منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t186980.html)

زهرة سوداء 15-05-13 02:12 PM

161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
http://www.liilas.com/up/uploads/lii...8619743521.gif

مرحبا يا حلوين هذه اولى تجاربي مع روايات عبير رح اقدم لكم اليوم رواية


سيدة نفسها ليليان بيك




اتمنى ان تعجبكم

للامانة منقولة

http://www.liilas.com/up/uploads/lii...8619743582.gif

الملخص

يبدو أن الاستقلال الذاتي والحفاظ على عزة النفس في هذا العصر صفة موشكة على الأنقراض, فهي مهددة من كل جانب.تجد الونا بيل في حياتها رمزا للنقاء والطهارة, ولكن هل يتركونها وحدها ؟الغزو قادم على قدم وساق, وطريقتها في العيش البسيط حسب مبادئها السامية العتيقة الطراز تغدو ,بين ليلة وضحاها ,كالقلعة المحاصرة تحتمل الهجمة تلو الاخرى, ولكن الى متى؟ووسط الصراع اليومي هناك دائما شخصية دريك واريك القوية ,الواثقة من نفسها, وكأنه يدير الامور من وراء الكواليس .بينهما فوارق لا تحصى, وحسب تعبيرها هي"حاجز لا يعلى عليه"
لكن متى كان الحب يؤمن بالحواجز؟

زهرة سوداء 15-05-13 02:17 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك رويات عبير القديمة
 
الفصل الاول

الحفلة


قالت ماري:
" أن سكرتيرته غائبة عن العمل مرة أخرى , وأمر بأرسال باقة زهر لها كالعادة".
تنهدت ألونا مجيبة
2- لا بد أنه يحبها , أذ أعتاد أرسال شيء لها كلما تغيبت , أن لم يكن ما يبعثه لها زهورا فأنه سيأمر بأرسال علبة شوكولا , أو قنينة عطر".
قالت ماري معقبة:
" "أنا مستعدة للتنازل عن كل شيء من أجل الحصول على رجل مثل هذا مغرم بي".
" هل تعتقدين فعلا أنه رجل رائع الى هذا الحد؟".
ورغم صيغة التساؤل , ألا أن ألونا كذبت في ذلك , أذ كانت تعرف جيدا حقيقة مشاعرها اتجاه ديريك واريك ولم يكن في نيتها أخبار أحد عن مشاعرها وخاصة أحد العاملين معها في المؤسسة.
كانت للرجل جاذبية تمنحها أحساسا خاصا كلما رأته , وعمدت دائما الى تثبيت ناظريها على آلتها الكاتبة كلما حدث ودخل غرفة الطباعة في أحدى زياراته التفقدية , ولم تكن زياراته نادرة رغم أنه أمر يثير الأستغراب.
ورفضت تسديد النظرات المولهة اليه كبقية الفتيات لأنها كانت حريصة على صيانة كبريائها من جهة ولأنها أدركت سهولة أكتشافه لحقيقة أحاسيسها أذا ما حدث وألتقت عيناه بعينيها , خاصة أنه على معرفة واضحة بالنساء.
ويبدو أنه أختار صبيحة ذلك اليوم لزيارة مكتبهم , حيث فتح باب المكتب بنفسه ودخل , ساد المكان الهدوء لعدة لحظات ثم عاودت الفتيات الطباعة بحماسة أكبر بعد أن تنهدت عدة فتيات بصوت مسموع.
وكانت ألونا الفتاة الوحيدة التي لم تتأثر بدخول الرئيس , أو على الأقل هذا ما دل عليه مظهرها فيما لو أراد أحدهم التطلع اليها , غير أنها لفرط هدوئها لم تثر أهتمام أحد.
بدت الفتيات كفؤات في عملهن كالعادة , ألا أن ألونا أدركت ومن سرعة الطباعة المتزايدة مدى أرتباكهن لوجود صاحب المؤسسة في المكتب , لم يكن ذلك السبب الوحيد بل كان للمدير عبيره الخاص الذي يمنحه حضوره المتميز.
كان طويل القامة ذا شعر أسود وعينين زرقاوين. أما جسمه فكان متناسقا , كتفاه عريضتان أظهرت جمالهما البدلة المتقنة الخياطة , كل ذلك زاد من جاذبيته وسحره.
فكرت ألونا بأن النظر اليه يسر من ترغب بالخضوع لسحره , أما هي فلم تكن تريد ذلك , أذ كانت تعلم جيدا مدى الأضطراب الذي يثيره حدث كهذا في حياتها.
شهدت ألونا حب صديقة أختها لوسيا والساكنة معها في بيت صغير , ثم زواجها ممن أحبته , ثم راقبت تدهور زواجهما وأخيرا أنهيار لوسيا وأضطرارها الى تبني أسلوب آخر في الحياة , لذلك قررت ألونا ألا تسمح لأي رجل بالتلاعب بعواطفها.
كان البيت الريفي صغيرا ولا يقل عمره عن الثلاثمئة عام , كان في المطبخ موقد سحيق القدم وحنفية الماء واقعة خارج البيت , وكان عليهما تسخين المياه بالقدور الصغيرة أذا ما أرادتا الاستحمام ومن ثم سكب الماء الوسخ خارج المنزل , في باحة أطلقتا عليها أسم الحديقة الأمامية.
عرض عليهما مالك البيت تزويد البيت بالماء والكهرباء ألا أن لوسيا رفضت قائلة بأن العيش بشكل بدائي أمر ممتع , فخاطبت ألونا نفسها قائلة بأن أسلوب حياة لوسيا هو أسلوب بدائي فعلا , كانت هناك غرفتا نوم في المنزل , أحداهما كبيرة ومتصلة بغرفة الجلوس أما الثانية فيؤدي اليها سلم خشبي قصير , وأختارتها ألونا غرفة لها رغم صغرها ولم تندم على أختيارها ذلك.
أعتادت لوسيا أقامة الحفلات مرتين في الأسبوع , وأضطرت ألونا أحيانا الى تغطية رأسها بأغطية الفراش لتتمكن من النوم , أما عند فشل وسيلتها هذه فأنها كانت تتوجه , صبيحة اليوم التالي , ألى عملها متعبة , محمرة العينين كما لو كانت هي صاحبة الحفلات.
ونتيجة تعبها وسهرها بدأت ترتكب الأخطاء في عملها , وحين حاولت توضيح السبب لرؤسائها في العمل مخبرة أياهم عن الضجة وعدم قدرتها على النوم ,أعتاد الرجال الضحك وعدم تصديقها.
وأزدادت المشكلة سوءا بمرور الوقت , وأنتاب ألونا اليأس , أذ كانت تحب عملها ولا تريد فقدانه ولم تستطع ترك المنزل لأنها لا تعرف مكانا غيره تتوجه اليه , أذ يعيش والدها في بلد آخر ولم تستهوها فكرة مشاركة السكن مع غرباء فبقيت مع لوسيا لأنها صديقة أختها , رغم سلوكها الغريب بعد أنفصالها عن زوجها , ما لم تعرفه ألونا هو مدى صبر رب عملها على أخطائها المتراكمة.
سمعت ألونا صوت أقتراب خطوات المدير , كانت الخطوات ثابتة دلت عن ثقة صاحبها بنفسه , ثم وقف ديريك واريك الى جانبها .
تنفست بعمق وجمدت في مكانها وأصابعها ثابتة على مفاتيح الآلة الطابعة , أذ لم تجرؤ على مواصلة العمل والمدير واقف الى جانبها.
قال المدير :
" كلمة مراسلات لا تحتاج أضافة الواو بعد الميم يا آنسة بيل , أما قلق يا آنسة بيل فلا تكتب 0قليق) بأضافة الياء".
رفعت ألونا وجهها فألتقت عيناها بعينيه الزرقاوين الباردتين .
" أنا الآخر قلق يا آنسة بيل".
هل حلت لحظة الطرد أخيرا؟ اللحظة المخيفة؟ وأمام كافة زملائها ؟
تساءل بسخرية :
" هل تسهرين كثيرا يا آنسة بيل؟ هل ترتادين العديد من الحفلات؟ ".
" أنني لا أرتاد الحفلات..........".
قاطعته فجأة ثم أنتبهت الى فداحة خطأها , أذ تجاوزت أسلوب المخاطبة الرسمي بين رب العمل ومستخدميه , وبدا وكأنه على وشك تأنيبها على جوابها الحاد ألا أنه غير رأيه وأكتفى بالقول:
" تعالي الى مكتبي يا آنسة بيل".
ونظرت اليه مرة أخرى , هل سيطردها بشكل خصوصي ؟ سيجنبها ذلك على الأقل مذلة الطرد أمام بقية زملائها.
نظر اليها متفحصا كما لو أنه لم ينظر الى أمرأة من قبل , ثم تغير تعبير وجهه , ألا أن الجليد لم يذب بينهما , فقال:
"لن آكلك يا آنسة بيل , ما أحتاجه هو أن تقومي بعمل سكرتيرتي أثناء مرضها( ثم عادت للهجته حدتها) أجلبي معك قلمك ودفترك".
وأنهى بذلك حديثه معها ثم غادر المكتب.
توقفت الفتيات بعد مغادرته عن الطباعة , وساد المكتب هدوء غريب , لم أختار من دون الفتيات ألونا بيل؟ فتاة , برأيها الخاص , تخلو من الجاذبية الى حد أن أصدقاء لوسيا يتركونها , عادة , لوحدها دون محاولة التحرش بها , ولم تدرك أن سبب ذلك عائد الى سلوكها المتحفظ وليس الى مظهرها الخارجي.
كانت ألونا ذات شعر أسود يصل كتفيها وعينين سوداوين واسعتين لهما رموش جميلة , وأذ مرت بين المكاتب خاطبتها ماري قائلة:
" لا تبدي بائسة يا ألونا فلست ذاهبة الى الجحيم".
أبتسمت ألونا وهزت كتفيها آملة أن تخدع بمظهرها اللامبالي بقية الفتيات , ورغم أستدعاء رب العمل , في الماضي , لبعض الفتيات لأملاء الرسائل ألا أنها كانت المرة الأولى التي أستدعى فيها ألونا , كانت تأمل ألا يلاحظ خوفها.
لم تستطع أيجاد سبب دفعه لأختيارها , وبدا ديريك واريك خلف مكتبه , وفي غرفته الخاصة أكثر هيبة , وأحاط به جو معين طغى عليها و لاحظت وجود كومة من الرسائل أمامه , أشار الى الرسائل وقال:
" لو كانت ديانا هنا لأعطيتها الرسائل وأستعدت نصفها فقط ....( تنهد ثم قال) على أي حال....".
ونظر اليها بسخرية فأحست بالخوف وتذكرت لقب ( الفأرة) , أعتادت أختها والكثير من الناس أطلاق لقب الفأرة عليها , كما دعتها لوسيا بذلك أيضا , وكلما فعلت لوسيا ذلك كانت ألونا ترغب في تحطيم ما يحيط بها , صحيح أنها هادئة المظهر , ألا أنها كانت تعلم أن ما يجري في داخلها مختلف وأنها كانت نمرة محاصرة تحاول تحرير نفسها . ألا أن ديريك واريك كالبقية لم يكن يرى منها غير مظهرها الخارجي.
واصل ديريك قوله:
" على أي حال , سأنظر بعين الرحمة الى قابليتك الأقل قدرة ".
وتحدتها العينان الباردتان أن تجيبهما , ثم أبتسم مضيفا:
" أعني الجمل القصيرة مثل (سيدي العزيز) , (شكرا) , (المخلص) .... ألخ".
أملى ديريك واريك رسالته بسرعة , ألا أن ألونا كانت قادرة على مجاراته , توقف بعد عدة دقائق ثم نظر اليها متفحصا , نظرت اليه بجرأة وبدا كأنه قرر تجاهل ذلك ثم واصل الأملاء , هل توقع منها الشكوى؟ تساءلت ألونا في داخلها ثم أبتسمت , فسألها ديريك واريك:
"ما هو الأمر المضحك يا آنسة بيل؟".
أحمر وجه ألونا وخلال لحظات أختفت الأبتسامة من وجهها وعادت الى نظراتها جديتها المعتادة.
تفحصها ديريك واريك مقطبا جبينه , ثم بدأ الأملاء , وتساءلت ألونا في قرارة نفسها عما أذا كانت تتخيل أم أنه زاد من سرعته في الأملاء؟ ألا أنها كانت قادرة , وبكل سهولة , على مجاراته في السرعة رغم أنه أسرع أكثر وأكثر آملا , كما ظنت , أن تشتكي من سرعته أو من أستخدامه المصطلحات التقنية الصعبة.
بعد مرور نصف ساعة , لاحظت ألونا أختفاء كومة الرسائل من أمامه بينما تكونت كومة أوراق الى جانبها.
ألتقت نظراتهما وحافظ هو على نظرته المتفحصة الثابتة :
" الرسائل كلها لك يا آنسة بيل".
ورغم نظراته الساحرة , لم يتطرق اليها الشك في قدرته , متى رغب في ذلك , على أتخاذ موقف قاس منها.
أجبرت نفسها على تفادي نظراته وخاطبت نفسها تلومها لحماقتها , كيف يستطيع رجل مثله قادر على أمتلاك أي امرأة يرغب فيها , أعتبارها أكثر من قطعة أثاث في مكتبه ؟ آداة تستخدم وترمى جانبا أذا ما أنتهى من أستخدامها.
وضاعت في خضم أفكارها ناسية وجودها في المكتب ولم تدرك مراقبة رب العمل لها .... قال مخاطبا أياها:
" سأكون مسرورا يا آنسة بيل لو سرحت بفكرك خارج ساعات العمل ( ثم واصل بحدة ) هذا أذا تحاشينا ذكر وجودك في مكتبي , أن وقتي ثمين , ثمين جدا.... وحتى وقتك ككاتبة على الآلة الطابعة ليس رخيصا".
وافقت ألونا فورا:
" أنني مدركة تماما ....".
بدأت حديثها , ألا أنها صمتت أذ جمد تعبيره البارد الكلمات في حلقها , أشار بيده قائلا:
" الباب يا آنسة بيل".
بشموخ غادت ألونا الغرفة , هكذا أذن يطلب الرجل العظيم من مستخدميه مغادرة المكتب!
وكانت شاحبة الوجه عند عودتها الى غرفة الكاتبات , الأمر الذي لاحظه الجميع.
سألتها ماري بعطف:
" هل أستفزك؟".
هزت ألونا رأسها نفيا .
ثم سألتها فتاة تدعى أنجي:
" هل أملى عليك الرسائل بسرعة؟".
نفت ألونا ذلك أيضا , فواصلت أنجي الحديث:
" ذات مرة , أملى علي ما أراده بسرعة كبيرة فطلبت منه الأبطاء ".
فقالت فتاة تدعى جوان:
" هذا ما فعلته أنا الأخرى".
قالت فتاة أخرى:
" وأنا أيضا".
حاولت ألونا التخلص من ثرثرتهن بالأنشغال في الطباعة , لا عجب أنه بدا مندهشا لعدم مطالبتها أياه بالأبطاء, وشغلها ما جرى لها مع رب عملها بشكل أعمق مما توقعت , أحست فجأة بالتعب ورغبت أن تريح رأسها على الآلة الطابعة.
كانت تعاني , كالعادة , من قلة النوم أذ أقامت لوسيا , الليلة الماضية ,واحدة من حفلاتها .... تخلت ألونا في الساعة الثانية صباحا عن محاولتها النوم , وقرأت كتابا حتى الساعة الثالثة حيث غادر آخر الضيوف المنزل ,فنامت لتستيقظ بعد أربع ساعات أستعدادا للذهاب الى العمل.
تناولت الأفطار وغادرت المنزل بينما بقيت لوسيا نائمة تستريح , كانت لوسيا على علاقة حب برئيس مكتبها في العمل مما أتاح لها فرصة الذهاب الى العمل في أي ساعة تشاء , قبل حلول فترة الغداء.
وأذ غادر الباص المدينة الى هدوء القرية الواقعة شمال مقاطعة أسيكس حيث تعيش ألونا , أحست ألونا بتوتر ذلك النهار يتسلل بعيدا عن جسمها , مثل اللصوص عند أنتباه أصحاب البيت الى وجودهم , غادرها التوتر , تاركا أياها هادئة ومبتسمة , وفكرت بأن أقصى ما تطمح اليه هو أن تعيش حياتها بطريقتها هي بدلا من طريقة لوسيا....
كان الوقت أواخر نيسان وأستعدت لجنة الأحسان في القرية , التي كانت ألونا عضوة فيها , لأقامة حفلها السنوي , عرض عليهم القس أستخدام باحة الكنيسة ألا أن الكولونيل دينتون عرض عليهم أستخدام مرجه المتصل ببيته الكبير الذي يعود تاريخ بنائه الى القرن التاسع عشر , كان الكولونيل طويلا أشيب الشعر له تاريخ عسكري لم يتوقف عن تذكير سكان القرية به.
ناقشت اللجنة تهيئة الطعام : محتويات البيع ومسابقات الأطفال.
أقترح أحدهم:
" يجب أن نستخدم لعبة اليانصيب".
وأقترح راي , الشاب الجالس بجوار ألونا:
" لنحاول أن نبتكر شيئا مختلفا هذه المرة".
أما الكولونيل فقال:
" وجدتها! أمرأة , لتكن الجائزة أمرأة ".
قال القس:
""أنها فكرة جيدة خاصة أن الحفل كله مقام لجمع التبرعات , والآن دعونا نفكر , من هي الفتاة ؟ أجمل النساء وأكثرهن شبابا؟"

ونظر الجميع الى ألونا فدفعت كرسيها الى الوراء محاولة بذلك الهرب :
" رجاء , لا تنظروا الي".
قالت السيدة بريانت , وهي أمرأة بدينة متوسطة العمر:
" ولكن , كما قال القس, أن الحفلة كلها من أجل الأحسان يا آنسة بيل ".
وحثها راي على القبول قائلا:
"ساهمت حتى الآن في أنجاح عمل اللجنة فساعدينا لأنجاح الحفلة ولنطلق على اللعبة أسم( فتاة ليوم واحد)"
عادت ألونا الى البيت وكان خاليا , فلم تحاول حتى أضاءة المصباح الزيتي ,كانت متعبة الى حد أن كل ما رغبت فيه هو الجلوس على كرسيها الهزاز القديم والنظر الى الحقول والتمتع بغروب الشمس وألوانه البديعة .
وتمنت لو كانت حياتها هادئة دائما بهذا الشكل , وتمنت لو أن لوسيا ستتعب من هذه الحياة االبدائية وتغادرها لتستقر في المدينة , سيكون البيت حينئذ لها وحدها , وأبتسمت أستحسانا للفكرة , وأغمضت عينيها متمتعة بتأرجح كرسيها.
تثاءب وفكرت بأنها لا بد أن تكون متعبة جدا رغم أن الوقت لا يزال التاسعة مساء .... وواصلت الأهتزاز ثم توقفت فجأة , عمل السيد واريك! وصدمتها الكلمات رغم أنها كانت على وشك النوم , وأنتصرت على حلمها السعيد ,جلست بأستقامة في مكانها وحاولت أجبار نفسها على النهوض من كرسيها , لا فائدة , أذ تسلل النوم الى أطرافها , فرفضت أطاعة أوامرها بالنهوض , تذوق جسمها طعم الأسترخاء والنوم فعادت الى الأستلقاء في كرسيها ثم نامت ثانية.
كانت الساعة الحادية عشرة والنصف حين دخل الحشد الى الغرفة المظلمة , كان الجميع يغنون ويصرخون .
أضاء أحدهم قداحة السكائر ورفعها عاليا بحثا عن المصباح , ثم هتف:
" "ماهذا؟ لوسيا, هل هو شبح من ماضيك ؟ كلا , أنها فتاة , أنها فتاة جميلة ".
وأختلطت أصوات الأستحسان , وهتف صوت فتاة:
آه , أنها ألونا , الفتاة الساكنة معي , أنهضي يا ألونا .... حان موعد الذهاب الى فراشك مثل أي فتاة عاقلة .... (وهزتها من ذراعها لتوقظها ثم قالت مخاطبةأصدقاءها) أنها لا تحب طريقتي في الحياة.
أستيقظت ألونا من نومها فزعة وبقيت جامدة في مكانها.
قال أحد الرجال:
" أذا كانت ستذهب لتنام فدعيني يا لوسيا أصطحبها".
قالت لوسيا:
" "حاول ذلك يا رون , حاول مع شقيقة صديقتي الصغيرة- الحلوة , وسترى ما يحدث لك".
" سأقتلع عينيك".
أخترقت الكلمات الحادة هدوء الغرفة ونظر الجميع بدهشة الى الفتاة المتصلبة الجالسة في الكرسي.
رفع أحدهم شعلة القداحة عاليا ثم حركها أمام وجه ألونا, أهتزت اليد قليلا , كان الرجل رون برادويل بوجه ممتلىء وعينين ثقيلتين , ويعمل معها في مؤسسة واريك , ألا أن التشابه بينهما ينتهي عند هذه النقطة , أذ كان أعلى منها مركزا , بل كان في الحقيقة مدير الذاتية في الشركة.
دعا ذات مرة ألونا للعشاء معه , وأخبرها بأن الجو البرىء المحيط بها يستهويه , ويثير فيه التحدي.... شيء لن تثره فيه أي فتاة ممن يعرفهن .
وردت عليه دائما بالنفي المهذب فبادلها هو النظرات الخبيثة مما أثار قلقها .
ولم يهز كتفيه أستهجانا هذه المرة كعادته , بل قال رافعا ألونا من كرسيها:
" ستقلعين عينيّ أليس كذلك ؟ أيتها الفتاة الجميلة؟".
ونجح أحدهم في أضاءة المصباح الزيتي فأتضحت معالم الغرفة قليلا .
قالت ألونا محاولة الحفاظ على هدوئها:
" أتركني وحدي يا سيد برادويل فأنا لست فتاة تصاحب الرجال".
ثم حررت نفسها من قبضته.
" أستطيع تلقينك درسا لن تنسيه أبدا يا عزيزتي".
أذا كنت عاطفيا الى هذا الحد يا سيد برادويل فعد الى زوجتك , أن لك زوجة جميلة وطفلين بديعين , رأيت صورهم موضوعة على مكتبك ".
لم يستطع الأجابة على أنتقادها فأكتفى بالأمساك بذراعها ولويها الى حد دفعها للصراخ.
"أتركني يا سيد برادويل ! أنك تثير الأشمئزاز فيّ , أنني لا أشعر نحوك بغير الأشمئزاز والأحتقار.
وألتمعت عيناها تحديا أذ رأت أن كلماتها أصابت جرحا دفينا فيه , رفع يده وصفعها بقوة دفعتها الى الوراء فتعثرت وأرتطم رأسها بحافة الطاولة ففقدت الوعي بعد أن أطلقت صرخة عالية ونطقت كلمات لم تعرف ما هيتها.
أستعادت بعد لحظات وعيها فوجدت نفسها ممددة على الأرض , وأحست بالألم في جانب رأسها , ساعدها أحدهم على النهوض والجلوس على كرسي قريب ,كانت دائخة ومتعبة وبقي وجه رون مرتسما أمامها , بينما واصل الجميع حفلتهم , أدركت أنها لم تعد تسترعي أنتباه أحد بأستثناء الرجل الذي صفعها.
قال رون يرادويل منحنيا عليها:
"أنه واريك .... أليس كذلك؟ أنه من تحبين؟ ....أذ صرخت منادية أياه عند سقوطك".
وراقب برادوي وجهها وقد قطبت جبينها:
" لم تعرفي أنك ناديته .... أليس كذلك؟".
ثم وقف في منتصف الغرفة مناديا:
"لوسيا , أن شقيقة صديقتك تحب رئيسها في العمل , ألا أنها ليست مثلك فلم تكشف عن حبها وأحتفظت به سرا أمينا في داخلها"
وأقترب منها هامسا بأحتقار:
" "أتبعي خطوات لوسيا , أظهري حبك له ,حينئذ سيغفر لك كل شيء حتى أخطاءك الطباعية"
لم يعد فيها ما يكفي من القوة لنفي التهمة أو الدفاع عن نفسها , أذ أحست بالدوخة من جديد.... هل صحيح أنها تحب دريك واريك ؟ نعم وعليها مواجهة هذه الحقيقة , حقيقة أنها هي ألونا بيل تحب رئيسها ورب عملها ديريك واريك .
دون وعي تحركت شفتاها فلفظت أسمه مرة أخرى متنهدة ,وعلى مقربة منها أنطلقت ضحكة برادويل صاخبة




انتهى الفصل

night wishper 15-05-13 03:47 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
حلوة ثانكس ومشكورة

سماري كول 15-05-13 04:20 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
حلوه كمليييها بلييييييز

زهرة سوداء 15-05-13 05:04 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة night wishper (المشاركة 3320525)
حلوة ثانكس ومشكورة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سماري كول (المشاركة 3320534)
حلوه كمليييها بلييييييز


اهلا وسهلا منورين لعيونكم كمان فصل جديد

زهرة سوداء 15-05-13 05:08 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الثاني

كم تخدع المظاهر


حين رن جرس المنبه , أستيقظت لتجد نفسها في سريرها , تقلبت ألونا في فراشها وغطت رأسها بوسادتها ألا أنها أدركت وجوب نهوضها بسرعة ومواجهة الواقع , عليها النهوض , خلال لحظات , رغم صداعها , ورغم الورم في مكان أرتطامها بالمنضدة.
عليها مواجهة اليوم وعملها , جمدت في فراشها وتشنجت أصابعها مستنكرة رسائل السيد واريك , كيف تستطيع طباعة الرسائل كلها وبدون أخطاء وصداعها لم يتوقف لحظة واحدة؟ بدا لها وكأن أصابعها لا تطيع أوامر الدماغ بل عملت بشكل منفصل عنه.
ماذا لو حاولت التوضيح له؟ هل سيصدقها دريك واريك؟ وتمنت لو أن التورم في رأسها ظاهر أكثر لتستخدمه دليلا تثبت به صحة توضيحها .... ثم أن الصداع ألم خفي فلن يفيدها الحديث عنه.
في منتصف الفترة الصباحية , رن جرس الهاتف في مكتب الكاتبات , فقالت ماري:
"أنه لك يا ألونا( ثم همست) أنه المدير بنفسه ,أنتبهي , أنه في مزاج سيء"
ألتقطت ألونا السماعة وقالت:
" نعم , سيد واريك؟".
" أرجو أن تجلبي الرسائل".
ثم وضع السماعة جانبا , كلا لن تستطيع أخباره بشيء , أنها لم تتم غير نصف الرسائل , ولم تتح لها الفرصة للأعتذار بأنها بذلت أقصى جهدها لأنهائها.... ولكن لا فائدة , وأذ عادت الى مكتبها , نظرت اليها بقية الفتيات بعطف , ثم قالت سارة:
"أنك المدعوة الأولى اليوم, وغالبا ما يكون سلوكه سيئا مع المدعوة الأولى"
فقالت أحدى الفتيات مفاخرة:
" نعم , ولأسباب عديدة.......".
جمعت ألونا الرسائل المطبوعة , لم يكن لديها وقت يكفي لمراجعتها وتصحيح الأخطاء , كما لم يكن هناك ,في مظهرها , ما يثير شفقة السيد واريك ويلين قلبه ليسامحها على أخطائها , أظهرت لها مرآة المطبخ وبتفصيل مؤلم , كيف ظهر وجهها ذلك الصباح وكيف أنتفخت عيناها بسبب السهر ,وما أن دخلت المكتب , حتى وضع السيد واريك قلمه جانبا وأسترخى في مقعده , كان للعينين الزرقاوين قوة كافية لأضعافها , أضافة الى ما كانت تحس به من ضعف عام وأرتجاف في ساقيها وما بدا وكأنه ضباب يوم خريفي داخل رأسها.
نظر اليها رب العمل من قمة رأسها حتى أخمص قدميها , ولكن لم يبد عليه التأثر للظلال المرتسمة تحت عينيها ولا لضعفها , كان , كما حذرتها ماري , في مزاج سيء.
مد يده طلبا للرسائل ثم ألقى عليها نظرة سريعة وتساءل:
" أين البقية؟".
" لم أطبعها بعد يا سيد واريك ".
" قلت لك بوضوح أنني أريدها قبل فترة الظهيرة".
" أنني لست بصحة جيدة هذا الصباح يا سيد واريك , أنني......".
فقاطعها بحدة:
" لا يدهشني ذلك بعد قضائك نصف الليلة السابقة في حفلة صاخبة ".
"!! حفلة صاخبة ؟".
" "لم لا تكونين صريحة معي يا آنسة بيل ؟ ثم لم لا تعترفين أنك تعانين من الصداع والتعب لأنك قضيت الليلة السابقة تلاحقين نزواتك؟.
" ما الذي تتحدث عنه؟ أي نزوات؟".
"الى حد أنك غير قادرة الآن على أتمام عملك لأنه يتطلب التركيز والدقة والكمال وفقا للشروط المطلوبة من العاملين معي".
لم يقتض الأمر وقتا طويلا ليكتشف الأخطاء , تحرك أصبعه على الرسالتين الأوليين , مشيرا الى الأخطاء في السطور الأربعة الأولى , وبان عليه الغضب واضحا رغم محاولته التظاهر بالهدوء حتى تلك اللحظة .
" "أذا كان لحياتك الخاصة تأثير ضار على عملك ومورد عيشك , وفي أمكاني القول أنك تحصلين على أجر عادل لأدائه , فقد حان الوقت لتغيري أسلوب حياتك الخاصة".
قطبت ألونا جبينها مرة أخرى , حياة خاصة؟ أي حياة خاصة؟ أنها لا تقوم بشيء بأستثناء القراءة , الأستماع الى الموسيقى ونشاطها في لجنة أحسان القرية .... وفي أمكانها تعدادها بسهولة كما لو كانت تملأ بند الهوايات في أستمارة التقديم لطلب عمل.
رفعت يدها لتلمس جانب رأسها ثم قالت:
" أنك لا تفهم ما حدث يا سيد واريك".
لم يقل شيئا , لم يبد عليه أنه فهم.
" الفتاة , الفتاة التي أسكن معها أقامت حفلة في الليلة الماضية".
" آه , ها نحن أخيرا , على وشك أستخلاص الحقيقة".
"أنها ليست الحقيقة ,وليست الحقيقة كما تشير اليها , أن ما تفكر فيه خاطىء ,حدثت الأشياء ولكن"......
" ألم تحضري أذن الحفلة التي أقيمت؟".
"ليست تلك هي المشكلة".
" لم تجيبي على سؤالي".
"نعم , نعم كنت في الحفلة , ولكن رغما عن أرادتي , يجب أن تصدقني.
أفترت شفتاه عن أبتسامة صغيرة وأزداد بروده نحوها :
" أنني مسرور لأنك قررت أن تكوني صريحة.... خاصة أن لدي شاهدا.
ثم مد يده الى الهاتف وأدار رقما معينا.
عرفت ألونا أنه رقم رون برادويل:
" أنتظر يا سيد واريك أستطيع التوضيح....".
" لا تزعجي نفسك أذا سيقوم مدير الذاتية بذلك بدلا عنك".
وخاطب رون هاتفيا قائلا:
" رون؟ تعال مرة أخرى رجاء.....".
" مرة ثانية؟".
أنه رون برادويل , أذن من صب تلك السموم في أذن مديرها , مبلغا أياه ما رغب فيه من أكاذيب ... ودخل المكتب واثقا بنفسه , خاطب ألونا قائلا:
" أهلا عزيزتي , نعم ديريك؟".
كلا ليس من المعقول أنه أستطاع خداع المدير بتحايله هذا.
" أعترفت الآنسة بيل بأنها حضرت الحفلة".
مسد رون برادويل شعره ثم نظر الى ألونا قائلا:
" "نعم , لم أظن بأنها ستكتم الأمر عنك طويلا , ثم كان هناك عدد كاف من الشهود لأثبات الحقيقة , وكيف صداعك يا عزيزتي؟".
" "توقف عن تسميتي عزيزتي! أنه تعبير جميل فلا تشوهه بأستخدامك السيء".
أبتسم بأحتقار:
" أنها عنيدة يا ديريك , يجب أن تحاول بنفسك".
تفحصها ديريك جيدا:
"أنك تدهشني يا رون أذ تذكر شيئا مخالفا لفكرتي عن الآنسة بيل في أنها مثال للفضيلة والشرف".
"مما يثبت خداع المظهر أحيانا , أنها رائعة يا ديريك , متى ما أستحوذت عليها , أنك تعرف ما يشاع عن الفتيات الهادئات"....
واجهت ألونا مدير الذاتية بغضب وأحتداد:
كيف أستقبلتك زوجتك يا سيد برادويل ؟ ليلة أمس , حين وصلت البيت أخيرا؟ هل فتحت ذراعيها ترحيبا بك؟".
أكتشفت ألونا أنها , في محاولتها لتحطيمه , لم تفعل شيئا غير أضاعة وقتها .
" لم أذهب الى بيتي يا عزيزتي , وأنت تعرفين السبب".
أنتقلت بنظراتها بين الرجلين , كانت محاصرة بينهما في حبكة ذكية من الخدع والأكاذيب أعدت مسبقا قبل أن تجد الوقت اللازم للدفاع عن نفسها , وتبادل الرجلان النظرات , أنها لغة الرجال , تبادل النظرات بصمت يكفي لردع المرأة وأسكات الحقيقة وفقا لما يتطلبه الرجل , فكرت ألونا في داخلها قبل أن تساءل:
"ما هذا يا سيد واريك ؟ هل تحاول محاكمتي ؟ هل أن السيد برادويل المدعي العام وأنت المحلف والقاضي في آن واحد؟ ألن تتاح لي فرصة الدفاع عن نفسي؟".
قطب ديريك واريك جبينه وتحرك من مكانه محاولا بدء الكلام , فخمن رون برادويل ميل كفة الميزان لصالح ألونا فبدأ الحديث قائلا بلطف كاذب:
" ماذا حدث يا عزيزتي؟ لا لزوم لخجلك مما حدث الليلة الماضية".
حدقت ألونا في وجهه مدهوشة ,ما الذي يتحدث عنه؟
" أنت كاذب يا سيد برادويل ولو أن هناك شاهدا موثوقا به أكثر من رب العمل الجالس هنا..".
نظر اليها ديريك بغضب وتوقعت منه النهوض عن كرسيه والتقدم نحوها ألا أنه أكتفى بالقول:
"أنك مطرودة يا آنسة بيل".
" ولكن يا سيد واريك .... ما الذي فعلته؟ نطقت بالحقيقة, هذا هو كل شيء".
" الحقيقة؟ هل تصفين ما قلتيه بالحقيقة؟ تحملت حتى الآن الكثير من سوء سلوكك , أحزمي أشياءك وأذهبي الى المحاسب لأستلام راتب شهر مسبقا تعويضا عن توجيه الأنذار ثم غادري المكان فورا".
أدار قرص الهاتف وقال:
" المحاسب؟ أنتظر لحظة.".
ثم راقب بنفاذ صبر سير ألونا نحو الباب , توقفت عند الباب وأستدارت ناظرة اليه , دون أن تستطيع السيطرة على دموعها :
" أذا كان هذا ما تسميه عدلا يا سيد واريك فأنني آمل ألا أقوم بأي عمل لصالحك مرة أخرى".
حدق في وجهها بثبات بأنتظار مغادرتها المكتب.
عندما فتحت ألونا باب المنزل وجدت لوسيا جالسة في المقعد الهزاز فقطبت ألونا جبينها :
" ما الذي تفعلينه في البيت؟".
سحبت لوسيا نفسا من سيكارتها وأطلقت الدخان.
" لدي صداع مؤلم فسمح لي كولن بالأستراحة اليوم".
ثم أنتبهت الى حضور ألونا المبكر :
" لم أنت مبكرة في العودة؟ هل فقدت عملك؟".
"نعم , نتيجة أخطائي في العمل لأنني كنت متعبة ولحاجتي للنوم , كل ذلك بسبب حفلاتك التعيسة".
" أيتها الفأرة العزيزة , كيف تستطيعين لومي لما جرى الليلة السابقة؟ أذ بقيت هنا بمحض أرادتك".
" أنني......".
وتوقفت ألونا لأقتناعها بلا جدوى النقاش مع لوسيا أو أي شخص آخر بصدد المسألة , ألم تجادل صبيحة ذلك اليوم رب عملها ومدير الذاتية؟ أين توصلت معهما؟ صعدت درجات السلم المؤدية الى غرفتها.
قالت لوسيا بصوت عال:
" وكيف ستدفعين الأيجار ؟ أرجو ألا يكون في نيتك البقاء هنا بدون أيجار ".
" أستطيع الدفع حتى نهاية الشهر المقبل أذ أعطاني السيد واريك راتب الشهر المقبل".
" أنه سخي , خاصة أنك طردت لعدم كفاءتك".
فتحت ألونا فمها لتنفي التهمة غير أنها فضلت الصمت , كانت التهمة صحيحة , أليس كذلك؟ فلو لم ترتكب تلك الأخطاء , لا في رسائله فحسب بل في كافة الأعمال الأخرى المرسلة اليها من قبل مستخدميه , لكانت الآن موجودة في المكتب مع بقية الفتيات , ألا أنها لم تفقد مهارتها في الأختزال , ورغم شكوى البقية من سرعة المدير ألا أنها أستطاعت مجاراته الى حد بدا عليه الأستغراب لذلك , جلست ألونا على سريرها وأحتضنت الوسادة , لم يكن ما حدث عدلا .... كلا لم يكن عدلا , فيما بعد توجهت الى المطبخ لأعداد بعض الطعام , كانت لوسيا موجودة في غرفتها تمشط شعرها الأسود الطويل بعناية.
وقفت ألونا عند مدخل الغرفة:
" هل تريدين بعض الطعام؟".
" كلا شكرا, سأتصل بكولن وسنذهب لتناول الغداء سوية".
تناولت ألونا غداءها ثم غسلت الصحون وجلست تحدق الى الخارج من خلال نافذة المطبخ , كانت مكتئبة وقلقة أذ أحست بأفتقاد شيء مهم في حياتها , ولم تحتج ذكاء خارقا لتعرف ماهية هذا الشيء.
جلست على كرسيها الهزاز وحملقت في الموقد , يجب ألا تنسى جمع بعض الزهور ووضعها في المزهرية الكبيرة.
كان من المستحيل تجنب التفكير ثانية بطردها , رجلان أشتركا في تلك العملية , أطلق أحدهما سلسلة من الأكاذيب لم يكتف الثاني بتصديقها فحسب بل أضاف اليها أتهامه بعدم كفاءتها وقدرتها , رغم حيازتها على شهادات العمل الشاهدة على قدرتها ,كلا , يجب أن تكون أمينة , لم تكن كفوءة في المدة الأخيرة , ولكن لم يكن السبب , وهذا هو الجانب الأكثر أيلاما , هو عجزها عن آداء عملها ,ولكن الظروف الصعبة المحيطة بها .
قررت ألونا التوجه الى غرفتها قبل عودة لوسيا مساء اليوم , أذ وجدت من الصعب مقاومة رغبتها في النوم أكثر من ذلك , فنهضت من كرسيها وتوجهت الى الطابق العلوي , ولأنها كانت متعبة نتيجة أحداث اليوم التعسة لم تجد صعوبة في النوم حالما وضعت رأسها على الوسادة .
جلب ضوء النهار لألونا ذكريات اليوم السابق ,شجارها مع رب عملها , طردها من عملها وأحساسها اليائس بعد ذلك , دفعت عنها الغطاء ثم نهضت لأرتداء ملابسها الى أن تساءلت : لم أنا في عجلة من أمري؟ ليس لدي عمل أذهب اليه وأمامي النهار كله لأقوم بما أريده , ونفرت من فكرة قضاء ساعات النهار الطويلة بلا عمل.
تنهدت ثم أغتسلت وساعدها الماء البارد على الصحو تماما والأحساس بالراحة رغم بقاء ذهنها مشغولا.
لا بد أن لوسيا لا تزال في الفراش, رغم أن الساعة كانت العاشرة صباحا , لا بد أن كولن كاستل , رب عملها , سيغفر لها وصولها متأخرة , أرتدت ألونا حذاء مع بنطلونها الجينز وقميصا قديما ثم نزلت السلم.... وماذا يهم أذا أستيقظت لوسيا؟
وجدت قطعتي خبز في المطبخ فوضعت عليهما بعض الزبدة والعسل ثم تناولت أفطارها في غرفة الجلوس.
كان باب غرفة نوم لوسيا مفتوحا , لا بد أنها أفطرت أذ كانت مرتدية ملابسها أستعدادا للخروج , وتبعها كولن هارد كاستل , رب عملها .
وكانت ألونا على وشك قضم قطعة الخبز حين لاحظتهما سوية فتوقفت فاغرة الفم , كانت تعلم أن للوسيا علاقة بكولن ألا أنها كانت المرة الأولى التي تجلبه فيها الى بيتها.
" أهلا فأرة! ".
هتفت لوسيا بمرح ثم عرفت كولن بآلونا .
" كولن , هذه ألونا الفتاة التي أعيش معها".
" أهلا , أخبري ألونا النبأ بهدوء".
مضغت ألونا خبزها ببطء متسائلة عن ماهية الخبر , وكان للخبر وقع سطل من الماء البارد على وجهها.
" سأترك البيت ...سأذهب للسكن مع كولن".
وضعت ألونا بقية قطعة الخبز على الصحن ثم قالت:
" ولكنه.... متزوج!".
ضحك الأثنان بصوت صاخب ثم قال كولن:
" متى ولدت ألونا يا لوسيا؟ البارحة؟ أم قبل ذلك؟".
" أذا كان الأمر سيريحك فأن كولن على وشك الحصول على الطلاق , وقبل أن نرتبط سوية .... أذا ما قررنا الأرتباط , وجدنا من الأفضل التأكد من عدم أرتكابنا الخطأ مرة ثانية ".
ثم أستدارت مخاطبة كولن:
" تعال يا كولن أذ يجب علينا الذهاب الى المكتب ... سأترك بعض الملابس لك يا ألونا أذ أن كولن سيشتري لي ملابس أفضل , فأذا أردت أن تتأنقي بعض الشيء لتبدي جميلة , تستطيعين أختيار ما ترغبين به من ملابسي".
ثم رفعت يدها ملوحة بلامبالاة:
" وداعا أيتها الصغيرة .... سأراك ذات يوم".
أرتبكت ألونا ودمدمت:
" ولكن , ماذا عن الأيجار؟ والطعام؟".
" عليك تدبير ذلك لوحدك الآن.... أليس كذلك؟".
" كيف؟ أنني عاطلة عن العمل".
ولم تضف ما فكرت فيه: شكرا لك".
" كيف سأحصل على النقود أذن؟".
" بصراحة.... لا تهمني مشكلتك أطلاقا".
ثم غادرت المنزل.
قضت ألونا وقت العصر كله تغسل وتنظف البيت ,وبدا وكأنها الوسيلة الوحيدة لتصريف طاقتها , وأذ واصلت العمل , فكرت في مشاكلها العاكلة والآجلة في آن واحد, ولأن مشكلتها الأولى هي الحصول على بعض النقود فأنها قررت التوجه صبيحة اليوم التالي الى مكتب التشغيل في المدينة , وأدركت وجود شيء لن تستطيع تعويضه هو العثور على رب عمل يشبه السيد واريك , وأرتسمت أمامها صورته... لم يكن من السهل تقبل فكرة عدم رؤيته مرة أخرى , بل أنها وجدت صعوبة كبيرة في منع نفسها من التفكير به في كل لحظة.
وأذ حدقت , خلال النافذة نحو الطريق المؤدية الى المنزل تخيلت أن أطار النافذة أطار لصورة وجه تحبه , وجه ألفت رؤيته الى حد أعتبرته جزءا منها.
رأت ذلك الوجه باردا ومنعزلا خلف المكتب , ساخرا ومريرا من تفحص الرسائل والأخطاء , ثم رأت ملامح الغضب مرتسمة عليه عندما أمرها بمغادرة العمل , وبذلت جهدها للتفكير بالحاضر وبدأت البحث عن شيء تعده لوجبة العشاء , ما جدوى التفكير بذلك الرجل؟ أنه سيكون طوال حياتها نائيا مثل النجوم في السماء.
كانت تحمص قطعة الخبز على حطب الموقد حين سمعت قرعا على الباب , وظنت أنها قد تكون لوسيا من جديد ,والى أن تحركت لتفتح الباب , أكتشف الزائر سهولة فتح الباب فدخل المنزل.
أسرعت ألونا خائفة الى غرفة الجلوس , أنه دخيل حقا , ألا أنه لم يكن غريبا , بقيت حاملة شوكة التحميص الطويلة وفي نهايتها قطعة الخبز المحمصة , وهي تحدق في ديريك واريك , بدا عليه وكأنه قادم من مكتبه مباشرة.
" ما الذي تفعله هنا؟ وكيف عرفت عنواني؟".
" سجلات المؤسسة , ثم سألت عنك في القرية.... يبدو أنك معروفة هنا".
ثم نظر الى شوكة التحميص القديمة الطراز قائلا:
" هل تودين مهاجمتي بهذا؟".
" لا أعلم , لم يجب علي أستقبالك في بيتي , بعد أن عاملتني بتلك الطريقة".
أوشك على الأنصراف قائلا:
" سأغادر المكان أذا أصررت".
كيف تستطيع التظاهر بالأعتراض على وجوده بينما كان هو الشخص الوحيد الذي ترغب في رؤيته أكثر من أي أنسام آخر في العالم؟
" بما أنك هنا الآن تستطيع البقاء".
كانت جملتها محايدة فتأثر بذلك ورفع حاجبيه أستغرابا .... ربما سيقرر الأنصراف , سحبت نفسا ببطء ثم أطلقته حين قرر البقاء.
نظر الى الخبز المحمص ثم قال:
" خبز محمص , أنني أحب الرائحة , أنه شيء أفتقده في حياتي".
لم تتأثر لكلامه فواصل:
" لا شيء يشبه رائحة الخبز المحمص على نار حقيقية ".
لم يكن أمامها غير الأستجابة:
" هل دعوت نفسك لتناول العشاء معي؟".
وتمنت لو توقف قلبها عن الخفقان فرحا لمرآه.
نظر الى الخبز المحمص ثم الى الفتاة التي تحمله وقال:
" هل ستشفقين على رجل جائع؟".
نظرت بشكل لا أرادي اليه , كان نحيفا ذا عضلات مشدودة يحسده عليها أي رياضي , يرتدي سترته السوداء مفتوحة الأزرار , بينما يضع يديه في جيبي بنطلونه.
ثم أستقرت بنظراتها عل خصره وطول قامته وطريقته الخاصة في الوقوف مما زاد من وسامته.
نظرت اليه ببطء , فألتقت بعينيه المبتسمتين:
" حسنا ؟ ما هو القرار الأخير؟".
" تعني بصدد أطعامك؟".
وأستدارت جانبا.
" حسنا , تستطيع البقاء لتناول الطعام , أذ أنني أمتلك من العاطفة ما يمنعني من أخراجك من منزلي كما طردتني من عملي".
تظاهر بالدهشة قائلا:
" أصبت الهدف تماما".
ثم خلع سترته ووضعها جانبا وأرخى ربطة عنقه مواصلا:
" شكرا لسماحك لي بالتصرف كما لو كنت في بيتي".
فواجهته قائلة:
" آسفة غير أنك جئت بلا دعوة ثم دعوت نفسك لتناول الطعام , أنك تتوقع المستحيل يا سيد واريك".
" أوافقك الرأي , أنني لا أرضى بغير الكمال , الشيء الآخر الذي أود أن أقوله لأجنبك مشقة ذكره , هو أنني رجل قاس , دقيق وصعب العشرة , وأخيرا لا أستطيع الأستقرار حتى أحصل على ما أريد".
نظر اليها واضعا يديه حول خصره , لم تستطه كبح أبتسامتها أذ كان من الصعب مقاومة جاذبيته , وحتى بعد أن أستدارت شعرت بنظراته تتابعها .
وقف عند مدخل المطبخ رافعا يديه ليعيد ترتيب شعره.
" هل هناك شيء أقوم به لمساعدتك؟".
" أنه مطبخ صغير ولا يتسع لأثنين , ثم أنك ضخم الى حد ستسد طريقي".
خاطبته بينما كانت راكعة أمام نار الموقد.
خطا عدة خطوات في المطبخ وفتح باب الموقد القديم سائلا:
" ما هذا؟".
" نستخدمه لطبخ الطعام".
" لا بد أنك تمزحين........ (ثم أشار الى غطاء مدور موضوع على النار) وذلك؟".
" غلي الأشياء في القدور؟".
" ما هو عشاؤنا هذه الليلة؟".
" لم أكن أتوقع زوارا وألا.... ".
ثم هزت كتفيها أستهانة , أنها لم تدعه فعليه أما أن يأكل ما هو موجود أو يرفضه.
" سأذيب بعض الجبن وأضعه على الخبز المحمص".
ثم نظر حوله وقال:
" أين حنفية الماء .... ألا توجد حنفية؟".
" في الخارج".
" أذا قلت بأن المكان بدائي لا أعتقد أن الصيغة ملائمة بما فيه الكفاية.... يمكنني القول أنه مكان يعود الى ما قبل التاريخ".
" أحب العيش هنا,( أجابت مدافعة) أنه يساعد على أستعادة الأحساس بقيمة الأشياء , وكلما عدت الى البيت أجد نفسي مرة أخرى فيحتل العالم مكانه الحقيقي في حياتي".
وقفت بعد أن أنهت تحميص الخبز ونظرت اليه بتحد:
" في مكان كهذا تستطيع نسيان كل الأشياء المخيفة الجارية في العالم... حيث لن تجلس لمراقبة برامج التلفزيون الليلة بعد الأخرى وهي لا تعرض غير قسوة الأنسان على أخيه الأنسان".
قطب جبينه بسخرية وقال:
" هل تريد الآنسة الخطيبة صندوقا خشبيا تقف عليه؟ لسوء الحظ لا أستطيع أعداد المنصة الآن ولكن.....".
وسحب لها كرسيا:
" قد ينفع هذا؟".
" هل تظن ما قلته أمرا مضحكا؟".
" بدا على وجهه الجد:
" كلا , ما أجده مثيرا للدهشة هو مشاركتك ذوقي ذاته , فبعد أن رأيت هذا المكان لن أجرؤ أطلاقا على دعوتك بذوقك البسيط الى شقتي وألا لدعوت أسلوب حياتي أسلوبا متفسخا".
أبتسمت لما قاله:
" أذا كنت تعيش تبعا لكمية المال الذي تحصل عليه وأمكانياتك في الحصول على ما ترغب فيه , فأنني بالتأكيد سأصف أسلوب حياتك بذلك الوصف".
" أن حياتي جميلة يا سيدتي".
وتزايدت دقات قلبها لمرأى أبتسامته , كان سحره مشابها لغضبه : لا شيء يقف بمواجهته ,وتمنت لو أنه لم يأت لئلا يفسد عليها هدوء بالها .
أذابت الجبن في أناء صغير وخلطته مع الزبدة والحليب ثم وضعت الخليط المغلي على الخبز المحمص , كما أخرجت بعض قطع الكعك الصغيرة من علبة موضوعة جانبا ورتبتها في صحن مع بعض الفطائر , تابعها ديريك بنظراته ثم علق:
" رأيت النساء يفعلن أشياء كثيرة من قبل ,ألا أنني لم أر أمرأة تطبخ من قبل".
أبتسمت ألونا ورفعت خصلة من شعرها المنسدل على وجهها:
" حتى صديقتك المقربة؟".
رمقها بنظرة تساؤل وكأنه على وشك التوضيح غير أنه بدل رأيه وقال:
" أي واحدة منهن؟".
" سكرتيرتك مثلا".
رمقها بعينين زرقاوين باردتين :
" دعينا نتجنب الحديث عن ديانا".
أنكمشت عضلات ألونا , ولأول مرة في حياتها أحست بالغيرة .
" لماذا؟ هل لأنها مقربة الى هذا الحد؟".
أجابها بهدوء:
" سمعت ما قلته".
كل ما بدا جميلا وأليفا أختفى فجأة , أستدارت نحو المطبخ وتبعها فلاحظت أنه وخلال لحظات أستعاد طبيعته المرحة , أرتاحت لذلك فمنحته أبتسامة مثيرة فأقترب منها ورفع ذقنها بيده ناظرا في عينيها السوداوين.
حين سمح لها بالأبتعاد عنه لم تجد شيئا تشغل فيه نفسها غير مناولته صحن طعامه , فجلس في الكرسي الهزاز بينما أختارت هي الجلوس على الأرض الى جانب الموقد , ووجدت صعوبة في أستعادة هدوئها وأحساسها بأنجذابها الكلي نحوه بينما لم تعن له المسألة شيئا كثيرا , وأحتاجت الصمت لتدرس حقيقة ما يجري حولها.
راقبت ديريك سرا , بدا مسترخيا في كرسيه ومرتاحا , كان جالسا معها يأكل بهدوء وطمأنينة , رفض عرضها بأستخدام الشوكة والسكين وتناول طعامه بيده فأدهشها رفضه لأستخدام طريقة حضارية أكثر , هل أساءت الحكم عليه بتصورها أياه محاطا برفاهية الحياة المعاصرة؟ هل رفض لا وعيها فكرة قدرته على أتخاذ أسلوب أبسط في الحياة ونبذ الرفاهية والرخاء.
حين أنتهى من تناول وجبته وضع صحنه على الطاولة ثم دفع رأسه الى الوراء مغمضا عينيه كما لو أنه تمتع بوجبته , فسألته ألونا:
" أترغب بشرب القهوة الآن يا سيد واريك؟".
" كلا , شكرا ".
وتأرجح في كرسيه عدة مرات قبل أن يضيف:
" أن أسمي الأول هو دريك , فأرجو أن تتركي طريقتك الرسمية في مخاطبتي ".
أجابته ببطء:
" لا أظن أنني أريد ذلك".
"لا تريدين ذلك؟ ألا تريدين لعلاقتنا أن تتطور أكثر؟".
كان من المستحيل أجابته:
" أنك مخطىء". لأن ما قاله كان صحيحا , لذلك هاجمته من زاوية مختلفة:
" أننا ننتمي الى عالمين مختلفين ,ولو كنت صريحا لوافقتني الرأي , أن أهدافنا في الحياة مختلفة".
ورفعت رأسها باحثة عن عينيه ألا أنها لم تستطه رؤية ملامح وجهه بوضوح لجلوسه في مكان بعيد عن الضوء:
"أستمري أيتها الخطيبة .... أنني منتبه, ما هو برأيك هدفي في الحياة؟".
أجابته بهدوء:
" أن تجمع أكبر مقدار ممكن من المال ولمصلحتك الخاصة قبل كل شيء".
" شكرا "( علق بجفاف ) وما هو هدفك؟".
" أن أعيش حياة بسيطة وخالية من المظاهر البراقة قدر أمكاني و....".
توقفت لأنها أدركت أنه سيسيء فهم ما ستقوله , ألا أنها قررت النطق بكل ما تفكر فيه:
" ومساعدة الآخرين بكل طريقة ممكنة دون توقع شيء بالمقابل".قالت في نفسها
" يا لها من أهداف نبيلة( ووقف معيدا ترتيب ربطة عنقه) فلتعيشي طويلا لتحقيق أهدافك".
ونظر اليها جالسة عند قدميه , ضاقت عيناه فظنت أن كان يتفحص ملابسها الرثة , قميصها القديم وبنطالها الممزق عند الركبتين والموحل عند القدمين , هل كان يقارنها بسكرتيرته الأنيقة الشقراء؟ المرأة العزيزة لديه التي يرسل اليها الزهور والعطور حتى أذا تركته وحده بدون سكرتيرة؟ هل تذكر وجه ديانا الجميل ذا الماكياج الموضوع بحرص , وجمال قامتها؟ هل كان يقارنها بتلك الفتاة النحيفة , طويلة الشعر , ذات العينين السوداوين والجالسة على الحصيرة بدون ماكياج والملقبة (بالفأرة) ؟ كانت محاولتها لمعرفة ما يدور في ذهنه غير مجدية لذلك فضلت سؤاله:
" لماذا جئت هنا؟".
" أتصلت بي صديقتك لوسيا , صبيحة اليوم , في مكتبي, قالت أنك في حاجة ماسة للعمل وكانت قلقة لأنك لن تكوني قادرة على دفع أيجارك , وأتهمتني بأنني رجل بلا رحمة لطردي أياك فورا دون منحك فترة شهر كأنذار ستحاولين خلاله البحث عن عمل آخر".
حاولت لوسيا , أذن, مساعدتها رغم كل شيء.
" مما يعني أنك جئت هذا المساء لشعورك بالذنب؟".
" هذا يعني أنك متعجرفة مثل صديقتك , أخبرتها بأنني , أولا , لكوني المدير أستطيع طرد وتعيين من أرغب فيه ,وثانيا أنني لم أحظ بشرف لقائها من قبل فلم أفهم كيف جرؤت على مخاطبتي بتلك الطريقة".
وأنتظرت منه مواصلة الحديث ألا أنه بقي صامتا.
" هل قالت شيئا آخر؟".
" كلا , هل هناك شيء أكثر لتقوله؟".
أذن لم تذكر لوسيا شيئا عن مغادرتها المنزل , هزت رأسها:
" هل أتصلت بك هاتفيا؟".
" نعم".
" حسنا , كانت لوسيا محقة , أذ طردتني لسبب غير عادل".
" أكرر ما قلته, أن من حقي طرد أو تعيين من أرغب فيه".
وأستعادت عيناه برودتهما فأقشعرت لذلك , بدا وكأنها في صحبة رجلين في آن واحد , أحدهما رئيس مؤسسة كبيرة ناجحة ,والآخر ودود وعاطفي يدعى دريك واريك.
" هذا سواء أذ أنتزعت مني مصدر رزقي الوحيد".
ومضى وقت طريل قضاه متأملا رأسها المنحني:
" أتريدين عملا؟".
أدهشها السؤال.
" أتعني عملي القديم ككاتبة على الآلة الطابعة؟".
" كلا , بل كعاملة أستقبال في مكتب الأستعلامات في الطابق الأرضي ".
نهضت واقفة بسرعة :
" أنك لا تثق بقدرتي ككاتبة على الآلة الطابعة والأختزال لذلك تعرض علي عملا لا علاقة لي به ,ألم أخبرك أن الأخطاء كانت بسبب حفلات لوسيا؟".
أجابها ببرود:
" أستنادا الى ما قاله رون برادويل عن سلوكك تلك الليلة , بدا أنك شاركت في الحفلة بملء أرادتك , أليس نفاقا أذن...".
فصرخت مقاطعة أياه:
" نفاق؟ كذب رون برادويل في كل ما قاله , كنت هناك صدفة لأنني كنت متعبة".
قطب جبينه وهز رأسه:
" متعبة , ومع ذلك حضرت الحفلة؟ أذا كنت ستخترعين الأعذار فحاولي على الأقل جعلها معقولة".
" كيف تستطيع تصديق كلمة واحدة من رجل عاملني بقسوة؟".
ومدت يدها متحسسة الورم في رأسها فلمسه هو الآخر :
" هل فعل رون برادويل هذا؟".
" نعم والورم أقل الآن , كان مؤلما أكثر".
بدت عليه الحيرة:
" لا بد أن لذلك سببا , هل أستفززته بأي طريقة كانت؟".
" كلا , كل ما فعلته هو أخباره بأنه قذر ومثير للأشمئزاز , لم أستفزه لأن هذه الحقيقة".
ضحك دريك لما قالته فأستمرت ألونا :
" على أي حال , مهما كان ما قلته لم أكن في وضع أميز فيه معنى ما أقول".
" أبتسم بنعومة سائلا:
" أذن أنت لا تشعرين بأي عطفة نحوي رغم ندائك لي لحظة سقوطك كما قال رون , لا شيء أطلاقا؟".
لم تستطع التصريح بحقيقة حبها له ورغبتها في أن يضمها تلك اللحظة , لأنها تعلم بوجود صديقته وسكرتيرته ديانا , فكذبت:
" لا شيء أطلاقا ,ولا أظن أنني سأود أي رجل بعدما رأيت ما حدث للوسيا , أنها صديقة أختي منذ سنوات , ورأيت بأم عيني كيف أحبت رجلا ثم تزوجته فحطم حياتها , لأنها تزوجت شخصا غير ملائم".
" هل تعنين أنني الشخص غير الملائم لك؟".
لم تستطع أطلاق كذبة أخرى فأكتفت بهز كتفيها :
" أنك الرجل الملائم لأمرة أخرى جميلة وأنيقة , ولكن ليس لواحدة مثلي ... تدعى ....".
أكمل جملتها:
" فأرة؟".
وخطا نحوها فجمع شعرها ووضعه كتاج على قمة رأسها :
" فأرة حسب تعبير برادويل ولكن ذات مزاج حاد كنمرة , ولسان قرص مثل متمردة ".( ورق صوته مرة ثانية) فأرة ذات عينين سوداوين واسعتين , أخبريني يا آنسة بيل...".
وعادت لصوته لهجة المدير :
"كيف حدث ولم ألحظ وجودك في مكتب الطابعات من قبل؟".
" كنت في الزاوية البعيدة ولم تصل هناك أطلاقا بأستثناء آخر مرة...".
ثم تمتمت بصوت منخفض:
" غير أنني لم أتجاهلك...".
وعضت على شفتها بد أن تلفظت الجملة الأخيرة.
" أذن, كان برادويل محقا حين قال أنك تحبين رئيسك؟".
" كلا ,كلا .....( قالت بصوت هال محاولة أقناعه) وعلى أي حال , أنك لم تعد رب عملي ثم أنني لن أحس بأي عاطفة نحو أي رجل ,ليس بعدما حدث....".
" لوسيا, بالمناسبة أين هي الآن؟".
" في الخارج مع صديق لها".
ولحسن حظها لم يسألها عن هوية الصديق بل أكتفى بالتجول في المطبخ ناظرا حوله:
" غير معقول ! مطبخ خال تماما من كل تجهيزات المطبخ الحديث , بلا آلة لغسل الصحون".
" أغسل الصحون بيدي".
" بلا آلة لغسل الملابس".
" أغسل ملابسي بيدي".
أستدار نحوها مدهوشا:
"بالماء البارد؟".
" أسخن الماء على الموقد".
فنظر الى الموقد القديم :
" وأين تخزنين الفحم الحجري لأيقاد الموقد؟".
" في مخزن صغير خلف المنزل ".
خطا خارج المطبخ ونظر الى السلم:
" وأين دورة المياه.... هناك؟".
ضحكت قائلة :
" كلا , بل خلف المنزل , ليس هناك باب خلفي فأضطر لأستخدام الباب الأمامي".
" أنك تمزحين أليس كذلك؟".
ثم غادر المكان ليعود بعد دقائق.
" رأيت أماكن أسوأ من هذه".
قالت مدافعة :
" حقا؟ لا بد أن العودة الى الطبيعة ممتعة".
" أحب طريقة العيش هذه".
" كما ذكرت من قبل".
كان هناك صوت عجلات شاحنة وقفت أمام المنزل خلف سيارة دريك , وترجل منها سائق شاب قميصه مغبرة وبنطلونه مبقع بالوحل , مما دل بوضوح على عمله ساعات طويلة في مزرعة والده , تبع دريك نظرات ألونا ونظر الى الشاب:
" هل هذا هو حبيب التي تحب العودة الى حياة الطبيعة؟".
ثم رمق ديكور المنزل الداخلي وقال:
" نعم , سيتلاءم بسرعة مع الجو البدائي لهذا المكان".
أستدارت نحوه:
" أرجو أن تتوقف عن الأستخفاف بمكاني".
كانت أبتسامة دريك هادئة:
" لم يكن أستخفافا , بل الحقيقة "
وعلمت ألونا بأنه يشير الى ما قالته عن ملاحظاتها بصدد رون برادويل , وغيرت من أسلوبها :
" حسنا ,أرجو ألا تسخر من أصدقائي , أنه ليس عاطلا بل عاملا مجدا تخرج منذ فترة من كلية الزراعة وقدم المساعدة الى والده المزارع , أما الوحل فأنه نتيجة عمله الشريف يا سيد واريك".
نظر مباشرة في عينيها المتهمتين:
" أعتذاري لك يا آنسة بيل , أن الشاب محظوظ لأنك تدافعين عنه بهذه الحماسة".
قال راي عند دخوله المطبخ:
" أهلا ألونا , كيف الحال؟".
ثم وضع ذراعه حول خصرها بمودة ونظر الى دريك مستفسرا ,فعرفتهما ببعضهما.
أصبح دريك عند رؤيته لراي متحفظا فذكرها بأنه , حتى الأمس , كان رب عملها , أما راي فكان أسلوبه وديا وصريحا فرحب بدريك بحرارته المعتادة.
دعته ألونا للجلوس في محاولة منها للتخلص من التوتر المحيط بها منذ مجيء واريك.
نظر راي الى واريك الواقف قرب النافذة منشغلا بالنظر الى الخارج , بدا منعزلا تماما عن الآخرين وخاصة لمظهره الأنيق ولثقته الواضحة في نفسه مما جعل راي وألونا اللذين كانا في منتصف العريشنات يبدوان وكأنهما من المراهقين.
قال راي:
" لن أبقى فترة طويلة يا حبي".
ولفط كلمته الأخيرة , كعادته , بأعتبارها مكملة للجملة دون أن يعنيها حقا , ألا أن دريك لم يكن على معرفة جيدة براي فظن ألونا حبيبته.
" سيعقد أجتماع للجنة مساء يوم بعد الغد , الساعة السابعة بالضبط , وقال الكولونيل دينتون يجب ألا تنسي وعدك".
" أذا كان بصدد اليانصيب يا راي....".
أبتسم راي:
" ذلك ما عناه (فتاة ليوم واحد) ووافقنا كلنا , أليس كذلك؟".
كيف تستطيع الكلام بصراحة وبحضور دريك المنصت الى حديثهما بأهتمام رغم تظاهره بالنظر الى أظافره ؟ كيف تستطيع القول ,كلا, لا أستطيع القيام به , أختاروا فتاة أخرى بدلا عني...".
رفع دريك رأسه وقال :
" أن للعنوان وقعا مثيرا , من هي الفتاة؟".
أمسك راي بيدها ورفعها عاليا:
"هذه, ستنجح في جمع مبلغ محترم من المال من الرجال , أليس كذلك؟
ثم أبتسم مضيفا:
"سأشتري حفنة من التذاكر لنفسي , لا أدري ما الذي سأفعله بها أذا ما فزت"
"رجاء راي , أخبر الكولونيل دينتون أنني...".
قاطعها راي قائلا:
" أنك ستحافظين على وعدك".
ثم غادر المنزل قبل أن تضيف شيئا آخر ,وساد الصمت بينهما بعد أنصرافه عدا سماعهما صوت تشغيله المحرك ثم أبتعاده عن المنزل.
قال ديريك:
"هكذا أذن , الفتاة المعروفة بين أصدقائها بأسم ( الفأرة) ستعرض نفسها للبيع من أجل ثمن تذكرة يانصيب ( فتاة ليوم واحد) ... والآن ( ثم فرك جبينه متظاهرا بالتفكير ) ما الذي سأفعله بفتاة تكون ملكا لي ليوم واحد؟".
أجابته محتدة لسوء تفسيره:
"لا شيء , المسألة كلها مزحة , وما سأقوم به هو للأحسان وليس لبيع نفسي".
رفع حاجبيه أستفسارا:
" ما الذي ستسمين العملية أذن؟ عرض بسعر رخيص؟ صفقة العام؟".
ثم تفحص قوامها قبل أن يقول:
بالنسبة لي شخصيا , لا أظن أنني سأضيع نقودي "
فأجابته بضراوة:
" بصراحة , لا أريد منك ذلك , سأقف هناك مذعورة لئلا تفوز أنت".
نظر نحوها ببرود ثم قال بأحتقار:
"هل هذا ما نسميه هدفا نبيلا في الحياة ؟ لمساعدة الآخرين بأي طريقة ممكنة؟ خاصة الرجال , أذ من ذا الذي سيشتري بطاقات يانصيب جائزته غير الرجال؟".
" أنت من أطلق على أهدافي الخاصة صفة النبل , ثم أن الفكرة كلها لجمع بعض المال للأعمال الخيرية , ليس هناك ما يثير الأشمئزاز أو ما هو مضاد للأخلاق , أنها ليست فكرة حديدة حتى , أذ أقيم من قبل....".
أريني أمرأة لا تحتج كثيرا".
" أحتفظ برأيك لنفسك يا سيد واريك , أنك لست أفضل بكثير من رون برادويل".
تقدك نحوها محذرا:
" لا تستفزيني أكثر من اللازم".
• Like
ثم أمسك بأعلى ذراعيها بشدة , أستدارت بسرعة محاولة التخلص من قبضته ألا أنه عاود الأمساك بها فبقيت ساكنة للحظات تمكنت خلالها من جذب صحن الطعام من على المنضدة ألا أنه أنتبه لحركتها فرماه جانبا.
لم تهدأ وأرتعشت غضبا من قمة رأسها حتى أخمص قدميها .
" أن أسلوبك أسلوب رجل خسر معركة الذكاء فلجأ الى العنف ".
" هل تسمين حديثنا معركة ذكاء ؟ أما من الناحية فأسميه لغو أطفال , لا غير".
وشد من قبضتيه على رسغها:
" وهل تدعين هذا عنفا ؟ أظن أنك في حاجة لمعرفة المزيد عن الرجال , أن ما أفعله الآن يشبه تمسيد قطة صغيرة".
وأذ ألتقت نظراتها بنظراته أحست بالخوف للتغير الطارىء فيهما ولما أثارته في داخلهامن أحاسيس , ثم قربها منه بهدوء جاذبا أياها فأحتمت به خوفا من مشاعرها , أنسحب الى الوراء ونظر الى وجهها الملتهب أحمرار:
" أعرف الآن كل شيء".
قطبت جبينها لأنها لم تفهم معنى ملاحظته الساخرة بعد أن أظهرت له بوضوح حبها , ألم توضح له بما فيه الكفاية؟
" تعرف ماذا؟".
" كيف تستطيعين عرض نفسك للبيع لأعلى عرض تتلقينه بحجة الحصول على بعض المال من أجل الخير؟".
أحست بأنه ما كان سيؤذيها بذلك الشكل لو أنه دحرجها من أعلى السلم .... هل فهم حبها له بهذه الطريقة؟
وأبتعد عنها كما لو أنه لم يتحمل البقاء قريبا منها :
" لا بد أن صديقك غبي الى حد لا يمانع فيه مشاركتك مع بقية الرجال".
أحتارت ألونا الى حد لم تعرف فيه كيف تدافع عن نفسها ضد أهانته:
" صديقي؟".
أجابها بسخرية مريرة:
"هل نسيته؟".
" هل تتحدث عن راي هيل؟".
" من سواه ؟ ألم ينادك بكلمة (حبي ) ووضع ذراعه حول خصرك؟".
" ولكن ذلك أسلوب راي في الكلام , أنه يدعو كل فتاة (حبي) ولا يعني ذلك شيئا .... ألا تصدقني؟".
" كلا.... أذ رأيت كيف كان ينظر اليك".
" أنك تتخيل ذلك".
كيف تستطيع أقناعه بخطأ رأيه ؟ وأحست بالشوق لكي يلمسها .
" لو كان راي صديقي , فكيف يتحمل قضائي اليوم مع رجل آخر؟".
" بالتدريب".
هزت رأسها لأنها لم تفهم ما عناه.
" أستنادا الى رد فعلك العاطفي منذ لحظات , لا بد أنه تدرب على الصبر ليتحمل نوبات خياناتك له".
" كيف تجرؤ على أتهامي بخيانة صديقي بينما تقوم أنت بالشيء ذاته مع أمرأة أخرى؟".
وهزها الغضب من جديد.
" لم لا تخرج الآن يا سيد واريك؟ لم لا تعود الى سكرتيرتك الجميلة الشقراء لتنشد بين ذراعيها ما تصبو اليه , الأمر الذي أنكرته عليك ؟".
لسبب ما لم تستطع ألونا معرفته , غضب دريك أيضا:
" سأفعل ذلك ,( أجابها متوجها نحو الباب) هذا بالبضبط ما سأفعله , شكرا من أجل الطعام وشكرا للمواقف العاطفية , سأدفع ثمنها عن طريق شرائي تذاكر يانصيب لجمع بعض المال للأعمال الخيرية , وهو أمر تبدين مستعدة من أجله للتضحية بكبريائك ,وأحترامك لنفسك".
ثم أنصرف مغلقا الباب وراءه.


انتهى الفصل

amany khalil 15-05-13 05:09 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اهلين زهرتى
وينك مش مبينه من زمان
والله الف شكر حبيبتى على الروايه
حلوه وجميله حبيبتى مبسوطه انى معك الان راح اقرا الفصل وارجع ليكى
من الملخص حلوه
نقرا الفصل ونرجع لبعض تانى
مواااااااااااااه

زهرة سوداء 15-05-13 05:13 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3320564)
اهلين زهرتى
وينك مش مبينه من زمان
والله الف شكر حبيبتى على الروايه
حلوه وجميله حبيبتى مبسوطه انى معك الان راح اقرا الفصل وارجع ليكى
من الملخص حلوه
نقرا الفصل ونرجع لبعض تانى
مواااااااااااااه


اهلا امونة وانا اسعد يا قلبي بوجودك معي اكيد رح نجتمع كثير وهالشي اكثر ما يبهجني شكرا لوجودك

ومرحبا بك دائما

amany khalil 15-05-13 05:31 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
رح اعلق على الفصل الاول
فصل غايه فى الروعه زهرتى وجميل بين لنا شخصيه الونا
شخصيه رائعه وضدها شخصيه لوسيا صديقه اختها اللى بتسكن معاها
وطبعا كل قصه لازم يكون فبها بطل
والبطل المره دى يخراشىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى جميل وروعه زهرتى
والله يابنتى شكلك هتخلينى ابصبص له
دريك ياحلاوه اسم جميل والوصف اجمل
قتاه ليوم واحد ليه حاسه ان اليوم الواحد ده هيكون من نصيب دريك مش عارفه ليه حاسه كده
فصل جميل وزى ما بيقى ناس حلوه فى الفصل بيبقى فيه ناس وحشين زى التييييت ده اسمه بردويل صح انا كرهته علشان كده اسمه ملبسش فى راسى
مشكوره زهرتى هقرا الفصل الثانى ونرجع لبعض تانى
موووووووووووووووووواه

amany khalil 15-05-13 06:15 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اهلين زهرتى
فصل تانى اكثر من روووعه
مسيو واريك طرد الونا من عمالها ده طلع وحش اووووووووى اوى
ليه كده كنت من شويه هعاكسك دلوقتى شكلى هديك على دماغك ياوحش
بيصدق كلام الكذاب والمنافق اللى اسمه بردويل وميسبهاش تدافع عن نفسها ده طلع وحش بالثلاثه
امالوسيا فاخرت مشوارها ندم انها تمشى ورا واحد متجوز دى وحشه اوى
بصراحه اتفاجات ان دريك راح لها البيت واستغربت هو راح ليه مثلا ضميره انبه ولا ايه طلعت لوسيا كلمته واديته على دماغه
بس بصراحه هو شكله هيبدا يتغير ويبص الونا بصه تانيه بدليل انه اتنرفز لما شاف راى ليه وانتى مالك ميقولها ياحبى وايه يعنى انتى زعلان ليه
شكل الحكايه هتحلووووووووووووووووووو اوى
وهتكون قتاه ليوم واحد من نصيب دريك
بانتظارك زهرتى
امتى ميعاد تنزيل الفصول

Koedara 15-05-13 09:55 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
رائعة جدا اختي
بانتظار التكملة لاتتأخري .....

زهرة سوداء 15-05-13 11:25 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3320585)
رح اعلق على الفصل الاول
فصل غايه فى الروعه زهرتى وجميل بين لنا شخصيه الونا
شخصيه رائعه وضدها شخصيه لوسيا صديقه اختها اللى بتسكن معاها
وطبعا كل قصه لازم يكون فبها بطل
والبطل المره دى يخراشىىىىىىىىىىىىىىىىىىىى جميل وروعه زهرتى
والله يابنتى شكلك هتخلينى ابصبص له
دريك ياحلاوه اسم جميل والوصف اجمل
قتاه ليوم واحد ليه حاسه ان اليوم الواحد ده هيكون من نصيب دريك مش عارفه ليه حاسه كده
فصل جميل وزى ما بيقى ناس حلوه فى الفصل بيبقى فيه ناس وحشين زى التييييت ده اسمه بردويل صح انا كرهته علشان كده اسمه ملبسش فى راسى
مشكوره زهرتى هقرا الفصل الثانى ونرجع لبعض تانى
موووووووووووووووووواه

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3320635)
اهلين زهرتى
فصل تانى اكثر من روووعه
مسيو واريك طرد الونا من عمالها ده طلع وحش اووووووووى اوى
ليه كده كنت من شويه هعاكسك دلوقتى شكلى هديك على دماغك ياوحش
بيصدق كلام الكذاب والمنافق اللى اسمه بردويل وميسبهاش تدافع عن نفسها ده طلع وحش بالثلاثه
امالوسيا فاخرت مشوارها ندم انها تمشى ورا واحد متجوز دى وحشه اوى
بصراحه اتفاجات ان دريك راح لها البيت واستغربت هو راح ليه مثلا ضميره انبه ولا ايه طلعت لوسيا كلمته واديته على دماغه
بس بصراحه هو شكله هيبدا يتغير ويبص الونا بصه تانيه بدليل انه اتنرفز لما شاف راى ليه وانتى مالك ميقولها ياحبى وايه يعنى انتى زعلان ليه
شكل الحكايه هتحلووووووووووووووووووو اوى
وهتكون قتاه ليوم واحد من نصيب دريك
بانتظارك زهرتى
امتى ميعاد تنزيل الفصول

هلا وغلا امونة يا قلبي على التعليق الرائع وجودك يا حلوة بجمل الموضوع التنزيل كل فصل او اثنين حسب تشجيعك شكرا يا عمرى على وجودك المميز

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Koedara (المشاركة 3320730)
رائعة جدا اختي
بانتظار التكملة لاتتأخري .....

اهلا حبي انت الاروع ان شاء ما اتاخر عليكم

زهرة سوداء 16-05-13 06:33 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الثالث

لقاء المراة الاخرى

حين أستيقظت ألونا صبيحة اليوم التالي , بقيت في الفراش في محاولة برمجة يومها , ثم نهضت وكتبت في مفكرتها ملاحظة عن موعد أجتماع اللجنة مساء اليوم التالي , ثم أغتسلت بالما البارد فأحست بالأنتعاش وبالكسل يغادر أطرافها .
تناولت أفطارها في المطبخ وفي نفس الوقت سجلت على مظروف قديم مجموع ما لديها من مال ومصاريفها المتوقعة , فعرفت حدود أمكانياتها المالية بالضبط.
بدا لها المبلغ المدخر معقولا , ألا أن تركها العمل جعلها تشعر بالحاجة لأتخاذ أجراء سريع حيال المشكلة.
كانت حاجتها الأولى هي العثور على عمل , أرتدت قميصا أبيض وفستانا صيفيا أزرق فوقه وحملت حقيبة يدها البيضا ء , وهكذا أستعدت لركوب الباص الى المدينة , وأذ وقفت عند موقف الباص بدأ المطر بالأنهمار بشكل غير متوقع فتمنت لو أنها جلبت مظلتها , أبتعدت عن موقف الباص ووقفت تحت شجرة قريبة.
أقتربت سيارة قديمة من الرصيف بدا أنها سحيقة القدم ألا أنها كانت مثل صاحبها , في حالة ممتازة.
قتح الكولونيل دينتون النافذة مناديا ألونا :
"أهلا عزيزتي ".
ولم يستغرب لرؤيتها هناك , في ذلك الوقت من النهار , أذ أن حياته لا تتعدى حدود عقاره في القرية.
" هل ستذهبين الى المدينة ؟".
وبدون أن ينتظر جوابها قال:
" أنا عائد من هناك وألا لعرضت عليك الركوب معي ... ألم تغيري رأيك بصدد الحفلة ؟ أعني أختيارك كجائزة لليانصيب؟".
" حسنا ,أنني..."
" كلا , بالطبع , أنك لم تغيري رأيك ,أنه لعمل الخير ... أليس كذلك ؟ ولن تكوني أول فتاة تمنح كجائزة , ستكون لعبة ممتعة...".
وأطلق ضحكة صاخبة قبل أن يقود سيارته مبتعدا.
أحتمت ألونا بجذع الشجرة , أذ أزداد هطول المطر , ها هي محاصرة بالمطر وبوعد لم تنطق به , مهما سيقول الناس عنها فأنها متأكدة من أنهم لا يملكون أذهانا مثل دريك , أنها لا تستطيع التراجع الآن.
وقفت سيارة أخرى قرب الرصيف , وتعرفت على هذه السيارة أيضا , كانت مختلفة عن الأولى تماما أذ كانت غالية الثمن وجديدة , كما لم يشبه الساق الكولونيل دينتون.
كان ذا شعر أسود , رجل صعب المعشر كما جربت بنفسها , رجل يثير الخوف أو الحب معا في آن واحد.
ومثلما فعل الكولونيل دينتون , فتح نافذة السيارة , وأطل مناديا أياها.
قال دريك واريك:
" أذا كنت متوجهة الى المدينة سآخذك معي".
أكتفت بدلا من أجابته برفع ياقة سترتها والألتصاق بجذع الشجرة .
" أركبي بسرعة قبل أن تبتلي ".
خاطبها بنفاذ صبر.
" كلا ,شكرا , لا اريد الركوب معك ".

" سأدخلك السيارة حتى لو أضطررت لحملك صارخة".
" أفعل ما تشاء ".

أجابته بعناد وأصرار.
رأته يتفقد الطريق , فتح باب السيارة وأوشك على الترجل , أزداد أنهمار المطر فتخيلت ألونا ما سيكون عليه مظهرها عند وصولها الى مكتب التشغيل فقالت:
" لا تزعج نفسك سآتي معك".
أغلق دريك باب السيارة ثم فتح الباب الآخر لها , ركضت ألونا ودخلت السيارة بسرعة , نظر اليها ثم أبتسم أبتسامة ملتوية:
" وما الذي عنيته بعنادك أولا؟".
" ما الذي توقعته؟ بعدما فعلته بي".
وسحبت منديلا من حقيبتها فجففت وجهها.
بدأ قيلدة السيارة:
" أخبريني , ما الذي فعلته بك؟".
" حسنا ( وحاولت تذكر ما فعله) أولا طردتني من عملي , ثم هاجمتني في بيتي ".
وأشارت الى رسغها لتذكره بعنفه , ضحك بصوت عال لما قالته , لا بد أن هناك أشياء أخرى عليها أن تتذكرها جيدا.
" ثم أهنتني بأتهامك لي ببيع نفسي جمعا للتبرعات , وأخيرا أتهمتني بخيانة صديق لا وجود له".
" يا لها من قائمة طويلة , أليس كذلك؟".
قال معلقا أثناء توقفه أمام أشارة المرور خارج البلدة:
" ولكن لماذا تلومينني , أذا كان سلوكك يدفعني الى ذلك ؟".
" حسنا , ما كان يجب طردي بدون أنذار".
" ها أنت بدأت توجيه الأوامر الى المدير ".
وتغير لون أشارة المرور فتحرك بأتجاه المدينة.
" كلا لا أعني ذلك ,لكن كان يجب أن تكون عطوفا الى حد تسمح فيه لي بأثبات كفاءتي , أذ أنني كاتبة ومختزلة ماهرة".
" لذلك أستلمت الشكوى بعد الأخرى من قبل كل المدراء الذين عملت معهم".
" ولكنك تعرف السبب , تعرف أنني لم أنل ما فيه الكفاية من النوم نتيجة صخب حفلات لوسيا".
" أذا كان الوضع بهذا السوء وبدأ بالتأثير على أدائك لعملك , كان يتوجب عليك دراسة المشكلة وأختيار حل حاسم لها".
" أتعني أختيار مكان آخر للسكن ؟ كلا , شكرا , لن أغادر منزلي وقريتي حتى لو أدى ذلك الى فقدان عملي".
" أذن لا خيار لك غير قبول نتائج أختيارك".
" هل أنت قاس دائما مع مستخدميك؟".
أرادت أغضابه بملاحظتها ألا أنه بقي صامتا ثم قال:
" لم لم تخبريني أمس أن صديقتك لوسيا غادرت المنزل؟".
نظرت اليه فوجدت على وجهه علائم الأهتمام.
" كيف عرفت بذلك؟".
" أخبرني رون برادويل".
ففكرت بالطبع , لأنه حلقة الوصل بينهما , ثم قالت:
" لا بد أنه ذهب الى أحدى الحفلات المقامة في بيت مديرها؟".
" نعم , حيث تعيش الآن , أين تريدين النزول؟".
" في أي مكان بالمدينة".
" ألا تستطيعين أخباري أين بالضبط؟".
أذا كذبت مستتضطر الى تضييع وقتها في السير الى مكتب التشغيل .
" مكتب التشغيل".
وقف قرب تقاطع طرق وقال بعد تفكير :
" هل تريدين العودة الى عملك؟".
قفز قلبها فوحا , كانت تريد أكثر من أي شيء آخر في العالم العودة الى مكتب الطابعات ورؤية زميلاتها والتحدث اليهن قبل بدء العمل.
ثم تذكرت آخر مرة عرض عليها العودة للعمل:
" كلا , شكرا , لا أريد العمل في مكتب الأستعلامات".
" عنيت العودة الى عملك القديم ذاته , لا يزال مكتبك شاغرا ونحن بحاجة الى كاتبة أخرى".
تغلبت كبرياؤها على أحساسها بالحاجة للعمل :
" لا تلم غير نفسك يا سيد واريك , لم أستقل بل طردتني , هذه المرة سأتقدم بطلب عمل كسكرتيرة مما يعني مركزا أفضل وأكثر ملائمة لقابلياتي ( ونظرت اليه بتحد) مما يعني أيضا أنني طموحة".
أوقف دريك سيارته أمام مكتب التشغيل وبقي صامتا فتساءلت عما أذا كان يصغي اليها أم أنه مشغول بالتفكير في عمله.
"هذا كله لا معنى له بالنسبة لك يا سيد واريك , أليس كذلك؟ كاتبة بسيطة مثلي يجب أن تعرف مركزها الحقيقي , ويجب ألا تتطلع للأنتقال الى مجال المدير".
قال بصوت دل على ما بذله من جهد لكبت غضبه.
" هناك عدة طرق يا آنسة بيل لرفض عرضي المخلص بأعادتك الى عملك القديم ,وأخترت أنت الطريقة الخطأ , أسحب عرضي , وأذا ما أججبتني ثانية ,فأنني سأستدير بالسيارة وأتوجه نحو الريف , لأفتح الباب وأرميك في أول حفرة أعثر عليها".
أنحنى بأتجاهها بلا مبالاة وفتح باب السيارة المجاور لها وأنتظر حتى خرجت .
حين أختفى بسيارته بعيدا عنها أحست ألونا بخيبة بعد أن أستنفدت غضبها وتحديها وحل محلهما اليأس والحزن
كانت المقابلة في مكتب التشغيل متعبة , سلمت أحدى الفتيات ألونا أستمارة طلب عمل وطلبت منها ذكر كافة التفاصيل عن تعليمها وخبرتها في الأعنال السابقة , مع ذكر أسم شخصين موثوق بهما يشهدان بكفاءتها ومقدرتها على العمل.
لم تستطع ألونا أن تتذكر غير شخصين : الأولى مديرة مدرستها القديمة ,وبما أنها لم تعمل ألا في مؤسسة واحدة منذ تركها المدرسة , كتبت أسم دريك واريك ثانيا , ما الذي سيقوله عنها؟ وطمأنت نفسها بأنه سيمدحها ولن يدع لخلافه الشخصي أن يؤثر على أحساسه بالعدل ورأيه العملي .
دققت الموظفة في الأستمارة , ثم سألت ألونا أهم سؤال:
" لم تركت , يا آنسة بيل , مؤسسة واريك؟".
كانت ألونا متهيئة للسؤال لأنها لم ترغب القول ( طردت من قبل المدير بنفسه).
" لأنني كنت كاتبة على الآلة الطابعة , وشعرت بأن المستقبل محدود أمامي".
فكرت المرأة للحظة وقالت:
" جواب معقول".
نظرت خلال بعض الأوراق الموضوعة أمامها وأختارت عددا منها فوضعتها أمام ألونا :
" أي من هذه يوافقك؟"
بعد تفكير قصير قالت ألونا:
" هذه....".
كان طلبا من شركة أثاث لسكرتيرة شخصية لأحد مدرائها , كان الأجر جيدا وساعات العمل معقولة.
قالت المرأة :
" أعرف تلك الشركة , أنها مثل مؤسسة واريك تتطلب من مستخدميها الكفاءة العالية ".
ثم ألتقطت سماعة الهاتف وبعد حديث قصير سألت ألونا:
" هل تستطيعين الذهاب مباشرة؟".
أومأت ألونا برأسها أيجابا فتمنت المرأة حظا سعيدا , أحست ألونا بالعصبية في طريقها الى الشركة , ألا أن مدير الذاتية كان لطيفا وبعد لقاء قصير معها ناقش فيها خبرتها المكتبية , قال:
" مساعدتي موجودة في الغرفة المجاورة وستقوم بأجراء أختبار لك في الأختزال والطباعة".
كانت المساعدة شابة وساعد ترحيبها اللطيف على تخليص ألونا من عصبيتها , أملت الفتاة عليها بسرعة ألا أنها كانت أبطأ من واريك , وقامت ألونا بطبع ما أملته وأتمت كل شيء بأتقان .
بدت الشابة مسرورة للنتيجة وذهبت لرؤية مدير الذاتية فأستدعى ألونا لرؤيته قائلا:
" سنرحب بك كمستخدمة لدينا حالما نستلم رسائل التوصية بك , سنكون على أتصال بك في القريب العاجل
قضت ألونا مساء اليوم تنظف المنزل وتمتعت بذلك الى حد أنها أحست بأنها كانت تنظف بقايا حفلات لوسيا وضيوفها , وخلافاتهما الشخصية , كما سحبت الحوض الكبير ووضعته وسط غرفة الجلوس ثم سخنت ما يكفي من الماء الحار , ثم أسترخت فيه متخيلة نفسها في حمام فاخر.
أستيقظت من حلم يقظتها ووبخت نفسها قائلة بأن ما كانت تحبه هو بساطة كوخها , فوقفت وجففت نفسها وكانت وكأنها تبعد عن نفسها أهانة طردها , أحتقار واريك لها وأكثر من أي شيء آخر , عنفه معها.
ألا أنها حين غادرت الحمام ,لم تستطع منع نفسها من التفكير بدريك بشكل متواصل , فأيقنت أنها مهما حاولت أبعاد صورته عن ذهنها فهي لن تنجح ,ولن تستطيع محو حبها له مهما كان سلوكه سيئا.
كان أجتماع اللجنة مساء اليوم التالي أقصر من المتوقع , أذ أراد الكولونيل التوجه الى مكان آخر بأسرع وقت.
كان موضوع النقاش الرئيسي , بالطبع , هو الأحتفال , ولم يحتو جدول الأجتماع عل العديد من المواد , لكن ألونا دهشت حين وجدت أنها صنفت تحت المادة الخامسة للحفلة بعنوان( يانصيب ألونا) , فكرت بأن المسألة سهلة بالنسبة اليهم , بالنسبة للكولونيل دينتون ذي الشعر الأبيض , والخدين الأحمرين , وثقته الكاملة بنفسه , وبالنسبة لراي هيل بقراراته السريعة , بنحوله وطول قامته.
كانت , بالنسبة للهيئة , مادة أخرى من مواد البرنامج ,أما بالنسبة لها فكانت المسألة كلها هما ستكون أسعد حالا بدونه.
قال الكولونيل:
" يجب أن تعلم الصحافة عن يانصيب ألونا".
كانت جملته تصريحا وليس أستفسارا , لا يزال الكولونيل ذاته رغم مرور سنوات عديدة على تقاعده من الجيش , كانت الهيئة جيشه وما كان للجنود حيز الأعتراض على أوامر القائد المسؤول.
أرتعشت ألونا في داخلها , لم يعترض أحد فلم تجرؤ على رفع صوتها متسائلة أو معترضة ,وألا لسحقتها واحدة من تعليقات السيدة براينت , لذلك بقيت صامتة.
قالت السيدة براينت :
" سأسافر لمدة أسبوعين ,ولكن حالما أعود , سأرسل ما هو ملائم للصحافة".
سألت ألونا نفسها عن ماهية الموضوع الملائم وتمنت لو تستطيع قراءته قبل أرساله.
بعد خمس دقائق ,أنتهى الأجتماع , أسرع الكولونيل مغادرا المكان ولم يبق الآخرون , بأستثناء راي حيث أستدار قائلا لألونا:
" دعينا نذهب الى مكان ما معا , لدي بعض المال في جيبي , سحبته من حسابي في البنك لأشتري راديو جديدا ألا أنني غيرت رأيي .... تعالي .... أين سنذهب؟".
لم تهتم ألونا بل صعدت الى الشاحنة وأخبرته بذلك , ألا أنها أصرت على دفع حصتها , بعد أحتجاج قوي وافقها راي ,وبدأ تشغيل المحرك ألا أن الشاحنة لم تتحرك من مكانها , نزل راي وفحص المحرك ثم تبين شيئا ما فيه , وحاول تشغيلها ثانية فتحركت هذه المرة.
" لاقينا الكثير من المتاعب بسبب هذه الشاحنة مؤخرا , وأخبرت والدي أننا في حاجة الى شاحنة جديدة".
قالت ألونا بعد أن نظرت الى ملابسها:
" أن ملابس لا تصلح لغير الذهاب الى مقهى صغير وتناول السمك المقلي".
" أعتقد أنك محقة , ما رأيك لو أخذتك الى بيتك؟ غيري ملابسك وسأفعل أنا نفس الشيء وأعود ثانية خلال نصف ساعة؟".
وقالت ألونا أن ذلك ملائم لها ,فأوصلها راي الى منزلها , كان أختيارها للملابس بسيطا , لم تكن في حاجة لأرتداء ما يسر راي أذ كانت علاقتهما بسيطة وودية وخالية من التعقيدات العاطفية.
حين عاد لأصطحابها وجدها مرتدية قميصا أبيض مطرزا بأسلوب فلاحي وتنورة سوداء , كما أرتدت قلادة من الخز الأبيض وتركت شعرها منسدلا على كتفيها.
أرتدى راي قميصا أبيض مع ربطة عنق أنيقة , ففكرت بأن واريك لن يسخر من مظهر راي أذا رآه الآن.
" لم أرك أنيقا بهذا الشكل يا راي".
قالت مبتسمة وتبعته الى الشاحنة , سر راي لأطرائها.
" شكرا.... أنها المودة الجديدة , أن أبدو أنيقا! أن السبب هو خروجنا سوية وهذا شيء خاص".
أحست ألونا بالأمتنان فلمست كتفه تقديرا.
" آسف لأنني لا أملك رولز رويس لأصطحبك فيها.... ولا حتى مرسيدس مثل الشاب الأنيق الذي رأيته ذلك اليوم في منزلك".
" كان ذلك مديري السابق ولم أدعه لزيارتي بل وجدني أعد العشاء فطلبت منه مشاركتي أياه".
كان ذلك جزءا من الحقيقة وقد تقبله راي ببساطته المعتادة.
" على أي حال , أنت الأخرى تبدين أنيقة".
فتح لها باب الشاحنة فأبتسمت ألونا شاكرة أطراءه لها.
" آسف لرائحة المزرعة".
علق راي وهو يقود الشاحنة عبر الطريق الزراعي.
" أي رائحة؟".
سألته ألونا مداعبة.
" هذا ما يعجبني فيك , أغلب الفتيات يفضلن وضع منديل على أنوفهن ولا لزوم لذكر الملاحظات الجارحة التي يذكرنها عن سوء حظهن لقضاء أمسية مع صبي المزرعة".
" أنك ,بالتأكيد, لست صبي مزرعة , بل خريج كلية للزراعة على أي حال , لم يجب أن أعترض على رائحة السماد الجيد والأرض الطيبة ؟ أنها تتمشى مع ما أحبه : العودة الى الطبيعة".
ضحك راي وأوقف الشاحنة أمام فندق كبير , أسمه الفالكون , حدقت ألونا في واجهة الفندق المضاءة بالأنوار:
" لا نستطيع الذهاب هناك يا راي".
"لم لا ؟".
وتوقف وهو يفتح لها باب الشاحنة:
" أخبرتك بأن لدي بعض النقود ,فلم لا أصرفها على أجمل فتاة في القرية؟".
ضحكت ألونا :
" أنه أطراء جميل يا اي, ولكنك تعلم أنها ليست الحقيقة , ماذا عن أندريا هرست؟".
أحمر وجه راي قليلا ثم هز كتفيه:
" أنها فتاة لطيفة , ولكن....".
وصمت فأدركت ألونا أنه كان يبحث عن عذر يغطي به فشله في دعوة الفتاة للخروج معه كل ليلة.
" لكنها لا تملك ما تملكينه".
وأشار الى رأسه:
" كن صريحا يا راي.....ليس الذكاء سببا رئيسيا لدعوة فتاة للخرو , أليس كذلك؟".
مرة أخرى أحمر وجهه ثم أبتسم.
لم يحاول راي أخفاء الشاحنة بعيدا عن الفندق الفخم فأحبته ألونا لذلك , كان من الواضح أنه لم يعان أي أحساس بالنقص حيال الأغنياء الذين كان على وشك الأختلاط بهم , ولم يجب عليه ذلك؟ كان لوالده مزرعةجيدة وسيكون راي ذات يوم مالكا لها.
أقفل أبواب الشاحنة ثم قال:
" أتمنى أن تتحرك عند خروجنا بدون صعوبة و أذ أكره توسيخ بدلتي الوحيدة".
وأذ قادها الى داخل الفندق والى الصالة تغير سلوكه الى سلوك رجل ناضج ,كان من الواضح أنه قادر على التعامل بذكاء مع من يملك مالا أكثر منه , وأثبت بأنه حائز على درجة التفوق في الزراعة بجدارة.
كانت على كل طاولة شمعة داخل زجاجة حمراء , وعلقت المصابيح القرمزية في السقف على أرتفاع منخفض , مما خلق جوا عاطفيا حولهما , ففكرت ألونا بأنها ممتنة لراي لأنه أتى بها الى هذا المكان ,ألا أنها تمنت حضورها بصحبة حبيبها بدلا من مجرد صديق.
تساءلت أيضا عن مكان واريك في تلك اللحظة , وبصحبة من ؟
" أكره أن أقول لك هذا يا راي ولكنني لست جائعة جدا".
وأبتسمت معتذرة لأنها خيبت ظنه الا أنها لاحظت أرتياحه لما قالت.... لعله قرر شراء الراديو بنقوده بدلا من دفع ثمن العشاء.
" حسنا جدا , لنجلس في ذلك الركن البعيد حيث نستطيع شرب القهوة مع تناول بعض الفطائر".
كان ذلك الركن شبه دائري وشغل جزءا من صالة الطعام , جلسا بأنتظار النادل , وأذ كان النادل على وشك سؤالهما ما يرغبان فيه , تخطاهما فجأة نحو عدد من القادمين الجدد.
لم يلتفت أحدهما لرؤية القادمين بل تنهدت ألونا أسفا بينما بان الأزدراء واضحا على وجه راي , قال:
" لا بد أن أحد أفراد العائلة وصل المكان!".
قال الرجل :
" ديانا , ما الذي تريدين تناوله؟".
تشنجت ألونا وألتفتت نحو راي قائلة:
" كلا, لا يمكن أن يكون هذا صحيحا".
فهمس راي:
" هذا صحيح".
وأشار برأسه الى أنعكاس الشخصين في المرآة تامقابلة.
لمحة واحدة كانت كافية , فرأت رجلا طويل القامة ذا شعر أسود وبدلة سوداء أنيقة وقميص أبيض زاد من جماله ربطة العنق المخططة , كانت خطوته محسوبة وسلوكه راقيا وأشارته مهذبة , وأنحنى لمساعدة صديقته لأختيار ما ستأكله , وأي صديقة هي؟
تعرفت ألونا على ديانا آيرتون رغم أنها بدت أنحف وأكثر شحوبا مما رأتها آخر مرة في ممر الشركة ,كانت السكرتيرة الخصوصية للرجل الجالس بجوارها ,والذي أرسل لها الهدايا أثناء تغيبها عن العمل.
من يستطيع نسيان أمرأة كهذه؟ بملامحها النبيلة وأبتسامتها الطفولية الواثقة؟ أحاطها جو هادىء غريب يتمنى فيه أي مدير مسؤول والعودة اليه للأستراحة بعد تعب يوم كامل , ورغم أنزعاج ألونا للفكرة ,ألا أنها لم تستطع لوم دريك لحبه تلك المرأة.
همس راي في أذنها:
" لا نستطيع تجاهلهما يا حبي , أذ أنه يعرف بأننا هنا, لا بد أنه لاحظنا لحظة دخوله".
فهمست مجيبة:
" دعه يتحدث اليّ أولا".
وأحست بحركة رجل قريب منا , سحب كرسيه ليواجهها وصديقها في نفس الوقت , لا بد أنه سمع ما قالته ولاحظ أنها تهمس لراي.
قال دريك واريك:
" آنسة بيل....".
كما لو أنه لا يعرفها جيدا ,نظر الى راي وأومأ , ثم عرفهما بديانا قائلا:
" آنسة بيل , لا بد أنك ألتقيت بسكرتيرتي من قبل , ديانا , أعرفك بالسد هيل صديق الآنسة بيل".
أبتسمت ديانا , كانت أبتسامتها حلوة , خالية من التعجرف , فكرت ألونا بأنها طالما أعجبت بديانا.... وحتى الآن , أذ يحبها الرجل الذي تحبه بنفسها , لم تستطع ألونا غير الأحساس بالمودة نحوها.


انتهى الفصل

زهرة سوداء 16-05-13 06:36 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الرابع

ضحايا هذا العالم

حياهما دريك بأسلوب رسمي ثم دعاهما الى شرب القهوة معهما , ساد بينهم الصمت فترة قصيرة الى أن قال دريك:
" هل ستتعشين الليلة هنا يا آنسة بيل؟".
أستدار نحوهما فلاحظت بروده وأبتعاده عنها .
أرادت الصراح طالبة منه عدم مناداتها بأسم الآنسة بيل , أذ أنها نفس الفتاة التي ذهب لرؤيتها في بيتها وشاركها وجبة طعامها البسيطة , جلس في كرسيها الهزاز وتصرف كما لو كان في بيته , هل نسي زيارته لها؟
" كنا على وشك....( وأرادت القول) غير أن رؤيتك أفقدتني الشهية....".
فتدخل راي قائلا:
" قررنا تناول بعض الفطائر مع القهوة".
" رائع, ماذا تريدين يا ديانا؟".
" لست جائعة جدا , سأتناول الشطائر معكم".
أتمت حديثها مبتسمة لدريك أبتسامة ذات معنى فهمه دريك وأستجاب له .
راقبتهما ألونا عن طريق المرة , فكرت بتعاسة بأنهما متفاهمان مثل زوجين عاشا سنوات سعيدة سوية , لا عجب أن يتحول عناقه لها الى حديث في الماضي ,نسيه بسرعة.
" ما دمنا قد أتفقنا , ما رأيكم بالجلوس معنا يا سيد هيل؟".
"لا مانع لدي أطلاقا".
أجابه راي دون مراعاة لما يجب أظهاره من سرور , عادة في هذه المناسبة.
" وما هو رأي الآنسة بيل؟".
نظرت ألونا الى الرجل الجالس بجانبها وأبتسامة الأنتصار المرتسمة على وجهه , فكادت أن تصرخ (كلا)ثم تخطته للنظر الى مرافقته بجمالها الأخاذ , فأحست بالقرب من المرأة , قالت بأدب:
" أنه شيء لطيف".
" حسن جدا , لنأمر النادل بجلب ما نريد ثم ننتقل للجلوس في مكان أكثر راحة".
تناول قائمة الطعام وقال:
" ديانا , أتريدين سلطة؟".
تفحصت ديانا قائمة الطعام , وأقتربا من بعضهما حتى كاد خداهما أن يتلامسا مما بعث الألم في نفس ألونا.
أختارا مجموعة من السندويشات ثم مررا القائمة الى راي , قلدت ألونا ديانا في سلوكها فأقتربت من راي ولم يعارض هو بل أستدار مبتسما تشجيعا لها , تنفس بعمق قائلا:
" يا له من عطر زكي الرائحة , أفضل من رائحة المزرعة".
فأنفجرت األونا ضاحكة:
" يا لك من عابث يا راي....تغازلني بطريقة خالية من الشعر والعواطف , يصح تسميتك أنسان واقعي".
" شكرا....."
ونظر الى الآخرين قبل أن يجيب:
" سميني أبن الأرض يا حبي ... هذه هي حقيقتي".
قالت ديانا معلقة:
" لا عجب في ذلك أطلاقا أذا سمحت لي بقول ذلك ".
مسد راي شعره مرتبكا:
" شكرا يا آنسة آيرتون , حصولي على أستحسانك يثبت أختياري الصحيح لدراسة الزراعة".
" تستطيع مناداتي بأسمي الأول : ديانا".
نظر دريك الى ألونا :
" الآن جاء دورك يا آنسة بيل ما لم تكوني ترغبين في الأستمرار بمناداتك...".
" أسمي ألونا كما تعلم يا سيد واريك".
نبهها راي الى حديثها قائلا:
" أننا بين أصدقاء يا حبي , تخلصي من الرسميات هذه الأمسية , فلن يسيء اليك أحد ما دمت أنا الى جانبك".
دفعها ما قاله للأبتسام فحاولت الأسترخاء , ألا أن الأبتسامة الساخرة المرتسمة على شفتي رئيسها السابق لم تساعدها ,رغم ذلك.
" سمني ألونا .... يا دريك".
وتمنت لو أستطاعت الكشف بطريقة أوضح عن ألمها للفظ أسمه الأول, ألا أنه لم يكن رجلا تسهل هزيمته , خاصة من قبل فتاة طردها منذ أيام عملها.
أنحنى جانبا وهمس في أذنها :
" كان لفظك لأسمي جميلا".
أرتجفت بشكل لا أرادي لأقترابه منها وسحبت نفسا بعيدا عنه , ولكن قبل أن تستطيع الأجابة عليه سألتهم النادلة عما يريدون تناوله من طعام .
بعد أن طلبوا ما سيتناولونه أنتقلوا للجلوس في مكان أفضل حيث كانت الطاولة منخفضة وحولها كنبتان مريحتان , أختار دريك , لدهشة ألونا , الجلوس الى جانبها بينما أضطر راي للجلوس بجوار ديانا , ولم يبد على راي الأنزعاج أذ كان هناك شيء متميز في ديانا يسحر الرجال , غير أن ديانا لم تشجع راي على الأقتراب منها أو التودد اليها
بدأت ديانا الحديث قائلة :
"أخبرني دريك أنك تعيشين لوحدك في كوخ منعزل....هل زرت المكان يا دريك؟".
" نعم وأطعمت خبزا حمص على نهاية شوكة طويلة وضعت على نار حقيقية , فوقها جبن مغلي مع الزبدة ...".
جلبت النادلة السندويشات المطلوبة ووضعتها أمامهم على الطاولة :
" آه....". ( قال دريك)وصل الطعام في الوقت المناسب أذ بدأت أحس بالجوع".
وأذ بدأول تناول الطعام واصل دريك الحديث عن بيت ألونا فقال مخاطبا ديانا:
"أسألي الفتاة عن ظروف معيشتها فتتحول بسرعة الى خطيبة لا مثيل لها , كما لو أنها تحس بالذنب لظروفها البدائية فتضطر للدفاع عن نفسها".
أحتدت ألونا , كما توقع , وأجابته:
"أدافع عن نفسي! لم يجب علي الدفاع عن أسلوب حياتي ؟ لن أتخلى عن كوخي حتى مقابل ثروة كبيرة , أن العيش فيه يمنحني هدوء الباب والنفس يا سيد واريك , لذلك أوصيك بأختيار مكان مماثل له".
مد يده , سرا , فأمسك بيدها منبها أياها بنعومة :
" أسمي دريك".
تراجعت عن موقفها وقالت مصححة الخطأ :
" يا دريك".
ووجدت صعوبة بالغة في تلفظ الأسم.
" حين أغلق باب كوخي أتخلص من العالم الخارجي".
فسألتها ديانا:
" هل هذا أمر جيد؟".
قال راي:
" هناك الكثيرمناصب من الرجال ذووي المناصب العالية ممن يحسدونك على حياتك".
أبتسمت ديانا قائلة:
"يبدو لي وكأنك تكرهين القرن العشرين".
" ليس الى حد كبير ".
أجابتها ألونا مبتسمة بدورها :
أظن أننا ضحايا ما يدعى (العالم المتحضر) وقد تحولنا الى سجناء واقعين تحت سيطرة مخترعاته العلمية".
أستفزها دريك:
" حدثينا أكثر".
لم يقتنع أذن؟ وأستدارت نحوه.
" في رأيي , رغم أنه قد لا يساوي شيئا بنظر السيد دريك واريك ....
علق دريك مداعبا:
" يا لنظرتها الغاضبة".
يجب أن تشعره بجديتها , فكررت:
" برأيي , سمحنا للآلة بأحتلال حياتنا , الى حد لم نعد نصدق فيه أمكانية الحياة بدون آلات غسل الملابس وغسل الصحون والتدفئة المركزية وباقي المخترعات , بل أن غالبية الناس سيشعرون بالضياع أذا ما حدث وأجبروا على العيش بمثل طريقتي".
قال راي :
" ذلك صحيح".
" أعتقد أننا بالغنا في أهمية التقنية الى حد فقدنا فيه العنصر الأساسي في الحياة السعيدة .... راحة البال".
ساد الصمت فترة طويلة لم يتخللها غير دخول وخروج الضيوف أضافة الى أحاديث الجالسين حولهم.
أمسكت ألونا فنجان القهوة كما لو كانت تحاول قراءة ما هو مكتوب فيه , كان راي أول المتحدثين:
" ألا تتمنين وجود الماء الجاري داخل الكوخ؟ أو الموقد الكهربائي؟ أو الحمام؟".
فكرت ألونا طويلا قبل أن تجيب:
" حسنا , بصراحة , أتمنى أحيانا وجود الكهرباء , أو حنفية في المطبخ خاصة في الشتاء حين يتوجب علي أرتداء معطفي وجزمتي قبل الوصول الى الحنفية في الحديقة".
ورمقت دريك بنظرة سريعة متحدية اياه بالأبتسام لتمنيها الحصول على أشياء صغيرة يعود أختراعها الى القرن العشرين , الا أنه بقي صامتا.
قالت ألونا لراي:
" أما بالنسبة للكهرباء فأن ما يخيفني هو أذا ما وصلت الكهرباء للكوخ سيقتضي ذلك جلب أشياء أخرى".
سألها دريك:
" مثلا؟".
" ثلاجة , غسالة الملابس.... الخ.... ولكن أكثرها سوءا هو جهاز التلفزيون".
أستدار دريك نصف أستدارة نحو ألونا:
"هل تدينين جهاز التلفزيون؟".
وأستعاد سخريته فأحمر وجهها أنزعاجا:
" نعم".
سألت ديانا بأهتمام حقيقي:
" ولكن.... لماذا؟".
" لأنه..........".
ولكن كيف تستطيع الأفصاح عن رأيها بصراحة ودريك جالس الى جوارها يبتسم بسخرية؟
أنني أعتقد أنه سبب الكثير من الأحداث المخيفة في العالم , لأنني أعتقد أنه يخرب ويفسد".
" هل تتقدين حقا بما تقولينه ".
وأذ لاحظ دريك أعتدادها وغيظها واصل:
" توقفي عن ألقاء محاضراتك علينا , أيتها الدعية".
" ما الذي تقوله ؟ أنني أعني كل كلمة بأخلاص".
" هكذا أذن؟ في تلك الحالة , لا بد أنك أكبر مخادعة , أذا أردت منا تصديقك فأخبريني كيف تستطيعين مطابقة ما قلته لنا مع ما تنوين فعله؟".
سأله راي مقطبا جبينه:
" كيف ذلك؟".
" ما أحول قوله هو كيف تستطيع ....( وأنتقل ببصره من راي الى ألونا ثم الى راي ثانية) ألونا بمثاليتها ومحاضراتها الأخلاقية , السماح لنفسها أن تعرض نفسها للبيع كما تزعم عمله في حفلة الجمعية الخيرية في الشهر المقبل؟ تحدثت لتوها عن فساد ومساوىء جهاز التلفزيون لكنها وحتى بدون أمتلاك جهاز تلفزيون , فاسدة الى حد لا تمانع فيه عرض نفسها كجائزة يانصيب....".
" أنتظر لحظة يا دريك .... أن ما سنقوم به لصالح عمل خيري".
" وهذا سيضفي على عملها صفة النقاء والطيبة .... قل ذلك للمشتري حين سيفرك يديه فرحا عند سحب أسمه في اليانصيب ليحلم بقضاء يوم عاطفي مع...".
صرخت ألونا:
" أصمت رجا , أنك تبالغ فيما تقوله وأنت تعرف ذلك , أي رجل يفوز بفتاة في يانصيب خيري , لن يحلم..........".
" كلا , أيتها الصغيرة , لن يحلم , هل تظنين أنه سيضيع يومه مع الآنسة بيل وفق شروطها هي؟".
نظرت ألونا الى راي تنشد المساعدة , متضرعة اليه ليقول شيئا يدعم فيه رأيها وينفي تهمة دريك , غير أنه أكتفى بالقول:
" لن تستطيع التراجع الآن أذ طبعت البرامج وسنوزعها خلال يوم أو يومين , على أي حال , أنك لا تريدين التراجع الآن... أليس كذلك؟".
ولحسن حظها لم ينتظر راي جوابها:
" أن الهيئة تعتمد عيها للحصول على أكبر مبلغ من المال وبالمناسبة كانت اللعبة كلها تنفيذا لفكرة الكولونيل دينتون وهو أنسان محترم ولن يخاطر بسمعة فتاة , ثم أن القس دعم الفكرة أيضا ,أليس كذلك يا ألونا؟".
همس دريك قريبا من أذنها وبشكل شكت لو أن البقية سمعوه:
" يا له من أمر مؤثر!".
أستدارت نحوه غاضبة , وأذا أحست بأن كل ما قام به هو لأثارة غيظها , سيطرت على نفسها ولجأت الى الصمت.
بقيت طوال الأمسية صامتة بأستثناء بضع كلمات مهذبة تبادلتها مع ديانا , نظرت اليها ديانا بين الحين والآخر , بشفقة, ولم تشعر ألونا باليأس كما أحست به تلك الأمسية , وأخيرا نظرت الى ساعتها متعمدة ,ففهم راي ما أرادته , وأذ نهضا واقفين أقترحت ديانا على دريك مغادرة المكان أيضا.
ناولهم النادل معاطفهم ثم غادروا الفندق , لم يتركوا وراءهم المكان المضيء فحسب , ولكنهم تركوا الدفء أيضا , كانت الأمسية باردة فأحكمت ألونا تزرير معطفها.
كانت سيارة دريك قريبة , فقاد ديانا نحوها وساعدها على الجلوس في المقعد المجاور لمقعده , لم تتحمل ألونا رؤية دريك وأهتمامه بالمرأة الأخرى وحبه أياها وتقديره لها أكثر من أي شيء آخر , طلب راي من ألونا ركوب الشاحنة , ولم يساعدها كما فعل دريك لديانا ألا أنها لم تلمه ,أذ أنها لم تكن حبيبته ,هذا أذا كانت له حبيبة.
تنهد راي بصوت مسموع وحاول مرة أخرى تشغيل المحرك , ثم حاول ثانية وفشل , نزل من الشاحنة ورفع غطاء المحرك متفحصا:
" آمل ألا يستغرق الأمر طويلا".
" هل تحتاج الى مساعدة؟".
وخفق قلب ألونا بعنف لسماعها صوت دريك العميق , أجابه راي:
" لا أفهم ما حدث".
وقف دريك مراقبا أيه عدة لحظات ثم سأل:
" هل تملك مصباحا يدويا ؟".
" نعم في الشاحنة , على الأرضية قرب ألونا".
فتح دريك باب الشاحنة ورمق ألونا الرافعة ياقة معطفها عاليا , ثم أنحنى ووضع يديه حول كاحليها ثم رفع قدميها ووضعهما جانبا.
وأشار الى المصباح اليدوي مبتسما :
" أعذريني يا سيدتي لحركتي تلك ولكن كاحليك يسدان طريقي".
أرتجفت ألونا بردا وأصطكت أسنانها أثناء قولها:
" حسنا جدا .... آسفة أذ لا وجود للتدفئة هنا".
نظر اليها بأهتمام , أبتعد وسلم المصباح لراي ثم عاد:
" قد يستغرق التصليح وقتا طويلا , أذهبي وأنتظري في سيارتي مع ديانا ".
" كلا , شكرا".
وندمت لتلفظها الجملة أذ كان لها وقع النكران للجميل , فغضب وسألها:
" ما هو عيب سيارتي ؟ هل هي فخمة بالنسبة لذوقك البسيط؟ متقدمة تقنيا بالنسبة لمقاييسك المحددة؟"
ثم هز كتفيها أستهانة :
" أفعلي ما تشائين .... أبقي في مكانك وأرتجفي ".
نزلت من الشاحنة وأمسكت بذراعه:
" دريك... نعم أريد الجلوس في سيارتك".
نظر اليها فترة طويلة:
" ستفتح ديانا الباب لك".
دقت ألونا على زجاج النافذة فأستدارت ديانا وفوجئت كما لو كانت سارحة بأفكارها في مكان بعيد , ثم أبتسمت:
" أرجو أن تفتحي لي الباب".
أستجابت ديانا بسرعة وفتحت باب السيارة الخلفي ,ثم سألت ألونا حالما أستقرت في مقعدها:
" ألم تتحرك الشاحنة؟".
" كلا , وقال دريك بأن تصليحها قد يستغرق وقتا طويلا".
" آه , أظن من الأفضل لي أذن , الجلوس الى جانبك أذ المكان مريح أكثر".
وأنتقلت للجلوس بجوار ألونا وتحدثتا عن أشياء عامة ثم سادهما الصمت فأسترخت ديانا وأغمضت عينيها.
" ماذا حدث؟ هل تشعرين بألم ما يا ديانا؟ وهل أنت في حاجة الى شيء؟".
ولم تفهم ألونا سبب تعاطفها مع ديانا , رغم كونها صديقة دريك.
" أنني على ما يرام , شكرا , كل ما في الأمر أنني أستعيد الماضي من آن لآخر".
بدا وجه ديانا ذو الجمال الكلاسيكي تحت الأضواء الخافتة البعيدة , شاحبا ومتعبا , لم تقل ألونا شيئا , بل تركت لديانا حرية الأسترسال في الكلام أو اللجوء الى الصمت , يبدو أن ديانا أختارت الحديث:
" لا أستطيع نسيان لاري أبدا".
قطبت ألونا جبينها , هل هو رجل أحبته وفقدته؟ أخ لها؟
" توفي بعد زواجنا بعامين فقط , حدث ذلك صبيحة يوم سبت , قبل عيد الميلاد بأسبوعين وذهب ليشتري هدية لي , لم يعد أبدا , كانت الطرق مسدودة لأنهمار الجليد وضربته سيارة من الخلف فمات فورا".
" آسفة جدا يا ديانا ,لم أعرف ذلك , فقد أعتدنا تسميتك الآنسة آيرتون في المكتب".
أبتسمت بعد أن تنهدت مغمضة عينيها:
" هذا ما أردته".
ثم همست بعض الكلمات ولم تسمعها ألونا ألا بصعوبة , لا بد أنها قالت:
" لن يمضي وقت طويل...".
حين فتح دريك باب السيارة مييا أياهما فتحت ديانا عينيها وأبتسما بشكل أبعد عنها ملامح اليأس ففسرت ألونا كلماتها الأخيرة بالشكل التالي: لن يمضي وقت طويل حتى نتزوج أنا ودريك". لن تكون هناك طريقة أفضل لنسيان الماضي من الزواج برجل تحبه.
بادل دريك ديانا الأبتسام ثم نظر الى ألونا مداعبا , أمرأتان تحت رحمته , كانت مستعدة لتقبل نتيجة أختياره , وأذا ما حدث وأختار ديانا فسوف ترضخ لمشيئته.
دخل دريك السيارة ثم جلس راي الى جانبه , سألت ألونا:
" ماذا حدث؟".
" يعتقد دريك أن المحرك عاطل تماما ويحتاج التغيير , أخبرت عامل الفندق بأنني سأتصل بالكاراج يوم غد وسيرسلون شخصا لسحب الشاحنة".
قال دريك :
" سأوصلكم جميعا الى بيوتكم , أي أعتراض:
"فكرت ألونا( نعم) ولكن الآخرين أجابا بالنفي وأضاف راي قائلا:
" أنه لطف بالغ منك يا دريك".
" أنه لا شيء , دعني أفكر , سأوصل ديانا أولا ثم راي وأخيرا ألونا ".
كان صوته و قراره حاسمين ولا مجال للمناقشة , لذلك لم يحاول أحدهم الأحتجاج على ترتيب توصيلهم الى منازلهم.... وأختياره لتوصيل ألونا في آخر االقائمة.
بعد أو أوصل ديانا الى شقتها , أنزل راي أمام بيته , راقبت ألونا راي طويلا تى أختفى داخل بيته فعلق دريك ساخرا:
" يبدو عليك وكأنه تخلى عنك الى مصير مخيف مجهول".
قرأ دريك ما جال في ذهنها بدقة كادت تمنعها من الأجابة بتحديها المعتاد :
" لا تكن سخيفا.... هل تظن أنني أخاف منك؟".
أجابها ببرودة:
" نعم ...".
وسرت لأنها كانت جالسة في المقعد الخلفي ولم ير تلويحها , ورغم أنها طلبت منه عدم أزعاج نفسه لمصاحبتها حتى الكوخ , ورغم شكرها أياه , ألا أنه ترجل من السيارة وصاحبها الى داخل الكوخ , قالت:
"سأوقد المصباح".
ألا أن يده منعتها من ذلك , أدارها نحوه:
"كنت هادئة جدا عند نهاية الأمسية , هل هناك شيء يزعجك ".
تمنت لو رأت وجهه ,تمنت لو تركها توقد المصباح , كان ضوء القمر شاحبا ينعكس على وجهها تاركا أياه في الظل.
نعم, أزعجها شيء ما .... ولكن هل تستطيع ذكره له؟ أرادت القول : لا علاقة لك بما حدث, ألا أنها بقيت صامتة.
" ماذا حدث؟".
كانت لهجته رقيقة وبقي واقفا في الظل فلم تر غير تألق ضوء القمر على شعره الأسود وأحست بأنفاسه قريبة منها.
" أوقدي المصباح رجاء".
تذكرت ديانا وفكرت بأنه سيطر على نفسه أحتراما لمشاعرها , لم يتركها عند باب الكوخ بعدما شكرته , وكان في مستطاعه حينئذ العودة الى ديانا , يا لها من غبية! ندمت على ما فعلته وتركته مبتعدة , لا بد أنه سيذهب الى ديانا بعد مغادرته أياها.
" لا حاجة لأيقاد المصباح , سأبقى بعيدة عنك".
" لماذا؟ هل تذكرت صديقك؟".
" صديقي؟ أتعني راي؟".
لم تحاول أنكار الأمر , أن له هو الآخر صديقته ديانا , فلم تنكر علاقتها براي؟ أكتفت بالتنهد وأقتربت من النافذة , سحبت الستارة جانبا ونظرت الى ضوء القمر.
" لم تخبريني ما الذي يقلقك".
وأقترب منها محاولا سد الثغرة بينهما .
" أنه اليانصيب لا يلائمني الدور أطلاقا , أذ أنني لست ذلك النوع من االفتيات المستعدات لعمل أي شيء يرضي الرجل ".
وأستطاعت مصارحته برأيها لأنهما كانا واقفين في الظلام.
" لا أعرف كيف سأتصرف , وما الذي سأقوله , كيف سأجعل الفائز مسرورا أو أعامله بطريقة تجعله يشعر بأنه ملك ليوم واحد , هذا ما يقتضيه الدور , لا أدري ما سأفعل".
أقترب منها أكثر:
" هل أساعدك؟ هل سترضين بمساعدتي لك؟".
" كيف؟".
" أعرف صائغا , أستطيع أن أطلب منه صياغة مزهرية فضية تعرض كجائزة بدى منك".
" وستدفع ذلك المبلغ لتساعدني؟".
ودق قلبها بعنف : هل هناك معنى أعمق لعرضه؟ أليست ديانا فتاته وحبيبته؟
صمت للحظات ثم قال:
" سبب ذلك هو كرهي لرؤية سمكة عاجزة معلقة في نهاية سنارة ".
أستعادت ألونا هدوءها , كم من السهل خداع النرأة لنفسها بسبب رجل!
" لا حاجة لأحساسك بالشفقة علي , قد أكون متخبطة في حيرتي مثل سمكتك ,ألا أنني , في اليوم المحدد , سأجد طريقة أرفع بها معنوياتي لأستطيع أرضاء الفائز".
أحست بيده تضغط على ذراعها بقوة:
" أنا أتمتع بكل ما تتمتع به المرأة وسأتعلم كيف أستخدم ما أملكه.... سأطلب من لوسيا , أعطائي بعض الدروس".
" أذن أنت ترفضين عرضي ؟ وتفضلين عرض نفسك للبيع لرجل يستطيع دفع ثمن تذكرة يانصيب! وحين سيبدأ صراعه معك للحصول على حقوقه خاصة أنه دفع ثمنها نقدا , ستدعين بأن ما تفعلينه من أجل الخير والأحسان".
أبتعد دريك عنها.... بعد لحظات أوقد المصباح , فأضاء الغرفة ولم يكن هناك ما يشير الى النعومة في وجهه :
" وتحدثت طوال الماء عن شرور القرن العشرين , كما جرؤت على ألقاء محاضرة عن مساوىء التلفزيون وتأثيراته الفاسدة ".
نظر حوله مستطردا:
" بلا تلفزيون , لكنك فاسدة فساد أي شخص آخر , بل لست في الحقيقة , تحت قناع البراءة , غير مخادعة رخيصة".
صرخت :
" لا أستطيع التخلي عن قرار الهيئة الآن!".
غير انه غادر الكوخ صافقا الباب خلفه بعنف


انتهى الفصل

amany khalil 17-05-13 10:07 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
فصلين غايه فى الروعه حبيبتى
استمتعت بيهم كتير
الف شكر والله نفسى تريحينى وتنزلى الفصول كل يوم لانى بستتنى اشوف ايه اللى هيحصل
انا عارفه انى طماعه وانك بتنزلى فصلين بدل واحد بس اعمل ايه الروايه روعه
بس نفسى اعرف ليه كل مره يمشى ويصفق الباب وراه
منتظره ما سياتى وياترى مين هيفوز باليانصيب
مشكوررررررررررررررررررررررررررررررررره

زهرة سوداء 19-05-13 02:27 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الخامس

وظيفة في الكوخ

صبيحة اليوم التالي , أستلمت ألونا رسالة من شركة تصنيع الأثاث , أخبروها فيها أسفهم لرفضهم تعيينها كسكرتيرة للمدير , وتم أختيار فتاة أخرى لملء الشاغر , وأخيرا شكروها لأهتمامها بتلبية الطلب.
أحست بالأألم يعتصر صدرها , كانت متأكدة أنها أجتازت أختبار الأملاء والطباعة بتفوق , تنهدت وحاولت تعزية نفسها بأن هناك دائما من هو أفضل , مهما بذل الأنسان جهده.
عادت الى مكتب التشغيل , وكانت المسؤولة قد أستلمت رسالة تعلمها بفشل ألونا في الحصول على الوظيفة , قالت الآنسة هوستن:
" أستلمنا طلبا آخر صبيحة اليوم , سكرتيرة لمدير شركة تأمين".
ونظرت اليه مشجعة :
" هل تودين المحاولة؟".
أجابتها ألونا وأخذت عنوان الشركة , قابلها المدير هناك ثم أجرى لها أختبار في الأختزال , كان بطيئا في أملائه ودقيقا فأجتازت ألونا الأختبار بكل سهولة , قال المدير الشاب:
" أجدك مناسبة للعمل , سأنتظر وصول رسائل التوصية ثم أكتب اليك , أعتقد أنك أفضل فتاة تقدمت للعمل حتى الآن".
نهض واقفا , صافحها وتمنى رؤيتها ثانية .
غادرت ألونا البناية فرحة , أشترت لنفسها قهوة وقطعة كعك في مطعم قريب ثم عادرت الى المنزل , قضت عصر اليوم تنظف غرفة لوسيا وترتبها ثم جاء راي لزيارتها.
" سنذهب مساء اليوم لبيع برامج الحفل الخيري , هل تريدين المجيء معنا؟".
وافقت ألونا ووعدها بالمجيء فيما بعد لأصطحابها بشاحنته بعد تصليحها , كانت أمسيتهم ناجحة بفضل الكولونيل دينتون , وبقي يتكلم الى أن أجبر الناس أكثر الناس ترددا على شراء البطاقات منه , وكان المبلغ الذي جمعه أكبر من مبلغ أي شخص آخر.
ورتبوا موعدا آخر للبيع في نهاية الشهر ثم أفترقوا فرحين بجهدهم , في آخر اليوم التاي جاء جامع الأيجار , كانت ألونا تعلم بقدومه عند بداية كل شهر لجمع الأيجار مقدما , لكنها لم تلتق به من قبل لأنها كانت في مكان عملها عادة حين قدومه , وأعتاد هو القدوم قبل مغادرة لوسيا المكان متوجهة الى عملها ,ولأن لوسيا كانت المستأجرة رسميا , فأنها كانت المسؤولة عن دفع الأيجار في وقته المحدد.
دهش الرجل وأسمه السيد ألسون لرؤية ألونا فسأل:
" هل السيدة وود موجودة ؟".
بلعت ريقها بصعوبة حين رأت دفتر الأيجار في يده , حسب معلومات الرجل , كانت لوسيا هي المستأجرة والساكنة الوحيدة في المنزل , حتى أن لوسيا صرحت عدة مرات بأنها تعرف رأي صاحب المنزل في مشاركتها الكوخ مع ألونا , أجابته:
" أن السيدة وود في الخارج".
" آه ,ومتى ستعود؟".
"آسفة , لا أعرف وقت عودتها بالضبط , أنني مجرد زائرة ".
" حسنا , لكنها مدينة بأيجار شهر ".
أخبر ألونا عن المبلغ فشهقت بصمت.... أنه مبلغ مساو لكل ما أدخرته أضافة الى ما دفعه لها واريك لراتب شهر مقدما , أذا ما دفعت ذلك ما الذي سيبقى لها؟ كانت واثقة من عثورها على العمل قبل نهاية الشهر الحالي.
قال السيد ألسون :
" سأعود ثانية".
ثم غادر المكان.
حين أستلمت ألونا رسالة من شركة التأمين أخبروها فيها برفضهم تشغيلها في شركتهم , صدمها الخبر تماما , كانت المقابلة ناجحة ووعدها المدير بالحصول على العمل , بعد تخلصها من صدمة الرفض الأولى أنتابتها الحيرة لسبب الرفض , ثم أحست بالغضب الشديد يغلي في داخلها , لا بد أن أحدهم كتب تقريرا كاذبا عنها , كل شيء تم على ما يرام , في كلتا المقابلتين الى أن أرسلوا في طلب التوصية , مشطت شعرها ولم تكمل أفطارها , لم تغير ملابسها بل بقيت مرتدية بنطالها الجينز وقميصها القديم وركضت لتلحق بالباص الذاهب الى المدينة.
كانت تعلم جيدا طبيعة وجهتها , كما كانت تعلم هدف هجومها , مهما كانت العوائق الموضوعة في طريقها , ستتغلب عليها بعزيمتها.
وكما توقعت و وضعت أمامها كل العراقيل لمنعها من رؤية السيد واريك .... السيد واريك مشغول في أجتماع مهم ولا وقت لديه ... أن السيد واريك مشغول , ثم صرخت عاملة الأستقبال وراءها بيأس:
" السيد واريك مشغول بأملاء رسائله....
هذا ما كان يفعله أذن؟ من وجهة نظري أنه غير مشغول أطلاقا , وصلت أخيرا الى الطابق الذي يعمل فيه ثم جناح المدراء والمسؤولين .
تنفست بعمق وطرقت على الباب ثم أستجمعت شجاعتها ودخلت المكتب.
كان رد فعلها الأول الدهشة لأنه لم يفاجأ برؤيتها , لا بد أن عاملة الأستقبال أخبرته بسؤالها عنه , أما رد فعلها الثاني فكان الأنزعاج لأنه لم ينهض للترحيب بها , مما دفعها للأعتقاد بأن أحتقاره لها ما زال كما هو.
أخطأ في الطباعة , رغم حدوثها لأسباب خارجة عن أرادتها , وبيع نفسها حتى لو كان العمل خيريا..... ما هي الأسباب الأخرى التي دفعته لكتابة شهادات سيئة عنها؟
أكتفى عند دخولها وأحداثها كل الضجة اممكنة برفع رأسه عن أوراقه والنظر اليها ببرود , ثم عاد الى توقيع رسائله بينما وقفت ديانا الى جانبه لأستلام الرسائل الواحدة بعد الأخرى , قال دون أن ينظر اليها:
" أخبرتك عاملة الأستقبال بأنني مشغول ( ثم نظر الى ديانا مبتسما) حين تنتهين من هذه الرسائل عودي ثانية.... لدي عدد آخر من الرسائل لأمليها عليك".
أومأت برأسها مبتسمة ثم أبتسمت تحية لألونا وبانت على ملامحها علائم الشفقة , فكرت ألونا بأنها أحست بدورها بالشفقة عليها منذ أيام أثناء جلوسهما في السيارة.
بعد أن غادرت ديانا المكتب , قال دريك ببرود:
" أخبرتك بأنني مشغول ولا وقت لدي للمقابلات , المناقشات أو الأحاديث الودية.... لا وقت لدي أطلاقا!".
وضرب بقبضته على الطاولة:
" أنك غير مشغول اللحظة يا سيد واريك وما أريد قوله لم يأخذ الكثير من وقتك".
" حقا؟".
وكانت برودته أن تدفعها لمغادرة المكتب فورا دون مفاتحته بالموضوع ,ألا أن ما قاله فيما بعد أشعل النار في داخلها من جديد , مد يده نحو الهاتف وقال :
" أستطيع رميك خارج البناية خلال لحظة واحدة".
وبدأ أدارة قرص الهاتف , ركضت عبر الغرفة وأمسكت بيده , للحظة وقفا في مكانيهما لدهشتهما معا ,ونجحت ألونا بعملها ذلك في أيقافه عن أدارة قرص الهاتف , أبعد يدها عن يده فقالت:
" آسفة".
وأرادت الصراخ ( آسفة ,أنني أحبك... أتعلم أنني لن أجرؤ على أيذائك حتى من أجل العالم كله؟ ألا تتذكر تلك الليلة تحت ضوء القمر؟ كيف شاركتني وجبة الطعام ؟ هل أنت بارد عاطفيا كما يدل عليه مظهرك؟ هل ديانا هي المرأة الوحيدة القادرة على أختراق قناعك ؟ الوحيدة التي تظهر لها الحنان رغم أنها لم تنس بعد زوجها الأول مما يعني أنك الشخص الثاني في حياتها؟),
" أرجو أن تغادري مكتبي فورا".
" لن أغدره قبل أن أقول ما جئت من أجله".
دخلت ديانا المكتب فلاحظت التوتر السائد بين الأثنين فقالت:
" هل تريد مني العودة فيما بعد يا دريك؟".
" ماذا؟ نعم, نعم , سأمنح هذه الفتاة خمس دقائق".
تركت ديانا المكتب فجلس دريك على مكتبه:
" حسنا , ما الذي تريدين قوله؟".
" لنتطرق الى الموضوع مباشرة , أتهمك بتخريب فرصي في الحصول على عمل".
" حقا؟ وأي الأسس تستندين عليها في أدعئك هذا؟".
" خبرتي , أنت تعلم بأنني أحاول العثور على عمل آخر لأنك أوصلتني الى مكتب التشغيل بنفسك , أجريت لي مقابلتا أختبار أجتزتهما بكفاءة ثم أستلمت رسالتي فيهما رفض تشغيلي , والسبب هو أستلامهم لرسائل توصية تشهد بعدم كفاءتي , وكنت قد أعطيت أسمك لأنني عملت في شركتك فترة طويلة , ولم أرفض مرة واحدة بل مرتين.... فهل تستطيع أنكار أتهامي لك؟".
تفحصها واريك بدقة , نظر الى خديها المحمرين , الى قميصها القديم وسترتها المفتوحة , بنطالها الجيمز الضيق وساقيها الطويلتين , جمدت ألونا في مكانها مقاومة جاذبية نظراته ومحافظة على ثبات موقفها.
بعد أن أنهى تفحصه اياها , أبتسم بأعجاب أثار عواطف ألونا , ألا أنه حين تكلم لم يقل شيئا شخصيا:
" حين يكتب أحدهم طلبا لشهادة توصية عن أحد المستخدمين السابقين في المؤسسة أو العاملين حاليا , فأن ما يكتب عن المستخدم المعني خصوصي وسري".
" تعترف أذن بأنك ذكرت أشياء سيءة عني".
" قلت أن شهادات التوصية خصوصية وسرية وهذا هو كل شيء ".
" ولكن لم لم أحصل على العمل رغم أن من قابلوني كانوا مسرورين ومشجعين لكفاءاتي ومقدرتي؟".
نظر اليها للحظة ببرود رجل الأعمال الناضج:
" كل طلب لشهادة توصية يرسل الي , تقرأه السكرتيرة ثم تحوله تلقائيا الى مدير الذاتية".
شهقت دهشة:
" رون برادويل؟".
هذا يوضح كل شيء ... هذا يعني أن حصولها على أي عمل في المستقبل متوقف على مزاجه البشع , أومأ دريك برأسه , جالسا على حافة المكتب , مادا ساقيه الطويلتين الى الأمام وخطا عدة خطوات في الغرفة ثم أستدار نحوها قائلا:
"تلقيت يوم أمس مكالمة هاتفية من شركة التأمين .... أليس كذلك ؟ وأجبت أسئلتهم بصددك".
وتقدم منها واقفا بمواجهتها:
" ما الذي قلته( همست , صمت للحظات فأنفجرت صائحة) أخبرتهم أذن عن أخطائي رغم معرفتك بحدوثها رغما عن أرادتي في حينه و....".
" أخبرتهم يا آنسة بيل, أذا أردت الحقيقة وتستطيعين تقبلها , أن معرفتي بك أستنادا الى علاقة رب العمل بمستخدميه , قليلة وأنك كنت , ظاهريا , هادئة وعقلانية , غير أنك سمحت لحياتك الخاصة بالتأثير على عملك ومقدرتك , وكان علي أن أكون صريحا مع من سألني السؤال ".
" قمت أذن بالتقليل من كفائتي وألقيت الشكوك على شخصيتي , رغم قولك بأنك كنت تعرف القليل عني .... ثم أطلقت الأكاذيب عني".
واصل دريك النظر اليها بثبات , قالت:
" مهما كانت الأخطاء التي أرتكبتها أثناء عملي في مؤسستك , كانت نتيجة وضع خاص ,( وتحشرج صوتها) ولم أستطيع التأثير على لوسيا , كنت متعبة دائما , ومع ذلك لم أتخلف يوما واحدا عن العمل مثل بعض الناس , ربما كان يجب أن أقوم بذلك ,لو لم أكن حريصة بغباء على عملي لبقيت في فراشي متحججة بالمرض , ولما أرتكبت تلك الأخطاء , وشكرا لك , لا تزال الأخطاء تطاردني رغم أنك لست مديري الآن".
بقي متصلبا في مكانه دون أن يتفوه بحرف واحد , فصرخت:
" ألا تفهم؟".
واصل تحديقه في عينيها السوداوين , وكانت على وشك البكاء:
" كيف أستطيع دفع الأيجار أذا لم أحصل على عمل؟".
لم يحركه تضرعها أطلاقا:
" أطلبي مساعدة جكومية يا آنسة بيل , تقدمي بطلب المساعدة لدفع أيجارك , أنك تعيشين في بلد متحضر , قد تكون المعاملات الرسمية مزعجة, لكنهم يبذلون جهدهم لمساعدة الناس".
" كيف تستطيع أحتقاري بهذه الطريقة؟( همست) أن لي ثقتي بنفسي حتى لو لم تثق أنت بي , أنك تنكر علي , أستنادا الى أسس كاذبة , حق أي أنسان في العمل".
" توقفي عن وضع أسمي مصدر لك".
" لا أستطيع , أن مؤسستك هي الوحيدة التي عملت فيها منذ تركي المدرسة , في سن الثامنة عشرة".
" وهل كنت معنا طوال الوقت ؟ لا بد أنك كبرت هنا , وحتى بدون أن أعرف ذلك".
مد يده وضغط على زر الهاتف الداخلي وقال:
" ديانا , تعالي الآن رجاء".
كانت حركته أشارة لها بالأنصراف , ودفعتها سخريته الى فقدان السيطرة على نفسها أستفزها موقفه البارد رغم أستعطافها له.
" يجب أن تمنحني فرصة أخرى , يجب أن تساعدني بدلا من أحباط جهودي بأكاذيبك عن شخصيتي".
أنهارت أعصابها وبدأت البكاء بصوت متحشرج.
لم يتحرك لبكائها وبقي جامدا في مكانه كالصخرة , وف اللحظة التي طلب فيها دريك من ديانا مصاحبة ألونا الى الباب , دخل رون برادويل فجأة :
" آه يا له من أمر مؤثر".
وأذ لاحظ وجه دريك الجامد قال:
" هل تحاول السيدة الجوء الى أقدم حيلة ؟ ما الذي تريده؟ هل تريد العودة الى الشركة؟".
" أبتعد عني يا سيد رون برادويل.... ولا تخاطبني أطلاقا".
أبتعد الرل عنها رافعا يديه عاليا في حركة مفتعلة أراد بها الأستسلام .
" حسنا , حسنا ..... لماذا غضبت السيدة؟".
" سأخبرك السبب.... لأنك كتبت عني شهادات توصية سيئة".
أقتربت منها ديانا ووضعت ذراعيها حولها:
" أهدئي , أهدئي يا ألونا ( ثم قادتها الى الممر) أن الحياة قصيرة ويجب ألا نقضيها منشغلين بالعراك , أما عالم التجارة والأعمال فأنه غابة ,متاهة قاسية".
وقفتا خارج مكتب دريك وبقي الباب مفتوحا .
" وأنت تائهة , هذا هو كل ما في الأمر .... تحملي قليلا وسينقضي كل شيء".
حاولت ديانا تهدئتها ,ديانا التي يجب أن تكرهها غير أنها تحس نحوها بالمودة.
" شكرا يا ديانا , لن يحل هذا مشكلتي , ألا أنها حكمة فلسفية وسأحاول تذكرها".
تركتها ديانا ودخلت المكتب بينما خرج رون برادويل ووقف الى جانبها , سارت ألونا بسرعة لتغادر القسم وجففت دموعها متمنية ألا يلاحظها أحد , تبعها رون برادويل ثم تذكرت أن مكتبه موجود في نفس الممر , وما أن أقتربا من مكتبه حتى دفعها برادويل داخله وأغلق الباب وراءه قائلا:
" أتريدين مني أعطاءك شهادة حسن عمل أذن؟( وخطا نحوها ) ما الذي تطينه أياي بالمقابل يا عزيزتي؟".
أجابته مشمئزة:
" سأعطيك...........".
" فكري قبل أن تجيبي يا حبيبتي , أعطيني ما كنت ستمنحينه لدريك".
" لم أمنح دريك شيئا".
" كلا! بدا لي وكأنك عرضت عليه شيئا مقابل العمل".
" شخص قذر التفكير مثلك , لن يفكر بشيء آخر".
أمسك بذراعها وجذبها نحوه رغم مقاومتها :
" فكري جيدا , فكري بما ستحصلين عليه أذا ما ساعدتك".
" أعرف ما الذي سأحصل عليه..".
وأنفتح الباب فجأة :
" رون هل ذهبت ألونا؟".
جذبت ألونا نفسها مبتعدة وحدقت في دريك الناظر اليها بدهشة أولا ثم بأحتقار:
" هل مارست خدعتها هنا أيضا؟ بعد أن فشلت معي , لا بد أنها تحاول أيقاعك في حبائلها ؟".
" أنك محق فيما تقوله يا دريك".
غطت ألونا أذنيها بيديها:
"أصمتا .... توقفا عن أستخدامي ككرة تتبادلان ركلها فيما بينكما ".
ثم أستدارت نحو برادوي:
" يا لك من كاذب تعس( وخاطبت دريك) وأنت أيها القاسي المتقبل الأكاذيب البائسة!".
" أنها لا تحبنا يا دريك".
ضحك رون برادويل بصوت عال فشقت طريقها بينهما وسارت نحو الباب , بينما واصل رون:
" أحذري يا آنسة فقد يفوز أحدنا باليانصيب.... ترى ما الذي سنفعله بك حينئذ؟".
" راي ما الذي يجب أن أفعله؟".
سألت ألونا راي عند مجيئه مساء اليوم التالي لزيارتها , فأخبرته كل شيء .... مقابلاتها ثم رفضها من قبل أرباب العمل , خصامها مع دريك واريك ثم ملاحقة مدير الذاتية لها.
قالت ألونا :
" جاء جامع الأيجارات منذ أيام .... يجب أن أفعل شيئا بصدد العثور على عمل وبعض المال , أنني كاتبة على الآلة الطابعة وأعرف أنني ماهرة.....".
" أسمعي , لدي الصحيفة المحلية , لنلق نظرة على الأعلانات فيها , قد نجد فيها شيئا ".
عاد بعد لحظات ووضع الصحيفة على الطاولة , بحثا سوية عن الشواغر غير أنهما لم يجدا عملا ملائما .
قال راي:
" أنظري , لا بد أن السيدة براينت عادت من سفرتها ونشرت هذا المقطع من الأحتفال : واحدة من عضوات لجنتنا الآنسة ألونا بيل ستكون جائزة الفائز في اليانصيب الذي سيتم في أحتفالنا السنوي والمخصص ريعه للأعمال الخيرية , فساهموا مساهمة فعالة في أنجاخ الحفل".
ضحك راي وعلق:
" يا لها من طريقة عملية لبيع أمرأة".
جفلت ألونا لجملته وتذكرت ما قاله دريك واريك عن العملية , غير أنها هزت رأسها وعادت لتفحص الأعلانات.
" راي , أنني قلقة... هل هناك طريقة للتخلص من المشكلة؟".
" ليس في هذه المرحلة , حيث وزعنا البرامج وبعنا التذاكر وأعلمنا الصحافة وحتى المقطع المنشور هنا سيجلب الأنتباه الينا".
تألمت ألونا للفكرة ثم قالت:
" يجب أن أعود الى وكالة تشغيل وسأتقدم لطلب أي عمل ككاتبة ".
أمسك راي بذراعها فجأة قائلا:
" أنتظري لحظة , هل قلت مكتب تشغيل؟ لم لا تؤسسين مكتبك الخاص بنفسك ؟ مؤسسة طباعة , أكتبي أعلانا في الصحيفة المحلية وسيرسل لك العمل الى البيت ثم أعيديه الى أصحابه بواسطة البريد ".
ألتمعت عينا ألونا فرحا:
" راي يا لها من فكرة رائعة!".
ثم نظرت حولها .... أن بيتها خال من كل مستلزمات الحياة العصرية , فكيف تستطيع القيام بملها فيه؟
" كلا , لا فائدة يا راي .... كيف أستطيع العمل؟ بدون آلة طابعة , بلا مكتب ( ثم نظرت حولها ثانية) بلا كهرباء....".
" أنك تخلقين المشاكل , كل ما تحتاجينه هو الآلة الطابعة ولن تحتاجي الى الكهرباء لتشغيلها".
" ماذا عن الأشياء الأخرى .... كجاز الأستنساخ ؟ ماذا أذا أرسل أحدهم شريطا وطلب مني طباعة ما فيه؟".
" أشتري آلة أستنساخ يدوية , وأذا أرسل أحدهم شريطا للباعة أعتذري عن آداء العمل ".
" هناك شيء آخر , مشكلة المال , كيف أستطيع شراء المعدات ؟ لدي بعض المال المدخر ولكنني سأستخدمه لدفع الأيجار وشراء الطعام , أعطاني واريك راتب شهر مقدما بدلا من الأنذار لكنني أحتاج ذلك المبلغ لدفع الأيجار".
" أسمعي , ليس الأيجار مسؤوليتك , يجب أن تدفع لوسيا الأيجار , صحيح أنها تركت المنزل ولكن دفتر الأيجار لا يزال بأسمها ,أليس كذلك؟".
"بالنسبة لصاحب البيت , لوسيا هي المستأجرة ,ولا أعرف أذا كان من المسموح لي البقاء هنا , حين غادرت لوسيا للعيش مع كولن , قالت أنني يجب أن أدفع الأيجار".
رفع راي يده أحتجاجا غير أن ألونا أكملت حديثها :
"يبدو لي وكأنني محاطة بجدران نعيق حركاتي ".
فكر راي لحظة ثم قال:
"أسمعي , لا تأخذي الأمور بشكل خاطىء ,ولكن هل تريدين أقتراض بعض النقود ؟ أنا مستعد لأعطاءك بعض النقود لتشتري الآلة الطابعة على الأقل".
دمعت عينا ألونا تأثرا:
" أنك صديق مخلص يا راي ولكنني لا أستطيع .....".
ووضعت يدها على يده للحظة .
" ليست المشكلة هي مشكلة النقود فحسب ولكن أي مكتب للعمل في حاجة الى تلفون.... أنه أساسي لنجاح العمل".
" أن الكوخ الواقع عبر الشارع مزود بجهاز التلفون و والسيدة المقيمة فيه موجودة دائما في البيت وقد تساعدك".
" السيدة ميسي , نعم.... أنها لطيفة جدا".
" أذهبي غدا لشراء أعلانا في الجريدة عدة مرات قبل أن يستجيب أحد ,وهذا وحده سيكلف مبلغا معقولا من المال".
" أنا مستعد للمراهنة بأنك ستتلقين العمل بسرعة , أذ أن السكرتيرات الجيدات لسن متوفرات دائما , هل لديك قطعة ورق؟".
أعطته ألونا ورقة فقال راي:
" دعينا نكتب مسودة الأعلان وسأتصل بالجريدة غدا صباحا , سأسألهم عن الكلفة فتستطيعين كتابة صك لهم بقيمة المبلغ....ما رأيك؟".
وافقته ألونا الرأي وكتبا صيغة الأعلان مرات ومرات حتى توصلا الى الصيغة الأخيرة , فقال راي بأن الأعلان سيثير أهتمام الجميع ولن تفشل طريقتهما حتما.
أبتسمت لحماسته وتمنت مشاركته أياها.
دهشت ألونا لغلاء أسعار ألالات الطابعة حين ذهبت الى المدينة لشراء واحدة صبيحة اليوم التالي , حتى كادت تلغي الفكرة , وأذ لاحظ البائع أنه على وشك خسارة الزبونة عرض عليها شراء آلة مستعملة وصفها بأنها تعمل بشكل ممتاز , وفكرت ألونا بأنها ما دامت في حاجة للأكل لتعيش وأن تعمل لتأكل , لم يكن أمامها خيار غير شراء الالة ورغم ثقل الماكنة , صممت ألونا على حملها والعودة بواسطة الباص , وأشترت أوراقا وحبرا ,وضعت كل شيء على الطاولة ثم بدأت التمرين .
جاء راي لزيارتها في المساء ,حاول هو أيضا أستعمال الآلة وطبع بعض الجمل بأصبع واحدة مثيرا دهشة ألونا لأخطائه العديدة.
" كل ما بقي الآن هو أنتظار ظهور الأعلان في الصحيفة ".
بدا عليه الحرج ثم قال:
" أرجو ألا تعترضي , لكنني سلمت الأعلان الى مكتب الجريدة هذا الصباح ودفعت الكلفة فورا لأنهم وعدوا بطبعة مساء اليوم ".
أحست ألونا بالأمتنان الشديد وشكرته على مساعدته , وحين سألته عن الكلفة حاول المراوغة ألا أنها ألحت عليه الى أن ذكر لها القيمة المطلوبة فدفعتها له حالا.
" يا لك من فتاة صغيرة مستقلة".
قالها راي بنبرة لم تسمعها من قبل , كان راي بالنسبة اليها , أخا تعتز به , أما في تلك اللحظة فأنه نظر اليها بطريقة مختلفة لم تتوقعها منه , وفكرت بأنه أذا أستمر يتحدث اليها بتلك الطريقة فيجب عليها الأمتناع عن رؤيته .... حينئذ ستكون هي الخاسرة بلا شك .
حاولت التغلب على الأزمة بالمزاح :
" نعم مستقلة الآن والى الأبد , التحرر من عبودية الرجل , ذلك هو أسلوبي في الحياة".
ضحك وفهم مغزى حديثها فقال:
" حسنا ,أنك الفائزة".
ثم أمسك بيدها , وكان لطيفا جدا , فتساءلت في قرارة نفسها عما يمنعها عن حبه , كانت تعرف الجواب , بالطبع ,ألا أنها لن تكون قادرة على أخباره أبدا , هو أو أي شخص آخر , عن شعورها نحو دريك.
" نحن أصدقاء ..... أليس كذلك؟".
أبتسمت مرتاحة:
" نعم , أصدقاء يا راي ".
ذهبت في اليوم التالي تتسوق , مختارة أرخص الأشياء.
وعندما عادت الى القرية , فكرت بأحتمال وصول بعض الرسائل لها .وربما أتاها بعض العمل , أجوبة على أعلانها , أو طلبات لطباعة مجموعة من الرسائل ... قصص قصيرة أو مقالات ,ألاأنها لم تجد شيئا حين فتحت باب الكوخ.
جلست في غرفة الجلوس لتشرب فنجان قهوتها , فرأت جارتها السيدة ميسي في طريق عودتها الى كوخها , ركضت ألونا لتحيتها , ثم ذهبت معها الى كوخها ووضحت لها فكرة مكتب الطباعة وحاجتها الى أستخدام الهاتف عند الضرورة.
دعت السيدة ميسي ألونا للدخول , وعرضت عليها شرب القهوة معها , غير أنها رفضت شاكرة ,وبقيت منتظرة بقلق جواب السيدة ميسي .
لم تخذلها جارتها , وقالت:
" أنا مستعدة لمساعدتك يا عزيزتي, وسأعطيك نسخة من مفتاح المنزل في حالة عدم وجودي وحاجتك لأستخدام الهاتف بصورة مستعجلة ".
فقالت ألونا :
" وسأعطيك مفتاح بيتي , في حالة وصول طرد بريدي كبير لا يمكن دفعه خلال فتحة البريد".
قالت السيدة ميسي حين أوشكت ألونا على مغادرة بيتها:
" لا بد أنك أدركت بأن المخلوق الوحيد الباقي في المنزل عند مغادرتي أياه للتسوق هو قطتي الصغيرة , ولن تكون قادرة على أجابة الهاتف ".
ضحكتا سوية وشكرت ألونا السيدة ميسي لمساعدتها.
جاء جامع الأيجار عصر ذلك اليوم , كان متوسط القامة , نحيفا وذا شكل صارم.
" جئت لرؤية السيدة وود .... هل هي موجودة؟".
" آه.....( أي عذر تستخدم هذه المرة؟) أنها لا تزال في عملها ".
قطب الرجل جبينه :
" ذلك غريب , كنت أجدها في المنزل دائما كلما أتيت في مثل هذا الوقت , أخبرتني ذات مرة بأنها تصل البيت و عادة , عند الساعة الرابعة ".
حك رقبته بقلمه وقال:
"أن ساعات عملها غريبة ولكن....ما يحدث أغرب , هل ما زالت مقيمة هنا؟ بقيت فترة طويلة.... أليس كذلك؟".
" هذا صحيح ".
لا فائدة , يجب أن تعترف بالحقيقة:
" أنني لست زائرة بل , بل ...".
" هل أنت مستأجرة من اسيدة وود ؟ ليس هذا مسموحا حسب العقد الموقع بين المستأجرة وصاحب الكوخ , أنه مكان مؤثث ولا يسمح لغير المستأجرة بالسكن فيه".
لم تستطع ألونا التهرب من نظراته المرتابة:
" ألبست موجودة ؟ هل هربت مع شخص آخر؟".
" نعم , غادرت السيدة وود المكان".
" مع رجل؟ هذه هي القصة دائما , حسنا يا آنسة , أنها المستأجرة وأذا كانت قد ذهبت فليس هناك الكثير مما أستطيع عمله من أجلك , قال السيد مورلي صاحب البيت , أنه يريد بيعه حالما تغادر المستأجرة , وقد جاءت مغادرة السيدة وود لصالح المالك , هل تفهمين ما أعنيه؟".
" ولكن يا سيد ألسون , أذا غادرت الكوخ.... ليس لدي مكان آخر أسكن فيه , رجاء .... رجاء حاول أقناع المالك السماح لي بالبقاء , سأدبر الأيجار بطريقة ما وسأعطيه لك كل شهر , وسنتظاهر بأن السيدة وود لا تزال موجودة , هذا أذا لم تخبر المالك , ثم أنها تركت الكثير من أشيائها .... أعني ملابسها وأغراضها وهذا يعني أحتمال تركها لصديقها وعودتها للسكن هنا".
كان ما قالته كذبة مختلفة , أذ كانت تعرف جيدا أن لوسيا تعبت من حياتها البدائية فعثرت على كولن وتشبثت به لأنه وفر لها حياة أفضل .
فكر السيد ألسون بما قالته.
" أنك تشبهين أليس في بلاد العجائب.... أليس كذلك يا آنسة؟ أن لدي أبنة في عمرك ولن أحب رؤيتها مرمية في عرض الطريق بلا بيت يؤويها".
كان السيد ألسون عطوفا فشكرته على حسن صنيعه .
هز كتفيه ربما تواضعا لمساعدته أياها.
" ولكننا لن نستطيع أخفاء السر عنه طويلا , ومن الأفضل لو بدأت البحث عن مكان آخر , أنه مسافر الآن غير أنه سيعود بعد فترة قصيرة وأرجو أن تسلميني الأيجار قريبا, وألا.... تعلمين أنه يستطيع أخراجك من المنزل أي وقت يشاء أذ أنك لست المستأجرة ولا حقوق لك".
أومأت برأسها موافقة.
ومر يومان دون أن تستلم شيئا ردا على أعلانها , ثم جاءت السيدة ميسي ذات مساء ,راكضة.
" مكالمة هاتفية لك يا آنسة بيل , هناك شخص يود تكليفك بعمل ".
كان صحفيا محليا أراد منها طباعة مقالتين له , هل تستطيع طبعها؟ وكبحت ألونا رغبتها في الصراخ فرحا , وبعد أن أتفقا على السعر , قال أنه سيرسل المقالتين بالبريد على أن تعيدهما اليه حالما تنتهي.
وعدته بأنها ستعيد المقالتين في نفس اليوم.
وفت ألونا بوعدها ثم جلست منتظرة أستلام المبلغ.
أستلمت بعد ذلك مجموعة رسائل من سيدة عجوز مع رسالة قصيرة أعتذرت فيها عن سوء خط يدها , مرى أخرى أتمت ألونا الطباعة في نفس اليوم وبقيت في أنتظار دفع الأجرة.
وعندما أستلمت صكا من الكاتب أخيرا , أدركت أن عملية الحصول على المال بتلك الطريقة لم تكن سهلة ولا كافية لدفع الأيجار وتوفير ما تحتاجه للطعام .
ورغم أستلامها عدة مقالات من الكاتب ثم مجموعة من الرسائل من شركات صغيرة , ألا أنها بقيت يائسة لضآلة ما حصلت عليه من مال ,وكانت قد نسيت وجود عشرات مكاتب الطباعة المماثلة لمكتبها.
حين جاء جامع الأيجار للمرة الثاثة , ركضت الى الطابق العلوي وأختبأت في سريرها واصغت مذعورة الى طرقاته على الباب.... وأخيرا سمعت صوت خطواته المبتعدة ثم ركوبه دراجته الهوائية , فغادرت فراشها مرتعشة خوفا.
كان من المستحيل الأستمرار , أذا ما أخرت دفع الأيجار أكثر لن تخسر عطف السيد ألسون فحسب بل ستخسر منزلها أيضا , كان هناك حل واحد: عليها الذهاب نادمة الى رب عملها السابق لتطلب أعادتها الى عملها القديم.

زهرة سوداء 19-05-13 02:30 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل السادس

الحب لا يفيد

كان التفكير بالذهاب لرؤية من أهانها وطردها من عملها ثم منعها من العثور على عمل هي في أمس الحاجة اليه , مسألة صعبة ولكن تنفيذ الفكرة كان أصعب.
ربما لن يكون لأعتذارها ذلك الطعم المر لو أتصلت به هاتفيا , لم يكن من السهل العثور عليه ألا أنها تحدثت أخيرا مع ديانا حيث قالت:
" في أمكانه التحدث معك بضع لحظات .... هل هذا يكفي يا ألونا؟".
طمأنتها ألونا بأن ذلك كاف فسمعت بعد قليل صوت دريك:
" ماذا تريدين؟".
لم يشجعها على قول شيء فأرادت الأعتذار عن أزعاجه:
" سيد واريك.... أنا....".
" أعرف من أنت, قلت ماذا تريدين؟".
لو كانت أمرأة ذات تجربة , واثقة من نفسها لقالت:
" عزيزي دريك... لدي مشكلة فظيعة , وأنت الوحيد القادر على حلها....".
أما لو كانت لوسيا في مكانها لقالت:
" حبيبي ,أنك رجل رائع وأنا أحبك , أنني بحاجة الى بعض النقود بسرعة , ليس لدي عمل لكنني أعرف أنك ستوظفني بسرعة".
أما ألونا بيل فقالت هامسة:
" عرضت علي منذ فترة قصيرة العودة الى عملي لكنني رفضت , أما الآن فأنا مستعدة( بلعت ريقها وتوسلت اليه), سيد واريك , هل أستطيع العودة؟ هل آتي للعمل في مؤسستك مرة أخرى؟".
أجابها بصوت ساخر:
" لا بد أنك عانيت الكثير لتتخلي عن كبريائك وتتضرعي طالبة مني مساعدتك , الجواب هو كلا".
فأرتفع صوت ألونا:
" آه! ولكن .... سيد واريك... رجاء يجب أن أعمل وبسرعة , وبما أنك لم تدع لي فرصة الحصول على عمل خلال وكالة التشغيل , فساعدني على الأقل للعودة الى عملي".
" ليس هناك مجال لعودتك أذ تم تعيين فتاة أخرى".
" ولكن .... كيف سأدفع الأيجار؟ ( تنهدت ثم واصلت حديثها) أيجار شهر كامل يستحق الدفع فورا ,( وتهدج صوتها ثم بكت) لا أستطيع مماطلة جامع الأيجار فترة أطول , وحين جاء اليوم لم أفتح له الباب , لأنه قال أذا لم أدفع الأيجار يتوجب علي مغادرة البيت , وأذا غادرت المنزل لن أجد مكانا آخر أعيش فيه , سأنام في الحقول وسأ.....".
" آنسة بيل أنك تمزقين قلبي ألما بحديثك هذا , ماذا تريدين مني ؟ أتريدين مني دفع أيجار منزلك؟ أدفع أيجار فتاة تسمح لي بمعانقتها وحين أتوقف تطلب المزيد؟ ثم حين لا تحصل عليه تركض لتلقي بنفسها بين ذراعي رجل آخر".
" أي رجل آخر؟".
|" رون برادويل , أنبهك يا عزيزتي , لو أردت مني دفع الأيجار يجب أن تسمحي لي بالحصول على ما هو أكثر , يجب أن تعطيني مفتاح كوخك لأستطيع المجيء والذهاب متى أردت ذلك".
ثم وضع سماعة الهاتف دون أن يسمع جوابها.
مسحت ألونا دموعها ثم سارت فترة طويلة حتى قررت أخيرا العودة الى منزلها , ألا أنها كانت الساعة التاسعة مساء حين وصلت ألونا الى بيت كولن هارد كاسل , كان بيتا حديثا لا شيء يميزه عن بقية البيوت غير حديقته الأمامية , أذ كانت أرضها مرصوفة بأستثناء دائرتين تركتا لوضع النباتات فيهما , غير أن أحدا لم يهتم حتى بذلك , كان من الواضح أن كولن هارد كاسل لم يكن مهتما بالزراعة , وهذا منحه صفة ثانية مشتركة مع لوسيا أضافة الى الصفة الأولى الجامعة بينهما.
لو أنها وصلت مبكرة لوجدتهم يتناولون وجبة عشائهم ولأبدت لوسيا بوضوح أنزعاجها لذلك , أما وصولها متأخرة فأنه قادها الى الأمر المحتوم ... ودل على ذلك وقوف عدد من السيارات أمام باب المنزل , أنها أحدى حفلات لوسيا , ورغم أنها خمنت وجود ذلك لم تحاول أرتداء الملابس الملائمة ,أذ أنها لم تكن مدعوة وكل ما أرادته هو الحديث مع لوسيا في الصالة أو حتى قرب الباب .... فما فائدة تغيير بنطالها الجينز وقميصها القديم , أذا لم تكن راغبة في البقاء؟فتح الباب رجل غريب... شاب ملتحي , لدهشة ألونا , قميصا وربطة عنق أيضا! لا بد أن لوسيا تعيش في جو آخر منذ أنتقالها للسكن مع مديرها.
قال الشاب :
" أهلا.... أدخلي بأسم لوسيا وكولن , لا أعرف من أنت ولكن لا يهم الأمر , البيت مفتوح للجميع".
دخلت فأغلق الباب وراءها , سمعت ألونا صوت الموسيقى منبعثا من غرفة بعيدة .
" أنا ألونا , ألونا بيل ".
قطب الشاب جبينه وقال:
" بيل؟".
ثم أبتسم مرحبا , فأبتسمت متسائلة :
" رجاء , هل تستطيع أبلاغ لوسيا بأنني أريد رؤيتها ؟ قل لها أنه أمر ملح".
وأذ قادها الشاب نحو مصدر الموسيقى قالت:
" كلا.... أفضل البقاء هنا,شكرا".
هز الشاب كتفيه ثم أختفى في الغرفة الخلفي , عاد بعد لحظات :
" تقول أنها مشغولة مع شخص تعرفينه ( فكرت ألونا بأنها تعرف كولن بالتأكيد) وتقول أحضري الحفلة معنا ".
" أسمع , يجب أن أتحدث معها ....".
" ألونا ... عزيزتي".
وتقدمت لوسيا الى الصالة مرتدية فستانا ذا لون قهوائي غامق يبرز مفاتنها , لم تكن وحدها ولم يكن مرافقها الممسك بذراعها كولن بل دريك واريك , كانت ملابسه أنيقة ودلت بدلته الغامقة على حسن أختياره وغلاء ما يشتريه.
حدقت في دريك وقالت:
" أنت؟".
" نعم يا فأرة ( أجابتها لوسيا) رئيسك السابق بنفسه , راهنت رون بأنه لن يأتي غير أنه جاء".
علقت ألونا ساخرة:
" لا بد أنه بحاجة للتسلية".
وتحدت عينيه الزرقاوين رغم خوفها منهما أذ كانت تعلم مقدار تأثيرهما عليها.
" سأتظاهر بأن ملاحظتك ذات المعنى المزدوج شيء قلته في لحظة غضب ولا يستوجب الأنتباه".
أجابتها ببرود:
" أين كولن؟".
" لا يزال يعمل و...( وواصلت حديثها بلهجة أحتقار ) لا تتخيلي حدوث شيء بيني وبين رئيسك لأنني ما زلت مخلصة لكولن , حتى الآن , على الأقل".
ورمقت دريك بطريقة مثيرة فتجاهلها.
" أين ديانا؟".
سألت ألونا دريك محاولة في نفس الوقت تجاهل جملة لوسيا الأخيرة:
" في البيت منذ أن تركت العمل مرة أخرى".
" مرة أخرى؟".
دهشت ألونا أذ كانت ديانا بصحة جيدة حين رأتها آخر مرة , ثم فكرت : أذا كانت سكرتيرته مريضة فلا بد أنه.... غير أنه قرأ أفكارها وقال:
" لا عمل لك يا آنسة بيل , أذ زودني مكتب التشغيل بسكرتيرة مؤقتة ".
أستدارت ألونا نحو لوسيا قائلة:
" لوسيا يجب أن أتحدث اليك".
" قولي ما تريدينه".
" كلا , ليس في حضوره".
ولم تحرك ملاحظتها دريك من مكانه , قالت لوسيا:
" عزيزي دريك , عدني بألا تصغي".
رمشت عيناه غير أنه بقي جامدا بأستثناء تحرره من ذراع لوسيا , وأذ أدركت ألونا عدم أستطاعتها التخلص منه تظاهرت بعدم وجوده.
" لوسيا , يجب أن تساعديني ( لاحظت تحرك دريك قليلا ووضعه يديه في جيبي بنطاله) جاء جامع الأيجار....".
علقت لوسيا:
" آه.... هذا ما ظننته".
" جاء عدة مرات ويعرف أنك لا تقطنين هناك الآن , ألا أنه وعد بعدم أخبار صاحب البيت أذ أستطتع دفع الأيجار مقدما".
ألتقت عينا لوسيا بعيني ألونا المتوسلتين فقالت:
" أن لديك بعض المال المدخر... أليس كذلك؟".
" لم يعد لدي شيء الآن , أذ أنفقت كل ما أملكه".
" لا بد أن شهيتك زادت عن السابق , حين كنت أعيش معك لم تكوني تأكلين ألا ما يكفي عصفورا".
"كلا , كلا لم أصرف نقودي على الطعام( ولم ترغب بمصارحة لوسيا) بل على أشياء أخرى ".
" أي أشياء؟".
بدا أن لوسيا مصممة على سماع الحقيقة , نظرت ألونا الى دريك المنعزل في وقفته ثم واصلت:
" حسنا , بما أن أحدهم مصمم على منعي من العثور على عمل آخر , قررت أن أخلق العمل بنفسي . قررت تأسيس شركة للطباعة فوضع راي بعض الأعلانات في الصحيفة المحلية وأشتريت آلة طابعة وأوراقا وحبرا وكل ما أحتاجه , حتى صرفت كل نقودي".
" ألهذا تريدين مني دفع أيجارك؟".
وتألمت ألونا للهجة لوسيا الباردة أذ صورت الأمر وكأنها تطلب منها أحسانا.....

" أنك لا تزالين المستأجرة الرسمية ودفتر الأيجار بأسمك....".
" بينما تعيشين بشكل غير قانوني , في أمكان صاحب المنزل رميك في الشارع في أي لحظة يرغب فيها".
" أنا أعرف ذلك وأنت أيضا , أضافة الى جامع الأيجار , وما لم أدفع الأيجار....".
" ولن تحصلي عليه مني".
شحبت ألونا.
" لن تساعديني أذن! أتفضلين ألقائي في الشارع؟".
" توقفي عن الأنين والتشكي أذ لن تحصلي على شيء مني بهذه الطريقة , سمحت لك بالسكن معي عطفا عليك وظننت أن أقامتك معي مؤقتة , ماذا أفعل أذا أخترت أنت البقاء بعد مغادرتي المنزل؟".
" أنك تعرفين حقيقتك يا لوسيا وود , أنت تافهة , أنانية وذات أخلاق سيئة ".
بعد ذلك أندفعت ألونا الى الباب الأمامي , فتحته وخرجت مسرعة الى الشارع , عبرت الشارع دون أن تنظر , فوصلت الى الرصيف الآخر وسط أصوات أبواق السيارات وصراخ السواق.
شقت طريقها بين الناس ولم تعرف ألى أين تتوجه , سمعت صوت خطوات مسرعة خلفها ألا أنها لم تتوقف لمعرفة هوية من يلاحقها , أمسكت يده ذراعها ثم أدارها نحوه , حدق دريك واريك في وجهها وبان الغضب واضحا على وجهه:
" ما الذي كنت تنوين عمله بنفسك ؟ التضحية بحياتك من أجل أيجار شهر؟ ثم سنشعر بالأسف لما سيحدث ونقضي حياتنا شاعرين بالذنب لأننا لم نساعدك وقت حاجتك؟".
" أتركني وشأني(قالت محاولة التخلص من يده) وخذ سخريتك وتهكمك معك".
" لن تتخلصي مني بهذه السهولة ( قال واضعا يده بأحكام على يدها).
وقادها رغم ممانعتها نحو سيارته حيث وقف باحثا في جيبه عن مفاتيح السيارة .
" لن أذهب الى أي مكان معك".
" حتى ولو الى بيتك؟".
فتح باب السيارة وكاد أن يدفعها دفعا الى الداخل ثم أحكم وضع حزام السلامة حولها.
قاد السيارة صامتا ولم يشر الى ما حدث بينها وبين لوسيا بل قال :
" سأقيم حفلة في عطلة نهاية الأسبوع".
" حتى أنت؟".
" حسنا , سأصيغ الخبر بصيغة أخرى ,دعوت الى بيتي عددا من الأصدقاء وتأكدي أنهم لا يشبهون مدعوي لوسيا أطلاقا , أغلبهم رجال أعمال , مثلي , وستصحبهم زوجاتهم مما يعني أن كل شيء سيكون محترما .... أريد منك الحضور".
"كلا , شكرا".
تجاهل رفضها وواصل حديثه:
" قد أكون قادرا على تعريفك بعدد من رجال الأعمال ممن يديرون شركات صغيرة وبحاجة ماسة لمن يطبع لهم الرسائل والوثائق , أو شركات كبيرة حيث لا تستطيع سكرتيراتهم القيام بكل الأعمال المطلوبة في وقتها المحدد , أذا أخبرتهم عن مكتبك للطباعة , أنا متأكد بأنهم سيسرون للتعاون معك".
أصغت بأنتباه لما قاله دريك الى حد أنها لم تنتبه فيه الى وصولها الكوخ . أوقف السيارة وأطفأ الأنوار فأحاط بهما صمت الريف من كل جانب
سألته أخيرا:
" لماذا؟ هل تشعر بالذنب لأنك أهنتني عصر اليوم؟".
" أذا كانت هذه دعوة , سأقبلها بكل سرور".
وأدارها نحوه واضعا يديه على كتفيها .
تحركت مبتعدة :
" كلا , كلا , عنيت الدعوة الى ....".
ولم يحررها من تأثيره الى أن لاحظا أقتراب شخص يحمل مصباحا يدويا , شخص كان يتمشى مع كلبه بأتجاه القرية.
جلسا كتمثالين الى أن أبتعد الرجل , , تمنت لو أن دريك نطق بشيء , أثار فيها حب الحياة فتمنت لو تقول له( خذ المفتاح وكما قلت عصر اليوم,تعال متى شئت وأبق معي رجاء).
وأستندت في أفكارها على اللحظات السعيدة التي مرت بينهما , على شدة قصرها.
ولكن أين هي السعادة والمودة؟ في خصامها ومشاجراتها ؟ أنهما لم يكونا صديقين حتى , فكيف يتحقق حلمها بالحب ؟ نعم أنها تحبه.... وتنهدت , أحبه ولكن ما الفائدة؟
قال دريك :
" بما أن لوسيا تركتك محتاجة فجأة , أنا مستعد لأقراضك ما تحتاجين من نقود".
" كلا , شكرا , لن آخذ شيئا منك , خاصة أذا توجب علي أعطاؤك مفتاح الكوخ كأعتراف بجميلك , هذه هي اللغة الوحيدة المفهومة لديك.... أليس كذلك؟ والشكل الوحيد للشكر الذي سيرضي مبادرتك العظيمة".
" هل تفضلين أذن البقاء بدون منزل على قبول مساعدتي؟".
" نعم , لكنن لن أكون بلا منزل , عرض علي شخص آخر أن يقرضني المال , شخص أوده وأحترمه".
" مما يعني أنك لا تودينني ولا تحترمينني".
بقيت صامتة.
" أفترض أنه صديقك راي؟".
" أفتراضك صحيح , ولمعلوماتك الخاصة , لم يطلب مني راي مفتاح كوخي مقابل القرض , كما أننا لا نعيش سوية مثلما يفعل بقية من في عمرنا هذه الأيام , أننا صديقان حقيقيان , وحين يكون لشخص ما عدو مثلك يا سيد واريك , يعرف الشخص معنى الصداقة , تصبح على خير يا سيد واريك ... شكرا لأيصالك أياي ولعرضك رغم الشروط المقيدة".
راقبته يبتعد بسيارته , وأنهمرت دموعها فلم تعد ترى بوضوح.
كانت تتناول أفطارها حين جاءت السيدة ميسي لتخبرها بأنها مطلوبة هاتفيا:
" أنه رجل , ربما لديه عمل لك , يا عزيزتي , كيف تجري الأمور الآن؟".
" على ما يرام يا سيدة ميسي".
أجابتها ألونا ثم شعرت بالخجل لكذبها على السيدة الطيبة.
رفعت سماعة الهاتف قائلة:
" ألونا بيل تتحدث , هنا مكتب بيل للطباعة .... هل أستطيع مساعدتك؟".
" كلا , أحتجت وقتا طويلا للوصول الى هنا , كم يبعد بيتك عن هذا المكان؟".
خاب أملها أذ لم يكن الأتصال بصدد عمل , ثم فرحت لسماع صوته مرة أخرى:
" قصيرة... أنك تعرف المسافة".
" كيف تظنين أنك تستطيعين أدارة مكتب للطباعة بواسطة تلفون غيرك؟".
لم تجبه فواصل:
" تلك الحفلة , أعتذاري الشديد.... حفل الأستقبال... هل يرضيك هذا ؟ في نهاية الأسبوع .... هل ستأتين؟".
" لم أقرر بعد".
" قلت أنني قد أساعدك للحصول على بعض العمل , أعتبريه موعد عمل أذن".
فكرت بأن تأثير الأعلان شارف على الأنتهاء ,ولا تستطيع نشر الأعلان الى ما لا نهاية , يجب أن تجد عملا لتعيش , ربما , كما قال , سيساعدها حضورها الحفلة...
" سأحضر....شكرا".
" الساعة الثامنة مساء وأرجو أن ترتدي شيئا ملائما , وتستطيعين تفسير ذلك بأي طريقة ترغبين فيها".
ثم أعاد سماعة الهاتف الى مكانها.
ذهبت الى مزرعة والد راي , كانت تعلم بترحيبهم بها في أي وقت تذهب فيه للزيارة , رحبت بها والدته ذات الوجه المدور بأبتسامة كبيرة.
" أن راي في غرفة الجلوس يا عزيزتي , يسجل بعض الحسابات , أنت تعرفين طريقك ...أليس كذلك؟".
شكرتها ألونا وأومأت برأسها , علمت ,أيضا ,أن والدة راي تتمنى رؤيتها زوجة لأبنها , رغم محاولاتها تجاهل تلميحاتها , ثم أن راي أخبرها بأنه لا يرغب بالزواج الآن , وجاء ذكر المسألة حين تحدثا , ذات مرة , عن مستقبلهما ,وضح لها رغبته في جمع مبلغ من المال ثم السفر الى عدد من البلدان قبل العودة للأستقرار والزواج , قال أن العالم واسع ويوفر للأنسان فرصا عديدة وسيحاول جهده الأستمتاع بها.
رفع رأسه عن أوراقه , كانت الغرفة دافئة وكان راي جالسا خلف منضدة دائرية , وقف ورحب بها ثم أخبرها أن والده يعمل في الحقل بينما كانت والدته في المطبخ.
" أعرف أنك جئت طلبا للمساعدة , أنه واضح في نظراتك ".
ضحكت:
" آه , هل أنا شفافة الى هذا الحد؟".
" في حالات الطوارىء فقط ( ودعاها للجلوس ) وهذه واحدة منها....".
" أومأت برأسها أيجابا:
" ما كنت سآتي يا راي ولكنني حاولت كل شيء آخر".
لم تستطع أخباره عن عرض دريك لأقراضها المال ورفضها أياه .
" ما هو المبلغ؟ ( وتناول دفتر صكوكه من على االطاولة ) أيجار شهر؟".
" نعم".
كان راي يعرف قيمة الأيجار أذ أخبرته من قبل .
جاءت والدته فيما بعد , حاملة صينية الشاي , ثم تناولوا الشاي سوية وتحدثوا عن المهرجان واليانصيب , أخبرت ألونا السيدة هيل عن مخاوفها بصدد ذلك الحدث ألا أن السيدة هيل ضحكت وأخبرتها بألا تقلق.
" ربما سيفوز راي! حينئذ ستكونين بأمان معه".
ثم جمعت الأكواب وذهبت الى المطبخ.
لم يسر راي لتلك الملاحظة .... نهضت ألونا لتغادر المكان ثم أخبرته عندما سار مودعا أياها.
" لا أدري كيف أشكرك على جميلك , وسأعيد لك المال حالما أستطيع ذلك".
" لا تتعجلي , قد لا أكون غنيا غير أنني لست فقيرا , ثم أن لدي مبلغا مناسبا فأذا أحتجت أكثر أخبريني وسأساعدك".
" أنك رائع جدا".
وبشكل تلقائي أقتربت منه وقبلت خده , أحمر وجهه وقال:
" لو كنت أعرف رد فعلك لأعطيتك مبلغا أكبر".
سلمت ألونا الأيجار الى السيد ألسون حين جاء عصر اليوم التالي , ذهبت الى البنك ثم أخذت المبلغ اللازم نقدا , كان ذلك أسلم أذ أنها لم ترغب بدفع صك له ما دامت لوسيا هي المستأجرة الرسمية , كان من الواضح أن السيد ألسون لم يهتم لطريقة الدفع ما دام سيحصل على المال.
" لحسن الحظ أنك أستطعت تدبير الايجار , أذ عاد صاحب الكوخ من الخارج , ولو لم تدفعي لسألني عن السبب ولأضطررت لأخباره الحقيقة , ولكنني سأحاول كتمان الأمر عنه قدر الأمكان".
وقبل أن يتركهها نبهها الى أنه لن يمضي وقت طويل على أستحقاق دفع أيجار الشهر المقبل , ففكرت ألونا بأن ملاحظته كانت أنذارا كافيا لها .
بدأ العمل المرسل بواسطة البريد يقل بمرور الوقت , كان من الواضح أن أعتمادها على هاتف جيرانها غير كاف لأنجاح عمل مكتب للطباعة , وأعتاد أصحاب العمل كتابة ملاحظات لها مثل (حاولت الأتصال هاتفيا ولكن لم يجبني أحد ) أو ( أردت أرشادك عن طريقة طباعة أطروحتي شفويا غير أنني لم أنجح في الأتصال بك هاتفيا , ففضلت أرسال الأطروحة الى شركة طباعة أخرى... على أي حال , أرجو طباعة الرسالتين المرفقتين طيا بأسرع وقت ممكن).
رسالتان , بينما فشلت في الحصول على الأطروحة ,خسارة أخرى ,وعلمت أنها حتى لو طلبت نصب تلفون لها فأنها لن تستطيع دفع قائمة الحساب , كانت محاصرة في دائرة تمنت لو تجد منفذا منها.
وبدأت التفكير بحفلة دريك بأعتبارها منقذا لها , كان موعد الحفلة هو يوم السبت , ولم تستطع ألونا أختيار ما ستلبسه حتى قبل حلول موعد الحفلة بساعتين , بحثت عبثا بين فساتينها عن فستان ملائم , ألا أنها لم تكن تملك شيئا يناسب الحدث ,ونظرت خلال النافذة متسائلة عما سيكون عليه جو الحفلة وبيت دريك.
أنتابتها العصبية , فكرت بنوع الحاضرين , لا بد أنهم أصدقاء دريك , حلقة معينة , لا بد أن لوسيا ستعرف كيف تتصرف معهم ,وتمنت لو أنها لم تكن بحاجة ماسة الى العمل لما أضطرت للذهاب.
كان من الضروري أرتداء شيء مناسب , وأذ لم يكن لديها ما ترتديه ذهبت الى غرفة لوسيا آملة أن تجد فستانا ملائما , أختارت ألونا فستانين أو ثلاثة ثم جربتها قبل أن تختار واحدا أعتبرته الأكثر أناقة.
كان من المستحيل تخمين ما سيظنه دريك , أنه يريد منها أرتداء شيء مناسب... فأذا ما وصلت الى بيته مرتدية فستانا يلائم ذوق لوسيا الراقي وليس ما تحبه هي , وأعترض على ذلك ... لن يكون الذنب ذنبها .
ورغم أحساسها بأن الحق الى جانبها بقيت مترددة وخائفة , كان الفستان من المخمل الأسود , ضيقا أظهر بوضوح ظل خفيف على جفونها وقليل من أحمر الشفاه على شفتيها.
لم يخيب شعرها ظنها , كان جميلا لامعا ومطواعا لحركة فرشاتها , بدت وكأنها.... وأبتعدت عن المرآة أذ لم تجد الكلمات المناسبة لوصف مظهرها ,كلا لم تكن ألونا , بل فتاة أخرى.
تعرّف عليها دريك حالما دخلت الصالة المؤدية الى شقته الحديثة , عرض راي عليها أيصالها بعد أن أخبرته أن سبب ذهابها هو العمل , بدت شاحنته المغطاة بالوحل غريبة عند وقوفها أمام صف السيارات الأنيقة , وأحست عند أبتعاده بأبتعاد جزء قريب من ذاتها... جزء تحبه وتعتز به , أكتفى دريك بالترحيب بها ولم يحاول حتى الأبتسام عند رؤيتها , قادها الى الداخل فتناولت وصيفة , ربما أجرت لتلك الليلة فقط , معطفها ودلتها على غرفة السيدات أذا ما رغبت بتمشيط شعرها , ألا أن ألونا رفضت الدعوة.
كان لوجود دريك على مبعدة عشر خطوات منها بتأثير لم تستطع ألونا التحكم به , كانت كمن يحاول وضع يده على زيت متفجر من الأرض ليحاول منع أندفاعه , بدا شعره أكثر أسودادا وعيناه أكثر نفاذا , أرتدى بدلة من الحرير الرمادي , وأرتسم على وجهه تعبير جدي حين وقف يراقبها عن بعد.
بدا وسيما بكتفيه العريضتين الى حد أرادت فيه الأندفاع نحوه والأرتماء بين ذراعيه لتشعر بالأمان , ورأرادت الصراخ : ألا ترى؟ ألا تحس بقلقي في هذا الجو الغريب؟
بأصابع حذرة أمسكت بجانب فستان لوسيا , وبخطوات متعثرة سارت مرتدية حذاء لوسيا , وبدا وكأنها فقدت ذاتها لتتحول الى لوسيا أخرى , ولم ير دريك الفتاة الحقيقية بل مظهرها... ولكن يا له من مظهر مختلف هذه المرة , هل أعجب به أكثر مما كانت ترتديه المرة الأولى حين جاء لزيارتها؟
قال:
" شكرا لقدومك".
وسبقها الى غرفة الضيوف , بدت الغرفة كبيرة ولكن ألونا أدركت خطاها بعد زوال لحظات التوتر الأولى , كان لون الجدران أبيض وكذلك السجاد , ووسط الغرفة خال من الأثاث بأستثناء طاولات صغيرة وضعت عليها كؤوس , وقد سحبت الستائر لتكشف عن باب زجاجي يؤدي الى شرفة صغيرة ثم الى حمام السباحة... وعلى جانبه وضعت الكراسي الصيفية.
وضع دريك يده على ظهرها المكشوف وحرك أصابعه بطريقة أثارتها فنظرت اليه فأبتسم كما لو كان يقول:" لا حاجة لأخفاء مشاعرك حين ألمسك , أذ أعرف جيدا ما تشعرين به".
أنتقلت نظراته الى نعومة كتفيها ثم الى صدرها , مد يده الى شعرها وهمس قريبا من أذنها:
" قلت لك أن ترتدي شيئا ملائما يا ساحرة ولم أقل تعالي نصف مكشوفة".
" أنه ليس فستاني بل فستان لوسيا".
" ألا أنك ترتدينه وهذا يجعله مختلفا".
نظر حوله بطريقة أثارت حيرتها فقال:
"تعالي , سأعرفك بعدد من رجال الأعمال , سأحاول جهدي وعليك يقع عبء البقية "
وألتقت عيناها بعيني رجل تعرفه , عينان خبيثتان لرجل بدين.... نعم كان يجب أن تعرف أن رون برادويل سيكون مدعوا هنا.
" أين ديانا؟".
" لم تكن صحتها جيدة فأعتذرت".
" آه , هل هي مريضة مرة أخرى؟ ماذا؟".
قاطعها متعمدا:
"ألونا , أعرفك بفيليب وماري سمارت , فيليب مدير مخزن للهوايات ( ثم وضع يده على كتف فيليب قائلا) فيليب أعرفك بألونا بيل .... أنها تدير مكتبا للطباعة , أعرف أنك بدون سكرتيرة , فأذا أحتجت طباعة أي رسالة أو عمل كتابي فأنها الفتاة المطلوبة".
مد فيليب يده مصافحا وقال:
" أنك السيدة التي أحتاجها , أعطيني عنوانك وسأرسل لك كومة من الرسائل , ستساعدينني كثيرا أذا ما لخصت الرسائل لك و....".
" وأطبع الأجابة أستنادا عليها , هذا بسيط يا سيدسمارت ".
" دريك.... لم لم تخبرني عن أخفائك لهذه الموهوبة من قبل؟".
أحمر وجه ألونا لأطرائه غير أن دريك أجاب:
" أحب أن أحتفظ بالأشياء الجيدة في الحياة لنفسي".
ضحك فيليب سمارت بصوت عال وقال:
" كيت , تعالي لأعرفك بصديقة دريك اللطيفة , أنه يقوم بالدعاية لمكتب الطباعة المدار من قبلها , وسأرسل لها بعض العمل _ آنسة بيل , أعرفك بزوجتي كيت".
" شكرا لذلك( أبتسمت كيت وصافحت ألونا) لن يزعجني من الآن فصاعدا بالأجابة على رسائله , أنني سعيدة للقائك يا آنسة بيل".
ضغط دريك على كتفها بخفة فتبعته ليعرفها على عدد آخر من المدعوين , بعد نصف ساعة من اللقاءات كانت ألونا مسرورة بوعود العمل .
" كان يجب أن تطبعي بعض بطاقات التعريف بمكتبك وعنوانه بدلا من كتابتك العناوين على الورق".
" لم أحصل على ما يكفي من العمل لطباعة البطاقات ( أعترفت مترددة ثم أضافت) أما الآن , شكرا لك....".
نظر اليها متفحصا وقال:
" أشكريني فيما بعد يا آنسة بيل".
سمعت ألونا صوتا خافتا تخافه وتكرهه يقول:
" أتساءل عن الشكل الذي ستقدمه فيه".
أستدعى أحدهم دريك فنظر الى مدير الذاتية وقال:
" أهتم بألونا عدة دقائق يا رون".
" بكل سرور ( أجاب مديره) أن سلوكك صحيح.... خاصة بعد تأثيرك على مديرك السابق".
" لا صحة لما تقوله يا سيد برادويل , كل ما في الأمر أحتمال أحساسه بالذنب لطردي بدون سبب ,ولا حاجة لذكر جهودك الخاصة في حرماني من فرصة العثور على عمل آخر".
" دريك يعاني من الأحساس بالذنب بسبب أمرأة ؟ اليوم الذي يحس فيه دريك بالذنب من أجل أمرأة , سأكون أنا وريثا للعرش البريطاني , مما يعني المستحيل و أنه يعامل المرأة مثل نار عنيفة تلتهم منزلا خشبيا , يحصل منها على ما يريد ثم يتراجع تاركا أياها محترقة حتى الرماد , وأخيرا يبتعد بدون وخزة ضمير".
رطبت ألونا شفتيها , ربما كان يحاول رون برادويل أيلامها لمعرفة نوع أستجابتها لكلامه , أو قد يكون كلامه صحيحا ... من يدري؟ وافقته في قرارة نفسها على وسامة دريك وجاذبيته للنساء مما يدفع المرأة الى أن تمنحه ما يريد.
" جعلتك تفكرين.... أليس كذلك؟ لا تزالين تحبينه ولم تتخلصي من تأثيره رغم طرده أياك , أستطيع أخبارك شيئا واحدا يا آنسة بيل : تخلصي من تأثير ذلك الرجل عليك , قد يكون ملاحقا لسكرتيرته الآن ,ألا أن ذلك لن يطول , وحالما سينتهي منها , سيبحث عن أمرأة أخرى , بالتأكيد لن تكوني أختياره التالي".
" أسمع يا سيد برادويل ,لدي صديقي المقرب , أنه مزارع , خريج كلية الزراعة وهو أنسان طيب فتوقف عن أخباري بالتفاهات".
بدا السيد برادوي مسرورا:
" أذا أعتبرت ما قلته لك تفاهات فلا بد أنك تحبين دريك سواء كان لديك صديق أم لا".
نظرت حولها باحثة عن دريك فلاحظت أنخراطه في مناقشة مع مجموعة من الرجال.
" سأذهب الى البيت , أرجو أن تبلغ شكري لدريك".
" هل السيارة في أنتظارك؟".
لم تجبه بل شقت طريقها وسط الناس حتى وصلت الصالة , لا بد من وجود هاتف هناك , رأت الوصيفة فسألتها:
"أين الهاتف , رجاء؟".
" أتبعيني , هناك هاتف في غرفة السيد واريك الخاصة".
مثلت الغرفة الخصوصية جانبا آخر من شخصية دريك , غير أن ألونا لم تكن في مزاج يسمح لها بتقدير تلك الحقيقة , أدارت قرص الهاتف وبينما رن في بيت راي لمحت الكرسي المريحة والأثاث المصنوع من خشب الحور....".
" راي... هل تذكر أنك عرضت على المجيء لأعادتي الى البيت؟ هل تستطيع ذلك الآن ,رجاء؟ أعرف أن الوقت مبكر .... ولكن( وفتح الباب) ماذا , عليك أتمام ما نقوم به... ثم تأتي بعد ذلك ؟ حسن جدا , سأكون في أنتظارك".
أعادت سماعة الهاتف الى مكانها , وأستدارت فوجدت رون برادويل واقفا يتأملها بنظراته الوقحة :
" هل أتصلت بصديقك بدلا من قبولك عرضي بأيصالك؟".
" لم تعرض علي أيصالي".
" كنت على وشك ذلك , لن يستطيع الحضور فورا ... أليس كذلك؟( وتفحها من قمة رأسها حتى أخمص قدميها ) أجدك جميلة في هذا الفستان ,أنه فستان لوسيا... أليس كذلك؟ رأيت لوسيا مرتدية أياه ذات مرة غير أنه يناسبك أكثر منها , أنها صريحة أكثر منك ألا أنك أكثر أغراء منها لأنك لا تزالين تملكين ذلك المظهر البريء".
أحست بالخوف فتراجعت الى الخلف ,هاجمته محاولة أخفاء ذعرها:
" ما الذي فعلته زوجتك لتستحق زوجا مثلك يا سيد برادويل؟".
" قولي شيئا مؤذيا آخر وأحطم مستقبلك الى الأبد".
لم تفهم ما عناه خاصة أنه لن يجرؤ على مهاجمتها في منزل دريك , أو ربما حتى الأعتداء عليها ؟ مهما كان الأمر , أدركت ألونا وجوب مغادرة الغرفة بأقصى سرعة ... غير أنه حال بينها وبين الباب.
أمسك بها من كتفيها بقوة حتى كادتتتوقف عن التنفس , حاول عناقها فدفعته عنها غير أنه لم يكف عن ملاحقتها , وحين حاولت الصراخ , أنفتح الباب ووقف دريك يراقبهما.



انتهى الفصل

لوشة العزاوي 19-05-13 02:41 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
وااااااااااااااااااااو

الف مبروك حبيبتي

اول مرة اعرف انك عم تنزلي رواية هنا

والله مبروك على القسم بيك

منووووووورة حبيبتي

موووووووووووة

amany khalil 19-05-13 04:59 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
رووووووووووووعه
تسلم ايديكى يارب
مووواه

azzamohamed 19-05-13 08:55 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
مرحبا زهره
حبيت كتير مقدمه هالروايه
حسه فيها احساس غريب وفى حجات كتير وأسرار ورا دريك

azzamohamed 20-05-13 10:45 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 

مرحبا زهورتى كيفك يلرب تكونى بخير
الروايه غايه فى الرووووووووووووووعه
بس فيه حاجه مديقانى حاسه أن ألونا مهندهاش كرامه وعبيطه:back:
أزاى تطردمن الشغل وتتهزء وبعد كده ترجع تانى
أو حتى تقبل مساعده منه خصوصا بعد اللى عامله فيها
المفروض أن هيا متقبلش مساعده منه خالص:95:
بس قصه الروايه عجبانى بس شخصيع الونا مش عجبانى:rdd12zp1:

زهرة سوداء 20-05-13 03:11 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لوشة العزاوي (المشاركة 3322139)
وااااااااااااااااااااو

الف مبروك حبيبتي

اول مرة اعرف انك عم تنزلي رواية هنا

والله مبروك على القسم بيك

منووووووورة حبيبتي

موووووووووووة


هلا وغلا يا لولو انت المنورة المكان يا قلبي

والله نيالي انا بوجود رفقتكم الحلوة
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3322167)
رووووووووووووعه
تسلم ايديكى يارب
مووواه

امون منورة المكان يتعليقاتك الجميلة ووجودك الرائع

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3322227)
مرحبا زهره
حبيت كتير مقدمه هالروايه
حسه فيها احساس غريب وفى حجات كتير وأسرار ورا دريك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3322385)
مرحبا زهورتى كيفك يلرب تكونى بخير
الروايه غايه فى الرووووووووووووووعه
بس فيه حاجه مديقانى حاسه أن ألونا مهندهاش كرامه وعبيطه:back:
أزاى تطردمن الشغل وتتهزء وبعد كده ترجع تانى
أو حتى تقبل مساعده منه خصوصا بعد اللى عامله فيها
المفروض أن هيا متقبلش مساعده منه خالص:95:
بس قصه الروايه عجبانى بس شخصيع الونا مش عجبانى:rdd12zp1:


اهلا يا حلوة عادي دايما هيك مراية الحب عمياء وممكن تكون حولة كمان ههههه

ما تكرهيها للبطلة بس الوحدة والحاجة بتخلينا ضعاف

شكرا للتعليق منورة يا قلبي يلا شجعوني لحتى انزل روايات ثانية

زهرة سوداء 20-05-13 03:15 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل السابع

ماذا يخبا الظلام ؟

أبتعد عنها رون برادويل فورا , أستقام في وقفته وعدل وضع ربطة عنقه مبتسما بأنتصار:
" عزيزتي , ليس هذا الوقت الملائم , يجب أن تكبحي عواطفك الأنثوية وأنتظري حتى نكون وحدنا".
نظرة واحدة على دريك أعلمتها أنه فهم مغزى جملة رون برادويل , بدا الأحتقار والأشمئزاز ظاهرين بوضوح في نظراته المسددة لا نحو الرجل الجائر , بل نحوها.
عدلت ألونا فستانها , كانت خجلة لعثوره عليها في ذلك الوضع و غير أنها لم تحاول الدفاع عن نفسها... وبدا الأحتقار واضحا في سلوك دريك الى حد لم تجرؤ فيه على الحديث.
قال دريك محتدا:
" برادويل , سأكون ممتنا لو تفضلت بالعودة الى الآخرين وأختلطت معهم , أما أنت فسآخذك الى بيتك ,حيث وفيت بوعدي لك بتعريفك بعدد من الزبائن لمكتب الطباعة , ولا لزوم لبقائك فترة أطول ".
تباطأ رون برادوي مبتسما لغضب ألونا :
" ليس من المألوف طرد المضيف لمدعويه".
" حسنا جدا , تريد مني ترك المكان , ولكن أذا أخبرتني السبب قد أحاول بذل بعض الجهد للدفاع عن نفسي".
ضحك رون برادوي أستهجانا:
"حين تحاولين أغوائي في المستقبل , لتجعليني أقنع دريك بأعادتك الى عملك .... لا تختاري هذا المكان , فهناك دائما خطر الأنكشاف".
زاد غضبها الى حد لم تعد تر فيه شيئا , مدت يدها فجذبت مزهرية خزفية ورفعت يدها لترميها نحوه , غير أن دريك أندفع نحوها , أمسك بيدها وتناول المزهرية:
" سأروض النمرة فيك بنفسي ,أذا لم يحاول أحدهم ترويضك لن يعود في الأمكان السيطرة على أهوائك".
وسحبها الى الصالة حيث طلب من الوصيفة المذهولة جلب معطفها .
" لا تستطيع أيصالي الى الى البيت أذ سيأتي راي لأصطحابي".
قال رون برادويل الواقف وراءهما:
" وجدتها في مكتبك تحاول الأتصال بصديقها".
" لا تتدخل فيما لا يعنيك يا سيد برادويل , لم لا تطيع سيدك فتذهب لتسلية الضيوف و.....".
" ما هو رقم تلفون صديقك؟".
وأذ أمتنعت ألونا عن الأجابة قال:
" حسنا دعيه يأتي بلا فائدة".
فأخبرته حينئذ رقم الهاتف:
" سأسال الوصيفة الأتصال به وأخباره بأنني سأوصلك الى البيت".
تناول معطف ألونا ثم أعطاها رقم هاتف راي لتتصل به , ساد الصمت طوال طريق العودة ولم ينطق دريك بشيء حتى أوقف السيارة أمام باب الكوخ.
" حسنا؟".
نظر اليها منتظرا فأتضح ما أراده حين لاحظ نظراتها المتسائلة :
" أخبرتك في وقت مبكر من مساء اليوم أن وقت الشكر سيحين فيما بعد.... وأجد الوقت ملائما الآن".
" شكرا لتوصيلك أياي , شكرا لتعريفك أياي بضيوفك ... تصبح على خير ".
فتحت باب السيارة ووقفت في الخارج باحثة عن مفتاح البيت متمنية وجود القمر ليساعدها.
لحق بها دريك بسرعة ثم قال:
"ليس هذا ما عنيته وأنت أدرى بذلك".
فتحت الباب ودخلت مسرعة , محاولة أغلاق الباب في وجهه غير أنه خمن ما أرادته ففشلت.
فكرت بأن الضوء سيساعدها , سيخلصها من خطورة ما تحمله الظلمة من تجاوز للموانع , أشعلت عود الثقاب وقربته من المصباح غير أن أرتجاف يديها حال دون ذلك , فأخذ دريك الثقاب من يدها وأشعل المصباح.
" هل ترتعشين بسبب أغواء رون برادويل لك؟".
" هل تصدق كل كذبة يقولها برادويل؟".
" كذبة؟ رأيت بعيني ما حدث بينكما".
" صدق ما تريده".
أنحنى وأمسك رسغها , جاذبا أياها من الكرسي.
أحست بضغطه يقل فظنت أنه سيتركها لوحدها غير أنه خيب ظنها , لا بد أنه تأثير فستان لوسيا.
" عذبتني طوال المساء , أردت طول الوقت فعل ما أفعله الآن".
ثم همس بصوت متحشرج:
" عرفت أنني لن أحتاج وقتا طويلا لتليين مقاومتك".
فسرت ما قاله بأعتزازه بمودتهما وليس سخريته فبقيت حيث هي , رمق السلم بنظرة سريعة ثم قال:
" هل أحتاج الى وضع النقاط على الحروف؟".
" هل كان هذا هو السبب الوحيد لمساعدتك أياي؟ لتحصل على المكافأة في النهاية ؟ آسفة لكن( ونظرت الى فستانها) لا تدع هذا الفستان يخدعك , أنه ملك لوسيا وأقترضته منها , تذكر أنني لا أزال في داخلي الفأرة ذاتها وأن تنكرت بملابس أنيقة".
مد يده وأمسك بها ثانية , نظر اليها بحدة قائلا:
"حين أكون مع أمرأة , لن تهمني ملابسها كثيرا , أن ما يهمني بالدرجة الأولى هو أنوثتها".
حرك أصابعه بنعومة على كتفيها ففكرت بأن عليها التخلص من تأثيره قبل أن تقع ضحية حبها له.
أصبحت الكلمات حمايتها الوحيدة لتخلصها من أهوائه وأهوائها هي في نفس الوقت , أبعدت وجهه بأصابع مرتجفة وعلقت بتهكم:
" أنك رجل خبير , ولن تتمتع بخداع فتاة جاهلة مثلي".
" هل تدّعين أنك جاهلة؟ بعدما رأيتك تتصرفين بتلك الطريقة مع برادويل؟ ثم طريقتك معي, رغم وجود صديقك المخلص , لم يكن أستسلامك بعيدا منذ لحظات , ولا تستطيعين أنكار ذلك الآن".
بدا وكأنها نجحت في خلق ثغرة بينهما , حررها من قبضته نهائيا , وغادرها فأحست بالبرودة والوحدة يغزوان المكان.
ذهبت ألونا بعد ثلاثة أيام مع لجنة الأحسان لتوزيع نشرات الدعاية للأحتفال.
أسرعت السيدة براينت , في مقدمتهم , بخطوات أدهشت البقية لأنها بدينة.... وكانت ترتدي فستانا يليق بأحتفال ملكي , تبعها الكولونيل دينتون لاهث الأنفاس وأستدار ليشتكي من سرعتها ألا أنه أنتبه الى أختفائها عن ناظريه قبل أنتهائه من جملته.
عادت ألونا مع راي بشاحنته الى الكوخ , ثم دعته لتناول القهوة معها.... فجلست في كرسيها الهزاز بينما أحتل هو المقعد المجاور للطاولة في غرفة الجلوس.
" ما هي أخبار مكتب الطباعة؟".
" راي , لن تصدق ما جرى .... الأعمال متراكمة".
" عظيم , ما الذي سبب ذلك".
" هل تذكر ليلة أصطحابك الى بيت دريك ؟ كان المدعوون رجال أعمال من معارفه وأخبرني بأنه سياساعدني للحصول على بعض العمل , وأبدى الجميع أهتمامهم ووعدوني بأرسال الأعمال.... ووفوا جميعا بوعودهم , أستطيع الآن دفع قرضك ,والأيجار حالما يأتي جامع الأيجار".
" بدأت أذن صعود سلم النجاح , ويعود الفضل كله الى رب عملك السابق".
" نعم.... الرجل الذي طردني".
" ثم منعك برسائل التوصية من الحصول على عمل آخر ".
" الى حد ما , أذا كان من كتب الرسائل.....".
ودهشت لدفاعها عن دريك , ما فائدة ذلك ما دام لن يقدره ؟".
" رغم ذلك لم يحاول السيد دريك مساعدتك للحصول على عمل آخر".
هزت رأسها كارهة الأعتراف بأن من تحبه منعها من العثور على عمل .
" والآن.... ها هو يقوم بكل ذلك لمساعدتك , ما سبب التغيير ؟".
أحمر وجه ألونا بسرعة:
" هل هو الحب؟".
أطرقت برأسها قائلة:
" من جانبي فقط يا راي , أما بالنسبة اليه فأظن أنه أحس بتأنيب الضمير لسلوكه السيء معي ,خاصة بعد معرفته بأحتمال طردي من الكوخ لتأخري عن دفع الأيجار".
" شكرا لمصارحتي بالحقيقة يا ألونا".
رفعت رأسها بسرعة وأبتسمت شاكرة أياه تفهمه لموقفها , ثم نهض واقفا , منتظرا بصبر أنتهائها من كتابة الصك له بقيمة القرض.
" لا حاجة للعجلة كما تعلمين ولكنك كما قالت السيدة براينت , فتاة لطيفة ذات مبادىء عالية.
صححت ألونا جملته:
" ذات أخلاق عالية".
وضحكا سوية ثم حياها وأبتعد بشاحنته.
كانت ألونا مشغولة بالطباعة حين سمعت طرقا على بابها , ظنت أنها السيدة ميسي جاءت لأخبارها أنها مطلوبة هاتفيا فأسرعت لفتح الباب .
وقف رون برادويل أمامها ضاحكا فصفقت الباب في وجهه , غير أنه وضع قدمه بينهما فمنعها من أغلاق الباب.
" ليس بهذه السرعة .( وخطا نحو الداخل فلم تستطع منعه) لا تخافي , أنها زيارة ودية فلست هرا جاء لأبتلاعك".
نظر الى الآلة الطابعة والرسائل الموضوعة على الطاولة وكومة الأوراق الموضوعة جانبا.
" تحولت الى أمرأة أعمال ناجحة ,كل هذا والمكان غير مزود بالكهرباء .... الشرط الأساسي لنجاح عمل أي مكتب".
"كل ما أحتاجه هو الآلة الطابعة يا سيد برادويل".
" وما هي خدماتك المتوفرة لمديري السيد دريك واريك؟".
" أن تلميحاتك لا معنى لها يا سيد برادويل".
نظر حوله بسخرية :
" يا لها من كلمات مهذبة , لا وجود لشاهد فلا تستطيعين دحض ما أقوله , ما الذي يفعله لك السيد واريك ؟ هل يواصل تزويدك بالمال؟ ".
" لم لا تغادر كوخي؟ أعرف أنه كان مفتوحا لك.... لكن لوسيا لم تعد تقطنه ولا أحد هنا يرحب بك كضيف , , فأرجو منك الذهاب وألا ...".
" نعم؟".
وسار نحوها ببطء ونظراته القبيحة مركزة عليها.
" ما الذي ستفعلينه ؟ تطلبين النجدة؟ من سيسمعك؟".
جفف الخوف فمها وجمد أصابعها , ثبت يده حول عنقها:
" من سيسمعك أذا صرخت؟ أذا فعلت هذا ؟ وهذا؟".
وزاد من شد يديه حول عنقها فأدركت ألونا خطورة موقفها وذعرها من شؤاسته , وحن بدأ يعانقها جمدت في مكانها كالحجر الأصم , وصرخت:
" أبتعد عني ! عد الى زوجتك ... رغم أحساسي بالشفقة عليها ".
" أذا تلفظت بشيء آخر سترين....".
سمعت ألونا صوت وقوف سيارة أمام المنزل .... أنها شاحنة راي , خلصت نفسها وركضت نحو الباب , فتحته أذ لاحظت نزول راي من السيارة ورمت نفسها بين ذراعيه , بقيت في مكانها مرتجفة , هامسة:
" أنه رون برادويل , أنه يهددني...........".
" حسنا يا حبي.... أهدئي ( وضع يديه حولها) سيغادر المكان الآن , أبقي في مكانك حتى يذهب".
حين سمعت صوت سيارة برادويل تبتعد , تركت راي رغم أرتجافها المتواصل.
" تحتاجين فنجان قهوة ليعيد اليك هدوءك ".
ثم دخلا الكوخ سوية , وسألها راي بعد أن جلسا في المطبخ يرتشفان القهوة .
" ما الذي أراده رون برادويل؟".
" لا أدري , راي , أن ذلك الرجل يخيفني , جاء ذات مرة لحضور أحدى حفلات لوسيا وعاملني بشكل سيء , لا أدري ما كان سيحدث لولا وصولك في الوقت الملائم .
قلق راي لسلوك برادويل الا أنه حاول تشجيعها :
" لا أظن أن برادويل سيلحق بك الضرر , خاصة وهو يعمل لدريك وأذا ما حدث لك شيء من قبل برادويل.....".
قالت ألونا بسرعة:
" أنا لا أعني شيئا لدريك , ساعدني مرة لأحساسه بالذنب لا غير ".
نظر راي حوله كما فعل رون برادويل من قبل :
" لكن دريك ساعدك , أليس كذلك؟ ونتيجة لجهوده أصبحت ميسورة الحال , تستطيعين دفع الأيجار ولن يهددك صاحب الكوخ بالأخلاء".
أسترخت ألونا في كرسيها الهزاز فأحست بتلاشي صورة برادويل ونظراته المخيفة , وصوله غير المتوقع وتهديداته لها.
" نعم , أنها الحقيقة , كان دريك طيبا في معاملته لي , أشعر بأنني مدينة له بالشكر لكل ما فعله لي".
" أوافقك الرأي".
" كما أشعر بأن علي أن أفعل ذلك بسرعة قبل أن يخبره برادويل بأكاذيب أخرى عني ويصب السموم في أذنيه".
" أذهبي للقاء واريك أذن".
" أراه؟ لا أظن أنني.....".
ولم تستطع أخبار راي بما حدث بينها وبين دريك , وكيف تخاصما في كل مرة ألتقيا فيها , تنهدت:
" يجب أن أحاول رؤيته بطريقة ما , لا فائدة من الأتصال بمكتبه , فأما أنه غير موجود أو أنه في أجتماع مهم".
" أنك على معرفة وثيقة به الآن , لم لا تتصلين به في البيت ؟ ثم أن كل ما ترغبين فيه هو شكره على ما فعله لك".
كان الوقت مساء تقريبا حين غادرها راي الا أن االشمس كانت لا تزال مشرقة والجو حارا , لم تلاحظ ألونا الجو الصاحي , بل أحست بحرارة الشمس رغم أرتدائها فستانا صيفيا.
ذهبت الى كوخ السيدة ميسي للأتصال بدريك تلفونيا , وتمنت لو لم يكن موجودا , بدا أن السيدة ميسي غير موجودة فبحثت ألونا عن مفتاحها , دريك كان موجودا وحين أخبرته عن سبب أتصالها تساءل:
" هل أنت متأكدة؟".
ترددت في الأجابة فواصل:
" أذا كنت تودين التباحث بصدد العمل فأريد أخبارك بأنني لا أرتدي الملابس الملائمة , بل في الحقيقة لا أرتدي الآن غير القليل ".
" هل أنت متأكدة ؟".
تردد ت في الأجابة فواصل :
" أذا كنت تريدين التباحث بصدد العمل فأريد أخبارك بأنني لا أرتدي الملابس الملائمة , بل في الحقيقة لا أرتدي الآن غير القليل ".
" هل كنت في الحمام؟ آسفة , سأنتظر حتى.....".
ضحك بصوت عال:
" كلا , أنني أرتدي بدلة السباحة ..... أذ أننا نأخذ حماما شمسيا".
" أنتما؟".
" نعم , ديانا موجودة معي".
كيف لم تحدس وجود فتاة معه ؟ دعاها دريك لمشاركتهما فقالت :
" كلا لن أزعجكما في وقت راحتكما".
" لن تزعجي أحدا , أتوقع رؤيتك خلال نصف ساعة , هناك باص تستطيعين اللحاق به خلال عشر دقائق , أن معرفتي لمواعيد الباصات المحلية يثبت لك بأنني رجل أعمال ناجح , أليس كذلك؟".
غيرت ملابسها فأرتدت قميصا يعقد عند الخصر وبنطالا أزرق اللون , ثم غادرت المنزل للحاق الباص , لم تستغرق الرحلة وقتا طويلا وسرعان ما وجدت نفسها متوجهة الى شقة دريك.
فتح دريك الباب مرتديا قميصا أبيض فوق ثوب السباحة .
" هل جلبت معك بدلة السباحة ؟".
هزت ألونا رأسها نفيا.
" يا له من أمر مؤسف".
أمسك بيدها وقادها نحو غرفة الجلوس:
" لماذا أردت رؤيتي؟".
" لأشكرك على مساعدتك , أذ نجح عمل المكتب وأصبحت قادرة على دفع الأأيجار و....".
غير أنه قاطعها قائلا:
" حسن جدا , أنا مسرور لأستطاعتي مساعدتك".
وواصلا حديثهما في طريقهما الى الشرفة , كان أسلوبه في مقاطعتها وتغيير الموضوع هادئا , ودفعها منظره الى الأضطراب وتمنت لو تستطيع الأرتماء بين يديه , غير أنها نبهت نفسها الى أن مظهره البارد يخفي رجل الأعمال العتيد.
أستدارت ديانا في مقعدها قائلة:
" ألونا!".
بدا عليها السرور لمرآها , فخاطبت ألونا نفسها : ل كنت مكانها فلن أرحب بوصول أمرأة أخرى في تلك اللحظة , كانت ديانا ترتدي بدلة سباحة بيضاء مكونة من قطعتين , وبدت جميلة بشعرها الذهبي الملفوف خلف رأسها , كل شيء فيها كان جذابا , وأيقنت ألونا من فشلها في منافسة ديانا.
قادها دريك نحو كرسي قريب ثم عاد الى مكانه , خلع قميصه وأغمض عينيه مسترخيا في كرسيه , متمتعا بأشعة الشمس.
سألت ألونا:
" هل سبحت يا ديانا؟".
" كلا , لم أرغب بذلك , فأكتفيت بالحمام الشمسي , دريك سبح قليلا".
أحست ألونا بالمودة السائدة بينهما , كما لو كانا يعرفان بعضهما الآخر منذ سنوات.
تساءل دريك مرتديا نظاراته الشمسية السوداء:
" ماذا عنك يا ألونا؟".
" قلت لك لم أجلب معي...".
" لا تقلقي بصدد ذلك , أنني رجل ناضج يا عزيزتي".
كيف أستطاع قول ذلك بحضور صديقته؟
ضحكت ديانا قائلة:
"دريك , توقف عن أحراجها".
" حقا!".
وأستدار نحوها فتمنت ألونا لو تستطيع رؤية عينيه:
" آه , أنظري الى أحمرار وجهها".
صاحت ديانا:
" أنتبه يا دريك , سينطلق صاروخ موجه نحوك , أنتبه ستغضب....".
أزدادت أبتسامة دريك أتساعا , فقالت ديانا مخاطبة ألونا:
" خذي بدلة سباحتي".
" لا تقلقي , سأذهب لتغيير ملابسي الآن , دريك ستتضايق أذا قلت أنني لن أستطيع تناول العشاء معك؟ أعرف أنك حجزت مائدة لنا ولكن.........".
بدا الأهتمام واضحا على وجهه:
" هل تحسين بالتعب؟".
هزت ديانا رأسها أيجابا .
" آسف لذلك ولكن لا تهتمي , ستكون ألونا بديلا عنك".
شهقت ألونا متعجبة:
" أتناول العشاء معك؟".
" رجا ألونا .... حينئذ لن أشعر بالذنب لخذلي دريك( نهضت واقفة) سأغير ملابسي , أن مقاييسنا متماثلة , أنا متأكدة أن البدلة ستلائمك".
جلسا صامتين بعد مغادرة ديانا , أحست ألونا بالخجل لوجودها مع دريك , بماذا ستجيبه أذا تحدث اليها؟
كان الصمت مزعجا فتمنت لو حطم دريك الحاجز بينهما , ألا أنه حافظ على قناعه الصامت ولم ينطق بحرف واحد .... فأحست ألونا بالراحة عند عودة ديانا , وناولتها هذه بدلة السباحة.
" لا لزوم لمصاحبتك أياي حتى الباب ".
ثم أحتجت بعنف عندما عرض عليها توصيلها بسيارته.
تدخلت ألونا قائلة:
"لا تقلقي من أجلي رجاء , لن أبقى طويلا , كل ما جئت من أجله هو شكرك....".
أمرها دريك:
" أبقي في مكانك , سأعود خلال خمس دقائق , هناك مكان لتغيير الملابس( أشار نحو الغرفة) خلال تلك الغرفة ثم أستديري يمينا , أسبحي الى أن أعود , أعتبري المكان بيتك , تخيلي أن كل شيء ملكك وأنك تخلصت الى الأبد من كوخك البدائي الصغير".
" لا أريد مغادرة كوخي الى الأبد .... شكرا".
أجابته بثقة وتحد ألا أنه أكتفى بالأبتسام ثم أحاط خصر ديانا بذراعه .
أبتسمت ديانا :
" الى اللقاء يا ألونا , أرجو أن نلتقي قريبا , أتمنى لك الحظ السعيد في عملك.... أخبرني دريك عن نجاحك".
راقبت ألونا أنصرافهما سوية , وذهبت الى الصالة باحثة عن غرفة تغيير الملابس , لاحظت وقوف دريك الى جانب ديانا قرب الباب تم توديعه أياها.
" سأراك غدا صباحا".
" شكرا لطلبك سيارة الأجرة من أجلي".
" يجب أن أهتم بسكرتيرتي".
خلعت ألونا ملابسها وأرتدت بدلة السباحة , ولكن أشعة الشمس سرعان ما غابت , هل كانت حقا تأمل أن يفكر بها دريك؟ عليها أن تيأس تماما من الفكرة.
لم تكن هناك مرآة , ولكن بدلة السباحة ناسبتها رغم أنها كانت أكثر أمتلاء من ديانا ولم تماثلها كما توقعت.
كان دريك جالسا في كرسيه حين عادت, حافية , الى خارج الصالة , لا بد أنه سمعها , غير أنه لم يستدر وحتى حين أصبحت في مجال رؤيته لم يظهر عليه أي رد فعل.
وقفت عدة لحظات قرب حوض السباحة , ترددت أذ فكرت بأنها لن تتمتع بالسباحة لوحدها , أجبرت نفسها على سؤاله:
" هل ستسبح معي يا دريك؟".
" أنتهيت لتوي من السباحة ".
بقيت مترددة فسألها:
" ألا تستطيعين السباحة؟".
" نعم , قليلا".
خطت نحو الحوض بتحد , ثم بدأت السباحة واعية بأنه يراقبها من تحت نظارتاته السوداء.
وحين لم تستطع تحمل نظراته أكثر تسلقت االسلم القصير ونظرت حولها باحثة عن منشفة , أشار دريك الى واحدة موضوعة على الكرسي , لفّتها حولها فأحست بالراحة لأحتمائها من نظراته.
منذ لحظة خروجها مرتدية بدلة سباحة ديانا , لم تفارقها نظراته , مع ذلك لم يعلق على ذلك , لم كان يعاملها بتلك البرودة؟ هل أتصل به رون برادويل , رغم قصر الفترة الزمنية الفاصلة بين مغادرته كوخها ومجيئها الى بيت دريك؟
أرتجفت للفكرة فقال دريك:
" لن يبقى النهار حتى الأبد , أنخفضت درجة الحرارة فأذهبي لأرتداء ملابسك".
" ماذا عن بدلة السباحة؟ ديانا...".
" سأعيدها اليها غدا".
نشفت ألونا نفسها في غرفة تغيير الملابس وتذكرت أنها لن تغلق باب الغرفة , أذ لم يكن هناك أحد بأستثناء دريك في الشقة , لم تقلق لأنه لن يتبعها هناك.
لكنها كانت مخطئة , أذ أنفتح الباب فقالت قلقة:
" لم أنته بعد.... أحتاج عدة دقائق........".
" ولم تزعجي نفسك ؟ أنني أريدك يا أمرأة وأنت تعرفين ذلك , تعرفين أنني راقبتك أثناء سباحتك , أخبريني أنني محق يا جميلة".
" كلا , كلا يا دريك".
ودفعته عنها فجأة فأبتعد , أنحنى , تناول المنشفة وناولها أياها بحركات هادئة , تغير وجهه وبدا وكأنه أرتدى قناعا , كما تغيرت نظراته وأصبحت باردة كالجليد.
لفت المنشفة حول نفسها ونظرت اليه مذهولة:
" دريك , ماذا حدث؟".
" هل تريدين مني األأستمرار؟".
أرتعشت لبرودة سؤاله:
" لن أفعل شيئا ما لم تطلبيه ,كان برادوي محقا , أنك ضعيفة الى حد الأستسلام لأي رجل حالما يرفع أصبعه طلبا لذلك".
" هل جئت متأخرة أذن؟ عرفت أنه سيأتي راكضا لأخبارك أكاذيبه , لكنني لم أقدر سرعته الخارقة".
" ولهذا السبب جئت هذا المساء؟ لا لتشكريني بل لتبلغيني أكاذيبك أولا؟".
" لم يجب أن أكون المخطئة دائما ؟ لم تدعو ما أقوله كذبا بينما تصدق برادويل؟ هل أخبرك أنه أهانني في بيتي اليوم؟ هل أخبرك أنه كان على وشك خنقي لولا مجيء راي هيل بشكل غير متوقع؟".
" الآن , سمعت القصة من قبلكما و من بين الأثنين , أفضّل تصديق برادويل ,أذ أن قصته خالية من الكذب والأختلاق والأستعراض المسرحي".
" حسنا , وماذا أذا أخبرتك أنني أصبحت أخاف الرجل , وأخشى أن يهاجمني ذات ليلة و...".
لم تستطع أنهاء الجملة , أذ أرعبتها صورة ما سيحدث أذا نجح في دخول الكوخ ليلا.... ثم أستمرت:
" أنه شرس( وسحبت المنشفة نحو صدرها في محاولة لأيقاف أرتعاشها) وعاملني بشكل سيء ذات مرة و وبحضور عدد كبير من الناس , أنه متزوج من أمرأة طيبة ولديه طفلان وسيمان , وصورتهم موضوعة على مكتبه , ويوحي للجميع بأنه رب عائلة ممتاز , وحتى أنت وقعت ضحية مظهره الخادع , أذ تراه كما يرى الرجل صديقه , ولأنني أمرأة فقد رأيت وجربت الجانب الآخر , السيء فيه".
بقي دريك في مكانه يستند الى الباب , كان من المستحيل الحكم أستنادا الى مظهره عما أذا صدق حكايتها أم لا.
وكمحاولة أخيرة لأقناعه وتوضيح موقفها قالت:
"أفترض أنه أخبرك بأنني ركضت لألقاء نفسي بين ذراعي صديقي؟".
" ألم تفعلي ذلك؟".
" نعم.... ( وأزداد أرتجافها غير أنها حافظت على مظهرها الهادىء أمامه) , ركضت طلبا للحماية , أذا ما حاول أحدهم خنقك ألن تركض للأحتماء بأول شخص تلتقي به؟ خاصة أذا كانت المرأة أضعف من رون برادويل".
لم تساعدها أبتسامته الساخرة كثيرا.
" أنك تتهمني , بينما أنت الآخر متهم , فمنذ لحظات كنت تغازلني رغم عدم مضي وقت طويل على مغادرة ديانا الشقة".
" قلت من قبل أن علاقتي بديانا خاصة بي لوحدي".
أستدار ليغادر الغرفة ,ثم عاد ليقول لها:
" لن تكوني بحاجة للمعاناة ومصاحبتي للعشاء , أذ ألغيت حجزي للمائدة , لكنني سأوصلك الى البيت".
" كلا , شكرا لك , سأعود بطريقة قدومي ذاتها , ولا تزعج نفسك بطلب سيارة أجرة كما فعلت لديانا , أذ أن الباص كاف لفتاة مثلي".
وتحدته بنظرتها , للحظات راقبها وهي ترتعش , هل ندم على ما فعله؟ هل سيحيطها بذراعيه ليوقف أرتعاشها. لم يحدث ذلك بل أكتفى بهز كتفيه أستهانة وقال:
" أفعلي ما يحلو لك".
وتذكرت كلمات برادويل لها في حفلة دريك :
" أنه يثير المرأة ويخترقها كالنار لتسري بسرعة في بيت خشبي , أنه يشعل نيرانها , يحصل على ما يريده ثم يراقبها تحترق كالرماد , ويبتعد بدون تأنيب ضمير".
فكرت ألونا بأن تلك الكلمات كانت أصدق ما نطق به برادويل.
خرجت من غرفة تغيير الملابس بهدوء , آملة مغادرة الشقة دون أن يلاحظها دريك , غير أنه كان في أنتظارها , فتح لها الباب , وأنحنى أمامها بسخرية ثم راقبها وهي تبتعد".

زهرة سوداء 20-05-13 03:17 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الثامن

انذار

حين أستلمت ألونا رسالة من صاحب البيت يطلب منها أخلاءه , كاد أن يغمى عليها عليها فترنحت لتسقط على أقرب كرسي.
وواصلت قراءة الرسالة :
" أضافة الى أنك لست المستأجرة الموقعة على العقد مع السيد مورلي , سمعنا من مصدر مسؤول أستخدامك المنزل كمكتب تجاري مما يخل بشروط العقد الموقع بين السيدة ود والسيد مورلي لذلك نمنحك فرصة شهر واحد كأنذار لأخلاء المسكن , كما ننصحك بأيقاف أستخدامك المسكن كمكتب لممارسة عمل ما هو مدعو بأسم.... مكتب ( بيل للطباعة)".
أمسكت الرسالة بيدين مرتجفتين وركضت نحو كوخ السيدة ميسي , فألتقت بها عند المدخل وأخبرتها السيدة ميسي بأنها ذاهبة للتسوق , ولكنها أنتبهت لشحوب ألونا فقالت:
"تعالي يا عزيزتي , ماذا حدث؟ أجلسي , دعيني أجلب لك....".
هزت ألونا رأسها , ثم أخبرت السيدة ميسي عن رسالة المحامي فأبدت السيدة رغبتها في مساعدتها بأي طريقة ممكنة.
" لدي سبع دقائق للحاق بالباص , أستخدمي الهاتف كيفما تشائين, ولا تنحرجي يا عزيزتي , خاصة أنك تساعديني في دفع قائمة الحساب".
ألتقطت كيس التسوق وقالت أن كل شيء سيتحسن ثم هرولت ملوحة بيدها.
كان راي ثاني شخص فكرت فيه , أما الأول فكانت مقتنعة بأنه لن يساعدها , أتصلت براي وأخبرته القصة كلها , أجابها بأنه مستعد لأقراضها أي مبلغ أذا كان المال هو المشكلة الوحيدة , أما بصدد السكن فأنه لا يستطيع مساعدتها بشيء , أخبرها:
" لدينا غرفة أضافية لكن شقيقتي وزوجها وطفليهما الأثنين على وشك الأنتقال من مسكنهم الى بيت آخر , وحصل جاك على عمل جديد يقع على مبعدة أميال من هنا , باعوا بيتهم غير أنهم لم يشتروا بيتا آخر بعد , لذلك سيبقون معنا لحين عثورهم على منزل آخر".
قالت ألونا أنها تفهم جيدا أنها لم تفكر أطلاقا بطلب ذلك منه .
قالت:
" لا زلت تحت تأثير الصدمة يا راي ,كل ما فكرت فيه هو اللجوء اليك , لم أفكر بالمشكلة بعد , راي , سأكون بلا عمل مرة أخرى , بلا دخل , حتى البيت...".
" لو لا تحاولين الأتصال بدريك واريك مرة ثانية؟".
" فكرت به ولكن.......".
" ساعدك لأنجاح المكتب , بما لديه فكرة بصدد هذه المشكلة".
" آه راي , لا أستطيع طلب مساعدة دريك كل مرة أتورط فيها بمشكلة ".
" هل هناك حل آخر؟".
لم ترغب بأزعاج راي أكثر خاصة أنه بدا مشغولا , فوافقته الرأي ثم شكرته على عرضه.
" آمل أن تأخذي العرض جديا".
أكدت له أنها ستفعل ذلك".
جلست عدة دقائق في كوخ السيدة ميسي , تفكر , حاولت حل المشكلة الجديدة غير أنها كانت مرتبكة فلم تستطع التفكير بوضوح.
ربما تستطيع لوسيا مساعدتها لأنها المستأجرة الشرعية , لو أستطاعت لوسيا أقناع المالك بتأخير البيت لألونا .... ثم تذكرت رغبة صاحب البيت في بيعه.
نظرت الى ساعتها اليدوية , لا بد أن لوسيا في البيت الآن , أتصلت بها هاتفيا وأجابت لوسيا النداء كما لو كانت قد صحت اتوها من نوم عميق.
" ماذا تريدين؟".
" مساعدتك( وأخبرتها عن رسالة المحامي) , أنك المستأجرة الحقيقية , ساعدني جامع الأيجار على حفظ السر ما دمت أدفع الأيجار شهريا , ولكن يبدو أن أحدهم أخبره , أنا متأكدة أنه ليس جامع الأيجار , كل شيء , حتى عن مكتب الطباعة".
" لم أكن أنا المخبرة بالتأكيد , لست مغلفة الى ذلك الحد أذ أعرف أنك ستأتين باكية الي وهو شيء لا أحبه أطلاقا".
" لم أتهمك بأخبار صاحب المنزل".
" ما الذي تريدينه مني أذن؟".
" ظننت أنك تعرفين شيئا خاصا أنك لا تزالين المستأجرة الشرعية , وأخبرني جامع الأيجار السيد ألسون أن العقد يشترط سكنك لوحدك , وبما أنك غادرت المكان لا يحق لي البقاء فيه".
" أنها الحقيقة وكنت أعرف ذلك حين قبلت بكسنك معي , ولم أسمح لك بذلك ألا لأنك كنت بدون سكن , يجب أن تكوني ممتنة لأنني لم أرمك في عرض الشارع يوم مغادرتي المكان.... خاصة أنني لست قريبة لك بل صديقة لأختك , على أي حال ,مكان أقامتي الآن هو مع كولن وسنتزوج حالما يحصل على الطلاق , وأنتهت مشكلتي مع الكوخ , ومهما كانت المشاكل التي ستلاقينها , حليها بنفسك , ماذا عن طلب مساعدة دريك؟".
" لا أستطيع ذلك".
" لماذا؟ سمعت أنه ساعدك بصدد المكتب , جربيه ثانية , سيسدي اليك بنصيحة تساعدك على الخروج من المأزق الذي أورطك فيه".
" لا تلوميه على ذلك , أذ أنه , مثلي , لم يعلم بتلك الفقرة المذكورة في العقد بصدد العمل , على أي حال , لا أستطيع طلب مساعدته لأننا نتخاصم كل مرة نلتقي فيها".
سمعت ألونا لوسيا تتنهد:
" لا تزالين طفلة لم تتعلم معاملة الرجال , أليس كذلك؟ أنه أعزب ومغرم بك , وسمعت أنه لا يرفض أي أمرأة , فأذا ما أظهرت له أستعدادك لقبول شروطه .... أنا متأكدة بأنه سيفعل كل ما تريدينه ".
" لا أعرف كيف أتصرف بهذه الطريقة وأنت تعرفين ذلك".
" حقا , وماذا عن الأحتفال حيث ستعرضين نفسك للبيع؟".
" ذلك مختلف , ولن أتورط بشيء مع أي شخص يفوز".
ضحكت لوسيا بصوت عال:
" مع السلامة يا ألونا , تمتعي بأجترار مشاكلك , ربما سيساعدك ذلك على النضوج".

جلست ألونا مكتئبة ونظرت الى ظلها المنعكس على سطح المنضدة الصقيل , كل يوم تعيشه هو تحد لها , نظرت حولها ثانية , فرأت سلة صغيرة مملوءة بالفواكه وعلى الأرض مقعد أستخدمته السيدة ميسي لأراحة قدميها.
حينئذ رأت رسالة المحامي وتذكرت ما سيكون عليه حالها بعد فترة قصيرة.
رن جرس التلفون فذعرت للمفاجأة , هل تجيبه؟ قد يكون النداء للسيدة ميسي , أو ربما يكون زبونا يعرض عليها عليها بعض العمل.
قالت:
" ألونا بيل هنا".
وأرتعشت لسماع صوت الرجل .
" ظننت أننا لم نعد نتحدث".
" من أخبرك بذلك؟".
" هل نتعارك كل مرة نلتقي فيها؟ لذلك قررت عدم طلب مساعدتي".
" هل أخبرتك لوسيا بكل شيء؟".
" نعم , وأنك ستحرمين من كوخك قريبا أضافة الى دخلك".
" أنها الحقيقة , لكنني سأجد حلا بطريقة ما".
" هل أتصلت بأختك؟".
" لورا؟ أنها على وشك الوضع , وأخبرها الطبيب أنها ستنجب توأما ".
" ماذا عن صديقك الشاب ؟ هل أخبرته بتهديد صاحب المنزل؟".
" هل تعني راي هيل؟ بالطبع , كان أول شخص فكرت به".
" هل عرض عليك الأقامة معه ؟ أضافة الى منحك غرفة تمارسين فيها عملك؟".
" لو عرض ذلك ما أتصلت بلوسيا طلبا للمساعدة".
" هل خذلك أذن؟ يا له من صديق!".
" أسمع يا سيد واريك , أنه يعيش مع والديه ولا يستطيع مساعدتي حتى لو أراد ذلك".
" لا بد أنهم كانوا سيرحبون بمساعدة زوجة أبنهم في المستقبل".
" ما الذي تتكلم عنه! لست مخطوبة له ولا لأي شخص آخر , كما لم نتحدث عن الزواج مطلقا".
" يا لها من علاقة غريبة".
" تستطيع الأحتفاظ بأهاناتك لنفسك , لم أتصل بك ولم أكلب مساعدتك بل أتصلت أنت بي , وأتذكر حين كنت في حاجة ماسة للنقود لدفع الأيجار وأتصلت بك طالبة المساعدة لم تكتف بالرفض بل طلبت منحك مفتاح الكوخ لتستطيع القدوم متى أردت".
" دعوتك منذ فترة قصيرة الى بيتي وقدمتك ال عدد من المدعوين مما ساعدك على الحصول على كمية كبيرة من العمل , وجعلك قادرة على دفع الأيجار , هل طلبت منك مفتاح كوخك؟".
أجبرها على التراجع.
" كلا , ولكن لا أريد أن أكون مدينة لك أكثر مما أنا عليه الآن ,. لذلك شكرا لأهتمامك في الماضي والحاضر , لن أؤخرك أكثر عن عملك ".
وأعادت السماعة الى مكانها , فرحة لأنه لم يكن حاضرا ليشهد أرتعاش يديها.
بقيت بعض الوقت في كوخ السيدة ميسي .... ربما سيعاود الأتصال بها ؟ ثم عادت الى بيتها , أحست بالكآبة حالما أغلقت الباب وراءها ....قريبا لن يعود المكان لها , وسيتوجب عليها أغلاق المكتب أيضا.
قريبا , عليها البحث عن مكان آخر ,ولكن حتى لو عثرت على المكان كيف ستدبر مشكلة الأيجار؟ بالطبع ستستلم أعانة مالية لأنها عاطلة عن العمل , لكنها لم تكن ترغب بذلك بل تريد العمل أكثر من أي شيء آخر , هل سيصر دريك على حرمانها من شهادة التوصية؟
كانت محاصرة في فخ لا تستطيع التحرر منه , فخ القانون وظلم رب عملها السابق .
عندما ألتقت لجنة الأحسان ثانية , دار النقاش حول المواضيع المعتادة , أضافة الى حماستهم لقرب موعد الأحتفال , تلقت المساعدة من قبل كل شخص في القرية , وحتى الطعام ولشراب حصلوا عليه بشكل مجاني تقريبا.
قلقت ألونا بشأن ما سترتديه من ملابس يوم الأحتفال , سألت السيدة براينت:
" هل تعتبرين فستان السهرة مناسبا يا آنسة بيل؟".
وافقت ألونا فورا , أذ خشيت أقتراح الكولونيل دينتون المتحمس للأحتفال أرتداءها بدلة سباحة.
قالت السيدة براينت:
" أعرف شخصيا صاحبة مخزن الأزياء عند الطرف الآخر من القرية , أنا متأكدة أنها ستسر لأقتراضها فستانا متواضعا ولكن أنيقا في نفس الوقت ليجذب أهتمام الرجال , أنا واثقة أنها ستعتبر أرتداء الفستان دعاية ممتازة لمحلها.
ترددت ألونا متسائلة عما عنته بفستان يجذب أنتباه الرجال , غير أن راي همس في أذنها:
" ما هو أعتراضك على ذلك؟ عليك أبداء بعض المساعدة".
" أوافق على شرط ألا يكون مثيرا جدا".
سألها القس:
" هل ترغبين بتصفيف شعرك؟ أن زوجتي صديقة لصاحبة الصالون في القرية وأنا الآخر متأكد بأنها ستسر لمساعدتنا".
علق الكولونيل دينتون :
" لم يبق أمامنا غير فترة قصيرة".
رفضت ألونا الأنشغال أكثر بتهديدات صاحب الكوخ ومحاميه وواصلت عملها الذي كانت تستلمه بأنتظام أفرحها , رغم ذلك لم تستطع منع نفسها , أحيانا , من تصور منظرها متنقلة من بيت لآخر محاولة العثور على مكان.
iجلست ذات مساء تحدق في الآلة الطابعة على الطاولة أمامها , حين مر رجل أمام النافذة ,لم يتطرق اليها الشك في هويته , تسارعت دقات قلبها لسماعها دقاته على الباب , أومأ لها بالتحية ودخل المنزل , لاحظ الرسالة نصف المطبوعة على الآلة الكاتبة ثم نظر الى ساعته.
" تعملين؟ في هذا الوقت المتأخر؟".
" ليس الوقت متأخرا , ثم أنني أعمل وفق الساعات التي أختارها".
" جواب أعادني الى المكان الصحيح".
" آخر مرة تقابلنا فيها.... تشاجرنا , لم جئت الآن؟".
" هل يعني الخصام نهاية كل شيء؟".
أبتسم ووضع يديه في جيبي بنطاله فلاحظت أناقة بدلته ووسامته .
" ربما جئت لأنني أحب الشجار معك , غالبا ما يحدث ذلك , أليس كذلك؟ حدث في المرة السابقة , والمرة قبل السابقة , أضافة الى مشاهد الحب والحنان بالطبع".
قالت متحدية أياه ومتألمة لطريقته الساخرة في ذكر عناقهما:
" هل ستحاول التخلص من سخريتك؟ أريد مواصلة العمل".
" لن أؤخرك وقتا أطول".
" هل أنت في مزاج حسن؟".
" لا شك في أن أستفزازك الدائم لا يترك لي مزاجا حسنا".
ضحك بصوت عال ثم سلط عليها نظرته المتفحصة , وبدا وكأنه يعرف قوة نظراته القادرة على تذويب مقاومتها و وأدركت أنه كان يتلاعب بمشاعرها وحبها له. ألم يخبره رون برادويل , منذ وقت طويل , بحبها له؟ ألم تفحضحها أحاسيسها في كل مرة ألتقيل فيها؟
" لا يتطرق الي الشك في مشاعرك نحوي و أخبريني يا عزيزتي ما الذي فعلته لأستحق كراهيتك؟".
أحمر وجهها لأسلوبه الجديد فضحك بصوت عال مراقبا رد فعلها .
" ماذا فعلت ؟ طردتني من عملي بلا سبب , وتسمي كل ما أقوله كذبا , ثم.....".
رفع يده طالبا منها الصمت :
" أنك في مزاج حسن , أتتذكرين؟".
وسار نحوها , ثم وضع يده حول خصرها ساحبا أياها نحوه:
" ألا تعتقدين أننا نعرف أحدنا الآخر معرفة جيدة؟".
" ذلك العلاج ناجح للمتزوجين والعشاق , وكلتا الحالتين لا تنطبق علينا".
أبتسم مقربا أياها منه أكثر:
"ذلك سها التغيير".
" كلا , كلا".
" أستطيع أقناعك بسهولة , أذ كنت لعدة مرات , على وشك التخلي عن العالم كله من أجل الحب".
لم تستطع تحمل عذاب قربه أذ بدأت النار تسري في خلاياها .... يجب أن تتخلص من تأثيره عليها , يجب أن تتركه قبل أن يفعل هو ذلك .
أنحنت بنعومة وسحبت نفسها من بين ذراعيه فأصبحت حرة , أنزعج لحركاتها , تبعها ثم غير رأيه :
" أتظنين أنك ذكية ؟".
صمتت ثم جلست قرب الطاولة ووضعت يديها على الآلة الطابعة أستعدادا للعودة الى العمل.
" هل أستطيع مساعدتك؟".
" نعم أذا كان لديك الوقت الكافي ".
قطبت جبينها بأنتظار أفصاحه عما يريد.
" أنني بدون سكرتيرة ".
" هل ديانا مريضة؟".
" نعم وهي في المستشفى , وأنا في طريقي لزيارتها".
فارقت ألونا حيويتها عند سماعها لكلماته ولم تعد تحس بالفرح لوجوده معها , متى يتوقف عن معاملتها بتلك الطريقة؟ متى يتركها لوحدها دون أن يثيرها؟ خاصة وهو سعيد بعلاقته مع أمرأة أخرى تتوقع وصوله في أي لحظة؟
" آسفة لسماع ذلك , وآسفة جدا لمرضها".
ولم ترغب بسؤاله عن سبب مرضها أذ كانت متأكدة بأنه لن يخبرها بشيء.
" هل أستطيع مساعدتك؟".
" نعم , لدي مجموعة من الرسائل يجب أن أنهيها الليلة , تركتني السكرتيرة المؤقتة حالما دقت الساعة الخامسة والنصف , وغادر الجميع المكتب لذلك قررت اللجوء الى الأنسانة الوحيدة القادرة على مساعدتي ".
أتضح لها سبب زيارته , بحثت عن دفترها وقلمها ثم قالت:
"حسنا , سيد واريك ".
أمسك بخصلة من شعرها وتلاعب بها رغم أعتراضها ثم أبتسم :
" كالأيام الماضية , أنا الرئيس وأنت الكاتبة".
ثم توجه الى الكرسي الهزاز وبدأ يملي عليها الرسائل بسرعة , وأستطاعت مجاراته رغم ذلك , توقف عدة مرات متأملا أياها .... توقفت هي الأخرى عن الكتابة منتظرة معاودته الأملاء.
عندما أنتهى من أملاء الرسائل طلبت منه أوراق الشركة الخاصة , أذ تحتوي عنوانه في بداية الصفحة:
" هل نسيت؟".
" كلا , أنني مدير قدير".
تناول مفاتيح سيارته من جيبه وطلب منها جلب حقيبته اليدوية
" هل تثق بي الى حد أرسالي لجلب حقيبتك الخاصة؟".
" عزيزتي , رجل مثلي يجب أن يتعلم أختيار من يثق بهم , نعم أنا أثق بك , فهمت؟".
أبتسمت قائلة:
" علي أن أكون شاكرة للنعم الصغيرة".
توجهت نحو سيارة دريك , فتحت الباب وبحثت عن الأوراق اللازمة في حقيبته , حين عادت الى الكوخ لاحظت خروج دريك من غرفة لوسيا القديمة , سألت مدهوشة:
" ماذا كنت تفعل هناك؟".
" لا شيء , ألقيت نظرة سريعة , أنت في حاجة لمساعدة رجل قادر على أداء المهام الصغيرة في البيت , هناك الكثير مما يستوجب التصليح".
" أدري ... يجب أن أطلب مساعدة راي".
" صديقك؟ حسنا , , أردت السؤال , هل هو من تستدعينه أذا ما كسر لوح زجاجي أو عطل شيء ما في الكوخ؟ أو تجمد الماء في الحنفية وبقيت بدون ماء , أو حين يتسرب المطر الى غرفة نومك , أو حين تعشعش الطيور في المجرى الموجود فوق السطح فتسبب أنسداده".
بادلها الأبتسام وسادت بينهما لحظة مودة نادرة , تنفست ألونا بصعوبة وبان رعبها في الأقتراب منه على ملامحها , قال:
"يا لهما من عينين سوداوين جميلتين , أنك في حاجة الى زوج , لم لا يقف الرجال معترضين طريقك لعرض الزواج؟".
" أنت رجل ويجب أن تعرف السبب , لا بد أنني أفتقد ما يدفىء قلب الرجل , أليس كذلك؟".
" صحيح".
تقدم نحوها فتراجعت بسرعة.
" أنني سعيدة بوحدتي".
هل فضح صوتها عدم قناعتها بما قالته؟
" هل تحبين حقا العيش تحت هذه الظروف ؟ بلا ماء , كهرباء , تدفئة مركزية ولا أي شيء آخر".
" لن أستبدل النار الحقيقية في البيت أثناء تساقط الثلج بالتدفئة المركزية , مهما كلف الأمر , غالبا ما أقضي وقتي أراقب أشتعال النار ولهيبها المتصاعد , تستطيع الأحتفاظ بتدفئتك المركزية".
" ووجه لك المحامي أنذارا بأخلاء المسكن؟".
" نعم.... أخبرني , الى متى أستطيع البقاء هنا؟ أعني ما هي الفترة المطلوبة لأرسالهم الأنذار النهائي؟".
تجول دريك في الكوخ ونظر من خلال النافذة الى الباحة الخلفية:
" سيكون كل شيء على ما يرام لمدة تزيد عن الشهر , أذ يتوجب على المالك الحصول على أمر من المحكمة المحلية لأجبارك على أخلاء الكوخ , وغالبا ما تؤخر المحكمة مثل هذه المعاملات , لأنهم لا يودون رؤية الناس بدون مسكن , لذلك أفضل شيء تستطيعين عمله هو البقاء هنا أطول مدة يسمح بها القانون".
" وماذا عن المكتب؟".
" أستمري بذلك أيضا, لحين أصدار أمر يمنعك رسميا , متذكرة وجوب كتابتك للزبائن , رسائل أعتذار مستعجلة تبلغيهم فيها بأغلاق المكتب".
" شكرا دريك , شكرا لنصيحتك , كنت قلقة جدا".
لم يقل شيئا فبدأت طباعة الرسائل , دخل الى المطبخ وبقي هناك فترة طويلة , عاد ونظر الى السلم :
" هل تسمحين لي بألقاء نظرة على الطابق العلوي؟ لأحصاء عدد الطيور في العش الذي ذكرته".
" أن ضجيجها يوقظني أسرع من أي ساعة أنذار".
حين عاد وجد الرسائل جاهزة في أنتظار توقيعه.
" أنه مكان نظيف ومرتب ,ألا تتمنين وجود سجادة تخطين عليها .... أو أرض خشبية مصقولة هنا؟".
تأملت قبل أن تجيب متذكرة رد فعلها لمرأى كوخ السيدة ميسي:
" ربما.... أحيانا , ولكن أذا ما جهز المكان بتلك الأشياء , فما الذي سيلي ذلك؟ ما يخيفني هو حصار القرن العشرين ببدعه وآلاته الحديثة ,وما يتبع ذلك من كسل وألغاء للشخصية الخاصة , ثم كما أخبرتك من قبل حين أدخل هذا الكوخ أنعزل عن العالم الخارجي".
" مع ذلك , ما الذي سيحدث لك؟ ما الذي ستفعلينه أذا ما أراد صاحب الكوخ تحويله الى مسكن عصري؟".
" أظن .... سأضع ممتلكاتي القليلة في حقيبة صغيرة , أحملها على ظهري وأتجوا في البلدان , سأعيش وفق الطريقة التي أختارها وفي البلد الذي أختار, سآكل , أنا وأعمل متى أردت , هذا ما يفعله الشباب هذه الأيام , أنهم ينظرون الى العالم بأعتباره قريتم , أنهم تعبون من تسلق سلم الوظائف ,كل ما يريدون هو العيش ببساطة وسعادة .... يذهبون ويأتون أي وقت يختارونه , أنهم لا يعملون في مؤسسات تحولهم الى آلات مطيعة لا طموح لها غير الوصول الى القمة , يريدون أن يفعلوا ما يرغبون فيه فعلا ... هل تفهم ما أعنيه؟".
تأملها فترة طويلة فتمنت لو تستطيع قراءة أفكاره:
" أنني أكبر منك بعشر سنوات ( قال أخيرا , منحنيا لتوقيع الرسائل ) عشر سنوات فقط , مع ذلك هناك ثغرة عميقة تفصل بين تفكيرينا ".
طوت ألونا الرسائل ووضعتها في أغلفتها ثم ناولتها له , قالت متألمة لما قاله:
" أنه فرق طبيعي.... أذ لا ترى الأشياء بطريقتي , أنك في مركز مختلف ".
" يا لها من طريقة لذكر الفوارق , غير أنني لم أتسلق السلم , بل بدأت بشركتي الخاصة , كان عملا شاقا ألا أنني لم أشتك أطلاقا".
صممت ألونا متفحصة الآلة الطابعة , ثم نهضت قائلة:
" ستفهم , ذات يوم , وجهة نظري ووجهة نظر كل الشباب , سيفهمها كل أنسان , يجب ذلك , لأن ما يفكر به الشباب هو المستقبل والمستقبل معنا الآن".
مد يده وجذبها نحوه :
" أنك , يا حبيبتي المجنونة , أمرأة غير عادية".
" لست غير عادية , كل ما في الأمر أنني أمثل عددا متزايدا من شباب جيلي , ذات يوم سيفهم الناس الأكبر سنا ما نريده وسيوافقوننا".
" هل أنا واحد من ( الأكبر سنا)؟".
قال متوجها نحو الباب .
" لم أقل ذلك".
" مع ذلك , نحن على جانبي حاجز عال يفصل بيننا ".
وأستدار نحوها غاضبا :
" أظن أنني سأذهب لزيارة ديانا ... أذ أفهم على الأقل , لغتها".
" فهمت , فهمت المغزى , أنتهى كل شيء الى الأبد".
جاء جامع الأيجار صبيحة اليوم التالي و فسلمته ألونا الأيجار وسألته:
" سيد ألسون , كم سيسمح لي بالبقاء هنا؟".
قلق لسؤالها وحك جبهته متأملا :
" من الصعب القول يا آنسة ( وتجنب النظر الى عينيها مباشرة)أذ قد تطول المسألة .... هناك شيء يجب أن أحذرك بصدده , أخبرني صاحب الكوخ أن أبلغك أياه , تعلمين أنه يريد بيع الكوخ بعد أخلائه , كي يحصل على سعر جيد , يريد القيام بأجراء بعض التصليحات".
" أي نوع من التصليحات؟".
" دعيني أنظر".
نظر حوله فوجد الحنفية في الحديقة:
" أول ما يريد عمله هو تزويد المطبخ بالماء الجاري وحوض لغسل الصحون أضافة الى حنفيتين للماء البارد والساخن , كما يرغب بتزويد الكوخ بدورة للمياه , وباب خلفي يؤدي اليها عبر الحديقة".
" أي شيء آخر؟".
" نعم , يريد تزويد الكوخ بالكهرباء".
شهقت :
" كهرباء , في هذا الكوخ!".
" لا أدري ما هو سبب ممانعتك , ظننت أنك ستكونين سعيدة ".
" لست سعيدة أطلاقا , لا أريد الكهرباء ولا الماء الجاري في المطبخ , كما لا أريد أي شيء يختاره بقية الناس لجعل حياتهم أسهل , وأخبر صاحب بيتي بذلك".
" يا آنسة بيل ... لا أظن أن لك حق الأعتراض بعد توجيه الأنذار بمغادرة المسكن , ثم أن التحسينات ستتم سواء وافقت أم لا".
" أعرف أن من حقي البقاء هنا مدة قد تصل الشهرين أو الثلاثة , وأود البقاء هنا بسلام وهدوء ووفق الطريقة التي أرغب فيها , ألا يستطيع الأنتظار لحين مغادرتي الكوخ؟ هل يجب......؟".
" ليس من حقي التدخل يا آنسة بيل ( وأراد تركها بسرعة) أديت واجبي وأخبرتك عما سيحدث , وهنا تنتهي مسؤوليتي ".
توسلت اليه مغيرة لهجتها:
" يا سيد ألسون .... رجاء أعطني عنوان صاحب المنزل , سأذهب لرؤيته وسأتوسل اليه , سأقنعه بوجهة نظري".
هز السيد ألسون رأسه رافضا:
" لا يريد المالك لقاء أي من نزلائه , وذلك نهائي , ولا يريد منهم التدخل في شؤونه , أنها أوامر خاصة من الرجل نفسه ".
" ولكنه لا يستطيع طردك يا سيد ألسون , أنك تعمل لصالح شركة جامعي الأيجارات , فما الذي ستخسره أذا أعطيتني عنوانه ؟ أهمس بذلك في أذني ولن أخبر أحدا أبدا".
" كلا آسف يا آنسة , لن أخون ثقة صاحب السكن , قد لا يطردني هو لكن رب عملي سيفعل , كلا يا آنسة( وأبتعد عنها) لن أخبرك العنوان..... آسف يا آنسة".
وسار نحو دراجته وأبتعد عنها بأسرع ما يمكن.
وقفت شاحنة البنائين أمام الكوخ فحدقت ألونا فيهم مذهولة , أذ لم يضيع صاحب الكوخ وقته وأسرع بتنفيذ ما أخبرت به.
تركت أفطارها على الطاولة وركضت لتواجه سائق الشاحنة , قال مبتسما:
" صباح الخير يا آنسة , نأمل أننا لسنا مبكرين".
" مبكرين لعمل ماذا؟".
" لبدء العمل يا آنسة".
" أي عمل؟".
دهش الرجا لوقفتها وتساءل:
" ألا تعرفين السبب ؟ جئنا لتثبيت حوض المطبخ , هذا يعني أزاحة كل شيء في المطبخ .... لدينا المقاييس".
" من أعطاكم المقاييس؟".
" لماذا؟ ( وزاد غضب الرجل) أنه صاحب البيت يا آنسة".
" كيف عرف ذلك ؟ أنه لم يزر المكان من قبل".
" حسنا , ما أعرفه هو أن صاحب البيت يعرفه مثل معرفته لراحة يده , وحين أشترى المكان.........".
قبلت ألوناتوضيحه بحدة , ربما كان السيد مورلي على معرفة بالكوخ ,ربما قضى فيه بعض الوقت قبل تأجيره.
" لكنك لن تبدأ العمل يا سيد".
نظرت اليه ثم الى جانب السيارة حيث كتب أسمه: هانتلي وكرانثام , فقالت:
" يا سيد هانتلي....".
فحح الرجل قائلا:
" كرانثام".
" الحكاية يا سيد كرانثام أن هناك خلافا بيني وبين صاحب البيت , وسأطلب منه تأجيل العمل حاليا لحين أخلائي المكان , وكما ترى أستخدم الكوخ في الوقت نفسه , للقيام بعملي ووجود البنائين سيعيق قيامي بعملي وسيمنعني من الحصول على ما يكفي من المال للقيام بألتزاماتي , لذلك أنا آسفة جدا , ولكنني لن أسمح لكم ببدء التصليحات اليوم".
" أنا آسف أيضا يا آنسة ولكن لدي أوامري, قالوا أبدأ العمل اليوم ورتبنا وضعنا بحيث نبدأ العمل اليوم ".
قالت ألونا متحتدة لا بسبب الرجل ولكن بسبب ما يحيطها من ظروف صعبة.
" هل تستطيع التفضل بأعطائي عنوان صاحب الكوخ؟ أعني السيد مورلي الذي أصدر اليك أوامره؟".
وأنتظرت .... ها هي ستحصل أخيرا على العنوان المطلوب , لكن السيد كرانثام قال:
"لم يكن ذلك أسم الشخص المسؤول , تلقيت أوامري من مكتب للمحامين ولا أستطيع تذكر أسمه.
تنهدت ألونا بصوت مسموع :
" حاول أن تتذكر الأسم رجاء , هل سيساعدك الأمر أذا أعطيتك دليل التلفون؟ أن السيدة ميسي القاطنة في الكوخ المقابل تملك واحدا وسأجلبه لك بسرعة , يجب أن أرى صاحب الكوخ , يجب أن نحل المشكلة ونتفاهم ....كلا لا أستطيع قبول الوضع الحالي".
" سنكون حريصين على نظافة المكان وسنبذل جهدنا لئلا نؤخرك عن عملك".
توسلت اليه:
" ألا تستطيع الذهاب الآن؟ لن أسمح لكم بدخول الكوخ , أنني لا أحمل كرها ضدك ولكنني أطلب منك نقل ما قلته الى المحامين لينقلوه بدورهم الى زبونهم".
عادت الى الكوخ , صفقت الباب وراءها , ووقفت مدافعة عن كوخها , على أي حال ,لم يحاول أحد دفع الباب للدخول قسرا , بعد عدة دقائق غادرت الشاحنة مكانها .
جلست ألونا في كرسيها الهزاز منهكة كما لو أنها خاضت معركة طويلة مثل محارب قديم.
حان الوقت أخيرا لتغيير ظروفها , فها هو القرن العشرون قادم لغزو مكانها.


انتهى الفصل

azzamohamed 20-05-13 03:49 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة سوداء (المشاركة 3322475)
هلا وغلا يا لولو انت المنورة المكان يا قلبي

والله نيالي انا بوجود رفقتكم الحلوة


امون منورة المكان يتعليقاتك الجميلة ووجودك الرائع






اهلا يا حلوة عادي دايما هيك مراية الحب عمياء وممكن تكون حولة كمان ههههه

ما تكرهيها للبطلة بس الوحدة والحاجة بتخلينا ضعاف

شكرا للتعليق منورة يا قلبي يلا شجعوني لحتى انزل روايات ثانية



أنا مش بكرهها بس تصدقى فعلا مرايه الحب عميه هههههههههههههههههههههههه
وشدى حيلك كده عايزه رويات كتييييييييير زهورتى
لأنى حبيت طريقه كتبتك كتييييييييييييير بتحسسنى أن أنا شيفه القصه قدامى
منتظرين المزيد زهورتى حبيبتى أوك:Thanx:

azzamohamed 20-05-13 04:37 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 

هااااااااااااى زهورتى
حبيت كتييييييييييييييييير الفصلين دول
حاسه كده أن دريك هوا اللى أشترا البيت فيه مفاجأت تانيه كتير
باين عليها وياترا ديانا هتموت ولا ايه:dfghd654: أنا حبيتها كتييييييييير
بستنا الفصلين الجايين على نار:1HQ05157:
موفقه حبيبتى

amany khalil 20-05-13 09:33 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
هاى زهرتى اخبارك ايه حبيبتى
فصلين ولا اروع زهرتى بس عندى سؤال ايه علاقه دريك بديانا انا حاسه ان مفيش بينهم قصه حب ولا حاجه
اما البيت فشكى كبير ان دريك هو اللى اشتراه وكان عامل رسايله اللى عايز يكتبها حجه علشان يتفحص البيت كويس
ياترى الفستان اللى الونا هتلبسه هيكون شكله ايه
ايه رايك اسئلتى شكلها هتكتر ولا ايه
منوره زهرتى تسلم ايديكى يارب
باى حبيبتى
هتنزلى الفصلين القادمين امتى
يارب تقولى الوقتى
هههه انا طماعه صح فيس طماع عايز كله مره واحده
شكرا زهرتى

Koedara 20-05-13 10:39 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اهلا اختي
والله استمتعت كتير بالتكملة ماشاء الله عليك تسلم الأيادي
غبت عن المنتدي شوية ولما رجعت فرحت كتير انك كملت الرواية
لاتتأخري علينا متابعاكي

azzamohamed 21-05-13 10:07 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3322595)
هاى زهرتى اخبارك ايه حبيبتى
فصلين ولا اروع زهرتى بس عندى سؤال ايه علاقه دريك بديانا انا حاسه ان مفيش بينهم قصه حب ولا حاجه
اما البيت فشكى كبير ان دريك هو اللى اشتراه وكان عامل رسايله اللى عايز يكتبها حجه علشان يتفحص البيت كويس
ياترى الفستان اللى الونا هتلبسه هيكون شكله ايه
ايه رايك اسئلتى شكلها هتكتر ولا ايه
منوره زهرتى تسلم ايديكى يارب
باى حبيبتى
هتنزلى الفصلين القادمين امتى
يارب تقولى الوقتى
هههه انا طماعه صح فيس طماع عايز كله مره واحده
شكرا زهرتى


نفس أحساسى واللهى يأمانى
وأحساسى بيقولى أن هوا اللى هيكسب وهياخد اليوم اللى مزايد عليها فيه
يارب تكونى بخير امانى
سلام مووووووووووووووووووووووووووووة

زهرة سوداء 22-05-13 01:54 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3322500)

أنا مش بكرهها بس تصدقى فعلا مرايه الحب عميه هههههههههههههههههههههههه
وشدى حيلك كده عايزه رويات كتييييييييير زهورتى
لأنى حبيت طريقه كتبتك كتييييييييييييير بتحسسنى أن أنا شيفه القصه قدامى
منتظرين المزيد زهورتى حبيبتى أوك:Thanx:

iهلا ياقلبي منورة بس كنت بدي انوه القصة مو كتابتي هي لكابة عالمية اسمها ليلان بيك


بس لو حابة تقرئي لي او لكاتبات ليلاس اتفضلي هنا في مجموعة كبيرة من القصص الرائعة

http://www.liilas.com/vb3/f744/
كلي شوق لاعرف رايك

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3322517)
هااااااااااااى زهورتى
حبيت كتييييييييييييييييير الفصلين دول
حاسه كده أن دريك هوا اللى أشترا البيت فيه مفاجأت تانيه كتير
باين عليها وياترا ديانا هتموت ولا ايه:dfghd654: أنا حبيتها كتييييييييير
بستنا الفصلين الجايين على نار:1HQ05157:
موفقه حبيبتى


هلا يا حلوة قريبا رح تعرفي الجواب
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة amany khalil (المشاركة 3322595)
هاى زهرتى اخبارك ايه حبيبتى
فصلين ولا اروع زهرتى بس عندى سؤال ايه علاقه دريك بديانا انا حاسه ان مفيش بينهم قصه حب ولا حاجه
اما البيت فشكى كبير ان دريك هو اللى اشتراه وكان عامل رسايله اللى عايز يكتبها حجه علشان يتفحص البيت كويس
ياترى الفستان اللى الونا هتلبسه هيكون شكله ايه
ايه رايك اسئلتى شكلها هتكتر ولا ايه
منوره زهرتى تسلم ايديكى يارب
باى حبيبتى
هتنزلى الفصلين القادمين امتى
يارب تقولى الوقتى
هههه انا طماعه صح فيس طماع عايز كله مره واحده
شكرا زهرتى

لا ابدا حبيبتي مو طماعة انا اسفة اني اتاخرت عليكم بس ظروف
لهيك رح انزل الفصول الباقية مرة وحدة

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Koedara (المشاركة 3322607)
اهلا اختي
والله استمتعت كتير بالتكملة ماشاء الله عليك تسلم الأيادي
غبت عن المنتدي شوية ولما رجعت فرحت كتير انك كملت الرواية
لاتتأخري علينا متابعاكي


هلا وغلا انا سعيدة بتواصلكم وتشجيعكم

تسلموا لمتابعتكم الرائعة

زهرة سوداء 22-05-13 01:59 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
شكرا لوجودكم يا حلوين

انا رح انزل الفصول الثلاثة الاخيرة مرة وحدة لاني نطرتكم يلا نبدا

الفصل التاسع


الحلم الجميل الى متى

قضت ألونا معظم يومها تدور في الكوخ بلا هدف متأملة ما فيه : أشياءها القديمة التي ستجبر على تركها.
كانت قد أنتهت لتوها من غسل الصحون حين جاءت السيدة ميسي مسرعة نحو الباب الأمامي , وقفت ألونا قرب النافذة فهمست السيدة ميسي:
" الهاتف".
ركضت ألونا خلفها , هل هو راي؟ أو الكولونيل دينتون ليحدثها بصدد الأحتفال؟ ربما المحامون ليأمروها بالأخلاء , كان الصوت مألوفا فتسارعت دقات قلبها كالعادة:
" ألونا؟ أنني بحاجة لمساعدتك , أخبرتك أن ديانا في المستشفى , والسكرتيرة المؤقتة غارقة حتى أذنيها في عمل يوم الأمس , وبقية الفتيات مشغولات تماما , هل تستطيعين القدوم لمدة يوم واحد ومساعدتي هنا؟".
" أتمنى ذلك يا دريك ولكن....".
" أعرف أنك مشغولة, ولكن هل تستطيعين مساعدتي عدة ساعات فقط؟ أذا أقتضى الأمر أستطيع الأتصال بأصحاب عملك وأخبارهم بسبب التأخير , أنني أعرفهم كلهم".
" حسنا جدا , سآتي حالما أتمكن , ولكن لا أظن وقت الباص مناسبا الآن".
" سأرسل سيارة أجرة الى مكانك , أذ لا أستطيع أن أطيق تأخير المواصلات العامة.... ستكون السيارة عندك خلال عشر دقائق".
لم يدع لها فرصة الأعتراض فأجابته موافقة:
"حسنا , حالما تصلين المكان توجهي الى مكتبي مباشرة وشكرا".
أنتاب ألونا أحساس غريب لدى عودتها الى مكان عملها القديم , لم تلتق بأحد في طريقها الى مكتب دريك و سارت خلال قسم مدراء الأقسام ,ولاحظت باب مكتب مفتوح وخال ... أنه مكتب رون برادويل , وقلقت أذ توقعت خروجه وملاحقته أياها , غير أنها أطمأنت أذ لاحظت عدم وجود أي شيء على المكتب بأستثناء التلفون.
حين دقت باب مكتب دريك أجابها فورا طالبا منها الدخول أبتم مرحبا بها ومتأملا أياها:
" شكرا لمجيئك لأنقاذي يا ألونا , أن لك مظهر أمرأة الأعمال المشغولة ".
" أنني مدينة لك على أي حال".
" كيف؟".
" لمساعدتي في الحصول على عمل".
" آه , تعنين ذلك ".
" لماذا؟ ما الذي فكرت به أذن؟".
" أجهدت نفسي ,وبصراحة لم أتذكر مرة واحدة كنت فيها لطيفا معك ".
سرت ألونا لجلوسها قريبة منه , هل كان يعلم أنها كانت مستعدة لأداء أي شيء يطلبه منها؟ وسألت نفسها عن حدود طاعتها له .
كلا , لم يكن الجواب تقريبا , بل نعم لكل شيء يريده , وهكذا قررت التفر تماما لمساعدة الرجل الذي تحبه , وأستعدت لوضعها الحالي ممسكة بقلمها ودفتر ملاحظاتها , وبدأ أملاء الرسائل عليها , وأذ عرف الآن قدرتها , كانت علاقتهما متكافئة.
فحاول قدر أمكانه التخلص من عمله المتراكم مستغلا حضورها الى جانبه.
توقف عن الأملاء , خطا نحوها ووقف بمواجهتها , تناول منها دفترها وقلمها و وأنحنى ممسكا بذقنها .
حدق في عينيها فأحست بتوتر في باطنها أكثر من أي وقت مضى.
" أنكري أرهاقك".
" نعم أنني أنكره".
حررها ثم قال:
" قفي , أظهري لي قدرتك على السير".
أطاعت أوامره فنهضت واقفة وترنحت في مكانها , أمسك بها فوضع رأسها على كتفيه ,وقفا للحظات ساكنين , الى أن قال :
" لقد أتعبتك ,أليس كذلك؟".
هزت رأسها نفيا , ورغبت بالبقاء الى جانبه الى الأبد".
" أنك رائعة يا حبي , أي دافع مجنون جعلني أطردك؟".
رفعت رأسها فألتقت عيناها بعينيه وقالت:
" أخطائي الطباعية يا سيد واريك".
" يا لك من قطة جميلة".
كم كان لطيفا عدم التشاجر معه! أرادت أستمرار اللحظة حتى الأبد.... ونظرت اليه متضرعة.
" لا تغريني أثناء ساعات الدوام يا آنسة بيل".
كانت مزحة , لكنها كانت كافية لتذكيرها بالمكان والزمان.
" يا للعنة.... لدي موعد أثناء ساعة الغداء وألا لدعوتك لتناول الطعام معي , كما أنني سأتأخر في العودة , أذا ما أتصل أحدهم تلفونيا أخبريه بمعاودة الأتصال غدا".
ذهب الى الباب ثم أستدار :
" سأزور ديانا , مساء اليوم , في المستشفى , هل تريدين مصاحبتي ؟ أنا متأكد أنها ستسر لرؤيتك".
" أي وقت؟".
" نستطيع زيارتها أي وقت نشاء , أبقي هنا بدل العودة الى البيت وسأعود لمصاحبتك , أستخدمي مكتب ديانا أذا شئت....( وأغلق الباب وراءه ثم فتحه ثانية) هل أخبرتك بشكري وأمتناني لمساعدتك لي اليوم؟ بالمناسبة سأدفع لك أجر يوم عملك".
" لا تزعج نفسك رجاء...".
" أذا قمت بالعمل مجانا , لن أستطيع طلب مساعدتك مرة أخرى , أليس كذلك؟".
جاءت الفتيات لزيارتها عصر اليوم ,كانت ماري أحداهن ......
" هل سمعت ما حدث لرون برادويل؟".
أعترفت ألونا:
" كنت على وشك السؤال عنه , أذ لم أره منذ قدمت صباح اليوم , كما لم أره في مكتبه".
" ذات يوم لم يحضر , ومنذ ذلك الحين لم نره , فأفترضنا أنه طرد من عمله".
" ولكن لماذا؟ لم أكن أحبه كرجل ولكنه كان مدير ذاتية جيدا".
قالت ماري:
" لا تسأليني لماذا ... لا أحد يعرف السبب , لم نكن نحبه , سيباشر العمل مدير جديد يوم الأثنين المقبل".
تثاءبت :
" لحسن الحظ.... اليوم هو الجمعة , أليس من الغريب أنك الوحيدة القادرة على مجاراة سرعة السيد واريك في الأملاء- بأستثناء ديانا- ومع ذلك طردك؟ وبمناسبة ذكر ديانا .... أنها مريضة منذ وقت طويل , تحول خلالها السيد واريك الى دب جريح , أنه قلق عليها تماما , وهذا واضح في سلوكه , حسنا يجب أن أعود الآن الى السجن بلا قضبان".
أبتسمت ألونا :
" هل هذا أسم المكتب العام الآن؟".
" حسنا , أنه ليس بهذا السوء , ولكنك تعرفين السيد واريك ومطالبته بالكمال في كل عمل مهما كان صغيرا , لا بد أنك قادرة على مطابقة مواصفاته".
" يا له من ثناء ".
لمست ماري نبرة السخرية في صوتها , غير أنها لم تر أحمرار وجهها فرحا .
لم يعد دريك ألا عند أنتهاء فترة الدوام , توجه الى مكتب ديانا فوجد ألونا تضع بعض البودرة على وجهها :
" لا تزعجي نفسك بذلك , أذ سنذهب الى بيتي أولا".
" لماذا؟".
" لنأكل .... هذا هو السبب |( وسار نحوها ) هل ظننت السبب هو رغبتي في أحد تلك المشاهد العاطفية؟ حيث تسود علاقة القط والفأر بيننا في كل لحظة؟".
تألمت لسخريته وقطبت جبينها .
سمعا طرقا على الباب :
" هل أذهب لرؤية من الطارق؟".
" كلا , سأذهب بنفسي , لا لزوم لحمايتك لي.... حماية سكرتيرة مستعدة للدفاع عني".
" لا تكن سخيفا".
" قد أكون متكبرا ومتعجرفا لكنني لست سخيفا , فتذكري ذلك دائما لصالح علاقتنا في المستقبل يا آنسة بيل".
وقف دريك جانبا ليدعها تدخل الشقة , ثم سألها :
" أين سنذهب .... الغرفة الكبيرة , مكتبي أو المطبخ؟ أي مكان تختارينه".
" لم أر المطبخ من قبل , وبما أنه لا بد أن يكون مزودا بكافة الآلآت العصرية.....".
" لنذهب الى مكتبك أذن , لست جائعة في الحقيقة".
" هل تفضلين تناول ساندويتش وقهوة؟".
" نعم , ذلك أفضل".
وجلسا متقابلين , تفصل بينهما طاولة صغيرة وضعت عليها صحون السندويتشات.
صب دريك القهوة وسألها:
" هل أنت متأكدة أن الطعام كاف لك؟".
" نعم , أن شهيتي خفيفة عادة ".
" للحب أم للطعام؟".
" للطعام طبعا , أما الثاني....".
هزت رأسها خجلا.
" أظن أن صديقك هو الوحيد القادر على الحكم".
" ربما".
نهض واقفا ليقف بمواجهتها :
" ربما يتوجب علي طرح السؤال على نفسي , أذ تصرفت عدة مرات تصرف الحبيب معك ,أليس كذلك؟".
أحتارت لكلماته:
" لم ... لم أقل ذلك , دريك , يجب أن نذهب الى المستشفى".
" بعد ذلك .... بعد ذلك, ( ولمس ذقنها) أخبريني شيئا".
غير أن ما أراد منها توضيحه بقي غامضا.
" حبيبتي و لست لست في حاجة الى رجل آخر ليخبرني عن حبك وشوقك الي".
" دريك يجب أن نذهب".
" نعم , نعم".
وأبتعد عنها بسرعة , فدفعها ذلك للأحساس بالخوف والحذر.
رغم تصرفهما كحبيبين لفترة طويلة , أفترقا كالغرباء , وكانا في طريقهما بعد دقائق لزيارة المرأة التي أحبها فعلا , لماذا , أذن , أقترب منها الى ذلك الحد وأثار أحاسيسها وعواطفها؟
بدت ديانا شاحبة , مرتدية قميص نومها وعلى كتفيها شال وردي .
وضعت كتابا مفتوحا أمامها غير أنها لم تكن تقرأ شيئا , دخل دريك الردهة أولا وألونا وراءه , فلاحظت أحمرار خديها لمرآه , قالت :
" كم من الجميل رؤيتكما سوية و صديقان بدلا من واحد".
أعتذرت ألونا لأنها لم تجلب لها شيئا وبدأت توضيح السبب , قاطعها دريك:
" لوميني لذلك , جاءت الفتاة المسكينة لأنقاذي اليوم وبدون أنذار مسبق , ولم أترك لها المجال لعمل أي شيء , ولم تستطع شراء الزهور لك".
" لا تقلقي يا ألونا .... ( ألحت ديانا ) أرسل لي دريك من الزهور ما يكفي لفتح محل لبيع الزهور , أضافة الى دفعه حساب العلاج".
فكرت ألونا بأنه مسؤول أذن , عن دفع العلاج أيضا كما أنه لا بد يدفع لها راتبها بكامله.
" أجلسي هنا( قالت ديانا ) وأنت ا دريك , هناك( مشيرة الى الكرسيين الموضوعين الى جانبيها) أستطيع الآن النظر اليكما سوية , أنكما تجلبان معكما نقاوة وحيوية العالم الخارجي , العالم البعيد الى حد ما عن هذا المكان ( وظهر الهم على وجهها) أتساءل أحيانا أذا كنت سأتمكن من رؤية العالم مرة أخرى".
لم يبد على دريك القلق لكلماتها بل أكتفى بالقول:
" سترين العلم , لا شك في ذلك , أنها مسألة وقت وصبر".
مدت يدها نحوه فأمسك بها:
" الى متى ستحافظ على عملي من أجلي؟".
" الى الأبد ... أذا أقتضى الأمر".
فكرت ألونا : ما كان علي القدوم الى هنا.
أستدارت نحوها ديانا فجأة وكأنها أحست بعدم راحتها:
" أخبريني يا ألونا عن نفسك , كيف عمل المكتب؟".
" جيد الآن غير أن مستقبله مشكوك بأمره , أذ وجه لي صاحب السكن الأمر بأخلائه وعلي البحث عن مكان آخر للعمل , ربما أستطيع الأنتقال الى هنا؟".
" ضحكت ديانا ثم قالت بشكل جدي:
" ستكونين بلا مأوى ؟ أنها مشكلة فظيعة , ألا تستطيع مساعدتها يا دريك ؟ يبدو لي وكأنك تملك العصا السحرية فيما يخص مساعدة الناس".
ألتقت عينا ألونا بعيني دريك , فقال:
" أشك بموافقة ألونا , أذ أنها تعتبرني أنسانا سيئا".
نظرت ألونا الى يده الموضوعة على يد ديانا:
" وهل يهمك رأيي؟".
دقت أحدى الممرضات على الباب فنهض دريك واقفا أشارة الى أنتهاء وقت الزيارة :
" كانت مفاجأة جميلة يا دريك".
ووضعت يديها حول عنقه فأنحنى نحوها , قالت ديانا :
" أريد أن أشكرك يا دريك مرات ومرات , لكل ما فعلته من أجلي ".
وبدأت البكاء بصوت خافت:
" عزيزتي , يجب أن تكوني سعيدة , أذ بدأت صحتك بالتحسن الآن".
أومأت برأسها ثم همست ببعض الكلمات في أذنه فلم تستطع ألونا تحمل النظر اليها فأكتفت بمغادرة الغرفة وقالت:
" الى اللقاء ديانا....أتمنى لك الصحة والعافية ".
" زوريني ثانية رجاء".
تبعها دريك بعد دقائق , كانت عيناه قلقتين ومظهره كذلك .
" سأرافقك الى البيت".
لم يتلفظ بالكثير في طريق العودة وبدا مشغولا بينما حدقت ألونا في الظلمة , وتذكرت فجأة ما قالته ماري لها:
" ماذا حدث لرون برادويل يا دريك؟".
بدا وكأنها قطعت مسار أفكاره فقطب جبينه , ربما كان يفكر بحالة ديانا.
" برادويل! لقد طردته بعد أن أفشى سرا لأحد المستخدمين , أما أذا أردت الحقيقة فأنه أخبر صاحب منزلك بأنك لست المستأجرة الحقيقية , وأنك تديرين عملك من داخل البيت , فكان سبب أرسال الأنذار لك ".
" ولكن لم طردته من أجلي؟ ما علاقتك بذلك؟ أنا لا أعني شيئا لك فلم تطرده بسببي؟".
" لو فكرت قليلا بدلا من اللجوء لأستخدام أساليب لا معقولة للدفاع عن الرجل ,لأدركت أ من يفشي سرا بسبب الحقد هو أنسان غير موثوق به , ولا أستطيع قبول شخص كهذا في مركز مدير الذاتية ".
أقرت ألونا بصحة رأيه , رغم ذلك أحتجت قائلة:
"لم أسارع للدفاع عن الرجل , أنني أكرهه وهو يخيفني , ربما ستصدق الآن ما قلته لك في السابق".
" نعم , وحتى القصة التي ذكرها لي عن الصغيرة العاشقة لمديرها كانت كذبا ".
وصمت فتساءلت ألونا في داخلها عما يتوقعه , هل توقع منها القول:
" كلا لم تكن كذبا .... بل الحقيقة ؟".
" هل كذب أيضا حين تحدث عن لجوئك الى صديقك؟".
" كلا , ركضت نحو راي , بالطبع ركضت نحوه .... ما الذي تتوقع مني عمله أذا ما أوشك شخص على خنقي؟
وصلا الكوخ وسادهما الصمت والظلام:
" ألونا؟ شكرا لمساعدتك أياي , ومجيئك لزيارة ديانا".
" عفوا .... حسنا , تصبح على خير".
منعتها يده من ترك السيارة فبقيت في مكانها , مستعدة لتقبل كل ما سيفعله دون خوف.... وتذكرت ما قالته عن محاولة رون لخنقها , مع دريك كل شيء مختلف , حتى لو أراد خنقها لن تحس بالذعر منه , أن حبها له أقوى من أي شيء آخر , قال بصوت خشن:
" دعينا نذهب الى الكوخ".
" لا حاجة لقدومك معي".
همست محاولة أيقاظ نفسها من حلمها الجميل , تجاهل كلماتها وغادر السيارة , سارت ألونا بحذر وبمساعدة مصباح دريك اليدوي , توقفت ,حدقت في الممر ثم في منطقة الحنفية في الحديقة.
" يا له من أمر غريب.... الأرض رطبة كما لو نقل أحدهم الماء , هناك شيء غريب يا دريك , هل تحس بذلك؟".
أحست بالخوف وسرت لةجوده معها.
فتحت الباب ودخلت غرفة الجلوس .
" دريك , أشعل المصباح".
أشعل المصباح فأنير المكان بضوء خافت , دخلت ألونا المطبخ فصرخت: "
" أنهم البنائون , لا بد أنهم حصلوا على المفتاح بطريقة ما ( أستدارت نحو دريك) طردتهم يوم أمس ولا بد أنهم عادوا اليوم وأستغلوا فرصة عدم وجودي لبدء العمل , وأذ وجدت حوض غسل الصحون في مكنه قالت:
" ووضعوا حوض الغسيل ( ثم فتحت الحنفية فلم يجر الماء) لم يزودوا المطبخ بالماء الجاري حتى الآن ( وزاد الأمر سوءا حين وجدت ألونا آثار خطوات العمال تقود الى الحائط الخلفي) كانوا هنا أيضا , ولكن ما الذي فعلوه؟( ونظرت خلال النافذة) تركوا شيئا هناك".
أندفعت خارج الكوخ فرأت في الباحة الخلفية أدوات العمال وموادهم الأنشائية موضوعة في الزاوية البعيدة , كما قاموا ببعض العمل لتمهيد الأرض أستعدادا لبناء ممر يربط دورة المياه بغرفة النوم – وأستخدموا الأعمدة الخشبية لدعم الأساس الأسمنتي.
وتحول غضب ألونا الى هياج مجنون فسحبت مجرفة كبيرة وبدأت حفر الطبقة الأسمنتية , جمعت قواها كلها وغرزت المجرفة في الأسمنت , ثم جذبتها نحوها , أنها محاولة أخيرة للأنتقام ممن يحاول تغيير حياتها , ضربة أخرى وزادت كمية الأسمنت وأصبحت المجرفة ثقيلة غير أنها لم تتوقف , يجب أن تهدم ما فعلوه , يجب أن تحاول بقوة أكبر , وتناثر الأسمنت على ملابسها وشعرها وغطى حذائها .... سمعت صوت خطوات سريعة خلفها وصوت دريك صارخا:
" توقفي , ما الذي تفعلينه؟ هل تسمعينني؟ أتركي المجرفة أيتها الحمقاء!".
ورفعت المجرفة للمرة الأخيرة , لكن يد دريك أمسكت بيدها ورمى المجرفة جانبا , أرتعشت بعنف وأصطكت أسنانها غضبا , ووجدت صعوبة كبيرة في أستعادة هدوئها وتنفسها الطبيعي.
قادها نحو الكوخ ممسكا بيدها , ودخلا غرفة الجلوس.
" أيتها المجنونة البلهاء , لقد خربت عمل ساعات طويلة وبغبائك هدرت المال والوقت والتخطيط والعمل".
" ولم قلقت بسبب ذلك؟ ليس المال مالك , أنه مال صاحب البيت".
عثرت على منديلها وحاولت تنظيف وجهها من الأسمنت.
" سأذهب الى كوخ السيدة ميسي وسأتصل بجامع الأيجار السيد ألسون , سأطالبه بأعطائي رقم صاحب الكوخ السيد مورلي , ثم سأتصل به وأخبره بصراحة برأيي فيه وبأصلاحاته , ثم أعود الى المطبخ لأحطم الحوض كما خربت الأرض , ولن تمنعني حينئذ".
توجهت نحو الباب لفتحه فسد دريك طريقها.
" حاولي المرور وسترين ما سيحدث يا آنسة بيل".
أتسعت عيناها دهشة وتحديا :
" لا تستطيع منعي , لا تستطيع منعي من الأتصال بصاحب الكوخ و...".
" أنك تتحدثين الآن مع صاحب الكوخ يا آنسة بيل , أخبريني ما هي الأشياء الأخرى التي تودين ذكرها له؟".

زهرة سوداء 22-05-13 02:02 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل العاشر



اذا ارادت الحب

وضعت ألونا يدها على فمها لتكبت صرخة الدهشة:
" أنت صاحب البيت؟ هذا مستحيل".
قال ببرود:
"قد يزعجك هذا غير أنني المالك الحقيقي , أشتريته بسعر بخس خاصة بعد أن ذكّرت السيد مورلي بسوء حالة الطوخ والحاجة الى أجراء الكثير من التحسينات فيه".
تذكرت ألونا تجول دريك في الكوخ من قبل , غير أنها لم تستطع تصديق ما قاله:
" هل أمرت بأجراء التصليحات ؟( فأومأ برأسه موافقا) رغم علمك بمعارضتي لها؟".
" نعم , ليس رأيك هو المهم هنا , هذا أذا كان مهما على الأطلاق".
" أفهم الآن لم أردت أبعادي عن المنزل اليوم , طالبا مساعدتي , أذ أتحت الفرصة للعمال ليفعلوا كيف شاؤوا , كانت حيلة تعيسة , هل ستأمر برميي خارج الكوخ؟".
لم يجبها مباشرة , بل نظر بأتجاه الأسمنت وما فعلته فأحست بخوفها من البقاء بلا سكن فقرر اللجوء ألى أستغلال خوفها.
" يعتمد ذلك...".
" على ماذا؟".
" على قبولك لحضوري هنا ليلا ونهارا".
" هل تريد العيش هنا؟".
" يبدو وكأن الفكرة ترعبك؟".
كيف تستطيع أخباره الحقيقة , فكرة سكنه معها تخيفها أكثر من أي شيء آخر , تخيفها لأنها ستكون على مقربة منه ليلا ونهارا , ليس بينهما غير خطوات قليلة , سيحرمها ذلك النوم ليلا ويحرمها راحة الباب ساعات اليقظة , أرادت تغيير الموضوع:
" ما هي التغييرات التي تنوي أجراءها؟".
" ألم يخبرك السيد ألسون؟".
" كان يعرف التفاصيل أذن؟".
" بالطبع كان يجب أبلاغه عن تغيير الملكية , ألا أنني طلبت منه المحافظة على السر , فكرت بأنك أذا عرفت بشرائي الكوخ ستجمعين متاعك وتذهبين لتتحولي الى أنسانة بلا هدف".
وكان حدسه صحيخا .... أذ كانت ستغادر المكان , لا لأنها تريد السفر ولكن عنادا.
" أخبرني السيد ألسون أن مالك البيت أراد تزويد الكوخ بالكهرباء والماء ودورة مياه مناسبة , كما أخبرني أن مالك البيت أمر بأخلاء السكن ليبيعه ,بما أنك المالك الجديد , هل تريد مني مغادرة الكوخ؟".
" كما أخبرتك من قبل , يعود الخيار لك ,وفي الحقيقة كان ألسون يتحدث عن مالكين مختلفين , طلب منه الأول , السيد مورلي , أخلاء الكوخ لأنه أكتشف , عن طريق برادويل , ما كنت تقومين به , فقرر البيع فأشتريت المكان منه , وهذا ما جعلني المالك الثاني فأردت أجراء التغييرات , وفي نيتي تنفيذ ما أريده يا ألونا".
" بتزويدك المكان بما تريد وبتغييرك ما هو عليه الآن , أنما تقوم بالأعتداء على حريتي الشخصية , والأستيلاء على حريتي في أختيار الأسلوب المفضل لدي ".
" هراء( أجابها بأستهانة عبرت بوضوح عن عدم فهمه لطريقتها في التفكير) بدلا من الشكوى يجب أن تشكريني لما أفعله من أجلك , أني أمنحك حق السكن بدون خوف من الطرد ,. لا حاجة هناك للدوران حول العالم بحثا عن حلم لا يمكن الحصول عليه كما أنني أساعدك على تحرير حياتك من عبودية العمل في المنزل".
" ليست حياتي عبودية , أذ أن آداء شيء ما بيديك أكثر أسعادا من أستخدام آلة , أنك تعرف وجهة نظري فيما يخص الآلات التكنولوجية احديثة , مع ذلك تريد تخريب هذا الكوخ وجوه المميز عن طريق تزويده بها ,كما تريد حرماني من حريتي الشخصية وأنت تعلم مقدار أعتزازي بها".
" أليست الحرية الشخصية شيئا تستطيعين مشاركته؟".
" أحب عزلتي أيضا ولا أريد مشاركتها مع أحد".
" ستندمين على ذلك".
" كلا , أبدا".
بلن عليه الغضب واضحا وتقدم نحوها وأمسك بكتفها:
" ألا ترين أنني على حافة الغضب الشديد؟".
" لم تخبرني حين أشتريت المكان .... أنه عمل غير شريف".
" ألا تفهمين أن عملي لم يكن أنانيا بل أشتريته لمساعدتك ؟ رغم أنني لا أعرف حتى الآن سبب عملي ذلك أذ أنك فتاة لا تعرف معنى العرفان بالجميل".
" ماذا عن ديانا؟ ما أن تستعيد صحتها حتى تبدأ بجلبها الى هنا , هل تتوقع مني مشاركة المكان معكما؟".
" حين يحل الوقت الملائم لمناقشة الموضوع.... سنناقشه , على أي حال لن يكون صديقك مستعدا لأنتظارك الى الأبد , وستتخلين ذات يوم عن كل شيء للأرتماء بين ذراعيه".
" لندع موضوع راي جانبا , أذا رفضت الحديث عن ديانا فأنني أرفض الحديث عن راي( هز دريك كتفيه أستهزاء وأستهانة) لن تستطيع تكييف نفسك لتعيش ببساطة , لا لأنك أعتدت الرفاهية فحسب ولكن للسهولة في الحصول على كل شيء , رأيت ذلك بأم عيني , وكما قلت أنت بنفسك هناك حاجز عال يفصل بيننا".
سار مقتربا من النافذة وتأمل الحقول الممتدة خلف الكوخ.
" هل قلت ذلك؟".
جلست ألونا في كرسيها الهزاز , ولم يعد لحركته تأثيرها المهدىء عليها .
" وماذا عن الأيجار؟ هل ستزيد الأيجار لأنك ستقوم بأجراء التحسينات؟".
" لن أزيد الأيجار , يجب دفع الصك بأسمي شخصيا وأرساله بواسطة البريد".
أزعجها سلوكه الرسمي وبروده فأرادت مجاراته في سلوكه :
" أنني تعبة , عملت اليوم كثيرا , شكرا لأيصالك أياي".
لم يتحرك بل قال:
" أنه أفضل تلميح سمعته في حياتي".
" ما الذي توقعته ؟ ربما ستكون الدعوة عملية خاصة أنك ستنتقل للسكن معي".
" أنك فتاة طائسة ذات لسان سليط".
أستدار نحو الباب وتركها لوحدها.
أثناء الليل , سمعت ألونا ضجة مزعجة , بدا وكأنها أنبعثت من مكان ما أسفل نافذة غرفة نومها , في الجانب الخلفي من الحديقة.
كانت هناك خطوات سريعة وصوت جذب لسلم أو لآلة معدنية , خمنت أنهم العمال , لابد أن دريك تعاقد مع البنائين للعمل أثناء نومها , ربما لأصلاح ما ألحقته من ضرر بأساس البناء , فتحت النافذة , لا بد أن الصوت أخاف من كان هناك فهرب أذ لم تعد تسمع شيئا بعد ذلك .
ألا أن الحادثة أثارت خوفها , ولأول مرة منذ بقائها لوحدها ذعرت , وبقيت هكذا حتى الصباح.
قبل أن تتناول أفطارها , قررت تجنب حدوث الأزعاج ثانية , أسرعت الى كوخ السيدة ميسي وفتحت الباب بنفسها أذ ظنت أنها لم تكن موجودة غير أنها كانت جالسة في الطابق الأول وسمحت لها بأستعمال الهاتف.
أدارت ألونا قرص الهاتف وأنتظرت ,حين رفع دريك السماعة لم تعتذلر لأيقاظها أياه في وقت مبكر , وأجابها بيقظة تامة:
" أرجو أن تمنع جواسيسك من أزعاجي".
" أي جواسيس؟".
" تعرف جيدا ما أعنيه , البنائون الذين بعثتهم لأصلاح الضرر ليلا , أذ تسلل أحدهم ليلا لألقاء نظرة على المكان وسمعتهم أنا , ألتقطوا المجرفة وأثاروا ضجة رغم محاولتهم التسلل بهدوء".
صمت للحظات ثم قال:
" شكرا لأخباري".
دريك أتصل بهم مانعا أياهم من مواصلة العمل لحين الحصول على موافقة المستأجرة ووعدها بعدم ألحاق الضرر بعملهم , بمعنى آخر ,أنه لم يثق بها , ولكن , بعد ما فعلته الليلة السابقة , هل تلومه؟
تأججت النار بعدما أضافت كمية من الفحم , وضعت على الموقد فطيرة جبن , ثم قلت بعض البطاطا , وأذ كانت تقلي البطاطا سمعت صوت الباب , فجمدت في مكانها مذعورة.
لم تتخيل ما حدث , لم تصدق ما رأته , قال أخيرا:
" ستحترق البطاطا كلها أذا لم تسحبيها عن النار الآن".
ثم أستدار تاركا المطبخ , سحبت بسرعة مقلاة البطاطا , ووضعت البطاطا في صحن صغير , كانت فطيرة الجبن جاهزة أيضا.
تركت المطبخ وتوجهت الى غرفة الجلوس متوقعة أن تعثر عليه هناك , كانت الغرفة خالية لذلك أسرعت الى غرفة لوسيا , كان هناك , حقيبة ملابسه مفتوحة , ووجد بعض الأدراج الفارغة فبدأ ترتيب ملابسه فيها .
" ما الذي تفعله هنا ؟ أنك لا تستطيع البقاء... أنه...".
" بيتك؟ هذا صحيح لكنه كوخي مما يعني حقي الكامل في الدخول والخروج , حذرتك مسبقا , أو ربما أنا على وشك أحتلال مكان شخص آخر ".
" ما الذي تعنيه بالضبط؟".
" صديقك ربما يأتي أحيانا لقضاء الليلة هنا؟ هل هذا سبب ممانعتك لحضوري؟".
أعماها الغضب فمدت يدها ساحبة قدحا زجاجيا موضوعا على حافة خزانة الملابس ورفعت يدها لترميه به , فأمسك بيدها وتناول القدح واضعا أياه جانبا ثم لوى يدها خلف ظهرها:
" يا لك من متوحشة! هل دعاك أحدهم بلقب ( الفأرة)؟ لم أر في حياتي كلها أسما يساء أستخدامه بهذه الطريقة".
" أنك تؤلمني".
" قولي أنك آسفة وسأتركك".
" كلا لست آسفة , أنك ترمي أهاناتك علي فمن حقي رميك بما أعثر عليه".
وحررها من قبضته بعد دقائق.
" حسن جدا , قد أرمي أهاناتي عليك لكنها مجرد كلمات أما أنت فتحاولين رمي أشياء عليّ قد تسبب موتي".
فركت ذراعها وكتفها.
" كيف أستطيع الطباعة أذا آلمت ذراعي؟ كيف أواصل عملي أذا لم أستطع أستخدامها؟".
لم يقل شيئا بل وقف يتأملها , فبادلته النظرات بتحد.
دفعت ألونا شعرها الى خلف فكشف عن خديها.
" هل تريد تناول العشاء معي؟".
" كلا , شكرا , سأخرج بعد وهلة".
" لترى ديانا؟".
" نعم الى المستشفى , ولكن هذه المرة لأصطحاب ديانا الى البيت ".
ورغم أحساسها بالغيرة سرّت ألونا للخبر:
" هل تحسنت صحتها؟".
" تحسنت الى حد السماح بخروجها من المستشفى , كما أستطاعت التجول في المستشفى لبعض الوقت , سأتناول عشائي معها".
وأدار لها ظهره لأكمال عمله.
علمت ألونا أنه أتم حديثه معها , غير أنها بقيت لتسأله :
" دريك , لا تستطيع البقاء هنا".
" أخبرتك من قبل أن من حقي البقاء هنا أو المغادرة متى شئت ".
" هل ستعود الليلة ؟ للنوم هنا؟".
أستدار نحوها :
" لماذا؟ هل لديك فكرة أفضل؟".
توجهت نحو الباب :
" أنني جائعة".
" أنا أيضا جائع".
عند الساعة العاشرة , فكرت ألونا بالذهاب الى فراشها , وأدركت أن حياتها لم تعد بسيطة كالسابق , في الأحوال العادية , أعتادت جلب كمية من الماء الى المطبخ وتسخينها ثم الأغتسال هناك بدلا من حمل الماء الى الطابق العلوي , لم يعد في أمكانها القيام بذلك ....
أذ قد يأتي دريك لتسخين بعض الحليب أو تناول شيء هناك.
كل شيء سيتغير طالما بقي معها ,. ستحرم من حريتها وراحة بالها , عاد بعد فترة قصيرة , بقيت ألونا في كرسيها الهزاز تراقبه بعينيها السوداوين , حمل في يده كيسا مليئا بالطعام.
" طعامي , يجب ألا تخلطيه مع ما لديك , أين أضعه؟".
" في المطبخ".
غاب بعض الوقت فتبعته لترى ما كان يفعل , وجدته يحمل قلما ليؤشر على علب الطعام وأذ ضحكت ساخرة ألتفت نحوها حاملا العلبة بطريقة أوحت لها بأنه سيرميها نحوها .... فأبتعدت مسرعة.
" لست الوحيدة القادرة على ذلك كما ترين , "
" أنك حيوان هائج".
" وهل عرفت العديد من النساء؟".
" عرفت عددا قليلا هنا وهناك".
" أخبرني رون برادويل عن علاقتك بالنساء ( توقفت متردد ثم قررت المخاطرة) قال أنم تثير المرأة حتى تحصل منها على ما تريد ثم تتركها تحترق لوحدها".
" أستمري".
" ثم تغادها دون أحساس بالذنب ( تأملها صامتا) لكنني متأكدة من شيء واحد: لن أدعك تثيرني ثم تراقب أحتراقي".
" ما كنت أقبل المراهنة لو كنت مكانك".
ثم أستدار منهيا عمله.
تجولت ألونا في المنزل ,لم تستطع الأستقرار في مكان واحد , قلقة لم تستطع حتى الجلوس .... كيف ستتغلب على قلقها لتنام بسلام تلك الليلة ؟ كيف تستطيع النوم عارفة بوجوده نائما في غرفة لوسيا ؟ ثم أنه سيحس بقلقها لسيرها في غرفتها.
قدم من المطبخ , نظر الى ساعته ثم سألها:
" متى تنامين؟".
" حين أحس بالتعب ".
" أليس هناك كرسي آخر مريح هنا؟".
" آسفة , بأستثناء الكراسي الموضوعة حول الطاولة , لا وجود لشيء آخر , هل تريد الجلوس في مكاني؟".
" كلا , شكرا , يبدو أنك في حاجة لتهدئة أعصابك , لا تخافي يا عزيزتي , لن أحاول لمسك".
هزت ألونا كرسيها بعنف فضحك قائلا:
" يبدو وكأنك تريدين ضربي , ( أقترب منها ووضع يديه على حافتي الكرسي) أضربيني أذا شئت".
رفعت يدها متحدية ولكن لا لتضربه , وأذ لمست يدها خده أبقتها هناك , ثم حركتها لتلمس بقية وجهه ثم توقفت فجأة , مدهوشة لحركتها .
وأذ سحبت يدها همس :
" أستمري رجاء لا تبتعدي".
" أذا أردت الحب .... عد الى ديانا".
" أشعر بالأسف من أجلك يا ألونا , أنك عنيدة وطائشة , أن ديانا آخر شخص أفكر باللجوء اليه , من الآن فصاعدا.... لا أستطيع التوجه الى ديانا طلبا للحب".
" كان رون برادويل محقا , حصلت على ما أردته منها ,تركتها تحترق ثم أبتعدت".
"يا لسخرية القدر , حين أتوقف عن تصديق رون برادويل تبدأين أنت تصديق أكاذيبه , الآن سأوضح لك الأمر , عانت ديانا طوال العام الماضي من مرض خطير".
" هل كان هذا سبب تغيبها؟".
" نعم , غير أنها تحسنت نتيجة التقدم العلمي وأخلاص الأطباء وحرصهم , ثم ساعدها شيء آخر معهم , أذ أحبت أحد الأطباء وبادلها الحب مما شجعها على حب الحياة".
أقتضى الأمر عدة دقائق للتفكير فيه , ثم قالت ألونا:
" لكنك قمت بالكثير من أجلها , أرسلت اليها الهدايا , ساعدتها ماديا , دفعت أجرها....".
" نعم , وصمت فترة طويلة مراقبل غروب الشمس) حين كانت ديانا تحت أشراف براين , حافظا على سرية علاقتهما , لذلك همست لي الخبر يوم ذهابنا سوية لزيارتها , أما الآن فأعلنا خطبتهما رسميا".
" أرى أن المسألة آلمتك ,أذ أنك ولمرة واحدة في حياتك , عانيت من نبذ أمرأة لك , كذلك أفهم الآن سبب مجيئك الي بحثا عن الحب".
ورغم بقائه صامتا طوال الوقت , لم يستطع غير الأستجابة أخيرا .
أجتازها تاركا الغرفة عاضبا:
" لو كنت محلك لذهبت الى فراشي , ما دمت أسمح لك بالذهاب لوحدك".
________________________________________
وذهب الى غرفته صافقا خلفه الباب.
لم تكن عملية الأغتسال صعبة كما تصورتها ألونا , جلبت الماء وسخنته .... بقي دريك في غرفته.
مع ذلك لم تطمئن , فكتبت ملاحظة علقتها على باب المطبخ.
" رجاء لا تدخل , أنني أتحمم " ( ثم وضعت بعض الصناديق خلف الباب كي يلاقي دريك صعوبة في الدخول أذا أراد ذلك".
لم يحاول دريك الدخول , سمعته ألونا يتحرك في غرفة الجلوس , وسمعت صرخة أستنكار فأدركت أنه قرأ ملاحظتها.
كان عليها مغادرة المطبخ لتذهب الى الطابق العلوي , أستعدت لذلك حيث وضعت روب الحمام الى جانبها أضافة الى قميص نومها.
كان هناك واضعا يديه في جيبي سترته , يراقب تسللها خارج المطبخ .
" خيبت ظني , توقعت عرضا مختلفا( ثم أشار الى ملاحظتها) أذا أردت أثارة أهتمام أي رجل , علقي شيئا كهذا".
" آسفة , لم أعن .... أذ لم أعش من قبل مع رجل غريب".
" رجل غريب؟ هل تسمينني رجلا غريبا؟ كم مرة أحطتك بذراعي؟ أعرف عنك ما يعرفه كل رجل عن زوجته".
تخلت عن رغبتها وقالت:
" لم تتظاهر بعدم فهمك لما عنيته ؟ تصبح على خير".
وأحست بنظراته تتبعها أثناء صعودها السلم , لم تستطع ألونا النوم بل أصابها الأرق .... فبقيت متقلبة في سريرها طوال الليل.
لو لم يكن دريك هناك , لذهبت الى المطبخ , لتسخن كوبا من الحليب يساعدها على النوم , وأخيرا قررت تجاهل وجوده والذهاب الى المطبخ , صبت الحليب في قدر صغير وحاولت تدفئته على النار شبه الخامدة , قبل أن تصب الحليب سقط القدر من يدها فأحدث ضجة كبيرة.
لا بد أنها أيقظت دريك , خرج من غرفته , عيناه شبه مغمضتين وشعره غير مرتب... مرتديا بنطاله وقميصه , لم يغير ملابسه أذن, لماذا؟
" هل حدث شيء ما؟".
" كلا , كنت عطشى فجئت لأسخن بعض الحليب".
" ستسخنين الحليب على ماذا؟".
" على ذلك".
وأشارت الى الموقد , فلمسه بيده وقال:
" أنه بارد , النار مطفأة ".
" كلا أنها خامدة قليلا".
وحركت الشوكة بين الفحم فبدأت النار بالأشتعال:
" سيستغرق ذلك الليل كله".
" وماذا في ذلك ؟ لم أطلب منك الأستيقاظ ".
" كنت نصف نائم , ولا تقولي أنك كنت نائمة .... أذ لم تدع لي تلقباتك فرصة للنوم".
" لم أستطع النوم , ليس ذلك ذنبي".
" لم لا؟ ( وخطا مقتربا منها فأنكمشت في مكانها غير مجازفة بالتحرك) لدي طريقة مفيدة وناجحة ستساعدنا سوية للوصول الى أرض الأحلام".
" عاملتني في البداية بشكل سيء ثم عدت لأستخدامي آداة لأرضاء نزواتك".
" كلا , ما أردته هو الحب .... بالكلمات والأفعال "
أرادت تأكيده لعدم وجود أمرأة أخرى....
صحيح أن ديانا لم تعد ملكا له , لكنه سيبقى دائما أحتمال عثوره على أمرأة أخرى.
" يجب أن تصدقني , أنك تسرق كل شيء مني بتدخلك المفاجىء في حياتي".
" أخبريني أكثر".
" كيف أستطيع أفهامك بما قلته من قبل؟ أن قدومك للسكن هنا لم يغير شيئا , كل ما تفعله الآن هو فرض طريقة حياتك وأسلوبك عليّ ,( وتوقفت لأختيار كلماتها بدقة ) بالنسبة اليك العيش هنا مغامرة , حدث طارىء تعود بعده الى حياتك المتحضرة بعيدا عن بدائية الكوخ , تعود لتتباهى أمام أصدقائك ومعارفك عن أحتمالك العيش هنا , هذا هو بيتي , بينما لا يمثل لك غير مكان تقضي فيه أجازتك".
" أنا متأكد بأن لديك الكثير لتقوليه".
" أن سخريتك تثير فيّ المرض , هدفي في الحياة هو العيش بلا أدعاء , أخبرتك ذلك من قبل , كما أخبرتك أن هدفك في الحياة هو تجميع أكبر كمية من النقود , لا يزال رأيي كما هو".
" أنك بالتأكيد تعرفين أفضل الطرق للأطراء".
" أنك تهدد كل شيء عزيز علي".
كلا لم تقل الحقيقة .... أنه هو كل شيء عزيز عليها ,حيثما يوجد , توجد سعادتها وراحة بالها , مع ذلك ناقضت نفسها أذا ما حدث وأقتربا من بعضهكون ذلك على المستوى الحسي وليس العقلي ....ما سيهددهما بالأنفصال بعد عدة أسابيع.
" لا أريد آلات القرن العشرين , لا أريد للآلة أن تقوم بما أتمتع القيام به , لا أريد للتقنية الحديثة ألغاد وجودي وأهميتي , لا أريد منها توفير الوقت ثم أشعر بعد ذلك بالفراغ لعدم وجود شيء أفعله , فأضطر للجلوس ومراقبة التلفزيون الليلة بعد الأخرى , ناسية فائدة وساقيّ وكيفية أستخدام عقلي".
كان صمته مثيرا لأعصابها .
" هل تفهم الآن؟".
وجلست منهكة على الكرسي الهزاز , أغمضت عينيها وصمتت

زهرة سوداء 22-05-13 02:37 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
الفصل الحادي عشر

حياة جديدة

حين أستيقظت ألونا في صباح اليوم التالي, ونزلت الى المطبخ , وجدت دريك يغتسل في المطبخ.
راقبت دريك يغتسل بالماء البارد الموضوع في الحوض الجديد , سحرتها حركاته وخاصة حين تناول المنشفة.
" لا بد أنك قوية لتتحملي هذه الحياة القاسية , سأتحول بعد قليل الى أنسان بدائي يجر أمرأة من شعرها بأتجاه كهفه المظلم , هل تعلمين أن لي حق برميك خارج الكوخ , بأعتباري مالكه , أذا لم تنفذي أوامري؟".
وجذبها نحوه واضعا يديه على كتفيها .
" نعم , أنك جميلة في الساعات المبكرة ,هل مزاجك أحسن اليوم؟".
أبتعدت عنه بحركة سريعة :
" من الأفضل تجنبي في الصباح الباكر ".
" ربما لأنك تستيقظين لوحدك".
" ربما لأنني أفضل هذا".
" هل تمزحين؟".
وتجنبت النظر اليه مباشرة لتبعد عن نفسها تأثيره المغناطيسي
تركها دريك دون أن يذكر وقت عودته , ربما سيقرر العودة بعد أسابيع , تبعا لرغبته , ورغم جلبه بعض الملابس معه, فأن هذا ليس تأكيدا على بقائه في الكوخ بشكل متواصل.
بعد أن عملت طوال الصباح , طبخت ألونا طعامها متمنية , لأول مرة , وجود شخص آخر الى جانبها , كان من العبث تقريع نفسها أذ بقيت صورة دريك مهيمنة على تفكيرها طوال اليوم.
عصرا , أعدت وجبة العشاء .... قطعت اللحم وأضافت اليه خليطا من الخضار وكمية من الماء , ثم وضعت القدر في الجزء السفلي من الفرن ليطبخ الطعام بهدوء.
سمعت طرقا على الباب , فدق قلبها فرحا , ولكن دريك لديه مفتاح... تكرر الطرق وعرفت من وقعه أن الطارق صديق.
قال راي:
" أهلا.... آه , فتاة أحلامي ترحب بي على عتبة دارها , هل سترتدينه يوم غد؟ ستثيرين ضجة و هل أستطيع ادخول؟".
" لم لا؟ هل تعلم بأن دريك يقيم هنا الآن؟".
" نعم , ولم يكن ما سمعته أشاعة كاذبة , لا تقلقي , لا يعرف الكثيرون ذلك ... رغم أن الجميع يعرفون بشرائه الكوخ".
" لست قلقة يا راي , أنه مالك الكوخ وهذه غرفته, غرفة لوسيا سابقا .... بينما أنام كعادتي , في الطابق العلوي".
" أعرفك جيدا يا عزيزتي , الكل يعرفونك من هذه الناحية صحيح أنني ضحكت لوصف السيدة براينت لك بأنك فتاة ذات أخلاق عالية لكنها الحقيقة و بالمناسبة , ألتقيت بالسيدة ميسي أثناء مجيئي وكانت مسرعة للحاق بالقطار المتوجه الى برايتون , أختها ليست على ما يرام وستبقى معها عدة أيام وطلبت مني أخبارك بذلك".
" شكرا , هل أعجبت بالفستان ؟ عسى أن يعجب الفائز أيضا , راي.... أنني خائفة وأتمنى لو لم أوافق".
" لا تقلقي . سيكون كل شيء على ما يرام, أنا متأكد من ذلك ".
" كيف تعرف ذلك؟هل أنت من سيفوز بي؟ أو الكولونيل دينتون ؟ سأكون بأمان".
"شكرا , أن ثقتك تبعث السرور في نفسي".
" هل تريد كوب شاي ؟ عشائي ليس جاهزا بعد".
" لا مانع لدي , ولكن يجب أن أعود بسرعة أذ يريد مني والدي مساعدته في كتابة رسائله".
وضعت ألونا الماء على النار ثم وضعت الكوبين على المنضدة , قالت:
" راي , لا أريد توسيخ هذا الفستان ,هل تمانع أذا ذهبت الى الطابق الأعلى لاغييره؟".
لا مانع لدي وسأتسلى بقراءة الرسائل المطبوعة أثناء ذلك".
صعدت ومضت الى غرفتها و وخلعت الفستان ثم علقته بعناية في خزانة الملابس , حين أستدارت لأرتداء بنطالها سمعت صوت الباب ثم صوت شخص يتكلم مع راي ,مضت الى الفسحة الواقعة أمام غرفتها ومدت رأسها لألقاء نظرة على الطابق الأرضي , ففوجئت بوقوف دريك أسفل السلم متطلعا اليها , ها هي واقفة هناك نصف مكشوفة بينما صديقها ينتظر في غرفة الجلوس , وفهمت بسرعة مغزى نظرات دريك المحتقرة.
" دريك!".
وعادت الى غرفتها فسمعت صوت راي قائلا:
" وداعا يا ألونا , اراك غدا في المهرجان وأتمنى أن يفوز بك الرجل الملائم".
أرتدت ألونا بنطالها قبل أن يدخل دريك الغرفة , وقف عند المدخل متفحصا أياها.
" هل قاطعت شيئا مهما ؟ أو ربما كنت تستعدين وأفسدت أنا عليكما خلوتكما؟".
" لا أعرف ما الذي تتحدث عنه , كل ما كنت أفعله هو خلع الفستان الجديد الذي سأتديه في أحتفال يوم الغد , أردت المحافظة عليه و....".
وسكتت بعد أن أدركت أنه لم يكن مصغيا.
" أذن , راي هو صديقك رغم كل ما قلته سابقا , لا عجب في مناداته لك بلفب( حبي) ما دام هو حبيبك ,ولا عجب في أعتراضك الشديد حين جئت للبقاء هنا , وسألتك حينئذ عن السبب فأنكرت الأمر".
" أنكرت أتهامك وما زلت أنكره".
" أظن هذا معقولا , أذ في أمكان صديقك النوم هنا , أنني لست ساذجا عادة , ولكن لا بد أنني تحت تأثير مظهرك البريء ,( وسار نحوها) مظهرك البريء ! من الواضح الآن أنني أكبر مغفل في العالم لأنخداعي بذلك".
" أنك مخطىء , أنك مخطىء , أنت تستند في أفتراضك على ما حدث صدفة , جاء راي لسؤالي عن يوم غد ثم وضعت أنا الماء على النار وصعدت لتغيير الفستان".
واصل حركته حولها , أحست به بعيدا عنها عاطفيا رغم ملامسته أياها , ما فائدة ذلك؟ ويئست من نجاحها في أجتياز الفاصل بينهما.
سحبت يديها , ما فائدة الحب من جانب واحد؟ وقبل أن يحاول ثانية , أرتدت قميصها بسرعة , هناك حل واحد للمشكلة.... يتوجب على أحدهما مغادرة الكوخ , وبما أنه المالك , يجب عليها هي المستأجرة , مغادرة الكوخ.
سحبت حقيبة ملابسها الموضوعة على الخزانة , نفضت الغبار عنها ثم فتحت أدراج الخزانة وبدأت تسحب ملابسها.
حين بدأت أختيار ما ستأخذه من الأحذية , قال دريك :
" هل ستخبرينني ماذا تفعلين؟".
وأمتلكها الغضب , غضب حاولت جهدها كتمانه حتى تلك اللحظة لحرصها على حب الرجل الذي أرادت الأقتراب منه أكثر من أي شيء آخر في الحياة.
" من الواضح أن هناك شيئا واحدا يسرك وهو أبعاد نفسي عن حياتك , أخبرتك ذات مرة بأنني أذا غادرت الكوخ , سأحزم متاعي وأعيش كمتجولة سعيدة".
سعيدة؟ فكرت بأنها لن تكون سعيدة أبدا , قاومت رغبتها في البكاء .
" قلت أنني أريد رؤية العالم , أن أعيش , وأنا وآكل حسب طريقتي , حسنا , سأفعل ما يفعله كل الشباب في العالم , أريد أن أعيش سعيدة , بلا تدخل وبلا قيود مفروضة علي , بلا رجل يفرض حضوره علي".
" ألونا قبل أن تذهبي , هل أخبرك شيئا ؟( وقف عند المدخل ناظرا اليها بهدوء)أنا أيضا لدي حقيبة سفري الرثة ,حين أسافر لا أتصرف عادة كرجل غني بل أستخدم ساقيّ للمشي الطويل وكتفي لحمل متاعي ويدي لنصب الخيمة و ليس عالمنا مختلفا كما تتصورين".
توقفت ألونا , غير واثقة من خطوتها التالية , هل أختفت الحواجز؟ كلا , ليس كلها , حيث ساهم دريك بدوره في ذلك , تتذكر جيدا كيف قال ذات مرة أنه ذاهب لزيارة ديانا لأنها تتكلم لغته ,ديانا المرأة التي أحبها وأعتز بها , هل يحاول بتوضيحه أقناعها بالبقاء ؟ ربما كمحاولة منه لنسيان ديانا وحبه؟ ألتقت نظراتهما.
" ربما كنت ساذجا مرة أخرى , ربما لست ذاهبة للتجول في العالم , ربما ستذهبين للبقاء مع صديقك راي؟".
شمت رائحة ما طبخته فأحست بالجوع , وتذكرت أن طعامها لا يزال يغلي في الفرن ,موقدها , مطبخها , كوخها وعالمها.... كلا , لا تستطيع التخلي عن ذلك كله , كما لا تستطيع التخلي عن الرجل الواقف في أنتظارها.
بحثت عن شيء مختلف في نظراته , هل قرأ أفكارها ؟ هل عرف أنها لا تستطيع العيش بدونه؟
عادت ببطء الى الكوخ , فتحرك ليسمح لها بالدخول , وضعت حقيبتها على الأرض ووقفا يحدقان ببعضهما البعض.
" كنت محقا في أفتراضي , أليس كذلك؟ كنت متوجهة لمصاحبة صديقك ".
فتحت فمها لتدافع عن نفسها غير أنها غيرت رأيها , ما فائدة توضيح أسبابها الخاصة التي دفعتها للبقاء؟
هزت كتفيها وتنهدت:
" يبدو أن العشلء جاهز , هل تريد مشاركتي؟".
" أذا كان هناك ما يكفي".
خلعت سترتها ورمتها جانبا ثم ذهبت الى المطبخ , فتحت باب الفرن وسحبت القدر ووضعته على الفرن.
" هل أستطيع المساعدة؟".
" هل تستطيع أعداد الطاولة ؟".
أبتسم:
" سيدهشك هذا , لكنني خبير في ذلك".
" المناديل هناك, الشوكات والسكاكين في الدرج العلوي , الملح والفلفل الى جانبها ".
عاد الى المطبخ بعد ثلاث دقائق :
" تمت المهمة ...( رفع يديه مازحا) أستطيع أستخدامها لشيء آخر عدا توقيع الرسائل والعقود".
" آه....".
كان ذلك كل ما قالته ألونا وناولته صحنه.
تناولا العشاء صامتين , أثار ذلك عصبية ألونا ,ولم تعلم سبب سلوك دريك , هل صمت أحتقارا لأنه ظن أنها كذبت عليه؟ أو ربما كان مشغولا بعمله فعزله عما يحيطه؟
لم تكن ألونا قد أعدت الحلوى الملائمة لتناولها بعد الوجبة , فعرضت على دريك تناول الجبنة مع البسكويت أو بعض الفواكه , تناول تفاحة من الصحن وحدق فيها , سألها مداعبا :
" هل غسلت التفاح؟ ( أومأت موافقة) تحت الحنفية؟( أومأت ثانية) وجففتها جيدا؟".
فهمت حينئذ لعبته فأحمر وجهها .
" حسنا .... هل سررت لنكتتك الصغيرة؟ أو ربما لن تسر الى أن تزود المطبخ بالماء الجاري؟".
" لا أدري , هناك طرق عديدة للحصول على السعادة , هل تفهمين ما أعنيه ؟".
" هل تريد القول أنك قد تعتاد على طريقة حياتي ؟ وأنك قد بدأت تحبها؟".
" مزقي القناع , وستجدين رجلا بدائيا تحت مظهري الأنيق , أمنحيه الظروف المناسبة وسيفاجئك كالعاصفة , هل يجيب هذا على تساؤلاتك؟".
أتم أكل تفاحته ثم شربا القهوة.
" هل تتطلعين بشوق الى يوم غد؟".
" أنني أخافه".
" أذا كنت تشعرين بهذه الطريقة , لم وافقت؟".
" أقترح أحد أعضاء اللجنة الفكرة ووافق الجميع ناظرين الي".
" ألم يستطيعوا رؤية ما يخيب ظنهم ؟ ألم يروا أنك لست الفتاة الملائمة لعرض مفاتنها ثم تقف صامتة بأنتظار الرجل الفائز؟".
" قلت رأيك بصراحة ووضوح , حسنا لست جذابة , لكنني سأرتدي ذلك الفستان وأبتسم بشكل مغر , الى أن يفوز أحدهم , أما أذا قرر بعد ذلك أنني غير صالحة للدور , سأعود الى البيت مطمئنة الى أنني قمت بواجبي نحو اللجنة , لكنني متأكدة من شيء واحد , سأقاتل بعنف أذا ما حاول أي رجل أجباري...".
" هل هذا تحذير لي ؟ أذا كان هذا صحيحا فتأكدي أنني أذا فزت لن تستطيعي مقاومتي أطلاقا".
نهضت واقفة :
" يجب أن أجلب بعض الماء لغسل الصحون , أعذرني رجاء".
" أعطيني السطل , سأجلب الماء".
ناولته السطل فخرج الى الحديقة وسمعته يصب الماء فيه , وسألها حين عاد:
" كيف أستطعت حمل هذا الثقل طوال الوقت؟كان من الممكن أن تؤذي نفسك".
" حسنا , لم يحدث ذلك حتى الآن".
" كم سأنتظر حتى يغلي الماء ؟ لدي طرق أسرع , ما رأيك بطباخ غاز؟ أو تزويد موقدك بقنينة غاز؟ أنها ليست طريقة تكنولوجية حديثة".
" أفعل ما يحلو لك , الكوخ ملك لك وأنت تحتل نصفه الآن".
" ربما سأفعل ذلك , ربما".
غسلا الصحون وجففاها , كان دريك ممتازا في عمله فأرادت ألونا مدحه غير أنها لم تتوقع منه غير السخرية فصممت .
ببطء , ببطء شديد , بدأت ألونا تغير رأيها حول طريقته في الحياة , ها هو يساعدها في كل شيء متقبلا بدائية الظروف المحيطة بهما , هل أساءت الظن به وبرفاهيته وفساده؟ ربما كان أكثر أحتمالا منها , وهذا أذا تذكرت أحتماله لأهاناتها.
لكنها تذكرت , أنه هو من أشار الى الحاجز الفاصل بينهما , هل عنى الأختلاف العقلي بدلا من الحسي؟
بعد أن أنهى مساعدته لها , غادرها صامتا الى غرفته وأشعل المصباح , مخيبا بذلك أمل ألونا في البقاء قربه ومحادثته.
وبما أنه لم يغلق الباب وراءه مباشرة تبعته محاولة التودد اليه.
" آسفة لوجود ملابس لوسيا في خزانتك ".
" ظننت أنها ملابسك".
" كلا , لا أرتدي , عادة , ملابس كهذه , سوى فستان واحد أرتديته مرة واحدة .... هل تريد مني أخراجه؟".
هز كتفيه بلا مبالاة , وقفت في مكانها صامتة لعدة لحظات , الى أن فتح حقيبة يده , وجذب بعض الوثائق ثم وضعها على سريره فأنتابها أحساس كاتب صغير أمام مدير الشركة , حسنا , أنها لم تعد مستخدمة لديه ,ولن تنصرف لأنه ألمح اليها بذلك.
" سيارتك غير موجودة في الخارج , أين وضعتها؟"
" لم آت بالسيارة , أوصلني أحد الأصدقاء".
" كيف ستعود غدا؟".
" غدا هو السبت , ولا أعمل عادة يوم السبت , ثم أذا أحتجت سيارة أستطيع الأتصال هاتفيا وأستئجار سيارة أجرة , أين يوجد أقرب تلفون؟".
" في كوخ السيدة ميسي , أنها مسافرة الآن لكن لدي مفتاح الكوخ".
أومأ برأسه ففهمت ما أراده ونفذته , غادرت الغرفة فأغلق الباب وراءها وبقيت هكذا طوال المساء.
تخلت ألونا حوالي الساعة العاشرة عن محاولتها القراءة , كان دريك هادئا الى حد أحست فيه بالعزلة , لم يعد أمامها غير الأستحمام والذهاب الى غرفتها للنوم , وضعت أناء الماء على الموقد ثم ذهبت الى غرفتها لجلب قميص نومها وما تحتاجه للأغتسال , لاحظت عند نزولها خلو غرفة الجلوس.
لم تخبر دريك بنيتها في الأستحمام لأنه كان مشغولا ولأنها خشيت تأنيبه , لذلك لم يعد أمامها غير وضع ملاحظة ( أبتعد رجاء) على باب المطبخ ,وبدأت غسل رقبتها وصدرها حين فتح دريك باب المطبخ فجأة وقد أعماه الغضب , كان يحمل في يده ملاحظتها , ممزقة.
" هل حاولت أثارتي بطريقتك هذه؟ أخبرتك الليلة السابقة بتأثير مثل هذه الملاحظة على أي رجل , ألم تفهمي ما قلته؟".
وقفت ألونا مرعوبة للمفاجأة وجمدت ضحية لنظراته الثاقبة المتفحصة , وأنتبهت أخيرا الى موقفها فسحبت المنشفة بسرعة وغطت صدرها .
لم يضحك لخجلها بل زاد غضبه.
كانت الساعة الواحدة صباحا حين تخلت ألونا عن محاولاتها للنوم , فبدأت تتمشى في الغرفة غير عابئة بالهواء البارد المنبعث من النافذة المفتوحة ولا بأزيز الأرض الخشبية , كل ما أحست به هو وجود من أحبته في الطابق الأرضي , الرجل الذي كانت مستعدة للتخلي عن كل شيء من أجله.
هل في أمكانها التخلي فعلا عن مبادئها؟ أن تربيتها الصالحة دون ذلك , فأكتفت بالسير في الغرفة واضعة يديها في جيبي روبها.
لم تعد تفكر باليوم المقبل , يوم الأحتفال ,ونسيت كونها جائزة اليانصيب , وأحتمال قضائها اليوم بكامله مع رجل لا تعرفه , وتخبطت في حيرتها وقلقها فلم تسمع صوت أقتراب خطوات دريك من غرفتها , ولا أنفتاح الباب ليكشف عن هيئة مالك كوخها.
كان شعره غير مرتب , مع ذلك كان مرتديا ملابسه كلها , كما لو كان قد عقد عزمه على البقاء مستيقظا طوال الليل.
" هل حدث شيء ما؟".
" لا أستطيع النوم".
كان على مبعدة خطوات منها , مع ذلك أحست بالعزلة , أنه الحاجز الفاصل بينهما , المكتب الفاصل بين المدير والمستخدم , رغم لحظات المودة التي سادت بينهما , وكانت ألونا بعيدة عنه بعد كاتبة الآلة الطابعة البسيطة عن مدير المؤسسة الأنيق.
لا بد من وجود طريقة لسد الثغرة , وتداعت كلماتها بسهولة :
"دريك , آسفة لكل شيء فعلته( لم يبد عليه الفهم) الخوف هو الدافع وراء الكثير من أفعالي , مثل تحطيم الأسمنت في الحديقة , أنها رغبة غريزية في الدفاع عن أسلوب حياتي البسيط.........".
لم يبد عليه أي رد فعل.
" آسفة أيضا لكل أهاناتي , لم أعن ذلك في الحقيقة".
وأذ تزايد قلقها وتوترها سمعها تقول:
" عصر اليوم , لم أكن ذاهبة لرؤية راي , هناك فتاة تعيش في المدينة ويحبها هو .... أنه ليس صديقي , ما كنت قادرة على مغادرة الكوخ".
وتمنت لو أنه نطق بشيء .
" دريك.... أنني أحب وجودك هنا".
" لا بد أن حضوري يدفعك للأحساس بالأمان أكثر , أليس كذلك؟".
كانت لهجته ساخرة , أين المغفرة التي أشتاقت لسماعها؟
" أفهم شعورك يا دريك , أعرف أنك تحب ديانا وأنك خسرتها لرجل آخر ".
وبدا عليه التعب ..... ربما لأنه لم ينم جيدا , ها هي تحاول أصلاح ما أفسدته غير أنه لم يظهر ما يشجعها.
" أخبرتني ذات مرة ( لن يمضي وقت طويل) فظننت أنها كانت تعني زواجكما".
" ظنت أنها تحتضر وبذلك ستلحق بزوجها قريبا".
وأثارت كلماته حزنها وعاطفتها , لم تكن ديانا تحب دريك أذن؟
" أنك تبتعد عني أكثر وأكثر بدلا من الأقتراب , لا أريد خسرانك يا دريك".
ومدت يدها لتتشبث بيده و غير أنه لم يستجب.
" رجاء دريك ساعدني.... أنني قلقة , بصدد الغد وما يتوقع مني عمله ".
" أخترت ذلك بنفسك , فتخلصي منه بطريقتك , أنها مشكلتك ".
وأستدار فغادر الغرفة .
لجأت الى فراشها وتشبثت بوسادتها , بكت حتى تخلصت من توترها.
سمعت , بعد ساعة , ضجة في الخارج , خطوات شخص في الحديقة , ورغم أنها لم تنم , كانت في حالة شبه حلم , هل حلمت بسماع الأصوات؟ نهضت ببطء وجلست في سريرها , حين رأت رأس وكتفي رجل خلال النافذة , كتمت ألونا أنفاسها حاولت الصراخ لكنها فقدت صوتها , لم يكن دريك , لم يكن راي , أنه رجل ضخم ...
وقفت جامدة , أرادت الهرب غير أن رعبها شلها مكانها , وأذ أستطاعت الحركة أخيرا جاءت محاولتها متأخرة , أمسك بها الرجل بقوة , لم تستطع رؤيته.
" أهدئي وألا.... قلت ذات يوم بأنني سأنالك وها هو اليوم , لن يكون وجهك جميلا حين أنتهي منك".
" هل جننت يا سيد برادويل ؟ لست........".
كلا لن تخبره أنها ليست وحدها , وتمنت لو كان دريك مستيقظا.
" أيتها الآنسة الجميلة , سأنالك بأي طريقة ممكنة".
" يا سيد برادويل....( وأذ حررت ذراعها من قبضته أستدارت وصرخت بصوت مجنون ) دريك!".
سمعت صوت خطوات سريعة , فهمس برادويل:
"آه , أنها ليست وحدها".
وكمحاولة أخيرة لأيذائها صفعها عدة مرات ثم ركض نحو النافذة .
فتح دريك الباب وقال:
" أركضي بسرعة , أذهبي الى الجارة وأستدعي رجال الشرطة , سأمسك بهذا الرجل حتى لو أقتضى الأمر التضحية بحياتي".
ناضلت ألونا للنهوض والوقوف على قدميها , كانت على وشك الأغماء غير أنها أدركت حرج موقف دريك وحاجته للمساعدة فأسرعت الى الطابق الأرضي , تناولت المفاتيح من مكانها وركضت نحو كوخ السيدة ميسي.
أمسك دريك ببرادويل ولم يتركه ألا غائب الوعي , دريك فعل ذلك... دريك الذي أتهمته دائما بالجهل والعجرفة.
كان وجهها منتفخا بتأثير صفعات برادويل ولسقوطها على الأرض الصلبة بعد ذلك.
أستجوبها رجال الشرطة فأخبرتهم بما حدث ثم أخبروها أنه أستخدم سلم العمال للوصول الى غرفتها , كما أنه لم يكن ميتا بل حيا و ودفعوه الى السيارة ليبقى فيها الى حين الأنتهاء من التحقيق.
سمعت ألونا صوت خطواتهم فرفعت رأسها.
" هل تودين الذهاب الى المستشفى لأجراء بعض الفحوصات؟".
هزت رأسها رافضة , كانت بخير , كل ما في الأمر أنها كانت متعبة وبحاجة للراحة.
طمأنهم دريك الى أنه سيهتم بها , ثم سار معهم نحو الباب فسمعته يوضح لهم:
" جئت لقضاء ليلتين أو ثلاث لحمايتها , أذ توقعت هجومه عليها , خاصة بعد أن طردته من عمله وهدد بأيذائها معتقدا أنها سبب طرده من العمل".
ها هي تسمع الحقيقة , لهذا جاء للبقاء معها , ليس لأنه يحبها , ليس لأنه يعيش الحياة البسيطة , ولكن من أجل ألقاء القبض على رون برادويل........
عاد دريك بعد خمس دقائق ليجدها في مكانها.
" أعرف الآن لم جئت الى هنا , حسنا , لقد أتممت مهمتك وألقيت القبض على برادويل , تستطيع الذهاب الآن- سأكون سالمة لوحدي كما كنت دائما".
أجابها الرجل بهدوء:
" نعم جئت لألقاء القبض عليه قبل أن يلحق الأذى بك, جئت لحمياتك ".
بقيت ألونا جامدة في مكانها.
" أخبرني أنه سيؤذيك وسيشوه وجهك لئلا يفوز بك أي رجل في اليانصيب , لذلك كنت حذرا الليلة".
" ولهذا السبب لم تنم طوال الليل؟".
" صحيح , ولهذا قلقت حين سمعت خطواتك في المرة الأولى , ظننت طوال الوقت أنه سيحاول الدخول من الباب الأمامي وكنت مغفلا فأهملت أحتمال دخوله من النافذة".
" أذن , حين سمعت اضجة في المرة السابقة وظننت أنهم العمال , كان في الحقيقة رون برادويل؟".
" نعم , وحين أتصلت بي هاتفيا , خمنت فورا هوية الشخص , لهذا جئت مستعدا للبقاء أطول فترة ممكنة ".
" حسنا , لقد أنتهت مهمتك كحارس شخصي لي , تستطيع العودة الآن الى بيتك".
لم يتحرك من مكانه....
" لم طلبت من العمال عدم المجيء ثانية؟".
" قررت الأنتظار".
" ماذا؟".
" اللحظة الملائمة لسؤالك , ولمعرفة ما تريدينه فعلا".
" تسألني؟ انك المالك ةتستطيع عمل ما تريده".
تحرك مقتربا منها , وأبتسم:
" أنك من سيعيش هنا , لذلك يجب أن تختاري بنفسك ما تريدنه , هل تريدين هذا الكوخ أن يكون بيتا لك , أو مجرد مكان تسكنين فيه؟".
تخيلت منظر كوخ السيدة ميسي بطاولته الصقيلة و زهوره وكراسيه المريحة , واللمسات الطبيعية المريحة فيه و أي أنسان سيقدّر ذلك البيت... بيت يعني الدفء.
" أريد بيتا...".
" بيتا؟ ستحصلين عليه أذن....".
نظرت نحوه متعجبة , فمد يده ولمس وجهها:
" هل صفعك؟".
" نعم , كما فعل من قبل , ثم طردتني اليوم التالي و لم فعلت ذلك يا دريك ؟".
" الأسباب معقدة ومن الصعب توضيحها الآن , ظننت أنك ذهبت الى الحفلة بأرادتك , وكذبت عليّ – تذكري أن برادويل- حرضني طوال الوقت و وكان شخصا وثقت به , ففكرت بك كأنسانة دعية تتظاهر بالهدوء , لا تنسي أيضا أنني أنسان أحب الكمال في العمل".
" أنك أنسان قاس".
" ربما , لكن يجب أن أكون كذلك لأنجح في حياتي العملية".
" وماذا عن حياتك الشخصية؟".
" أطالب بالعلاقة الكاملة , لكني لست قاسيا , ونجحت في العثور على رفيقة حياتي الكاملة التي آمل أختيارها للعيش الى جانبي".
" أخبرني من هي ؟ رجاء يا دريك......"
أمسك بيدها وجذبها نحوه:
" بالكلمات يا حبيبتي أم بالأفعال؟ يجب أن أريك شيئا ما".
وتوجه نحو غرفته ثم عاد حاملا علبتين صغيرتين وورقة.
" هذه أجازة السماح بالزواج , سنتزوج غدا".
" لكنك لم تطلب مني الزواج؟".
" لم أنس ذلك بالتأكيد , ألونا بيل هل تقبلين الزواج مني؟".
" نعم يا دريك واريك , أقبل الزواج بك".
" لكنني لم أشك أبدا بموافقتك , أذ أخبرني أحدهم ذات مرة بأنك تحبين رئيسك في العمل , وكانت تلك الجملة الصحيحة الوحيدة التي نطق بها رون برادويل ( فتح علبة الخاتم) خاتم الزواج , جربيه ,كلا , كلا ....أرتديه بنفسك , سأقوم بذلك غدا".
كان الخاتم ملائما تماما , فتح دريك علبة أخرى كاشفا عن خاتم من الماس , شهقت ألونا.
" ولكن دريك........".
رفع يدها ودفع الخاتم في مكانه.
" أنه بحاجة للتصغير قليلا".
" سأجري كل ما توافقين عليه , ليس في نيتي أفساد بساطة حياتنا المشتركة , وأعدك بأنني سأتعلم ذلك منك , سأكون طالبا متحمسا , وفي الحقيقة , أعتقد أنني في منتصف الطريق الآن".
رمقته بفرح , ثم تغير تعبير وجهها فجأة :
ط غدا و المهرجان واليانصيب , كيف نستطيع الزواج؟ أشترى التذاكر العديد من الناس ولن يكون من العدل.....".
قال مبتسما:
" سيفوز بك شخص أسمه دريك واريك , (ضحك لدهشتها الشديدة وأوضح) كلا لست مجنونا.... ضعي نفسك مكاني , لم أكن قادرا على مراقبة الفتاة التي أحبها وهي تسلم الى رجل آخر , مهما كان عمره , لذلك أشتريت مسبقا كل البطاقات".
" لكن ذلك أحتيال يا سيد واريك".
" هذه وجهة نظرك ,أما في رأيي فأنني حاولت المحافظة على كرامة زوجتي في المستقبل مصونة".
" ولكن متى حدث هذا كله؟".
" شراء التذاكر؟ آه.... منذ أيام , ذهبت للقاء الكولونيل دينتون ورتبناها بيننا ,ولوحت له بمبلغ من المال تبرعا للمهرجان على شرط واحد , أن أفوز بفتاة اليانصيب".
" ولكن.... سيتم غدا سحب التذاكر من كيس اليانصيب , فكيف؟".
نظر الى عينيها المتعبتين :
" آه , ربما سأزعجك الآن , هناك نوعان من التذاكر...".
" وردية وصفراء , ولكن لا أهمية للون".
" هذا خطأ , أشتريت كل البطاقات الوردية , لا تقلقي , ستوضع البطاقات الصفراء في الكيس ولكن في قعره , بينما توضع الوردية في الجزء الأعلى , بما أن زوجة الكولونيل ستجري السحب فأنه طلب منها سحب التذكرة من الجزء العلوي , هكذا ستسحب , لا محالة , تذكرة وردية ".
" دريك واريك , أنك...".
" قاس... أعرف ذلك , حين سأفوز بك سنتوجه الى مكتب تسجيل الزواج ,وبعد الساعة الرابعة عصرا ستكونين زوجتي , سيحضر حفلة الزواج عدد من الأأصدقاء , في فندق الرويال".
" أصدقاء من؟".
" أصدقاؤك وأصدقائي , الكولونيل دينتون وزوجته مثلا , راي هيل ,والسيدة براينت , وعدد من أصدقائي أيضا , هل يلائمك هذا؟".
أومأت بقناعة:
" ثم نعود الى هنا , الى بيتنا لننعزل عن العالم هل لديك أي أعتراض؟".
" كلا".
" هل لديك أي سؤال؟".
" نعم , هل سيكون لدي وقت كاف لأرتداء فستان ملائم للزواج؟".
" لماذا؟ سمعت أن الفستان الذي سترتدينه للأحتفال سيكون ملائما".
وافقته ألونا بعد تفكير قصير:
"سؤال آخر يا دريك ,. هل... هل عنت ديانا أي شيء لك؟".
" هل تعنين هل أحببتها؟ كلا ,فقدت ديانا زوجها العزيز منذ فترة ثم أكتشفت أصابتها بالمرض الخطير , أحسست بالشفقة عليها فساعدتها وسمحت لها بالعمل متى أستطاعت ذلك , أرسلت لها الهدايا لأرفع معنوياتها , كما خرجت معها أحيانا لأمنحها شيئا يدفعها للرغبة في الحياة , كما دفعت عند الضرورة , نفقات علاجها , حين سمعت بشفائها وبعلاقة حبها فرحت أذ سيساعدها ذلك على نسيان وفاة زوجها".
" أذن, لم تعن لك شيئا على الأطلاق؟".
" عزيزتي , كيف تستطيع ذلك وقلبي ساقط في فخ نصبته أنت له؟ فخ لم أرغب الفرار منه أبدا".
" أنا أيضا كنت محاصرة , كم كرهت الخصام معك , وكرهت الشجار".
" أنك كاذبة مبتذلة".
قالت مبتسمة :
" كنا سندعو اليانصيب( فتاة ليوم واحد)".
هز دريك رأسه , جاذبا روبها ومريحا رأسه على صدرها :
" أنك أمرأتي حتى آخر يوم في حياتي , غدا هو البداية فقط.... أنه يوم أستحواذي عليك".
نظرت الى ساعته مبتسمة :
" غدا هو اليوم يا عزيزي".
ونظرت نحوه بعينين متألقتين.


تمت







شكرا لمروركم وتشجعيكم القاكم في رواية اخرى

عبير قائد 22-05-13 03:30 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
السلام عليكم

من الروايات المحببة لقلبي جداا

بقدر قسوته

فدريك كاان ارق ابطال الروايات بالنسبة الي .. محظوووظة هي ألونا .. ♥

شكررررا سوسو لاعادة الذكرياات

azzamohamed 22-05-13 05:07 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 


حبيت النهايه كتير
حبيت شخصيه دريك جدا يابختك يا ألونا
شكرا زهورتى على الروايه:55:

زهرة سوداء 22-05-13 05:14 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير قائد (المشاركة 3323890)
السلام عليكم

من الروايات المحببة لقلبي جداا

بقدر قسوته

فدريك كاان ارق ابطال الروايات بالنسبة الي .. محظوووظة هي ألونا .. ♥

شكررررا سوسو لاعادة الذكرياات

هلا وعليكم السلام يا حلوة منورة وانا كمان كثير بحب الرواية هاي ههههه محظوظة بس غلبها كثير

اهلا فيك باي وقت انا السعيدة بوجودكم

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3323940)

حبيت النهايه كتير
حبيت شخصيه دريك جدا يابختك يا ألونا
شكرا زهورتى على الروايه:55:


هلا يا عزة شكرا يا حلوة لوجودك ان شاء الله القاكم برواية جديدة قريبا لاني حبيت رفقتكم كثير منورين

azzamohamed 22-05-13 05:38 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة سوداء (المشاركة 3323942)
هلا وعليكم السلام يا حلوة منورة وانا كمان كثير بحب الرواية هاي ههههه محظوظة بس غلبها كثير

اهلا فيك باي وقت انا السعيدة بوجودكم




هلا يا عزة شكرا يا حلوة لوجودك ان شاء الله القاكم برواية جديدة قريبا لاني حبيت رفقتكم كثير منورين


أنتى الاحلى واللهى
وأنا حبيتكم كتييييييييييييييييييييييييير :e418:
وراح أستنى روياتك على طول حبيبتى زهوره :361:
وراح أأقرأكل الرويات اللى أأنتى كتبتيها:52_asmilies-com:
هستناكى قريب فى روايه جديده متغبيش
فى رعايه الله

Eman 22-05-13 07:00 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
مرحب زهورة
شو هالرواية العجيبة والجميلة على الرغم من كل شي
البطلة قهرتني طول الرواية شو منحوسة !!!
وهو شو روعة ورايق وبجنن ومطول باله على هبلها وآرائها العجيبة
الرواية فيها قدم الآلات الطابعة وروحها وبرائتها :lol:
النهاية ممتعة
ويسلمووو ايديكي على كتابتها حبيبتي

Koedara 23-05-13 03:04 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
استمتعت بالرواية جدا
شكرا ليكي وبانتظار جديدك عزيزتي
بالتوفيق

زهرة منسية 23-05-13 11:49 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلم أيديكى زهورة أختيار رائع و الأروع أنك تكونى منورنا حبيبتى
مشكورة كتير على تنزيل الرواية الرائعة
لى عودة بعد الأنتهاء من القراءة
مشكورة كتير يا قمر

night wishper 23-05-13 01:39 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
ثانكس حبيتي و بالتوفيق ان شاء الله :dancingmonkeyff8:

زهرة سوداء 23-05-13 07:27 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة azzamohamed (المشاركة 3323947)
أنتى الاحلى واللهى
وأنا حبيتكم كتييييييييييييييييييييييييير :e418:
وراح أستنى روياتك على طول حبيبتى زهوره :361:
وراح أأقرأكل الرويات اللى أأنتى كتبتيها:52_asmilies-com:
هستناكى قريب فى روايه جديده متغبيش
فى رعايه الله

حبيبتي وأنا رح استناك أن شاء الله رح يكون لي لقاء قريب معكم



اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Eman (المشاركة 3323993)
مرحب زهورة
شو هالرواية العجيبة والجميلة على الرغم من كل شي
البطلة قهرتني طول الرواية شو منحوسة !!!
وهو شو روعة ورايق وبجنن ومطول باله على هبلها وآرائها العجيبة
الرواية فيها قدم الآلات الطابعة وروحها وبرائتها :lol:
النهاية ممتعة
ويسلمووو ايديكي على كتابتها حبيبتي

أهلا أمون أنا الي كثير سعيدة بوجودي معكم الله يسلمك يا قمر منوراني
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Koedara (المشاركة 3324244)
استمتعت بالرواية جدا
شكرا ليكي وبانتظار جديدك عزيزتي
بالتوفيق

أهلا وسهلا يا قلبي سعيدة لمرورك
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3324488)
يسلم أيديكى زهورة أختيار رائع و الأروع أنك تكونى منورنا حبيبتى
مشكورة كتير على تنزيل الرواية الرائعة
لى عودة بعد الأنتهاء من القراءة
مشكورة كتير يا قمر

أهلا زهورة سعيدة أنها أعجبتك يا عمري أن شاء الله رح يكون في كثير غيرها شكرًا على مرورك يا قمر

زهرة سوداء 23-05-13 07:30 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة night wishper (المشاركة 3324496)
ثانكس حبيتي و بالتوفيق ان شاء الله :dancingmonkeyff8:

أهلا يا نيوتن منورة يا حلوة شكرًا لمرورك

hoob 24-05-13 12:49 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:55::55: حلوة كتييييييييييييييييير:55::55:

زهرة منسية 24-05-13 01:12 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
أختيار موفق جدا جدا زهرتى
البطلة صعبت عليا الحظ السئ مطاردها طول الرواية
أما البطل قمة فى الرومانسية
أسعدين كتير متابعة الرواية
فى أنتظار جديدك بشوق

قرة عين امي 25-05-13 02:17 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اختيار موفق حبيبتي تسلم يمناك على الكتابة
رائعة حقاً واستمتعت كثير مع ألونا وحبيت بساطتها وضعفها السطحي رغم امتلاكها روح نمرة متمردة
واستمتعت كثير بتقلبات داريك من الحنان الى البرود الى القسوة والتجمد احياناً
هنيان لهما السعادة الزوجية
وفي انتظار جديدك
تحياتي .... اسماء

زهرة سوداء 26-05-13 03:28 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
[QUOTE=زهرة منسية;3324661]أختيار موفق جدا جدا زهرتى
البطلة صعبت عليا الحظ السئ مطاردها طول الرواية
أما البطل قمة فى الرومانسية
أسعدين كتير متابعة الرواية
فى أنتظار جديدك بشوق[/

QUOTE]


منورة زهورتي تسلمي يا قلبي وانا كمان بانتظار التواجد معكم مرة اخرى
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قرة عين امي (المشاركة 3325011)
اختيار موفق حبيبتي تسلم يمناك على الكتابة
رائعة حقاً واستمتعت كثير مع ألونا وحبيت بساطتها وضعفها السطحي رغم امتلاكها روح نمرة متمردة
واستمتعت كثير بتقلبات داريك من الحنان الى البرود الى القسوة والتجمد احياناً
هنيان لهما السعادة الزوجية
وفي انتظار جديدك
تحياتي .... اسماء


هلا اسومة معطرة المكان بوجودك يا قلبي ان شاء الله رح يكون لي تواجد معكم مرة اخرى بصراحة وجودكم حمسني

دمتم يا عمري

هيناتا الرقيقه 28-05-13 09:15 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا الك الروايه كثير رائع عن جد ذووق وممكن تقولي الي كيف اعرف اذا الروايه الي بدي اكتبها مش موجوده في المنتدى :55::8_4_134:

زهرة سوداء 28-05-13 06:16 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيناتا الرقيقه (المشاركة 3326781)
شكرا الك الروايه كثير رائع عن جد ذووق وممكن تقولي الي كيف اعرف اذا الروايه الي بدي اكتبها مش موجوده في المنتدى :55::8_4_134:

اهلا وسهلا بك حبيبتي اكيد

عند البحث المتخصص الي فوق المستطيل الصغير بتكتبي اسم القصة وبتعملي بحث

واهلا بك باي استفسار

هيناتا الرقيقه 01-06-13 10:35 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
رائع جدا بس ممكن أعرف اسمها الأصلي وفي سوال محيرني الروايات محذ وف منها

hoda saleh 15-07-13 08:51 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
الرواية جميلة جدا ميرسي

ندى ندى 07-08-13 05:16 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
من اروع الروايات واجملها

تسلم ايدك حبيبتي ووفقك الله

ليتني اعود طفلة 16-11-13 09:15 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
:dancingmonkeyff8:
:55::55:

رهام رهام رهام 10-01-14 11:20 AM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
باين من الملخص انها روايه رائعه وجميله .... شكراً علي مجهودكم:55:

قماري طيبة 15-01-14 07:01 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
thaaaaaaaaaaaaaanks

جوهرة الدانة 19-01-14 07:38 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة
 
شكرا شكرا شكرا الرواية رائعة

رنا20 01-02-14 04:21 PM

رد: 161- سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
هاي الرواية من رواياتي المفضلة
شكرا على كتابة الرواية

الجبل الاخضر 09-08-14 03:45 PM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
تسلمي عيوني :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:برافو :55:تسلم الانامل :hR604426:على المجهودك الرائع والاختيار الممتاز:55::peace: ونشكرك على تعبكي:lol: ياعسل :wookie:وننتظر جديدك:dancingmonkeyff8:

ماهيتاب ا 10-06-15 02:14 PM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
روايه تحفه شخصية البطل رائعه ولو انى شعرت وكأنبها بعض المواقف المحذوفه ولكنها رغم ذلك تحفه الف شكر

منى على سيد 13-06-15 09:22 PM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
ما فهمتش الملخص بس باين ععليها من العنوان انها حلوة كتير تسلم ايديك

فرحــــــــــة 09-09-16 11:58 PM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
غاليتى
زهرة سوداء
وقصة دافئة رائعة
سلمت يداكى على خسن الاختيار
لك منى كل الشكر والتقدير
فقد استمتعت بها كثيرا
مع روعة ابطالها واثارة احداثها
انتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

Miss Math 20-09-16 06:16 PM

سيدة عمري الفاضلة

Moubel 16-08-20 09:21 AM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
شكرا رواية شيقه

سماري كول 12-12-20 01:05 AM

رد: 161 - سيدة نفسها - ليليان بيك - روايات عبير القديمة ( كاملة )
 
يسلموان ع الرواية


الساعة الآن 01:53 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية