منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المهجورة والغير مكتملة (https://www.liilas.com/vb3/f837/)
-   -   رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد (https://www.liilas.com/vb3/t198546.html)

فطووووومة 25-01-15 11:58 PM

رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اهل ليلاس
حياكم الله
وتلك هى اولى مشاراكاتى فى عالم ليلاس الرائع
جئت لكم احبابى برواية بالطبع ليست من كتابتى فانا لست كاتبة وانما احسب نفسى قارئة ذو باع طويل فى عالم الروايات
اما بالنسبة للرواية التى ساضعها بين ايديكم باذن الله فهى للكاتبة التى اعشق قلمها فعلا الكاتبة (سامية احمد) فهى وان كانت لا تكتب الروايات الطويلة الا انها تمتلك قلما راق وهادف تستمع بقراءة ما يخطه...!
ولذا اردت ان اشارككم اخر ما كتبته اأ/سامية احمد
اسفة ع الاطالة واليكم او بارت
ارجوووو ان ينال اعجابكم
............................................................ ............................

ملحوظة قبل القراءة :
شخصيات هذه الرواية وأحداثها هي من وحي خيال الكاتبة
لكن الأحداث الكبيرة المؤرخة بتواريخها , والعصر الحاضن لأحداث الرواية مأخوذة من المراجع التاريخية
وأكرر ثانية
أن الروايات لا تصلح أن تكون مراجع تاريخية
وعلى كل انسان أن يبحث عن المعلومة ويتحقق منها
فالروايات التاريخية ما هي الا معلومات بسيطة صيغت بأسلوب روائي
وأحب تسميتها
روايات الخيال التاريخي
..........................................

((ظل السيف))
رواية
مقدمة :
الارض والطاعة مقابل السلام وعدم العدوان
هي ملخص الاتفاقية التي تمت بين فرناندو الثالث ملك قشتاله وابن الأحمر مؤسس مملكة غرناطة عام (٦٤٣ه-١٢٤٥ م)
آثر السلطان المسلم الإذعان والاستسلام والمشاركة في حصار وتسليم إشبيلية للحفاظ على قطعة الأرض التي يقف عليها
وبعد سقوط قرطبة وإشبيلية المروع لم يتبق للمسلمين من أرض الاندلس الواسعة سوى غرناطة
لكن الحقيقة هي أن الأمن والسلام ما هما الا وهم الحمل الضعيف يمني به نفسه قبل ان يأكله الذئب
وكان حتما أن تنبت تربة الخنوع والاستسلام نباتات شيطانية أثمرت جواسيس ومتآمرين ومنتفعين ومنافقين
وفي المقابل كان لا بد للحق من فئة تنتصر له وإن كانوا قلة
لا يقبلون الذل ولا الخنوع وإن قبضوا على الجمر وتجرعوا الحنضل
هؤلاء هم من لا يرضون بالدنية في الدين, ويحيون شامخين في ظل السيف
............................................................
(1)

ألقت أشعة الشمس البرتقالية الحانية بدفئها على بلدة غرناطة الجميلة الرابضة بين أحضان الطبيعة الخلابة و المزدانة بالأثواب الخضراء الزاهية المتدرجة الألوان وأزهار متناثرة في الأرجاء كالجواهر اللامعة.
فُتحت أبواب القصبة المبنية على أطراف البلدة, وانطلق منها خمسة من الفتية يتسابقون على خيولهم في الحدائق والسهول الخضراء حتى وصلوا الى أكمة من الاشجار هي بداية لغابة شجرية جميلة اعتاد الفتية زيارتها كلما اجتمعوا معا , وممارسة رياضاتهم المفضلة فيها والتباري في الرماية ومنازلات السيف
ترجلوا من على خيولهم, وهتف عبد الرحمن بحماس : ما رأيكم أن نلعب اللعبة التي علمنا إياها المعلم؟
تحمس جعفر لاقتراحه : نعم فلنفعل , فليجرب كل منا أن يحاول الاستيلاء على سلاح الآخرين
محمد بلا حماس : عبد الرحمن سيفوز كالعادة
طارق بتحدي : لا , لن نسمح له هذه المرة
ضحك عبد الرحمن بغرور : هيا أروني أفضل ما لديكم
هشام : حسنا لن ندعك تفوز هذه المرة
جعفر : كفى كلاما, ولنترك الخيل هنا ونبدأ اللعبة
عبد الرحمن : اختبئوا جيدا لأننى لن أترك من ألمحه منكم.
اندفع الفتية يركضون في كل اتجاه واختفوا في لحظات داخل الغابة ووارتهم الأشجار, وكل منهم يحاول أن يختبئ من الآخر ويبحث عنه في نفس الوقت
تسلل محمد خلف أكمة من الاشجار بحرص وأخذ يبحث عن بقية الفتية عندما شعر بنصل في ظهره وصوت عبد الرحمن في أذنه وهو يقول : انتهيت يا صديقي , استسلم وأعطني سلاحك
زفر محمد بضيق شديد وألقى بسلاحه فأخذه عبد الرحمن وهو يضحك بظفر
أما هشام فقد أخذ يهبط أحد المنحدرات بحرص وقدمه تنزلق فوق أوراق الاشجار اليابسة التى تسقط في كل خريف وتكومت لسنوات وسنوات على أرض المنحدر , وعندما اصبح في المنتصف انتفض على صوت عبد الرحمن قادم من أعلى المنحدر وهو يقول : نلت منك يا صديقي
التفت خلفه ليواجه عبد الرحمن و حاول ان يأتى بحركة ما لكن عبد الرحمن لم يمهله , فقد اندفع يهبط نحوه كحجرة كروية تهوى حتى اصطدم به واسقطه أرضا وظلا يتدحرجان حتى وصلا الى أسفل المنحدر , وبسرعة قفز عبد الرحمن واقفا على أقدامه وأمسك بسلاح هشام في يده وأخذ يضحك ضحك المنتصر
مشى جعفر مختالا سعيدا في الغابة بعد أن انتصر على طارق وأخذ سلاحه, وهو الآن يبحث عن عبد الرحمن لينتصر عليه، فهو واثق تماما بأنه تغلب على رفاقه بمهارته المعروفة
مر تحت شجرة كبيرة , فهبط عبد الرحمن فوق رأسه من بين أغصان الشجرة الضخمة بشكل أفزعه , فاختل توازنه وسقط أرضا، ولكنه هب قائما بحركة سريعة وأمسك سيفه بقوة وأخذ ينازل عبد الرحمن
كان النزال شديدا لكن عبد الرحمن انتصر عليه وأسقط سيفه واستولى عليه وعلى سيف طارق كذلك
ثم اطلق ضحكة انتصار كبرى
كان الاتفاق على ان يعود الجميع الى المكان الذي تركوا فيه خيولهم ومعهم رمز انتصارهم وهو ما غنموه من سلاح وصل عبد الرحمن أولا , لكنه لم يجد الخيل في مكانها، فأخذ يدور في المكان ويمسحهه بعينيه
وقعت عينه على حصان أسود يضرب الأرض بحافره في تحفز يعلوه فارس ملثم بالسواد من قمة رأسه حتى قدميه ولا يظهر منه سوى عينيه
ضاقت عينا عبد الرحمن وعقد حاجبيه غضبا وهو يهمس : لا ... ليس مجددا
انطلق الفارس الاسود باتجاه عبد الرحمن وحصانه ينهب الارض نهابا، وعندما صار بالقرب منه قفز من فوق الحصان الى الأرض برشاقة ووقف أمامه مباشرة , ثم أشار اليه أن يستسلم ويلقي بسلاحه
اشتعل غضب عبد الرحمن واندفعت الدماء الحارة في عروقه فاشتبك مع الفارس بضراوة. ودارت بينهما مبارزة حامية حتى استطاع الفارس الأسود أن يتغلب على عبد الرحمن بضربة قوية أطارت سلاحه بعيدا..
أخذ عبد الرحمن ينظر نحو الفارس الاسود بغل وهو يجري بحصانه مبتعدا بعد ان اخذ كل الاسلحة وافزع الخيل وجعلها تهرب بعيدا
...................................................
في أحد الحصون المنيعة على الساحل كانت القلعة الحجرية الضخمة تقبع فوق هضبة عالية تطل على منحدر رأسي شديد الوعورة حتى البحر
وأمواجه المتلاطمة تضرب جانب الهضبة الضخمة وتتكسر على الصخور المتناثرة بزواياها الحادة المخيفة , وعلى الجانب الاخر من الهضبة تطل القلعة على البلدة الصغيرة القابعة بين أحضان الحصن الكبير وكأنها تراقب بيوتها ودكاكينها وحماماتها وآبارها ومقاهيها وحاناتها وسكانها وعلى برجها الكبير ارتفع صليب فضي كبير، ورفرفت الأعلام الكثيرة فوق كل الأبراج تحمل شعار منظمة فرسان القلعة .
وفوق أبراج القلعة وأسوارها انتشر الحراس المدججين بالسلاح والدروع بكثافة.
في احدى القاعات الضخمة في القلعة كان يعقوب الإشبيلي يعمل بكل همة لإنجاز الاختراع الذي في يده
دخل ريموند قائد الحصن القاعة وأخذ يراقبه بهدوء وهو يعمل دون أن يشعر به
كان ريموند قائدا محنكا شديد البأس والشراسة, شديد التدين , من أصول فرنسية ويتمتع بوسامة شديدة
له شعر ذهبي مصفف بعناية وعينين خضراوين وأنف مستقيم وفم رفيع
اقتطعه الملك تلك القلعة الكبيرة ومساحات شاسعة من الأراضي التي استولى عليها من المسلمين كمكافئة له على بلاؤه الحسن في المعارك والحروب الى جواره هو وجنوده من منظمة فرسان القلعة
فجأة , ألقى يعقوب بالمواد التي في يده أرضا وداسهم بحذائه في غيظ شديد وهو يطلق سبابا قاذعا
سمع يعقوب صوت حذاء القائد بدرو يقرع الأرض ببطء وهو يتقدم نحوه ويقول ببرود : ترى .. وصلنا الى المرة الكام من الإخفاقات ؟!
يعقوب بغل شديد : لو كان ذلك القذر حيّا لنجح الأمر من المحاولة الأولى ، لكن قدره أن يهلك من الجوع في رحلة هروبه من إشبيلية
القائد : وأنت!! أين ما تعلمته وما حفظته؟
أبعد خمس سنوات من مرافقته تخرج خالي الوفاض بلا أية فائدة !.
قال بغل : الغبي احتفظ بكل أسراره لنفسه ورفض أن يطلعني عليها، ظل يخدعني ويوهمني لسنوات بأنه لم يتوصل بعد للتركيبة الصحيحة ، ذلك الخبيث الكاذب
القائد : لو كان توصل اليها حقا لكان أفشى سرها تحت ضغط الألم لكي يرحم نفسه وعائلته من التعذيب
يعقوب : أنت لا تعرفه ولم تتعامل معه , ليس هناك من هو أشد منه عنادا وصلابة
القائد : لم يعد التقليب في الماضي يجدي وعليك أن تبذل أقصى ما تستطيع وتعتصر قدراتك العقلية لتتوصل الى التركيبة الصحيحة , نريد انجازا بقدر ما صرفناه عليك من وقت ومال ومواد كيميائية تدوسها بقدمك
واحذر أن نفقد الأمل في توصلك للتركيبة فستكون حتما نهايتك
غادر القاعة بخطوات واسعة قوية يتردد صداها في أذني يعقوب وقد امتلأت نفسه بالرعب من تهديد القائد الذي يعرفه جيدا ويعرف عنه شدة القسوة والبطش .............،...................................
في قصر كبير فاخر لأحد الامراء كانت قاعة النساء الفخمة و الكبيرة تعج بالزائرات وتحتفي بجمع من نساء الأمراء والأعيان
كانت جدرانها تزينها قطع الرخام الملون المهندسة ببراعة وفن
و في السقف قبة كبيرة ترتفع على أعمدة من الرخام مزينة ومنقوشة وبين كل عمودين متصلين من أعلى على شكل نصف دائرة
وفي جوانب القبة السفلى نوافذ زجاجية صغيرة ملونة ينفذ منها ضوء الشمس الى داخل القاعة بشكل بديع
وكانت نساء الأمراء والأعيان في أبهى زينة وحلة يجلسن على الأرائك المريحة ، ويتحدثن في أي شيء وكل شيء
وكانت أم عبد الرحمن تجلس على احدى الأرائك في ثوب أخضر حسن محتشم مطرز بالقصب، وجدائلها الطويلة السوداء التي خالطتها بضع شعيرات بيضاء كخيوط الفضة معقودة على ظهرها وابتسامة باشة تزين وجهها السمح وهي تتحدث الى جاراتها بوقارها وهدوئها المعهود
كانت المرأة التي تجاورها تماثلها في العمر لكنها ترتدي ملابس تظهر الكثير من مفاتن جسدها وتفرط في زينة وجهها وبين يديها مروحة فاخرة مطرزة بحبات صغيرة من اللؤلؤ تروح بها وتحرك الهواء أمام وجهها
التفتت لأم عبد الرحمن وتساءلت بفضول : أين ابنتك عائشة؟ لا اراها هنا؟
نظرت الام في أنحاء القاعة وقالت بابتسامة تحاول ان تداري بها قلقها : اعتقد أنها في الحديقة , فهي تحب الشمس الدافئة والهواء الطلق
قالت المرأة بأنفة : جيد انها أتت . فأم الامير فضل هنا اليوم خصيصا لتنتقي عروس لإبنها
ولا شك ان ابنتك عائشة سيحالفها الحظ السعيد ان وقع اختيارها عليها, فكما تعلمين ان والده مقرب من مجلس السلطان
قالت الام بقلق : فليفعل الله ما فيه الخير , أرجو المعذرة , سأذهب لأرى عائشة
رحلت الام فجلست مكانها على الأريكة امرأة اخرى ذات ثياب فاخرة وزينة مبهرجة وهمست للمرأة التي كانت تتحدث الى أم عائشة : مسكينة, تأمل أن تتزوج ابنتها من أمير
قالت الاولى : لم أشأ أن أحطم آمالها , لكن فتاتها الصغيرة لا يمكن ان تتزوج من احد الأمراء طالما بقيت على افكارها المتشددة وأسلوبها الجدالي الخشن الشبيه بأسلوب الرجال
المرأة الثانية : ربما تكون جميلة بعض الشيء, لكنها تفتقد الى حكمة المرأة وأسلوبها الناعم
عليها ان تكف عن التفكير في الامور التى لا تهم سوى الرجال, أين هي من ابنتي روزيلما الرقيقة الوديعة !!

..................................................
في حديقة القصر الغناء بأشجارها الرائعة المتراصة بنظام جميل وأحواض الزهور بكل الألوان تتوزع في أركان الحديقة بنظام راقي جميل
كانت أصوات العصافير ونوافير المياة تملأ الحديقة
في وسط الحديقة بركة ماء كبيرة تسبح فيها أسماك الزينة الصغيرة مصنوعة من الرخام الملون المهندس الفاخر وفوق أركان البركة السداسية الكبيرة تمثيل على شكل أسد جالس يخرج سلسال من الماء من فمه يَصْب في البركة الكبيرة
وعلى طرفها تجلس أميرة حسناء بثوبها الأرجواني الحريري المطرز على الطريقة العربية والموشى بحلي ملونة وينسدل بنعومة على ساقيها
كانت تتأمل السمك وهو يسبح في البركة وابتسامة هادئة رقيقة تزين ثغرها الوردي، لكنها فجأة شعرت بنصل حاد بارد على رقبتها وصوت عبد الرحمن في أذنها : مرحبا يا شقيقتى الغالية , كنت متأكد أنك لا تحبين القاعات المخملية الفاخرة ولا التجمعات العائلية المرفهة وتفضلين الحديقة على مجالس النميمة النسائية
انسلت من ذراعه بحركة سريعة والتفتت تواجهه بتحدى وهي تبتسم بدهاء وتقول بسخرية : تريد ان تنتصر علي؟ هيهات
قال بغيظ وهو يصوب سيفه نحوها : حذرتك من قبل ألا تلعبي تلك اللعبة معي
قالت ضاحكة : تقصد ألا أهزمك ! هيا اعترف, لقد تفوقت عليك مرات عديدة حتى بت أكثر منك مهارة , ولن تستطيع أن تهزمني ابدا
أشارت الى سيفه وقالت ساخرة : رائع , لم تخيب ظني فيك يا أخي العزيز, لقد توصلت الى المكان الذي خبأت فيه الغنائم وبسرعة
قال : لا أفهم ما شأنك أنت بنزال الشباب وألعاب السيف ومغامرات الغابات!!
لم لا تعترفي بأنك فتاة وتعيشي حياة الاميرات وانتظار فتى الاحلام!!
ضاقت عينيها وقالت بتفكير : أهذا ما أقنعت به أبي حتى يتوقف عن إلحاقي بدروس الفروسية وتعلم النزال؟؟
أنت حقا تستحق ما أوقعه بك من عقاب
قال : أبي ليس بحاجة لإقناعه بشيء , فأنت تتمرنين على الفروسية والنزال منذ كان عمرك 6 سنوات
انظرى الى نفسك الآن يا فتاة.. صرت كبيرة .. وأصبح الخطاب يقصدون باب والدك
ضحكت بمكر : أنت تبعد الكلام عن موضوع هزيمتك لتنسيني اياها
قال بانفعال : لو شئت لهزمتك في أى وقت وأى مكان
هيا التقطى السيف وأريني مهارتك
رفعت حاجبها وقالت ساخرة : الآن!! وهنا !! في نزل النساء!!
انظر أين تقف يا فتى .. ماذا سيفعل بك والدي اذا ما رآك هنا في مكان محرم دخوله على الرجال!! وأنت تشهر السيف في وجه أختك الكبرى
قال هازئا : قد أكون أصغر منك بعام واحد ولكنني أفهم ألاعيبك جيدا يا ابنة السابعة عشر
أنا أشهر السيف في وجه الفارس الأسود الملثم .. لا تتصنعي البراءة وتحملي المسئولية كالرجال إن كنت تصنعين صنيعهم
تهديداتك بإبلاغ أبي لن تؤثر بموقفي
نظرت خلف كتفه باهتمام ولمعت عيناها بجزل وقالت : حسنا , يمكنك أن تشرح له موقفك بنفسك
التفت عبد الرحمن خلفه لينظر الى حيث تنظر . ولكنه أدرك خدعتها متأخرا فلم يكن هناك أى احد سواهما في الحديقة، وعندما عاد ببصره اليها لم تكن موجودة في مكانها ,تلفت حوله ولم يجدها في الحديقة كلها , لقد خدعته من جديد
لحظة واحدة كانت كافية لتجعلها تختفي من المكان كله
................................................
كانت الشمس تميل الى الغروب، والشفق الأحمر يملأ الأفق و يلون السحب المتناثرة في السماء بلون وردي رائع فوق صفحة البحر الشاسعة
وعلى الرمال البيضاء وقف يوسف يتطلع الى الأفق البعيد يملأ روحه بجمال المشهد الرباني , يفكر فيما وراء البحر ويستقبل مداعبات النسيم العليل المحمل برائحة الملح لوجهه وخصلات شعره الاسود الناعم البارز من تحت عمامته شعر بيد قوية على كتفه توقظه من الاستغراق في أفكاره وتأملاته فالتفت ينظر الى صديقه أحمد الذي قال له بود : أدركت أنني سأجدك هنا، دائما ما تنهي تدريباتك وتأتي الى الشاطئ وتبقى وحيدا حتى الليل
فيم تفكر؟ وما الذي يجذبك الى هذا المكان المثير للضجر!! لم لا تنضم إلينا لتلهو وتمرح معنا بعض الوقت
قال يوسف وهو يرافقه في السير على رمال الشاطئ : لا أميل الى اللهو
قال أحمد بإلحاح : لا تكن عنيدا ، جرب أن ترافقنا الى البلدة هناك ستجد ألوان من المرح واللهو،في الاسواق والساحات، ما رأيك أن تذهب معنا الى المقاهي الغنائية؟ أضمن لك أن تستمتع للغاية
قال بهدوء : انت تعلم أنني لا أحب تلك الأجواء ولا أذهب للمقاهي الغنائية
قال أحمد بضيق : يالمزاجك العكر، لا أفهم كيف تتحمل حياتك تلك!!
قال ببشاشة : أتحملها برضا وسعادة
أحمد : ما الذي يجذبك للبحر، أي متعة وسعادة في وقفتك تلك
قال باسما : أفكر في ما وراء هذا البحر
أحمد مازحا : أنحني لك احتراما أيها الفيلسوف، ولا تشرح لي مقاصدك، كالعادة لن أستطيع فهمك مهما أسهبت في الشرح
قال يوسف ضاحكا : حسنا ، الأمر ببساطة هو أنني اشتقت لشيخي ، أفتقد حديثه، أفتقد نصائحه
قال أحمد : دائما ما أسمعك تتحدث عن شيخك، ليس هذا حسنا لمن هو في مثل عمرك، شاب مثلك من المفترض أن يشغل عقله النساء ككل الشباب، ألا تتطلع للزواج من فتاة جميلة!
قال : بالتأكيد أفكر في الزواج كأي إنسان ، لكنه يشغل جزء واحد فقط من عقلي
قال مازحا وهو يرحل : ياللعقل الكبير ، لو بقيت معك أكثر من هذا قد تتساقط أحجار عقلى وينقض بناؤه
لوح يوسف له مودعا وهو يبتسم , وسار أحمد بضعة خطوات ثم التفت اليه وهتف قائلا : ان بدلت رأيك تعرف أين تجدني , وداعا
عاد يوسف الى هدوؤه وتأملاته وتطلعت عيناه الى ما وراء البحر الكبير فزفر زفرة حارة
............................................................ .......

في الظلام الدامس والليل بلا قمر لا تسمع في طرقات البلدة سوى صرير الرياح وحفيف اوراق الاشجار المتناثرة في الطرقات
في احد الازقة الطويلة الملتوية تنفصل قطعة من الظلام من المشهد على شكل شبح انسان
يتقدم الشبح الى الامام وتظهر عيناه تلمعان في الظلام بشكل مخيف
ويظل يتقدم وتكبر هيئته المخيفة حتى يتوقف
انسان طويل عريض يغطي جسده بعباءة سوداء يلفها جيدا حوله من فوقه لتحته و تظهر عيناه الرماديتان من خلف لثامه الأسود الملتف حول وجهه من تحت عمامته السوداء
كان يقف في وسط الزقاق ينظر يمينا ويسارا كما لو كان ينتظر احد
وسرعان ما خرج له شخص قصير ملثم أيضا يلبس عمامة حمراء من خلف جدار جانبي
وبدون كلمة الملثم بالسواد في طريقه ويميل مع ميل الزقاق الذي يتلوى كالثعبان ويتبعه الشخص الآخر وهو يتلفت حوله بقلق خشية ان يلمحه احد
أخذا يتهامسان وهما مستمران في السير صعودا ونزولا عبر الازقة الضيقة
يسأل الطويل : ما هي المهمة بالضبط؟
الآخر : أن تفعل ما تفعله دائما ... القتل
الطويل : والثمن؟
الآخر : ضعف أجرك المعتاد
الطويل : يبدو أنه شخص هام للغاية
الآخر : انه طويل اللسان.. ويمكن أن يفتح علينا أبواب جهنم اذا استمع الناس له وصدقوه
الطويل : عموما هذا ليس من شأني .. المهم هو الاجر
الآخر : ما ستطلبه ستأخذه مهما كان
الطويل : اتفقنا
ظل الرجل الطويل مستمرا في طريقه والآخر تباطئ حتى اتسعت المسافة بينهما و اختفى تماما بين الازقة الضيقة الملتوية
واتجه الرجل الطويل للخروج من الزقاق الى الطريق الرئيسي الكبير
سمع صوت خطوات حصان يسير بتمهل في الطريق المعبد, وعندما خرج من الزقاق رأى الحصان يسير في الطريق أمامه وفوقه فارس من الجنود المحاربين يرتدي زي الفرسان ، فتوقف ليدع الفارس يمر بحصانه أولا قبل أن يعبر الطريق
أخذ يتأمل الفارس الشاب على حصانه وبادله الفارس - الذي لم يكن سوى يوسف - بنظرات متعجبة من مظهره الغريب كما لو كان شخص لا يرغب في أن يكتشف هويته أحد
وتعجب أكثر من تواجده في تلك الساعة المتأخرة من الليل في ذلك الجو البارد
مر الفارس يوسف سريعا وبقيت عيناه معلقة بالرجل ذو المظهر الغريب بعدما عبر الطريق حتى اختفى تماما في الظلام

................................................
يتبع ...

bluemay 26-01-15 12:20 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


حللت أهلا ونزلت سهلا

حياك الله ونورت بيتك ومطرحك
يسلمو إيديك على نقلك للرواية ..

بتمنى لك التوفيق ...
وأرجو منك تلتزمي بتنزيلها كي لا تعلقينا بها وتنقطع عنا .


حبيبتي فطومة مكان هذه الرواية بالعام وليس بالوحي .


لي عودة بتعليق بعد القراءة

لك ودي
أختك ميمي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 26-01-15 09:53 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3506642)
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


حللت أهلا ونزلت سهلا

حياك الله ونورت بيتك ومطرحك
يسلمو إيديك على نقلك للرواية ..

بتمنى لك التوفيق ...
وأرجو منك تلتزمي بتنزيلها كي لا تعلقينا بها وتنقطع عنا .


حبيبتي فطومة مكان هذه الرواية بالعام وليس بالوحي .


لي عودة بتعليق بعد القراءة

لك ودي
أختك ميمي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°


الله يحيكى يا قلبى ربنا يكرمك :lol:
هههههههههههههههههههه انا اصلا مكنتش عارفة احطها فين فقلت اكيد انتوا هتنقلوها ف مكانها الصحيح
مرورك اسعدنى وتحياتى لكى حبيبتى :dancingmonkeyff8: :dancingmonkeyff8:

bluemay 27-01-15 09:11 AM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
السلام عليكم

عدناااا



البداية رااائعة

أحببت الفتية الأبطال الصغار ...

واحببت عائشة الفارسة الجامحة ..


وأحببت أجواء الرواية بشكل عام ..

وصفها بديع ويأخذنا لنسافر معه لدنيا الخيال .


أتمنى أن تكملي لنا الرواية فكلي شوق لما هو آت.

لك ودي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 28-01-15 02:28 AM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3506875)
السلام عليكم

عدناااا



البداية رااائعة

أحببت الفتية الأبطال الصغار ...

واحببت عائشة الفارسة الجامحة ..


وأحببت أجواء الرواية بشكل عام ..

وصفها بديع ويأخذنا لنسافر معه لدنيا الخيال .


أتمنى أن تكملي لنا الرواية فكلي شوق لما هو آت.

لك ودي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

ربنايكرمك حبيبتى ومرورك هو الاروع
وبالفعل سامية احمد تبدع فى الوصف وتعيشنا فى الاحداث
وباذن الله اكمل نقل الرواية ع خير بس ياريت لو فى اراء لتحديد معاد اسبوعى لتنزيل الرواية ف ياريت تتقدموا بارائكم وشكرا ليكى حبيبتى

bluemay 28-01-15 08:23 AM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
العفو يا قمر

بصراحة أي يوم بناسبني..

ولكن ما رأيكم بيوم اﻹثنين ؟!..


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 29-01-15 06:32 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3507102)
العفو يا قمر

بصراحة أي يوم بناسبني..

ولكن ما رأيكم بيوم اﻹثنين ؟!..


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

اوكى حبيبتى هنخلينا ف يوم الاثنين بس هنزل باذن الله دلوقتى الجزء الثانى ونبدا من الاسبوع الجاى ننزل يوم الاثنين

فطووووومة 29-01-15 06:41 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
( الجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ الثــــــانـــــــــــــــــى ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزء )






...في قصر الامير عبد الله بن محمد المقام بالقصبة القريبة من البلدة كانت أم عبد الرحمن تجلس في الردهة الكبيرة بجوار النافذة المصنوعة من الخشب المعشق والارابيسك والمزينة جوانبها بالفسيفساء
كانت شاردة البال وعيناها تنظران الى الحديقة من خلف النافذة دون أن ترى ما بها
استفاقت من شرودها على صوت زوجها الواقف خلفها وهو يقول بهدوء : لم كل هذا الشرود؟ أخبريني بما يقلقك
تنهدت بحرارة والتفتت اليه قائلة : وما الذي يمكن أن يقلقني الا ابنتك
قال باسما : لا تحملي همها فهي فتاة عاقلة ورصينة
قالت : لكنها منشغلة بأشياء أكبر بكثير من عمرها ، ولا تتحدث الا في أمور لا تهم سوى الرجال
يجب أن تكف عن الذهاب للشيخ أبو الحسن
قال بهدوء : أنت قلقة أن يذهب عنها الخطاب ولا تجد من تتزوجه!ز
قالت بقلق : ومن سيخطب فتاة كل حديثها في العلم وامور الحكم ومصائر البلدان
قال بابتسامة محبة :شخص أحمق مثلي
أفلتت منها ابتسامة عذبة وعادت بها الذكريات الى الماضي البعيد عندما التقته لأول مرة وما تلاها من ارتباط وزواج
اقترب منها وقال بحب : ألا تذكرين الفتاة التي أجلستني أمامها وأخذت تعتصرني بسؤال تلو الآخر عن التزام الصلاة والنوافل وعلى يد من تلقيت العلم ، وماذا سأفعل اذا دعا داعٍ للجهاد وكيف سأربي أولادي وماذا سأعلمهم؟
قالت ضاحكة : لازلت أندهش حتى الآن من قدرتك على الصبر والتحمل عندما أتذكر ذلك الماضي الجميل
أمسك بيدها وتحسس كفها و أصابعها وهو ينظر في عينيها بحنان بالغ : وكنت مستعدا لأكثر بكثير من الصبر
بل كنت على استعداد للقتال من أجل أن أفوز بتلك الجوهرة المضيئة التي أشرقت في حياتي
لمعت دمعة شجية في عمق عينيها : كنت فتاة طائشة ، استفزتني للغاية وسامتك وأناقتك كنت أظنك شاب عابث محب للهووالرقص
ضحك بشدة وزاد من احتضان كفيها بين يديه
نظرت الى ملامحه وتأملت ضحكته التي تطرب قلبها وقالت بحب : ما كنت أظن وقتها بأن الله قد أفاض على بنعمة جليلة ، وأنني حظيت بأفضل زوج وأنبل فارس وأعظم حبيب
قال مطمئنا : اذا فلا تقلقي على عائشة ، فسيؤتيها الله من فضله
خفتت اتسامتها وتنهدت وهزت رأسها موافقة ثم قالت : هل تحدثت اليها ؟
قال مفكرا : ليس بعد ، لا ادري كيف أخبرها بالأمر
قالت وقد عاد اليها القلق : ابنتك تنحاز وتتعصب لما تراه حقا ، وأخشى أن يوقعها ذلك في مشكلات
نظر اليها نظرة حزينة فهمت على الفور الرسالة التي حوتها ولم تأت على لسانه وهو يقول : أليس الأفضل أن تنحاز للحق وتتعصب له بدلا من أن تنحاز لباطل وتتبعه!! ز
أصابتها كلماته في مقتل وطأطأت رأسها تحاول أن تخفي ذلك الألم الذي اجتاح فؤادها ولاح في وجهها
فقال وهو يربت على كفها : سأذهب لأتحدث اليها
كانت تعلم أنه يهرب من حديث لا طائل من ورائه، وأن أي كلمة أخرى ستشعل النار الكامنة تحت الرماد وتزيد الآلام
عادت الى جلستها الأولى خلف النافذة وتركت دموعها تنساب على خديها تخفف قليلا من حرارة البركان المشتعل في أعماقها ولا يهدأ أبدا
وصورة عامر تتشكل في خيالها وهو يبتسم لها داهمتها الحسرة والألم ولم تستطع أن تمنع شوقها اليه ولا السؤال الذي يملأ عقلها : ترى أين هو الآن وكيف حاله؟!
.....................................................
دخل الاب عبد الله غرفة ابنته عائشة وأخذ يتأملها وهي ترتدي غطاء رأسها الكامل وتخفي تحته شعرها البني الناعم الجميل , وتلف الوشاح الحريري حول عنقها جيدا ، وغلبه التفكير بها وبأحوالها، فلم تكن ابنته كسائر الفتيات في غرناطة، بل كانت تختلف تماما عن بنات الأعيان والأمراء، فهي تلزم القراءة والتعلم ، وختمت القرآن وتتعاهده باستمرار، وعقلها النشيط يعمل ولا يقر له قرار الا اذا وجد اجابات مقنعة لأسئلته الدائمة
لها من الحسن نصيب، فقد رزقها الله بعينين واسعتين بلون السماء الصافية، وشعر بني مموج بنعومة، وملامح دقيقة رقيقة، تنهد وحمد ربه على أنعمه ثم سألها سؤال يعرف إجابته جيدا : الى أين؟
ابتسمت لأبيها بود وقالت : سأذهب مع التوأم الى درس شيخي ومعلمي الشيخ أبو الحسن، انه موعد الدرس المعتاد
قال بهدوء : ألم أنبهك بضرورة عدم الذهاب ثانية الى بيته؟
لقد أصبحت فتاة كبيرة
قالت بدهشة : فتاة كبيرة!! ما لهذه الكلمة اصبحت تتردد كثيرا في هذا البيت !!حسنا لأنني فتاة كبيرة فأنا بحاجة الى أن أستمع لدرس شيخي ومعلمي وأتفقه في أمور ديني وأتعلم الكثير عن الحياة
قال : هذ لن يعجب الأمراء
قالت بتهكم : ومنذ متى وأى شيء تفعله يعجبهم!! أنسيت يا أبت؟كل فعل وكل كلمة تصدر منك لا تعجبهم ، حتى تربيتك لأبنائك ينتقدونهاولهذا اعتزلتهم وأبعدت نفسك عن مجالس الامراء والسلاطين , وعشت زاهدا في المناصب والمطامع الدنيوية وانكببت على أسرتك تربيهم وتصلحهم وتخالطهم بأهل العلم والتقوى
أطرق براسه مفكرا في كلماتها وهي تكمل : وكان هذا هو أفضل ما قدمته لنا , لولاك يا أبت ما تعلمت شيئا في هذه الحياة , ولأصبحت دمية لا وزن لها ولا عقل ولا رأي كأغلب نساء الامراءلقد علمتنا على يد فَقِيه تقي , انه شيخي العالم الذي أعتز بأنني تتلمذت وتفقهت على يديه
قال محاولا اثنائها : لقد تعلمت بالفعل كل ما يلزمك, والآن جاء دور أخويك التوأم للتعلم.. أما أنت فعليك أن تستعدي لأخذ دورك في الحياة
فهمت ما يرمي اليه فقالت : لا تقلق يا أبت , فأنا الآن أمارس بالفعل دوري الذي خلقني الله لأجله
قال بصوت يختلج بالمشاعر : لا تفطري قلب أمك, هي تنتظر اليوم الذي ستراك فيه عروس ترحل الى بيت زوجها في موكب زفاف فخم ، لقد أنجبت الكثير من الأولاد , أما أنت فابنتها الوحيدة ،درة هذا البيت وزهرته المتفتحة
اتسعت ابتسامتها وظهر التأثر في ملامحها وأخذت تقبل يديه ورأسه ثم قالت بحب : ان دورى الحقيقي هو أن أسعى لأنال رضا ربي , وأن أحظى برضاك ورضا أميولهذا أسعى باستمرار لتعلم العلم والفقه ، والآن اسمح لي يا أبت
قال بحزن بعد أن أسقط في يده وأدرك أنه لن يستطيع أن يخفي عنها الأمر أو يتجنب المواجهة : لقد أمر الوزير أن يبقى الشيخ أبو الحسن في داره لا يخرج منها ولا حتى للصلاة, ولا يذهب أحد لزيارته
قالت بدهشة ممزوجة بالغضب : كيف يفعل هذا!! ولم!!ما الذي قاله الشيخ أو فعله ليستحق تلك المعاملة الظالمة
قال : ان له الكثير من الاعداء بسبب كلماته النارية وآرائه الصادمة
قالت : تقصد بسبب جهره بالحق وعدم سكوته عن المنكر
عذرا يا أبت, على أن اذهب الآن
قال : ولكنه ممنوع من الزيارة
قالت بغضب : هذا الكلام لا يسري على , لا أحد يستطيع منعي من زيارة شيخي......................................................
في السوق الكبير المزدحم بالبشر
كان يوسف يدور على الدكاكين ينتقي أفضل الهدايا لشيخه ومعلمه الشيخ أبو الحسن فهو لم يره من مدة طويلة بسبب موقعه كفارس بالجيش يحمي الثغور
كان يوسف يحب الشيخ أبا الحسن حبا جما ،ولم تكن العلاقة بينهما علاقة تلميذ بمعلم أو شيخ
بل هي أقرب لعلاقة الابن بأبيه
فالشيخ ابو الحسن كان خطيب في أحد مساجد إشبيلية حيث كان يعيش يوسف مع أسرته وهو طفل صغير وكان والده يداوم على حضور دروس الشيخ بانتظام ويصطحبه معه حتى ألفه الشيخ وأحبه ولا يرتضي له مجلسا الا بجواره
فكان يوسف كلما دخل المسجد يتخذ طريقه الى مجلسه بجوار الشيخ ، وكان الشيخ يحرص على ملاطفة الصبي ومعاملته باللين
وعندما حوصرت إشبيلية وأكل الجوع وشدة الحصار أهلها ، ثم رحلوا عنها مرغمين هلكت أسرة يوسف في الحصار ومن تبقى منهم في الطريق
وكفل الشيخ يوسف الذي أصبح يتيما واصطحبه معه الى غرناطة وتولى رعايته حتى صار فتى يافعا والتحق بفرسان الجيش
وتلقى يوسف على يديه العلم والفقه وأدرك أن صلاح الأمة لن يكون الا بالجهاد ، فالتحق بجيش المسلمين للدفاع عن آخر حصون الاسلام في الاندلس
وقف يوسف أمام دكان للعطور وأخذ ينتقي عطرا فاخرا للشيخ وهو يفكر في اللحظة التي سيلتقيه فيها وهل سيعجبه العطر؟ وسائر الهدايا التي انتقاها بنفسه من أجل شيخه؟
............................................
.في بيت الشيخ أبو الحسن..
بيت أنيق بسيط متوسط الحال ملحق به حديقة صغيرة مزدانة بالزهور ونباتات الريحان والنباتات الطبية وبها بعض الخضراوات البسيطة التى تستخدم في إطعام أهل البيت ويفضل التوأم عثمان وعلى البقاء فيها حتى تفرغ عائشة من تلقي دروسها ليبدآ درسيهما ، وأخذا يشاكسان ذلك الجندي القصير المستغرق في النوم على أحد مقاعد الحديقة ، والذي كلّف بمراقبة الشيخ والتأكد من عدم خروجه من بيته بحسب أوامر الوزير ، ولم ينتبه احد لتلك العينين اللتين ترقبان المكان ومن فيه بحرص بالغ ، وذلك الشبح الأسود الملثم الذي يتسلل خفية عن الأعين ويدخل البيت من بابه الخلفي دون أن يراه أو يشعر به أحد
وفي داخل البيت مكتبة جدارية عظيمة مليئة بالكتب التى خطها الشيخ بيده
والى جانب المكتبة يجلس الخادم بهلول ذو الشعر الأشعث والملابس البسيطة البالية على الأرض يداعب قطة صغيرة وجدها يوما في الطرقات ومن بين حين لآخر يهتز جسده برعشة لثواني ثم يهدأ
ويتحدث دائما الى نفسة والى القطة الصغيرة بصوت هامس
وأمام المكتبة جلست عائشة الى منضدة مستطيلة في مواجهة الشيخ المعلم
كان الشيخ أبو الحسن من فقهاء قرطبة بلدة العلم والعلماء تجاوز الستين ببضعة أعوام ، ذو وجه سمح ولحية مستديرة بيضاء وعينين سوداوين تشع القوة والعزم منهما
منذ وفد الى مملكة غرناطة وتولى الخطابة والإمامة في احد مساجدها والتف حوله الناس وأحبوه لما لمسوه فيه من تقوى وشجاعة وجهر بكلمة الحق وعدم مصانعة الأمراء والابتعاد عن مجالس السلاطين
وكان له علاقة طيبة بالأمير عبد الله الذي كان يلازم مجلسه وخطبه ودروسه ، كما أنه عهد اليه بتربية وتهذيب أبناؤه جميعا
وكان لعائشة مكانة لديه لما رَآه فيها من حرص على التعلم والسؤال والفهم والحماسة
تساءلت عائشة بحيرة : لماذا!! لماذا يا معلمي!!
قال الشيخ أبو الحسن بابتسامة هادئة : كل هذا كان متوقعا , بل انه تأخر كثيراقالت : ولكن لا أفهم ما الذي جد في الأمر ليمنعوك من خطبة الجمعة وصلاة الجماعة ويحاصرونك في بيتك؟
ما الذي قلته ليستثير سخطهم الى هذه الدرجة؟
قال بنفس ابتسامته الهادئة : ما أقوله دائما وأبدا , وما سأقوله حتى آخر نفس في عمري
إن هذه الأمة تهوي إلى قاع سحيق, لن ينقذها منه إلا العودة الصادقة إلى الطريق الذي سار عليه سلفنا الصالح
قالت : هذا هو ما أسمعه منك دائما , فما الذي جد الآن؟
قال : يبدو أن بعض الناس قد بدءوا يهتموا لما أقول وينتبهوا للخطر القادم, ويبدو أن عددهم في ازدياد
قالت باسمة : بالتأكيد وأنا منهم.. أنا أصدق معلمي الذي رباني وأدبني, أصدق الشيخ الصالح التقي الذي لم أجرب عليه كذبا قط
قال بثقة : بل تصدقين الحقيقة أينما كانت وإن وردت على أي لسان
لقد مرت الحضارة الإسلامية في الأندلس بمراحل كثيرة, مراحل ازدهار ومراحل انهيار ثم تعود لتزدهر من جديد
قالت بابتسامة متفائلة : جيد , إذا فستعود لتزدهر من جديد
قال بأسى : هذا ما لا أراه , إننا الآن في أقصى مراحل الانهيار الذي لا صعود بعده
قالت بدهشة : ماذا تعني ؟قال : أعنى أن الأعداء حولنا من كل جانب قد قسموا بلادنا واستباحوا أراضيها ولم يتبق لنا سوى تلك البقعة الصغيرة التي نعيش عليها
انظري كم مملكة للأعداء تحيط بِنَا !!
مملكة أراجون وليون ومملكة البرتغال ومملكة قشتاله ، كلها أراض كانت ملكا للمسلمين واستولى الأعداء عليها بسبب الوهن ، ليس بقوتهم، إنما بضعفنا وتكالبنا على الدنيا
الأخ يقاتل أخاه ليوطد ملكه، ليس هذا فحسب ، بل يستعين عليه بالأعداء ويتصنع ويتذلل لملوك الأعداء ويدفع لهم الجزية ، بل يمنحهم جنودا من جند الإسلام ليعاونوه على احتلال أرضا مسلمة وحصار وإسقاط مدن وقلاع المسلمين وتجويع وتشريد رجال ونساء وأطفال المسلمين
قالت بحزن : أنت تقصد اتفاقية العار
اذا فلهذا منعوك من الخطابة ، لأنك تذكر السلطان واتفاقية العار
هتف بغضب وأي عار ، باسم السلام والأمن استبيحت الحرمات وشرد الضعفاء
باسم الحفاظ على الأرض احتلت الأرض وسرقت وهجر منها أهلها
قرطبة لم تجد من ينقذها من الحصار ، كانت تستجدي العون من إخوة العقيدة والدين ولا من مجيب
وانفرط العقد وتساقطت البلاد والحصون وأراضي المسلمين
إشبيلية ضاعت بمعاونة من جنود المسلمين ، مسلمون يحاصرون مسلمين
والسلطان والأمراء يهرولون لتقديم الجزية والهدايا والولاء لملك قشتاله ، بل ويحضر السلطان مجلس الكورتيس كأى والى عينه الملك النصراني على احدى حصونه
كل هذا لماذا!!
من أجل الحفاظ على ملكه وقصوره
كيف له أن يتنازل عن حصون ومدن وأراض للمسلمين ويمنحهم للأعداء بلا مقابل
أهي أرضه أم أرض أبيه!!!
قالت تحاول أن تخفف من حدة غضبه : يا شيخي ، لقد مرت سنوات على تلك الاتفاقية ، وقتها ماذا كان في وسعه أن يفعل ؟ كيف له أن يوقف زحف الأعداء ومملكته لازالت وليدة وضعيفة !! كان عليه عقد هدنة
احمر وجهه غضبا وهب قائما : هل أنت مقتنعة حقا بذلك !!
نعم مرت سنوات ونحن ندفع ونتنازل وتنهب أراضينا
ألا تدركين كم من أراض استلبت منا بمثل تلك الاتفاقيات ، كم من مسلمين شردوا من ديارهم وهلكوا جوعا ، كم من نساء وأطفال سبيوا واسترقوا
لقد رأيت كل هذا بعيني ، تركت بيتي في قرطبة وطردت من بلدي ، المسجد الذي عشت عمرا أخطب فيه تحول الى كنيسة وعلقت فوق مآذنه الأجراس والصلبان
وانتقلت من بلد الى بلد ومن قلعة الى قلعة وعشت كل تلك الأحداث الرهيبة الاراضي تنهب والمساجد تتحول لكنائس والنساء تسبى ويباع أطفال المسلمين رقيق
في إشبيلية رأيت الناس يهلكون من الجوع ، وعلى أسوارها من الخارج يحاصرهم مسلمون
وبعد الاستسلام بلا حيلة تَرَكُوا ديارهم وأراضيهم ورحلوا ليحتلها الأعداء
بل وهلك منهم خلق كثير في الطريق من الجوع
ولم يتبق لنا الا غرناطة وهي ليست استثناء ، فهي هدفهم القادم لولا موت ملكهم الذي لقبوه بالقديس من كثرة ما استولى على أراضي الاسلام
أجابت بفهم : فرناندو الثالث
قال صحيح ، والآن تولى ابنه الفونسوا العاشر وبمجرد استتباب الأمر له سيجهز على آخر قطعة أرض للمسلمين في الأندلس
هبت قائمة وقالت وقد داهمها الخوف : علينا أن نوقف هذا ، يجب أن نقاتل حتى نوقفهم
قال بأسى : وأنى لنا القتال وقد غرقنا في ملذات الدنيا واستمرأنا الرفاهية والحياة الهادئة المستكينة
أنى لنا الجهاد ونحن لا نقوى على جهاد أنفسنا وارتضينا عرض الدنيا
كيف نقاتل وقد أغرقنا حب الشهوات وامتلأت البلاد بالمقاهي الغنائية والنساء يخرجن سافرات وانتشرت الملاهي والملاعب بين الرجال وحتى الخمر
أتظني أن الشاب الذي أتقن الرقص الأندلسي يستطيع أن يحمل سيفا أو يبلى بلاء حسنا في ميدان الجهاد!!
أنى لنا الجهاد وأولوا الأمر مشغولون ببناء القصور الفاخرة والتنافس على صرف أموال المسلمين في تزيينها وتعميرها ، وكأنهم يريدون جنة الأرض ، ولم أر أي منهم يحرص على تعمير جنته في الآخرة
غرناطة لم ترب على الجهاد ولا تستطيع تحقيق أسباب النصر لكنها اعتادت طلب النجدة والإنقاذ من بلاد المغرب
أرض دأبت على استيراد النصر من غيرها كلما هاجمها الأعداء
وهذا هو ما جعلها تصمد الى الآن ، كما أنها بعيدة في أقصى الجنوب وبينهم وبينها النهر الكبير
ولكن ..
إذا ما هاجمونا مجددا ستكون النهاية
تلك عاقبة الظالمين ، فكما تركنا أرض الاسلام للأعداء ، فسيأتي اليوم الذي سيمتنع فيه أهل أفريقية عن إنقاذنا وعندما تسقط القطعة الباقية من بلاد الأندلس في يد الأعداء سينتهي الإسلام من بلاد الأندلس إلى أمد لا يعلمه الا الله وسنصبح في التاريخ عبرة
حملقت فيه برعب وقالت بذهول : كلامك مخيف للغاية يا معلمي
قال بصوت بدا في أذنيها عميق للغاية : عندما يترك الرجال الجهاد ويضيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين الناس وينشغل الحكام بإزاحة بعضهم البعض عن الكراسي والاستعانة بالكفرة على إخوانهم في الدين.. فالمصير معروف
الهلاك
قالت بخوف : ألا تظن أنك متشائم للغاية!
قال بضجر : أنت أيضا تحاولين الهروب من الواقع الأليم!!
قالت بإصرار : علينا أن نجد حلا لإيقاف ذلك المصير الرهيب
قال : لا حل إلا بأن يكف الحكام عن الظلم وأن تراقب الرعية ربها وتخشاه
نظر نظرة جانبية وظهر القلق على وجهه وسكت لحظة فتساءلت بقلق : أهناك شيء؟
قال وهو يرسم على وجهه ابتسامة مطمئنة : لا ولكن هل سنظل نتكلم طوال الوقت ونترك الصبيين ؟ إنه موعد الدرس الخاص بهما
قامت من مقعدها مضطرة ، فهي تعرف شيخها جيدا لا يحب الاعتراض ، كما أن الحديث قد وصل الى نقطة مؤلمة ، مما جعلها بحاجة الى بعض الراحة واستنشاق الهواء لتهدأ قليلا
قالت طائعة : حسنا .. سآتي بهما
قال : هلا قطفت لي بعض أوراق الريحان من الشجيرات التى في الحديقة
ابتسمت قائلة وهي تخرج من الباب : حبا وكرامة يا معلمي
التفت الى بهلول وقال آمرا : بهلول ..
هب بهلول قائما وهو يقول : أمرك سيدي
قال : اذهب بسرعة الى السوق وإتني ببعض الفاكهة
قال بهلول بحيرة : ولكني ذهبت الـ..هتف الشيخ زاجرا : أسمعت ما قلته ؟ اذهب الآن ... على الفور
قفز بهلول من مكانه وهو يقول : على الفور سيدي
بمجرد أن غادر بهلول , ظهر الشبح الأسود في المكان وكأن الأرض انشقت وأخرجته
كان الشيخ جالسا وظهره له فرفع الأسود خنجره وهم بأن يطعن الشيخ في ظهرهالتفت له الشيخ فجأة فتجمدت يده الممسكة بالخنجر في الهواء وأخذ ينظر بتوتر في عيني الشيخ الممتلئتين بالثقة والثبات وارتجف قلبه رغما عنه
قال الشيخ بفهم : اذا فهذا هو آخر ما في جعبتهم, أن يستأجروك لقتلي
ظل الأسود صامتا ساكنا لا يدري كيف يرد على جرأة الشيخ
كان الشيخ يتحدث بمنتهي الشجاعة والهدوء ورباطة الجأش : لقد صرفت من في البيت لتقوم بعملك في هدوء ولا يطالهم أى أذى..هيا ، قم بعملك وانصرف على الفور قبل أن يعودوا
ضاقت عينا الأسود من تحت لثامه وقال مندهشا .. ألا تخاف على حياتك؟
قال : بل ما من شيء أحب الى من شهادة في سبيل الله
شعر الشيخ باقتراب صوت أقدام عائشة وأخويها فقال آمرا : هيا انتهي بسرعة وارحل ولا تفزع الأطفال
أصبح صوت أقدام عائشة وأخويها أقرب وشعر بهم الأسود فطعن الشيخ بخنجره طعنتين ودخلت عائشة وهو يطعنه الثالثة
فأصيبت بالجمود للحظة ثم استفاقت بسرعة وأطلقت صرخة مدوية وتناولت كتاب كبير من على رف قريب منها وأطلقته بقوة نحو الأسود فاصطدم بجبينه لكن العمة السوداء التي يلبسها تلقت أغلب الضربة
واندفعت عائشة نحوه بشجاعة وأخرجت خنجرها الذي تحمله معها وضربت به كف القاتل الذي يمسك بالخنجر المغروس في صدر الشيخ فجرح كفه جرح عميق وقطع جزء من لحمه فتأوه الأسود بصوت مكتوم وسحب الخنجر من جسد الشيخ ووجهه الى عائشة التى صدت اندفاع الخنجر نحوها بخنجرها وتقاطع النصلان وتدافعاوالشيخ يقول له وهو يسقط أرضا ابتعد عن الصبية وارحل من هنا
كان الأسود حجمه ضعف حجمها وقوته تدفع الخنجر باتجاهها لكن صرخة مدوية انطلقت في المكان لم تكن هي صاحبتها .. بل كان بهلول الذي راعه المنظر وأفزعه فانطلق يصرخ ويولول ويندب ويقفز ويدور حول نفسه بجنون
ثم أخرج من جيبه قارورة صغيرة تحوى حبيبات سوداء صغيرة تشبه الفحم المفتتفتح سدادتها وقذف بما فيها على وجه القاتل الذي صرخ بألم شديد بمجرد ان لا مست الحبيبات لثامه وملابسه ودفع عائشة دفعة قوية أسقطتها أرضاغطى وجهه بكفيه وتصاعدت من ملابسه أبخرة سوداء غريبة لها رائحة لاذعة فحمل خنجره وولى هاربا من المكان
فزعت عائشة عندما وجدت الشيخ مدرجا بدمائه وهتفت بأخيها : عثمان , أحضر الطبيب بسرعة
ساعدها بهلول وعلى على نقل الشيخ الى فراشه , وحاولت عائشة جاهدة ايقاف النزيف, وأخذ الشيخ يتلو الشهادتين عدة مرات
بكت عائشة وانتحبت فقال لها : لا تبك يا صغيرتي, بل ابتسمي ابتسامتك المشرقة , فاليوم أنالها
ضغطت أسنانها بغل : صدقت يا معلمي , أمة تقتل عالم تقي ورع
أمة تسحق كلمة الحق فيها لا تستحق الحياة
قال وهو يزفر زفرات الموت : علينا أن نبذل ما في وسعنا لإيقاف ذلك السقوط
يشهد الله أنني بذلت ما في وسعي لأنبه الحكام حتى طردوني, وعشت بين الناس أؤمهم في الصلوات وأحذرهم وأشرح لهم في كل خطبة حتى حبست في بيتي, ولم أسكت فبقيت أحذر تلاميذي وأنبههم للخطر القادم
وأدعو الله أن يشفع لي ذلك
لقد دافعت بكل جهدي عن أرض الاسلام وشاركت في معركة أنيشة وبذلت كل ما في وسعي حتى لا تسقط إشبيلية
قالت بغضب وهي تبكي : يستحقون الهلاك , قتلة, كلهم قتلة
قتلوك يا شيخي كي لا يسمعوا الحقيقة
قال وصوته يخفت : عليكم أن توقفوا ذلك ، أنتم الشباب ، يا من تربيتم على الاسلام ودرستم العلم وفهمتموه.. انقذوا بلادكم ودينكم ، أو موتوا وأنتم تحاولون
لو ضاعت آخر أرض نقف عليها في تلك الجزيرة فستغرب شمس الإسلام عن بلاد الأندلس وتكون فاجعة وطامة وعار يتوارثه الأجيال الى أن يرث الله الأرض ومن عليهافتح عيناه عن آخرهما وهو ينظر في الفراغ وكأنما يصف مشهدا رآه رأي العين : ستهدم المساجد وتعلو الصلبان وتتفجر بحور الدماء ويقتل الرجال ويسبى الأطفال وتغتصب النساء
سيفتن الناس في دينهم وسينزع الاسلام منهم بالارهاب والتعذيب ويهجرون من بيوتهم ولن يبقى شيء من الاسلام في الاندلس
يجب أن يتدخل أحد ليوقف هذا المصيريجب ان يبقى الناس على كلمة سواء .. لا اله الا الله محمد رسول الله
أغمض الشيخ عيناه مسلما الروح لبارئها وانخرطت عائشة في بكاء شديد هي وعلى وبهلول
وعندما سمعت صوت حصان بالقرب من الباب ظنت أن عثمان عاد ومعه الطبيب
دفع الباب ببطء فارس يبدو من زيه أنه محارب, دخل عليهم بخطوات متمهلة والصدمة المروعة تعلو وجهه وهو ينظر الى جسد الشيخ الغارق في دماؤه
جلس على ركبتيه بجوار الفراش وتحسس جسد الشيخ وتأكد من موته وترقرقت عيناه بالدموع وتشكلت ملامحه بالغضب العارم وضغط أسنانه بغيظ وهو يقول : من فعل هذا بشيخي ومعلمي!!
رفعت عائشة وجهها الباكي ونظرت للفارس بعدما انتبهت لكلمة شيخي ومعلمي في حديثه وفهمت أن الفارس الشاب هو أحد تلامذة الشيخ
فقالت بصوت يختلط فيه الغضب بالدموع : رجل طويل عريض متشح وملثم بالسواد ولا يبدو منه سوى عينين سوداوين تمتلئ حقدا وشرا
تذكر الفارس يوسف ذلك الملثم المكسو بالسواد الذي رآه ليلا يعبر الطريق ويختفي في الأزقة
قال بدهشة : ولكن من هو؟
ردت مباشرة : قاتل مرتزق, لديه خنجر بمقبض فضي مرصع بالجواهر والياقوتوقطع غائر في كفه الأيمن وهو زبون دائم في الحانات
قال بدهشة : وكيف عرفت كل هذا؟
قالت : رائحة الخمر كانت تفوح من ملابسه والجرح الغائر صنعه خنجري
قال ودمعة تفلت من عينه : ومن يجرؤ على قتل عالم على تقوى وصلاح!!
رد على نفسه دون أن ينتظر ردا من أحد : فهمت, انه شخص لا يريد أن تصل الحقيقة للناسنظرت عائشة نحوه وهزت رأسها موافقة وتيقنت بالفعل أن الفارس هو أحد تلامذة الشيخ
..............................
انزوت عائشة حزينة متألمة في غرفتها لم تغادرها منذ جنازة الشيخ
دخل ابوها الى الغرفة وجلس أمامها يتأمل عينيها الحزينتين ويبحث عن ابتسامة جميلة غابت عن محياها ، ثم تنهد بألم وقال : الى متى هذا الحزن يا ابنتي!
لقد لقى الشيخ ربه شهيدا كما تمنى .. نحسبه كذلك ان شاء الله
كانت صامته تماما فأكمل : لقد رأيت جنازته المهيبة .. البلد بكاملها خرجت لتشيعه وتصلي عليه, الكل كان يحبه ويحترمه ويستمع اليه
عصرت قبضتيها وهبت قائمة وهتفت بغضب والدمع ينسكب من عينيها من يريد قتل كلمة الحق بين الناس؟ من يريد أن يضرب على آذانهم وأعينهم فلا يروا الحقيقة ولا ينتبهوا للخطر المحدق بهم؟
تنهد الاب بأسى : كثيرون.. أكثر مما تتصوري
الشيخ رحمه الله كان يؤلمهم ويقض مضاجعهم بكلماته
هتفت : لا يمكن أن يفلت القاتل بجريمته. لا بد للقتلة أن ينالوا العقاب.. لابد من القصاص للشيخ
قال مهدئا : دعي هذا الكلام لأولاده, هم من يجب أن يطالبوا بالقصاص لأبيهمقالت باستنكار: اولاده في بلاد المغرب, والله وحده يعلم ان كان الخبر قد وصل اليهم أم أنه لازال في الطريق
أولاده تركوه وحيدا وتفرقوا في البلاد كل يسعى على رزقه من الدنيا أما تلامذته فهم يملئون البلاد
كان الشيخ يعتبرني في مقام أولاده ويحسن الى كما لو كنت ابنته التى أنجبهاوعلى أن أسعى للقصاص له
قال الأب بدهشة : أنت يا فتاة!!
أدارت وجهها ونظرت في مرآتها الكبيرة التي تحتل ركنا من غرفتها وتأملت شعرها الطويل وملامحها الغضة الرقيقة وهيأتها الأنثوية وملابسها الحريرية ثم قالت : نعم.. أنا الفتاة المنعمة التي نشأت في بيت الأمراء.. سأثأر لشيخي
التفتت لأبيها وقالت بغل : لقد تخلى القضاة عن واجبهم والشرطة غضت الطرف والحاكم لا يبالي والوزير لا يخفي ارتياحه لمقتل الشيخ
وكلهم ساهموا في هروب القاتل بجريمته , ولم يسع أحد حتى لمعرفة من دفع له لقتل الشيخ ولماذا؟
أما أنا ....
فسأعرف , وسأجد القاتل , وسأسعى خلف من دفع له ، وسأقتص لشيخي
عادت تنظر لمرآتها ثم هتفت بعزيمة وأصرار : سترى يا أبت
.................


يتبـــــــــــــــــــــــ باذن الله ـــــــــــــــــــــــــــــــــع

bluemay 30-01-15 11:44 AM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
يسلمو إيديك الحلوين

بإنتظارك حبيبتي ...

لك ودي




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 02-02-15 07:00 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البـــــــــــــــــــــــ الثـــالــــــــــث ــــــــــــــــارت

الجزء الاول
......................


على صهوة جواد أسود كليل بلا قمر انطلقت عائشة في طول البلاد وعرضها ومن شرقها الى غربها بإصرار مشتعل في زيها الاسود الذي يخفي كافة معالمها ولا يظهر منها سوى عينيها تبحث عن قاتل يتلحف بالسواد في يده قطع غائر حديث وفي وجهه آثار حرق ، ويرافقها في رحلتها أخاها عبد الرحمن متنكرا في زى شاب من العامة على حصان بني
استنتجت عائشة أن القاتل من زبائن الحانات بعد أن آذتها رائحته النتنة - كما لو كان منقوعاً في دلو من الخمر - وهي تقطع جزء من لحم يده بخنجرها ،
سألا في أغلب الحانات الشهيرة المتواجدة في أحياء الأعيان عن أوصافه ولم يتوصلا لشيء .
قال لها عبد الرحمن بضيق وهو يسير بجوارها : لقد بحثنا في كل الحانات الكبيرة في البلدة تقريبا ولم نتوصل لشيء .. والآن , ماذا علينا أن نفعل؟
عائشة بإصرار : علينا أن نستمر بالبحث حتى نجده
هتف عبد الرحمن : ماذا!! لا يمكن أن نقضي عمرنا كله في البحث عن شبح أسود لا يعرفه أحد, أريد أن أعود لحياتي وللصيد ولمبارزة الشباب
قالت بعناد : لو قضيت كل لحظة في عمري أبحث عنه فلن أتراجع حتى أجده أو أقضي وأنا على ذلك
قال بغيظ : يالك من عنيده
قفزت فوق فرسها الاسود برشاقه ورفعت رأسها بشموخ وهي تمسك باللجام وتقول بثقة : بل مثابرة , ولن أكل أو أمل ، وسأثأر لشيخي مهما طال الزمن
زفر عبد الرحمن بضيق : يالي من بائس , فأنا مضطر لمرافقة أختى الوحيدة لحمايتها ومكره أن أطاوع جنونها بالثأر
قالت بابتسامة لم ير منها شيء : والآن.. الى أين سنتجه؟
قال مستسلما : فلنبحث في الحانات الرخيصة في الأزقة الفقيرة وأنت عليك أن تعودي الى البيت ريثما أنتهي من بحثي هناك فتلك الاماكن خطرة وقذرة ولا يمكن أن ...
قاطعته بإصرار وهي تنطلق بالفرس : هيا
تبعها وهو يهتف : انتظرى.. لا يمكن لأميرة أن ترتاد تلك الأماكن
قالت : أنت محق, لا يمكن لفتاة مسلمة أن ترتاد أوكار الشياطين
قال مؤيدا : حسنا فلتعودي الى البيت
قالت : ولكن من سيبحث هناك هو الفارس الأسود
لم تترك له فرصة للإعتراض وانطلقت بالفرس وانطلق هو خلفها مستسلما لعنادها
.................................
توجها من فورهما الى احدى الحانات الرخيصة التي اشتهرت بين الناس بأنها مأوى اللصوص توقفت عائشة وأخاها في الزقاق الذي به الحانة ليسألا عن القاتل الاسود
اعترض عبد الرحمن طريق أخته وقال بحزم سأدخل أنا وانتظري أنت هنا كادت أن تعترض لكنه سبقها بقوله : ان لم تنتظريني هنا فسأنسحب وأبلغ أبي، لن أدع أختى تدخل الى مثل هذا المكان ، وافقت على مضض ، ثم قالت تغيظه : ان تكاثروا عليك فاطلب العون من الفارس الأسود ،
رماها بنظرة نارية ، ثم أعطاها ظهره ودخل الحانة كان المكان ضيقا وقذرا ورواده من سفهاء القوم واللصوص والرعاع تحسس عبد الرحمن مقبض سيفه في غمده عندما وجد شجارا عنيفا يدور بين أحد الزبائن وحارس المكان ، تجاهل الشجار واتجه نحو الساقي وسأله عن أوصاف الرجل المطلوب ،
أما عائشة فقد كانت تقف في الخارج تتفحص الزقاق وباب الحانة بنظراتها الثاقبة لعلها تلمح ضالتها وهو يدخل أو يخرج من الحانة
هتف الساقي بصوت عال : ما هذا اليوم!! هل سنترك العمل ونتفرغ للرد على أسئلة الزبائن السمجة !! قلت من قبل أننى لم أر أى شخص يحمل خنجرا مرصع يتخفى في زي أسود عقد عبد الرحمن حاجبيه وأخذ يفكر عمن يبحث عن القاتل سواهما؟
قال : ومن سأل عنه قبلي؟
قال الساقي بضجر : أحد الفرسان كان هنا قبلك ورحل قبل وصولك بدقائق ، علت أصوات الشجار وانضم له آخرين من الجانبين (من العاملين في المكان ومن بعض الزبائن), فاتسعت دائرته واشتدت حدته واقترب من عبد الرحمن وتركه الساقي وانضم لفريقه في الدفاع عن الحانة ،
وأخذ عبد الرحمن يتلمس سبيلا للخروج وهو يشد قبضته على مقبض سيفه وارتفعت قذائف القناني في الهواء لتسقط على طرفي الشجار وعبد الرحمن يسير الى جوار الحائط ويتجه نحو الباب ويتجنب قدر المستطاع الاصابة بقذيفة قنينة طائشة ، واشتد الهرج واشتعل الجنون في المكان وصارت أمطار القنانى الزجاجية قريبة منه للغاية، واشتبك عبد الرحمن رغما عنه في الشجار العام وهو يحاول أن يجد طريقا للخروج انتبهت عائشة في الخارج على صوت الشجار والهرج داخل الحانة فتحفزت حواسها وأمسكت بمقبض سيفها في وضع الاستعداد ومضت لحظات ولم يخرج عبد الرحمن ، فاستشعرت أنه ربما يكون في ورطة وقررت اقتحام الحانة فاندفعت مسرعة الى الداخل، وبمجرد أن اقتحمت الباب حتى فوجئت بعاصفة من القناني المتطايرة واضطرت أن تخفض رأسها حتى لا تصاب ولمحت عبد الرحمن الذي كان قد وصل بصعوبة الى قرب الباب فاتجهت اليه لكنها فوجئت أمامها بثور سكران مندفع يحمل في يده جزء من قنينة مكسورة وهو يصدر صوتا كالخوار رفعت يديها أمامها بسرعة لتتقي ضربة موجهة من سن القنينة الزجاجية المكسورة نحوها فحمت وجهها لكن كفها أصيب وبدأ ينزف دما, ورغم جرحها تناولت أحد المقاعد الخشبية الملقى بجوار الجدار بسرعة وضربت به الرجل السمين على وجهه فأسقطته أرضا ، وأخيرا استطاعا الخروج بصعوبة من الباب وسارا في الزقاق وأصوات الشجار في الحانة لازالت تطرق سمعهما ، كانت عائشة تمسك بكفها المجروح لتوقف الدم وعبدالرحمن يتمتم بكلمات ساخطة وعلامات الغضب تملأ ملامحه, وعندما رأى جرح أخته أخرج من جيبه منديلا وربط به كفها وهو يلقي بكلمات اعتراضية ساخطة ويزفر ويتأفف,
ثم هتف بها : أين كان عقلي وأنا أطاوع جنونك!! كيف لنا أن ندخل الى هذا المكان القذر الملئ بحثالة البشر!!زفرت بضيق
وقالت متعجبة : لم أكن أتخيل أن بلدتنا هذه تحوى كل هذا العدد من أوكار الشياطين المسماة بالحانات هل يعرف هؤلاء القوم أن الخمر محرمة!!وكيف يترك السلطان تلك الاماكن المفسدة مفتوحة للعامة والرعية لتفسد في شباب المسلمين وتأكل عقول الرجال!! وأين من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر لينصحوا هؤلاء !
قال هازئا والمرارة تطل من حروفه : إن من يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مع شيخك في القبور ،
تذكرت كلمات شيخها عندما كان يحذر من فساد الشباب وترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وسماح الحكام بنشر الفاحشة والفساد بين الشباب المسلم وكيف يؤدى ذلك الى انهيار الامم والفاقة واستجلاب غضب الرب,
فقالت بأسى : كان عليهم أن يقتلوه ، نظر لها عبد الرحمن بدهشة
وهي تكمل : كان هو الغصة الحارقة في حلوقهم , صار الفساد والمحرمات تجارة رابحة تدر اموالا لا تحصى وتأكل من صحة الشباب وعقولهم , وحتى تروج تجارة المحرمات كان عليهم اسكات أى صوت يقول كلمة حق أو يحاول ان يوقظ الامة لتنقذ ما بقي من شبابها قال بأسى : كان أعداؤه كثر يا أختاه وكلهم يريدون قتله , فممن ستثأرين والقائمة طويلة؟
قالت بإصرار يحمل غضبا عارما : سأثأر لشيخي ولو كان هذا هو آخر عمل لى في هذه الدنيا , وسأجد القاتل ولو عشت عمرى كله لا هم لى الا البحث عنه
قال : أوصاف القاتل يمكن أن تنطبق على آلاف البشر في هذه المدينة , فكيف ستجدينه اذا؟
هتفت بغضب : سأجده وسترى
سمعا صوتا قريبا يهمس : هاى, أنتما تلفتا حولهما ليجدا صبيا يقف بحذر على ناصية الزقاق خلف برميل خشبي كبير وهو يتلفت حوله وكأنما يخشى أن يراه أحد أخذ يشير اليهما وهمت عائشة أن تتقدم, لكن عبد الرحمن رفع يده يوقفها محذرا خشية أن يكون فخاً ، نظر يمينا ويسارا ثم تقدم بحذر وخلفه عائشة وعندما اقتربا من الصبي همس لهما سمعتكما تسألان الساقي عن شخص يتوشح بثوب أسود ويحمل خنجرا فضيا مرصع قالت عائشة بصوت خشن كصوت الرجال : نعم, هل تعرفه؟
صمت الصبي وأخذ ينظر اليهما ففهمت عائشة أنه يريد مالا ، فوكزت أخاها ليعطيه فنقده على الفور بعض المال
فرح الصبي واطلق لسانه : انه زبون دائم هنا , لكنه في احدى الليالي جاء متخفيا في الاسود ولكننى عرفته على الفور بمجرد أن سمعت صوته وجلس الى طاولة في ركن قصي ولم تمض دقائق حتى جاء رجل غريب ليس من رواد المكان وجلس الى نفس الطاولة كان يحمل في خاصرته ذلك الخنجر المرصع الذي تسأل عنه
قال عبد الرحمن : صفه لنا
قال الصبي : يبدو عليه الغنى من ملابسه الحريرية الموشاة بالقصب و و....صمت مجددا ، ففهم عبد الرحمن أنه يريد المزيد من المال فنقده زيادة بسرعة ، فانفك لسان الصبي : كان ملثما بلثام حريري وصوته رفيع ويلبس في سبابته اليسرى خاتم ذهبي به فص ياقوتي ضخم ويحمل معه عملات ذهبية تفوح منها رائحة عطره , شممتها عندما اقتربت من طاولتهما لأنظف ما سال عليها من بعض قطرات الشراب وتعجبت كثيرا, فلم يسبق لى أن رأيت نقودا معطرة..
عندما صمت مجددا نقده عبد الرحمن المزيد من المال فأكمل : له عينان جاحظتان مكتحلتان باللون الاسود و يحمل منديلا حريريا بلون دم الغزال يقربه من أنفه كل دقيقة وعندما يقف بين حرسه الخاص يبدو أقصر منهم بكثير ، عندما خرج الرجل المتنكر في الثوب الأسود خرج بعده بقليل الرجل الغني لكنه لم يكن يحمل في خاصرته الخنجر .
رحل الصبي ومشت عائشة بجوار أخيها متجهان الى مربط فرسيهما وقالت عائشة ببطء وكأنما تفكر بصوت عال : والآن عرفنا من دفع للقاتل ليقوم بفعلته, انه أحد الامراء قال عبد الرحمن : أو ربما كل الامراء دفعوا له .. الامور تزداد تعقيدا .. كنا نبحث عن واحد والآن صرنا نبحث عن اثنين أحدهما أمير
اعترض طريقهما فجأة حصان كبير يمتطيه شاب يرتدى زى الفرسان ،
وما كان سوى يوسف الذي هتف فجأة بصوت يمتلئ غلا : أخيرا عثرت عليك أيها القاتل المجرم.. سأنتقم لشيخي منك
أشهر سيفه في وجه عائشة التى يغطيها السواد من رأسها لقدميها, نفضت عنها المفاجأة و استعادة رباطة جأشها بسرعة واستلت سيفها ووقفت أمامه متحفزة قفز يوسف من فوق حصانه أمامها مباشرة وسحب عبد الرحمن سيفه من غمده ووقف متحفزا هتف يوسف موجها كلامه لعائشة وهي بزى الفارس الاسود : انتظرتك أياما وأنا أراقب ذلك المكان القذر بلا كلل حتى ظهرت أخيرا ،
تأمل كفها المصاب والمربوط بمنديل عبد الرحمن : الحمد لله أن وجدتك قبل أن يشفى جرح كفك وتختفي بين الناس
قال عبد الرحمن : أنت مخطئ , ليس هو...لم يترك له فرصة ليكمل وهتف بغضب عارم وهو يرفع سيفه ويهوي به على رأس عائشة : لن تستطيع خداعي , سأقتص لشيخي منك ولو كان هذا هو آخر ما أفعله في حياتي
رفعت عائشة سيفها وصدت ضربته القوية, لكنه أعقبها بثانية وثالثة وهي تصد ضرباته القوية بصعوبة وتدخل عبد الرحمن بسرعة ليدافع عن أخته واشتبك مع يوسف في مبارزة سريعة لكن يوسف ضرب سيفه بضربة فنية دقيقة أطاحت به بعيدا ثم التفت لعائشة واشتعلت بينهما مبارزة عنيفة كانت عائشة تدافع عن حياتها وتصد ضرباته القاتلة وتقفز وتقوم بحركات بهلوانية لتبتعد عن مرمى ضرباته أو تصدها بسيفها ، وفي نفس الوقت تتقي توجيه ضربة قاتلة له , فقد عرفت من هو ، وعندما تناول عبد الرحمن سيفه مجددا اشتبك بسرعة مع يوسف ليترك الفرصة لعائشة لتهرب وانطلقت عائشة تجري بين الازقة الملتوية وترك يوسف عبد الرحمن وانطلق يركض خلفها وركض خلفه عبد الرحمن محاولا حماية أخته ،
لم تكن عائشة تريد قتاله فهو تلميذ الشيخ الذي رأته في بيته وقت أن لفظ الشيخ أنفاسه الأخيرة كانت مطاردة عنيفة الثلاثة يركضون خلف بعضهم البعض تحت جنح الليل بين الأزقة والحارات وعبر الطرق .
دخلت عائشة أحد الأزقة الضيقة , لكن الفارس لم يدخل خلفها, بل التف من الجهة الأخرى وتسلق أحد البيوت ذات الطابق الواحد وعندما وصل الى السطح قفز برشاقة الى سطح البيت الملاصق له ، وبسرعة ظل يقفز من سطح بيت لآخر حتى وصل الى نهاية الزقاق قبل عائشة بلحظات وقفز الى الأرض ليسد عليها نهاية الزقاق ، وعندما وصلت عائشة لنهاية الزقاق فوجئت به أمامها ولم تستطع التراجع أو الهرب ولم تجد مفرا من مواجهة سيفه ، اشتبكا فى مبارزة حامية عنيفة وكانت ضربات الفارس تشتد وعائشة تحاول صدها بصعوبة ، كان يوجه لها الضربات بغل شديد وهي تتجنب ضرباته وفي نفس الوقت تحرص ألا تصيبه لعلمها أنه لا يقصدها هي ، ارهقت من شدة ضرباته وكادت تسقط وكاد سيفها أن يتحطم من عنف ضرباته القوية وفجأة تجمد يوسف في مكانه وجحظت عيناه وترنح قليلا وسقط منه سيفه ثم خر على وجهه مغشيا عليه وخلفه وقف عبد الرحمن منتصبا وفي يده لوح خشبي ضخم!!
............................................................ ....................................

يتـــــــــــــــــــــبع الجــــــــــــزء الثانــــــــــــــــــــى

bluemay 02-02-15 09:17 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
السلام عليكم

حبيت أسجل حضوري ولي عودة بعد التحسن إن شاء الله.


دعواتكم لي بالشفاء..




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 03-02-15 03:05 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3508457)
السلام عليكم

حبيت أسجل حضوري ولي عودة بعد التحسن إن شاء الله.


دعواتكم لي بالشفاء..




°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته حبيبتى ميمى
اسال الله العظيم رب العرش الكريم ان يشفيكى شفاءا لا يغادر سقما ومرضى المسلمين
وفى انتظارك حبيبتى

فطووووومة 03-02-15 03:09 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
صراحة حاسة باحباط مفيش اى مشاركات غير من الاخت الحبيبة bluemay جزاها الله خيرا
يعنى المفروض اعرف ايه رايكم فى الرواية وملاحظاتكم عليها واحس انه فى تفاعل مش مجرد مشاهدة من وراء الستار

فطووووومة 03-02-15 03:19 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البـــــــــــــــــــــــــــــ الثالــــــــث ــــــــــــــارت

الجزء الثانــــــــــــــــــى

.......................................

كان عبد الرحمن يجلس على مقعد خشبي بجوار النافورة الرخامية القابعة في منتصف حديقة قصر والده عبد الله يراقب عائشة وهي تسير فوق مسطبة النافورة الدائرية وتقطعها بسرعة ورشاقة في خطوات متكررة ،تدور وتدور بلا كلل ، وثوبها الحريري الفاخر ذو اللون السماوي الزاهي يصدر حفيفا مع كل لفة, وتتطاير أكمامه الشفافه مع نسمات الهواء ,وظفيرة شعرها البني المجدولة بحبات من اللؤلؤ اللامع تتراقص على ظهرها
هتف عبد الرحمن بضجر : كفي عن الدوران بهذه الطريقة .. أصبتيني بالدوار
قالت وهي لا تزال تدور : عقلى لا يفكر الا بهذه الطريقة
قال ساخرا : وكيف يفكر عقلك وهو يدور في دوائر مفرغة!
قالت بغيظ : كيف يمكن أن نخرج القاتل من جحره؟
قال ببساطة : عندما يشعر بالخطر سيظهر بالتأكيد
توقفت فجأة عن الدوران ونظرت اليه مليا ثم قالت بتفكير : علينا أن نجبره على الظهور ...
كان صخب الصبيان عثمان وعلي يملأ الحديقة وهما يتبارزان بسيفين من الخشب ويركضان خلف بعضهما البعض بمرح ،
شرد عبد الرحمن قليلا وهو يتأمل الصبيين وتذكر عائشة وهي تبارز يوسف ثم انفجر ضاحكا : وكأنني رأيت هذا المشهد من قبل, أخيرا وجدت من يتغلب عليك ،
نظرت اليه بغيظ بعد أن فهمت ما يرمي اليه وكادت تطلق لسانها نحوه لكنها فجأة نظرت الى الصبيين , ولمعت عيناها وكأنما أضاءت عقلها فكرة مبدعة ،
قفزت من فوق النافورة وجرت الى أخويها عثمان وعلى وهتفت بهما : ماذا تلعبان؟ توقفا عن اللعب ونظرا اليها بدهشة وكأنما يتساءلان عما جعلها تهتم فجأة بما لم تهتم به أبدا قال عثمان : كما نلعب كل يوم
قالت بلهجة ماكرة : ظننت أنكما تلعبان لعبة المطاردة بين الفارس والقاتل الأسود ،
انتبه الصبيان وتحفزا لإستقبال قصة مثيرة,
وهتف علي بحماس : وما قصة تلك المطاردة؟
قالت: ألم تسمعا بها ؟ عجبا !! قصت عليهما القصة بمزيج من التشويق والمبالغة ،
حتى صاح علي قائلا لعثمان بحماس بالغ : أنا الفارس وأنت القاتل
رد عليه عثمان بثورة : بل أنا الفارس ، أخذا يتشاجران على من منهما يكون الفارس, وابتسمت عائشة وأخذ عبد الرحمن يراقبها بصمت وهو مندهش من تصرفاتها الغريبة
قالت عائشة لأخويها : لا شك أن أنيسة تعرف هذه القصة هز عثمان رأسه نفيا : لا أظن ذلك ،
قالت متصنعة الدهشة : لا يمكن أن تفوتها قصة كتلك, بالتأكيد سمعت بها في السوق
قال عثمان : لو كانت سمعت بها لكانت حكتها لنا
قالت بمكر : لا شك أنها لو سمعتها فستجدها قصة مثيرة للغاية
نظرا الى بعضهما البعض وانطلقا يتسابقان ليبلغاها بالقصة
ووقفت هي تنظر اليهما برضا وهما يبتعدان ، اقترب منها عبد الرحمن وتساءل بدهشة : حسنا ما الذي يدبره عقلك الصغير
لمعت عيناها وهي تقول : علينا أن نستفزه للخروج من جحره
قال بدهشة : وهل ستقنعه أنيسة بذلك !!
قالت باسمة : أين ذكاؤك يا أخي العزيز
قال بملل : أفصحي عما في عقلك دون ثرثرة فارغة
قالت : ما الذي ستفعله اذا ما وجدت منافس من رفقائك يسعى لأخذ مكانك في الصدارة ويريد أن ينتزع منك الزعامة؟
عقد حاجبيه بغضب عندما تذكر ما فعلته به في الغابة وقال بعزم : سأنازله حتى أهزمه
قالت بجدية : اذا هذا هو ما سيفعله القاتل اذا ما شعر بأن أحد ما يريد أن يستولى على مكانه وينتزع منه مصدر رزقه
قال : أخشى أن من دفع له المال ليقتل الشيخ لن يعجبه هذا .
نظرت له وهي تفكر , ثم قالت : فلنعرف طريقه أولا ثم نبحث عمن دفع له بعد ذلك
......................................................
جلس عبد الرحمن فوق سطح البيت المواجه لباب حانة اللصوص والمكون من طابق واحد والى جواره أخته عائشة في زيها الاسود كقطع الليل يرقبان كل حركة تدور في الزقاق في انتظار ظهور الشبح الاسود قاتل الشيخ
تململ عبد الرحمن قائلا : يبدو أننا سنظل هنا أبد الدهر ولن يظهر أبدا
قالت بعناد : لن أبرح حتى يظهر
قال : خطتك فشلت يا أختاه, وعليك أن تعترفي بالحقيقة وتستسلمي وتتركي الأمر للشرطة
قالت هازئة : الشرطة!!الشرطة مشغولة بجباية المال من الفقراء وحماية الأغنياء ماذا تنتظر من شرطة رئيسها فاسد مفسد ماذا تتوقع من قضاة باعو آخرتهم بدنياهم يتركون الحانات وأوكار المجرمين ويسكتون عن قتل شيخ يقول كلمة حق
قال : لا تأملى أن تصلحي الكون , حتى لو انتقمت لشيخك فلن يتغير أى شيء عليك أن تستسلمي وتعلني فشلك
ابتسمت عندما رأت شبح متشح بالسواد يدخل الزقاق ويتجه الى باب الحانة, وقالت بثقة بالغة : عندما أعلن استسلامي فسأكون جثة هامدة بالتأكيد أما الآن فلا مانع لدي أن أتقبل منك اعتذارك, واعتراف بأنني كنت على حق ، وأن خطتي نجحت بالفعل
نظر الى حيث تنظر ورأى القاتل يسير في الزقاق ويدخل من باب الحانة فهمس بانبهار : لقد ظهر بالفعل , نجحت خطتك وأجبرتيه على الخروج من مخبأه
قفزت من مكانها وقالت : لا تضيع الوقت , لقد وقع الفأر في المصيدة قفز الاثنان برشاقة من سطح البيت الى الأرض واقتحما الحانة بلا تردد وأشهرا سيفيهما واتجه عبد الرحمن الى اليسار وعائشة الى اليمين ليطوقا القاتل الذي كان يجلس الى احدى الطاولات القصية يغطي جسده بالملابس السوداء و يخفي وجهه بلثام أسود وعندما رآهما يتجهان نحوه انتفض من مجلسه ووقف يواجههما وانتحى رواد الحانة جانبا وكثير منهم فروا عندما رأوْا حربا تشتعل بالمكان وتردد الساقي والعمال كثيرا في التدخل رهبة من منظر السيوف المشهرة اندفعت عائشة تهاجم القاتل بسيفها بشجاعة , لكنه قفز لأعلى قفزة هائلة كما لو كان يطير وهو ينتزع سيفه من غمده في نفس الوقت ثم نزل على الطاولة التي كان يجلس اليها برشاقة بارعة موجها سيفه مباشرة نحو رأسها في ضربة قوية طوحت رأسها الى الخلف اتقاء ضربته القاتلة ودارت بجسدها كله دورة رأسية بارعة مبتعدة عن مرمى سيفه وقبل أن يهاجمها ثانية قفزت بسرعة فوق طاولة أخرى بجوار التي يقف عليها وبذلك أصبحت في نفس مستوى جسده ثم اندفعت بسيفها تبارزه بمهارة
حاول عبد الرحمن أن يتدخل لكنه رأى أخته تبلى بلاء حسنا فوقف متحفزا مستعدا يراقب الاثنين وهما يتبارزان برشاقة ومهارة فريدة
اشتدت وطأة ضربات القاتل وعائشة تقفز يمينا ويسارا لتفادي ضرباته القوية ، طوح سيفه بضربة مستعرضة كادت أن تطيح برأسها لولا أنها تراجعت للخلف قفزا من فوق الطاولة الى الأرض فلم ينلها سيفه ، وقبل أن يأتي بحركة أخرى هوت بسيفها على الطاولة الخشبية التي يقف عليها فقسمتها نصفين لتهوى أرضا ويختل توازن القاتل ويسقط فوقها على ظهره وتستغل هي فرصة سقوطه لتهوي بسيفها على رقبته وكادت بالفعل أن تقتله لولا أنه تدحرج بسرعة عدة مرات مبتعدا عن سيفها ورغم ذلك استطاعت أن تصيبه في كتفه لكنه قفز رغم جرحه قفزة رشيقة ووقف على أقدامه وهو يصد ضرباتها القوية
كانت تكر للأمام في ضربة فنية يصدها القاتل بسيفه ثم تفر للخلف وسيفه يكاد ينزل على عاتقها فتنجو من ضربة قاتلة ، وعبد الرحمن تشتعل عروقه بالغضب والتحفز ينتظر اللحظة المناسبة للتدخل
وجهت له ضربة شديدة كادت أن تصيب ذراعه لكنه ابتعد في الوقت المناسب ودار حول نفسه موجها لها ضربة هائلة تفادتها بقفزة للخلف لكنها اصطدمت بطاولة خلفها لم تلحظها فانقلبت الطاولة واختل توازنها و سقطت أرضا واصطدمت رأسها بأحد أرجل الطاولة المقلوبة وشعرت بدوار شديد فأغمضت عينيها بقوة وفتحتهما ورأت القاتل يقف فوق رأسها ويرفع سيفه عاليا وينهال به على رقبتها مدت يدها تتحسس الارض من حولها تبحث عن سيفها فلم تجده وأيقنت بهلاكها وأخذت تراقب سيف القاتل وهو يهوي على رقبتها لكن السيف توقف قبل أن يصل اليها لقد اعترضه سيف عبد الرحمن في اللحظة المناسبة وتصدى لسيف القاتل , واشتبك معه عبد الرحمن في مبارزة عنيفة والقاتل يحاول أن يبعد عبد الرحمن عن طريقه ليجهز على عائشة نهضت عائشة ببطء والدوار لازال يعصف برأسها و استندت الى كرسي قريب منها وشعرت بقطرات تسيل من جانب رأسها وعندما تحسستها بأصابعها وجدتها دمائها كانت تبحث عن سيفها وعندما وجدته بجوار الطاولة المقلوبة انحنت لتأخذه فوقعت عيناها على رجل طويل ذو لحية رفيعة يقف بجوار الساقي شعرت بأن عيناه مألوفتان لديها وكأنها رأتهما في مكان ما من قبل أخذت تتفحصه جيدا من فوقه لتحته وعندما وقعت عيناها على يده اليمنى ارتجفت , فقد رأت فيها أثر لجرح عميق كان ينظر الى المبارزة القائمة بين عبد الرحمن والقاتل ، لكنه أدار رأسه فجأة ليتحدث الى الساقي الذي يقف بجواره فرأت في خده ثقوب غائرة بها آثار حرق
استعاد خيالها منظر بهلول وهو يلقي في وجه القاتل بمسحوق أسود والقاتل يصرخ وتفوح منه رائحة لحم مشوى لم يعد لديها أدنى شك في أنها تقاتل الشخص الخطأ القاتل يقف أمامها الآن يتصنع أنه شخص عادي من رواد الحانة أمسكت بسيفها واتجهت نحوه وعندما انتبه اليها و أدرك أنها تقصده خرج يركض من باب الحانة وانطلقت هي تجري خلفه بلا تردد عندما رآها الملثم الاسود الذي يقاتله عبد الرحمن تجري ظنها تهرب من الحانة, فهجم هجمة شرسة على عبد الرحمن وأطاح بسيفه وانطلق يركض خلفها تناول عبد الرحمن سيفه بسرعة وخرج من الحانة يتبعهم ركضا
كانت مطاردة مثيرة في أزقة وحارات المدينة , أربعة أشخاص يركضون خلف بعضهم البعض تحت أستار الليل السوداء والناس نيام
وصل الشخص المتنكر في السواد أولا الى عائشة المتنكرة مثله والتى أدركت أخيرا أنه الفارس تلميذ الشيخ والذي يريد أن يثأر له وأنه فكر في نفس الخطة التي فكرت فيها ليجد القاتل بدأ الفارس يوسف يسدد لها ضرباته وهي تحاول صدها وتفاديها بكل جهدها وعندما شعرت بأن القاتل يهرب مبتعدا ولن تستطيع أن تمسك به هتفت تخاطب يوسف بصوت خشن وهي تصد سيفه بسيفها : لست أنا ضالتك أيها الغبي, أنت تطارد الشخص الخطأ, نحن الإثنان هدفنا واحدأشارت برأسها الى آخر الزقاق حيث وصل القاتل ويكاد يختفي : من تريده هناك يوشك على الهرب تردد يوسف لحظة وقلب نظراته بينها وبين الرجل الذي اختفى في آخر الزقاق ، وصل عبد الرحمن اليهما وهتف بعائشة : أين ذهب؟
قالت بسرعة : اختفى في آخر الزقاق
صرخ بعجلة : لن أفلته وانطلق يجري نحو آخر الزقاق,
وتبعته عائشة ، وتردد يوسف لحظة ثم انطلق خلفهما ركضا عند آخر الزقاق كان هناك مفترق طرق فقال عبد الرحمن بعجلة : سأبحث من هذه الجهة وأنت ابحث في جهة الأخرى لحق بهما يوسف وقد استوعب ما يحدث فأشار له عبد الرحمن قائلا : وأنت ابحث في الطريق الرئيسي , لا أظن أنه قد ابتعد كثيرا
انطلق الثلاثة كل في اتجاه يبحثون عن القاتل دخلت عائشة في الطريق الضيق الذي عبر بها الى زقاق آخر لكنها توقفت فجأة من هول الصدمة, فلقد رأت القاتل ملقى أرضا ومن صدره يبرز مقبض الخنجر المرصع الذي ارتكب به جريمته ودماؤه تسيل على الأرض وجسده يرتجف وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أطلقت من فمها صوت صفير يعرفه عبد الرحمن جيدا , وبالفعل أتى مسرعا وعندما رأى المنظر هتف بغيظ : سأبحث عمن فعلها كان يوسف قد وصل ورأى القاتل مقتولا فقال لعبد الرحمن لن تستطيع اللحاق به فلقد رأيت عربة تبدو لأحد الأعيان تنطلق مبتعدة على الطريق الرئيسي بسرعة كبيرة اقتربت عائشة من القاتل ونزلت على ركبتيها
قائلة بخشونه : من دفع لك لتقتل الشيخ؟
كانت عيناه جاحظتان وفمه يغرغر
فقالت : أخبرني من أمرك بقتل الشيخ قبل أن تقابل ربك وتلقى حسابك ،
نظر اليها ولسانه يتحرك وكأنما يريد أن يقول شيئا كان عبد الرحمن يشاهد الموقف بدهشة وصمت نزل يوسف على احدى ركبتيه
وسأل القاتل : من فعل بك هذا هو من أمرك بقتل الشيخ .. أليس كذلك؟
حرك القاتل شفتيه وكأنما يريد أن يقول شيئا , لكن قواه خارت وخمدت أنفاسه وقف الثلاثة ينظرون بخيبة أمل الى الجسد المسجى أمامهم بعد أن فقدوا آخر خيط يمكن أن يكشف لهم سر مقتل الشيخ
وقال عبد الرحمن : لقد نال جزاؤه بنفس الخنجر الذي طعن به الشيخ
قالت بحسرة : ويبقى من أمر بالجريمة ومن دفع له حرا يسعى في الأرض فسادا دون أن يكشفه أحد
قال يوسف بغل : قسما لن أترك ثأر شيخي مهما طال الزمنسأطارد كل من أعان على قتل شيخي ولو بشق كلمة وسأقتص منه...!

............................................................ .........

يتبـــــــــــــــــــــــــــــع بــاذن الله

bluemay 09-02-15 08:05 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
بوركت على دعواتك حبيبتي

سلمت يداك وبإنتظارك لنكمل المشوار ..

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 10-02-15 05:30 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3510029)
بوركت على دعواتك حبيبتي

سلمت يداك وبإنتظارك لنكمل المشوار ..

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

حمدا لله على سلامتك حبيبتى ميمى طهور ان شاء الله يا قلبى

فطووووومة 10-02-15 05:38 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3510029)
بوركت على دعواتك حبيبتي

سلمت يداك وبإنتظارك لنكمل المشوار ..

لك ودي


°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

حمدا لله على سلامتك حبيبتى ميمى

طهور ان شاء الله يا قلبى

bluemay 10-02-15 05:48 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
الله يسلمك حبيبتي

وربي يسعدك يا قمر ...



°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 10-02-15 06:11 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البـــــــــــــــــــــــــ الرابـــــع ـــــــــــــــــــــــــارت



............................................................ ....................

4)
في حي الأعيان ..
وعلى أحد الطرق الرئيسية المعبدة بعناية و تنتشر على جانبيه الزهور الملونة والأشجار الخضراء ، يطل بناء كبير مبني بالأحجار البيضاء لا تخطئه عين عابر للطريق ،فما من أحد لا يعرف أشهر حمام للرجال في البلدة ، الذي يرتاده الأثرياء والأمراء والتجار والأعيان
تقف أمامه عربة فاخرة يجرها حصان مسرج بسرج فخم ولجام مجدول
يترجل منها أحد الأمراء و يدخل المبنى
وفي احدى غرف الحمام الداخلية يساعده الخدم في خلع ملابسه ولف نصف جسمه السفلي بمئزر فاخر
دخل الرجل الى القاعة الكبيرة والتي تحوي أحواض ضخمة للماء الساخن الذي يتصاعد منه البخار بكثافة ليخفي أغلب معالم الحمام ويترسب على حوائطه البيضاء الناعمة المزينة بنقوش نباتية جميلة بارزة وفي الأركان الأربعة تماثيل بيضاء عَلى شكل حيوانات دقيقة الصنع
ويجلس بعض زبائن الحمام على المصاطب الرخامية وبعضهم مضطجع ، وآخرون يسترخون في أحواض الماء الدافيء
يدور الأمير في الحمام ، يبحث بعينيه الجاحظتين المكتحلتين في كل الوجوه حتى يصل الى ركن قصي بعيد عن الزبائن يضطجع فيه أحد الرجال مغمض العينين على مصطبة رخامية عريضة ، له جسم ضخم ، عريض المنكبين يتدلى كرشه الكبير أمامه .. ذو شعر رمادي أصلع من الأمام و من الخلف طويل حتى كتفيه ، له وجه مستطيل بملامح غليظة و حاجبين كثيفين و شارب رمادي ضخم يغطى شفته العليا
عندما جلس الأمير بجواره على المصطبة ظهر بوضوح الفارق الهائل بينهما في الحجم
نظر الأمير حوله واطمأن الى أنه لا أحد ينتبه اليه أو ينظر نحوه ، تظاهر الأمير بأنه لا يعرف الرجل ، وهمس دون أن يلتفت اليه : هناك مهمة عاجلة
قال الضخم بصوت خفيض ودون أن يفتح عيناه و كأنه يعرف محدثه حق المعرفة : هات ماعندك .
الأمير : هي متعلقة بالمهمة القديمة .
الضخم : لقد أنجزت المهمة كما أردتم تماما و اختفى الشيخ من على وجه الأرض .
الأمير : ما كان عليك أن تقتل قاتله.
الضخم : غبى ، فضح نفسه و أصبح هدف مرصود و مطارد ’ كنا مضطرين أن ننظف ذيلنا حتى لا يتعقبه أحد و يصل إلينا .
الأمير : و لهذا أخفيتم جثته قبل مجيئ الشرطة ؟
الضخم : هذه شئون خاصة في جماعتنا ولا يحق لأحد السؤال عنها .
الأمير : القصر كله انقلب لمقتل الشيخ ، و هناك من الأمراء من يطالبون بالقصاص من قاتله .
الضخم : وها قد تحقق لهم ما أرادوا .
الأمير : كان عليك أن تترك الجثة للشرطة حتى تنتهى القضية تماما
الضخم : ترك الجثة خطر و قد يؤدى إلى كشف جماعتنا ، تلك أمور لا دخل لأحد بها.
الأمير : حسناً أعطيك ضعف ما أعطيتك لقتل الشيخ حتى تختلق قاتل يحمل القضية و يسكت الاصوات المطالبة بالقصاص ويهدئ البيت الملكي من الداخل
الضخم : عملي هو القتل لا تسليم القاتل !
الأمير : السعر قابل للتفاوض ، أعطيك كل ما تطلبه وزيادة و تنفذ المهمة
أخيرا فتح الضخم عيناه وتألقت فيهما لمعة طمع ،وظهر على وجهه التفكير العميق و قال : ليس هناك سوى شخص واحد يمكن أن تنطبق عليه تلك الجريمة دون عناء أو تشكيك من أحد.
بل وسيكون محل ترحيب من جميع الأطراف
الأمير : المهم الا يثير المشاكل او يطلب المزيد من المال، والا يبحث خلفه أحد أو يثير الشبهات والقيل والقال
الضخم : اطمئن ، لن يطلب مالا على الإطلاق ، ولن يسبب لنا إزعاجا أو مشكلات ، ولن يهتم به أحد ، وحتى لو حاول الدفاع عن نفسه فلن يصدقه أحد
انه الشخص المثالي للمهمة .
........................……………
في مقر رئيس الشرطة..
دخل قائد الحرس وأدى التحية
قائد الحرس : التقرير الذي طلبته جاهز سيدي
تناول منه الرّق الملفوف على شكل اسطوانة و فرده و تمعن فيه جيدا ،و قرأه كله ثم نظر اليه وعلى وجهه أمارات النصر وقال بظفر : اذا فقد حلت الجريمة أخيرا، من كان يتوقع أن مثل هذا الشخص التافه قاتل خطير!!
آمرك ان تأتني به حالا
قال القائد : هرب سيدي ، ولا أحد يعرف مكانه ولا ندري له سبيلا
الرئيس : أرسل سرية للبحث عنه
القائد : أمرك سيدي
قال وعيناه تلمعان بالغضب : يجب أن يكون تحت يدي حيا أو ميتا قبل الغد ، لن يهدأ القصر الكبير قبل ان نجد قاتل الشيخ.
ثم أطبق كفه بقوة ولوح بقبضته وهو يقول : ونقتص منه.
.......………………………
في أحد الثغور على الساحل وفي مكان وَاسِع تحول لساحة كبيرة لتدريب فرسان الجيش وتم فيه نصب أدوات التدريب و الخيام و مرابط الخيل
كان هناك مجموعة من فرسان الجيش يمارسون تدريباتهم على السيف و الفروسية وأعمال الحرب
ومن بعيد لاح فارس قادم على حصانه ينهب الأرض نهبا حتى وصل الى ساحة التدريب ، وترجل من على حصانه وأخذ يراقب بإعجاب أحد الفرسان المندمج بملابس التدريب في مبارزة بالسيف حامية الوطيس مع رفيق له
ثم ناداه عدة مرات : يوسف
التفت المبارز الفذ ينظر نحوه ، فاستغل رفيقه التفاتته فانقض عليه لكنه كان ماهرا فاعتدل بسرعة و صد ضرباته بسيفه ثم انهى المبارزة بضربات فنية سريعة وأسقط سيف خصمه ، ثم انضم الى صديقه الذي بادره قائلا: حركة بارعة للغاية
قال يوسف و هو يجفف عرقه : شكرا
صديقه : أنت الأبرع في المبارزة على الإطلاق
يوسف : أنهيت النزال سريعا لأستمع إلى ما ستقوله
قال صديقه باهتمام : وجدت ما كنت تبحث عنه
يوسف : حقا!!
صديقه : لن تصدق من هو
يوسف : أيا يكن من هو فلن أتركه
صديقه : الشرطة عرفته ، و الآن تتهمه بالجريمة و تمشط البلد بحثا عنه
أعطاه رق ملفوف ، تناوله يوسف وفضه بسرعة وقرأه
ظهرت الدهشة على وجهه وقال : غير معقول !! لا أستطيع أن أصدق !! أواثق أنت من ذلك؟؟
صديقه : عليك ان تثق بمصادري فابن عمي قائد كبير في الشرطة
يوسف : اذا فعلي أن أصل اليه قبلهم
صديقه : ولم لا تترك الأمر لهم؟!
جرى يوسف نحو حصانه في مربط الخيل وهو يهتف ليسمع صديقه : لن أخفي عليك ، فلا أثق كثيرا بالشرطة ولا بإجراءاتهم العادلة
صديقه : وماذا ستفعل؟!
حلق يوسف في الهواء بقفزه بارعة للغاية ليستقر على صهوة جواده ثم أمسك باللجام بقوة و هو يهتف : سأقتص لشيخي بنفسي
انطلق الفرس كالريح العاصف مثيرا الغبار و عينا صديقه تتبعانه بدهشة و اعجاب حتى اختفى عن ناظريه
___
على الهضبة المطلة على شاطئ البحر
وفي داخل القلعة..
وقد مضى أكثر من نصف الليل ، كان يعقوب الإشبيلي يقطع ممراتها الطويلة مسرعا وهو يكمل ارتداء ملابسه ويضع الغطاء المعبر عن هويته حول رأسه قبل ان يصِل الى القاعة التي بها حاكم القلعة ريموند
وصل الى القاعة الكبيرة ووقف أمام ريموند وقال بتوتر : سيدي ، بلغني أنك تريد رؤيتي الآن
قال ريموند وهو يمد يده له برسالة : وصلتني هذه الرسالة من عيون لي في شرطة غرناطة أجزل لهم العطاء، أعتقد أنها هامة بالنسبة لك
عقد يعقوب حاجبيه باهتمام وتناول منه الرسالة وقرأها.
تغيرت ملامح وجهه واتسعت حدقتاه دهشة : لا أصدق!!
ذلك الذي كنت أبحث عنه منذ سنوات !!
لقد صدقت بالفعل أنه مات !! والآن فقط عرفت أين كان يختفي طوال هذه المدة وفي أي شخصية يتخفي !!
أما أنا فلا أدع شيئا للصدفة أو الاحتمالات
أرسلت لهم بأوصافه التي عرفتها منك ، وطلبت منهم أن يبحثوا عنه بين المهاجرين من إشبيلية
ولم يتوصلوا اليه إلا عندما فضح نفسه بقتل الشيخ
قال يعقوب مفكرا: نعم ، فهمت ،
عقد حاجبيه دهشة وتساءل : تقول قتل الشيخ!!
هز ريموند رأسه بالموافقة ، فقال يعقوب غير مصدق : لو لم يتغير عما عرفته عنه في الماضي فالمؤكد أنه لم يقتله أبدا
ريموند : فلم يلقون بالتهمة عليه اذا؟!
يعقوب : لا أدري ولكني أعتبر ذلك من حسن طالعي , فتلك الجريمة هي التي أخرجته من جحره و جعلتني أعثر عليه بعد كل تلك السنوات من البحث المضني
علينا أن نحضره الى هنا فهو الوحيد القادر على إتمام العمل
قال بخبث : اذا فانت تعترف أخيرا بفشلك بعد سنوات من التجارب الفاشلة والأموال الطائلة التي أنفقناها عليك و على أبحاثك,وان هذا الشخص هو الوحيد الذي بيده مفتاح الحل وأنه قادر على إنجاز العمل الذي فشلت أنت فيه
قال بغل بعد أن شعر بطعنة نجلاء في كرامته جعلت الدماء تغلي في عروقه : نعم أعترف
هز ريموند رأسه متعجبا :اذا كان الأمر كذلك , فيجب ان نحضره الى هنا بسرعة وقبل أن تمسك به الشرطة
قال يعقوب مداهنا: أنت الأجدر لتلك المهمة ، فلا شرطة ولا حتى جيش بإمكانهم الوقوف أمام براعة و إقدام رجالك
قال ريموندوقد انتفخ غرورا:حسنا سأرسل كتيبة الشهاب الصاعق لتأتي به
يعقوب : لا شك أن المنادي يجوب المدينة الآن يلقن الناس أوامر الشرطة بالإمساك بالقاتل أو الإرشاد عنه
ريموند : اذا فقد أصبح كفأر يخشى كل الناس و يختبئ في الجحور و بمجرد ان يقرصه الجوع سيخرج للبحث عن طعامه بين براميل القمامة و الفضلات
وما أسهل أن نمسك به حينها
___________

bluemay 12-02-15 10:54 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
يعطيك العافية

وربي يسلم إيديك يا قمر ....

لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 21-02-15 05:55 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
حبيباتى اعتذر جداااااااااااااااااا على التاخير فى التنزيل البارتات لظروف خارجة عن ارادتى وباذن الله هنزل بارتين النهاردة.....


البـــــــــــــــــــــــــ الخامــــــس ـــــــــــــــــــــــــارت

............................................................ ...............


،،،
انطلقت ضحكة ماجنة في أرجاء بيت الأمير عبد الله بن محمد مما جعل وجه عائشة يمتقع وهي تنظر الى روزيلما ابنة رئيس الشرطة الجالسة أمامها تضحك على موقف حدث لها في السوق مع أحد أصحاب الدكاكين وهي تبتاع منه أثواب الحرير
ثم نظرت الى أمها التي لاذت بالصمت و ارتسمت على وجهها ابتسامة مستسلمة متحرجة ، وأسرت في نفسها الدهشة والتعجب من قدرة أمها على تحمل ضيفتيها بصبر عجيب في كل مرة تأتيان لزيارتها الى أن تنتهى تلك الزيارة الثقيلة
إتكأت روزيلما الى ظهر الأريكة الخشبية المزينة بالأرابيسك وأراحت ظهرها الى وسادة حمراء مخملية مريحة و هى تتذوق حبات من العنب وأمامها مائدة كبيرة مملوءة بكل مالذ وطاب من فاكهة طازجة و جافة و عصائر و حلوى
قالت تكمل قصتها التى لم يضحك لها أحد سوى أمها التى تجلس بجوارها و تروح بمروحة قشتالية فاخرة مزينة بحبات صغيرة من اللؤلؤ رغم اعتدال الجو و النسائم اللطيفة التى تزورهم من النوافذ المنتشرة في القاعة : أتاني البائع بكل أنواع الحرير في دكانه و أنا أتحسس كل ثوب ولا يعجبنى , ثم تركته مرتبكا يتعثر ببضاعته التى افترشت أرض الدكان , ثم سقط على وجهه و أنا و صديقاتى نضحك
أطلقت ضحكة أخرى أشد من الأولى و عائشة تهز رأسها تعجبا و ضجرا تحاول أن تستوعب ما المضحك في الأمر!!
قالت أم عبد الرحمن بدهشة : ألم يعجبك أي شيء في الدكان !! عجبا إن دكان أبو خالد يحوي أفضل أنواع الحرير في البلد
حركت شفتيها بغيررضا : لم أجد بغيتي فيه و كان علي العودة إلى القصر قبل غروب الشمس , فلم تعد البلد آمنة ليلا
هتفت أم عبد الرحمن بدهشة : كيف يا بنيتي بلادنا دوماً آمنة
عائشة ساخرة : إن كان هذا هو رأي إبنة رئيس الشرطة , فماذا يمكن أن يقول العامة !!
القت إليها أمها بنظرة تأنيب ، و قالت أم روزيلما باهتمام و هى تعبث بالمروحة التى في يدها : الم يبلغكما الخبر !
انحنت الى الأمام و كأنما ستقول أمرا هاما سيذهلان لسماعه : ألم تسمعا بالمجنون الطليق الذى تبحث عنه الشرطة !!
قالت أم عائشة باهتمام : لا لم نسمع
قالت عائشة : أي مجنون هذا !!
تبادلت روزيلما وأمها نظرات ماكرة بعد أن انتزعتا الاهتمام والترقب الذي كانا يبتغيانه من عائشة وأمها
قالت الضيفة الكبيرة و كأنما ستذيع سرا ذو أهمية كبرى من مصادر عليا : أخبرني زوجي ( رئيس الشرطة ) أن هناك قاتل مجنون طليق في طرقات البلدة و الشرطة تبحث عنه
ثم غمزت لعائشة و هى تخفض صوتها : إنه قاتل شيخك
ظهرعلى وجه عائشة الصدمة من الخبر و قالت بدهشة : ماذا !! من هو؟؟
قالت روزيلما بتلذذ واستمتاع بالنميمة و بإثارة دهشة من حولها : كان خادما للشيخ , قتله و هرب بعدها و اختفى في أزقة البلدة , لكنني واثقة تماما أن والدي سيجده حتما
هبت عائشة قائمة و همت بالإنصراف من المجلس ، فتعجبت الأم من ردة فعلها و هتفت : إلى أين يا ابنتي !!
التفتت إليها و قالت : سأطلب من أخى عبد الرحمن أن يشترى لى بعض الأغراض من السوق , كما سمعت لم تعد البلد أمنة للنساء
قالت روزيلما بدلال : ولم لا تنادينه ليأتى إلى هنا و يسلم علينا!
قالت ببرود وهى ترمي بكل كلمة نحو صوبها الصحيح : لأن شيخي رحمه الله علمه أن يغض بصره عن النساء المتبرجات
رحلت على الفور و تركتها تغلى و الدماء تصعد الى رأسها و خديها من الغيظ
كانت أم عبد الرحمن تتعرق حرجا و نظراتها الحائرة تتردد بين ضيفتيها و ابنتها التي غادرت المكان
..........…………………
هتف عبد الرحمن مستنكراً: خادم الشيخ !!
زجرته بصوت خفيض : اخفض صوتك , لا أريد لأحد أن يسمعنا وخاصة أنيسة
خفض صوته قائلا : لقد رأينا القاتل و قتل أمامنا في الزقاق فما دخل خادم الشيخ بالأمر !!
قالت بحيرة : لا أدرى , و هذا الخادم أنقذنى من يد القاتل , ألقاه بشيئ غريب أسود اللون كالفحم المطحون ، حرق جزء من لثامه و وجهه
عبد الرحمن : إذا فلا يمكن أن يكون القاتل !!
قالت : وجثة القاتل كانت ملقاة فى الزقاق أمامنا , فلم يلقون بالتهمة على خادم الشيخ
قال بأسف : هذا هو خطؤنا الوحيد , كان علينا أن ننتظر حتى تأتي الشرطة و ترى الجثة .
قالت : إذا لتركت الشرطة الجثة و القاتل و أمسكت بالفارس الأسود لتكشف عنه شخصيته , لقد كان له معهم صولات وجولات , لا شك أنهم يريدون الانتقام منه
قال ساخرا : الازلت تصدقين أساطير الطفولة التي كانت أمي تحكيها لك
التفتت اليه و قالت بتحذير : ليست أساطير بل هى الحقيقة , الفارس الأسود كان موجود و الشرطة كانت تطارده و تبذل غاية جهدها فى الإمساك به , هناك ثأر بينه و بين رئيس الشرطة وهو رجل سمج , تماما كابنته و إذا ما عرف بوجود الفارس الأسود فلن يهدأ حتى يمسك به .
قال يغيظها : يالعقلك الطفولي العاشق لتلك الأسطورة؟
هتفت محذرة : عبد الرحمن, اياك ان تسخر من هذا الأمر أبدا
وضع يده على فمه بطريقة مضحكة
فقالت بجدية متجاوزة أسلوبه المرح : بالتأكيد سيخشى ان يدور الزمن دورته و تعود أيام الفارس الأسود الذي حير الشرطة و أرعب الجواسيس و هز هيبة الأمراء وعجز الجميع عن كشف هويته
قال ساخرا : كنت تتمنين الزواج منه و أنت طفلة من كثرة ما حكت لك أمي حكاياته و مغامراته , و... أساطيره
نظرت له شذرا
فقال ضاحكا : حسنا سأكف عن ذلك , لكني لا أستطيع أن أصدق أنه كان يوما موجود الا في الأساطير و حكايات الأطفال
بطل اخترعه العامة ليتغلبوا به على شعورهم بالهزيمة , هم في حاجة لبطل يدافع عنهم , وإن لم يكن حقيقيا
هتفت بعناد: بل هو حقيقي و إياك أن تنطق بهذا الكلام ثانية
قال متغاضيا عن غضبها : حسنا علينا ان نعترف بخطئنا في ترك الجثة و هروبنا من المكان فقد اختفت ولم تعثر عليها الشرطة
قالت : بالتأكيد له شركاء هم من أخفوا جثته , ولكن لم تتهم الشرطة بهلول!!
لقد اختفى بعد موت الشيخ ولم يره احد
عبد الرحمن : كالعادة , اراد رئيس الشرطة مجرم لجريمة غامضة يلح عليه الجميع لحلها , و ينتظروا القصاص من مرتكبها , لا شك أنه تعرض لضغوط كبيرة من الأمراء ليجد القاتل فلم يجد أسهل من الصاق الجريمة ببهلول المجنون
قالت بضيق : بالتأكيد , فهو لن يستطيع الدفاع عن نفسه ولا اثبات براءته
علينا ان نصل اليه قبلهم
هتف بدهشة: ومالنا وماله!!
قالت : لأنه لا أحد سوانا يعرف أن بهلول بريء لم يرتكب جرما, ولأنني أحمل له جميل انقاذي من القاتل
أكملت بإصرار لا يحتمل النقاش : سنخرج الليلة نجوب البلد بحثا عنه
....................................
في أحد الأحياء الفقيرة والتي تمتلئ بالبيوت الفقيرة المتلاصقة, وفي داخل زقاق ضيق يتلوى كالثعبان , تراصت بجوار جدار بيت قديم بضعة براميل خشبية كبيرة تستخدم لجمع القمامة
وعلى ضوء مصباح خافت يشق بصعوبة ظلام الزقاق , لاح شبح أسود في هيئة انسان ضخم الرأس يتحرك في الظلام ويتنقل بين البراميل
أمسك برميل كبير وانحنى فوقه وكأنه يفتش فيه وأخذ يميل بجسده حتى سقط بداخله وارتفع ساقيه لأعلى وأخذ يحركهما في كل اتجاه ويقاوم بصعوبة للخلاص من البرميل حتى اختفى كله بداخله
وصوت منادي البلدة الجهوري يصدح في الأرجاء قادما من الشارع الكبير في آخر مدخل الزقاق الضيق وهو يقول : (يا أهالي البلدة , بأمر رئيس الشرطة , القبض على المدعو بهلول المجنون قاتل الشيخ أبا الحسن حيا أو ميتا لحماية البلاد والعباد والممتلكات منه , وعلى من يجده أن يدل الشرطة عن مكانه)
أخذ المنادي يكرر نداءه ليسمعه الجميع , حتى مر من أمام مدخل الزقاق وتجاوزه
كان صوت المنادي يبتعد ، والبرميل يهتز بشدة ويتمايل حتى سقط على جانبه وخرج منه ذلك الشبح زحفا وجلس بجواره مقرفصا رجليه والقمامة والفضلات تغطيه من شعر رأسه الأشعث حتى أصابع قدميه
اتسعت عيناه بشدة ولاح بياضهما على أضواء المشاعل الخافته البعيدة وهو يحدق في الظلام بجنون ويبتسم .
قال بصوت منخفض : بهلول المجنون قتل الشيخ ، بهلول المجنون ، هي هي هي , أمسكو بهلول المجنون القاتل هاهاهاهاه
أخذ يطلق ضحكات مجنونة ويقفز كالقرد على ركبتيه عدة مرات ثم انطلق يجري وهو يضحك ويقفز حافي القدمين في الزقاق المظلم
لكنه سمع صوت أقدام كثيرة قادمة من مدخل الزقاق فتجمد في مكانه وكسا الخوف ملامحه
................................................
تراجع بخطوات مرتبكة , ثم جرى الى آخر الزقاق , لكنه توقف ثانية عندما سمع صوت أقدام لعدة أشخاص يدخلون الزقاق ويقتربون من المكان الذي يقف فيه
تراجع بسرعة الى وسط الزقاق وأخذ ينظر الى الجهتين برعب لا يدري الى أين يذهب
التصق بجدار بيت قديم من طابق واحد وانكمش خائفا, ثم قفز داخل برميل القمامة المجاور لباب البيت واختفى بداخله
وصل الى المكان أولا مجموعة من عصابة القتلة هدفهم الوصول لبهلول وقتله قبل أن تمسك به الشرطة بأمر من الأمير حتى يدفن كل أثر للجريمة
لكنهم وجدوا أنفسهم أمام كتيبة الشرطة القادمة من مدخل الزقاق
فظنوا أن الشرطة تلاحقهم ولم يجدوا فرصة للتراجع والخروج من الزقاق
فاشتبكوا مع الشرطة في معركة شديدة
ولم يهتموا لذلك الشاب الذي كان مارا في الطريق فسمع ضجيجا عاليا وأصوات صليل قادمة من داخل الزقاق فأتى مسرعا ليستكشف ما الذي يحدث
وكان هو يوسف يبحث عن بهلول , فوقف مكانه يراقب ما يحدث دون أن يتدخل
وفي خضم المعركة لم يلحظ أحد من المتطاحنيين في الزقاق أن البرميل المجاور لباب البيت يتحرك ويرتفع عن الأرض
وأخذ يعلو ببطء وكأنه يطير , حتى وصل الى سطح البيت
كانت عائشة وعبد الرحمن فوق سطح البيت يسحبون الحبل الذي ربطوا به البرميل بعد أن رأوا بهلول يختبئ فيه
وعندما أمسكوا بالبرميل ساعدوا بهلول على الخروج منه
لكن أحد اللصوص رفع رأسه الى أعلى ولمحهم فصرخ : انه يهرب
توقف الجميع عن القتال ونظروا الى أعلى
جرى الثلاثة عبد الرحمن وبهلول وعائشة فوق سطح البيت باتجاه البيت المجاور له
فجرت العصابة والشرطة في نفس الاتجاه تتبعهم على الأرض
لكن يوسف فكر قليلا وأدرك أنه من المستحيل فعليا اللحاق بهم وهم يتنقلون من سطح بيت الى آخر وهو على الأرض
فقرر استخدام نفس طريقتهم , فتسلق الجدار بخفة حتى وصل الى السطح وتبع الثلاثة قفزا من سطح بيت لآخر
وبدأت المسافة بينه وبينهم تتضاءل بسبب بطء بهلول الذي كان أحيانا يتعثر
نجح عبد الرحمن وعائشة في ابعاد بهلول عن الشرطة وعصابة القتلة , وعجزوا عن تتبعهم بعد أن استطاعوا الابتعاد عن المنطقة بمسافة كبيرة
وقف الثلاثة على سطح أحد البيوت يلتقطون أنفاسهم من طول الركض والقفز
لكن يوسف برز لهم فجأة واستل سيفه مهددا
هتف عبد الرحمن : أنت مجددا!!
قال لعبد الرحمن : هذه المرة لا حاجة لي عندكما , حاجتي عند من قتل شيخي
أشار بالسيف نحو بهلول , هتفت عائشة بصوت خشن : قاتل الشيخ!! ألا تستطيع التمييز!! انه مجنون
قال بعناد : بل هو مخادع كبير يتظاهر بالجنون حتى لا يعاقب فإما أن تخلوا بيني وبينه أو أقاتلكما لأصل اليه
انكمش بهلول على نفسه بخوف وتراجع مبتعدا
واعترض عبد الرحمن وعائشة طريق يوسف اليه وقالت عائشة : هو لم يقتل الشيخ , وعليك ..
قاطعها قائلا بحزم : اذا لم تتركا لي الخيار
هاجمهما بسيفه , فتصديا له , ودارت معركة سريعة بينه وبين عائشة فوق سطح البيت
هتف عبد الرحمن فجأة : علام تتقاتلان!!
توقفا لحظة ونظرا اليه , فقال بضجر : لقد هرب بهلول
نظر يوسف حيث يشير عبد الرحمن فرأى بهلول قد قفز الى سطح البيت المجاور , فاندفع يتبعه بحماس
فوضعت عائشة ساقها في طريقه , فتعثر يوسف بها وسقط على وجهه
تركته وانطلقت خلف أخيها الذي سبقها بالقفز للبيت المجاور
لحقا ببهلول وهبط الثلاثة من سطح الدار على السلم الى الأرض
وخرجوا من باب البيت الى أحد الأزقة
لكن مفاجأة قوية أوقفتهم
فقد وجدوا في الزقاق ثلاثة من الفرسان ضخام الجسم ملابسهم يرتسم عليها صليب كبير ويغطي وجوههم قناع من البرونز يخفي ملامحهم ويمنحهم مظهرا غامضا مخيفا , كانوا يقفون في الزقاق وانتبهوا لهم بمجرد أن رأوهم وكأنهم في انتظارهم
تراجع بهلول خلف عبد الرحمن وعائشة وهو يئن رعبا وتقدم الفرسان منهم
وصل يوسف في تلك اللحظة وفوجئ بالمشهد العجيب
لكنه لم يتردد لحظة وانخرط مع عائشة وعبد الرحمن في قتال الفرسان الثلاثة
كان القتال ضاريا والفرسان شديدوا البأس
عائشة تقاوم بصعوبة وتقفز بخفة أمام خصمها لكي لا يطالها سيفه
وعبد الرحمن يستغل قصر قامته أمام خصمه ويحاول اصابته في أسفل جسمه
أما يوسف فقد كان يبادل خصمه ضربة بضربة وبأس ببأس والمعركة بينهما متعادلة
لكن فجأة دوت فرقعة هائلة في المكان , وانتشر دخان أخضر اللون
وكثيف للغاية أصاب كل من في المكان بالسعال الشديد وانعدام الرؤية للحظات
وعندما انزاحت ستائر الدخان الكثيف أدرك الجميع أن بهلول لم يعد له أي أثر
..............................................

يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع باذن الله

فطووووومة 21-02-15 06:42 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
ربى يعافيكى يا قمر
وشكرااا على اهتمامك حبيبتى ميمى ربنا يكرمك يارب

فطووووومة 21-02-15 06:48 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البــــــــــــــــــــــــــــــــــ السادس ــــــــــــــــــــــــــــــارت
............................................................ ..........................


،،،
هب رئيس الشرطة من مكانه وهتف بذهول : الفارس الأسود!! هل عاد من جديد!
وكيف عجزتم عن الامساك به!!
قائد الكتيبة : لقد استطاع الهرب ومعه المجنون وشخص ثالث عن طريق القفز عبر أسطح البيوت
هتف بغضب : وأين كُنتُم ؟؟
ابتلع ريقه بتوتر : كنّا نطاردهم في الأزقة وبين البيوت ، لكنهم نجحوا في الهرب
ضرب كفا بكف وهتف : يا لكم من أغبياء ، كلكم أغبياء
في المرة السابقة ظننت الناس يبالغون ، يحاولون احياء أسطورة البطل المجاهد في عراك الشوارع ، وفي الغالب لن يخرج عن كونه فتى موتور يريد أن يقلد الفارس الأسود الذي استمع الى حكاياته من هنا أو من هناك
لكنه عاد ، عاد بالفعل ، عاد من جديد
يا لها من أيام نحسات
تجمد لحظة ثم التفت الى قائد الكتيبة وتساءل : ولكن ، ما علاقته بالخادم المجنون!! ولماذا يسعى لحمايته وتهريبه من الشرطة!! ومن هو ثالثهم ؟
رد بحيرة : لا أدري سيدي
غلبه توتره فانفعل : عليك أن تقلب البلدة كلها بحثا عنه
أريده هنا مكبلا في أغلاله
قال بحيرة : من منهما سيدي؟
صرخ غاضبا : المجنون يا أحمق ، هل أوهمك غباؤك بغير ذلك!!
أتظن أنك تستطيع الامساك بالفارس الأسود!
تمالك نفسه وازدرد ريقه ثم قال : فلننه قصة المجنون أولا , ثم نبحث بعد ذلك عن الفارس الأسود
............................................................ .....
في غرفته الفخمة الضخمة في قصره الكبير القريب من الكنيسة المشيدة في القلعة
كان ريموند يرتدي أفخر ثيابه وأكثرها أناقة أمام مرآة كبيرة تعكس صورته الطولية من غطاء رأسه وحتى حذاؤه
أشار الى خادمه الرفيع الأسمر ذو العيون الواسعة والخد الهضيم بطرف بنانه , ففهم على الفور ما يريده سيده دون حاجة للكلام فقد كان الخادم أصم أبكم لا يجيد في الحياة سوى إطاعة سيده وخدمته في قصره
فتح الخادم علبة ضخمة تمتلئ بالحلي الذهبية , وأحضر لسيده صليب كبير من الذهب الخالص معلق في سلسلة ذهبية, تناوله سيده و ارتداه حول عنقه بعناية كبيرة وتأمل مظهره بمزيج من الفخر والغرور, ثم أشار الى خادمه ثانية , فأسرع بإحضار أفضل عطوره وأخذ ينثر قطرات العطر على رأس سيده وملابسه بعناية فائقة كما تعود من سنوات
خرج ريموند من قصره على فرسه الصهباء في موكب هائل من أهله وحاشيته يجوب الطرقات , وتجمع الناس من كل مكان كبيرهم وصغيرهم يشاهدون الموكب الذي يتكرر كثيرا وكأنما يتعمد ريموند أن يشاهده سكان القلعة من المدجنين وهو في أوج قوته واستعلائه وهو ذاهب للصلاة في الكنيسة
اقترب من الكنيسة ورفع رأسه يتأمل برجها العالي , وأخذت تغزو رأسه صور المعركة الضارية التي دارت في هذا المكان من سنوات , جدران البرج العالي الذي كان يوما مئذنة عظيمة تؤذن خمس مرات كل يوم وعليها آثار قديمة لدماء المجاهدين الذين قاوموا ببسالة حتى آخر فرد فيهم اقتحام كتيبة الشهاب الصاعق ـ يوم أن كان قائدا لها ـ للمسجد
كانت تلك الدماء القديمة على المئذنة تذكره دوما بعجزه عن الاستيلاء على المسجد الا بعد أن قتل كل من كان يدافع عنه
وكان يوم اقتحامه للمسجد يوم انتصاره الحقيقي على حامية القلعة وأميرها المقاتل الصنديد
وكان أول ما فعله بعد أن سحق أعداؤه وأخضع كل سكان القلعة لطاعته أن دخل الى المسجد وأمر بتعليق الأجراس الضخمة في مئذنته , وملأ قاعاته بالتماثيل والصلبان
رفع رأسه باستعلاء وفخر وهو يعبر البوابة الضخمة للمسجد الذي تحول الى كنيسة واستعادت روحه نشوة الشعور بالنصر ..
لم يستطع ريموند اكمال صلاته , فقد جاءه رسول من غرناطة يخبره بفشل الكتيبة التي أرسلها للإمساك ببهلول
انطلق ريموند من فوره الى القلعة للقاء الرسول القادم من غرناطة واستدعى أعوانه ومستشاريه
دخل الى القاعة الكبرى واجتمع بمستشاريه واستمع الى الرسول الذي حكى له كل ما حدث
قال ريموند بعد تفكير : الفارس الأسود!!
التفت الى مستشاريه متسائلا : أظنني سمعت عنه قبلا
قال أحد المستشارين : كان يتتبع رجالنا في غرناطة من سنوات وقتل أفضل جواسيسنا هناك
ريموند : كان هذا قبل أن أتولى امارة القلعة .. أليس كذلك؟
ومن يكون ذلك الفارس الأسود!!
أجابه آخر : لا أحد يعرفه , ظهر فجأة بعد اتفاقية الهدنة , واختفى فجأة دون أن نكتشف فيم ظهر ولا فيم اختفى
ريموند : اذا فهل ظهر من جديد؟؟
قال آخر : ربما ليس هو . قد يكون شاب متحمس يحاول تقليده
أسند ظهره لظهر مقعده وابتسم ساخرا : اذا فهناك من يريد احياء أسطورة قديمة تروى ظمأه لنصر وان كان زائفا
فكر لحظات ثم قال : أرسل لكتيبة الشهاب الصاعق أن تقطع البلد بحثا عن بهلول , وشدد عليهم أن يأتوا به حيا
أفهمت , أريده حيا
قال أحدهم : ولكن , أين يمكن أن يجدوه؟
ريموند : فليبحثوا أولا في الأماكن التي كان يتواجد فيها قبل أن يقتل الشيخ
قال أحد المستشارين : وماذا عن الفارس الأسود!!
قال هازئا : الفارس الأسود , فليرسلوا الى برأسه
............................................
ظل عبد الرحمن وعائشة يبحثان في الأزقة والطرقات عن بهلول يومان متتاليان
عبد الرحمن : وكأننا نبحث عن ابرة في كومة من القش!!
كان بين أيدينا , وكنا في غنى عن هذا العذاب
عائشة بحيرة : كيف نعثر عليه في ذلك البلد الكبير!!
قال بسخرية مغتاظة : علينا أن نفكر كالمجانين لنعرف الى أين ذهب
قالت ساخرة : ها يا ذكي , قل لي ماذا كنت ستفعل لو كنت مجنونا مطاردا في بلدة كبلدتنا تلك؟
قال مازحا : كنت سأعود الى البيت
ضحكت قائلة : أهذا عقلك!! بالتأكيد سيكون هذا هو أول مكان تبحث فيه الشرطة
قال ضاحكا : أنا أفكر بعقل المجانين, مطارد مجنون , الى أين يمكن أن يتجه الا الى البيت؟؟
أخذت تفكر في كلماته, ثم قالت بشرود : البيت!!
..........................................
تحت جنح الليل, وبعيدا عن أعين الشرطة , تسلل عبد الرحمن وعائشة الى بيت الشيخ الراحل أبو الحسن
دفعت الباب ببطء فأصدر صريرا , نظرا في الخارج واطمئنا الى أنه لا أحد في المنطقة
كان البيت مظلما باردا خاويا , تأملته عائشة بحسرة , وملأ الشجن نفسها حزنا على المكان الذي تلقت فيه العلم وعلى صاحبه الذي كانت تعتبره في مقام الأب
انتفض عبد الرحمن فزعا واستل سيفه بسرعة البرق عندما ظهر شبح أسود أمامه في الظلام
طعنه بقوة فسقط الشبح على جانبه محدثا جلبة كبيرة
أخذ يلهث من المفاجأة ويبتلع ريقه , وقالت عائشة : ما هذا!!
قال : لا أدري, ولكنه ليس بشرا, ربما دمية على هيئة انسان أو تمثال
تقدما ببطء , ولم ينتبه عبد الرحمن لتحرك الأرض من تحت قدمه
وفجأة .. سمعا صوتا في الظلام من جهة اليسار , فجذبت عائشة عبد الرحمن من رقبته بقوة , فخفض رأسه واستطاعت انقاذه بصعوبة من شيء ما عبر في لمح البصر فوق رأسه وغرز في الحائط
اقتربت من الحائط وتمعنت في ذلك الشيء المغروز فيه وقالت : انه بلطة حطاب
قال : عجبا!! هل البيت مفخخ؟ من يقوم بتلك الأفاعيل؟ أيمكن أن يكون بهلول؟
قالت : ربما , لا أستبعد ذلك , علينا الحذر
أشهرت سيفها وتقدمت بخطوات حذره , مرت بين عمودين , ولم تشعر بالخيط الرفيع المربوط بينهما وهو يحتك بالسيف وينقطع بلا صوت, فسقطت فوق رأسها شبكة صغيرة من الخيوط الرفيعة , تمزقت على الفور واندفعت منها عناكب كثيرة وحشرات تجري فوق رأسها وجسدها
صرخت فزعا وأخذت تقفز وتنفض الحشرات عن رأسها وجسدها
ألقت بجسدها على الأرض وأخذت تتدحرج يمينا ويسارا لتتخلص من بقايا الحشرات على ملابسها
انفجر عبد الرحمن ضاحكا من منظرها , فهبت قائمة وهتفت غاضبة : بدأت أفقد صبري
قال وهو يقاوم الضحك بصعوبة : لم يعد لدي شك أن من فعل هذا هو بهلول المجنون
قالت غاضبة : فقط , تقع يدي عليه وسترى ما سأفعله به
المهم أن نحترس ونحن نبحث عنه
قال : اذا فأنت مصرة على البحث عنه بنفسك في سائر البيت وتلقي كل الأفخاخ على رأسك والسقوط في كل المصائد التي وضعها لمن يقتحم البيت
قالت : ألديك حل آخر؟؟
قال ببساطة : بالتأكيد , فلنناديه
قالت هازئة : يبدو أنك تقمصت شخصيته بالفعل
وهل تعتقد بذكائك المتقد أنه سيأتي الينا بمجرد أن ننادي (يا بهلول, نحن أصدقاء الشيخ , اظهر وبان عليك الأمان)
سمعا صوت مزلاج يفتح وصرير باب يتحرك , وتسلل ضوء للردهة قادم من احدى الغرف
اتسعت حدقتاهما وحملقا بذهول في بهلول الذي ظهر من خلف باب الغرفة , وهمس عبد الرحمن بدهشة : انه هو!!
لمحا على وجهه علامات الخوف وبدأ القلق يتسلل لقلب عائشة عندما رأت شبح رجل يقف بجوار بهلول
همس عبد الرحمن لأخته : يبدو أننا لسنا أول من فكر بعقلية المجانين
قالت عندما بدأت تظهر ملامح الرجل في الضوء القادم من الغرفة : وكذلك لسنا أول من نجح بتجاوز الأفخاخ والمصائد
بالتأكيد لن ينجح في ذلك سوى شخص يعرف الشيخ جيدا ويعرف هذا البيت
ابتسم عبد الرحمن قائلا : لا أحد سواه , ذلك الذي يعترض طريقنا في كل خطوة نخطوها
تقدم يوسف في الردهة وهو يدفع بهلول أمامه , فوقف الاثنان أمامه , وقال يوسف : جيد أن أتيتما الآن
فلتشرحا لي الأمر قبل أن اجز رأسه بسيفي
عبد الرحمن : ولم لم تسأله مباشرة؟
يوسف : يتظاهر بالجنون
قالت عائشة بصوت غليظ من خلف لثامها الأسود : ولماذا لا تصدق أنه مجنون بالفعل؟!
قال : لأن الأمر لم يعد قاصرا فقط على القتل , بل أصبح شديد الخطورة
تساءلت عائشة بدهشة : ماذا تعني؟
قال : لأن هذا الذي تنعتانه بالجنون على علاقة مريبة بفرسان القلعة , قد يكون جاسوس , وقد يكونون هم من دفعوا له لقتل الشيخ
عبد الرحمن : وما الذي يجعلك واثق الى هذه الدرجة ؟
قال : لأن فرسان القلعة يريدونه حيا, كانت لديهم فرصة كبيرة لقتله لو أرادوا, لكنهم يريدونه حيا
فكيف يمكن تفسير ذلك الا بأنه جاسوس!!
أسكتهما رد يوسف وجعلهما يفكران مليا في الأمر
لكن عائشة قالت : لا , ليس هو من قتل الشيخ
يوسف : وما الذي يجعلك متأكدا ولم يكن موجود في المكان سوى ابنة الأمير
أخذت عائشة تعمل عقلها بسرعة محاولة ايجاد مخرج أو اجابة مقنعة , لكن عبد الرحمن سبقها بقوله : هي من أخبرتنا
نظر له يوسف باهتمام وصمتت عائشة مترقبة ما سيقول فقال : كنا هناك قبلك وسألناها , ويمكنك أن تسألها بنفسك
كاد قلب عائشة أن يتوقف وهي تنتظر من أخيها أن يكشف سرها أمام يوسف
لكنه صمت
وقال يوسف بحيرة : ولكن , ما علاقته بفرسان القلعة؟
قالت : هل تعرف من أى جماعة دينية هم؟؟
قال : أظنهم منشقين من جماعة فرسان قلعة رباح أو فرسان القنطرة , لست متأكدا
لكنهم اتخذوا من القلعة مقرا لهم واقتطعهم ملك قشتالة مساحات شاسعة من الأراضي حول القلعة مكافأة لهم على بأسهم وقوتهم وحماسهم في خوض الحروب ضد الممالك الاسلامية تحت امرته وانتصاراتهم المتلاحقة واسقاط الكثير من الحصون والقواعد الاسلامية
قالت : وما الذي يريدونه من بهلول؟؟
رفع سيفه مهددا بهلول الذي انكمش على نفسه بخوف : هذا هو ما كنت أحاول استخراجه منه قبل وصولكما
فجأة انفتحت أبواب البيت بدوي مرعب واقتحم البيت مجموعة من فرسان القلعة بأقنعتهم البرونزية وملابسهم الحمراء المطرزة بعلامة جماعة فرسان القلعة
حصرهم يوسف بسرعة فوجدهم عشرة
انتشروا في المكان وحاصروا كل من فيه
تراجع الثلاثة للخلف وضموا على بعضهم البعض ورفعوا سيوفهم لأعلى بتحفز
أما بهلول فقد انبطح أرضا وأخذ يزحف على بطنه حتى اختبأ خلف أحد الأعمدة
تقدم أحد الفرسان ووقف في وسط الردهة وأخذ يدور برأسه وكأنما يبحث عن شيء ما
نظر نحو العمود الذي يختبئ خلفه بهلول , ثم أشار برأسه اشارة فهمها فرسانه واتجه أربعة منهم نحوه وانتزعوه من خلف العمود وهو يصرخ فزعا وأخذوه للخارج
هز الفارس رأسه مجددا للفرسان المتبقين في المكان
فتقدموا نحو يوسف وعائشة وعبد الرحمن في تشكيل نصف دائرة يضيقون الخناق حولهم
همس يوسف لهما : لو تفرقنا فسيصطادوننا , فلنحمي ظهور بعضنا البعض
أعطى كل منهم ظهره للآخر مشكلين شبه دائرة وجوههم لخارجها
والفرسان الستة يتقدمون منهم وينتشرون حولهم في دائرة واسعة
همس لهما يوسف : استعدا
مرت لحظات حذرة متوترة , والفرسان الستة يتقدمون مضيقين الدائرة حول الثلاثة
صرخ يوسف فجأة : هجوم
كانت لهم الضربة الأولى , لكن الفرسان صدوا ضرباتهم بمهارة فائقة وهاجموا الثلاثة
ودارت رحى معركة حامية , وكان من نصيب كل واحد منهم اثنان من الفرسان يهاجمانه بضراوة
كادت رأس عبد الرحمن أن تشق نصفين بضربة قوية من أحد الفرسان, لكنه تفاداها بصعوبة شديدة
ونال يوسف ضربة قوية في ساقه من أحد خصميه وهو مشغول بصد الآخر فجرت دماؤه
وسقطت عائشة على الأرض وكادت أن تفقد رأسها لولا أن صد يوسف السيف عنها في اللحظة الأخيرة , مما منحها فرصة للوقوف على أقدامها بسرعة وصد ضربات خصمها والانخراط في نزال الآخر
ازداد الوضع سوءا وبدأت سيوف الفرسان تجد طريقها نحو أجساد الثلاثة ودماؤهم تسيل من جراحهم المتعددة
وشبح الهزيمة يقترب بسرعة والموت يحوم فوق الرؤوس
لكن صرخة هائلة مرعبة دوت في المكان جعلت القتال يتوقف للحظة
وانشقت الأرض عن شبح ضخم متشح بالسواد من رأسه حتى أطراف قدميه يقفز في الهواء دورة رأسية كاملة وتستقر قدماه على الأرض واستل سيفا ضخما حادا
تعلقت عيون الجميع بذلك الغريب الذي اقتحم المكان , واتسعت عينا عائشة بانبهار وهمست : الفارس الأسود!!
عقد عبد الرحمن حاجبيه وقال بذهول : انه حقيقي!!
وأخذ يوسف يراقب الموقف بتوتر وهو يقلب عيناه بين عائشة وهي في زي الفارس الأسود وذلك الذي اقتحم المكان
استحوذ الفارس الأسود على انتباه الفرسان الستة مما أعطى فرصة للثلاثة للملمة شتاتهم والوقوف على أقدامهم والقبض على سيوفهم
تقدم الفرسان نحوه متحفزين بسيوفهم
فأطلق صرخة مهولة كالرعد وهجم نحوهم هجمة شرسة
........................................


يتبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع باذن الله

فطووووومة 03-03-15 07:27 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البــــــــــــــــــــــــــ السابع ــــــــــــــــــــــــــارت
............................................................ .....


في بيت الشيخ أبو الحسن
دار رئيس الشرطة في البهو الكبير وأخذ يتفحص الدماء التي ملأت المكان والجثث التي افترشت الأرض على ضوء المشاعل التي يحملها أفراد الشرطة الذين وصلوا الى المكان في وقت متأخر من الليل
رفع رأسه وتفحص المكان من حوله وقال ببطء : لقد دارت في هذا المكان معركة رهيبة
عاد أفراد الشرطة الذين أرسلهم لتفتيش البيت وحجراته وقاعاته , وقال أحدهم : لا أحد في البيت , وكل شيء في مكانه , ولا قتلى ولا أثر لقتال في بقية الحجرات
قال مفكرا : اذا فالمعركة دارت فقط في هذا البهو
التفت لمعاونه وقال : معركة هائلة دارت في هذا المكان بين فرسان القلعة وأشخاص مجهولين!!
قال المعاون : لا شك أنه الفارس الأسود
التفت اليه رئيس الشرطة : لم أنت متيقن لهذه الدرجة!!
أشار الى الست جثث التي افترشت الأرض أمامه وقال : ومن غيره يمكن أن يقتل هذا العدد من فرسان القلعة !!
كما أنه استطاع تهريب بهلول من بين أيدينا
تذكر من أتى خصيصا الى هنا للبحث عنه فقال : بهلول, ترى الى أين ذهب هذه المرة!! وما علاقته بفرسان القلعة؟!
ظل صامتا يفكر فيما آلت اليه الأمور, ثم التفت الى معاونه وافتر ثغره عن ابتسامة ماكرة : لكل مشكلة حل ان أجدنا اعمال عقلنا
هذا البهلول ظهر لنا بوضوح أنه جاسوس لفرسان القلعة, أرسلوه الى غرناطة ليتجسس على الشيخ , ثم يقتله حينما تأتيه الأوامر
قال المعاون وكأنه لا يصدق : وما الذي أتى بهم الى هنا؟ ومن قتلهم؟!
أضاءت حدقتيه نظرات العبقرية : أتوا لاستعادة جاسوسهم بعد أن أدى مهمته وتخلص من الشيخ
لكن بعض العامة وأهل البلد رأوهم وهم يقتحمون البيت فأبلغوا الشرطة التي أرسلت كتيبة قوية للتعامل معهم
هز رأسه بعدم اقتناع وقال بلهجة تشكيك : ومن سيصدق تلك الرواية!!
أعتقد أن قصة عودة الفارس الأسود ستكون أكثر اقناعا
زجره بغضب : أيها الغبي , عن أى فارس أسود تتحدث؟
تريدني أن أعلن للعامة أن الفارس الأسود قتل ستة من فرسان القلعة!
أتدرى ما الذي يمكن أن يفعله ذلك الخبر بهم!!
ذلك الفارس الأسود اللعين مجرد أسطورة , ويجب أن يبقى كذلك
لقد استغرق الأمر سنوات لنقنع الناس بذلك
قال باستسلام : وكيف سنقنعهم بتلك القصة؟؟
قال بثقة : سيصدقون, أى شيء سنقوله لهم
سيصدقوه , كما كانوا يفعلون دائما
سيصدقون لأنهم يريدون ذلك
هز المعاون رأسه بغير اقتناع , لكنه اعتصم بالصمت بعد أن أدرك أن الكلام لا فائدة منه
.................................
كانت الشمس تنثر أشعتها الحمراء الوليدة بحنان على القفار الشاسعة , والعاديات تضرب الأرض بأقدامها القوية في سباق طويل نحو القلعة
تحمل فوقها عائشة وعبد الرحمن بعد أن عقدا العزم على انقاذ بهلول من القلعة
كانت عائشة مستغرقة في التفكير في الفارس الأسود الذي ظهر أمس أمام ناظريها
اذا فهو لم يكن أسطورة من الأساطير ولا حكاية من الحكايات كما يدعي الناس
هو حقيقي ..
رأته رأي العين
الفارس البطل الذي ينصر العقيدة والدين
خادم الضعفاء ومجير المقهورين
عاشت عمرها كله تحلم به , ليس هذا فحسب , بل اتخذته مثلا وقدوة , وحققت رغبتها فعليا بتقليده
لم تكن تهتم لسخرية الجميع من أحلامها وهي طفلة
ولا بابتسامة أبيها الساخرة عندما تصرح أمامه بأنها لن تتزوج عندما تكبر الا من الفارس الأسود
ولا لمحاولات أمها الدائمة لإقناعها بأنه شخصية خيالية
ذلك ما كان يدور أيضا في عقل عبد الرحمن , لقد كان يسخر من أخته دوما عندما تتحدث عن الفارس الأسود ويحاول أن يقنعها بأنه غير موجود الا في الأساطير
لكنها كانت تثور عليه
والآن هو واقع وحقيقة عاينها بنفسه
بل انه أنقذهم من الموت المحقق على يد فرسان القلعة
وعلى نفس الطريق خرج يوسف من غرناطة متجها الى القلعة , لا يدرى بمن سبقاه على نفس الطريق
كان يسابق الريح ليصل الى القلعة وعقله منشغل بسؤال : كيف تبدل الأمر على هذا النحو!!
كيف اصبح يقاتل في فريق الفارس الأسود بعد أن كان يقاتله
ولكن عندما يتعلق الأمر بفرسان القلعة فالقتال لا يكون الا في صف أبناء العقيدة والدين
هو أكثر من يعلم بخطورة تلك المنظمة , هكذا علمه شيخه
ورأى كيف هم كالسوس ينخر في بلاد المسلمين
وان تمكنوا منهم لا يرقبوا فيهم الا ولا ذمة
وكيف استباحوا غرناطة بعد اتفاقية الخزي والعار , يفعلون فيها ما بدا لهم دون أن يوقفهم أحد أو يردعهم رادع
لم يؤمن يوما بالأساطير ولا الحكايات , لذلك هو متأكد أن الفارس الأسود ما هو الا بطل أسطوري خرج من خيال العامة والمستضعفين
وما جعله يتيقن من ذلك بالأمس هو وجود فارسين لا فارس واحد
ولا زال متمسكا باعتقاده بأن لا أسهل من أن يحول أحدهم الأسطورة الى حقيقة ويقلد حكايات الفارس الأسود ويلبس ملابسه
لهذا فقد آثر هذه المرة أن يرتدي زي الفارس الأسود ولثامه في رحلته الى القلعة
استغرقه التفكير في ذلك الفارس الأسود الضخم الذي انشقت الأرض عنه , وبظهوره انقلبت كل الموازين وبمساعدته انتصروا على فرسان القلعة وتركوهم صرعى في بيت الشيخ رحمه الله
وبعدها اختفى الفارس الأسود فجأة تماما كما ظهر فجأة
و لملم الثلاثة الباقين شتاتهم وضمدوا جراحاتهم وغادروا المكان
أخذ يفكر في بهلول وعلاقته بفرسان القلعة ودفاع الفارس الأسود والشاب عنه
ترى هل هو جاسوس؟
وان لم يكن كذلك , فما حاجة فرسان القلعة به ؟ ولم يستميتون في أخذه حيا!!
........................................
اندفع يعقوب مهرولا في طرقات القلعة متعجلا الوصول الى القاعة الكبيرة التي يتخذها ريموند مجلسا له
حيث أرسل اليه من يخبره بأن كتيبة الشهاب الصاعق قد أحضروا بهلول الى القلعة
اندفع الى داخل القاعة بحماس وهتف بعجلة : أين هو؟
أشار ريموند بطرف بنانه الى ركن بعيد مظلم من القاعة
اتجه نحوه بلهفة وتبين له ذلك الجسد الضئيل الذي يجلس مقرفصا , ووجهه بين ركبتيه يرتجف فزعا
كانت رائحته النتنة تزكم أنفه ورغم ذلك قبض على شعره الأشعث ورفع وجهه لأعلى ليتبين ملامحه , ولم يبالي بأنينه ولا فزعه
نظر في عينيه الجاحظتين من الجنون وتأمل ملامحه مليا
سأله ريموند بشك : أهو؟
ابتسم يعقوب بظفر وترك رأس بهلول وقال : نعم , نعم هو
زفر ريموند وقال بلهجة ساخرة : رائع, وأخيرا حصلنا على مجنون!!
قام من مقامه وتقدم من يعقوب وأشار نحو بهلول الذي أخذ يزحف ببطء من مكانه ويتحسس الجدار بأصابعه : من أجل هذا الكائن المشوه قتل ستة من أفضل رجالى , وأنت من اقترحت هذا
شعر يعقوب بعمق المأزق الخطير الذي يهدد رأسه فقال مدافعا عن نفسه : أنت لا تدرك قيمة الكنز الذي حصلت عليه ذلك العبقري ذو العقل الفذ , لا أحد في العالم يمكن أن ينجز لك ما تريد سواه
اقترب ريموند من بهلول وشبك كفيه خلف ظهره وأخذ يتأمله وهو ينقب بأصابعه في الأرض وفي الجدار حتى أمسك بحشرة زاحفة وأكلها
تمعر وجهه اشمئزازا وقال بلا اقتناع : وما الذي يمكن أن نستفيده من مجنون مثله!!
قال يعقوب الذي وجد القشة التي ستنجيه من عذاب ريموند حتى حين : انه يتظاهر بالجنون , وعند أول سوط ستحل عقدة لسانه
فكر قليلا ثم قال : لا بأس من التجربة , ولكن حذار أن أفقد الأمل في جدوى أفكارك , لأنك وقتها لن تجد فرصة للندم
سرت في جسده قشعريرة الرعب وجف حلقه وهو يتأمل بهلول الذي أخذ يبحث عن حشرة أخرى في الركن وعقله يبحث عن حل يقيه شر عذاب ريموند المنتظر
..................................................
كان يوسف يقطع بحصانه الفيافي والقفار دون راحة ليصل بسرعة الى القلعة, حتى نفذ منه الماء وعرف العطش طريقه اليه
لكنه واصل المسير بدأب وجلد حتى لاحت له على جانب الطريق خيمة صغيرة , فتوقف بالقرب منها ورفع صوته بالسلام ونادى : يا أهل الخيمة , لم يتلق رد
ترجل واقترب من الخيمة وهو ينادي, ولم يجبه سوى صوت الريح
أخذ يتطلع في كل اتجاه بحثا عن أى انسان
لكنه فجأة شعر بنصل حاد على عنقه وبذراع قوية تمسك بذراعيه خلف ظهره وتقيد حركته
............................................
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ع

فطووووومة 03-03-15 07:37 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
تتوقعوا ايه اللى هيحصل مع يوسف فى الخيمة؟؟؟
ومن هو بهلول وايه حقيقته؟؟
ارجووو التفاعل

bluemay 08-03-15 08:26 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
فطومة حبيبتي

اعذريني تغير علي النظام وما عم بتابع اول بأول

يسلمو إيديك يا قمر

بحاول اقرا اللي فاتني وبعلق عليهم .


لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

فطووووومة 09-03-15 03:48 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bluemay (المشاركة 3516996)
فطومة حبيبتي

اعذريني تغير علي النظام وما عم بتابع اول بأول

يسلمو إيديك يا قمر

بحاول اقرا اللي فاتني وبعلق عليهم .


لك ودي

°•○اللهم أغفر لي هزلي وجدي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي○•°

يا عمرى ولا يهمك وتسلمى يا قلبى
كفاية انك الوحيدة اللى بتسالى فيا هنا :rdd12zp1:

فطووووومة 09-03-15 03:50 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
البـــــــــــــــــــــ السابــــ (2) ــــــع ــــــــــــــــــــــــارت

............................................................ ..........................

سمع يوسف صوت شديد الصرامة والعداء في أذنه مباشرة يقول : ماذا تريد؟
أجاب بشجاعة : الماء , لا أريد سوى الماء
ثم رفع قربة الماء التي في يده ببطء وقال : هل لديك ماء زائد عن حاجتك؟
رد الصوت الصارم : ألست أحد قطاع الطرق ؟
قال بصدق : لم ولن أكون أبدا قاطع طريق, أنا عابر سبيل فرغ لديه الماء, ان لم يكن لديك بعضا منه فدعني أبحث عنه في مكان آخر
شعر بعنقه يتحرر من النصل الحاد , وبالذراع التي تقبض عليه من الخلف ترتخي وتترك ذراعيه
التفت بحرص فوجد نفسه وجها لوجه أمام الفارس الأسود الذي كان يقاتل الى جانبه بالأمس وهو مغطى بالأسود من رأسه حتى قدميه
لكن ما أثار عجبه حقا هو أنه لم يكن ضخما بالشكل المبالغ فيه الذي ظهر به في بيت الشيخ
بل كان جسمه عاديا في ضوء النهار, ربما أطول منه بقليل
وعزا يوسف ذلك الى الموقف الصعب الذي كانوا فيه في بيت الشيخ , وضوء المشاعل التي تضخم الظلال
نزع الفارس قربة الماء من خاصرته وألقاها الى يوسف الذي التقطها بسرعة وهو ينظر في عينيه الممتلئتين بالصرامة والحذر
شرب منها ثم مدها اليه وهو يقول بامتنان جزاك الله خيرا
قال الرجل : احتفظ بها , لدي ما يكفيني
شكره ثانية وربط القربة حول خصره ثم قال وهو يزيح لثامه عن وجهه : ألا تعرفني؟! أنا الذي كنت بالأمس في بيت الشيخ أبو الحسن
كشف عن ساقه المضمدة : وهذه الإصابة التي نلتها وأنا أقاتل فرسان القلعة الى جوارك
ظل الفارس على صمته لفترة وعينيه تقذفان بنظرات حادة , ثم نطق أخيرا : ارحل الآن , واياك أن أراك ثانية في طريقي
تعجب يوسف من اسلوبه الفظ, لكنه حاول ثانية : يمكنني أن أكون رفيقك في رحلتك , أنا وأنت طريقنا واحد , لن يستطيع قطاع الطرق مهاجمتنا ونحن معا , أستطيع أن ....
هتف الفارس بغلظة : لا أكرر كلامي مرتين , ارحل الآن قبل أن تندم
دخل الخيمة الصغيرة وأغلق فتحتيها وتركه وحيدا في العراء والعجب يستولى عليه
ركب يوسف حصانه وأكمل طريقه وحيدا
......................................
صارت الشمس في كبد السماء وعبد الرحمن وعائشة يقتربان من هدفهما
حتى دخلا الى الأراضي التابعة للقلعة
كانت القلعة تسيطر على مساحات زراعية شاسعة ممتدة مزروعة بالمحاصيل
وبساتين كثيرة تكتظ بالأشجار المثمرة شقت بها قنوات ومجارى مائية متصلة بالنهر الكبير
كانا يجتازان البساتين والأرض الزراعية بحرص شديد متجنبين أماكن الزرّاع والفلاحين ونساؤهم الذين يعملون في جني الثمار
كانت الفلاحات يقطفن الثمار من الأشجار ويجمعنها في أوعية كبيرة من الخوص يحملنها على رؤوسهن وعندما تمتلئ يفرغنها في سلال من الحجم الكبير حتى تمتلئ ثم تنقل الى عربة كبيرة تأخذها الى القلعة
اقتربا من باب القلعة الضخم , وأخذا يراقبانه من جانب
كان الحرس المدججين بالسلاح ينتشرون أمامه وحوله يفتشون العربات والدواب والبشر بدقة وبطء
وازدحم الناس على الجانبين من الداخل والخارج بسبب بطء التفتيش
أدرك عبد الرحمن وعائشة مدى صعوبة دخول القلعة , فاتفقا على العودة الى البساتين والبحث عن طريقة أخرى لدخول القلعة
وبالفعل عادا أدراجهما حتى البساتين ووارتهما أشجارها
واتخذا مكانا هادئا بعيدا عن العاملين في البساتين وتسلقا احدى الأشجار حتى يستطيعان مراقبة مساحة كبيرة من البستان
زفرت عائشة بضيق : ما العمل الآن؟
عبد الرحمن : لا مناص من الانتظار
رأيت بنفسك الحراسة المشددة على أبواب القلعة
قالت : لا يمكننا الانتظار , ستغلق القلعة أبوابها مع مغيب الشمس , وسنضطر للانتظار للغد
علينا أن نفكر في خطة تدخلنا القلعة قبل مغرب الشمس
قال ساخرا : هيا أريني خططك الخبيثة , أم أنها لا تظهر الا عندما أجتمع بأصدقائي في الغابات والمروج!!
قالت بغيظ : القلعة يحميها جيش من المقاتلين مدجج بالسلاح
كيف لنا ..
همس محذرا : هشت .. اهدئي , هناك اثنان قادمان
نظرت الى حيث أشار , ثم قالت : انهما من الحرس , عجبا ماذا يفعلان في البساتين؟
همس : يبدو أنهما يراقبان عمل الفلاحين
اقترب الحارسان وكان يبدو عليهما أنهما منهمكان في الحديث عن أمر هام , وكان يصل اليهما بعضا من حديثهما فهما منه أنهما يتحدثان عن امرأة ينتويان فعل شيء ما بها, ويعقدان العزم على ذلك
أكمل الحارسان طريقهما ولم ينتبها للمختبئين فوق الشجرة
حتى ابتعدا عن المكان
قالت عائشة بحزم : فلنتبعهما
هتف عبد الرحمن : أجننت!! هل نقول لهما هيا تعالوا أمسكوا بنا!!
قالت : علينا أن نعرف من هي التي ينتويان ايذائها ونحذرها
قال : هل انتفضت حميتك لبنات جنسك !! ألا زلت تذكرين لم أتينا الى هنا؟
قفزت من فوق الشجرة الى الأرض : اسخر كما تشاء , لكني لن أترك امرأة على وشك الوقوع في خطر ما وأتظاهر بأنني لم أسمع ولم أر شيئا
قال مغتاظا : اذا فقد قررت أن تقدمينا لقمة سائغة لفرسان القلعة
لم تعره انتباها وانطلقت تلحق بالحارسين على البعد لكي لا ينتبها الى أنها تتبعهما
وصل الحارسان الى قناة الماء وعائشة تتبعهما على البعد بحرص , حتى اقتربا من امرأة تغسل أقدامها في الماء
تلفتت عائشة حولها فلم تجد أحد في المكان سوي المرأة والحارسان
أخذ قلب عائشة يدق بجنون عندما رأتهما يتسللان خلفها ويقتربان منها بحذر كي لا تنتبه لهما
فتسلقت احدى الشجرات الكبيرة, وربضت بين أغصانها وأوراقها
وبعد قليل انضم اليها عبد الرحمن , وأخذا يرقبان ما سيفعله الحارسان بالمرأة
بلغ الخوف والقلق بعائشة أيما مبلغ عندما رأتهما يحيطان بها وأياديهم تمتد نحو جسدها
........................................
أسرع يوسف بحصانة وهو يمر خلال الغابة في طريقة الى القلعة
ولولا أن هذا هو أقصر طريق للقلعة , ويختصر الكثير من الوقت ما فكر أبدا أن يعبره وحيدا , فتلك الغابة اشتهرت بين الناس بأنها مرتع للصوص وقطاع الطرق بسبب طبيعة طرقها الوعرة وكثرة أشجارها وأغصانها المتشابكة
لذلك قرر أن يمر من خلالها سريعا على حصانه ليقلل من نسبة الخطورة, كما أنه لا يعتبر نفسه صيدا ثمينا للصوص فليس لديه ما يثير الطمع
انطلق مسرعا بحصانه يخترق أجراءها ويعبر أكمامها
لكن فجأة ارتفعت أمامه شبكة كبيرة منسوجة من الحبال السميكة القوية
حاول باستماتة ايقاف حصانه عن الاندفاع نحو الشبكة أو الانحراف به
لكن سرعة الحصان جعلته يسقط في الشبكة وتطبق أطرافها عليه هو ويوسف
وفي لحظة تجمع حولهما مجموعة كبيرة من اللصوص وهم يطلقون صيحات الانتصار والفرح بالغنيمة التي وقعت في المصيدة
أخذ يوسف يقاوم بكل قوته الشبكة القوية التي أطبقت عليه , وحاول أن يحرر يده ليصل الى سيفه لكن الأمر كان بالغ الصعوبة
وأدرك لحظتها كم هم محترفون, وأنهم بالتأكيد كرروا تلك الطريقة مئات المرات لذلك فهي تنجح دائما
تكاثر عليه اللصوص ومزقوا الشبكة بأسلحتهم وأخذ بعضهم حصانه وأمسك الباقون به وقيدوا حركته وبدأوا في تجريده من كل ما معه بضراوة وقسوة وأدرك يوسف أنه صار بلا قيمة ولا منفعة لهم عندما رفع أحدهم السيف ليضرب به عنقه, وعندما أدرك أنها النهاية رفع رأسه بشجاعة ونظر في عيني قاتله بقوة وهو يستقبل الشهادة بثبات
..........................................
نزل ريموند سلالم سجن القلعة التى تؤدي الى حجرات التعذيب السفلية وبدأت تصل لأذنيه أصوات السياط القاسية وآلات التعذيب الرهيبة ومعها صراخ المعذبين المفزع وأناتهم
لكنه كان يسير في الممر بثقة دون أدنى مبالاة بتلك الأصوات ويمر بين حجرات التعذيب الرهيبة دون أن يعيرها انتباهه ولا يهتم بطرق رجاله البشعة وهم يمارسون عملهم المعتاد في تعذيب أسراهم
دخل الى احدى الحجرات وأخذ يتأمل بهلول المسجى أمامه وهو مقيد الى منضدة حديدية والحارس المسئول عنه يسومه العذاب ألوانا بأبشع الطرق وصراخه يصم الآذان
وكلما فقد وعيه من الألم يوقظه بدلو ماء بارد على وجهه ليبدأ في تعذيبه من جديد
التفت الى يعقوب الواقف في الحجرة يراقب المشهد , حيث قرر أن يشرف بنفسه على استخراج المعلومات من بهلول أو على الأقل اثبات أنه يدعي الجنون
لكن يبدو أن النتيجة كانت بالنسبة اليه مقلقة , فحتى الآن لم يصل لشيء ولم يستخرج أية معلومة من بهلول , كما أنه لم يستطع أن يثبت لريموند أنه مدع للجنون
وهذا ما كان يثير رعبه لهذا فقد كان يبدو عليه القلق الشديد والتعجل وحركاته عصبية للغاية
ظل ريموند يراقب بصمت لفترة , ثم التفت الى يعقوب وقال : الازلت مصرا على رأيك!
قال يعقوب بصوت مرتعب : انه. انه يتظاهر , يحاول خداعنا , ولكن , ولكن , هو لن يستطيع خداعي أنا
قال : لقد نال قسطا من التعذيب لو ناله أبكم لصرخ ناطقا
رفع سبابته أمام وجهه وقال بلهجة تهديد : احذر , أن أفقد صبري, ان كنت تحاول خداعي لإطالة الوقت فلن تنجو من بطشي
تراقص شبح الموت أمام عينيه فقال برعب : أقسم لك أنه يتظاهر, فمن هو في مثل ذكائه لا يمكن أن يصاب بالجنون
زفر بضيق : سنرى
شمخ برأسه وغادر المكان بمشية متعالية
استرد يعقوب أنفاسه الضائعة والقى بجسده على أقرب مقعد اليه , ثم أخذ يجفف عرقه بيد مرتعشة
نظر الى بهلول وامتلأ قلبه غلا وحقدا واندفع اليه وقبض على شعره الأشعث وصرخ في أذنه بقسوة : أيها الغبي , ممن تنتقم !! أخبرني ممن تنتقم ! اتنتقم مني أم من نفسك؟
ارحم نفسك من العذاب , انقذ نفسك وانقذني , فذاك الرجل وحش مفترس لا يعرف الرحمة , أنت لم تر بعد ما يمكن أن يفعله بنا
نظر له بهلول نظرة خاوية ثم أصدر أصوات بلا معنى ورذاذ فمه يتطاير على وجه يعقوب
دفعه يعقوب دفعة قوية وصرخ في الحارس وهو يمسح وجهه بطرف كمه : أكمل عملك و وزده من العذاب أضعافا
تأمله وهو يصرخ صرخات مريعة وقال بغل : أحمق أحمق , تستحق كل هذا وأكثر
................................................

يتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبع

sdny 04-06-15 11:20 PM

رد: رواية ^^ظل السيف^^ للكاتبة/سامية احمد
 
[COLOR="Blue"][/COLOR

الرواية رائعة استمري


الساعة الآن 07:53 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية