منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f752/)
-   -   حصري 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير) (https://www.liilas.com/vb3/t186822.html)

زهرة منسية 07-05-13 08:41 PM

352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

أهلا و سهلا بأحلى رومانسيات
اليوم موعداً مع الجزء الثالث و الأخير من سلسلة
روبين دونالد

قصة الأمير غاى و بطلته لورين
منتديات ليلاس
حررها الحب

اتمنى أنكم تستمتعوا معايا بأحداث الرواية
و إذا عجبتكم الرواية لا تنسوا الضغط على http://www.liilas.com/up/uploads/lii...7951573833.gif


زهرة منسية 07-05-13 08:47 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
المــلــخــص

منتديات ليلاس

ثمة طريقة واحدة تمكن لورين من الهرب من جزيرة سانتا روزا الممزقة بالحرب, يجب أن تتزوج غاى ... الغريب الفاتن .
زواجاً أبيض لكن الحكاية لا تنتهى هنا....
فما أن يجتمع غاى و لورين فى مكان آمن. حتى يكتشفان أن وعود الزواج لم تكن مسرحية و الأفظع من ذلك أنه أمير فعلاً فى إمارة داسيا المتوسطية , وهما مجبران على الزواج مرة ثانية علناً.....و فى زفاف رسمى.... بناء لأوامر ملكية.

لا أحل نقل جهدى و تعبى دون كر أسمى
زهرة منسية

و ذكر أسم المصدر
منتديات ليلاس




زهرة منسية 07-05-13 08:50 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
تـــمــــهـــــيـــد

رفع غاى باغاتون رأسه و وقف مستقيماً فبدت قامته المديدة الملفتة و راحت نظراته الداكنة تنتقل إلى هدف محدد فوق بساط الرمال البيضاء.
اقتربت امرأة من البار و قد التمعت أشعة شمس المحيط الهادئ القوية فوق شعرها فبدا كشعلة زرقاء من النار . كان غاى يقف فى الجهة المائلة من البار حيث لا يمكنها أن تراه , ارتداؤها الزى المحلى(السارونغ) أثار إعجابه فقد أظهر جمال كتفيها . بدا كل ما فيها جذاباً و رفيع الذوق , الثوب الذى يغطى جسمها حتى صندالها الذى يكشف عن ساقين طويلتين ممشوقتين . فسأل بصوت خفيض لم يسمعه سوى موظف البار :"من هذه؟"
رفع الرجل بصره و قال :"إنها الآنسة لورين بورتر.... وصلت بالطائرة منذ ساعتين فقط قادمة من (آتو) و سوف تمكث ليلتين"
لم يظهر على وجه غاى أى تعبير حين قال :"فهمت"
عندما أتصل المدير بـ غاى منذ ساعة بدا واضحاً أنه يشعر بالقلق لأن الزائرة الجديدة أعلنت عن نيتها زيارة إحدى القرى الجبلية . أسم المرأة رجع صداه فى مكان ما فى ذاكرته و استغرق الأمر منه بعض الوقت ليستهدى إلى مصدر هذه الذكرى.... إنه حديث دار بينه و بين إحدى قريباته منذ أشهر , و هى أميرة بافارية متقدمة فى السن ذات أنف فضولى لتقصّى الأخبار و عين خبيرة بالرجال . كان غاى مدعواً إلى حفل عشاء ممتاز أقامته , قالت له يومها :"رأيتك تتحدث إلى مارك كوربت و زوجته الرائعة. أتساءل إن كانت بيج تعلم بأن لديه عشيقة إنكليزية"
قال غاى باقتضاب :"أشك فى ذلك"
كانت بيج كوربت قد لفتت انتباهه فقد بدت مغرمة بزوجها . كما عُرِف عنها أنها ذات سمعة طيبة و أن لديها العديد من الاهتمامات .
ــ قلة من الناس يعرفون بهذا الأمر , فهما شديدى التحفظ و لا يظهران معاً على الإطلاق . لكن ذلك لا يمنع الفضوليين من تنسم الأخبار ..... اسمها لورين بورتر , و هى إنكليزية جميلة طويلة الساقين , تعمل فى مجال التجارة , قيل لى أنها بارعة جداً و أنها على علاقة حميمة مع مارك منذ عدة سنوات .
رفع غاى حاجبيه لكنه لم يقل شيئاً . فأومأت الأميرة الكهلة قائلة :"و الآن سوف تتغير نظرتك غليه , فلن تحبه بعد اليوم. لطالما كنت تملك حس النزاهة حتى عندما كنت ولداً صغيراً"
ابتسم بسخرية و هو يخفض بصره نحوها , إلا أن احترامه لـ مارك كوربت تناقص بشكل كبير . مع انه وعد قريبته بألا يفشى السر .
ضاقت عيناه بسبب أشعة الشمس الاستوائية و هو يراقب لورين بورتر فيما هى تقترب من البار. إن رحلتها إلى هذا المكان تمت بتنظيم من شركة كوربت , فلابد إذن أن تكون المرأة نفسها . ما الذى تفعله هنا؟
ما أن أصبحت قريبة منه و تمكن من رؤية وجهها حتى شعر بما يشبه الصدمة فطرف بعينيه و شهق بسرعة. إنها فاتنة! لا عجب أن توقع مارك كوربت فى حبائلها....بشرتها ناعمة كالحرير , عيناها واسعتان بلون رمادى باهت و هما تلمعان كالكريستال بالإضافة إلى ذلك فهى تملك جسداً رائعاً ينضح بالإغراء و الجاذبية .
منتديات ليلاس
لماذا تخطط هذه المرأة لزيارة قرية جبلية صغيرة قذرة؟ لابد أن الأمر يتعلق بعملها , ولا بد أنه يتعلق أيضاً بـ مارك كوربت فهذا الأخير يساهم فى مختلف أنواع المشاريع الصناعية المنتشرة فى العالم .
قطب غاى جبينه و هو يراها تبتعد عن البار و تختفى داخل قاعة الاستقبال . من الأفضل أن يذهب ليرى ما الذى تريده .
لم يكن من الصعب إقناعها بعدم مغادرة المنتجع , سوف يخبرها أن المنطقة الجبلية مليئة بالصراصير الضخمة و يتبع ذلك بإشارة العلق ما سوف يجعلها على الأرجح تفر هاربة.
و على الرغم من ابتسامته العريضة الساخرة أحاط به شعور بعدم الارتياح و كأنه يترقب خطراً ما. و مع انه لم يكن يعلم ما سبب هذا التوجس الذى يشعر به إلا أنه يعلم أن توجسه غالباً ما يكون فى محله , فقد أنقذ هذا الشعور حياته مرتين من قبل لذا لا يمكنه أن يتجاهله . كان عليه ان يحضر هاتفه الخليوى معه من المكتب قبل مجيئه إلى المنتجع.قال لموظف البار: "إذن , أنت لم تسمع أى أخبار مقلقة ؟"
هز الرجل كتفيه و قال :"هناك الكثير من الأقاويل . لكن هذا أمر اعتيادى فى سانت روزا"
رد غاى بنبرة ملؤها التساهل:"طبعاً, فالثرثرة سلعة مجانية . حسناً أنس الأمر"
كان الشاب يلمع الأكواب و قال و قد عكست نبرة صوته القلق الظاهر فى عينيه و وجهه الداكن :"ما الذى سمعته أنت؟"
أجابه غاى بصدق:"لا شئ . ليس هناك شئ محدد لكنك تعرفنى....أحل لملمة الأخبار"
التقط موظف البار كوباً زجاجياً آخر و قال بسأم :"ارجو ان تكون الحرب قد انتهت فعلاً. لكن منذ أن بدأ ذلك المبشر بالتحدث عن جوان فرام الذى سيأتى من أميركا محملاً بالأطعمة و المشروبات و السجائر و كل الأشياء الأخرى حتى ساد التوتر من جديد بين الناس"
ــ أعلم ذلك . عليك أن تبقى عينيك و أذنيك مفتوحة. هل تفهم؟
و أومأ غاى باتجاه صالة الاستقبال قائلاً :"سأذهب للتعرف على الآنسة بورتو"
ما إن تمكن من إقناعها بالذهاب إلى منطقة جبلية أمر خطير حتى يعود فيتحدث إلى موظفة الاستقبال, فهذه الأخيرة قدمت من قرية قريبة من الحدود, و ربما تكون قد سمعت شيئاً يفسر هذا الشعور البدائى بالتوجس الذى يتسلل عبر عموده الفقرى ببرودة.
ابتسم الشاب ابتسامة عريضة قائلاً :"الآنسة بورتر امرأة جميلة,لكنها....نحيلة الجسم. لا أدرى لماذا تحبون – أنتم الأوروبيون – النساء النحيلات"
هز رأسه متعجباً من غرابة ذوق الرجال الغربيين ثم أضاف :"إنها لطيفة.... تبتسم لك و تتحدث إليك و أنت تحمل حقائبها"
لم تكن المرأة تبتسم عندما توقف غاى فى مدخل الردهة , كانت تتكلم بتصميم حتى إنها لم تلاحظ قدومه.
لم تكن المرأة جميلة فقط , بل بدت شفتاها المكتنزتان مليئتين بالوعود المغرية. لكن من يهتم لذلك؟ ليس هو بالتأكيد!
بدت لورين بورتر مسيطرة تماماً على نفسها مع أنها لم تحصل على مرادها.
حان الوقت لاستدعاء الصراصير....هكذا قرر غاى ساخراً و خطا إلى الداخل تاركاً حرارة الشمس خلفه.



زهرة منسية 07-05-13 08:53 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

1 – رحـــلـــة مــســتــحــيــلــة

قطبت لورين :"هل تعنين أن من المستحيل الوصول إلى هذه القرية؟"
ترددت موظفة الاستقبال قبل أن تقول بحذر :"ليس الأمر مستحيلاً سيدتى لكنه صعب"
تجنبت عينا المرأة القلقتان النظر النظر مباشرة إلى عينى لورين :"الطريق خطر جداً"
استعادت لورين ذكرى قدومها من المطار فى باص صغير راح يهتز بعنف خلال مسيره . فكرة سلوك طريق أسوأ من تلك لم تكن فكرة سارة"
و فكرت بتجهم : حسناً , و ما هو الجديد فى الأمر؟ لا شئ فى هذه الرحلة كان سهلاً.
تمنت لو أنها لم تعد بيج بتفقد مؤسستها الخيرية المفضلة . فى لندن بدا لها الأمر سهلاً مجرد زيارة لمدة يومين إلى جزيرة استوائية تقتطعها من عطلتها التى تمضيها فى نيوزيلندا .
آهـ ! تأخرت رحلتها إلى سنغافورة و هكذا لم تتمكن من اللحاق بالآخرين و كان عليها أن تنتظر حتى الصباح الباكر لتستقل الطائرة إلى الساحل الجنوبى .
و لأنها لم تنم سوى ساعتين فقط فإن رأسها يؤلمها و عيناها تخزانها كما ان الابتسام يجعلها تشعر بألم فى شفتيها . و الآن هذا ! أبعدت خصلة شعر سوداء رطبة عن خدها و قالت :"ماذا عن باصات النقل العام؟"
توقفت موظفة الاستقبال عن العبث بالأوراق أمامها ثم ثبتت زهرة الخبازى القرمزية اللون خلف أذنها و هى مازالت تتجنب مباشرة إلى عينى لورين ثم قالت :"سيدتى لا شئ من ذلك مناسب لك"
غضنت لورين جبينها :"سأكون سعيدة بركوب الباص المحلى"
بدا الانزعاج على المرأة الأخرى و كررت قائلة :"إنه ليس مناسب لك بالإضافة إلى أن تلك القرية معزولة جداً"
لقد تم توظيف رأسمال لإقامة مصنع فى تلك القرية لذا فإنها لن تكون معزولة بشكل كبير. حملت كلمات لورين نبرة فولاذية و هى تقول بإصرار :"فى هذه الحالة , أين يمكننى أن أستأجر سيارة؟"
تشدق صوت رجولى قاس من خلفها :"لا يمكنك ذلك. ليس هناك وكالات لتأجير السيارات فى الساحل الجنوبى"
تصلبت لورين و قد تنبهت حواسها كلها فصوت ذلك القادم الجديد بدا عميقاً مفعماً بسخرية حادة يدل على ثقة رجولية بالنفس.
استدارت ببطء و على الرغم من قامتها الطويلة كان عليها أن ترفع بصرها لتلتقى عيناها بعينين شبه مغمضتين ذات لون متموج كحجر التو باز,أطلتا من خلف رموش سوداء مثيرة. شعرت بمعدتها تتخبط فى داخلها لتعود فتهبط و كأنها تقع بين قدميها.
رددت كلامه ببلاهة :"ما من وكالات لتأجير السيارات؟"
ــ سيدتى, إن أقرب وكالة لتأجير السيارات هى فى العاصمة . وكما تعلمين إنها تبعد مسافة ساعة طيران عن سلسلة الجبال.
خرجت كلمة (سيدتى) من فم الرجل ببطء متعمد فشعرت بها لورين تلهب بشرتها . تمسكت بسيطرتها على نفسها ثم قالت بصوت هش:"إذن , كيف يمكننى الوصول إلى هذه القرية؟"
ربما أنها لا تعرف كيفية لفظ اسم القرية كانت لا تزال تحمل فى يدها تلك الورقة التى أعطتها إياها بيج.
تبدلت تعابير وجه الرجل بطريقة ماكرة فيما هو يتفحص الورقة , إلا أن نبرته لم تتغير :"أشك بأن تتمكنى من ذلك. لقد تسببت الأمطار مؤخراً بانهيار جزء كبير من الجبل فوق الطريق"
ــ لابد أنهم قاموا بإصلاحها.
لاحظت لورين أن حاجب الرجل الأيسر ارتفع بتسلية ملؤها السخرية.
ــ السكان المحليون يقطعونها سيراً على الأقدام . و ربما تكونين قد لاحظت أن سانت روزا ليست متقدمة كثيراً فى مجال السياحة فهى لا تزال فى مرحلة التقاط أنفاسها بعد الحرب الأهلية.
ــ أعلم ذلك.
على أحدهم أن يخبر هذا الرجل الهدف من حلاقة الذقن هو إبراز معالم الوجه المنحوتة بوضوح لا تمويهها. و أن شعره بحاجة إلى القص .
نظرة أخرى إلى ذقنه و خديه جعلتها تدرك أن الظلال التى تغطيهما ليست بهدف التأثير فى الآخرين بل أن هذا الرجل لم يحلق ذقنه لأنه لا يهتم لما يفكر الآخرون به. التقطت بزاوية عينيها بقية معالمه ما جعلها تقر على مضض أن شعره الذى يبدو أطول مما ينبغى قد قص بعناية و أن حلاقة ذقنه لن تتمكن من إخفاء عظام وجه القوية.
راحت فكرة مراوغة تلح على ذهنها , لقد رأت هذا الرجل فى مكان ما....أو أنه يشبه شخصاً آخر؟
أجفلت لورين, إلا أنها لوت شفتيها بسرعة صارفة النظر عن الفكرة. من المؤكد أنها لا تعرفه ! مهاجر أشعث المظهر فى جزيرة نائية وسط المحيط الهادئ....لابد أنه غريب لا معرفة لها به .
سحبت نفساً عميقاً و تكلمت بوضوح و حذر:"هل يمكننى الذهاب إلى هناك بالطائرة؟ فالآنسة موزى...."
و أشارت إلى موظفة الاستقبال التى كانت ترمق القادم الجديد بنظرات توحى كأنه أنقذها من خطر عظيم, و تابعت:".... أخبرتنى أن وسائل النقل المحلية ليست مناسبة"
ــ أنها على حق
ــ لماذا؟
التمعت عيناه ثم قال :"هل ستشعرين بالسعادة و أنت تسافرين نقل قديمة تغطى الثقوب أرضيتها و هى دون مقاعد و دون حماية من الشمس؟"
ردت باقتضاب :"إذا ما اضطررت سوف أفعل"
ــ ماذا عن الصراصير؟
منتديات ليلاس
لم يحمل كلامه أى نبرة خبث حين تابع يقول :"أنها سوداء كبيرة الحجم . سوف تأكل أظافر قدميك عندما تنامين"
آملة ألا يلاحظ الارتعاش الذى أصاب بشرتها قالت لورين بنزق:"يمكننى أن أدبر أمرى مع الحيوانات الموجودة فى المنطقة"
تشدق الرجل :"اشك فى ذلك. لكن إذا أردت الوصول إلى هناك يمكنك محاولة الذهاب سيراً على الأقدام"
تفحصتها عيناه بتمهل قبل أن يضيف بنبرة خطيرة :"لكن إذا ما قررت الذهاب بهذه الطريقة الأفضل أن تدهنى بشرتك جيداً بمرهم واقٍ من أشعة الشمس"
من هو هذا القادم الجديد المتهكم و العينين الساخرتين و الذى جاء يفرض وجوده بقوة؟ أهو المدير؟ من الصعب أن يكون كذلك.
خلال رحلتها إلى هذه المنطقة غير المتحضرة من المحيط الهادى لم يكن ينقصها سوى هذه المواجهة مع رجل حقير ساخر ذى مظهر رجولى طاغٍ . إن هيئة هذا الرجل مذهلة و تنضح بالجاذبية حتى إن كل عصب فى جسدها الخائن قد يشعر بالإثارة و التبيه.
تلاشت رباطة جأشها بتأثير منتديات ليلاس ابتسامته التقيمية المتكاسلة , ما جعلها تشعر بالتصلب . حتى الثوب التقليدى الطويل الذى تتميز به هذه المنطقة و الذى اختارته لورين بلونها المفضل و هو القرمزى لم تستطيع إخفاء عدم الارتياح الذى يظهر على بشرتها البيضاء. لكنها ليست بلهاء ! أجبرت نفسها على التكلم بصوت ملؤه الثقة بالنفس حين سألت :"كم من الوقت تستغرق الرحلة؟"
ــ ذلك يتوقف على مدى سرعتك. عليك ألا تتوقف لمدة طويلة لأن العلق سوف يتسلل إلى جسمك و يعضك . هل تعرفين كيف تتخلصين من علقة التصقت بجلدك؟ أولاً أرفعى الجهة الدقيقة منها ثم....
قاطعته موظفة الاستقبال :"سيدتى أن السيد غاى يمزح, فالقرية بعيدة جداً و لا يمكنك الوصول إليها سيراً على الأقدام"
و رمقته بنظرة مجفلة كأنها لم تكن تتوقع منه هذا المزاح ثم تابعت تقول :"سيدتى يتطلب الوصول إليها سيراً على الأقدام يومين"
لم يعن لها أسم (السيد غاى) شيئاً لكنها باتت تعرف أسمه على الأقل.


منتديات ليلاس



زهرة منسية 07-05-13 08:56 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

بصوت امتزج به الانتقاد بالشعور بالسأم قال الرجل :"كان على وكالة السفر أن تحذرك بأن هذه المنطقة بعيدة تماماً عن وسائل الحضارة"
ثم توقف لأقل من برهة قبل أن ينهى كلامه قائلاً :"ربما أنت تعرفين ذلك على أى حال"
شعرت بالغضب من نفسها لأنه تمكن من التأثير فيها , فكبحت لورين غضبها و قالت :"بما أنك لا تعرف شيئاً عنى سوف أتجاهل ملاحظتك هذه"
لحسن حظها اندفعت موظفة الاستقبال فى حديث باللهجة المحلية ما جعل القادم الجديد يستدير نحوها مصغياً إلى حديثها و بدا واضحاً أنه يفهم كل كلمة منه .
شملت لورين الرجل بنظرات متفحصة من عينيها الرماديتين بدءاً من قميصه إلى بنطلونه الذى ينساب بارتياح حول ساقيه الطويلتين القويتين و فوق وركيه النحيلتين , ما جعلها تعيد النظر فى انطباعها الأول . إنه ليس شخصاً تافهاً . فبنيته الصلبة , جداه البارزان و ذقنه التى ترتفع بشموخ تدل على شخصية لا تقبل المهادنة.
فخلف شخصية المتسكع على الشاطئ هناك هالة من الغطرسة تحيط بشخصيته الذكورية المتألقة تحت بشرته البرونزية . من المؤكد أنه شخص فظ لكنه... مثير للاهتمام , إذا كنت ممن يحبون الرجال الذى لا يستصعى عليهم أى شئ بما فى ذلك نهب سكان المريخ.
بكلمات أخرى فكرت فى أعماقها , إنه بالتحديد الرجل المطلوب الذى يمكنه أن يوصلها إلى قرية بيج الأثيرة....هذا, إذا ما تجاهلت غريزتها الذى تحذرها منه و تلح عليها كى تهرب من هذا الرجل فى الاتجاه المعاكس.
رفع الرجل بصره و التقت عيناه بنظراتها الجانبية , فراح يتأملها بنظرات متفحصة . شعرت لورين بأنها تكاد تفقد السيطرة على نفسها تحت وقع نظراته القاسية التى لا ترحم كحرارة المنطقة الاستوائية . وفكرت بشراسة : إنه من النوع الذى أحبه من الرجال!
تصاعد اللون إلى بشرتها و ما لبث أن شحب و هى تسمع نبرة اليأس فى صوت موظفة الاستقبال .
شعرت لورين و كأنها تسترق السمع فراحت تتفحص مجموعة من البطاقات البريدية .. كانت المراوح تدور بهدوء فوق رؤوسهم مرسلة موجات من الهواء الرطب الملطف فى ذراعيها العاريتين . و فكرت أن هذا المنتجع الصغير يوحى بالاسترخاء التام . فالسلام الذى يسود المكان بالإضافة إلى جماله الأخاذ يعوضان عما ينقصه من وسائل الرفاهية العصرية .
أخيراً , يبدو أن الشرح المطول الذى قامت به موظفة الاستقبال أفضى إلى نتيجة , و كانت المرأة توجه بصرها بين الحين و الآخر بقلق إلى لورين . لابد أن هناك شيئاً خاطئاً.
استدار الرجل و راح يفحصها من جديد, و قال :"لِمَ تريدين الذهاب إلى تلك القرية؟ إنها قرية لا ترحب بالسياح و لا شئ هناك لتفعلينه"
منتديات ليلاس
فى نبرته لكنة خفيفة لم تستطيع لورين أن تتبينها بوضوح. وبدأت تشعر بالسخط, لكنها قالت متجنبة الرد على سؤاله:"أعرف ذلك, لكنى لا انوى البقاء فيها . كل ما أريده هو قضاء فترة بعد الظهر هناك . فى الواقع , لهذا جئت إلى سانتا روزا .... خصيصاً لكى أذهب إلى هناك"
ــ لـــمــــاذا زهرة منسية ؟
لم تحاول لورين إخفاء تحفظها خلف كلماتها و أجابت:"أرى ان ذلك ليس من شأنك"
هز كتفيه العريضتين :"مهما كانت أسبابك فهى ليست كافية"
ثم تابع بلا مبالاة محبطاً رغبتها الفورية بالاحتجاج:"تعالى لنتناول معاً شيئاً من العصير و سوف أشرح لك السبب"
هل هذه محاولة منه للتقرب منها؟ نظرت لورين إلى موظفة الاستقبال و هى تشعر بخيبة الأمل فسارعت هذه الأخيرة تقول لها بنبرة ملؤها الارتياح :"السيد غاى سوف يساعدك"
و عدتها المرأة بذلك و هى تشير بيدها الجميلة على الرجل و تبتسم له ابتسامة تنم عن التقدير لجاذبيته الذكورية الطاغية .
قالت بهدوء :"فى هذه الحالة سأقبل دعوتك لتناول العصير. شكراً لك"
و تمنت لو أنها ترتدى ثياباً أكثر أناقة و احتشاماً....ثياباً عادية لا تكشف الكثير من جسمها . كما أن بعض الزينة على وجهها كانت لتساعدها أيضاً لتحتمى خلفها .
تحرك الرجل إلى جانبها بخفة و رشاقة النمر و بسيطرة على الذات تخفى خلفها لمحة من الخطر . أحست لورين من جديد بقامته المديدة تنتصب إلى جانبها و كل جزء منها ينضح بالرجولة و الجاذبية الطاغية .
أسمه إذن السيد فلان غاى أو السيد غاى الفلانى , حسناً لن تخبره عن أسمها إن لم يتحل باللباقة ليقدم نفسه إليها بصورة لائقة . و كأنه أحس بتفحصها له, القى الرجل نظرة فى اتجاهها فشعرت لورين كأنما تياراً كهربائياً ذى شحنات قوية قد هزها ما جعل قلبها ينتفض بقوة فى صدرها.


منتديات ليلاس



زهرة منسية 07-05-13 08:59 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

أدارت رأسها بعزم نحو المنضدة الصغيرة و فكرت بانزعاج أن هذا الرجل يضيع قدراته هنا , إذ أن لديه قوة كهربائية يمكنها أن تذيب نصف كمية الثلوج على الأرض.
من هو؟ أهو أحد المتسكعين من السكان المحليين يسعى إلى علاقة غرامية قصيرة خلال العطلة؟ أو ربما يبحث عن امرأة غنية وحيدة تنقذه من حر المنطقة الاستوائية ؟ لا! فمع أن الرجل يتمتع بجاذبية رهيبة إلا أن غريزتها حذرتها من أنه أقرب إلى القرصان منه إلى رجل يطمع بأن يعيش على حساب امرأة.
بصوت يصفه أخوها غير الشقيق الذى تعمل لحسابه بأنه متأنٍ لكن محبب سألته :"هل أنت مالك هذا المنتجع سيد غاى؟"
ارتفع حاجباه الأسودان كأنهما جناحان و أجاب باقتضاب :"كلا, انه ملك القبيلة التى تقطن فى هذه المنطقة"
و دون أن يلمسها وجهها إلى طاولة تحت سقيفة كبيرة من القش قائلاً :"قد تكون هذه النقطة هى الأكثر برودة فى هذا المكان , كما أنها تطل بشكل جيد على البحيرة"
جلست على كرسى و عادت تقول بإصرار :"لكنك تعيش هنا , فى هذه المنطقة المميزة من سانت روزا , أليس كذلك؟"
رفع حاجبيه باستفسار ساخر ثم قال :"فى بعض الأحيان"
و أشار إلى النادل و هو يسألها :"أي نوع من العصير تفضلين؟"
ــ عصير البابايا و الأناناس . شكراً لك
طلب لها العصير و لنفسه فنجان من القهوة . فى هذا الوقت كانت لورين تراقب حشرة تسير بسرعة عبر الطاولة , راقبتها مبتسمة إلى ان اختفت تحت حافتها . و عندما رفعت رأسها وجدت أن غاى يراقبها .
ــ ألا تخافين من هذه الحشرات؟
اللكنة الخفيفة فى نبرة صوته جعلتها تدرك أنه ليس إنكليزياً.
ــ ليس الصغيرة منها , لكن الكبيرة منها تلتمع عيونها بنظرات مفترسة .
راح يضحك دون تحفظ....ضحكة جذابة بطيئة راحت تدغدغ حواسها بإثارة مخملية الملمس.
ــ أنها لا تعض , إلا إذا اضطرت إلى الدفاع عن نفسها.
لفظ جملته الأولى مشدداً على الكلمات حتى أن لورين تساءلت على الفور إن كان هو.....يعض....و متى.....
و أنهى كلامه قائلاً :"قد يدهشك أن تعلمى كم هو عدد النساء اللواتى يصبن بالرعب من هذه الحشرات الصغيرة"
ــ و الرجال أيضاً, أراهن على ذلك.
منتديات ليلاس
عاد إلى الوراء فى كرسيه لوضعية أكثر ارتياحاً , لكن نظرته الباردة أسرتها.
ــ حسناً , لِمَ أنت هنا؟ بل أكثر تحديداً لِمَ أنت مصممة على الذهاب إلى أقل المناطق تحضراً فى سانتا روزا؟
تجنبت الإجابة على سؤاله و سألته :"هل تلك المنطقة غير المتحضرة منطقة خطرة؟"
ــ لا تتوفر فيها أسباب الراحة.
و بدت نظرته الحادة ثابتة توحى بالتهديد و هو يتابع:"و هى تقع فى المنطقة الحدودية و لطالما كانت الحدود بين سانتا روزا و الجمهورية المجاورة منطقة توتر"
ــ كنت أظن أن المعاهدة التى تم توقيعها بعد انتهاء الحرب الأهلية قد أبعدت خطر التهديد بالاجتياح من قبل الدولة المجاورة"
ارتفعت كتفاه العريضتان باهتزازه خفيفة :"هناك لاعب جديد على الساحة. إنه مبشر ذو شخصية قوية , و يبدو أن لديه أتباعاً على كلا الجانبين من الحدود. جزء من عظاته يهدف إلى إحياء التراث الدينى و الجزء الآخر هو نوع من الطقوس التى هى عبارة عن....."
قالت لورين بحدة :"أعرف ما هى تلك الطقوس , أولئك الأتباع يتوقعون مجئ مخلص يحمل إليهم خلاصة ما تتضمنه الحضارة الغربية من منافع. لكننى لم أدرك أن هؤلاء الأشخاص يستخدمون العنف"
ــ لم يكونوا كذلك حتى وقت قريب. لكن منذ يومين سرت شائعات بأن هناك من يزودهم بالأسلحة .
إذا كان لم يرَ أحد حتى الآن الأسلحة و المتفجرات التى يتم الحديث عنها , فإن غاى لا يشك بوجودها . على أى حال كل مواطن على الجزيرة يعرف كيف يستخدم الخنجر , لقد تعلموا ذلك منذ صغرهم و لطالما رأى بنفسه الأذى الذى يمكن أن يسببه نصل الخنجر الطويل.
راقب انعقاد حاجبيها الرفيعين معاً . ما الذى تفعله هنا؟ و لِمَ تبدو مراوغة بهذا الشكل؟ إنها بالغة الأناقة فى شعرها الأسود اللامع حتى أظافر قدميها مزينة بطلاء الأظافر . أمثالها من النساء يرغبن فى العطلة بأكثر من منتجع صغير رواده قلائل و معظمهم من العائلات.

مــنــتــديــات لــيـــلاس


زهرة منسية 07-05-13 09:02 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

رفعت لورين بصرها لتنظر إليه بحدة, و قد التمعت عيناها اللتان كانتا باردتين منذ لحظات ببريق فضى غامض و قالت :"إنها مجرد شائعات"
ــ لكنها مؤكدة تقريباً. مع أن هناك الكثير من الشائعات الكاذبة , لكن من المؤكد أن الشعب لن يتجاوز بعد الآثار الدموية للسنوات العشر من الحرب الأهلية.
توقف قليلاً عن الكلام ثم تابع يقول:"موظفة الاستقبال أتت من تلك القرية التى ترغبين فى زيارتها و قد أخبرتنى للتو بأن المبشر قد أختفى"
ــ و هل هذا خبر سئ؟
ــ على الأرجح أنه ليس كذلك.
كان من السهل جداً مراقبة تعابير وجهها فحول بصره نحو أسرة بالقرب منهما حيث كانا الوالدان يهتمان بطفليهما الصغيرين , وقد زوداهما بالعديد من الألعاب الخاصة بالشاطئ و بإطارين مملوءين بالهواء .
ارتمى الطفلان بقوة فى البركة الضحلة الفيروزية اللون و هما يصيحان و يضحكان فاندفع رذاذ الماء ليبللهما و يرش والديهما أيضاً.
شعر بحكة فى مؤخرة عنقه نبهت حواسه بارتعاشه بدائية كأنما هى ردة فعل ضاربة متوحشة لم يتمكن دفاعه من التعامل معها. فراح يقاوم دافعاً قوياً يحثه على حمل تلك الأسرة التى لا عون لها و تلك المرأة التى تجلس قابلته ببرودة كأنها تقول : لا تلمسنى ! ليضعهما جميعاً على متن أول طائرة و يبعدهم عن هذا المكان.
لم يجرؤ على التمادى فى هذه الأفكار فالقبيلة التى تملك هذا المنتجع قد استثمرت فيه كل قرش تملكه . و أى حركة خاطئة مع ما يتبعها من ضجة إعلامية ستجعلها تخسر كل شئ.
كانت المرأة الجالسة قابلته تراقب تلك الأسرة أيضاً, و التوى فمها عندما صاح أحد الطفلين مبتهجاً . تجهم وجهه و لعن جسده فى سّره لتجاوبه مع ابتسامتها .
قطبت لورين بورتر جبينها :"إذن, هل من المحتمل أن يلجأ أتباع هذا المبشر إلى العنف إذا لم يأتهم المخلص بكل ما فى الحضارة الغربية من نعم؟"
ــ أشك فى ذلك , لقد عرف هؤلاء ما معنى التقاتل , لذا لا أظن أنهم سيعودون تدريجياً إلى قرارهم.
لكنهم متوترون و محبطون , فالسلام لم يحمل إليهم المنافع التى كانوا يتتوقون إليها . و العديد منهم مستعد للقيام بأعمال شائنة . و إذا لم يظهر ذلكـ المخلص الموعود قد يحاول زعيمهم انقاذ سلطته المتهاوية عن طريق دفعهم إلى الاستيلاء على المناطق المجاورة لجمع الثروات المادية. و عندها لن ينفع الندم أو التردد. هز غاى كتفيه لدفع تلك الهواجس المزعجة من ذهنه.
ــ لكنهم قد لا يفعلون ذلك.
ثم, و كأنها تردد صدى أفكاره بدقة غريبة قالت بدهاء :"ربما يقررون المجئ إلى هنا للحصول على المكاسب بأنفسهم"
ــ هذا بعيد الاحتمال . و حتى لو قاموا بذلك فإن الشرطة تراقب المكان عن كثب و سوف تخطر المسئولين عن المنتجع فى الوقت المناسب لإخراجك من هنا.
ــ آمل أن يشمل هذا الجميع أيضاً.
ابتسم لها غاى آملاً أنه يجعلها تشعر بالطمأنينة و قال :"ثقى بى"
وصول النادل حاملاً شرابهما جعلهما يلتزما الصمت . نظر إليها غاى من تحت رموشه و هو يحاول السيطرة على أحاسيس التى أثارتها في جسده . ثم قال :"فى هذا الوقت , لا يبدو الذهاب إلى الجبال فكرة سديدة"
سألته بسرعة :"ماذا عنك أنت؟"
ــ ماذا عنى أنا ؟
ــ هل تذهب إلى هناك؟
نظر إليها قائلاً :"إذا كان علىّ الذهاب فسأذهب"
ــ يمكنك إذن أن تأخذنى معك إلى القرية؟
على الرغم من رقة أنوثتها بدا فكاها مستعدان للقتال .
قال باقتضاب :"لن آخذك إلى هناك"
ــ سأدفع لك مقابل ذلك بالتأكيد.
شعر بغضب لم يشعر به من قبل و قال بصوة ملؤه القسوة :"سيدتى, أنا لن أذهب إلى هناك, و أنت كذلك. إذا أردت أن تتعرفى على طريقة عيش سكان العالم الثالث فإن المنتجع سينظم رحلة إلى القرية المجاورة"
وضعت كوبها على الطاولة و سمرته بنظرة ثابتة لتقول :"أود زيارة تلك القرية بالذات لأن.... صديقة لىّ ساعدت أهلها فى إنشاء مصنع للزيوت هناك. و قد وعدت صديقتى بأن أتفقد سير الأمور أثناء وجودى فى نيوزيلندا لقضاء العطلة"
صديقة....إنه مارك كوريت بالتأكيد! أومأ غاى و هو يراقبها من تحت رموشه الخفيضة :"إذن عليك أن تقولى لــ (صديقتك) إننى لن أسمح لك بالذهاب إلى هناك"
ردة فعلها على استفزازه المتعمد لم تفاجئه فقد بهتت ابتسامتها إلا أنها احتفظت بها و هى تمد يدها لترفع كوبها من جديد إلى فمها . أبقت نظراتها على وجهه و هى تشرب العصير بتلذذ و تمهل.
إنها تستخدم سحرها الأنثوى للتأثير عليه...على الرغم من معرفته لما تقوم به بالضبط اندفع الدم متسارعاً فى شرايينه.
قالت لورين بنعومة و هى تعيد كوبه إلى مكانه :"حسناً.فهذه نقطة جديرة بالنقاش , فأنا ل أعلم إن كان لديك سلطة تسمح لك بمنعى"
راح غاى يعد حتى عشرة قبل أن يقول بفظاظة :"سوف أمنعك حتى ولو اضطررت إلى تقييدك إلى جانبى حتى أضعك على متن طائرة متوجهة إلى الخارج. إن الذهاب إلى الجبال أمر فى غاية الخطورة, قد تجدين من يوصلك إلى هناك إذا ما دفعت بسخاء , لكنك ستعرضين هذا الشخص إلى الخطر أيضاً"
غدا اللون الرمادى فى عينيها الشفافتين صافياً كالبلور , تفحصته لثوان قبل أن تومئ قائلة :"أنت تعنى ذلك حقاً ! حسناً , لن أذهب"
شعر بالارتياح بصورة مفاجئة فالتقط كوبه و أخذ منه جرعة كبيرة , متلذذاً بطعمه المميز لبرهة قبل أن يلاحظ أنها لم تقل فى الواقع إنها لن تحاول الذهاب فيما بعد.
ــ عدينى أنك لن تغادرى المنتجع.
منتديات ليلاس
نظرت لورين إليه بوقار :"لا يحق لك ان تطلب منى أى وعد , لكننى ليست بلهاء . لا أريد تعريض أى شخص للخطر , و لن ترغب صديقتى بذلك أيضاً. لكن ليتنى أستطيع الاتصال بمدير ذلك المشروع لأسأله كيف تسير الأمور هناك"
يمكنه ان يساعدها فى هذا الأمر , فقال مقترحاً :"بحسب علمى , كل شئ يسير على ما يرام . لكن إذا أردت الاتصال بالرجل فلدى هاتفاً خلوياً فى مكتبى"
رمقته بنظرة باردة و قالت بتهذيب :"شكراً لك. سوف أتصل به من هنا"
ــ لا يمكنك ذلك.
ارتفع حاجباها استهجاناً فقال مفسراً :"بعد الحرب الأهلية تم تزويد زعيم كل قرية فى هذه المنطقة بهاتف خلوى . هذه الهواتف ليست مرتبطة بالشبكة العادية للهاتف , فهذه الأخيرة لا يصل إرسالها أبعد من حدود المدينة"
استغرقت لحظات فى التفكير ثم قالت :"فهمت"
تنهدت بعدئذٍ قبل أن تضيف :"المكان هنا جميل كالفردوس , لِمَ لا يكون آمناً أيضاً؟"
وقف غاى على قدميه قائلاً باقتضاب :"يظهر على الدوام شخص فاسد طامع بالسلطة و المال"
ــ هل تظن أن لذلك علاقة بوجود منجم النحاس فى هذا الجزء من سانت روزا؟ ألهذا السبب تطالب الجمهورية المجاورة بالسيطرة عليها منذ نحو خمسين عاماً؟"
ــ يبدو أنك جمعت بعض المعلومات.
قالت بهدوء و رموشها الكثيفة تخفى أفكارها:"أنا أجمع المعلومات دوماً"
عندما ارتفعت رموشها من جديد نظرت زهرة منسية إليه ببراءة خالصة , ما جعل الشك يساوره . فظل واقفاً فى مكانه ثم قال :"و الآن عرفت كم هى محدودة"
تجاهلت كلامه و قالت :"يبدو مثيراً للاهتمام أن يبدأ ذلك المبشر بإثارة القلاقل فى المنطقة الحدودية. ما إن غادرت قوة حفظ السلام ال
ولية المنطقة . لو أننى من النوع المتشائم لتساءلت إذا ما كانت الجمهورية المجاورة تأمل بأستخدام تلك الفرقة الدينية لإثارة المتاعب لتقوم بعدئذٍ باجتياح البلاد مدعية أنها تحميها من حرب أهلية أخرى"
أومأ غاى :"ما تقولينه من كلام منطقى أكثر منه تشاؤماً , لا سيما أن القوة العسكرية لـ سانت روزا ضعيفة , و هى تتألف من وحدات لا تثق ببعضها البعض بعد أن كانت تتقاتل فى ما بينها خلال الحرب"
ــ هل تتوقع وقوع حرب؟
شرب آخر جرعة من كوبه قبل أن يضعه على الطاولة محدثاً طرقاً خفيفاً و يقول:"هيا, لنذهب إلى البلدة"
سألت لورين ببلاهة:"البلدة؟"
ارتفع حاجباه :"انت أردت استخدام الهاتف , أليس كذلك؟ إنه فى مكتبى فى البلدة"
عندما لم يسمع جوابها على الفور أضاف بنبرة ساخرة ملؤها التسلية :"سوف تكونين آمنة تماماً معى. لدى سمعة جيدة و أنا أود الحفاظ عليها"
لم يساورها أى شك بشأنه باستثناء خشيتها من تأثيره على هرموناتها.
هزت كتفيها بخفة و وقفت لتذهب برفقته....لكن ليس قبل أن تتوقف فى مكتب الاستقبال لتعلن للموظفة عن وجهتها منتديات ليلاس.
علقت حقيبتها على كتفها و قالت بابتسامة مشرقة:"من الأفضل ان أحمل معى بعض النقود"
و بعد أن أخرجت بعض النقود من الخزانة التى تحتفظ فيها بأوراقها الخاصة ألقت بقميص مفتوحة فوق كتفيها .
فتح لها غاى الباب و على وجهه نظرة تسلية :"ما الحاجة إلى المال ؟ فالمحلات لا تفتح أبوابها فى وقت متأخر من النها . و حتى لو كانت كذلك فأنا أشك أن تجدى فيها ما تودين شراءه"
شعرت بالانزعاج , لكنها ابتسمت له أروع ابتسام , و امتلأ قلبها بالسرور ما إن رأت عينيه قد أصبحتا داكنتى اللون. خرجت من الباب من أمامه و هى تقول بنعومة :"سوف أفاجئك"


زهرة منسية 07-05-13 09:06 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
2 – أشــبــــاح الـــظــــلام

بدا لها شاحنة غاى يمكنها أن تسير على سطح المريخ . فهى شاحنة من طراز لاندروفر لا تحتوى ألا على ما هو ضرورى فقط. و لم يكن فيها مكيف هواء بالطبع, لكن لا بأس بذلك إلا أنها فوق ذلك بلا نزافذ .
قالت لورين و هى تبتسم بلطف مبالغ فيه:"على الأقل , ليس فيها ثقوب أحدثتها طلقات نارية"
قال غاى برقة :"ذلك لأنى انتزعتها منها"
وفتح لها الباب الأمامى ثم تابع يقول :"لكن من المحتمل أن تجدى فيها صراصير"
ابتسمت له من جديد و هى تمنع نفسها من البحث عن تلك الحشرات فيما هى تنتظره ليستقل الشاحنة. فوجئت عندما أدار غاى المحرك, فتلك الشاحنة القديمة المغطأة بالصدأ تسير و كأنها فى حلم . و كان والدها الشغوف بالمحركات قد علمها كيف تميز المحرك الجيد.
بدا غاى الفلانى أو فلان غاى ــ كما ذكرت نفسها بحيرة ــ مألوفاً للسكان المحليين , إذ راح معظمهم يلوحون له بفرح ما إن يحييهم مطلقاً بوق الشاحنة.
منتديات ليلاس
استدارت لتحدق بولدين يمسكان بأيدى بعضهما البعض إلى جانب الطريق.
ــ هل وُلد هذان الولدان و هما يحملان المنجل فوق أكتافهما؟ يبدوان صغيران جداً لحمل آلة خطيرة كهذه و التنقل بها.
ــ لقد تعلما استخدامها ما إن بدءا بالسير على أقدامهما.
صدمتها نبرة صوته اللا مبالية وراحت تركز اهتمامها على الغابات و الجبال الممتدة أمام ناظريها . بدت السماء الزرقاء موشحة باللون الأحمر ما يدل على اقتراب الغسق. ما إن وصلا إلى البلدة الصغيرة , التى تقع على بعد بضعة أميال من الطريق المؤدى إلى المنجم و إلى المطار حتى بدت الشوارع مقفرة ما أضفى على الجو مسحة من الغموض و التشاؤم.
توقف غاى فى الشارع الرئيسى الوضيع أمام المبنى الوحيد الذى يحتوى على متاجر . و قال باقتضاب :"إنه موعد العشاء"
ثم رمقها بنظرة غامضة و هو يتابع :"فى مثل هذا الوقت تُحضر النساء الطعام أما الرجال فيرتاحون من عناء النهار"
رافضة أن تستسلم لمحاولته إزعاجها , هزت لورين كتفيها و فتحت الباب لتخرج من الشاحنة . أشار غاى إلى مجموعة من السلالم التى تظهر بوضوح من الشارع و قال :"يقع مكتبى فى الطابق الأول"
لاحظت لورين نظراته المتفحصة إلى الشارع و السلالم معاً ,و أدركت أن هذا الرجل يعرف كيف يتعامل مع أى نوع من التهديد . ثقته الكبيرة بنفسه أبعدت عنها المخاوف , و مع أنها لم تكن تسمح لنفسها بإظهارها أصلاً .


مــنـتــديــات لــيــلاســ


زهرة منسية 07-05-13 09:08 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

مكتب غاى هو عبارة عن غرفة واسعة مرتبة و نظيفة , و بدا أنه وضع جميع أغراضه فى خزنة حديدية مقفلة. ما إن رآها غاى تنظر حولها قال :"لإبعاد الحشرات و اللصوص"
و أخيراً تمكنا من الاتصال برئيس القرية . تحدثت لورين إليه لعدة دقائق و هى تبذل جهداً كبيراً لتفهم لغته المتعثرة . و اخبرها الرجل بفخر أن خطة استخراج الزيت تسير على ما يرام و أن الزيت المستخرج سيتم إرساله ليتحول إلى صابون أو إلى أنواع أخرى من مستحضرات التجميل فى نيوزيلندا , كما أخبرها عن المدرس الذى سيأتى للعيش فى القرية ما إن يتم بناء المدرسة . فقالت :"سأنقل هذه الأخبار إلى الشخص الذى أرسلنى , لكن قيل لى إن الذهاب إلى القرية ليس فكرة جيدة فى الوقت الحاضر"
قال الرجل بحزن :"كلا سيدتى . إنها ليست فكرة جيدة على الإطلاق. هناك عدد من الأوغاد فى المنطقة الآن , عودى فى السنة القادمة عندما يستتب الأمن من جديد"
قال غاى و كان يقف بالقرب منها :"أود التحدث إليه من فضلك"
أعطته لورين السماعة و سارت نحو النافذة ثم راحت تنظر إلى الشارع الملئ بالأوساخ: مازال هذا الشارع يبدو مقفراً و مخيفاً إلا من كلبين صغيران يسيران و هما ينظران حولهما.
نظرت خلسة إلى غاى الذى بدا أنه يطرح العديد من الأسئلة , إلا أن تعابير وجهه لم تنبيها بأى شئ . و فكرت بقلق أن هذا الرجل يبدو كبيراً فى كل شئ . كل ما فيه يدل على قوة طاغية فكرية و جسدية معاً.
ما إن انتهى الحديث حتى وضع غاى الهاتف فى جيبه و قال بلهجة مهذبة :"كل شئ يبدو هادئً هناك . يقول رئيس القرية إن ذلك المبشر ذهب مع أسرته إلى أعالى الجبال...لقد حصلت وفاة هناك"
قالت لورين بمرح :"يمكننا إذن أن نتنفس من جديد"
و شعرت بالصدمة لإدراكها أنها كانت تشعر بالتوتر . أما غاى فقال بنبرة جافة:"لم أتوقف عن القيام بذلك"
ثم فتح الباب ليخرجا . سارت لورين إلى الخارج و قد شعرت بالارتياح , و تقدمت غاى نحو العتمة و هى تقول من فوق كتفيها :"اشعر بالسعادة لأن بأمكانى أن اخبر صديقى أن مشروع زيت البندق يسير نحو الأفضل"
و بعد قليل أضافت بثقة أكبر :"مع ذلك , كنت اتمنى لو اننى تمكنت من رؤية ما يقومون به"
أقفل غاى الباب خلفهما ثم علق بفظاظة :"لديهم ما يكفى من المشاكل ليقلقوا بشأنها و لا ينقصهم القلق على سلامتك . ما هى خطتك لآن؟"
قاومت رغبتها الشديدة و الخطيرة معاً فى البقاء لعدة أيام فى المنتجع , و قالت بسرعة :"سأغادر إلى نيوزيلندا فى أقرب فرصة ممكنة . سأذهب غداَ إذا تمكنت من الحصول على مقعد على الطائرة المتوجهة إلى هناك"
و لدهشتها عاد غاى ليفتح باب مكتبه من جديد ثم قال :"ربما تتمكنين من ذلك. لكن لا تعتمدى على هذا الأمر . هنالك طائرتان فقط يومياً , بالإضافة إلى طائرة تقوم برحلتين فى الأسبوع إلى فالانو"
ــ أين تقع فالانو؟ مع ان لم أسمع بها من قبل . هل هى بلدة أخرى فى سانت روزا؟
ــ لا .
عاد إلى المكتب ثم حمل سماعة الهاتف و ضغط على عدة أزرار و هو يتابع قائلاً:"إنها مجموعة من الجزر الجنوبية , و هى جزء صغير آخر من مناطق المحيط الهادئ"
ــ بكلمات أخرى , من الجهة الأخرى من العالم.
ــ أو من الجنة. هذا يعتمد على طريقة رؤيتك للأمور .
قال ذلك و قد ظهرت السخرية بوضوح فى كل كلمة من كلماته. راح ينظر إليها و قد علت على وجهه نظرة غامضة و ابتسامة ملتوية , ثم أضاف و هو يتعمد التشديد على كلماته :"لكنها جميلة بشكل لا يصدق"
علا الاحمرار خديها و شعرت بتقلص غريب فى داخلها , فابتلعت ريقها بصعوبة و فى تلك اللحظة بالذات فكرت بالمنزل المخصص للعطلات و الذى يملكه أخوها فى نيوزيلندا . إنه منزل هادئ و جميل و يسوده السلام.
و اعترفت لنفسها أنها بدأت منذ وقت قصير تتمنى أن تكون هناك و هى لا زالت كذلك.
و سألته:"بمن تتصل؟"
ــ الرحلة الأخيرة إلى آتو قد غادرت للتو, لكن لابد من وجود أحد الموظفين فى المطار . سأحجز لك على متن أول طائرة مغادرة.
شعرت بالانزعاج بسبب رغبته القوية فى التخلص منها , لكنها قالت بمرح :"شكراً لك"
و يبدو أنه حظى بأحد الموظفين فى المطار , شخص يدعى جوزيف, تحدث معه غاى باللغة المحلية . و عندما أنهى الاتصال نظرت إليه لورين مستفسرة فقال:"حجزت لك مقعداً على الطائرة التى تغادر بعد ظهر الغد"
ابتسمت له بتكلف و تمتمت :"إنه لطف منك"
منتديات ليلاس
افتر فمه عن ابتسامة أظهرت أسنانه البيضاء و قال بخفة :"إنه من دواعى سرورى . و الآن بما أن المطعم الصينى قد أقفل أبوابه يمكننا العودة إلى المنتجع لتناول العشاء أو يمكننى أن أدعوك إلى تناول العشاء فى منزلى"
أجابت لورين على الفور:"إلى المنتجع"
لكنها توقفت عن الكلام عندما أدركت أنه يتلاعب بها . التقت عيناها بعينيه التى بدت فيهما التسلية و فكرت بسرعة :"ولِمَ لا؟ سوف تغادر فى الغد فلِمَ لا تقبل دعوته إلى العشاء, وهو الرجل الأكثر غموضاً بين من قابلتهم فى حياتها؟
من المؤكد أن ليس هناك شئ مشترك بينهما , و عندما تعود إلى ديارها سوف تتساءل ما الذى يجذبها إليه كى تشعر بهذا التيار الكهربائى بينهما.
أرادت ان تتأكد أنه لا يفكر باصطحابها إلى السرير , فقالت :"مع ان السهرة لن تكون طويلة , فأنا لم انم سوى لساعتين فقط فى الأربع و العشرين ساعة الأخيرة. و أنا أشعر بالإرهاق"
أدرك غاى تماماً ما الذى تقصده فالتوى فمه بابتسامة ساخرة و هو يفتح منتديات ليلاس لها الباب ثم قال:"سأوصلك إلى باب غرفتك ما إن تتثائبى مرة واحدة,و ذلك فى غضون دقيقتين . أنتبهى أين تضعين قدميك"
أمسكت لورين بالدرابزين فيما هما ينزلان السلم و كانت تسمع وقع خطواتهما على الأرض العارية. قالت برزانة و هما يسيران نحو الشاحنة:"أصبح الهواء منعشاً بعد أن حل الظلام , مع أنه يصبح أكثر برودة. يمكننى أن أشم رائحة الأزهار دون أن تشوبها أى روائح فاسدة"
قال و هو يفتح لها باب الشاحنة :"هذه هى المناطق الاستوائية....تظهر الجمال فى حالته الطبيعية الصرفة"
صعدت لورين ثم راحت تراقبه و هو يدور حول مقدمة الشاحنة.
حذرت نفسها بصمت: اهدأى , التصرف بطيش ليس من صفاتك!
ما أن أصبحا فى منتصف الطريق إلى المنتجع حتى قال غاى:"من المؤسف أن تغادرى الساحل الجنوبى دون أن تتمكنى من رؤية سبب شهرتنا الأساسى"
سألته بحذر:"و ما هو؟"
ــ الشلال.
عاد التهور ليتغلب على فطرتها السليمة فقالت :"حسناً, لكنها شعرت بالندم على الفور لتلفظها بتلك الكلمة.
دفع غاى بالشاحنة بين صفين من الأشجار و فى غضون ثوان أصبحت الطريق عبارة عن مجارٍ وعرة . ومع ذلك راح يلف بالشاحنة حول الحفر بمهارة ما جعلها تحسده على مهارته تلك فى القيادة . تشبثت لورين بمقعدها وراحت تنظر حولها بعدم ارتياح. عتمة الليل حولت النباتات إلى أشكال مغايرة كأنها كائنات خطيرة تهدد بالخطر .

مــنــتــديــات لــيــلاســ



زهرة منسية 07-05-13 09:11 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

أوقف غاى الشاحنة تحت شجرة ضخمة تتدلى أغصانها لتصل إلى الأرض, ما جعلها تبدو كخيمة فوق الشاحنة. و ما إن أوقف المحرك حتى فتحت لورين الباب و قفزت إلى الخارج. قال غاى بحدة:"من هنا"
اعتادت عينا لورين على الظلمة فيما هما يسيران باتجاه ذلك الصوت الثابت الذى ينشر الانتعاش فى المكان بوضوح و هو يوشوش وشوشة ناعمة عبر الهواء الرطب. وقف غاى و قال لها:"أنظرى"
كان الماء يتساقط من مكان مرتفع, تتلألأ قطراته تحت ضوء النجوم , لتتناثر بعد ذلك على الصخور المبعثرة فى الأسفل . و حول تلك الصخور تعالت أشجار النخيل و قد بدت أغصانها واضحة تحت ضوء القمر.
قالت لورين بنعومة :"إنه منظر رائع..... لم أدرك أننا قريباً جداً من الشاطئ"
بالقرب منهما هناك بحيرة واسعة تترقرق مياهها فوق منحدر صخرى آخر لتستقر فى جدول صغير يسير بضع مئات من الأمتار حتى يصل إلى البحر . ومن خلال أوراق جوز الهند الكثيفة , استطاعت لورين رؤية تكسر المياه على الشاطئ , كما رأت المنظر الرائع للخليج الواسع.
جمال المكان ولد فيها إحساساً غريباً , لقد أيقظ لديها شوقاً لم تخبره من قبل....و رغبة قوية فى التخلص من فخ الحضارة المزيفة , و الاستسلام التام لإغراء سحر هذه المنطقة من العالم.
كان القمر يلوح فى الأفق و نوره الفضى ينعكس على المياه المتساقطة فيحولها إلى شلال من النور.
أخذت لورين نفساً و قالت:"آهـ ! إنه الجمال النادر حقاً.....كأنه شلال من النار. شكراً لك لاصطحابى إلى هنا"
و عندما لم تسمع ردّه رفعت بصرها نحوه. كان غاى يراقبها و قد انعكس ضوء القمر على وجهه فبدت ملامحه واضحة تماماً . بدا فمه مشدوداً و قد منحته عظام خديه المرتفعة و التى توحى بأصله السلافى مظهراً بدائياً قريباً, ما جعله يشبه حقاً ذلك المغامر الذى تخيلته من قبل....رجل صلب العزيمة ذو قوة مخيفة.
جف حلقها , فاستدارت لتبعد نظرها عنه باتجاه المياه البعيدة المتساقطة , حاولت أن تبدد توترها عن طريق الكلام فقالت :"مع أن انعكاس نور القمر أمر عادى و مألوف, إلا أنه يؤثر بى دوماً , لكننى لم أر فى حياتى منظراً كهذا....يبدو كنسيج من الذهب الخالص , وكأن الضوء يخترقه من الخلف"
ــ إنه كما تقولين , أعجوبة الطبيعة.
أمسك بذراعها و سار بها على الضفة , و لم يكن ضوء القمر قد وصل بعد إلى البحيرة , فبدت أمامهما كدائرة من الزجاج . أضعفت لمسته مقاومتها و اخترقت دفاعاتها لتحولها إلى كتلة من النبض الملتهب . راحت تحدق فى صفحة المياه السوداء المصقولة وهى تشد عضلاتها فى محاولة لاستعادة السيطرة على نفسها . لم يقل غاى شيئاً لكنها شعرت بأنفاسه تتغير و سرى بينهما تيار التوتر.
ــ هذا الجدول ينبع من أعالى الجبال لذا فأن مياه باردة.
مع أن صوته جاء هادئاً إلا أنه بدا محتملاً بنبرة مثيرة . شعرت بالحرارة تتجمع عند فم معدتها لتعود و تنتشر فى كل أنحاء جسمها . و فكرت بتوتر أن عليها التخلص من هذا الإحساس...و تذكرت أن المياه باردة , فتقدمت قليلاً لتضع يدها فى الماء. لكنها سحبتها بسرعة و قد شعرت بلسعة البرودة فى أصابعها .
ــ إنها باردة كالثلج!
منتديات ليلاس
شئ ما فى صمته أثار قلقها . بدأ و كأنه ينحنى فوقها...كأنه يهددها. وقفت بسرعة و تراجعت خطوتين إلى الوراء. و عادت تراقب خفوت الضوء على مياه الشلال فيما غدا القمر أكثر ارتفاعاً فى السماء . شعرت بنبضاتها تتسارع و بالحرارة فى كل خلية من خلايا جسمها بسبب الرجولة الطاغية لهذا الرجل الغريب الذى يقف بالقرب منها.
ــ أنه منظر فائق الجمال .
حاولت أن تبدو عملية بكلامها و تابعت بنبرة عادية :"شكراً لأنك أحضرتنى إلى هنا"
قال من دون أن يحمل صوته أى تعبير :"ذلك من دواعى سرورى . والآن هل يمكننا الذهاب؟"
أومأت موافقة و سارت نحو الشجرة حيث تقف الشاحنة.قبل عدة خطوات من الاغصان المتدلية توقف غاى عن السير و أخذ يصغى بانتباه و إذا بظل قارب يلوح فى الظلام . أجفلت كايت و لم تعد تشعر بالارتياح و فتحت فمها لتسأله ما الأمر, فسارع إلى وضع يده على فمها ليمنعها من الكلام.
فكرت و هى تقاومه بعنف: يا إلهى ! كم أنت حمقاء , لورين بورتر! .
دفعها غاى إلى مكان شديد الظلمة مبقياً يده على فمها , ثم ثبتها إلى جذع الشجرة, شعرت بقوة جسده مع أنه لم يؤذها إلا أنه تمكن من تثبيتها بين جسمه و جذع الشجرة بسهولة.
عليها أن تفكر بسرعة , فتحاول السيطرة على الخوف الذى يعمل على تعطيل دماغها.

منتديات ليلاس



زهرة منسية 07-05-13 09:13 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

همس غاى فى أذنها :"سمعت أصواتاً , لكننى لا أرى أحداً"
أجفلت لورين و أخذت تصغى علها تسمع شيئاً, لكنها لم تسمع سوى صوت الشلال يتدفق برتابة , أخيراً قال غاى بنبرة تتسم بالبرودة:"أبقى هادئة و لا تصدرى أى صوت"
نظر إليها بعينين واسعتين فيما كانت يده القاسية تجبرها على الصمت , فهزت رأسها موافقة , عندئذٍ خفف من ضغط يده . و فى تلك اللحظة كورت لورين أصابعها لتغدو مخالب و دفعته من صدره , ثم فتحت فمها لتحاول الصراخ. و سرعان ما عادت يده تضغط على فمها بقوة أكبر , ثم قال بصوت أرعبها :"أصمتى !"
حاولت لورين أن تقاومه بأسنانها و أظافرها , فراح يهزها بعنف جعلها ترتجف:"تباً لك!أصغى, ما الذى تسمعينه؟"
خلف صوت تدفق الماء الرتيب سمعت بضعة أصوات , أصوات رجال ينشدون أغنية ما....ثم أصبح الصوت أعلى و أكثر وضوحاً . جف حلقها من شدة الخوف و التوتر و شعرت بالأدرينالين يندفع فى كل خلية من خلايا جسمها. و فى تلك اللحظة تبدل خوفها منه إلى خوف على حياتها من أولئك المجهولين.
حدسها و ليس المنطق أو الحكم الجيد على الأمور هو ما جعلها تقرر الوثوق به . همس غاى فى أذنها :"لا تتحركى , و لا تقولى أى شئ"
أومأت موافقة , و إذا بع يبعد يده عن فمها ببطء و بحذر . على الرغم من قامته المديدة كان يتحرك بصمت كالهر , فوقف أمامها ليحميها من أى خطر قد يتعرضن له و قد أدركت لورين ذلك بوضوح . شعرت بالخوف عليه وهو يحميها بجسده و أصبحت كقطعة من الجليد و هى تسمع دقات قلبه القريبة التى أشعرتها بالأمان
ابتعدت الأصوات عنهما لكن غاى بقى دون حراك للحظات ثم ابتعد عنها أخيراً مما جعلها تشعر بالارتجاف و همست:"من....؟"
لكن نظرات غاى القاسية أوقفت الكلمات فى حلقها . كان ينظر نحو البحر, ثم رأته يتحرك بخفة مبعداً أغصان الشجرة المتدلية التى تظللهما , قال بصوت منخفض:"نعم, إنهم هناك...هل يمكنك رؤيتهم؟"
بدا أولئك الأشخاص على بعد مسافة منهما, و كانوا يقتربون من الشاطئ و قد أنعكس ضوء القمر على أجسادهم . كانوا حوالى العشرين رجلاً و هم يحملون الرماح , قال غاى بهدوء :"أنظرى إلى البحر"
ضاقت عيناها و راحت تنظر إلى حيث يتوهج نور القمر , و إذا بها ترى أشكال سوداء صغيرة الحجم متوقفة فى عرض البحر . فهمست :"أهذه زوارق؟"
ــ إنها زوارق خشبية تستخدم لنقل الموز و هى مزودة بمجاديف , لكنهم لا يستخدمونها الليلة لهذه الغرض , كما أنهم قادمون من الجهة المعاكسة....م هم يتجهون نحو المنتجع.
ثم تابع و كأنه اتخذ قراره :"تعالى, علينا مغادرة هذا المكان . أصعدى إلى الشاحنة , لكن لا تقفلى الباب قبل أن أدير المحرك. و بعد ذلك أجلسى فى أسفل المقعد"
أطاعته لورين و هى تشعر بأنها مخدرة الإحساس و ما أن تحركت الشاحنة من تحت الشجرة حتى أقفلت الباب و راحت تصلى كى لا يجدا أحداً بانتظارهما فى ذلك الممر الضيق الملتوى.
بدا لها أن غاى يملك قدرة على الرؤية فى الظلام كالضوارى . كان يقود الشاحنة بسرعة قصوى مخترقاً الظلام الدامس من دون أن يشعل أضواء السيارة , راح يسير بثقة تامة على الطريق مع أن لورين لم تستطيع أن تتبين معالمها.
عندما غادرا منطقة الشلال و البحيرة السوداء سألته :"هل تعتقد أنهم سينضمون إلى السكان هناك أم سيحاربونهم؟"
قال بنبرة جافة :"لا أعرف , لكن الأغنية التى ينشدونها هى أغنية حرب"
كانت لورين تترنح فيما الشاحنة تتمايل ذات اليمين و ذات اليسار لتنعطف عند زاوية أو لتقفز فوق حفرة أو أخدود . كان هناك إحساس كبير بالخطر يلفهما , عندما أصبحا فى مكان فسيح اختلست نظرة إلى وجه غاى تحت ضوء القمر ومرت فى ذهنها لمحة أنبأتها بأنها تعرفه من قبل....رأت فى ذهنها صورة له , سرعان ما اختفت تلك الصورة و غابت عن مخيلتها.
نظر غاى لإليها فجأة و أطلق شتيمة بلغة بدت لها لغة إيطالية قبل أن يأمرها بقوة :"اسحبى قميصى من تحت البنطلون"
ــ ماذا؟
منتديات ليلاس
علت تكشيرة ضاربة وجهه و هو يقول :"أهدئى . ثيابك هذه تكشف عن بشرتك الناصعة البياض .... و ذلك يجعلك واضحة جداً للعيان. خذى قميصى و ارتديه"
ــ لكن ذلك يعرضك للروية .
ــ بشرتى أشد اسمراراً من بشرتك , لذا من الصعب أن يرأنى أى كان .
و تابع بلهجة آمرة و قد غادره المرح :"اسحبى القميص من تحت الحزام ثم ارفعيها إلى ابعد مسافة ممكنة , و سأقول لك متى يمكنك أن تسحبيها من فوق رأسى"
ــ بالتأكيد عندما تتوقف....
قال بهدوء:"لن أتوقف , فأنا لا أعرف من هناك فى الجوار . هيا اسحبى القميص"
صرت لورين على أسنانها و هى تحرك أصابعها فوق جسمه المشدوش الممتلئ بالعضلات . و ما أن حرر ذراعه حتى أمسكت القميص بيديها و انتظرت.
ــ سنصل الآن إلى جزء مستقيم من الطريق...هيا ارفعيها فوق رأسى الآن.
نزعت القميص الناعم من فوق رأسه بحركة سريعة.
قال يحثها بفظاظة :"و الآن , انزعيها من ذراعى الأخر"
و سهل عليها الأمر بأن راح يحرك جسده برشاقة ليتخلص من القميص ثم قال بلهجة آمرة:"و الآن غطى جسمك به"
رفعت القميص و أدخلت رأسها فى قبتها , وزاد ارتجافها ما إن لامس القماش كتفيها ,لكن الإحساس بالدفء الذى يحمله من جسده جعلها تشعر بالأمان و تتخلص من الخوف . و مرة أخرى قال غاى بنبرة آمرة :"أجلسى فى أرض الشاحنة و ابقى هناك إلى أن أقول لك متى تخرجين . غطى وجهك و يديك . و إذا توقفنا لا تتحركى حتى أقول لك أنتفعلى. كما عليك ألا تقولى أى شئ و حاولى ألا تتنفسى أيضاً"
أطاعته و جلست عند أسفل المقعد وراحت تدعو الله ألا يكون حدسها قد خدعها حين قررت الوثوق به . ثم سألته :"هؤلاء الرجال متوجهون نحو المنتجع, أليس كذلك؟"
و لم يحاول غاى إخفاء الحقيقة:"هذا ما يبدو"
ــ هل تعتقد أنهم سيقدمون على أعمال عنيفة؟
و لم يجيبها على الفور , فقالت تؤكد له :"لن أصاب بالإغماء أو بنوبة صراخ أو ذعر"
طمأنتها ابتسامته السريعة حين قال :"أنا أصدقك"
لكن تلك اللمحة السريعة من المرح اختفت بسرعة من وجهه لتحل محلها تقطيبه قلقة و هو يحاول تجنب حيوان صغير يركض مسرعاً على الطريق .
أجفلت حين اصطدم مرفقها بأرض الشاحنة أما غاى فتابع يقول بهدوء:"لا فكرة لدى عما يخطط له قائدهم – أو قائدتهم – لكن إذا وجداوا المنتجع خالياً فسوف يأخذون ما يرغبون به من ألوان الطعام و الشراب ثم يعودون أدراجهم"
أومأت برأسها :"كم من الوقت يلزمنا للوصول إلى المنتجع؟"
أجابها غاى و هو يحرك مقبض التحكم بالسرعة :"لن نذهب إلى هناك"

نهاية الفصل الثانى
قراءة ممتعة للجميع


زهرة منسية 10-05-13 05:43 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
3 – هــو أو..... الــســجن !



ــ ماذا ؟
و عندما أمتنع عن الإجابة عادت تسأله :"لِمَ لا؟"
قال بصوت مرتفع يعلو على صوت محرك الشاحنة :"لأننى سآخذك مباشرة إلى المطار"
فقالت بصوت أكثر ارتفاعاً :"لكن علينا أن نحذرهم"
ــ لقد تم تحذيرهم , قد تبدو الغابة خالية لكن العيون مفتوحة فى كل مكان, لهذا السبب أنت تجلسين الآن على الأرض.
و ألقى نظرة سريعة على وجهها الذى علته الصدمة :"لا فائدة من القلق بشأنهم فأنا لن أعود إلى المنتجع"
قالت بنبرة ملؤها الرعب :"لكن....ماذا عن الأطفال ؟"
أجابها بنبرة باردة متصلبة:"لا عليك, المنتجع على اتصال مباشر بالشرطة, والطاقم الذى يعمل هناك سوف يجلى السياح ما أن يعلم بالهجوم"
ــ و إذا كان الأمر أكثر من مجرد مجموعة من الرعاع يهدفون إلى إثارة الغوغاء و الحصول لعلى آسرة أوروبية الطراز أو أجهزة تلفزيون ؟
ثم تابعت بصوت أقرب إلى الصراخ :"و إذا كانوا مسلحين و مصممين على أذية الآخرين , ماذا سيحدث عندئذٍ؟"
تحركت لورين بانزعاج باتجاه المقعد, و أدركت أنها تشعر بالخوف لكن خوفها لم يصل إلى مرحلة الرعب . تلك الهالة من القدرة التى تحيط بـ غاى جعلتها واثقة بطريقة ما أنه سيتمكن من إنقاذها مهما يكن الخطر الذى سيواجههم , قالت :"أنت تخطط للبقاء و القتال , أليس كذلك؟"
لم يجيبها فعادت تقول بإصرار :"لماذا؟ هل أنت من سانتا روزا؟"
قال بحدة :"لا!"
و لم يكن هناك أى أثر للقسوة فى صوته و هو يتابع قائلاً :"لكننى أعرف الناس هنا جيداً و لدى الكثير من الأعمال فى سانتا روزا...أنخفضى جيداً"
و قبل أن تتمكن من التحرك أطلق شتيمة و دفعها إلى الأسفل ثم ضغط على المكابح فتوقفت الشاحنة على الفور.
تكورت لورين حول نفسها و راح قلبها يقفز بقوة فى صدرها حتى أنها كانت تسمع ضرباته على الرغم من صوت المحرك,سمعت أصوات رجال قساة غاضبين و على الرغم من شدة الحرارة راحت ترتجف كالورقة, فحاولت أن تهدئ روعها و تتنفس بطريقة عادية.
تكلم غاى مع الرجال بهدوء و قد بدا صوته عادياً و لم يظهر فيه أى أثر للخوف. ثم ضحك أحدهم فشعرت لورين ببعض الارتياح .
بعد قليل تفوه أحد الرجال بكلمات جعلت وجه غاى يتجهم ثم طرح عليهم سؤالاً آخر. بدا واثقاً جداً من نفسه و مسيطراً على الوضع جيداً , ما جعلها تشعر بالارتجاف عندما رأت أصابع يديه الطويلة تضغط بقوة على عجلة القيادة. شعرت بالتعب بسبب تكورها فى ذلك المكان لكنها لم تجرؤ على التحرك, حتى عندما انطلقت الشاحنة مبتعدة بعد عاصفة من الوداع الودى. و بعد مرور عدة دقائق قال غاى:"حسناً, أصبحنا الآن بعيدين عن الأنظار يمكنك الجلوس بارتياح لكن أبقى رأسك منخفضاً"
جلست و هى تشعر بالتشنج فى مفاصلها كلها و راحت تحاول تحريك ذراعيها ثم قالت :"من كان هؤلاء؟"
ــ أنهم من رجال الشرطة و هم يقومون بجولات لأنهم يشكون فى وجود لصوص فى الأدغال لذلك لن نقوم بأى مخاطرة لقد تم إخلاء المنتجع و أصبح كل نزولائه فى المطار.
ــ يسعدنى أنهم بخير.
ثم تذكرت أمراً فقالت :"لكنك قلت إن ليس هناك طائرات حتى صباح الغد"
قال بسرعة :"تمكن جوزيف المدير المسئول من الاتصال بقائد الطائرة الذى سيقوم برحلة إلى فالانو و قال أنه مستعد لنقل أى كان. ستجلسين فى الممر لكنك ستصلين إلى هناك بأمان"
راح غاى يضاعف من سرعة الشاحنة ما جعل صوت المحرك يزداد قوة . ثم تابع :"المشكلة الوحيدة هى أنه يريد المغادرة فى أقرب فرصة ممكنة, لذا تمسكى جيداً فلدينا عشرون دقيقة فقط لنصل إلى المطار"
فالانو ؟ تجهم وجهها ما أن تذكرت ما قاله من قبل عن ذلك المكان:"مجموعة جزر" قالت بصوت هامس:"لكن لماذا فالانو ؟ ألا يستطيع السفر إلى العاصمة؟"
ــ الاتصالات مع بقية المدن فى سانتا روزا مقطوعة .
ــ لماذا؟
منتديات ليلاس
ــ لا أعلم . الاتصالات عندنا غريبة الأطوار فى معظم الأوقات . من المحتمل أنها مجرد صدفة.
التف بالشاحنة نحو منعطف و لم يعد هناك مجال للتحدث . شعرت لورين بالارتياح لفترة من الوقت لكنها ما لبثت أن سمعت صوتاً قوياً يعلو فوق صوت المحرك....أنه صوت انفجار مفاجئ تبعته طلقات نارية عديدة.
قال غاى شيئاً ما من بين أنفاسه بتلك اللغة التى لا تفهمها , فسألته :"ما هذا؟"
أجابها غاى بهدوء :"إنه إطلاق نار و هذا يعنى أن هناك مشاكل حقيقية"
شعرت أن قلبها يسقط بين قدميها رمقها غاى بنظرة سريعة و قال :"هدئى روعك و سوف أحافظ على سلامتك"
لم تكن لورين تشك بذلك لكن ما جعلها تشعر بالخوف هو احتمال أن يصاب هو بالأذى و هذا أمر غريب فهى بالكاد تعرفه. لِمَ عليها الاكتراث لسلامته؟ أخيراً قال غاى :"ها قد وصلنا"
أوقف المحرك و راح ينظر باهتمام حوله كأنه حيوان مفترس يبحث عن فريسته ثم قال باقتضاب :"أبقى مكانك"
خرج من اللاندروفر بسرعة ثم توجه نحو الباب المجاور لها . عندما فتحه كانت لورين تحاول استجماع شجاعتها و تأوهت متألمة عندما حركت ساقيها . أمسكت يدان قويتان بخصرها و رفعها غاى عن المقعد ثم أوقفها على الأرض قائلاً :"لقد أبليت حسناً, آسف لأنك تعرضت لكل ذلك"
لم تستطيع ساقاها ان تحملاها و عندما تعثرت حملها و سار بها نحو الشخص الغامض الذى كان يقف بانتظارهما خارج المبنى الصغير. فى تلك اللحظة بدا لها أن إطلاق النار غير مؤذٍ و كأنه يشبه الألعاب النارية شعرت بالأمان وهو يحتضنها بين ذراعيه القويتين.

منتديات ليلاســـ


زهرة منسية 10-05-13 05:46 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

أشار الرجل الذى كان ينتظرهما بيده و قال شيئاً ما بسرعة . شعرت لورين أن غاى توتر مما سمعه, ثم وضع لورين على الأرض و قد أسند ذراعه حول كتفيها لمساعدتها كى تقف بارتياح . تراجع الرجل إلى الوراء بسرعة مفسحاً المجال أمامهما للدخول إلى قاعة الاستقبال. و قاعة الاستقبال هى عبارة عن غرفة صغيرة مكتظة بالضيوف القادمين من المنتجع . كان معظمهم يحملون أطفالاً يبكون أو يحدقون حولهم بخوف و استغراب .
نظر الرجل الذى كان بانتظارهما إلى لورين و قال بلغتها :"جواز السفر من فضلك سيدتى"
قالت لورين بتوتر :"إنه مازال فى المنتجع, فى خزانة الودائع مع بطاقتى الشخصية و بقية أوراقى"
ظهرت الصدمة على وجه الرجل المتقدم فى السن :"أننى آسف سيدتى, لكننى....."
قاطعه غاى بصوت عميق و خشن :"جوزيف , ما من وقت الآن للإجراءات الرسمية, أنت تعلم أنها لا تستطيع البقاء هنا"
من الجهة المقابلة للمبنى سار نحوهم رجل يرتدى بدلة قائد الطائرة . قال الرجل و هو يبتسم:"غاى! قدرت أننى سوف أراك هنا! أنت لا تظهر دون فتاة فاتنة إلى جانبك , أليس كذلك ؟"
صافحه غاى و أخبره ما الذى حدث معهما بالضبط . تجهم وجه ارجل و قال :"سيدى , لا تستطيع أن آخذها معى إلى فالانو دون أوراق ثبوتية! أنت تعلم أنهم لن يسمحوا لها بالدخول إلى البلدة....أنهم مصابون بالذعر منذ حادثة الممنوعات المشهورة"
قال غاى بفظاظة :"ستأخذها معك, فليس أى هناك أى بديل آخ"
تجهم وجه جوزيف و قال باهتمام :"لا يمكنها السفر إلى فالانو دون أوراق ثبوتية"
قال غاى بصوت يكاد يشق الصخر:"ستغادر سانت روزا حتى و لو اضطررت إلى اختطاف طائرة"
نظر القبطان إلى وجه لورين الذى بدا عليه الإجفال ثم أبعد نظره ثانية, ثم قال :"أنت تعلم ما الذى سيفعلونه بها غاى . سيضعونها فى السجن مع النساء الفاسدات و المدمنات . و لن تتمكن من الخروج إلا إذا كان هناك من يكفلها أو إلى أن تتوفر الأوراق الثبوتية و هذا الأمر قد يستغرق أسابيع فى فالانو , فكل المعاملات تمر عبر فيجى و الآن لو أن الأمر يتعلق بك غاى لكان ذلك مقبولاً . فهم يعرفونك و سوف يدعونك تدخل البلدة دون جواز سفر"
قالت لورين:"اسمعوا....لا بأس بذلك لا تقلقوا بشأنى"
حدق الرجال الثلاثة بها بنظرات متشابهة ثم نظروا إلى بعضهم البعض وفجأة قال غاى :"لا تكونى حمقاء"
كان عارياً حتى خصره , و بدا كمحار بربرى تحت الضوء الذى ينعكس على صدره و بشرته السمراء و كتفيه العريضتين وذراعيه القويتين, أما ذقنه غير الحليقة فكانت تبرز حضوره القوى . و قال من بين أسنانه :"جوزيف أنت رجل دين فى هذه المنطقة , أليس كذلك؟"
نظر إليه جوزيف باستغراب و قال موافقاً:"نعم, أنا كذلك!"
ــ حسناً, إذاً يمكنك أن تزوجنا و سأكون أنا كفيلها.
انفجر قائد الطائرة بالضحك:"نعم, هذا يحل المشكلة. أنا واثق أنك تصل إلى أهدافك دوماً غاى"
ثم نظر إلى ساعته و تابع قائلاً :"لكن من الأفضل أن يتم هذا الزواج فى أسرع وقت ممكن , فأنا سأرحل بعد عشر دقائق لأن أصوات إطلاق النار تقترب"
شهقت لورين و قد شعرت بالرعب :"هذا مستحيل , فأنا لا أعرف حتى اسمك"
قال غاى بلا مبالاة:"غاى باغنون"
و أضاف بفظاظة :"كما أنه ليس لديك خيار آخر"
ثم أومأ لمدير المطار و تابع :"حسناً جوزيف , لنقم بتلك الإجراءات و ننهى المسألة"
فجأة علا صوت انفجار اسكت جميع من فى الغرفة تلته هزة قوية جعلتهم يشعرون أن الأرض تتحرك تحت أقدامهم , و إذا بقائد الطائرة يطلق شتيمة ثم يخرج من المبنى.
أرشد المسئول فى سانت روزا المسافرين للوقوف و السير قائلاً بسرعة :"من فضلكم سيروا على خط واحد , النساء و الأطفال أولاً.....من فضلكم"
سارت المجموعة الصغيرة خلف القبطان فى خط واحد عبر مهبط الطائرات المغطى بالعشب . قال غاى بسرعة:"هيا جوزيف لنذهب , لا وقت لدينا"
و أمسك بذراع لورين بطريقة بطريقة عملية ليسيرا بسرعة وراء المدير المسئول الذى توجه إلى مكتب صغير.وهناك قال قال جوزيف:"سيدتى أننى رجل دين هنا فى المنطقة, لكن ربما لن يكون هذا الزواج قانونياً إلا فى سانت روزا . و مهما يكن الأمر فأن هذا الزواج سيسمح لك بالخروج من هنا دون المخاطرة بأن يضعونك فى السجن فى فالانون"
اعترضت لورين قائلة :"اسمع , لا أظن أن السجن سيكون بهذا السوء كما أن الحصول لعلى جواز سفر من بريطانيا لن يستغرق وقتاً طويلاً و فى مطلق الأحوال كيف تعرف أنهم سيسمحون لى بالدخول إلى البلدة حتى لو تم هذا الزواج؟"
أجاب غاى :"ثقى بى"
منتديات ليلاس
بدت تعابير وجهه مليئة بالعزم و التصميم و هو يتابع قائلاً :"سوف يفعلون ذلك. صدقينى , السجون سيئة جداً فى المناطق الاستوائية و قد يستغرق الأمر عدة أسابيع قبل أن تتمكنى من الحصول على أوراقك الخاصة و هذا إذا سمحت السلطات فى فالانو لك بالاتصال بالسفارة البريطانية فى فيجى"
صوته الملئ بالقوة و ملامح وجهه القاسية أوقفت اعتراضها و هو يتابع قائلاً :"ليس عليك سوى أن تقولى (نعم) فى الوقت المناسب كى لا تبقى هنا فى دائرة الحرب . و إلا سوف تعرضين كل من يحاول حمايتك للخطر"
حجته الواضحة هذه أقنعتها , فعلا الشحوب وجهها و قالت:"و أنت , ماذا ستفعل؟"
ــ لا تقلقى بشأنى
و فجأة امتلأ رأسها بمشاهد عن الحروب التى سبق أن رأتها على شاشة التلفزيون فراحت تصلى بصمت كى لا يصيبه مكروه . و ما لبث غاى أن قال بنبرة ساخرة :"لا تقلقى, هذا الزواج سيقنع المسئولين هناك أنك لن تقضى حياتك و أنت تأكلين وتشربين على حسابهم"
و سحب من إصبعه الصغيرة خاتماً ذهبياً يحمل ختمه, ثم أدارها لتواجه جوزيف .
أثناء القيام بإجراءات الزواج شعرت كأنها إنسانه آلية . أصابها الارتجاف عندما وضع غاى الخاتم فى إصبعها لكنها أمسكته جيداً لأنه كان كبيراً جداً . اخيراً قال جوزيف :"يمكنك أن تقبل العروس"
وراح يشغل نفسه بالأوراق أمامه .
ظهرت ابتسامة ماكرة على وجه غاى و التمعت عيناه ثم تمتم قائلاً :"لو علمت أننى سأتزوج اليوم لحلقت ذقنى"
و عانقها.... لم يكن عناقه سريعاً أو متردداً بل عناقاً متملكاً بدد كل مخاوفها و حرك الشوق فى حناياها . و لأنها لم تكن تعلم إن كان سيتمكن من البقاء حياً , و أن كانت ستراه ثانية , بادلته عناقه بكل ما لديها من عاطفة . بعد لحظات أبعدها عنه و ارتسمت ابتسامة عند زاوية فمه حين راح يكتب اسم احدهم على ورقة صغيرة . ثم قال و هو يعطيها الورقة:"هذا اسم وكيل أعمالى فى فالانو . اتصلى به ما إن تصلى إلى هناك و أعطه الأوراق التى كتبها جوزيف الآن, و سوف يجد لك مكاناً لمكثى فيه. هل تحملين نقوداً؟"
قالت بإرهاق واضح:"لا"
فأخذ المحفظة من جيبه و أخرج ما فيها من الأوراق النقدية ليعطيها لها قائلاً :"هذه النقود تكفى لدفع أجرة الفندق لهذه الليلة"
ثم أضاف بمرح :"وهناك ستحصلين عى مال كافٍ لشراء سارونغ جديد"
ــ قميصك!
امسكت الأوراق النقدية باليد التى تضع فيها خاتمه و بدأت تخلع عنها القميص . إلا أنه قال :"أحتفظى بها فهى تعطيك مظهر لاجئة حقيقية"
ترددت قليلاً ثم أبقت القميص على جسمها و قالت:"و أنت, ماذا سترتدى؟"
قال جوزيف بكآبة:" سأعطيه إحدى قمصانى"
ــ سأتصل بك فى أقرب فرصة ممكنة.
فملأت الدموع عينيها و سألته :"هل هذا وعد؟"
ضحك غاى و أمسك بيدها ثم رفعها إلى فمه و طبع قبلة على ظاهرها و أخرى على باطن كفها , ثم ضم أصابعها و أطبقها كأنما أرادها أن تحتفظ بهذه القبلة , و قال و كأنه يقسم لها :"أنا أحافظ دوماً على عهودى"
عندئذٍ تتدخل جوزيف ليقول بنبرة جدية:"تعالى, سيدتى, أصبحت الطائرة جاهزة للإقلاع"
ــ هيا,اذهبى!
قال غاى ذلك و سار إلى الخارج حيث يسود الظلام دون أن يلقى نظرة واحدة إلى الوراء.

منتديات ليلاس


زهرة منسية 10-05-13 05:48 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

بعد مرور ساعة على تلك الأحداث كانت الطائرة تنطلق فوق المحيط الواسع , حركت لورين الخاتم الذهبى الذى يحمل ختم غاى فى إصبعها و هى تتساءل ما الذى يحدث الآن فى سانت روزا !
و تمتمت تصلى :"أحفظه يا رب سالماً"
مع اختفاء النجوم أمام ضوء القمر الساطع و أمام أنوار الجزيرة المرجانية المتلألئة فى الأفق , حاولت لورين أن تنسى ذلك الرجل الغريب الذى خلفته وراءها....رجل قابلته ليوم واحد فقط , ربما هو الآن يكافح من أجل الحفاظ على حياته .....و حاولت بقوة أن تقنع نفسها بأنها لم تقع فى الحب فى غضون ثلاث ساعات فقط.
كانت مروحة السقف فوق رأس لورين تصدر أصواتاً مزعجة . حاولت أن تستجمع شجاعتها فقالت:"إذن , مازالت لا أستطيع مغادرة فالانو!"
هز الموظف المسئول عن السفر رأسه بأسف و قال :"أخشى أن ذلك صحيح , فالأملا معقد و صعب كما ترين . لقد أتيت إلى هنا دون أوراق رسمية و مع ذلك سمحنا لك بالدخول فقط لأنك متزوجة من رجل يملك شهرة واسعة فى هذا المكان"
و نقر بإصبعه على الملف الموضوع على المكتب أمامه ثم تابع يقول :"لكن الحصول على الأوراق الثبوتية لك من بريطانيا إستغرق أكثر مما توقعنا و حتى يتم ذلك لا يمكنك مغادرة فالانو , لأن اتصالنا الوحيد مع العالم الخارجى هو عبر سانت روزا, و هم يقولون أنهم لن يسمحوا لك بالهبوط هناك من دون جواز سفر"
ــ قال والدى إن جواز سفرى قد أرسل بواسطة أحد مرافقى السياح منذ يومين.
هذا الحديث بالذات راح يتحرر منذ ست أيام مضت ما جعل لورين تشعر بالتوتر , لكنها تعلم أن الصراخ لن يحقق لها شيئاً. فالجميع هنا لطفاء وهم يحاولون مساعدتها , لكنها مصممون على إتباع القوانين بحذافيرها . لقد كان غاى محقاً.
ربما جرت الأمور بسرعة أكبر لو أن وكيل أعمال غاى كان هناك . لكنه سافر إلى سنغافورة فى اليوم الذى سبق وصولها إلى فالانو و لا يتوقعون عودته قبل مضى عدة أيام.
لحسن حظ لورين بعد أن استلم الكاتب فى مطار فالانو الملاحظة التى أرسلها غاى إلى السلطات المحلية , سألها أين تنوين الإقامة , و عندما اعترفت أن لا مكان لديها للبقاء فيه , اقترح عليها منزل أحد أبناء عمه. و ما هى إلا نصف ساعة حتى كانت قد استأجرت غرفة فى بيت بسيط يقع على الشاطئ , تحيط به النباتات و الأزهار و تفوح منه الروائح العطرية.
وضعت ابتسامة على وجهها و نهضت قائلة :"شكراً لك على المساعدة"
ــ آسف, لا أستطيع تسريع الأمور لأجلك. لكننى أتمنى لك أن تتمتعى بوقتك فى جزيرتنا.
ثم توقف قليلاً عن الكلام قبل أن يتابع بحذر:"من المحتمل أن يتمكن أحد الصحفيين المتوجهين إلى سانت روزا من مساعدتك . إذا تحدثت إلى أحدهم قد يساعدك على الاتصال بأسرتك فى بريطانيا"
يا إلهى , لا! لقد تعمدت أن تتجنبهم فى الأيام القليلة الماضية . ليس لأن الصحافة تهتم لأمرها بل لأنها الأخت غير الشقيقة لـ مارك كوريت , و مارك هو شخص معروف على الساحة الدولية . و هى لا تريد أن يقود أحدهم بنبش الماضى فيكشف أسرار العلاقة العاطفية التى قامت بين أمها و والد مارك . أن أى أشارة إلى هذا الموضوع سوف يسبب أهانه لأمهاو الصدمة لوالدها , وقد يؤثر ذلك على صحته , رفعت يدها لتصافحه قائلة :"أنا أتمتع حقاً بأوقاتى فى فالانو , كما أنك لطيف جداً"
ثم تابعت بنبرة صادقة :"لكننى أشعر بالقلق بسبب ما يجرى فى سانت روزا"
ظهر الحزن على وجه الرجل فهز يدها مصافحاً ثم قال :"نعم, الحرب هى أمر مخيف و من المؤسف أن ترى سكان سانت روزا يعانون وبلاتها من جديد. على أى حال , إذا كانت الأخبار التى سمعناها صحيحة فقد تم دحر المهاجمين إلى ما وراء الحدود . كما أن قائدهم قد قُتل"
منتديات ليلاس
فكرة لورين فى أتلك إشاعة أم حقيقة؟ لكنها قالت بصوت منخفض :"أتمنى أن يكون ذلك صحيحاً"
سارت ببطء نحو كوخها , ذلك أن أشعة الشمس لازالت شديدة القوة حتى فى فترة بعد الظهر . ما ان وصلت إلى غرفتها ذات الجو المنعش حتى شعرت بالرضى فسكبت لنفسها كوباً من الماء البارد من البراد الصغير و وقفت فى مطبخها الصغير المساحة لتشربه . أما كوخها فهو عبارة عن غرفة ذات سقف مربع مغطى بالقش , يتوسطها سرير ضخم تعلوه ستارة من القماش الشبكى الناعم , وضعت لإبعاد الحشرات التى تملأ الغرفة . وقد وضعت فى الغرفة طاولة و عدد من الكراسى , بالإضافة إلى خزانة علقت فى داخلها قميص غاى , بعد أن غسلتها و علقتها مع السرونغ الجديد الذى اشترته صباح اليوم التالى لوصولها إلى هنا.
خلال النهار كانت لورين تلف الحصير المصنوع يدوياً و الذى يكوّن جدران الكوخ , ما يسمح لهواء البحر بتبريد المكان , أما فى الليل فكان ذلك الحصير يكون الخصوصية . و فكرت لورين أن هذا المكان , رغم بساطته , يؤمن لها حاجاتها . راحت تجفف الكوب و هى تشعر بالارتياح , فهذا المكان نظيف و مريح , و الأهم من ذلك كله فإنه زهيد التكلفة . فبعد الاتصال الهاتفى الذى أجرته مع أهلها فى انكلترا و الذى كلفها مبلغاً كبيراً من المال بات عليها أن توفر كل قرش من النقود التى أعطاها إياها غاى . و بما أن النقود التى ستصلها من بلادها لا تزال بعيدة المنال فسوف تضطر للاستدانة من و كيل أعمال غاى عندما يعود من سنغافورة.
بالإضافة إلى رحلتها اليومية إلى مكتب السفريات للإطلاع على آخر المستجدات, كانت تقضى وقتها فى السباحة و تحضير الطعام و التحدث إلى بنات صاحبة المنزل اللواتى هن فى سن المراهقة . لسوء الحظ فإن هذه الحياة الكسولة تركت لها الكثير من الوقت لتتخيل أن غاى باغاتون قد قُتل...
ساروها شعور بأنها سوف تعلم إذا ما أصابه مكروه و قالت بصوت مرتفع:"سيكون بخير"
ثم عادت تعنف نفسها :"أنت بالكاد تعرفينه"
و نزلت إلى البحيرة لتسبح علها تزيل عنها أثار الغبار و العرق بعد عودتها إلى كوخها سيراً على القدمين . شعرت بالمياه تنساب على جسمها ناعمة كالحرير , أما نور الشمس الذى انعكس لونه الأرجوانى على صفحة المياه فحول بشرتها البيضاء إلى لون نحاسى.
و ما أن عادت إلى المنزل حتى استحمت و غسلت شعرها ثم ارتدت السارونغ الذى بدا جميلاً بألوانه الزاهية . عقدت الثوب فوق صدرها قبل أن تجلس على السرير لتمشط شعرها . اجتاحها شعور بالتوتر راح يتزايد كلما مررت أسنان المشط فى خصلات شعرها . راحت تنظر حولها بين الفنية و الأخرى. على أية حال ما شعرت به ليس إحساساً بالخطر بل بالترقب...
كأنها تتوقع حدوث شئ ما... لكنه شئ جيد, هكذا أنبأها حدسها...
تمتمت قائلة :"ربما سيصل جواز سفرك الجديد غداً"
أخفضت بصرها و راحت تنظر إلى يدها المضمومة , وبما أنها لم تكن تضع خاتم زواج فقد وضعت خاتم غاى فى أصبعها الوسطى , و مع انه ظل واسعاً على إصبعها , إلا أنه لا يقع بسهولة منها. كان الخاتم مصنوعاً من الذهب الخالص , و كاد النقش عليه أن يمحى , و فكرت أنه يشبه عرف الديك أو أحد أنواع الطيور.... هل هذه أجنحة على الجانبين؟
بدت الخطوط غامضة أمام الضوء الخافت فحدقت جيداً لتتمكن من الرؤية بوضوح أكبر, لكنها اضطرت أخيراً إلى التخلى عن تلك المحاولة .
مهما كن الأمر , يبدو واضحاً أن هذا الخاتم ذات قيمة كبيرة عند غاى.
شاعرة بعدم الارتياح أنزلت الحصير على جوانب الغرفة و الذى هو بمثابة جدران لها. و شعرت فجأة برغبة فى التثاؤب.
و إذا بها تسمع صوت مألوفاً من خلفها:"ماذا تفعلين هنا بحق الله؟"



زهرة منسية 10-05-13 05:51 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
4 – الــمــرأة الــحــلــم !

و ضعت زهرة منسية يدها على صدرها كأنها تحاول تهدئة ضربات قلبها المتسرعة و ما إن استدارت حتى رأت جسماً ضخماً قد انعكس عليه الضوء الأفق الأحمر....على بعد خطوات منها وقف غاى برغانون!
شعرت لورين بالارتياح و تراقص الفرح فى داخلها , و فاجأتها حدة مشاعرها هذه . قال غاى :"لِمَ لم تمكثى فى المنتجع؟"
حاولت الإبقاء على نبرة معتدلة فى صوتها و قالت :"لا أملك ما يكفى من المال"
كان غاى يقف على بعد عشر خطوات منها تقريباً و مع ذلك شعرت بنظراته تأسرها , بل شعرت كأنه يلمسها بيديه . تابعت تقول:"وكيل أعمالك فى سنغافورة....من المتوقع أن يصل غداً"
تمتم غاى بكلام جعل حاجبيها يرتفعان باستغراب
ــ إذن كيف تدبرت أمر النقود؟ النقود التى أعطيتها لك لا تكفيك لمدة أسبوع.
ــ تدبرت أمرى.
فجأة بدا وكأن عينيها اعتادتا الضوء الخافت فأسرعت نحوه و هى تشهق قائلة :"ما الذى حدث لك؟"
تجاهل غاى الضمادة التى تلف أعلى ذراعه و قال باقتضاب :"لا شئ مهم, إنه مجرد جرح خلفته رصاصة . و أنت كيف حالك؟"
قطبت حاجبيها و راحت تراقبه عن كثب ثم قالت :"أنا بخير"
كانت ذقنه لا تزال غير حليقة , ما جعل ملامحه الأرستقراطية تبرز بوضوح أكبر. كما بدا فى عينيه نوع من التصميم المرير, كأنه أمضى الفترة الأخيرة و هو يكافح عبر الظروف القاسية.
شعرت بالتعاطف معه فالتوى قلبها ألماً عليه. لم تر فى حياتها رجلاً بمثل هذه الوسامة....و سألته :"كيف عرفت أننى هنا؟"
رمقها بنظرة حادة ثم أجاب :"لزمنى بعض الوقت لمعرفة ذلك, و فى النهاية عرفت مكانك من شخص يعمل فى خدمة المسافرين"
ثم نظر حوله و تابع قائلاً :"هذا المكان لا يناسبك"
ــ هل كشف الطبيب على ذراعك المصابة بطلق نارى؟
ــ نعم, إنها طبيبة وخزتنى بحقنة و أعطتنى أدوية مضادة للالتهابات . إنه مجرد خدش بسيط.
ورفع بيده كيس من النايلون أخذته لورين دون تفكير و هى ما تزال تنظر إلى وجهه بقلق. قال غاى بجفاء :"يمكنك فتحه, فجواز سفرك فى داخله"
ــ جواز سفرى !
منتديات ليلاس
و بسرعة فتحت الكيس فرأت غلافه المألوف لديها . نظرت إليه بسرعة ثم قالت :"هل عدت إلى المنتجع؟"
ارتخى جفناه و قال :"لفترة قصيرة فقط. كان قد نُهب بأكمله , لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى الخزنة"
شعرت لورين بالتوتر و القلق فى كل خلية من خلايا جسمها و قالت:"كيف... هل الجميع بخير؟"
ــ لم يبق هناك أحد . لكن حسب المعلومات التى وصلتنى , تمكن فرق العمل من النجاة.
و أنهى كلامه قائلاً :"لم يلمس أحد جواز سفرك , و لم يحصل له أى مكروه"
قالت بامتنان :"شكراً لك , إنه لطف منك أن تتحمل كل تلك المشقة"
و فجأة أدركت أن ذلك يعنى أنه بات باستطاعتها مغادرة فالانو الآن... عند وصوله تماماً . و غمرها إحساس خطير سرى فى كيانها كتيار كهربائى خفى, أنه انجذاب قوى يشدها إليه لقد شعرت بهذا الانجذاب منذ البداية لكنه كان بدائياً و غامضاً . اما الآن فهى تعرف غاى باغانون أكثر فأكثر و ذلك التفاعل الكيميائى بينهما بات أكثر وضوحاً و تحول إلى إحساس لا تجرؤ على التفكير به.
أدخل....لا , بل لنجلس فى الخارج فالطقس أكثر برودة هناك.
هذا صحيح , كما أنه أقل خصوصية , وتابعت :"تبدو بحاجة لشراب ما...هناك بضع زجاجات من العصير فى البراد "
بصوت أجش أطلق شبه ضحكة و قال :"امرأة مثلك هى حلم كل رجل"
سرى فى كيانها تيار من الغبطة تتخلله حرارة مدغدغة . تناولت زجاجة من العصير و قالت بمرح :"ألأننى قدمت لك شرباً؟ لا أظن أن تقيمك للنساء يقف عند هذا المعيار المنخفض!"
أخذ الزجاجة من يدها و فتحها بسرعة ثم أفرغ نصف محتواها فى جوفه دفعة واحدة. فيما راحت لورين تشغل نفسها بملء كوب من عصير الفاكهة لتشربه ثم استدارت نحوه لتجد أنه يراقبها بعينين ضيقتين حادتين حتى كادت ترتمى مترنحة بين ذراعيه.

منتديات ليلاســ



زهرة منسية 10-05-13 05:54 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

مرت لحظة ساد خلالها التوتر و شعرت لورين بنبضات قلبها تطرق بقوة فى كل عصب من جسمها .ثم قال غاى:"لا شئ يضاهى كوباً من العصير المثلج بعد عدة أيام من القتال فى الغابات"
تنهدت لورين بصمت و قالت :"لنجلس على الشرفة"
ألقى بثقل جسده على إحدى الكراسى و تنهد من أعماقه لشدة الإرهاق الذى يشعر به ثم سألها :"هل واجهتك مشاكل فى الدخول إلى فالانو؟"
ــ فى البداية لم يسمحوا لى بمغادرة الطائرة.
و رشفت من العصير ثم تابعت تقول :"بفضل وثيقة الزواج المزيف....و بفضل قبطان الطائرة اقتنعوا أخيراً بالسماح لى بالنزول , استغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يتمكن الرجل من إقناعهم بأننى تزوجت حقاً بك"
ــ متسكعو الشواطئ هم مصدر إزعاج حقيقى لسكان هذه المناطق و لو اللجوء إلى إجراءات قاسية لردعهم , لكانت الجزيرة مليئة بهم , فهم يأتون من كل أنحاء العالم و يلقون بأعبائهم على السكان المحليين , فى الوقت الذى لا يملك فيه هؤلاء ما يكفيهم و أسرهم.
ــ اسمك كان له مفعول السحر.
أرادت بقوة أن تعرف ما الذى حدث فى سانت روزا , لكن حدسها أنبأها بألا تتحدث عن ذلك الأمر , فتابعت تقول :"ليتك تعلم كم أنا ممتنة لك لقيامك بهذا الإجراء , لقد مررت قرب السجن فى أحد الأيام و أدركت على الفور أنك كنت محق , أنه ليس مكاناً أستطيع البقاء فيه مطلقاً"
و تذكرت إصراره على منعها من الذهاب إلى القرية الجبلة فقالت بمرح :"أراهن أن الصراصير هناك هى من الأنواع الخطيرة"
ابتلع غاى جرعة كبيرة من العصير ثم قال بنبرة خطيرة :"هناك لن يسلم أى ظفر من أظافر قدمك"
عكس ضوء المصباح الخطوط القاسية تحت خديه كما أظهر بوضوح جفنيه الداكنين اللذين يحجبان عينيه عنها . قاومت لورين رغبة قوية بأن تغمر رأسه و تضمه إلى صدرها. أبعدت بصرها عنه و راحت تحدق إلى السماء التى غدت داكنة . سألته بصوت رقيق ينسجم مع رقة الأمواج التى تلامس الشاطئ بهدوء :"كم من الوقت ستبقى هنا؟"
ساد الصمت للحظات حتى ظنت أنه استغرق فى النوم. و أخيراً قال بصوت يخلو من أى تعبير :"لقد انتهى كل شئ , و لم يبق سوى بضع عمليات تنظيف . لقد تم دحر المهاجمين فتراجعوا إلى قراهم بعد أن قُتل العديد منه أو تمت ملاحقتهم حتى الحدود. و سيطرت القوات الأمنية على كامل أراضى سانت روزا.
فقالت :"لابد أن الوضع كان سيئاً"
قال بصوت منخفض :"سئ إلى أبعد الحدود....قُتل حوالى ثمانون شخصاً , معظمهم من سكان القرى التى حوصرت أثناء القتال.... لقد دُمرت المحاصيل و أحرقت معظم القرى كما قتل العديد من الأطفال...إنها الآثار المعتادة للحروب"
شعرت لورين بأن قلبها يكاد يتمزق من الأسى فقالت :"أنا آسفة"
ــ لماذا؟ فالحرب ليست غلطتك.
وساد صمت قصير , ثم قالت لورين:"هل تبحث عن شخص يمكنك إلقاء اللوم عليه؟"
ضحكته العابقة بالحزن أرسلت الرجفة فى أوصالها . وقف و هو يقول بصوت خشن :"ربما....من الفضل أن أذهب , فأنا ليست فى وضع يسمح لى بتبادل الأحاديث . كما أنه ليس من التهذيب بحث مثل هذه الأمور مع امرأة إنكليزية رقيقة مثلك"
منتديات ليلاس
لم تحتمل لورين فكرة أن يعود محملاً بتلك الذكريات الأليمة إلى وحشة الفندق. و شعرت أنها تدور و تدور حول موضوع قد يغير حياتها , و لم تتمالك نفسها من السؤال :"هل لديك مكان تود العودة إليه؟"
قال بلا مبالاة:"سأحجز غرفة فى المنتجع"
ــ و تخاطر بمواجهة مجموعة من الصحفيين اللذين لم يتمكنوا من الوصول إلى الأماكن التى كان القتال يدور فيها؟
ثم تابعت بنبرة هادئة :"على الرغم من توقف القتال , أظن أنهم يتوقون إلى الذهاب إلى سانت روزا. متى تناولت الطعام لآخر مرة؟"
لم يجيبها على الفور فظنت أن سؤالها فاجأه....لقد فاجأها هى نفسها...
رفع غاى كتفيه العريضتين و قال :"الله وحده يعلم!"
و على الفور هبت لورين واقفة على قدميها و قالت :"سأحضر لك ما تأكله"
و أدركت و هى تشعر بالغرابة أنها قامت باتخاذ قرار لم تجرؤ على مثله فى حياتها من قبل....لكن صوتها ظل هادئاً و هى تتابع قائلة :"لِمَ لا تستحم فيما أحضر أنا الطعام؟"
لم يتحرك غاى من مكانه و مع أن عينيها قد اعتادتا النظر فى الظلام , إلا أنها لم تستطيع تبين تعابير وجهه بوضوح . صمته و وجوده بقربها كانا كافيين لإثارة الرهبة فى نفسها . إلا أن صوته بدا أكثر رهبة حين تكلم , فقد بدا عميقاً, خشناً و ....منذراً بالخطر , إذ قال :"لورين, هذه ليست فكرة جيدة"
أمسك ذقنها بيده النحيلة ثم قال و هو يضغط عليها برفق :"فى حالتى هذه, ليست بالتأكيد رقيقاً مسلياً. أشعر أننى بحاجة لنسيان نفسى"
شعرت بيده دافئة على بشرتها , إلا أن هذه اليد بدت قاسية ما يدل على أن صاحبها كان يقوم بعمل صعب و قاسٍ . قالت بصوت حازم :"إذن , لن تندم غداً عندما تستيقظ بجسم نظيف و معدة مليئة بالطعام"
قال بصوت ناعم كالمخمل :"فى الواقع , أنت امرأة يتمناها كل رجل"
نظر إليها و كأنه يريد الوصول إلى أعماق قلبها وروحه معاً...ثم قال :"لا أريد البقاء إن لم تكونى راغبة بذلك حقاً"
من المؤكد أنها ترغب برفقته . كما أنها متأكدة أنها ستشعر بالندم إن تركته يذهب إلى المنتجع فى حالته هذه . فقالت :"بل أرغب فى بقائك"
هز رأسه موافقاً و تراجع إى الوراء ليدعها تدخل أمامه , أضاءت لورين الغرفة ثم فتحت الخزانة لتعطيه القميص الذى أعارها إياه منذ عدة أيام.
نظر إليها غاى متسائلاً و هو يمسك بالقميص , لكن نظراته غدت قاتمة حين سحبت الخاتم من إصبعها . شعرت بإصبعها بارداً و غريباً عنها , لكن يدها لم ترتجف و هى تعيده إليه قائلة :"شكراً لك"
ــ هل دعوتك لىّ الآن هى من أجل ما ذلك؟ أهى تعبير عن الامتنان لأننى أعدت إليك جواز سفرك؟ أم لأننى ساعدتك فى الخروج من سانت روزا ؟ وضاقت عيناه هو هو يحدق بها حتى شعرت أن بإمكانه قراءة كل فكرة تدور فى رأسها
وضع غاى الخاتم فى إصبعه الصغير و توجه إلى الحمام .
بقى فى الحمام وقتاً طويلاً , حتى أن لورين تمكنت من تحضير وجبة من السمك و السلطة . و تساءلت إن كان يحاول تنظيف جسمه و فكره معاً من كل ما مر به فى الأيام القليلة الماضية. راحت تصغى إلى تلاطم الأمواج الناعمة على الرمال القريبة و هى تحاول أن تحلل ما تشعر به.
أن وجوده هنا هو بمثابة تحد لها , و هى قد قبلت التحدى . خلف تلك الواجهة الصلبة من السيطرة على النفس كانت تشعر أن لدى غاى عاطفة متوحشة بدائية , ذكرتها بصورة المحارب التقليدى التى رأتها فيه يوما التقيا فى سانتا روزا. و أرسلت هذه الذكرى ارتعاشه غامضة فى مختلف أنحاء جسدها. لكنها , مع ذلك ليست خائفة منه . فغريزتها تنبيها بأنه لن يسبب لها أى أذى.
عضت على شفتها فيما هى تتابع تحضيرات العشاء. إنها ترغب بأن يبقى غاى لتناول العشاء لكن الأهم من ذلك هو أن الرجل يحتاج إلى امرأة تعتنى به بعد المعاناة التى مر بها

منتديات ليلاســ



زهرة منسية 10-05-13 05:57 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

عندما خرج غاى من الحمام مرتدياً القميص النظيف و البنطلون كانت هى تجلس على الشرفة و قد ووضعت على الطاولة كوباً من العصير و صحناً من الفواكهة الطازجة. لم تسمع وقع خطواته و هو قادم من خلفها , لكن حدسها دفعها كى تبعد نظرها عن فراشة كانت تراقبها . ما أن رأته حتى كاد قلبها يتوقف فى حلقها . كان قد حلق ذقنه و من خلال الضوء الناعم لاحظت وسامته التى تبدو جلية فى كل ملامح وجهه . و راودتها فكرة مفادها أن وسامته هى مزيج نادر من الجمال الشرقى المتوسطى و الجمال الأوروبى. قال غاى بصوت هادئ:"يبدو الطعام شهياً"
لم يبدو ملهوفاً للطعام كما توقعت من رجل يشعر بمثل جوعه , لكن مع الوقت , وفيما هو يخبرها عن الأوضاع فى سانت روزا كاد يأتى على كل ما فى صحنه. و عندما أنهى طعامه قالت :"الدولة كانت إذا وراء تلك الأحداث؟ هل تعتقد أنهم سيحاولن ثانية؟"
ــ لا أعتقد ذلك فلقد فقدوا الكثير من الرجال.
فقالت لورين :"كيف هى أوضاع القرويين فى تلك القرية الواقعة فى الجبال؟ من المؤكد أنهم كانوا وسط المعارك"
أجاب غاى بنبرة حازمة :"لا. فالمعلومات التى وصلتنى تفيد أن تلك القرية لم تتعرض للكثير من أعمال اعنف كبقية القرى . لكن مع ذلك فأنت لن تعودى إلى هناك"
شعرت بارتجافه على امتداد عمودها الفقرى, و قالت :"ولكن..."
قال يقاطعها بنبرة جازمة :"دون لكن. لن أسمح لك بالاقتراب من أى مكان الساحل الجنوبى , فالمنطقة لا تزال فى وضع حرج"
و سألته :"و أنت , هل ستعود إلى هناك؟"
و حبست أنفاسها بانتظار جوابه.
ــ نــــعـــم .
شئ ما فى جوابه و فى تعابير وجهه الوسيم دفعها لأن تقول:"لماذا؟"
رفع حاجبه الأيسر بسخرية و التوى فمه بابتسامة ثم قال:"لدى معارف كثر, و أعرف م يمكنه تقديم المساعدة التى قد يحتاج إليها الناس . كما يمكننى أن أقوم بدور الوسيط بين هؤلاء"
ساورها إحساس غريب فانقبض صدرها , لكنها تجاهلته و نهضت و هى تقول :"العشاء جاهز, سأذهب لإحضاره"
أثناء تناول الطعام حاولت لورين إبعاد فكر غاى عن كل الأحداث المرعبة التى حصلت فى الأيام القليلة الماضية, أخبرته بعناوين الصحف التى وصلت إلى مكتب السفريات , ثم حدثتها عن بعض الفضائح الاقتصادية المهمة,و عن قصة زواج أحد المطربين المشهورين و انفصاله عن زوجته...
كان غاى مدركاً لما تقوم به , لكنه جاراها فى ما تفعله . و لم تنته الوجبة إلا و كان قد بدأ بالاسترخاء و الضحك.
و على الرغم من ازدياد توترها , قالت لورين بصوت هادئ :"أتريد القهوة؟ لكن أخشى أنها قهوة محضرة مسبقاً"
ــ لا بأس بذلك....
ثم تثاءب وراح يفرك رقبته قبل أن يتابع قائلاً :"لكن قبل أن تعدى القهوة سأذهب لأحضر لك رزمة أخرى"
ــ ماذا؟
ــ سوف ترين بنفسك.
مرت عشرون دقيقة قبل أن يعود و كانت تلك أطول عشرين دقيقة فى حياة لورين , جلست على الشرفة بانتظاره و قد لفها الظلام.
ــ تفضلى !
قال غاى ذلك و هو يضع الرزمة على الطاولة.
ــ آهـ, علام تحتوى هذه الرزمة؟
ــ على ثياب.
إنها ثيابها و قد أحضرها من سانت روزا ...و قالت:"شكراً لك, ظننت أنها سُرقت"
ــ إنها ثياب جديدة....
منتديات ليلاس
ثم توقف عن الكلام ليعود بعد قليل فيقول:"علىّ أن أذهب."
كان يتكلم باقتضاب و بدت كلماته حادة فى ذلك الجو الثقيل . نهضت لورين و سارت إلى المطبخ الصغير و بعد أن قامت بتحضير القهوة حملت الصينية بهدوء و استدارت نحوه و عندها فقط سألته :"لماذا؟"
راح غاى يراقبها و هى عائدة باتجاه الطاولة بساقيها الطويلتين و قامتها الرشيقة , فيما راحت المشاعر تضطرم فى صدره توقاً إلى هذه المرأة التى تكاد تفقده صوابه . انتظر إلى أن جلست و حملت إبريق الحليب بيدها , ثم قال :"ليس لديك هنا سوى سرير واحد و لا أظنه سيكون مريحاً لكلينا"
و سرعان ما ندم غاى على تفوهه بهذه الكلمات , إذ شعر أن كلماته تلك تحمل إيحاءاً يدل على رغبته بمشاركتها سريرها بعد أن أقنعها بالزواج به.
و مع ذلك كان عليه أن يقول شيئاً ليبرر رغبته فى المغادرة . راحت يد لورين ترتجف حتى اضطرت إلى وضع إبريق الحليب من يدها . أبقت رأسها منخفضاً و لم يكن يرى من وجهها سوى الانحناء فى عظام خديها . و بعد لحظة قالت :"أنا أريدك أن تبقى و لولا ذلك لما طلبت منك عدم الذهاب"
اللعنة! أنه يريدها بقوة . لكنها المرة الأولى فى حياته التى يشعر فيها بمثل هذه الأحاسيس الجارفة تجاه امرأة لا تملك أى فكرة عنه و عمن يكون . هنا, فى فالانو يعرفونه بأسم غاى باغانون فقط .
و تابعت لورين تقول :"لا أظن أن الأمر مجرد اعتراف بالجميل أو شعور بالامتنان"
توترت عضلات كتفيه و ذراعيه و بذل جهداً واضحاً للسيطرة عليها.
و فكر أن الارتماء فى أحضانها لن يكون الطريقة المثلى للحصول على تقديرها لشخصه و الاهتمام به . و سألها :"ما الأمر إذن؟"
انحنت لورين و لمست خده بإصبعها قائلة :"نحن متزوجان و ا ضير من بقائنا معاً , أليس كذلك؟"
ثم عانقته .... بدا عانقها مثيراً مليئاً بالأسرار و اللذة , بالجرأة و التسامح , بالغموض و الحقيقة.....ما جعل المشاعر تتأجج فى داخله من دون رحمة . و إذا به يقول بصوت أجش :"لا ضير على الإطلاق , فهذا ما أريده أنا أيضاً"
ثم جذبها نحوه بقوة فى عناق أقوى و أكثر عمقاً . عانقها غاى كما لو أنها المرأة الوحيدة التى أحبها فى حياته , و كأنهما يتشاركان تاريخاً حافلاً بالمشاعر المحمومة, أما لورين فقد شعرت بأنها تغرق فى عالم من الأحاسيس لم تعرفه من قبل, و فجأة ارتخت ذراعاه حولها ليبتعد عنها قليلاً قائلاً :"لأقد أردتك منذ رأيتك للمرة الأولى"
فتمتم لورين :"همم ....يومها بدوت لى كالقرصان ....قرصان مثير جداً"
مع ان جفنيه كانا يحجبان عينيه عنه إلا أنها لمحت ومضة من التسلية فى أعماق عينيه الذهبيتين .
ــ و هل لديك اعتراض على القراصنة؟
مررت إصبعها برفق على خده و قالت ضاحكة :"اللحية تناسب بعض الرجال"
راح غاى يضحك ضحكة عميقة منتصرة و عاد يعانقها ثانية ما جعل قلبها يخفق بنبضات متسارعة . لم تعرف من قبل رجلاً بهذه الوسامة أو بهذه الرجولة الطاغية , إنه مزيج من القوة و رقة المشاعر معاً....رفع غاى رأسه وراح ينظر إليها . و ما لبث أن سألها بصوت عميق:"هل أنت واثقة؟"
و فكرت لورين بيأس أنهما لن يمكثا معاً سوى لوقت قصير , فهى ستغادر قريباً إلى نيوزيلندا , أما غاى فسوف يعود إلى سانت روزا . ولا يحق لها أن تطالبه بالبقاء بعيداً عن بلاده طالما هما متزوجان . ظهرت ابتسامة على شفتيها المرتجفتين و قالت :"نعم, واثقة تماماً"
ظل غاى واقفاً فى مكانه لبرهة دون حراك ثم قال :"و أنا أيضاً"
و سرعان ما استدار ليسدل ستارة القماش المشبك فوق السرير منعاً لدخول الحشرات , و كأنه بذلك يبنى حاجزاً بينهما و بين العالم الخارجى.


زهرة منسية 11-05-13 07:44 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
5 – رجل الحب و الحرب


اغمضت لورين عينيها و هى تفكر كيف ستتمكن من نسيانه....و فجأة سألها غاى:"متى ستغادرين فالانو؟"

شعرت بقلبها يعتصر من الحزن لكنها أجابت بهدوء :"عندما تصلنى النقود فأتمكن من شراء بطاقة السفر"
ــ سأعود إلى سانت روزا بعد ثلاثة أيام , هل تودين أن تقضى هذه الأيام الثلاثة معاً؟
رفعت رأسها لتحدق فى عينيه فرأت الترقب يلتمع فى أعماقهما و إذا بالألم يزداد فى قلبها حين أدركت أنها لن ترى غاى ثانية بعد ان تغادر فالانو. و سألته :"أتعنى هنا؟"
ــ فى مكان ما على الشاطئ بعيداً من هنا .
عادت تسأله و كأنها تخشى أن تتخذ قراراً :"أتعنى أنها جزيرة مهجورة؟"
رمقها بنظرة تحد ثم ابتسم قائلاً:"فى مكان مهجور , لكنه ليس جزيرة بالتحديد"
ترددت قليلاً مع أنها تعلم تماماً ما سيكون عليه جوابها , ثم قالت :"نعم, لكن على أن اتصل بوالدىّ لأخبرهما بما يحصل معى"
منتديات ليلاس
سألها متعمداً إغاظتها :"هل ستخبرينهما بكل شئ؟"
ابتسامة و قالت معترفة :"كلا, ليس بكل شئ"
ــ يمكنك التحدث إليهما عندما تصلين إلى هناك.
ــ ألديك هاتف فى ذلك المكان المهجور؟
ــ نــعـــم.


منتديات ليلاســ

زهرة منسية 11-05-13 07:46 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

استدارت لورين لتنظر إلى غاى فيما هما جالسان فى الزورق الذى يتهادى فوق المياه الضحلة . شئ ما فى وقفته و هو يوجه الزورق و فى تعابير وجهه الذى يبدو مقطباً بتأثير أشعة الشمس....أرسل ارتجافه فى كل عصب من أعصابها , أبعدت عنها ذلك الإحساس بالقلق و قالت بمرح :"أين تعلمت قيادة الزورق ؟ تبدو وكأنك فى استعراض عسكرى"
كان القارب ينطلق عبر الموج ناشراً الرذاذ على جانبيه . أجابها غاى :"تلقيت تدريباً عسكرياً لمدة سنتين , و هذا جزء من تقليد أسرتى"
ثم أشار إلى مجموعة من الطيور ذات الذيول الطويلة و هى تحلق فوق البحر و تابع قائلاً:"أنظرى , هل ترين تلك الطيور؟"
و فكرت بحزن أنه يود بهذه الإشارة أن يقول لها بكلمات أخرى :لا تتحدثى عن مواضيع خاصة لورين!
مع ان المنزل الذى اصطحبها إليه غاى يبدو منعزلاً و يختبئ فى ظلال أشجار جوز الهند فيما يمتد الشاطئ أمامه , غير أنها لم تر فيه شيئاً بدائياً. و بعد ان اتصلت لورين بوالديها مستخدمة أحدث وسائل الاتصالات , سألته :"هل هذا المكان الجميل لك؟"
لا, إنه للمنتجع, أراد المالك أن يبنى عدداً من هذه المنازل على امتداد الشاطئ , لكن خطته باءت بالفشل . هل أعجبك المنزل؟"
أجالت بصرها حولها فى الغرفة الواسعة التى فرشت بأثاث من اللونين الأزرق و الأخضر الباهتين اللذين يتناسبان مع لون أشجار النخيل و البحر والرمال البيضاء , ثم ابتسمت بسخرية , بالطبع , فمتسكع مثله لا يمكنه أن يمتلك مثل هذا المنزل!.
ــ إنه رائع الجمال .
و أختفى صوتها ما إن انحنى غاى و عانقها.
خلال الأيام التالية , اكتشفت لورن كم هى مغرمة بـ غاى و خافت من معرفتها هذه . لكن هذه الأيام الغالية هى كل ما يمكنها الحصول عليه من غاى لذا لم تقاوم مشاعرها نحوه. و فكرت أن الوقت هو الكفيل بمساعدتها على نسيانه ما إن تعود إلى حياتها السابقة. بدا غاى شخصاً رائعاً , ذكياً , ذا شخصية آسرة , كما أنه يجيد الطهو. تحدث معها فى كافة المواضيع و جعلها تضحك عدة مرات . إلا أن أياً منهما لم يتحدث عن حياته الخاصة و كأنهما متفقان ضمنياً على ذلك . مرت الأيام و الليالى سريعاً , كأنها حبات من اللؤلؤ تنساب من بين يديها فى خيط من الحرير الناعم. إنها رائعة بشكل يفوق الوصف. و بقيت كذلك إلى أن أطل ذلك الصباح الذى سيعودان فيه إلا فالانو.
قبل رحيلهما بدقائق تحدثت لورين إلى والديها عبر الهاتف , أما غاى فقد تركها و ذهب كى يتأكد أن كل شئ بات جاهزاً. عندما عاد إلى الغرفة سمعها تقول:"فكرت فى الذهاب مباشرة إلى الوطن بدلاً من الذهاب إلى نيوزيلندا"
لقد سمع صوتها فى الكثير من الحالات ....قوية , مرحة, مغرمة....لكنه لم يسمعه أبداً بالعاطفة كما هو الأمر حين تتحدث إلى والديها أنصت إلى محدثها برهة ثم قالت بعد قليل :"حسناً....هل أنت متأكد؟"
بعدئذٍ ساد صمت طويل فيما كانت لورين تبتسم ابتسامة لم يرها على وجهها من قبل . رافبها و هى تمرر يدها على حافة الطاولة فأرسلت حركتها غريزة إثارة فى جسمه , ما جعله يشعر بالضيق و الغضب معاً. و لم يعجبه شعوره هذا مطلقاً . لقد قضيا الأيام الأخيرة معاً إلا أن لورين ظلت حذرة تتجنب أى حديث عن المستقبل . أتراها من أولئك النساء النادرات اللواتى يشعرن بأى روابط عاطفية؟
حتى تلك اللحظة تعمد غاى أن يبعد أسم مارك كوربيت إلى أبعد مكان فى ذاكرته أما الآن , فإن هذا الاسم جعله يشعر بغيرة مؤلمة .
كانت لورين تتابع حديثها على الهاتف فقالت بمرح :"حسناً , سأغادر اليوم لكننى سأتوقف فى فيجى و لن أصل إلى نيوزيلندا إلا فى ساعة متأخرة . سأقضى الليل فى فندق مطار أوكلاند ثم سأسافر إلى خليج الجزر غداً صباحاً"
أصغت إلى محدثها مرة أخرى , ثم ضحكت وهى تقول :"مكان ملئ بالمشاكل. نعم , سأتصل يك ما أن أصل إلى منزل مارك. إلى اللقاء"
ووضعت سماعة الهاتف فى مكانها.
ــ أكل شئ على ما يرام؟
كان هذا كل ما استطاع غاى قوله, إلا أن نبرة صوته بدت عدائية , رفعت لورين عينيها نحوه بحذر , و بدا واضحاً أنها لم تسمعه يدخل إلى الغرفة , ثم قالت :"نعم, شكراً لك . كنت أتساءل إن كان يجدر بى العودة إلى بلادى لأؤكد لوالدى أن ابنتهما الغالية بأمان و بصحة جيدة , لكن يبدو أن و الدى لم يسمع بما حدث هنا"
أطلق غاى صفيراً خافتاً ليخفف عن غضبه الكبير, و قال بحدة :"إنه أب حكيم"
إذن سوف تذهب إلى منزل مارك كوريت, و ذلك يعنى أن علاقتهما قد انتهت. حاول أن يرفع كتفيه دون اهتمام , متسائلاً ببرودة لما فارقه تفكيره المنطقى.
ماذا يعنى ذلك؟ فهما لم يتحدثا عن أى ارتباط . قد تكون لورين حلم أى رجل, لكن قصة غرامها قد انتهت و بإمكانها الذهاب إلى أى مكان تريده و كذلك الأمر بالنسبة إليه.
منتديات ليلاس
قالت لورين بنبرة ملؤها التأثر:"أبى حنون جداً"
ثم انضمت إليه على الشرفة خارج غرفة الجلوس و قال بحذر :"غاى , لقد أمضيت وقتاً رائعاً جداً, شكراً لك"
أجابها بنبرة مليئة بالتأثر :"تبدين طفلة صغيرة فى نهاية حفلة لها"
لم تظهر على وجهها أى تعابير , و التقت عيناها بعينيه دون أن تتحرك .
بدت عيناها جامدتين كالفضة المصقولة . شعر غاى بالانزعاج و بدا كأنه اصيب بصدمة و قالت لورين بحزم :"قد يكون هذا ما أشعر به, فلقد كانت حفلة جميلة جداً . لكنها وصلت إلى نهايتها مثل كل الأوقات الجميلة"
حاول أن يجد فى نفسه قدرة كبيرة لإخفاء غضبه المفاجئ . و أرخى يديه اللتين كانتا قد تكورتا فى قبضتين قاسيتين إلى جانبيه وقال :"من الأفضل أن تعطينى عنوانك و بذلك أتمكن من الاتصال بك إن احتجت لذلك"
فى البداية ظن أنها سترفض , لكنها هزت رأسها و فتحت حقيبتها لتخرج دفتر ملاحظات صغير . راقبها و هى تكتب العنوان و تنزع الورقة ثم تقدمها له قائلة :"سأبقى هناك لثلاثة أسابيع "
أراد غاى أن يمزق تلك الورقة , إلا أنه قال لنفسه بقسوة : حافظ على هدوئك . و قال :"حسناً,من الأفضل أن نذهب"
ثم حمل الحقائب و عادا إلى فالانو , قبل ووقت قصير من إقلاع طائرتها .ما أن وصل القارب إلى الشاطئ حتى نظرت لورين حولها متظاهرة أن لا شئ قد تغير. كان غاى يجذف و قد علت وجهه تعابير جعلتها تشعر أنه بعيد عنها , كأن هناك جداراً بينهما.وجدا هناك سيارة بانتظارهما , لابد أن غاى قد طلبها, سار معها إلى السيارة و بينما كان السائق يضع حقيبتها فى الصندوق مدت يدها مودعة و هى تقول بحزم:"وداعاً , و شكراً لك على كل شئ"
و بطريقة رسمية مماثلة و دون أى تعابير على وجهه أو فى عينيه الذهبيتين, انحنى غاى و أمسك بيدها . لكن ذلك التكلف اختفى ما إن رفع يدها إلى فمه ليقبلها, ألهبت قبلته بشرتها كأنها حزام من النار وجعلت قلبها يخفق بسرعة كما توترت عضلات جسمها بأكمله . قال غاى بصوت ناعم كالحرير:"كان ذلك من دواعى سرورى"
علا الاحمرار خديها و نظرت إلى البعيد ثم رمشت بعينيها و هى تحدق إلى رجل يقف بعيداً عنهما و قالت :"أنا أيضاً"
فتح لها باب السيارة فجلست على المقعد الخلفى . ثم ابتعدت السيارة بها و لم تلتفت لتنظر إلى الوراء. حتى إنها لم تلاحظ الرجل الذى راح يحدق بالسيارة و هى تمر أمامه , ثم وقف ينظر إلى غاى و هو يسير مبتعداً بخطى واسعة.


منتديات ليلاســ

زهرة منسية 11-05-13 07:49 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

خلال رحلة الطيران كانت لورين تشعر بفراغ كبير فى داخلها . رفضت أن تتناول شيئاً باستثناء الماء و عصي الفاكهة. أجبرت نفسها على تناول القليل من الطعام الذى بدا لها و كأنه مزيج من الغبار و البلاستك فى فمها . و شعرت بالأسف لأن عينيها باتتا مثقلتى الجفنين ومتعبتين , و أدركت أن الدموع ستنهمر منهما ما إن تغمض جفونها . قالت لنفسها بغضب :توقفى عن ذلك الآن . فقد كنت تعلمين منذ البداية أنك ما إن ترحلى فلن ترى غاى ثانية . لطالما علمت ذلك و قبلت به.... لا يمكنك التنكر لذلك الآن .
و حاولت إقناع نفسها أنها لم تقع فى حب غاى باغانون ....
و فى منتصف الطريق إلى نيوزيلندا وجدت نفسها تتقبل أمراً لم تعترف به من قبل , لقد قامت بالأمر نفسه الذى قامت به أمها من قبل , دون التفكير بأى شئ آخر سوى عاطفتها و مشاعرها , فارتبطت فى علاقة عاطفية مع رجل لا تعرفه. على الأقل , هى قد تزوجته و شعرت بحزن غريب يسيطر عليها لكنها أبعدته على الفور.
إلا أن إيزابيل بورتر كانت تعر المزيد عن حبيبها , أكثر مما تعرف لورين عن غاى . فكرت لورين أنها مثلها تماما...شدت على يديها فى حضنها و قالت لنفسها : أنا حقاً أبنة أمى....و كذلك أبى.
حسناً والدها الحقيقى...أما والدها رسمياً فهو هيوغ بورير . اكتشف هذا الأخي أن ابنته الغالية هى ثمرة خطأ ارتكبته زوجته . كانت لورين حينها فى العشرين من عمرها و كان هو يعانى من أزمة قلبية , فكادت الصدمة تقتله, لكنه سامح إيزابيل و أكد لـ لورين حبه لها لن يتغير مطلقاً.
عضت على شفتها و هى تحاول أن تبعد أفكارها عن تلك المرحلة . قد يكون غاى مزارعاً يقوم بزراعة الأرز أو يقوم بتجفيف لب جوز الهند.
إنه نصف قرصان...نصف محارب....و يعيش فى جزيرة نائية فى المحيط الهادئ باستثناء ذلك الانجذاب القوى بينهما, ليس هناك جامع مشترك بينهما. عادت تكرر لنفسها: لا شئ مشترك بيننا . إلا أن صدى الكلمات بدا مزعجاً فى رأسها إلى حد بعيد.
ظلت تحدق فى الفراغ أمامها دون أن ترى شيئاً حتى نهاية الرحلة إلى نيوزيلندا . كانت مخيلتها تعيد لها الأحداث التى مرت بها و هى بقربه, و فكرت أنها ستغدو بخير ما أن تصبح فى منزل مارك, ستتخلص بسرعة من هذه الذكريات و تعود إلى طبيعتها السابقة مرة أخرى.

* * * * *

لامست لورين رأس كلبة الصيد الذهبية اللون و قالت بنبرة صبورة :"لا, فانسى, لا أريد الذهاب إلى نزهة عبر الشاطئ و لا أريد السير معك إلى خليج "كابج ترى" كما أننى لا أريد تسلق التلة أيضاً و لا أريد أن ألعب معك بالطابة أو حتى تقديم الطعام لك"
و تابعت بصمت : كل ما أريده هو الاستلقاء هنا فى الشمس و أشعر بالحزن على رجل لن أراه ثانية.
حركت فانسى ذيلها جذلاً لرؤيتها وراحت تلعق أصابعها بلسانها ثم أخذت تركض حول المسبح . ضاقت عينا لورين بسبب أشعة الشمس المزعجة فوق الخليج . على الرغم من بعد هذا المكان عن المحيط الهادئ كبير فهو أقل حرارة و أكثر اخضراراً من المناطق الاستوائية التى تحيط بـ فالانو و سانت روزا. و قالت لورين لنفسها بحزن : لكنه جميل مثلها تماماً .
حركت فانسى ذيلها و كأنها توافق على كلامها . و أدركت لورين أنها , الآن و إلى الأبد سوف تقارن كل جزيرة تراها بـ فالانو . استلقت لدقائق طويلة و هى تستعرض ذكرياتها ...لقد أمضت اليومين الماضيين غارقة فى تلك الذكريات...يومان و أربع ساعات . وفكرت بحزن , أنها على الأقل لا تعد الدقائق....
جلست فانسى إلى جانبها ثم رفعت أذنيها متنبهة و حدقت فى السماء
ـــ ما الأمر يا صغيرتى؟
و ما لبثت لورين أن سمعت الصوت هى أيضاً , إنه صوت طائرة مروحية تطير بسرعة و على علو منخفض . هل هو أخوها مارك ؟ فهو وبيج مازالا يتمتعان بشهر عسل جديد فى سيشيل و قد تركا ابنتيهما التوأمتين مع والدة مارك فى باريس .
حدس خفى جعلها تحبس أنفاسها لكنها قالت لنفسها أن تلك فكرة غبية....أسرعت فى الدخول إلى المنزل لتبدل بنطلونها القصير بآخر طويل مع قميص من الحرير و تمتمت :"ربما يكون...."
إلا أنها عادت و ابتسمت بحزن , بالطبع لن يكون القادم غاى . فلو حدثت معجزة ما و كان هذا غاى , فإنها سوف تبعده
منتديات ليلاس
عنها حتى و لو كان يريدها معه. فهى لا تستطيع تخيل نفسها و هى تمضى بقية حياتها فى جزيرة استوائية .
كان عليها العودة إلى نيوزيلندا ما إن أعطاها جواز السفر . لكن....حتى فى ذلك الوقت كان الأوان قد فات . فذلك الزواج السريع والذى تم تحت قصف المدافع هو قصة مثيرة لأى صحفى. و لطالما تصرفت هى و مارك بحذر تام, كى لا تثير علاقتهما الانتباه , حرصاً على سمعة أمها و صحة والدها .
من حسن حظها أن تلك القصة لم تُعرف . فلو أن أحد الصحفيين علم بما حصل بينها و بين غاى....أو علم بزواجهما, فمن المؤكد أن أخبارهما كانت الآن على صفحات الجرائد.فالصحف ستتمتع كثيراً بنشر أخبار الرجل الأجنبى الذى يحارب جنباً إلى جنب مع قوات سانت روزا, سمعت طرقة على باب غرفتها و قالت مدبرة المنزل بضيق واضح :"إنه السيد باغانون و هو يصر على رؤيتك"
شعرت بتوتر كبير يسيطر عليها ممزوجاً بإحساس من الفرح أبعد عن رأسها كل ما كانت تفكر به. حاولت ألا تشعر مشاعرها إلى العلن و قالت: "شكراً سيدة أوليفر , فأنا أعرفه"
كان غاى فى انتظارها فى غرفة الجلوس . بدا مرتاحاً و كان يرتدى ثياباً عادية تظهر بوضوح قامته المديدة . و قد رفع كمى قميصه فبدت ذراعاه السمراوان القويتان, كما أنه كان حليق الذقن . كانت عيناه الضيقتان القويتان تراقبانها و كأنها تنتمى إلى نوع نادر من المخلوقات أمضى حياته كلها و هو يبحث عنها.
اضطرمت الأحاسيس فى داخلها , أحاسيس قوية و بدائية . هذا الرجل يختلف كثيراً عن ذلك الذى التقته فى سانت روزا....متشرد الشواطئ....رجل الحركة و الحب.
شعرت لورين أن الحياة دبت فى جسدها من جديد لرؤيته . حاولت أن تحكم سيطرتها على نفسها و قالت :"صباح الخير غاى , إنها مفاجأة سارة"
و قبل أن تدرك ما ينوى القيام به , قطع المسافة التى تفصل بينهما بخطوات طويلة ثلاث فاقترب منها و عانقها ثم تراجع قليلاً ليقول :"يسعدنى أن تشعرى بالسرور لرؤيتى"
حاولت أن تخفى دهشتها و حيرتها فسارعت إلى سؤاله :"ما الذى أتى بك إلى هنا؟"
ــ تبدين شاحبة...هل أنت بخير؟
ــ نعم أننى بخير.
"بخير" تبدو كلمة غير مناسبة لوضعها! شعرت بالرعب من ذلك الإحساس الذى جعلها تشعر بأنها ولدت من جديد ما إن رأته . قال غاى و هو لا يزال مقطب الجبين:"أجلسى"
شعرت ببرودة كالثلج تسرى فى ضلوعها , نظرت إلى وجهه لكن ملامح وجهه لم تنبئها بأى شئ ,فسألته :"لماذا؟"
ــ أحمل إليك أخباراً غير سارة.
هزت لورين رأسها و تصلبت كتفاها دون وعى منها ثم قالت :"أخبرنى, ما الأمر؟"
لكنه لم يتفوه بكلمة إلى أن عادت فتماسكت من جديد ما جعله يطمئن إلى أنها قادرة على التعامل بحكمة مع ما سيقوله. وعندئذٍ قال بنبرة فظة:"الزواج الذى عقدناه فى سانت روزا قد يكون زواجاً شرعياً"


زهرة منسية 11-05-13 07:57 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
6 – حــذار مـــن الــذئــاب


حدقت لورين به بوجه شاحب :"ماذا تعنى؟"
لم تظهر على وجهه أى تعابير أو انفعالات و قال ببساطة :"يقول محامىّ إننا سنكون فى وضع حرج إذا اعتبرنا زواجنا غير موجود"
انفجرت فى وجهه ساخرة :"لكن لم يكن هناك أى تراخيص بالزواج و لا شهادات رسمية , لا شئ....فقط ذلك الرجل الذى...الذى...."
ساعدها غاى لتكمل جملتها قائلاً:"جوزيف"
شدت يديها فى قبضتين متماسكتين إلى جانبيها و تابعت تقول :"مهما كانت صلاحيات جوزيف هذا ,فلا يمكن أن تكون قانونية"
رفع غاى كتفيه العريضتين بلا مبالاة و قال :"يبدو أن المراسم التى قام بها جوزيف هى كافية فى سانت روزا"
سارت لورين نحو النافذة و هى تشعر بالحذر فى أوصالها , شعرت بالرعب يدب فى أوصالها حتى كاد عقلها يتوقف عن التفكير...متزوجة من غاى باغانون ! قالت بغضب:"لا,لن أقبل بذلك"
ــ القبول بالأمر أو رفضه لن يغيرا فى الواقع شيئاً.
قال غاى ذلك بصراحة قاسية ثم تابع قائلاً :"الأمر ليس مؤكداً بعد , محامىّ يعملون على ذلك. و فكرت أنه يجب أن تعرفى بالأمر كى تكونى مستعدة"
أخذت نفساً عميقاً و أجبرت نفسها على التفكير ثم قالت :"شكراً لك."
حتى و لو كان الزواج قانونياً , فسوف يكون مصدر إزعاجاً لها. و سيتطلب الأمر وقتاً و مالاً لا يمكنها تأمينهما , لكن سيكون ذلك كل شئ, بل يجب أن يكون كذلك لأنها لن تسمح للذكريات بأن تؤثر فيها...فهى لا تؤثر فيه بالتأكيد. لكن إذا وصل الخبر إلى أحد الصحفيين فمن المحتمل أن يقوم بالبحث فى العمق و يكتشف سر حياتها , قد تستطيع هى التعامل مع المسألة لكن عليها أن تحمى والديها .
أخذت نفساً عميقاً و سألته:"متى ستعرف حقيقة الأمر؟"
ــ مازالت المور مضطربة فى سانت روزا, لكن محامىّ واثق أنه سيحصل على إجابة فى غضون أسبوعين . و أنا بالطبع سأعلمك على الفور.
أومأت بتصلب :"شكراً لك"
ضاقت عيناه الذهبيتان خلف جفنيه الثقيلتين و قال بحدة:"على أى حال إذا ما أنتشر الخبر فستجدين الصحافة تتصل بك لتسألك عن قصة خروجك من سانت روزا"
شعرت لورين بتقلص فى معدتها و قبل أن تتمكن من منع نفسها قالت :"آهـ يا إلهى ! لا. آخر شئ أريده هو أن تتدخل الصحافة فى حياتى"
منتديات ليلاس
ارتفع حاجباه الأسودان وراح ينظر إيها كحيوان مفترس يراقب ضحين\ته . مع ذلك جاء صوته هادئاً حين سألها :"هل هناك سبب خاص لذلك؟"
قالت تبرر نفسها بحذر:"إنه مجرد كره طبيعى لتصدر عناوين الصحف"
نظر إليها باهتمام قائلاً :"و لهذا السبب قمت بتحذيرك . لا تردى . لا تردى على الهاتف, وأطلبى من مدبرة المنزل أن تقول إنك لست هنا"
بدأت لورين تفكر بصورة منطقية خشية أن يصيبها الذعر:"لا أظن أن الرأى العالم العالمى يهتم كثيراً لحرب صغيرة فى جزيرة نائية, أليس كذلك؟ لاحظت أن صحف الصباح لم تتحدث عن الأمر بإسهاب"
عضت لورين على شفتها و تابعت :"لا أتخيل أن جوزيف سيخبر أحداً بما حصل"ظهرت القسوة على وجهه و وافقها قائلاً :"لا مجال لذلك , لكن كان هناك أشخاص كثيرون فى مبنى المطار تلك الليلة"
قالت ببساطة :"لم يتمكن هؤلاء من رؤية أى شئ"
وراحت تستعيد الصور التى عاشتها فى ذلك المكان , محاولة أن تقنع نفسها ثم أضافت :"كما أن الصحفيين يهتمون أكثر لأخبار الحرب و لن يثير هذا الأمر اهتمامهم"
ــ الصحفى يبقى صحفياً و الفضول هو من صلب عمله .
عندما ظلت صامتة تابع يقول:"على أى حال , فإن ظهور اسمك فى عناوين أحد الصحف ليس بكارثة"
اختياره للكلمات أثار دهشتها , لكنها قالت لنفسها إن عليها ألا تبالغ فى ردة فعلها . فحتى لو أكتشف أحدهم سر ذلك الزواج فإن ذلك لا يعنى أنهم سيحاولون التدخل أكثر فى حياتها. أما إذا فعلوا...
ــ إذا كنت تشعرين بالقلق من أن يكتشف أحدهم أننا أمضينا عدة أيام معاً فى فالانو ....
قالت بسرعة:"كلا, حسناً أنا بالطبع لا أرغب فى أن يصبح هذا الأمر موضوعاً للصحافة , لكننى متأكدة من أنهم لن يهتموا لهذا ألأمر"
منتديات ليلاس
قاومت النظرة التى رمقها بها و التى سببت لها الخوف , و أنهت كلامها آملة أن يبدو ما تقوله مجرد ملاحظة عادية:"بالطبع ,يسضفى ذلك بعداً جديداً على صورتك كبطل"
رفع كتفيه متجاهلاً قولها :"هذا لا يعنى شيئاً"
عادت إلى ذهنها بسرعة ذكرى تلك الأيام الجميلة لتعود فتختفى بسرعة أيضاً. و إذا بها تحدق إلى وجه رجل غريب...غريب لا تعرفه أكثر مما تعرف أى رجل آخر فقالت بتصلب:"أعلم ذلك, كل ما فى الأمر أننى أقدر خصوصياتى كثيراً"
ــ هذا ما يرغب فيه الجميع.
و نظر حوله إلى الغرفة الأنيقة قائلاً:"هذا المنزل لا يشبه أبداً منازل فالانو . ألن تصطحبينى إلى الشاطئ؟"
شعرت بالألم و الانزعاج بسبب نبرة الازدراء التى حملتها كلماته و قالت :"نعم"
خرجا إلى الشاطئ فانضمت إليهما فانسى و هى تحرك رأسها , انحنى غاى ليداعب رأسها الذهبى بمهارة تدل على حسن تعامله مع الكلاب . و قد أحبته فانسى بالتأكيد فأخذت تتحرك بسرور و هو يدغدغها خلف أذنها تماماً. نظرت إليه لورين و شعرت بألم غريب فى قلبها . و بعد قليل , استقام غاى فى وقفته بحركة رشيقة فبدا طويلاً و قوياً.

منتديات ليلاســ




زهرة منسية 11-05-13 08:00 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

نظرت لورين إلى ذلك الوجه ذى الملامح المستبدة , إلى بنيته الواضحة المعالم و شعرت كأن تياراً كهربائياً مسها. فقالت :"إذا كنا متزوجين....أعنى إذا كان ذلك الزواج شرعياً...ماذا يمكننا أن نفعل؟"
قال باقتضاب :"يمكننا أبطاله و هذا أمر طبيعى, و أعتقد أن ذلك يعنى الطلاق"
ساورها شعور....بالمرارة. حاولت أن تستعيد السيطرة على نفسها , فأخذت نفساً عميقاً و سارت نحو الشاطئ . انحنت لتنتزع حذاءها ثم قالت :"هل أنت واثق من أنه لي شرعياً إلا فى سانت روزا؟"
و شعرت بالإنزعاج من التوتر الواضح الذى ظهر فى صوتها و منعت نفسها من التلفظ بالمزيد من الكلمات . و عندما لم يجب غاى استدارت كى تواجهه, و إذا به يقول ببرودة :"الزواج الشرعى هو شرعى فى كل مكان, فحتى الزواجى الذى يعقد تحت السن القانونية لا يعتبر غير شرعى"
قالت بهدوء:"شكراً لك على تحذيرى"
ــ إذا أتصل أحدهم بك أرفضى التعليق على الأمر , بكل بساطة .
وأنتظر قليلاً قبل أن يضيف برقة ملفتة :"بالطبع , لا داعى للقلق بأننى قد أفكر بالمطالبة بالحقوق الزوجية"
اصطبغ وجهها الاحمرار لشدة الخجل و قالت :"لم أفكر بذلك .لِمَ لم يخبرنا جوزيف أن هذا الزواج سيكون شرعياً؟"
رقت شفتاه و قال :"إن كنت تتذكرين , لقد حذرنا أنه سيعتبر شرعياً فى سانت روزا فقط . لكن أى خيار كان لديه؟ إنه رجل صالح... و ما كان ليوسلك إلى بلد آخر دون أوراق رسمية"
عضت لورين على شفتها السفلى للحظة و هى تفكر ثم قالت و هى تتنهد :"أمام وضع كهذا , لا يحق لى أن أتذمر مما لحق بى"
قال غاى بنبرة جافة :"ما حصل ليس مصيبة لورين , مع أن الأمر قد يغدو مشكلة إذا ما وصل إلى الصحافة لكن باستثناء ذلك لا يدعو إلى القلق"
رفعت لورين رأسها إلى الأعلى قائلة :"بالطبع, لكنى لا أستطيع تصور نفسى متزوجة منك!"
قال بهدوء:"هذا شعور متبادل"
ثم استدار وراح ينظر إلى المنزل , منزل أبيض جميل ينضح بالحب و العناية . قبل أن يتابع قائلاً :"إذا تبين أن الزواج شرعى سأتصل بك لنذهب إلى إحدى المحاكم لفسخه"
قالت بصورة آلية :"شكراً لك"
استمر فى النظر إلى المنزل و قال :"لديك رب عمل بالغ الثراء . هل يسمح لكل موظفيه بقضاء عطلاتهم فى منزله الخاص؟"
كيف علم أن مارك هو رب عملها؟ و أدركت ما الذى يقصده فشعرت بانزعاج كبير يظهر بوضوح على وجهها , و قالت :"يمكنك أن تسأله"
قال بنبرة مرحة محاولاً إخفاء التوتر الحاد فى نبرة صوته:"أعتقد أنك خائفة من وسائل الإعلام خشية أن يعلم حبيبك بتصرفك الخاطئ فى فالانو"
ــ ماذا ؟
قال بازدراء :"لا تحاولى أن تكذبى علىّ . أعلم أنك صديقته الحميمة حتى قبل زواجه من حبيبته فى نيوزيلندا."
شعرتب ألم قوى جعلها تفقد السيطرة على أعصابها و تقول بصوت كاد يحول المكان حولهما إلى قطعة من الجليد:"لا علاقة لك بحياتى مطلقاً!"
رفع حاجبيه الأسودين معلناً استغرابه و عدم تصديقه , ثم قال بصوت ناعم كالحرير :"عندما دعوتنى إليك أصبح لى علاقة بحياتك"
شعرت بطعنة فى صدرها كأنها مزيج من الألم و الغضب معاً , فقالت بصوت ضعيف :"كان ذلك مجرد...جنون"
ضحك غاى و تشدق قائلاً :"لكنى كنت سعيداً جداً بذلك"
قالت بغضب:"أنا ليست عشيقة مارك كوربت"
ــ أوافقك الرأى على أنها كلمة قديمة الطراز , هل تفضلين حبيبته؟
توترت شفتاها و قالت :"لست كذلك أيضاً"
و ساد بينهما فترة من الصمت ثم قال غغاى فجأة :"حدثينى عن علاقتك بــ مارك كوربيت"
و لاحظ على الفور كيف غلف الغموض ملامح وجهها . بللت لورين شفتيها بطرف لسانها و قالت بهدوء :"لا أعلم إن كنت استطيع أن أثق بك"
و إذا بالغضب البارد يحل محل مكان الإعجاب و الشوق.
ــ بالطبع , أنا لا أستطيع إجبارك على الوثوق بى.
رفعت بصرها نحوه لتلتقى عيناها بعينيه الذهبيتين اللتين تنضحان بالذكاء
و بعد لحظات طويلة قالت:"مارك أنقذ حياتى"
فجاة حلت الدهشة محل الغضب . لقد توقع سماع أى شئ باستثناء هذا, فقال :"كيف فعل ذلك؟"
تحركت عضلات عنقها و هى تبتلع ريقها قبل أن تقور :"ما إن تخرجت من الجامعة حتى أصبت باللوكيميا"
شعر غاى بصدمة كبيرة لكلامها و قال :"تابعى"
ــ احتاجت إلى عملية زرع للنخاع الشوكى , لكنهم لم يجدوا متبرعاً يناسبنى.
قالت ذلك بنبرة تخلو من اى انفعال أو تأثر وكان ما حدث لم يحدث معها بالذات بل مع امرأة أخرى. و تابعت :"و أخيراً , اكتشفنا أن مارك هو الخيار الأمثل و لولا وجوده لما بقيت على قيد الحياة"
أبعد غاى عن ذهنه ذلك الإحساس الكريه بالخوف و قال ببطء: "فهمت"
أمن المعقول أن تكون هذه المرأة الجميلة المليئة بالحياة قد تعرضت لخطر الموت؟ توقفت لورين لتلتقط صدفة وراحت تتأمل قشرتها ذات اللون اللؤلؤى , ثم تابعت تقول :"بعدئذٍ أصبح بالنسبة لى البطل المنقذ"
آملاص ألا يظهر التوتر فى صوته قال غاى:"أستطيع تفهم ذلك"
إلا أن الأسئلة راحت تلح على فكره: كيف وجد الأطباء أن النخاع الشوكى لـ مارك مناسب لها؟
نظرت لورين إليه بعينين شفافتين و بدا لـ غاى أن هاتين العينين لا يمكنهما أن تخفيا عنه اى شئ . و تابعت تقول :"يومها قال لى مارك إنه سيقدم لى عملاً عندما أشفى إذا ما رغبت بذلك و إذا كان الأمر يناسبنى. و بالطبع سررت لعرضه هذا و عندما تحسنت صحتى قبلت بذلك العمل و منذ ذلك الوقت هناك نوع من العلاقة المقربة بيننا . مع أنى أحاول ألا أستفيد من ذلك. لكن مارك عزيز جداً بالنسبة إلى و كذلك زوجته بيج."
التوى فم غاى بابتسام ساخرة , و مرة أخرى رفعت لورين بصرها نحوه . بدت عيناها صافيتين كالبلور, و كان صوتها يرن بالحقيقة. نظرت مباشرة إلى وجهه . لكن حدسه أنبأه أنها تخفى عنه أمراً ما , أو على الأقل فهى لم تخبره إلا بجزء من الحقيقة.
أخيراً قرر ببرودة و تمعن أن تلك القصة كانت بداية لعلاقتها بـ مارك و هذا أمر طبيعى . و حتى لو كان ما أخبرته به هو الحقيقة فهى مازالت حبيبة مارك كوربيت . أما بالنسبة لحبها الواضح لزوجته بيج كوربيت, فهذه لن تكون المرة الأولى و لا الأخيرة التى تغرم فيها امرأة بزوج صديقتها .
تساءلت لورين بقلق عما يدور وراء تلك الملامح الرائعة الجمال . هل صدقها؟ هل اقتنع بما أخبرته إياه ؟ ووجدت نفسها تتمنى لو أنها تستطيع الوثوق به فتخبره بالحقيقة كاملة . كانت لتفعل ذلك لو أن الأمر يتعلق بها وحدها لكن فى النهاية ذلك السر ليس سرها . قالت بمرح :"إنها قصة قديمة و لا أرغب فى التحدث عنها , لكن بعض الناس يقولون إنك إذا أنقذت حياة أحدهم فسوف يجعلك ذلك مسئولاً عنه طيلة حياتك . و أنا أكره ان يعتقد البعض أن مارك قدم لى عملاً بسبب إنقاذه لحياتى"
ظه9رت على وجهه ابتسامة امتزجت فيها السخرية من نفسه بالتعاطف معها , وقال:"أستطيع تفهم ذلك"
سحب غاى محفظته من جيبه و أخرج منها دفتر ملاحظات ثم كتب بعض كلمات على ورقة منها قبل أن ينزعها و يعطيها إياها قائلاً :"اتصلى بى إذا ما احتجت إلىّ"
و بغتة أقترب منها غاى و ضمها بين ذراعيه قائلاً من بين أسنانه :"لأذكرك فقط بما كان بيننا...."
شعرت لورين بالبهجة تتراقص فى كل عصب من أعصابها , إلا أنها تجمدت فى مكانها . فنظر غاى إلى وجهها و قد ظهر الغضب على وجهه ثم قال بصوت خشن:"لا , لم تنسى ذلك"
ثم عاد يضمها إلى صدره بقوة , فشعرت أن هذا ما كانت تنتظره....أن يضمها إلى صدره ليكمل لأحدهما الآخر. شعرت أنها فقدت الإحساس بالزمان و المكان , وكأنها تذوب بين ذراعيه متجاوبة مع عناقه بقوة . ومع أنها تريد سوى البقاء بقربه, إلا أنها قاومت رغبتها هذه و أبعدت نفسها عنه قائلة :"لا!"
التعمعت عيناه بنظرة متملكة و قال :"لكنك كنت تقولين نعم منذ لحظة فقط"
حتى فى ذلك الوقت كانت تعلم أنها تقوم بعمل خاطئ و ها هى قد منعت نفسها من الانجراف وراء عواطفها . كررت بهدوء:"لا"
و لأنها تعلم أنها لن تكون بأمان و هى بالقرب منه, فكرت أن الطريق الوحيدة لتمنع نفسها من الوقوع فى حبه هى أن تنتهى هذه العلاقة الآن.
ظهرت القسوى على فم غاى و قال :"لماذا؟"
ــ لأننى لا أريد ذلك.
آهـ, كم يبدو الكذب مؤلماً ! و سارعت تقول موضحة :"أنا أجدك جذاباً , لكن فكرة أن أكون زوجتك....أجد هذا الأمر سخيفاً . و أنا لا أريد التورط فى علاقة عاطفة معك"
تلفظت بكلماتها الأخيرة بغضب واضح , وانعكس ذلك على الفور على وجه غاى , ما جعلها ترتجف لبرهة . فابتسم غاى و ابتعد عنها ثم قال بتهذيب:"حقاً؟ أستطيع التفكير بعدد كبير من الكلمات لوصف هذا الزواج , لكن كلمة سخيف لم تخطر ببالى مطلقاً . أما بالنسبة للعلاقة العاطفية بيننا...أظن أننا سبق أن تورطنا بها "
شعرت لورين بألم كبير فى صدرها و فكرت أن علها أن تبعد عنه نهائياً,فقالت تصحح له:" لقد قضينا عدة ايام معاً, لكننى آسفة , فالذى حدث فى المنطقة الاستوائية لن يحدث فى مكان آخر. وسأكون ممتنة لك دائماً لأنك أنقذت حياتى"
ــ توقفى عن الكلام حالاً.
قال غاى ذلك بعصبية أخافتها , ثم تابع بحدة :"إذا كنت تقولين إن قضاءك تلك الأيام معى كان بسبب شعورك بالامتنان فسوف اثبت لك أنك على خطأ. لقد أقمنا علاقة فى ما بيننا لأننا أردنا ذلك معاً"
ــ بالطبع أردت....أردنا ذلك.
ثم جاهدت لكى توضح أفكارها , فأخذت نفساً عميقاً قبل أن تكمل بنبرة ملؤها التحدى:"كان هناك انجذاب متبادل بيننا , لكنه انتهى الآن"
مرت لحظات مشحونة بالتوتر وراح غاى يتأملها و قد بدا التجهم على وجهه الوسيم , و اخيراً تشدق قائلاً :"إذن لم يبق هناك المزيد لنقوله"
ثم استدار مبتعداً و هو يقول :"وداعاً لورين"
غمرها إحساس غامض من الخسارة و الألم . راقبته و هو يسي بخطى واسعة نحو الأشجار الكثيفة حيث هبط بالطائرة المروحية فى الباحة الواقعة خلفها.
مهما كان شعورها نحوغاى باغانون فمن غير المحتمل أن يكون ذلك حباً منتديات ليلاس. وحدها المرأة الفاشلة تقع فى حب رجل يظن أنها عشيقة رجل آخر , و هى ليست فاشلة.
ربما يكون من الأسهل أن تراه ثانية بعد أن ينسى الناس أمر الحرب التى وقعت فى سانت روزا . قد يتمكنان من اللقاء معاً كما يلتقى الناس عادة بعد أن يتخلصا من كل تلك الأمور المتصلة بعلاقتهما و المتشعبة عها.
عندما سألت أمها لما ناسبها النخاغ الشوكى فى عظام مارك دون الناس أجمعين , اضطرت أمها إلى الاعتراف بخيانتها لوالدها . وكان ذلك كافياً لزعزة كيانها . لكن ما أزعجها أكثر هو ردة فعل أمها حين سألتها إن كان والدها يعلم بالأمر . فقد قاطعتها أمها بقسوة قائلة :"إنه يعرف الآن, لكن لا تتحدثى معه بهذا الموضوع فالحزن و الإحباط قد يقتلانه"
لم تعرف لورين كيف تمكن والداها من تخطى هذا الأمر القاسى , لكن حبهما لها جعلهما يتمسكان ببعضهما البعض أثناء مرضها.
ما إن أختفى صوت الطائرة حتى عادت لورين إلى داخل المنزل و اتصلت بوالدتها.
ــ كيف حال والدى؟
أكدت لها والدتها :"أنه بخير, كيف حالك أنت عزيزتى؟"
ــ أنا فى صحة جيدة . لكن أتى لزيارتى اليوم الذى عمل على إخراجى من سانت روزا .
ثم أخبرت أمها بيقظة و تنبه لما أتى غاى لزيارتها , و أنهت كلامها بالقول :"أعتقد أننى سأعود إلى المنزل فى أقرب فرصة ممكنة"
قالت إيزابيل بحزم :"لا! فأنت بحاجة إلى هذه العطلة....لا يمكنك التعامل مع صحتك باستخفاف"
أكدت لورين لها :"اشعر أننى بألف خير و أننى عدت إلى حالتى العادية السابقة"
ــ لكن إذا اكتشف بعض الصحفيين أمر ذلك الزواج التافه فمن المحتمل أن يأتوا للبحث عنك.
ثم ساد بينهما صمت قصير تمكنت خلاله أمها من استيعاب كل ما يتعلق بهذا الأمر, و عادت لتقول :"عندئذٍ سنعمل على تجاهلهم"
فقالت لورين :"قد يبدءون بالتنقيب عن المزيد من المعلومات"
التردد الذى ظهر على الطرف الآخر من الهاتف أظهر لها أن أمها قد فكرت بذلك أيضاً . و أخيراً قالت إيزابيل بصوت ملؤه الثقة و الحزم :"لن يصلوا إلى أى شئ . إذا ما ظهر هذا الزواج المزيف للعلن , فإن التساؤل حوله لن يدوم أكثر من ثلاثة أيام . آهـ , عزيزتى ....لقد وصل والدك للتو"
انتظرت لورين بتوتر و ابتسمت عندما سمعت صوت والدها عبر الهاتف. و قال هذا الأخير بلهجة آمرة:"أبقى هناك. بالمناسبة , كيف يبدو ذلك الرجل الذى أخرجك من سانت روزا؟"
قالت بخفة لكن دون تطرف:"يبدو قوياً و رائعاً"
ــ هل سأحبه؟
ضحكت و قالت :"نعم, أظن ذلك . أنت تحب مارك , أليس كذلك؟"
قال بخشونة:"أحبه كثيراً , فـ مارك أنقذ حياتك , والآن هذا الرجل قام بذلك أيضاً. عندما تنتهى هذه الضجة أود أن أتعرف عليه و أشكره . و الآن , أبقى هناك و تمتعى بعطلتك لورين . أريد أن أرى خديك متوهجين بالصحة عندما تعودين"
قالت مظهرة الطاعة بطريقة ساخرة:"نعم أبى"
و سمعته يقهقه ثم يقول :"إلى اللقاء"
ودعت لورين أمها أيضاً ثم سمحت لدموعها بالانهمار على خديها . ومن خلال دموعها اتصلت بالموظف الذى تولى ترتيب سفرها . فمهما قال والداها , إذا كانت أخبار زواجها من غاى ستظهر فى الصحف , فإنها تفضل أن تكون فى بلادها , على ان تكون بمفردها فى الجهة الأخرى من العالم.
منتديات ليلاس
* * *

حدق غاى بتجهم بسماء سنغافورة من خلال نافذة غرفته فى الفندق , و أطلق شتيمة من بين أنفاسه . فقال الرجل على الخط المقابل للهاتف بنبرة جافة:"لطالما شعرت بالحسد منك حين كنا فى المدرسة لقدرتك على إطلاق الشتائم بخمس لغات مختلفة , و الآن استطيع إطلاق الشتائم بعشرين لغة , و مع ذلك لا استطيع اجتذاب الأنظار كما تفعل أنت"
قال غاى بصوت رتيب و بارد :"صحفيون أنذال"
ــ لدى هؤلاء مكانتهم فى الحياة.
ــ إنهم يتلهون بالأخبار التافهة التى لا قيمة لها . متى سيعلنون الخبر؟
كاد يسمع تردد صديقه قبل أن يقول بضيق :"غداً . لقد حصلوا على موضوع شيق و عرفوا الظروف الدرامية للزواج . كما عرفوا أنه قد يصبح زواجاً شرعياً و حقيقياً . بالإضافة إلى كون المرأة صديقة مقربة لـ كوربت, و أسمه وحده يكفى لاستقطاب القراء . كما أنها ضربة موفقة لإلقاء الضوء على حياة شخص مشهور و مخادع و يعرف كيف يتجنب الصحفيين مثلك. ومن الطبيعى أن يفكروا بالحصول على أفضل النتائج من عملهم"
حاول غاى أن يسيطر على غضبه العارم و قال بنبرة حادة :"هذا أمر طبيعى . وكيف اكتشفت أنت المسألة؟"
قال صديقه باعتزاز :"لدى أصدقاء يشغلون مراكز مرموقة.
ـ حسناً, شين. شكراً جزئلاً , أنا مدين لك بذلك.
ــ لا تقلق بهذا الشأن , فأنا مدين لك بأكثر من هذا بكثير . فأنت من أنقذتنى من حياتى البائسة.
قال غاى بإختصار :"أنس ذلك"
وأعاد السماعة إلى مكانها. وقف لوقت طويل يحدق فى الفضاء بغضب قبل أن يلتقط سماعة الهاتف مرة أخرى . نظراً لفارق التوقيت الزمنى , قد تكون الساعة الآن الثامنة مساءاً فى نيوزيلندا . بينما كان يطلب الرقم عاودته ذكرى منزل مارك كوربت و انعكاس أشعة الشمس عليه و على شعر لورين. بدا شعرها كشلال من الزجاج البركانى الأسود حول وجهها , ما أضفى توهجاً ناعماً كاللؤلؤ على بشرتها البيضاء كالحليب.
بما أن السيدة أوليفر لم تكن فى المنزل التقطت لورين سماعة الهاتف و قلبها يخفق بقوة , و قالت بحذر:"مرحباً"
ــ هل يستطيع أحد سماع ما نقوله؟
إنه غاى !
ــ كـــــلا .
سيطر عليها إحساس بالخوف فسرت البرودة فى داخلها.
ــ ماذا حدث؟
ــ وصلتنى معلومات موثوقة أن أخبار زواجنا ستتصدر العناوين الأولى لصحف غداً.
و انتظر قليلاً ليفسح لها المجال للامساك بقوة بسماعة الهاتف ثم سألها بحدة:"هل مازالت هنا؟"
قالت بضيق :"نعم, شكراً لك على إخبارى بالأمر , سأتصل بوالدى على الفور لأخبرهما بذلك"
ــ هل أخبرتهما عن زواجنا؟
ــ نـــعـــم .
قال بهدوء :"حسناً فعلتِ. متى ستعودين إلى بلادك؟
ــ سأغادر غداً .
قال :"اقترح عليك أن تغيرى خط رحلتك و تستقلى الطائرة المتوجهة إلى روما"
قالت بنبرة فظة:"هذا جنون ! سوف أكون بخير , على أى حال , لا أحد يتوقع قدومى...شركة الطيران لن تخبر أحداً عن موعد وصولى , و لا أحد يعلم بذلك سوى والدى , ومن المؤكد أنهما لن يثقا بأى صحفى مهما كان مهذباً و لطيفاً و فضولياً"
قال غاى بهدوء:"حسناً جداً, أتمنى لك رحلة عودة آمنة"
ثم وضع السماعة مكانها , كذلك فعلت لورين بعد أن مسحت دموعاً خرقاء لا ضرورة لها . سأروها شعور بأنها أشبه بحيوان فى قفص , مشدود الأعصاب متوترة فيما تحوم الذئاب حولها لتفترسها.


زهرة منسية 11-05-13 08:02 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
شكراً كتيررررر ريحانتى على تثبيت الرواية

زهرة منسية 13-05-13 04:15 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
7 – قــرصان أم مـــنــقــــذ ؟

على الرغم من استعدادات لورين على المستويين الذهنى و العاطفى خلال رحلتها الطويلة , إلا أن عدد المصورين و الصحفيين الذين كانوا فى انتظارها فى مطار هيثرو أخافها و سبب لها الصدمة.
ــ لورين , أنظرى إلى هذه الناحية.
ــ مرحباً لورين, هل يمكنك إخبارنا عن زواجك من...."
ــ لورين, لورين....إلى هنا!
....و هكذا إلى أن ضاعت الأوامر و الصراخ فى الضجة و اختفى معها كل نداء فردى.
شعرت لورين بالارتجاف فضغطت على شفتيها بقوة و هى تبحث عن أسرع طريق لتجتاز هذا الحشد الصاخب...ثم وصلت النجدة على يد رجلين يضعان إشارة الأمن الشخصى, قال أحدهما و هو الأضخم و الأكثر صلابة فى أذنها :"من هنا آنسة بورتر من فضلك"
وراح الآخر يشق لها طريقاً بين المحتشدين , ضغطت لورين على أعصابها و سمحت لنفسها بإطاعتهما و الخروج برفقتهما إلى الممر هرباً من الصحفيين المحتشدين. توقفوا أمام أحد الأبواب فيما قال أحد الموظفين بفتحه فدخلت لورين عبره و هى تشعر بغرابة الموقف . و ما لبثت أن توقفت عن التقدم ما إن أغلق الباب خلفها و نهض غاى باغانون واقفاً على قدميه أمامها.
راح قلبها يقفز بفرح لا يصدق و تمكنت أن تقول بصوت هش:"آهـ , مرحباً, يبدو أن الأخبار انتشرت بسرعة , أليس كذلك؟"
ــ هذا الصباح.
منتديات ليلاس
بدا صوته قوياً كمظهره تماماً , إلا أن تلك الهالة من السيطرة و الثقة بالنفس بعثت الاطمئنان فى نفسها . و مع ذلك شعرت بالارتجاف فراحت تفرك ذراعيها , هذه الغرفة تذكرها بقوة بتلك الغرفة التى تبعد أميالاً من هنا حيث تبادلت و هذا الرجل العهود الزوجية بالحب و الطاعة . قالت بصعوبة:"فهمت, توقعت بعض الاهتمام من الصحافيين , لكن لا شئ يشبه هذه الجلبة. كيف عرفوا أنى سأحضر اليوم؟"
قال بنبرة واثقة :"هناك دوماً من هو مستعد لتسريب الأخبار"
ضاقت عيناه اللتان تشعان بالتماع ذهبى اللون و هو ينظر إليها ثم تابع يقول:"تبدين متعبة , ألم تتمكنى من النوم على متن الطائرة؟"
ــ ليس لوقت طويل.
شعرت بالضجيج يملأ رأسها فيما الحماسة و الصدمة يمتزجان فى داخلها فتعطيانها أحاسيس متناقضة من الارتياح و الترقب.
بدا غاى متجهم الوجه , امسك بذراعها و قادها باتجاه جسر عريض قائلاً:"هيا بنا لنذهب من هنا"
على الرغم من أن شعورها بالإرهاق و الدهشة معاً جعلها تتركه يتولى عنها زمام المور إلا أنها قالت بصوت مرهق:"ما الذى يحدث ؟ إلى أين نحن ذاهبان؟"
ــ إلى داسيا.
رمشت بجفنيها و تساءلت أين تقع داسيا قبل أن تتذكر أنها إمارة صغيرة على البحر المتوسط . و فجأة توقفت عن السير قائلة :"لماذا؟"
بذل غاى جهداً لجعلها تتابع سيرها ثم قال بصوت متجهم كتعابير وجهه تماماً :"والداك أصبحا هناك"


منتديات ليلاســـ


زهرة منسية 13-05-13 04:18 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

شعرت بفراغ فى رأسها و كل ما تمكنت من قوله :"لكن والدى لا يستطيع السفر بالطائرة"
طمأنها غاى :"يستطيع ذلك إذا كان برفقته ممرضة"
و رافقها لتسير فوق الجسر ثم تابع قائلاً :"إنه بخير , لقد تحدثت للتو مع والدتك, آسف لأنك مضطرة إلى السفر ثانية"
إستجمعت كل ما تبقى لديها من التفكير المنطقى . و وقفت فى مكانها ثم قالت :"ما الذى يجرى هنا . و لِمَ داسيا بحق الله؟"
أجابها غاى ببساطة :"لأنها مكان هادئ و آمن و أنت بحاجة إلى الابتعاد عن الأضواء . المكوث عدة أيام هناك سيقضى على كل هذه الضجة"
ــ لكننى....
ــ وافق والداك على أن هذا هو الحل الأمثل.
ــ لكننى لا أفهم....
ــ هذا كل ما يمكننى القيام به لحمايتك من الثرثرة التى ستدمر حياتك .
ــ ماذا ؟ اليوم , و أنا فى هذا السن؟ لابد أن لديك فكرة ساذجة عن المجتمع الحديث إن كنت تعتقد أن عقد زواج توافقى قد يثير فضيحة كبيرة .
بدا وجه الوسيم مخيفاً و هو يقول بفظاظة :"أنت من هى ساذجة حقاً فى التهرب من مواجهة الأمر . فكرى بأنك ستخسرين وظيفتك"
غدا الألم الذى يثقل صدرها كصخرة ثقيلة , حتى أنها لم تعد تستطيع التنفسبالارتياح و قالت :"لأا تكن سخيفاً...."
بدت عيناه باردتين كالحجر و هو يقول :"لا تكونى حمقاء. كوربت لن يبقيك فى وظيفتك ما إن يعلم أننا كنا حبيبين , إل إذا كنت تملكين أدلة كافية تسمح لك بابتزازه . و مع وجود كل أولئك الصحفيين المتلهفين للحصول على الأخبار فى سانت روزا وفالانو لن يمر وقت طويل قبل معرفته بالأمر"
شعرت بالألم لأنه مازال مقتنعاً بتلك الإشاعات التافهة و فكرت أن ذلك أمر خطير إذ ليس عليها أن تهتم بما يفكر به, فقالت بتبلد:"لا أهمية للأمر"
قال غاى بصوت خشن :"لا يبدو لىّ كرجل يرضى بأن يشاركه أحدهم بمن يحب. كما أشك بأنه قد يرضى بالابتزاز"
و بدا الازدراء على وجهه القاتم و فمه المشدود بتوتر . قالت لورين بنبرة حزينة :"لا , إنه ليس من هذا النوع"
كانا يقفان فى مواجهة بعضهما البعض كعدوين شرسين , عيونهما تشع بالتوتر و الغضب , و فكرت أنه يحتقرها بل شك.
ــ سوف تسوء سمعتك و لن تجدى من يأخذك على محمل الجد . قد تتلقين عروضاً للعمل فى التلفزيون أو فى عروض الأزياء , لكن عملك الحالى سينتهى, واجهى ذلك الآن . إذا ذهبت إلى داسيا لمدة أسبوع أو أكثر فسوف تنتهى الفوضى الحالية و يصبح بإمكانك أن تستجمعى أفكارك لتتابعى حياتك من جديد.
ظلت صامتة فاعتبر غاى صمتها علامة الموافقة و أسرع يقودها إلى داخل الطائرة . فى ما بعد أقنعت لورين نفسها أن الإرهاق الذى أصابها نتيجة السفر بالطائرة قد شتت دماغها و أفقدها إرادتها و قوتها.
ما إن أصبحت فى الداخل , أنبأتها نظرة سريعة بأن الطائرة هى طائرة خاصة و أنهما المسافران الواحدان على متنها.
وقف غاى يفسح لها المجال لتجلس على مقعد جلدى ولسع و مريح و قال :"ستحصلين على رؤية رائعة من هذه النافذة"
و عندما أنحنى فوقها ليربط لها حزام المقعد , ثارت أحاسيسها , ابتلعت ريقها علها تلطف جفاف حنجرتها ثم أغمضت عينيها لتحجب عنها رؤية وجنته البارزتين العظام.
استقام غاى فى وقفته و قد غلف وجه بقناع من القسوة أبعدها عنه تماماً . ثم قال :"سأذهب إلى غرفة القيادة , حاولى أن تنامى قليلاً"
منتديات ليلاس
شعرت كأن تحت جفنيها حبيبات من الرمل و هى تراقبه يبتعد , جسد ضخم يتحرك برشاقة و ثقة كبيرة تقارب حد الكبرياء.
ما إن أغلق الباب خلفه حتى حولت نظرها إلى النافذة , من المؤكد أنه ليس قائد الطائرة! لكن لِمَ لا ؟ أتراه يعمل فى قيادة الطائرات المروحية حين لا يكون فى مواجهة الحروب؟ حركة من ورائها أثارت انتباهها وما إن التفتت حتى رأت مضيفاً يبتسم لها و يقدم لها شراباً.
و ما إن سارت الطائرة على المدرج حتى غاصت فى المقعد و هى تحتسى الشراب البارد بهدوء حتى أنهت الكوب كله
ما إن ارتفعت الطائرة حتى ظهر المضيف ثانية عارضاً عليها الطعام وأنواع عديدة من الشراب . فأبدت له امتنانها و قالت :"أريد فقط إبريقاً من الشاى من فضلك". لطالما رافقت مارك فى مناسبات عدة على متن طائرات خاصة , حين كان يلتقى مع أفراد أسرته بصورة عاجلة , و خاصة فى نيوزيلندا حيث يقضون العطلات , و باريس حيث يعيشون . و فكرت و كأنها فى حلم أن هذه الطائرة تحمل لمسة خاصة , ما يعنى أن هناك من قام بتزينها , أناقة هادئة تدعوك للاسترخاء . و فجأة , استقرت نظراتها المتنقلة على جدار يفصل ما بين قمرة الركاب و المطبخ , و تجهم وجهها و هى تنظر إلى شارة بدت لها مألوفة , تمثل نمراً يظهر مخالبه بقوة فى الهواء . شئ ما فى خطوط تلك الشارة الواضحة سيطر على فكرها المتعب . أغمضت عينيها وراحت تفكر بتلك الذكرى الضائعة .
الخاتم ! و انفتحت رموشها بسرعة ....خاتم غاى. الخاتم الذى وضعه فى إصبعها يوم أتما مراسم الزفاف الذى يثير السخرية . ضاقت عيناها , و حدقت ملياً بالشارة التى تحيط بصورة نمر , إنها نفسها.
بدأ عقلها يعمل بسرعة . تذكرت نبرة الفخر و الكبرياء فى صوت غاى حين تحدث عن داسيا. هل تعود هذه الطائرة إلى الخطوط الجوية فى داسيا؟
وضع المضيف صينية الشاى أمامها و قال:" هل تودين أن تقرأى شيئاً ما؟"
ــ نعم , شكراً لك.
عاد بعد قليل و هو يحمل بيده أغلى مجلات الموضة ثمناً . هذا ما تحتاجه تماماً...أخبار خفيفة ممتعة . بتصميم قوى راحت تنظر إلى صور عارضات الأزياء اللواتى يرتدين أروع التصاميم, قبل أن تقلب الصفحة لتقرأ الأبراج حيث قرأت أنها سوف تلتقى بالرجل الوحيد الذى سوف تحبه فى حياتها .
أغلقت لورين المجلة بسرعة و راحت تنظر إلى الخارج عبر النافذة دون أن ترى شيئاً.
أيكون غاى من سكان داسيا؟ أم أن أحد والديه منها؟ لاشك أنه يملك بنية قوية كبنية سكان حوض البحر المتوسط , كما أن جيناته المورثة من تلك المنطقة تفسر لون بشرته السمراء و فمه الأنيق , كذلك لهجته التى تبدو مختلفة قليلاً حين يكون فى حالة من التأثر . و عادوتها ذكريات تلك اللحظات التى بدا فيها كذلك, فالتقطت المجلة بسرعة.
غمرها إحساس بالإثارة عندما فتح غاى باب غرفة القيادة و خرج منه .
إذن هو أحد أعضاء فريق الطيران!


منتديات ليلاســـ



زهرة منسية 13-05-13 04:20 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 


توقف للتحدث مع المضيف فراقبته لورين بتوتر – بدا لها مختلفاً....لا يشبه مطلقاً متسكعى الشواطئ بل هو أقرب لرجل أوروبى متحضر . الآن, و هى تنظر إليه فتشبع عينيها من رؤيته , اضطرت إلى الاعتراف بأمر حاولت أن تنكره منذ لقائهما الأول , إنه شعور يتأرجح ما بين الانجذاب و الحب.... لطالما شعرت به خلال تلك الأيام التى أمضياها معاً فى فالانو.
أصابتها تلك المعرفة بصدمة قوية أرسلت شحنات من التوتر في كيانها كله. للحظات قليلة غالية , سمحت لنفسها بأن تستمتع بالإحساس الكبير بالسعادة بسبب اعترافها لنفسها بحبها لـ غاى . لكنها أجبرت نفسها بعدئذٍ على كبت مشاعر الحب هذه فى قلبها و أقفاله بمفتاح رمته بعيداً جداً . ذلك أن غاى للا يبادلها هذا الشعور بالحب . كل ما قام به لأجلها كان كان بسب إحساسه بالشرف و رغبته بالحماية , و
أنقذ حياتها مرتين من أوضاع يائسة , أقرضها المال و أشترى لها الثياب....عاملها برقة و رقة ....كل ذلك كان بسبب رغبته فى التقرب منها بسبب انجذابه إليها . و ها قد أمضيا بضعة أيام معاً و انتهى الأمر... فهو يعتقد أنها عشيقة مارك. لاشك أن الانجذاب إلى شخص ما يحدث دون تميز و يموت بسرعة.لذا لا يمكنها أن تقع حب غاى .
قال غاى شيئاً جعل وجه المضيف يشرق بابتسامة عريضة , ثم استدار نحوها . ركزت لورين نظرها على المجلة فى حضنها . كانت أعصابها مشدودة كأوتار آلة موسيقية. و ما إن أصبح على بعد خطوات منها , أجبرت نفسها على النظر إليه متسائلة.
جلس بقربها و على وجهه ابتسامة رقيقة ذكرتها بتلك الابتسامة التى رأتها على وجهه فى سانت روزا , قال :"الإنكليز أينما كانوا يفضلون شرب الشاى"
ــ ألا يشرب سكان داسيا الشاى؟
اختفت ابتسامته و بعد لحظة من التوتر قال :"ليس كثيراً....نحن نفضل شرب القهوة"
ــ لهجتك الإنكليزية ممتازة و أدركت أن تلك ملاحظة سخيفة , و لكن هذا كل ما استطاعت التفكير به بذهنها المشتت.
ــ أمضيت عدة سنوات فى مدرسة فى بريطانيا , و أنا محظوظ جداً لأننى أحب اللغات و أجيد تعلمها .
أومأت موافقة و هى تفكر بمهارته فى التحدث بلغة سكان سانت روزا, بعدئذٍ استجمعت سيطرتها على نفسها و نظرت مباشرة إلى وجهه قائلة:"شكراً لك على إبعاد والدىّ عن هذا الجنون الإعلامى , لم تكن لدى فكرة عن كيفية هجوم الصحافة و الإزعاج الذى تسببه"
قال بنبرة بدت عادية مؤكداً على كلامها:"والداك منطقيان جداً و يعلمان أن الابتعاد عن الأضواء هو الحل الأمثل . كما أنك مازلت فى إجازة كما أعلم"
فقالت :"مازال أمامى أسبوعان من الإجازة"
ــ أخبرنى والداك أنك كنت مريضة.
هزت كتفيها :"لقد أصبت بداء الرئة , لكن أصابتى لم تكن خطيرة و قد أصبحت بخير الآن"
ــ مازالت تبدين شاحبة.
مع أن صوته جاء متأنياً و محايداً إلا أن نبرته القلقة جعلتها تدرك بقوة كم هو قريب منها .
اعترفت و هى تبتسم بجفاء:"أنا أبدو دائماً شاحبة , كما أننى أعانى الآن من الإرهاق بسبب الطيران. سأكون بخير بعد نوم ليلة كاملة"
و لكى تجعله يقتنع بكلامها أنهت حديثها بمرح:"لم أذهب إلى داسيا من قبل لكننى أعتقد أنها منطقة جميلة"
شعرت بالارتياح لفترة قصيرة و هو يخبرها عن تاريخ المنطقة الدموى . أخبرها أن أحد القراصنة أبحر نحو مرفقها فاحتلها لمدة أربع مئة سنة و فرض عليها قانوناً استبدادياً قاسياً. لكن هذا العمل قاد و بمنتهى الغرابة إلى حركة تنوير كبيرة.
تمتمت بعذوبة :"يبدو لى ذلك مألوفاً"
رمقها بنظرة غامضة فشعرت بدقات قلبها تتسارع شوقاً إليه. و غمرتها موجة من المشاعر الرقيقة المليئة بالحنو عليه.
التمعت عيناه بومضة تشبه النار المتوهجة و قال متشدقاً :"هل تقولين أننى قاس و مستبد؟"
ضحكت لورين بنعومة و قالت :"يا لقوة حدسك! بالطبع أنت كذلك...من المؤكد أنك تتعامل بقسوة مع كل من يعترض طريقك"
قال بصوت هادئ :"عليك الاعتراف بأننى أحاول دائماً إقناع الآخر بمنطق عقلانى قبل أن أحضر سلاح المدفعية الثقيلة"
إلا أن النبرة الكسولة التى ظهرت فى صوته بدت و كأنها تُكذب كلماته.
فردت لورين قائلة :"لن اعترف بذلك أبداً, فخلال عدة ساعات من لقائى بك وجدت نفسى متزوجة منك و لست أذكر أى محاولة للإقناع المنطقى أو العقلانى حينها"
و بعد مرور عدة أيام وجدت نفسها منجذبة إليه , و مستسلمة لعواطفها نحوه غارقة فى بحر من المشاعر القوية محت لديها سنوات من النظام و السيطرة على النفس. و أنهت كلامها بسرعة قائلة :"و الآن أجد نفسى مخطوفة إلى داسيا"
نظر مباشرة إلى وجهها ثم قال :"بعض المواقف تحتاج إلى التحرك السريع"
بهتت لورين قليلاً و هى تتذكر تلك المخاوف التى راودتها فى سانت روزا ثم قالت :"نعم, أنت على حق"
و رفعت بصرها فوقع على ذقنه مباشرة و قالت :"لأا أذكر إن كنت قد شكرتك فعلاً على إخراجى من سانت روزا . أننى ممتنة لك حقاً و أنا أعلم الآن ما كان سيحدث لى لو أننى بقيت هناك"
ــ كنت سأعتنى بك بنفسى.
أجفلت لورين و نظرت إلى وجهه الذى بدا و كأنه منحوت من الغرانيت بصلابته و برودته و قدرته الهائلة فشعرت كأن إصبعاً من الثلج يتحرك فوق عمودها الفقرى . لقد عرفته كمتسكع على الشاطئ , كرجل عملى , كحبيب.... لكن انطباعها الأول عنه كان كقرصان و الآن يساورها الشك بأن تكون شخصية القرصان هى الأقرب إلى شخصيته الحقيقية ....يا إلهى ! ما الذى ورطت نفسها به؟
قال بكآبة :"كنت سأسبب لك الازعاج و كما قلت أنت يومها , كنت سأضعك فى مازق أخطر من الذى منت فيه"
ــ انتهخى ذلك الآن فلا تقلقى بشأنه.
ثم وقف و ابتسم لها متابعاً :"أشربى الشاى و حاولى أن تنامى . سأراك ما أن نصل"
صدرت بغصة فى صدرها بسبب مشاعرها المكبوتة . راقبته و هو يغادر ثم أغمضت عينيها لتتذكر تلك اللحظات فى فالانو و هى تراقبه يسير عبر الباب الزجاجى نحو الممر فيما اشعة الشمس تلمع فوق بشرته السمراء . لقد أغمضت عينيها حينها , لكن صورته انطبعت بداخلها و داخل قلبها.
أعادت انتباهها إلى الحاضر بامتنان . لاحظت و هى تسكب الشاى أن الأوعية الصينية و الملاعق الفضية تحمل الشعار نفسه: نمر داسيا . لو كان لديها بقية من الحس السليم لسألت غاى عن مالك الطائرة لكن لسوء الحظ ما إن يقترب منها حتى تفقد كل وعى لديها و كل إحساس بالمنطق.
منتديات ليلاس
شربت كوب من الشاى و أكلت والحدة من السندوتشات الصغيرة الشهية , ثم اتكأت على المقعد علها تحظى ببعض النوم. لكنها لم تتمكن من ذلك , ففكرها ظل منشغلاً بـ غاى. حاولت أن تشغل نفسها بشئ آخر فأمسكت بإحدى المجلات الموضوعة أمامها و راحت تتصفح أوراقها بتكاسل.
بعد مرور عدة لحظات , أدركت أنها تحدق بإحدى الصفحات . رمشت بعينيها و ركزت نظرها فإذا بها تنظر إلى وجوه عدد من الرجال الوسيمين اللذين يحدقون بها بدرجات مختلفة من الاهتمام . أحد أولئك الرجال هو غاى! لم تصدق عينيها , فهزت رأسها و عادت تحدق بالصورة مرة أخرى.
نعم , إنها صورة غاى . هل هو عارض أزياء؟
بدهشة بالغة راحت تقرأ المقالة فى أسفل الصورة:"....الأكثر وسامة, إذا كنت تحب الهالة الملكية , جذاب و يصعب الوصول إليه , أنه الأمير غاى أوف داسيا الملياردير...."
رمشت لورين بعينيها مرة أخرى و شعرت بإنقباض فى قلبها و كأنه غدا كرة قاسية و باردة فى صدرها...هالة ملكية!....الأمير غاى !.
تابعت القراءة :"...فى الحادية و الثلاثين من عمره , و مازال أعزباً و محطم القلوب فى كل العالم. و الجميع يتساءلون إن كان سيتبع خطى أبناء عمه الأمير لوكا حاكم داسيا و الأميرة لوسيا زوجة هانت ردكليف و اللذين وقعا فى حب أشخاص من نيوزيلندا"
فكرت لورين بعصبية , الأمير غاى أوف داسيا ! و على الفور ودعت تلك الآمال التى لم تكد بعد تعترف بها بشأنه . آهـ ! إنها تعرف ذلك الاسم , الأمير و رجل الأعمال الناجح و العاشق للنساء الجميلات , مثار اهتمام الصحف و وسائل الإعلام.....أغمضت عينيها و عندما فتحتهما وجدت أنه مازال ينظر إليها بتجهم من خلال صفحة المجلة.
لقد سمعت به و رأت صوراً له, فلِمَ لم تتعرف عليه عندما االتقت به فى سانت روزا؟ أبسبب اللحية التى كانت تخفى ملامحه الارستقراطية أم بسبب....؟ حسناً لأنها ببساطة لم تتوقع أن تجد أميراً أوروبياً يتسكع فى جزيرة وسط المحيط الهادئ.
و لأنها كانت متأثرة به بقوة جعلها ذلك تفقد عقلها بصورة مؤقتة . وعضت على شفتها بقوة . لِمَ لم يخبرها ؟ هل أعتقد أنها تعلم اسم باغانون هو اسم العائلة المالكة فى داسيا ؟ حسناً . لم تكن تعرف ذلك.
مزيج من الانفعالات المسببة الاضطراب .... إعصار من الألم و الغضب....و إحساس كبير بالخيانة و العزلة....شعرت بتدمير فى أفكارها ما عدا فكرة واحدة , إنها حمقاء و مغفلة تماماً , وقد تجاهلت بعناد كل شئ لا يتناسب مع انطباعها الأول عنه. لا عجب أن الصحافة واجهتها بذلك التصميم القوى فى المطار ! و هذه الطائرة بمقاعدها الفخمة و جوها المميز و ذلك الشعار على الأوانى الصينية و الفضية....ربما هى له أو لأبن عمه الأمير الحاكم . تبدو المسافة بين هذا العالم و بين عام لورين بورتر كمنحدر صخرى خطر لا يمكن اجتيازه.
كم من الوقت سيمر قبل أن يبدأ أحدهم بالنبش فى ماضيها ؟ شعرت بضعف و بألم فى معدتها بسبب الخوف .... هذا إذا لم يكن أحدهم قد بدأ بذلك فعلاً. لطالما عملت الصحافة على ربطها بـ مارك , فهل سيكتشف أحدهم هذا الرابط بينهم و سيعلم أنها و رئيسها أخوين؟
إذا ما كشف هذا الأمر ستبدو كأبنة غير شرعية لوالد مارك كوربت , و ذلك سوف يقضى على الراحة فى منزل والديها . قد . قد تتمكن من التعايش مع الأمر , لكن والديها سيتعرضان لحملة من التقريع و الخبث قد تسبب لهما الألم الذى لا يحتمل , كما قد تسئ إلى صحة والدها الحرجة .
حاولت أن تبتلع الغصة التى شعرت بها ,و حدقت بصورة غاى الذى بدا غاضباً بسبب التقاط المصور تلك الصورة له. و عضت على شفتها ثم أجبرت نفسها على قراءة ما تبقى من المقالة.
"....ربما يكون الأمير غاى مكن اغنى الأمراء الأثرياء لقد ورث الملايين من أمه و هى وريثة روسية فائقة الجمال . أسس شركة ألكترونيات بعد تخرجه من الجامعة و شركته تحقق أرباحاً بالملايين فى كل سنة. يدافع بشراسة عن خصوصياته كما أنه ذو ميول إنسامية و من المهتمين بالطبيعة"
أغلقت لورين المجلة و حاولت السيطرة على خيبة أملها . لو أنها عرفت من يكون لتصرفت بطريقة أخرى عندما كانا فى سانت روزا . و بالطبع ما كانت لترضى بأن تصبح حبيبته!
سمعت صوتاً ساخراً فى أعماقها راح يضحك منها...آه, بل .... لقد أردته بيأس . و ما زالت كذلك . و الآن انت غاضبة منه لنه لم يخبرك عن نفسه ما يعنى أنه ات يثق بك . إنه أمر يدعو للسخرية فهى أيضاص لم تثق به لتخبره الحقيقة الكاملة عن نفسها . سمعت طنيناً فى أذنيها فيما اكنت الطائرة تهبط.
حدقت لورين أمامها بنظرة جامدة كالحجر و حاولت إقناع نفسها أن لا أحدسيتمكن من اكتشاف أنها و مارك أخوين
ما إن أضيئت إشارة حزام الأمان حتى سمحت ليديها بالاسترخاء بعد أن كانت كورتها فى قبضتين متشنجتين فى حضنها . و بدات بأخذ نفس عميق , شهيق و زفير , علها تتخلص من اضطرابها و انفعالاتها . و عاهدت نفسها على الاحتفاظ بهدوئها حتى لو كانت الأمور مؤلمة بالنسبة إليها , لأنها لا تجرؤ على التصرف بخلاف ذلك.



زهرة منسية 13-05-13 04:23 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

8 – أمــيـــر الــحــلـــم و الألــــم



فى مطار داسيا قاد المضيف لورين إلى غرفة خاصة لا يوجد فيها سوى بعض المفروشات ذات المقاعد الطويلة المريحة و بعض آنية الزهور , ثم خرج لإحضار حقائبها . أما هى فانتظرت بتوتر إلى أن دخل غاى الغرفة. شعرت بإنقباض فى قلبها لكنها قالت لنفسها: يمكنك القيام بذلك و أنت باردة كالثلج. عليك أن تكونى مهذبة , باردة و شديدة التحفظ . فأنت مفتونة بهذا الرجل . لكن هذا لن يدوم, لأنك لن تسمحى بذلك.
ــ ستصل أمتعتك إلى هنا خلال دقائق معدودة, هل تمكنت من النوم؟
ــ كـــــلا
و ابتسمت ابتسامة آلمت خديها و أضافت :"لكنى بخير , شكراً لك"
لم يبدُ عليه أنه لاحظ أى تغير فىموقفها تجاهه لكن عليها ألا تخدع نفسها.
بدا الجو فى الخارج حار فشعرت بأنفاسها تكاد تنقطع . كانت هناك سيارة ليموزين بانتظارهما , و بستثناء صوت الطائرة الذى كان يسمع من مسافة قريبة و صوت محرك السيارة , لم تكن هناك أى ضجة بل ساد صمت رائع. كما لم يكن هناك أى أثر للصحافيين فى ذلك المكان أو لأضواء آلات التصوير. احنى الرجل الذى كان بانتظارهما و الذى يرتدى بزة رسمية رأسه لـ غاى و فتح باب السيارة و خلف المقود كان السائق منتظراً بهدوء .
جلست لورين على المقعد و قالت بصوت لا يحمل أى تعبير :"الطقس حار هنا كالمناطق الاستوائية لكن لا أثر للرطوبة فيه"
و لأنها لم تعد تستطيع كبت سؤالها أكثر من ذلك سألته ببرودة و كأن الأمر لا يهمها :"ماذا كنت تفعل بالتحديد فى سانت روزا؟"
ــ لدى مصالح هناك كما لدى أصدقاء.
ثم نظر إليها و رموشه الكثيفة تحجب اللمعان فى أعماق عينيه. لم تنبئها نبرة صوته بأى شئ إلى أن قال :"منذ عدة سنوات , أمضيت بضعة أسابيع هناك كرهينة"
ــ رهينة؟
شعرت بالذعر فسألته بقلق :"كيف حصل ذلك؟"
ــ خلال الحجرب الأهلية , كنت أنقل معدات طبية إلى هناك و وجدت حكومة سانت روزا أن بإمكانها ان تستخدمنى .
هز كتفيه بلا مبالاة و هو ينظر مباشرة إلى الأمام فيما السيارة تنطلق بهدوء و تابع قائلاً :"قاموا باختطافى للضغط على أبن عمى ليقوم بدور الوسيط بينهم و بين الثوار"
حدقت به و سألته :"و ما الذى حدث؟"
قلا دون اكتراث :"هربت فى الليلة التالية"
منتديات ليلاس
و ظهرت على وجهه ابتسامة سريعة ذكرتها بالقرصان الذى التقته فى المرة الأولى , كذلك فعلت نبرة صوته و هو يتابع :" لم يكن الأمر صعباً فقد كانوا ضعفاء القلوب"
أغمضت لورين عينيها و قالت :"هل هربت و بقيت فى الجزيرة وسط حرب أهلية؟"
ــ كانوا يشعرون باليأس و قد أحببتهم . كانوا يعلمون أن الجمهوريين جاهزون لنقل القبائل عبر الحدود إذا تبين أن هناك فرصة حقيقية لقيام معاهدة بين الجهات المتقاتلة . فى الواقع واجهنا غوة بينما كنت هناك.
شعرت بالرعب من المخاطر التى واجهها و قالت :"واجهنا؟"
رفع كتفيه العريضتين و قال ببساطة :"تورطت بالأمر قليلاً , كانوا يتفوقون علىّ فى القتال عبر الغابات , لكن الحرب تعلم المرء بسرعة"
قالت لورين و قد شعرت بالضيق :"أو قد تسبب الموت"
ــ علينا أن نكون مقدامين فى الحياة , فالحياة لا تساوى شيئاً إذا كنا سنعيشها و نحن ننظر باستمرار خلف كتفنا.
سارت السيارة بهدوء عبر طريق تشاركها فيه الحمير و أنواع أخرى من العربات التى يقودها شبان راحوا يلوحون مبتسمين بفرح لسيارة الليموزين و هى تمر بالقرب منهم.
ضغطت لورين على شفتيها لتمنع نفسها من الانفجار غضباً فى وجه غاى لأنه يتعامل مع حياته باستهتار.

منتديات ليلاســـ



زهرة منسية 13-05-13 04:27 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 


ــ نحن نتجه نحو فيلا تقع فوق إحدى التلال , فكرت أن والديك سيفضلان ذلك المكان على الساحل لأن الطقس أكثر برودة هناك!
ــ شكراً لك ليلاس
جاهدت بقوة لتتخلص من الإحساس بخيبة الأمل . لسبب ما , كانت تعتقد أنها و غاى سيمكثان فى المكان نفسه....
حمقاء! إن أى امرأة عاقلة سترغب بالابتعاد عنه أكبر مسافة ممكنة.
لكنها لا تتحلى بالتعقل حين يتعلق الأمر بـ غاى وذلك منذ اللحظة الأولى التى رأته فيها .
ــ أبن عمى , لوكا و زوجته يرغبان بلقائك ,لكنهما يعلمان أنك و و الدك تحتاجان إلى الراحة , لذلك من المحتمل أن نراهما غداً
قالت لورينبلا حماسة :"سأتطلع إلى ذلك بشوق"
كانت أشجار الزيتون تتحرك بسبب النسيم الخفيف , فتلمع أوراقها كالفضة تحت الشمس الزرقاء الصافية , كما تنمو النباتات الصغيرة و الأزهار البرية داخل الجدران الحجرية القديمة التى تحيط بالطريق . نظر غاى إليها بعينين باردتين و لكن بنظرات ثاقبة و قال :"ما الأمر؟"
استجمعت لورين شجاعتها و أتكاءت إلى الخلف مظهرة أسنانها ثم قالت ببرودة :"لا شئ, حسناً , لا شئ أكثر من زواج مزيف من رجل لم يخبرنى أنه أمير."
أرتفع حاجبيه كسيفين جاهزين للقتال ثم قال بنبرة مصقولة :"لم يبد الأمر ذا أهمية فى ذلك الوقت"
ــ معظم الناس قد يعتبرونه كذلك, أما أنا فلم تكن لدى فكرة أنك أحد أفراد الأسرة المالكة فى داسيا حتى.....
و نظرت إلى ساعتها قبل أن تتابع :"....نصف ساعة خلت و ذلك عندما قرأت تلك المقالة عنك فى إحدى المجلات . عندما ملارت بتلك المراسم فى سانتا روزا فكرت للحظة أن أسم باغانون مألوف لدى بطريقة غامضة , لكن الأمر لم يكن كافياً ليقرع أجراس الإنذار"
قال برقة :"أجراس الإنذار ؟ لِمَ يجب أن تشعرى بالإنذار؟"
رفعت لورين رأسها فالتقت نظراتها بنظراته المتألقة و قالت:"أنا ليست معتادة على الزواج من أحد الأمراء حتى و لو كان ذلك من أجل التخلص من وضع سئ "
رد عليها بنبرة بالغة التهذيب :"لأم أخبرك بالأمر لأنك لم تسألنى . وجدت أننى مفيد لك فأعتمدت علىّ . كما أن ذلك لم يكن مهماً....كان الأمر الأهم فى سانت روزا هو تأمين الحماية و الأمن لك"
ثم رمقها بنظرة ذات مغزى و قد اللتمعت عيناه بقوة و قال :"لأم تسألينى من أكون حين ذهبت إليك فى فالانو"
منعت لورين سيل الكلمات المندفعة من الوصول إلى لسانها , إل أنها لم تستطيع منع نفسها من القول بسخط:"اعتقدت أننى عرفت من تكون؟"
قال بنبرة ناعمة:"ربما يجدر بى أن أسألك أنا سؤالاً حقيقياً"
ــ و ما هو هذا السؤال؟
ــ لِمَ دعوتنى للبقاء معك فى فالانو؟
شعرت بالإهانة تلهب حنجرتها فانفجرت قائلة دون تفكير:"شعرت بالأسى عليك"
أخفض غاى رموشه و للحظة شعرت بالرعبمن التهديد الواضح الذى ظهر فى عينيه , لكن صوته جاء مهيناً بارداً حين قال :"لديك طريقة ساحرة و فعالة فى الأسى على الرجال . على أى حال لم يعد ذلك مهماً الآن, فما نقولهالآن لا علاقة له بالأمر"
ثم تابع يقول :"بالإضافة إلى حبى لأبناء عمى و سكان الجزيرة , تربطنى روابط عاطفية قوية ببلادى داسيا . أمير داسيا لديه صبى فى الرابعة من عمره و هو حاد الذكاء كما أنه قد يُرزق بطفل آخر قبل نهاية هذه السنة و هكذا فأن داسيا بخير من دونى . و هذا الوضع يسعدنى جداً"
قالت بصوت بارد كتعابير وجهها :"أنت محظوظ , فكل ما هو ملك يسير على ما يرام, ليس عليك أن تحمل المسؤولية"
هز كتفيه قائلاً :"أعتقد أنك تلقين اللوم علىّ بسبب التصرفات المجنونة للصحافة بالمطار"
قالت بهدوء:"لا, لكن كان بإمكانك أن تخبرنى من أنت عندما أتيت إلى نيوزيلندا لتحذرنى من أن زواجنا قد يكون شرعياً . أظن أنك خشيت أن أحاول ابتزازك بمبلغ كبير من المال مقابل إجراء طلاق سريع"
قال بنبرة لا مبالية :"استطيع التعامل مع من يحاولن ابتزازى . ربما كان على أن أخبرك لكن الإعلان أمام أشخاص لا يبدون أى اهتمام بأننى أمير, يبدو لىّ نوع من التباهى"
ــ أعتقد أنك على حق.
قال بصوت أكثر قسوة:"أما بالنسبة للصحافة , فل أظن أن الصحفيين كانوا لينتظرونك فى لندن لو لم أكن ما أنا عليه . يؤسفنى أن ذلك قد حصل, لكننى لست مسؤولاً عن أولئك الذين يعيشون على الأقاويل التى تطال الأمراء و النجوم و أبطال الرياضة"
منتديات ليلاس
شعرت لورين أنها صغيرة و ضيقة الأفق و قالت بصوت يخلو من أى تعبير :"بالطبع, أنت لست مسئولاً عن ذلك"
أمسك غاى يديها المتوترتين بيده القوية الدافئة و قال :"لكن معرفة من أكون ما كان ليحدث أى فرق فى سانت روزا....كان عليك أن تقبلى بالزواج بى حتى و لو اضطررت إلى توجيه المسدس إلى رأسك"
تسارعت دقات قلبها و اندفع النبض قوياً فى معصمها تحت لمسات أصابعه. و بالطبع لاحظ غاى ذلك فبعد لحظة مشحونة بالتوتر قال بصوت أجش:" عاهدت نفسى بألا ألمسك"
أجبرت لورين نفسها بالرد عليه :"إذن لا تفعل . فهذا ليس ضرورياً!"
أبعد يده يديها , لكن عندما ابتعدت السيارة عن الطريق الرئيسية و بدأت بالصعود , قال متعمداً :"يبدو أننى قادراً على نسيان أننا كنا حبيبين لة أيام . ماذا عنك أنت؟"
شعرت لورين أن عظامها تذوب لذكرى تلك الأيام . و ساورها ندم مرير , فقالت بعناد :"تلك الأيام أصبحت كأنها خارج الزمان ....مغامرة جميلة فى منطقة استوائية . أما الآن فقد أنتهى ذلك و ها قد عدنا إلى العالم الواقعى"
ضحكته الساخرة صدمتها . رمقته بنظرة جانبية فشعرت بالارتجاف لرؤية ذلك التصميم القوى فى ملامحه ثم قال بهدوء:"كـــاذبــــــة"
و عندما فتحت فمها لترد عليه أسكتها بوضع اصبعه على فمها . فنظرت إلى وجهه الوسيم المتكبر بصمت و هى تحاول مقاومة موجة من المشاعر الهائلة التى اجتاحتها.
قال بنبرة مذهلة مشدداً على كل كمة يقولها :"ل يهم كم نعانى للتظاهر بغير ذلك فعندما ألمسك نشعر كلانا بذلك التيار الكهربائى بيننا. لا تحاولى إقناعى أو إقناع نفسك بأنه غير موجود . ما نحتاج إليه الآن هو أن نعرف كيف سنتعامل مع الأمر"
ثم أبعد إصبعه عن فمها وعاد ليجلس بارتياح على مقعده.
قالت لورين بنبرة عناد قوية :"لن نفعل شيئً بهذا الخصوص"
كانت تشعر بالارتجاف فى داخلها لكنها ابعدت نظرها عنه و أخذت تحدق من خلال النافذة إلى الخارج و هى لا ترى شيئاً , و تصاعد غضبها عندما ظل غاى صامتاً و لم يجبها.
الفيلا القائمة على التلال هى عبارة عن منزل تم ترميمه و طليت جدرانه باللون الزهرى و أبوابه و نوافذه باللوان الأخضر الداكن . و قد انتشرت حوله الحدائق. سرعان ما أخذت لورين بسحر المكان فانحنت قليلاً إلى الأمام لتتأمله جيداً فيما السيارة تواصل صعودها.
قال غاى معلقاً:"وفقاً لتاريخ العائلة , تم بناء هذا المنزل فى القرن التاسع عشر لعشيقة أحد الأمراء و هى من فنيسيا و كان لديها عدد كبير من الأطفال لكن الأمير كان يمضى معظم أوقاته هنا"
قالت لورين بضيق :"و لِمَ لم يتزوج بها؟"
ــ كان متزوجاً من امرأة صارمة جداً, و تقول القصة أنها لم تضحك يوماً.
قالت لورين بقسوة :"ما كنت لأضحك أنا أيضاً لو أن زوجى وضع عشيقته أمام عينى"
و كانت السيارة قد خففت سرعتها فأمسكت بحقيبة يدها لكنها أدركت على الفور أنها اخطات . رفع غاى حاجبيه و نظر إليها و على وجهه ابتسامة ملتوية:"هل الخيانة الزوجية هى ما يزعجك أم تباهية بعشيقته؟"
قالت باقتضاب :"كلاهما"
و تمنت لو أنها تستطيع أن تخبره بحقيقة علاقتها بـ مارك لكنها بالطبع لا تستطيع , لأن هذا ليس سرها هى.


منتديات ليلاســــ

زهرة منسية 13-05-13 04:29 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

ظهرت أمها من خلف الظلال عند مدخل المبنى , جميلة متماسكة كعادتها, نظرت إلى ابنتها بعيني صافيتين شفافتين إلا أن ابتسامتها بدت قلقة و حركتها حذرة على غير طبيعتها . أسرعت لورين بالخروج من السيارة و عانقت أمها بسرعة قائلة :"كيف حال أبى؟"
ابتسمت إيزبيل لـ غاى و قالت :"بخير, إنه ينتظرك فى منتديات ليلاس الداخل"
و بينما كانت لورين تصعد السلالم بخطى سريعة سمعت أمها تقول:"غاى , شكراً لك لأنك نظمت الأمر بهذا الشكل . لا أدرى ما كنا سنفعله من دونك"
نبرة صوتها أظهرت بوضوح أنها تحبه , و فكرت لورين بسخرية باردة أن ذلك ما تشعر به كل النساء حياله. سارت إلى داخل المنزل حيث الجو البارد اللطيف لتجد والدها بانتظارها فى غرفة جلوس كبيرة مزينة باللونين القشدى و الذهبى مع لمسة من الأخضر و الفضى الذى يشبه لون أشجار الزيتون ما يدل على ذوق رفيع و مرهف.
ـــ مرحباً
حيت والدها و اندفعت تضمه بقوة فشدها إليه بدوره ما جعلها تشعر بالرتياح . تراجعت قليلاً إلى الوراء ونظرت إليه قائلة :"ها نحن نعلم الآن أن باستطاعتك السفر بالطائرة بدون أى مشاكل صحية . فلا عذر لديك بعد اليوم للبقاء فى المنزل"
ابتسم لها قائلاً :"يبدو أننى بحاجة إلى ممرضة لتعتنى بى دائماً . لكن وصلت إلى هنا بسلام ,و أنت كيف حالك عزيزتى؟"
ــ أشعر بالتعب بسبب قلة لانوم.
و أخبرته عن بعثة الطلاب الذين التقتهم فى الطائرة فراح يضحك .
و عندما انتهت قال غاى من وراءها :"لدى موعد بعد عدة دقائق , لذا على المغادرة الآن . أرجو أن تتمتعوا بإقامتكم هنا"
أجفلت لورين إلا أنها عادت فتذكرت قواعد حسن التصرف فقالت :"سأرافقك للخارج"
تراجع غاى قليلاً لتسير امامه عبر الباب . و ما إن أغلق الباب خفهما حتى قال :"لنتمشى فى الحديقة لعدة دقائق"
ــ لماذا؟
ارتفع حاجباه و قال :"لأن الجو هناك الطف مما هو عند المدخل تحت أشعة الشمس . مع أن الطقس فى داسيا حار كما هو فى سانت روزا أو فالانو , لكن أشعة الشمس ستحرق بشرتك البيضاء"
شعرت بحماقتها و قالت:"آهـ , نعم لا بأس!"
وقفا فى ظل شجرة كبيرة و قال غاى بنبرة لاذعة :"هل تشعرين بالرضى لأن والدك لم يتعرض لأى أذى بسبب رحلة الطائرة؟"
حبست لورين دموعها و ابتسمت له بتوتر قائلة:"يبدو رائعاً, كلاهما يبدوان كذلك. آهـ...غاى , هل على أن أناديك سمو الأمير أمام الآخرين؟"
قال بسرعة :"كلا"
و جاء صوته قاسياً و بارداً . فقالت :"لا أريد أن أخرق القواعد فى التعامل مع أفراد أسرتك"
ابتسم غاى ابتسامة عريضة أظهرت أسنانه و قال بسخرية لا يشوبها أى حرج :"ما حصل بيننا نحن الاثنين خرق كل القواعد , حتى غدت هذه الأمور بلا قيمة. عندما تقابلين لوكا للمرة الأولى ناديه (صاحب السمو الملكى)"
بعدئذٍ يمكنك مناداته بالسيد إلى أن يقول لك بنفسه ألا داعى للتعلق بالشكليات . و الأمر نفسه مع ألكسا مع أن لديها ميل إلى الضحك عندما يناديها أحدهم بـ سيدتى"
بدا أنه أكتفى من هذا الكلام فقالت لورين:"شكراً , فى الواقع شكراً لك على كل شئ . و آسفة لأننا تسببنا لك بكل هذه الفوضى....."
قاطعها بحدة و نفاذ صبر :"لا تكونى حمقاء . من الطبيعى أن أشعر بالمسئولية حيال هذا الوضع . سأفعل كل ما أستطيعه لتسهيل الأمور عليك. و الآن عودى إلى المنزل و تناولى طعامك و تحدثى إلى والديك و ما أن يهبط الظلام أخلدى إلى النوم, هل تجدين ركوب الخيل؟"
رمشت بعينيها و قالت :"نعم, حسناً, بمستوى نادى الفروسية"
لمس خدها بإصبعه بتحبب و قال :"سأتى لاصطحبك غداً صباحاً بعد موعد الفطور مع حصان يناسبك . نامى جيداً"
ــ كلا ...غاى....هذه ليست فكرة جيدة.
ارتفع حاجباه الأسودان و قال :"أتعنين النوم؟ أظنها فكرة ممتازة"
صرت على أسنانها و قالت:"لا أريد تقديم المزيد من الأخبار للصحف....أليس من الأفضل أن نبقى بعيدين عن بعضنا البعض خاصة إذا كان علينا أن نفسخ الزواج"
قال بصوت بارد كالثلج :"اكتشفنا أن الزواج قد يكون شرعياً لن يحولنى إلى متهم على صفحات المجلات"
اتسعت عيناها و هى تنظر إلى وجه القاسى :"أعلم ذلك. لكن......"
قاطعها دون مراعاة لقواعد التهذيب :"أبن عمى لوكا ,هو الحاكم المطلق هنا, و هو بمثابة ذيكتاتور إذا صح التشبيه , و هو يعمل هذه الأيام على ارساء نظام ديمقراطى للحكم, مع أن ذلك يبدو احياناً مناقضاَ لمصلحته , و مع ذلك مازال بإمكانه أن يطرد أى شخص لا يرغب فى وجوده على الجزيرة . فإذا حاول أحدهم التجسس سوف يقوم بطرده و معاقبته"
و مع أن وجهه بدا متجهما إلا أن صوته غدا أكثر رقة و هو يضيف :"لِمَ تظنين أننى أحضرتك إلى هنا؟"
قالت لورين بقلق :"أرجو أن تكون محقاً"
ثم ابتسمت له فكانت تلك غلطة من قبلها إذ راح قلبها يتخبط فى صدرها حين بادلها الابتسام ....ابتسامة خطيرة قاتلة تحمل وعوداً خفية....
احنى غاى رأسه و عانقها عناق وداع قصير . و لم يكن هناك داع لتشعر بأن عظامها تذوب بسبب عناقه. تحول الدفء فى عينيه إلى سخرية و هو يقول :"أما بالنسبة لسكان سانت روزا فلا تقلقى بشأنهم . صدقينى فهم لا يهتمون بأخبار المجتمع و الثرثرات التى تدور فيه ذلك لأن لديهم أمور أكثر أهمية ليقلقوا بشأنها"
قبيل الصباح فتحت لورين عينيها ببطء شديد و أدركت أنها تحدق فى الستائر المحيطة بسرير كبير ذى أعمدة حديدية أربعة ثبتت هذه الستائر حو الأعمدة كأنها سطح خيمة انتصبت فى وسطها منحوتة تمثل شعار العائلة المالكة : النمر
أنها فى داسيا واقعة فى غرام أحد أمراءها . لا, إنها لست واقعة فى غرامه...أنها معجبة به , مفتونة به ... لكنها لا تحبه مطلقاً ! سوف يتأكد لها ذلك ما إن تعود إلى عملها , سوف تعرف أن تلك كانت مجرد مغامرة , مغامرة بعيدة تماماً عن نظام حياتها المعتاد.
تجهم وجهها و تساءلت لما تجد أن من الصعب إقناع نفسها بأن ما تشعر به نحو غاى ليس سوى إعجاب موقت.
صحيح أن الحقيقة مؤلمة لكن عدم مواجهتها يؤدى إلى ألم أكبر. لذا من الأفضل لها أن تتقبل الأمر , و تتجاهل معاناة قلبها لتتابع حياتها بأمان .
لكن , ليتها تستطيع أن تكون فتاة باردة مغرورة فذلك سيسهل المسألة عليها...بقاءها فى داسيا سيزيد من ألمها و عذابها.
منتديات ليلاس
على الرغم من ذلك , فهى لا تشعر بالندم لأنها التقت بـ غاى.
استغرقت فى النوم من جديد لتنهض فيما بعد و هى تشعر بألم فى رأسها و بمزاج سئ. و على العكس منها تماماً , بدا والدها بأفضل حال عند تناول الفطور . فكرت بتصميم قوى و هى تصعد الدرج لتبدل ملابسها أنها تستطيع احتمال أى ألم ما دام ذلك يوفر الطمأنينة لوالدها . دخلت إلى غرفتها لترتدى بنطلوناً من الجينز و قميصاً قطنياً اشترتهما من نيوزيلندا . سمعت طرقة على الباب و إذا بأمها تدخل و على وجهها ابتسامة ما لبثت أن بهتت.
ــ تبدين بحال أفضل.
ــ والدى أيضاً يبدو كذلك.
غدا صوت أمها أكثر نعومة و هى تقول :"إنه يحب هذا الطقس . فى الواقع هو معجب بـ داسيا أيضاً, عزيزتى أنا سعيدة جداً لأننا هنا . لن أتمكن أبداً من شكر الأمير بصورة كافية على إنقاذك مرتين إحداهما فى سانت روزا و الآخرى من الصحفيين بالمطار"
ثم تأملت وجه ابنتها بنظرات متمهلة و قالت :"لأقد كان رائعاً بالأمس....بعد أن اتصل بنا قام بتنظيم كل شئ حتى وصلنا إلى هنا بالطائرة .والدك أحبه كثيراً و أنا كذلك, ما رأيك أنت به؟"
شعرت لورين بانقباض فى قلبها و قالت بنبرة جافة :"أنا شديدة الامتنان له, لكنه يشبه مارك كثيراً....يحاول السيطرة على كل شئ"
سمعا طرقة أخرى على الباب و إذا بإحدى الخادمات تدخل لتخبرها بابتسامة عريضة أن الأمير غاى قد وصل لاصطحابها فى نزهة على الخيل.
قالت أمها بصورة آلية :"تأكدى من وضع كريم واق من الشمس"
ثم ضحكت من نفسها قائلة :"أعلم, أعلم....مستحضرات التجميل الحديثة تحتوى على واق بذاتها. أظن اننى سوف أتوقف عن لعب دور الأم التى تبالغ فى العناية بابنتها ما إن تتزوجى , أعنى زواجاً حقيقياً"
النبرة الحادة فى صوتها جعلت لورين تقول بحزم :"هذا ليس من ضمن أولوياتى فى الوقت الحاضر"
ردت إيزابيل بعد لحظة من التردد:"عندما تقابلين رجل حياتك , أرجو أن تضعى فوق كل الاعتبارات إمكانية العيش بسعادة معه"
التقت عيونهما فقالت لورين بهدوء :"عندما اتقى به سوف أعلمك"
فأومأت أمها موافقة.
كان غاى يمتطى حصاناً رمادى اللون و فكرت لورين أنه يبدو كأمير قادم من الأساطير. ما إن أصبحت فى الخارج تحت أشعة الشمس حتى ترجل حوذى عن الحصان الآخر و على وجهه ابتسامة عريضة و فى يديه قفازان أبيضا اللون . حيتهما لورين و قفزت على صهوة الجواد . لزمها عدة دقائق قبل أن تحكم السيطرة و التركيز لتبقى على ظهر الحصان. راقبها غاى باهتمام و اقترب منها ليتمكن من مساعدتها إذا ما ساءت الأمور.
تمكنت من السيطرة على الحصان بثقة ثم نظرت حولها . و هدأت مخاوفها كلها بصورة مؤقتة بسبب البهجة الكبيرة التى تشعر بها و هى ترافق غاى فى هذه النزهة الصباحية . يا له من صباح مشرق يزهو بالجمال و الأنتعاش و بعطر الزهور ! بدا البحر أمامها ممتداً على أمتداد الشاطئ كالحرير الأرجوانى . عندما طال الصمت بينهما لم تجد تعليقاً ذكياً لتقوله و كل ما تمكنت من قوله:"هذا الحصان يملك إحساساً قوياً"
سيطر غاى على حصانة دون أى جهد د
ــ أنه حصان للتدريب
ابتسمت لورين ابتسامة عريضة جافة و قالت :"إنه يناسبنى تماماً"
ــ فى المرة القادمة سوف نجد لك حصاناً أفضل من كرلوس العجوز هذا....فأنت تجيدين ركوب الخيل و يمكنك امتطاء حصان أفضل من هذا الحصان الكسول"
يا للسخافة! إن إطراء بسيط منه كفيل بأن يجعل خديها متوردين كخدى تلميذة المدرسة.
ـت هذا كلام غير منصف بحق كارلوس....إنه حيوان حساس جداً
ثم أضافت بعد قليل :"كما أننى لست خبيرة بالفروسية مثلك"
قال بجفاء :"تقاليد أسرتنا تقضى بأن نتعلم ركوب الخيل قبل أن نتعلم السير تقريباً"
لا شك فى ذلك . وفجأة هبطت روحها المعنوية حين تذكرت أنه ينتمى إلى عالم رفيع المستوى و هو من رجال الأعمال المميزين و أن هذا العالم لا يمت بصلة لعالمها.
على الرغم من الإحباط الذى شعرت به راحت تنظرحولها إلى ذلك المكان الرائع الملئ بالألوان . شعرت بعطر الهواء المنعش الذى يلفح بشرتها و أصغت إلى صوت العصافير المغردة و فكرت أنها لم تر مثل هذه الطبيعة الرائعة فى حياتها و سألته :"هل كل داسيا جميلة هكذا؟"
ــ أعتقد ذلك , لكننى قد أكون متحيزاً فى رأيى هذا . و أنت ما هو المكان المفضل لديك؟
قالت بفرح:"أحب غابة الجريس ذات الأزهار الزرقاء فى الربيع"
ثم أضافة بصدق :"لكننى أحب باريس فى كل الفصول"
علق متشدقاً:"أهى مدينة الذكريات الحميمية؟"
و بدت كل لكامةمن كلماته حادة و مميتة كحد السيف.
أتراه يغار؟ لا! قد تكون الغيرة كلمة قوية على هذا الموقف...لن قد يكون محباً للتملك و هو يعلم أن مارك يعيش فى باريس.


الباحثة عن الحب 14-05-13 12:20 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

رواية حلووووووووووووووووووووووووووووووة جدا ريت تكمليها بسرعة متشوقة اعرف النهاية وشكرا على رواياتك الرائعة

زهرة منسية 15-05-13 05:21 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
شكراً باحثة.... مرورك الأجمل نورتى الرواية أنتى أول مشجعة أسعد بوجودها
اليوم هنزل فصلين و بإذن الله يوم الجمعة هنزل آخر فصلين من الرواية
أتمنى أنهم يعجبوكى

زهرة منسية 15-05-13 05:24 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
9 – نــداء الــواجـــب أم.....الــحـــب ؟

قالت لورين ببرودة :"ذهبت مع والدى برحلة إلى هناك حين كنت فىالثامنةمن عمرى . وصلنا إلى قوس النصر فى عيد الباستيل و أضعت قلبى هناك . و فى كل مرة أعود إلى هناك أجد شيئاً جديداً رائعاً لأحبه"
قال غاى بنبرة محايدة :"رئيسك....هو نصف فرنسى كما أعتقد"
ــ إنه كذلك.
من ناحية أمه , أما والدهما المشترك فهو من نيوزيلندا . استقامت فى جلستها و قالت بمرح :"أحب ركوب الخيل عبر المروج المليئة بالأزهار كهذه. لكن من المؤسف أن تدوس الخيول على الأزهار بهذا الشكل"
ــ هذه الزهور تستعيد عافيتها بسرعة . هل ترغبين بجعل الحصان يعدو قليلاً؟
ــ إذا تذكرت كيف أقوم بذلك.
و شعرت بالفرح لأنها فعلت ذلك بسهولة , فقالت :"ذلك سهل كركوب الدراجة"
عندما وصلا إلى مقصدهما , بدت سعيدة و مشرقة . امتدت أمامهما مرجة تحيط بها الصخور تطل هذه المرجة على منظر رائع على البحر , حيث يعكس الأفق البعيد ظلالاً زرقاء تمتد فوق الأراضى الأوربية .
بعد ان نزلا عن ظهرى الحصانين ليرتاحا تحت ظلال أشجار الصنوبر سارت بقرب غاى فوق العشب الطرى العطر و علقت قائلة :"هناك شئ شئ خاص و مميز فى الجزر....أتساءل ما هو؟"
قال غاى :"إنها الحرية"
ثم استدار ليشير إلى جزيرتين صغيرتين عند ساحل داسيا قائلاً :"الجزر مليئة بالأسرار و الغموض, إنها أمكنة خارج الزمان و الحياة العادية . كل شئ يمكن أن يحدث على الجزيرة تقريباً"
حدقت لورين طويلاً بكتفيه العريضتين و بجسده القوى الرشيق فالتمع فى داخلها إحساس قوى و خطير كالبرق ....إحساس لا يمكنها مقاومته.
منتديات ليلاس
قالت بسرعة :"قد تكون على حق . ربما تعمل الشواطئ على إخراج كل حس بالمغامرة فى داخلنا"
تشدق قائلاً :"هل تقولين إن الرمال الحارة و أشجار جوز الهند فى فالانو هى التى جذبتك إلىّ؟"
ظلت لورين تحدق بالخط الأبيض للشاطئ البعيد بينما كانت تجلس على إحدى الصخور و قالت:"أنت تعلم أن ذلك ليس صحيحاً "
قال غاى بنبرة حادة:"تحدثت مع محامىّ الليلة الماضية"
ابتلعت لورين ريقها و سألته :"و ماذا أخبرك؟"
ــ أخبار غير جيدة, فالزواج قانونى, و فسخه أمر غير محتمل كما نعتقد .
ساورها إحساس غريب هو مزيج من الندم و الحزن معاً جعلها ترد بصورة لا أرادية :"أتمنى لو أن شيئاً من ذلك لم يحدث"
قال بصوت خفيض خال من أى تعبير :"ليس أكثر منى , صدقينى"
راحت لورين تنظر إلى يديها , فمع أنه وافقها إلا أن جوابه سبب لها الألم, فقالت :"إذن , ماذا سنفعل الآن؟"
قال بحدة :"سنقبل بهذا الزواج"
و سيطر بذلك على غضبها و رغبتها بالاعتراض بقوة و سلطة كبيرتين ثم تابع يقول :"و سنعلن يوماً للاحتفال بزواجنا بصورة رسمية هنا فى الكاتدرائية
قفزت ولقفة على قدميها ثم اقتربت منه و هى تشد على يديها بقوة ثم قالت :"لا ! لن أقبل....."

منتديات ليلاســ


زهرة منسية 15-05-13 05:26 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

نظرته الباردة كنهر من الجليد اسكتتها و سمعته يقول :"بالأمس , بينما كنا على متن الطائرة القادمة إلى هنا , نشر أحد الصحفيين المكزعجين فى بريطانيا معلومات عن الأيام التى قضيناها فى فالانو على الصفحة الأولى"
مرت فى رأسها ذكرى تلك الأيام التى أمضتها بين ذراعيه , ما جعل خديها الشاحبين يتوردان . استرقت نظرة إلى وجهه , كانت كافية لتدرك أنه لم يفقد سيطرته على نفسه مطلقاً , على العكس منها . شعرت بألم قوى فى داخلها فهزت رأسها قائلة :"أستطيع تحمل ذلك. أنا واثقة أن بإمكانك ذلك أيضاً . ففى النهاية هذه ليت المرة الأولى التى تنشر فيها الصحف أخبار علاقاتك بالنساء"
قال بحزم:"لكنها المرة الأولى التى تكون فيها المرأة غير مدركة لما سيحصل. لو كنت تعرفين من أكون لما كان للأمر أهمية تذكر"
إذن هو يعرف ذلك, و لو أنه يجهل أموراً أخرى بشأنها . خفف هذا الاعتراف من غضبها للحظات , لكن الكلمات التى تفوه بها بعد ذلك أعادتها إلى حالة اليأس و الغضب.
ــ سنفعل ما تريدينه. لكننى أقترح أن نبقى متزوجين لسنتين أو أكثر , و بعد ذلك يمكنك الحصول على الطلاق, و بالطبع سأحرص على ألا تقلقى بشأن المال بعد اليوم.
ــ أتعنى أنك ستدفع لى أجراً؟ لا, شكراً لك!
كان عليها أن تختار كلماتها بحذر و عناية . تابعت تقول بنبرة عادية لتخفى الألم الذى سببه لها اقتراحه :"الزواج بك هو موضوع غير قابل للنقاش"
غدت ملامحه أشد قسوة و هو يقول :"نحن متزوجان فعلاً , و لا شئ سيغير ذلك سوى الطلاق . أما الآن أو بعد سنتين , و قبل أن تضيفى المزيد من الأفضل أن تلقى نظرة على ما كتب فى الصحف من هراء"
و سحب جريدة من جيبه الخلفى و ناولها أياها . بجانب صورة تظهرها و هى مرتعبة فى المطار,راحت تقرأ :"هل هذا الزواجى حقيقى؟"
ثم نظرت إلى بقية الصفحة برعب و تابعت القراءة :"سبق صحفى مع كافة التفاصيل"
"عش الغرام فى المنطقة الاستوائية يحتضن الأمير و عروسه المنحدرة من طبقة العامة"
شعرت لورين بالغثيان فأغمضت عينيها . و ما إن أصبحت أنها تستطيع التكلم بهدوء حتى قالت :"اعتقدت أن الأمر سيكون أسوأ من ذلك"
قال بغضب حاد كحد السيف:"هذا سئ بما يكفى"
هزت كتفيها و أعادت إليه الصحيفة ثم قالت ببرودة :"ذلك لن يحدث أى فرق"
ــ بأى شأن؟
ــ بشأن جوابى حول الزواج بك.
ــ كان ذلك مجرد اقتراح.
ــ لكن أسبابه خاطئة.
و إذا به يتمسك بكلامها فيقول :"فلنبحث إذن عن الأسباب الجيدة لهذا الزواج"
على الرغم من شعورها بالألم كان عليها أن تنتزع كل كلمة من أعماقها بقوة , فقالت :"لا أريد زواجاً دون قيمة قدره أن يفسخ بعد سنوات"
قال بفظاظة :"لم يبدُ عليك الانزعاج هكذا و نحن فى سانت روزا"
رفعت يديها كانها تتجنب صفعة , ثم أنزلتهما و اعترفت قائلة:"أعرف ذلك, وأنا ممتنة حقاً....."
قال غاى من بين أسنانه :"لا أريد امتنانك"
تابعت بعصبية :"لم اتوقع حصول كل هذه الأحداث . أريد فقط أن ينتهى كل ذلك و أعود إلى حياتى الطبيعية"
غدا وجهه داكناً و ظهر ذلك جلياً على خطوط خديه ثم قال :"و تنسين أنك قابلتنى يوماً؟ هل يمكنك أن تفعلى ذلك؟"
مع أنه لم يلمسها.....لم يضع إصبعاً عليها , إلا أنها شعرت بقوة غريبة تشدها إليه و كأنها مربوطة به بخيط من الفولاذ. و فكرت أنها إذا وافقت على هذا الزواج فسوف تنهار كلياً لأنها ستقع فى حب رجل لا يبادلها الحب.
قالت بضيق :"يمكننى المحاولة"
شدت بقوة على يديها المرتجفتين و هى تضعهما خلف ظهرها , ثم حدقت به و فى عينيها يأس كبير :"غاى , لا أستطيع القيام بذلك , لا أعرف كيف أتصرف فى عالمك"
عقد حاجبيه قائلاً :"الكسا محبوبة جداً من الناس مع أنها لم تنشأ كأميرة, لقد تعلمت كيف تكون كذلك و هذا سيحدث معك"
قالت بنبرة طفولية :"لا يمكنك أن تجبرنى على ذلك"
ابتسم ابتسامة عريضة فبدأ مسيطراً , خطيراً و جذاباً إلى أبعد الحدود ثم قال ببطء:"أعتقد أننى أستطيع ذلك , لكن لا يبدو لىّ أن ذلك ضرورياً"
عندئذٍ قامت لورين بأكبر مخاطرة فى حياتها حين قالت بصورة فجائية :
" أنا لست كما تظننى . مارك كوربت هو أخى غير الشقيق كما هو رب عملى, كانت أمى على علاقة بوالده"
أبقت كتفيها مرتفعتين على الرغم من الألم الذى تشعر به. نظرت إلى وجهه الذى لم تظهر عليه أى تعابير. ساد الصمت للحظات طويلة .
عندما بدأ غاى بالكلام كانت أعصابها مشدودة حتى إنها أجفلت من كلماته القاسية:"فهمت. على أى حال , ذلك لن يشكل أى فرق فالجميع يعلم أن الكسا زوجة لوكا هى ثمرة حب بين أمي إيلير الأكبر و جدتها"
ــ أنا واثقة أن الأمر مختلف , فهى تحمل دماء ملكية.
ثمتابعت بهدوء :"لا أستطيع"
لكن كلماته التالية
أدهشتها :"هل يعلم والدك....بوتر...بالأمر؟"
هى من بدأت بهذا الحديث عضت على شفتيها و قالت :"أكتشف ذلك عندما أصبت باللوكيميا"
ظل غاى صامتاً و لم يعلق على كلامها فرفعت بصرها إليه . لم يبدُ على وجهه أى أهتمام أو تأثر....لا شئ إلا تركيز أثار انزعاجها حتى العظام .
ــ إذن بقيت أمك صامتة و تركت والدك يعتقد أنك طفلته,مع أن صوته بدا طبيعياً إلا أنها لاحظت عدم رضاه, فقالت و كأنها تمنعه من متابعة الكلام :"لن أسمح لنفسى بمحاسبة أمى...."
قاطعها غاى :"إنه عمل رهيب , خداع رجل يؤمن أن الطفلة التى أحبها و حماها ودللها هى من لحمة و دمه وهى جزء من روحه"
نظرت إليه مدافعة إلا أنها عادت و تنهدت قبل أن تقول :"نعم, لكن لكل شئ ثمنه . عل كل حال , أنا أبنته , أقنعنى بذلك بعد أن شفيت من مرضى"
ــ هذا واضح. شكراً لك لأنك أخبرتنى بالأمر . لكن هذا لن يغير ما أتفقنا عليه.
و ابتسم دون مرح ثم اقترب منها ليمسك بيديها الباردتين بين يديه.
ارتجفت أصابعها و قالت :"لكن إذا اكتشف أحدهم....."
هز كتفيه العريضتين بلا مبالاة و قال :"سأحمى والديك قدر استطاعتى"
ثم رفع يديها إلى فمه, فقبل راحة إحداهما و رسغ الأخرى, و ابتسم برضى عندما ارتجفت من التأثر. فقالت معترضة:"لا تحاول استخدام جاذبيتك للتأثير علىّ"
فسألها بصوت خفيض و خطير أرسل الرجفة فى عمودها الفقرى :"و هل أستطيع ذلك؟"
قالت كاذبة :"كــــلا"
فكل خلية من خلايا جسمها كانت تهتف باسمه و هى تشعر بلهفة و توق للارتما بين ذراعيه.
ــ كـــاذبــــة !
و أفلت يديها ....ثم تابع يقول بصوت رتيب :"أخبرنى لوكا هذا الصباح أن وفداً من سكان الجزيرة قد زاره ليلة أمس , يبدو أن الجميع يعتقدون أن قصتنا رومانسية جداً و هم مصرون على إجراء مراسم زفاف لنا فى داسيا"
سارت لورين إلى الظل حيث تركا الحصانين و هى تحاول بيأس السيطرة على مشاعر الحزن التى تهدد باجتياحها و قالت:"أعتقدت أن أبن عمك يسيطر تماماً على وسائل الإعلام هنا"
ــ لا يمكنه أن يسيطر على المواجات اللاسلكية كما أن أجهزة التلفزيون فى الجزيرة متصلة مباشرة بالمحطات الإيطالية و هذه الأخيرة مليئة بالأخبار .
توقف قليلاً عن الكلام ليتابع بعد قليل و قد ظهرت اللهجة الأصلية بوضوح و بصورة مفاجئة فى كلامه فغدت أقوى و قال :"إذا أعتقد الناس هنا أننى استعملت قسم الزواج لأحصل على حبيبة مؤقتة ثم أتخلى عنها بسهولة , فسوف أفقد احترامى بينهم , و كذلك لوكا سيبدو الأمر و كأننى اتعمد إهانة قدسية الزواج"
ابتلعت لورين ريقها لتخفف من جفاف حلقها و قالت :"أستطيع أن أفهم مشكلتك أنت فى الموضوع لكن ما دخل أبن عمك بذلك؟"
ــ لأنه أبن عمى و هو رأس العائلة و هذا مهم جداً فى داسيا , سيبدو الأمر و كأنه لا يملك سلطة فعلية علىّ.و إذا كان الرجل غير قادر على السيطرة على عائلته فهل سيثق به الشعب و بحكمه؟
أغمضت لورين عينيها و فكرت بحزن : لن أستطيع مقاومة ذلك! إذا فقد غاى سمعته فذلك سيسبب له الألم بسبب شعوره بالواجب المتوارث تجاه سكان الجزيرة. لن تسمح لبؤسها الشخصى يسبب خسارتها لحبها يقف فى وجه آماله حول مستقبل سكان الجزيرة. إلا أن طبعها المقاوم لا يسمح لها بالاستسلام بسهولة . أخذت نفساً عميقاً و قامت بمحاولة أخيرة :"إذن , فهو يراهن عليك كى تعلن هذا الزواج بصورة توافقية"
رفع غاى كتفيه بلا مبالاة و قال: " لا أحد يمكنه المراهنة بسهولة . ولوكا لا يفعل ذلك . لكننى أتفهم الوضع جيداً و أنا أوافقه عليه"
شدت بقوة على أسنانها و قالت :"إنه أمر مهم لك, أليس كذلك؟"
ظل صامتاً لفترة طويلة , فأدارت رأسها لتنظر إليه. آلمها حزنه و فكرت أنها لم تراه يوماً أشد حزناً . إنه رجل معتاد على السيطرة الكاملةو السلطة , ها هو اليوم يواجه قراراً كريهاً.... أنه يتقبل زواجاً مزيفاً بسبب الإحساس بالواجب.
كانت الشمس تعكس أشعتها على شعره الأسود فأوما قائلاً :"أدين لسرتى و لسكان داسيا بأفضل ما أستطيع القيام به"
ــ المجتمع هنا محافظ والناس متدينون وهم يقدسون الزواج .
لم يقل لها إن شيئاً من ذلك ما طان سيحصل لولا دعوتها له للبقاء عندها فى فالانو . فما من ضرورة ليقول لها ذلك , كما انه ما من ضرورة لأن يقول بأن والديها سوف يشعران بالاحراج بسبب الأقاويل التى ستدور إذا ما استمرت فى رفضها له.
إنها مثل أمها....تبعت قلبها إلى منطقة خطرة , لو أنها حافظت على تعقلها لما وجدت نفسها الآن فى هذا الوضع الحرج. تعلقت بحب كانت تعرف سلفاً أنه سيعرضها للأم و المهانة. لكن هذا الزواج مهم جداً بالنسبة لـ غاى , لذا ستقبل به . قالت بصوت هادئ :"]بدو أننى لا أملك خياراً آخر و ليس من العدل أن تدفع أنت ثمن تصرف قمت أنا به"
ــ مــــاذا؟
منتديات ليلاس
رفعت ذقنها و قالت :"أنا من أغويتك فى فالانو"
فأجأها اللمعان الذى ظهر فى عينيه و فاجأها كلامه أكثر حين قال :"لقد منحتنى الدفء و اللطف و الحنان , جعلتنى أرى عالماً آخر مختلفاً عن ذلك العالم المتوحش الذى عرفته فى سانتا روزا . و مع أننى أعرف تلك الأمور معرفة ذهنية إلا أننى لم أختبرها إلا بين ذراعيك"
فقالت لورين بهدوء :"لم أدعك للبقاء معى يومها بسبب شعورى بالأسى نحوك"
بدت ابتسامته غامضة حين قال :"هذا لا يهم . كان باستطاعتى رفض دعوتك و الابتعاد عنك. لذا نحن مسؤولان عن هذا الأمر معاً , لورين و أنت لم تقبلى بهذا الزواج بسبب انجراف عاطفى تحت تأثير ضوء القمر فى المنطقة الاستوائية"
ثم استدار فجأة و قال :"تستطيع المسئولة الإعلامية لدى لوكا أن تحدد غداً يوماً للاحتفال بالزواج "
قالت دامعة العينين :"وماذا سيحدث بعد ذلك؟"
أجاب غاى بهدوء:"ذلك يعود إليك . إذا رغبت فى العيش هنا , فأنا أملك منزلاً على الشاطئ و سوف يصبح لك ما دامت تريدين ذلك . كما أننى أملك منازل فى لندن و نيويورك"
و فكرت لورين : و واحداً فى فالانو!
التمعت عيناه بومضات ذهبية و كهرمانية و كأنها نار متأججة ثم قال :"إذا ما كشف النقاب عن قصة والادتك فإن زواجك بى سيمنحك المركز الذى يخولك محاربة أى شخص يتجرأ على تشويه سمعة والديك. فأنا أملك سلطة قوية سوف أستعملها لمصلحتك"
حاولت لورين أن تفكر بالكلمات التى ستقولها , لكن لسانها لم يطاوعها و كذلك حلقها و ذلك بسبب الغصة التى تشعر بها . و أخيراً تمكنت من القول بهدوء:"حسناً"
ضحك غاى ضحكة خافتة ثم عانقها برقة فبادلته عناقه مع ان قلبها كان يدمى من الألم و عندما تركها شعرت بالارتجاف إلا أنها أبقت رأسها مرفوعاً . قال لها بنبرة ساخرة :" لِمَ كل هذا الحزن لورين؟ اقترح أن نعود الآن إلى الفيلا, سنترك القرارات الآخرى إلى وقت نكون فيه أكثر ارتياحاً"
إنه عاشق ممتاز و رجل ذو شخصية جذابة و قد أحبه والداها كثيراَ . و لورين تعلم أنه شخص مميز و رجل أعمال قدير لكنها حتى البارحة لم تكن تعلم أنه أمير.
عندما عادا إلى الفيلا رفض غاى دعوة أمها لتناول الغداء لكنه سال إن كان بإمكان زوجة أبن عمه الأميرة الكسا أن تقوم بزيارة قصيرة إلى منزلهم بعد ظهر يوم غد فقالت إيزابيل بورتر :"هذا لطف منها . نحن نرغب فى لقائها لنشكرها علة تقديمها هذا المنزل لنا"
التمعت عيناه بالتسلية فبدتا كحجرى التوباز و قال محذراً :"من المحتمل أن ترغب بالتقاط الصور لكم فهى ماهرة جداً بذلك"
قالت إيزابيل بحماس:"لقد شاهدت معرضاً لها فى لندن, إنه رائع حقاً"
أومأ غاى موافقاً ثم منحها ابتسامة ساحرو جعلتها ترمش بعينيها مجفلة لشدة التأثر و لم تلمها لورين على ذلك.
ــ سوف تحبينها بالتأكيد . إنها مسلية و ذكية و لديها قلب رؤوف و رقيق, كما أنها ترغب كثيراً برؤيتك.
ثم نظر إلى لورين من فوق كتف أمها فبدت هادئة متماسكة . و كانت أشعة الشمس ترسل دفئها عبر النافذة على بشرتها البيضاء . ابتسمت له لرقة . و مع أنه شعر بتوترها الى تخفيه تحت ذلك المظهر الذى ينبئ بالثقة إلا أن هناك أيضاً تياراً خفياً غامضاً يتحرك بينهما حين تلتقى عيناه بعينيها, فكلاهما يعلم أن لمسته تجعل خديها يتوردان و أن عناقه يجعلها تذوب شوقاً بين يديه .
لذا من الأفضل أن يرحل الآن لأنه يشعر برغبة قوية فى معانقتها . لكن عليه قبل ذلك أن يعلن قرارهما بشأن الزواج الذى أجبرها على الموافقة عليه.
فقال بنبرة ملؤها الغموض :"سيد بوتر أنا و لورين لدينا ما نخبكما به . قررنا إجراء مراسم رسمية لزواجنا هنا فى الكاتدرائية و هكذا يصبح زواجنا قانونياً و معلناً . أتمنى أن تبركا هذا الزواج"
عندئذٍ قال هيوغ بوتر :"يبدو هذا قراراً منطقياً"
وقف غاى قائلاً :"زيارة ألكسا ستكون أول إعلان عن ارتباطنا فى المجتمع"
ثم تابع :"أمامنا شهر ملئ بالأعمال , لكننى أرجو ألا يكون مرهقاً..."
قاطعه هيوغ :"أستطيع تحمل ذلك"
رمقه غاى بنظرة حادة ثم هز رأسه موافقاً و قال بنبرة تتسم بالتهذيب :"علىّ أن أسافر إلى أميركا بعد ظهر هذا اليوم . سأراكم ثانية بعد ثلاثة أيام و حتى عودتى أتمنى أن تتمتعوا بأوقاتكم فى داسيا فى فصل الربيع"

زهرة منسية 15-05-13 05:29 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
10 – عــيــنــان و حــديــقـــة زمـــرد


كانت زيارة الأميرة جيدة و مليئة بالمرح و الحيوية . تحدثت مع إيزابيل عن التصوير و مع والد لورين عن الأدب الإيطالى ثم تبادلت مع لورين بعض الأحاديث عن الحياة فى نيوزيلندا . لكن لورين أدركت أن خلف هذا المظهر الساحر للأميرة هناك عين حكيمة تراقبها و تحكم عليها . ثم اقترحت الأميرة أن يأتوا لتناول الغداء فى القصر الصغير بعد عدة أيام.
فى تلك الليلة جلست لورين مع أمها بمفردهما . قالت إيزابيل بنبرة جاولت جهدها أن تبدوعادية:"لورين, هل أنت متأكدة من أنك تريدين الزاج بـ غاى؟"
قالت لورين :"متأكدة تماماً"
التقت عيناها بعينى أمها المتفحصتين و أضافت و هى تبتسم ابتسامة ملتوية:"أود ذلك من كل قلبى , لكن ليس بهذه الطريقة"
التمعت عينا أيزابيل بالأهتمام و قالت بهدوء :"هذا ما ظننته. و ما هو شعور غاى؟"
ــ يشعر أن من واجبه القيام بذلك.
ثم أخبرتها بصوت هادئ بما دار من نقاش بينها و بين غاى.
ــ و هل يشعرك ذلك بالألم؟
عضت لورين على شفتها و قالت :"نــعـــم"
نهضت أيزابيل من مكانها و اقتربت من ابنتها ثم عانقتها عناقاً سريعاً قبل أن تقول:"آهـ , عزيزتى , يجب ألا تشعرى أن عليك الزواج بـ غاى بسبب تلك الأيام التى قضيتماها معاً"
أخذت لورين نفساً عميقاص ثم قالت تعترف لنفسها و لأمها معاً :"أعرف ذلك أمى, لكننى حقاً أحبه"
و علت ابتسامة صغيرة شفتيها المرتجفتين فتلك هى المرة الأولى التى تعترف فيها علناً.
ــ هذه هى الحقيقة , صدقينى . خلف ذلك المظهر الرائع الهادئ غاى هو رجل لطيف و شريف و شجاع.
قطبت إيزابيل جبينها و قالت بنبرة جافة :"أعرف أن شخصيته تتميز بالشجاعة و الأمانة و الشرف . ومع أنتها صفات رائعة إلا أن الزواج يحتاج إلى صفات أكثر من هذه"
ــ علينا أن نأخذ ذكاءه بعين الأعتبار .
منتديات ليلاس
و حاولت جاهدة إيجاد الكلمات المناسبة فتابعت تقول :"كما أنه يجعل عظامى تذوب شوقاً إليه و الدم يغلى فى عروقى . و أنا أود أن أمضى بقية حياتى معه"
نهضت أمها و مررت يدها على تنورتها بنعومة ثم قالت :"فى هذه الحالة ليس هناك المزيد لأقوله"
و توقفت قليلاً عن الكلام إلى أن أومأت لورين برأسها ثم تابعت تقول:"هل أخبرت مارك عن هذا الزواج؟"
قالت لورين و هى ىتبتسم :"نعم, و هو مثلك غير مقتنع بأننى أعلاف حقاً ما الذى أفعله . لكننى تمكنت أنا و بيج من إقناعه بالقدوم إلى هنا ليرى بنفسه كيف تجرى الأمور"
تلك الليلة فى غرفتها الجميلة التى تبعث الارتياح فى النفس حاولت لورين أن تتخلص من التوتر الذى سيط عليها . أخذت حماماً لكن ذلك لم يشعرها بالارتياح. كذلك لم يخفف عنها فنجان الشاى الذى أضيفت إليه الاعشاب و الذى قدمته لها إحدى الخادمات قائلة :"هذا يدفئ قلبك الحزين"
لكن لورين بعد أن أنهت شرابها ظلت تشعر بالقلق و فى النهاية وقفت قرب النافذة وراحت تحدق بالحدائق و التلال الملييءة بأشجار الزيتون .
على بعد مي أو أكثر بدا القصر الصغير و الذى سُمى كذلك لأن القصر الكبير قد حول جزء منه إلى متحف و الجزء الآخر إلى مركز للإدارة و الاحتفالات. من ذلك القصر القديم تم إعلان نبأ زواجهما فى اليوم السابق . و قد نشرت الصحف و وسائل الإعلام النبأ مع الكثير من التخمينات .
شوقها المؤلو لـ غاى أدخل الكآبة إلى أعماق قلبها فتنهدت بأسى .
و أخيراً سيطر الأرهاق عليها فأغمضت عينيها و غلبها النوم . لكن نومها لم يكن مريحاً بل مليئاً بالأحلام المرهقة و كلها تدور حول غاى . فاستيقظت فى اليوم التالى بعينين مرهقتين تعكسان عذاب روحها , فكرت أن القيام ببعض الحركة سيخفف من عذابها و يساعدها على توضيح أفكارها.
بعد مرور عدة دقائق خرجت منالمنزل الصامت بهدوء و قد ارتدت السارونغ فوق ثوب السباحة. فى منتصف الطريق إلى الحديقة رأت بركة سباحة مظللة بأشجار الصنوبر , بركة واسعة و جميلة .
كانت المياة لا تزال باردة لكنها سبحت بمهارة و راحت تعد الدورات إلى ان أنهكها التعب . حسناً يبدو أن الحركة لم تنجح فى التخفيف من حزنها . جففت جسمها فى حجرة خاصة بالقرب من البركة و هى تفكر بأن عليها أن تتعامل ببرودة مع غاى , علها بذلك تتمكن من إخراجه من فكرها و قلبها.
التقطت قبعتها و منشفتها و سارت تحت أشعة الشمس و الفراغ البارد المؤلم فى قلبها يناقض حرارة الشمس التى بدأت تلذع كتفيها العاريتين.سارت باتجاه مكان فسيح فى الحديقة ثم وقفت تنظر بإعجاب إلى الحركات البهلوانية التى يقوم بها طائران صغيران يعلو رأس كل منهما عرف ذهبى اللون . راحت تبتسم و هى تراقبهما لعدة لحظات قبل أن تشعر أن هناك من يراقبها.

منتديات ليلاســـ


زهرة منسية 15-05-13 05:31 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

استدارت متوترة و هناك رأت غاى يسير بخطوات واسعة تحت الأشجار فأحست بالبهجة تتراقص فى داخلها باعثة النشاط و التوهج فى أنحاء جسمها.
لم يعانقها و بدلاً من ذلك راح يتأملها بتمهل واضح مرسلاً رعشات من التوتر فى كيانها . و أو أخيراً قال :"يبدو أنك لا تستطعين التخلص من الظلال الظاهر تحت عينيك"
ــ بينما تبدو أنت بحالة جيدة.
أصبحت نظرات عينيه العسليتين أكثر رقة و عو يقول :"هل ترغبين بأن تلغى كل شئ؟"
للحظة لم تصدق ما سمعته أذناها و حدقت به مستغربة و إذا بمفه يلتوى بابتسامة مرحة أضاءت وجهه :"إذا كان ما نقوم به سيؤثر على صحتك سنعمل على إلغائه الآن"
حاولت جاهدة أن تبدو نبرة صوتها لا مبالية و قالت :"وماذا عن حساسية سكان داسيا التى تحدثت عنها بوضوح منذ عدة أيام؟"
رفع كتفيه بلا مبالاة إلا أن عينيه أصبحتا قاسيتين و هو يقول :"[الطبع سيشعرون بالألم بسبب ذلك"
تفوهت ببضع كلمات باللغة الفرنسية فضحك برقة و أمسك بها ثم ضمها بين ذراعيه قائلاً باللفة الفرنسية :"لكنتك الفرنسية ممتازة"
فتمتمت :"و أنت كذلك"
ثم أختفت الكلمات من رأسها فأغمضت عينيها خجلاً . غمرها الدفء المنبعث من جسده القوى و شعرت بنفسها ضعيفة بين يديه فهمست :"أرجوك لا"
شدها إلى صدره بقوة فلم تعترض . ثم قال بصوت أجش :"أنا لا ألومك لأنك لا تريدين رؤيتى مرة أخرى . فبسببى أنقلبت حياتك رأساً على عقب"
أمسك بذقنها و رفعها كى يتمكن من رؤية وجهها و تابع يقول:"لكننى ليست سادياً وأنا أكره رؤية الظلال تحت عينيك"
ابتلعت لورين ريقها و قالت :"و انا لا أتراجع عن وعودى. و إذا ألغينا زواجنا الآن سيبدأ سيل من الإشاعات و التوقعات. سوف يغضب والدى كثيراً مما ستواجهه أمى من مهانة . و أنا لست مستعدة لتحميله هذا العبء"
أفلتها غاى و قال ببرودة :"إذا كان هذا قرارك توقفى إذن عن الحزن و إلا سوف يعتقد الناس أننى أضربك"
قالت من بين أسنانها :"هل أخبرك أحدهم انك شخص بغيض و متكبر؟"
اابتسم لها ابتسامة عريضة ساخرة و قال :"أهلاً بك فى النادى"
دعته أمها لتناول الفطور معهم و بالتأكيد قبل غاى الدعوة. حاولت لور ين ان تتجاهل مشاعرها نحوه و شربت كمية مضاعفة من القهوة كى تتمكن من تناول الطعام بصوةر هادئة إلى أن قال غاى:"أود أن آخذك لمقابلة أبن عمى"
تصلب جسد لورين وهو يتابع قائلاً :"إنه أمير داسيا و هو رأس العائلة لذا تقضى اللياقة أن تزوره الآن"
أدرك والدها دقة الموقف فقال :"فكرة ممتازة . بما أن علاقتكما ستصبح رسميةعما قريب , فلا ضير ببعض اللياقة الاجتماعية"
قالت لورين و هما فى طريقهما إلى القصر الصغير :"من الآن فصاعداً , أتمنى أن تبحث الأمور معى , لا أن تعرضها أمام والدى فهما كما تعلم يعتقدان أنك (رائع)"
و لم تجرؤ على التمادى بالكلام أكثر من ذلك خشية أن يخونها صوتها.
انعطف غاى بسيارته عبربوابة كبيرة و أومأ برأسه محياً الحراس اللذين رفعوا أيديهم بالتحية له بفرح. تجمدت لورين و هى تدرك للمرة الأولى أن نمط حياته غريب و بعيد كل البعد عن نمط حياتها , و سألته :"هل سأصبح أميرة؟"
و تمنت لو أنها عضت لسانها لتمنعه من التلفظ بهذا السؤال الطفولى الساذج . لكن غاى رد بهدوء :"أخشى أنك ستصبحين كذلك. هل تحبين الزمرد؟"
أذهلها هذا التغيير الواضح للموضوع فأجابت :"بالطبع أحبه إنه جميل"
ــ جرت العادة أن تقوم كل عروس من أسرة باغنون بأختيار زمردة من خزنة القصر لخاتم زفافها لكن إذا كنت تفضلين نوعاً آخر من الجواهر فيمكنك أن تختارى ما تشائين.
و عندما لم تجب تابع يقول:"اللون القرمزى يناسبك كثيراً لذا إذا كنت تفضلين الياقوت فهذا ما ستحصلين عليه."
ــ أنا أريد....منتديات ليلاس
قاطعها بصوت حاد كالفولاذ كأنه يحذرها أن لا مجال للجدل فى هذا الموضوع.
ــ خاتم الخطوبة هو تقليد متبع فى أسرتنا.
ــ لا بأس بالزمرد.
لكن الألم والغضب اللذين شعرت بهما دفاعها لتتابع قائلة :"[الطبع سأعيده لك ما إن ينتهى زواجنا"
تصلبت معالم وجهه لكن قبل أن يجيبها سارعت إى القول :"أنا آسفة فى الواقع أنا أشعر بالتوتر , ماذا لو لم يحبنى أبن عمك؟"
رمقها بنظرة جانبية و قال بهدوء:"سوف يحبك"
ثم وضع يده النحيلة فوق يدها ممسكاً بها للحظة قب أن يعيدها إلى المقود.
ــ اتساءل م الذى سأفعله بعد...ان تستقر الأمور, فأنا معتادة على العمل.
ــ هناك الكثير من الأعمال التى يمكنك القيام بها, و المراكز الخيرية بحاجة دائماً لمن يرعاها.
قالت بعدم ارتياح :"أنا لا أريد أن أشارك لمجرد وضع أسمى فى تلك الأماكن . أحتاج إلى القيام بشئ ما و إلا سأصاب بالجنون"
ــ لورين , خففى عنك!
تصلب فكها و نظرت إلى يديها و هى تتخيل إحدى زمردات أسرة باغنون المذهلة تتوسط خاتماً فى إصبعها . سألته فجاة :"هل أخبرت أبن عمك عن السبب الحقيقى لزواجنا؟"
تصلب فكه بصورة أخافتها و قال بضيق واضح:"كلا. أنا و لوكا صديقان مقربان , لكن علاقتى بك و زواجنا لا صلة لهما بذلك"
أوقف سيارته على جانب الطريق و تابع يقول :"إذا خطر لأحدهم أن يسأل عن الأمر....تلاقينا فى سانت روزا و وقعنا على الفور فى غرام بعضنا البعض. ثم آثرنا الحفاظ على ذلك الحب بالزواج و قضاء عدة أيام فىفالانو معاً"
شحب لون بشرتها ثم عادت تتلون من جديد و كأن كلامه أصابها بالإحراج . قالت و هى تحاول أن تخفى الحزن فى صوتها بالسخرية :"يبدو ذلك رومانسياً جداً"
انحنى ليفتح لها الباب قائلاً:"اخرجى"
حدقت إليه بعينين واسعتين :"ماذا؟"
قال بنبرة فرحة:"اخرجى , فأنت تبدين متوترة جداً , سنتمشى قليلاً فقد يخفف ذلك من شعورك بالتوتر"
بدت لها الفكرة جيدة , فخرجت و تظاهرت بأنها تنظر بفرح إلى الأزهار المنتشرة حولها و التى تطل من بين الأعشاب.
وقف غاى خلفها ثم اقترب منها و قال محدثاً :"ومن أجل التأكد من أننا سنظهر بمظهر مقنع أمام لوكا , علينا القيام بذلك"
وضع يديه على كتفيها و أدارها نحوه , و وجدت لورين نفسها تحدق فى وجه لم تتبين معالمه لشدة الغموض الذى يعلوه , مقنع بتصميم قوى و إرادة لا تعرف التراجع . و فجأة انحنى غاى برفق فبدأت تقول :"لا أعتقد...."
كلماتها ضاعت عندما عانقها و عندما رفع غاى رأسه شعرت بالحرمان و الإحباط بالإضافة إلى النيران التى تتأججت فى أحشاءها.
نظر غاى إلى وجهها متفحصاً ثم قال و قد ظهرت لكنته الأصلية بوضوح :"نعم........هكذا أفضل"
أغمضت لورين عينيها و قالت :"أكره الكذب"
أطلق غاى ضحكة متوترة ثم قل بصوت يحمل نبرة كئيبة :"أنت تريديننى... و هذا ليس كذباً . لكن المرء يشعر بالخوف عندما يقفد السيطرة على مشاعره , ثم هناك ذلك الإنجذاب الغريب بيننا"
ـت قرأت مرة أن الأمر يتعلق بتفاعل كيميائى يتم فى الدماغ.
لكن , إذا كان المر كذلك فلِمَ يؤلمها قلبها و ليس دماغها؟
التمعت عيناه نصف المغمضتين بشعاع ذهبى اللون , غامض , مسيطر...ثم قال :"لقد شعرت بهذا الإحساس منذ اللحظة الأولى التى رأيتك فيها"
سرت ارتعاشة من الإثارة على امتداد عمودها الفقرى , لكن لورين لم تكن مستعدة للاعتراف بالأمر فقالت :"اعتقدت يومها أنك أحد متسكعى الشواطئ"
ارتفع حاجباه الداكنتان استنكاراً ثم نظر إلى ساعته قائلاً :"من الأفضل أن نرحل"
و ما إن أصبحا فى السيارة و بينما كانت لورين تنظر إلى صورتها فى المرآة الصغيرة , قال معلقاً:"متسكع الشواطئ!"
أصابتها الدهشة و هى ترى فى المرآة اللمعان الشديد فى عينيها و الحيوية المفاجئة التى علت وجهها , أمسكت أحمر الشفاه وضعت لمسة منه على شفتيها ثم أعادته إلى الحقيبة بتوتر و قالت :"لقد بدوت متفاخراً فظاً و متكبراً"
ــ أنت أيضاً بدوت كذلك
استدارت لتحدق فى وجهه , فظهر بوضوح أنه يُخفى ابتسامة . لكنها قالت بكبرياء :"كل ما فى الأمر أننى كنت مصممة على الوصول إلى تلك القرية"
ــ نظرت إلىّ نظرة واحدة لكن عينيك أصبحتا قاتمتين فأدركت أننى أستطيع التأثي عليك.
نبرة الرضى الواضحة فى صوته أعادت إلى ذهنها ذكرى ذلك المنتجع الصغير و التهديد بالموت الذى كان معلقاً فوق رأسيهما , و ذلك الرجل الذى واجهها بصلابة لا تلين . فقالت :"كما قلت لك , بدوت متغطرساً و مغروراً . و تساءلت أن كنت هناك كى تحظى برفقة امرأة ما "
ــ أتعنين صائد نساء؟ و ما الذى جعلك تغيرين رأيك؟
و عندما رفضت الإجابة ضحك بنعومة و تابع يقول :"يمكننا أن نتناقش فى ما بعد من منا كان أكثر عجرفة....أما الآن فعلينا ترك هذا الموضوع لأننا وصلنا إلى القصر الصغير"


منتديات ليلاســ


زهرة منسية 15-05-13 05:34 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

كان القصر عبارة عن مبنى كبير رائع بُنى من حجارة عسلية اللون ما أعطاه مهابة و فخامة . ابتلعت لورين غصة متصلبة فى حنجرتها و نظرت إلى السلالم الواسعة التى تؤدى إلى شرفة محاطة بالأعمدة و قالت بضعف :"لا أعرف ماذا سأقول إلى أبن عمك"
رمقها بنظرة سريعة و قال :"إستمتعتِ بالتحدث إلى ألكسا, أليس كذلك؟"
ابتلعت غصة ثانية وأجابت :"نــــعـــــم"
ــ إذن فسوف تحبين لوكا ايضاً, و سيكون ذلك الشعور متبادلاً . ففى النهاية لوكا تزوج من امرأة حساسة و ذات شجاعة نادرة . و قد وقع فى حبها مع أنه فكر فى أنها تنتمى إلى فئة يكرها كثيراً....الصحفيين اللذين يلاحقون المشاهير. لكن حباً كبيراً جمعه بها.
أتراه يتمنى لو أن ذلك يحصل معه؟ كلماته تعبر عن أى شئ , و لا حتى وجهه الوسيم القاسى, أما لورين فقد جعلتها كبرياءها العنيدة تحافظ على مظهرها الهادئ فيما هما يسيران إلى الشقة الخاصة بالعائلة المالكة و لم تشعر بالارتياح إلا عندما ركض صبى صغير رائع بر الباب .
الأميرة و ابنها الصغير و الدوق الكبير جعلوا من المستحيل تصنيف الزيارة على أنها زيارة رسمية. لكن أبن عم غاى المرح و البالغ الوسامة كان يراقبها باهتمام بارد دون أن يفوته شئ . و فكرة لورين بقلق أنه يحاول تقييمها بتحفظ . و بدا أنه أتخذ قراره عندما قال قبل أن يغادرا:"إذا وافق والداك , سنقيم الاحتفا فى الكاتدرائية و ليس فى كنيسة القصر. و بذلك سيقام استعراض للعربات فى لاشارع. سكان داسيا يحبون الاحتفالات . و بعد هذا الزفاف سيمر وقت طويل قبل أن يقام زفاف ملكى , و ذلك إلى أن يكبر الجيل الجديد"
لابد أن ملامحها أظهرت أكثر مما تظن لأن ألكسا ضحكت ثم قالت :"المناسبة الرسمية فى داسيا ليست كاىمناسبة رسمية فى مكان آخر . لورين, ستكونين بخير. يمكننى مساعدتك فى إتخاذ كل التدابير"
ابتسمت لورين ابتسامة آلمت خديها و قالت :"أعترف أننى كنت أفضل احتفالاً خاصاً و عادياً , لكن إذا كنتم ترون أن هذه فكرة جيدة سنفعل ذلك"
فى طريقهما إلى الفيلا قال غاى:"لم يكن الأمر سيئاً , أليس كذلك؟"
تنهدت بصمت و قالت :"كلا, شكراً لك"
رفع حاجبه ساخراً :"علام؟"
ــ على مساندتك .
لقد شعرت بذلك طيلة الوقت , مساندة ثابتة قوية . قال لها بثقة كادت تحسده عليها :"لم تكونى بحاجة إلى أى مساعدة كنت رائعة . و إذا كنت تتساءلين....نعم لوكا احبك"
الأمر الذى لاحظته لورين خلال تلك الزيارة إلى الأسرة المالكة هو الحب القوى الذى يجمع بين الأمير و زوجته و مع أنهما لم يُظهرا ذلك بطرق واضحة إلا أنه بدا كسلسلة من الذهب تربط بينهما بقوة و براعة.
عندما و صلا إلى الفيلا أخبر غاى والديها عن خطة لوكا بالنسبة للزفاف . عقدت إيزابيل حاجبيها الأنيقين و قالت :"هيوغ, ما رأيك بذلك؟"
أجابها بحزم:" لا رغبة لى بالموت, و أؤكد لك أننى لن اموت قبل أن أحمل أحفادى فوق ذراعى"
أدارت لورين رأسها و حدقت إلى الخارج من النافذة, لتخفى عينيها اللتين امتلأتا بالدموع أما غاى فبدا كأنه لم يتأثر مطلقاً بالحديث عن الأطفال و قال برقة :"ما دام الأمر كذلك يسعدنا أن تبقى هنا حتى ذلك الوقت إلا إذا كان لديك سبب هام يدعوك للعودة إلى بريطانيا"
قالت إيزابيل مفكرة :"ماذا بشأن ثياب الزفاف؟"
ــ مصممة الأزياء المحلية ممتازة و قد تلقت تدريبها فى باريس , ألكسا تشترى ثيابها منها و هذا يساعد فى تشجيع الأقتصاد المحلى. فهناك عدد كبير من السياح اللذين يرغبون بشرء ملابس من المتجر لاذى تشترى منه الأميرة ملابسها.
ــ آهـ , نعم. بالطبع
بدت الدهشة فجأة على وجه إيزابيل و كأنها أدركت فجاة أن حياة ابنتها تغيرت بصوةر نهائية.
ــ لقد طلبت منى ألكسا أن أخبركما أنها ستكون سعيدة فى المساعدة بأى شئ ترغبون به.
لطف غاى و تهذيبه جعلا لورين نزداد توتراً . بدا مقنعاً تماماً بدوره كخطيب و حبيب . غادر الفيلا بعد وقت قصير , لكن ليس قبل أن يتفق مع لورين على موعد و ذلك بعد ساعة فقط . و أمام نظراتها المذهولة قال :"نحتاج إلى خاتم . اتفقت مع الصائغ أن يعرض عليك مجموعة من الأحجار الكريمة التى قد تعجبك . لكن بما أن تلك المجوهرات موجودة فى خزائن القصر القديم فعلينا أن نذهب إلى هناك"
كانا قد وصلا إلى خارج المنزل فقالت و هى تشعر بالخدر :"فهمت"
منحها ابتسامة سريعة ساخرة :"خففى عنك حبيبتى...لن يكون الأمر سيئاً كما يبدو الآن"
ــ هل هذا وعد ؟
منتديات ليلاس
بدا متصلباً و بعيد المنال و هو يقول:"كفى لورين , أنا آسف إذا كانت الفكرة تثير مخاوفك لكن هذا ما سيحدث و الآن حاولى أن تفكرى بطراز الخاتم الذين ترغبين فى وضعه فى إصبعك"
قالت غير قادرة على التعبير عن مدى قلقها :"لا فكرة لدى كما أخشى"
قال بنبرة صادقة :"أعلم أن هذا ليس ما كنت تتوقعينه أو تريدينه كذلك الأمر بالنسبة إلى . لكن طالما أننا معاً تسببنا بذلك فمن العدل أن نتحمل نتائجه معاً"
لن تدعه يرى كم يسبب لها كلامه الألم. وضعت ابتسامة على شفتيها المتيبستين و قالت بمرح :"أنت على حق تماماً. غاى , فكرت أننى أستطيع الاستفادة من الوقت الذى سنمضيه و نحن متزوجان فى التحضير لشهادة الماجسيتر فهذا ما كنت أخطط للقيام به فى مطلق الأحوال"
أومأ موافقاً و خما يسيران على مهل ليجتازا تقاطعاً قبل أن يصلا إلى الشارع الرئيسى . و قال بهدوء :"هذه فكرة ممتازة . سيكون علينا القيام ببعض الاستقبالات لكن سيبقى الكثير من الوقت للعمل"
قادتهما الطريق إلى وسط مرفأ الجزيرة و القلب النابض فيها. و هو عبارة عن بلدة صغيرة تعج بالناس و تجمع بين متطلبات السياح و حاجات السكان الأصليين.
ــ خزائن الكنز موجودة فى القصر القديم.
و ما أن أصبحا هناك حتى أدخلها إلى غرفة صغيرة ذات جدران سميكة فى حصن قديم . قام أحدهم بعرض الأحجار الكريمة عليها و هى عبارة عن مجموعة من أحجار الزمرد وضعت على قطعة من المخمل الأبيض . عرفها غاى بالرجل على أنه الصائغ . نظر الصائغ إلى يديها نظرة خبير و قال بإستحسان :"جميلة , اقترح طرازاً كلاسيكياً دون المبالغة بالزخرفة"
ألقت لورين نظرة سريعة على الحجارة التى تلمع بقوة فاستوقفتها إحداها . و للتو التقط غاى الزمردة و وضعها على يدها قائلاً :"أتريدين هذه؟"
شعرت ببرودة الحجر على بشرتها متناقضة مع دفء أصابعه و أحست بانقباض فى قلبها.
ــ نعم, هذه
ابتسم الصائغ بابتهاج قائلاً :"اختيار موفق . إنه حجر رائع و خال من الشوائب . هل تعلمين أن معظم أحجار الزمرد لا تخلو من الشوائب؟ نحن نسميها حديقة لأنك عندما تنظرين إليها تبدو كزهرة متفتحة"
وضع مجموعة من التصاميم على الطاولة و أخذ يتفحصها , ثم قال :"اقترح هذا الطراز وهو من معدن البلاتين و ليس الذهب فهو يناسب لون بشرتك . مع ثلاث حبات من الماس من كل جانب لتُظهر لون الزمرد بقوة . سيناسب ذلك يدك كثيراً"
نظرت لورين إلى التصميم ثم إلى الحجر . أما غاى فلم يقل شيئاً إلا أنها كان يراقبها بعينين عسليتين شبه مغمضتين و عندما نظرت إليه شعرت بالحرج و علا الاحمرار وجهها فأعادت نظرها إلى الحجر الذى أختارته .
فكرت أن إخفاء عواطفها من أجل حماية نفسها هو طريقة جبانة , وهى لم تكن يوماً جبانة . لقد كافحت بقوة عندما كانت مريضة و لم تفوت فرصة لأثبات كفاءتها فى العمل لتحقق النجاح . و إن لم تحارب من أجل هذا الرجل فلن تتمكن من النظر إلى صورة وجهها ثانية . سألها غاى :"هل ما زالت واثقة أن هذا ما تريدينه؟ هذا الحجر خال من الشوائب أيضاً إن كنت تفضلينه"
هزت رأسها قائلة :"كلا . فالأول لونه جميل جداً كما أننى أحب فكرة أن أحمل حديقتى الخاصة فى يدى"
التقت نظراتها بنظرات عينيه المتسائلة و رفعت رأسها بتحدٍ . ثم شعرت بالارتياح عندما استدار ليتحدث إلى الصائغ .
ــ فى هذه الحالة , سنأخذ هذا, شكراً لك.


الباحثة عن الحب 16-05-13 11:42 AM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3320573)
شكراً باحثة.... مرورك الأجمل نورتى الرواية أنتى أول مشجعة أسعد بوجودها
اليوم هنزل فصلين و بإذن الله يوم الجمعة هنزل آخر فصلين من الرواية
أتمنى أنهم يعجبوكى

[COLOR="DeepPink"][/COLOR]
يسعدني اني اكون اول مشجعة زهرة شكرا على ذوقك واكيد هيعجبوني

زهرة منسية 17-05-13 05:28 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
لعيونك باحثة هنوصل مع بعض لآخر رحلة غاى و لورين
بتمنى أنك تكونى قضتى معايا وقت حلو

زهرة منسية 17-05-13 05:32 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
11 – أنــــــت عـــــــــذابــــــــــــــــــى !

أختيار الخاتم و إعلان الصحافة عن موعد الزفاف أدخلاها فى شهر من النشاط الدائم بل المسعور.
قبل يوم واحد من موعد الزفاف جلست لورين على كرسى فى قاعة الاستقبال الصغيرة فى الفيلا و خلعت حذاءها بسبب الألم الذى تشعر به فى قدميها . ثم قالت لأمها :"أعتقد أننى حتى الآن قابلت كل سكان الجزيرة, حفلة الحديقة جمعت أكثر خمسمائة شخص كلهم أرادوا أن يخبرونى كم يحبون غاى و كم أنا محظوظة به خاصة النساء منهم"
أومأت أمها موافقة:"إنه محبوب جداً وحتى من قبل الرجال أيضاً. و هذا أمر مهم جداً , أليس كذلك؟ فوالدك يحبه كثيراً"
عندما دخل غاى مع والدها , اتكأت لورين على المقعد و راحت تراقبه بعينين فولاذيتين ثم قالت:"أذكر قولك لى مرة أنك تشعر بارتباط عاطفى كبير بالجزيرة لن ليس لديك هنا أعمال كثيرة . يبدو واضحاً أن سكان داسيا يكنون لك الكثير من مشاعر المودة بل على الأصح مشاعر الحب"
ابتسم غاى ابتسامة عريضة :"قلت لك إنهم يحبون حفلات الزفاف"
ــ ليس الأمر كذلك.
شعرت بالامتنان لقدرتها على الظهور بمظهر متماسك خلال الأسابيع الماضية و تابعت :"إنهم يحبونك, قال لى أحدهم اليوم أنك قدمت لحكومة سانت روزا شبكة اتصالات هاتفية"
هز كتفيه و قال بهدوء:"إنه إعلان جيد"
ارتفع حاجباها و قالت "فى سانت روزا؟ كما قال إنك قدمت لهم أيضاً طائرة للاسعافات الطبية حففت كثيراً من عدد الوفيات هناك"
ــ و هو إعلان أفضل.
نبرته المملة أسكتتها فرفعت كوبها و أخذت تشرب العصير بينما أنشغل غاى بالتحدث مع والديها . خلال الشهر الماضى تعلمت من الآخرين الكثير عن الرجل الذى تحبه . أما غاى نفسه فتحول إلى شخص آخر غريب متكلف يتمتع بالمركز و السلطة . و بينما كانا يمضيان فى تحضيراتهما كانت تشعر أن وراء ذلك الاهتما و العناية نوع من الانسحاب إلى الداخل آلمها كحبها المستحيل تماماً .
بعد أربع و عشرين ساعة سيصبح زوجها . لكنها لا تعلم بعد إن كان ينوى أن يجعل هذا الزواج زواجاً حقيقياً أم أسمياً فقط . مشاعر الذعر التى تجمعت لديها خلال الأسابيع الماضية وقفت كالغصة فى حلقها . شربت المزيد من العصير لتخفف من ذلك الإحساس لكن ذلك لم يخفف من الحزن العميق الذى بات يغلف كل لحظات يومها.
و كأنه شعر بتوترها قال غاى :"تعالى لنتمشى قليلاً فى الحديقة"
خرجت معه إلى الشرفة ثم إلى الحديقة التى تظللها الأشجار و قد فاجأها طلبه. لم تقل شيئاً لكن قلبها و فكرها و جسدها راحت ترقص فرحاً .
و سألها :"هل كل شئ على ما يرام؟"
ــ نعم بالطبع.
منتديات ليلاس
توقف تحت ظلال شجرة كثيفة و أمعن النظر فى وجهها . التوى فمه بابتسامة قاسية و قال بنبرة واثقة:"متكبرة. أحب عينيك عندما تنظران إلى و هما تلمعان كحبتى ماس ناريتين.... أمك قلقة عليك"
إنها تدرك قلق أمها تماماً فقالت :"أصبحت تلك عادة عندها منذ أصبت بالمرض . أنا متعبة فقط لأننى لست معتادة على القيام بدور الأميرة"
ــ تقومين بذلك ببراعة.
لكن كلامه لم يبد مقنعاً . فظلت واقفة تواجه نظرات عينيه العسليتين بتحد
و قالت معترفة:"أراقب ألكسا و أفعل مثلها تماماً"
ظل يراقبها بعينين شبه مغمضتين فسألته بتهذيب ::"بم علينا أن نتحدث؟"
مد يده إلى جيبه و سحب عقداً كأنه نهر متدفق من الزمرد النارى وقال :"أريد أن أعطيك هذا"
ثم رفع يديه فوق رأسها و وضع العقد قائلاً :"أعلم أن معظم العرائس يفضلن اللؤلؤ لكن ذلك لا ينطبق على العرائس الملكية فى داسيا"
قال ذلك ثم لوى شفتيه بقسوة و هو يتراجع ليتفحص العقد فى عنقها ثم أضاف :"يقال أن الزمرد يمنح من يرتديه القدرة على مواجهة المستقبل"
ــ أمر جيد.
فقط لو...ورفعت يدها لتلمس الحجارة الباردة:"شكراً لك لقد أحضرت لك شيئاً أيضاً لكنه ليس ....."
قاطعها ببرودة :"لا أريد المزيد من القيود"
قالت غاضبة:"هذا يعنى أن من الأفضل ألا أشترى لك شيئاً"
سادت بينهما لحظات من التوتر إلى أن قال غاى بصوت خشن :"أنا آسف , لم يكن ذلك ضرورياً أعرف أن ما ستقدمينه لى سيكون غير عادى و جميل جداً.....مثلك"
مديحه هذا أثار أهتمامها فرفعت حاجبيها قائلة :"غير عادى!"
ــ ألا تعلمين ذلك؟
اتكأ على جذع الشجرة فأخفت ظلال الأغصان تعابير وجهه و هو يتابع:"من الخارج أنت مثال للذوق و الثقافة المصقولة وقد استحوذت على قلوب سكان الجزيرة المتحفظين بلطفك و ضحكتك و اهتمامك بهم و أنا أشك بأن يكون هذا المظهر الخارجى مجرد قناع فقط"
قالت غير واثقة :"لا أحد يظهر نفسه تماماً للغرباء"
بقى صامتاً للحظة ثم قال بهدوء :"بالطبع أنت محقة"
أظهرت له ابتسامة و لمست حجارة الزمرد المتوهجة فوق صدرها و قالت :"شكراً لك على هذا , إنه رائع سأضعه بفخر يوم الزفاف"
ثم أخفت ابتسامتها و أضافت بجدية :" أعتقد أيضاً أن التقاليد تقضى بأن يتشاجر العروسان قبل يوم الزفاف"
ضحك بنعومة و ابتعد عن الشجرة ثم اقترب منها . فاتسعت عيناها و هى تراه يحجب عنها رؤية كل ما عداه حتى إن صوت العصافير تضاءل فى أذنيها و هى تسمعه يقول:"إذن , ربما علينا أن ننهى هذا الخلاف البسيط بطريقة تقليدية"
شعرت بالحماسة و الإثارة فرفعت وجهها إليه كأنها تدعوه إليها , و فى لحظة ضمها إلى صدره , فأغمضت عينيها ثم عادت و فتحتهما لتجد أنه يتأملها بعيني عسليتين ضيقتين ترسلان نظرات حادة محرقة تخترق كيانها ثم قال بصوت خافت :"لكن عناقنا لن يكون تقليدياً . فلا شئ تقليدى فى شعورى نحوك . أنت تسيطرين على مشاعرى و تعذبيننى"
ارتجفت شفتا لورين .... لم يق شيئاً عن الحب , لكن ما قاله كافياً .
وضعت يديها خلف عنقه و قربته منها . فضمها إليه فى عناق حار طويل يتأجج بالمشاعر المحرقة من جهة و يتسم بالحلاوة و العذوبة من جهة أخرى.
كان غاى من ابتعد أولاً مطلقاً شتيمة خافتة من بين أنفاسه . ثم قال و هو يضحك شبه ضحكة تحمل مشاعر الرضى و الخيبة معاً :"حبيبتى , أحدهما قادم إلى هنا. بل هناك عدة أشخاص...فى الحقيقة هم يتكلمون بصوت مرتفع لتحذيرنا"
عندئذٍ فقط سمعت لورين تلك الأصوات فعادت إلى أرض الواقع و تأوهت مظهرة انزعاجها . أما غاى فالتمعت أعماق عينيه بنظرة ساخرة و رفع إصبعه و مرره على أرنبة أنفها قائلاً:"أوافقك على ذلك"

منتديات ليلاســـ

زهرة منسية 17-05-13 05:35 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

لم يكن الدخلاء سوى والديها و قد تبعهما مارك و زوجته بيج و طفلتيهما و هما توأمان فى الثالثة من عمريهما . وكانوا قد وصلوا إلى الجزيرة منذ عدة ساعات و مكثوا فى منزل أعد لهم يمتلكه الأمير لوكا . تم التعارف بينهم و بين غاى و استسلمت لورين لإلحاح الفتاتين فركعت على ركبتيها لتضمهما إلى صدرها و تقول بصوت ملؤه العاطفة :"عزيزتاى..... كيف حال فتاتى المفضلتين؟"
راحت الفتاتين تتحدثان بفرح معها بلغة امتزجت فيها الفرنسية بالانكليزية و كل منهما تحدثها فى أذنها و تقبلها على خدها . بحب كبير ضمتهما لورين إلى صدرها و عندما رفعت نظرها رأت غاى يراقبها دون أن يظهر على وجهه أى تعبير.
تدبر مارك فرصة للتحدث إليها بمفردها فقال و قد قطب جبينه :"هل كل شئ على مايرام؟"
تعمدت تجاهل ما يرمى إليه وردت عليه بابتسامة مشوقة :"ليس أنت أيضاً! أمى تراقبنى كالنسر و أتوقع أن يبدأ غاى بتفحص نبضى كل ساعة....بحق الله لقد تعرضت فقط لداء الرئة و تخطيت ذلك الآن"
أصبح تجهم وجه أكثر عمقاً ثم قال :"أعرفك جيداً تبدين ضعيفة"
أدركت لورين أن غاى يراقبهما فقالت بنبرة مشرقة :"ما من عروس تسير فى الممر إلا و يبدو عليها الإرهاق ...إنه تقليد!"
لم يلح عليها مارك أكثر بل قال بصوت لم تسمعه منه سوى مرتين فقط من قبل :"إذا احتجتنى يوماً فأتصلى بى أو بـ بيج على الفور"
ــ شكراً لك لكنى لن أحتاج إليك.
و أملت ألا يبدو صوتها ممزقاً كعاطفتها.
فى ما بعد و خلا عشاء وصفته ألكسا بطريقة ملتوية بأنه "مجرد عشاء عائلى لثمانين شخصاً فى القصر الصغير" راقبت لورين غاى و هو يفتن الجميع بسحره و فكرت بسخرية , ليس سحره فقط بل نجاحه , ثراؤه و وسامته.
اقترب منها غاى قائلاً :"ما أراه هو ملامح حزينة"
استدارت متجنبة أن تلتقى عيناها بعينيه اللامعتين . على الأقل , أنبأها عناقه أن خلف مظهره الهادئ هذا هناك رجل يرغب بها, و عليها أن تكتفى بذلك. قالت بنعومة :"حسناً , أعترف أننى متعبة قليلاً فكل شئ مر كالحلم . لكننى أتطلع إلى الوقت الذىينتهى فيه كل ذلك"
وعدها قائلاً:"هذا الوقت سيكون غداً و عندها يمكنك أن ترتاحى"
قرر أن يمضيا الليلة الأولى فى منزل غاى فى داسيا. و قد رفض أن يصطحبها إلى هناك ليترك الأمر مفاجأة لها . بعدئذٍ سيسافران إلى إحدى جزر البحر الكاريبى و هى جزيرة يملكها صديق له . أمسك بيدها التى ارتجفت بين أصابعه و بدا واضحاً أنها تحاول إخفاء ذلك الشوق إليه الذى يضطرم فى داخلها . أما هو فقد أمضى شهراً بائساً و هو يمنع نفسه من الاقتراب منها ولم يكن العناق الذى تبادلاه بعد ظهر هذد اليوم سوى عزاء صغيراً لمشاعره المحمومة تجاهها.
ما إن اتخذ قرار زواجهما حتى اندفعت تتعلم كيف تقوم بمهامها كما تفعل ألكسا ,ولقد نجحت بذلك بامتياز . لكن الظلال تحت عينيها الصافيتين تجعله يشعر بالقلق . شئ ما دفعه إلى القول :"هل تثقن بى لورين؟"
أجفلت لسؤاله و تجنبت النظر إلى عينيه و قالت :"بالطبع ....ما كنت لأقبل بكل هذا الأمر لو لم أكن أثق بك"
كلماتها لم تشعره بالرضى , لكن بما أنه هو نفسه لا يعرف ما الذى يتوقعه منها لم يفاجئه قولها. هز برأسه موافقاً ما إن نظر إليه لوكا عبر الغرفة . فقال لها:"حبيبتى , حان وقت الذهاب , نامى جيداً الليلة"
جوابها الوحيد جاء على شكل ابتسامة مقتضبة و تساءل غاى ما الذى يدور داخل هذا الرأس الصغير و خلف تنيك العينين الشفافتين الغامضتين .
فطالما بدا من السهل عليه أن يفهم النساء الآخريات أما لورين فتحتفظ بأفكارها و مشاعرها لنفسها . فقط عندما يضمها إليه يمكنه أن يعرف ما تشعر به . لكن حتى أثناء ذلك يبقى فكرها غامضاً و بعيداً عنه.


زهرة منسية 17-05-13 05:37 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
12 – حـــب بـــلا قــــيـــــود

اليوم التالى مر على لورين فى جو من الانبهار . علت آلاف التحيات و الهاتفات من سكان داسيا بينما كانت العربة المكشوفة تمر عبر الشوارع .
أذهلتها الخدمة الرائعة الفريدة و انعكاس ضوء الشموع و الموسيقى الصاخبة الجميلة, و اللحظات المؤثرة عندما وضع غاى الخاتم فى إصبعها و وضعت هى بدورها خاتماً فى إصبعه , و تم إعلانهما زوجاً و زوجة, و أصوات الأجراس الرنانة ما إن استدارا لمواجهة المهنئين.
خلال الرحلة القصيرة فى العربة المكشوفة أثناء عودتهما إلى القصر القديم, نُثرت عليهما لأوراق الزهور فطار بعضها فى الهواء و استقر بعضها الآخر كرقائق الثلج على تنورة فستانها الرائع, ومع ذلك الضجيج من الحشود المتصاعد فى أذنيها, راحت لورين تبتسم حتى شعرت بالألم فى خديها و ابتسمت أكثر و هى تلوح بيدها كما علمتها ألكسا.
كانا قد أوشكا على الوصول إلى القصر القديم عندما استدارت نحو غاى و قالت:"فهمت الآن ما عنيته عندما قلت إن سكان داسيا يحبون الاحتفالات ! يبدو ذلك واضحاً جداً"
ضحك غاى و نظر وجهها بعينين مشعتين ثم قال بصوت عميق:"إنهم يحبونك أيضاً . هل تسمعين بما ينادونك؟ الأميرة الجميلة"
مبهورة الأنفاس لمحت لورين بطرف عينها معدناً لامعاً . توقف الوقت بالنسبة إليها....نصلاً فضياً مربوطاً إلى شئ أحمر اللون ظهر تحت أشعة الشمس متجهاً مباشرة إلى صدر غاى....علا صراخ الناس ما إن حاولت أن ترمى نفسها عليه لكن غاى دفعها جانباً و أدار جسمه الكبير ليحميها , فأصطدم ذلك الشئ بكتفه قبل أن تتساقط بعض أوراق من الزهرة على الأرض.
أصبح وجهه قاتماً و نظر بسرعة إلى ذلك الشئ ثم استدار مردداً اسمها بألم قبل أن يرفعها برفق شديد إلى الأعلى. و أمام صراخ الناس و اضطراب الأحصنة و محاولة الحوذى للسيطرة عليها , شهقت لورين قائلة :"هل أصيبت؟ يا إلهى ! هل أصابك مكروه؟"
ــ لا, أنا بخير . لم تكن تلك قنبلة.
و بسرعة ضمها إليه و أصدر أمراً إلى أحد الرجال الأمن الذين ظهروا فجاة ليلتقط ذلك الشئ و تبين أنه قطعة من الورق لفت على وردة حمراء و غلفت بشريط فضى . و أمام صرخات الحشد قالت لورين:"أنا بخير. حتى أنها لم تلمسنى, لكن ما هذا؟"منتديات ليلاس
تبدل صراخ الناس من الرعب إلى الرغبة فى الانتقام . تركها غاى لتعود فتجلس على مقعدها . بدا عليه الغضب الشديد ما جعلها تنكمش فى مقعدها ثم أصدر أمراً آخر فأقتيد الرجل الى رمى تلك الوردة و الورقة إليه...و أخذ بعض الناس الغاضبين يضربونه وهو يُدفع نحو العربة.إنه شاب فى حوالى الثامنة عشر من عمرهو قد بدا خائفاً.
شعرت لورين بتوتر كبير و أخذت تصغى إلى النقاش الدائر بين غاى و الشاب و حبست أنفاسها عندما بدأ الحشد الذى كان غاضباً بالضحك.
مع أن غاى بدا متجهم الوجه عندما استدار نحوها إلا أن الغضب تلاشى من عينيه و قال بنعومة وهو يمسك بيديها الباردتين :"كان ذلك مجرد التماس . و الشاب يرغب بالاعتذار منك لأنه أخافك . أنظرى! لقد ربط وردة بالورقة كى تعلمى أنها ليست خطيرة"
الصدمة جعلت أسنانها تصطك , فضغطت عليها بشدة و قالت:"قل له إنه إذا حاول أن يرمى عليك شئ مرة ثانية فسوف...لا, من الأفضل ألا تقول له ذلك. ماذا ...يجب أن أقول؟"
اقترح غاى قائلاً:"إنك تسامحينه هذه المرة , لكنك تنصحينه باستخدام طريقة أفضل من هذه ليقدم التماسه"
هزت رأسها موافقة فرفع يدها إلى فمه و قبلها ثم استدار إلى الشاب ببرودة و نقل له تلك الكلمات.
من وراء حاجز رجال الأمن أخذ الناس يهتفون بأسم لورين . فوقفت و إذا بها ترى الاهتمام و الحب فى وجوهم إلى جانب الصدمة التى ظهرت عليها, كما لمحت امراة تبكى صمت . كانت ما تزال ترتجف لكنها تمكنت من الابتسام و التلويح لهم , فهتف الناس لها بفرح و أمطروها بالقبلات , ثم هتفوا ثانية عندما ابتعد الشاب و تابعت الأحصنة سيرها .
أمسك غاى يدها بقوة . كانت يداه دافئتين و داعمتين و قال :"كدت أقتله ذلك الأحمق"
ارتعشت لكنها تمكنت من الابتسام:"اعتقدت....أشعر أننى حمقاء . أعتقدت أنه خنجر أو شئ من هذا القبيل"
قال غاى بهدوء :"كانت ردت فعلك قوية , لو كان خنجر لقتلك"
و لو كان قنبلة لقتلهما معاً! و فكرت على الأقل كانا سينوتان معاً...قالت بنبرة صادقة :"الحمد لله أنها لم تكن كذلك . ما الذى ما الذى جعله يفكر بشئ كهذا بحق الله؟"
هز رأسه مستنكراً :"إنه يرغب بالزواج , لكن أمه ترفض الأمر . وكان يريدنا أن نتحدث إليها لنقنعها , لذلك أختار هذه الطريقة . أعتقد أننا سنفهم من الوردة أن ليس هناك ما يخيف"
حدقت لورين به ثم قالت بصوت مرتجف بالرغم عنها :"إذا بدأت الآن بالضحك فسينتهى بى الأمر بأن أضحك بشكل هستيرى , لذلك سأؤجل ذلك إلى وقت لاحق"
وافقها زوجها بهدوء:"قرار حكيم"
و عادا يلوحان بأيديهما و يبتسمان للحشد السعيد . لكن لورين أبقت يدها بيد غاى حتى وصلا إلى القصر القديم.

منتديات ليلاســــ



زهرة منسية 17-05-13 05:39 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

بعد مرور فترة من الوقت و بعد انتهاء مأدبة الزفاف و توديع والديها و بيج و مارك , غادر العروسان القصر و حل الغسق. قاد غاى السيارة و بعد فترة ابتعدا عن سكان الجزيرة المحتفلين و وصلا إلى طريق فرعية فى الجانب الآخر من داسيا.
انعطف عن الطريق الرئيسية نحو طريق فرعية خاصة و بعد عدة دقائق توقفا أمام منزله . و اجفلت لورين عند النظرة الأولى إلى المنزل و قالت:"ظننت أنه منزل قديم"
جاءت نبرة صوتها عادية إذا فارقها التوتر . كانت الأنوار تشع من المنزل ذى الطبقين و أسرع رجل لملاقاتهما.
ــ هل خاب أملك؟
قالت بهدوء و هى تنظر إلى المبنى الأنيق و ما يحيط به :"لا , إنه رائع و يناسبك تماماً"
من الداخل بدا المنزل واسع ذا تهوئة جيدة , تمتزج فيه رائحة البحر بالروائح العطرة التى تفوح من الأزهار فى الحديقة ومن تلك التى نشرت بكثافة فى كل أنحاء المنزل. لقد قام أحدهم بتزين المنزل ليس فقط بالورود الحمراء التى تعبر عن الحب بل بالكثير من الأزهار العادية ذات اللون العاجى التى تعبق رائحتها فتملأ الهواء الدافئ الجاف . أما الشموع...فطويلة بيضاء تتلألأ أنوارها الذهبية من بين الأزهار.
ــ هذا ليلاس جميل جداً !
أخذت لورين نفسً عميقاً و نظرت حولها بذهول ثم التفتت إلى وجه غاى قبل أن تجيل نظرها فى ما حولها ثانية قائلة :"هل يمكنك أن تبلغ شكرى إلى كل من فكر بذلك و من قام بتنفيذه؟"
ــ ســــأفـــعـــــل.
ثم عرفها على مدبرة المنزل و الخادمتين و نقل إليهن شكرها باللغة المحلية, فابتسمت له بفرح . بعدئذٍ رافقتها مدبرة المنزل إلى غرفة نوم كبيرة فيها حمام كبير و باب زجاجى واسع يؤدى إلى شرفة مسقوفة. كان هناك المزيد من الأزهار فى غرفتا و المزيد من الشموع التى تتلألأ على طاولة الزينة.
وصلت ثيابها إلى هنا عند الصباح و لا شك أن ثياب غاى وصلت أيضاً , لكنها لم تكن معلقة إلى جانب ثيابها فى الخزانة الكبيرة فى الغرفة. إذن , فسوف تنام بمفردها فى هذا السرير الجميل.
شعرت بخيبة أمل حادة فخرجت إلى الشرفة و وقفت هناك وحيدة لفترة طويلة. كان النجوم تسطع فوق رأسها و الأمواج تلطم الشاطئ الأبيض برفق على بعد مسافة منها. و أخيراً اتخذت قرارها و عادت إلى الداخل و بدلت ثوبها الحريرى بثياب مناسبة أكثر لتمضية أمسية مع زوج لا يريها إلا بصورة مؤقتة.
آراها غاى المنزل من الداخل كما أراها كيف يعمل جهاز الأمن , ثم قال :"تبدين مرهقة . باستطاعتنا رؤية الحديقة غداً.لِمَ لا تخلدين إلى النوم باكراً الليلة؟"
فقالت بهدوء:"نعم, سأفعل ذلك"
لكنها شعرت بألم كبير يمزق قلبها . و بعد مرور نصف ساعة أصبحت جاهزة للنوم و هى ترتدى بيجاما قطنية من دون أكمام. نظرت إلى السرير الواسع المغطى بأوراق الورود و الأزهار و شعرت بالارتجاف.
طرقة على باب الشرفة دفعتها لتستدير . شعرت بسرور غامر ما إن رأت غاى . لكن سرورها تبخر عندما لاحظت أنها مازال يرتدى الثياب التى كان يرتديها عندما قاما بجولة فى المنزل.اضطرت لأن تتنحنح كى تجلى حنجرتها قبل أن تقول :"أدخل"
بخطوة واحدة أصبح غاى داخل الغرفة , و شعرت أنه ملأها بحضوره القوى الرائع فراح قلبها يضرب بقوة . ضاقت عيناه و هو ينظر إليها ثم قال بصوت أجش :"لقد أصبت بخدش"
ردت بسرعة:"إنه خدش بسيط"
لقد سببته أصابعه لها و هو يحاول إبعادها عما ظن انه قذيفة . لكنه اقترب منها و لمس الاحمرار الواضح فى بشرتها بنعومة:"و أنا آسف, أردت أن أبعدك عن الخطر , ظننت أن تلك قنبلة . ألديك مرهم تضعينه على الخدش؟"
ــ لقد نظفته بالمطهر.
احنى رأسه و قبل الخدش بنعومة , ما أرسل موجات من الأرتعاش فى كيانها....و ما لبث غاى أن ابتعد عنها واكتست ملامح وجهه من جديد ذلك القناع من الصلابة التى عرفته فيله طيلة الشهر الفائت . ثم قال :"علينا ان نتحدث"
ــ أنا....حسناً.
سار باتجاه الأبواب المفتوحة و ظهره نحوها و قال :"عندما ذهبت إلى نيوزيلندا قلت لنفسى إننى ذاهب إلى هناك لزيارة لوسيا و هانت فما يعيشان فى منزل لا يبعد كثيراً عن خليج الجزر . لكننى فى الواقع , كنت أريد أن أرى كيف تعيشين فى عالم كوربت "
لمعت فكرة فى خاطرها فسألته:"هل قالت لك لوسيا إننى عشيقة مارك؟"
ــ كلا. سمعت ذلك من قبل من أحد الأقرباء.
و توقف عن الكلام قليلاً ليتابع بتعمد :"كان ذلك قبل أن ألتقى بك"
إذن كان يعرف من تكون حين ظهرت له فى سانت روزا . و عاد يتابع كلامه:"قالت لوسيا إن هناك صلة بينك و بين كوربت لكنها لا تعلم ما هى. كل شئ كان ضدك فأنت تعيشين فى منزله. أصابنى الرعب عندما علمت أن وسائل الإعلام قد تكشف أمر زواجنا...."
رفعت ذقنها بكبرياء :"حتى ولو كنت حبيبة مارك, فما شأنك أنت بذلك؟"
ــ هل يمكنك قول ذلك بعد الفترة التى أمضيناها فى فالانو؟
قال بغموض:"قد تكون على حق . لكننا لم نتعهد بشئ لبعضنا البعض"
استدار نحوها و نظر إليها بعينين تشعان بلون ذهبى و قال :"أردتك منذ اللحظة الأولى التى رأيتك فيها و علمت أننى لن أستطيع انتزاعك من أفكارى"
أخذت نفساً حاداً و قالت :"لكن لماذا ....عندما علمت بحقيقة صلتى بـ مارك و فهمت سبب خوفى من وسائل الإعلام....لِمَ أبتعدت عنى ؟ منذ اللحظة التى قررنا إجراء مراسم الزواج فى داسيا أصبحت أكثر برودة و بعداً"
ــ لأننى حينها كنت واقعاً فى حبك حتى أذنى و لم اعترف بذلك لنفسى .و أنت لم تبادلينى هذا الحب و قد أظهرت ذلك بصراحة و وضوح....أظهرت لىّ أن آخر شئ تريدينه فى حياتك هو هذا الزواج الذى أجبرتك عليه.
شعرت لورين بنبضات قلبها تتراقص و هزت رأسها غير مصدقة :"ربما تكون قد حكمت على بذلك لكنى أنا الرابحة من هذا الزواج . ففى المرة الأولى أنقذنى الزواج بك من تجربة مزعجة و فى المرة الثانية قدمت لى الحماية عندما اصريت على إتمام الزواج الكنسى رسمياً وذلك لحمايتى أنا وعائلتى"
منتديات ليلاس
التوى فم غاى بسخرية و قال :"هذا جزء من الحقيقة , كذلك فإن مشاعر سكان داسيا تجاه الزو اج هى جزء من الحقيقة , لكنها جزء فقط . عندما عدت من الولايات المتحدة و رأيت أنك لا تستطعين النوم, علمت أن من واجبى أن أعرض عليك حريتك ,لأننى لا أستطيع تحمل تقيدك بى بالاكراه. و عندها علمت أنى احبك"
شعرت لورين بالصدمة و كادت ألا تصدق ما تسمعه . أخذت نفساً سريعاً و قالت :"لقد أبعدتك عنى يومها و خذلتك"
ــ نعم. كنت حازمة جداً فى المحافظة على وعودك عندها عاودنى الملل.
ــ لكنك لم.....
وسكتت فجأة عندئذٍ قال :"ماذا؟ لم أتودد إليك؟ ومتى تسنت لنا الفرصة لذلك؟ كان القرار قرارك و مازال كذلك . إذا طلبت منى أن أعود إلى غرفتى سأفعل ذلك"
و فجاة أضاءت ابتسامة عريضة وجهه و تابع يقول :"بالطبع لن أعدك أنى سأتوقف عن ملاحقتك حتى تقعى فى حبى أنت أيضاً"
بالكاد تمكنت لورين من سماع صوتها بسبب صوت خفقان قلبها المتسارع فى أذنيها و قالت بهدوء :"لقد بدوت غامضاً جداً . بالطبع أنا أحبك . مع اننى لم أعترف بذلك.....كنت أحاول إقناع نفسى بأننى مثل أمى , أقفز بسرعة إلى المغامرة لكننى ما كنت لأمكث معك فى فالانو لو لم أكن أحبك. و عندما وصلنا إلى هنا و اكتشفت من تكون , علمت أن ما أعيشه هو مجرد حلم"
ـــ لــــمـــــــاذا ؟
و عندما أمتنعت عن الإجابة قال:"بالتأكيد ليس من أجل تاريخ عائلتك....هذا لن أى فرق لورين فلا أحد يهتم بذلك . الجميع يعلم بشأن والد الكسا"
قالت بهدوء:"جدها كان أميراًً"
أطلق ضحكة خشنة و قال:"حسناً, إذا كانت وراثة الدم هى ما يثير اهتمامك, هانت زوج لوسيا شق طريقه من ملجأ للأيتام, لا شئ معه سوى شجاعته و ذكاؤه و تصميمه القوى"
قالت ببساطة:"نعم, لكنه غنى"
ــ لوسيا لم تتزوج به من أجل ماله.
أرادته أن يقنعها بطريقة أخرى ...بعناقه لكنه بقى بعيداً عنها.
ــ أعلم ذلك, لكن ليس هناك مساؤى فى ماضيه, ليس هناك سوى الفقر. و أنت تعرف أن الماضى يلقى دائماً بظلاله على المستقبل.
ــ لورين هذا أمر تافه و لا أحد يهتم به . لديك من الشجاعة و الذكاء و القلب الدافئ و السحر ما يجعل كل من يقابلك يركع على ركبتيه....
ثم هز رأسه متعجباً:"ما كنت لأفكر مطلقاً أنك تفتقدين إلى الثقة بالنفس"
نظرت لورين إليه و رأت الحقيقة مجردة فى عينيه و وجهه فشعرت بأن ثقلاً كبيراً قد انزاح عن كتفيها , كما شعرت بخفة تدفعها لأن ترقص من السعادة و الفرح . لكنها قالت بحذر :"أعتقد أننى أقنعت نفسى أن ماضىّ مخجل , لا سيما أننى لم أشا أن يسخر أحدهم من أمى و ربما ذلك جعلنى أشعر بالأمان . فلابد أن الحب أمر مخيف لأنه جعل أمى ترمى خلف ظهرها زواجاً جيداً"
و ترددت قبل أن تتابع قائلة:"لكن الأمر لم يكن كذلك.والدى الحقيقى التقى بها فى ظروف صعبة جداً فقد كانت مقتنعة أنها لا تستطيع الأنجاب .
كانت تشعر بالفشل لظنها أنها امرأة عاقر. كان لطيفاً معها ما جعلها تشعر بالأمان و بأنها مرغوبة و كاملة. لكنها عادت إلى رشدها بعد فترة قصيرة لتجد نفسها حاملاً بطفلة منه"
ــ هل يؤلمك ذلك؟
ــ لا , فوالدى هيوغ لم يتوقف يوماً عن حبها و هى أيضاً تحبه. أنا ليست كاملة فلِمَ علىّ أن أتوقع أن تكون أمى كاملة؟
قال غاى:"و أنا أيضاً لست كاملاً"
و توقف قليلاً عن الكلام ثم تابع يقول بصوت عميق :"لكنى سأبقى على حبك إلى أن أموت. و لن أخونك يوماً"
شعرت بالدموع تتجمع فى عينيها :"أحبك , و قد أقتلك إن فكرت يوماً بخيانتى .لكننى سأكون دوماً صادقة معك . أعدك بذلك"
أرجع رأسه إلى الوراء و راح يضحك و فى لحظة تلاشى الغضب و التوتر اللذين أستمرا طيلة الشهر الماضى . و هكذا بدا غاى أكثر شباباً حين قال :"قتلى سيضمن لك عدم قيامى بأى خيانة"
لكن وجه أكتسى بالجدية فجاة وتابع يقول :"لكن لن تحتاجى إلى ذلك مطلقاً , و أنا أعنى ما أقوله فأنت كل ما أحتاج إليه فى حياتى"
أمعن النظر إليها عن قرب و قال بصوت مرتعش :"أتبكين يا حبيبتى؟"
مسحت الدموع عن خديها فهى لن تسمح بإفساد هذه اللحظات الغالية.
ــ الأسابيع الماضية كانت رهيبة , شعرت خلالها أننى أعيش حياة مزدوجة مزيفة . رأيتك و أن تبتعد عنى و لم أدر ما أفعله بهذا الشأن لأنك قلت إنك لم تكن تنوى الزواج بى
قاطعها قائلاً :"قلت ذلك فقط بعد أن أخبرتنى أنك تكرهين ما يجرى.أردتك أن تشعرى بالأمان و أن تعلمى أننى لن أجبرك على العيش معى بعد زواجنا مع أننى كنت أتمنى أن أقنعك بذلك"
منحته لورين ابتسامة مشرقة و قالت :"أحمقان....كلانا غبيان و أحمقان تماماً. يفاجئنى أنك لم تدرك ما الذى يجرى معى....فى النهاية أنا لست حبيبتك الأولى . و لقد رأيت مدى تأثيرك على النساء, فأنت تجذب أنظارهن ما أن تدخل إلى الغرفة!"
تجاهل غاى نبرة المرارة فى صوتها و قال بهدوء:"لكنك المرأة الوحيدة التى أحببتها فى حياتى كلها"
و أقترب منها أخيراً و أغرقها فى عناق رائع لا أثر فيه للحواجز....و بعد قليل قال :"و المرأة الوحيدة التى سأحبها دوماً"
ثم أبعد خصلاً من الشعر عن وجهها و تابع يقول :"الأمر معك مختلف جداً فحبك يجعلنى أشعر بالضعف لقد كرهت ذلك فى البداية ثم تذكرت كم كنت حنونة دافئة و لطيفة فى فالانو و احتقرت نفسى لأننى قمت بشئ جعلك تتغيرين من ناحيتى"
ــ هذا ما يفعله الحب بالناس!
أخفض غاى بصره و نظر إلى بيجامتها و قال بحزم :"أمنعك منعاً باتاً من ارتداء مثل هذه الثياب ثانية فهى تجعلك تبدين صغيرة جداً و شديدة النعومة, من الآن فصاعداً أريدك أن ترتدى ثياب حريرية للنوم أيضاً"
شعرت لورين بالتألق فجأة و ضحكت قائلة :"لقد قيل لى إن الزواج الناجح يقوم على التوافق و لأننى أحبك سأرتدى الحرير . لكن أنت أيضاً عليك أن تقوم ببعض التنازلات"
ــ بالطبع.
حملها بين ذراعيه إلى السرير ليغيبا معاً فى بحر من المشاعر التى طال انتظارها دون أى حواجز أو خوف أو تردد.


منتديات ليلاســـ

زهرة منسية 17-05-13 05:41 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 

لم يدركا كم مر عليهما من الوقت و فيما هما مستلقيان. كانت لورين تصغى إلى دقات قلبه فقالت :"أعتقدت أنك ستتركنى وحدى الليلة"
ــ كنت قد قررت ذلك . لكن عندما قام ذلك الشاب الأحمق برمى الالتماس علىّ , حاولت ان تحمينى برمى نفسك علىّ.
ونظر إليها و وجه متصلب كالحجر و تابع يقول :"الأمر الوحيد الذى منعنى من قتله على الفور و بدون رحمة هو أن حركته تلك جعلتنى أعرف أن لديك بعض المشاعر نحوى"
قالت بتأثر:"آهـ , فهمت"
ــ أعطانى ذلك بعض الأمل.
ثم اتمعت أسنانه البيضاء و هو يبتسم قائلاً:"حفل الزفاف الرائع الذى نظمته لنا ألكسا لم يكن ضرورياً لكننى أعترف أننى كنت سعيداً به. يحتاج الرجل لأن يعرف مرة فى حياته ذلك الشعور الذى أنتابنى حين سرتِ نحوى فى الممر و أنت تحملين الزهور على ذراعيك. حتى ذلك الوقت كنت أظن أننى سأدعك ترحلين إذا أردت ذلك بعد سنتين أو أكثر . لكن ما إن رأيتك حينها أدركت أننى قد أفعل أى شئ لأجعلك تحبيننى"
لامست لورين ذقنه بإصبعها بنعومة و قالت :"كان عليك ان تصارحنى بمشاعرك , و أن تدرك ما أشعر به نحوك"
ــ أردت الحصول على حبك الحقيقى و ليس فقط على تلك العاطفة القائمة على الانجذاب.
شعرت بارتعاشة عذبة تسرى فى كيانها و قالت :"أخفيت ذلك بطريقة جيدة"
لكن نبرة التفهم بدت واضحة فى صوتها.
ــ و أنت أيضاً.
ثم أردف قائلاً :"هل يمكننا أن نقسم بألا نخفى عن بعضنا البعض ثانية أى أمر؟ أريد أن أعرف أسباب حزنك إذا ما حزنت و أن أشاركك السعادة عندما تكونين سعيدة"
ــ هذا ينطبق عليك أيضاً , فلا تبعدنى عنك ثانية....آهـ, ظننت أننى سأذوى بعيدة عنك.
عانقها بنعومة وقال :"علينا أن نجد لك عملاً تقومين به فلن تشعرى بالسعادة إذا اقتصر عملك على تنظيم المناسبات الخيرية"
ردت لورين على الفور :"كلا, أين سنعيش؟"
ــ فى أى مكان ترغبين فيه.
منتديات ليلاس
و عندما امتنعت عن التعليق تابع قائلاً :"فى باريس إن كان هذا يسعدك"
ــ أحب أن أعيش هناك لكن والدىّ أحبا منتديات ليلاس داسيا . و بالأمس كان أبى يتحدث عن شراء منزل هنا . هل ستجد الأمر صعباً إذا كان لنا منزل هنا ايضاً؟
ــ لا يمكنهما شراء منزل هنا, فالأملاك فى داسيا تعود فقط إلى أهل البلاد. لكن يمكنهما أن يستأجرا واحداً. و أنا سأكون سعيداً جداً للبقاء فى الجزيرة . و عندما سنرزق أطفالاً سيكون من الرائع أن يجدوا جديهم بالقرب منهم. كما أنه سيتسنى لهم اللعب مع أطفال الجزيرة كما فعلت أنا فى طفولتى و مع أولاد لوكا و الكسا.
غمرته لورين بذراعيها و هى تشعر بسعادة لا توصف و قالت :"أشعر أنى أكاد أموت من فرط السعادة"
ضحك غاى بنعومة :"حبيبتى , لا أحد يموت من فرط السعادة"
فهمست فى أذنه برقة :"يمكنك أن تعيدنى إلى الحياة عندما تعانقنى"
ثم هتفت وكأنها تذكرت شيئاً هاماً:"هديتك!"
التمعت عيناها الذهبيتان و قال بصوت عميق :"لقد حصلت عليها للتو"
ضحكت لورين ز مدت يدها تحت الوسادة لتخرج علبة مجوهرات صغيرة ثم تقول :"إنها هدية الزفاف"
نظر غاى إليها و قد بدت الدهشة على وجهه ثم فتح العلبة بأصابعه النحيلة و إذا به يرى خاتماً صنعاً خصيصاً له و قد نقشت عليه صورة نمر داسيا , نمر ذو عينين من الزمرد تلمعان بقوة . راقبته لورين وهو يضع الخاتم فى إصبعه بعد أن شعرت للحظة قصيرة بعدم الثقة و قالت "أعلم أن الخاتم القديم غالٍ على قلبك....."
ــ أصبح أغلى بكثير لأنك حملته بإصبعك , و الان أصبح هذا الخاتم عندى الأغلى لأنه هدية منك.
و راح يضحك ضحكة عميقة مليئة بالرضى و السرور و قال بصوت أجش:"لورين , أحبك من كل قلبى و جوارحى و سأحبك كل يوم أكثر فأكثر و حتى آخر يوم من حياتى"
شعرت لورين بالسعادة تغمرها و فكرت أنها من الآن فصاعداً ستنام قريرة العين بين ذراعيه . و لا يهم ما الذى سيحدث , لأنهما سيكونان فى أمان معاً هى و أميرها الحبيب.


زهرة منسية 17-05-13 05:44 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
تمت بحمد الله
قراءة ممتعة للجميع
&
أتمنى أنها تنال أعجبكم

Rehana 17-05-13 09:14 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
تسلمى الايادي .. زهوري على تكملة السلسلة
ماننحرم منك ومن سحر اناملك الجميلة
ولا من تواجدك العطر في ربوع ليلاس
مووووووووووووواه حبيبتي

http://joliscoeurs.j.o.pic.centerblog.net/dd29da2d.gif

yasmin kamal 20-05-13 12:26 AM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
لا كده كتير زهرة قصصك روعه مووووووووووووت كالعاده انا ورايا بكرة امتحان و مع ذذلك قاعده اقرا ليكى فعلا زهرة انتى متميزة فى اختيار قصصك القصة فظيعه اساسا لما كان بيقولها هل تبكين حبيبتى ؟ كنت انا اللى ببكى و الله (ههههههههههههههه طفله انا عارفه) بس فعلا شكرااااااااااااااااااااااا ليكى موووووووووووووووووووووووووووووووووووووووت طول عمرك متميزه

سماري كول 26-10-13 10:29 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
Thxxx for the story my deer

غمامة تائهة 02-12-13 07:52 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
سلسلة رائعة شكرا على مجهودك
تحية لك.

زهرة منسية 28-03-14 05:36 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
[CENTER][SIZE="5"]
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة abo_aly (المشاركة 3430990)
« 218 - دموع و دماء - سلسلة روبين دونالد (الجزء الأول) | 350 - سأبقى وحدي - سلسلة لوسي غوردون (الجزء الثالث و الأخير) »



أخى أهلاً بيك عضو جديد و شرفت صفحات روايتى بزيارتك

أنا مش فهمة أستفسارك عن أيه بالضبط

سلسلة روبين دونالد 3 روايات

الأول (218) دموع و دماء

الثانى (293) دمعة تضئ القلب

الثالث و الأخير (253) حررها الحب

أما بالنسبة لسلسة لوسى غوردن ثلاث روايات

الأول (306) يوم سقط القناع قامت بكتابتها العزيزة Rehana

الثانى (316) رجل الثلج

الثاثل و الأخير (350) سأبقى وحدى


الجزء الثانى و الثاثلث للكاتبة القديرة الغائبة عنا جمرة لم تحترق



دلال ددو 17-10-14 12:35 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
شكرا جزيلا على مجهوداتك و على القصة الرائعة!!!!تسلم ايدك حبيبتي!!!!

زهرة منسية 19-10-14 05:04 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
يسلم عمرك دلال

الرواية رائعو بتواجدك على صفحاتها

مبروك علينا أنضمامك لأسرة ليلاس

أسعدنى أن أول مشاركاتك على صفحات موضوعى

لست ملاكا 23-11-14 05:36 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
رااااااااااااااااااااااااااائع

احمد دومين 19-09-15 09:19 AM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
شكرااااا وبالتوفيق

جراح الليل 20-12-15 02:19 AM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
مشكوره علي الروايه

فرحــــــــــة 28-07-16 10:15 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
غاليتى
زهرة منسية
اكتملت السلسلة الرائعة
والتى تحوى الكثير من الاحاسيس
والكثير من العشق والسعادة
دمتى زهرة للمنتدى
تبعثين فيه روح الجمال والتفاؤل
لك منى كل الشكر والتقدير
دمتى بكل الخير
فيض ودى

الورد روح الياسمين 13-02-18 03:07 AM

يسلموووو ع الرواية الجميلة سلمت ايديكي عزيزتي

زهرة الفلامنجو 13-02-18 08:31 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
ممتعة وجميلة تسلمي عليها كثيرا

paatee 02-02-20 12:38 PM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
يعطيكم العافيه تسلم الانامل :55:

الاختلاف 23-07-20 12:22 AM

رد: 352- حررها الحب - سلسلة روبين دونالد (الجزء الثالث و الأخير)
 
:55::55::55::55::55:


الساعة الآن 02:39 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية