأخمن كينونة ذلك السائل، فهو بالتأكيد دمى.. نزفت كثيرا وكأنها تعمدت ذلك وتنتظر بفارغ الصبر المرحلة التالية..
ولم أخيب ظنها، فها أنا الأن أشعر برجفة بجسدى.. تندى جبينى.. فبدأت حدقتا عينى تجولان بلا هداية.. أصبحت الألوان تتخلل الظلام أمامى.. ها أنا أرى مساحات صغيرة تهتك ستر السواد.. أحمر.. أصفر.. أخضر.. وكثير من العتمة..
سمعت صوتها المخيف للمرة الأولى وهى تسحب كفها من فوق فمى: Good girl (فتاة جيدة)..
وأنا بين اليقظة وغياب الوعى أحسست بانحنائها أمامى، بينما أنا أسقط ببطء شديد ومازال ظهرى ملاصقا لذلك الجدار.. أشعر أن الزمن تلاشى أو ثبت، وكره التحرك والدوران فى فلكه.. غريب ما فعلته، لقد شربت دمائى ببساطة ودون اشمئزاز وكأنها معتادة على ذلك..
لم أهتم أو أبالى بما تفعله بى.. أظن أننى الأن أرى ذرات الغبار العالقة بالهواء.. بل أستطيع تمييز رائحة الغبار والهواء كلا على حدة.. أكاد أقسم أننى أسمع صرير ماء بأحد شقق البناية المقابلة والتى تبعد عنى العديد من الأمتار.. أميز أحاديث أناس يقطنون البنايات المحيطة.. أشعر بأننى أخرج من جسدى الأن لأسبح بين ذرات الهواء، أسمع نداءات طفلى المتكررة والمتذمرة على تأخرى فى اجابة طلبه.. أرى مغلف الخبز الآن ساقط على بعد أمتار منى.. أطفو الآن فى اتجاهه لجلبه لأعود لصغيرى..
لا ليست نهايتى الأن.. لن أرحل.. لن أتركه وحيدا.. سأحمل خبزه وأطير لأصل اليه سريعا.. أه من تلك الشمطاء اللعينة لا أحتاج لاضاءة لأراها فأنا أحفظ ملامحها كما لو أنى أراها على ضوء الشمس الساطعة.. عيون زرقاء جاحظة.. نظراتها قاتمة فحولت زرقة عينيها لظلمة حالكة.. ضخمة بشكل مرعب.. رثة الثياب كالمجاذيب.. رائحتها كريهة كما لو كانت تنام فى حظيرة خنازير.. لقد جذبتنى اليها عندما سحبتنى من ساقى لتعيدنى فى اتجاه جسدى، وهى تنطق بحزم من بين أسنانها السوداء: Not now my girl (ليس الأن فتاتى)..
أطعتها كما لو كنت عبدا أفريقيا مملوكا لرومانية مجنونة، أخاف أن أتسبب دون قصد فى تعكير صفوها، فيكون مصيرى أن ألقى هدية بخسة لأسودها.. لتطالعنى هى بضحكات ماجنة وهى تتسلى مع صديقاتها برؤية لحمى بين أنيابهم، بينما شلالات دمائى تنضح بعشوائية وأنا أنتفض كحلاوة روح..
عدت لجسدى كما لو كان فستانا ضيقا أتعذب لحشر جسدى به، وليس بيدى حيلة سوى طاعة مولاتى الرومانية.. وأخيرا شعرت بالأختناق داخل جسدى عندما عدت اليه.. أمر غريب أن أكون أنا أكبر من جسدى.. رغم أننى وجسدى واحد.. ولكنى لم أفهم ما حدث، وليس لدى رفاهية التفكير والتخمين الأن.. فها أنا الأن قد أنزلقت جالسة أرضا ظهرى مستندا للحائط، بينما وجهى متدلى لأسفل وقد أغلقت عينى أخيرا للاستسلام لغيبوبتى..
ولكن مولاتى الرومانية لم تمنحنى السلام الأخير، فعادت بتكرار جملتها الأخيرة وأنا أفتح عينى مجبرة وغير مخيرة فأراها بوضوح رغم الظلام: Not now my girl (ليس الأن فتاتى)..
تنتبه خلايا عقلى جميعها كما لو كانت جنودا تتبع قائدها الفاتح الغازى حيث النصر، لأستمع لخطبتها المحفزة على القتال لا الاستسلام:
- You've a bloody road (طريقك كتب بالدم)
- Save your kids (أحمى أطفالك)
- Run (أهربى)
لتصرخ المشعوذة بوجهى صرخات تقلق منام الموتى ليبعثوا من جديد.. تصرخ وهى جاحظة العينين التى تحول بياضهما الى ظلمة أمتزجت بحدقتيها قبل أن يبتلعها ذلك الظلام من أمامى، بينما أغمض عيناى الأن فى استسلام لمصيرى..
تفزع فريدة من نومها صارخة صرخات متلاحقة، فيفيق زوجها من نومته مرتعبا عليها، فيضمها سريعا بين أحضانه لتخمد صرخاتها على منحنيات صدره: أهدى يا فريدة.. فريدة متصوتيش أدم يصحى مفزوع يا قلبى..
يمر الوقت بطيئا مملا.. فريدة مختبئة بحضن زوجها.. يربت على شعرها الأصفر المشعث: أهدى يا فريدة.. مفيش حاجة يا ماما.. أنتى كويسة.. متخافيش.. أنا هنا..
جسدها متعرق كما لو صب الماء على جسدها صبا.. دموع تذرف ساخنة شلالا على وجنتيها.. أحمرت أرنبة أنفها، بينما تساقطت قطرات مائها المالح.. ومازال الجسد النحيل يرتجف بين يديه..
يسألها بهمس بعد أن قبل رأسها: العرافة؟
لتخرج هى من حضنه لتطالع هى كف يمناها، فتتلمس بأطراف أصابعها ذلك الجرح الطولى البارز به.. تومئ برأسها ايجابا، ثم تمسح الدموع المتلاحقة على وجنتيها براحتى يدها..
زفر ببطء ثم تحدث متريثا بنبرة هادئة: الكابوس مبيجيش الا لما بتتوترى.. لو عوزة نلغى موضوع الشركة، معنديش مشكلة..
حركت رأسها يمينا ويسارا رفضا دون أن تتفوه بحرف، وما زال رأسها متدليا لأسفل.. تطالع ذلك الجرح الكبير بعيون لامعة تقاوم الأستسلام وهى تلامسه بأصابع يسراها: هفتح الشركة..
مصطفى: فيرى.. ممكن تسافرى أنتى ودومة وترجعوا تعيشوا برة لو ده هيريحك..
أسرعت فريدة بالرفض: لا لا لا.. أنا عوزة أفضل هنا معاك.. عوزة أدم يعيش ويتربى هنا..
مصطفى: أتصل بدكتور جوزيف؟
أجابت بثقة: لأ.. أنا كويسة.. مش محتاجة لمشورته، ولا لأدويته..
أحاط مصطفى كتفيها بكفيه: أنا ميهمنيش الا أنك تكونى كويسة.. راحتكم وسعادتكم هى كل أملى..
لتبتسم هى بوهن وارهاق جراء استنزاف مشاعرها بذلك الكابوس: أنت سعادتى وأمانى..
هى تعشق الحياة
تعشق الحرية
تعشق الأمان
تعشق السكينة
تعشق مصطفى
لأنه كل ما سبق
هو مرساة سفينتها
هو وطنها
ليضمها بدفء من جديد اليه مسندا ظهره للسرير، فتغمض عينيها لتستسلم لنوبة نوم هادئة فى أحضانه التى توسدتها كطفلة تخلد لمهدها..
----------------------------

بسمه ااسيد 18-09-17 07:57 PM

**الحلقة24 : من أجلك آدم
 
**الحلقة24 : من أجلك آدم
لقد مرت شهورا تحولت فيها شركتها من مجرد فكرة بمخيلة زوجها الى كيان قائم بذاته على أرض الواقع.. حلم زوجها أصبح حقيقة.. انها الآن تمتلك شركة الحياة لاستيراد المستلزمات الطبية والدوائية.. أقترح عليها أسم الحياة، فاستجابت لرغبته.. كم أعجبها ذلك الاسم، هو يعبر بشكل عميق عن هدفهما السامى.. حلم تخفيف الألم عن المرضى الفقراء لتكن لهم حياة أفضل كما يستحقونها..
درست السوق جيدا خلال فترة تجهيز مقر الشركة، وأثناء تخليص أوراقها القانونية والأدارية أستطاعت جمع أهم المعلومات عن منافسيها أكثر مما يعلموه عن أنفسهم.. وقد فضلت عدم اثارة المشاكل من البداية معهم.. تضع نفسها مؤقتا فى خانة مبتدئ لا يثير القلق.. فجميع صفقاتها صغيرة وخاصة بمشافى زوجها فقط.. مجرد استيراد للمعدات والأجهزة الطبية الصغيرة كخطة احلال وتجديد للموجود حاليا، بالأضافة الى العقاقير الطبية التى لا تتوفر بالسوق المحلى..
تذهب يوميا الى العمل من الثامنة صباحا تقريبا.. يعاونها كادر صغير من موظفين مؤهلين من الشباب.. ورغم افتقارهم جميعا للخبرة الى أن دماء الشباب تدفعهم لطى الخبرة بشغف الطموح، وقد أستغلت تلك النقطة جيدا فجعلتهم دعما لها مع بث الولاء فى نفوسهم.. فأصبحت شركة الحياة أسرة كبيرة تجمعهم.. كما ألتزمت بمتابعة الشركة كما هى العادة مرتين أسوعيا..
وعلى الرغم من ضغوط العمل الى أنها لم تقصر مع آدم.. فهى تحافظ على روتينه اليومى بفضل تعاون زوجها معها.. وقد أسعد وجود الأب المكثف الصغير فى تقوية الرابط بينهما.. وعلى الرغم من بساطة عمره الا أنه قد وعى أن تلك الفترة تمر على أسرته بصعوبة بسبب مسئولياتهم الجديدة بالعمل، فلم يرهقهما بشغبه المعتاد وكثرة أسئلته الناتجة عن فضوله..
--------
لم يسعفها الوقت لفحص ذلك المظروف الذى تحمله بين يديها، فقد أحتاجت اجراء فحص بمشفى زوجها ولكن دون علمه حتى لا تثير قلقه، فذهبت للمشفى قبل موعدها بساعتين.. أجرت الفحص بتكتم شديد مع طبيب التحاليل وأنتظرت النتيجة بمكتب زوجها الذى مازالت تحتله رغم تأففه.. وقد شددت التنبيه على أن يبقى الأمر طى الكتمان..
دخل مصطفى مكتبه على حين فجأة ليتفاجئ بوجودها: الله أنتى جاية بدرى ليه؟ خير؟
ابتسمت فريدة وهى تضع المظروف بحقيبتها الجلدية الأنيقة، وحتى لا تدفعه للانتباه جذبت مرآتها الصغيرة منها لتطالع وجهها به: أبدا يا حبيبى.. دومة أجازة أنهاردة من المذاكرة.. النهاردة الخميس..فحبيت أجى بدرى، يمكن نخلص بدرى ونروح..
أقترب منها أثناء حديثها، فوضعت المرآة بالحقيبة سريعا وأغلقتها بهدوء عندما وصل اليها فانحنى لتقبيل رأسها: أنا معنديش عمليات انهاردة.. خلينا نمشى دلوقتى..
أبتسمت له وهى تومئ برأسها مصدقة على قوله.. فجذب جاكتة بذلته الرابطة على كرسيها بينما حملت هى حقيبتها حيث أصطحبها زوجها للعودة للمنزل.. لقد أشتاق للبقاء بكنف أسرته بعيدا عن ضغط العمل، ولم تكن هى أقل منه أشتياقا..
--------
تستيقظ فريدة صباح الجمعة، فلم تجد زوجها جوارها بينما تخلل لأذنيها صوت تدفق المياه من المرحاض الملحق بجناحهما.. فتركت الفراش سريعا بلهفة لتتفحص المظروف القابع بحقيبتها الصغيرة فوق التسريحة الخشبية قبل انهاء زوجها لحمامه.. الفضول يقتلها لعدم الأنتظار أكثر من ذلك..
تفضى الظرف لتقرأ ما دون بتلك الورقة البيضاء الوحيدة بها سريعا.. ليتحول الفضول والتلهف الى احباط وحزن، فتكرمش الورقة وتلقيها أرضا وقد أستدارت بوجهها لتجد زوجها خلفها ينظر اليها عبر المرآة..
أسرعت بالالتفات لتحمل الورقة، ولكن اشارة من يده أوقفتها.. فينحنى هو ليجلبها، ثم يبدأ بمطالعة تلك النتيجة السلبية، فينظر اتجاهها بهدوء ممزوج بتعجب: ده اللى مزعلك؟!..
نظرت أرضا بينما أقترب هو منها: أنا مستكفى بآدم يا فريدة..
ترفع عينيها لتناظره: كان نفسى..
يطالعها مستنكرا حزنها: مفيش سبب يخليكى تضايقى كده.. أنتم الدنيا عندى..
أستندت جالسة على طرف التسريحة تنظر لموضع قدميها وهى تفرك يديها بتوتر: أفتكرت لما أتأخرت انى حامل.. أتمنيت ده..
وقف قبالتها فرفع ذقنها بأطراف أصابعه ليطالع عيناها الدامعتين: فيرى حبيبتى كان يبقى عندك حق لو مكنش ربنا رزقنا بدومة..
ثم أكمل بضحكة خفيفة: ربنا رزقنى بالولد والبنت..
ظنت أنه يقصد أبنته الراحلة فأطرفت عينيها أرضا أضطرابا، بينما شرد هو قليلا فهو كان يقصد زوجته بحديثه ولكن طيف ابنته حل بخلده..
سحب نفسه اجبارا من شروده ليعقب: فيرى بنوتى الغالية، ودومة ابنى اللى روحى متعلقة بيه هيبقى خليفتى وعكازى لما الزمن ياخد منى أكتر ما ادانى..
فريدة: أنا................
قاطعها مصطفى: أنتى ليه فاكرة نفسك مقصرة؟، وبتدورى ازاى تدينى أكتر ما باخد.. أنا سعيد بيكم، ومستكفى..
نظرت له خجلا، بينما بادلها هو نظرة مطمئنة: أنتى مش محتاجة تبرهنيلى عن حبك.. أنا عارف أنتى بتحبينى أزاى، وراضى يا فيرى..
قبل رأسها، ثم تابع ممازحا ليكسر الموقف: بلاش جو الأفلام العربى القديمة، أغلبيه بالعيال يغلبك بالمال..
وكزته بقبضتها بخفة: بقى كده يا رخم!
ثم ضمت ساعديها لصدرها، فقلدها وجلس جوارها: ولا تكونى يا فيرى فكرانى بلعب بديلى فعوزة تربطينى بأرطة عيال..
ضحكت فريدة بشدة وشاركها الضحك حتى هدأت لتخاطبه: مكنش ده قصدى..
التفتت تنظر اليه: آدم..
قطب ما بين حاجبيه دلالة على عدم الفهم، فتابعت: نفسى ميكونش وحيد.. نفسى أجبله أخ يكون رفيقه وعكازه.. سنده وضهره..
أخفضت بصرها قليلا: أو أجبله أخت يفرح بيها ويدللها.. تكون مستودع أسراره.. يخاف عليها ويكون راجلها، وتكون هى بسمته..
ثم أعادت النظر اليه بتأثر وحزن دفين: الأخوات دول نعمة جميلة من ربنا.. كان نفسى أعيشها.. بس مكنليش فيها نصيب..
أجفل بصره وشعر بغصة داهمت حلقه، فابتلع ريقه وابتسم بخفوت ابتسامة لم تتعدى شفتيه: توترك اللى بيمنع الحمل..
ثم ضم كفيها بين راحتيه: لو مستعجلة والموضوع بالنسبة ليكى urgent(ملح) أوى كده ممكن نعمل عملية..
فزعت من أقتراحه، فانتفضت من مكانها: حقن لأ.. أنا بخاف من الحقن.. مش عوزة..
كان يعلم مسبقا خوفها من وخز الأبر الذى وصل الى حد الرهبة والفزع، فاستدرك الموقف سريعا.. فوقف خلفها مقبلا كتفها، ثم ضم ظهرها اليه مشددا على خصرها: بلاش حقن.. يبقى نبطل قلق وتفكير فى موضوع الحمل..
ثم قبل كتفها مرة أخرى: نهدى خالص ونظبط مواعيد مع دكتور..
التفتت بجسدها اليه ومازال ضاما خصرها بقبضتيه، فقبلت وجنته ثم توسدت صدره هامسة: بحبك..
وبثقة مازحها: مانا عارف، قولى حاجة جديدة..
ثم تركها ليتجه لذلك التسجيل فى طرف الغرفة وقد أودع به أحد الشرائط المسجلة.. ثم يذهب لتلك الباسمة فيجذب يدها فيضمها لصدره ليبدأ الرقص معها على أغنيته المفضلة كلمات..
--------
طفل فى ربيعه الخامس
طويل القامة مقارنة بأقرانه
نحيل الجسد بشكل مبالغ
ذو بشرة بيضاء كأمه
شعر أسود ناعم لا يتجاوز الخمس سنتيمتر
عينانه سوداوان لأبيه
صاحب عوينات دائرية باطار أسود رفيع
تحمل أسنانه تقويم معدنى
سريع الكلام
شقى.. شديد النشاط
يهوى الرياضة والألعاب
ويعشق المجلات المصورة.. عربية كانت أو أجنبية
--------
قطع غرفته الصغيرة ذهابا وايابا مرتديا منامته الصيفية القصيرة.. مشغول البال، يفكر فى حل مشكلته الحالية:
- Mummy and daddy (بابا وماما) دايماbusy (مشغولين)..
- Mummy (ماما) فى شركة new (جديدة)..
- Daddy (بابا) مع patients (المرضى)..
- لازم أعمل حاجة تخليهم happy (سعداء)..
- لازم أفرحهم بحاجة تشيل عنهم stress (الضغط والاجهاد)..
توقف عن حركته العشوائية بالغرفة، ليستند على مكتبه الصغير الملاصق للحائط ثم حك ذقنه لاستجماع شتات أفكاره الصغيرة برأسه:
- تعمل ايه دومة؟
- تعمل ايه يا دومة؟
ثم أشارة بأصبعه أمام وجهه لأعلى مهللا بصوت خفيض متعمد: I find it وجدتها..
التفت برأسه ليطالع ذلك الرف الخشبى أعلى مكتبه ونظر لتلك الأسطوانة المعدنية الصغيرة المعروفة لدى الأطفال باسم حصالة المصروف الشخصى فتجلل ثغره بابتسامة ظافرة: vacation (أجازة)..
--------
تصدح أيقونة الغناء العربى ماجدة الرومى بعذب صوتها الذى جعله مصطفى على أقصى درجة يمكن للتسجيل تشغيلها، فتجلت بالطابق العلوى متألقة..
يسمعنى حين يراقصنى
كلمات ليست كالكلمات
يأخذنى من تحت ذراعى
يراقصها بخفة شاب بالعشرين، بينما ضحكاتها دوت بجناحهما فى سعادة.. يضمها أكثر اليه، فيقطعان فراغ الغرفة شرقا وغربا..
يزرعنى فى احدى الغيمات
والمطر الأسود فى عينى
يتساقط زخات زخات
فراشة خفيفة بين يديه، يستمتع بضمها من خصرها اليه فيرفعها عن الأرض لتكن سابحة فى الهواء برشاقة متناغمة مع موسيقى الرومى.. فتطوق رقبته بذراعيها، فيما عانقت يمناه رقبتها بينما يسراه مازالت تتوسط خصرها بقوة..
يحملنى معه يحملنى
لمساء وردى الشرفات
دوت طرقات خفيفة مميزة على بابهما، فأذن مصطفى لطفله بالدخول.. ليحمله سريعا ويستمر بالرقص بينما تقف والدته تطالعهما بحب..
ليت العالم يختفى
فلا يبقى ولا يذر سوى ثلاثتنا
فلا تطلع عيناى على أحد سواكما
ولا تريا سواى
----------------------------

بسمه ااسيد 21-09-17 08:33 PM

**الحلقة25 : كيد بنت حوا ج1
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة25 : كيد بنت حوا ج1
هذه الجمعة ليست كأى جمعة، فقد قرر رب الأسرة قضاء اليوم بالخارج لكسر الروتين وتجديد النشاط.. ففريدة منذ شهور غارقة بالعمل، وهو تحت الاستدعاء فى العمل طوال الوقت.. وآدم يعى الموقف رغم صغر سنه فلم يتذمر أو يثير أى شكوى، بل على العكس تماما لاحظ الأبوان محاولات الصغير للاعتماد على نفسه فى ضرورياته التى تتولى أمه مهامها، وقد شجعاه على ذلك ليس هروبا من مسئولياتهما، ولكن من أجل تنشئة الصغير تنشئة سليمة خالية من الدلال الزائد التى قد تفسده لأنه وحيدهما..
وفى الركن الهادئ بالنادى الشهير عربيا تستمتع العائلة بتناول فطورها فى رحاب يوم صيفى كثير النسمات.. يعقبه مباراة حامية للتتنس بين الأب والأم، وبتشجيع الصغير لكليهما والتى انشغلا عن ممارستها الشهور الماضية بسبب أعباء العمل.. ثم أفترقا عند بدء صلاة الجمعة بحيث يرافق الصغير أباه الى المسجد وقد اتفقا على اللقاء بعدها مباشرة لتناول طعام الغداء فى مطعم النادى، ثم الذهاب بعدها للاستجمام عند حمام السباحة..
--------
تجلس فريدة بانتظار قدوم عائلتها على تلك المنضدة والتى تطل من وراء زجاجها اللامع على رقعة خضراء كبيرة ممتلئة بما هو محبب للعين من ألوان بديعة لزهور مختلفة الأنواع.. وعندما تأخرا كثيرا حدثت نفسها باستغراب ممزوج بالضيق:
- دول أتأخروا ليه؟
- مش المفروض متفقين نتقابل بعد الصلاة علطول..
- هتقلقونى عليكم ليه بس..
وبينما هى غارقة فى التفكير بقطبى حياتها يقاطعها تحية سيدة بفرنسية طليقة: bonsoir (مساء الخير)..
تنتبه فريدة لمحدثتها فتطالعها بنظرة متفحصة سريعة.. سيدة خمسينية أرستقراطية مهتمة بنضرتها ورشاقتها.. فتبتسم فريدة مجاملة: bonsoir (مساء الخير)..
السيدة: حضرتك مدام دكتور مصطفى الجوهرى؟
تومئ فريدة برأسها فى خفة مزينة شفتيها بابتسامة دبلوماسية، ومازالت مسددة نظرها على حدقتى السيدة فى محاولة حثيثة لسبر أغوارها: ) oui نعم)..
رفعت السيدة أحد حاجبيها باعجاب:vous parlez français (تتكلمى الفرنسية)..
أومأت فريدة برأسها ايجابا، فمدت السيدة يدها لتصافح فريدة: أنا مدام عفت الشربينى حرم المرحوم اللواء رأفت البلتاجى..
لتجيب فريدة سريعا ومازالت محافظة على ابتسامتها: enchanté (تشرفت بمعرفتك)..
ثم أشارت لها تدعوها للجلوس وقد تعمدت التحدث بالفرنسية كضيفتها:) veuillez vous asseoir تفضل بالجلوس)..
تجلس السيدة عفت على ذلك المقعد أمامها: merci beaucoup (شكرا جزيلا(..
وبعد أستقرارها على المقعد أفصحت عن سبب قدومها اليها: أكيد بتسألى عن سبب وجودى..
لتجيب فريدة: ) biensûr بالتأكيد)..
السيدة عفت: بنتى عايدة دكتورة فى مستشفى الجوهرى.. هى حديثة التخرج والحماسة وخداها لدرجة أنها نست البيت.. ممكن تساعدينى فى أنى أحافظ على وجودها معانا..
حاولت فريدة تذكر تلك الطبيبة ولكن لم تسعفها الذاكرة: je n'ai pas compris ce que vous avez dit (لم أفهم ماقلتى)..
السيدة عفت: يظهر من لكنتك أنك عيشتى فى فرنسا كتير..
ورغم أنها لا تعى حتى الآن الهدف من تلك المحادثة الا أنها جارتها فى الحديث فعلى ما يبدو هذه السيدة تبطن مالا تظهره: دادى الله يرحمه كان رجل أعمال وكنا عايشين فى أوروبا طول الوقت.. فى الغالب ما بين فرنسا وكندا..
رفعت أحد حاجبيها وابتسمت باعجاب مزيف: واو، وأكيد قابلتى د. مصطفى وأنتى فى أجازة هنا..
نفت فريدة: لأ.. الحقيقة دادى أتعرض لخسارة كبيرة فى البيزنس فجتله سكتة قلبية.. مصطفى كان متواجد فى المستشفى وقت وفاة دادى.. وقف جانبى، وحبينا بعض..
ألتمعت عينا السيدة مكرا: قدرتى تدخليه القفص الذهبى..
ثم أكملت بنبرة تدعى فيها الحزن: هو مع الأسف فضل سنين لوحده بعد حادثة مراته وبنته..
مازالت فريدة محافظة على ابتسامتها الدبلوماسية رغم اجتماع القمة المنعقد برأسها.. فهذه السيدة متتبعة لحياة مصطفى بشكل مريب، وتحاول اختلاق مبرر لحثها على البوح بتفاصيل حياتهما.. حسنا يبدو أن هناك لعبة جديدة على وشك خوض أول جولاتها.. وعند تلك الخاطرة ازدادت ابتسامة فريدة فهى دائما وأبدا ستظل الظافرة، فأدارت دفة الحديث ثانية: الله يرحمهم.. بس أيه علاقتى ببنتك؟
السيدة عفت: نفسى عايدة تقضى وقت أكبر فى البيت معايا، متجيش زى الزوار ساعتين وتمشى..
فريدة: طبيعى تقضى وقت طويل فى المستشفى، بس أوعدك أنى هساعدك..
--------
قدم مصطفى مصطحبا آدم حيث تنتظرهما فريدة، ليتفاجأ بوجود السيدة عفت والتى يعرفها بشكل سطحى خلال الفترة التى كان يتابع فيها الوضع الصحى لزوجها قبل وفاته، وكذلك وساطتها لأبنتها عنده لتعمل بمشفاه..
مصطفى بترحاب مادا يده لمصافحتها: أهلا وسهلا يا مدام عفت.. النادى منور بوجودك..
السيدة عفت: أهلا دكتور مصطفى،merci pour votre compliment (شكرا على مجاملتك)..
ثم نظرت لذلك الصغير المتشبث بقوة بيد أبيه: ده أبنكم؟
جلس مصطفى مجاورا لفريدة.. ولم يترك الصغير يده وقد تشبث أكثر بيد أبيه، فهو لا يختلط بالغرباء ويخشى التعامل معهم، وقد أستجاب الأب سريعا له فضم يده الصغيرة فى راحة يده بدفء ليبثه الطمأنينة: آدم.. أبننا الوحيد..
السيدة عفت وهى تطالع الصغير بابتسامة ودودة: ربنا يخلى..
ثم أعقبت وهى تهم بالنهوض: أستأذن أنا عشان أسيبكم على راحتكم..
أستوقفها مصطفى: لا ميصحش, حضرتك ضيفتى أنهاردة وهتتغدى معانا..
بينما فريدة تتابع لعبة السيدة بفتور فقد فقدت الحماسة.. حيث ظنت أنها ربما تكون متحاملة عليها، ولكن السيدة لم تخيب ظنها بالفعل عندما تفوهت بما تنتظره فريدة: je suis désolé (أنا أسف).. مش هقدر لأن عايدة منتظرانى نتغدى سوا..
أنتبه ثلاثتهم الآن لصوت رقيق قريب منهم: مامى..
تتسع ابتسامة فريدة عند رؤيتها لتلك الشابة المدعوة بعايدة والتى أوضحت معالم اللعبة.. فعايدة من طاقم الأطباء الجدد بالمشفى.. شابة فى الثانية والعشرين من عمرها.. جميلة.. رشيقة.. حسنة المظهر.. صاحبة أطلالة مميزة، تجعلها بحق منافس قوى لفريدة..
مصطفى: أهلا دكتورة عايدة.. أتفضلى معانا شاركينا الغدا..
ولم يمهلها فرصة للرفض حيث طلب من النادل احضار طعام مميز لهم..
--------
هبطت درجات السلم الرخامى بعد دقات منتصف الليل.. فهى تحتاج للاختلاء بنفسها الآن بعد خلود أسرتها للنوم.. فتحت باب غرفة مكتب زوجها وفى الظلام جلست على مقعده الجلدى الوثير بعد أن أشعلت اضاءة تلك الأباجورة الصغيرة ذات الضوء الأصفر الساكنة على طرف مكتبه الخشبى..
شاردة لوقت ليس بقليل، حتى قاطعتها نفسها متسائلة:
- قلقانة؟
- وهقلق من ايه!
- اللى حصل انهارده..
- عادى.. مجرد معركة تافهة نتيجتها محسومة..
- بلاش الثقة الزايدة دى.. الفشل بيكون أقرب فيها من النجاح..
- ثقتى مش فى نفسى.. ثقتى فى مصطفى..
سبح عقلها بماض تجبر نفسها على نسيانه طوال الوقت لتحيا بصورة طبيعية بكنف عائلتها الحبيبة:
- أنتى وثقتى مرة زمان, والنتيجة أنك مش بس فشلتى لا أنتى كنتى ضايعة وقتها لولا أن مصطفى لحقك..
- أنا دلوقتى ملكة, عرشى صعب يتهز..
- صعب لكن مش مستحيل.. ثقتك الزايدة معناها الفشل..
ثم خاطبت نفسها برجاء بين خوفا من تكرار تجربة لن تجلب الخراب عليها وحدها بل على عائلتها أيضا ان لم تتوخى الحرص والحذر:
- بلاش الغلطة تغلطيها مرتين.. لو كنتى فكرتى زمان ومتكلتيش على ثقتك كان زمان غلطات كتير محصلتش..
خلدت هى ونفسها للصمت برهبة لموازنة الموقف الراهن:
- تمام..
- من غير أذية يا فريدة..
- أيا كان الطريق اللى همشى فيه، يكفينى أن فيه مصلحتى.. الحرب ملهاش شرف.. وأنتى أتعلمتى الدرس ده زمان بالطريقة الصعبة..
- معنى كده أنك هتمشى فى سكة ...................
- بس بس، بطلى تسبقى الأحداث.. أى طريق بالنسبة ليا هيكون طريق شرعى عشان أحافظ فيه على بيتى..
- فريدة.............
- أسكتى خالص أنتى..
تلاحقت أنفاسها وهى تحاول السيطرة على أنفعالاتها:
- أنتى فاكرة أنك تقدرى تأنبينى على اللى ممكن أعمله.. مش ممكن أسمح لحد يأذينى تانى.. مش ههد حياة أبنى عشان وخزة ضمير منصفنيش زمان ونجدنى..
ثم تابعت بغضب ممزوج بسخرية وقد تشنجت عضلات وجهها وهى تصارع من أجل كبح جماح ذكريات الماضى:
- هم اللى أغبية لو فاكرنى هبلة هيضحك عليا.. بترسم الهانم أنها تخلينى أنا وبنتها أصحاب.. وطبعا ده كله عشان تدخل بيتى وتحتك بجوزى وتقرب منه، وفى النهاية تغافلنى وتعمل علاقة معاه..
لتنفى نفسها حدوث ذلك:
- مصطفى مش صغير عشان يقع فى شركها..
- وأنا ليه أخليه يحارب مكانى فى معركتى؟!
فتسألها نفسها مرة أخيرة تأكيدا على قرارها:
- يعنى هتدخلى game (اللعبة)؟
عادت البسمة على وجهها ثانية، ولكنها كانت بمثابة بسمة مقامر يثق بحظه:
- تقدرى تنكرى أنك حاسة بالمتعة؟
- بقالى كتير مشهدتش هزيمة حد قصادى..
ليبتسم ثغرها فى تحفز:
- والمرة دى غير.. البت والحرباية أمها..
- متعة مزدوجة يعنى..
- خلينا نسيب القطة تلعب ببكرة الخيط لحد متشنكل نفسها فيه، والحبل يلف حوالين رقبتها يخنقها..
- وساعتها براحتك لتقصى الحبل، ياتسبيه يخلص عليها..
لتزداد ابتسامتها اتساعا وهى تحاول كتمان ضحكاتها:
- مملكة فريدة منصور فى أوج أزدهارها..
- وعرشها ميقبلش تتويج حد تانى بدالها..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 24-09-17 07:51 AM

**الحلقة25 : كيد بنت حوا ج2
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة25 : كيد بنت حوا ج2
تجلس فى الظلام فى مساء اليوم التالى باستراحة الاطباء بمشفى الجوهرى على أحد المقاعد الجلدية الصغيرة تنتظر وصول عدوتها.. أجل عدوتها.. كل من يقترب من حدود مملكتها هو عدو يجب تصفيته..
لكل جرح دواؤه
ولكنى أعلم منذ أمد أن دائى ليس بقلبى
فأنا الباحثة عن دواء الروح
ودوائى ليس نسيان الماضى الجاثم على صدرى
وانما هى ارساء قوتى لبسط هيمنتى على كامل مملكتى
فى خضم المعركة أما الأنسحاب أو الأستمرار
الأستمرار يعنى الفوز أو الخسارة
أما الأنسحاب فهو خسارة الفرصة المتاحة
قاعدة واجبة التنفيذ
وأد الفتنة فى مهدها
أو ستكبر لتكن كالغاز تنتشر لتملأ الفراغ
رفعت أحد حاجبيها لأعلى فقد عقدت العزم على خوض تلك المعركة والفوز بها قبل أن تتيح لخصمها فرصة للهجوم أو حتى محاولة الدفاع..
فيما تدخل الطبيبة الشابة عايدة الأستراحة مرهقة من ضغط العمل، فتتجه للسرير الملاصق للحائط لتغفو عليه قليلا.. لم تنتبه بالطبع لفريدة الجالسة واضعة ساقا فوق أخرى قبالتها نظرا لغرق الغرفة بالظلام الدامس..
أنتظرت فريدة ثوان حتى شعرت بقرب أغفاء الفتاة، ثم صفقت بيدها عدة صفقات متتالية لتفزعها.. فزعت الفتاة لتنطق بخوف بين: بسم الله الرحمن الرحيم..
لتبدأ عندها فريدة الحديث بصوت هادئ أقرب للهمس، وهى تضغط على زر الأضاءة لتلك الأباجورة القابعة على المكتب المجاور لها: فريدة..
مازالت الفتاة على خوفها، لا تستطيع السيطرة على خلجاتها فلم تستوعب أن رفيقتها بالغرفة الآن هى فريدة، وبارتجافة فى صوتها تفوهت: أيه؟
وعلى الضوء الأصفر البسيط اتضحت معالم وجه فريدة بشكل باهت أمام عايدة.. تعمدت فريدة أن يصبح البرود دستورها فى تلك المحادثة التى تنوى أن تكون الأولى والأخيرة: عيب عليكى..
صمتت قليلا لتربك الفتاة وتشعرها بانكشاف خطتها.. عيب عليكى من الضلمة..
تنفست عايدة الصعداء ظنا منها أن فريدة تجهل نيتها، ولكن لم تمهلها فريدة الفرصة فسألتها بنبرة رخيمة تعمدت التفوه فيها ببطء لتضغط على كل حرف من كلماتها: ولا خايفة منى؟
اعتدلت عايدة من نومتها ثم تتجه لمفتاح أضاءة الغرفة، لتنطق بتلعثم عند سماعها كلمة فريدة الأخيرة لتجيب: أه.. لأ.. أقصد هخاف ليه؟ أنا بس بكره الضلمة..
أوقفتها كلمة فريدة عن ضغط قبس الكهرباء: سبيه مطفى.. أنا ماشية.. بس كنت حابة أقولك كلمتين..
عايدة وقد أستعادة توازنها والسيطرة على أنفعالاتها: خير؟
فريدة: هحكيلك حكاية..
عايدة بتعجب: نعم!
فريدة ببرود: أصبرى دى حدوته حلوة.. أبنى بيعشقها.. أصله فهم الدرس المستفاد منها.. أتمنى تقدرى تستوعبيه زيه..
تزفرعايدة بفراغ صبر: أتفضلى..
فريدة: كان ياما كان فار صغير مامته الفارة الكبيرة كانت نفخاه ع الفاضى.. ركبه الغرور، وافتكر نفسه قوى ويقدر ينافس الأسد على عرش الغابة..
زاد أرتباك عايدة، فيما أكملت فريدة بهدوء مستفز تعمدت فيه استخدام نبرة ساخرة: الفار وأمه مكنوش بس مغرورين، لأ كانوا كمان أغبية.. مش مقدرين حجمهم أيه، ولا عارفين الأسد قوته حدودها ايه ويقدر يعمل ايه.. راح الغبى يتحدى الأسد..
توقفت فريدة عن استكمال حديثها، وعندما طال الصمت أخترقته عايدة: كملى..
ضحكت فريدة كثيرا حتى أدمعت عيناها: أكمل ايه! الحدوتة خلصت.. الأسد بلع الفار وأمه..
ثم تابعت بتوعد: محدش حس بيهم، كأنهم متولدوش ولا عاشوا فى الغابة أصلا..
أستشعرت عايدة التهديد، ففريدة ليست خصما غافلا كما قالت أمها يسهل أخذ مكانها للاستمتاع بأمبراطوريتها.. زوج من صفوة المجتمع.. شهرة توارثتها عائلته لأجيال.. أموال لا تنتهى بفضل استثماراته الرابحة فى مشافيه المنتشرة بكل مكان.. حقا من تستطيع الفوز برجل مثله هى أمرأة غير عادية.. وفريدة أنثى مثالية..
ورغم أن كل المؤشرات تصب فى رجاحة كفة الميزان لصالح فريدة، الا أن تهور الشباب يجرى بعروق عايدة الأرستقراطية التى لم تشهد كبوات الزمن كفريدة فنطقت بتحدى وليتها ما نطقت وهى تضم ساعديها أمام صدرها: ده أسميه تهديد؟
لتقف فريدة وتتجه ناحيتها حتى تقف أمامها، ثم تميل على أذنها لتهمس: فريدة منصور متهددش.. فريدة منصور بتدى تحذير واحد..
صمتت برهة لتستأنف: وأخير..
ثم تفتح باب الغرفة لتخرج ثم تغلقه بخفة وتسير فى الرواق بخطوات رشيقة مدللة.. وفى الأتجاه المعاكس لمسيرتها تسير أحدى الممرضات صغيرات السن ناظرة أرضا حتى تقترب من فريدة فترفع رأسها متطلعة لعينى فريدة التى غمزت بطرف عينيها لها فيما هزت الفتاة رأسها بخفة ايماءة على الفهم وتابعت كلتاهما المسير كل فى اتجاهه..
--------
دخل مصطفى غرفة مكتبه بالمستشفى ليتفاجئ بوجود زوجته: فريدة! خير أنهاردة السبت مش معادك!
فريدة بدلال تجيده: أيه أمشى..
أقترب منها مصطفى فقبلها، وبينما هى تنهض عن مقعده أستوقفها ليستند على طرف المكتب جالسا: أنتى وآدم كويسين؟
جذبت كفه الى فمها فلثمتها بقبلة رقيقة: أحنا كويسين.. ممكن متقلقش علينا تانى؟
مصطفى وقد أطمأن قلبه: طب خير؟
فريدة: الوقت آن أتنقل بالشركة للمرحلة الثانية..
قطب مصطفى ما بين حاجبيه: بمعنى؟
فريدة بهدوء: هنافس فى السوق.. وبكده هبطل أسحب منك، ومع الوقت هرد اللى خدته من حسابات المستشفى.. وبعدها هتنقل للمرحلة التالتة أن أرباح الشركة تتوجه للمبانى الجديدة زى ما اتفقنا..
مصطفى: تمام.. كويس جدا.. بس الكلام ده مكنش يستنى لما أرجع البيت..
فريدة بابتسامة محرجة: أصل..
توقفت عن الكلام فحثها على الاستمرار: كملى.. عوزة ايه؟
فريدة: صعب أجى المستشفى الفترة دى.. فلو ممكن يعنى بعد أذنك طبعا أكلف حد من الأداريين يجبلى الورق على الشركة كل يوم أتابعه..
ثم سارعت لحثه على الموافقة: وكده المتابعة هتبقى أفضل لأنها يومية..
ضحك مصطفى بشدة فهى تفكر بكل شئ ولا تترك له فرصة للاعتراض.. حقيقة هى سيدة أعمال بارعة لا يخشى عليها من الفشل: وماله.. بس بدل مبعتلك موظف أنها هجيبلك الورق كل يوم تبصى عليه بعد العشا.. ايه رأيك؟
تركت مقعدها لتقبله قبلة طويلة على وجنته وهى تحتضنه بقوة: بحبك يا بابتى..
--------
يقف أدم بغرفته صباح الأحد بعد ارتداؤه لثياب المدرسة الرسمية يتمم على أغراضه بحقيبته الخاصة ثم يفتح درج مكتبه الصغير ليسحب وريقات صغيرة يدسها بأحد الجيوب الخفية بحقيبته..
ارتسمت السعادة على وجهه، فصار يتراقص فى تلك المساحة الكبيرة بين مكتبه وفراشه الصغير، وهو يدندن بعض الكلمات بلحنه الخاص:
دومة بطل خارق
دومة يتحدى المخاطر
دومة سباق ظافر
دومة
دومة
دومة
تدلف والدته للغرفة فجأة، فيسكن مكانه فورا، بينما تناظره باستغراب: بتعمل ايه يا دومة؟
فتح عينيه على آخرهما يهز رأسه يمينا ويسارا بحركات متتالية: Nothing Mummy (لا شئ أمى)..
لم تصدقه، فطالعته بريبة: Are you okay? (هل أنت بخير)..
فأجابها سريعا: Yes, I'm fine (كل شئ جيد)..
فريدة: أتفضل شيل شنطتك، بابى مستنينا ع الفطار..
بملل وفتور خاطب الصغير والدته: ممكن دادا تنزلى الشنطة؟
ألتفتت اليه بعد أن توقفت عن المسير: لأ طبعا.. لازم تعتمد على نفسك.. محدش هيشيل حاجة مسئوليتك.. دى شنطتك أنت مش شنطة دادا..
آدم برجاء: تقيلة يا مامى..
فريدة: أتعلم تشيل..
ثم عادت للسير بينما يتبعها الصغير حاملا حقيبته بتأفف.. وأثناء هبوطه ورائها للدرج صار يتمايل بحركات مضحكة حتى أوقفه صوت أمه: على فكرة أنا عارفة بتعمل ايه ورا ضهرى.. كده غلط..
تعجب آدم من أنكشاف أمره فأسرع بالاعتذار: Sorry Mum (آسف أمى)..
وصلا الى غرفة الطعام فقبل الصبى أباه الذى أحتضنه بقوة: دومة.. روح بابى.. آسف أنى متعشتش معاكم.. بس كان عندى شغل..
جلس الصبى على المقعد المجاور لأبيه: No problem dad (لا يوجد مشكلة أبى)..
وبمنتهى الفخر هتف بمرح: حضرتك بتنقذ حياة الناس.. أنا هكون دكتور كبير زيك لما أكبر..
ربت مصطفى على رأس الصغير فأفسد ترتيب خصلاته ممازحا اياه: يا بكاش.. عاوز تطلع دكتور لبابى، ولا رجل أعمال زى مامى؟
آدم مصححا لأبيه: No dad, mum is a business woman not a business man (لا يا أبى، أمى سيدة أعمال وليست رجل أعمال)..
ليضحك ثلاثتهم كثيرا.. ثم يجذب مصطفى لقمة صغيرة يطعمها لأبنه وهو يردد البسملة فيتبعه الصغير بالبسملة قبل الطعام.. ثم يكرر مع الأم ما فعل مع الصبى كما عودهم.. ليشرعوا جميعا بتناول الفطور سويا بعدها..
--------
مر يومان وقبل ظهيرة اليوم الثالث ورد فريدة بمكتبها بالشركة مكالمة هاتفية هامة تنتظرها مما يقرب من الساعة فابتسمت بظفر عند سماع صوت محدثتها من الطرف اللآخر..
- فريدة: آلو..
- الفتاة: كله تمام يا مدام فريدة.. أنا أبتديت النهاردة..
- فريدة: برافو عليكى.. هدية صغيرة برة الحساب هتوصل لمامتك فى خلال ساعة..
- الفتاة: شكرا يا هانم.. أحنا عايشين فى خيرك يا مدام..
- فريدة: كملى اللى اتفقنا عليه..
- الفتاة: تحت أمرك يا هانم..
عقب انتهاء المحادثة ، وضعت فريدة سماعة الهاتف وعلى ثغرها ابتسامة تهكمية.. لا يدور بعقلها سوى جملة وحيدة:
"لا أحد يخرج من الحرب بأيد نظيفة"
---------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

مملكة الغيوم 24-09-17 08:49 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله
اللعبه ابتدت تحلو بسمه كملى تسلم ايدك شكل سيدت الاعمال بتحرز النقاط لصالحها والشاطر اللى يضحك الاخر فى انتظارك مووووووووووووواه

بسمه ااسيد 26-09-17 07:39 PM

**الحلقة26 : عائلتى ج(1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة26 : عائلتى ج(1)
أتصال آخر أعقب أتصال الممرضة ولكن لم يكن يبشر بالخير، فقد أتصلت أدارة مدرسة آدم لاستدعائها.. ودون أنهاء الحديث الهاتفى أنطلقت راكضه لتصل الى صغيرها خشيت أن مكروها أصابه، غير عابئة بتجاوزها السرعة المسموحة لها لقيادة سيارتها أو المخالفات التى قيدت ضدها..
وبعد أقل من نصف ساعة وصلت للمدرسة فخطت خطواتها عدوا باتجاه مكتب مديرة المدرسة.. تطرق بابها بعصبية شديدة، ثم دلفت مسرعة عندما أذنت لها السيدة الوقورة..
المديرة: أهلا وسهلا مدام فريدة.. أتفضلى حضرتك..
فريدة برعب: أبنى فين؟ جراله ايه؟
حاولت المديرة تهدئتها، ولكن فريدة لم تعد تحتمل ذلك الفزع لتنطق بعصبية وهى تكاد لا تلتقط أنفاسها: أبنى فين؟
تضغط المديرة على زر الأستدعاء المجاور للهاتف المكتبى، فتدخل سكرتيرها الشابة.. فتوجه لها المديرة أمرا باصطحاب فريدة الى طفلها واحضار كوب عصير لتهدئتها..
تنطلق فريدة حيث طفلها، فتجده يجلس على كرسى المشاغبة كنوع من العقاب وحيدا فى أحد غرف الألعاب ترافقه أحد الأخصائيات النفسية.. بلهفة ضمته لحضنها وهى تتفحص كل جسده: حبيبى.. فيك ايه؟ أنت كويس؟
ينظر الصبى أرضا فى حزن ولا يجيبها، فتتحدث الأخصائية برقة لتهدئة الموقف: مدام فريدة.. آدم بخير.. حضرتك قلقانة ليه؟ من فضلك أهدى عشان الولد ميخافش..
حاولت فريدة السيطرة على أنفعالاتها، عندما أطمأنت على سلامة طفلها: ممكن أفهم سبب الأستدعاء؟
الأخصائية: أتفضلى معايا على غرفة المديرة..
--------
خرجت كلتاهما من الغرفة بعد أن أستدعت الأخصائية أحد زميلاتها لمرافقة الصغير، ثم أتجهتا الى المديرة التى تنتظرها.. وما ان دلفت فريدة الغرفة، حتى جلست دون مراعاة لأتيكيت المقابلات الرسمية فلم تنتظر دعوة المديرة لها للجلوس.. جلست واضعة ساقا فوق أخرى وبدأت هى الحديث بأسلوب جامد: ممكن أعرف أيه اللى بيحصل بالظبط هنا؟
أستشعرت المديرة عدائية فريدة التى لم تواجهها من قبل فى التعامل بينهما، فالتمست لها العذر.. آدم هو وحيد والديه, ترتبط به أمه أكثر من أرتباطه بها، وخوفها الشديد عليه يبرر فزعها عندما حادثتها هاتفيا.. ما عليها الآن سوى تهدئة روعها لامتصاص غضبها، حتى يمكنهما التحدث دون تدهور الأمر.. خاصة أن سبب الأستدعاء ليس بالأمر الكبير..
بعقلانية وابتسامة هادئة أجادت المديرة رسمها بود على وجهها: مدام فريدة ياريت تشربى العصير.. الموضوع صغير، لو كنتى أدتينى فرصة أوضحلك فى التليفون كنتى أطمنتى..
زفرت فريدة بهدوء لاخراج طاقتها السلبية عقب أن تناولت عدة رشفات من كوبها المثلج فأستعادت هدوئها: I'm so sorry (بعتذر بشدة).. كنت مرعوبة آدم يكون لا قدر الله حصله حاجة..
أبتسمت المديرة لتخاطبها بهدوء: أدارة المدرسة طبعا مقدرة خوفك وقلقك وده حق حضرتك..
فريدة بهدوء: خير.. آدم عمل أيه؟
المديرة: أستاذة لبنى هتتولى توضيح الموضوع لحضرتك..
نظرت فريدة للأخصائية التى تجلس على المقعد المقابل لها: كنا أتكلمنا فى وقت سابق عن حالة آدم..
قاطعتها فريدة: من فضلك أبنى مش حالة بتناقشيها..
أسرعت الأخصائية بازالة اللبس وادارة دفة الحديث لصالحها: أنا مقصدش أساءة طبعا..
أومأت فريدة رأسها فى تفهم، لتتابع: أقصد طبيعة آدم بتخليه دايما منعزل.. رافض تكوين صداقات.. بيخاف من أى أشخاص جديدة يقابلها.. بيخاف من شخص كبير أو طفل صغير, رجل أو سيدة..
تركت الأخصائية مساحة لتفكر فريدة بالأمر، والتى وجهت حديثها للمديرة: الموضع ده أتكلمنا فيه فى وقت سابق لما قدمتله فى المدرسة.. آدم وحيد.. وعيلتنا مقتصرة علينا أحنا التلاتة، وده السبب فى أنعزاله..
المديرة: طبعا طبعا.. خلال الفترة اللى فاتت ظهر تحسن طبعا الى حد كبير، وده شئ كويس وفى صالحه..
فريدة بحيرة: تمام.. فين المشكلة دلوقتى؟
المديرة: آدم معدل ذكاؤه يفوق اللى من سنه.. ده سبب أنه خلال السنة اللى قضاها معانا معندوش أصدقاء..
كانت فريدة تعى ذلك الأمر تماما، ولكن تحسن تعاملات آدم الأجتماعية كانت مرضية لها فى الوقت الراهن.. لم تقاطع فريدة السيدة حتى تدلى ما بدلوها، فيبدوا أن الحديث الى الآن ماهو سوى مقدمة لما تريد الأفصاح عنه..
الأخصائية: آدم معدتش بيشوف نفسه أذكى من زمايله وبس، الأمر وصل أنه فاكر أنه أذكى من مدرسيه..
ضحكت فريدة أستخفافا بتحليلها: حضرتك بتتكلمى عن طفل عنده 6 سنين.. ميفهمش معنى كلمة ذكاء أصلا..
المديرة بهدوء: هو فعلا ميستوعبش الكلمة، لكنه بيتصرف فعلا كده..
فريدة: أيه اللى حصل؟
الأخصائية: آدم ساب حصته بدون أستئذان his teacher (المعلمة).. دخل bathrooms (حمامات) وجمع بكر المناديل المستخدمة، وكسر الصندوق اللى بنحفظ فيه أدوات النظافة.. سبب فوضى كبيرة مع الأسف هناك..
لم تعلق فريدة على كل ما تفوهته به المديرة و الأخصائية، وعلى عكس المتوقع طلبت فريدة مقابلة طفلها أولا ثم العودة للتحدث معهما بعدها..
--------
أذنت لها المديرة، فاتجهت فريدة بهدوء حيث طفلها، طلبت الأختلاء به لمحادثته.. جثت على ركبتيها وأسندت يدها على طرف مقعده، ثم بأطراف أصابعها رفعت ذقنه لينظر لهت: دومة أنت غلطت؟
أومأ الطفل برأسه، فتابعت: خرجت من غير أذن من your class (فصلك)؟
أومأ الطفل برأسه ثانية، فسألته: ليه؟
أجاب الطفل بنبرة حزينة وكلمات متلاحقة: أنا كنت بشرحلها فكرتى.. هى مش فهمانى.. كل شوية تقولى أقعد أنت شقى.. مش عوزة تسمعنى.. كان نفسى أرسم على البكر بألوانى وأعمل مقلمة حلوة..
ثم بحماس تابع دون الفصل بين كلماته: لأ مش واحد، كنت أعمل مقلمات كتير وعلب حلوة لفرش السنان..
فريدة بحزم: الفكرة حلوة.. بس غلطت مرتين، مرة لما خرجت من فصلك بدون أستئذان، والتانية الفوضى اللى عملتها فى الحمامات..
ثم تابعت بهدوء: أنت أتعاقبت بكرسى المشاغبة، بس ده مش كافى.. عقابك أنك هتعتذر لمدرستك، وكمان هتدفع من حصالتك تمن الحاجة اللى باظت..
ببراءة أجابها: بس أنا حصالتى فاضية..
فريدة: يا سلام.. حصلتك متفتحتش من شهور..
ظل الطفل ناظرا أرضا، فاستشعرت الأم أمرا مريبا: آدم أنت عملت ايه من ورايا؟
جذب الصغير حقيبته المجاورة لكرسيه، وفتح أحد جيوبها الداخليه فأخرج ثلاث تذاكر قطار لأسوان وناولهم لأمه..
تفاجأت الأم بذلك: It's higher than your level, Adam. How did you do it? (آدم، هذا أعلى من قدراتك.. كيف فعلتها)..
آدم: طلبت من دادا تشتريهم من الفلوس اللى فى حصالتى..
فريدة: ليه معرفتنيش؟
آدم بابتسامة هادئة: حضرتك وبابا مشغولين فحبيت أعملكم مفاجأة حلوة فى عيد ميلادى..
ضمت الصغير لحضنها وهى تقبله بشدة، لقد أكرمها الله به كتعويض يماثل ما عانته سابقا.. لذلك هى دائمة الشكر للمولى على نعمه ومنحه التى لا تحصى..
--------
دلفت فريدة غرفة المديرة، وسريعا جلست على مقعدها بغرور: واضح أن teacher staff (هيئة التدريس) محتاجة تتغير..
بهدوء تساءلت المديرة: ليه حضرتك بتقولى كده؟
فريدة: لأن المدرسة مقالتش كل اللى حصل..
وقبل أن تتفوه المديرة بكلمة، أكملت فريدة حديثها: أولا/ أبنى عرض عليها فكرته.. وواضح أنها جديدة على فصله معرفتش تفهم كلامه فطنشته..
المديرة باستغراب: مدام فريدة.......
قاطعتها فريدة: ثانيا/ أزاى متنتبهش أن أبنى ساب فصله، واختفى؟
ثم تابعت: ثالثا/ أزاى ميكونش فى حد من الدادات قريب من الحمامات؟ لو حاجة وقعت على ابنى ازاز أو غيره كانت هتحصل كارثة..
رفعت فريدة أحد حاجبيها: دكتور مصطفى الجوهرى، زوجى بيدفع تبرعات خيالية للمدرسة عشان تتعاملوا مع آدم بحرص شديد من ناحية تتنمى مواهبه وعبقريته ومن ناحية تانية تنمية سلوكه الأجتماعى.. وأنتم أثبتوا أنهاردة فشلكم..
صمتت الأخصائية تماما، فقد أنقلب الأمر الى اتهام مباشر بالاهمال والتقصير بل الاضرار بمصلحة الأطفال.. حاولت المديرة الخروج من المأزق، ولكن فريدة لم تترك لها مساحة للفرار: ولما أدراة المدرسة تعرف ده كله ومتحققش فى الموضوع بشكل دقيق، تبقى أدارة فاشلة ولازم تتشال.. وأظنكم عارفين أنا أقدر أعمل أيه..
---------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 29-09-17 01:41 AM

**الحلقة26 : عائلتى ج(2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة26 : عائلتى ج(2)
أصطحبت فريدة طفلها قبل أنتهاء اليوم الدراسى، وما ان وصلا الى المنزل حتى صعد الصغير غرفته لابدال ملابسه والراحة حتى موعد الغذاء..
توجهت فريدة الى أحد مقاعد الصالون لتستريح قليلا حتى يتسنى لها التفكير فى خطوتها القادمة.. وما هى الا لحظات حتى وجدت مصطفى يدخل الصالون على عجل، فقبل وجنتيها وجلس على المقعد المجاور لها: فى أيه يا فيرى اللى حصل فى المدرسة؟ أنتى فعلا هددتى أنك هتمشى المديرة؟
أومأت فريدة برأسها ايجابا: طقم الأدارة كله..
فتابع ضاحكا: ده تهديد كبير شوية..
فريدة بملل: ولا كبير ولا حاجة.. ايميل ابعته للادارة المركزية فى لندن بالمشكلة هيخليهم يغيروا طقم الأدارة كامل، ومتنساش تبرعاتك وعلاقاتك ليهم وزنهم..
حاول مصطفى اثنائها عن عزمها: كفاية عليهم التهديد، غلطة تانية نفذى اللى أنتى عوزاه..
فريدة بلين: أنت شايف كده؟
مصطفى: معندناش وقت نضيعه فى متابعة الموضوع يا فيرى..
فريدة بحدة: غلطتهم كانت ممكن تزيد لولا ستر ربنا..
مصطفى: دى أول أدارة مصرية بعد الفريق الأنجليزى مسافر.. غلطة زى دى هترجعهم تانى..
أستغربت فريدة وجهة نظره: يعنى عشان تحيزك لجنسيتك تتغاضى عن الغلط؟
تدارك مصطفى الموقف: لأ طبعا.. أنتى فهمتينى غلط.. أقصد نديهم فرصة كمان..
زفرت فريدة بضيق: أنت شايف كده؟
أومأ برأسه ايجابا، فنظرت له مؤيدة: حاضر..
جذب مصطفى رأسها اليه مقبلا له: حبيبى يا ناس مطيع وهادى..
ترك رأسها فأراحته على المقعد، فاستشعر أنها على غير مايرام: مالك يا حبيبى؟ مش معقولة ده بس السبب؟
التمعت عيناها فهى بالفعل أصبحت تتحمل الكثير.. مسئولية عائلتها وضغوط العمل بالاضافة لتلك الخبيثة عايدة.. ويبدو أنها لحظتها المثالية لاستعادة رباطة جأشها بدفعة ثقة مغلفة بكثير من العاطفة الايجابية من زوجها وأبيها الحبيب: I am not okay, can you love me more? ( لست بخير، أنا بحاجة لدعمك العاطفى)..
--------
جذبها من يدها ليصعدا سويا باتجاه غرفتهما حتى دلفاها، فأجلسها على مقعد زينتها لتناظر أنعكاسها بالمرآة.. كانت مطرقة الرأس، فرفع ذقنها بأطراف أنامله.. رأته ينظر لها من خلال المرآة بحدة لم تكن تتوقعها، ليقطع أسترسال أفكارها بأشارة أصبعه على أنعكاسها: مين دى؟
لتجيبه فى بلاهة: أنا..
ضغط على فكها بلطف ليثير أنتباهها: مين دى؟
لتجيبه فى حيرة: أنا..
ترك فكها ليضغط برفق على كتفها فتلتفت له وهو يحادثها بهدوء: أى حد يقدر يقول أنا..
ثم تابع برزانة وثقة: بس مش أى حد يقدر يكون فريدة منصور..
نظرت مرة أخرى لنفسها بالمرآة لتطالع وجهها، أو بالأحرى تطالع شبح فتاة طردتها لتحيا، بينما نظر لعينيها بقوة يحثها على تذكر هويتها التى بنياها سويا..
هى بالفعل نقيض ماضيها
هى القوة
هى الثقة
هى أبنة مصطفى الجوهرى
الذى شكل خامتها اللينة الضعيفة
ليجعل منها معدنا قاسيا
يتحمل أقصى قدر من الأحمال دون أنهيار
لم تعد تلك المرتجفة المترددة
هى فريدة منصور
تحدى يثبت به لنفسه أنه قادر على أنقاذ من يحب
فقط ان طلب منه مد يد العون
ضغط بقوة على كتفيها، فتأوهت ألما: أنتى مين؟
سحبت كفيه لتقف مواجهة له وهى تطالعه بقوة: أنا فريدة منصور..
أحتضنها بقوة ليمنحها الأمان والحب اللذان تحتاجهما الآن، فتهمس ببطء:
- انت الوحيد اللى شايف حقيقتى..
- مهمكش تعرف انبارح..
- كل همك انى اقف على رجلى..
- هدفك انهاردة وبكرة..
فيهمس لها بدوره وقد زاد من قوة ضمها لصدره:
- الحياة يا فريدة دايما بتدينا فرصة تانية..
- الفرصة دى هى الأمل فى بكرة..
- أنتى محتجانى زى ما أنا محتاجك..
--------
قضى مصطفى ذلك اليوم بصحبة أسرته مما أثر بشكل ايجابى على الحالة النفسية لآدم.. وقد قام كلا من مصطفى و فريدة بالتعاون مع آدم لتنفيذ فكرته التى أراد تنفيذها صباحا بالمدرسة.. وكثيرا ما كان يقع الخلاف بين الصغير وأمه بسبب الألوان.. فآدم عشوائى لا يحب تناسق الألوان، عكس والدته صاحبة الذوق الفنى الراقى.. وقد أضطر مصطفى للفصل بين الطرفين لفض الأشتباكات..
وقد أتفق الجميع على أن يأخذ الصغير أعماله الفنية معه غدا الى المدرسة ليقوم بشرح فكرته عمليا لزملائه ومدرسيه، على أن يعتذر من جديد على أخطائه أمام زملائه حتى لا يقلده طالب آخر..
--------
أسند مصطفى ظهره الى السرير ولبس نظارته الطبية ليطالع أحد الكتب كما هى عادته قبل الاستغراق فى النوم.. وبعد قليل دخلت فريدة الغرفة وبيدها عصير البرتقال.. فرفع نظره اليها مبتسما: آدم نام خلاص؟
أقتربت منه زوجته الجميلة وعلى ثغرها ابتسامة مشرقة: أيوة يا حبيبى.. أخيرا نام.. اليوم كان مرهق لنفسيته جدا..
أعطته العصير وخلعت روبها الأزرق الطويل ليظهر من تحته قميص نومها الشيفون القصير والذى كان من نفس لون الروب.. القته على ظهر كرسى التسريحة جوارها.. ووضعت أحد عطورها الفرنسية المفضلة لزوجها, وأعادت ضبط أحمر شفاهها ذو اللون الصارخ والذى امتزج مع بياض بشرتها وعيناها العسليتان ليعطى لوحة مثالية لامرأة فاتنة..
أنهى مصطفى عصيره ووضعه على الكومود جواره وهو ينظر لها بعيون عاشقة.. أغلق الكتاب ووضعه الى جواره عندما اقتربت منه بدلال..
أمسك يمناها وقرب أصابعها منه ليلثم يدها بقبلة رقيقة زادت من ابتسامتها ووردت خديها بحمرة.. فاقتربت من الفراش, وقفزت خلفه برشاقة وأحاطت رقبته بذراعيها وهى تهمس بالقرب من أذنه: عندى طلب من فضلك متكسفنيش يا روحى..
رفع يدها مرة اخرى ليقبلها: أنتى تؤمرى يا عيون مصطفى..
استندت بذقنها على كتفه: ممكن نقضى عيد ميلاد دومة فى الاقصر وأسوان..
صمت مصطفى، فأكملت: أنا واثقة أنك كنت هتفاجئنا بحفلة كبيرة يومها، بس أنا نفسى نقضيه احنا ال3 بس من غير عذول
مصطفى: أنا عارف انك مبتحبيش الاختلاط والتجمعات.. عشان كده بوظتيلى المفاجأة من بدرى..
ضحكت زوجته: مش أنا اللى بوظتها المرة دى..
أدار وجهه ليطالعها باستغراب: أمال مين أن شاء الله؟
فريدة: دومة..
قطب مصطفى ما بين حاجبيه: أزاى يعنى دومة؟
قبلت وجنته وهمست بأذنه: دومة أشترى تذاكر قطار لينا أحنا الثلاثة بتاريخ اليوم السابق لعيد ميلاده..
ابتسم مصطفى: دمة برده اللى عمل كده ولا مامت دومة؟
سردت فريدة لزوجها كيف أكتشفت تلك المفاجأة، كما وضحت كيف رتب طفلها للأمر فى الخفاء بمعاونة مربيته.. سعد مصطفى بصغيره، وحمد الله كثيرا على النعمة التى منحها له الله بعد سنوات عجاف قضاها وحيدا بلا أمل فى لم الشتات مع من تبقى من عائلته.. الآن لديه أسرة أغنته عن معارك كان دائما الطرف المنهزم فيها..
قاطعت شروده زوجته عندما استدارت برشاقة لتكن قبالته: لحقتك قبل متعمل حاجة.. بس بجد الرحلة دى هتفرحنى انا ودومة اوى.. انت مبتاخدش اجازات ووحشتنا اوى.. خصوصا أن ظروفنا الفترة دى متلخبطة ومعدناش بنلتزم بمواعيد أكلنا سوا..
قبلته من خده: عشان خاطرى وافق يلا عشان خاطرى..
مصطفى: ولو أنه صعب انى اسيب المستشفى واخد اجازة بس مقدرش ارفضلك طلب انتى او دومة..
بفرحة الاطفال: بجد متشكرة أوى أوى أوى.. أنا بحبك خالص يا بابتى..
ألقت نفسها بأحضانه، فرفع وجهها بأطراف أنامله ليقبلها من شفتيها: وانا بموت فيكى يا حبيبتى.. بس فى حاجة عاوز أطلبها منك..
حركت اصبعها على كلتا عينيها مبتسمة: من عنيا.. أأمر تطاع..
مصطفى بجدية: أنا قررت أفتح مصنع أدوية..
صاحت فريدة بذهول: What! (ماذا)..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 02-10-17 01:21 PM

**الحلقة27 : مصنع الأدوية
 
**الحلقة27 : مصنع الأدوية
مرت عشرة أيام مليئة بروتين العمل لمصطفى وفريدة.. لم يتحدث كلاهما عن مشروع مصطفى الجديد، والذى رفضته فريدة بشكل مبدئى.. وقد قرر مصطفى أقناعها خلال رحلتهم لأسوان.. فهو وقت مناسب ستكون فيه متفتحة العقل، بعيدة عن ضغوطات العمل المستمرة والتزماتها العائلية.. كما أنه الآن مشغول بكثير من الجراحات غير المعتادة، بالأضافة الى تقديمه مواعيد كثير من العمليات لينعم بأجازة لمدة أسبوع يصطحب فيها عائلته الى أسوان..
بينما فريدة هى الأخرى منشغلة بأمر صفقاتها الجديدة التى بدأت تظهر أسمها فى السوق كمبتدئة فى هذا المجال.. وعلى صعيد آخر تحاول توفير وقت أكبر لطفلها.. كما لم تنسى متابعة تلك الحمقاء التى تظن نفسها قد ترقى لتكون غريمتها.. هى فعلا حمقاء تنهج منهج الشباب المتهور، فهى تكاد تلازم مصطفى بحجة شغفها للتعلم.. ولا تخلو صحبتهما من كثير من المدح بعلم مصطفى والتغزل المباشر فى مهاراته.. كل خطوة تخطوها تلك الفتاة فريدة على علم بها من عينها بداخل المشفى "الممرضة الشابة".. وما أثار حفيظة فريدة أن زوجها لم يحادثها ولو سهوا عن عايدة.. فمما يبدو أنه لم ينتبه لنيتها، أو أنه بالفعل منتبه ولا يعنيه أمرها، أو ربما أعجبه تصرفاتها معه.. طردت الأحتمال الأخير لثقتها بنضج زوجها، وبقى لديها الأحتمالان الأخران واللذان لم تحسم الجدال بينهما..
--------
وصلا ليلا بعد سفر بالقطار أستغرق ساعات طويلة الى ذلك الفندق الصغير بأسوان.. ذلك الفندق الذى يمتاز بعراقته وعمره الطويل، فأجواؤه كما البيوت الأسوانية بسيطة مريحة مما جعلته ملجأ للسائحين الذين يرغبون بالمعيشة الأسوانية، فاكتسب شهرته على مر السنين..
وقع أختيار مصطفى على ذلك الفندق لمعرفته السابقة به، فقد كان قديما يقضى أوقاتا شتوية جميلة خلال أجازاته السنوية من جامعته بلندن بصحبة عائلة أبيه الراحلة أيام جده سليم باشا الجوهرى..
كان ثلاثتهم يعانون من أرهاق السفر فبمجرد وصولهم للفندق صعد ثلاثتهم لذلك الجناح الذى هو عبارة عن غرفتين صغيرتين متصلتين بباب داخلى.. أحتل آدم الغرفة ذات المساحة الأصغر وقد نام الصغير بثيابه ولم تستطع والدته أبدالها، فدثرته بفراشه ولحقت بزوجها فى الغرفة الأخرى.. لتنعم الأسرة بجرعة نوم طويلة لبدء رحلتهم باليوم التالى بين أحضان أسوان الساحرة..
--------
أربعة أيام فى الجنة
أسوان حلم جميل
أمتزجت فيها الألوان لصنع لوحة فنية مبهرة
نغمات موسيقى منسدلة من هنا وهناك
أختلطت رغم أختلافاتها فصنعت سيمفونية فنان
بين ماضى وحاضر
أصبحت جسرا لتاريخ أمتد لألاف الأعوام
هنا ترى معابد أبوسمبل وكوم أمبو
تتجسد على ضفاف النيل عراقة حضارتنا الفرعونية
بمعبدى أبوسمبل ونفارتارى
لتلتفت فتجد حائط صد بمثابة أضخم أمجاد الحاضر
سدنا العالى حامى مياهنا الغالى
ساعات تلتها ساعات
تجوال بين جنبات جزيرة النباتات وحديقة أميرتنا فريال
لتختم بليلة بصحبة أهلنا بالنوبة
حيث مالذ وطاب من طعام بوصفات الأجداد
وفلكلور نوبى يؤثر قلب وروح كل مشتاق للجمال
--------
أنها الليلة الأخيرة بأسوان تقضيها العائلة بأحد بيوت النوبة البسيطة.. خلد الصغير للنوم سريعا، تشوقا ليوم غد حيث قبلة رحلتهم الجديدة، طيبة الجميلة أسيرة الشمس صاحبة اللقب الخالد مدينة الشمس..
مصطفى يطالع السماء تلك الليلة من شرفة غرفته الصغيرة عندما دلفت زوجته تتهادى بقميص نومها الستانى الأحمر بدلال.. نجمة من السما هبطت لتكون بضوئها ملكه.. لا يطالع جمال الجسد فقط بل بالأحرى ينفذ الى ضياء روحها التى أشعت بجلال فى حياته.. فطالعها بنظرات عاشق متيم أسر عينيها، فأخفضت رأسها حياء.. فاقترب منها، ثم ألتف حولها ليقف خلفها.. ضمها من خصرها فالتصق ظهرها بصدره، ليشتم عبيرها الأخاذ فيستمتع بذلك العطر الفرنسى الذى يحب تسميته بأسمها بدلا من أسم ماركته الشهيرة:
- أنتى ميلقش عليكى غير خمس حروف بس..
- فريدة..
- أميرة..
- جميلة..
- وأخرهم (جذب مصطفى يدها برقة وقربها من فمه ليطبع على أناملها قبلة رقيقة) حبيبة..
لمعت عيناها، وانفرجت شفتاها عن ابتسامة أشرقت لها وجهها.. لقد منحها زوجها السعادة التى تجعله بحق زوج صالح.. فالتفتت بوجهها ناحيته تطالع عيناه، ثم همست بهيام:
- طب أرد عليك بأيه؟
- لسانى بيعجز أدامك يا مصطفى..
- بحبك..
قبل شفتيها بنعومة عدة قبلات متتالية فسحبها لعالمه الخاص، لتفيق على كلماته الهادئة: بيتهيألى نقدر نكمل كلامنا دلوقتى..
سحبها من يدها ليجلسا على فراشهما.. هو لا يكل ولا يمل حتى ينفذ غايته.. لا يجبرها على شئ, ولكنه يستطيع أسر طاعتها بمهارة يحسد عليها.. هى طفلة بين يديه، تعاند كثيرا وتعترض أكثر، ولكنها تستسلم فى النهاية لرؤيته الشمولية..
وقد فطنت هى تماما لما سيحادثها بشأنه.. يستطيع أبهارها بقناعاته.. تنظر له بأعجاب طفلة بأبيها.. تريده يحدثها واصلا ليلا بنهار بلا ملل ولا كلل.. كثيرا ما تعانده، لتستمتع بوقت أكبر بصحبته.. تبهر بحججه وفلسفته، فتتمادى فى الرفض لتنهل من خبرته.. وهى تعلم أن فى النهاية ستستسلم لأرادته..
أدعت فريدة التذمر وابتسامة انفرجت لها شفتيها عن آخرهما.. فضحكت عيناها العسليتان، ليضوى اطارهما الزيتونى بسهام أخترقت عيناه السوداوان لتشتعل طبول مهرجان بهما معلنة عن بدء ليلة مليئة بالمشاكسات ومنتهية بكثير من الرومانسية: لأ.. أحنا متفقناش على كده.. دى أجازة مفيش شغل..
جذب فكيها برفق بأطراف أنامله: بطلى شغب شوية.. أنا سبتك كتير براحتك عشان لما نتكلم نوصل لقرار أخير..
أبعدت وجهها عن يده بعناد: أنا مش موافقة يا مصطفى.. المشروع ده خسران خسران..
مصطفى بهدوء: ممكن أعرف ليه خسران؟
فريدة ببساطه: لأن ببساطة ده مش تخصصك ولا تخصصى.. أزاى هنعمل مصنع أدوية وأحنا مش أهل للمشروع؟
مصطفى: بسيطة هيبقى تحت أيدك فريق متخصص قانونى وأدارى وصيدلى..
فريدة: لما نشتغل فى حاجة مش بتاعتنا يبقى ده أول خطوات الفشل.. أولا معندكش سيولة تكفى لبنا مصنع وشراء ماكينات وأجهزة.. غير أن ده كله هيخضع لوزارة الصحة.. وهندخل فى دوامات تمتد لسنين فى حالة أننا أصلا قدرنا نبنيه..
مصطفى: متشغليش بالك بالفلوس.. كل الأرصدة اللى فى البنوك تحت أمرك، وشركتك هتوصل لأفضل عروض توريدات المكن والأجهزة وده هيوفر جامد..
قاطعته فريدة: وليه اللفة دى كلها.. يا سيدى نبنى مستشفيات جديدة فى محافظات الصعيد مثلا.. المشروع ناجح جدا، ومربح للغاية.. والأهم هنقدر عليه مش جاهلين بيه..
مصطفى: أنتى عارفة البلد بتتكلف أد أيه كل سنة فى أستيراد أدوية؟ طب عارفة كمية الأدوية اللى كتير بتشح فى السوق عشان تغلى ولا تحتكر؟
قاطعته من جديد: أعذرنى أنا مش موفقاك.. مش معنى أن فى مشاكل فى سوق الأدوية هنا أننا ندخل فى مشروع فوق أمكانياتنا ومنعرفش فيه حاجة..
مصطفى بغموض: لأ نعرف..
تعجبت فريدة: هنعرف أزاى بس؟
مصطفى بغموض أكثر: بعدين يا فريدة هعرفك كل حاجة..
فريدة بتذمر: يا مصطفى أصلا مش هعرف أخطى فيه خطوة واحدة..
مصطفى: كل اللى مطلوب منك دراسة جدوى تفصيلية فى أقرب وقت..
أزدادت تعابير وجهها تبرما، ولم يعيرها أهتماما حتى لا تتمادى: بعدها هتشوفى حتة أرض مناسبة لبنا المصنع، وترتبى موضوع شرا المعدات..
فريدة: كده مش هنخلص ولا بعد كام سنة، أنت عارف كم التصاريح والأوراق القانونية أد أيه، غير البنا طبعا؟
مصطفى: كويس أنك جبتى السيرة..
طالعته بتعجب، بينما أكمل هو حديثه: محدش يدرى بالموضوع نهائى.. مفيش ورقة هتتكتب فيها كلمة مصنع أدوية.. هتشترى حتت أرض عادى وتبنيها بسرعة والمعدات هتتعاقدى عليها، ولما كل حاجة تبقى جاهزة عندى اللى هيخلصوا الورق فى لمح البصر..
فريدة بتعجب: ليه ده كله؟ ليه مصمم أوى كده؟
يهمس مصطفى بحزن: عاوز ألم عيلتى حواليا..
ألقت بنفسها بين أحضانه: يا حبيبى أنا وآدم معاك علطول.. ومحناش محتاجين تدور على مشاريع تأمن حياتنا..
ربت على رأسها بحنو: فريدة عاوز كل الورق يتكتب بأسمى..
أستغربت فريدة كلماته، فلأول مرة يصنع فرق بينهما.. هى لم تطلب منه شئ يوما، بل هو المعطاء بسخاء.. ضايقها ذلك ولكنها أجادت المحافظة على تعابير وجهها: حاضر..
ثم أستأنفت حديثها لتنهى الحوار فى ذلك الأمر: طب فى مفاجآت تانية ولا كده خلاص؟
مصطفى: هنغرق مصر بسلسلة صيدليات..
فريدة: جهة توزيع يعنى للأدوية.. فكرة ممتازة طبعا..
ثم أعقبت: بس ممكن نتفق مع صيدليات موجودة بالفعل..
مصطفى: عاوز الصيدليات تبقى كلها تحت أسم صيدليات الحياة..
فريدة: زى الشركة؟
أومأ برأسه مؤيدا لما توصلت له، فتابعت: الفلوس تحل كل حاجة.. وكده هنوفر كتير.. أسم الحياة هيكون على كل لسان فى مصر..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 05-10-17 12:21 AM

**الحلقة28 : مذبحة القلعة 2002
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة28 : مذبحة القلعة 2002
وصلت عائلة مصطفى الأقصر فى الصباح الباكر لليوم التالى، فتناولوا الأفطار بمطعم ذلك الفندق الشهير الذى وقع أختيار مصطفى عليه.. ولم يرغب الصغير فى نيل أستراحة، فقد كان متطلعا لزيارة المعالم السياحية التى أخبرته أمه عنها طوال الطريق من أسوان للأقصر لتقصى على الملل المتسرب لصغيرها.. وبالفعل قضوا اليوم بين أحضان معبد الكرنك وما حوله، وقد عادوا عندما تملك التعب والأرهاق منهم فخلدوا للنوم مباشرة..
عند العاشرة والنصف ليلا دق هاتف غرفة مصطفى، فتململت فريدة بضيق: يوووو.. ده وقت حد يتصل فيه..
ثم جذبت الوسادة فوق رأسها لتمنع عنها صوت الرنين، بينما رفع مصطفى السماعة ليجيب من وسط نعاسه: ألو.. مين؟
أنتفض مصطفى من نومته فزعا عند سماع محدثه من الطرف الأخر: طيب أنا راجع حالا.. أتصرف على ماجى..
ثم أغلق الهاتف دون سماع رد محدثه..
أعتدلت فريدة، فسألته بقلق عندما طالعت ملامحه الجامدة الناظرة للفراغ: خير يا مصطفى..
مصطفى بسكون يسبق العاصفة: قومى أجهزوا، هنرجع حالا..
أستغربت فريدة قراره: ليه؟
فصاح مصطفى بها لأول مرة منذ دخولها لحياته: بقولك قومى.. يلا..
أرتجفت فريدة على أثر صراخه بها، هى لم تعد حمقاء كالماضى فتواجه شخص غاضب.. الفرار هو الحل الأمثل الذى سيضمن لها النجاة دون خسائر قد تتسبب فى أذيتها.. فأسرعت مهرولة لذلك الدولاب تسحب فستانا بسيطا ترتديه.. وعلى عجالة هرولت لحجرة طفلها توقظه رغم تذمره.. وقد حمدت الله كثيرا أنها لم تجد متسعا من الوقت قبل نومها لأفراغ الحقائب، والا لكانت تأخرت فنالت صدمة أخرى من عصبية مصطفى التى تشهدها لأول مرة..
ألتقط مصطفى سماعة الهاتف ليتصل باستقبال الفندق: ألو.. أنا مصطفى الجوهرى.. حضرلى عربية تنزلنا القاهرة فى خلال 10 دقايق.. بأى تكلفة.. المهم العربية تكون حالتها كويسة..
طوال الطريق حافظت فريدة على صمتها، واستطاعت السيطرة على طفلها حتى لا يزعج أباه الجالس بجوار السائق فى سابقة تعد الأولى من نوعها.. كان مصطفى متجهم الوجه صامت تماما، يبدو أن بعقله مئات الأحاديث والحسابات المطولة.. وصلوا القاهرة ولكن بدلا من الذهاب للفيلا اتجهوا الى المشفى..
وبمجرد وصول السيارة الى البوابة هبط مصطفى سريعا فأمر الأمن بمحاسبة السائق بسخاء.. بينما أمر بتوفير أحد سيارات المشفى لتوصيل زوجته وطفله الى المنزل.. ودون توديعهم أتجه مصطفى مهرولا لداخل المشفى وسط نظرات فريدة الساخطة..
--------
بعد ساعات يذرع رجل ذو هيبة الطرقة أمام غرفة العمليات ذهابا وأيابا فى توتر.. يدخن سيجاره الضخم بغضب وكأنه يصارعه.. يرتدى بذلة فخمة، ولكنها أصبحت غير مهندمة من أثر الأتربة العالقة بها، فلطخت سوادها.. بالأضافة لتلك البقع الحمراء بياقة قميصه ذو اللون الأبيض سابقا..
يخرج مصطفى من غرفة العمليات ومازال واضعا الكمامة على فمه، فيصيح بذلك الرجل عند رؤيته: أطفى الزفت ده يا عم رشدى.. دى منطقة عمليات..
على عجالة رمى سيجاره أرضا ليدهسها بكعب حذائه الكلاسيكى ذو الماركة المعروفة، بينما مصطفى يتابعه بطرف عينه فى غضب، فى حين أشار لأحدى الممرضات بالتصرف لتنظيف المكان.. بينما يخرج السرير المتحرك بالمريض متجها لغرفته فى نفس الدور..
أقترب رشدى من مصطفى ليسأله: طمنى..
كلمة واحدة تحمل أملا كبيرا له، بينما تحمل عبء كاملا على مصطفى.. فيجيب مصطفى مضطرا: مقدرش أقول حاجة دلوقتى.. لو عدى 48 ساعة الجايين على خير، ممكن نقول أن فيه أمل..
أومأ رشدى برأسه متفهما: ومنال؟
مصطفى بجدية: مع الأسف مش هتقدر تمشى تانى..
أخذ رشدى نفسا طويلا، ثم زفره ببطء وهو يضغط على شفته السفلية بأسنانه محاولا السيطرة على نفسه.. بينما أراد مصطفى تأدية واجب العزاء: البقاء لله..
فرد رشدى بقوة وشموخ: لا يا ابن سالم احنا صعايدة مبنخدش عزا الا لما ناخد التار..
ثم تركه وذهب لأقرب كرسى ليجلس عليه، بينما أضطر مصطفى للمغادرة لمتابعة حالة مرضاه..
--------
تترجل عن سيارتها بسرعة وتوتر أمام المدخل الرئيسى لمستشفى الجوهرى عشرينية صاحبة قوام رشيق، ترتدى قميص أبيض وبنطلون أسود وحذاء رياضى, تجمع خصلاتها السوداء القصيرة برباط شعر أسود وتخفى وجهها خلف نظارة شمسية داكنه..
حاولت الدخول ولكن منعها الأمن، بسبب أوامر دكتور مصطفى صاحب المشفى بعدم السماح لأى فرد الدخول أو الخروج هذه الفترة.. غضبت فأثارت فوضى، فأضطر فرد الأمن صاغرا الأتصال بالدكتور مصطفى الذى صاح بشدة بسبب مقاطعته عن عمله ولكنه أستكان قليلا عندما علم بهويتها، فأمر بدخولها سريعا..
ما أن دلفت للساحة الداخلية للمشفى حتى أصطحبتها أحدى الممرضات الى الطابق الثالث حيث وجدت أباها جالسا مطرق الرأس، فطالعته بحقد: أخواتى فين؟
بمرارة رفع رأسه: دلوقتى بقوا أخواتك! جاية ليه يا بنت غفران؟
جزت على أسنانها واقتربت منه ومازالت تلك النظرة على محياها: عملت فيهم أيه؟
لم يجيبها، كانت حدقتيه زائغة.. لا يستطيع رفع نظره اليها ليجيبها على سؤالها الذى يبدو بسيطا فى حروفه المنطوقة صعبا على قلبه الذى يحاول الصمود.. وعندما طال صمته تفوهت بغضب وهى تصرخ بوجهه: أنا قلتلك مترميهمش فى حفرة كامل أبو المجد.. قلتلك طلعهم برة دايرة أبليس بتاعتكم دى..
ثم أتجهت بعنف تمسكه بكلتا يديها من ياقة قميصه الملطخة ببقع دماء صائحة بغضب شديد : جرجرتهم لسكتك أنت وهو ليه؟
خرج مصطفى من غرفة المريض معترضا على ذلك الصوت العالى بالخارج: فيه أيه؟ ليه الدوشة دى؟
تركت الفتاة أبيها، والتفتت للطبيب تطالعه برجاء وهى تقترب منه: مصطفى.. فين أخواتى؟
وقفت قبالته ومازالت تتابع أسئلتها برجاء: قولى أنهم كويسين وبخير.. أرجوك..
أطرق مصطفى وجهه لأسفل: أنا أسف يا بيان..
وكأن خنجرا رشق بقلبها فأغمضت عيناها تحاول الحفاظ على ثباتها لتسأل سؤالها الأخير: طب أولادهم؟
ظل مصطفى مطرق الوجه، بينما تنظر له بيان بدموع راجية أن تكون الأجابة عكس ما تتوقع..
--------
قررت فريدة تعويض الصغير عن قطع رحلته، فقضت اليومين الباقيين بصحبة الصغير مابين النادى وأماكن الترفيه للصغار.. وعند أنتهاء الأجازة أستأنفا حياتهما اليومية عدا مصطفى المختفى تماما كما لو كان منعزلا عنهما..
عقدت النية على الأتصال به من مكتبها بالشركة لتكن البادئة مادام قد نسيهم هو فسوف تذكره هى، ولكن زاد حنقها عندما أجابتها أحدى الممرضات أن زوجها مشغول وعند تفرغه سيعاود الأتصال بها..
أغلقت هاتفها فى غضب، لا تفهم ما يجرى حقا.. وهل سيؤثر ذلك سلبا على حياتها الهادئة أم لا.. وحتى لا تخضع لمشاعر وأفكار سلبية قررت مطالعة الصحف المرصوصة على طرف مكتبها طوال الأسبوع الماضى..
سرقها الوقت حتى أنتبهت لعنوان خبر غريب بأحد الصحف القومية، فطالعته باهتمام.. الخبر تحت عنوان "مذبحة القلعة من جديد" بقلم الصحفى " خالد البلتاجى"..
اتصال هاتفى ورد فريدة بمكتبها منعها من قراءة ذلك المقال، فتركت الجريدة من يدها لتسحب سماعة الهاتف: ألو..
الممرضة: ألو.. أزى حضرتك يا مدام فريدة..
فريدة: أهلا يا صباح..
صباح: بحاول أتصل بيكى يا مدام فريدة بقالى يومين..
فريدة: خير..
صباح: المستشفى مقلوبة..
فريدة بعصبية خفيفة: صباح أنجزى.. مانا عارفة.. مقلوبة ليه..
ثم صمتت قليلا لتتابع: هو ده اللى عايزة أعرفه..
صباح: محدش يعرف حاجة، غير أن فيه حادثة.. فجأة المستشفى أتقلبت.. والدور التالت أتفتح.. وأتمنع أى حد يتحرك من مكانه.. لحد مرجع دكتور مصطفى.. معايا يا مدام..
فريدة: متعرفيش مين اللى فى الحادثة؟
صباح: لا والله يا مدام..
فريدة: طب كملى..
صباح: دكتور مصطفى أدى كل الموجودين فى المستشفى سواء دكاترة أو تمريض أجازة مدفوعة..
رفعت فريدة أحد حاجبيها لأعلى وهى ترجع ظهرها لظهر مقعدها: أزاى يعنى؟ والمرضى؟
صباح: أى حد معاه حالة فضل..
فريدة: وأنتى وعايدة؟
صباح: أجازة يا هانم..
فريدة: وهى مشيت عادى! محاولتش تفضل يعنى؟
صباح: حاولت يا هانم.. وكانت مصيبة على دماغها.. صوت دكتور مصطفى وهو بيطردها من مكتبه سمع المستشفى كلها..
ابتسمت فريدة: طيب يا صباح وقفى كل اللى طلبته منك.. كده مهمتك أنتهت، وأنا هكمل.. حسابك وفوقه مكافأة كبيرة هتوصل النهاردة بيت مامتك..
صباح: شكرا يا مدام..
أغلقت فريدة سماعة الهاتف، ثم سحبت أحد أقلامها لتعبث به مفكرة فى ذلك الأمر الغريب:
- ايه الحكاية بالظبط؟
- الدور التالت ايه حكايته؟
- ده عامل زى الفاتيكان..
- أنت عاملها دولة داخل دولة يا مصطفى؟
ثم أبتسمت: ولا أنا مالى..
وقد زادت ابتسامتها اتساعا فى ظفر محقق لاشك فيه: المهم أنك كده هتمسك عايدة لوحدك من غير تدخلى..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 09-10-17 12:20 AM

**الحلقة29 : نوبة غضب ج(1)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة29 : نوبة غضب ج(1)
مرت أيام أنقطعت فيها الصلة بين فريدة وزوجها.. كلما أتصلت جاءها الرد عبر أحد مساعديه بأنشغاله وحين توفر الوقت سيعيد الأتصال الذى لن يحدث.. حتى أنها ذهبت للمشفى ولكن منعت من الدخول مما زاد من حدة غضبها وتوترها..
تجلس على مقعدها الجلدى تتأرجح يمينا ويسارا، مسقطة رأسها من فوق حافة ظهر المقعد للخلف لتطالع سقف مكتبها:
- ايه الحكاية الزفت دى؟
- مين يعنى اللى هيكون فى الدور التالت؟
- مصطفى كان قايلى أن الدور ده خصصه جده سليم باشا أيام عبدالناصر لقيادات الثورة..
- ودلوقتى بقى للكبار.. وزير.. محافظ..
- يمكن يكون رئيس الجمهورية؟
- لا لا لا.. أكيد هيسافر ألمانيا يتعالج.. أو هتبقى المستشفى ثكنة عسكرية..
- ما انتى شايفة مصطفى عامل حوليها حظر تجول.. مانعك أنتى شخصيا تقربى..
- برده مين هناك؟
قطع تفكيرها رنين الهاتف القابع على سطح مكتبها، فرفعت السماعة لتجيب عند سماعها صوت محدثها بعتاب: أخيرا أفتكرتنا!
مصطفى بصوت يفضى بارهاق شديد: أنا أسف يا حبيبتى..
وبمجرد سماعها لاعتذاره توترت فاقتربت بمقعدها للمكتب، وأجابت باضطراب: أرجوك متعتذرليش تانى.. أنت لو عملت فيا أيه مش هشيل منك.. بس..
صمتت قليلا وقد زاد أرتباكها: أنا قلقانة عليك.. وخايفة..
سألها متعجبا، وقد زاد حدة صداعه: خايفة!
أجابته بارتباك: أنا مش متعودة على غيابك عنى.. ومش فاهمة السبب..
طوال السنوات الماضية يسعى بجهد حثيث لجعلها قوية تستطيع مواجهة الحياة بكل صعابها.. وقد نجحت بالفعل، ولكنها تفعل ذلك وهى متشبثة به، كطفلة متعلقة بأبيها فتلازمه.. يخشى أن يكون للقدر رأى آخر فيحيل بينهما، فتنهد بقوة: فرى.. أنتى قوية بنفسك..
رفضت كلماته هذه المرة، فأجابت بعصبية ممزوجة بالحدة: لأ أنا قوية بيك.. فى غيابك تايهة وضايعة..
زفر بضيق، ولكنه تمالك أعصابه: عارفة الأيام اللى فاتت كانت صعبة عليا.. مشغول.. مبنمش.. مش عارف حتى أكلمك أنتى وآدم.. بس مطمن عشان أنتى مكانى..
--------
يجلس بمكتبه بالمشفى يراجع بعض الأوراق الأدارية.. عيناه حمراوان من طول السهر.. يتثاءب بين الفينة والأخرى، فيغمض عيناه ويضغط عليهما، ثم يفتحهما بقوة لمطالعة الأوراق أمامه حتى سمع رنين الهاتف..
لم يكن رنينا عاديا، وأنما هى مكالمة دولية.. طالع تاريخ اليوم، ليجده ليس يوم الأتصال المعتاد..
تبا..
أذن مصيبة جديدة قد وقعت..
ود لو تجاهل الأتصال عله ينعم بالراحة، ولكن لا مناص من الأجابة.. فرفع سماعة الهاتف، ودون حتى ألقاء للتحية سأل مباشرة: Adrian, what's happened? (أدريان ماذا حدث؟)..
أدريان بأسف: I'm sorry my friend, he disappear again.. (أسف يا صديقى ، لقد هرب مرة أخرى)..
أشتعل رأسه غضبا، فأجاب بانفعال: What did you say! How? (ماذا! كيف حدث ذلك؟)..
ثم بخيبة أمل أكمل: Where were you? I was trust you Adrian.. (وأين كنت؟ لقد وضعت ثقتى بك)..
أدريان بحيرة من أمره، فقد خذل صديقه ولم يحافظ على الأمانة التى كلفه بصونها: Mostafa, Really I don't know what I should say.. (لا أعرف بماذا أجيبك)..
مصطفى بعصبية وقد أصابته نوبة غضب: Find him now.. If he falls in danger, I'll kill you.. (جده فى أسرع وقت.. سأحاسبك حسابا عسيرا أذا أصابه مكروه)..
أدريان: I'll bring him again.. (سأجده)..
شدد مصطفى على صديقه: Adrian, he's your responsibility.. (أنه مسئوليتك أدريان)..
أدريان: Don't worry.. (لا تقلق)..
حاول مصطفى الهدوء: Notify me about any new.. (أبلغنى بالمستجدات)..
أدريان: Ok (حسنا)..
مصطفى: When you find him, put guards in front of his room.. (وعندما تعثر عليه ضع حراسة مشددة على غرفته من رجالك)..
ثم تابع: And you must know how he escaped.. (واعرف بطريقتك كيف أستطاع الهروب مرة أخرى)..
أدريان: ..Ok (حسنا)..
أغلق سماعة الهاتف.. ظل يحك جبهته بيسراه.. لقد تملك الغضب والقهر منه.. فمهما فعل له، سيظل هو يهرب منه.. خوفه الآن أن يتسبب ذلك الفتى الأحمق فى نهايته، فآخر مرة نجده فى اللحظة الأخيرة بمعجزة ألاهية يخشى ألا تتكرر.. فيالحظك البائس مصطفى، فالمصائب عندك لا تأتى فرادى أبدا..
--------
شهر كامل قضاه مصطفى بالمشفى.. أكتفى بمكالمة هاتفية للمنزل كل مساء قبل موعد نوم آدم للاطمئنان عليه وعلى زوجته.. ويرسل السائق لها كل يومين لأحضار ملابس نظيفة.. وقد أستطاعت فريدة تقبل الوضع، وتخفيفه عن صغيرها بمزيد من الترفيه والرعاية..
بينما العمل على قدم وساق بشركتها.. فهى تجهز عقود صفقات جديدة من ناحية، ومن أخرى تجهز بيانات مشروع زوجها الجديد "مصنع الأدوية" بمعاونة ثلاثة من أكفأ موظفيها.. تريد فى أقرب وقت تجهيز دراسة جدوى شاملة للمشروع.. كما كلفت أحد موظفيها بالبحث عن أرض ذو مساحة مناسبة تصلح لأنشاء مصنع كبير بمنطقة جديدة لتوفير الأموال..
--------
يطالع مصطفى الأوراق الخاصة بالدور الثالث بمشفاه حيث أذونات التوريد، لينتبه لوجود طلب شراء أحد العقاقير شحيحة التواجد بالسوق.. أستغرب من الأمر فأخر معلوماته أن لديه بالمخزن رصيد من ذلك العقار، أذن فما الداعى لشراء جديد؟.. أستدعى مسئول الصيدلية ليسأله عن الأمر، وقد توعد بمحاسبة المقصر..
أمسك مصطفى بورقة صغيرة يشير بها للصيدلى الجالس على المقعد المقابل لمكتبه: ممكن أفهم أيه أذن الصرف ده يا دكتور؟
تناول الصيدلى الورقة بهدوء ليطالعها، ثم بعد دقيقة تفكير عدل من وضع نظارته الطبية على أنفه ليجيب: ده أذن شرا لعقار ..... حضرتك منبه عليا أن قبل الرصيد ميخلص أنى أجيب غيره عشان صعوبة توفيره..
ثم ناوله الورقة مرة أخرى، ليعيد ضبط نظارته: وده اللى عملته فعلا..
زفر مصطفى بضيق، وبعصبية حاول جاهدا السيطرة عليها: أزاى قرب يخلص! هو أحنا أستخدمنا الرصيد اللى فات أمتى أصلا؟
تلميح بتبديد العهدة لم يقبله الصيدلى الشريف على نفسه، فأجاب بحدة مبرئا ساحته: والله أنا كل مهمتى أصرف الروشتات، ومش مشكلتى أن دوا السحب عليه كان أوفر الفترة اللى فاتت.. وتقدر حضرتك تراجع دفاترى..
مصطفى وقد تمالك أعصابه: الدفاتر لو سمحت دلوقتى.. عاوز أعرف مين اللى سحبوا الدوا ده وأمتى؟
بعد دقائق أحضر الصيدلى دفاتره ليراجعها مصطفى، وقد كانت مفاجأة بالنسبة له أن كثيرا منها سحب بأمر من الطبيبة "عايدة البلتاجى"..
أستدعى مصطفى كبيرة الممرضات، وأمرها بأحضار كل الملفات الطبية الخاصة بالطبيبة عايدة ليراجعها بنفسه.. ومفاجأة أخرى أذهلته، نفس عدد العقاقير المسحوبة موزعة على ملفات المرضى على الرغم من عدم حاجتهم لها.. أذن اما هى طبيبة فاشلة تعرض حياتهم للخطر، أو أنها وسيلة لأخفاء العقاقير.. الأحتمال الأول أثبتت حالة المرضى أنعدامه، حيث أنهم جميعا قد تحسنت حالتهم بل أن أغلبهم غادر المشفى بالفعل.. أذن لا يبقى سوى الأحتمال الآخر.. هى سارقة.. هى خائنة لقسم الطبيب المقدس..
أصابته نوبة غضب جديدة:
- بنت ......
- أنا تسرقنى!
- بتستغفلنى أنا!
- كانت بتدور أزاى تكسب ثقتى طول الوقت عشان مدورش وراها..
- أنا بقى هعملك حظر مزاولة المهنة يا بنت البلتاجى..
ثم خرج صائحا بأحد مساعديه: هاتلى عايدة البلتاجى حالا..
----------------------------
يتبع الجزء الثانى
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 09-10-17 12:24 AM

**الحلقة29 : نوبة غضب ج(2)
 
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة29 : نوبة غضب ج(2)
تتهادى على الدرج بخطوات قصدت أن تكون متمهلة للغاية مرتدية ذلك الفستان الذى لم يتعدى ركبتيها، أحمر اللون أمتزج مع أحمر شفاة نارى.. حذاء أسود ذو كعب عالى يدق الأرض دقا معلنا أقتراب وصولها.. تعمدت أن تكون أطلالتها ساحرة، بعيدة عن كلاسيكيتها المعتادة فى العمل.. أرادت أن تريها وجه الزوجة الشابة التى تفننت فى أحكام السيطرة على قلب زوجها..
عطر فرنسى فواح أسفر عن قدوم أمرأة لا تتمتع بأنوثة مثيرة فقط فتجعله سلاحها الوحيد، وانما أندمج مع ذكاء شديد جعلها محاربة من العيار الثقيل.. هذا ما علمته عايدة مع الأسف متأخرا.. تتمنى لو عاد الزمن للوراء فلا تطع والدتها ولكانت أكتفت بتحذير فريدة الوحيد لها، فتخلت عن معركة هى الخاسرة الوحيدة بها.. وأى خسارة الآن ستواجها، فمستقبلها الآن فى خطر.. ووحدها فريدة من بأمكانها أثناء دكتور مصطفى عن عزمه، بعدما نفذت منها كل سبل أقناعه.. بالطبع لم تتمادى بالغباء مرة أخرى وتذكر أسم فريدة، والا كان القضاء على مستقبلها مؤكدا.. فرجل مثل ذلك الطبيب لن يسمح بالزج بأسم زوجته فى تلاعب بأرصدة أدوية.. كما من غير المعقول أن يصدق أنها مجرد ضحية كيد نساء خبيث، خاصة مع أختفاء فريدة تماما من المشفى.. فبالنسبة اليه لا تحتاج زوجته خوض حرب لأجله، لأنه باختصار قلبا وعقلا وروحا لها..
نظرت لها فريدة بهامة مرتفعة بعد أن جلست بمقعدها الوثير واضعة ساقا فوق أخرى بتعالى: أهلا دكتورة عايدة.. نورتى بيتى المتواضع..
حدجتها عايدة بنظرة ساخطة: دى فيلا يا مدام فريدة مش مجرد بيت..
طالعت فريدة المكان من حولها لتجيب بابتسامة متشفية: هى فعلا فيلا.. بس بالنسبة لينا "تقصد عائلتها" مش مجرد مساحات كبيرة، دى بيت دافى..
زفرت عايدة بضيق، فلا داعى الآن لاستعراض قوة المنتصر.. هى جاءت لتعترف بالهزيمة لتنجو بمستقبلها: من فضلك يا مدام تنهى الحرب دى..
رسمت فريدة ملامح الدهشة على وجهها ببراعة: حرب أيه!
عايدة: مدام فريدة من فضلك.. أنا مش غبية عشان معرفش أنك ورا موضوع الأدوية..
فريدة ومازالت مرتدية قناع الدهشة: دكتورة عايدة حقيقى مش فاهمة تقصدى أيه.. تقدرى تشرحيلى الموضوع..
عايدة بعصبية حاولت السيطرة عليها: أنتى اللى ورا سرقة الأدوية.. وورطينى فيها..
فريدة ببرود: وياترى هعمل كده ليه؟
أجفلت عايدة من سؤالها.. فهل ستعترف بلسانها أنها قد حاولت أستدراج زوجها فى علاقة لهدم بيتها والحلول مكانها: خلصينى من المصيبة دى.. واوعدك أنى مش هقرب تانى..
صمتت عايدة عن أستكمال كلماتها، فابتسمت فريدة أبتسامة صفراء رافعة أحد حاجبيها لأعلى: مش هتقربى من أيه؟
أستجمعت عايدة شجاعتها لمرة أولى وأخيرة، فغريمتها لن تتراجع عن كسر أنفها: مش هقرب من دكتور مصطفى تانى..
حدجتها فريدة بنظرها مطولا قبل أن تجيب بابتسامة ظافرة: أنتى مقربتيش منه أولانى عشان تقربى منه أصلا تانى..
أزدردت عايدة ريقها فى توجس فلا سبيل لديها لأقناع فريدة بالتخلى عن أنتقامها: مدام فريدة أنا واقعة فى مصيبة ومستقبلى بيروح.. ده غير أنى أخواتى الأتنين أختفوا ومش عارفين نوصلهم.. أنا حياتى كده بتدمر..
أثار أنتباهها حديثها عن عائلتها: يعنى أيه أختفوا؟
دلكت عايدة جبهتها: خالد أخويا صحفى كتب مقال من فترة، ومن يومها أختفى.. وشاهين أخويا الكبير ظابط حاول يدور عليه، وهو كمان أختفى.. بقالهم أكتر من شهر..
دائما كانت العلاقات الأسرية نقطة ضعف فريدة.. نظرة اللا حول ولا قوة بعينى عايدة هى نظرة تذكرها بماضيها.. لذا كان القرار واضحا بالنسبة لها، فنطقت بعد صمت طال أمده: أعتبرى الموضوع منتهى..
أذن الحرب ستنتهى ولكن فى صالحها، فتابعت بتمهل: تقدرى تقدمى ورقك لأى مستشفى تانية من دلوقتى.. ولو محتجانى أساعدك فى موضوع أخواتك قوليلى أعمل أيه، ومش هتأخر..
--------
يتناول رشدى قهوته بصحبة مصطفى بمكتب الأخير بالمشفى: أنت متأكد يا مصطفى أن كامل وضعه أستقر؟
مصطفى: طبعا يا عم رشدى.. عم كامل وضعه الصحى مستقر، الحقيقة أن محافظته على صحته طول السنين اللى فاتت ساعدتنا كتير فى السيطرة على النزيف.. وخلاص نقلته غرفة عادية من ساعة..
زفر رشدى ببطء، فقد كانت الفترة الماضية عصيبة للغاية.. لم تكن خسارة بورصة، أو هيبة هى المصيبة لأن الكارثة الحقيقية هى خسارة كلاهما للذرية.. نعم خسر كامل ورشدى كامل العائلة.. كل ما بنياه سويا نسفته رياح الغدر بليلة.. ليلة واحدة ضاع فيها الذرية والنسل..
رشدى بشرود: كويس.. لازم يقف على رجليه فى أقرب وقت.. عندنا نار لازم تحرق الكل..
شعر مصطفى بالضيق من كلماته رغم علمه المسبق بأن حرب أتية لا محالة.. فالأمبراطور كامل أبو المجد وسيادة المستشار رشدى فهيم لن يتركا ثأرهما مهما حدث.. هو فقط ينتظر عودة رفيق دربه من فراش المرض: مش كفاية اللى خسرتوه يا عم رشدى.. فكر فى بيان.. أرمى الماضى ورا ضهرك وحاول تبدأ من تانى معاها.. معدلكمش ألا بعض..
حك رشدى ذقنه مفكرا لثوانى: متجوز بيان يا مصطفى..
ترك مصطفى قهوته وقهقه بشدة: أيه يا عم رشدى.. جواز أيه بس! مانت عارف أنى متجوز ومخلف.. وبحب مراتى..
رشدى: أتجوزها عشان أطمن عليها..
مصطفى: بيان زى أختى.. ومش الجواز اللى هيطمنك عليها.. أنت عاوز تخليها برة دايرتك، وفى نفس الوقت تكون مطمن عليها..
رشدى بضيق: طالع لأبوك سالم غاوى تحليل وتقرفنى فى عيشتى.. أعتبرها جوازة مصلحة..
مصطفى: أنا بحب مراتى.. مكتفى بفريدة وآدم.. خرجنى برة حساباتك يا عم رشدى.. ثم بتتكلم كده وكأنك متعرفش بيان.. دى عمرها مهتسمع كلامك.. وماظنش أنها ممكن تبقى من مناصرين الجواز فى يوم من الأيام..
رشدى: طب سيبك من بيان.. لسه مصمم على موضوع المصنع؟
مصطفى: أكيد طبعا.. ولا ممكن أتنازل عنه.. الحلم ده أتأخر سنين طويلة..
رشدى: مصطفى أنت باصص تحت رجلك وبس.. بطل تجرى ورا حتت عيل مشحططك وراه.. ومادمت بتحب مراتك وأبنك أستكفى بيهم، وسيبك منه..
هز مصطفى رأسه نفيا: مش هتخلى عن حتة منى يا عم رشدى.. عيلتى هلمها تحت جناحى، حتى لو غصب عنهم.. أنت رميت بيان من حساباتك، وهى دلوقتى اللى فاضل من عيلتك.. والله أعلم هتقدر تقرب منها ولا لأ.. أنا مش هكرر غلطتك..
رشدى: أنت فاكر أن موضوع المصنع شوية مبانى وخطوط أنتاج.. لا.. أنت مش حاسب حساب الناس اللى برة..
مصطفى باستغراب: ناس مين؟
رشدى: اللى بيدوروا المكنة.. اللى بيعشقوا كل ترس فى التانى عشان الحركة.. اللى يقدروا يخلوا ترسك متزيت، أو ينشفوه فيتكسر أول ميتحرك..
مصطفى: برده مش فاهم تقصد أيه؟
رشدى: أقصد أنهم مش هيسمحولك تعمل مصنعك ألا تحت أذنهم.. كامل لو كان فايق كان رفض فكرتك..
مصطفى بعصبية: أنتم ملكمش عندى غير نصيبكم فى أرباح المستشفى بتاعت كل سنة.. أى حاجة برة المستشفى متخصكمش أصلا..
رشدى باستياء: يا غشيم أنا بتكلم فى مصلجتك.. دى مافيا..
--------
دخل غرفة نومه، فيجدها تجلس بمحلها على فراشهما تتصفح أحدى مجلاتها الأجنبية.. طالعته بابتسامة، فبادلها باستغاثة حبيب: تعبت يا فريدة.. محتاجلك..
قد نصف الحب على أنه عاطفة مسيطرة على القلب، تبدأ بأعجاب يتحول للهفة ملازمة المحبوب.. وقد تكون مشاعر من نوع خاص كالتى بين فريدة ومصطفى.. فكلاهما يكمل الآخر.. كلاهما يحتاج للآخر.. ليكن بينهما ألتحام لا انفصال فيه.. ليس حب بالغين، ولكنه حب نصفين أكتملا معا..
فتحت ذراعيها عن آخرهما كدعوة صريحة ليسكن بين ضلوعها، ولم يتمهل هو فلبى ندائها مباشرة.. ظلت تربت على رأسه الساكن على قلبها، يتابع أنتظام دقات قلبها فتخمد طبول الحرب برأسه شيئا فشئ..
لم تسأله عن شئ.. هى أذكى من أرهاقه.. تعلمت معه أخماد فضولها.. هو يحتاج الآن حضن الزوجة الدافئ، وهى ستمنحه أياه دون أستفسار عن الأسباب.. تعلم أنه سيخبرها عندما يحن الآوان..
ترك حضنها ليتوسد رأسه على ساقيها، دافنا وجهه بها.. فسحبت الغطاء فوقه، وعادت لتتابع اللعب بأناملها الرقيقة التى غاصت بين خصلاته السوداء الناعمة.. ظلا على ذلك الحال طويلا حتى ظنته خضع لسلطان النوم الذى بدى أنه قد تحداه كثيرا، ولكن مصطفى أثبت أنه خصم قوى للنوم فتحدث مغمض الجفنين: عارف أن اللى بعمله صح.. بس خايف يكون هباء منثورا.. بعمل زى مبعملش.. بقرب زى مبقربش..
قطبت فريدة ما بين حاجبيها، فهى لم تفهم كلماته ولم تعى مقصده.. فعمن يتحدث؟ وأى شئ يفعل؟، ولكنها لم تحاول سؤاله.. فزوجها يحادث نفسه بصوت عال..
ضم وسطها بيديه بقوة أكبر ليلتصق بها كطفل صغير لا يطيق بعدا عن أمه، ثم فتح عينيه الحمراوان من أثر السهر يدقق النظر بها وكأنه يحفر ملامحها بعقله..
تسرب الخوف لقلب فريدة من تصرفات زوجها ونظراته، ولكنها أرادت بثه الطمأنينة فاقتربت بوجهها منه، ثم طبعت قبلة رقيقة على شفتيه فأخرجته من غياهب فكره ليسبح معها فى بحر لحظاتهم السعيدة..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

حنين الماااضي 09-10-17 01:21 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسمه ااسيد 11-10-17 12:00 AM

**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(1)
 
موعدنا الليلة مع أولى مفاجآت ختام الفصل الثلاثين من
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(1)
أوشك عام على الأنتهاء.. العمل ببناء المصنع على قدم وساق.. ولقد أستنزف شراء الأرض وبناها أغلب أرصدة مصطفى البنكية، مما سبب توتر وقلق مستمر لفريدة.. فرأس مالهم تحول الى عقار ثابت سحب كل أموالهم السائلة، مما جعلها فى حيرة من أمرها، فكيف سيشترون خطوط الأنتاج وكيف سينفذون خطة سلسلة صيدليات الحياة.. ودائما رد مصطفى أن كل شئ معد ومرتب.. كانت تنفذ كل ما يأمر به دون معارضة.. فجميع عقود الأرض والأنشاءات بأسمه.. راسلت العديد من الشركات الأجنبية والمتخصصة فى توفير خطوط أنتاج الأدوية، ورغم أتفاقياتها المبدئية لم يتم تسجيل أى بيانات رسمية عن كونهما يجهزان لمصنع أدوية..
دخلت مكتبه بالمشفى تحدثه بعصبية دون ألقاء حتى التحية والسلام: لا يا مصطفى كده مينفعش..
جلست مواجهة له، بينما خلع هو نظارته الطبية واضعا أياه على الأوراق التى كان يطالعها قبل قدومها، ليتحدث بهدوء: مفيش داعى للقلق يا فيرى..
زفرت بضيق: أزاى بس، أنا حاسة أننا بنغرق.. أحنا معدش عندنا رصيد، بقينا ع المكشوف..
أبتسم ومازال محافظا على هدوئه: فيرى يا حبيبتى المشروع ده حلم عمره أكتر من 10 سنين، تفتكرى مفكرتش فى اللى بتقوليه؟
فريدة بضيق: وبعد مفكرت أيه النتيجة؟ هناخد قرض بضمان الأرض والمبانى؟ ولا بضمان المستشفى؟
رفع حاجبيه لأعلى: وليه لازم قرض؟
حكت فريدة جبينها بقوة: مصطفى جرالك أيه يا بابا؟ هنجيب فلوس منين؟
أبتسم مصطفى فها هو الآن سيحل أحدى أحاجيه: فى عندنا سندات يا فريدة كان عاملهم جدا، وأنا قلدته.. كان دايما يقولى نعملهم وننساهم عشان يكونوا حل أخير فى الطوارئ..
تفاجأت فريدة بكلام زوجها، وقد أزدردت ريقها بصعوبة فلقد وقعت الآن بورطة.. لقد قامت بالفعل بتجهيز مستنداتها وقدمتها لأحدى البنوك الوطنية الشهيرة للحصول على قرض يساهم فى شراء المعدات المتفق عليها.. أنبأت زوجها بالفعل وهى مترددة وخائفة من ردت فعله، وعلى عكس توقعها أجابها مبتسما: محصلش مشكلة يا فيرى.. كل الحكاية فى ناس مش عاوزنى أعمل المشروع ده، فكنت مكتم عليه لحد ميبقى على أرض الواقع..
--------
لم يكتمل شهر على تلك المحادثة حتى تفاجأت فريدة بقدوم زوجها بعد الظهيرة مباشرة قبل موعده على الغداء كالمعتاد.. وقبل أن تسأله عن السبب أسرع بسؤالها بلهفة ألقت الخوف بقلبها: فريدة آدم هنا؟
فأجابت فريدة هازة رأسها: أه فوق بيغير هدومه، مالك ملهوف ليه يا قلبى؟
سحبها من يديها باتجاه مكتبه، الذى أوصده جيدا عقب دخولهما.. جذب وجهها بين كفيه يضغط عليه: لازم تسافروا الليلة يا فريدة..
أضطربت زوجته، فأزاحت يديه عن وجهها بينما قطبت جبينها فى تساؤل: نسافر ليه؟
ضغط مصطفى على شفته السفلى فى توتر: مش مهم ليه، المهم هتسافروا فى السر أنهاردة..
تخوفت من طريقته فسألته: هنسافر أحنا التلاتة؟
مصطفى بدوء حاول رسمه جيدا على صفحة وجهه: أنتم بس اللى هتسافروا أنهاردة.. وأنا هحصلكم بعد كام يوم..
هزت رأسها يمينا ويسارا: لا مش هيحصل.. لنفضل سوا، لنمشى سوا..
مصطفى بضيق: وجودكم فى خطر عليكم.. لازم تسافروا عشان أبقى مطمن..
همست بتساؤل: المصنع صح؟
لم تكن بحاجة لأجابة، فوجهه هو الأجابة نفسها: من فضلك يا فريدة مش وقت الأرتباك ولا العناد.. هتنفذى كلامى بالحرف..
أجلسها على الأريكة العريضة المجاورة للمكتبة، ثم جلس جوارها يهمس بهدوء وحذر وقد شدد عليها الأستماع دون معارضة: هتلبسى أنتى وآدم لبس التمرين، هتروحوا النادى تمارسوا رياضة زى عادتكم.. بعدها بساعتين هتخرجى من البوابة ...... هتلاقى عربية حمرا موديل ...... رقم ...... هتركبوها وتطلعى على المطار من غير محد ياخد باله.. باسبورك أنتى وآدم جاهز بالتذاكر.. مجرد متوصلى لندن هتلاقى عربية مستنياكم هتوصلكم فيلا عمتى هدى.. تفضلوا هناك لحد ماحصلكم..
كانت صامتة على غير العادة، فشعر بوجود خطأ ما فى ردود أفعالها: فاهمة قلت أيه يا فريدة؟
أرجعت فريدة ظهرها للخلف بهدوء مستفز، ثم شبكت يديها أمام صدرها: مش هنسافر ألا كلنا سوا..
زفر بضيق فالوقت غير مناسب للمجادلة، خاصة أن الوقت يمضى سريعا، فجذبها برفق من ذراعها لتقترب منه: أنا وعدتك أنك معايا هتكونى فى أمان.. وأنا بوفى بوعدى يا فيرى..
نظرت بقوة المطالب بحقه: ووعدتنى قبلها أنك مش هتسبنى لوحدى، ومش هسيبك تخلف وعدك معايا..
مصطفى: وجودكم هنا خطر عليكم، مش هسيبهم يقربوا منكم..
فريدة بحدة وعينين لامعتين: مين دول؟
نظر مصطفى لعينيها بقوة يدقق بلهيب زيتونتيها وكأنه وداعا، بينما يمسك مرفقها: فريدة..
فيمتلئ قلبها خوفا من مستقبل قد يهدم كل ما بنته فى السنوات القليلة الماضية فتنزع يديها بقوة تمنعه من أستكمال حديثه: متقولش فريدة أنا سلمى..
--------
ولأول مرة تعلن عن هويتها الحقيقية أمامه غاضبة باكية:
- أنا سلمى اللى شفت الذل..
- العيلة اليتيمة اللى اتولدت من غير أم..
- اللى أبوها فضل أنها تموت بأيده عشان الفلوس..
- سلمى اللى أتأذت من أقرب حد ليها..
سقطت جالسة على ركبتيها أمامه باكية:
- سلمى اللى ضاعت وأنت لقيتها..
- بلاش بعد ما اديتنى كل حاجة تفارقنى..
جذبت يديه اليها، فلثمت يمناه برجاء:
- أرجوك متسبنيش..
- أنت أمانى وسندى يا مصطفى..
- أنت كل ما ليا..
- أبويا.. وصاحبى.. وجوزى..
- يا مصطفى أنت دنيتى..
- متسبنيش..
- أنا من غيرك أضيع أنا وآدم..
جذبها مصطفى اليه ليضمها بقوة بين ذراعيه حتى أنها قد شعرت بالألم:
- مقدرش أسيبك..
- مقدرش أسيبكم..
- بس لازم أنتى وآدم تكونوا فى أمان لحد مخلص كل حاجة..
أبعدت نفسها عنه: مش مهم سيب كل حاجة وتعالى معانا.. أحنا مش عوزين حاجة الا انت..
مصطفى: ده شقى عمرى وعمر جدودى مينفعش أرميه واجرى.. مينفعش استخبى زى الجبان..
لتصرخ بغضب: وأنا وأبنك..
مصطفى: أنتم حياتى..
فريدة غير مصدقة مبرراته الواهية، فصاحت به غاضبة:
- أنا عارفة أنك يستحيل تتخلى عننا..
- بس مش هتضحك عليا بكلمتين..
- شقى عمرك أيه! وجدودك أزاى؟
- هو أيه اللى هيحصل للمستشفى ولا المصنع؟
- الجدران هتتهد ولا هيحتلوا المبانى؟
- مين يا مصطفى اللى عاوز تفضل عشانه؟
- بتجازف بنفسك عشان خاطر مين وتسبنا؟
--------
يتبع الجزء الثانى
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 12-10-17 11:53 PM

**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(2)
 
صدمة جديدة فى ختام الفصل الثلاثين من
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(2)
لمعت عيناها متعلقة بعينيه السوداوين هامسة بصوت منتحب: مين اللى قلتلى أنك بتساعدنى عشان مش عارف تساعده؟
نفى عن نفسه سريعا أتهامها له بأن ما بينهما مجرد أشفاق منه عليها: لا لا يا فريدة، كل حاجة عملتها كانت بدافع الحب مكنتش شفقة.. يمكن فى الأول كانت رد دين، لكن بعد كده بحب والله..
ثم نكس رأسه ينظر لموضع قدميه، بينما هى مازالت على ركبتيها أمامه.. فرفعت ذقنه بأطراف أصابعها، ولكنه لم يستجب لها فأبعد وجهه عن نظرها فسألته بغيرة أنثى مصرية أصيلة: هى مين؟
أنفرجت أساريره عن ضحكة خاطفة ناظرا اليها: والله الستات كلهم واحد.. هو معنى أنى سكت تبقى فى واحدة فى الموضوع.. طب مينفعش يبقى راجل؟
قطبت فريدة مابين حاجبيها، بينما جذبها زوجها ليجلسها جواره بعدما أختفت ضحكته الوجيزة عن وجهه.. فسألته مرة أخرى تلهفا فى الأجابة: مين يا بابا؟
تردد مصطفى فى أخبارها، هذا ما شعرت به فريدة.. ضغط على شفته السفلى بأسنانه، ثم أجاب همسا بعد أن زفر بضيق: أخويا..
أستغربت فريدة وجود أخ لزوجها لا تعلم عنه شئ.. فبالنسبة لفريدة عائلة الجوهرى تتمثل فى مصطفى وعمته هدى وهى وطفلها فقط، فأى أخ ظهر فجأة الآن: أزاى! أنا أول مرة أعرف أنك ليك أخ..
شعرت فريدة بحرج زوجها، فاستنتجت أن ذلك الأخ مغضوب عليه من العائلة.. وقبل أن يقتلها فضولها لسؤاله، أجاب هو توفيرا للوقت: مدمن..
رفعت حاجبيها بصدمة، فشعر مصطفى بالخزى من أخاه فأشاح بوجهه عنها: كل ميتعالج يحصله أنتكاسة..
حك جبينه بأطراف أنامله: مش عارف أيه السبب..
صمت قليلا، فاقتربت منه زوجته تضع يدها على قبضته لتدعمه، فأكمل بلوعة: كان هيموت منى فى مرة يا فريدة..
جذبته اليها، فاستقر بحضنها: لازم أطمن عليه هو كمان.. لازم أخده معايا..
ربتت فريدة على ظهره، لتهمس بحزن: هو أهم..
--------
خرج مصطفى من بين ذراعيها: لا يا فريدة مقصدش أنه أهم منكم.. أنتم كلكم عيلتى، ومسئولين منى..
أبتسمت فريدة بخفة وهى تدلك برفق يده: ولو هو أهم مفيش مشكلة..
لمعت عيناها: أنا مش غيرانة منه، حتى لو هو أهم منى أنا راضية.. حمايته واجبك يا مصطفى..
ورغم مقاومتها للبكاء الا أن دموعها هبطت سريعا: وكفاية وقفتك جنبى.. من غيرك كنت هضيع..
حاول أيقافها عن التفوه بكلمات حمقاء يعيها تمام، ولكنها أشارت له بأصبعها أن يتركها تكمل حديثها عبر عبراتها: لو مكنتش لقتنى، كان ممكن حد ابن حرام يأذينى وأنا مجرد خارسة.. فاقدة الأهلية .. أنت صونتنى.. وحامتنى..
لم يتحمل كلماتها فأوقفها عن الأسترسال فى الحديث، صائحا بها: بس بس.. كفاية بقى..
زفر ببطء ليخرج شحنته السلبية: أنا معرفش مين سلمى دى.. بس ممكن أقولك أن سلمى كانت حتة أزاز مزخرفة بشكل حلو أوى كله براءة، بس مع الأسف حتة الأزاز دى كانت مليانة شروخ.. مكنتش الشروخ دى مشوهة جمالها بس، دى كانت بتجرح أى حد يقرب منها من غير متقصد..
سرحت فريدة بماض أجبرت نفسها عن الأعراض عنه طوال السنوات الماضية.. حقا لقد وصفها بدقة.. لقد آذت أقرب أنسان لها.. دون قصد دفعته للهاوية، حتى سقط ميتا بيدها.. لم تستطع أنقاذه رغم محاولتها البائسة.. ليت للزمان عودة لكانت له كما يحب ويرغب دون أعتراض.. ليت للزمان عودة لكانا بمسكنهما الصغير بحارتهما القديمة، ولكن ملاك الموت كان أسرع أليه من حلم راود خيالها..
وبخت فريدة نفسها فلا يحق لها التفكير بعادل، فهى الآن زوجة تصون زوجها حتى فى أحاديثها مع نفسها.. وهو الآن يجاور والدتها وجدتها فى سلام كما تتمنى..
لاحظ مصطفى شرودها، وتغير تعابير وجهها باستمرار، فقطع عليها شريط ذكرياتها: بس أنتى دلوقتى مش سلمى، أنتى فريدة منصور..
أنتبهت اليه عند ذكر أسمها، فهزت رأسها مرات عديدة لتعيد نفسها لواقعها وتتخلص من تلك قيود ماضيها التى تجذبها أرضا، بينما أكمل حديثه: أنتى فريدة منصور.. وماضيكى مات من يوم مابقيتى مرات مصطفى الجوهرى..
ثم تابع بقوة وصوت واضح: فريدة منصور زى النخلة جذورها ضاربة فى الأرض، وفروعها مرفرفة فى السما العالية..
أخيرا تفوهت فريدة: أنت جذورى يا مصطفى..
--------
ثم ألقت بنفسها بين أحضانه، بينما هو يحرك أصابعه بين خصلات شعرها المتمردة: أنا ربيتك تكونى مستقلة بنفسك، مانتيش محتجانى جذورك يا فريدة..
أستكان رأسها على كتفه، بينما يدها محاوطة رقبته: أنت جذورى يا مصطفى..
فشدد من أحتضانه أياها: أنا معتمد عليكى يا فريدة تحافظى على أسم الجوهرى من بعدى..
خرجت من حضنه غاضبة: أحنا هنمشى كلنا سوا، وأنت قبلنا مع أخوك.. العيلة دى هتفضل واقفة على رجليها بيك أنت.. أنا من غيرك ملييش وجود.. من غيرك أضيع.. لازم تحافظ على نفسك عشانى أنا وابنك وأخوك..
مصطفى: مهما كان ردك يا فريدة أنا واثق أنك هتفضلى واقفة على رجلك بيا أو بدونى، حتى لو كان رأيك العكس.. أنا واثق أنى ربيتك صح..
ثم تابع بعد أن أخرجها من حضنه، ليمسكها من ذراعها لتطالعه: مقدرش أعتمد على أخويا.. عيل خايب.. ضايع.. أنا بعتمد عليكى أنتى يا فريدة تكونى مكانى..
أستاءت فريدة من صيغة الوصايا التى يتبعها، مما ينبأها بشر قادم: كفاية بقى.. أنت هتفضل معانا مش هتسيبنا.. وأخوك هيتعالج..
جذبها من يدها ليجلسا على الأريكة مرة أخرى، فيفضفض لها بما أختزله داخله لسنوات: كان نفسى يتعالج، ويتجوز ويخلف.. كان نفسى يبقى دراعى اليمين وضهرى.. بس هو بيكرهنى.. رافضنى فى حياته..
شبكت أصابع يده بيدها، لتحدثه مبتسما: كل ده هينتهى.. متقلقش.. هيخف.. وهجوزهولك كمان..
مصطفى بابتسامة رقيقة: ياريت.. بس خايف ميكونليش نصيب أشوف ده بعينى..
ضاقت ذرعا من مناجاته وكأنه يودعها.. فانتفضت واقفة صائحة به وسط دموعها التى أنهمرت باستياء: كفاية بقى يا مصطفى حرام عليك.. أنت هتسافر معانا حالا.. وأخوك هنبعت اللى يجيبوه ويوصلوه لينا.. الموضوع مش معضلة يعنى..
مصطفى: لازم أعمل حسابى على كل الأحتمالات.. أنا بعمل ده عشانكم.. ثم أنا هحصلكم بعد 3 ايام.. مش هتأخر عليكم.. متخفيش يا فيرى..
ثم جذبها ثانية الى حضنه لتستكين بداخله حتى تهدأ وتتوقف دموعها وهو يربت على كتفها: متخافيش يا عمرى.. يستحيل أسيبكم.. كل حاجة هتبقى بخير.. خليكى واثقة فيا زى عادتك..
عادت لعنادها، فابتعدت عنه متحدية: هتسافر معانا حالا، أو هنفضل كلنا سوا نواجه نفس المصير..
ليس أمامه الآن سوى اللعب بورقته الأخيرة: فريدة أنتى حامل..
جفلت فريدة للأمر، فها هى نبوءة العرافة تتحقق كما أنبأتها:
- You've a bloody road (طريقك كتب بالدم)
- Save your kids (أحمى أطفالك)
- Run (أهربى)
ترددت كلمات العرافة برأسها لتعى أخيرا موقفها من جميع زواياه: يا الهى.. طريقى ممتلئ بالدماء.. وواجبى الحفاظ على أطفالى.. وليس أمامى سوى الهرب بهم.. من أجل فرصتهم فى النجاة..
--------
لم تمضى 24 ساعة على مغادرة فريدة وطفلها لمصر للمكوث بلندن برفقة العمة هدى حتى أكتشفت فريدة خديعة زوجها لها عندما أجرت أختبار الحمل فى الصباح.. كذب عليها من أجل دفعها للمغادرة وتركه.. أصابها الغضب فقررت العودة لمصر لأحضاره، بينما سيبقى صغيرها برفقة جدته..
فهبطت سريعا لأبلاغ العمة بقرارها، وهى تتناول سماعة الهاتف لحجز تذكرة أول رحلة طيران للوطن، ولكن العمة أعترضت: مش هينفع تسافرى يا بنتى..
ظنت فريدة أن زوجها أوصى عمته بذلك، فلم تترك سماعة الهاتف من يدها.. فاتجهت لها العجوز الستينية ببطء مستندة على عكازها الخشبى، وهى تعدل من وضعية نظارتها الضخمة على طرف أنفها، وعندما أقتربت منها جذبت السماعة من يدها لتضعها مكانها: يا بنتى مصطفى مانع خروجك..
فريدة بغضب: أفندم.. أزاى يعنى؟
أشارت العجوز للباب: تقدرى تشوفى بنفسك..
أتجهت فريدة لباب الفيلا الأمامى لتفتحه، لتتفاجئ برجلين ضخام الجسد قد سدوا منفذ الخروج أمامها.. فتحدثت منفعلة بالعربية، وهى تشيرا لهم بالأبتعاد: أنتم مين؟ أبعدوا عوزة أخرج..
لم يبدوا عليهم الفهم أو حتى الأستماع لها، فصاحت بالأنجليزية: Let me go now.. (دعونى أخرج الآن)..
ليجيبها أحدهم بغلظة: Mr. Adrian prevent anyone from leaving (السيد أدريان منع خروجكم)..
أنفعلت فريدة أكثر، فمن أدريان هذا الذى يمنعها من مغادرة منزلها، فهتفت بحنق: I want him now.. (أريده الآن أمامى)..
ثم صفقت الباب خلفها بانفعال..
--------
يتبع الجزء الثالث
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 16-10-17 11:08 AM

**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(3)
 
صدمة جديدة
مفاجأة غريبة
فى ختام الفصل الثلاثين من
رواية "ظلال الماضى"
**الحلقة30 : لحظات حرجة ج(3)
مرت ساعات تجلس فيها فريدة على جمر النار.. لا تستطيع فيها التواصل مع زوجها، حيث تم قطع خط الهاتف بالفيلا من قبل رجال أدريان.. تخشى أن يصيب زوجها مكروها.. وها هى للمرة الثانية محتجزة ضد أرادتها بفيلا معزولة عن العالم، مما زاد من خوفها وحدة أنفعالها خاصة مع ألحاحها بضرورة حضور أدريان لمقابلتها دون أستجابة منه..
حضر أدريان فى صباح اليوم التالى الى الفيلا لمقابلة فريدة بمكتبها حاملا حقيبة جلدية صغيرة.. حياها بصيغة رسمية فلم تجبه، كانت نظرتها نظرة قطة شرسة غاضبة.. تفهم موقفها فلم يحاول أثارة حفيظتها أكثر من ذلك، فلقد حضر لأداء مهمة واحدة، يجب عليه الوفاء بها لصديقه..
بادرته بتحدى لنفوذه الغير مبرر أستخدامه: I wanna leave (أرغب بالرحيل)..
ثم تابعت بلهجة عدائية: You prevent me.. (لقد منعتنى من الرحيل)..
ثم صاحت بغضب: Why?! (لماذا؟!)..
--------
لم يحاول مقاطعتها، كان هادئا ببرود أنجليزى عتيق حتى أنتهت منتظرة منه أجابة.. وعلى عكس توقعها لم يبرر شئ، وأنما أكتفى بنظرة متألمة ألقت الرعب بقلبها: I'm soory (أنا آسف)..
وضع يده بجيب سترته الداخلى وأخرج منه مظروفا صغيرا، ثم ناولها أياها مع الحقيبة وأستأذن للمغادرة.. ودت فريدة لو تلك اللحظة مجرد حلم، ستفيق منه قريبا فيصبح سرابا لا أثر له بحياتها..
فجأة وبدون سابق انذار، وكأن الزمن قد توقف بتلك اللحظة.. أصبحت متيقنة أن المصيبة قد وقعت.. شعرت بألم يجتاح قلبها كما لو كان قنبلة تنفجر.. تشعر بشلل بأوصالها، غير قادرة على التنفس.. ولسان معقود وكأنه صمت عن الكلام..
رغبة ملحة بداخلها للهروب عبر الأستسلام لغيبوبة تعزلها عن هذا العالم القاسى، الذى سرق منها ملاكا أرسله الله لها لينقذها من ضياعها.. لم يكن زوجا فقط، لقد كان فى الأصل أبا يربى ويحمى طفلته الوحيدة المدللة..
لا لن تهرب.. لن تستسلم.. ستقاوم تلك الغيبوبة.. لم يكن أباها يريدها ضعيفة تستسلم بسهولة.. وكأن تلك الخاطرة بمثابة قشة تمسكت بها حتى لا تسقط غارقة بغياهب اللاوعى.. لن تكن ضحية خانعة، بل هى ناجية تكافح حتى تستطيع الحياة..
طالعت ذلك المظروف الصغير، وبيد مرتعشة حاولت الحفاظ على ثباتها فتحته لتجد رسالة مطوية.. اتجهت لذلك الباب الزجاجى المطل على الحديقة الصغيرة بالفيلا.. سارت قليلا حتى لاح لها ذلك المجرى المائى، لتجلس على حافته تطالع رسالته الأخيرة اليها..
--------
فى تلك اللحظة أسر خيالها طيف مصطفى، جالس جوارها على حافة المجرة ينظر اليها ليحادثها ببسمته الرقيقة:
- مش عارف أبدأ رسالتى بأيه!
- أول مرة أبعتلك رسالة..
- يمكن أبدأها بزوجتى الحبيبة..
- بس دى بداية تقليدية جدا
- والمشاعر اللى بينا أكبر من كده بكتير..
- بس أقرب بداية لقلبى هى بنتى الغالية فريدة..
هز رأسه مؤكدا قوله:
- أيوة بنتى..
- لو هلخص علاقتنا فى كلمة.. فهى أنك بنتى يا فريدة..
ثم تابع بحزن:
- كنتى عوض ربنا عن يارا بنتى اللى اتحرمت منها، زى ما اتحرمت من كل عيلتى..
- وكنت أنا عوض ربنا ليكى عن حرمانك من حب أبوكى..
عاد مرة أخرى للابتسام:
- كنتى محتجالى، وكنت محتاجلك..
- فرحت بيكى وأنتى بتكبرى على أيدى..
- بتنطقى أسمى لأول مرة..
- بتضحكى وعيونك تلمع لحظة متلمحينى..
- دافية بتسكنى قلبى البارد لحظة متترمى فى حضنى، وتتعلقى فى رقبتى..
- تلميذتى النجيبة اللى بتتعلم كل حاجة بسرعة، لدرجة أنك بتغلبينى..
- وده بيخلينى مطمن عليكى.. عارف أنى حطيتك فى أول الطريق، وأنتى هتوصلى لأخره لوحدك..
- فرحت بكل حاجة فيكى وليكى..
- كسبت كل رهان عملته عليكى..
أغمض عينيه لبرهة، ليفتحهما ببطء بعد ذلك، ويستأنف كلماته بحزن وأسف هذه المرة:
- بس فى حاجة واحدة خسرتها..
- أتهزمت فيها..
- خسرت قلبك..
- صحيح بتحبينى، بس فى حتة فى قلبك مكنتش ليا..
- حتة كانت بتوجعك..
- بتعذبك..
- كنت فاكر أنى فى يوم من الأيام هقدر الشيل الحتة دى..
- بس طلعت موهوم..
- أنا مش بلومك على ده.. عارف أنه غصب عنك.. زى معارف أد أيه بتقاومى كل يوم عشان تقدرى تعيشى..
- بس بلومك أنك لحد انهاردة حبسة نفسك فى ظلال الماضى..
- بتشدك طول الوقت وتقيدك بذنب مش عارفة تتخلصى منه..
- أوعى تكونى فاكرة أنى مصدق أن كل كوابيسك بخصوص العرافة..
- أنا عارف أن فى كوابيس بطاردك من قبل العرافة..
طالع عيناها الباكيتين بهدوء، أقترب منها لمسح عبراتها، ولكنه لم يستطع.. هو مجرد خيال الآن، فزادت حدة بكائها.. ومالبثت أن عادت تتابع رسالته:
- فريدة.. مادام بتقرئى رسالتى دى فده معناه أنى خلاص بقيت فى دار الحق..
- وده يخلينى اطلب منك تدى فرصة لنفسك.. افتحى قلبك للدنيا، أنتى من حقك تعيشى سعيدة..
- من حقك تبدأى من جديد..
- ومتبصيش لأى حاجة فاتت..
- وصيتى ليكى تكونى فريدة.. تربية أيدى.. تنسى خالص كنتى مين قبلى..
- وصيتى ليكى تعيشى سعيدة، وترمى الماضى ورا ضهرك للابد..
- وصيتى ليكى تاخدى بالك من نفسك ومن آدم..
- أوعى تلومى نفسك ع اللى فات..
- وأياكى تلومى نفسك أنك معرفتيش تدينى قلبك كله.. لانك مقصرتيش..
- كنتى مصدر سعادتى فى دنيتى..
- أنتى وأبننا مكافأة ربنا ليا فى الدنيا وده يكفينى
بحبك
مصطفى
--------
طوت الرسالة ومسحت عبراتها لتهمس بخفوت:
- أسفة يا مصطفى..
- أسفة أنى وجعتك..
- بس أنا بحبك..
- والله العظيم بحبك..
- عارفة أنه مش زى ماكنت بتتمنى..
- بس غصب عنى..
- الماضى مسلسنى..
تستعيد ذكرى أول أمس، عندما أجبرها مصطفى على مغادرة مصر.. فقد أسرعت فى غفلة منه بوضع كاميرا مراقبة صغيرة بمكتبه بالفيلا، كتلك التى أستخدموها مؤخرا فى المشفى فى جملة ماتم تطويره بها.. ضمت رسالة زوجها مرة أخرى لصدره مقاومة عبراتها لتكن قوية كما علمها:
- أتمنى تسامحنى، مش هاقدر أنفذ وصيتك دلوقتى..
- مش بايدى أنى ارجع عن السكة اللى همشيها..
- لازم أجيب حقك الأول..
- لازم اعرف أيه حصلك..
- وأحاسب اللى آذوك..
- مينفعش تروح مننا بالسهولة دى..
- يوم مااسد البيبان المفتوحة يمكن اقدر وقتها معيش فى ظلال الماضى ويمكن أقدر أبدأ من جديد..
--------
بالطبع أبلغت فريدة العمة بالفاجعة، والتى أستقبلت المصيبة بجلد تحسد عليه، فمصائب الدهر أصابتها تباعا.. بينما أجلت كلتاهما اخبار الصغير بالأمر لحين عودة فريدة من مصر.. فرتبت فريدة مع أدريان سفرها السريع فى خلال ساعات كرحلة قصيرة المدة..
وصلت فريدة الفيلا، وقد أسرعت بنزع الكاميرا والصعود بها لغرفتها لتفريغها.. وما لبثت أن دلفت حتى قطع حبل أفكارها طرقات عديدة على الباب منعتها عن الأستمرار.. ففتحت الباب بغضب لتجد أحدى الخادمات بالمنزل: فيه أيه؟ أنا مش قلت مش عوزة أزعاج..
أجابت الخادمة بتخوف: أسفة يا مدام فريدة، بس أخو دكتور مصطفى تحت، ومصمم يقابل حضرتك حالا..
لقد نسيت فريدة تماما وجود ذلك الأخ.. حسنا هو وصية زوجها وسترعاه.. خمنت وهى تبدل ملابسها أن ذلك الأخ مجرد فتى طائش صغير السن ستجد صعوبة فى السيطرة عليه.. وقد عقدت النية على تنفيذ الوصية، فستصطحبه معها خارج مصر..
دار بخلدها أن حالته مهما كانت صعبة، لن تصبح مثل حالتها من عدة سنوات.. بذل مصطفى مجهودا ضخما لتأهيلها، وقد حان الدور عليها لرد جزء صغير من دينها له فى أخاه..
أخفت الكاميرا سريعا، ثم شرعت بارتداء فستانا كلاسيكيا أسود، وقد عقصت خصلاتها الذهبية لأعلى.. مكتفية بلمسة خفيفة من مساحيق التجميل.. ثم خرجت من غرفتها متجهة لأسفل..
لمحته من أعلى الدرج.. موليا ظهره أياها.. مرتديا حلة رسمية سوداء.. يماثل مصطفى فى الطول والحجم تقريبا ولون شعره المفحم.. ترى دخان سيجارته محيطا أياه بسحابة ضخمة أزعجتها.. لم تعرف السبب فى أزدياد دقات قلبها كلما هبطت درجة جديدة وتقلصت المسافة بينهما..
ومن رنة كعب حذائها ذو الصوت العالى أنتبه لقدومها، سحب نفسا كبيرا من نكوتينه.. ثم أطفأها سريعا فى المطفأة الكرستالية الموضوعة على تلك المنضدة الصغيرة أمامه..
درجات قليلة وتصل اليه.. صدره مشتعلا بالغضب.. يقبض على أصابع يديه بقوة.. لم يعد يتحمل الأنتظار.. سيمزقها الآن..
ألتفت أليها أخيرا، لتلمحه هى بعينان جاحظتان.. صدمة ألجمتها فخرجت فى صورة شهقة والتواء بقدمها.. كادت تسقط، فقطع الدرجات الفاصلة بينهما فى قفزتين سريعتين.. منعها من السقوط على درجات السلم، لتسقط بحضنه.. لم تستطع مقاومة رغبتها فى الصراخ من ألم قدمها الملتوية.. وهى تهمس بخفوت من الصدمة: عادل..
----------------------------
يتبع
الفصل الرابع "اللقاء الثانى"
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

ذكرى لن تعود 16-10-17 12:07 PM

رد: **الحلقة30 : لحظات حرجة ج(3)
 
رواية جميله جدا
بتمنالك التوفيق
و بانتظار الباقي

بسمه ااسيد 18-10-17 01:12 AM

**الحلقة31: لا تتركنى
 
فك الألغاز
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة31: لا تتركنى
Flash back
الزمان: 1995 ليلة أطلاق النار
المكان: فيلا عادل مصطفى أبو الفتوح
دخل عادل هاشا باشا مكتبه حاملا عصير سلمى المفضل: أحلى كوباية عصير لأحلى سوسو فى الدنيا..
تفاجأ بذلك المسدس الذى تدقق النظر له فى بلاهة طفل يرى لعبة محرم عليه لمسها، فتسقط الصينية الصغيرة من يده.. خشى اقترابه منها، فحاول الثبوت مكانه كيلا يربكها.. وعلى الرغم من ذلك نظرة الفزع المطلة من عينيه أثارت انتباهها.. تنقلت عيناها بين عادل والمسدس القابع بين يديها..
حاول محادثتها بهدوء مع الاقتراب منها ببطء دون اثارت توترها، ولكنها لم تنتبه له.. ورغم التوتر الجلى على وجهه حدثها بصوت خافت: حبيبتى.. سيبى المسدس اللى فى أيدك يا قلبى..
عادت ثانية لتطالعه ثم نظرت من جديد للمسدس دون اهتمام بكلماته..
تلك الثوانى التى طالعت فيها المسدس كانت كافية ليقطع المسافة بينهما ليسحبه على حين غفلة منها، ولكن ما لم يعلمه لجهله بالأسلحة النارية أنها قد سحبت زر الأمان قبل دخوله الغرفة.. وبين شد وجذب بينهما فى أقل من ثانية أنطلقت رصاصة..
سقطت سلمى أرضا، وسقط فوقها عادل.. جحظت عيناها.. تحول نهرا العسل فجأة لسطح زجاج ملون، ساكن لا حياة فيه..
طالعها بفزع: سلمى.. سلمى.. لا يا سلمى.. فوقى..
ضرب وجنتها بخفة مرة.. واثنين.. وثلاث.. ولكنها لم تستجب.. كان يشعر بألم، ظنه من أثر السقطة.. ظن الرصاصة أصابتها، فازداد فزعه، فعاد مرة أخرى لندائها.. حاول رفع جسده من فوقها، ولكنه لم يستطع فقد خارت قواه لسبب لم يدركه بعد.. استغرق ذلك مجرد لحظات.. شعر بخدر يجتاح جسده، بينما تثاقلت أنفاسه..
ظنها رحلت عن الحياة، تاركة أياه وحيدا.. لم يعد له هنا شئ يستحق البقاء من أجله.. سيتبعها الآن، فاستسلم لثقل عينيه ليسبح فى ظلمة يعلم أنها نهايته..
--------
أحدى نوبات شرودها أصابتها عند محاولته نزع المسدس من يدها.. أصبعها ضاغطا على الزناد، بينما أصبعه ضغط على أصبعها فانطلقت الرصاصة فى اتجاهه.. لم تشعر بشئ، حتى سقطتها لم تدرى أنها أصابتها بألم بمؤخرة رأسها..
أفاقت من شرودها لتشعر بثقل جاثم فوقها.. لم يكن عادل يوما بمثل ذلك الثقل.. تنفسها أصبح لاهثا، فتململت تحته.. ظنته نائما عندما لم يشعر بحركتها أسفله.. تشعر بوهن شديد.. حاولت أزاحته فلم تستطع.. حاولت مرارا حتى أستطاعت أبعاده عنها، فسقط جوارها على ظهره..
توالى شهيقها وزفيرها تباعا حتى أنتظمت أنفاسها اللاهثة.. أمالت وجهها ناحيته فطالعته.. هادئ على غير العادة، أذن هو نائم.. نهضت بتثاقل جالسة، تضع يدها على صدرها أولا ثم رفعتها لتدليك جانب رأسها عندما لمحت يدها متسخة بلون أحمر.. أخفضت بصرها قليلا لتجد ثوبها متسخا بحمرة.. بشكل تلقائى نظرت لعادل، ثم أقتربت منه.. دماء كثيرة تقطر من صدره.. رائحة الدماء أصابتها بغثيان لم تستطع مقاومته فأفرغت كل ما بمعدتها..
نوبة شرود أخرى داهمتها للحظات، حاولت المقاومة ولكنها غرقت بها.. وعندما عادت أقتربت منه أكثر رغم رائحة دمائه التى تستفز معدتها الخالية.. كالأطفال حاولت هزه مرات عديدة وهى تجاهد لمنادته دون صوت، ولكنه ظل ساكنا.. كانت بشرته شاحبة تزداد زرقة، دمائه تتدفق، جسده بارد.. حاولت منادته مرة أخرى، ولكن خانها صوتها فلم يغادر حلقها.. خلعت روبها الرمادى، وطوته عدة طبقات.. حاولت ايقاف تدفق دمائه..
لم تدرى ماذا تفعل..
تطالع الغرفة بفزع..
سيموت ويتركها..
سيرحل بعيدا عنها..
لا لا لا..
لا تتركنى أرجوك..
أبقى معى..
سأصلح كل شئ..
بل
سنصلح سويا كل شئ..
سكون عادل.. مشهد الدماء.. رائحة الدماء.. يداها مخضبة بالدماء.. أفزعها كل ذلك.. عقلها يدفعها للشرود هروبا من تتابع المصائب على رأسها، وسكون عادل يدفعها للمقاومة..
أخيرا لمحت سلك الهاتف ساقطا أرضا خلف المكتب، سقط منها وهى تعبث بتلك الردفة قبل أكتشافها لوجود المسدس.. حاولت النهوض فلم تقوى، فخطت المسافة الفاصلة بينهما على ركبتيها بوهن.. كالملهوف أمسكت الهاتف، فانتزعته من موضعه لتضعه أرضا.. ثم أمسكت السماعة فانتبهت لعدم وجود كابل الهاتف بفيشة الحائط، فأسرعت بتوصيله..
بحثت بجنبات عقلها عن أى رقم تتصل به فلم تتذكر سوى رقم تجهل صاحبه.. أدارت قرص الهاتف عدة مرات حتى أستمعت لصوت الجرس، والذى أعقبه صوت فتاة تألفها ولا تستطيع التركيز لتتذكر هويتها: السلام عليكم..
حاولت سلمى الرد ولكن لم يطاوعها صوتها.. نظرت لعادل بفزع من أزدياد شحوبه، فحاولت بجهد أكبر التحدث.. فشلت كل محاولاتها، بينما على الجانب الأخر ظنت الفتاة أنها أحدى المعاكسات الهاتفية: مترد يا بارد يا قليل الأدب..
لتناديها أمها: بت يا سالى.. مين ع التليفون؟
لتصيح سالى بغضب فى سماعة الهاتف: معرفش يا ماما.. شكلها بلاوى بتتلقح علينا..
حاولت سلمى التحدث مرة أخرى باستماتة، ولكن أنقطع أملها عندما أغلقت صديقتها الهاتف.. فألقت السماعة بغضب بعيدا عن جسم الهاتف.. نظرت أرضا تتنفس بصعوبة من التوتر.. كلما شعرت بقربها من الشرود تطلعت لوجهه.. أقتربت منه، لتجده أزداد زرقة بينما تلون روبها بأحمر قانى برائحة الدم.. تطلعت للغرفة من جديد بحثا عن حل، وبين الفينة والأخرى تنظر ليديها المخضبة بدمائه لتحفيزها لأنقاذه حتى لا تفقد الأمل.. وبتثاقل تحاملت على نفسها مستندة على المكتب لتستطيع الوقوف.. ثم اتجهت لتغادر الغرفة، بل لتغادر الفيلا بالكامل علها تجد خارجها من يساعدها لأنقاذه..
--------
دقائق مرت عليه لا يعلم عددها، فتح عينيه بتثاقل.. خدر يجتاح جسده، مع برودة زائدة.. جاب بعينيه المكان باحثا عنها، وبصعوبة ناداها.. كانت يده راقدة فوق روبها الكاتم لجرحه..
شبح أبتسامة أطل على وجهه..
هى حية..
لم يصبها مكروها..
تحاول أنقاذه، وايقاف نزيفه..
رأى سماعة الهاتف مجاورة له، فازدادت أبتسامته..
هى تحاول بكل جهدها، رغم ما بها..
سيتمسك بالحياة من أجلها..
لن تنتهى قصتهما بموته..
سيحيا حياة سعيدة كما كان يجب أن يحدث منذ البداية..
جذب الهاتف اليه من السماعة.. لقد حان الوقت لطلب المساعدة من أخيه الأكبر.. مساعدة جاء طلبها متأخرا سنوات.. ورغم كل ما بينهما من جفاء، الا أنه واثق من عدم تخلى أخيه عنه.. فهكذا ربتهما أمهما حياة.. كل منهما سند وعضد للأخر..
بأصابع مرتعشة أدار قرص الهاتف، وبعد جرس قصير أستمع عادل لصوت أخيه وكأنه نجدة من السماء: ألو.. دكتور مصطفى الجوهرى.. مين معايا؟
عادل بصوت مبحوح: الحقنى يا مصطفى.. مضروب رصاصة فى صدرى..
فزع مصطفى، فصاح ملهوفا مصدوما: أيه؟ عادل..
يشعر عادل أن حلقه جاف كالحطب، فيرطب شفتيه بطرف لسانه فى محاولة لأفاقة نفسه حتى لا يسقط بغيبوبة: ألحقنى..
مصطفى بسرعة: أنت فين؟
عادل قبل غيابه عن الوعى: الفيلا..
مصطفى: عادل أوعى تغيب عن الوعى.. أنا جايلك حالا.. فوق..
لم يجبه أخاه، فناده: عادل.. عادل.. رد عليا يا ابنى..
فقد الأمل فى بقائه مستيقظا، ففصل الأتصال سريعا، وأعاد الأتصال بمشفاه: دكتور شريف.. تطلع بعربية أسعاف فورا على عنوان.......... أخويا هناك مضروب بالنار.. أكسروا الفيلا، المهم تلحقوه.. أنا هحصلكم على المستشفى..
ثم تراجع سريعا: لا أنا هسبقكم هناك.. تابعنى على تليفون العربية..
ثم أسرع بفك روبه المرتديه فوق قميصه وبنطاله ليسحب سلسلة مفاتيحه الموضوعة على المكتب أمامه، ويخرج راكضا من فيلته..
--------
تسير وحدها فى الظلام بالطريق الخالى من العمار والناس.. لا تعلم ان كان ذلك الأتجاه صحيحا أم لا.. غير مدركة للوقت.. تقاوم شرودها بصعوبة.. تشعر بالتعب، ألم يجتاح معدتها يماثل ذلك الألم الذى شعرت به ليلة سقوط حملها.. قدماها لا تستطيعان حملها من كثرة السير.. تشعر بالبرد يجتاح أوصالها، فعباءتها القطنية خفيفة للغاية تعدت ركبتاها بقليل.. نسمات الهواء كثيرة فتتطاير خصلات شعرها البنية هنا وهناك..
لم تعد تستطيع الصمود أكثر من ذلك.. جثت على ركبتيها بأنهاك.. لمحت يداها اللتان التصقتا عليهما دماء عادل، فتحثاها على النهوض والاستمرار.. كانت النوبة هذه المرة شديدة لم تستطع السيطرة عليها، فغابت فى ضلالات عقلها الباطن لمدة لا تعلمها..
أفاقت من شرودها تطالع المكان الفارغ حولها.. قرر القمر تلك الليلة الهروب من مهمته، فمازال الظلام مخيما على المكان.. لا تعلم أين هى؟ ولا لما هى هنا؟، ولكن يداها حملتا الأجابة المرجوة.. فأسرعت بالوقوف وحث الخطا، وهى تأمل وصولها لمساعدة..
لمحت أضاءة سيارة قادمة من بعيد، فأسرعت بالركض نحوها.. وما أن وصلت اليها حتى ظهرت فجأة أمام السائق الذى لم يستطع تفاديها، فاصطدم بها..
سقطت سلمى أرضا.. قبضة يدها مفتوحة أمامها، تنبأها أن أخر أمل بأنقاذه سينتهى ان أغمضت عيناها.. فتحت عيناها برعب قبل أن تجبر على أغلاقهما طويلا..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 20-10-17 06:44 PM

**الحلقة32: الطابق الثالث
 
استمرارا بفك الألغاز
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة32: الطابق الثالث
قاد مصطفى سيارته بسرعة جنونية، يطالع ساعته بين حين وآخر.. ليلة غاب فيها القمر عن سماه، فزاد ذلك من وحشة المكان الغير آهل بالسكان.. الخوف يحتل جميع خلاياه.. فأخاه الصغير ووريثه الوحيد فى خطر محقق.. فكرة خسارته تبعث فى نفسه الرعب.. لقد خسر بالفعل كل عائلته من قبل، وأخيه الأحمق يحمله مسئولية ذلك.. عاقبه سنوات وسنوات بالفراق الأجبارى، ورغم ذلك لم يفقد عزيمته فى استعادة الرابط بينهما.. والآن لا حيلة له فى الأمر، لن يتحمل خسارة أخرى..
كامل تركيزه صبه على طى الطريق بأى وسيلة، ومهما كانت سرعته جنونية لن يتوقف لأى سبب.. والمفاجأة أنه قد توقف، ومع الأسف بعد فوات الأوان.. فلقد ظهر شبح شئ ما فى الظلام، ظهر من العدم، فأصطدم به، وسقط على جانب الطريق..
أوقف سيارته فجأة، فأحدثت صريرا عاليا، لا يقل عن صوت دقات قلبه.. تنفس بصعوبة، بينما اتسعت حدقتى عيناه فى رعب.. هل صدم أنسان حقا، أم خيل اليه ذلك؟. الطريق مهجور فعليا.. أذن ربما هو حيوان عابر.. حاول طمأنت نفسه بتلك الخاطرة حتى يكمل طريقه.. فأعاد أدارة محرك السيارة للأنطلاق بها، ولكن بدلا من التحرك للأمام دفعه ضميره للحركة للخلف للتأكد من الأمر..
صعق عندما لمح جسدا مسجيا أرضا، فأوقف سيارته وترجل مسرعا باتجاه ذلك الجسد.. جثا على ركبتيه ليفحص ذلك المصاب.. شعر طويل متناثر يغطى جسد ضئيل الحجم.. هى فتاة أذن.. دماء كثيرة متناثرة على ثوبها المنزلى القصير.. أذن هى ميتة.. لقد قتلها.. أى مصيبة وقعت على رأسه الآن؟
جس نبضها فشعر به، تنفس الصعداء فالمصيبة الآن أهون مما ظن.. يزن الأمور الآن، فأخاه فى الفيلا يصارع الموت وحيدا، وتلك الفتاة التى ظهرت من شق الأرض هى أيضا بين الحياة والموت وتحتاج للذهاب للمشفى سريعا.. فمن ينقذ منهما؟
كاد يتركها ويرحل من أجل نجدة أخيه، ولكنه تردد فى مكانه وارتبك.. ضميره يمنعه من المضى، وقلبه يحثه على الاسراع.. قطع تفكيره رنين هاتف سيارته، فأسرع بالأجابة دون تردد.. لينبأه زميله أنه أستطاع الوصول لأخيه، وهم بطريقهم للمشفى لأجراء جراحة عاجلة.. فيحزم مصطفى أمره، ويحمل الفتاة لداخل سيارته، ثم يقود سريعا باتجاه المشفى..
--------
وصل المشفى بوقت قياسى للغاية.. علم أن أخاه بغرفة عمليات الطابق الثالث.. فأمر أحد الأطباء بمرافقة الفتاة المصابة للطابق الثالث أيضا، وأجراء اللازم لها.. لم ينتظر المصعد، وانما طوى درجات الطوابق الثلاث ليصل الى غرفة التعقيم ومنها الى غرفة الجراحة مباشرة..
خلية نحل داخل غرفة العمليات.. ورغم التوتر السائد بين الأطباء والطاقم المساعد نظرا لأن هوية المريض غير عادية، فهو الأخ غير الشقيق لقائدهم، ألا أن الجميع عمل بمسيمفونية واحدة تدل على حرفيتهم العالية.. وبخطوات واثبة أقتحم مصطفى الجمع، فتراجع الطبيب شريف المسئول عن الحالة فورا.. وأعطاه المبضع ليتولى قيادة العملية، بينما يسرد عليه بسرعة تطورات موقف الحالة.. يصيح مصطفى لحظتها بعنف: محدش ينطق ويقول حالة.. اللى راقد هنا بين الحياة والموت أخويا.. لسه مبدأش حياته، وأكيد أنهاردة بعون الله مش هتنتهى..
أستمر الجميع كل لعمله، بينما مصطفى يلمح أخاه الساكن تحت جهز التنفس بطرف عينه.. حيث تتوالى أكياس الدم على الحامل خلف رأسه، وضغطه لايبشر بخير..
المبضع بيده الآن، لا وقت للتراجع عن أجراء العملية بنفسه.. لو أن أحد أطباؤه أجرى الجراحة وفشلت لكان أصابه فى مقتل حينها، لذلك هو مرغم على المضى قدما مهما كلفه الأمر.. توكل على الله ثم بدء ممارسة عمله..
--------
ثمانية وأربعون ساعة مرت، ظل فيها مصطفى مرابطا أمام غرفة العناية المركزة حتى أطمأن لتجاوز أخاه مرحلة الخطر.. وقد تم نقله بعدها لغرفة عادية.. أخيرا سينال قسطا من الراحة، حيث لم يذق طعم النوم منذ الحادثة.. فطالبهم باحضار سرير أضافى له ليرافق أخاه..
وما أن توسد فراشه حتى غرق فى النوم.. لم يستيقظ سوى على صوت صفير الأجهزة المتصل أخاه بها.. فزع من نومه، فسلط نظره على أخاه الذى كانت مؤشراته الحيوية تشذ عن الوضع العادى المستقر.. أسرع بفحصه، ولكن استقر وضعه فجأة كما شذت فجأة دون سبب.. عاد ثانية للنوم، فلم يكن بحالة جيدة تسمح له بمقاومة النوم..
أستيقظ بعد نوم لم يتجاوز خمس ساعات، هى كافية بالنسبة اليه ليجدد نشاطه.. أطمأن على أخيه، ثم أتجه لغرفة مكتبه الصغيرة فى أخر رواق الطابق الثالث..
يجلس على مكتبه يطالع تقارير عادل وفحوصاته، قلبه ينبأه أن الأمر لن يمر مرور الكرام.. بين الفينة والفينة عقله يشرد فى سبب تلك الحادثة.. وحده أخاه من يملك مفتاح اللغز.. وأخاه راقد ولا يعلم متى يفيق.. لو يعلم من أطلق عليه الرصاص لن يكفيه عمره ثمنا لفعلته..
سيطر على أحاديث نفسه حتى لا يفقد السيطرة.. فالمهم الآن أخاه بغض النظر عن المتسبب فى اصابته.. رفع نظره باتجاه الباب عندما دق، فأذن للطارق بالدخول: أتفضل..
دلف الدكتور شريف للغرفة: مساء الخير مصطفى..
بابتسامة مرهقه حياه مصطفى: مساء النور..
وأشار له بالجلوس أمامه: معرفتش أشكرك اليومين اللى فاتوا.. شكرا ليك يا شريف..
الدكتور شريف: عيب الكلام ده يا مصطفى.. قبل ما اكون صديقك، أنا طبيب وده واجبى..
أراح مصطفى ظهره للخلف، متنهدا بامتنان: لو كنت أتأخرت دقايق كان أتوفى..
شريف: قول الحمد لله أنه بعتنى فى الوقت المناسب، ومتهناش فى الطريق.. دى منطقة مقطوعة.. كان بيعمل أيه هناك..
مصطفى: أه ماهى دى كانت فيلا جدى الدكتور سليم الله يرحمه سجلتها بأسم عادل بعد ما أمى أتوفت..
شريف: الله يرحمهم جميعا..
أومأ مصطفى برأسه: الله يرحمهم..
شريف: واضح أنه حرامى غشيم..
أقترب مصطفى من المكتب: حرامى!
شريف: واضح أن كان فى محاولة لسرقة الفيلا.. وأخوك أشتبك معاه..
أطرق مصطفى مفكرا: أزاى؟
شريف: الفيلا كانت مفتوحة.. غرفة المكتب كان بابها مكسور، ومقلوبة..
أكمل شريف بمنطق، ومصطفى مصغى له: يظهر الحرامى كان فاكر الفيلا مهجورة، حاول يسرقها.. وأخوك باينه كان نايم، وصحى على دوشة الحرامى واشتبك معاه.. وحصل اللى حصل..
ثم تابع: كويس أن أخوك قدر يقلع روبه ويوقف الدم، والا كان أتصفى.. ده حافظ على تركيزه أنه يكلمك، وألا مكناش هنلحقه..
مصطفى بارتياح لتفسير صديقه: الحمد لله.. قدر ولطف..
شريف: عادل وضعه أستقر.. أنا عديت عليه قبل مجيلك..
مصطفى بابتسامة هادئة: الحمد لله..
--------
شريف بتردد: كنت عاوز أكلمك فى حاجة كده..
طالعه مصطفى باهتمام: خير؟
شريف: البنت اللى جبتها..
أستغرب مصطفى: بنت مين؟
شريف: البنت اللى جبتها يوم الحادثة..
تذكر مصطفى الفتاة التى صدمها بسيارته: نسيتها خالص.. مالها؟ أقصد وضعها الصحى ايه؟
شريف: أنت تقريبا معملتش فيها حاجة، مجرد كدمة بسيطة..
رفع مصطفى حاجبه تعجبا: أزاى يعنى! دى كانت غرقانة دم..
شريف: ده مكنش دمها..
قطب مصطفى ما بين حاجبيه: مش فاهمك..
شريف بتردد: البنت دى متعرضة لاغتصاب من فترة قريبة.. وفى آثار عنف كتير فى جسمها..
ذهل مصطفى من كلمات الطبيب، فدلك ذقنه بأطراف أصابع يده اليسرى، وأطرق مفكرا وهو يهمس: لا اله الا الله..
حسم شريف الموقف: لازم نبلغ البوليس..
رفع مصطفى وجهه اليه يطالعه فى غضب وانفعال: أنت بتستهبل يا شريف؟!.. أنا كده ممكن أروح فى داهية..
أستغرب شريف من أنفعاله: وأنت مالك يا دكتور؟
مصطفى: لأنى ممكن ببساطة ألبس المصيبة دى.. ممكن تكون بنت حرام وتقول أنى أنا اللى عملت فيها كده.. شريف ولم يفارقه تعجبه: وأنت مالك بيها يا مصطفى؟
مصطفى بتهكم: دى شكلها طفشانة من أهلها، ممكن تتبلى عليا.. أسمى وسمعتى ممكن يبقوا فى الأرض.. وأنا بالنسبالها فرصة..
شريف بحدة: يعنى عشان خايف على أسمك هتضيع حقها فى أن المجرم يتعاقب..
نظر له مصطفى فى عدم أكتراث لحديثه: ده لو مطلعتش هى المجرمة..
ثم تابع: هى قالت أيه؟
شريف: هى نايمة من وقت مجبتها، باستثناء بليل.. صحت مفزوعة مبتتكلمش، لكن كانت منهارة عياط.. مهديتش الا لما خدت مهدئ..
استعاد مصطفى هدوئه: لما نعرف حكايتها نتصرف.. قرشين تبتدى بيهم من أول وجديد هيكونوا أفضل من الفضيحة..
شريف: وحقها؟
مصطفى بنبرة منكسرة: لو كنت أب يا شريف كنت عرفت أن أى حد فينا هيخاف أن بنته تتفضح ويضيع مستقبلها.. على العموم بلاش نسبق الأحداث، نعرف حكايتها أيه الأول وبعدها نتصرف..
تنهد قليلا ثم تابع: أنا مش هتخلى عنها متخافش.. هوفرلها حياة كريمة تسترها..
شريف بجدية: طب فى حاجة كمان تخصها لازم تعرفها..
زم مصطفى شفته فى ضيق: خير.. فى أيه تانى؟
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 22-10-17 11:14 PM

**الحلقة33: صراع الذاكرة
 
مشهد غلاف الرواية
تصميم المبدع/ Mohamed Mandoredsea
محمد ماندو
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة33: صراع الذاكرة
أسير وحدى فى الظلام بغابة موحشة..
برودة تسرى بجسدى تدفعنى لضم ذراعاى الى بغية الدفء..
أتطلع لما حولى يمينا ويسارا فى سرعة..
خائفة، أسير بلا دليل..
ثوبى لا يكاد يستر جسدى، فانكمش داخل نفسى بغية الأختفاء داخلى..
خصلات شعرى المتمردة تتطاير بين فينة وأخرى، تدفعنى لتحرير يدى من مرقدها..
أنا خائفة..
أسير بلا وجهة..
لقد سمعت شئ ما..
نبرة الصوت تلك أميزها..
أحاول البحث داخل عقلى عن هوية صاحبها..
عقلى فارغ..
ضالتى به، ولكن لا أستطيع الوصول اليه..
ليس مهما الآن أن أعرف من هو..
أشعر أنه يبحث عنى..
قلبى يدفعنى للذهاب اليه..
ينادينى باسمى، ولكنى لا أستطيع تمييز حروفه..
ظللت أركض، وأركض، وأركض..
ودائما أسقط..
تعبت.. تألمت.. أصرخ باكية مستغيثة به أن يجدنى..
ها هى أرجوحة هناك فوق التلة.. سأذهب اليها لأستريح..
هى بمكان بارز، سأنتظره حتى يصل الى..
وصلت للتلة، وأعتليت الأرجوحة..
تلك التلة مرتفعة عما حولها..
سأراه من مكانى، وهو سيرانى..
هو سيجدنى..
سأنتظره حتى نهاية عمرى..
صوت استطدام معدن بالأرض أقلق منامها المضطرب.. أستيقظت تطالع المكان بخوف.. بأسا على تلك الممرضة الغبية التى أسقطت أحد أدواتها أرضا، فأخرجتها من حلمها الذى يحمل أجابات تبحث عنها.. أقتربت منها الممرضة لتطمأن عليها، فما كان من سلمى سوى أنها فزعت وانكمشت على نفسها بطرف السرير.. تضم ركبتيها بقوة لصدرها، وسط هيستريا بكاء صامت.. أسرعت الممرضة بأحضار الطبيب شريف لفحصها، والذى أنهى الأمر سريعا بحقنة مهدئة أخلدتها لنوم تحتاجه..
--------
ثانية عدت لحلمى، ولكنه أكثر وحشة وكآبة..
البرد ينخر بأوصالى، أسنانى لم تتوقف عن الصك..
عيناى وكأن نارا أشتعلت بهما..
قدماى تؤلمانى، أكاد لا أستطيع السير..
أتلفت يمينا ويسارا بلا هداية..
أحاول أرهاف سمعى لألتقط صياحه البعيد بأسمى..
لم أسمعه هذه المرة..
هل تخلى عنى؟
ترقرقت الدموع نهرا صغيرا يجرى على وجنتيها..
وضعت يدها على فمها، تدارى بها شهقة خوف تملكتها..
تذكرت التلة وأرجوحتها، جابت عيناى الغابة شرقا وغربا بلا نتيجة..
ان وجدتهما فقد يسرت طريقه لاجادى، ولكنى لم أرى أيهما..
أشعر باختناق تحالف مع دموعى ليعجزانى عن التنفس..
مهلا.. مهلا.. هل أتخيل الغابة تنطبق على؟
أشعر بتلك الأشجار تقترب منى كأشباح الظلام..
أنا أختنق الآن بالفعل..
سقطت أرضا ألهث برعب محاولة الصمود..
أحاول النهوض، ولكنى لا أفلح..
وكأن ظلال الأشجار تسحبنى لتبقينى أرضا..
التلة وأرجوحتها هى أملى لملاقاته..
وهو أملى للتخلص من ضياعى..
لم تستسلم..
أحاول النهوض مرة بعد المرة..
نجحت أخيرا، فركضت بلا تردد..
أركض وأركض..
أجوب الغابة بحثا عن التلة وأرجوحتها..
دائما الأشجار تقترب منى لتقييدى، فأركض أكثر..
هاهى التلة، أراها هناك..
ركضت صوبها، وما ان أقتربت حتى سقطت فسحبتنى الظلال ثانية..
قاومت وباسلت للفر منها، أنظر للتلة بعين غريق يلتمس قشة للنجاة..
نجحت ثانية فى التخلص منها..
وقفت متلاهثة الأنفاس..
رفعت يدى لأمسح وجهى، لأتفاجئ على ضوء الليل الشحيح بالدماء تقطر من يدى..
رفعت كلتا يداى أنظر اليهما، كلاهما غارقان بالدماء..
ظللت أبكى وأنوح ألما..
علمت الآن لما لم أسمع ندائه على..
لقد رحل عنى بفعلة يدى..
رحل عن عالم الأحياء..
لا أهمية لا للتلة ولا لأرجوحتها..
لقد تركنى وحيدة هنا..
أنا وحدى بالغابة..
أنا أسيرة ظلال الماضى الآن..
دمه سيبقى ملطخا ليدى..
دمه سيبقى دليلا على جريمتى..
--------
أستيقظت متعرقة، تطالع يداها فى فزع، ترى الدماء تسيل منهما ولا تعلم ما السبب.. تبكى وتحاول الصراخ، ولكنها لم تسمع صرخاتها الحبيسة داخلها..
تسرع الممرضة المرافقة لها بأمر الطبيب شريف عندما فحصها باليوم السابق الى غرفة مكتب دكتور مصطفى لاستدعاء دكتور شريف مرة أخرى.. طرقاتها سريعة متلاحقة، فيأذن مصطفى لها: أدخل..
عنفها مصطفى على طرقها المزعج: ليه الأزعاج ده؟
أسرعت بالأجابة: الحالة اللى فى 7ج رجعتلها نوبة أنبارح يا دكتور شريف.. أعمل أيه؟
أنتبه شريف عندما لفظت رقم غرفة سلمى: هى دى البنت يا دكتور مصطفى..
ثم أمر الممرضة باحضار عقار الأمس المهدئ.. أستأذن شريف للذهاب اليها، ولكن مصطفى فضل مرافقته للاطمئنان عليها بنفسه..
نوبة بكاء داهمت سلمى، تحاول بعنف مسح يديها بملاءة فراشها.. وكلما حاولت أكثر فزعت أكثر.. ترى الدماء تتزايد على يديها وكذلك على الفراش.. الدماء تطارد عيناها.. تشتم رائحة الدماء، فتشعر بغثيان يصيب معدتها الخاوية، فتفرغ عصارة صفراء تزيد من مرارة حلقها..
دخل كلا الطبيبان غرفتها فوجداها تحك يداها وهى تبكى بحرقة، تطالع يدها برهبة ثم تعيد مسحهما بالفراش ثانية.. وما ان لمحتهما حتى انكمشت فى زاوية السرير، تطالعهما بترقب وعينان زائغتان.. تتلاحق أنفاسها فى توتر، ودموع عرفت طريق وجنتيها سريعا..
وقف مصطفى جوار الباب مستندا على الحائط، مشبكا يديه أمام صدره، مصوبا نظره عليها يدرس حركاتها وسكناتها بدقة.. دخلت الممرضة حاملة محقنا صغيرا، قدمته للطبيب شريف الذى أقترب من مريضته بهدوء، بينما الممرضة سبقته لسلمى لتقديم المساعدة..
اقترابهما منها أخافها، ولكنها ازدادت هلعا عندما رأت الحقنة بيده.. جذبت سريعا ملاءة الفراش المتسخة اليها لتكن حائلا بينها وبينهم، فلمحت يداها الملوثة بالدماء فتركت الفراش من يدها وهى تعاود التدقيق بيدها فى فزع واشمئزاز..
أضطرابها الأخير سمح للممرضة بالسيطرة عليها ليحقنها الطبيب بالعقار، ولكن منعه مصطفى فى اللحظة الأخيرة: لا يا دكتور شريف..
توقف شريف، فأسرعت سلمى بالهروب من قبضة الممرضة، وبقيت منزوية بطرف الفراش ضامة ركبتيها لصدرها واستمرت بالبكاء..
طالع شريف مصطفى بتعجب: خير؟
مصطفى بهدوء: أنا هتابع حالتها، أتفضلوا أنتم..
غادرا الغرفة، بينما أقترب مصطفى وجلس قريبا منها.. شعرت باقترابه فرفعت رأسها تطالعه بهلع.. سريعا أبتعدت لطرف السرير المقابل، فلمحت من جديد يداها، فأسرع مصطفى بسؤالها: أيدك مالها؟ مش نضيفة؟
نبرة صوته أثارت أنتباهها، هو صوت تعرفه..
أنه الصوت المرافق لأحلامها..
لا.. هى نبرة قريبة..
دققت النظر اليه..
ملامحه تشبه صورة مشوهة برأسها..
تلك الخصلات السوداء الكاحلة، أندمجت مع عينيه السوداوين..
تحاول تذكر هوية ذلك القابع بمخيلتها، ولكن لا يوجد برأسها سوى فراغ تبحث فيه..
كانت تطالع يديها باشمئزاز، وتلك الأفكار تلاحقها، فأعاد سؤاله: دى دم اللى على أيدك؟
ألتفتت له مؤيدة لكلماته برأسها، فتابع: لازم نطهر الجرح بسرعة عشان الدم يقف..
أومأت برأسها سريعا مؤيدة لأقتراحه.. لقد أستطاع بذكاؤه تشتيت أنتباهها فتوقفت عن البكاء ودققت النظر لكفيها..
سيخلصها من تلك الحمرة الشنيعة التى تطاردها..
سيرفع عنها عبئا لا تطيقه..
خرج مصطفى لدقائق ثم عاد سريعا ببعض أدواته.. أستخدم مطهرا وبقطنة صغيرة قام بتدليك كفها، ثم كرر مافعل باليد الأخرى حتى نظفهما جيدا.. واستغل الفرصة ليحادثها: أنتى أسمك أيه؟
قطبت سلمى ما بين حاجبيها، هى تحاول البحث عن أجابة داخل رأسها.. تعرف أن هناك أسما لها، ولكنها لا تتذكره.. قرأ مصطفى الحيرة على وجهها، فابتسم بهدوء: مش عارفة؟
تابع تطهيره ليديها وقد قرر أطلاق أسم عليها: فريدة..
نظرت له سلمى باستغراب، فاتسعت أبتسامته: هنديلك فريدة.. حلو يا فريدة؟
لم تجيبه، ولكن ظهر الأرتياح على وجهها عندما ضمد يديها بشاش أبيض نظيف.. وتابع: كده مفيش دم هينزل تانى..
ثم تابع محذرا: لو شيلتى الشاش هتنزفى تانى، والدم يغرق أيدك، أوعى تشيليه يا فريدة..
كانت سلمى تطالعه باهتمام، فعاد هو لابتسامته: بس الجرح عشان يلم لازم تاكلى كويس وتشربى سوايل كتير.. أتفقنا؟
أومأت فريدة برأسها فى طاعة لأمره..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 25-10-17 02:37 PM

**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(1)
 
ماضى عادل
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(1)
خرج الطبيب شريف بصحبة الممرضة بأمر مباشر من دكتور مصطفى، ليتفاجئ بخروج ممرضة أخرى ركضا من غرفة 3ج تبحث عن دكتور مصطفى.. فسألها: فيه أيه؟
الممرضة بقلق بائن على قسمات وجهها: الحالة عندها صدمة، وقراءات الأجهزة مش طبيعية..
أسرع شريف لغرفة عادل لفحصه، ولكنها دقائق معدودة حتى أستقرت الحالة كما لو لم يصيبها أى أضطراب.. زفر شريف بضيق بعد فحصه للمريض، فالأمر أصبح مؤكد بالنسبة اليه الآن.. عادل سقط بغيبوبة ، وحده الله يعلم متى يفيق منها..
أتجه شريف لمكتب صديقه بآخر الرواق، لم يجده فقرر أنتظاره لأخباره بوضع أخيه الصحى.. وبعد مايقرب من نصف ساعة حضر مصطفى: أنت هنا يا شريف؟
طالع شريف ساعته: أنا هنا من نص ساعة.. كل ده عند البنت؟
جلس مصطفى على مكتبه، وتفوه بهدوئه المعتاد: فريدة..
لم يستوعب شريف كلمات مصطفى: نعم!، هى اتكلمت وقالتلك هى مين؟
مصطفى: لأ..
عبث شريف بوجهه: أمال أيه فريدة دى؟
مصطفى: مجرد أسم مؤقت..
هز شريف رأسه بتفهم: كويس.. كويس..
ثم تابع ليؤجل قدر ما يستطيع تشخيصه لوضع عادل الصحى: أيه تشخيصك ليها؟
مصطفى: مش تشخيص، هى محتاجه لطبيب نفسى.. واضح أنها أتعرضت لصدمة منعتها من الكلام، وبتسرح كتير.. بس هى بتسمع كويس، وبتحاول تتكلم بس مبتقدرش.. أعتقد أن فقدانها للنطق كان من قريب..
تناول مصطفى كوب المياه الموضوع أمامه، ثم أكمل بتحفظ: ممكن وقت متعرضت للأغتصاب..
شريف بعد تفكير: ممكن، ويجوز الدم اللى كان على هدومها كان دفاع عن نفسها..
هز مصطفى رأسه: يمكن، ولو ده اللى عملته تبقى بت جدعة..
أكمل حديثه بعد لحظة تفكير: أكيد طبيب نفسى هيكون الحل الأمثل ليها دلوقتى..
أستخف شريف بكلام مصطفى: طبيب نفسى فى الدور التالت هنا.. أكيد أنت مش دكتور مصطفى الجوهرى..
أرجع مصطفى ظهره للخلف مستريحا على مقعده الجلدى: أهو ده اللى مفكرتش فيه.. أنا مش عاوز أنقلها تحت..
ثم تابع بعد تفكير: هفكرلها فى حل..
--------
تذكر مصطفى أن وجود شريف ليس للسؤال عن حالة الفتاة فسأله: مقولتليش يا شريف كنت مستنينى هنا ليه؟
أطرق شريف رأسه الى صدره وسكت، فانتاب مصطفى القلق على أخيه: عادل فيه حاجة؟
شريف: أنا أسف يا مصطفى، أخوك دخل غيبوبة..
شهق مصطفى، ثم أعقبه بزفير بطئ بينما مشط خصلات شعره بأطراف أصابعه وهو يريح ظهره على مقعده: هيبفوق منها أمتى؟
شريف بحزن: مقدرش أتوقع.. ممكن يوم.. شهر.. ممكن ميقومش منها..
أطرق مصطفى رأسه لينظر أرضا بحسرة: مينفعش يفضل فى غيبوبة.. الواد ده لسه مبدأش حياته..
وبنبرة مختنقة: من كام سنة يارا بنتى كانت مكانه.. سابتنى وماتت
قاطعه شريف: يارا ربنا رحمها.. لو كانت عايشة كانت هتقضى عمرها مشلولة، مفيش حاجة بتتحرك فيها غير عنيها، لكن عادل الأمل كبير فى حالته خصوصا أنه أشارات مخه بتسجل قراءات من وقت للتانى، صحيح عشوائى كأن فيه محفز خارجى بيأثر عليه، أو بيحس بحاجة بيستجبلها، لكن دى أشارة ممتازة فى الوقت ده..
مرارة اجتاحت حلقه فاختنق صوته: لو عادل مات يبقى أنا خسرت آخر حد فى عيلتى..
ثم أبتسم بمرارة: خسرت وريثى.. كأنى بجرى العمر ده كله ورا سراب.. لا مصطفى هيكونله وريث، ولا عيلة الجوهرى هيفضلها سليل..
ذكريات بدأت تجتاح عقله، ففضل البقاء بمفرده: لو سمحت سبنى لوحدى يا شريف.. أراح ظهره على مقعده، ليتنهد بحرقة وقد غزت غصة حلقه فيما ألتمعت عيناه..
--------
طفلا فى السابعة يبكى بحرقة، يجذب أخاه ذو الثامنة عشر من طرف قميصه: أمشى يا مصطفى.. أبعد عننا.. عمو كامل قال أن بابا مش هيرجع تانى، وأنت السبب يا مصطفى..
تسمر مصطفى فى مكانه، فنظر لأخيه بألم وحسرة عاجز.. عادل الطفل الصغير فهم الأمر، وأوجد أبسط حل للخروج من الأزمة.. وجب عليه الرحيل ليفك جده أسر زوج أمه، وينهى أمر اعتقاله: بابا مش هيرجعلى ألا لما تروح عند جدك فى بيته الكبير وتسيبنا.. أمشى يا مصطفى أنت وحش.. أنا مبحبكش..
جثا مصطفى على ركبتيه ليضم أخيه اليه عنوة رغم مقاومته: بس أنا هفضل أحبك يا عادل..
وبنبرة مختنقة تقاوم أنسياب دموعه: هفضل أحبك أنت وأمى..
حاول الأبتسام بينما يغمر أخاه بدفء مشاعره: وبابا مصطفى وتيتة.. بحبكم وهفضل أحبكم..
قبل وجنتى الصغير.. عيناه تلمعان مقاومة للدموع، بينما مسح وجه أخيه بكفه ليزيل أثر الدموع من على وجنتيه.. ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه، وهو يعدل من وضعية ياقة قميص أخيه: خد بالك منهم.. أنا معتمد عليك.. أنت راجل دلوقتى..
تركه ليغادر شقة عمه مصطفى للأبد.. تركه رغم أنصاته لبكاء أخيه ألا يتركه، وندمه على ما قال.. تركه رغم استعطاف جدته له أن يبقى, أو حتى ينتظر عودة أمه حياة.. تركه ليغادر حارته القديمة، التى ولد بها وتربى بين أركانها على يد زوج أمه وأباه الذى أعتنى به منذ نعومة أظافره.. تركه دون وداع لائق بأمه وأبيه.. تركه ليعود لجده لأبيه سليم، ليحمل عبء وريث عائلة الجوهرى الوحيد..
--------
شاب رياضى يرتدى حلة رسمية سوداء كلاسيكية، أزداد أناقة وغموض عندما حجب عيناه بنظارته السوداء.. يمشى سريعا بخفة يعبث بمفاتيح سيارته الحديثة متجاوزا بوابة فيلا الجوهرى بتلك المنطقة البعيدة عن تكدس العاصمة..
بمجرد فتحه لباب السيارة، تفاجئ بصوت أفتقده لسنوات يناديه: مصطفى..
نظر مصطفى باتجاه الصوت بلهفة، يطالع أخاه الصغير.. لقد صار مراهقا فى الخامسة عشر من عمره.. غليظ الصوت، أصبح للصغير الذى كان يحمله فوق كتفه عضلات.. لقد صار ينافسه طولا بعد أن كان قزما مقارنة به.. أبتسم مصطفى لأخيه، بينما فتح ذراعيه لاستقباله..
ألقى عادل حقيبته المدرسية أرضا، ثم قفز بين أحضان أخيه، يبثه شوق سنين: وحشتنى يا مصطفى.. كان نفسى أشوفك أوى.. وحشتنى يا غالى..
ترك عناقه ليسأله بجدية: هترجع معايا يا مصطفى؟
أومأ مصطفى برأسه فى سعادة متجلية بابتسامة واسعة: هاجى يادولة..
عادل برجاء: هتسيبنى تانى؟
هز رأسه نفيا ليجيب بتحمس شديد: عمرى مهسيبك يا واد.. دانت ابنى.. تربيتى..
أنتبه مصطفى لملابس أخيه المدرسية، فوضع كفه على صدغ أخيه يسأله بحنان: عادل أنت عرفت منين أنى رجعت مصر؟ وجيت هنا أزاى؟ دى حتة مقطوعة يا حبيبى!
أجاب عادل بفخر من أنجز مهمة قومية: من سنتين راقبت جدك الكشر..
ثم همس متلفتا للجانب يطالع فيلا الجوهرى بغموض ومرح: وعرفت طريق قصر الأشباح اللى أنتوا قاعدين فيه..
ثم أردف بطريقة مسرحية: وبقيت باجى كل فترة أراقب القصر يمكن تكون رجعت من بلد الخواجات..
ضحك مصطفى بقوة حتى ظهرت نواغزه، وعيناه سابحتان بالمكان حيث أخاه ليتفاجأ بمراقبة جده لهما من شرفة مكتبه.. أرتبك مصطفى لرؤيته، ملامح جده غاضبة.. هو لن يسمح له بالمغادرة، ولا حتى على سبيل الزيارة.. لقد كان واضحا فى شرطه، بقاؤه مقابل حرية عمه مصطفى.. لن يكون سببا مرة أخرى فى عجز أمه، وحسرة أخيه..
تحول وجه مصطفى للقتامة، وقام بفتح باب سيارته.. ظن عادل أن أخاه سيصحبه للمنزل، فتهلل وجهه وحمل حقيبته ثم اتجه ناحية الباب الآخر فى سعادة: يلا بسرعة نرجع الحارة..
ثم هتف بحماس زائد: أمك عاملة صنية بطاطس باللحمة..
أكسى مصطفى وجهه بالجمود: أرجع البيت يا عادل لأمك ولأبوك..
توقف عادل عن السير ليسأله بمرح: أه يا عم خايف العربية متدخلش الحارة.. متخافش الشارع واسع.. فوت أنت بس بقلب جامد..
تجاهل مصطفى كلام أخيه، وتحدث بجمود بينما يستوى بمقعد القيادة: روح زى مجيت يلا..
تفاجئ عادل بتغير أخيه، ورغم أحساسه بتهرب أخيه منه ألا أنه كذب نفسه: مشغول دلوقتى.. هتحصلنى لما تفضى يعنى..
خرج مصطفى من سيارته فى غضب: لأ.. مش هاجى.. هرجع الحارة ليه؟
عادل بارتباك: عشانا..
ضحك مصطفى بسخرية رغم تألمه من الموقف: عشانكم؟
ثم أردف ببساطة: أنا نستكم أصلا.. نسيت الفقر والتخلف اللى غرقانين فيه..
ردد عادل ببلاهة: تخلف!
ثم نظر له باستعطاف: طب تعالى شوف أمى.. أنت وحشها.. وبعد كده أمشى.. أنا مش هجيلك تانى.. وعد..
أقترب مصطفى من أخيه منفعلا، رغبة فى أجباره على التخلى عن التمسك به: يا أخى غور فى داهية..
تفوه بتلك الحماقة وهو يدفعه للخلف فيسقط أرضا، ثم يسرع فيقود سيارته بسرعة.. تاركا أخيه يلملم شتات نفسه، فيمسح دموعه المنسابة.. ثم يقف ليزيل الأتربة العالقة بثيابه، ويحمل حقيبته ويسير بالطريق الخالى وحده كما أتى وحده.. وفى تلك اللحظة يبتعد الجد سليم الجوهرى عن الشرفة راضيا بما آل له الأمر..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 30-10-17 09:01 PM

**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(2)
 
ماضى عادل
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(2)
بعد سبعة سنوات يمسك عادل بياقة قميص أخيه فى منتصف غرفة مكتبه بمشفاه.. كان مصطفى غير متزن من أثر الصدمة، يفكر فى ابنته الراقدة بحجرتها كالأموات، بينما عادل يصرخ بوجهه غاضبا: قتلت أبويا وأمى يا مصطفى.. جى بعد السنين دى كلها عشان تاخدهم منى..
وتمر عليهم ثلاثة أيام لنجد عادل بصالة منزله بالحارة منفعلا.. عيناه حمروان، وقد خطا السواد أسفلهما من أثر السهر.. حالته رثة، غير مهندم الثياب بينما نمت لحيته بشكل عشوائى: فلوسك دى متلزمنيش.. ولا أنت فاكر فيلتك وفلوسك دية هقبلها عوض عن أبويا وأمى..
يحك مصطفى جبهته بقوة لمقاومة ذلك الصداع المرافق له هذه الأيام: أنت وريثى يا عادل.. كده كده كل حاجة بملكها هتكون ليك.. فمفيش مانع تستلم جزء من ميراثك دلوقتى..
ألتفت عادل له غاضبا: مش عاوز منك حاجة.. أمشى أطلع برة.. مش عاوز منك حاجة.. برة..
وقف مصطفى استعدادا للرحيل، وأشار بيده لحقيبته الجلدية الموضوعة على المنضدة الصغيرة أمامه: الشنطة فيها أوراق الملكية، وبيانات حسابك البنكى الجديد..
صرخ عادل بوجهه غاضبا، بينما قذف الحقيبة بعيدا لتسقط أرضا: مش عاوز منك حاجة.. أبعد عنى.. أنت أيه؟ مبتفهمش!
--------
فتح شريف باب الغرفة دون استئذان، فسحب مصطفى من دائرة ذكرياته المؤلمة: لقيت حل للمعضلة.. نسفر عادل بره..
رفع مصطفى رأسه حسرة: يعنى هيعملوله أيه أحنا معملنهوش.. ما احنا الاتنين عارفين أن الغيبوبة ملهاش علاج..
أراد شريف رفع روحه المعنوية: يمكن يا أخى ربنا يبعت الفرج.. هتصل بأستاذى فى لندن وأعرض عليه الموقف..
تحمس مصطفى قليلا: طيب.. كويسة لندن.. هدى هانم هناك، وممكن تفيدنى ولو أنها مبتحبش عادل..
أستأذن شريف للأنصراف، وقبل خروجه أوقفه مصطفى: شريف..
شريف: خير؟
مصطفى: فريدة هتسافر معايا..
نسى شريف تماما أن مصطفى أعطى للفتاة أسما، فقطب جبينه وتساءل: فريدة مين؟
رفع مصطفى حاجباه فى أنزعاج: البنت أياها..
أستغرب شريف تصرفه: ليه؟
مصطفى: يمكن أقدر أساعدها المساعدة اللى مش قادر أقدمها لأخويا.. يمكن لما أساعدها ربنا ينجيه..
أجابه شريف بمضض: ولو أهلها ظهروا؟
مصطفى بهدوء: عادى.. أحنا مستشفى، وبنعالجها..
لم يقتنع شريف بحججه، فهو يرى أهتمامه بالفتاة مضيعة لوقته: طب وهتسافر أزاى وهى معهاش أى حاجة تثبت شخصيتها؟
مصطفى بهدوء: ده موضوع بسيط، هاهتم أنا بيه..
--------
مر حوالى شهر على ثلاثتهم بلندن، أودع مصطفى أخاه بأحد المشافى المشهورة.. لم يرغب بالبقاء بفيلا عمته حتى لا تسأله عن الفتاة المرافقة له.. فقد فضل أبلاغها ببقائه بأحد الشقق المؤجرة القريبة من المشفى ليسهل عليه متابعة ومرافقة أخيه الأصغر.. ورغم تذمرها من فعلته الا أنها شعرت بالشفقة على ذلك الشاب.. فرغم كل شئ هو أخو ابن أخيها رحمة الله عليه..
كانت العمة هدى لا تحب ذلك الشاب عادل، لأن مصطفى أعتبره وريث العائلة.. حاولت كثيرا دفع مصطفى للزواج مرة أخرى بعدما ماتت زوجته وأبنته، واللتان لم تكونا سوا أبنتها وحفيدتها الوحيدة.. لقد أكتفى مصطفى بأخيه عن الذرية، ولا سبيل لتغيير رأيه..
خلال تلك المدة لم يظهر عادل أى تقدم فى وضعه الصحى.. من يراه يظنه خالدا للنوم فى هدوء، ورغم ذلك لم يفقد الأمل فى عودته.. ولربما كانت فريدة صاحبة الفضل فى ذلك دون أن تدرى.. صحبتها كانت بمثابة مسكن من حالة الأحباط الملازمة له بسبب غيبوبة أخيه، خاصة مع تقدم حالتها النفسية..
--------
ألتزمت فريدة بجلسات رتبها لها مصطفى مع أحد الأطباء النفسيين المهرة الذى قدم لها رعاية طبية فائقة، وكم تفاجئ عندما أنتبه فى جلستها الأولى لفهمها حديث الطبيب الأجنبى.. قلت نوبات الفزع والشرود لديها، كما تحسنت صحتها بشكل كبير..
تقارب الأثنان فى تلك الفترة الوجيزة.. ففريدة كانت رقيقة هادئة.. أعتادت خط كل ما يدور برأسها على أوراق دفترها الصغير الذى لا يفارق يدها.. كانت هدية مصطفى اليها ليستطيعا التواصل سويا.. غمرها بعاطفة أبوية خالية من أى مشاعر تشوهها، وقد أستجابت فريدة سريعا كما لو كانت تتوق لتلك المشاعر النقية..
وذات يوم يدخل مصطفى لشقته محبطا من وضع عادل الصحى، فيجلس على أحد المقاعد القريبة ناظرا لموضع قدمه فى حزن.. تدخل فريدة سريعا أليه، فقد كانت تنتظره من الصباح وقد تفاجأت بحالة الضيق البادية على ملامحه.. فأخرجت دفترها، وخطت على صفحة بيضاء: مالك يا مصطفى؟
ثم لمست يده بخفة لينتبه لها، فطالعها بابتسامة جاهد فى أظهارها بينما يلمح بعينه ما كتبته هى: مفيش يا فريدة.. أنا كويس..
ثم حاول تغيير الموقف: أكلتى؟
شعرت بأخفائه شيئا عنها، فكتبت: متزعلش.. أنت مش لوحدك.. أنا معاك..
ناولته دفترها، فتفاجأ بكلماتها البسيطة.. رفع وجهه نحوها فوجدها تطالعه بابتسامة رقيقة، كما لو كانت تحتويه.. لأول مرة منذ سنوات يشعر أنه ليس وحيدا.. هناك من يعتمد على وجوده، ويشاركه يومه..
أبتسم برقة، ودعاها لتناول طعام الغذاء بالخارج، فانزعجت فريدة بشدة.. هى تخشى الناس، وترفض الأختلاط وتتجنبه كما لو كانوا أشباحا يريدون أيذائها.. فتشنجت ملامحها، وهزت رأسها مرارا يمينا ويسارا بانفعال رافضة فكرته.. حاولت مغادرة المكان للاحتماء بجدران غرفتها،حصنها وملاذها..
منعها مصطفى من الهروب عندما شدد بقبضته على مرفقها، فنظرت له بعينين لامعتين ترجوه الا يصمم على هذا الأمر، فما كان منه الا أن حدثها بهدوء: أنتى معايا فى أمان.. محدش يقدر يأذيكى هنا.. كل واحد عايش فى حاله.. محدش هيسألك لا عن اسمك ولا بلدك ولا دينك.. هنا أنتى حرة.. أخرجى للدنيا وعيشى..
أطرقت رأسها خجلا وهى تكتب بمفكرتها، بينما يرى هو ماتخطه يدها: هتسبنى؟
--------
نظر لها مطولا يفكر بأمرهم جميعا.. هى تحتاجه.. أخيه بغيبوبة.. هو وحيد.. فلما لا يفعلها؟.. لما لا يكون أسرة جديدة..
ابتسم بهدوء، وقد قرر ما سيفعله: أنا مش هسيبك ألا لو أنتى طلبتى ده..
ثم أكمل حديثه بمرح: هنزل أجيب حاجة من المول.. قدامك ساعة تكونى جهزتى، عشان هعزمك على أكلة تحفة فى مطعم صغير أنما أيه وصفاته خطيرة..
بعد مرور بعض الوقت خرج مصطفى من المصعد فاتجه الى شقته الصغيرة، وقبل أن يفتحها أخرج من جيبه علبة مخملية حمراء صغيرة ففتحها ليطالع ذلك الخاتم الماسى الصغير بابتسامة واسعة، وهو يتمنى أن يلائم يدها..
دلف لبهو شقته فتفاجئ بفريدة وقد بدلت لون شعرها الطويل من البنى الى الأشقر.. فابتسم لها مشجعا أياها على الأقدام على الحياة، بينما أرتبكت هى فنظرت أرضا فى خجل: حلو جدا، بس ناقص حاجة..
طالعته بحزن، بينما لم تحد عيناه عنها.. فتقدم نحوها بهدوء، ليجعلها تستدير لتواجه المرآة خلفها، وقد أمسك بعض خصلاتها: الشعر ده لازم يتقص..
طالعته بالمرآة برفض، وقد حاولت الأبتعاد عنه فى غير رضا منها عن أقتراحه، فمنعها من ذلك مرة أخرى..
وقد أعد لها مصطفى قبل سفرهم حقيبة صغيرة تشمل بعض ملابس زوجته الراحلة لتستخدمها.. فأكمل حديثه وقد أزدادت أبتسامته: وكمان هنغير طريقة لبسك..
--------
مرت سبعة أشهر كان مصطفى يقضى بعض الوقت بمصر لمتابعة عمله، ولكن أكثر الوقت يقضيه بلندن مرافقا لأخيه ولزوجته التى لا تعرف شيئا عن غيابه المتكرر لمرافقة أخيه فهو لا يريدها أن تحمل عبء نفسيا قد يؤثر على وضعها الصحى ففضل التحجج بقضاء بعض المصالح الخاصة بعمله..
أبدى عادل استجابة حسية عدة مرات، رفعت من معنويات مصطفى كثيرا خاصة مع أنتظاره لقدوم ولى عهده.. وقد كانت مفاجأة بالنسبة له عندما خرج من غرفة العمليات مصطحبا طفله الوليد ليستقبل خبر خروج أخيه من الغيبوبة..
حقا فريدة قدم خير لحياته..
--------
قابع أنا بغيبوبة..
أعلم ذلك..
أسمع همس أخى جوارى، راجيا أياى أن أعود لوعى..
أحاول العودة، ليس من أجله فقط، ولكن من أجلك..
سلمتى..
حبيبتى..
أحاول العودة من أجلك..
أشعر بك صدقينى..
كلما كنتى هادئة أرتاحت نفسى..
وكلما فزعتى أسمع صرخاتك بأذناى، فينتفض جسدى..
أحاول العودة أليكى، ولكن هناك أغلالا تمنعنى..
اليوم صرخاتك متلاحقة، وكأن الموت يطاردك..
أسمع لهاث أنفاسك المتقطعة..
أشعر بروحك المسحوبة، والمختلطة بأناتك..
اليوم أستطعت كسر قيودى..
لن يفرقنا الموت حبيبتى..
سأبحث عنك..
سأجدك حبيبتى..
----------------------------
يتبع
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 04-11-17 12:24 AM

**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(3)
 
كشف ألغاز الماضى
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(3)
فتحت عيناى بقوة لأتفاجئ بأجهزة كثيرة متصلة بجسدى..
شعرت برهبة فالحوائط بيضاء بشدة تدفع البرودة بكامل أنحاء جسدى..
لم تمر سوى ثوان معدودة حتى أمتلأت غرفتى بوجوه ملونة، كلها غريبة عنى..
أقترابهم منى أربكنى..
لا أعى أين أنا، ولا من هم..
لا يهمنى معرفة أى شئ سوى هى..
بحث عنها بين وجوههم، فلا أجدها..
لا أعرف لما تسرب الخوف لقلبى..
أنا رجل، فلما أرهب المكان وهؤلاء الأشخاص ذوى الرداء الأبيض!
يا ألهى، أهذا ما شعرتى به سلمتى عندما أنتزعتك من دنياكى لتسكنى سجنى!
يذيقنى الله خوفك الآن..
حسنا يالله أنا متقبل عقابك، ولكنى أرجوك أن تكون سلمتى بخير..
أرجوك دعنى أطمئن لنجاتها، وأفعل بى ما تشاء..
أنا راض بقضائك..
سلمى.. سلمى.. سلمى فين؟ أنتم مين؟ فين سلمى؟
صرخ بها عادل فور أفاقته، مما اضطر أطباؤه لمنحه مهدئا يخلده للنوم للسيطرة على أنفعالاته القوية..
--------
دخل مصطفى غرفة أخيه فرحا.. جلس على المقعد المجاور له، منتظرا استيقاظه.. يزفر عدة مرات للسيطرة على نشوة السعادة التى أصابته خلال الساعتين الماضيتين.. رزقه الله بطفل، كما أنعم عليه بنجاة أخيه.. ولم يكن ذلك فقط منح الله له وقتها فلقد أستمع لأول مرة لصوت زوجته الشابة، أمتزج صراخها بصراخ الوليد..
يدلك وجهه براحة يده، فيما تتمدد ابتسامته أحيانا وتتقلص أخرى: النهاردة بجد أسعد يوم فى حياتى..
ألتمعت عيناه بدمعة تحاول الفرار: كنت فاكر بعد يارا الفرح أتحرم عليا..
مسح دموعه سريعا، ثم أخذ نفسا طويلا زفره ببطء: النهاردة شلت بين أديا آدم..
أتسعت أبتسامته: أبنى آدم.. والله يا عادل كنت هسميه عادل، بس مردتش أكسر فرحة أمه.. لقيتها بتقولى هسميه آدم، كانت فرحانة.. أول مرة أسمع صوتها ، مقدرتش أرد طلبها..
تنهد بفرحة وهو يشعر بخفقان قلبه: كانت رقيقة قوى..
أشار بأصبعه أمام وجه أخيه وهو مقتربا منه: بس أوعدك العيل التانى هسميه عادل..
ثم أرجع ظهره لمسند مقعده فى ارتياح: منا نفسى أتفتحت ع الدنيا، هخلف كل سنتين تلاتة عيل.. هملا الفيلا عيال..
أقترب مرة أخرى من أخيه: وأنت كمان أعمل حسابك هتعيش معانا مع بنت الحلال.. أسمها سما صح؟
ثم تابع استرسال حديثه: الدكاترة قالولى أنك وقت مصحيت كنت بتنده على سما وبس..
ربت على كف أخيه الساكن أمامه: قوم يا بطل أنت بس وأنا أجوزهالك.. هعملك فرح مشفتوش مصر كلها..
--------
أستيقظت من نومى الأجبارى لأجد أخى قابضا على يدى بين كفيه.. أبتسامته ودودة.. نظراته دافئة.. كلماته حنونة، ورغم ذلك لم أنتبه اليها، فقط وجهه ما يطمئنى لاستعيد تركيزى..
تفوهت بصعوبة وأنا أفرك عيناى بقوة: أنا فين؟
مصطفى بود مبالغ: حمدالله على سلامتك يا غالى..
عادل بعصبية خفيفة: أنا فين؟
رد مصطفى بهدوء: أنت فى المستشفى يا حبيبى، وبقيت زى الفل.. متقلقش..
حاول عادل النهوض من مكانه: أنا لازم أمشى من هنا..
أسرع مصطفى بتثبيته: لا مينفعش دلوقتى.. لازم نطمن الأول أن الغيبوبة مأثرتش على أجهزتك الحيوية.. دول 8 شهور كاملين، مش يوم ولا اتنين..
صعق عادل من كلماته.. حبس سلمى ثمانية أشهر، فعاقبه الله بغيبوبة تماثلها.. فصرخ بوجه أخيه وهو يقاومه ليغادر فراشه: أنا لازم أمشى من هنا..
ثم بانهيار تابع بيأس: أنا لازم أمشى يا مصطفى.. هى فين؟
تعجب مصطفى: هى مين؟ سما تقصد؟
عادل بتعجب: سما!
مصطفى بابتسامة واسعة: الدكاترة بيقولوا كنت بتنده عليها أول مفقت..
ثم تابع بمرح: قوم يا حبيبى أنت بس وهنروح نتقدملها.. هعملك فرح تتحاكى بيه مصر كلها..
عادل بانهيار ممزوج بخوفه على فتاته: أنت مشوفتهاش يا مصطفى؟
أجابه مصطفى: أنا معرفش هى مين أصلا!
شعر عادل بالخوف من أخبار أخيه بما فعله بحبيبته، فمسح على رأسه بكف يده: لازم أرجعلها.. هى لواحدها.. أكيد مستنيانى فى الحارة..
--------
لم يجد مصطفى حلا أمام ألحاح أخيه سوى الرضوخ لطلبه والعودة مرة أخرى للقاهرة.. عقبته الوحيدة الآن هى زوجته وطفله، ولم يكن مناسبا السفر لأى منهما.. فتركهما برعاية عمته، التى جن جنونها عند علمها بأمر زواجه السرى وأيضا أنجابه، ولكن أنطفأ غضبها سريعا عندما حملت حفيدها بين يديها..
وعلى الجانب الآخر حالة أخيه النفسية غير مستقرة أطلاقا، فلم يرغب مصطفى ارباكه بخبر زواجه وانجابه.. حاول التقرب والتودد أليه، يشعر أن أخيه يخفى عنه سرا يرتبط بكارثة، ولكن فشلت كل محاولاته معه كما العادة.. عادل بئر أسرار لا ينضب.. ولما العجب من شابه أخاه ما ظلم، هو أيضا لديه أسرار يخشى أن يعلم بها أحد..
أصبح مصطفى بين المطرقة والسندان.. ما بين جنة ونار.. فريدة وأبنها جنته، بينما أخاه نارا أشتعلت بجنبات حياته.. بلندن تقبع زوجته الشابة وطفله.. مقبلة هى على الحياة.. ثرثارة لا تتوقف عن الحديث، وكأنها تعوض شهور الصمت.. لا تكف عن المرح والفرح، حتى أنها أستطاعة بذكاء حاد أستمالة عمته صعبة المراس..
أختلق مصطفى قصة عن عائلة زوجته.. فهى فتاة يتيمة الأم، تربت بأوروبا فى كنف أبيها رجل الأعمال.. وقد خسر الرجل ثروته قريبا فى أحد صفقاته التجارية.. لم يتحمل الصدمة فتوفى أثر ذبحة صدرية، وتبع ذلك سقوط فريدة أسيرة صمت زال عند رؤية طفلها.. كانت قصة محبوكة أقتنعت العمة بها، فأصبحت هى لها أما ، وأصبحت فريدة لها أبنة بارة..
--------
مر عامان، بحثت عنها بكل مكان كالمجنون..
ليست بالحارة..
لا أحد يعلم عنها شئ منذ سفرها المزعوم..
ظنوها لا ترغب فى العودة فقطعت حبال الوصال معهم..
لا يعلمون أننى أسرتها، ثم أضعتها..
أين أنتى سلمتى؟
أجوب الشوارع بحثا عنك بين الوجوه..
أهملت نفسى، وأدمنت المهدئات لأقاوم رغبتى بالأنتحار..
تجرعت الخمر مرارا لأنساكى، فذكرتنى بتفاصيلك..
ذكرتنى بدفء عيناكى.. بشهد شفتاكى..
ذكرتنى أيضا بدموعك وتوسلاتك..
ذكرتنى أننى سبب ضياعك..
أين أنتى سلمتى؟
أين أجدك حبيبتى؟
--------
أذن مصطفى لذلك الطارق لباب غرفة مكتبه بالمشفى، والتى كانت سكرتيرته الشخصية: آسفة يا دكتور مصطفى.. فى الأستقبال شاب مصمم يقابل حضرتك.. محدش فاهم منه حاجة..
تنحنحت فى أرتباك: يظهر عنده مشكلة فى النطق.. موظف الأمن مفهمش منه غير أنه جى لحضرتك من طرف أخوك..
تشنجت عضلات وجه مصطفى، فخاطبها بعصبية خفيفة: دخليه حالا، أنتى منتظرة أيه!
بعد دقائق دلف بهى صديق عادل لغرفة مصطفى.. وجهه شاحب مضطرب، حاول التحدث لمصطفى، ولكنه لم يفهم ما يحاول قوله بسبب تلعثم بهى.. ولحل ذلك الموقف أعطاه دفتر ملاحظات صغير وقلم لتدوين ما يريد قوله، كما أعتاد أن يفعل قديما مع فريدة أثناء صمتها..
علم مصطفى أن أخاه قبض عليه بسبب مشاجرة بأحد الملاهى الليلية.. فأسرع بالأتصال بأحد معارفه والذى لم يكن سوى اللواء رأفت البلتاجى.. وقد وعده بأرسال أبنه الرائد شاهين البلتاجى فورا لانهاء الأمر، والأفراج عن أخيه..
--------
خرج الرائد شاهين البلتاجى من غرفة زميله المكلف بتجهيز المحضر، الذى قطع برجاء شخصى من شاهين مدعيا أن عادل أحد أفراد عائلته ولا ينبغى الزج باسم عائلة قانونية عريقة مثل عائلتهم بمحضر.. حضر مصطفى وبهى بنفس التوقيت، فجذبه شاهين ليحدثه بغرفة أخرى على أنفراد..
أعرب مصطفى عن شكره لشاهين ووالده على تصرفهم النبيل معه: حقيقى أنا مش قادر أشكرك أنت ووالدك على موقفكم معايا..
نفث شاهين دخان سيجارته فى هدوء، بينما يطالع مصطفى بهدوء: ولا يهمك يا دكتور، أنا اللى مديونلك لولا أن لحقت والدى كان ممكن لا قدر الله يموت..
مصطفى: ده واجبى كطبيب..
طالعه شاهين بملامح جامدة: وعشان تقدر تقوم بواجبك مينفعش أخوك يمشى فى السكة دى.. لولا أننا خلصنا الموضوع وتعهدك بعلاج المصابين فى المستشفى بتاعتك، كان زمان أخوك مرمى فى السجن وأكيد كان هيطس حكم محترم يضيع مستقبله..
أزدرد مصطفى ريقه: الحمد لله قدر ولطف..
سحب شاهين نفسا قويا من نيكوتينه لينفثه ببطء: وعشان ده ميتكررش خد بالك من أخوك.. الليلة دى مكنتش عشان شرب كاسين فسكر وأتخانق..
وبهدوء حذر: أخوك بيبلبع حاجة، أخوك مدمن..
----------------------------
يتبع الجزء الرابع من الحلقة الليلة فى تمام العاشرة مساء
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 05-11-17 02:35 PM

**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(4)
 
كشف ألغاز الماضى
رواية "ظلال الماضى"
الفصل الرابع: اللقاء الثانى
**الحلقة34: سنوات عصيبة ج(4)
كلما ضاقت به الدنيا سافر لجنته فريدة، يكنز من رصيد السعادة ليبذله عند عودته للقاهرة.. ينفق ذلك الرصيد فى ضغوط العمل، وعلى محاولات أخيه المستمرة للهرب من المصحة النفسية..
علم من بهى صديق عادل أن السبب حبه لفتاة من طرف واحد، وأن تلك الفتاة هاجرت بلا أمل فى العودة، فزاد سخطه عليه.. أكل ذلك الأنهيار والأستسلام من أجل فتاة! أعدمت الدنيا من غيرها؟
آخر مرة هرب فيها أنتشله من أحد الملاهى الحقيرة، وقد أصيب بتسمم كحولى كاد يودى بحياته.. قرر وقتها أصطحابه للندن لأخضاعه مرة أخرى للعلاج المكثف.. وقد عهد لصديقه أدريان بمتابعته وتأمينه بأحد المشافى العلاجية ذات الصيت المشهور..
أخيرا حان الموعد للذهاب لجنته، والأستمتاع برفقة أسرته الصغيرة.. يضع آدم ذى العامين على ساقه يداعبه، ويواسيه فقد أجبر الصغير على أرتداء نظارة بأمر من طبيبه.. ولم يرض الصغير بذلك القيد الا بعد قدوم أبيه، وأصطحابه أياه لشراء أطار نظارة مميز..
كان يدندن للصغير أحد الأغانى المصرية القديمة ذات الطابع الرومانسى عندما دلفت فريدة للغرفة.. لا تعرف ماذا أصابها عندما استمعت لغنائه! وكأن هناك ما يقبع على روحها.. وكأنها أستمعت من قبل لأغنية عبدالحليم تلك، ماضيها يناديها فرفضت تلبية النداء، فصرخت بوجهه دون مبرر أن يتوقف.. بدا الأنزعاج على وجه مصطفى، بينما شرع الطفل فى البكاء: أهدى يا فريدة، آدم خايف.. مكنتش أعرف أن صوتى وحش كده!
أستجمعت فريدة شتات أمرها، فاقتربت منهما، وجلست على ركبتيها ثم قبلت صغيرها: آسفة والله، بس أنا مبحبش الأغانى العربى..
نظر لها مصطفى بتشكك، فأسرعت بابتسامة هادئة لتشتيته فطالبته: ممكن تغنيلى أغنية تانية؟
أومأ برأسه ثم شرع بالغناء بفرنسية سليمة، فأصابها أحباط لجهلها بما يقول، فنطقت بحزن وهو مستمر بالغناء: أنا مبعرفش فرنساوى، مش فاهمة حاجة..
فنطق بمرح: بس كده يا ستى، أيه رأيك نسافر فرنسا فترة تتعلمى هناك اللغة، وبالمرة تعملوا shopping (تسوق) السنة الجديدة..
--------
مرت ستة أشهر هادئة على الجميع.. مصطفى مشغول بفروع المستشفى الجديدة.. فريدة وطفلها ينطلقان بجولات فرنسية مصحوبة بفواتير شراء باهظة، لم يتأفف منها مصطفى يوما، فسعادة ذلك الثنائى تمثل سعادته.. أما عادل فيخضع للعلاج بشكل يبشر بخير..
كل شئ هادئ حتى ورده اتصال من فرنسا.. فقد بلغته مدبرة منزله أن السيدة فريدة تعرضت للهجوم وهى الآن بالمشفى.. حجز مصطفى لأول طائرة مغادرة للقاهرة باتجاه فرنسا.. وفى أثناء تلك المدة مابين علمه بالحادثة وسفره اليها علم بكامل تفاصيل ماحدث..
فريدة تعرضت لهجوم وحشى من أحد المتشردات بالشوارع مما أدى لأصابتها بجرح قطعى كبير بكف يدها اليمنى، والأخطر من ذلك هو عودة الذاكرة اليها.. حدث ما كان يخشاه.. عاد لها ماضيها الآن، ولا يعلم أيقبل القدر به جزء من مستقبلها؟ أم أن عودة الذاكرة تمثل تأشيرة خروجه نهائيا من جنته؟ لا يعلم الأجابة، ولكنه سيؤدى واجبه حتى النهاية، فاتصل بطبيبها النفسى لاستدعائه لمتابعة حالتها..
اتجه مباشرة عقب هبوطه أرض باريس للمنزل للأطمئنان على طفله.. ثم أتجه بخطوات متثاقلة للمشفى حيث ترقد زوجته.. دلف لغرفتها فوجدها نائمة من تأثير المهدئ، جلس على المقعد القريب منها بتوتر ينتظر أستيقاظها..
مر ما يقرب من ساعة عندما فتحت عيناها.. نظرتها مرتعبة كما رآها أول مرة ولكن بفارق فى غاية الأهمية، قديما كانت فتاة لا حول لها ولا قوة لا تدرى عن ماضيها شئ، أما اليوم فالماضى والحاضر يقبع داخل عقلها، فأيهما ستحتذى؟
أجهشت سلمى بالبكاء، هى تتذكر كل شئ.. كل الأحداث تطاردها، قتلت عادل، أنقذها مصطفى من الضياع فمنحها حياة مثالية، وهناك آدم.. ببكاء هيستيرى لجأت أليه: ألحقنى يا مصطفى؟
نظرتها آلمته، فاقترب منها جاذبا كفها المضمدة بين راحتى يده: أنا معاكى.. متخافيش.. هيقبضوا على المجرمة اللى عملت فيكى كده.. وأوعدك أنها هتفضل فى السجن كتير..
نظرت له ومازالت دموعها منسابة على وجنتيها: أنا.. أنا....
لم تستطع أكمال حديثها من شدة البكاء، فربت على يدها: عارف أن الذاكرة رجعتلك.. وأى كان قرارك أنا هدعمك فيه..
هاهو قد وضعها أمام نفسها لتقرر مصيرها بنفسها..
أتعود لأطلال ماض هى فيه ضحية ومذنبة؟
أم تختار حاضرا من صنع يد رجل مد يده لها بالمساعدة دون أنتظار مقابل؟
أتعود لتبحث عن قبر رجل هو عادلها وظالمها فى آن واحد؟
أم تبقى بكنف رجل جعل منها أبنة له، والأهم هو أبو طفلها؟
لحظة واحدة..
تحمل أجابة وحيدة..
ترسم مصيرها هى وطفلها..
حيرة ملأت عقلها، ويجب عليها الآن حسمها..
مسحت دموعها لتسأله لمرة أولى وأخيرة، وأجابته ستحسم صراعها: أنت بتساعدنى ليه؟
أعاد ظهره لمسند مقعده، هاهى فرصته للأحتفاظ بها قد واتته.. أن كانت تريد الرحيل فلترحل ولكن وهى تعلم حقيقة مشاعره نحوها.. فأجابها بعد تنهيدة أزاح بها ضغط صدره: لانى حبيتك يا فريدة..
لتلقى فريدة بنفسها بين أحضانه، لتكن تلك أجابتها عن مصيرها ومصير طفلها..
هى
فريدة منصور
--------
تدهورت حالة عادل خلال الثلاث سنوات اللاحقة.. حرب دائرة داخله.. لا يعلم أجابة على أسئلته المتكررة..
أين أنتى حبيبتى؟
أتركتنى بحثا عن أغاثة؟
هل تخليتى عنى سلمتى؟
هل بحثتى عن النجاة بنفسك؟
أظننتينى رحلت لعالم آخر؟
لما لم تبحثى عنى كما بحثت عنكى!
أتكرهيننى لهذه الدرجة!
هربتى وتركتينى وحدى أموت دون وداعك!
أمازلتى تبحثين عنى؟
انتى وطنى
حائر بين هروبها منه أو ضياعها رغما عن أرادتها.. كلما كانت أجابته فى صف حبيبته تحسنت أحواله، وكلما جاءت ضدها كلما انتكست حالته وتدهورت.. وما بين مع وضد يحاول الهروب فينجح فى قليل من محاولاته، أو يلجأ فى الخفاء للعقاقير الطبية التى يبرع فى مزجها لتسكن آلام قلبه بنشوة زائفة..
--------
اه مِنكَ يا قلبى..
حملتنى مَا لَا اطيق..
فَمِنْ أَحَبُبَتْ يا قلبى؟
أَأَحْبَبْتِ شَيْطَانًا استباحنى غَدَرًا فَأُظْلِمَ أيَاَمَى؟
أَمْ أَحَبُبَتْ مَلَاَكَا أنقذنى مِنْ هَاوِيَةٍ كَانَتْ مصيرى؟
أَيّكُمَا الظَّافِرَ بقلبى؟
--------
يا مِنْ أَصَبِحَتْ بَرُّ أمانى
لَيْتكَ مَلَكْتِ قلبى كَمَا مَلَكْت روحى ووجدانى
أَبَقَّى قَرِيبَا مُنًى
لَا تغادرنى
فَأُنَّتْ رَفيقُ دربى
فَبِدُونَكَ أَكُنُّ كَطِفْلَةٍ تَائِهَةٍ لَا فَعَلَّ لى سِوَى بكائى
لَا تتركنى وحدى فَأَنْتَ سُكْنَى وملاذى
فَأَنْتَ ملجأى وَكُلَّ حياتى
--------
أكره مرآتى..
أكره أحلامى..
كلما تطلعت لوجهى أرى أنعكاسه بمرآتى، حزينا متألما..
أرى رفيق دربى كثيرا بأحلامى غارقا بدمائه..
أحاول الهرب بتذكير نفسى بهويتى الجديدة..
ذلك هو سلاحى..
هوية قد أرساها زوجى جيدا..
بنى كيانا صلبا من زجاج هش..
سأظل مديونة له طيلة حياتى..
نعمت برفقته بحنان الأب وحب الزوج..
أرجوك عادل لا تتخلل حياتى..
سأظل أركض وأركض، حتى لا يتسنى لى الوقت للتفكير بك..
سأكون "بيجاسوس" جوادا مجنحا، لا يتوقف ولا يتمهل..
فلا يحق لى تذكرك..
الآن أنا زوجة رجل آخر..
لن أكون خائنة..
مسحت على رأسها بأناملها وهى تطالع مرآتها بحزن، ليخترق خلوتها طفلها آدم ذو الخمسة أعوام.. قادم كالأعصار.. هاشا باشا، مقبلا على الحياة.. أرغمها على الأبتسام.. فحملته لتجلسه على الرخامة جوارها.. تطالع عيناه شديدا السواد وشعره مثيل الليل..
كم تشبه أباك صغيرى..
من أجل طفلى.. أخرج من روحى..
--------
أقتحم وحدته بحجرته الصغيرة بالمصحة رجلا غريبا.. فى الخمسين تقريبا من عمره.. يرتدى بذلة فخمة يعلوها معطفا ثقيلا.. وبيده سيجارا فاخرا ألتهم نصفها..
أستغربت هيئته، فهذا أول زائر يقتحم منفاى بعد أخى وصديقه العنيف أدريان: أهلين خيو عادل..
نفس نيكوتينه فى تلذذ وهو يراقب ردة فعلى: مو بدك تاخد أفراج من هى الحبسة الأجبارية؟
ثم أبتسم وهو يدقق النظر بعيناى: راح أقدملك عرض كتير منيح..
زالت الغرابة عندما أطلق كلماته كالرصاص.. أجبرت على الموافقة لحماية أخى الكبير، أجل فهذه مرتى الأولى لحماية مصطفى.. لا أكرهه على كل ما فعله معى.. صحيح ألومه على حبسى، وأكره صديقه أدريان ورجاله شديدى العنف معى.. هو أخى، وأراد نجاتى، ولن أقبل أن يقترب أحد منه بسوء، هو أو أسرته..
--------
أتصال هاتفى يرد مصطفى بمشفاه، تفاجأ عندما أستمع لصوت أخيه..
المكالمة محلية..
كيف أصبح بمصر؟
وكيف لم يعلم بهروبه هذه المرة؟
دارت أسئلة كثيرة بعقله لحظتها، ولكن عادل شتتها بكلماته الممزوجة برعب بين فى خلجات صوته: مصطفى هيقتلوك بسبب المصنع، لازم تهرب بمراتك وابنك حالا..
Return
----------------------------
يتبع الحلقة الأخيرة
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بوسى

بسمه ااسيد 07-11-17 08:46 PM

مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
 
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة35 (الأخيرة) ج1
مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
"اهداء الكاتب/ شريف الهمامى"
نيران الغضب أشتعلت برأسى..
تَحَالَفْتِ معه ضدى!
ألقيتمان بغرفة ذات جدران بيضاء، بأرض غريبة باردة!
أتحدتما سويا!
أمرأتى حلا لأخى، بينما أنا أعانى لوعة الفراق..
خونة..
سأقتلك..
لن أستسلم لهمساتك..
لن تخدعينى بوداعتك..
فقد كفرت بحبك..
أقسم أن أقتلك..
سأقتلك، وأقتل نفسى ألف مرة لعلى أخمد نارى..
--------
سقطت بين يديه..
لا أعلم ان كان خيالى أقتحم واقعى..
أم أن موت رفيقى قد سلبنى عقلى مرة أخرى..
فأصير سجينة أوهامى..
لم أمنح فرصة رثائه..
ولا بكائه..
فقدت رجلى حياتى..
نظرت لعيناه بقوة..
أطبع صورته بخيالى قبل أختفاؤه، ولكنه بقى..
فهل ما أراه حقيقة أمامى؟!
--------
اللعنة..
سقطتى بين يداى، فبدلتى كيانى..
اللعنة عليكى..
أرى فى عيناكى صدمة لقائى..
مزيج غريب بين لهفة وتكذيب..
اللعنة عليكى ألف مرة..
نويت قتلك، وها أنا صريع لمعة عيناكى..
اللعنة عليكى حبيبتى..
أنتى وطنى..
ومن منا يستطيع فراق الوطن..
--------
حملها بين ذراعيه هابطا الدرجات المتبقية فى خفة، بينما نظرة الذهول مكتسحة وجهها فى عدم تصديق، أو بالأحرى رجاء أن يكون ذلك هو الواقع لا الخيال.. أنفرجت شفتاها همسا باسمه مرات ومرات، وعيناها معلقة بمقلتيه التى كست الخيوط الحمراء فضاءهما غضبا.. ألم قدمها لا يحتمل، ولكنه لا يساوى شيئا أمام نجاته..
حاول الهروب من نظراتها التى تلجم أتهامه، فتتحض أدعاءاته من الأساس.. من يراها يظنها رأت شبحا تشتاق لجلساته.. أجلسها على تلك الأريكة الوثيرة، ثم جثى أرضا، ناظرا لموضع قدميها ليتجنب النظر اليها.. يشعر بفتنتها تدب نيران الأشتياق بجسده، وعليه الصمود أمام أغراء حوائه..
فحص قدمها التى لم تتوقف عن التألم منها، أسرع بخطوات رشيقة للبهو لينادى أحد الخدم لأحضار حقيبة أخيه الطبية من غرفة مكتبه.. يتصرف كما لو كان من أهل المكان، يعرف الجميع ويعرف طريق كل شئ.. غفلت فريدة أو بالأحرى سلمى عن ذلك الأمر..
وبمجرد حصوله على الحقيبة أسرع بأخراج أحد الكريمات الطبية المخففة للالام، لف حول قدمها رباط ضاغط وأوصاها بعدم أزالته أو التحرك قبل يومين.. لم تهتم بما يقوله ذلك الفار من عينيها.. لم تهتم بألف سؤال يدور بعقلها.. لم تهتم سوى بصرخات بقلبها تدعوها للتأكد من كونه حيا..
أخيرا أستطاعت السيطرة على أحبالها الصوتيه، فسألته برجفة باكى مختنق بدموعه: قولى أنك المرة دى بجد..
وبرجاء همست: حقيقى..
أغمضت عيناها لتفر دمعة من أهدابها: عايش..
أخيرا قرر مطالعة وجهها، وقد تخلص من أسر فتنتها المؤقت بفعل غضب وألم سنوات أحترق فيها وحيدا جاهلا عن أمرها، فصاح وهو يجز على أسنانه: بجد مكنتيش عارفة! ولا دى تمثيلية جديدة بتأديها!
بنظرة بلهاء رددت كلمته: تمثيلية!
أخفض وجهه واقترب من مجلسها واضعا كفيه على حافة أريكتها فأصبحت هى جالسة بين ذراعيه، سلط عينيه على بؤبؤيها الشاردين فى كل اتجاه وبهمس قاسى سألها: مكنتيش عارفة أنى عايش؟
تسرب الخوف لقلبها.. تعرفه فى غضبه مجنون، ولا يثير غضبه سواها: ولا مكنتيش عارفة أن مصطفى أخويا؟
تلاحقت أنفاسها سريعا، وعيناه تزداد لهيبا مع أقتراب أنفاسه الساخنة من وجهها: ولا مكنش عارف أنك مراتى يا فريدة هانم!
وبوقاحة صاح بوجهها: عجبتيه؟ دخلتى مزاجه؟ فخدك أنتى كمان منى..
وبكسرة نفس بانت بقسمات وجهه: خدك منى زيى مخد أبويا وأمى.. موتهم وحرمنى منهم..
وبغضب عارم جذبها من ذراعها ناحيته: أتفقتوا أنتم الأتنين عليا، ترمونى فى مصحة ويبقى الطريق فاضيلكم..
صمتت على أتهاماته لها، هو محق لأنه لا يعلم حقيقة فقدانها للذاكرة، ولكن لن تسمح له المساس بمصطفى.. مصطفى برئ.. لم يعلم عن أسرارها شئ.. حاولت أخباره بما حدث لها، ولكنه أستوقفها حتى لا يدمر علاجا نفسيا كلفه سنوات يداوى فيها شروخ روحها.. رفض أن تخبره بماضيها، أكتفى بما رآه من حاضرها، مادام ذلك الماضى لن يؤثر على مستقبلهما سويا.. فالماضى أندثر بالنسبة أليه هو ميت لا عتاب عليه.. كان رجلا قل فى هذا الزمان نظراؤه.. بشفتين مرتجفتين ودموع عرفت طريق وجنتيها نطقت بدفاع مستميت: واهثي مصطفى ميعرفش عنى حاجة غير يوم مسفرنى، قلتله أن أسمى الحقيقى سلمى وبس.. ميعرفش أنا مين ولا يعرف أنى .......
تلعثمت: أنا وأنت .......
نظرت أرضا لم تستطع أكمال حديثها، فهى لا تدرى أى كلمات تناسب العلاقة بينهما.. وأخيرا تخلت عن صمتها اللحظى لتعود مدافعة عن زوجها: واهار مصطفى مظلوم..
بكاؤها أذكى نيران غضبه، ودفاعها الباسل عن أخيه هيج الوحش داخله: مصطفى مظلوم! عبيط أنا هصدقك..
يوما ما كان مصطفى أخيه المتخلى عنه من أجل الأموال والحياة الراغدة، المتسبب الوحيد فى وفاة أبيه وأمه، ولكنه الآن غريمه سارق زوجته.. فنطق بتهكم ممزوج بالغل، وهى ترتجف بمكانها على الأريكة وهو يحيط موضعها بذراعيه حتى يسد عليها منافذ الهروب ناسيا ألم قدمها التى تمنعها بالفعل عن ذلك: ولو صدقتك أن مصطفى مظلوم، ويا حرام برئ ميعرفش حاجة، تبقى أنتى خاينة يا مدام..
تلاحقت أنفاسه، وهى ترى صدره يعلو ويهبط فى أنفعال تكاد تجزم أنها تستمع لدقات قلبه بوضوح.. زادت أرتجافتها أمامه، تريد أخباره بالحقيقة، ولكن سؤال دار بذهنها هل سيصدق فقدانها للذاكرة أم أن غضبه حكم عليها بالادانة.. ستخبره كل شئ، لن تخفى عنه أمرا.. ستبرأ مصطفى مهما كلفها الأمر، هذا حقه.. لن يكون جزاء أحسانه أليها وصمه بالذنب..
لم تستطع تمالك نفسها ولا السيطرة على أرتجافتها، فتلعثمت وهى تنظر له راجية بينما تسحب ذراعها من قبضته: عادل أنا .......
بقبضة يمناه حصر فمها بين أنامله مانعا أياها من التفوه بأى حرف: هقتلك يا سلمى..
--------
زادت أرتجافتى..
أنهرت باكية متألمة..
قبضته على فمى أمتزجت مع ألم قدمى..
ما الحل؟
وما العمل؟
أين أنت مصطفى لتنقذنى؟
يا ويلى مات سندى..
يا ويلى مات مصدر أمنى..
يا ويلى مات من يحمينى..
يا ويلى ان نفذ تهديده ما مصير طفلى؟
مصطفى أرجوك دلنى لطريق النجاة..
--------
خوفها ورعبها صرع قلبى..
خوفها قديما كان من لمساتى..
و خوفها الآن صار من كلماتى..
لا أدرى أن كنت صادقا فى تهديداتى..
أم أنه لغو حديث عابر..
نظرة الفزع بعينيها أعهدها..
تسرب الخوف عليها لقلبى رويدا رويدا..
لا أريد عودتها لما كانت عليه..
--------
الأنسحاب الآن هو الحل الآمن..
هكذا علمنى زوجى وأبى الروحى..
أن كنت بموقف أن الخاسرة به، فغباء أنتظار مصيرى..
سأنسحب الآن، لأعود مرة أخرى، وقت تسلحت بعتادى..
سأبحث عن منفذ ينقذنى، وينقذ طفلى..
لن أكون كبش فدائه..
شاء أم أبى سأجبره على الأنصات لى..
شاء أم أبى سأعلمه بكل الحقيقة..
شاء أم أبى سأخبره كل شئ..
--------
أزاح قبضته عن فمها، وتراجع للخلف ملتقطا أنفاسه بصعوبة.. مسحت دموعها براحة يديها، ثم دلكت برفق وجهها بأناملها.. كاد يتحدث، ولكن لم تطاوعه الكلمات، شردت عنه زاهدة.. ألتقطت هى الأمر فأسرعت باستغلال الفرصة، فنهضت.. تألمت من قدمها ولكنها قاومت، فأعطته ظهرها متجهه لأعلى، وبنبرة جامدة نطقت: من فضلك نكمل كلامنا فى وقت تانى.. هتصل بيك لما أكون مستعدة..
نطق بنبرة ساخرة: بعد السنين دى كلها فكرانى هسيبك يعنى!
لم تعقب، كانت تعلم مسبقا أجابته، فأستمرت فى حركتها البطيئة كيلا تؤلم قدمها أكثر من ذلك: مش ههرب يا عادل متخفش..
أصر على أعلامها بقربه وتربصه بها كيلا تحاول الفرار ثانية: أنا موجود فى ملحق الفيلا، عينى عليكى فى كل لحظة..
ثم عاد للسانه اللاذع: مانتى مجنونة ترجعى وأنتى عارفة أن وجودك هنا خطر عليكى..
ثم بتخوف، لقد أنجرف لمشكلتهما ناسيا الخطر المتربص بهم كعائلة: موت مصطفى مش معناه أننا فى أمان.. الخطر كده أكبر.. آدم فين؟
لم تلتفت له ثانية واحدة، واستمرت بصعودها للطابق العلوى دون أن تجيبه، بينما هو يحتضن طيفها العابر أمامه..
----------------------------
يتبع ج2
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد

بسمه ااسيد 11-11-17 10:01 PM

الحلقة35 (الأخيرة) ج2 مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
 
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة35 (الأخيرة) ج2
مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
"اهداء الكاتب/ شريف الهمامى"
صعدت غرفتها متحملة ألم قدمها بصعوبة، وما ان دلفتها حتى أسرعت باغلاقها بالمفتاح وهى تبكى خوفا.. لم تكتفى بذلك بل أغلقت كل نوافذ جناحها بالكامل، علها تطمئن لعدم لحاقه بها.. أستطاع بسهولة وخلال ساعة واحدة تحويلها من فريدة الى سلمى..
Flash back
الزمان: عقب أعتداء متشردة على فريدة بفرنسا
المكان: المستشفى التى نقلت لها عقب الحادث
متوسدة فريدة صدر مصطفى.. كانت تلك أجابتها المثالية، عندما أعلمها أن مساعدته لها كانت بدافع الحب..
أخترته..
أجل..
ثلاثة أعوام أزدادت قليلا تحملها فيها دون تأفف..
لم ينتظر منها مقابلا تدفعه ثمنا لأنقاذها..
لن تنكر أن قلبها مال اليه..
هو أبيها، وزوجها..
هو معلمها، وصديقها..
هو الأمن والسكن..
هو الحما والأمل..
هو منقذها ودليلها..
ورغم قبولها لحبه، الا أنها لا يمكنها خداعه..
هى امرأة بماض قاس، لا يمكنها كتمانه عنه..
ستخبره بكل شئ..
ستخبره حكايتها المؤلمة..
ستخبره عن رفيق طفولتها..
ستخبره أنها مجرمة قاتلة..
ستخبره..
فهذا حقه..
وليفعل بها ما يريد بعدها..
هى تثق به، وتأمنه على طفلها..
خرجت من حضنه باكية، تنظر لضمادة يدها تتلمسها برفق، فأسرع مبتسما يطمئنها كيلا تخاف: حبيبتى متخفيش.. عملية تجميل بسيطة هتعمليها أنهاردة.. أنا رتبت كل حاجة، والجرح هيختفى تماما..
تطلعت لوجهه بتردد، سريعا ما تحول الى عزم واضح بقسمات وجهها: مش هعمل عملية..
تعجب مصطفى من رفضها: ليه يا فيرى؟
ضمت يده بين راحتى كفيها: أنت لازم تعرف اللى فات من عمرى أيه حصل فيه..
صمت مصطفى للحظات مرت دهرا على فتاته ذات الأطار الزيتونى المتوهج بدموعها، حتى قطع صمته بحسم: ميهمنيش كنتى مين، يهمنى انك فريدة..
انسابت دموعها، ولم يحاول هو منعها.. دائما يتركها تعبر عما يجيش به صدرها: أنت متعرفنيش.. أنا مش زى مانت متخيل.. أنا ليا ماضى أسود..
أمعنت النظر لكفتى يديها برعب أرتسم على وجهها، هاهى ترى دماء عادل مخضبة كفيها من جديد، فزادت حدة بكائها.. ولم يغفل مصطفى عنها، فقد أنتبه سريعا لما تشير أليه ويدور بخلدها.. أراد أنهاء الأمر للأبد لينعم بعائلة هادئة: فى دم على أيدك يا فريدة؟
نظرت له بذهول.. كيف رأى الدماء!..
فتابع بهدوء وقد أقترب منها هامسا بنبرة أشبه بوعد: لو عاوزة اللى أذاكى تحت رجلك تعملى فيه مابدالك، أنا أقدر أعمل ده، ومن غير ميقع عليكى أى حساب.. تاخدى تارك منه بايدك لو تحبى..
أخفضت بصرها لتمسح دمعة أخيرة فارة من عينها: مات..
سحبت نفسا طويلا لتخبره بما اقترفت يداها: أنا قت.......
لم يترك لها فرصة أفساد حياة أختاراها سويا، فمنعها من الحديث للأبد: أنا ميهمنيش عملتى أيه.. أنسى ماضيكى.. وبابتسامة ودودة: متفكريش ألا فى حياتنا سوا.. أنا وأنتى وآدم..
أراح ظهره على مقعده: أنا بفهم فى معادن الناس كويس.. وأنتى دهب خام يا فريدة.. سبينى أشكل منك تحفة تعجبك ويحلف بيها الناس..
أنتى
فريدة منصور
Return
--------
أسرع عادل الخطى لملحق الفيلا ليختلى بنفسه.. يقف فى البهو غاضبا يطيح بكل ما يراه أمامه.. كاد يقتلها بالفعل.. وأجباريا سقط فى شراكها رغما عنه، فخاف أن يدركها بسوء من جديد..
يكاد يجن من التفكير..
كيف تآمر الأثنان ضده!
كيف سولت لهما نفسيهما خيانته!
وياللعجب!
هو يخبره أنها بريئة..
وهى تقسم أنه برئ..
أذن أنا المذنب بينكم!
Flash back
الزمان: قبيل وفاة مصطفى
المكان: مكتبه بالفيلا
أغلظ عادل أحدى قبضتيه على رقبة أخيه، بينما جذبت القبضة الأخرى ذلك التمثال المعدنى الموضوع على المكتب فى خفة.. لمح مصطفى التمثال بيد أخيه فجحظت عيناه وهو يحاول تخليص نفسه.. وبلسان يجاهد لنيل حقه فى النطق: أفهم يا عادل الأول..
عرق أحتل جبينه فالتصقت خصلاته الفحمية بها، وبنظرات نارية هدر بغضب: أفهم أيه؟ كانت بتنام فى حضنك؟
كاد يهشم رأسه بالتمثال، ولكنه تراجع فى آخر لحظة مرتعبا.. نظر للتمثال القابع بيده، ثم تحول ذاهلا لأخيه الذى سقط أرضا مختنقا يحاول لاهثا ألتقاط أنفاسه بينما سعاله يمنعه من ذلك.. ألقى التمثال أرضا، ثم ركض مسرعا للخارج كالمجنون الهارب من الأسر.. يحاول كبح جماحه قبل أن يقتل أخيه بالفعل، بينما جاهد مصطفى نفسه ليلحق به ليقص عليه كل الحقيقة..
ركض عادل لخارج الفيلا، بينما حاول مصطفى اللحاق به حتى فقد الأمل من ايقافه حينما استقل عادل سيارته الصغيرة.. أسرع مصطفى بفتح سيارته ليتبع أخيه..
انطلق عادل بسيارته كالمجنون متجاوزا حدود السرعة المسموح بها، مما دفع مصطفى لحذوه.. ولحداثة سيارة مصطفى أستطاع اللحاق بأخيه بعد مدة بسيطة.. عادل وجهه يشع غضبا، بينما سيل تخيلات أقتحمت رأسه دون رحمة، فدفعته للبكاء..
تارة يراها تتوسد أحضان أخيه..
وتارة تقبله بدون خجل..
تبتسم له..
تطرب سمعه بضحكاتها..
تتودد له برقتها..
لم يشعر بتخطيه السرعة الا عندما جاوره أخاه، حاول أيقافه: وقف الزفت العربية، هفهمك كل حاجة..
نظر له عادل غاضبا واستمر بطريقه، بينما مصطفى يصر على ايقافه: مكنتش اعرف.. يا عادل هى بريئة.. افهم بس.. اسمعنى.. فريدة بريئة..
استشاط عادل أكثر عندما سمع ذلك الأسم الغريب..
أى فريدة هذه التى يتحدث عنها..
هى سلمى..
سلمته..
خاصته..
بل من كانت سلمته..
فأوقف محرك سيارته فجأة، بينما تنفس مصطفى الصعداء.. الآن سيمنحه عادل فرصة تبرير سنوات كانت نعيما على أحدهما، بينما كانت هلاكا على الآخر.. موقف عصيب، ولكن لا مفر منه..
حاول مصطفى عدة مرات ايقاف السيارة، ولكن دون فائدة.. فأسرع بابطائها، ولكن استعصت عليه.. يا الهى هو مندفع فى ذلك الطريق الخالى أمامه دون رادع..
أنتبه عادل لعدم توقف أخيه، شعر بالريبة فلربما الأمر متعلق بمن يتربص به.. أسرع بتشغيل محرك سيارته، وانطلق خلفه.. بصعوبة أقترب منه، فحثه على القفز من باب السيارة، ولكن الباب لم يفتح..
صرخ عادل: مصطفى.. حاول تخرج من الشباك بسرعة..
لم يهتم مصطفى بنجاته: مكنتش أعرف.. وهى مكنتش تعرف.. فريدة كانت فاقدة.......
لم يستطع أكمال جملته، فقد فلت زمام الأمر من يده.. لم يستطع السيطرة على السيارة عند ذلك الجرف.. أنقلبت السيارة عدة مرات حتى استوت منقلبة بعيدا عن الطريق..
شهق عادل للمشهد، فأسرع بايقاف سيارته لينقذ مصطفى.. وبمجرد خروجه منها، رأى انفجار سيارة أخيه الوحيد.. سقط عادل فى الطريق الخالى على ركبتيه صارخا باسم أخيه..
Return
--------
ظلت تتحرك بعشوائية ذهابا وايابا فى الغرفة.. لم تخبر مصطفى يوما عن عادل، وبالتأكيد عادل لم يخبره عنها، لذلك الجميع يجهل الرابط..
أتجهت لمرآتها تتطلع لوجهها متسائلة:
- حقا كيف سيكون رد فعله ان علم أن أخاه من آذانى؟
- بل ما سيكون رد فعله ان علم أنى من حاولت قتل أخيه؟
- حمدا لله أن مصطفى لم يعلم شئ..
- فلا يجوز أن يقابل الأحسان بالأساءة..
طالعت أنعكاسها بالمرآة فى عزم: لا.. لن تعود سلمى للوجود ثانية..
يظننى خائنة..
تآمرت ضده لأكن لأخيه!
أى حمق هذا؟
أنا أرملة أخيه..
لم أتزوج غيره..
لست مذنبة..
بل أنت جانى..
تجيد رسم صورة المظلوم..
لن أرضخ لمحاكمتك..
ولو أن هناك متهما فلن يكون غيرك..
تطلعت بدقة لذلك الدرج الذى تحتفظ فيه بكاميرا المكتب، فالأهم الآن هو مصطفى وليس عادل.. يجب أن تعلم الحقيقة.. ماذا حدث فى ذلك اليوم المشئوم؟
مرت أربعة ساعات كاملة على سلمى داخل جناحها دون صوت.. وفجأة وبدون مقدمات توافد كل من بالفيلا على البهو حيث سيدة القصر تصرخ وتصيح.. تأمر الجميع بالرحيل الآن، ولا عودة الا بأمرها..
ألتقطت أذنا عادل حركة غريبة بالخارج فأسرع بالتحقق من الأمر.. تفاجأ بكل العاملين بالفيلا متجهين للخارج، وعندما استعلم أخبره أحدهم أنه أمر السيدة فريدة.. خمن أنها تشك أن أحدهم عينا لعدو يتربص بهم.. اتخذ طريقه للبوابة الداخلية للفيلا، فى نفس وقت خروج آخر عامل منها ووراءه فريدة، وقبل تمكنه من الدخول أغلقت الباب فى وجهه بعنف..
--------
مكالمة ترد لعادل فى مساء تلك الليلة على هاتف ملحق الفيلا.. كانت مكالمة من شاهين البلتاجى المتابع للتحقيق فى حادثة مصطفى..
ضاق صدر عادل من كلمات شاهين: الموضوع ده لازم يتلم يا شاهين..
شاهين: .........
جلس عادل على المقعد واضعا الهاتف الأرضى على ساقه: كده الخطر هيبقى أكبر..
شاهين: .........
عادل بعصبية: محدش يعرف حاجة، خصوصا مدام فريدة.. لازم هى وابن أخويا يبقوا فى أمان..
شاهين: .........
تنفس عادل الصعداء عندما أطمأن لترتيب الأمور: كده تمام.. وهم هيطمنوا أكتر وقتها..
ثم تابع فى تأكيد: المهم زى موصيتك فريدة هانم متعرفش حاجة.. فاهمنى يا شاهين؟
--------
بعد دقائق ترد فريدة مكالمة هاتفية، لتجيب باقتضاب: قضاء وقدر؟!
شاهين: .........
فريدة ببرود: شكرا يا حضرة الظابط..
شاهين: .........
فريدة: شكر اهاو سعيكم..
شاهين: .........
فريدة: أفهم من كده أن تصريح الدفن جاهز؟
شاهين: .........
فريدة: يبقى بكرة الدفنة الضهر..
شاهين: .........
فريدة: أيوة فى مقابر آل الجوهرى..
----------------------------
يتبع ج3
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد

بسمه ااسيد 13-11-17 09:28 PM

الحلقة35 (الأخيرة) ج3 مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
 
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة35 (الأخيرة) ج3
مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
"اهداء الكاتب/ شريف الهمامى"
تقف بمنتصف مغطسها، تنساب المياه الباردة على جسدها.. تداهم رأسها الكثير من الذكريات.. فها هى صغيرة تلعب بالأحجار بمنتصف الحارة، بينما رفيقها طويل القامة يجلس بتأفف على الرصيف قريبا منها ليحرسها حتى تنتهى من لعبتها المملة..
شبح ابتسامة سريعا ما انذوى هاربا وهى تدلك وجهها بأناملها، بينما تحاول فتح عينيها العالقة بأهدابها المياة.. تتذكر طفلة تخطو خطواتها الأولى لمدرستها.. ترفع رأسها عاليا لتطالع وجهه المبتسم دائما لها وهو يحمل حقيبتها الصغيرة بيد، بينما تمسك هى بيده الأخرى الكبيرة جيدا.. تخشى أن تفلت يدها منه، فيفرق بينهما الزحام، فلا يستطيع تمميزها عن أقرانها موحدى الرداء..
تداعب بأناملها فروة رأسها بين حين وآخر فتتخللها المياه لتكن كشرارة كهربية تدفعها لمقاومة تلك التدفقات القديمة لماضى لا يمكن العودة اليه.. ولكن هاهى صورة مراهقة تعلمت كيد الفتيات، فتمردت على نعته بأخيها الكبير ليصبح حبيبها السرى ذو الملامح الذكورية التى تتهافت عليها الفتيات..
لا يمكنها المقاومة الآن، فقد أنسابت دموعها لتختلط بالمياه.. ترى شابة تخشى الحب.. تخشى مذلة النسب.. تخشى كسرة عينها أمامه..
ترى نفسها كيف تحولت لأمرأة كسرت بيده لتصبح أطلالا لا ترقى للفظة انسان.. ضعيفة.. وحيدة.. خائفة..
تدلك رقبتها لتزيل عنها بعض الأرهاق، ولكن عبثا ما تحاول صنعه، فما هى فيه ظلال ماضى كتب التيه على روحها.. تغلق الصنبور ثم تجذب منشفتها القطنية لتدلف غرفتها ببطء..
--------
خصص له مصطفى ذلك الملحق منذ عدة سنوات عندما أجبره على دفن أبيه وأمه بمقابر أشتراها مجاورة لمقابر آل الجوهرى.. أضطر وقتها للانصياع لأمره، كان كل شئ بيده.. النعوش بمشفاه وتصاريح الدفن بجيبه..
وهاهو الآن للمرة الثانية يقف أمام المرآة المتوسطة دولابه، يكمل أرتداء حلته الكلاسيكية السوداء.. مازال يذكر تلك الحلة التى أرتداها وقتها.. أنخفض وزنه كثيرا بالطبع بسبب تراجع حالته الصحية نتيجة أخفقاته العديدة فى العلاج من الأدمان..
تختلط المشاعر داخله..
لا يعلم حقيقة شعوره نحو أخيه الآن..
يشعر بغضب، سريعا ما ينطفئ بمياه الفقدان..
هو بالفعل يفتقده..
يشعر بنفس الألم الذى أصابه قديما عندما تركه وهو طفل ابن السابعة..
كثير من المشاحنات خاضاها سويا فى الأعوام القليلة الماضية..
ولكن وراء كل مشاحنة كان يشعر باحتياجه اليه..
كان يشعر بحب أخيه مما دفعه للتمرد عليه أكثر..
لا يريد أن يدع له فرصة ليتخلل حياته ثانية مخافة أن يتركه ويرحل..
لن ينسى له تخليه عنه..
لن ينسى تصميمه على اصطحاب أبيه وأمه ليعود الجميع فى نعوش خشبية..
وهاهى الآن زوجته آخر ما صمم مصطفى على نزعه منه..
حرمه من امرأته لتكن حليلة له..
سلمى كانت من المفترض أن تكون جواره، أم أبنائه هو..
ذلك الطفل الصغير ما كان يجب أن يولد لأب غيره..
يشعر بالحقد على أخيه لتنعمه بطفل منها، بينما حرمته هى من طفله..
هى أمرأتى..
كيف قبلت أن تكون له!
وكيف أستباح هو ما ليس له!
كيف حدث كل ذلك؟!
كيف أصدق أن ثلاثتنا وقعنا بفخ لم ينصبه أى منا للآخرين!
--------
هاهى الآن تنظر لحلتها السوداء على طرف فراشها..
ابتسمت بسخرية، فقد منعها دائما من أرتداء ذلك اللون..
يخبرها دائما أنه لون الكآبة، وحياته معها هى السعادة..
وهاهى الآن مضطرة رغما عنها أرتداؤه فى جنازته..
تطالع مرآتها..
ترى انعكاس صورته جوارها مبتسما..
يده حنونة رأفة بحالها..
يهمس بأذنها أياكى والذهاب فى ذلك الطريق..
يعلم جيدا ما يدور بعقلها..
هو ببساطة لا يريد..
تنظر لعلبة مجوهراتها الصغيرة..
تعلم جيدا أن ذلك السوار هو اختياره..
فالتقطته لتحيط به معصمها..
مازال يهمس لا أريدك أن تخوضى حربا من أجلى..
تعقد أنشوطة قميصها الأسود، ثم ترتدى سترتها السوداء.. تسأله متعجبة: حقا، أتريد عودتى لتلك الضعيفة الضائعة!
همس محذرا: أياكى والعودة لتلك السلمى، كونى دائما فريدة..
تحدد عيناها بحرفية بخط أسود سميك: لن أترك أحدهم صدقنى.. كل من آذانا سينال عقابه..
يرجوها لمرة أخيرة: أرحلى من أجل آدم حبيبتى..
تحدد شفاها بأحمر قانى يبرز جمالها الهادئ: أقسم ألا أترك أيا من ثلاثتهم دون عقاب..
--------
تجاوره فى السيارة، صامتان طوال الطريق للمقابر..
يلمحها بطرف عينه، يتأفف من التدقيق بها..
تضع وشاحا خفيفا على رأسها يجهل سبب وجوده، فبالفعل لا يخفى تلك الخصلات الشقراء، لا تعجبه سوى خصلاتها البنية..
ترتدى رداء محتشما من أعلى، أما أسفل فحدث ولا حرج، تنورة تعدت ركبتيها بقليل..
وما يزيد حنقه تلك الأصباغ الملطخة لوجهها..
حقا ماذا فعلت مصطفى بفتاتى!
لا أراها..
نظراتها كلوح ثلج لا يفهم ماورائها..
هى تشعر بتدقيقه بها، ولكنها جعلت من اللامبالاة قناعا لها.. لا تفكر بشئ سوى رغبتها بمعرفة هوية القاتل أو الآمر بقتل زوجها.. لاتعلم سوى أسمه الأول فقط..
Flash back
الزمان: قبيل وصول عادل الفيلا بساعة
المكان: مكتب مصطفى بالفيلا
يحتسيان القهوة سويا، كل منهما يحمل الكثير من الكلمات، وكلاهما يحجم عن التصريح بها.. قطع العجوز حاجز الصمت المريب: كويس أنك بعدتهم عن هنا، هدى هانم رغم السن لسه قوية وتقدر تحميهم..
أرتبك مصطفى بشدة: دانا متراقب بقى!
رشدى ومازال يرتشف قهوته الساخنة: ده لحمايتك.. فى الأول والآخر أنت ابن سالم..
لم يتخلص من أرتباكه بعد: والمطلوب؟
ترك رشدى فنجانه: المصنع، وبالسعر اللى تحدده..
أرتسم على وجه مصطفى عصبية لا يمكنه أخفاؤها: وان رفضت..
بنبرة أقرب للتهديد أجابه رشدى: يبقى بتحكم على نفسك واخوك وابنك ومراتك بالموت..
أفصح مصطفى عن غضبه: وده اسميه ايه ياعم رشدى تهديد!
ترك رشدى مقعده، ثم أغلق سترته استعدادا للرحيل: ده اسمه تحذير يا ابن الجوهرى..
Return
تفكر ألف مرة من رشدى هذا؟
لم يأتى ذكره على لسان مصطفى يوما..
فمن يكون ذلك القاتل؟
لا هى تعلم من القاتل، ولكنها تجهل من الآمر..
--------
تم الدفن بمقابر آل الجوهرى، يتلقيان العزاء سويا هناك، فلا عزاء بعد ذلك كما أمر عادل.. كلاهما متماسكا مرابطا بمكانه.. هى حيث اجتمع حولها بعض من نسوة صفوة المجتمع، وهو حيث الكثير من أهل العلم والمناصب السياسية رفيعة المستوى.. ومن بين الجميع ظهر ثنائى عجوز يجيدا الأختفاء عن الأنظار فى السنوات الأخيرة..
رشدى فهيم
كامل أبوالمجد
- اللعنة، مالعمل؟
- هل سيتعرف على ابنته؟
- هل سيؤذيها؟
- لا، سأقتله ان اقترب منها أنشا واحدا..
هكذا حدث عادل نفسه وهو يرى ذلك الثنائى يقترب منه بهدوء مخترقا ذلك الحشد المحيط به.. سحباه جانبا بعيدا عن الزحام، وبنظرات قاتلة تفحصهما.. مد كامل يده ليصافحه: البقاء لله يا عادل يا ابنى..
تبعه رشدى مصافحا: شد حيلك يا عادل..
أجابهما عادل ببرود: عظم الله أجركم..
رشدى: كويس أنك لسه فاكرنا يا ابن مصطفى.. دانت كنت وقتها عيل لسه بشورت..
عادل ببرود: وانتوا تتنسوا برده يا بشوات..
تحولت لهجة كامل الى ما يشبه التحذير: ياريت متطلعش غبى زى مصطفى.. أكيد مصدقتش أنه مات قضاء وقدر..
أكمل رشدى: احنا حاولنا نلم الموضوع ونشترى منه، ونبقى احنا اللى فى اللعبة بداله.. بس هو صمم يحتفظ بالمصنع، كان فاكر أنه بكده هيقربك منه..
لم يكن عادل غافلا عن ذلك: عارف، وياريته سمع كلامكم..
كامل باصرار: احنا لسه فيها..
أدعى عادل الجهل: تقصد أيه؟
لمح رشدى من يحاول الأقتراب من الشاب لأداء واجب العزاء، فأسرع لملاقاته وابعاده عن مرمى سمع حديثهم..
ابتسم كامل ابتسامة صفراء: تقنع الهانم أنها تبعلنا..
زفر عادل بضيق: فى حل أحسن من كده ونتيجته مضمونة، نبيع للى برة ونخلص من الموال ده..
تنحنح كامل: عنيد زى ابوك..
عادل: الله يرحمه..
كامل: الله يرحمهم جميعا.. اتمنى منجيش تانى قريب هنا.. بيتهيألى هتبقى قطمة وسط لو جت تدفن العيل الصغير..
غضب عادل عندما استشعر تهديده بأيذاء ابن أخيه: أنت بتهددنى يا عم كامل..
كامل ببرود: مش أنا مصدر التهديد، أنا فى نفس جبهتكم، الناس اللى برة هم اللى مينفعش تديهم امان وتقول هبعلهم واخلص، لأن ببساطة ممكن تنفذوا الفكرة تانى.. أنتم كعيلة مصدر تهديد لأعمالهم.. أنتم التلاتة فى مركب واحدة، أنت دلوقتى قبطانها.. خدوا الفلوس، واختاروا البلد اللى تحبوا تعيشوا فيها، وعهد عليا هأمنكم فيها..
توقف هنيهة ليتابع: سمعت أن مراته حلوة وانت عزابى، أتجوزها وربى ابن اخوك فى حضنك..
لم يبدى عادل أية رد فعل، ليتابع كامل حديثه: متدخلوش نفسكم فى متاهة.. أحنا نقدر نوقفهم عند حدودهم..
استمر عادل فى جموده، فشعر كامل ألا فائدة من الحديث اليه ففضل الأنسحاب: طيب أروح أعزى فريدة هانم..
أرتبك عادل لحظتها، ولكن سريعا أحكم أمره: هى ملخومة مع الستات، وكمان متعرفكش..
أبتسم كامل بخفة: أبقى بلغها بخالص عزائى..
ثم أنسحب سريعا متجها لسيارته الفارهة..
--------
صافحها معزيا: البقاء لله يا مدام فريدة..
طالعته بهدوء، تتساءل ملامح وجهها عن ذلك العجوز ذو الهيئة المهيبة: شكر الله سعيكم..
رشدى معرفا عن نفسه: أنا المستشار رشدى فهيم، صديق قديم للعيلة من أيام سالم الله يرحمه والد مصطفى..
علمته فورا ما ان نطق باسمه، فهاهو قد أتى اليها معرفا عن نفسه.. لن تعانى الآن مشقة البحث عن الآمر بقتل زوجها والساعى لايذاء أسرتها.. رسمت الأندهاش على وجهها: أسفة يا رشدى بيه، اللى ميعرفك يجهلك..
رشدى: حابب أجيلك فى وقت هادى نتكلم على راحتنا، مصطفى كان بيحكيلى اول بأول عن مشاكل المصنع..
ابتسمت فريدة فهاهو يوفر عليها عناء التفكير: ياريت يارشدى باشا..
ثم همست بجدية: أنا فعلا محتاجة مشورة حضرتك بخصوص المصنع بس بعيد عن أخو مصطفى، هو بيتعامل وكأنه وصى علينا، وده تصرف مش لطيف منه..
ناولها بطاقته الخاصة المرفق بها تليفوناته: دى نمرى الخاصة ميعرفهاش غير الناس العزاز يا هانم، وقت متحبى كلمينى نتقابل فى الوقت والمكان اللى تحدديه..
--------
عاد كامل حيث ينتظره رشدى بسيارته المستعدة للانطلاق: عملت ايه مع الواد ده؟
تنهد كامل بخيبة أمل: عادل نسخة مصغرة من أبوه، خلطة عجيبة بين غضب أبوه مع اصرار أخوه و عناد أمه..
التفت اليه سائلا: وانت عملت ايه مع مرات مصطفى؟
رشدى وقد وفق بمهمته: باين عليها النصاحة.. واضح كده ان عادل فارد قلوعه عليها وهى عايزة تخلع بالميراث.. شكلها هتبعلنا..
أومأ كامل برأسه: تمام.. المهم الرجالة مأمنة الفيلا؟
رشدى بثقة: مفيش نملة بتدخل أو تخرج من غير متترصد..
تابع كامل: وفيلا هدى الجوهرى؟
ظهر الضجر على ملامح رشدى: أنت مش هتنسى الحيزبون دى؟
فهم كامل ما يلمح اليه رشدى: هى كبيرة عيلة الجوهرى دلوقتى، وحفيدها معاها.. لازم يتأمنوا هم كمان.. الناس اللى برة مش هيهدوا الا لما يخلصوا على العيلة دى، فلازم نخرجهم من الصورة بشكل آمن وسريع.. ونرجع تانى نلعب سوا ع المكشوف..
رشدى: طيب.. رجالتى بلغونى أن صاحب مصطفى متولى حمايتهم..
كامل بتحذير: متثقش فى حد.. رجالتك ميغفلوش عنهم مهما حصل..
رشدى: حاضر..
تابع كامل: عينك متغفلش عن عادل والأرملة.. الاتنين دول يفضلوا تحت الميكرسكوب..
----------------------------
يتبع ج4 والاخير
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد

بسمه ااسيد 16-11-17 10:29 PM

الحلقة35 (الأخيرة) ج4 مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
 
بناء على نصيحة صديقتى العزيزة
الكاتبة الجميلة/ رباب عبدالصمد
هتنزل الخاتمة على جزئين الليلة
ان شاء الله
---
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الحلقة35 (الأخيرة) ج4
مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا
"اهداء الكاتب/ شريف الهمامى"
أنتهى العزاء وحان موعد الرحيل، أستأذنها عادل فى المرور على قبر أبيه وأمه.. ظهر العجب على وجه سلمى، هى لم تتخيل للحظة أنه قد تم دفنهم هنا، كانت صغيرة وقتها لم تعلم سوى أنهما قد توفيا أثناء أدائهما للعمرة.. سألها عادل محاولا اكتشاف الحقيقة بوجهها: هو أنتى بجد مكنتيش تعرفى أننا أخوات!
هزت رأسها نفيا، فتابع: مجتيش هنا معاه قبل كده وهو جى يزور قبر أمى؟
عادت ثانية تنفى معرفتها بأى شئ.. مسح وجهه، هو بالفعل يعانى من أرهاق اليوم، ولن يصمد أمام سيل أسئلته التى لا يعلم أجابتها: طيب، أتفضلى استنينى فى العربية..
ثم بلهجة محذرة: واياكى تتحركى من مكانك بدون علمى..
كان الأرتباك من نصيبها، فهى بالفعل تجهل كل شئ.. لو صحبت زوجها يوما للمقابر لكانت على علم بحقيقة بحقيقة كونهما أخوة، ولتفادت الكثير من الكوارث اللاحقة.. بنبرة جاهدت أن تكون متزنة: هاجى معاك أقرألهم الفاتحة..
قرأت لهما الفاتحة ثم أستأذنته لتعود لقبر مصطفى تاركة له مساحة للاختلاء بنفسه معهما..
وما ان اقتربت من قبر زوجها والبعيد نسبيا عن عادل حتى أثنت ركبتيها لتقترب من قبره لتتلمسه هامسة: قسما بمن لا يغفل ولا ينام لهكون واخدة حقك من كل اللى شارك فى سفك دمك.. نام فى تربتك وارتاح.. فريدة مش هترتاح الا لما تحققلك العدالة..
أتى عادل ليصطحبها: مش يلا يا سلمى.. أنتى محتاجة ترتاحى..
مد يده اليها ليعاونها على الوقوف، تقبلت يده ببسمة خفيفة ليستقلا سيارتها..
استقلا سيارتهما، لم يتحدثا مطلقا.. كلا منهما سابحا بملكوتة..
هو يفكر كيف وصل بها الأمر لتكن زوجة أخيه وأم طفله الوحيد؟
كيف قبلت أن تكون زوجة لرجلين؟
كيف جعلته ماضيا مضت قدما بتخطيه؟
والأهم ماذا سيفعل معها؟
هل من الممكن أن يتقبل ما فعلته؟
هل يمكن بناء حياة جديدة سويا؟
هل سيستطيعوا الهرب من يد المافيا التى تخلصت من أخيه وتسعى ورائهم؟
هل سيتركهم كامل ورشدى ان تم بيع المصنع للمافيا بالخارج؟
والأهم ماذا سيحدث ان قابلت هى أبيها؟
أسئلة لا تنتهى كالمتاهة برأسه، كلما فكر بأجابة سؤال أنجذب لآخر..
بينما هى سابحة بذكريات تجاهد ألا تكون واقعا مريرا..
Flash back
الزمان: قبيل وفاة مصطفى
المكان: مكتبه بالفيلا
دخل عادل المكتب غاضبا وخلفه مصطفى موصدا الباب خلفهما: خلينا نتكلم هنا عشان محدش يسمعنا..
جلس عادل على أقرب مقعد، متحدثا بصوت خفيض ولكنه يحمل الكثير من العصبية: أولاد ..... فاكرنى هطاوعهم واقتلك أنت وأهل بيتك عشان أورثك وتبقى كل حاجة تحت أيديهم.. أبقى راجلهم الجديد فى مصر..
وأخرج من جيب بنطاله زجاجة صغيرة تحتوى سائل عديم اللون: أدونى السم ده..
زفر مصطفى بضيق، دار بعقله عديد من الأحتمالات، فمثل هؤلاء القوم لن يكتفوا بخطة وحيدة للتخلص منه، بالتأكيد هناك على الأقل خطة واحدة احتياطية..
أخرجه من تفكيره أخاه المتذمر دائما: أنا نفسى أفهم أنت هنا بتعمل أيه! مش مفروض تاخد مراتك وابنك وتختفوا خالص من هنا!
اتجه مصطفى لمكتبه متفحصا أدراجه باحثا عن مفتاح خزنته الخاصة التى لم يجدها بجيبه، بينما يحادث أخيه: فريدة وآدم عند هدى هانم، وأدريان ورجالته متوليين تأمينهم..
زفر عادل بضيق فهو يكره أدريان بشدة: وسيادتك هنا ليه يا دكتور؟
حانت منه ألتفاتة لأخيه: الخزنة فيها ورق مينفعش حد غيرى يشوفه، خصوصا فريدة، فانت هتحتفظ بيه ولو ربنا أراد وجرالى حاجة أتصرف على أساسه..
لم يفهم عادل قصد أخاه، فما أهمية تلك الأوراق التى يأتمنه عليها بينما لم يأمن رفيقة سنواته الأخيرة، بل يبدو كمن يخشى علمها بهم، ولكن انفعاله من كلمات أخيه شتت ذهنه عن البحث عن أجابة: بعد الشر عليك، بلاش الكلام الخايب ده يا مصطفى..
تابع مصطفى حديثه دون اهتمام لتعقيب أخيه، فهو بالفعل يشعر أن الخاتمة عاجلة: ورق المصنع كنت بجهزه عشان أكتبه بأسمك..
ثم زفر بضيق: يظهر المفتاح فى علبة مجوهرات فريدة، أكيد معاها..
أستغرب عادل من نية أخيه منحه ثروة متمثلة بمصنع: وأنت كنت هتسجله باسمى ليه أصلا!
جلس مصطفى يسترجع بحزن ماضيا ليس ببعيد: لأنى عملته عشانك.. كان حلم أبويا وأبوك وهم طلبة فى الجامعة، ولما أبويا مات والمشاكل كبرت طبعا بين أمى وجدى وأبوك خلوا الفكرة تموت وقتها.. بس لما كنا فى العمرة أتفقت مع بابا مصطفى ننفذ الفكرة وأنت كنت لسه مخلص الكلية.. كل حاجة كانت مترتبة بس القدر كان ليه رأى تانى..
خجل عادل من نية أخيه.. دائما يفكر مصطفى من أجله، بينما هو يظنه لاهثا وراء مجد ومال عائلة الجوهرى متناسيا أخاه.. هو بالفعل ظلمه، لا يعرف كيف يعتذر منه، فأطرق وجهه أرضا متهربا: الله يرحمهم..
ثم رفع وجهه فى عزم: مش مهم الزفت الورق يتحرق.. المهم تسافر حالا..
مصطفى بعصبية: هنسافر سوا يا عادل دلوقتى..
زفر عادل بغضب: وأنت مالك بيا يا عم!
شعر بحمق رده فأكمل ليطمئن أخيه: أنا خلاص بقيت صاغ سليم والله، وبطلت خمرة وأدوية.. مش سى زفت أدريان بيبعتلك تقاريرى.. والله بطلت..
ترك مصطفى الأوراق التى يطعالها أمامه، ونظر له بغضب: أنت غبى! مش أنت برده اللى جى تحذرنى من المافيا واللى بيخططوله بره!
ثم بعصبية خفيفة: سيب أى خلافات قديمة بينا يا عادل على جنب.. مش وقت تفاهتك..
ثم برجاء أخ لأخيه: هتفضل تعاندنى لأمتى؟ أنت هتسافر معايا غصبن عنك.. أنا مش هسيبك هنا للخطر..
ترك عادل مقعده، واقترب من أخيه: مينفعش أسافر يا مصطفى.. أنا مصدقت رجعت..
زفر مصطفى بضيق: ليه يعنى؟ فاضلك أيه هنا أصلا؟
عادل: مراتى..
مصطفى بذهول: نعم يا اخويا! والبيه أتجوز أمتى وازاى؟
عادل بارتباك: من زمان..
ومازال مصطفى أسيرا للصدمة: ومراتك دى مين؟ أوعى تكون بنت الجيران اللى دهولتك كده وكانت سبب فى أدمانك..
أومأ عادل برأسه، مما جعل أخيه يستشيط غاضبا ليضرب كفا بكف: ودى رجعت أمتى؟ وأتجوزتوا أزاى من غير علمى؟
عادل بعصبية خفيفة متهربا من أجابته: هو ده وقت تحقيق يا مصطفى؟ ثم مش أنت لوحدك اللى تقدر تتجوز فى السر..
مصطفى مدافعا عن نفسه: مكنش جوازى سر يا فالح.. أنت اللى كنت متدهول يا اخويا وحالتك زى الزفت..
ثم استدرك نفسه: ومراتك فين؟ ومظهرتش ليه؟
مسح عادل وجهه، فهو حقا لا يعلم أجابة سؤال أخيه: عشان كده لازم أفضل هنا.. لازم ألاقيها..
تسرب الشك لقلب مصطفى: عادل.. مراتك ليها دخل بحادثة الفيلا القديمة؟
أزدرد ريقه، وبعينين زائغتين تهرب من أخيه ليدافع عن سلمته وينفى عنها أتهام ايذاؤه: أنا اللى ضربت نفسى بالنار بالغلط يومها..
أتجه مصطفى اليه ليواجهه: مش مصدقك.. البت دى أنت قفشتها بتعمل حاجة؟
غضب عادل منه، فجذبه من ياقة قميصه: متتهبلش فى عقلك.. مراتى أشرف واحدة فى الدنيا..
ترك الياقة من يده، ثم زفر بقوة لطرد ذكرياته المؤلمة: والرصاصة خرجت بالغلط يومها.. أنا اللى أذتها، مش هى..
يقن مصطفى أنها من أطلقت على أخيه الرصاص، فصاح بتهكم: دافع عنها يا اخويا دافع.. ضربتك بالرصاص وهربت.. وأنت تدافع عنها..
دافع عادل عن زوجته باستماتة: قلتلك الرصاصة خرجت منى أنا.. كان غصب عنى.. هى مالهاش ذنب..
مصطفى بسخرية: وسابتك للموت ليه؟
استمر عادل فى دفاعه عن زوجته: سلمى فقدت النطق لما سقط حملها، حالتها النفسية مكنتش مستقرة، كان عندها صدمة..
لوى مصطفى جانب شفتيه سخرية، بينما عادل يدقق النظر فى أحدى صورتين على طرف المكتب.. احداهما لطفل صغير بالتأكيد هو آدم ابن أخيه، بينما الأخرى لمصطفى وطفله يقبلان سلمى.. وبصدمة حمل الصورة ليعطيها لأخيه، وهو ينطق بصعوبة: هى مراتى بتعمل أيه فى الصورة دى؟!
نظرت الصدمة أعتلت وجه مصطفى..
تائهة عيناه بين نظرة لأخيه وأخرى لصورة زوجته وطفله..
الآن فهم الأمر برمته..
نظرة الشر أقتحمت عين عادل الآن.. أصبح ثورا هائجا، فهجم على أخيه الأكبر محيطا عنقه بقبضتيه.. أصبح مصطفى ساقطا على مكتبه، يحاول بأعجوبة فك قبضة أخيه الأصغر عنه، بينما عادل كالمجنون يصرخ:
- هقتلك يا مصطفى..
- سرقت مراتى!
- مكفكش خدت أبويا وأمى منى..
- مكفكش موتهم..
- سرقت مراتى!
- نمت معاها!
- هقتلك..
- وهقتلها..
Return
قطعت الصمت بينهما أخيرا، وهى مسلطة نظرها على الطريق أمامها دون أن تحيد، بينما عادل يفكر فى كل ما حدث: أنا وابنى حياتنا فى خطر.. هتتخلى عنا؟
تفاجأ من حديثها المباشر، هى تسأله بوضوح أيبحث عن انتقام منها أم حماية لها ولطفلها، وبالطبع الأجابة محسومة لصالحها.. حانت منه ألتفاتة اليها، ليجيبها دون تردد: لا طبعا.. اوعى تخافى، أفديكم بعمرى..
أكملت بهدوء: يبقى تشرب معايا بكرة الصبح فنجان قهوة، وننكلم..
--------
ما ان بدء بتناول قهوته بصباح اليوم التالى حتى ظهر النفور على ملامح وجهه وهو يعيدها لموضعها الأول: أيه ده! دى سادة! أنتى عارفة أنى بكره القهوة السادة..
ضحكت فريدة، ثم أرتشفت رشفة من قهوتها لتحدثه بعدها: كمل قهوتك يا عادل..
سلطت نظرها على ذلك الجالس أمامها بمكتب زوجها يتذوق مرارة قهوته طاعة لأمرها:
كالقهوة أنا
مرة
ولكنك لن تطيق عنى بعدا
توقف عن ارتشاف قهوته ونظر اليها متعجبا أن تخرج منها مثل تلك الكلمات: عمرك مكنتى مغرورة يا سلمى.. حقيقى اتغيرتى..
اكملت فريدة تذوقها لقهوتها المرة خالية السكر حتى انهتها لتعيد فنجانها على المكتب: ده اسمه ثقة بالنفس..
ثم بابتسامة هادئة اراحت ظهرها على كرسيها الجلدى: ده اللى علمهولى مصطفى..
ظهر الغضب على ملامحه وجز على اسنانه وهو يقبض على اصابع يمناه: سلمى..
قاطعته سلمى ببرود: فريدة من فضلك..
اكملت سريعا قبل ان يقاطعها: عوزة اعرف الحكاية.. ازاى انت ومصطفى اخوات؟ انا عمرى معرفت عنك ده.. ولا مصطفى جاب سيرتكم فى يوم ليا..
بغيظ تفوه بما أثار حفيظتها: بلاش تسألى أنتى بالذات..
نظرت له متعجبة، فما دخلها هى بما حدث قبل مولدها!: أنا بالذات! ليه؟
اكتشف خطأه فحاول التكتم، بينما تملكها الفضول المقترن بالعجب: وانا مالى بيكم أصلا!
أشاح بوجهه بعيدا عنها، دائما تسرعه ينفرها منه: متشغليش بالك..
وبعناد سألته: انا مالى بيكم أصلا!
اعتاد عدم قدرته على مجابهة عنادها: لأن الأجابة هتزعلك..
بدى التذمر فى ملامحها: فى أيه بالظبط؟
أخيرا أخرج ما بجعبته: ابوكى..
قطبت ما بين حاجبيها فى اندهاش: وكامل أبوالمجد ماله بيكم؟
دلك جبهته بأنامل يسراه: أبوكى اللى فرق بينا..
أقتحم عقل سلمى فى تلك اللحظة نتيجة أفزعتها.. لطالما تساءلت لسنوات لما آذاها بهذا الشكل وهو يحبها؟ فأقرت بذهول: كنت بتنتقم منى عشان فرقكم عن بعض! طب ذنبى أنا أيه؟
لمح لمعة عينيها فانقبض قلبه، ليسرع بعدها فى نفى التهمة عن نفسه: لا يا سلمى.. لا والله مكنتش بنتقم.. كل اللى حصل كان تهور منى عشان حبيتك.. سلمى أنا .....
شعرت أن ذلك الطريق سيبعدها عن هدفها، فأزاحت سلمى من طريقها لتعود فريدة من جديد.. مسحت تلك الدمعة الفارة منها لتقاطعه عن استكمال حديثه عندما طالعت صورة طفلها بخوف: أنا وابنى فى خطر..
هى محقة بكل ما قالت، أومأ مؤيدا لها وهو يسحب صورة آدم من أمامها: محدش هيقرب منكم طول مانا عايش..
لأول مرة يدقق النظر بصورة الطفل..
شعر بخفقان سريع بقلبه..
ذاك الطفل يشبه مصطفى لحد كبير..
ولكنه أيضا يشبهه..
كلاهما ذو خصلات ناعمة مفحمة..
كلاهما ذو عينان سوداوان كليل حالك..
كلاهما ورثا ذلك عن أمهما..
لاحظت تدقيقه بالصورة فجذبتها من بين أصابعه المتشبثة بها بقوة: حرام ابنى يتأذى فى حرب مالوش دخل فيها.. مصطفى عمل المصنع ده عشانك، لازم تخلصنا منه، خلينا نبيعه ونعيش فى أمان..
لم ينتبه لكل ما قالت، سؤال شغل باله أجابته: آدم عنده كام سنة؟
أجابت سريعا دون تفكير: 6 سنين..
فاستفسر أكثر: ده باين أنه أكبر من كده!
ابتسمت بخفة: طالع فرع لأبوه.. دايما مصطفى يقولى أنه وهو أده كان بيبان أكبر من سنه..
تنهد بهدوء يمتزج بخيبة أمل: آه.. مصطفى فعلا كان فرع.. بابا كان دايما يقولى أنه زى باباه طويل جدا، عكسى كنت قصير..
ثم تابع بعملية: ورق المصنع فى الخزنة..
أشار بيده للخزينة المجاورة لها: مصطفى قالى أن المفاتيح فى علبة مجوهراتك..
رسمت الاستغراب على وجهها: لا أبدا كانت مع مصطفى مش معايا.. ممكن تجيب حد بكرة ولا بعده يفتحهالنا وخلاص..
ثم تابعت: على العموم أنا نزلت أنهاردة اعلان فى كل الجرايد القومية أن المصنع عرضينه للبيع..
ناولته عددا من الجرائد، كان الأعلان بالفعل مكتسحا للصفحة الأولى، فصاح عادل معجبا بذكائها: يا بنت اللذين، جت فى بالك أزاى؟ وعملتيها امتى؟
أجابته مبتسمة: تممت كل حاجة بليل بعد العزا.. وكده الناس اللى بيطاردونا هيتأكدوا أن بموت مصطفى أمر المصنع ميهمناش..
تنهد عادل بارتياح: الخطوة حلوة.. يارب تيجى بفايدة..
ازدادت ابتسامتها: هتيجى.. اتقل يومين تلاتة.. وهتلاقى كل حاجة انتهت..
اقتربت من مكتبها لتحدثه بجدية وهى تعبث بأحد الأقلام: بس المهم نمارس حياتنا بشكل طبيعى، عشان ندى انطباع أننا مجرد ورثة بنجرى ورا الفلوس..
لم يفهم عادل مقصدها: مش فاهمك..
فاجأته بطلبها ببرود: تتجوزنى؟
صدمته تلك المتلاعبة بقلبه، سحب فنجانه سريعا يرتشف ما تبقى من قهوته المرة الباردة.. يبحث عن جواب قاس لتلك المتعجرفة: ده على أساس أنك مش مدام عادل أبوالفتوح..
تجلس بمقعدها مفرودة الظهر واثقة بنفسها: فريدة منصور أرملة مصطفى الجوهرى..
تنكرينى الآن بمنتهى السهولة..
لا يا ابنة كامل أنتى امرأتى..
أجابها بهدوء يماثل برودها الجديد عليه: لا يا هانم.. سلمى مراتى، ولازم افهم .........
قاطعته فريدة بارتباك قبل أن يقحمها باجابة أسئلة ستكون لعنة على قلب سلمى، هى ترفض عودتها لذلك لن تخبره شيئا عن فقدانها للذاكرة ليزداد لوعة وألم: كنت فكراك ميت.. وسلمى كمان ماتت.. وفريدة عاشت..
ثم بانفعال: أقبل ده أو أرفضه بس بعدين لما نخلص من المصيبة اللى احنا فيها..
نظر لها مليا، لا يملك سوى طاعتها الآن.. عقله يخبره أن هذا هو صوت المنطق، ولكن قلبه يؤلمه منها: حاضر يا سلمى..
زفر بغضب: تخلصى عدتك، ونعقد بعدها..
عادت ثانية لاراحة ظهرها على مقعدها الجلدى وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة عذبة بددت ضيقه بلحظة: شاطر، وبالمناسبة دى عزماك على الغدا انهاردة..
أطل الأندهاش على وجهه، فتابعت ومازالت الابتسامة قناعا لوجهها: هطبخلك بأيدى..
--------
مرت عليه ساعتان بالملحق، يجلس متصفحا الجرائد القديمة بملل حتى قطع خلوته طرق خفيف على الباب.. فتح الباب ليجد أمامه أحدى العاملات بالفيلا تحمل صينية: صباح الخير دكتور عادل.. مدام فريدة بعته لحضرتك الفاكهة والحلويات البسيطة دى وكمان عصير الفراولة اللى بتحبه.. وبتأكد على حضرتك أن معاد الغدا الساعة 3 بالدقيقة.. من فضلك متتأخرش..
ابتسم لها شاكرا، وحمل منها تلك الصينية الصغيرة..
مرت نصف ساعة وعاد الطرق من جديد على بابه، ولكن هذه المرة دون اجابة من ساكن الملحق.. وبعد دقائق مملة من الأنتظار اقتحمت فريدة المكان ببرود.. وبخطوات متمايلة اقتربت من عادل النائم على كرسيه.. بابتسامة ساخرة تغنجت باسمه: عادل.. عادل..
ضربته بخفة على وجنتيه للتتأكد من خضوعه لتأثير المخدر الموضوع بشرابه.. هو لا يمكنه مقاومة عصير الفراولة الذى أجادت اختياره، يظنها مازالت تحبه فشربه على عجل ليسبح فى ظلام أحلامه الوردية..
أحكمت اغلاق المكان لتنطلق بعدها بسيارتها لمقابلة هدفها الثانى..
رشدى فهيم
--------
دخل كامل مكتب رشدى عقب خروج الحسناء من الباب الآخر، سعل بقوة قبل أن يسأله: عملت ايه مع ارملة مصطفى؟
رشدى بثقة: باعت طبعا..
حك كامل ذقنه مفكرا بعمق: غريبة، الصبح تنزل أعلانات البيع ودلوقتى تيجى بنفسها تعرض المصنع علينا! هى البت دى عرفت تجيب أى معلومات عنها؟
أشار رشدى بالنفى: ولا معلومة.. نزلت من السما فجأة، وظهرت مع مصطفى..
ظل كامل مطرقا أرضا: لتكون متسلطة من الجماعة اللى برة..
شعر رشدى بالضيق فدائما كامل لديه حس المؤامرة: موال المصنع ده من سنة، ومصطفى متجوزها من حوالى 8 سنين..
كامل: هى عارفة بشراكتنا لمصطفى فى المستشفيات؟
رشدى: واضح أنه لأ.. وعلى فكرة هى بلغتنى أنها فوضت دكتور شريف بالأدارة..
كامل: غريبة..
رشدى: ولا غريبة ولا حاجة.. البت خوجاية عايشة طول عمرها برة، والواد عادل عامل عليها سى السيد.. قالت تخلع بالفلوس قبل ميحاول يمشى فى أجراءات الوصاية على ابنها..
كامل بروية: بلغ الناس اللى برة دلوقتى أننا اشترينا، وأن عيلة الجوهرى برة اللعبة ، والمصنع هنكمله..
أومأ رشدى وقد اتسعت ابتسامته فى تشفى: ضربة فى مقتل ليهم..
زم كامل جانب شفتيه: أحنا لسه فى البداية..
ثم بوعيد صرح: هدفعهم تمن اللى عملوه غالى..
ثم تابع: خليك مأمن عيلة مصطفى هنا وبرة برده..
رشدى: مجرد منبلغهم برة أننا اشترينا المصنع اللى بيحاربوا عشانه عيلة مصطفى هتخرج من حساباتهم، متقلقش..
كامل: احتياطى برده، منضمنش حد.. ممكن حد يتغابى ويحب ينتقم منه عشان باعولنا..
أومأ رشدى برأسه طاعة له.. كاد كامل أن يغادر ولكنه توقف فجأة ليسأله باهتمام: برده معرفتش حاجة عن الوريث؟
هز رشدى رأسه نفيا، وقد تملك الحزن من قسمات وجهه: مفيش وريث غير بيان بنتى..
بقوة وشموخ عجوز حلت عليه مصائب الدهر فوقف معاندا لها: هم مش هيعملوا اللى عملوه ألا لو متأكدين أن لينا ورثة يقدروا يستغلوهم.. مظنش أنها بس بيان.. أكيد أنا كمان ليا وريث..
خفق قلبه بشدة: فى حد شايل اسمى يارشدى..
تملك التعب من رشدى من كثرة التفكير والبحث:
- عيالك كان كل واحد فيهم ليه دنيا لوحده..
- محمود مكنش شاغل باله الا الشغل وملوش فى النسوان..
- ومحمد كان بيحب أشرقت ويستحيل يخونها..
- أما أحمد فرغم أن مغامراته ملهاش سقف الا ان كل المعلومات اللى تحت أيدى مفيهاش أنه أتورط بعلاقة وصلت للخلفة..
كامل وقد هم بالمغادرة: دور ورا أحمد تانى وعاشر..
----------------------------
يتبع ج5
ان شاء الله
#رواية_ظلال_الماضى
#بسمه_السيد
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد

بسمه ااسيد 17-11-17 12:02 PM

مـازالت مملكتك فـى ذاكـرتـى وإن خـويت على عـروشهــا الخاتمة
 
عنوان الحلقة الأخيرة أهداء الكاتب المتألق: أ/شريف الهمامى
شريف الهمامى Sherif Elhmamey
مؤلف كتاب/ روبابيكيا الكلمات
#معرض_القاهرة_الدولى_2018
-----
رواية "ظلال الماضى"
الخاتمة
فى صباح اليوم التالى تجلس فريدة بجوار عادل بسيارتها.. مدققا هو فى القيادة بينما هى مشغولة بشدة فى مطالعة العديد من المجلات: هتفضلى زعلانة منى؟
أجادت تمثيل الغضب على وجهها، بينما هو أزدادت حيرته حول كيفية أرضائها: والله يا سلمى معارف راحة عليا نومة أزاى؟!
نظرت له غاضبة، ثم أشاحت بوجهها للاتجاه الآخر، وبحركة عصبية أغلقت المجلة الساكنة على قدميها لتسحب أخرى لتطالعها.. شعر بالضيق من نفسه أكثر: اليومين اللى فاتوا كانوا صعبين.. مكنتش بنام ساعتين على بعض.. نمت زى القتيل طول اليوم..
أنفعلت فى وجهه: أسكت خالص، الغدا اتسخن مرتين واتحول لعشا عشان منتاش عارف تحافظ على مواعيدك..
شعر عادل بعودة حبيبته، وتخليها عن القالب الثلجى الذى غلفها منذ عادت اليه.. فحاول أرضائها: طب أصالحك أزاى؟
شعرت بالارتباك.. هو يعيدها لماضيها أيام كانت رضاها مصدر ابتسامته.. ان عادت سلمى، ستخذل فريدة مصطفى.. لا لن تفعل ستمضى فى خطتها مهما حاول أثنائها بمشاعره.. فتركت مجلتها لتطلب منه بهدوء: وقف العربية من فضلك..
أوقف سيارته متسائلا عن سبب تغيير رأيها: غيرتى رأيك؟
أجابته سريعا: آه..
شعر بالتوتر فقد أتفقا سويا على البحث عن منزل جديد لتجهيزه لأقامتهم بعد انتهاء عدتها.. أتفقا على البدء من جديد سويا وتربية آدم الصغير.. وهاهى الآن تتراجع.. أمتزج توتره بخوفه، هل حقا ستفارقه مرة أخرى: ليه؟
تنفست فريدة بعمق لتجيبه بهدوء: لأنى عوزة أبدأ من البداية..
لم يفهم عادل مقصدها: مش فاهم..
فريدة بهدوء: مش هندور على بيت جديد، لأن عندنا بيت..
ردد دون تفكير: الحارة؟
أغمضت عيناها لتحجب دمعة كادت تفر منها بسبب سيل الذكريات داخلها: مينفعش الحارة.. هناك هكون سلمى..
فتحت عيناها لتطالعه بثبات امرأة قررت الحفاظ على كيان اختارته لنفسها: كده ابنى هيحاول يعرف ازاى سلمى هى فريدة.. هيعرف اللى فات.. أنا مش عوزة ابنى يتوجع زيى.. سلمى معدش ليها وجود يا عادل.. فريدة هى اختيارى..
تنفست الصعداء لتتابع بعد لحظة صمت بتماسك: هنطلع دلوقتى على الفيلا..
عادت لمعة عيناها: هغير كل حاجة فيها.. الخشب.. الدهانات.. الديكورات.. شهر واحد وكل حاجة هتبقى جديدة ومختلفة..
شعر بغصة فى حلقه، هى تقصد الفيلا التى احتجزها بها.. أى عقل برأسك يا امرأة!: فيلا .......
فريدة بقوة: أيوة..
حاول أثناؤها عن طلبها مرارا.. هو لا يريد ايلامها ثانية.. لا يريد تدمير بداية جديدة اتفقا عليها سويا، ولكن أمام اصرارها لم يملك سوى تنفيذ أمرها..
يظنها تريد العودة للبداية لمحو كل لحظة مؤلمة بينهما.. وهو سيحقق لها ما تريد.. ظلت هى طوال الطريق تثرثر حول ألوان الحوائط، وتنتقى من مجلاتها أرقى الأثاث..
--------
لأول مرة تعرف الطريق لتلك الفيلا الملعونة..
تقترب من الأرض التى شهدت دماها كما شهدت دموعها..
هو يسير على خطتها كما وضعتها دون انحراف..
بارادته سيسقط فى فخها..
من أجلك مصطفى سيكون عادل الأول..
والثانى ذاك العجوز رشدى..
سأتتبعه كظله لأتمكن من جمع نقاط ضعفه..
بينما أتسلح من أجله..
حتى أسقطه يوما ما عن عرشه..
سيندم كلاهما على كل ماقترفاه فى حقك..
هذا ليس ثأرا لأسعى لتحقيقه..
وانما هى عدالة من أجلك مصطفى..
ماداما سيفلتا من فعلتهما دون عقاب، سأكون أنا عقابهما..
ثم سيأتى ذلك اليوم الذى سأحقق فيه العدالة من أجلى أنا الأخرى..
سينال من جلبنى لذلك العالم القاسى جزاءه..
أجل، سيأتى يومك أبى..
سأحقق العدالة لى ولأمى..
--------
أن يكون كل ما يكابده حلما هو ضرب من الخيال..
لا يشعر بالارتياح لتصرفاتها..
بالماضى كانت سلمى كتابا واضحا أمامه، أما تلك المرأة فعيناها زجاجيتان يجيدان اخفاء انفعالاتها..
تحدثه بلسان امرأة غريبة عنه..
حبيبته وابن أخيه مهددان بسبب حلم سعى أخاه لتحقيقه من أجله..
لا يعلم ان كانا يستطيعان بناء حياة جديدة سويا غاضين البصر عما مضى أم لا..
كل ما يعلمه أن وجودهما سويا هو أأمن الحلول المتاحة..
وجودهما سويا يعنى عودة طائره الشارد عنه..
سلمته له باختيارها دون اجبار منه..
ولكن هناك هاجس داخله أن هناك ما يريب..
هى تجبره على الخطا بطريق غامض لا يدركه سواها..
ورغم ذلك ليس أمامه سوى طاعتها..
فرغم كل شئ هى له..
--------
شعرت برهبة عندما أوقف السيارة أمام الباب الحديدى للفيلا.. شعر هو بها: خلينا نرجع يا سلمى.. بلاش..
خوف تملك قلبها، ولكن حاولت التماسك رغم الأرتباك البادى بصوتها: لازم أبص على الفيلا قبل مالعمال يجوا بكرة يشتغلوا..
ترك السيارة ليفتح ذلك الباب المغلق منذ سنوات، ثم عاد للسيارة لتدويرها للتحرك للداخل.. ولم تمض سوى دقائق بسيطة حتى كانا ببهو الفيلا سويا.. وأثناء بحثه عن قبس الكهرباء شعر بأناملها تدلك رقبته..
أول مرة تقترب هى منه برغبتها..
تتلمسه..
زادت اندهاشته من فعلتها فالتفت اليها متطلعا..
وقبل نطقه بحرف فهم ما تفعل..
هى لا تداعبه..
هى تعاين فقرات رقبته..
وقبل أن ينال فرصة للابتعاد سقط فاقدا للوعى أسفل قدميها..
--------
حيث البداية تكمن النهاية
أستيقظ على كلماتها، لم يعى بعد ما أصابه.. فتح عينيه بتثاقل، فما زال يشعر بألم بمؤخرة عنقه، ليتفاجئ برقوده أرضا بقبو الفيلا، بالتحديد فى الغرفة الصغيرة التى قيدها بها يوم أجهضت طفله..
جالسة هى مستندة للباب المحتجز هو خلفه: فاكر لما قلتلى مش هيفرق بينا الا الدم..
نهض من مكانه ليقترب من باب الغرفة الخشبى الصغير، ليحاول النظر اليها من نافذته الصغيرة، بسهولة حدد موقعها: سلمى أنتى بتعملى أيه؟
هى الآن أسيرة كل ألم تسبب فيه:
- كان عندك حق..
- حكايتنا ملهاش نهاية الا الدم..
- دم واحد فينا هيقضى الغرض..
أدرك الآن أن هاجسه لم يكن من فراغ.. هاهى حبيبته تسعى لانتقام منه بعد مرور ثمانية سنوات.. غير مدرك الى الآن أنها تعلم نصف ماحدث بينه وبين أخيه قبيل موته: عندك حق تنتقمى منى، بس كل اللى عملته فيكى كان عشان بحبك.. كنت خايف تفارقينى يا سلمى..
لم تهتم بما سمعته منه من تبرير واه.. هى لا تستطيع محاسبته على فعلته بها.. رغم كل آلامها الا أنه مازال يمسك زمام أمر سلمى بيديه:
- مش عشان اللى عملتوا فيا..
- لأ، عشان اللى عملته فى مصطفى..
- مش هسيب حقه ولو فيها نهايتى..
لم يستوعب مقصدها، هو لم يفعل شئ لأخيه، فسألها باستغراب ولهجة استنكار: عملت ايه فى مصطفى؟!
فريدة بغل: قتلته..
أشتعل غضبا من تلك الغبية الحمقاء: انتى اتجننتى فى عقلك؟ اقتل اخويا! دا انتى هبلة بقى..
استقامت فريدة تنظر له بحقد: انت مقتلتوش عشان مصنع الادوية..
ثم صرخت: انت قتلته عشانى.. كنت عارف انى مراته..
قاطعها بصراخه احتجاجا على كلماتها، هى امرأته هو.. مصطفى سرقها منه، وهى قبلت خيانتها له:
- متقوليش مراته..
- انتى مراتى انا..
- ملكى انا..
- هعيش وانتى مراتى، وهموت وانتى مراتى يا سلمى..
فريدة ببرود واضح فى نبرتها:
- فريدة..
- اسمى فريدة..
- احفظه كويس..
- لما قابلتنى مستغربتش انى مرات أخوك، بالعكس كنت عارف ومستنينى..
عادل بغل وحقد:
- لانى قابلت مصطفى قبل ميموت..
- وعرفت انه خدك منى..
- حرمنى منك..
- حرمنى من حبك زى مخد حب ابويا وامى..
- حرمنى منك زى محرمنى منهم..
ترقرقت الدموع بسهولة من عينيها:
- عارفة أنك قابلته..
- عارفة أن يومها عرف حقيقتى وحقيقتك..
- عارفة أنك قتلته وكنت عاوز تقتلنى..
لا يعلم كيف عرفت بما دار بينه وبين أخيه، ولكنها تغفل أن ذلك لم يكن نهاية حوارهما.. هى لا تعرف أنه ترك مصطفى قبل أن يؤذيه.. حادثة أخيه لم يكن هو طرفا بها، بل كان يسعى لنجدته.. نفى عن نفسه اتهامها: لا لا يا سلمى أنا لاقتلته ولا كنت هقتلك..
أقتربت من نافذته صارخة بكل قوتها:
- كداب..
- مصطفى كان نورى اللى انطفى بموته..
- قتلته بسببى..
- قتلته عشان أنقذنى منك..
متشبثا بالدفاع عن نفسه:
- مصطفى أخويا يستحيل أأذيه..
- صدقينى مش أنا اللى قتلته..
- دول المجرمين اللى برة..
مازالت عيناها الكارهتان رؤيته مسلطة عليه، لم تشفع لها كلماته: كداب..
مستبسلا فى دفاعه ورجاؤه ألا تظلمه بمثل ذلك الظن: انا بحبك.. وانتى بتحبينى..
أجل كنت حبيبى
كنت قلبى ومليكى
كنت حلم صبايا وأمنيتى
كنت يوما بطل مراهقتى
ولكنك أصبحت عدوى
ماكنت لأترك ثأرى
فأنا اليوم خاتمت سنينك
أجادت اختيار خنجرها المسموم لتطعنه بقلبه:
- عمرى مقلتلك أنى بحبك..
- لكن قلتها مليون مرة، أنا بحب مصطفى..
- وانت قتلته..
صدم من تصريحها بحب أخيه، ونكرانها لحبه، فصرخ بوجهها وهو يحاول جذبها اليه من النافذة:
- أنتى كدابة..
- العمر ده كله وبتقوليلى محبتنيش..
- تبقى مبتفهميش..
- منتيش فى وعيك..
- ولو بتكرهينى أوى كده مسبتنيش أنزف ليه عشان تخلصى منى..
أرادت ايلامه بشدة عل ذلك يخفف بعضا من ألمها، فأجابت ببرود ونظرات قوية ممتزجة بسخرية: بس أنا سبتك تنزف..
صرخ بها من جديد:
- كدابة يا سلمى..
- حاولتى تلحقينى..
- وقفتى نزيفى بالروب..
- وكنتى بتتصلى بالأسعاف عشان تلحقينى..
حافظت على لوح الثلج بوجهها: محصلش، اللى قالك الحدوتة دى كان بيسرح بخياله..
ابتسم ثقة: أنا متأكد من كلامى، لأنى صاحب الحدوتة.. أنا فقت بعد مخرجتى، واتصلت بمصطفى لما سبتيلى التليفون جنبى..
خاطبته فى غير اكتراث بابتسامة صفراء أجادت بها أخفاء الحقيقة داخلها: تلاقيها مجرد خيالات ووهم بتصبر بيه نفسك.. الحقيقة أنى قصدت أقتلك عشان أهرب..
لم يصدق تلك الكاذبة، هو يعلم حقيقة ماحدث يومها.. مهما برعت فى صبغ وجهها بألوان اللامبالاة والكره والكذب هو لن يصدقها.. هى تحبه، ولكنها تتهمه بقتل أخيه.. تصدق سوء ظنها به، بينما هو لا يفهم كيف صدقت أنه يمكنه أيذاء أخيه:
- ولا هفهمك ولا هتفهمينى..
- أنا بكلمك بقلب عادل..
- وانتى بتكلمينى بغضب واحدة معرفهاش..
- فريدة..
- الدمية اللى صنعها مصطفى بأيده..
خاطبها راجيا: منتيش عاوزة تصدقينى بسبب غضبك.. سلمى أسمعينى بقلبك وأنتى هتصدقينى..
ابتعدت عنه فغابت عن نظره لدقائق، كان يسمع وقع أقدامها وعبثها بأغراض القبو، ولكنه لم يستوعب ما تفعله فسألها: مجرجرانى لهنا يا سلمى عشان تنتقمى منى ليكى ولا لمصطفى؟
أجابته من بعيد بنبرة اجتهدت أن تكون قاسية: تارى خدته منك لما ضربتك بالرصاص..
ضحك بتهكم: بس أنتى مضربتنيش.. أيدى هى اللى ضغطت على الزناد..
حقيقة هى لا تعلم ماحدث فى تلك اللحظة.. لا تعلم ان كانت هى مطلقة الرصاصة أم هو.. كل ما تعلمه أنها تريد ايلامه، فأصرت على ادعائها الكاذب: أنا اللى ضربتك بالرصاص.. وكنت عاوزة أقتلك..
تعالت ضحكاته حد البكاء فزادها حنقا:
- أفضلى أخدعى نفسك بده..
- بس سواء عشت أو مت هفضل أنا مالك قلبك..
- هتفضلى تحبينى لحد متموتى..
ثم بصراخ صاح:
- هتفضلى ملك عادل للأبد..
- أنتى لا حبيتى قبلى..
- ولا هتحبى بعدى..
كان محقا بكلماته.. تلك الكلمات كانت بمثابة وعود منه لن يحنثها أبدا.. تمالكت نفسها لتقترب من نافذته لتحدثه بفتور: لو ده هيرضيك فى لحظاتك الأخيرة فعيش أحلام اليقظة براحتك لأنى هاخد حق مصطفى..
تابع بصدمة: بتاخدى تار مصطفى منى أنا!
ابتسمت فريدة: بين العدالة والتار شعرة، واللى بعمله عدالة لمصطفى..
سألها بتهكم: مبلغتيش عنى ليه؟
أجابته: لأن لسه فيه اللى هيتحاسب..
عمت رائحة الغاز المكان، لقد كان يحتفظ باسطوانات غاز بالقبو، وقد أختارتها حبيبته الحمقاء لتكن عقابه: بالغاز يا سلمى!
بوجه حافظت على جموده طالعته لآخر مرة: للعدالة وجوه أخرى..
--------
أعطته ظهرها وتحركت باتجاه الدرجات لتغادر المكان بقلب يدمى، بينما هو يصرخ مناديا باسمها حتى فقد الأمل.. يجلس أرضا مستندا على باب الغرفة يسترجع ذكرياتهما سويا بينما ينتظر ببطء مصيره..
لا تتركينى
أتأبى البقاء وتغادرى!!
كفاكى حماقة واسمعى
أتنكرين عاشقا قد ذاب حبا فتلعنى!!
أرجوك عودى ولا ترحلى
--------
بتثاقل غادرت القبو..
تلعن ألف مرة قدر كتب على قلبها الشقاء..
تصرخ ألف صرخة مستغيثة ألا يكون ذلك هو مصيرهما..
تخرج من بوابة الفيلا الداخلية لتسقط جوار الباب منتحبة..
كده خلاص بقيت جانية
مذنبة
بعد مكنت مجنى عليا
ضحية
الشعرة اللى بين برائتى وشيطانى اتقطعت خلاص
معدش فى أمل ارجع تانى عن طريق الانتقام
طريقى بقى دم
جمر نار
مسحت دموعها لتتجه لسيارتها وقد عزمت أمرها على المضى قدما بطريق أجبرت على السير به..
خدت حقى من الاولانى
فاضل التانى
والتالت هيكون شاهد
----------------------------
تمت
بحمد الله
ظلال الماضى
أنتظرونى فى
الجزء الثانى "بيان- للعدالة وجوه أخرى"
الجزء الثالث "الأمبراطور- عشق وفداء"
----------------------------
مشهد (1)
آذار 2005
عينان زرقاوان كبحر عميق..
طوافتان بأرجاء قاعة المحاضرات الكبيرة بتلك الجامعة الصغيرة..
تبتلعان فى حبور ذلك العدد الضخم من الحاضرين..
فهذه هى محاضرتها الشهرية التى يفد اليها كثير من الطلبة فى مختلف المجالات..
تلك البيضاء صاحبة الخصلات القصيرة السوداء تتفنن فى جعل كل محاضرة مرجعا شيقا فى أدارة الأعمال..
وما ان انتهت من خطبتها حتى سحبت نظارتها الطبية عن وجهها، لتعالى الأيدى مطالبة باجابة العديد من الأسئلة التى تتفنن فى أعطاء اجابات عليها غير نموذجية فريدة من نوعها..
انها
ألين طومسون
خف الزحام بعد انسحاب الجميع، واثناء جمع ألين لأغراضها أنتبهت لتلك الشقراء صاحبة العينان الخضراوان كورقة شجر بربيع مشرق تدقق النظر اليها مراقبة لحركاتها وسكناتها من مقعدها بمنتصف صفوف الطلبة.. أبتسمت لها ألين وتابعت جمع أوراقها بحقيبتها..
وبمجرد حمل ألين للحقيبة على كتفها حتى وجدت الشقراء أمامها.. أرتبكت ألين فهى لم تشعر بتسللها: Hello, Do you want ask me about anything? Do you need any help? (أهلا.. أترغبين بسؤالى عن شئ ما؟ أتحتاجين لمساعدة)..
أجابتها الشقراء مبتسمة: أنتى اللى محتاجة مساعدتى..
أجادت أخفاء ارتباكها لتردد مبتسمة: I'm sorry, I can't understand you (بعتذر لا أفهم تلك اللغة)..
ازدادت ابتسامة الشقراء اتساعا: مدام فريدة..
اقتربت منها هامسة: مادام قدرت أوصلك، غيرى برده هيقدر يوصلك..
ابتعدت قليلا ناظرة لوجه فريدة المرتبك: أنا أقدر أساعدك تختفى تماما..
تمالكت فريدة نفسها: وتساعدينى ليه؟
الشقراء: لينا عدو مشترك..
أمالت فريدة رأسها سائلة باستفهام: مين؟
عادت الشقراء للهمس: رشدى..
ابتعدت عنها أكثر لتدعوها فى مرح: خلينى أعزمك على قهوة، واسمعينى، ولو كلامى معجبكيش أنسى انك قابلتينى..
أقتربت فريدة منها لتهمس فى أذنها بفحيح أفعى متوعدة: أدعى ربنا كلامك يعجبنى، لأنه لو معجبنيش هدفنك فى أرضك كأنك متخلقتيش أصلا..
ثم ابتعدت عنها سريعا لتطالع وجه رفيقتها الجامد كالصخر كأنها لم تسمع تهديدها منذ ثوان معدودة.. لتبتسم من ردة فعلها التى أعجبتها: مش لازم أعرف اسم اللى هتعزمنى على قهوة..
ابتسمت الشقراء:
بيان
بيان رشدى فهيم
"ج2: للعدالة وجوه أخرى"
----------------------------
مشهد (2)
يدخل العجوز الغرفة المظلمة مستندا على عصاه الخشبية ليجلس على كرسى خشبى صغير بتثاقل.. يطالع ذلك الشاب الملقى تحت قدميه.. لا يقوى على النهوض فقد خارت قواه تماما.. فكل جزء من جسده ينزف بشدة..
وعلى ضوء الأضاءة الخافته تمعن العجوز فى تقييم وضع جراحه، ليصيح غاضبا فى بعض الرجال الأشداء المجاوريين للحائط خلف الشاب: أنتم يا أغبية مش قلتلكم محدش يشلفط وشه!
لم يتفوه أحدهم بكلمة، فعاد بنظره ثانية لأسفل حيث ذلك الدامى الملامس وجهه لحذائه: أجابتك للسؤال الجاى هى اللى هتحدد الشلفطة اللى فى وشك هعالجهالك، ولا هتدفن حى مكانك بيها..
آدم
ابن مين؟
مصطفى؟
ولا عادل؟
رفع الشاب عيناه بصعوبة من شدة الآلام المحتلة لجسده ليطالع العجوز قبل أن ترتجف مقلتيه ليغب عن وعيه أجباريا..
"ج3: الأمبراطور"
----------------------------
تمت بحمد الله
#رواية_ظلال_الماضى
#الجزء_الأول
#سلسلة_بين_دموعى_وابتسامتى
#قصص_وروايات_بسمه_السيد
#بسمه_السيد

بسمه ااسيد 19-11-17 07:51 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
ياريت بس لو فى حد فى الجروب قرأ الرواية
يشاركنى رأيه عنها
فى جودريدرز
https://www.goodreads.com/book/show/36618544

بسمه ااسيد 03-03-18 10:28 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
https://goo.gl/6zEMz1
رابط تحميل الرواية pdf

ندى ندى 09-03-18 07:14 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
تسلم ايدك حبيبتي ووفقك الله

منمن محمد نور 05-11-18 01:38 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
مقدمة جميلة جداااااااااااااااااااا

نور ضاوي 16-11-20 06:05 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
رواية رائعة وممتازة شكرا

Alessia Angel 20-11-20 11:25 PM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
شكرا كثيررررررررر

amiraorabi 29-05-21 06:07 AM

رد: رواية "ظلال الماضى"
 
السلام عليكم ..

بسمة أنا مش عارفة انتى لسه بتدخل المنتدى ولا لأ .. بس زى ماعرفتك قبل كدة أنا قرأت الرواية لما اكتملت و ظروفى سمحتلى ..

الرواية أكثر من رااااائعة تحفة تسلم ايدك اللى خطت و عقلك اللى أبدع الأحداث الشيقة و الممتعة دى 😍😍..

لى رجاء كبير أن عادل ميموتش و مش عارفة هيحصل ولا لأ .. بس انا منتظرة الاجزاء التانية و متشوقة ليها جدا جدا ..

تسلم حبيبتى عالمجهود و واضح و زى ما عرفت انتى كاتبة مبدعة و ليكى روايات تانية ياليت تنزليها و ارجوكى متتأخريش علينا بالجزء التانى 🤗🤗

واخيرا بالتوفيق .. اسعدتينا و امتعتينا .. شكرا ليكى ياقمر 🌷🌷🌷🌷🌷:rdd12zp1:


الساعة الآن 06:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية