منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   ارشيف خاص بالقصص غير المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f833/)
-   -   (رواية) زهرة النعناع ( جزء الاول ) (https://www.liilas.com/vb3/t193065.html)

kirara 28-01-14 08:23 PM

زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
_ زهرة النعناع _


من قلب دهاليز الحياة ودروبها الشائكه تمخضت روايتنا معلنة عن ولادتها على شاطىء الروايات والقصص رواية تضم بين حناياها صورا عديدة ! دمـاء ودموع ؛ حب وكراهية هـو مضمـون روايتنـا التـي تبدأ أحداث قصتـهـا في إحدى أمسيات شهر أبريل حيث :


1


كانت ليلة قمراء يعمـهـا السكـون , يتناهى إلى سمعنا صوت عجلات عربة تخترق جدار الصمت المخيم على المدينة مما يبدو على هذه العربة أنها لم تكن كأي عربة عادية فقد كانت تحمل شعار يميزها عن غيرها , كان هذا الشعار يعود لأعظم حاكم عرفته البلاد شعار الملك الفذ فريدريك حاكم مملكة وولامستر العظيمه .

يتقدم العربة السوداء جنديان بكامل لباسهم الحربي بيد أحدهم علما يحمل نفس شعار العربة بينما يخفرها من الخلف جنديان آخران سلكت العربة الطريق الفرعي المختصر والذي يقود مباشرة إلى القصر كان الوقت متأخرا والطرق خالية من الحركة توقفت العربة أمام بوابة القصر الضخمة التي كان يحرسها تمثالان من الأسود الجاثية عند المدخل ترجل الجندي عن حصانة و تقدم حاملا بيده العلم رفعة عاليا ولوح به مرتان وما هي إلا دقائق معدودة حتى رفعت السلاسل الثقيلة وفتحت البوابة للسماح لهم بالمرور وأغلقت بعدها ، إستمرت العربة في طريقها إلى أن توقفت أمام مدخـل الـقصر ترجل القائـد من عـلى حصانه وتوجه مباشرة إلى العربة وفتح بابها لتنزل فتاة في غاية الجمال والروعة ذات قوام رشيق ووجه خلاب يأسر قلب من يراه كانت هذه الصغيرة التي لم يتجاوز عمرها السابعة العشر لم تكن سوى إبنة الدوق النبيل هامـلـر ألـفالتسـي الذي ذاع صيته بالثراء والنفوذ معا ويعد صاحب أكبر وأغنى إمارة تعرف بمقاطعة دوبلين نزلت بعدها وصيفتها وأمينة أسرارها ورفيقة دربها جوانا كاتلر كان باستقبالهم القائد العام كاستول والمستشار الأول لوبيز وبخطى ثابتة توجهت الأميرة إبنة الدوق الثري ووصيفتها المخلصة تتبعها بحرص نحو القصر ..

حيث تقدم المستشار الأول لوبيز وقال في رقة حمل نفسة عليها حملا :
ــ أهلا بك في قصر " وولامستر" يا مولاتي .. أنا أدعى لوبيز المستشار الأول ورئيس مجلس المستشارين أرحب بك بيننا . إبتسمت الأميرة أنابيل وأردفت بوداعة :
ــ هـذا لطف منك يا سيـدي . بادر القائد العام للحرس الملكي قائلا :
ــ إنه لشرف لنا أن تكوني بيننا في مملكتك الجديدة وبين شعبك المحب ، أرجو من مولاتي أن تمنحني شرف مرافقتها . وبرقة الزهور وسحرها تجيبه قائله :
ــ سيكون من دواعي سروري .

ويمد القائد كاستول يده لتضع الأميرة أنابيل يدها فوقها كعادة الملوك .. كانت خطاها تقودها نحو مليكها المنتظر وبداية حياتها الزوجية ، إلا أن خطاها كانت تقودها إلى أبعد من ذلك كانت تقودها إلى مصير مجهول ومستقبل قد لا يكون مشرقا كما منّت به نفسها !!

كان المستشار الأول لوبيز يتبعهم بنظراته الحادة التي كانت تبدي أمرا عظيما كان يخفيه ببراعة في قلبه دخلت الأميرة الصغيرة من ذلك الباب الضخم المزخرف بالنقوش الرومانية المبهرة لترى أمامها ما أدخل السرور إلى قلبها الصغير وأثار من دهشة صاحبتها قاعة كبيرة أرضيتها من الرخام الفاخر تتوسطها أعمدة من الرخام المعتق , الشموع تملأ القاعة فتكسبها لونا ذهبيا خلابا يتوسط القاعة تمثال غزال من العاج يخرج الماء من فمه و يملأ الحوض من أسفله كانت تحفة فنية رائعة الجمال نافورة لم يرى مثيلها أبدع صانعها في نحتها فبدت وكأنها صورة قد ألتقطت من عالم الأساطير فتجسدت في ذلك المنظر الخلاب , إنحنى القائد كاستول لسيدة في أواخر الثلاثين من عمرهـا ذات جمال هادىء بدى من مظهرها أنها الملكة كونستانسيا زوجة الملك فريدريك قال لها في وقار :

ــ مولاتي صاحبة الجلالة .. ويشيـر نحو الأميـرة فيكمـل قائلا :
ــ أميرة مقاطعة دوبلين . وبسرعة إنحنت الأميرة بدورها لتقول الملكة :
ــ أهلا بك يا أميرة ألفالتسي أرى أنك وصلت أخيرا ، لابد أنك متعبة فقد كان الطريق
من مقاطعة دوبلين إلى هنا شاقا ستتكفل مارتنيز بإصطحابك إلى جناحك الخاص أرجو أن
تكون إقامتك مريحه.

وما أن أنهت حديثها حتى إنصرفت بهدوء ليتبعها المستشار لوبيز كظلها , كانت مارتنيز هذه هي المدبرة الأولى للقصر والساعد الأيمن للملكة كونستانسيا في السر كانت جلفة الطبع حازمة الرأى يلفها الغموض ! هكذا يشعر كل من يراها للوهلة الأولى وهذا تماما ما شعرت به جوانا وصيفة أنابيل لحظة ما أن رأتها فقد كانت ترقبها بعين فاحصة أثناء توجههم إلى جناح الأميرة قالت المدبرة وهي تفتح الباب :

ــ أرجو أن يعجبك جناحك يا مولاتي .. فلقد عنيت الملكة كونستانسيـا بنفسها تجهيز
الجناح خصيصا لك وأنا بدوري سأحرص على أن تكون إقامتك فيه مريحة .
وما أن أتمت جملتها الأخيره حتى أعقبتها بإنحناءه وانصرفت من فورها.. كان الجناح فسيحا قد حرص جيدا على إنتقاء أثاثه الفلكلوري وجملت جدرانه بأروع الرسومات الفنية النادره فكان حقا يستحق أن يطلق عليه جناحا ملكيا إلا أن كل هذه الروعة والجمال الذي كان يحيط بها من كل زاوية لم يمسح نظرة الشحوب من على وجهها على عكس وصيفتها جوانا التي إهتزت طربا وقالت :
ــ لم أتخيل أن الجناح سيكون بهذه الفخامة , ألا توافقيني الرأي يا مولاتي ؟
لكن أنابيل أردفت بحماسة مصطنعة قائله :
ــ أجل .

لم يخفى على جوانا حزن وألم أنابيل فقد كانت تعرفها حق المعرفة وذلك بحكم كونها صديقتها المحببة والمقربة إلى قلبها منذ نعومة أظافرها إقتربت منها وسألتها بحنان :
ــ لماذا يبدو عليك الحزن يا مولاتي ؟ وبكبرياء وعزة نفس أبية تجيبها :
ــ لست حزينة؛ أنه التعب فقط لا غير .

لكن جوانا لم تصدق ما قالته أنابيل ولهذا عاودت سؤالها مجددا وبجرأة هذه المرة :
ــ هل الأمر يتعلق بسيدي الدوق ؟.. وما أن قالتها جوانا حتى تبدلت نظرات أنابيل فجأة لتمتزج نظرات الحزن والغضب معا وتتلون بها إمارات وجهها النقي فتقول بحزم :
ــ أشعر بالتعب وأريد النوم .

أدركت جوانا أن الأميرة أنابيل ترفض الحديث وأنها بشكل ما تهربت عن الإجابة بحجة الراحة , وعندها دقت أجراس الكنيسة معلنة منتصف الليل ليخلد الجميع إلى النوم وتطفأ الأنوار فيتسلل شبح الظلام إلى أروقة القصر اللامتناهيه بينما ظلت أنوار القصر الخارجية تحترق بصمت باكي في سبيل إنارة واجهته بعد أن تسيدت الظلمة داخله .



تمنياتي لكم بقراءه ممتعه وشيقه:bouquet2:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــ
(1) والشعار.. عبارة عن صورة رمزية لأسد يتخلله سيفان متلاحمان .
(2) هي إبنة دوق فرنسي ثري يدعى بـ .. بيير بوتيه .

kirara 28-01-14 09:43 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
يتجدد اليوم بشروق الشمس الساطعة خلف التلال معلنة عن بداية جديدة بأحداث وتطورات متجددة , توجهت جوانا إلى جناح الأميرة أنابيل وطرقت الباب طرقا خفيفا ليصلها صوت الأميرة أنابيل أذونا لها بالدخول أغلقت الباب خلفها لترى الأميرة جالسة على طرف سريرها بلباس نومها وقد بدى على ملامح وجهها إمارات الندم على ما حدث بالأمس ألقت عليها تحية الصباح ثم قالت :
ــ ألم تستعد مولاتي بعد ؟ لكن أنابيل نظرت إليها بوداعة ثم إبتسمت قائلة :
ــ كـنت أنتـظرك . إبتسمت جوانا بدورها وقالت :
ــ مـا الأمـر يـا مولاتي ؟ ليس مـن عـادتك التكاسل ؟.
ترددت أنابيل في الحديث قليلا.. وكأنها وجدت صعوبة فيما كانت تريد قوله ، لكنها سرعان ما حزمت أمرها وأطلقت العنان لصراحتها التي إعتادت عليها جوانا قائله :
ــ جـوانـا .. أعتـذر عمـا بدر منـي ليلـة الأمس . لكن جوانا سارعت قائلة :
ــ لا داعي للإعتذار يا مولاتي .. فمـا كـان يجدر بي أن .. وما كادت جوانا تكمل حديثها حتى قاطعتها أنابيل قائله :
ــ لا تقـاطعيني أرجوك.. دعيني أكمل مـا لدي ، ليلـة الأمس كنت متوترة قليلا لذلك لم
أنتبه لتصرفي لكني اليوم صـافية الذهـن وأقل توترا ، أرجو فقط أن تقبلي إعتذاري .
كلمات بسيطة قالتها أنابيل تنشد من خلالها راحة البال والضمير إلا أنها بدت لها كالحمل الثقيل فلطالما وجدت صعوبة في التعبير عن ما يختلج في قلبها من أحاسيس متضاربه وربما ذلك يرجع لكونها فتاة إعتادت الإنطواء على نفسها كلما شعرت أنها أخطأت في حق أحد ما فتلك كانت الطريقة الوحيدة التي تظهر بها أسفها الشديد ، شعرت جوانا بأن هناك شيء ما يعتمل في صدر أنابيل ويسبب لها الضيق والحزن ؟؟ الأمر الذي جعل جوانا تتأملها في حزن وهي ترى في عينيها ما يؤكد حديث عقلها ولكي تضع حدا لهذه الوساوس التي تؤرقها .. قالت لها بكل عطف كبير :
ــ مولاتي لمـا لا تزيحين ذلك الهـم الجـاثي علـى قلبك .
إضطربت أنابيل لما سمعته أذناها وشعرت برعدة خفيفة سرت بأوصالها إلا أنها لم تشأ أن تبدي هذا الجانب الضعيف في نفسها فما أحبت يوما أن ترى نفسها تبث همومها وأحزانها كما يفعل من لا حيلة له ولا قوة .. أشاحت بوجهها وببرودة أردفت وكأنها لم تدرك ما عنيت بقولها :
ــ مـاذا تعنين؟. جوانا وبإصرار أكبر من ذي قبل :
ــ أعني إتفاقية عقد قرانك على إبن الملك فريدريك.. منذ ذلك اليوم لاحظت تبدلا مفـاجئا طرأ عليك غيّر الكثير من طباعك يا مولاتي ؟!
ــ إنه من نسـج خيـالك يـا عزيزتي ..
ــ ربمـا يكـون هـذا رأي سيدي الدوق ، إلا أنني متأكده من أنك لسـت راضيه بهـذا الزواج ! مولاتي إني أهتم لأمرك كثيرا ويؤلمني حقا أن أراك تتألمين هكذا وبصمت ، أرجوك يا مولاتي إعتبريني كالبئر العميق الذي لا قرارله وألقي به مـا يكـدرك فأنـا أخشى أن تسوء حـالك .
ترقرق الدمع في عيني أنابيل لتجيبها بصـوت يغلفـه اليأس :
ــ لا جدوى من حديث لا يتبعه فعل يا جوانا .. كل ما عليّ عمله الآن هو تقبل الواقع .
ــ واقـع فـرض عليك غصبـا.. كم تفـاجأت بقبولك يا مولاتي ، وأنـا التي كنت أكيدة
من رفضـك . تلون وجهها حزنا قائله :
ــ قبـلت به إكرامـا لوالدي .
ــ أرجـو أن لا تغضبي لصراحتي يـا مولاتي ، إن سيدي الدوق لم يكن منصفـا معك فقد
إستغل كونك إبنته والحقوق التي تربطك به حتى تحققي له مطلبه .
وبسخرية تردف أنابيل :
ــ صدق من قال .. وهل لنـا نحن بنـات البيوت الأرستقراطية رأي في أنفسنـا ، إننـا
كقطع الشطرنج تحركنـا مطـامع الملوك كمـا يشـاؤون . جوانا وقد أحزنها ما قالته الأميرة :
ــ مولاتي أي مصير ينتظرك ؟ الأميرة والمخاوف تلعب بها :
ــ لا أدري . . . لا أدري .
يطرق الباب فتدخل خادمة بيدها صينية الإفطار تضعها على الطاولة لتقول لها أنابيل في وداعة :
ــ لما أحضرت الفطور إلى هنا ؟ الخادمة على إستحياء :
ــ لا أعرف يا مولاتي .. إنها أوامر الملكة .
ــ أعيدي الصينية إلى مكـانهـا سأنضم لتناول الفطور مع الجميع في قاعة الطعام .
لكن الخادمة سارعت قائلة :
ــ معذره يـا مولاتي لكن الجميع يتنـاولون فطورهم في غرفهم . تفاجأت أنابيل لما قالته الخادمة فسارعت لسؤالها :
ــ ولمـاذا ؟.
ــ إنهـا العـادة المتبعة في هـذا القصر يـا مولاتي . جوانا :
ــ وبقية وجبـات اليوم ؟؟.
ــ يجتمع الجميع فقط على مـائدة العشـاء . الأميرة أنابيل :
ــ ولمـاذا العشـاء فقط ؟ .
ــ لأن مولاي الملك.. وقبل أن تكمل الخادمة كلامهـا تقتحم مـارتنيز المدبرة الأولى الغرفة بكل سوقية دون إستئذان .. فتقول :
ــ معذرة يـا مولاتي إعذري لي تطفلي .. وبكل قسوة تنهر الخادمة وتخرجها على الفور إنزعجت الأميرة من تصرف المدبرة واقتحامها دارها وبلهجة حـانقة صاحت بها :
ــ من أذن لك بالدخول ؟ وبإضطراب تجيبها :
ــ أعتذر مجـددا يـا مولاتي لكـني أنـا المسؤولة عن إحضـار الطعـام لك وليس أي ..
تقاطعها انابيل قائله :
ــ ومـا الضرر إن أحضرته إحدى الخـادمـات ؟ مارتنيز معترضة :
ــ هـذا لا يجوز.. إنهـا أوامر مولاتي الملكـه فكل خـادمة لهـا عملهـا الخـاص ومهمتي أنـا هي تلبية طلبـاتك يـا مولاتي . الأميرة بحزم :
ــ إعلمي إذن يـا مـارتنيز .. بأنني لست بسجينة كي يحضر لي الطعـام في عقر داري والشيء الآخر .. إيـاك أن تكرري هـذا التصرف مرة أخرى .. والآن إنصرفي . جوانا بإضطراب :
ــ ألا تعتقدين أنك كنت حـازمة بعض الشيء يـا مولاتي .
ــ هذا ما تستحقه .. أمـا بالنسبة لهـذه العـادة الغريبة فالله وحده يعلم سـرّهـا !
توجهت مـارتنيز مباشرة إلى جنـاح الملكة الخاص حـاملة بيدهـا بريدها اليومي دخلت بعد أن إستأذنت ووضعت البريد على السرير حيث كـانت الملكة مستلقية . قالت لها مارتنيز :
ــ مولاتي بريدك الخـاص . تجيبها الملكة كونستانسيا بتململ :
ــ ضعيه على المنضدة وانصرفي .. آه .. مارتنيز.. إنتظري ما أخبار أميرتنا؟
تجيبها مارتنيز بضيق كبير كادت تجحظ له عيناها :
ــ لا أعرف يا مولاتي.. لكن يبدو أنها ستسبب لنا المشاكل.
ــ ولماذا تعتقدين ذلك يا مارتنيز ؟ مارتنيز وقد تفجرت حمم غضبها :
ــ ذلك لأنها تخفي وراء ذلك الوجه البريء وجها أكثر خبثا ومكرا .
ــ لقد أثرت حفيظتي يا مارتينيز .. هيا أخبريني ما عساها فعلت لك كي تتحاملي عليها .
ــ لقد صرخت بوجهي عندما أنبت تلك الخادمة من إحضار الفطـور لها وقالت لي
بلهجة المؤنب بأنها ليست بسجينة كي يحضر لها الطعام فى عقر دارها ، ثم طردتني ..
وتضحك الملكة وتقول لها ساخرة :
ــ لهذا أنت غاضبة . مارتنيز :
ــ مولاتي أنت تعرفينني جيدا وتعرفين مدى براعتي في الحكم على الآخرين وأقول لك
بأنها ستسبب المتاعب لنا في القصر وتقلق راحتك إن لم تحتاطي منها .
تبتسم كونستانسيا فتردف بثقة فاقت الجبال علوا :
ــ لا تقلقي أنا أعرف مكانتي جيدا , كل ما عليك عمله هو ما أوصيتك به وإياك ونسيانه.
إبتسمت المدبرة الخبيثة بدورها لتقول :
ــ إطمئني فأنـا أحفظ دوري عن ظهـر قلب .
ــ جيد والآن إنصرفـي إلى عملك .

kirara 28-01-14 10:23 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
إنصرفـت مارتنيز المدبرة الخبيثة لتترك الملكة وحدها تقلب بريدها كان القصر يعج بالخدم الكادح المنشغل في تأدية الواجبات اليومية وبعيدا عن أجواء القصر والضوضـاء التي تعمه وبالقرب من الإسطبل يلفت نظرنا رجل قبيح ذو كرش رجراج صـاح بصـوت جهـوري جـلف :
ــ لمـاذا لم تصلـح السـروج بعـد أيهـا الأحمـق ؟ ألـم آمرك بإصلاحهـا ليلـة الأمس ؟؟
إرتجفت أوصال الرجل المسكين وهو يقول :
ــ لقـد أمضيـت ليلـة البـارحة كلهـا بإصلاحهـا ولـم يتبقى سـوى سرجـان يـا سيدي .
ويعاود الرجل ذو الكرش الرجراج نهره قائلا :
ــ لـم أسألك كـم سرجـا أصلحت؟ كـانت أوامري أن تجهـز قبل طلوع الفـجر لكن يبدو أنك لم تتعلم درسك بعد سوف أخصم من راتبك النصف ولمدة شهران متتاليان .
ويمسك الرجل المسكين بقدميه متوسلا :
ــ عفوك يا سيدي .. أعدك بأن لا أكررها مرة أخرى إني بحاجة للنقود فأنا أعيل أسرة يا سيدي . لكنه يرفسه بكل قسوة ويطيحه أرضا قائلا :
ــ هي عقوبة تستحقها ولن أسامحك مهما رجوتني .
كانت الأميرة أنابيل وقتها تمتع ناظريها ببستان القصر المورق وبغدير الماء الرقراق العذب من خلال شرفة نافذتها ؛ قطع عليها شرودها صوت وصيفتها جوانا الذي بدى متوترا :
ــ مولاتي .. ألا ترين أن الوضع غريبا ويدعو إلى التساؤل ؟
ــ وكيف ذلك ؟.
ــ ‍ أعني ألست أميرة ووجودك بهذا القصر دلالة على صحة النبأ . . .
ــ إلام تـرمين يـا جـوانـا ؟ أفصحـي عمـا يدور بخلدك .
ــ مـا أحـاول قوله هـو لمـاذا أصر الملك فريدريك على أن تأتي خلسة عن الجميع ؟ أعني أنه كان يجدر به أن يستقبلك حرس الشرف بكل حفاوة وتكريم كما هو متبع في أعرافنا يا مولاتي . وبلا مبالاة تجيبها :
ــ أهذا كل ما يشغل بالك ؟ لوهلة ظننت أن بحوزتك شيئا عظيما .
ــ ألا يحـق لي التسـاؤل ؟ .
ــ بلى .. ولكـن لا أعتقـد أنه أمر مهـم ، فهناك أمور لا تقل غموضا أو إثارة للإستغراب وما مررنا به من أحـداث غريبة لم تكن لتقع ضمن الحد المعقول إنها لا تقارن بتخوفك المستمر لكني لا أكتمك أنني لم أتساءل مثلك .. ربما هو إجراء أمني من أجل ضمان سلامتي .

وعلى صوت بوق معلن نافخه عـن وصول الملك فريدريك وحرسه الخاص من رحلة الصيد , تنطلق مارتنيز مسرعة إلى الملكة كونستانسيا لتنقل لها خبر وصول الملك ؛ ليهرع المستشار الأول لوبيز والقائد العام كاستول وبعض الأشراف لإستقبال الملك العائد من رحلة الصيد . الملك غاضبا محنقا :
ــ لماذا لم يعلمني أحد بموعد قدوم أميرة مقاطعة ألفالتسي أيها المستشار الأول .
لوبيز والخوف يتسربل في جسده :
ــ إننا يا مولاي .. لم نكن نعلم بموعد قدومها لقد فاجأتنا بوصولها إلى القصر .
ــ هـذا ليس بعذر مقبـول لتخفي وراءه رعونتك يـا لوبيز .
ــ صدقنـي يـا صـاحب الجلالة.. لقد نمى إلى علمنـا أن الأميرة ستصل إلى القصر بعد
أسبوع لكنها فاجأتنا بوصولها المبكر بنصف المدة يا مولاي .
ــ كم مـرة تكـرر كلامك يـا لوبيز المهم الآن أن نصلح الخطأ الفـادح الذي وقعنـا به
بسبب أخطائك المتكررة , إستدعي الأسقف بريستوف حالا .
إنصرف لوبيز مقطبا جبينه قائلا :
ــ أمر مولاي .
وبينما كان في طريق خروجه إلتقى بالملكة كونستانسيا التي كانت تهم بالدخول عندها إلتقت عيناهما معا لوهلة لتسارع كونستانسيا وتشيح ببصرها بعيدا وتكمل سيرها إلى أن توقفت أمام الملك فريدريك لتنحني قائلة :
ــ أهلا بعودتك يـا مولاي . في غضب ظاهر قال :
ــ هذا ليس بالوقت المناسب للترحيب بي يا كونستانسيا فما نحن فيه أهم بكثير من هذا .
لكنها تحاملت على نفسها وتغاضت عن ما قاله لتعاود القول بإبتسامة مشرقة تجلت على وجهها :
ــ الترحيب بك واجب على الجميع يا مولاي ؛ قد تمنع الكل عن القيام به لكنك لن تمنعني من أداء ماهو حق لك وواجب عليّ .. كما أنني أجهل سبب تعكر مزاجك المفاجىء يا مولاي . إرتفع صوت الملك فريدريك مجلجلا :
ــ وتسألين يـا كونستـانسيـا !! كـان يجدر بي أن أكون أول المستقبلين للأميرة ألا تدركين أن هـذا سيحسب ضـدنـا.
ــ إنه ليس خطؤك ولا خطأ لوبيز .. المسكين كـاد يغمى عليه من فرط خوفه ، كمـا أن الوقت مازال في صالحنا نستطيع أن نزيل سوء الفهم أما بالنسبة لأميرة مقاطعة دوبلين فقد توليت أمر إستقبالها بنفسي وحرصت على راحتها . الملك بقليل من الرضى :
ــ حسنـا فعلت.. وما كادت كونستانسيا تهيء نفسها للجلوس بالقرب من الملك حتى
علت خطوات سريعة تقتحم أرض بلاط القاعة لترى أمامها الأسقف بريستوف الذي إنحنى
بكل إحترام للملك فريدريك الذي إلتفت نحو الملكة كونستانسيا قائلا :
ــ دعينـا لوحدنـا يـا كونستـانسيـا.
فلم يكن أمامها سوى الإنصياع لأمره وبعصبية إنصرفت الملكة كونستانسيا وعلامات الغضب بادية على وجهها الجميل ليكمل الملك فريدريك حديثه مع الأسقف بريستوف في جلسة سرية بعيدا عن الجميع غير مبالي لغضب كونستانسيا وإستياؤها ..



ملاحظه : اعلم ان اغلبية الروايات بالمنتدى ذات الطابع العربي المعاصر . وبحكم روايتي المستمده من الادب الغربي القديم لا اعلم ان كان سيكون لها رواج او اقبال من القراء لذا ساتوقف عن نشر روايتي ان لم يكن لديها اي قبول ^^

اعتذر منكم علي صريح الكلام ولكن متعة الكاتب تكمن بتفاعل القراء مع ما يخطه من حروف وكلمات !

سرا 28-01-14 11:12 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
:welcome3: مبروك الرواية مشوقة وغامضة منتظرين التكملة:

kirara 29-01-14 08:59 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سرا (المشاركة 3412668)
:welcome3: مبروك الرواية مشوقة وغامضة منتظرين التكملة:

شاكره مرورك العطر :0041:

kirara 29-01-14 09:02 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
وبين تعالي أصوات ضربات المدافع الصاخبة التي تصم الآذان وصياح الجنود في ميدان التدريب يتقدم جندي نحو خيمة القائد يستأذن بالدخول قائلا :
ــ أحمل رسالة عاجلة من مولاي الملك فريدريك لمولاي الأمير أليكسيس .
وبسرعة سمح الجندي القائم على حراسة الخيمة له بالدخول ليسير الرسول بخطى حثيثة
نحو رجل جالس إلى طاولة وقد أدار له ظهره بدى من مظهره أنه الأمير أليكسيس..
وبعد أن أدى تحية السلام قال :
ــ مولاي الأمير.. بلغنا من والدكم صاحب الجلالة رسالة يبلغك فيها السلام ويطلب عودتك إلى القصر في الحال .
نهض ولي العهد من كرسيه واستدار نحوه ليظهر أمامنا رجل بكامل شواهد فروسيته الرشاقة المعجبة والوسامة الملتهبه ، كان نموذجا الوسامة والرجولة الطاغية شعر أسود فاحم ناعم ، عينان زرقاوان ونظرة غامضة ، أنف مستقيم وصدر عريض ، وذكاء فريد يتأجج شررها من عينين متقدتين .
اتجه نحو الجندي الشاب وبكل رفق ربت على كتفه قائلا :
ــ وصلتنا رسالتك أيها الجندي المحترم يمكنك العودة الآن وإبلاغ الملك بقدومي ..
وبسرعة الريح إنطلق الرسول حاملا رسالة الأمير ليلقيها على مسامع الملك ، وهنا يلتفت الأمير نحو جندي بقربه قائلا :
ــ أيها الرقيب هوبكينز.. مهمتك الآن أن تهتم بقيادة الجيش ريثما أعود وسأرسل إليك بأوامري حالما أصل إلى القصر بسلام .

في هذه الأثناء كانت الملكة كونستانسيا تحترق بنار الغضب عندما دخل عليها المستشار الأول لوبيز ولاحظ مدى توترها الشديد الذي كان يقودها على الحركة الدائمة قال لها بخبث واضح :
ــ مالِِ أراك شديدة التوتر يا صاحبة الجلالة ؟
نظرت إليه بعينين ناريتين وبصوت مرتفع قالت:
ــ إليك عني يـا لوبيز فمزاجي معكر ولا يتحمل تعليقاتك السخيفة . لكنه إبتسم قائلا :
ــ كنت أمزح معك يـا مولاتي أخبريني مـا سبب غضبك هـذا ؟ هل له علاقة بمولاي الملك ؟. إنفجر غضب كونستانسيا إلى كلمات علا دوي صداها أرجاء القاعة مزلزلة قائله :
ــ لقد ضقت ذرعـا بتصرفـاته التي لا تطـاق وكأني لست زوجه ! هـا أنـا ذا أحاول أن أهدىء أعصابه وأخفف من ثورة غضبه فما أن رأى الأسقف بريستوف يدخل البلاط حتى أمرني بكل وقاحة منه الخروج وكأن ما يريد قولة للأسقف لا يجب أن يعلم به أحد .
أسند المستشار لوبيز ظهره إلى الحائط وأردف بسخرية قائلا :
ــ هـذه ليست أول مرة يا صاحبة الجلالة ؛ الكل يعرف مدى تكتم الملك الشديد وحرصه الدائم على أن تكون جلساته مع الأسقف بريستوف سرية هذا بغض النظر عن الصلاحيات التي خصه بها .
ــ وهذا أكثر ما يغيظني ؛ مجرد التفكير به يثير غضبي .
ــ ومـا العمل الآن ؟ .. لقد علمت بأن الملك قد أبرق إلى ولي العهد يأمره بالعودة .
الملكة بتوتر شديد :
ــ مـاذا أليكسيس عـائد إلى القصر؟.. وكيف علمت بهـذا؟!.. يبتسم لوبيز بخبث ويقول:
ــ بطريقتي الخـاصه! حتى أنني وقفت أرقب الرسـول وهو ينطلق بسرعة البرق يبدو أن الملك يدبر لأمر مـا .
ــ لا داعي للقلق يا لوبيز، كل شيء يسير بإنتظام حسب الخطة التي رسمناها ولن يقف أحد بوجهنا حتى أليكسيس نفسه .
كانت جوانا حينها تنتظر عودة الأميرة أنابيل بفارغ الصبر فقد إستدعاها الملك فريدريك لحديث خاص كان القلق يتآكلها من الداخل لكنه سرعان مازال عنها لدى رؤية الأميرة تدخل عليها سارعت قائله :
ــ لقد طـالت مقـابلتك مع الملك كثيرا يا مولاتي .. هيـا إجلسي وأخبريني كيف كان اللقاء؟ . هزت أنابيل رأسها وابتسمت قائله :
ــ دخلت القاعة بكل ثقة .. فوجدت الملك جالسا بإنتظاري وبقربه تجلس إمرأة كبيرة في السن عرفت فيما بعد أنها الدوقـة إيديث عمة الملك فريدريك وكان برفقتهم أيضا الأسقف المحترم بريستوف .
ــ ومـاذا كـان سبب إستدعـائهم لك ؟
ــ كمـا توقعت , من أجل أن يبدو لي إعتذارهم على طريقة الإستقبـال التي قوبلت بهـا .
وبخيبة أمل كبيرة قالت جوانا :
ــ فقط .. هـذا كل شيء .
ــ أجل . لكن جوانا لم تتوقف عن طرح الأسئلة بل عاودت قائلة هذه المره :
ــ لا بأس .. أخبريني ما هو إنطباعك عن الملك ؟ . الأميرة بعد تفكير :
ــ الحق يقال أنه يتمتع بحكمة وذكاء نادر كما أنه يجيد الحديث النمق دون ريب لكني أحسست منه بصفات أخرى لا تقل أهمية عن ما ذكرت سابقا ؛ فعلى الرغم من عنجهيته الظاهرة للبيان فهو سريع الغضب أيضا . جوانا وقد شدّها وصف الأميرة للملك قائلة :
ــ هذا صحيح.. فلقد سمعت بأن من يقع ضمن دائرة غضبه فعليه السلام .
ــ وأين سمعت هـذا ؟
ــ من المصدر الموثوق به دائمـا والذي يحوي أسرار القصر ومقيميه!! المطبخ بالطبع .
إبتسمت الأميرة وقالت ساخره :
ــ صدقت أمي رحمها الله لم تخطىء يوما في حدسها .
ــ أتسخرين مني يـا مولاتي ؟.. إكتفت الأميرة بإبتسامة عريضة إرتسمت على وجهها
لتعاود جوانا طرح سيل الأسئلة مجددا :
ــ وماذا بشأن الأسقف بريستوف ؟ وبإستنكار تقول الأميرة :
ــ ومـاذا بشأنه ؟.. إنه رجل دين وقور لم أشعر تجاهه سوى بالطمأنينة والسلام ألا يقـال
أن رجال الدين رسل سلام . جوانا تجيبها بشيء من الغموض :
ــ ليس الكل البعض منهم فقط !!.. لكن الأميرة أنابيل أردفت قائلة وقد غالب الدفىء
على صوتها :
ــ لكن من شعرت حقـا بالإرتياح نحوها هي العمة إيديث هكذا تحب ان أدعوها إنها طيبه جدا وتملك جمالا خاصا على الرغم من كبر سنها.. لا أعرف لماذا شعرت ما أن رأيتها للوهلة الأولى بأنها ستكون لي عونا كبيرا في الأيام القادمة!!

وهنا تصمت أنابيل قليلا لترمق جوانا بنظرات غريبة أثارت من حفيظة صاحبتها وقد إنتابها شعور غريب لم تعرف تأويله!!

kirara 29-01-14 09:04 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
وعند حلول الظلام توجه الجميع إلى مخادعهم على عكس الملك فريدريك الذي توجه إلى قاعة المكتبة الملكية وعزل نفسه فيها؛ كانت أنابيل مستلقية على سريرها منهمكة في القراءة وفي ظلام الليل الدامس يتقدم جندي من البوابة الخارجية للقصر حاملا في يده مشعلا رفعه عاليا ولوح به مرتان بطريقة غريبة بدت وكأنها إشارة سرية ليعود ويختفي مجددا في الظلام وعلى أثره سارع الحارسان بسحب التروس الثقيلة لتفتح البوابة الأمامية للسماح للأمير وتابعيه بالدخول أحست الأميرة أنابيل بالضجة في الخارج فتوجهت من فورها إلى النافذة الشرقية والتي كانت تطل مباشرة على الساحة لترى سبب هذه الضجة الغريبة لكنها لم تستطع رؤية شيء مما في الخارج فقد كانت ليلة مظلمة غاب القمر فيها عادت إلى سريرها وادثرت بفراشها الوثير واستسلمت للنوم .
تعالت الخطى القادمة من مدخل القصر كان ولي العهد وتابعيه متجهين مباشرة إلى المكتبة الملكية , توقف الأمير لوهلة وأشار بيده لتابعيه بالإنصراف ثم وقف قليلا يرمق الباب بنظراته الشاردة التي بدت وكأنها تنشد الراحة. طرق الباب طرقا خفيفا ومن ثم دخل وأغلق الباب من خلفه تفاجأ الملك فريدريك برؤيته أمامه وسارع إلى إستقباله في أحضانه فرحا لعودته سالما معافا قال له برقة الأب الحنون :
ــ لماذا لم تنتظر حتى الصباح ؟
ــ تسلمت رسـالتك يـا أبي والتي بدت لي عـاجلة فانطلقت من فوري .
ــ نعم هي عـاجلة يـا بني .
ــ هل عـاودوا رجـال ديكستون أعمـال الشغب مرة أخرى ؟
ــ كلا.. فمنذ أن توليت أمرهم أصبحوا الآن من أوفى رجـالنـا , إن الأمر الذي إستدعيتك
من أجله لا صلة له بالعمل إنه أمر يخصك أنت .
ــ أوضح يـا أبي . يبتسم الملك قائلا :
ــ لا تقل لي إنك نسيت موعد وصول عروسك يـا أليكسيس ؟
إمتعض وجهه فجأة وبكل برودة قال :
ــ هل وصلت ؟
ــ نعم وهي الآن في جناحها الخاص.. ألا تود أن.. يقاطعه أليكسيس قائلا :
ــ لا تبدأ معي الآن يـا أبي .. لا أصدق أني تركت شؤون الجيش وتعنيت مشقة العودة في هذا الليل الدامس من أجل أن تخبرني بهذا .. كان بإمكانك أن تعلمني بقدومها دون الحاجة لإستدعائي إلى هنا .
ــ أليكسيس .. أعرف أنك مـا زلت رافضـا لفكرة زواجك منهـا لكن دعني أخبرك بأنها لم تعد فكره فأنت أصبحت رسميا متزوجا من أميرة دوبلين .. ولا تنسى الغرض الأساسي من وراء هذا الزواج . وبعصبية وحدة يصرخ أليكسيس قائلا :
ــ لقد قبلت أن أكون كبش فداء من أجل خططك المستقبلية لكن أعتقد أني أوضحت منذ البداية أنني لن ألتزم بشروط هذا العقد .
ــ لا حـاجة لك بتذكيري بشرطك يـا أليكسيس.. أنـا لا ألزمك بشروط العقد ولك حرية التصرف كما تشاء على ألا تنسى ما وعدتني به .
يلتفت أليكسيس نحو والده وبنظرة شبه شاردة يرد :
ــ لك مـا وعدت لكن لا تطمع في طلب المزيد ، أشعر بالتعب وأطلب الإذن بالإنصراف
لكن الملك فريدريك نظر إليه بحنان كبير وقال :
ــ أليكسيس.. إقترب يـا بني . يضمه إلى صدره ويهمس في أذنه قـائلا :
ــ لا تغضب مني يـا بني.. تعرف أنك الإبن المفضل لدي وأنني لا أفعل هـذا إلا من أجل سعادتك حتى وإن بدى لك الأمر عكس هذا!! عليك فقط أن تثق بي كما فعلت دائما .

لم يكن الملك فريدريك يظهر هذا الجانب من شخصيته لأحد سوى لإبنه أليكسيس الذي كان يحبه حبا كبيرا .. عرفه الجميع بغضبه السريع وقسوة قلبه ومزاجيته المتقلبة لم يسبق لأحد أن إطّلع على هذا الجانب المشرق في حياته سوى زوجته الراحلة جولييت وابنه أليكسيس ولي عهده والملك المنتظر .


قراءه ممتعه ^^

kirara 29-01-14 11:33 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
وفي صباح اليوم التالي .. ومع تبدد آخر خيوط الظلام تحوّل السكون فجأة إلى ضوضاء تعم أرجاء القصر الكل منشغل في تأدية أعماله تتقدم المدبرة الأولى والساعد الأيمن للملكة كونستانسيا وبجمود وجهها وملامحها القاسية تقترب من إحدى الخادمات فتنهرها بشدة :
ــ ألم تكن تعليماتي واضحة.. ممنوع إرتداء الخواتم أو أي ما شابه ذلك .
وتضطرب الخادمة المسكينة ومن شدة خوفها كادت تسقط دلو الماء من يدها قائله :
ــ الرحمة يا سيدتي .. لقد نسيت أني أرجو عفوك يا سيدتي .
لكن المدبرة القاسية تمد يدها لتسحب الخاتم من إصبعها عنوة من دون رحمة , و تأمر مساعدها الخاص الذي كان يفوقها خسة ولؤما بأن يتخلص منه تملك الحزن قلب الخادمة المسكينة وسالت الدموع على وجهها لفقدانها خاتم الزواج لم يجرأ أي من الخدم الموجودين حولها على الإعتراض والدفاع عنها فالكل يعلم بقسوة مارتنيز وظلمها ولهذا كانت تلقب فيما بينهم بإبنة الشيطان .

حينها كانت جوانا تسير في الرواق في طريقها إلى جناح الأميرة أنابيل وعندما وصلت طرقت الباب واستأذنت بالدخول لترتسم علامات الدهشة والذهول على وجهها لهول ما رأيت فقد أخرجت الأميرة أنابيل جميع فساتينها وأحذيتها فبدت الفوضى تعم المكان تسمرت جوانا في مكانها فاغرة الفم بينما الأميرة منشغلة في البحث بين أكوام الملابس المبعثرة لفت نظرها وقوف جوانا ساكنة دون حراك نظرت إليها لتنفجر بعدها ضاحكة عندها تبدلت نظرات جوانا هذه المرة لتعلو علامات التساؤل على وجهها قالت سائلة :
ــ لم هذه الفوضى يا مولاتي!.. وهل لي أن أعرف سبب هذا الضحك الهستيري ؟
لم تستطع أنابيل التوقف عن الضحك وكيف لها ذلك وقد كان مظهر جوانا مثيرا للضحك لكنها وبعد أن هدأت من نوبة الضحك قالت :
ــ إعذري وقاحتي يا جوانا لكن مظهرك كان لا يحتمل.. آه كدت أموت من الضحك .
ــ دعك من مظهري وأخبريني سبب هـذه الفوضى التي تعم المكـان ؟
نهضت أنابيل وجلست على الكرسي المقـابل للمرآة فأخذت تتلاعب بخصلات شعرهـا المنسدل على وجهها قـائله :
ــ كنت أبحث عن الفستـان النيلي الذي أهداه لي أبي في عيد ميلادي إنني لا أجده يا جوانا ؟؟
ــ ومـا سبب إهتمـامك المفـاجىء به الآن ؟.
ــ لا أعرف شعرت برغبة قوية في إرتدائه هـذا الصبـاح .
ــ إذن عليك بكبت هذه الرغبة لأنك لن تجديه . تجهم وجه أنابيل قائله :
ــ لماذا ؟
ــ لأنني لم أحزمه مع بقية الأمتعة . وبإستنكار تقول الأميرة :
ــ وكيف لم تضعيه في الحقيبة يا جوانا ؟.. تعرفين أنني أحب هذا الفستان كثيرا . تلتقط جوانا أحد الفساتين المرمية على الأرض وتقول :
ــ سترتدين هذا الفستان مؤقتا ريثما نرسل بطلب فستانك يا مولاتي .
ــ ولمـاذا هـذا الفستـان؟.. إنه كئيب .
ــ بل انه مناسب لك هيا إرتديه قبل أن نتأخر . وبإستغراب تقول :
ــ نتأخـر .. .. تضع جوانا يدها على رأسها وتقول :
ــ آه .. كدت أنسى الغرض الذي جئت من أجله منذ البداية ، لن تصدقي أبدا ما أحمله لك
من أخبار . وبلا مبالاة تجيبها أنابيل :
ــ وماذا عساه أن يكون؟ لا بد أنه أحد شكوكك التي لا تنتهي أبدا فمنذ قدومنا إلى هنا
وأنت لاتكفين عن الكلام . جوانا بكل حماس :
ــ لكن ما لدي هذه المرة يختلف كثيرا . تتناول أنابيل المشط بيدها وتقول :
ــ سرحي شعري يا جوانا فأنا أريد أن أبدو جميلة هذا الصباح .
فصاحت جوانا بحماس قائله :
ــ إذن أنت تعلمين !
ــ أعلم ماذا ؟ أنا لا أعرف عما تتحدثين عنه ؟
ــ إذن أصغي جيدا فما أحمله من أنباء قد تطير صوابك يا مولاتي ؟
وكما قالت مارتنيز فقد صاب حدسها بشأن التغييرات التي ستطرأ في القصر فقد أمر الملك فريدريك بأن يجتمع الجميع على مائدة الإفطار؛ تفاجأت كونستانسيا بسماع هذا الأمر فتقول لمارتنيز :
ــ لم يسبق للملك أن أصدر أمرا كهذا من قبل ما الذي يحدث في القصر يا مارتنيز؟
لتجيبها مارتنيز قائله :
ــ إنها التغييرات التي ستطرأ قريبا على القصر بسبب الأميرة , ألم أقل لك أنها ستسبب لنا المشاكل وهذه هي البداية فقط .

kirara 30-01-14 02:24 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
أثارت كلمات مارتنيز حفيظة الملكة كونستانسيا وتبدلت نظراتها بنظرات أكثر جدية فقد شعرت كونستانسيا أنها ربما قد أخطأت بحساباتها وأنها لم تولي هذه الأميرة الدخيلة أي أهمية كما كان يجدر بها ذلك منذ البداية.. نعود الآن إلى حيث تركنا أنابيل مع وصيفتها جوانا التي بعد أن أطلعتها على ما لديها إرتفع صوت الأميرة أنابيل مروعة :
ــ ماذا قلت ولي العهد هنا ؟ جوانا :
ــ كما سمعت .
ــ غير صحيح .. لا بد أنك مخطأة .
ــ صدقيني يا مولاتي.. فقد سمعته بأذني هذه والخبر أكيد بالمائة . إنتاب القلق أنابيل وفي محاولة يائسة منها أن تكذب ما سمعته قالت :
ــ قد يكون الخبر مجرد إشاعة.. فهذا ما يجيده الخدم دائما . وبخبث الثعلب ترد :
ــ بل على العكس تماما يا مولاتي.. لأني وبعد جهد طويل إستطعت أن أستدرج إحدى الخادمات التي في نهاية الأمر أسرت لي بالخبر والتي تبينت فيما بعد أنها الخادمة المسؤولة شخصيا عن إعداد فطوره يا مولاتي . وبإضطراب تقول أنابيل :
ــ إن صح ما تقولينه فهذا يعني .. يا إلهي .. كان هو ليلة البارحة .
ــ أتعنين أنك رأيته ؟
ــ لم يكن بوسعي ذلك أذكر أني كنت أقرأ حينما سمعت صوت جلبة في الخارج عندها نظرت من النافذة لكني لم أستطع رؤية شيء فقد كانت ليلة شديدة السواد .
جوانا بصوت حالم :
ــ كم أتحرق لرؤية وجهه !! فهو على قدر كبير من الوسامة والجاذبية هكذا قيل لي .
لكن أنابيل قالت مؤنبة إياها :
ــ سأتأخر على الإفطار أن لم تسرعي في تسريح شعري .

شعرت جوانا بأن الأميرة سرعان ما تغيرت فجأة وعادت إلى قوقعتها وعزلتها أحست أنها إختفت خلف ذلك الجدار الذي يشكل حاجزا منيعا يحول بينها وبين الوصول إليها وبين أروقة القصر الجميلة الواسعة يدخل رئيس الخدم هنري بيشوب غرفة ولي العهد وبيده صينية الإفطار كان أليكسيس جالسا على سريره برداء نومه الحريري ينظر إلى كتاب أسود صغير بين يديه نقش على غلافه من الخارج حرف " a" ما أن شعر بإقتراب الخادم حتى نهض ودس الكتاب تحت وسادته قائلا :
ــ لقد طلبت القهوة فقط . تلعثم الخادم قائلا :
ــ معذرة يا مولاي هل أعيده ؟ لكن أليكسيس أشار بيده قائلا :
ــ ضعه هنـاك وانصرف .

وفي القاعة الرئيسية في غرفة الطعام الفاخرة وحول المائدة الطويلة جلس الملك فريدريك وبمقابله جلست زوجته الملكة كونستانسيا بينما جلس على يمينه الأسقف بريستوف وعلى شماله المستشارالأول لوبيز بينما جلست الأميرة أنابيل على يمين الملكة كونستانسيا وبجانبها وصيفتها جوانا مع إنضمام بعض الأشرا ف ذوي المكانة الراقية والأصل النبيل أعجب الجميع بجمال الأميرة وبراءتها فقد كانوا يرمقونها بنظرات إعجاب وتقدير وكان على رأسهم المستشار لوبيز الذي على الرغم من غموضه المثير للفضول كان يحيطها بنظرات إعجاب التي سرعان ما اختفت لحظة ما أن رأى الملكة كونستانسيا ترمقه بنظراتها الحادة المؤنبة كان الصمت يخيم على الجو مما جعل أنابيل تشعر بالضيق فجأة وبحاجتها لإستنشاق الهواء إعتذرت بكل أدب ولباقة وانصرفت إلى الحديقة تبعتها وصيفتها جوانا التي أمسكتها من يدها قائلة:
ــ هل أنت على ما يرام ؟ الأميرة بضيق :
ــ شعرت بالإختنـاق فجأة وبحـاجة لمغـادرة القـاعه .
ــ هوني عليك يا مولاتي .
ــ جوانا .. أرجوك لنخرج في نزهة أريد أن أستنشق بعض الهواء النقي .
ــ ومـا عيب هـواء هذه الحديقة الرائعة ؟
ــ عيبها أنها في هذا القصر أريد الخروج خارج هذه الأسوار بعيدا عن أعين الجميع
ــ حسنا إهدئي سأتكفل بالأمر إنتظريني بالقرب من الغدير سأعود فورا .

جلست الأميرة بالقرب من غدير الماء بانتظار جوانا لم تدرك أنابيل أن نافذة ولي العهد أليكسيس تطل مباشرة عليها أخرج أليكسيس الكتاب من تحت وسادته وأخذ يتصفح أوراقه ثم أغلقه ودسه في أحد دروج خزانته وأقفل عليه جيدا ثم علّق الإقليد في سلسلة حزامه وأثناء سيره مرّ بالقرب من النافذة لكنه لم يتنبه لوجودها إرتدى عباءته السوداء وخرج ، عادت جوانا بسلة طعام للنزهة بعد أن أمرت السائس بيتر بتجهيز العربة الملكية توجهت هي والأميرة إلى الاسطبل حيث كان السائس بيتر بانتظارهم فتفاجأت جوانا بالعربة!! قالت مؤنبة :
ــ ما هذا أيها السائس أتريد منا ركوب هذا الشيء إنه كتلة حطام لا عربة ؟
السائس بيتر :
ــ لم أستطع أن أحضر العربة الملكية يا سيدتي فمولاتي صـاحبة الجلالة معتـادة على الخروج في نزهتهـا الصبـاحية بعد الإفطـار لذلك أضطررت أن أجهز هذه العربة.
الأميرة مقاطعة بصوت حاني :
ــ إسمع أيها الرجل الطيب , ألا توجد عربة أخرى أفضل من هذه .
ــ إن بقية العربات قد أعيدت الى الحداد فهي بحاجة لتصليح في كوابحها .
تلتفت الأميرة الى جوانا قائلة:
ــ لا بأس بها يا جوانا لا تبدو سيئة الى هذا الحد هيا لنذهب قبل أن يشعروا بنا .
لكن جوانا لم يعجبها حال العربة فهي لا تليق بمكانة الأميرة وبإستياء كبير قالت :
ــ ولكن .. إنها لا تليق بك يـا مولاتي .
ــ المهم أنها قادرة على أن تقلنا إلى وجهتنا هيا.. هيا بنا .
وانطلقت العربة خارج أسوار القصر كان أليكسيس في طريقه إلى البلاط الملكي حيث كان بانتظاره والده الملك فريدريك عندما إعترضت كونستانسيا طريقة قائله :
ــ أهلا بعودتك يا أليكسيس مضى وقت طويل ألن تلقي علّي التحية ؟
سارع أليكسيس بتقبيل يدها وقال :
ــ المعذرة لم أنتبه.. لقد كنت مشغول الفكر يبدو أني نسيت آدابي .
وبإهتمام مزيف بدى واضحا على نبرة صوتها وعلامات وجهها قالت :
ــ لا لوم عليك يا عزيزي البقاء لمدة 3 أشهر في مكان بعيد ونائي وسط خيمة في عمق الغابة الموحشة وبين أصوات المدافع المزعجة.. كم أرأف لحالك يا أليكسيس .
إكتفى أليكسيس بابتسامة باهتة على شفته ودخلا معا إلى البلاط الملكي فسارع أليكسيس قائلا :
ــ لقد قررت العودة إلى موقع التدريب يا أبي .. سألحق بجيوشي فلا أرى ضرورة لبقائي هنا . أجابه المستشار الأول :
ــ عذرا لتدخلي يا مولاي .. ولكن لبقاؤك هنا ضرورة قسوى للأيام القادمة .
ــ مـا قصدك أيهـا المستشـار لوبيز؟.. يشير الملك بيده إلى المستشار الأول بأن يصمت
فيجيب على أليكسيس قائلا :
ــ ما يقصده المستشار الأول يا أليكسيس هو أنه قد حان وقت تفرغك الدائم , فقد أمرت الجنرال هاكستبول بتولي أمر قيادة الجيش . وبغضب ظاهر وإستياء شديد صاح أليكسيس قائلا :
ــ ولماذا يا أبي ؟
ــ هذا لأنك ستتولى مسؤولية أهم بكثير ألا وهو الحكم فقد حان الوقت لتقعد على هذا الكرسي . جحظت عينا الملكة كونستانسيا لما قاله الملك فريدريك وبنظرة سريعة خصتها للمستشار الأول الذي كان هو الآخر يبادلها النظرات نفسها.. لكن سرعان ما تبدلت نظراتها لحظة ما أن سمعت أليكسيس يجيب والده قائلا :
ــ إن الوقت مـا زال مبكرا على تولي زمـام الحكم يـا أبي.. فهـذه مسؤولية كبيرة لا أظن أني قـادر على تحملهـا كمـا أنك مـا زلت بكـامل صحتك وعـافيتك .
إبتسمت كونستـانسيـا لمـا قـاله أليكسيس وظنت أن الأمر سيتوقف عند هـذا الحد غير أن الملك نهض من على الكرسي وأمر باخلاء البلاط الملكي ليخرج كل من الملكة كونستانسيا والمستشار لوبيز وقد علا على وجه كل منهما إمارات الضيق والقلق خوفا من أن يفلح الملك فريدريك في إقناع أليكسيس وتبديل رأيه ، إقترب منه ووضع يده على كتفه قائلا :
ــ لم أعد أفهمك يا بني , لما أشعر أنك بعيد عني؟.. وبحزن عميق زلزل كيانه ودفع بحمم الأسى تتفجر على لسانه قائلا :
ــ ربما لأنني أشعر بأني بعيد عن نفسي يا أبي .
ــ أليكسيس يا بني.. لقد أصبحت عصبيا المزاج بعد وفاة والدتك , منذ تلك الحادثة وأنت تغرق نفسك في تولي أمور الجيش على الرغم من وجود قواد أكفاء جديرون بتوليها؛ أعرف أنك مثل والدتك رحمها الله تحب القراءة والتأمل لست ممن يعشقون القتال يا بني .
ترقرق الدمع في عيني أليكسيس إثر حديث والده فأتبعها قائلا :
ــ إني ما زلت أفتقدها يا أبي.. كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لأشغل نفسي بعيدا عن الأحزان والذكريات . أيقظ أنين كلمات أليكسيس الحزينة عاصفة في نفس والده الذي آلمه ما سمعه قائلا :
ــ لماذا تنكأ الجراح يا بني .. يصمت قليلا وقد ترقرق الدمع في عينيه قائلا :
ــ لقد أحببت أمك كما لم أحب أحدا في حياتي فذكرى وجهها النقي لا يفارقني للحظه جولييت كانت كالكرة المضيئة التي تشرق كل صباح فتهب الدفء والضوء في عتمة حياتي .
وبشغف كبير بسماع المزيد سارع أليكسيس قائلا :
ــ حدثني عنها يا أبي فأنت لم تخبرني يوما كيف تزوجتها .
ــ إنهـا قصة طويلة وليس هـذا بالوقت المنـاسب لسردها .
ــ أرجوك يا أبي . الملك بعد تنهيدة طويلة يسترجع فيها الذكريات القديمة :
ــ أمك يا بني كانت وصيفة إبنة خالتي كوليت التي إختارها أبي زوجة لي وقتها لم أعترض على مشيئة والدي لأني كنت عندها قد عشت حياة صاخبة ومثيرة فالزواج عند الملوك يا بني يختلف كثيرا عن الذي عند العوام فنحن الملوك لا نتزوج من أجل الحب والإستقرار فقط بل الأمر يتعدى ذلك بكثير ولهذا عزمت على الزواج من إبنة خالتي كوليت مع الإحتفاظ بالطبع بنمط حياتي الأولى ومغامراتها اليومية.. ولكن الأيام كانت تخبئ لي مفاجأة لم تكن بالحسبان فقد شاءت الأقدار أن تنشأ قصة حب طاهرة وعفيفة بيني وبين والدتك رحمها الله لم أفكر يوما أنني سأكتشف معنى الحب الحقيقي بجانبها . يبتسم قليلا وكأن ذكرى حادثة جميلة مرت في باله فقال :
ــ كان لقائي بها غريبا وظريفا في آن واحد ففي أحد الأيام خرجت للصيد وفي معيتي بعض أبناء الأشراف وحصل ان رافقتني كوليت بصحبة والدتك.. لن انسى ذلك اليوم ما حييت فبعد أن قضينا اليوم كله في الصيد والمرح شعرت برغبة قوية في إعتزال الجميع لذلك إبتعدت عنهم وسرت في الغابة وحدي وبينما كنت غارقا بأفكاري تناهى إلى سمعي صوت غناء عذب أتى من الفراغ وجدت نفسي أتتبعه دون أن أشعر بخطواتي التي قادتني إلى نبع نهر جاري وهنا رأيت أمامي ما أذهلني إمرأة في غاية الجمال تقف بالقرب من ضفة نهر تتمايل برقة نسيم الليل العليل على وقع كلمات عذبة تشدو بها إقتربت منها دون أن تشعر بي وفاجأتها قائلا :
ــ غناؤك جميل.. ويا ليتني لم أفعل؟
ــ لماذا ؟
ــ لقد فزعت المسكينة واختل توازنها ووقعت في النهر هرعت لإنقاذها وعند تلك اللحظة بالذات تسارعت دقات قلبي بشدة ووجدت صعوبة في التنفس . كان أليكسيس يصغي بإهتمام لوالده الذي كان يتحدث بكل شوق وحب صادق :
ــ أسرتني عينيها الصافيتين وشعرها المبلل زادها جمالا أكثر لوهلة شعرت برغبة قوية بتقبيلها لكني لم أفعل ولا تسألني لماذا لأني لا أعرف ما أصابني لحظتها كانت تلك الحادثة الظريفة هي بداية حب عظيم شهد الكثير من العقبات .

kirara 30-01-14 11:13 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
ــ وقعت في حبها دون أن تشعر بذلك .
ــ هذا صحيح .. توالت الأيام وتعددت لقاءاتنا وازدادت عمقا شيئا فشيئا حتى أصبحت مركز حياتي وجدت نفسي متعلقا بها لدرجة أنه لم تعجبني إمرأة أخرى حتى وإن كانت آية في الجمال والروعة واعتزلت حياة المرح والعبث لكن سعادتي لم تكتمل يوم علم أبي بقصة غرامي بها هددني بحرماني من العرش وبمعاقبتي ولأني كنت أحب أمك بصدق وقفت بوجة أبي وعارضت زواجي من كوليت .
ــ وماذا حدث بعدها .
ــ وقع المحظور وسجنت في أحد السجون بأمر من والدي عقابا على تمردي .
ــ وأمي ماذا حدث لها ؟
ــ سجنها جدك في دير راهبات دون أن أعلم بهذا وقال لي أنها تخلت عني بعد أن أغراها بالمال رفضت التصديق لأني كنت واثقا من حبها وإخلاصها لي.. كم كانت تلك الأيام عصيبة ومريرة أن يسلب من المرء حريته والشخص الذي يحب.. لكن القدر كان بصفي هكذا شعرت يوم مرض أبي مرضا خطيرا لا علاج له أحس أنه لن يعيش طويلا فأفرج عني وطلب رؤيتي ودار بيننا حديث طويل أعلن بعده زواجي من والدتك وتوفي بعدها بأسبوع ووليت الحكم من بعده لأعيش حياة إستقرار بجانب والدتك .
ــ إذن فقد عشت قصة حب عنيفة يا أبي .
ــ لنقل أنه كان لي نصيب فيه .
ــ أتعلم يا أبي كم أتمنى أن أعرف الحب وأن أعيش لحظاته . الملك مراوغ :
ــ ان أردت فالفرصة مازالت أمامك فالأميرة رائعة الجمال وستجد بقربها كل ما تصبو
إليه نفسك .
ــ عدت من جديد !
ــ حسنا أنت أردت ذلك أتذكر . يضطرب أليكسيس ويسارع قائلا :
ــ أتأذن لي بالانصراف فأنا لم أرى عمتي منذ وصولي , لا بد أنها غاضبة مني الآن .
ــ يمكنك الإنصراف سنكمل حديثنا في وقت آخر .

وبـعـيـدا عـن أجـواء القـصـر تتوقف العربة التي تقل الأميرة ووصيفتها في بقعة خضراء شاسعة تكثر فيها الأشجار والأزهار البرية تترجل الأميرة من العربة وتقول لوصيفتها مرحة :
ــ كم أشعر بالسعادة الآن يا جوانا ؛ لطالما أحببت الطبيعة وأحببت هواءهـا النقي .
ــ هـذا واضح جدا يـا مولاتي.. فوجهك أصبح أكثر إشراقـا من ذي قبل .
ــ هذا لأني أشعر وكأن روحي معلقة بالطبيعة إنها عندي تساوي الكثير بشكل ما تنسيني همومي و ما يؤلمني وتصحبني معها إلى عالم آخر وهذا ما أفتقده بين أسوار القصر الكئيبة .
ــ لا تبالغي يا مولاتي إنك فقط لا تشعرين بالإنتماء هناك , أتعرفين ما أنت بحاجة إليه ،
أنت بحاجة للوقت نعم الوقت يا مولاتي سيمنحك الحلول لمشاكلك وسترين .
ــ من يدري قد تكونين محقة في النهاية.. والآن أين ستكون نزهتنا ؟
جوانا وهي تدفع الأميرة برفق قائلة:
ــ هذا سهل دعي هذه المهمة لي .. إذهبي أنت وتمشي قليلا أنا وبيتر سنتكفل بكل شيء لكن لا تبتعدي كثيرا يا مولاتي . تمشت انابيل في غيد قائله :
ــ حسنا .
توجهت جوانا إلى السائس بيتر الذي كان يهم بإنزال الأغراض من العربة ذهبا معا لإختيار البقعة المناسبة لنزهتهم بينما كانت الأميرة تتمشى لفت نظرها صغير غزال شارد يأكل بنهم حبات التوت البري المتدلية بكل حذر إقتربت الأميرة منه وهي تتمتم بصوت رقيق :
ــ ما أروعك أيها الصغير.. لا تخف أنا لن أوذيك يبدو أنك أضعت أمك يا مسكين , لا تخف دعني أمسح على رأسك الجميل.. لكن صغير الغزال جزع وانطلق يجري بسرعة لحقته أنابيل وهي تنادي عليه :
ــ لا توقف أرجوك لم أقصد إخافتك إنتظرني .. لم تدرك الأميرة أن جريها خلف صغير الغزال سيوقعها في ورطة كبيرة وأنها إبتعدت عن وصيفتها وتوغلت داخل الغابة .
كانت جوانا تهم بتجهيز طعام النزهة بعد أن وجدا البقعة المناسبة إقترب منها السائس بيتر وبدى متوترا قال :
ــ المعذرة يا آنستي.. لكن علينا أن نعاود أدراجنا .
ــ لمـاذا ؟ مـا زال الوقت مبكرا على العودة . يشير نحو السمـاء قـائلا :
ــ أنظري .. أترين تلك الغيوم السوداء المتفرقة ؟ وبإيجاب تهز جوانا رأسها يتابع :
ــ إنها تنذر على إقتراب عاصفة يا آنستي ، سوف تهطل الأمطار قريبا لذا علينا العودة
إلى القصر . جوانـا بخيبة أمل تقول :
ــ يبدو أننا لم نحسن إختيار اليوم للقيام بنزهة لكن لا بأس إبدأ بتحميل العربة وسأذهب
لإستدعاء الأميرة. صاحت جوانا تنادي سيدتها لكنها تعجبت لعدم إستجابتها للنداء
شعرت بالخوف وأسرعت إلى السائس بيتر جوانا والمخاوف تلعب بها :
ــ لا أجد للأميرة أي أثر يا إلهي أخشى أنّ مكروها وقع لها .
ــ لندعو الله أن لا تكون قد توغلت إلى الداخل . جوانا بإضطراب :
ــ ماذا تعني ؟
ــ إننا قريبون من مشارف الغابة يا آنستي أخشى أنّ الأميرة لم تنتبه إلى حيث كانت تسير .
ــ لا تكمل.. لنسرع بالبحث عنها قبل أن تبدأ العاصفة .

كانت الأميرة قد فقدت أثر صغير الغزال لكنها تنبهت متأخرا أنها قد إبتعدت وضلت الطريق وجدت نفسها في مكان مظلم كثير الأشجار قليلا ما يتخلله ضوء النهار فلقد كانت السماء ملبدة بالغيوم السوداء مما زاد الوضع سوءا دبّ الخوف في نفسها وبدأت بالصراخ لكنها كانت تبعد عنهم بمسافات بعيدة لم تدرك المنكوبة أنها في قلب الغابة الموحشة حيث لا فائدة ترجى من وراء صراخها حتى وإن علا صداه يعانق عنان السماء أخذت تتخبط بجذور الأشجار العملاقة وهي تصرخ مستنجدة ، سرعان ما تغير حال الجو فجأة وأرعدت السماء وهطل المطر بكثرة لتعصف الرياح الغاضبة بدورها لم يكن بإستطاعة السائس بيتر وجوانا الرؤية جيدا فلقد حجبت السحب السوداء الشمس وسادت الظلمة يعلو صوت السائس بيتر قائلا :
ــ لا فائدة من الإستمرار في البحث يا آنستي علينا العودة وطلب المساعدة لن نتمكن
من الاستمرار مع قدوم العاصفة . جوانا وقد أنهكها التعب :
ــ لا لن أعود لن أترك الأميرة وحدها في غابة تعج بالوحوش الضارية يا إلهي أين أنت يا مولاتي؟.. إنها غلطتي كيف سمحت لها بالذهاب وحدها إلطف بها يا إلهي .
بيتر محاولا إقناعها :
ــ علينا العودة فالمطر بدأ يزداد . تصرخ جوانا بهستيرية :
ــ لن أعود.. عد أنت إن شئت أما أنا فسأبقى . بيتر يجذبها من يدها :
ــ لن أغامر وأدعك وحدك في العراء ستعودين معي وسنتمكن من جلب المساعدة للبحث
عن الأميرة. ويصعدها العربة عنوة ويضرب باللجام فينطلق الحصان يعدو بسرعة الريح..
توجه أليكسيس إلى غرفة عمته الدوقـة إيديث طرق الباب فأجابته الدوقة قائله :
ــ أدخل يـا أليكسيس . أغلق البـاب خلفه وقـال متعجبـا :
ــ كيف عرفت أنه أنا يا عمتي .
ــ أنسيت أني من ربيتك إنـي أعرفك جيدا حتى بت أميز طرقك على الباب يا عزيزي .
يقترب منهـا فيقبلهـا على وجنتهـا ويدهـا قـائلا :
ــ سامحيني يا عمتي لقد أردت أن تكوني أول من يراني لكني إنشغلت بأمور أبعدتني عنك . الدوقة وهي تلاطفه :
ــ لا حاجة لأن تختلق الأعذار يا أليكسيس أنا أعرف كل ما يدور في هذا القصر وأعرف أيضا ما يجول بفكرك . أليكسيس باضطراب :
ــ ماذا تعنين يا عمتي ؟
ــ وكأنك لا تعرف.. صحيح أنني قد إعتزلت الجميع في داري ولم أعد أزاول لقـاآتي الإجتماعية كما كنت.. لكن هذا لا يعني أنني لست على دراية بما يدور حولي خاصة إن كان الأمر يتعلق بإبني الصغير المدلل .
ــ عمتي.. لقد أتيت لأراك وأطمئن عليك .
ــ فهمت.. لا تريد التحدث في الأمر .
ــ ليس هذا ما عنيته صدقيني أنت الوحيدة التي أستطيع أن أسر لها ما في قلبي لكن ليس الآن لأنني مرتبط بموعد . الدوقة ممازحة :
ــ موعد غرامي .. وارتفعت ضحكاتها لتردف قائلة:
ــ أعرف أنك تريد الذهاب لصديقك الشاعر . إبتسم أليكسيس ونظر إلىعينيها نظرات
ملؤها الحب قائلا :
ــ وكأنك تقرئين ما يجول بفكري لهذا أحبك يا عمتي . فيعاود تقبيلها وينصرف بإتجاه
الباب أوقفته الدوقة إيديث بسؤالها قائله :
ــ هل تعدني أن نكمل حديثنا عند عودتك .
ــ قد أتأخر في العودة لكني أعدك. توجهت الملكة كونستانسيا إلى غرفة الملك فريدريك حاملة بيدها كوب شاي دخلت عليه فوجدته منكبا على القراءة إقتربت منه وناولته الكوب قائله :
ــ من كان ليصدق يا عزيزي سرعان ما انقلب حال الجو. الملك وهو يتناول كوبه:
ــ وأين الغرابة فيه إنه علم الفلك الذي يصعب التنبأ به لنأمل أن يمر اليوم على خير.
ــ ولكن سيزارد عالم الطقس يزعم أن هناك عاصفة في الطريق إنه يقول أنها ستكون أقوى من التي حدثت في السنة الماضية .
ــ أرجو أن تخيب توقعاته .
ــ قلمـا مـا تخيب ، عزيزي هنـاك أمر أود منـاقشته معك .
ــ يمكننـا تأجيله إنني منشغل بهذه الصكوك والإتفـاقيـات .
ــ لن آخذ من وقتك الكثير .
ــ فليكن ماذا تريدين ؟
ــ كمـا تعرف يـا عزيزي أوزولدا عـائدة غدا من إيطـاليـا, حسب ظني أن سوء فهم طرأ بينها وبين زوجها الأمير ديفيشيو . إشتد غضب الملك فصاح قائلا :
ــ مرة أخرى .. ألا تعرف هذه الفتاة أن تحافظ على زواجها.. إنها للمرة الثانية التي تتزوج فيها وفي كل مرة تزعم أنّ سوء فهم حدث وبعدها تتقدم بطلب الطلاق لقد سئمت من تصرفاتها الطائشة . الملكة بضيق :
ــ لا تقل هذا عن إبنتك يا مولاي .. ليس ذنبها إن لم تجد بعد من يليق بها .
الملك يردف بسخرية لاذعة :
ــ ولن تجده .. فأوزولدا فتاة مستهترة طائشة وتحلم دائما بالمستحيل ليتها تكون كإبنة
خالتها أزميرالدا .
ــ أرجوك يا مولاي .. إنك بقولك هذا تسيء إلى نفسك قبل أن تسيء إلى إبنتك كان يجدر بك أن تدافع عنها وتحمي حقوقها الشرعية لا أن تسخر منها .
ــ هذا لأنها تستحق كلّ كلمة قلتها بحقها.. إبنتك يا عزيزتي هي حديث الجميع إنها لا تباعد أخاها العابث أوليفر الذي لا عمل له سوى السهر والشرب.. الملكة مقاطعة :
ــ أوليفر ليس كما تصفه ألا يكفيك أنك لا تعامله كإبنك بسببك هو يقتل نفسه بشرب السموم لكنه الآن أصبح شخصا آخر! لندع أوليفر وشأنه أتيت من أجل الحديث عن أوزولدا .
الملك بتهكم وازدراء :
ــ وما المطلوب مني يا مولاتي ؟
ــ لا أريد منك سوى أن تظهر محبتك لهـا .. فقط تجنب سخريتك اللاذعة معهـا إنهـا فتاة رقيقة ومرهفة الحس .
ــ بل إنها بقرة أكول .
ــ مولاي ..
ــ قلت ما لديك والآن إنصرفي ودعيني أكمل قراءة هذه الأوراق .
وصلت العربة إلى بوابة القصر نزل السائس بيتر وهو يصرخ على الجندي بأن يفتح البوابة حتى توجه وعلى الفور إلى ثكنة القائد العام كاستول طرق على بابه بشدة وهو يصرخ :
ــ سيدي القـائد كـاستول . خرج القائد العام قائلا :
ــ ما الأمر يا بيتر لما أنت مبلل هكذا ؟ بيتر وقد إختنق بالكلمات :
ــ سيدي لقد وقع حادث للأميرة أنابيل . وكمن أصابته الصاعقة إنتفض جسد القائد
كاستول وصرخ قائلا :
ــ ماذا قلت ؟ حادث. . بيتر وهو يلتقط أنفاسه :
ــ لقد أضعنـا مولاتي الأميرة في الغـابة ولم نستطع إيجـادهـا . لم يتحمل القائد كاستول ما سمعه أمسك بيتر من كتفيه يهزه قائلا :
ــ وكيف حدث هذا ؟ هيا قل عليك اللعنة .
وبعد لحظات إندفع القائد العام كاستول كالإعصار إلى جناح الملك وأطلعه بما جرى حتى يتعالى صوت الملك وهو يصرخ بعصبية :
ــ أيها القائد كاستول آمرك هذه اللحظة بالخروج على رأس طلائع فرق للبحث عن الأميرة ولا تعود إلا بها.. وكالبرق الخاطف غادر القائد كاستول للإهتمام بالأمر وبلمحة البصر إلتف الملك نحو الجندي فصاح به قائلا :
ــ أما أنت أيها الجندي فاذهب لإستدعاء أليكسيس في الحال.
تملك الخوف قلب الجندي الذي هاله صوت الملك الجهوري الغاضب وبجزع كبير لاح على وجهه قال مضطربا :
ــ لكن مولاي .. ولي العهد ليس في القصر .
فما كان من الملك فريدريك .. سوى أن أشار بإصبعه بوجهه وقال بصوت دوى صداه فخيل لسامعه وكأن الرعد دوى :
ــ إذهب للبحث عنه وإحضاره إلى هنا على جناح السرعة .
وما كاد ينهي الملك جملته حتى إختفى الجندي من أمامه وكأنه تبخر في الهواء ، وعند الإسطبل حيث إجتمع القائد العام كاستول بجنوده يلقي عليهم تعاليمه إنطلق من فوره بعد أن أنهى إرشاداته على رأس طلائع الفرق في مهمة العثور على الأميرة الضائعة .

kirara 31-01-14 02:31 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
كانت الأميرة أنابيل في حالة يرثى لها تتخبط بخطاها الشاردة على غير هدى فالظلمة حالكة والمطر يزداد هطوله وصوت الرعد يحتد كلما رعد لم تكن تعرف إلى أين تذهب فقد تبللت من رأسها حتى أخمص قدمها وتعثرت فوقعت على وجهها في بقعة وحل قذره ، كانت طلائع الفرق حينها قد إنتشرت في كلّ مكان واتجاه يحملون بأيديهم المشاعل وتعالت أصواتهم ينادون على الأميرة لم يكن بمقدور جوانا الذهاب معهم لأنها كانت طريحة الفراش من أثر حمى شديدة أصيبت بها ، بينما بقي الملك فريدريك في البلاط الملكي بصحبة كل من الملكة كونستانسيا والمستشار لوبيز والأسقف بريستوف ينتظرون الأخبار على أحر من الجمر وقد وقع الجميع تحت وطأة التوتر وأطبق شبح الصمت على شفاههم بينما ظلت أعينهم في ترقب مستمر لم يكن الملك فريدريك في أفضل حالاته فقد كان في أوج غضبه عندما تقدم نحوه الجندي قائلا :
ــ مولاي الملك أعتذر من جلالتكم لكني لم أجد سمو ولي العهد لقد بحثت في كلّ مكان
دون جدوى . الملك يصيح بحدة :
ــ لم آمرك بالعودة إلاّ بصحبته. إرتعدت أوصال الجندي المسكين وقال
بصوت مرتجف :
ــ حاولت يا مولاي لكني لم أوفق في إيجاده بحثت في كل مكان إعتاد إرتياده .
تتدخل الملكة كونستانسيا قائله :
ــ عزيزي أنت أدرى بإبنك ، لن نجده حتى يريد هو ذلك . صاح الملك في الجندي
قائلا :
ــ إنصرف الآن وما أن يعود حتى تخبره بملاقاتي في المكتبة .. رافقني أيها الأب بريستوف يشير بيده نحو الملكة ويقول :
ــ إنتظري أنت هنا في حال وصول الأخبار .

وما أن ألقى كلماته الغاضبة حتى إنصرف من فوره تلون وجه كونستانسيا بالغضب وكادت عروقها تتفجر لولا أن أمسك المستشار الأول لوبيز يدها قائلا :
ــ ليس هذا وقته يا مولاتي .

إزدادت حدة الأمطار واشتد البرد كانت كلّ لحظة تمر تنذر بالأسوء فالعاصفة كانت قريبة لم تكن لترحم من يقف بوجهها بدت وكأنها وحش أساطير يبتلع كل ما يجده أمامه غير أنه لا يسفك الدماء بل كان يبتلعهم أحياء ويرميهم جثث هامدة عاودت الأميرة النهوض وهي تكاد تموت من البرد أحست المسكينة بالبرودة تسري في جسدها الناعم كاد أملها في النجاة يتوارى خلف سحابات اليأس لولا أن برقت السماء فكان بريقها أشبه ببريق أمل بعيد يلوح في الأفق مما أمكنها من رؤية كهف لا يبعد عنها سوى بضع خطوات تحاملت على نفسها وسارت بخطى متثاقلة غير متوازنة نحوه وهي تسعل بشدة من شدة التعب والإعياء حتى وصلت إليه فرمت بنفسها داخله وكأنها تستنجد برحمته وتطلب حمايته ، إزداد الجو برودة فشعرت أنابيل بالنعاس الشديد حاولت أن تقاوم لكنها سرعان ما أطبقت جفنيها ونامت نومة أهل الكهف مرت الساعات الطوال على عملية البحث وكادت تستمر الليل بطوله لولا أمر القائد العام كاستول بالإنسحاب الفوري وذلك بسبب تدهور حالة الطقس واقتراب دنو العاصفة التي عرقلت عملية البحث وزادتها صعوبة لدرجة سقوط بعض الجنود مغميا عليهم من شدة الإعياء خشي القائد العام أن يزداد الوضع سوءا أكثر مما عليه فعاود أدراجه طافقا يجر أذيال الخيبة من خلفه على الرغم من يقينه بما ينتظره من عقاب وخيم ، وما أن إقتربت طلائع فرق البحت من البوابة الرئيسية حتى صاح الجندى معلما بعودتها وعلى صوت المنادي توجه الملك يسابق خطواته نحو البوابة لإستطلاع الأمر بنفسه وقد منى نفسه بالأمل لكنه تفاجأ بخيبة الأمل الكبيرة التي كانت تعلو وجه القائد كاستول وعلى الفور علم بالخبر السيء الذي يحمله ود لحظتها لو أنه أوقع أشد القصاص عليه لكنه تراجع ولجم غضبه لعلمه اليقين بأن لا ذنب له فالعاصفة ما كانت لتعطي أحدا فرصة كظم غيظه وعاد من حيث أتى يتبعه الأسقف بريستوف الذي كان يتلو صلواته ولا يكف عن الدعاء للحظة وعلى الرغم من سعادة الملكة كونستانسيا بهذا الحدث وبحالة الملك المؤسفة إلا أنها كانت تموت غيظا لعدم إستطاعتها الإنضمام إليهم في المكتبة الملكية والتي كانت تعد المكان المفضل لجلسات الملك فريدريك والأسقف بريستوف وأليكسيس أيضا الذي أحب مجالسة أمين المكتبة والمختص بالعناية بالمكتبة الملكية ريتشارد بالتون الذي وجد في صحبته متعة الحوار والنقاش الذكي.
إقترب المستشار لوبيز من الملكة وهمس بأذنها ساخرا :

ــ ألا يجدر بنا أن نرسل كتاب عزاء للدوق النبيل ألفالتسي . وبنظرة خبيثة وابتسامة تنظر إليه الملكة قائلة:
ــ ليس بعد.. لنتأكد أولا من صحة الخبر .
مر الوقت ببطىء شديد كاد الجميع خلاله أن يفقد صوابه ودقت أجراس الكنيسة تشيرإلى منتصف الليل ولم يعد أليكسيس بعد نفذ صبر الملك وكاد ينفجرغضبا بينما ظل الأسقف بريستوف يصلي لسلامة الأميرة المفقودة , كان أليكسيس وقتها يمضي سهرته بصحبة صديقة الشاعر ديمتري بعد أن تنبه إلى الوقت نهض يرتدي رداءه قائلا:
ــ لقد تأخرت كثيرا وعلي العودة .
ــ لا يزال الوقت مبكرا إبقى قليلا.
ــ إنها الثانية عشر يا رجل ؛ سأكرر زيارتي في وقت آخر علي العودة قبل أن تسوء حالة الجو فأضطرعندها للبقاء والإستماع إلى أشعارك المضجرة .
ــ فيمـا مضى كنت من أنصار الشعر يا صديقي .
ــ الوقت كفيل بتغيير النفوس.. إلى اللقاء .

كان جميع من في القصر قلقون بشأن مصيرالأميرة المجهول هذا وقد وقع الملك فريدريك أسيرا تحت هواجسه ومخاوفه الأمر الذي دفع بالأسقف بريستوف على البقاء بجانبه يشد من أزره ويهون مصابه؛ وصل أليكسيس إلى القصر لكنه فضل هذه المرة أن يدخل من خلال نفقه السري التي تؤدي دهاليزه المظلمة مباشرة إلى باب سري في غرفته سرعان ما قطع تلك الدهاليزالمظلمة إلى غرفته بدل ملابسه المبللة وأخرج ذلك الكتاب الأسود وشرد فكره معه لم يتحمل الملك فريدريك الإنتظار أكثر خرج يصرخ بالمستشارالاول لوبيز :

ــ ألم يعد أليكسيس؟
ــ لا يا صاحب النيافة .. لكني أوصيت الحرس بإبلاغي فور وصوله .
ــ وكأن لوصايتك أيّ قدرعندي .. يدفعه بيده قائلا .. إبتعد عن طريقي أيها الأخرق .
تلون وجه المستشار لوبيز غضبا هجم على جناح الملكة.. إخترق الباب صائحا :
ــ بدأ صبري ينفذ ولا أعرف إلى متى سأتحمل هذا العجوز الأحمق .
كونستانسيا بملابس النوم :
ــ أجننت يا لوبيز.. ماذا تفعل هنا في جناحي الخاص وفي مثل هذا الوقت؟
لوبيز يردف ساخرا:
ــ وكأن الوضع جديد عليك يا حبيبتي . كونستانسيا بعصبية:
ــ لا تناديني هكذا مرة أخرى , ماذا سيحصل لنا إن أكتشف أمرنا ؟.. لم أعهدك متهورا إلى هذه الدرجة .
ــ الصراحة هي أنني مللت البقاء في الظل دائما .. فكرت هذه المرة أن أجرب النور .
ويمسك يدها ويكمل :
ــ وأنت هي نوري يا حبي الوحيد .. لا أستطيع الإبتعاد عنك ولو للحظة.
ــ حبيبي .. سيتحقق كل هذا أعدك لكن عليك الانصراف الآن قبل أن يلحظ
أحدهم وجودك .
ــ وإن يكن ففي النهاية أنت صاحبة الجلالة .
ــ هذا صحيح .. لكن لا تنسى أن زوجي هو الملك وإن علم بما يدور خلف ظهره فلن يرحمنا حتى وإن كنت صاحبة الجلالة .. إنه قادرعلى أن يجردني من هذا اللقب ولا أستبعد أن يرميني في أحد سجونه المتعفنة لذلك إذهب الآن .
ــ لن أذهب قبل أن تعديني بأن تأتي الليلة .
ــ أجننت الليلة لا أستطيع ألا يكفينا توتر اليوم , إن الملك لن يغمض له جفن قبل
أن يطمئن على مصير الأميرة ومن واجبي البقاء بجانبه . وبغضب لوبيز مقاطعا :
ــ قولي أنك تريدين البقاء معه لماذا هل إشتقت إلى العجوز ؟
ــ تعرف أنك الوحيد مالك هذا القلب الذي ينبض بكل الحب والإخلاص لك يا لوبيز لذا إن كنت تريد أن يستمر هذا القلب بالحياة فلتغادر هذه اللحظة. لوبيز منصرفا :
ــ حسنا .. أنا ذاهب لكني لن أطيل الصبر كثيرا فللصبر حدود.. تذكري هذا !!
نعود إلى الوراء قليلا إلى حيث تركنا الملك فريدريك قد حاصرته مخاوفه من كل إتجاه إقترب الأسقف بريستوف منه قائلا :
ــ ليكن إيمانك قويا بالخالق يا مولاي .. إعلم أنها تحت رعايته وحده .
ــ أرجو ذلك يا أبتي .. لكني أعجب لأمر أليكسيس فليس من عادته السهر حتى منتصف الليل إنه يعلم جيدا أننا سنكمل ذلك الموضوع العالق بيننا عند عودته .
ــ قد تكون محقـا في أمر عـادته .. لكن ربمـا عـاد وغفل عنه الحرس .
أطرق الملك يفكر قليلا ثم بعدها خرج مسرعا وكأن الأسقف بريستوف قد أوحى إليه بأمر ما إتجه مسرعا نحو جناح أليكسيس إقتحم الغرفة فتفاجأ برؤية أليكسيس مستلقيا على فراشه .
الملك صائحا :
ــ أنت هنا طوال الوقت وأنا أنتظرك بالأسفل . أليكسيس مستغربا :
ــ تنتظرني ! لم يخبرني أحد بهذا . الملك مؤنبا :
ــ وكيف لهم ذلك ان لم يرك أحد عند دخولك ؟.. تعجب أليكسيس لما رآه من علامات
غضب وجدية تجلت على وجه والده سارع قائلا :
ــ ما الأمر يا أبي؟ لماذا تريد رؤيتي ؟
ــ الحق بي وستعرف . وسرعان ما اجتمع الملك والأسقف بريستوف وأليكسيس في القاعة أشار الملك لأليكسيس بالجلوس ثم قال :
ــ الأمر الطارىء الذي على أثره طلبت رؤيتك على الفور هو أمر يتعلق بالأميرة .
لكنه وقبل أن يكمل حديثه نهض أليكسيس من كرسية وبعصبية قال :
ــ مرة أخرى أميرة ألفالتسي.. حبا في الله يا أبي إنك تغضبني بكثرة حديثك عن تلك الأميرة . الملك بكل هدوء :
ــ دائما على عجلة من أمرك .. أنا لا أطلب منك سوى الإصغاء لما سأقوله لك لأنه هذه المرة مـا سأقوله يختلف كثيرا عن ما قلته قبلا الأميرة يا أليكسيس مفقودة .
أليكسيس بقليل من الدهشة :
ــ مفقودة .
ــ نعم كما سمعت لسوء الحظ خرجت هذا الصباح برفقة وصيفتها جوانا وكما جاء على لسان السائس الذي أقلهما أنها ضلت طريقها في الغابة.. ويصمت قليلا ثم يتابع :
ــ لقد أرسلت طلائع فرق للبحث عنها لكنهم رجعوا بخيبة أمل كبيرة .
ــ ووصيفتها مفقودة هي الاخرى ؟
ــ لا .. إنها طريحة الفراش تعاني من إرتفاع درجة حرارتها ، أمرها لا يهمني الآن فكري مشغول بالأميرة أنابيل .
ــ أنابيل أسمها ؟
ــ نعم أنابيل ألفالتسي .. يخيل إليّ أنّ الأمر لا يهمك .
ــ لا تسىء فهمي أنا حقا أشعر بالأسف تجاه كل هذا ، أخبرني أين هو السائس الذي
صحبهم بالنزهة . وبإستنكار يسأله الملك قائلا :
ــ وماذا تريد منه ؟.. كان أليكسيس واثق مما كان يريد الوصول إليه بسؤاله عن السائس
ولهذا أردف قائلا :
ــ ستعرف بعد أن تستدعيه . وماهي إلا لحظات حتى تقدم السائس بيتر يستأذن بالدخول
توجه إليه أليكسيس قائلا :
ــ بيتر هو اسمك ؟ ويهز السائس رأسه بالايجاب يكمل أليكسيس كلامه :
ــ حسنا يا بيتر .. أخبرني إلى أيّ مكان صحبتهما في نزهتهم الصباحية ؟.. بيتر وهو
يرتجف خوفا :
ــ لا أعرف بالضبط يا مولاي .. لكنا كنا قريبين من مشارف الغابة . أليكسيس ناهرا :
ــ لا تعرف أي سائس أنت أيها الأحمق . يتلعثم بيتر قائلا :
ــ عفوك يا مولاي .. إنني حديث العهد هنا .
ــ حسنا.. حسنا لا بأس حاول مرة أخرى إرجع بذاكرتك إلى الوراء قليلا واذكر لي بالتحديد ما جرى . السائس بعد تفكير مطول :
ــ أذكر يا مولاي أنني توقفت بالعربة في بقعة خضراء شاسعة قرب نبع نهر صغير يشق طريقه نحو الغابة.
ــ جيد .. وماذا أيضا ؟
ــ هذا كل شيء يا مولاي . في غضب ظاهر قال :
ــ هذا لا يساعدني بشيء ، لا بد أن يكون هناك شيئا ما يميز هذه البقعة ويجعلها مختلفة
عن الأخريات ؟ أطرق السائس بيتر يفكر قليلا ثم قال :
ــ نعم هذا صحيح .. أذكر أنه كانت هناك شجرة ضخمة لم أرى مثيلها من قبل وأننا أعددنا طعام النزهة وتجهيزه تحت جنح ظلها الظليل بينما ذهبت الأميرة تتمشى خلفها .
ــ هل هذه الشجرة باسقة الطول ممتدة الأغصان ؟.. بحماس كبير يجيبه بيتر قائلا :
ــ نعم يا مولاي هي كذلك . عندها أشار بيده قائلا :
ــ يمكنك الإنصراف . الملك وقد تملكته الحيرة :
ــ لم أفهم شيئا يا أليكسيس يبدو أنك تعرف شيئا ما أخبرني .
ــ أعتقد أني أعرف هذا المكان يا أبي .. إن الشجرة التي يقصدها بيتر حسب ظني ماهي سوى شجرة الصنوبر الضخمة .
ــ أتعني تلك التي إعتادت والدتك التنزه عندها ؟
ــ هي بعينها .
ــ حتى وإن صدق حدسك يا بني فهذا لا يغير من حقيقة أن الأميرة ما زالت تائهة في الغابة والله وحده أعلم بحالها .
ــ مخطأ يا ابي أنا أعرف هذه المنطقة جيدا ، وهي ستكون نقطة البداية التي سأنطلق منها للبحث عن الاميرة .
ــ ستذهب للبحث عنها لوحدك وبهذا الجو أجننت! . أليكسيس يسير نحو البـاب :
ــ لا لم أجن أنا وحدي قادر على ذلك .


لنا لقااااااء قريب مع تتمة الاحداث بالفصل الثاني من زهرة النعناع ^^

kirara 13-02-14 01:43 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
وبسرعة توجه أليكسيس إلى الإسطبل حيث كان بإنتظاره أحد العاملين بحصانه قفز أليكسيس على حصانه قفزة رشيقة وضرب اللجام بقوة فخب الحصان ، كانت حادثة الأميرة التي قريبا ما ستحمل لقب صاحبة الجلالة قد فجرت براكين من المشاعر الدفينة في أعماق القصر فبدت وكأنها المفتاح لكل باب ينفذ إلى خبايا نفوس ساكنيه!

ظلّ الأمير يعدو بحصانه مسابقا الريح والمطر بإزدياد مستمر والسماء *تبرق بشدة الجو بحالة أسوء من ذي قبل فعلى رغم المطر الهامر والبرد القارس والرياح اللاذعة لم يخطر في بال أليكسيس ولو للحظة التراجع فبفروسيته المعهودة وشجاعته الباسلة إستمر يقطع برك الوحل التي كانت تعترض طريقة لكنه تفاجأ بأن الطريق أمامه مسدود فالصاعقة قد تكفلت بإسقاط جذع شجرة عملاقة أعاقت عليه طريقه لم يشأ أليكسيس أن يخاطر بنفسه فقد كان بإمكانه أن يقفز من فوقها بسهولة *لكنه آثر على نفسه وقرر أن يسلك طريقا آخر فهذا ليس وقت إستعراض قوته كان الطريق الذي سلكه قد يكون مختصرا إلا أنه محفوف بالمخاطر فهو كثير الإنحدارات والإنزلاقات .

وبعد عناء طويل تمكن أليكسيس أخيرا من أن يصل إلى بغيته وجد أمامه الشجرة العملاقة التي إعتاد تسلق أغصانها أيام طفولته وعلى حسب أقوال السائس بيتر سلك الجهة الغربية وكأن حدسه يقوده مباشرة إلى حيث الأميرة ففي قرارة نفسه كان يعلم أن الأميرة *قريبة منه ترجلّ من على حصانه وأخذ يزيح بيديه العاريتين التي أدمتها أغصان الأشجار المتشابكة وبينما كان يشق طريقه في البحث تناهى إلى سمعه صوت غريب كان أقرب إلى الأنين المتقطع أخذ يستدل على الطريق وهو يصغي جيدا لهذا الأنين حتى إقترب من الصوت .

*

لم يكن الملك قادرا على إحتواء غضبه أكثر كالبركان الهادر صار يصرخ ويسب بأبشع العبارات كلّ من كان حوله ما كان أحد يجرأ على الوقوف بوجهه وهو بهذه الحالة المضطربة غير أن الأسقف بريستوف وحده الذي كان يدرك أن الملك فريدريك لم يكن يرتدي سوى أحد أقنعته القاسية وذلك من أجل أن يخفي خوفه وقلقه الشديد على إبنه أليكسيس الذي كان يقاوم برودة الجو القاسية وغضب العاصفة في سبيل العثور على الأميرة والتي كانت مرمية في ذلك الكهف المقفهر تصارع عبثا من أجل حياتها ما أن إقترب من ذلك الأنين حتى تمكن وبصعوبة من رؤية الكهف إقترب منه وقلبه يحدثه بأنه حتما سيجد الأميرة فيه هكذا شعر أليكسيس لحظة ما أن وقف أمام فتحة مدخل الكهف إلا أن الرؤية كانت معدومة فالظلمة حالكة في الداخل قرّب المشعل من الفتحة حتى يتسلل نوره إلى الداخل مما أمكنه من رؤية الأميرة ملقاة على الأرض *وقد غطى الوحل وجهها وبسرعة إقترب منها فوجد جسدها يشتعل من الحمى خلع رداءه وقام بلفه حول جسدها المنهك الواهن كانت الريح تعول وتهب عنيفة باردة مثلجة لسوء حظه أنّ المشعل قد إنطفأ ناره وذهبت الفرصة الوحيدة لتوفيرالدفء كانت المسكينة ترتجف بشدة لدرجة أن صوت إصطكاك أسنانها ببعضها البعض يعلو صداه في جنبات الكهف المهجورة , إحتارأليكسيس في أمره ولم يجد بدا سوى أن يلفها بذراعيه القويتين حتى يدفؤها. لم يغمض للملك أي جفن ظلّ واقف أمام النافذة يترقب عودة إبنه دخل عليه الأسقف بريستوف وبنبرة حانية قال :

ــ *لا يصح ما تفعله يا مولاي.. عليك أن ترتاح قليلا وإلا عاودك المرض من جديد .

الملك وقد صاحب صوتة حزن شديد :

ــ *لا أستطيع أيها الأسقف بريستوف .. فقلقي الشديد على أليكسيس قد حرمني النوم .

ــ *لكنك يا مولاي تعلم جيدا أن أليكسيس قوي وشجاع فإن كان هناك من هو قادر على إجتياز هذه العاصفة فهو أليكسيس وحده .

ــ *ليتني أستطيع أن أزرع الطمأنينة في نفسي وأصدقك ، لكن كما ترى إن هذه العاصفة أشد وأقوى من السابقات وأخشى أن يقع إبني فريسة لغضبها .. *وقبل أن ينهي الملك حديثه شعر فجأة بسكاكين ألم تنخر في صدره وبصعوبة في التنفس فهوى على الأرض صريعا إلا أن يدى الأسقف بريستوف تلقفته في اللحظة الأخيرة قبل أن يرتطم جسده بالارض وبخوف كبير صرخ مستنجدا ليقتحم الحرس القاعة والإسراع بنقله على جناح السرعة إلى جناحه حيث أسرع طبيب البلاط الملكي ولينغتون للإطمئنان عليه حالما سمعت المدبرة مارتنيز بالخبر حتى أسرعت من فورها إلى جناح الملكة كونستانسيا لتزف إليها خبر إنتكاسة الملك كان الجميع ينتظر خارج جناح الملك بإنتظار الأخبار وبعد أن إنتهى الطبيب ولينغتون من معاينته إلتفت إلى الأسقف بريستوف الذي كان جالسا بالقرب من الملك وبكل أسى أماء إليه بحركة وكأنه ينقل إليه الخبر السيء بخطورة حالته لم يتفاجأ الأسقف بريستوف بهذا الخبر فقد كان على علم بمرض الملك وخطورته الأمر الذي حاول الملك إخفاءه عن الجميع حتى عن إبنه أليكسيس وقبل أن يهم الطبيب بالإنصراف توجه إليه الأسقف بريستوف وأسر في أذنه بحديث ما وكأنه يوصيه بشيء ما؛ وبعد هنيهة إقتحمت الملكة كونستانسيا الغرفة بعد أن تصنعت الألم والحزن لتلقي بنفسها إلى جانب الملك وتجهش ببكاء مصطنع وكاذب لرؤيتة طريح الفراش لا يقوى حتى على الكلام إمتعض وجه الأسقف بريستوف لهذا المشهد الدرامي الذي أجادت الملكة تمثيله أشار بيده للطبيب أذونا له بالإنصراف لكن الملكة سرعان ما توقفت عن النحيب صرخت قائلة :

ــ *توقف.. لم آذن لك بالإنصراف أيها الطبيب ، هيا أخبرني ما خطب الملك ؟

نظر الطبيب إلى الأسقف بريستوف ثم أتبع رادفا :

ــ *إن حالة الملك مستقرة يا مولاتي .. وأنا على ثقة من أنه سيتجاوز هذه المرحلة الحرجة ويعود كسابق عهده . *الملكة وكأنها ترفض تصديق تشخيصة :

ــ *أرى أن الملك متعب جدا وما تقوله ليس بالأمر الجديد , ألا ترى أنك كثيرا ما تردد

هذه العبارات ما أن تنتكس صحة الملك.. هيا قل ما الذي تخفيه عني .

ــ *أنا لا أخفي شيئا يا مولاتي .. فكل ما هناك أن الملك يعاني من الإرهاق والتعب البسيط وهذا كل شيء . ***الملكة بعصبية :

ــ *بل الأمر يتعدى إلى أبعد مـا تشير إليه.. غدا سأحرص على أن أجلب له أمهر وأشهر الأطبـاء ليحرصوا على راحته وسأرى إن كنت محقـا في تشخيصك له!..

وهنا يتدخل الأسقف بريستوف مقاطعا الملكة قائلا *:

ــ *بعد إذن مولاتي أعتقد أن الوقت غير مناسبا للخلاف فالملك بحاجة للراحة ، كما أنه أوصاني أن أذكرك بأنه لا يثق سوى *بتشخيص الطبيب ولينغتون .

إعتلى على وجه الملكة تقطيبة وأشارت للطبيب بالإنصراف ثم قالت *:

ــ *أراك محقا أيها الأب المحترم ، فالملك بحاجة للراحة وسأحرص على البقاء بجانبه إلى أن يتحسن حاله .

ــ *أرجو من مولاتي أن تسمح لي بالبقاء والعناية به ؟ ***الملكة بإستنكار :

ــ *لا أرى داعي لهذا سأتكفل رعايته بنفسي .. إنصرف إلى شؤونك الخاصة .

إنصرف الأسقف بريستوف إلى صومعته الخاصة يصلي ويدعو أن تتحسن صحة الملك وأن يعود ولي العهد أليكسيس سالما مع الأميرة أنابيل ؛ وبعيدا عن كل هذا دار حديث سري بين خدم القصر في المطبخ حيث قالت بياتريس للطاهية :

ــ *تصورت أن تتحسن الأوضاع هنا بعد قدوم الأميرة .. لكن يبدو أن هذا القصر مشؤوم من كان ليصدق أن تحدث كلّ هذه الأحداث في يوم واحد!!

ــ *إلام تلمحين يا بياتريس؟ .. هل عدت إلى ثرثرتك المعهودة .

ــ *ألا يطرق الفضول بابك يا امرأة؟ إني أرى زواج الأمير من أميرة مقاطعة دوبلين ثم قدومها إلى القصر مع التكتم الشديد أمر غريب حقا! وفوق هذا كله يحيرني إختفاء البستاني قبل زواج السيد بيومين! ما تفسيرك على ما قلت ؟

ــ *كم مرة قلت لك أن البستاني قد إستقال من وظيفته وعاد إلى قريته بأمر من الملكة .

الخادمة وقد تلألأت عيناها ببريق الشك :

ــ *وهذا أكثر ما يخيفني أن يصدر الأمر من الملكة نفسها .

ــ *ماذا تعنين ؟.. *الخادمة تقترب منها وتهمس قائلة وهي تتلفت من حولها :

ــ *لقد سمعت أن الملكة قد أمرت بالتخلص من البستاني ذلك بأنه كشف سرا يخصها فسارعت إلى إطباق شفتيه وإلى الأبد . *الطاهية وهي ترتجف :

ــ *حبا بالله يا بياتريس لا تقولي المزيد.. إن سمعتنا إبنة الشيطان نتحدث بسيرة الملكة

فسيكون مصيرنا كمصير البستاني وأسؤ .

ــ *أتريدين أن تعرفي السر الذي إكتشفه البستاني وكلفه حياته .

ــ *لا..لا أريد أفضل أن لا أعلم شيئا . *بياتريس بإصرار أكثر :

ــ *أنا نفسي لم تكن لدي أي فكرة لكني أعتقد أني أعرفه الآن .

الطاهية وقد شدّها كلام بياتريس :

ــ *وكيف ؟ ..

ــ *إنها الصدفة يا عزيزتي . ****الطاهية :

ــ *الصدفة ! ! . .

ــ *نعم الصدفة.. *فبعد أن أنهيت عملي في غرفة الملكة تذكرت أني قد نسيت سطل

الماء والممسحة فعاودت أدراجي وما أن وصلت إلى الغرفة حتى سمعت حديثا غريبا دار

بين الملكة وخيال رجل . **الطاهية والفضول *يسوقها :

ــ *خيال رجل .. ومن عساة يكون ؟

ــ *لم أتمكن من رؤيته فقد كان في الناحية الأخرى من الباب , بينما كانت الملكة تقف

بمحاذاة الباب .

ــ *وعما كانا يتحدثان بشأنه ؟ **الخادمة :

ــ *هنا تكمن الغرابة يا صديقتي! كانا يتحدثان عن الأعشاب . *الطاهية بإستغراب :

ــ *الأعشاب !.. ومنذ متى كانت الملكة تهتم بهذه الأمور فما أعلمه جيدا أنها تكره علوم

الطبيعة والنبات.. أذكر يوما أنها صفعت إحدى الخادمات لوضعها أزهارا في غرفة نومها

وهذا أمر محير حقا فمن مناّ يكره رؤية الأزهار يا بياتريس؟.. نعم .. إنك محقة فهناك أشياء غريبة تحدث في القصر أشياء أفضل أن تكون في الخفاء ولا أعرف عنها شيئا لأني أخشى أن أقع في دوامتها ولا أخرج منها أبدا .

ــ *كنت أعلم أنك تتساءلين مثلي وبأن الفضول ينهشك من الداخل !!.. لذلك ذهبت

وتقسيت الأمر.. *وبإشارة من يدها تقول :

ــ *إقتربي سأسر لك بسر قد يطير آخر برج صواب في عقلك.. أظن أن الملكة تعمل بالشعوذة . **إمتقع وجه الطاهية فجأة وصبغ بصفرة الموت وبصوت متقطع قالت :

ــ *ليحمينا الرب .

kirara 21-02-14 01:13 AM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
وفي عتمة الفجر من صباح اليوم التالي .. ما لبثت أن هدأت العاصفة وتوقف المطر حتى سربل الضباب المحيط كله في غلاله الداكنة فلم يعد يرى شيئا، كان أليكسيس واقفا أمام فتحة مدخل الكهف ينظر بنظرات شبه شاردة في جيوش الضباب الجرارة التي كانت تغرق كل ما حولها دون رحمة , إلتفت نحو الأميرة التي كانت ترقد على الأرض الصلبة ملتحفة بردائه دنى منها ووضع يده على جبينها ليرى إن زالت الحمى أم لا لكنه تفاجأ بها وهي تحاول بقوة فتح عينيها والنظر مباشرة إلى وجهه قال لها بصوت هادىء :
ــ هل تقوين على النهوض يا مولاتي ؟ . وبالرغم من ضعفها الشديد أجابت :
ــ أظن ذلك .
فطوق أليكسيس يده حول خصرها وحاول مساعدتها على الوقوف لكنها لم تستطع الوقوف بثبات فقد كانت تتمايل بين يديه كتمايل أغصان الشجر بيدي الرياح لذا رفع أليكسيس يدها اليمنى ووضعها حول رقبته ثم طوق بيده الأخرى خصرها قائلا :
ــ إتبعي خطواتي برفق .. وما أن بدآ بالسير حتى صرخت متألمة :
ــ أشعر بألم شديد في معدتي .. ولا تكاد قدماي تحملانني .
فسارع أليكسيس بحملها ووضعها على الحصان ثم إمتطى حصانه يشق طريقه بحرص وتأن شديد فالضباب كان يزداد إنتشارا وتوسعا.

توجهت مارتنيز المدبرة الأولى إلى غرفة الملك طرقت الباب واستأذنت بالدخول لتجد الملكة جالسة بالقرب من المدفأة تتصفح بعض الصكوك في يديها إقتربت منها وهمست في أذنها وانصرفت بعد إشارة من يدها كان وقتها المستشار الأول لوبيز يعقد إجتماعا سريا خارج أسوار القصر بعيدا عن الأعين بصحبة رجل غريب مريب النظرة لم يكن هذا الإجتماع عادي بل كان يحمل في طياته أحداث مجلجلة سيكون لها أهمية كبيرة في الأيام القادمة؛ توجهت الملكة إلى غرفتها حيث كانت مارتنيز بإنتظارها وبعجل تسأل الملكة كونستانسيا :
ــ هل هي معك ؟
ــ نعم يا مولاتي ولقد حرصت على إحضارها بنفسي .
ــ أحسنت عملا .. أعطنيها. دفعت مارتنيز شيئا ما ملفوفا بقطعة قماش مخملي إلى الملكة التي قامت بدسها تحت ثيابها الفضفاضة ثم أردفت قائلة :
ــ خذي هذه الرسالة واحرصي على تسليمها للمستشار لوبيز .. وكوني حذرة فهناك
عيون تراقبنا بالخفاء هيا إذهبي .
إنطلقت مارتنيز مسرعة والرسالة في جيبها لم يكن الأسقف بريستوف على علم بما كان يجري فقد كان مشغولا بحديث دار بينه وبين الدوقـة إيديث إلا أنّ طرقا على الباب قطع عليهم حديثهم دخلت الخادمة بعد أن أذن لها بالدخول وانحنيت بإحترام قائلة :
ــ عذرا يا مولاتي .. لكن صاحبة الجلالة أرسلتني لأزف إليكم خبر إستيقاظ الملك من غيبوبة المرض وهو يطلب رؤيتكما معا وفي الحال .
وعلى الفور توجه الاسقف بريستوف والدوقـة إيديث لرؤية الملك والإطمئنان عليه دخلا الغرفة معا ليجدا الملكة كونستانسيا بصحبته إقتربت الدوقـة من الملك الذي كان يحاول الجلوس بصعوبة إنحنيت عليه وقبلته على جبينة قائلة :
ــ الحمد لله على سلامتك يا بن أخي لقد أخفتني .. هل تشعر بتحسن الآن ؟
ــ قليلا . الملكة كونستانسيا :
ــ سأنسحب الآن أعلم أنك تود الإنفراد بهم أرجو أن لا تطيلا البقاء فهو مازال ضعيفا .
إنصرفت كونستانسيا وقد إرتسمت إبتسامة خبيثة على وجهها بينما كانت الدوقـة إيديث تنظر بإستغراب نحو الأسقف بريستوف الذي كان يبادلها النظرات نفسها وبعد أن أغلقت الباب خلفها قال الملك :
ــ لماذا لم تبقى بجانبي أيها الأب بريستوف؟ أنت تعلم أنني لا أثق بكونستانسيا .
ــ لقد حاولت يا مولاي .. لكن الملكة رفضت بقائي وأمرتني بالإنصراف ولم أستطع
معارضتها يا مولاي .
ــ أخبرني هل هناك أيّ أخبار عن أليكسيس ؟
ــ لا أخبار عنه حتى الآن يا مولاي . الدوقـة إيديث :
ــ لا داعي للقلق يا عزيزي ستراه يدخل من هذا الباب بصحبة الأميرة سليما معافا.
ــ أرجو ذلك حقا إن حدث له مكروه ما فلن أسامح نفسي أبدا..
يطرق رأسه للأسفل قليلا ثم يقول :
ــ أيها الأب بريستوف.. لقد أردت رؤيتك حتى أوصيك بأن تعلم أمير مقاطعة دوبلين
الدوق ألفالتسي بما جرى .
ــ ولكن يا مولاي ألا يجدر بنا أن ننتظر حتى عودة الأمير , قد لا نحتاج لأن ننقل مثل هذا النبأ للدوق .
ــ قد تكون محقا ربما لن نحتاج لهذا الإجراء ، لكن من باب الحرص أرسل له دعوتي بأن ينزل في ضيافتنا قد لا تجري الأمور حسب مشيئتنا .
ــ أمر مولاي . وانصرف الاسقف بريستوف من فوره ليعمل بأمر الملك كانت الدوقـة إيديث تحدق النظر بالملك متسائلة :
ــ إنني أتساءل من باب الفضول يا بن أخي , لماذا طلبت رؤيتي؟
ــ لأمر خاص أريد أن أطلعك عليه يا عمتي .
ــ خير إنشاء الله . الملك وهو يشير بإصبعه نحو منضدة فاخرة الصنع من خشب السنديان قائلا :
ــ ستجدين خلف تلك المنضدة زر إضغطيه فيظهر لك درج سري يحتوي بداخله صك ختم عليه بالشمع الأحمر أريد منك أن تحفظيه عندك إلى أن أطلبه منك .
ــ ولماذا تريدني أن أحفظه؟.. هل هو مهم لدرجة تأتمني عليه؟
ــ يمكنك قول هذا فهذا الصك لا يقدَّر بثمن!.. كما أن أمره سر يجب أن لا يطَّلع عليه أحد معك سيكون بأمان يا عمتي .
ــ إذن لا داعي لأن تقلق سأحفظه لك .
كانت الملكة كونستانسيا في غرفتها تحتسي كوب شاي بشرائح الليمون عندما دخل عليها المستشار الأول لوبيز فقال لها :
ــ أَراك اليوم على غير عادتك يا مولاتي .
ــ ولماذا تقول هذا ؟
ــ أقوله لأنَّك لا تشربين الشاي بالليمون إلا في حالتين إما أن تكوني راضية عن شيء ما أَو أنك سعيدة بإنجاز حققته . الملكة وهي تبتسم :
ــ وما أدراك أنت بطباعي أيها المستشار لوبيز .
يقترب منها فيضع يده برفق على كتفها وينحني إلى أن يلامس بخدَّته الخشنة وجهها الناعم قائلا :
ــ هذا لأني أعرفك أكثر من زوجك الكهل يا مولاتي , أَم تُراك نسيت هذا!
الملكة بدلال وغنج صارخ :
ــ صدقت فلا أحد سِواك يَعرفني حقَّ المعرفة يا عزيزي المستشار، ولكن تذكر أنك تعرف فقط ما أريدك أن تعرفه!! المستشار بإلحاح أكثر :
ــ إِذن أَخبريني . الملكة مراوغة :
ــ أُخبرك ماذا ؟ المستشار لوبيز وهو يتمعَّن إلى محاسنها وينظر نظرة الفاحص الماكر.
ــ أَنت أَدرى يا مولاتي .
وعندها مدَّت الملكة كونستانسيا يدها بورقة ملفوفة بشريطٍ أَحمرٍ وما أن فتحها لوبيز حتى شخصت عيناه فقالت :
ــ أأدركت الآن سبب سعادتي يا عزيزي المستشار. المستشار متعجِّبا :
ــ وكيف حصلت عليه؟.. وبخفة سحبت كونستانسيا الورقة من بين يديه قائله:
ــ إنه سري الصغير . المستشار وهو يبتسم :
ــ إن رأَيتني يوما أَحيد عن طريقي وهدفي فنبِّهيني ويشير بإصبعه نحوها فيكمل قائلا :
ــ لأنَّ هدفي هو أَنت . ويضحك الإثنان معا بمكرهما في خُلوةٍ عن الجميع..
كانت جوانا قد إِستعادت عافيتها وبدأت تتماثل للشفاء دخلت عليها إحدى الخادمات بطعام الفطور فسارعت جُوانا بسؤالها :
ــ أَخبريني هل هُناك أَخبار عن الأَميرة ؟..

kirara 22-02-14 10:40 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
كنت اتمني ان ارى تفاعل متواضع مع روايتي ولو اقتصرت الردود بكلمة شكرا !!
الا ان الامر مخيب للامال ان لا تجد تشجيع او تقدير .. لذا بكل احترام وتقدير اعتذر
عن تكملة روايتي ..

شكر خاص للاخت شرقاويه عسل على متابعتها الصامته وشكرها .

ارجو من الاخوه المشرفين حذف الموضوع وعذرا للازعاج ..

شرقاوية عسل 22-04-14 02:02 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
مرحبا أخت كريرا اعذريني انشغلت كثير عنك يا ريتني شفت مشاركتك هذه من قبل كنت علقت لك

يمكن غلطتي من الأول إني ما نبهتك إن هذه الرواية مكانها يفضل أن يكون في رابط هذا القسم

http://www.liilas.com/vb3/f744/

لان هناك الروايات الفصحى الغربية أكثر شعبية واقبال

على العموم في يوم إن طلتي اطلبي نقل الرواية لهناك وتابعي من هناك

ولا تجعليها حصرية لكي تنتشر أسرع

موفقة يا قلبي

bluemay 12-08-15 02:50 PM

رد: زهرة النعناع ( جزء الاول )
 
تغلق إلى حين عودة الكاتبة


الساعة الآن 04:35 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية