منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   [قصة مكتملة] حالة جنون ، للكاتبة : سلمى (https://www.liilas.com/vb3/t184704.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 07-02-13 07:53 AM

رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
 
وقفت أراقب علياء و هي تستلقي على سريرها ثم تنظر لي بحدة :" قلتُ لك سأبيت هنا انصرف رجاءاً "
تأملتها مُطولاً ثم همست :" لا بأس ! و لكن "
استوت على السرير قائلة بنفور :" ماذا لديك بعد ؟؟"
اقتربت منها و وضعت حقيبتها بجانبها قائلاً :" جلبت لك حقيبتك إذ كنت تريدين شيئاً اتصلي بي .. "
و انحنيت لأنتشل العكاز من الأرض و أسنده على الحائط قائلاً :" و ها هو العكاز إذ كنت تحتاجينه "
نظرت لي بنظرات مُلتهبة :" لست أحتاجك و لا أحتاج العكاز و لا أحتاج شيئاً ! فقط ابتعد ! عُد إلى الشقة "
نظرت لها لُبرهة ثم قلت مُبتسماً :" سأبقى وحدي الليلة ! ألست أثير شفقتك؟ "
نظرت لي بضجر و رمت بجسدها على السرير .. فانحنيت و قبلت جبينها و انسحبت بهدوء .. وعَلمت أن علياء ليست قاسية لهذه الدرجة و لكنها الغيرة ! أنا أعذرها حقاً !
و لن أخذلها مُجدداً و سأثبت لها أن حُب حَسناء انتزعته نزعاً من قلبي ! يا ليتها تعلم علياء أنها الوحيدة التي تتسيد هذا القلب ..
--
وَصلت لشقتي و دخلت الغُرفة و انشغلت بتبديل ملابسي ..و انتشلت الحاسوب المحمول و خرجت به إلى الصالة .. جلست في الصالة على الأريكة و تناولت هاتفي .. نظرت للساعة ! كانت العاشرة .. هل أتصل بياسمين ؟؟ هل سترد يا تُرى ؟؟ هل سيكشفني فؤاد ؟؟
جاءني صوت بلغة ركيكة :" سَيد مُحمد ؟؟"
استدرت لها ... كانت الخادمة ! على وجهها ملامح استغراب و هي تقول :" أين مَدام علياء؟"
نظرت لما أرتديه و شعرت بالحَرج ! كيف نسيت وجود الخادمة للمرة الثانية .. رفعت رأسي قائلاً :" علياء في منزل والدتها .. يمكنك النوم "
اقتربت مني قائلة :" هل أصنع لك العشاء ؟"
" لا لا أبداً ! يمكنك النوم "
قالت بحرج :" سيدي أتمنى أن تشتري لي بطاقة كي أتمكن من الاتصال بأهلي "
هززت رأسي :" بالتأكيد .. في الغد إن شاء الله "
انصرفت فتنهدت بارتياح و تناولت الهاتف و أنا أُفكر ! هل أتصل ؟؟ و ماذا سأقول ؟؟ و هل ستخبرني بشيء !
عضضت على شفتاي و ضغطت الزر الأخضر ..
وضعت الهاتف على أذني و أنا أضرب بيدي على رُكبتي بتوتر .. و مع فترة طويلة من عدم ردها أيقنت أنها لن ترد لذلك أبعدت الهاتف بيأس قبل أن أسمع صوت ..
" آلو ! "
أسرعت بالرد :" آلو ! .. ! أ .. أ "
توترت كثيراً مع صمتٍ من الطَرف الآخر .. و تخيلت أن فؤاد يجلس معها فيكشف لُعبتي !













أعدت قول :" آلو .. مَرحباً ؟ ! "
بخفوت :" أهلاً .. مَن معي؟؟"
" آنسة ياسمين؟؟"
بتوتر :" نعم؟؟"
و باصرار :" من معي ؟؟ من؟؟"
تشجعت لقول :" أنا طبيب مخ و أعصاب ! لدي فضول حِيال ! حِيال "
و لم أكن أعرف من أين أبدأ و كانت هي تفضل الصمت ..
كان صوتها طفولياً سلساً شجعني لأكمل :" أحببت محادثتك عن أختك المتوفاة وِداد !"

صمت طَويل فقلت :" أفضل أن تكوني وحيدة لأتحدث معك من دون اثارة شكوك لأي شخص "
هنا قالت بحدة :" ماذا تُريد؟؟ "
همست :" أختك وِداد؟؟ و أخاك فؤاد ! بالتأكيد هُما سبب معاناتك الآن ! "
و قلت برجاء :" حدثيني عن كُل شيء "
قالت :" بصفتك من و كيف أطمئن لشخص مثلك ؟"
قلت :" بصفتي دكتور مُحمد ، شخص يسعى لمساعدتك ! "
و أخذت نفساً قبل أن أقول :" عَرفت مسبقاً أن فؤاد يريد بأي طريقة اجراء تجربة لاستعادة وداد "
همست بضيق :" هي تجاربه الجنونية و التي ستوصلنا إلى الهاوية كما حدث لدى وداد "
و قالت :" اسمع ! سأنتقل للجلوس في غرفتي كي أخبرك شيئاً ! علك تفلح في ايقاف فؤاد "
و قالت بحزن:" حقاً ! آمل أن أخرج من هذا الكابوس "
انتظرتها و أنا أشعر بالحماس يدب فيّ مجدداً .. بعد أن فقدت قيمتي و ثقتي بنفسي أمام حسناء و أمثالها !! ها أنا أشعر أني أستطيع فعل شيء ما لهذه الشابة!
لحظات و عاد صوتها قائلاً :" أنت معي؟؟ "
" نعم"
" أولاً ! اقسم أن نيتك مساعدتي و عدم التلاعب بي أو .."
قاطعتها لطمأنتها :" أقسم أني منذ زمن طويل أبحث في أمرك و أمر أختك كي أساعدكما ! ليس لدي هدف سوى المساعدة "
قالت بنبرة ألطف :" أشكرك قبل كُل شيء .. كنت بحاجة لمن يسمعني ! فاسمع قصتي منذ البِداية!
أصيبت أمي بمرض غريب نادر يجعلها تلتبس شخوصاً أخرى أو أرواحاً أخرى ! كان الجميع يقول أن جِنية ما لبستها و سيطرت عليها ! لأنها كانت تتحدث حسب شخصيات أخرى! و تنكر أنها تعرفنا ..و تنادي شخوصاً أخرى ..
عرضها أبي على المستشفيات النفسية و كان شديد القلق عليها لأنها كانت صغيرة إذ لم تتجاوز الثلاثين بعد ..و كُنا صِغاراً آنذاك..
لم يجد والدي أي علاج من الأطباء و بعضهم ممن كانوا يبتغون الأموال كانوا يماطلون في علاجها و لم تحدث أي نتيجة .."
قلت متحمساً :" كم كان عمركِ و عمر وداد في ذلك الحين؟؟"
قالت :" كُنت صغيرة جداً لم أدخل المدرسة بعد و كان فؤاد في الصف الرابع الابتدائي و كانت وِداد في الثانوية .. طبعاً هذه القصة لا أذكرها كانت وداد رحمها الله هي من ترويها لي "
و اختلج صوتها بنبرة حُزن لذكر وداد فقلت أنا لأطرد هذا :" أكملي ! أنا معك ! "
" آه نعم كانت أمي غير قادرة على الاعتناء بنا كما في السابق و لذا وداد هي من كانت بمثابة أمنا رغم صِغر سنها آنذاك ! حَتى توفي أبي إثر مرض الخبيث و صار على وداد العمل لجلب لقمة العيش و لذلك عملت في مشغل خياطة و كان مدخولها ضئيلاً ..
لكنها كانت تعتني بي و بفؤاد كثيراً و خصوصاً فؤاد كانت تدعمه و تشجعه ! و لكن مَرض نفسي لازمها مع بلوغها الخامسة و العشرين جعلها كثيرة الانزواء و التفكير بأمي .. و الخوف منها فمنعتنا من زيارتها لأسباب مجهولة .. و كنا أنا و فؤاد أيضاً نخشى أمي لتصرفاتها المخيفة و لذلك تركناها جميعاً و لم نعرف عنها شيئاً حتى ماتت بعد ثلاث سنوات في المصحة النفسية..

لكن بداية القصة بدأت مع بداية دراسة فؤاد في الجامعة حيث اختار أن يكون طبيباً و كان مهووساً بأشياء غريبة تتعلق بالمخ و مكنوناته ! و كان كثير السؤال عن حال أمي بالضبط عند وداد "
قلت :" ماكانت علاقته بوداد؟؟؟"
" ممتازة !! بل رائعة !! كان يحبها كثيراً !! كثيراً فوق ما تتصور .. لكنه انزوى أكثر في مرحلة الجامعة و قد كانت له أفكار يصعب علي شرحها لتعقدها ... و كُنت أنا مهمشة بالنسبة له و غير مهمة ! فقد كان يأتي لمحاورة وداد و الاطمئنان عليها لكونها تعاني من خوف من المستقبل و خوف علينا و خوف من الكثير و لذلك أصبح فؤاد طبيباً لدافع قوي لإرضاء وداد و إزالة مخاوفها ! "
همست :" إذاً ماذا جَرى؟؟"
قالت بتنهيدة :" الذي جرى أن حُب فؤاد لوداد كبر و كبر و كبر ! مع رؤيته لها تذبل و تفقد حيويتها لذلك منعها من العمل كي لا تجهد نفسها .. لكنها رفضت .. و اتفقا أن تقوم هي بالعمل يومين في الأسبوع لألا تجهد نفسها ..كان يحيطها بالرعاية و الاهتمام حتى بدأ يعالجها بنفسه في المنزل و يقوم بدس المخدر لها في الطعام ليتمكن من ايصال أجهزة معينة لمخها ..
حتى بدا لي الأمر مثيراً للشكوك و القلق ! ففؤاد زاد في هذه العلاجات المزعومة لها و بات منزلنا مشحوناً بالأجهزة للتجربة على وداد .. و اتضح أن فؤاد لم يتمكن من معالجة وداد ! كان يرى أن لديها جينات وراثية كأمي قابلة لمرض غريب نادر كالذي تعاني منه أمي ..
و لكن فؤاد لم يقدم الوقاية لوداد بل ساعد على اثارة هذا المَرض لفضوله و جنونه ليرى بنفسه عوارض هذا المرض بعيداً عن امكانية العلاج .. و كان يفرح برؤية وداد تهذي و كأنها شخص آخر ..كإنجاز عظيم بالنسبة له لرؤية ماضي أمي من جديد! لا أعرف ما هي أسبابه و لكنه كان في ذلك الوقت مخيفاً يفعل هذا لوداد مستغلاً قلة حيلتها و مرضها النفسي..
كان ذلك يرعبني و يجعلني أصرخ و أحاول منعه لكن جنونه أقوى من كل شيء و وداد كان أضعف من أن تعي ما حولها ! فالمرض الجديد سيطر عليها ..
و شعرت بها كأنها أمي .. و هي تعيش بيننا كشبح مخيف أتخفى كي لا ألاقيها و أفزع منها و أتهرب من مجالستها .. أما فؤاد كان كالمغيب مهووس بالتجربة و التجربة على وداد من خلال احداث اضطرابات في بيانات مخها عمداً كي يسجل نتائج ذلك ..
و لكن الصاعقة التي حدثت!! أن فؤاد تجرأ لجلب أطباء غريبين معه للمنزل ثم باشروا بجبر وداد على خلع خمارها .. و هي "
و صمتت لبرهة و هي تجهش بالبكاء ثم أكملت :" رأيتها تهرب منهم خائفة و فؤاد هو من سحبها عنوة و بقسوة و جردها من خمارها أمام الأطباء ثم حقنها بمخدر .. لم أكن أعرف ما ينوون فعله فقد زجر بي فؤاد لأغادر .. و بعد ذلك اكتشفت أنهم يجرون جراحة غريبة لوداد "
قلت مسرعاً :" دس أجسام معدنية تحفظ ذاكرتها و بيانات مخها كافة أليس كذلك "
قالت باستغراب :" نعم! ماذا يدريك أنت؟"
" أكملي"
" حدث ذلك .. و صارت وداد كالميتة ! و بعد فترة أدرك فؤاد خطئه و تندم على ذلك كثيراً .. و صار متأثراً لحالها ..و أحياناً أراه يبكي لحالها و يلوم نفسه و جنونه لأنه هو من أخذته شهوة العلم لاكتشاف شيء ما .. لاكتشاف مرض أمي .. لكنه من دون أن يشعر حطم مستقبل وداد التي لم تعد تذهب للعمل .. و بسبب ضغوطه النفسية صار يعاملها بقسوة و عنف و أنا أيضاً ..
راح فؤاد يسعى لانقاذ وداد بإعادة تنظيم بيانات مخها من جديد و لكنه فشل ! و لذلك قتلها ليتخلص من تأنيب الضمير .."
حبست أنفاسي مع آخر جُملة لها ..
قالت ذلك بحزن قبل أن تُكمل بحشرجة :" ظننت ذلك ! ظننت أنه قتلها لتأنيب ضميره و لكن فؤاد لديه مُخططات أخرى .. في ذلك اليوم ! رحت أصرخ و أبكي في المنزل بعد أن أخبرني هو أنها ماتت ! و هو قد خلصها من هذا الهم ..
وفاتها كانت طبيعية أمام الطبيب الشرعي ! و لا قطرة دم واحدة .. ما فعله فؤاد العبث في تنظيمات أوامر المخ التلقائية لدرجة فشله تماماً عن القيام بأي أمر و لذلك ماتت أمام الطبيب الشرعي بسبب مرض في المخ يبدو طبيعياً !
إلى ذلك الوقت كنت غارقة في الحزن و لم أكن أعرف أن فؤاد سيعود لي و ينظر لي بنظرات مريبة .. مردداً (( وداد ستعود!))
ظننته نادم على ما فعل و لكن اتضح أن له نوايا أخرى .. فقد صحبني للمختبر الخاص على أنها نزهة فقط ! و شرح لي عمله المعقد .. و في النهاية أخبرني أن وداد لن تعود إلا من خلالي أنا !! و علي التضحية لتعود هي !"
ألجمتني بما تقول فقلت :" مُستحيل ذلك .. كل القيم العلمية و الطبية تقول أن هذا مستحيل "
قالت :" لا أعلم عن الطب و العلم شيئاً ! لا أعلم إلا أني سألقى حتفي قريباً "
قُلت و قد شلتني الصدمة :" هذا لا يصدق! ! "
كُنت أفكر مصعوقاً !! كيف؟؟
بعد لحظات صدمة اعترتني بعد اكتشاف هذه الحقيقة !! صحت بانفعال :
أخبريني ما اسم الجهاز الذي يستخدمه و يجرب عليه ؟؟"
" آه لا أعلم ؟"
" هل الجهاز عندك في المنزل ؟؟"
" نعم في غُرفته و لديه أكثر في مختبره "
" حَسناً أين فؤاد؟؟"
" ممم .. في غرفته لمَ؟"
" سوف آتي لعندك غداً في وقت عمله "
باستنكار :" ماذا قُلت ؟؟ "
" أقصد "
صرخت :" إياك و الاقتراب من المنزل "
" اسمعيني ! سوف آتي لرؤية الجهاز و تعطيله .. و هذا ما سأفعله في الأجهزة الأخرى في المختبر"
" تعطيله؟ "
" نعم سوف أعطله بشكل يوحي بأن العطل من الجهاز نفسه و ليس بفعل فاعل ! سأفعل ذلك مؤقتاً ريثما نجد حلاً جذرياً "
بقلق :" ربّاه ! أخشى أن يكتشف فؤاد ذلك "
" لن يكتشف شيء ! سأكون عندك تمام الساعة الثامنة صباحاً ! "
" سأكون بانتظارك "
أقفلت الخط متنهداً ..
بعد تلك المكالمة المكثفة باستغاثات فتاة على حافة الهاوية .. أراني شُعلة من جنون ! أريد فِعل شيء! حتى لو كشفني فؤاد !! سأقف بوجهه سأمنعه !! سأقتله !! فقط لايقاف جنونه !!
لا تقولوا أن الأمر لا يخصني !
يخصني !! وِداد المتوفاة تخص كل قيمي العلمية و العملية ! ياسمين السجينة تخص كل قيمي الأخلاقية .. و فؤاد !! فؤاد خلاصة منافسة شرسة بيني و بينه ..
حسناً موعدنا في الغَد !!

♫ معزوفة حنين ♫ 07-02-13 07:53 AM

رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
 
الجزء السادس عشر

شَعرت أني قسوت عليه و أهنته !! فقد خرج من الغرفة كسير الخاطر .. و نام تلك الليلة وَحيداً ! .. فتحت باب الشقة حيث أوصلني السائق و دخلت لأتسمر على مَشهد لا يصدق !
رأيت الخادمة تنحني لايقاظ مُحمد النائم على الأريكة .. زجرتها بحدة :" لينا !! "
استدارت لي بروع و هَمست بتوتر :" أهلاً سيدتي "
هُنا استيقظ محمد و استوى جالساً على الأريكة و هو يحك شعره و ظل يراقبنا مستفهماً ففضلت ألا أثير أي شجار و قررت أن أأجل حسابي مع لينا فيما بعد .. اقتربت و جلست بجانب محمد و نظرت للينا بمعنى ( انصرفي )..
تأملتها و هي تنظر لي بِعناد ثم تنظر لزوجي قائلة :" سيدي! أريد الاتصال بأهلي "
قال محمد :" آه نعم ! سأحضرها بعد تناول الفطور "
أخيراً انصرفت .. فالتفت لي محمد بابتسامة و همس :" أهلاً علياء اشتقت لك ! أهكذا تفعلين بي؟؟ "
رمقته بتعالي و هَمست :" لتتعلم أن لك وَحدي يا ابن عفاف "
زفر و هَمس :" لك وحدك فقط .. صدّقيني "
نظرت له و قلت :" لماذا نُمت في الصّالة ؟ ؟ "
ابتسم :" لأن غُرفة النوم تذكرني بك ! لم أستطع النوم فيها و أنا أشعر ببعدك "
قطبت حاجباي و رمقته :" محمد ما بك اليوم تتحدث برومانسية؟؟ "
ضحك فقلت و أنا أنهض :" سأجهز لك طعام الفطور "
و مضيت و أنا أشعر بنظراته تلاحقني .. استدرت فابتسم :" هل أساعدك؟؟"
ابتسمت له :" لا ! لم أعد أحتاج "
رمقني بسعادة و همس :" أحبكِ "
نظرت له مطولاً ثم تشتت و أنا أتجه للمطبخ ! رُحت أجهز الفطور بفرحة بنفسي! أخيراً؟؟ أخيراً ؟؟ أخيرا أستطيع أن أكون زوجة رائعة تنفذ لزوجها ما يريد..
هُنا رأيت محمد و هو يمر من المطبخ و هو يرتدي كنزته الصوفية .. فبادرته الخادمة و هي تخاطبه بدلع و و غنج ! تباً لها ...
أراه يهز رأسه لها ثم يبتسم لها يمازحها :" هل اشتقتِ لوالدتكِ؟ حسناً سأنزل الآن لشراء البطاقة "
و مضى خارجاً و أنا أكز على أسناني غيظاً ! ما كُدت أسمع صوت انغلاق الباب حتى صرخت:" لينا!! تعالي! "
اقتربت مني و رفعت حاجبيها ! و بدا وجهها الأسمر يحمل ملامح تحدي و عناد فخاطبتها بحدة :" إياك و الحديث مع مُحمد ثانية و الاقتراب منه ! أنا فقط من تحادثينه !! "
ابتسمت هي بسُخرية و قالت بنبرة تهكمية:" أنتِ؟؟؟ "
و مضت ! ثُرت ... خَادمة تتعمد اثارة غضبي و تتعمد التقرب لزوجي أمامي ؟؟
هُنا دخل محمد فخرجت من المطبخ لأرى الخادمة تقف أمامه فقال مبتسماً :" اشتريتها يا لينا ! تعالي لنتصل "
تأملته و هو يجلس و هي تجلس جواره و خير منها أنها تركت مسافة بينها و بينه ..و بعد مُحاولات عدة للاتصال قال محمد و هو يرمي الهاتف على المنضدة :" لا أحد يجيب ! سنحاول في الغد "
قُهرت و أنا أرى وجهها يتلون بالحمرة و هي تنفجر بالبكاء و تظل تنعى أهلها بكلمات إثيوبية مجهولة ..و قُهرت أكثر و أنا أرى محمد يحاول تهدئتها بقوله :" لينا ما بك سنتصل في الغد ! أهلك بخير إن شاء الله ! "
و همس لها بابتسامة حنونة :" لا تبكي "
تأملته بعيون يتطاير منها الشرر خصوصاً عندما نهض فجأة صائحاً بذهول و هو ينظر للساعة :" تأخرت!!! "
اتجه مسرعاً لغرفتنا .. فلحقته بهدوء و أنا أراه يقف أمام المرآة يُسرح شعره .. ثم تناول نظارته الطبية باطارها الأزرق و ثبتها أمام عينه قبل أن يرتدي حذاؤه ثم يحمل حقيبته العملية ليتخطاني مسرعاً ..
ناديته :" مُحمد ! إلى أين؟"
نظر لي و ابتسم بارتباك ثم تقدم ناحيتي و قبل جبيني قبل أن يقول بعجالة :" لدي مهمة ضرورية جداً علياء!! صدقيني لن أطيل عليك ! "
و قال بتردد :" هل أبدو مُرتباً "
ابتسمت بسخرية و قلت :" بل تبدو رائعاً ! "
ابتسم و قرص خدي بسعادة :" أحبك ! وداعاً "
--





صعدت سيارتي و أنا أتناول هاتفي النّقال .. ها أنا مُقدم على مُهمة في غاية الخطورة و الأهمية ! اقتحام منزل فؤاد لاتلاف واحد من أهم أجهزته العظيمة ! نَعم أنها فكرة اجرامية لكنها ليست أكثر اجراماً من أفكار فؤاد !
اتصلت بصديقي عادل و خاطبته بعُجالة :
" أهلاً عادل ؟ "
بنعاس :" مَن؟"
قلت بعصبية :" أنا مُحمد ما بك ! "
قال بضجر :" يا ساتر !! ماذا تريد؟"
قلت :" لديك خمس دقائق لتتجهز .. انا آتٍ لك الآن "
" ماذا؟ و لكن ! للتو عُدت من نوبتي الليلية .. إلى أين ستأخذني؟ "
" لا يهم ! تجهز فقط "
صاح :" أجننت ؟ قلت لك للتو جئت من العمل أريد أخذ قسط راحة "
بصرامة خاطبته :" عادل! هو مشوار مهم و ضروري عليك التجهز في غضون دقائق "
و أقفلت الخط .. كنت مضطراً لاصطحاب عادل رغم كسله و تقاعسه .. إلا أنه أفضل شخص أعتمد عليك في تضبيط الأجهزة الطبية .. و أفضل شخص يحسن تركيبها و تفكيكها و معرفة محتوياتها .. و هذا ما أحتاجه لأن خبرتي في الأجهزة الطبية ضئيلة!
كنت أشعر باضطراب و حماس و حالة جنون تربك كل كياني .. أوقفت السيارة أمام منزل عادل و أنا أنظر للساعة ! أنها الثامنة إلا عشرين دقيقة .. ينبغي علينا الاسراع ...
ها هو عادل يخرج من منزله و هو يتثاءب .. يفتح باب السيارة الأمامي و ينظر لي بنظرة حقد .. ثم يجلس على المقعد و يقفل الباب بقوة .. خاطبته بسرعة :" عادل لدينا مُهمة في ........"
صرخ بي :" مُحمد أنت عديم الاحساس .. للتو جئت من نوبتي الليلة لم أنم سوى ساعة واحدة ! أي قلب تملك لتستغل حتى ساعات نومي القليلة .."
نظرت للساعة و عدت أنظر له بجدية :" عادل ! سنذهب لمنزل فؤاد؟"
لم يكن سهلاً علي أن أشرك عادل معي في هذه المغامرة !! حقيقةً ! صار علي التحذر من أقرب الأشخاص .. و لكن عادل صديق قديم من المستحيل أن يخذلني أو يغدر بي ..
فتح عادل عينيه بصدمة :" فؤاد؟؟ لماذا؟؟"
قلت :" سأخبرك في الطريق على ألا تخبر أحداً "

♫ معزوفة حنين ♫ 07-02-13 07:54 AM

رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
 
--
أوقفنا السيارة أمام منزل فؤاد فصاح عادل :" لماذا لم تخبرني أن في كل هذه القصة فتاة ؟؟"
رمقته باستفهام :" لمَ ؟"
صرخ بانفعال :" طوال الطريق تتحدث عن فؤاد و أخته المتوفاة و لتوك تخبرني أن هناك فتاة في المنزل "
قطبت حاجباي بعدم فهم فقال و هو ينظر لملابسه :" لماذا لم تخبرني لأتأنق قليلاً "
و نظر لي بحدة :" كنت مُستغرباً من أنك ترتدي ملابس جديدة لكني عرفت السبب الآن .."
حركت السيارة لأركنها خلف الشجيرات لألا أثير الشبهة ثم نظرت لعادل المتحمس الذي قال :" مُحمد أتعني أننا سنقتحم منزل فؤاد؟؟ "
نظرت له و قُلت :" تقريباً ! هناك مُهمة علينا انجازها في ظرف ساعة .. "
هبطت معه من السيارة و اتجهنا للمنزل ..تلفتت حولي و قرعت الجرس و رفعت عيناي للنوافذ العلوية .. ثواني و جاء صوتها :" مَن؟"
قلت بسرعة :" دكتور مُحمد "
فتح الباب ببطء و ظهرت فتاة صغيرة الحجم و السن تتشح بخمار أبيض يحدد وجهها الدائري .. نظرت لنا بارتباك فقلت مسرعاً و أنا أشير لعادل :" دكتور عادل طبيب خبير بالأجهزة الطبية سيفيدنا كثيراً "
فتحت الباب و قالت بهمس :" الجهاز في غرفة الجلوس تلك .. نقله فؤاد البارحة "
و مضت مسرعة لغرفة من الغرف و أقفلت الباب .. قال عادل :" تبدو خائفة! "
قلت و أنا أغلق الباب :" هيا لنبدأ العمل "
اتجهنا نحو تلك الغرفة و تأملت ذلك الجهاز الصغير تقريباً لكنه بدا معقداً غريباً ..بالنسبة لي و لكنه كان مألوفاً بالنسبة لعادل الذي نظر لي قائلاً :
" ماذا يمكنني أن أفعل محمد"
قلت :" فقط تُعطله بطريقة تجعل فؤاد لا يشك بالأمر "
شمر هو عن ذراعيه :" تقصد أن أعطل الأجهزة الداخلية؟ لا بأس هذا لا يستغرق سوى عشر دقائق "
ابتسمت :" لا يصيبنك الغرور "
تأملته و هو يبدأ بتفكيك الجهاز بحرفية واضحة و وثقت أنه سيتم هذه المهمة على خير ما يرام .. فاتجهت بدوري للخارج أبحث عن غُرفة فؤاد ..صُرت حائراً أمام الغرف الكثيرة و المقفلة .. و لذلك ناديت ياسمين :" آنسة ! .. يا آنسة "
خرجت من غرفتها بارتباك :" ماذا تريدون بعد؟"
قلت :" أين هي غُرفة فؤاد "
عقدت حاجبيها البُنيين :" لماذا؟"
قُلت :" ربما كانت يخفي فيها شيئاً .. في كل الأحوال لن أطلب رؤية غرفته إلا لمصلحتك "
نظرت بارتباك و همست :" أملك نسخة احتياطية لمفتاح غرفة فؤاد و لكن لن أعطيك إياها ! في غرفته نقوده و أشياءه المهمة لن أسمح لشخص غريب بأن يدخلها "
صاح عادل من داخل غرفة الجلوس :" آنسة! أعذر قلقك و لكننا جئنا فقط لأجلك "
هنا رن هاتفها الذي تحمله بيدها فألقت نظرة على الشاشة و سرعان ما تبدلت ملامحها لتتحول لصدمة .. بادرها عادل بربكة :" ماذا هناك ؟ "
رفعت وجهها بخوف :" فؤاد "
تفحصتها بقلق و هي تجيب :" أهلاً فؤاد! نعم ؟؟ أها ! سأفعل .. أنت بالخارج الآن ؟ لا بأس "
أغلقت الهاتف و صاحت بخوف :" فؤاد في الخارج رباه! رباه! ماذا أفعل "
ارتبكت و قلت :" تقصدين أنه سيدخل الآن ؟؟"
صاحت و هي تلوح بيدها برعب :" نعم لديه مستلزمات المنزل .. رباه "
تحركت مشتتاً ثم نظرت لعادل و زمجرت به و قد احمر وجهي من فرط رُعبي :" عادل أترك كل شيء "
صرخ و هو يشير للخردة أمامه :" و الجهاز ؟؟؟ "
ركضت ياسمين ناحيتنا تحثنا على الخروج من غرفة الجلوس و قالت و هي تنتفض خوفا:" اختبئا في غرفتي و سأغلق هذه الغرفة "
في لحظة هرعنا لداخل غرفتها و نظرت أنا للباب !! لم أجد مفتاحاً و لذلك قلت لعادل :" فلنختبئ تحت السرير "
شعرت بدمي يتجمد بعروقي و شعرت بصدري يحترق من فرط هول اللحظة .. فؤاد!! آتٍ !!
تحت السرير قال عادل و شفتيه ترتجفان :" أكرهك محمد !! أي جنون قمنا به لندخل منزله !! أتعرف لو كشفنا أية تهمة ستوجه لنا؟؟ "
نظرت له فهمس :" تخيل ! رجلان يختبئان في غرفة نوم أخته !! أنك مجنون و أنا غبي لأطيعك في جنونك "
نظرت له و عرقي يتصبب و عدت أنظر للباب :" اصمت! "
همس :" الجهاز !! الجهاز أيها الأبله مفكك قطعة قطعة !! ماذا سيحدث لو أمر أخته بفتح باب غرفة الجلوس "
كان كل حديث عادل يهيج قلقي و خوفي و رعبي ! وثقت أن كل خطواتي الجنونية لدخول منزل فؤاد هي خطوات خاطئة همجية تقودني لحفرة عميقة..
لحظات و تهادى لمسمعنا صوت فؤاد الهادئ :" ياسمين! خذي هذا "
و بنرة شديدة الخضوع :" حاضر "
كُنت أفكر هل سيمكث فؤاد طويلاً هنا!! هذا يعني أننا سنكشف لا مَحالة !! فكرت في أن أتصل به من هاتفي و أخبره بأن حالات كثيرة تستدعي وجوده في المشفى ! لكني تراجعت!! هذا الاتصال سيثير حولي الشبهة أكثر!
هُنا فتح الباب فشهق عادل رُعباً ..
و لكني رأيت أقدام انثوية تنتعل حذاء أصفر من الصوف الناعم .. خطت بأقدامها بحذر و أغلقت الباب ثم همست بحيرة :" أين أنتما ؟؟ "
همسنا في وقت واحد :" تحت السرير "
كان وضعنا مُضحكاً إلا أن الخوف و الرعب كان هو السلطان في تلك اللحظات المصيرية ..
انحنت و ألقت علينا نظرة ثم قالت بارتباك :" جيد "
ثم قالت بهمس :" سأحاول صرفه بأي شكل من الأشكال ! على ألا تصدرا أي صوت "
غادرت فهمس عادل :" أقسم لو كشفني فؤاد لسوف ..."
قبضت على ملابسه و قلت بحدة :" أصمت !! لن يكشفنا إذ أغلقت فمك "
همس عادل بغيظ :" إلى متى سنختبئ كالفئران؟؟ هاه؟؟ "
ثم نظر لي بشراسة و قبض على رقبتي هامساً :" تباً لك و لأفكارك أيها البدين الخرف "
هُنا سمعنا صوت انغلاق الباب الخارجي للمنزل .. و فُتح باب الغرفة بقوة لتظهر ياسمين مجدداً و هي تنحني قائلة بتنهيدة :
" خرج"
زفرنا بارتياح و خرجنا بصعوبة من تحت السرير .. نهض عادل و هو يرتب هندامه ثم نظر لي :" سأكمل عملي الآن " و مضى خارجاً ..
نظرت لي ياسمين و قالت :" أخبرني أنه لن يتأخر ! "
هززت رأسي و خرجت لأدخل غرفة الجلوس .. خاطبت عادل :" عادل تحتاج مساعدة؟"
رفع رأسه لي و قال :" نعم تعال "
جلست أمامه و أنا أشمر عن ذراعي ثم مددت يدي داخل الجهاز فقال عادل بسرعة :" محمد احذر .. "
رفعت رأسي له مستفهماً فقال :" اخلع ساعتك .. الجهاز مزود بإشعاعات و شحنات كهربائية سوف تتفاعل مع كل جسم معدني "
خلعت ساعتي و أنا أخاطبه :" علينا الإسراع عادل! لازال لدينا مشوار آخر لمختبر فؤاد"


























--

فتحت عيناي بصدمة و كتمت شهقتني .. قبل أن يأتيني صوت شروق :" علياء ! ماذا جرى معك ، بشريني "
نظرت لجهاز فحص الحمل و الخط الأحمر الذي يشير لوجود حمل ! رفعت رأسي بسعادة .. و شروق تهتف :" علياء ! أخرجي من الحمام هيا "
حمدت ربي بعمق قبل أن أخرج من الحمام لأرى ملامح الاستفهام على وجه شروق ! عانقتها بقوة فضحكت هي :
" إذاً حامل؟ "
تراجعت و أنا أقول :" لستُ مصدقة ! الحمد لله .. الحمد لله ! "
شدت يدي و همست :" هيا تعالي و اجلسي .. اعتني بابن أخي يا علياء ! "
جلست و ضحكت بخفة ! لم أستطع التعبير عن هذا الشعور الرائع .. سوى أن أتمتم بكلمات الشُكر ..
رفعت رأسي و قلت :" شروق ! أنا حقاً سعيدة .. "
و رحت أبحث عن الهاتف لأتصل بمحمد فقالت شروق بحدة :" كلا لا تخبريه هكذا "
رفعت حاجباي :" إذاً كيف؟"
ضحكت شروق و غمزت :" تزيني .. رتبي الشقة ! اصنعي غداءاً فاخراً .. و فور عودته أخبريه بهذا "
ابتسمت و قلت :" لا لن أنتظر دقيقة ! سأتقاسم معه فرحتي .. لا أستطيع الاحتفاظ بالخبر أكثر "
رمقتني شروق بضجر :" ياه! يا علياء .. محمد يحب المفاجآت لا تفسدي المفاجأة باتصال سريع "
قلت بعناد :" بل سأخبره الآن "
حركت ابهامي على حبات الهاتف النقال لأختار رقم محمد المسمى بـ (معشوقي ) ..و وضعت الهاتف على أذني أرتقب ..
ثواني و جاءني صوته :" نعم ! "
قلت بحماس :" محمد ! محمد لدي خبر "
قال :" عزيزتي أنا مشغول كثيراً "
و سمعته يخاطب شخصاً ما :" عادل .. الجهاز الكبير لم ننته منه بعد "
و عاد يخاطبني :" علياء سأعود عما قريب "
قلت باصرار :" محمد أقول أن لدي خبر يساوي كنوز الدنيا "
همس :" علياء سأعود عما قريب يمكنك تأجيل كل شيء أنا مشغول حقاً "
قلت بغضب :" محمد! "
دُهشت به عندما أقفل الخط !!
شعرت بأنه وأد فرحتي بالحمل ! كيف يتجاهلني هكذا و أي عمل يشغله عني و وقت العمل انتهى؟؟؟ لماذا يشغل نفسه بالعمل حتى بات يهملني؟؟
عندما رأت شروق دموعي صاحت :" علياء ما بك ؟؟ "
قلت بغضب :" يتشاغل أخيك بأشياء تافهة و يتجاهلني ! "
و نهضت حانقة على كل شيء .. على كل شيء .. بينما وقفت شروق و أمسكتني قائلة :" علياء! لا تتصرفي كطفلة مجدداً ! قد يكون مشغول حقاً !"
و ابتسمت :" رُبما كان يجب أن تأخذي بنصيحتي حينما قلت لك أن تتزيني و تصنعي غداءاً لذيذاً ! "
نظرت لها بضجر فمدت هي يدها لتفك شعري قائلة :" هيا ! سأسرح لك شعرك "
و غمزت لي :" أبهريه هذه المرة! "

♫ معزوفة حنين ♫ 07-02-13 07:54 AM

رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
 
--
أسرعت مع عادل للسيارة و صعدناها و نحن نلهث .. صاح بي :" حرك السيارة بسرعة قبل أن يرانا أحد "
قلت :" لا تقلق المكان هنا معزول "
و انطلقنا في الطرقات .. شعرت براحة كبيرة تعتريني ! كل أجهزة فؤاد مُعطلة .. حتى لو قام عادل بتعطيلها بشكل احترافي فإن فؤاد سيشعر أن الأمر ليس مجرد عُطل عادي .. سيشعر أن هناك من فعل ذلك !
لا بأس دعك يا فؤاد تحوم بأفكارك بعيداً عن ياسمين ... دعك تشعر بالخطر قليلاً لعل ذلك يوقف جنونك!
أوصلت عادل لمنزله و عدت لشقتي و كنت حينها أشعر بالإعياء و التعب ! فتحت الباب لتنطلق روائح شهية ! تقدمت قليلاً لأطل على المطبخ و تسمرت مُطولاً أمام أطباق متنوعة للغداء!
اتجهت لغرفة النوم أبحث عن علياء .. فتحت الباب هامساً :" علياء؟ "
أغلقت هي الخزانة و استدارت لي مبتسمة .. ذهلت! مع الفستان السماوي الطويل و شعرها المنسدل على كتفيها .. ابتسمت و اقتربت مني .. تركت حقيبتي العملية و أمسكت بيدها هامساً :" أهلاً غاليتي .. تحولتِ لحورية في ظرف ساعات؟؟"
اتسعت ابتسامتها و هي تتعلق برقبتي بدلال :" صنعت لك الغداء و عطرت لك الغرفة لتأخذ قيلولتك بعد ذلك "
رفعت حاجباي بدهشة :" كل هذا !! لماذا أرهقتِ نفسك؟؟ "
ابتسمت هي و همست :" إذاً ماذا ستقول إذ أخبرتك بالخبر الجديد "
قطبت حاجباي :" أي خبر "
قالت بعناد :" لن أخبرك إياه قبل أن تتناول معي الغَداء"

















--
تأملته و قد شمر عن ذراعيه و بدأ يأكل بشهية مفتوحة :" ياه! أقسمي يا علياء أنك من طهى كل هذا و لسوف أدور بك الدنيا و ما فيها "
نظرت له بخجل و قلت :" لا شروق ساعدتني و لكن معضم الأطباق من صنعي "
نظر لي بدهشة :" و كيف تعلمتِ ؟"
ابتسمت و أنا أحرك الملعقة في الشوربة :" من الانترنت! "
ابتسم و هو يحرك حاجبيه :" أحبك كثيراً "
قلت :" أها ! يقولون أن طريق الوصول لقلب الرجل معدته ! "
ضحك :" أنتِ مدمنة انترنت على ما يبدو ؟"
و قال مستدركاً :" ما هو الخبر الذي تخبئينه عني ؟"
ابتسمت و كنت في قمة فرحي حينما قلت :" أنا حَامل "
رمقني بصدمة و اختفت ابتسامته بشكل مريب جعل من ابتسامتي تبهت و أنا أتفحص ملامحه ..
ترك الملعقة و خفض نظراته بضيق هامساً :" حَامل؟؟"

♫ معزوفة حنين ♫ 07-02-13 07:54 AM

رد: حالة جنون ، للكاتبة : سلمى
 
الجزء السابع عشر

ما قبل الأخير




نظرت لها بصدمــة ! و هَمست :" حَــــامل؟؟ "
رأيتها تنظر لي باستغراب ! نظرت لها مُطولاً و رُحت أفكر !! توقيت الحمل خاطئ جداً ! علياء لا تزال تحت المراقبة الطبية لتماسك الساق مع جسدها فكيف يأتي الحمل هكذا يفسد كل شيء ..
وسط تلك الأفكار واجهتني أنظار حزينة من علياء لي هامسة :" محمد ألست فرحاً؟"
رَمقتها مُطولاً ثم قلت :" لم نحسب حساباً لهذا "
عقدت حاجبيها و قالت باستنكار :" ماذا يعني هذا محمد؟؟ ألستَ تريد وَلداً؟؟"
قلت بانفعال :" علياء كنت أعتمد عليك لكي تمنعني هذا الحمل بتناول الأعشاب التي جلبتها لكي مُسبقاً "
فتحت عينيها بصدمة ثم قالت :" أنت أخبرتني أنها عشبة تقوي ساقي ! هل كانت العشبة لتمنع الحمل؟؟؟ لماذا كذبت؟؟ أنت لا تريد ابناً مني؟؟"
قلت متنهداً :" علياء !! أنت لم تكملي علاجك علياء !! لا تزال ساقك .........."
قاطعتني و عينيها تفيض بالدموع :" محمد!! ألا ترى؟؟ حياتي معك مجرد مطبات !! أولها نفورك مني و من تشوهي و ثانيها حسناء التي تحبها و ثالثها رفضك لحملي "
زمجرت بها منتفضاً :" علياء! لماذا لا تفهمين ؟؟ الحمل سيفسد علاجك كله !! جلسات الأطراف الصناعية و الساق الصناعية و مشيك الآن كلها أشياء ستخسرينها مع استمرار حملك .."
نهضت هي بسرعة فنهضت أنا و أمسكتها بحدة و قلت :" علياء !! سوف تذهبين معي للمشفى الآن "
صرخت :" لا ! أنت تريدهم أن يجهضوني ! أنت تريد موت ابني ! "
رمقتها بغضب و قلت :" إما أن نذهب للمشفى سوية أو تذهبين لمنزل والدتك إلى حين ولادتك ! لستُ مسئولاً عن مخبولة مثلك "
لملمت مفاتيح السيارة و محفظتي و هممت بالخروج من الشقة إلا أن صرختها استوقفتني :" أنت تكرهني ! لسوف أفعل ما تشاء و لسوف أطلقك حراً لتعود لمحبوبتك حسناء !! لسوف أقتل هذا الطفل الذي في جسدي !! أهذا يرضيك ؟؟ تباً لك! و تباً لقلبي الذي عشقك "
جمدتني كلماتها و كنت سأستدير لها إلا أنني فضلت الخروج ريثما تهدأ براكينها !






--



دخلت المشفى متجهاً للمصعد .. وقفت أضغط الزر متنهداً ثم نظرت لساعتي :" ما هذا ؟؟ هل هو مُعطل ؟؟ "
جاءني صوت ساخر :" نعم يا دكتور "
أدرت رأسي له و كان حُسام ! لم أعرف أنه نقل ليصبح موظف استقبال .. و أي استقبالٌ هذا الذي يستقبلني به ! نظرة ساخرة و وجه مزعج .. خاطبني باستهزاء :" يا دكتور ينبغي أن تصعد على الدرج ! "
و ابتسم :" على هذا ستنقص عشرة كيلو جرامات ! "
رمقته مُقطباً حاجباي ! حين صاح :" يسرى ! حسناء! اجلبا الميزان لنعرف وزن الدكتور محمد "
استدرت بُسرعة ! لأرى حسناء تقف على باب غرفة من الغرف و هي تنظر لي بنظرة مجهولة قبل أن تقول الموظفة يسرى بمرح :" دكتور محمد؟؟ هل أجلب الميزان ؟؟ أم تفصح بنفسك على وزنك ؟؟"
أنظاري كانت معلقة بحسناء سرعان ما بددتها لأتوجه للسلم .. فصاح حُسام :" ياه يا دكتور ستهرب ! لا ألومك .. "
في هذه اللحظة اعترتني رغبة بلكم وجهه المزعج ! و فكرت ! منذ أن دخلت و هو يتربصني و يهزأ مني ! لا بل و يسأل عن أكثر شيء يثير حرجي ! وزني ! أمام حسناء ! لكن إذ كان هو نسى من الذي توسط لتوظيفه هُنا فسأذكره أنا بذلك ..
نظرت لحسناء ثم نظرت له و اقتربت قليلاً :" حُسام ؟ ركز في عملك لألا أتلقى اللوم على ترشيحي لتوظيفك ! اتسم بالجدية خصوصاً في العمل و لا تنسى الرُتب الوظيفية .. أنت موظف استقبال و سعاد ممرضة و هناء مساعدة طبيب و ماجد طبيب و أنا طبيب مختص .. "
و نظرت له بحدة :" أرأيت الفارق المهني بيننا ! عليك التعامل مع كل شخص هنا حسب مستواه المهني و الوظيفي "
و حوّلت أنظاري لحسناء التي تشيح بوجهها ثم مضيت صاعداً السُلم .. و حُسام يناديني بارتباك :" دكتور كنت أمزح معك صدقني "
صعدت على الدرجات و أنا أفكر في حسناء !! يبدو أنها اختارت أن تكون على الطرف ! لألا تصطدم بي ! ذلك يريحني من بعد لقائنا الأخير ..
أخيراً وصلت للطابق الخامس خائر القوى ألهث بشدة .. وقفت أمام مكتب الاستعلامات و وضعت حقيبتي العملية على الطاولة بارهاق .. و رحت أطلب من الموظفة نسخة أخرى لمفتاح مكتبي لأني أضعته ..
و ظللت أنتظرها حتى شعرت بيد تربت على كتفي .. رفعت رأسي ! كان فؤاد .. تلعثمت مع ابتسامته و رحبت به ..و فكرت هل شك بي بأني من أتلفت أجهزته ! تأملت عينيه الثعلبيتان و نفضت هذه الفكرة ! و لماذا أنا دون غيري ! لماذا لا يفكر بأي طبيب هنا ..
رمقني مُطولاً ثم قال :" محمد هل هذه تخصك ؟؟ "
رأيته يدخل يده في جيبه ثم يخرجها .. تتوسع حدقتا عيناي بذهول!!
تخرسني الصدمة!!
تميتني اللحظة الرهيبة !
و أنا أرى في يد فؤاد!! ساعتي ؟
ها أنا أستعيد الموقف مجدداً !! أستعيده!! يوم يطلب مني عادل أن أخلع الساعة فأتركها على المنضدة في غرفة الجلوس في منزل فؤاد!!
كنت مصعوقاً لم أعرف أية كذبة أكذب و كل شيء انكشف!!
رفعت أنظاري لفؤاد ! كان يرمقني بنظرات مجهولة مخيفة أرى فيها شيئاً مُرعباً !
ابتسم ابتسامة صفراء و هو ينظر للساعة و قال بنبرة مريبة :" عرفت أنها لك منذ أن رأيتها ! ساعتك مميزة جداً لازلت أتذكر كيف سألتك سعاد عن المحل التي اشتريتها منه لكي تشتريها هي لخطيبها "
كان يتكلم و أنا كالمغيب أشعر أن نيزك قادم من أبعد سماء قادم ليسقط على رأسي و يحولني لأشلاء ! تمنيت أن أنسف ! أن أحرق و ألا أرى فؤاد يكشف أوراقي بمهارة ..
رفع حاجبيه لي و همس :" لكن الغريب المكان الذي وجدت فيه الساعة! أتعرف أين وجدتها"

الصمت أطبق على فمي و بأصابع مُرتجفة مسحت جبيني ..و قلت لأتدارك المصيبة :" لا أظن أنها ساعتي ! أ ... مـ ... "
ابتسم ، ثم ضحك بشراسة و قال :" بلى ! "
و وضعها في جيب ردائي الأبيض قبل أن يهمس :" مُحمد !! اعرف مع من تلعب ! "
و مضى ...... !
تاركاً إياي مُسمراً من هول الصدمة!!
و ذهب فِكري لما فعله فؤاد بأخته يوم عرف الحقيقة!! ياه! لقد جنيت على تلك المسكينة! و جنيت على نفسي ! أرى في عيني فؤاد عالماً رهيباً ! نافذة على مصير بائس ! لطبيب مثلي فضولي لحد الجنون !!
نسيت ساعتي من فرط عجلتي و حماسي و غفلتي ! فكانت دليلاً يكشفني أمام فؤاد!
ماذا أفعل؟
فؤاد الذي كشفني! و اكتشف أن محمد هو وراء كل شيء ! وراء اتلاف الأجهزة الثمينة !! و هو الذي اقتحم منزله !! اكتشف أخيراً أنني من أسعى وراءه بعد أيام من الشكوك ! فها قد تأكد من شكوكه !
ماذا بيده أن يفعل؟
و ماذا بيدي أن أفعل؟؟
شعرت برأسي يدور و مضت الساعات و أنا أعمل ببرود أفكر بالفاجعة التي حلت علي و كيف لي أن أتعامل معها؟؟ قطع كل أفكاري صوت هاتفي المحمول ! كان المتصل شروق؟
رفعت الهاتف و سألتها عما تريد فقالت بصرامة :" محمد ! علياء في منزلنا حزينة تعال أنظر ماذا فعلت "
عَرفت السبب فاستأذنت من مسئولي و اتجهت للمنزل !!
لم أكن في مزاج للوم و العتاب ! و لم أكن مهيئاً لأسترضيها أمامهن ! كُنت أفكر بأني سآخذها لشقتنا بدون إطالة للموضوع! و يا لسذاجتي كنت أحسب الأمر هيناً!
كان بالي مشغولاً بفؤاد و أخته و كنت أراود هاتفي النظرات مُفكراً بالاتصال بها لكني أعود للتراجع فما جاءها الآن يكفيها! و يجب أن أنسى أمرها تماماً !
وصلت للمنزل و ترجلت من سيارتي مُسرعاً و دخلت المنزل و أنا أتنهد .. تلفت حولي و زفرت حينما رأيت علياء تبكي في حضن والدتها .. و بجانبها أمي تحاول تهدئتها .. نظرت لشروق التي تنظر لي بلوم ثم قالت :" ها قد جاء محمد!"
رفعت علياء رأسها بسرعة و أجهشت بالبكاء...
ضيقت حدقتاي مستاءاً و اقتربت لأرمي حقيبتي على الأريكة ثم قلت بجدية :" لماذا لا تتصرفين بتعقل مرة واحدة في حياتك"
نظرت ناحيتي بارتباك فاقتربت منها دون الاكتراث بخالتي و أمي .. كنت مشتت الفكر مشدود الأعصاب و وجه فؤاد يمر بذاكرتي باصرار .. نظرت لعلياء و زمجرت :" لماذا ! لماذا لا تفهمين ؟؟ "
نهضت أمي و أمسكتني :" محمد ما بك بني لماذا تصرخ ! "
نظرت لها و كززت على أسناني بغيظ :" لماذا أصرخ؟؟ لأنها غير واعية لحالتها الصحية و تظن لوهلة أنها عولجت تماماً ! و تنسى أن الساق لم تتماسك بعد مع جسدها بل أنظري لها لا تستطيع المشي دون العكاز ! "
صاحت خالتي :" و لماذا لم تخبرها بنفسك لكي تتجنب الحمل من نفسها "
زمجرت و قد تصبب عرقي على جبيني :" و كيف لي أن أخبرها و هي كالطفلة عارضتني منذ اللحظة الأولى و ظننت لسذاجتي أن الدواء التي تشربه في الصباح هو نفس الدواء التي جلبته لها و أوصيتها بشربه لكي يمنع الحمل "
نظرت علياء لي بارتباك و همست :" أيعني أني مُخيرة بين الحمل و الساق الصناعية ؟؟ "
نظرت لها بشزر و قلت بشراسة :" لتوك تستوعبين !! "
فاضت عينيها بالدموع :" محمد أرجوك لا تكن هكذا ساعدني !! "
رمقتها مُطولاً ثم همست :" الحل الوحيد هو الإجهاض "
صاحت علياء :" لا !! "
نظرت لها بحدة و مضيت خارجاً إلا علياء استوقفتني و وجهها محمر مملوء بالدموع :" محمد ما بك ؟؟ لماذا تقسو عليّ هكذا؟؟ مُحمد !!! "
عيونهن واجهتني باللوم على قسوتي و شدتي إلا أن صوت الجرس قطع كل شيء .. اتجهت لفتح الباب بوجهي المتجهم ! و ما إن فتحت الباب !! تغيرت ملامحي للصدمة !!!!!!!!!
كانت زوجة أبي نهلة !!
بوجهها المُشرق كالعادة و هي تقف بقصر قامتها الذي رُبما ميزها .. ابتسمت لي :" آه محمد منذ زمن لم أراك "
ضحكت و سلمت عليها و أنا أفكر في معنى هذه الزيارة!! نهلة لم يسبق لها أن تأتي هنا إلا مرات قليلة تعرضت فيها للإهانة و التجريح !!
رحبت بها لتدخل للداخل:" حياكِ الله خالتي اشتقنا لك كثيراً ! "
لم يخفى علي أنها كانت مرتبكة قبل أن تقترب من الصالة لتواجه أمي و خالتي و شروق اللاتي نهضن بذهول .. و عيون علياء تراقبني بحيرة ..
كنت أدعو حقاً ألا تتعرض خالتي لموقف حرج يعيد أيام العداوة المقيتة بينها و بين أمي .. و لكني تذكرت أن خالتي نهلة ممتازة في ابتلاع الإهانات و تدوير دفة الحديث لصالحها .. و ممتازة أيضاً برسم ابتسامة عذبة تنم عن قلب أبيض ..
مدت يدها المزينة بالخواتم تسلم عليهن بابتسامة عريضة قبل أن تستقر أمام شروق و تقول بدهشة :" ياه كبرتِ يا شروق و أصبحت أجمل "
قالت أمي بنفور و هي تجلس على الأريكة :" حسناً نهلة ما الذي جلبك هنا "
ابتسمت نهلة قبل أن تقول بحماس أدهش الجميع :" لدي موضوع وددت محادثتكم فيه "
و جلست و هي تخاطبني :" محمد عزيزي تعال لتبدي رأيك أنت الآخر "
جلست بجوارها فقالت و هي تنظر لأمي :" عزيزتي عفاف ما بيننا ابتلعته الأيام ! فزماننا ولى و جاء زمان أجيالنا ! أليس كذلك "
رمقتها أمي بحيرة ثم قالت بحدة :" بالنسبة لك و لكن بالنسبة لي فأيام الغدر و الخيانة لا تنسى أبداً "
و نظرت لنهلة بدهشة :" ياه يا نهلة! لطالما وصفك أبا محمد بالجميلة و الرائعة ! و لكني الآن لا أرى إلا وجهاً مجعداً وضحت عليه معالم المكر و الخداع .. "
رمقتها خالتي و ابتسمت لبرهة قبل أن تقول بلهجة المثقفين كما هي عادتها :" ربما أسميته أنت مكر و خداع و لكني لطالما أخبرتك أنني طلبت من أبا محمد أن يعيدك لعصمته لكنك أنت من يرفض! و أنا من طلبت منه أن يترك هذا المنزل لك و أنا .........."
قاطعتها أمي بزمجرة :" قولي ما تريدين هيا "
تنهدت نهلة قبل أن ترجع بجسدها قائلة :" أريد خِطبة شروق لابن أخي ياسين "


الساعة الآن 01:51 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية