منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   186 - انتظري ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t202256.html)

Rehana 22-05-16 02:32 AM

186 - انتظري ( كاملة )
 
http://s32.postimg.org/lc83gnv79/welcome167.gif

راح انزل اليكم رواية.. انتظري

الملخلص

بعدما أدينت ايريس بجرم لم ترتكبه ,تعودت أن تكون منبوذة لا يأويها مكان ولا عنوان .....لهذا لم يصدمها كثيرا أن يطردها كوبر برتسوم بدون رحمة من مزرعته !
...عندما ابتعدت وقف كوبر يراقبها تصارع العاصفة القادمة وبدا ضميره يؤنبه ....سيحاول إعادتها قبل أن تطمرها الثلوج شرط أن تخضع لقوانينه الخاصة :لا تسرقي ! لا تعبثي !لا تقتربي من ابنتي !.....ولا تقتربي مني !.....أو ليست العاصفة الثلجية ارحم من الشرط الأخير ؟!


رواية للامانة منقولة .. بس تم تدقيق الرواية من الاخطاء الاملائية من قبلي

Rehana 22-05-16 02:32 AM

رد: 186 - انتظري
 
فصول الرواية

1- ذهبت مع الريح

2 - في قبضة الخوف

3 - عاصفة الرغبة

4 - الشيطان الأسود

5- المعركة الأولى

6 - كلمة قبل الرحيل

7- طعنة في القلب

8 - أحرقها الثلج

9 - الطريق الى السجن

10 - لوبقيت

11 - حلو وخل

bluemay 22-05-16 05:33 AM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

مبين عليها مشوقة وما دام فيها ثلوج اكيد رح تبرد على قلبي لووول

يسلمو ايديك ريحانتي

ومتشوقة لمتابعتها معكم.

تقبلي مروري وخالص ودي


★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 23-05-16 01:01 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعليكم السلام والرحمة
الله يبرد علينا وعليك ^^
الله يسلمك .. راح يسعدني حضورك

Rehana 23-05-16 01:02 AM

رد: 186 - انتظري
 
1- ذهبت مع الريح

كانت الرحلة في الباص إلى مزرعة برتسوم التي تبعد خمسة أميال شرق "ريدهورس
" وايوفنغ "طويلة ترهق الأعصاب ....ولم يتوقف الباص إلا مرتين حتى يصعد المزيد من الركاب.
كانت ايريس برايبون محجوزة في مكان مغلق لما يقرب الأربع ساعات.
أخرجت من جيبها ساعة أبيها القديمة , وتفحصتها مجددا , أإها تكره عقرب الساعات الذي يبدو وكأنه لا يتحرك أبدا ....ثم أعادتها والسأم يتملكها إلى مكانها ومسحت كفيها ببنطلونها الجينز ونظرت مجددا إلى المركبة نصف المزدحمة.
كيف ستتمكن من تحمل المكان في الخارج إذا لم تكن قادرة على تحمل الوجود في مكان مغلق ؟
اغمضت ايريس عينيها , وأخذت نفسا مرتجفا , كان قلبها يخفق بشدة ...والإحساس المفعم بالسقم والأسى يزداد وضوحا . .. لقد مرت بهم المركبة من " ردهورس" منذ بضع دقائق , ولم تعد المزرعة تبعد غير ميل على الأكثر.
لم تشعر بالارتياح الذي كانت تتوقعه لدى رؤيتها باب المزرعة الحديدي .كانت متوترة الأعصاب ...ارتدت سترة الجينز و الباص يبطئ سيره ثم يتوقف إلى جانب الطريق العام , فالتقطت قبعة رعاة بقر سوداء كانت بحوزتها ومدت يدها لتأخذ حقيبة الكتف .

Rehana 23-05-16 01:03 AM

رد: 186 - انتظري
 
ما كاد الباص يقف حتى استوت علي قدميها ولبست القبعة فوق شعرها الأسود , المترامي بجديلة كثيفة حتى منتصف ظهرها ....وهي في طريقها إلي الباب وضعت حمالة الحقيبة على كتفها , وعيناها متجهتان إلى المخرج الذي لم تكن قادرة على الوصول إليه بسرعة .
ما أن أصبحت في الخارج حتى أحست بلسعة هواء باردة , وتنفست أنفاس الربيع والحرية بعمق ...الحرية ربماستشعر بها مجددا هنا وربما ستتذكر كيف هو الإحساس بالهدوء والاسترخاء ...أن تستلقي بسلام , أن تدخل وتخرج كما تشاء ....ان تستعيد كرامة بسيطة انتزعت منها بكل قساوة ....ولذة الخلود إلى نفسها , كم أصبحت نادرة وتتشوق إليها , مثل بقية الحاجات الأساسية التي هي جزء من الحرية .
انتظرت حتى ساعدها السائق في إنزال حقيبتها القماشية وحقيبة الملابس من قسم الحقائب في الباص .... كان على منظر الطريق الداخلية المعبدة بالحصى التي تبدأ تحت قدميها وتختفي فوق مرتفع الأرض الممتد أمامها , أن يعطيها الإحساس بالراحة ..... لكن ذلك لم يحدث لان ثقتها بنفسها كانت متزعزعة.
أغلق السائق باب الحقائب وأشار برأسه إلى الحقائب إلى على الأرض :
-ها هي حقائبك سيدتي.
ثم نظر إلى الطريق نحو المزرعة :
- يبدو أن أمامك مسيرة طويلة , وهناك عاصفة سيئة قادمة ....هل يتوقع احد وصولك ؟
اثارها السؤال , لكنها أجابت بأدب , وبجواب غير صحيح:
- سيحضر احدهم بعد قليل.
- حسن جدا إذن .
صعد إلى الحافلة واقفل الباب وراءه .
أصغت ايريس إلى هدير الباص وهو يبتعد ....أخيرا أصبحت وحدها ..فأحست بالانتعاش ينتابها في موجة بدأت عند ركبتيها .
لم تتقدم لتأخذ الحقائب وهي تصغي إلى هدير الباص وهو يختفي .... و حين غاب , صار رفيقها الوحيد عويل الريح وهي تنفث سحبا رمادية عاصفة عبر السماء .
جمدت الدموع في مقلتيها ...استدارت ببطء , وراحت تنظر خلال التلال البعيدة التي لا يفصل بينها أي معلم أو حدود ...لم يكن هناك اثر لسكن بشري , ولا حتى لجواد أو رأس ماشية واحد.
عمت السكينة أرجاء المكان ما جعلها تنسى التعب من الازدحام وضغط الناس . هذا ما تحتاجه منذ أمد بعيد .....الفضاء الواسع والهواء النقي ...ان تحس بالريح على وجهها والحصى والغبار تحت قدميها , والسماء اللامتناهية فوق رأسها ..في هذه اللحظة لم تعد تهتم أن كان ثمة سقف فوقها , أو جدران من حولها .....حتى الطعام والشراب كانا أمرين ثانويين نسبة إلى الشوق الذي تحسه , بكونها امرأة حرة.
أخيرا استدارت على الطريق الطويلة , نحو المزرعة ...كان العمل الذي وعدها به المحامي إليك فارنغورن ينتظرها في مكان ما فوق ذلك التل البطيء الانحدار..هذا أن استطاعت اكتساب موافقة مالك المزرعة الذي له القول الفصل بعد نهاية تجربة هي عبارة عن أول أسبوعين .
التقطت ايريس حقيبتها متهيبة لقاء كوبر برتسوم وجها لوجه , وأخذت تسير صعودا فوق الطريق ....وقد شجعتها رؤية المنزل ومباني المزرعة الواقعة في واد واسع خلف قمة التل .
مباني المزرعة مبعثرة بطريقة عشوائية , لكنها كانت مع الزرائب في حال ممتازة ومعظمها مطلي بالأبيض . بدا منزل المزرعة المؤلف من طابقين , والمبني من جذوع الشجر والحجارة , والمنتصب إلى جانب مباني المزرعة . بدا وكأنه برج مراقبة مرتفع عن الجميع . أدهشها منظرة وأكد إحساسها بأنه البيت الذي كانت تتصوره .
كان منزل عائلتها كذلك مبنيا من جذوع الشجر , المشهد كان له الإحساس عينه بالدفء والعائلة فارتفعت معنويات ايريس ... وأحست فورا أن كوبر برتسوم لا بد أن يكون رجلا عاقلا منصفا مثل صهره المحامي إليك ....وان مزرعة برتسوم قد تكون مكانا مناسبا لتشفى فيه من محنتها وتستعيد حياتها مرة أخرى .

Rehana 23-05-16 01:03 AM

رد: 186 - انتظري
 
المسافة من هناك إلى المنزل الرئيسي لم تكن طويلة جدا ....ووضعت ايريس حقائبها في نهاية الشرفة المسقوفة , غير متأكدة من الاستقبال الذي ينتظرها , بالرغم من تطمينات أليك . ثم تقدمت إلى الباب الأمامي وقرعته.
-من أين أتيت ....بحق السماء ؟
نظرت المرأة المتوسطة في السن التي فتحت لها الباب ,إليها بعجب , ثم رسمت ابتسامة ترحيب خفيفة على وجهها المستدير.
-لم اسمع صوت سيارتك ....ويبدو أن الكلاب لم تسمعه كذلك .
نظرت المرأة خلف ايريس تبحث عن سيارة ....قطبت جبينها لكنها لم تر شيئا ...وقالت ايريس بسرعة :
- أنا ايريس برايبون ....و أنا هنا لرؤية السيد برتسوم بخصوص عمل .
-حسن جدا ....لا بد انك الفتاة التي قال أليك إنها ستأتي في مطلع الشهر ....اسمي اليانور فيرنيش.
واتسعت ابتسامة المرأة وهي تمد يدها لتصافح ايريس وتكمل :
- أنا اعتني بالجميع هنا منذ وفاة السيدة برتسوم قبل تسع سنوات .
هزت ايريس رأسها ....لكن البسمة الشاحبة التي رسمتها ردا على ترحيب المرأة , جعلت الأخيرة أكثر لطفا .
حركت اللهفة أعصاب ايريس .... فهل ستتمكن المرأة بمجرد النظر إليها أن تعرف أين أمضت السنتين الماضيتين ؟ سوف تحمل وصمة العار هذه إلى ما تبقى من حياتها . أحست وكأن التفاصيل المخجلة مطبوعة بأحرف حمراء كبيرة على وجهها , ما جعلها مرتبكة طيلة الوقت .
دعتها مدبرة المنزل إلى الداخل وأقفلت الباب قبل أن تستدير وتقودها عبر المنزل... كانت ايريس مشغولة الفكر ولم تستطع التركيز تماما على حديث المرأة اللطيف.... كل ما استطاعت فعله كان ردا مهذبا من حين لآخر , وهي تفك أزرار سترتها بأصابع مرتجفة .
كان يجب أن يشعرها فناء المنزل الكبير بالراحة والأمان بأثاثه الخشبي والجلدي الثقيل , والديكور الخاص بغرب أمريكا .....لكنها الآن , وقد دخلت بعيدا عن الهواء الطلق و الأرض المتسعة, شعرت بالضغط القاسي الذي أحست به في الباص يعود إليها مره أخرى . وكأنها فقدت فجأة قدرتها على تحمل كونها في مكان مغلق ....وأرعبتها الفكرة .
كان الباب العريض الذي قادتها مدبرة المنزل نحوه مفتوحا , فتوقفت ايريس عند الباب مع المرأة الأخرى التي أعلنت وصولها :
- كوبر ....صديقة أليك هنا .
لدى سماع كلمات مدبرة المنزل , رفع الرجل الجالس وراء طاولة الكتابة رأسه عن صحيفته , وخطوط وجهه المتصلب تدل على كل شيء عدا الود .
مزاج كوبر برتسوم لا يشبه أبدا مزاج صهره ....و إذا كانت ملامح وجهه التي أثرت فيها عوامل الطقس , من حاجبين أسودين فوق عينين سوداوين ضيقتين , إلى فم رجولي صارم وفك قوي , ناهيك عن شعره الأسود الكثيف الطويل , كلها تدل على نوع الرجال الذين ينتمي إليهم كوبر برتسوم , فإن أيامها في المزرعة ستكون محدودة .
رجل حوى وجهه مثل هذه القسمات المحددة بدقة , لا بد أن له تصرفات محددة كذلك , وأحست ايريس إحساسا غريبا , فإذا كانت قد قرأت شخصيته من أول انطباع بشكل صحيح , فلا سبب يدعوها للاعتقاد أن هذه التصرفات القوية ستتغير يوما أو تنحني كي تمنح منه لأي كان ....وبكل تأكيد , ليس لها .
لم تستطع منع نفسها من أن الدولارات الخمسين التي قبضتها هذا الصباح لن توصلها إلى مكان بعيد إذا غير رايه حول توظيفها .....بل الواقع أنها إذا فقدت فرصتها بهذه الوظيفة , فهناك إمكانية أن لا تحصل علي أي عمل في أية مزرعة أخرى في المنطقة... وإذا لم تجد وظيفة ......

Rehana 23-05-16 01:05 AM

رد: 186 - انتظري
 
- إذن ....أنت صديقة أليك ؟
بطريقة ما عرفت قبل أن يتكلم أن صوته سيكون منخفضا وأجشا , كأنه لم يتكلم بشكل هادئ من قبل .... كان من السهل أكثر أن تتصور هذا الصوت الأجش العميق مرتفعا في حالة من الغضب , يرعد في إعطاء الأوامر .
قال وهو يشير إلى مقعد أمامه , لحظة خروج مدبرة المنزل وإغلاقها للباب :
-هيا ..... اجلسي .
راقب كوبر ايريس وهي ترفع يدها لإزالة قبعتها السوداء كاشفة عن شعر بني مجدول , يحيط بوجه ذو ملامح لا يمكن اعتبارها إلا كلاسيكية ....
كانت بضع خصلات مجعدة من شعرها , قد أفلتت فوق صدغيها , مما جعلها تبدو فتاة صغيرة لا امرأة شابة .
لكنه اتجه ينظر إلى الأسفل نحو سترتها الجينز المفتوحة , والى جلد حذائها عالي الساقين ....فأعجب بما رآه منها .....إنها امرأة من النوع الذي يجعل كيس العلف يبدو مثيرا عليها .... داعب ذلك مخيلته أكثر مما يجب ....رفع نظره مجددا إلى وجهها والتوتر باد على محياه .....إنها هنا لتعمل لدية ولا مصلحة له في ملاحظة أي شيء ما عدا مؤهلاتها للقيام بالعمل .
تقدمت ايريس من الكرسي الذي أشار إليه دون أن تعي انه تنبه إلى كونها قد المت بمحتويات الغرفة وهي تتقدم نحوه ...في العادة , حين كان يقابل موظفا مرتقبا , كان يشعر بدرجة محددة من التوتر , خاصة إذا كان المتقدم شابا غضا .
لكن في ايريس برايبون شيء مختلف لم يستطع تحديده على الفور .....كامن في الطريقة التي تتحرك بها مستريحة الأطراف بعفوية .....طريقة ذكرته لسبب ما بمهرة كان يمتلكها منذ بضع سنوات ..كان في المهرة نزعة برية قوية , حاول جاهدا التخلص منها... كانت تملك موهبة حقيقية لان تكون هادئة وقورة في لحظة ,ثم تنفجر في نوبة من الغضب في اللحظة التالية , لأي سبب كان ولو صغير ...في نهاية الأمر , تخلى عنها وباعها لأنها كانت اخطر من أن يستبقيها .
شيء ما في ايريس برايبون , أعطاه الإحساس ذاته ....شيء ابعد من الوجه الجميل وقسماته الدقيقة ووهج الورود على خديها بسبب الريح .
كان بإمكانه تقريبا أن يحس ذلك الشيء في اللون المذهل لعينيها الزرقاوين , برموشها الطويلة القريبة من السواد ....وضبطته يحدق بها , فأشاحت بناظريها عنه .. بعد تلك اللحظات القليلة , لم تعد تسمح لعينيها بمواجهة عينه الأمر الذي جعله يبدو مرتابا حقا .
مال بكرسيه إلى الخلف , وسألها :
- حسنا ....منذ متى تعرفين أليك ؟
- عرفته منذ سنتين ونصف تقريبا .
تركت ذراعيها ترتاحان فوق جنبي المقعد , وشبكت أصابعها باسترخاء بعد أن مالت براحتيها إلى الأسفل .
- إذن ربما تعرفين شقيقتي بروك .
وكان هذا افتراضا جعلها تقلق .
- أنا لم التق شقيقتك .
كلماتها أدهشته بوضوح .... وبطريقة ما عرفت انه كان ليذكر أخته لو انه يظن أن علاقتها بصهره كانت علاقة محام بزبون ....وأذهلتها الفكرة , فقد كانت تظن أن كوبر برتسوم يعرف كل شيء عنها , ووافق على استخدامها لفترة التجربة .
لكنها وقد أصبحت الآن معه وجها لوجه , فقد أحست انه لو قيل له كل شيء , لما كان يعطيها الوقت أو يوافق على استخدامها .....والقليل من مالكي مزارع الماشية قد يفعل ذلك .....لماذا فعل أليك هذا ؟ حضرت نفسها للاسواء .....
قالت بهدوء :
-كنت زبونه لديه ....لقد مثلني في المحكمة منذ سنتين تقريبا .

Rehana 23-05-16 01:06 AM

رد: 186 - انتظري
 
ارتفع حاجباه :
- لكن أليك يتولى في العادة قضايا إجرامية .
فهمت ايريس السؤال الذي لم يتلفظ به بوضوح , فنظرت مباشرة في عينيه للحظات .
-هذا صحيح .
جمد كوبر مرتابا ....حين اتصل به أليك كان هناك بعض المشاكل في الاتصال الهاتفي , وهذا أمر يحدث في العادة , حتى أنهما اضطرا إلى إنهاء المخابرة واضطر أليك للاتصال مجددا ....وبما أن الاتصال كان أوضح قليلا من جهة كوبر هذه المرة , فقد فهم أن أليك يعرض إرسال امرأة شابة للعمل لديه في المزرعة .
وبما أن أليك هو زوج أخته , فقد رأى أن يوافق على استخدام ايريس برايبون بدءا بفترة تجريبية .......لقد اعتقد أن أليك كان يحاول أن يشرح له بعض المشاكل التي واجهتها منذ سنتين , لكن الاتصال اخذ يزداد سوءا , وأصبح من المستحيل أن يسمع ما يكفي من التفاصيل , لتكون لدية فكرة واضحة عن ما هية هذه المشاكل .
نفذ صبره بسبب اعطال الهاتف , وظن أن المشكلة لم تكن شيئا يذكر , فطلب من صهره أن يرسل المرأة إلى المزرعة .....وتذكر كذلك انه استغرب لمكر أليك لاعطائها الفرصة , لكنه صرف النظر عن الفكرة يومها .....اما الآن , وهي تجلس أمامه , فقد تساءل بماذا كان يحاول أليك اخباره .
لم يكن هناك الكثير الذي يستطيع أن يستخلصه من قسمات وجه ايريس المغلقة ... لكنه احس بالبرود والتباعد , وبهالة من الانطواء على الذات , فقد كان هناك قسوة في الطريقة التي تتماسك فيها .....وكان التحدي باديا في مستوى رأسها المرفوع وممتزجا بشكل غريب مع لمعان قلق صغير في عينيها .
لقد شاهد مثل هذه النظرة من قبل ....مرتين على وجه التحديد . ولم تعجبه رؤيتها في ذلك الوقت وكذلك الآن ....علمته الخبرة بضع دروس قاسية , دروس لم يكن متشوقا لتكرارها , برغم من رغبته في ابداء خدمة لصهره ....و إذا كانت هذه الهواجس صحيحة , فهو لا يريد شيئا من ايريس برايبون .
- هل يعني هذا أن صهري الذي لا يتعامل إلا مع القضايا الإجرامية , قبل بك زبونه عنده؟
أصبح صوت كوبر أكثر قسوة ...
رفعت ذقنها أكثر قليلا , وأرغمت عينيها علي التحديق بعينيه :
- اجل ..
التوى فمه بغطرسة مهينة :
- وهل كسب الدعوى ؟
فجأة , وجدت جو الغرفة خانقا ....سيكون كوبر برتسوم أول شخص خارج السجن تعترف له بإدانتها . وكان هذا صعب أكثر مما تخيلت .
-لا ....لقد سجنت لسنتين .
اشتدت قسوة وجه كوبر :لماذا ؟
كان السؤال رسميا تقريبا ....وربما ممزوجا ببعض الفضول ....قبل أن يرفض توظيفها .. خطر ببالها أن تصر على أنها كانت بريئة ..لكن القليل من الناس يصدقون ادعاء محكوم ...ولن يكون كوبر برتسوم مختلفا .
-سرقة المواشي .
تعلقت الكلمات في الهواء ..وارتفع الاحمرار إلى وجه كوبر الذي لوحته شمس الشتاء.. مع ذلك لم ينفجر غضبا كما توقعت .....لكن كلماته كانت قاطعة وهو يقول بهدوء :
- لقد كانت لي تجربة مريرة مع محكومين سابقين ...وتلك التجربة ستجعلني ارفض توظيفك . إن استخدام محكومة سابقة مدانة بسرقة الماشية , سيكون غباء كاملا من جهتي ....بسبب المتاعب التي كنت أعاني منها هنا في السنة المنصرمة , فالسارق الوحيد الذي أريد وجوده على ارضي , هو المكبل بالأصفاد , والماضي في طريقه إلى سجن المقاطعة .
- وماذا لو عرفت التفاصيل سيد برتسوم؟

Rehana 23-05-16 01:07 AM

رد: 186 - انتظري
 
كان سؤالها الهادئ اختبارا لإحساس العدل كما كان طلبا للفرصة الأخيرة ...أعطاها التواء شفتيه الساخرتين , رد قبل أن يتكلم .
- لابد أن الأدلة ضدك كانت مقنعة .....فأليك جيد جدا في عمله , ولن يترك بريئا يدخل السجن .
دفع مقعده عن طاولته ووقف . كان له كتفان عريضتان وجسم قوي البنية يزيد طوله عن الأقدام الستة يكفي ليشعرها بالخوف .
لكنها حاولت مرة أخرى :
- إذن لماذا تعتقد انه أوصى بي لفرد من أفراد أسرته ؟ إذا كان يعتقد أني كنت مذنبة , ألا يشبه هذا إرساله ثعلبا لحراسة خم دجاج ؟
لم يؤثر عليه منطقها .
- انك شابة صغيرة , و لربما اعتقد انك تعلمت الدرس . لكنني احكم بأحكامي الخاصة.....واسمع الدفاع بنفسي ....و أنا لا أدير فندقا .
وقفت ايريس ...وببطء عنيد أزاحت عينيها من عينيه وهي تتقبل رفضه لها .... لن تتوسل لأجل العمل , منعتها كبريائها من إظهار أي أثر لخيبة الأمل التي تحس بها وهي تهز رأسها , وتستدير لتترك الغرفة .
ما أن أدار ت ظهرها حتى أكمل :
- اعتقد انك ستجدين أصحاب المزارع الأخرى في المنطقة يتصرفون مثلي .
على الأقل , أعطاها تحذيرا عادلا , ولو أنها تعرف انه لا يقصد أن يساعدها ...فمالها قليل ووقتها محدود .
كانت ايريس قد قطعت الردهة عبر غرفة الجلوس إلى الباب الأمامي حين خرجت فتاة صغيرة ذات شعر أشقر قصير مربوط إلى الخلف , من خلف زاوية المطبخ .... أجفلت ايريس ولم يكن لديها الوقت لتبتعد عن طريق الطفلة المندفعة ....صدمها جسم الطفلة الصغيرة فجأة ما جعلهما تفقدان توازنهما للحظات , لكن ردة فعل ايريس السريعة منعتهما من الوقوع , وأمسكت بكتفي الطفلة الصغيرتين .
نظرت إليها الصغيرة بعجب : من أنت ؟
أجفلت ايريس لجرأة الفتاة , وترددت قليلا :
- ايريس
- ايريس من ؟
سمعت ايريس حركة ورائها , ورعد صوت كوبر :
- لا تشغلي بالك أيتها السيدة الصغيرة.
- أوه دادي ... أنت تقول هذا دائما .
أكدت نظرة سريعة لقسمات وجه كوبر الحديدية لايريس أنها على حق في كونه مرتبكا ..... فقد كان الغضب يتراقص في عينيه السوداوين وهو يمد يده لينتزع ابنته من يديها .
حدقت ايريس به مصدومة من حركته التي تدل على انه يعتبر كلامها القصير مع ابنته ملوثا لها .... هل ستكون ردة فعل الجميع نحوها هكذا ؟
وكان الرد على سؤالها في خشونة وجهه.
ارتبكت لحظة , إلى أن وصلبت الكبرياء قامتها . لقد عانت الكثير في السنتين الماضيتين كي تسمح لكوبر برتسوم أن يخيفها .
اختفت أفكارها خلف الواجهة الزجاجية الرقيقة . واستدارت لتتجه بوقار إلى الباب الأمامي , ثم خرجت .
في الخارج , ولان الهواء كان باردا , زررت معطفها , وحملت أغراضها من الشرفة المسقوفة ... كان الطقس ينذر بدنو عاصفة ثلجية ربيعية , واستطاعت أن تشمها مع الهواء , وبدأت السماء المكفهرة تنقلب إلى لون رمادي قاتم , لكن توترها منعها من التفكير كثيرا بالطقس , وما إذا كان بالإمكان الوصول إلى البلدة قبل سقوط الثلج .
راقبها كوبر من خلف الأبواب الزجاجية الأمامية وهي تقترب من قمة التل المرتفع بين منزله والطريق العام , لم يكن يوما قاسيا عمدا نحو أي شخص في حياته .. خشن ربما, أو حتى عنيد . لكن وهو يراقبها تبتعد , محملة بما بدا انه كل ما تملك في العالم , أحس كأنه ركل كلبا شريدا لمجرد تقدمه من باب داره طلبا للفتات .

Rehana 23-05-16 01:08 AM

رد: 186 - انتظري
 
كان من غير المألوف أن يفكر بذلك .خاصة وهو على حق في أن لا يستخدم أمثالها .... سيدة تسرق المواشي ,خارجة من السجن حديثا , حتى أن حبر أوراق إطلاق سراحها لم يجف بعد .
مع ذلك , لحظة خرجت من بابه , سارع للاتصال بصهره متلهفا أن يساله عما عنته بقولها انه لم يكن مقتنعا بأنها مذنبة , لكن أليك لم يكن موجودا في البلدة ولن يعود قبل نهاية الشهر ... ولم يكن كوبر يعتقد أن المكالمة مهمة جدا ليترك رسالة مع السكرتيرة .
الأمر يناسبه تماما, قال ذلك لنفسه مطمئنا , فقد اتخذ قراره ..
هزت هبة ريح باردة , الزجاج أمامه , وأكمل مراقبة الجسد المبتعد يحول الحمل من يد إلى أخرى , ليرفع اليد الفارغة ويشد القبعة فوق الرأس اتقاء للريح , لا شك أن الثلج سيتساقط مع حلول المساء .... عاصفة ثلجية حقيقية إذا صدقت تقديرات الأخبار الجوية.... لسوف يجمع الفتيان الأبقار في مكان مغلق مع العجول الصغيرة ويجب على شخص ما أن يعبئ عربات التين لتؤخذ إلى مكان محكم في الصباح ...كل حيوان لديه ذرة عقل , سيبحث عن ملجأ له .
اخذ ضمير كوبر يؤنبه الأمر الذي جعله أكثر تململا , في وقت كانت فيه ايريس تختفي من فوق قمة التل .... لم يكن قد خطر بباله أنها جاءت إلى هنا سيرا على الأقدام . ولو عرف , لعرض إيصالها إلى البلدة , أمامها مسيرة باردة طويلة لتصل إلى "ردهاوس" وحين تصل , سيكون مقهى بندلي ملاذها الوحيد إلى جانب المقعد الخلفي لسيارة شريف المقاطعة .
تمتم بسباب منخفض مع هبوب ريح قوية راحت تضرب النوافذ الأمامية ... فمع أنها يمكن أن تجد من يوصلها ما أن تصل إلى الطريق العام , إلا أنها ليست مرتدية ثيابا دافئة بما كفي لتكمل المسير ريثما يمر شخص طيب القلب , وإذا ساء الطقس بالسرعة التي تسوء فيها الآن , فان هذا الشخص الطيب من الصعب أن يمر. لم يتردد أكثر من لحظة ... يجب أن يخرج في أثرها . شخص ما يجب أن يتأكد من وصولها آمنه إلى البلدة..ويبدو انه هذا الشخص سواء أكانت محكومة سابقة أم لا . لكن هذا كل ما يرغب في فعله لها , وما يحدث لها بعد إيصالها , ليس من اختصاصه .
استدار كوبر إلى ما وراء الشرفة المسقوفة لياخذ قبعته ومعطفه الواقي من المطر حين رن جرس الهاتف .... دخل المطبخ بينما كانت اليانور تقول بسرعة :
- سأقول له .
وعلقت السماعة .
- يريد ماتيو أن يعرف ما إذا كان لديك جهاز تحكم حراري لإصلاح المرجل في سقيفة نوم العمال ....لقد وصل لتوه ليجد أن الحرارة كانت متدنية منذ بعد الظهر .
وتنهد وهو يتقدم إلى حجرة المؤن إلى الجانب الشرقي من المطبخ :
- هذا وقت لعين وغير مناسب لتوقف المرجل .
قالت اليانور قبل أن تعود لتحضير وجبة الطعام : وسيكون من غير المناسب أكثر إذا لم تجد جهاز التحكم لإصلاحه.
فتش كوبر بين قطع الغيار التي يحتفظ بها إلى أن وجد ما يبحث عنه , وكان يدخل المطبخ لتوه حين ارتجف النور , ثم غاص وعاد مجددا .
قالت اليانور :
- يبدو أننا سنضطر إلى تشغيل المولد الكهربائي .
- إذا اضطررت استدعي واحدا من الرجال ليديره ما لم اعد في الوقت المناسب .
وخرج إلى الشرفة المسقوفة , وقطعة غيار المرجل في يده .
وضع ما كان يحمله على مقعد خشبي خارج الشرفة , فقالت اليانور :
- اعتقد أن بالإمكان الانتظار حتى عودتك .
- لا استطيع التنبؤ كم سأغيب اليانور .... فما أن أوصل هذه إلى ماتيو , فسأذهب إلى البلدة .

Rehana 23-05-16 01:09 AM

رد: 186 - انتظري
 
ارتفع حاجبا اليانور :
- وهل نظرت إلى الخارج مؤخرا ؟
قال بصوت متصلب :
-لهذا السبب سأخرج ... تلك الفتاة التي أرسلها أليك جاءت سيرا على الأقدام ... ولقد كانت مستمرة في السير آخر مرة نظرت إليها .
بدت الدهشة على اليانور بوضوح :
- أو لم تستخدمها ؟
- لا .
دل تصرفه العنيد على انه لا يهتم . وبينما هو يرتدي السترة الواقية , ويقفل السحاب إلى ذقنه ..لمح نظرة اليانور المستغربة وعرف أنها قادرة على خنقه لتحصل على التفاصيل .... دس قبعته جيدا فوق عينه , وتمتم بصوت منخفض :
- إنسي أمرها اليانور .... لن تكون سوى المتاعب بحد ذاتها .
لمعت عينا مدبرة المنزل :
- متاعب للمزرعة ....ام لصاحبها ؟
أشاح بنظره عنها ساخطا واخذ قطعة الغيار ثم فتح الباب :
- لا فارق
ولحقت به ضحكتها الخافتة إلى العاصفة .
بينما كان يخطو إلى خارج المنزل , صدمت أنفاسه أول هبة ريح .... حاول المقاومة جاهدا ولكنه لم يستطع نسيان منظر ايريس برايبون وهي تسير إلى قمة التل .
ولم يستطع كذلك نسيان الطريقة التي جلست فيها وجعلته يعرف أنها سيدة لها ماض ....لقد لزمها لذلك جرأة و تقان بالصدق ...لكنه لا يريد التفكير بأنها تملك شخصية مميزة ...لديها سجل اجرامي , وبالرغم من أنها لا يمكن أن تكون قد اتمت ما يزيد عن الثلاثة أو الأربعة والعشرين من عمرها , ودون ذكر أنها جذابة جدا , فقد وجد صعوبة في تصديق أن السجن يمكن أن يصلح أحدا ...
لا بد أنها قاسية القلب .... لكن بعد ذلك خطرت بباله فكرة لا يرغب فيها , فقد شاهد في عينيها الزرقاوين شرارة خوف وضعف وألم .... لقد بالغ في ردة فعله عند لقائها مع ستيفاني في الردهة , ولو أنها اخفت ألمها بسرعة خلف قناع متباعد فقد لاحظه بوضوح.
اللعنة! لقد ورطه صهره بكل هذا . بماذا كان أليك يفكر علي أية حال , حين أرسلها إليه وهي سارقة المواشي المدانة ؟ آخر شيء قد يرغب به هو محكومة سابقة .
تصارع كوبر مع أفكاره طوال الطريق حتى سقيفة نوم العمال ولدى عودته منها ... ومر قرب مخزن الغلال قرب المنزل ... كانت الأرض قد أصبحت منزلقة بشكل خطير واضطر إلى قطع بقية المسافة إلى سيارة " البيك آب " بكل حذر ... ألا زالت تسير على الأقدام؟ أم أنها في مكان دافئ الآن ؟ فتح باب الشاحنة الصغيرة, ومسح الثلج عن زجاجها الأمامي , وزاد الوقت والجهد اللذان أعطاهما لتنظيف الثلج , من إحساسه بالخطورة فهو لن يرتاح له بال إلى أن يلحق بها ويوصلها إلى مقهى بندلي أو يجد أنها وصلت بأمان .
ربما سيقوم بالرحلة دون طائل .... إذا لم يحصل على من يوصلها , فبالتأكيد لديها العقل الراجح لان تعود أدراجها إلى المزرعة سعيا وراء الماوى وذلك لتحتمي من الثلج... أليس كذلك ؟ توقف عن التفكير لحظة ثم نظر إلى الطريق العام أمامه يفكر بالإمكانيات ... ثم قال بغضب حين لم ير لها اثر ا:
- اللعنة ! لماذا تفعل ذلك ؟
لم يعطها سببا يجعلها تظن أنه سيرحب بها ... مهما كانت الظروف .
مع آخر حركة مسح فيها الثلج , فتح الباب وصعد إلى السيارة ... إذا أسرع , فقد يعود إلي المنزل في الوقت المحدد لوجبة دافئة مع ابنته وينسى أمر ايريس برايبون ... أغلق الباب بقوة جعلت الثلج المتراكم على الزجاج الجانبي يتساقط , ثم أدار المفتاح , ودون أن يمهل المحرك لحظة لترتفع حرارته, أطلق المركبة في الطريق الداخلية للمزرعة .
****

نهاية الفصل

bluemay 23-05-16 05:34 AM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

فصل عاصف من البداية ..
فعلا اسبابه مقنعة كوبر . سارقة مواشي تعمل في مزرعة اي عاقل سيقبل بذلك ؟!!

احببت صراعه العقلي وقلقه عليها . يا ترى هل سيجدها ام أنها ستجد بديلا عنه ليوصلها ؟!!

متشوقة للقادم كثيرا
تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 24-05-16 01:05 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعليكم السلام والرحمة

وانا معاه في هذا النقطة .. ماراح احد يوظف وحدة خريجة سجون
يلا على الفصل الثاني حتى تعرفي اذا كان قدر يوصل اليها ويساعدها في هذا البرد القارص او التقت بشخص ثاني يقدم اليها المساعدة

Rehana 24-05-16 01:10 AM

رد: 186 - انتظري
 
2- في قبضة الخوف

لم تستطع ايريس أن تتذكر أبدا مثل هذا البرد الذي أصابها . كانت الريح تهب عليها, دافعة بالمطر المثلج الذي جعلها ترتجف مع كل هبة , لم تكن ترتدي ما يناسب مسيرة ستة أميال في طقس كهذا , ولا حتى بعد أن توقفت لتضيف كنزة صوفية فوق القميص الذي ترتديه تحت سترتها الجينز .
كانت الطريق العامة مغطاة بالجليد بحيث أنها اختارت ممرا أكثر ثباتا علي كتف الطريق المعبدة بالحصى ....كان الظلام يحل بسرعة , وكذلك كان توقعها للوصول إلى البلدة يتلاشى , قلة من الناس قد تجرؤ علي المغامرة بالخروج في طقس مليء بالمخاطر كهذا .....
منعتها الكبرياء من أن تستدير لتعود سعيا لملاذ في مزرعة برتسوم .....فكوبر برتسوم لم يكن راغبا في إعطائها فرصة .
الطريقة التي تصرف بها كوبر حين وجدها مع ابنته , حذرتها أنها ستكون حمقاء لو توقعت منه السماح لها بالانتظار إلى أن تنتهي العاصفة , في احد مخازن غلاته , ولا في منزله الدافئ ....ربما تكون العدائية التي تحملها لكوبر برتسوم , لها شأن بذلك الإحساس القديم بالإحباط والخيانة الذي حركهما فيها .
كانت قد صدمت لاقتناع من يعرفها ويعرف والدها , في بلدتها , بسهولة أنها قادرة على السرقة منهم لإنقاذ مزرعتها, في حين أن والدها لم يكن حيا ليرى هذا..لو لم يتوقف قلبه المتعب منذ ثلاث سنوات قبل إدانتها , لكان توقف عند الإدانة .

Rehana 24-05-16 01:10 AM

رد: 186 - انتظري
 

فاجأتها هبة الريح التالية , وللحظات حذر شديد , قاومت لتستعيد ثبات خطواتها لكنها وقعت بقوة فوق الحصى المبللة المثلجة , تئن وهي تشعر بالحصى المدببة تخز وركها الأيسر
وقفت بحذر علي قدميها .... أصيبت بخيبة الأمل عندما أدركت أن بنطلونها الجينز وقفازها قد ابتلا تماما بسبب السقوط مما سيسبب انخفاضا في معدل حرارتها وبالتالي سوف تتجمد من البرد ....كان العقل السليم يفرض عليها طرح كرامتها جانبا والعودة إلى مزرعة برتسوم , برغم ما يسبب لها ذلك من الألم .
بدأت تعود أدراجها حين لاحت لها أنوار شاحنة صغيرة , تتحرك ببطء نحوها وتصاعد أملها .....لكنها أكملت السير بضع خطوات إلى أن اقتربت المركبة .
مدت يدها , وأشارت للسائق ..... ثم انتظرت إلى أن انحرفت الشاحنة لتقف إلى جانب الطريق .... تحت الأنوار الأمامية , رأت بوضوح أن الطريق أصبحت بساطا صلبا من الجليد , وان كل شيء , حتى الشريط الشائك والعشب النامي في الخنادق الصغيرة علي جانبي الطريق , يرتدي ثوبا ابيض سميكا .
انفتح باب الركاب , فسارت نحوه .. وراحت توازن حقائبها بارتباك .. كانت قد انتزعت الحقيبتين من فوق كتفها لترميهما في الخلف, عندما لاحظت شخصية الرجل الجالس في النور المعتم داخل السيارة .
أصابتها الدهشة بالتردد ..إذ لا بد أن كراهيتها الركوب إلى جانب كوبر كانت بادية على وجهها . ثم لاحظت أطراف فمه تلتوي انزعاجا.
- اصعدي أو تابعي السير .. هذا خيارك .
تصلبت ايريس للهجته الصارمة ... كلماته توحي بعدم الاكتراث ... كانت ترغب بصفق الباب ورفض عرضه للركوب , لكنها كانت تحس ببرد شديد , وفي حال اخطر من أن ترفض .
ودون أن تنبت ببنت شفة , رمت أشياءها في الشاحنة , وصعدت تغلق الباب وراءها باغتها الهواء الجاف الحار في الداخل وجعلها تغيير الحرارة الفجائي ترتعش فراحت أسنانها تصطك .
تمتم بغضب :
- الأفضل أن تربطي حزام الأمان .... فلن تكون رحلتنا نزهة .
لم ينظر كوبر إليها وهو يقود سيارته ببطء ..ارتاحت لتجاهله إياها , ثم فكت الشال المبلل , وخلعت قفاز العمل من يديها . كانت ثيابها مليئة بالثلج ولما بدا الثلج بالذوبان أحست بالبلل يطال عظامها .... مدت يدها تبحث عن الحزام لكنها اضطرت إلى التوقف عن البحث حين لم تطاوعها أصابعها في إقفاله .
كرهت أن تفضح مدى ما تحسه من برد حقا , ومدت يديها نحو مصدر الهواء الساخن في السيارة , وحركت أصابعها املا في تدفئتها بسرعة اكبر .... ثم تمسكت بذراع الباب حين بدأت الشاحنة بالانزلاق .
انزلقت إطارات السيارة الخلفية ما زاد من سرعة السيارة الأمر الذي فاجأ كوبر وبما أن استخدام المكابح كان سيزيد الأمور سوءا , فخياره الوحيد كان مماشاة الانزلاق كي تبقى المركبة الكبيرة علي الطريق .
كانت معركته مع الانزلاق خاسرة لان السيارة خرجت عن السيطرة .... واندفعت نحو خندق عميق واسع إلي جانب الطريق من جهة ايريس التي لم تستطع سوى التمسك بذراع الباب و السيارة تدور وتلف لتقع إلى الخلف ثم إلى الجانب علي كتف الطريق .
اندفعت ايريس بعنف إلى جانب كوبر فاصطدم رأسها بالمقود مع توقف " أبيك آب " فجأة .
نظر كوبر إلى الوجه الشاحب الذي حرقته الريح , حيث لا ضوء سوى أنوار السيارة الداخلية .... استلقت ايريس متلاشية كلعبة قماش مبتلة على حجره ... وأطلق العنان لسلسلة من السباب حين أدرك أنها فاقدة الوعي .... لم توقف عن ذلك فجأة بعد أن أحس بالرجفات تهز جسدها ..... لا بد أنها نصف متجمدة.

Rehana 24-05-16 01:13 AM

رد: 186 - انتظري
 
شعر أن من واجبة حمايتها , ثم رفع يده تلمس خدها البارد بحنان وأدار وجهها نحوه ... فوجد جرحا على جبينها تحت مستوى الشعر يقطر دما , وقد بدا بالانتفاخ .
ألهاه عنها اهتزاز الشاحنة المفاجئ وهي تنزلق أكثر نحو الخندق .
أدرك انه مع قليل من الحظ قد يتمكن من توجيه البيك آب إلى أسفل الخندق دون أن ينقلب ...ومن هناك سيكون من الممكن قيادته حتى آخر الخندق حيث يرتفع إلى مستوى الطريق , فيخرج به .
ثم , واعتمادا على مدى إصابة ايريس , سيقرر ما إذا كان سيعود بها إلى المنزل إلى أن تصبح الطريق أكثر آمنا , أو أن يخاطر بأخذها إلى الطبيب في البلدة فورا .
بقدر ما كان راغبا في لومها على هذا كان يعرف أن الغلطة غلطته ....لو انه وضع السلاسل الحديدية في إطارات اصلا , أو توقف ليضعها , لما كانا قابعين في الخندق وسط عاصفة جليدية .
نظر مجددا إلى وجه ايريس الساكن بقلق . لو انه لاحظ أنها لم تربط حزام الأمان لكان فعل هذا بنفسه , وما كانت الآن مستلقية على حجره .
قال بصوت أجش هامس :
- وما كنت سأشعر بالمسؤولية تجاه كل ذلك ... كنت أظن أن سارقي المواشي ,والمحكومين السابقين قساة .
داعب أصبعه بخفه خدها البارد .
- كان بالإمكان أن يكون الأمر أسهل علينا معا لو كنت قاسية .
رأى أن ايريس لم تكن مصابة بأذى غير الضربة على رأسها ....فدس يديه برقة تحتها ورفعها إلى أن أصبحت مستندة إلى جانبه الأيمن .... أطبق فمه بعنف , وأعاد تشغيل محرك الشاحنة , ثم حركها إلى الأسفل داخل الخندق .
استعادت ايريس وعيها .... مصدومة , ضائعة , تحركت محاولة الجلوس مستقيمة , بعد أن أدركت أنها تستند بكل ثقلها على كوبر .
- هل أنت بخير ؟
هزت ايريس رأسها طلبا لصفائه , لكنها أجفلت أمام قوة الألم التي وخزت صدغها اثر الحركة . حاولت الابتعاد عن كوبر , لكن إيقاف التلامس مع جانبه الدافئ الصلب , سمح للبرد مجددا بالعودة إلى أوصالها .
- ايريس ؟
دفعها الاهتمام القلق في صوت كوبر لان تنظر إليه مباشرة ... بدت ملامح وجهه لها اقل إرهابا هذه المرة , وعيناه السوداوان منصبتان عليها .
أحست بالتوتر إذ لاحظت مدى تغيره , فأشاحت بوجهها بعيدا لتميل أكثر إلى جانب المقعد العريض .
مدت يدها بخوف تلامس التورم فوق صدغها :
- أنا بخير .. إنه مجرد صدمة صغيرة .
لامست ذراعه ذراعها وهو يمدها إلى الخلف , فاخرج بطانية وأعطاها لها .
- لفي نفسك بتلك , بينما أحاول وضع السلاسل على الإطارات .
حين بدت بطيئة التجاوب , فتح البطانية ولفها بها .. فأصدرت صوت احتجاج صغير حين لف البطانية علي حجرها ودس أطرافه حول ساقيها ...فلفت الصوت اهتمامه للحظة , فتوقف .
ألانها تشعر ببرد قارس , أحست بيديه تحرقانها عبر البطانية حتى البنطلون الجينز المبلل إلى بشرتها الباردة ؟ التقت عيونهما في النور المعتم للسيارة من الداخل وهو يميل فوقها لينهي عمله .... استطاعت الإحساس بدفئه , وأنفاسه العطرة على خدها ورائحة عطر ما بعد الحلاقة . خنقتها قوة رجولته عن قرب لكن بدلا من الحذر من الموقف الذي بدا غريبا ... أحست أنها آمنة بطريقة لم تعرفها منذ سنوات , وفي الوقت عينه مهددة بشيء لا تستطيع وصفة بالكلام .
فجأة ..ابتعد كوبر , فأغمضت عينيها متعبة , وأصغت إليه وهو يفتح باب السيارة
ليبحث تحت المقعد . سمعت قعقعة السلاسل الثقيلة وهو يجرها إلى الخارج ثم يقفل الباب .

Rehana 24-05-16 01:15 AM

رد: 186 - انتظري
 
استغرق وضع السلاسل مكانها طويلا ... لكنه عاد أخيرا إلى الداخل .. فتحت ايريس عينيها دهشة حين مد يده ليربط لها حزام الأمان ...
كانت المسيرة على طول أسفل الخندق بطيئة ووعرة , وكان رأسها يرتج مع كل هزة.. أخيرا أصبح الخندق اقل عمقا إلى أن كاد يتساوي بالطريق ... فجأة انحرفت السيارة إلى جانب الخندق .
وبعد بضع محاولات عادت الشاحنة إلى الطريق العام , وصار نصفها على الجانب المرصوف بالحصى ونصفها على كتف الطريق , فاوقف كوبر الشاحنة ونظر إلى ايريس :
- كيف حال راسك ؟
أدركت انه يتوجه بالشاحنة غربا ليوصلها إلى البلدة فملأت الخيبة قلبها .. وأجابت :
- لا شيء لا يمكن لقرصين من الأسبرين أن يشفياه .
- هل تشعرين بدوار أو غثيان ؟
- لا ... بالبرد فقط . سأكون بخير متى وصلنا إلى البلدة .
قال بصوت أجش أعطى كلماته الساخرة لذعة قارصة :
-عزيزتي .. في حال لم تلاحظي ..فالطقس عاصف جدا ... وإذا كنت تظنين أنني سأخاطر مرة أخرى لأجلك هذه الليلة , ففكري جيدا .
طارت عيناها لتلتقيا بالقسوة المتجددة في عينيه ... وتحولت دهشتها إلى الغضب مما زاد عمق لون وجهها , وحرك فيها كل مشاعر حماية الذات ... للحظات ظنت كوبر قلقا عليها فعلا ... لا بد أن رأسها مصاب بقسوة أكثر مما تظن .
قالت :
-لم اطلب منك المخاطرة لأجلي أصلا . ولا أتوقع منك المخاطرة الآن لكنني اعرف انك تفضل أن لا تطأ قدماي ارض مزرعتك .
حدقت طويلا في عينيه حتى ظنت أن تلك اللحظة لن تنتهي أبدا وكانت نظراتهما تشيران إلى تحذير لم تترجمه شفاههما , عندئذ أصبح التوتر لا يطاق داخل الشاحنة , قبل أن يحرك كوبر السيارة لينطلق بها مجددا .
لم تدرك ايريس أنها كانت تكتم أنفاسها إلى أن أدار المقود نحو اليسار , وحول الشاحنة باتجاه المنزل .... خفف الإرهاق من توتر أعصابها , وتلاشى غضبها وهي تنظر إلى الأمام عبر الزجاج الأمامي .... ارتاحت لأنها ذاهبة إلى مكان تبيت فيه ليلتها برغم كون العرض اضطراريا .
خاطرت بنظرة حذرة إلى كوبر ... وأوحى لها منظر فكه , أن لا شيء سوى العاصفة العاتية كان سيقنعه بالسعي خلفه . كانت مبتلة جدا , وتحس ببرد شديد , ولن تمانع في خشونته معها .... فهي غير معتادة على اللطف علي أية حال , وبما أنها تعلمت درسها , فهي ابعد ما تكون عن الضعف العاطفي .... وعلى المدى الطويل , سيسدي لها خدمة كبيرة لو بقى عدوانيا .
اندست ايريس عميقا في البطانية مع أخراج كوبر للشاحنة عن الطريق العام . وفجأة بعد برهة أصبح صوت السلاسل الحديدية على الأرض خافتا وذلك مع دوران الإطارات فوق الطريق الداخلية للمزرعة . فأغمضت ايريس جفنيها بارتياح مع بروز أنوار المنزل الكبير .
شعرت بان قلبها يخفق بعد أن أعاد لها ضوء المنزل عبر النوافذ الإحساس بالعودة إلي البيت بعد يوم متعب , أصابتها غصة جراء الحنين إلى منزلها , المزرعة التي نشأت فيها ذهبت الآن ...فحتى موت والدها , كانت الأيام الصعبة قد دفعت بالمزرعة إلى الخط الأحمر , وكان عليها أن تناضل ليلا نهارا لتتمسك بها .... فيما بعد , أجبرتها الرسوم القانونية للدفاع عنها والتعويضات الكبيرة التي فرضها عليها القاضي على بيعها .
أربعة أجيال من أسرة برايبون ربوا الماشية في تلك الأرض من شمالي وايوفنغ, لكنها كانت الوحيدة من هذه الأسرة التي فقدتها ... لم تكن معرفتها أن أقول نجم المزرعة قد بدا قبل أن تتولى أمرها لتتخفف من شعورها بالذنب , إلى أن أنهت تصرفات أخيها غير الشقيق المريبة كل شيء .

Rehana 24-05-16 01:17 AM

رد: 186 - انتظري
 
صمت المحرك الكبير فجأة مع إطفاء كوبر له , فأعادها إلى حاضرها ... ونظرت إليه لتشعر انه على وشك قول شيء كريه . ففكرت فورا بابنته الصغيرة وكيف أن غريزة أبوته لحمايتها تتحرك فيه الآن .
قالت :
- بإمكانك أن تسترخي سيد برتسوم . لقد أذنبت بسرقة الماشية , وليس بسرقة الأطفال . إذا كان بإمكان طباختك أن تجد لي شيئا آكله , ومكانا جافا في مخازن الغلال الدافئة ... سيكون هذا رائعا .
التفت إليها بحدة , والقسوة بادية في عينيه كفولاذ براق تنم عنه تعابير وجهه العاصفة فارتفع احد أطراف فمها سخرية :
- ثم أنا لست لصاً محترفا لأنجح في سرقة الكثير من المواشي في مثل هذا الطقس .
جعلتها الشتيمة اللاذعة التي ضربت أذنيها تجفل .فجأة مد يده إليها ... ذعرت لحركته, فابتعدت بحذر . وشهقت حين امسك معصمها في قبضته الكبيرة ... ودارت معركة بينهما وهي تحاول التحرر منه .... ومد يده الأخرى إليها .... فجأة انفلت قفل حزام الأمان في مقعدها , فأجفلها التفاته وارتداده .
قال بصوت كاد يثقب طبلتي أذنيها :
- ماذا ظننت بحق السماء أنني سأفعل ؟ أضربك ؟
وشدها من معصمها لتصبح قريبة منه .
كان الرد عليه في أعماق عينيها الفزعتين وشحوب قسماتها المتوترة وهي تضع يدها الأخرى على صدره , و أحس كوبر انه لو تركها الآن فستهرب . هذا ما أزعجه .
- اللعنة ايريس ... أنا رجل أتمتم كثيرا وكثيرا ما أتفوه بالسباب لكنني لم اضرب امرأة في حياتي .
صمت بعد أن أدرك انه يصيح في وجهها .... مر على وجهه شيء ما , يخبرها أن هذه المعلومات الصغيرة التي تطوع بقولها عن نفسه لم تكن مقصوده , ولا عفوية .
في تلك اللحظة أحست ايريس أن هناك خطا قد تجاوزه ... خط زادته الطريقة التي كانا يتلامسان بها بروزا ... كان لعناقهما الإجباري علاقة غريبة بقيء متوتر فيهما معا ... عينان زرقاوان نظرتا إلى عينين سوداوين مع وجود تيار غريب كان يسري بينهما .
تراجع كوبر أولا ...فيما تحول إلى القسوة مجددا .... واخفت عيناه كل شيء عنها ما عدا الغضب :
- خذي البطانية معك , وادخلي المنزل ... سأحضر حقائبك .
أحست ايريس بارتياح وانتزعت البطانية ورمته بها :
- سأحضرها بنفسي .
فتشت عن قفازيها وشالها المبتلين , ولم تضيع الوقت في فتح الباب ... خرجت توازن خطواتها بحذر , ومدت يدها إلى الخلف لترفع حقائبها .
التوى رأسها وهي تميل بنفسها إلى الأمام محاولة الوصول إلى الحقائب ....
كانت على وشك سحب الحقيبة نحوها حين مد كوبر يده من مقعده وانتزع الحقيبتين الأخريين ورفعهما ثم بدا السير نحو المنزل , كل ذلك قبل أن تتفوه بأي احتجاج .
أجبرتها خطواتها على الأرض المليئة بالثلج على التوكؤ على حافة الشاحنة الصغيرة حتى وصلت إلى الشرفة المسقوفة . حينها فتح الباب وانحنى كوبر يمسك مرفقها... وما أن أصبحت في الداخل آمنة حتى سحبت نفسها منه , مرتاحة لخلاصها مما تسببت به لمساته من إثارة عاطفية .
قال لها :
- من الأفضل أن تخلعي " الحذاء " من قدميك ... وجدي لنفسك حمالة ثياب تعلقين ثيابك عليها ..... بإمكانك تجفيفها لاحقا .
كان قد خلع " حذاءه " وسترته الواقية . فاستدار ليدخل من الباب الداخلي للمطبخ
.. خلعت ايريس حذاءها بسرعة ووجدت ما يكفي من حمالات الثياب الفارغة علي جدار الشرفة المسقوفة لتعلق معطفها , قبعتها وشالها , ثم وضعت قفازها فوق الحذاء الذي وضعته على حافة بساط صغير أمام الباب .

Rehana 24-05-16 01:17 AM

رد: 186 - انتظري
 
دخلت المطبخ بسرعة ظامئة إلى الدفء في الداخل , وأقفلت الباب وراءها ... أثارت الحرارة في الغرفة الكبيرة المزيد من قشعريرة البرد , واصطكت أسنانها حتى ألمها فكها .
كان كوبر جاثيا قرب حقائبها , يستخدم البطانية التي حملها معه من السيارة لمسح المطر عنها .
صاحت اليانور وهي تدخل المطبخ :
- يا الهي يا فتاة ! لا بد انك نصف متجمدة ؟ من الأفضل لك التخلص من هذه الثياب بسرعة ثم الدخول إلى مغطس ساخن .
قاطعها صوت كوبر :
- سأهتم بذلك ..... اهتمي أنت بدخول ستيفاني إلى فراشها .
جمدت اليانور للهجته القاسية لكنها لم تقل شيئا وهي تستدير لتغادر المطبخ .
نظر كوبر إلى ايريس , تاركا عينيه السوداوين تجوبان فوقها قبل أن يتقدم إلى غلاية القهوة الموضوعة فوق رف المغسلة ... جاء بكوبين كبيرين وملاهما قهوة حتى الحافة تقريبا .... ثم مد لها يده بأحدهما .
خطت ايريس إلى الأمام لتأخذ الكوب .... لسوء الحظ لم تستطع السيطرة على رجفة جعلت يدها تهتز . وقبل أن يترك الكوب تماما , كانت قد سكبت عن غير قصد بعض القهوة على أصابعه .
اعتذرت بسرعة : أنا آسفة .
ورفعت نظرها إليه تتلقى ردا خشنا :
- ما من ضرر في ذلك .
ثم تخطاها حاملا قهوته ليجمع حقائبها ويخرج إلى الردهة , وتركها تلحق به .
أمسكت الكوب بكلتا يديها بحذر , وسارت خلفه بعد أن ترددت لحظة احتست خلالها قليلا من القهوة ... تلذذت بطعمها القوي , وانسابت الحرارة إلي داخلها لتدفئ جوفها . أمسكت الكوب بثبات أكثر , وتابعت السير , كانت قد قطعت أكثر من نصف المسافة بقليل في الردهة المعتمة , حين أطبق عليها أحساس بالاحتجاز .
تعاظم التوتر في صدرها وراح يمتد في كل اتجاه ليرسل نوعا آخر من القشعريرة فيها
. حاولت يائسة أن تقاوم هذا الإحساس , وان تركز علي أي شيء يجعلها ترتاح من الشعور الفظيع .
كان كوبر يتابع السير أمامها , في الردهة , التي بدت لها ضيقة بشكل غير طبيعي
يكاد جسمه عريض الكتفين يصطدم بالجدارين ... ولو انه يحمل كوب القهوة في يد وحقائبها في اليد الأخرى , في رشاقة ممتزجة بقلة اهتمام زاد إحساسها بالذعر .. ما الذي يحصل لها ؟
اختفى كوبر من الممر , وناداها عبر احد الأبواب :
- هل أنت قادمة ؟
أحست بخجل من جبنها غير المنطقي , و أسرعت وراءه , لترتاح لحظة وصولها إلى الغرفة التي كان ينتظرها فيها .
حين خطت إلى غرفة الضيوف المضاءة جيدا , اخذ ذعرها يخف بشكل عجائبي .... سبب لها الانزعاج المطبوع بوضوح على قسمات كوبر المتصلبة شيئا من الغضب , وبشكل غريب اخفي الإحساس بالذعر أكثر فأكثر .
- بإمكانك النوم هنا الليلة ... ‘ن غرفتي خلف الردهة ... من الأفضل أن تأخذي حماما ساخنا .. سنتناول الطعام في غرفة الجلوس فيما بعد .
هكذا , تخطاها واقفل الباب وهو يخرج .
لكن حين اقفل الباب تحرك بداخلها إحساس قاتم مخيف . استدارت نحو الباب , دون تردد , تمسك مقبضه لتفتحه ... ثم تمكنت من استعادة سيطرتها على نفسها وفتحته بضع انشات ... طغى عليها الارتياح . فأسندت رأسها إلى الخشب الناعم المصقول تنتظر فتور خفقات قلبها .

Rehana 24-05-16 01:18 AM

رد: 186 - انتظري
 
هدا ذعرها أخيرا ,لكنه ترك مكانه إحساسا بالارتباك والخوف .
استلقت ايريس على ظهرها في ماء المغطس الساخن دون أن تدرك تماما ما الذي أصابها... لم يكن يخيفها أي شيء إلا نادرا ... مع ذلك نظرت نحو باب الحمام المفتوح والملحق بغرفة الضيوف , فأزعجها منظر الأبواب المغلقة , والأماكن الضيقة لما لها من القدرة على بث الذعر فيها .
ربما لم يكن ذلك غريبا إلى هذا الحد ... بعد أن أمضت سنتين محجوزة في السجن في مكان ضيق محدود .... بالنسبة لشخص نشا كما نشأت حرة في الخلاء الواسع منذ تعلمت السير , كانت قساوة السجن أكثر من أن تتحملها .... وحده الأمل في إطلاق سراح مبكر , وتصميمها على تنظيف اسمها , جعلها تتحمل .
لم تكن تحلم أن يكون أول يوم لإطلاق سراحها مخيبا للآمال هكذا .... كانت ردة فعل كوبر برتسوم على سجلها الإجرامي , برهانا ظالما على أن إمكانية عيشها حياة طبيعية , أمر يكاد يكون مستحيلا .
جعلتها الفكرة تشعر بالإحباط , غسلت شعرها , خرجت من المغطس , ثم جففت البلل عن شعرها بحدة , مجنبة إياه ملامسة التورم في رأسها بحذر . حين انتهت , ارتدت بنطلون جينز نظيف وكنزة كحلية سميكة طلبا للمزيد من الدفء .... ثم أخذت مشطا عريض الاسنان , وسمحت لنفسها بان تنظر حولها في غرفة الضيوف وهي تمشط شعرها .
كانت الغرفة تبدو منزلية .... الغطاء المشغول باليد على السرير , المفارش الصغيرة علي طاولة الزينة , والستائر البيضاء علي النوافذ المزدوجة , أعطت الغرفة مظهر الريف المريح ..... كل ذلك أعطاها الإحساس بالارتياح .
توقفت عن تمشيط شعرها , لتنظر إلى الباب المؤدي إلى الردهة لتجد أنها تركته مفتوحا , ففوجئت واكتشفت سخف خوفها السابق .....
ليس في الغرفة شيء يذكرها بالسجن , مدت يدها لتريحها على خشب الباب الناعم لا بد أن ما أحست به قبل قليل , كان رد فعل بسيطة للأحداث المتعبة التي مرت بها اليوم ... فعلى أية حال , لم يطلق سراحها ألا منذ بضع ساعات مضت ربما سيتأخر الوقت لتشعر بالارتياح مع هذا التغيير ... وقررت أن لا تعطي الخوف مكانا في حياتها . ثم أقفلت الباب بحركة ثابتة .
***


نهاية الفصل

bluemay 24-05-16 07:00 AM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

حمدا لله انه وصلها قبل ان تهلك في تلك العاصفة.

بصراحة كانت لحظات مؤثرة واجادت الكاتبة تصويرها بحيث بدت
لنا نابضة بالحياة .

احسست ببرودة تلك اﻷجواء فعليا واستمتعت بالشعور جدا..


كوبر تصرف بما يمليه عليه نبله .. رغم كرهه لتقريبها منه وقد احس بخطورة
تاثره بها.


هل ستسمر معاناة ايريس طويلا ام انها ستتجاوزها وتشق طريقها بجد في تلك الحياة ؟!

متشوقة للقادم

تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 28-05-16 07:31 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعليكم السلام و الرحمة
بالفعل لحظات مؤثرة من الشعور بهذا الطقس البارد معاهم هههه
نورتي عزيزتي بتعليقك

Rehana 28-05-16 07:37 AM

رد: 186 - انتظري
 
3 -عاصفة الرغبة

خرج كوبر من غرفة النوم إلى الردهة الطويلة من بيت المزرعة الواسع باتجاه غرفة
الجلوس . سمع ضيفته غير المرغوب بها تترك غرفتها منذ للحظات , وعرف أن الوقت قد حان ليخرج بدوره من غرفته . كان قد دخل إلى غرفة ستيفاني ليقبلها قبلة المساء ويتمنى لها ليلة سعيدة , منهيا بذلك احتجاجاتها علي النوم باكرا..وأسئلتها حول ايريس , مع وعد بأخذها لزيارة جراء الكلبة الاسكتلندية في سقيفة نوم العمال , في اليوم التالي ...كان يأمل أن يكون الأمر مناسبا بعد إخراج ايريس برايتون من المنزل وإيصالها إلى (ردهاوس ) .
اقلقه وجودها , لقد أحس بانجذاب نحو نساء جميلات المظهر من قبل وهو لم يعد ذلك الولد الارعن , فهو ارمل منذ ست سنوات , وهذا وقت طويل بما يكفي ليتجاوز حزنه اثر فقدان زوجته في حادث سيارة , واستكشف بعض إمكانياته الرومانسية مع رفيقات له بما يكفي , ويمكنه تجاوز إعجابه بايريس بسهولة تامة كما الأخريات ...لذا فقد خمن أن سجلها الإجرامي هو الذي يجعله متوترا ....لا يرغب أن تكون ستيفاني على معرفة بنساء مثلها , لكن بعد انتهاء العاصفة ورحيل ايريس سيكون من الصعب حمايتها من هذا الأمر .
أرجفته الصدمة عندما وصل إلى نهاية الردهة التي انفتحت إلى غرفة جلوس .... كانت ايريس تقف أمام المدفئة ...دون أن تعي وجوده , كانت تمرر أصابعها في شعرها المبلل, تنفش خصلاته الطبيعية الطويلة وهي تميل قريبا من حرارة النار المجففة .. قبل ذلك , كان شعرها يبدو بنيا قاتما , لكن أمام نور النار تخلله مزيج فاتن من اللون الأحمر الذهبي الذي ذكره بأخر ألوان غروب الشمس .
استدارت نحوه وعيناها مغمضتان بسبب الحرارة , تمرر أصابعها بلطف خلال الضفائر التي تصل إلى خصرها النحيل . وبرغم الجدية المرتسمة على وجهها الذي لوحته الريح والذي تظهر عليه الحرارة , فقد كان التراقص اللطيف للخصل يعطيها نظرة برية مثيرة , جعلت كوبر يصر بأسنانه .
اجبر نفسه على التحرك , كأنه دخل لتوه ... ثم تكلم وهو يحرص علي أن تكون نبرة صوته قوية .
- لا بد أن هناك مجفف شعر في مكان ما في غرفتك .
انفتحت عينا ايريس , والتقطت نظرته قبل أن تشيح بنظرها بعيدا .
- لم ابحث عنه ... وهذا جيد كذلك .
وابتعدت عن النار تمرر المشط في شعرها عدة مرات لتخفف من تطايره , ثم دست المشط في جيبها .
- جدي لنفسك مكانا تجلسين فيه ... سأقول لاليانور أننا على استعداد لتناول الطعام
جلست في مقعدها متعبة ... حسن جدا أكان يرحب بها أم لا , ستحصل علي وجبه ساخنة ومكان تنام فيه بانتظار انتهاء العاصفة .
لو أنها وصلت إلى المزرعة قبل ساعتين , لتمكنت من العودة إلى (ردهاوس ) قبيل العاصفة ... نظرت إلى النار متوترة الغرائز يلفها إحساس مألوف من الغضب و‘دانة النفس , فراحت تتذكر ...
كانت عمياء أمام العمليات القذرة التي كان بلاك . اخوها غير الشقيق . يقوم بها ,ولو أنها كانت تتساءل كيف يحصل على المال الكثير , ثم يبدده في كل مكان ..في وقت كان يحكمها قلق دائم حول دفع الضرائب المتراكمة عليها, واضطرارها إلى بيع جزء من قطيع الماشية الذي تملكه.

Rehana 28-05-16 07:37 AM

رد: 186 - انتظري
 

كانت تعمل ليلا نهارا في محاولة منها لإنقاذ المزرعة ناهيك عن العمال , ورغم ذلك اضطرت إلى صرفهم . لم تفعل شيئا إزاء بلاك سوى التعليق من وقت إلى آخر على تصرفه , أو تبديده الأموال في وقت يستطيع فيه أن يعمل .
والدها لم يتفق يوما مع ابن زوجته , أما جهوده لجعل بلاك رجلا فلم تثمر أكثر من خلق شرخ بينهما .
ولم تجد ايريس الأمور سهلة , فوالدها توقع منها الكثير كما لو أنها صبي , وغرس فيها استقامته وراية في العمل الشاق , وراح يحضرها لليوم الذي ستتولى فيه إدارة أمور المزرعة ... ظن ستيفن أن امرأة ذات قدرة حديدية يمكنها أن تدير عشر مزارع مثل مزرعة برايبون, كما لو أنها رجل ..طالما أنها ابنته ..
لو لم تشعر ايريس ببعض الذنب للطريقة القاسية التي عامل فيها والدها أخاها غير الشقيق , لكان كسله قد جعل منه احد ابرز المساعدين الذين تعتمد عليهم حين اضطرت إلى تخفيض عدد قطعان المزرعة , ولكانت تركته يعيش هناك .
كان قد تذمر عبر ملاحظاته بأنه "القريب الفقير" لكنها لم تكن تدرك أن مرارته عميقة , بحيث ينظم سرقة للمواشي في المنطقة وبعد أن أصبحت أعماله مكشوفة بما يكفي لإثارة شكوكها , تبعته ذات ليلة وواجهت الحقيقة القاسية .
ضبطته وهو يسرق عشر رؤوس من أفضل مواشي الجيران .... ولم يكن هناك وقت لمواجهته قبل سماع صفارة الإنذار ووصول دورية الشرطة على ضوء القمر .
قال بلاك لها :
-يبدو أن الشريف صدق الوشاية .... لكنني مندهش لمعرفته الاتجاه الصحيح دون أن يخطئ عدة أميال .
ضحك الرجلان اللذان معه ثم ركضا إلى البيك آب المتوقف إلى الجانب الآخر من قطيع الماشية .... واستدار بلاك ليلحق بهما .
سألت :
- ما الذي يجري بلاك ؟
رد وهو يضحك :
- لقد سألتني هذا السؤال من قبل .
نظرت إلى سيارتي الدورية المتقدمتين بسرعة نحوهما , وركضت خلفه تمسك بذراعه في محاولة لإيقافه , فوقفت أمامه تسد طريقة :
-كنت خلف هذه السرقات منذ أشهر , أليس كذلك ؟ كنت تسرق أصدقاءنا وجيراننا ...
- جيرانك أنت , أصدقاءك أنت .وذلك الغبي العجوز الذي يظن نفسه ملك تجارة المواشي.
كانت الضحكة البشعة التي أطلقها ساخرة :
- يا الهي ... كم اكره ذلك العجوز والدك ... لم أكن لأستطيع إدارة مثل هذه العملية تحت انفه وجعله يشنق لأجلها .. لذا فعلت ما هو أفضل لي ... لقد نفذتها تحت انف ابنته إلى أن غرقت عميقا إلى ما فوق رأسها .
مرة أخرى ضحك بلاك .... وانقلب غثيان ايريس إلى خوف حتى الموت .
- ماذا تعني ؟
رده أخافها , وجف فمها من كلامه الصارم :
- سيأخذ الشرح الكثير من الوقت , أكثر مما لدي الآن . الشريف العجوز سيظن انه نجح, وسيطير فرحا بعد إنهائه كل هذه السرقات وإثباتها على ابنة ستيفن برايبون.
دفعها بلاك بخشونة عنه , فصدمت وترنحت ولم تستطع القيام بشيء سوى التحديق إلى بلاك وهو يركض إلي البيك آب , ويقفز وراء المقود .
توقفت سيارات الشرطة الثلاثة , بينما كانت صفاراتها تصيح بصوت يصم الآذان , أمام شاحنة الماشية المحملة بعد لحظات من اختفاء بلاك وصديقيه ...أضاءت الأنوار الأمامية للسيارات المنطقة واستدارت ايريس نحوهم وهم يفتحون الأبواب, فتقدم نواب الشريف نحوها .

Rehana 28-05-16 07:40 AM

رد: 186 - انتظري
 
هكذا بدا كابوس اعتقالها وعدم لحاق الشرطة ببلاك ورفيقيه . واستجواب الشريف لها الذي انقلب إلى دليل أدان ايريس , ثم المحاكمة والدفاع غير الناجح .
- أرجو أن تعجبك الستيك المتوسطة النضج .
أخرجها صوت كوبر من أفكارها المتجهمة , فقد دخل الغرفة ليتقدم منها حاملا صينيتها.
مدت ايريس يدها لتأخذها بعد أن رسمت على وجهها ابتسامه شكر , ووضعتها على حجرها بينما عاد إلى المطبخ ليأتي بالصينية الأخرى . تمتعت برائحة اللحم الطازج خفيف النضوج للحظات ... كانت البطاطس المشوية التي يتصاعد منها البخار , إلى جانب قصعة كبيرة من اللبن الرائب موضوعة قرب الطبق المليء باللحم تقريبا ... ورغيف خبز مصنوع يدويا على طبق منفصل قرب كوب من الزبدة المخفوقة ......
تسبب الحنين إلى موطنها بغصة في حلقها ... مدت يدها إلى منديل الطعام , وعاد كوبر لينضم إليها مع وجبته , فبدأت تقطع الستيك لتتذوقه.
كان الصوت الوحيد في الغرفة طقطقة النار وقعقعة الأدوات الفضية على الخزف ..تمكنت ايريس من أكل كل شيء , فهي جائعة بما يكفي لان لا تهتم بأفكار كوبر عنها ... رأيه بها محفورة في الحجر .... ولا شيء سيغيره , جيدا كان أم سيئا .
بينما تضع الصينية من يدها وتتكئ إلى الخلف لتشرب قهوتها :
ارتفعت عيناها لتلتقي عيني كوبر كان هو كذلك قد أنهى وجبته , ووضع كوب القهوة على ذراع المقعد وراح يسترخي ... قوت ايريس نفسها بمواجهة نظرته المنصبة نحوها باهتمام , وقالت بهدوء :
- السيدة فيرنيش طباخة ممتازة , شكرا للوجبة .
وشربت القهوة بارتباك .
- يبدو أنك هضمتها بسهولة .
- لم تكن مهمة صعبة .
تطاول الصمت , ونظرت ايريس إلى النار . ارتاحت أكثر في مراقبة ألسنتها تتراقص ... ثم سألت مجددا :
- كم ستطول العاصفة بالنسبة لي لأتمكن من الرحيل ؟
شعرت بتوتر في حركات كوبر جعلها تنظر إليه .
وقال مدمدما :
- ليس بسرعة تكفي ..قبل أن نجلس جاء في تقرير الطقس أن الثلج سيواصل الهطول طوال ليلة الغد , وربما أكثر . أما ارتفاعه فسوف يبلغ ثمانية إلى اثني عشرة انشا .
هزت رأسها باكتئاب , فهي تعرف شعوره حيال وجودها لبضعة أيام على ما يبدو... وما خمنت انه سيزعجه أكثر , قربها من ابنته .
- ما من داع لبقائي هنا في المنزل فازعجك , ربما استطيع العمل خارج المنزل .
-كيف حال الصدمة على رأسك ؟
هزت كتفيها :
- مؤلمة قليلا , لكنها ليست مؤلمة كثيرا ووالفضل لبعض الأسبرين , وربما لن الاحظ وجودها بعد نوم ليل مريح.
كان الصمت الطويل الذي تبع حديثهما القصير يذكرها بقوة أن كوبر يعتبرها دخيلة إلى منزله ... حاولت ايريس عدم الاستسلام لليأس . لطالما اعتبرت أن مستقبلها في مزرعة برايبون , آمن ومستقر ... مع ذلك فقد ذهب هذا منذ زمن طويل , ولن تشعر مرة أخرى بمثل هذا الإحساس الغابر بأنها هائمة في العالم على غير هدى .... لا تنتمي إلى أي مكان , وليس لها مكان تذهب إليه ... حدقت في قهوتها محاولة أن تكبت خوفها دون جدوى .
سألها :
- أيزعجك شيء؟
جعلها صوته العميق ترفع رأسها ... وأسرت نظرته نظرتها ... إضافة إلى اللطف في صوته , كانت نظرته تقول انه أحس بشيء من مشاعرها .....

Rehana 28-05-16 07:40 AM

رد: 186 - انتظري
 
أجفلت بحذر لفضح مشاعرها . كوبر برتسوم لن يهتم أبدا لمشاعرها , ولن يعرض عليها السلوان .... ولسوف يفسر أي نوع من الاعتراف من جهتها على انه مؤامرة لكسب إشفاقه وعطفه , الأمر الذي لا تتحمله أبدا :
- لقد كان يومي طويلا متعبا ... أظن أنني بحاجة إلى النوم الآن .
التقطت صينية الطعام لتحملها إلى المطبخ , فحذا كوبر حذوها وسار أمامها إلى المطبخ .
- ضعيها على رف المغسلة ...قالت اليانور إنها ستهتم بتنظيفها في الصباح .
وضعت ايريس الصينية حيث قال , ثم استدارت لتذهب إلى غرفتها ... ولم تبدو الردهة الطويلة مزعجة الآن .... فكون أن كوبر يلحق بها , أبعدها عن الإحساس بأي شيء آخر .
قال :
- إذا كنت تشعرين بنشاط في الصباح , سأخذك لتعملي كما وعدت .
توقفت عند عتبة الباب , واستدارت باتجاهه :
- سأكون جاهزة .
بدا وكأنه سيقول شيئا آخر ...لكنه سارع إلى تمني ليلة سعيدة لها بصوت خشن ودخل غرفته . لاحظت انه لم يغلق الباب تماما , ربما ليتمكن من سماعها في حال حاولت التجوال في المنزل لتسرقه .
أسرعت إلى الاستلقاء على فراشها منجذبة إلى الدفء والراحة .استلقت في الظلام لبعض الوقت تتمتع بحجم السرير الكبير , والمفارش ذات رائحة الليلاك . أصغت إلى عويل الريح الخافت والى صوت الثلج يضرب الزجاج بين الحين والأخر . جعلتها الأصوات المنزلية اللطيفة تشعر بالأمان , لكن برغم هذا الإحساس الغريب بالدفء والأمان , نظرت إلى بابها المغلق لآخر مره قبل أن تغفو.
استندت ايريس متعبة إلى عامود خشبي في سقيفة العجول الصغيرة , فراحت تشرب قهوتها وهي تراقب العمال وهم ينقلون التبن على بعد أربعة أقدام منها . إنها هنا منذ الساعة السابعة صباحا , أي ما يقرب من الساعات العشرة , وهذه هي المرة الأولى التي تتمكن فيها من الاستمتاع بالقهوة أو بشيء من الطعام .
لم تشعر بمثل هذه الراحة بعد التعب منذ زمن بعيد , أخذت تراقب الوالدات لأول مرة تساعد في وضعهن قرب أولادهن . عادة كان هذا عملا يثير اليأس وقد فعلت هذا أكثر من مرة ولكنها كانت تتمتع به كما تمتعت به اليوم .
ضحكت ايريس بصوت ناعم خافت , حذرة كي لا تخيف البقرات الصغيرة ... لن تمانع في تنظيف كل حظيرة في مزرعة برتسوم ثلاث مرات في اليوم طالما هي تهتم بأعمال المزرعة .
- وهل تقص عليك هذه العجلة الصغيرة النكات ؟
توقف جارد روستانغ , احد عمال المزرعة الذي عملت معه ذلك اليوم , في طريقه أمام الحظيرة ذات السقف المفتوح ... بدا وجهه كثير التجاعيد , وعلى وجهه ضحكة تكاد تكون بيضاء مثل شعره الأبيض .
ردت ايريس بسهولة :
- لقد توقفت عن رواية النكات منذ نصف ساعة .
- يبدو أنها علي ما يرام .... ليست سيئة جدا بصفتها أما لأول مرة .
هزت ايريس رأسها :
- اعتقد انه كان لنا نصيب وافر من الولادات الصعبة في السقيفة الأخرى هذا الصباح .
كان هناك ثلاث ولادات متعسرة كادت تفقد المزرعة الأم والعجل معا.
قال جارد يومئ برأسه إلى نهاية المكان :
- لدي واحدة وضعت هناك منذ خمس دقائق . ولم تكن تبدو مستعدة للوضع تماما .... وأظنها الآن ترتاح بانتظار الثور ليأتي ويمسك بيدها مواسيا .

Rehana 28-05-16 07:41 AM

رد: 186 - انتظري
 
ضحكت ايريس دون أن تبدو عليها الدهشة , فالكثير من عمال المزارع يفضلون أي عمل زراعي متعب على لعب دور " القابلة " ...وسألت:
- كيف حال الطقس ؟
- لا يزال الثلج يتساقط بقسوة وسرعة , وإذا استمر هكذا , فستعلقين هنا مدة أسبوع ... من الأفضل التحدث إلى الرئيس حول توظيفك هنا .... بإمكانه دائما استخدام عامل جيد .
ضحك ....
فتبسمت ايريس قصرا , فقد المح جارد إلى هذا في وقت مبكر , وتظاهرت أنها لم تسمع , ولأن هذا لن ينجح معها لمرة أخرى , نظرت إليه بارتياب .
- لا فرصة لي هنا لان جسمي لا يتحمل برودة هذا الطقس .
أجفلت في داخلها لهذه الكذبة ... فقد أمضت كل شتاء من حياتها في وايومنغ و تعمل في ظروف أكثر سوءا . لكن الكبرياء بداخلها لم تسمح لها باخباره , هو أو أي شخص آخر في مزرعة برتسوم , أن الرئيس رفض استخدامها , ولاسباب سيوافق الجميع عليها تماما لو عرفوا بها .
كانت ممتنة للقصة التي رواها كوبر لرجاله , فحسب ما يعرف أي واحد منهم , أن الباص فاتها في ردهاوس وكانت ستعلق في البلدة بسبب العاصفة لولا عرضه عليها الاقامة في المزرعة , ومع وجود اليانور مرافقة لها , أعطاها عدم كشفه الحقيقة , أكان بدافع اللطف أم لا , الفرصة لتكون مقبولة على أساس العمل والقدرة ... ولقد قبلت على أساس هذه المؤهلات من قبل , لكنها كانت ( رئيسة) فريق عملها . وكان من دواعي سلواها أن تعرف بان هناك من يقيم مهارتها.
ضحك جارد لها , وقال :
- استطيع القول أن هذه أعلى صيحة لثور سمعتها هذا الأسبوع ....أنت من عائلة مزارعة من مكان ما في وايومنغ إذن .... أن لم تكوني من وايومنغ , فأنت من مونتانا.
أنهت ايريس قهوتها , وأحست بارتباك دون أن تعرف ... ودون أن تنظر إليه , أقفلت
"ترموس " القهوة .
- لا يعني مجرد أنني تربيت في مزرعة في وايومنغ , أنني أحب الشتاء .
لكن الحقيقة أنها تحب الشتاء وايومنغ , جيدا كان أم سيئا , وقبل أن يقول جارد المزيد انفتح الباب الشرقي للسقيفة .... ونفخ الثلج والريح الباردة إلى الداخل مع ثلاثة رجال دخلوا .
نادى جارد بروح مرحة :
- بحق الله , حان الوقت ليريحنا احد هنا أيها الرئيس .
رحبت ايريس بانقطاع الحديث , وتقدم جارد ليقدم ايريس إلى الرجلين الآخرين المرافقين لكوبر ... كان رايكو أطولهما وتالبوت الأقصر هزت ايريس رأسها لكل منهما تحية ووقفت صامتة إلى أن انتهى جارد من كلامه .... أبقى جارد الرجلين , ثم تابع الحديث من حيث تركه لكنه اخذ يوجه التعليقات إلى كوبر .
- يبدو أن هذه العاصفة جاءتنا بالحظ , فقد كنت تنوي استخدام رجلين للعمل هنا ثم وصلت الآنسة ايريس فجأة , إنها ثابتة الجأش كما يجب , ومستساغة للعين أكثر من أي شخص عمل لديك .
احمر وجه ايريس لكلام جارد المتحمس , لكن الخوف تمسك بها , فمع كل كلمة , كان تعبير وجه كوبر يزداد تجهما ... بدت نظرته السوداء وكأنها تتهمها بتدبير أمر كسب ثقة جارد واستغلال نفوذ العجوز معه , كي تدفعه إلى إعادة التفكير بإعطائها فرصة العمل .
وقفت ايريس متصلبة تنتظر بقسوة أن يوقف كوبر جارد عند حده .... لكنها دهشت لان كوبر لم يفعل ذلك , بل اسرت نظرته الخشنة نظرتها , وهز جارد رأسه الأبيض ثم ضحك ليقول :
- اعتقد أنني تدخلت فيما لا يعنيني.
التفت كوبر إليه , فتابع :
- اعرف ..... اعرف ... لو أنني اخذ دولارا لكل مرة أتدخل فيما لا يعنيني , لا متلكت نصف المقاطعة .

Rehana 28-05-16 07:42 AM

رد: 186 - انتظري
 
قال كوبر بصوت منخفض :
-لقد انتهى العمل الليلة .
فهمت ايريس الإشارة .... والتقطت "ترموس " القهوة , ثم خرجت إلى الممر بين الحظائر , وسار كوبر أمامها إلى الباب بينما كانت تزرر سترتها بسرعة ... ثم ارتدت قفازيها بينما كان كوبر يفتح الباب ويتركها تخرج قبله .
لسع الثلج المدفوع بفعل الريح وجهها ... واخذ البرد المرير يقطع دون رحمة الطريق إلى داخل سترة الجينز الخفيفة . شدت طرف قبعتها لتحمي عينيها , وشقت طريقها في الثلج نحو مخازن الغلال الكبيرة , ثم إلى المنزل .
تحولت العاصفة إلى أسوأ مما كان مقدرا لها .... وبينما كانت ايريس تدير وجهها عن الريح بما يكفي لتفتح عينيها , وصلت العاصفة إلى درجة التجلد ...لقد وضع حبل على طول الممر تحسبا من ضياع السائرين عن الاتجاه الصحيح .
أحست ايريس بيد كوبر تمسك مرفقها ما طمانها وهما يخوضان في الثلج المتراكم وتحولت الدهشة التي أحست بها بسرعة إلى عرفان بالجميل .... فجسده القريب منها اخذ يشكل مانعا للريح ... قاومت الإحساس بأنها في كنفه وهو يسير إلى جانبها , وساعدتها قوته في السير فوق الثلج ...عندما أحس بها ترتجف , ترك مرفقها ولف ذراعه حولها وراح يشدها بقوة إلى جانبه , بحيث اضطرت إلى وضع ذراعها حول خصره .
اخذ ينتشر فيها إحساس غريب وهما يحضنان بعضهما بعضا ليقاوما قوى الريح.. مع كل هبة قوية , بدا وكأنه يميل أكثر نحوها ليحميها ولم تستطع هي سوى أن تتمسك به أكثر .
غشى ارتياحها للوصول إلى حمى المنزل , الخسارة التي أحست بها حين فتح باب الشرفة المسقوفة وتركها فورا.
قال وهو يدفعها إلى الداخل :
- من الأفضل أن توفري هذه السترة اللعينة للصيف... إذا بقيت غدا هنا , فستستخدمين السترة الواقية من الريح التي أمرت اليانور بالبحث لك عنها ... وإلا فلسوف ..
راح ينظر إليها بصمت , ثم استدار لينفض الثلج عن حذائه عالي الساقين , وراح ينزع عنه الثياب الخارجية .
فعلت ايريس مثله , حاولت أن تلاحظ الحركات المتوترة التي دلت على غضبة . ولو أن السترة لم تكن هي السبب ..بل واقع أنها عالقة هنا بسبب الثلج ولوقت لا يعرف مداه.... وان المزرعة ستصبح مقطوعة فعلا لأيام أو حتى لأسبوع بسبب العاصفة. وضمنت أن كوبر لن يعجبه فشل خطته بالخلاص منها.
من ناحية أخرى , لم يبدو لها رجلا يستسلم للغضب حين لا تجري الأمور كما يريد , فهو علي الارجح رجل , يواجه المشكلة مرات ومرات إلى أن يتغلب عليها أو يكمل طريقه دون التفكير بها . اهدتها الفكرة بسمة خفيفة على شفتيها ..والدها كان هكذا . ولقد أصبح هذا تقليدا عائليا خدمها جيدا في ادارتها للمزرعة حتى يوم اعتقالها.
التفت كوبر إليها في الوقت الملائم ليرى شبح الألم يمر علي وجهها .... فادارت رأسها على الفور تبحث عن الفرشاة لنزع ما علق من ثلج على بنطالها.
شيء ما في كوبر بدا أكثر لينا وهي تفعل ذلك , فمع كل جهدها لاظهار واجهة رزينة
كان هناك الكثير من الضعف تحت تلك الواجهة .. إنها تؤثر عليه , تشق طرقا داخلية إلى أماكن لا يريدها أن تصلها .
الأمر السيء انه أحس بانجذاب نحوها منذ وقعت عيناه عليها ...بعدما راقبها تجفف شعرها قرب النار ليلة أمس ,وعرف أنها نامت في الجهة المقابلة له من الممر وأنها كانت قريبة منه طوال النهار , جعل منه هذا نزقا , كان شعرها الطويل المجعد هو كل ما يستطيع التفكير به متراقصا على نور النار , وكيف أن ثياب عملها كانت تتناسب تماما مع شكلها الأنثوي .
خلال السير معا إلى المنزل , اقنع نفسه أنه إنما يظهر الشهامة في جذبها إلى جانبه ليحميها من الريح المريرة , لكن ما أحس بنعومتها الأنثوية حتى أدرك غلطته ... فقد قفزت الرغبة فيه وكأنها الحمى , وسر فجأة لان سترتها لم تكن سميكة بما يكفي لتدفئتها .

Rehana 28-05-16 07:43 AM

رد: 186 - انتظري
 
لقد فكر بشيء ليس من صالحه وها هو الآن يدرك النتيجة السيئة ...إذا لم تنته العاصفة قريبا , فان الأحاسيس التي حركتها فيه قد تقوده إلى متاعب حقيقية .
اجل ....متاعب ...ابتسم وهو ينظر إليها تزيل الثلج عن بنطالها وحذائها السميك .
- من الأفضل أن تدعيني افعل ذلك .
اخذ الفرشاة منها وأشار إليها لتستدير...كانت قد أفلحت في تنظيف البنطال من الأمام , لكن المؤخرة دائما عصية , إضافة إلى ذلك , كان كلما استطاع أن يدخل بها إلى المنزل كلما استطاع أن يكسر بسرعة أكبر هذا التجاذب العاطفي الذي يحس به نحوها.
وقفت ايريس تنتظره لينفض الثلج من بنطالها ....كان سريعا , وحين انتهى , عرضت رد الخدمة ...فقال متجهما :
- لا بأس بنسبة لي ...من الأفضل أن تنظفي نفسك , فالعشاء في السادسة .
حكت لهجته الخشنة أعصابها , الأمر الذي أثارها ... إنها متعبة وتشعر بتشابك حقيقي للمشاعر , مع مسيرتهما معا إلى المنزل ...إنها في الواقع لم تفعل شيئا على الإطلاق لتثيره ...لقد بدأت تتساءل عما إذا كان يوزع مزاجه السيئ على الجميع مثلما لاحظت أكثر من مرة خلال النهار , أم انه يوفر معظم هذا المزاج لها فقط ... وهذا ما لن تتحمله .
قالت وهي تنتزع منه الفرشاة وتهاجم الثلج على بنطاله الجينز :
- اسمع برتسوم ... أنا متوترة من اضطراري للبقاء هنا مثلك تماما, وأنا مدينة لك ببعض العمل في المقابل , لأجل الطعام والمكان الدافئ بعيدا عن العاصفة لكنني لا اعتقد أن هذا يشمل إرهابي بعبوسك والصراخ في وجهي في كل مرة أغاظك شيء ما .... فإن كنت قد أخطأت في شيء , فقل لي .
واتمت دورة التنظيف حوله بسرعة وشراسة , ثم قالت :
- لكن إذا كنت مواطنا شريفا أكثر من اللازم ولا تتحمل خارجة عن القانون مفرج عنها حديثا , اعتقد انك مضطر أن تنتظر .
أعادت له الفرشاة , دون أن يفوتها الذهول البادي على وجهه ... وقبل أن يستعيد وعيه, استدارت ودخلت بسرعة عبر المطبخ .


نهاية الفصل

bluemay 28-05-16 12:00 PM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

البرودة المتبادلة بين ايريس وكوبر فاقت بشدتها العاصفة الثلجية الهوجاء التي احاطت بأجواء المزرعة..
ولو انها برودة تلسع بحرارة عالية ويا لهذا االنقيض العجيب..

فهو يتسامى فوق مشاعره وما يحس به تجاهها
وهي يتآكلها الضيق والشعور المقيت بأنها موجودة ضد إرادته وانه غير مرحب بها..

جارد قال كلمته بأنها عاملة مجدة والمزرعة بحاجتها ولك يكن يعلم بأنه يضايق رئيسه بذلك.

أجواء ثلجية لذيذة في خضم هذا الصيف الحار ..

متشوقة للقادم كثيرا
تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 29-05-16 08:11 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعليكم السلام والرحمة

هناك مشاعر متضاربة بين ايريس وكوبر ولكن تشعرك بالتشويق لمعرفة نهاية هذه المشاعر
دائما لك تعبيرات جميل في تعليقاتك ماياتي .. ماننحرم منها ومن حضورك الرائع

Rehana 29-05-16 08:20 AM

رد: 186 - انتظري
 
4- الشيطان الأسود

كانت إيريس قد تعاملت مع رعاة بقر قساة من قبل وكان منهم من لم يكن يرغب فى تلقى الاوامر من أنثى لكن المرة الاولى التى تواجه فيها رجلا لم يكن ملتزماً بالعمل لديها.... لم تكن يوماً عاملة مزرعة ولم تعمل تحت إمرة أي رب عمل بإستثناء والدها … ولقد تربت مثلما تربى كوبر بريستون لكنه لايعرف ذلك.
أطلقت العنان لابتسامة صغيرة مرحاً لقد اتصلت بالمحامي ذلك النهار آملة ان يتوسط لها مع كوبر لكنها علمت انه قد غادر المدينة ولا يمكنها الاتصال به قبل نهاية الشهر … لعل ذلك افضل … حتى لو تمكن أليك من إقناع كوبر بالامر الذى أقلقها.
ربما لو استمرت العاصفة وواظبت على العمل مع رجال كوبر يمكنها عندئذ ان تجد عملاً فى مكان ما … فهى ليست عامل المزرعة الوحيد الذى يملك سجلاً إجرامياً.
التقتطت كنزتها الزرقاء ذات الياقة المثلثة وارتدتها فوق بلوزتها قبل أن تتجه إلى المطبخ لتتناول طعام العشاء. جلست على الطاولة, أدهشتها إليانور لاستقلالها بصينية ومشاهدتها التلفزيون بينما كانت تتناول طعامها وبدا جليا على وجه كوبر انه كان يعتمد على اليانور لتحويل اهتمام ستفاني عن إيريس ..ولم تشعر بلارتياح وهي تتناول طعامها بينما راحت الطفلة تقطع الصمت بانتظام .
- دادي.. متى استطيع الذهاب لرؤية العجول الجديدة؟
نظر كوبر إلى ابنته متصلباً:
- يبدو أنك سألتني هذا ثلاث مرات غلى الاقل هذه الليلة.
قالت ستفاني وهى تمضغ الطعام:
- بل أربع مرات دادي.
- حسن جداً , أربعة وليس من الادب الكلام وفمك مليء بالطعام؟
ابتلعت ستيفاني ما في فمها بسرعة:
- لكن العجول كلها ستولد .. وبسبب هذه العاصفة اللعينة سيفوتني رؤية كل شيء!
- راقبي لسانك أيتها السيدة الصغيرة.
- اللعينة ليست شتيمة أبي.
- إنها ترمز إلى شيء لا يجب أن يقال, معلمة مدرسة الاحد كلمتك عن ذلك منذ فترة قصيرة.
احمرت وجنتا ستيفاني ونظرت بسرعة إلى إيريس وكأنما لتعرف ردة فعلها على هذه المعلومات ..وبقيت إيريس حذرة في إبقاء تعابير وجهها محايدة وتابعت تناول طعامها.
هبت الصغيرة تدافع عن نفسها :
- إنها ليست سيئة مقارنة مع الكلمات التي تقولها انت يا أبي.
وساد الصمت في الغرفة.
سحبت إيريس المنديل من حجرها, واستخدمته لاخفاء صوت يشبة القهقهة أكثر من شبهه بالسعال. كانت تصغى للحديث المتبادل بين الاب وابنته وتلاحظ هدوء كوبر بالرغم من تصميم الطفلة على إخضاعه فى موضوع العجول.
نظر كوبر إلى إيريس محذراً وقال بعناد:
- هناك فرق كبير بين كلمات الشتم المعتادة وبين ذكر لعنات الله أيتها السيدة الصغيرة .

Rehana 29-05-16 08:21 AM

رد: 186 - انتظري
 
- لكن السيدة كورلي تقول إن النوعين هما من الاثم .. واعرف هذا لاننى اخبرتها بكل ما تقوله انت من شتائم.
واضح ان كوبر لم يعد يجد كلمات المناسبة, أكانت لعنات أم غيرها في هذه اللحظات العصيبة وبدا غاضباً ولم يكن هناك شك بشأن الاحمرار الذى اخذ يزحف إلى وجهه
.. لكنه كان كذلك عاجزا امام منطق وتصرف ابنته ذات السنوات الست.. ولم تكن إيريس لتتصور أبدا ان امثال كوبر برتسوم يمكن أن يبدو عاجزين هكذا امام طفلة صغيرة
...كان لهذا تأثير كبير فى انطباعها المسبق عنه.
ردت ستفياني على نظرة أبيها بالمثل عيناها الكبيرتين البنيتان تحملان مزيجا من البراءة والتحدي.
أخيراً قال كوبر:
- حين تنهين طعامك أعتقد أنه بإمكانك ترك الحلوى, والذهاب إلى النوم.
بدا الرعب على وجه ستيفاني:
- لكننا سنأكل حلوى بالشوكو?!
- أنا وإيريس سنأكلها .. يمكنك الحصول على قطعة مما سيبقى غداً إذا فكرت ملياً بنوعية الكلمات التى يجب على فتاة في سنك الابتعاد عنها.
دفعت ستيفاني بطبقها الفارغ بعيدا ,ونظرت بشوق إلى قالب حلوى الشوكولا ,أطلقت تنهيدة مصطنعة, أرجعت كرسيها عن الطاولة متحاشية النظر على ابيها وسارت نحو الردهة في الخارج ثم نحو غرفتها, وراحت تجرجرقدميها في ترنح طفولي.
قال آمراً إيريس :
- لا اريد سماع كلمة منك.
وضرب حبة لوبياء بشوكته ودسها في فمه.
حاولت إيريس الحفاظ على وجه رزين... لكن منظر الغضب على وجه كوبر هزمها .فبدأ فمها يرتجف.
أخيراً قال مدمدماً:
- حسناً.. يا للجحيم .. هيا اضحكي.
وتوقفت عن محاولة كبت ضحكها.
قال وهو يرمي شوكته:
- عمل الابوة هذا يزداد صعوبة كل يوم.
ثم تراجع في كرسيه واخذ ينظر إليها بثبات.
تغير الجو في الغرفة في ثانية فلانت نظرته القاسية.. عيناه السوداوان لمعتا سلوانا.. فارتسمت ضحكة صغيرة على وجهه واستسلم للمرح وراح يضحك.
ذاب حاجز كان بينهما .. بالنسبة لايريس رأت أنه من المناسب أن تضحك, أن تخرج من تحت العواطف الضاغطة الناتجة عن الماضي, إلى إحساس مشمس مشرق.
تلاشى ضحك إيريس أولا, لكنه ترك ابتسامة جعلت عينيها الزرقاوين تلمعان. لاحت في عينيه السوداوين إمارات الحدة وراح يتأملها بنظرة طويلة وقلقة.
بعد لحظات انقلب قلقه إلى فقدان للثقة.. كأنه تذكر فجأة من هي ولماذا لا يريدها في منزله, عندئذ مات إحساس إيريس المشرق بسرعة.
وضعت منديلها الى جانب صحنها دفعت كرسيها الى الوراء ووقفت استعدادا للمغادرة:
- هل تريد مني ان اساعدك فى تنظيف الطاولة؟ اعتقد انني ستاخلى عن الحلوى.
حدق طويلاً في عينيها قبل أن يجيبها :
- سأهتم بتنظيفها..اذهبي انت.
اتجهت إلى غرفتها, بدأ العمل الشاق طيلة النهار يؤثر عليها وهي تتحضرللنوم وترفع الاغطية. .عدلت إنذار الساعة لتستيقظ في الخامسة صباحاً ثم اندست بين الأغطية.

Rehana 29-05-16 08:22 AM

رد: 186 - انتظري
 
إثر الهدوء الذي خيم بعد إطفاء النور ,استولت عليها ذكرى الاحساس الغريب الذي أحست به حين سارت مع كوبر عبر العاصفة إلى المنزل. لقد احست بالامان وهي ملتصقة بشدة إلى جانبه, لكن ما كان يقلقها لم يكن هذا الإحساس بالامان.
لم يكن لديها يوماً أي رد فعل قوي كهذا أمام لمسة رجل لها..لقد تربت بين الرجال, وتعلقت بواحد أو اثنين منهم. لكن لا شيء من كل ذلك كان ليعينها إزاء انجذابها نحو كوبر .
أقنعت نفسها أنه من الطبيعي أن تشعر نحوه بما شعرت .. إنه وبأكثر من طريقة, صونها. كونها من أصوله العائلية إلى شخصيته القاسية, مع العلم أنها لا ترهب بسهولة الرجال القساة, العنيدين ,لان والدها كان هكذا.. مثله مثل والدها, أظهر كوبر جانباً رقيقاً مع ابنته, ونوعاً فاتناً من الصبر المحيط.. وفي الوقت عينه اصطدم بالعجز عند تعقيد العملية ..مهما كان كوبر صارماً معها ,فهي كانت تعرف أنها لن تراه مرة أخرى في المزاج ذاته بعد مراقبته مع ابنته.
أجل.. من الطبيعى أن تكون ردة فعلها قوية بالنسبة له .. لكن كوبر الرجل القاسى البدائي, لم يكن آخر من هم نوعه .. فهناك رجال آخرون مثله في العالم .. وبالتأكيد سيكون لها ردة الفعل عينها .
ارتاحت إيريس بعدما اهتدت إلى حل نظري لمشكلتها ثم استسلمت للنوم برغم انهمار الثلج. برغم انهمار الثلج بخفة في الصباح, إلا انه لم يكن هناك تغيير ملموس في الرياح القاسية واكداس الثلج المتراكمة .. اما الحرارة فقد قاربت الصفر ..هكذا لم تتردد إيريس في إقفال سحاب السترة الواقية من الريح التي وجدتها لها اليانور فوق سترة الجينز, قبل ان تخرج مع كوبر إلى الحظائر .
- هل تمانعين في بعض واجبات الاسطبلات؟
لم يبد عليه الارتياح لطلبه, توقفا في الاسطبل الكبير حيث الجياد التي لا تعتمد على الرعي الشتوي.. ارتجفت شفتا إيريس وفكرت : كوني حذرة فيما تتمنين ! تذكرت انها قالت لنفسها أنها لن تمانع في تنظيف اسطبلات ثلاث مرات في اليوم طالما تتمكن من القيام باعمال المزرعة.
اجابت وهي تفتح سحاب سترتها الواقية:
- لن أمانع أبداً
ما إن أرشدها كوبر إلى مكان كل شيء وتركها في الاسطبل حتى بدأت العمل. قادت كل جواد من حظيرته وربطته إلى الممر بين الحظائر لتنظيف حوافره بشكل جيد..وسرها أن تجد أنها لا تزال تتقن عملها .. اكملت ما بدات به بطريقة رتيبة ثابتة تفحصت كل جواد ونظفت حظيرته ووضعت قشاً نظيفاً فيها قبل إعادة الحيونات إليها واعطاءه العلف.
قامت بعدة رحلات قصيرة إلى الخارج لرمي محتويات عربة اليد قبل ان تسرع عائدة إلى الداخل .. سمعوا نشرات الاخبار في الراديو ان الطقس لن يتحسن خلال الساعات القليلة القادمة.
احست إيريس بالارتياح وهي تعمل .. لقد أمنت لها العاصفة, برغم من صعوبتها على الرجال والماشية معاً مكاناً تقيم فيه ولو لوقت قصير.
الامرالذي خفف عنها ضغط التفكير في مصيرها. كانت قد انهت العمل في الحظائر وأفرغت العربة ووضعتها مكانها عندما انفتح الاب ودخل جارد .
أمر الرئيس بوضع القش في الحظيرة القائمة في الزواية وتحضير بعض العلف فيها .. سننقل احد الجياد الذكور إلى هناك ما ان نمسك به.
تراجع الرجل ليخرج ثم تردد:
- بالمناسبة ..الشيطان الاسود الذي سننقلة إلى هنا سيء الطباع سريع الغضب فانتبهي لنفسك.
ثم خرج واغلق الباب خلفه.
نشرت إيريس القش النظيف في الحظيرة الكبيرة القائمة في الزاوية بسرعة, ووضعت بعض الشعير .وما ان انتهت حتى أسرعت إلى الباب تفتحه قليلاً, فبدا لها كوبر وجارد يقودان الجواد الاسود بينهما.

Rehana 29-05-16 08:23 AM

رد: 186 - انتظري
 
لكن الجواد لم يكن ينقاد جيداً .. وبرغم من الحبلين المتينين الملتفين حول عنقه, كان يتراجع ويرمي نفسه يمنة ويسرة أثناء سيره.. وما يكاد الرجلين يسيطران عليه, حتى يقفز إلى الامام إلى ان بشتد ضغط الحبلين عليه بشكل مؤلم فيحاول القفز عندها على قوائمه الخلفية.
خرجت إيريس لتفتح الباب على مصرعيه, كانت هبات الريح قاسية جداً اضطرت معها إلى إغماض عينيها لاتقاء الثلج الذى يملأ الهواء ويجعل الرؤية صعبة. كان الجواد في هذا الوقت مستمراً بمقاومة كوبر وجارد في جهدهما لقيادته نحو الاسطبل.
حين استسلم الحيوان اخيراً وانجلى الجو المثلج, نظرت إيريس إليه عن قرب هزت كيانها الذكرى لدى تخطى الجواد عتبة الاسطبل بينما انهمر الثلج في اعقابه بغزارة.
صاحت:بلاكى!
لكن اسم الجواد الكبير ضاع في هدير العاصفة الامر الذى صدمها, فتركت الريح تدفعها والباب معاً إلى الداخل .اخذت يداها ترتجفان أثناء وضعها الرتاج في مكانه إذا انها لم تستطيع ان تشيح ببصرها عن الجواد الذى عاود مقاومة الحبال .
أحست بدوار إذا أدركت ان هذا جوادها لقد ساعدت في ولادته ربته ودربته بنفسها كان لها خطط كثيرة له ثم ما لبثت هذه الخطط ان انهارت مع اضطرارها إلى بيع كل شيء..أما الآن فقد هزتها رؤيته .
بينما كان الجواد يقاوم الدخول إلى الحظيرة صاح جارد قائلاً:
- ايها الناري اللعين.
لم يقل كوبر شيئاً لكن وجهه كان يدل على إصرار صلب .
سيطر عصيان بلاكي على إيريس فبدت مصدومة .. إنه غاضب ويبدو متوحشاً ما جعلها تجد صعوبة في تصديق كون ذلك الحيوان الذكي, طيب السلوك هو نفسه الذى ربته .
خطر ببالها ان تعرض تولى امره. لكن بلاكي كان خارجاً عن السيطرة.
الآن وهي تشك فى ان تتمكن من تهدئته, حتى ولو تعرف إليها.
خفق قلبها ألماً, حدث له شيء ما ليجعله يتصرف هكذا.. وما إن تركت الباب وتقدمت نحوه, حتى رأت الدليل القاطع عما حدث .
لقد رأت ما أرعبها, فجلده اللامع يحمل علامات ضرب قاسية, ولو أنها خفتت مع الزمن واختفت تحت شعرة الشتوي, لكن كان هناك ندوب جروح بارزة من الكتفين حتى المؤخرة
.. حين هدأ اخيراً بما يكفي ليلاحظ وجودها, أدار رأسة الفخور نحوها لترى ندبتي جرحين فوق انفه الطري, ولو أنهما شفيا جيدا بحيث لا يظهران كثيراً ,إلا أنهما كانا جليين بالنسبة لها ولعينها الخبيرة, وكأنهما لا يزالان حديثين .
انفجر في داخلها غضب لم تعرف مثله من قبل. إذا كان كوبر برتسوم أو أى رجل يعمل لحسابه مسؤول عن هذا فستجلده بالسوط بنفسها.
اخذت نفساً عميقاً محاولة تهدئة نفسها. لا كوبر ولا جارد يمكن ان يفعل شيئاً غير سوي معه, حكماً بالطريقة التي يتعاملان بها معه..
اقتربت إيريس من الجواد.. فأدار رأسه مجدداً نحوها ..ثم جمد فجأة ,كان يقف كالتمثال لولا رجفات ثائرة خرجت من فتحات أنفه, ثم شد أذنيه إلى الامام, واخرج همهمة تساؤل
..صهل وتراجع ليرتفع بضع إنشات عن الارض وكأنه يحاول اختبار قوة الحبال ..ثم نزل,
واخذ يتراقص مشاكساً ..لكنه لم يتحرك نحوها, ولم يعط أي دليل آخر على معرفته لها.
شد كوبر الحبل .. وتحدث إلى الجواد بهدوء .. فدخل الحظيرة بشكل لم يتوقعه احد.
خفت حدة توترها إثر دخول بلاكي .. ونزع كوبر الحبل عنه قبل ان يقفل باب الحظيرة جيداً ,قفز الجواد على الفور في الهواء يصهل ليسجل اعتراضة على سجنه, وتعالى صوت حوافره بحدة على الخشب .
قال جارد معلقاً :
- لا اعتقد ات هذا العنيد سيسمح بالتعامل معه دون مقاومة, واعتقد ان أفضل ما نرجوه منه نسل جميل وسيم وفرصة من عدم الاستمرار.

Rehana 29-05-16 08:24 AM

رد: 186 - انتظري
 

قالت إيريس دون أن تتمكن من إخفاء رجفه الغضب من صوتها:
- سيكون نسله من افضل الجياد في المقاطعة. وانت تعرف مثلي تماما ان هذا النوع من المشاكسة لا يأتى إلا من جراء الضرب.
نظر كوبر إليها. كانت عيناه السوداوين تمران فوقها بسرعة قبل ان تلتقيان بالنار الزرقاء في عينيها .. ثم رفعت رأسها قائلة:
- بعد معاينتي للطريقة الجيدة التي تعتني فيها بجيادك الاخرى .. لا أعتقد أنك تسمح لاي كان ان يسيء معاملة أي حيوان مثل هذه الاساءة, إلا إذا كنت انت صاحب السوط القاسي.
تدلى الاتهام في الهواء ثقيلا كالرصاص بينهما..وقست أسارير كوبر ,وزاد التوتر في عينيه بشكل خطير.
- أي رجل يعمل لدي ويفعل هذا بحيوان سيناله مثل ما نال منه.. مضاعفاً.
وكأن جارد لم يكن واثقاً من أن الرد سوف يخمد نار التوتر بينهما ,فتدخل:
- ذهبنا انا والرئيس في الخريف المنصرم ووجدناه .. كان ممزقاً وشرساً.. لكن كوبر أحب سلالة دمه وقرر أن يخاطر بشرائه.
هدأت كلمات جارد بعضاً من حدة غضب إيريس, وراحت تنظر بعطف إلى الجواد الكبير الهادئ الآن ,ولو بشيء من التوتر. سوف يغضب كوبر كثيراً لو عرف صلتها بالجواد. كان ارتيابه بها قويا بما يكفى بسبب إدانتها له.. إذا لم يتذكر ان اوراق الجواد تثبت ان اسم مالكة الاساسى أ .يربيون.. ولم يعرف أنها هي, فلن تعرض عليه هذه المعلومات .. إذ أن ملكيتها السابقة للجواد إضافة إلى ما يعتقده عنها, قد يدفعه إلى منعها من دخول الاسطبل والوصول إلى بلاكي.
وإذا كان هناك شيء واحد ترغب فيه قبل مغادرة مزرعة برتسوم, فهو الوصول إلى الجواد.
قال كوبر وعيناه تحرقان عينيها:
- هل هذا كاف بالنسبة لك؟
احمرت وجنتاها غضباً وردت متصلبة:
- أجل.. إنه كاف.
-إذن , إذا كنت قد انهيت عملك هنا, فمن الفضل ان تعودي إلى المنزل.
كان هناك ساعتان على الأقل قبل ان تقدم اليانور الطعام, وعرفت إيريس من توتر كوبر أن إرسالها المبكر هكذا إلى المنزل سيتركها على مقربة من ابنته. التوت شفتاها بمرارة, وبقيت حيث هي تنتظر ان يسلمها عملاً ما, يؤخر عودتها.
وكما اصبح من عادة جارد, فقد تدخل:
- يمكنني المساعدة في إصلاح المربط المكسور في سقيفة الجياد الأخرى .
نظر كوبر إلى إيريس مرة اخرى, ثم استدار ليلف الحبال قائلاً بتوتر :
- هذا عائد لايريس.
ابتسمت إيريس لجارد:
- تبدو طريقة جيدة لتمضية الوقت.
إن جارد لطيف معها .. وهي لم تعد تطمح بإيجاد عمل في مكان ما فقط, بل ربما تستطيع معرفة أخبار الجواد بلاكي.
بدا السرور واضحاً على جارد:
- عظيم.. سنقصد سقيفة المعدات لنأخذ ما يلزمنا. واعتقد أننا سنصلح القسم الأكبر قبل الظهر.
اتجه جارد إلى الباب, وكأنه متشوق إلى بدء العمل... وراحت إيريس تنظر بتردد نحو الجواد الاسود الواقف بهدوء. عيناه السوداوان الكبيرتان مسمرتين عليها وفتحات أنفه متسعتين وكأنه يحاول التقاط رائحتها, لكن الحذر منعها من المكوث طويلاً.. لذا اسرعت وراء جارد, وراحت تعدل ملابسها لتقاوم البرد القارص وهي تخرج.


نهاية الفصل

bluemay 29-05-16 11:32 AM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

شعور مؤلم من بعد ان تكون في الصدارة أن تدوسك اﻷقدام.
ولكن ايريس ارتضت بذلك في سبيل أن تشق طريقها وتثبت ارجلها لتستطيع النهوض من جديد.

حضور بلاكي او الشيطان اﻷسود اظهر وجها لم يره كوبر من قبل
بطريقة ما اشعر بأنه قد تأثر بإنفعالها ولا اظنه سيغفل عن تصرفاتها مع بلاكي او تعامل بلاكي معها.

جلسة العشاء كان ممتعة ومناقشات تلك الشقية الصغيرة و والدها اعطت ايريس شعور بالدفئ
وجعلت من كوبر انسانا اكثر من كونه وحشا بنظرها..

فصل ممتع متشوقة لمعرفة اﻵتي

تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 30-05-16 07:39 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعليكم السلام والرحمة
من المواقف المؤثرة في الرواية في نظري هي قصة حياة هذا الحيوان الاصيل وكيف تم معاملته بقسوة بعد بيعه
وبالفعل جلسة العشا والحديث اللي دار بين كوبرا وابنته رائعة واحببت عبارة سيدتي الصغيرة التي يطلقها على ابنته
دائما مرحب بك عزيزتي

Rehana 30-05-16 07:42 AM

رد: 186 - انتظري
 
5 - المعركة الاولى

خرجت ايريس الي الشرفة المسقوفة عبر الباب الخلفي واغلقته بهدوء...
انتهزت فرصه غياب كوبر عن النظر ,وقررت التسلل خارج المنزل. كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة والريح العاصفة مستمرة.. شدت اطراف قبعتها علي رأسها, وسوت شالها لحماية وجهها أكثر ,ثم سارت في الممر من المنزل الى الاسطبل .. تنبؤات الطقس قالت ان الثلج لن يسقط مجددا وإن الريح ستنشط مع ظهر اليوم التالي.. إقامتها في مزرعة برتسوم تشارف على النهاية, وهي تعي ان هذه قد تكون فرصتها الوحيدة لرؤية بلاكي وحدهما.
كانت وجارد قد اصلحا المربط المكسور في حظيرة بلاكي القديمة, إضافة الى البوابة الفاصلة بين حظيرته وحظيرة (هوبر) الفحل الآخر في المزرعة.
حسب رواية جارد حطم بلاكي مربطه وحطم البوابة ثم دخل حظيرة الفحل الاكبر سنا في الجهة الاخرى من الاسطبل حيث بدأ الفحلان في القتال. كان بأمكان (هوبر) ان يبقى بعيدا سالما في حظيرته الواسعة لكن تحدي الحيوان الأصغر له, جره الى متناول اسنان بلاكي الحادة.. اعتنت ايريس وجارد بالعلامتين علي عنق (هوبر)لكن الجرح لم يكن خطرا..
لم تحصل ايريس علة اية معلومات عن وظائف شاغرة من جارد. لكنها اضطرت الى المحافظة على الكذبة التي نسجتها حول رغبتها في إيجاد عمل اقرب الى الجنوب.. وتفادت طرح سؤال مباشر على جارد كان من شأنه ان يفضحها.
لكنها عرفت شيئا عن بلاكي.. فما قاله عن الجواد والصعوبات التي تسبب بها لكوبر كانت تكفي لان تجعلها تعطف عليه.
منذ ستة اشهر أي منذ احضار بلاكي عانى كوبر من عدة اصابات منه تراوحت بين العض المؤذي الذي تطلب ثلاثين غرزة الى ضربات تسببت بارتجاع فمه بعد ان رماه الجواد الى جانب الزريبة.. قص جارد عليها محاولات كوبر لركوب الجواد لأول مرة وكانت أكثر بقليل من رواية حربية.
لكن الجواد رضخ اخيرا الى كوبر فامتطاه الاخير .. لكنه بقي شرسا لا يمكن التنبؤ بمزاجه.. من رأي جارد ان يستخدم فقط للتوالد وهو رأي بدا كوبر يوافق عليه برغم حبه للجواد.
احست ايريس بانكسار قلبي, حتي أنها كانت لا تعي ملاحظة جارد حول لصوص الماشية الذين كانوا ينهبون مواشي المزرعة في السنة المنصرمة. استهدف اولى السرقات الماشية في المزراع الصغيرة في المنطقة.. كان العدد الصغير يدل على عملية صغيرة.. ثم كبرت وبدأت السرقة المنظمة ومما قاله جارد ان الجميع يؤمن ان هناك مجموعتين من اللصوص تعملان بطريقتين مختلفتين.
كانت السرقات في مقاطعة ايريس هكذا لكن مع مجموعة واحدة يقودها بلاك. هل من الممكن ان يكون هو وراء هذه السرقات؟ لقد اختفى بلاك منذ ليلة اعتقالها لكن ماذا لو انه اتجه بعد ارسالها الى السجن ليعيش في هذا الجزء من وايومنغ ويبدأ نشاطه من حيث اوقفه؟ لم تتمكن من تهدئة ضربات قلبها المتسارعة إلا بعد ان اقنعت نفسها انه لا يهم اذا كانت محظوظة بما يكفي لينتهي بها الامر في مقاطعة واحدة معه. فقد رفض كوبر استخدامها واشار ان ما من صاحب مزرعة مستعد لفعل ذلك هنا, وعلى الارجح سوف تغادر المكان في الصباح الباكر..

Rehana 30-05-16 07:44 AM

رد: 186 - انتظري
 
وصلت ايريس باب الاسطبل. كان قلبها مثقلا وهي تدخله, لا سبب يدعوها للاعتقاد ان الجواد سوف يتصرف بشكل افضل معها.. ربما تلقى معاملة سيئة جدا.
كان هناك بضع مصابيح تنير الممر بين الحظائر .فتح احد كلاب المزرعة المستلقي قرب الباب عينه يراقبها لكنه لم يتحرك لوجودها بل اكتفى بهز ذنبه. اقفلت الباب الكبير واكملت طريقها عبر الممر الى الاسطبل.
همهم احد الجياد بصوت منخفض لوجودها وهي تمر بقربه, فمدت يدها تداعب انفه. ثم سمعت بلاكي يطلق انينا طويلا منخفضا انتهى بصهيل متوتر عندما برزت امامه.
تراجع الجواد من جانب الممر شاخرا ثم توقف, واستدار عائدا ليكشر عن اسنانه بشكل شرير.. ثم هاجم باب الحظيرة, لكنه توقف لانه كاد يصطدم بالباب ..
وقفت ايريس دون حراك لحظات طويلة لتترك المجال للجواد كي يتكيف مع وجودها .. ثم انتزعت قبعتها بلطف وفكت الشال عن عنقها.. راقبها بلاكي بقلق وهي تنزع السترة الواقية وسترة الجينز من تحتها.. لم يكن هناك أي اثر للمعرفة في عينيه السوداوين. وتلاشت آمال ايريس لكنها بدأت تتكلم, ولو ان الانفعال الذي تجمع في حنجرتها كاد يخنق صوتها.
ادارت الجهة الناعمة من سترتها نحو الجواد بتهور ,وضغطتها على الباب المغطي بالاسلاك.. ارجع الجواد رأسه الى الوراء وكأنها ضربته لكنه لم يتراجع.
اخيرا وجدت السبيل الى صوتها لتقول هامسة :
- اتذكرني؟ هيا يا رفيقي الكبير .. ليست السنتان وقتا طويلا جدا.
مد الجواد انفه نحو السترة بشيء من العدوانية. ثم تراجع وعاد الى ذلك مرة اخرى وكأن الرائحة عنت له شيئا.
تابعت ايريس الامساك بالسترة بعد شدها الى الشريط تنتظر بصبر بينما راح الجواد يتفحصها وبدا ان الجواد الكبير قد هدأ قليلا, فانخفضت السترة ببطء بحيث لم يعد يفصل بينهما سوى النصف الاعلى من الباب.. ولم يتراجع الجواد, بل وقف يراقبها بحذر.
- يبدو انك مررت بأوقات صعبة ايها الفتى.
استدارت اذناه الي الامام كأنهما تلتقطان نبرة صوتها.. تشجعت وفتحت النصف الاعلى من الباب بينما كان الجواد يراقب كل حركة منها..
مدت ايريس يدها بحذر وراحت تتكلم بصوت لطيف الى الجواد الذي مد انفه الطويل نحوها. ورغم أنها لم تتحرك, إلا أنه ارجع رأسه الى الوراء بحدة وكأنها صفعته.. لم يكن من الصعب تخيل ان تكون معاملته السيئة قد اثرت على رأسه اكثر من مرة بما يكفي ليتوقع الضرب من اي شخص كان ..واسقمتها الفكرة.
قالت توبخه:
- هاي بلاكي انت تعرفني افضل من ذلك.
اطلق الجواد همهمة منخفضة ثم تقدم الى الامام ومد رأسه من فوق الباب الخشبي السفلي ليداعب اطراف كنزتها بشفتيه.. فاستدارت ايريس إبعاد اسنانه عن قضم الكنزة, ومررت يدها بلطف فوق انفه المخملي الملمس.
- واهوو.. مهلا على ثيابي.
ترك الكنزة وضربها برأسه في اول اظهار للعاطفة التي نسيها منذ امد بعيد كما خمنت, وتابعت ايريس الكلام معه وهي تداعب عنقه.. ولو ان هناك بعض التوتر في حركات الجواد الكبير فإنه بدا مرتاحا للمستها.
تغلبت العاطفة على سيطرتها على نفسها وتبللت عيناها بالدموع فدست ذراعيها حول عنق بلاكي واستندت اليه تهمس له:
- اوه .. يا الهي .. انا آسفة.
وكأنه اراد التعاطف معها فبدا يتشمم كنزتها فاستسلمت ايريس لحنين السنتين الماضيتين وما مر بها من ألم, حزينة لخسارتها أكثر مما سمحت لنفسها يوما.

Rehana 30-05-16 07:45 AM

رد: 186 - انتظري
 
تحرك بلاكي, لكنه لم يبتعد عنها فتركت عنقه ضاحكة إثر ارتفاع معنوياتها.
- انت لا تحب التأثر العاطفي كثيرا.. هه؟
هز رأسه وكأنه يوافق.
- ما رأيك بتمشيط جيد؟
اتجهت ايريس الى غرفة المعدات لتحضر الفرشاة والمشط, وعادت الى الحظيرة.. سمح لها بلاكي بوضع اللجام حول رأسه وربطه الى حلقه المربط ثم فتحت باب الحظيرة.
ترددت قليلا.. ومع انها كانت تنوي تمشيط الجواد داخل الحظيرة, إلا انها كانت تعرف ان ليس من الحكمة الوثوق به طويلا, إذ راودتها ذكرى ما كان عليه ذلك الصباح من توحش.. بلاكي يعرفها, وهذا واضح, كما هي واضحة المحبة التي اظهرها لها . لكن لن يلزم الكثير لإشعال فتيل الانفجار في جواد تعرض للتعذيب القاسي.
عندما دفعها بلاكي بلطف مستخدما رأسه.. ترنحت بذلك كل قراراتها, ثم دخلت الحظيرة. استولي عليها القلق.. وما إن اصبحت في الداخل حتى تملكها الخوف الذي لم تحس به إلا في يومها الاول هنا. انقبض صدرها وشعرت بالألم فجأة اخذ قلبها يخفق بسرعة كبيرة وتعرقت راحتا يديها, واصبحت انفاسها متسارعة.
وكأنما ادرك خوفها المفاجىء فتحول بلاكي الى احد الجوانب رافعا رأسه.. لم تعد ايريس تعي وجود الجواد ,واصبحت لاتنوي سوي الخلاص من خوفها الذي يزداد مع كل ثانية تمر .استسلمت للهرب.. فتراجعت الى الممر ,لكنها اهملت اقفال باب الحظيرة ..ولم تلاحظ وهي تستند بضعف الى الجدار ان الجواد خرج معها ووقف جانبها متوترا .. ثم دفعها بأنفه على كتفها ما جعلها تقفز مجفلة.
ارجع بلاكي رأسه الى الوراء وظهر بياض عينيه .. بدأ انشغال ايريس بذعرها يتراجع. لكن الانفعال جعلها تشد على الحبل الذي ربطت به رأس الجواد, الامر الذي ازداد من توتره.. فتراجع بضع انشات وارتفع عن الارض قليلا يشد الحبل فأخذت ايريس تهدئه:
-واهوو...اهدأ.
وارخت الحبل لتتجنب حث الجواد على المقاومة. انزل بلاكي قائمتيه الاماميتين الى الارض ووقف بحذر .. اقتربت منه ببطء , ارتجف الجواد, لكنه تركها تقترب .. مدت اليه يدها, راحتها الى فوق فأخذ ينفخ فيها.
قالت بنعومة وهي تتلمس عنقه:
- آسفة.. اظن ان كلا منا لم يكن سالما.
اعترفت بذلك بينما كان الخوف يمتلكها..كانت تظن , او املت , ان تكون المشكلة التي واجهتها يوم وصلت الى هنا امرا غابرا..ولقد فسرتها لنفسها وابعدتها عن تفكيرها كأن ما يخزيها ان يشق الذعر اليها بقوه من جديد. بدا الجواد وكأنه متعاطف معها عندما مد انفه مجددا ليجد يدها ويدسه في راحتها.
اعادته ايريس الى الممر الى جانب حظيرته وانحنت تلتقط السترة الواقية لتبعدها مع سترتها والقبعة والشال الى بالة تبن نظيفة.. وبعد ربط الحبل مجددا الى حلقة حديدية, اخذت الفرشاة وبدأت تنظف جلد بلاكي اللماع بحذر.
كان كوبر يقف في زاوية مظلمة من غرفة الادوات واسنانه مشدودة على سيكاره الرفيع الطويل غير المشتعل كان يتوقع مجيء ايريس الى هنا هذه الليلة, فسبقها منذ اكثر من ساعة .. منذ دخولها الاسطبل اول مرة, كان شاهدا على كل ما يحصل, بما فيه تصرفها الغريب الآن.
كان من الممكن ان يواجهها في وقت قبل هذا حول ما اكتشفه عن صلتها بالجواد لكنه كان يشك في ان تعطيه ردا مباشرا .. على اية حال, لم تعرض تقديم اية معلومات ذلك الصباح, حتى وهي تعرف ان تصرفها قد اثار شكوكه.

Rehana 30-05-16 07:45 AM

رد: 186 - انتظري
 
لفت اهتمام الجواد بها اهتمامه كذلك. كانت الطريقة التي سمح فيها بلاكي ان يقاد الى الحظيرة شيئا لا يستطيع التغاضي عنه, ولو ان جارد لم ينتبه له ..تبع هذا ذكرى معتمة داعبت مؤخرة تفكيره إلى ان عاد الى المنزل وفتش في اوراق الجواد, وما قرأه فيها كان اسم أ . برايبون المالك الاصلي لبلاكي واصبح متأكدا انها على علاقة بالموضوع بطريقة او بأخرى.
كانت رؤيته لها الليلة مع الجواد وسماعه ما قالته افضل بكثير من محاولة انتزاع الردود منها .. ومن الآن حتى تدخل الجواد ثانية الى الحظيرة حيث يقضي الليل, سيكون قد عرف كل شيء.
نظر الى ايريس تنهي تمشيط الجواد, ثم تتفحص حوافره بدقة وتنظفها .. هذه المرأة إما أن تكون متهورة او غبية.. إنها تقوم بأشياء كان يضطر هو الى شد وثاقه ليقوم بها, وكاد باديا أنها لا تعطي الامر اي اهتمام كما لو انها تنظف فرسا مطيعة.
ابقاه توتر غريب متنبها لمزاج الجواد.. لا ينكر انه اعجب بطريقة تعامل ايريس معه بالتدريج, إلا ان التعامل مع بلاكي كالسير عبر حقل ألغام, اما ان يكون الرباط بين الاثنين قويا, او ان ايريس قد اعمتها العاطفة ولم تعد تتصرف بتعقل.
استرخى بعض من توتره حين استقامت ايريس اخيرا وربتت على مؤخرة الجواد بحزم
, راقبها كوبر تتفحصه مره اخري .. كان الجواد بحالة ممتازة بأستثناء ندوب الجروح .. اخبرته تعابير وجهها انها تدرك ذلك, تقدمت الى رأس الجواد وامسكت بلجامه قبل ان تضغط خدها الى جانب انفه الكبير وتغمض عينيها.. وقف الجواد دون حراك . بدا واضحا انه كان يتمتع بملاطفة يديها ورنة صوتها الرقيق وهي تدمدم بكلمات لا معنى لها.
عض كوبر سيكاره.. كانت ايريس قد افلتت شعرها الاسود تاركة هالة الخصل المجعدة تتموج دونما اكتراث حول رأسها وكتفيها .. كانت يداها الصغيرتان كفؤتين وواثقتين مع الجواد , لكن المحبة الواضحة في الطريقة التي تلامس فيها الحيوان هي التي اثرت على كوبر.
كانت ترتدي كنزة كحلية تلتصق بحنان على صدرها وصولا الى خصرها النحيل وبدا ان اللون كان يزيد من كهربة النور الحي المنبعث من عينيها ويزيد من نعومة اللون الوردي على خديها.. ومع ان بنطلونها الجينز لم يكن ضيقا الا ان كوبر لم يستطع إلا ان يلاحظ تناسق القماش مع ساقيها الطويلتين الرشيقتين.
إضافة الى جمالها الجسدي, كان لها ميزة التأثير عليه .. جعله النظر اليها وهي تحتضن الجواد وتبكي , يشعر بالخسة لتجسسه عليها.. واحس بارتياح غريب حين توقفت, ثم حدث امر غريب حين دخلت الحظيرة, ولم يكن هناك مجال للغلط في نظرة الذعر التي انتابتها, ولم يكن يكن صعبا الفهم ان لوجودها في السجن علاقة بالامر . لكن بدلا من النفور من الذكرى احس بنوع غريب من الاشفاق عليها.
من حسن الحظ أنها ستذهب قريبا, فلسوف تبتعد عن العاصفة مع ظهر الغد وسينتهي الامر . لكن الاحباط المفاجىء الذي احس به للفكرة طعن صدره كالسكين .. اللعنة على كل شيء.. من اين لها هذه القدرة علي التأثير فيه؟
احس في النهاية ان الشتاء قد طال كثيرا .. وانه كان يحس بالتململ والضجر حين وصلت.
من سخرية القدر ان تكون اول امرأه مثيرة حقا للاهتمام تصل اليه منذ زمن بعيد لها ماض خطر جدا.
مع ذلك, لقد رأى بنفسه أنها لا تشكل خطورة على المزرعة او على ابنته.. حتى ولو كانت معتادة على مواجهته كما لا يفعل أي رجل يعمل لديه.. او يتسامح به.
برتسوم.. حتى الطريقة التي تتلفظ فيها بأسمه حين تغضب هي بمثابة تحد له. كان عليه اكتشاف ان هذه المرأه تثير شيئا متوحشا فيه..
بدت ملامح العجرفة على وجهه وهو يفكر ما الذي يحتاج اليه ليخضعها.. قد يلقى بعض النجاح لكنه يعرف بالغريزه ان ايريس برايبون لن تكون امرأه تخضع طوعا امام رجل ما.

Rehana 30-05-16 07:46 AM

رد: 186 - انتظري
 
بشكل غريب ,كانت هذه المعرفة هي التي تجذبه اليها اكثر والتي سمحت لها ان تتمسك بما في داخله وكأنها قبضة حديدية ملفوفة بالحرير.. اللعنه سيكون من الصعب إبعادها.
اخيرا قطع كوبر طرف سيكاره بأسنانه ومد يده بتوتر لينتزع القطعة من فمه قبل ان يرمي السيكار بعيدا .. لقد تخلى عن التدخين منذ سنوات لكن حين وجد علبه سيكار في احد ادراجه اشعل واحدا بشكل آلي كما كان يفعل اثناء ادمانه. ورد ذلك إلى تفكيره بأيريس .. في النهايه حزم الرأي واتخد القرار .. قد يكون من الصعب إبعاد ايريس برابيون.. لكن بكل تأكيد هذا ما يجب عليه فعله.
انتهى وداعها للجواد اخيرا. فكت ايريس الحبل لتقوده الى داخل الحظيرة, نزعت عنه اللجام وتراجعت لتحثه علي الدخول قبل ان تغلق الباب.
تصاعد صوت وقع حذاء وخربشة عود ثقاب على الخشب الخشن خلفها. استدارت مجفلة نحو الرجل الطويل المتجهم الوجه الذي اخذ يراقبها بعينين باردتين.. ولامس الشعلة بطرف سيكاره الرفيع الطويل. نفض يده ليطفىء عود الثقاب, ثم رمى العود الميت الى الارض المغبرة.
بدت اسنانه البيضاء لامعة وهو يعض السيكار .. وراح يتفحص عن كثب اللون الازرق السائل في عينيها بتوتر تنم عنه عيناه السوداوان. ثم ارتسمت على فمه ابتسامة متجهمة.
- هل نلت شرف اللقاء بالآنسه أ.برايبون؟
إذن لقد قرأ اوراق بلاكي!
- ولمَ تسأل برتسوم؟ لا شك انك رأيت الكثير هنا الليلة.
ازداد اشتعال النار السوداء في عينيه.
-وهذا ما حصل ... اتهتمين بأن توفري لي بعض التفاصيل الناقصة ؟
استدارت عنه لتأخذ اغراضها:
-كلانا يعرف انني سأضيع انفاسي دون جدوى.
- ولماذا؟
اطلقت ضحكة لامرح فيها:
- لقد حكمت علي بوجهة نظرك عندما عرفت انني سجينة سابقة برتسوم. بالنسبه اليك, ماضيّ لا يؤهلني لأحظى بعمل لديك, وكذلك امكانية ان اعطيك معلومات موثوقة.
ارتدت سترتها بحركات سريعة متوترة:
- انا كنت المالكة الاصلية للجواد الذي تملكه انت الآن وهذه نهاية القصة.
وكأنه أحس أنه على وشك قضم السيكار بأسنانه مجددا, فمد يده ينتزعه وينفض عنه الرماد:
- لو ظننت ان هذه نهاية القصة لكنت تركتها هكذا.
اشتد ضغظ التوتر في نفس ايريس وهي تراقبه يطحن رماد السيكار بقدمه.
- ماذا تريد مني برتسوم؟ او ربما يجب ان اسأل ماذا تظن اني سافعل؟مجرد قبولي بعمل في المزرعة سيعرض شرفي للخطر لأنني سأكون اول شخص يحققون معه لو فقد رأس ماشية واحد.. فهل تظن حقا انني غبية بما يكفي لاخرق القانون وهذا يعني خمس سنوات وراء القضبان؟
لان تعبير وجه كوبرالخشن قليلا, لكن نظرته بقيت حادة.
- اذن لماذا جئت للعمل في مزرعة وخاطرت؟
اشارت بيدها حولها:
- لو انك.. خسرت كل هذا.. فأي عمل انت مؤهل له؟
لم ينبت ببنت شفه, فأطبق عليها احساس بظلم القدر.. هذا الرجل قاس لا يلين.
قالت بصوت اجش:
- انا لا اشكل تهديدا لك برتسوم.

Rehana 30-05-16 07:47 AM

رد: 186 - انتظري
 
وحدقت بالارض وقد احرجتها كشف هذا القدر من المعلومات.
امسك ذراعها ليوفقها .. ولما حاولت التخلص من يده شد بقوة اكثر .. فاستدارت اليه غاضبة:
- ماذا تريد الآن؟
نظر الى وجهها الراني اليه, يغريه الاعجاب بأرادتها الصلبة . انها تشكل خطرا عليه دون شك لكن ليس بالطريقة التي تفكر بها .. ارسلت عيناها شرارات زرقاء وازدادت حمرة خديها غضبا, لكنه وضعية فمها العنيدة هي التي جذبت نظره . كل شيء في هذه المرأة يتحداه وكل شيء فيه يدفعه لقبول التحدي.
احست ايريس بالتغيير فيه, جذبها اليه فجأة فأفلتت السترة الواقية والقبعة .. جعلها الذهول بطيئة الرد للحظات..
انتشرت الاحاسيس في داخلها كالبرق, وارتفعت يد كوبر لتنشر اصابعه على شعرها .لم تعد قادرة على منع يديها من الارتفاع الى صدره ثم الالتفاف حول عنقه .. احست بأن ركبتيها تكادان تخوناها وترسخت معرفتها انها وكوبر صنوان بطريقة بعيدة عن الامور الجسدية.
شد ذراعيه حولها كأنه لم يعد يتحمل لحظه اخرى .. مهما كان يقصد ان يفعل حين بدأ العناق, فقد تسبب باطلاق سراح كل شيء متوحش في كليهما .. ومع عودة التعقل خطر لها ان هذا يصبح نقطة سوداء ضدها في نظر كوبر.
تراجع كوبر عنها ببطء. تقنعت ايريس عمدا بالبرودة, وكان من الممكن ان تبتعد عنه لولا انه كان يمسك خصرها.
دفعت الكبرياء عينيها الى فوق لتلتقي بعينيه المضطربتين فتفرس بوجهها المحمر ثم ترك نظرته الوقحه تجول الي جسدها قبل ان يرفعها مجددا الي وجهها وعندما تواجهت عيونهما اخيرا اشتعل كل شيء في عينيه قبل ان يخفيه عنها بسرعه .. استرخت قبضته علي خصرها وهبطت يداه بعيدا.
كانت الانشات القليلة التي تفصلهما مشحونة بصمت مكهرب لم يكسره أي منهما كانا كمقاتلين انما الجولة الاولى, ويحاولان تقدير كمية الضرر التي وقعت على الخصم وهما يستعيدان رباطة جأشهما إثر المعركة. لم تفصح نظرة كوبر عن شيء وتمنت ايريس ان تكون مثله واحست فجأة بحاجتها للهرب.
لم يلزمها اكثر من إدراكها ذلك, لتسرع وتأخذ اشياءها التي وقعت منها, ثم تتوجه نحو الباب دون ان تخفف من سرعتها. لفت الشال حول عنقها ودست القبعة مع ذراعيها في السترة الواقية.. ارتجفت يداها وهي تفتح الباب الكبير اثناء خروجها. ولم يلحق كوبر بها إلى المنزل قبل وقت طويل.


نهاية الفصل

bluemay 30-05-16 09:08 PM


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

أزف الرحيل واحست ايريس بذلك ولكنها لم تستطع ان تقاوم شوقها لبلاكي رغم امكانية كشف امرها من قبل كوبر..

وبالفعل فقد توقع قدومها وتربص بها ..

اذهلتني سرعة بديهته في توقع امر ايريس وانها قد تكون المالكة السابقة لبلاكي.. ورغم تحفظه الشديد نحوها

إلا انه اشفق عليها وتعاطف معها ولو أن الأمور انجرفت بينهما بما لا يريده اي منهما .

هل ستكون ردة فعله عدوانية نحو ايريس؟!

ام انها ستفتح طريقا نحو قلبه ويقلع عن العناد وينقاد وراء مشاعره ؟!

اتوقع انه سيميل حتما للخيار الأول ولن يرضخ بسهولة .

تنتظرك اوقات عصيبة ايريس فلنرى ما ستسفر عنه الايام القادمة..


تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Rehana 31-05-16 09:22 AM

رد: 186 - انتظري
 
6 - كلمة قبل الرحيل

أيقظ السكون إيريس قبل الساعة الرابعة من الصباح. أخيرا توقفت الريح عن الهبوب .. وانتهت العاصفة وسيرغب كوبر في مغادرتها في أسرع وقت ممكن .. هى متلهفة لانهاء الامر كله.. ارتدت ثيابها وحضرت أغراضها ثم رتبت السرير بحذر وراحت تزيل أي أثر لوجودها.
خطت بهدوء نحو الردهة المظلمة وهي تحمل حقائبها وشقت طريقها عبر المنزل الصامت .. استقبلتها رائحة القهوة تغلي حين وصلت المطبخ, لابد أن اليانور قد برمجت توقيت غلاية القهوة الكهربائية الليلة السابقة لجعلها تعمل في ذلك الوقت إذا لا أثر لوجودها.
حملت أغراضها إلى الشرفة المسقوفة ,ووضعتها بعيداً عن الطريق.
لم تكن متشوقة لمواجهة كوبر, خاصة بعد ما حدث بينهما في الليلة السابقة .. ان تسمح له بعناقها, إضافة إلى الترحيب بهذا العناق والتشوق للمزيد, كان مخاطرة كبيرة فقد أوضح رأيه تماماً بشخصيتها و بقسوة لكن هذا لم يعن شيئاً ما إن تلامسا.
أعادتها ذكرى تجاوبها معه إلى داخل المطبخ أخذت كوباً من الخزانة ثم وقفت امام إبريق القهوة إلى ان نضجت القهوة فيه لكن توترها لم يلن مع السائل الساخن .. يجب ان تفعل شيئاً لتخفيف هذا التوتر ,لكن الشيء الوحيد الذى فكرت فيه هو جرف الثلج.
أجفلها صوت من جهة غرفة النوم في المنزل. إذا أرادت تجنب ان تعلق في المطبخ, يجب أن تنطلق الآن.
تركت الكوب في مكانه على الطاولة, واتجهت إلى الشرفة المسقوفة لترتدي حذائها الثقيل. وفي غضون لحظات كانت قد ارتدت معطفها وقفازها وأخذت رفش الثلج, وخطت إلى الخارج.
تحركت بسرعة للمحافظة على حرارتها, وأبعدت الثلج عن السلم. نظفت الممر من كل شيء ما خلا طبقة رقيقة من الثلج لابقاء الجليد تحتها مغطى, وحين وصلت الطريق الداخلية استدارت لتنظف الممرامام المنزل .
الجهد الذي بذلته في عتمة الفجر لم يؤثر كثيرا على تململها, أقلقها عدم وجود مكان تذهب إليه وحيازتها على مال محدود قد لا يمكنها الوصول على أي مكان, حاولت التركيز على شيء آخر ..ثم تاوهت حين عادت الى افكارها إلى كوبر ومواجهتهما في الاسطبل.
أخيراً أنهت تنظيف الممر الامامي كان من الممكن ان تجد عذر يبقيها في الخارج لتتجنب مواجهة كوبر ,لكنها اخرت دخولها طويلاً بما يكفي.
عادت بأتجاه الشرفة الخلفية مستسلمة لما ينتظرها .إذا كان هناك شيء يمكنها الاعتماد عليه مع كوبر ,هو أنه لن يدعوها للبقاء.. إنه على استعداد لاخراجها من المزرعة في أسرع وقت.
وهذا أمر لا بأس به بالنسبة لها.. حاولت إقناع نفسها بذلك وهي تخطو إلى الشرفة الخلفية
وتستخدم ممسحة الاقدام لتزيل ما علق في حذائها الثقيل من ثلج.. كلما أسرعت في
ا?نطلاق ,كلما تمكنت من إيجاد مكان تأوي إليه بسرعة أكبر, لكن التململ الذي كان مسيطراً عليها تحول فجأة إلى عقد مشدودة من الخوف.
التهمت آخر لقمة من البيض و اللحم الذي وضعته إليانور امامها. اجبرتها حاجتها إلى القوة لمجابهة المجهول على تناول طعام الفطور برغم معدتها المتصلبة.
لم يقل كوبر لها كلمة, ولم تقل له شيئاً كذلك. لم تشعر بأرتياح لادراكها أن إليانور لاحظت
التوتر الثقيل الوطأه الذي حل منذ دخلت إيريس المطبخ..إذ لم يكن هناك أي حديث لطيف من الذي كان يرافق الفطور عادة.

Rehana 31-05-16 09:26 AM

رد: 186 - انتظري
 
صبت إيريس المزيد من القهوة, وأخذت رشفة كبيرة. وعندها, نركت إليانور المطبخ .مال كوبر إلى الوراء في كرسيه, ورمى ذراعه على ظهر الكرسي إلى جانبه .. وبالرغم من وضعيته العادية, أحست إيريس بعينيه السوداوين تراقبها .
- كم معك من مال ؟
السؤال أجفلها : ماذا؟
- سألت كم معك من مال .,
تصلب ظهرها خجلا وسخطاً ليس من حقه أن يسألها هذا السؤال. ولا أن يحصل على الرد..
ثم ,إنه الشخص الاخير الذي يمكن أن تخبره عما تحويه حقائبها الثلاثة, وعن الدولارات الخمسين التي لاتملك غيرها في العالم.
- لماذا تسأل؟ أتعتقد أنني لم أعمل بما يكفي طعامي ومنامي ؟ أم أن أحداً فقد بعض ماله؟
بدت ملامح كوبر أكثر قساوة. أنزل ذراعه عن ظهر الكرسي, ومال إلى الامام ليضع ساعديه على الطاولة:
- الكبرياء لا تؤمن سقفا فوق رأسك ولا طعاماً في معدتك.
اشتد تصلب إيريس :
- لا أذكر أن أحداً كلفك حمل هذه المسؤولية برتسوم.
لكن نظرته الصارمة لم تتحول:
- ماذا تدفع إدارة السجون من مال للذين تطلق سراحهم هذه الايام لاكان المبلغ خمسين دولاراً ,وقليل من الثياب الجديدة.
وقفت على قدميها بسرعة وأرسلت كرسيها لتتهاوى وراءها وتكاد تقع:
- اللعنة عليك برتسوم .. ألن تكف عن ذلك أبداً؟
حاولت يائسة السيطرة على غضبها. بدأت الامساك بكوبها, ثم لاحظت أنها سكبت بعض القهوة حين قفزت واقفة .. بعد التقاط السائل الاسود بمنديل الطعام, تحركت إلى المغسلة لتأخذ منشفة الصحون ..وأخذ كوبر يراقبها بثبات زاد من توترها .
اعادت منشفة الصحون إلى المغسلة ونظفتها تحت الماء ثم وقفت وأدارت ظهرها إليه وامسكت حافة رف المغسلة بأصابعها .
- متى سنغادر ؟
سمعت جرجرة كرسي فوق الارض وعرفت أنه وقف:
- لدينا عمل يجب أن نسويه أولاً.
جعلها الإحباط تستدير إليه:
- إذن.. كم تعتقد أنني مدينة لك؟
تجعد جبينه عندما لاحظ التحدي في صوتها:
- لقد جئت إلى هنا تتوقعين تجربة أسبوعين على الاقل مع الراتب ولم أعطك العمل.. لذا, أعتقد أنني مدين لك بأجر أسبوعين للمصاعب التي نعرف كلانا أنك ستتحملينها.
أصيبت إيريس بالصاعقة أمام العرض. إذن هذا ما كان يريد الوصول إليه... وتفجر الاحباط الذى كانت تعانيه طوال الصباح في غضب متوهج:
- جئت إلى هنا للعمل برتسوم .. لا لمد يدى تسولا.
- هذا ليس تسولاً ,إنه راتب يعوض عن الوعد بتجربة مدة أسبوعين .
التوت شفتاها سخرية:
- تبدو لي أنها دفعة لاراحة ضميرك المذنب, ضمير تاخر في التحرك ثلاث أيام.
خضب احمرار كليل قسمات وجهه:
- خذى المال أو أتركيه إيريس. لن تجدى صاحب مزرعة يقبل بتوظيف سارقة مواش محكوم عليها..ليس مع ما يجرى هنا منذ السنة الماضية .. خمسين دولاراً لن تمكنك أكثر من شراء تذكرة باص إلى حدود المقاطعة, واقل من ليلتين فى موتيل قذر .. وإذا كنت تتوقعين تناول الطعام فسينفذ مالك بسرعة أكبر.

Rehana 31-05-16 09:28 AM

رد: 186 - انتظري
 
كبتت إيريس ارتجافها للكلمات الصريحة التي عبرت عن أسوأ مخاوفها .. وكأنما ليوصل الفكرة جيداً ,أضاف:
- كما قلت.. الكبرياء لن تحصل لك على شيء.
وقفت متعنتة تتحدى مخاوفها السرية التي يكشف عنها .. قد لا توصلها الدولارات الخمسون إلى مكان بعيد.. لكن إذا كان هذا كل ما تملك .. إضافة إلى احترامها لذاتها .. يجب أن يكون ذلك كافياً.
- احتفظ بمال إراحة الضمير لنفسك برتسوم .. ما لم تجبر نفسك على إعطائى عملاً يساوي المال لن أستطيع أخذ شيء منك.
- افعلي ما ترينه مناسباً.
استدار نحو الشرفة ,ولحقت به إيريس .. ارتديا حذائيها الثقيلين, وثيابهما الخارجية ,وصمت مطبق يخيم على المكان بدأت تلملم حقائبها عندما رمى كوبر لها السترة الواقية.
التقطتها كرد فعل, ثم رمتها له مجدداً:
- إنها ليست لي.
-إنها لك وأنت هنا. وهذه السترة الصيفية اللعينة لا تكفى لرحلة إيصال العلف للماشية.
يبدو أن ارتباكها قد ظهر على ملامحها, لانه أضاف:
-الطريق لن تجلو تماماً قبل منتصف النهار .. ولدي ماشية أطعمها. وعجول ولدت في العاصفة أنقذها.
رمى إليها بالسترة فألتقطتها مجدداً:
- إذا كنت تفضلين البقاء هنا علقيها على المشبك.
وكأنما لا يهمه ما قد تفعله, فتح الباب وخرج.
لزمها لحظات لتستعيد وعيها... لانها تريد المغادرة, تريد أن تنهي كل شيء.. لكن, إذا كان هناك تأخير ,فستجن لو جلست فى المنزل لوحدها. وخرج إحباطها متفجراً وهي ترتدي السترة :
- اللعنة على كل شيء.
كانت تعتقد أن أول اهتمامات كوبر سيكون إخراجها من المزرعة.... لكن يبدو أنها بالغت في تقدير مدى لهفته لذلك .. بالطبع تأتى المواشي أولاً بعد عاصفة ثلجية كالتي مرت.....
لم تلحق بكوبر إلى أن وصلت الحظيرة المستديرة المسقوفة بألواح الحديد, البعيدة كثيراً عن بقية أبنية المزرعة..كان هناك جرافتان ضخمتان وعربات مجرورة لنقل التبن تقف ممتلئة وهي تقترب, انطلق اول التركتورين واتجه نحو البوابة العريضة التي تقود إلى الخلاء. بينما كانت تقترب منه.
نظرت إيريس حولها بحثاً عن كوبر, ثم لاحظت باب التراكتور الاخر ينفتح .. كانت الصيحة التى سمعتها أقوى من هدير المحرك, لكوبر دون شك.. وخاضت في الثلج لتصل إلى التراكتور .
نظر كوبر إليها وعلق بصره لوقت قصير بثنايا جسدها, ثم التقت عيناه بعينيها .. شدت إيريس على أسنانها تقاوم الدفء المتسلل إلى وجنتيها .. زاد وجودها قريبة منه هكذا ،وملاحظته الواضحة لمزاياها الانثوية ، من حدة الاحساس المثير بقربه منها.
ظهرت في عينيه لمحة مرح نادرة. وتحرك قليلاً. كادت إيريس تقفز من سقف القمرة حين أطبقت يده بالقفاز بثبات على ساقها وضغط عليها برقة .
قال : استرخي.
ثم انتزع يده واستدار عنها.
اندفع التراكتور بسرعة قبل ان يكبحه ثقل العربة المليئة بالتبن.
- أتسمحين بإرضاء فضولي حول أمرين؟.
السؤال أجفلها ونظرت إليه:
- هذا يتوقف على ما تريد معرفته .
- لقد ألمحت أن عمل المزرعة كل ما تعرفينه.... هل هذا صحيح؟
- هذا صحيح.
- هل كان أبواك مزارعين ؟ ألا يزالان هكذا؟ هل هما على قيد الحياة؟

Rehana 31-05-16 09:34 AM

رد: 186 - انتظري
 
- لا .
- ردها القاطع جعله ينظر إليها مجدداً ويكمل :
- هل ماتا قبل متاعبك مع القانون أم بعدها ؟.
كان توترها يزداد حدة مع كل سؤال يطرحه:
- ربما كان يجب أن أحدد لك ثلاثة أسئلة فقط بروتسوم .. انت مزعج كأمرأة عجوز.
- وانت مطبقة الفم كملزمة صدئة.
دهشت إيريس للإحباط في صوته, وفكرت بنفسها للحظات ثم أدركت أن لا جدوى من رفض إرضاء بعض من فضوله.. وليس هناك الكثير في تاريخ عائلتها يمكنه استخدامه ضدها .. حتى ولو اختار هذا, فلن تبقى طويلاً.
- ماتت امي وانا صغيرة .. ورباني أبى لاتولى إدارة المزرعة يوماً ,وحين مات منذ خمس سنوات ,توليت إدارتها.. لكن ، ما تأخذه الضرائب أجهزت عليه أسعار السوق ورسوم الدفاع .. وما أن وصلت الامور إلى هذه النقطة, حتى وجدت أنني لم أعد أنتج ما يكفي للاحتفاظ بها حتى ولو استطعت إدارتها من السجن.. هل يكفي هذا أم تريد المزيد؟
كان الصوت الذي انطلق من حنجرة كوبر يمكن أن يعني أي شيء, لكنها عرفت من صمته واستغراقه في التطلع إلى الخارج انه انهى تساؤله.
كانت السماء قد بدأت ترسل النور ,والنجوم تخبو مع تصاعد الشمس بثبات نحو الافق .. أخيراً وصلا إلى قسم من قطيع ا?بقار .خفف كوبر من سرعة التراكتور ليتوقف على بعد أمتار من أول بقرة.
نزلت إيريس من التراكتور قبل نزول كوبر حيث أوقفه على مرتفع عريض. سارت نحو مؤخرة المقصورة وصعدت إليها .. عندما وصلت إلى أعلى الشحنة, أخرجت سكين جيب ,ثم استخدمت السكين لتقطع الرباط, ورمت كمية من التبن بعيداً عن العربة قدر الميتطاع .. وفعل كوبر مثلها, فقد أخذا يرميان التبن نحو الابقار التي بأت تتجه نحوهما.
كانت إيريس مسرورة جدا للنزول والعودة إلى قمرة القيادة في التراكتور ,الدفء النسبي في الداخل كان كالترياق .. هذه المرة لم تبعد نفسها عن التلامس مع كوبر الذى أخرج الابريق الحافظ للحرارة وصب لها فنجان قهوة قوية, أخذتها بترحاب.
لم يتكلم مثلما لم تتكلم وهو يحرك التراكتور .. كانت الشمس ارتفعت في السماء الان .. واخذا معاً يجيلان النظر في الارض الخلابة المغطاة بالثوب الابيض حولهما, بحثاً عن قسم آخر من القطيع .. بعد ثلاث ساعات, كانا قد أفرغا محتويات العربة, وعادا إلى السقفية لاخذ حمل آخر.
بعد إرجاعه المقصورة إلى سقفية التبن ونزولهما من التراكتور ,سار كوبر أمام إيريس نحو السلم
المثبت إلى عمود خشبي طويل يصل إلى منتصف المخرن من الجهتين .. أخذ كلابين للتبن من تعليقة الجدار وأعطاهما لها قبل أن يصعد إلى الطبقة العليا.
أنعشت رائحة التبن الحلوة إيريس حنيناً وهي تنظر حولها في المخزن الكبير... وقفت للحظات تتلذذ بالرائحة وهي تخلع قفازيها ,ثم أدركت فجأة انها توشك على البكاء .. أعادت بضع كلمات قاسية لنفسها عواطفها إلى السيطرة ,وبدأت العمل فراحت تضرب حزمة التبن بالكلابين وترميها في العربة.
بينما كانت تقف بعيداً ,كان كوبر يرمي الرزم من الأعلى لتصل مقدمةالمقطورة.. وعملت إيريس بسرعة على ترتيب الرزم في صفوف منتظمة تشكل أساسا متينا للتحميل فوقها.
كان كوبر يراقبتقدم عملها وهو يرمي التبن, وكان اكثر من متأثر بقدرتها على متابعته. كانت الطريقة المتصلبة الكفؤة التي كانت تحول فيها الرزم الثقيلة إلى صفوف جامدة, تتلاعب بإحساسه العادل... لديه رجال يعملون له لا يتحركون بنصف سرعة ومستوى كفاءتها.

Rehana 31-05-16 09:40 AM

رد: 186 - انتظري
 
أرسل عدة رزم أخرى إلى الأسفل, ثم توقف للحظات يراقبها ترفع رزومة لتضعها فى مكانها المناسب ..ذكرته الدقة في الترتيب, بالفخر المتكبر الذي تبديه في أي عمل قامت به في المدة القصيرة التي أمضتها هنا, مهما كانت المهمة وضيعة أو صعبة .وصدمه فجأة أنها ستكون مفيدة لكل من تعمل وهذا أمر مهم لكل مزارع.
لولا سجلها الاجرامى..
أجفلته الذكرى. اجتاحته موجة من النكران للحظة, وهو يراقبها تعمل. هاتان العينان الزرقاوان الصافيتان, والخدان الورديان والوجه الرائع, لا يمكن أن تناسب مع صورة سيدة مجرمة .. ثم هناك ضعفها ..إن ما فعلته لتصل إلى السجن كلفها خسارة كل شيء حسب قولها.
إذا خسرت كل هذا..... فأي نوع من العمل ستكون مؤهلا له؟
هذا ما سألته في الليلة الماضية .
تلقى السؤال مع كثير من الالم والاحباط, لكنه قسى قلبه نحوها... وركز بدلا من ذلك على الاعجاب القوي الذي أحس به نحوها بوصفها امرأة.
وكان تفكيره يدفعه ليتذكر ما حصل بينهما أمس وما هي إلا لحظات حتى كان غارقاً في ذكرياته ..ضاع مؤقتا وهو يتذكر الحلاوة البرية لعناقها ,زوال صدمتها, وارتفاع يديها إلى صدره ثم التفافهما حول عنقه, سامحة لنفسها بمعاملته بالمثل .
من الجيد أنها سترحل بعد بضع ساعات .. هذا ما راح يفكر فيه بينما كانت ترمي رزمة أخرى فوق الحمل. فالبعيد عن العين بعيد عن القلب, ولسوف ينسى أمرها قبل حلول الربيع, ويتساءل عما دهاه. لكن, حتى رحيلها فعلاً..
أحس كوبر بالذنب كأنه وحش ينبعث إلى الحياة ويهدده, لا يريد أن يعترف أنها تستحق الحصول على التجربة لاسبوعين, أي ما كانت تسعى إليه عندما أتت أول الامر .وكره أن تعمل جاهدة هكذا في هذا البرد المرير وهي تعرف أنه لن يوظفها .كان تصميمه على الخلاص منها يضعف بشكل خطير .. واعتراضة على سجلها الإجرامي لم يعد يبدو قوياً بما يكفى لمساندة قراره.
لم يدرك أنه توقف لعدة لحظات يراقبها تعمل إلى أن أنهت ترتيب الرزم ورفعت رأسها نحوه تدفع بالمزيد.
استقامت بارتباك .. أجفلتها النظرة النارية في عينيه .. فجأة أخمد كوبر نظرته وأشاح ببصره عنها ..وما هي إلا لحظات, حتى أخذ يرمي الرزم مجدداً بسرعة جعلتها تجهد لتتابعه.
امتلأت المقطورة بسرعة قياسية, ومع نزول إيريس بحذ عن الحمل لتنضم إلى كوبر على
الارض, أحست بشيء من الاعجاب ينتابها .كان يراقبها عفوياً, لكن تعبير وجهه المغلق, حذرها أنه يحاول إبعاد نفسه عنها.
أدركت أنه يجب عليه فعل ذلك .. فمهما عملا جيداً معا ذلك الصباح, فلا يزال يريد منها أن ترحل .. لكنه أدهشها حين سار أمامها إلى التراكتور بدلا من أن يقول لها إن الوقت لتحضر حقائبها..لحقت به واستقرت في قمرة القيادة بينما كان يدير المحرك.
حاولت إيريس أن لا تقرأ شيئا يحمل الامل في الطريقة السهلة التي عملا فيها معاً, الطقس بارد ,ولديه مواش جائعة يطعمها .. لا سبب آخر يؤخر رحيلها.
وقفت إيريس في طريق كوبر تمنعه من ان يخطو خطوة أخرى نحو الحظيرة:
- ماذا تقصد أنك لن تستطيع إرسال أحد يوصلنى إلى البلدة؟.
كانت فترتا الصباح والظهيرة قد ابتعدتا .. والساعة تقارب الثانية بعد الظهر .أخذت تتململ, ولم يجد كوبر وقتا يوصلها إلى ردهورس.
أجابها بخشونة:
- ما قلته تماماً ,فنحن منشغلون جداً.
بدأ يسير مبتعدا الى الوصول الى أبعد مكان ممكن قبل حلول الليل ..وأظمك تحاول جعل هذا صعبا عليّ .

Rehana 31-05-16 09:44 AM

رد: 186 - انتظري
 
لم يخفف ظل قبعته لمعان عينيه.. فجأة لم تعد تستطيع تحمل المزيد من السخط الذي بدا مصمماً على إثارته في نفسها.
مرت ايريس به غاضبة أثناء توجهها إلى المنزل ، سوف توقف سيارة توصلها عن الطريق الرئيسية لو اضطرت ..برغم معرفتها مخاطر هذه الطريقة في التنقل, إلا أنها كانت أكثر غضباً من أن تهتم.
- إيريس! .
لكنها لم تبطئ من سيرها لصيحته, فكررها غاضباً:
- إيريس! .
لم تظهر أي دليل على أنها سمعته..فتحت باب الشرفة ثم دخلت لتصل إلى حقائبها .
لكن حقائبها لم تكن هناك.. الامر الذى أدهشها كثيراً .. توقفت يدها في منتصف الطريق
نزولا إلى حقائبها حيث كانت الحقائب .. نظرت على طول الشرفة بسرعة فاكتشفت أن حقائبها لم تعد هناك.
استقامت ثم أغلقت الباب في الوقت الذي سمعت فيه وقع حذاء كوبر الثقيل في الممر.
نادت وهي تخلع سترتها الواقية وتنفض حذائها : اليانور!
جاءت اليانور مسرعة من غرفة الجلوس :
- ما الامر إيريس ؟.
- أين أغراضي؟.
قطبت المرأة العجوز حاجبيها:
- لقد أمرني الرئيس أن أعيدها إلى غرفتك.
اتجهت إيريس إلى غرفة النوم ,ودخل كوبر إلى المطبخ. كانت مصممة على استعادة حقائبها
والمغادرة, مهما كان نوع الشجار الذي ستخلقه أمام اليانور.
دخلت غرفة الضيوف التي تنام فيها واتجهت إلى أسفل السرير لتمسك حقائبها حين دخل كوبر مسرعاً عبر الباب.
- أنت عنيدة كالجحيم إيريس براييون!.
مد يدة ليغلق الباب المفتوح ..فتراجعت إيريس مرتبكة, لم يكن قد خلع حذاءه, فتساقطت قطع ناعمة من الثلج أثناء تقدمه نحوها.. عندها فقط أدركت أن المواجهة الحقيقية لم تكن بين كوبر وبينها بقدر ماهي بينه وبين نفسه. مع ذلك لم تكن ثقتها كبيرة بقدرتها على فهم هذا الرجل ومعرفة دوافعه الحقيقية. خاصة في هذه اللحظات بالذات.
قالت متحدية:
- أنا عنيدة؟ أنت لا تهتم.
أمسك ذراعها, جذبها نحوه حتى باتا متواجهين. كان التعب قد زاد من عمق الخطوط حول عينيه وأطال الخطوط حول فمه.
- لقد حصلت على تجربة الاسبوعين .. هل فهمت ذلك؟.
جمدت وهي تحاول استيعاب ما سمعت, كان غاضباً ومع ذلك اعطاها تجربة مدة اسبوعين.
- لماذا؟.
تركها إثر السؤال فجأة. ونظر إليها بقسوة, ثم استدار إلى الباب يفتحه, لكنها كررت السؤال.
كانت النظرة التي رماها بها من فوق كتفه أقل قسوة بقليل. يبدو أنه تخلص من بعض الغضب حينها :
- أتريدين العمل أم لا؟.
هزت رأسها : أريده.
- إذن لا تعطينى سبباً للندم إيريس .. فقد بدأت الوساوس تنتابني.
خرج من الباب وابتعد, قبل أن تستعيد وعيها تماماً.


نهاية الفصل

bluemay 31-05-16 08:23 PM

رد: 186 - انتظري
 
واو نهاية فصل خاطفة للأنفاس

أنا فغرت فاهي دهشة من كلامه غير المتوقع وخاصة انه مناقض للعنوان الذي اوحى لي برحيلها المؤكد


يا ترى هل سيطيب لها المقام. ام ان شبح بلاك سيطاردها ويؤرق مضجعها؟!!


متشوقة للقادم

تقبلي مني خالص الود



«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

Rehana 02-06-16 06:15 AM

رد: 186 - انتظري
 
كوبر يتعارك مع نفسه .. حول مشاعره اتجاه ايريس
حياك الرحمان

Rehana 02-06-16 06:23 AM

رد: 186 - انتظري
 
7 – طعنة في القلب

كانت إيريس سعيدة كطفل في عيد ميلاده . كانت قد نسيت كيف هو الإحساس بالترقب للاستيقاظ في الصباح .. والأفضل من ذلك بكثير , إن المهمات التي أوكلها لها كوبر , تركزت على الجياد , خاصة بلاكي , وأعطاها الحرية الكاملة في التصرف مع الجواد , وسار كل شيء على ما يرام حتى حلول بعد ظهر متأخر ليوم من أواخر ذلك الأسبوع .
كان الطقس قد صار ألطف في الأيام القليلة التي مرت .. وبما أن الكثير من الثلج قد ذاب , فإن إيريس قد أسرجت بلاكي وقادته إلى مرعي صغير غربي المنزل , وبرغم كونه حاول مقاومتها , إلا أنه كان متشوقا للركض كثيرا بحيث نسي أن يرميها عن ظهره . ولزمها كل مهارتها لكبح الحيوان المتمرد , لكن الوحل تحت الأقدام جعل الجري السريع خارج السيطرة وتجمع حفنة من العمال المزرعة , بمن فيهم كوبر حول السياج لرؤيتها .
وحدها إيريس لاحظت الخطوط المتجهمة حول فم كوبر . وكانت ممتنة أنه لم يضطرها للترجل أمام الرجال ..
وكأنه كان يقصد أن يبقيها متوترة , فلم يقل شيئا عما حدث حتى الليل حين استدعاها إلى مكتبه . ولم تكد تقفل الباب حتى بدأ هجومه :
- لقد ظننتك أكثر تعقلا من ركوب ذلك المتمرد والركض فيه عبر الثلج المتراكم .
وقفت هادئة بمواجهته , ترفض أن يرهبها :
- لقد أبقيته تحت السيطرة .. ثم إن هناك وحلا أكثر من الثلج .
- وماذا عن التمرد الذي أظهره قبل ذلك ؟ من العجب أنه لم يرم بك فوق السياج الخشبي .
كرهت إيريس إحساسها وكأنها طفل مشاكس يوبخه معلمه , وظهر هذا في لهجتها المتحدية فقط .
- لقد وقعت عن ظهور الجياد من قبل .. وكذلك أنت .. إنه كان يُظهر ابتهاجه فقط .
هز كوبر رأسه :
- لن يكون هناك المزيد من المخاطرة إيريس . انت تتركين العاطفة تغشي على حكمك الصحيح , تعرفين كما أعرف أنه من الصعب التعامل مع فحول الخيل , وأن هذا خطير أصلا .
أجفلت من كلامه , لكنها أبقت ردها هادئا :
- أنا شديدة الحذر لذلك .
تابع وكأنها لم تتكلم .
- إذا لم تكوني قادرة على إظهار بعض الاحتراس فلن تعملي معه أبدا .
وتقدم نحو الطاولة , يأخذ سيكاره من علبة مسطحة على زاويتها .
شدت إيريس قبضتها إحباطا :
- إنه بحاجة إلى الركض , وأردت أن أرى كيف سيتصرف تحت السرج . أنت من أعطاني الإذن لأعمل معه ..
أخرج كوبر عود ثقاب بطريقة خشنة . فأكملت :
- إذا كنت تظن أنني خالفت الأوامر إلي هذا الحد ..
وتلاشى صوتها .. لقد سمح لها كوبر بالكثير من الحرية مع الجواد , هذا دون ذكر إعطائها فرصة أسبوعين لإثبات جدارتها .. وهي مضطرة للاعتراف بأنه يغامر فيما يصدقه حول إدانتها .
ثم .. هي ليست الرئيس هنا .. وهي تعرف تماما كيف يخنق رب العمل حين يعتقد عامل لديه , وخاصة الجديد , إنه يعرف أكثر من رئيسه .

Rehana 02-06-16 06:27 AM

رد: 186 - انتظري
 
بدأت القول مجددا :
- إذا كنت تظن أنني خالفت الأوامر , فلن أضع السرج عليه قبل أن توافقني الرأي بأن الوقت مناسب .
كانت نظرة الدهشة على وجه كوبر حين استدار إليها مضحكة . أخرج السيكار الرفيع من فمه , ثم نفض يده آليا ليطفئ عود الثقاب وراح ينظر إليها وابتسامة خفيفة على شفتيه :
-يا لأجراس الجحيم إيريس .. لم أكن أعرف أن روح الطاعة كامنة فيك .. لا بد أن هذا القول جعل معدتك تضطرب .
قطبت إيريس وجهها حين ضحك .. لكن صوت الضحك كان معديا وغير متوقع , فلم تستطع منع الضحك ملامسة شفتيها .
- لا تدع هذا يطربك برتسوم .. فقد كان أصعب مما تعتقد .
ضحك ثانية : دون شك .
لم تفهم إيريس مغزى حركته حين أخذ علبة السيكار ورماها مع الذي أشعله في علبة القمامة . أشار إليها بالجلوس فوق معقد أمام منضدته استقر بدوره على طرفه .
- هل واجهت متاعب مع أي من الرجال ؟
جلست تريح مرفقيها بعفوية على ذراعي المقعد :
- لا شيء لا أستطيع التعامل معه .
نظر إليها منتقدا غير مصدق .. وسمع دقا خفيفا علي الباب :
- أدخل .
استدار مقبض ودخلت ستيفاني تركض في الغرفة نحو أبيها ..مال كوبر إلي الأمام ليلتقط الطفلة ويرفعها إلي الأعلى :
- ماذا هناك ؟
- أيمكن لأيريس أن تأتي لرؤية قططي الصغيرة ؟
اشتد فك كوبر .. والتقت عيناه عيني إيريس .. أكملت ستيفاني هذرها .
- قلت لي إننا لا تستطيع حملها قبل أن تفتح عينيها .. لكن أمها لن تمانع لو نظرت إيريس داخل الخزانة .
ضغطت إيريس بأصابعها على ذراع المقعد .. استطاعت أن تعرف ان كوبر يحاول التفكير بعذر .
قالت :
- أنا متعبة جدا هذه الليلة ستيفاني ..ربما أذهب لأراها في وقت آخر .
ووقفت تغادر المكتب .
التفتت ستيفاني وهي بين ذراعي أبيها :
- أوه .. أرجوك إيريس ؟
جعلتها النظرة المحيطة علي وجه الصغيرة تشعر بالخجل .. وأحست أن كوبر يراقبها عن كثب . وأن هذا ما يتوقعه منها .
أصرت بلطف :
- كان يوما طويلا حبيبتي ..ربما في الغد .
واتجهت إلى الباب متمنية لهما ليلة سعيدة وذهبت إلى غرفتها .
عندما وصلت أقفلت الباب , واستندت إليه ,تشعر بإحساس رهيب لصدها الطفلة . إنها صغيرة مرحة , ذكية ودودة, تتمتع إيريس في سرها بوجودها معها .
كانت ستيفاني كذلك صبيانية مشاكسة ووجدت إيريس بعض المرح في رفض الفتاة محاولة كوبر و اليانور تحويلها إلى أنثى . إيريس نفسها كانت صبيانية كذلك . كانت تكره الشرائط والفساتين والدمى وتفضل الجينز والجياد وعمل رعاة البقر .. كانت تعتقد أنها والطفلة من النوع ذاته , وأنه من المقدر لكوبر أن يدرك عدم جدوى محاولة تربية ابنته وكأنها نبات منزلي .
ابتعدت إيريس عن الباب وتاهت للحظات في ذكريات طفولتها .. كان والدها رجلا صارما , لا يستسلم لإظهار العاطفة .. كان فخره الأبوي كبيرا لنضجها المبكر وتصميمها الطفولي على العمل إلى جانبه .

Rehana 02-06-16 06:27 AM

رد: 186 - انتظري
 
لم يشجع محولاتها في البداية للحاق به أينما ذهب وذلك عندما كانت في الرابعة من عمرها , إلا أنه استسلم مع بلوغها الخامسة , فتركها تركب الخيل كل يوم معه . وحدد لها واجبات لاختبارها وتعليمها معني المسؤولية كانت لا تزال تحمل صورة لها فوق مهر كبير , سمح لها بركوبه في أول خروج لها معه لجمع الماشية , وذلك قبل ميلادها السادس بعد ذلك قامت بأية مهمة سمح بها حجمها الصغير وتحملتها أعصاب أبيها .
اجتاحها ألم حلو ومرّ في آن معا .لقد كانت أيام الحياة سهلة, وآمنة ,إرثها كان إرثا فاخرا .. وكبرت وهي مؤمنة أنها ستورثه لأبنائها من بعدها .. لكن هذا الإرث, وعلى الأقل الجزء الأكبر منه ,ضاع في المزرعة.
أحست إيريس بالألم لأن الإرث الوحيد الذي ستقدمه الآن هو إرث مكلل بالعار ,ومخجل. إن لم تنظف صفحتها واسمها, فإن إدانتها ستلحق بها كظلها ما دامت حية, وربما إلي أولادها كذلك .. أما الآن, فقد أصبحت عاملة في مزرعة بدلا من ان تكون صاحبة مزرعة ..
نفد صبرها جراء الأفكار التعيسة وأخذت تستعد للنوم.. استلقت في الفراش وبقيت صاحية لوقت طويل, تفكر بأخيها غير الشقيق , وإمكانية وجوده في المنطقة .
أخيرا , استولي عليها تعب النهار ونامت .
- بست , إيريس !
أجفلتها همسة ستيفاني الطفولية. كانت في طريقها إلى المطبخ لتناول طعام الفطور ,فمرت بباب غرفة ستيفاني .. ودهشت لاستيقاظ الصغيرة باكرا , فتوقفت واستدارت .
أبقت صوتها منخفضا :
- ما بك ستيفاني ؟
- أريد أن أريك القطط الصغيرة , قلت إنك ستأتين لرؤيتها اليوم .
فتحت الباب تمسك بيد إيريس, لم تستطع إيريس التفكير بطريقة مقبولة ترفض فيها الأمر , فتركت نفسها على مضض للفتاة التي قادتها إلى غرفتها .
سألت بصوت منخفض :
- ألا يمكن أن تضيئي الأنوار ؟
ردت ستيفاني همسا :
- لدي مصباح يدوي .
أجفلت إيريس من النور الذي لمع في عينيها مباشرة , مدت يدها بصبر اتقاء النور ونظرت نحو الأرض أمامها .. كان باب الخزانة مفتوحا جزيئا, فافترضت انها الخزانة التي تتواجد فيها القطط .
تركت ستيفاني يدها لتفتح الباب, نظرت إيريس إلى الداخل , لتسأل :
- أين هي ؟
لم تكن إيريس قد شاهدت هذه الكمية من الألعاب في حياتها خارج محل بيع ألعاب, أو في كاتالوج .
حولت ستيفاني المصباح إلى الزاوية الخلفية من الخزانة .. ومالت مع إيريس إلى داخل لتريا بوضوح أكثر .. سمعتا مواء الأم اللطيف , وأزاحت ستيفاني لعبة هي عبارة عن دب كبير جانبا , لتكشف عن الأم وأولادها الستة.. مدت ستيفاني يدها الصغيرة لتجد يد إيريس, وراقبتا معا القطة الأم ترعي صغارها .
قالت ستيفاني :
- يقول أبي إنني أستطيع اختيار واحدة منها للبقاء في المنزل ..لكنني لا أستطيع أن أفضل إحداها على الأخرى .
لم تشعر إيريس بدخول كوبر الغرفة إلى أن سمعت صوت لوح خشب يطقطق تحت قدمه .اجتاحها التوتر ,ونظرت من فوق كتفها.. إذ لم يسهل النور المنعكس قراءة تعابير وجهه .
التفتت ستيفاني وكأنها أحست بتوتر إيريس المفاجئ, وأنارت وجهها الصغير ابتسامة صغيرة :
- هاي دادي .

Rehana 02-06-16 06:28 AM

رد: 186 - انتظري
 
سأل بلطف :
- كيف حال القطط هذا الصباح ؟
- إنها تتناول الفطور .. لقد أيقظتني بسبب موائها طالبة أمها .. متى ستفتح عيونها ؟
أفلتت إيريس يد الطفلة . لكن كوبر قطع عليها الطريق وأجاب بلطف :
- يوم آخر أو يومين .
وارتفعت يداه تمسكان بخصر إيريس من الجانبين للحد من تراجعها . أجفلت للتشوش الذي أطلقته لمسته , ثم وقفت عاجزة تشعر بجسمه الصلب خلفها بينما كان يميل فوق كتفها لينظر إلى القطط .
تذكرت كيف ذابت بين ذراعيه , وألح عليها الشوق. أحست بالحرارة في ظهرها .ثم شعرت بالتوتر فجأة. في هذه الأثناء لم تع أن ستيفاني قالت لها شيئا حتى تنبهت إثر لمسة كوبر على ذراعها .
قالت بارتباك :
- ما .. ماذا ؟
كررت الصغيرة :
- أي واحدة تظنين أنه علي الاختيار ؟
- أنا .. من الصعب الاختيار .. ربما عليك الانتظار إلي أن تكبر أكثر .
وأصابتها الخبية من صوتها المقطوع الأنفاس .
قطبت ستيفاني وجهها , وقالت موافقة :
- أجل .. هذا إلا إذا أقنعت دادي بأن أحتفظ بها كلها .
أرسلت ضحكة كوبر المنخفضة أنفاسه الدافئة لتنساب فوق خد إيريس المحمر :
- لا أمل في ذلك أيتها العفريتة ..ستبقي في الجوار لتلعبي معها ,لكن واحدة فقط ستعيش في المنزل .
- لكن ....أبي ..
- دون " لكن أبي " .. الوقت مبكرا جدا في الصباح لنبدء بذلك .
قطبت ستيفاني وجهها بشكل مبالغ هذه المرة وقالت :
- أجل .. أعرف أنك لم تشرب قهوتك بعد .
- هذا صحيح .
مد يده فوق إيريس وشد جديلة من شعر ابنته البراق .
- ستقدم اليانور طعام الإفطار لي ولإيريس الآن . لذا من الأفضل أن نترك القطط لتنهي طعامها .
أحست إيريس بمزيج مربك من خيبة الأمل والارتياح مع تراجع كوبر عنها .
قالت بصوت ناعم لستيفاني :
- شكرا لك لأنك أريتني قططك .
- يمكنك المجيء لرؤيتها في أي وقت إيريس .
واستدارت الصغيرة تراقب القطط مجددا .
تنحي كوبر جانبا ليفسح لإيريس المجال للإبتعاد عن الخزانة , فسارت أمامه إلى الباب ثم إلى الردهة كانت أعصابها قد بدأت ترتاح حين أمسك مرفقها وأوقفها وهو يمد يده ليقفل باب ستيفاني وراءهما .
استدارت نحوه لكن الردهة كانت مظلمة وبالطبع لا تحتاج إلى الرؤية لتعرف أنه غاضب منها .
قالت :
- أنا آسفة .. لم أستطع التفكير بطريقة أصدها بها مره أخرى .. ولم أتوقع .
- أعرف . لن يخطر ببالها أن هناك بعض الناس لا يجب ..
وصمت فجأة .
مضت ثانية ثقيلة قبل أن يغوص ما كان علي وشك ان يقوله في دماغها .حين استوعبت . تولاها غضب بارد : أزال آخر إحساس بالدفء استولى عليها منذ لحظات .. وتحركت لتحرر مرفقها, ثم تقدمت متصلبة في الردهة .

Rehana 02-06-16 06:28 AM

رد: 186 - انتظري
 
كان الجو حول مائدة الفطور عدائيا مرة أخرى. لاحظت اليانور التوتر بينهما ورمت الصحون أمامها بطريقة لم تترك أي مجال للشك في استيائها .. كانت إيريس تمد يدها لتأخذ قطعة توست . حين فكت اليانور مريلتها فجأة ورمتها كذلك ... طارت المريلة في الهواء لتحط علي كرسي في آخر الطاولة .
- إذا قتل أحدكما الآخر قبل انتهاء الطعام ,فالأفضل له أن يبقي حيا بما يكفي لينظف المطبخ .
ثم حملت كوب قهوتها ,وخرجت من الغرفة .
نظرت إيريس إلى كوبر ,دون أن تدهشها نظرته العاصفة. أبعد اليأس الذي تصاعد ليتشابك مع الغضب توترها ,وترك ألما عميقا مكانه .. لن يتغير ,ولن يغير رأيه فيها. من الغباء التفكير أنه قد يفعل .
قالت :
- أعتقد أنه من الأفضل أن أنقل أغراضي إلي تلك الغرف في نهاية سقيفة نوم العمال .
كان رفضه يتناقض مع نظرته الشرسة ,وأكمل :
- لا أريدك هناك مع العمال .
- ولا تريدني قرب ابنتك .. أستطيع القول إن الخيار الوحيد الذي أمامي هو أن أرحل .
ودفعت كرسيها إلي الوراء لتقف, فانطلقت يده عبر الطاولة تمسك بمعصميها .
عاود الغضب سيطرته عليها بقوة, وتصادمت نظرتاهما وأكملت :
- حصلت على ما يكفيني من نظراتك السوداء وطبعك السيء برتسوم .
راقب كوبر أساريرها المشدودة وعرف على الفور مدى نجاحها في إخفاء غضبها المؤلم .. تلاعب الحنان الذي تحرك في داخله بشكل خطير ضد الرغبة التي تثيرها فيه شخصيتها القوية .
لقد كان مجنونا في تركها تبقي, لكنه لن يدفع بها بعيدا الآن. بيد أن إبقاءها رغم كل المتاعب الناتجة عن وجودها أمر ليس منطقيا .تملكه التعب إلي تفكير فبالرغم من سجلها الأسود كان بقاؤها مثل استنشاق أول أنفاس الربيع الحارة ليس هناك الكثير من النساء اللاتي يشبهها وما من امرأة حتى والدة ستيفاني المتوفية , أثرت عليه كما تؤثر إيريس اشتدت قبضته علي معصمها برهة, ثم استرخت .
سحبت يدها منه بسرعة لكنها لم تبتعد بل ظلا يحدقان ببعضهما فتغيرت تعابير وجهه القاسية وهذا ما أدهشها .
قال :
- ليس من المحتمل أن أتغير بما يناسبك, أكثر إمكانية أن تتغيري أنت لتناسبيني, لكنني بحاجة إلى يد عاملة جيدة.. لقد نجحت في الاختبار عندما قررت إعطاءك الوظيفة, لكن لا تصادقي ستيفاني ولا تثيري المتاعب مع الرجال أو القاتون, و اعتقد أن الوظيفة ستبقى لك طالما تقومين بها بشكل الصحيح, أو طالما أنت تريدينها .. والخيار لك .
بعد ذلك التقط شوكته وجلس, وبقيت إيريس واقفة إلى أن أشار لها بالجلوس .
هل مرّت باختبار الأسبوعين ؟
اطمأنت قليلا بالنسبة إلى مزاجه وشعرت بالارتياح لذلك. لكن يبقى هناك مسألة سكنها في المنزل واضطرارها إلى صد ابنته.. رفع رأسه ليلاحظ أنها لا تأكل .
- هل هناك شيئ لا يعجبك في الطعام ؟
- لا أحب أن أكون فظة مع ابنتك, وإذا أقمت في سقيفة نوم العمال, وتناولت الطعام في قاعة الطبخ .
رد بصراحة :
- أنا لا أصدق ما قلته عن عدم إثارة المتاعب مع الرجال .. وأعتقد ان أحدهم مستعد للخروج عن الأدب معك .. لكن إلى أن يحصل ذلك وأطرد الفاعل, ستبقين هنا وتأكلين معنا .

Rehana 02-06-16 06:29 AM

رد: 186 - انتظري
 
لم تستطع إيريس أن تترك ملاحظته تمر :
- بسبب إبعادي عنهم سوف ينظرون إليّ نظرتهم إلى امرأة تقوم بعمل رجل .. وقد يظن رجالك انك تفضلني عليهم أو يظنون الأسوأ .
وجدت إيريس أنه من الصعب المحافظة على التواصل مع عيني كوبر, لأن كلاهما تذكر تلك الليلة في الإسطبل. تسللت الحرارة إلى وجنتيها, لكنها لم تبعد نظرها عنه ... واستقرت عيناه السوداوان على شفتيها لوقت قصير , قبل أن ترتفع وتخترقا عن قصد عينيها .
انخفضت رموشه قليلا دون أن تخفي لمعان عينيه, وقال :
- لا أعتقد أننا سننجو من الأسوأ في هذا الموقف, حتى ولو لم تنامي هنا .. مهما حدث بيني وبينك فهو ليس من شأن أحد, بل هو من شأننا نحن .
كانت كلماته المذهلة , تصريحا صريحا بما ينوي فعله .. أجفلت إيريس لسماعها كلماته فقاومت لتستعيد رباطة جأشها وقالت بحزم :
- أنا لا أبحث عن مغامرة مع رب عملي برتسوم .
رد :
- وأنا لا أعرض عليك هذا . لكن النوايا الطيبة تبدو في غير محلها أحيانا ,خاصة عندما يكون هناك بعض الاتجاهات .
هزت رأسها : ليس معي .
أثرت ضحكته المنخفضة على أعصابها وكأنه يداعبها, لكنه لم يتفوه بشيء مكنها من الرد عليه ثانية. بردت وجبة طعامها ,لكنها هاجمتها بتصميم يكفي لابتلاع معظمها قبل بدء يومها المهني . وظل التوتر بينهما مشدودا كأوتار البيانو .


نهاية الفصل

bluemay 02-06-16 09:52 AM



يا لهذه المعضلة الصعبة .. كوبر لا يريدها بجانبه وبنفس الوقت لا يريدها بعيدا عنه.

كيف لإيريس ان تحل هذه المسألة ؟!! اخشى ان يصيبها السأم منه وتترك العمل وترحل عنه.

الفصل كان حميميا للغاية ... قطط ستيفاني وسخط اليانور منهم .

كلي شوق للقادم

تقبلي خالص ودي


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»


آهات السكون 02-06-16 11:52 AM

رد: 186 - انتظري
 
وحشتوني كثيييييييير ..رواية جميلة واحداثها اجمل وأبطالها جميلين..

واختيارك لروايات دائما رائع ..

في انتظار الفصول المتبقية على احر من الجمر
عزيزتي
لا تطويلي علينا ..
دمتي في حفظ الرحمٰن..

Rehana 04-06-16 08:08 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3610122)


يا لهذه المعضلة الصعبة .. كوبر لا يريدها بجانبه وبنفس الوقت لا يريدها بعيدا عنه.

كيف لإيريس ان تحل هذه المسألة ؟!! اخشى ان يصيبها السأم منه وتترك العمل وترحل عنه.

الفصل كان حميميا للغاية ... قطط ستيفاني وسخط اليانور منهم .

كلي شوق للقادم

تقبلي خالص ودي


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»


ما أنا قلت لك ان قلبه محتار يريدها جنبه وفي نفس الوقت لا
المشكلة الكبيرة لما يطلب منها طلب مش متوقع منه .. بس هي رفضت .. اعجبتني ^^
دائما ماياتي حضورك وتعليقك يسعدني

Rehana 04-06-16 08:10 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آهات السكون (المشاركة 3610137)
وحشتوني كثيييييييير ..رواية جميلة واحداثها اجمل وأبطالها جميلين..

واختيارك لروايات دائما رائع ..

في انتظار الفصول المتبقية على احر من الجمر
عزيزتي
لا تطويلي علينا ..
دمتي في حفظ الرحمٰن..

وانا توحشني القلوب الا ما تنسانا .. تسملي يارب .. هذا من ذوقك الحلو
ان شاء ما اطول عليكم
ودمت كذلك في رعاية الله

Rehana 04-06-16 08:14 AM

رد: 186 - انتظري
 
8 - أحرقها الثلج

مرت الأيام التالية وإيريس وكوبر غارقان بروتين عمل الربيع ..
لم يكن هناك سبيل لإنكار الإثارة التي تشعر بها كلما كان قريبا منها .. أو النظرات الحارة التي يرسلها نحوها من وقت لآخر . ورغم ذلك كانت تصرفاته نحوها ضمن حدود الأدب دائما كان يعاملها مثل أي عامل مزرعة آخر خلال يوم العمل ... لكن حول المائدة الطعام في المنزل أو خلال الأوقات النادرة التي يمضيانها وحدهما كان يبرز التجاذب بينهما .
أقنعت إيريس نفسها أنها مرتاحة لأن أحد منهما لا يتصرف على أساس هذا التجاذب لكنها لم تستطع إنكار تشوق جزء منها للمسة ذراعية حولها .
رغم تلهيها بمشاعرها نحو كوبر إلا أنها لم تستطع التغاضي عن مشكلتها المتعاظمة مع أحد العمال المدعو سمارتي سلمون .. فقد كان يتخطي الحد الأقصى المسموح به طوال الأسبوع في ملاحظاته الخارجة على الحياء, إلى ملامسة يد لا لزوم لها, ولقد صدته إيريس في كل مرة. كانت برودتها كافية لإحباط معظم الرجال ,لكن اهتمامه بها كان يزداد رغم ابتعادها عنه وهذا ما أصبح أكثر وضوحا .
صرفت النظر عن اللجوء إلى كوبر حيال الأمر .. فالأنثى التي تحتاج إلى من يحميها من زميل عمل لها, عليها أن تجد لنفسها نوعا آخر من العمل, ثم إن سمارتي يعمل في المزرعة منذ بضع أسابيع فقط, وتلقى تحذيرا لأنه لا يبدو جادا في العمل, فهي تشك إنه سيبقي هنا بعد نهاية الأسبوع وتظن أنه يمكنها التعامل معه حتى ذلك الوقت .

Rehana 04-06-16 08:15 AM

رد: 186 - انتظري
 

ركزت اهتمامها على الجواد الكستنائي الذي خططت لتعتني به قبل إنهاء يومها في العمل , وذهبت إلى غرفة العدة بحثا عن رسن تربطه به كانت تفتش في نصف دزينة من الرباطات المعلقة على الجدار , حين أحست بأول قشعريرة من التوتر تحولت إلي نوع من الذعر ..صممت على كبت هذا الإحساس, وتفحصت الرباطات عن كثب لكن أجفلها صوت إقفال الباب فنظرت من فوق كتفها .
ضحك سمارتي لها مزهوا بنفسه قطبت إيريس وجهها واستدارت إليه .
قال متشدقا ,بينما ترك عيناه تجولان عليها وراح يخطو باتجاهها :
- حسن جدا الآن ..بعضكن أيتها الفتيات يجد لذة في لعب دور صعبة المنال .
قالت ببرود :
- أخرج من هنا سلمون .
كان الباب لا يزال مفتوحا قليلا, فاتجهت عيناها إليه بتوتر ظاهر . وراح قلبها يخفق بحدة, حاولت السيطرة على ذعرها يائسة ومدت يدها تأخذ عن الجدار أول رباط وصلت إليه يدها. لكنها حين حاولت الاستدارة حول سمارتي متجهة نحو الباب, رفع الأخير ذراعه ووضعه ليسد الجدار ليسد طريقها .
قال متمتما :
-لا داعي للعجلة .
واقترب نحو وجهها .
جف فم إيريس, وأخذت المسافة بينهما تتقلص إلى حد الاختناق فقالت بحدة :
- لدي عمل أقوم به .
ثم ضربت ذراعه وتجاوزته. ضحك سمارتي ,وترك ذراعه تهبط, ثم أمسك بخصرها .
لوحت إيريس بالرسن مذعورة وضربته به على ظهره .. صاح سمارتي ألما وهو يبتعد عن الضربة اللاسعة ..لكنه استعاد وعيه بسرعة وكانت أمسكت بمقبض الباب لتفتحه حين رمى بنفسه عليه وأقفله مجددا .
تعاظم الخوف في نفسها لإدراكها أنها علقت, كان الرهاب الاحتجاز الذي تصاعد فجأة ليمسك بها لا يحتمل حتى أن التهديد الذي يمثله سمارتي بدا تافها بالمقارنة معه, ولم تعد تستطع التقاط أنفاسها إذ أن شهقات الهواء الخفيفة التي كانت تتنفسها لم تكن كافية للتخفيف من حدة الضغط في صدرها .
فهم سمارتي جمودها على أنه استسلام لكنه كان مخطئا. أدارها لتواجهه .. ومال بوجهه إلى الأمام, لكن إيريس ضربته آليا .. صاح متألما حين وقعت قبضتها علي فمه لتحطمه. . تهاوى إلى الخلف دهشة لكنه لم يتركها .. وخربشت إيريس يديه ,لكنها لم تنجح سوف في زيادة غضبه .. اشتدت قبضته على ذراعيها كثيرا وراح يحاول رميها إلى الأرض .
كان الشجار بينهما قصيرا وعنيفا . قاومت إيريس قوته الغاشمة, فاستشاط غضبا, ورماها إلى الجدار ليضرب وجهها على الخشب. تراقصت النجوم أمام عينيها مع تقدم وجهه نحوها .
- يا ابن ...
تبع صوت كوبر الراعد صوت الخشب يتحطم رفعت إيريس نظرها لترى سمارتي مثبتا فوق الباب المفتوح عاجزا بينما راحت قبضة كوبر الضخمة تحطم وجهه .
لم تعد تحتمل البقاء لحظة أخرى وقفت مترنحة ومرت من وراء كوبر نحو ممر الاسطبل ثم ركضت عبر السقيفة نحو أشعة شمس مابعد الظهر وراء الأبواب المفتوحة .
لا بد أنني أفقد صوابي !

Rehana 04-06-16 08:17 AM

رد: 186 - انتظري
 
- لم لا ؟
أخذت نفسا سريعا لتهدئ نفسها :
- لا أريد المتاعب .. لا أريد أن يرد اسمي علي أي تقرير توقيف لأي كان أو في أي تحقيق .
تركها فجأة وقد ظهرت عليه الدهشة, فاستدارت عنه :
- أنا محكومة مفرج عنها بكفالة .. وهناك عدد لا حصر له من المخاطر في ذلك .
مشطت شعرها بأصابعها والتوتر باد عليها, وأكملت :
- لقد ضربته كوبر.. وإذا أراد , يمكنه تقديم شكوى معاكسة .
- لكنك ضربته دفاعا عن النفس .
نظرت إلية بارتياب ساخر :
- وهل رأيتني أفعل ذلك ؟ هي إذن كلمتي ضد كلمته .. وأنا التي لها سجل إجرامي , وبإمكانك التخمين قصة من سيصدقون .. إضافة إلى ذلك ..
أشاحت بوجهها مجددا :
- أنت تعرف كما اعرف أنا . أن رجالا مثل سمارتي سلمون يدعون دائما أن المرأة هي التي تحرشت بهم .. ثم لم تتعاون . وأن الكثير من الرجال يؤمنون أن المرأة تتسبب بالهجوم على نفسها . وتفقد بذلك حقها بأن تقول لا .
توترت حين لم يرد كوبر فورا .. وسمعته يطلق نفسا بطيئا :
- وهل فعلت ذلك ؟
كان السؤال كالصفعة .. إنها ليست عابثه.. ولا حتى معه , وكونه وجد ضرورة أن يسأل, فهذا دليل آخر على تقديره الهابط لأخلاقها .. اجتاحتها موجة اكتئاب لا تصدق, كانت تظن أنها تثبت جدارتها أمامه في الأيام التي مرت.
قالت بهدوء :
- أخرج من هنا .. اذهب واستدعي الشريف , ودعنا ننتهي من كل شيء .
تراجعت إيريس إلى الحمام, والتقطت فرشاتها لتسرح شعرها .. وإلى أن رشت وجهها بالماء مجددا وخرجت كان كوبر قد خرج .
كانت تخشى وصول الشريف , لكنها أحست فجأة بالتعب يثنيها عن الاهتمام كثيرا بذلك , فتمددت على بطنها فوق السرير ووضعت خدها على اللحاف .
حاولت تجاهل القرع الخفيف على الباب . لكن حين تكرر , نادت بغضب :
- ابتعد عني .
انفتح الباب فجلست على مضض وتراجعت إلى نهاية السرير. دخل كوبر يحمل صينية, ثم أغلق الباب بكعب حذائه .
- قلت لك أن تبتعد عني .
تقدم إلى السرير ووضع الصينية على الطاولة بقربه, ثم جلس وأمسك بيدها حين حاولت الوقوف .
مد يده نحوها بنصف كوب من سائل ما :
- هاك .
- ما هذا ؟
- دواء يريح أعصابك .
- لا يمكن أن أكون مسترخية حين يصل الشريف إلى هنا برتسوم .
- لم أستدع الشريف .. اشربيه .
نظرت إلى أساريره المتحجرة للحظات :
- وماذا عن سلمون ؟
- جارد وأحد الرجال يأخذانه إلى حدود المقاطعة لرميه في كولورادو .. وأظنه أكثر حكمة من أن يعود .

Rehana 04-06-16 08:19 AM

رد: 186 - انتظري
 
شد على أسنانه مطلقا اللعنات . فتابعت النظر إليه بارتياب .. انخفض صوته إلى الهدير :
- اشربيه .
رفعت إيريس الكوب بحذر , ثم ابتلعت القليل منه .كبتت السعال بينما السائل المر يحرق طريقه إلى معدتها ..
-دعينا ننظر إلى شفتك .
رفضت أول الأمر ,لكنه أمسك ذقنها وترك إصبعه يمر فوق الجرح , فآلمتها كثيرا .. وقالت بحدة :
- إنه مؤلم بما يكفي دون أن تحفره .
لفت نظرها وعاء ثلج , فأكملت :
- يمكنني استخدام شيء من هذا الثلج .
لف كوبر قطعة ثلج في منشفة صحون , وأعطاها إياها .. بدلا من وضعها على شفتها , ضغطتها بحذر فوق ضربة على مؤخرة رأسها .. ولرؤيته هذا مد يده ليساعدها وأبعد يدها عنها .
- لست عجلة ثمينة فتضطر لتطببيها برتسوم .
لكنه تابع الضغط الطيف مكان الضربة في رأسها , لونت فمه ابتسامة لطيفة فلمحت لمعان التسلية في عينيه عندما أنهى تفحصه الضربة . استدار لأخذ قطعة ثلج أخرى, ثم وقف مشيرا برأسه إلى حافة السرير العليا :
- اتجهي إلى هناك واستلقي .. اليانور لن تحضر العشاء قبل ساعة .. ولن يضيرك أن تستريحي قليلا .
افترضت أنه سيخرج , وفعلت كما قال. أمسكت القماش مع الثلج بيدها لتبقيها على مؤخرة رأسها , واستقرت في السرير مباشرة لكن كوبر مال فوقها يلامس بلطف قطعة ثلج أخرى إلى شفتها .
قالت وهي تشعر بالإحباط لانقطاع أنفاسها :
- لماذا كل هذا .
زينت ابتسامة بطيئة وجهه :
- اصمتي ودعيني أكمل العلاج .
ارتجفت عندما راح يمرر قطعة الثلج جيئة وذهابا على شفتها السفلى ...أخذت الحرارة أصابعه وحرارة بشرتها تذيب الثلج وأحست بدم يتصاعد إلى خديها .. أدارت وجهها لتتهرب من الثلج ومن لمسته ... فسرت رعشة شوق في عروقها لكن القلب المتألم الذي لجمت فيه مشاعرها كان أقوى .
- هل هذا اختبار ؟
- ماذا ؟
أدارت وجهها, ولمعت عيناها الزرقاوان في وجهه :
- سألت ما إذا كان ذلك نوعا من الاختبار ؟ سألتني عما إذا كنت قد أغويت سلمون ... فهل يعني كل هذا العلاج ما يعنيه؟
لانت أسايره المتصلبة وهو ينظر إليها , خفض رأسه ببطء فأجفلت لاقترابه لكنها لم تغمض عينيها .. ولم يغمض عينيه كذلك وما هي إلا لحظات حتى تراجع قليلا ...
- لا إيريس ..ليس اختبارا إذا كان هناك شخص ما يتعرض لاختبار هنا .. فهو أنا ...
أحست بالجهد الذي يبذله كي يكبت مشاعره , والتفت يده حول خصرها .. ودون وعي منها تركت إيريس ذراعيها تلتفان حول كتفيه ثم عنقه .
شهقت حين استقرت راحة يده على كتفيها وأدارت وجهها عنه كي لا يلامسها .. كانت أفكارها مشوشة لكنها كانت واعية بما يكفي لترتاب بما يحصل .
- أسمع أن بعض الرجال يبتهجون بالعبث مع نساء "سيئات ".
ملاحظتها المقطوعة الأنفاس لم تمنعه من متابعة مداعباته .. فتنهدت إيريس عاجزة نظرا للإحساس البري الذي سرى فيها ,وتمكنت من القول بارتجاف :
- كفى .. توقف .

Rehana 04-06-16 08:19 AM

رد: 186 - انتظري
 
لكن حركاتها المتململة وأنفاسها المقطوعة جعلت طلبها مثيرا للسخرية . كانت يائسة لاستعادة سيطرتها على نفسها, عضت علي شفتها المجروحة, لكن الألم لم يعطيها فرصة الخلاص من مشاعر .. ولم تع أنها كانت متعلقة به بيأس إلى أن حاولت تركه وإبعاده عنها .
فجأة لم تعد تهتم بدوافع كوبر .. مشاعرها القوية أعمتها عن كل شيء ..ارتفعت يدها تنتشر بقوة في شعره الكثيف .. كانت تعي الحذر الذي يعاملها به, فرفعت رأسها تنظر إليه .
ثم ما لبثت أن أحست بمدى السيطرة التي يفرضها كوبر على نفسه وعليها, فأرجعت رأسها لتريحه على الانحناءة مابين كتفه وعنقه .
استعادت تعقلها على دفعات .. كل واحدة أكثر ألما من التي سبقتها ..ماذا تفعل .
وكأنه يعرف كل ما تفكر به, فضحك :
- ليس من الطبيعي أن نصل إلى هذا الحد بسهولة .. أليس كذلك إيريس ؟
رفعت رأسها لترى وجهه :
- وهل خططت لذلك ؟
تنهد بخشونة, وفتح عينيه لينظر إلى عينيها, فأدهشها الجوع الذي لم يهدأ فيهما بعد .
لكن ذلك كان مجرد رغبة .
كانت تعرف جيدا أن المراة التي تروق للرجل فجأة, ليس بضرورة أن يكون لها القوة لتكتسب قلبه .
قال :
- لم أخطط لهذا .. لا, لكنني لا استطيع القول إنني لم أكن آمل أن يحدث .
أكمل بأنفاس منخفضة :
- ما رأيك إيريس ؟ يمكن أن يكون لنا أوقات مجنونة معا .
سألت, وهي تعرف الرد :
- وإلى أي مدة ؟
كانت تحس بخوف رهيب من أنها قد بدأت تقع في حب عميق معه . بالرغم من كل شيء. ومن الأفضل أن يسحق هذا الإحساس الآن, بدلا من الانتظار أكثر ,لأنه حينها سيكلفها الكثير .
كان لا يزال يداعب خدها حين كررت السؤال, وتراجعت عنه في محاولة لجذب اهتمامه .
رمى كوبر رأسه على الوسادة وأخذ يتفحص وجهها المحمر .. كان اللمعان الغريب الذي دخل إلى عينيه تحذيرا لها مما هو قادم :
- إلى المدى اللازم لتخبو النار .. حبيبتي .
مع إنها توقعت الرد إلا أنها لم تكن جاهزة تماما للألم الذي تسببه لها ..
قالت بحدة تذكره :
- قلت لك إنني لا أبحث علي مغامرة عابثة مع رب عملي .
لقد أوضح تماما أنه يهتم بشيء رخيص معها . أدركت عندها أن ما تريده حقا كان الجدال . حارا أو مرا . ثم احتاجت فجأة إلى الابتعاد عن عاصفة الإحباط والألم التي هبت في داخلها . .يكفيها الجدال معه . بينما كان بريق عينيه ينم عن استعداده الكبير لذلك .
قال محذرا :
- أنت تخطئين إذا كنت تظنين أن إمساك نفسك عني قد يأتيك بفائدة أكبر .. ليس لديك ما يكفي لتقايضيه بخاتم ومراسم .
برد الثلج الذي أخذ يزحف في شرايينها آخر ما تبقي من مشاعرها .. وعرفت من النظرة الباردة في عينيه أنه يعاني مثلها .
التوى فمها بخطوط متجهمة :
- أعتقد أنك أرسلت جارد لرمي مثير المتاعب الذي أخطأ من المزرعة.
رفعت نفسها عنه وابتعدت. التفت يدها بمنشفة المطبخ المبللة بالثلج الذائب, فرمتها نحو الصينية. .ثم رمت رأسها على الوسادة وأغمضت عينيها .. كانت اللذعة التي أحست بها تحت جفنيها قوية . لكنها كانت مصممة على عدم ذرف الدموع بسبب كوبر برتسوم .

Rehana 04-06-16 08:20 AM

رد: 186 - انتظري
 
أخيرا أحست به يبتعد, فاستلقت متصلبة إلى أن سمعت الباب يقفل .. استدارت بيأس إلى جانبها وفتحت عينيها الجافتين لتحدق دون أن ترى شيئا وسط ضوء النهار الذي يتلاشى خلف الستائر .
أحست إيريس بالارتياح حين سمح لها كوبر بقيادة الشاحنة الصغيرة إلى البلدة لتبتاع علف الجياد الخاص الذي طلبه. كان حتى الآن متحفظا ولا مجال للاقتراب منه .. ورغم أنه كان يعاملها بشكل لا يختلف عن العمال المزرعة إلا أن البرودة في عينيه وغياب سمارتي سلمون سمحا لها أن تشغل الغرف المنفصلة في سقيفة نوم العمال , وهذا ما أنقذها من المكوث معه تحت سقف واحد لكن لم يكن هناك خلاص من أوقات كانت مضطرة فيها إلى العمل بجانبه .. ورغم كون هذه الأوقات قليلة , بيد أنها توقعت أن ينتقد عملها ويجد عذرا لطردها , لكنه لم يفعل, وكان عدم اكتراثه لبقائها أو ذهابها , أصعب من الخصام الصريح .
كانت تفكر بتقديم استقالتها والخروج بحثا عن عمل آخر .. أصبح لديها الآن راتب أسبوعين وثالث تقريبا ... هكذا أصبحت تملك ما يكفي لإعالتها إلي أن تجد عملا .. مع ذلك, فإن شعورها بالاستقلال وهي تقود السيارة إلي البلدة جعلها تعيد التفكير بترك العمل قريبا .. العمل لدى كوبر ليس ثقيل الوطأة , لذا رأت أنه من الأفضل أن تبقى إلى أن توفر ما يكفي لشراء سيارة مستعملة أو شاحنة صغيرة .. وسيكون ذلك خطوة نحو استعادة ولو جزء صغير مما اضطرت إلى التخلي عنه .
ما أن وصلت مخزن العلف , حتى وجدت أن عليها إيقاف السيارة في مؤخرة المبنى لتحميل العلف المنتظر على الرصيف , وأعطت إيريس الموظف شيك المال من كوبر , الذي قال :
- أتريدين مساعدة في ذلك يا آنسة ؟
هزت رأسها نفيا وابتسمت :
- أستطيع القيام بالعمل وحدي .
بدا الموظف غير مرتاح لتركها تحمل العلف وحدها, لكنه عاد إلى الداخل. بدأت إيريس العمل , كانت نصف منتهية حين توقف (( بيك آب )) أزرق في منطقة التحميل إلى جانب سيارتها . لم تنظر إليه أكثر من نظرة خاطفة ثم تابعت آخر كيس في مكانه ونزلت من مؤخرة الشاحنة الصغيرة .
كانت تخلع قفازيها حين انفتحت أبواب الشاحنة الأخرى وخرج منها ثلاثة رجال فرفعت إيريس نظرها .. وجمدت .
قال الرجل الذي سدَ لها الطريق :
- ما الأمر أختاه ..؟ تبدين وكأنك رأيت شبحا .
بدا أن بلاك رايدر يتمتع بدهشتها , وابتسم للرجلين المستندين إلى سيارتهم بطريقة تآمرية .
اندفعت إيريس بتهور محاولة الهرب . إذ أن رؤية بلاك فجأة حطمت أعصابها .لكن إحساسها الرهيب بالخوف كان أكثر قوة .
هذا ما كانت تأمل به طوال تلك الأيام الطويلة في السجن .. لكن المشكلة أنها كانت تنوي أن تجد بلاك هي أولا .. ثم تبتعد عن النار إلى أن تجد طريقة تكشف فيها نشاطه غير القانوني. لم تتصور أبدا أنه يعيش في مكان ما حيث يظنه الجميع مواطنا شريفا , ثم إن الطريقة المتعجرفة التي كان ينظر فيها إليها أخبرتها أنها محقة .
كانت نظرته , وابتسامته المتغطرسة ,هي التي أفقدتها السيطرة على غضبها .
- ماذا تفعل هنا .
. عرفت أنك لا تزالين غاضبة مني .. لكنني ورفاقي نكن لك النوايا الطيبة .
ورفع يده اليمنى وكأنه يقسم .
ابتسمت ساخرة ,وحاولت إخفاء خوفها المتجدد شاعرة أنه ينوي توريطها بما يخطط له بطريقة ما .تمنت لو تستطيع الهرب والوصول فورا إلى الشريف , فقد تتمكن عندئذ من ردعه .. مع أن الوثوق بشريف آخر في إظهار الحقيقة كان فكرة مرعبة بالنسبة لها , لكن ما من خيار آخر لها. فالزمن لم يغير من بلاك شيئا ... إنه الآن أشد خطرا عليها من قبل .

Rehana 04-06-16 08:20 AM

رد: 186 - انتظري
 
- ماذا تريد بلاك ؟
قال بلهجة ناعمة طالما كرهتها :
- أبدا حبيبتي .. لا داعي لأن تشكي, أنا والرفاق بحاجة إلى بعض المعلومات .. هذا كل شيء .
أجفلت :
- إذن يجب أن تكلم شخصا آخر ... فأنا لا معلومات لدي .
بدأت تبتعد , لكن الرجلين المرافقين لبلاك تقدما ليستندا إلى شاحنتها , متعمدان سد طريقها .
استدارت إيريس إلى بلاك , فتابع :
- كما كنت أقول .. نحتاج إلى معلومات .. على أية حال , أنت التي تسببت بطرد برتسوم لرجلنا عنده .لذا نعتقد أنه يجب عليك أن تفعلي شيئا للتعويض عن ذلك .. مثل أخذ مكانه .
اضطربت معدتها ... الرجل الذي تسببت في طرده ؟ سمارتي سلمون جاسوس ؟ لكنها لم تشك يوما أنه متورط في عملية السرقة .
هز بلاك رأسه :
- أترين .. أنا والفتيان لا نحب التسلل إلى المراعي في الظلام محاولين وضع أيدينا على أفضل الماشية .. وكذلك علينا تفادي مشكلة وصول أحد في التوقيت غير المناسب , فلا مجال للقول ما يمكن أن يحدث . إن أصاب احد رماحنا عن الطريق الخطأ والتحذير أحدا ما بأذى .
ضحك وكأن الصورة مسلية :
- إضافة إلى ذلك , نحن نحب أن نأخذ وقتنا في الوصول والخروج , وإبقاء القطيع هادئا كي لا نخسر من وزنه فيقل ثمنه .. ومن الأفضل للعمل أن يكون هناك شخص لنا في الداخل .. حين سمعت أنك هنا فكرت أنك طبعا ستساعدينا .. فانت كل عائلتي .
دعته إيريس بإسم كريه جعل احد الرجلين يضحك ضحكة مكبوتة ... وحول الغضب أسارير بلاك إلى تعابير بشعة , ومد يده ليضربها فاصطدمت مؤخرة يده بخدها , أفقدتها الضربة توازنها فارتمت إلى جانب البيك آب. سحقها بجسده الضخم ليثبتها مكانها .. اقترب وجهه منها , فأبعدت وجهها عنه .
همس في أذنها بلهجة شريرة :
- لا تذهبي إلى الشريف ظنا منك أنه سيساعدك , فما إن تخبريه بحديثنا هذا , ويعرف أنك خارجة حديثا من السجن , أظن عندها أنه سيوفر على نفسه متاعب جمة , ويقدم تقريرا حول مفرج عنه بكفالة قد خرق القانون. ولن يهمه إذا كنت قد خرقت حقا القانون أم لا ,لأنه يكره المحكومين كالجحيم ... ويشدد عليهم الخناق إلى أن يحصل على شيء ضدهم .. فذلك يبقي مقاطعته نظيفة .
حاولت إيريس دفعه عنها .. وتملكها الخوف الذي حاولت إخفاءه , وأكمل بلاك :
- إضافة إلى هذا , لدي شيء قد يغير لك رأيك .
هزت رأسها بعناد .
- لا شيء يغير رأيي .
- إذن .. سأضطر إلى تدبير الأمر كي تكوني أنت المذنبة .
أحست إيريس بالدم يجف في وجهها: ماذا ؟
هز كتفيه :
- كل ما عليك معرفته هو ما حدث من قبل .. جيرانك وأصدقاؤك هم الذين حكموا أنك مذنبة , ولن تنالي فرصة مع القانون طوال حياتك ..لا أصدقاء لك الآن .. بل مجرد سجل إجرامي .
تراجع عنها ..ثم دفعها نحو باب شاحنتها ... فتهاوت , ومنعت نفسها من السقوط بإمساك المرآة الجانبية .

Rehana 04-06-16 08:21 AM

رد: 186 - انتظري
 
استجمعت شجاعتها , والتفتت إليه :
- لن أساعدك بلاك , مهما فعلت بي .
- ستغيرين رأيك بسرعة كافية حبيبتي .
والتفت ليبتسم لرجليه :
- قلت لكما إنها عنيدة كالبغال .
ابتعد الثلاثة , وصعدوا إلى شاحنتهم فأصاب الحصى المتطاير ساقيها مع دوران الإطارات .
تركتها صدمة المواجهة ترتجف .. نظرت حولها , آملة أن يكون موظف المحل قد عاد إلى الخارج ليشهد ما حدث , فهذا ما يساعدها كثيرا .. لكن المدخل كان خاليا , ولا يبدو أن أحد ما هناك .
فتحت إيريس السيارة وهي ترتجف وصعدت إلى الداخل .. فكرت بالذهاب رأسا إلى الشريف .. لكن الخوف الرهيب الذي تملكها لما قاله لها بلاك ازداد بشكل لا يطاق .
ثم فكرت أن تقول لكوبر ما حصل , وتحاول الحصول على دعمه . لكنها صرفت النظر عن تلك الفكرة , فلكوبر فكرة سيئة عن سجلها الإجرامي , وهو الآن مبتعد عنها ولا تجرؤ على الثقة به .
ارتجفت يدها وهي تدير المحرك , إذ أن فكرة أن يتمكن بلاك من توريطها في شيء ما يضمن عودتها إلى السجن قد أرعبتها .. أية مخالفة لإطلاق سراح المشروط . سيعني لها خمس سنوات في تلك المساحات الضيقة الخانقة , مع أشخاص عدائيين , وبعضهم لا شفقة عنده , والبعض مجنون , لا قلب له أبدا .. وليس الجميع ممن يمكن معاشرتهم , تملكها الغثيان للذكرى , وانتظرت أن تهدأ أعصابها بينما كان التوتر باديا عليها .
في مكان ما وسط ذعرها , تذكرت إليك فارتغتون .. قد يتمكن من مساعدتها , شريطة أن يكون قد عاد إلي بلدته الآن .. والأمر يستحق المحاولة , فأحست بوجود بريق من الأمل .
حركت الشاحنة بسرعة وخرجت من الزقاق . حجرة الهاتف الوحيدة التي شاهدتها كانت قرب مركز البريد .. وفي وقت قصير حصلت على رقم هاتف مكتب أليك من عاملة الهاتف ودست المزيد من القطع النقدية المعدنية لتغطي كلفة المخابرة .
بعد لحظات , كانت مع مكتبه على الخط .. أليك أخذ إجازة بضعة أيام ولن يعود إلى المكتب قبل أسبوع . وقالت سكرتيرته إنها لن تتمكن من معرفة مكانه , لكنها سجلت رسالة إيريس , ووعدت بإيصالها إليه إذا اتصل .
عادت إلى الشاحنة ودخلتها , شعرت بحالها أسوأ من قبل .. كان أليك أملها الوحيد . فلو تكلم مع كوبر , أو أفضل من ذلك, لو مهد لها الطريق مع الشريف , لكان القبض على بلاك ممكنا .. لكن, والحال كما هي عليه فلن تستطيع إيريس إجبار نفسها على الذهاب إلى الشريف وحدها .
لم يبد الآن أن فضح أمر بلاك , وتبرئة اسمها , أمر مهم .. قد تتمكن أخيرا من العيش مع سجلها الإجرامي ... لكنها لن تستطيع مواجهة السجن مرة ثانية .
أغمضت عينيها يائسة , يخجلها الجبن الذي تحس به . كان العقل السليم يصر عليها أن بلاك قد ينجح في توريطها مرة أخرى .. وحذرتها الخبرة أنه قادر على ذلك .. فتحت عينيها لتنظر إلى الشارع دون أن ترى أمامها محاولة كبت مخاوفها .
حين أدارت الشاحنة وحركتها , كانت قد اتخذت قرارها .. سوف تترك عملها ما أن تعود إلى المزرعة , ثم تطلب من كوبر إرسال من يوصلها إلى موقف الباص , حيث ستستقل أول باص يتجه إلى أي مكان , وتصلي كي تتمكن من الابتعاد أميالا قدر المستطاع عن بلاك رايدر .
مع شيء من الحظ , وإلى أن ينفذ بلاك ما يخطط له , ستكون بعيدة جدا بحيث لا يشكل فعله أي تهديد على مرتبها ..فيما بعد , حين تصبح آمنة ستتصل بالشريف وتطلعه على نشاط بلاك . وستكون المخابرة من مجهول , وستؤمن بذلك عدم ظهور بلاك مجددا في حياتها , وتكون حياة جيدة لنفسها في وقت تستقر فيه أخيرا . تراجعت إيريس لتوجه السيارة نحو المنزل والألم يملأ قلبها لما ستفعله .. إذ أنها أدركت أن مزرعة برتسوم أصبحت بطريقة ما المنزل بالنسبة لها .


نهاية الفصل

bluemay 04-06-16 02:23 PM

رد: 186 - انتظري
 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

سمارتي تبين انه جاسوس باﻹضافة لسوء اخلاقه ومراودة ايريس رغما عنها..

ظهور بلاك اﻵن توقيته سيء جدا وخاصة ان علاقتها بكوبر متأرجحة وان كانت تميل للبرود من جهة كوبر..

كوبر غاضب منها لرفضها عرضه الذي يراه اكثر من كريم معها ولكن هل سيختلف الوضع بعد ان يعرف بما يحدث معه ؟!!

كلي شوق للقادم سلمت يداك

تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


Star warda 05-06-16 01:17 AM

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلمين اختي رواية روعه واحداث مثيرة ومشووقة
ومشكورة على تعبك في كتابة الرواية ومجهودك الجميل

Rehana 05-06-16 08:46 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3610393)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

سمارتي تبين انه جاسوس باﻹضافة لسوء اخلاقه ومراودة ايريس رغما عنها..

ظهور بلاك اﻵن توقيته سيء جدا وخاصة ان علاقتها بكوبر متأرجحة وان كانت تميل للبرود من جهة كوبر..

كوبر غاضب منها لرفضها عرضه الذي يراه اكثر من كريم معها ولكن هل سيختلف الوضع بعد ان يعرف بما يحدث معه ؟!!

كلي شوق للقادم سلمت يداك

تقبلي مروري وخالص ودي



★☆★☆★☆★☆
بعد نهاية النقاش او الحديث مع أحد
لاتنسوا دعاء كفارة المجلس:

سُبْحَانَكَ اللهم وَبِحَمْدِكَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أنت أَسْتَغْفِرُكَ وأَتُوبُ إِلَيْكَ


وعليكم السلام والرحمة

بلاك قاهرني .. اسلوبه مستفز , اناني , عديم اخلاق
اما طلب كوبر فهذا انا اعتبره وقاحة منه
حياك الرحمان

Rehana 05-06-16 08:48 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Star warda (المشاركة 3610436)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تسلمين اختي رواية روعه واحداث مثيرة ومشووقة
ومشكورة على تعبك في كتابة الرواية ومجهودك الجميل

وعليكم السلام والرحمة
الله يسلمك عزيزتي
العفو بس لتوضيح انا فقط دققت الرواية :lol:

Rehana 05-06-16 08:51 AM

رد: 186 - انتظري
 
9- الطريق الى السجن

- ماذا فعلتي لوجهك.
كان سؤال كوبر حادا .لكن إيريس شدت على اسنانها وانزلت كيسا اخر من العلف من باب الشاحنه الخلفي .رفعت يدها بالقفاز وضغطتها على المكان الذي ضربها عليه بلاك..كان لايزال يؤلمها, لم تعتقد ان احدا سيلاحظه, ثم استدارت لتمسك بكيس اخر .
راوغت في الرد :
- لم اكن حذرة.
بدأت بجر كيس الى الباب حين مد يده ليمسك بالكيس التالي.
نظرت اليه ولاحظت اهتماما كبيرا في نظرته ..ماجعلها تشك بصدق البرودة التى كان يعاملها بها.
إنها مصيبة في ان لا تخبر كوبر بأمر بلاك . فهو لن يدعمها ابدا لو ذهبت الى الشريف... ولربما عدم ثقته بها قد تورطها اكثر.
ما ان رمت الكيس الثقيل في الارض حتى قالت :
- من الجيد انك هنا برتسوم ..سأترك العمل اليوم...وسأكون ممتنه لو أرسلت احدا ...
وشدت كيسا جديدا نحو الباب :
-...يوصلني الى محطة الباصات.
حل صمت ثقيل بينهما وهما يفرغان الشاحنة الصغيرة..لم يرد كوبر على ماقالت إلى ان وضع العلف في المخزن ؟؟وقفت إيريس جانبا كي يقفل الباب .

Rehana 05-06-16 08:51 AM

رد: 186 - انتظري
 
حين استدار نحوها ركزت اهتمامها على قفازيها .
- ولماذا الآن ؟
لم يكن من السهل الرد عليه.. ليس وهي مضطرة للكذب. فتسلل لون الذنب الى خديها.
- قررت الرحيل .
- بسبب ماحدث تلك الليلة ؟
هزت رأسها نفيا:
- لا دخل لهذا بذاك.
قطب وجهه قليلا.. رغم انه تقبل ردها ,إلا أن تعبير فكه المصمم حذرها انه لن يتركها تذهب بسهولة.
ارتفعت يده ومرر ظهر إصبعه على الكدمة الخفيفة على خدها.
- شيء ماحدث في البلدة اليوم.
ارتجفت رموش ايريس وانخفضت. إنه مرتاب جدا. .لا تتصوره واقفا الى جانبها ,حتى ولو عرف كل شيء. لقد فقدت الأمل في ان يتصل بأليك ليسأله عنها..فمن دون دعمه, سيغضب كوبر لو عرف أنها اتصلت بسارقي المواشي الذين يستهدفون قطيعه, وإذا عرف ان زعيم العصابة هو اخوها غير الشقيق, فلن ينتظر ليسمع بقية القصة. وستكون خلف القضبان مرة اخرى.
تذكرت اعلانا رأته على باب مخزن الغلال يطلب مساعدين ..كرهت اضطرارها لإعطائه عذر كاذب كي تترك العمل فجأة, لكنها تعرف أنه لن يرتاح قبل أن تعطيه هذا العذر .
- لقد رأيت إعلانين يطلبون فيهما عمالا على باب مخزن الغلال..احدهما كان للعمل مع الجياد قرب "شابين".
تركها كوبر اسيرة الصمت إلى أن تطوعت بنظرة نحوه..لم يكن وجهه متجهما بل كان في وجهه نعومة أثرت على عواطفها.. وجعلتها تشك في صحة قرارها ان لا تقول له شيئا.
سأل بصوت واضح:
- هناك اكثر من ذلك في الأمر.
ترددت ايريس ..لم تكن نظرته اللطيفة متوقعة بقدر ماكانت مقنعة..قاومت تلك النظرة محاولة الشعور بالقوة .ان كوبر لا يعرفها جيدا ومايعرفه عنها لا يعجبه..لا يزال ذلك الرجل الذي يرغب بأوقات مجنونة مع امرأة لا يعتبرها تستحق مكانا اكثر احتراما في حياته.. رأت في النهاية ان ترك العمل والمنطقة هو فرصتها الوحيدة للخلاص من بلاك ورد ابتزازه عنها.
اشاحت بنظرها كي لا ترى التوسل الواضح في نظرته وتلاعبت بقفازيها ..قالت:
- أنا آسفة لن استطيع إعطائك إنذار استقالة اطول من هذا ..سأكون ممتنة اذا ارسلت احدا يوصلني إلى محطة الباصات ..لن يلزمني أكثر من عشر دقائق لتحضير امتعتي.
واستدارات نحو المنزل لتبدأ توضيب ثيابها .لكن صوته اوقفها :
- لن يكون هناك باص يخرج من دورهاس قبل الغد.
استدارت اليه تتفحص قسمات وجهه العنيدة علها تجد دليلا يخبرها ان هذه المعلومات غير صحيحة فهي مضطرة الى السفر فورا.
وكأنه فهم عدم ثقتها به فعبس:
-اتصلي بالمحطة بنفسك إذن, بامكان اليانور إعطائك الرقم .
ثم تخطاها ليغادر المكان.
وقفت ايريس لحظات تراقبه وهو يبتعد قبل ان تتجه الى المنزل. كانت تأمل ان يكون مخطئا حول مواعيد الباصات . لكن إذا لم يكن كذلك, فهي بحاجة لمعرفة موعد مغادرة الباص التالي.
لم تبقى في المطبخ طويلا بعد ان طلبت محطة الباصات وعرفت ان الباص التالي لن يغادر قبل ظهر الغد.

Rehana 05-06-16 08:52 AM

رد: 186 - انتظري
 
في الصباح التالي, غطت ايريس في النوم الى مايقارب السابعة .خرجت من السرير مضطربة , تشعر ان النهار قد سبقها بساعتين.. هي لن تغادر قبل الظهر الى محطة الباصات, لكنها كانت تقصد ان تمد يد المساعدة في بضعة اعمال قبل ذهابها الى المنزل لتقبض آخر اجر لها ..
نظفت غرفتها ورتبتها. وكانت على استعداد للذهاب الى المطبخ لتناول القهوة وأكل شيء حين سمعت دقا عنيفا على باب غرفتها:
- ايريس!.
جعل صوت كوبر الراعد الخوف يخترقها .. وأسرعت إلى الباب تفتحه.
كان كوبر يقف على العتبة. وجهه مظلم بسبب الغضب ..طافت نظراته عليها, ثم عادت الى تعابير وجهها المذهولة ..تقدم نحوها بشراسة جعلتها تتراجع آليا:
- اين كنت بحق السماء؟
- استغرقت في النوم.
دخلت السخرية نظرته الغاضبة:
- وهل أمضيت ليلة قلقة؟
لم تكن قد شاهدته من قبل بمثل هذا الغضب ,وكونها هدف غضبه اخافها واربكها, فهناك شيء مخيف خاطئ.
- ماذا حدث؟
نظر إليها من تحت حافة قبعته. بينما كانت تعابير وجهه المتحجر مخيفة.
- دخل احدهم الى الاسطبل ليلة أمس وسرق بلاكي.
مضت لحظة قبل ان تستوعب كلامه.. ولابد ان صدمتها بدت ظاهرة, لأن الغضب الذي كان يعتم وجهه تراخى قليلا .
هزت رأسها غير مصدقة:
- سرق ؟ لكن كيف ...
صمتت فجأه وتمكنت من فهم سبب غضبه. فهي على الارجح الشخص الوحيد الذي يمكنه إخراج بلاكي من الحظيرة وسط الليل ..
- وهل تظن انني الفاعلة ؟لا ...كوبر.
- إذن اخبريني من سواك يستطيع ذلك.
هزت رأسها واستدارت عنه محبطة:
- يالهي.. لا أصدق أنك تعتقدني قادرة على ذلك.
تنهد بخشونة :
- اجل .. لابد أنها فكرة مجنونة خطرت لي من حيث لا ادري ..فأنت ليس لك تاريخ في سرقة المواشي .
سخريته آلمتها, فأستدارت اليه غير قادرة على إخفاء الألم.
- لوفكرت بالأمر مليا .. لوجدت أنني لم افعلها.
- انت على حق ...فلا شاحنة , ولا حاوية , ولا مكان تخبئينه فيه..لكنه جواد لايمكن لأحد غيرك الاقتراب منه بسهولة! لوكان في المرعى في مكان ما لكان من السهل على أي كان يملك جيادا سريعة وحبالا كافية ان يضع يده عليه ..لكنه اخذه من الاسطبل؟ .
تسلل إحساس بالسقم الى داخلها وهي تتذكر كلمات بلاك : لدي شيء يجري قد يغير لك رأيك ..سوف ادبر الأمر لتكوني متورطة..فهل سرق بلاكي, ليغير رأيها ؟ السرقة تبدو وكأنها تنفيذ لتهديده في جعلها تبدو مذنبة.
ادارت ظهرها الى كوبر, تفكر بشكل محموم.لابد ان بلاك هو من سرق الجواد..وان يخرج عن المألوف ويخاطر مخاطرة كبيرة ليثبت وجهة نظره ,هو امر مرعب ..كيف يخطط لسرقة الجواد في سبيل إجبارها على مساعدته ؟
ثم كيف تمكن من سرقة بلاكي اصلا؟ فالجواد لم يتصرف يوما بشكل جيد في حضوره . رغم انها لم تضبطه يوما يسيء معاملة جواد, إلا أن الإمكانية موجودة وهي واثقة من ذلك ..من الصعب السيطرة على بلاكي ,وقد يجعل هذا بلاك يسيء معاملته ..او الأسوأ بعد.. واحست ايريس بالمرض إثر الفكرة المظلمة التي خطرت لها.. بلاك يعرف ان الجواد مميز بالنسبة لها .فجأة, عرفت ان الجواد هو الأداة الحقيقية التي ينوي بلاك استخدامها ضدها.

Rehana 05-06-16 08:52 AM

رد: 186 - انتظري
 
- ايريس؟
جعلها طلب كوبر منها الاهتمام به تنظر اليه . سألت:
- هل انت واثق انه سرق؟ هل من الممكن ان يكون قد هرب؟
قطب كوبر حاجبيه ,وتلاشت آمالها:
- احضري معطفك .
ومد يده لياخذ سترتها وقبعتها من التعليقة ويرميها اليها .ارتدتهما بسرعة ثم اسرعت بالنزول الى الحظيرة لترى بنفسها اي دليل . لاشك في وجود دليل ما للمقاومة , فبلاكي لا يترك مجالا ليقوده احدا بالقوة.
كانا قد وصلا شرفة سقيفة العمال حين تكلم كوبر مجددا.
- الشريف روبي سيطرح عليك بعض الاسئلة .
جمدت واتجهت نظرتها إلى كوبر ,رأى ذلك فتبسم ساخرا:
- لوذهبت إليه و أنت هكذا.. سيعتقلك دون شك.
ثم اكمل طريقه.
لحقت به إيريس والذعر يتملكها.
قالت باستياء :
- اعتقد انك قلت له إنك الفاعلة.
- لا حاجة لأن تقلقي اذا كنت بريئة.
كادت ايريس ان تختنق بالغصة التي تصاعدت الى حلقها..فكونها بريئة لم يفيدها بشيء من قبل.
- اذا.. كنت تظنني الفاعلة..فهو إذن واثق من ذلك.
سأل بخشونة:
- أيمكنك النظر الى عيني مباشرة والقول انك لا تعرفين شيئا عن الامر؟
نظرت ايريس اليه, وقد فاجأها بسؤاله. يمكنها ان تقول صادقة إنها لم تسرق الجواد.لكنها ستكذب لو قالت إنها لاتعرف عنه شيئا..إنها مقتنعة بأن بلاك متورط في ذلك ,لكنها لا تعرف كيف تقول لكوبر هذا .. وكان ترددها مدينا لها.فقال :
- هذا مافكرت به .
ثم تركها وكأنه يكره ملامستها..وابتعد لتسرع خلفه وهي تشعر أنها مدانة.
كانت سيارتا دورية للشرطة متوقفتين خارج الاسطبل..وبضع عمال يجتمعون حولها. احست بالتقيؤ في معدتها عندما مرت بهم ودخلت الاسطبل مع كوبر .
كان الشريف ومساعدين له يقفون خارج حظيرة بلاكي, ونظر الثلاثة نحوهما حين دخلا ,لكن الشريف وحده تقدم نحوهما .
قال كوبر:
- هذه ايريس يرايبون.
ابتسم الشريف, لكن عيناه اللوزيتان اخترقتا عينيها بثبات جعل قلبها يخفق بقوة . كانت وقفته العسكرية تؤكد السلطة التي عرفت انه سيمارسها عليها..واحست بوجهها يتصلب دفاعا عن النفس.
- آنسة برايبون.. انا الشريف روبي.
لم تشعر ايريس بالارتياح لتحيته. رغم انه رفع يده لامسا قبعته إظهارا للاحترام ,وكانت هزة من رأسها هادئة هي كل ما استطاعت ان تفعله لتحييه .
كان من الصعب دفع الخوف عن اساريرها..وكان الأصعب إخفاء العداء المفاجئ له .
قال:
- انا واثق ان كوبر اخبرك بما يعرف حتى الآن.
واستدار الى كوبر:
- جارد وجد كلاب الحراسة مخدرين في سقيفة المعدات ويقول إنهم سيكونون بخير.

Rehana 05-06-16 08:53 AM

رد: 186 - انتظري
 
وعاد اهتمام الشريف إليها:
- لدي بضع اسئلة اريدك ان تساعديني بها..فهمت أنك الشخص الوحيد هنا القادر على التعامل مع ذلك الجواد دون إثارته.
ضحك مكملا:
- لقد رأيت كوبر يستخدم كامل خبرته من أجله مرتين, لذا اعتقد انك نوع مميز من الفارسات.
ابتعدت نظرتها عن نظرته. .كان مديحه موجها لإعطائها احساس مزيف بالأمان .وهي واثقة من ذلك.
ردت بخشونة, اثناء رفعها عينيها اليه بتحد :
- وهل بدأتم التفتيش شريف؟
تراقصت ابتسامة على وجهه المتجهم:
- سنفعل آنسة برايبون.. ولكن امهليني قليلا.. انت لست بحاجة الى استخدام المخدر على الجواد.. أليس كذلك؟
- لا..لست بحاجة .
- حسب معرفتك..هل استخدم احد المخدر عليه في الايام القليلة الماضية؟
هزت رأسها نفيا, لكنها نظرت الى كوبر ليؤكد كلامها.. الذي تمتم بحدة: لا .
بدا ان الشريف اكتفى بهذا الرد .لكنه سأل:
- أيمكن ان تقولي لي لماذا تتركين عملك فجأة دون سابق انذار .. و نظرت الى وتخططين للرحيل اليوم آنسة برايبون؟
تحول سهم التململ الصغير الذي احست به بسرعة الى جرس انذار..ونظرت الى تعبير وجه الشريف الذي كان ينتظر الرد, دون ان تشعر بالارتياح حين ابتسم مشجعا .
قال: مهلك لحظة.
فتح سترته الرسمية ليفتش في جيب قميصه.اخرج بعض الصور منها ,واعطاها إياها قائلا :
- انظري الى هذه..هل لاحد هؤلا الرجال دخل في إسراعك بالرحيل؟
ارتجفت يد ايريس وهي تنظر إلى الصورة الاولى ..كانت تعي ان كوبر ينظر اليها وهي تتطلع الى وجه بلاك رايدر.. واشتد ضغطها على شفتيها وهي تنتقل لتنظر إلى بقية الصور .احد اصحاب هذه الصور كان معه قرب مخزن الغلال في اليوم السابق.
اعادت الصور , وتمتمت بنعم منخفضة .انتابها الدوار لأن الشريف يعرف .وحاولت التفكير بسرعة:
- كيف عرفت؟
اعاد الشريف الصور الى جيبه .
- كنت اراقبهم منذ مدة..قال لي الكاتب في المخزن إنهم اقتربوا منك بعد ظهر الامس.
تصلب كوبر الواقف الى جانبها لكنه لم يقل شيئا, فتفرست ايريس بوجه الشريف الذي استقر عليه نوع من الجمود المهني .وأحست بشيء يسقط اسفل معدتها.
سألت بحذر:
- اذا كنت تبقيهم تحت المراقبة ,فهل هم ..جزء من ..تحقيق ما؟
ضاقت نظرة الشريف ترقبا.
- انت متوترة جدا آنسة برايبون ..أليس كذلك؟
خزت دموع اليأس عينيها بحدة جعلتها تشيح بنظرها. وخرجت انفاسها مع موجة نوع من التوتر العاطفي .
قالت تتحداه بمرارة : و مارأيك؟
- رأيي انك تحت تأثير ضغط كبير ,آنسة برايبون ..ولا اعتقد ان السجن شيء تختارينه مره اخرى.

Rehana 05-06-16 08:53 AM

رد: 186 - انتظري
 
لم تستطع احتواء العداء:
- وهل هذا تهديد؟
- ليس تهديدا آنسة برايبون.. مجرد تقرير أمر واقع..أظنك خائفة جدا من التورط في شيء قد يصل بك الى السجن ثانيه بحيث قد تفعلين اي شيء لتجنب الامر ,بما فيه ترك العمل مع برتسوم دون انذار مسبق , والهرب من هنا ..واذا كان هناك احد في نطاق سلطتي استطيع الاعتماد عليه ليسير في الدرب القويم فهو انت.
صدمتها كلمات الشريف المفاجئة..فارتبكت ولم تستطع اخفاء تشوشها.
تابع:
- انت لست مشبوهة في سرقة الجواد..في قراءة لتحليل المختبر لحقنة مكسورة وجدناها ,اعتقد ان احدا قد استخدمها لتخدير الجواد والكلاب لاخراجه من هنا ..وحسب مافهمت لست بحاجة للمخدر لو كان لك اي دخل بالموضوع. بالرغم من إدانتك السابقة, لست مظطرا إلا لطرح بضعة اسئلة ثم اتركك تتابعين عملك. و بالطبع , لا اريد منك مغادرة المقاطعة إلى ان انهي التحقيقات.
صمت قليلا ونظر الى كوبر:
- لا اعتقد ان لبرتسيوم اعتراض على بقائك هنا وقتا أطول.
كانت الابتسامة التي ظهرت فوق فم الشريف نوعا من الرسالة لكوبر.
نظرت ايريس الى كوبر ,بينما كانت لا تزال مشوشة بما قاله الشريف..كونه لم يعتبرها مشبوهة في سرقة بلاكي كان امراً لا يزال يذهلها ولم تستطع فهمه تماما.
كان كوبر ينظر اليها ,ومزيج من التشدد والارتياح الحذر باد في عينيه السوداوين.
-لم يكن تركها للعمل فكرتي اساسا ,لكنني ارغب ان اسمع ماحدث في البلدة, الأمر الذي تسبب بكل ذلك .
قال الشريف:
- وانا كذلك .لكن ربما ستشعر بارتياح أكثر وهي تتكلم بينما نتناول فنجانا ساخنا من القهوة في المنزل.
ترك الثلاثة الاسطبل متجهين نحو المنزل.لم تتمكن ايريس من الاسترخاء ..كانت لا ماتزال متوترة جدا..بالرغم من تصرف الشريف الودي. ادى وصولهم الى المنزل ,دخل كوبر وايريس الى المكتبة بينما قادت ستيفاني الشريف ليشاهد القطط ..تنبهت ايريس الى ان الصداقة بينه وبين الطفلة, تعني دون شك أنه أكثر من صديق للعائلة ..وساعدها هذا على الارتياح , وكن معدتها ظلت مضطربة.
اشار كوبر إليها بالجلوس في المقعد امام منضدته, بينما جر المقعد الآخر الى مكان قريب.كان صوت الضحك الصادر من غرفة ستيفاني يصل اليهما. جلس كوبر على حافة المنضدة ومد ساقيه الطويلتين امامه ,بينما طوى ذراعيه على صدره.
قال معترفا:
- كنت قاسيا قليلا معك .
اغمضت إيريس عينيها تحاول مقاومة الوقوع فريسة للطفه , وأكمل:
- كان يجب ان افكر في امكانية التخدير.
هزت رأسها ونظرت اليه ليكتشف ألمها :
- كان بالإمكان ان تحكم علي بالبراءة إلى ان تثبت الإدانة ,لكن هل سنواجه مثل هذا الجدال في كل مرة تفقد فيها شيئا من الماشية؟
تجهم وجهه:
- أنت تتوقعين الكثير ايريس؟
- ليس هذا صحيحا من وجهة نظري .
دخلت اليانور تحمل صينية القهوة .وتبعها الشريف وستيفاني ,لكن استيفاني وقفت بالباب:
- مرحبا ايريس.

Rehana 05-06-16 08:54 AM

رد: 186 - انتظري
 
- مرحبا ستيفاني ..كيف حال القطط؟
محت الابتسامة التي اعطتها للطفل, التردد عن وجهها الصغير, وقالت:
- لقد فتحت اعينها .لكنني لا زلت غير قادرة على الاختيار ..هل تأتين معي لرؤيتها حين اعود من المدرسة؟
كانت اللهفة على وجه الفتاة لا تقاوم..وبرغم ردة الفعل السلبية التي كانت تتوقعها من كوبر, قالت:
- بالطبع سأفعل.
جلس الشريف في المقعد الآخر بعد ان اخذ فنجان قهوته .خرجت اليانور بسرعة وكأنها عرفت انهم على وشك تداول حديث هام .اقفلت الباب ورأها, فتذوق الشريف القهوة.
- ماذا حدث في البلدة امس ,آنسة برابيون؟
نظرت ايريس الى كوبر غير مرتاحة لوجوده فجأة.
تطلعت الى الشريف, وروت تفاصيل رحلتها الى مخزن العلف ,وراحت تكرر الحديث الذي جرى بينها وبين بلاك كلمة كلمة..كل التفاصيل كانت محفورة في رأسها ..ثم سألت في النهاية :
- قلت إن الموظف في المخزن شاهد الرجل معي ..لكنني لم اره.
هز الشريف رأسه:
- كان موجودا هناك.
قال كوبر بصوت اجش:
- هكذا إذن حدثت تك الكدمة.
أومأت بالايجاب , لكنها لم تنظر اليه ..فأكمل كوبر:
- إذن كان سمارتي سلمون يعمل عندي وهو جاسوس لرايدر !
واخبر الشريف باختصار كيف هاجم سلمون ايريس ,وانه طرده ورماه في مقاطعة كولورادو .
هز الشريف كتفيه دونما اكتراث:
- بالإمكان اعتقاله بسهولة بعد وضع الثلاثة الآخرين وراء القضبان..هل تظنين ان سرقة الجواد ماكان رايدر يعنيه ليجعلك تبدين مذنبة ؟
هزت ايريس رأسها:
- لقد هددني بفعل شيء يغير رأيي حول مساعدته وأظنه اخذ الجواد ليبتزني.
- وكيف ذلك؟
- أظنه سيهدد بإساءة معاملة الجواد مالم اساعده, فهو يعرف انه جواد مميز بالنسبة إليّ واعتقد انه اذا كان بلاكي قد تسبب له بالكثير من المتاعب ,فمن السهل ان يدمره ..هذا اذا لم يفعل ذلك حتى الآن.
ساد صمت ثقيل في الغرفة ,ارتشف الشريف القهوة مفكرا بكل ما اخبرته به ,أخيرا ارجع رأسه الى الوراء لينظر اليها.
- قلت ان رايدر صرح لك بشيء ..قال: كل ماعليك هو ان تعرفي ما حدث من قبل ..ثم قال شيء حول اصدقائك وجيرانك الذين حكموا انك مذنبة.مالذي كان يعنيه بقوله هذا؟
صدمها سؤاله غير المتوقع ,وتململ كوبر, فنظرت اليه بسرعة لتلاحظ النظرة المتجهمة التي ينظر بها اليها ..وكرر الشريف السؤال:
- مالذي كان يعنيه بهذا ايريس؟
- لا احد...
وصمتت, تكاد تختنق بالمشاعر التي تصاعدت داخلها قبل ان تتمكن من المتابعة:
- إنها قصة قديمة..ومجنونة.
أرادت ان يعرف كوبر القصة ,لكن برغم كون الفرصة متاحة الآن ,فأن تصديق كوبر لها او الشريف كان يبدو امرا مستحيلا.
ابتسم الشريف مشجعا:
- انا اعتبر نفسي رجلا منفتحا إيريس ..إضافة الى هذا....

Rehana 05-06-16 08:54 AM

رد: 186 - انتظري
 
وقفت ايريس ,ثم اخذت تتمشي وسط الغرفة بقلق ثم ووقفت خلف مقعدها ولم يبدو على الشريف الاضطراب لحركتها فكرر :
- اضافة الى ذلك ..فقد بحثت في ملفك حين عرفت انك تتجهين الى منطقة سيطرتي .
هذا التصريح جذب اهتمامها بالكامل واهتمام كوبر ..وتبادل الرجلان النظرات.
قالت بمراره :
- إذن.. انت تعرف .
هز الشريف كتفيه:
- لكنني لم اسمع القصة منك ..ويبدو ان برتسوم يكاد يموت شوقا ليسمعها .. هيا ..تابعي.
صمتت ايريس ,فحثها الشريف على الكلام مما زاد من توترها, فالتفتت إليه .
ببطء بدأت تروي القصة التي استقبلها رجال القانون والمحكمة بالتكذيب منذ سنتين ونصف..اخبرتهم عن المشاكل المالية التي عانت منها واختفاء بلاك الى وقت متأخر ليلا ,وكيف ان هذا الامر أثار ريبتها ..ووصلت الى ذكر لحاقها به تلك الليلة حيث اكتشفها فدبر امر وصول شريف المقاطعة ليقبض عليها بالجرم المشهود. ماهي إلا لحظات حتى اضطربت ..كانت تنوي رواية كل شيء بهدوء ,دون إظهار أي انفعال..لكنها اضطرت للتوقف والتنفس بعمق قبل ان تتابع ..وترددت وقتا اطول حين نقلت نظرها من الشريف الى كوبر ,ثم اشاحت بوجهها عنه.
- أسقط الشريف كارتر من حسابه فكرة ان يكون بلاك على علاقة بالسرقات..وتوجهت تحقيقاته الى مراجعة دفاتر الحسابات والفواتير المستحقة التي كانت تشير الى دخل ضخم بالآ?ف من سرقة الماشية .ولكون اسمي وحيدا على هذه الأوراق ,فقد استخدمها الشريف دليلا ضدي مفضلا عدم ملاحقة بلاك.
اخذ الشريف روبي يستجوبها ,فاستدارت ايريس لتجلس مجددا..وبالكاد اجابت على آخر سؤال للشريف ,حتى غمرتها العاطفة واجبرتها على الصمت.
انتظرها الشريف متعاطفا مع كربها ,محاولا إعطائها فرصة لاستعادة وعيها. وقف كوبر ليملأ فنجان قهوتها ,ثم اعطاها اياه فاكملت مصممة:
- كانت خطتي ان اجد بلاك وأتأكد من ضبطه متورطا.. وبالطبع ,كنت آمل ان يعترف فيبرئني.
استندت الى الخلف يائسة ,وارتشفت قليلا من القهوة..وكسر الشريف الصمت اخيرا:
- حسن جدا ايريس..لا استطيع ان اعدك ان اجبر رايدر على الاعتراف..لكن اذا كنت مستعدة لمساعدتي ,اظن انك سترينه معتقلا خلف القضبان وذلك لبضع سنوات قادمة .
احست بالسقام لان الشريف لم يشر الى انه صدق قصتها ,لكنها ركزت على فكرة رؤية بلاك في السجن :
- كيف؟
- بأن تجعليه يصدق ان ابتزازه ناجح.
اعترض كوبر فورا:
- لا اريدها ان تكون قريبة ابداً من ذلك النذل.
نظر روبي الى كوبر ,وارتفع حاجباه الاسودان وتلاعبت ابتسامة على شفتيه .
- من حق ايريس اتخاذ قرارها بنفسها برتسوم .
- لايعجبني هذا .
- ولا يعجبني انا كذلك..لكنها قد تتمكن من مساعدتي على كشف الكثير مما أجهله حول المواشي التي ستسرق .
بدا على كوبر تفهمه للفكرة, ثم تمتم لاعنا ..وظهرت ابتسامة على فمه وهو يهز رأسه.
- اللعنة على كل شيء روبي .لقد خسرت مواشي عن طريق السرقة اكثر من اي مزارع اخر بالمقاطعة.

Rehana 05-06-16 08:55 AM

رد: 186 - انتظري
 
اتسعت ابتسامة الشريف.
- هذا لأنك تمتلك مواشي اكثر من أي مزارع اخر..اضف الى هذا انه كان لرايدر جاسوس هنا ..ويريد ايريس ان تساعده عن طريق ابتزازها..فأنا أخشى ان تكون مواشيك هي التي ستستخدمها كطعم.
تحولت بسمة كوبر الى عدم موافقة:
-بإمكانك استخدام المواشي كطعم..لكنني لا اريد توريط ايريس .
حدقت ايريس بكوبر وتفاجأت لقوله..هل هو مهتم الى هذا الحد بسلامتها؟ واشتعل امل ضعيف في نفسها ..لكنها سحقته.الآن وقد سمعا قصتها ..قد يعتقد كوبر ان روبي لن يصر بعد الآن على بقائها حتى انتهاء التحقيق..وربما سيفضل ان تنفذ خطتها بالرحيل.
لكن ماذا سيحل بالجواد اذا لم يتم القبض على بلاك في وقت قريب؟ حتى لو اعاد روبي النظر في قراره في عدم تركها للمقاطعة, ماذا سيفعل بلاك بالجواد اذا ام تكن هنا ليبتزها ؟
انحنى الشريف ليضع فنجانه على الطاولة :
- مارأيك ايريس؟هل تريدين مساعدتي في انهاء نشاط رايدر؟
ترددت ونظرت الى كوبر ..فخرقت عيناه السوداوان عينيها ..لكن لم يكن هناك اي شيء في قسماته القاسية يدل على أي سبب وراء عدم موافقته البارزة.
أبعدت نظرها عنه واطلقت نفسا بطيئا.
-أنا مستعدة للقيام بمايلزم.
ابتسم الشريف ..لكن اسارير كوبر حطمت قلبها.


نهاية الفصل

bluemay 05-06-16 10:03 AM

رد: 186 - انتظري
 


احتدمت اﻷحداث وتسارعت ..

في اﻷمر مخاطرة وان كانت امكانية نجاحها كبيرة ..
من هو الجاسوس الذي خلف سمارتي في مهمته ؟!


متشوقة للقادم كثيرا

لك خالص الود


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

Star warda 05-06-16 03:57 PM

رد: 186 - انتظري
 
يسلمووووووو خيتو على تعبك ويانة الرواية عن جد رووووووعه
خيتو حتى لو كنتي بس تدققي في الرواية ماطول بذلتي بيها مجهود وتعبتي فتستحقين اكثر من الشكر لان مجهودك انطانا رواية روعه عاشت ايديج رايحانة

Rehana 06-06-16 08:54 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3610483)


احتدمت اﻷحداث وتسارعت ..

في اﻷمر مخاطرة وان كانت امكانية نجاحها كبيرة ..
من هو الجاسوس الذي خلف سمارتي في مهمته ؟!


متشوقة للقادم كثيرا

لك خالص الود


«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

الاحداث القادمة تجلب التوتر وتتلف الاعصاب
ولك كذلك ودي

Rehana 06-06-16 08:56 AM

رد: 186 - انتظري
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Star warda (المشاركة 3610513)
يسلمووووووو خيتو على تعبك ويانة الرواية عن جد رووووووعه
خيتو حتى لو كنتي بس تدققي في الرواية ماطول بذلتي بيها مجهود وتعبتي فتستحقين اكثر من الشكر لان مجهودك انطانا رواية روعه عاشت ايديج رايحانة

الله يسلمك يارب .. والشكر موصول لك لتقديرك جهدي ورقي كلماتك

Rehana 06-06-16 09:53 AM

رد: 186 - انتظري
 
10 ــ لو بقيت

تقرر فيما بعد ذلك الصباح ان تذهب ايريس بالسيارة الى (ردهورس ) وأعطاها كوبر لائحة بأشياء تافة لشرائها من مخزن المعدات, وتم التخطيط للرحلة بحيث تصل قبل الظهر تماما , فيكون بذلك لها عذر مقبول لتناول الغداء فى المقهى .
استطالت جلست ايريس لشرب القهوة قبل ان تغادر المقهى . وما ان سارت بضع خطوات فوق الرصيف حتى سمعت صفيرا منخفضا وقدرت الاتجاه بالضبط , وتابعت السير لتسدير في زقاق يبعد بابين عن المقهى .
كانت شاحنة بلاك الزرقاء متوقفة في منتصف الطريق لكنها لم تكن على استعداد للتقدم حتى هذه المسافة .
زادت ضحكة بلاك المنتصرة من حدة غضبها, ولزمها كل ذرة من قدرتها على السيطرة لتمنع نفسها من أظهار غضبها وسألت :
- أين الجواد ؟
لم يزعج بلاك نفسه في انكاره سرقة الجواد :
- والآن أختاه .. لابد أنك قد عرفت ان الحصان ضمانة لي وحافز لك , أضيفي الى ذلك ان دايف لا يزال مجنونا لان ذلك الشيطان الاسود قد عضه وانتزع قطعة من لحمه , لكنني تمكنت من لجم غضبه بناء على وعدك بمساعدتنا .
قالت :
- اريد أن اراه اولاً.

Rehana 06-06-16 09:53 AM

رد: 186 - انتظري
 
- هذه فكرة غبية ايريس , أعتقد انك حزينة جدا ولاتفكرين جيدا .
ضاقت عيناه السوداون بارتياب :
- لابد انك كنت ناجحة جدا مع الشريف روبي.
تظاهرت بالقلق لذكر الشريف :
- بالكاد , ولولا الحقنة المكسورة .
وتركت صوتها يختفى بطريقة لها مغزى .. أتسعت ضحكة بلاك .
- كان يجب ان أترك شيئا يبعد الشبهات عنك .. فلن استطيع الاستفادة منك اذا عدت الى السجن .
شئ ما أجفلها في طريقة كلامه المتشدق المتكاسل .عرفت فجأة ان خططه لها تشمل رحلة عودتها الى السجن بعد ان ينتهى منها ,فشدت على اسنانها لكبت الغضب الذى أحست به .
تلاشت ابتسامته :
- حسن جدا الآن .. حان وقت العمل.
اخرج من جيب قميصه قطعة ورق ومدت ايريس يدها لتاخذها. لكنه ارجعها الى الوراء :
- أحفظيها عن ظهر قلب ..
نظرت للحظات الى رقم الهاتف المكتوب على الورقة, ثم رفعت نظرها اليه.
- أخبرينى مساء الغد, أي جزء من مزرعة برتسوم يحتوى نوعية جيدة من المواشي.. ومن الافضل ان لا ألتقي بأي من عامل المزرعة.. رود , ذلك الفتى ذو الشعر الرملي الذي كان معي بالامس, قناص ماهر .
كان التحذير في عينيه شديد الوضوح .
تقدم بلاك خطوة جعلته على مرمى اليد من ملامستها .. وتمكنت ايريس من لجم خوفها حين رفع قبضته وداعب ذقنها بخشونة.
- اذا حدث شيء خاطئ .. او اخبر احدهم الشريف .. حتى ولو فكرت انك ستوقعين بي, سارسل لك ما سيتبقى من الجواد في علبة كرتون .
ضربت ايريس يده لتبعدها :
- وكيف أعرف أنك لم تدمره بعد ؟
ضحك منها , راض بانزعاجها :
- سارسل لك صورة له بالبريد .
ثم استدار ليبتعد دونما استعجال الى شاحنته, وبقيت حيث هي تغلي غضبا واحباطا بينما راحت تراقبه يفتح باب سيارته , وأجبرت نفسها على تحمل الابتسامة المغرورة التي ودعها بها قبل تركه الزقاق واتجاهه الى شاحنة المزرعة .
أدارت الشاحنة الصغيرة وانطلقت لم تستغرق رحلة العودة الى المزرعة وقتا طويلا , كان اندفاعها لتتجاوز الطريق الى المزرعة قويا ولكنها خففت سرعة المركبة , وتوجهت بها نحو الطريق المرصوفة بالحصى .
قام كوبر من المكان الذي كان يراقب الطريق منه خلف نافذة المنزل حين شاهد البيك آب على قمة المرتفع قادمة من الطريق العام .. كان متوترا كحيوان محشور في زاوية ويشعر بالاحباط , لقد قال اشياء خشنة قاسية لايريس ليس هذا الصباح فقط , بل فى أوقات أخرى كذلك الصدع الذي تسبب به تلك الليلة حول عدم أمتلاكها الحق في مقايضة أي شيء بخاتم ومراسم , كان يصفعه .
عندما بدأت تقص على روبي قصتها , عرف أنها تقول الحقيقة , وفي حال ساوره الشك بسبب ما عرفه عنها قبل وصولها الى المقاطعة , فإن ما قاله الشريف عنها جعله يصدق ادعاءها بالبراءة , واعترف له روبي فيما بعد انه دفعها لتروي قصتها امامه لانه ادرك من حرارة نظرات كوبر , انه اما ان يكون جاهلا الحقيقة أو انه لم يكن يصدقها .
تذكر كوبر أنها سألته في أول يوم وصلت فيه المزرعة , عما اذ كانت معرفته للحقيقة ستؤثر على قراره في استخدامها , لقد كان شديد العناد .. وفيما بعد, كانت اكثر تكبرا من ان تعرض عليه مجددا سماع قصتها , الى ان أخبرت روبى بها.

Rehana 06-06-16 09:54 AM

رد: 186 - انتظري
 
كان يجب ان يعطيها دليلا ما على انه صدقها , وحين لم يفعل سارع روبي الى شرح خطته لتجنيد تعاون ايريس معه , ولم يكن كوبر بحاجة لمن يقول له انه بغل عنيد, فقد توصل لهذا الاستنتاج بنفسه .
كان شعوره سيئا وهو يراقب ايريس تدخل عبر باب الشرفة ,وتردد قليلا في المطبخ. لم يكن هناك شك في وجود الجيشان العاطفي تحت الواجهة الهادئة التي تظهرها , كانت خطوط التوتر الرفيعة تحيط بشفتيها ولونها اصبح باهتا , احس انها تسير فوق سلم مشدود مرتفع من المشاعر , وانه لايلزمها اكثر من نفخة هواء لتقع .
أحست ايريس بقوة النظرة التي التقت نظراتها , ووقف كوبر في الجهة الأخرى للمطبخ وقدماه منفرجتان , كانت الليونة الرجولية فيه ترسل موجات شوق في عروقها , وكانت مشاعرها ثائرة واندفاعها لترمي بنفسها على جسمه القوى غامرا .
هربت عيناها من مظهره , وانخفضت رموشها لتخفى لسع دموع غير متوقعة وهي تخلع قبعتها وتمرر اصابع مرتجفة في شعرها .. وقالت :
- اريد الاتصال بروبي.
- تبدين لي وكأنك بحاجة الى شراب منعش.
اشارت بالنفي واحست بالتوتر اكثر من قبل وهي تسير صوب الهاتف المعلق على الجدار قرب كوبر ,وتطلب رقم هاتف مكتب الشريف بسرعة .
تمتم بصوت منخفض :
- بإمكانك استخدام الهاتف في مكتبتي إذا اردت بعص الخلوة.
- لا .. شكرا .
تقدم كوبر الى البراد ليخرج منه ابريقا كبيرا.. وهو يصغي لايريس تروي تفاصيل مقابلتها مع رايدر .
عرف مما قالته للشريف ان اللقاء سار كما خطط له , لكن كوبر لم ينخدع بصوتها الهادئ. واستند الى رف المغسلة , مقطبا جبينه للطريقة التي كانت تفرك فيها جبهتها بأصابعها في إيماءة عرف انها دليل على الاضطراب . بدات تذرع المكان قبل ان تتوقف وتشد قبضتها لكبح اندفاعها ,وبدا ان الجو حولها يتذبذب بالغضب. أحس كوبر مرة أخرى بالقبضة الشرسة التي تفرضها على اعصابها .
كانت تقول :
- ذكرت لي ان بلاك ورجاله يقيمون في مزرعة في مكان ما .. أين ؟.
ابتسم كوبر وهو يدرك فورا سبب سؤالها. فهو كذلك حاول الحصول على بعض المعلومات من الشريف .. لم يكن واثقا ان الانذال سيعاملون الجواد بطريقة انسانية .. وكذلك ايريس على مايبدو .
قالت :
- اريد ان اعرف .. لكن .
وصمتت طويلا ثم تصلبت وهزت رأسها .
- إذا كان الجواد هناك, اريد ان اخرجه , وعلى بلاك ان يترك المكان في وقت ما .. ولن يعرف انني كنت هناك , لقد حطم حظيرته وهرب منذ بضعة اسابيع , ولابد انه الآن يرفس كالجحيم في المكان الذي يضعونه فيه وسيبدو الامر وكأنه هرب بنفسه .
قاطعها الشريف مرة أخرى كما يبدو .. ثم قالت :
-انا لا اهتم البتة روبي .. اريد اخراج الجواد قبل ..
وضربت الارض بقدمها إحباطا, ثم نظرت الى السقف , راحت عيناها تبرقان بشكل مريب وضحكت دون مرح مما كان يقوله روبى لها . ثم قالت بصوت منخفض مرير:
- هذه هي المشكلة .. انا لا اثق باحد منكم .
وكأنها تذكرت فجأة وجود كوبر قريبا منها , فالتفتت عيناها الرزقاون نحوه, ثم بعيدا , لكن ليس قبل ان يستلم الرسالة بأن قولها يشمله , انحنت كتفاها قليلا مع استمرار الشريف بالكلام .

Rehana 06-06-16 09:54 AM

رد: 186 - انتظري
 
وهزت رأسها متعبة وراحت تقول بقلق :
- لن افعل شيئا .. لن افعل شيئا يفسد الامر .. وارجو ان لا تفعل انت شيئا كذلك.
كان يمكن لكوبر ان يجد سلوة في طيشها لولا انه احس بالخوف , تجربتها السابقة مع القانون تضمن دون أي شك ارتيابها وعداءها .
راقبها متجهما وهي تعيد السماعة الى مكانها, ولم يعرف ماذا يقول لها تماما ,لن يكون الاعتذار الذي تستحقه سهلا عليه .. وقد لا يكون الآن هو الوقت المناسب , اذا ما كانت مشاعرها على استعداد للانفجار كما يحس بها.. إنها فخورة جدا وعنيدة اكثر من ان تتقبل مايريد قوله , ثم ان ترتمي بامتنان بين ذراعيه , يا لسماء ! لا ! لن تفعل ذلك.. بل سيكون محظوظا اذا لم تقطع له رأسه .
نظرت ايريس اليه , مترددة في ان تلتقي نظرته, وهي تدس يديها في جيب سترتها .
- هل تعرف روبي جيدا ؟
هز رأسه :
- لقد تربينا معا .
ثم سألت عن الشريف الذي كانت بحاجة ماسة لمعرفة بعض الاخبار عنه:
- هل تثق به ؟
- إنه ليس مثل ذلك الشريف البغل الذي كان في مقاطعتك , اذا كان هذا ما تسألين عنه.
قاومت ايريس لإإخفاء دهشتها .. في وقتا سابق لم يعطها لاهو ولا الشريف , أي دليل واضح عما اذا كانا قد صدقا قصتها أم لا . وهذ ما اغضبها .. ولأنه لم يفعل ذلك, ولانه الآن يلمح الى رأيه بها, غضبت اكثر شربت ما تبقى من شرابها وكأنها تريد اخفاء هذا الغضب ...وبادرته بنظرة حذرة , انها تريد منه ان يصدقها , لكن تردده جعلها تخاف ما يظنه بها حقا والطريقة الوحيدة لتخليص نفسها من المزيد من الألم , هي ان تقول الكلمات بنفسها بسخرية :
- انت لم تصدق تلك الرواية التى رويتها للشريف ..اليس كذلك ؟
لم يعد باستطاعتها السيطرة أكثر على مشاعرها أثناء محادثتها له , لتجد فجأة ان دموعها تكاد تخونها ,بسبب عدم قدرتها على تحمل المزيد . وشعرت بشيء ما يدفعها للهرب .
حافظت على رباطة جأشها بصعوبة الأمر الذي جعلها ترتجف , ثم مرت به لتضع كوبها الفارغ على رف المغسلة بحدة, وقالت :
- من الممكن ان يكون روبي قد صدق قصتي .. لكنني اعتقد انك تعرفني أكثر الآن , ولن تنخدع .
جمد وجهه كالضخر وهو ينظر اليها, ولم تستطع فهم أي شيء من تعابير وجهه .
أكملت :
- أضف الى ذلك, انك بالرغم من عرضك عليّ اوقاتا مجنونة فأنت لم تفقد الادراك من انت ومن أكون أنا .
تسمر كوبر دون حراك , محاولا استيعاب كلماتها المريرة بهدوء. ولأنها تدرك أكثر من أي وقت مضى انها قريبة من الانهيار , تهورت بالاستسلام الى الهرب, حيث استدارت , لكن الغرفة تهاوت حولها بشكل اخافها. اسرع كوبر ليمسك ذراعها بقبضة لطيفة , لكنها ابتعدت عنه واتجهت بعناد نحو باب الشرفة .
- ايريس ....
اثار فيها صوته المترجي صلابة وتماسكا , كان هناك معاني كثيرة في الطريقة التي لفظ فيها اسمها , حين وصلت الباب توقفت ونظرت نحوه .
- انا المرأة نفسها التي كنتها دائما برتسوم , ما قلته للشريف روبي لا يغير شيئا .
ادارت القفل وخرجت ممتنة لخلاصها .

Rehana 06-06-16 09:55 AM

رد: 186 - انتظري
 
كانت تنوى التوجه الى الحظائر لتجد شيئا تفعله , آملة ان يخفف ذلك من توترها , لكنها بدلا من ذلك انتهى بها الامر في غرفتها في سقيفة العمال ... وما ان اقفلت بابها وخلعت ملابسها, حتى اندست بين الاغطية الباردة واغمضت عينيها ثم اخذ منها التعب مأخذه وأمن لها نوما طويلا عميقا .
لم تسمع صوت مفتاح في قفل الباب, ولم تشعر بأن كوبر تفقدها في وقت ما قبل منتصف الليل .. بعد ذلك امضى الساعات في مقعد في غرفتها .. وقبل الفجر مباشرة ,تسلل دون صوت الى الخارج وعاد الى المنزل .
استيقظت ايريس في الصباح التالي مرتاحة وقادرة على السيطرة على مشاعرها. تناولت جرعة من الاسبرين لتقضي على اوائل صداع انتابها ,مفترضة انه نتيجة النوم المبكر ,وما ان تناولت طعام الفطور فى مطبخ العمال , حتى ذهبت الى الاسطبل لتطعم الجياد وتنظف حظائرها .. حين انهت عملها هناك, خرجت الى احدى الزرائب لتعطي بعض المهور الجديدة تمارينها .
كان الوقت مبكرا بعد الظهر حين حضر كوبر الى الاسطبل. كانت ايريس قد انتهت من وضع رباط حزام جديد على السرج الذى استخدمته ذلك الصباح ,ودخلت المخزن لتضعه مكانه حين دخل كوبر .
عاد التوتر الغائب عنها ذلك اليوم, بقوة كاملة عندما رأت تعابير وجه كوبر المتجهمة.. وفوق ذلك ,كانت لا تزال مشوشة الفكر بسبب ما جرى في المطبخ بعد ظهر اليوم السابق ,حاولت ان لا تفكر فيما كان يحاول قوله حين تحدث عن الشريف (البغل) الذي كان في مقاطعتها لكنها تتذكر ما يكفي حول ما قالته هي, لتعرف أنها اعطته انطباعا واضحا فى انها ترفض امكانية تغيير رأيه, أو الحاجة الى ذلك, واستولى عليها إحساس غريب.. واستشفت من الطريقة الحذرة المتباعدة التي كان ينظر فيها إليها, أنه يشعر كذلك بالارتباك .
سأل :
- هل أنهيت عملك هنا ؟
أومأت برأسها ايجابا ثم تحركت آليا نحو الباب لتتجنب كونها محتجزة في مكان صغير ,وتنحى لها كوبر عن الطريق قائلا :
- فكرت ان نركب معا الى النقطة التي ستوجهين رايدر اليها.
تمتمت بصوت منخفض :
- حسن جدا .
اسرجا جوادين, وانطلقا. زاد الصمت بينهما من توتر اعصابها.. كان الإحساس بشمس الربيع رائعا .كانت الأرض تجف بسرعة, فركض الجوادين جنبا الى جنب الى ان ابتعدا عن مباني المزرعة والزرائب وانطلقا في جريء سريع .
اختلست ايريس نظرة سريعة الى الطريقة السهلة التي يقود فيها كوبر جواده. والتقت نظرتها بنظرته فتبسم قليلا , قرأت التحدي في عينيه بوضوح, وكان ردها عبر حركة بسيطة من جسمها لينطلق الجواد الاحمر, القاتم الى الامام ينهب الأرض, وجواد كوبر الرمادي الى جانبه .
تسابق الجوادان على طول مرتفعات المراعي الممتدة لأميال أمامهما. واحست ايريس باندفاع الاحمر وانطلاقه, وحركة عضلاته وهو يندفع ببطء.ليسبق الرمادي. تعاظم في نفسها إحساس بالمرح, وبأنها حية مع كفاح الاحمر ليكون في المقدمة ..لم تعد نصف حية. كما كانت خلال تلك الاشهر القاتمة في السجن, واشتعلت في روحها شرارة كانت على وشك ان تنطفئ ..
بالكاد سمعت صيحة كوبر وسط ضجيج السعادة .. لكن الغريزة التي طالما ابقتها تعي وجوده , جعلتها تشد لجام جوادها , ثم خففا السرعة بالتدريج ليسير الجوادان معا, ادركت ايريس إبان ظهور قطيع من الماشية يقرب من الاربعين, أنهما وصلا المكان المقصود .

Rehana 06-06-16 09:56 AM

رد: 186 - انتظري
 
أدارت وجهها المبتسم نحو كوبر , دون ان تعي ان وهج السعادة على وجهها كان له تأثير قوي عليه:
- هل هذا هو القطيع ؟
عرف كوبر انه لم يشاهد من قبل امرأة بهذا الجمال في حياته , لقد جذبته ايريس منذ وقعت عيناه عليها ..لكن رؤيته لها الآن, ومشاهدته التغيير الذي حدث لها في ظرف دقائق , كان يمكن ان يجعله يركع على ركبيته لو كان واقفا. كان يبدو ان جسمها ينضح بالحياة وعيناها تلمعان بالاثارة, وخداها محمران بالفرح , لكن الابتسامة العريضة الخالية من الهموم على شفتيها, وغياب التوتر عنها, اخبره ان هذا كله جانب من ايريس برايبون لا يشاهده الكثير من ..الناس..وكونه احد المحظوظين القلة, جعله يحس بالتواضع والندم في آن واحد .
قطبت ايريس حاجبيها وتلاشت ابتسامتها :
- كوبر ؟
هز رأسه واجبر عينيه على الاتجاه نحو الوادي حيث ترعى الماشية التي حضرها للفخ .
- هذا هو القطيع .
واشار الى الطريق العام الظاهرة عبر قطعة ارض الى الجنوب.
- الشيء الوحيد الذي يجعل الأمر أكثر سهولة هو تحميلها في شاحنات وتحضيرها له.
تحرك الجواد الاحمر ,وضغط ركبتها الى ركبة كوبر ,فمد يده ليمسك اليد النحيلة :
- قلقة ؟
تصلبت شفتاها وهزت رأسها ايجابيا , استجابت لضغط يده بضغط مماثل, الأمر الذي ادهشه . لم تستطع ايريس منع الهواجس من إفساد سعادتها, حاولت ان لا تفكر بالجواد المسروق فهي تعرف ان القلق لن يفيد ,لكن خوفها من ان تفشل خطة الشريف كان قويا .
- ايريس ؟
كان القلق في عيني كوبر لا يقاوم ,ووجدت نفسها فجأة تسرّ اليه :
- انا خائفة .
اشتدت قبضته على يدها :
- لا داعي للخوف طفلتي , روبي يعرف ما سيفعل. ولن يكون هناك مجال لأن تتعرضي لخطر العودة الى السجن .
سحبت يدها من يده, ثم بدأت تعبث بالرسن وعيناها منخفضتان .
- هل هناك شيء آخر يجب ان أراه ؟
- ليس هناك شيء لنراه هنا .. لكن يمكن ان نتابع ركوبنا قليلا بعد .
رفعت نظرها اليه لتلتقط الاهتمام في عينيه :
- سأحب ذلك.
حثت الجواد الاحمر ليجري, فلحق به الرمادي.. لكن الجدل الذى احست به قبل قليل لم يعد موجودا ,رغم ان هواء الربيع ومنظر اراضي المزرعة الممتدة قد هدءا من اضطرابها.. ولم يتكلم أي منهما وهما يبتعدان عن اطراف المزرعة .
كان هناك صف طويل من شجر الحور امامها وسارا في خط متواز مع الشجر الى ان وصلا الى مكان اتسع فيه الجدول , فأدار كوبر جواده نحو المكان, ومر عبر فسحة بين الاشجار الى الضفة المليئة بالحصى. ولحقت بها ايريس, ثم ترجلا ونادا جواديهما الى الماء, فراحا ينتظرانهما حتى ينتهيا من شربهما .
حين ارتوى الرمادي, قاده كوبر الى مكان مليء بالعشب ليرعى بعد ان ارخى أربطة السرج عنه, وفعلت ايريس الشيء عينه مع جوادها .... ثم تقدمت لتقف قرب جذع شجرة مكسور قرب الاشجار .
كان صوت جريان ماء الجدول السريع الذي زاد ذوبان الثلج من عرضه عدة اقدام يتناسب مع زقزقة العصافير على غضون الاشجار فوق الرؤوس.

Rehana 06-06-16 09:56 AM

رد: 186 - انتظري
 
انه مكان هادئ والخلوة التي توفرها الاشجار بدت وكأنها تزيد من عزلته .
دست ايريس يديها في جيبيها وهي تشعر ان كوبر اختار عمدا هذا المكان للتوقف . رغم كونه واقفا في مكان ما خلفها, إلا أنها كانت تشعر انه يراقبها , كان هناك نوع من الانتظار في الصمت بينهما .. تردد قوي مثله مثل المواجهة التي تعرف انها قادمة .
كانت قد تجاوزت مرحلة ان يقول لها كوبر انه يصدق ما قالته للشريف ... كان لطيفا معها قبل قليل لكن هذا لايعني ان هناك اعتذارا قادما , سمعت وقع حذائه وهو يتقدم نحوها :
- ايريس ..انا مدين لك باعتذار كبير ..
وقعت الكلمات في رأسها كالرعد لم تتحرك ... وتصاعد الأمل والمشاعر المجنونة في نفسها وأحست بالدموع تلسع مؤخرة عينيها وهي تقاومها محاولة السيطرة عليها .
استجمعت كل ذرة دفاع وسألت :
- من أجل ماذا ؟
لقد عرفها كوبر منذ اسابيع قليلة .. وكان مقتنعا أنها تحمل أسوأ الصفات طول الوقت .. بالرغم مما احست انه يحاول قوله, كان كثيرا عليها ان تأمل منه تصديق قصتها .
بدأ وكأنه يجد صعوبة في تشكيل كلامه :
- سألتني يوم جئت الى هنا , إذا كانت معرفة الحقيقة سيكون لها فارق في إعطائك العمل ام لا , ولا استطيع القول ان الأمر كان له فارق يومها . لكن بعد وجودك كل هذه الاسابيع اعتقد انني اصبحت اعرف متى تكذبين ومتى تقولين الحقيقة .
رفعت بصرها لتنظر الى الاشجار دون ان تراها ,ورفرفت عيناها بسرعة لتخفف من لسعة الدموع فيهما ... وقالت :
- إذن انت تعتبر نفسك حكما جيدا على الاخلاق .... والشخصيات هه؟
- جيد بما يكفي لأعرف أنك لاتريدين سماعي وأنا أقول إنني آسف , لأنك متكبرة أكثر من فعل شيء ضعيف مثل البكاء .جيد بما يكفي, لأ عرف أنك لا تزالين غاضبة لما قلته عن الخاتم والمراسم .. وانا واثق جدا انني جيد بما يكفي في الحكم على الشخصيات لأعرف ان قلب المرأة الرومانسية فيك, يتوقع مني ان انظر إليك منذ اليوم الاول , لأرى أنك لست مجرمة .
سمعته يسير خلفها :
- لكن الحقيقة انني اقترفت اخطاء كثيرة بحقك وعرفت ذلك بالتأكيد, حين اخبرت روبي قصة رايدر واعتقالك, فجأة, كل ماحاولت ان تجعلينى اعرفه عنك ,اصبح له معنى .
وضع يديه الدافيتين على كتفيها , ثم ادارها ببطء نحوه. اخفضت ايريس رأسها, لكنه رفعه باصابع لطيفة تحت ذقنها .
- أنا لا اعرف كيف اقوم باعتذار جيد يجعل كل شيء سهلا .. او يصلح الامور ..لكنني آسف طفلتي .
هزت ايريس رأسها ,لقد ارادت اعتذاره وانتظرته بيد ان اعتذاره المفأجئ , بدا دون اساس وغير ناضج.
قالت :
- ليس لديك سوى كلمتي حول ما حدث .. ولا دليل مسجل في أي مكان لدعم كلامي .
ونظرت الى عينيه مباشرة :
- ولن يكون هناك أي دليل ابداً كوبر ... ألا ترى ؟
ارتجف صوتها مع تفجر الدموع :
- لايمكنك تصديق كلامي فقط .. بعد ان انكره الجميع . يجب ان يكون هناك دليل , أو حين يحدث شيء في المرة القادمة .. وفي أي وقت تثور الشكوك فيه , سوف .. تغير رأيك مرة أخرى.

Rehana 06-06-16 09:57 AM

رد: 186 - انتظري
 
اخذت نفسا عميقا مرتجفا لتستعيد السيطرة على نفسها .
- اللعنة ايريس ..لقد تجاوزت الحاجة الى دليل , انت لست مجرمة أكثر مما انا عليه .. وسماعي لقصتك اثبت لي ما كنت احاول تجاهله عنك طول الوقت , كانت مسألة وقت فقط قبل ان تتوقف إدانتك عن تشكيل فارق بالنسبة لي.. وكلما عرفتك أكثر كلما فقدت معناها.
هزت ايريس رأسها وتبسمت :
- اجل برتسوم ..لم يكن لها معنى حين فقدت بلاكي .. كنت على استعداد لجعل الشريف يقرر احتجازي.
اسود وجهه إحباطا وهو ينظر إليها :
- إذا كنت تذكرين جيدا ,كل الظروف كانت تشير إليك ..ثم حين سألتك اذا كنت تعرفين شيئا عن السرقة, اضطربت وبدوت مذنبة .. توقفي عن مقاومتي ايريس .
لم تستطع ان تبعد نظرها عن تعابير وجهه الكئيبة .. كان ندمه حقيقيا .فجأة تملكها الغيظ لمقاومتها محاولاته الاعتذار , انخفضت نظراتها الى صدره :
- أنا آسفة ايضا .. الأمر فقط ..
وخنقتها المشاعر ..فتبسمت مجبرة وهي ترتجف واندست يداه حول خصرها فأكملت بصوت طفولي ناعم :
- عشت هناك طول حياتي .. كنت الجيل الرابع لآل برايبون هناك ...
وانهمرت الدموع التي لم تستطع كبتها على خديها المحمرين .
جذبها كوبر نحوه, ثم طواها بين ذراعيه ليكمل ما توقفت عن قوله :
- هكذا لم يعد لك ثقة هذه الايام بأحد. ان عدم تقديم الناس الذين يعرفونك دعمهم لك جعلك تعتقدين ان كل الناس سينقلبون ضدك.
وكأن سماع هذا كان المحرك بالنسبة لها , فانفجرت فى نحيب قوي, واشاحت بوجهها عنه لتضغطه على قميصه , واشتدت ذراعاه حوله يحميها وتركها تبكي .
لم تستطع منع نفسها عن قبول الراحة التي يقدمها لها كوبر , فدست ذراعيها حول خصره وتعلقت به . ولم تعرف كم اطالا الوقوف قبل ان تشعر بعاصفة الدموع تتراجع , وكان كوبر اكثر من قادر على المهمة وهو يمسك بها , ويتمتم بكلمات لطيفة مهدئة .
أحست ايريس أنها أكثر استنزافا, من ان تشعر بالحرج لمعاملتها كوبر كحائط مبكى , تحركت لتشير على انها انتهت , وابتسمت بخجل فتركها بما يكفي ليخرج منديلا من جيبه ويعطيها اياه, استخدمته بسرعة لتجفيف دموعها من عينيها وخديها وتراجعت عنه لتدير ظهرها بارتباك وتنفخ في انفها , لكنها ترددت في الاستدارة نحوه الى ان امسك ذراعها وادارها .
قال بهدوء :
- سيجعلك هذا افضل حالا .
وخاطرت بنظرة اليه , صدمتها وسامته الخشنة بقوة أكثر من قبل.. تسللت الطريقة الحنونة الناعمة التي كان يتوسلها للنظر اليها عبر آخر دفاعاتها .. إنها تحب هذا المزارع الخشن القاسي , وكانت تحبه منذ زمن بعيد , لابد انها وقعت في حبه منذ اول لحظة رأته فيها في مكتبته حين رفع نظره عن اوراقه وتطلع بنظرته القاسية اليها .
خشيت ان تكون ما تشعر به واضحا على وجهها كما هو واضح في قلبها, فنظرت بعيدا ,وقالت موافقة :
- أشعر انني افضل حالا .
ثم مدت يدها لتلامس ذراعه : شكرا .
أمسكت يده يدها وبينما كانت تحاول سحبها جذبها اليه , فرفعت وجهها نحوه ... لم يكن هناك أي شوق مجنون في نظرتيهما , احست بالسلوان الحنون يلامس روحها, وأغمضت عينيها تتمتع بالعناق , ثم فتحتهما لتلتقي بسواد عينيه اللطيف.

Rehana 06-06-16 09:58 AM

رد: 186 - انتظري
 
ارتجفت إحدى زوايا فمه سخرية بالذات :
- من الأفضل ان نعود الآن ايريس .. قد تكونين الآن ضعيفة قليلا لأن تتخذي قرار واضحا.
كانت الاثارة الكسولة في عينيه مسمرة منومة , ولم تستطع إبعاد نظرها عن الوعد الموجود فيهما :
- حين نجتمع, أنا وأنت , وأعرف اننا سنفعل , اريد ان اعرف ان قرارك واضح عما يعنيه ذلك لنا معا .
لم يدهشها ان يقول كوبر كلاما كهذا , لكن كلامه هبط بحدة على مشاعر امرأة شابة اعترفت لنفسها توا أنها تحبه بعمق , كان يجب ان تكون ممتنة لأنه يهتم به بما يكفي بحيث لا يستغل ضعفها ..لكن بالنسبة لايريس , اوحت الكلمات التي اختارها حول إرادته ان تكون واضحة القرار حول مايعنيه هذا لهما معا , انه لايزال يرى التواصل الحميم بينهما شيئاً لا يعني أكثر من إرضاء الرغبة المشتركة , انه لايريدها ان تكون مخطئة في ذلك .
لامس الصقيع قلبها , وتحركت متصلبة بين ذراعيه متجهة الى مكان الجوادين.
شاهد كوبر انسحابها العاطفي ..وقلق بشدة قبل ان يدرك انه اغضبها , إنها امرأة قوية الشكيمة وفخورة , وقد احرجها الانهيار امامه على الارجح , ثم ان تسمعه يشير الى ان حكمها العاطفي قد يكون مؤقتا يمكن ان يكون قد أغضبها .
لحق بها صوب الجياد . واعتلى جواده بعد ان اعتلت جوادها , لاحظت نظرته المتحفظة أنها لم تعد تنظر اليه , وعادا الى المزرعة بصمت ..لكن, قبل وقت طويل من وصولهما, احس كوبر ان افضل طريقة للتعامل معها هي الانتظار الى ان تهدأ, ما إن يتاح لها الوقت لتفكر ,
ستدرك انه لم يقصد إهانتها.. وانه كان يحاول التصرف لصالحها ولصالح العلاقة التي يريدها معها .
لم يخطر بباله ابدا ان ايريس كانت تقترب أكثر فأكثر من الاستنتاج انها لن تستطيع البقاء في مزرعة برتسوم بعد إلقاء القبض على بلاك ووضعه وراء القضبان , إنها تحب كوبر ,ولا تستطيع القبول اقل من حبه لها , وهي كذلك لاتستطيع رؤية علاقة عابرة بينهما ,هي ذروة مايمكن ان تتوقع منه .لكن لو بقيت ...


نهاية الفصل

Star warda 06-06-16 02:43 PM

رد: 186 - انتظري
 
يسلمووووووو روعه روعه هل رواية
مشكورة خيتو على المجهود الرائع

Rehana 07-06-16 07:40 AM

رد: 186 - انتظري
 
الله يسلمك والعفوو عزيزتي

Rehana 07-06-16 07:42 AM

رد: 186 - انتظري
 
11- حلو وخلّ

في وقت مبكر من ذلك المساء , كانت ايريس تذرع ارض المطبخ .كانت قد اتصلت ببلاك لتعطيه المعلومات التي يعتقد انه يبتزها منها . ثم اتصلت بالشريف روبي لتقول له ما فعلت .. وكان الشريف مع مساعديه في طريقهم إليها ... ولم يكن هناك مجال للتأكد أن بلاك سيستخدم المعلومات هذه الليلة , لكن صبرها كان ينفذ مع مرور الوقت .
كان كوبر يجلس متكاسلا حول الطاولة بعد أن أرخى أحدى ذراعية على مؤخرة الكرسي المجاور . كانت تحس بعينيه السوداوين تلاحقان كل حركة منها , فأجبرت نفسها على التوقف . طوت ذراعيها بشدة حول جسمها , وأسندت مؤخرتها إلى رف المغسلة .. كان الصوت الوحيد صوت غليان القهوة التي ستستخدم لملء إبريق كوبر الحافظ للحرارة .
قال كوبر معلقا :
-إذا لم تجلسي وتسترخي , سيهترىء مشمع الأرض فوق ألواح الخشب .. وقد تجري في هذه الليلة مطاردة شرسة على أية حال .
استقامت ايريس عن رف المغسلة , ثم توقفت , تدرك أنها كانت على وشك العودة إلى ذرع المكان مجددا .. بدلا من هذا , مررت أصابع مرتجفة في شعرها ودمدمت :
- كان عليك أنت و روبي أن تختارا مكانا أفضل لنصب الكمين .
وفكرت أن الوادي القليل العمق الذي أراه لها كوبر لا يبدو أن فيه ما يكفي من غطاء لإخفاء الشريف ومساعديه .. ميزة المكان الوحيدة كانت مرتفعا بسيطا إلى الشمال , لكنه بدا بعيدا جدا عن الطريق العام , وعلى الأكثر , الموقع يعطي بلاك أفضلية كبيرة , وكانت تفضل مكانا آخر .
اخذ كوبر رشفة متكاسلة من قهوته :
- لقد اخترنا المكان إلا أن أحدا لن يفعل شيئا قبل أن يجمع الماشية ويحملها في الشاحنة . وعندما يصل بها إلى الطريق العام , سيكون مساعدو الشريف في الانتظار .
- و اين سنكون نحن ؟
لكنها كانت تعرف أنهم لم يبحثوا في إمكانية ذهابها معهم , ولو أنها مصممة على الذهاب.
دون أي اضطراب , قابل كوبر التحدي في عينيها الزرقاوين :
- سأكون أنا وروبي على الجياد إلى الجانب الشمالي من المرتفع . حين نسمعه يدخل , سننبطح على قمة المرتفع لنراقبه ..بعد تحميل الماشية , سنشير إلى المساعدين ليتقدموا إلي الطريق العام , ثم نركب الجوادين ونطبق عليه من خلف الشاحنة .. ولا أريدك هناك ايريس .. فستكون ليلة طويلة باردة ... وقد لا يأتي .
تحولت شفتا ايريس إلى خط مشدود مصمم.
- سأذهب كوبر .
وقف كوبر بعفوية , لكنها أحست أنها حركة لتعزيز سيطرته , فاضطربت :
- إذا حدث شيء خاطىء , قد يجري إطلاق نار وأنا لا أريد تعريضك للخطر .
تابعت الجدال :
- سأكون آمنة كأي واحد منكم .. وما من طريقة تجعلني اجلس هنا طوال الليل أتساءل ما الذي يجري .
تبسم :
- سيكون الانتظار هنا أكثر دفئا وراحة من الخروج وسط الظلام والهواء البارد يضرب ظهرك .
- سأذهب.

Rehana 07-06-16 07:44 AM

رد: 186 - انتظري
 
تقدم إلى إبريق القهوة , وأعاد ملء فنجانه .. تحركت ايريس نحوه , وقالت لوجهه المتحجر :
- أنا ذاهبة برتسوم .. أكان هذا معك أو من بعدك ..سأذهب .
في النهاية , لم تستطع إقناع كوبر .. لكن فيما بعد , ومع وصول الشريف , وجدت فيه حليفا ولو على مضض .
امتد الانتظار لساعات فوق المرتفع الذي يطل علي الوادي الصغير حيث استلقت الأبقار لتنام .. في وقت ما بعد الساعة الواحدة ليلا , سمعوا صوت شاحنة صغيرة تتقدم على الطريق العام إلى الجنوب من موقعهم .
رمت ايريس ما تبقى من قهوتها , وأقفلت الترموس بسرعة . نظرت إلى السفح الشمالي إلى حيث الجياد .. فأنهى كوبر والشريف قهوتهما بهدوء, بينما راحا يراقبان الأنوار الأمامية على الطريق العام , وينتظران ليريا ما إذا كانت الشاحنة ستتوقف .. توترت أعصاب ايريس وهي تصغي إلى المحرك الضخم يهدر , ثم إلى صوت المكابح وهي تتوقف .
قال كوبر إلى جانبها :
- هذه ليست شاحنة تحميل مواشي روبي .
ضحك روبي :
- هذا صحيح برتسوم . فإذا كانت تبدو شاحنة مواش , فلن يتمكنوا من التجول فيها دون إثارة الشكوك .. لا بد أنه اجرى تعديلات عليها من الداخل لتستوعب الماشية . وحين يبتعد بالماشية بما يكفي , سينقلها إلى شاحنة عادية خاصة لنقل المواشي .
على ضوء الأنوار الأمامية للشاحنة , شاهدوا رجلا ينزل من حجرة القيادة .. أسرع إلى الخلف, وثم استدار ليخوض الخندق قرب الطريق .
انبطح الثلاثة ارضا كي لا يراهم الرجل على نور الشاحنة , طاف الضوء القوي في الوادي تحتهم , وبدأت الماشية تقف على قوائمها , وتتململ ,انزعاجا.. انطفأت الأنوار , فحبست ايريس أنفاسها حين أخذت الشاحنة تتراجع إلى الوراء ببطء .. هست المكابح مجددا لتتوقف الشاحنة بين عامودين للسياج ... اخذ الرجل الذي كان على الأرض يقطع شريط السياج بسرعة , ثم حشر نفسه بين العمود ومؤخرة الشاحنة ليفتح بابها الخلفي .
عادت أضواء الشاحنة , وخرج منها رجلان وأسرعا إلى مؤخرة المقطورة ..رغم شدة الظلام الذي منع ايريس من الرؤية بوضوح إلا أنها استطاعت تمييز الأشكال الثلاثة في مؤخرة المقطورة فسمعت أصوات الأبواب الكبيرة تفتح , ثم صوت ألواح خشب تثبت في مكانها لتصعد عليها الماشية .
سمعوا صوت الحوافر فوق الخشب عبر الوادي , ليدل على أن لصوص الماشية يفرغون بعض الجياد ليركبوها من اجل جمع الأبقار .. حين تأخروا في بدء عملهم بشكل غير طبيعي , زاد توتر ايريس .
سألت :
- هل هناك شيء خاطىء ؟
كان بلاك يقترب أكثر فأكثر من الاعتقال , ولا تعرف كيف ستتمكن من التحمل لو حدث شيء فجأة جعله يتراجع . تحرك كوبر إلى جانبها , واقترب منها .
- اصبري .
نظرت ايريس إليه إثر سماعها ابتسامة في صوته العميق . تحرك مرة أخرى , وأحست فجأة أن يدها الباردة مضمومة في دفء يده .
- لقد انتظرت طويلا .. بضع دقائق أخرى لن تكون قاسية جدا عليك .
تكلم الشريف روبي الجالس إلى يساره :
- لقد اقترب رايدر من الغنيمة جدا الآن , ولن يتراجع ... وبالطبع ,لو كنت مكانه , لقلقت قليلا من اتجاه الريح .

Rehana 07-06-16 07:44 AM

رد: 186 - انتظري
 
كانت الريح الخفيفة من الجنوب لصالحهم دون شك . وكانت الأصوات تصل إليهم من الشاحنة فوق المرتفع شمالي القطيع , لكن أصوات جيادهم لا يمكن أن تصل إلى الطريق .
ضحك كوبر لما قاله روبي , ففوجئت ايريس لأنه والشريف يتمتعان بما يجري.. بينما هي متوترة ومحبطة . وكانا يتصرفان وكأنهما معتادان على نصب الكمائن للصوص الماشية , بشكل دائم .
أعادت أصوات حفيف جلد السروج انتباهها إلى الشاحنة .. وأمام ارتياحها ركب الرجال الثلاثة خيولهم , واتجهوا نحو القطيع الصغير .
جمع الخيالة الثلاثة القطيع , وراحوا يضمونه إلى بعضه أكثر فأكثر وهم يدفعون به إلى الأمام .
واستغرق هذا وقتا طويلا , لا بد أن العمل صعب في الظلام . لكن الماشية حملت أخيرا .
أضيئت أنوار المقطورة المعدلة كلها ..حرك اثنان من الرجال قسما من القطيع داخل المقطورة مفسحين في المجال أمام الجياد قرب الباب .. أخيرا أنهوا تحميل الجياد واقفلوا الشاحنة من جديد .. وانطفأت الأنوار .
ذهب كوبر لإحضار جيادهم وعاد مع إقفال أبواب الشاحنة . كان الشريف يتصل بمعاونيه بواسطة اللاسلكي .. لكنه فجأة صمت ونظر مليا إلى مؤخرة الشاحنة . كانت الأجسام الثلاثة قد تحركت حول الجانب الأيمن من الشاحنة واختفت .
همس الشريف بالسباب . ونظرت ايريس إليه بدهشة :
- ما الأمر ؟
تجاهل سؤالها , ليوجه سؤالا إلى كوبر .
- هل بقى احدهم في الخلف؟
- لا استطيع القول .
انيرت أضواء الشاحنة مجددا .. واستخدم الشريف بسرعة جهاز الراديو ليكرر أوامره لمعاونيه ليطبقوا عليهم , لكنه أضاف تحذير بأن احد اللصوص قد يكون في مؤخرة المقطورة .
اعطى كوبر لجام أحد الجياد لروبي , لكن الشريف استدار إلى ايريس قبل أن يركب .
- لا يعجبني بقاء احدهم في الخلف .. قد يكون ذلك رايدر نفسه بقي ليراقب . ولقد قلت لي إنه قد يكون مسلحا , لذا أريد منك البقاء هنا إلى أن تتأكدي أننا القينا القبض عليهم جميعا .
مد يده يمسك كتفها مركزا على أوامره وهم يسمعون محرك الشاحنة :
- هل فهمت ذلك ؟
هزت ايريس رأسها إيجابا :
- اجل .... سأنتظر هنا .
إنهم قريبون جدا من الهدف ولن تخاطر في أن تقف في الطريق .. لقد أرادت أن تكون هنا لتعرف ماذا يجري , لكنها لا تنوي التدخل .
- وماذا عن كوبر ؟
جعل سؤالها الرجلان يتبادلان النظرات , وجاء الرد من كوبر:
- روبي يعرف أنني افعل ما أريد فوق ارضي , واتحمل النتائج .
قفز فوق سرجه ينظر إلى وجه ايريس المرتفع إليه ..بعد خفقه أخرى من قلبه , انحنى ليضع يده خلف عنقها ويعانقها .
- أحسني التصرف .
همست :
- كن حذرا .
ثم وقفت مخدرة الأحاسيس وهو يستقيم وينزل عن المرتفع مع الشريف .
جمعت الأغراض و الترموس ووضعتها في السرج .. تفحصت الرباط بسرعة , ثم امتطت الجواد وراقبت الشريف وكوبر يجريان بسرعة عبر الوادي نحو مؤخرة المقطورة .
كانت الشاحنة الكبيرة تتحرك , لكن وزن الماشية , فيها كان يبطىء تقدمها , وأخذت عينا ايريس تتجولان بين ما استطاعت أن تراه من الطريق العام ... وكبتت أنفاسها حين خرجت القاطرة والمقطورة من فوق كتف الخندق إلى الطريق المرصوف .

Rehana 07-06-16 07:45 AM

رد: 186 - انتظري
 
ما أن حصل ذلك , حتى طافت الطريق العام بالانوار مع تدفق سيارات الدوريات من كل صوب , وانطلقت الشاحنة إلى الأمام , وكأن أول ما خطر ببال السائق , أن يهرب , ثم توقفت.
كان كوبر وروبي يتقدمان إلى المقطورة حين انفتحت الأبواب الخلفية دون سابق انذار . رأت ايريس نورا يلمع , ثم صوت إطلاق نار تردد صداه في الوادي , خفق قلبها بشدة , واستجاب كوبر وروبي بسرعة , يلتفان حول جانبي المقطورة ليتجنبا الرصاص.
دوت عدة طلقات قبل أن يقفز احد اللصوص من الشاحنة وهو على صهوة جواد ..تعثر حين لامست قوائمه الأمامية الأرض .. وانطلقت البندقية في الوقت عينه , وأدركت ايريس أنها كانت مصوبة إلى الشريف .. تراجع جسد روبي , ثم وقع إلى الأرض الأمر الذي أرعبها.. على الفور , ركلت ايريس جوادها إلى الأمام في ردة فعل مفاجئة .
تعثر الجواد الذي قفز من الشاحنة مجددا , ووقع بكتفه إلى الأرض . فتدحرج راكبه, لكن دون اذى وفقد قبضته على البندقية .. ثم وقف الجواد , وركض بعيدا.
قاد كوبر جواده كالصاعقة نحو الخيال الواقع على الأرض .. ورمى نفسه فوقه في الوقت الذي كان فيه اللص يمسك بندقيته ويصوبها مجددا ..صدم الرجلان الأرض بقوة .. وحثت ايريس جوادها ليسرع أكثر عبر الوادي . كانت البندقية الآن قد ارتمت على بعد عدة أقدام من المكان الذي يتصارع فيه الرجلان , فأوقفت ايريس الجواد قريبا منهما . رأت على الفور أن اللص الذي كان كوبر يوسعه ضربا هو بلاك رايدر .. فرفست ايريس الركائب من قدميها وترجلت .
كان المعاونون قد أوقفوا الرجلين الآخرين قرب الشاحنة وراحوا يفتشون عن السلاح .. لكنهم لم يعرفوا على ما يبدو أن الشريف كان جريحا على الجانب الآخر .. نظرت ايريس بلهفة إلى كوبر , ثم ركضت نحو الشريف .
خفق قلبها بقوة وهي تخر على ركبتيها إلى جانب روبي . كان هناك ما يكفي من النور المنبعث من الأنوار الأمامية للشاحنة وسيارات الدورية لترى أن عينيه مغمضتان , ووجهه شاحب . مدت يدها إلى مقدمة سترته مذعورة مما قد ترى حين تفتحها .
- أيها الشريف ؟
صوتها أعاده إلى وعيه فحرك رأسه , ثم أنّ متألما .. وفتح عينه .. فتحت ايريس السترة بلطف فاضطربت معدتها عند رؤيتها بقعة الدم القاتمة التي انتشرت على معظم مقدمة قميصه . ارتجفت يداها وهي تجبر نفسها على تفحص صدره بلطف لتحدد مكان الجرح بالضبط .
قال الشريف بحشرجة خشنة :
- جهة اليسار العليا من صدري ايريس , ولا أظن الرصاصة أصابت شيئا خطيرا .
كانت ابتسامته المتألمة لمعانا ابيض وسط الظلام ..فأحست ايريس ببوادر الارتياح, وفتشت في جيوب سترته لتجد منديلا .. وأكمل :
- أحسست أن الطلقة خلعت كتفي .
وشهق حين وجدت ايريس الجرح وضغطت المنديل عليه مع منديلها , لإيقاف النزيف .
ملأت خطوط الألم وجه الشريف بينما استمرت ايريس بالضغط .. وادارت رأسها لتصيح من فوق كتفها :
- الشريف مصاب .
جاء احد المساعدين ركضا , فأخبرته ايريس باختصار عن طبيعة الجرح , قبل أن يعود إلى سيارة الدورية ويستخدم الراديو . ثم نظرت لترى أن كوبر وبلاك كانا واقفين على أقدامهما وان كوبر يلوي ذراعي بلاك خلف ظهره . أسرع المعاون الآخر نحوهما ليضع الأصفاد في يدي بلاك .

Rehana 07-06-16 07:45 AM

رد: 186 - انتظري
 
أومأ كوبر برأسه لشيء قاله له المعاون , وعاد الأخير إلى السجينين الآخرين .
سأل روبي :
- هل اعتقله كوبر ؟
نظرت ايريس إليه :
- اجل .. كان هذا بلاك .
- جيد .. أو ربما ليس جيدا إلى هذا الحد . لقد أراد برتسوم أن يمضي ما سماه ببضع لحظات مميزة مع رايدر .. لكنني قلت له أنني لن اسمح بذلك .
نظرت ايريس بلهفة نحو كوبر , رأته يجر بلاك نحوها , وعندما وصل عل بعد بضع أقدام منها , شد أسيره ليقف.
- هل حاله سيئة ؟
- جرح في الكتف على ما يبدو .
- هل هو فاقد الوعي.
ردت ايريس : لا , بل هو واع ...
وجر كوبر بلاك إلى جانب الشاحنة حيث كان المعاونون يفتشون السجينين الآخرين . وعرفت ايريس أن السجناء اقتيدوا إلي سيارات الشرطة , بيد أنها لم تستطع أن تبعد نظرها حين رأت ساقي كوبر وبلاك يتوقفان إلى الجانب الآخر من الشاحنة .
رغم تلهفها لقضاء " بضعة لحظات مميزة " مع بلاك بدورها إلا أن فكرة ضرب احد بالفعل, أو قيام كوبر بذلك , جعلها تشعر بالسقام لكن. أنفاسها استرخت مع تحرك زوج السيقان .. سمعت كوبر ينادي احد رجال الشرطة .. واسترخى الشريف روبي أيضا وهو على ذراعها , نظرت إليه .. فضحك بضعف :
- كنت خائفا من أن يضربه برتسوم حقا ..فأنا اكره أن أوقفه لذلك .. لكنني كنت سأفعل .
رأت أن الشريف قد فقد الوعي مجددا , فنادت احد رجال الشرطة .. كان المنديلان اللذان استخدمتهما ممتلئين دما , لكن , وحسبما أحست , فقد توقف النزيف . خلعت سترتها بارتباك وغطته بها لتؤمن المزيد من الدفء .
جاء احد المعاونين على الفور .. لكنها لم تشعر بأنها أفضل حالا حتى وصول سيارة الإسعاف وتولى الممرضين أمره.
تشابكت أحداث ما تبقى من الليل معا , فقد عادت وكوبر إلى المنزل , واتجه عدد من رجاله لجمع الجياد وفتح السياج قبل إطلاق القطيع مجددا . وتولى مساعدوا الشريف التحقيق .
اغتسلت ايريس , وكذلك كوبر , ثم ذهبا معا إلى مستشفى المقاطعة .انتظرا هناك حتى انتهى الجراحون من جراحة الشريف . بالرغم من خسارته الكبيرة للدم ,كان يرتاح في وحدة العناية قبل مغادرتهما المستشفى .
كان كوبر قد أرسل جارد ورجلين إلى المزرعة حيث اخفى بلاك الجواد بلاكي , حين عادا إلى المنزل كان بلاكي قد عاد إلى حظيرته . ورغم كون ايريس مرهقة , إلا أنها ذهبت لتتفحصه , فرأت أن عنقه تحمل مزيدا من الجروح , فوضعت له مرهما مضادا للالتهاب .. راقبها كوبر بصمت , ولم يتكلم احد منهما .
استنزفتهما إثارة الأعصاب تلك الليلة الطويلة معا . أحست ايريس بانخفاض معنوياتها وهما يغادران الإسطبل ويتجهان إلى منامة العمال .. سوف تغادر المكان قريبا , وهذا ما جعلها مثقلة القلب .. لكنها لم تشعر بالإحساس بالنصر الذي كان يجب أن تشعر به بسبب اعتقال بلاك واستعادة بلاكي سالما . كان يمكن أن تكون مشاعرها مختلفة لو أن روبي لم يكن جريحا , لكنها شكت بذلك عندما استرقت النظر إلى وجه كوبر .
لقد مرت في أوقات عصبية كثيرة في حياتها . لكن عندما توقفا قرب بابها وراح كوبر يشدها إلى ما بين ذراعيه .. أدركت أن أصعب أوقات حياتها سيكون عندما تترك كوبر ..الذي ينتظرها .

Rehana 07-06-16 07:46 AM

رد: 186 - انتظري
 
كان الوقت مبكرا بعد الظهر حين استيقظت ايريس , ونهضت لتستحم وترتدي ثيابها . كانت قد أخذت وقتها في السؤال عن مواعيد الباصات التي تخرج من رد هورس عندما عادت من رحلتها مع كوبر بعد ظهر اليوم السابق ..هناك باص سيغادر إلى "شايين" في الساعة الثالثة . أدركت أن إمكانية الرحيل باتت ضعيفة ذلك أنها تشعر انه بإمكانها أن تكون على علاقة عاطفية مع كوبر فأسرعت إلى هدر الوقت بتوضيب أغراضها لآخر مرة .
بإمكانك البقاء ..
أضعفتها كلماته .. لكن , لماذا ؟ لقد صدق كوبر قصتها وأصبح بلاك خلف القضبان, لكن زوال ذلك العائق بينهما لا يعني أن انجذابهما لبعضهما سيتطور إلي أي شيء غير ما يريده كوبر ..
"حين نجتمع معا.. وسنجتمع , أريد أن اعرف أن ما يعينه هذا واضح بالنسبة لنا معا." .. هذا ما قاله , ولقد فهمت الرسالة .
كانت بالكاد أخرجت ملابسها من الخزانة والأدراج ووضعتها فوق السرير , حين سمعت قرعا حادا على بابها . واستولى التوتر على أعصابها , لم تكن قد قررت ما هي أفضل طريقة لتخبر لكوبر برحيلها , لكنها كانت تأمل أن تفاجئه بإعلانها عن الأمر . من حقه أن تعطيه إنذارا مدة أسبوعين لتركها العمل .. لكنها كانت تعي مقدار الضغط العاطفي الذي يمكن أن يعرضها له إذا لم يكن يرغب في رحيلها .
ابتسمت ساخرة من نفسها للفكرة , لا شك أنها تبالغ في تقدير مدى انجذابه لها والتغاضي عن إنذار الأسبوعين قد يكون جيدا له كذلك .. علي أية حال , حين يعرف أنها تفضل الرحيل على الوقوع في علاقة ضحلة دون عمق , سيكون أكثر من سعيد في تركها تذهب .
لقد كان كوبر منفصلا منذ مدة طويلة , و لا بد انه أصبح الآن يثمن حريته كثيرا.. ورجال اقوياء مكتفين ذاتيا مثله , لا يستسيغون الارتباط بسهولة وبما أنها لن تستطيع المخاطرة , فالأفضل لها هو انفصال سريع نظيف الآن .
بعد لحظات من اتخاذها قرارها .. تقدمت نحو الباب تفتحه .
وقف كوبر هناك , وراحت عيناه السوداوان تلمعان عليها من تحت حافة قبعته .
- هل استيقظت منذ مدة طويلة ؟
لم يكن هناك أي اثر للدهشة عليه مع انتقال عينيه منها إلى الحقائب على السرير .. وقال :
- لدي أخبار جيدة لك لو دعيتني إلى الدخول .
جعل الدفء في ابتسامته قلبها يخفق بجنون , فأومأت برأسها باختصار ثم عادت إلى توضيب ثيابها , فدخل ليقفل الباب وراءه.
التقطت ايريس عدة جوارب سميكة ودستها في الحقيبة .. ثم نظرت إليه :
- أية أخبار ؟ ألا يزال الشريف في حال جيدة ؟
- بما يكفي ..يقول الطبيب انه سيغادر المستشفى في نهاية الأسبوع . وسيبقى فترة في الفراش في منزله . لكن مع وجود رايدر وعصابته الآن خلف القضبان , ورفض كفالتهم , لن يكون أمام مساعديه الكثير ليفعلوه .
أحست برجفة عندما تذكرت وقوع الشريف عن جواده :
- أنا سعيدة لأنه بخير .
أخذت قميصا قطنيا وبدأت تطويه .
- اتصل احد المساعدين ليقول لي خبرا اعتقدت انك قد ترغبين في سماعه .. يبدو أن احد رجال رايدر يرغب في تسوية لتخفيف الحكم عليه , ولقد قام باعتراف كامل .
- وماذا في ذلك ؟ لقد ألقي القبض عليهم بالجرم المشهود .
ورمت القميص المطوي في الحقيبة .
- ذلك الاعتراف الكامل لم يشمل فقط المسروقات هنا , بل شمل اعترافا مفصلا حول ما فعله رايدر للإيقاع بك واعتقالك .
جمدت يدا ايريس .. واجتاحتها موجة دوار .. استقامت , واستدارت ببطء نحوه .

Rehana 07-06-16 07:47 AM

رد: 186 - انتظري
 
وكانما فهم أنها صدمت فانخفض صوته :
- لقد أصر علي براءتك من تلك السرقات .. ليس هذا فقط , بل قال إنك لم تعرفي أن رايدر متورط إلى أن أصبح شكك كافيا للحاق به , وجرى اعتقالك بدلا منه .
بدأت ركبتا ايريس ترتجفان ... وغاصت في السرير ...لقد حصلت على الاعتراف الذي كانت تأمل به , والذي كانت شبه مؤمنه انه لن يحصل .. ارتفعت عيناها لتقابلا عيني كوبر :
- أيعني ذلك براءتي ؟
- يقول مساعد الشريف أن هذا لن يحدث في الحال , وان هناك قنوات قانونية . سنتصل بصهري حين يعود إلى مكتبه ليرى ما يمكن فعله للإسراع في الأمر .
اغمضت ايريس عينيها تشعر بارتياح قوي جعلها ترتجف .. وتدفقت دموع الامتنان من تحت جفنيها المغمضين :
- شكرا لله .... اشكر الله أن كل شيء انتهى .
مرت بضع لحظات قبل أن تستعيد ايريس أنفاسها . ارتجفت شفتاها في ابتسامة , ثم فتحت عينين جميلتي الرموش لتنظر إلى كوبر .. بينما راحت أول شعلة ابتهاج تنير قلبها .
لكن كوبر كان قد خلع قبعته ونظر باهتمام إلى الملابس التي كانت توضبها . اختفت ابتسامتها بينما كانت تمد يدا متصلبة إلى رزمة ملابس مطوية , وضعتها في الحقيبة.
كان صوت كوبر عميقا رنانا وهو يسأل :
- كم مره وضبت هذه الحقائب ثم أفرغتها منذ مجيئك إلى هنا ؟
كشرت ألما ,لكنها استمرت في عملها .
- بما يكفي ..
سمعت كوبر يضرب جنبه بقبعته دليلا على نفاذ صبره .حصنت نفسها ضد أية محاولة إقناع قد يستخدمها .. ثم خافت من عدم فعالية ذلك .
أصبح كل عصب في جسمها يصيح فجأة بانتظار ما سيقول ..لكن حين تكلم ..لزمها عدة لحظات لتفهم .
- إذن اعتقد أن أول أمر سأحدده بعد الزفاف هو حرق هذه الحقائب اللعينة .
جمدت يدا ايريس.. ثم تحركتا بارتباك لإبعاد رزمة أخرى من الملابس إلى الحقيبة , وأجبرت صوتها على أن يبدو خفيفا , لكنه كان شفافا كزجاج النافذة :
- وما معنى ذلك ؟
ضرب جنبه مجددا بالقبعة :
- سمعتني , متى تحبين أن تخرجينا من بؤسنا ؟ الآن ؟ أم ليلة العرس ؟
وقعت الثياب من يديها . واستدارت ببطء نحوه , تنظر إلى الخطوط الحبيبة على الوجه العنيد .. أحست بتوتره غير العادي وبالتصميم الحديدي الذي حذرها أن أية مقاومة من جانبها ستؤخر فقط ما هو حتمي .
- وهل هذا طلب يد ؟
هز رأسه :
- طلب اليد يتقدم به الرجل حين يريد ردا بنعم أو لا .
ارتجفت شفتاها :
- أليس الأمر كذلك ؟
- بالطبع لا .. أتظنين أنني قد أعطيك فرصة لرفض طلبي ؟
وضع قبعته على الكرسي , واتجه نحو ايريس . توقف على بعد إنشات منها, ونظر إليها من أعلى نظرا لطول قامته .
- اعتقد أن هذه هي آخر فرصة احصل عليها لتنفيذ ما أريد بطريقتي .. وأنا انوي أن أتأكد من أن تكون لي هذه الفرصة لأذكرها في السنوات القادمة .
شهقت ايريس بغضب مفتعل :
- إنك تجعلني أبدو أمرأة شريرة .

Rehana 07-06-16 07:47 AM

رد: 186 - انتظري
 
ابتسم كوبر ابتسامة متعجرفة ..ودون إنذار , امسك بخصرها , ثم دنا بوجهه منها :
- ليس لدي الوقت لامرأة ترتجف حين يرفع الرجل صوته , وتخضع لكل رغباته .
فأنزلت يديها لتلفهما حول عنقه وكتفيه .
همس في أذنها :
- أحبك ايريس .. ليس هناك امرأة أخرى مثلك بين عشرة آلاف أخرى . ولن أتركك ترحلين عني .... تزوجيني .
كان أمراً أكثر من أن يكون طلبا . ضحكت بنعومة مع امتلاء قلبها بالفرح , ليعطيه حلاوة أقوى مما تصورت انه ممكن .. حين لم تستجب فورا إلى ما قال , رفع رأسه ولمعت عيناه السوداوان في عينيها الزرقاوين .
كانت طبيعة كوبر برتسوم مطبوعة على وجهه ..صلب وحنون .. خشن , مخيف , متعجرف ورجل بكل ما تعنيه الكلمة .. الألفة العزيزة لهذا الوجه الوسيم الفخور , والجذاب الذي لا يقاوم للرجل نفسه , جاء بموجة حب قوية جعلت الدموع تلسع عينيها .. أحست أنهما متماثلان بطريقة بدائية مجنونة .
همست :
- وأنا احبك كذلك .. كوبر .
وضعت راحة يدها على فكه , وأكملت :
- لكن في يوم ما , وبعد أن نتناطح بالرؤوس لمدة طويلة , وتبدأ التفكير بأن الحياة قد تكون أكثر بساطة بكوني أكثر خضوعا , سأذكرك بيوم تركتك تنفذ ما تريد وتزوجتك .
انفجر كوبر بضحكة من القلب .
- لا شيء معك يمكن أن يكون مملا . ولن أصل إلى نهاية حياتي وأنا اشعر أنني فقدت كل التحدي والمرح ونكهة الحلو الخل في عيشي أيامي معك .
تلاشت ابتسامته و أكمل بصوت أجش :
- لقد جئت بشيء آخر معك حين وصلت إلى هنا .. شيء هش أنثوي , شيء احتاج إليه كثيرا كما احتاج للحلو الخل .
همست : كوبر .
واشتدت ذراعاها بقوه حوله , واخذ قلبها يغني لكلماته , تآلف الإحساس بالاستقرار أخيرا مع الحب الذي تشعر به نحوه .. لقد استعادت المنزل والإرث اللذان ظنت أنهما فقدتهما إلى الأبد بشكل عجائبي .. وأحست بآخر مراراتها تتلاشى .
تحرك كوبر , فرفرفت الدمع وابتسمت له , وظهرت ضحكة جانبية على وجهه :
- إذن , ما رأيك بالأمر ؟ هل ننتظر إلى ما بعد المراسم , بعد أسبوع من يوم السبت القادم ؟
انفرجت شفتاها دهشة :
- أسبوع بعد يوم السبت ؟
- بالتأكيد حبيبتي , أليك وبروك سيعودان من عطلتهما بعد يومين . ولقد تطوعت اليانور وشقيقاتها الأربعة للمساعدة في التحضير للعرس .. لذا فكرت أن لا جدوى من الانتظار .
هزت رأسها :
- هذا وقت لا يكفي .
- هذا كاف إذا كانت إحدى الشقيقات تعيش من صنع فساتين الزفاف , و الأخرى تصنع الحلوى الرائعة , والاثنتين الباقيتين اهتمتا لوحدهما بست حفلات زفاف كبيرة لبناتهن.
ضحك لذهولها :
- فوق كل هذا , اعرف انك ستجعليني انتظر حتى ليلة العرس .. و أسبوع بعد يوم السبت هو كل ما أنا مستعد له .
لمع الخبث في عيني ايريس :
- أية فرصة لاستباق ليلة العرس سوف اقضي عليها برتسوم.
ودفعته عنها مداعبة .
وكانت نتيجة المداعبة أن اشتعل الشوق بينهما بسهولة , ليتحول إلي نار بيضاء وهاجة .


تمت

فرحــــــــــة 29-06-16 06:15 AM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
غاليتى
ريحانة
استمتعت بالقصة الرائعة
سلمت يداكى على اختيارك الرائع
تعجبنى اختيارتك الموفقة فى جميع المجالات
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

الملآك القاسي 29-06-16 11:26 PM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
حلوووووووووووووة رواية جميلة

bluemay 07-07-16 11:25 AM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
من أروع ما قرأته من روايات

الكاتبة مبدعة في رسم الاحداث وتصويرها

كانت مشاهد نابضة بالحياة.

والنهاية اكثر من رائعة..


سلمت يداك ريحانتي على اختيارك المميز .


لك خالص ودي






«اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي»

نجلاء عبد الوهاب 10-07-16 01:07 AM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
الروايه حلوووووووووووووووه جداااااااااااااااااااااااااا شكرااااااااااااااااا كتيييييييييييييييير
:55::party0033::8_4_134::wookie:

روني القمر 11-07-16 12:20 AM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
جمييييييييييلة
مشكورة

حنان محمد ابراهيم 18-08-17 10:06 PM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
الرواية غاية فى الجمال شكرا على مجهودك الرائع

fatat jamila 19-08-17 08:46 PM

رد: 186 - انتظري
 
:55: :8_4_134: تسلميلنا يا غاليااااااا

مريانا ادريس 31-10-17 11:35 AM

رواية جمممممممممممممممممميلةجدا وناية اروع شكرا على ترجمتها
 
:55::55::55::8_4_134:
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3609231)

راح انزل اليكم رواية.. انتظري

الملخلص

بعدما أدينت ايريس بجرم لم ترتكبه ,تعودت أن تكون منبوذة لا يأويها مكان ولا عنوان .....لهذا لم يصدمها كثيرا أن يطردها كوبر برتسوم بدون رحمة من مزرعته !
...عندما ابتعدت وقف كوبر يراقبها تصارع العاصفة القادمة وبدا ضميره يؤنبه ....سيحاول إعادتها قبل أن تطمرها الثلوج شرط أن تخضع لقوانينه الخاصة :لا تسرقي ! لا تعبثي !لا تقتربي من ابنتي !.....ولا تقتربي مني !.....أو ليست العاصفة الثلجية ارحم من الشرط الأخير ؟!


رواية للامانة منقولة .. بس تم تدقيق الرواية من الاخطاء الاملائية من قبلي


paatee 19-11-17 05:49 AM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
يعطيكي العافيه تسلم الانامل

ماه 01-02-20 11:12 PM

رد: 186 - انتظري ( كاملة )
 
مش عارفة دي المرة الكام اللي رجعت اعيدها فيها 💟💟💟


الساعة الآن 07:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية