منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t195333.html)

Rehana 10-06-14 11:45 PM

118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://img1.123friendster.com/en/welcome2mypage/18.gif


118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة


الملخص

الصحراء التي ضاعت فيها براندي ايمس ذات ليلة عندما أجفل حصانها وهرب لم تكن الا صورة طبق الأصل عن حياتها...رمال عذراء ناصعة لاتعرف الا الظمأ . قادتها قدماها الى النار الوحيدة التي كانت تثقب سماء الليل ,والى الرجل الذي ظنته لصا هاربا من العدالة لأول وهلة , وتبين لها ان ظنها هذا أبعد مايكون عن الحقيقة...
رعاها, وداوى الخدوش التي أصيبت بها وهي تهيم على وجهها في الصحراء .ولكنه بالمقابل مزق الغشاء الرقيق الذي كان يغلف قلبها بأبخرة الأحلام .تمنت لو يتوقف كل شيء عند هذا الحد.ولكن حياتها منذ الآن مغامرة لاتعرف العودة الى الوراء...


الغلاف الاصلي للرواية

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...2435694111.jpg

الرواية من كتابة العضوة ..
نيو فراولة
الف شكر اليها على مجهودها

والتدقيق .. Rehana

Rehana 10-06-14 11:46 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
فصول الرواية

****

1 - النار و الرجل

2 - ليلة لا تنسى

3 - المفاجأة

4 - زيارة و دعوة

5 - مع النجوم

6- في غابة الحب

7 - احضان المرارة

8 - الفجر كاذب احيانا

9- الخروج من الشرك

Rehana 10-06-14 11:47 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
1- النار والرجل


تراقصت ذرة ذهبية من النور فوق نباتات المريمية معلنة أقتراب غروب الشمس , وأنحنت رؤوس العشب المرهفة أذعانا لنسيم المساء المتثائب بحفيف بطيء.
وأنطلق طائر الجوّاب السريع في أتجاه مواز لحصان عربي رمادي اللون , يخطو بخفة فوق مساحة الرمل المفروشة بالحصى , وأنحرف طائر الجواب فجأة صوب مخبأ من النباتات الشائكة , ثم أختفى عن الأنظار , وغيرت لمسة اللجام للعنق الأملس الرمادي أتجاه الحصان نحو اليمين حيث تنبسط صخرة عريضة جرداء , واقفة سدا منيعا بين نباتات الصحراء وبقية الأرض المنحدرة.

Rehana 10-06-14 11:49 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وصلصلت حدوات الحصان المعدنية فوق الصخر الأجرد.فأوقفت براندي أيمس حصانها هناك محدقة الى المناظر المترامية من موقعها المظل .
أستدارت أذن رمادية نحوها , ومد الحصان عنقه أحتجاجا على اللجام المشدود دافعا رأسه الى الوراء بتأفف.
كان اللون الأصفر الشاحب قد أخذ يغزو زرقة السماء , وأنتشرت أصابع برتقالية من الأفق الغربي , مبدلة لون الظلال التي سكبتها الشمس الغاربة , وحتى خصلات شعر براندي الذهبية أكتسبت لونا نحاسيا, قالت بذهن شارد محدثة الحصان عن أفكارها بصوت مرتفع:
" وددت لو كنت رسامة لأرسم لوحة رائعة كهذه , غير أن الصورة تتبدل بشكل سحري , كأنك تشاهد تفتح برعم بطيء وتحوله الى أشعاع مزهر.
صهل الحصان , فضحكت براندي ضحكة رقيقة:
" هل تعتقد أنني جامحة الخيال يا رشاد؟ سوف تكتشف مع مرور الأيام أن غروب الشمس في ولاية أريزونا يبعث في مشاعر غريبة ".
وبعد أن لفت طرف اللجام حول مقدمة سرجها الأميركي الغربي , ترجلت براندي بخفة متناهية , متحركة برشاقة فطرية نحو رأس حصانها, توقفت هناك متحرية الخيوط القرمزية الأولى التي أخذت تلامس ذيل الغيوم المتناثرة في الفضاء.
وتوهجت قسمات وجهها المغمورة بأشعة الشمس في سمرة ذهبية شاحبة , وزاد من بروز عينيها المستديرتين المتألقتين بلون فيروزي أخضر , شموخ أنفها المستدق الأشم , وشكل ثغرها المرهف ,ونظرا لبنيتها الضامرة كانت توحي بالهشاشة والضعف , فتحجب عن الأعين قامتها المتوسطة , مركزة الأنتباه على المعصم النحيل وعظام القدم الهزيلة , وكانت مفعمة بالحيوية التي تضفي عليها جاذبية خاصة, ألا أن هدوءها الذي كان يحيط بها بأستمرار ساهم في عدم لفت الأنظار اليها , ولا شك أن براندي كانت ستضحك ساخرة لو أن أحدا وصفها بالخجل , لكن جوا من التحفظ كان يحيط بها, ولا يسمح ألا لقلة من الناس بأختراقه , أما الآن وهي تقف وحيدة , فلم تجد حرجا في أطلاق العنان لسجيتها.
منتديات ليلاس
دفع الحصان كتفها برفق وكأنه يذكرها بوجوده , وأستجابت بمداعبة وجهه من غير أن تحول عينيها عن غروب الشمس الحالم , قالت وهي تتنهد:
" كانت كارن تتفاخر اليوم في الدكان بأبهة جبال روكي الصخرية في الشمال , ومدى وعورتها وروعتها , دعها تتمتع بتلك العظمة يا رشاد , أما أنا فسأحافظ على هيامي بصحراء سونورا هنا كل يوم عند مغيب الشمس."
كانت سفوح الجبال تتوهج باللون القرمزي البرتقالي , مشتعلة بكرة اللهب المنغمسة قرب أديم الأرض , وأنحسر أمتداد السماء الزرقاء الشامخ لجهة الشرق عن أنصهار أرجواني , في حين بدا الأفق الغربي برتقاليا أحمر داميا , حبست أنفاسها أمام تناثر الألوان الغامض, وسحبت يدها بعيدا عن وجه الحصان مرورا بنعومة أنفه المخملية ثم أعادتها الى خصرها.
دفع الحصان كتفها مرة ثانية نافخا بخيشومه متذمرا , ومغيرا مواقع حوافره على الصخر الأجرد الأملس بتململ ظاهر , قالت براندي:
" كف عن التفكير في معدتك يا رشاد".
وربتت على أنفه برشاقه رغم وضوح رغبته في قضم كم سترتها البيضاء.
" أن علفك من الشوفان والتبن سيكون في الأسطبل عندما نعود , أطمئن فلن يأكله أحد , ما أروع هذا الغروب!".
ولوحت بيدها صوب الأفق.
" عليك أن تتعلم التمتع بهذا المنظر تماما مثل ستار , لقد رافقتني هذه الفرس مرات عديدة عندما كنت أتناول عشائي من السندويشات في الغسق الصحراوي ."

Rehana 10-06-14 11:50 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وكالمعتاد جلبت ذكرى الفرس الرقطاء شوقا حزينا أنتشر فوق زوايا فمها , غير أن أهلها لم يلبوا رغبتها الى أن بلغت العاشرة من عمرها , فأهدوها فرسا عمرها ثمانية أعوام , وكانت هي والفرس لا تفترقان حتى لبت ستار نداء خالقها في الصيف الماضي , وذلك بعد أسبوع من عيد ميلاد براندي العشرين.
حصلت على رشاد , الحصان العربي المفعم حيوية , في فصل الشتاء المنصرم.
لكن براندي أفترضت أن مثل هذه المقارنة بين الأثنين مجرد مسألة طبيعية في بعض الأحيان , شكلت ستار جزءا جيويا من طفولتها , صديقة , زميلة , ومؤتمنة على أسرارها , ولا يعني ذلك عدم وجود الصديقات الحميمات في حياتها , بل بسبب معيشتها هنا في الريف غربي مدينة توسون , بدون جيران , ولكونها وحيدة لأهلها , أضحت براندي تعتمد أعتمادا كبيرا على رفقة فرسها.
ومع نموها أضحت تصرف وقتا طويلا وحيدة , لكنها لم تشعر أبدا بالوحدة والوحشة , أذ كانت محبة والديها لها ذات طبيعة ثابتة دائمة , مع أنهما كانا يبديان في بعض الأحيان دهشتهما من أن براندي هي فعلا أبنتهما , وكان كل من والديها , لينوا وستيوارت أيمس قد حصل على درجة الدكتوراه في حقل دراسته المعين , وحازا على منصب الأستاذية في جامعة توسون , ولشغفهما بمهنتهما , أظهرا أستغرابهما في بداية الأمر لأنعدام طموحها الثقافي في الحياة .
مع ذلك , فأن درجة حبهما وحكمتهما منعتهما من محاولة أجبارها على أتباع طريق محددة , فأذا كانت تفضل التكاسل والأسترخاء في المنزل والعمل اليدوي , فأنهما كانا سعيدين بما يرضيها , ولم تكن تبدو عليهما دلائل الخيبة لأن أبنتهما تجنبت أختيار حياة فكرية مثلهما.
ولم تشعر براندي مرة واحدة أن مستواها أقل من والديها نتيجة عملها ككاتبة في متجر للفنون والحرف , أو لأنها غالبا ما تقوم بمعظم أعمال المنزل , ومن الصحيح أنها وهي في سن العشرين , أو الواحدة والعشرين , قد تأخرت في مغادرة عش طفولتها الى العالم الخارجي.
وسبق لكارن , صديقتها الحميمة الفتاة التي تعمل معها في المتجر , أن ألحت على براندي للأنتقال الى مدينة توسون ومشاركتها الشعور السامي الذي يغمرها عندما تغادر منزلها نحو الصحراء , فتبتعد أميالا عن كل شيء , وتقف في العراء حيث لا أبنية شاهقة تحجب النظر الباهر لذلك الأنبساط مع الرمل والفضاء.
وماذا عن غروب الشمس ؟ كم ستفتقد الغروب لو عاشت في المدينة , كانت في بعض الأحيان تكتفي برؤية المغيب وهي تقف في فناء منزلها , وتشعر مرات أخرى , مثل الآن , بدافع خفي يحثها لأمتطاء الحصان في أتجاه الصحراء , ومشاهدة الطبيعة .
وأستنشقت الهواء الطلق بقوة وهي تخطو نحو حافة الصخر المسطح وكأنها تبغي الألتصاق باللون البرتقالي القاني الذي غزا الفضاء , بدا الهواء حولها باردا ساكنا , ستضطر بعد قليل لأرتداء سترتها القطنية المربوطة في مؤخرة السرج , غير أنها أعتبرت بعض التموج في الهواء تغييرا منعشا أثر حرارة بعد الظهر.
قالت متمتمة:
" يا لروعتها , ولا يوجد غروب واحد مشابه للغروب الذي سبقه."
وباتت حدوة معدنية ملقاة وراءها بجانب حجر صغير , ألقت براندي نظرة فوق كتفها , وعيناها تتراقصان للحصان الرمادي المتبرم" لو كان والدي هنا لقدم لك تفسيرا علميا خالصا لمغيب الشمس المتألق."

Rehana 10-06-14 11:53 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وقالت بأبتسامة خاطفة:
" أن المسألة يا رشاد تعود الى الغلاف الجوي المحيط بالأرض , وكيفية تصفيته لأشعة الشمس ,السبب وراء هذا التوهج الهائل للشمس عند الظهيرة يكمن في أن الضوء في هذه الفترة يكون في أقل حالاته تعرضا للأمتصاص بواسطة الغلاف الجوي , لأن الشمس حينذاك تتسنم وسط الفضاء مباشرة , مع ذلك على أشعة الشمس أجتياز طبقات أكثر من الغلاف الجوي , فترشح خارجا الألوان الزرقاء والخضراء , في حين تظهر للعيان الألوان الحمراء والصفراء والبرتقالية , علاوة على ذلك فالغروب أشد لمعانا في ألوانه نتيجة تراكم ذرات الغبار المعلقة في الجو أثناء ساعات النهار.
أخذ لون الأفق الغربي يزداد أحمرارا الى أن أضحى قرمزي الظلال , شبكت براندي أبهامها في عرى زنارها وتنهدت:
" أن وصف المغيب بكلمات مثل شعاع الضوء والغلاف الجوي يزيل عنه بعض سحره أليس كذلك ؟".
وأحنت رأسها غارقة في تفكير عميق ,وخصل الشعر الذهبية تتناثر فوق وجهها.
" المغيب يصبح أكثر متعة عندما يغلف سحره غموض عجيب ."
وفجأة مزق دوي بندقية الصمت الذي خيم أثر كلماتها الرزينة , أنه أحد رعاة البقر يطلق النار على ذئب ضار , حدثت براندي نفسها محاولة تجاهل الموضوع لأعتقادها أنه مجرد صوت حملته الصحراء عبر المسافات , غير أن الأنفجار المدوي لم يغب عن بال الحصان العربي اليقظ.
منتديات ليلاس
وأعقبت طلقة البندقية قعقعة حوافر تعدو فوق الحجارة , ودارت براندي بسرعة ليقع نظرها على طيف حصانها الهارب , فر رشاد منطلقا صوب المنزل , وجاءت ردة فعلها الأولى غريزية , أذ وضعت أصبعين على فمها فخرج صفير حاد ثاقب لو سمعته فرسها ستار لأستجابت له فورا , لكن الحصان العربي لم يفقه شيئا.
صاحت براندي جارية وراء الحصان والحصى يعيق تقدمها :
" رشاد , يا رشاد , أرجع الى هنا".
وبعد أن جرت قليلا أدركت أن لا سبيل الى أمساك الحصان , وأستطاعت من مسافة بعيدة رؤية العنق المقوسة والأذنين المنتصبتين , كان متوجها صوب أسطبله الى علف الشوفان والتبن , وخامرها الشك أنه لن يبطىء بعدوه الى أقل من الجيب حتى بلوغه المنزل.
تمتمت براندي لاعنة هذا العصيان الجامح:
" سوف أريك أيها الحصان الغبي المغفل".
لم يكن ثمة حاجة لألقاء التبعة على الحصان , هكذا فكرت وهي تداعب بأصابعها المنهكة خصلات شعرها , أن الذنب ذنبها لأنها لم تحكم رباط اللجام بالأرض , أنها تستحق طريق العودة الطويل نتيجة أهمالها المفرط ,حان الوقت لتعترف أن رشاد لا يعوّل عليه مثل ستار.
وجدت بعض العزاء وقد تذكرت أن والديها خرجا من المنزل لتمضية السهرة , فهما لن يقلقا عندما يعود رشاد بدونها ,وكانت الظلال تزداد قتامة , وبدا الهواء الصحراوي أكثر برودة.
لم تشعر بالأميال الخمسة التي قطعتها على ظهر الحصان , غير أنها الآن وهي تسير على الأقدام في هذه البقعة من الأرض ستجد الطريق طويلة وبردها قارسا كما أنها ستكون رحلة بعضها فيها الجوع ,فكرت براندي بأسى شديد وهي تتذكر السندويشات المطوية في جراب السرج .
وألقت نظرة أخيرة على أحمرار الشمس القاني , غطس الوهج الذهبي وراء الأفق , وتلألأ أول نجم سمائي بشحوب في الفضاء الأرجواني , سوف تهجم العتمة الآن بسرعة عجيبة , بدأت تقدر العواقب وهي تفكر في أجتياز كل هذه المسافة على قدميها , وحيدة تماما , وعبر الظلمة الداكنة.

Rehana 10-06-14 11:53 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 

سوت براندي كتفيها وشرعت بالسير في أتجاه المنزل , أكتشفت أن سطح الأرض يبدو مختلفا الآن وهي مترجلة لا تمتطي صهوة حصانها , بانت نباتات المسكيت الشائكة والمريمية أشد سماكة , والتلة المائلة أكثر أنحدارا ,وداخلها أرتياب عابر وهي تفكر في التباين الكلي لهذا المنظر عندما يهبط الظلام الدامس ,ثم لم تلبث أن ألقت بخوفها الغامض جانبا.
ضاعفت خطواتها بخفة متناهية , وغمرها اليقين أنها ستشاهد أنوار سطح الأسطبل عندما تصبح على قاب قوسين منه , أو أكثر بقليل , ستشكل الأنوار قبسا يهديها سواء السبيل في الأميال الأخيرة من رحلتها.
وهكذا تابعت المسير , كانت مشاعرها تتأرجح بين الظلال المديدة والعتمة ,ولم يكن القمر أكبر من شظية صغيرة في سماء الليل , لا فائدة من ضوئه الشاحب الذاوي ,وومضت النجوم بوهن قاتل , كأنه غبار حالم جميل لكنه لا يضيء ما حوله.
وبد أن الصوت الوحيد كان وقع خطواتها تطحن الرمل والحصى مع أحتكاك بنطالها بالمريمية ونبات المسكيت , وكان من الصعب عليها تفادي شجيرات الصبار الشوكي ,وغالبا ما وجدت نفسها في وسطها بعد فوات الأوان , فتضطر للتراجع خطوات قليلة لتلافي أشواك الشجيرات , أخذت تركز أنتباهها على الأرض الممتدة أمامها , غير أنها كانت عاجزة عن تثبيت وجهة سير منتظمة دائما , وكلما توقفت لألتقاط أنفاسها أمعنت النظر أمامها لتبين وجهة سيرها مرة أخرى.
وأعتقدت مرات عديدة أنها ضاعت تماما , لكن سرعان ما كانت تتبين معالم الوجهة الأساسية فتتابع المسير.
ولشدة الظلام الدامس لم تتمكن من رؤية عقارب ساعتها , لكن براندي كانت واثقة أنها بمجرد بلوغها قمة الأكمة ستلمح أنوار الأسطبل المتلألئة.
حدقت مليا في سماء الليل الجميلة والنجوم المتألقة , وسألت نفسها هل يمكن لهذا الليل أن يزداد ظلاما؟ وعبرت ثغرها أبتسامة مريرة , أحست بالندم لعدم أصغائها الى والدها عندما حاول أن يشرح لها مواقع النجوم والكواكب , أذ كانت أستخدمت هذه المعرفة للتأكد من وجهة سيرها.
" ربما أن تلك الكتلة من نبات المسكيت تحجب عني الضوء ".
قالت هامسة وهي تمشي بأجهاد.
لم تكن تعرف مدى المسافة التي قطعتها حتى الآن , وبدا لها كأنها سارت أميالا , لكن من المحتمل أنها كانت مخطئة , أخذت تشعر بالتثاقل في خطواتها , لقد أنخفضت الحرارة عدة درجات فأرتجفت مسام جسمها تلقائيا من البرد.
أصيب رأسها بدوار , فأنحت باللائمة على وخز الجوع في معدتها ,وصممت أنها ستلتهم فور وصولها الى المنزل طبقا هائلا من اللحم المطهي الذي ينتظرها في الثلاجة , ولم تخفف هذه الصورة المعذبة التي أرتسمت في عقلها من قضم الفراغ في أحشائها.
وبعد ألف خطوة توقفت وهي تسخر من نفسها , لا شيء حولها يبدو مألوفا , لا بد أنها أنحرفت عن أتجاهها في مكان ما , سقطت على ركبتيها منهوكة القوى يعضها الجوع القاتل , غير آبهة بحبات الحصى الحادة تنغرز في لحمها , لقد ضلت سبيلها لا محالة.
وطرحت على نفسها السؤال التالي : ما هو مدى أنحرافها عن وجهة سيرها الأصلية ؟ وهل تتابع السير آملة رؤية أشارة واضحة توفر لها الأدلة الكافية لوضعها على الطريق الصحيح؟ لم تكن هذه هي المرة الأولى التي وجدت فيها نفسها ضائعة في الصحراء ,لكنها كانت في الماضي تعتمد على فرسها ستار لتبين طريق العودة عندما يخفق أسلوبها العشوائي في الأكتشاف , يستحيل أنها هامت على وجهها في الأتجاه الخاطىء , خاطبت نفسها بثقة حازمة ,وفركت يديها بحدة لطرد القشعريرة التي كانت تسري في ذراعيها المكشوفتين , ثم حسبت أنها أذا ما تابعت سيرها في خط مستقيم فهي ستشاهد عاجلا أم آجلا , أنوار المنزل , أو ستصل الى الدر ب المفروش بالحصى المؤدي الى حظيرة الماشية المجاورة.

Rehana 10-06-14 11:54 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
عقدت العزم على مواصلة السير , فالحركة حتما أفضل بكثير من القعود في مكان واحد والتجمد حتى الموت , لا شك أنها تبالغ قليلا , أذ أنه من غير المحتمل بلوغ درجة البرد الى هذا الحد ,كانت تدرك طبعا أن العرف العام يقضي بالبقاء في مكان واحد عندما يضل المرء سبيله , غير أنها لم تكن تهيم على وجهها تماما , أنها تمشي الى الأمام سالكة طريقا مستقيمة لا بد أن تقودها أما الى جوار منزلها أو الى درب الحصى , لم تكن قد سارت مسافة طويلة عندما أحست بوخز في جنبها , أبطأت الخطى وضغطت بيدها على موضع الألم تجيل النظر فيما حولها , وأعتقدت أنها لمحت عن يسارها وميض ضوء خافت , ألم تكن واثقة أن موقع منزلها أما أمامها مباشرة أو الى يمينها؟
وقفت صامتة تمعن النظر في البقعة التي أنبعث منها الضوء محاولة أختراق الظلام الدامس وأكفهر أديم الأرض , ثم رأت الضوء مرة أخرى يتذبذب ويخبو , وفكرت مغتبطة: أنه ضوء بلا شك.
تقدمت براندي يحركها تصميم جديد , ولم تعد تبالي أين تقع مواطىء قدميها , ثم أن هذا الضوء في الصحراء يدل على وجود الناس , برغم شكها أنها أقتربت من منزلها.
منتديات ليلاس
وظهر الضوء أكثر وضوحا وهي تسير صوبه , تعارك نباتات المريمية والصبار الشائك التي أدمت ساقيها , لكن جزمتها الجلدية الغليظة نالت القسط الأعظم من هذه العقوبة , وفجأة أتخذ الضوء شكلا جليا , أنها نار خيمة منصوبة في ممر تلة , لا يتبينها المرء الا من جهتها هي , وخامر براندي شعور بالأرتياح بحسن حظها , غير أنها لشدة أرهاقها أكتفت بأبتسامة فاترة:
" مرحبا!".
صاحت وهي تركض متجهة نحو بريق النار , وقد غمرها أرتياح داخلي أضفى طابعا من المرح على نبرات صوتها.
وتحرك شكل أسود عند طرف دائرة الضوء , أنه موقد النار ومنقذها .... بقي الشكل تستره الظلال حتى وهي تندفع نحو الدائرة المقابلة.
أعلنت بأرتياح عميق:
" كم أنا سعيدة برؤيتك".
وتابعت:
" لقد ضللت السبيل وأنا في الطريق الى المنزل , وبدأت أقتنع أنني سأقضي الليل في الصحراء وحيدة".
" حقا؟".
كان صوت الرجل خفيضا وخشنا.... لاذعا يمتزج بغضب خفي.
قطبت براندي حاجبيها توجسا , لم تكن تتوقع أستقبالا حارا ,لكنها ظنت أن الرجل سيبدي بعض القلق عندما تشرح له أنها ضلت سبيلها!
" لقد....... لقد كنت أتنزه على حصاني".
ثم قررت أن عليها الأسهاب أكثر في شرح محنتها.
" فرّ مني حصاني , وكنت أسير نحو المنزل عندما هبط الليل , ولا بد أنني أتخذت حينذاك أتجاها خاطئا".
خيمت لحظة من الصمت الثقيل قبل أن يجيبها الرجل الذي تستره الظلال:
" ووجدت نفسك فجأة أمام خيمتي , أليس كذلك؟".
ومرة اخرى غشت صوته الخفيض سخرية لاذعة , قاسية .
" شاهدت الضوء المنبعث من الخيمة فكان منظرا يبعث على السرور".
تكلمت متلعثمة , محاولة أختراق الظلام علها تستطيع رؤية أكثر من شكل أنسان قاتم , وترامى الى أذنيها وقع حوافر حصان يتململ في العتم الداكن, فأحست براندي بتصبب العرق في راحتي يديها .

Rehana 10-06-14 11:55 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وفجأة أدركت أنها لم تكن محظوظة فعلا , من هو هذا الرجل , وماذا يفعل هنا وسط الصحراء؟
شرعت النيران تلتهم غصنا غليظا فتهاوى طرقاء وسط اللهب , وأزداد سطوع النيران مشعة بقوس أشد أتساعا غمر شكل الرجل الغريب ولمع شيء ما في يده , فأنتاب براندي هلع شديد لرؤيتها نصل سكين يتهددها.
وأرتطمت نظرتها المحدقة بوجهه ,كانت حافة قبعته العريضة مشدودة الى الأسفل فلم تلمح سوى بريق عينيه الخافت , ونمو الشعر الخشن الأسود يكسو فكه وخده وذقنه.
أنه شعره يتسم ببعض الطول , لكنه لا ينبسط في لحية تامة عامرة , وكان يرتدي سترة جلدية فوق قميص أسود قاتم مما ضاعف من عرض منكبيه ,وبنطالا ضيقا يشد جسمه بأحكام ,ولدا في وهج النار المتماوجة أنه أكثر ضخامة مما تبادر الى ذهن براندي في البداية ... أكثر ضخامة , ومثيرا للرعب.
لم يبعث مظهره المزري هذه الطمأنينة في نفسها , كان الغضب يتملكه لأنها وجدته في هذا المكان , مما يعني أنه يخفي شيئا , بلعت براندي ريقها , هل هو سارق ماشية؟ أنه أستنتاج منطقي , أذ أن سارقي الماشية أصبحوا كالوباء أكثر أنتشارا مما كانوا عليه في الأيام الأولى للغرب لأميركي , وأزدادت قناعتها بصحة رأيها وهي تشبع هذه العضلة تمحيصا.
ليس راعي بقر من حظيرة الماشية المجاورة , فهي تستطيع التعرف على معظم رعاة البقر هناك , ويندر في هذا العصر الحديث ذي الجياد المقطورة والسيارات مصادفة راع للبقر ينصب خيمة في هذا العراء , أيا كان غرض هذا الرجل فهو حتما سيء النية , ما هذه المصيبة التي أقحمت نفسها فيها؟ لقد رأته , وتعلم أنه يخيم هنا , وعلاوة على ذلك, أنها تستطيع التعرف عليه أينما وجد بعد الآن.
سرت قشعريرة من الخوف في مفاصلها وهي تعيد النظر الى السكين بين أصابعه , وأدركت بذعر هائل أنه يمكنها التعرف عليه لو أستطاعت الخروج من هذه الورطة حية , قالت بصوت مضطرب:
" أسمعني , أنا لا أريد أن أسبب لك المتاعب , لو تساعدني في تحديد أتجاه بيت أيمس , فسوف أمضي في سبيلي".
أجابها بتهكم ساخر:
" ستمضين في سبيلك؟".
ولمعت أسنانه البيضاء وسط تلك اللحية السوداء , وشفته العليا تلوك الكلمات:
" قد تضلين الطريق مرة أخرى؟".
وبدا من بريق عينيه أنه يجد هذه الأمكانية مثيرة للضحك , لكن براندي أدركت تماما ما الذي يعنيه ,لم يكن ينوي أخلاء سبيلها , فغمرتها موجة من الحزن والذعر , وعندما تقدم الرجل خطوة نحوها , عرفت أن أمامها خيارا واحدا.
وبصرخة تضج خوفا أطلقت ساقيها للريح بأتجاه الصحراء , غير عابئة الى أين تقودها قدماها يكفيها أنها تركض بعيدا عن النار والرجل , ولم تسمع وطء خطوات تتعقبها لشدة الضجيج الذي تثيره.
أدى بها هروبها الى درب تحجبها شجيرات خضراء كثيفة , وأذا بالأغصان الشائكة ونباتات الصبار تمعن تمزيقا في جلدها وقميصها , فدخلت في صراع منهك مع عوامل الطبيعة والصحراء الصخرية ,ولم تتمكن من متابعة ركضها ألا بشق النفس.
ثم زلت بها القدم, فخرجت صرخة مروعة من حنجرتها وهي تندفع بعنف الى الأمام مرتطمة بالأرض بقوة كادت تقضي عليها ,وتدحرجت على ظهرها محاولة أسترجاع أنفاسا , لا تبالي بالأشواك الحادة المنتشرة تحتها.
فتحت عينيها ببطء فتسمرتا على الرجل الطويل ينتصب فوقها مباشرة , تجمدت في مكانها لا تستطيع حراكا.

Rehana 10-06-14 11:56 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
قال بتنهد ممزوج بالغضب:
" لقد أرتكبت حماقة لا تغتفر".
وبدأ ينحني بقامته نحوها , فأزدادت براندي ألتصاقا بالأرض .
" لا تلمسني!".
رن صوتها متحديا برغم الخوف الذي يكتنفها.
" أسكتي!".
هز رأسه وجرها بفظاظة بشعة , فأخذت تتلوى وتركل محاولة الأفلات من أصابعه الفولاذية , قاومت بعنف الى أن أشتبكت جزمتها بعظم ساقه.
" أيتها الفتاة الوقحة".
غمغم متبرما.
" ما الذي تريدين أثباته؟".
وبسرعة فائقة ألتفت يده على معصمها ورفعها عن الأرض , وحشرها تحت ذراعه مستعينا بوركيه , وظلت قدماها تركلان الهواء وهو يحملها عائدا الى خيمته بدون عناء كأنها كيس من البطاطا .
ألحت عليه براندي بصوت مرتجف:
" أتركني وألا بدأت الصراخ!".
منتديات ليلاس
فرد عليها الرجل بكياسة خبيثة:
" لا مانع لدي , باشري الصراخ أذا كنت ترغبين , فقد تهجم كل الأفاعي والعقارب لأنقاذك".
عندئذ أدركت أن صرخات أستغاثتها ستذهب أدراج الرياح , فأزدادت مقاومتها عنفا للتخلص من القبضة الفولاذية التي سمرت يديها ورفعتها بسهولة عن الأرض.
بلغا نار الخيمة وقبضته لا تزال تمسكها بقوة, ثم أنحنى وأنزلها على قدميها بخشونة بالغة.
وما أن أخلى سبيلها حتى راحت تركض عائدة الى أمان الصحراء , لكنه لم يلبث أن لحق بها , غارزا أصابعه الغليظة في لحم كتفيها الطري , وجذبها نحو صدره الصلب .
صرخت بصوت متأوه:
" دعني أذهب ".
قال ساخرا:
" أنك ضائعة, هاه؟ أو هل لديك بعض الأصدقاء في الجهة المقابلة من الأكمة؟".
أحتجت براندي بأرتباك فعلي:
" كلا, لقد أخبرتك أنني ضائعة , أقسم لك أنه لا يوجد أحد معي ".
وأدركت بعد فوات الأوان أنها أرتكبت هفوة مشؤومة , فلو ظن أن أحدا ما ينتظرها في الجوار , ربما أمتنع عن الأساءة اليها , أما الآن فهو لن يتصرف بحذر وأحتراس.
وجدد الهلع من عزيمتها لتحاول الهروب مرة أخرى , فراحت تلطمه بمرفقيها وكعبي جزمتها , متلوية للأفلات من قبضة يده الفظة , ولهاث أنفاسها يبعث على الحزن والشفقة.
قال بصوت هادر:
" لن أتحمل نوبات الهستيريا هذه طويلا".
وتمكنت بطريقة ما من شك قدمها خلف رجله فأفقدته توازنه , تراخت قبضته قليلا , غير أنه أستطاع جرها معه نحو الأرض , وقبل أن تتمكن من الأنفلات تكوم فوقها , فلم تحرك ساكنا وهو يكاد يسحقها بثقله.
وحاولت غرز أظافرها في عينيه اللامعتين القاتمتين مطلقة صيحة مخنوقة , لكنها فشلت فشلا ذريعا.
وبلمح البصر أمتدت ذراعاه فوق رأسها مسمرا معصميها بيديه , أستمرت تحاول الأفلات منه , غير أنه كان فائق الثقل والقوة.
قال بعنف لاذع:
" هل ستستمرين في المقاومة ؟ أنك لا تفعلين أكثر من أثبات مدى خبلك!".

Rehana 10-06-14 11:57 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
توقفت عن الحركة لألتقاط أنفاسها , كان رأسها ملتويا لجهة واحدة ومشدودا الى حده الأقصى , ومع أن عينيها كانتا مطبقتين بأحكام , فقد ظلت تحس بلهاثه الحار , أنها أسيرة هذه العضلات الملحقة.
وكانت رائحته الكريهة تخنقها.
تدافعت الكلمات بائسة بين أسنانها.
" أنصرف عني , أياك أن تلمسني!".
" كلا ".
قال بصوت هازىء .
" سأفعل ما يحلو لي فأنت تستحقين هذه المعاملة".
أنتابها توجس رهيب , لكنها لم تنبس ببنت شفة , لقد خافت على حياتها الى حد أهمالها أي خطر آخر , أنفتحت أهدابها والخوف يملأ عينيها الخضراوين , وأخذ رأسها يترنح وهي تخاطبه متوسلة اليه ألا يمسها بأذى.
خيل اليها الآن أن وجهه يزداد صرامة تماما مثل وجهها , وأحست بالشلل يدب في جسمها , فلم يعد في وسعها سوى التمدد ساكنة لا تجرؤ على التنفس , وتوقعت أنه سيعانقها بخشونة في أية لحظة , فألتهبت الفكرة كالنيران في شرايينها , قالت هامسة:
" أرجوك".
وعندما لم تبدر منه حركة أضافت:
" أرجوك دعني في سبيلي , أقسم لك أنني لن أخبر الشرطة ".
أعتقدت الآن أنها قادرة على تجاوز محنتها , لكن الشكوك ظلت تساورها حول نواياه ,وبدا لها أن توترا مشحونا قد تملكه وعيناه تتفحصان وجهها.
كانت قبعته قد سقطت عن رأسه أثناء العراك , ووقع نظرها دون أرادة منها على شعره الأسود المتراجع الى الوراء , والأشعث الوسخ كبقية مظهره , بقي صامتا لحظة خالتها دهرا , وقال مؤنبا:
"ما الذي تريدين حجبه عن الشرطة؟".
ولاحظت أن بؤبؤي عينيه قد ضاقا حذرا مع أبتعاده عنها قيد بوصة.
وعدته مرتعشة:
" لن..... لن أخبرهم أنني شاهدته, أعني... أنني لم أشاهدك فعلا تسرق الماشية , لذلك فأنا أقول الحقيقة , أعدك أنني لن أبوح بشيء حول لقائنا".
وأنفرجت أساريره عن أبتسامة:
" أذن فأنت فطنت الى سبب وجودي هنا؟".
أحنت رأسها بتردد , متمنية لو أنها تجنبت ذكر أي شيء حول سرقة الماشية ,ربما جعلته كلماتها تلك أكثر تصميما على أحتجازها , وتدحرج بعيدا عنها بسرعة خارقة برغم ضخامته , وأنتصب واقفا , شامخا فوق قامتها الممددة أرضا , واضعا يديه على وركيه.
تساءل بصوت مليء سخرية:
" وأنت تتعهدين بالحفاظ على سري الصغير؟".
" أذا ما تركتني أذهب".
عدلت براندي وعدها بعجل , وتحركت ببطء محاولة الجلوس , لا تجرؤ على تحويل عينيها عن الرجل الذي يراقبها بتمعن ودقة , ولاحظت للمرة الأولى أن قميصها ممزق , أذ كانت نقط الدم القاني تغطي القماش الأبيض حيث خدشتها الأشواك ومزقته , وبذلت جهدها ليظل مظهرها محتشما , بدون أن تلفت الأنتباه الى حركاتها .
قالت متلعثمة بقلق بالغ:
" لو......... لو أنك تحدد لي أتجاهي فقط".
سألها مقاطعا:
" أين تعيشين؟".
" في منزل أيمس........ والدي هو ستيوارت أيمس, أنه لا يبعد أكثر من خمسة عشر ميلا عن المركز الرئيسي لمزرعة سوارو , هناك فوق منحنى التلال ".

Rehana 10-06-14 11:58 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
هكذا شرحت براندي له محاولة تمالك أعصابها ,حيث تراخت قليلا قبضة الخوف التي تجمعت في حلقها.
فكر لحظة , ثم هز رأسه:
" أنا لا أعرف هذا المكان للأسف الشديد , يخيل الي أنه لا يوجد منزل في تلك الدرب المفروشة بالحصى , لا أستطيع أن أدلك بوضوح على الأتجاه الذي تريدين بحيث تصلين الى هناك في هذا الظلام".
صدقت براندي كلماته , لم تعرف لماذا , ولكن شيئا في صوته أقنعها أنه يقول الحقيقة , نهضت واقفة , متشبثة بفتحتي قميصها لتبدو وكأنها مزررة ,وبرغم وقوفها أمامه كان عليها رفع بصرها نحوه لشدة طوله.
" لا أحتاج الى أكثر من أتجاه تقريبي".
قالت تطمئنه بسرعة:
" فور وصولي الى بقعة مألوفة أستطيع تحديد طريق العودة".
قال وهو يحملق بعينيها المتوسلتين :
" هل سيبحث أهلك عنك؟".
وأخذت هذه المرة تضرب أخماسا بأسداس صامتة لتقرر هل تكذب أم تكون صادقة؟
وقال صوت داخلي : الصدق أنقذها حتى الآن.
" لست متأكدة ما أذا كانوا سيبحثون عني أم لا".
أجابته بصراحة:
" لقد خرجوا هذا المساء , كل شيء يتوقف على تحققهم من وجودي عند عودتهم".
قال مصرا على أنتزاع جواب أكثر وضوحا:
" بكلمات أخرى قد لا يفتقدونك حتى الصباح".
خفضت براندي رأسها قائلة:
"هذا صحيح".
منتديات ليلاس
كان يدرس جوابها بتمعن شامل.
قال أخيرا:
" مع أنني بالخلاص منك لا يمكنني أرجاعك الى الصحراء لتهيمي على وجهك في الظلام , فقد تصلين الى المنزل وقد لا تصلين , ولسوء حظي قد تتعثرين وتكسرين رجلك , فيرجعك أحدهم الى خيمتي وأتحمل أنا المسؤولية".
وأبتعد عنها متجها نحو النار , وهو يفرك شعرات ذقنه الخشنة :
" أنني في غنى عن متاعب كهذه".
بدأت براندي محتجة:
" ولكن...".
" دعيك من الجدل الفارغ".
ثم قال مهددا:
" ستبيتين الليلة هنا وأعيدك الى منزلك غدا".
" لكن لا يمكنني البقاء هنا معك".
جاء رفضها عفويا وقبل أن تتمكن من كبحه.
نظر فوق كتفه وفي عينيه وميض شرس:
" ما بالك؟ هل تخافين منح ثقتك لسارق ماشية؟".
كادت تخنقها غصة في حنجرتها , وشدت قميصها حولها , سألته بجرأة كاذبة :
" وهل أنت محط ثقة؟".
قال لها بجزم قاطع:
" لن نتقاسم الليلة سوى دفء هذه النار , ولكن وقوفك بعيدا هكذا سيحرمك من هذه النعمة".
ونتيجة هلعها الدائم وعراكها مع الرجل سهت براندي عن الطقس البارد هذا الليل الصحراوي , غير أنها عند سماعها كلماته , أخترقت قشعريرة البرد قماش قميصها الرقيق بحدة ,وبفرائص مرتعدة , مشت نحو دفء النار المرجوة , وحافظت على مسافة خطوتين تفصلها عن الرجل , ولأنها كانت مترددة في منحه ثقتها الكاملة , أستتب الأمر على هدنة حذرة.

Rehana 10-06-14 11:59 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
كانت حرارة النيران نعمة , ورفرفت أهدابها بعرفان جميل صامت وهي ترى يد الرجل تبتعد عن السكين , لكن الدماء تجمدت في عروقها وقد وقع نظرها على الغمد الجلدي المربوط بزناره , والذي سحب منه السكين فجأة , ومض النصل الفولاذي في وهج النيران فدب فيها الخوف مجددا.
لم يلحظ الرجل الخطوة المستعجلة التي خطتها براندي الى الوراء .
" هل أنت جائعة؟".
قال منتقلا الى الجهة المقابلة لها , وركع بجانب القضبان التي كانت تحمل الشواء.
قالت معترضة بصوت خفيض مع رؤيتها للحيوان المطهي المعلق بالعصا.
" نعم".
ولتوه قدم اليها قطعة من اللحم , وطوقت أصابعها العظم الناتيء عبر قطعة اللحم.
سألته وهي تنحني مقرفصة بجانب النار:
" ما نوع هذا اللحم؟".
" لحم أرنب".
أجابها بدون أن يرفع رأسه , وقطع لحم فخد أخرى وأستطرد متابعا:
"ربما كانت عسيرة الهضم بعض الشيء , ولكنها طعام في أي حال".
أكتشفت براندي قساوة قطعة اللحم وهي تحاول مضغها , لكن جوعها كان أقسى , وكادت تنظف العظم عندما تبادر السؤال الى ذهنها:
"وهل أصطدت هذا الأرنب؟".
أجاب بأحناءة رأس:
" نعم".
" وبطلقة واحدة؟".
دفعه أصرارها الى أقاء نظرة فضولية مستغربة على وجهها :
" نعم , طلقة واحدة لماذا؟".
أرتسمت أبتسامة شاحبة فوق شفتيها :
" سمعت طلقة بندقية عند غروب الشمس جعلت حصاني يفر مني ويتركني هنا".
قال معترضا بنعومة:
" أذن أنا أتحمل المسؤولية , أهذا ما تقصدين ؟".
" كلا".
هزت رأسها وخصلات شعرها تتراقص لحظة قصيرة :
" كنت منهمكة أراقب غروب الشمس فلم أفطن الى ربطه بالأرض ,كانت غلطة حمقاء".
وافق بجفاف:
" نعم".
مزقت براندي قطعة أخرى من لحم الأرنب , ومضغتها صامتة , متمنية لو تمهل الرجل في أبداء موافقته , لم تكن تحاول تحميله مسؤولية فرار حصانها , ولا حتى في لا وعيها غير أنها وبأقل تعديل , لها حق الركوب في هذه البقعة من الصحراء أكثر منه بما لا يقاس , فهو ليس سوى سارق خسيس للماشية.......


نهاية الفصل

Rehana 12-06-14 07:45 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
2- ليلة لا تنسى

ألتهما لحم الأرنب الشهي ثم تناولا الفاكهة المكونة من ثمر الصبار الشائك, وجلست براندي قرب النار الدافئة , وقد خمد جوعها , أحتست قهوة حارة قوية في فنجان نحاسي , تمنت لو أنها تتمتع بقوتها مدة طويلة , غير أن توفر فنجان واحد جعلها تسرع في الأحتساء لتعطي الرجل فرصة الحصول على قهوته.
وقالت متمتمة بعد أحتسائها الرشفة الأخيرة من القهوة الصرفة وهي تناوله الفنجان:
" هذا رائع , الوجبة كلها رائعة , طبعا كنت جائعة كثيرا مما دفعني الى عدم الأهتمام بنوعية الطعام".
أكتفى الرجل بأحناءة الرأس وملأ فنجانه بمزيد من القهوة , لوت براندي رأسها الى جهة واحدة وقالت مستفهمة:
" هل تأكل هذا غالبا؟ أعني هل تكتفي بما تجود به الطبيعة؟".
أجابها بحركة لا مبالية:
" عندما أخرج الى الصحراء لا أحب أن أثقل نفسي بالمؤن".
"نعم...............".
فكرت براندي . أنه يحتاج في بعض الأحيان الى الأسراع لتجنب ألقاء القبض عليه , فالسفر بأحمال خفيفة مسألة منطقية جدا , ثم سألته:
" هل تأتي غالبا الى هذا المكان؟".
أمعن النظر في قسماتها لحظة طويلة وألسنة النيران تتوهج أمامهما.
أجابها بعفوية:
" نعم, في أغلب الأحيان".
أحتسى جرعة كبيرة من القهوة وكأنها ليست حارة لاذعة كما تتذكر براندي.
أخذت تجيل التفكير في جوابه حتى أدركت أنه يتعمد الغموض ... فهي اذا ما أكتفت بمعرفة النزر القليل عن نشاطاته فلن تتمكن من أعطاء صورة وافية عنه للسلطات , ربما لم يثق بالوعد الذي قطعته حول عدم البوح بأي شيء عن لقائهما , وهي في أي حال ليست متيقنة أنها ستحفظ وعدها , ولعله فطن الى ذلك.
أحتسى جرعة أخرى من القهوة ثم أفرغ الحثالة على الأرض العطشى , راقبته براندي بحذر شديد وهو ينتصب واقفا ويتوجه نحو السرج الملقى على مقربة من النار , بل تكاد ألسنتها تلسعه بين الفينة والأخرى , فتح أحد الجرابين , وتناول صندوقا أبيض.
أحست براندي بالفضول ,قالت متسائلة وهو في طريق عودته:
" ما هذا؟".
أجابها قبل أن تلمح شعار الصليب المعروف:
" أنها عدة أسعاف أولي".

Rehana 12-06-14 07:48 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
ألقت براندي نظرة على ذراعيها والبصمات الحمراء الواضحة التي خلفتها الأشواك تنتشر على جلدها الطري , كانت تشعر بوخز الخدوش بين الحين والأخر , غير أن معظم الخدوش كانت سطحية برغم منظرها الموجع , فلم تعرها أهتماما خاصا.
قالت وهي تعلن أحتجاجا غير مباشر ضد تلقيها أي أسعاف أولي:
" أنها لا تؤلمني , أكاد لا أشعر بوجود الخدوش".
غير أنه جلس مقرفصا بجانبها , دافعا بقبعته العريضة الى الوراء ,فتح الصندوق وبدأ يصب سائلا مطهرا من قنينة ضمادة من الشاش .
خاطبها بصراحة:
" سوف تشعرين بالألم أذا ما أصيبت الخدوش بالألتهاب".
أن كلامه منطقي , من يدري ربما كانت هذه الأشواك الحادة تعج بالجراثيم , مع ذلك خالجها شعور بالقلق وهي تفكر في علاجه لها .
قالت له بحزم:
" سأقوم أنا بالمهمة".
ومدت يدها لتناول الضمادة.
قال لها:
" من الأفضل أن أعالج هذه الخدوش بنفسي".
منتديات ليلاس
وأطبقت أصابعه على يدها الممتدة , وشرع بتنظيف بقعة ناتئة على ساعدها.
أضاءت النيران وجهه , وللمرة الأولى تمكنت براندي من التمعن فيه عن قرب , بدت قسماته البارزة تفيض قوة هائلة مما عزز أنطباعها الأولي عن مدى خطورته , وأزداد شعر لحيته وحاجبيه ورأسه سوادا مع جلاء بشرته التي لوحتها أشعة الشمس , وكانت لحيته القصيرة تستر فكه الصارم ووجنتيه الضامرتين المرهفتين.
وأعتقدت أنه سيبدو بدون لحية بالغ الجاذبية والفتنة , قررت أن لحيته تمثل قناعا للتنكر , وهو يكاد يكون مألوفا لديها , لكنها سرعان ما طردت هذه الفكرة عن ذهنها.
ولم يثر دهشتها حقا سوى تصرفاته العفوية الهادئة , كان بالغ الثقة مسيطرا على أعصابه ,وبخلاف ما تتوقعه من أنسان مطارد خارج على القانون , ومع ذلك ظلت تتساءل حول السبب وراء تحول رجل كهذا , معتد بنفسه في أوائل الثلاثينات من عمره , الى سارق ماشية , أن علامة أستفهام كبرى ترتسم حول هذا الرجل وتصرفاته .
حوّل أهتمامه الى ذراعها الثانية حيث أنكب على معالجة الجروح والخدوش , أن يديه وأصابعه قوية سمراء اللون ,ولا تبدو عليها آثار العمل اليدوي القاسي , وفوجئت بنعومتها ورقتها أيضا.
وأيقنت بادىء ذي بدء الذي خاضته معه , أن رجلا مفتول العضلات مثله يستطيع أن يكسر أحد عظامها بسهولة أو يتسبب بالآلام أكثر سواء لو أراد ذلك , لكنه لم يفعل شيئا من هذا , وجعلتها هذه الأفكار أكثر أطمئنانا لحضوره .
نظف آخر خدش في ذراعها وعقمه ثم رمى الشاش في النار , وفتح الصندوق ثانية , لقد أختفى الوخز اللاذع من جلدها .
قالت مقرة بعرفان الجميل:
" شكرا!".
حدق اليها بطرف عينيه رافعا حاجبيه السوداوين ثم قال لها:
" أخلعي قميصك , وسوف أنظف الخدوش على صدرك ".
تفرست براندي في وجهه مشدوهة , منتبهة الى قطعة الشاش الجديدة في يده وقنينة السائل المطهر , وتحركت يدها تلقائيا الى ياقة قميصها وكأنها تحمي نفسها فألتوى فمه على نحو ساخر أمام تصرفها هذا .

Rehana 12-06-14 07:49 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
قال لها بصوت هادىء:
"لماذا تعودين الى المشاكسة؟ هل تريدين تبديد جهودك مرة أخرى ؟ أما أن تخلعي القميص أو أقوم بخلعه أنا".
كان يعني كل كلمة نطق بها , أجابته حابسة أنفاسها:
" أعطني الضمادة وأنا أنظف الجروح".
ومضت عيناه ببريق خبيث عندما حاول أقناع براندي بفائدة أضطلاعه بهذه المهمة توفيرا للجهد والوقت , فهزت رأسها رافضة لكنه تابع حديثه قائلا:
" أن جسم المرأة لا يربكني , أنظري الي كمجرد طبيب".
أجابته محتجة:
" غير أنك لست طبيبا".
" أنك لا تزيدين الأمور ألا تعقيدا بأسلوبك هذا".
لم يسعها سوى الأعتراف بصدق كلماته , لكن أصابعها ظلت ترتجف وهي تفك أزرار قميصها.
كان القلق يراودها في سني مراهقتها الأولى من أن جسمها النحيل لن ينمو بل سيبدو مسطح الشكل والتكوين , لكن سرعان ما تبددت مخاوفها عندما صار ممتلئا وواضح المعالم , أنها الآن تعي كل ذلك وهي تخلع قميصها الرقيق وتمسكه في حضنها متوترة الأعصاب , وتسمرت نظراتها على نسيج ياقة سترته الجلدية , لامست رطوبة الضمادة الباردة خدش عنقها , بقيت براندي متصلبة كالتمثال وهي تفكر في أنحسار الرداء الذي يستر الجزء الأعلى من جسمها.
سألها وهو يعالج خدشا في كتفها:
" قلت لي أن أسم عائلتك هو أيمس".
كادت براندي ترفض الأجابة على سؤاله , ثم أدركت أنه يحاول تبديد مخاوفها ليس أكثر.
وبصوت منخفض أعلنت:
"أسمي براندي".
" براندي؟".
وحدق في وجهها ليتحقق من صحة قولها قبل أن يتابع معالجة كتفها , ثم قال:
" أنه أسم جميل ولا شك , ويذكرني بأمور كثيرة".
سألته بأبتسامة مضطربة:
" ما هو أسمك؟".
تردد لحظة ثم أجابها:
" جيم".
لم يذكر أسم عائلته , أكتفى بكلمة جيم فقط , أدركت أنه يخفي بقية هويته عنها , ومن المحتمل أن أسمه ليس جيم , بل أخترعه لمجرد التسلية.
قال محذرا:
" يوجد خدش في مقدمة الصدر لا بد من تعقيمه يا براندي".
وأنزلقت أصابعه على كتفها قبل أن تبدي أي أعتراض , وبنظرة خاطفة لمحت الخدش الذي أخذ يزداد أحمرارا , تدفق الدم في شرايينها وتسارعت نبضات قلبها وهو يعقم هذا الجرح المؤلم , رفع عينيه نحوها يسألها بقلق:
" هل آلمتك؟".
فسارعت منكرة:
" كلا!".
غمرت مسحة من الحياء الشديد وجهها , فأنكب مجددا على الضمادة حيث خيم أرتباك واضح , أن ما يجري حرك مشاعر براندي , فلم يعد بأمكانها أبداء عدم الأكتراث.
سألها :
" كم عمرك؟".

Rehana 12-06-14 07:52 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
قطبت براندي حاجبيها منذهلة وهي تجيبه:
"عمري عشرون سنة , لكن لماذا؟".
تمتم الكلمات:
" أن وجهك يحمر خجلا كمراهقة صغيرة , أو كفتاة عذراء".
وتوهجت وجنتاها بمويجات الخجل مرة أخرى , آه لو تستطيع أنكار كلماته الحاذقة , ولكن كيف السبيل الى ذلك وهو يعرف أنها لا تنطق بالصدق؟ ولا يعني ذلك أنها ليست ذات خبرة في هذه المسائل.... غير أن خبرتها لا تزال ضمن نطاق معين من العناق البريء.
وبينما هي غارقة في أفكارها هذه , كان قد أنجز عملية التنظيف وأشار عليها بأرتداء قميصها.
أرتدت براندي قميصها بسرعة ولكن أصابعها راحت تضطرب وهي تبحث عن الأزرار .وراقبت جيم بطرف عينها ينهض ويمشي ليعيد صندوق الأسعاف الأولي الى مكانه في الجرج , وما أن عاد نحو النار حتى وجدت نفسها تزداد أقترابا من ألسنة اللهب.
وسألها:
" هل أنت متعبة؟".
ألقت نظرة على ساعتها فتعجبت لأكتشافها أن الوقت قد قارب منتصف الليل , ثم أعترضت على نحو متردد :
" نعم".
جلب من السرج فراشا ملفوفا بسطه فوق الأرض المسطحة قرب النار , كان فراشا صغيرا يكفي لشخص واحد , فبلعت ريقها متوجسة.
قال لها بلهجة آمرة:
" يمكنك النوم هنا!"
منتديات ليلاس
وسألته لتوها وهو يتحرك قرب السرج :
" وأين ستنام أنت؟".
نظر اليها نظرة هازئة منتقلا بين وجهها وقميصها الأبيض الرقيق وأعلن:
" ما دمت قد أستعدت حشمتك فلا أعتقد أنك تنوين مشاطرتي البطانية حتى لو أشتد البرد , لذلك أعتقد أنني سأنام قرب النار ."
قال ذلك وهو ينحني لألتقاط سترته السميكة.
قالت براندي:
" يمكنك أن تأخذ الفراش , وأنا أنام هنا بجوار النار ".
مد أبهامه نحو البطانيات وقال بصوت لا أثر فيه للسخرية:
" أدخلي في الفراش ونامي!".
وأنصاعت لأوامره على مضض , وهي تظن أنها أذا رفضت حملها بنفسه لتنفيذ ما قال, حملقت فيه غاضبة وهو يمر أمامها لتعلمه أنها لا تحب هذه المعاملة القسرية , لكنه بدا غير عابىء بكل ذلك.
وخلعت براندي جزمتها وأنزلقت تحت البطانية متكئة برأسها على ذراعها , في حين كان جيم يزيد النار أتقادا , لم تكن تشعر بالنعاس , وسرحت بأفكارها وهي تحدق الى النيران المتصاعدة نحو والديها ... متسائلة عما أذا لاحظا غيابها من غرفتها , ربما ينظمان فريقا للبحث عنها في هذه اللحظة , وداخلها الشك أنهما لن يفتقداها حتى طلوع الفجر.
وحولت أنظارها نحو جيم , بدا بتلك السترة المنتفخة أكثر وأقوى مما هو عليه , ماذا سيقول أهلها لو قابلوه؟
كان سؤالها غريبا , ما دامت مشاعرها لم تثبت على شيء حاسم , فهي تارة تحس بالخوف أتجاهه اليها وكأنها فتاة صغيرة وليست أنسانة ناضجة , كل ما تعرفه أنها لا يمكن أن تقف منه موقفا حياديا.
,وطورا تبدي أعجابها بقوته وثقته بنفسه التي أدخلت الطمأنينة الى قلبها , ثم أنزعجت من سخريته اللاذعة , أو آلمها أسلوبه في توجيه الأوامر
فتحت عينيها المتعبتين وهي لا تدري أنها نامت نوما عميقا.

Rehana 12-06-14 07:52 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وركزت نظرها بدهشة على الضباب الأصفر الذي ملأ السماء , أين هي النجوم؟ أن يكون الصباح قد أطل برأسه ! وفجأة لمحت كرة الشمس الذهبية تبزغ فوق الأفق , تكومت داخل الفراش متأوهة في حين كانت عظامها تحتج ضد قضاء الليل على هذه الأرض الصلبة , كان الهواء لا يزال مشبعا ببرودة الليل فأحست به يلسع أنفها ووجنتيها , وتدحرجت بأرتخاء لتواجه النار.
أكتشفت أن النيران أنطفأت والرماد بارد لا حرارة فيه , وحولت عينيها مذهولة نحو مكان السرج , فلم تجده هناك.
هل غادر وتركها؟ هل قرر عدم المخاطرة بمساعدتها للعودة الى المنزل لئلا يلقي القبض عليه؟ وهل تسلل في ساعات الفجر الأولى ليبتعد عن هذه البقعة خوفا من أنها لن تفي بوعدها وتطلع السلطات على حقيقة أمره راحت الأسئلة تتسابق دون جواب في ذهنها , فرفعت عنها الأغطية ونهضت على قدميها مسارعة لأنتعال جزمتها , وفجأة شخر حصان وراءها.
سمعت صوتا خشنا خفيضا يقول لها:
" من الأفضل أن تنفضي هذه الجزمة قبل أنتعالها , ربما أن عقربا قرر قضاء الليل فيها".
وأستدارت براندي عند سماعها الصوت فهدأ روعها عندما رفعت عيناها على صورة جيم المألوفة وهو يقود الحصان المسرج نحو النار , لم يتخل عنها أذن , وعجزت عن التفوه بأي كلمة وهي تجيل النظر في سواد عينيه الغامضتين.
قامت بنفض الجزمة مصغية الى نصيحته , وخاطبته بلهجة أتهامية:
" كان عليك أيقاظي مبكرا!".
أجابها بلطف:
" كنت نائمة ولم يكن ثمة ما يدعو الى أيقاظك , لا بد أن القهوة لاتزال فاترة صالحة للشرب , أما طبق الفطور هذا الصباح فهو الأجاص البري".
رمى اليها الفنجان النحاسي الذي كاد أن يهوي من بين يديها فقالت:
" القهوة تكفي".
كان الرماد يحيط بأبريق القهوة , وبعد أن صبّت ما تبقى في قاعه تكومت براندي قرب النار , لم تكن سترتها الرقيقة تحميها ضد البرد القارس ,فحاولت الأفادة من حرارة الرماد المحتضرة , وراقبت بطرف عينيها جيم وهو يشد حزام السرج على الحصان.
سألها على نحو غير متوقع:
" هل نمت جيدا؟".
أجابت براندي بتسرع وهي تلعن كلماتها الدفاعية:
" نعم , لماذا؟".
فقال لها وهو يكمل أعداد الحصان للرحلة :
" أنه مجرد سؤال ليس ألا".
مشى نحو النار وألقى بحثالة القهوة فوق الرماد , وحرك حبات الفحم السود بعصا صغيرة ليتأكد من عدم وجود بعض الجمر , ثم تابع:
" هل أعتقدت أنني رحلت وتركتك وحيدة هنا؟ هل هذا ما يزعجك؟".
تسمرت عيناها على وجهه مصطدمة بنظراته الهازئة الحادة , وأجابته وهي تهز رأسها :
" ذلك أمر محتمل".
" نعم هذا محتمل".
قال وهو يمسك بأبريق القهوة الفارغ:
" هل فرغت من رشف القهوة؟".

Rehana 12-06-14 07:53 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
بلعت براندي بسرعة ما تبقى من السائل الفاتر وأعطته الفنجان , مراقبة اياه وهو يضع الأبريق والفنجان في السرج , بقيت البطانية ملقاة على الأرض فأحست بقشعريرة غريبة وهي تفكر بالدفء الذي توفره.
وحدقت الى القرص المعلق في فضاء الصباح وقالت:
" تحركي أيتها الشمس , تحركي وأبعثي الدفء في صحرائك!".
لم يكن وقوفها في مكان واحد يساعدها على الدفء , خطت نحو فراشها وألتقطت البطانية السميكة , وما أن نفضتها من الغبار حتى تلقفها جيم معلنا:
" أنا سآخذها".
ترددت لحظة قصيرة ثم أرخت قبضتها عن البطانية بحركة متأففة , هل يظن أنها قادرة على طيّها بترتيب يلائم مواصفاته؟
ورفعت البساط المفروش على الأرض نافضة أياه على عجل وهي لا تكاد تصدق عينيها , أستدارت بفضول لترى نصل سكينه يمزق دائرة صغيرة وسط البطانية.
قالت مندهشة :
" ماذا تفعل؟".
أعاد السكين الى مقبضها الحديدي المتدلي من حزامه , وخاطبها قائلا:
" لن يصبح الجو دافئا قبل ساعة أو أكثر , وقد تتحولين الى قالب من الثلج قبل ذلك.........".
وبدون أستفاضة في الحديث غطى رأسها بالبطانية ثم تابع :
" يمكنك شد البطانية حول خصرك بحزامك".
وقفت براندي مسمرة النظرات على البطانية لا تدري ما تقول , وقد أضحت الآن ترتدي معطفا , وأحست بالدفء يسري في جسمها فهدأ روعها.
وأخيرا رفعت عينيها نحو وجهه متمعنة في قسماته , ثم نطقت بملاحظة غير ضرورية:
"أنك قضيت على البطانية ".
وأومأ برأسه موافقا , وأبتسامة هازئة ترتسم على شفتيه .
أنهى الموضوع بألتقاط البساط الذي كانت براندي قد أسقطته على الأرض , وقام بطيه على نحو حاذق ماهر , وبينما كان يتوجه نحو الحصان لأكمال عملية الحزم فكت براندي حزامها وسحبته من عرى بنطالها , أرادت أن تعبر له عن عرفانها بالجميل لكن الكلمات خانتها , وأحست في نفس الوقت أنه أدرك ما يجول في فكرها.
منتديات ليلاس
ربطت الحزام حول البطانية – المعطف- وكان جيم ينهي آنذاك أطفاء آخر ما تبقى من الجمرات , وبعد تأكده من أستعدادها للرحيل أمتطى صهوة الجواد وأخرج جزمته من الركاب ليتيح لبراندي أستخدامها , ممسكا بذراعها ليساعدها على الركوب خلفه , وبينما كانت تركز نفسها على ظهر الحصان قال لها:
" لدي فكرة عامة عن المنطقة التي يقع فيها منزلك , أعتقد أننا سنلتقي بفريق بحث عنك قبل أن نبلغه".
وافقت براندي على ملاحظته في حين راح جيم يلكز جنبي الحصان , وأنطلق الجواد بخفة في أتجاه شمال الشرق."
كان الرماد الذي خلفته النيران مكسوا بطبقة من الرمل , حيث لم يبق من دليل يشير الى وجودهما هناك سوى آثار أقدامهما , غير أن الصحراء ستتكفل بمحو الآثار خلال فترة قصيرة , وعلت وجه براندي مسحة من الحزن دون أن تدرك سببا لذلك .
مضى بهما الحصان فوق الأرض الرملية منحنيا بحذاقة شجيرات الصبار والأشواك , وأذا بصمت الصباح الآمن يجعل أي حديث غير وارد , وبدت المناظر المترامية غير مألوفة لبراندي مع أن الملامح الرئيسية لهذه البقاع لا تختلف كثيرا عن بعضها البعض.
وما عتم الدفء أن سرى في عروقها وهي تلتف بهذا المعطف الطويل , فأحست بالغبطة تغمرها وتجدد معنوياتها , وشكل نسيم الصباح العليل الوقت الملائم لحيوانات الصحراء البرية لتبحث عن شيء تقتاته , ولشدة سرعة هذه المخلوقات في الظهور والأختفاء كانت محاولة رؤية أحدها نوعا من التحدي.

Rehana 12-06-14 07:55 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وما كادا يقطعان نحو ميلين حتى أحست براندي بتغير في مشية الحصان , فبدا وكأنه يقاوم لجامه , أو كأن حجرا قد أستقر في حدوته , أنحنت برأسها الى الأسفل متمعنة في خطواته بعض الوقت فلم تلحظ شيئا غير أعتيادي.
ثم ألقت نظرة فوق كتف جيم فأذا بأذني الحصان تنتصبان توقعا , ورأسه يزداد أرتفاعا نحو الأعلى أذ يهزه بين الفينة والأخرى وهو يقضم بعض العلف , وظلت طريقة عدوه متثاقلة مجهدة.
أحنت براندي رأسها الى الأمام فلمحت وجه جيم المكفهر , ولم تلبث أن سألته:
" ما بال حصانك؟ هل قرر فجأة رفض أمتطائنا له سوية؟".
وجاء جواب جيم السريع:
" كلا!".
ومع ذلك ..... لا بد أنه أتفق في الرأي مع براندي أذ أوقف الحصان على الفور , بقي الجواد الأهيف يثب بأضطراب في مكانه , وتزداد رقبته شموخا , قطبت براندي حاجبيها وراحت تطرح الأسئلة مجددا.
تمتم جيم بصوت جمد كل أسئلتها.
وهنا , وبحركة خفيفة من العنان أستدار الحصان على أعقابه وأخذ يركض في أتجاه معاكس تماما لطريقهما السابق , وأضطرت براندي للتشبث بخصر جيم لتلافي السقوط عن ظهر الحصان .
ومن الواضح أذن أنهما يفران من شيء ما أو أحد ما , لم تتمكن باندي من التأكد , لكنها حدست أنه أحد الأشخاص , فأما أن يكون طليعة فرقة للبحث عنها أو أحد ممثلي السلطات القانونية جاء ليتحقق من سرقة الماشية.
وما كادت براندي تكيّف نفسها مع وقع الصوت حتى توقف الحصان قرب صخرة ناتئة.
" يا للعنة.....".
وخاطبها جيم قائلا:
" ترجلي".
وكاد أن يدفعها دفعا عن ظهر الحصان قبل أن تتمكن من أطاعة أوامره , وهرولت بسرعة مبتعدة عن الحوافر الدائبة الحركة , متوقعة أن يمضي الحصان بصاحبه في طريقهما مخلفين أياها وراءهما , وراقبت جيم بدهشة كبيرة وهو يمسك أعنة الحصان بيد ويرفع السرج عنه باليد الأخرى , ألقى بالسراج واللبادة أرضا وتوجه نحو مقدمة الحصان.
سألت براندي وهي تعبث بشعرها الذهبي مضطربة:
" ماذا جرى؟".
وجاءها الجواب الحاسم:
" أنها عاصفة رملية".
حدقت براندي الى الجهة الشمالية فأدركت أن ذلك السديم الأسود الذي يغطي الأفق ليس سلسلة جبال بعيدة بل عاصفة رملية هائجة , فأنتابها ذعر شديد.
سبق لها أن شهدت غضب هذه العواصف الجنوني , لكن ذلك كان وراء جدران قوية واقية , هذه هي المرة الأولى التي تجد نفسها معرضة لخطر العاصفة بدون حماية , وحولت نظرها برعب شديد نحو الرجل الطويل ذي المنكبين العريضين وهو يصارع الحصان الذي يشب على قائمتيه الخلفيتين مذعورا ,ورأت أنه يجاهد لفك اللجام عنه.
حبست براندي أنفاسها:
" هل تنوي أطلاق عنانه؟".
وأنفك رباط الفك الجلدي في تلك اللحظة بالذات فبدأ الحصان يخرج رأسه من اللجام , ها هو الآن حر لا يقيده شيء , وأنطلق كالسهم يعدو عبر الصحراء.

Rehana 12-06-14 07:55 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
أشار جيم وهو يجمع السرج واللبادة :
" أنه حصان ولد وتربى في الصحراء , فهو حتما يعرف كيف يحافظ على نفسه هنا أكثر منا , هيا بنا الى الصخور".
ولم ينتظر جيم طويلا بل قادها بنفسه نحو الصخور الناتئة , ودفع اليها بلبادة السرج بعد أن تبين النتؤات الحادة , وأسرعت براندي تحشو اللبادة في فجوة بينما أخذ جيم ينفض البساط , وبنظرات قلقة حدقت في أتجاه العاصفة الزاحفة ثم أستدارت نحو جيم لتبلغه أنها جاهزة , فعمد الى لفها بالبساط وجلست وأياه مستندين الى الصخرة الكبيرة.
طوقها بذراعيه وشدها الى صدره حيث لف نفسه هو الآخر بجزء من البساط مغطيا رأسيهما تحسبا لما سيأتي.
ولم تكن براندي تفكر ألا بتلك العاصفة الزاحفة نحوهما .
وأنقضت العاصفة فجأة كالبرق الخاطف , وبدا كأن تيار الريح يحاول جذبها بعيدا عن الصخرة , فلفت براندي ذراعها حول خصر جيم بحركة لا شعورية.
أخذ الغبار يتسرب بحبيباته الدقيقة الى أنفها وحنجرتها فكادت تختنق , وأذا بالرمل المتطاير يهجم عليهما من كل حدب وصوب , قاذفا بأبره المسننة اللاسعة في وجهيهما , وأدركت براندي أن جيم يتلقى معظم هذه العقوبة الصارمة.
منتديات ليلاس
كان هدير العاصفة مصما ,حتى أن الهواء بدا خانقا لا يطاق , فتمنت لو تمزق الغطاء لتتنشق بعض الهواء المنعش , مع معرفتها بأن العاصفة الغضوب لن تتيح لها ذلك.
وتمتمت بصوت متأوه مختنق , دافعة رأسها في صدر جيم:
" لا .... لا أستطيع التنفس".
حاول جيم أن يهدىء من روعها هامسا في أذنها :
" أصمدي قليلا ... أننا سنتغلب على هذه العاصفة!".
صمتت براندي , وأكتفت بالأصغاء الى خفقات قلبه المتسارعة , وخالت الدقائق ساعات والعاصفة تزداد شراسة مولولة في دوائر الرمال الجامحة , وتضافرت موجة الضجيج مع الحر والغبار الخانق لتتحول الى كابوس رهيب.
أعلن جيم وأصابعه تنزلق بنعومة فوق شعرا الأشعث:
" براندي يمكنك أن تتنفسي الآن , أنتهى كل شيء".
وعندما رفضت التحرك نهض مبتعدا عنها , وأذا بالطمأنينة تغمرها وهي تفتح عينيها على أشعة الشمس الساطعة , كان البساط مرميا فوق الرمل مغطى بطبقة كثيفة من الغبار , تنهدت براندي وهي لا تكاد تصدق أنها عبرت هذه المحنة بسلام , وظلت ذرات من الغبار الدقيق تتراقص في الهواء ,ولكن العاصفة هدأت وأضمحلت, ورددت براندي:
" أكاد لا أصدق.... أكاد لا أصدق!".
فسألها جيم بسخريته المعتادة:
" ماذا تقولين؟".
وأبتسمت براندي وهي تجول بعينيها في زرقة الفضاء.
" حسبت أن العاصفة ستستمر".
وأستدارت نحوه فأذا بعينيه تزدادان بريقا ومد أصبعه ينظف أنفها من الغبار , ثم عرج على وجنتها قائلا:
" أن بشرتك تشبه ورق الزجاج الآن".
أجابته بقهقهة هازئة:
" لو ترى شاربيك من الغبار؟".
أبتسم بهدوء ثم نهض على قدميه , ومد يده ليساعدها على النهوض فقبلت مساعدته بدون تردد.
قالت بصوت هازىء وحاد في آن معا:
" هل تدرك أنني لم أشكرك على كل ما فعلته ؟ ليلة البارحة والآن؟ ".
فأقترب منها جيم مجيباً.

Rehana 12-06-14 07:56 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
" سأطالب بمكافأة مقابل أنقاذي لك , أليس كذلك؟".
كانت براندي في حالة من الأرهاق النفسي , وبعد مرور أربع وعشرين ساعة لم تعد تشعر بالأحراج أمام هذا الرجل الغريب , وأذ بها تجد جيم يتقدم منها ويعانقها , فلم تبد أي أعتراض , بل وجدتها فرصة لتجديد مشاعرها والأحتفاظ بكامل وعيها ,ومع ذلك جاء عناقه لها في لحظة لم تقدّر عواقبها البعيدة بالرغم من الشعور الخاطف الذي سرى في شرايينها وكأنه ألسنة من النيران الدافئة , ثم قبلها على رأسها , فرفعت عينيها تتمعن في وجهه الذي أخذ يبتعد عنها خطوات قليلة , وقال لها بكلمات مدروسة:
" كان من الأفضل لو لم أفعل كل هذا".
وأدار جيم ظهره اليها وهو ينحني لألتقاط لبادة السرج مرددا:
" دعينا ننسى كل ما جرى".
فأجابته" لماذا؟".
حمل البساط ومده فوق السرج معلنا:
" لا أريدك أن تكوّني فكرة خاطئة عني فتسيئي فهمي".
لم تجد كلامه مقنعا بل زادها جوابه أرتباكا.
وأحس جيم بما يدور في خاطرها فسارع الى تطمينها:
" أنك لا تزالين في أول العمر وجذابة للغاية".
وكادت تتمزق غيظا وهي تسمعه يخاطبها بهذه اللهجة فردت بقساوة:
" أنك تراني في أول عمري نظرا لتقدم عمرك".
ثم لم تلبث أن ندمت لتفوهها بهذه الكلمات, فأعتذرت منه وهي لا تزال تفكر في طرافة تعليقها على عمره , وسمعته يقول لها:
"أنا أحترمك يا براندي ولا أتمنى لك الا الخير , خاصة بعد أن عرفتك عن كثب".
تنهدت براندي وهي تدرك تفاهة هذا الحوار من أساسه:
"ما الذي تعنيه بالضبط يا جيم ؟".
راح يتمعن فيها لبضع هنيهات قبل أن يجيبها بصبر:
" ثمة أشياء كثيرة لا تعرفينها عني , وأنا أعرفها يا براندي".
كانت أجوبته غامضة مخيبة لآمالها , فأبتعدت عنه وهي تلوح بيدها في الهواء:
" هل أنت متزوج ولديك ثلاثة أطفال صغار , أم ماذا؟".
أعلن بصوت مليء بالسخرية:
" لا , لست متزوجا , هيا بنا يا براندي ما زال علينا قطع مسافة طويلة".
ولدقائق قليلة نسيت براندي محنتها الشخصية , أخذت تفكر في أهلها الذين ينتظرونها بقلق بالغ بينما كانت تجادل سارق الماشية وهو يحاول ضرب ستار من الغموض حول نفسه.
تقدمت لتسير بجانبه فلاحظت أن السرج وبقية الأغراض لا تزال ملقاة على الأرض , فسألته بوجه عابس:
" هل تنوي التخلي عن كل هذه الأشياء؟".
قال بعفوية:
" سوف آخذها في وقت لاحق".
وشرعا بالمسير وهو يتقدمها بضع خطوات مع أنه كان يتمهل قليلا ليمكنها من اللحاق به , وشعرت وهي تجول بنظراتها في أمتداد الصحراء المرقطة بالشجيرات ونباتات الصبار أنها وسط عالم لا حدود له يترامى نحو الأفق البعيد ولا ينتهي هناك ,ووجدت نفسها تقول له:
" كيف ستجد حصانك هنا؟".
أجابها:
" من المحتمل أنه سيتوجه نحو حظيرة الماشية ليشرب بعض الماء ما دامت العاصفة هدأت الآن".

Rehana 12-06-14 07:57 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
حظيرة الماشية....... بدأت براندي تشك في نواياه مجددا , أنه يحتفظ بالماشية المسروقة في تلك الحظيرة حتى يأتي شركاؤه لشحنها من هناك , وربما كانت قرب مكان خيمته , لكنها عندما أمعنت التفكير تذكرت أنها لم تسمع أصوات ماشية عندما صادفته للمرة الأولى , لم تسمع آنذاك سوى حمحمة الحصان.
توقفت عن التفكير في هذه المسألة وراحت تدرس قسمات وجهه , وأنتابها الفضول وهي تحاول سبر معاني أجوبته الغامضة ,لم تصل الى نتيجة , ثم عجبت من رجل يمكنه أن يعمل أي شيء يريد , ويتحول الى سارق ماشية , يا للعار!.
وبتردد طرحت عليه سؤالها:
" جيم؟ هل تحترف سرقة الماشية؟ أعني ألم تفكر في عمل شيء آخر؟".
أجابها بنظرة مطمئنة:
" كنت أتوقع سؤالا كهذا".
قالت محتجة وقد تحاشى سؤالها بجواب غامض مرة أخرى :
" ماذا؟".
وبرقت عيناه وهو يطلق قهقهة خفيفة:
" كنت أتحدث عن غريزة الأنثى في أصلاح الرجل , أن غريزتك ظهرت في نهاية المطاف , هل كنت تنوين ألقاء محاضرة حول فداحة طرقي المعوجة؟".
قالت بأسلوب دفاعي:
" أنه مجرد سؤال فضولي ليس أكثر!".
وأنتظرت أن يبادرها بجواب ولكن دون جدوى , فأستسلمت للأمر الواقع غير مكترثة بسؤاله مرة ثانية.


نهاية الفصل

زهرة منسية 12-06-14 08:13 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
مبروك ريحانتى و مشكورة على تنزيل الرواية الجديدة

جانيت ديلى من الكاتبات الرائعات

يسلم أيدين أميرة روايات عبير القديمة غاليتنا الغائبة فريال

الامل المفقود 12-06-14 08:29 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
مبروك الرواية الجديدة رياحنتي بالنسبة لي انا جانيت ديلي هي الكاتبة رقم واحد عندي بروائعها المميزة وشكرا على الاختيار الموفق والله يعينك علينا وعليها

Rehana 13-06-14 07:32 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3451481)
مبروك ريحانتى و مشكورة على تنزيل الرواية الجديدة

جانيت ديلى من الكاتبات الرائعات

يسلم أيدين أميرة روايات عبير القديمة غاليتنا الغائبة فريال

الله يبارك فيك والعفووووو

بالفعل من كاتبات المميزات

نتمنى انها تكون بخير .. طالت غيبتها عنا

Rehana 13-06-14 07:59 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الامل المفقود (المشاركة 3451493)
مبروك الرواية الجديدة رياحنتي بالنسبة لي انا جانيت ديلي هي الكاتبة رقم واحد عندي بروائعها المميزة وشكرا على الاختيار الموفق والله يعينك علينا وعليها

الله يبارك فيك يا امل
اسعدني ان جانيت ديلي الكاتبة الاولى لديك
العفوووو عزيزتي

Rehana 14-06-14 06:23 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
3- المفاجأة

أجتازا نحو مسافة ميلين فوق درب ملتو وسط الصحراء المكسوة بنباتات الصبار والمريمية , وكانت الشمس تنشر أشعتها الدافئة مبددة كل ما تبقى من برودة الليل .
وهكذا خلع جيم سترته في حين أزاحت براندي حزامها وتركت المعطف يتدلى فوق كتفيها عاقدة وسطه في عرى بنطالها.
توقفت براندي فوق هضبة صغيرة لألتقاط أنفاسها , وكان شعرها الأشقر يتدلى فوق جبينها في حلقات صغيرة مجعدة نتيجة تصبب عرقها ,ومد جيم يده نحوها ليساعدها على تسلق الهضبة , وعندما رآها تتجاهله أصر عليها قائلا :
" يمكنك الأستراحة هنا".

Rehana 14-06-14 06:31 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
هزت كتفيها بحركة لا مبالية وأمسكت بيده متسلقة الى رأس الهضبة.
جلست هناك متكئة على مرفقها في ظل شجيرة مورقة.
وقالت وهي تبتسم مستخفة بنفسها:
" من السهل معرفة أنني أجيد الأمتطاء أكثر من المشي".
فتح قنينة الماء وناولها أياها :
" أن هذه الشمس الساطعة تستنزف طاقة أي أنسان".
كان الماء في القنينة دافئا بعض الشيء غير أن السائل خفف من جفاف حلقها , شربت للمرة الثانية جرعة كبيرة ثم أعادت القنينة الى جيم, وأخذت أذانها تطن طنينا مزعجا فردت السبب الى الحر والأنهاك , لكن الطنين أزداد قوة.
وصاحت بصوت واثق:
" جيم , أظن أنني أسمع هدير هليكوبتر".
وضعت كفها فوق عينيها لتحجب وهج الشمس باحثة في الفضاء عن مصدر الصوت , لمعت أشعة الشمس على كتلة معدنية تحلق على علو منخفض , فوقعت عيناها على الهليكوبتر , وهنا قال لها جيم بدون حاجة الى التفسير:
" أنها تحمل فرقة بحث".
وبأرتياح ظاهر أجابت:
" أعرف هذا!".
وأدركت أنها خلال دقائق معدودة سترجع الى أحضان أهلها المرحة , ولكن ماذا لو شاهدوا جيم؟ كانت براندي تدرك أن أعتقال جيم كسارق للماشية سيكون مؤلما بالنسبة اليها ,خاصة بعد كل الذي أدّاه من خدمات , أنه مجرم , ومع ذلك فهي تكن له أعجابا خفيا , وشعرت أن عليها مساعدته على الهرب بغض النظر عن خطأ هذا الموقف أو صحته , نظرت اليه بقلق وهي تتفحص قسماته الهادئة:
"لم يتبينوا مكاننا حتى الآن , يمكنك الأختباء في كتلة نباتات المسكيت هنا , ولن يعرفوا حتى أنك كنت هنا , جيم لو تختبىء الآن!".
أبتسم أبتسامة مخادعة:
" أنك لن تقومي بتسليمي؟".
قالت وهي تلقي نظرة على الهليكوبتر المقتربة:
" لا أستطيع أن أفعل ذلك , أنهم يقتربون , أسرع يا جيم قبل أن يروك".
ووجدت نفسها تقف الى جانبه , وهو يبتسم تلك الأبتسامة الساخرة , كم كرهت هذه اللحظة التي ستقول فيها وداعا.
منتديات ليلاس
همست بحذر:
" أرجوك أن تكون حريصا".
تردد لحظة وقال بصوت حاد:
" أنا لا أنوي الذهاب يا براندي".
قالت وهي تزداد قلقا:
" ولكن....".
وأخيرا أصبحت الهيلكوبتر على مقربة منها حيث يمكنها أن تتبين بوضوح الطيار والشخص الذي يجلس الى جانبه , ثم رأت الطيار يشير بيده نحوهما , أذن فات الأوان وأفتضح أمر جيم.
قالت وعيناها تترقرقان بالدموع:
" آه يا جيم ! رأوك , رأوك".
وتمتم بكلمات غامضة المعنى:
" أنا آسف يا براندي , أنا آسف كثيرا".
لكنها أصرت ووجهها يزداد أكفهرارا :
" أنا آسفة , أنا آسفة".
أستقرت يده على كتفها ثم قال لها:
" ثمة بقعة ملائمة هناك ستحط فيها الهيلكوبتر لنقلنا".

Rehana 14-06-14 06:32 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وسار معا نحو البقعة وجيم يحاول دفعها أمامه وهي لا تكاد تصدق ما الذي يدور حولها.
سألته بأستنكار:
"ألن تحاول الهرب؟ ما زال أمامك متسع من الوقت".
بقي جيم صامتا , لكنه واظب على دفعها في الأتجاه ذاته , فعادت الى تأنيبه:
" هل تريد أن يلقوا القبض عليك؟ هل هذا ما تريده؟ سيضعونك في السجن".
أقتربا من الهيلكوبتر فأضطرت للصياح وهي تلفظ كلمتها الأخيرة .
ظل جيم صامتا حتى وصلا الى البقعة , وسحب يده عن كتفها فجأة بأسلوب غريب.
وبصوت حاسم وواضح قال:
" أنا لست سارق ماشية يا براندي!".
وبادرت الى الأحتجاج :
" ولكنك قلت...".
فعاجل الى تصحيح كلماتها :
" لا , أنت قلت ذلك".
بدا وكأنه شخص آخر تماما , فحاولت تبين السبب الكامن وراء هذا التغيير الفجائي , ثم هزت رأسها معلنة جهلها المطبق.
أستجمعت قواها مجددا:
" من أنت؟ ما هو أسمك الحقيقي؟".
أثارت طائرة الهيلكوبتر غبارا كثيفا وهي تحط على البقعة فتحول أنتباه براندي نحو هذه الآلة العجيبة حامية عينيها من حبات الرمل المتطايرة , بقي الطيار جالسا في جهاز القيادة في حين ترجل رفيقه وأخذ يعدو حانيا ظهره صوب براندي وجيم , وظهر بادي الأرتياح مغتبطا وهو يصيح مصافحا جيم:
"كم أنا سعيد برؤيتك معافى سليما , شاهد ريمون حصانك يتجه نحو الزريبة قبل هبوب العاصفة بقليل".
وتابع محدقا في براندي:
" لا بد أنك بنت السيد أيمس".
هزت براندي رأسها شبه المخدر علامة الموافقة والريح تتلاعب بأطراف المعطف , وجدت نفسها في دوامة من الحيرة , وراحت تفصل في ذهنها بين الحقائق والخيال , بدا على هذا الشخص أنه يعرف جيم معرفة جيدة , وجيم هو أسمه الحقيقي لا ريب في ذلك, وأدركت براندي أن كل الأهتمام كان منصبا على سلامة جيم وحده , وهو حتما ليس سارق ماشية , بل هو شخص هام ,ولكن من؟ ثم تذكرت ذلك الشعور الغريب الذي غمرها عندما رأته للمرة الأولى وأعتقدت أنه يبدو مألوفا , وبعينين شبه مغلقتين نتيجة الغبار المتصاعد أخذت تتمعن في وجهه , كانت قسماته غير واضحة بسبب لحيته وأطار القبعة العريض فلم تصل الى نتيجة حاسمة , وفجأة سمعته يقول:
" هل أنت جاهزة؟".
ولاحظت أن جيم يكرر كلمات الرجل الآخر فحدقت فيه بدون جواب محاولة كشف هويته ولكنه لم يمهلها:
" آنسة أيمس هل أنت جاهزة للرحيل؟".
آنسة أيمس !, هزها هذا التعبير قاطعا عليها سلسلة أفكارها , خرجت كلمة آنسة بأسلوب مفعم بالأحترام والتهذيب لا أثر فيه للسخرية مما ضاعف من دهشتها , ترى لماذا لا يناديها براندي الآن؟ وأخيرا أومأت برأسها معلنة موافقتها.
أمسك الرجل الآخر بذراعها وقادها الى طائرة الهيلكوبتر حيث أجلسها في المقعد الخلفي مشيرا عليها بأستعمال حزام الأمان , وأشاحت براندي بنظرها عندما تسلق جيم الى مقعده المحاذي لمقعدها وهي تشعر أنه خدعها الى درجة لا تطاق, ثم رأت الرجل الآخر يصعد الى جانب الطيار فنفذت تعليماته بصدد حزام الأمان , وصاح الرجل بأعلى صوته مخاطبا الطيار وضجيج المحرك يصم الأذان.

Rehana 14-06-14 06:33 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
" هل أتصلت لاسلكيا بآمر الشرطة لأبلاغه أننا وجدنا بنت أيمس مع كوربت؟".
هز الطيار رأسه بالأيجاب , وبدأت الهيلكوبتر تحلق رويدا في الفضاء.
كوربت! وقع عليها الأسم وقع الصاعقة , ولمعت في ذهنها صورة رجل أسود الشعر والعينين بارز الوجنتين والفك , ذي ذقن صلب مثلوم بأتقان وصاحب أبتسامة ساخرة تحوم على شفتيه بأستمرار , ولم تجد صعوبة في رسم بقية الصورة خاصة بريق العينين الجامح أو الهازىء...... أو الهادىء الى حد الجمود القاتل , أن لحيته هي التي ساهمت في حجب هويته عنها , وكيف كان بمقدورها كشف هويته في تلك الظروف وسط الصحراء؟ وهل يخطر في بال أحد أن ذلك الرجل الأشعث المشرد كراعي بقر في هذه الربوع القاحلة ليس ألا جيمس كوربت الممثل الشهير؟
سرت الصدمة في شرايينها وهي تقنع نفسها بهوية جيم , لا بد أنه سخر منها كثيرا! ولا شك أنه أغمي عليه من الضحك عندما ظنت أنه سارق ماشية , وتستطيع أن تتصور منذ الآن مدى أغتباطه وهو يروي القصة لزملائه الممثلين , كم كانت فائقة الغباء! وأشتعلت وجنتاها خجلا وهي تشعر بأحراج شديد , عضّت بأسنانها على شفتها السفلى محاولة حبس آهة الكبرياء الجريح , وحدقت في الرجل الجالس بجوارها وعيناها تشتعلان غيظا , نظر اليها نظرة باردة وراح كل منهما يتلهى بمنظر نباتات الصحراء في الأسفل.
بعد قليل مدت براندي رأسها الى الأمام محدقة في الطيار , لا ريب أن جيم أدرك الآن أنها عرفت هويته الحقيقية , وأنتهت لعبته المسلية فلم يعد في حاجة اليها , شعرت في أعماقها أنها لا تزال تفكر به كجيم مما دفعها الى التصميم على أنهاء هذه المهزلة والشروع بأعتباره جيمس كوربت ........ الممثل الذائع الصيت.
منتديات ليلاس
ثبت الطيار سماعتي الأذن بأحكام ثم أومأ الى زميله ليلتقط السماعتين المعلقتين على لوحة جهاز القيادة ,تمتم زميل الطيار بعض الكلمات في الميكروفون ثم أصغى هنيهة , وأستدار أخيرا نحو جيم وصاح:
" يوجد مراسلون صحفيون في بيت أيمس , علموا أن فريق بحث يفتش عنك أنت أيضا , هل تريد أن نهبط في منطقة سوارو عوض ذلك؟".
ولاحظت براندي مدى أنوعاج جيم وأستيائه , أنها لا تريد سوى العودة الى المنزل ووضع حد لهذا الكابوس الرهيب , وها هي الآن تجد نفسها في مأزق جديد دبره لها مراسلوا الصحف , وهنا أعلن جيم:
" سنذهب الى منزل أيمس".
هز زميل الطيار كتفيه كأنه يقول أن جيم هو الآمر الناهي , ونقل التعليمات الى الطيار ,وما هي ألا دقائق حتى لمحت براندي منزلها الجميل ,كانت الطريق تعج بالسيارات والشاحنات وقاطرات الخيل تمتد حول الأسطبل , وأخذت جموع الناس تتحرك صوب الهليكوبتر التي بدأت بالهبوط فوق طريق الحصى الممتدة أمام منزلها , وأستطاعت براندي تبين ملامح والديها القلقة وسط جمهرة الناس وقبل أن يحجب رؤيتها الغبار المتصاعد من دوران مراوح الهليكوبتر ,وبعد أن أستقرت تماما أومأ جيم للطيار بأيقاف المحرك ,فكت براندي حزام الأمان وشرعت بالترجل بلهفة وأرتباك , كان جيم ينتظرها في الخارج غير أنها تجاهلت يده التي أمتدت لمساعدتها وقفزت الى الأرض وحدها , وفوجئت بصدره العريض يسد طريقها نحو الجمهور فلم يسعها الا التحديق في وجهه, أنها الآن أشد حذرا منه وأكثر أستياء من أي وقت مضى , وخرجت الكلمات من فمها باردة واثقة وهي ترفض سماع تبريراته:
" هلا سمحت لي بالمرور يا سيد كوربت؟ أن أهلي في أنتظاري".

Rehana 14-06-14 06:33 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
ثم تقدمت مسرعة للقاء وجهي والديها بفيضان أرتياحا وغبطة , وأرتسمت على ثغرها أبتسامة مصطنعة متوترة وهي تحاول قراءة ما يدور في بال والديها حول عودة أبنتهما برفقة ممثل شهير.
بدت والدتها لينورا هادئة فرحة وفائقة الجمال في ثوبها الجديد وشعرها الأشقر الذي تتخلله ألوان رمادية مما يمنحها مظهرا يدل على ثقافتها , وهكذا أندفعت براندي دون وعي نحو ذراعي والدتها , حضنت لينورا أيمس وجه أبنتها بين راحتيها وهي تشعر بطمأنينة عميقة , لكنها سرعان ما قالت:
" لقد أدخلت الرعب في قوبنا يا عزيزتي , أن منظرك يثير الشفقة".
وأدركت براندي أن منظرها يثير الشفقة حتما وهي ترتدي ذلك المعطف المكسو بالغبار , وتنتشر حبيبات الرمل في شعرها وثيابها وفوق بشرتها , فقالت موافقة قبل أن تواجه والدها ذا القامة الضخمة:
" أنني في حالة يرثى لها".
وما كادت تتقدم خطوة حتى كان والدها يضمها بحنان أبوي حميم , كان وجهه الذي لوحته الشمس يضفي عليه نضارة الشباب مع أن شعره الداكن الأجعد يخالطه الشيب .
وهمس ستيوارت أيمس في أذن أبنته الوحيدة:
" هل أنت في خير؟".
وما كان من براندي الا أن أزدادت ألتصاقا به قائلة:
" أنا بخير يا والدي"
ثم فتحت عينيها لترى المراسلين يتحلقون حول جيمس كوربت والكاميرات تلتقط الصور , ولم يفتها أن لقاءها مجددا مع والديها حظي أيضا بأهتمام عدد هائل من المصورين .
وما كاد والدها ينتهي من عناقه لها حتى وجدت نفسها محاطة بثلاثة من المراسلين يوجهون اليها السؤال تلو الآخر:
" كيف تشعرين يا آنسة أيمس؟".
وهزت برأسها:
" أنني في حالة ممتازة ".
" هل تشعرين بالأرتياح بعد العودة الى منزلك؟".
" طبعا".
" ما هو شعورك حول قضاء الليل في الصحراء؟".
جاءت الأسئلة كوابل لا ينقطع حتى وجدت براندي نفسها تفقد التركيز على سؤال قبل أن يواجهها آخر , ولم تلحظ أقتراب جيم منها وهي في هذه الحالة المربكة , ظهر فجأة يقدم نفسه بتهذيب بالغ الى والديها , وأتت ردة فعل أهلها لتبعث الفخر في نفسها , عاملاه بأحترام بدون أن تكتنفهما الرهبة , وعلق والدها:
" سمعنا أنك كنت ضحية العاصفة الرملية".
وقاطع أحد المراسلين :
" آنسة ايمس ماذا فعلت عندما هبت العاصفة الرملية؟".
سادت لحظة من الصمت مما أتاح لبراندي الأجابة , فقالت بعد أن كادت تلفظ أسمه الأول:
" في الواقع جي....... السيد كوربت أحس بأقتراب العاصفة فتمكنا من الأحتماء ببعض الصخور الى أن هدأت".
وأستفسر مراسل ثان:
" هل تعنين أنك والسيد كوربت كنتما معا عندما هبت العاصفة؟".
وتلعثمت براندي مدركة بعد فوات الأوان أن لا أحد يعلم عن وجودها مع جيم قبل عملية الأنقاذ , وأذا بعينيها تطلبان الأستغاثة العاجلة من جيم , أنه وحده قادر على أخراجها من هذا المأزق الآن .

Rehana 14-06-14 06:34 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وأعلن جيم بهدوء للمراسلين الذين أزدادوا فضولا:
" ألتقيت بالآنسة أيمس ليلة البارحة , كانت ضلت سبيلها في الظلام فلمحت ضوء النيران التي أوقدتها قرب خيمتي وعرجت طالبة المساعدة".
جعل كلامه كل شيء مسألة طبيعية عادية جدا لا تحتاج الى تعليق أو أستفسار , لكنه لم يلبث أن تلقى السؤال التالي:
" ثم قضيتما الليل سوية في الصحراء , أليس كذلك؟".
أبتسم جيمس كوربت هادىء الأعصاب:
" أعتقد أنه يمكنك قول ذلك , نعم".
وجاء دور براندي:
"وما هو سبب هذه الخدوش على ذراعك آنسة أيمس؟".
كانت براندي غافلة كليا عن الخدوش فكادت أن تصاب بالدهشة لرؤيتها مرة أخرى , تمنت لو فطنت الى تغطيتها بأطراف المعطف.
وأخيرا أجابت:
" تعثرت فوق أشواك نباتات المريمية والمسكيت".
وقهقه أحد المراسلين بخبث:
" هل كنت تركضين خوفا من شيء ما؟".
منتديات ليلاس
أستشاطت براندي غيظا وهي تتذكر هربها الجنوني الى الصحراء عندما رأت السكين في يد جيم.
وهنا تدخل جيم:
" هل تريد بسؤالك الأيحاء أنني كنت أطارد الآنسة أيمس حول نيران الخيمة؟ أنها أستخدمت تعبيرا مجازيا عندما قالت أنها تعثرت فوق الأشواك".
ووافقت بسرعة :
" هذا صحيح".
أرتفع صوت مراسل آخر يسأل:
" لماذا لا تعطينا صورة لمعنى الضياع في الصحراء مع جيمس كوربت؟".
أنتظرت متوقعة من جيم كشف عدم معرفتها لهويته الحقيقية آنذاك, لكنه لم ينبس ببنت شفة تاركا لها أن تتجنب السؤال قدر الأمكان , قالت بتردد:
" بصراحة ما كدت أرى النار حتى شعرت بعرفان الجميل لوجود أنسان هناك بغض النظر عن هويته".
ألح عليها المراسل:
" ولكن بعد ذلك؟".
تلعثمت براندي ثانية:
" بعد ذلك.".
فأكمل جيم الجملة:
"تناولت قليلا من لحم الأرنب الذي طهيته , عقمت جروحها وما لبثت أن أستسلمت للنوم قرب النار , أنها قصة لا تصلح لسيناريو فيلم سينمائي كما تلاحظون".
" لا ليس وفق روايته لها".
فكرت براندي.
بينما أخذ الآخرون يقهقهون بأفتعال , أنه تعمد حذف الأجزاء المسيئة مثل أعتبارها أياه سارق ما شية , وأن الخدوش لا تقتصر على ذراعيها , وحمدت الله أنه لم يشر الى كل ذلك أذ كيف كانت ستتحمل كل الأقاويل والأشاعات بعد نشر هذه المسائل في الصحف.
ولم تتوقف الأسئلة:
" أن السيد كوربت ذائع الصيت في علاقاته النسائية , ألم يساورك القلق وأنت معه وحيدة طوال الليل يا آنسة أيمس؟".
وأجابت براندي بدون تردد:
" لم يكن هذا واردا بالنسبة ألي , لم يشغلني صيته أبدا ".
كان الجواب صادقا لأنها لم تكن تعرف من هو , وهي حتى هذه اللحظة لا تعرف عن شخصه شيئا , ولكن ليس غريبا أن يحظى بأهتمام النساء وهو واضح الرجولة وذو شهرة واسعة, أحست بالأنقباض وهي تفكر في هذه الأمور , خاصة وأنه عانقها ولم تعترض أعتراضا شديدا.

Rehana 14-06-14 06:36 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
لا شك أنها تصرفت بسذاجة صاعقة وسمحت له أن يعاملها كطفلة صغيرة , وقطع شريط أفكارها أحد المراسلين:
" كانت مغامرة طريفة أن تضلي سبيلك ثم ينقذك جيمس كوربت , أليس كذلك؟".
أنهالت الكلمات فظة مخزية , ونظرت الى جيم محاولة تصحيح عبارة المراسل فأصطدمت به يرمقها ببريق عينيه السوداوين وكأنه يسخر منها مجددا , وقالت مدركة أنها تدلي برأي غير صادق:
" نعم , كانت مغامرة طريفة".
وقبل أن يطرح مراسل آخر سؤالا أكثر أحراجا أندفع زميل الطيار نحو المراسلين وهو يخاطبهم بحزم:
" أعتقد أنكم طرحتم ما يكفي من الأسئلة , أنا واثق أن الآنسة أيمس منهكة وجائعة وعطشى , وفي حاجة الى ساعات قليلة من الراحة في هدوء منزلها بعد كل الذي عانته , وأعرف أن السيد كوربت يريد الأسترخاء قبل أن نبدأ تصوير الفيلم غدا صباحا , حصلتم على كل المعلومات فلينصرف كل منا الى عمله".
أنصرف المراسلون بعد أن أبدوا تذمرا لطيفا , وأدركت براندي أنه لا يمكنها دخول منزلها قبل أن تودع جيم بطريقة أو بأخرى , أستمدت بعض الشجاعة من والديها اللذين وقفا الى جانبها طوال أستجوابها من قبل المراسلين , رفعت نظرها نحو جيم بأعصاب مشدودة :
" وداعا يا سيد كوربت , أنني أقدر عونك ومساعدتك".
عض على شفتيه كأنه يبدي غيظه , وأعتقدت أنها لم تستعمل العبارات التي تليق به وتظهر مدى أعجابها بشخصه , وما لبث أن مد يده بتحد ليصافحها فكادت أن تصفعها , وتمتم :
"سعدت كثيرا بالتعرف عليك آنسة أيمس".
لم تصافحه بحرارة وهو يحاول أن يشد يدها لتتجاوب معه , أبتسمت براندي بفتور وهي تعلق متبرمة:
" أنا متأكدة أنك وجدت المسألة كلها مسلية".
ضغط بقبضته عندما حاولت سحب يدها عاقدا حاجبيه وكأنه لا يفهم موقفها البارد هذا , حوّل نظره في أتجاه المراسلين المتجمعين حول السيارات وقال:
" ستجدين نفسك مضطرة لشرح هذه الملاحظة لأولئك المراسلين".
أطلق تهديده بصوت منخفض لم يسمعه أحد سواها ,وسحب يده منحنيا بأحترام لوالديها , ثم توجه نحو الهيلكوبتر .
ظلت براندي تراقبه لبضع ثوان وهو يخطوا بعيدا عنها , ربتت والدتها على كتفها تدعوها صوب المنزل ,وهنا قال والدها:
" أدخلا , فأنا سأبقى هنا بعض الوقت , أريد أن أقدم شكري وأمتناني لكل من قدم مساعدته لنا".
وما أن أصبحت براندي داخل المنزل حتى أحست بالأرهاق الشديد , كانت قدماها تؤلمانها من جراء تلك الرحلة الطويلة عبر الصحراء وعظامها تئن وجعا من رقادها فوق الأرض الصلبة .
قالت أمها وعيناها تشعان أرتياحا لعودتها سالمة:
" لا بد أنك جائعة , سأعد لك بعض الحساء والسندويشات ".
وتابعت ضاحكة:
" من الأفضل أن أعد طعاما لنا جميعا , فأنا ووالدك لم نتناول حتى وجبة الأفطار, كنت قد سكبت عصير البرتقال عندما أكتشفت أنك لست في غرفتك".
أكدت والدتها كل ظنونها , كادت أن تتمنى لو أكتشفوا كل ذلك ليلة أمس أذ ربما كانوا عثروا عليها قبل بلوغها خيمة جيم.

Rehana 14-06-14 06:37 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
ثم أجابت:
"لم أكن أحسب أنكم ستفتقدونني قبل الصباح في أي حال".
كانت تدرك أن والديها سيطالبان بتفسير أكثر وضوحا وتفصيلا حول حقيقة ما جرى مما أعلنته للمراسلين بحذر وأتقان , وهي لا تشعر أنها قادرة على ذلك الآن , فقالت مغيرة الموضوع في الوقت المناسب:
" كل ما أتمناه الآن هو أستحمام حار وطويل , لماذا لا تشرعين بأعداد الطعام وسألتحق بك فور خروجي من الحمام".
دخلت براندي بعد مرور ساعة من الوقت الى المطبخ الفسيح ذي اللون المرجاني الأبيض فسال لعابها وهي تتنشق رائحة الحساء الحار , كان شعرها يتدلى خصلات مجعدة تتساقط منه قطرات الماء فوق قميصها الأزرق النظيف , أستنشقت الحساء بلهفة وهي تشعر بأستعادة حيويتها ..... مطلقة أبتسامة عريضة لوالديها.
قال والدها ممازحا وهو يقدم لها كرسيا للجلوس:
" عجبا كيف كنت قبل الأستحمام تبدين كجرذ الصحراء ".
أجابته :
" غرقت في دورة المياه".
وأستعادوا شهيتهم جميعا مع مرور هذه التجربة , ولم تبرز حاسة الفضول عند أهلها ألا بعد أن أنتهوا من الطعام.
وجدت براندي نفسها مضطرة لسرد كل ما جرى.
وعلق ستيوارت مقهقها وأبنته تحاول تبرير فشلها في التعرف على جيمس كوربت.
" سارق ماشية , لا بد أنك طعنت كبرياءه في الصميم".
فردت براندي:
" لا تخف , فقد كال لي الصاع صاعين , لن أغفر له محاولته الأيحاء الي أنه سارق ماشية فعلا ,كان عليه أن يخبرني من هو بالضبط , عندما أفكر كيف كان يسخر مني كل ذلك الوقت.".
ولم تكمل بل أعلنت:
" هذا هو الخزي بعينه".
قالت والدتها مهدئة من روعها:
" لا يمكنك أنكار الجانب الطريف من هذه الحادثة , ربما شعر بالأحراج أو عدم اللياقة لأبلاغك من هو".
وكادت براندي أن تفقد أعصابها وهي تجيب:
" لاشيء يحرج هذا الرجل , من الأفضل التحدث عن شيء آخر , لاأريد ذكر جيمس كوربت بعد الآن".
كانت كلماتها الأخيرة كشبح سيطاردهاطويلا مثلما أدركت في صباح اليوم التالي عندما وصلت الى حانوت الحرف والفنون الذي تعمل فيه , ما كادت تخطو داخل الباب الخلفي حتى بادرتها صديقتها بجريدة الصباح , وسألتها كارن بصوت يطفح حبورا:
" براندي هل هذا صحيح؟ هل عثر عليك جيمس كوربت حقا هائمة في الصحراء , ضائعة ومرتعدة الفرائص؟ جيمس كوربت , الممثل السينمائي".

Rehana 14-06-14 06:41 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
واصلت براندي تقدمها لتعلق سترتها في الغرفة الخلفية , مقاومة تيارات الأحباط التي غمرتها , ثم ردت على كارن بصوت واثق:
" في الواقع . أنا التي وجدته , هل القهوة جاهزة؟".
وكانت العادة أن الذي يصل الى الحانو ت أولا يغلي أبريق القهوة وذلك لأرتشافها قبل فتح الأبواب , لم تعبأ كارن بسؤال براندي بل أصرت على حديثها الأصلي:
" عليك أخباري كل ما جرى".
كانت براندي تتمزق غيظا وهي تملأ كوبها بالقهوة الحارة , وقررت أن تضع حدا لفضول صديقتها:
" القصة بأكملها بالصحف , يمكنك أن تقرأيها بنفسك".
لمعت عينا كارن العسليتان ببريق غريب :
" أراهنك أن القصة كلها ليست في الصحف".
وتابعت متملقة:
" يمكنك أن تخبريني كل شيء , سأحفظ السر , أعدك".
ولم تجد براندي مخرجا ألا بأعطاء كارن بعض التفاصيل وبأختصار شديد:
" كنت أتنزه على حصاني في الصحراء , وفجأة أنطلق هاربا , شرعت بالمشي نحو البيت فضعت في الظلام , ثم عثرت على خيمته , صرفت الليل هناك , بدأت العودة الى المنزل صباحا , هبّت عاصفة رملية , وقامت الهليكوبتر بأنقاذنا بعد ذلك , هذا كل شيء!".
أعترضت كارن على هذه المعلومات الضئيلة فطالبت بالمزيد:
" ولكن ماذا فكرت عندما أدركت أنه كان جيمس كوربت؟".
أبتسمت براندي بمرارة وهي تتذكر تلك اللحظة :
" أعترتني الصدمة".
وتابعت ترتشف قهوتها متسائلة عن صاحبة الحانوت:
" أين السيدة فيليبس؟".
فجاء الجواب الغاضب المؤنب:
" ذهبت الى المصرف , وتوقفي عن تغيير الموضوع , أخبريني بماذا فكرت؟ هل حدثك عن الفيلم الذي يلعب فيه دور البطولة ؟ الفيلم الذي يصورونه في توسون القديمة؟".
أجابت براندي بالنفي وهي تداعب أطراف فستانها المزركش بألوان زاهية.
فسألتها كارن بعد أن أنتظرت جوابها بدون جدوى:
" ما هي الأمور التي تحدثتما عنها؟".
قطبت براندي حاجبيها قائلة:
" لا شيء محدد!".
منتديات ليلاس
غرقت براندي في التفكير وعلقت بحذاقة:
"أنك تخفين عني شيئا , كنت معه وحيدة في الصحراء تجلسان حول النار والسماء تتلألأ بالنجوم , فلا بد أنه حاول أن يفعل شيئا, أليس كذلك؟".
أنكرت براندي كلامها بعنف:
" هذه سخافة!".
لكن كارن رأت وجنتي صديقتها تتوردان خجلا , فشهقت قائلة:
" حاول أن يعانقك , آه يا براندي , جيمس كوربت عانقك!".
لم تقص براندي هذا الحادث لأهلها , أذ أنها كانت تحاول أن تنساه أكثر من أي شيء آخر , عادت تعلن أستنكارها:
"لا , ليس كما تظنين , لم يحدث شيء , أن ما جرى كان يتسم بالبراءة التامة , حتى أنني لم أكن أعرف من..............".
ولم تكمل جملتها:
" هذا كل شيء ".
حدقت كارن مذهولة , وسألتها مستفسرة:
" لم تعرفي ماذا ؟ لم تعرفي هويته؟".
وتابعت بصوت غير مصدق:
" أهذا ما تقصدينه؟".
وضعت براندي فنجان قهوتها على الطاولة الصغيرة بحركة عصبية متبرمة , وقالت مؤكدة بأمتعاض:
" نعم هذا ما قصدته".
أستمرت كارن تكاد لا تصدق أذنيها:
" لم تعرفي جيمس كوربت؟ لست جادة بالطبع!".
وأنزلق الجريدة من يديها الى حضنها وأنفتحت على الصفحة التي طبعت عليها قصة أنقاذ براندي وجيمس كوربت , فأشارت براندي الى الصورة التي ألتقطها المراسلون عند أجراء المقابلة:
" أنظري الى صورته , من يمكنه التعرف عليه في تلك اللحية ؟ علاوة عل ذلك أن آخر ما تتوقعين الأجتماع به في عرض الصحراء هو نجم سينمائي لامع!".

Rehana 14-06-14 06:42 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
وطرحت كارن سؤالا آخر:
" ما الذي كان يفعله هناك؟".
هزت براندي كتفيها بتوتر:
" لست أدري ,سمعته يقول للمراسلين أنه كان يبحث عن بعض الهدوء والسكون".
عقدت كارن ذراعيها قائلة:
" كيف شعرت عندما عانقك جيمس كوربت يا براندي؟".
أحست براندي بوخز مؤلم يمزق شغاف قلبها , أنها رغم كل شيء لا زالت تحمل ذكريات طيبة عن تلك الحادثة , وترددت في الأفصاح عن مشاعرها الحقيقية حتى لأعز صديقاتها , أن لكل فتاة كبرياءها , وهكذا تدفقت الكلمات من فمها:
" بما أنني لم أكن أعرف أنه جيمس كوربت عندما عانقني , فلم أهتم بالأمر كثيرا , طبعا لو أدركت ذلك لكنت تفقدت مدى سرعة خفقان قلبي أو مدى أرتفاع حرارتي!".
فوجئت كارن بلهجة صديقتها الهازئة , وهي التي تتميز بطبيعة هادئة عذبة , فتراجعت معترضة بنعومة:
" أنك تعاملينني بقساوة لا مبرر لها".
وللتو أعتذرت براندي مطلقة آهة عميقة:
" لم أقصد أيذاء مشاعرك , أنني أحاول نسيان الحادثة كلها , خاصة أنه لا بد أن يكون قد سخر من جهلي المطبق عندما لم أعرف هويته".
وألقت نظرة على ساعتها متابعة:
" الساعة تقارب التاسعة , هل تركت السيدة فيليبس مفتاح الباب الأمامي على مكتبها؟".
هزت كارن رأسها بالأيجاب , متعقبة براندي الى مكتب صاحبة الحانوت :
" هل تبغين رؤيته ثانية؟".
جمدت براندي في مكانها مكفهرة الوجه:
"هل أبغي رؤيته ثانية؟ ماذا تعنين؟".
فأوضحت كارن :
" هل دعاك للخروج معه؟".
وقهقهت براندي بأسلوب غير مقنع:
" كلا , طبعا , أنك تتأثرين بقصص الأفلام السينمائية كثيرا يا كارن".
غير أن كارن أصرت على رأيها :
" لا تستخفي بالأفلام يا عزيزتي , أن الحياة تحفل بأشياء أشد غرابة مما تشاهدينه على الشاشة!".
أجابتها براندي جازمة:
" أنه لم يطلب مني الخروج معه ومن المستبعد قيامه بذلك ,حتى ولو فعل فلن أقبل دعوته".
كررت كارن عبارتها وهي لا تكاد تصدق أذنيها:
" لن تقبلي دعوته؟".
فحاولت براندي شرح الموقف :
" سخر مني كثيرا حتى الآن , وهو نتيجة لخبرته وسمعته لا يعتبرني أكثر من فتاة ريفية , أنه يفضل حتما السيدات المتأنقات....".
وقاطعتها كارن:
" ربما أراد تغيير عادته؟".
فأطرقت براندي تحاول أقناع نفسها بما ستقوله:
"ليبحث عن سواي , لا أرغب في رؤيته مرة أخرى!".

Rehana 14-06-14 06:44 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
4- زيارة ودعوة


توهجت أشعة الشمس على ضفائر براندي الشقراء وهي تقف أمام شباكها تستنشق عبير العطر , كانت باقة الورود في أنتظارها عندما عادت الى المنزل من عملها ذلك اليوم.
وكادت للوهلة الأولى أن ترمي بالباقة في سلة المهملات وقبل أن تقرأ البطاقة الجميلة التي تدلت منها ,كانت ردة فعل صبيانية , غير أن براندي سئمت مطاردة الأصدقاء والغرباء يطالبونها بالخفايا الداخلية حول قضائها الليل في الصحراء مع جيمس كوربت.
كفت في نهاية المطاف عن الأعتراض عندما أعلنوا , وبصوت واحد أنها كانت مغامرة شيقة , وتركتهم يطلقون العنان لخيالهم الجامح , أذ ذهبت كل جهودها لحملهم على تغيير آرائهم أدراج الرياح.
قررت الأحتفاظ بهذه الأزهار الجميلة , لا لسبب ألا لأنها شعرت بأحباط تام وعجز عن مواجهة وضعها الحالي وكل ما يخبئه لها المستقبل.
لم تعلن البطاقة أكثر من الأعتذار عن أي أزعاج تعرضت له, وموقعة ببساطة ..... جيم , رفضت الأعتراف أن قرارها للأحتفاظ بالورود يعود في جانب منه الى التوقيع الذي قرأته , أدركت في لا وعيها أنها تقبل أستلام باقة من جيم سارق الماشية , وليس من جيمس كوربت النجم السينمائي الجذاب.
خطت براندي خطوة الى الوراء قاضمة شفتها السفلى , وهي تلقي نظرة شاملة على أسلوب ترتيب الغرفة , وهزت رأسها معلنة رضاها عن النتيجة, أختارت أناء الزهور الزجاجي الذي توارثته عائلة والدتها لأجيال , أذ بدت زخارفه الصفراء شبه الشفافة المزينة ببراعم قرنفلية أطارا للورود الحمراء ذات الوميض الياقوتي.
حملت الأناء بأتقان الى غرفة الجلوس المجاورة , وترددت قليلا قبل أن تختار مكانا ملائما لعرضه , الى أن وقع أختيارها على زاوية قرب الحائط الأبيض خلف صندوق آلة الستريو , كانت لا تزال تضع الأناء عندما أنفتح الباب الأمامي , ثم سمعت خطوات والدتها الخفيفة تتقدم صوبها , وما أن دخلت حتى صاحت بأبتهاج:
" ما أجمل هذه الورود! من أين حصلت عليها؟".
أجابت براندي متعمدة اللامبالاة:
" من السيد كوربت".
قالت والدتها مبدية أعجابها:
" أنه صاحب ذوق رفيع".
ولم تمهلها براندي:
" لا أعتقد ذلك , أنه لا يحاول أكثر من الحفاظ على سمعته".
تفرست لينورا في ملامح أبنتها معلنة:
" أنها ملاحظة غير لائقة".

Rehana 14-06-14 06:46 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
أجابتها براندي ببرودة:
"لا, ليس صحيحا , أن أرسال الورود مجرد بادرة مهذبة , أنا متأكدة أن السيد كوربت أوصى سكرتيرته أو مدير أعماله ليرسل الي بعض الزهور , أنها زهور جميلة وأقدرها كثيرا , ولكنني لن أسمح لخيالي أن ينسج قصة خيالية من كل ذلك".
قالت لينورا بجفاف:
" لم يخطر في بالي ذلك أطلاقا".
أبتعدت براندي عن أناء الزهور وعيني والدتها الفضوليتين , وتوجهت صوب المطبخ قائلة:
" سأبدأ بأعداد العشاء , أين والدي؟".
وأبلغتها والدتها أنه في مرآب السيارة , ثم غيرت مجرى الحديث وهي تسألها:
" براندي ما الذي جرى اليوم؟".
أستدارت براندي قليلا متوقفة عند مدخل المطبخ:
" لم يحدث أي شيء , ذهبت الى العمل وهذا كل ما في الأمر".
فأوضحت أمها:
" أمطرنا المراسلون بالأسئلة حول الحادث في نهاية الأسبوع , ولا بد أنك تعرضت للشيء نفسه , أعرف أنك تعانين من بعض المرارة حول هذه التجربة وأعتقدت......".
وقاطعتها براندي موافقة:
" نعم أنني أشعر بالمرارة , لا أحد يحب أن يكون هدفا للسخرية وتدركين أنه وجد المسألة مدعاة للسخرية عندما لم أعرف من هو , وها هم الآن يثيرون اللغط حول هذه المسألة ويصفونها بالرومنطيقية وبقية النعوت العاطفية , أنني أجد الأمر كله مذلا للغاية".
منتديات ليلاس
وتابعت والكبرياء ترسم على وجهها:
" والآن أذا سمحت سأذهب وأعد العشاء".
لم تعترض أمها , كما لم تحاول أحياء الحديث عن جيمس كوربت من جديد ,وعندما دخل والدها أكتفى بالتعليق على جمال الورود , وبدون أي سؤال عن صاحب الهدية , قدّرت براندي أن والدتها قد أخبرته كل شيء.
تعمدت براندي في اليوم التالي تجنب ذكر باقة الورود أمام كارن أذ أنها تعرف تماما خيالها الخصب والقصص التي يمكن أن تنسجها , والمعاني الكامنة وراء هذه الهدية التي تستطيع أستخلاصها وسبرها , خاصة أذا كان المرسل جيمس كوربت.
وما أن أطل يوم الخميس حتى كان اللغط الذي أثارته مغامرتها في الصحراء قد تقلص الى عدد من التعليقات والهمسات المنعزلة هنا وهناك , بدأ الهدوء يعود الى أعصابها المتعبة ,لم تعد تحتاج الى الأحتياط والحذر كلما دخل الى الحانوت صديق أو أحد معارفها , وهكذا أقنعت نفسها أن القضية كلها سيطويها النسيان مع مرور الزمن , وفي مساء ذلك اليوم أحست براندي أن حياتها أخذت تعود الى حالتها الطبيعية , في حين كان والداها منهمكين في أعداد دروس اليوم التالي , أطلقت تنهيدة عميقة , وسندت ظهرها بالوسادات الوثيرة المتناثرة فوق مقعد فخم , وراحت تداعبها الأحلام الوردية.
كانت حرارة الشمس تزداد أنخفاضا وهي تغطس وراء التلال الغربية ذات القمم السحرية , وها هي تتمتع بألوان الشمس الغاربة بكل ما توقظه من مشاعر مؤثرة , ظلت جالسة هناك وهي تحلق على أجنحة الخيال وهذا المنظر الأخاذ الذي يسلب الألباب , وفجأة سمعت صوتا يهتف من ورائها:
" لا أفهم لماذا خرجت الى الصحراء وأمامك هنا هذا المنظر الرائع؟".
أستدارت نحو مصدر الصوت وهي لا تكاد تصدق عينيها , ها هو جيمس كوربت يقف أمامها.
ليس عليها هذه المرة أن تخطىء هويته , كل ما بقي من جيم القديم كان ذلك البريق في عينيه السوداوين وأشاعته التوجس من خطر داهم, أختفت اللحية كاشفة الوجنة المقعرة والفك العريض والثلم الصغير في ذقنه , وتلك الأبتسامة الساخرة المرتسمة فوق فمه , كان حاسر الرأس , أنيق المظهر , يرتدي قميصا حريريا تتخلله ألوان زرقاء وصفراء وخضراء خفيفة , مطوي الأكمام تظهر مقدمة ذراعيه اللتين لوحتهما أشعة الشمس , كان مظهرا جذابا للغاية لا يمكن لأحد أن يخطئه.

Rehana 14-06-14 06:47 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
مع تضاؤل وقع الصدمة وهي تراه على هذا النحو , أستطاعت براندي أن تتمتم بعض الكلمات:
" كيف ...... كيف أتيت الى هنا؟".
علا التجهم وجهه عندما لم تبادره بأي ترحيب , وهمس:
" أمك فتحت لي الباب وأعلمتني أنك هنا تشاهدين غروب الشمس".
أخذ قلبها يزداد خفقانا فأشاحت بنظرها عنه , أكتفت بكلمة نعم , ثم أستطردت:
" أستلمت باقة الأزهار , شكرا".
وقال وكأنه يتحداها:
" هذا واجبي , هل يمكنني الجلوس؟".
أشارت عليه بالجلوس على أحد كراسي الشرفة ,وبكل برودة أعصاب أختار الكرسي المحاذي لها , وفي مواجهتها تماما ,وما أن جلس حتى أنتصبت واقفة وخطت نحو عمود خشبي , نظرت اليه نظرة غاضبة ووهج الشمس يتراقص بين ضفائرها الشقراء:
"أنك لا تقوم بزيارة أجتماعية الآن! لماذا أتيت الى هنا يا سيد كوربت؟".
قرأ وجهها الصارم للحظات قليلة قبل أن يجيبها:
" لماذا تظنين أن زيارتي ليست مجاملة أجتماعية؟".
قالت وهي تصارع أنفعالاتها:
"أن كنت أتيت لتعرف ما أذا تغلبت عن محنتي وأصبحت بخير , فالجواب هو نعم".
أجابها جيم بأحترام:
" أنا سعيد لسماع ذلك يا براندي".
أتى أستخدامه لأسمها الأول ليزيد أعصابها توترا , فهي لم تكن تنظر اليه عندما نطق بعبارته , فخالته جيم الذي لقيته في الصحراء وليس جيمس كوربت , أنه لمن الجنون المطلق الأستمرار في أعتباره وكأنه شخصان مختلفان.
كانت أصابعها تضغط على العامود الخشبي وهي تبحث عن الكلمات الملائمة :
" الآن وقد أشبعت فضولك يا سيد كوربت ,لم تعد في حاجة الى تمديد زيارتك كبادرة أحترام!".
وبضحكة خافتة قضى على محاولتها للتخلص منه :
" لم يسبق لأحد أن أتهمني بالدماثة وحسن السلوك ........ وأعتقد أنني لست كذلك , من هنا فأنك لن تنجحي في الأيحاء الي بمغادرة هذا المكان ".
وأشتعل الغضب في عيني براندي:
" لا شك فيما تقوله يا سيد كوربت , أعرف تماما أنك لا تتمتع بصفات السيد المهذب , وهو أمر كدت أنساه لسوء الحظ".
أبتسم أبتسامة مطمئنة هادئة:
" وأخيرا وصلنا الى سبب زيارتي ".
وسألته براندي بجفاف:
" وما هو السبب؟".
أجابها:
" أعرف أنك أصبت بالأستياء الشديد عندما أكتشفت هويتي الحقيقية الأحد الماضي....".
" لا أحد يحب أن يتحول الى مغفل بدون أرادة منه , أنك وجدت الأمر كله مدعاة للتسلية عندما لم أعرفك , لا بد أنك ضحكت كثيرا وأنت تستعيد هذا المشهد , وأذا ما أستيقظ ضميرك الآن وجئت الى هنا للأعتذار يا سيد كوربت..".

Rehana 14-06-14 06:48 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
لم يدعها تكمل:
" لا ليس هذا سبب مجيئي , لأنني لا أشعر بالندم والأسف , وأذا ما ناديتني يا سيد كوربت مرة ثانية , عليك مواجهة كل العواقب!".
أدركت براندي وهي تتذكر قوته الخارقة أنه مستعد لترجمة كلماته الى أفعال , أصيبت بقليل من الهلع , لكنها حرصت على كشف ما يجول في خاطرها.
سألته وكأنها تتحداه:
" ماذا تريدني أن أناديك؟".
تقلصت عيناه السوداوان في لحظة تأمل الى أن قال :
" لم تجدي صعوبة في الماضي عندما كنت تنادينني جيم".
ذكّرته براندي بكلمات تطفح غطرسة:
" هذا هو الأسم الوحيد الذي كنت أعرفه آنذاك , فلم يكن في يدي حيلة".
تابع سخريته اللاذعة:
" والآن توجد أسماء أخرى تحبين أختيارها بدل الأسم الأصلي ".
فردت موبخة أياه:
" لم أقل ذلك".
بدا وكأنه ضاق ذرعا بهذا الجدال:
" ألم يخطر في بالك لماذا لم أطلعك على هويتي الحقيقية؟".
وكادت أن تبتسم وهي تجيب:
" يمكنني أن أحزر لماذا؟".
ورد عليها بكلمات مشحونة هزلا وغيظا في آن معا:
" أذن أتمنى أنني لن أضجرك كثيرا بتفسيري للموضوع , أدرك تماما أن المرء يصاب بالملل عندما يصغي الى ما يعرفه مسبقا!".
لم تطق براندي التحديق طويلا في عينيه الجامدتين , فحولت نظرها نحو البعيد , وأصرت بصوت شبه مرتجف:
" أنني أرحب بأي تفسير يصدر عنك".
أصبح الجو مشحونا بالتوتر , شعرت أنها تستفز مشاعره بدون أن تستطيع وضع حد لهذا الأسلوب المهين , أن خداعه آلمها كثيرا , لم تكن تنوي الصفح عنه بسهولة , ومع ذلك تمالك جيم أعصابه على نحو يثير الأعجاب وهو يقول:
" عندما عثرت على خيمتي تلك الليلة تبادر الى ذهني أنك أحدى المعجبات ممن يتعبقن آثاري , ثمة فتيات كثيرات يفعلن ذلك , ولم يكن من السهل علي تبين حقيقة مقاصدك في البداية".
فهمت براندي الآن لماذا بدا عليه ذلك الغضب الشديد عندما رآها , مع ذلك تجاهلت المسألة وعلقت قائلة:
" لا شك أنك أصبت بخيبة الأمل عندما أكتشفت حقيقة وجودي هناك؟".

Rehana 14-06-14 06:49 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
أجاب مشددا على كل حرف:
" أن مهنتي تعود علي بفوائد كثيرة , ولكن ليس بغير مقابل , وأكاد لا أتمتع بحياة شخصية , من هنا حرصي الشديد على لحظات قليلة أخلو فيها الى نفسي ,وأذا ما رغبت في معاشرة أمرأة , أختارها أنا وفي الوقت الذي يلائمني".
بدأت براندي تستعيد هدوءها السابق وقد سمعته يشرح لها موقفه , فأجابته بأسترضاء:
" أفهم تماما ما تقول".
وبثقة لا تعرف حدا , تتراقص في عينين ساخرتين بدأ جيم يستفيض في شرحه:
" آمل أنك تفهمين لماذا كانت مسألة عدم تعرّفك علي مدعاة للتسلية , خاصة مع أتهامك لي بسرقة الماشية , وأدركت للحال أنك لا تخادعين من أجل أقناعي للسماح لك بقضاء الليل معي , كنت
متاكدة اننى سارق ماشية , فاحترت كيف اخبرك حقيقة الامر . وهكذا بعدمضى وقت قصير , قررت عدم اخبارك ".
اعلنت براندى بمرارة :
"انها كانت مهزلة باهرة ".
ترك جيم كرسية ومشى ببطء نحو العامود الخشبى حيث تقف براندى , وخاطبها بهدوء :
" لا لم تكن مهزلة . عندما لم تدركي حقيقة هويتى شعرت وكأننى انسان جديد . انه شعور افتقدته منذ امد بعيد ".
منتديات ليلاس
كان كلما استمر فى ايضاح موقفه , كلما تضاءلت مشاعر براندى بالاهانةوالاذلاال , فصاحت قائلة :
"كنت ساكتشف من انت اجلا ام عاجلا!"
ولم يجد بدأ من الاعتراف:
" حسبت حساب ذلك, وفكرت فى البداية بإيصالك الى مكان قريب من منزلك ليس اكثر , غير ان العاصفة الرملية الغت مشروعي ."
سألته براندى متذكرة انه قاوم محاولتها لمساعدته على الهرب عندما اقتربت منهما الهليوكوبتر:
" لماذا؟"
وشرح لها :
"لأننى عرفت ان الهليوكوبتر تخص مزرعة سوارو . ثم لمحت دون بيترزمدير اعمالى فادركت انهم يبحثون عني" .
كان يقف امامها بقامته الفارغة , قويا جذابا , لم يكن يفصل بينهما اكثر من قدم واحد , انها لحظة حرجة بالنسبة الى براندى فهى لا تدرى ما الذى يخبئة لها من مفاجآت قالت معترضة ولكن بدون عداء او غضب :
"كان عليك ان تطلعني على هويتك مهمة كانت الظروف !"
تحركت يده فوق العامود الخشبى مقتربة من ضفائر الشعر التى يداعبها نسيم خفيف واعلن :
" عندما لمحت الهليكوبتر عرفت انه لم يعد لدى خيار . لكن لم يتسع الوقت لاخبارك سبب حجب هويتي عنك اذا ان الهليكوبتر اخذت بالهبوط . وعزمت على اخبارك فور وصولنا الى منزلك . ولكن ما ان صعدنا الى الهليكوبتر حتى عرفت من انا , اليس كذكلك؟".
وأقرت براندى :
" نعم سمعت ذلك الشخص ... مدير اعمالك ... يناديك باسم كوربت فأدركت من انت ."
كان وجهه ينبض بالحيوية المتدفقة من تلك التقاسيم الخشنة . بدا وكأنه انسان جديد في هذه اللحظة . غير ان براندى اصرت على اشباع هذه القضية نقاشا . لم يدعها تستمر بل قال :
" اه , رايت تلك النظرة فى عينك عند اكتشافك هويتي , لكنت قدرت سبب عزوفي عن اطلاعك على اسمي الكامل ".
شوش تعليقة افكارها كلها , و رفعت رأسها تسأله :
" ماذا تعنى ؟"
اجاب :
"خلت اننى لم اعد انسانا سويا بالنسبة اليك , مجرد كتله تافهة لا معنى لها . وللحظة معدودة لم اهتم بما يجول فى خاطرك حول امتناعي عن اخبارك الحقيقة ."
ارادت ان تصدق كل كلمة تفوه بها , وراحت تبحث في عينيه عن اشارة ما لتتبين مدى صدقه . سألته متوقعة منه تعزيز انطباعها :
"والان تريد اطلاعى على السبب الفعلى ؟".
تمعن فى تعبير وجهها الملائكى وهو يلمس ترددها وحيرتها :
" ما زلت لا تثقين بي اليس كذالك؟".
ردت تدافع عن نفسها :
" لم تترك لي مجالا!"

Rehana 14-06-14 06:49 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
اجاب بأبتسامة باهتة :
" لا ليس صحيحا , أعتقد أن تصرفي كان نموذجيا طوال المدة التي قضيناها معا".
" يمكنك أن تقول ذلك , نعم".
طافت أبتسامة أشد وضوحا على شفتيه:
" أذن لماذا لا نتناول العشاء سوية ليلة السبت؟".
ظنت براندي أنه ليس جادا في دعوته:
" المعذرة ماذا تقول؟".
" قلت لنتناول طعام العشاء سوية ليلة السبت".
وأستفسرت ثانية:
" ولكن لماذا؟".
أجابها بهدوء غريب:
" ما هو رأيك أنت؟ لأنني أريد تناول الطعام معك طبعا".
بلعت ريقها تهيء نفسها للجولة المقبلة:
" لا يجب أن تشعر أن من واجبك دعوتي الى العشاء , أستوعبت الآن كل شيء ولا حاجة الى هذه المبادرة اللطيفة!".
حاول الأحتفاظ بأعصاب باردة وهو يعيد نغمته القديمة :
" أنا لست رجلا لبقا يا براندي , ولا أوزع صدقات لوجه الله ".
كان بريق عينيه يشكل لغزا عميقا يزيد أفكارها أضطرابا , أشاحت بوجهها عنه وأضحى عنقها كالوتر المشدود , أنه رجل جذاب وهي تدرك ذلك في عمق أعماقها , يا للهول , أن عباراته المعسولة تكاد تقنعها بقبول الدعوة , وراحت تقارن بينها وبين جيمس كوربت.
أنهما ينتميان الى عالمين مختلفين تماما.
فجأة وجدت ذراعها في قبضته الحديدية , أمسك بها كأنه يؤنبها على سلوكها المشين ,وبدا في حالة من الغضب القاتل , خاطبته بتذمر :
" لا تنظر اليّ هكذا ,دعني وشأني".
أرخى أصابعه دون أن يتركها وشأنها وتنهد بحدة:
"لنضع حدا لهذه المهزلة , أنك تعقدين الأمور".
أحتجت براندي:
" لا يمكنني أن أنسى من أنت , وأحس بفخر عظيم عندما توجه اليّ دعوة كهذه , لكن.".
قاطعها ساخرا:
" تشعرين بفخر عظيم ! أنا لست ملكا يشملك بفضله ورعايته ".
وبصوت يتراوح بين الغضب واليأس أجابته:
" أذن ماذا تريدني أن أقول؟ أذا كنت تريد جوابا واضحا فهو كلا , والآن دعني أمضي في سبيلي".
سحب يده بأشمئزاز قاتل , وقبل أن يغير رأيه أبتعدت عن العامود لتكون في مأمن عنه , أدارت له ظهرها بغية حجب وجهها المرتعش وعينيها المغرورقتين بالدموع.
تمنت لو تستطيع أسترداد جوابها السلبي , مع أنها كانت مقتنعة بصحة القرار الذي أتخذته , حثّها صوت داخلي على القبول , أذ المسألة كلها مجرد دعوة للعشاء , وهي ستكسب خبرة جديدة في صحبة نجم سينمائي مشهور , وسوف تروي ما جرى معها لأولادها يوما ما, ومن ناحية أخرى المسألة ليست بهذه البساطة , حذّرتها غريزتها من النظر بأستخفاف الى قضاء بعض الوقت مع رجل مثل جيمس كوربت.
قال لها رابط الجأش هادئا:
"ربما تغيرت الأمور في المرة المقبلة يا براندي".
كانت عيناها زائغتين وفي أعماقها صراع أليم , أجابته بحزم:
" لا أن الأمور لن تتغير يا سيد كوربت".
لم يحاول أقناعها ثانية , أستدار وتوجه لتوه الى الخارج , وعجبت براندي لخروجه السريع , وكأنها تتمنى لو تمالك أعصابه قليلا , مع ذلك خامرها شعور باطني أن شخصا مثله سيعود بعد مرور فترة قصيرة.

Rehana 14-06-14 06:50 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
جلست براندي أمام نافذتها طوال نهاية الأسبوع تتوقع أقتراب سيارته من منزلها , وكم من مرة حبست أنفاسها وهي تسمع رنين الهاتف ,ولكن أطل صباح الأثنين وجيم لم يبذل أي جهد للأتصال بها , وتراكضت أيام الأسبوع وهي تتملكها الشكوك والحيرة حتى خالت أنه قرر عدم تبديد وقته الثمين , وهي ككل أنثى تريد منه المثابرة والألحاح برغم رفضها الخروج معه.
مر أكثر من أسبوع بدون أن تسمع منه شيئا لكنها كانت تتعقب كل أخباره من صديقتها كارن والتي كانت تجهل زيارة جيمس كوربت لبراندي ودعوتها لتناول العشاء معه , وهكذا ترامت الى مسامع براندي قصة جيمس كوربت المثيرة مع لارين أيفنز , أحدى الممثلات التي تظهر معه في فيلمه الجديد.
وجذبت لها قصاصة فيلم تضم صورة للأثنين معا , حيث ظهرت الممثلة السمراء الجذابة وكأنها تتحدى براندي مباشرة وتثير في قلبها موجات من الحسد الجارف , وزاد الطين بلة قصة كارن حول قضائهما الأسبوع الفائت في بلدة نائية تقع على حدود الولاية , وعندما سمعت براندي أنهما علاوة على التمتع بمناظر المكسيك ذهبا لمشاهدة حفلة صراع للثيران , قررت أن هذه الممثلة السمراء حتما متوحشة الطباع تجد لذة فائقة في مشاهدة الدماء المسفوكة.
منتديات ليلاس
ومع مرور نهاية الأسبوع الثاني أقتنعت براندي أنها لن ترى جيمس كوربت بعد الآن , وماذا كانت تتوقع؟ سألت نفسها وهي تحمل السلم الصغير من غرفة الحانوت الخلفية , أنها برغم جاذبيتها منافسة تلك الممثلة الفاتنة الأخاذة لارين أيفنز.
" ما الذي تنوين فعله بهذا السلم؟".
أجابتها براندي بعد أن شقت طريقها بأمان:
" أعتقد أنه حان الوقت لأعادة ترتيب تلك الحبال المتدلية هناك , وأنزال بعض قطع الفخار التي نعرضها , فهي معلقة منذ شهر نيسان ( أبريل) الماضي , والناس يحبون رؤية أشياء جديدة".
وهمّت كارن بمساعدتها, لكن براندي عاجلتها قائلة وهي تركز أنتباهها على السلم:
" أعتقد أنني قادرة على القيام بالمهمة منفردة".
وأستفاضت كارن في شرح الموقف:
" سأهتم الآن بالزبائن ,وعندما تعود السيدة فيليس من الغداء سأساعدك حتى لا تضطري الى الصعود والنزول على السلم طوال الوقت , هذا أذا عادت من غدائها".
تابعت كارن مشددة على معاني كلماتها:
" لولا وجودنا هنا عاملات مخلصات مجدات لكان هذا الحانوت أقفل أبوابه , أن السيدة فيليس غير موجودة في معظم الأحيان ".
ضحكت براندي وهي تتسلق السلم محاولة تلافي الأباريق المتأرجحة:
" أن السيدة فيليس أستخدمتنا لهذا السبب بالضبط حتى تستطيع التغيب متى شاءت".
تمتمت كارن:
" أن السيدة غودون دخلت لتوها , تريد خيوطا خاصة لسجادة ملونة تحيكها , وهي تسأل عنها للمرة الثانية , وكانت السيدة فيليس أقسمت لها أنها ستعطيها الخيوط اليوم".
همست براندي وصديقتها تخطو بأمتعاض نحو السيدة:
"أتمنى لك حظا سعيدا".
ظلت براندي مقرفصة على درجة السلم العليا تحجبها الحبال المتدلية الغليظة وراحت تختار قطع الفخار الملائمة للعرض الجديد وكأنها فنان يرسم لوحة زيتية.

Rehana 14-06-14 06:52 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
دخل الحانوت شخص آخر ,ولكن لمعرفة براندي أن كارن ستكون قادرة على الأهتمام بالزبون الجديد خلال دقائق قليلة , لم تشأ أهمال مهمتها الصعبة , وسرعان ما أحست بالصقيع يدب في عروقها وهي تسمع صوت الرجل:
" أريد أن أرى بعض القطع الجلدية".
لم يكن الصوت العميق الأجش سوى صمت جيمس كوربت .
تلعثمت كارن وهي لا تكاد تصدق عينيها:
" طبعا ... طبعا يا سيد كورت".
نظرت براندي بحذر شديد عبر الحبال المتدلية كيلا تلفت الأنتباه اليها , فوقع نظرها عليه وهو يرفع نظارته الشمسية ويستدير ليلحق بكارن , شعرت براندي بالأضطراب وأخذت تسأل نفسها : هل أكتشف مكان عملها وأتى لرؤيتها ؟ ليس هذا ممكنا ,لكنها تمنت لو صحت توقعاتها.
كانت كارن في حالة من الأرتباك الشديد , وكادت أن تتساقط القطع الجلدية من يديها , وعندما سقطت أحدى القطع وأنحنى جيم لمساعدتها كاد أن يغمى عليها ... ولم تلمها براندي .. بدا جيم أشد جاذبية ورابط الجأش.
لم تتحرك براندي من مكانها في أعلى السلم مخافة أن تصاب بالأحراج أذا أكتشفت أنه لم يأت لرؤيتها , أنتظرت منه أن يذكر أسمها أولا , كانت الحبال الغليظة تحجبها عن الرؤية فأطمأنت.
سألته كارن:
" هل... هل لديك أهتمام بالقطع الجلدية يا سيد كوربت؟".
رفع نظره وأبتسم أبتسامة باهتة:
" أنها أحدى هواياتي المفضلة ليس أكثر".
وسرعان ما أستعادت كارن ثقتها بنفسها وأنطلقت على سجيتها الثرثارة:
"أعتقد أنك تحتاج الى هواية كهذه تساعدك على الأرتخاء بعد عناء التمثيل".
وتابعت:
" أنك لا تقدر مدى أغتباطي لرؤيتك يا سيد كوربت , أنني أحدى المعجبات بك منذ زمن طويل , شاهدت كل أفلامك , وشاهدت بعضها أكثر من مرة".
أجاب بحركة لامبالية :
" شكرا , أرجو أن تكوني قضيت وقتا ممتعا".
أكدت له كارن بحماس:
" نعم, نعم ,أنني أنتظر فيلمك الجديد بفارغ الصبر , لا بد أنك تعتز جدا بعملك".
وافق على كلامها , غير أن براندي تبينت سخريته الجافة وهو يستطرد:
" أن عملي ممتع في نواح معينة , وممل للغاية في نواح أخرى ".
ضحكت كارن وهي ترد شعرها الى الوراء:
" أنا في أي حال لم يحصل لي شرف معرفة كيفية تصوير الأفلام بعد".
بعد أن أختار جيم ما يريده وقف منتظرا أعلامه بالثمن , هنا قررت براندي أن وجوده في الحانوت لا علاقة له بها , وتمنت لو أن كارن لا تبوح بأي شيء عنها , هدأ روعها وهي تعرف مدى أرتباك كارن وعدم قدرتها على تذكرها الآن.
قال وهو يدفع ثمن الأغراض:
" هل تودين ألقاء نظرة على كيفية تصوير الأفلام يا آنسة...".
فقدمت نفسها بعجل:
"أن أسم جاستن , كارن جاستن".
فأنبأها لتوه:
" يمكنني أن أدبر لك تذكرة مرور في أحد أيام الأسبوع المقبل أذا كنت غير مشغولة ".
وأعلنت كارن مغتبطة:
" نعم , نعم , أننا نغلق الحانوت كل خميس بعد الظهر".

Rehana 14-06-14 06:52 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت دايلي - روايات عبير القديمة
 
علت وجهه أبتسامة ساخرة وهو يتابع:
"ربما تستطيعين أقناع الآنسة أيمس بالنزول عن السلم والأنضمام اليك".
وأستدار محدقا في الحبال الغليظة التي كانت تحجب براندي , ونزلت عليها كلماته كالصاعقة , كيف أكتشف مخبأها الآمن؟ ولشدة أرتباكها كادت تهوي عن السلم ,ثم لم تلبث أن أستعادت توازنها وبدأت تهبط ببطء متعمد , كان جيم ينتظر عند أسفل السلم وعيناه تهزآن من حمرة الخجل التي غطت وجنتيها ... وتمتم قائلا:
" هل أعتقدت فعلا أنك كنت محجوبة عن الأنظار؟".
أستنكرت براندي رأيه :
" لم أكن أحاول الأحتجاب , كنت أعيد ترتيب بعض القطع ".
وألتقت نظراتها بعيني كارن , فأدركت لتوها ما الذي يدور في خاطرها , وأبتسم جيم بخبث.
" لاحظت أنك تعملين بصمت تام , وطالما أنك كنت مشغولة الى هذا الحد أسمحي لي بتكرار الدعوة التي قدمتها للأنسة جاستن ".
عز على براندي الأعتراف بأختلاس السمع فسألته:
" ما هي طبيعة هذه الدعوة يا سيد كورت؟".
تجهم قليلا وهي تشير الى أسمه على هذا النحو الرسمي , وكأنه يحذرها من عواقب وخيمة , وخاطبها متحديا:
" عرضت أن أحصل على تذكرة مرور لك وللآنسة جاستن , وذلك من أجل السماح لكما برؤية تصوير فيلمي الجديد , ذكرت صديقتك أن الحانوت يغلق أبوابه ظهر الخميس المقبل .... سأدبر التذاكر لذلك التاريخ أذا كان كل شيء على ما يرام".
منتديات ليلاس
قفزت الى ذاكرة براندي أقواله السابقة عندما زارها في المنزل وخاصة أن الأمور ستختلف في المرة الثانية , أرادت رفض الدعوة لمجرد النكاية , وهي ترغب في قبولها في آن معا , ولا شك أن صراعها الداخلي بدا واضحا على قسمات وجهها.
تكلمت كارن وعيناها تتضرعان لبراندي مخافة تفويت هذه الفرصة النادرة :
" كل شيء على ما يرام , أنه الوقت الملائم تماما".
وتنهدت براندي بمضض :
" نعم , الخميس يناسبنا جيدا ".
قال كمن حقق أنتصارا باهرا:
" حسنا جدا , سأقوم بكل الترتيبات , أذهبا الى البوابة عند المدخل وسيتولون أمركما هناك".
أبتسمت كارن أبتسامة عريضة:
" شكرا جزيلا يا سيد كورت".
حملق في براندي مؤكدا أنه يحصل دائما على ما يريد ,وعندما ودّعهما أدركت براندي مدى خبرته في التعامل مع المرأة ... جعلها تنتظر مدة أسبوعين بدون أن يتصل بها بتاتا , ثم ما أن يئست من رؤيته ثانية , وندمت على رفض دعوته حتى ظهر مجددا.
لم تجد براندي سببا يدفعها الى رفض دعوته الثانية , فهو لم يقترح قضاء سهرة ودية بل على العكس دعا صديقتها معها لأدخال الطمأنينة الى قلبها , أضافة الى ذلك , أنها دعوة للقيام بجولة في وضح النهار , لم يخامر براندي الشك أن ذهابها سيكون مفيدا وممتعا ويتسم بكل البراءة , هكذا وجدت نفسها تقبل الدعوة دون تردد ,وهذا ما كانت تتمناه بينها وبين نفسها , أن كارن على حق هذه الدعوة فرصة لا تفوت.
وفكرت بصمت لثوان , لو أن الزمن يقفز بسرعة فيحين يوم الخميس , أن وقت الأنتظار صعب وقاتل.


نهاية الفصل

Rehana 15-06-14 02:53 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
5- مع النجوم

أعلنت كارن وهي تمد يدها المرتعشة لتأكيد قولها:
" كم أنا مغتبطة , أنظري كيف أرتعش أرتعاشا!".
حاولت براندي أن تهدىء من روعها , لكنها هي الأخرى كانت تتصبب عرقا , تكاد أصابعها لا تستقر على حال.
أوقفت كارن سيارتها في موقف عربات السياح , وسارتا صوب المدخل الرئيسي المؤدي الى توسون القديمة , وهي عبارة عن بلدة مشابهة لما كان عليه الغرب الأميركي في الأيام الخوالي.
قالت كارن والقلق يتملكها:
" أعرف أنني كثيرة الثرثرة , ولكن أرجو أن لا ينسى قدومنا اليوم ".
طمأنتها براندي:
"لا , لن ينسى ".
هزت كارن رأسها :
" طبعا طبعا ,لن ينسى ما دمت هنا , وخاصة أذا حسبت كل الجهود التي يبذلها لحملك على المجيء , كلما فكرت في رفضك ضرب موعد مع جيمس كوربت , أزددت قناعة أن دماغك محشو بالتين أو الحجارة".
كانت براندي أخبرت كارن , بعد أن غادر الحانوت يوم الأثنين عن زيارة جيم لها في منزلها , آملة تخفيف وطأة الدعوة الثانية , لكن كارن أنبتها بعنف, متهمة أياها شتى التهم , ووبختها لحجبها هذا السر الخطير عنها.
أحتجت براندي تدافع عن نفسها:
" لا حاجة الى تكرار المعزوفة نفسها , علاوة على ذلك , لا يوجد أي شيء مشترك بيني وبين نجم سينمائي ".
أستشاطت كارن غيظا:
" ما هذا الكلام الفارغ؟ لا يمكنك أصدار حكم مسبق, في أمر كهذا , أتمنى أن لا تسلبه الممثلة أيفنز منك".
أحست براندي بوخز في حلقها , ولم تلبث أن أشارت :
" لا يمكن لأحد أن يسلب منك شيئا لا تملكينه".
تجاهلت كارن دقة تلك الملاحظة :
" ربما دب الخلاف بينهما فجأة فألتجأ اليك لمواساته , هذا ما يفسر أنتظاره كل هذه المدة قبل أن يحاول رؤيتك ثانية".
حسبت براندي أنها مسألة غير مستبعدة , مع أنه ليس من الطبيعي أن يكون رجل معتد بنفسه مثل جيم يحتاج الى المؤاساة .
وصلتا الى المدخل الرئيسي , وأنتظرتا قليلا أمام شباك التذاكر , أبتسم لهما رجل أصلع يرتدي قميصا أبيض تقليديا , يلتف كميه برباط أحمر , نظر اليهما كأنه يعرف كل شيء عنهما ,ورحب بهما بأسلوب من أحترف المهنة:
" السلام علكما".

Rehana 15-06-14 02:55 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أنعقد لسان براندي فخانتها الكلمات , تطوعت كارن لأنقاذها :
" أعتقد أن السيد كوربت ترك لنا بعض التذاكر , أنا...".
وقاطعها بحرارة بالغة وهو يتفحص وجه براندي:
" لا بد أنكما الآنسة جاستن والآنسة أيمس , أعلمني أنكما قادمتان , سأنادي أحد الأشخاص ليأخذكما الى الداخل".
أبتسمت كارن شاكرة وهما تتقدمان الى الجهة الأخرى لأفساح المجال أمام الزوار الآخرين ,وسمعت براندي صوت الرجل الأصلع يهتف:
" آنسة ايمس أنك أجمل بكثير من صورتك في الجريدة!".
كان يشير حتما الى صورتها التي نشرتها الصحف أثر أنقاذها مع جيم في الصحراء , أذن أخطأت عندما ظنت أن تلك الحادثة طواها النسيان بعد هذه المدة من الزمن , ضاق العالم في وجهها وهي تقلب سلبيات مجيئها وأيجابياته مجددا , أخيرا ردت على أطرائه مبتعدة عن الشباك:
" شكرا".
جلستا تنقلان الأنظار بين ألواح الحائط التي تعرض صور الأفلام ومسلسلات التلفزيون التي تم تصويرها في توسون القديمة , وما هي الا دقائق معدودة حتى أشار عليهما مسؤول التذاكر بالمرور , وجدتا في أنتظارهما رجلا في لباس رعاة البقر يعلق نجمة على صدره ويتمنطق بمسدس في خصره , كان مفترضا أن يبدو مثل مدير شرطة من الغرب الأميركي لولا تلك النظارات السوداء التي تغطي عينيه وجهاز اللاسلكي الذي يحمله في يده اليسرى , وغادر الرجل الأصلع شباك التذاكر ليقدم الفتاتين الى مرافقهما صاحب المظهر الغريب , وألتفت اليه قائلا:
" هذا ديك مورفي الذي سيقودكما الى مكان التصوير , ديك أقدم لك الآنسة ايمس والآنسة جاستن , أنهما ضيفتا السيد كورت فأبذل قصارى جهدك للأهتمام بهما".
منتديات ليلاس
لمس الرجل الذي يدعى ديك مورفي قبعته أحتراما , وأشار عليهما لتتبعاه.
همست كارن بصوت خافت:
" أنهم يرحبون بنا كأننا ضيوف ذوو أهمية!".
تطلعت براندي اليها نظرة مبهمة , ولم ترد بشيء وهما تتقدمان عبرالدرب المفروش بالرمل المؤدي الى شارع البلدة الرئيسي ,كان سياج مرتفع يستر عن الأنظار موقف السيارات , ويوهمهما أنهما فعلا في توسون القديمة بجبالها الشاهقة وشوارعها المليئة بالغبار.
تكلم ديك مورفي:
" بما أنكما من توسون لا بد أن تعرفا أن معظم بلدة توسون بني منذ 1939 لتصوير فيلم أريزونا , ثم هجرت البلدة لعدة سنوات".
أجابت كارن:
" سمعت بذلك , في الواقع أن براندي... الآنسة أيمس من توسون , أنا قدمت مؤخرا الى هنا أذ أن مسقط رأسي هو بلدة بيركندرج من ولاية كولورادو".
علق الرجل بأبتسامة عذبة:
" أن بلدتك في وسط جبال الروكي الصخرية , أنها عالم آخر من حيث المناخ والمناظر".
تطلعت كارن صوب مجموعات السياح الذين يتجولون على الأرصفة العريضة وقالت:
"هذه هي المرة الأولى التي أزور فيها هذا المكان وهم يصورون فيلما سينمائيا , لا أدري كيف يحافظون على النظام في هذه الأجواء".
تبرع ديك بأشباع فضولها:
" يقومون بأغلاق البقعة أمام الجمهور عند تصوير منظر معين ".
نظرت براندي الى البعيد بفضولية واضحة:
" أين يصورون اليوم؟".

Rehana 15-06-14 02:55 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
فمد رأسه في أتجاه الشرق:
" هناك في القرية المكسيكية الصغيرة".
حول ديك مورفي أتجاهه عندما وصل الى الدرب الضيقة المؤدية الى القرية ,وراح يسير حول الحاجز الذي سد الطريق , وكان يقف في الجهة المقابلة حارس يرتدي بزة مشابهة لبزة ديك , هز الحاس برأسه وهم يمرون من أمامه.
وما أن أنعطفوا تاركين الشارع الرئيسي حتى بدأت المباني ذات الواجهات الخشية الغريبة تخلي الطريق أمام المباني القرميدية , وترامت الى آذان براندي ضوضاء وجلبة فأدركتا أنهم يباشرون بالتصوير.
أقتربتا بهدوء من فريق العمل الذي بدا أعضاؤه كالتماثيل يحدقون صامتين في الممثلين عبر الكاميرات ,ولكثرة المتفرجين ومجموعات العمل المختلفة والآلآت والرافعات والأشرطة لم يكن من السهل رؤية الممثلين والممثلات بوضوح.
لم تهتم براندي كثيرا بما يدور من حولها , أذ كان تفكيرها مركزا على أيجاد جيمس كوربت... هل هو يؤدي دوره الآن أم يكتفي بالتفرج مع بقية الجمهور؟
وأخيرا لمحته يسند كتفه على حائط قرميدي , دافنا ذقنه وفكه في يده اليسرى يراقب المشهد بأمعان , كان منظره يوحي بثقة عارمة تشع من وجهه الصارم , ومرت في ذهن براندي خطورته الفائقة وصفاته البدائية وهو يقف هناك بلباس رعاة البقر الذين لا يبالون بالأعراف أو القوانين , مع ذلك شعرت في أعماقها أنه أنسان دمث الأخلاق ,مستقل الرأي ,جذاب الشخصية.
قطعت شريط أفكارها وهي تراه يتحرك من مكانه متوجها صوبها , وأرتسمت أبتسامة مرحبة على شفتيها أستعدادا لتلك اللحظة التي سيراها فيها , غير أن نظراته لم تلتق بنظراتها.
ظل يسير في أتجاهها , في حين كان الآخرون في حركة عشوائية مستمرة , مما عنى نهاية تصوير المشهد , توقف جيم وراء رجل يرتدي نظارات سوداء الأطار , يضع قلما وراء أذنه ,ويلبس قميصا أبيض أكل الدهر عليه وشرب , وأنضمت الى الرجلين أمرأة ذات شعر داكن , بدت محط أهتمام جيم , أدركت براندي سر أهتمامه وهي تلمح ثيابها التي تظهر مفاتنها وجسمها الضامر وخصرها الرشيق , أنها تلك الممثلة الجذابة لارين أيفنز التي ورد أسمها في الصحف وتربطها علاقة عاطفية مع جيم , ثم حولت أنتباهها الى الرجل الثاني , لاحظت براندي أن هذا الرجل ما هو ألا المخرج , نظرا لأسلوبه في أعطاء الأوامر.
كانت نيران الحسد تلتهم براندي ألتهاما وهي تراهما يقفان معا ويتبادلان الحديث على نحو حميم ومتواصل , لم تعبأ بما كان ديك مورفي يقوم بشرحه لصديقتها كارن حول مجرى العمل , ولا بكل ما يدور حولها من حركة وضوضاء , أن شخصا واحدا يسيطر على عقلها الآن ...جيم الممثل أو سارق الماشية لا فرق.
كم كانت مغفلة عندما ظنت أنها حازت على أهتمام جيم! وكادت تشيح بنظرها بعيدا عندما التقت عيناها بعينيه , حبست أنفاسها تحاول ان تثبت أنه ينظر اليها فعلا لا الى شخص آخر يقف وراءها , رأته يومىء رأسه لها ثم يرمق وجه الممثلة السمراء.
أبتعدت براندي بسرعة قبل أن يتبين شوقها لجذب أنتباهه , كانت نبضات قلبها ذات وقع غريب لم تألفه من قبل ,وكأنه يدعوها لألقاء نظرة أخرى , غمرتها غبطة عارمة وهي ترى جيم يبتعد عن تلك السمراء , وحاولت جاهدة التركيز على حديث ديك مورفي مع كارن , لكن هيهات! لم تعد ترى سوى تلك القامة الطويلة تتقدم نحوهم بثبات , تظاهرت أنها فوجئت به عندما توقف أمامها.
وكعادته تحدث بعينيه ولسانه معا.
" يبدو أنكما وصلتما بأمان الى هنا".

Rehana 15-06-14 02:59 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أبتسمت براندي مرتبكة , مشيرة الى كارن لتؤكد أن الدعوة تشملهما معا وليست موجهة اليها وحدها.
" نعم , وصلنا بأمان".
وكعادتها , وافقت كارن بحماس.
" نعم , نعم, وديك مورفي شرح لنا كل شيء , كنت أعرف أن صنع الأفلام مسألة معقدة وفنية , غير أن التفاصيل الدقيقة لم تخطر ببالي".
أعلن جيم بجفاف وهو يلحظ مسحة الحياء تعلو وجنتي براندي:
" أتمنى أن تجدا بقية الجولة مفيدة أيضا".
ثم خاطب المرافق:
" شكرا لأهتمامك بهما نيابة عني يا ديك".
ألقى المرافق تحية الوداع قائلا لجيم:
" أنا تحت التصرف في أي وقت".
منتديات ليلاس
أرتسم القلق على وجه براندي مدركة أن دليلهما سيكون جيم من الآن فصاعدا , كانت تحسبت لذلك عندما وجه اليهما الدعوة في الحانوت , ثم لم تلبث أن طردت الفكرة من ذهنها مقنعة نفسها بأنهماكه في العمل , وقرأت في بريق عينيه أنه يعلم تماما ما يدور في خاطرها , أبدت كارن ملاحظة تصحبها تنهيدة عميقة :
" أنه رجل جميل أليس كذلك؟".
حدجتها براندي مذعورة , ثم أدركت أنها تشير الى ديك مورفي وليس الى الرجل القلق الذي يقف الى جانبهما , وأضافت كارن وهي تابع رحيل ديك:
" أنه للأسف يلبس خاتم زواج , لا بأس , أنا تعيسة الحظ بأستمرار".
تدخل جيم يخفف عنها:
" لا تيأسي , ديك فقد زوجته في حادث سيارة العام الماضي ".
تمتمت كارن مبدية أسفها العميق وبريق الأمل شع من عينيها :
" أنها مسألة مؤلمة".
سألت براندي جيم ساعية الى الحفاظ على رباطة جأشها:
" أليس عندك عمل اليوم؟".
فعادت السخرية الى وجهه:
" لا , ليس اليوم , قررت أن أضع خبرتي المتواضعة تحت تصرفكما".
قالت براندي :
" أنها بادرة لطيفة منك".
أجابها هازئا:
" نعم , أنها كذلك".
قطع الحديث صوت إمرأة يموج بالدفء والأغراء , ها هي لارين أيفنز تطوق جيم بذراعها , متجاهلة وجود براندي وكارن:
" هل نسيت ميعادنا؟".
بدت تلك الممثلة أشد جاذبية وسحرا وهي تقف قرب براندي كانت عيناها تفترسان جيم أفتراسا ,وكأنها تعتبره ملكا خاصا بها , أبتسم قليلا وأشار الى براندي وكارن:
" آسف , ليس الآن , لدي ضيوف".
حدجتهما لارين بنظرة متفحصة , متوقعة من جيم أن يعرّفها على الضيفتين الجديدتين ,ورضخ جيم للأمر الواقع:
" لا رين أقدم لك كارن جاستن وبراندي أيمس".
وتابع:
"أما هذه الممثلة الموهوبة والجميلة فهي تشاركني في التمثيل وأسمها لارين أيفنز".
ضحكت الممثلة السمراء متعمدة التشديد على علاقتهما الحميمة:
" ممثلة وصديقة أيضا يا عزيزي".
هز جيم بكتفيه رافضا الألتزام بما تريد الأيحاء به , فأنقبضت أسارير وجهها مبدية أمتعاضها , وما هي الا برهو قصيرة حتى أستعادت لارين مرحها السابق وهي تهتف:
"براندي ... أنه أسم نادر في هذه الجهات".

Rehana 15-06-14 03:00 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
وافقت براندي على قولها بدون أن توضح لها أن والدتها هي التي أختارت أسمها هذا.
وتلقفتها الممثلة من جديد :
" ما أغباني , تذكرت الآن , أنت تلك الفتاة التي صرفت الليل في الصحراء مع جيم!".
أحست براندي أنها تعاملها كفتاة صغيرة , كادت أن تفقد أعصابها , وأكتفت بالقول:
" نعم , هذا صحيح".
تعمدت الغموض في جوابها تاركة لخيال الممثلة الخصيب وضع اللمسات الأخيرة على الصورة , رفعت لارين حاجبيها بغطرسة مقيتة , ورمقت جيم بنظرة ذات معنى قائلة وهي تتهمه:
" لماذا لم تخبرني عن جمال هذه الفتاة اليافعة؟".
وافق بنعومة:
" وهل تتوقعين مني الأعلان عن مدى جمال براندي وسحرها؟".
عضت لارين على شفتيها تحاول أخفاء أستيائها وقالت:
" كن حذرا يا جيم وألا حشوت رأسها بأفكار مريبة!".
ومضت عيناه بخبث وحمرة الحياء تغزو وجنتي براندي مجددا :
" حقا! أتمنى ذلك".
أشتعل الغضب في مقلتي لارين وهي تعلن:
" أنك رجل صعب المراس ".
تابع هجومه أمام تعاظم غضب الممثلة :
" أنك حادة الذهن تتعلمين بسرعة ,من الأفضل لك الذهاب لشرب بعض المرطبات المنعشة ما دام مزاج المخرج لا يزال يسمح بذلك".
أجابته ببرودة وهي ترخي ذراعه دافعة بشعرها الداكن الى الوراء:
"أعتقد أنك على حق".
مضت لارين في سبيلها , فأغتنمت كارن الفرصة لتهمس في أذن براندي:
" يا لهول... أعتقدت أنها ستنفجر كالقنبلة ".
لم تدرك كارن أن جيم سمع تعليقها العفوي , فأنبرى قائلا:
" يتطلب الجزء الثاني من المشهد الذي نصوره أن تكون لارين في حالة من الغضب البالغ , ولا شك أنها ستؤدي هذا الدور على أكمل وجه الآن".
مطت براندي شفتيها توافق على كل كلمة , في حين أنطلقت كارن تشرح الفرق بين الفعل وردة الفعل وخفايا النفس البشرية .
لم يثر غضب لارين أستياء جيم , فخامر براندي الشك .... أنه أستغل وجودها لأثارة غيرة الممثلة , أو لأفهام لارين أنه صعب المنال , فهو يمثل نموذج الرجل الذي يرفض الخضوع لأي أحد , وقال جيم:
" ما دامت آلات التصوير ليست جاهزة سآخذكما الى مسرح تسجيل الأصوات وأريكما بعض خبايا المهنة ".
توسط الفتاتين وسار بهما نحو الشارع الرئيسي , واضعا يدة بخفة على كتف براندي , وعندما عبروا الحاجز الطويل تحلق السياح محاولين تبيّن هوية أصحاب الأمتياز هؤلاء الذين سمح لهم بالدخول على نحو طبيعي ملفت للنظر , وسرعان ما سرى أسم جيمس كوربت على الألسنة كأندلاع النار في الهشيم , وراح بعضهم يلتقط الصورة تلو الأخرى لمجرد المباهاة عند العودة والتفاخر برؤية نجم سينمائي.
بدا جيم في عالم آخر يمشي هادئا وقورا وكأن ما يجري حوله مسألة عادية , وفجأة عندما بلغوا حجرة البوظة , أندفعت نحوهم فتاة جميلة وهي تهتف بصوت رخيم متضرع وتلوّح بقلم وورقة.
" من فضلك يا سيد كوربت هل تتلطف بتوقيعك...".

Rehana 15-06-14 03:01 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أبتسم جيم بلطف متناولا القلم والورقة ووقع أسمه كاملا واضحا , مزهوا بكل حرف يرسمه , شكرته الفتاة وكأنها أحرزت أعظم أمنية في حياتها.
طوّق جيم براندي بذراعه وشدّها الى الأمام بعد أن تخلفت وراءه منتظرة , خالجها شعور بالأرتياح والغبطة , فهو يوحي للجمهور أنها في صحبته يستضيفها ويكرمها , ونظرت اليها كارن نظرة تقول أنها تفهم كل أفكار صديقتها , لكن براندي غضّت الطرف عنها.
فتح موظف باب المسرح الذي يقع في مبنى قديم ينسجم في تصميمه الخارجي مع بقية توسون القديمة ,ودخلوا قاعة رحبة ذات سقف مرتفع تتدلى منه معدات الأضاءة كانت القاعة رحبة مقسمة الى حجرات مختلفة بواسطة ألواح خشبية ومصممة على نحو يوحي أنها فندق كبير وسط المدينة تنفتح أبوابه على الشارع الرئيسي , أو تؤدي سلالمه الوهمية الى قاعات أخرى.
لاحظت براندي أن وسط الغرفة يزدحم بالطاولات والكراسي المتهشمة البالية , وتمتد في الزوايا تجهيزات أخرى معظمها للتسلية أو الأستراحة.
منتديات ليلاس
أوضح جيم:
" هنا نصور المشاهد الداخلية , أستخدمنا هذه القاعة في عدد لا يحصى من الأفلام , لا يعرف الجمهور هذا لأننا نغير الديكور ونبدل مواقع الأبواب أو نضع السلالم في أماكن مختلفة".
علقت كارن:
" أنها قاعة محدودة المساحة على ما أظن".
فكر جيم قليلا وقال:
"أن آلة التصوير تجعل كل شيء يبدو أكبر مما هو , هذا أضافة الى تركيزها على ركن معين في القاعة لبعض الوقت مما يخلق أنطباعا أن القاعة فسيحة الأرجاء , أن المشكلة الوحيدة في دور آلة التصوير أنها تزيد حجم الممثلات فيخال المرء أن وزنهن أكثر مما هو , ولهذا السبب يلجأن الى تناول وجبات خفيفة وممارسة الريجيم".
ضحكت كارن:
" لا ألومهن , لا أحد يريد زيادة وزنه ألا أذا كان نحيلا جدا".
تابع جيم:
" أما بالنسبة الى الأثاث فأعتقد أنكما شاهدتما كيفية تحطم قطع الأثاث فوق الرؤؤس والقناني تتطاير شظايا في الفضاء , كانوا يصنعونها من حلوى السكريات فيلجأ بعض الفنيين والممثلين الى ألتهامها في بعض الأحيان , ولذلك أخذوا يستخدمون مادة أخرى الآن ,وهكذا دواليك".
وأشار عليهما التحرك نحو الجهة التالية من المبنى , وقال وهم يسيرون على مهل:
" هنا يقع مكتب مدير الشرطة , ونستخدم تلك الناحية لتصوير مشاهد داخل المنزل , وهي الآن غرفة طعام , لكن بمجرد تبديل الأثاث والستائر يمكن تحويلها الى أي غرفة نشاء.
ويخال المرء وهو يجيل النظر أن صحراء حقيقية تمتد أمامه مفروشة برمال ناعمة تنبت فيها كل أنواع النباتات والشجيرات الصحراوية ."
سألت براندي مستفهمة:
" ألا تكفيكم الصحراء الموجودة في الخارج؟".
فأوضح لها جيم:
" نعم أنها تفي بالغرض , لكن نضطر في بعض الأحيان الى تصوير مشهد ليلي , ولحسن الحظ لا نصور أثناء الليل , أذ أن المصور يضع مصفاة صغيرة فوق العدسات فيصبح المشهد ليليا ,كما أن الفنيين عبر تلاعبهم بالأضواء يصنعون أجواء غروب الشمس أو شروقها , وهكذا يمكننا أن نحافظ على منظر غروب الشمس حتى يؤدي الممثلون أدوارهم في المشهد بأتقان".
قهقهت كارن:
" كنت واثقة أنك ستأتي على ذكر الطقس الممطر أيضا".

Rehana 15-06-14 03:01 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
قال جيم :
" أن ولاية أريزونا لا تعرف في الغالب سوى الحر الشديد أو هبوب العواصف الرملية , وهكذا علينا خلق الأجواء الممطرة هنا ".
سألته براندي بأنبهار:
" ما هي الأدوات التي تستخدمونها؟ خرطوم مياه ومروحة؟".
عوج زاوية فمه وهو يجيب:
" أن كلامك منطقي جدا بأستثناء مشكلة واحدة , أن آلة التصوير لا تلتقط المياه المتساقطة بدقة أو جودة , عندما تشاهدين هطول المطر في فيلم سينمائي , فهو عادة حليب منهمر , فالحليب يبدو بالتصوير كالماء".
حدقت كارن في وجهه تراودها الشكوك:
" أنك تمزح؟".
فأقسم لها جيم:
" أنها الحقيقة , وللأسف الشديد رقص الممثل الشهير جين كيلي وغنى تحت رذاذ الحليب عوض المطر الحالم".
تأوهت كارن بيأس مصطنع :
" أنك تدمر كل أنطباعاتي الحالمة".
تموج صوت جيم بضحكة عميقة مفعمة بالمعاني الغامضة , وأنتقل سحر ضحكته الى عيني براندي , فأحست كأنه يضحك في داخلها , وما لبث أن قال:
" والآن لنذهب الى حجرة الملابس حيث تشاهدان الفنانين غمرة العمل.


نهاية الفصل

Rehana 16-06-14 11:52 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 

6- في غابة الحب


ما أن وصلتا حجرة الملابس حتى هرعت امرأة في خريف عمرها تعرض على كارن وبراندي بعض الأثواب التي سيرتدينها الممثلون في الفيلم , وهي نسخة طبق الأصل عن ملابس تلك الفترة المحددة التي تدور فيها أحداث القصة السينمائية , وقد فصلت الأزياء وفق مقاييس كل ممثل أو ممثلة حتى تبدو طبيعية الى أقصى حد.
كان الموظفون يجلسون هناك لأعداد أي زي يطلبه المخرج , لم يطل بهم المقام في تلك الحجرة بل توجهوا مباشرة الى الأسطبل الذي تربط فيه حيوانات الفيلم , وهي معظمها من الخيول ما عدا بغلا أو حمارا , وكان مزارع يقطن في الجوار يزودهم بكل ما يحتاجونه من أبقار عندما تدعو الحاجة , ومن البديهي أن الجياد مدربة تدريبا متقنا ومعتادة على تجمهر الناس وجلبة آلات التصوير.

Rehana 16-06-14 11:53 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
لفت منظر حصان حزين في الزريبة أنتباه براندي , بدا كأنه غريب عن الأسطبل ويختلف عن بقية الجياد الضامرة الرشيقة , وهالها أن تتبين معالم ضلوعه الناتئة قليلا , وبادرت لتوها تسأل جيم بلهفة صادقة:
" جيم , ما الذي ألمّ بهذا الحصان؟".
أجاب:
" لا شيء أطلاقا , أنه لا يعاني من أي مرض عضال , مجرد سوء تغذية".
علقت :
" لو رأته جمعية الرفق بالحيوان لكنت في وضع حرج جدا".
تمعج فمه بخبث وهو يجيب:
" أننا عثرنا عليه هناك , لم يكن من السهل أيجاد حصان كهذا ".
سألت براندي:
" لماذا تحتاجون اليه؟".
منتديات ليلاس
فرك ذقنه بيده اليمنى لحظة قبل أن يقول:
" أمثل في الفيلم دور رجل يصيبه الأرهاق وهو يمتطي حصانه في الصحراء , وهكذا لا يصل الحصان الى نهاية الطريق حتى يكون على وشك الأنهيار ,ولهذا السبب أطلقت لحيتي كما أكتشفت بنفسك في تلك الليلة , ولحس الحظ فرغنا من تصوير هذا المشهد وهكذا عدت حليق الذقن , أنتما الآن تنظران الى الحصان نفسه ".
أتكأت براندي على سياج الحظيرة تحدق في الحصان بشفقة وأسف قائلة:
" وما هو مصيره الآن؟".
أخبرها جيم:
" أنه حيوان مدلل الآن , ويعتقد هاري المقاول أن أمامه فرصا كثيرة ليظهر في أفلام أخرى عندما يتحسن شكله , وهو يحظى بكل العناية والرعاية , وأذا لم يسترد كامل عافيته من المحتمل أن يبيعه هاري الى من يتولى الأعتناء به".
أعلنت متنفسة الصعداء:
" أتمنى ذلك من أعماق قلبي".
وأقترح جيم:
" لنذهب ونجلس في الظل لشرب بعض المرطبات الباردة".
كانت مجموعة من طاقم الفيلم تحتمي من حرارة الشمس في ذلك الظل بجانب الأسطبل , وتولى جيم تقديم بعضهم الى الفتاتين واصفا دور كل واحد منهم.
جلست براندي وكارن على رزمة من الحشيش الجاف تشربان المرطبات الباردة , وظل جيم واقفا ساندا ظهره الى الحائط على مقربة من ضيفتيه ,ولم يقطع أعضاء الطاقم حديثهم بل أستمروا يتبادلون القصص حول أفلام أخرى , ولكنهم كانوا يرحبون بكل سؤال تلقيه عليهم أحدى الفتاتين , وخيل لبراندي تطرح هذه الأسئلة الترفيهية , وفجأة أنتصب أحدهم على قدميه مصفقا بكفيه وهو يهتف:
" لا أظن أنهم يحتاجون الي اليوم , شارفت ساعات العمل على الأنتهاء وأ قترب غروب الشمس".
ألقت براندي نظرة على ساعتها , كانت عقاربها تشير الى السادسة ,هل من المعقول أنقضاء أكثر من أربع ساعات منذ وصولهما الى البوابة الرئيسية ؟ بددت الظلال الممتدة في كل أتجاه تساؤلاتها , ومضت بسرعة تزيل عنها القش اليابس , وقالت لكارن:
" حان وقت ذهابنا نحن أيضا".
تنهدت كارن وهي تنهض على مضض:
" أعتقد أنك على حق".
وما أن تفرق أعضاء الطاقم في كل أتجاه حتى خطا جيم الى الأمام , أبتسمت له براندي مبدية أمتنانها لهذه الفرصة التي أتاحها لها , تمعن في وجهها صامتا وشكرته براندي ثانية , وعندما فرغت جعبتها مدت له يدها, فتلقفها بوقار مصطنع قائلا:
" آمل أن تكوني قضيت وقتا سعيدا , ولا بد من أعلان أسفي لعزمكما على الذهاب بهذه السرعة!".

Rehana 16-06-14 11:54 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
لم تتوقع منه أن يظل قابضا على يدها أكثر مما تتطلبه أعراف الأحترام فأجابته:
" تأخرنا كثيرا".
وعقبت كارن على مضض:
"نعم تأخر بنا الوقت , وما زال علي أيصال براندي في سيارتي الى منزلها قبل أن أتوجه الى شقتي , أستمتعت بكل لحظة يا سيد كوربت ولا أدري كيف أشكرك على دعوتك لنا".
قال محتجا:
" لا ضرورة لشكري ,وأفضل لو تناديني جيم ليس إلا".
أرتسمت أبتسامة عارمة على وجه كارن وهي تصغي الى كلماته الوردية ورددت :
" حسنا , حسنا جيم".
حول أهتمامه الى باندي يجيل النظر في ضفائرها الذهبية وأنفها الشامخ , وسألها:
" ألم تقودي سيارتك اليوم؟".
أجابته وهي تهز برأسها:
" كلا , أنها في حوزة والدي , أذ أن والدتي أرادت أستعمال السيارة الأخرى للذهاب الى أجتماع ما بعد أنتهاء الدروس فأستعار والدي سيارتي متوجها الى مدينة فينكس".
وهتف يغتنم هذه الفرصة الثمينة:
" أذن لا يليق بنا أن ندع كارن تسوق كل هذه المسافة لأيصالكي المنزل , أن واجبي يقضي علي القيام بذلك".
أعترضت براندي على الفور , تريد أفهامه أنها لم تكن تبحث عن عذر لجره الى هذا الوضع.
ولم تدعها كارن تكمل أعتراضها , وصاحت:
" قبلت.... قبلت الأقتراح".
ردت براندي:
" ولكن.....".
فقاطعها جيم:
" ولكن ماذا يا براندي؟ أن منزلك ليس بعيدا عن الطريق التي سأسلكها , وأنا مستعد لأخذك معي , فلم الأعتراض؟".
أصيبت براندي بالدوار وهي تبحث عن تبرير ملطف:
" كل ما في الأمر أنني لا أريدك أن تعتقد.....".
قاطعها بحدة:
" أفهم , أفهم جيدا , وأذا كنت مستعدة الآن فلنتوجه الى سيارتي , أنها في الموقف الخصوصي".
ترددت براندي قليلا ثم هزت برأسها موافقة , كانت تضج في داخلها مشاعر متناقضة أتجاهه.... فهي ترغب في صحبته والأستئثار بأهتمامه , وتريد تجنبه والأبتعاد عنه في آن معا , شعرت مثل طفل رمى لعبته ثم يبكي يريد أسترجاعها.
هتفت كارن فرحة:
" أذا كان كل شيء على ما يرام سأتوجه الى مكان سكني , الى اللقاء غدا يا براندي , وشكرا مرة ثانية على الجولة الممتعة يا جيم".
لوحت كارن بيدها مودعة تحث الخطى نحو البوابة الرئيسية , ولمحت براندي جيم يراقبها بصمت قاتل, قررت ألا تدع ميولها الطفولية تسيطر عليها هذه المرة وتدفعها الى رفض دعوته , لم يكن من السهل عليها غض الطرف عن طبيعته وهويته ,ولكن لا بأس ستقبل الأقتراح وتستسلم للأمر الواقع , ومع ذلك ظلت أعصابها في حالة من التوتر الخانق.

Rehana 16-06-14 11:57 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
رفعت براندي يدها معلنة:
"هيا بنا!".
فوافق جيم بوميض من عينيه الساخرتين وسار وأياها نحو موقف السيارات , أحست براندي بشيء من الضياع في غياب صديقتها كارن, تلك المخلوقة العجيبة التي لا تجد صعوبة في طرق أي موضوع , وها هي الآن تخونها الكلمات , فيسود جو مصطنع رهيب.
ألقى عليها التحية عدد من أعضاء طاقم الفيلم بدون تكلف كأن وجود براندي مع جيم مسألة طبيعية جدا ,ولم تلحظ أي أهتمام حول غياب الممثلة السمراء وأحتلالها مكانها بهذه السهولة.
مرت صورة لارين في ذهن براندي بكل جموحها وحيويتها , ترى هل يصر جيم على مرافقتها الى منزلها ليزيد في غيظ الممثلة اللعوب؟ ولماذا؟ أن المجلات والصحف لا تبرز سوى علاقة ودية حميمة بينهما ,ومع ذلك لم يفتها أن جيم تصرف بصورة عدائية ظاهرة أتجاه لارين أكثر من مرة أمامها.
راحت الأسئلة تتلاطم في بحر أفكارها وهي تزداد أضطرابا وحيرة , لم يسبق لها مواجهة حالة كهذه , كانت علاقتها مع الجميع واضحة , مباشرة وبسيطة , أما الآن فأن جيم كوربت يحولها الى كتلة من المشاعر المتضاربة فتفقد الرؤية وتغرق في لجج من التناقضات الغامضة.
سألها جيم وهو يفتح لها باب سيارته الفخمة :
" لماذا هذا التجهم والعبوس؟".
منتديات ليلاس
هزت كتفيها وهي تحاول السيطرة على أعصابها وتجلس في المقعد الأمامي الوثير :
" هل أنا متجهمة؟ كنت أفكر.... حول أشياء تافهة".
أغلق بابها بدون أي تعليق وتوجه نحو مقعد القيادة , أدار المفتاح وبدأت السيارة تتقدم نحو المخرج , سألها ثانية وهو يبحث عن فجوة للأنضمام الى الطريق العام:
"ما الذي يقلقك يا براندي؟".
أجابت متعجبة:
" يقلقني! ماذا تعني؟".
قال بلهجة واثقة:
" هل تصارعين عقدة النقص في داخلك وأنت تدعين جيمس كوربت يقودك الى البيت؟".
صححت براندي عبارته بعذوبة :
" أنا لا أشعر بعقدة النقص أتجاهك يا جيم".
رد عليها وهو يضاعف سرعة السيارة:
" خامرني هذا الأنطباع عندما رفضت دعوة العشاء".
كررت بأستنكار:
" أنا لا أشعر بالنقص أتجاهك , كل ما في الأمر أننا نعيش في عالمين مختلفين".
قال لها:
" شاهدت جانبا من عالمي اليوم وأجتمعت ببعض الأشخاص الذين أعمل معهم , هل وجدت أنك غير قادرة على معاشرتهم كأي أشخاص آخرين؟ هل يختلفون عنك كثيرا ,عن الناس الذين تختلطين بهم؟".
أنها أسئلة مفحمة ...فكرت براندي وهي تعترف بمضض:
" كلا!".
وعاجلها بسؤاله:
" أذن لماذا لا تعيدين النظر في قرارك؟".
سألته ببراءة:
" أي قرار؟".
فظل محتفظا بهدوئه:
" قرار تناول العشاء معي".

Rehana 16-06-14 11:57 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
تمنت براندي في قرارة نفسها التراجع عن رفضها , أرادت أن تقول نعم لجيم هذه المرة , لكن الكلمات تجمدت في حلقها , أنها تدرك مدى عنادها وقوة رفضها في الماضي , أكتفت بالنظر خارج شباك السيارة وهي تكاد تتحرق غيظا من طبيعتها المكابرة.
تركها جيم وشأنها متفاديا أنتزاع أي جواب منها , وخفف سرعة السيارة ثم أنعطف نحو طريق جانبي وأوقف المحرك , تطاير الشرر من عينيها ولا ترى مبررا لأيقاف السيارة في هذا المكان المعزول , وصاحت:
" لماذا توقفنا هنا؟".
فتح الباب وترجل يتحداها قائلا:
" أنه مكان هادىء ملائم للسير على الأقدام".
تلعثمت براندي وهي تحاول فك لغز هذه المفاجأة:
" ولكن ... أهلي يتوقعون عودتي الآن, علي أعداد طعام العشاء في هذا الوقت".
أجابها بتهكمه المعهود:
" لم أقترح قضاء الليل بكامله هنا , بل التنزه قليلا , أنك أمرأة ناضجة الآن ... لا أعتقد أن والديك سيقلقان عليك أذا ما تأخرت ساعتين على الوصول , أما بالنسبة الى طعام العشاء فثقي تماما أن والدتك ستدبر الأمر بدون مشقة".
لم تجد براندي فائدة من مجادلته , أستسلمت للأمر الواقع وترجلت من السيارة , أنتظرها لتنضم اليه , ثم أنطلقا سيرا على الأقدام.
كانت رمال الصحراء لا تزال دافئة رغم أقتراب غروب الشمس , وتكررت أمامهما مناظر أشجار الصبار السامقة والأجاص البري ونباتات المريمية.
خيم الهدوء بينهما وهما يمتعان الأنظار بأزاهير الشجيرات المبرمة , ويتنشقان عبيرا عابقا تحمله أجنحة النسيم العليل , كان كل ما يحيط بهما ينبىء بأقتراب فصل الربيع وبهجته ونضارته, مشيا في تلك الغابة السحرية التي تمتد فيها أغصان الصبار كأيدي العمالقة , أو كأعمدة هيكل قديم نبتت في جدرانه الأعشاب والطحالب والأشواك الحادة.
ولأشجار الصبار نكهة عجيبة في تلك الأصقاع من ولاية أريزونا , وتتميز بقدرة غريبة على التشبث بالأرض الصحراوية رافضة الذبول أو الخضوع لعناصر الطبيعة المعادية , ويمتد عمر بعضها الى فترة تأسيس الولايات المتحدة نفسها ,وغمرت براندي أحاسيس من الرهبة والخشوع والأطمئنان وهي تفكر في هذه الشجرات الباسقة الأغصان , وتمتمت:
" أنها غابة تحفظ ذاكرة الأجيال!".
أعادها جيم الى أرض الواقع:
" أعتقد أنك لا تشعرين بالندم الآن؟".
رمقته لحظة ثم أجابت:
" لا لست نادمة , وأنا لم أمانع منذ البداية!".
سألها مستفهما:
" لم تمانعي؟".
فأعترفت بأبتسامة رقيقة:
" مانعت قليلا".
هدرت سيارة تنطلق مسرعة على الطريق العام وكأنها تذكرهما بالمدينة وبحضارة رغبا في الهروب منها , وعز على براندي أن تصحو من أستسلامها لجمال الطبيعة...
أمسك جيم بيدها مقترحا عليها التقدم نحو بقعة جديدة , وعلقت بصوت حالم:
" يحيرني بعض الناس الذين لا يحبون الصحراء ,حتى صديقتي كارن تؤكد أن الصحراء قبيحة وقاحلة وقاسية".
رد جيم بعفوية:
" أنها مسألة ذوق ومزاج حسب أعتقادي".

Rehana 16-06-14 12:00 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
لم يكن جوابه شافيا , أنها تريد معرفة رأيه بالصحراء , الويل له أذا ما أبدى عدم أهتمامه بهذا الجمال الطبيعي الأخاذ! فقالت:
" وهل تحب الصحراء يا جيم؟".
جاء جوابه واضحا وبسيطا:
"نعم أحبها!".
أعلنت براندي وعيناها تلتهمان المناظر الخلابة التي أضحت جزءا من حياتها منذ نعومة أظفارها:
" لا أتمنى العيش في أي مكان آخر من العالم".
فوافق قائلا:
" هذا هو شعوري بالضبط".
رمقته متعجبة:
" ولكنك لا تعيش هنا".
أبتسم منبسط الأسارير :
" من قال لك ذلك؟ أقطن في هذه الناحية منذ سنين طويلة , ولكنه سر لم أفش به لأحد".
ألحت عليه بصوت يخالطه الشك:
" ولكن أين تقطن؟ لا يعقل أنك تسكن في هذا الجوار!".
هز كتفيه:
" أذا كنت تقولين أنني لا أقطن هنا , فليكن".
منتديات ليلاس
وأدركت فجأة أنه صادق الكلام وهي تتمعن في وجهه فقالت:
" يبدو أن كلامك صحيح , أنك تعيش فعلا في أريزونا".
وأومأ برأسه موافقا.
تابعت براندي تحاول أخفاء لهفتها حول معرفة مكان سكنه:
" ليس من الضروري أن تخبرني أين تسكن بالضبط".
أجابها مشبعا فضولها:
"لا مانع لدي من أخبارك, لا أعتقد أنك ستذيعين الخبر , وأنت تعلمين تماما مدى حرصي على حياتي الخاصة , أن بيتي في مزرعة سوارو".
فغرت فاها مشدوهة مستنكرة:
" ولكن المزرعة تملكها شركة كبيرة في كاليفورنيا!".
وافق جيم بهدوء:
" هذا صحيح, كل ما في الأمر أنني أملك الشركة كلها ".
ضحكت لبرهة قصيرة محاولة أستيعاب هذه المفاجأة الطريفة:
" لا أدري ماذا أقول!".
ومد لها حبل الأنقاذ:
" لماذا لا تقولين ... مرحبا يا جار؟".
أنفرجت أساريرها مادة يدها تصافحه بأغتباط:
" مرحبا يا جار.".
وظل ممسكا بيدها وهي تتابع:
" لكن كيف تستطيع أخفاء وجودك هناك؟".
أجابها :
" يوجد مطار صغير قرب المزرعة , فأهبط وأقلع بطيارتي دون لفت أنتباه عامة الناس".
وأثارت نقطة أخرى:
" ولكن الناس الذين يعملون في المزرعة يعرفون أليس كذلك؟".
قال هازئا:
" نعم , مع ذلك أنا الذي أدفع أجورهم , فأشتري صمتهم أيضا".
تأوهت براندي :
" لا شك أنهم أدوا مهتهم على أكمل وجه!".
فأعترف لها :
" حصلت بعض التجاوزات في السابق مما أثار اللغط هنا وهناك ولكنني قضيت عليها في المهد".

Rehana 16-06-14 12:00 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
مالت برأسها الى الجهة اليسرى:
" ولا تساور الشكوك أحد حول سكنك هناك؟".
رد عليها:
" هل ساورتك الشكوك أنت؟.".
وقالت كأنها تجيب نفسها:
" أعتقدت أن صاحب المزرعة دعاك للبقاء هناك أثناء تصوير الفيلم".
تراقصت عيناه بخبث وأعلن مقهقها:
" هذا ما تبادر الى ذهن الجميع , وهذا صحيح أذ أنني وجهت دعوة الى نفسي للعيش هناك".
لاحظت براندي أنه لا يزال يمسك بيدها , فقالت وهي تصارع مشاعرها الدفينة:
" أذن كنت جاري كل هذه المدة!".
ظل صامتا وبدأت الكلمات تهرب منها , لم يعد ثمة ما يقولانه, المساء الحالم , والأشجار المبرعمة ورمال الصحراء الدافئة تولت وحدها النطق بألف لسان ولسان , جمعتهما الطبيعة في هذا المكان المقفر ليقفا وحيدين يصغيان الى حديث العظمة والجلال , والقوى الخفية المنسابة في كل ذرة من هذا الفضاء الفسيح , أنها لحظات تبادر على الأنسان فجأة فيخال الأرض أجنحة تصفق حاملة القلب والمشاعر والعواطف الى عالم آخر لا أثر فيه للضوضاء أو الكذب أو الدمار.
ما أروعه وهو يعانقها هنا فتغرق في دفء الأحلام الوردية وتدفن كل همومها وتفاهات أيامها الرتيبة ولياليها الموحشة.
وبينما براندي تهيم هكذا بين الحلم والحقيقة والخيال والواقع سمعته يسألها بصوته المألوف:
" لا تقولي لي مرة ثانية أنك ترفضين تناول العشاء معي!".
وأحتارت براندي كيف يخامره الشك حول نواياها الآن , ففتحت فاها قائلة:
" أنا..".
ولم يدعها تكمل عبارتها ,بل حذرها قائلا:
" لن أتركك حتى أسمع كلمة نعم!".
أسدلت براندي أهدابها وكل جارحة في جسمها تقول نعم , أطمأن قلبه وهو ينتزع منها الموافقة قائلا:
" أذن هيا بنا الى السيارة".
طوقها جيم بذراعه وشرعا بالسير في طريق العودة , جلسا كل في مقعده داخل السيارة لحظة خالتها براندي دهرا , لم يدر جيم المحرك بل نظر اليها ليتكلم بهدوء:
" أن الشهرة أو النجاح لا يغيران شيئا من طبيعة الرجل يا براندي , فهو يحتفظ بكل صفاته السابقة , لكن أخطاءه او نقاط ضعفه تأخذ حجما غير طبيعي , وينطبق الأمر نفسه على حسناته , أن الأنسان لا يتغير , أن ما يتغير هو الأسلوب الذي يعامله به الآخرون , من أصدقاء وغرباء".
وتابع وعيناه تخترقان أغوارها:
" هل تفهمين ما أقول؟".
سمرت براندي نظرها على عينيه السوداوين , وشعرت بالسعادة تغمر قلبها وهي تفكر في معاني كلماته , ثم أردفت:
" نعم , أفهم تماما , تريد القول أنك الأنسان الذي أجتمعت به في الصحراء , وستظل هكذا , أن خيالي وحده هو الذي غير صورتك الحقيقية".
لم يتابع تفكيره الفلسفي , أغمض عينيه برهة ,وتنهد قائلا :
" أنا جيم كوربت أعلن رغبتي في سماعك مرة ثانية تعلنين قبولك تناول العشاء معي ليلة السبت".
تماوج صوتها يعبق بدفء الصحراء المترامية:
" أحب أن أتناول معك طعام العشاء ليلة السبت".

Rehana 16-06-14 12:01 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
واعن وفمه يزداد صرامة:
" لن أسمح لك بتغيير رأيك , وأنت تدركين ذلك! سأقوم بأختطافك أن دعت الحاجة".
أبتسمت براندي بحياء:
" أقسم لك أنني لن أغير رأيي".
وتمتم وهو يدير محرك السيارة:
" أترك الخيار لك , وسنرى".
أسترخت براندي في مقعدها والسيارة تتوجه الى الطريق العام ,وأستحوذت عليها مشاعر الغبطة الفائقة والتوجس المربك , أدركت في قرارة نفسها أنها تهيم عشقا بجيمس كوربت , نظرت اليه صامتة تتأمل وجهه الصارم الوسيم والذي لوحته الشمس بلون قرمزي , وغمرتها طمأنينة خفيفة الأجنحة .
ورغم أنهماك جيم بقيادة السيارة لاحظ تمعنها في محياه , لم ينبس ببنت شفة , بل أمسك يدها بلطف ولم يرخ قبضته طوال الطريق .
لم يوقف المحرك عندما بلغا مدخل المنزل , وأخذت عيناه تلتهمانها ألتهاما.
ثم قال:
" هل توافقك الساعة السابعة والنصف يوم السبت؟".
وافقت براندي بسرعة:
" نعم السابعة والنصف وقت ملائم ".
منتديات ليلاس
تردد جيم قائلا:
" ربما تأخرت قليلا , أننا نصور بعض المشاهد يوم السبت ,فأذا لم أصل في الوقت المحدد فلا تشعري باليأس".
طمأنته:
" سأنتظر لا تقلق".
قال ليتأكد من كل كلمة تقولها:
"لا سبيل الى التراجع يا براندي لأنني سأكون هنا , وأذا أضطررت للتأخر سأتصل بك هاتفيا".
أومأت برأسها :
" حسنا....".
ودعها بعبارات حارة تفوح منها رائحة أنتصار باهر , وقبل أن تتوارى داخل المنزل سمعته يكرر:
" لا تنسي , السبت السابعة والنصف!".
وكأنها تستطيع أن تنسى!

نهاية الفصل

اماريج 17-06-14 12:42 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
يعطيك العافية
روايةحلوة واختيار موفق كالعادة
ناطرين التكملة
:lol:

Rehana 17-06-14 06:25 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
الله يعافيك اماريج
منورة حبيبتي الرواية

Rehana 17-06-14 06:29 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 

7- أحضان المرارة


أضاءت غرفة الجلوس أنوار سيارة تتقدم من مدخل المنزل , وهتفت براندي وهي تتأمل شكلها في المرآة وأبتسامة والدتها تطاردها:
" ماما , أنه هنا , كيف أبدو؟".
لم يكن من السهل عليها أختيار الثوب الملائم ذلك المساء , هل ترتدي فستانا فائق الأناقة أم مجرد قطعة ملابس متوسطة الأناقة؟ وها هي الآن تقف أمام المرآة بثوب أبيض شاحب يبرز حسن قوامها وكتفيها وذراعيها اللتين لوحتهما أشعة الشمس , وتدلى من عنقها عقد لؤلؤي تمزج فيه الألوان الفيروزية كعينيها تماما , وبانت أذناها تزينهما حلقتان تزهوان فوق العنق الأهيف.
أكدت لها لينورا أيمس:
" أنك رائعة الجمال ".
أجابتها براندي وهي تسمع صدى أنغلاق باب السيارة بقوة:
" أتمنى ذلك ".
وحذرتها أمها مؤنبة :
" براندي , ما هذا الهراء؟".
طافت أبتسامة رقيقة ثغر براندي , كانت تقرأ أفكار والدتها , فهي تريد أن تقول أن جيم أكبر منها سنا وأكثر خبرة ويقود حياة مختلفة عن حياتها , وهو علاوة على ذلك , نجم سينمائي ذائع الصيت , أن والدتها تريد تحذيرها من التورط معه ,لكن براندي تعرف كل ذلك , فخاطبت والدتها وهي تعي عمق مشاعرها وصدقها:
" لا تهلعي يا أمي ,لم أعد طفلة صغيرة".
وما أن رن جرس الباب حتى عاد الأضطراب يسيطر عليها , أصطكت ركبتاها وهي تفتح الباب الأمامي , تبتسم بقلب مرتعش أمام الرجل الطويل القامة , منتصبا أمامها بسترته السوداء وقميصه الحريري.
راح يتأملها بتمعن من أخمص قدميها الى أعلى رأسها وخفقات قلبها تتسارع توجسا , لمحت في عينيه بريق الأعجاب فأستعادت هدوء أعصابها , مدت يدها وهي تسحبه الى داخل المنزل وهتفت كأنها تنبئه عن معنى الأنتظار القاتل:
" لم تتأخر عن الميعاد سوى ربع ساعة".
قال بكلمات خافتة:
" أنك ساحرة الجمال".
وقفا هنيهة يتجاذبان أطراف الحديث ,وتمنت براندي لو تحولت عيناه الى بحيرة تغرق في لجّتها وتستقر هناك , غاب عن بالها أنهما ليسا وحيدين في غرفة الجلوس الى أن نبهها سعال والدها .

Rehana 17-06-14 06:32 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أشتعلت وجنتاها بحمرة خجل رقيق وهي ترخي يد جيم , وأنفرجت أساريره قليلا فقالت له براندي:
" سأحضر حقيبة يدي ثم نذهب".
أجابها جيم وهو يخطو بتثاقل صوب والديها:
" لدينا متسع من الوقت".
وأردف مصافحا والدها:
" يسعدني أن أراك ثانية".
تبادل التحية والأسئلة الودية مع الأم والأب في حين كانت براندي تجلب حقيبة يدها , ثم عادت فخورة تتخذ مكانها قرب جيم , فسألها:
" هل أنت جاهزة؟".
هزت رأسها متمنية لوالديها ليلة سعيدة , وقال جيم لأمها وهما يخرجان:
" أطمئني يا سيدة أيمس أن أبنتك في أيد أمينة".
أبتسمت والدتها مستغربة وهي تنظر الى براندي , ولكنها لم تعلق بشيء , وعندما أصبحا في الخارج سألته براندي:
" كيف عرفت أن أمي قلقة حول ذهابي معك؟".
أبتسم جيم ممازحا:
" أنها ردة فعل طبيعية , لا تنسي سمعتي لدى عامة الناس".
أجابته بخفة:
" هذا صحيح , ترامت الى مسامعي قصص كثيرة عنك وكيف تتخلى عن علاقاتك العاطفية بسرعة خيالية".
فتح لها باب السيارة قائلا:
" هل أنت مشغولة البال؟".
فضحكت وهي تلمس دقة تعبيره:
" كلا, حتى الآن على الأقل".
صعدت الى مقعدها وهو يطمئنها :
"لا حاجة للقلق يا براندي".
منتديات ليلاس
ما الذي يعنيه , فكرت براندي ... هل يريد القول أن الأمور ستختلف من الآن فصاعدا ؟ كانت تتلهف للتمتع بكل دقيقة تقضيها معه , فقررت عدم الغرق في التساؤلات المرهقة , وخاطبها جيم وهو يتوجه بالسيارة صوب توسون القديمة:
" هل أنت جائعة؟".
" أتضور جوعا ( قالت وهي تسأله) الى أين نتوجه؟".
ذكر أسم مطعم عرفت موقعه لتوها مع أنها لم تزره سابقا , وعندما لم تعلق بشيء أستفهم:
" ما بالك؟".
أجابت بسرعة:
" لا شيء , لا شيء".
ثم أردفت:
" كنت أفكر أننا سنذهب الى مزرعتك لتناول الطعام , لم أكن متأكدة من رغبتك في التوجه الى مكان عام".
قال يتهمها مقطبا حاجبيه:
" هل أعتقدت أنني أخجل من الظهور معك أمام الناس؟".
أحتجت قائلة:
" لا , أعتقدت أنك تفضل خلوة هادئة".
وكاد يغمى عليه من الضحك , فسألته براندي متعجبة:
" ما الذي يضحكك الى هذا الحد؟".
نظر اليها بعينين تشعان أعتدادا بالنفس:
" لأنني أقنعت نفسي بعزوفك عن قضاء أمسية معي في البيت وبدون أحد آخر".
أشتعلت وجنتاها بلون قان يزيده أحمرارا خفقان قلبها المتواصل :
" الحقيقة أنني أشعر بالضعف عندما نكون وحيدين".

Rehana 17-06-14 06:32 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أجابها مداعبا .
" هذه المرة لن أجيب".
فكر هنيهة , قرر أن عبارته لا تشفي الغليل بل ربما أدت الى أساءة فهمه , أذن فليتابع حواره السابق:
" هل يرعبك وجودك معي وحيدة؟".
تنهدت تعبر عن صدق مشاعرها :
" كلا, أن وجودك معي يسعدني كثيرا".
فأرتسمت أبتسامة ماكرة على شفتيه:
" ليتك لم تنطقي بهذه الكلمات!".
سألته تريد سبر غموض أفكاره:
" لماذا؟ لماذا؟".
ورمقها بنظرة مفعمة بألف معنى ومعنى:
" لأنني لا أحب اللف والدوران في هذه المسائل , وأنت ما زلت في أول الطريق".
فكرت براندي صامتة في جوابه المقنع , أنه على حق فهي لا تعرف كيف سيتطور حبها له بعد , ومنذ أيام قليلة كانت ترفض رؤيته ثانية , ربما لأنها أدركت في قرارة نفسها أمكانية نشوء علاقة حب بينهما.
وما هي ألا دقائق معدودة حتى كانت السيارة تتسلق المنعطف الجبلي , فلمحا مدينة توسون تلألأ أضواؤها الخافتة في ذلك المساء , وبدت سلسلة الجبال التي تحيط بالمدينة تلقي بظلالها الطويلة كالأشباح الماردة .
غيّر جيم الحديث بلباقة:
" هل زرت هذا المطعم من قبل؟".
قالت:
" كلا , هل زرته أنت؟".
فطمأنها:
" نعم , أنهم معتادون هنا على أستقبال الشخصيات المعروفة , ولذلك لن نلفت الأنتباه عندما نصل".
كان ذلك صحيحا جزئيا كما أكتشفت براندي في وقت لاحق وهما يدخلان المطعم ,أذ تعرّف الجميع على جيم توا , حتى لو لم يكن ممثلا ذائع الصيت ,فأن شكله وحده يكفي ليلفت الأنتباه.
تقدم منهما المدير المسؤول وهو يحني رأسه بأحترام بالغ:
" أن وجودك شرف عظيم لنا يا سيد كوربت".
أكتفى جيم بأبتسامة باهتة وقال مشددا:
" نريد طاولة في ركن هادىء من فضلك".
توجها الى ركن معزول وفق مشيئة جيم , ولاحظت براندي أن الزبائن الآخرين يتعقبونهاما بنظراتهم الفضولية , لكنهم يعلنون عن ترحيبهم بجيم صامتين بدون طقطقة الكاميرات أو التوسل للحصول على توقيعه كما حدث في توسون القديمة , أدركت الآن معنى كلماته عندما قال لها أن وصولهما لن يلفت الأنتباه في المطعم.
فاتها أن الزبائن يتمعنون فيها هي الأخرى وبأهتمام مماثل , لم يكن الأهتمام بها نتيجة وجودها مع جيمس كوربت ليس ألا ,ولا بسبب تشابك أيديهما وهما يتوجهان الى الزاوية المعزولة , لا , أنهما محط أعجاب الجميع لوجودهما معا كثنائي يثير الشوق الى أجراء المقارنة بينهما ...
كان جيم طويلا , عريض المنكبين يطفح رجولة , في حين تضاءلت قامة براندي وهي تمشي بجانبه ضامرة القامة , رشيقة , وتضج أنوثة , ويبرز ثوبها الأبيض البسيط وشعرها الأشقر مقابل سواد عينيه وشعره وسترته الأنيقة.
تقدم جيم نحو الطاولة يسحب كرسيا لتجلس عليه , كان ركنا خافت الأضواء يعبق جوه بلقاء العشاق وقصص الغرام والحب , وحاول أن يمسك يدها وهما يتجاذبان أطراف الحديث , فأشارت بلباقة وعذوبة :
" أن عيون الناس تطاردنا , ستكوي الغيرة قلوب كل المعجبات".

Rehana 17-06-14 06:33 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
ورد مبتسما :
" وستكوي الغيرة قلوب كل الرجال أيضا!".
فتحت براندي لائحة الطعام لتتجنب نظراته , وقالت:
" بلا مبالغة!".
أجابها جيم بهدوء:
" أنا لا أبالغ أطلاقا , رأيت كيف يحدقون فيك ونحن نمر أمامهم , لا يوجد رجل في هذا المطعم ألا ويتمنى أقتناص مكاني".
رمقته بأستغراب فائق لكنه دفن رأسه في لائحة الطعام ,ترى هل يواصل تهكمه المعهود أم يحاول أثبات مواهبه المتعددة؟
وأخيرا حاولت أنتزاع جواب منه:
" أظن أنني أثرت فضولهم وهم يرونني في صحبة الممثل الشهير جيمس كوربت ".
هز جيم رأسه:
" ممكن".
ولكن أفكاره ذهبت الى أبعد من ذلك!.
قطع مجرى الحديث وصول النادل يبتسم بتهذيب منتظرا تلقي طلبات جيمس كوربت الذي مال بنظره الى الوراء وكانت كتفه تؤلمه قليلا , ولاحظت براندي للمرة الأولى ملامح الأرهاق ترتسم حول فمه , مضى النادل في سبيله بعد أن سجل قائمة طويلة من أصناف متعددة , وبادرته براندي:
" هل تعبت كثيرا هذا اليوم؟".
قال متأوها:منتديات ليلاس
" هل لاحظت ذلك؟ كان يوما مرهقا قضيناه في الركض على السلالم صعودا وهبوطا , وفي تحطيم الأبواب والتمرغ في الأوساخ".
وأردف يسخر من نفسه:
" أكتشفت قوة عضلاتي التي أهملتها طويلا , كان كأي يوم عادي في المكتب!".
وافقت براندي مبتسمة:
"هذا ما يبدو لي".
وأضافت لتثير غيظه:
" ويبدو لي أيضا أنك في حالة يرثى لها".
أجابها بدون أي تحسر في صوته:
" لم أعد في ربيع شبابي!".
عاد النادل بأطباق المقبلات , وتمهلت براندي وهي تنتظر أنصرافه , ثم قالت:
" يخيل الي! أنك شيخ عجوز ! كم هو عمرك .... ثلاثة وثلاثون؟".
أجابها يصحح معلوماتها:
" لم تمعني النظر في سيرتي ! أن عمري أربعة وثلاثون عاما".
صاحت براندي هازئة:
" أنك حقا شيخ عجوز!".
وفجأة رأت براندي السمراء لارين أيفنز تقترب منهما وهي ترتدي فستانا مزركشا يكشف مفاتنها الأخاذة ,تقدمت بخطى وثيدة يتماوج شعرها الداكن وتتراقص عيناها الحالكتان.
ما أصعب هذه اللحظة وبراندي تتضاءل أمامها جمالا وقامة وحسنا...
وها هو جيم ينهض واقفا على قدميه بدون أن يكشف عن مشاعره الحقيقية , لم تعرف براندي ما أذا كان مندهشا , مغتبطا أو منزعجا من وجود الممثلة المفاجىء , توجهت لارين مباشرة نحو جيم غير عابئة بنظرات زبائن المطعم , وربما بسبب وجود هذا الجمهور , وطوقته بذراعيها وهي تطبع قبلة على خده , وخلّفت وصمة حمراء على بشرته القاتمة.
صرخت لارين بزهو وأحتفاء مشيرة الى العلامة القرمزية:
" أنظر ماذا فعلت؟".
ثم مدت يدها الى جيبه وأخرجت منديله تمسح به خده بأسلوب الزوجة العفوي وهي تطمئنه مربتة على كتفه , وكانت براندي تتمزق غيظا , وعندما همت بوضع المنديل الأبيض في جيبه تلقفه جيم من يدها وأعاده بنفسه قائلا بجفاف:
" شكرا لارين".

Rehana 17-06-14 06:34 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أجابته معاتبة:
"أنا مستاءة منك جدا يا عزيزي لأنك غادرت بدون كلمة".
هدّأ جيم أعصابها قائلا:
" تأخرت في مهمة ضرورية".
وأردف محولا أنتباهه الى براندي:
" ألا تتذكرين الآنسة ايمس؟".
فحدجت براندي بعينين جامحتين:
" طبعا أتذكرها , أسمها براندي أليس كذلك؟ أنه أسم لا أنساه!".
" هذا صحيح آنسة ايفنز".
فألحت عليها وهي ترمق جيم:
" أرجوك أن تناديني لارين بدون تكلف , أن أشياء كثيرة تجمعنا معا!".
أدركت براندي أنها تعني جيم , القاسم المشترك الذي تتوخى كل منهما الأستئثار به , وتبادر الى ذهنها في تلك اللحظة الحرجة أنها غير قادرة على منافسة لارين أيفنز , فهي تخوض معركة خاسرة سلفا .
وألتفتت لارين نحو جيم تقول متملقة:
" أما أنت يا جيم فقررت أن أصفح عنك هذه المرة رغم خروجك الليلة بدون أنذار , أعرف جيدا مدى دقتك في مواعيدك , خاصة مع الفتيات , وطالما أنك أتيت الى الحفلة التي أقمتها فلن أؤنبك على القلق الذي سببته لي الليلة!".
نظرت براندي بعينين حائرتين الى جيم والأسئلة المرهقة تتدافع في ذهنها , ما الذي تعنيه لارين ؟ ما هي هذه الحفلة؟ أن جيم لم يذكر لها شيئا من هذا القبيل...
قال بثقة وأعتداد بالنفس:
" هل حفلتك هذا المساء يا لاري؟ أذكر أنك تحدثت عن الموضوع , ولكن المسألة كلها غابت عن ذهني للأسف الشديد ."
أعلنت الممثلة وأبتسامة خفيفة ترتسم على وجهها كأنها تدرك سبب نسيانه:
" أنك قليل الحشمة يا عزيزي , تعرف جيدا قولي لك أننا سنلتقي جميعا هنا الليلة".
جاءت العبارة الأخيرة لتضاعف حيرة براندي , أن القصة مع ذلك واضحة المعالم , لم يقع أختيار جيم على هذا المكان صدفة , بل تعمد أن تراه لارين مع براندي وهو يعرف منذ البداية أين ستكون ,وبغض النظر عن رغبته في الأنضمام الى الحفلة أم تجاهلها.
هتفت لارين:
" الآخرون في الغرفة المجاورة , لماذا لا تنضم الينا , وأنت ا براندي أيضا؟".
رفض جيم بلطف:
" لا, شكرا , أنا وبراندي نفضل البقاء هنا في هذا الركن الهادىء".
ردت لارين بقهقهة رنانة:
" ما هذا الهراء؟ كل فتاة تحب حضور الحفلات الصاخبة , أليس كذلك يا براندي؟".
كان قرارا صعبا , لم تعرف براندي بماذا تجيب , تمنت لو أن جيم يهرع الى أنقاذها , لكنه كان يتمعن في قسمات الممثلة السمراء , هل تقبل أم ترفض؟ أنها تأبى الأنجرار الى نقاش يخصهما وحدهما , آلمها تصرف جيم على هذا النحو ,فهو يستغلها بأسلوب جارح لا يطاق.
وهكذا رفضت براندي أعطاء جوابب قاطع وهي تفكر أن جيم غرر بها وحملها على تصديق نيته في قضاء سهرة هادئة معها وحدها.

Rehana 17-06-14 06:35 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أكتفت بالقول وهي تلقي نظرة خاطفة على جيم :
" لا ليس من الضروري أن تفضل كل الفتيات الحفلات الصاخبة!".
تجاهلت لارين جوابها وهي تلح عليها:
" ولكن فتاة شابة مثلك لا بد أن تحب الحفلات".
وتابعت توجه كلامها الى جيم:
" أعتقد أنها تنتظر قرارك , فهي لا تريد أغضابك بأتخاذ القرار الخاطىء".
حملق في براندي متجهم القسمات ليسألها:
" هل تودين الأنضمام الى الحفلة؟".
أرادت براندي أن تصرخ بأعلى صوتها رافضة , معلنة رغبتها في البقاء حيث هي معه وحده , ولكن كيف يمكنها قول ذلك؟ وهل من الضروري أن تفصح عن مشاعرها وهي واضحة لا لبس فيها؟ قالت تهز بكتفيها مشيحة بنظرها , غاضبة ومستاءة ومرتبكة في آن معا.
" لا مانع لدي".
هتفت لارين مزهوة:
" أرأيت أنها تريد أن تأتي , لكنها تخجل منك!".
قطب جيم حاجبيه وهو يومي لبراندي كي تنهض من كرسيها:
" أذن لننضم الى الحفلة هيابنا".
منتديات ليلاس
غمرت وجه لارين موجة الأنتصار وهي تتقدمهما الى الغرفة المجاورة , وقبض جيم على مرفق براندي كأنه يعاقبها , وتمهل ليبلغ النادل عن أضطرارهما للأنضمام الى بعض الأصدقاء فأضطرت براندي لأنتظاره , وهكذا وجدت لارين نفسها تتقدمهما بخطوات عديدة.
وغمغم صوت جيم فوق أذن براندي:
" لم يكن من الضروري التردد في الأنضمام الى الحفلة".
بادرت براندي الى رد تهمته :
" لو أردت الأنضمام الى الحفلة لقلت ذلك بوضوح , أن ما يريد الأنضمام هو أنت وليس أنا".
حدجها قائلا:
" أنا؟".
فدفعت رأسها الى الوراء تحدق أمامها مباشرة وقرطاها يتأرجحان فوق عنقها:
" أتينا هنا لهذا السبب أليس كذلك؟".
أستعاد مرحه وهو يضحك برقة:
" كدت أنسى صراحتك الباهرة , أذن لا مفر من الذهاب ".
سألته:
" أتعني القول أنك لم ترغب في الذهاب؟".
قال جازما:
" لم تعجبني الفكرة كثيرا , كنت أفضل قضاء سهرة هادئة معك".
وصلا الى قاعة الحفلة , وأنهالت على جيم التحيات من كل جانب , مما فوت على براندي متابعة الحديث معه وحمله على توضيح عبارته , في أي حال , أنه حتما لن يقول لها أن خروجه معها هدفه أثارة غيرة لارين خاصة وهو يعرف مدى تعلقها به.
ضمت القاعة حوالي عشرة أشخاص أضافة الى جيم وبراندي , أو كذا خيل اليهما وهما ينتهيان من تلقي عبارات الترحيب , وأكتشفت براندي أن الرجال أكثر عددا من النساء , نساء جذابات بعض الشيء , ولكن ليس الى الحد الذي يشكل منافسة فعلية للارين , وكأنها هي التي أختارت هذا العدد المحدود بالنسبة الى الرجال , وذلك بغية الأستئثار بأكبر أهتمام ممكن.
لم تتعرف براندي على أحد من مجموعة الرجال أو النساء , ولكنها شعرت أن الجميع يعرف كل ما يدور بين جيم ولارين , بدأ الأحساس بالضيق يجتاحها , وأذا بهذه الأجواء المصطنعة تكاد تخنقها خنقا, كان عزاؤها الوحيد قبضة جيم تشد على يدها مشجعة رغم محاولات لارين الماهرة لفصلهما عن بعضهما.

Rehana 17-06-14 06:36 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
ظلت براندي جالسة بجانب جيم لكن لارين أختارت مقعدا عن يمينه , متكئة بيدها على ذراعه على نحو عفوي , وأنطلقت الممثلة الجذابة تستفيض في الحديث عن تصوير الفيلم والمشكلات الفنية متحينة الفرصة للمشاركة قدر الأمكان.
جلس بجانبها رجل بدا أنه أتى الى الحفلة بمفرده , كان في مقتبل العمر لا يكبرها بأكثر من سنتين أو ثلاث , قال وهو يلقي التحية وفي عينيه الزرقاوين بريق حزين:
" مرحبا".
أجابته براندي متذكرة أنها صافحته عند دخولها:
" مرحبا كيف الحال؟".
سارع يقدم نفسه وهو يلاحظ عدم أهتمام براندي به:
" أسمي برايس كونفر , وأنت براندي!".
أبتسمت معتذرة وألتفتت الى جيم لترى ما أذا لاحظ وجود هذا الرجل بجانبها , فوجدته يصغي بشغف الى حديث لارين , تابع برايس كونفر يعلن بصوت أقرب الى الهمس:
" لا أتوقع منك أن تتذكريني , ولكنك لفت أنتباهي عندما كنت تزورين موقع التصوير مع جيم".
هزت براندي كتفيها يغمرها التلاشي والأرتباك:
"آسفة لم أعرفك , كان المكان يعج بالناس".
وغرقت في تلاطم أفكارها وكأنها مركب تتقاذفه الرياح العاتية , ها هي تجلس بجانب جيم وتعلم أنه لم يرغب بالمجيء الى الحفلة ومع ذلك تستحوذ لارين على أهتمامه الكامل ويتجاهلها هي , ولا يبالي بوجودها وعواطفها.
أجابها برايس بصوت ممزوج بالمرارة , ومع أنبعاث أنغام موسيقية حالمة من الزاوية المقابلة:
"لا بأس , هل ترقصين؟".
كادت ترفض بقوة , ولكنها لمحت لارين تلف يدها حول معصم جيم ويغرقان في حديثهما حول السينما والتصوير والأخراج , ترى هل سيلاحظ جيم غيابها من جواره؟ قررت أن تقبل عرض برايس للرقص معه , ونهضت على قدميها مبتسمة وهي تلاحظ تجهم الأستغراب يرتسم فوق وجه جيم , أسرع برايس مبررا الموقف وهو يضع ذراعه حول كتفي براندي:
" سألت براندي أن ترقص معي , هل لديك مانع يا جيم؟".
لم تمهل لارين جيم ليجيب بل قالت:
" طبعا لا مانع لديه!".
وأستدار برايس كونفر ممسكا بيد براندي حيث وجدت نفسها ترقص بين ذراعيه مقاومة محاولاته للألتصاق بها , مركزة أنظارها على جيم ورفيقته , لاحظ برايس أنها تشعر بالذنب فقال لها:
" الأفضل لك نسيان جيم , أنه ملك لارين الخاص".
حاولت براندي الظهور بمظهر اللامبالي:
" حقا؟ وهل يعرف هو ذلك؟".
أجابها برايس بأبتسامة ساخرة:
" الكل يعرف أن علاقتهما تمر بمرحلة صعبة الآن تتخللها مشادات كلامية عنيفة , هذا ما يسمى بصدام الشخصيات القوية المتشابهة , لكن النتيجة واضحة... كوربت هو الذي سيفوز في النهاية , لا بد لهما من أجتياز هذه المرحلة العابرة ككل العشاق يمكنك القول أنها نوع من الطقوس الغزلية".
تجمدت الدماء في عروق براندي , وأجابته:
" هكذا أذن؟ وما هو دوري في كل ذلك؟".
كاد رأسه يلامس ضفائر شعرها وهو يعلن:
" أنت الفتاة الجميلة الساذجة , أي نقيض ما تتصف به لارين من جاذبية وواقعية , ونادرا ما تنتهي الفتاة الساذجة البريئة بين ذراعي البطل كما تدل الوقائع الملموسة وبرغم ما تشاهدينه في الأفلام السينمائية , أنه يستغلك يا عزيزتي لأخضاع لارين والسيطرة عليها ".

Rehana 17-06-14 06:37 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أكدت كلماته كل الشكوك التي راودتها منذ أن وقعت عيناها على لارين , أرادت أن ترفض تصديق كل ذلك , غير أن الواقع الرهيب كان يصفعها ويقودها الى الأستنتاج ذاته بكل بشاعته وصفاقته.
توقف عزف الموسيقى , فسارعت براندي مبتعدة عن برايس الذي هز برأسه متهكما:
" ستبدأ أغنية جديدة بعد قليل , لنستمر في الرقص , أنهم لا يريدون وجودك هناك".
وأشار الى طاولة جيم.
" هذه مسألة لا تحتاج الى شرح".
لا ,لن تقبل الأمر الواقع , أن لارين أنسانة قبيحة لا تستحق أن تتخلى لها عن جيم وكل ما يمثله من رجولة وشهوة , توجهت بغضبها العارم وكبريائها الجريحة الى الطاولة , تاركة برايس يجرجر أذيال الخيبة وراءها , وها هو يطلق سهم في جعبته وقد أدرك مدى تصميم براندي على الأنضمام الى جيم ولارين:
" أنت مجنونة يا براندي , ستمزقك لارين أربا!".
منتديات ليلاس
أقتربت من الطاولة وجيم يحدق اليها بعينين حادتي النظرات كأنه يقرأ أفكارها ويلمس تأجج النار في فؤادها , وقبل أن تخطو الخطوة الأخيرة نحو مقعدها بجانب جيم , سد طريقها رجل يرتدي ملابس قاتمة أنيقة , ظلت براندي واقفة تنتظر تحركه , لكنه صاح وهو يربت على كتف جيم:
"مساء الخير يا سيد كوربت".
وألتفت الى لارين :
" مساء الخير آنسة ايفنز".
رد جيم بصوت يعلن عكس ما يبطن:
"السيد سبنسر , يا لها من مفاجأة!".
وهمس برايس في أذن براندي:
" أنه محرر أحدى الزوايا الصحفية".
ألقى الصحفي نظرة سريعة حوله وهو يوجه كلامه الى لارين:
" يبدو أنكم تحتفلون بشيء ما , هل أعلن أحد منكم خطبته؟".
رددت لارين بقهقهة ممزوجة بالمكر:
" لا أبدا يا سيد سبنسر , أنها مجرد فلتة في نهاية الأسبوع , يمكنك القول أنه أحتفال بعطلة الغد".
هز الصحفي رأسه بأسى مصطنع:
" يا لخيبة الأمل , أعتقدت أنني حصلت أخيرا على سبق صحفي يكشف عمق العلاقة بينكما".
أكد جيم خيبة أمل الصحفي بكلمات بالغة الجدية :
" تعرف يا سبنسر أننا نعمل معا في فيلم واحد , ومن الطبيعي أن نلتقي لمتابعة بعض المسائل , أنها مجرد علاقة صداقة وزمالة مهنية ".
وافقت لارين كاتمة أنزعاجها:
" هذا صحيح , لا تجمعني بجيم سوى صداقة ودية".
ضحك الصحفي مزهوا بنفسه:
" سأورد عبارتك حرفيا في زاويتي!".
أخترقت كلمات لارين صدر براندي كالسهم المسموم , أن هذه الممثلة تريد الأيحاء علاقة حميمة بينها وبين جيم , وراقبت الصحفي يودعهما بأضطراب وغثيان.
بذلت براندي جهدها لأخفاء أستيائها وألمها الدفين , لمست لمس اليد أن علاقة جيم بلارين أعمق وأبعد مما كانت تتصور ,لا , لا يمكنها أن تجلس بجانبه الآن , فلنبحث عن كرسي آخر , لكن برايس سحب كرسيها مشيرا عليها بالجلوس , فأنصاعت لطلبه بمضض وأشمئزاز.
وها هو جيم يطلب أطباقا متعددة الطعام بدون أستشارة أحد من الحضور , شعرت براندي ببعض الأرتياح وهي تلاحظ تحول أهتمام الحضور الى المآكل الشهية , هذا يعني أقتراب نهاية الحفلة ,ودنو عودتها الى منزلها.....


نهاية الفصل

زهرة منسية 18-06-14 08:31 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
صباح الخير ريحانتى
اختيار رائع جدا جانيت ديلى كاتبة مميزة بارع فى وصف المشاعر و التعبير عن الاحاسيس
حبيت كتير جيم دمه خفيف و واضح فى مشاعره
حبيت براندى كتير شخصية عقلانية اكتر و ما بتجر ورا مشاعرها و صريحة
استمتعت كتير بمتابعة الاحداث و بشوق للقادم
شكرا ريحانتى دايمن متميزة

تم الإرسال من جهازي GT-S6802 بواسطة تاباتوك 2

Rehana 18-06-14 04:44 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
مساء الانوار

وانا بعد حبيت البطل .. خفيف دم
ومثل ما وصفت بطلتنا عقلانية
العفووو حبيبتي

Rehana 18-06-14 04:47 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 

8- الفجر كاذب أحيانا


كانت لارين تشرف بنفسها على كيفية توزيع ضيوفها حول الطاولة , طالبة من براندي الجلوس بجانب جيم , الأمر الذي أثار أستغراب براندي حتى أدركت أن لارين أحتفظت لنفسها بكرسي عن يمينه.
وكالعادة كانت لارين تستأثر بالحديث , مع أن جيم حاول أكثر من مرة حث براندي على أبداء رأيها , غير أنها غرقت في صمت مميت , تاركة لأنفها الأشم يحكي قصة كبريائها الجريحة.
أنتهى الجميع من ألتهام أطباق الطعام المتنوعة ثم بدأوا بأرتشاف القهوة , وعندما قدم النادل ليملأ الفناجين مرة ثانية تململت براندي مبدية أنزعاجها من أمتداد السهرة أطول مما توقعت , أطلقت آهة عميقة مفصحة عن مشاعرها.
وتنبه جيم لوضع براندي السقيم , فنهض مسرعا يرفض المزيد من القهوة.
ثم سحب كرسي براندي وهو يرد على تعابيرها المستغربة:
" آن لنا مغادرة هذا المكان يا براندي!".
تعمدت لارين الأعتراض برغم عدم أنزعاجها الفعلي"
" بهذه السرعة ؟ لم العجلة؟ ما زالت السهرة في بدايتها".
أجابها جيم بحزم:
" أشعر بالأرهاق الشديد , كان يومي متعبا كثيرا".
ودع جيم الجميع , وأنصرف مع براندي متوجها الى سيارته , لم تبدر منه أية أشارة تنم عن شعوره الحقيقي , وذكرت براندي نفسها بعدم أهتمامها أو مبالاتها , وأنها لا تتمنى سوى العودة الى المنزل بأسرع ما يمكن.
غير أنها لم تكن صادقة مع نفسها , فهي تبالي وتهتم , أنها تحب جيم كوربت , الحب لا يصغي الى حكمة العقل والمنطق, أنه قدر محتوم لا جدوى من مقاومته أو الهرب منه.
تجاوزت السيارة حدود توسون وبراندي محتفظة بصمتها , ترفض ذاكرتها أستعادة بهجة القسم الأول من سهرتها ... وقبل أن تطل لارين برأسها لتكشف لها عن نوايا جيم الفعلية وأسلوبه الدنيء في أستغلالها لغايات تأبى الأنحدار الى مستنقعها , وبدون أنذار أوقف جيم السيارة قرب الدرب المفروش بالحصى , حبست براندي أنفاسها متوجسة ,وسألته بفظاظة :
" لماذا توقفت هنا؟".
أعلن بهدوء وهو يحملق في وجهها :
" أريد أن أعرف ما الذي يزعجك؟".
ظلت عيناها جامدتين :
" لا أفهم معنى كلامك".

Rehana 18-06-14 04:51 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أستطرد قائلا:
" حدث شيء كدر مزاجك , وأريد معرفة السبب ".
نظرت الى حقيبة يدها وقد بدت كالشبح في ضوء القمر الخافت , وقالت بصوت يضارع صوته هدوءا ورباطة جأش:
" أن ما تقوله لا أساس له من الصحة".
أجابها هازئا:
" أن صمتك أبلغ دليل على كلامي".
حامت على شفتيها أبتسامة شاحبة وهي ترد عليه متهمة:
" صمتي أنا؟ لم تنطق حضرتك بكلمة واحدة منذ أن غادرنا المطعم".
كانت عيناه تخترقان أعماقها وهو يدرس كل كلمة يقولها:
" لم أجد طريقة لأكسر حاجز الصمت الذي أحتميت وراءه أثناء العشاء , فقررت الأنتظار حتى أكتشف سبب أستيائك , أريد أن أعرف لماذا أنت غاضبة؟".
منتديات ليلاس
أنطلقت عبارته كأمر لا يرد , ضغطت براندي على شفتيها تتمنى لو نفست غيظها دفعة واحدة , مصرة في الوقت ذاته على أخفاء حبها لجيم , وأخيرا خرج جوابها دفاعي اللهجة مقتضبا:
" أنا لست غاضبة!".
كان ضوء القمر يتهادى على قسماته الصارمة , فأثار منظره في تلك اللحظة قشعريرة تؤكد لها أرادة هذا الرجل الفولاذية .
كرر كلامه طالبا جوابا نهائيا:
" أريد أن أعرف".
ظلت تخوض في داخلها صراعا أليما , متأرجحة بين التمرد والخضوع , لكن براندي لا تؤمن بالأستسلام من غير مقاومة , تركته يحدق في وجهها ما يحلو له التحديق , وأجابت بصوت التحدي:
" أكره أن يستغلني أحد , وأمقت معاملتي كمجرد آداة للتسلية ".
ساد التجهم وجهه:
"ماذا تقولين؟ أنا أستغلك؟".
زفرت غيظا وهي تبعد يده التي أمتدت تداعب وجنتها:
" آه... أرجوك. آن لك الأقلاع عن التظاهر بالبراءة , هل تظنني مغفلة , مغمضة العينين؟".
أنبسطت أساريره قليلا:
" لقد راودتني الفكرة , هلا شرحت لي كيف أستغلك؟".
قالت معترضة , وهي تكظم غيظها المتأجج :
" هل تحتاج المسألة الى شرح؟ أنا أعرف لماذا دعوتني الى العشاء الليلة , فلا حاجة للتظاهر بالغباء".
كادت قبضته تسحق أناملها الطرية:
" لماذا لا تكفين عن مخاطبتي بالألغاز؟ أين ذهبت صراحتك العفوية؟".
وأنفجرت كالبرق الخاطف:
" أعني لارين طبعا , وتلك السهرة المهزلة!".
تنفس الصعداء , هذا هو ما يزعجها أذن , أكتفى بالقول:
" فهمت الآن , أذن توصلت الى أستنتاج محدد بشأن لارين , ودوافع أصراري على دعوتك هذه الليلة".
قررت عدم التعليق على كلامه:
" هل نعود الى منزلي من فضلك؟".
أعلن جيم بمنتهى البرودة:
" قد تظنين أن من حقك سماع تعليل لكل ذلك , أطمئني فلن أقدم أي تعليل يرضيك!".
ردت بلهجة مهاترة:
" لم أطلب منك تعليلا أو تبريرا يا سيد كوربت".
كاد أن يلعن ساعة ألتقاها , فتاة عنيدة , مضطربة الأعصاب ... تارة تتوق الى كلماته ويديه وتلبية كل رغباته , وطورا تريد التخلي عنه ورفض رؤيته أو حتى الأصغاء الى وجة نظره.

Rehana 18-06-14 05:00 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
غرق في صمت عميق وهو يحس بحمم الألم تغلي في جوارحها...
أسند رأسه الى الوراء يحدق الى وميض النجوم البعيدة , كأنه يبحث بينها عن حل لهذه المشكلة المستعصية , وفجأة لمعت في ذهنه فكرة حاسمة , قاطعة , لا لبس فيها , أنها تحبه ,تعشقه , تغار عليه ,تريد الأستئثار به , تملكه , تدافع عنه ,ولا تدع أحدا سواها يدنو منه.
ألتقت عيناهما , وكأنهما يقولان معا أن اللغز لا يصعب حله , والحب قوة قاهرة يصعب التغلب عليها.
عانقها كما لم يعانقها من قبل , وكأن يدا خفية أمتدت الى أعماقها تزيل كل آلامها ومخاوفها وشكوكها , أستخفت بتصرفها الطفولي , وغمرتها سعادة عارمة كأنها وهج شمس ساطعة يتبخر أمامها جميع ما ترسب في قلبها وصدرها.
وتنحنح جيم قائلا:
" الأفضل أن أعيدك الى المنزل الآن!".
وقبل أن تعترض أدار محرك السيارة وأنطلق متوجها صوب منزلها , راح يحدثها بدون أنقطاع حول تصوير الفيلم والطاقم الذي يعمل معه , ولاحظت براندي أنه يطرق المواضيع نفسها التي وجدت صعوبة في فهمها أثناء السهرة وخلقت بعض الجفاء بينها وبين المجموعة , أدركت مدى تقديره لها وتفهمه لطبيعتها الحساسة .
أوقف السيارة أمام مدخل منزلها الذي كان يغرق في ظلام دامس بأستثناء ضوء خافت قرب الباب الأمامي ,وسألته براندي:
" ما رأيك لو دخلت معي لشرب فنجان قهوة".
رفض بسرعة:
" لا, علي النهوض باكرا لتصريف بعض الأمور المهمة".
تجهم وجهها وهي تتذكر قول لارين عن الأحتفال بعطلة الغد:
" ولكن غدا ليس يوم عمل؟".
صحح كلامها:
"أننا لن نقوم بأي تصوير غدا , ولكن علي مراجعة بعض النصوص وعقد أجتماع عمل مع دون , مدير أعمالي , أنه يوم مليء بالشغل".
أبتسمت أبتسامة صفراء محاولة أخفاء خيبة أملها أذ كانت تمني نفسها برغبة جيم في قضاء بعض اليوم التالي معها:
" طبعا , فاتني كل ذلك".
سألها :
" هل تنهضين باكرا؟".
فنظرت اليه مستفهمة:
" في بعض الأحيان ,لماذا؟".
ولم تتوقع جوابه اللبق:
" أحب التنزه على الحصان عبر الصحراء في الصباح الباكر وقبل أرتفاع حرارة الشمس , هل تودين الركوب معي غدا؟".
وهتفت:
" نعم!".
فأردف :
" هل الخامسة والنصف وقت مبكر؟ سأجلب حصاني الى هنا ".
وافقت بسرعة :
" عظيم جدا!".
قال وهو يفتح باب السيارة:
"الى اللقاء غدا صباحا".
أنتظر في سيارته الى أن فتحت الباب وغابت عن الأنظار , ولم تدرك براندي الا بعد رحيله أنه حافظ على كل كلمة قالها حول عدم أضطراره لتفسير أي شيء عن لارين, ولم تلبث أن غطت في نوم عميق.
سكبت براندي بعض العصير في كأس صغير , وجرعته دفعة واحدة وهي ترنم لحنا بأبتهاج ومرح , وما كادت تغلق الثلاجة حتى ترامى الى أذنيها وقع خطى في البهو الخارجي , نادى والدها متقدما نحوها بشعر شعثه النوم , وملامح تعلوها أمارات الأسغراب:
" براندي! ماذا تفعلين في مثل هذه الساعة المبكرة؟".

Rehana 18-06-14 05:02 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
أجابته كأنها تعلن عن فوزها بجائزة ثمينة:
"سيأتي جيم بعد قليل لنمتطي الخيل في نزهة صحراوية ".
قطب ستيوارت أيمس حاجبيه مسمرا نظره على ساعة الحائط :
" الآن , في الساعة الخامسة صباحا!".
سكبت براندي مزيدا من عصير البرتقال وهي تقول:
" دقق النظر مرة ثانية يا أبي , أنها الخامسة والنصف!".
" أن الفجر لم ينبلج بعد!".
أسرعت براندي نحو شباك المطبخ وهي تسمع هدير سيارة , ورأت قاطرة شاحنة صغيرة تنقل حصانا وهي تتوقف أمام المدخل , تناولت سترتها الجلدية وقالت:
" أنه هنا يا أبي , القهوة جاهزة , قبل أمي عني.....".
توجهت نحو الباب الجانبي مطمئنة البال وقد أسرجت حصانها قبل تناول وجبة الفطور , أوقفها صوت والدها وهو يسألها:
" أخالك تجهلين معنى أنبلاج الفجر؟".
سألته:
" لماذا؟".
وحاولت الضغط على أعصابها , مع أنها لم تكن مستعدة لسماع محاضرة علمية الآن وجيم ينتظرها في الخارج.
تابع ستيوارت أيمس:
" أنه وقت العشاق والمتيمين!".
منتديات ليلاس
ضحكت براندي ووجهها يشع فرحا , وطبعت قبلة على خده منطلقة كالسهم الى الخارج.
كان حصان جيم يقف مشرئب الأذنين بسرجه ولجامه , وقوائمه البيضاء , يراقب بتمعن أقتراب براندي , وصاح جيم:
"صباح الخير".
فردت براندي التحية:
" صباح النور".
وقبل أن يسألها قالت:
" أن حصاني جاهز ينتظرني في الأسطبل وراء المنزل".
أمتطى جيم حصانه وتوجه مع براندي نحو الأسطبل .
كانت خيوط الفجر تتسلل ببطء فوق الأفق الشرقي عندما أنطلقا بحصانهما صوب الصحراء الخالية , والجو يعبق بشذى المريمية العطر , وأخذ حصان براندي العربي الرمادي يثب متبخترا , دافعا برأسه الى الوراء , يتقدم بزهو زميله الأكثر هدوءا , قالت براندي والشمس تطل بأشعة ذهبية شاحبة:
" ما أروع هذه اللحظة!".
ورد جيم:
" أنها رائعة حقا".
خيم الصمت عليهما وهما يمتعان الأنظار بولادة يوم جديد , تتدرج ألوانه ذهبية فبرتقالية وينكشف الفضاء الأرجواني عن زرقة عميقة , الى أن تصعد الشمس رويدا رويدا بأشعتها الذهبية , غير أن لغروب الشمس أبهة فريدة لا تضاهى.
كبح جيم جماح جواده فوق هضبة صغيرة وراح يتأمل المناظر الطبيعية المترامية , فهتفت براندي مدركة مدى تعلقه بالصحراء:
"أنه مشهد لا تمل منه العين".
أنحنى جيم نحو مقدمة السرج وأعلن:
" أن هذه الأرض تعلمنا كيف ننظر الى الحياة بمنظار صحيح , ليس الأنسان في الصحراء أكثر من مخلوق متواضع حيث تتلاشى قيمة الأشياء المادية , لا يمكن لمال الدنيا مضارعة منظر كهذا , كلما أتيت الى هنا أجدد ثقتي بنفسي وأجمع زادا لغدي".

Rehana 18-06-14 05:03 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
وعقّبت براندي:
" أذن أنت لا تأتي الى الصحراء لمجرد الهرب من الناس والتمتع بالعزلة".
هز جيم بكتفيه:
" أعتقد أن أنجذابي الى الصحراء يعود الى أسباب لا حصر لها ولا مجال لذكرها كلها , لنتابع نزهتنا , أن جوادي ينتظر بفارغ الصبر!".
وأنطلق الحصانان بخيب منتظم وبراندي تطرح سؤالا جديدا :
" كم سيستمر تصوير الفيلم في توسون؟".
أجابها:
" ليس أكثر من شهر".
فسألت:
" وبعد ذلك؟".
نظر الى الشمس كأنه يتبين الوقت من مدى أرتفاعها.
" بعد ذلك نعود الى لوس أنجلوس لوضع اللمسات الأخيرة ".
شعرت بالحزن وهي تتصور رحيله بعد شهر واحد ,كان رحيله مسألة لا مفر منها , لكنها رفضت الأعتراف بالنتائج المتربتة على غيابه بالنسبة اليها.
سألته وهي تحاول أخفاء عواطفها:
" ما الذي ستفعله بعد الأنتهاء من تصوير الفيلم؟".
قال وكأنه يقرأ أفكارها:
" وقّعت عقدا لتمثيل فيلم آخر, وسنشرع بالعمل فور الأنتهاء من الفيلم الحالي , وهكذا تجدي أنني غارق حتى أذني في العمل المتواصل حتى نهاية العام , وربما الى مدة أطول أذا ما نجح دون مدير أعمالي في تنفيذ أرادته".
وصمت قليلا ثم أردف:
" ولن نصور أي فيلم جديد في ولاية أريزونا".
لم تكن تتوقع هذه الصفاقة الحادة.
" أنك دائم التنقل من مكان الى آخر , وترحل الى معظم أنحاء العالم فلا يتسرب الضجر الى حياتك".
نظر جيم الى البعيد وهي تراقب تعبير وجهه الصارم وقال:
" لطالما أحببت السفر في السابق , المزرعة وحدا تجذبني للعودة والأستقرار".
وما معنى كلماته الآن؟ كيف يجرؤ على أتهامها بالغموض والتحدث بالألغاز وها هو يمارس الشيء نفسه! وأستوضحته:
" والآن , ألم تعد تحب السفر؟".
غطت ملامحه سحابة داكنة:
" الآن حان وقت عودتنا الى منزلك!".
تعمد أساءة فهمها , وظنت براندي أنه لم يحدد موقفا نهائيا منها بعد , ربما بسبب لارين؟ عادت تعذبها الحيرة وهي تكاد تقضم شفتيها قضما موجعا ,وسارت في أعقابه محطمة الآمال , مهشمة الأجنحة , وفجأة لكزت حصانها وهي تتحدى جيم:
" لنعد الى المنزل سباقا!".
وراح حصانها العربي يعدو بأقصى سرعته ,ولم يملك جيم ألا تلبية التحدي مطلقا لفرسه العنان , ترامت أمامها الصحراء مرحبة منادية , وبراندي تتصدر ميدان السباق , مرخية ضفائرها لنسيم لصباح المنعش ,ظلت تحث رشاد للأسراع أكثر فأكثر , لكن جيم لم يكن أقل حماسا , فما لبث أن تقدم حصانه حتى أصبح يعدو عنقا لعنق مع زميله العربي.
وها هو الآن يمد رأسه متجاوزا رشاد قليلا , وهنا وبحركة سريعة أمسك جيم اللجام بين يدي براندي , مؤديا الى أبطاء عدو الحصانين الى مجرد خبيب خفيف , فصاحت براندي لاهثة:
" سبقتك لمدة لا بأس بها!".
أجاب جيم مقهقها:
" تستطيعين تكرار تفوقك ثانية , أن حصاني يجيد العدو لمسافات قصيرة لا تجاوز الميل , بعد ذلك يحتل حصانك العربي الميدان بدون عناء".
قالت براندي , والحصانان ينفخان ويلهثان:
" لا ليس صحيحا , أنك قررت العدول عن السباق وأنت تتقدمني".
قرّب حصانه منها :
" نعم, كنت في المقدمة , مما يعني أنني الفائز أليس كلك؟".
أبتسمت براندي معترضة:
" لأنك لم تكن مستقيما".
وأجاب :
" أن أستقامتي مضرب الأمثال!".
وتهادى الجوادان بتمهل عبر الصحراء يحملان قلبين عاشقين يخاف كل منهما غموض المستقبل...
قال جيم بعد هنيهة:
" أذا لم يطرأ أمر مفاجىء , سأقضي أسبوعا حافلا بالعمل , وسأضطر للشغل حتى ساعة متأخرة من الليل , لذلك لن أتمكن من رؤيتك حتى نهاية الأسبوع , ولكن سأتصل بك هاتفيا في أي حال".
تمنت برادي لو أتى على ذكر شيء أكثر تحديدا بالنسبة الى نهاية الأسبوع.
" لا بأس , أتفهم وضعك".
أنتصبت صورة لارين في ذهنها ... حسناء ,لعوب , تلتقي بجيم كل يوم من الأسبوع المقبل , فألتهبت الغيرة في قلبها لاذعة , حادة ,حارقة.

نهاية الفصل

زهرة منسية 18-06-14 05:16 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
العلاقة بينهم بين شد و جذب لكن جيم دايمن متفاهم

رغم انه لما بيتعصب منها بيكون عسول خالص

ريحانتى انا بلعن حبى لبطلك جيم حييته كتيرررر :)

Rehana 19-06-14 01:35 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
هههههههههههه

خلاص جيم لك ^-^

بصراحة البطل ينحب

Rehana 19-06-14 01:39 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
9- الخروج من الشرك


صاحت كارن:
" براندي أنك مطلوبة على الهاتف".
وأبتسمت لزبون دخل الحانوت هامسة في أذن صديقتها:
" أنه هو".
مشت براندي نحو الهاتف بخطى وئيدة , وبعكس تسارع نبضات قلبها , أذ بعد مرور يومين كادت تيأس من أتصال جيم بها , تمالكت أعصابها رافعة السماعة:
"هالو".
أجابها بحماس:
" براندي؟ أنا جيم , أرجو أن لا تعترض صاحبة الحانوت على المكالمات الخاصة".

Rehana 19-06-14 01:41 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
سرت قشعريرة عذبة في شرايينها وهي تسمع صوته الدافىء وطمأنته قائلة:
" لا أبدا".
وعاجل يسألها :
" هل أنت حرة هذا المساء؟".
قفز قلبها في داخلها :
" نعم".
فأستطرد :
" لم يسمح لي وقتي للأتصال بك من قبل , توم مكويد أحد الممثلين وجين بيكر سكرتيرة المدير توجها الى المكسيك الليلة الفائتة وعقدا زواجهما , وقررنا الأحتفال بالنبأ السعيد فور الأنتهاء من التصوير في نهاية هذا اليوم , هل تأتين؟".
كانت ردة فعلها الأولى أن تقول نعم بلا تردد , ثم أستغربت عدم دعوته للممثلة لارين , أو هل ينوي أستغلالها ثانية لأثارة يرة لارين؟ قطع صوته حبل أفكارها:
" براندي؟".
لفت شريط الهاتف بعصبية حول أصبعها:
" نعم , ما زلت معك , قد يكون من الأفضل لك دعوة لارين عوضا عني , فهي تعرف الجميع وتتقن الأندماج مع هذه الأجواء".
منتديات ليلاس
صمت جيم هنيهة ثم قال بحزم:
" لو أردت أصطحاب لارين الى الحفلة لما كنت دعوتك , هل تودين المجيء أم لا؟".
همست:
" نعم أود المجيء".
فأردف مغتبطا:
" حسنا , سأبلغ المسؤول عند البوابة ليتوقع حضورك بين الساعة السادسة والسابعة , علي العودة الى التمثيل الآن , الى اللقاء في المساء أذن".
وأقفل جيم خط الهاتف قبل أن تجيبه بكلمة , حملقت براندي في السماعة المتدلية من يدها متمنية لو رفضت دعوته وبغض لنظر عن لهفتها لرؤيته.
وبعد الساعة السادسة بقليل كانت براندي توقف سيارتها في المكان المعهود من مدينة توسون القديمة , ظلت جالسة في مقعدها للحظات تتمنى لو تملك القدرة لتقفل راجعة , ولكن هيهات, لا بد لها من وضع جدية جيم على المحك وأكتشاف مدى رغبته في دعوتها الى الحفلة.
مشت نحو المبنى الأمامي تساورها الشكوك حول دناءة أستغلالها مجددا ,كان الرجل الأصلع نفسه الذي رأته في زيارتها السابقة ينتظرها بأبتسامة عريضة هاتفا:
" مرحبا آنسة أيمس , كنت أتوقع وصولك".
أجابته بأبتسامة شاحبة:
" ذكر لي السيد كوربت أنه سيبلغك عن مجيئي ".
وسارع ينادي مساعده ليرافقها الى الداخل قائلا:
" مساعدي تروي سيرافقك الى مكان الحفلة".
وما هي الا مسافة قصيرة حتى ترامت الى أذني براندي أصوات الجلبة والضحك والهرج والمرج , فعلقت:
"يبدو أن الحفلة قد بدأت!".
رد مرافقها:
" بدأت منذ ساعتين , ولكن ما زال الضيوف يتوافدون".
وأستفهمت تريد الأستطلاع عن جيم بأسلوبها الخاص:
" هل وصل الجميع؟".
وجاءها الجواب:
" سينضم السيد كوربت الى الحفلة بعد قليل".

Rehana 19-06-14 01:41 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
وما أن بلغا أطراف حلقة المحتفلين حتى رأت شخصا مألوف المظهر يغادر شلة أصدقائه ويتقدم صوبها , هتف برايس كونفر بلهجة ممزوجة بالسخرية:
" يا للعجب , يا للعجب , لا أكاد أصدق عيني!".
وتابع:
" أنها تلك الفتاة البريئة أتت لتجرب حظها مرة ثانية!".
تجاهلت براندي كلماته النابية بالقول:
" مرحبا سيد كونفر".
أصر عليها:
" لنرفع الرسميات , نادني برايس".
وخاطب المرافق بغطرسة:
" يمكنك الأنصراف الآن , أن الآنسة أيمس تحت عنايتي!".
أنحنى المرافق مودعا براندي , وعاد أدراجة ممتعضا من أسلوب هذا الرجل المتعجرف, وخاطبت براندي كونفر بقساوة:
" لم يكن من اللائق صرفه بهذا الأسلوب , أن بعض التهذيب لا يضر".
فقال بصوت مستنكر:
" وما فائدة التهذيب؟".
حدجته براندي مستغربة:
"هل من الضروري وجود فائدة أو نفع لكل شيء؟".
تناول برايس كونفر يدها وضمها تحت أبطه هاتفا:
" طبعا , لكل عمل غاية محددة!".
سألته وقد صدمتها صفاقته:
" وما الغاية من توددك الي؟".
أكد لها:
" أنها غاية مفيدة جدا!".
حثته براندي على كشف نواياه:
"وما هي؟".
قال ببساطة:
" طلبت مني لارين أستضافتك وأكرامك".
لم تتمكن من سحب يدها بعيدا عنه:
" وما هو سبب نزولك عند أرادتها ؟ هل أنت تعشقها أم ماذا؟".
قهقه بصوت عال:
" كل ما في الأمر أن لارين ستصل الى القمة كنجمة سينمائية , أنا شخصيا لا أعتقد أنها تملك المؤهلات الكافية لذلك , ولكنها ستتألق كنجمة عالمية بطريقة أم أخرى ,ومن المفيد أكتساب صداقة أناس بهذا المستوى , أذ أتوقع منها أن ترد خدماتي بأقتراح أسمي للعب دور بارز في أفلامها المقبلة".
تنهدت براندي:
" أنك مجرد مرتزق!".
فأبتسم برايس:
" هذا ليس أرتزاقا , أنه طموح وعزم , هيا بنا لتناول بعض المرطبات".
حاولت براندي فك أسار يدها بدون جدوى:
" أستطيع أن أتدبر أمري وحدي , شكرا".
قال متملقا:
" سأكون الليلة مثل ظلك ولن أسمح لك بالتخلص مني , فمن الأفضل أغتنام هذه الفرصة!".
نظرت اليه غاضبة:
" لا شكرا".
طغت على صوته سخرية لاذعة:
" هل تعللين النفس بشهامة جيمس كوربت لأنقاذك؟".
فذكرته بأعتداد:
" هو الذي دعاني!".

Rehana 19-06-14 01:43 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
قال هازئا:
" هل سألت نفسك عن الدافع وراء الدعوة؟".
ضحك وهو يلاحظ أضطرابها فقادها الى حلقة الحفل حيث يتجمع الناس , وأخيرا تمكنت من أطلاق سراح يدها التي حجزها تحت أبطه طوال هذه المدة, وأخذت تجيل نظرها في الحضور بحثا عن وجه جيم ولكن بدون جدوى , وتمتم برايس:
" كفي عن التفكير به!, ومتعي نفسك بالحفلة!".
قالت متأففة:
" وما رأيك لو تدعني وشأني؟".
أجابها متعمدا التحدث بصوت عال:
" لا يسمح... ضميري بأهمالك وتركك وحيدة".
وأستطرد يقدمها الى بعض الذين وقفوا بقربهما:
" هل تعرفت على توم وماري يا براندي؟".
وأدارها بخفة متناهية صوب توم وماري , وبراندي تعتذر عن عدم تعرفها عليهما , ولم يذكر برايس أي شيء حول مجيئها بناء على دعوة جيم , فوجدت نفسا في مأزق صعب لا تدري كيف تبرر حضورها.
عزت نفسها أن برايس قد كف عن تهكمه اللاذع , لكنه عوض عن صمت لسانه بألتفاف ذراعه حول خصرها , وعلى نحو دفع براندي الى الرضوخ للأمر الواقع , وبينما هي غارقة في صراعها تبحث عن أسلوب للأبتعاد عن برايس , سمعت جيم يهتف من الوراء :
" كم أنا مسرور لرؤيتك مع بعض الأصدقاء!".
أستدارت لتوها نحو جيم , فرأته واقفا وراءها مع لارين وهي تبتسم بأرتياح ماكر , أشتعلت وجنتا براندي غضبا وأستياء .
منتديات ليلاس
زاد برايس الموقف سوءا بقوله:
" لا يا براندي, لماذا يعذبك ضميرك هكذا؟ سيظن جيم الآن أن شيئا ما يدور بيني وبينك!".
تمنت براندي لو تصفع هذا الوجه القبيح , لكنها ضبطت أعصابها وهي تفكر في اللغط الذي سيثيره عمل كهذا , قررت تجاهل برايس كليا , وسألت جيم بهدوء:
" هل فرغت من عمل اليوم يا جيم؟".
قال بأقتضاب:
" نعم".
وعقب برايس بخبث:
" تعني أنكم وضعتم اللمسات الأخيرة على ذلك المشهد الغرامي بينك وبين لارين؟".
نظرت لارين الى جيم بأبتسامة حميمة:
" نعم , ختمنا المشهد بنجاح بعد قضاء نهار كامل تقريبا!".
أحست براندي بالدوار وهي تتصور لارين بين ذراعي جيم طوال النهار وأعلن جيم فجأة:
" والآن أعذرينا يا لارين , سأصطحب براندي لتقديم التهاني الى العريس والعروس".
لم تتوقع براندي أعلانه المفاجىء وحرمان نفسه من صحبة لارين, أو ليس بهذه السرعة على الأقل , وبدت أمارات الأستغراب على لارين هي الأخرى ولم تستر أمتعاضها البالغ , لكنها عوض الأعتراض أبتسمت قائلة:
" بلّغ العروس جيني أنني سأراها فيما بعد".
هز جيم برأسه :
" طبعا".
أمسك برايس بيد براندي وهو يقدمها لجيم:
" أنها الآن بمعيتك يا جيم!".
وضغط برايس على معصم براندي بطريقة أطاحت بكأس العصير من يدها , فأنصب السائل فوق فتحة فستانها الأمامية .

Rehana 19-06-14 01:45 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
وصاحت لارين حانقة وهي تأخذ منديل جيم الذي أخرجه من جيبه:
" برايس ! أيها المغفل! أنظر ماذا فعلت؟".
راحت لارين تجفف ذراعي براندي التي وقفت مشدوهة تكاد لا تصدق أهتمام هذه الممثلة اللعوب بمظهرها , وأحتج برايس مدافعا عن نفسه:
" آسف أنها غلطة شنيعة غير مقصودة!".
لكن لارين تابعت تأنيبها:
" هل فقدت عقلك؟ أن السائل سيخلف بقعة قبيحة قبل أن يجف".
ووجهت كلامها الى جيم :
" من الأفضل غسلها بالماء البارد , أن غرفتك هي الأقرب , هل تسمح لنا بأستخدامها ؟".
أخرج جيم المفتاح من جيبه وناوله للارين , وسألت ماري وهي ترى لارين تقود لارين أمامها براندي المندهشة:
" هل يمكنني المساعدة؟".
ردت الممثلة بأبتسامة باهتة:
" لا تزعجي نفسك , سنتدبر الأمر أنا وبراندي".
توجهتا الى غرفة جيم , وأدارت لارين المفتاح في قفل الباب وهي تومىء لبراندي بالدخول أمامها قائلة:
" يمكنك خلع فستانك هنا وسأملأ المغسلة بالماء".
بدأت براندي تتقدم نحو ممر ضيق وهي تحسب أنها أساءت فهم لارين طوال المدة الفائتة , لقد أعمتها الغيرة لدرجة التغافل عن طبيعة هذه المرأة اللطيفة المراعية لمشاعر الآخرين.
تلعثمت براندي:
" لارين, لا أعرف كيف... أشكرك على مساعدتك لي , وهذه البادرة اللطيفة.".
كانت الحنفية تتدفق في المغسلة ولارين تجيب:
" أنه واجبي!".
خلعت براندي فستانها فلم تجد سوى بقعة صغيرة على ملابسها الداخلية , وأقتربت منها لارين مادة يدها:
" أعطني فستانك".
وتابعت وهي تدير ظهرها :
" بالمناسبة يوجد في الخزانة على يمينك فستان لي يمكن أرتداؤه".
فتحت براندي الخزانة فوقع نظرها على الفستان القرمزي الحريري معلقا مع عدد من قمصان جيم وملابسه النظيفة , تجمد الدم في عروقها وسقطت أقنعة الأدعاء الكاذب وبراندي تدرك سبب لطف لارين وكياستها , وراودتها الشكوك حول الحادثة كلها , أنه فخ نصبته لها لارين.
لم يكن الهدف الأساسي من هذه المهزلة كلها سوى حمل براندي على أكتشاف فستان لارين في غرفة جيم , ولا بد أنه رآه معلقا هناك في المقدمة , وبلونه القرمزي الفاقع , لا شك أذن أن لارين أمرأة جيم , وهي تريد أقناع براندي بهذا الواقع مرة والى الأبد.
أنها طعنة نجلاء تمزق شغاف قلبها , تردد براندي لحظة قبل أرتداء الفستان القرمزي ,وما كادت تربط الزنار حول خصرها حتى سمعت لارين تسألها:
" ألا تريدين الأستفهام حول الفستان؟".
شدت براندي الزنار دافعة رأسها الى الوراء بكبرياء :
" أهذا ما تريدينه أنت؟".
هزت الممثلة السمراء كتفيها:
" ظننت أن وجوده هنا قد يثير تساؤلاتك!".
فردت وهي تتجه نحو المغسلة :
" لا أبدا! كنت أعرف رغبتك للأستثئار بجيم ".

Rehana 19-06-14 01:48 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
وأعلنت لارين:
" تعنين الحصول عليه!".
رفعت براندي فستانها تنظفه بالأسفنجة قائلة:
" أعتقد أنك أخطأت التعبير , ألم يكن عليك القول أنك تحبينه قبل أي شيء آخر؟".
وافقت لارين:
" طبعا أحبه , أننا نلائم بعضنا من كل النواحي".
وتذكرت براندي كلمات برايس في بداية الحفلة:
" تعنين أن شهرة جيم ومواهبه ستساعدك على التسلق الى القمة!".
وصمتت براندي قليلا , وهي لا تزال تشك بعمق حب جيم لها ,ولكنها قررت رد الصاع صاعين وأفهام لارين حقيقة مشاعرها:
" أنا أحب جيم كوربت الرجل , أما أنت فتحبين جيمس كوربت النجم السينمائي الشهير".
قهقهت لارين :
" ما هذا التلاعب بالكلام , أنا لا أميز بين الأثنين".
وقالت براندي متحدية:
" أذا كان الأمر كذلك فلماذا تخافين مني؟".
وردت لارين بكلمات تقطر سما:
" أنك تذكرينني بأبنة عمي , كانت تتظاهر دائما بالنعومة والبراءة مثلك تماما , لكنها كشفت عن طبيعتها المنافقة عند أول فرصة , لن أسمح لك بتدمير مستقبلي!".
منتديات ليلاس
قالت براندي بقرف وأحتقار:
"للأسف الشديد أن جيم لا يعرفك على حقيقتك , وربما يعرفك جيدا ولذلك قرر أقامة علاقة معي!".
سخرت منها لارين:
" تشاجرنا , فلجأ اليك لأثارة غيرتي , وأبدى لي منذ لحظات معدودة أسفه لدعوتك الى الحفلة الليلة , وقرر التظاهر بالأعياء الشديد وأرجاعك الى المنزل في ساعة مبكرة , أذا كنت تريدين الحفاظ على ماء الوجه أنصحك أن تغادري هذا المكان فورا , وبأستطاعتك تبرير تصرفك بما حدث لفسانك!".
أستمرت براندي تنظف فستانها:
" هذا ما تحلمين به , أليس كذلك؟".
وصاحت لارين :
" يا لك من فتاة مغفلة".
وقبل أن تجيبها براندي تسلل جيم من الباب على رؤوس أصابعه , وأنتصب واقفا أمامهما , تغلبت لارين على ذهولها بسرعة , وخطت نحوه تخفي غيظها بأبتسامة شاحبة , وخاطبته بصوت مرح في حين ظلت براندي مسمّرة في مكانها :
" جيم ,لم يكن يدور بيني وبين براندي سوى.".
وقاطعها بجفاف:
" أعرف ما الذي دار بينكما , كنت أصغي اليكما من الخارج ".
فقدت لارين أتزانها وهي تسمع كلماته , وحدجت براندي كأنها تلومها على ما جرى , ثم قالت لجيم:
" لا تقل لي أنك ستؤيد هذه المؤامرة ضدي".
أجابها بهدوء:
" لقد أرتكبت خطأ مميتا يا لارين ,وبدأت تصدقين ما تقرأين من أشاعات في الصحف!".
أعترضت لارين :
" ولكن أنا وأنت......".
وصرخ جيم في وجهها:
" لم يكن هناك ... أنا وأنت... ألا في خيال خبير الدعاية لديك , جئت الي طالبة بعض التغطية
الصحفية لمساعدتك في مهنتك ,ووافقت على الأشتراك في ذلك , هذا كل ما كان بيننا".
وأستطرد وبراندي ترقص طربا:
" والآن أقترح عليك مغادرة هذه الغرفة قبل أن أرميك خارجا!".

Rehana 19-06-14 01:49 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
تجمدت لارين في مكانها تحاول كبح غضبها المتأجج , ثم دفعت شعرها الى الوراء ومشت ببطء نحو الباب وأو صدته وراءها بعنف شديد...
وما أن توارت عن الأنظار حتى أستدار جيم نحو براندي وقال وهو يتأمل الفستان الحريري القرمزي الذي ترتديه:
" هذا اللون لا يناسيك!".
وأجابته بعفوية:
" هذا كل ما وجدته في الخزانة".
قال جيم يبدد مخاوفها:
" أرتدته لارين اليوم لتغطية أحد أزيائها , ويبدو أنها تركته هنا عندما عرجت عليّ الظهيرة لأعطائي بعض نصوص الفيلم الجديدة , تذكرت الفستان وعرفت أنها تركته متعمدة , وفطنت الى خطتها كلها!".
أقتربت منه براندي هامسة:
" كانت خطة محكمة فوقعت في الفخ!".
أخذ منها الأسفنجة ورماها في المغسلة قائلا:
" هلا تكرمت عليّ بتكرار تعبيرك السابق؟".
نظرت في عينيه السوداوين مستفهمة:
" أي تعبير؟".
قال وهو يلتهمها بنظراته:
"تعبير حبك لأحد ما".
دنت منه براندي وأناملها تشتبك بين يديه:
" أنا.... أنا أحبك يا جيم!".
وبأبتسامة بطيئة متمعنة أجاب:
"في هذه الحالة لن تبدي معارضة أذا ما قلت لك أننا سنتزوج في شهر آب( أغسطس)".
حبست براندي غصة الغبطة:
"لا أستطيع الأنتظار كل هذه المدة!".
قال مداعبا ضفائرها الذهبية:
" أريد أن أكون واثقا تماما , أريدك أن تكوني واثقة من حبك لي بمقدار ثقتي من حبي لك!".
ترقرقت الدموع في عينيها:
" أنا واثقة كل الثقة".
فضمها الى صدره وهو يهمس في أذنها:
" أنني أحبك , أحبك!".
غمرت براندي أشعة السعادة الدافئة , وكان غروب الشمس يتدفق عبر النوافذ مضيئا وجهيهما بشعلة ذهبية عاشقة.........


تمت




زهرة منسية 19-06-14 02:22 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3453075)
هههههههههههه

خلاص جيم لك ^-^

بصراحة البطل ينحب

ههههههههههههههه

جيم ليا بتقوليلى كده قبل الفصل اللى اعترف فيه لبراندى أنه بيحبها

بس مش مشكلة لأن براندى طلعت ذكية و عرفت ترد على لارين كويس

مستعدة أسيب لها جيم

http://im51.gulfup.com/fEN3KA.jpeg

و الف مبروك على نهاية روايتك الجميلة و تحياتى و حبى لـ جيم هيوحشنى كتير


سهير محمود 21-06-14 12:13 AM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرررررررررررررررررررررررررررا وجميلة جدا تسلم الايادى
:toot:

الجبل الاخضر 06-07-14 11:17 PM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ندى ندى 31-08-14 04:06 AM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه جميله جدا جدا

وقمة الروعه يسلمو حبيبتي

ووفقك الله

lara3 08-09-14 10:27 PM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكراً على الروايه

جوهرة الدانة 10-09-14 04:36 PM

رد: 118- على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة
 
تسلم ايدك الرواية كتيييييير حلوة شكرا

قماري طيبة 27-02-15 01:09 AM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
Thaaaaaaaaaanks

درة مضيئة 06-04-15 05:04 AM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكررررا
روووووووووووووووووووووعة

sally abu soud 10-09-15 08:14 PM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلمووووو كثير على الروااية الجميلة

:55::55::55::dancingmonkeyff8::dancingmonkeyff8::dancingmonk eyff8:

يعطيكِ الف الف الف عااافية


:8_4_134:

زهرة الفلامنجو 11-09-15 03:13 AM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رواية جميلة

Dhouha wacharine 30-06-18 09:07 PM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا على الرواية وإنشاء الله راح إقرأها

SHELL 23-10-18 05:39 AM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
https://upload.3dlat.com/uploads/136655825311.gif

الشهلاء 10-07-22 09:10 PM

رد: 118 - على حصان الفجر - جانيت ديلي - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااا


الساعة الآن 04:58 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية