منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   القصص المكتمله (https://www.liilas.com/vb3/f717/)
-   -   [قصة مكتملة] أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel (https://www.liilas.com/vb3/t180431.html)

♫ معزوفة حنين ♫ 17-09-12 05:12 PM

أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

رجعت لكم هالمرة بنقل لرواية اماراتية جميلة ..
أتمنى تعجبكم ..

/

لـ تحميل الرواية كاملة ..

ملفات الوورد والتكست /
http://www.liilas.com/vb3/t147664-39.html#post3220859

ملفات تدعم الآيباد والجالكسي والآيفون /
http://www.liilas.com/vb3/t174654-36.html#post3220861



♫ معزوفة حنين ♫ 17-09-12 05:16 PM




حين تسدل خيوط الماضي على حياتنا دون ارادتنا .. وتجتاحنا كالسيل الجارف .. وتخنقنا ولا نقوى على الصراخ .. وتقودنا اقدارنا الى المجهول .. نحاول ان نبني جسور قطعت .. وبيوت هدمت .. رغم اعماقنا الضائعة ..
فننهض رغم انكسار الجناح .. ونسير بخطى يبدو للغير ان رفيقها النجاح والثقة .. دون ان يدركوا ان ما في ارواحنا حطام سفينة .. ركبناها على أمل الوصول الى شاطيء احلامنا .. فصطدمت برياح الغدر .. وتهشمت .. وتكومت حتى بات من الصعب اعادة هيكلها ..

كانت قابعة في غرفتها بعد ان رفضت تناول العشاء ومن قبله الغداء .. لا تريد الحديث في شيء او مع اي شخص .. كانت تبحث عن الهدوء الذي يلملم افكارها المتناثرة ..
وفي صمت المكان فزعت على صوت اختها ريم .. وهي تقتحم الغرفة دون اي مقدمات .. لتقف الاخرى مشدوهة النظر اليها

انتي شو فيج .. يعني بذبحين عمرج ع شيء ما يستاهل .. وين هاجر القوية .. هاجر اللي ما تهتم لاي شيء ودايم على لسانها قدر ونصيب .. وينها ..

اقتربت منها اكثر وبدأ صوتها يخفض من نبرته الحادة ..

سمعيني اللي ما يباج بيعيه بالتراب .. ولا يهمج .. مليون واحد يتمنى ظفرج ..

فجأة سكتت وقد بانت على وجهها علامات لا تعرف مهيتها .. حين سالتها هاجر بكل هدوء : عن منو تتكلمين .. وشو مستوي عشان ادخلين بهالشكل علي وتقطعين حبل افكاري .. هااا

الوان واشكال ارتسمت على وجه ريم .. يبدو انها اخطأت بكل شيء .. فهاجر لا تعلم عن الامر الذي تكلمت فيه .. حاولت ان تراوغ واجابت سؤال هاجر بسؤال اخر : انتي ليش اليوم ما طلعتي من حجرتج ؟ ولا تغديتي ولا تعشيتي ؟

نطت من على السرير ووقفت امام اختها : ريمووه شو اللي خلاج اتين من بيتج فهالساعة .. وشو المستوي .. ومنو هذا اللي باعني .. وياليت تجاوبيني بدون ما تلفين وادورين

جلست على حافة السرير .. والافكار تتضارب في عقلها .. ارادت ان تختلق اي كذبة .. حتى لا تصدم هاجر بما عرفه الجميع بالامس .. ولكنها لم تجد سوى الحقيقة بعد الالحاح المتواصل من هاجر ..

نزلت دمعة وحيدة من عينها اليسرى وهي تستمع لكلمات ريم التي كانت بمثابة طعنات الخناجر في قلبها النقي .. لتتحطم بعدها احلام رسمتها .. وتتهشم على ارض صلدة لا تعرف الرحمة .. لينتهي مشوار ويبدأ مشوار آخر ..

نزلت بتحطم .. والانكسار يغزوها .. كانت خطواتها ثقيلة .. وعيونها تأبى أن تسكت الدمع .. وقف الجميع هناك ينظرون اليها بعد ان شدهم صراخ هاجر وهي تطردها من الغرفة .. رفعت رأسها وحملقت فالجميع ام هاجر وابيها واخيها عمار .. كانت علامات استفهام كثيرة تطوف فالمكان .. وتلاشت حين قالت : ما كانت تعرف شيء يا خالتي .. ما كانت تعرف اي شيء

تردد بكاءها بالمكان وتابعت : ما حبيت اكون انا اللي توصللها هالخبر .. ما حبيت وربي
رصت بكفها على فاها لتسيل دموعها بحرقة على خديها متسلله عبر اصابعها ..

يا ويل قلبي عليج يا بنتي ..
عمار : امي لا تسوين بعمرج جي .. وحمدوا ربكم انه صار بهالوقت .

فجأة تحول نظر الجميع لاعلى حيث تقف وقد ارتدت عباءتها المطرزة بالخيوط الذهبية وبيدها هاتفها من نوع بلاك بيري ومفتاح سيارتها .. لا ملاح حزن على وجهها او بالاحرى لا توجد اي ملامح .. نزلت بهدوء غريب .. تقدمت منها مريم : هاجر وين رايحه ؟

لم ترد على والدتها .. وتابعت المشي فاذا بيد والدها تمنعها من المواصلة : وين رايحه بهالساعة ؟ تعوذي من بليس وردي داخل .

التفت له وقالت : في حساب لازم يتصفى والليلة قبل باجر ..

سحبت ذراعها وجرت مسرعة .. وجرى خلفها عمار وحاول ان يوقفها لكنه لم يستطع ركبت سيارتها وانطلقت بها .. وعاد ادراجه الى المنزل مسرعا .. اسرع لجلب مفتاح سيارته .. وسط بكاء مريم وريم لم يستطع ابو عمار ان يفعل اي شيء .. وما كان بيده الا ان يدعى ربه ان لا يحدث مكروه لابنته ..

الجرس يرن .. لا يتوقف .. فزع الجميع .. نظر ابو احمد لساعته عبر موبايله الموضوع بجانبه : منو اللي ياينا بهالوقت
ام احمد وهي تزيح الغطاء عنها وتنهض لتلحق بزوجها : يا رب خير ..

سارة و روضه وعنود ايضا قامن على صوت الجرس الذي لا يهدى .. ووقفن على اخر الدرجات من اعلى .. بينما ناصر سبق والده الى الباب ليفتحه .. دخلت وهي تصرخ دون ان تلقي التحية : وينه .. وينه ولدكم الجبان .. وينه ؟
اقتربت منها خالتها ام احمد : هاجر حبيبتي اهدي

نظرت لابو احمد : وين ولدك يا عمي .. وين اخوك يا ناصر .. وينه ..

سكتت ومشت بخطوات جامدة نحوه حين تراء لها وهو ينزل وقف حين اصبحت قدماه على الارض .. ونظر اليها .. لم يتكلم .. ولم ينطق اي احد منهم .. كانت كالجريح رغم قوتها الخارجية
وقفت : جبان .. ما قدرت اتيني وتقولي .. رحت وانهيت كل شيء من وراي .. ليش ؟ وعشان شو ؟ عشان شو خليت قلبي يتعلق فيك سنتين
تتكلم وهي تضرب بقبضة يدها اليمنى على صدرها : حطيتك هني .. وانت بكل بساطة دسته .. ليش ؟ خبرني ليش ..
ههههه تظن اني بصيح .. ودموعي ما بتوقف .. هااااا .. تظن اني بنكسر واتحطم مثل الزجاج .. ما حزرت ..

احمد : هاا
هاجر : اسكت .. لا تتكلم .. لو انت ريال وكفو .. ما تسوي هالشيء بالدس .. مب انت اللي كنت تقولي خلينا نقول كل شيء نفكر فيه لبعض .. مب انت ؟ .. مب انت اللي خذتلي هذا

مدت يدها بهاتفها : عشان دايم نكون مع بعض .. لانك ما تلقى فرصة .. والبي بي بيخلينا دوم مع بعض .. هذا البي بي مالك

رمته بكل قوتها على الارض حتى تهشم : وهذا خاتمك
نزعته من اصبعها بقوة وقبل ان ترميه قالت : بشتريلج اغلى خاتم من باريس .. هذا خاتمك الباريسي

رمته الاخر ليتدحرج ويستسلم اسفل احدى الارائك الصوفية .. صمت استولى على المكان لم يتكلموا .. لان لا مبرر لديهم لما فعله احمد .. لا يوجد اي مبرر .. تركت المكان .. انسحبت وداست على قلبها كما داست على عيونها حتى لا يغالبها الدمع .. همسات في الاعلى بين روضة واختيها : ليش خلاها ؟ هو ما كان يحبها ويتمنى اليوم اللي تصير فيه حرمته ؟

سارة : بس يالعنود .. اذا عندج اسئلة سألي احمد ..

تبعها ناصر فناده والده : وين رايح ؟
ناصر : شو وين رايح .. البنت حالتها حالها .. مستحيل اخليها تسوق وهي بهالشكل ..
اقترب من سيارتها وفتح الباب .. كانت منكبه على المقود .. لم تكن تبكي . ولا تحاول اخفاء دموعها .. لم تكن تعي ما حدث ..

ناصر : هاجر نزلي .. خليني اوصلج بيتكم .. هاجر .. هاجر تسمعيني .. هاجر ردي علي .. ترا والله مالي ذنب بكل اللي صار واللي يالس يصير .. نزلي ..

لا اجابة منها .. ولا حتى حركة واحدة .. هل انتهى نبض قلبها كما انتهى البلاك بيري حين تحطم وتشظى ؟ ام ماذا بها ؟

,‘،
المكان يتلفحه الهدوء .. فُتحت البوابة الكبيرة لتدخل سيارته البسيطة والتي تبدو في غير مكانها .. اوقف السيارة وترجل .. تنفس بعمق وكأنه يستعد لخوض معركة ما .. مشى بهدوء كعادته و الحديقة منارة بالكامل كالعادة .. والصمت الحكم الوحيد عليها في هذه الساعة .. دخل وعيناه تجوبان البهو الكبير .. زفر زفرة ارتياح وتوجه الى المطبخ .. اخذ له علبة مشروب طاقة .. وبعدها جلس في الصالة الصغيرة .. كان يشرب وعقله في مكان آخر .. وقطع حبل افكاره دخول والدته ميره .. لا تزال صغيرة فالسن .. لم تصل الاربعين من عمرها . ومن يراها لا يظن بان لديها 5 ابناء اصغرهم في الرابعة عشر .. اقتربت منه واخذ ينظر اليها والى ثوبها المرصغ بالكثير من الكريستالات .. فابتسم واخفض نظرة .. وطأطأ رأسه .. كانت غاضبة
ميره : الين متى ؟؟ كم مرة نصحتك وقلت لك انت الوريث لبوك .. ومكانتك ما تسمحلك تروح واتيي مثل ما تريد .. لازم تعرف انك انت غير .. وانك مب مثل اي واحد من اللي يالس ترابعهم ..
وضع العلبة على الطاولة ووقف : امي تظنين اني راضي بهالشيء .. راضي بهالعيشه .. 24 ساعة البوديقاردات ورانا .. ما نقدر نتنفس .. وفوق هذا ما اقدر اروح اي مكان او اسافر .. لان جوازي دبلوماسي .. وكل اللي يشوفه يسويلي مليون حساب وانا ما اريد هالتفرقه .. ما اريد هالعيشه
ميره : احمد ربك .. غيرك ما محصل اللقمة .
فيصل : الحمد لله مليون .. بس والله ذي مب عيشه .. اريد اكون حر .. اسوي اللي اريده .. البس اللي اريده .. اطلع واروح وايي بدون ما اكون مراقب .
ميره : عشان تسوي مثل اللي سويته فالمسيرة
فيصل : قصدج مسيرة يوم الاتحاد .. هههههههههههههههههههههههههه وربي كان احلى يوم ههههههههههه
مشت ووقفت قبالته وامسكته من ذراعيه : فيصل .. ابوك تعب .. ما يقدر ع كل هالشركات وع كل هالشغل . وانت لازم توقف وياه
فيصل : البركة فسيف ..
ميره : سيف مب ولده .. سيف لو شو ما سوى بيبقى ريل اختك بس .
سقطت هذه الجمله في أذن رشا : مشكورة ماما .. يعني الحين سيف بس ريل بنتج
ميره : استغفر الله العظيم .. لا تسوين فيها حساسه .. ترا ما اقول الا الصدج .. وسيف مب مسؤول الا من نصيبج بعد عمر طويل لبو فيصل .. وكل هذا اللي انتوا فيه بيروح لفيصل .
فيصل : امييييييييي لا تيلسين تحسسيني بالذنب كل شوي ..
اقترب منها اكثر وهمس في اذنها : ارييييييييد اعيييييش حيااااااااااااتي .
ابتعد : See you tomorrow

وهو ذاهب اخذ يدندن : tomorrow.. tomorrow.. I love u tomorrow....

,‘،
الحناء يعزف موسيقى جميلة على كفيها البيضاويان .. وشعرها الحريري بلونه العسلي يرسم لوحة رائعة على وسادتها الوردية .. كانت نائمة وتحلم احلام طفولية .. لاتعرف ما هو الحب وما هو ان تكون زوجة في هذا العمر الصغير .. فتحت عيناها بتعب بعد ان سحب الغطاء عن جسمها النحيل : اوووووف خليني ارقد ريووم ..
سحبت الغطاء على وجهها محاولة منها للعودة لنوم .
ريم : قومي يا كسووله .. الساعه بتصير 12 .. وورانا شغل اليوم .. والا نسيتي ان اليوم حفلة ملكتج .
قامت وجلست بكسل وهي تحك راسها وتنظر لريم بعيون نصف مفتوحة : ريمووه الحين انا ليش وافقت على ريال ما اعرفه زين ولا احبه ولا حتى اعرف كيف شكله بالضبط .. يعني كيف شخصيته
فتحت عيونها بوجه هاجر : الحين يايه تقولين هالكلام .. عقب ما صار ريلج .. انتي نسيتي انج الحين ع ذمته
مسحت بكفيها على وجهها .. ثم اخذت تنظر الى الحناء : ما نسيت .. بس مادري ليش احس بالفتور ومب مهتمه اصلا لاي شيء يصير ..
ريم : انزين قومي ياللا .. لازم نروح الصالون ونخلص قبل الساعة 6 ..
قامت وهي تتأفف .. وما ان وصلت باب الحمام ( اكرمكم الله ) حتى شهقت بقوة .. حتى صرخت ريم من قوة شهقتها
ريم : شفيج ؟
التفت وهي ترص على اسنانها : الشال مال الفستان ..
ريم : شو فيه
هاجر : البارحة كنت اقيس الفستان وما انتبهت لقلم الحبر ع الطاولة وووو
ريم : هيه .. كملي ..
هاجر : الشال توسخ بالحبر .. والله بدون ما اقصد صار هالشيء .. وبعدين عاادي البس الفستان بدونه صح
ريم : مينونه انتي .. الفستان عاري من فوق . وبيكونن في حريم كبار فالحفلة تبيهن ياكلن ويه امج .
هاجر : والحل ..
ريم : بعطيه عمار ياخذه لدوبي ( مغسلة الملابس ) ينظفونه قبل الحفلة .. الحين ياللا تجهزي .. انا بترياج تحت
بتملل : اوكي .
جلست مستسلمة لخبيرة المكياج .. وهي تلطخ وجهها بالكثير من مستحضرات التجميل .. بالطبع هي لا تسميه زينه بل تلطيخ .. منذ اسبوع اكملت عامها الثامن عشر .. ومنذ يومان تم توقيع عقد قرانها بأحمد .. شاب لا يزال يدرس .. ويكون ابن خالتها ولكن بطبيعتها لم تكن تحتك بعائلة خالتها كثيرا .. ولهذا لا تعرف عنه الشيء الكثير سوى ما كانت تحكيه والدتها عنه .. وكان اكثره مدح .. حببوها فيه وبحكم انها له منذ الصغر وافقت دون ان تقول لا .. حين القت بالموافقة على مسامع والدها لم تكن مدركة ما ينتظرها في المستقبل .. كان هناك اعجاب من جراء الكلام الذي يقال عنه وهذا ما ساعدها على الموافقة .. اليوم تشعر بالغرابة .. وترى بانها ليست هاجر .. ترى ان شيء ما يقودها دون مقاومة منها .. ومع كل هذا كانت تشعر بنغزات الفرح تغزوا قلبها وهي تستعد لهذه الليلة ..
انهت الخبيرة عملها .. وسالت ريم : كيف ؟
ريم : واو .. واو .. واو
هاجر : هههههههههههههه اختلفتيلي ام سلوم ( شخصية من شخصيات المسلسل الكرتوني الاماراتي فريج )
بخجل اكملت : يعني حلوة ؟
ريم : انتي بدون مكياج قمر . بالمكياج اكييد بتكونين ملكة جمال . ياللا ننزل تحت عشان التسريحة ..
هاجر : ريم .. انتي بعدج ما تعدلتي
ريم : ههههههههههه انا خلصت
نظرت هاجر لها باستغراب : شو خلصتي .. انتي مسويه شيء وايد بسيط كنتي تقدرين تسوينه فالبيت
ريم : خفت اسرق الاضواء منج
ضربتها هاجر بخفة على كتفها : مالت .. ومن قالج انج بتكونين احلى مني
ريم : يا عيني ع الواثقة .. نزلي نزلي .. خلينا نخلص .. هيه صح .. عمار اتصل والحمد لله قدروا ينظفون الشال

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 17-09-12 05:17 PM

في دبي وبالتحديد في شركة ابو فيصل سالم الـ.... كان هناك اجتماع مصغر بينه وبين سيف زوج ابنته وطلال الذي يكون الاخ الاصغر لسيف ..
ابو فيصل : سيف اقدر اعتمد عليك فهالشيء .. دايم ثقتي فيك ما تخيب
سيف : لا تحاتي يا بو فيصل ... ان شاء الله اللي تريده بيصير .. وطلال بيعرف يلعبها عليه صح
طلال : ان شاء الله .. لا تحاتون .. بطيحه يعني بطيحه
سيف : حاسب ع كلامك طلال
ابو فيصل : هههههههههههههه خله خله .. هذا اسلوب شباب هالايام .. بس ما اريده يعرف ان طلال ويانا .. لو عرف كل شيء بيدمر
سيف : لا تحاتي .. ان شاء الله خطتنا بتمشي ع خير ما يرام .. وطلال قدها وقدود ..

,‘،
جالس وبيده رواية لاغاثا كريستي .. ويرتدي جينز ازرق ممزق من عند الركب واعلى قليلا .. مع بلوزة عليها صورة المصارع جون سينا . . وعضلاته واضحة .. اقتربت منه وغطت على عينيه .. تضايق لان هذه الحركة لا يحبها .
فيصل : جوجو ..
لا اجابه وصلته .. تابع التخمين : رنيم .. اقول بلا مصاخة وشلي ايديج عن عيوني .. والا ترا ما بتشوفين خير ..

,‘،
لا تزال منكبة على مقود سيارتها وناصر يحاول معها فاذا بصوت عمار : ناصر
التفت له وابتسم : هلا عمار .. زين انك وصلت .. عشان توصلها للبيت ..
عمار وهو ينظر لاخته : شو صار ؟
ناصر : عطت احمد كم كلمة والحين هذا حالها ..
انحنى محاولا ان يبعدها عن المقود .. لحظات واذا بها تخبأ وجهها بصدره ليحتضنها ويساعدها للخروج من السيارة .. التفت لناصر : باجر بيي اخذ سيارتها ..
وتابع طريقه نحو سيارته وهي لا تزال تخبأ نفسها به .. كانت تبحث عن الامان .. او عن احساس ضاع منها .. ركبت السيارة وطأطأت رأسها .. وعمار لم ينطق بأي كلمة ..

,‘،
كانت غاية بالجمال .. مع فستانها المليء بالكريستال من اعلى الخصر .. والذي يطوق عنقها بخيط رفيع تتدلى من اخره كرستالتان بشكل دمعة .. لتعانقا ظهرها بلطف .. اما من الاسفل فكان الفستان واسعا اعطاها اناقة وجمالا خياليا مع تسريحتها المزينة بمشبك رائع .. كانت ملكة جمال كما قالت ريم .. وتفاجأ احمد حين راها .. فاقت وصف والدته ووصف اخواته .. فاقت توقعاته بكثير .. راها من قبل ولكن كانت نظره سريعة .. اما اليوم فهي تجلس امامه .. لتشبع عيناه من النظر الى ذاك الجمال وتلك العيون الواسعة السوداء .. وتلك الرموش الواضحة رغم وجود الرموش الاصطناعية .. خجلة هي .. لمساته تربكها وتوترها ..

,‘،
بعد ذاك الصمت قالت : ليش خلاني ؟

,‘،
جالس وبيده رواية لاغاثا كريستي .. ويرتدي جينز ازرق ممزق من عند الركب واعلى قليلا .. مع بلوزة عليها صورة المصارع جون سينا . . وعضلاته واضحة .. اقتربت منه وغطت على عينيه .. تضايق لان هذه الحركة لا يحبها .
فيصل : جوجو ..
لا اجابه وصلته .. تابع التخمين : رنيم .. اقول بلا مصاخة وشلي ايديج عن عيوني .. والا ترا ما بتشوفين خير ..
بدلع مصطنع : . O my God ... Why are you hard. ( يا اللهي .. لماذا انت قاسي )
دارت وجلست على الكرسي بجانبه الايسر متصنعة الحزن : you scared me ( اخفتني )
فيصل : ميعاد .. اللي تسوينه غلط .. وبعدين لا تيلسين ترمسيني انجليزي .. وكان ما في حد غيرج سافر ودرس برع
ميعاد : انت شو فيك علي .. I love u
ترك الكتاب من يده : ميعاد انتي مثلج مثل وحده من خواتي .. وانج اتين تلمسيني بهالشكل فهذا لا من دينا ولا من عادااتنا .. وانا ما اريد اتحمل ذنبج .. ذنوبي تكفيني ..
ميعاد ولا زالت تتصنع الدلع : انت ليش جذي .. اصلا بتصير زوجي .. يعني عاادي ..
فيصل : استغفر الله العظيم .. انتي ما تفهمين .. والا يالسه تستغبين علي .. تراني مب فاضيلج اوكي ..
قام وامسكته .. فسحب يده بقوة : قلتلج اللي تسوينه حرام .. اوكي .. وخواتي داخل اذا تبين تيلسين واذا لا فطريج البوابة تعرفينه .
تركها وهي في قمة غيضها منه : ok my love

بعدها ابتسمت ابتسامة فيها الكثير من الغموض .. تعلمت الكثير في الخارج اثناء دراستها حتى انسلخت من تقاليد اهلها وتعاليمهم .. وشعارها في حياتها ( انا حرة وليس لاي شخص دخل في ) .. فيصل وبالرغم من دراسته في الخارج الا انه يحمل مبدأ في حياته يمشي عليه ( أنا مسلم قبل ان اكون اي شيء آخر ) مع ان الكثير من تصرفاته بعيدة عن هذا المبدأ .. ومع هذا فهو احيانا يبرر لنفسه اغلاطه الفردية قائلا : انا من سيحمل ذنوبي لا غيري .

,‘،
كل ما كان لا يفارقها لحظة .. وسؤالها ذاك حتى هذه الساعة لا تجد له اي جواب ( ليش خلاني ؟ ) اعتادت كل صباح ان تقوم على رسالة نصية منه .. بعد تلك الليلة التي كانت بمثابة الحلم الجميل في نظره .. ارسل لها اولى رسائله .. قامت بكسل تبحث عن مصدر الصوت .. هي لا تملك هاتف .. فمن اين جاءت تلك الرنة .. انتبهت لعلبة جميلة موضوعة على الكوميدينة بجانب سريرها .. وتذكرت ما حدث البارحة قبل أن يغادر .. اعطاها العلبة وطبع قبلة على وجنتها .. لتذوب في فستانها .. بعدها ومن شدة تعبها نامت دون ان تفتحها .. هرعت اليها تفتحها .. اذا بهاتف نقال انيق .. تأملته ومن ثم فتحت الرسالة : صباح الخير يا ملكتي الجميلة
احساس غريب طرق باب قلبها .. احساس مختلف زادت معه نبضاتها .. فادركت انها بداية لحب غريب من نوعه .. وهي في هيامها بتلك الرسالة لاحظت كرت صغير بالعلبة .. فتحته : هذي اول هدية مني لج .. سجلت رقمي فيه وما حطيت اسم .. وانتي لج كل الحرية فختيار الاسم .
اخذت الكرت والموبايل ووضعتهما على السرير .. وحملت منشفتها ودخلت دورة المياه ( اكرمكم الله ) وما ان خرجت حتى التقطت الهاتف وضغطت على ازراره وكتبت : نبض قلبي
الهاتف الاول .. الهدية الاولى .. والرسالة الاولى كلها اصبحت ماضي يثير الدموع ويخنقها .. لا تعلم لهن مكان .. او هي لا تريد ان تتذكر مكانهن .. لا تزال نائمة بعد ان عادت مع عمار في الليلة الماضية او لنقل في الساعات الاولى من هذا اليوم استقبلتها والدتها بالاحضان وبدموع أم كانت تحلم بالفستان الابيض لابنتها .. ودموع اخرى فالخفاء على انقطاع الوصل بينها وبين اختها .. اخذتها لغرفتها وجلست بجانبها حتى غطت في النوم .. وبعدها خرجت تبث المها وحزنها لشريك عمرها ابو عمار ..

,‘،
الساعة تقارب الثالثة عصرا وصلت ريم الى منزل عائلة زوجها والذي يكون لها ابن عمها .. كانت خطوط التعب ظاهرة بوضوح على محياها .. دخلت وهي تحمل حقيبة يدها بدون اي مبلاة .. وبدون اي اكثراث رمتها على الاريكة وجلست واخذتها الافكار بعيدا .. كانت جالسة وقد عقدت كفيها واسندت عليهما ذقنها .. فاذا بيد على كتفها : شحالج يا بنتي ؟
رفعت رأسها ونهضت لتقبل ام زوجها على رأسها : بخير .. انتي شحالج عمتي ؟
مشت وعكازتها تسبقها وجلست على نفس الاريكة : شخبار اختج الحين ؟ ان شاء الله بخير
وهي تتنهد : الله يكون فعونها .. مادري عن حالها .. لاني حسيت اني تاخرت ع بيتي وريلي .. فييت وهي راقده
ام سعيد : ان شاء الله بتكون بخير .. بس اللي سواه ولد خالتها شيء ما ينسكت عنه .. ع الاقل لو يعطينا اسبابه .
دخل سعيد والقى التحية .. قبل رأس والدته وصعد الى جناحه دون ان يعبر ريم بكلمة واحدة .. الشيء الذي اثار التساؤلات في نفس والدته .. التي ما لبثت طرحتها على ريم : شو فيه ريلج ؟ متزاعلين ؟
ريم بشيء من التردد : لا ابد يا عمتي .. وان شاء الله ما يكون بينا زعل .. اكييد عتبان علي لاني تاخرت
ابتسمت لعمتها وبعدها استأذنت لتراه .. صعدت وهي تحسب الخطوات .. ثقيلت كانت بعكس دقات قلبها التي تضاعفت اضعافا كلما اقتربت من جناحها .. دخلت ونشرت نظراتها في ارجاء الصالة الصغيرة .. لم يكن هناك .. فعلمت اين هو .. توجهت الى غرفة النوم .. ما ان دخلت حتى قال : تو الناس يا مدام ..
بلعت ريقها ومشت خطوتان وهي تخلع عباءتها .. وضعتها على السرير وقالت : هاجر تعبانه .. ولازم اكون معهم فهالظرف اللي يمرون فيه
سعيد : يا عيني .. تراها مب اول ولا اخر وحده تطلق .. شو هالدلع هذا
ريم : هاجر حساسة وما تتحمل
بنظرات قاسية وهو يرفع حاجبه الايمن : وانتي صايرة الطبيب المداوي لحضرتها .. نسيتي شو كانت تسوي فيج .. والا اذكرج
ريم : ماضي وراح .. وكل انسان يتغير
وقف واقترب منها حتى صارت انفاسه المليئة برائحة الدخان تلفح وجهها : الا انتي يا ريم ..
اغمضت عينيها واشاحت بوجهها قليلا عن وجهه .. وتابع : دايم اسمع .. اذا تريد الولد دورله خال ويد ( جد )
ابتعد عنها وفجأة قرب فاه من اذنها اليمنى : وانا ما حصلت لا خال ولا يد ..
ظلت متسمرة في مكانها وهو بدون اي احساس جلس ومد قدميه على الطاولة الزجاجية الصغيرة واخذ يشاهد التلفاز غير آبه بتلك المرأة التي اخذت تتجرع مرارة العيش معه بصمت قاتل .. وباتت ممثلة ممتازة .. تجيد لعب دور الزوجة السعيدة ..

,‘،

في نفس الوقت الذي كانت تعاني فيه ريم من قسوة سعيد وتبلد مشاعره ، كانت ام هاجر تعاني بسبب كل ما مرت به . وابو هاجر لا يكل من الاتصال بها ليطمئن على ابنته .. وهي لا تكل من التفكير في مصير هاجر ومصير عائلتين ارتبطتا وفجأة تدمر كل شيء .. وهي جالسة وسارحة بخيالها بعيدا ... اذا بيد على رأسها وقبلة حارة : شو فيج يا اميه ؟ هونيها وتهون
جلس بجانبها على الارض ، وردت عليه : خايفه على هاجر يا عمار .. بنتي من يوم صغيرة وهي مدللة وحساسة .. خايفة ما تقدر تتجاوز اللي صار لها .
مسك كف والدته الايسر وطبع عليه قبلة : هاجر قوية .. انتي ادعيلها .. وكلنا بنوقف وياها .. انتي والوالد وريم وطارق وانا .. ما بنخليها ابد .. وبنحاول ننسيها احمد وطوايفه
ام عمار : الله يعينا ع الياي .. ان شاء الله اخوك طارق ما عرف بشيء
عمار : مصيره بيعرف .. منا او من غيرنا
بخوف : ليكون خبرته .. يا ويلك يا عمار لو قلتله كلمه وحده
عمار : لا ما خبرته .. بس حتى ولو انا ما خبرته ولا الوالد خبره .. اكييد الا بيعرف .. انزين اميه .. هاجر بعدها راقدة
ام عمار : هيه .. ومن امس مب ماكله شيء .. دخلت عليها الحجرة عند صلاة الظهر ولقيتها راقده .. وما بغيت اوعيها .. ع الاقل الرقاد بيبعدها عن اللي صاير ..
عمار : بروح اشوفها .. يمكن وعت ..
وقبل ان ينهض اذا بصوتها : انا هني .. وميته من اليوع ..
قبلت رأس والدتها واحتضنتها بقوة : امي الغالية شو مسويتلنا غدا اليوم .. بس يا رب يكون شيء احبه لاني من امس مب ماكله شيء ..
ارتسمت علامات الاستغراب على وجه عمار ووالدته .. فقال : هاجر انتي بخير ..
نظرت اليه وابتسمت : بخير بخير .. لا تحاتون .. ترا اللي صار عاادي ..
بعدها نظرت لامها : اميييييييييييييي شو ما بتغديني اليوم ..
ام عمار : من عيوني الثنتين الحين بحطلج الغدا .. وبلقمج بيدي بعد ..
عمار : يا عيني يا عيني .. يبالنا نتدلع شوي ..

,‘،
نحن البشر غريبون غريبون .. نتكاثر دون ارادة منا .. ونعيش الحياة دون ان نخطط لها .. نحن كباقي الحيوانات على هذه الارض .. خلقت لهدف .. حتى الضار منها له هدف .. ولكن ما هو هدفك ؟ وما هو هدفي ؟
نعيش الحياة بيومها وبامسها وبغدها .. ولا نرى الا ما تراه اعيننا .. نحن البشر خلقنا لنسود .. ولكن عن اي سيادة اتحدث !
سيادة المال والجاه .. ام سيادة النقاء .. ام هي سيادة القذارة القابعة في نفوس البشر ..
روضة : فديته وفديت كلامه اللي يهبل .
كانت تقرأ مقال في جريدة الاتحاد .. المقال اسبوعي ينزل تحت زاوية : هواجس مغترب .. احتظنت الجريدة واغمضت عينيها .. تحاول ان تتخيل كاتب المقالات كعادتها .. دخلت عليها سارة وسحبت الجريدة من بين يديها : انتي بعدج ويا هذا اللي ما يتسمى .. يعني عايبج كلامه .. والله انه يلوع بالجبد ..
روضة : لان ما عندج حس مرهف مثلي
سارة : خوزوا ( ابتعدوا ) عنها ام حس مرهف . مالت عليج وعليه .. لا وبعد كاتب بقلم : مغترب بلا وطن .. لو هو شيء ما حطى نك مستعار .. والا يمكن هذا اللي متيمه فيه من شهور يكون بنت ..
قفزت روضة وهي تصرخ : لا ان شاء الله .. فال الله ولا فالج .. ان شاء الله يكون شاب وسيم وغني وعنده فلوس لا تعد ولا تحصى ..
ضربت كفيها ببعضهما ثم وجهتهما الى وجه روضة : مالت عليج .. وعليه وعلى مقالاته اللي مثل ويهه ..
روضة : خلينا منه .. ما شيء يديد ..
زفرت : لا .. احمد ما يبي يقول اي شيء .. وابوي من ذاك اليوم يحاول يريد يعرف اسبابه بس ما في فايدة ..
روضة : مسكينة هاجر .. حبته .. ما اعرف كيف بقابلها فالجامعة .. يا حظج يا سارة ..
سارة : ليش ؟
روضة : بعدج فالمدرسة .. مب مثلي بتقابل وياها .. والله ما اعرف كيف بقدر .
سارة : شو يا حظي .. ترا هي هذي السنة وبكون وياكن السنة الياية ان شاء الله
جلست على سريرها وبحزن قالت : بس بيكون مر وقت ساعتها .. الله يكون فعونج يا هاجر ..

,‘،
حيا الله من زارنا .. جملة اطلقها ابو فيصل عندما دخل عليه فيصل المكتب في الشركة .. ليس معتاد على هذا الشيء .. واستبشر خير حين رآه
فيصل : الله محييك يا اغلى ابو فالدنيا .. وهذي محبه على هالخشم الطيب
جلس قبالة والده : شو الشغل وياك يالغالي .. ان شاء الله سيف مريحنك فيه
سالم : اريدك انت تريحني يا فيصل .. لو تحبني مثل ما تقول ما تخليني بروحي مجابل اموالنا ..
فيصل : والله اني احبك .. وفوق ما تصور يا بو فيصل .. بس
سالم : بس شو .. انت ليش درست تجارة .. وليش اخذت الدكتوراة ؟ عشان تعلقهن فالبيت زينه .
طأطأ رأسه وتابع والده حديثه وهو يغير مكانه ليجلس امام ابنه : فيصل .. انت ذكي من يوم ما كنت صغير .. ولا عمري غصبتك على شيء .. كل اللي تريد تسويه اقولك سوه .. وجرب وتعلم من تجاربك .. ما جبرتك تدرس تجارة .. ولا بجبرك تمسك الشغل وياي .. بس يا ولدي العمر يركض .. وانا اذا اليوم بينكم باجر تحت التراب
رفع رأسه : الله يعطيك طولة العمر يا بو فيصل .. لا تقول هالكلام
بو فيصل : بقوله يا فيصل .. بقوله .. ولازم انت بعد تقوله لنفسك .. اريدك تتعلم الشغل .. تعرف مداخله ومخارجه .. وتعرف الناس اللي وياك زين .. في ثعالب .. وفي افاعي سامه .. وفي ناس تنحط فالعين .. ما اريدك فجأة تحصل نفسك بينهم بدون محد يرشدك ويساعدك .. وتضيع ..

,‘،
العنود اصغر ابناء ابو احمد .. اخر العنقود كما يقولون .. عمرها لا يتجاوز الخامسة عشر .. فيها برائة لا توصف .. من يجلس معها ويستمع لحواراتها يظن انها طفلة لم تتعدى التاسعة .. جميلة مع وجهها الدائري وشعرها الكيرلي وخصلاته الناعمه .... كانت تتمنى دائما ان يكون كشعر اختها سارة او كشعر هاجر .. ناعم وانسيابي .. بعد ان خرج ابو احمد من المجلس الصغير .. وبعد حديث عقيم مع ابنه الذي ما أن عاد من سفره وهو منطوي على نفسه .. بسبب ذاك القرار الذي اتخذه بالرغم من رفض الكثيرين له .. دخلت المجلس وهي ترتدي بلوزة حمراء سادة بدون اكمام مع بنطلون جينز اسود ضيق.. رمت نفسها بقوة على الكنبة بجانب احمد : حموود تراك من يوم ما ييت ولا وديتني مكان .

احمد صامت .. لا يزال كلام والده يرن في رأسه

ابو احمد : انغشيت فيك يا ولدي العود .. يا عضيدي .. ياللي كسرني قدام بو عمار .. صرت ما اقدر اطالع فعيونه .. حتى المسيد اللي يصلي فيه اليمعه ما صرت اروحله .. باي ويه تبانا نقابلهم عقب سواتك .. جذي بدون اي شيء تطلقها واطرش لهم الورقة ع البيت ..

لوح برأسه : ما هقيتها منك .. يا خسارة يا احمد ..

اخذت تفاحة وقضمتها وبعدها قربتها من وجه احمد : كل .. انت ما صرت تاكل ويانا مثل قبل .. بعدين حموود انت ليش خليت هاجر وانتوا تحبون بعض

ضرب يدها بقوة حتى سقطت التفاحة منها وهو يصرخ : مالكم خص فشيء .. ما اريد اسمع اي شيء .

وقف في وسط خوف العنود التي تجمع الدمع في مقلتيها .. ويدها اليسرى تمسك رسغ يدها اليمنى بألم .. قال :خبريهم اني باجر بسافر وبرجع وين كنت .. انزين ..

♫ معزوفة حنين ♫ 17-09-12 05:18 PM


قامت بعد دقائق طويلة على جلوسها وهي تبكي بدون اي صوت .. لا تزال يدها ممسكة برسغها .. لم يلحظها احد وهي تصعد لغرفتها .. استلقت على سريرها وهي تتألم .. وغطت في النوم رغم تأوهاتها .. مرت الساعات عليها .. والعرق يتفصد من جبينها وهي غير آبهة بحرارة الغرفة .. جسمها النحيل بدأ يتكور على نفسه كالذي مصاب بحمى ويرتجف من البرد ..

الجميع كانوا في الصالة يناقشون موضوع احمد بعيد عنه .. ناصر وبالرغم من قربه لاخيه الا انه لم يستطع ان يفهم اي شيء ..

ناصر : الخوف كله من طارق .. والله لو يدري بيحجز اول طيارة وبيينا .. ولا بيخلي ضلع صاحي فاحمد هذا اذا ما ذبحه

ام احمد : لا تخوفنا يا ناصر .. والله اني فحال ما يعلم فيه الا ربي .. كل يوم اشل التلفون اريد اتصل اتطمن ع البنت ولا اقدر

روضة : وانا مثلج .. حتى باجر مالي خلق اروح الجامعة ..

ناصر : جب انزين .. بتروحين وريلج فوق رقبتج ..

روضة : شو عليكم مب انتوا اللي بتقابلونها فكل محاضرة ..

بدأت تبكي وسارة تهديها .. كيف لتصرف شخص واحد يدمر عائلة بهذا الشكل ؟ هل السبب لان هنالك لا سبب قد يبرر ما حدث .. او هو حب الجميع لهاجر .. ام هي قرابة الدم التي تربطهم ببعض .. حدث كل شيء منذ اربعة ايام كان يوم الاربعاء ظهرا عندما فتحت الخادمة في بيت ابو عمار الباب ليظهر امامها رجل عريض وبيده ظرف .. طلب رؤية احد من اهل المنزل ولم يكن هناك سوى ام هاجر .. غطت وجهها وخرجت .. اخذت الظرف ووقعت على ورقة الاستلام .. وبعدها عادت والفضول يقتلها لمعرفة ما فيه .. لتنصدم وهي تقرأ ورقة الطلاق .. لم تصدق ما تراه .. ومن فورها اتصلت بابو عمار وهي تبكي .. ليذهب الاخر من فوره الى منزل ابو احمد تاركا عمله وسط ذهول زملائه ..
ابو احمد وزوج اخت ام هاجر رجل وقور هاديء لابعد حد .. ولكن ما فعله ابنه البكر جعل براكين الغضب الخامدة تظهر على السطح ، وتنفجر في وجه احمد الذي بدوره فجرها في وجه العنود التي لا دخل لها بكل شيء ..

طوال الطريق وهو يحاول ان يتمالك اعصابه حتى لا يتسرع بأي شيء .. وصل الى منزل ابو احمد .. المنزل من المنازل الشعبية التي توفرها الحكومة للمواطنين .. والتي تكون من طابقين .. ابو احمد غير فيه اشياء كثيرة بعد ان استلمه حتى اصبح قريب من شكل الفلل .. البوابة مفتوحة كالعادة ادخل سيارته وترجل بعد ان اطلق بوق السيارة لينبه اهل البيت ..

خرجت ام احمد بعد ان عرفت من احدى الخادمتين ان ابو عمار في الخارج .. رحبت فيه ودعته لدخول بعد ان سألته عن حال اختها وابناءه ..رأت في وجهه الكثير من الملاح التي لم تستطع تفسيرها وهو يسألها أن كان احمد قد عاد من السفر

ام احمد : لا والله .. ما شفته .. واذا ييا فتالي الليل اكيد بنعرف اليوم الصبح ..

بشده قال : وين ابو احمد ؟

ام احمد : راح يصلي الظهر فالمسيد القريب وبيي .. حياك فالميلس ..

مشى معها ودخل لمجلس الرجال .. القهوة موضوعة على مفرش من النايلون الذهبي والمزخرف من الاطراف .. المجلس لم يكن على النظام الجديد في الاثاث .. كراسي وطاولات .. انما كان على الطراز القديم .. جلسة ارضية .. مرت الدقائق ولسانه لا يكل من قول : استغفر الله العظيم

دخل ابو احمد وهو يرحب بفرح بابو عمار .. الذي عرف من وراء هذا الترحيب ان ابو احمد لا يعلم بما فعله ابنه .. سلم عليه وبدأ يضيفه .. مد يده بفنجان القهوة .. ولكنه انزله بعنف بعد ما سمع من ابو عمار : ما بشرب قهوتك يا ابو احمد ..

باستنكار : خير .. شو اللي صاير .. ؟

قام : اسأل ولدك .. اللي طلق بنتي عقب ما وثقت فيه وعطيتها له وهي بعدها بنت ما كملت 18 سنة .. وياليته طلقها مثل العالم والخلق ..

ابو احمد وبصدمة غير مستوعب ما يسمعه : انت شو اللي يالس تقوله ..

في هذه اللحظة دخل أحمد : سامحني يا عمي ..

انفجر ابو عمار في وجهه : لا تقول عمي يالخسيس .. ياللي خنت الثقة اللي عطيناك اياها .. شو ذنب بنتي باللي سويته .. خبرني .. شو اللي خلاك تعلقها وياك كل هالسنين اذا انت ما تريدها ..

احمد : ما عندي اجابات على اسئلتك يا عمي .. بس اتمنى تسامحوني .. واعتذرولي من هاجر

ابو عمار : جب .. لا تييب اسم بنتي على السانك .. وعن اذنكم مالي يلسه فهالبيت .. وانت يا ابو احمد اعرف كيف تربي اولادك قبل لا تعلق بنات الناس وياهم ..

خرج من المكان وظل ابو احمد واقفا .. جرحته تلك الكلمات التي تلقاها من اعز صديق له .. جُرح دون اي ذنب اقترفه . تقدم منه احمد وقبل راسه .. وطلب منه السماح .. الصدمة قوية عليه .. ابنه الذي لطالما كان مضرب المثل لباقي الشباب في اي مجلس يكون فيه .. يفعل ما فعله .. وبدون اي مبررات تذكر .. بعد هدوء وصمت كان كالموت البطيء على احمد .. تكلم : ليش يا احمد .. ليش سودت ويهنا وييا بو عمار وبنته .. ليش ؟

احمد : سامحني يا ابوي .. هذا اللي صار .. وهاجر تستاهل اللي احسن مني ..

جلس ابو احمد مهموما بعد خروج ابنه من المجلس .. كانت الافكار تطرق رأسه .. وخوفه من القادم .. الخوف الذي كان في محله .. احمد دائما ينهي الحوارات معه بجملة واحدة : ما عندي اي شيء اقوله .

جميع محاولات عائلته في معرفة الاسباب وراء ما فعله بائت بالفشل .. واخر المحاولات كانت من اخر العنقود .

بعد ذاك الاجتماع حملت روضة نفسها خارجة من المكان .. وخوفها من الغد يوترها ويتلف اعصابها .. صعدت الى اعلى فاذا بباب غرفة العنود مفتوح .. والظلام دامس .. دخلت واشعلت النور .. وابتسمت رغم الخوف : حد يرقد الحين .. وبعد بدون تكييف .. الحين كيف بتقدرين ترقدين بعدين ..

جلست بجانبها واخذت توقظها .. لكنها لم تحرك ساكنا .. فابتسمت بخبث .. وقربت اصابعها من خصرها النحيل في نية لدغدغتها .. وفجأة توقفت حين تأوهت العنود .. حاولت ايقاظها مجددا .. لكن لا تستجيب الا بتأوهات ادخلت الرعب في قلب روضة .. لتجري مسرعة وهي تنادي والدتها ..


,‘،
حين نرسم احلامنا ونحن في عز صحوتنا .. ونتخيل ما قد سيكون .. ونبتسم .. ونعانق السماء فرحا .. نتوق للحقيقة .. الحقيقة التي يكون فيها الحلم واقعا .. ولكن حين لا تكون الحقيقة الا بخلاف احلامنا .. نتحطم .. نتفتت .. تجرحنا الدموع في الصدر قبل الوجه .. وتتعمق الجراح اكثر اذا كانت الحقيقة مرة .. بمرورة ثمار الحنظل او اشد ..

كانت مستيقظه عند دخول والدتها ظهيرة ذاك اليوم .. تظاهرت بالنوم . وما ان تأكدت من خروج والدتها حتى انكمشت على نفسها .. وهي تشد اللحاف بقبضتيها .. كل ما مضى كان يراودها .. تحاربه بقوة .. ولكنها لا تستطيع ان تغلبه .. جلست واحتظنت ساقيها .. ودست وجهها في ركبتيها .. كانت تراه .. تسمعه .. تسمع كلماته لها .. حبه لها .. تألمت حتى لم تعد عيونها قادرة على ذاك الألم .. وغير قادرة على اسقاط دمعة واحدة .. قامت تغتسل .. لعل الماء البارد يغسل معاناتها .. لم يكن باردا كما اشتهت .. كانت مغلقة عيناها والماء يتدفق بقوة على جسمها الممشوق .. كانت ترتجف تحت الماء .. بدأت اطرافها لا تقوى على حملها .. فجلست القرفصاء وهي تحتظن نفسها ..

لا يا هاجر .. لا تضعفين . لا تضعفين .. انتي قوية .. اقوى مما يتصورون .. خلي اللي صار دافع لج عشان تتغيرين .. تغيري .. لا تبقين البنت الحساسة المستسلمة .. لا تخلين اللي صار يدمرج .. خليه يقويج .. يصحيج من جسد هاجر الضعيف .. تقدرين تكونين هاجر مختلفة .. هاجر لازم تنولد الحين .. لازم يكون اليوم هو يوم ميلاد هاجر يديده ..

ولدت من جديد من رحم الماء الدافيء في ظهيرة يوم من ايام مايو .. ولدت هاجر أخرى من رحم الانكسار .. وخيبة الامل .. ولدت وولد معها مسار آخر لحياتها .. ولدت بعد أن قتلت قلبها .. او بالاحرى نفته لعالم آخر دون رجعة .. نفته ونفت معه كلمة من حرفين .. كلمة عرفتها منذ سنتين .. كلمة الحب .

,‘،
كان جالسا في مكتبه في فلته الضخمة التي انتقل اليها بعد زواجه من رشا .. الملفات تتكوم امامه بدون ترتيب .. وهاتفه لا يكل ولا يمل من الرنين .. اما رشا فكانت تتأفف وهي تتنقل بين قنوات التلفاز .. بعدها رمت جهاز التحكم من يدها وقامت وهي بأبها حلة .. وأبها اناقة تغري أي رجل .. وتذيبه بلا اي شعور منه .. دخلت عليه بدلع وقبلت وجنته اليمنى

رشا : حبيبي ما بسك شغل .. شو رايك نطلع نتعشا برع ..

سيف : بعدين ..خليها ليوم ثاني .. لازم اخلص كل شيء الليلة لان باجر عندنا اجتماع مهم ..

رشا : يعني ما في آمل ..

سيف : اسف حبيبتي .. خليها ليوم ثاني

كان يتكلم بدون ان ينظر اليها نظرة واحدة .. قالت : شو رايك فثوبي .. اشتريته اليوم من الازياء الكويتية اللي انعرضت اليوم ففندق الـ

قاطعها : حلو ... كل شيء عليج حلو .. وذوقج لا يعلى عليه

ابتعدت عندما رن هاتفه واجاب عليه .. انصرفت بحزن من المكتب .. وحالها لا يسر احد .. جرت مسرعة الى غرفتها فور اغلاقها لباب المكتب .. استلقت على سريرها وبكت بحرقة : ليش ؟ قبل ابوي والحين ريلي .. شو هالحظ ..

بعد ان انهى ما في يده .. شعر بالذنب لما حدث .. نظر الى ساعته فاذا بها تقارب الواحدة صباحا .. رتب ملفاته المهمة لاجتماع الغد في حقيبته حتى لا ينساها .. ثم غادر يبحث عن رشا .. هي لا تنام في هذا الوقت .. دائما تسهر الى وقت متاخر .. نزع وردة حمراء من بين اخواتها القابعات في مزهرية خزفية رائعة .. وصعد السلالم وهو يدندن بفرح .. طرق الباب بخفة وبنغمة .. ودخل تقدم من السرير . وجلس على حافته .. رجله اليسرى عليه وقدمه اليمنى تلامس الارض .. انحنى ليبعد خصلة شعرها التي انسدلت على وجهها .. وتحولت ابتسامته الى حزن .. حين رأى آثار الدموع المختلطة بلون الكحل الاسود ..

سامحيني رش رش .. بس كان الشغل صعب تاجيله ..

في الصباح استيقظ قبلها .. استحم وجهز نفسه للخروج .. طبع قبلة على وجنتها وخرج .. لم تشعر بشيء فنومها ثقيل لدرجة كبيرة .. وهو في طريقة الى سيارته يسبقه السائق اليها وبيده حقيبته ..

سيف : شو سويت يا طلال .. ما صار شيء للحين .. والا ما قدرت على هالمهمة السهلة .

طلال وهو يغير هاتفه من اذنه اليمنى الى اليسرى : اصبر علي يا سيف .. ترا الشغله مب بالسهولة اللي انتوا متصورينها .. لازم اخطط لها عدل .. واذا انتوا مستعيلين صدقوني بننكشف ..

سيف وهو يأشر لسائق ان يسرع : طلال .. بو فيصل كل يوم يسألني .. شو تريدني ارد عليه

طلال : خبره اني يوم اخلص كل شيء بيكون واضح له بدون حتى ما اخبره .. الحين يا اخوي العزيز اسمحلي .. لازم ادرس الخطة واسوي اتصالاتي ..

سيف : الله يستر منك يا طلول .. اخاف تفشلني ..

طلال : ههههههههههههههههههههههه بعدك ما عرفت طلول شو يقدر يسوي .. موفق خيو

اغلق الهاتف وتأفف .. لا شيء يعمله اليوم .. قام وارتدى بلوزة وبنطلون .. فنادرا ما يرتدي الثوب الاماراتي والغترة .. رش من عطر "ون ميليون " الذي لا يغيره ابدا منذ اكثر من سنتين .. وانتزع قبعة من قبعاته ووضعها على رأسه بحركة خفيفة من يده .. وبعدها خرج .. واذا به يعاود الاتصال من جديد .. اخيرا الخط لا يشغله احد .. نزل بخفة من على السلالم وهو يعدل وضع سماعة الاذن .. وقبل ان ينبس الطرف الاخر بأي كلمة

فيصل : انت وينك .. حشا منو هذا اللي تقرقر وياه من اكثر من ساعة ..

طلال وهو يكتم ضحكته لانه يعلم بردت فعل فيصل في مثل هذا المزاج الذي هو فيه : هلا والله بالنسيب .. يا ريال الناس تسلم .. تقول قودمورنينق .. هاي .. اي شيء مب سيدا جذي .. ترا مب مستغني عن اذني

فيصل : تنكت وييا فيسك . اسمع تراني مول مب رايقلك .. لاني من اكثر من ساعة اتصل فيك وكله مشغول .. وانا ادريبك عاطل لا شغله ولا عمله

طلال : شوف نفسك يالنسيب .. ترا حالك من حالي .. انزين شو اللي خلاني اخطر ع بالك اليوم ..

وصل سيارته وبخفة قفز في سيارته BMW المكشوفة دون ان يفتح بابها : وهو يحركها : انت وين الحين .. تراني والله ضايج صدري .. واريد اي شيء يخليني انسى اووم الملل اللي انا فيه .

طلال : اذا وياك الثيران لا اتيي صوب البيت .. تراك تعرف راي الوالد

فيصل : هههههههههههههههههههههههههه اما عليك تسميات ..

وهو ينظر في المرآة : هيه وراي .. بس لا تخاف .. والله لعذبهم .. فرصة لكسر الملل ويت لعندي

طلال : ههههههههههههههههههههههههههههه كفو والله .. انا اترياك فالمكان اللي تعرفه .

فيصل : اوك .. نص ساعة واكون هناك .

كان يتلذذ بتعذيب حرسه الشخصي .. من خلال ملاحقته في شوارع دبي .. حتى انه احيانا يتعدى حدود دبي .. وبعد كل هذا التعذيب في ملاحقته .. تبدأ عملية التظليل .. وخاصة على الطرقات السريعة .. مع ان تصرفه هذا بات معروفا لديهم الا انهم لا يستطيعون ان يتخلفوا عن اداء مهمتم .. لا يهم ان لحقوا به الى وجهته او ظللهم .. المهم التقارير تصل لابو فيصل اول باول .. وكذلك يكونون قد فعلوا ما باستطاعتهم لحماية فيصل .

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 17-09-12 05:18 PM


حين تكون الجمادات من حولك تحدثك دون صوت .. وتحس بك اكثر من اي شخص آخر .. وتحدثها انت بصمت الكلام ونظرات الاعين .. اعلم بأن ما فيك شيء لا تستطيع البوح به ..

جالسة على الارجوحة .. وتهزها بهدوء .. وكأنها تحكي لها همومها التي باتت كجمر نار تتوسده ليلا .. وتمشي عليه نهارا .. اعتقت شعرها من سجن شيلتها الملونه .. وتركته للهواء يحركه كيف يشاء .. لا احد في هذا الوقت موجود .. سواها وعمتها ام سعيد .. والخادمات .. الجميع خرجوا في مشاغلهم اليومية .. والبعض اخذته مشاوير أخرى بعيدا عن المنزل .. اليوم راحة سكون تشعر بها في مكانها المفضل .. لا شيء يقيدها .. لا خوف من أن يراها شاب من شباب العائلة او يرى شعرها الذي انتعش بنسمات الهواء الباردة في هذا الصباح الجميل ..

كانت تتنهد بين الفينة والفينة .. والافكار تشن حرب ضروس في عقلها .. ابتسمت وهي ترا زوج حمام زاجل امامها .. يحاول الذكر بشتى الطرق ان يلفت انتباه الانثى له .. وهي تبتعد لعله دلع منها او مكابرة .. وسرعان ما يقترب .. لتنقره فيقفز بعيدا عنها .. وفي محاولة اخيرة منه .. استسلم حين لم يأته قبول .. وظل وحيدا .. كسيرا .. هل رميه لنفسه بهذا الشكل غير مقبول لها ..

حزنت على حاله .. ولكنها سرعان ما ابتسمت من جديد حين رأته يقترب من أخرى .. لكن هذه المرة غير استراجيته .. لم يلح عليها .. وكابر بعد المحاولة الاولى .. وبعدها استسلمت له .. هل تعشق الانثى عنفوان الرجل .. وهل يكره الذكر عنفوان الانثى .. ؟ سؤال دار في خلدها .

وهي على حالها اذا بصوت نحنحه خلفها لتفز من مكانها كما لو قرصتها افعى .. وتنتزع الشيلة بقوة وتستر شعرها الكستنائي.

,‘،
تشدنا دائما الأمور الغريبة ، والخارجة عن المألوف . ونظن بأن نظرنا لها سيعطي صاحبها الانطباع الذي نريده ، معجبون أم كارهون . ولكن حين تنظر بازدراء لفتاة من جنسيتك قد رمت كل ماله علاقة بالأنوثة خلف ظهرها . فماذا تعتقد الانطباع الذي أعطيته لها ؟

كثيرات هن ، وقليلات أيضا . كثيرات وبأعداد كبيرة خلف جدران الخوف . وقليلات هن من ظنن إنهن شجاعات . أي شجاعة هذه يا هذه ؟ جعلتك تنسلخين كم تنسلخ الأفعى من جلدها . وتتلونين كما تتلون الحرباء . هل تظنين أنك شاب . هلا تعتقدين أن الفتيات ينظرن إليك بإعجاب ؟ وأن الشباب سيمدون لكي الأيدي للصداقة ؟ واهمة أنتي .. انظري إلى جسمك وإلى وجهك .. هل به شعر كثيف كشعر الرجال .. وانظري بين ساقيكِ .. ماذا ترين ؟ هل ترين ما في الرجل ؟ لتقولين بانك رجل .

صرخت بعد أن قرأت المقال حتى آخر كلمة فيه : واااااااو ... ياليتهن يقرن كلامك عنهن ..

اخذتها الافكار وهي جالسة على احد الاجهزة في مكتبة الجامعة .. وعلى الشاشة موقع جريدة الاتحاد .. وامام ناظريها مقال المدعو غريب بلا وطن .. بلعت ريقها وهي تنظر للإيميل بآخر المقال .. لا يبدو أنه خاص بالجريدة .. عادت تقرأ المقال للمرة الثالثة .. تشدها كلماته بقوة .. يؤثر فيها بقوة .. حتى اضحت تحاول أن تكتب مثله .. ليس من عادة روضة أن تبتعد عن صديقاتها ولكن اليوم لم ترغب بأن تكون في الاماكن المعتادة .. خوفا من أن تقع عيناها على ابنة خالتها هاجر .. حتى أنها تفكر بأن لا تذهب لاي محاضرة فيها هاجر .. ولكن إلى متى الخوف والهروب ؟
,‘،

في نفس الوقت كانت والدتها في المطبخ توجه الخادمات في ترتيب مطبخها .. وبعد أن اوصتهن بتجهيز ما يلزم لصنع الغداء خرجت متوجهة إلى غرفة العنود ولا يزال ما حدث في ليلة البارحة يطرق مخيلتها وكأنه تراه امامها .. كان صراخ روضة مخيفا حتى قاموا جميعهم يجرون خارجين من الصالة .. هالهم منظر روضة التي بدت ترتجف وكأنها رأت شبحا .. هذه هي روضة طيبة وساذجة بعض الشيء وخوفها مبالغ فيه بقوة . لا تستغربون اذا سقطت من طولها من الخوف .. كانت ترتجف وبالكاد تتكلم .. وامها واخيها وسارة يحاولون معرفة ما فيها تكلم ناصر بعصبية بعد ان ضاق ذرعا بخوفها الذي اخرسها عن الكلام : تكلمي شو فيج ؟ شو مستوي ؟

وهي تلهث : الـ .. ع..نو.... د
ما ان سمع الاسم منها جرى مسرعا الى غرفة اخته تتبعه سارة وبعدهما والدتهما .. دخل وجلس بجانب السرير والخوف يعتري نفسه .. راها ترتجف وتهذي بكلمات متقطعة : خليها بعدين نوف .... امي احمد راح ... ما اريد اروح المدرسة ...
حاول ايقاظها ففتحت عيناها بتعب دون ان تعي اي شيء ، بكاء وضباب غريب تراه امامها .. وفجأة طارت الى الاعلى .. واذا بدفء يتسلل الى جسدها النحيل : امي لبسي عباتج ولحقيني .. وانتن خلكن هني الين ايي ابوي لا تفتحن الباب لاي مخلوق فاهمات ..
سارة : ان شاء الله .. تبعته وهو يحمل العنود بين يديه : طمنونا عليها .. لا تنسى نصور ..

وهو في طريقه للخارج : ان شاء الله .. بس خلي امي تستعيل .
كل ذلك كان يمر في ذهنها وهي صاعدة السلالم .. فتحت الباب ببطء وبعدها تقدمت من العنود وانحنت تتلمس جبينها .. فاذا بهدا تفتح عيناها : امي
ام احمد : يا عيون امج ..
جلست بجانبها ووضعت راسها على صدرها وهي تمسح على راسها وترفع خصلاتها عن وجهها : شو صحتج الحين ؟

العنود : امي ايدي تعورني ..
ام احمد : هي كيف انكسرت .. انتي طحتي والا شليت شيء ثقيل .. والا شو صار وياج
العنود وهي تدفن وجها في صدر امها وبالكاد يفهم كلامها : ما ادري ..
ام احمد : استغفر الله العظيم .. بروح ايبلج ريوق .. عشان تاخذين دواج ..

ما ان خرجت والدتها حتى عمدت الى البلاك بيري وسحبته صرخت : اووووووف .. من متى هذيلا يسولفن ويطرشن بنقات .. لاااا .. وحارقات البي بي من الاتصالات ..
رمته عند اقدامها : اووه روحن موتن .. واسقطت راسها بقوة على الوسادة .
,‘،

شو سويت فيهم ما اشوفهم وياك .. سؤال طرحه طلال على مسامع فيصل حتى قبل ان يجلس على الطاولة في ستار بوكس في مول ماركاتو .. الذي يعتبر من اول المولات التي بنيت على الطراز الاوربي في الشرق الاوسط ... جلس وهو يضحك .. نظر اليه طلال بشيء من الاستغراب : شو صار فيهم .. ترا ما يتطمن من ضحكتك هذي

انحنى : ما صار فيهم شيء .. بس حادث شل مقدمة سيارتهم .. هههههههههههههههه

لم يعجبه برود فيصل .. وما يفعله .. انحنى قليلا وهو يربع ذراعيه على الطاولة : فيصل .. ما تخاف من اللي تسويه .. لو الحادث صارلك انت لا سمح الله .. شو بيصير باهلك ..

فيصل : اعوذ بالله .. شو بلاك قلبتها غم .. وطايح في نصايح ..
فتح ذراعيه قليلا واخذ ينظر لنفسه وهو يقول : هذوني ما في الا العافية .. شوفني ها .. لا ضلع مكسور .. ولا راس مفلوع .

سكت قليلا بعدها قال : قوم

وقف ووقف طلال معه : وين بنروح ؟

فيصل : بنسافر

فتح فمه على الاخر وعيونه زاد اتساعها : هاااااااااااا

انفجر فيصل ضاحكا وهو ياخذ نظارته من على الطاولة ويلبسها : سكر اثمك عن اطيح فيه ذبابه هههههههههههه

مشى خلفه : انت من صدجك .. والا تمزح .

فيصل بتأفف وهو يركب سيارته : من اول ما طلعنا وانت تقرقر ع راسي .. يا ريال ما واحالك تعرفني ( للحين ما تعرفني ).. امزح امزح .. وين بنسافر اذا نريد نسافر

طلال : انزين وين رايحين

فيصل : مادري .. بنحوط شوي بالسيارة .. ويمكن نروح البحر ..

طلال : الحين ؟

وقت الضحى وفي هذا الشهر وفي مدينة من مدن الخليج .. يكون الجو حار لا يساعد على الذهاب للبحر .. فالشمس تستعد لتتدني من رؤوس الخلائق .. وتكويها .. حتى لا يكاد العقل ان يعي .. والجسم يبكي دون توقف ويكاد ان يغرق من تلك القطرات النازفة الهاربة من مسامات الجلد الفاني ..

اوقف سيارته قبالة البحر .. واخذ يتأمله ، وطلال لا يكل من الكلام : انزين شو رايك نسافر .. نروح نغيرلنا جو عن هالحر .

فيصل وهو يلتفت لطلال : شورك وهداية الله بس وين نروح

ابتسم طلال وصرخ : اسبانيا .. والا اقولك نروح كالفيورنيا ..

رفع حاجبه : وليش يعني كاليفورنيا .. في مليون غيرها

احس بانه تورط .. سكت قليلا وهو يحاول الهرب من نظرات فيصل المليئة بالشك : شو عرفني .. اخطرت ع بالي .. وحاب ارجع ايام الدراسة .. وبعدين الجو فهالوقت عندهم خبال .. صح بارد بس مب واايد .. والمطر .. كم اشتقت لك ايها المطر

فيصل : ههههههههههههههههههههههه اشتقت للمطر والا لجولي .

بغضب رد : جولي ماضي .. خلها تولي بس .. انا اريد اروح استانس .. تخاويني ؟

فيصل وهو يغمز بعينه اليسرى ويميل براسه قليلا : اخاويك . ليش لا .


,‘،
مغمضة عيناها .. وتاركة خصلات شعرها تتلذذ بنسيم الهواء .. وصدرها يحاول ان يسحب قدر ممكن من هواء هذا الوقت .. كانت وهي تتنفس بعمق كمن اطلق سراحه من قبو مظلم لا هواء فيه ولا شمس .. ارجحت الارجوحة اكثر وكانها تجبر الهواء ان لا يكف عن العبث بشعرها .. فزت من مكانها ودون شعور منها سحبت شيلتها وغطت شعرها .. وقلبها يقرع طبول في صدرها وكانه يبحث عن مهرب من بين اضلعها .

عبد الله : السمووحة .. خوفتج .. ما ظنيت انج بتخافين ..

تحاول ان تلتقط انفاسها : انت ما داومت اليوم ؟

عبدالله وهو يترك مكانه ليجلس حيث كانت جالسة : داومت واستاذنت .. والحين انا هني .

لم تكن تنظر اليه ، فكل نظراتها للاسفل : عن اذنك

ادبرت لتترك المكان ، فوقف وناداها : صبري شوي ريم .

ريم بشيء من الخوف : شو تريد .. ما اظن بينا شيء نسولف فيه

تطلقي ، نطقها لتتصلب معها جوارحها ، هل سمعت ما سمعته ، ام انها تحلم . مالذي يتفوه به .. الى اين يريد ان يصل ، كيف استطاع ان ينطقها ، كيف سولت له نفسه ان يهدم حياة اخيه . لحظة عن اي حياة ااتحدث ، عن اي حياة . ساورتها تلك الافكار وهي في اوج صدمتها .

نظرت اليه : شو قلت ؟

وهو يقترب منها حتى اصبح بينه وبينها اقل من خطوتين : تطلقي من سعيد .. وانا بوقف وياج ..


ريم : انت ينيت , منو قالك اني اريد اتطلق ..


عبدالله : انتي يا ريم ..


نظرت اليه بتعجب ، انا .. لا احد يعلم باي شيء .. كيف اكون اخبرته . هذا ما دار في خلدها . فاكمل : ويهج تغير ووايد يا ريم .. حاس انج مب مرتاحه وياه . تطلقي ومستعد اكون وياج للاخر .. اشتري سعادتج .


ابتسمت ابتسامة ساخرة : انت اكييد ينيت .. تريد توقف ضد اخوك فالمحاكم ..


قاطعها : وشو ياب طاري المحاكم .. انا بقنعه يطلقج بيني وبينه .


لوحت براسها ، وضاقت حدقاتها وهي تقول : يا ويلك لو فتحت هالموضوع لسعيد .. انا احبه ولا اريد اتطلق .. مب كافي انهدم بيت ياي تريد تهدم بيت ثاني . عن اذنك .


شد على قبضتيه وهو يراها تغادر المكان ، جلس على الارجوعة بغيض : يا ليتج بس تعرفين .. ياليت .


وهما هناك كانت عيون تراقبهم من بعيد .. عيون قد شدها ما كان يحدث .. وقرب عبدالله من ريم .. تُركت الستارة بقوة لتغطي النافذة التي كانت شاهدا صامت على ما حدث .. اكتست اجواء تلك الغرفة بالانفاس الغاضبة .. والحقد المتأجج .. حتى فسد هوائها .. وتلوثت جدرانها من تلك النظرات القاسية .


,‘،

جميل ان تعيش قصة حب رائعة ، ويدخل حبيبك الى قلبك خطوة بخطوة .. وتخلد حكايتك مع الايام في اذهان ابنائك في المستقبل .. حب لم يأتي عبر الطرق الملتوية .. ولا عبر اللقاءات المحرمة .. وحتى لم يكن الانفتاح الحاصل في حياتنا الطريق اليه .. حب حدث بطرق تقليدية .. انولد في قلبها قبل قلبه .. فتغلغل حتى وصل الى اعماق الفؤاد .. لا تزال خجلة بعكسه هو الذي كان يلقي على مسامعها عبارات الوله .. ويغدقها بطقوس الحب الحلال .

دون سابق انذار دخلا المنزل .. كانت جالسة في الصالة لوحدها وتستمع لاذاعة ابوظبي وبالتحديد برنامج استوديو واحد ، الذي يناقش قضايا الاماراتين ومشاكلهم ويسعى لحلها بالكثير من الطرق . تنحنحن ، فالتفت وقامت والفرحة تتلبسها : حيالله من يانا .. هلا .. هلا بوليدي ..


تقدم منها وانحنى عليها محتظنها .. فطوله ليس بقدر طولها .. قبل راسها وعاد يحتظنها بلهفة الابن الغائب .. وشوق الى الحظن الدافيء . بكت فرحا وطربا .


طارق : شو بلاج يالغاليه .. انتي بالحزن تصيحين وبالفرح بعد تصيحين


مسحت دموعها : غصب عني .. بشوفة الغالي والله ..


بحياء تقدمت : شحالج خالتي ؟


قبلت راسها ومن ثم وجنتيها


ام عمار : بخير .. انتي شحالج يابتي .. وان شاء الله طارق ما عذبج وياه .


طارق يمثل الغضب : افااا وانا ولد بو عمار .. هذي هقوتج في يالغالية .


ضربته على كتفه : انت ما بتيوز عن سوالفك .. يالسه اسال البنيه شو دخلك فالموضوع .


قال وهو يطوق شهد بذراعه اليمين : البنيه هذي حرمي المصون . يعني دخلني ونص وثلاث ارباع


احست بالحرج وهو يطوقها ويشدها اليه امام ام عمار .. وتنفست الراحة عندما تركها تلبية لدعوة ام عمار لهم بالجلوس .. تحدثت معهم مطولا .. واصرت ان تتصل بابو عمار لتبشره بعودتهم بالسلامة .. ولكن طارق اصر عليها ان لا تفعل حتى تكون مفاجأة للجميع : ياللا يالغالية عن اذنج بروح ارتاح .. لفينا العالم واحنا رادين ههههه


لم تفهم ام عمار ما يقصده ، وسالت عن قصده .. لتجيبها شهد ولا يزال الحياء يغطيها : خالتي يقصد ما لقينا رحلة مباشرة للامارات .. يعني توقفنا فكذا مكان الين وصلنا


ام عمار : وشو حادنكم ع التعب ..


قام واقفا : اشتاقت لاخوها .. شو اسوي بدلع البنات


رفعت راسها ونظرها عليه حيث انها لا تزال جالسه : حراام عليك .. انت اللي اصريت نرد .. لا تحط اللوم علي


انحنا وامسك خدودها : فديت اللي تصدق اي شيء ينقال ..


تمنت لو الارض تبلعها حينها .. كيف يقوم بهذه الحركات امام والدته .. كيف تعود عليها في هذه الفترة القصيرة .. اسبوعان مرا منذ جمعهما القدر تحت سقف واحد .. ولما لا تزال لا تستطيع ان تقترب منه اكثر كما يفعل .. كان وجهها يرسم الوان الحياء وهي تفكر بكل ذالك .. وفجأة اذا به يخرجها من افكارها .. ويسحبها من يدها برفق وهو يقول لامه : بنرتاح لا توعينا ولا تخبرين اي حد عنا .. اتفقنا يالغاليه ..


حقائبهم وصلت قبلهم .. دخل ولا يزال ممسكا بيدها .. ولا يدرك ما تحكم منها بسبب تصرفاته العفوية : وهذي حجرتنا .. طبعا هذا ذوقي على ذوق هجور ..


اخيرا اعتق يدها وجلس على السرير : شو رايج ؟


اخذت تنشر نظراتها على الديكور الهاديء ..بدأت جولتها بالسرير المنخفض ، باغطيته البيضاء ولونه البني الهادي .. الموضوع على سجادة ذات الخيوط الصوفية البارزة مع زخرفة جميلها على احدى زواياها .. وتحول نظرها منها الى الرفوف الخفيفة المثبته على لوح خشبي بارز من الجدار بجانب الكوميدينة .. كانت الرفوف الاربعه تمتد من محيط نصف الدائرة المعمولة في اللوح الخشبي .. وبعدها على الستائر الانيقة ذات اللون الذهبي الهاديء .. ومنها الى التلفاز ذا الشاشة البلازمية المثبت على الجدار مقابل السرير : ذوقك واايد حلو .. وهادي .


طارق : الحمد لله انه عيبج .. الغرفة صغيرة . وعندج هناك غرفة الملابس وفيها التسريحة والحمام فاتح عليها .


خلعت حذائها .. فاذا به يقول : لا لا لا .. شو سويتي


خافت وارتبكت : شو فيك حبيبي .. شو صار .


طارق : ليش تحتي نعالج .. الحين بتم يالس طوال الوقت .


استغربت منه : ليش ؟


طارق : لاني اذا وقفت بحس عمري عملاق بشري يمشي على الارض .. وانتي قدامي قزمة .. يعني شعور ابد مب حلوو


تخصرت وقلصت نظراتها : يعني ما شاء الله .. ربي عطاك طول .. فلا تيلس كل شوي تحسسني اني قصيرة .


مشت للغرفة الثانية .. ويبدو عليها الغضب منه .. خلعت عباءتها المغلقة وتبعثر شعرها .... اخرجت المشط من حقيبتها اليدوية ورمتها بعدها حتى استقرت بعشوائية على كرسي التسريحة .. وقف بجانب الباب وربع ذراعيه واسند جانبه الايمن عليه ، اخذ ينظر اليها والى جسمها الضئيل الباين بكل تفاصيله بسبب البنطلون السكيني الاسود والقميص الحريري الذي يلامس جسدها .. وخصرها الذي يعانقه حزام اسود من الجلد المجدول .. لمحته عبر المرآه .. واخجلتها نظراته .. تقدم منها بهدوء وانحنى يشم شعرها الاسود القصير .. امسك كفيها وهو لا يزال خلفها وربع ذراعيها على صدرها واحتظنها .. وهو ينظر في المرآة لوجهها الذي تبعثرت عليه دموعها : تصيحين يا روحي .. كنت امزح وياج


بين شهقاتها الرقيقة قالت : بس مزحك مرات يجرحني .. بدون ما تحس انت .. بس يجرحني .. ربي خلقني قصيرة وخلقك طويل .. يعني يبالك عارضة ازياء مب وحدة مثلي


ضحك بقوة ولفها نحوه .. ورفع راسها ومسح بابهاميه دموعها : وانا ما اريد عارضة ازياء .. انا اريد شهوده وبس .


ضمها الى صدره .. ودفنها حتى اضحت لا ترى من جسده ..
,‘،
الحياة مليئة بالانجازات لمن هو طموح وينظر بعيدا .. وكثيرا هم أولئك الذين يطمحون للمزيد منها .. وسلاح الصبر والمثابرة رفيق من أراد أن ينجز شيء في حياته .. أبو فيصل إنسان عصامي .. بدأ بتجارة والده البسيطة عبر محلات الملابس .. لم يكن يملك إلا 5 محلات موزعات على مناطق مختلفة في دبي .. أكبرهن لا يأتي قيد أنملة في تجارته الحالية ..حلم وطمح وثابر فحقق ما أراد .. حتى أضحى من أغنى تجار دبي والشرق الاوسط .. هاهو يجلس في مكتبه في اكبر شركاته المختصة في البناء وادواته .. ويجلس قبالته ابو بسام رفيق دربه من ايام الشباب

ابو بسام : يابو فيصل .. ترا والله مب مطمن من اللي يالس يصير


ابو فيصل : انا تاكدت من الارض .. ومهندس الشركة تاكد وراح وعاين الموقع .. والمشروع درسناه الف مرة .. شو اللي مخلينك تشك .


ابو بسام وهو يضع كوب الكابتشينو من يده : مادري .. بس قلبي مب مطمن . ويا رب اكون غلطان يا سالم


ابو فيصل : ياليت فيصل وياي وماسك عني شيء من هالشركات .. كنت بتفرغ لهالمشروع .


ابو بسام : المشروع محتاي متابعة دايمة .. وغير انه بيعتبر من اكبر المشاريع اللي مرت علينا طوال 20 سنة .


بينما كان هذا الحديث قائما في الشركة كان حديثا اخر يحدث في غرفة فيصل ، الذي كان يضع بعض ملابسه على عجل في حقيبة سفر صغيرة

ميره وهي واقفة تنظر اليه بشيء من الضيق : الحين ما تقولي وين بتروح .


دون ان ينظر اليها وهو منهمك في ترتيب ملابسه في الحقيبة : بتعرفين بعدين .. اول ما اوصل ان شاء الله بتصلج .


وليش جذي فجأة قررت السفر ؟ سؤال طرحته وانتظرت اجابه عليه ولكن لم يصلها شيء . وضعت يدها على كتفه وقالت : فيصل طالعني وجاوبني .. من وياه بتروح .. وليش بتسافر بدون اي مقدمات .


التفت وامسكها من كتفيها : مام .. ما لقيت حجز الا بعد ساعة من الحين ..


ميره : كيف !.. بتسافر فطيارة عامة ؟.


ابتسم واجاب وهو يعود الى حقيبته ويغلقها : وابشرج فالدرجة السياحية .


ضربت كفها الايمن بالايسر : لا حول ولا قوة الا بالله .. ومن وياه رايح .


علق حقيبته على كتفه وهو يمشي خارجا : مع طلال .


مشت خلفه وصوتها بدأت تعلو نبرة الغضب فيه : ما نقيت الا طلال .. الصايع الضايع تروح وياه .


نزل السلالم وهي من خلفه : كم مرة اقولك ابعد عنه .. ما يناسبك تمشي مع واحد من اشكاله .


وقف فجأة قبل ان يصل الباب الرئيسي بخطوات والتفت : عيل ناسبتوهم .. وزوجتوا بنتكم من اخوه ما قلتوا شيء .


ميره : بينه وبين اخوه فرق السما عن الارض .. وانا بخبر سيف يتصرف مع اخوه


زفر بقوة ، وبعصبية قال : طلال مب صغير عشان تشكينه لاخوه ..


ميره وبحده : لو مب صغير ما ورطك مع بنات الليل .. والعالم الله وين كان بيوصلك

رفع نظره للاعلى وكانه يريد ان يفرغ شحنات الغضب التي تملكته ، نظر اليها : حادثة صارت وراحت لحالها .. احنا كبرنا الحين .


ميره : باين انكم كبرتوا .. واقص ايدي اذا ما كان هو اللي موسوس فراسك بسالفة السفر .


اراد ان ينهي الحديث ، وان يبتعد عن الجو المشحون : تاخرت .. سلميلي ع خواتي .. والوالد بتصل عليه من المطار وبخبره .. هذا اذا ما سبقني سيف وقاله .. مع السلامه يالغالية .

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:41 PM

الفرحة تسدل خيوطها على تلك الصالة الواسعة .. وتحيك من ضحكاتهم حكايات عنوانها السرور والسعادة .. الجميع منتشي ويشعر بان اليوم مغاير عما سبقه من ايام .. تلك الايام التي كان رفيقها الحزن .. ووصيفاتها الدمووع .. ايام لا تتعدى الاربعة ولكنها كانت بمثابة الدهر .. بكآبتها الجاثمة على صدور من عاشوها ..

الجميع متواجد ما عدا هاجر التي لا تزال في الجامعة .. اللحظات رائعة .. لا تخلوا من مزاح طارق المعتاد .. ولا من ضحكات ابو عمار العالية .. حتى الخجل كان له نصيب من خلال تواجد القاطن الجديد في العائلة .. شهد ووجهها الطفولي وضحكتها الرقيقة بين الفينة والفينة كانت تعطي الاجواء نكهة مختلفة .. وطابعا جميلا .. عمار وبرغم جديته الا انه اليوم نفاها خارج اسوار المنزل ..

ام عمار : تاخرت هاجر .. يعني لو اتصلت عليها ما كان احسن .


عمار : امي هاجر محاضرتها تخلص ع الساعة 3 ونص .. لا تحاتين اكييد الحين هي فالطريج ..


وما ان انهى جملته حتى دخلت .. وما ان خيل لها طارق بطوله الممشوق حتى رمت ما في يدها وهي تجري نحوه صارخة : طروووووووووووووق


ليحظنها ويرفعها ويطوحها في الهواء وكانها طفلة صغيرة بين ذراعي والدها .. اخذ يدور بها وسط استغراب مكللا بالغيرة من شهد : اشتقتلج يا هجوور .. ورب البيت اشتقتلج .


سكن اخيرا من الدوران ، وامسك وجهها بكفيه واخذ ينظر اليها : ما اتصور ان عقب اسبوع بياخذج مني احمد .. بس والله ما اخليج .. بروحلج كل يوم .. ولا همني فيه .


انسحبت خيوط الفرح من المكان .. لتحتله خيوط حزن كانت وعادت .. دمعت عيناها .. دمعت لا شعوريا منها ووجهها بين كفيه : هجور ليش الدموع .. قلتلج ما ..


قاطعته وهي تمسك رسغيه وتسحب كفيه من على وجهها : احمد طلقني .


لم يعي ما تقوله .. اخذ يسالها ان تعيد ما قالته .. ويكرر سؤاله .. حتى صرخت : طلقني ..


وبعدها ركضت للاعلى .. لملاذها وكاتم اسرارها .. اجتاحه الغضب .. حتى صار كثور هائج في حلبة مصارعة وقد انهكته الرماح .. صرخ وتوعد انه لن يدع احمد وشأنه .. صرخ في اهله كيف لهم ان يكونوا بهذا البرود .. انهال عليهم بالكثير من الكلمات .. حاول عمار ومن بعده والده تهدأته .. ولكن لا فائدة .. انسحب عمار للاعلى ليرى هاجر


دايم طيبتكم تخليكم فمواقف مثل هذي .. الين متى وانتوا تسكتون عن حقكم بهالشكل ..


ابو عمار : طارق يا ولدي مالهم نصيب مع بعض .. قدر الله وما شاء فعل ..


حين صعدت ودخلت غرفتها استندت بظهرها ع الجدار وبكت .. اخذت دموعها تنساب دون توقف .. كانت كالحمم الحارقة تجري على خدودها الناعمة .. زادت شهقاتها حتى سمعها عمار وهو واقف خارج الغرفة .. لم يطرق الباب ولم يفتحه .. كان نحيبها اشبه بسكاكين تجرح قلبه وصدره بلا هواده .. صوته كان يصل اليها .. ووعيده بالانتقام من احمد يرن في اذنيها كاجراس تقرع في كنيسة يوم احد .. غطت اذنيها بكفيها .. تحاول منع ذبذبات صوت طارق من الولوج .. لكن هيهات ان لا تلج .. نزلت ببطأ وهي تصرخ : بس .. كافي ..


افترشت البلاط وتكورت كجنين في رحم امه .. ولا تزال اذناها مغطاتان بكفيها .. كانت تصرخ : خلاص يا طارق .. الله يخليك خلاص ..


صوتها الباكي وصرخاتها المخنوقة كانت تكبل عمار عن الدخول .. جرى عائدا ادراجه للاسفل .. وهو يسمع طارق يصرخ وهو متجه نحو الباب : والله ما اخليه عايش .. والله لشوفه نجوم الظهر ..


وقبل ان يخرج صرخ عليه عمار ليقف . وما ان نطق باسم هاجر حتى ترك المكان والوعيد وصعد مهرولا للاعلى يطوي الدرجات درجتين درجتين .. كان الرعب قد تسلل لقلب ام عمار .. كما تسلل لقلب شهد التي لاول مرة ترى طارق بهذه الحالة .. حتى انها من خوفها بكت على صدر عمتها ..


طرق الباب ، وناداها لتفتح ، ولكن لا يسمع الا نحيبها وشهقاتها .. امسك مقبض الباب ليفتحه فاذا بعمار يقول : هي عند الباب .. لا تعورها ..


فتحه ببطأ ، وازاحه بثقل .. كانت تنسحب للامام وهي على حالها من التكور .. ازاح الباب حتى استطاع ان يدخل .. تخطاها . وجلس على ساقيه امامها .. ورفع جذعها عن الارض ولا تزال يداها في مكانهما .. قربها من صدره .. واحتظنها وهي لا تكل من ترداد : خلاص الله يخليك ..


شدها اليه بقوة وكانه يخاطبها بدون صوت : انا هنا يا هاجر .. طارق بجانبك .. لا تخافي .. ساكون معكِ دائما ..


,‘،
البرود .. والملاح الجامدة اقسى ما يكون في الرجل .. كان جالسا على مكتبه وفي يده قلم حبر ازرق ينقر به الطاولة بخفة .. وكأنه ينتظر حدوث شيء ما .. الغترة الحمراء التي كانت على طريقة القطريين في اللبس .. ونظارته الشمسية التي لا تفارق عيناه حتى في داخل مكتبه ، ولحيته المرسومة بتناسق تام .. وانفه المنسل كالسيف .. وسماره البدوي ، كل ذلك رسم لوحة لشاب وسيم واثق وعنيد .. زاد توتره وزادت وخزات راس القلم لطاولة ..رفع قبضة يده وغطى بها فاهه من جهة الابهام .. ولا يزال يطرق الطاولة بذاك القلم الذي نزف حبره قطرة قطرة مع كل طرقة ..فتح الباب اخيرا لتطل منه فتاة حاسرة الرأس ترتدي بنطلون جينز اسود ضيق وبلوزة ناعمه يغطيها جاكيت اسود قصير .. وبلهجتها اللبنانية : استاز ..الشخص اللي بدك اياه فمكتبي ...


ابتسم ابتسامة تخطف الالباب ولكن بها شيء من الغرور : خليه يدخل .. ولا ادخلين علينا اي حد ..


خرجت ليدخل شاب في العشرينات من العمر بدين بعض الشيء .. يرتدي ثوبا بنيا وغترتة بيضاء قد لفها على رأسه .. كان متوترا .. ووقف امام المكتب دون ان يرفع نظره لشخص القابع خلفة .. تفاجأ حين دعاه للجلوس .. ولكنه فضل ان يبقى واقفا .. وما ان قال : اريدها ، حتى رفع الشاب راسه : منو اللي تريدها يا طويل العمر .


ترك القلم من يده وربع ذراعيه على الطاولة وانحنى قليلا : خطيبتك .

الشاب : ما عندي خطيبة طال عمرك ..


قام ونظرات الشاب تتبعه وما ان وقف قبالته حتى انزل نظره للارض : البنت اللي كانت معك من يومين في محل الاحذية .. شو تصيرلك ؟.


بلع ريقه وتسارعت انفاسه : اختي طال عمرك .. بس هي مخطوبة وعرسها الشهر الياي ..


وضع يده اليسرى على كتف الشاب اليسرى وضرب بخفة ثلاث مرات وهو يقول : تفسخ الخطبة .. وانا مستعد اعطيك مهرها 500 الف ..ووظيفة عودة فوحدة من شركاتي .. شو قلت .


الشاب : بس هي مخطوبة .

انتفض غيظا وصرخ : قلت اريدها .. انت ما تفهم ..


تزلزل المكان من صرخته حتى الكلام تلعثم في فمه .. ومخارج الحروف ثقُلت ، ودون وعي منه قال : اللي تشوفه طال عمرك ..


لتعلو ابتسامة محياه دليل النصر .. وبعد ما حقق ما اراده اعطى اوامره للشاب بان ينصرف ، وان ينتظروه يوم الجمعة ليأتي خاطبا لاخته.


,‘،

يوم اخر يشد الرحيل نحو الماضي تاركا الحاضر الذي كان فيه .. مر على البعض عاديا وساكنا الا من بعض المناوشات اليومية الحاصلة لا محالة .. وعلى البعض مر بدموعه وآلامه وقسوته .. الحال الذي تعيشه لم تعد تحتمله .. فبثت بشكواها لامها في حضرة أختيها جواهر ورنيم .. كانت تشتكي من تعامل سيف .. ومن مدبرة المنزل اللبنانية التي وظفها .

كانت تصرخ بغضب : كرهت لبنان بسبب موظفاته .. فالبيت وفالمكتب .. شو حاب فيهن .. مياعتهن والا لبسهن الماصخ اللي ما اعرف ليش يلبسنه وهو ما يستر شيء ..

ميره : لا حول ولا قوة الا بالله .. يلستي وياه كلمتيه ..


هزت رأسها بلا وهي تعض عاى شفتاها ودموعها لا تمل من الانحدار من عينيها ..

جواهر : تستاهلين .. انتي اللي اصريتي تاخذينه .. وراسي والف سيف ما اتزوج الا سيف ..


رنيم : ههههههههههههه حلوة ع الوزن والقافية


صرخت رشا باسم امها وكانها تستنجد بها لتضع حد لكلام اختيها .. نهرتهما ميرة وامرتهما ان يتركا المكان .. لتتكلم مع رشا لوحدها .. نفذا الامر .. وصعدتا غير مباليات بحالة رشا الهستيرية التي لم تكف عن البكاء منذ مجيئها عند السادسة مساءًا ..حاولت ميرة ان تهدئها .. وتنصحها بان تصبر وتحاول ان تتفاهم مع سيف ..

وقفت بعد ان ملت من سماع نصائح ميرة : ما اريده .. اريده يطلقني .


توجهت نظرات ميرة للشخص الواقف عند مدخل الصالة وبيده باقة من الورد الجوري الاحمر .. التفتت رشا حيث تنظر والدتها .. وتسمرت عيناها على منظر سيف الواقف دون حراك الا من يده التي نزلت مع باقة الورد بهدوء ..

,‘،

بينما كان سيف يتجرع مرارة تلك الكلمة التي نطقت بها رشا ، كانت هاجر تتجرع حقيقة هذه الكلمة .. انزوت بنفسها بعد ان تركها طارق بُعيد العصر .. لا تعرف لماذا انهارت بهذا الشكل .. هل السبب وجود طارق الاخ الذي لطالما كان معها في كل ما تريده .. ام ان الحمل كان ثقيل عليها .. لم تستطع حمله اكثر .. فانهار بها ..


كانت جالسه باكملها على سريرها وحاظنه ركبتيها ومسندة ذقنها بهن .. كانت تفكر بالقادم .. وتحاول ان تدفن الحاضر الذي تعيشه .. بعد ان اتعبها التفكير قامت بكسل .. اخرجت جهازها المحمول من حقيبتها .. ووضعته على مكتبها وفتحته .. انتظرت قليلا حتى بدأت شاشة الويندوز تتجلى امامها وتناديها لتبدأ العمل .. لم يكن في بالها هدف ما .. فهي نست طريق المنتديات وطريق الدردشات على الانترنت بسبب احمد .. حتى انها نست اسم المنتدى الذي كانت تشارك فيه لسنوات عندما كانت مراهقة تحب العبث دون الخوف من القادم .. اخيرا ضغطت على ايقونة متصفح الانترنت .. وعبر قوقل دخلت تويتر .. تنفست وهمست لنفسها : اريد ان اغرد .. كما تغرد طيور الصباح .. بسرعة بدأت العمل لتكون واحدة من ملايين المغردين في هذا العش الكبير .. مضت نصف ساعة وهي تحاول ان تسبر اغواره .. وتعرف دهاليزه .. بدأت تغرد مع المغردين فكتبت :

ليتني عصفورا يغرد كل صباح .. وينسى ما كان في يومه السابق ..


اعجبها الامر وكتبت من جديد : الحياة ميزان .. ترجح فيه كفة المخطئون .. لان اخطائهم لا يوجد من يتصدى لها .


اغلقت كل شيء دون ان تسجل خروج من الموقع .. حملت منشفتها وتوجهت الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. مر الوقت وهي تحت الماء .. خرجت لتفاجأ بجلوس شهد على سريرها .. ابتسمت وهي تنشف شعرها بالمنشفة : نورتي الحجرة ..

واقتربت منها تقبلها .. فهي لم ترحب بها بعد ..


شهد : شحالج الحين ؟

هاجر : الحمد لله .. خبريني شو مسويه وييا طارق .. مستانسه معه .؟


هزت رأسها بخجل دليلا على الايجاب .. ثم قالت : ذوقج واايد حلو .. قالي طارق انج انتي اخترتي وياه ديكورات غرفتنا .. وبعد ديكور غرفتج حلوو وهادي .. شكلج تحبين الهدوء ..


قامت عن السرير وجلست تسرح شعرها المبتل .. وقفت شهد واخذت من هاجر مجفف الشعر : خليني انشفه لج .. دووم كنت اتمنى لو عندي اخت العب فشعرها ..


ضحكت هاجر : راح فيها شعري .. صبري صبري .. خليني اقرا الفاتحه

شهد : حراام عليج ..


تركت المجفف من يدها : خلاص ما اريد العب بشعرج ..

هاجر : افااا .. تزعلين مني ..


قامت واحتظنت شهد وقبلت خدها الايسر : امزح وياج .. عبالي خلاص صارت عندج مناعة من المزح بسبب طروق .. ياللا شعري بين ايديج .. تفنني فيه ..


ابتسمت شهد .. واخذت هاجر تنظر الى ملامح وجهها الطفولي من خلال المرآة .. كانت سعيدة بما تقوم به .. تساءلت في نفسها .. هل الحب يولد بعد الزواج ؟ واذا كان قد ولد قبل الزواج ، هل الموت مصيره كما حدث معي ؟ كم تبدين سعيدة يا شهد .. وكم اتمنى زوجا كطارق لا كاحمد .. الذي باعني دون اي سبب يذكر .


نزلت دموعها وهي لا تزال سارحة بعيدا .. انتهت شهد من تجفيف شعرها .. ورأت دموعها : لا تصيحين .. يمكن اللي صار خيره لج .. محد يدري وين السعادة .. او مع منو بتكون .. قومي تلبسي وخلينا نمسك فطروق عشان يودينا نتعشا برع .. ياللا شو اطالعين


هاجر : روحوا انتوا واستانسوا .


شهد : مستحيييييييييييييييييل .. هو ما بيطلعني اعرفه .. بس يوم اتيين وياي بيوافق .. ياللا عاااااد .. بليييييييييييييييييز


وكانت تحرك عيناها بشكل غريب وهي شابكة اصابع كفيها ببعض .. ما جعل هاجر تضحك بقوة من تصرف شهد .. وجعل طارق الذي كان ينتظر في خارج الغرفة يفرح وينتشي .. ويحمد ربه على زوجته . تجهزت وتجهزت شهد في الغرفة الاخرى شهد التي اغرقها الخجل بسبب طارق الذي لم ينفك يمدح فيها بسبب اسلوبها مع هاجر ..


كان المكان مكتظا .. ليس بالعادة في هذا المطعم .. جلسوا جميعهم على الطاولة .. وحمد طارق ربه انه حجز لهم مكان في وقت سابق .. جالس وحده على جانب الطاولة وقبالته جلست شهد وبجانبها هاجر .. التي حضورها معهم لا يتعدى الدقائق وبعدها تاخذها افكارها بعيدا .. الى حد السماء .. الى حدود الماضي الجميل في عينيها .. الى كلام الحب الذي كان .. الى فستانها الابيض الذي حجزته منذ شهر .. الى سرير كبير حلمت به يكون لها وله .. تاهت حتى صارت الاصوات كطنين ذبابة في غرفة ساكنة من الحركة .. ما لبثت الاصوات حتى اختفت .. ابتسمت .. وكأن ما جال في خاطرها شيء جميل يستحق تلك الابتسامة العذبة من شفتاها الرقيقتان .. هاجر .. هاجر .. كان صوتا بعيدا .. ويقترب رويدا رويدا حتى افاقت من غفوتها : هاااا


طارق : طلبتلج باستا .. اعرف انج تموتين فيها .. وانه الطلب الوحيد اللي تطلبينه فاي مطعم .


ابتسمت ولكن ابتسامة ذابلة لم تكن كتلك التي كانت : احسن شيء سويته .


صوته .. اني اسمع صوته .. اجل .. هذا صوته .. اين هو .. اين ؟ اخذت تتساءل وتتلفت باحثة عن الصوت .. الطاولة عند الزاوية .. كان عليها شاب يجلس وحده وامامه كوب عصير برتقال طازج .. تتدحرج من جانبيه قطرات الماء المتكثفة.. وهو منشغل بالكلام في هاتفه .. سمرت نظرها الى تلك الجهة .. غصة حارقة شعرت بها في صدرها .. اختناق ورغبة في الصراخ .. وعجز لا تعرف لماذا يكبلها .. نظر طارق حيث تنظر .. خلفه في تلك الزاوية يجلس احمد .. اشتاط به الغضب حتى بان في انفاسه المتتابعة والمسموعة .. وعيناه اللتان تقدحان براكين من الغيض .. قبل ان يقف وضعت يدها عل قبضة يده : لا تروح .. خلنا نتعشا بدون فضايح .. اللي بينا انتهى .. وما بيرجعه زعلك


اشاح بوجه للجهة المقابلة وهو يشد على شفتيه ويطويهما من الغيض : عشانج بس ..


,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:42 PM

متعبة وتشعر بان جسمها منهك ولا يقوى على شيء .. تقدمت بخمول نحو الطاولة في منتصف الصالة .. انحنت وسحبت عدد من المناديل الورقية .. وهي ترفع جذعها اذا بها تراه .. تزايدت انفاسها .. ورجفت اطرافها .. وبرد جسدها وكأن الروح قد فارقته .. جرت مسرعة رغم الخوف .. وتناثرت المناديل من يدها .. جرى خلفها كالمفترس .. دخلت الغرفة واقفلت الباب .. واختبأت في الزاوية خلف سريرها ..طرق الباب لتفتح .. وطال طرقه له : علايا .. ياللا عاااااد .. فتحيلي

كان يجر الكلمات ويمدها بدلع .. لتفتح له : ما اشتقتي لبوستي .. ولشفايفي ....

اغلقت اذناها بسبابتيها .. ومرت حادثة اغتصاب شفتاها الصغيرتان .. خلف الفلا .. استفرد بها .. حاصرها بجسده الذي يكبر جسدها الصغير والنحيل .. واقترب من وجهها حتى سلب عذرية شفتاها .. وانساهم اهازيج الفرح .. واناشيد الطفولة .. ارتجفت من ملمس شفتاه .. وشعرت بالاشمئزاز .. جرت والخوف يكتسيها حتى بات لا يفارقها .. تحاول ان لا تستمع له .. وتتمنى ان يغادر .. لا احد في البيت سواها .. الجميع في حفلة زواج .. تابع محاولا استدراجها لتفتح :

ما تبيني اسوي وياج مثل نور ومهند .. والا احسن مثل العشق الممنوع .. انتي تحبينهم صح .. ياللا علايا فتحيلي الباب .. وبنومج فحظني مثلهم .. ما تبين هالشيء .. ياللا عاااد

انكمشت اكثر على نفسها .. وسالت دموعها وبللت خدودها واكمامها .. وتبللت ثيابها في مكان اخر .. هدأ المكان لم يعد هنالك طرقات على الباب .. ولا صوته الذي يصيبها بقشعريرة مميتة .. ذهب بعد ان مل الاستجابة منها .. وهي ظلت في مكانها .. تبكي بهدوء .. يحدها الخوف من جهة .. ومن جهة اخرى كونه قريبها .. صغيرة ولكن عقلها كبير .. ومع هذا لا تجد للخلاص مما هي فيه سبيل.

,‘،

دائما تشدنا احلامنا لايامنا القادمة .. نراها في يقظتنا تتحقق وننتظرها ان تكون واقعا نحياه ونلمسه ونحس به من حولنا .. اما هو فكانت احلامه لا تتعدى يومه .. حتى رأها .. في ذلك اليوم الذي كان بداية لرسم لوحة جديدة مختلفة لكليهما ..


كانت تتسوق مع اخيها .. تحلم بيوم عمرها ، تشتري ما ترغب بحدود امكانياتها .. فهي ليست بمكانة اولئك القادرين والمقتدرين من ابناء الوطن .. هي وعائلتها اشخاصا احبو الارض التي هم عليها .. ولكن لم يكونوا من اهلها .. ولم تكن بحوزتهم تلك الاوراق التي تؤهلهم ليكونوا اماراتين ..


اخاها : لا تشتريين اشياء غالية .. تراج تعرفين حال خطيبج .. ميسور الحال .. يعني ع قده


هي : لا تخاف .. والله اني محطيه هالشيء قدام عيوني ..


دخلا محل الاحذية .. اصناف والوان منها .. صغيرا .. وكبيرا .. مرتفعا وملامسا للأرض .. وقفت عند حذاء اكتسى باللون الفضي وبه كرستالة تضفي عليه رونقا مميزا .. وضعت على فيونكة من نفس لونه .. تلفتت يمنة ويسرى .. لا يوجد غير البائع بعيدا عنهم .. رفعت غشوتها ليبان انفها الممشوق بجمال رائع .. وعيناها اللتان كانتا بين الصغر والكبر في الحجم .. لم تكن بيضاء البشرة ولا سمراء .. كان كل شيء فيها معتدلا .. حتى جمالها لم يكن بذاك الجمال الطاغي .. الا ابتسامتها التي ما ان رسمتها وهي تمسك الحذاء بين كفيها .. حتى بانت غمازتان خفيفتان على جانبي الشفاه .. ابتسامة ساحرة يخضع لها اعتى الرجال وأشدهم .. رآها دون ان تراه .. وحتى اليوم لا تفارقه .. هز رأسه وكانه يسقط تلك الافكار ويسقط ابتسامتها من تفكيره : شو صارلي .. لازم ما اضعف لاي حرمة .. حتى لو كانت ملكة جمال الكون .

طُرق الباب ودخل رجل ضعيف البنية، ممشوق القامة .. وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة غامضة .. نقلت عدواها لوجه الاخر القابع خلف مكتبه .. نظر من خلف نظارته السوداء لعيون جون الزرقاء : يبدو ان معك اخبار مفرحة؟


جون : ليست مفرحة بالقدر الذي تتمناه .. علمت ان والدك يسعى للاسيتلاء على عدد من الشركات الصغيرة بالدولة


ابتسم وقال بخبث : ليس غريبا على والدي هذا الامر . ماذا يوجد في جعبتك ايضا


جون : هناك مشروع كبير يخططون له .. لكن لم استطع ان اعرف اي شيء عنه حتى الآن .


قام وجلس قبالة جون وبجدية عالية : اسمع يا جون .. اريدك ان تعمل كل ما بوسعك لتعرف لي كل شيء عن هذا المشروع .. مستعد ان اقدم اي شيء لمعرفة مشروع والدي الضخم الذي يخطط له .


جون : سابذل ما بوسعي ..

,‘،

بعد ان صلت الفجر ودعت ربها ان يهدي طارق وان لا يحدث اي شيء بينه وبين احمد في المستقبل .. وبعد ان قرأت اربع صفحات من كتاب الله ومن سورة الاسراء بالتحديد .. امسكت كتاب " لا تحزن " لعائض القرني .. وجلست على سريرها متكأة والكتاب بيدها .. اخذت تقرأ بتروي .. وكأنها تريد استشعار كل كلمة كتبت وكل حرف وجد :

"تذكُره والتفاعل معه واستحضاره ،والحزن لمآسيه حمقٌ وجنون ، وقتلٌ للإرادة وتبديد للحياة الحاضرة. إن ملف الماضي عند العقلاء يطوى ولا يروى، يغلق عليه أبدًا في زنزانة النسيان، يقيد بحبال قوية في سجن الإهمال، فلا يخرج أبدًا ،ويوصد عليه فلا يرى النور؛ لأنه مضى وانتهى، لا الحزن يعيده ، لا الهم يصلحه ، ولا الغم يصححه ، لا الكدر يحييه ؛ لأنه عدم، لا تعش في كابوس الماضي ، أتريد أن تَرُدً النهر إلى مَصبه ، والشمس إلى مطلعها، والطفل إلى بطن أمه، واللبن إلى الثدي، والدمعة إلى العين. إن تفاعلك مع الماضي ، وقلقك منه واحتراقك بناره ، وانطراحك على أعتابه ، وضع مأساوي رهيب مخيف مفزع."

من فصل : ما مضى فات من كتاب لا تحزن .


تمعنت فيه .. وفي كل كلمة منه .. قامت بكسل من السرير والساعة تقارب الثامنة .. عمدت الى حاسوبها فتحته .. وهي في انتظار اكتمال اعدادات التشغيل .. سرحت شعرها باصابعها ورفعته بشكل عشوائي بمشبك من الشيفون .. توجهت مباشره لمحرك البحث قوقل .. ضربت على الازرار بخفة وسرعة وكتبت " تويتر "


لم تسجل خروج من الصفحة في الليلة الماضية .. ولم تنتبه لعدد المتابعين لها الذي تجاوز الثلاثين في اقل من اثنتا عشر ساعة .. عمدت الى صندوق الكتابة وكتبت : صباح جميل .. صباح جديد .. آمل أن يكون بعيدا عن الاحزان


ارسلت تغريدتها .. وعادت تكتب من جديد : ليت القلب ورقة بيضاء كتب عليها بقلم رصاص .. وكانت الدماء الخارجة منه والداخلة ممحاة .


ما ان ارسلتها حتى وجدت رسالة رد على رسالتها البارحة التي كتبت فيها : الحياة ميزان .. ترجح فيه كفة المخطئون .. لان اخطائهم لا يوجد من يتصدى لها..

كان الرد غريبا : الحياة جسر متهالك .. الشاطر من استطاع ان يقف عليه دون أن يقع.


اغتاضت .. فلقد اعتبرت ذاك الرد انتهاكا لحريتها .. لا تريد ردود .. او معارضات .. تريد فقط ان تبوح .. ارسلت له ردا : لكل انسان حياة لا يتمنى من الاخرين دخولها .

,‘،

استيقظت بعد حرب طويلة مع الدموع والشهقات .. ولوم النفس .. الشمس تميل نحو الغرب بهدوء تام .. واشعتها تخترق الغرفة الباردة من فراغات الستائر الراقية ..رأسها كقنبلة موقوتة تستعد للانفجار .. رفعت جذعها بتعب واستندت بظهرها ممسكة رأسها بقوة .. تلفتت وكأنها تستنكر المكان الذي هي فيه .. وقع نظرها على الورد الاحمر الذي لم يتحمل وصار يحتضر بأنين لا يسمع .. قامت بكسل وبتعب يظهر واضحا في مشيتها .. حملت باقة الورد واحتظنتها ونزلت على ركبتيها .. تبكي بحرقة وتتذكر ما حدث البارحة ..

كان واقفا كالمصلوب لا توجد اي حركة .. إلا من يده وهي تنزل وتنزل معها باقة الورد حتى صارت موازية لجانبه .. ازدردت ريقها وهي ترى وجهه ونظراته المشحونة بحزن بادٍ في محجر عينيه .. تقدم بهدوء بعد ان اغض النظر عنها .. قبل رأس ميرة ورمى الباقة على الطاولة ذات الاقدام والحواف المطلية بالذهب : كنت ياي وفبالي عشا راقي ورومنسي .. بس للأسف عرفت اني ارخص من الكرت اللي بهالباقة ..

لم تنطق ولا والدتها نطقت .. لا كلام بعد الكلام .. التفت لرشا وهو يلوح برأسه بهدوء : خلج عند اهلج ..

غادر المكان وهي صامته .. واذا بها فجأة تخر على الارض باكية .. بكت دون توقف .. تترجاه ان يعود .. وانها لم تكن تقصد ما قالته .. لكن لا فائدة .. لم يعد يسمعها .. ظلت تبكي طويلا .. حاولت امها تهدأتها دون جدوى .. وزاد بكاءها عندما خلت بنفسها في غرفتها .. اخذت تتصل عليه ولكنه لا يجيب .. مل من اتصالاتها فاغلق الهاتف ..لتنتحب ندما .. حتى غلبها النوم .. فنامت ..

حاظنة الباقة وكأنها تحظنه هو .. كانت تطوح جذعها الى الامام والخلف ودموعها لا تتوقف .. مسحت دموعها عشوائيا كما الاطفال .. واخذت الكرت وقرأت :

الورد لا شيء بالنسبة لكِ . فانتي الورد في عيني .

اخذت تصرخ وهي تضرب بباقة الورد على حافة الطاولة : انا مب ورد يا سيف . انا مب ورد ..

تناثرت الوريقات كما تناثرت دموع عينيها .. صعب هو احساس الندم .. كان يحتلها احتلالًا غاشما .. كما احتل جسد وتفكير احمد .. الذي حتى هذه الساعة يحتفظ باسبابه ولا يبوح بها .. صل الظهر جماعة في احد المساجد .. كان هائما على وجهه لا يعرف اين يذهب .. فمنزل عائلته لم يعد بالنسبة له سوى فندق للمبيت والراحة .. مع ان الراحة المنشودة لا يجدها .. اليوم ينقضي كباقي الايام بالنسبة له .. يتمنى ان لا يكون ما كان .. ولكنها امنيات لن تجد للواقع سبيل .. اوقف سيارته وترجل .. حين رأى قرص الشمس يطفيء لهيبه بماء البحر المالح .. وطأ رمال الشاطيء الناعمة بقدميه بعد ان جردهما من نعليه .. كان يمشي بأتجاه قرص الشمس وكأنه ينشد انطفاء لهيب جوفه .. المياه المالحة تضرب اسفل جسده وهو يكمل المسير دون شعور منه .. وفجأة توقف حين عانق البحر صدره .. رفع رأسه الى حمرة الافق وقت المغيب .. اطال النظر بعيونه المتعبة .. مسح وجهه بكفه الايسر وتحسس شعر لحيته الذي صار طويلا وغير مرتبا .. واذا بيد تمسكه من ذراعه .. وصوت رجل في اواخر الثلاثينات قد بان عليه التعب وتقطع انفاسه : ما تدري ان روحك مب لك .. ينيت

لا يعي شيء .. سلط نظراته المستغربة على وجه الرجل وهو يصرخ فيه بكلام متقطع : تظن انك بترتاح .. ترا وراك آخرة .. لا تظن انك بتقتل عمرك وبتحصل الراحة

اخيرا استوعب الامر .. تلفت من حوله .. لا شيء سوى البحر .. وادرك انه كان يمشي بلا شعور منه .. استغفر ربه . ونظر الى الرجل وعلى وجهه ابتسامة متعبة : يزاك الله خير ..

ثم استدار والرجل لا يزال ممسكا به .. غالبا الموج حتى وطت اقدامهم رمال البحر الباردة .. طرح نفسه ارضا واتكأ على ذراعيه وهو يلهث وينظر لاحمد : خوفتني عليك .. كل شوي اقول الحين بيرد .. الحين بيرد ..

جلس بجانبه ونظر للبحر وهو ممسك رصغ يده اليمنى بكفه اليسرى .. ومنحني بجذعه قليلا للامام : ما انتبهت .. فيني هموم ما تشيلها جبال ..

اطلق زفرة من صدره .. جعلت الرجل يجلس نفس جلسته وينظر للبحر : كل انسان وعنده هموم .. وكل انسان يقول همي اكبر .. بس لا تنسى ان في اللي اكبر من همومنا .. في رب اذا دعيناه ما ردنا .. حتى وان تاخر علينا .. بس ما بينسانا .

اطلق جسده على الرمل .. وكتف ذراعيه تحت رأسه واخذ ينظر للسماء : بس همي كبير .. مب قادر اشله بروحي ..

رغما عنه تدحرجت دمعة على جانب عينه اليمنى لتعبر الطريق بين خصلات شعره المجعدة والقصيرة .. وقف الاخر ليترك للهواء المجال ان يجفف ثوبه .. ولا يزال ينظر للبحر وامواجه التي تتلاطم منذرة بعاصفة : لا تتاخر هني .. باين ان الهوا يزداد .. ييت اصور كم صورة للغروب .. وانتبهتلك .. اسمعني اللي يصير معنا بدون قصد منا مقدر ومكتوب .. واكييد من وراه حكمة من رب العباد .. يمكن يختبرك .. تصبر او لا ..

وهو على حاله : يعني ما بتسألني شو في .. وشو اللي خلاني امشي بدون شعور مني .

استدار : لا .. ما في اسمع هموم غيري .. واحاتي غيري .. قوم

مد يده اليسرى ليساعده على النهوض .. نهض احمد : ما بخليك الين تركب سيارتك وتروح ..

مثل ما تريد .. ومشكور .. لم يزد في كلامه .. ترك المكان متوجها لسيارته .. تكسوه خيبة امل .. كان يتمنى ان يسمعه احد .. وان يطلق العنان لما فيه بالخروج .. يتمنى ان يجد احد يشاطره حتى ولو جزء صغير مما يعانيه .. حتى وان كان شخصا غريبا .. لكن لم يجد ضالته .. فرد الرجل على سؤاله قتل الامل الذي تلبسه بعد ان لمست يد الرجل ذراعه وانتشلته . كان يرقبه وهو يغادر المكان مخلفا ورائة اثارا في تلك الرمال .. تمتم حين انطلق احمد بسيارته : الله يعينك ..

,‘،

طرقات خفيفة على باب الغرفة .. جعلتها تترك ما بيدها من واجبات .. فتحت الباب اذا باختها خوله التي تكبرها باربع سنوات .. ابتسمت وهي تقول : بعدج ما خلصتي واجباتج .

اجابة بلا وهي عائدة الى حيث دفاترها افترشت ارضية غرفتها المتواضعة .. جلست وانكبت تحاول ان تكمل حل المسائل التي بين يديها .. اقتربت منها خولة وظلت واقفة مما شد ايمان بان ترفع رأسها : شو فيج .. صاير شيء ؟

جلست القرفصاء : عيسى .. مب عايبني ؟

تركت القلم وباهتمام سالت اختها عن قصدها .. ارتاحت في جلستها : عيسى متغير من امس .. مادري شو فيه .. احسه شايل شيء فصدره ولا يريد يخبرنا .

ايمان : روحي سأليه .. وانا بقوم وياج ياللا ..

اريدها .. كانت ترن في رأسه مرارا وتكرارا .. اخذ يطوي المسافات في غرفته وهو يفكر .. بعدها خرج فاذا باختيه .. نظر اليهن وبعدها ادبر مكملا طريقه .. وقف حين نادته .. ليلتفت اليها صارخا : كله منج .. شو تبيني اسوي الحين .. وين اضرب براسي خبريني .. انتي من صوب وربيعي من صوب .. واللي ما يتسمى من صوب ..


وقفت مشدوهة وهي تشير الى نفسها : انا

نزل على الارض ويداه على رأسه : هيه انتي .. لو ما شليتي الغشوة ذاك اليوم ما شافج .. ولا صار اللي صار .. الله ياخذه ..


اقتربت منه وجلست امامه وايمان تنظر دون اي حركة .. وضعت يدها على كتفه : الله ياخذني يا اخوي .. ولا اشوفك بهالحال .. قولي منو اللي شافني ذاك اليوم .. خبرني ..


كانت دموعها تنزل على حال اخيها .. جلس بقوة مسندا ظهره على الجدار الذي خلفه .. واضعا يده على جبهته : ما اريد ابيعج يا خولة .. انتي امي واختي وصاحبتي .. مالي غيرج وغير ايمان فهالدنيا .. ابيع روحي يا خولة ولا ابيعج ..

تابع وهو يسرد عليها ما حدث معه منذ يومين .. رصت على شفتها السفلى وبعدها وضعت اطراف اصابعها على فمها .. كان كلامه كالسوط الذي يجلدها دون اي رحمة او شفقة ..صرخت ايمان : نخلي المكان ونروح .

ضحك بسخرية : وين نروح .. من لنا عشان نروحله .. احنا من فتحنا عيونا واحنا ع هالارض .. حبيناها حتى صرنا نشوف اعمارنا مواطنين .. تقولين نروح .. خبريني وين ..


اقتربت وجلست بجانب خولة التى لا تزال اثار الصدمة عليها : اي مكان بعيد عن هني .. مكان ما يلقانا فيه


خولة : ودراستج .. وامتحاناتج ..

ايمان : عيسى ما بيقصر بيوصلني للمدرسة وبيرجعني .. بس خلونا نخلي هالبيت .. دامه قالك بيينا يوم اليمعه اكييد يدل البيت.


نظر لخولة : شو رايج يا خولة ؟ ترا والله ما اريد اعقج عند واحد مثله ..

قامت : اللي تشوفونه بسويه ..


بعدها انصرفت .. ولا ترى امامها الا تحطم احلامها .. في كل خطوة تخطوها تدوس على احدها .. ومع كل دمعة تسقط تتلاشى الوان الحياة من امام ناظريها .. دخلت غرفتها وجلست على سريرها .. تحاول ان تستوعب ما سمعته .. وهل الهروب هو الحل لها .. ام ان القدر يخبيء لها المزيد .. دخلت ايمان دون ان تستأذن وهي فرحة : خلاص خولة .. عيسى باكر بيدور لنا بيت .. وبننتقل قبل يوم اليمعة .. وبعد تقدرين تاخذين فارس ولا بيقدر يسوي شيء وقتها .. لانج بتكونين ع ذمة ريال .

لا تزال كما هي تبكي بدون صوت .. تنظر للارض عند قدميها .. ونظراتها تخترق الارضية الصلدة .. هزتها من كتفيها تنبهها وتسالها ان كانت سمعتها .. رفعت عيونها التي تنضح بمائها : تظنين ان كل شيء بيكون مثل ما تتخيلون .

ابتسمت ايمان : هيه .. بيصير كل شيء مثل ما تحبين . ولا اشوفج عند واحد زير نساء .. كل شهر متزوج حرمة ومطلق حرمة .. ياللا مسحي دموعج

اخذت تمسح دموع اختها والابتسامة لا تفارقها .. امسكت كفيها وانزلتهما : ما اريدكم تعانون .. اموت ولا اشوف واحد منكم متضايق ..

احتظنتها بقوة وهي تطمأنها بأن كل شيء سيكون بخير .. حاولت ان تصدق ما يقال .. وان تزيح شكوكها ليطمئن قلبها .. ولكن ما يلبث الخوف حتى يعود متسللا بين حنايا صدرها .

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:42 PM

في حين كان الخوف يتسلل اليها كان خوفا من نوع آخر يتسلل الى قلب شخص آخر .. الغرفة الواسعة ذات الالوان الداكنة والكئيبة .. لا تبعث بالراحة .. نهض من فراشه وهو يحرك رقبته حتى اصدرت صوتا .. رفع شعره المنسدل على وجهه للخلف بيده .. بعدها توجه لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. دقائق واذا به يخرج والمنشفة على وسطه .. ارتدى ملابس رياضية وخرج الى صالة الاسكواتش .. مرت نصف ساعة وهو يصارع تلك الكره الصغيرة .. بعدها توجه لغرفته الخاصة .. وجلس الى صديقه الوحيد في هذا العالم .. ذاك الصديق الذي من خلاله يبث ما فيه دون ان يتكلم .. جلس اليه ورقصت اصابعه على الخطوط البيضاء والسوداء .. سنفونية عشق ممزوجة بصراع نفس ضائعة .. وهو في انسجام تام مع صديقه اذا بدخول من عكر مزاجه صرخ : الم اقل لكم مليون مرة اذا كنت هنا لا اريد ان يدخل احد .

بعدها قام دافعا الكرسي حتى سقط ارضا .. نزل السلم ووقف في المنتصف ، وبصوت عالي يشوبه الغضب : خير ..

تقدم خطوات من السلم : ياللي ما تستحي .. الحين جذي تقابل ابوك .. صدج ما عرفت اربي يوم هذي تربيتي .. تفو


بصق على الارض وهو ينظر اليه : خلصت .. يعني هاجم ع بيتي فهالوقت .. بعدنا ما قلنا صباح خير .. كيف تريدني استقبلك ان شاء الله .. بالاحظان مثلا


اشر اليه بسبابته : اسمعني زين يا جويسم .. شل جواسيسك من شركتي والا ما بيصير طيب ..


دوت ضحكته العالية في المكان .. ونزل حتى اصبح لا يفصله عن والده الا درجتان : انت علمتني ان التجارة ما اتيي غير بهالشكل .. وبعدين لا ترفع ايدك بويهي .. واحترمني وانت فوسط بيتي ..


لوح برأسه والغيض يفترسه : هذا جزاتي .. بعد كل اللي عطيتك اياه .

وضع سبابته على شفتيه : اشششششششششش


نزل ومشى وعيني والده تتبعه حتى جلس واضعا ساق على ساق .. اقترب منه وصرخ في وجهه : وين امك .. وين وديتها ..


جاسم : مالك خص فيها .. اوديها وين ما اوديها .. حتى لو اذبحها مالك اي حق تتكلم .. وانت اخر واحد تسأل عنها . والحين تدل الباب .. عن اذنك ..


قام واقفا .. فوقف في وجهه : جويسم الين متى بتشل هالحقد فقلبك .. السالفة صار عليها 10 سنين .. حرام اللي يالس تسويه بامك .


دون اي مبالاه ترك المكان لوالده .. صعد الدرجات بكل هدوء .. غير آبه بأي كلمة قيلت .. دخل غرفته الخاصة .. وتوجه لركن الخاص بالرسم .. ونظر الى تلك الوحة التي يرسمها .. بكل قوته امسك الفرشاة واخذ يلطخ الوحة بضربات عشوائية وبعدها دفعها بذراعه وهو يصرخ : كلكن مثل بعض .. ولازم اكسركن .. مثل ما انكسرت بسبايبكن .


,‘،

الشمس تعانق سماء كاليفورنيا .. ولا تزال لوس انجلوس تتمتع بالخيوط الذهبية قبل رحيل الدفيء .. وبيفرلي هيلتون لا تهدء فيه الحركة .. متمددا بجانب البركة المائية والنظارات الشمسية السوداء تغطي عينيه .. وعصير بارد مع ماصة قابعا بجانبة وشرائح الليمون اتعبها الوقوف على الحواف القاسية .. عاري الا من قطعة القماش الصغيرة التي تستر اسفل سرته .. جلس بجانبه : سلام


فيصل : كل هذا فالمنتجع الصحي .. يالظالم ساعتين ونص وانت هناك ..


جلس باهتمام ناظرا لطلال الذي اخذ العصير ورشف منه : مستانس؟

وضع الكأس من يده وارتمى على الكرسي : واااااااااااايد .. تدري ودي الف كاليفورنيا كلها .. شو رايك نروح سان ديغو .. وعقبها سان خوسيه وعقبها

كان يعد على اصابعه وهو يذكر اسماء مدن كاليفورنيا .. اشر له ان يتوقف : هاااي هاااي .. خلاص .. انا اصلا متضايج ولا طايج عمري .. وتريدنا نلف كل هالاماكن .. شوف طلول .. من باكر نرد الديرة


فز من مكانه : شو .. ؟؟ لا لا لا من قالك .. حشا يومين ع بعضهن ما قضيناهن .. خلنا نستانس يا ريال .. انزين اسمع .. باكر بنروح ديزني وبنستانس .. لا تقول لا .. على حسابي اوكي


قام من مكانه : انا بروح غرفتي اريد اطمن ع امي وخواتي .. والين باكر ربك يحلها ..


ما ان غادر حتى عمد طلال الى هاتفه .. واذا به يبعده عنه اذنه وملامح وجهه دليل كافي على ما يحدث


على الطرف الاخر : غربلات بليسك يا طلول .. ليش كل هالمصاريف .. اسمع لا اطولها وهي قصيره .. واذا مب قادر ان تخلي فيصل يهتم بالشغل قول مب قادر .. ولا تخسرني كل هالمصاريف .. داق الصدر وتقوله كل شيء علي ..


طلال : هدي هدي .. كل شيء بيردلك لا تحاتي .. اسمعني الحين .... اول ما تقوم الصبح تتصل ع فيصل .. وتخبره باللي قلتلك عليه انزين..


سيف : ليش بهالسرعة .. انت ما قلت يبالك اسبوع .. شو اللي غيرك ..


طلال : فيصل يريد يرد الديرة .. لا تنسى الصبح اوكي .. باي


انهى المكالمة واستلقى على الكرسي ..في الداخل وبعد ان استحم جلس على السرير واتصل بامه .. التي بدورها اخبرته بما جرى لاخته رشا .. واصرت عليه ان يبقى الامر بينهما وان لا يخبر والده .. انتهت المحادثة بعد مجادلات بينهما ..تعود على كلمات التوبيخ والزجر من والدته .. في قرارة نفسه يعلم بأن ميرة معها كل الحق فيما تقوله .. ولكن هناك شيء آخر لا يفهمه وهو عدم رغبته بالعمل مع والده .. مسح على وجهه بكفيه وهو يتشهد ..

يا ربي الحين شو اسوي بهالمصيبة اللي تريد امي تحطها علي .. استغفر الله العظيم .. يعني قلن البنات عشان اتزوج ميعاد .. يا رب ارحمني .

ترك جذعه يسقط على السرير .. ودون شعور منه غفى .. وبعدها غط في نوم عميق .. النوم الذي لم يعد يطرق باب عليا حتى اصطحب معه الاحلام المزعجة .. فزت من نومها خائفة وانفاسها متضاربه .. بكت بحرقه وبعدها انسلت من فراشها مغادرة الغرفة .. فتحت الباب وتلفتت كان الخوف مسيطر عليها .. مشت بخطوات مثقلة حتى وصلت باب غرفة والدتها .. فتحته بهدوء .. واذا بها تندس في فراش والدتها ..فزعت ميثة .. واستدارت بجذعها .. احتظنت عليا : بسم الله عليج ... شو فيج ؟

بصوت خافت بالكاد يسمع : خليني عندج .. الله يخليج


احتظنتها بقوة واخذت تمسح على رأسها وتقرأ المعوذات .. يسوءها ما يحدث لابنتها البكر التي لم تبلغ الحادية عشر بعد .. جسمها اصبح اشبه بالهيكل العظمي .. وشخصيتها باتت انطوائية بعد ان كانت تحب مخالطة الناس .. لا تعلم شيء عن الاسباب وراء ما يحدث ..


,‘،
عندما كنتُ صغيرا .. كان جُل ما يسعدني درهمان من والدي .. اجري بهما مسرعا الى الدكان القريب من منزلنا مع ابناء الجيران .. نشتري المصيص والعلك .. ونعود ونحن بقمة سعادتنا .. وعندما كنتُ في العاشرة تعلمت صب القهوة في مجلس الرجال .. وعند الخامسة عشر بدأ التخطيط للبحث عن شريكة عمري من قبل نساء العائلة .. كان كل ذلك يحدث وانا ارى الفخر في عيون والدي والحب والحنان في عيون والدتي .

اليوم لا نرى هذا مع شباب امتنا الا ما ندر .. الام تلهث خلف الموضة وآخر الصيحات .. والاب يلهث لتلبية ما تحتاجه الزوجة والابناء من اموال .. عذرا .. عذرا .. ابناءنا وبناتنا لا يحتاجون المال .. يحتاجون شيء اكبر من المال .. اتظنين يا من سُميتي مربية للاجيال .. ان الاجيال ستربى على يد خادمة لا تجيد حتى مخارج الضاد .. ام تظنين ان الاجيال ستربى من خلال الانترنت والايفون والبلاك بيري .. وانت ايها المربي الفاضل هل سألت ابنك يوما عما يطمح له .. كنا نطمح للقليل وكان اباءنا يوجهوننا الى طموحنا .. وانت هل وجهتهم يوما لما يتمنون .. هل نهرتهم عن الخطأ واثنيت عليهم عند الصواب ؟

عذرا يا مربيّ اجيال امتي .. فانتم لستم اكفاء لحمل شعار التربية .


الكافتيريا تعج بالبنات .. والاصوات تتداخل وتتضارب حتى اضحت لا تفهم ... مندمجة في ذاك المقال وبعدها قررت ان ترسل له رسالة بالبريد الالكتروني .. فتحت صفحة الرسالة .. وبعد السلام والسؤال عن الحال توقفت .. كلما كتبت جملة همت اليها ومسحتها .. حاولت مرارا وتكرارا .. ولكن فيما عساها تكلمه .. اخرجها مما هي فيه الطرقات الخفيفة على ظهر الطاولة .. رفعت عيناها فاذا بهاجر واقفة وهي تبتسم لها : شحالج روضة ؟


تلعثمت وغضت النظر : بخير .. انتي شحالج ؟


سحبت الكرسي وجلست ..بدأت حديثها بتوبيخ روضة على غيابها عن المحاضرات .. وبعدها قالت بكل اهتمام : روضة .. لا تخلين اللي صار يحسسج باللوم .. انتي مالج ذنب .. ولا خواتج ولا ابوج وامج ولا حتى ناصر .. محد له ذنب باللي صار .. اعرف انكم انتوا بعد ما تعرفون ليش سوى اللي سواه .. بس سمعيني رواضي .. احمد خلاص راح .. وما بيدنا غير ندعيله ان الله يوفقه ..


تابعت حديثها دون ان تنتبه لدموع روضة التي انسكبت على خدودها .. انهت حديثها وانتبهت عليها .. اخرجت منديلا من حقيبتها واعطته روضة : مسحي دموعج رواضي .. اللي صار مب نهاية العالم .. وكل انسان بياخذ نصيبه .

,‘،
تمضي بنا الايام نحو المجهول .. نحو المستقبل الذي ينتظرنا .. ولا بد من وخزات الماضي في حياتنا حتى لو اجبرنا انفسنا على النسيان .. تنطبع علينا مقولة والدنا المغفور له باذن الله زايد " اللي ماله ماضي ماله حاضر " نحن هكذا خليط من ماضينا وحاضرنا .. يحاصرنا الماضي بقسوته رغم جمال الحياة التي نحياها حاليا .. وقد يكون العكس .. مضت تلك الايام بعائلة راشد الـ... ، لكل شخصا فيها هما واسرار مخفية .. مجتمعون في تلك الصالة الكبيرة .. البعض انشغل بالحديث والبعض الاخر انشغل بما في يده .. وما يصله عبر الاثير .. اما فاطمة فغرقت في دوامة ماضيها .. تجاوزت الثلاثين من العمر منذ سنوات .. ولا تزال في منزل عائلتها بسبب احكام غريبة من والدها .. سعيد كان لا يكف عن النظر الى عبدالله بين الفينة والاخرى وفي عينيه حقدا ونفسه تحدثه : ما بخليك تسوي اللي فراسك يالخسيس .


اما راشد كبير العائلة والآمر الناهي فيها اتكأ على الوسادة بعد ان ارتشف فنجان قهوته .. واخذ يتبادل الحديث مع شريكة عمره .. وما ان انتبه عبدالله على الحديث الدائر بينهم حتى قال : لا تشغلون بالكم .. ترا ما افكر فالعرس .. لاحقين عليه .

قهقه راشد ولم يهتم لكلام ابنه .. اما مايد اخر شباب العائلة فكانت عيناه على البلاك بيري واذنه معهم .. ترك ما في يده والتفت لعمته ميثة التي كانت تطعم ابنتيها خلود وحصه اللتان لا تتجاوز اعمارهما الخامسة والثالثة بعض من الفاكهة : عمتي .. عيل وين عليا .. ما اشوفها تيلس ويانا مثل قبل .


دون ان تلتفت : تعبانه شوي .. مزكمة ومحمومة .


اعتدل بدر في جلسته وباهتمام قال : وديتها المستشفى .. اخاف يكون فيها شيء .


قامت فاطمة مستأذنه .. اما عبدالله فاخذ يحدث نفسه ونظره تارة على سعيد وتارة اخرى على بدر واهتمامه الزائد بعليا وصحتها : باين يا سعيد انك انتبهت ع تحركاتي .. والدليل ان ريم من ذاك اليوم ما طلعت من حجرتها .. بس يا ويلك ان كنت مسوي فيها شيء .. والله ما بيصير فيك طيب .


جالسه وتنظر الى وجهها المزرق في المرآة وتتحسس شفتها المجروحه بحذر .. سقطت دموعها وهي تتذكر ما حدث ذلك اليوم .. دخلت الغرفة اذا بيده تسحبها وترميها على السرير : شو اللي موقفج وياه .


بخوف ردت : كان يسلم .


امسكها من شعرها حتى صرخت : يسلم وما بينج وبينه الا خطوة .. تكلمي شو كان يريد منج .


ترك شعرها وهو يدفعها من جديد على السرير .. نزلت دموعها واخذت تصرخ : والله كان يسلم ..


ابتعد عنها فقامت واقفة .. مسحت دموعها وسألته متى عاد الى المنزل .. اجتاحه غيظا على غيظه : عفيه ع الحرمة اللي ما تدري ريلها اذا عنده دوام او اجازة .. بس ربج فوق .. رادلي اني اكشفج مع هالخسيس .


اقتربت منه : سعيد .. والله العظيم ما في شيء .. صدقني .. كل السالفة ان عبدالـ..


لم تشعر الا وهي ساقطة على الارض .. وهو يصرخ عليها : لا تيبين اسمه ع السانج .. ترا والله يا ريموووه بشوفج نجوم الليل فعز القايله ( منتصف النهار )


بكت وتساقطت دموعها مبلله جرح شفتها .. رن هاتفها فقامت بكسل حيث كان على السرير " ابوي الغالي يتصل بك " شدت بقبضتها على هاتفها حتى سكت عن الرنين : شو تباني اقولك يا ابوي .. ان غلطة عمرك يالسه ادفع ثمنها اضعاف واضعاف ع ايدين سعيد .


,‘،

جاء اليوم الموعود .. ركب سيارته وامر سائقه ان ياخذه الى منزل عيسى .. تركوا الشارع العام الى شوارع صغيرة متقاطعة تحدها المنزال البسيطة والاشجار التي لا يخلو منزل من تلك المنازل من وجودها .. توقفت السيارة وصوت اذان المغرب يصدح من مكبرات الصوت .. ترجل وعبر الممر الضيق الى ذاك القسم الصغير من ذاك المنزل الكبير .. التفت الى سائقه الذي بدوره نزل معه : متأكد ان هذا بيته .

اجابه السائق وبلهجة عربية مكسرة بانه متأكد .. رن الجرس وانتظر .. طال الانتظار .. اعاد الضغط على الجرس ولكن لا من مجيب .. بدأ الغضب يتسلل الى نفسه .. طرق الباب بقبضة يده .. ولكن لا مجيب .. وهو على هذه الحالة اقترب منهم رجلا قد خرج من احد البيوت المجاورة وانتبه لوجودهما ..تقدم منهم والقى تحية الاسلام ، بعدها اخبرهما ان من كانوا في المنزل رحلوا بالامس .. اشتاط غضبا .. وركب سيارته وهو يزفر زفرات وعيد .. حمل هاتفه : اسمعني زين .. اريدك اطلعلي الكلب عيسى من تحت الارض .. ما عندك الا يومين .. تسمعني .


اغلق المكالمة ونظر الى يمينه وهو يسند ذقنه بقبضة يده واخذ يحدث نفسه : هين يا عيسى .. انا تسوي في هالسواة .. ما عاشت ولا بتعيش اللي ترفض جاسم الـ..

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:43 PM

تتزاحم الهموم عليه كتزاحم النسور على جيفة شاة غادرتها الروح .. جلس في سيارته الواقفة امام منزل عائلته .. ولا يزال يفكر بها .. ويتذكر كلماتها .. اسند رأسه على الكرسي وهو مغمض العينين .. تذكر عيونها المصدومة وهي تصرخ به بعد ما وصلها خبر طلاقه لها .. تذكر انكسارها رغم الكبرياء الذي كانت فيه .. نظر الى السلسال المتأرجح من المرآة الامامية .. امسك نهايته حيث قبع خاتمها الباريسي كما كانت تقول .. مع انه لم يشتريه من باريس .. بل من احد متاجر الذهب بالدولة .. قال لها يومها : اسف .. ما قدرت اشتريلج الخاتم .. بس هذا خاتم اشتريته من هني ..


يومها ابتسمت له .. وقالت : ما يهم .. المهم ان نيتك كانت بخاتم من باريس .


اعتق الخاتم من قبضتة .. والتفت لجانبه حيث يقبع سبونج بوب بلونه الاصفر وعيونه الزرقاء الواسعة وابتسامته ذات السنين البارزين من الاعلى .. سحبه من يده .. ونزل وهو يعلقه دون رأفة .. البيت هاديء و بارد رغم حرارة الصيف الا انه يراه باردا ببرودة فصل الشتاء في دول اوروبا .. صعد الدرجات .. وارجل سبونج بوب تصطدم بحوافها .. وقف وتلفت يمنة حيث غرفة اخته روضة .. ثم سحب نظراته الى الغرفة التي بجانبها .. مشى بهدوء ووقف قليلا امام الباب .. رفع سبونج بوب وامسكه من وسطه .. فتح الباب وتقدم بهدوء من السرير .. العنود نائمة ووجهها للجهة الاخرى .. وضع سبونج بوب بهدوء على الكوميدينة بعد ان ازاح قنينة الماء قليلا .. وانحنى .. وازاح شعرها المجعد عن وجهها وهو يرسم ابتسامة على وجهه .. فهي الوحيدة التي تشابهه بنوع الشعر .. طبع قبلة على خدها وغطاها وقبل ان يصل الى الباب توقف حين جاءه صوتها : ليش ؟


لم يلتفت احس بان تلك الكلمة هيجت ما اخمده قبل ان يطء غرفتها ..تابعت وهي تسحب جذعها لتستند على السرير : انت مريض ؟

ابتسم وبعدها التفت وتقدم من السرير وجلس على حافته : لا .. بس

سكت وانزل نظره .. ردت عليه باخر كلمة : بس ؟

رفع نظره لها : سامحيني .. لاني اذيتج بدون ما اقصد .. ترا هذاك اليوم كنت مفول ( معصب ) وزين انها يت ع ايدج .. لو غيرج كنت ذبحته هههه


ضحك وهي لم تحرك ساكنا .. لانها ادركت ان تلك الضحكة لم تكن الا تصنع خلف حزن اصبح يفضحه من خلال عينيه .. لم تتكلم وهي تستمع له .. كان يتكلم عن اشياء كثيره .. عن دراسته وتعبه فيها .. عن سفره الذي تاجل الى الغد .. وعن سبب التاخير .. كان يتحاشى التطرق لما تريد هي ان تعرفه .. فقاطعته : وهاجر ؟


شد على قبضة يده : الله يوفقها مع غيري .. الحين رقدي لان وراج مدرسة .. والا عيبتج اليلسة فالبيت .


ابتسمت وهي تسحب نفسها على السرير ليغطيها ويطبع قبلة على خدها ويغادر بعدها .. كان يتحاشى الجميع .. لم يعد يستطيع النظر الى عيونهم .. واليوم رغما عنه نظر الى عيون العنود التي خلف نظراتها مليون سؤال .. ولكنه حتى هذه الساعة لا يستطيع ان يجيب على أي منها .. الاسئلة بالنسبة له صعبة كأمتحان في مادة لا يعرف ماهيتها .. غدا الرحيل .. كان يحدث نفسه قائلا أن غدا سينتهي ارتباطه بارض الوطن .. وكان يتمنى لو أن كل شيء يعود إلى حيث وقوفه على ارض مطار دبي منذ ثلاث سنوات .. عندما قال له ناصر وهو ممسكا بيده : ليش ما تخلي عنك الدراسة برع .. وتدرس فالدولة .


تمنى لو انه تراجع حينها .. تمنى لو كان ما لم يكن .. كما باتت خولة تتمنى لو انها لم تضع اخاها في هذا الموقف .. كانت جالسة في قاعة الانتظار في المحكمة وبجانبها ايمان .. التي اخذت ترقب كفيها وحركتهما الدالة على توترها .. وضعت يدها على كفي اختها ونظرت اليها من خلف الغطاء : كل شيء بيكون اوكي .. الحين بيي فارس .. وبنقدر عقبها نرجع للبيت اللي كنا فيه من صغرنا .


تمتمت : ان شاء الله .


مر الوقت .. الدقيقة تتبعها دقائق .. والساعة تجر خلفها ساعة .. وعيسى لا ينفك يتصل بصديقه فارس والهاتف يرن حتى يهلكه الرنين .. لم يكن مهتما بالحرارة التي تصهر جسده الممتليء وهو ينتظر فارس خارج مبنى المحكمة .. في حين وفي مكان بارد بسبب هواء المكيفات كان يجلس فارس وهو ينظر حيث وضع فنجان القهوة امامه على الطاولة الزجاجية .. كان رنين الهاتف المتواصل يقتله .. والكلام الذي وصله يزيد في قتله .. كان ينظر اليه ببرود وهو يضع ذقنه على كفيه : الكوره فملعبك يا فارس . وانا ما اجبرك ع شيء .. رد ع فونك .. وعط عيسى رايك .. وانا بعد متشوق اعرف قرارك فاللي قلته لك .


كان كل شيء متضارب في ذهنه .. لا يعرف بما يجيب .. او ماذا عساه يقول لعيسى الذي وضع كل آمله في خلاص خولة بيده .. كان التوتر يحكم قبضته على ايمان برغم انها تحاول ان تخفيه عن خولة .. اما خولة فاخرجت هاتفها من حقيبتها وادخلته من تحت غطاءها ( الغشوة ) ونظرت إلى الساعة .. قاربت على الواحدة .. مضت اربع ساعات وهم ينتظرون .. ايقنت حينها ان لا أمل في الخلاص .. ضغطت على زر الاتصال : عيسى خلنا نرد البيت .


بهتت ايمان : شو فيج .. خلينا نتريا شوي .. انا اليوم غبت عن المدرسة عشانج .. الله ما بينسانا ..


اغلقت الهاتف ووضعته في حقيبتها ووقفت : قومي .. يكفينا ذل ..


امسكتها بيدها وتحولت انظار المتواجدات في القاعة اليهن .. وقفت مع اختها وغادرتا القاعة .. ليلتقيا بعيسى في الخارج .. سارعت ايمان اليه : اتصل بفارس .. شوف وينه .


عيسى : تعبت اتصل فيه .. ما يرد علي .. مادري شو صار فيه .


ابتسمت بحزن : جاسم وصله .. لا تنسون انه يشتغل فوحده من شركاته .. استهنا فيه .. وانا طاوعتكم بكل شيء مع اني كنت حاسه ما بنوصل لشيء .


عاود الاتصال وهو يطمئن اخته بان الوقت لا زال في صالحهم .. ولكنها اصرت ان لا تعود الى الداخل .. بعد جدال عقيم استسلم لاخته وهو يتهدد لفارس .. كما تهدد من قبل طارق لاحمد .. الذي عاد الى المنزل متاخرا وهو يلف يده اليمنى بالشاش .. دخل الى غرفته ورمى غترته على الكنبه .. خلع ثوبه وهو يشعر بألم في يده صرخ بصوت خفيف فانتبهت شهد قامت مفزوعة من سريرها .. تقدمت منه وزاد خوفها وهي ترى يده الملفوفة بالشاش ..وعندما همت لتمسكها ابعدها عنها : لا تخافين ما في شيء .


غالبها الخوف حتى سقطت دموعها : شو ما اخاف .. شوف ويهك كيف صاير .. وين كنت للحين .. وليش ما كنت ترد ع اتصالاتي ومسجاتي .


صرخ حتى تزلزل جسدها الصغير : بسج اسئله .. هذوني قدامج ما في شيء .. تسمحيلي اروح اتسبح .


غادر المكان وهي متجمدة مكانها .. اول مرة يصرخ عليها بهذا الشكل .. انهمرت دموعها .. تمنت لو امها على قيد الحياة لتشكي لها ..انسحبت من المكان وجلست على السرير وشهقاتها لا تتوقف .. خرج من دورة المياه ( اكرمكم الله ) واخذ له مخدة ولحاف وغادر الغرفة .. لم تسأله شيء .. حتى انها لم تلتفت إليه .. اسقطت نفسها على السرير وغرقت في بحر دموعها .. هي لم تخطأ في شيء .. كل ما حدث انها خافت عليه .. فهل يجازيها بهذه المعاملة ؟


,‘،

انقضت تلك الليلة بالهموم وبالدموع وبالفرحة للبعض .. صلت الفجر وطوت سجادتها وفتحت المصحف تقرأ اربع صفحات منه كما تعودت كل يوم .. قامت بعدها بكسل وهي تشد جسمها برفع ذراعيها للاعلى .. تنهدت وحركت رقبتها قليلا .. ثم خرجت فاذا بها تراه عائدا إلى غرفته وبيده ما اخذه بالامس معه .. نادته وسألته أين كان .. ليجيبها : كنت راقد فالميلس .. ييت متأخر البارحة .. و


قاطعته وهي تقترب منه : طارق فيك شيء ؟


طارق : لا ما في الا العافيه .. والحين بتسبح وبروح لدوام .. انتي فيج شيء ؟


هزت رأسها بلا .. بعد ان ترك المكان غادرته هي ايضا للمطبخ لتصبح على والدتها ..حين دخل التفت الى السرير حيث شهد .. احس بانها كانت مستيقظة ولكنها تمثل عليه النوم .. لم يعرها انتباها .. مرت الدقائق وهي متغطيه في سريرها .. حتى خرج .. بعدها انكمشت وبكت .. لم تغادر غرفتها صباح ذاك اليوم .. مما جعل هاجر تمر عليها .. كل ما رأته ذاك اليوم أكد لها بأن طارق متغير .. نومه بعيدا عن غرفته .. عيونه الحائرة .. وجهه الشاحب .. حالة شهد وعيونها الحمراء من كثرة البكاء .. كل ذلك كان دليلا لها بأن طارق يخفي أمرا ..ولكنها فضلت ان لا تتدخل بينهما .. حتى انها لم تلح على شهد ان تخبرها بما جرى وجعل طارق ينام خارج غرفته .. غادرت غرفة شهد الى غرفتها .. مر يومان على اخر ما كتبته ردا على تلك التغريدة ..عمدت إلى جهازها .. فاذا بها تفاجأ بعدد المتابعين لها الذي تجاوز مائة متابع .. وتغريدة قصيرة : أين انت ؟


كانت رسالة من شخص اطلق على نفسه " عيناوي ولكن " .. لم تهتم .. ضغطت على " الرئيسية " لتتابع آخر التغريدات .. قرأت وقرأت حتى ملت .. عمدت إلى خانة التغريدات وكتبت : يوم مختلف .. قد يكون بداية لعاصفة .. وقد اكون فيها المهاجر الذي هاجر عن ماضيه .


دقائق واذا بتغريدة تصلها من نفس الشخص الذي لقب نفسها بالمسافر : لا يهاجر عن ماضيه الا الانسان الضعيف . من اراد القوة فليقف على اعتاب الامس .. ولينظر لنقاط ضعفه..


اجتاحها شيء من الغضب .. عمدت الى صفحته وضافته في قائمة المُتابَعون .. واذا بها ترسل له رسالة خاصة :

السلام عليكم . اخوي انا اكتب لابوح باشياء في داخلي .. فاتمنى ان لا ترد على تغريداتي باي تغريدة .. فنحن لسنا في ساحة نقاش وابداء الرأي .


رد عليها بأبيات من قصيدة للامام الشافعي : دع الايام تفعل ما تشاء . وطب نفسا اذا حكم القضاء .ولا تجزع لحادثة الليالي .فما لحوادث الدنيا من بقاء

حين قرأتها احست بشيء ما يخترق ضلوعها .. فأوجس الرعشة فيهما .. لم ترد عليه .. وانسحبت من المكان بأكمله .. اغلقت جهازها ووضعت كفها على فمها .. واغمضت عيناها محاولة ان تغالب دموعها .. بعدها قامت لتستعد لذهاب إلى الجامعة .. لعل الدراسة تساندها على النسيان . وهي تنظر الى المرآة لترتب غطاء شعرها ( الشيلة ) اذا بها تلتفت بخوف نحو الباب الذي فتح على مصراعيه .. ليتبادى لها وجه عمار الغاضب : انتي شو اللي مسويتنه ؟


بخوف : شو ؟ شو فيك ؟


تقدم منها : مسجله سبع مساقات .. ليش ؟ تبين تقتلين عمرج ؟


عادت تنظر الى المرآة ، وبعد أن انتهت من ترتيب غطاء رأسها .. التفتت إليه : انا حره ..


وقبل ان تخرج اذا بيده تمسك ذراعها بقوة : هاجر بضيعين مستقبلج .. المساقات اللي مسجلتنهن مب سهلات .. معدلج بينزل .


التفت له .. وافلت يده من ذراعها : عمار .. اقدر احافظ ع معدلي .. وباين انه لازم اغير الباس ( كلمة المرور ) المشتركة .


عمار : هذا ردج ..؟


بكل برود اجابت : انا ولا مرة دخلت بالاي دي مالك .. ولا مرة يا عمار .. مب عشان شيء .. الا لاني ما احب اتطفل عليك .. واشوف مساقاتك ومعدلك او حتى اشوف درجاتك .. صح اتفقنا ع نفس الباس عشان نتابع بعض ونحفز بعض .. بس ما توصل لانك تدخل فقراراتي .


عمار : بس هذا غلط .. معدلج بينزل .


طبعت قبلة على وجنته اليسرى في وسط ذهوله من تصرفها : اختك قدها وقدود يا عمار .. عن اذنك تاخرت .

,‘،
اشجار النخيل تعطي المكان أُلفة رائعة .. كان يمشي متوجها ألى ذلك الدار الذي يقبع خلف جدرانه امهات واباء لم تسعفهم الحياة بابناء باريين بهم .. مشى بهيبة وابتسامته لا تفارق وجهه المرح .. الكل يسلم عليه .. الممرضيين وحتى القاطنين في المكان ..وقف اخيرا امام احدى الغرف .. تنفس بعمق وكأنه يريد أن يختزن الهواء قبل الاقتحام . خلف الباب ديكور هاديء من يراه يظن انه في الستينات من القرن السابق .. في واحده من خيام البدو الجميلة .. الجلسة الارضية .. والادوات المصنوعة من سعف النخيل المعلقة على الجدار المطلي بلون ابيض مائل الى الاصفرار .. وجرة الماء القابعة على كرسي دائري صغير بثلاثة ارجل .. وامرأة بدينه سمراء البشرة قابعة على كرسي مدولب .. ووجهها للنافذة ناظرة إلى اشجار النخيل وثمرها المخضر مبشرا بخير قادم . عيونها تائه وكأنها تعيش ماضي طوته السنون وبصم على وجهها بأخاديد التعب .التفتت حين فتح الباب ليتحرك البرقع الذي على وجهها .. ولتظهر ارنبتا انفها الكبير على جانبي خطه الفاصل بين فتحتي العينين .. عدلت وضعه على وجهها .. وهللت به ورحبت .. ليقع على رأسها مقبلا له .. ومن ثم على يدها .. سألته عن اخوته وعن احوالهم .. بكل مرح اجابها انهم بخير .. قالت : وين اخوك الحرامي اللي ينخش فحجرتي وياخذ البسكوت من الكبت .


ضحك حتى بان الدمع في عينيه : هذا انا ياميه .. انا اللي كنت اسرق البسكوت مب اخوي .


اخذت تردد : لا لا لا .. وهي تحرك سبابتها امام وجهه : مب انت .. اخوك .. تحسبني ما اعرفكم .. ولا اعرف انك دووم تحط اللوم عليك .. وهو اللي يغلط .


بعدها سكتت واخذت تقص عليه قصص مضت .. مل من سماعها .. ولكنها لا تتذكر انها حكتها له قبلا .. كانت تحب ان تتكلم عن ايام الغوص .. وعن والدها الذي عمل بالغوص سنين خلت .. وعن جدها وعن لؤلؤة جدها .. وعن حياة كان الفقر يكبلها .. وعن تعب اجدادها .. وحبهم لارضهم وللبحر .. كان جالسا عند قدميها على الارض ينظر اليها والى تجاعيد عينيها .. ويتذكر اياما كانت فيها معهم في منزلهم .. وها هي الآن تناهز السبعين من العمر .. ولا تذكر الا اياما كانت وعفى على عليها الدهر ..


بينما كانت الوالدة بخيتة تتذكر ايام اجدادها .. كانت علياء تتذكر ما مر معها بعد وفاة والدها بحادث سيارة .. لا تزال الاحلام تطاردها .. ولا يزال ابن خالها يثير في نفسها الرعب والاشمئزاز .. توقف باص مدرستها عند منزل خالها الذي اضحى سكنها بعد وفاة والدها منذ سنة ونيف .. نزلت وحقيبتها المتكدسة بالكتب على ظهرها .. نزلت بمريولها الرمادي الطويل ..كانت نسيمات الهواء تحرك شعرها المربوط كذيل حصان وهي تمشي داخلة المنزل . هناك كان صراخ حصة قد طغى على المكان جراء علبة "البرنقلز " التي احضرها بدر واعطاها لها وسحبتها منها خلود .. وممتنعة عن ارجاعها .. كان يحاول ان يسكت حصة عن البكاء ولم يكن امامه الا ان يقول : خلاص حصوة .. الحين بوديج الجمعية وبنشتري لج غيره .


صرخت بكل ما فيها من نفس : لااااااااا .. حصة ما بتروح لاي مكان ..


تقدمت منهما وسحبت حصة من يد بدر .. وزاد بكاء حصة ذات الثلاث سنوات .. وعليا لا ترأف بحالها .. بعدها صرخت على خلود الواقفة بعيدا عنهما لتذهب للغرفة .. لكنها لم تتحرك من مكانها .. تقوست شفتاها وهي تقول : ما اريد


تقدمت منها عليا وهي في قمة غضبها .. ولا احد يعرف كيف جاءتها كل تلك القوة لتحمل حصة وتسحب خلود وكانها تجر نعجة للذبح .. حاول بدر ان يردعها .. فصرخت فيه : مالك خص فينا ..


ليقف تغالبه الحيرة .. ويشده مشهد علياء الذي لاول مرة يراه .. كان وجهها احمر من الغضب وكأنها ستبكي .. دخلت الغرفة ودفعت خلود على الارض وانزلت حصة .. وانزلت حقيبتها بعنف بجانب السرير القريب من الباب الذي كان لخلود ..جلست واخذت تنزع جواربها بينما حصة اقتربت من خلود واخذت تبكي وتطلب امها .. وقفت : خلودوووه ما بتاكليلج قوطي هالكبر كبره بروحج .. عطي حصوه منه .. وطلعه وياهم ماشي .. فاهمه انتي وياها .


التفتت الى الباب حيث دخلت فاطمة بعد ما اخبرها بدر بما جرى فور ان دخلت المنزل عائدة من عملها في احدى المدارس الابتدائية .. جرت حصة وتمسكت بعباءة فاطمة من الخلف وهي تبكي ولا زالت تطالب بأمها .. تقدمت منها فاطمة : شو فيج علايا ؟


ابتعدت وانفاسها متتابعة وكأنها جرت مسافة واتعبها الجري : طلعي برع .


لم تنتبه الا بكف والدتها على وجهها .. ليحيل عيونها الى بحيرتين من الدموع : احترمي بنت خالج اللي بكبر امج ..


وضعت فاطمة يدها على كتف ميثة .. في حين تشبثت حصة بها واختبأت خلود خلف فاطمة : ميثة مب جذي تنحل الامور .. مب بالضرب .. باخذ البنات وياي .. وفهمي منها اللي صار بهدوء .


حاولت مع حصة وخلود .. ولكن لم تستطع اخذهما الا بعد اغراءات منها بالحلويات .. تركت المكان .. واغلقت الباب من خلفها .. اما علياء فكانت تنظر للارض وبعدها هرولت نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. جلست ميثة على حافة سرير خلود وهي تستغفر .. بعدها بدقائق قامت بعدما تأخرت علياء في دورة المياه .. اقتربت واخذت تطرق ع الباب بخفة بعدها اخذت تناديها لتخرج وهي تعتذر منها بسبب ما صدرفي لحظة غضب .. بعد ترجي من ميثة خرجت .. وقفت ونظرها للارض .. جلست القرفصاء امام ابنتها ووضعت كفيها على كتفيها : شو صاير وياج علايا ؟ قوليلي ..


لا تزال على وقفتها : خلينا نروح بيت ابوي .. خلينا نرجع بيتنا ..


رفعت عيونها المليئة بالدموع وقالت بصوت متهدج : ليش ابوي خلانا .. ليش ما بقى معنا .. امي اريد ابويه .. وديني له الله يخليج .. الله يخليج خلينا نروح لبيتنا .. خلينا نروح بعيد عن هني ..


لم يكن من ميثة الا انها احتظنت علياء بقوة .. ودفنتها في صدرها ودموعها تغالبها .. فكيف تعود الى منزلها وفيه أُناس استأجروه .. وكيف لها ان تخرج من منزل اخيها .. وهي تعلم لو انها فعلت لغضب منها .. يكفي انه فتح لها ولبناتها منزله بعد وفاة زوجها .. نزلت دموعها مع دموع ابنتها التي لا تعرف مالذي غيرها من حال الى حال ..


,‘،

يقدم رجل ويؤخر الاخرى .. كيف يستطيع ان يزف هذا الخبر لوالدته .. وقف عند عتبة الباب .. كانت هناك توجه الخادمة لعملها في ترتيب المطبخ .. وتساعدها بما تستطيع به .. وقفت بعد ان قال : امي .. احمد سافر اليوم .


وقع الكأس من يدها وتشظى ... تقدمت منه : كيف سافر بدون ما يسلم علي .. ومتى سافر


ناصر : من شوي متصل علي ويقول انه فالمطار وطيارته بطير عقب شوي .


مشت بانكسار تصفق اليمنى باليسرى : لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..


دخل ابو احمد على صوتها والخوف يتملكه : خير شو صاير .


ام احمد : اي خير .. اي خير وانتوا ضيعتوا ولدي .. اي خير وانتوا ع الطالعة والنازله تسألونه ليش .. الولد ما يريد يقول .. خلوه براحته ..


جلست واكملت بصوت تخنقه العبرات : خسرتوني من ولدي .. خسرتوني من احمد .. يا ويل حالي عليك يا احمد


صرخ وهو يحرك عصاه امامه : باللي ما يحفظه .. مسود الويه .. اللي سود ويوهنا قدام الناس .


ام احمد : ذنب ولدي فرقبتكم كلكم ..


كانت تكرر تلك الجملة وهي تنسحب بحال ام ثكلى .. ابتعدت وابتعد صوتها عن المكان .. وساد صمت رهيب بعد انسحاب ابو احمد .. بقي هناك واقفا وقلبه يبكي على اخا نطق بكلمات الوداع في أذنه .. كلمات جديدة خالطها ندم وحسرة تعتصر القلب . في مكان اخر كان لصمت دورا فيه .. وقف وهو ينتظر جوابا من فارس .. بعد ان استقبله بنظرات الحقد والكره لما حدث .. وقف معه في الصالة سائلا : عطني اعذارك يا استاذ فارس .


لم ينبس ببنت شفه .. كان الصمت سيد الموقف .. بعد دقائق من السكوت ونظرات عيسى التي كانت تذبحه : ما بقول اي شيء الا بوجود خولة .


زفر بغيض : بروح اناديها لك .. القهوة عندك تقهوي الين ارد .. تراك مب غريب


كان يستهزء عندما نطق آخر جملة .. تردت في أذنه . تراك مب غريب .. فقال في نفسه : مب غريب .. لو مب غريب ما خذلتك يا عيسى


عاد ومعه خولة وهي تغطي وجهها وقفت بعيدا بعد ان القت التحية : خير يا فارس .. شو ياي تقول عقب اللي صار .


عيسى : ياللا رد .. عطنا اللي عندك .


فارس : غصب عني اللي صار .. والله انه غصب عني .. حطاج فكفة الميزان وحطى اختي فالكفة الثانية .. خولة .. اختي بعدها صغيره وهو خيرني بينج وبينها .. ما قدرت ارمي اختي عند واحد اكبر عنها باكثر من 15 سنه . ما قدرت .. وفوق هذا هددني فيكم ..


خولة : يعني ارخصتني يا فارس .


فارس : فهموني .. انا ما دخلني فمشاكلكم .. بس عشانكم وعشان اختي انسحبت


امسكه عيسى من ثوبه من جهة رقبته : لا تقول عشانا ..


فك يديه بقوة وقال : عشانكم يا عيسى .. عشانكم .. قالي بيسحب اقامتكم .. فاي لحظة .. خبرني وين بتروحون عقبها


خولة : ارض الله واسعه .. بس ما هقيت انك تتخلى عني بهالشكل


بصوت يشوبه الغضب وخالطة شيء من الندم : والله اني احبج يا خولة .. بس مب مستعد ابيع اختي عشانج .


ترك المكان .. وسط ذهول عيسى .. ودمعة سقطت من قلب خولة .. غادر المكان وكلامه لا يزال يتردد فيه

مب مستعد ابيع اختي عشانج

مب مستعد ابيع اختي عشانج

مب مستعد ابيع اختي عشانج

,‘،


♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:44 PM

اليوم يمضي ليكون في روزنامة الامس .. وتتتابع الايام نتجرع فيها مر المعاناة .. كما نتلذذ فيها بسعادة اللحظات .. نمشيها الى النهاية ونتناسى ما مر بنا رغما عنا احيانا .. واحيانا اخرى يكبو في انفسنا دون ان نشعر به .. اجتمعوا في حلقة شبه دائرية على صحن الارز الذي يضم في وسطه قطع الدجاج المشوية .. الجميع هناك .. شهد بجانب زوجها وبينه وبين هاجر .. كانت تلك اللقيمات الصغيرة التي تأكلها أثر في فتح الحديث : كلي زين .. الاكل واايد ما بينقص اذا كبرتي اللقمة .

مريم : خلها ع راحتها يا ولدي .. كلي يا بنتي ما عليج منه .


الجميع كان يشعر بتغير طارق المفاجأ .. اضحى دائم الشرود وقليل الكلام .. حتى مزاحه اختفى من المنزل .. اخذت علبة "الروب " وسكبت منها امامها وهي تقول : ابويه تراني سجلت صيفي .


ليغص عمار بلقمته .. ويسعل حتى احمر وجهه .. وامه تسمي عليه وتضربه بيدها على ظهره .. مد له طارق كوب الماء .. شربه وهو ينظر بقسوة الى هاجر ..


ابو عمار : ليش يا بنتي .. احنا كل سنة نسافر فالصيف .. مب حلوة نخليج ونروح .. وبعدين الدراسة لاحقه عليها . ع شو مستعيله الله يهديج .


مدت يدها تاخذ قطعة من الدجاح : ابويه اريد اخلص السنة الياية .. لاني افكر اسافر .


حملق الجميع اليها .. سالتها والدتها عن الذي تفوهت به .. لم ترد وقالت ان كل شيء في وقته .. وقفت وهي تحمد ربها على نعمته وغادرت .. بعدها غادر طارق .. تكلم عمار وهو يشكي اخته لوالديه .. وان عليهم ان يردعوها عما تريد فعله .. وسط كل ما حدث كانت شهد شاردة الذهن حتى انها تأكل دون ان تطعم الطعام .. لا احد يهتم بها حتى طارق اهملها بقوة .. قامت وبعد ان غسلت يديها توجهت الى غرفتها .. كان جالسا يشاهد التلفاز .. من يراه عن بعد يظن انه مركز مع ما تقوله تلك المذيعة في نشرة الاخبار ، الا انه هناك بجسده فقط .. استجمعت شجاعتها وقررت ان تتحدث معه وتضع النقاط على الحروف .. اقتربت بهدوء والتوتر حليفها .. كان جالسا على اخر السرير ونظره لتلفاز المعلق على الجدار .. جلست على ركبتيها امامه تقريبا ووضعت يدها على ركبته اليسرى لينتبه لها .. نظر اليها قليلا ثم عاد لينظر للشاشة المقابلة له ..اخذت نفسا عميقا وقالت : طارق .. انا غلطت وياك فشيء .. سويت شيء زعلك مني وخلاك تهجرني بهالشكل .. وتكلمني باسلوب اول مرة اشوفه منك .. اذا غلطت وجهني .. انت متعلم واحسن عني .. يعني كل اللي عندي الثانوية وعمري ما بوصل لتفكيرك الا اذا انت ساعدتني .

سكتت تريد اي كلمة منه .. حتى لو يصرخ عليها .. او يضربها .. المهم يحسسها بانه يستمع لها .. استطردت قائلة : حبيبي .. امك تظن اني مزعلتنك .. حتى ان معاملتها لي تغيرت .. حبيبي ريحني الله يخليك .. انت شايف علي شيء يخليك ما تلمسني .. حد قالك شيء عني .. حبيبي رد علي ..


تكلمت كثيرا وهو صامت .. ولكنه كان مع نفسه متكلما : شو اقولج يا شهد .. كيف افسرلج اللي انا فيه .. اذا بروحي مب عارف شو اسوي .. اقولج اني اخاف .... يا ربي ارحمني .. مب قادر اركز .. ولا اتحمل اشوفها بهالشكل .. ولا اقدر اقولها اللي في ..


تغير صوتها بعد مخالطته لبكاءها : طارق .. اذا ما تريدني وشايف علي شيء .. الاحسن ..


وضع اطراف اصابعه على شفتيها : لا تقولينها .. اريدج بس تتحمليني .. تحمليني يا شهد .. تقدرين ع هالشيء .. والا ما تقدرين .


انكبت على ركبته .. وبصوت يشوبه البكاء : بتحملك لاخر يوم بعمري .. بس الله يخليك لا تسوي بعمرك جذي ..


رفع رأسها ومسح دموعها .. وابتسم .. اكملت : اذا تريد تبقى بروحك .. بروح كم يوم عند اخوي .. عشان ترتاح ..


طارق : اوكي يا روحي .. جهزي عمرج وبوصلج اليوم عقب صلاة المغرب .. وبكلم اخوج فسالفة بعد .. بس قبل كل شيء تأكدي انه بيكون فالبيت اليوم .


ابتسمت وقامت وهي تقول بانها ستتصل عليه وستخبره بانهم سيتعشون عنده الليلة .. اما طارق فاخذته الافكار من جديد الى تلك الليلة التي تاخر فيها .. الى ما حدث فيها .. الى الكلمات التي اخترقت اذنيه حتى انشلت طبلتاهما عن الحركة ودوى المكان بطنين لا يعرف سببه .. هل هي قوة الكلمات ام القادم من بعد تلك الليلة الذي لن يبشر باي خير في نظره ..

,‘،


كما كانت تلك الافكار تعصف بعقل طارق كانت افكار اخرى من نوع اخر تعصف بعقل ريم .. التي كانت جالسة مع عمتها ام سعيد وفاطمة وميثة قبيل العصر في الصالة .. كانت الاحاديث كثيرة .. فلانه ولدت .. وفلانة تبحث عن عروس لابنها .. وابو فلان توفي .. وغيرها من الاحاديث التي تحلو لام سعيد الكلام فيها مع ابنتها واخت زوجها وزوجة ابنها بعد لقاءها الصباحي بجاراتها .. وما ان ذكرت ميثة الحفلة التي ستقيمها احدى صديقاتها بمناسبة الاربعين وانها تدعوهن للحضور .. حتى التفتت ام سعيد لريم : وانتي يا بنتي متى بتفرحيني بولد اشوفه قبل ما الله ياخذ امانته .


فاطمة : الله يطول بعمرج ..


لم تعرف بما تجيب وبعد صمت ثواني : متى ما الله راد يا خالتي – وقفت – سمحلي بروح اصلي العصر .


التفتت ميثة لام سعيد وعاتبتها على احراجها لريم بهذا الشكل .. ليبدأ موال ليس بالقديم ولا بالجديد على لسان ام سعيد .. وهو ان لم تاتي له بالابناء فمن حقه ان يتزوج غيرها حتى وان كانت ابنة عمه . بعد ان انصرفت ريم من المكان .. توجهت الى جناحها الذي تفوح منه رائحة السجائر .. لم تلتفت له وهو جالس يأكل من بذور تبّاع الشمس ويدخن " مالبورو " .. توضأت وغادرت الى غرفتها .. فرشت سجادتها وبعدت عن عالمها بين يدي ربها .. بعدها جلست رافعة كفيها .. دعت من كل قلبها .. وتركت دموعها تغسل معاناتها بين يدي خالق الخلق .. وهي على حالها من الدعاء والتضرع اذا بهاتفها يرن بنغمة انشودة " دموع الرحيل " كانت تتردد في المكان


انا دموعي تبي ترحل وتتركني بلا خلان ..بتتركني اعاني الجرح واعاني الصمت والخذلان

تخليني اعيش الوقت مع الحسرة مع الحرمان ..تعبت امثل الضحكة واعيش الوقت بالنسيان

طوت سجادتها ووضعتها على السرير واخذت هاتفها وجلست .. كانت صديقتها سناء .. الصديقة الوحيدة التي ترتاح معها وتحكي لها معاناتها .. كانت تستمع لها وتهون عليها .. وهي على حالها اذا بيده تخطف الهاتف من يدها .. اخذ يردد الو .. الو ..لكن ما كان من سناء الا ان اغلقت الخط في وجهه لينقض بالشتائم والاهانات على ريم .. التي بدورها اخذت تُقسم له انها صديقتها : حرام عليك اللي تسويه في .. ما مصدقني شوف اخر مكالمة وصلتني .. واتصل وشوف منو بيرد عليك ..


بالفعل قام بالاتصال لترد عليه .. ودون ان يجيب اغلق الخط ورمى الهاتف على ريم : هالمرة سلمتي مني .. بس والله ان لقيتج تكلمين الزفت عبوود ما بيصير فيج طيب .. فاهمه


دفعها بقوة من كتفها وغادر المكان .. تتمنى ان تنتهي معاناتها في القريب العاجل .. تتألم بصمت .. رن هاتفها من جديد .. ردت وهي تغالب دموعها .. ليأتيها صوت سناء وقد تملكها الغيض : الغبي هذا شو فيه .. والله لو منج ما اسكتله .. يشك فيج وانتي بنت عمه ..


كانت تهيل الكلمات الغاضبة في مسامع ريم التي كانت شهقاتها تمنعها من الكلام .. وكلام سناء يزيدها تعب فوق تعبها لم تجد بد من ان تطلب منها ان تغلق الهاتف لانها تريد ان تكون بمفردها .. اغلقت الهاتف وقامت بكسل لتنظف ما خلفه من قشور تبّاع الشمس .. كانت تنظف ودموعها لا تهدء .. وفجأة صرخت ورمت كل شيء من يدها : آآآآآه .. متى ارتاح من هالهم .. متى .


ثواني واذا بفاطمة تقتجم المكان جلست بجانبها والخوف يسيطر عليها : كنت خاطفة من يم جناحكم وسمعتج تصرخين .. شو فيج يا ريم .؟.


ما زالت منكبة ودموعها تسقط مبللة قبضتا كفيها على الارض : قولي شو ما في يا فاطمة .. تعبت والله العظيم تعبت ..


احتظنتها فاطمة التي لا تعلم بما تخبأه ريم في خلدها .. مع انها تدرك ان سعيد ليس بذلك الرجل القادر على اسعاد امرأة فكيف اذا كانت هذه المرأة من اختارها عبد الله قبله .. امور لا تعلم بها ريم حتى هذه الساعة .. حتى انها لا تعلم سبب مطاردة عبد الله لها .. حتى اضحت لا تغادر جناحها الا نادرا .. ومكانها المفضل حيث الارجوحة قاطعته دون رجعة ..

,‘،
قام مبكرا هذا اليوم كما اليومان الماضيان .. ارتدى بنطلون جينز ازرق وبلوزة قطنية مرتفعة الياقة ذات لون كحلي .. سحب معطفه الجلدي من على السرير ورماه على ذراعه .. نظر الى المرآة مرة أخيره مسح على شعره الذي حلقه بالامس حتى اصبح قصيرا جدا .. غادر غرفته بشخصيته التي لفتت العاملين في الفندق بتغيرها .. وقف عند بوابة الفندق بانتظار سيارته .. بعدها ركبها وانطلق.. القى التحية على حارس البوابة مع ابتسامة خفيفة .. كانت لكنته لا توحي بانه عربي لانها متقنة جدا .. صعد مباشرة الى اعلى طابق في شركة "J.F.R" للمواد الغذائية والمرطبات حيث يكون مكتبه .. قامت واقفة بجسدها الطويل الممشوق وشعرها الاصفر القصير حتى الكتف .. رحبت به .. وفتحت له باب مكتبه مع انه لا يحب هذه الحركة منها .. وعنفها عليها مرارا .. ولكن احتراما له كونه رئيسها لم تعطي لكلامه بالاً .. نزع معطفه والبسه لكرسيه المرتفع الظهر وجلس .. وضعت امامه البريد اليومي .. طلب منها ان تحضر له قهوة تركية .. وان تنبه على رؤساء الاقسام بشأن الاجتماع بعد ساعة من الآن ..انصرفت من المكتب لتلبي له ما اراد .. مرت الدقائق واذا برائحة القهوة تداعب شعيرات انفه وتحيل انفاسه الى سيمفونية تتلذذ بذرات الهواء المعانقة للبخار المهاجر من ذلك الكوب .. اخذ الكوب وقام واقفا حيث النافذة المطلة على حديقة صغيرة خضراء تجمع فيها بعض الصبية الصغار يتقاذفون الكره فيما بينهم .. احتظن الكوب الحار بكفيه وارتشف منه رشفة وعاد بذاكرته للوراء اربعة ايام خلت .


كان مستلقينا بشكل اعتراضيا على سريره بعد مهاتفته لوالدته والخبر الذي زفته إليه بشأن ميعاد ابنة خالته .. نام بدون شعور ولم يوقظه الا رنين الهاتف في وقت مبكر جدا من صباح ذلك اليوم ..قرابة الثانية عشر والثلث صباحا بتوقيت لوس انجلوس ..قام مفزوعا يكتنفه البرد بسبب نومته الغير مريحة .. اخذ يبحث عن هاتفه ويتحسس السرير حيث كان يسمع رنينه .. امسكه وبعيون شبه نائمة نظر الى شاشته .." النسيب يتصل بك " ارتاع ونظر الى الساعة مما زاد خوفه الوقت للاتصال .. رد وبالفعل احساسه في مكانه : اسمعني يا فيصل .. من باكر لازم تروح تشوف المشكله اللي بفرع شركتنا .. في مصيبه عودة .. يتنا اخبار ان في تلاعب في الحسابات وفي العقود اللي تم توقيعها الشهر اللي راح .. ابوك ما بغى يعلمك لانه ما يريد يقحمك فالشغل بهالشكل .. الووو .. انت وياي .


حك شعره في محاولة لاستيعاب ما يتفوه به سيف : انت شو يالس تقول ..


تحوقل واجاب : يا فيصل .. اريدك تروح تجابل الشغل .. والا ترانا بنخسر خساير الله اعلم وين بتوصلنا .. وابوك ساكت لانه ما يريد يجبرك ع شيء .. وانت ولا همك ..


عاد الى واقعه على صوت طلال الذي اقتحم المكتب وهو في قمة غضبه بسبب اهمال فيصل له طوال الايام الثلاثة التي مضت .. ابتسم وهو ينظر اليه : ما يليق عليك التمثيل يا طلول .


نفض رأسه استنكارا من كلام فيصل .. ثم جلس بعنف على الاريكة ماداً ذراعه على ظهرها : اطلبلي شيء يروقني .. ترا والله واصل حدي .. والحين يالس ترمسني بكلام مخبق( غير مفهوم ) .


جوان : لم استطع ان امنعه استاذ فيصل ..


اشر لها ان تنصرف بعد ان طلب منها ان تحضر لطلال ما يهدي اعصابه .. صرخ قبل ان تخرج : ويسكي لو سمحتي
.

عقد حاجبيه وقال : احضري له فنجان شاي بالنعناع – اقترب منه بغيض – انت رجعت لسوالفك القديمة .. كلها كم يوم تركتك بروحك . وبعدين شو سالفة هالتمثيليه اللي مسوينها علي انت واخوك سيف .. وابويه يدري والا ..


اعتدل في جلسته : منو قالك تمثيلية .. سالت سيف وقالي في تلاعب هني .. وحلف لي ان هالشيء صدج


ابتسم : ما في شيء يا طلال .. ثلاث ايام وانا اراجع كل شيء .. ومن اجتماع لجتماع .. السالفة مدبرة عشان اشتغل .. صح او لا ؟


قام واقفا واعطى فيصل ظهره : انت ذكي .. وانا وسيف نجحنا بالخطة .. والدليل انك تغيرت 180 درجة كله عشان خوفك ع ابوك .. انا وسيف دبرنا وابوك يعرف بكل شيء .. وانا ادري انك كنت تريد هالشيء بس مب عارف كيف تبدا .. سهلنا لك الطريق .. وانت عليك الباقي . تشاو .


,‘،
بذكاءه اكتشف الخطة التي اوقعوه فيها .. لم يكن هذا الذكاء بعيدا عن الحديث الدائر بين سيف وعمه سالم .. بث بخوفه لسيف من جراء الخدعة التي قاموا بها .. ومع هذا كان الاطمئنان ذا النصيب الاوفر من الموضوع .. وفجأة اخذ الحديث منحى اخر حين سأل سالم سيف عن سبب بقاء رشا كل هذه المدة في منزله .. ليجيبه بكل ثقة : ما في شيء يا عمي .. كل الموضوع اني هالايام مشغول وكل وقتي برع البيت مثل ما انت شايف .. ورشا احسن لها تتسلى وييا خواتها بدال يلستها فالبيت بروحها .


قام واقفا : اليوم انت معزوم ع العشا عندنا .. ولا اريد اي اعذار .. انا بطلع لاني حاس بتعب شوي وبروح اريح فالبيت .. دير بالك ع الشغل .


زفر وقال في نفسه : الله يسامحج يا رشا .. رغم حبي لج مب قادر انسى الكلام اللي سمعته .. وفوق هذا استويت كذاب .. استغفر الله العظيم ..


اما هناك حيث السقيع الذي بات يحيط بها .. جلست وبيدها هاتفها تقلب في صندوق الوارد .. تقرأ الرسالة تلو الرسالة .. تتذكر حبه لها .. ويحزنها انها هانت عليه يهجرها كل هذه المدة ولا يسأل فيها .. عالمها الذي تقوقعت فيه كان بعيدا عن عالم اختيها جواهر ورنيم .. اللتان يتكلمان في آخر صيحات الموضة .. وعن السفر .. وعن الكثير الكثير .. احاديث فارغة كما تسميها جود ابنة الرابعة عشر ربيعا .. صعدت الدرجات بجسمها النحيل الاقرب لهيكل عظمي يرتدي شورت من الجينز الاسود .. وتي شيرت ابيض برسومات غريبة على الصدر .. دنت من الصالة حيث اخواتها .. وكانت ستمضي في حال سبيلها إلى غرفتها لولا مناداة رنيم لها .. وقفت واستدارت حيث هن .. واقتربت رويدا .. وسألت دون رغبة : What ؟


وهي تنظر الى طلاء اظافرها المتدرج بالاسود والبنفسجي : ليش ما تشاركينا ؟ والا احنا مب قد مقام الدكتورة جود ؟


ضيقت حدقتا عينيها .. وزمت شفتيها : يوم يكون كلامج يدل على ان فراسج عقل ممكن الواحد ييلس ويسمع .. ساعتها بشاركج .


اغتاضت .. وزفرت .. وبعدها امطرت جود بوابل من الشتائم البعيدة كل البعد عن مستواهم الاجتماعي .. وجود تنظر لها دون حراك .. بل انها ربعت ذراعيها ووقفت وقفة عدم اكتراث .. قالت بعد ان هدأت قليلا .. والغيض ما زال يتربص بها جراء هدوء جود : انتي بتشوفين عمرج علينا .. من ورا الشهايد اللي تاخذيهن من الانترنت .. شوفي شكلج كيف صاير .. شوفي عيونج يا كونان .


كان تعليقا سخيفا كما تطلق عليه جود .. وهو بسبب النظارة الطبية التي ترتديها .. قالت وهي تحك جانب انفها بسببتها اليمنى : غيرانه لانج ما حصلتي الا الثانويه . وانا للحين عندي شهادتين .. وقريب باخذ الثالثة .


صرخت وهي في قمة غضبها : سكتوهاااااااااااا .. والا ترا برتكب فيها جريمة .


تنهدت جواهر : الموال المعتاد .. يعني انتي عارفتنها وفوق هذا تنادينها .. تحملي – التفت لرشا – هييه وين وصلتي يا ليلى ..


جاءت ميره على صراخ رنيم الذي هز ارجاء القصر كالعادة : الواحد اييب عيال يريحونه .. وانا يايبه بلاوي . حشا مب بنات .. كل يوم ع هالصريخ والمضارب .. وبعدين من وين تيبين هالكلام .. حشا ما احيد حد منا كان يرمس بهالطريقة


جود : قل لي من ترافق اقل لك من أنت .


هذا هو الحديث المعتاد بين رنيم ابنة التاسعة عشر واختها جود .. رنيم ليست بتلك الفتاة الطموحة انهت الثانوية بنسبة قليلة جدا وبعدها فضلت عدم المتابعة .. واضحت ترافق الكثير من الفتيات من جميع الطبقات ومن جميع الجنسيات .. بخلاف جود التي من اتمت الحادية عشر وهي تسعى ان تكون مختلفة تمتلك ذكاءً مخيفا برغم صغر سنها .. تدرس عبر الانترنت .. ونالت على شهادة في التجارة الالكترونية من جامعة بارنجتون .. وايضا شهادة في هندسة البرامج من مركز ريتسك .. والان تسعى للحصول على شهادة في الاقتصاد .. وهي تفضل ان تحتفظ بكل هذا بينها وبين عائلتها .. حتى احيانا تنعتها رنيم بالكاذبة .. لانها لا تصدق ما يقال عن تلك الشهادات ..


هدء المكان بعد ان زفت ميره لهن خبر قدوم سيف على العشاء هذه الليلة .. كانت هناك لمعة غريبة بانت في عيني رشا .. نظراتها لوالدتها تنشد أمل واضحا .. ذبلت عيونها عندما علمت ان مجيأه لم يكن الا بدعوة من والدها .. عادت الى هاتفها .. في حين وجهت ميرة كلامها لجود طالبة منها ان تكون معهم وتترك الانعزال الذي هي فيه .. هزت رأسها بالايجاب وادبرت الى غرفتها الشبيهة بملعب كرة قدم من اتساعها .. اغلقت الباب المنقوش ووقفت في وسط الغرفة .. رفعت بلوزتها لتخلعها اذا بالباب يفتح .. اكملت خلعها ورمتها على سريرها .. لتبان عظام القفص الصدري وعظمتا الكتفين البارزتان من تحت خيطا " الساتيان" بعدها التفت للباب دون اكتراث .. قفزت على سريرها وامسكت جهاز " الاي باد " .. تقدمت منها : انتي ما تستحين .. عاادي يعني حتى لو الباب مفتوح .. مب ناقص الا تفسخين الباقي .


وهي منشغله بتصفح ما بين يديها : خير يا رنيم .. باقي شيء بعد تبين تقولينه ؟


ابتسمت بمكر وانحنت حتى صار وجهها في وجه جود .. بعدها ابتعدت معتدلة في وقفتها : انتي مصدقه عمرج انج اختنا وبنت سالم الـ... شوفي شكلج .. ما تشبهين اي حد فينا .. كنج من كوكب ثاني ... لا لونج ولا شعرج ولا ويهج اللي تقول وحده طالعه من مقبرة – انحنت وهمست – انتي مب اختنا .


نظرت اليها بعدم اكتراث وهي تعود للاستقامة في وقفتها : ما تعرفين شيء اسمه طفرة في علم الوراثة – وضعت يدها على فاها – اووووووووو نسيت انج فاشله فالدراسة .. سوري .


ارتفعت حرارة جسدها غضبا .. انفاسها تتابع وشفتاها تطلب العتق من قبضة غيضها ..لم تتحمل ابتسامة جود الذابلة في وجهها .. غادرت الغرفة بمشية غاضبة .. لم تنتبه لوالدها الذي ناداها .. وبعدها اطلق قدميه نحو غرفة مدللته الغالية .. ما ان تراء لها حتى نزعت سماعات الاذن التي كانت تصدح في اذنيها باغنية اجنبية صاخبة .. وقامت مهرولة نحوة لتدفع بجسها النحيل جسده حتى وقعت " غترته " .. احتظنته بقوة : I love u dad


ضحك بقوة وهو يشدها اليه : وانا بعد احبج يا عيون داد .


انحنت واخذت غترة والدها وبعدها مشت معه وهي تطوق وسطه بذراعيه .. قال وهو يجلس على السرير : كبرتي .. الحين ما اروم اشلج مثل قبل .

سحبت بلوزتها على السريع ولبستها وبعدها نامت على فخذه واخذت تكلمة بالانجليزية : دادي .. الا تشعر بالخجل لانني مختلفة عنكم ؟


مسح بيده على شعرها البرونزي القصير : رنيم ضايقتج صح ؟


حين لم يأته جوابا منها .. تابع كلامه : انتي بنتي يا جود .. ولا يهمني شكل ولا لون .. وعشان تتاكدين سوينا اختبار DNA وشفتي النتايج بعيونج .. كون لونج شاحب وعيونج غبر .. وشعرج صاير ع اشقر ما معناته انج مب بنتي .. والدكتور قالج انج تعتبرين طفرة جينية ..


دارت برأسها ناظرة الى وجه والدها البشوش والى لحيته البيضاء المختلطة بشعيرات سوداء قليلة : دادي .. جدي لم يتزوج امرأة انجليزية او باكستانية او ايرانيه او ..


قطع كلامها ضحكته التي دوت في المكان فصرخت بدلع وهي تضرب برجلها : دااااااادي .


قامت من حظنه ووقفت امامه ويداها على وسطها : لماذا تضحك ؟


تمالك نفسه : الله يضحك سنج .. ما اذكر يدج تزوج من برع .. الا اذا كان يد يد يد يد يدج العود .. عااد ما ادري عنه


وعاد يضحك .. مما جعلها تضحك معه ..فجأة اسرعت لتفتح جهاز " اللاب توب " وكانها تذكرت شيء ما .. ووسط استغراب والدها .. اخذت تردد : انتظر .. انتظر .. عادت وجلست بجانب والدها والجهاز على فخذيها .. كان ينظر الى ما تفعل وعيناه تتغير نظرتهما .. وحاجباه عانقا بعضهما : كيف دخلتي ع موقع الشركة بكل هالسهولة .


نظرت الى وجهه المشرأب بالغضب : اسفه دادي .. بس كنت اجرب برنامج تجسس ولا حبيت اتطفل ع مواقع ما اعرفها .. بس دادي .. نظام الحماية عندكم ضعيف واايد .. لازم تغيرونه .. ما استغرق مني الاختراق واايد .. اقل من ثلث ساعة ولقيت نفسي اشوف كل شيء .. حتى نظام تنبيه بالاختراق مب موجود . وهذا شيء غلط .


قام على غير ما دخل .. وبكل اهتمام قال لها دون ان ينظر اليها : جود .. بعدي عن هالبرامج ..


قامت ووقفت امامه : دادي .. انا ما اسوي شيء غلط .. كنت اجرب اللي اعرفه وتعلمته ..


وضع كفيه على كتفيها النحيلان ونظر في عينيها بقلق : الطريق هذا ما منه امان .. ما اريدج تسوين هالشيء مرة ثانيه .. اوكي .

ابتسمت على مضمض : اوكي .


حرك يده بعشوائية على شعرها القصير .. ثم غادر وهو يخرج هاتفه من جيبه .. تبعته حتى باب غرفتها ووقفت حين سمعته يقول : سيف ما اريدك تخلي الشركة الا وتيبلي خبر عن تايكو هيروكو .. وتعرف من الشركة معلومات كافية عن برنامج الحماية اللي اشتريناه منها ..

ادركت حينها انها اشعلت فتيل القلق في قلب والدها .. تحبه وتخاف عليه .. وما فعلته لم يكن بداعي تجربة كما اسلفت لوالدها .. بل لاسباب اخرى تريد ان تخبأها في حناياها .. وهي موقنة ان والدها عرف بكل شيء .. ولم تنطلي عليه تلك الاسباب التي زعمتها .

,‘،
رائحة العود العربي يعبق بها ذاك الملحق المكون من ثلاث غرف وصالة ومطبخ صغير ..والراحة تسدل نفسها على قلوب ساكنيه .. ولا بأس ببعض من مداعبات القلق والترقب بين الحين والاخر .. لامست اصابعها النحيله الباب بخفة .. ما لبثت ان عزفت اظافرها نغمة على ظهره الخشن .. ليأتيها صوت اخيها الاجش : حياج ..


دخلت ووسبقتها تلك الرائحة المتصاعدة من المبخرة الخزفية .. اقتربت من عيسى تبخره وهو واقف والابتسامة على محياه .. قربتها من " غترته " الحمراء القطنية لتعانق انسجتها العود العربي الطيب : يعلني ادخنك يوم عرسك .. قول آمين .


قهقه ونظر اليها : آآمين .. عسى ربي ما يحرمني منج ..


وضعت المبخرة من يدها على " التسريحة " واخذت تتأمله وهي شبه جالسة ويداها ممسكتان بحواف التسريحة .. بعد ان انتهى سألها رأيها فأجابت : عرييييييس ما شاء الله عليك .. الله يحفظك من عيون الحساد .


وهو مدبرا ليغادر والابتسامة تعلوه : يقولون القرد فعين امه غزال ..


تبعته وهي تنهره .. وبعد أن غادر المنزل متوجها لمصلى الجمعة في منطقتهم .. اقفلت عائدة إلى غرفة ايمان .. اخذت توقضها دون هوادة .. والاخرى بضجر اخذت تتقلب في فراشها : حرام عليج خوالي .. ما رقدت الا الفير .. خليني ارقد ..


سحبت اللحاف لتظهر ساقاها بعد ان ارتفع ثوب النوم ليعانق ركبتيها او اعلى قليلا عن ركبتيها : اووووه يعني لازم الفضايح


ضحكت خولة وهي ترقب ايمان التي بدأت تسحب ثوبها للاسفل لتغطي ما ظهر من جسدها : قومي عن الكسل .. تسبحي وبتتنشطين .. ولا تنسين تقرين سورة الكهف ..


دون سابق انذار قالت : ما صار شيء ؟


ابتسمت على مضض وجلست على حافة السرير : لا ما صار شيء للحين ..


رفعت ايمان كفيها ومن قلب : الله ياخذه ويفكنا منه ..


ضربتها اختها على فخذها .. حتى صرخت واخذت تتحسس مكان الضربة : لا تدعين ع الناس مب زين .. ولا تنسين ان اليوم جمعه محد يدري متى بتكون الدعوة مستجابه .


بضجر : مادري وين بتوصلج طيبتج .. والله اني ادعيلج فكل صلاة انه يبتعد عنج – باهتمام تابعت – اذا تقدم ..


قبل ان تكمل قالت خولة بصوت هاديء اقرب اللي الهمس : قال تعالى :" وعسى أن تكرهوا شيء وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيء وهو شر له "


صدّقت وصدّقت معها ايمان ثم اردفت : ايمان احنا البشر ناخذ بالشين والزين بحسب معرفتنا بالشخص .. مرات نحب انسان ونتغاضى عن اي عيوب فيه .. بس لان نحن نحبه .. والانسان اللي نكرهه ما نشوف الا الشيء اللي يزيد كرهنا فيه اكثر .. لو نشوف هالانسان من زايا ثانيه ونتقرب منه صدقيني يمكن تتغير فكرتنا بالمرة .. واحنا للحين كل اللي سمعناه عن جاسم كلام .. والناس ما تشبع من الكلام والبهارات الزايدة عليه .


قامت بتأفف : خليني اقوم احسنلي .. انتي عنيدة .. وباين انج بتوافقين .. رضينا او انرضينا .. والله يكون فعونج .. بس لا تنسين ان ما في دخان بدون نار يالفيلسوفه


سحبت المخدة .. ورمتها على ايمان : اوكي يالدحيحة ..

,‘،


♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:44 PM

بعكس الراحة التي سيطرت على منزل عيسى .. سيطر عدم الارتياح على جاسم حين اخبروه ان والده ينتظره في الاسفل .. لا بأس في التأخر نصف ساعة عليه .. كان هكذا يحدث نفسه .. ونيته اغاضة والده .. كان هناك ينتظر بتوتر .. مرت عليه اكثر من نصف ساعة .. كان يضرب بقدمه على الارض في توتر واضح .. ويحاول في نفس الوقت ان يجد بداية جيدة للحديث مع ابنه .. واذا لم يكن التهديد قد اتى ثماره فلعل الهدوء والطيبة تأتي بالثمار إليه دون جهد .. نزل السلالم بنظارته السودا ذات الماركة العالمية .. وابتسامته الدالة على سخرية من نوع ما .. جلس بكل هدوء حتى دون ان يلقي التحية .. تمالك عبد العزيز اعصابه رغما عنه .. شبك يديه بين رجليه وانحنى قليلا .. وباهتمام زائف : في شيء ؟.. مب معقولة تزورني يوم الجمعة .. اخواني فيهم شيء ؟


نفض رأسه وكأنه يحاول ابعاد الانفعال عنه .. جلس باهتمام بجلسة شبيهة لجلسة جاسم : ما رحت تصلي مثل كل مرة ..


جاسم : يعني تريد تفهمني الحين انك ياي تنصحني .. انصح نفسك بالاول ... هات اللي عندك يا عبد العزيز .


لا داعي للانفعال .. سادعه على راحته حتى لو كان كلامه يقلل من احترامي .. كان هذا حديث نفسه التي تطمح لتحقيق شيء ما .. كان جاسم يرقبه من خلف زجاج نظارته الداكن .. وكأنه يقرأ افكاره .. لم يطل انتظاره ليعرف ما تحت رأس والده او كما يناديه هو بـ عبد العزيز : جاسم .. وين امك ؟

لم يرد عليه واكتفى بتغيير جلسته ثانيا ساقه بزاوية قائمة على ساقه الاخرى .. واسند ظهره على الكرسي الوثير .. عندما رأى ذلك منه .. وانه لن يجيب على سؤاله .. اردف قائلا : اسمعني يا جاسم .. هذي امك .. وصارلها اكثر من 3 سنين ما ندري عنها شيء .. ميته او حيه .. قولي وين هي وانا بروحلها بنفسي ..


عاد لجلسته السابقة : انت طلقتها .. ولا لك خص فيها يا عبد العزيز .. ومليون مرة قلتلك ما يخصك .


ثار الدم في عروقه .. لم يستطع ان يسيطر على هدوءه اكثر .. فانفجر واقفا : تراك زدتها يا جويسم .. هذي امك مب اي وحده ثانية .


وقف ورص على اسنانه : لا تقول امي – زادت حدة صوته – استاذة التربية واللي تناشد بضرورة تربية الام لابنائها .. كانت ام فاشله ..


صرخ الاخر : يعني بتقولي الحين ان بخيته هي امك .


اشر بسبابته لوجه والده : اسمع .. لا تييب اسم امي بخيته ع السانك .. وبقولها لك من الحين .. هيه نعم بخيته امي – انزل يده – مب طليقتك تقول ان الام هي اللي تربي .. يعني بخيته امي بشهادة استاذة التربية سلامه محمد .

,‘،
كله منج .. صرخة اطلقتها رشا في وجه جود بعد ان اُلغيت دعوة العشاء .. انفردت بنفسها في غرفتها وهي تبكي .. اشتاقت إليه .. ترغب بالنظر في عينيه .. والاستماع لكلماته .. تريده معها .. وتحتاج لحظنه ليلا .. همت لتهاتفه ولكنها تراجعت ؛ فالظرف لا يسمح لذلك .. والدها منفعل بقوة في مكتبه الكائن في الطابق الارضي للقصر .. ووالدتها هناك معه تحاول أن تهدأه .. ولكن كيف له أن يهدأ مع ذاك الكم من المكالمات بفروع شركاته .. الجو وكأن به مس من شحنات سالبة سيطرت على ساكني ذاك القصر الكبير .. جواهر ابتعدت عنهم هي الاخرى وآثرت الجلوس في غرفتها بين كتبها لعلها تستطيع ان تنقذ ما تبقى لها من مواد .. قبل السقوط في بحر الفشل كما اختها رنيم .. تلك الفتاة الطائشة الغير آبهة بما يحدث .. تتجول في الحديقة الشاسعة وهاتفها على أذنها .. وضحكاتها تتغلغل في مسامع حراس القصر وبعض العاملين المشغولين في ترتيب الحديقة ونباتاتها .. اما جود التي اشعلت الفتيل فلاذت بالصمت هناك بجانب مكتب والدها من الخارج .. جلست القرفصاء كطفلة ضائعة خائفة تترقب القادم المجهول .. كانت تسمعه ثائرا في كلماته .. يعنف هذا ويطلب من الاخر البحث .. قامت واقفة وهي ترى سيف يقتحم المكان بقوة بعد أن فُتح له الباب .. ومباشرة دون ان يلتفت لها دخل تاركا الباب مفتوحا لتطل بخوف برأسها تستمع للحديث الدائر .. وترى والدتها الجالسة بركن المكتب والخوف يغطيها .. كان الحديث يدور عن مشاريع تم التوقيع عليها .. والخوف من السقوط بعد الصعود الى القمة ..ضرب بقبضته بقوة على سطح الطاولة الفاخرة : الله ياخذه .. يعني ما كان من الشركة المصنعة للبرنامج .

هز سيف رأسه بلا : ما كان من موظفيهم .. اربع ساعات وانا اكلمهم احاول اعرف منو تايكو هيروكو .. بس ما عرفت .. واكدولي ان ما في احد من موظفينهم بهالاسم ..

جلس محاولا ان يضبط اعصابه : المهم .. المشاريع اللي وقعناها هني وبرع .. ما فيها شيء غلط ..

تكلم سيف وبكل هدوء واريحية : لا .. ما في أي شيء .. كل المشاريع اللي وقعناها ونفذناها سليمة ..


اسقط رأسه على المقعد الجلدي وكأنه يسقط وساوس اجتاحته طوال فترة الظهيرة : الحمد لله .. اللهم لك الحمد .


ابتسمت بأبتسامتها الواسعة ليبان ذلك السلك المعقود على اسنانها .. ولكن فجأة عاد ذلك الاحساس بالخوف حين رن هاتف سيف بتلك النغمة المتحدثة عن عشق وحب .. وكأنها خرجت في وقت غير وقتها .. اغلق الاتصال بتوتر .. وما لبث حتى رن من جديد بنغمة رسمية لتخلع الامان من قلب ابو فيصل وتقف ميرة متطلعة بخوف لوجه سيف الممسك بهاتفه : منو ؟

ابتسم وهو يضعه على اذنه ورد على عمته : فيصل ..

ما ان سمع صوت فيصل حتى اختفت تلك الابتسامة خلف عقدة الحاجبين القلقة : فيصل شو صاير ..


هب ابو فيصل واقفا .. وهجم الخوف دون رحمة على قلب ميرة .. اما جود فعادت لتجلس القرفصاء حاظنة ركبتيها .. هناك كان يحمل حقيبته على كتفه ويمشي بعُجالة على ارض مطار لوس انجلوس وبيده جوازه الدبلوماسي لينهي معاملاته بسرعة ، والهاتف على اذنه وبعصبية مختلطة بخوف : اسمعني يا سيف .. انا الحين فالمطار ورايح للكويت .. مصيبة عودة بتستوي اذا ما لحقت عليهم .. لا تقاطعني وانا اعلمك بكل شيء – سكت وهو ينهي اخر معاملة ليصعد الى الطائرة – التلاعب اللي كلمتني عنه مب ففرعنا اللي فلوس انجلوس .. التلاعب ففرع شركتنا للمقاولات والاستثمار اللي بالكويت .. التلاعب بعقود توقعت من اربع او ثلاث اشهر .. واذا ما وقفت التنفيذ فيها بنخسر خساير يمكن توصلنا لمكان ما نتمناه .


سيف : بس حتى اذا وقفتهن بنخسر ..

كانت تلك الجملة كفيلة لتهز كيان سالم ويسحب الهاتف من سيف : فيصل شو صاير ..


لم يعلم ان سيف هناك حيث والده .. وما هو فيه انساه ان يسال : ابويه .. انا رايح الكويت اوقف التنفيذ فالمشاريع اللي وافقنا عليها فالاربع اشهر اللي راحت .. لان في تلاعب على نطاق واسع ..

سالم : بس بنخسر اذا تراجعنا .. والا نسيت شروط العقود ..


رد بعد ان تنهد وكأنه يريد أن يسحب الخوف الذي استشعره في صوت والده : بنخسر بس مب بكبر الخسارة اذا تنفذت المشاريع وفشلت بنص الطريق .. الخسارة بتكون اهون وبنقدر عليها .. لا تحاتي يا بو فيصل .. وراك ريال يعرف يتصرف .. واول ما اوصل الكويت بخلص كل شيء ..


انكبت باكية على سريرها الوثير .. وصرخت : حتي يوم الجمعة شغل .. وبعد تسكر الخط فويهي يا سيف .. لهالدرجة وصلت فيك ..


كل واحدة فيهن تفكر في نفسها فقط بخلاف تلك المختلفة عنهن شكلا .. وايضا مختلفة عنهن ضمنا .. انسحبت من المكان الذي كانت فيه بعد أن ارتاح الجميع من جراء اتصال فيصل .. وكأنه كان المنقذ من تلك الوساوس التي اجتاحتهم .. والمفرغ لتلك الشحنات السالبة التي سيطرت على الاجواء ..صعدت السلالم براحة شبه تامة .. فهناك بين اضلعها طبول تقرع بخفة .. تحاول ان تسكتها ولكن دون جدوى .. ارتمت على سريرها بقوة .. ودفنت رأسها في وساداته لعلها تجد السلام .. لا يهمها الوقت حتى وان كان مبكرا على النوم .. فيكفي ذاك القلق الذي سيطر عليها ان يحيل جسدها الى آهات تطلب الراحة وتستجدي الهدوء .

,‘،
ذاك الهدوء الذي كانت تنشده روضة وهي تعيد القراءة في ذاك المقال الذي زلزل كيانها واسقط دمعتها

نحن أمة عربية اتسمت منذ الازل بالحشمة وبالحياء .. فكيف اذا نحن الآن أمة عربية ومسلمة ! .. بالأمس كان هناك ما جعلني اتوقف واسأل نفسي مرارا وتكرارا .. اذا كنا هكذا فكيف نطلب الحياء في تصرفات بناتنا ؟

ما كان بالامس هو ما كانت علية زوجتي وهي تصرخ قائلة " ما يستحون " كلمة قالتها بغضب لانها لم تستطع شراء ما تريده من ملابس نسائية " خاصة " .. والسبب هو البائع الرجل .. فكيف نطالب من بناتنا ان يسترن انفسهن .. وهناك عبر تلك المحلات ما يثير الغرائز لديهن ولدى غيرهن من المارة .. ملابس خليعة تعرض على واجهات المحلات .. وصور نساء تظهر أكثر مما تخفي بداعي الاعلانات .. أية اعلانات هذه .. التي تجعل المرأة جسدا يداس من اجل المكاسب المادية .. عذرا يا بنات امتى ويا نساءها فأنتن اشرف مما يفعلون .....

مسحت دموعها بسرعة وهي تصرخ على ذاك الطارق الذي يطرق باب غرفتها في هذا الوقت من المساء .. ليس موعد العشاء فالوقت مبكر لذلك .. وحتى وان كان وقت العشاء فهي لا ترغب بشيء .. صرخت بصوت يشوبه انفعال خفيف : منو ؟

انا امج .. ليش قافلة الباب ؟ .. كان هذا صوت والدتها الواقفة عند الباب .. فتحته لتدخل والدتها .. وعلى غير عادتها امسكت بيد ابنتها واجلستها على السرير بجانبها .. كانت تتكلم في امور استغربتها روضة .. مع بعض النصائح التي افزعت قلبها ليقرع نواقيس ذات صوت غريب بين اضلعها .. لم يكتنفها الحياء عندما القت والدتها على مسامعها ان ذياب ابن عمها تقدم طالبا يدها .. بل جحظت عيناها .. وارتخت شفتها السفلة وكأنها تريد ان تفتح المجال لانفاسها المتضاربة ان تخرج من فمها ..


وقفت ام احمد ولا تزال ممسكة بيد ابنتها : فكري يا بنتي .. وترا ذياب ما ينعاب .. ريال والنعم فيه .. وصلي استخارة بعد عشان ترتاحين اكثر .

غادرت الغرفة التي اصبحت كالثلاجة بالنسبة لروضة .. التفتت حيث يقبع ذاك المقال على شاشة جهازها .. وما هي الا لحظات حتى دخلت سارة وجلست بعنف على السرير واهتزت روضة جراء ذلك .. قالت بفرح : اكييد امي يت تقولج عن ذياب .. انا كنت تحت وسالتها شو كانت تريد حرمة عمي منها .. لان زيارتها ابد مب متوقعة .. وقالتلي انها يايه تطلبج لذيابوه .. واخيرا حد بيعرس فهالبيت ..


لم تأتها اي اجابة منها .. سوى دموعها التي سكبتها بهدوء .. بخوف : رواضي شو فيج ؟


ازدرت ريقها .. ومسحت دموعها في محاولة يائسة لايقافها : ما اريد يصير في مثل ما صار فهاجر .. يقولون ان الافعال ترجع .. يعني فعل احمد يمكن يرجع في ..


باستياء قالت وهي تمسك كفي روضة : انتي شو تقولين .. انخبلتي .. او ينيتي .. وبعدين احمد اكيد عنده اسباب قوية للي سواه .. واذا ما تبين ذياب لا تتحججين باحمد وهاجر .. واحسنلج توافقين لانج ما بتلقين حد مثل ذياب ولد عمي .. طيب وحنون .. صح ان ما فيه وسامه .. بس والله قلبه وطيبته يغطن ع كل شيء فيه

على مضض ومن بين انفاسها الباكية : بس .. بس .. انا احب .

صرخت دون وعي : شو ؟


امسكت كتفي روضة تهزها وتسالها : انتي شو تقولين ؟ شو هالكلام .. ومنو هذا اللي تحبينه تكلمي ..


نظرت بانكسار لاختها .. ولكنها لم تستطع النطق باي كلمة .. وآثرت ان تنظر الى جهازها .. لتعرف سارة جواب اسئلتها .. وقفت غاضبة وهي تمد ذراعها مؤشرة بسبابتها للجهاز : من صدقج تحبينه ..


جلست بعنف وباهتمام اردفت : انتي قريتي اخر مقال له .. الريال معرس .. وشكله شيبه ..

طأطأت راسها : يمكن كله كذب .. في واايدين يكتبون بعيد عن حياتهم بس عشان ينشهرون .. وانا احبه حتى لو كان مــ...

قاطعتها وهي تدفعها بيدها من كتفها الايسر : مينوونه انتي . . انتي ما تحبينه .. انتي تحبين شعاراته وكتاباته .. شيء يمكن هو بنفسه ما يطبقه بحياته .. مدعي المثالية والخوف ع المجتمع وتلقينه واحد من اللي يالس يقول فيهم كل هالكلام ..


عندما رأت بكاء روضة الذي زاد .. هدأت من نفسها واردفت بلطف وهي تضع يدها على كتف اختها وتقترب منها بجذعها : حبيبتي رواضي .. انتي بروحج قلتي يمكن يكون كذب .. يعني الحين انتي ما حبيتيه هو .. كل اللي سويتيه انج حبيتي كلامه لا غير .. تخيلي مثلا تطلع بنت .. او يطلع واحد اكبر عن ابوج .. او واو .. حبيبتي اللي انتي فيه اعجاب لا غير – قامت واقفة – فكري بموضوع ذياب وخلييج من المغترب .. والاحسن تقومين تصلين لج ركعتين وتدعين ربج يساعدج .

غادرت وهي تقول في نفسها : انتي بروحج تحملين شعارات كاذبه .. تدعين المثالية .. شو فرقتي عن المغترب .. حتي يمكن المغترب يكون اصدق منج .

ابتسمت بسخرية على حالها وهي تنزل الدرجات .. ووقفت وهي تنظر لوالدتها الجالسة وحيدة امام التلفاز .. الحياة ليست كالسابق .. فوالدها ووالدتها لا يزال بينهم شيء من الغضب .. اقتربت وانحنت تقبل رأس والدتها .. ما لبثت حتى وضعت رأسها في حجرها .. والاخرى ما كان منها الا ان تمسح على رأس ابنتها وتبتسم وتسالها عن امتحاناتها ودراستها ..بعدها رفعت كفيها داعية لها بالتوفيق بقلب ام صادق لا يزال احمد الابن البكر متربع فيه بقوة .

,‘،
وحيدا ومنقطعا عن الجميع .. صار له على هذا الحال سنوات وسنوات .. لا يملأ وحدته الا لوحاته وفرشاته الملطخة بالالوان .. وصديقه الاسود ذو الاصابع المقلمة بين الاسود والابيض .. البيانو وموسيقاه التي تحكي مشاعرا في نفسه لا يقوى على البوح بها لاياً كان .. وهناك شيء آخر له نصيبا من تلك الوحدة المتوحشة وهو ذاك القلم الذهبي النحيل .. وتلك الاوراق الصماء الا من نقش جميل على الزاوية السفلى من اليسار .. كل هذا لم يكن معه في وحدته في هذه الساعة .. لا شيء معه سوى ملعقة بيده ملطخة بحبات الارز والصوص الاحمر .. اسند ذراعها على الصحن الابيض الذي لم يتحرك ما فيه الا قليلا من جراء لقمة او اثنتين .. مسح شفتيه بالمنديل ورماه على الطاولة .. قام والافكار لا زالت تتخبط في رأسه .. رمى بجسده المثقل على ذاك الكرسي .. ونزلت شعيرات من شعره الطويل الواصل الى كتفه على جبهته .. رفعها بكلتا كفيه ماسحا بهما شعره .. حتى شبك اصابعه على رأسه واسنده على الكرسي .. اخذ يتذكر ما دار من حديث بينه وبين والده في عصر هذا اليوم ..

اشر بسبابته لوجه والده : اسمع .. لا تييب اسم امي بخيته ع السانك .. وبقولها لك من الحين .. هيه نعم بخيته امي – انزل يده – مب طليقتك تقول ان الام هي اللي تربي .. يعني بخيته امي بشهادة استاذة التربية سلامه محمد .

بنفس الانفعال رد عليه : وحد يرمي امه فدار المسنين .. غير واحد عاق ..


لاول مرة يشعر بانه لا يستطيع ان يتحكم ببرودة اعصابه : ما العاق الا انت وطليقتك المصون .. لو مب عاقيين ما دمرتوني بهالشكل .. لو مب عاقيين ما دمرتوا اخوي .. ولا كان كل همكم فلوسكم وسمعتكم .. لو انت مب عاق كان ما تباهيت بفلوسك ونسيت اولادك .. ولو هي مب عاقه كان ما لهت ورى ندواتها واجتماعاتها ونست ان فالبيت في حد محتاينها .. وما طلعت امومتها الا فويه اخوي .. وتقولي انا عاق .. انا مب عاق يا عبدالعزيز – وضع قبضة يده على صدره – اللي هني نار عمرك ما بتحسها لا انت ولا سلامة .. لانكم مب اهل .. امي بخيته شلتنا وربتنا كانت تسهر واحنا ننام .. كانت تبرد واحنا ندفى .. كانت لنا الام والحظن والحنان والحب .. ما خليتها فالدار الا لاني اخاف عليها هنا بروحها ..

اشاح بجسمه عن والده .. لم يرغب بان يرى نظرة الانكسار بدمعة قد تسقط سهوا مخترقة عتمة نظارته .. واردف : وبعدين انا ليش يالس اقولك كل هذا .. المهم اخلص يا عبد العزيز وقولي شو تريد مني ..


عبد العزيز : ما بتعرف قيمتنا واللي سويناه الا يوم يكون عندك ولد – بشيء من المكر اكمل – الا ع طاري العيال غريبة ان ولا وحدة من اللي تزوجتهن يابتلك الضنا .. كنت متأمل خير فاخر وحده اللي بقت معك فوق الثمان اشهر .. بس ما تصورت انك تكره هالجنس وفنفس الوقت تزوج .. والغريب بعد انك مسمي شركتك اللي فلندن باسم نسائي .. فيك تناقض غريب يا جويسم .


صدحت ضحكته في ارجاء المكان .. حتى توشح الاستغراب عبد العزيز الذي كان يظن بانه كسر جاسم بكلامه .. التفت له وبعدها جلس مادا كلتا ذراعيه على ظهر ذاك الكرسي .. وساقه تعانق اختها : Rose fashion .. يعني باللا عليك يا عبد العزيز شركة موضة وازياء نسائية .. شو تتوقع يكون اسمها .. ع الاقل هي الانثى الوحيدة اللي فحياتي اللي عمرها ما خذت مني كثر ما عطتني .. حتى لو كانت انثى بالاسم .


عادت ضحكته لتهز المكان وسط انفاس عبد العزيز الثائرة .. ما لبث بعد تلك الضحكة حتى قام واقفا بوجه والده : ع فكرة .. نصيب سلامة صار لي .. يعني لا تفكر انك بتاخذه منها اذا عرفت مكانها .

امسك جاسم من ياقة قميصه القطني : انت شو تقول ؟ .. لا تكذب علي يا جويسم .. تعرف كم نصيب امك من شركتي ؟


فك قبضة والده بهدوء : نصيبها 35% . . ونصيبي 20% .. ونصيبك 45 % .. يعني انت كنت – وشد على كلمة كنت – الآمر الناهي فيها .. والحين نصيبي 55% يعني اقدر اوقف بويهك فاي وقت – مشى متوجها للسلم – بس لا تخاف ما بسوي شيء فالوقت الراهن .. العب فالشركة مثل ما تريد .


نفض رأسه وتمتم : كان المفروض ما اكشف اوراقي له .. هين يا عبد العزيز .. بعرفك منو جاسم اللي عمرك ما حسسته بوجودك ..

وقف متوجها لغرفته الخاصة حيث اصدقائه .. وهو في طريقه امسك هاتفه : الوو .. اسمع اريد رقم موبايل عيسى .. الليلة يكون عندي .


جلس على مكتبه .. وفتح احد ادراجه .. واخرج صندوق خشبي مرصع بالنقوشات الذهبية .. مد يده الى نحره وسحب سلسال تعلق في آخره مفتاح صغير .. فكه من رقبته وفتح ذاك الصندوق .. لتظهر فيه بعض الاوراق المطوية بشكل حلزوني ابعدها بيده ليخرج رقعة من الجلد الملفوفة بشريط انيق اسود مطعم بالخيوط الفضية .. ارتجفت يده وكأنها لا تريد لعيناه ان تريا ما في تلك الرقعة .. بعد ثواني مرة كالعلقم فتحها ابتسم بحزن وهو يمرر نظره على تلك الكلمات :

يا طيب الذكر و يا راهي الذوق
.........................ويا منبع الطيبه واحساس راعيها
يا عذب المعاني وبالمستوى فوق
..........................ويا راقي الطباع ومحدن يجاريها

افعاله الزينة ما تنحصى بوثوق
...........................لا ولا كل الكتب بتروم تحصيها
ان قالوا الخلان تتشابه بها عروق
......................هذا اخوي عروقه لعروقي تواسيها

الابيات لاخوي : ناصر الشامسي.




بعد ما انتهى تحسس باصابع يده ما كتب في آخر تلك الابيات : اللي منك صعب ينحط فورقة عادية .. احبك يا اعز رفيق فدنيتي .

,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:45 PM


غيوم صيفية تنتشر في سماء صباح يوم السبت من ذاك الشهر الحار .. انهت اخر دفتر واجبات .. الطالبات ممتازات ما عدا القليل منهن .. ولكن لا بأس بمستواهن بالنسبة لها .. اغلقت الدفتر الاخير .. واعتقت القلم الاحمر من قبضة اصابعها .. قامت من على مكتبها بشيء من التعب .. وضعت يديها على وسطها ودفعت جسمها للوراء تحاول تنشيط جذعها الذي انهكه الجلوس .. سحبت " شيلتها " الخفيفة الملونة من على السرير .. وتركتها لتعانق رقبتها وتتهادى على صدرها .. اخذت نفسا عميقا وهي تضع يدها على مقبض الباب .. اليوم عليها أن تساعد ريم بما تستطيع .. اليوم يجب أن تحادث عبدالله .. وتحاول اقناعه بنسيانها .. خرجت من غرفتها متوجهة إلى غرفة عبدالله .. طرقت الباب بشيء من التوتر .. بعدها فتحت الباب حين لم يأتها أي جواب .. تجولت بنظرها في انحاء الغرفة الغير مرتبة .. ثوب هنا وآخر هناك .. والحاف قد نام نصفه على الارض .. وعلاقة الملابس تطلب النجدة من الحمل الذي وضع عليها دون اي نظام ..انحنت لتلتقط الثوب عن الارض .. وتابعت مسيرها لتلتقط الاخر .. وهناك يقبع إزار وغترة وعقال قد تدنى من تلك العلاقة .. واذا بها تتجه الى السرير لترتبه .. وهي على حالها اذا باصوات تختلط باصوات السيارات .. تركت ما في يدها وتوجهت لنافذة .. ازاحت الستائر قليلا لتنظر إلى مصدر الصوت .. بدر ومايد هناك ويبدو أن ما بينهما لا يبشر بخير .. كانت تنظر إليهما وتود لو أنها تستطيع ان تلتقط وتعي ما يقولانه .. لكن البعد حال دون ذلك .. يعلو صوتهما ويرجع ليخفت ..


بدر : اسمعني يا مايد .. خل عليا فحالها والا ما بيصير طيب .

دون اكتراث : شو بتسوي يعني .. بتشتكين عند امها والا عند ابوي – تقدم خطوتان للامام – اسمعني يا بدير مب انت اللي اتيي تنصحني فاهم .. وعليا بنت عمتي وانا احق فيها .

امسكة من ثوبه من عند الصدر : ياللي ما تستحي .. عليا صغيرة .. حرام عليك اللي تسويه فيها .. شوف حالها كيف صار .

رمى بيد بدر بعد ما فك قبضته : بدير خلك بعيد عني .. والا كل السيديهات بتوصل لابوي فاهم .. الحين اقولك خلك بعيد احسنلك ..


حين رأت امساك بدر لمايد بتلك الطريقة .. جرت مسرعة خارجة من غرفة عبدالله .. وهي تنزل الدرجات وضعت " شيلتها " على رأسها .. وخرجت من المنزل ودارت حوله .. كانا بعيدا في تلك الساحة المزروعة باشجار النخيل والمانجو والليمون .. وصلت عندهما وكان بدر يصرخ : يوز عن سوالفك يا مايد ..


اقتحمت عليهما المكان : شو فيكم .

زفر بقوة : ما ناقص بعد غير العانس تدخل فاموري ..


صرخ فيه بدر : احترمها هذي اختك العودة

اووووووووهووووووو .. هذا آخر ما نطق به قبل ان ينسحب من المكان .. اما فاطمة فطأطأت رأسها بشيء من الانكسار ..اعتذر منها بدر بخجل .. فالحديث بينها وبين اخوتها الشباب شبه مقطوع .. رفعت رأسها : شو اللي صاير بينكم ؟


بالتأكيد لم يكن ذلك السؤال الصحيح او بالاصح لم يكن الشخص المطلوب ليجيب على ذاك السؤال بكل سهولة ويسر .. فكيف له ان يفضح نفسه بفضحه لاخيه ابن السابعة عشر .. تلعثم وقال بان سوء فهم بينهما بسبب مبلغ من المال اخذه مايد دون ان ياخذ أذنه .. وغادر بعدها المكان .. وكأنه بذاك الفعل ينهي كل شيء .. تحسرت على حالها . والفجوة التي خلقها والدها بمساعدة امها بينها وبين اخوتها الشباب .. فلا يحق لها ان تأخذ حريتها معهم فهم شباب .. اي اسلوب هذا ؟ وفي اي دستور حرم على البنت ان تتعامل مع اخوتها الشباب بحرية ؟ كانت دائما تردد هذا الشيء .. ولكن هل باستطاعتها بعد كل هذه السنوات ان تقحم نفسها بينهم ؟ حتى وان حاولت فهي ترى نفسها ضعيفة لا تقوى على التقدم .. انسحبت من المكان بعد خلوة مع نفسها دامت دقائق معدودة .. ما نوت عليه لم يتحقق وتسأل نفسها وهي عائدة ادراجها الى غرفتها بخفي حُنين : هل استطيع أن احقق ما اردته ؟

,‘،
الضعف الذي هي فيه ليس بقدر الضعف الذي يتملك ريم .. التي تحسب حسابات كثيرة لمن حولها .. والدها .. وعمها .. لا تستطيع ان تتخلص من تلك القبضة الحديدة لتنجو بنفسها وترمي بالخلاف بين اخوين وعائلتين .. ما رأته بسبب طلاق احمد لهاجر كفيل ان يدعها تفكر مليون مرة قبل ان تطلب الانفصال .. كلام ام سعيد الدائم .. ووخزات لسانها حين تلمح للابناء واطفال الاخرين .. كأبر سامة تخترق جسدها المليء بكدمات العنف النفسي الذي تتعرض له .. وذات الابر جعلتها اليوم تجمع ما لديها من شجاعة وتكومها في قلبها الراجف الباحث عن حب حقيقي .. لعلها تجده في جنين تحتويه احشائها اليابسة .. لفت بعض شعرها الكستنائي القصير بمشبك صغير للوراء .. وتركت الجزء الاخر منسدلا على ظهرها .. سحبت الهواء من تلك الغرفة لعل الاكسجين القليل فيها يساعدها على المضي قُدما .. اخذت تتنفس وكأنها أم أتها المخاض على حين غرة .. اجل ستتمخض نفسها وستلد كلاما جديدا على مسامع سعيد .. الذي خرج من دورة المياه والمنشفة على رأسه المكسو بشعر خفيف جدا قد بانت قمته من بينها .. رمى المنشفة على السرير ..وسحب الثوب من يدي ريم الواقفة تلبي له حاجته .. وقف يرتب "غترته " البيضاء .. ويحاول أن يلفها بأتقان وحرفية على رأسه .. قالت بشيء من الخوف وهي تقف بجانبه على بعد خطوات قليلة منه : سعيد ؟

رد دون اهتمام : خير ؟


ازدردت ريقها .. فالكلام صعب كمعركة غير متكافأة وهي فيها الطرف الاضعف .. بصوت خائف ومرتجف .. ومتقطع قالت : ما .. تتمنى .. يكون عندنا عيال ؟

نطقت اخر ثلاث كلمات بسرعة وكأنها تسابق خوفها حتى لا يلجمها وهي مغمضة العينان .. وفجأة فتحتهما برعب واضح .. حين شد قبضته على ذراعها .. حتى خيل لها بانه سيكسرها .. رص على اسنانه وهو ينطق برصاصات تقتلها دون رحمة : كم مرة اقولج انتي هني لتلبية رغبتي وبس .. اما انج تصيرين ام لعيالي فما اتشرف .. ولو عاندتيني بتندمين قد شعر راسج .. فاهمة .


اعتق يدها وادبر خارجا .. تقوست شفتاها .. ونضحت عيناها بالدمع الحار : اندم اكثر من الندم اللي انا فيه .. حرام عليك ياسعيد .. والله حرام ..


,‘،
ندم آخر يجوب ارجاء حياة هاجر .. نادمة هي لانها تخلت عن حلم حياتها بالدراسة في الخارج بطلب من احمد .. تشعر بان عمرها ضاع منه سنتان ونيف دون طائل .. ممسكة بهاتفها ليلامس اذنها بلطف وهي مستلقية على ظهرها .. وساقها تحتظن الاخرى بحنان : ودووم ( دلع وديمة ) حبيبيتي والله حاسه اني غبية لاني طعته .. تدرين مع كل اللي صار حاسه ان شيء فداخلي تغير .. شيء انكسر في وما اظن فيوم يرجع .. صرت واايد جافة مع اهلي .. وبعدت عنهم بعد .. تعرفين احس اني لو شفت عيونهم ونظرتهم لي ما بتحمل .. صايره جبانه ودووم ..


كانت تنفش شعرها القصير جدا بخصلاتها الذهبية والكستنائية : انزين ليش ما تسافرين هجوور .

سحبت جسمها متكأة وكأن ما تهادى الى مسامعها اثارها : اسافر ؟

وديمة : هيه تسافرين .. كملي الماجستير والدكتوراه برع ..

تنهدت : هذا اللي افكر فيه .. بس ما ادري اذا بقدر اقنع ابوي وامي بهالشيء .. صعب عليهم يفارقوني .. هم للحين يشوفوني ضعيفة ما اقدر اتصرف او ادبر عمري ..


وديمة تلك الانسانة القريبة جدا من هاجر .. تستمع لها دون ان تكل او تمل .. تساندها وتدعمها .. معها دائما .. وهاهي تقضي ساعات اخرى معها على الهاتف مع انهما التقتا في الجامعة صباحا .. بعد تلك المكالمة التي من شأنها ان تجعل هاجر تفكر جديا بكل شيء .. وتحاول ان تبني حياتها من جديد حتى وان وصمت بكلمة " مطلقة " .. ابتسمت وهي ترى عدد المتابعين لها يزداد شيئا فشيئا .. ومعظمهم يظنون بانها شاب دون ان يعرفوا ماهية ذاك القب الذي اتخذته لها ستارا في عالم لا يرحم .. كالعادة لا بد لها ان تقرأ آخر ما غُرد به على ذاك الموقع الذي يضم العديد من الاجناس والثقافات .. وفي داخلها احساس لا تعلمه وهي تبحث خلف كل تلك التغريدات .. دون شعور اذا بها تفتح صفحتها وتتجه منها لصفحة المسافر .. شيء ما يجذبها نحوه .. هل هي جرأته وعدم اكتراثه بردودها عليه .. آخر تغريدة له كانت منذ يومان : تغريدة بدون تغريدة

توقفت عند تلك الجملة .. ماذا يقصد بها .. قادها تفكيرها المشوش الى انها قد تكون رسالة لها .. لانه نزل عند رغبتها وابتعد .. اذا بها فجأة تنفض افكارها وتخاطب نفسها : شو فيج يا هاجر .. تعودتي على الاهتمام ومب قادرة تعيشين بدون ريال فحياتج .. ليش تفكرين بهالطريقة .. منو المسافر .. غير ريال مثله مثل احمد ومثل غيره من اللي ما يحسبون حساب لمشاعرنا احنا البنات .. لا تخلين هالمكان يفتح لج ابواب انتي فغنى عنها .. خلج هاجر بس بدون الضعف اللي كان ..

اغلقت جهازها .. وقامت لتنزع عنها افكارها الغريبة .. ولترتمي في حظن فراشها .. وتحلم بغد جديد تكون فيه هاجر التي ترغب فيها ان تكون ..


,‘،

الغد الذي ينتظر خولة كان مغاير لما تطمح به هاجر .. الغد الذي بدأ يزرع بذور الخوف في قلبها النقي .. بعد ذاك الخبر الذي وصلها من عيسى .. ورغبة جاسم في ان يكون عقد القران يوم الخميس أي بعد ثلاثة ايام من الليلة .. اللية التي تبدو طويلة جدا بالنسبة لها .. وهي تتقلب في فراشها .. تحاول ان تظهر القوة امام اخويها .. وان تشعرهما بان هذا قرارها هي .. لا تريد لهما الحزن .. ابعدت الحاف بشيء من الملل .. وقامت من فراشها والساعة تقارب الثانية صباحا .. توجهت لدورة المياه المشتركة خارج غرفتها .. غسلت وجهها بالماء ونظرت لوجهها في المرآة وقطرات الماء تهرب منه .. ويداها مستمتعتان تحت الصنبور .. اغلقته وعادت تنظر لوجهها .. وتساءلت .. مالذي اعجب جاسم .. هي ليست بذاك الجمال ليفكر فيها .. وليست من عائلة معروفة .. سحبت ساقيها بوهن يسيطر عليها منذ ساعات طوال .. جلست على سريرها محتظنة نفسها وتحرك كفيها على ذراعيها وكأن هناك برودة غريبة تتسرب لجسدها .. استلقت بعدم اكتراث على سريرها .. ولا زال عقلها يفكر بالغد .. بالقاء المنتظر الذي اصرت عليه .. لقاء قد يغير مسار حياتها وحياة عيسى وايمان .. لاول مرة تنام دون ان تقوم لصلاة الفجر .. قامت مفزوعة ووانفاسها تهرب منها متسارعة .. استغفرت ربها .. وقامت لتصلي .. بعدها عمدت لهاتفها تطمأن على اختها .. جاءها صوت اختها فرحا بشيء من القلق : شفتج راقدة وما وعيتج .. سويتلي شاهي وخذتلي صمون .. ووصلني عيسى فطريقه لدوام ..ادعيلي خوالي والله خايفة من هالامتحان ..


امسكت هاتفها بعد انهاء المكالمة .. وتمتمت : لا تخافين .. دامني هني كل شيء بيكون اوكي .. كل شيء بيكون تمام .

نزلت دموعها رغما عنها .. وهي تكرر " كل شيء بيكون تمام " ..


لاول مرة تصبح تلك العقارب سريعة .. الثواني والدقائق في تلك الساعة الحائطية العتيقة لا تريد ان تبطء من سرعتها .. وصوتها لاول مرة يكون مزعجا .. تك تك تك ... وكأنها طبول حرب .. تعلن عن هجوم قادم .. رتبت الصالة الصغيرة فلا يوجد مكان غيرها لتستقبله فيه .. نظرت لتلك الساعة المزعجة .. ولو كان بيدها لاخرستها .. وقفت وفجأة هرولت مسرعة الى ملاذها حين سمعت صوت عيسى يرحب بالضيف القادم .. كل شيء معد في الصالة .. القهوة وحبات التمر وبعض الكعك ووعاء مليء بالمكسرات يقبع وحيدا بعيدا .. والنمارق القليلة مصفوفة بعناية .. دخل بهيبته المعتادة .. جلس متكأ على الوسادة ثانيا ساق ومفترش الاخرى .. تناول حبة تمر وبعدها فنجان قهوة من يد عيسى .. هناك في داخله ورغم هيبته وقسوته الظاهرة يوجد شيء يحرك قلبه بشيء لم يعهده .. هل هو التوتر الذي لم يعرفه يوما .. او هو من طلب خولة والحاحها لتقابله .. هز الفنجان في يده .. دليل على انه لا يريد المزيد .. وقال : ياليت تقول لاختك اني اترياها .. ترا وقتي ثمين .. وعندي اشغال .


مرت الدقائق ثقيلة على الطرفين .. نظر الى ساعته الـ" قوتشي" فالوقت عنده كالسيف .. لا يستطيع ان يضيع شيء منه .. هناك في غرفتها وهي ترتدي عباءتها وتضع " غشوتها " على رأسها دون ان تغطي وجهها ، كانت تقنع عيسى ان يتركها مع جاسم لوحدهما .. وبعد جدال مرير .. ومقدرة منها على الاقناع استسلم لها عيسى .. آملا في نفسه ان يكون تفكيرها هو اقناع جاسم بالتخلي عنها .. وطالبا منها ان تناديه اذا حصل اي شيء ..بقي في غرفتها وخرجت هي بعد ان اسدلت غطاء غشوتها على وجهها .. قام واقفا وهو يرى تلك المتوشحة بالسواد تقف ملقية السلام عليه .. ظل واقفا وهي كذلك ظلت واقفة لبرهة بعدها دعته ليجلس وجلست هي بعيدا عنه في آخر الصالة قريبا من بابها الداخلي المؤدي الى ممر الغرف .. بعد صمت توتر .. وهدوء يبعث في النفس الريبة ، قال : قالي عيسى تبين تشوفيني .. وانا ظنيت انها النظرة الشرعية .. فليش متغطية .


سيطرت على نفسها وطوت خوف نفسها : انت بعد مغطي ويهك .

قهقه بضحكته المعتادة .. بعدها سكت وهو يقول : تقصدين هذي – اشار الى نظارته – لا ما عليج منها .. لازم تتعودين انها تكون دايم ع ويهي .

خولة : ليش ؟ عيونك مب حلوة .. او اعمى ؟

ابتسم : الاعمى ما يشوف ويختار .. وانا اخترتج

خولة : يعني شفتني .. وماله داعي اشل الغشوة ..


براحتج .. كلمة قالها لتربكها وتحول ضربات قلبها وكأنها في سباق وتسعى للفوز : ممكن اطلب منك شيء ؟

تنهد حتى قُبض قلبها من تلك التنهيدة المفجعة بالنسبة لها : تعتقدين انج فموقف يسمح لج انج تطلبين شيء ..


شبكت يداها : اعرف انك فايز في كل الاحوال .. بس بغيت شيء منك .. واعتبره اول واخر طلب بتسمعه مني .

نظر اليها بعيون يملأها شيء من الكره .. وقال في نفسه : كلكن مثل بعض .. ما تريدن الا الفلوس .. حتى لو مقابل شرفكن .. وانتي مثلهن كلهن يا خولة .. مب مختلفة عنهن .. وانتي عارفه فنفسج اني يمكن اطلقج بعد اسبوع من زواجنا .. وطبعا مثلهن لازم تقبضين الثمن .. رخيصة مثلهن .. وانا اللي ظنيت انج يمكن تكونين غير .. خسارة .

تشدق ساخرا : آمريني .


تنفست وكأن ذاك الصمت كان كالجبل يكتم على انفاسها : اريد بيت لاخوي عيسى ..و .. واشوف العقد قبل ما نملج .

الهدوء من قبله كان كفيلا بارعابها : تم .. وغيره ؟

سقطت دموعها .. فهي لم تطلب يوما شيئا من احد .. واليوم تطلب اشياء باهضة الثمن من شخص غريب عنها ..انتبه لصوت انفاسها الغريب .. احس بان هناك شيء ما تغير فيها .. ونبرة صوتها كانت فاضحة لها : اريدك .. تتكفل بدراسة ايمان فالجامعة .

ليش تصيحين يا خولة .. شو اللي خلاج تنزلين دموعج بهالشكل .. كانت تساؤلات تثير زوبعة في صدره : بس اي جامعة اللي تريد تدرس فيها .. وانا مستعد اتواصل معهم واتكفل بكل مصاريفها الين ما تتخرج .

ابتسمت بحزن : بعدها ما اختارت . لانها للحين تمتحن .

يبدو ان صوتها المتهدج كسر شيء فيه : خلاص ولا يهمج .. اول ما تخلص وتستلم شهادتها تختار الجامعة اللي تريدها وانا اوعدج اني بسوي الازم .. ووعد جاسم الـ .... ما يخلفه لو ع قطع رقبته .


قامت واقفة .. وقام معها .. باستنكار : خلصت الطلبات؟ .

خولة : اسفه ثقلت عليك .. بس هذا كل اللي اريده .. والسمووحه منك .. عن اذنك

ناداها قبل ان تغادر : بس انتي ما طلبتي شيء لعمرج – باستهزاء – ما تبين سيارة او فله او رصيد فالبنك ..

امسكت عباءتها بقبضتها اليمنى وشدة عليها دون ان يراها لانه يقف على يسارها : هذا كل اللي اريده .

صبري .. كلمة نطقها لتتسمر مكانها من جديد : انا عندي طلب ..

ارتجفت عظامها حتى ظنت انها غير قادرة على الوقوف : من المحكمة سيدا ع بيتي .


سكتت وهي تحدث نفسها : تستاهلين يا خولة .. وتحملي اللي بييج .. انتي بديتي وكملي ولا تنسين تبتسمين ..

موافقة .. كلمة بمقدورها ان تخفي الابتسامة الساخرة من على محياه .. كان يتمنى شيء .. اعتراض .. طلبات .. ولكن لا شيء .. سوى الموافقة . ظل واقفا مكانه يراها تغادر بسوادها الغريب في نظره .. اختفت ليأتي بعدها عيسى ويصحبه الى سيارته ومن هناك يمد له بظرف : خل خولة تجهز عمرها فهاليومين .. والـ500 الف ما نسيتها . بتكون فحسابك قريب

عيسى : ما اريدها .. واعتبر هالظرف هو مهر خوله .. لاني ما اريد احس عمري اني سافل وحقير وبعت اختي .


ضحك باعلى صوته : الظرف ما فيه الا 25 الف – رفع حاجبه – يكفن يومين .


تبعثرت ذرات الغبار من خلف سيارته .. وعيسى واقفا يكتنفه الحزن والظرف قابعا في قبضته . لا يعلم كم من الوقت ظل هكذا .. كل ما يدركه ان نفسه لم ترضى عما حدث .. ولن ترضى .. عاد الى الداخل .. وتجنب الذهاب لاخته .. وضع الظرف في غرفته وغادر من جديد .. الى عمله .. الى مكان يتعبه لعله ينسيه ما فيه . ويزيح ذاك الجبل الكبير الذي يقبع على كاهله منذ اسابيع خلت .

,‘،
بنصر .. وسطى .. سبابة .. كانت تلك اصابعه تقرع الطاولة دواليك .. مرارا وتكرارا .. سرير كشف ابيض في تلك الزاوية .. وعلاقة عليها روب ابيض في جهة اخرى .. ودولاب به شيء من الادوية البسيطة .. غرفة طبيب بدون صاحبها .. ضربات اطراف اصابعه المتكررة دليل على تفكيره ..


تلك الليلة المشؤومة .. بعث برسالة له .. مفادها انه بحاجته .. وان سيارته تعطلت في واحد من الاحياء الشعبية .. وعمار لا يرد على هاتفه .. بشهامته نسى كل ما كان .. ووصل للمكان المتفق عليه .. تراءت له سيارة طارق السوداء .. فترجل ليباغته اثنان من الجنسية الباكستانية يشدان ذراعيه .. بعيون جاحظه وخوف نظر لطارق القادم بابتسامة مخيفة : قلت اني بوريك نجوم الظهر .. وانا عند كلامي ..

بخوف ومحاولة للفرار من الايدي المطبقة عليه : طارق تعوذ من بليس ..


فجأة وحين تركاه بطلب من طارق .. لم يكن منه الا الفرار .. اطلق قدماه للريح .. ولكن هيهات ان يهرب من ذاك الطريق الذي سلكه .. لحقوا به ككلاب صيد وهو فريستها .. الخوف والرعب الذي تملكه كان كفيلا بأن يسقطه ارضا .. ليتكالبوا عليه .. ويحشر نفسه على الجدار .. واحد عن يساره واخر عن يمينه .. وطارق يشد قبضته لينهال على وجهه تهشيما : طارق .. الله يخليك لا تضرب ..


ترجي كان بداية لسخرية طارق منه : خواف .. تخاف من الضرب .. ولا خفت وانت تكسر قلب اختي ..

صرخ باسمها وهو يمد قبضته ليتفاداها احمد .. ويصرخ الاخر بوجع لكمته في الجدار .. لتُخدش ويسيل الدم منها . ويهزها بعنف .. ويعيد احكامها من جديد : جبان ..

لكمة اخرى كفيلة لتسكب الدماء من انف احمد : طارق الله يخليك خوز ( ابتعد ) عني .. انا .......


لا صوت .. لا شيء في اذنيه الا طنين مميت جراء تلك الكلمة التي قالها احمد .. تسمر مكانه .. وهرب المعاونان بمجرد سماعها .. انهار احمد على الارض : قلت لك لا تضرب .. قلت لك لا تضرب .


ضرب الارض بقبضته وهو يردد تلك الجملة .. دماء احمد مختلطة بدماءه على قبضته التي لا تزال مشدودة بجانبه .. واقفا ومتسمرا كأن دلو ماء بارد سكب عليه ..


عاد لواقعه على دخول الدكتور سلمان صديقة و الاخ الوحيد لشهد زوجته .. دخل وهو يعتذر عن التأخير بسبب حالة طارئة .. نزع سماعاته الطبية عن رقبته ووضعها على جانب الطاولة .. ابتسم طارق : هذاك اليوم ما قدرت اكلمك .. لان شهد طوال الوقت كانت معنا .. وعقبها انشغلت .

سلمان : ع طاري شهد .. شو صاير بينكم .؟


طارق : ما صاير الا الخير – باهتمام اكثر – اريدك فموضوع .. اريد اسوي تحاليل بدون محد يدري عنها .. لا شهد ولا اي حد غيرك .

بخوف : تحاليل شو ؟ انت مريض .. فيك شيء ؟

طأطأ رأسه .. وشبك اصابعه بين فخذيه : ايدز .

,‘،
بينما كان طارق يوضح لسلمان ما حدث معه دون ذكر اسم احمد في الموضوع ... واخذ وعد منه بعدم اخبار شهد بأي شيء .. حتى يستعد هو لاخبارها .. كانت ميثة جالسة في مكتب مديرة المدرسة التي ترتادها علياء .. الكلام من المعلمات المجتمعات في ذات المكتب كان كفيلا بان يثير اعصابها .. خرجت بعد طول استماع ونصائح .. وهي تحمل حقيبة يدها الكبيرة على كتفها .. ركبت سيارتها " الهوندا " البيضاء .. جلست فترة بها وهي تحاول ان تضبط اعصابها .. نظرت الى حقيبتها المتكومة على الكرسي بجانبها .. وكأنها تستنطق ما فيها بنظرات تسأل : لماذا؟

انطلقت بسيارتها متوجه لبيت اخيها عبد الرحمن .. تريد لاحد ان يمتص غضبها .. وان يوجهها .. ليست بصغيرة ولكنها اغفلت الكثير والكثير في تربية بناتها ومراعاتهن .. تعلم ان عملها ابعدها عن بناتها بقوة وخاصة علياء .. فهي لم تمتلكه الا بعد وفاة زوجها .. رغبة منها بالاعتماد على نفسها في مصاريف بناتها .. ولم تدرك ان هذا العمل وجميع تلك التغيرات التي حدثت بوفاة شريك عمرها كفيله ان تشتت استقرار علياء النفسي ..
الاشارة حمراء .. التفتت يسارها .. هناك في تلك الجهة الحديقة التي لطالما لعبت فيها مع بناتها ومع علياء بالذات .. هناك كان يقف يبتسم بحب وهو يراها مع بناتها .. هناك كانت ذكريات لم تعد .. وهناك مكان قد هجرته منذ امد .. صوت ابواق السيارات المستاءة من وقوف ميثة بهذا الشكل جعلها تعود الى واقع حياتها الممل .. الواقع الذي تعيشه وهي تظن بان كل ما تقوم به هو الصواب .. انطلقت من جديد .. لتطوي تلك العجلات المسافات ولتوصلها لمنزل عبد الرحمن ..ترجلت من سيارتها ومعها تلك الحقيبة التي تحمل دلائل على اجرامها بحق ابنتها .. اما في الداخل فكانت مريم جالسة كعادتها تستمع للاذاعة ولبرنامجها المفضل على ابوظبي .. ما ان دخلت ميثة حتى قامت مرحبة بها : حياج يا ميثة .. القهوة زاهبة ..

اغلقت الراديو .. وبدأت تقرب التمر من ميثة .. وتفتح الاناء لتنتشر رائحة " البلاليط" ( اكله اماراتية شعبية ) في المكان .. وهي تقوم بذلك كانت تسألها عن بناتها وعن اخيها راشد وعن ابناءه .. اخذت تمرة وفنجان قهوة يتيم وقالت باهتمام : وين عبد الرحمن ؟

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:46 PM


ردت عليها مريم بشيء من الخوف : خير يا ميثة .. في شيء .. مب عوايدج اتيينا فهالوقت .. وبعدين ما عندج دوام اليوم .. والا شو السالفة ؟

قامت واقفة وهي تخلع عباءتها وتضعها على الوسادة وتعود وتجلس متكأة بعض الشيء : ترخصت من الشغل .. اريد عبد الرحمن فسالفة .. وينه

ما ان اكملت جملتها حتى دخل عبد الرحمن وبيده كيس بها الكثير من البيض الطازج .. كان متعبا .. ومظهره خير دليل على ذلك .. دخل وهو ينادي على مريم .. لتقوم وهي تقول : ولد الحلال ع الطاري .. وصل من العزبه ( مكان لتربية المواشي والدواجن )

اعطى الكيس لمريم التي بدورها اخذته للمطبخ : حيالله ميثة . زارتنا البركة ..

قامت لتحي اخاها بالتحية الاماراتية المعروفة .. لمست انفه بانفها مقبلة له .. وبعدها وضعت يدها على رأسه ليطأطأه قليلا وتباشره بقبلة اخوية تقديرا واحتراما .. استغرب من مجيئها في هذا الوقت ..كما استغرب قبله زوجته مريم .. اسرت اليه انها تريده في موضوع مهم .. فقاما من الصالة وتوجها لمجلس الرجال حتى لا يقاطع حديثهما احد .. ما ان جلست حتى قالت بحزن ونبرتها تخالطها حشرجة باكية : عبد الرحمن .. اختك مب عرافة شو تسوي .. والله مب عارفة شو اسوي ..

قال باهتمام وحنان زائد : خير يا ميثة شو صاير .. البنات فيهن شيء .. اخوي فيه شيء ؟

ميثة : عليا يا اخوي .. عليا كسرت ظهري اليوم .. آآآآآه يا بنتي..

لم يعد يقوى على ما يحدث فقال بشيء من الحزم : اهدي يا ميثة وخبريني شو صاير ..

سحبت حقيبتها وفتحتها وهي تخرج الاوراق ورقة ورقة وتعطيهن لعبد الرحمن : شوف .. 3 من عشرين .. وهذي 5 من عشرين .. وهذي صفر .. وهذي 6 .. البنت ما تذاكر – بدأت شهقاتها تعلو – حسيت نفسي صغيرة واسمع المدرسات يقولون عنها .. انها ما تنتبه وياهن .. آآآه يا اخوي .. عليا اللي كانت من الاوائل هذي درجاتها .. والله لو اشوفها قدامي ما برحمها .. صغرتني قدامهن صغرتني يا اخوي .. وكل ما اسألها شو فيج ما ترد علي .. تعبت والله العظيم تعبت ..

كان يستمع لها وهو ينظر لاوراق الامتحانات بين يديه .. وضعهن جانبا : ميثة الضرب ما بيب فايدة .. البنت شكلها تعبانه ويبالها حد يكلمها بشويش .. مب بالصريخ .. ولا تنسين انها كانت متعلقة بالمرحوم ..

ميثة : ما اظن ان موت ابوها السبب .. درجاتها كانت زينه الا من كم شهر انعفس حالها .. من يوم ما ..

سكتت وكأنها بدأت تتذكر اشياء مرت عليها .. طلبها الدائم بالعودة الى منزلهم .. خوفها .. كوابيسها .. هروبها ليلا من غرفتها لتندس في فراش ميثة .. تعلقها فيها وهي تترجاها ان لا تتركها وحدها وتاخذ اختاها .. انعزالها عن الجميع ..نزلت دموعها وهي تتمنى ان لا يكون ما تفكر فيه ..

سألها : من يوم شو يا ميثة ..؟

سحبت الاوراق ودستهن في حقيبتها بعنف واغلقت عليهن : من يوم ما سكنا بيت راشد .. اسمحلي يا بو عمار لازم اروح البيت ..

ناداها يريدها ان تبقى للغداء .. لكن لا فائدة ترجى .. لبست عباءتها وانطلقت وهي تمني النفس ان لا تكون افكارها واقعا ..هناك عادت من مدرستها مبكرا .. فلا توجد سوى امتحانات وما ان تنتهي منهن تعود .. كانت جالسة في الصالة الصغيرة التي تجمع غرفتها مع اختيها وغرفة والدتها في ذاك القسم الصغير المخصص لهن .. الباب مفتوح على مصراعيه .. وهي جالسه مع اختيها تلون بالالوان وتشخبط معهن بمرح طفولي .. تشعر بالراحة في هذا الوقت .. فكابوسها ليس هنا .. وفجأة تسارعت انفاسها .. وشعرت بأن قلبها سيخرج من بين اضلعها .. وقلم الالوان حفر الورقة بقوة حين سمعته : الحلوين يالسين يلعبون .

لا .. مب هو .. هو فالمدرسة .. مب هو .. انا احلم .. كانت هذا ما تردده بصوت مرتعب وخافت ..صرخت خلود : خربتي الرسمة .

اقشعر بدنها حين لمست يده يدها .. وهو يجلس القرفصاء بجانبها ويهمس في اذنها : ما تبين تروحين حجرتي دام محد فالبيت وكلهم فدواماتهم ..

فجأة اذا بها تسلط القلم نحوه بيد مرتجفه .. وعيون غاضبة خائفة .. وتطالبه ان يبتعد عنها .. في وسط صمت غريب من قبل اختيها .. لا يعرف ماذا جرى له .. هناك شيء ما تغير .. لعل نظرتها ارجفته من اعماقه .. نظرة خوف وانتقام ورغبة بالصراخ .. حين رأت منه عدم الحراك قامت تتخبط الخطى وهي تجري مسرعة للغرفة .. لحق بها امسك الباب قبل ان تقفله وهي تصرخ : خوز عني .. خوز ..

علايا اسمعيني .. كانت نبرته مختلفة هذه المرة .. لكن هي لا تسمع الا كلماته ذاتها .. ولا تشعر الا بانفاسه التي تحرقها كلما رآها وقبلها .. لم تقوى على الصمود اكثر وهي تدفع الباب .. كان اقوى منها .. فتركته له وجرت من جديد لتختبيء هناك في دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. كانت تضرب وجنتيها بكفيها بخفة .. وكأنها توقظ نفسها من كابوس مرعب : حلم ..حلم .. حلم

كان يسمعها .. يشعر بشهقاتها وبأنفاسها .. كان صوتها يخالط صوت بدر الذي ما ينفك بطلبه ذاك .. بأن يبتعد عن علياء .. تجلس القرفصاء متكأة على الباب .. طرقاته كانت تهز جسمها وهي تحاول مرارا لتوقظ نفسها من تلك الحقيقة التي تحسبها حلما .. بل كابوسا .. كان ولا يزال يقظ مضجعها ليلا .. وها هو الآن يطاردها في يقظتها .

- علايا تسمعيني .. فتحي الباب وانا اوعدج ما اسوي اي شيء .. بس فتحيلي ..

لا شيء من قبلها الا شهقات متعبة وانفاس خافته .. ونبرة صوت تخبو رويدا رويدا ..

وين عليا ؟ سؤال طرحته ميثة على خلود حيث لا تزال مع اختها ترسمان وتلونان .. وقبل ان يأتيها الجواب رأته خارجا من هناك . من غرفة بناتها .. حملقت فيه .. وتوتر جسده من نظرة عمته التي بدأت تقترب منه شيئا فشيئا .. لا بد من كذبة ما .. والا كُشف امره .. سألته بشك وريبة : شو تسوي هني ؟

تلعثم بعض الشيء : سمعت صرخة وييت .. قلت اكيد علياء .. بس ما طاعت تفتحلي الباب .. عمتي روحي شوفيها .. مب راضيه تفتح

دفعته بذراعها لتمر من جانبه .. اما هو فاسرع الى خلود وحصة ليسكتهما ببعض الحلويات كما اعتاد .. وليخوفهما بعض الشيء بشخصيات رسوم متحركة شريرة .. وبعدها غادر مسرعا .. اراد ان يبتعد عن المنزل بقدر الامكان .. حتى يرتاح من وساوس نفسه القاتلة .. اما هناك فلقد تعبت ميثة من طرق ذاك الباب .. وعلياء لا تفتح .. ولا يوجد صوت لها . كانت تبكي وتلوم نفسها .. وتترجاها ان تفتح .. لكن لا من مجيب .. ابدا لا من مجيب .


,‘،


مسحت بكفيها على وجهها وهي تنطق الشهادتين .. طوت سجادتها والتفت الى حيث يقبع ذاك الظرف .. بالامس احظره لها عيسى .. قامت وبيدها سجادتها .. وضعتها على سريرها .. وجلست .. لا تعرف كيف سيستقبل عيسى ما حدث .. لا تزال تذكر لهفته وهو يسألها : هاااه اقتنع انه يخليج ؟ ..

لترد عليه هي بكذبة تعلم بأنها لن تنفعها : لا .. يريدني ولا يريد يخليني .

تنهدت وهي تحاول ان تقنع نفسها بان ما فعلته هو الصح .. مر الوقت والبيت بدأ يخلو .. ايمان وعيسى خرجا مثل كل يوم .. وهي بعد خروجهما قامت لتستعد لذهاب الى السوق مع جارتها التي كان اندهاشها كبيرا بخبر زواج خولة بعد يومان : يا بنتي ع الاقل سوا عزيمه صغيره لجيرانكم .. والله ما يصير هالشيء .. يعني حتى حنا ما بتتحنين .. شو عرسه هذا ؟

خولة : خالتي الله يخليج .. هذا اللي صار .. وحتى لو سوينا ترا مردي لبيت ريلي ..

ضربت كف بأخرى : لا حول ولا قوة الا بالله .. بكيفكم ..

تذكرت هذا الحديث وابتسمت، وتمتمت : الله يعيني ع حنتها .. بس محتايتنها تكون وياي .

خرجت معها الى السوق مر الوقت بين محلات الاحذيه ومحلات الملابس .. وجارتها لا تتوقف عن الكلام .. وها هي تطلب منها شراء طقم من الذهب لها لتتزين به .. ولكن خولة اصرت انها لا تريد .. ومع شدة الحاح جارتها قالت لها بعفويه : جاسم بيشتري ..

تساءلت في نفسها .. هل حقا سيشتري لها ذهبا . ويغدقها بالملابس الفاخرة .. هل سيعترف بها زوجة له .. اما انها ستكون جارية لايام فقط ؟
كانت تتسوق واعين تراقبها من بعيد .. ترصد كل تحركاتها .. حتى ماذا تشتري .. ومن اي المحلات ابتاعت .. كانت تشعر بتلك العيون ولكن ظنت بانه خوفها فقط .. انتهت اخيرا .. وطلبت السماح من جارتها لانها اتعبتها معها هذا اليوم .. ولكن تلك الجارة اعجبتها طيبة خولة لتبتاع لها شيء بين الحين والاخر .. وتتعذر بانها لا تريده بعد ان تلقي باعجابها به على مسامع خولة .. ومن ناحية اخرى تقول بانها لا تملك المال لشراءه .. لتبتسم خولة بعفوية وتطلب منها اخذه وتعتبره هدية منها .. اعجبها كل ذلك وطلبت من خولة ان ترافقها غدا ايضا .. ليس حبا في خولة بل طمعا في شراء شيء جديد بالغد من مالها ..

,‘،
اما هو فكان جالسا بكل راحة بعد اجتماع اخذ ساعة وربع الساعة من وقته .. وظن بانه بلا طائل .. فنفس الافكار تعاد عليه .. حينها صرخ بالمجتمعين : اريد افكارا جديدة .. معكم شهر واحد فقط ..


غادروا المكتب البعض يتملكه الخوف والبعض يتملكه التنمر .. والبعض الاخر يسعى باي طريقة ليثبت نفسه اكثر ..اما هو فليس مهتما كثيرا .. يعرف نفسيات موظفيه .. الحاقدين منهم والطامعين .. وحتى اولئك المكافحين .. حتى وان كان بعيدا عنهم في مخدعه العاجي الا انه يعلم جراء العيون التي يبثها في كل مكان .. والآن هناك عين جديدة انظمت الى تلك العيون .. عين ترصد تحركات زوجة المستقبل .. كما كانت تلك العيون تعمل له هو فقط .. فهناك عيون اخرى تلعب على الحبلين كما كان يقول دائما : ما احب اللي يلعب ع الحبلين .

كان ساندا رأسه على كرسيه الجلدي وظهره لمكتبه .. ينتظر شخصا يدخل .. شخصا كان يعتمد عليه بقوة .. ولكن حين تخونك يدك فعليك ان تقطعها .. هذا هو قانون جاسم .. لا يحب الخونه معه .. دخل بطوله الممشوق وجلس كما اعتاد دائما ان يكون تعامله مع جاسم دون تكلف : طلبتني استاذ جاسم ؟

لف بكرسيه لتبان ابتسامته .. وليعتق الكرسي من ظهره : جون .. كم صار لك وانت تعمل عندي .. او لنقل معي ؟

تشدق فرحا ظانا بان هناك منصبا في الطريق او مكافأة ما .. او لعله اطراء على عمله : ست سنوات ..

انحنى بجذعه للامام واخذ يتفحص جون بنظراته من خلف نظارته .. توتر وهو في مكانه .. فيبدو ان هناك شيء ما . فهو يدرك ان جاسم ذكيا جدا .. ومن الصعب العب عليه : اختر يا جون .. انا او والدي ؟

جون : مالذي تقوله .. انت تعلم بأني معك .. ووجودي مع السيد عبدالعزيز فقط لاجلك انت .. فلا داعي لهذا الكلام .

ابتسم ابتسامة اكبر عن سابقتها .. ومد يده ليفتح دُرجا من أدراج مكتبه ..وبعدها رمى بعدد من الصور امام جون : اجتماع فاخر في برج العرب .. متى ذهبت الى دبي يا جون .. ومن هذا الذي معك بالصورة .. اليس والدي ؟..

قام واقفا وهو يشعر بهالة من الخوف تحيط بجون .. مشى حتى وقف أمام لوحة فنية كان قد اشتراها من معرض لفنان هاوي .. عبارة عن خطوط متداخلة من الالوان .. لا ملامح قد تعبر فيها : اتذكر عندما جأتني لتخبرني عن مشروع عبد العزيز الكبير .. وقلت لي بأنك لم تستطع معرفته .

جون : اجل .. اذكر جيدا .. وانا حقا لم اكـــ..

قاطعه وهو يضع يده على كتف جون : لا تكذب يا جون .. الآن انا اخيرك بيني وبين والدي .. فمن ستختار ؟

ابتسم بشيء من الراحة : انت بالتأكيد

قهقه جاسم : وانا لا اريدك يا جون .. خذ مستحقاتك ولا تريني وجهك ثانية ..

يدرك عظيم الادراك ان فعله هذا سيزيد من اعداءه في هذه الساحة المخيفة .. ولكنه يكره هذا الصنف من الاشخاص .. يكره ان يكون الشخص ذا وجهين ...

ضحكات صغيرة ومرحة كانت تتسلل بين نبات البرسيم الممتد على مساحات شاسعة من تلك المزرعة الكبيرة .. تتراقص الاوراق على صوت المرح .. وزقزقات العصافير تهيم بذاك الحب الطفولي والاخوي : جسووم لا تروح بعيد

وهو يتلذذ منذ الصغر باخافته .. يناديه ولكنه لا يجيب .. بكى وهو يعرك عيناه : جسوم ما احبك ..

صرخة من خلفة كفيلة ان ترعبه ليركض مسرعا يختبأ في حظنها . وتدفنه في جسدها الممتليء بحنان الام .. تراء لها ضاحكا .. مقهقها .. لتزجرة : جويسم ما بتيوز عن سوالفك يالهرم .. زين الحين .. خوفت اخوك .


ذكرى جميلة كانت تحبه كثيرا لدرجة ان ذاك الحب من شأنه أن يولد الغيرة في قلبه .. ولكن هو ايضا يحبه .. يتسائل كثيرا هل ما يفعله صحيح .. لكن ما عساه ان يفعل .. اذا الاطباء قالوا بانها لن تتحمل اي صدمة قوية .. وهو يعلم مدى قوة ذاك الحدث عليها .. فما زالت آثاره باقية في نفسه حتى الآن .. الغى كل مواعيده لهذا اليوم .. وخرج من ذاك المبنى الفخم .. ركب سيارته .. لا يحبذ ذهاب السائق معه الى ذاك المكان .. فهو لا يريد دخيلا عليه في لحظات يحبها ويعشقها وتؤلمه ايضا .. وصل تنفس بقوة كعادته فكم هو صعب عليه هذا العمل .. نفش شعره المصفف بعبثية طفولية .. وابتسم وهو ينظر لوجهه في المرآة الامامية .. كل شيء كما اراد.. ترجل من سيارته ليطوي ذاك الطريق بين اشجار النخيل .. وليصل اليها .. بخيتة .. او كما يناديها " أمي بخيتة " .. ولج لغرفتها بعد ان سلخ شخصيته القاسية .. ها هي هناك تقبع جالسة على الارض .. وتتغنى بأهازيج الغوص التي طالما سمعتها من والدها وحفظتها .. ابتسم بحزن .. فهي تعيد اليه ذكريات طفولته الجميلة .. قبلها على رأسها ومن ثم يدها .. فعل لا ينساه ابدا : شحالج امي ..

بعيون متعبة وشاردة بعض الشيء قالت : وين اخوك ؟

ضحك مرغما : تعرفين جويسم ما يخلي شغله ابد ..

نظرت اليه نظرة حزن غريب .. فهي أم .. فهل هناك ام لا تعرف ابناءها ؟.. ابتسمت بوهن : وين اخوك يا جويسم .. متولهه عليه .. من زمان عنه .. تذكر يوم تضربه .. وايني يركض يقولي جسوم الهلم ( الهرم ) دقني .. فديته وفديت سوالفه .. وين قاسم يا جاسم .


لاول مرة لا يخجل من دموعه .. انكب على فخذها .. بكى .. اجل بكى .. كان يظن انه يخدعها بتقمص شخصية اخيه المرحة .. بكى دون خجل وهو يردد : خذوه يا امي بخيته .. خذوه .. واحرموني منه ..

وضعت كفها على رأسه بحنان .. وسالت دموعها مبتعدة خلف ذاك البرقع الذهبي اللون .. واخذت تغني له وكأنه طفل صغير في حظنها .. تهاديه لينام .. طفل يحمل في داخله كره وحقد قد يحرق اقرب الناس له يوما .. طفل غير ذاك الطفل الذي تعرفه .. وكل دمعة ذرفها تزيد من عمق بحر الكراهية في قلبه الدامي .

,‘،
ذاك الكره الذي يتغلغل في نفس جاسم اكثر بكثير من ذاك الكره الذي بدأ يتولد في عبدالله .. بعد صلاة العصر اجتمع مع والده واخيه الاكبر سعيد .. وعلم ان وراء تلك الابتسامة الماكرة من سعيد موضوع ما .. فهي لا تبشر بخير .. تكلم راشد في ذاك الموضوع الذي يكرهه عبدالله كرها اعمى .. ولا يطيق حتى النقاش فيه قام واقفا : ابويه ما اريد اعرس .. كم مرة قلت لكم ما افكر بالعرس الحين ..

صرخ عليه بان يعود ليجلس من جديد .. فالكلام لم ينتهي بعد .. اخيرا نطق بعد طول صمت وهو يبتسم بتلك الابتسامة المثيرة للهواجس في قلب عبدالله : يمكن اذا عرفت من هي العروس تغير رايك .


راشد : صح كلام اخوك .. والبنت مالها الا عيال عمها عشان يوقفون وياها .. ويحطون حد لكلام الناس عليها ..


ترددت تلك الجملة في ذهنه " عيال عمها " .. ليقطع تفكيره كلام والده : هاجر صار الكل يتكلم عليها عقب طلاق ولد خالتها لها .. ولازم نوقف وييا اخوي ونحط حد لكلامهم .. وما بيصير هالشيء الا بزواجك من هاجر .


جحظت عيناه وهو ينظر لسعيد .. هذه من مخططات سعيد ليبعده عن ريم .. تلك الريم التي لم يحبها يوما .. وكل يوم يتلذذ بتعذيبها .. هكذا وبزواج عبدالله من اختها سيظمن انها لن تكون لاخيه يوما .. حتى وان طلقها .. تلاشت الحروف عند شفتيه .. تبخرت الكلمات .. بماذا عساه يرد .. او ماذا عساه يقول .. سوى لا .. لا التي لا يظن بانها ستفيد الآن .. لم يعي اي شيء من كلام والده .. الذي ظن بان سكوته دليل موافقته .. خرج راشد وهو لازال ساكنا .. كيف يستطيع تقبل هذا الخبر الذي كسر قلبه بقوة .. لم ينتبه الا حين وقف سعيد امامه .. نظر لقدميه وبعدها رفع نظه تدريجيا حتى تلاقت العيون .. بسخرية مميتة قال : مبرووك يا عريس .

ادبر خارجا .. والاخر تجمد الدم في عروقه .. سيخسر حبه .. سيخسر من تربعت في قلبه سنين وسنين .. سيتلاشى الامل الذي يتشبث به .. تحامل على نفسه المكسورة .. وقام واقفا .. مشى وهو لا يعلم هل قدماه من تحملاه او هو من يحملهما .. خرج من ذاك المكان المبوء بالقرارات العادمة لحبه .. خرج واذا به يراها تنزل الدرجات بعباءتها وابتسامتها العذبة .. وقفت ونظرت اليه .. هالها منظره .. ولكنها لا تستطيع حتى السؤال .. غادرت المكان .. وهو يتبعها بعيون دامعة بدون دموع .. فجأة لا يعلم من أين جاءته تلك القوة ليجري مسرعا خلفها .. ويمسكها من ذراعها .. لتذعر وتلتفت له .. سحبت يدها بعنف لكن سرعان ما عاد يمسكها وهو يلهث : تعالي وياي .

صرخت عليه : خلني .. شو فيك ..

كانت تنظر للاعلى واحيانا لباب الفلة .. تتخيل هجومه عليها .. يضربها يهينها .. تسحب يدها دون جدوى .. وهو يسحبها للخارج : اذا ما تبين سعيد يشوفج تعالي وياي ..

اجل هي لا تريد لسعيد ان يراها .يرعبها كثيرا اذا غضب .. مشت معه بخوف .. وقفت حيث فتح باب سيارته : ركبي .. ريم ركبي .. والا والله اتصل بسعيد الحين اخليه يشوفج وياي ..

تعلم ان سعيد هناك على السرير نائما .. اخبرته انها ستذهب لمنزل والدها وستعود عند العشاء ووافق .. الافكار تتخبط في عقلها .. لا تعرف ماذا تفعل .. صرخت على عبدالله حين اخرج هاتفه من جيبه : خلاص .. بركب .. بس الله يخليك لا تنسى اني حرمة اخوك ..

رص على اسنانه بغيض : ركبي ..

لم يكن عبدالله المسالم .. لقد استيقظ الوحش النائم من سباته .. ركبت .. ليغلق الباب من خلفها بقوة .. ويركب بجانبها .. لا يسمع شيء من ترجيها .. لا شيء .. الا صوت عقله الشيطاني .. الذي يأمره بالانطلاق بعيدا .. كانت خائفة .. تبكي تترجاه ان يعيدها .. تذكره بسعيد وانها زوجة لشقيقه .. وهي لا تدرك بان اسم سعيد يثير شيطانه اكثر فاكثر ..

,‘،
ذاك الشيطان الانساني .. ها هو يتلبس عيسى ليدخل المنزل صارخا ومزمجرا .. لتخرج ايمان سائلة ما به .. وتخرج الاخرى مدركة ما به .. او توقعت ما به .. كانت بيده تقبع ورقة .. قد تجعدت بقوة .. مدها لوجهها : خبريني شو هذا يا خولة ..

نظرت ايمان لاختها : شو صاير ..

صرخ من جديد وهو يرمي الورقة في وجهها : اختج .. اللي ما رضيت ابيعها لواحد مثل جاسم .. باعت نفسها .. باعت حياتها ببيت وكم فلس بيدفعهن لج عشان تكملين دراستج ..

كانت صامته ..عيونها تقص كلاما لا يسمع .. استطرد : منو قالج اني اريد بيت .. او اني مب قادر ع مصاريف ايمان ودراستها .. خبريني منو قالج .

نطقت ويا ليتها لم تنطق : ما تقدر .. مثل ما قدرت ع مصاريف دراستي من قبل .

ضربته بكلامها .. هو لم يستطع ان يحقق لها حلمها باكمال الدراسة .. وهاهي تذكره بذلك .. لتكسره بقسوة لم يعهدها منها .. صمت اسدل نفسه على المكان .. الكلمات كانت كقنبلة قتلت الكلام من بعدها .. قال بانكسار وهو يرفع نظره لها : انسي ان لج اخوان .. بوصلج له .. ومن بعدها انسي هالبيت .. وانسي ان عندج اخت .. واخو .

لا .. عيسى لا تقول هالكلام .. انا اختك .. صاحبتك .. امك .. انت كنت تقول هالشيء .. ما تذكر .. كنت تقول اني كل شيء فدنيتك .. كنت لك كل شيء .. لا تقول انسى .. لانك انت ما بتنسى ..


كان كلام يتردد في داخلها .. وتنطقه عيونها .. تحاول ان تخرجه لكن دون جدوى .. صرخت ايمان به : شو اللي يالس تقوله .. كيف تطردها من بيتنا .. كيف تقـ ...

قاطعها : باعت نفسها .. شو نريد فيها .. ارخصت نفسها عشان كم بيزه وبيت ..

ارتجفت شفتيها .. وتهدج صوتها : سامحني يا عيسى .. اريد اظمن لكم حياة احسن .

صرخ ليهتز المنزل بنبرته : تظمنين شو .. حياتنا .. اشتكينالج .. مثل ما قلت عقب باكر بوصلج له .. ومن عقبها انسينا ..

خارت على الارض باكية .. وايمان توشحها الاستغراب .. لا تعرف ماذا تفعل .. كانت تنظر لخولة على الارض وتسمعها .. بصوتها المتقطع : والله .. مب قصدي .. هو ما بيخليني .. اصلا هو ناوي ومتمسك فقراره .. ليش ما اظمن لكم شيء .

رفعت نظرها لوجه ايمان : ما بعت نفسي .. والله ما بعت نفسي .. مالي غيركم ..


هرعت اليها واحتظنتها .. اختها التي طالما نصحتها .. كانت لها الام والصديقة .. والآن عيسى ينهي كل شيء .. جلدها هي قبل ان يجلد خولة بسياط كلماته .. بكت معها .. وكعادتها بدأت بطمأنتها .. وان عيسى طيب ولن ينفذ ما قاله .. لكن هذه المرة كان مختلفا .. كان مكسورا .. مجروحا ... هي كسرته بفعلها .. وجرحته بكلماتها .. فهل سيطيب الجرح من اقرب الناس ؟

,‘،

لم يذق طعم النوم الهانيء منذ ايام .. كل شيء بات على المحك .. الاخبار من قبل ابنه فيصل لا تطمأن ابداً .. سيضطرون لبيع عدد من شركاتهم الصغيرة لسد فوهة الخسارة .. خسارة لا توازي الخسارة التي كانت ستكون لولا كشف المستور .. ها هو يخرج من منزله في هذا الصباح .. بجسد منهك ومتعب .. وعيون ذابلة مشتاقة للنوم .. جرت خلفه .. واحتظنته .. دافنة رأسها في ظهره .. عند باب ذاك القصر الكبير من الداخل .. امسك ذراعيها بلطف : دادي .. لا تروح الشركة .. دادي خلك معنا وارتاح اليوم .


امسك بكفها ليشدها وتقف امامه .. ابعد الخصلات من على جبينها . واحتظن وجهها الصغير بكفيه : لازم اروح .. واايد اوراق لازم تتوقع .

جود : سيف بيبهن لك هني .. انت لا تروح .. دادي انت تعبان ..


احتظنها بقوة .. دفنها بين ذراعيه القويتين .. احساس غريب تملكها .. احساس بالخوف .. احساس بالفراق .. ارتجفت دون حراك .. ارتجفت مشاعرها .. ابعدها ونظرت اليه .. الى عينيه الحانيتين : ديري بالج ع عمرج ..


طبع قبلة حارة على جبينها .. وغادر .. لحقت به .. ووقفت على منصة الباب من الخارج .. تراه يغادر .. يبتعد عن ناظرها .. يؤشر لها من سيارته بيده .. ويختفي ..


الجو هناك متوتر .. دخل بهيبته الى مكتبه .. حيث تتكوم الكثير من الاوراق وسيف هناك مع بعض روؤساء الاقسام .. يراجعونها . قام واقفا ليستقبل عمه .. جلس وهو يسأل عن الاحوال والى اين وصلوا .. ليجيبه بان الخسارة تم تفاديها ولله الحمد .. وان فيصل استطاع ان يماطل في بعض العقود ويؤخر تنفيذ شروط فضها .. ارتاح .. ولكن جسده بعيد عن تلك الراحة التي ينشدها .. خرج الجميع من المكتب وهم يباركون له انتهاء هذه المحنة التي كانت كفيلة بان تقسم ظهره لولا الله ومن بعده فيصل الذي اكتشف كل شيء .. وحتى هذه الساعة لا يعلم كيف علم ابنه بهذا التلاعب وهو هناك بعيدا في امريكا .. لكن لا يهم كل هذا .. المهم انه كان نعم الابن له ..

فجأة من بين خيوط الراحة التي كانت تتسلل في جسده المتعب .. قام واقفا .. ووقف معه سيف .. كان صوت ابو بسام لا يبشر بخير .. ولا وجهه .. وضع الاوراق من يده على تلك الطاولة الصغيرة .. وقال بنبرة خوف : خير يا عمي .. شو مستوي ؟

اردف ابو فيصل بخوف لا يقل عن خوف سيف : شو مستوي؟ .. تكلم

مشروع المجمع السكني اللي حطينا فيه كل سيولتنا .. اكبر مشاريعنا فمصر يا ابو فيصل .. ..

لم يستطع تتمة كلامه وهو يرى وجه ابو فيصل .. صرخ به سيف : كمل .. شو صار فيه ..

انهار .. كلمة قالها لينهار ابو فيصل معها .. انهار على كرسيه .. وجع في جانبه الايسر .. والم يعتصر قلبه .. فانهار مع انهيار مشروعه الكبير .. الذي بدأ العمل فيه منذ قرابة الثلاث اشهر .. انهيار حلم كان .. وانهيار رجل عُرف في اوساط تلك الساحة التجارية .. انهيار سيولد انهيارات اخرى .. ولا احد يدرك الى اي مدى ستصل ..


,‘،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:52 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...6c9745cda2.gif

,،



في دواخلنا اطفال.. يتوقون للفرح . يبتسمون للمحبة .. ينسون العالم في وسط حظن الحنان .. رغم سنين عمرنا التي تتناقص ونكبر مع تناقصها .. ويتحول السواد الى البياض .. رغم دموعنا .. ورغم احزان ترسبت منذ ان نادتنا الدنيا .. وهمست لنا .. انا هنا .. فهرولنا لها .. عانقناها .. ابكتنا يوما .. وافرحتنا يوما .. وضربتنا يوما آخر .. وعلمتنا اياماً .. حتى اتهمناها بجرما لم ترتكبه .. وحكمنا عليها انها ظالمة .. ونسينا ان نفوسنا هي المجرمة .. وهي من تستحق وقفة من وقتنا الضائع .. وكم هي ليالينا الباكية .. وكم تمنينا ان ننام نومة المهد على هزهزاته .. دون افكار .. دون احزان .. دون انتظار ..


ليلة حزينة .. تحاكي القمر المكتمل .. وتستمع لها النجوم المتلألأة .. ليلة تحاول الاختباء .. دون فائدة .. فتفضحها العيون الساهرة .. عيون أرقتها الهواجس .. حتى باتت لا تعي أين الحقيقة .. تقلب تحت لحافه الخفيف .. النوم أبى أن يأتي ويداعب الجفون .. قام ينظر إلى ساعته .. الواحدة صباحا .. تجر معها بعض الدقائق البطيئة .. وقف بطوله الذي لطالما استخدمه لاغاضتها .. حتى تبكي .. يشتاقها .. حث الخطُى إلى دروة المياه ( أكرمكم الله ) .. فتوضأ .. لعل الله ينير عقله بركعتين والناس نيام .. شعر به يحتظنه .. فتوجسته رجفة خشوع .. ودعى بقلب رجل مؤمن انهكه التفكير .. طوى سجادة الصلاة .. التي لا تزال تحتوي عطرها .. تخيلها في يوم زواجهما كيف كانت خجولة .. حتى وهي تصلي خلفه .. أحس بها بتوترها .. بخجلها .. حتى بدقات قلبها التي كانت تصرخ رعبا .. لم يقم .. وجلس والسجادة مطوية امامه .. يتأملها ويتذكر كلام سلمان له : ما فيك شيء يا طارق .. الفحوصات تأكد أن ما فيك شيء ..

ليصرخ في وجهه : بس اللي نقل لي العدوى متأكد ..


وكيف لا يكون متأكدا وهو ترك اخته حبا .. ترددت الكلمات مرارا في عقله : اوكي عشان تتأكد أكثر بدليك ع دكتور اعرفه وهو بيسويلك التحاليل من يديد .


وها هو ينتظر الغد .. ينتظر نتيجة ارهقته أياما وأيام .. قام نافضا عنه كسل الجسد المتعب .. وتناول هاتفه النقال .. تأمله وأصبعه على زر الواحد .. هي هناك .. اسمها . محبوبتي .. رقمها المميز .. تردد كثيرا .. ولكنه يحتاجها .. يريدها معه .. يريد عيناها .. وشفتاها .. ويداها .. يريد كل ذلك واكثر .. " جار الاتصال ....." مرت ثواني اذا بصوتها الناعس يتهادى الى أذنه : الوو

ابتسم : السلام عليكم

فزت مرتعبه : كم الساعة .. حبيبي فيك شيء .....


وتلاحقت الاسئلة .. حتى قهقه .. لم يضحك هكذا منذ تلك الليلة : بس بس .. خليني اجاوب .. شهد انا محتاينج .. تقدرين تجهزين الحين عشان بخطف عليج ..


تأكدت أن هنالك شيء ما .. ارتجفت الاحرف على شفتيها المرتويتين : اوكي .. اترياك ..


اغلقت الهاتف .. وقامت بسرعة تغسل عينيها .. وترتدي عباءتها .. وتغطي شعرها .. وتجري مسرعة للخارج .. ترقبه من نافذة المنزل المطلة على ساحته .. تعلم بأنها لن تراه .. ولكنها تنتظر .. والهاتف في يدها .. رن .. وتوقف .. فجرت للخارج .. والخوف يرافقها على انسان بات كل ما يعنيها ويهمها هو اسعاده .. ركبت .. واذا بها تمد كفيها لتحتظن وجهه .. ودموعها شلالات لا تهدأ : شو فيك ؟


انزل كفيها .. ولثمهما حتى ظنت ان شفتاه التصقتا بباطنهما : طارق والله ما اتحمل اكثر .. حبيبي شو صاير وياك .

رفع رأسه اخيرا : احبج .. والله يشهد علي ان لج فقلبي حب لو توزع ع اهل الارض فاض .


ابتسمت بخجل رغم خوفها .. استطرد : خلينا نمشي من قدام البيت ..


عم الصمت ارجاء المكان .. لا تريد ان تلح عليه بالسؤال .. فداست على نبضات قلبها المتوجسة .. حتى وصلا .. ترجل وطلبها ان تنزل هي الاخرى .. نزلت ومشت حتى تشبثت بذراعه .. التفت لها بحنان : شو فيج ؟


قالت وهي تلصق نفسها به : اخاف من البحر بالليل ..

طارق : لا تخافين .. انا وياج .


مشى وهي تمشي بمحاذاته .. وتتعثر بخطواتها بسبب التصاقها به .. ابتسم رأفة بزوجته الخائفة .. فتوقف عن السير .. وجلسا على بعد امتار من موجه .. الليلة قمراء تبعث شعورا غريب في النفس .. تنهد وبعدها قص عليها ما حدث معه .. وسبب ابتعاده عنها .. حتى وصل الى كلام اخيها .. وعدم تصديقه للنتائج .. كانت تستمع .. تبكي .. هل هي دموع فرح للحب العظيم الذي يكنه طارق لها .. ام هي دموع خوف الفقدان ؟ كانت دموعها تحمل الكثير من المشاعر .. تبكي بصوت .. حتى ما ان وصل بكلامه : سلمان يقول .. ان التحاليل ما بينت اني مصاب ..


تهللت اساريرها .. وابتسمت وهي تمسح ما سال من دموع على شفتيها : الحمد لله .. يعني انت بخير ..


تنهد من جديد .. ليعيد اليها خوفا تلاشى : انا شاك فهالنتايج يا شهد .. الريال اللي تضاربت وياه ذيج الليلة متأكد ان فيه المرض .. سلمان قال يمكن الدم ما اختلط ببعضه .. بس – شد قبضته ناظرا الى مكان الجرح – انا ضربته ودمه صار ع جرحي ..


ثنت ساقيها الواحده فوق الاخرى وتأبطت ذراعه واضعة رأسها على كتفه .. لم يغير من جلسته .. ولا تزال ذراعاه تحيطان بركبتيه بارتخاء : حبيبي .. ما يهمني شو صار .. ولا شو بيصير .. اللي يهمني الحين انك وياي – سكتت برهة – يوم خطبتني ما كنت اريدك .. ولا وافقت لاني اريدك انت .. وافقت لاني حسيت انك بتنقذني من جحيم بيتنا .. كنت كل يوم اتعذب اكثر واكثر .. يوم اشوف ابويه ع كرسيه .. لا يتكلم ولا شيء .. كنت اداريه .. بس كانت نفسيتي تعبانه .. كنت اضحك معه واسولف ويوم اكون فحجرتي ايلس اصيح .. ابويه ع هالحال وانا مب قادرة اسوي شيء .. واللي زاد الطين بله .. يوم تزوج اخوي – مسحت دمعة سقطت من عينها – بس ما تصورت اني بحبك بهالشكل .. حبيتك .. حبيت حنيتك .. كنت اشوف فيك ابوي واخوي .. وكل شيء انحرمت منه .. والحين ما اريد فهالدنيا الا اني اكون وياك .. وياك انت وبس ..


-
شهد .. اول مرة تتكلمين عن مشاعرج وياي .. واول مرة احس انج كبيره .. بس انا تعبت من التفكير .. باكر بتطلع نتيجة التحاليل الثانية .. وانا متاكد اني مصاب .. يمكن ما بين الحين بس متأكد .

- منو هالشخص اللي تضاربت وياه .

- اخاف اقولج .


اعتدلت في جلستها ناظرة لجانب وجه الذي ما انفك يرقب البحر وامواجه : تخاف افشي سرك ؟


التفت لها ومسح بقايا دموعها : اخاف من لحظة ضعف .. تمر ع اي انسان .. وساعتها بدمر حياة ناس ما يستاهلون انهم يدمرون .

ابتسمت وهي تحتظن نفسها : بردانه ؟


هزت رأسها بنعم .. وبان خجل على محياها : اصلا ما لابسه الا ثوب نوم خفيف تحت العباه .


نكست رأسها اكثر وهي تسمع ضحكاته التي طالما اشتاقت لسماعها .. ومن بين تلك الضحكات : غربلات بليسج .. تعالي

قربها منه وهو يحظنها بذراعه .. ويرص عليها : اصلا من خوفي عليك ما عرفت شو اسوي .. لبست عباتي وشيلتي وركضت اترياك فالصالة .


جلس ينظر اليها وهو يمسك رأسه بكفيه .. لم يتحمل اغراءات ذاك الجسم الغض .. لم يتحمل شهوته الذكورية .. وهاهي نائمة بجانبه على السرير .. عارية ... خاطب نفسه : شو سويت يا طارق .. شو سويت .. يا رب الا شهد .. الا شهد يا رب ..


احست به فانقلبت على جانبها ساحبة الغطاء عليها .. ابتسمت : حبيبي كم الساعة .


فجأة اذا به ينتشلها من مكانها ليخبأها في صدره : سامحيني .. سامحيني .. الله يخليج سامحيني ..


,،


في نفس الليلة ونفس القمر الشاهد على ما كان .. كانت هي جالسه على كرسي بجانب النافذة .. تنظر لاولئك الشهود على اخر ليلة لها في هذا المنزل .. حاربها النوم .. كما حاربها عيسى حتى يومها هذا .. الساعة تقارب الواحدة والنصف .. المكان ساكن الا من صوت جهاز التكيف العجوز والمرتجف .. قامت بكسل .. هناك تقبع حقيبتها الصغيرة .. هل هذا "جهازج " يا خولة ؟ وتحول نظرها الى حقيبة اخرى .. كانت تجهز فيها ليوم زواجها من فارس .. يالا مفارقات القدر .. وهناك بجانب سريرها يقبع دفترها .. لازالت تتذكر يوم اشترته من تلك المكتبة .. كانت تتمنى أن تدرس وتكمل دراستها .. ولكنها لم تحصل الا على شهادة اعدادية .. اشترته وهي تشتري لايمان ما تحتاجه لدراستها .. لا يزال معها .. غلافه قد اهترأت جوانبه .. ولكن لا يزال يضم اوراق بيضاء لم يعانقها القلم .. ولا يزال حبر اخر الكلمات رطبا ..

ودي ابكي .. حتى تمل الدموع عيني
واكسر قيود نفسي .. رهينة الحال
ودي انظر حيث لا ينظر احد
واقرأ ما لا يقرأه احد
وأسمع كلاما لم يكتب من قبل .. بحروف لم تروى لأحد
إلا لي أنا ..
ودي اصرخ .. وانفض غبارً يحتويني..
ودي بفرح يعانقني حد السماء ..
وطيور ترقص هامسة في المساء ...
ولعب اطفال على اهازيج النساء ..
ودي بالكثير ..



اغلقته فاحتظنته .. تذكرت محاولاتها اليائسة مع اخيها : ليش يا عيسى ؟ هانت عليك اختك ...


مرت دقائق تلك الليلة وجفونها لم تعش لذة النوم .. قامت بعد أن صلت الفجر .. وقرأت آيات من الذكر الحكيم .. قامت الى المطبخ .. فتحت الثلاجة واخذت خمس بيضات لترميها في قدر الماء .. وانتشلت الابريق من بين الصحون التي بان عليها تعب الاستعمال ..ووقفت تنظر اليه وهو يحترق وصوت صراخ الماء يتعالى رويدا رويدا .. اعدت كل شيء .. الشاي بالحليب و قطع " التوست " والبيض المسلوق .. وصحن صغير به بعض من مربى البرتقال .. وشيء من الجبن .. مسحت دموعها برفق .. فعيناها تتألمان وجداً للنوم .. ابتسمت وهي تفتح الباب .. الغرفة باردة .. اشعلت النور .. وهالها منظر الاوراق المبعثرة على ارضية الغرفة .. تمتمت : الله يوفقج


جلست على حافة السرير توقظ ايمان .. التي فتحت عيونها الناعسة ومدت ذراعيها لتجذب النشاط لجسمها الممتليء بعض الشيء .. ردت على اختها : صباح النور يا اغلى اخت فالدنيا .


طأطأت رأسها : اليوم بتروحين .. ما اريد اروح المدرسة .. خليني اروح وياج للمحكمة .

نهرتها بشدة .. فكيف تذهب معها وهناك اختبار أخير ينتظرها : قومي تجهزي .. واذا علي ما بسمع لعيسى وبزوركم .. وبتصل فيج الين تملين مني ..

بكت وارتمت في حظنها : ايمان لا تصيحين .. انا ما بموت .. كل السالفة اني بعرس ..


تساءلت في نفسها عن أي " عرس " تتكلم .. فهي ستساق الى قدرها كالنعجة يوم عيد .. عيد بارد .. جامد .. حتى كلمة طيبة ستخلو منه .. لا تعلم لماذا تلك الدقائق مسرعة بهذا القدر .. لماذا كلما كان هناك لقاء معه تتسارع عقارب الساعات .. والشمس تهرول لجهة الغرب .. هل يستعجلون اعدامها .. ام يستعجلون فرحة قد تكون ..


تنهدت وهي جالسة في الصالة تنتظر عيسى .. او بالاحرى تنتظر قدرها المجهول .. الحقيبة تقبع بهدوء بجانبها .. وجفونها متعبة .. فيها حرقة تتآكلها .. فزت بخوف حين سمعت بوق سيارة عيسى .. ذكرت الله واستغفرته .. انحنت وهمت بحمل حقيبة ملابسها وحقيبة يدها .. عيناها تتأملان المكان .. التلفاز الصغير .. والنمارق القليلة .. وهناك كتاب من كتب ايمان قد فتح وقلب على بطنه .. جرت قدماها .. فعيسى لا يكل من اصدار ذاك الصوت وكأن به غاضب .. القت التحية وهي تفتح الباب لترمي بحقيبة ملابسها على الكرسي ... لم يجبها .. اغلقته وفتحت الباب الامامي .. ركبت : رد السلام واجب .


-
وعليكم السلام ... يبتي كل اوراقج ؟

- هيه ( نعم )


الصمت سيد الموقف كالعادة .. لا حديث منه ولا حتى نظرة .. وهي تحاول ان تتماسك .. خائفة .. قلقة .. ولكن هذا ما ارادته .. حدثت نفسها : لا تخلين دموعج اطيح .. انتي بغيتي هالشيء .. لا .. انا ما بغيت هالشيء .. هو فرض نفسه علي غصب .. هو اللي قيدني .. هو اللي اجبرني .. بس ليش ؟ .. آآآه .. يا رب تعدي هالدقايق بسرعة .. وليش اليوم زحمة هالشكل .. مب قادرة اتحمل سكوتك يا عيسى .. معي ومب معي ..


تنهدت وسمعها عيسى .. ليردد في نفسه : سامحيني يا خولة .. بس مب راضي ع اللي سويتيه .. عيسى ما يبيع عمره لناس بسبب الظروف .. بس انتي بعتيه بدون شوره .. وقبضتيه ثمن البيعه .. لو كل شيء صار بدون تدخلج كان لي كلام ثاني وتصرف ثاني .. بس انتي اللي قدمتي العرض .. ياليتني ما وافقتج .. ولا خليتج تكلمينه بروحج .. كان مب هذي حالنا .



,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:54 PM



http://forums.graaam.com/images/imag...7c7e564cd9.gif


,،

ترجل من سيارته " الرنج " بهيبته المعهودة .. وتلك النظارات لا تفارقه ابداً ..اليوم عادي بالنسبة له .. لا يختلف عن باقي الايام الا بدخول شخص جديد لحياته .. اكمل طريقه ليعبر ذاك الممر القصير .. ويلج الى المحكمة من بوابتها الكبيرة .. كانت هناك اعين ترقبه : شوف منو اللي ياي المحكمة

التفت الرجل لصاحبه وبعدها على جاسم : هذا جاسم ولد الاستاذ عبد العزيز .. ليكون ياي يشتكي ع ابوه

- عاادي . تصير .. ومب بعيده عنه .

- صدقت .. كل شيء متوقع منه .


تهامس كغيره من التهامسات التي لطالما تداولها الناس بينهم .. عُرف بالابن العاق .. والرجل القاسي .. ولكن لا يعرفون لماذا هو هكذا .. الظاهر يصور لناس اشياء واشياء .. والداخل شيء قد يكون اكبر بكثير مما يتم تداوله .. لا تهمه تلك الاقاويل .. فهو لا يرى حياته الا عمل خالية من العائلة


جسداهما يرتفعان ويهبطان .. وفرساهما تعدوان بمرح بين تلك السهول الخضراء والغابات المتفرقة ..

- ما قلتلك بنستانس .. شوف حلاة السهول هني .. ياليت عندنا مثل اللي عند البريطانين ههه

- اللي عندنا خير يا قاسم .. ما محتايين لبلاد الغرب تكون فبلاد حكمها شيخ ما في مثله ولا بيكون بعد .

سحب الجام لتقف فرسه وهي تحرك ساقاها الرشيقتان بخفة : عندي لك هدية .


ادخل يده في جيبه وهو يرفع جذعه للاعلاى .. حتى يستطيع الوصول لاخر جيبه .. اخرج ورقة قد طويت .. اعطاها لجاسم الذي ترجل عن ظهر فرسه : شو هذا ؟

قال وهو يترجل : افتحها .

اخذ لجام فرس جاسم وامسكه مع لجام فرسه .. ومشى بمعية اخيه .. الذي كان يفتح الورقة .. توقف وهو ينظر الى ما فيها .. لؤلؤة وجناحان .. رسما بدقة متناهية .. وهناك ايضا رسمة لهما كتب عليها Q&J .. التفت لقاسم الذي علت محياه ابتسامة فخر : شو رايك بتصميمي .. ترا هذي هدية لك .. ما اريد لها شبيه اوكي .. اول ما تعرس سلمها لعروسك .. بس هااااا .. ما اريدها الا للانسانة اللي ملكت قلبك .. غيرها لا .


جاسم : وليش حرفك قبل حرفي .. مب انا العود .. لازم يكون حرفي قبل .

ربط الجامان في تلك الشجرة الباسقة .. وارتمى على العشب الاخضر .. شابك ذراعيه تحت رأسه : طرار( شحاذ) وبعد يتشرط . واللي يسمعك تقول العود بيقول تكبرني بسنين مب كأنهن 5 دقايق .

وقف ينظر لاخيه .. واخذ يهز الورقة اعلى رأسه : وليش تريدها وحيده .. نسوي ثنتين لك ولي .


رفع ساقيه في الهواءدافعا جذعه على الارض .. ليستطيع الجلوس : شوف جويسم .. اريدها لك انت وبس .. وفي هدية ثانية لك .. واللي هي موجودة فالرسمة

- الولوه .. من وين لك ؟


ضحك : من امي بخيته .. تراها عطتني اياها تحسبني انت .. مثلت عليها وصدقتني .. وقالت – يقلد كلامها – قويسم ما يتأمن ع شيء .. لو اعطيه اياها ما بعيد يفرها


ضحكا سوية .. وفجأة تغيرت ملامح قاسم وهو يعود ليطرح نفسه على العشب : واتريا هديتي منك .. بس الهدية بتكون طلب مني .. توعدني تلبيه يا جاسم .

نظر إليه .. وبعدها استلقى بجانبه : اوعدك .. لو تطلب عيوني بقدمهن لك .


وضع يده على نظارته من جهة اليمين .. وحرك اطراف اصابعه على جبينه مبتعدا بهم تجاه شعره ..وانتبه لعيسى الذي سحب الاوراق من يد خولة .. وادرك ان هناك شيء ما بينهما .. مر الوقت وهو لا يزال يرقبها .. انتبه لتوترها .. ولتصرفات عيسى معها .. اصبحت على ذمته .. ها هو يعود لتحمل امرأة في بيته ..ابتسم وهو يمشي بمعيتهما للخارج .. توجهوا حيث تقف سيارة عيسى .. فتح باب سيارته ليخرج حقيبتها .. فما كان من جاسم الا ان ينادي سائقه الخاص لحملها ..



جاسم : ما في حتى مبروك .. ؟

نظر عيسى له بنظرة كره : صارت لك وانتهينا .


اراد أن ينصرف فامسكته من ذراعه : عيسى اصبر – التفتت لجاسم – اقدر ابقى فبيتنا اليوم .. اريد ابقى مع ايمان .. وانت اصلا مشغول .. يعني اذ....


وقبل أن تكمل : مالج بيت يا خولة الا بيت جاسم .. عن اذنكم .

شدت على قبضتها .. وتسمرت في مكانها .. تلفت جاسم وكأن وقوفها بهذا الشكل ووقوفه بجانبها احرجه .. امسكها من ذراعها : خلينا نمشي .


لم تكن تشعر باي شيء .. وكأنها نومت مغناطيسيا .. مشت .. ثم ركبت وهي لا تزال في عالم آخر .. اما هو فلا يجد اي كلام قد يقوله .. فلقد ادرك ان عيسى تخلى عن اخته .. ابتسم وهو يخمن سبب هذا الكره .. لعلها تلك الطلبات .. فهو يعلم ان عيسى عزيز نفس .. كما هو بالضبط .. خاطب نفسه وهو ينظر من نافذة سيارته : للحين ما لقيت اللي تستاهل هديتك يا قاسم .


,،


انسلت من فراشها .. في تلك الليلة التي لم ينعم فيها طارق ولا خولة بالنوم .. هي نفس الليلة .. ونفس شهودها .. شهدوا على احلام اسهرت اصحابها .. وها هم يشهدون عليها .. انسلت وهي تنظر اليه .. شخيره لا يهدأ .. كثيرا ما قالت له ان يجري جراحة لاستأصال تلك اللحمية من انفه .. لكن ما كان يأتيها منه الا الاهانة .. والكلام الجارح .. انسحبت من الغرفة بهدوء تام .. جلست بكاملها على الكنبة وظهرها مسندا على ذراع الكنبة .. وذراعيها على ركبتيها .. لتدع رأسها ينكب عليهما ..


نزل امام احدى العمارات الشاهقة .. فتح الباب : نزلي .

نظرت له بخوف : رجعني البيت .. الله يخليك ..


امسكها من ذراعها .. وهو يحثها للنزول .. نزلت .. لم ترغب بان يتجمع الناس عليهما .. لا تريد للفضيحة ان تخترق حياتها .. نزلت وهو يجرها الى المصعد .. نزلت دموعها .. فهي لا تعلم اين يأخذها .. ومالذي يريده منها بالضبط .. هذا ليس عبدالله الذي تعرفه .. توقف المصعد وكاد قلبها ان يتوقف حين شدها ليخرجها منه .. تمشي معه دون ان تتكلم او حتى ان تقاوم .. وقف قبالة باب لشقة ما .. لا يزال ممسكا بذراعها .. فتح الباب .. ودعاها لدخول .. لكنها أبت .. فما كان منه الا ان جرها ودفعها لداخل .. حتى سقطت " شيلتها " من قوة سقوطها .. سحبتها بسرعه تستر شعرها .. وتبكي : عبدالله شو بتسوي في .. حرام عليك .. انا ما سويت لك شيء ..


زحفت حتى قدميه امسكتهما وهي تبكي وتترجاه : الله يخليك رجعني البيت .. الله يخليك .. ابوس ريولك .. لا تسوي في شيء ..


سحب قدماه .. وهو ينظر اليها .. ضعيفة باكية : مستحيل اسوي فيج شيء يا ريم .. مستحيل – رفعها من ذراعها – قومي ..

مشى بها وهو يتكلم بحزن يكتسيه شيء من الغضب .. كلما توقف في مكان : هني كنت احلم فيج وياي نطالع التلفزيون .. ونضحك – سحبها لاحدى الغرف – وهني كنت اتمنى اشوف عيالنا يكبرون ويلعبون ..


سحبها من جديد وسط دهشتها لما تسمعه .. توقف عند باب غرفة اخرى .. ظل واقفا لبرهة .. ثم فتحها .. غرفة نوم بسرير اقل ما يقال عنه ذوق : وهني كنت اتمنى اقضي اليالي وياج ..


تركها واخذ يجوب الغرفة كالمجنون : هني تخيلتج يالسه تسحيين( تمشطين ) شعرج .. وهني تخيلتج واقفه اطالعين السيارت الصغيرة .. وهني – جلس على السرير – كنت اتمنى احضانج .. وقتلوا كل امنياتي .. .. قلت لهم اريد اعرس .. رحت لابوي خبرته .. ابويه اريد ريم حرمة لي .. تدرين شو كان رده .. ريم لخوك سعيد .. العود احق فيها منك .... العود ... آآآآآآآآآآآآآآخ


شدت بيدها على فمها بقوة .. واخذت تبكي بحرقة .. انسحبت بجذعها على الجدار حتى جلست القرفصاء .. كلام جديد تسمعه الآن .. عبدالله يحبها .. يتعذب من أجلها .. وهي تتعذب بنار سعيد يوميا ..


نظر اليها بعيون دامعه : تمنيتج ترفضين ...تمنيت سعيد يقول لا .. بس محد قال لا الا فويهي انا .. قلت لازم انساج .. بس ما قدرت .. انتي الوحيدة اللي حبيتها يا ريم ..


صدمة الجمتها عن الحراك .. او حتى الكلام .. فقط دمووعها التي اخذت تنسكب دون توقف .. مر الوقت هو يحكي معاناته اليومية بسبب رؤيتها .. وهي تستمع وتود لو انها لا تسمع .. تمنت لو كانت صماء .. قامت واقفة .. لفت " شيلتها" باحكام على رأسها .. اخذت طرفها لتغطي وجهها الباكي : وين بتروحين .


لم تجبه .. خرجت من تلك الغرفة .. وهو يتبعها .. انحنت لتلتقط حقيبة يدها التي وقعت بوقوعها عند الباب .. يسألها ولكن لا تجيب .. ضغطت زر المصعد .. مرة واثنتان وثلاث .. لعله يأتي سريعا . امسكها من جديد .. لفها لناحيته : سامحيني ..

لم تجبه .. سحبت يدها من يده .. وآثرت ان تنزل الدرجات .. المصعد لا يأتي .. والانتظار بجانبه يقتلها ..نزلت مسرعة وهي تصرخ عليه : لا تتبعني .. خلك بعيد ..


لتستقل بعدها اول سيارة أجرة تصادفها .. عادت الى منزلها .. حمدت ربها مليون مرة ان سعيد لا يزال نائما .. فهو لا تهمة صلاة .. اسرعت الى دورة المياه (اكرمكم الله ) تفرغ ما بقي في جعبتها من دموع .. وخرجت بعدها لتصلي المغرب .. مع ان وقتها حان منذ اكثر من ساعة ..


رفعت رأسها .. تحاول ان تنسى ما قيل في تلك الشقة المشئومة .. كما رفعت ميثة رأسها عن ظهر السرير .. وعليا هناك نائمة .. حرارتها مرتفعة .. تهذي بكلمات لا تفهم .. تصرخ احيانا .. تترجى احيانا اخرى .. وتنادي والدها كثيرا .. تحسست جبين ابنتها .. وتذكرت ذاك اليوم .. لم تفتح الباب لها .. مع انها بكت وترجت .. لكن لم تفتحه .. فجأة سمعت انسياب الماء .. خافت حين طال الامر .. طرقت الباب اكثر واكثر دون جدوى .. جرت تنادي احدا يساعدها ليكسر الباب .. فما كان في وجهها الا بدر .. ضرب الباب مرة .. واثنتان .. بباطن قدمه اليمين .. انفتح .. لتتراء علياء في حوض الاستحمام جالسة .. والماء ينهال عليها .. يضربها بقسوة .. وهي ترتجف .. تريد ان تستيقظ من تلك الاحلام التي تراودها .. اغلق الماء .. ورفعها وهي تصرخ .. تحرك ساقاها بعنف .. وتحاول دفعه عنها .. وهو ممسكا بها .. حتى اغمي عليها ..


هاهي تنام دون ان تستيقظ .. الا دقائق قليلة لاخذ الدواء .. او لتسقيها ميثة العصير والماء او شيء من الشوربة .. قامت بكسل .. وقد عقدت العزم .. ان هذه هي آخر ليلة لها في هذا المنزل .. تركت غرفتها ذاهبة لغرفة بناتها ... جمعت ملابسهن في حقيبة واحدة .. لا يهم ان تأخذ جميع ما يملكن .. المهم ان تخرج من هذه الاجواء الموبوءة .. ايقظتهن بحنان أم خائفة .. لا يرغبن بالنهوض .. صرحت لهن بكذبة لعلهما يتركان الفراش لاجلها : ياللا حبيباتي قومن بنروح الالعاب ..


نقطة ضعف ابنتيها .. حديقة الالعاب .. قامتا بكسل .. غيرت لهن ملابسهن بسرعة .. نطقت خلود وهي تحرك يدها الصغيرة على عينها داعكة لها : ماما .. وين علايا .


الحين بتيي .. قالت هذه الجملة فقط .. وبعدها اخرجتهما الى غرفتها .. ايقظت علياء المتعبة .. لا تعي شيئا فحرارتها تناهز التاسعة والثلاثين .. عيونها ذابله لا ترى شيئا .. طلبت منهن الجلوس وخرجت .. لتجهز سيارتها .. وبيدها حقيبتان .. وحقيبة يدها .. عادت بعد دقائق : ياللا .. خلود مسكي ايد حصووه ..


فعلت ما طلبته منها والدتها .. وهي مستغربة ما يجري .. عمدت ميثة الى ابنتها علياء .. تساعدها على النهوض .. لكن جسمها لا يقوى حتى على الوقوف .. ما كان بها الا ان تحملها على كتفها .. وتناست انها ترتجف بردا .. اخذتها بلباس نومها فقط .. ادخلتها لسيارة وعدلت لها الكرسي .. فتحت الباب الخلفي وادخلت خلود وحصة .. وانطلقت .. تلفتت خلود : ماما بعده فليل . ما في العاب الحين .


ما كان من ميثة الا ان تصرخ على خلود لتسكت ..تقوست شفتاها الصغيرتان .. وبكت حصة لصراخ والدتها .. وساعدتها خلود بالبكاء ... تمالكت اعصابها : خلاص فديتكن .. خلود بنروح بيت خالو عبد الرحمن .. وبعدين بنروح الالعاب وييا هاجر .. انتي تحبين هاجر صح ..


هزت رأسها وهي تحاول ان لا تبكي .. استطرد ميثة وهي تنظر لها من المرآة الامامية : عفيه ع خلوود الشاطرة ..


اذن الفجر وهي في الطريق الى منزل اخيها .. هربت حتى لا تواجه راشد .. فهي ليست بتلك القوة لتواجه اخيها الاكبر .. تعلم بانه سيقسم عليها ان تبقى .. وسيمنعها .. وقد يغضب منها .. وهي لا تريد هذا التصادم .. كل ما تريده هو الابتعاد فقط .. ولو كان منزلها خاليا لما ذهبت لمنزل احد ..


,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:54 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...7c7e564cd9.gif


,،

جاءه النبأ اخيرا .. لم يفكر دقيقة واحدة .. كل ما اراده هو ان يصل الى والده .. ركب طائرتهم الخاصة .. كان يرى الدقائق والثواني واقفة .. متى سيصل .. الافكار تعصف بذهنه كأعصار اقتلع كل اتزان فيه .. اخيرا وصل لارض الوطن .. حث الخطى ينجز كل شيء بسرعة .. استقبله سائق والده الخاص .. بدون اي تفكير : خذني عند ابوي ..


وصل ببنطلون جينز وقميص ابيض .. ازراره العلوية مفتوحة .. مشى مسرعا والهاتف على اذنه .. يسأل عن مكانهم .. تراء له سيف فابعد الهاتف وهو يقول : اشوفك .

هرول ناحيته : ليش ما خبرتوني .. شو تتريون .. تتريونه يموت وبعدين تقولون لي ..


-
هدي اعصابك يا فيصل .. ابوك بخير ما فيه شيء ..

- الاخبار اللي وصلتني تقول غير هالكلام .. على شو ناويين وانا بعيد ..

استغفر ربه : منو اللي يوصل لك الاخبار ..


وين ابويه
.. قالها وهو يترك المكان مسرعا .. الى حيث تتجمع اخواته .. الى تلك القاعة المخصصة للشخصيات الهامة .. وصل .. فتهافتت الانظار عليه .. تقدم بخطى متوجسة الى امه القابعة على ذاك الكرسي .. جثى عند قدميها : امي .. كيف ابويه

- له الله يا فيصل .. له الله ..


تقدمت جواهر من اخيها : ابويه بيخلينا .

وضع كفيه على كتفيها .. وابتسم مجاملة : لا ان شاء الله – التفت الى والدته الجالسة بين رنيم ورشا – ما شفتوه ؟


هزت رنيم رأسها بلا .. تلفت يمنة ويسرى .. يبحث عن آخر العنقود في عائلته .. لا أثر لها .. سأل عنها : وين جود ؟


كانت هني .. هذا كان جواب جواهر على ذاك السؤال .. اما هناك فالخارج حيث كان سيف يتحدث بانفعال في هاتفه .. كانت جود واقفة .. تستمع .. وقلبها يحترق على حبيبها .. تقدمت نحوه حين انهى مكالمته : منو اللي دمر ابوي ؟


كانت عيناها مليئتان بنظرة غريبة .. نظرة جامدة .. لم تبكي كالاخريات .. فقط تستمع لنحيب اختيها رشا وجواهر .. وتقرأ صمت أمها .. ودموعها التي لا تهدأ ..

قال باستنكار : شو تقولين ؟

- منو اللي دمر ابوي ؟


كانت تنظر لعينيه اللتان تتهربان من النظر لعينيها .. اعادت السؤال : منو دمر ابـ...

اذا بيد فيصل على كتفها تقطع سؤالها : حبيبتي يالس ادور عليج .. ما اشتقـ...


التفت حيث صوت رنيم تناديه : فيصل الحق .. الدكتور يطلبك .. بسرعه ..


جرى مسرعا وجرت خلفه جود ..هناك لا شيء سوى سرير ابيض وجسد متعب .. قد قيد بالكثير من الانابيب .. والكثير من الاسلاك .. وصوت جهاز يخترق هدوء الغرفة .. دخل .. يدنو من والده بخطى خائفة .. هاهو أمامه .. انحنى ليقبل رأسه : سلامتك يالغالي ..

نظر اليه دون ان يحرك رأسه .. فقط حركة من عينيه . وبصوت متعب : فيصل .. امك .. وخواتك .. امانه فرقبتك


هز رأسه يمنة ويسرى : لا تقول هالكلام .. انت بتبقى فوق روسنا ..

خفت صوته حتى لا يكاد يسمع .. قرب اذنه من فاه : رشا

قال : شو بلاها رشا .. ابويه تسمعني .. شو بلاها رشا ..

- دير بالك عليها .. سيف .. سيف ..



صرخ جهاز القلب معلنا النهاية .. دخلوا الاطباء مع بعض الممرضين .. حاولوا ان يبعدو فيصل عن والده .. الذي اخذ يهزه وهو يصرخ : شو فيه سيف .. ابويه رد علي .. شو بلاه سيف .. خلوني .. ابوي هذا .. ما دخلكم ..


ابعدوه بقوة .. وقف خارجا ينظر الى ما يفعلون من تلك الفتحة في ذاك الباب .. رأى انعاشهم له .. مرة .. اثنتان .. ثلاث .. لا فائدة .. كانت يده تلامس ذاك الباب وكأنها تلامس وجه والده .. ابتعد خطوتان حين رآهم يغطونه .. ايقن حينها ان كل شيء انتهى .. وان الغالي لم يعد على قيد الحياة ..

,،

في انتظاركم

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:55 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...6bab008519.gif


,,
ليش ما منعتيني يا شهد .. ليش ؟.. كان يعيد في هذه الجملة مرارا وتكرارا .. وهي بجانبه على السرير واضع رأسه في راحتيه .. لفت بذراعها على كتفيه .. وانحنت قليلا برأسها تحاول أن تنظر لوجهه : حبيبي .. انت قلت سلمان قالك انك بخير .. ليش خايف .


وهو على حاله : سلمان ما سألني اسئلة مثل الدكتور عادل .. مادري ليش .. يمكن نسى .. ويمكن لانج اخته .. وخاف عليج وكان كل همه يتأكد .. مادري


قامت من على السرير لتجلس على ركبتيها امامه .. انزلت كفيه .. ومسحت بكفيها على وجهه .. وعيونها بدأت تغرق بمياهها المالحة : مب فاهمة عليك .. التحاليل ما فيهن شيء .. وهذا هو المهم ..


امسكها بقوة من كتفيها .. كانت حركته مفاجأة .. ارجفتها .. نظر بخوف لعينيها اللتان هلتا دمعهما : تضاربت مع الريال تقريبا من شهر .. والمرض ما بيبين بهالسرعة .. ع الاقل لازم اكون كملت 6 اسابيع ع العدوى .. وانا ما كملتهن .. قالي الدكتور عادل .. ان هالشيء صعب يبين .. فهمتيني ..

ارتجفت شفتاها : يعني شو ؟

مسح دموعها التي انسكبت .. وطبع قبلة على خدها ووجهها بين كفيه : يعني مالنا الا الصبر .. والدعاء ..

والنتيجة؟ ...سؤال طرحته على طارق .. ليعم الصمت ارجاء الغرفة الباردة لدقائق .. قام واقفا .. تنهد وكأنه يخرج ركام اياما مضت اتعبته : مب اكيده ..


الله اكبر .. الله اكبر .. صدحت مكبرات الصوت بأذان الفجر .. قامت واقفة .. تنفست الصعداء .. واذا بها تقف امامه وتمسك كفيه .. وقد رسمت على وجهها الطفولي ابتسامة انسته بعض مما هو فيه : قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا .

ابتسم لها : كبرتي فعيني يا شهد ..

اقتربت اكثر واضعة رأسها على صدره : خلنا نقوم نصلي الفير ... وربك فوق ما ينسى عباده .


لفها بذراعيه .. فسقطت دمعة من عينها .. كانت تقوي نفسها لتقويه .. وفيها خوف قد بنى خيمته وشد اوتادها .. خوف من القادم .. ومع هذا فيكفيها طارق .. الشخص الذي احبها واحبته مع الوقت .


كانت نفسه تحدثه ان كل شيء سيكون على ما يرام .. مر على غرفة اخيه عمار .. طرق الباب ودخل ..كان يغط في نومه .. لا يشعر بشيء .. متدثر بلحافه .. واذا به يقوم مرتعبا جراء صرخة طارق في أذنه : قووووووووووم

قام مفزوعا .. وطارق يضحك عليه : اعوذ بالله .. شو بلاك ؟ شو مستوي .

قهقه .. ومن بين ضحكاته : قوم نصلي الفير فالمسيد .


سحب الوسادة واذا به ينهال ضربا بها على طارق الذي قام يحمي نفسه بذراعه وهو لا ينفك من الضحك : غربلات بليسك .. بتجلطني ..

سكن وبعدها انفجر ضاحكا : اللي يشوفك يقول انك اصغر مني .. استغفر الله العظيم .. هذا وانت معرس هذي تصرفاتك ..

قام واقفا سحب الوسادة من يد عمار ورماها عليه : قوم .. بترياك تحت .. اكييد ابوك سابقنا فالمسيد ..

مسح وجهه بكفيه : ان شاء الله الحين بلحقك

ما ان خرج طارق حتى ابتسم عمار وتمتم : الحمد لله اخيرا رجع .. بس امووت واعرف شو اللي كان مغيرنه ..


اوقفت سيارتها .. بعد عناء طريق طويل .. البنات غلبهن النوم .. وعلياء ترتجف وتأن .. لا تعلم الى اين سياخذها هذا القرار .. ترجلت من السيارة .. لا تعرف ماذا تفعل مع بناتها .. قررت اخيرا ان تتركهن نائمات .. مشت الى الباب الرئيسي .. وقبل ان ترن الجرس اذا به ينفتح على مصراعيه .. وطارق ينظر لداخل : بسرعه يا عمار بتفوتنا الصلاة .

التفت واذا بها امامه .. توجسس : عمتي .. خير .. شو اللي يايبج فهالساعة .. البنات فيهن شيء ؟

نزل الدرجات بخفة .. حتى وصل اليهما : عمتي !

ميثة : ما في شيء .. بس ياليت تساعدوني .. البنات فالسيارة .. وانا ما في حيل ادخلهن .

امسكها من يدها : حياج عمتي - التفت لطارق - طارق شوف البنات .


كان منظرها يوحي بان هناك امرا عظيما .. فيكفي زيارتها التي تثير الريبة في هذا الوقت الباكر .. وصل للسيارة .. فتح الباب فاذا بعيناه وكأنهما ستخرجان من مخدعهما مما رأى .. جسم ناحل .. ووجه شاحب .. وارتجاف واضح .. سم باسم الله وحملها بين ذراعيه .. اسرع بها الى الداخل .. ومن ثم الى غرفة ريم .. نادى شهد لتبقى مع عمته ريثما يعودان من المسجد .. الجو غريب في ذاك المنزل .. الامور بدأت تتغير.. دقائق من خروج عمار وطارق من المنزل .. حتى اكتظت غرفة ريم بالنساء .. جالسة على السرير بجانب ابنتها .. وخلود وحصة قد فُرش لهن على الارض .. كانت الاصوات كفيلة بان تحرك حصة .. وتجعلها تتقلب في فراشها .. فمريم لا تنفك تسأل ميثة عن الاسباب .. ولا يوجد على لسان ميثة الا جملة : ما في شيء .


وضعت هاجر يدها على كتف أمها : امايه .. خلينا نطلع .. عشان عمتي ميثة ترتاح .

بالفعل قامت مريم .. وابتسمت شهد الواقفة بجانب الباب لعمتها التي اخذت تتحوقل وهي خارجة .. اما هاجر فوقفت قليلا تنظر لعلياء التي في عالم آخر ولا تعلم من امرهم شيء .. ابتسمت على مضض لعمتها ميثة : نورتي بيتنا عموتي .

ارغمت شفتاها على الابتسام : تسلميلي فديتج .


خرجت واغلقت الباب من خلفها .. الى الآن ووالدها لا يعلم من أمر عمتها شيء .. تنهدت وهي واقفة في الممر وناظرة لغرفة طارق .. وبصوت اقرب للهمس : الله يعينا .. بتبدا مشاكل يديده ..

كانت ستحث الخطى لغرفة طارق .. فوجود شهد بينهم بين ليلة وضحاها شيء مستغرب .. ولكنها فضلت ان تدخل غرفتها .. ارتمت على سريرها ناظرة لسقف .. الساعة لا تزال السادسة .. بدأ صوت العصافير يعلو عند نافذتها .. التي لا تنفك من الاتساخ ببقايا فضلاتها .. حمدت الله انها قدمت آخر امتحان بالامس .. فهي موقنة بان هناك مشاكل في الطريق .. غيرت من نومتها .. لتنام على جانبها الايسر .. حاظنة وسادتها تحت رأسها .. تفكر في مستقبلها .. هل سيقتنعون بقرارها بالسفر ؟ .. هذا السؤال اصبح لا يفارقها .. هي تدرك ان امامها سنة أخرى بين عائلتها .. ولكن لا بد من التمهيد حتى موعد التنفيذ ..


مر الوقت وهي تحاول ان تنام قليلا .. ولكن النوم لا يرغب بزيارة جفونها .. المكان هاديء .. فجأة اذا بها تسمع خطوات خارج غرفتها .. بعدها طرقتان خفيفتان على بابها .. اذنت لطارق بالدخول وهي تعتدل منزلة ساقيها عن السرير وجالسة .. ابتسمت وهي ترى عمار يطل برأسه : شو صار ؟

دعته لدخول .. اغلق الباب ووقف مستندا عليه .. واعاد السؤال من جديد .. لتجيبه : ما صار شيء .. عمتي شكلها تعبانه .. وما تريد تتكلم الحين .... ابوي وين ؟

- مادري .. طلع قبلنا من المسيد .. يمكن راح العزبة .


مشى وسحب كرسي مكتبها الخشبي وجلس عليه بشكل عكسي .. ومربعا ذراعيه على حافة ظهره : بعدج مصرة على اللي فراسج ؟

توترت قليلا .. لقد ظنت انه يسألها عن السفر .. وانه لا يزال يذكر تلك الكلمة التي قالتها على الغداء .. ولكنه بدد توترها حين استطرد قائلا : يعني ما بتسحبين شيء من المواد ؟


تنفست الراحة .. واجابت : لا .. اريد اخلص السنه الياية .. لا تخاف علي .

رأسها صلد لا يلين .. لا يعلم من اين اتت بكل هذا العناد فجأة .. خرج وهو يتمنى ان تتراجع .. خائف عليها .. ومن تغيرها من النقيض للنقيض .. فهي ليست هاجر المرحة الضاحكة .. شقيقته الوحيدة .. احيانا يود لو انه كان قاسيا .. ليجبرها على التراجع عما في رأسها . ولكنها مجرد امنية .. فقلبه رقيق برقة قلب والدته مريم ..


بعد ان خرج .. قامت من على سريرها .. فتحت جهازها .. ومباشرة قادتها اصابعها الى صفحة المسافر .. لا تعلم لماذا تهتم لأمره .. ولماذا الخوف بدأ يسيطر عليها تجاهه ... فهو لم يعد يكتب .. اشتاقت لردوده على تغريداتها .. عمدت لتكتب تغريدة جديدة : الحياة مفارقات .. ونحن نمشيها دون ان ندرك ما تخبئه لنا .


ارسلتها .. ثم انزلت الصفحة لتفتح أخرى .. موقع الجامعة .. تأملته قليلا .. لكن سرعان ما ابدلتها بصفحة " قوقل " .. تأملتها لفترة .. تكتب وتعود لتمسح .. لا تعرف ماذا تفعل .. كانت تتسلى بالبحث من اجل دراستها .. ولكن الآن لا يوجد سوى " تويتر " .. اغلقتها .. وعادت لصفحتها الاولى .. جددتها ..لحظات واذا بها تفتح عيناها بصدمة .


,,

ليست بأقل من صدمة فيصل بوفاة والده .. ترك المكان .. يجر الخطى المثقلة باحزان الفقد .. ولج لتلك القاعة حيث امه واخواته .. مشى خطوتان .. ثم توقف .. محجر عينيه مليء بالدموع .. تجول بنظره .. تلك رشا جالسة دون حراك كما هي منذ ان رآها عند وصوله .. وتلك امه .. التي اصبحت ارملة .. تساءل كيف ستكون ردت فعلها .. اوقف نظره على جواهر .. كانت ملتصقة بوالدتها ومقربة لها من صدرها وذراعها يحتوي كتفيها .. ودموعها تنسكب .. وهناك تقف رنيم .. مستندة على الجدار .. مكتفة ذراعيها على صدرها .. ونظرها للارض .. وشعرها تدلى على جبينها .. اكمل تجوال عينيه .. ليست هنا .. لا يراها امامه .. تنفس وكأنه ارتاح لعدم وجودها .. رفعت رنيم رأسها . ونطقت بأسمه . لترتفع الرؤوس .. وتحدق النظرات على وجهه المشرأب بالحزن .نطقت ميره من بين دموعها : سالم


سكتت وكأنها لا تريد أن تكمل .. او لعلها ارادت خبرا مغايرا لما في رأسها .. هز رأسه مطوحا له .. كان ذاك الاهتزاز كفيلا ليدع دموعه تنساب بحرقة على وجنتيه وتتسلل عبر شعيرات وجهه الخفيفة .الصدمة قوية .. لا كلام .. سوى نحيب من جواهر التي ارتمت في حظن والدتها المفجوعة بموت شريك حياتها .. كانت ساكنة .. الصدمة الجمتها .. لا تتحرك .. وغير آبهة بالجسد المرمي في حظنها .. فجأة اذا به ينحني للامام بخفة ... هناك من دفعه من الخلف .. طوقت ذراعيها على خصره .. ودفنت رأسها في ظهره .. وكأنها بذاك الفعل تتذكر والدها قبل خروجه من المنزل .


من بين الصمت صرخت : لاااااااا .. مستحيل ..

مشت اليه .. هزته من كتفيه وهو لا يتحرك : ابويه ما مات .. فيصل .. لازم اقوله اني احبه .. انا عمري ما قلتله اني احبه .. فيصل قول لهم اريد اشوفه .. لازم يسمعني .. لازم يعرف اني احبه – هدأت وشهقاتها اضحت متعبة – اريده يحظني .. اريده هني ..


فجأة من خلف سكونها البسيط .. احتقنت بالغيظ .. واذا بها تنهال ضربا على جود المتمسكة بفيصل : كله منج .. انتي السبب .. انتي اللي قتلتيه .

حاول ابعادها .. لكنه لم يقوى .. والاخرى متشبثة به .. قامت جواهر تحاول ابعادها وهي تبكي وتصرخ : خلاص يا رشا ..

تسحبها من وسطها .. واذا بها فجأة تخر على الارض.. مسقطة معها جواهر .. التي افترشت الارض .. دخل سيف .. الذي اسرع لها .. وهي في حجر جواهر .. يحاول ان يوقضها .. ولكن لا فائدة .. لحظات واذا بالمكان يمتلأ بالممرضين .. وسرير طبي .. نقلوها من المكان وسيف ممسكنا بيدها لا يريد ان يفارقها ..


جلست على الارض بتعب وهي تنظر لجواهر الجالسة على الارض دون اي حراك .. ولفيصل الواقف كالصنم .. ولوالدتها التي لم تنطق الا بأسم سالم .. بكت وتمتمت : حتى انا اريد اقوله اني احبه .. حتى انا – رفعت رأسها لفيصلوالله احبه .. اريده يسمعها مني ..


وضع راحتيه على عينيه ماسحا لدموعه : انا لله .. وانا اليه راجعون ..


حاول ان يستجمع قوته .. فهن كسيرات بحاجته .. حاول ان يفك ذراعي جود من على وسطه .. كان يشعر بدموعها تبلل قميصه .. حاول جاهدا .. وهي تشد اكثر مع كل محاولة .. لم تشعر بضربات رشا لها .. لم تشعر الا بكلمات الاتهام .. كانت تتردد : انتي السبب .. انتي السبب .. انتي السبب .


استسلم .. فمحاولاته لا طائل منها : جود .. خليني .. امي وخواتي بحايتي ( بحاجتي )


كان يترجاها .. فجأة ارتخت ذراعاها .. وابتعدت بضع خطوات للخلف .. لم تنظر الا للارضية البيضاء .. كانت تسمع فيصل يكلم والدتها .. يصبرها .. وكانت الاصوات تخفت رويدا رويدا .. لم يهتموا لها .. تركوا المكان وهي لا تزال واقفة مكانها .. تشعر ببرودة اطرافها .. تشعر بصقيع يفتت عظامها .. مرت الدقائق تسحب خلفها الكثير من الدقائق المتسارعة .. وعندها وكأن الزمن توقف .. صوت ممرضة واقفة بجانبها يتهادى متذبذبا الى مسامعها .. فجأة ارتجفت حين وضعت يدها على كتفها .. نظرت الى تلك الممرضة بنظرة حاقدة بعض الشيء .. ابتعدت عنها وكأنها افاقت من كابوس ما .. جرت مسرعة من تلك القاعة .. تحت نظرات تلك الممرضة التي يكتنفها الاستغراب .


اما هناك بجانب احدى الغرف كان ينتظر خروج اي احد يطمأنه عليها .. كان يطوي تلك المسافة القصيرة امام الباب ذهابا وايابا .. كان خائفا عليها .. وهاتفه لا يهدأ من الرنين .. اغلقه بقوة .. وكأن به يبعثر غضبه على زر الاغلاق .. رماه في جيب ثوبه .. التفت حين فتح الباب .. اسرع الى تلك الطبيبة المتوشحة بحجاب ابيض .. ويبدو على وجهها انها تناهز الاربعينات من العمر .. تقدم وبخوف : طمنيني عليها .

اجابته بلهجتها المصرية الحانية : الحمد لله .. المدام بخير .. وربنا يعوضك فالجنين .


تسمر وكأن دلو ماء بارد اريق على جسده .. جنين .. كان هناك جنين في احشاء رشا .. اجتاحته لوعة غريبة .. احس بشيء ما يطعن قلبه .. كان سيصبح ابا .. ولكن كل شيء اصبح ماضيا ..



,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:55 PM

http://forums.graaam.com/images/imag...6cfc6ce226.gif


,,



بعكس الحزن الذي سيطر على حياة عائلة فيصل كان هناك فرحا في منزل عائلة احمد .. كانت اسبابه منبعثة من قلب سارة التي ما ان دخلت المنزل حتى اخذت تصرخ بفرح لا متناهي .. اخيرا انتهت من هم الدراسة كما كانت تقول .. فهي تظن ان المدرسة والدراسة متعبة جدا .. جلست في الصالة بعد تلك الكلمات التي سمعتها من والدتها وهي تنهرها بسبب صوتها العالي في المنزل .. كانت ممسكة بقلم وورقة .. تكتب وهي مبتسمة .. جاءت لها العنود وبيدها تلك الاوراق المضرجة بالاحمر والاسود : تلعبين ورق ؟

رفعت راسها .. وبحماس شديد : وليش لا .. هاتي


مدت لها بالاوراق .. واخذت تحركهن بين يديها بحرفية متناهية .. وبسرعة وزعتهن بينها وبين العنود .

شو كنتي تكتبين ؟ .. سؤال طرحته العنود عليها .. لتجيب بفرح وهي ترمي باحدى الاوراق من يدها : خطة الاجازة .. بقول لنصور عنها .. لانه هو اللي بينفذها لنا .


دخل ناصر بلباسه الرسمي .. وذاك القميص ذو اللون الرمادي قد فكت ازراره العلوية .. رمى بقبعته الحمراء على سارة : شو بلاه نويصر بعد .

تركت ما بيدها متوجهة لاخيها .. الذي جلس على الارض بتعب ساندا ظهره على احدى الوسائد .. اقتربت منه .. واخذت تدلك ساقيه وهي تقول : فديت اخوي .. اكييد تعبان .. خلني اهمزك ( ادلكك )


انفجرت العنود ضاحكة : الله ع الحايه .. اللي تسوي فيج جذي يا سويره هههههههه

ناصر : وانا اقول ما في شيء لله ..

تلعثمت : لا لا منو قالك اصلا .. بس تدري اجازة .. يعني يبالنا طلعة مني مناك .. والا شو رايك ؟


سحب ساقيه .. وقام واقفا وهي تنظر اليه رافعة رأسها حيث لا تزال جالسة : يصير خير .. بروح اتسبح ..

مشى مبتعدا وفجأة توقف .. حين اقبلت والدته .. تقدم منها مقبلا رأسها : امي جهزي عمرج الاسبوع الياي لعزيمة عودة .

دون شعورا منها قالت : احمد بيرد من السفر ؟


انزل رأسه .. وكأن بتلك الجملة تلاش الفرح من قلبه : لا .. بس بترقى .. وبعلق النجمتين .

تداركت الامر .. وقامت تبارك له وتقبله : عقبال ما افرح فيك معرس يا ناصر .


بعد تلك الفرحة التي ملأت قلب ام احمد .. قالت بشيء من الجدية : ناصر .. شوف اختك .. ترا ابوك كل شوي يسألني شو رايها بولد عمها .. وكل ما اسألها تقول بتفكر .. ترا والله طولنا عليهم .

- ان شاء الله بشوفها .. بس سمعيني يا امي .. ترا روضة مب مجبورة .. واتمنى انكم ما تغصبوها ع شيء .. وافقت كان بها .. ما وافقت الله بيكتبها النصيب مع غيره .




" شوفي يا بنت الناس .. لا تبنين حياتج على زيف الحروف .. اللي عرفته من رسالتج انج بعدج تدرسين فالجامعة .. وان اغلب وقت بريكاتج تقرين فيهن مقالاتي .. يعني لو عندي بنت بتكون بعمرج .. يا بنتي خلي وقت بريكاتج لشيء ينفعج فدراستج .. ولا تتعلقين في كم كلمة كتبتها .. ما كنت برد على رسالتج .. مثل باقي الرسايل اللي وصلتني منج .. بس لو ما رديت كنتي بتبقين عايشه فوهم اسمه حب ..الحب ما يكون من كم حرف منمق .. الحب عشرة .. سامحيني يا بنتي .. بس اذا كانت مقالاتي بتسبب معاناتج فاقولج من الحين تركيها."





هذه المرة العشرون التي تقرأ فيها تلك الرسالة .. كانت تقرأها وهي تهز كيس الـ " m&ms " الاصفر .. لتدحرج الزرقاء والحمراء في كفها .. ومن ثم تنزلق على لسانها .. لتهشمهن اسنانها دون رحمة ..


اغلقت جهازها على عجل حين فتح الباب بعد طرقة خفيفة عليه .. ازاحته من على حجرها .. ابتسمت لاخيها الذي اقترب منها : ليش يالسه بروحج هني .. ؟

سحبت ساقيها حتى يجلس ناصر على السرير : ولا شيء .. بس كنت افكر .

فذياب ؟ .. سؤال من شأنه ان يجعلها تعتدل في جلستها .. وتضع الكيس من يدها على الكوميدينة : ما اتصور اني بكون حرمته .. صح انه ريال والنعم فيه .. بس

باهتمام منه : بس شو يا روضة ؟ .. اذا انتي مب موافقة محد بيجبرج .


هزت رأسها بعشوائية سريعة :لا .. مب قصدي .. انا صليت استخارة اكثر من مرة .. وكل مرة احس قلبي يرتاح اكثر .. بس

- رجعنا للبسبسه .


ضحكت ليضحك معها : هيه جذي ضحكي .. وبقولج شيء .. ذياب اعرفه زين .. ربيت وياه .. والصراحة بقولها لج .. ذياب بيحطج فعيونه الثنتين .. ما اريد كلامي يأثر عليج .. بس اللي اشوفه انج موافقه بس متردده .. وترا من حقج تشوفينه وتتكلمين وياه بعد .. لا تستحين منه .. لان من حقج هالشيء – قام واقفا – الحين بخليج .. تراني هلكان .. بروح اكلي لقمة وبرقد .


تركها .. لترجع وتسبح في بحر افكارها من جديد .. الكلام المادح له الذي يصلها من الجميع جعلها ترتاح كثيرا .. وايضا كلام المغترب لها .. ايقنت به انها لم تكن تحبه هو .. في كل مرة تقرأ فيها رسالته تلك .. يزداد يقينها بانها لم تحب الا حروفه المنسابة على تلك الجريدة .

,,


تناولوا الغداء .. واجتمعوا في تلك الصالة الصغيرة .. الجميع هناك .. ما عدا شهد .. وعمار الذي ذهب ليقدم اخر امتحان له لهذا الفصل .. الساعة تقارب الثالثة عصرا .. وميثة تشعر باحساس غريب وهي بين عائلة اخيها عبد الرحمن .. احست براحة تجمعّهم .. تلك الراحة التي لم تكن تحسها وهي في بيت راشد .. كانت هاجر جالسة بجانب طارق وملتصقة به تنظر معه لشاشة هاتفه التي تعرض فيديو لشيء مضحك .. اما مريم فكانت جالسة قبالة عبد الرحمن تسكب له فنجان قهوة .. الذي بادرميثة بسؤالها : شخبار عليا الحين ؟ اذا محتاية مستشفى لا تترددين .. انا هني وطارق .


نظر طارق لهم عندما سمع اسمه : اكييد ما يبالها – ترك هاتفه لهاجر واعتدل في جلسته – وين خلود وحصة ؟

ابتسمت : شهد يزاها الله خير .. خذتهن عندها .. قالت بتلعب وياهن شوي .


كل شخص فيهم كان يتمنى ان يعرف الاسباب خلف خروج ميثة من منزل راشد .. ولكنها لا ترغب في الحديث عن الامر .. حتى عندما سألها عبد الرحمن .. وبسبب الحاحه عليها .. ما كان منها الا ان تقول : اذا ما تبوني بطلع .


كانت تلك الجملة كفيلة ان تلجمهم عن السؤال ثانية .. فجأة اذا بشخص يقتحم المكان .. ليقف الجميع مشدوهين النظر اليه .. كان يصرخ مزمجرا : ياللي ما تستحين .. جذي اطلعين بدون كلام ولا علام .


تكلم عبد الرحمن محاولا تهدئة راشد : السلام لله يا اخوي .. شو بلاك هاجم علينا .. وتراها ما راحت لبيت غريب .. هذا بيت اخوها بعد .

اخذ يشير اليها بيده : اختك هذي قليلة ادب وما تربت .

صرخت في وجهه : والله اللي رباني رباكم ..

عبد الرحمن : يا ميثة اقصري الشر – امسك اخيه من ذراعه – تعال وياي يا بو سعيد .

سحب يده : هدني يا عبد الرحمن .. البنت السنعة واللي متربية ما تطلع بانصاف اليالي .. وكانها شاردة من سجن .. خبريني بشو قصرت وياج .. دستلج ع طرف فيوم عشان اطلعين من البيت بهالشكل .

رن هاتف طارق .. وتحملق الجميع له . انسحب من المكان .. اما هاجر فوقفت بجانب والدتها ..


ميثة : ما عليك الا بياض الويه يا بوسعيد .. بس غيرك ما صان حرمة البيت .. يا بوسعيد ولدك ما خاف ربه فبناتي .. ولدك ما سوى اعتبار لعمته .. ولا سوى اعتبار لابوه .

تقدم منها حتى باتت انفاسه الغاضبة تلفح وجهها : ما اسمحلج تيبين طاري واحد من عيالي بالشينه .

عاد عبد الرحمن ليمسك راشد من ذراعه .. والتفت لمريم : خذي ميثة فوق يا مريم .. تعال يا راشد وياي .


صرخ من جديد : هدني يا عبد الرحمن .. خلني اعلمها واربيها من يديد .

نطقت هاجر : التربية ما اتيي ع كبر يا عمي .

صرخ عبد الرحمن على ابنته : يوم يتكلمون الكبار الصغار يسكتون ..


اغتاضت وانسحبت من المكان .. اما مريم فاخذت تحاول في ميثة لتترك المكان لكن بدون اي طائل .. اخذ الصراخ يعلو من جديد بينهما .. يقول كلمة وترد عليها بعشرة من مثلها .. كانت كالبوة التي تدافع عن جراءها : ما برجع للبيت اللي دمر بنتي يا بوسعيد .. وبدال ما ياي تصب غضبك ع راسي .. روح اسأل ولدك شو سوى .. اسأله كيف وصلت عليا لهالمواصيل .. وبعدين تعال كلمني .. والله ونذرا علي يابو سعيد بيتك ما عاد ادخله .


انسحبت من المكان .. وسط هيجان راشد .. كانت كلماتها مبهمة جدا .. من تقصد ؟ .. كان سؤالا يتردد في ذهنه .. ترك منزل عبد الرحمن والغضب لا يزال يجتاحه .. اما ميثة فجلست على السرير واخذت علياء في حظنها .. فتحت عينيها المتعبتين : امي .. لا تخليني بروحي .

شدتها اكثر الى حظنها : ما بخليج .. ما بخليج .

فتح الباب على مصراعية : شو اللي سمعته من شوي ؟


ارتجفت خوفا بين يدي والدتها .. التي بدورها شدتها اكثر واحتضنتها بقوة . اردفت : شو اللي صار لعليا عموتي ؟ .. اذا مثل ما فهمت .. لازم ما تسكتين .. عليا باين ان اللي فيها مب حمى وبس ..


-
هاجر طلعي برع .. ما اريد اتكلم فاي شيء .. الله يخليج طلعي .

اقتربت منها وهي تؤشر لعلياء : عايبنج حالها .. اذا عايبنج حالها .. فهو ما عايبني .. ولازم تشتكين ع اللي وصلها لهالمواصيل .. واللي افتعل فيها( اغتصبها ) .

- اص .. سكتي يا هاجر – بدأ صوتها يتهدج – يا رب ما يكون فيها شيء .. يا رب ما يكون فيها شيء .. ما بسامح عمري اذا افتعل فيها النذل .. وربي ما بسامح عمري ولا بسامحه .


اما راشد فهاهو يدخل منزله في قمة غضبه .. ينادي باعلى صوته على ابناءه الذكور : سعيد .. عبدالله .. بدر .. مايد .. وينكم ؟

كان واقفا باسفل السلم .. ونظره للاعلى .. خرج سعيد من الصالة ووقف بخوف : شو صاير ؟

- وين اخوانك ؟ - رجع لينادي – عبدالله .. بدر .. مايد .

خرج الجميع .. نزل بدر الدرجات حتى وصل عند والده .. اما مايد فوقف في منتصف السلم .. فاطمة وريم تقفان هناك بخوف في الاعلى .. اما ام سعيد فوقفت بجانب سعيد .. كان الرعب مسيطر عليهم

زمجر من جديد : وين عبدالله ..

لا اجابة تصله .. فاستطرد : منو منكم اللي تعدى حدودة وييا ميثة وبناتها ؟

حين لم يصله اي جواب .. صرخ : تكلموا ؟

ارتجف مايد في مكانه .. ونظر له بدر .. ثم وجه نظره لسعيد : ابويه شو مستوي ؟

- انا اللي اسألكم .. منو فيكم اللي غلط على ميثة وخلاها تطلع من بيتي بهالشكل .. بتتكلمون والا شو ؟


ام سعيد : الله يهداك يا بو سعيد .. تشك فولادك اللي انت ربيتهم .. وليش ما تقول ان ميثة يالسه تتبلى على عيالي عشان تحطي اسباب لطلعتها بالهشكل مثل الحرامية .

تقدم سعيد من والده : امي صادقة يا ابوي ..

- لا مب صادقة .. ميثة ما تسوي هالسواه الا اذا شيء كايد مستوي ... بتخبروني بالطيب .. والا تبون تصرف ثاني وياكم .

سعيد : يمكن عبدالله .. تراه من امس مختفي .. محد يدري عنه شيء .. شكله خايف من سواته .

هزت ريم رأسها واخذت تردد : حرام عليكم .. حرام عليكم .. عبدالله ما يسويها .. حرام


امسكتها فاطمة من ذراعها .. وادارتها نحوها : انتي شو فيج .. واايد متغيرة .. وشو تقصدين باللي تقولينه .

رفعت عيونها المليئة بالدموع : حرام اللي تسونه .. الله يتكفل فيكم ..


سحبت ذراعها وجرت مسرعة لغرفتها .. ارتمت على سريرها .. تبكي بقوة .. وكأنها بدأت تفيق من غيبوبة الزوجة الطيبة السعيدة .. بكت وهي تردد : كلكم مثل بعض ما همكم الا نفسكم .. حرام عليكم ..

من سوء حظه انه عاد في تلك الساعة .. والاحتقان بالغضب قد سيطر على ارجاء المكان .. دخل وتحولت الانظار له .. القى التحية .. واذا به ينصدم من رد والده : الله لا يسلم فيك عظم ..

تقدم منه .. ليستقبلة بضربة على الوجه جمدته في مكانه : لا بارك الله فيك من ولد .. هذي سواه تسويها ..


مشت بعكازتها نحو زوجها .. ارادت ان تبعده عن ولدها الذي انهال عليه ضربا بيديه وهو ساكن في مكانه لا يتحرك .. وما كان به الا ان دفعها .. ليمسكها بدر .. وبعدها حاول ابعاد والده عن عبدالله .. يشده للخلف من وسطه : خلاص يا ابويه ..

- تفو عليك من ولد .


رفع عبدالله نظره محاولا ان يستوعب ما يحدث .. ازدرد ريقه : شو اللي مستوي ؟


هم ليضربه من جديد ولكن بدر حال بينهما : وتسأل يالخسيس – اخذ يأشر عليه فبنية بدر القوية تمنعه من الوصل لعبدالله – اطلع من بيتي يا مسود الويه .. اطلع ..

صرخت ام سعيد .. وامسكت بساقي زوجها .. تنظر اليه : لا يا بو سعيد .. لا .. الله يخليك هذا ولدك ..

لم يعرها اي اهتمام واخذ يردد تلك الجملة " اطلع من بيتي " .. وقف ينظر للجميع .. وتوقفت النظرات على سعيد .. فابتسم.. وكأنه يقول له .. انتصرت يا سعيد : انا طالع يا ابويه .. بس بيي يوم تعرف فيه انك ظلمتني ..


كل ذلك يحدث تحت انظار المجرم الحقيقي .. المجرم الذي توشح ثوب البراءة .. المجرم الذي عرف اخيرا حجم اجرامه .. لم ينبس ببنت شفة .. رأى عبدالله يغادر .. لطالما كان الاخ مهضوم الحق بينهم .. وهو كان الكل في الكل .. فهو اخر ابناء راشد .. المدلل .. اذا اراد شيء وصله دون معارضة .. انسحب وهو يرى والده قد انهكه الغضب .. يقوداه بدر وسعيد ليجلساه على احدى الارائك .. ولج الى غرفته .. اغلق الباب .. وجلس على الارض محتضنا رأسه بكفيه : شو اللي سويته يا مايد ..

,,

Continue



♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:56 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...6cfc6ce226.gif


,,

" ستار بوكس " في احد المجمعات التجارية في دبي .. المكان لا يهدأ من الواردين اليه .. وهنالك رجلان يجلسان على احدى تلك الطاولات الدائرية .. وبخار القهوة يتصاعد منعشا المكان .. مسيطرا على الاجواء بعكس كأس " الموكا" الهاديء الا من بضع قطرات تكثفت على سطحه . رجل بدين يضع نظارات طبية على وجهه المكتنز بعض الشيء .. قال وهو يرشف من كأسه : الين متى .. وانت ترفض هالدورات .. تعرف كم دورة تدريب رفضت .. هذي الثالثة

انتشل كوب القهوة من مقعده .. وقبل ان يرتشف منه ويتلذذ بمذاقه : ما اقدر اخليه ..

- الين متى انزين .. العمر يمضي .. شوف اللي يوا عقبك ترقوا وسبقوك .. وانت بعدك مكانك سر .. تعرف كم عمر مديرك .. تعرف والا اقولك ؟

- 26 سنة .. ما في داعي تقولي ..

- يعني اصغر منك بـ 15 سنة .. ترضى يكون مديرك اصغر منك .


انزل الكوب وتنهد بتعب واضح : ما يهدالي بال وانا بعيد عنه .. ما يهمني الشغل كثر ما يهمني محمد .

طوح برأسه : اذا امه ما قدرت تتحمله .. تريد اهلك يتحملونه .. قلت لك خذه للمستشفى .. والا ييبله ممرضة تباريه وتهتم فيه .

- وتظن اني برتاح وهو هني وانا فديرة غير الديرة ..

- استغفر الله العظيم .. انزين وبعدين – باهتمام اكبر اردف – ليش ما تعرس ؟

- اسمعني .. حرمة ابو لمحمد مستحيل .. فاهم .. ولا اريد اسولف فهالموضوع .

- انزين ليش قفلت حساب تويتر .. ع الاقل كنت تتسلى فيه .. حرام كل عباراتك تروح بهالشكل .

- تويتر وغيره .. موقوفون حاليا .

- والله مادري شو اللي براسك يا سعود ..

- فراسي اشياء لو تنكشف لك بيشيب منها شعر راسك .



,,

منذ ان اوصلها الى منزله .. والقى بتعليماته على " روز " تلك الخادمة الفلبينية .. وهي لم تراه .. اوصلتها الى غرفته ذات الالوان الكئيبة .. بكت بحرقة .. فهي تشعر بانها غريبة في هذا المكان .. مر الصباح وهي مستلقية بعباءتها .. واتى الظهر .. وايضا لا تزال عباءتها لا تفارق جسدها .. فهي تشعر بالخوف ..حتى ذلك الاتصال .. وتلك الكلمات الكثيرة بينها وبين ايمان قبل صلاة العصر لم تأتي بالراحة لها .. تخاف ان تخرج من تلك الغرفة .. فهي لا تعلم من يوجد في هذا المنزل .. قد يكون هناك اخوته .. وقد يكون بينهم شباب .. من العيب ان تخرج .. فآثرت البقاء حبيسة تلك الغرفة .. قامت بكسل تتجول في انحاء تلك الغرفة الواسعة .. لم تحلم يوما بأنها ستكون في مكان كهذا .. الالوان موحشة .. ومساحات الغرفة الخالية تثير في نفسها خوفا من نوع آخر .. تابعت الخطى الى الغرفة الاخرى الملاصقة لغرفة النوم .. هالها حجم الدولاب الكبير .. وهي واقفة بين الغرفتين .. نظرت الى حقيبتها التي لا تزال قابعة بجوار ذاك الباب الخشبي البارد .. ثم عادت بالنظر الى ذاك الدولاب العملاق .. تلفتت وكأن بها تستطلع المكان .. فقلبها يقرع طبول خوف لا تهدأ .. وقفت أمامه .. مدت يداها المرتجفتان لتفتحه .. بانت لها الكثير من الملابس الرسمية .. قمصان وبنطولانات وبدل كثيرة .. اغلقته لتفتح جانب آخر فيه .. الكثير من الاثواب بشتى الالوان .. الداكن منها والفاتح .. اغلقته .. وتوقفت عن البحث خلف تلك الابواب .. وضعت كفاها على بطنها الذي بدأ يصدر اصواتا طالبا للطعام .. تتضور جوعا .. فهي لم تأكل شيء منذ الصباح .. لم يدخل جوفها سوى بيضة مسلوقة ورشفتين من الشاي بالحليب .. عادت الى السرير .. رمت نفسها جالسة عليه : شو سويتي بحالج يا خولة .. الحين من وين بتيبين اكل .. حتى الثلاجة ما فيها الا الماي .


كان نظرها على تلك الثلاجة الصغيرة في زاوية الغرفة .. اذن المغرب .. ها هي تسمع المؤذن ينادي للصلاة .. قامت لتنظر من النافذة .. فهي تشعر بأنها اخطأت باتجاه القبلة في الصلوات السابقة .. حمدت ربها وهي تتأكد من جهة الغرب ..


وهي على سجادتها اذا بطرقات خفيفة على الباب .. ارتعبت .. وطوت سجادتها بخوف .. تنفست بقوة وهي ترى روز وبيدها صينية تقديم .. تقدمت ووضعت الصينية على الطاولة الصغيرة الموجودة .. وبلغة عربية متكسرة : بابا يسوي اتسال .. يقول مدام كولا يطلع من الغرفة

ابتسمت على نطقها لاسمها وتمتمت : صرتي كولا يا خولة

سكتت روز عن الكلام .. ثم قالت : شو في ماما .

هزت رأسها وهي تقترب من الطاولة : ما في شيء .. وبعد شو قال

روز : يسأل اذا انت في ياكل شيء .. بعدين سار يصرخ .. مدام .. بليز لا يقول هزا كلام لبابا جاسم .

ابتسمت : لا تخافين .. تقدرين ترجعين بعدين عشان تاخذين الصينيه .


خرجت روز من الغرفة بعد ان اخبرتها ان جاسم لن يعود الى المنزل هذه الليلة .. اما خولة فشعرت ببعض الراحة .. يبدو ان جاسم مهتم لامرها .. مدت يدها تتناول شيء ما يسد جوعها .. ولكن الخوف من قدومه جعلها تكف يدها .. فهو قد يغير رأيه ويأتي .. لم تشبع ولكنها في نفس الوقت لا ترغب بالاكل .. مرت الدقائق عليها .. والخوف والتوتر لا يفارقانها .. كيف ستكون اول ليلة معه .. كلما جاء هذا السؤال عابثا في رأسها ارتجفت اوصالها .. الساعة تقارب العاشرة ليلا ..فتحت حقيبتها واخرجت لها ملابس نوم .. فيبدو ان جاسم لن يأتي .. ولا بأس من رمي تلك العباءة التي اتعبتها .. توجهت الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. خرجت وهي تحاول ان تثبت شعرها للمرة المليون هذا اليوم .. فمشبكها قد كسر وهي نائمة .. سحبت حقيبتها الى ذاك الدولاب العملاق .. لا بد ان تجد لملابسها القليلة مكانا فيه .. وهي تقوم بذلك كانت هناك اعين ترقبها دون ان تشعر .. وقع المشبك من شعرها عندما كانت تحاول وضع بعض ملابسها على احد الرفوف .. لينساب شعرها الحريري الكثيف ضاربا اسفل اردافها .. صرخت : اووه .. والله ذلني هالشعر .. بيني يوم واحشه ( اقصه).


ابتسم وهو ينظر الى تلك المرأة التي تذكره بقصص امه بخيتة

كانا يركضان نحوها .. يهجمان عليها في كل ليلة .. عشر سنوات مضت وهما يتعلقان بها يوما بعد يوم .. جلس قاسم على يمينها .. وجاسم عن يسارها .. لفتهما بذراعيها : اذا ما بتعقلون .. ما بقولكم حزايه ( حكاية )

تحرك قاسم وهو يشير لجاسم : هو اللي دوم يتكلم .. ما يخصني .

- كذاب .. هو اللي ما يسكت ..

ضاقت ذرعا بهما : سمعوا .. ترا ما بقولكم حزاية بنت ملك الجان .. اللي شعرها يوصل للارض .

باندهاش طفولي قال قاسم : الله ..




ابتسم وهو يذكر ذهول قاسم من كلام امهما بخيتة ..وحدث نفسه : شوف يا قاسم وحده من بنات الجان وشعرها يوصل للارض .

اقترب بهدوء منها . وهي لا تشعر به .. كانت تغني بصوتها العذب :

يا شوق قلبي فؤادي يعشقك والله
لا تغيب عني وتنسا حلو ماضينا
ماعاد فيني حبيبي للهجر قله
اشواق قلبي تنادي لا يجافينا


كان يتقدم وعيناه تفترسان جسدها التي بانت تفاصيله بسبب ثوب النوم الناعم الذي ترتديه .. والذي اوضح ردفيها الممتلئان ..رفعت جذعها وهي تقف على اطراف اصابعها لتصل لاعلى رف وبيدها بعض الملابس المطوية .. اذا بها فجأة تتسمر في مكانها .. وتسكت شفتاها عن الغناء .. احتظنها من الخلف .. يداه تلامس وسطها .. انزلت قدميها على الارض بهدوء .. ومعهما انزلت ذراعيها اللتان اسقطتا الملابس دون ارادة منها ... امعاءها بدت تتلوى .. وانفاسها تجري مسابقة دقات قلبها .. حدثت نفسها : هذا ريلج يا خولة .. انتي حلاله .


كانت تريد ان تطمأن نفسها .. فملامسته لها افقدتها الاتزان .. وانفاسه التي تلفح رقبتها تكاد تحيلها الى رماد .. همس في اذنها : مثيرة .


لترتجف بين ذراعيه .. ولتحيلها تلك القبلة على رقبتها الى امرأة تطلب العفو دون صوت .


استيقظ عند الساعة الخامسة فجرا .. نظر اليها وهي نائمة كالطفل البريء .. حرك يده على شعرها الذي تتوسد جزء كبير منه .. لا ينكر ان ذاك الشعر اذهله بقوة .. ابعد الحاف .. وقام متدثرا برداءه .. لم يحكم ربطه على وسطه .. سحب له منشفة وتوجه لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. اطلق العنان لذاك الماء البارد لينساب عليه دون رحمة .. اخذ يحدث نفسه : شو صارلك يا جاسم .. استمتعت البارحه . لا تنكر هالشيء .. اول مرة تحس بالمتعة بهالشكل فسريرك .. حبيتها يا جاسم ..


هز رأسه حتى تبعثرت قطرات الماء يمنة ويسرى : لا ما حبيتها .. مستحيل حرمة تدخل قلبي .

عاد ضميره يحدثه : قالها لك قاسم قبل .. الحب ماله وقت .. ما نقدر نتحكم به .. فاي وقت يمكن يسيطر علينا .

مسح شعره للوراء حتى استقر كفاه على رقبته .. وقد شبك اصابعهما : لا .. مستحيل اضعف لاي حرمة .. مستحيل .


خرج بخطى مبتله .. لا شيء سيسكت ناره التي تتأجج في جوفه الا تلك الكرة الصغيرة .. ارتدى ملابس رياضية وخرج لارض المعركة .. ليحارب تلك الكرة حتى يتعب .. وحتى تصرخ عضلاته طالبة الراحة والاكسجين .. خرج بعد تلك الحرب التي استطاعت ان تخمد شيء من براكين روحه الثائرة .. رن هاتفه وهو في طريقه للاستحمام من جديد : الو .. لا حول ولا قوة الا بالله .. اكييد .. واجب علينا نعزيه .


,,

قصر ابو فيصل لا يهدأ .. الناس لا تنفك تأتي .. وميرة لا تعي شيء .. منذ صباح الامس وهي نائمة .. واذا استيقظت نادت باسم سالم .. وكأنها تراه مقبلا نحوها .. تفيق دقائق .. وتغيب عن الوعي بالساعات .. وجواهر لا تبرح غرفة والدتها .. يسوؤها منظرها .. ولا تستطيع ان تفعل اي شيء لها .. النساء يدخلن يقبلنها وهي لا تشعر بهن .. ويخرجن وهن يتحوقلن ..اما رنيم فجالسة بجانب رشا .. التي اتعبتها المهدئات .. تقوم صارخة : وين ابويه .. اريد ابويه .. خلوني اقوله اني احبه ..


رنيم وبرغم تماسكها .. الا ان كلام رشا يثيرها من الداخل .. فهي الاخرى لا تصدق ما حدث .. وسيف كل ساعتان يزورها .. يطمأن عليها .. هي حتى الان لا تعلم شيء عن جنينها الذي فقدته .. وجود اختفت يوما كاملا عن المنزل .. وعادت ليلا عند التاسعة الى المنزل .. كان مكتضا بالنساء .. نظرت اليهن وكأنها تبحث بين الوجوه عن والدتها او عن اخواتها .. تقدمت منها ميعاد ابنة خالتها .. وهي تشد على اسنانها .. وتمسك ذراع جود : وين كنتي لهالساعة .

- وين امي ؟

كانت نظراتها لميعاد جامدة .. حتى انها جلبت التوتر لها : فغرفتها .


تركت المكان راكضة على الدرجات .. فتحت باب الغرفة بهدوء .. هناك خالتها ام ميعاد .. وجواهر .. وصديقات والدتها المقربات .. ارادت ان تدخل ولكنها توقفت .. تذكرت تلك الجملة " انتي السبب " .. فعادت ادراجها للخارج .. لتنزوي في غرفتها .. دون ان تبكي .. فقط تنظر للفراغ بعيون جامدة ..


اليوم احد ايام الجُمع .. ومجلس الرجال لا يخلو .. كان يتلقى التعازي بقلب مكسور .. وبجانبه سيف واخيه طلال .. كان مسدلا " غترته " على رأسه .. فاذا بيد تصافحه .. وتقدم له كلمات العزاء ..وبعدها تحرك ليجلس في ذاك الركن البعيد .. وتلك النظارة ترقب الوجوه الحاضرة .. فذاك تاجر معروف .. وذاك قنصلا سابقا .. وآخر سفيرا .. الكثير من الشخصيات الهامة في البلاد .. وفجأة دخل الد اعدائه .. عبد العزيز ..الذي ما ان قدم العزاء حتى انتبه لابنه جاسم جالسا هناك .. مشى وجلس بعيدا عنه .. تناول فنجان قهوة من يد ذلك الشاب .. وتمتم : لو ادري ان جويسم هني كان ما ييت اليوم .


قام جاسم .. فلا يستطيع البقاء اكثر .. تقدم من فيصل .. وصافحه .. واذا به يقرب فاهه من اذن فيصل .. ليهمس له ببضع كلمات .. كانن كفيلات ليغيرن نظرة عيني فيصل .. رفع نظره لوجه جاسم .. وشد على قبضته اكثر .. وبنفس نبرة الصوت الهامسة : شو اللي قلته .

ابتسم : مثل ما سمعت ..


,,

ان شاء الله يعجبكم البارت

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:56 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...865391475d.gif



,،


رفعت رأسها المثقل .. لينسحب شعرها بهدوء على ذاك الفراش الناعم وملامسا جانب وجهها الحنطي البارد بسبب هواء التكيف .. شدت جذعها واذا بها تصرخ بصوت خافت .. فشعرها المتناثر يصرخ اسفلها لتنشد بصيلاته مع سحب جذعها .. لفته بعشوائية .. حتى كومته خلف رقبتها .. حركت رقبتها بخفة .. وابتسمت بخجل .. فليلة البارحة مخجلة بحق .. وجسمها لا يزال خير شاهدا على ما حدث .. عدلت ثوب نومها تحسست صدرها الذي بات الهواء البارد يلفحه بعنف.. اغلقت ازرارقميصها باطراف مرتجفة .. ما لبثت حتى انسلت من ذاك السرير الذي شهد نهاية عذريتها .. تلفتت باحثة عن من اضحى شريك فراشها .. مشت بهدوء وبتعب واضح .. فهي تذكر ان هاتفها يقبع هناك بجانب الدولاب العملاق .. انحنت لتلتقطه من جانب حقيبتها مفتوحة الفاه .. شهقت .. ليس لتلك المكالمات السبع التي لم يرد عليهن .. بل للوقت الذي شارف على الحادية عشر صباحا .. رمته في الشنطة لتحتضنه قطعة الحرير المتبقية فيها .. سحبت لها ثوبا فضفاضا وملابس داخلية لتسرع الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ).. حتى تقابل ربها بطهارة .. ما بين خروجها وبين استعدادها لتصلي كان لسانها لا يمل من الاستغفار .. فهي تشعر بانها صارت كسولة في حقوق خالقها ..


طوت سجادتها .. وتمتمت بشيء من الغيض : وهو ليش ما وعاني( ايقظني ) ..

وضعت يدها على بطنها الذي يصرخ جائعا .. وايضا اختلط وجع جوعة بوجع آخر تخللها دون رحمة .. قامت لتجلب ذاك الكتاب الطاهر الذي لا تزال رائحة يدي والدها تعبق فيه .. كلما احتظنته بين كفيها تشعر بذاك الاحساس المطمئن .. فتحته .. وكالعادة يداها لا تخطآن مكان سورة الكهف .. تبتسم لاصابتها في كل مرة .. فهي تشعر ان هذا الشيء دليل على ايمانها ..


صوتها عذب جدا .. صمت المكان .. وكأن تلك الجدران تستمتع بتلاوتها .. مرت الدقائق .. احست انها سريعة جدا .. حتى انه خيل لها بانها قرأت الايات متعجلة .. ولكن هذه قراءتها الدائمة .. نفضت رأسها من وسوساتها .. فهي تدرك انها ليست على ما يرام .. فيكفيها خوف الليلة الماضية .. جلست امام المرآة .. انتبهت للاحمرار على يمين رقبتها .. فارتعش جسمها .. تذكرت ملمس شفتيه وهي تلثمها بقوة .. لتحيلها الى امرأة مخدرة .. تحسستها بأطراف اصابعها .. بعثرت شعرها المبلل .. لتبدأ بتجفيفه .. ما لبثت حتى لملمته بجزع .. فهي تخاف من الحسد ..او لعله كان خوف آخر .. فتلك الطرقات وانفتاح الباب ببطء شديد .. فتح المجال لقلبها ليعلن تسابق دقاته .. سحبت غطاء رأسها لتخفي آثر ما حدث معها البارحة عن اعين روز .. التي دخلت بصينية الافطار .. لم تتكلم الا ببضع كلمات ردا على تحية روز الصباحية .. فخجلها يكبلها .. قالت روز : ماما ليش ما يطلع من الروم ( الغرفة


ازدردت ريقها وهي تنظر الى روز التي انحنت لترتب السرير : اخاف يكون في شباب ..

ضحكت روز وهي تنفض اللحاف الثقيل : هني ما في الا بابا جاسم ..


رتبت السرير .. وسالت خولة اذا يوجد هناك ما تريد منها ان تفعله .. ردت الاخرى بلا .. مع انها تمنت لو تبقى روز معها اكثر .. فهي تشتاق للحديث .. الا انها عملت بخلاف امنيتها .. جففت شعرها .. ولم تجد بدا من ظفيرة تثبته لها حتى لا يتناثر .. بعدها قامت لتصلي الظهر .. وأجلت تناول الطعام .. رفعت كفيها داعية ربها بكل خشوع .. مسحت دمعة هربت على خدها .. تمتمت : اللهم لا تكلني لاحد من عبادك .

طوت السجادة .. وووضعتها على الكرسي .. وقفت لتتأمل وجهها المنعكس على تلك المرآة .. ابتسمت فاستدارت حيث تقبع صينية الافطار .. ضحكت على نفسها .. فأي افطار هذا .. والساعة تقارب على الواحدة .

,،



مدت يدها تلتقط قطعة خيار من صحن السلطة .. قضمته وهي لا تزال تنظر الى الصحن امامها .. تشعر بالحياء وترغب بالابتعاد بقدر الامكان عن اهلها .. تكلم وهو يقبض الارز بين اطرافه الخشنة .. محاولا جمعها كي يلتقمها : الليلة بيينا ذياب ..

ازدرت ريقها .. وهي تسمع والدتها ترد : على خير .. بيي بروحه والا امه بتي وياه .

ابو احمد : بروحه .. بيي يشوف روضة وييلس وياها .. والله هالسالفة مب داخله راسي – قضم ورقة خس – من متى البنت تيلس وييا الريال قبل العرس .


تكلم ناصر وهو ينفض بقايا حبات الارز من يده : من حقه وحقها يا ابوي.. والزمن تغير – قام واقفا – الحمد لله .. الله يعطيج العافية ياميه ع هالاكل الطيب .

ابو احمد : والله زمنكم ما يسوى وانا ابوك .

قهقه ناصر .. وخفت صوته كلما ابتعد : ايامكم غير يا ابو احمد ..


لم يدركوا بانهم بذاك الحديث اذابوا جسد روضة التي غرقت في بحر من الخجل .. ولا تزل قطعة الخيار المقضوم طرفها في يدها .. وضعتها على فراش الطعام البلاستيك المقلم بالازرق والابيض .. وحمدت ربها وقامت .. اذا بصوت والدها يوقفها : لا تنسين تتجهزيين ..

ردت بصوت متقطع ومهتز : ان شاء الله .


صعدت السلالم بتوتر .. توقفت هناك في تلك الساحة بين الغرف الاربع .. نظرت الى تلك الغرفة التي اصبحت خاوية من صاحبها .. تخيلته يفتح الباب .. يخرج مبتسما .. يضربها على كتفها مارا بجانبها .. ويناديها بالعروس .. كم تشتاق اليه .. هل يعقل ان تتزوج وهو بعيد عنهم .. ابتسمت ابتسامة حزن ممزوجة بخوف وفرح يغرد بلطف بين زوايا قلبها .. حثت الخطى الى غرفتها .. ولا يزال الخوف يربض بين حنايا صدرها بقوة .. فكيف لها ان تقابله .. وكيف لها ان تكون زوجته .. وهي التي كانت تناديه بابشع الصفات عندما كانوا اطفالا .. ولجت الى غرفتها واستندت على بابها .. لتتهادى اليها ذكرى قديمة قد تكون بقدم هذا البيت .. ذكرى ترسبت في عقلها منذ خمسة عشرة سنة .. كانت في السابعة وهو ذاك الذياب يكبرها بثلاث سنوات ..كانت تسمع اخوتها دائما ينادونه بذاك اللقب .. لسمار بشرته بسبب ضعف جسمه .. فاخذت تردده على مسامعه وهي تشير اليه باصبعها الصغير .. وتتعالى ضحكاتها : يالصومالي .. يالصومالي ..

لتتقوس شفتاه .. ويجري مسرعا ليختبأ خلف امه .. ليبدأ لقب آخر بالظهور في حياته " يا ولد امك "


هزت رأسها وكأنها تريد لتلك الذكرى ان تقع من عمق دماغها .. كانت صغيرة .. ولكن هل صغر السن يبرر ما كانت تفعله !.. زفرت وكأنها تسقط تلك الهواجس مع هواء صدرها الحار .. جلست على ذاك الكرسي القصير تنظر لوجهها في تلك المرآة الشبه دائرية .. تمتمت : اكييد تغير .. من زمان ما شفته ..

,،


خرجت تنهيدة اخرى من صدرها .. فذاك الحديث .. وتلك الكلمات الكثيرة باتت تحفر آبارا في عقلها .. حتى تنفجر منها افكار لا تقوى على مجابهتها .. كلام الناس تؤكده لها تلك العاملة الفلبينية الثرثارة .. لو علم بثرثرتها لنفاها دون رجعة .. طوال تلك الساعة وهي تمطر مسامعها بالكثير من الكلمات .. ولا يزال ذاك السؤال الصعب يطرق باب عقلها مرارا : انت كم بيبقى هني مدام كولا ؟


لفت " شيلتها " باحكام على رأسها .. وقررت اخيرا ان تطلق سراح جسدها من تلك الغرفة .. اخذت نفسا عميقا وكان صدرها اشتاق لهواء جديد .. سحبت الباب من خلفها وخرجت .. تجولت بنظرها في المكان .. صالة متوسطة تقبع هناك وحيدة في الزاوية .. وهناك غرفة .. وغرفة اخرى بجانبها .. الفيلا ليست كبيرة .. نزلت السلالم ويدها اليمنى مقبوضة بجانب صدرها .. توقفت وكأنها تتأكد من خلو المكان .. عادت لتسحب الاكسجين بنهم وتزفره باجرام .. اذا بها فجأة بعد ان وضعت قدميها على الارض تمشي بتوئدة نحو ذاك الجدار في تلك الصالة الكبيرة ..تسمرت وهي تنظر لتلك العيون في تلك الصورة .. وتلك الابتسامة .. انه مختلف .. ليس جاسم الآن .. واذا كانت عيناه بهذا العمق والجمال الحاد فلماذا يخفيهما ؟.. كانت تلك الاسئلة تجوب عقلها وهي تتفحص تلك الصورة .. واذا بها تسمع : لا تخاف .. لو هو ذكي اكيد بيعرف – قهقه – وبيدري ان اقرب الناس ما يتأمنون


عاد ليقهقه وهو يقف ناظراً لتلك الواقفة عند تلك الصورة .. قطب جبينه لبرهة .. ثم حول هاتفه من اذنه اليسرى الى اليمنى وهو يجلس بهدوء على الاريكة : اكييد ما انساك .. انت ساعدتني واايد فالفترة الاخيرة – باهتمام وهو ينحني قليلا للامام- اريدك تعرف التطورات اللي بتصير .. وتعلمني فيها اول باول .. ولك اللي تطلبه .


اغلق هاتفه راميا اياه على تلك الطاولة .. التفت اليها : باين انج تعرفتي على قاسم .

مشت بخوف يتخلله خجل زاد وجهها جمالا في نظر جاسم .. لا تضع اي مستحضرات تجميل .. سوى كحل اسود في العينين .. يرقبها من خلف نظارته حتى جلست ..هناك قبالته دون ان تنبس باي كلمة .. لعل قاسم لا يثير التساؤلات في نفسها .. او لعلها لا تريد ان تبدأ حديث مع شخص مثل جاسم .. سحب سماعة الهاتف من خدرها القابع على تلك الطاولة بجانبه .. واذا به يطلب منهم ان يجهزوا الغداء .. بنية صادقة قالت وهي تقف : انا بجهزه لك .

احرجها وهو يقول : المكان فيه خدم ..


وكأنه اراد ان يخبرها بانها هنا زوجته فقط .. هذا ما احسته .. او انه يحاول ان يذكرها بفارق المستوى بينهما .. جلست وهي تبلع غصتها المرة .. قالت بشيء من التردد : منو قاسم ؟

صمت قليلا .. ثم قام واقفا : اخوي .. بس لا تخافين مب موجود هني .. يعني ما بتتلخبطين بينا ..


واخذ يقهقه .. ضحكة اقرب الى صرخت الآه .. مشى وطلب منها مرافقته .. كان ذهنها لا يزال مشغولا بحديثها مع روز .. حتى هو لاحظ انها ليست على ما يرام .. رجفت يدها وهي تتناول الطعام معه خير دليل على ذلك .. وضع الملعقة من يده .. واسند مرفقيه على الطاولة .. شابك اصابع كفيه لتعانقا ذقنه خفيف الشعر .. وهو يلوك الطعام في فيه : في شيء؟


سؤال اوقفها عن تناول الطعام .. تريد ان تخبره بخوفها .. تريد ان تتفق معه على حياتها .. عانقت اسنانها العلوية شفتها السفلى بعنف .. بعدها قالت بصوت مهتز : اقدر اطلب منك طلب ..

وقف حتى احدثت ارجل كرسيه صوتا بالانسحاب : تذكرين شو قلتي يوم زرتكم .. قلتي اعتبره اول واخر طلب اطلبه .. صح او لا ؟


مشى قليلا ثم توقف عائدا خطوتان .. ليقف بجانبها .. ينظر الى انكسارها : خولة .. انا انسان يهمه اذا قال قول نفذه .. والناس اللي تقول وتفعل تكون فوق لانها قد كلمتها

اسند يده اليسرى على الطاولة .. ولف بذراعه الايمن كتفها .. حتى اصبحت انفاسه تلفح جانبها الايسر : وانتي .. يا تكونين فوق .. او تنزلين تحت .


غادر المكان .. لتسقط دمعة يتيمة تعبت المكوث في محجر عينها .. وبعدها تتالت الدموع من الجهتين .. هل يعقل انه هو نفسه من كان معها هناك على ذاك السرير .. لما يبدو مختلفا .. طأطأت رأسها أكثر بانكسار .. فلقد وأد طلبها قبل ميلاده .. لا تسمع شيء سوى كلماته يتردد صداها في الاجواء .. خلت الطاولة من تلك الصحون .. وهي لا تزال هناك .. مخبأة عيونها الدامعة .. وكأنها خجلى من ضعف روحها الطيبة .


اعتق معصمه من قيود ساعته البيضاء ورماها على السرير بشيء من الغيض .. مشى حتى انعكست صورته على تلك المرآة .. تمتم : مثلهن .. مثلهن ..

وكلما اعاد تلك الكلمة ازداد شعوره بالغضب .. يرص على اسنانه بكره يتفجر من اعماق روحه لذاك الجنس .. صرخ : كلهن مثل بعض .

واذا بصوت ضميره الرافض لهذه الافكار : بس هي ما طلبت شيء لنفسها .. ما اهتمت بنفسها .

نزع نظارته .. مدققا النظر في عينه اليمنى .. حرك اصابعه المرتجفة عليها بحذر وتمتم من جديد : بس هي رجعت تطلب ....


وضع نظارته بعنف على عينيه .. وخرج من غرفته .. مسرع الخطى الى الاسفل .. توقف .. لا تزال قابعة مكانها .. لم يهتم وتابع المسير .. الى صديقه الاسود .. لحظات واذا بتلك الانغام الثائرة ترج سكون المكان .. لتنبه تلك الساكنة مكانها بان عليها المغادرة ... اصابعه تصافح اصابع صاحبه بعنف واضح .. ووميض ذكرى بَرق بين عينيه


منذ ان استيقظ وهو يشعر باحساس غريب في روحه .. احساس يشعره بان توأمه ليس بخير .. فُتح الباب .. تضاربت انفاسه وهو يرى ذاك الواقف عند الباب .. انسان مكسور .. قام بوجل .. يدنو من نصفه الاخر .. الناظر الى اسفل قدميه .. حاله متدهورة .. نبس قلبه المتألم وجعا : حبيتها ..


اذا به يجره اليه .. يحتظنه .. يلصقه بروحه الخائفة على روحه .. اختلطت نبضات الافئدة .. وتشابكت انفاس الحقد مع انفاس الانكسار .. شده اكثر اليه .. والاخر مرخي ذراعيه بجانبه .. اذا به يشعر بشهقاته .. ضعيفا كان .. وهو كان النصف القوي .. القوي الذي ضعفت روحه لروح توأمه .


ضرب الاصابع المقلمة بالاسود والابيض بعنف .. لينهي معزوفة حرب الذات .. ويبعثر وميض ذكرى ولدت في ذاته احقاد واحقاد .



,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:57 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...cf1500bd82.gif



,،


حقد من نوع آخر يتغلغل في ثنايا ذاك الجسد الموجود وغير موجود في آن واحد .. صحن الالمنيوم وبه الارز .. و قطعة من السمك قد غار نصفها تحت كومة الحبات المتناثر بعضها على تلك الطاولة قصيرة الارجل .. وعلبة " بيبسي" فرغة من سائلها لتنام على الخشب المصقول .. وصحن آخر تقبع فيه بعض قطع الخضروات .. وليمونة قد امتصت بعنف .. لتحال كوجه عجوز كسته التجاعيد .. وهاتف " آيفون" رمي على ذاك الكرسي الوثير بعد ان اخرس منذ الامس عن الكلام .. وقناة "حواس" تصدح بالاغنيات .. اغنية تلو الاخرى .. التي لم تكن تصل لاذنيه حتى يصدها تفكيره فترجع خائبة .. التفت على يساره وهو مستندا بظهره على ذاك الكرسي مريحا باقي جسده على الارض .. هناك سقطت منذ اياما خلت .. تذكرها وهي تمسك بقدميه مترجية .. ايعقل انها اخبرتهم بما حدث .. لعلها فعلت وهذا سبب هيجان والده عليه .. نفض رأسه من تلك الافكار : لا .. ريم ما تسويها ..


وقع نظره على هاتفه سحبه .. واذا به يعيد الحياة اليه .. وهاهي نغمة العودة تصدح في المكان .. انتظر لبرهة . وبعدها اسرع الى سجل الاسماء .. حرف الفاء ها هو يبحث عنها .. فاطمة ..

رن هاتفها واذا بها تبتعد عن الوجوه المجتمعة في تلك الصالة .. التي تسيطر عليها كآبة غريبة .. خرجت الى الحديقة فلا احد سيسمعها وهي تحدثه .. كانت تعاتبه وكانه اجرم بحق .. عاتبته حتى مل من العتاب صارخا : فاطمة ياليت تخبريني شو السالفة .


ادركت بصراخه ذاك انه لا يعلم شيء .. فاذا بها تخبره .. خروج عمته ورجوع والده .. وكلامه عن الاساءة لبناتها .. كانت تلك الاحداث تذوب في مسامعه .. وتذوي رويدا رويدا : افاااااااا بس .. هذي هقوتكم ( ظنكم ) في .. حسافة يا فاطمة .. والله حسافة .

ارادت ان تتكلم فقاطعها : جهزيلي شنطتي .. وبيي فالليل باخذها .. ولا تخبرين اي حد .. خليهم بعماهم .. وبيي يوم يعرفون معدن عبدالله ..


اغلق الاتصال بغضب واضح .. سحب جهاز التحكم ليخرس تلك الافواه التي تتغنى بما يغضب الله .. تمتم : استغفر الله العظيم .. حتى عمتي ما سلمت منكم .. بس منو اللي مسوينها .. بدير .. كان واايد يهتم لعليا – هز رأسه – استغفر الله .


دخل بعنف الى تلك الغرفة .. اغلق الباب .. وادار المفتاح فيه .. كان الاخر خائفا .. فمنذ تلك الساعة التي حدث فيها ما حدث وهو لم يغادر غرفته .. يتوقع حدوث اي شيء .. اندفع صارخا بصوت تخنقه الجدران : الله ياخذك .. الله ياخذك ع هالسواة ..


قام واقفا .. فاذا بالاخر يدفعه ليعيده جالسا الى ذاك السرير : ياليتني قلت لهم .. الله يلعـ .. هذيك الساعة اللي دخلت فيها السيديات لحجرتي .. الله يلعـ..


انهال عليه بوابل من اللعنات المتتالية .. حتى انه اهالها على نفسه .. الاخر لم يتكلم .. يستمع .. واحيانا يترجاه ان يخفض صوته .. ليصر الاخر بالكلام : بقول لابوي واللي فيها فيها ..

امسكه من ذراعه .. فهو يعلم ان بدر لم يعد يأبه بتهديداته التي كانت : الله يخليك يا بدر .. لا تخبره .. الله يخليك ..

سحب ذراعه .. وهو ينفث انفاسا حارة حارقة : ما سدك عليا .. دمرت عبدالله .. ويالس ادمرني بهالسيديات اللي عندك .. الله ياخذهن وياخذك يا مايد .. وياخذني وياكم ..


لا تعلم لماذا هي من تشهد تلك النزاعات بينهما دائما .. صاعدة بعد تلك المحادثة مع عبدالله .. فاذا بها تسمع صراخ بدر .. لم تعي ما يقال .. ولكنها تدرك ان السبب هو ما حدث .. لم تهتم .. فهي ليست بحالة تُأهلها لسماع ترهات اخويها .. دخلت غرفتها .. رمت هاتفها بلا مبالاة على السرير : ما لحقتي تفرحين باللي سويتيه ..


وقفت امام المرآة .. سحبت " شيلتها " ليظهر شعرها المختلف عما كان .. مقصوص للكتف.. ولونه تحول تماما من الاسود الى الاشقر المتدرج .. ابتسمت وهي تدخل اصابعها بين خصلاته وتهزه فرحة بالشكل الجديد: لو يشوفونه اكيد ما بيسكتون ..


تركت مكانها لتتربع على سريرها : بعدج تخافين منهم .. انتي كبرتي يا فاطمة .. عمرج بيصير 36 سنة .. وبعدج تحسبين حساب لقراراتج .. تخافيهم ..

نظرت الى مكتبها .. بدأت تشتاق لدفاتر تلميذاتها .. هناك في تلك المدرسة تجد فاطمة مختلفة .. تعشق تلك المهنة بجنون .. وتعشق شيء آخر لا يزال طي الخفاء .

,،


قامت من على سريرها لترتدي عباءتها .. سحبتها .. وسحبت " شيلتها " ذات الزخرفة العنابية .. تمعنت في وجهها وهي تزم شفتيها .. التفتت بخوف نحو الباب لتلج منه العنود وبصحبتها سارة .. تقدمتا منها .. صرخت العنود : قمر

لتضربها سارة على كتفها لتصرخ الاخرى متألمة : قولي ما شاء الله .

عادت لتنظر للمرآة وهي تحرك يديها على وجنتيها بلطف : مب المفروض احط مكياج .

لفتها اليها : لا .. خليج طبيعية .. وبعدين انتي حلوة .. والكحال مطلعنج غير ..

قالت بتذمر : انزين خلصن .. ترا نصور يترياج صارله نص ساعة ..

وبعدها تركتهن .. لتضحك سارة : اختج هذي بيني يوم وبذبحها – ضحكت روضة – هيه ضحكي .. وربي يوفقج ..


مشت روضة تتعثر الخطى .. وسارة لا تنفك تتكلم .. وتلقي عليها بالتوصيات .. ان لا ترحم ذياب من الاسئلة .. قهقهاتها تلك كانت تزيد من التوتر في جسد روضة .. اقتربت من المجلس الصغير حيث ينتظرها اخيها ناصر مع ابن عمهما ذياب .. لا تزال تلك الذكرى الطفولية تعبث بين ثنايا دماغها .. طرقت الباب بارتجاف وتوتر طاغي .. لم تدخل مع انها سمعت صوت ناصر يدعوها لدخول .. ابتسم لذياب فلقد ادرك انها خجلة .. ثم قام من مكانه .. ليفاجأها بامساكه لمعصمها الايسر مجبرا قدماها على التقدم .. القت التحية بصوت بالكاد وصل لمسامع ذياب .. الذي كان واقفا مستقبلا لها .. سأل عن حالها .. ثم جلس عندما جلست هي بجوار اخيها .. منذ ساعة كانت تقف امام مرآتها تمثل مشهد اللقاء .. وتعيد الكلام الذي ستقوله مرارا حتى حفظته .. والآن لا تستطيع ان تجد كلمة واحدة من تلك الكلمات .. اراد كسر حاجز الصمت فقال مازحا : شكلها خايفة تنتقم منها ..


اكمل حديثه متطرقا لتلك الذكرى .. لم يدرك ان بكلامه ذاك اعاد لها خوفا واحتقارا لذاتها التي كانت .. شدت بقبضتها حتى كادت اظافرها ان تنغرس في باطن يدها .. تدارك ذياب الامر حين احس ان كلام ناصر لم يكن وقعه كما اراد عليها .. فضحك ثم اتبع ضحكته قائلا : كانت احلى ايام .. يكفي انها غيرت ذياب للاحسن .

ناصر : هيه والله .. وانا اشهد يابو سلطان .. والا مب ناوي تسمي ع ابوك الله يرحمة .

- الله يرحمه – اكمل – روضة .. اعرف انج مستحية .. بس بسأل سؤال واحد واريد الجواب هني .. ولا تخافين من حد .


شدها كلامه .. ومع هذا لم ترفع نظرها نحوه .. كان يتكلم وهي تستمع .. حتى قال : اذا مغصوبة على الموافقة فانا اعفيج منها ..

تحدث ناصر بغضب واضح : انت شو اللي يالس تقوله .. وليش يالس تقلل من عمرك .. تحمد ربها ان انسان مثلك بيـ ...

قاطعه ذياب : ناصر .. اريد اسمعها .. وكلامي مب تقليل من شخصي .. بس اللي سمعته كفيل انه يخليني احسب حساب لرضا البنت اللي برتبط فيها .. وهذي مب اي بنت .. هذي بنت عمي يا ناصر ..


صامتة لا تعرف ماذا تقول .. فقط تستمع له .. وهو يواصل الحديث : تصدقون ان مرة سمعت البنت وهي طالعة من بعد النظرة وهي تصرخ .. وع شو هالشكل .. – ضحك على مضض – هذا شكلي اسمر واضروسي بارزات ..

عاد ناصر ليتكلم : بس يا ذياب انت تغيرت .. وبعدين ما ارضا اشوفك متخاذل بهالشكل .

قال بشيء من الجدة : انا مب متخاذل يا ناصر .. انا اريد اعرف راي اختك .. اللي للحين ما رفعت راسها .. روضة ..


عاد ينادي اسمها .. ومع كل نداء تشعر بضيق انفاسها : رفعي راسج وطالعيني ..

رفعت رأسها لتبان عيونها الغارقة .. صمت غريب .. تنظر اليه ليس كما قال .. هو اسمر لكن سمارا عاديا .. اسنانه بانت بعد تلك الابتسامة التي رسمها حين رأى دموعها .. لم تكن بارزة .. وذاك السلك اعطاه ابتسامة مختلفة .. قام واقفا .. فدموعها دليلا واضحا له : وصلني الجواب .


وقفت هي الاخرى صارخة : ما يحقلها تقول عن ولد عمي شين .. وانا موافقة ومحد غصبني ..

لتجري بعدها من ذاك المكان .. تسمر مكانه .. هل ما قالته حقيقة .. ام انه يحلم .. ام ان كلامه ذاك كان له اثر بالغ عليها .. لا يزال غير مصدق بما قاله له عمه وما اكده ناصر عن موافقتها .. لكنه منذ دقائق فقط سمعها باذنيه صارخة بالموافقة ..

,،


مرت ايام العزاء صعبة على تلك العائلة .. ولكن لا بد من النسيان مع مرور الوقت .. فالانسان وجد من النسيان .. ولولا هذه النعمة لما عاش بشر بعد مصيبة .. مستندة على زوجها تمشي بمهل .. وبجانبها الايسر اختها رنيم .. تسندها معه .. تشعر انها ميتة .. فخبر موت جنينها لم تبالي به بقدر موت والدها .. اجلساها في تلك الصالة الواسعة .. جلس بجانبها وبحنان زائد : ما تبيني اوصلج حجرتج .

هزت رأسها بلا : خلوني هني شوية ..

تركتهما رنيم لترى والدتها .. اما الاخرى وضعت يدها على بطنها .. ليزيد حزن سيف عليها .. وضع كفه على كفها : الله بيرزقنا غيره .. مب مكتوبله يعيش ..


نزلت دموعها بحرقة .. هل تبكي على الابوة التي فقدتها .. ام تبكي على الامومة التي كانت تتوق لها .. قربها منه .. يواسيها ويواسي نفسه المتألمة .. فهو رجل وعليه ان يكون قويا لتقوى به : ودني فوق .. تعبانه واريد ارقد .


سندها ليوصلها لغرفتها .. فهو يحفظ هذا المنزل .. يحفظ ممراته ودهاليزه .. يمشي معها الى غرفتها تحت انظار تلك الفتاة المنسية .. ساعدها بنزع عباءتها الخفيفة .. واجلسها بهدوء على السرير .. فك شعرها المشبوك وجعل اصابعه تتلذذ بملمسه .. ليحتظن رأسها مقبلا جبينها .. استلقت على السرير ليغطيها .. ويمسح على رأسها .. ويخرج بعدها .. وما ان خرج حتى رن هاتفه .. فيصل يتصل .. رد .. ليهوله صوت فيصل الغاضب .. ويطلب منه ان يذهب للشركة ..


"اللي سبب خسارتكم موجود فهالميلس" .. تلك الجملة لا زالت تعصف برأسه منذ ذاك اليوم .. وهو يعلم يقين العلم من هو المعني بالجملة .. الكثير من الملفات والاوراق المنتشرة على تلك الطاولة امامه .. ينظر الى هذي ليرميها وياخذ الاخرى .. الخسارة بالمليارات .. افلاس .. كلمة ثقيلة جدا على نفسه .. ذاك المشروع المشؤوم دمر كل شيء واحال عائلة سالم الـ ... الى الحضيض ..

دخل المكتب بخوف : شو صاير يا فيصل ..


رفع نظره المحتقن بالشر : وتسألني .. اسال نفسك يا سيف ..

تقدم منه حتى باتت الاعين في مبارزة : انت من يوم العزى وقالب علي .. شو اللي مستوي .. وترا اذا مصيبتك وحدة .. مصيبتي انا ثنتين ..

ضرب بعنف ظهر الطاولة .. لتسقط ورقة متلوحة لتستقر على الارضية : تقارن خسارتي بابوي بخسارتك يا سيف – اشار الى الخزنة الحديدية – كيف افتحها .

نظر سيف اليها : مادري .. ما اعرف الرقم السري .. بس اكيد السكرتير يعرفه .

دقائق واذا به يدخل .. ليسأله فيصل عن الرقم .. ولكن اجابته كانت كفيلة ليصرخ فيصل : والحل .

بتردد قال السكرتير : هذاك اليوم طال عمرك .. يتني الانسة جود ..


نظر كل من فيصل وسيف باهتمام لسكرتير وهو يخبرهم عن جود .. التي خرجت من ذاك المستشفى الذي شهد وفاة اعز انسان على قلبها متوجهة للشركة .. شركة
J.F.R للعقار والاستثمار .. الجميع يعرفها .. فليست هذه زيارتها الاولى .. ولكن ما استنكروه انها لم تاتي لزيارة والدها كما كانت تفعل سابقا .. فوالدها هناك ممددا على السرير الابيض .. دخلت الى مكتبه .. لتظل فيه بالساعات .. لا احد يعلم ما كانت تفعل .. فلقد اوصدت الباب عليها .. ولم تخرج الا بعد ان طُرق الباب مرارا من جلال السكرتير يخبرها ان الوقت قد تاخر .. لم يكن معها شيء وهي خارجة .. ولكنه وصف لهم لبسها المكون من بلوزة منتفخة من الاعلى لتنتهي بمطاط يشد على ردفيها ..

فيصل : يعني خذت شيء معها .

جلال : ما اعرف طال عمرك .. بس اذا خذت شيء وحطته فملابسها يمكن ..


,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:57 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...cf1500bd82.gif


,،


الهاتف تعب من الرنين .. وهي لا تأبه له .. جالسة مربعة ساقيها في وسط سريرها الدائري الكبير .. وجهازها في حظنها .. وكلام كثير قد سُطر هناك باللغة الانجليزية .. ويعود الهاتف للرنين ... وهي وكأنها في عالم آخر .. لا تسمع اي شيء فقط ترى تلك الكلمات .. وتقرأها بتمعن تام .. فُتح الباب لتلج منه جواهر وبيدها هاتفها وقفت ومدت يدها به الى جود المنهمكة بالنظر الى تلك الشاشة : ردي ع فيصل .

نظرت اليها لبرهة ثم عادت الى تلك الكلمات : ما اريد .

وضعت الهاتف على اذنها : ما تريد تكلمك

ليصرخ في اذنها .. مصرا ان تدعها تكلمه .. مدته من جديد : خذي ..

لا استجابة منها .. لتردف الاخرى : انتي شو فيج من مات ابوي ومحد شافج .. ليش ما تطلعين .


نظرت اليها لتطيل النظر هذه المرة : وانتوا تبوني اطلع – عادت لنظر لجهازها – قولي له جود سالم هي المفتاح .. وطلعي من حجرتي اريد اذاكر .


بلعت ريقها .. فهي تدرك ان لا احد اهتم بها .. ولم يسألوا عنها ابدا .. خرجت والهاتف على اذنها : تقولك جود سالم هي المفتاح .


اغلقت الجهاز وسحبت هاتفها .. ومباشرة الى ذاك الصندوق فيه .. اخر رسالة من فيصل : "تعرفين الرقم السري لخزنة ابوي ". مباشرة دون تردد مسحتها .. رسالة اخرى : " من عيوني يا عيون دادي .. بيبلج احلى اسكريم فباسكن .. انتي تامرين امر " .. اغلقتها وفتحت رسالة اخرى.. " شرايج تتجهزين ونطلع نتعشا وييا بعض فمكدونالدز " .. وتتابعت الرسائل القصيرة .. الكثير منها .. تجرها لاعماق الفقد الذي تعانيه ..


مر الوقت متعبا جدا .. عاد وهو يزفر ليقف صارخا باعلى صوته اسمها .. لتخرج رنيم من الصالة في الطابق الثاني تتبعها جواهر .. نزلتا .. ليصرخ فيهما : وينها ..


كانت هناك عند والدتها .. ممسكة يدها وتحدثها بفرح : مامي .. دادي ما مات – تمسك يد والدتها وتضعها على صدرها وتضع كفها النحيل عليها – هنا موجود دادي .. فقلبج ماما .. كوني قوية .

تدحرجت دموعها من طرفي عينيها .. فسارعت جود لتمسحهما .. وتقبل جبين والدتها بحب .. وتضع رأسها على صدرها حيث لا تزال يدها قابعة هناك : مامي انتي اللي بقيتي لي .. لا تخليني .


بعدها قامت خارجة .. فاذا بها تسمعه ينادي باسمها .. نزلت حتى وقفت هناك .. في اسفل الدرجات .. تقدم منها وشياطين الارض تتقافز بين عينيه : شو قصدج من انج المفتاح .. وليش ما تردين علي .

تكلمت رنيم بشيء من الحقد : شو تريد من وحدة تسببت بموت ابوي .

هنا لم تتحمل لتنفجر صارخة في وجه رنيم : انتي اخر وحده تتكلم .. عمركم سمعتوا وحدة تقتل حبيبها .. دادي كان حبيبي .. وروحي .. ودنيتي .. انتي وهي – تشير لرنيم وجواهر – واللي فوق – تشير باصبعها للاعلى – عمركن ما هتميتن الا بنفسكن .. دوم اللي فبالكن هات وهات .. سويتنه بنك لكن .. عمركن شفتن عيونه وهو يمد لكن بالفلوس .. شفتن نظرته اللي تتمنى كلام حلو منكن بدون مقابل .. انتن كلكن مالكن حق تتكلمن .. وانت – تنظر لفيصل – اخر واحد يتكلم فهالبيت ... قولي كم مرة امي ترجتك تساعد ابوي .. خبرني من متى متخرج .. بس انت ما همك الا الخمة اللي تقابلهم .. انسان فاشل .. صايع فالشوارع ..


لم تسكت الا بكف من يده على جانب وجهها الايسر النحيل : احترميني .. انا اخوج العود .


مسحت دموعها بعنف .. وكأن تلك جريمة يجب ان تعاقب عليها عينيها .. نظرت في عينيه بعينيها الرماديتين : بحترمه .. بحترمه يوم يشبه ابوي .


لتجري بعدها مسرعة للاعلى .. ويعم الصمت المكان لدقائق.. نطقت جواهر : ما كان لازم تضربها .

-تستاهل اكثر .. والله لاربيها من يديد ..

- لانها صادقة باللي قالته .. لان احنا يالسين نشرد من غلطنا ونحط الحق عليها لانها ساكته ..

صرخ في وجهها : جواهر مب ناقصنج ..


ترك المكان .. وهناك في الاعلى كانت الاصوات تصل اليها .. وهي على سريرها .. لتجلس ساحبة جذعها بوهن واضح : لا حول ولا قوة الا بالله .. رحت وضاعوا عيالك يا سالم .

,،


لا حول ولا قوة الا بالله .. كثيرا ما صارت تتردد في منزل عبد الرحمن .. طرقات خفيفة على غرفة ريم التي تضم الآن ميثة وبناتها الثلاث . . دخلت وهي ترتدي عباءتها وتحمل حقيبتها بيدها : عموتي شو رايج تروحين وياي للخياط .. تدرين ما عندي الا هالاسبوع وعقبها ببدا صيفي .

رفعت رأسها حيث كانت تلعب مع ابنتيها على الارض بلعبة تركيب المكعبات : لا فديتج ما اقدر ..

تقدمت وجلست بجانبها .. رفعت احدى المكعبات لتضعها على ذاك البناء : انزين باخذ البنات وياي .. بشتريلهن وبنفصل .. تدرين العيد ما باقي عنه شيء .. ورمضان زحمة .

صرخت خلود : امي بروح مع هاجر .

ميثة : بيتعبنج .

هزت رأسها بلا .. ثم توجهت لعليا الجالسة مستندة على مؤخرة السرير ممددة ساقيها وبيدها " آي بآد " .. جلست على ركبتيها : عليا شو رايج تروحين معنا .. بعد ما نخلص من الخياط بنروح المول .. بنتعشى وبنرجع .


رفعت نظرها لهاجر .. وبعدها توجهت به الى امها وكأنها تطلب منها الإذن .

- تقدرين تروحين علايا – توجه كلامها لهاجر – ديري بالج عليهن هجوره .

تشير الى عينها اليمين ومن ثم اليسار : من عيوني الثنتين .. ياللا تجهزن .. بترياكن تحت ..

خرجت لتلتقي بشهد .. سألتها اذا كانت راغبة بالذهاب معهن .. تعذرت .. وتابعت طريقها لغرفتها .. جلست هناك بتعب .. جسمها نحل من التفكير .. تحاول ان تكون قوية .. ولكنها تعبت .. فاخر كلام طارق لها عن تلك الفحوصات لا يبشر بخير .. جاءها في ذلك اليوم الذي هجم عليهم عمه راشد .. مخبراياها ان الدكتور عادل قد اتصل به .. ويخبره ان النتيجة غير مؤكدة .. باتت ترى كوابيس مزعجة كل ليلة .. تراه ميتا .. او ترى نفسها ميتة .. وساوسها تتبعها في كل مكان .. تخاف ان تحمل سكينا .. او اي شيء حاد .. تخاف ان تجلس معهم تشعر بانها ستنقل لهم العدوى .. مع ان طارق اخبرها ان الايدز لا ينتقل الا عن طريق الدم او المعاشرة الجنسية .. ولكن تلك الوساوس تعبث براسها حتى احالتها الى جسدا بعيدا عن الفرح .. وعيون قابعة في برك ارهاق سوداء ..

كتلك العيون الناعسة المتعبة .. التي يناظرها سعود .. لابنه محمد المسجون في ذاك الكرسي .. والموثوق الظهر فيه .. حركات يده الا ارادية مع حركة رقبته ورأسه وفمه .. جميعها امام عيني سعود .. الممسك بملعقة يطعم بها محمد .. نصف الطعام في فمه والنصف الاخر يقع ليستقر على تلك الصدرية الموثوقة برقبته ..كان يحدث اخته الجالسة وبيدها " البلاك بيري " : يعني لو ما اتصلت عليج كنتي ما بتعطينه دواه .


قامت واقفة : اووهوو .. يعني الحين حرام اني ارقد .. وبعدين ولدك هذا ما اعرف كيف اتعامل وياه .. ما يطيع ياخذ دواه .. قبل كانن خواتي يقومن بهالشيء .. يعني لا تلومني .

يمسح فم محمد من بقايا الطعام : بس انا موصينج عليه .. وانتي عارفة ان الدوا لازم ياخذه بموعده .

خلاص انزين .. جملة نطقتها هاربة من ذاك المكان وهي تتأفف .. لتتكلم والدته العجوز : يا سعود لا تلوم اختك .. والله لو انا بصحتي ما اعتمدت عليها بس مثل ما انت شايف .. زين اني اعرف اضرب ابرة السكر بروحي .. وبعدين يا سعود ولدك كبر صار ريال .. عمره 16 سنه مب صغير .. واختك ما تروم عليه .

با .. با ... كان ينطقها محمد متفرقة ليبتسم له سعود : يا اميه انا ما اريد منها الا انها تعطيه الدوا يوم اكون فالدوام .. ترا سبوحه ونظافته كلهن علي ..


اخذت لها تمرة وهي تقول : يا ولدي يبلك حد يعتني فيه .

ترك مكانه ليجلس بجوارها : لا تكثرين تمر يالغالية .. وبعدين كيف أأمن الغريب عليه

وهي تلوك التمرة في فمها الذي يخلو من الكثير من الاسنان : الحين يا سعود الغريب يتأمن والقريب ما يتأمن .


سكب له فنجان قهوة .. شربه .. انزله واذا به يقف : بودي محمد يرقد .. وعقبها بطلع وييا حمد .. حاس صدري ضايق

- الله يبعد عنك الضيقة يا وليدي .. روح .. ولا تحاتي محمد .. بسابره ( تتفقده بين الحين والآخر ) الين ترد .

- الله يطول بعمرج يالغالية .

قبل رأسها .. وانصرف يدفع ذاك الكرسي امامه .. وبعد ان اطمأن عليه .. خرج ليقابل صديقه حمد في احد المجمعات التجارية .. يطويان تلك المسافة بخطى بطيئة : والله يا حمد تعبت .. ادري ان كلامك وكلام الوالدة صح .. بس ما اقدر .. قلبي ما يطاوعني ..

- انت جرب .. ما بتخسر شيء .. وبعدين بتراقب اللي بتيبه عشان يعتني بولدك .. اكييد ما بتخليه بدون مراقبة .


يمشيان ويتحدثان .. وهناك عيون تتبعهما .. رويدا رويدا .. فاذا بها تقف حيث رأتها واقفة : علايا حبيبتي ياللا .. امشي تاخرنا ..

فاذا بها تصرخ وهي ترمي الكيس من يدها : ابويه ..

لتجري رافعة تنورتها الغجرية قليلا حتى لا توقعها .. نادتها هاجر دون فائدة .. فاذا بها تحمل حصة وتمسك خلود لتجري بصعوبة بذاك الحذاء العالي .. لتسبقها علياء بمسافة لا بأس بها .. تنادي : " ابويه " .. ليلتفت لنداء ذاك الصوت .. في وسط دهشة صاحبه .. ليرتد فجأة للوراء بسبب تطويقها له وهي تصرخ من جديد : ابويه .

,،

اتمنى يعجبكم البارت

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:58 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...e2b463e7f9.gif


,،

تهافتت الانظار الى مصدر الصوت .. والنداء المتكرر .. مشهد غير متوقع في ذاك المكان .. وامرأة بعباءتها تحمل طفلة وتجر الاخرى تجري مسرعة .. لا بد للعيون ان تنظر .. وللشفاه ان تتهامس .. وللعقول ان تفكر .. مالذي يجري؟ .. حتى تلك العيون كانت تتساءل بنظرات استجواب لعيون سعود .. الذي للآن غير مستوعب ان هناك فتاة تحتظنه .. نظر لحمد بنظرات وكانها تجيب عن الاسئلة والشك الذي انتاب صاحبه .. ليست ابنته .. ولكن كم هي جميلة تلك الكلمة .. وكم هو دافيء ذاك الحظن .. لطالما تمنى الاحتظان من ابنه محمد .. ولطالما تمنى تلك الكلمة .. احساس غريب انتابه .. ها هي متمسكة به .. تكرر : ابويه لا تروح عني وتخليني ..


وهل هناك اب يستطيع التخلي عن ابنه ؟ .. كان سؤال يتردد في عقله مع كلامها .. وبكاءها .. وصلت هاجر .. تعتذر له وهي تنزل حصة .. لكن هو لا يستمع لها .. هناك عالم آخر يعيش فيه في هذه اللحظة .. اقتربت بحياء .. تمسك علياء من ذراعها الايسر وتسحبها بهدوء : علايا .. هديه ( اتركيه ) .. هذا مب ابوج ..


لكن علياء لا تعي الا كلام عقلها .. وحاجتها .. وتوقها لحظن والدها .. كان الحياء قد بلغ مبلغه من هاجر .. فهذا رجل غريب امامها .. وهي قريبة منه .. وتقترب اكثر لتهمس في اذن علياء ان تدعه .. موقف لا تحسد عليه .. وعلياء لا تأبه سوى بذاك الرجل شبيه والدها .. تنهدت وهي تحاول ان تسيطر على نفسها : علايا حبيبتي ..

تهاديها لعلها تتركه .. وفجأة تكلم وهو يضع يده على رأس علياء بحنان زائد : خليها

نظرت اليه .. وسرعان ما غضت البصر .. ابتعدت خطوة .. او لعلها خطوتان .. ماذا يقصد ؟.. همس حمد وهو يقترب من سعود قليلا : بنتك ؟ .. فهو لم يعي ما قالته هاجر آنفا .. فالمفاجأة اكبر من أن يستوعب ما يحدث مع صاحبه.


ابتسم ولم يجب .. احتظن وجهها المندس في حظنه بكفيه .. اراد ان يرفع وجهها لناحية وجهه .. لعينيه .. لعلها تستوعب ان الجسد الذي بين يديها ليس بجسد والدها .. ولكن لا فائدة .. عاد ليضع يده على رأسها ويحرك شعرها بخفة : ما تبين تشوفين ويه ابوج .


بحلق حمد .. كما فعلت ذلك هاجر .. تلفتت فهي تشعر بان الجميع ينظر اليهم .. جميع الاعين مسلطة على تلك البقعة التي هم فيها .. امسكت خلود يد هاجر .. تطلب منها العودة للمنزل .. ولكن كيف تعود .. وماذا عن تلك المستميتة في حظن جسد رجل غريب ..

ارتخت ذراعيها .. انزلتهما على مضض .. ليجلس الاخر القرفصاء امامها .. رافعا النظر لتلك العيون الباكية .. شعر بابوته .. ويشعر انه مسؤول عنها في هذه اللحظة .. لا يهم ان كانت غريبة .. المهم انها رأت فيه والدها .. تفحصته .. تلك ليست بعيون والدها .. وحتى الانف .. انف والدها ارنبته مدببة بعض الشيء .. وهذا لا .. عيون والدها مسحوبة للخلف قليلا . وهذا لا .. ابتعدت خطوة للوراء : مب ابويه .


ابتسم لها .. اما هي لم تجد بُدا من الاختباء في حظن هاجر .. تختبأ خجلا .. او لعلها خيبة امل .. عادت لتكرر كلمات الاعتذار على مسامعه .. وما لبثت حتى ابتعدت تحتظن واحدة وممسكة بيد الاخرى .. وخلود تمشي بمعيتهن ..

رمت بحقيبتها غاضبة تحت انظار ميثة ووالدتها .. اما علياء فجرت مسرعة للاعلى : شو صاير ؟ شو فيها عليا؟

-تسألين شو فيها – تنزع عباءتها بعد ان رمت شيلتها – بنتج حطتني فموقف محد يحسدني عليه ..

- شو صاير يا بنتي .. وشبلاج معصبة .

قامت ميثة : بروح اشوف علايا ..

جلست بحنق : روحي شوفيها .. اللي تعلقتلي فريال غريب .. وخلتني فرجة للرايح والراد .

فتحت شعرها .. واخذت تنفشه : استغفر الله العظيم .

- الحين بدال هالعصبية كلها .. قومي تعذري من عمتج .

- امايه ... مالي خلق الحين .. زين اني تمالكت نفسي فالسيارة ولا عصبت على عليا ..

- انزين شو صار وياكن ؟

تنهدت .. وكأنها تريد اخراج ذاك الموقف من عقلها .. واذا بها تحكي لوالدتها ما حدث .. اما هناك فكانت علياء مستلقية على بطنها ووجهها يغوص في الوسادة .. جلست ميثة بجانبها .. مسحت على ظهرها : علايا حبيبتي شو صار ؟


بصوت مكتوم اجابت : حسبته ابويه .. شراته .. ما انتبهت .. والله .

ابتسمت وهي تبعد بعض الخصلات من جانب اذن ابنتها : ما عليه حبيبتي .. ما صار شيء .. وفي واايد ناس تتشابه .. انتي ما غلطتي – اقتربت منها – علايا .. ابوج الله يرحمه .. راح للي خلقه .. اعرف انج تشتاقيله .. بس هذي حكمة ربج ..


هل تعي هذا الامر في هذا السن .. هل تدرك انها لن ترى والدها ثانية .. بالطبع تدرك .. ولكن شوقها له .. وحبها الكبير لشخص كان قريب منها اكثر من قرب والدتها .. جعلها لا تصدق انه رحل .. تتمنى وجوده .. تشتاق لكلماته .. وليديه الحانيتين .. فهل سيدركون مدى معاناتها يوما ؟ .. وهل سيدرك حمد معاناة صاحبه .. الذي اخذ يضحك دون توقف حين قال له حمد : سامحني .. ظنيت فيك .

ضحك حتى فر الدمع من عينيه : الله يغربل بليسك يا حمد – يمسح عينيه – الحين تظن اني معرس وعندي بنت هههه

- خلاص عااد .. بسك ضحك .. اخاف اطيح من كثر ما تضحك .

استند بظهره على جانب سيارة حمد واخذ يرقب اللا مكان : تصدق يا حمد .. حسيت باحساس غير وهي تلوي علي ( تحظني ) .. ما اعرف كيف اشرحلك .. بس حبيت اللي صار .. ولا اكذب عليك اني تمنيتها تبقى اكثر .

ربت على كتف صاحبه : عرس يا سعود .. وانت بتحس بهالاحساس .

,،

احساس غريب اضحى يتملكها .. فهو مختلف .. ليس كما كان .. هاديء وغريب الاطوار .. واضحى كثير الكلام في هاتفه .. من يهاتف ؟ .. ولماذا يتغير كلامه كلما جاءت او انتبهت له ؟ كانت تلك الاسئلة تدور في ذهن ريم .. التي تجلس امام المرآة .. والمشط الدائري الرأس تعرق في قبضة يدها .. ها هو يدخل ويرمي " غترته " كالعادة على السرير دون اي مباللاة .. وبعدها يأخذ حماما قد يمتد لربع ساعة او اكثر .. ويخرج وهو ينشف شعره .. سيأخذ هاتفه وسيخرج .. افعال حفظتها في الاونة الاخيرة .. وهذا ما حدث .. وهي لا تزال ساكنة في مكانها .. تشعر بالخوف من تغيره .. من البرود الذي اجتاحه .. حتى انه لم يزجرها ذاك اليوم حين قالت : عبد الله ماله ذنب باللي صار .


يومها لم يهتم .. كانت تتوقع ان يضربها .. يهينها .. لكن لم يحدث منه شيء سوى ابتسامة .. عجزت عن تفسيرها .. تحسست بطنها بكفها وذهنها يحدثها : تركت الحبوب من اكثر من شهر .. بس ليش للحين ما حملت .. لو يدري شو بيصير ..


قامت بعد ان اعتقت ذاك المشط المسكين .. اخذت هاتفها واذا بها تطلب صديقتها سناء .. يرن كثيرا .. لكن لا من مجيب .. رمته بملل على السرير .. وخرجت للصالة .. اذا بها تسمعه : لا والله .. كله كذب .. انا ما اسوي هالشيء .. هي تحب اطلع عمرها مسكينة ومظلومه .. هيه صح انا فقدت اعصابي ذاك اليوم .. بس الصراحة ما انلام .. لو غيري كان ذبحها مب الا صرخ عليها ..


نفضت رأسها .. وخرجت من الجناح باكمله .. فلا يحق لها ان تتجسس عليه .. هو زوجها .. ولا يحق لها ان تظن فيه ظن السوء .. توجهت نحو المطبخ .. تريد ان تبل ريقها الذي احاله التفكير الى جفاف مميت .. انتبهت لبدر الذي ينزل السلالم بهواده .. ولكنها تابعت طريقها للمطبخ .. كان يقدم رجلا ويؤخر الاخرى .. هذه المرة الالف التي يبلع فيها ريقه ..حدث نفسه : بيزعل علينا .. يوم .. يومين .. بس بالاخر بيسامحنا ..

تنهد بعنف وكأن بجبل يكتم على انفاسه .. هاهو يقف يواجه باب المجلس .. والده بالداخل يتابع الاخبار .. مؤكد انه منفعل الآن بسبب تلك الاخبار التي تبث .. ولعله يكون هاديء .. زفر انفاسه المنهكة .. وقبل ان تعانق يده مقبض الباب .. اذا بيد اخرى تعانق ذراعه : الله يخليك لا تقوله .. ما بتحمل وانا اشوف نظرة ابوي لي .. ما بتحمل يا بدر .. الله يخليك .. انا تبت .. والله العظيم تبت .. ومن قبل ما تروح عمتي عنا ..

,،

تتتابع التوسلات على مسامع بدر .. كما تتتابع التوسلات على مسامع روضة : الله يخليج .. لا تخبرينهم .. مالي عين اقولهم .. ولا لي عين اواجههم .. الله يخليج رواضي ..

قامت واقفة : وانتي ليش يايبة هالنسبة اللي تفشل .. وامي اكيد بتدري ..

عندما انتبهت لسارة ولبكاءها .. استغفرت ربها ..جلست بجانبها على السرير : روحي لامي وخبريها .. بتزعل شوي وبعدين بترضا .. ولا تيلسين فهالخوف اللي انتي فيه .

مسحت دموعها .. وسحبت كمية من الهواء لعلها تعينها على ما ستقدم عليه .. ربتت روضة على ظهرها : ياللا وبروح وياج .

قطعتان من القماش الحريري .. طويتا ووضعتا على السرير .. وهناك بجوارهما .. علبتان من البخور الفاخر .. وعلبتان من العطر .. جميعها متشابهة .. ما عدا لون القماش اختلف .. وشيخة تعبث في دولابها باحثة عن شيء ما .. اذا بالطرقات الخفيفة على الباب .. ومن ثم دخول سارة المتوترة تصحبها روضة .. انتبهتا لما وجد على السرير .. ازدرت رقيها وهي تسمع والدتها التي تعبت من البحث : خير شو يايبنكن لحجرتي .

روضة : شو كنتي ادورين ؟

وهي تجلس بتعب على جانب السرير : ادور كيس زين .. وواسع احط فيه هالاغراض .

سارة : امايه .. طلعت النتيجة .

بفرح ولهفة قالت : بشري .. عسى النسبة زينة .

نظرت لروضة .. التي بدورها نظرة للارض .. ليبان الكتاب من عنوانه .. قالت بحدة : كم ؟

تلعثمت ... حتى انفاسها تضاربت : 69 %

صدمة اقعدتها على الارض: تسعه وستين يالظالمة .. وانا كل ما اسالج عن امتحاناتج تقوليلي زينه .. – اخذت تضرب فخذيها بكفيها – بحصلها منه والا منج .. يا ويل قلبي ع عيالي اللي خيبوا ظني فيهم .. يا ويل قلبي

اقتربت منها روضة : خلاص يا اميه .. لا تسوين بعمرج جذي ..

دموعها تسقط كشلالات لا تريد التوقف : اميه الله يخليج لا تسوين بعمرج جذي .. بعيدها .. بعيدها وبييب النسبة اللي تتمنينها .. بس دخيلج لا تسوين بعمرج جذي ..

بكاء ونحيب .. وكأن ذاك الرقم فجر احزان طويت بين ثنايا صدرها المجروح .. واصوات بُحت .. ونبرات خنقتها احداث ولم تستطع الصراخ .. كل ذلك جعله يحث الخطى مع اخته العنود . ليجلس بجانب والدته بخوف : شو صاير ؟

- آآآآه يا ناصر .. امك ما قادرة تتحمل

احتظنها من جانبها : سلامتج من الآه يا الغالية ..

اومأ لروضة بان تخرج مع اختيها .. وما ان خرجن : شو فيج يا اميه ؟

- مب قادرة اتحمل غيابه يا ولدي .. مب قادرة .. ولا قادرة ع الجفا اللي بيني وبين خالتك .. شوف – تشير على السرير – ايدي تعودت تاخذ من كل شيء اثنين يا ناصر .. خالتك امي واختي ودنيتي .. واخوك راح ولا همه اللي سواه .. ولا حتى قال عندي ام بطمن عليها .. راح ونسانا – تضرب بيدها على صدرها – نسى امه اللي رضعته .. وربته .

امسك يدها ولثمها بقوة : لا تقولين هالكلام يا اميه .. واحمد انتي مربيتنه .. شاكه فتربيتج يالغالية ..

ابتسمت ساخرة : تربيتي قطعت صلتي باختي .. تربيتي يتني تزفلي خبر نتيجتها اللي تفشل ..

- وانا مب تربيتج ياميه ؟

مسحت جانب وجهه بيدها : بس البكر غير يا وليدي .. متولهه عليه .. اريد اشوفه قبل ما اموت .

- بعيد الشر عنج .. بيرجع يالغاليه .. بيرجع .. حتى ولو طال غيابه بيرجع .


,،

Continue




♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:58 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...00adbad2fb.gif



,،



احيانا اتمنى ان اكون في مكان آخر .. وحياة اخرى ..

واتمنى ان يكون اسمي مختلفا .. وشكلي مختلفا ..

احيانا .. اتمنى ان احِب .. وان اُحب ..

واعيش قصة حب عجيبة .. مختلفة .. عذرية ..



نظرت لما كتبته .. وبعدها اغلقت دفترها .. حملته حيث مخبأه تحت ملابسها .. فلا تريد لاحد ان يتطفل على مشاعرها .. ابتسمت وهي تخفي اثاره بين القطن والحرير ... وقفت امام المرآة تنظر الى وجهها .. سحبت اصبع احمر الشفاه . ولكنها فضلت ان لا تضع منه على شفتيها .. اعادته وهي تزم شفتيها وتضغطهما حتى يتدفق بهما الدم ليغير لونهما .. رسمت عيناها بقلم الكحل الاسود .. وخللته بالازرق .. تمتمت : اذا هو بيتقرب مني فالليل .. انا بتقرب منه فالنهار .


ابتسمت وهي تخطو لتنفيذ ما كانت تفكر به منذ ايام خلت .. لا بد من التحرك .. فالانكسار لن يبني لها حياة كريمة ..غطت شعرها خوفا من احد الخدم .. مع انها لم ترهم الا في المطبخ .. ولكن لا بد من الحذر .. نادت على روز لتسألها عن جاسم .. وبعدها طلبت منها ان تحضر كوب عصير طازج .. جلست في الصالة .. ونظرها على صورة قاسم .. هل عيناه تشبهان عيني اخيه ؟ .. ابتسمت على سؤالها هذا .. سرعان ما اقبلت روز وبين يديها صينية صغيرة مذهبة الاطراف .. وفوقها يقبع كأس العصير الانيق .. وبجانبه منديل طرزت اطرافه بدقة متناهية .. قامت واخذت الصينية منها .. واذا بها تجري خلفها لتسبقها وتقف امامها : مدام .. لا يروح الغرفة .. استاذ جاسم ..

قاطعتها : جاسم زوجي ..


بلعت ريقها .. فخولة تغيرت .. حتى كلامها تغير .. مشت في ذاك الممر الضيق بعض الشيء .. والذي ينتهي بطاولة صغيرة بجانب تلك الغرفة المنشودة .. وضعت الصينية .. وارخت غطاء رأسها على اكتافها .. تنفست بعمق .. فهي ستخوض حرب جديدة .. حرب لا تعلم بما ستنتهي .. قد توصلها لاعتاب منزل اخيها مطلقة .. وقد تضعها في مكانة مختلفة عند جاسم .. طرقت الباب بخفة .. فتحت الباب وبعدها حملت الصينية لتدخل ..


كان هناك .. بقميصه الابيض الخفيف .. و " البرمودا " الرصاصية .. ما ان سمع طرق الباب حتى سحب نظارته .. ارتداها وقد اجتاحه غضب واستعد ليفجره في وجه القادم ..مسك الفرشاة بعنف .. والتفت لناحية الباب بغيض .. تلاشى غضبه .. فجأة دون سابق انذار تلاشى .. وهو يراها تدخل مبتسمة ..وضعت الصينية على الطاولة الدائرية في منتصف الغرفة .. او قريبا من المنتصف .. حملت كأس العصير .. ولا يزال يرقب حركاتها حتى اصبحت امامه .. ويدها تمد له الكأس : تفضل .

وضع الفرشاة من يده .. وسحب ذاك المنديل الكبير ليمسح بقايا الطلاء عن اصابعه .. وهو يحرك المنديل بين يديه ابتسم : ما خبروج اني ما احب حد يقاطعني .


اخذ الكأس من يدها ومشى حتى رمى بنفسه على ذاك الكرسي الوثير البني اللون .. تلفتت في المكان وكأنها لا تريد ان تنظر اليه : قالولي .. بس حبيت اكون هني .. واذكرك ..

وقبل ان تكمل : مبرووك .. اختج نجحت ويابت نسبة حلوة .. 94 % اي جامعة بتقبلها .. وانا ما نسيت عشان تذكريني .. قلتلج .. تختار الجامعة اللي تريدها وانا بتكفل فالباقي .. وخبرتج بعد – رشف من العصير – ان جاسم عند وعده وكلامه .


شبكت اصابع يديها خلفها : انزين لازم اروح اييب اوراقها ..

قام واقفا وتقدم نحو لوحته الناقصة .. وهي تتبعه بنظراتها : لا .. مب لازم .. والا انتي ما عندج كرامة .. تبين ترجعين لبيت انطردتي منه – التفت لها – كرامة زوجتي من كرامتي .. واذا ع الاوراق .. اتصلي باختج تجهزهن .. وانا بطرش حد ياخذهن منها .


لم تنطق .. تشعر ان الحديث مع جاسم عقيم .. لا طائل منه .. دائما ينهي الحديث .. دائما يصدمها بقوة .. يصغر نفسها امام عينيها .. يلقي بكلمات قوية على مسامعها لم تسمعهن يوما .. يتكلم عن الكرامة .. وماذا عن شوقها لاخويها .. الا يجب ان تترك الكرامة لاجلهما .. لقد تركتها قبلا لاجلهما .. ما باله الان يلقي عليها بهذه الكلمة .. تنفست وهي تشعر بان انفاسها اصبحت تقتلها .. استدارت لتخرج .. فاذا به يستوقفها .. وقفت دون ان تلتفت .. ودون ان تنطق .. وقفت وهي تشعر به يقترب منها .. اجتاحتها رجفة هزت عظامها .. ها هو يقف بجانبها .. وانفاسه تسمعها .. دقات قلبها تتعالى .. هي لا تحب نبرته تلك .. همس في اذنها : تحبيني ؟


سؤال غريب .. وابتسامة اغرب بانت معها نواجذه .. الصمت كان شيء متوقعا .. حدث نفسه بمكر ودهاء : قوليها .. وانا بنفيج من البيت .. وبدوس كرامتج اللي كنتي تبين تدوسينها .. قوليها ..


لا
.. كلمة غيرت كل توقعاته .. وقلبت موازين تفكيره في تلك الانسانة الضعيفة .. التي تخاف منه .. ترتعب من انفاسه .. ترتجف بين احضانه .. اراد المزيد منها .. اراد منها ان تتكلم اكثر . شعر بقوة فيها .. حتى وان كانت ضئيلة جدا .. فخوفها طاغي على تلك القوة .. استطردت بصوت مرتجف : ما بكذب عليك .. وبقولك اني احبك .. وبعد ما بكذب عليك وبقولك اكرهك ..


انتظرت لبرهة .. لعله يكافأة بضربة ما .. او بأهانة ما .. توقعت كل شيء لصراحتها .. ولكنها لم تتوقع ان يقول : مشكورة .

التفتت له وهو يعود للوحته .. غير مبالي بكلامها .. يحمل الفرشاة .. ولوح الالوان .. يُجرم في تلك الانابيب مسيلا ما بها بعنف على ذاك اللوح .. ليخلط تلك البقع .. ويمزجها بهداوة غريبة .. وابتسامة تعلو محياه .. ابتسامة جعلت خولة ترسم ابتسامة ايضا .. لا تعلم لما ارتسمت تلك الابتسامة لابتسامته .. ولكنها تدرك ان جاسم ليس كما توقعت .. تركت الغرفة .. ولاول مرة هي من تنهي الحديث .. لاول مرة تشعر بانها تستطيع ان تخلق المستحيل معه .. ولاول مرة .. تشعر باحساس جديد نحوه .


,،

احساس اخر سيولد في مكان اخر .. بعيدا عنهم .. في منطقة أخرى .. وامارة اخرى .. في دبي .. بعيدا عن العاصمة ابوظبي .. هناك في ذلك القصر الكبير .. ستولد احاسيس ومشاعر جديدة .. دخل بعد عناء يوما طويل . الساعة تقارب العاشرة ليلا .. ووجهه المقفهر دليلا على اخبار ليست بسارة .. دخل واذا به يتفاجأ بجلوسها هناك بجانب اختيه.. تقدم ملقيا السلام .. وبعدها سأل عن احوال ابنة خالته .. وعن احوال اهلها .. قامت رنيم مقتربة منه لتهمس : تريد تيلس عندنا .


قطب جبينه : ميعاد .. ما في داعي تيلسين عندنا .. امي بخير .. وخواتي مب مقصرات وياها .. والحمد لله رضينا باللي انكتب علينا ..

وقفت وهي تعدل بلوزتها القطنية على اردافها : بس امي تقول لازم اهتم بخالتي ..

لم يهتم وقال : باكر بيوصلج السواق لبيتكم .. وبعدين انا اريد اخذ راحتي فالبيت .. ولا اريد حد معنا


بلعت غصتها .. وادركت انها مهما فعلت لن يلتفت لها .. رأت نظرات الانتصار في عيون رنيم .. ونظرات الاشفاق في عيون جواهر .. قال وهو يصعد السلالم : رنيم .. قولي لرشا تترياني فغرفة امي .. وسبقني انتن هناك .. في كلام اريد اقوله لكن ..

بعفوية قالت : وانا ..

توقف ونظر لها : اجتماع عائلي ..


وغادر المكان .. بقيت وحدها هناك .. ما كان منها الا ان تتصل بوالدتها لتبعث لها السائق .. فلا تستطيع ان تبقى اكثر وسط بحيرة الاستحقار التي وضعت نفسها فيها .. وهناك في عقلها تتوعد بانها في يوم ما ستكون هنا .. رغما عن فيصل وعن اخته رنيم .. وحتى رغما عن الكل ...


نائمة او انها تدعي النوم .. سمعت الطرقات على الباب .. فتوجهت بجسمها ووجهها للجهة المقابلة .. تقدم وجلس على السرير .. ابتسم ومن ثم مسح على رأسها .. يشعر بغضبها .. يشعر بالندم لما فعله .. ولكنه لم يكن بحالة جيدة .. حتى اليوم هو ليس بحالة جيدة .. ولكنه بدأ يفكر بطريقة صحيحة .. ولا ينكر بان كل ذاك كانت هي وراءه .. بالامس .. هجم على غرفتها وهو في قمة غضبه .. لم يكفيه ما حدث في ذلك اليوم .. فهو يعتقد بانها هي مخبأ اسرار والده .. هجم عليها نازعا تلك السماعات عن اذنيها بعنف .. لتقف مرعوبة مسقطة ذاك الكرسي خلفها : ماذا بك ؟


امسكها بقوة من ذراعها الضعيف .. يهزها كورقة ارجفها الهواء .. فحجمها لا ياتي شيء امام حجم فيصل : شو اللي تعرفينه .. وشو يعني انج مفتاح لخزنة ابوي ..

رغم عنفه .. ونبرة صوته الحادة .. لم تكن خائفة .. عيناها كانت صامدة : هل تريد ان تعرف ؟

رص على اسنانه وشد قبضته اكثر : تكلمي بالعربي ..

كانت تريد ان تفقده اعصابه : انت تفهم علي ..

كانت باردة .. وكان هو حارا كبركان يريد ان يدمر ما امامه : قولي شو اللي تعرفينه ..


ترك ذراعها اخيرا .. لتضع كفها اليمين على مكان قبضته : اولا .. عليك ان تدرك .. ان الغضب لا طائل منه .. ثانيا .. يجب ان تعلم ان سر النجاح هو معرفة من يقف امامك .. لا من خلال كلامه فقط .. بل من خلال حركاته .. ثالثا .. اذا كنت تريد ان تكون ناجحا .. فلا تنظر للوراء ..


ابتسمت له .. وهي تكتب على ورقة صفراء ارقاما كثيرة .. مالبثت حتى نزعتها .. مدتها له : جود سالم .. مفتاح الخزنة .

امسك الورقة التي كتبت فيها الارقام " 6754388 " .. نظر اليها وكأنه يسألها كيف ؟ .. رفعت الكرسي عن الارض وجلست عليه : هذه الارقام هي مكان احرف جود سالم على الموبايل .. لو انك تفكر بعقلك اكثر لكنت فهمت .. والآن اخرج من غرفتي ..


وضعت السماعات من جديد على اذنيها .. وبلعت ريقها بعيدا عن انظاره .. وسالت دموعها لألم روحها قبل ألم ذراعها .. ها هي الآن نائمة امامه .. يعلم بانها اعطته ثلاث دروس ثمينة جدا .. لا تغضب .. لا تحكم من الكلام .. ولا ترجع للوراء .. دروس ثمينة .. من اخت اثبتت بانها مختلفة حقا .. مسح على رأسها من جديد : جود .. ادري انج مب راقدة .. سامحيني – قبل رأسها – قومي عندي كلام لازم تسمعينه .. قلت لخواتج يروحن لغرفة امي ..

دون ان تتحرك : افلسنا .. وتم الحجز ع عدد من املاكنا .. من بينهن القصر ..

باستنكار : شو عرفج ؟

لا تريد النظر اليه .. لا تريد ان يرى دموعها .. فلم تغير من وضعيتها : اتصلت اليوم بجلال .. قالي ان عندكم اجتماع .. وان في خساير كبيرة .. والبنوك اطالب بفلوسها .. فخمنت الباقي ..

ربت على كتفها : بروح اقول لامي وخواتي ..


خرج تاركا نفساً ضعيفة محتاجة لحظن شخصاً لم يعد موجود .. تمنت لو انه اقتلعها من فراشها .. وغرسها في صدره .. تمنت لو ان تلك القبلة كانت قبلات .. وان تلك المسة كانت ذراعين تطوقانها .. تمنت الكثير افتقدته منذ رحيله ..


دخل غرفة والدته .. ها هي تجلس على تلك الاريكة وبجانبها رشا .. ورنيم تجلس على السرير .. وجواهر واقفة .. تقدم وقبل رأس والدته المكسورة .. وقال لرشا ان تبتعد قليلا ليجلس بجوار ميرة .. امسك كفها ولثمها .. ثم ربت عليها وهو يقول : خسرنا .. ولازم نخلي القصر .

صرخت رنيم قافزة من على السرير : شو .. شو يعني نخلي القصر .. ان شاء الله تبانا نعيش فبيت ..

نظر اليها ثم عاد ليكلم والدته : الديون كبيرة .. والبنوك تطالبنا ..

احتظنت كفه بظهر كفها وباطن الكف الاخر : خلني اكمل عدتي هني .. وعقبها نروح بيتنا .

عادت تصرخ من جديد : اي بيت .. عن اي بيت تتكلمون .. انا مستحيل اعيش فبيت عاادي .

ولا انا .. كان هذا كلام جواهر .. الذي اجبر ميرة على الوقوف : بيت اهلي موجود – التفتت لفيصل – بعطيك المفتاح ورتبه الين اخلص عدتي ..

- انتوا ما تفهمون – تساقطت دموعها – كيف تبونا نخلي القصر ونروح لبيت عادي – امسكت يد فيصل – فيصل الله يخليك سو شيء .. هذا بيتنا .. هني عشنا .. صعب نعيش فبيت اصغر ..

- هذا المكتوب يا رنيم ..

,،


المكتوب تلك الكلمة التي دائما نختبأ خلفها .. نخطيء .. ويخطئون .. ونقول بانه مكتوب .. نمشي خطوات لم نحسب عواقبها وايضا ندعي بانه مكتوب .. في كل شيء حتى في ابسط الاشياء .. فها هو الاخر يمشي في ممرات المستشفى .. كل شيء ابيض .. تتهادى الى ذهنه كلمة مكتوب .. ولكن عن اي مكتوب يتكلم .. يمشي ولا يشعر بذاك المار بجانبه .. ولا بتلك التي تصرخ متألمة .. يمشي وعيونه مفتوحة وهي في حقيقة الامر لا ترى الا طريقه .. طريقا جديدا .. رسم له غصبا عنه .. اهتز جانبه .. احدهم صدمه بعنف وهو يمر .. لكن لم يهتم .. وتابع المشي .. هاهي بوابة المستشفى تلوح امام ناظريه .. وقف هناك بين الخارج والداخل .. بين النظافة المقننة .. وبين الوساخة الظاهرة .. وقف وبيده ورقة تصرخ حروفها من شدة قبضته .. فذاك اسمه قد كتب .. وهناك عمره .. وهناك جنسه .. وهناك نقشت كلمات اماتته .. نقشت بدم بارد .. نقشت لتحدد مصيرا يجب ان يمشيه .. وطريقا مشاه رغما عنه .


,،

سمحولي البارت قصير .. بس ما حبيت ازحمه باحداث ثانية ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 03:59 PM




,,


نرسم في عقولنا مخططات كثيرة .. قد تمتد لسنوات مستقبلية طويلة جدا .. وتبقى في الأذهان أمدا .. ونتناساها .. أو كما يقال تأتي الرياح بما لا يشتهي السفن .. نتخبط في واقع حياتنا .. كورقة في يوم ربيعي ذبلت فوقعت لتتقاذفها نسمات الهواء .. وتختفي بعد حين .. وقف ينظر إلى المكان . . بالأمس كان هنا .. يضحك .. تلك الزاوية شهدت وقوفه .. وتلك الأخرى شهدت جلوسه .. وذاك الجدار لا يزال يشعر بملمس كفه .. بالأمس ليس بالبعيد وليس بالقريب أيضا .. كانا يضحكان معا .. ويتسامران معا .. يحب مداعباته .. وهو يحب إزعاجه .. واقفا مستندا على ذاك العمود القريب من مجلس الرجال .. مربع ذراعيه على صدره .. ونظارته الشمسية تضيف لملاح وجهه رزانة من نوع آخر .. تمر ذكراه دائما في أجواء تفكيره .. لم يسمع صوته .. ولا يرد على اتصالاته .. يشتاق له .. أخيه الكبير .. أخيه الطموح الذي لم يرضى إلا بشهادة الدكتوراه في علوم الحاسب الآلي .. وذهب .. ويا ليته لم يذهب .. وعاد ويا ليته لم يعد .. تناقض يجتاحه .. فأمه يتعبه حالها .. ولم تنكسر إلا على يد أغلى أبناءها .. زفر أنفاسه التي ملت الانتظار .. فصرخ مناديا أخته .. لتخرج وهي ترتب عباءتها : خلاص يينا .

اعتدل في وقفته : وين امي ؟

ردت وهي ترتب وضع اللثمة على وجهها : ما بتي ..

فجأة اذا بسارة تدفعها عن الباب .. وتخرج متسابقة مع العنود .. ليستوقفهن ناصر : ع وين ؟


وهي ترفع قدمها للوراء تحاول ادخال حذاءها جيدا : وياكم .. بعد وين. لازم نشتري فساتين .. مب بس العروس اللي بتتعدل .

اجتاح الحياء روضة .. فشبكت اصابع يديها امامها .. اما ناصر زفر وهو يقول : اذا امي بتروح وياكن بوصلكن .. اما انكن ادخلن السوق بروحكن وبهالشكل – يؤشر باصبعه من تحت الى فوق على اخته سارة – فلا .

وضعت يداها على وسطها : وشو فيها اشكالنا .. وبعدين انت بتدخل وييانا .. والا يعني اخو ع الفاضي .

- ليش ما تغطين ويهج مثل اختج ..

زفرت : روضوه دقه قديمه .

نظر الى العنود .. التي لم تغطي شعرها جيدا : تحجبي زين . ما عندنا بنات يظهرن شعرهن .. وامشن تاخرنا – يعطيهن ظهره متوجها الى سيارته – ولا بتروحن الا محل واحد .. ما في ع الدواره .


نظرت سارة بغيض لروضة : كله منج .. يعني ما فيج اللسان ترفضين .. وتقوليلهم يخلون حفلة الملجة عقب العيد .

عدلت العنود غطاء شعرها .. ومشت خلف اختيها الى " الفتك " الاسود .. امسكت بكرسي السائق منحنية قليلا : نصور .. ما يصير نروح محل واحد .. يمكن ما نحصل اللي نريده .. يعني يا اخوي يا حبيبي خلك كريم .


حرك السيارة ونظر لها من خلال المرآة الامامية : سويره .. عن الحشرة ( الازعاج ) الزايده .. والا اهون ولا اشلكن خير شر .

زفرت وهي ترتاح على الكرسي مربعة ذراعيها .. تكلمت روضة بشيء من الحياء : سارة عندها حق .. اكييد ما بنحصل كل شيء فمكان واحد ..


" البلاك بيري " لا يترك يديها .. هاهي تعزف على ازراره .. تبتسم احيانا .. وتعبس احيانا أخرى .. تستمع لمحاولات اختيها في اقناع ناصر .. الذي اخيرا بعد عناء المفاوضات وافق على ان يأخذهن لثلاث محلات لا غير .. رضن بالامر الواقع .. فثلاثة افضل عن واحد .. في الطريق استنكرت روضة منه طلبه لرقم هاجر . حاولت ان تعرف ماذا يريد به .. لكنه لم يجبها .. اخذ الرقم وهو يقف امام احد المحلات .. ويتوعدهن اذا تاخرن .. ما ان نزلن حتى عمد الى هاتفه يضغط زر الاتصال .. الهاتف يرن .. لكن لا من مجيب .. محاولة اخرى تبوء بالفشل .. وثالثة اخذت طريق اختيها .. قرر اخيرا ارسال رسالة نصية قصيرة لها .. " انا ناصر .. ردي علي .. اريدج فموضوع مهم " .


ارتجف كفها وهي تقرأ تلك الاحرف .. مالذي يريده مني .. تنفست لتبعد تلك الافكار التي بدأت بالهجوم عليها .. كتبت له رسالة ردا على رسالته .. " ما بينا شيء يا ناصر " .. وبعدها رمت الهاتف من يدها .. لكن سرعان ما عاد هاتفها لرنين .. تأففت .. فهي تخشى ان يكون هناك اخبارا عن احمد .. لا يزال هذا المذكور آنفا يثير في نفسها مشاعر غريبة .. قد تكون خوفا .. او شوقا .. او حقدا وغلا .. هي غير متأكدة .. كل ما هو مؤكد لديها انها لا تريد اي شيء يذكرها به .. تعب " الآيفون " من الرنين .. خنقت رقبتها بلطف بكفها .. وكأن هنالك غصة ما تؤرقها ..


صوت بنات عمتها يعطي المنزل حياة جديدة .. صراخهن .. ولهوهن يعيد الى ذاك المنزل حيويته .. رفعت شعرها بطوق رقيق .. وتركته منسدلا .. وخرجت من غرفتها غير آبهة بذاك المرمي على السرير .. نزلت الى الصالة التي تصدح باصوات الرسوم المتحركة التي تبث عبر قناة " ام بي سي 3 " .. وحصة نائمة على ظهرها ورأسها على وسادة أكبر منها .. وساقها مثنيان .. والاخرى نائمة دون اكتراث على السجاد الايراني الاحمر .. لوحت برأسها وهي تبتسم لذلك المشهد الذي ذكرها بطفولة مضت .. توجهت الى المطبخ فلعل الجميع هناك .. فبعد ان سافرت الخادمة اضحت اشغال المنزل على الثلاثي الموجود دائما في المنزل .. امها .. وعمتها .. وشهد .. اما هي فيكفيها دروسها الصيفية .. وقفت عند عتبة الباب .. وهي ترى تلك الواقفة عند الفرن تحرك الطعام وتتذوقه بالملعقة الخشبية .. والاخرى التي تجهز السلطة للغداء .. اما الثالثة فلقد انتحرت البرتقالات بين يديها .. وهي تجهز عصير برتقال لابنتها علياء .. اضحت تهتم بتلك الفتاة كثيرا .. اقتربت من والدتها وهي تشم رائحة الطعام بحركة تلذذ : يا سلام ع الريحة الحلوة .


ضحكت شهد وهي تقطع حبات الطماطم الحمراء : طباخ عموتي لا يُعلى عليه .

وهي تسكب العصير في كأس زجاجي .. وتحمله خارجة من المطبخ : ام عمار محد يشبها فالطباخ .. ما شاء الله عليها .

سحبت لها قطعة من الجزر وهي تلوكها في فيها : الا وين عمار .. غريبة ما اشوفه هني . بالعادة ارجع من الجامعة يكون بالبيت .

ام عمار : طلع وييا واحد من ربعه .. يقول معزوم ع الغدا ..


نفسها بدأ يضيق .. وهناك طعما غريب بدأ يضايقها عند نحرها .. لم تعد تسمع الحديث الدائر بين هاجر ووالدتها .. الاصوات اضحت طنين يزيد من دورانها .. رمت ما في يدها .. وجرت مسرعة ويدها على فيها .. اندهاش سيطر على هاجر وهي تسأل والدتها عما اصاب شهد .. لتجيب الاخرى : بتصيرين عمة .. ان شاء الله .

ضحكت هاجر : هذا كلام مسلسلات يالغالية – وهي تتجه للباب – بروح اشوفها يمكن فيها شيء .


اوقفها طارق وهو يدخل ملقي السلام يحمل بين كفيها صندوق " كولا " .. تابعته بنظراتها حتى وضعه بجانب الثلاجة .. عاد ليقبل رأس ام عمار : شو غدانا اليوم .

هاجر : برياني دياي .. من اللي يحبه قلبك .

كانت تقلد والدتها وهي تتحدث .. لينفجر طارق ضاحكا .. ولم يسكته الا همسات والدته له : حرمتك حامل ؟

عاد ليقهق ولكن هذه المرة ببعض القلق : لا منو قالكم ..

هاجر : تعبت شوي وركضت فوق .. عااد امك ما صدقت من الله تقول عنها حامل .


اشتعل فيه الخوف .. واستأذن مسرعا ليراها .. كان يطوي الدرجات اثنتين اثنتين .. قلبه يقرع طبول خوفا لم يعهدها يوما .. فتح الباب بعنف وهو يناديها .. تلفت في غرفة النوم .. وبعدها حث الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. طرق الباب بخفة .. يناديها لترد عليه .. ولكنها لم تجبه .. عاود الكرة مرتان وثلاث واربع .. بعدها خرجت بوجه مبلول .. نظرت اليه وبعدها جثت على الارض .. امسكها من كتفيها : حبيبتي شو فيج ؟


طأطأت رأسها وبكت وهي تردد : ما اريده يا طارق .. ما اريده .

هزها بهدوء : استغفري ربج .. شو هالكلام اللي تقولينه . وبعدين شو دراج انج حامل .

نظرت له بعيون دامعه .. وخصلات شعرها المبلولة تلتصق بوجهها : الدورة صارلها شهر ما يتني .. ما اريد اجني عليه .. ما اريده .


عاد ليستغفر من جديد ويطالبها بالاستغفار .. رفع كم ثوبه ليريها مكان وخز الابرة : شوفي .. اليوم سويت تحليل .. ان شاء الله ما فينا شيء – ابعد خصلاتها –باكر بنعرف كل شيء وبنروح نتأكد من حملج – ضمها لصدره – وبيينا منصور الصغيرون .. وبتفرحين فيه .

بكت اكثر ليشدها اليه اكثر .. يطمأنها ويطمأن روحه المشتاقة لراحة التي كانت .. فكم هو صعب ان تجني على ابنك دون ذنب منك .. هذا هو شعور شهد التي فسر تعبها على انه حمل في عيون عمتها .. وكل ذاك الاختلاف كان له تفسيرا واحد لدى تلك الام التواقة لتكون جدة .. وتتمنى الحفيد المنتظر ..

,,


كتلك المرأة التي تنتظر تلك الزيارة بشوق لا حدود له ..مستلقية على السرير الابيض بعد وعكة صحية المت بها .. وها هي تسند ظهرها .. مبتسمة لدخول ذاك الشخص الذي لطالما احبته .. تقدم منها مقبلا رأسها : ما تشوفين شر .


امسكت بكفه تربت عليها .. بحنان ام : الشر ما اييك يا وليدي .. وين اخوك ؟ قلتله البارحة ايي وياك .. بس يلس يضحك .. وكل ما اصرخ عليه واهازبه ( تنهره ) يضحك اكثر ..

كان ينظر اليها باستغراب .. فذاك الحديث عن اخيه بدا مستغربا من قبله .. حتى انه سألها ماذا قال ؟ وكيف كان ؟.. ردت عليه : كان مثل ما عرفته .. سالني عنك .. قلت له دووم هني .. وبعد قالي انه متوله عليك .. انتوا ما تتشاوفون ؟

ابتسم .. وسحب له كرسيا ليجلس بجوارها .. عاد ليمسك كفها ويقبلها : نتشاوف .. نتشاوف ياميه ..


حركت كفها الاخر على رأسه .. وهي تستمع له : امي بخيتة .. الحب حرام ؟


-
لا يا جويسم .. الحب مب حرام .. بس الحرام اذا كان حب غلط .. قلوبنا ياوليدي ما حطها ربك من فراغ فصدورنا .. حطاها عشان نحب فيها .. ونكره فيها .. الحب شيء عود يا جاسم .. ومب انا بنت الامس بتعلمك بهالشيء .

كطفل صغير وضع خده على كفها .. وهو يستمع لحديثها .. ويشعر بحركة يدها على شعره الطويل .. ابتسم حين وبخته بسبب ذاك الطول .. ولكنه لم يتحرك .. فتلك الاحاديث تعيد له شخصه الذي فقده منذ عشر سنوات مضت ..




خوز عني
.. نطق بها وهو يدفع جاسم الذي جلس عليه مثبتا جسمه بالارض على ذاك العشب الاخضر .. دفعه ليقع بعيدا .. ثم جرى ليمسك انبوب الماء يحاول ان يبعده عنه من جديد .. حتى لا يقترب منه .

- تحتمي بالماي يا قسووم .. بس ما بخليك ..


هجم عليه .. لتبدأ الحرب على ذاك الانبوب الذي بدأ الماء يتبعثر منه يمنة ويسرى مع محاولات الاستيلاء عليه من قبل جاسم .. ولم ينتبها لتلك المارة متوجهة للبوابة وهي بكامل اناقتها .. ليقع الماء عليها صارخة بهم : ما تشوفون – توقفا ينظران اليها – الشعر بدا يطلع فويوهكم وانتوا بعدكم وييا هالتصرفات .. الين متى .. ومتى بتعقلون .


تقدم منها قاسم ابن الرابعة عشر .. تاركا الانبوب على العشب : السمووحة فديتج .. الا وين رايحة ؟

زفرت : عندي ندوة .. وشكلي بتاخر والسبة انتوا .. وين بخيته عنكم ..


واخذت تنادي بخيتة وهي عائدة ادراجها للمنزل .. وبدون ان يشعر جاسم سحب الانبوب .. ليغرقه بالماء وبعدها يفر هاربا : والله ما اعديها لك يا قسوم .


ابتسم على تلك الذكرى التي داهمته وسط حديث امه بخيتة .. مر الوقت وهو يستمع لها .. تلك الساعة التي يقضيها معها في كل يوم تعني له الكثير والكثير .. لعل تلك المرأة العجوز الوحيدة التي تشعره بنفسه الغير مصطنعة حتى الآن .. فتلك الساعة لا يستبدلها باي شيء آخر .. حتى هاتفه يغلقه وهو معها .. يكتمه حتى لا يزعجه ويعيده لواقع حياته المرة .. هاهو يخرج ليركب سيارته " الرنج روفر " الرصاصية .. واذا بهاتفه يصدح بمقطع من سينفونية " بحيرة البجع " .. ليرد ببرود تام : هلا ..


على الطرف الآخر .. كان يتحدث بشيء من الانفعال : انت وينك .. نسيت ان اليوم عندنا اجتماع .. والا ناسي انك راعي النسبة الاكبر فالشركة .. ولازم تعطي رايك في الصفقة اليديدة ..


ما ان انتهت تلك المكالمة .. التي اجبر عليها عبد العزيز حتى لا تتعطل الاعمال في الشركة الام لمجموعته .. حتى دخل ذاك الرجل الذي اطلق عليه جاسم سابقا ذو وجهين .. تقدم ملقيا التحية على عبد العزيز .. وبعد ان استراح في جلسته قال : عندي لك عرضا تستطيع به ان تتخلص من قبضة ابنك جاسم .


شده الموضوع بقوة : قل ما عندك يا جون .

انحنى قليلا مستندا على ذراعه الايسر الممدوده على الطاولة : ولكن قبل ان اعطيك ما تريد .. عليك ان توافق على شروطي .


تجهم وجهه .. وبعدها سمح له باكمال الحديث : تعطيني احدى شركاتك في بريطانيا .. وشركة اخرى هنا في الخليج .. لن اطلب ان تكون في الامارات .. لانني اريد ان ابتعد .


ابتسم بخبث : وما الذي يظمن لي انك ستفي بما قلت لي . . وايضا الا تظن ان شروطك كبيرة جدا .. ولا تستحق ما ساجنيه انا .

ضرب براحة يده على الطاولة بخفة وقام واقفا : ساعطيك مهلة لتفكر .. لا تنسى انني كنت الذراع الايمن لابنك .. وجميع اسراره لدي ..


خرج ليتمتم الاخر : خبيث .. بس انا مب سهل يا جون ..


ما هي الا لحظات حتى دخل جاسم .. بتلك الابتسامة التي يعهدها عبد العزيز .. القى التحية وجلس بعيدا على احدى الارائك .. بتلك الجلسة المعتادة المليئة بالثقة : جون كان عندك! ..


قام من على كرسيه ليجلس قريبا من ابنه .. على تلك الاريكة الصانعة مع الاولى زاوية تسعين درجة .. دقق نظراته على وجه جاسم : سمعت انك عرست .. مبرووك .


قهقه بقوة .. وانحنى قليلا .. متبادل النظرات مع عبد العزيز : من زمان – عاد لجلسته وهو يمد ذراعيه على ظهر تلك الاريكة الجلدية – الا صدج .. سمعت ان سمية بتعرس .. معقولة يا عبد العزيز تزوج بنتك ولا تدعاني ع العرس .. نسيت اني اخوها العود ومن حقي احضر .

بضجر واضح : عرسها عقب اسبوع .. وانت اكيد معزوم ما يبالها كلام .. الحين خلنا في المفيد .. مب ناوي تفك عمرك من الروحه والرده لهالشركة .. وتعطيني نصيبك فيها .


ضرب براحة يديه على فخذيه وقام واقفا : يوم اتعب بقولك .. خلنا نراجع الملفات قبل الاجتماع .. لازم ادرس كل شيء زين مازين ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:00 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...e8cfc35057.gif



,,



ضرب الآخر مقود سيارته بقبضة يده .. كل شيء انقلب رأسا على عقب .. كان مستعدا للاعتراف رغم محاولات مايد لردعه .. شحن نفسه بالقوة المطلوبه .. ابعد مايد عن طريقه وولج الى ذاك المجلس .. كان راشد جالسا يشاهد التلفاز .. اخبار تعاد كثيرا في الاونة الاخيرة .. ما يصبحون فيه يباتون فيه .. اقبل على والده الذي رسم ابتسامة عريضة على محياه الذي بدأت التجاعيد تملأه .. وقف امامه ليقوم الاخر بترك جهاز التحكم من يده بجانبه على ذاك الكرسي الوثير .. وقبل ان ينطق الاول .. اذا بالاخر يربت بخفه بجانبه .. يدعو بدر للجلوس .. تلعثم وهو لا يزال واقفا : اريدك فموضوع .


ربت من جديد على ذاك الكرسي : ايلس .. انا اللي اريدك فموضوع ..

الجو مشحون بالغرابة .. التي سيطرت على بدر .. جلس ليعرف ما يريد منه والده .. واذا به يلقي على مسامعه بقنبلة الموسم .. او هكذا خيل له الأمر .. لم يستطع الا الرفض .. ولكن والده ذا رأس صلد .. لا يستطيع بدر على كسر قراراته .. عاد ليرفض من جديد .. ليهوله كلام والده : ان ما وافقت يا بدير لا انت ولدي ولا اعرفك .


اي سياسة يتبع مع ابناءه .. الكبرى تجلس بجواره الى الآن لانه لا يريد تسليمها لرجل من خارج العائلة .. والاصغر منها كالكلب المدلل عنده .. على ما يهوى يمشي ويطيع .. والاخر ظلمه حتى نفى نفسه بعيدا عن هذا البيت القابع في قبضة انسان متسلط لا يعرف الا قراراته .. اما الاخير فلا يعلم عنه شيء .. وكل ما يريد مجاب دون مناقشة .. لم يبقى الا هو .. كان بعيدا عن الكل .. والآن اضحى واضحا بعد غياب عبدالله ..


زفر بشدة وهو يعيد كلام والده كشريط اهترأ بسبب دورانه المتكرر .. ماذا عساه ان يفعل .. اذا قال لا .. نفي من كنف الابوة .. واذا قال نعم .. ارغم على شيء لا يريده .. يشعر بالضياع ..

ضياعا ليس بقدر ضياع ذاك الشخص الذي لا يزال واقفا بين الخارج والداخل .. حد فاصل بين اجواء المستشفى المعقمة وبين اجواء اوروبا المتقلبة .. لا يستطيع ان يجمع شتات افكاره .. فلقد تناثرت بفعل تلك الكلمات التي قذفها ذاك الطبيب البريطاني من اصول جزائرية .. وكتب كل شيء على تلك الورقة المشئومة .. او لعلها لم تكن بذاك الشؤم التي كانت عليه الورقة السابقة .. التي ختمت بفايروس مميت .. وهذه الاخرى ختمت بفايروس اشد إماتة .. رفع ساقه ليخطو خطوة للخارج .. تبعتها خطوات تتخبط في قرارات اتخذها .. دمرت حياته .. يمشي دون ان يشعر برذاذ المطر على شعره المجعد .. ولا بنسمات الهواء الباردة المنبأة بفصل شتوي ابيض .. لا يعي شيء .. سوى ان حياته انهارت .. احلامه انهارت .. تصدع البنيان بورقة .. ليتهشم بورقة اخرى .. لم يفرق بين الورقتين الا لون الحبر .. والكلمة الاخيرة .. قدماه تأخذانه في طريق حفظه في الآونة الاخيرة .. حتى وان كان عقله ليس معه .. فذاك الطريق حفظ تلك الخطوات جيدا .. كما حفظته هي .. صعد السلالم .. وكأن ذاك المصعد تلاشى من امامه .. الدور الاول .. الثاني .. الخامس .. لم يشعر بتعب مفاصله .. فهو لا يعي الا ما كتب في تلك الورقة .. وقف امام ذاك الباب الذي يحتظن ذاك الرقم الثلاثي .. حتى ذاك الرقم يبدو غريبا .. ادخل يده في جيبه .. ولا تزل تلك الورقة في يده الاخرى .. ارتجفت حتى وقعت تلك السلسلة .. بها مفتاح شقته .. ومفتاح منزله البعيد عنه .. ومفاتيح اخرى .. تلك السلسلة تعج بالمفاتيح .. انحنى ليلتقطه .. حركها ليمسك ذاك المفتاح اللعين الذي لا يريد ان يدخل في فتحة القفل .. فُتح الباب .. وكلمات بعثرت افكارة اكثر من بعثرتها السابقة : استاذ احمد .. هل انت بخير .. تلك شقتك.


وتتبع الذراع الملساء الممدودة امام ناظريه .. ابتسم .. واعتذر .. وتوجه لشقته .. ليُغلق باب الشقة الاخرى خلفه .. اخيرا ذاك المفتاح وجد ظالته .. ولج الى الداخل .. نشر نظراته في تلك الصالة الصغيرة .. شد قبضته على تلك الورقة التي تتأوه وتطلب الاعفاء .. نزلت دمعة .. تتلوها اخرى .. ليصرخ : كلاب .


ويهيج في تلك الشقة .. ويعث بها فسادا .. وبين الفينة والاخرى يصرخ بالشتائم .. كثور هائج اتعبته الرماح والطعون .. يكسر تلك المزهرية الخزفية .. ويرمى بتلك الوسادة المطرزة .. تجمهر الناس عند باب شقته الذي نسى ان يغلقه .. ينظرون اليه .. الى ذاك المجنون المتفوه بكلمات لا تعيها عقولهم .. ماذا به ؟ .. يرد الاخر :" يبدو انه جن ".. لتهمس تلك العجوز ذات الشعر الاشعث : " قد يكون ارهابيا .. اتصلوا بالشرطة " .


فجأة تفرقت الجموع .. لتندفع تلك الفتاة الشقراء بينهم .. ناطقة بما سيفرقهم : انا اعرفه .. افسحوا لي الطريق .. لا داعي لتجمهركم .. نفسيته تعبة لا غير ..


دخلت لتغلق الباب من خلفها .. وقفت دون حراك وهي ترى ذاك المجنون الذي حطم كل شيء .. قد ركع على الارض .. يبكي .. اقتربت منه .. واذا بها تتسمر حين عاد ليصرخ : يهود .. الله ياخذهم ..


لم تفهم .. ولكن شعرت بحرقته .. ازدردت ريقها .. لتنتبه فجأة لتلك الورقة .. متجعدة .. والحبر قد اختلط ببعضه .. لتصبح تلك الكلمات كشفرة يجب فكها .. حاولت ان تفهم .. ولكن لا يوجد سوى اسمه " احمد عبيد الـ ... " .. نظرت اليه .. كسيرا يرتجف .. هي تعرفه .. وتعلم انه لا يحب ان تلمسه النساء .. فهو صدها مرارا عندما كانت تمد له يدها لتصافحه .. جارها منذ اربع سنوات .. حفظته .. جلست بجانبه على ركبتيها .. وضعت كفاها على فخذيها لتنحني قليلا .. لعلها ترى وجهه الذي عانقت عيناه ارضية المكان .. همست : ما بك ؟ ..


انتفضت شفتاه .. كعصفور مبلل الريش .. يحاول ان يبعثر القطرات ليتمكن من الطيران .. ارتجفت شفاهه .. لينطق بغصة حارقة جوفه : اليهودي الملعون .. قال بانني مريض بالايدز .. – بدأ يتكلم وكأنه يحدث نفسه – اخبرته انني لم اقم اي علاقة .. سالني ان استخدمت ادوات حلاقة في مكان ما .. لا اذكر .. اخبرته انني لا اذكر .. قال انني احمل فيروس نقص المناعة المكتسبة .. واليوم يقول طبيبا آخر بانني لا احمل اي فيروس – صرخ ضاربا بقبضته الارض – حقير .


,,

هل توازى حقارة ذاك الطبيب بحقارة زوجها .. عادت الى منزلها .. كانت تريد المرور على منزل والدها .. صار لها مدة لم تزرهم .. ولكنها لا تريد لاحد ان يرى علامات الانزعاج والخذلان التي ارتسمت على محياها .. لاول مرة يكون ذاك الممر بين البوابة الرئيسية للفيلا .. وبين الباب طويلا جدا .. وتلك الاشجار وكأنها تضحك عليها .. تضحك على ضعفها .. وكلام تلك الطبيبة يتردد في عقلها : لديك عقم مؤقت .. بسبب حبوب منع الحمل التي كنتي تتناولينها .. وقد يطول العلاج ..



وصلت بخطى ثقيلة بالكاد استطاعت ان تصعد تلك الدرجات القليلة .. دخلت .. لتفاجأ بهم هناك .. عمتها .. وعمها .. وسعيد .. يبدو فرحا .. هل وصله الخبر بهذه السرعة .. ليفرح بها .. ويتشمت لمصابها .. القت التحية .. وياليتها لم تلقها .. باركي لسعيد قرر يعرس عشان اييب عيال .. وانتي لازم ترضين بهالشيء .


كان كلام عمها لها .. نظرت له .. لعيونه الشامتة .. لابتسامته الساخرة .. لما يكرهها .. فقط لان امها هندية .. وماذا يعني .. لا يريد ابناء اخوالهم هنود .. وما ذنبها هي .. يطيبون خاطرها ببعض الكلمات .. التي لا تسمعها .. فعقلها يتساءل من اي طينة جُبل هذا السعيد .. ابتسمت .. ونطقت : مبروك .


دون اي ردة فعل .. انسحبت من المكان .. يقولون ان المصائب تأتي تباعا .. وهي تدربت جيدا للقاء تلك المصائب .. لم تعجبه تلك الابتسامة على محياها .. حتى وان كانت ذابلة لا روح فيها .. فهو يشعر بالاهانة جراءها .. مشت للاعلى .. مارة بجانب فاطمة .. تلك الفاطمة التي شهدت الكثير .. وكان الصمت عنوانها .. ترى فرحة امها ووالدها واخاها سعيد .. لا تصدق ان اخاها اضحى متبلد المشاعر بهذا الشكل .. ابعد عبدالله بدم بارد .. وها هو الآن يحطم تلك المسكينة ابنة عمها .. تبعتها لعلها تخفف عنها المصاب الجلل ..


دخلت ورمت بحقيبتها على السرير .. نزعت تلك العباءة ذات اللون الشبيه بلون حياتها .. بل انها ترى ان حياتها اشد سوادا .. وقعت معانقة السجادة .. انحنت الاخرى من خلفها رافعة العباءة من على الارض لتضعها على السرير .. وتقف امام ريم : لا تضايقين .. بعد هو من حقه اييب عيال .. صارلكم ثلاث سنين معرسين .


بدأت تضحك .. كفتاة فقدت عقلها : يريد عيال – ضحكت بشكل اعلى – يريد عيال ..


استغراب طوق فاطمة .. التي اخذت تتبع ريم بنظراتها .. فتحت الدولاب .. نفشت المكان .. ومن ثم قامت مستقيمة وبيدها كيس .. التفت لفاطمة : تقولين يريد عيال – قلبت الكيس رأسا على عقب لتقع علب كثيرة – شوفي .. ما ينسى ايبلي الحلاوة .. عمره ما نسى .. وتقولين يريد عيال – تأشر على العلب المتناثرة – هذولا عياله اللي قتلهم ..- صرخت - طلعي برع ..


صرخت بها عندما حاولت ان تهدأها .. فخرجت الاخرى مستسلمة لحكم الطرد الذي صدر بحقها ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:00 PM


http://forums.graaam.com/images/imag...e8cfc35057.gif


,,


كما زف سعيد قراره لوالديه اللذان رحبا به ايما ترحيب .. هاهو سعود يحث الخطى نحو غرفة والدته بعد ان صلى الفجر .. هو يعلم بأن والدته تقوم قبل الفجر بساعة لتسجد ركعتين لله والناس نيام .. لم يكن ذاك القرار الذي سيلقيه على مسامع والدته وليد اللحظة .. منذ ذاك اليوم الذي التقى به بتلك الفتاة وكلام حمد يرن في اذانه كلما طرق التفكير بابه .. وحالة ابنه محمد تستدعي وجود امرأة تستطيع على الاقل ان تعطيه دواءه .. فاخته الكسول لا يعتمد عليه في شيء .. طرق الباب بخفة واولج رأسه والابتسامة اترسمت على وجهه .. كانت هناك رافعة كفيها تدعو الخالق الذي لا ينام .. انتبهت له فختمت دعاءها .. ومسحت وجهها بكفيها مرددة الشهادة .. دنى منها مقبلا رأسها ومن ثم كفيها .. وجلس امامها بعد ان ازاح سجادة الصلاة المخضبة باللون الطحلبي .. لم تستغرب دخوله .. فهذه عادته بعد ان يصلي الفجر بالولوج الى غرفتها يطمأن عليها ويقبل رأسها ويلثم كفاها المجعدان .. ولكن استغربت جلسته تلك امامها .. اتسعت ابتسامته وهو يقول : ولدج بو محمد قرر يعرس .


لم تسعها الفرحة وهي تسمع تلك الجملة منه .. وتبادرت الاسئلة على لسانها تباعا .. هل هناك فتاة بعينها ؟ ام هي من ستختار له ؟ .. هل هناك مواصفات يريدها .. ام سيرضى باختيار امه ؟ .. تسأل ولا تدع له مجالا ليجيب .. حتى انفجر ضاحكا : شوي شوي يالغالية – امسك كفاها – انتي اختاريلي .. بس اريدها كبيرة مب بنت عشرين .. اذا فوق الثلاثين خير وبركة .. ما اريد اخذ بنت اصغر مني بوايد – يمسك خصلة من شعره – ترا ولدج الشيب ترس راسه .


ضربته على كفه .. ضربة ام حنون تتمنى السعادة لرجل الوحيد في حياتها من بعد والده : ان شاء الله بلقالك البنت اللي تستاهلك .. وانت مب شيبه والا تريد تسوي مني عيوز .


عاد ليقهقه بفرح واضح ويقبل راسها واقفا : انتي شيخة البنات .. سمحيلي بروح اشوف محمد وبعدها بتجهز لدوام .


رفعت كفيها تدعو بصوتها العالي ليوفق فلذة كبدها .. هز رأسه مبتسما .. وغادر المكان الى حيث ذاك الطفل الكبير .. في ذاك المهد الواسع .. نظر اليه .. واذا به يسحب مناديلا ورقية .. فلعابه يسير من جانب فمه .. مسحه برفق .. ثم اخذ يتأمله .. وتتساور في ذهنه اسئلة كثيرة .. هل يعي بانه اصبح راشدا ؟ .. بماذا يفكر .. وبماذا يحلم وهو نائم .. هل يحبني كما احبه .. أيشتاق لوالدته .. تلك المرأة الانانية التي باعته وهو لا يزال في السنة الاولى من عمره .. واذا مت من سيكون له ؟


سؤال اسكت جميع الاسئلة في ذهنه .. من له بعد وفاته .. ليس له اخوة .. وعماته الخمس لن يعتنين به .. وجدته بالكاد تقوى على نفسها .. مسح على شعره الناعم .. وقبل جبينه .. سينتظره ساعة اخرى حتى يستيقظ .. وسيحممه ويعطيه افطاره .. ويطمأن عليه في كرسيه المدولب .. وبعدها سيوصي امه ان تذكر اخته بموعد الدواء .. روتينه اليومي .. حتى تلك الخادمة حفظته .. فتعد الافطار مبكرا لمحمد قبل ان تعد الافطار للاخرين ..

,,


كروتين فيصل الذي اضحى واضحا لافراد عائلته .. يخرج في الصباح الباكر ولا يعود الا عند العاشرة ليلا .. اما اليوم فهو كسر ذاك الروتين .. عاد عند الثانية ظهرا .. وحث الخطى يطوي تلك الدرجات .. وانظار اخواته الثلاث تفترسه .. لتهمس رشا : شو صاير ؟


لتحرك رنيم شفتاها بسخرية و " البلاك بيري في يدها " : يمكن يايب اخبار تفرح لامي .. ترا هو هالايام ما وراه الا الاخبار الزينة .

لوحة جواهر برأسها .. واستغفرت ربها .. فتعليقات رنيم اصبحت لا تطاق .. وتذمرها من كل شيء كابوس يجتاح ذاك القصر .. لتغير الموضوع قالت : رشا بتروحين ويانا بييتنا اليديد ؟


-
اي بيت يديد دخيلج .. بيت حالته حاله .. مهجور .. لو ايلسون يعدلون فيه سنين ما تعدل .

- انا ما سألتج رنيموه .. سألت رشا


زفرت غيضها .. وقامت وهي تنفث براكين الغضب .. ابتسمت رشا : بروح وييا سيف .. والا نسيتي اني معرسه وعندي ريال ( زوج ) .



هزها من كتفها يججبرها على الاستيقاظ : جود قومي ..

مسحت عيونها بعنف وهي تجلس بكسل : شو فيك ؟ تراني من امس مب راقدة

وقف ودون ان يرد على سؤالها : قومي تجهزي ونزلي تحت .. اريدج فموضوع .. اترياج فالمكتب .


رمشت بعيونها وهي ترى خياله الضبابي يغادر الغرفة ..عادت لتعرك عيناها تجبرهما على الاستيقاظ .. انزلت ساقيها .. باحثة بقدميها عن حذائها الريشي الخفيف .. دست القدم اليمنى بخمول .. تبعتها اليسرى .. مشت تسحبهما على الارض بصعوبه .. لن يعيد لها وعيها بالكامل الا الماء .. وبدون ان تخلع ملابسها حشرت نفسها تحت شلال الماء المندفع .. لتشهق من برودته .. ولتضحك بعدها .. وبعدها خلعت ملابسها الباكية بغزارة .. لتستبدلهن بتنورة واسعة قصيرة وبلوزة ناعمة .. خرجت من غرفتها لتستقبلها رنيم بالتعليقات : الحين دور فيصل .. قبل كان ابوي الله يرحمه .. والحين بديتي تلعبين ع اخوي .


نظرت الى تلك المتخصرة .. وابتسمت .. فلا شيء يكسر رنيم سوى تلك الابتسامة من جود .. مشت غير آبه بذاك التعليق وذاك الاتهام .. تلك الغيرة كانت ايضا واضحة على ملامح رشا وجواهر حين مرت متوجهة الى مكتب والدها الذي سبقها فيصل اليه .. لماذا هي ؟ .. كثيرا ما يمر هذا السؤال على عقولهن الانانية .. تنفست وهي تقف عند الباب .. فهي لا تمتلك ادنى فكرة عما يريده فيصل منها .. طرقت الباب ودخلت .. ليترآءى لها فيصل منهمكا في بعض الاوراق .. ناداها دون ان يرفع نظره .. تقدمت وبدت القشعريرة تغزو خلاياها .. رفع نظره ليصرخ : مينونه انتي – سحب جهاز التحكم بالتكييف واعدم تلك النسمات الباردة – ليش مب منشفه شعرج .


قام واقفا ليقف امامها .. ويحتظن وجهها الصغير بكفيه .. فعلا استغربته منه .. شعور بحنان افتقدته اسال دموعها لتتسلل بين اطرافه .. واذا بها تدفن وجهها بجسده .. وتشتم رائحة ملابسه .. وعطر " ون مليون " .. يمتزج بانفاسها .. العطر الذي لا يتخلى عنه فيصل : شو صارلج ؟


حرك يده على شعرها المبتل : خيستيني ماي ..

ضحكت لكلامه وابتعدت تمسح دموعها : sorry .

سحبها من جديد محتظنا لها : لا تتأسفين – ابعدها وهو يمسك يدها ويجرها معه – تعالي .

اخرج ورقة ووضعها امامها على الطاولة .. تأملتها .. وما لبثت حتى عقدت حاجبيها .. نظرت له وهزت رأسها : ما اقدر .

,,


ما اقدر .. جملة نطقها لتسمعها تلك الواقفة تنتظره .. صرخ بتلك الجملة بعد ترجي من ايمان ليخرج .. فخولة هناك تنتظره في تلك الصالة الصغيرة .. تتمنى ان تراه .. ان ترتمي في حظنه .. كما ارتمت في حظن ايمان منذ ساعتين .. وهاهو يعود ويسجن نفسه في غرفته .. لا يريد رأيتها ولا يريد رأيت ذاك الرجل القابع في سيارته ينتظر خروجها منذ اكثر من عشر دقائق ..طأطأت ايمان رأسها عند باب غرفته الذي تعبت وهي تطرقه .. طرقت من جديد : عيسى .. هذي خوله

ليصرخ مزمجرا : خولة ماتت ..


لتضع الاخرى كفها على فيها .. وتسدل الغطاء الاسود على وجهها وتجري خارجة .. فتحت الباب وركبت .. تهَكم قائلا : كان تاخرتي اكثر . .. اشتغل عندج انا .


وقاد سيارته .. اما هي كتمت انفاسها المتألمة تحت ذاك السواد .. لم تنبس ببنت شفة .. تمنت ان يقصر ذاك الطريق .. لاول مرة تشتاق لغرفتها او لغرفته الكئيبة .. الصمت سيطر على الاجواء .. تلك الاجواء الغاضبة من جهة جاسم والمتألمة من جهة خولة .. اوقف سيارته لتنزل مسرعة .. يناديها ولكن لا تجيب .. جرت مسرعة للاعلى .. وقفت هناك في منتصف الغرفة تتذكر سياط عيسى .. تتمنى ان تخر صريعة .. وتتحقق جملة عيسى بفناءها .. حرارة تجتاحها .. تمنت ان تجد عيسى الذي كان .. تمنت انه نسى .. كانت سعيدة عندما وافق جاسم ان يأخذها لزيارة اخويها .. او بالاحرى هي لم تطلب .. هو من قال لها ان تستعد لذهاب .. فلديه مشوار يقوم به .. وسيتركها هناك حتى ينتهي .. وياليتها لم توافق .. ياليت شوقها لم يجب بتلك الفرحة لطلب جاسم .. وقفت كصنم خاليا من الروح ..و لم تكترث لزوجها الذي احرقه عدم اكتراثها لندائه .. دخل وشياطين الغضب ارتسمت على سواد نظارته .. ليمسكها من ذراعها مديرا لها لتواجهه .. ليتسمر .. وتتلاشى الكلمات على شفتيه .. هالته دموعها .. وعيونها الحمراء .. اعتق ذراعها .. لترتخي بجانبها .. ودون شعور منها ارخت رأسها على صدره .. لتعود له ذكرى مرت .. انكسار قاسم .. لتنطق بنبرة مرتجفه : خولة ماتت ..

,,

اتمنى البارت يعجبكم ..

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:01 PM

http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...07e30b22ab.gif
,،


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

حين نقف على اعتاب التحول .. فيكون حاضرنا نقطة فارقة بين ما كان وما سيكون
كتلك النقطة التي سيبدأ منها ابطال روايتي حياة اخرى ..
قد تكون سعيدة .. وقد تكون عكس ذلك .. او لعلها تكون وسطا بين الحالتين ..
فاليوم سيقفون اولئك الاشخاص بين ايديكم .. وعلى دائرة التساؤلات ..
ماذا سيكون ؟
وماذا كان ؟
لتبدأ احداثا أخرى تُبنى على احداثا ماضية .. وعلى احداث لم تظهر لكم بعد ..
فسنعيش معهم ذكريات فراغ الآن .. وذكريات الماضي الذي راح ..
واحداث مستقبل لم يولد بعد ..

فكونوا هنا ..
لتعيشوا معهم ..


,،

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:01 PM


http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...023d777bb4.gif

,،

لاول مرة تشعر بان ذاك الذي فارقها منذ اكثر من شهر قد عاد .. شعرت بحنانه في كفي ابنه الوحيد .. ورأته في عيونه العسلية تلك .. هو لا يفرق عنه الا بالشعر الابيض واللحية الطويلة بعض الشيء .. وتلك التجاعيد البسيطة .. وكأنه هنا امامها قبل ان تولد .. وقبل ان يتزوج حتى .. هو هو .. سالم الـ... يجلس مكانه على ذاك الكرسي الاملس من الجلد البني .. حتى صوته وهو هاديء موجود الآن .. تأملت تلك الورقة المطبوع عليها اشياء اهالتها .. ابتعدت خطوة .. وكأنها تهرب : ما اقدر .


امسك يدها .. ويده الاخرى على تلك الورقة على حافة تلك الطاولة : تقدرين يا جود .. عشان ابوي .

هزت رأسها رافضة الاذعان .. تشعر بأنها ضعيفة .. عيونها باتت معطاءه لدموع : عشانه ما اقدر .. قالي ما امشي فهالطريق ..


امسك يدها الاخرى .. شد على كفيها الصغيران مقارنة بكفيه : لا تخافين .. مستعد احميج .. بس انتي دخلي ع هالمواقع المكتوبه بهالورقة .. ونسخيلي اهم المعلومات .

لا اجابة منها .. شعر بقلبها الصغير يرفرف خوفا .. فقام واقفا .. يحتظنها .. يدفنها في جسده : عشان ابونا يا جود .. اريدج تكونين قوية .. اريدج تكونين جود سالم الـ... .. لا تخافين .. اوعدج ما اخليج – ابعدها عن صدره ناظرا لعينيها – محتايلج وياي .


مسح دموعها .. فازدردت ريقها : بشو بتفيدك بنت عمرها 15 سنة ..

- هالبنت عندها عقل اكبر من سنها .. حتى ان عقلي ما ايي شيء قدامه .. هالبنت لو حطت شيء فراسها بتوصله .. واريدها تحطي شيء فراسها .

نظرت اليه وكأنها تسأله ما هو .. لم يجبها لانه يدرك بانها اذكى من ان تسأل .. عاد ليجلس على كرسيه : اريدج تكونين وياي فهالشهور اليايه .. اريد اتعلم اشياء منج انتي .. اشياء كان المفروض اتعلمها من ابوي الله يرحمه ..

ابتسمت على مضض .. واخذت تلك الورقة تتأمل تلك الروابط الالكترونية .. ابتسمت ناظرة اليه : تظن ان هالشركات هن السبب باللي صار .

مسح بيده على شعر وجهه الخفيف : لا .. بس منهن بوصل للي اريده .

اعادت الورقة لمكانها : توعدني انك تحميني ..

عاد ليمسك يدها : اوعدج .. ولا تخافين كل شيء بيصير برع .. والآي بي ما بيكون معروف لهم .

- بنسافر ؟

- انا وانتي وبس .. بس هالشيء ما بيصير الا عقب ما تخلص امي عدتها وننتقل لابوظبي .


وافقته وهمت بالخروج فناداها .. لتلتفت له بحركة طفوليه ويداها خلفها .. وهي تبتسم : لا تخاف حفظتهن .. وقطع الورقة .. لازم تكون الجريمة كاملة .

ضحك وتوجه نحوها ليضمها اليه : احبج يا جود .. وسامحيني ع كل شيء .


,،

السماح هل توجد في قواميس البشر هذه الكلمة .. وان وجدت فلأي حد .. وهل توجد في قاموس ذاك الذي يشعر بتغير حياته .. يمسك الفرشاة .. يلطخ ذاك اللوح بالكثير من الالوان .. لا يعي ما يفعل .. فما يقوم به لا يعد سوى ضربا من الجنون .. اعتاد على دخولها في مثل هذا الوقت وبيدها كوب عصير .. او قطعة حلوى .. او شرابا ساخنا .. حتى وان كان يتضايق من فعلها ذاك . الا انه يدخل في خلاياه شعورا باهميته لديها .. يوقن بحق انه يعشقها .. يبحث عن اسباب ليبتعد عن هذا الشعور .. ولكن تلك الاسباب واهية .. ضعيفة بضعف خيوط العنكبوت .. يمر بين عينيه انكسارها في ذاك اليوم .. رأسها المرخي على صدره .. يداه المتمردتان .. لتفضحا شعوره نحوها .. وتعانقان ظهرها .. بقدر ما تمنى ان يقطعهما لفعلهما ذاك .. بقدر ما تمنى ان لا تفارق صدره .. فهو يرى توأمه فيها .. في ضعفها .. وفي انكسارها .. لعلها توأم من نوع آخر .. توأم لروحه الضائعة التي ستهديها الى بر الامان ..يومان لم تغادر تلك الغرفة .. يشعر بضياعها كلما ولج الى مخدعه .. رمى بالفرشاة .. ونظف كفيه .. فهاتفه اصابه بالقلق .. كانت تلك المحادثة سببا ليقطع جميع علاقاته بشركة والده .. ابتسم ولا يزال الهاتف على اذنه : فليذهب جون الى الجحيم .


وبعدها قهقه .. كانت ضحكة النصر .. ولكن سرعان ما تلاشت .. فما وصله ليس مهما بقدر اهتمامه بتلك السجينة .. حث الخطى اليها .. عليه ان يكلمها .. ففعلها ذاك لن يعيد لها عيسى .. والضعف في هذا الزمان لا يعترف به .. فيكفيه ضعف توأمه الذي كسره وهشمه .. دلف الى غرفته ليراها قابعة على تلك الارضية بجوار ذاك السرير داكن اللون .. محتظنة نفسها .. كطفلة تبكي دمية كسرت .. او رحلة عُطلت .. لا يجيد كلام الترويح عن النفوس المتألمة .. فتنفس بعمق .. اقترب منها وجلس على السرير حتى اضحت بجانب ساقه الايسر .. وضع كفه على كتفها : خولة


لم تتحرك .. لا تريده ان يراها تبكي .. فهو دخل في وقت لم يعتد الدخول فيه الى هذه الغرفة .. دست رأسها اكثر .. لينحني هو اكثر هامسا : تبيني اتدخل فالموضوع .


لتقف وكأن جملته تلك لسعتها شر لسعة : لا .. يكفي تدخلك فحياتي .. كافي اللي سببته لي .. دمرت حياتي .. حطمت حلمي باني اخذ انسان عادي .. كرهت اخواني في .. عيسى كرهني بسببك .. كافي اني كل ليلة ارقد وانا خايفة .. اتقلب ع الفراش من خوفي انها تكون اخر ليلة لي .. وارجع عقبها لعيسى مطلقة .. كافي الكلام اللي اسمعه كل مرة عنك يخليني احس عمري ولا شيء .. انسان مزواج ما همه الا متعته .. كافي اني احس عمري رخيصة .. ما فرقت عن اي وحده واطيه باعت شرفها .


لم تشعر الا بكفه يدير رأسها .. ليتناثر شعرها الليلي .. اقترب منها ليمسك فكيها بعنف .. حتى تألمت شفتاها من البعد .. ليصك اسنانه بغضب : ما اسمحلج تحطين من قدرج .. تكلمي عني مثل ما تبين .. بس انج تنزلين من قدرج لهالمستوى فما ارضى – نغز صدعها الايمن بسبابته اليسرى – فكري بهذا – توجه الى صدرها – اما هذا فخليه بعيد .. لانه ما بيفيدج فشيء – شد قبضته على فكيها – لو الضرب بيعدل تفكيرج فنفسج مستعد اني اضربج الين تعرفين تفكرين .


اعتقها .. وسط نبضات قلبها التي بسببها شعرت به سيخترق قفصها الصدري هاربا .. قاطعا انفاسها المتتالية ..

تتبعته بنظراتها وعيونها الجاحظة .. التي وكأنها ستخرج من محجرها .. خرج ليغلق الباب بقوة .. محطما سكون تلك الغرفة الباردة .. ازدردت ريقها .. فما يتملكها الآن شيء لم تحسب له حساب .. اطرافها ترتجف ..شدت قبضتيها لعل تلك الاهتزازات تعتقها .. جلست على السرير .. فرجفات جسدها من تلك الصدمة لا تريد الابتعاد .. واذا بها تستلقي تحتظن نفسها من جديد ..


اما هو فعاد الى مكانه السابق .. وقف هناك يتأمل لوحته التي لم تجف بعد .. كانت في رأسه قهقهات لا تهدأ .. ضحكات كانت .. رافقته على مدى سنين خلت .. ضحكات افتقدها بشدة .. واختفت دون سابق انذار .. ليضرب تلك اللوحة موقعا اياها ارضا : خلاص يا قاسم .. اطلع من راسي الله يخليك ..


ركع ممسكا رأسه وكأن به الما يفجر دماغه الذي لا يهدأ من التذكر : ليش اشوفك فيها .. ليش ؟ .. ليش احس اني يالس اجبر كسرك بكسرها .. منو هي .. منو هي عشان اشوفك فيها – صرخ – منو هي يا قاسم .

مرت دقيقة تتبعها أخرى .. وتوالت الدقائق .. وهو هناك .. وهي هناك .. قام يلملم شتات نفسه .. كل شيء ينهار .. شخصيته القاسية تنهار .. وامام من .. امام امرأة ..مسح شعره ليمسك به خلف رقبته لبرهة .. وبعدها شد الخطى الى صالة منزله .. لا بد من انهاء امر ما .. قبل ان يقع وتكثر السكانين على رقبته .. سحب هاتفه من جيب بنطاله .. وطرح نفسه على ذاك الكرسي .. تنفس بعمق استعدادا لشحذ شخصيته المزيفة .. وكعادته دون ان يلقي بالتحية : اسمع يا عبد العزيز .. مستعد ابيعلك نصيبي بالكامل في الشركة .. وبالسعر اللي تريده .. لاني الصراحة سمعت كلامك .. وتعبت من المشاوير بين شركتك وشركتي .


اغلق الهاتف .. وقهقه وردد : تعبت

وعاد ليضحك بشدة .. هو لم يتعب .. ولكن هناك شيء ما يريد ان يقوم به حتى وان تخلى عن تلك النسبة التي طالما ارادها .. قام واقفا واعاد هاتفه الى حيث كان .. اقتربت احدى الخادمات منه تسأله اذا تضع العشاء .. نظر لاعلى وهو يلقي على مسامعها ان تجهز الطاولة .. صعد للاعلى .. الى غرفته .. دنى من سريره .. الى تلك المتقوقعة عليه .. هل هو شعور بالندم ذاك الذي يراوده في هذه اللحظة .. ام انه احساس بالذنب .. او لعله تعويض عن شيء مضى ..لن يعتذر .. فهو لم ينطق تلك الجملة ابدا .. " انا اسف " لا توجد في قاموسه .. ابعد شعرها عن وجهها المحمر جراء ضربته القاسية .. نائمة بسلام .. سحب الغطاء عليها .. وحرك ظهر اصابعه على وجنتها .. وكأن بها تقدم قرابين الندم ..

,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:03 PM


http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...b85f77b7ec.gif


,،


ندم يجتاحها منذ ذاك اليوم .. نادمة هي على ثلاث سنوات دُفنت فيها تحت شعار الطاعة للزوج .. اي زوج هذا ؟ .. الذي يقتلها ويمشي في جنازتها .. تريد ان تقول باعلى صوتها .. انه كاذب .. وشخص منافق .. تريد ان تصرخ امام والديه المغشوشين فيه .. تريد ان تخبرهم لماذا الى الآن لم تقر اعينهما بحفيد منها .. تريد وتريد وتريد .. كانت تهز قدمها بتوتر على ذاك الكرسي الهزاز بجانب تلك النافذة المطلة على تلك الحديقة الواسعة .. وكأن بهتزازت الكرسي تسقط لتتلقفها ساقها .. تريد ان تثرثر بما يعتريها .... وتلك السناء لا ترد على اتصالاتها .. قامت واقفة حين احست بدخوله .. تريد ان تنفجر حتى ولو بكلمة واحدة .. نظر إليها .. ومشى وهو يحرر رأسه من ذاك الطوق الاسود ( العقال ) وتلك القطع البيضاء ( الغترة والطاقية ) .. ليرمي بهم على تلك الاريكة .. ويمدد ساقيه : خير .. اشوفج تتريني مب بالعادة تسهرين لهالساعة .


كانت تحدث نفسها بضرورة الكلام .. فيجب ان تسأل .. أن تعرف من ستشاركها به .. من التي سيجني عليها : منو سعيدة الحظ ؟

رمقها بطرف عينه : يهمج تعرفين ؟

- هي اللي تكلمها فالفون ؟


خنق انفه بسبابته وابهامه .. ليمسحه بهدوء .. قبل ان يخرج مدواخه من غمده .. ويحشوه بالتبغ ويعلن محرقة الانفاس .. تفاجأت .. منذ متى تحول من السجائر الى المدواخ .. يبدو ان امورا كثيرة باتت تجهلها .. تلذذ بذاك الدخان القاتل ..وكأن بأنفاسه تلك تحرقها هي .. وتذيب جليد تلك الايام : ما رديت ع سؤالي .


بعثر رماد التبغ ليعيده الى حقيبته الجلديه .. وقام واقفا : مب مهم تعرفينها .. المهم اني بعرس وبييب عيال .. اتشرف باهلهم وباخوالهم .

اعطاها ظهره متوجها للغرفة .. فاذا بها تتبعه لتقف عند عتبة الباب .. تراه يخلع ثوبه ليبقى ببلوزته القطنية .. وإزاره الابيض الذي تشابكت به الخطوط .. وبعدها يجلس على سريره .. يعد هاتفه ليستيقظ على منبهه .. ويستلقي .. اقتربت منه .. تكرر ذاك السؤال .. من هي ؟ .. ليزفر غاضبا .. وتبتعد هي مرتعبة : انزين من حقي اعرف .


استرجع ( انا لله وانا اليه راجعون ) .. وجلس ينظر اليها بنظرات قاتلة : سناء .. ارتحتي .

واذا به يدفن نفسه تحت لحافه الثقيل .. راودتها ذكريات كانت .. حديثه في هاتفه .. تجنب سناء لها .. عدم رغبتها بسماع شكواها .. قالت بشيء من الحسرة : خذت رقمها من موبايلي .. وصرت تكلمها .

ابعد اللحاف بعنف .. تأملها بوحشية : من حقي اعدل صورتي اللي شوهتيها قدامها .

تشدقت بابتسامة حزينة : شوهتها .

عاد يغطي نفسه صارخا : خليني ارقد .


حملت نفسها الى تلك الصالة . واستلت تلك السكين من بين الفواكه في تلك السلة .. واذا بها تنظر اليه امامها .. ثواني واذا بها تنهال عليه بالطعنات .. طعنة تلو الاخرى .. ابتسمت وهي ترى الدماء تغطي المكان .. انتقمت لذاتها المسلوبة .. انتقمت منه بفكرة جنونية راودتها لبرهة .. رمشت .. وكأنها تسقط تلك الفكرة بسقوط دموعها .. انسحبت من المكان .. لتنفرد بنفسها في تلك الصالة التي لا تزال تعبق برائحة التبغ .. تكورت على نفسها .. دموعها تنسل باردة على وجنتيها .. لا صوت يسمع لها .. فقط افكار تعصف برأسها المثقل بالهموم ..


شمس يوم جديد .. يوم قد يكون مختلفا عليها .. وهي لا تزال مكانها .. خرج ليراها وينصدم ويتعوذ من الشيطان : شو مقومنج من هالصبح .

وهل نامت هي لتصحو .. كانت تعد قراراتها على نار الهدوء .. وفي وعاء الألم .. وتحركها بدموع الندم .. لم تهتم له .. ارادت خروجه فقط .. تنتظره يغادر تلك الغرفة لتبدأ تلملم انكسارها .. ايقنت ان بقاءها هنا لن يأتي لها الا بالجنون .. ويكفيها ما تجرعته من سموم .. تحسب حسابات لغيرها .. وهي .. الا يحق لها ان تفكر بنفسها ولو ليوم واحد .. خرج .. لتنهض من كبوتها .. وتجمع اشلاءها في حقيبتها .. كل شيء سينتهي عند هذا الحد .. فليتهنى معها .. عمدت الى هاتفها .. لتكتب رسالة نصية قصيرة " شبعي فيه " .. اجل فالتشبع به .. فلم يعد له في قلبها مكان منذ امد .. ولكن اليوم ختمت وصدقت على خلوه من ذاك المدعو سعيد .. سحبت حقيبتها .. وهناك ابتسامة الحرية تشق طريقها على شفتيها .. تعلم انه ليس بالقرار السهل .. ولكنها مستعدة لأي تبعات قادمة ..


تفاجأ الجميع بدخولها المنزل بمعية حقيبتها .. توقعوا ان الطلاق قد تم .. فمنذ زواجها لم تاتي بحقيبة ملابسها يوما .. وان قضت اياما في منزل والدها فتلك الايام لا تتعدى اليوم الواحد .. تشعر بالخجل لاقتحامها المنزل في هذا الوقت الباكر .. وكأن لهذا المنزل جاذبية لا تعمل الا في هذه الساعات من بداية اليوم ..جلست مطولا مع مريم .. تريد ان تقول كل شيء .. فتكلمت دون توقف .. انفجرت في تلك الغرفة .. فاجهضت حملا بات سنين يأرقها .. لتنهار بعدها في حظن امرأة ربتها .. وتردد : لا تقولين لاي حد .. بس تعبت .. ما قادرة اتحمل..

ضمتها اكثر : لا تخافين يا ريم .. وابوج انا بتفاهم وياه ..


فكانت تلك المحاكمة بعيد العصر .. محاكمة من جلستين .. جلسة مع سعيد ووالده .. وجلسة اخرى مع شريكة العمر .. فسعيد لن يتخلى عنها بهذه السهولة .. زين مساعيه بالزواج في نظر عمه عبد الرحمن .. ليوافق راشد على كلام ابنه .. فلا بد للولد .. وهي عاقر لا تأتي بالاحفاد له .. عبدالرحمن رجل طيب .. لا يريد ان يخسر اخوه راشد .. فهو من بقى له بعد اخيه منصور .. اخبرهم انه سيكلمها .. وانسحب لينفرد بها وبزوجته مريم في غرفتهما : عمج وريلج يايين ياخذونج ..

تمسكت بمريم وكأنها تحتمي بها : ما اريد اروح .. ابويه خله يطلقني ... عافه الخاطر .


تجهم وجهه .. فالطلاق ابغض الحلال عند الله .. ويكفيه هاجر : استهدي بالله يا ريم .. والريال من حقه يتزوج وييب عيال .

مثل ما انت سويت .. نطقت بها وهي تقف لتردف : اسمعني يا عبد الرحمن ..ريم ما لها رده عند سعيد ..

صرخ : ومن متى الراي للحريم يا مريم .

- يبتها لي وعمرها تسع سنين .. قلتلي امها خلتها وسافرت .. ومحد يدري اني كنت معرس قبل لا اخذج .. وسكتت وقلت ما عليه ريلي وهذي بنته .. بتكون مثل بنتي .. وعمري ما قصرت عليها بشيء .. حتى كنت اقسى ع هاجر عشانها .. والحين ياي تقولي الحريم مالهن راي .. كان الراي رايي يومها .. مع اني سكتت يوم تقدم لها سعيد .. وقلت ما عليه ولد عمها وبيصونها .. مع انك كنت تعرف اطباعه ..

- لوين تبين توصلين يا مريم .

التفتت لريم الجالسة خلفها : ريم مالها رجعة الا برضاها يا عبد الرحمن .. وغير هالكلام ما عندي .

- لا تنسين يا مريم ان وجودها هني .. معناته طلوع طارق من البيت .


جملة لم تحسب لها حساب .. ولكن هل تتخلى الام عن احد ابنيها لاجل الآخر .. تلك المريم انسانة هادئة .. ويكفيها حبها لعبد الرحمن يسيرها .. ولكن وقت الجد تكون امرأة مختلفة .. بأمكانها ان تقلب موازين الامور بكلمة .. ولكنها تفكر قبل ان تنطق باي احرف .. نظرت لريم بابتسامة هادئة .. وكأنها تقول لها انتي وطارق اخوة .. ولا داعي للخوف .


لا داعي للخوف .. ها هي نفس الجملة ومن شخص مختلف يتم نطقها .. وهو يربت على كتف ابنه سعيد : لا تخاف .. مردها لك .. خلها تهدى وبترجعلك .. ترا العديله مب سهله .

راشد يتكلم بحكمة ... من اين اتت هذه الحكمة فجأة .. هذا ما دار في رأس سعيد الثائر .. ليقوم واقفا معلنا الانسحاب من مجلس اجتمع فيه اخويين .. وطلب على وشك الافصاح عنه من راشد .. امسك اخيه الاصغر بيده ليجلسه بجانبه : يهال ما عليك منهم .. بيزعلون كم يوم وبيرضون .. وريم خلها عندكم ترتاح ..

هز رأسه بتعب واضح : يا ابو سعيد .. ما اريد اللي يصير بين العيال يفرقنا وانا اخوك .

ربت على فخذه : ما بنفترق يا بو عمار .. وياينك فطلب بيزيد اللي بينا .

استنكر الامر حتى بان على محياه : خير يا راشد ..

ابتسم : خير يا عبدالرحمن .. اكييد خير .. ياينك طالب بنتك هاجر لولدي بدر .


بدر الذي لم يذق طعم النوم منذ سماعه لذاك الخبر .. ها هو ذا يقف في ذاك الركن .. مرت عليه ساعة وهو على حاله من الوقوف .. يجلس قليلا ثم يعاود النهوض .. جلس القرفصاء من جديد .. ينظر الى ساعة يده بتوتر .. جاء وبيده كيس .. وعلى محياه ابتسامة .. ليتلقاه الاخر : وينك يا ريال .. حشا ما يسوى علي اريدك فسالفة .. تلطعني ( تتركني ) هني وكني حرمة بتولد .. رايح راد .

انفجر ضاحكا : غربلات بليسك يا بدير .. شو اسويبك متصل علي وانا فالدوام .. لا وبعد مب عايبنك اني اترخصت عشان عيونك .. ويايبلك غدا وياي ..


وهو يفتح الباب ليلج الى شقته : حياك ..

مشى خلفه : عبدالله انا فنار ما يعلم فيها الا ربي ..

وضع الكيس على الطاولة : استهدى بالله .. بنتغدا .. وبنعين من الله خير .. وبعدين بنسولف .

رمى بنفسه على الاريكة : الا من وين لك هالشقة ..

عاد بعد ان غير ملابسه .. مرتديا ثوب نوم مقلم بخطوط رفيعة : من فلوسي .. انا مب مثلك لعاب .. نص الشهر ومفلس .


باهتمام تكلم : عبدالله محتاي شورك .. دخيلك مب عارف شو اسوي .. وابوي حطاني بين نارين .

ضرب على فخذه : نتغدا .. وبعدها نسولف .. ما اعرف اركز وانا يوعان – يمد يده للاكل – ياللا سم .

كانت تلك الدقائق ثقيلة على بدر .. ومع هذا ضغط على نفسه ليجاري عبدالله .. هو يريد ولو قشة صغيرة تنقذه من الغرق .. ولعلها بيد اخيه .. قص عليه ما حدث .. وكيف تحول كل شيء في دقائق بينه وبين والده .. ليضحك الآخر وتتحول ضحكته فجأة : تستاهل يا بدر .. يعني تدري بسواي ميوود وساكت .. شو ماسك عليك مسود الويه .

ازدرد ريقه : خلك منه الحين .. اريد شيء يخلصني من الورطة اللي انا فيها ..

وهو يلثم فاه علبة " الديو " .. وبتلذذ واضح لبدر .. الذي صرخ : عبوود .. انا اكلمك ..

نظر له : وليش ما تزوجها ..

قام واقفا كالذي وطأ على جمر : اخذ هاجر .. الدلوعة .. ولا تنسى انها جامعية وانا حيالله ثانوية عامه .. وبعد خذتها بالدز .. تريدها باكر تعايرني بشهادتها ..

- ايلس .. دامك انت ما تقدر ترفض .. خلها هي ترفض ..

جلس متوسدا ساق وتارك الاخرى تعانق الارضية .. ناظرا باهتمام لعبدالله الذي وضع العلبة من يده .. وجلس جلسة شبيهة لجلسة بدر ليتقابل معه وجها لوجه : اتصل عليها .. قابلها وفهمها كل شيء .. واذا ع رقمها عندك فاطمة .

- تهقا ( تعتقد ) .. بتسوي شيء .. وبعدين هي مالها راي اصلا .. شفت يوم تقدملها احمد .. والله لو وحده عاقل ولها راي ما وافقت وهي بنت 17 سنة – خفض نبرة صوته – يعني بتقدر ترفض .

ربت على كتفه وهو يقوم واقفا : جرب ما بتخسر شيء .. واذا ما سوت شيء .. حياك تونسني .. ونسمي الشقة .. شقة المطرودين من رحمة راشد ..

واخذ يقهق ليهز الاخر رأسه وهو يتبعه بنظراته : على وين ؟

لم يلتفت واشر له بيده : برقد .. تعبان .. البيت بيتك بس لا تسوي حشره .

,،


الازعاج الذي لا يريده عبدالله .. بدا واضحا على ملامح ريم التي تزيح الغطاء عن وجهها وتجلس متأففة : عندج محاضرات يوم السبت بعد .

وهي تنظر للمرآة .. وتخط عيناها بالكحل الاسود : لا .. بس عندي موعد .

اعتدلت في جلستها على ذاك الفراش على الارض بجانب سرير هاجر : موعد ؟ .. وبعدين منو هذا اللي حاشرنج بالتلفونات من الصبح .

انزلت قلم الكحل واخذت اصبع الشفاة الوردي .. وهي تمرره على شفتيها الرقيقتان : ولد عمي .

اقتربت منها ممسكة بذراعها بقوة لتديرها لجهتها .. فتصرخ الاخرى : شفيج .. زين جذي خربتي ويهي ..

لا تزال ممسكة بذراعها : منو فيهم .


سحبت مناديل ندية من " جونسون " .. لتزيل الطلاء عن جانب وجهها .. وقبلها سحبت ذراعها من يد ريم : بدر .

- شو يريد منج ؟

-مادري .. بروح وبعرف ..

- وعاادي تطلعين بدون ما تقولين لاي حد . ترا ما منهم أمان

زفرت متململة من تحقيق ريم الذي لا ينتهي : ولد عمي مب حد غريب .

تشدقت : واحمد بعد ما كان حد غريب .

نظرت لها .. فشدت الاخرى على شفتها السفلى .. لزلة لسانها تلك .. ابتسمت على مضض : الله يوفقه .


سحبت حقيبة يدها بعنف من على سريرها .. وخرجت من الغرفة مغلقة الباب خلفها .. اما ريم فجلست على السرير : يا ربي .. يعني لازم ارجع لسوالفي وياها .. ومناقرتنا .. الله لا يسامحك ياسعيد ..


في احد مقاهي " المارينا مول " جلست .. ونظارتها المذهبة الاطراف على عينيها .. وفي يدها تلك الماصة تحرك بها مكعبات الثلج الراكدة في اعماق كأس عصير المانجو .. افاقت من سرحانها على صوت تحرك الكرسي المقابل لها .. ونطقه بتحية الاسلام على مسامعها .. لترد عليه وعلى اسئلته عن الحال .. يعتريه التردد .. ويشعر بالتوتر وهو يتكلم دون ان يرى عينيها .. فيشعر بانها ليست معه .. كانت هادئة .. واذا سكت لبرهة .. تحثه على المتابعة .. هو لم يرها منذ فترة طويلة .. يذكر آخر لقاء بها كان يوم حفلة تخرجها من الثانوية .. وبعدها لم يرها ..بعد ان انهى كلامه .. تنهدت : وانت ؟

- انا شو ؟

- شو رايك ؟

احتلته نوبة غضب بانت على نبرة صوته وفي عيونه المتفحصة لنظارتها في محاولة لرؤية العينين المستترتين : الحين يالس اقولج ان ابوي بيتبرا مني .. واني ما اقدر ارفض .. وياينج .. عشان شو بالله .. عشان سواد عيونج .

قامت وهي ترص على اسنانها : احترم نفسك وانت تتكلم معي .. يايني فخدمة ولازم تكون محترم .

امسك يدها .. فسحبتها بعنف .. ليردد اعتذاره : اسف .. يلسي خلينا نتفاهم .

جلست على مضض .. وقبل ان تنطق اذا بيد تضرب الطاولة امامها .. لترفع الاخرى نظرها .. وبصوت خافت يشوبه الغضب : ياللي ما تستحين .. تتهربين من ولد خالتج ويالستلي وييا واحد هني .


من خلف نظارتها كانت عيونها تقدح شررا .. وتحاول اخفاءه بقدر ما تستطيع : ما اسمحلك يا نصور . وهذا ولد عمي بدر .. والا الغيرة عمت عيونك .

- شحالك ناصر .. الناس تسلم .

تمالك اعصابه .. ورد ببرود وهو يصافح بدر : السمووحه يا بدر .. بس – وهو ينظر لهاجر – ما انتبهت .

قام واقفا : ع العموم انا خلصت كلامي يا هاجر .. وانتي بكيفج .. بس العشم فيج يا بنت العم .

غادر ليجلس الاخر مكانه : وولد عمج .. تظنين انها حلوة يلستج وياه هني .. انتي ناسيه انج

سكت لتردف هي : اني مطلقة .. ما صرت حرمة اخوك يا ناصر .. اذا عندك موضوع قوله ..


لماذا هذا اليوم تتلاحق الافواه لتذكرها به ؟ كان سؤال يدمر اعماقها المجروحة .. ولماذا يلجأون لها .. وهي ضعيفة لم تقوى يوما لقول كلمة لا .. هل يدركون بان في داخلها اسس بناء جديد منذ اشهر .. وهو لا يزال في طور الاعداد .. ام انهم يحتمون بها لضعفهم المستتر خلف رجولة واهية .. هذا الاخر يريدها ان تحل خلاف بين شقيقتين كانت طرف في حدوثه .. دون قصد منها .. الا يعي بانها لا تزال جريحة .. ولا يزال ذاك الجرح ينزف دون هوادة .. فكيف بها تعيد ما قطع .. لتتذكر الماضي بتفاصيل اكثر .. لتراه في عيون خالتها التي يشبهها بقوة .. او لعلها تراه في العنود من جديد ..


يا الله يا ناصر .. لو تدري انك يالس تسن السكين اللي بتذبحني .. كان حديث نفس مرهقة .. فقالت وهي ترسم ابتسامة خفيفة : ولا يهمك .. دام عمي بو – ترددت في نطق اسمه – عمي عبيد عزم ابوي لملجة روضة بيكون الموضوع سهل .. بكلمهم وان شاء الله كل شيء بيرجع مثل اول واحسن .


هل تخدع نفسها بذاك الحديث .. ام هو أمل ترتجيه .. او لعلها تريد ان تطبق المقولة " وداويها بالتي هي الداء " .. لعل تلك المقولة ستنطبق عليها .. وستشفى جراحها بالقرب الذي تخافه ..

,،

Continue



♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:04 PM


http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...b85f77b7ec.gif


,،

كالقرب الذي اضحى لا بد منه في حياة روضة .. تنتابها احيانا رغبة جامحة بالبكاء .. لا لأي سبب .. فهي خائفة من القادم في حياتها .. تشعر بانها ستظلم ذياب معها .. فهي ليست بفتاة رومنسية .. ولا تعرف من امور الحب شيء .. باردة بعض الشيء .. قامت بكسل من فراشها .. الساعة تقارب الثانية عشر ظهرا .. اضحت كسولة جدا .. نظرت الى حيث يتدلى فستانها البطيخي ذو العلاقات الكرستالية .. تنهدت وقامت تغسل وجهها لعل ذاك الكسل يعتقها .. نضحت الماء على وجهها مرة اخرى بعد ان نظفت اسنانها .. خرجت من دورة المياه ( اكرمكم الله ) وهي ترفع ذراعيها تحاول تنشيط جسدها .. نظرت حيث يقبع جهازها المحمول ( اللابتوب ) .. واذا بها تحمله وتتربع على السرير .. غلغلت اطراف اصابعها في شعرها المنفوش وهي تنتظر ابتداء الشاشة للعمل .. تعودت ان تتصفح الاخبار اليومية .. او تمر على ذاك المنتدى الذي لها فيه جولات وصولات ..


" الاعتراف ، اسلوب جميل للتقارب . اعترف اني احب ، واعترف اني اخطأت ، واعترف ان فلان فعل ، وان فلانه قالت . ما مدى اتساع زاوية الاعتراف في حياتك . هل اعترفت يوما بشيء في نفسك ؟

ارى ان خير الاعترافات اعتراف الذات . او بمعنى آخر مصارحة الذات . فهذه المصارحة قد تضع لك اسس لبناء شخصيتك ، وقد توصلك الى حد الرضا ، او قد توصلك الى حد النفاق خوفا من انكشاف روحك للغير .

ساعترف لكم باني استندت في كثير من مقالاتي على حياة والدي رحمة الله عليه . قد تنعتونني بالمنافق ، او بالكاذب ، او قد يصل بالبعض منكم ان يتهمني بالجنون . ولكن ما نتفق عليه جميعا ان تلك المقالات تعبر عن وجهة نظر متفق عليها ، وجهة نظري ......."




وتوالت الاعترافات على لسان ذاك المغترب .. لتتوالى في نفسها مشاعر قد دفنت .. لتسكت فمها بباطن كفها .. وعيونها تمطر مع كل كلمة تقرأها .. تشعر بان شيء ما عاد ليظهر في جنبات روحها الساكنة .. دخول سارة وصراخها عليها بسبب تاخرها في النوم .. لم يحركها .. جلست على السرير بجانبها دون ان تنتبه لها او لتلك الشاشة .. حيث كانت خلفها قليلا .. ضربتها على كتفها : عقب العصر بنروح الصالون نتحنا ..


وتابعت سرد جدولهن لهذا اليوم .. واذا بها فجأة تصمت .. اقتربت من تلك الشاشة .. تقرأ تلك الاعترافات المسكوبة .. وبعدها تنظر لتلك الباكية : هيييي .. لا تقوليلي رجعتي لخرابيطج – امسكتها من كتفيها – روضة ليش تصيحين .

مسحت دموعها بعشوائية مفرطة : كذاب .. كان يتكلم عن ابوه .. بس ليش يقولي ان لو عنده بنت بتكون فعمري .. انا حبيته يا سارة .. ما حبيت كلامه .. صارلي وياه سنين .. اقرا حروفه حرف حرف .. حتى اللي ورى الحروف اقراه ..


وضعت الاخرى يدها على فيها واقفة على ركبتيها على ذاك السرير .. لتمسك روضة بذقنها : روضة عقب باكر ملكتج .. بتصيرين ع ذمة ذياب يالخبلة .. شو هالكلام اللي تقولينه .

قامت من على السرير .. تحاول ان تبعد عيونها عن عيون اختها : ذياب ما احس تجاهه بأي شيء .. ما اعرف كيف وافقت اصلا ... يوم اقرا حروف المغترب .. احس بشيء هني – تأشر على قلبها – شعور غير .. احساس مختلف .. ما اعرف كيف اوصفه لج – التفت لسارة – عمري ما حسيته من قبل .


,،

كالاحساس الغريب الذي يشعر به سعود وهو بين تلك النسوة في صالة منزله .. فتلك أمه العجوز .. ومعها اخواته الاربع .. اجتمعن لمناقشة امر العروس المنتظرة .. فتلك ترشح فلانة بنت فلان .. والاخرى تصرخ انها لا تناسبه .. وثالثة تقترح فلانة ابنة جارهم .. لترد العجوز بانها لا تجيد الاهتمام بنفسها .. وهو ينظر للنقاش .. اسماء يعرفها واسماء لاول مرة تتبادر على مسامعه .. كان يبتسم وهو يرى ذاك الاهتمام من قبل اخواته .. فلقد تعبن من طلبه بان يتزوج .. حتى تلاشى الموضوع .. وتم دفنه من قبلهن .. واليوم لا يسعهن الفرح .. فالابن والاخ الوحيد سيتزوج اخيرا .. قالت الكبرى بفرح وهي تنظر له : شو رايك بحمده .. بنت علي .. اللي كانوا جيرانا قبل .


حاول التذكر ولم يفلح في ذلك .. فصرخت اختها : شو تبين فيها .. مطلقة مرتين .. لو هي شيء ما تطلقت مرتين – التفت لامها – الا امي شو رايكن فموزه بنت جارة عمتي .. تعرفينها .

تبسمت من تحت برقعها الذهبي : والله ويبتيها .. بنت زينه ما عليها كلام . بس ما كانها صغيرة .

- لا وين صغيرة .. بتصك التسعه وعشرين قريب .


وقع الاختيار اخيرا على فتاة معروفة .. سألنه رأيه .. فقام واقفا : والله انتن ادرى .. المهم تكون بنت مربايه وقد المسئولية ..

القى بكلامه ذاك وانسحب من المكان . ليتم بعد انسحابه مشاورات من نوع اخر .. متى ستتم الزيارة .. ومن سيذهب .. وغيرها من الامور ..

,،


تلك الامور التي لم تكن في حياة خولة يوما .. وكم تمنتها .. اضحت تتحاشاه .. اذا اقترب تخاف منه .. حتى اذا لمسها اغمضت عيناها .. وكأن بها تشعر بيده تهوي على وجهها صافعة له .. لم تعد خولة التي تبدأ معه اي حديث .. فقط ليتحدث هو .. اضحى الآن هو من يبحث عن حديث يفتحه امامها .. فترد بكلمات مقتضبة .. يدرك مدى خوفها .. ويدرك ايضا مدى حزنها .. حتى حين زف لها خبر دعوتهما لحفل زواج اخته .. لم ترد الا ببضع كلمات .. وسألته بعدها : لازم اروح ؟

ليجيبها زاجرا .. آمراً لها .. فهي زوجته وعليها مرافقته .. اعد كل شيء .. حتى فستانها الذي سترتديه .. طلبه خصيصا من احد اشهر مصممين الازياء العرب .. يشعر بتناقض غريب في نفسه .. يقسو عليها .. ويؤنب نفسه في الخفاء على تلك القسوة .. هاهو يجلس في ظلمة غرفته .. لعله ينتظر قدومها .. يريد ان يراها متزينة .. او لعله يشتاقها .. فاول مرة يكون في بيته وهي لا تكون .. شبك اصابع يديه .. ساندا مرفقيه على فخذيه .. ملامسا ذقنه لظهر تلك الاصابع ..


سحب لحافه .. وعانقه بإبطه .. واخذ بيده الاخرى وسادته .. واذا به يقتحم غرفة قاسم .. رمى ما بيده على السرير وسط دهشة شقيقه : ياي عندي اليوم ..

رتب الوسادة واستلقى على ظهره .. مكتفا ذراعيه اسفل رأسه : اشتقتلك .

قهقه وهو يجلس مقربا رأسه من وجه جاسم : شو فيك .. اكيد متزاعل وييا الوالد .

فتح عينيه : لا مب متزاعل وياه .. الا معصب منه – قام جالسا – يريد يبيع بيتنا .. ويقول انه شرالنا بيت ثاني اصغر – زفر – ما قدرت اقنعه انه يخليه .


-
اممممممممم ما عليك بنقول للوالده تشتريه .. شو رايك ؟

- مينون انت والا صاحي .. انت تدري ان امي ما تريد اي شيء يربطها فبونا .. والا ناسي

استلقى كما كان جاسم آنفا : نشتريه احنا انزين .


سحب الوسادة وانهال بها ضربا على قاسم .. حتى بات الاخر يقهقه دون توقف .. توقف عن الضرب : لو عندنا ما بتشوفني بهالشكل .

ارتمى على السرير من جديد .. معطيا قاسم ظهره .. اقترب منه واضعا كفه على كتفه : لا تضايق عمرك .. الدنيا ما تسوى .

انقلب على ظهره متنهدا : الا سولفلي

نام بجانبه على ظهره ايضا.. وقاطعه : روح لمي بخيته تسولفلك .

-امي بخيته كبرت .. من يأذن العشا تصلي وتنسدح .. خلاص كبرنا ع قصصها يا قسوم .. انا اريدك انت تسولفلي عن اللي قلبت حالك .

اسند رأسه بيده ..ومرفقه غائر في وسادته .. نظر لجاسم : احبها .. صح انها تكبرني بخمس سنين بس وربي احبها .

التفت له : وشو عرفك انها اكبر منك .

- تذكر سفرتنا لالمانيا .. كلكم قلتوا ان الروحة خسارة وقت وفلوس .. الا انا اشوفها مكسب لي .

- التقيتها هناك ؟

- ورقمتها بعد .

ضحك وهو يسمع كلمات جاسم : غربلاتك .. وتعرف ترقم بعد .

جلس معتدلا قريبا جدا من جاسم .. الذي تهكم قائلا : ايلس فحضني بعد .

ضحك من جديد .وبنبرة حالمة : اموون غير يا جاسم .. احس ان اليوم اللي ما اكلمها فيه ناقص – يضع كفه على صدره – هذا احسه طاير لسما ..

سحب نفسه مستندا على ظهر السرير .. واضعا الوسادة في حظنه : اسمها آمنه – هز قاسم رأسه بالايجاب – اماراتيه

فتح كفه امام جاسم يحركها دليل على البين بين : نص نص ..ابوها اماراتي وامها مصرية

- وتظن اهلنا بيوافقون ..

تحرك بشغف نحو جاسم : هني بيي دورك .. تذكر يوم قلتلك اريد منك هدية – هز رأسه بالايجاب- اريد توقف وياي وتقنع امي .. ترا بدون اموون ما اظن اعيش .

وضع كفه على فم قاسم : لا تقول هالكلام مرة ثانية .. سامع ..




لم ينتبه لدخولها .. كان عقله مع تلك الذكرى .. واذا به يتمتم : صح يا قاسم .. الحب ماله وقت .

ارتدت فستانها الازرق الطويل ذو الصدر العاري .. مع تلك الفتحة على الجانب الايسر لتطلق العنان لساقها لتعانق الهواء .. مشت نحو الغرفة بخجل واضح .. فهو عاريا كثيرا بالنسبة لها .. لم تعتد على مثل هذه الملابس .. ولا على تلك الالوان على وجهها .. وحتى تلك التسريحة اظهرتها بشكل مختلف .. شعرها المرفوع ترك المجال لعنقها الطويل ان يتجلى للنظر .. تنفست وهي تعبر الحد الفاصل بين الغرفتين .. هو هناك .. تساءلت ماذا به .. يبدو في عالما آخر .. لم يشعر بها .. حدثت نفسها .. ان ما هو فيه افضل لها .. فسترتدي عباءتها وبعدها ستنبهه .. استدارت عائدة ادراجها .. لتنزع عباءتها من ذاك العملاق .. مع انها اضحت لا تراه عملاقا كما الوهلة الاولى ..نزعتها .. ابتعدت خطوتان اذا بها تصطدم به .. لم تتحرك .. واذا به يطوقها بسلسلة تزين نحرها .. تلمستها : شو هذا ؟

انحنى مقبلا كتفها .. وبعدها همس في اذنها : روحي – ادارها نحوه – هذا العقد غلاوته من غلاة روحي .


,،

جالسا في مكتب والده في الشركة الام .. وتلك الاحاديث تتردد في ذهنه .. " انا وسيف دبرنا وابوك يعرف بكل شيء " .. " في مصيبه عودة .. يتنا اخبار ان في تلاعب في الحسابات وفي العقود اللي تم توقيعها الشهر اللي راح" .. كلام طلال .. واخر لسيف .. انحنى على الطاولة مسندا رأسه على ذراعيه المتربعان امامه .. يحاول ان يربط كل ما مر به .. من بداية سفرته الاخيرة .. لرحلته للكويت .. لعودته الاخيرة للامارات .. وموت والده وانهيار كل شيء .. وكلام جاسم ..الذي يؤكد ان سيف له يد فيما حدث ..وطرقت رأسه ذكرى اخر الكلمات من والده :


خفت صوته حتى لا يكاد يسمع .. قرب اذنه من فاه : رشا

قال : شو بلاها رشا .. ابويه تسمعني .. شو بلاها رشا ..

دير بالك عليها .. سيف .. سيف ..




تمتم : شو كنت تقصد يالغالي ..

قطع عليه حبل تلك الافكار دخول سيف .. اقترب وجلس .. ليرفع فيصل رأسه : شو صار .

تنهد : خلاص كل شيء راح .. اللي كاسر خاطري هالموظفين ..

عدل جانبي " غترته " للوراء : شهادات الخبرة اللي خذوها ان شاء الله بتفيدهم ..


استأذن للمغادرة .. هو يعلم بان فيصل مختلف .. ويتمنى بحق ان يعرف سبب هذا التغير .. تتبعه بنظراته .. فابتسم : بييك يوم يا سيف .. وبتعرف ان فيصل مب سهل مثل ما تتوقع انت واخوك .


رمى بنفسه على كرسي مكتبه : اقولك متغير علي من بعد وفاة عمي الله يرحمه .. تقولي لا تلومه

- ترا حتى علي انا متغير .. صاير ما يطيق مني كلمة .. مب الا عليك انت .. ع الاقل انت يمكن عشان الشغل .. بس انا شو ذنبي .. واذا رحتله الشركة يخليني بالساعات اترياه .. وكانه وزير ..

اعتق رأسه مما يحمل .. ليحيلهن على الطاولة : طلال .. هو ما قالك شيء يوم كنتوا فامريكا .. ما صار بينكم كلام يمكن يوصلنا لشيء .

حرك شعره بيده : ما اذكر .. اصلا من بعد ما انت اتصلت عليه .. صار كلامه وياي قليل .. حتى انه سافر للكويت وتركني هناك بروحي .. اتصل عليه ما يرد .. وبعدين عرفت منك انه فالكويت ..

باهتمام وكانه يتذكر شيء ما : الا طلوول .. هو شو عرفه ان التلاعب كان يصير بشركتنا اللي بالكويت ؟

زفر : سيف طلعني برع هالسوالف .. حل مشاكلك وييا نسيبك بروحك .. باي

اغلق الهاتف .. ليتمتم الاخر بغيض : ياللي ما تستحي .


لملم اوراقه من على ذاك المكتب .. والقى عليه تحية الوداع .. كان يتوق ان يراه هنا يوما ... ولكن احلامه تلك باتت بعيدة المنال .. فتح الخزانة الحديدية .. وتمتم : كان المفروض اكون انا يمك فكل شيء .. بس جود كانت معك دووم .


سحب بعض الاوراق التي اعدها سابقا لامر لا يعلمه الا هو وجود ووالدته .. القى التحية على جلال .. وعلى باقي الموظفين .. منهم من كان يتذكر سالم بالخصال الحميدة ومنهم من كان يتمتم ببعض الدعوات عليه .. فهم في موقفا لا يحسدون عليه ..ركب سيارته الـ " بي ام دبليو " .. وانطلق .. وابتسم على ذكرى كانت .. لينظر خلفه .. يبدو انه اشتاق لهم .. كما سيشتاق لذاك القصر الذي ولج اليه من بوابته الكبيرة .. كان يمشي بهوادة غريبة .. وكأن به يستطلع المكان .. فغدا ستطء قدماه مكان آخر .. رفع بصره لاخر ذاك السلم المتسع .. المغطى بسجاد احمر مخملي .. ليراها هناك .. الوحيدة التي باتت تعرف مواعيد قدومه الى المنزل .. صعد درجة درجة .. حتى اذا ما كانت امامه رفع يده عابثا بشعرها القصير جدا : خليه يكبر .. صاير شعري اطول منه .

ابعدت يده مازحة معه : يعجبني بهذا الشكل .


اخرجت له لسانها .. ليضربها بخفة على وجنتها .. وبعدها يطوق كتفيها النحيلين بذراعه .. ويمشي معها .. الى حيث والدتهما .. دخل وبقيت الاخرى بجوار الباب .. كانت ميرة قد جهزت جميع حقائبها .. فغدا الرحيل .. تقدم منها .. وقبل رأسها .. واطال .. حتى وكأنه يطلب العفو بقبلة حارة .. اخترقت قلب ميرة المحزون .. امسك بكفها وجلس معها على ذاك الكرسي الوثير .. وضع الاوراق امامها .. ومد لها بالقلم .. نظرت له بابتسامة .. فابتسم .. لطالما اشتاق لتلك الضحكة .. كما اشتاق لتلك الكلمات الموبخة .. امسكت القلم : واثق باللي بتسويه .

- كل الثقة .

نظرت لجود وابتسمت اكثر : ومدرستها .

امسك كفها والقلم لا يزال بين اصابعها : نقلتها لمدرسة حكومية فابوظبي .. ومنها باخذ لها اجازة – نظر لجود مؤشرا لها بالمجيء – وهي ذكية ما ينخاف عليها .

جلست بجانب والدتها .. لتلف وسطها بذراعيها : فيصل وعدني انه بيحميني ماما .. وانا واثقة فيه .

قبلت رأس ابنتها وهي تحتضنها : بس لازم السفر؟ .

تبادلت جود النظرات مع فيصل .. لينطق هو : لازم .


ليسكب بعدها الحبر على الاوراق .. ويبدأ في حياتهم مشوارا جديدا .. قد يكون التوفيق معهم .. او قد يرافقهم الخذلان ..

,،

كما بدأت هي مشوار آخر .. بمفاجأة شلت الجميع .. حين قالت : " السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..مرحبا بكم في علوم الدار .. معكم هاجر عبد الرحمن "

علوم الدار : برنامج اخباري يعرض على قناة ابوظبي الاولى


ليجري عمار مسرعا الى والده .. ليضع قناة ابوظبي الاولى على تلفاز المجلس .. لينظر بتفحص لتلك المذيعة على تلك الشاشة .. ليبتسم بفرح .. بخلاف ذاك الذي اشتاط غضبا وينفجر صارخا : مسودة الويه .. سودت ويوهنا ..

ليقف بدرا ناظرا لها .. وكأن به ينظر لفتاة اخرى ليست ابنة عمه هاجر ..

,،

ان شاء الله يكون حاز على رضاكم
انتظروني مع احداث مغايرة

♫ معزوفة حنين ♫ 21-09-12 04:04 PM

لي باك بتكملة الأجزاء الليلة ان شاء الله ..
قرآإءه ممتعة ..

بنت العوام 04-10-12 02:59 PM

سلام عليكم
معزوفه وين تكملت الروايه ؟؟
حبيت خولة و جاسم معروف بالنهاية راح يحبها
علاقته مع بخيته رائعه
سعيد يا كرهي له اتمنى يصيبه شي يطلع ما يجيب اعيال مثلا وتتركه سناء
مايد ما حبيت ضعفه المفروض يقول هو الي سود ويهم
فاطمه اعتقد بالاخير راح تنخطب وتعيش حياه سعيده بس حرام الاعتقدات الي عاملينها الاهل ممن متى الحديث ولجلوس مع الاخوان اصبح عيب

♫ معزوفة حنين ♫ 04-10-12 10:47 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
معليه حبيبتي انشغلت والله ..
الليلة لي باك بتكملة البارتات ..

sh_a_s_s 05-10-12 12:10 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الرواية رائعة وننتظر التكملة بفارغ الصبر تقبلي ودي واحترامي
:8_4_134:

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 04:59 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...91b5e0aa33.gif



,،



الهدوء يصرخ مطالبا بهمسة في منتصف ذاك الليل .. لا يزال المنزل الكبير .. منزلهم الذي ترعرعوا فيه يحتويهم بكل حنان بعد وفاة والدهم منذ سنة .. او لعلها اقل .. او اكثر .. فتلك الايام لم تكن دقيقة كما ينبغي .. كل ما يذكروه انه توفي في يوم من ايام رمضان .. ولكن اي يوما كان لا يعلمون .. لعله السبت او قد يكون الجمعة .. جميعها اقاويل غير مؤكدة .. ولكن ما هو مؤكد لهم ان اخيهم الاصغر منصور توفي منذ خمسة اشهر .. مات غرقا .. كم هي تلك الميتة مؤلمة بحق .. وكان طارق يومها قطعة لحم لم ترى النور الا من اربعة ايام .. اضحى يتيما قبل ان يدرك .. وهاهو بين ذراعي والدته التي تعبت من وحدتها .. وهو يكبلها .. يمنعها من الحياة كما كانت تقول .. لفته في قطعة بيضاء .. وارتدت عباءتها على رأسها .. وصرخت بأخيها ان يوصلها الى ذاك المنزل .. استغرب جنونها هذا .. فالوقت متاخر جدا .. لكنها عنيدة بقوة .. لا تريده .. فهو يؤخر زواجها ..


تثاءب بتعب .. فرغم محاولاته من منعها الا انها مصرة على الذهب .. فهي تخاف ان يأتي النهار ويمنعها والدها من فعلها هذا .. او تمنعها امها .. وهي اضحت لا تريده .. فكلما كبر ازداد شبها بوالده .. وهي ترغب بالنسيان .. وضع " طاقيته " المخرمة على رأسه .. وسبقها يحث الخطى الى " البيك أب " الابيض ذو الباب الواحد .. سقطت عباءتها من هرولتها تلك .. لتنام على كتفيها .. دلفت في السيارة .. لينطلقوا بها الى ذاك المنزل .. وبالاحرى الى ذاك القسم الصغير الذي يحوي عبدالرحمن وعائلته ..


يجلس ويستمع لشكوى مريم الدائم .. وهو لا حيلة لديه : بنتنا بتموت يا عبد الرحمن .. ما قادرة اتحمل اشوفها بهالشكل

ينظر اليها بأسى وهي تهز رجلها النائمة عليها ابنتها عائشة ذات الاربعة اشهر ونيف : شو بيدي اسوي يا مريم .. ما خلينا دختور ( طبيب ) ما رحناله .. ولا سمعنا بمطوع الا ورحنا .. شو نسوي اكثر .. البنت مرضها ما منه رجا .. صبري وحتسبي .

تبكي بكاء يقطع قلبيهما .. وهي تحاول تهدأتها .. ودموعها لا تجف : الحمى من يومين فيها ..


تقدم منهما وجلس امامهما .. وضع يده على رأسها الصغير .. احس بتلك الحرارة التي تتعبها وتتعبهم حتى النخاع .. بدأ يقرأ بعض الايات .. وينفث على رأسها كل حين .. وهما على حالهما اذا بطرقات متتابعة مع صوت الجرس على ذاك الباب المطل على حديقة المنزل ... فأوامر والدهم أن يبقى الباب الرئيسي مفتوح لا تزال تنفذ حتى من بعد موته .. فلا خوف في تلك الايام التي كانت من شأنه ان يجعلهم يقفلون الابواب .. قالت بجزع وهي تنظر لعبد الرحمن الذي قام واقفا : منو اللي بيينا فهالحزه ( الوقت )

وهو يمشي خارجا : اكييد راشد .. انتي نسيتي ان حرمته على ربى ( ولادة ) .. ولا لهم حد غيرج .

بعصبية : والله ما اروح وبنتي بين الحياة والموت .. ع الاقل يفكرون فينا .. مب الا فيهم وخلاص .. يروح اييب امها تروح وياها .


توقف عن المشي وهو يهز رأسه : لا حول ولا قوة الا بالله .. يا مريم وين يروح اييب امها .. تبينه يمسك خط لام القيوين .. استغفر الله العظيم ..

حملت طفلتها تقربها من ثديها .. وبصوت باكي : حبيبتي رضعي – تقربها اكثر – ياللا فديتج .. ياللا

ولكن هيهات لتلك الطفلة ان تفتح فمها لترضع .. فألمها موجع . وبكاءها مؤلم .. ومريم تعبت من الصبر .. وعبد الرحمن تعب لتعب ام تنتظر فراق فلذة كبدها .. فتح الباب .. اذا بتلك المتوشحة السواد تمد له طفلها الرضيع .. وتضع كيسا بجانب الباب : هذا ولد اخوك .. انا ما في اربي واكبر وبالاخير تاخذونه .. كل شيء يخصه بالكيس ..


كانت تتكلم وعبد الرحمن اجاد الاستماع بقوة .. لم ينطق وكأن ما يحدث من العجائب والاساطير .. تترك ابنها .. وهم مستعدون لدفع اي شيء لتبقى ابنتهم معهم .. انهت حديثها وغادرت .. حتى اختفت في جنح الظلام .. عاد ادراجه لا يعرف ماذا سيقول لشريكته .. رفعت نظرها لذاك الواقف : شو اللي فيدك ..

سحب البطانية الصغيرة من سرير طفلته .. واذا به يفرشها ويضع ما بين يديه عليها : طارق .. امه ما تباه .


لم تجد على لسانها الا " لا حول ولا قوة الا بالله " .. وبعدها صمتت .. فبكاء ابنتها لا يهدأ..
تبكي بألم .. وهي لا حول لها ولا قوة .. تحتظنها تحاول ان تخفف عنها .. فقلبها يتعبها .. تشوه خلقي وقد لا تعيش طويلا .. تنتظر اجلها وتحتسب امرها عند ربها ..

مر الوقت وعبد الرحمن ترك المكان .. يريد ان ينعم ببعض الراحة .. فغدا يوما يظنيه العمل .. وطارق يحرك ساقيه يلهو بمرح .... يضحك وكأن هناك من يداعبه .. تنظر له .. وتنظر لابنتها المتألمة .. وفجأة من بين ذاك الصراخ .. هدأ المكان ..قبيل الفجر .. تثلج جسدها الصغير بين ذراعي مريم .. شعرت وكأن يد خلعت قلبها من بين اضلعها فعصرته دون رحمة .. ضمتها اكثر .. وفجأة اذا به يبكي .. لا احد معها .. هي وابنتها المتوفاة .. وطارق الذي لم يتجاوز الخمسة شهور .. تنفست بعمق .. بقلب أم مؤمن بقضاء الله وقدره .. نظرت اليها .. وقبلتها .. واذا بها تتركها في مهدها الوردي المزركش بالدانتيل .. ودموعها المرهقة لا تتوقف عن الانسكاب .. وترفعه الى صدرها .. ترضعه من ثديها .. وكأن الله يعوضها عن ابنتها بابن ..


ها هو بعد ثمانية وعشرون عاما يقف امامها .. يقبل رأسها .. ويحتظنها قبل أن يغادر ..كان ولا يزال نعم الابن البار بها : ما اوصيك عليها يا طارق .

اشر الى عينيه : فعيوني الثنتين .. ما برد الا عقب ما اتطمن عليها .


تجلس على تلك المقاعد في قاعة الانتظار .. الانتظار صعب ... خاصة اذا كان انتظار للمجهول .. تحققت احلامها .. او لنقل بانها على وشك التحقق .. لا يزال كلام والدتها ودموعها يتجليان امام ناظريها .. لم تفترق يوما عن عائلتها .. والآن هي بصدد الابتعاد عنهم اشهر طوال .. نظرت اليه .. يحدث حبيبة قلبه وزوجته .. لم يفارقها يوما .. ولم تمر ساعة على وجوده معها وهاهو يتحدث معها عبر الاثير بشوق مختلف .. لعل السبب حملها ..ترقب ابتسامته .. وتمرعليها ذكرى حدثت منذ اشهر في رمضان .. وبعد الصدمة الكبيرة التي حدثت في منزل خالتها .. الجميع مجتمعون في الصالة .. ما عدا طارق .. اذا بعبد الرحمن يفتح موضوعا كانت تنتظر ان يُفتح .. لعلها ترغب بانهاء عمليات التفكير المتتالية على عقلها .. قال وهو يضع كوب " الفيمتو " من يده بعد ان شرب نصفه : سمعوني .. دامكم كلكم هني .. لازم تعطوني رايكم .. وخاصة انتي يا هاجر .


بشيء من الانزعاج : مب وقته يا بو عمار ..

التفت لهاجر التي طأطأت رأسها .. وبعدها التفت لعمار الذي بان عليه الاهتمام : وقته يا مريم – باهتمام وبصوت هاديء اردف – هاجر.. من مدة اخوي راشد طلبج لولده بدر .

انتفض عمار في مكانه : شو ... بدر ؟

- هيه بدر .. وانت شفيك عصبت بهالشكل .. هذي اختك – ينظر الى ريم الجالسة بالقرب من ميثة وشهد – خلت ولد عمها والحمد لله ان راشد متأمل خير برجوعها .. والا ما كان سكت .. وانا ما اريد ازعل اخوي .

- ما تزعل اخوك .. وعاادي ترمي بنتي عندهم .


-
اسمع يالغالي .. لو يتقدملها ولد شيخ ومثله مثل بدر .. لا والله ما بتاخذه .

قام واقفا بعد ان ضاق ذرعا من ابنه : انت شبلاك ع ولد عمك .. بدر ريال والنعم فيه .

وقف عمار : يالغالي لو قلت عبد الله بقول والنعم .. بس بدر لا ..


حين سمعت اسم عبد الله .. تذكرت ما مر بها معه .. فهو الابن الوحيد من ابناء عمها من يزيدون بالمدح فيه .. ولم تسمع يوما واحدا بشيء قد يقلل من شخصه .. على صوت تلك المناوشات البسيطه بين عمار ووالده نزل طارق .. لترتب ريم " شيلتها " عندما تبادى : خير شو بلاكم ؟


بصوت هاديء وكأن به يريد استمالة طارق لصفه : بدير يريد يتزوج هاجر .

لم تقل صدمة طارق عن صدمة عمار حينها : شو ؟ .. لا والله .. لو يتقدملها ولد الحسب والنسب وسوالفه مثل بدير ما رضيت لو على قطع هالرقبة

وضرب رقبته بخفه .. لينفجر عمار ضاحكا .. ويصرخ عبد الرحمن فيهم : انتوا ماخذين السالفة مصخرة ( مزاح )..

تقدم عمار يقبل رأس والده : حشا يالغالي .. بس هاجر ما بنعقها عند واحد مثل بدير .


-
استغفر الله العظيم – التفت لهاجر التي كانت تبتسم وهي تنظر للارض – هاجر شو قلتي .

- شو بتقول بعد غير ..


نهره مقاطعا : اسكت يا طارق .. اريد اسمع رايها ..شو رايج ؟

بعثرت نظراتها على الموجودين .. وتوقفت عند ريم التي بان عليها الانزعاج .. وكأن حالها يقول : وين كانوا يوم انا انخطبت ..


كانت تشعر بالغيرة من هاجر .. ومن الاهتمام الزائد بها .. ابتسمت الاخرى وهي تعيد النظر الى والدها : ابويه انا اريد اكمل دراستي ..

- عادي يا بنتي .. هو مب مستعيل .. وانتي ما باقيلج شيء وتخلصين .

- بس انا ما افكر اعرس الحين .


-
لا حول ولا قوة الا بالله – نظر بغيض لعمار وطارق اللذان يتبادلان النظرات الضاحكة – كله منكم كبرتوا راسها .. يعني لو ساكتين الين تعطيني رايها ما كان احسن ... وبعدين شو فيكم ع ولد عمكم


تكلم عمار وهو يجلس ليلتقط " لقمة القاضي " من بين اخواتها : احنا شباب وعارفين ع بعض .. وما في داعي للفضايح .

قضمها تحت انظار والده : الحين ما في داعي للفضايح .. عقب كل اللي قلتوه .

ضحك طارق .. وهو يتقدم مقبلا رأس عبد الرحمن الغاضب : الله يطولنا بعمرك يالغالي .. سوالف شباب .

- هيه شو عليكم مب اخوكم اللي بيزعل – التفت لهاجر – فكري زين .. وانا بقول لراشد يصبر الين تتخرجين – التفت لعمار – وانت .. قوم بسك اكل .. صلاة التراويح ما بتترياك .


استيقظت من ذكرياتها على ضحكات طارق الجالس بجانبها : ليكون ماكله للحم ركاب ( للحم جمال ) – عاد يقهق – بشتاقلج يالقزمه .. ويا ويلج تربين وانا بعيد – بدأ النداء على الرحلة المتوجهة الى كندا – ياللا فديتج .. بدوا ينادون ع رحلتنا ... ديري بالج ع عمرج .


وقف بطوله الممشوق .. ناظرا لهاجر التي وقفت بدورها : سامحني طروق .. بس عمار عنده موعد لشغل .. والا كان هو بيروح وياي .

نظر اليها وعلى وجهه تلك الابتسامة التي لم تعد تفارقه : كم هجور عندي .. ياللا خلينا نروح .


تحمد ربها كثيرا على هذا الاخ .. الذي دائما يقف معها .. يسندها كلما همت لتقع .. يؤمن بمدى مقدرتها على اجتياز المصاعب .. حتى انه اقرب لها من شقيقها عمار .. قد يكون اسلوبه المرح هو من يحبب الاخرين فيه .. او لعلها طيبته وعفويته في كل شيء ..


,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 04:59 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...886d55f45b.gif


,،

تلك العفوية التي بات يتضايق منها جاسم بقوة .. المكان دامس .. حالك السواد .. وقاسم يمشي وعلى وجهه ابتسامة .. تبعها بضحكة وهو ينظر لجاسم الذي يمشي بجانبه .. فجأة اختفى .. وكأن بالارض ابتلعته .. ليجد الاخر نفسه في مكان مختلف ناظراً لقاسم الذي يهوي في فوهة عميقة صارخا به .. ليصرخ بفزع : قاسم


كان ذاك الكابوس زائرا مزعجا في الآونة الاخيرة .. يبتعد ليالي ويعود بعدها منقضا على صدر جاسم .. حتى تثقل انفاسه .. ويتعرق وجهه .. قامت مفزوعة وهي تسمي بالله .. وترجع تتعوذ من الشيطان .. اضاءت النور بجانبها .. وحثت الخطى الى الثلاجة الصغيرة بالغرفة .. اقبلت نحوه وبيدها قنينة ماء تفتحها وتمدها له .. شربها حتى لم يتبقى فيها الا القليل .. وبعدها ازاح الغطاء واقفا : شو صاير وياك .. شو اللي تشوفه يخليك بهالشكل .


سحب قدماه مارا من امامها متوجها لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. سحبت لها منشفة وتبعته حتى وقفت بجانب الباب تنظر اليه وهو ينضح الماء على وجهه .. ما لبث حتى وضع رأسه بالكامل تحت انبوب الماء : وين قاسم عنك .. في اخو يخلي اخوه وهو محتايله .


انتهى .. سحب المنشفة من يدها .. غطى رأسه بها منشفا شعره ووجهه .. وبصوت خافت : لا تدخلين باللي ما يخصج .

جلس على السرير وهو يحرك اطراف اصابعه بحركة دائرية على صدعيه .. لتردد هي : كيف ما يخصني .. وانت من ذيك الليلة متغير .. ياليتنا ما رحنا .. وياليتني ما رحت وياك .

قام غاضبا : ترا العيشه وياج صارت ما تنطاق .. قلتلج مالج دخل .. انتي ما تفهمين .

مشى خارجا من الغرفة : انزين وين رايح .

رد دون ان ينظر خلفه : لجهنم الحمرا .


في تلك الليلة كشفت اوراق كثيرة لها .. منها حبه .. وسر نظارته .. وشوقه لاخيه .. لعل تزاحم تلك الاوراق هو ما قلب الموازين .. واحال كل شيء لبعد وتجافي بينهما .. جلست على حافة السرير .. تعيد كلمات قيلت في تلك الليلة .. لم يعترف ولم يقل انه يحبها .. ولكن احست بذلك .. شعرت به يعانقها .. كنسمة هواء تعانق روحها المتعبة .. شعرت بحبه يداعب قلبها بلطف وهو يبتسم لها بعد ان قدمت اعتذارها بعد ان دلفت في سيارته " الرنج روفر " .. ليقاطع كلماتها .. بانه لا يحب كلمات الاسف .. وبعدها يبتسم .. كانت ابتسامته مختلفة حينها .. وقبل ان تطأ قدماهما ساحة الفندق حيث تقام تلك الحفلة الكبيرة .. التفتت له .. وتسابقت اكفها لوجهه .. ليمسكهما : مب لازم تعرفين .


ولكنها اصرت .. لا يعلم حينها لماذا سمح لها بنزع نظارته .. كانت تنظر اليه بعدها بنظرات غريبة .. لم يفقهها .. لم يعي سوى ابتسامتها وهي تحرك اطراف اناملها بجانب عينه اليمنى .. عين مختلفة .. لا حياة فيها .. امسك يدها ولثمها لا اراديا .. واعاد نظارته ليغطيها .. ويدعوها لدخول ..هاهي تجلس وتتمنى لو انها لم تترجل يومها .. لو انها قالت له ان يعود ويقضيان تلك الليلة مع بعضهما .. لكن هيهات للتمنى ان يصيب الآن .. فكل شيء تغير .. لم يعد المنزل بالنسبة له سوى مكان نوم لا غير .. وياليت ذاك النوم يأتيه باريحية .. فتلك الكوابيس تقض مضجعه بعنف ..شهور مرت وهو على هذا الحال .. يبتعد عنها .. يغرق نفسه بالعمل حتى تنتهي انفاسه .. ولا تقوى على المتابعة الا على فراشه ..


جالسا على الارضية الخشبية .. وصوت ارتداد تلك الكرة الساقطة من يده والعائدة اليها يصرخ في المكان ..كان يحاول ان يجد مخرج مما هو فيه .. فعبد العزيز اطبق عليه بقوة .. وذاك الجون المخادع عرف كيف يلعبها .. يريد ان لا ينكسر .. فالانكسار سيدمره .. سيدمر روحه التي بدأت تعود ..اغمض عينيه بتعب .. واراح جلسته ثانيا ساق وفاردا الاخرى .. كانت الافكار تعصف به .. تمتم : ليش كثرت زياراتك لي يا قاسم ..


لم يقطع افكاره تلك سوى دخولها .. لا ترغب بان تقسو عليه .. ولكن عفويتها تقودها .. جلست القرفصاء واضعة يدها على ركبته : سامحني .. بس خايفه عليك ..

لم ينظر لها .. يتحاشاها بقدر ما يستطيع .. ولا يريد لنظراته ان تفضحه .. قام واقفا : جهزي شنطتج وشنطي .. باكر بسافر .. وبوصلج بيت اهلج .


بعدها غادر المكان .. لتتردد الاسئلة تضرب جدران عقلها بقوة .. هل انتهى كل شيء؟ .. سيتركني كغيري ؟ .. الم يحبني .. هل كنت واهمة في نظراته لي ؟ .. نزلت دموعها التي تأبى ان تصدق ما قيل .

,،


كما لا يصدق هو ما يحدث له .. اضحى قريبا جدا من ذاك المنبوذ .. هاهما يمشيان بمحاذاة البحر .. وامواجه التي تقبل الرمال بفرح وتعود من جديد مبتعدة .. وتتابع القبلات دون هوادة .. عبدالله هاديء ويبدو انه مستمع جيد لبدر الذي لم يعد على لسانه الا هاجر : سافرت البارحة .. سافرت وخذت قلبي وياها .. من يوم ما شفتها ع التلفزيون وانا حالتي حاله .


يداه في جيبي بنطاله .. توقف وتوجه للبحر ليدع لقدماه نصيبا من تلك القبلات من تلك الامواج : قلت لك تزوجها .. ما طعتني .

ضرب الموج بقدمه وكأنه بذالك يعيده للبحر : كنت غبي .. وهي خلاص طارت من ايدي .. وابويه بعد اللي صار مستحيل يرد يخطبها لي .


مشى مبتعدا ليجلس ناظرا لغروب الشمس .. وكم يتمنى لو قلبه يغرق خلف جدران النسيان كما تغرق تلك الملتهبة خلف زرقة البحر : ابويه غريب .. زوج سعيد ومب راضي انه يطلق ريم .. انزين شو ذنبها تبقى معلقه وياه .. يعني هو يستانس وهي لا . حلال عليه وحرام عليها .


استغرب بدر من كلامه .. فلأول مرة يشعر بشيء خفي خلف تلك النبرة .. جلس بجانبه : باين انك للحين تحبها – ضحك واردف – بعدني اتذكر الحرب اللي سويتها فالبيت يوم قرروا يخطبونها لسعيد ..

اراد ان يغير ذاك الموضوع الذي يقلب في نفسه مواجع لا تهدأ : الا شخبار مايد .. يدور شغل؟ .

ضحك بقوة حتى انزعج عبدالله من ضحكاته : اي شغل الله يهديك .. واحد ما عنده الا ثاني ثنوي .. وين بيحصل شغل .. وابوي ع الطالعه والنازله يهازب فيه .. يريده يرجع يدرس ثنويه عامه وهو مب طايع ..

- ربك يمهل ولا يهمل .

- تتشمت باخوك يا عبود .


قام واقفا ينفض رمال الشاطيء عن ملابسه : حشا والله .. عمري ما تشمتت بحد .. بس يمكن يعرف غلطته .. ويفكر انه يعتذر مني .. او خلنا نقول يقول لابوي الصح .

مشى يتبعه الى سيارته : ليش ما ترد تتسامح من ابوي ..

التفت وقد اكتسى وجهه الغضب : اتسامح ؟ .. تقول اتسامح .. منو اللي غلط يا بدر .. انا والا هم .. ما برد البيت الين ما يبان كل شيء لهم .. ويعرفون ان عبدالله مب راعي سوالف مخبقة .

- لا تحرق ( تعصب ) علي .. وبعدين السالفة صارلها شهور .. يعني ما صارت كل هالقطاعه .. وترى امي تحاتيك .. ولا هي بصحتها كل يومين تروح تزورك .. الييه لها مب لك .


ركب سيارته وانزل الزجاج ناظرا لبدر الواقف : ما بتركب .. وبعدين ترا ذاك البيت عافه الخاطر وانا اخوك – ادار المحرك - اركب .


,،

حتى هي لم تعد تطيق البقاء في ذاك المنزل .. وتخطط لحياتها بشكل مختلف .. ها هي على مشارف السابعة والثلاثين من العمر .. ولا تزال في مكانها .. استيقظت على رنين هاتفها الذي لا يهدأ : الو .. وعليكم السلام والرحمة ... كيف ؟ .. صدج – بان في عيونها فرح غريب – ان شاء الله .. لا ولا يهمك عقب يومين بكون عندكم .. مع السلامة .


انهت المكالمة وعمدت لتدوين ذاك التاريخ .. فيجب ان لا تنسى .. رمت هاتفها بسعادة عارمة .. توجهت لدورة المياه ( اكرمكم الله ) لتبعد عنها كسل الليلة الماضية .. ارتدت ثوبا منزليا ذي الوان هادئة .. وسرحت شعرها القصير على عجالة .. وبعدها خرجت وهي تلبس " شيلتها " ذات الالوان المتداخلة .. نزلت واذا بها تسمع والدتها تتحدث في هاتفها : ان شاء الله يا ام خلفان .. انا بكلم ابوها وبردلج خبر ..


جلست وتناولت حافظة الشاي الفضية .. وكوب شاي .. وهي تسكب فيه الشاي بالهيل والحليب : شو عندها ام خلفان ؟

- تباج لاخوها .

انزلت الكوب .. وكأن هناك رصاصة اصابتها .. هل يعقل بان النصيب لا يزال يطرق بابها حتى وهي بهذا السن .. تلعثمت : انزين شو قلتيلها ؟

- قلت لها بخبر ابوج .

بشو تخبريني .. كلمة نطقها وهو يجلس بجوارها ساحبا حافظة القهوة ليسكب له فنجانا .. قالت وهي تاخذها من يده : بعدين اخبرك .


لم ترغب بطرح ذاك الموضوع بحضور زوجة ابنها سناء .. التي نزلت وهي حاسرة الرأس .. وجلست بعيدا عنهم .. ليرمقها راشد بنظراته : البنت لي قامت وشافت اهل ريلها تحب روسهم .

زفرت وهي تحاول ان تصطنع ابتسامة : سامحني عمي .. بس انا مب متعودة .. اذا اهلي ما احب روسهم .. احب راسك وراس عمتي ..

وقبل ان ينطق قاطعه ولده وهو يقبل رأسه .. ويتوجه ليقبل رأس والدته : ما عليه يا ابوي .. بعدها مب متعودة .. مع الوقت بتتعود يالغالي .


تمتمت فاطمة : هيه هين – تنفست بعمق وقامت – الا شو اخبار ريم .. ما قلت انك بتردها .

نظر اليها بنظرات تقدح نار : مب وقته .. وبعدني معرس – نظر لسناء التي قامت – وريم اختارت تكون بعيد وهي حرة .

- ريم بتردها لبيتك غصبا عنها .

كانت تلك الجملة من والده كفيلة بان توقف سناء عن متابعة سيرها .. وتنظر لفاطمة المبتعدة خارجة للحديقة .. تبعتها بخطى متسارعة .. واذا بها تعانق ذراعها بكفها بعنف : انتي شو فيج علي .

وهي تحرك سبابتها بشكل رأسي على رقبتها : ما بالعتنج ... اللي تخون ربيعتها تسقط من عيون الناس ولو كانت بنت الحسب والنسب .


تركتها ليتآكلها الغيض .. فهي تشعر بانها دخيلة في هذا المنزل .. لا احد يحبها .. سوى سعيد الذي حتى الآن لا تستسيغ ضعفه امام والده تمتمت بكره واضح : هين .. ان ما يبتلكم الولد وخليتكم تحبون ريولي عشان ابقى ما اكون انا سناء .

,،


خرجت من غرفتها وبطنها الكبيرة خرجت قبلها .. يتعبها النزول كثيرا .. وذاك القادم لا يريد ان يعتق رحمها ويخرج للنور ..مشت بتثاقل .. سمعت ضحكات ميثة وهي تستمع لعلياء التي تحكي لها ما حدث معها مع استاذة التربية البدنية .. تقدمت وجلست بتعب واضح .. وانفاسها تتابع مندفعة من فمها وانفها .. نظرت لها مريم بخوف : شو بلاه ويهج اصفر .. ليكون بتولدين – تقدمت منها – حاسه بشيء .. بويع فبطنج .. برفسات ..


وتتابعت الاسئلة لتضحك ريم : خالتي بلاج ع البنت .. شكلها بس مشتاقة .. والا هي ما فيها الا العافية .

هل كان عليها ذكر الشوق الآن .. فهي حقا مشتاقة الى حد الجنون .. واحمرار وجهها فضح شوقها : ما في شيء عموتي ..

تقدمت علياء .. وانحنت واضعة رأسها على بطن شهد : ما يتكلم فبطنج ؟


لتبدأ الضحكات تتعالى في المكان .. وتصرخ شهد جراء وخزة اصابتها من ذاك الضحك : الله يقلع بليسج علايا..

استندت بتعب على الوسادة وهي ترد على سؤال علياء : طارق يريد يسميه ع ابوه الله يرحمه . بنسميه منصور ان شاء الله .


اردفت وهي تاخذ قطعة بطيخ احمر من يد ميثة : الا عموتي .. صدج اللي تاكل لحم ركاب تعوشر .

- ليكون ماكله لحم ركاب ؟

ردت وهي تبعد حبوب البطيخ من فيها : لا ما اذكر اني كلت .

قامت ريم وهي تقول : وانتي شو دراج .. البركة فالاعراس اللي تسحبج حقهن خالتي .. يمكن كلتي فواحد منهن .

بخوف قالت : يعني الحين ما بولد .


-
منو قالج هالكلام .. ان شاء الله بتولدين .. وبعدين الدخاتر ما يعرفون يحسبون صح .. وسألي ميثة كيف تغربلت وييا خلود ..

تكلمت ميثة وهي تضرب علياء على فخذها : قومي شوفي خواتج – وما ان غادرت المكان حتى اردفت قائلة – هيه والله كلام مريم صدج .. ما يعرفون ..وانتي بعدج الحين فالتاسع .


هل هو خوف غريزي لكونها اول مرة .. ام انه خوف في مكانه ؟ .. فهي على يقين بانها انهت التاسع منذ ايام .. وحتى كلام الطبيبة المعالجة يؤكد ذلك .. انتابتها راحة مؤقته بكلام مريم وميثة .. ولعل كلامهما صحيح .. قد يكون خطأ في الحساب لا غير .


,،

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:00 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://up.graaam.com/uploads/imag-6/...886d55f45b.gif

,،


كالخطأ الذي ارتكبته وديمة حين اعطت محمد دوائه ..فالدواء الجديد لا تزال لا تعرف له ولجرعاته .. ولأول مرة تقوم بذلك دون طلب من امها .. او باتصال من سعود .. اعطته الدواء بعد معانة طويلة معه .. لتتركه في الغرفة .. وماهي الا نصف ساعة حتى تصرخ جدته منادية لها .. ليهولها منظر محمد الذي تطوح على كرسيه .. ووالدتها تحاول فكه دون جدوى .. صرخت بها لتتصل بسعود .. فهرولت وفرائصها تتراقص خوفا .. ليصرخ بين زملاء عمله في ذاك المصرف .. وبعدها يخرج مسرعا .. لا شيء بين عينيه الا صورة ابنه محمد ..وكلام وديمة لا يبشر بخير .. يتآكله ذاك الازدحام بنهم .. ليحيل صبره لدخان يبعثره صوت بوق سيارته المتكرر .. الوقت يداهمه .. والمنزل بعيد .. ولا يعلم هل سيارة الاسعاف ستصل قبله ام هو من سيصل .. ام ان هناك زائر آخر سيسبقهم .

,،


انفض الاجتماع الذي عقده مع رؤساء الاقسام في شركته .. اعطى تعليماته لسكرتيرته بان تلغي جميع مواعيده لبعد الظهر .. رفع هاتفه ليتصل بها .. ويطلب منها ان تجهز نفسها للعشاء في الخارج .. وما ان انهى مكالمته معها حتى دخل اخيه وعلى محياه ابتسامة.. القى التحية وجلس : ما ناوي توظفني عندك .

وهو يضغط على اعلى انفه بسببته وابهامه : ووظيفتك ؟

- والله انك مب سهل .. ما دريت انك عارف تلعبها صح .


امتعض من كلام طلال : احترم نفسك يا طلول .. سيف مب خاين .. وهذي الشركة من تعبي .

انفجر ضاحكا وهو يقف : السمووحه يا طويل العمر – قهقه – اريد وظيفه وياك – انحنى مستندا على الطاولة بكفيه – شو رايك تخليني نايبك .

قام واقفا .. وسحب هواتفه النقالة من على الطاولة .. وبعنف ارجع طرف " غترته" للوراء : تريد تشتغل بعطيك وظيفه .. بس انا اللي احددها ..

خرج ليخرج من خلفه .. وما ان ركب سيارته حتى قال وهو يقف بجوار الباب : ماشي .. يا .. سيف .


اغلق زجاج نافذته .. وانطلق .. فتلميحات طلال تثير في نفسه الغضب .. هو لم يخن احد .. وهذه الشركة كما يردد دائما من تعبه .. ومن امواله الخاصه ..لم يعد الى منزله الا عند الساعة السابعة .. مع انه خرج من شركته عند الساعة الثالثة ظهرا .. احب ان يبدد غضبه ذاك باي شيء .. فهو لا يريد ان يعكر مزاج رشا التي اضحكت متعلقة فيه اكثر .. كما هو حاله ..


دلف الى منزله متوجها مباشرة الى غرفته .. لعلها مستعدة للخروج .. وترتدي عباءتها ايضا .. دخل غرفته واذا به يراها خارجة من دورة المياه ( اكرمكم الله ) ..تبدو شاحبة .. اقترب منها : حبيبتي فيج شيء .

هزت رأسها وهي تمشي للسرير : راسي يعورني .. الحين بتجهز عشان نطلع .

جلس بجانبها ممسكا كفها : اذا تعبانه ما في داعي لطلعة .. بنتعشا هني .

هزت رأسها بعنف : لا لا .. انا مليت من البيت .. ومتشوقه لهالطلعة من يوم ما دقيت علي – قبلته على وجنته – الله يخليك لا تكنسلها .

ابتسم لها : من عيوني .. قومي تجهزي ..


,،

ما عرفتلها الا رشا ..جملة نطقت بها رنيم على مسامع والدتها .. وهي يتملكها الغيض من حالهم .. استطردت قائلة : كل شهر والثاني مسافر .. ولا فكر فينا

وهي تغير القناة الى قناة اخرى .. وتضع جهاز التحكم من يدها : انزين هو ما رايح سياحة .. رايح يرجع لكن المستوى اللي كنتن فيه .

وضعت ساق على اخرى بغضب واضح .. وهي تهز ساقها : هيه باين .. وليش كل ما سافر خذها وياه .. بعد رايحة تشتغل ؟


كانت جالسه وبيدها كيس " ليز " تأكل منه ببطء وهي تستمع للحوار الدائر بين رنيم وامها : استغفر الله العظيم .. هيه رايحة فشغل .. ارتحتي .

قامت واقفة : لا ما ارتحت .. احنا خواته مب هي .. وانا مب مثلهم اصدق انها بنتج .. وبعدين اي شغل تتكلمين عنه .. مب كافي انه اخذ ارصدتنا من البنك . وباع شركاتنا كلهن .. وكل هذا وعذره انه بيرجع اللي راح ..اشوف ما شيء رجع ؟


قالت وهي تقضم قطعة : انزين الشيء مب سهل .. يباله وقت .

صرخت بها : سكتي انتي .. عايبنج حالنا .. كل ربعي خلوني .. والسبب ابوي ... ياليته مات بدون ما يخلينا ع الحديدة .

لم تشعر الا بكف والدتها .. الذي كان من شأنه ان يوقف جواهر عن الاكل : ابوج مات وهو مرفوع الراس .. لا انه كان مهرب ولا تاجر مخدرات .. وربعج اللي تنوحين عليهم مب ربع .. ما جمعهم عليج الا الفلوس .. مثل الذباب ع الشكر ( السكر ) .. ويوم يخلص تطايروا ..


القت بكلمتها وغادرت .. لتصرخ بجواهر : كله منج .. ليش ما توقفين وياي .. عايبنج اللي احنا فيه .

خفضت نظرها : فيصل ما مقصر ويانا بشيء .

رصت على شفتيها مطلقة صرخة غيض .. وهي تضرب برجلها الارض .. لتنسحب بعدها من تلك الصالة التي باتت مكان لاستنزاف غيضها الدائم .. صعدت الى غرفتها التي لا تأتي شيئا امام غرفتها التي كانت .. جلست على حافة سريرها تبكي : حرام اللي يصير .. والله حرام .. وهو ما فالح الا يسحب هالشينه وياه ..

هذا حالها تندب حظها الذي اوصلها الى هذا المكان .. وتتمنى ان يكون فيصل عند كل كلمة قالها .. لتعود لحياتها السابقة التي تعشقها .

,،


كحياة سارة التي باتت تعشقه .. هاهو ينادي عليها .. يستعجلها للخروج .. فذاك الفلم على وشك ان يعلن انطلاق البداية .. لبست عباءتها على عجل .. وخرجت تركض وهي تصرخ : يايه .. يايه ..

نظرت لوالدته الجالسة في الصالة : خالتي عايبنج اللي يسويه في .. يعني يتصل في بدقايق ويقولي تجهزي .. والحين يالس يصارخ علي .


ضحك وهو يقف عند الباب : اذا تبين تروحين خلصي .. والا ترا اروح واخليج

- يا ولدي شبلاك مستعيل .. السينما ما بطير .

وهي ترتدي " شيلتها " : قوليله – مشت بسرعة واذا بحذائها ينكسر – وقته الحين .. كله منك .

قهقه وهو يقترب منها ..انحنى ممسكا بيدها يرفعها عن الارض . ويهمس : الفلم بدا .


لتصرخ فيه : هيه ما يهمك الا انجلينا جولي .. مالت بس .. وانا اللي عبالي خايف علي ..

نزعت حذائها وعادت ادراجها لداخل وسط ضحكاته التي كانت تزيد من احتقانها .. يحب ان يغيضها .. بل انه يتلذذ بهذا الشيء .



,،

ان شاء الله البارت يعجبكم
وانتظروني يوم الاربعاء مع البارت 18


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:01 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
احيانا نشعر باننا نمشي دون وعي منا .. نعمل ونقوم بمهامنا اليومية بكثير من الضجر .. او لعله الفتور .. هاهو ينهض بكسل من فراشه .. يسحب جذعه بثقل ليسنده على ظهر ذاك السرير المتوسط الحجم .. والقريب من الارض ..حرك يده اليمنى على جانب وجهه الايمن ماسحا له بعشوائية مفرطة .. ما لبث ان اطلق العنان لها لتمسد شعره الاجعد .. تثاءب وهو يضع راحته على فيه .. وبعدها تتابع السعال الخفيف .. واذا به ينشق مرتان ويعرك انفه بظهر سبابته .. قد يكون هناك موعد مع الزكام .. فتغيرات الاجواء في عاصمة الضباب في هذه الايام لا ترحم .. قام وهو يجر خطواته مرغما .. اخذ حماما دافئا لعل وعسى يعتقه ذاك الكسل .. الذي لازمه فترة طويلة .. نظر الى انعكاسه على تلك المرآة .. حرك رقبته على اليمين ثم اليسار .. فهو يشعر بثقلها على اكتافه .. تقدم اكثر من المرآة وكأن به يدخل رأسه بها .. تمعن في عينيه المتعبتين .. وتلك بقع سوداء تستعد لتطفو بقوة على بشرته .. تمتم وهو يبتعد يجر جسده للخارج : الله ياخذهم .

عاد ليتثاءب بمليء فمه وهو يتجه الى ذاك المطبخ الصغير .. نزع اناء القهوة من مكانه . فتح الغطاء وهو يتأمل بقايا قهوة البارحة .. ثواني واذا به يغرقه بالماء .. ليستعد من جديد ويعد قهوة صباحية قد تنعش جسده المرهق ...تنهد بتعب واضح ..و انهى شرب قهوته على عجل .. وتجهز في غضون دقائق اقرب الى النصف ساعة .. حمل حقيبة جهازه المحمول وغادر مسرعا .. فمكتبه الجديد الذي لم يمضي على افتتاحه سوى اشهر معدودة بحاجة لمن يهتم به .. حتى وان كان العمل فاتر .. ولكن لا يهم .. فهو لديه وظيفة مسائية في أحدى شركات الحواسيب .. وما هذا المكتب الا بداية لاستثمار ماله .. فهو يتسلى باصلاح حواسيب الاخرين .. ولا ينكر بان العمل الذي قام به منذ يومان لاحدى الشركات اكسبه مالا لا بأس به .. دلف الى مكتبه .. وقلب تلك اللوحة الصغيرة على الباب ليعلم المارة ان المكان غير مغلق .. فهو كمحل صغير في زاوية من زوايا شوارع لندن الضيقة .

وهو يخلع قميصه الجلدي ليعلقه .. اذا بها تدخل وهي تفرك كفيها ببعضهما : الجو بارد هذا اليوم ..
ابتسم لها .. ورحب بها .. ثم دعاها للجلوس .. اردفت وهي تقول : كنت انادي عليك وانت تنزل السلم .. ويبدو انك لم تسمعني ..
قام واقفا ليلج الى غرفة صغيرة مفتوحة على غرفة المكتب .. واذا بصوته يصل اليها : هل ترغبين بالقهوة ؟

اضحى يكثر منها في الاونة الاخيرة .. يتلذذ بالسهر على انغام رائحتها .. فهو يخاف النوم .. بالتحديد يخاف ان يحلم بها .. مع انها لا تفارقه ابدا .. في كل مكان معه ..حتى وهو يحمل الاكواب بيديه يتذكرها .. يتخيلها تنتظره .. او لعله يتمنى ان تكون هي تلك الجالسة في ذاك الكرسي لا ايريس .. رشفت من كوبها .. واخذت تستنشق البخار المتصاعد بلذة عارمة :قهوتك لذيذة .

لم يجبها .. فاستطردت قائلة : انت مختلف كثيرا .. لم تعد احمد الذي كان منذ سنة مضت .. اعلم ان ما حدث لك ليس سهلاعادت ترشف من كوبها . احتظنته بين كفيهاولكن .. لا يجب ان تيأسباهتمام زائد وهي تضع الكوب من يدها على الطاولةاخبرني ماذا حدث معك في السفرة الاخيرة وقلب حالك بهذا الشكل .

شبك اصابع كفيه ببعضهم .. مخفيا ابتسامته الذابلة .. وناظرا الى قهوتها التي بدأ بخارها يخبو .. لا يريد ان يتكلم .. شعرت بذلك .. فهو يتهرب من اسئلتها والحاحها .. قالت بحزم :الا تثق بي .. الستُ جارتك منذ خمس سنوات .. هل رأيت مني ما يسيء يوماارخى ذراعيه على الطاولة وهز رأسه بلااذا تكلم .. صدقني سترتاح .. الم تلتقي بحبيبتك .. هي خطيبتك صح ؟

كانت تتكلم راغبة بكلمة واحدة منه .. ولكن الصمت كان مسيطرا عليه .. فجأة سحب شيئا من درج مكتبه .. يربكها هدوءه .. وحين نطق باسمها طالبا منها التوقف عن الكلام لبرهة .. ابتسمت.. فهي تعشق اسمها من بين شفاهه .. فهو ينطقه بطريقة مختلفة .. نظرت اليه وهو يشغل جهاز " الاي باد " .. واذا به يمده اليها .. لتشاهد ذاك الفيديو الذي حفظه بكل تفاصيلة عن ظهر قلب .. نظرت اليه واذا بها تقول :هل هذه حبيبتك ؟ لكنني لا افهم شيء مما تقوله ..

-
هذا برنامجا اخباريا .. اواضب على متابعته لشوقي الى وطني .. وتفاجأت بها تلك الليلة تظهر فيه .. لم اصدق عيني.. حتى عندما نطقت اسمها .. ظننت يومها انني جننت .. ولعلي اتخيلها مكان المذيعة الاصلية .
وضعت الجهاز من يدها .. وقالت بعد ان تنهدت : الهذه الدرجة تعشقها .
"واكثر" .. وكأنه بتلك الكلمة يحطم آمالا بنتها تلك الشابة الندنية .. عادت تسأله : ماذا حدث معك في سفرتك الاخيرة .. قلت لي بانك ستذهب لتعيدها .. وانك ستخبرها بكل شيء .. ولكنك عدت انسانا مختلفا .. تبدو لي وكأنك قضيت اعواما هناك وعدت .. مع انك لم تمكث الا ثلاثة ايام ..


سكت .. وكان السكوت الذي يسبق العاصفة .. عاصفة سيبعثربها تلك الاحداث على مسامعها لعله يرتاح من تكرار زيارتها على عقله المتعب .. يتذكر كل شيء
.. كلامها معه .. عيونها حتى وان كانت يومها تخفيهن خلف زجاج معتم .. انتظرها طويلا في تلك المواقف القريبة من جامعتها .. لا يعرف متى ستخرج .. وكان قبلا يحفظ جدول محاضراتها كاملا .. متى تبدأ ومتى تنتهي .. ومتى موعد استراحتها .. كان يحب مشاكستها بين المحاضرات برسالة نصية قصيرة .. يكتب فيها كلاما يبعثرها .. ويبعثر كلام المحاضر امامها .. يضحك وهو يتخيلها تقرأ رسائله ..

انتظر حتى الثالثة ظهرا .. يعلم انها في الداخل .. فسيارتها لا تزال مركونة في مكانها .. انزل زجاج النافذة . واذا به ينحني على المقود مربعا ذراعيه مرخيا رأسه عليهما .. دقائق واذا به يسمع صوت انفتاح قفل سيارة .. تلفت ورآها مقبلة بيدها حقيبتها البيضاء ذات النقط السوداء العابثة على سطحها دون انتظام . وكتابان ودفتر كبير .. فتح باب سيارته على عجل يريد ألحاق بها ..سماعها لاسمها بتلك النبرة ارجفتها .. حتى اوقعت ما بيدها .. هل كان خوفا ام كان شوقا .. او قد يكون جرحها قد تقطعت خيوطه قبل ان يلتئم .. والسبب هو .. التفتت له بعد ان قال : اسف لاني خوفتج .

انحنت فانحنى معها امسك كتابها اذا بها تسحبه بعنف .. وترميه مع اخويه في سيارتها .. بحدة تنم عن ثقة مصطنعة : شو اللي يابك ؟

ابتسم فهو الشخص الوحيد الذي نال الامتياز في تمييز نبرة صوتها .. متى تكون سعيدة .. ومتى تكون حزينة .. حتى الآن يعرف انها خائفة .. فنبرتها فضحت قلبها المتسارع النبضات : ما تغيرتي.

نطقها .. لتردف هي على جملته تلك : تغيرت – ابتسمت نصف ابتسامة على الجانب الايمن من شفاهها – شو تريد ؟
وضع يده في جيب ثوبه .. كان متوترا لا يعرف ماذا يقول .. او من اين سيبدأ : خلينا نروح مكان هادي نسولف فيه .. تعالي بسيارتي او نروح بسيارتج .


نزعت نظارتها بحركة كبرياء .. وكأنها تخبره بنظرة عينيها .. انها لم تعد زوجته .. ابتسمت ساخرة : ما بينا كلام .. والقلب اللي شالك .. قدر يرميك
.. مع السلامه يا ولد خالتي .
تحركت بسيارتها تحت انظاره .. داست على قلبه بعجلاتها .. كما داس هو قلبها فيما مضى .. تتبعها بنظراته التي لم تصدق ما قيل .. حتى توارت ..


توارت نظراته عن عيون ايريس وهو يحمل قهوته متعذرا بانها بردت .. احست بحبه القوي من خلال حديثه ذاك
.. تبعته ووقفت تنظر اليه يريق قهوته المرة دون رأفه .. اقتربت منه واهملت كوبها في تلك المغسلة .. ثم سحبت يدها ببطء لتضعها على كتفه .. ليبتعد جراء فعلها .. تاركا المكان .. تبعته من جديد : اسفة .. ولكن عليك ان تنساها .. لانني لا اظن انها ستعود بعد ما قالته لك تحركت نحو الباب ووقفت تنظر اليهالمرأة اذا كرهت صعب ان تعود .

وقبل ان تفتح الباب رد عليها : المرأة اذا احبت من الصعب أن تكره .

,,

ولكن ماذا عن الرجل ؟ .. هل هو في مرتبة المرأة في وظيفة الحب .. ام انه يختلف ..هل الحب لدى الرجال مختلف .. ام ان حبهم اعمق من من حب النساء .. يحبها هو يدرك بانه يحبها .. ينظر اليها ويسمع دموعها .. وهي جالسه ترتب حقيبتها بعد ان رتبت حقيبته .. كان قلبه يحدثه باشياء كثيرة .. يخبره ان تلك الخولة قد احتلت ربوعه .. واستوطنت شراينه .. كان يبكي متأوها .. يريدها ويقسي عليها .. يوجعها بقوة فهو دائما ما يوهم نفسه بانه ليس اهلا للحب .. ولم يخلق له يوما .. فتلك المشاعر للضعفاء وهو ليس بضعيف ..

وقفت ومسحت دموعها .. لانها شعرت به يقف ينظر اليها .. التفتت له .. ابتسامتها تلك تذيب قسوته .. تقدمت حتى اضحى لا يفصلها عنه سوى سانتيمترات قليلة .. رفعت نظرها له .. ابعدت نظارته : مب لازم تلبسها وانا وياك .. ما في حد يشوفك الا عيوني .

ينظر اليها بعينه الحية .. يناظر شفاهها المتذبذبة مع تلك النبرة الحزينة .. يدها تتحسس وجهه .. ارتفعت واقفة على اطراف اصابعها .. فهي لا تطاله .. لا تطال وجنته بوقفتها العادية .. طبعت قبلة كانت كفيلة ان ترجف قلبه العليل .. انزلت عيونها بخجل : سالتني مرة .. اذا انا احبك .. يومها قلت لك اني لا .. واني ما اكرهك .. اليوم لو رجعت تسألني نفس السؤال .. بقولك اني ما احبك ..
قطب جبينه مستنكرا ما تقول .. اذا بيده تتحرك رافعة وجهها .. ابتسم : متأكدة ؟


ازدرت ريقها .. وهزت رأسها بالايجاب .. ما لبثت حتى تركته متعذرة بانها ستجهز نفسها لتغادر معه لمنزل عيسى .. ضحك عليها .. كانت ضحكة مختلفة .. هو يشعر بان ضحكته التي غابت عادت من جديد معها ..رن هاتفه المرمي بجانب قوارير العطر .. حث الخطى لينتشله
:الووواكفهر وجههشوو .. انت متأكد من اللي تقوله اغمض عينيه بحقد متأجج .. صاكا اسنانه ببعضهااوكي..
شد قبضته على هاتفه .. ومن بين اسنانه تمتم : الكلب الحقير .. بس مب جاسم اللي تقدرون تلعبون عليه ..

شدت قبضة يدها اليمنى بجانب صدرها .. فوجهه لا يبشر بخير .. وكلماته تلك التي تهادت الى مسامعها اخافتها .. بلعت ريقها بصعوبة .. فتلك انفاسها اشتعلت في صدرها .. مسح شعره بيده وهو ينظر لتلك الخائفة المترقبة .. دنى منها .. وتخطاها للباب : اذا جاهزة .. انا تحت اترياج .

كيف بقابل عيسى ؟.. سؤال طرحته وهما ينتظران تلك الاشارة تخلع اللون الاحمر .. لم يرد .. فهو يعلم كم هو صعب ان تكون في مكان غير مرغوب بك فيه .. ولكن عليه ان يتركها .. بل يجب عليه ان يفعل ذلك .. حتى وان كذب عليها بانه مسافر .. تحرك بسيارته .. وكفاها لا تنفكان تعانقان بعضهما بتوجس .. الطريق يقصر .. وقلبها تتزايد دقاته .. توقف اخيرا .. نظرت عن يمينها .. هاهو باب المنزل الذي احتواها لسنوات طويلة امامها .. وهو نفس المنزل الذي قتلت فيه على لسان شقيقها .. ترجل فترجلت على مضض .. انزل حقيبتها وحملها حتى باب المنزل .. او بالاحرى الى باب ذاك الملحق الصغير .. وقف ينظر الى تلك المتسمرة عند باب سيارته .. تنفست الصعداء .. تريد لقلبها ان يهدأ .. فيكفيه الشعور بالخوف من فقدان جاسم للابد .. تقدمت .. وتلك الاشجار في ذاك الممر الضيق تظللها بظلها .. صار امامها .. فقال بحنان لطالما تمنته يرافقها للابد :ديري بالج ع عمرج .

وهم لينصرف فاذا بيدها تعانق يده .. توقفه .. وتتمنى ان يتوقف الزمن حينها .. الان تستطيع ان تصل الى وجنتيه دون الحاجة للوقوف على اطرافها .. فهناك حذاء يرفعها .. قبلته من جديد .. فهي تشعر بانها لن تراه مجددا .. وبعدها قامت بحركة تعلمتها منه كثيرا .. ولكنها لم تجرأ يوما على تطبيقها .. انفاسها الثائرة تلفح اذنه..وتغرق قلبه الغارق اكثر واكثر : ما احبك .. بس امووت فيك .

همست بتلك الكلمات .. تنتظر منه شيئا .. قد يكون العدول عن قراره .. لكنها لا تعلم بان تلك الكلمات كانت المسمار الذي شد قراره واوثقه بقوة .. سحب يده من يدها .. وابتعد .. دون كلمة .. ودون نظرة .. غادر ليختفي من امام ناظريها ..تمتمت وهي تمسح دموعها : الله يحفظك .

اثارت الهواء بكفيها على وجهها .. تريد ان تجفف دموعها .. وتبعد ملامح وجهها قبل ان تراها ايمان .. فاختها في المنزل .. لا محاضرات لديها هذا اليوم .. رنت الجرس وانتظرت .. مر الوقت ثقيلا .. واذا بها تفتح الباب .. قبلت وجنتي خولة ببرود غريب .. وبعدها نطقت وهي تنظر للحقيبة : تطلقتي ؟


سحبت حقيبتها لداخل وهي تنطق : فال الله ولا فالج .. تتمنين الطلاق لاختج
.
تبعتها الى غرفتها ووقفت ساندة جانبها الايسر بجانب الباب .. تنظر لخولة التي رمت عباءتها .. واراحت شعرها من سجانه : وين جاسم ؟
قالتها لتنظر لها .. وتقترب منها : جاسم بيسافر .. انتي شو فيج قالبه الويه .. ما تبيني هني والا شو سالفتج .
بتلعثم قالت :لا ما قلت جذي .. بس تدرين ان عيسى ما ..

جلست على السرير وبكلمات هادئة : لا تخافين .. لو السالفة بتضايقه مستعده احبس عمري فحجرتي ولا اطلع .
وهي تهز ساقها بتوتر : بيطول فالسفر .
ابتسمت على توترها : لا تخافين .. اذا حسيت اني ثقلت عليكم بزيادة بطلع ..
اقتربت وجلست بجانبها : لا تفهميني غلط .. بس ما لي الا عيسى .. وصرت واايد قريبه منه فغيابج .. اخاف عليه ولا اريد اي شيء يضايقه .

فرحت لكلام ايمان .. وحزنت في نفس الوقت .. ربتت على فخذها : ما بضايقه .. والا نسيتي اني انا بعد احبه
.
لم تجبها بشيء .. كانت مختلفة هذا ما رأته خولة .. لم تكن ايمان التي تعرفها وتتمنى قربها دوما .. احالت كل شيء الى البعد عنهم .. قد يكون هو السبب في تغيرها .. وقد يكون خوفها من ردة فعل عيسى ايضا .. كل شيء جائز .. هذا ما كان يتبعثر في عقلها .. عقلها الذي حمل من الامور الكثير والكثير ..

,
,



Continue




♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:01 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 


http://forums.graaam.com/images/imag...d5ac3ca1c6.gif

,,


كما يحمل هو في طيات حياته الكثير والكثير من الامور .. قد تكون صائبة وقد تكون عكس ذلك .. ضحكاته تملأ جنبات المكتب الراقي .. فتلك الكلمات الواصله اليه عبر هاتفه " النوكيا " تدغدغ خلايا الفرح في نفسه .. قابعا على كرسيه مواجها تلك النافذة التي يتعلق خلفها خيطا ثخينا .. فعمال النظافة لا يزالون يتدلون من اعالي تلك العمارة الشاهقة .. ضحك من جديد وهو يردد : يعني طلقها- عاد ليقهق بزهو – هذا هو جاسم عمره ما بيتغير ..

التفت بكرسيه حين احس بوجود شخصا ما يجلس على الكرسي المقابل .. قطب حاجبيه .. ومالبث حتى اعتقهما .. وانهى تلك المكالمة .. ليسارع الآخر قائلا : مسرع ما وصلتك الاخبار ..
- انا اقول جاسم هو جاسم ما بيتغير .

ابتسم بسخرية : وتظن ان جاسم الحين نفس جاسم من 11 سنة يا عبد العزيز .. وتقول ان جاسم هو جاسم .. عجيبة الدنيا اللي نستك جاسم اللي كان وياك خطوة بخطوة .. واللي كان يمينك – يتلفت في انحاء المكتب – فهالشركة .

-
الين متى هالحقد

-
مب حقد يا عبدالعزيز .. كره .. لان اللي داخل هالصدر – يضرب براحته على صدره – ما يعرف الا اثنين .. حب وكره .. ودامك انت مب مع الاول .. فتكون مع الثاني .
تشدق وهو يرخي ظهره على كرسيه : تحبها يا جاسم .. وخايف عليها ..

ضحك باعلى صوته .. تلك الضحكة التي يمقتها عبد العزيز بقوة : قلت لك عمرك ما بتفهمني .. بس مب جاسم اللي يطيح

ضحك تهكما .. وصدره يرتفع ويهبط .. وبعدها اسند ذراعيه على الطاولة منحنيا : بطيح ..

-
ضيقت علي انت وجون الكلب .. ووقفتوا شغلي فشركتي الشهور اللي راحت .. كل مناقصة ادخلها تسحبوها .. بس لا تنسى يا عبد العزيز ان البيت ما يوقف ع عمود واحد ..

-
تريد تقولي انك معتمد على " روز فاشن " اللي ما تسوى بيسه قدام اللي عندي .
- انت غول يا عبد العزيز ..بس انا بن آوى – ابتسم وهو ينظر لعبد العزيز – تذكر هالقصة يا عبدالعزيز .. الكتاب بعده عندي ..
- كنت تسوي فيها العود .. والقوي .. وتقرا قصص اطفال من كليلة ودمنة .

قهقه بشكل اثار الغيض في نفس عبد العزيز : القصص هذي عمرك ما بتفهمها .
قام واقفا ليجلس على الكرسي المقابل لجاسم : الحين تبي تقولي يابن آوى .. انك بتحتال علي .

طقطق بلسانه وهو يحرك رأسه بخفه دليل الا : ياي اخبرك عن نصيبي هني بهالشركة .
- رجعت بكلامك اللي قلته لي ذيك الليلة .. وانا اظن ان جاسم ما يرجع فكلمة قالها .

-
بس اذا كان الطرف الثاني غول .. ومب اي غول بعد .. لازم تاخذ احتياطاتك
- اعتبرها مدحة ؟

قام واقفا وهو يمسح ذقنه باصابع يده اليسرى : اعتبرها مثل ما تعتبرها – مشى حتى النافذة .. كتف ذراعيه على صدره والتفت لعبد العزيز – دريت ان شركة المرحوم سالم الــ ... انباعت ؟
تغير بروده الذي كان .. صارخا وهو يقف : انت شو تقول .. انا متفق مع البنك اللي حاجز عليها اني اشتريها .. قالولي الشهر الياي .. انت متأكد .. والا بس تحاول تـ..

قاطعه : ما احاول .. الشركة صارت لفرناند مور .. تاجر امريكي .. وازيدك من الشعر بيت لي فيها 25 % .
تقدم منه والغضب يتطاير من عينيه : جويسم لا تلعب باعصابي .. ومنو هذا مور .. اول مرة اسمع بهالاسم .. وانت كيف اشتريت هالنسبة .. ومن وين لك .. وشغلك واقف من ...

سكت وهو ينظر لابتسامة جاسم التي اثارت في نفسه الخوف : جسووم .. من وين لك الفلوس عشان تاخذ هالنسبة .
مشى ليجلس على تلك الاريكة .. ثانيا ساق على الاخرى : قلت لك لازم الواحد يكون حذر .. عطيتهم كل نسبتي هني مقابل ربع الاسهم فشركتهم .

تقدم منه ماسكا ثوبه بعنف حتى ارتفع صدره من قوة شد والده له : انت مينون ..
فك يد والده ورتب هندامه وهو يقف : لا ما ينيت .. ع فكرة قبل لا انسى .. ترى مدير الشركة الحالي هو فيصل سالم الـ.... .. وهو اللي بيكون رئيسك هني ..

قهقه تاركا المكان .. وقبل ان يغادر التفت لعبد العزيز : ع فكرة جاسوستك روز بكنسلها .. اذا المدام تريدها ياليت تخبرني

ضحك من جديد .. حتى توارى وتوارت ضحكته .. اما الاخر فسقط على الاريكة يحاول ان يفتح ازرار ثوبه .. فانفاسه بدأت تثقل وتزيد من اختناقه .. تمتم بغضب : الله ياخذك .. ياليتني ما يبتك ..

,,

ياليت كلمة نقولها حين الندم .. او التحسر .. او عند التمنى كما هو حال فاطمة التي تتمنى ان لا تقابل سناء في هذا الصباح .. فهي تثير في نفسها مشاعر الانزعاج .. قامت متأخرة على غير عادتها .. اليوم يوم الثلاثاء .. يوم لا اجازة فيه .. ولكنها اعطت لنفسها اجازة بسبب موعدها .. عند الحادية عشر ستقابله .. خرجت من غرفتها لتعد لها كوب "نسكافية " لعله يهدأ من توترها الزائد .. ستخرج من حدود ابوظبي لتقابله .. شيء بالفعل مخيف لفتاة لم تبتعد يوما لخارج العاصمة بمفردها ..حركت الملعقة في الكوب .. حتى تتلاشى حبيبات السكر .. خرجت لتصادف والدتها .. التي استنكرت وجودها في المنزل .. لترد الاخرى وهي تتابع طريقها نحو السلم : ما عندي شيء الصبح .. بطلع عقب شوي .

صعدت درجة .. اثنتان .. ثلاث .. وتوقفت لكلام والدتها .. والتفتت لها : قلت لابوج عن سالفة اخو ام خلفان .
رشفت من كوبها : وشو رد عليج ؟

يكسرها حال ابنتها البكر .. ولكن لا تستطيع ان تعصي زوجها .. ردت بحزن : يقول بييج الاحسن منه .. لا هو من مواخيذنا ولا من قبيلتنا .
رفعت كتفيها وهي تنطق : عاادي .. مب شيء يديد ..

وتابعت الصعود .. تحت انظار والدتها التي استغربت ذاك البرود منها .. فبالعادة اذا تم رفض شخص تقدم لها .. تقيم الدنيا ولا تقعدها .. تصرخ بوالدتها .. وتحتقن على والدها في غيابه .. تثور فجأة .. وتستهزأ قبل الانصراف .. لكن اليوم لم يحدث ما كان يحدث ..

دلفت الى غرفتها .. شربت ما تبقى من " النسكافية " .. وتركت الكوب على "الكوميدينة " .. تنفست بعمق .. بعدها قامت تجمع بعض الاوراق من الادراج .. وتضعهن في حقيبة يدها الجلدية .. رمتها على السرير .. وقامت لتغير ملابسها .. سحبت لها جينز ازرق .. وبلوزة سوداء .. يجب ان ترتدي اشياء تساعدها على المشي بحرية .. فيكفيها توترها .. الدولاب يعج بالعباءات .. السادة والمطرز .. سحبت عباءة سادة .. وسرعان ما ارجعتها وهي تحدث نفسها : لازم تبانين انج شيك ..

اخذت اخرى بها تطريزات على الاكمام بشكل ملفت .. ارتدتها .. ولفت " شيلتها " على رأسها .. نظرت الى وجهها .. يبدو شاحبا .. مدت يدها لعلبة " أولاي " ورطبت وجهها .. وطبعت اللون الوردي الفاتح على شفاهها .. سحبت عطرها المفضل من " جيفنشي " .. واذا بها تمطر عباءتها به .. شهقت وهي تتمت : فطوم شو صارلج .. انتي ما رايحه المدرسة عشان تتعطرين .. انتي رايحه تقابلين ريال .. استغفر الله العظيم .

خلعت ما ارتدته .. ولكن تلك الرائحة تخللت ملابسها الاخرى .. لا بد من التغيير الكامل .. ابدلت جميع ملابسها بملابس اخرى .. انحنت تفتح حقيبتها للمرة المليون تتأكد من انها لم تنسى شيئا .. اخذت نفسا عميقا قبل ان تخرج من غرفتها .. اقفلتها وما ان استدارت وهي تضع المفتاح في حقيبتها حتى جاءها ذاك الصوت الذي تشمئز منه : غريبة متأخرة اليوم – وهي تنشق الهواء – ما اشم ريحة العطر اللي تتسبحين فيه .

رفعت حاجبها وتقدمت من سناء : اقول .. خلج بعيد عني .. وما في داعي كل هالاهتمام .. اخاف بعدين اتعود عليه .. وبصراحة اذا تعودت على شيء صعب اني اخليه .. واخاف اموت من بعدج .

وضعت يدها على وسطها .. وبغيض : تطنزين ( تستهزء )
هزت رأسها وبوجه بريء قالت : حشا لله – ابتسمت – عن اذنج يا حرمة اخوي .

زفرت .. وبعدها انصرفت لغرفتها .. كان جالسا على الارض عند نهاية السرير .. منحنيا الظهر يقلم اظافر قدميه .. دنت منه .. وبغيض جامح جلست على السرير .. ببرود : خير ..شو فيج حبيبتي .

ابتسمت بمكر .. وهي تزحف حتى اضحت خلفه .. حركت يدها بحنيه على جانب وجهه : سعوودي .
دون ان يرفع نظره : هاااااااا .

-
امممممم حبيبي .. شو رايك تاخذلنا بيت .. ونطلع مني ..
انهى اخر ظفر .. وضعه مع اخوته على ورقة المناديل .. ولفها : لا يا روحي – قام ونظر لها وهو يمسك وجهها بكفيه – ما يصير نخلي البيت لاخواني .. وهذا بيتنا فديتج .

انزلت كفيه بعنف .. وادارت وجهها بزعل مصطنع : بس انا مب مرتاحة .. وابوك ع الطالعة والنازله يحارش في .. ومب ماخذه راحتي واخوانك هني .

جلس بجانبها ناظرا لوجهها .. وشفاهها البارزة : يا روحي .. يا عمري صبري علينا شوي .. وترا اخواني مب دوم فالبيت ..
تهلل وجهها فجأة وهي تضغط على شفتها السفلى : انزين حبيبي .. غرفتنا صغيرة .. وبعدين انت عندك جناح بروحك ليش ما ننقل فيه .
- وريم .

قامت صارخة : انت بعدك تحسبلها حساب .. وليش ما تطلقها .. وبعدين انت كنت تقولي انك ما تحبها .. واشوف العكس الصراحة .

ربعت ذراعيها على صدرها .. واعطته ظهرها .. وساقها تلك لا تهدأ من الاهتزاز .. طوقها من الخلف منحنيا على كتفها : يا روحي .. لا تزعلين .. ولا يصير خاطرج الا طيب .. من باكر ننقل للجناح ..

التفتت له .. وبدلع يقتله .. ويذيب رجولته التي كان يظهرها على ريم .. وكلمات تحيل ما يختبيء خلفه من رجولة الى سراب .. قالت وهي تطوق رقبته بذراعيها : سعودي .. طلقها وارتاح .

التهمهما بنظراته : مب وقته .. ترا حلاتج تزيد ع الصبح .

,,

الصبح الذي تدمر فيه محمد جراء جرعة زائدة .. لم تصل الاسعاف بعد .. وهو ما ان وصل حتى طار الى غرفته .. هناك كان ممدا على الارض وجدته تحاول فيه لعله يستيقظ .. والاخرى واقفة مستندة على الجدار تبكي بخوف .. وصل وبسرعة ابعد والدته عنه .. تحسس انفاسه بظهر كفه وهو يصرخ : شو صار ؟ ..

لترد والدته : وديمة عطته الدوا وبعدها ما ندري شو صارله ..
انحنى يستمع لنبضات قلبه : قلبه ضعيف – اخذ يضغط عليه بخفه – لازم اخذه للمستشفى – صرخ في وسط توتره – اي دوا عطيتيه ؟
تلعثمت : ما اعرف .. مكتوب عليه حبتين .
ارتجفت شفتاها .. ويداها اضحى لونهما احمر بسبب دعكها لهما .. حين صرخ : حبتين شو .. طلعيه لي بسرعة

كان يضغط على صدر محمد .. ويعود يستمع لنبضه .. بعثرت الادوية امامها .. تبكي بقوة وتردد : والله مب قصدي .. والله مب قصدي

ليصرخ بها ان تحضر الدواء وهو يرفع محمد عن الارض .. دنت منه .. تمد له علبة الدواء بيد مرتجفة : مكتوب عليه اثنين .

صرخ : اثنين شو يالعمية .. ما تشوفين الواحد .. مكتوب نص مب اثنين – صرخ بها – حطيه فمخباي ( جيبي ) .

وبعدها هرول مسرعا ومحمد بين ذراعية .. لا حياة فيه .. سوى انفاس خافتة .. وقلب على وشك التوقف .. نزلت على الارض تبكي .. وهي تسمع كلمات امها المحملة باللوم ..دفنت وجهها في ركبتيها .. و رددت من وسط شهقاتها : والله ما شفته انه نص .. والله ..

انطلق بسيارته بعد ان اراح جسد محمد في الكراسي الخلفية .. سلك الجانب الايمن من ذاك الطريق متعدد المسارات .. فتلك الجهة غير مزدحمة كما الباقي .. ابطء من سرعته .. ليتفقد محمد .. التفت له واضعا كفه الايمن على صدره .. لا يزال قلبه ينبض .. ارتاح .. واذا به فجأة يندفع للامام .. ويندفع مع اندفاعه جسدها .. خافت .. فنزلت مسرعة تقف امام بابه صارخة به : عّمي ..ما تشوف ..

انزل زجاج سيارته : سامحيني ياختي .. الله يخليج خوزي من طريجي .. مستعيل ..
تخصرت وهي تزم شفتيها : لا والله .. تقتل القتيل وتشرد .. مب خايزه الين ايون الشرطة يشوفون صرفه وياك ..

ضاق ذرعا بها .. بعثر اوراق الدرج الصغير .. واخرج ورقة وقلم وكتب لها رقمه على عجل .. مده لها وهو يترجاها : اندوج رقمي .. وخليني اروح يا بنت الناس .. ولدي مريض ولازم اوصله المستشفى
- والله عيب عليك .. ريال شكبرك وترقم .. لا وبعد تتعلث ( تتعذر ) بولدك .

زفر بعنف .. وفتح باب سيارته .. ليجرها من يدها بعيدا عنه .. وبعدها يفتح كفها ضاربا بالورقة فيه : هذا رقمي
ادخل يده في جيبه .. واخرج محفظته .. وهو يسحب بطاقتان منها.. صرخت : انت شو تسوي .

سحب يدها من جديد ولا تزال تلك الورقة فيها : هذي هويتي .. وهذي بطاقة الليسن – نظر لها بغضب – خليهن عندج .. عشان تظمنين حقج .

تصلبت في مكانها .. لا تعرف ماذا تقول .. او ماذا عساها تفعل .. مر بسيارته مسرعا .. تمتمت وهي تلتقط انفاسها : مينون .

اسرعت الخطى الى سيارتها .. سحبت حقيبتها من على الكرسي .. ورمت فيها ما يخص سعود .. رقم هاتفه وبطاقاته .. اعادتها وسحبت هاتفها القابع بجوارها بيد مرتجفة .. فما حدث شيء اثار خلاياها .. لمسها بعنف .. استغفرت ربها اكثر من مرة وهي تضغط على ارقام هاتفها .. يجب ان تطلب سيارة اجرة .. فسيارتها تلك لن توصلها لوجهتها وقد كسرت انوارها الخلفية .. وذاك الموعد ينتظرها .. لا بد لها ان تصل في الوقت المحدد .. زفرت وهي تجلس في سيارتها واصوات السيارات المارة ترهقها .. وايضا اولئك الشباب الطائش .. وصراخهم كلما مروا عليها .. عادت لتستغفر من جديد وهي ترى رجفة يدها .. لم يلمسها انسان غريب يوما .. وهذا السعود لمسها بقوة .. تساءلت في نفسها .. هل ابنه فعلا مريضا ؟ .. فهي لم ترى احدا معه .. نفضت راسها من تلك الافكار .. وهي تسحب حقيبتها وتخرج بطاقة هويته . قرأت اسمه .. وتمتمت : شكله ما يكذب .. والا حد يتوح ( يرمي ) اوراقه ع انسانه ما يعرفها بهالشكل – اخذت تضرب بها على راحة يدها بخفة – بس شكله وسيم ..

ضحكت على كلامها وهي ترى سيارة الاجرة تقف خلف سيارتها .. تاكدت من اخذ جميع الاوراق المهمة وترجلت .. بعد ان هاتفت من سيأتي لاخذ سيارتها للتصليح ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:01 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...d5ac3ca1c6.gif

,,

نفس ذاك الصباح كان لا يزال ليلا على اجواءها الكندية .. تاخروا في الوصول .. فتلك المسافة طويلة جدا .. ارهقتهما .. كما ارهقهما الانتظار في قاعات المطارات .. وتقلب الاجواء وتاخر الرحلات .. ومع كل ذاك التعب ها هي لا تستطيع العثور على حفنة نوم تريح جفونها .. تقلبت على ذاك السرير الغريب في فندق "السفارة " .. لا تعلم لماذا اصر طارق على هذا الفندق .. مع انها الحت عليه ان ينزلان في احد الفنادق الصغيرة .. لكنه انسان لا يأبه بالمال .. دائما كان يقول " اذا لديك مال فاستمتع به " ..وهو اراد ان يستمتع قبل ان يصبح ابا .. كم ان هذه الكلمة تفرحه جدا .. حين وصولهما كان خائفا جدا بعد مكالمته لشهد .. فلقد اصر ان هناك شيء ما تخفيه .. فصوتها لا يطمأن .. لم تستطع اقناعه بان زوجته وحبيبته بخير الا بعد ان هاتفت الجميع .. والدتها واختها ريم وعمتها .. حتى انها تكلمت مع عليا ليصدق ان تلك التي تملكت قلبه وروحه بخير ..

ابتسمت وهي تجلس على السرير مرخية ساقيها للاسفل .. وتساءلت هل نام بعد ذاك القلق .. هزت رأسها مستبعدة فكرة الاتصال به .. فقامت واقفة .. تنظر الى تلك المياة المندفعة من تلك الشلالات .. شكلها مخيف في ظلام الليل .. وضعت يدها على زجاج النافذة .. كانت باردة مما جعلها ترتعش لبرهة .. تلك الشلالات تشبه حياتها في الاشهر الماضية .. اعتقت النافذة من ملمس يدها الحارة .. وجلست على اقرب كرسي مرخية رأسها للوراء .. لا تشعر بالنعاس .. ولعل السبب هو ذاك النوم المتقطع على طول تلك الرحلة .. هي هنا الآن بعيد عن اهلها .. عن امها التي تبكي غيابها حتى الساعة .. لو انها استمعت لهما هل كانت ستصل الى هنا ؟ .. وهل كان انقياد سارة لقرارات والدها في صالحها ؟ .. هل كان حكيما في ذاك اليوم ..

انحنت للامام وهي تزفر انفاس الملل .. فهي تذكر ذاك اليوم جيدا .. كما تذكره سارة بجميع تفاصيله ..

نزلت تجري بخوف للاسفل .. الى غرفة والدتها شيخة .. شيخة التي كانت تجهز ملابسها التي سترتديهن في حفلة عقد القران .. حفلة ابنتها .. اول بنت من بناتها ستتزوج .. كانت قد اخرجت علب البخور الفاخر والعطور التي ستستعمل في هذه الحفلة .. ولم تنسى حبات العود حتى يتبخر به الرجال .. دخلت عليها تناديها .. التفت لها واذا بها تزجرها : ليش مب لابسة .. الحين بيي اخوج ياخذكن لصالون .. وين خواتج ؟

عادت ترتب ملابسها وهي تتكلم : ياللا فديتج روحي خبري روضه وخبري العنود .. ناصر ما بيلسلكن .. وراه شغل للريايل ..
بصوت خائف : امي .. روضة مسكره ع عمرها الباب .. وتقول ما تريد تعرس ..

شو
.. صرخت بها شيخة .. وهرولت وهي تردد : يا فضيحتنا .. يا فضيحتنا ..

طرقت الباب .. تهز المقبض بعنف .. وتصرخ على روضة لتفتح الباب .. لتصرخ الاخرى وهي جالسة على سريرها بهلع : ما اريد اعرس ..ما اريد افتح الباب

مر الوقت وهي فالداخل وشيخة وبناتها فالخارج .. كان الجو كما لو ان كهرباء عالية التردد ضربته .. وصل ناصر .. ليهوله ما يحدث ولتشل اوصاله مما يسمع .. طرق الباب بعنف : الحين يايه تقولين ما اريده .. فتحي الباب ..

كان صراخه عاليا .. فجعلها تترك السرير وتتسمر على الجدار تبكي : ما اريد ..

كل شيء بدى خارج السيطرة .. اليوم الاحتفال وعقد القران .. والناس المدعون ماذا سيقولون لهم .. صعد يتعكز على عصاه الصفراء .. فالاصوات وصلته .. كان وجهه مشرأب بالغضب .. ضرب على الباب بكل عنف وقوة : لا تفضحينا يا مسودة الويه .. فتحي الباب .. والا والله ما يصير لج خير .. فتحي ..

حاولوا معها بكل الطرق .. بالتهديد والوعيد ... وبالهداوة والحنان .. ولكن هي هي .. لا تريد الخروج .. ليصرخ بعدها عبيد : ياليتني ما يبتج ولا يبت اخوج يوم هذي سواياكم ..

كانت صرخة اخترقت الجدران لتسمعها اذان اخرى .. وبعدها بدأ يهدأ لينادي سارة لتتبعه للاسفل .. وبقي الاخرون يحاولون مع روضة .. كان وجهه الغاضب يخيفها .. اخذها الى مجلس الرجال .. ووضع يده على كتفها : اسمعيني يا سارة .. ذياب ولد عمج والنعم فيه .. وانا ما اقدر ع الفضيحة مرة ثانية .. الناس بيوصلون الليلة .. والمليج ( الشيخ ) بيكون موجود

كان يتكلم .. وكان قلبها يبكي .. لماذا ؟ هل ستكون كبش الفداء .. مالذي يقوله والدها .. في ذاك اليوم وفي تلك الساعة جاءت مريم مع ابنتها هاجر وريم وميثة .. كان لا بد من الحضور الباكر حتى تساعد اختها ولتكون الفرحة اثنتان كما كانت تردد مريم على مسامع زوجها قبل وصولهن .. وكانت دموع الالم قد تغلبت على دموع الفرح في تلك الساعة .. فشيخة لا تعلم ما تفعل .. وحتى انها لا تدري بمضمون ذاك الاجتماع بين زوجها وابنتها .. فكانت فرحتها ناقصة .. لم تكن فرحتان ولا حتى فرحة واحدة .. دخل عبيد غرفته ذات الباب المفتوح على مصراعيه .. ليزف جملته الى شيخة : خلاص .. كل شيء بيمشي مثل ما هو .. والعروس بتكون حاضرة ..

ضربت فخوذها بألم وهي تبكي وتردد : يا ويل حالي .. يا ويل حالي يا مريم .. شو بنقول لناس .. وروضه هي العروس .. والحين سارة .. يا فضيحتنا ..

احتضنتها من اكتافها : استهدي بالله يا شيخة .. يمكن هاجر تقنعها .. واذا ما اقتنعت ما بيدنا غير نكذب .. نقولهم ان سارة من اول هي العروس ..

ولا تزال تضرب فخوذها وتبكي : وروضة .. ابوها حالف ان طلعت ما تشوف خير ..

-
بنقولهم مريضة .. يا بنت الحلال بسج صايح .. بتدبر .. ياللا قومي خلينا نجهز المكان ..

ولا قدرت اقنعها .. قالتها بهمس لجدران تلك الغرفة .. واردفدت في نفسها : وتحملت سارة حكم ابوها .. بس الين متى نداريهم على حسابنا .. ليش دايم يسون الف حساب لكلام الناس .. وينسون عيالهم ..

,,

اتمنى انه يكون نال اعجابكم
انتظروني يوم الاحد ان شاء الله مع الجزء التاسع عشر

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:02 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...2e4eda4cbc.gif

,,

الجو غائم .. فهناك بعض السحب السوداء التي تبشر بهطول زخات من الامطار .. سوداء بسواد الاجواء التي تحيط بعيسى بعد سماعه من ايمان بوجود خولة في المنزل .. تذمر وهو يحتسي كوب شاي .. بعد وجبة الغداء الدسمة التي تناولها .. استنكرها في باديء الامر .. فايمان لا تجيد الطهو بمثل هذه الجودة ..وحين سأل لم تجبه عن من قام بالطهو .. مع انه تمنى لو تعود خولة معهم ليتذوق الطعام الذي كانت تعده باتقان تام .. كالطعام الذي كان بين يديه .. وبعد ان القت على مسامعه وجود خولة في المنزل .. ايقن بان تلك الوجبة التي تناولها بمعية اخته ايمان من صنع يديها ..


كانت تنظر اليه بتوتر وهو يرشف من ذاك الكأس الشفاف الذي لم يتبقى في جوفه الا القليل من الشاي الاحمر قليل السكر .. كانت ملامحه ساكنه برغم غضبه الذي كان حين سماع الخبر .. ارتشف آخر قطرة .. وهو يضع الكوب من يده تحت انظار ايمان : ما اريد اشوفها خير شر .

بعدها قام واقفا .. فقامت هي معه ..حتى اضحت امامه .. وبنبرة يشوبها التوتر : بس اذا عرفت ؟

نظر اليها وبحزم قاطع : واذا عرفت .. انتي ما سويتي شيء غلط .. ولا انا سويت شيء غلط .

سحب " طاقيته " عن رأسه وهو متوجها لغرفته .. احس باغلاق الباب .. فادرك انها كانت تستمع لهم .. ولعلها كانت تنظر اليه .. يعلم بانها تحبه كما يحبها .. فطيبتها احتوته سنوات طوال .. ولكنه عنيد .. فتلك الصفة ورثها من جده والد والده .. كان عنيدا لا يثنيه شيئا عن قرار اتخذه .. دخل الى غرفته الصغيرة .. حث الخطى نحو دولابه الصغير ذو البابين .. لينتزع له ثوب نوم مريح .. لعله يغفو قليلا بعد عناء يوم شاق في العمل ..


القى بجسده البدين بعض الشيء على ذاك السرير .. واضعا ذراعه اليمين على جبهته قريبا من عينيه ..يوقن اشد الايقان بانها لن تخرج .. لانه يعلم بانها تحترم قراراته حتى لو كانت ضدها هي .. جفونه لا تريد ان تحتظن عينيه .. فعقله ذاك يسلطهم على عدم النوم .. هو مشتاق لها .. يتمنى ان تدخل عليه .. فتخيلها تفتح الباب على مصراعيه هاجمة عليه .. تصرخ في وجهه بان ما يفعله خطأ .. وبأن حياتها مع جاسم كما كانت تتمنى .. ابتسم على خياله ذاك .. فهو مستحيل ..


انقلب على يساره لعله يجد النوم الذي يطلبه .. اما هي فتداركت دمعة قبل ان تجرح وجنتها .. مسحتها بسبابتها .. ثم مدت ذراعها للوراء حيث تقبع " الكوميدينة " على الجهة الاخرى من السرير .. فهاتفها ذاك قد يكون المنقذ لها .. الهاتف مغلق او خارج نطاق الخدمة .. ترددت كثيرا على مسامعها ..فاحتظنته بكفيها بين فخذيها .. تشد عليه وكأنها بذاك الفعل تشد على قلبها .. لا تشعر بالراحة .. فهي في سجن .. وعيسى هو السجان ..


مرت الدقائق وهي على حالها من الجلوس .. تتساءل عن ذاك الحديث الذي سمعته .. ماذا يقصدان ؟ وعن اي خطأ يتحدثان ؟..

اعتقت الهاتف من كفيها .. واذا بها تجلس على ركبتيها .. وتلك حقيبتها لا تزال الملابس مطوية فيها .. فتحتها واذا بها تبحث عن مستودع مشاعرها .. عن ذاك الدفتر الذي هجرته مدة لا بأس بها .. وهاهي تعود إليه .. تتصفح الاوراق .. تضحك على اول كتاباتها فيه .. وتبتسم على ذكرى ايام تلك السطور .. اصابعها تقلب تلك الاوراق الملطخة بالحبر .. حتى صارت قاب قوسين من آخر ما خطه قلمها :


احبه .. ممكن ..

ولكن الاكيد انني اصبحت اشتاق له .

اشعر انه يحبني ..وكم اتمنى ان ادخل الى قلبه واتأكد .

اتمنى معرفة سبب ذاك التحول .. هل اخطأت بحقه دون قصد مني ..

ام ان هذه شخصيته التي لا اعرفها .




اغلقت الدفتر بعد تأملها تلك الحروف .. واذا بها تحتظنه لتترك لتلك الليلة ان تعبث بها .. وتبعدها عن المكان .. تلك الليلة المغايرة في حياتها .. كانت يومها سعيدة .. تعرفت على بعض النسوة هناك .. يبدو انهن من اهل جاسم .. ابتسامتها لم تكد تفارقها حتى تعود اليها .. الجو مليء بالاغاني .. وفتيات يرقصن .. والكثير من الفاتنات في تلك الحفلة التي كانت عالما مختلفا لها .. متوترة لان هناك من يرقبها بنظرات قاسية .. على تلك الطاولة القريبة من منصة العرسان .. ترفع نظرها دقائق اذا بها تحدق بها .. امرأة بفستان راقي جدا .. ذا لون احمر .. كدماءها التي باتت تغلي في عروقها .. هل هي اخت جاسم .. ام لعلها قريبته .. رن هاتفها .. سحبته من على الطاولة .. فهناك من سيريح قلبها .. جاسم يتصل بها .. الاصوات عاليه وبالكاد تستطيع سماعه .. قامت على عجل تحمل حقيبتها الصغيرة مستطيلة الشكل بكفها مع هاتفها .. ولا تزال تلك النظرات تتبعها ..


كان هناك ينتظرها .. سيعودان الى المنزل .. يلفها استغراب.. ووجه جاسم المتغير يثير في نفسها الخوف .. لم تتكلم بعد ذاك السؤال الذي طرحته .. ولم تجد عليه جوابا : ليش تبانا نرد والعرس بعده باوله ؟


ترجلا .. فمشى ومشت خلفه .. هدوء قاتل يسيطر على المكان .. دلفا الى المنزل .. وما هي الا لحظات حتى انقض عليهم بكلامه .. توقفت هي قبل ان تصعد السلالم .. اما جاسم فقد هب من على مقعده بفزع : انت لاحقني لهني ؟


اقترب منه بغيض : اسمع يا جويسم .. تعرس .. تطلق ما يعنيني .. بس انك تزفها وياك لحفلة بنتي ما ارضى .. عمرك ما سويتها مع وحدة من حريمك .. ليش هذي

وهو يؤشر لها بسبابته .. حتى احست بتلك الاصبع تخترقها .. ازدردت ريقها ونظرت لجاسم بخوف .. الذي تقدم اكثر لوالده .. ومن بين اسنانه : سمعتني كلام فالعرس وسكتت .. بس انك اتي هني وتزيد فما اسمحلك .

- وتسمح لها هي .. اللي لا من ثوبنا ولا من مستوانا تخالطنا ..


شدت قبضتها اليمنى حتى غارت اظافرها في باطنها .. لم تشعر بالالم .. فهناك الم اكبر ينساب اليها عبر آذانها .. سياط يجلدها بها من يقال عنه عمها .. ارادت الانسحاب ولكن قدماها تسمرت حتى باتت لا تقوى على تحريك ساقيها .. صرخة منه قبل ان يخرج : اذا تحبها يا جاسم .. فتحمل كل اللي بييك وبيها ..


وبعدها غادر .. كلام كثير قيل لم تعيه .. بل انها لم تسمعه .. وذاك المتسمر امامها يبدو عليه الغضب .. فانفاسه تكاد تصل اليها .. اغمض عينيه ليرفع رأسه قليلا .. زافرا انفاسه دون رحمة .. ليلتفت بعدها لتلك الواقفة دون حراك .. وذاك السائل الثخين مل المكوث في راحتها لينزلق على عباءتها مختفيا في سوادها .. اقترب منها ماسكا رسغها .. نافضا قبضتها : مينونه .


واذا به يجرها .. يجلسها هناك كدمية بلا روح .. كانت تنظر لكفها المضرجة بالدماء في راحة كفه .. يطببها .. ويتمتم بكلمات احست بهن حبه : ما عليج من كلامه .. ولا اريدج تكونين ضعيفه .. انتي دخلتي عالم جاسم اللي ما يرحم – رفع نظره لها بعد ان ضمد جرحها – لازم ما تتأثرين بكم كلمة تنقال .. فعبد العزيز واهله اللي يقولون انهم اهلي ما يرحمون .


الله اكبر .. الله اكبر .. ايقضها اذان العصر من تلك الذكرى .. تريد ان تستوعب ما حدث .. او تتذكر ما قيل بين الكلام .. لكنها لا تستطيع ..وكأن ذاكرتها مسحت .. لا تذكر الا اول الكلام وآخره .. وكلام جاسم الذي لم تفهمه حتى الساعة .. كل ما تدركه ان جاسم تغير بعدها .. ابتسمت وهي تضع دفترها على الارض لتحمل تلك العلبة الصغيرة .. هناك تقبع هديته لها .. هنا روحه .. لا تزال معها ..

,,


كما لا تزال تلك الاوراق في حوزة فاطمة حتى اليوم .. كان بالامس واقفا امامها يرمي بها في يدها .. ويبتعد .. تتأمل رقم هاتفه .. سهل الحفظ .. اربعة ارقام تكرربعضها بشكل لا ينسى .. رمت بكل شيء من يدها .. وقامت لتخرج من غرفتها .. لكن سرعان ما عادت لتجلس على السرير وتسحب هاتفها .. الوقت مبكر .. ولكن لا بأس من الاتصال به .. بلعت ريقها وقلبها يقرع طبول قلق اتضحت في انفاسها .. عليها ان تنهي كل شيء .. كومت الارقام امامها على تلك الشاشة واذا بها تضغط على زر الاتصال .. يرن ..


مر الوقت ولكن لا من مجيب .. فزفرت بخيبة امل : يا ربي .. يعني لازم هالمواقف المحرجة .. امس ياللا ياللا قدرت اسيطر ع عمري وانا مقابلتنه .. بس الحمد لله كل شيء صار اوكي – نظرت لهاتفها واعادت الاتصال – والحين لازم انهي هالموضوع .


هناك كان واقفا في خارج تلك الغرفة التي يصرخ فيها جهاز القلب بصرخات منتظمة .. وهاتفه يحتظنه ذاك الكرسي الذي تعب من اهتزازه المستمر في حجره ..يبدو عليه التعب .. فمنذ الامس لم يبارح المستشفى دقيقة واحدة .. لا يزال ابنه في حالة غير مستقرة .. فقلبه ضعيف لا يتحمل ما تدفق اليه من دواء .. مستندا على الجدار ومربعا ذراعيه على صدره .. يتحدث مع حمد صديقه القريب جدا منه : الحمد لله انها يت على جذي .

- الحمد لله .. وبعد لا تلومها الدوا يديد .. وكتابة الدخاتر الصراحة ما تنقرا تقول تنبير دياي ( حركة ارجل الدجاج على الارض عندما تبحث عن الطعام)

ضحك على كلام حمد .. ليردف الاخر : هيه جذي اضحك .. ومحمد ان شاء الله ما عليه الا العافية .. انزين شو رايك تروح البيت تتسبح وترتاح .


اعتق الجدار من ظهره .. كما اعتق صدره من ذراعيه : لا يا حمد .. ما اقدر اخليه .. انت تدري انه ما يحب يشوف حد غريب .. وجودي يمه مهم .. فاي وقت بيقوم – وضع يده على كتف صاحبه – اريدك تخطف ع البيت وتيبلي ملابس .. لي ولمحمد .. انا كلمت الوالده وقلت لها تجهزهن .




تركه حمد .. ليعود الى محمد .. يتحسس جبينه بيده .. ويطبع قبلة ابوية حانية على جبينه .. الهاتف تعب من الرنين وعاد ليرن من جديد .. دون صوت سوى صوت ذاك الاهتزاز .. الذي جعل سعود يخطفه بسرعة ويخرج من الغرفة .. الرقم ليس معروفا .. رد .. واذا بصوتها المرتجف يلقي التحية على مسامعه .. وبعدها تتلوه بالسؤال ان كان من معها هو سعود .. ليجيبها : هيه نعم .. منو وياي ..


بتوتر واضح قالت .. وهي تلف سماعة هاتفها على اصبعها وتعيد فكها مرارا : انا اللي صدمتها امس .. شوف اخوي انا للحين ما علمت اهلي .. والصراحة مالي خلق سين وجيم منهم .. والسيارة مب طايعين يصلحوها الا بورقة من الشرطة ..


وتتابع التذمر من قبلها .. شد اعلى انفه باصبعيه .. وهي لا تزال تتحدث .. تخرج من موضوع السيارة لموضوع ما يخصه وكيف ستعيده له .. وترجع وتسأل ماذا عليها ان تفعل .. حتى بدى الانزعاج منها على ملامحه .. فكلما هم بالكلام قاطعته .. حتى فاض به الغضب صارخا : ممكن تسمعيني .


وضعت اطراف اصابعها على فيها .. وكأنها استوعبت اخيرا انها كالراديو اذا تحدث لا يخرس ..ليأتيها صوته مطمأنا لهواجسها .. وبأنه سيتدبر كل شيء .. اما عن ما يخصه فلا بد للقاء .. وانتهت المكالمة على اتفاق الطرفين بالاتصال مرة اخرى لتحديد موعدا بينهما وانهاء كل شيء ..


في خضم كل ما حدث معه .. نسى امر زوجة المستقبل التي كان اللقاء بها بالامس ليلا .. فعقله تبرمج فقط ليكون مع محمد لا غير .. وتلك التي انتظرته حتى الساعة العاشرة ليلا بتوتر مستفحل .. لم يتذكرها .. حتى والدته نست امرها وامر ذاك اللقاء الذي شرعه الله ..

قامت بكسل عند الساعة الحادية عشر .. فهي لم تنم .. فلعلهم لا يرغبون بها ويتهربون من اتمام كل شيء .. فما كان منها الا البكاء حتى اصبحت عيناها حمراء منتفخة .. وقفت امام مرآتها .. تنظر لملامح وجهها .. وهناك نظرة كره قد استوطنتها .. وكان لا بد من الكلام .. خرجت لتنفجر في وجه والدتها واخواتها الصغار .. بعد ان اخبرتها والدتها سبب عدم مجيئهم .. لتنفجر بغضب : مب قاتله عمري عليه .. اول قلتوا انه راح دوره .. والحين ييا دور ولده .. من زينه يعني ايلس اترياه .. خلوه يولي ..

- استغفر الله العظيم شو بلاج .. الريال معذور ..

- لا مب معذور .. انا مب لعبة فايدهم .. خاطبيني وللحين حتى ما شفته ولا شافني .. وبعدين .. يعني كل مرة بيطلعلي بعذر ..

- ابوج يمدحهم .. والريال والنعم فيه ..

-ما يهمني – وعادت ادراجها ثم التفتت لتردف – ولا باخذه الا بشروطي .. خبري ابوي ان عندي شروط .. والا النسب يتعذرهم .. مب مجبورة اعرس واخذه .


,,

Continue


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:03 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...a8419c6659.gif


,,

موزة ليست مجبرة على القبول بسعود زوجا لها ... كما تم اجبار سارة على الزواج من ذياب .. او كما تم اجباره هو على الزواج بها .. ولكن ما يحدث معه بدأ يشتته .. هو لا ينكر بأنه تقرب من سارة كثيرا في الاشهر التي تبعت حفلة يوم عقد القران.. فكانت تلك الاتصالات بينهم كفيلة ان تحول قلبه اليها ويبتعد عن روضة .. التي خذلته في ذاك اليوم .. وخذلت والدته التي كانت تتمناها له ..دلف الى سيارته " الكابرس " البيضاء ..بعد ان انتهى من عمله الأمني في قسم الشرطة .. يحمد ربه كثيرا ان عمله اضحى مدنيا .. فهو لا يطيق ارتداء البس الرسمي .. ما ان حرك سيارته حتى اصدر هاتفه تلك النغمة المنبهة بوصول رسالة ما .. ابتسم .. فتلك السارة عجولة جدا .. واذا تأخر لا بد من الاطمئنان عليه .. ينظر الى الطريق وبيده هاتفه .. يسترق النظر الى تلك الرسالة .. تعابير وجهه تغيرت فتلك الرسالة القصيرة ادخلت الضيق الى صدره .. مسحها ورمى به بجانبه ..وهو يتحوقل بصوت يشوبه التعب .. زفر انفاسه الغاضبة وتابع طريقه .. فلا يجب لسارة ان تعلم بأمر تلك الرسائل .. فيكفي انها تشعر بانها غير مرغوب بها في منزله .. اوقف سيارته وولج الى منزله البسيط .. وكما توقع هاهي تنتظره في الصالة .. لتجري مسرعة له .. بخطوات يكللها الشوق .. لتقبله عن اليمين وعن اليسار .. ثم تبتسم وهي تضع يداها خلفها .. وتردد : احطلك الغدا ؟


اسلوبها الطفولي يريحه كثيرا .. وينسى معه تعبه .. يمسك خديها باصابعه حتى تبان تجعيدة جبينها من الألم : بتسبح .. وبتغدا .

وضعت كفها على وجنتيها : حرام عليك يعور .


لينفجر ضاحكا وهو يبتعد عنها متوجها لغرفته .. اعدت كل شيء مسبقا .. ليس عليها سوى حمل صينية الطعام الى الصالة وتنتظره .. انزلت الصينية .. واذا بها تقف لترفع بنطلونها " الجينز " الاسود .. وتبتعد عن المكان متوجهة الى حيث هو .. ما ان دخلت حتى رن هاتفه .. اقتربت من السرير حيث يقبع .. وبعدها تنحني قليلا ويداها على ركبتيها .. تتأمل ذاك الرقم .. ليس بالرقم الغريب .. فهي تعرفه .. بل انها تحفظه جيدا .. خرج من دروة المياه ( اكرمكم الله ) وهو يداعب شعره بتلك المنشفة البيضاء .. ليبعد قطرات الماء عنها .. ما ان تبادى لها حتى رفعت جذعها .. واستنكر هو فعلها .. لتبتسم : في حد يتصل عليك .


اقترب وهو قاطب جبينه .. وقبل ان ينطق رن من جديد .. انتشله من احظان اللحاف البنفسجي .. ولا تزال نظراته عليها .. يخاف من ان تعرف .. نظر الى الرقم .. فتلعثمت ملامحه .. ليبتعد عن المكان .. حتى لا تسمعه .. ويعود بعدها .. ليخبرها بان عليه الخروج .

هبت واقفة بعد ان كانت جالسة على السرير : وين بتروح .. توك راد .. حتى ما تغديت .

تنظر له يرتدي ثوبه .. ويضع " الكاب " الاسود على رأسه : شغل .. ما بتأخر .

لتضرب بعدها السرير بقبضة يدها وهي تجلس .. لعل غضبها يمتصه ذاك السرير الذي تتشاركه مع ابن عمها .. احترقت خدودها بنار تلك الدموع .. لتردد بعدها : شو ذنبي .. شو ذنبي اني صرت بدالها .. وشو ذنبي اني تعلقت فيك ..


نداء ام ذياب لها .. جعلها تقف مكفكفة دموعها .. لتأخذ نفسا عميقا .. وبعدها تخرج .. ليأتيها سؤال عمتها عن ابنها .. ولماذا لم يأتي من عمله بعد .. تقدمت منها وهي تردد على مسامعها انه لا يزال في عمله .. فتمشي معها متوجهتان حيث تقبع تلك الصينية .. لتجحظ عينا ام ذياب صارخة : حق منو هذا كله .. كم مرة قلتلج لا تحطين عيش ( أرز ) وايد .. كل اللي فالبيت اربعه .. وبعد الشغاله مب ذاك الزود اكلها .


تأففت من ذاك الموال الذي دائما يتكرر على مسامعها .. فعمتها تلك قريبة من حدود البخل .. او لعلها قد دخلت حدوده .. لا تشعلي التكييف دائما .. لا تتركي الاضواء منارة .. لا تسرفي من الماء .. والكثير من الاآت .. فتلك المرأة لا تزال حاقدة على ما حدث لابنها بسبب ابنة عمه .. ولا يوجد احد امامها سوى سارة لتظهر ذاك الحقد عليها .. حتى احيانا تشعر بانها هي الخادمة لا تلك الاندونيسية ..

انحنت لتحمل الصينية : ولا يهمج عمتي .. ما يصير خاطرج الا طيب .

وابتسمت لها على مضض .. وبعدها اختفت .. لتزفر الاخرى : استغفر الله .. انتي وين وروضة وين .. ياليتها كانت بدالج .


,,

كما تتمنى ام ذياب روضة مكان سارة .. تتمنى رنيم ان تكون مكان جود .. فتلك المكانة التي تسيطر عليها جود عند فيصل .. تثير في نفسها غيرة جامحة .. اليوم ستصل معه من رحلة سفر دامت اسبوع .. اسبوع اخر من تلك الرحلات التي دامت اشهر خلت .. ولجت الى المنزل وهي تجري مسرعة نحو والدتها التي استقبلتها بالاحضان : اشتقت لك مام .

لتتشدق رنيم وتردد بغيض مقلدة جود : اشتقت لك مام .


وبعدها تزيل ذاك التشدق بابتسامة لرؤيتها فيصل .. ذاك الفيصل الذي تغير كثيرا .. اضحى جديا .. حتى نظرة عيونه الواسعة اختلفت .. حتى تلك الملامح تبدلت عن ذي قبل .. دخل المنزل بهيبة لم تعد غريبة على اخواته ووالدته .. ولكن هذه المرة هناك شيء ما تغير في وجهه .. فتلك " السكسوكة " جعلته اكثر وسامة .. تقدمت منه لتقبل وجنتيه .. بعكس جواهر التي حيته بالتحية الاماراتية المعروفة عن طريق تلامس الانوف .. واذا به يقترب من والدته ليقع على رأسها مقبلا له .. ثم يحتضنها .. لتصرخ جود وهي تحتضن ذراع ميرة : شو رايج بالشكل اليديد ؟

وهي تتلمس وجهه بكفيها : ولدي طول عمره وسيم .. الله يحفظك من العين .

امسك كفها ليلثم راحتها : ويحفظج لنا يالغالية .

تشتاط غيضا .. ففرحة جود وتلك الابتسامة الواسعة تزيد من مقتها : وان شاء الله انتي اللي قلتيله يسوي هالشيء .. ووع .. طالع مثل الزلمات ( شباب اهل الشام )

- حلاتهم الزلمات .. بيضان .. وانا ياللا اوصل لبياضهم .


علت الضحكات الا منها هي .. ليستأذن بعدها فيصل .. ليأخذ حماما ويستعد للخروج .. تبع تلك الفلبينية التي تحمل الحقائب للاعلى .. فاذا بجود تصرخ عليها ان تترك الحقيبة الصغيرة .. هرولت اليها تجرها وهي تردد : بعطيكن الهدايا ..

نزلت جواهر على الارض بجانبها تساعدها لفتح الحقيبة .. اما رنيم فتشدقت ناطقة : والله وكبرنا وقمنا نييب هدايا .


قفزت وبيدها هدية مغلفة لتجلس بجوار والدتها : شريتلج عطر باريسي على ذوقي .. مام لو تشوفين باريس كيف تكون فالليل وانتي تشوفينها من فوق .. والا برج ايفل يخبل .. لازم اقول لفيصل يشلج ويانا المرة الياية .


مسحت على رأسها .. وهي تأخذ الهدية من بين يديها .. وتقبل وجنتها الشحابة .. تتابعها بنظراتها وهي تخرج الهدايا وتعدد اسماء اصحابها .. فتلك لصديقتها .. واخرى لمعلمتها .. قامت واقفة مبتعدة وبيدها ذاك العطر الباريسي .. كتفت جواهر ذراعيها تدعي الزعل : وانا وين هديتي .. شكلج نسيتيني ..

لتنفجر الاخرى ضاحكة .. وهي تخرج هدية كبيرة بعض الشيء .. وملفوفة باتقان : هاذي لاحلى جوجو فالدنيا – قبلتها على وجنتها – وانا اقدر انساج .


وانصرفت بعدها تحمل هدية اخرى لرنيم .. مدت يدها بابتسامة ونظرات تتمنى ان ذاك القلب القاسي يحتويها يوما .. طال الامر .. وتعبت ذراعها .. والاخرى تنظر لمكان آخر .. غيرت مكانها لتقف قبالة وجهها : رنيم هذي لج .

لتسحب الهدية من يدها بعنف سافر .. رامية بها على الارض .. وصارخة : ما اريد منج شيء .. كل اللي اريده موتج .. ياليتج متي بدال ابوي .

لتنصرف بعدها .. وتقف جواهر واضعة كفها على كتف جود : ما عليج منها ..

ابتسمت على مضض والتفت لاختها : عاادي .. تعودت ..



,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:03 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...a8419c6659.gif

,,

دخلت بعد ان طرقت الباب .. وبعد ان اذن لها بالدخول .. تناظره وهو يعدل هندامه امام المرآة .. اقتربت منه حين اخذ قارورة عطره المفضل ليسكب منها دون اكتراث على ملابسه .. صارت بجانبه : فيصل ..

كانت نبرتها خائفة .. مما جعله يترك ما بيده ويلتفت لها : خير .. شو بلاج ؟

- جود شو فيها ؟

استنكر سؤالها .. فهو سؤال غريب لم يخطر عليه يوما .. سألها عما تقصد .. لترد: جود متغيره .. مب بنتي الصغيرة .. مب بنتي البريئة .. اللي عيونها دووم تضحك .. شو اللي غير بنتي يا فيصل .. شو استوى وياكم .. ليش مب طايع تريحني .

امسكها من كتفيها : امي جود كبرت .. مب جود الصغيرة هذي كل السالفة .. وانا خبرتج ان فرناند صديق ابوي اشترى شركتنا .. وحطاني مدير عليها ..

- مب مرتاحة يا فيصل .. جود فيها شيء – احتظنت جانب وجهه بكفها – اوعدني تدير بالك عليها ..

- يالغالية شو بلاج اليوم .. كل مرة نسافر ونرجع .. بس انتـ...

قاطعته : اوعدني.

لثم كفها من جديد : اوعدج .. وتطمني جود ما عليها الا العافية .. الحين لازم اطلع وراي شغل .

تركها وهي تحاول ان تصدقه وتكذب احساس الام الذي انتابها ..

,,


بخلاف الام الاخرى .. التي لم تشعر يوما باحاسيس ابناءها .. او بالاحرى ابنيها .. كانت بعيدة جدا .. والآن هي بعيدة اكثر .. فبعد القلب زاد عليه بعد المكان .. وصل ليلا الى الاراضي الالمانية .. لعل هذه الرحلة الخامسة في حياته لهذه الارض .. اولها كانت رحلته مع نصفه الاخر قاسم .. كل شبر يمر عليه يذكره به .. بمزاحه .. وضحكاته .. لكل مكان هنا حكاية .. حكاية الم .. وحكاية قصة حب عاشها مع توأمه .. قصة حب لم تكتمل .. واليوم هاهو يقف ناظراً الى ذاك المبنى الكبير .. ثالث زيارة له لهذا المكان .. مكان يحتوي اناس لا تحكمهم عقولهم .. وقف طويلا .. فهناك انسانة تنتظره .. يجبر نفسه على زيارتها .. حتى وان كانت لا تستحق .. فهي تبقى امه .. اخيرا اعطى مخه لقدميه اوامر بالتحرك .. ليلج الى الداخل .. ويمر به الوقت جالسا امام ذاك الطبيب الذي يخبره للمرة الالف بان لا فائدة من العلاج .. وان ما ذهب لا يمكن ان يعود .. خطى معه الى تلك الغرفة التي تحتظنها منذ ما يقارب الاربع سنوات .. فهو ابعدها عن الجميع .. ابعدها عن كلام الناس الذي لا يرحم .. ابعدها عن الصحافة التي تعبت وهي تبحث عن الدكتورة سلامة محمد .. التي اثرت الامارات والخليج والوطن العربي بندواتها .. وبقوانين التربية السليمة .. ابتسم وكأنه يتذكر تلك التربية التي طالته مع شقيقه .. فمرت ذكرى الوقوف كما هو الان .. لا شيء مختلف سوى المكان والزمان




نظرت اليهما وهي بين يدي تلك التي تطلي اظافرها بعناية : خير اشوفكم هني .

نظر قاسم لجاسم .. وكأن به يحثه للكلام .. لكن الاخر لم يتكلم .. فلا بد اذن من قرصة في خاصرته .. جفل ونظر لقاسم بغيض .. ومن بين اسنانه تكلم بهدوء : لازم انا اتكلم ..

ليرد الاخر بهدوء كسابقه : انت وعدتني .ياللا .

وضعت ساق على أخرى وهي تنفخ على اظافرها : بتتكلمون والا اقوم .

تحنحن واردف قائلا: قاسم يريدج تخطبيله .


تبعثرت نظراته على الارضية .. وهو يشعر بابتسامة جاسم الساخرة .. وبخطوات والدته التي اضحت امامه : ومنو سعيدة الحظ .. والا تريدني ادورلك .. تراني مب فاضية ازور بنات العالم واتخير .

رفع رأسه : موجوده .. بس انتي كلمي ابويه وخليه يروح وياج تكلمون اهلها .

نظرت لجاسم : وانت مب لاقي وحدة بعد ..

- لا .. مب مستعد .. وفرحة قاسم من فرحتي .



اخيرا .. الباب امامه .. وهي هناك خلفه لا عقل بها .. سوى ترهات تلقيها ..تركه الطبيب بعد ان اوصى ممرضتان بالبقاء قريبا .. فحالتها عند رؤيته غير متوقعة .. تنفس الصعداء .. وولج لداخل .. كانت هادئة على ذاك الكرسي .. شعرها منفوش حتى وان بدى مرتبا .. ووجهها شاحب .. وعيونها تلك غارت في عظام وجهها .. تقدم خطوات .. واذا بها تشعر به .. تنظر اليه بتفحص .. ثم تقف مبتسمة .. وتقترب منه وهي تتحدث بنبرة ترافقها ضحكة مجنونة : جاسم .. ياللا خلنا نروح – تمسكه بيده تشده اليها – ياللا قبل ما يضيع كل شيء ..


واذا بها تجلسه على ذاك الكرسي .. تمشط شعره الطويل باصابعها بعنف اوجعه : لازم تتعدل .. شوف شوف – وهي تلف امامه بدورة كامله – انا جاهزة .. ياللا الحين اخوك بيزعل لانا ما استعيلنا ..

امسكها من ذراعيها .. ناظرا اليها .. لعيونها وابتسامتها : انتهى كل شيء . ماله لزمه نروح ..


لتهيج بعدها صارخة بوجهه بالـ لا .. تكررت تلك الـ لا .. وهي تضرب نفسها وتعود تضربه على صدره .. يكابر بوقفته تلك .. فضرابتها موجعه حتى الموت .. لتهدأ بعدها بأبرة .. تحيل اطرافها الى ارتخاء تام .. وهي تكرر : ما انتهى .. انت كذاب .. انت كذاب


لتستسلم بعدها لنوم .. ويجر هو خطواته للخارج .. كل شيء انتهى .. فهي من انهت كل شيء.. وهي من اوصلت نفسها لهذا المصير ..


,,

كذاك المصير الذي ينتظره دون ان يحسب له حساب .. خطوات تتوالى على ذاك المكان .. كانت شبه منتظمة .. الكثير والكثير من الاقدام الجارية .. الساعة تقارب منتصف الليل .. والمكان دامس في الخارج الا من تلك الانوار المنبعثة من نوافذ ذاك المنزل في تلك المزرعة البعيدة .. استنفار في الخارج .. وهرج ومرج في الداخل .. وكؤوس عانقت المحرمات .. واعين تلذذت بالمفاتن .. واذان اغرتها مزامير الشيطان التي اخلت بتوازن الجدران من علوها .. شباب وفتيات .. تعددت الجنسيات .. وتعددت الاعمار .. وهو يجلس فاغر فاهه ينظر لتلك الراقصة .. او لتلك التي تطوق ذاك السكير بذراعيها .. لم يشرب .. فقط يتلذذ بالنظر .. وفجأة تعالت الصرخات بين الجموع .. فذاك يجر وذاك يضرب.. واخرون يحاولون الفرار دون فائدة .. وتلك انهارت على الارض صارخة .. خائفة من الفضيحة .. هدأ المكان .. فالجميع تم اعتقالهم .. هناك من تسترت . وهناك من ذهبت بعريها .. وذاك تائه مع قطرات خمر الدنيا لا يعي من الامر شيئا .. واخر يصرخ بانه لم يفعل شيء .. امسكه ذاك الشرطي البدين الذي تدلت بطنه من خلف ذاك الحزام الجلدي .. يعرف بقسوته ..فيجره بعنف .. فيصرخ : والله ما سويت شيء .. اسألهم .. اول مرة اروح وياهم ..


ليدفعه بعدها على تلك الارضية الصلبة .. ويغلق خلفه القضبان ..



,,

اتمنى ان ينال اعجابكم
وانتظروني يوم الخميس مع الجزء 20
وكل عام وانتم بخير

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:04 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 


صوت حشرات الليل في تلك الحديقة الصغيرة التي يتملكها ذاك المنزل يسيطر على الاجواء .. ويقطع تلك السمفونيات صوت اطارات سيارة شاب اندفع على الاسفلت حتى صرخت معلنة الاحتكاك .. يختفي الصوت ويعود بعد فترة .. لا يعون مقدار الخطر فيما يفعلون .. وهي تحاول منذ ساعات ان تنعم بقسط من الراحة .. لكن هناك من لا يريد لها النوم .. بل انه يركلها كلما غفت عيناها مستسلمة للتعب .. تتأوه فتلك الانقباضات كانت زائراً ثقيلا ..أتاها عند صلاة المغرب .. ويذهب ويعود .. لتسكت تلك الآلام بتأوهات شفتها السفلى تحت وطأة اسنانها .. ولكن هيهات لراحة ان تأتي .. فهو سيأتي .. ولا بد ان يتحمله ظهرها الذي تحس به وكأنه سيقسم الى شطرين .. صرخت بألم .. وقامت من سريرها .. تجر نفسها بأنفاس مخنوقة .. لتصل الى حيث الغرفة التي بها ميثة وبناتها .. طرقت الباب وهي تكابد الانقباضات الموجعة ..

دقائق بطيئة جدا على شهد .. التي اخذ صدرها يعلو ويهبط .. ويدها مستندة على الجدار .. واخرى على جانب ظهرها .. صوت دوران المفتاح جعلها تتصنع الابتسامة حتى لا تقلق تلك الواقفة .. الناطقة بكلمات مشبعة بالنعاس والتثاؤب : خير يا شهد .. فيج شيء .

لم تستطع الرد سوى بصرخة مكتومة .. لتتوتر تصرفات الأخرى .. لا تعرف ماذا عليها أن تفعل .. تارة تمسك شهد .. وتارة أخرى تجري لتنادي مريم .. وتارة خطواتها ترجعها للغرفة لتغطي شعرها .. وتلك واقفة متألمة .. وقفت بجانبها : روحي تجهزي إذا تقدرين بنزل اوعي ( أوقظ ) مريم .
هزت رأسها وسحبت نفسها تكابد أوجاعها إلى غرفتها .. تسحب عباءتها بتعب .. فتصرخ وتتركها من يدها .. وتعود من جديد تأخذها .. اما في الاسفل ففزعت مريم وقامت عن السرير وهي ترد : يا رب خير .

وعبد الرحمن فتح عيناه لبرهة ثم عاد لينام .. فذاك الرجل ذا نوم ثقيل جدا .. فتحت الباب ليصلها الخبر من لسان ميثة المتوترة والخائفة .. لتسرع الأخرى لداخل تسحب عباءتها و " شيلتها " .. وتخرج تغلق الباب من خلفها بهدوء .. فبعلها متعب من صداع الم به طيلة الليل ولم ينم سوى من نصف ساعة .. وهي تحثها على الصعود وتصعد خلفها : روحي ساعديها وأنا بوعي عمار ..

طرقات متتابعة على باب غرفته .. مما جعلة يتقلب في فراشة ساحبا اللحاف على وجهه بشدة .. دخلت بعد أن يأست من استيقاظه بهذه الطريقة .. ضربات خفيفة على كتفه مع صوتها الحاث له بالاستيقاظ جعله ينطق بفم ملؤه النعاس والتعب : شو
سحبت الغطاء عن وجهه : قوم حرمة اخوك بتربي .
دون وعي : انزين .
وعاد لينام .. لتضربه بعنف على كتفه .. زاجرة له : قوم ودنا المستشفى .. ابوك ما يقدر يسوق فالليل ..

دعك وجهه بكفيه .. يريد ان يستوعب كلام والدته : امييييه حراام عليج .. مب راقد الا من شوي .. ووراي مقابلة لشغل ..
هزته من كتفه : حرمة اخوك بتربي انت شفيك ما تسمعني
فتح عيناه على وسع : هاااااا

ادبرت وهي تحثه من جديد على النهوض .. قام يتعثر بخطواته .. فهذا الموقف جديد عليه .. ماذا عليه ان يفعل .. خلع ثوب نومه وارتدى ثوب بقصة كويتية .. وركض نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. غسل وجهه بعجل وهو يتمتم بحنق : يعني كان لازم انحط فهالموقف .. يا ربي .. وينك يا طارق .

اسرع الخطى ..و صوت والدته يصله وهي تصرخ عليه بالاستعجال .. ادخل قدميه في نعليه دون انتباه منه .. واسرع للخارج .
حرك سيارته من موقفها .. وانتظرهن يركبن .. أصرتا على شهد أن تركب بجانبه لترتاح أكثر .. كانت تصرخ طالبة طارق .. فهو اقرب لها من الجميع .. تكتم صرخاتها بصعوبة بالغة .. فذاك الألم ليس سهلا .. فروحا ستنشق من خلال روحها .. مريم خلفها تهديها بالربت على أكتافها .. وتطالب عمار بعدم الاسراع .. فالطريق لا يرحم حتى وان كان خاليا في هذه الساعة المتأخرة .. وميثة تستغفر ربها .. وتحاول ان تهدي شهد المذعورة ببضع كلمات .. فهي قد جربت ألآم المخاض سابقا .. فهي ذات خبرة ثلاث مرات .. وصلوا الى المستشفى .. واذا بهم يركبوها على كرسي مدولب .. فساقاها لا تستطيعان حملها .. وظهرها يصرخ مع صرخاتها ..

معاناة الانتظار ليست بسهلة .. فتلك الممرضات يعتقدن انه دلع بكر لا غير .. فلقد شاهدن الكثير ممن يصرخن وفي النهاية لا يوجد مخاض .. ويعدن الى منازلهن بحملهن .. فتركنها فور معرفتهن بانها بكر .. صرخت مريم بهن الاستعجال .. فتلك المتألمة تعبت .. اخيرا جاء الفرج لتصرخ تطالب عمتها ان تاتي بطارق .. كان خوفها مضحكا .. توارتا من المكان وظلت ميثة واقفة في الخارج .. لتنظر بعد مدة الى ذاك المتوجه نحوها بخطى سريعة .. لتبتسم له .. ولشيء آخر هو لا يعلم عنه بعد : قدمت البطاقة لهم .. وين امي .

ابتسمت : داخل وييا شهد – نظرت لقدميه – شوف ريولك .
وكتمت ضحكتها .. لتنفجر بعدها ضاحكة .. فهو ينتعل في اليمين نعل ذا لون اسود وفي اليسار ابيض .. ليردد بعدها بغضب : كله منكم .. سويتوني مصخرة ..
وادبر بخطوات كارهة الموقف .. لتنادي عليه : تعال وين رايح .

لا اجابة منه .. فهو في موقف يتمنى ان لا يراه احد .. انتبهت لمريم التي تحدثها سائلة عن عمار ويبدو على ملامحها الهلع .. لترد الاخرى : خير شو صاير ..
لوحت برأسها : شهد مب بخير .. وين راح عمار .. لازم يوقع اوراق العملية .
قاطعتهم تلك الطبيبة الهندية بلغة مكسرة : ما في مشكله .. انت يقدر يوقع .. بس لازم بسرعة .. بنت ما في يتحمل واجد ضعيف .

امسكت ميثة مريم برسغها : مريم لا تخليهم يسولها عملية .. انا ياما اصروا علي اسويها وبالنهاية ربيت طبيعي .
عادت تلك الطبيبة البدينة تتكلم : لازم عملية .. حبل سري على رقبة البيبي .. وام مال هو واجد تعبان ..

اذعنت مريم لها .. ورافقت احدى الممرضات لتوقع على الموافقة .. مر الوقت متعبا عليهما .. الشمس بدأت تشق طريقها لتنشر ضوءها على الخلائق .. وهو هناك يطوي المكان ذهابا وايابا .. وهاتفه بيده .. اهلك ذاك الزر الاخضر من كثرة الضغط عليه .. طرقت باب غرفته .. فتح لها وباشرها قائلا : خلصنا كل شيء .. عرفت مكان سكنج وعرفتي المواد اللي بتاخذيها .. وانتهينا من كل شيء ..

وتابع الكلام بشكل غير مفهوم لها .. وضعت يدها على جبينه بعد ان جلس مرتميا على الكرسي : انت مريض ؟
غطى اسفل وجهه بكفه الأيسر .. وسبابته قابعة على انفه .. وتمتم : خايف على شهد .
جلست بجانبه بخوف : ليش ؟
- ما يردون يا هاجر .. لا امي ولا عمتي ولا حتى ريم .. وشهد ما ترد علي بعد .. حاس ان في شيء مستوي ..

اخذت هاتفه من يده .. وضغط على الاسم المطلوب .. وبالفعل لا يصلها أي رد .. والاسم الاخر والذي يليه .. لم تجد بدا من الاتصال بعمار .. والاخر ايضا لا يرد .. مالذي يحدث .. نظرت لساعة عبر الهاتف .. لتبتسم : طرووق الناس راقدة .. عندهم فير الحين

سحب الهاتف من يدها : بحجز وبسافر لهم .. قلبي مب مطمن .
وقفت امامه .. كان مطأطأ الرأس : محظوظة شهد فيك .

رفع رأسه مبتسما لها من خلف ضربات قلبه الخائف .. تركت المكان بعد ما تمنت له التوفيق .. دخلت غرفتها .. واستندت على بابها .. هذه آخر ليلة لها هنا في هذا الفندق .. وغدا ستكون هناك مع عدد من الفتيات الغريبات .. تنهدت .. فقلبها بدأ يرجف اضلعها .. طارق سيتركها وستبقى وحيدة في معمعة كندا .. رمت حجابها على الكرسي .. وتركت لجسدها ان يرتمي في ذاك السرير الناعم .. واذا بها تتخيل ما حدث معها قبل ايام طويلة .. كانت كثيرا ما تتذمر من الدراسة وتعبها .. واكثر ما تتذمر منه هو البنات اللواتي يكن في مجموعتها في تلك المشاريع الجامعية .. كان اغلب العمل عليها .. فتتأفف بتعب .. ولا تجد من عمار حينها سوى نظرات تخبرها بانها هي من جاءت بكل ذاك لنفسها .. فكانت تبتعد عنه حتى لا يشتد الجدال بينهما ..

وتذكرت ذاك اليوم الذي انهى تلك العلاقة التي قررها عمها .. ان تكون خطيبة لبدر .. انقلبت على جانبها الايسر محتظنة الوسادة تحت رأسها .. تاركة خدها يغوص فيها : ما اتصور اكون لبدر

وضحكت على تفكيرها .. ذاك اليوم كان في ايام التدريب العملي .. كانت تتدرب في قناة ابوظبي الاولى .. لا تعلم يومها لماذا نست هاتفها على تلك الطاولة .. وعادت لاحقا لاخذه .. لتفاجأ بالاستنفار القائم في ذاك الاستوديو .. اتصالات كثيرة ..فتلك المذيعة تأخرت ولا خبر عنها .. وحتى هاتفها لا يبشر بانها قد ترد .. لينظر لها ذاك المخرج نظرة غريبة .. وكأنه وجد ضالته .. فهي تتدرب هناك .. وهو يعرفها ويعرف قدراتها .. وكان ما كان .. اضحت البديلة يومها عن تلك المذيعة .. لعل الله يومها اراد هذا الشيء حتى يعتقها من الرفض .. فجاء الرفض من والدها هي ..

وفي ذاك اليوم ايضا كان هناك احتفالا معدا من قبل عائلتها .. فهي وصلت لما تتمناه .. كانت سعادة عارمة تحيط بهم .. لا تزال تذكر محاولات طارق وعمار لاخراج عليا من خوفها منهم .. وكانت تلك الليلة اول اختلاط لها بهما بهذا الشكل القريب .. انسحبت من الصالة المليئة بالوجوه السعيدة .. لاحضار تلك الكعكة التي نقش عليها اسمها وامامه كلمة مذيعة .. وما هي الا لحظات حتى وصل صراخها اليهم .. شدها من شعرها فجأة .. فوقعت تلك التي بين يديها لتسيح على الارض كريمتها الملونة .. يسحب شعرها بعنف .. وبدر وسعيد يقفان خلفه .. كان الباب مفتوحا فدخلوا دون استأذان .. يسحبه وهي تتألم صارخا : يا مسودة الويه فضحتينا ..
تحاول ان تفك نفسها من قبضته صارخة : مالك كلمة علي .. آآآآآآآخ

هنا كان هو له بالمرصاد ليمسك يده بكل قوة : ما هقيتها منك يا عمي .
لتختبأ خلفه : لو خايف من الفضيحة ما دخلت بهالشكل تسحب في قدام عيالك ..

لف بدر وجهه حين ادرك انها بدون غطاء .. ليرد الاخر بغضب : خل ايدي يا ولد منصور .. والا ما علموك ان عمك فمقام ابوك .
ارتمت في حظن والدها الذي صرخ بطارق : خله يا طارق ..
راشد : لو مب عارف تربيهم .. خلهم لي انا بربيهم .. والا بنت توطي روسنا فالدعنة ( الارض بمعنى التراب )
نطق من خلفهم بغضب واضح : ابويه ربى يوم ربى .. مب مثل عيالك يا عمي ..

صرخ عبد الرحمن به .. فتلك اهانة لا يرضاه لاخيه .. ليزفر بعدها عمار انفاسه الغاضبه .. ويتكلم الاخر بسخرية : باين والدليل حرمتي اللي مكبرين راسها علي .
راشد : هاجر خطيبة بدر .. وهو ما يريدها تشتغل هالشغلة . ومن حقه
تركت حظن والدها : ماله حق علي .. ولا لك حق علي دام ابويه واخواني عايشين ..
وتركت المكان ليصرخ عمها مهددا : والله ان ما يزتي لخليه يربيج من يديد
لينطق عبد الرحمن : ما بينا نسب ثاني يا راشد .


تنفست بعمق وهي تنظر لسقف تلك الغرفة .. سعيدة بما حدث رغم الألم الذي كان .. وهاهي الآن حزينة لانها ستبقى وحدها .. ولكن عاجل ام آجل سيتركها طارق .. اغلقت جفنيها واسترسلت الى عالم اخر ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:05 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
,,



عالم النوم الذي كان لا يزور علياء حتى يتعبها بتلك الاحلام المخيفة .. كان هذا فيما مضى .. الآن اضحت نفسيتها مختلفة .. متفائلة .. وفرحة جدا ... وتنتظر ان تعود والدتها من المستشفى .. نزلت الدرج بمرح تخلل قفزاتها .. رصت على شفتها السفلى وهي ترى خالها جالسا في الصالة يشرب فنجان قهوة ويتابع التلفاز .. تقدمت منه وقبلت رأسه .. ثم جلست بجانبه والحياء يكتنفها : خالو ..
وضع الفنجان من يده والتفت لها : خير علايا .. فيج شيء .. تبين شيء

هزت رأسها بصورة طفولية : اريدك تكلم امي . . تقول انها بتخلي شغلها
عبد الرحمن : اذا هي تعبت منه خليها تخليه .
- هي ما تعبت .. هي تحب شغلها بس تريد تخليه عشاني .. خالو انا بخير ما في شيء والله .. ولا اريد امي تخلي شغلها عشان هالسبب – وضعت يداها على فخذه وباصرار – الله يخليك خالو .. قول لها

ضحك عليها .. وبعدها وعدها انه سيحدثها في الموضوع .. التفتا حيث دخل طارق ملقيا التحية .. رمى ملفه الأزرق على الارض .. وجلس بتعب : الحين من وين اييب لهم خبرة .. اذا تونا متخرجين بالله كيف بنشتغل والكل يطالبنا بخبرة .. اوووووووف
تحوقل عبد الرحمن وهو يرى تعب ابنه في البحث عن وظيفة : لا تفقد الامل .. وان ان شاء الله بتحصل .
قذف انفاسه الخائبة بتعب واضح : علايا قومي يبيلي ماي ..

قامت متوجه للمطبخ وعادت وبيدها قنينة ماء صغيرة .. تناولها من يدها : شيء غدا والا بنصوم دام امي وعمتي محد .
ضحك عبد الرحمن وأردف : شيء .. ريم ما تقصر .. بتسوي غدا لنا ولهم .

اعتدل في جلسته وهو يطوي تلك القنينة في يده ويصوبها نحو سلة المهملات : وكيف الصغيرون .
قام واقفا : الحمد لله .. بس شهد تعبانه .
- الله يشفيها .

,,

ردد هذا الدعاء وهو يغلق هاتفه .. بعد مكالمة مع طبيب والدته .. لا يزال في تلك الاراضي الغريبة .. ولا يود العودة قريبا .. فهو يتمنى الابتعاد عن كل ما يسبب له الضيق .. هناك والده الذي لن يرحمه في العمل .. ولن يترك ما فعله به من بيع تلك النسبة ان يذهب هباء .. هو يدرك بان والده سيخطط لموضوع ما .. رمى هاتفه على الطاولة وقام ليجدد نشاطه بحمام دافئ .. انسابت قطرات الماء على جسده الرياضي بهدوء تام بعد ان اطفأ ذاك الشلال المنهمر .. جفف جسده وستر عورته بالمنشفة .. وقبل ان يخرج تراء له .. ينظر اليه .. هز رأسه بعنف فقاسم ليس معه الآن .. اعاد النظر من جديد حيث خيل له وقوف توأمه .. لا يوجد أحد .. عرك صدعه الأيسر بإطراف أصابعه فتلك حركة تلازمه كلما أحس بوجود خطر ما يداهمه .. او يداهم اخيه .. ولكن لماذا يتراءى له دون حلم .. سؤال تعب من ان يجد له اجابة شافية .. فتلك الاحلام باتت تسيطر عليه .. حتى بات يراه امامه .. رمى بنفسه على السرير جالسا .. وتلك الخصلات المبللة تتزاحم أمام عينيه ..

مثل ذاك اليوم رآه .. حتى الملابس نفسها .. حين كان مكسورا واقفا عند عتبة باب غرفة جاسم .. يومها تمتم : حبيتها .
وضمه الى صدره بقوة وكأنه يمده بقوته .. لكن سرعان ما ابعده ناطقا : ليش ما رحت ويانا ..
نظر اليه باستغراب : قلت لك اني كنت مشغول .. وابوي ترك كل شيء ع راسي ..

ابتسم باستهزاء : وليش ما تسألني شو في .. وليش حالتي بهالشكل – رفع صوته – انت وياهم ..
اقترب منه فدفعه الاخر بعيدا عنه : لا تقول اسمي ع لسانك .. انت مثلهم .. اكرهكم .. ما تحبون الا نفسكم ..

اراد الاقتراب من جديد فابتعد الاخر : قاسم اسمعني
لوح بيده لبيتعد عنه وان يتوقف عن الاقتراب : ما اريد اشوفك يا جاسم .. انسى ان لك اخو اسمه قاسم .. سمعت او لا .. من اليوم قاسم مات . فاهم


ارخى رأسه في كفه وتمتم : ما كنت اعرف شيء .. ما كنت اعرف .. امي وابوي هم اللي خططوا .. والله مالي ذنب يا قاسم ..

سحب هاتفه .. فهناك امرأة يجب ان يطمأن عليها .. رن الهاتف ولكن لا من مجيب .. اعاد الاتصال من جديد .. وايضا لا من مجيب .. كانت هناك تشعر بطعنات قاتلة في رأسها .. وسقط الهاتف من يدها قبل ان تجيب .. لتدفن وجهها في وسادتها متأوه .. وجعا يفتك بها وكأن رأسها سينفجر وسيتلاشى .. تشعر بعروقه تنتفخ بعنف .. شدت جانبي الوسادة على رأسه بصرخة كتمتها .. هدأ الألم .. فرفعت رأسها الثقيل .. كانت لا ترى الا ضبابا من شدة الوجع .. واذا بها تشعر برغبة بالاستفراغ .. وكأن أمعاءها ستخرج من فيها .. خرجت مسرعة دون ان تنتبه لذاك الواقف ينظر اليها .. دخلت دورة المياه ( اكرمكم الله ) تحاول ان تستفرغ .. ولكن تلك الامعاء خاوية .. لم تتناول شيء منذ الامس .. وقف ينتظرها بخوف .. يشعر بالذنب لانه القى بموافقته لفارس حين تقدم لايمان خاطبا .. امرا لم تستطع ايمان ان تخفيه عن خولة .. فرمت به على اذنيها صباح الامس .. وهي تبكي .. لتجيبها : فارس ريال شهم .. وانتي تستاهلين حبيبتي

فضمتها وقبلتها .. تصرف شعرت من خلاله ايمان بالخجل .. كما شعر هو بالخجل .. كيف له ان يقبل بشخص للمرة الثانية .. التفت لها تخرج بتعب بالكاد تستطيع الوقوف .. اقترب منها بوجل : اوديج العيادة ؟

هزت رأسها بلا .. وتابعت مسيرها الى غرفتها . استلقت على السرير دون اكتراث .. تريد ان تغفو .. تبحث عن الراحة الجسدية .. فعظامها تتعبها .. عاد بعد دقائق حين اخبرته ايمان انها لم تتناول شيء منذ الامس .. اقترب منها رابتا على كتفها : قومي اوديج العيادة ..
دون ان تفتح عيناها : خلني .. برقد وبصير بخير ..

كان قلقا عليها .. فاصر الا ان يأخذها .. حتى وان كان رغما عنها .. فهي أخته التي كانت بمثابة ام له .. ومن بين تعبها كانت سعيدة لذاك الخوف من قبله .. يساعدها في وقفتها . يرافقها الى داخل العيادة ويجلسها على كراسي الانتظار .. ويسألها ان كانت بخير .. كم اشتاقت لعيسى الذي تراه امامها ..

,,

كما تشتاق تلك الممدة على السرير لطارق .. الغرفة تعج بالنساء .. قد جلسن على الارض في تلك الغرفة .. الكثير من الاصوات المتداخلة .. فتلك تحكي شيء مغاير عن تلك .. وسلة الحلويات الكبيرة لم يبقى منها شيء .. متعبة وتحاول ان تغمض عينيها ولكن سرعان ما تفتحهما على صوت حصة الصارخة في وجه خلود .. او على صوت ضحكات اخت عمتها شيخة .. التي تتمنى لابنتها سارة الامومة .. لتشعر روضة بالغضب .. ويبان ذاك على فمها وشفاهها .. قامت سارة من بين النساء لتسلم على فاطمة التي دخلت وبيدها سلة حلويات من " باتشي" سلمت على الجميع .. وبعدها قبلت شهد على وجنتيها .. واذا بها تنحنى على ذاك المحمر في ذاك السرير الزجاجي : فديته .. حلاته الاحمراني .

لتضحك ريم الواقفة بجوار سرير شهد .. وتبتسم شهد بتعب .. وتردف فاطمة : خلاص حجزته لي .. خطيبي . اوكي شهودة ..
كانت تضحك معهن .. فاذا بصوت يخترق الضحكات ويحولها لتجهم غريب : شو يريد فوحدة عانس .

كانت تلك روضة التي القت بتلك الكلمات على مسامع فاطمة .. التي بدورها ابتسمت .. وتداركت ريم الموضوع قائلة : طارق بيتخبل يوم يشوف ولده .
سالت فاطمة عن موعد وصوله .. لتجيب شهد بتعب واضح : فالليل ان شاء الله ..

سارة لم يعجبها تصرف روضة التي تغيرت كثيرا في الاشهر الماضية ... فاقتربت منها هامسة بضيق : انتي شو فيج .. حتى ما تحبين غيرج يستانس
صدت بوجهها : ما دخلج .
- سمعيني .. بعدي عن ذياب احسنلج .. وما في داعي كل مرة تتصلين عليه ..
نظرت اليها : اشتكالج ؟
-بدون ما يقول .. انا مب غبية يا روضة .. خلج بعيد عنه والا والله كل شيء بيوصل لابوي وامي .. وانتي مب ناقصة اسلوب خايس منهم بعد اللي سويتيه .
انحنت لها هامسة : ما يهمني شيء .. وانا ما اتصل فيه الا لما اكون محتاية حد يردني البيت .

صوت شيخة منادية لسارة ابعدها عن روضة .. اما هناك فاسرت فاطمة في أذن ريم انها راغبة في الحديث معها .. فتركتا الغرفة لتقفا خارجا في الممر .. لتحكي لها ما حدث معها .. وطالبة منها ان ترافقها لرؤية سعود .. ردت الاخرى : شو .. انتي شو صاير بعقلج فطوم .. وانتي العاقلة تسوين هالشيء ..
- ما غلطت .. له عندي شيء وبرجعه .. شو فيها .. وبعدين ما كلمته الا مرة ..
- عطيني بطاقاته
- شو تبيني فيهن ..
زفرت وهي تردد : اقولج عطيني اياهن .. بقول لعمار يخلص الموضوع وياه .. اظن وراج عيال عم اذا خايفة من اخوانج .

قاطع حديثهما صوته الرجولي وهو يلقي التحية .. كان مختلفا .. هكذا بدا لريم .. سألها عن حالها .. منذ مدة طويلة لم يرها .. وبعدها تكلمت هي سائلة : شو اخبار مايد ..
- يا رب اللي صار له يأدبه .. يمكن يطلع بكفالة .. لان واايدين شهدوا انه اول مرة يروح وياهم .. ومغصوب بعد .
- الحمد لله
تكلمت فاطمة اخيرا : بس الله يستر من ابوي .. ياللا ريمان بخليج – قبلت وجنتيها – سلميلي ع شهوده .

وبعدها ابتعدت مع اخيها .. وريم تنظر لهما .. ما يحدث لعمها يضايقها .. فيكفيه الفضيحة التي لحقت به من جراء فعل مايد .. تنفست بعمق .. وعادت ادراجها للغرفة .. واذا بشهد تغط في النوم .. وتلك النسوة غير مكترثات ..تبسمت وتوجهت لمنصور .. نظرت اليه .. لتلك العيون وتلك الشفاه الصغيرة .. وذاك الشعر الناعم .. كم تتمنى ان تكون اما .. كم تعشق الاطفال ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:05 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...227eeb1649.gif



,,


كما يعشق هو ابنه محمد .. الذي اعطاه الله عمرا جديدا .. حياته بدونه كالارض دون زرع .. غادر منزله وهو في أبها حله .. ودعاء والدته يصحبه .. اليوم سيلتقيها .. سيرى اختيار شقيقاته .. ليس متوترا .. فلقد جرب هذا الامر سابقا .. ولكن هناك بعض التوجس يخالطه .. وصل منزل عائلتها .. فاستقبله والدها باستقبال راقي .. يحب ذاك العجوز .. فهو يذكره بوالده .. طيب والابتسامة لا تفارق محياه .. بعد الضيافة .. استأذن ليناديها .. شعر سعود بشيء ما .. وكأن هنالك كلمات يريد القاءها ذاك المسن ولكنه تمنع .. انتظر وهو يفرك سبابته بين ابهامه والوسطى .. توتره يُعرف من تلك الحركة ..

هناك كانت ترتدي عباءتها .. لفت " شيلتها " بأتقان .. وخرجت لتلبي نداء والدها .. قوية الشكيمة .. حتى والدها لم يستطع منعها من تلك الشروط التي ستلقيها بعد قليل .. دخل والدها المنحني الظهر وهي خلفه .. طولها لا بأس به .. كانت متوترة حتى في جلستها اتضح ذاك الارتباك لسعود .. كلما تكلم مع والدها رفعت نظرها تنظر اليه .. كان وسيما حتى ولو كان شعره بدأ يكسى بالشيب .. نظر اليها .. كانت عادية جدا .. ملامحها هادئة .. قال بعد ان اخبره والدها بما في جعبتها : قولي اللي عندج ..

ازدردت ريقها : عندي كم شرط .. اذا وافقت عليهن فمبروك لنا .
هز والدها رأسه بعدم الراحة .. وسعود ينتظر ما ستقوله .. شبكت اصابع كفيها وشدت عليهم : اولا اريد بيت بروحي .. مب شرط يكون بعيد عن بيت اهلك .. حتى لو نكون جيرانهم عاادي .. بعد انت من حقك تطمن عليهم .. يعني انا من حقي اعيش بروحي بعيد عن امك واختك .

شبك هو الاخر اصابعه وانحنى للامام قليلا : اوكي
- موافق
- كملي وبعطيج رايي عقب ما تخلصين .. شو الشرط الثاني .

نظرت لوالدها .. ثم نظرت للارض عند قدميها : ولدك يعيش عند امك واختك .. انا مب مستعدة اعيش معاه فبيت واحد .

بعدها قامت واقفة .. فوقف لوقوفها .. كما وقف والدها : اذا موافق قول لابوي .. عن اذنكم
وقبل ان تنصرف : صبري .. اريدج تسمعين كلامي باذنج .

تسمرت في مكانها لبرهة وبعدها استدارت عائدة .. ظل واقفا .. فقامت واقفة : عمي .. والله انك ع العين والراس . وكلامي اللي بقوله ما بيقلل من احترامك وقدرك عندي – التفت لها – سمعي يا بنت الناس .. اذا الزواج بيطلب مني اخلي امي وولدي .. فما اريده .. واللي ماله خير لاهله ماله خير لناس .

,,

بالطو اسود طويل قد صنع من الجلد .. وبلوزة بيضاء ذات كلمات انجليزية متعددة على الصدر .. وبنطلون جنز ذا لون باهت .. يمشي بخطواته المتراقصة على أنغام دندنة لسانه لتلك الأغنية الممزوجة بروح البداوة .. يعرفه الجميع بروحه المرحة .. شعره خفيف جدا فهو لا يحبذ إطالته أبدا .. وسماره البدوي الدال على بداوة أهل مدينة العين اكبر مدن العاصمة ابوظبي يجعل من تلك الفتيات يهيمن به .. فكم يعشقن السمار الخليجي ..

تحية من احد الطلبة الكنديين في تلك الجامعة العريقة .. استقبلها بابتسامة وسؤال عن الحال يتلوها .. تسمر بجانب باب تلك القاعة الشبه خالية .. هناك شخص جديد يقبع على احد الكراسي .. نظر لمجموعة الشباب والبنات بأخر القاعة .. وبحركة من يده سائلا عن تلك الفتاة .. ردوا عليه بعدم المعرفة .. اذا لا بد من التقدم والتعرف ..
احست بخطواته تقترب منها .. فاستمرت بالنظر الى ذاك الكتاب بين يديها .. هي لم تعد تقرأ .. فاقترابه منها يشتت تركيزها .. استنكرت تلك الخطوات المبتعدة عنها .. مارا من امامها .. لعل خوفها هو الذي يوحي لها باشياء ليس لها مكان من الصحة .. فبعد سفر طارق بالامس وهي تشعر بالخوف .. لولا تلك الفتاة الامريكية التي تقربت منها خلال الايام الثلاثة الماضية التي عملت فيهن كمرشدة سياحية لها .. لكانت الان في حالة رعب لا تحسد عليها ..

لقد كانت مخطئة هاهو يعود ليجلس بصورة مفاجأة على الطاولة التي بجانبها بحركة خفيفة جدا .. بلعت ريقها وهي تسمعه يقول وبلكنة غريبة بعض الشيء : السلام عليكم .

فحجابها المشجر باللون الاخضر دليل على اسلامها .. ردت عليه التحية دون ان ترفع رأسها .. ليردف هو بعدها ساءلا : هل انتي عربية ؟
- اجل
بفرحة استغربتها وعقدت لاجلها حواجبها من كلامه : وااو .. شيء حلو .. انزين من وين الاخت .
ابتسمت وهي تقول : من دار حكمها زايد

بصوت عالي شد الموجدين اليهما : والنعم والله –نظر اليها وهو ينحني قليلا لعله يلمح شيئا من وجهها – حيالله بنت ديرتي .. اسمي مصبح من دار الزين وانتي .
ردت دون ان ترفع نظرها عن الكتاب : هاجر من ابوظبي .

اذا بها تبتعد بجذعها للخلف حين مد يده ليقلب جانب الكتاب الذي بين يديها : تدرسين اعلام .. شيء حلو والله .. اذا احتيتي اي شيء ما يردج الا لسانج – يضرب على صدره براحة يده اليسرى – محسبوج طالب دكتوراة في الصحافة .. عاد تخيلي اني خايس هني من سنين .. لو اخذت الدكتوراة فبريطانيا ما كان احسنلي

واخذ يضحك ويتابع الحديث بثرثرة ازعجت هاجر .. فهي لا تشعر بالراحة التي يشعر هو بها .. ومع ذلك لا تنكر بان الجو الذي يثيره مصبح باحاديثه العفوية اثار في نفسها بعض من الراحة مع الوقت .. واذا بها تحارب ضحكتها من حديثه .. حين استرسل بالحديث قائلا : والله ياني مشتاق لاهلي .. وللبوش ( الجمال ) .. يا حلاة لبنهن .. ويا زين الواحد لي يلس تحت الناقة وحلبها في ذيج ( تلك ) الطاسة .. وشربه ..

كانت تغالب ضحكتها على حديثه المليء بالشوق لحياته البدوية .. ومن بين حديثه اذا به يقفز واقفا .. مرحبا بالشخص المقبل نحوهما : حيالله ولد العم .. حياك حياك .. تعال اعرفك ع بنت ديرتي ..
القى التحية واذا به يسأل عن الحال .. وبعدها مد يده ليصافح هاجر قائلا : اخوك نادر .. من السعودية
ابعد مصبح يده وهو يقول : عييب يا ولد ..
ليقهقها سويا .. وتقف هاجر : سمحولي .. وتشرفت بمعرفتكم ..

ليقف هو مشدوه النظر اليها .. ليعبر الى عالم آخر .. الآن فقط رأى وجهها .. رأى عيونها .. هي اعادة في نفسه امورا كم اراد ان يبتعد عنها .. غاص في حياة كانت .. حتى اضحى كلام نادر لا يصل الى اذنيه حتى يعود خائبا .. يراها تبتسم مع تلك الاجنبية .. قريبا من الباب .. اسلوبها شده بقوة .. ليخرج من دوامته على اهتزازات جسمه من قبل نادر الذي امسك بكتفه وهزه منبها له : وش فيك .. حبيتها ؟
التفت ناطقا بالــ هااا .. ليتابع الاخر : لا بالله انك طحت .. اقول وش رايك نروح المكتبة .

فجأة اذا به يتحرك نحو ذاك الشاب الذي اخذ ينظر لهاجر المبتعدة مع صديقتها الامريكية .. كان ينظر اليها بنظرات يحفظها مصبح جيدا .. وقف امامه .. ليتشدق الاخر : خير .
من بين اسنانه قال مهددا : خلك بعيد عنها ..
حتى يثير غضبه قال : افكر
لينفث الاخر انفاسه الغاضبة في وجهه : والله اني استحي اني اقول انك من عيال ديرتي .

سحبه نادر من يده مبعدا اياه عن ذاك الشاب .. الذي يكون ابن شخصية مرموقة في الامارات .. ويكفي انه يستطيع ان يفعل اشياء قد توصل مصبح الى حيث لا يريد .. همس وهو يجره معه : وش فيك يا مصبح .. انت ناسي من يكون .. والا تبغاني اعيد كلامك عليك .

سحب ذراعه من بين اصابع نادر .. واقفا ينظر الى ذاك المتبختر بين الفتيات .. ليشيح بوجهه بعدها للجهة الاخرى : حتى لو يكون ولد شيوخ .. ما يهمني .. واذا قرب منها ما بيشوف طيب
- لا حول ولا قوة الا بالله .. وش فيك انت اليوم .. انهبلت .. ما اصدق ان مصبح تغيره بنت وتقلب حاله بهالسرعة .
اراد ان ينهي الموضوع .. فمشى مبتعدا : خلنا نروح ..

مرا من جانبها .. فابتسمت لهما .. فبادلها نادر الابتسامة اما مصبح فكان كالاعمى الذي لا يرى شيئا .. نظرت لزميلاتها التي باتت قريبة منها : هل تعرفينه ؟
التفت لورا لهما وهما يبتعدنا : تقصدين مصبح ام نادر ؟
ضحكت ضحكة خفيفة على نطقها لاسمه ..فـ" مسبه" كما نطقته لورا كلمة تدل على الغباء في اللهجة الاماراتية ..وما ان اجابتها حتى تابعت : يدرس هنا منذ فترة طويلة .. احيانا نشعر بانه لا يريد العودة الى وطنه .. هو انسان رائع بحق .. والكثير من الفتيات معجبات به .. يحب المزاح بكثرة – ضحكت واردفت – ويحب مشاكسة الجميع .

ابتسمت لزميلتها .. وبعدها مشت بمعيتها .. تحت انظار ذاك الذي مرت بجانبه .. لم تهتم له عند مرورها خارجة من تلك القاعة .. مع انها تراه دائما برفقة مجموعة من البنات والشباب .. الا انها لم ترى نظراته يوما نحوها .

,,

اتمنى تعذروني اذا كانت اللهجة السعودية على لسان نادر مب مضبوطة ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:06 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
http://forums.graaam.com/images/imag...33156d9de6.gif



,,

عندما تستند على اساس ضعيف .. وتبني حياتك عليه .. فانك دائما ترجع الى ذاك الاساس .. تحاول ان تبعده عن عقلك ولكنه يعود رغما عنك .. فلقد بنيت حياتها على اساس صنعه غيرها .. لم يكن لها يد فيه الا انها كانت الحلقة الاضعف .. فتمنت ان تعيد بنيانه من جديد .. خطوة بخطوة .. معه هو ..

نهرتها والدته حين عودتهما من تلك الزيارة الى المستشفى .. فتلك الهدية الكبيرة اثارت في نفس ام ذياب الكثير من الغضب .. حتى دفعتها بعد ان وصلتا الى المنزل .. فكانت ستقع لضعف بنيتها وقوة بنية عمتها . التي صرخت بها : الحين لشو شاله هدية هالكبر كبرها .. حق واحد بعده ما طلع من البيضة .

لفت ذراعها اليمين لتلمس كتفها .. فتلك الضربة آلمتها : لا تخافين .. شريتها من فلوسي .
رمت عباءتها .. وجلست بثقل واضح في حركتها : وبعد ترادديني .. وهالفلوس ان شاء الله من وين مب من ولدي .. والا انتي تشتغلين وانا مادري .

تمتمت وهي تنسحب من المكان .. مستغفرة ربها .. فتلك المرأة تثير عصبيتها رغما عنها .. اغلقت الباب من خلفها .. فذياب اوصلهما وغادر الى عمله .. تتمنى ان تصرخ في وجهها ولكن احترام الكبير يمنعها .. رمت بعباءتها دون اكتراث منها في تلك السلة بجانب باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. ولجت برجلها اليسرى وهي تتمتم : اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث .

فهي لا تنسى تلك الادعية حتى وان كانت بسيطة .. تعودت على ذلك من امها شيخة .. نضحت الماء على وجهها .. وتسمرت في مكانها .. تشعر بان وجودها في هذا المنزل غلطة .. وهي تدفع ثمن ذنب لم تقترفه .. تركت تلك المنشفة البيضاء الناعمة ان تلامس وجهها بكل رقة .. وبعدها خرجت .. تنهدت وهي تنظر لتلك الملابس المكومة .. خطواتها تتتابع حيث تقبع تلك الطاولة ذات الارجل المطوية .. واذا بها توقفها وتشعل المكواة .. ابتسمت وهي تلتقط ثوب ذياب من السلة .. سحبته حتى احتظنه صدرها بشدة ..واذا بها تستنشقه .. فعطره المركز لا يترك اثوابه حتى وان غسلت بالماء والصابون .. مر الوقت وهي واقفة على تلك الطاولة وتلك المكواة تذهب وتجيء .. ولم تشعر بالوقت الا وذياب يدخل ملقيا عليها تحية الاسلام .. رمى " غترتة " و " عقاله " على السرير وجلس بعنف : ليش ما تعطيهن الشغالة تكويهن .

دون ان تلتفت : حراام.. واايد عليها شغل البيت .. ارحموا من فالارض ..
كانت نبرتها مختلفة.. قالتها بشيء من الحنق .. ابتسم وهو يستند على ذراعيه للخلف : ما عليج من امي .. بكلمها باكر .. خليهن عنج ..
- ما بقى شيء .
اعتدل في جلسته : شو بلاج مادة البوز .
قلبت الثوب .. وبدأت تكوي من جديد : ما في شيء ..
قام واقفا حتى صار بجوارها : حد زعلج فالمستشفى ؟

هزت راسها دون اي اجابة منها .. فماذا عساها تقول .. هل تخبره عن اختها وعن اسلوبها معها .. ام تخبره بانها تشعر بالغيرة من اي فتاة حتى وان كانت شقيقتها .. انهت الكي وحملت الثوب الى الدولاب .. ارتفعت على اصابع قدميها لتعلقه .. فكان اسرع منها .. همت بالابتعاد واذا به يمنعها بتطويق خصرها النحيل .. فكت ذراعه : مب وقته .

واذا بها تتوارى عنه لتغير ملابسها .. زفر انفاس القلق .. فاغلق الدولاب بعد ان سحب له ثوب نوم .. لم يترك مكانه فلا يتطلب منه تغيير ملابسه الا رمي ما عليه وارتداء آخر .. تتبعها بنظراته وهو جالسا على السرير ومستندا على ظهرة .. هاهي ترطب جسدها بذاك" الوشن " مميز الرائحة .. وبعدها تضع القليل من العطر الهادئ على جانبي رقبتها .. وتربط شعرها الذي يصل الى نصف ظهرها بربطة قطنية .. لا تريد الحديث معه .. فهي ان تحدثت فستنفجر .. فالكبت لا يولد سوى انفجار قد ينهي كل شيء .. استلقت على جانبها الايمن .. وهو هناك خلفها يلفه الاستغراب من تصرفها .. انحنى قليلا واضعا يده على كتفها : سارونه .. شو بلاج اليوم .. حتى مالج خلق تطالعيني .. انا زعلتج فشيء .. غلطت فشيء ..

دون ان تلتفت وهي تشد الغطاء عليها : لا .. بس نفسيتي تعبانه .
انحنى اكثر مقبلا وجنتها : اعرف ان فيج شيء ومب طايعة تخبريني .. مب من اليوم اعرفج .
التفتت له مستلقية على ظهرها .. حتى صار وجهه اعلى وجهها : شو تعرف عني .. غير اني انفرضت عليك .. واني ..

سكتت فهناك ذاك الذي باتت تكرهه .. يرن مقاطعا لها خلوتها مع زوجها .. وهاهو يبتعد خارجا .. تسمع همساته الغاضبة ولكنها لا تعي شيء .. فذاك الباب لا يدع لها مجال لتفهم .. ولكنها عرفت ان الاتصال من تلك التي تسمى شقيقتها .. عادت لتنام على شقها الايمن .. ولكن هذه المرة دموعها كانت ترافقها .. لا تجد حلا لتلك المجنونة التي فقدت عقلها .. هل ترى ذياب الان بشكل مختلف ؟ اصبح اجمل في نظرها ويستحق ان تحبه ؟ ام ماذا بها ؟

تسمعه يعنفها دون اي تردد .. ويذكرها برفضها له .. فما كان منها الا ان تنطق : انا احبك .
ليصفعها بكلمات التعنيف القاسية . فتلك التي تنام في أحضانه شقيقتها .. اغلق الهاتف وعاد ادراجه .. يشعر بان سارة تعلم بمحاولات اختها .. ولكنه لا يحبذ سؤالها .. يريدها هي ان تتكلم .. وتخبره بما فيها ..
اما الاخرى .. فشخص نظرها بعد ان اغلق الهاتف في وجهها مهددا اياها بتغيير الرقم .. ضغطت على الهاتف في يدها حتى كاد ان يصرخ .. ونظراتها ترنو حتى كادت ان تخترق جدار غرفتها .. لا تزال تذكر تلك الليلة .. تلك الليلة التي غيرتها لانسانة كارهة للجميع .. حتى ذاك المغترب ... صدمها برسالته لها ..

"ساترك الكتابة حتى ابتعد عن المجانين امثالك " .. كان ردا عليها حين باحت له بحبها للمرة المليون عبر بريده الالكتروني .. فهو قد مل من نصحها .. وهي متمسكة برأي واحد لا يعيه عقل .. انها تعشقه وتخلت عن ابن عمها لاجله .. في تلك الليلة السوداء التي احالت قلبها الى كتلة من البغض لاختها .. لتلك الاخت التي طالما كانت بجانبها وترشدها .. لكنها الآن لا ترى الا صورة واحدة .. وهي تود تحطيمها .. فهناك في عقلها لا يوجد سوى تلك النظرات من اختها وذاك الكلام من والدها ..


تكومت على نفسها في تلك الليلة بجانب الجدار .. الرعب يتملكها من رأسها حتى أخمص قدميها .. لا تزال اصوات الموسيقى والغناء تصل اليها .. فادركت ان تلك الحفلة قائمة .. تذكرت محاولات الجميع في اخراجها .. وكلام هاجر لها .. تلح عليها لتفتح الباب .. رفعت رأٍسها بهلع واضح .. لعلهم سيزوجونها دون علم منها .. قد يوقع والدها بالنيابة عنها .. فلماذا الحفلة لم تتوقف .. قامت تجر جسدها حتى اقتربت من الباب .. لن تفتحه فهي جبانة جدا .. بل جلست لتستمع عن قرب لما يحدث .. هناك وشوشات قريبة .. صوت والدتها وصوت آخر تعرفه جيدا .. ام ذياب تتحوقل .. لعلها علمت بما حدث .. واسمها هي يظهر بين الكلمات ويختفي .. اختفت الاصوات بعد نداء لام ذياب .. ولا تزال تتحوقل حتى وصوتها يبتعد .. انكمشت اكثر .. تريد ان تعرف مالذي حدث .. غفت وهي على جلستها تلك بجانب الباب .. ومر الوقت دون ان تشعر .. بدأ الهدوء يسيطر على الارجاء .. الساعة تقارب منتصف الليل .. بيد مرتجفة قامت لتفتح الباب .. تريد ان تعرف ماذا حدث .. وما ان اطلت برأسها حتى فاجأها ذاك المتربص بها وعصاه بيده .. سحبها من شعرها .. وضربها بتلك العصا مرة واثنتان وثلاث دون هوادة .. وهي تصرخ الم رأسها والم جسدها .. وقفت سارة بكامل زينتها هناك بجوار الدرجات في الاعلى .. هالها ما يحدث .. لم تشعر الا باندفاع شيخة التي دفعتها حتى تمر .. حاولت ان تفك ابنتها من قبضة عبيد : خلها بتقتلها ..
وضربة خاطئة اصابة شيخة وهو يصرخ : عساها الموت ..

تنادي ناصر بصوتها العالي .. لكن لن يأتي فهو غادر المنزل .. فعمله يطلبه .. دفعت ابنتها خلفها لتحتمي بها .. فسقطت على الارض جراء تلك الضربات التي اهلكت ساقيها وجسدها .. كان بكاءها مؤلما بحق .. وقفت امامه بجسدها .. ليردد : خليني اعلمها كيف تنزل روسنا مرة ثانية .. خوزي عني
يدفع زوجته ولكنها بدت قوية امامه لا يستطيع زحزحتها : خلها يا عبيد .. بسها اللي ياها ..

صرخ لتلك الواقفة ودموعها تنسكب على وجنتيها لتشوه وجهها بذاك الطلاء الاسود .. اقتربت منه .. ليلفها بذراعه ناظرا لتلك المرتجفة والباكية خلف امها على الارض : هذي بنتي اللي رفعت راسي .. ياليتني ما يبتج ولا يبت اخوج اللي وطيتوا راسي قدام الناس .. ياليتكم مثلها ..

كان يشدها اليه وهي تنظر لتلك الناظرة اليها .. نظراتها نظرات عتب لروضة .. التي ظنت بانها شماتة بها .. لتحرق سارة بنظراتها .. فلقد استصغرت بسببها .. انسحبت بتعب لغرفتها .. لتغلق الباب من جديد .. وتبكي بمرارة .. وصوت والدها الغاضب لا يزال يتهادى اليها .. يكسر قلبها .. ويبني بناء الكره لسارة فيه ..

ضغطت على هاتفها اكثر وهي تتذكر كل ذلك .. وتمتمت بغيض : بعلمكم من هي سارة ومن هو ذياب .. اللي رافعين روسكم فيهم ..

اعتقت الهاتف من يدها .. وانسحبت لتتغطى بلحافها .. ولا تزال تلك الافكار السوداوية تجتاحها .. حتى باتت هاجس يؤرق نومها .. تقلبت في فراشها كثيرا .. حتى باغتها النوم أخيرا ..

,,

بعكس تلك النحيلة .. التي لم تنم حتى الساعة .. لم تكن هي من تتقلب في ذاك المكان .. بل أشيائها .. كانت تبحث بجد بين ملابسها .. فهي تذكر انها وضعته هنا .. في جيب ذاك القميص القطني .. فهي لن ترتديه في هذه الايام .. بحثت وبحثت .. ذاكرتها لا تخونها ابدا .. جلست على الارض وامامها قد تكومت ملابسها .. تحاول ان تسترجع كل شيء .. تذكر انه اخبرها بان تحتفظ بكل شيء .. وبعدها وضعته هنا .. فيه جميع المعلومات عن تلك الشركة .. وشركة اخرى .. تذكرت امر تلك الورقة التي اخذتها يوم وفاة والدها .. اخذتها خلسة من مكتبه .. لا احد يعلم عنها شيئا .. بها الكثير ولكنها لم تستفد منها في شيء .. قامت واقفة .. يبدو ان ذاكرتها لا تعمل جيدا ..

هاهي تعاود البحث من جديد ولكن ليس عن ذاك " الفلاش " الرصاصي .. بل عن تلك الورقة .. وقفت وهي تنظر لتلك الفوضى التي احدثتها .. وتمتمت بتفكر : ماذا حدث لك يا جود ؟ هل بدأ عقلك بالنسيان .

انتفضت حين فتح الباب .. ليبان الاستغراب على وجهه : شو فيج ؟ - بعثر نظراته على تلك الفوضى – شو كل هذا .
ازدردت ريقها : لا شيء .. كنت ارتب غرفتي .
اجابها بنفس لغتها الانجليزية : في هذه الساعة ؟
ابتسمت حتى بان ذاك السلك المعدني : ما قدرت ارقد .. قلت اسلي نفسي .

مع ان ذاك العذر لم يدخل عقله .. الا انه لم يكثر عليها بالاستجواب .. جلس على السرير ناظرا اليها حيث كانت واقفة : كبرتي – مد كفيه لها – تعالي .
ابتسمت وهي تمسك كفيه .. ظلت واقفة .. تنظر الى ذاك الشبيه بحبيبها .. كم تمنت ان تكون مثلهم .. ووجهها الشاحب كان اقل شحوبا .. وفمها الواسع اقل اتساعا .. وعيناها ذات اللون الرمادي تكونان باللون الاسود .. اختلاف ملحوظ .. وطفرة لا تعرف ان كانت حقيقة .. لكن كل ما تعرفه ان والدها لم يكذب عليها يوما .. عادت الى واقعها على اهتزاز يدها بسبب فيصل الذي نبهها .. فهو لم يجد ردا منها على سؤاله : وين وصلتي ؟
ابتسمت وجلست بجانبه : لا مكان .
دار بجسده نحوها .. واخذ ينظر لعينيها : بس انتي ما رديتي ع سؤالي .

لم تجب الا بالـ هاا .. ليدرك هو ان هناك شيء ما يجعلها بعيدة عن الواقع ..امسكها من كتفها .. وباهتمام بالغ : جود .. شو صاير وياج .. الحين تاكدت من كلام امي .. انتي متغيرة .. ذيج الليلة كنتي سهرانه لوقت متاخر .. مع انج سحبتي كل المعلومات اللي بغيتهن .. شو كنتي تسوين ع الجهاز ؟
هزت رأسها : ولا شيء .. انا دووم ايلس عليه بالساعات .
- بس كنتي طبيعية .. الا من بعد ذيج الليلة وانتي صايرة واايد تسرحين .. خبريني شو صار وياج ..
-ما صار شيء .. فيصل
- عيون فيصل .. آمري شو تبين ..
داست على شفتها السفلى باسنانها وسرعان ما تكلمت : تحبني ؟

احتظن كفيها بكفيه .. يحدق في عينيها .. فهناك نظرة غريبة تخفيها تلك العيون : ما يباله اجابه هالسؤال .. انتي تدرين كثر شو احبج .
تهللت اساريرها : يعني اقدر اطـ......

لم تكمل لان الهاتف يرن .. ولا بد لفيصل ان يجيب عليه .. فاكملت في سرها : يعني اقدر اطلب انك ما تخليني ابد .

كانت تلك المكالمة قد اثارت في نفسه بعض التوتر .. اتمها بشكل متقطع على مسامع جود .. فهي علمت من خلال ذاك الحديث ان مصيبة في الطريق .. قد تكون هي طرفا فيها .. قام واقفا تحت انظارها .. بخطوات سريعة اعلن الانسحاب من تلك الغرفة .. وبكلمات يشوبها القلق غادر المكان .. ليقابل والدته في الاسفل .. ليرد على سؤالها الذي قد اكتساه الخوف لمنظر فيصل : ما في شيء .. بس بروح الشركة في ناس يبوني ..

وهرول مسرعا .. كان يود التاخر لساعة العاشرة .. لكن الظروف اعلنت لرحيلة عند الثامنة والنصف ... عادت تبعثر اشياءها .. تبحث باصرار عن ذاك الذي يختزن الكثير من الاشياء .. فتلك الورقة قد وجدتها مطوية في احد كتبها .. اما هو فلا اثر له .. جاءها صوتها : جود .

كان فيه شيئا مختلفا .. فالتفت وبيدها محفظة اقلام قديمة .. لعلها تركته فيها ونست .. نظرت لتلك المر تعبة التي اغلقت الباب واستندت عليه .. احنت رأسها قليلا وكأنها تستفسر ما بها : شو فيج ؟

مدت يدها .. واذا بذاك الذي تبحث عنه قابعا في كفها .. وتلك السلسة الطويلة تذيله مع قطة " لولو كاتي " .. اغترفته من يدها .. واطالت النظر لها .. تريدها ان تتكلم .. ان ترمي ما بجوفها .. فاطالت الاخرى السكوت .. حتى اصبح لا بد لها ان تسأل بنفسها : شو سويتي ؟

ازدردت ريقها بخوف واضح : لا تخبرين فيصل .. شفته طالع معصب .. يمكن عرف باللي سويته .. ما كان قصدي شيء .. الله يخليج يا جود .. لا تخبرين علي .. فيصل ما يحبني كثر ما يحبج .. الله يخليج .

وبعدها انصرفت .. لعلها خطة منها كما دار في عقل جود وهي تنظر للـ" فلاش " في كفها .. شدت عليه .. وعقلها يضرب أخماسا في أسداس .. منت نفسها بان لا يكون ما حدث شيء كبير .. هرعت الى جهازها لتتأكد إن كل شيء لا يزال فيه .. ابتسمت على مضض .. كل شيء هناك .. ولكن قلبها منذ الفجر يقرع اجراس الخوف القادم ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:06 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

كالخوف الذي اعتلى روح سيف وهو يحادث فيصل عبر الهاتف .. فذاك الثاني قد خرج وشياطين الارض تتقافز امام عينية .. وسيف كان كيس الهواء الذي سيفرغ فيه غضبه : اسمعني .. خل النفس عليك طيبة .. والا ترا والله ما يصير خير ..

عدل " غترته " البيضاء .. ونزع سماعة اذنه فهو لا يرتاح لها .. واضعا الهاتف مكانها : انت شو بلاك .. ترا كل السالفة شراكة .. مثلي مثل غيري .. انتوا عرضتوا المشروع وانا بدخل فيه .

نزل من سيارته .. حتى وصل صوت اغلاق بابها الى مسامع سيف : سيف ما فاضيلك .. وتدري .. كان بامكاني اخلي رشا تخليك .. بس عشانها ما قلت لها اي شيء .. وانك انسان انتهازي وخاين ..
صرخ الاخر حتى وصل صوته لرشا التي تنزل الدرجات بهوادة فتوقفت : ما اسمحلك .. انا سيف علي الـ ... عمري ما كنت خاين ولا بكون .. فاهم ..

شد على الهاتف بقبضة يده وهو ينزله من على اذنه .. ارتجف جسده حين وضعت كفها على كتفه .. التفت لها .. مسحت جانب وجهه الايسر بكفها الايمن : شو صاير ؟ ليش معصب بهالشكل ؟

امسك يدها فلثمها .. لثمة محب اسكره العشق .. ثم مشى بمعيتها ويدها في يده .. اجلسها على الاريكة الصوفية .. وانسحبت يده بهدوء لتلامس بطنها التي بدأ يظهر عليه الانتفاخ .. سرعان ما قرب وجهه له .. مقبلا له .. ومحتظننا لها من بطنها .. لتمسح على رأسه : سيف .. حبيبي شو صاير ..

خده على بطنها .. وذراعاه معانقتنا لوسطها : احبج يا رشا .. ولا تصدقين فيوم اني خنت ابوج .. والله ثم والله انا مب خاين ..
انحنت مقبلة رأسه : ادري يا روحي .. وعمري ما بصدق هالشيء ..

نهض ليترك الحرية لكفيه تعانقا وجهها الدائري .. يعشقها .. ويعشق كل شيء فيها .. قد يكون عشقه ذاك لحد الجنون .. وقد يكون بُعدها هو الختم على شهادة جنونه الرسمية : فيصل يظن اني انا السبب باللي صار لعمي الله يرحمه - تغيرت ملامحها – ما اعرف منو اللي حطى هالشيء فراسه ..
ابتسمت : فيصل عصبي .. ما يتحرى عن اللي يوصله .. وصدقني يا سيف .. عمري ما بصدق فيك ..
بحركة سريعة احتضنها .. وهو يتمتم : امووت فيج يا روحي ..

,,

تلك الجملة القاها طارق على مسامع شهد وهو يحتظنها بعد غيبة اسابيع .. لتصرخ متألمة .. فذاك الجرح لا يزال طريا .. وصل ليلا .. وتلك الزيارات قد اغلقت ابوابها .. فكان لا بد من الانتظار حتى الصباح .. يعد الدقائق والساعات .. حتى ان النوم هرب مبتعدا عنه .. وما ان صار الصباح حتى خرج متوجها اليها .. فهي تسكنه .. لا يتخيل ايامه بدونها .. ينظر اليها يتفحصها .. وكأنه غاب عنها سنين طويلة .. يداعب وجنتيها باصابعه حتى تحمران على احمرار الخجل : اشتقتلج يالقزمة ..

لم تعد تلك الكلمة تثير في نفسها الغضب .. فهي تعلم بانه حين ينطقها فهو دليل حبه الصادق لها .. نزلت دموعها .. فخاف عليها : شهودتي . اليرح يعورج .. اقول للمرضة اتي تشوفيج ..
سحبت يده التي كانت على كتفها .. قبلتها بعمق : اشتقتلك .. هذي كل الحكاية – ابتسم فاردفت – الحين صارلك ساعة ماسك في .. وتتغزل .. ولا سألت عن ولدك .
سحب يده بمعية يدها التي تمسكها .. فاعاد فعلها : دام القمر بخير شو لي بالنجوم .

ما ان قال جملته حتى توجه لذاك السرير الزجاجي .. ليحمل ذاك الصغير بين ذراعيه : تراه هذا القمر
قالت وهي تتصنع الغضب : لا والله .. يعني انا النجوم الحين .

لم يسمعها فعقله مع ذاك الصغير الذي فتح عينيه .. صرخت به ليمسكه جيدا .. امسك كفه الصغير يقبله : شوفي شوفي – يقربه منها – اصبوعه طوال .. يعني بيطلع علي .. مب عليج يالقزمة .
ضحكت حتى توجعت : الحين حكمت من صبوعه ..
جلس بجانبها على السرير : شوفي حلاته .. فكل شيء طالع علي ..
قاطعهم صوتها : قول ما شاء الله ..

وضعت الاكياس من يدها .. فهناك حافظة القهوة وحافظة الشاي .. والكيس الاخر به إفطارا أعدته ريم بمساعدة من مريم .. القت التحية عليهما فرداها .. ثم اخذت ذاك الصغير من والده بعد ان قبلت شهد وسالتها عن حالها : هذا ريلج مينون .. قلتله لا يطلع قبل ما اجهز نفسي .. بس خبل ..

صرخ مدعيا السخط : عمتييييي .. الحين قدامي وتقولين جذي .. عيل من وراي شو بتقولين .
انفجرت ضاحكة: بقول اللي بقوله وانت شو دخلك – بدأ منصور بين يديها بالبكاء – خذي شهودة رضعيه .. كله من ابوه موعينه من فير الله ..

الضحكات تتعالى في تلك الغرفة .. والسعادة ملأت تلك القلوب .. وسرعان ما امتلأت تلك الغرفة بالنساء .. وطارق وحيدا بينهن .. ففضل الانسحاب .. فريم لا تاخذ راحتها بوجوده .. هي تربت معه ومع هذا فهي تشعر ببعض التوتر حين يكون بينهن .. وقبل ان يخرج .. التفت لعلياء التي جلست بجوار والدتها ناظرة لمنصور الصغير : علايا .. ردي من وقت عشان تشوفين هيديتج ..
ابتسمت وبفرح عارم ذهبت اليه : يبتلي هدية ..
وضع يده على كتفها .. وانحنى ليكون وجهه مقابل وجهها : هيه يبتلج .. بس بشرط .

بان عليها الحزن .. فهي ادركت شرطه ذاك .. مؤكد ان والدتها حدثته عن ذاك الموضوع والذهاب للطبيبة .. مع انها اكدت لوالدتها بان مايد لم يلمسها يوما .. ولكن قلب الام لا يطمأن لكلام فتاة صغيرة .. ابتسمت على مضض : شو شرطك .
همس في اذنها .. فابتسمت وهي تنظر لوالدتها .. وقال بصوت مسموع : شو موافقة؟ ..
- اكييد ..
حرك يده على رأسها عابثا بشعرها : طروق خلاص

ابعدت راسها عنه وهو يقهق .. وبعدها ترك المكان .. لتقترب هي من والدتها التي لفها الاستغراب .. سالتها عما همس لها .. ولكنها رفضت ان تجيب .. متعذرة بانه سرهما الصغير ..

كذاك السر الذي يأرق فاطمة وجعلها تحث الخطى نحو المستشفى .. فهناك ريم .. وعليها ان تقنعها بان ترافقها .. سحبتها من بين الحاضرات .. حتى اضحيتا خارجا : شو فيج ؟
بتوتر : سعود هني فالمستشفى .. وانا ما اقدر اقابله بروحي .. تعالي وياي .
- مينونه انتي تخلينه ايي هني .. واذا شافنا حد .. لا حول ولا قوة الا بالله ..
- الريال يريد بطايقه .. اشغاله متعطله .. واتصل علي اليوم وقلت له ايي هني – امسكت رسغها – خلينا نروح .. يتريانا فستار بوكس .. ياللا ريمان .

زفرت .. وتحوقلت من جديد .. وبعدها رضخت للامر الواقع .. فتلك الفاطمة باتت تتصرف كالمراهقات .. وهي باتت لا تعرفها .. حتى حديثها عن ذاك المدعو سعود يكون مختلفا .. نبرتها فيها فرحا غريبا .. هل يعقل ان تكون معجبة به ؟ .. هزت رأسها وكأنها تبعد تلك الفكرة من رأسها .. وقفت لتعدل " شيلتها " التي بدأت تنسحب عن رأسها .. لتحثها الاخرى على الاسراع.

جالسا على تلك الطاولة .. ينتظر فلقد مل الانتظار .. فلقد حادثها منذ ساعة ونصف .. وهو هنا منذ ثلث ساعة .. نظر الى ساعته السوداء .. وتأفف للمرة الالف .. وصلتا يمشيان على استحياء .. ليقليا التحية عليه .. ويرفع هو رأسه لهما : حياكن ..
ردت ريم بسرعة : تسلم .. ياللا عطيه اللي يخصه وخلينا نروح .
- افا ما يصير .. يلسن بطلبلكن شيء ..
- ما تقصـ..
لتقاطعها فاطمة : عن نفسي اريد كابتشينو . .
نغزتها ريم . وبهمس : فطوم شو فيج ..
لم تهتم لها وجلست وظلت الاخرى واقفة : حياج ..
- سمحولي .. انا رايحة .. مب متعودة ايلس مع ريال غريب

لتنظر فاطمة لها .. شعرت بان ذاك الكلام موجه لها .. فقامت واقفة ليقف سعود .. فتحت حقيبة يدها واخرجت البطاقتان .. ووضعتهما على الطاولة : اسفه لاني تاخرت .. ومشكور عشان صلحت سيارتي .
مد يده ليأخذ البطاقتان : العفو .. الغلط كان مني ..

استأذنت ولحقت بتلك التي اسرعت الخطى عائدة حيث كانت .. امسكتها بذراعها : ريمان شفيج .
حدقت بها بنظرات غضب : انا اللي شو في .. والا انتي .. صايرة كنج بنت صغيرة .. حلوة يعني تيلسين وياه وادقين سوالف .. ما هقيتها منج يا فطوم .
- انتي معقدة .. شكله سعيدان علمج طبايعه .
ابتسمت : سعيد ما علمني شيء .. بس اللي اعرفه ان هو ريال غريب ولا لي اي حق ايلس وياه ..

وبعدها غادرت تاركة تلك الواقفة في منتصف الممر .. كلامها صحيح .. تقاذفتها الافكار وهي تترك المكان .. فهي اضحت مختلفة .. بدأت تفكر بأمور مختلفة .. هل تريد ان تكون هناك علاقة بينها وبينه .. وماذا عن عائلته .. ماذا عن ابناءه ؟ فهو ليس بسن صغير .. كانت تلك الافكار المعاتبة تعبث برأسها .. ركبت سيارتها وانطلقت .. لعلها تعيد لنفسها ذاك التوازن الذي كان .. فكلام ريم ضربها في الصميم ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:07 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

http://forums.graaam.com/images/imag...a662214131.gif



,,

كما ضرب ذاك الضابط بكلامه بدر وعبدالله .. فلقد عاتبهما على تلك التربية .. واين هم عن اخيهم .. اعطاهم الكثير من الكلام .. وما كان ليدع مايد يخرج بهذه البساطة الا لانه يعرف عبدالله جيدا .. كان يتمنى ان يأخذ جزاءه على ما فعله .. وحتى وان كانت اول مرة ..

نظر الى الباب حيث دخل الشرطي وبمعيته مايد .. الذي كان مطأطأ الرأس .. وشكله غير مرتب .. فشعر وجهه نمى ولم يجد اي عناية خلف تلك القضبان .. وجه ذاك الضابط الاربعيني كلامه لمايد .. ويحذره من اعادة الكرة .. فليس دائما يكون الحظ حليفه .. وبعدها غادروا ثلاثتهم .. الجميع صامت .. ركبوا سيارة عبدالله .. واذا به من خلفهما ينطق : والله ما كنت اعرف .. ولا شربت .. ولا سويت اي شيء

رد عبدالله بكلمة واحدة " اسكت " فهو لا يرغب بسماعه .. ولا يريد منه اي تبريرات .. ليعاود من جديد الكلام مبررا ما حدث معه : كله منهم .. قالوا لي حفلة عاديه .. وانا ع نياتي رحت وياهم ..
تابع شرح ما حدث .. وذاك الذي على المقود يكاد ان ينفجر غضبا .. وبدر ينظر اليه .. فتدارك الامر : مايد خلاص اسكت .. لا تصير حنان .. عرفنا السالفه كلها من الضابط .. واللي صار ما يعطيك اي عذر .. انت تدري بالشلة اللي ترابعها .. شلة فاسدة ما وراهم الا المصايب .
- بس ...
قاطعه عبد الله : تقدر تسكت .. والا بعد ما تعرف .

انخرس عن الكلام .. وعم صمتا خانقا الاجواء .. حتى وصلوا .. التفت الى ذاك المنزل .. هناك خلف تلك الابواب والده .. رجلا لا يفارقه الغضب الا نادرا .. كيف سيستقبله .. ترجل بتردد تام بعد ان حثه بدر للنزول .. نزل وسحب خطواته مرغما لداخل .. هناك ايضا والدته .. واخته واخيه .. فلا داعي للخوف .. اما بدر فبقي مع عبدالله .. يحاول اقناعه بان ينزل لرؤية والدهما .. فيكفي هذا البعد .. التفت لسيارة فاطمة التي مرت داخلة من البوابة الكبيرة .. وما هي الا دقائق من دخولها حتى خرجت مسرعة بعباءتها .. وقبل ان ينطلق عبدالله مغادرا .. صارخة بهما .. فوالدها اغلق باب الغرفة على مايد وهو معه .. وصراخ مايد قد تعالى حتى هز اركان المنزل .. اسرعا يتدافعان الى الداخل .. وتلك المسنة تولول وتنتحب .. فاخر العنقود وفلذة كبدها بين يدي زوجها الغاضب .. ضربا الباب ولا يصلهما الا صوت مايد المترجي لوالده : ابويه سامحني ..

ولا يأتي من راشد الا ضربات قاسية بـ " العقال " على بدن مايد الضعيف .. ابتعد للخلف فتعثر بتلك الطاولة الصغيرة .. ليسقط وتسقط ضربة على عينه اليسرى من ذاك العقال .. لتشل حركته .. وحواسه الاربع .. لا يرى لا يسمع لا يتكلم .. حتى الاحساس لم يعد يشعر به .. فتلك ضربة مميتة افقدته كل شيء .. والاخر لا يأبه الا لضرباته المتلاحقة .. وصرخاته الغاضبة .. التي اتعبتها تلك الفضيحة العظيمة .. كُسر الباب بضربة مزدوجة من قدم بدر وقدم عبدالله .. ليندفع بدر ممسكا بوالده ويقف عبدالله امامه .. لتأتيه ضربة على الساق .. كان يصرخ على مايد ان ينهض .. لكن الاخر كالميت .. لم يعد يشعر بمن حوله .. فيكابد ذلك الرجل الستيني قبضة بدر صارخا : خلوني اقتله وارتاح ..
ليصرخ بدر بعبدالله : خذه برع – ويتابع كلامه مهدأ والده – خلاص يابويه .. خلك منه .. اللي ياه يكفيه ..

سُحب مايد على يدي عبدالله الى اعلى .. ليرميه على سريره .. ناظرا الى عينه التي تهل الدمع دون هواده .. وذاك الخط الاحمر قد بصم بقوة على جلد وجهه .. خرج ليطلب من فاطمة ان تأتي بالثلج .. وما كان منه الا ان يكمد له تلك الضربات التي ادمت جسده .. امامه عاريا .. الا من أزار يستره .. كلما وضع الثلج على الجراح صرخ متأوها .. ليتمتم من بين التأوهات : سامحني ..

لم يرد عليه .. واكتفى بالصمت .. فتلك الكلمة لن تعيد له كرامته التي هدرت في هذا المنزل .. وهل لكلمة في ساعة ندم تعيد ما كان .. هل الندم يبعثر الشعور بالاهانة في قلبه .. ظل هناك يطبب جراح شقيقه .. الذي تسبب في الكثير والكثير والتزم الصمت ..

,,

كتلك التي التزمت الصمت سنين مضت .. ها هي تعود الى المنزل مع علياء .. فتلك الصغيرة عليها امتحان في الغد وعليها ان تبدأ بمذاكرة دروسها .. اوقفت تلك السيارة الصغيرة ذات اللون الابيض .. فلقد امتلكت رخصة قيادة منذ شهر .. وهذه السيارة من والدها ..

نزلت ونزلت معها علياء .. يتبادلن الحديث .. سبقتها وهي تلهو بمرح .. وبها شوق لرؤية تلك الهدية .. وما ان وضعت قدمها في داخل المنزل حتى ارتدت للخلف صارخة .. فهناك من امسكها بقوة من شعرها : مب حرمة تمشيني ع كفيها .. وبتردين البيت غصبا عنج .

تمسك كفه التي تشبثت بشعرها من خلف " شيلتها " : هدني .. ما اريد ارد وياك ..
نزلت الاخرى على ذاك الصراخ .. واذا بها تضربه تريد ابعاده عنها : خوز عنها ..
واذا به يدفعها بيده الحرة .. لتسقط .. وتصرخ ريم : علاياااااااااااا

واذا بها تتأوه وهو يدفعها للخلف : وبعد تسوقين سيارة ياللي ما تستحين .. امشي ..
واذا بتلك القبضات الصغيرة تعاود ضربه في ظهره : حرام عليك .. خلها .. ما تباك ..
وفجأة اذا بها تعضه في ذراعه .. ليدفعها دون رحمة صارخا : الله يغربلج .
صرخت وهي واقعة على الارض : رييييييييييم

فتلك الضربة من ذراعه شلت حركتها .. بكت وصرخت وهي تراه يجرها كالنعجة .. ليرميها في سيارته .. وهو ينفث انفاسه كثور هائج اعمى .. شعرها منفوش .. حاولت ان تفتح الباب قبل ان يصعد .. فرميته تلك اضعفتها .. واذا به يجرها من جديد لتصرخ : حقيييييييييير ..
رص على اسنانه : بتسكتين والا شو ؟

اوصد الابواب .. ولم يعد يُسمع الا شهقاتها المتتابعة .. وهو كان يقذف انفاسه الحارة وعينيه على ذاك الطريق .. وفي رأسه يدوي كلاما قد قيل على اسماعه قبل ان يخرج من منزله على لسان تلك السناء المتعالية : لو انت ريال ما تمشيك حرمة مثل ريم على هواها .. صارلها شهور فبيت ابوها .. يا تطلقها .. يا تثبت مرايلك ..

,,

هل بهذا الشكل تثبت الرجولة .. قد تكون هذه الرجولة في مفهوم سعيد .. ولكن مفهومها مختلف عند جاسم .. الذي عاد من جولته في المانيا .. المنزل مختلف .. ليس به حياة .. يتذكرها .. يريدها هنا معه .. يتمنى ان يسمع كلماتها .. أسئلتها .. اغنياتها التي تترنم بها حين تكون وحدها في الغرفة .. يريدها ان تعود .. ولا يريدها .. يشعر بضياع غريب يجتاحه .. يقبع على ذاك الكرسي وامامه صديقه الاسود .. يضرب بسبابته على أصابعه ببطء .. فهو يفكر فيها ..

صوتها المتعب الذي جاءه عبر سماعة هاتفه منذ ساعة .. يشعر بانها ليست بخير .. كانت تكابر الضحكة .. توهمه بانها بخير .. لكنه شعر برائحة الكذب تفوح من نبرتها .. افاق من تفكيره على صوته : مشتاقلها .
تلفت يمنة ويسرى .. لا احد الا هو ولوحاته وصديقه الذي امامه . الباب مغلق .. ابتسم .. فلعله صوت ضميره لا غير .. ولعلها افكاره التي توهمه بوجد قاسم بجانبه .. يشتاقه .. ويشتاقها .. تنفس الصعداء .. واذا به يعزف مقطوعة مختلفة عن تلك التي كان يعزفها .. بها شيء من الفرح .. شيء من السعادة .. كان يبتسم .. كاعمى رأى النور .. او كعطشان وجد الماء .. لم ينتبه لذاك الواقف عند الباب .. مستندا عليه .. وبيده بعض الملفات قليلة الورق .. وتعلو محياه ابتسامة رضا .. لم يتحرك .. فتلك المعزوفة رائعة بحق .. وذاك المستمتع سعيدا بقوة .. اخيرا انتبه له بعد ان رنت نغمة النهاية اجواء الغرفة .. فقام مبتسما .. ليصافحه : حيالله من يانا .
- الله محيك ..
-من متى وانت واقف .. يا ريال تنحنح .. دق الباب .. سو شيء .. مب واقفلي مثل ابو الهول
قهقه حتى بانت نواجذه : الحمد لله المعنويات ممتازه .

دعاه للجلوس في الصالة القريبة .. وطلب اعداد القهوة من الخدم وبعدها عادت اليه ملامحة الجدية التي لطالما رافقته .. الا مع هذا الصديق الذي يعرفه منذ سنوات ليست بكثيرة : شو صار ع اللي طلبته منك .

مسح على شعر وجهه .. واخذ الملفات من جانبه ليسلمها لجاسم : هذي الملفات اللي طلبتها .. مع اني ما اشوف فيك شيء يمنعك من انك تداوم اليوم .
قلب الاوراق وبعدها ترك كل شيء على الطاولة : اريد اعرف شو صار .. لا تحرق اعصابي .. مب لاني مسوينك اخوي وصاحبي تلعب في وتختبرني

عاد ليضحك من جديد : والله اتشرف باخوتك يا جاسم .. اسمع .. فيصل كان يسافر لعدة دول .. منها امريكا .. بس ما اعرف وين بالضبط التقى بفرناند .. وع فكرة فرناند هذا ماله اي خبرة بالتجارة .. يحب جمع التحف . واللي استغربته اكثر ان كل رحلاته كانت مع اخته الصغيرة .. اللي كانت تظهر دوم مع ابوها فالقاءات الصحفية .. او بالامكان اللي يكون فيها تصوير .

-اللي يقولون عنها مب بنته .
- يقولون .. لانه هو رجع من امريكا وهي معه .. بس ليش ياخذها فيصل معه ما فهمت
انحنى بجذعه للامام : اسمع اريد اقابلها .. فيصل عنده كنز ومب عارف كيف يستخدمه .
باستغراب وتساؤل قال : كنز .. شو الكنز فبنت ما كملت 17 سنة .
ابتسم وهو يريح ظهره على الكرسي : دبرلي لقاء وياها ..

,,

اتمنى يكون الجزء 21 حاز على رضاكم
ولا تخلون القراءة تلهيكم عن ذكر الله
http://forums.graaam.com/images/smil...%20%282%29.gif


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:09 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
البيت فارغ من ساكنيه .. لا يوجد احد .. الا هي هناك .. قابعة على درجات السلم .. وصوت بكاءها المتقطع يعود صداه اليها .. لا تعلم ماذا تفعل .. فهاتف المنزل قد احيل الى التقاعد .. فلم يعد في الخدمة بعد ان استولت الهواتف النقالة على المكان .. مسحت دموعها بظاهر كفها . وذاك الـ " آيفون " اسود اللون يقبع بين اناملها .. لم تستطع الولوج اليه . فريم قد اغلقته برقم سري .. رفعت رأسها وهي تسمع ضحكاتهما .. وما ان فتح الباب ودخل حتى جرت اليه بخوف .. بكت .. ومن بين بكاءها كانت تنطق بأسم ريم .. ليمسكها هو بهلع : شو فيج علايا .. شو مستوي .. وشو بلاها ريم .

قطع ضحكته وهو يرى اخيه عمار واقفا مع تلك التي تبكي وتنطق بكلمات متقطعة .. حاكية لعمار ما حدث ..وقع نظره على تلك الحقيبة المفتوحة بجانب السلم .. وبجانبها اشياء قد بعثرتها علياء وهي تبحث عن الهاتف النقال .. استجوبها من جديد .. وهو يديرها نحوه بعد ان انتشلها من بين كفي عمار : علايا اهدي وخبريني شو صار .

بدأت تقص عليه ما حدث .. فاذا به يصرخ : الكلب ... وربي ما اخليه ..
وادبر والغضب يجتاحه كما يجتاح اخيه عمار .. واذا به يقف .. فذاك الباب قد سد بجسد عبد الرحمن : وين رايحين ؟
وبنفس النبرة الغاضبة صرخ : سعيد الكلب .. متهجم ع البيت فغيابنا وماخذ ريم بالقوة .. والله لاربيه وعلمه المريله كيف تكون .

-
وانت رايح تساعده بعد – مد يده – عطوني سويجات ( مفاتيح) سيايركم .
-شو اللي تقوله يا عمي .. هذا بدال ما تقول بروح وياكم وبربيه ..
لا يزال مادا يده : ومن متى تقولي عمي يا طارق .
اشاح بوجهه .. واذا بعمار يتكلم بعصبية قريبة من عصبية طارق : ابويه ما فينا نسكت عنه .. شهور وهي تترياه يطلقها .. وفالاخر ايي يسحبها مثل البهيمة ..

-
عمار الطلاق مب سهل .. ييبوا سويجاتكم .. المسألة ما بتنحل بالعصبية وانا ابوكم ..
اخرج مفتاح سيارته من جيبه ووضعه في يد عمه : اذا هذي سواته فالطلاق هو الحل يا الغالي .
نظر لعمار : عطني سويجك ..
-مب عندي .. فوق فحجرتي .

مشى وجلس وهم ينظرون له : يمكن هي حبت ترجعله .
اقتربت منه علياء وهي تمسك بيده : خالو هو خذها بالقوة .. والله .. وضربني بعد ..

ضرب بقبضة يده الجدار : الخسيس ..
-طارق الامور ما تنحل بالعصبية .. اهدوا .. وان شاء الله بنروح لعمكم ونتفاهم معهم .. واذا هي تريد الطلاق بتاخذه .

هاديء كعادته .. لا يستعجل التصرف كأخيه راشد .. وكأبن اخيه سعيد .. الجو هناك اقرب الى السكون بعد ذاك الاجتياح الغاشم من راشد على مايد .. انزوى في غرفته ولا تزل تلك الكلمة ترن في اذنيه " سامحني " .. لا يعرف لماذا يشعر بان طيبته تلك ستوصله الى طريق يكون الندم حليفه ..تنهد وهو يرخي ذراعيه بين فخذيه .. يشعر بالضيق من وجوده في هذا المكان .. فهنا أُتهم .. وعوقب دون اي دلائل .. وهنا كان حبه يقوده دوما .. اطلق زفرة اتعبها التفكير .. فاذا بالباب يفتح .. ليستند عليه ذاك الواقف الناظر لاخيه على ذاك السرير .. ثواني واذا به يعتق الباب من ظهره العريض .. ويجلس بجانب اخيه : شو اخبار مايد .

-فحجرته .. ابوي ما خلى فيه شيء صاحي .. شو اخبار ابويه .
تنهد : بخير .. ياللا ياللا هدا .. بس ما ينلام .. كلام الناس مثل الخناير .. يطعنون فيه وهو ساكت .. ولدك سوى .. وولدك فالسجن .. وانت تدري بابوي ما يتحمل .

ابتسم بسخرية : مثل ما سوى في ..

وضع كفه على فخذ اخيه : مب ناوي تنسى .

هز رأسه : صعب .. لو انت اللي انضربت بين اخوانك .. وقدام الانسانه اللي تحبها .. كنت بتنسى .

ربت على فخذه : انساها .. ما اظن سعيد بيتخلى عنها .. والا كان ..

لم يكمل .. فهناك اصوات ومعمعة خفيفة في الخارج .. كان ذاك السعيد يجر تلك الحبيبة التي لا تزال متربعة في قلب عبدالله .. يجرها بعنف .. ويوبخها حتى لا ترفع صوتها .. تتعثر خطواتها على ذاك السلم .. فتصرخ لألم قبضته لها .. فيسحبها بقوة .. لا يرأف بها .. ولا توسلاتها تلك وجدت الطريق الى قلبه فيلين .. تصرخ به دون صراخ .. فذاك السعيد يخيفها .. حتى باتت عظامها تتراقص : الله يخليك خلني ارد البيت ..

كان الشرر يتقاذف من عينيه : اصص ولا كلمه فاهمه ..

واذا به يدفعها بقوة بعد ان فتح باب تلك الغرفة التي كانت له ولسناء قبلا .. لتصرخ متأوه .. وتجري قبل ان يغلق الباب .. ولكنه كان اسرع .. حركت المقبض وهي تبكي : حراام عليك .. افتح الباب – صرخت – افتحه

طرقت على الباب بعنف .. تهزه لكن دون اي فائدة ..نزلت دموعها وكفاها تنسحبان على ظهر الباب الخشبي حتى خارت على الارض : سعييييييييد ..

بكت وبكت .. وصرخت حتى تعبت حبالها الصوتية وتحشرجت .. واذا بها تهدأ حين سمعته .. امسكه من ذراعه واداره قبل ان يدبر : شو اللي تسويه .. ينيت والا انخبلت ..

سحب ذراعه بقوة .. وشد على اسنانه .. حتى صارت انفاسه المليئة بتلك الراحة النتنة تلفح وجه عبدالله : ما دخلك بيني وبين حرمتي .. واظن ان ابويه طردك من هالبيت .
بنفس النبرة : قبل لا تكون حرمتك تكون بنت عمي .. افتح الباب يا سعيد .
ضحك متشدقا : تحلم يا عبدالله .. تحلم ..
كان سيلحق به ولكن يد بدر منعته : خلك منه .. هذا مريض ..

التفتا الى ذاك الباب .. كان صوتها يصلهما وهي تطرق الباب براحة يدها : عبدالله .. عبدالله طلعني من هني ..
شد على قبضتيه .. فقلبه لا يتحمل بكاءها .. هم ليصل الى ذاك الباب ولكن بدر كان له بالمرصاد : لا تتدخل بينهم ..
نظر اليه : مب قادر اتحمل صوتها يا بدر .. مب قادر ..

واذا به يترك المكان مهرولا على تلك الدرجات .. تمتم بدر : استغفر الله العظيم .. الين متى يا سعيد هذا تفكيرك .


,,

مشى في ذاك الممر الطويل .. صار له فترة طويلة لم يأتي الى هذا المكان .. الجميع ينظر اليه .. يعرفونه
.. وهو يعرف نظراتهم تلك .. فهو غير مرغوب فيه في هذا المكان .. اما الاخر الذي يقبع في مكتبة الفخم فكان مريحا جسدة على تلك الاريكة الجلدية .. وسماعة الهاتف البيضاء تتدلى من أذنه : حلو .. يعني طاح بريوله .. واخيرا طاح فايدي – قهقه ونظره تسمر على ذاك الباب الذي ولج منه ذاك القادم – خلك معهم . وطمني اول باول ..

اغلق المكالمة ونظراته تتبع ذاك الذي جلس قبالته : خير اشوفك هني .. شكلك مضيع طريقك .
-لا مب مضيع .. بس اشتقتلك قلت ايي ازورك .

تشدق : اشتقتلي ؟ .. اقول جسوم ييبها من الاخر .. شو يايبنك الشركة .ترا مالك شيء فيها .. والا انت ناسي
طقطق بلسانه وهو ينحني للامام قليلا : غلطان يا عبد العزيز .. لي مشاغل هني .. مع شريكك اليديد – اعتدل في جلسته – الا شخبار شريكك ..

قام واقفا .. ليجلس خلف مكتبه : مشغول .. ياي من فير الله الشركة .. والحين فقاعة الاجتماعات .. الظاهر ما له فالتجارة .. ما صارله كم شهر والمشاكل هلت عليه ..

ضرب بكفيه على فخذيه بخفه وهو يقوم لجلس قريبا من والده .. اراح ساعده الايسر على الطاولة.. وبتساؤل : مشاكل ؟
وهو يضغط على زر الاتصال بمكتب السكرتارية : طلبيلنا اثنين قهوة .
-صاير كريم . مب بالعادة

قهقه : خايف على اعصابك .. اذا طاح فيصل معناته طاحت اسهمك اللي عنده – انحنى مربعا ذراعيه على الطاولة – السوق مب محتاي واحد مثله .. صارله ساعات يتفاهم مع اصحاب شركات معروفة .. مادري شو ماسكين عليه ..

-
الا شو اخبار جون ؟
تشدق وهو يرجع ظهره لكرسيه : ما عليه باس .. لاهي فقطر .

وصلت القهوة .. وما ان تم وضعها على الطاولة امام عبد العزيز وجاسم .. حتى دخل فيصل وهو يلقي تحية الاسلام بشيء من الشدة .. جلس مقابل جاسم والتفت لعبد العزيز : الحين مب قادر تصرف معهم .. وتفهمهم .

-
مب اصغر عيالك ترمسني بهالشكل .. وبعدين هم يبونك انت بالاسم .. وانا ما دخلني بينكم

-
ما دخلك هاا .. لا تنسى يا عبد العزيز ان لك فهالشركة مثل ما لي .. واذا طحت انا انت بطيح .. واذا تشوهت سمعتي بينالك من التشويه نصيب ..

استمر الجدال بينهما تحت انظار ذاك القابع على الكرسي .. حدث نفسه : سبحان الله .. تخلصت مني وياك اللي العن مني .. ليش احس انك قريب مني يا فيصل .. نظرتك .. غضبك .. مع ان غضبي داخلي الا انه اذا طلع بيكون مثلك ..

قطع حديث نفسه وقوف فيصل وهو يهدد : مرة ثانية حاول تحل الامور ولا تخليها تتفاقم .. واذا ما قدرت ما في داعي للبهارات اللي ترشهن .

هزت ضحكته الاركان .. فالتفت فيصل له كما التفت عبد العزيز .. قام واقفا وهو يعدل نظارته : بعدك ما شفت شيء من عبد العزيز – نظر لعبد العزيز الذي بان عليه الغضب – هذا ذيب .. وان كنت تريد تعيش بين الذيابه يا فيصل .. خلك ذيب ..

-ما اريد نصايح منك يا جاسم – التفت لعبد العزيز الذي لا يزال جالسا – وانت خلك قد الكرسي اللي يالس عليه .

بعدها خرج .. ليبتسم جاسم : خلك فطين .. ترا فيصل مب سهل .

رن هاتفه بنغمة الرسائل الخاصة .. فاخرجه من جيبه وهو يمشي خارجا من مكتب عبد العزيز .. ابتسم اكثر وهو ينظر لتلك الاسطر البسيطة التي وصلته
.. " هل تشتاق الي كما اشتاق لك " .

تابع المشي ليستقل ذاك المصعد الذي سيوصله الى الاسفل .. قلبه فرحا وكأنه طائر صغير يرفرفر بعد انتعاشه بقطرات المطر الخفيفة .. حتى مشيته تلك كانت مختلفة بالنسبة له .. وكانه يتقافز بمرح طفولي .. هو يشعر بان جسده يعشق كل ما يأتي منها .. تابع المشي وهو لاول مرة يدندن بنغمة لاغنية عاشقة .. توقف فجأة قبل ان يلج الى سيارته .. فهناك من يرقبه .. تلك العيون تتبعه في كل مكان .. لا يعرف لمن هي .. لعلها لعبد العزيز .. ولعلها لشخص آخر .. كل ما يريده الآن هو ان يبعدها عنهم .. ان يظنوا بانه تركها دون رجعة .. فتلك الرسائل القصيرة التي تصله في الاسابيع الماضية تثير في نفسه الخوف .. لا على نفسه .. بل عليها هي .. هم لن يكسروه الا عن طريق من يحب .. كما كسره والده سابقا عن طريق قاسم .. ركب سيارته بعد ان غابت تلك الفرحة التي رافقته لدقائق .. ابتسم على مضض وهو يرى سيارة فيصل .. جديدة كانت .. وليست بقليلة الثمن .. هناك شيء يخفيه ذاك الشاب عن الجميع .. انطلق وهو يرقبه .. يتساءل عن ذاك الاجتماع الذي كان فيه .. وماذا كان يقصد ببهارات والده .. تمتم : ليتني اعرف شو السر اللي وراك يا فيصل .. وان شاء الله بعرفه قريب .

,,

Continue



♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:09 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
كانت الافكار تعصف في رأسه .. واسم جود لا زال يتردد في مسامعه .. لقد نطقوا اسمها مرارا في ذاك الاجتماع .. ولا يعلم ان كان استطاع اقناعهم ام لا .. اذا تشوهت صورته امام شركتين فمأكد ان ما حدث سيضر جميع علاقاته في السوق .. تنهد وهو يضرب المقود بقبضتيه .. يريد ان يصل الى المنزل بسرعة ..

اما جود فكانت تجلس في الصالة تتابع التلفاز .. برنامج طبيا .. الكثير من الكلام والصور التي اثارة اشمئزاز جواهر فتركتها تتابع وحدها .. مندمجة بحق .. فجأة اذا بها تلتفت .. اخذت تردد بهمس : لا تعصب .. لا تعصب .. لا تعصب ..

كان مقبلا نحوها والغضب ينفث براكينه امامه .. واسمها قد دوى في المكان .. وزعزع ذاك السكون .. وقفت تنظر اليه مندفعا لها .. ليمسكها بقوة من عضدها الايسر : شو هذا اللي سويتيه يا جود .. خبريني .. هذي نهاية ثقتي فيج ..

يهزها كورقة متعبة تهزها الريح بقوة .. وقبضته مؤلمة يكاد عظم عضدها ان ينكسر .. يتابع الكلام بغضب وهي صامته تتمتم بتلك الجملة " لا تعصب " : تبيني ما اعصب بعد اللي سويتيه .. قصرت وياج فشيء عشان تروحين تطلبين فلوس مقابل كل اللي سويناه – رماها على الكنبة بقوة – خسارة اني وثقت فيج .. لو انتي اختي صدج ما سويتي هالشيء وخذلتيني .. الحين تاكدت ان كلام رنيم صح .. انتي مب اختي ..

"فيصل ".. صرخت باسمه ميرة وهي مقبلة من اعلى .. لتردف وهي تجلس بجانب جود تشدها اليها : شو صارلك .. ليش تقولها هالكلام .. هذي بنتي واختك غصبا عن الكل فاهم ..

-
لو اختي ما سوت اللي سوته . تشوه صورتي قدام اصحاب الشركات .. وتطلب منهم فلوس .. تبيع ثقتي فيها ..
وضعت رنيم يدها على كتفه : اهدى ..

لتنظر بعدها لجود ويتابع هو كلامه : تكلمي ليش سويتي هالشيء ..ليش بعتيني ..وبعتي كل اللي سويناه مع بعض – صرخ – ليش.

وقفت وابتسمت .. ليستغرب فعلها .. تقدمت خطوتان نحوه : اسفه .
امسكها من عضديها يهزها : شو يفيدني اسفج الحين ..
دفعها فتمالكت نفسها قبل ان تقع : لا تعصب .. انت متى بتبقى جذي .. تبني كل شيء ع كلام وصلك .. ليش ما تعرف تصرف ولا تعرف تفكر .. بتبقى انسان فاشل لو شو ما سويت ..

لم يسكتها الا كفه على وجهها ..لتصرخ ميرة باسمه وتردف وهي تقترب منه : انت شو صارلك .. كل شيء بيتصلح .. ولا تحط حرة الشغل ع اختك .

صرخ باعلى صوته : مب اختي .. ولو كانت اختي ما اتشرف فيوم انها تحمل اسم ابوي ..

جود المتظاهرة بالقوة امامه بكت .. نزلت دموعها .. ليس لصفعته .. وليس لألمها الجسدي من قبضته .. بل من تلك الجملة الاخيرة .. لا يهمها ان لم تكن اخته .. ولن تهتم .. كل ما يهمها انها ابنته .. ابنة ذاك الرجل المختلف .. سقطت دمعة تعبت من التعلق برمشها .. لم تكن تستمع لكلمات والدتها الجابرة لكسر روحها .. القى بقنبلة على رأسها وانصرف .. ارتجفت في مكانها .. وكأن تلك الجملة صفعتها من جديد .. لم ترفع رأسها .. فهرولت مسرعة للاعلى .. لتغلق الباب خلفها .. وتجلس على الارض تحتظن نفسها .. وتمر عليها ذكرياتها معه .. ابتسامته .. لمساته .. ضحكاته .. لتبتسم مع بكاءها .. غير ابهة بطرقات الباب وصوت ميرة .. تريد ان تكون معه فقط .. حتى وان كان ماضي لن يعود ..

,,

كثيرا من الاشياء لا تعود في حياتنا .. فنعيشها بمخيلتنا وبافكارنا حتى باحلامنا .. نتوق لها ونتمناها .. وهو ايضا يتمنى الماضي الذي كان .. هل يبدو مجنونا اذا فكر بالهروب والابتعاد عن كل ما يذكره بذاك الماضي .. واذا كان ذاك الماضي يلحقه حتى في غربته فماذا عليه ان يفعل .. فهي تمثل ماضيه المر .. والحلو .. عيناها تعيده لذاك الزمن المندثر في حياته .. يجلس وبيده كوب النسكافية .. يرتشف منه .. يمسكه بكلا كفيه .. ويتناساه للحظات .. حتى سافر البخار المتصاعد دون رجعة ..

نهض بفزع .. مبعدا ذاك الحاف عن جسده .. ساحبا هاتفه لينظر الى الساعة الرقمية فيه .. صرخ : اووف ..

رمى بالهاتف على السرير .. مسرع الخطى ياخذ حماما سريعا .. ويضع " الجل" على شعره الطويل .. ويسرحه بشيء من السرعة .. يرتدي حذائه بعجالة وهو جالسا على سريره .. واذا بيده تمتد لذاك الهاتف وتحشره في جيب بنطاله باهت اللون .. وتمتد من جديد لتأخذ دفتر المحاضرات الذي يقبع فيه ذاك القلم المزخرف .. فهو هدية لن يستغني عنها ابدا .. خرج من غرفته .. ليسحب الكوب من يدي صاحبه : ليه ما صحيتني .

نظر اليه وهو يرتشف من كوبه : الناس تقول صباح الخير .. مب تهجم بهالشكل ..

-مصبح ماني فاضيلك .. وانت تدري ان محاضرتي باقي عليها نص ساعة – ابعد الكوب وهو ممتعض – وبعدين وش ذي القهوة اللي مالها طعم .

وضع الكوب من يده على حافة الطاولة وجلس بجواره وذاك الدفتر في حجره : وش فيك هادي .. بالعادة تتنرفز .. تقولي كم كلمة من لهجتك ..
-روح عن تتاخر ..
قام واقفا فامسكه : مصبح صاير شيء ؟
اكتفى بهز رأسه .. ليردف الاخر : ممكن اسألك ؟

التفت وعلى وجهه علامات الاستغراب : ومن متى تستأذن – صمت لبرهة وكأنه ادرك ما يخفيه نادر – لا تسأل .. لان ما عندي جواب .. وقوم تراك بتتاخر .

نظر الى تلك الساعة الصغيرة الراكدة على تلك الخزانة الخشبية .. واذا به يقف : اوك .. ماني جابرك ع شي .. تشاو .

تنهد وهو يحدث نفسه المشتاقة : آآه يا نادر .. ليتك تدري ان سؤالك قلب فقلبي مواجع ..

وصل الى الجامعة .. ليقف ينظر الى تلك التي تتحدث مع هاجر .. يعرفها جيدا .. هي دائما مع ذاك المتغطرس .. التفت ليراه يتقدم منها .. فتمتم : الحمد لله ان مصبح ما عنده محاضرات اليوم .. والا رحت فيها يا حمدان .

رفعت رأسها حين القى التحية .. لتردها عليه : اشوفج تعرفتي على ديما ..
-ما شاء الله .. ما كنت اظن ان في اماراتين واايد هني ..

تقف ديما وهي تمسك بذراع حمدان : شوفي حبيبتي .. هيدا حمدان .. الكل هون بيحبه .. وهو عسل سدأيني بتحبيه .

وقفت وهي تنظر لذاك الذي لم يبالي بلمس تلك الفتاة الغريبة له : تشرفنا .. وانا هاجر ..

-
حبيبي .. شو صار ع اللي طلبته منك .
ابتسم وهو ينظر لهاجر التي توترت من نظراته : الشقه جاهزة .. بس مب حلوة تسكنين بروحج فيها ..

امسكت يد هاجر : خلاص .. هاجر بتُسكُن معي ..
" شو " .. نطقتها باستغراب .لتردف : ما صارلي الا يومين من عرفتج .. تبيني اسكن وياج ..
-ايه مانا حبيتك .. وكمان كتير ارتحتلك ..

حاول ان يضع يده على كتف هاجر فابتعدت .. فابعد يده .. ليتحرك ذاك متناسيا محاضرته التي على وشك ان تبدأ .. ليصل لهم ويلقي عليهم التحية .. وبسرعة اردف وهو ينظر لهاجر : هاجر ممكن خدمة .
-خير .. آمر .
-ما يامر عليك عدو .. تعالي معي .

استأذنت ومشت مع نادر .. ليجتاح الغضب حمدان .. وتبتسم تلك اللبنانية : باين ان المسألة منها هينه .. بدها شغل كتير .

تتبعهم بنظراته .. كانت تمشي بجواره وهو لا يزال صامتا : نادر .
توقف لينظر اليها .. وتردف هي : شو اللي تريده مني .

حرك يده على رقبته .. فهو لا يجد جوابا لسؤالها ذاك .. وبدون تفكير قال : مصبح يسلم عليك .. وما حبيت اقول قدام حمدان .. تبغين الصراحة .. حمدان ومصبح مثل المويه والزيت ..

قهقه .. فضحكت معه .. وبعدها غادر ليلحق على محاضرته .. تابعت المشي لوحدها .. فهي تشعر بالغربة في هذا المكان .. لا تنكر انها ترتاح اذا كان مصبح موجود في الجامعة .. لكنه اليوم لم يظهر .. ومنذ اول لقاء لم يتحدثان .. بعكس نادر الذي دائما يلقي عليها السلام .. تابعت المشي بسرعة حين لاحت امام ناظرها لورا .. فتلك الامريكية تشعرها بشيء من الراحة .. لعلها تبعثر ما حدث مع حمدان وديما على مسامعها .. وقد تجد لديها حلا لحيرتها .. فذاك السكن الجامعي لم تعتد عليه .. وتتمنى بحق ان تسكن في مكان مريح ..

,,

Continue


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:10 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
" نرتاح لاناس في حياتنا .. نقربهم من قلوبنا .. نسعى دائما ليكونوا بخير .. ونتناسى انفسنا لأجلهم .. هذا ما نسميه الإثار .. نؤثر حب الغير على حب ذاتنا .. ولكن نحن الآن في مجتمع باتت الانانية اقوى .. فداست على الإيثار دون رحمة ..

من انت يا من تقرأ اسطري ؟! .. هل انت من الفئة الاولى ام الثانية ؟ .. جميل ان يسأل الانسان نفسه من يكون ؟ .. لعل الجواب يجده في عيون من حوله .. وليس في كلامهم .. اتعلمون لماذا ؟ .. لان لغة العيون اصدق من لغة اللسان ... "

كان جالسا يكتب .. يضغط الـ " باك " فيعيد الكتابة من جديد .. ويقطع شوطا في ذاك المقال .. وسرعان ما يعيد تعديله .. وهو على ذاك الحال دخل عليه ورمى بذاك الكتاب على الطاولة القريبة .. بعد ان القى عليه التحية وصافحه .. ضحك : حتى انت ..

جلس وهو ينظر لوجهه البشوش : ليش ؟ في غيري قالوا بعد نفس الكلام ؟

قهقه وهو يسحب الكتاب ويقلب في اوراقه : يا بو محمد .. من صدقك انت .. انا ياللا ياللا اكتب مقالات .. تبيني انشر كتاب .

-
انت قريته ؟ شفت الالفاظ اللي فيه .. شفت الجمل .. وليش نروح بعيد .. شفت اسم الكاتب .

ضحك من جديد وهو يحفظ ما كتبه ويغلق الجهاز .. وذاك الكتاب ذو الثلاث مائة صفحة ونيف لا يزال في يده .. نظر الى الغلاف الذي تتخلله شخبطات دخانية : هاجس ..

نظر اليه وهو لا يزال يبتسم : هاجس .. هواجس .. ما كأن زاويتك اسمها هواجس .

-
والله مب انا اللي كاتب هالكتاب .. يمكن اللي كاتبنه متأثر بكتاباتي .

وضع يده على كتف فهد الجالس امامه : فهيد .. حط عينك فعيني .
عاد ليضحك : سعود .. من متى اخبي عليك .. لو كنت بكذب ما بكذب عليك .. ولا تنسى انك الوحيد اللي تدري عن مقالاتي .. صدقني مالي اي دخل بصاحب هالكتاب .. وبعدين لو كنت بسوي كتاب كنت بحط عليه اهداء لابو محمد .. اخوي وربيعي .. واللي وقف وياي باشد ايامي .

ذاك هو المغترب الذي اتخذ من مقالاته صديقا .. ومن سعود اخا ورفيقا .. البسمة لا تفارقه .. برغم ظروفه القاسية .. فهو يسكن عند اخيه الذي يكبره بالعديد من السنوات .. فهو الابن الاصغر من أمرأة اخرى .. يشعر بانه منبوذ من اخوته .. ويحاول ان يجد له وطن في الوطن .. وطن تسكنه روحه الطيبة المتفائلة .. تحدثا طويلا .. قد تكون مرت ساعة على جلوسهما معا .. او قد تكون اكثر من ذلك .. هناك قاسم مشترك بينهما .. حتى وان كانت معرفتهما لم تتجاوز الاربع سنوات .. الا ان قلبيهما اتفقا .. ليرى سعود في فهد الاخ الاصغر له .. ويرى فهد في سعود الاب والناصح ..

,,

ابوته قادته مع ابنه وابن اخيه المتوفى الى منزل راشد .. فيجب ان توضع النقاط على الحروف .. اجتمع معهم مع ابنه سعيد .. الذي اخذ يردد على مسامعهم ان لا حق لهم في منعه من زوجته .. لتثور ثائرة طارق : لو انك ريال ولك حق ما تاخذه بهالشكل .. وريم غصبا عنك بتروح ويانا ..

وقف : مالكم اي حق .. وخاصة انت .. لا اخوها ولا ابوها .. حيالله ولد عمها .. وانا ما ارضى ان حرمتي تسكن وييا غريب فبيت واحد ..

استغفر عبدالرحمن ربه .. وهدر الاخر : سعيد .. اسكت وخلني اتفاهم وييا عمك .. وانت – يوجه كلامه لطارق – احترم اللي اكبر منك وايلس وانت ساكت ..
-لك الحشيمة يا عمي ..

واقفة امام النافذة .. رأتهم وهم يدخلون .. دموعها لا تتوقف عن النزول .. تمني النفس بالرجوع لتلك الحياة التي ارتاحت فيها لاشهر خلت .. هاهم يغادرون .. ويبدو الغضب على عمار وطارق .. اتضح ذاك في مشيتهما .. التفتت حين سمعت المفتاح يدار في الباب .. ارتجفت اوصالها .. دخل فتسمرت بجانب السرير .. الابتسامة على وجهه لا تبشر بخير : ياي يفزع لج .. وناسي انج حرمتي ..

ارتجفت شفاهها : سعيد خلني ارد بيت ابوي ..

اقترب منها ممسكا اياها من خلف رقبتها .. حتى رفعت رأسها بألم : مالج رده لبيت فيه انسان غريب عنج .. وانتي حرمتي رضيتي والا انرضيتي .. ولي حقوق باخذها منج بالطيب او بالغصب ..

رماها على السرير . استندت على كفيها ونظرت اليه .. زاد بكاءها ورجاءها .. فهو سيفعل ما يريده .. تعرفه جيدا .. زحفت للوراء دون ان تدرك انها على السرير .. فسقطت على الارض .. تعود لتترجاه ان يبتعد عنها .. لكن عقله ذاك قد غاب .. ولا يسمع الا نداء شهواته ..


تحطمت .. وانكسرت بقوة .. كل جزء من جسدها يتأوه .. هاهو يغلق الباب من جديد .. ليتركها تلملم شتات نفسها المتألمة .. لتردد بين بكاءها : الله ياخذك ياسعيد .. الله ياخذك يالحقير ..

رفعت نفسها عن الارض بصعوبة .. فعظامها وكأنها تهشمت من فعله ذاك .. شعرها يغطي وجهها .. ويدها تسند كتفها الذي تأذى .. تتابعت خطواتها نحو دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لعلها تغسل قذارته التي كستها .. كانت تتمتم بشفاه راجفة : الله ياخذك .. الله ياخذك ..

دعوات متتالية .. يتقاذفها لسانها بين اسنانها التي اصطكت من برودة الماء .. وكلماته ترن في اذنها : متى ما اريد حقي باخذه ..


نظرت اليه من خلال المرآة .. حيث كانت تسرح شعرها القصير .. وتضع بعض الكريمات على بشرتها : كان رقدت وياها ..

جلس على السرير .. بعد ان اخذ حماما دافئا .. وهو يحرك المنشفة على شعره الخفيف : حقي .. بس الرقاد وياج احلى ..

رمى المنشفة ونظر اليها وهي لا تزال تضع من تلك الكريمات : سناء .. ليش للحين ما حملتي .. ليكون تاخذين حبوب من الحمل ..

وقفت ومشت نحو السرير : لا حبيبي .. مب غبية ادمر جسمي بالحبوب .. لو ما اريد عيال بقولك انت تاخذ احتياطاتك – استلقت – تصبح على خير يا روحي .


,,

نظر اليها وهي تأكل من امامها .. لم تأكل الكثير .. مع انه احضر اليوم سمكا .. فهو يعلم كم تحب الارز مع السمك .. يراقبها وهي تأكل .. لم تتناول الا بضع لقيمات .. يبدو عليها التعب .. تناول لقمته وبعدها سألها وهو يأخذ قطعة من السمك : خولة .. فيج شيء ؟
التفت له .. وهزت رأسها بلا ..ليستطرد : لا تنسين باكر موعدج عشان التحاليل .

التفتا حين القت عليهما السلام .. ليدعوها للغداء معهما .. لترد وهي تمشي لغرفتها : بعق عباتي وبتغسل وبايي .. لا تاكلون كل شيء عني ..

ابتسمت .. فالامور اضحت رائعة بينها وبين اخويها .. حتى القت ايمان بذاك الكلام على مسامعهما وهي تتناول شيء من السلطة : عيسى قول لفارس اني ما ابيه .

ليستغرب من قولها .. ويترك ما بيده : شو تقولين .. الريال خاطبنج وانتي وافقتي ..

نظرت لخولة التي اخذ منها التعب الكثير : انسان حب اختي وكان بيتزوجها .. كيف اقدر اعيش وياه .. بيحصل اللي احسن مني ..

وبعدها قامت .. ليردد : لا حول ولا قوة الا بالله .. الحين شو اقوله .

-
لا تقوله شيء .. واذا له نصيب مع ايمان بياخذه – قامت واقفة – الحمد لله .

همت لترفع الصحن فاذا بكفاها يخونانها .. ليرتجفا ويوقعا ذاك الصحن وتتناثر حبات الارز على السجادة .. ويهم هو اليها : خولة انتي بخير ..

نزلت على الارض تجمع ما سقط : بخير .. بس انزلق الصحن من ايدي ..


انتهت من تنظيف الصالة .. وانزوت في غرفتها .. تنظر الى كفاها المرتجفان .. مالذي يحدث لها .. ولما ذاك الصداع لا يفارقها .. ويشتد عند الصباح .. اغمضت عيناها .. وسرعان ما فتحتهما حين رن هاتفها .. سحبته ليظهر اسم ذاك الذي تتمنى وجوده قربها على الشاشة .. ازدردت ريقها .. وتنفست بعمق .. لتجيب عليه ..
جلس وهو منهك من التعب بعد تلك الحرب القصيرة مع معذبته الصغيرة .. سالته لماذا يلهث : كنت العب .. اخبارج ؟

-
الحمد لله بخير .. انت شحالك ؟

-
بخير .. بس مشغول هالايام .. يمكن يلستج عند اهلج اطول شوي ..

وتتابع الحديث .. كان يريد منها ان تطلب طلبا واحدا .. بان يأتي اليها .. او يسرع بانجاز اعماله .. لكنها لم تطلب .. ولن تطلب .. فلا تزال تذكر كلماته لها .. اغلق الهاتف .. وشد عليه بين انامله .. فهو يشعر بفارغ بدونها .. قام واقفا يحرك رقبته .. وترك المكان ..

اما هي فاستلقت على سريرها .. ناظرة الى سقف غرفتها .. فهناك شيء يعكر صفو حياتها .. تتمنى ان تعرفه ..وسرعان ما غفت .. وكان نهوضها اسرع .. أثر كابوس اجتاح ساعة قيلولتها .. لتختنق انفاسها .. وتتمتم متعوذة من الشيطان .. ما بال تلك الاحلام المزعجة تراودها دائما .. وما سبب ظهور قاسم لها .. لعله لم يكن قاسم .. انما جاسم .. نفضت رأسها : شو فيج يا خولة .. بشو تفكرين .. واصلا شو لي فقاسم .. استغفر الله العظيم ..

قامت لتتوضأ .. فصلاة العصر قد حانت .. لعل الجلوس بين يدي الخالق يريحها من تلك الافكار السوداوية التي تجتاحها في الاونة الاخيرة ..

,,

عزمت اخيرا على تلك الفكرة المجنونة .. فذاك المتوحش احالها الى دمية يعبث بها كل ليلة .. الساعة قد قاربت الثالثة صباحا .. قامت بتعب بعد معركة معه .. هل يأخذ الحق بالقوة .. واية قوة هذه ؟ ..

عمدت الى بعض الاغطية .. تسحبها من تلك الخزانة .. لتصنع حبلا .. فيكفي ما حدث لها .. ومحاولات والدها لم تنجح ولن تنجح مع ذاك المتسلط .. فتحت النافذة الزجاجية بعد ان ازاحت الستائر الحمراء .. اي ذوق غريب تمتلك هذه السناء .. ابتسمت رغم التعب والخوف .. وهي تجلس القرفصاء بجانب القضبان الحديدية لتشد وثاق تلك الاغطية جيدا .. تسحبهن لتتأكد من قوة تماسكها .. فتأوهت .. فجسدها مليء بالكدمات .. ولعل كتفها قد خلع بسبب ذاك السعيد .. حدثت نفسها : لا .. لو انخلع كان ما حركته ..

عادت ادراجها الى الداخل .. لتأخذ " شيلتها " وعباءتها .. ارتدت " شيلتها " وربطت عباءتها على وسطها .. واذا بها ترمي بذاك الحبل الذي صنعته يديها .. تنفست وهي تبعثر نظراتها على تلك الحديقة الواسعة .. لا يوجد احد فاطمأنت .. تخطت قضبان الشرفة بخوف .. فهي تكره المرتفعات .. واذا بها تتدلى .. تتألم .. ولكن عليها ان تصمد .. حتى ما وصلت قريبا من الارض .. وقعت .. لتصرخ صرخة مكتومة .. فتلك العقدة قد حلت .. لتقف بعدها ناظرة الى الباب .. باب الفرج من قبضة ذاك المتحكم .. فكت عباءتها .. وارتدتها .. واذا بها تخرج بخطى متعثرة ..

,,

فئة المائة درهم تقبع في كفها .. الذي سكن خلف ظهرها بصورة غريبة .. وعيونها ساكنه .. وذاك السائل الثخين يحث طريقه متخطيا انفها وعينيها .. ليتسلل بين شفاهها .. وليمتلأ به فمها .. ويغادر متابعا الطريق .. وشعرها قد اضحى لزجا بسببه .. وساقاها متخالفان .. وجمهرة من البشر تحلقوا حولها .. ليصرخ احدهم بان يطلبوا الاسعاف .. ويقف ذاك الذي اجرم بسبب سرعته الجنونية .. مكتفا ذراعيه على رأسه .. راكعا للارض .. فتلك روحا قد ازهقها دون وعيا منه ..

,,

اتمنى ان ينال على اعجابكم
وشكرا لانتظاركم
http://forums.graaam.com/images/smil...0%28272%29.gif

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:11 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
عندما نشعر بأن لا أحد لنا في هذه الدنيا .. ونحن فيها كالنرد الذي يرمى على طاولة العب الخشبية .. لمجرد الفوز .. نحزن ونبكي .. وقد يصل بنا الأمر لنبذ كل ما هو جميل .. كان هذا شعورها بعد تلك الصفعات من فيصل .. لم تغادر غرفتها .. وطرقات والدتها لم تأتي بأي نتيجة .. تشعر بأن فيصل حين أرادها فعل المستحيل لإسعادها .. وعند أول هاوية رماها بعد أن انتهت حاجته .. لا تتحرك وجالسة في مكانها .. حتى قدماها نملت ولم تعد تحس فيهما .. كانت بين الفينة والاخرى تبتسم لذاك الطيف الذي يمر في مخيلتها .. تحتاج بقوة ان يكون معها .. اشتاقت لعودته من عمله ويكون اول مكان له غرفتها .. اشتاقت لرسائله ومفاجآته .. بدأ بطنها يصدر اصواتا من شدة جوعها .. وضعت يدها عليه وابتسمت وهي تتمتم : بابا اريد اروح ماكدونلدز .

وتمردت دمعة يتيمه من عينها .. لتمسحها على عجالة .. وبعدها قامت واقفة .. تتوازن بصعوبة بسبب ابتعاد الدماء عن ساقيها .. وقفت لدقائق حتى استطاعت تحريكهما وبعدها فتحت الباب .. تلفتت يمنة ويسرى .. لا يوجد اي احد .. وهناك هدوء رهيب يجثم على المكان .. تنفست وهي تسحب خطاها نازلة للاسفل .. الى المطبخ .. بعثرت نظراتها على المكان .. وما هي الا دقائق حتى اخرجت قدرا صغيرا وغمرته بالماء .. فنفسها اشتاقت لكوب " اندومي " حار .. الماء يغلي وهي لا تزال تبحث عن اكواب " الاندومي " .. واخيرا وجدتهن .. امها لا تنسى ان تشتري لها ما تحب .. ازاحت الماء عن النار لتضعه على الطاولة التي تتوسط المطبخ ذو الالوان الداكنة .. واذا بها تضع الكوب وتفتح غطاءه قليلا .. لتسكب الماء الحار فيها .. وبعدها تترك المكان عائدة الى غرفتها .. لتقف وهي تستمع لدقات تحرك عقرب الثواني في تلك الساعة الحائطية .. الساعة تقارب الثالثة صباحا .. هرولت للاعلى بحذر .. اغلقت باب غرفتها لتتربع على سريرها .. وتحرك تلك الملعقة البيضاء في تلك الخيوط الملتوية على بعضها .. تأكل وعقلها في مكان آخر .. ما ان انتهت حتى قامت لكتبها .. فغدا لديها اختبار وما حدث انساها المراجعة .. لا تذكر ان كانت نامت وهي جالسة .. كل ما تتذكره سياط كلماته التي تحيلها لفتاة تبحث عن الحقيقة ..

صدحت مكبرات الصوت باذان الفجر .. فاغلقت كتابها .. واذا بها تزيح الستائر قليلا .. وسرعان ما فتحت تلك النافذة لتستنشق اكبر قدر ممكن من هواء الصباح العليل .. ظلت على حالها ربع ساعة تقريبا .. بعدها خرجت من غرفتها قاصدة غرفة والدتها .. لم تطرق الباب . فتحته بهدوء واطلت برأسها .. لتتراءى لها والدتها جالسة بعد ان صلت الفجر وبيدها المصحف .. ابتسمت كرد فعل لابتسامة والدتها .. التي اشارت لها بالدخول .. جلست على ركبتيها بجانب ميرة .. التي مسحت على رأسها بهدوء : ليش ما فتحتي لي الباب .. خوفتيني عليج .

طبعت قبلة على وجنة والدتها : اسفة ماما .. كنتُ نائمة ..

امسكت كفيها تهزهما بلطف وكأن تلك التي امامها طفلة ذات اربع او خمس سنوات وليست على اعتاب السابعة عشر : صليتي ؟

هزت رأسها وشعرها القصير جدا يتحرك يمنة ويسرى .. لتردف ميرة : قومي توضي وصلي مثل ما علمتج .

قامت لتخرج من غرفة والدتها فنادتها : صلي هني ..

جلست ميرة على سريرها تنتظر جود .. التي دخلت دورة المياه ( اكرمكم الله ) وبيدها " شيلة " الصلاة .. والتي اضحت تُرتدى للمنزل في كثير من البيوت .. اقبلت نحو والدتها : توضيت ..

مدت لها ما في يدها : ياللا فديتج البسيها وقومي صلي .. الين اروح اسويلج حليب وسندويش قبل لا تروحين المدرسة .

هزت رأسها وهي تأخذ الـ " الشيلة " .. ضحكت ميرة بلطف وهي ترى ابنتها التي لا تعرف كيف ترتديها .. لتقف وتساعدها .. وتفر دمعة لاحظتها جود فهمت لتمسحها بيدها النحيلة .. لتحتظن ميرة وجهها الشاحب بكفيها .. وتطبع قبلة طويلة على جبينها .. وبعدها غادرت .. لتظل الاخرى واقفة في مكانها مستغربة فعل والدتها .. لتتبادر الى ذهنها اسئلة عقيمة من الاجوبة .. هل يعقل ان لا تكون امي ؟ .. كيف يقولون باني لست اختهم ؟ رنيم وفيصل .. وجواهر لا تتكلم ابدا .. اضحت انطوائية جدا .. ورشا بعيدة كثيرا .. مع سيف ..
تمتمت وهي تفرش سجادة الصلاة : سيف ..

نفضت رأسها من افكار باغتتها بشأنه .. وتوجهت لخالقها .. مر الوقت وهي رافعة كفيها لله .. تشعر بانه الوحيد الذي معها .. حتى انها لم تنتبه لدخول والدتها التي وضعت الصينية على الطاولة الصغيرة الموجودة بالغرفة .. تأملتها وكأنها في عالم آخر .. في مكان خالي من البشر .. لاحظت اهتزاز كتفيها .. تبكي .. اقتربت منها لتضمها من جانبها الى صدرها .. لتدفن الاخرى نفسها في حظنها الدافيء : ليش يقولون انج مب امي .. واني مب اختهم .. ليش فيصل قاسي .. مب مثل ابوي .. اريد ابوي .. دادي اشتقتلك ..

كان كلامها متقطعا ونبرتها متحشرجة .. لتمسح ميرة على رأسها : انتي بنتي .. والله العظيم انج بنتي ..

رفعت رأسها .. لتمتدت اصابع ميرة تمسح دموعها .. وتردد الاخرى : بس ليش انا غير .. ليش مب مثلكم ..

-
ابوج الله يرحمه قالج ليش .. وانتي تدرين ليش

صرخت بغضب : طفرة .. طفرة .. بس ما لقيت طفرة بعيون رمادية .. طفرة بعيون زرق . لو عيوني زرق كنت ما شكيت .. بس كل اللي قريته طفرة بعيون زرق ..

امسكت كفيها وكأنها تبعث الى جسدها النحيل شيء من هدوءها : يوم كنت حامل فيج .. ما كنت ادري .. كنت اخذ ادوية واايد .. وعقب ما عرفت انج فبطني ودرتها .. بس أثرها وصلج .. كنت اراجع كل شهر .. الدكاترة كانوا يقولون انج ممكن تكونين معاقة .. يمكن عقلج ما ينمو .. ويمكن ويمكن .. الين تعبت وكرهتهم .. صرت ادعي ربي فكل ليلة انج تكونين بخير .. ابوج تعب وياي .. ونفسيتي تعبت .. سافرنا لامريكا وخليت اخوانج عند يدتهم الله يرحمها .. وما ردينا الا وانتي ع ايدي .. اخوانج كانوا كبار فاهمين .. وصاروا يربطون الروحة وشكلج مع بعض ومب مصدقين انج اختهم – وهي تفتح الحجاب عن رأس جود – انتي بنتي .. وربي يشهد علي – تدخل اصابعها في شعرها القصير – واذا تبين تتاكدين ما عندي مانع .. بنسوي تحاليل ثانية وثالثة ورابعة ..

ابتسمت وهي تمسح دموع والدتها التي سقطت مع كل كلمة منها : احبك مام – احتظنتها واردفت – ادعيلي باقي لي امتحانين ..

تمتمت ميرة بالدعاء .. وبعدها خرجت جود متناسية كل شيء في تلك الغرفة .. حتى افطارها نسته .. توقفت وهي ترى باب غرفة رنيم يغلق .. استنكرت استيقاظها في مثل هذا الوقت .. حثت الخطى الى غرفتها .. فتحت الباب بعنف .. لتفزع الاخرى الجالسة الى جهاز " اللابتوب " : شفيج .. وكيف ادخلين بهالشكل ..

تقدمت وبعيونها نظرة حقد : شو اللي سويتيه ..

وقفت : هييه شو بلاج .. لا تنسين اني اختج العودة .. يعني احترمين ..
تشدقت : انتي متى ما تبين بتخليني اختج ومتى ما تبين بتقولين عني غريبة – رصت على اسنانها – شو اللي سويتيه بالفلاش .

ازدرت ريقها وهي ترى تلك النظرات التي لاول مرة تراها : اتصلت باصحاب الشركات .. وخبرتهم اني انتي .. وقلت لهم ان عندي معلومات عن شركاتهم سحبهن فيصل ..

حدقت بها وانفاسها تضطرب وكأنها تحثها على المتابعة .. لتردف الاخرى وهي تبلع خوفها للمرة الثالثة : وقلت لهم بعطيهم المعلومات مقابل فلوس ..

ارتجفت عندما انقضت اصابع جود في ذراعيها .. محكمة اغلاق قبضتيها وتهزها : مينوونه .. انتي مجنونه – تركتها لتكمل حديثها بالانجليزية – غبية .. لا تعلمين ماذا فعلتي .. دمرتي كل شيء.

تركت المكان وقد اجتاحتها براكين غاضبة .. كل شيء خططت له مع فيصل انتهى .. سينتهي وهو لم يبدأ بعد .. تشوهت سمعته .. اسرعت الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) فلن يطفئ لهيب روحها الا الماء .. انحشرت اسفله بملابسها .. اغلقت عيناها .. وكأنها تبحث عن حل لكل ما حدث .. وازدادت قطرات الماء انهمارا على جسدها النحيل .


,,

وانهمرت السماء بقطرات المطر .. الكثير والكثير من القطرات المتلاحقة .. تسح من تلك السحب القاتمة .. لتحيل الشوارع الى ساحة من المياه .. وتتناثر على ارصفة الطرقات كلما مرت سيارة ما .. امر السائق ان يقف .. فتوقف في احد المواقف . واذا به يترجل .. يترك المكان ليقف تحت المطر رافعا وجهه للسماء ومغمضا عينيه .. ويداه تصنعان زاوية حادة مع جانبيه وكأنه يستعد لتحليق .. وترجل الاخر وبيده مظلة .. فتحها واذا به يقف بجانبه يغطيه عن المطر .. ليترك المكان صارخا : ما اريد مظلة ..

نزع نظارته ليرميها على ذاك الواقف .. ويلتقطها بمهارة .. اخذ ينظر اليه يدور تحت قطرات الماء المندفع من السماء .. فاتحا ذراعيه .. كطفل يتلذذ بالعب .. لم يهتم لانظار الواقفين .. المحملقين فيه .. وعيونهم تحكي قصص الجنون .. لعله جن .. كانت قهقهاته تثير المكان مع هزيم الرعد .. صرخ الاخر : جاسم تراك بتمرض .. خل عنك الينون .. ورانا رحلة للبلاد ..

لم يكترث .. وملابسه تقطر .. واختلطت دمعة مع حبات المطر المنسكبه على وجهه .. فلقد كان هو يفعل هذا .. وكان قاسم يدور تحت المطر .. كان مجنونا .. وجاسم ينهره .. يسحبه للداخل .. يبعده عن الماء .. ولكن كان هو الخاسر .. لانه تبلل حينها وقاسم لم يسمع كلامه .. هاهو الآن يفعل فعله .. وكأن قاسم تجسد في جسده في هذه اللحظة .. ليتمتم وهو واقفا كصنم .. والهواء يرجف روحه قبل جسده : وينك يا قاسم .. السما تصيح ..

اخذ نفسا عميقا .. وبعدها استدار وهو يضحك .. يمد يده لصديقه وياخذ نظارته .. ليردد الاخر وهو يلوح برأسه : كل ما اقول اني فهمتك .. تسوي شيء يخليني ابدا من الصفر

قهقه بفرح : ما بتفهمني يا سلطان ..

سعال مميت انتابه بعد عودته من فرنسا .. وهاهو طريح الفراش .. كان تغير الاجواء السريع له اثر على صحته .. فُتح باب الفيلا .. وتوجه مباشرة للاعلى .. الى غرفة جاسم وبيده ملف ذا غلاف اسود .. طرق الباب ودخل .. ليجلس على جانب السرير .. واخذ الاخر يسعل .. ليطوح برأسه : كله من خبالك ..

ضحك من بين سعاله : وناسه ..

رفع حاجبه ناظرا لجاسم المتكأ على ظهر سريره .. ليضحك من فعل صاحبه : لا اطالعني جذي .. المهم بشرني اجتماعنا ياب نتيجة او لا .
تنهد : انت راسك ما يفكر الا بالشغل .. يا ريال ارحم حالك .. متعني لفرنسا ورجعت بنفس اليوم للامارات عشان اجتماع وعقد شراكة .. كنا نقدر نشارك غيرهم ..

تمتم مستغفرا وهو يسحب المناديل الورقية .. لينظف انفه تحت اشمئزاز سلطان ..

-شو بلاك صاد .. يعني انت ما تزجم – ضحك – ياللا بشرني .

تلفت وهو يحرك ذرات الهواء بيده على وجهه : حر .. ليش مب مشغل المكيف .

-
عظامي تتراقص من الحمى .. وانت تقولي مكيف .. وبعدين لا تلعب باعصـ - اخذ يكح – قولي شو صار .

-
يعني جاسم اللي عقله يوازي عقول تجارنا كلهم .. بيفشل .. والله امس انك ما خليت لهم فكه .. وانا بس ساكت اتطمش عليكم – مد له الملف – خذ وقع .

اخذ الملف وهو يقلب في اوراقه والابتسامة قد اترسمت على وجهه : كفو يا سلطان .. وافقوا ع كل شروطنا بعد ..

وقع واعاد الملف لسلطان .. واردف : شو صار ع جود ..

-
ما سويت شيء .. عندها امتحانات ..

-
وشو دخل امتحاناتها باللي اريده ..

-
بس لو اعرف شو تريد منها ؟

سحب نفسه للوراء حتى يعتدل في جلسته : اريد منها اشياء وبعطيها اشياء ثانية .. فيك تقول مشروع مبادلة .. اريد اقابلها يا سلطان ..

قام واقفا : اوكي باقي لها امتحانين ومن تخلص بيبها لك .. بس وين تريد اللقاء .

-
فالشركة ..

,,

Continue


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:11 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الحياة رحى تدور وتدور .. وتطحننا بأحداثها .. البعض يواجهها ويتغلب عليها .. والبعض الآخر يتوه في دهاليزها .. فلا يجد المخرج .. وقد يصل إليه ولكنه لا يستطيع الخروج . وقد يصل إلى طريق مسدود .. فيبقى في مكانه .. وقد يعود أدراجه ويتوه من جديد .. كما تاه مايد في حياته التي لم تتجاوز عتبة العشرين بعد .. فأنهكه الذنب .. وتوغل من نفسه حتى بات سهير الليل .. لا يغادر غرفته .. حتى الطعام يصل اليه .. يأخذ منه لقيمات يسدن جوعه .. فنفسه طابت بعد ما عاناه نتيجة تهوره .. يلف ذراعيه على ساقيه وقد تشابكت اصابعه .. وظهره لتاج السرير الخشبي .. وشعر وجهه قد تناثر على بشرته البيضاء .. فتلك البشرة توارثها من أمه .. تنظر عيناه لوسط السرير .. لذاك الحاف الرمادي .. وعقله توقف عن التفكير .. طرق الباب ودخل .. وتركه مواربا .. ليقف ناظرا الى ذاك المايد النحيل .. تقدم خطوات حتى لم يعد يفصله عن السرير الا خطوة واحدة : مايد الين متى بتبقى ع ذا الحال .. اللي صار صار .. وابويه بيسامحك ..

دون ان يتحرك : بس انا ما بسامح نفسي .. بدر انا غلطت بسببهم .. والله العظيم ما كنت ادري وين رايح وشو اسوي ..

تحرك على عجل تاركا ذاك السرير .. يحث الخطى لاحد الادراج في ذاك الدولاب .. وبدر ينظر اليه .. حتى اذا ما وصل اليه ومد له يده وبها كيس صغير .. سأله : شو هذا ؟

-
السيديات .. سامحني

اخذها وابتسم وهو يضع يده على كتف اخيه : ما كانت لي .. ولا انكر اني غلطت يوم خذتها .. ويوم تفرجت ع افلام خليعة بهالشكل .. كان الشيطان يوسوسلي دايم اني اكمل متابعة .. ويوم خذتها يا مايد فكيتني من وسوسته .. انت سويت خير في .

التفت على يساره .. برهة واذا به يجلس : بس ما سويت خير فنفسي .

طأطأ رأسه .. فما كان من بدر الا ان جلس بجانبه .. وبابتسامة قال : قوم .. خلنا نطلع ..
هز رأسه بلا : خلني بروحي ..
-بس ..
قاطعه : خلني بروحي .. ما ابي اطلع ..

ابتسم من جديد وهو ينظر الى الباب الذي فُتح ووقفت فاطمة على عتبته .. وبيدها حقيبتها . ولا تزال عباءتها عليها .. ابتسمت هي الاخرى رغم تعب يومها مع طالباتها .. تقدمت الى الداخل حين ناداها بدر : تعالي .. شوفيلج صرفة وييا دلوع العايلة ..

ابتسم على مضض .. وكأن تلك الكلمة اشعرته بسخرية ما .. ليرفع نظره لها حين تكلمت : مييود .. اللي تسويه فعمرك ما منه فايدة .. اسبوع وانت ع ذا الحال ..

قام الاخر واقفا حين وصلته رسالة قصيرة : انا بروح .. حاولي تقنعينه ..

سألت مستنكرة : من منوا لمسج .

وهو يترك المكان : واحد من الربع ..

خرج واغلق الباب خلفه .. لترمي هي حقيبتها على السرير .. وتفك قيود شعرها .. لتتدلى " شيلتها " على اكتافها . وتجلس .. لا تعرف ماذا تقول .. او من اين تبدأ .. فهي لم تفتح يوما حديثا مع اخوتها الذكور .. حتى ان قربها منهم لم يكن كقربها الآن من مايد .. فماذا عساها تقول .. مدت يدها بتردد .. واذا بها تصافح كتفه براحتها : مايد ..

لم يتحرك .. وسكتت هي .. ابتسمت تحاول ان تجمع شتات كلماتها .. ليعتق صمتها وتوترها كلامه : شو تبين مني .. عمري ما عاملتج زين ..

ابعدت يدها لتفركها بيدها الاخرى : بس انت اخوي – ابتسمت فاردفت – اذكر يوم كنت صغير كنت اسبحك .. اول مرة كنت خايفة .. كان عمري يومها 16 سنة .. تعرف اني طيحتك وانت عمرك سنة من المريحانه ( الأرجوحة ) – ضحكت وكأنها تريد منه ان يبادلها الحديث – بس ما خبرت حد .. كنت اخاف من امي .. ومن ابوي .. بعدين انت اعتمدت ع عمرك .. وانا ابتعدت .. الين صرت احس اني ما اعرفك ولا اعرف اخواني ..

وضعت يدها على فخذه .. وهذه المرة دون تردد : مايد .. كلنا نغلط .. الحياة بدون غلط مب حياة .. انفوسنا ضعيفة .. تجبرنا نسوي اشياء مب راضيين عنها بس عشان نستانس .. نظن ان الوناسه بالغلط .. انت غلطت .. وانا غلطت .. حتى ابوي غلط .. وامي وكل اخواني .. الكل يغلط يا مايد .. لا تحمل نفسك فوق طاقتها .. يمكن غلطك كان لاسباب واايد .. منها اهلي .. وانا .

رفع رأسه ناظرا لوجهها : انتي ؟

هزت رأسها بنعم واردفت : هيه انا .. لاني ما كنت الاخت الزينه لك – سحبت يدها لتتلمس جانب وجهه برجفة خفيفة في اطرافها – الواحد لازم يحمد ربه اذا عرف غلطه فالوقت المناسب .. حلو ان يكون في حد يمك .. يمسك ايدك يقولك وين الصح .. ويمشي وياك فيه .. ويقولك وين الغلط ويبعدك عنه – انزلت يدها وشتتت نظراتها حتى لا تنظر لعينيه المتسمرتان على وجهها – لما الواحد يغلط يمكن يضيع اذا ما كان في حد يمه .

سحبت حقيبتها وهو ينظر اليها .. واذا بها تفتحها وتخرج مفتاح سيارتها .. وتمسك كفه وتضعه فيها .. لم يتكلم .. وفضل الصمت وهي تعود لتضع يدها في حقيبتها من جديد .. وتخرج بعض النقود من فئة الالاف .. وتمدهن اليه : خذ .. قوم روح الحلاق وعدل ويهك ..

اخذ النقود وابتسم : احلق بالفين ..

قامت واقفه : لا . احلق وخذ الباقي لك .. بس امانه ما تضيعهن هني وهناك .. وانت تعرف شو اقصد .

وقف واذا به فجأة يحتظنها .. لتتسمر في مكانها وذراعاها بجانبيها .. تفاجأت من فعله .. فهي لم تحظى يوما بحضن .. حتى انها لا تعرف كيف تحتضن احد : مشكورة .. ريحتيني بكلامج واايد ..

ابتسمت وهي ترفع كفيها على مضض .. لتربتان على ظهره .. ابتعد واذا بها تعقد حاجبيها .. فمايد يبكي .. لتعود هي تحتضنه من جديد : خل الدموع للحريم ..

ليضحك وهو يحرر نفسه منها .. ويطبع قبلة على وجنتها : الله يخليج لي ..

لتذوب في خجلها من فعله .. وتلملم اشيائها على عجل .. وتخرج من غرفته لتصل الى غرفتها .. هي الاخرى تشعر بالذنب .. فهي فتحت قلبها لشخص غريب .. احبته .. او لعلها اعجبت به .. شعور جديد يخفق له قلبها المسجون بين اضلاعها .. اخذت حماما باردا بعد عناء ذاك اليوم .. وارتدت ثوب منزل مريح وواسع .. واخذت تنظر لوجهها عبر تلك المرآة وهي تسرح شعرها المطلي باللون البني المحمر .. اضحت تهتم بنفسها .. بشعرها وبشرتها .. هي جميلة .. وتلك الشامة على جانب عينها اليمنى .. في صدعها تميزها .. كانت تكرهها في الماضي .. لكنها تراها الان بنظرة مختلفة .. ربطت شعرها بربطة قطنية حمراء .. وتأملت وجهها وهي تمرر اطراف يدها عليه .. ابتسمت فهي رغم سنها تبدو صغيرة في العشرينات ربما .. خطت خطواتها نحو سريرها لتلقف هاتفها .. جلست مربعة ساقيها وهو في يدها .. وإذا بها تناظر اسمه .. سعود .. ابتسمت .. فهي تشعر نحوه بشعور مختلف .. أيعقل ان يكون حب من اول نظرة .. ام انها الحاجة العاطفية التي تغلفها .. واذا بحديث ريم يعود اليها .. يطن في اذنها .. وعلى مضض مسحته .. انهت وجوده من سجل الاسماء .. فجأة واذا به يرن في يدها .. وضعته على اذنها .. وبعد السلام والسؤال عن الحال .. اذا بها تعقد حاجبيها .. فهناك حديث ازعجها .. كان من الطرف الاخر .. من صديقتها وزميلتها في المدرسة : سامحيني فطوم .. والله زل لساني عند اخوي .. وانتي تعرفين عقليته .. والله ما هدني الين قلت له ان الكتاب لج ..

انزلت ساقيها وبفزع قالت : انتي شو تقولين .

-
كنت اقرا فيه .. وشافه فايدي وزل لساني باسمج .. خذه مني وقال بيعلم ابوج بكل شيء .. والمصيبة كنت فاتحتنه ع الكلام اللي كتبتيه عن الابوة .. فطووم اسفه بس ما ..

قاطعتها : زين .. خلاص لا تصيحين .. امر مقدر انه يصير ..

واذا بصوته يزمجر في ارجاء المنزل .. ينادي بأسمها .. اغلقت الهاتف بسرعة .. ووضعت اطراف اصابعها على فيها .. واذا بها تتمتم : يا رب .. يا رب ..

خرجت بسرعة .. لتقف في منتصف الدرجات ..تستمع له صارخا : تعالي ليش وقفتي .

تعترضه زوجته حين حث الخطى نحو السلم : اهدى يا راشد .. هذي بنت ما بتتحمل ضربك ..

-
البنت ما توطي راس اهلها للارض – ينفض الكتاب امامها – شو هذا .. رايحه تقابلين ريايل غرب من ورانا .. لا وبعد تقول اني انسان متسلط ... انا متسلط ياللي ما تستحين ..

-
انا ما سويت شيء غلط .. مجرد كتاب كتبته ونشرته .. وكل اللي فيه احاسيسي وبس

-
احاسيسج هاا – امسك الكتاب يقطع اوراقه امامها – هذي احاسيسج يا فطووم ..

نزلت دمووعها وهي تشاهد ما يفعله والدها .. وخوف امها عليها وهي تتصدى له حتى لا يصعد لها .. رمى الكتاب بعد ان قطع اكثر من نصف اوراقه ... واذا بعيونه المحمرة غيضا تنظر اليها : سمعي يا فطوم .. طلعه من هالبيت ما في .. وانتي – يوجه كلامه لزوجته – قول لناس اللي تقدمولها انها موافقة .. ولا نبي اي عرس .. ياخذها بعباتها ..
ام سعيد : بس ..
- لا بس ولا شيء .. اللي قلته يصير .. تتصلين فيهم وتبلغيهم ان نحن موافقين ع ولدهم ..


انتفضت في مكانها وتقدمت خطوة : شو .. اي ناس .. انا ما افكر فالعرس الحين .

الجمها بنظراته : بتعرسين غصب عنج .. يتوالج ريلج وافتك منج .

صرخت : وانت من متى مهتم في والا تسأل عني .. انت كل وقتك لاهي وييا اخواني .. وياليتك بعد تعدل بينهم .. انت انسان ما تفكر الا بعمرك ..متسلط ..

دخل سعيد على صراخها صارخا وهو يهرول نحوها : ياللي ما تستحين .. تعلين صوتج ع ابوج ..

جرت وهي تردد : عمري ما بسامحك يابويه .. عمري ما بسامحك ..

دخلت واغلقت الباب قبل ان يصل لها سعيد .. الذي اخذ يضرب الباب بقبضته : فتحي يا فطيم ..

صرخت وهي تجلس على السرير : مب فاتحة ..

نزلت دموعها تشق طريقها على وجنتيها : ليش هالعذاب .. حتى يوم بغيت اكون نفسي .. اسوي اللي احبه تعدمني يا ابويه .. مثل ما عدمتني من سنين – زادت شهقاتها – ياليتك مثل عمي عبدالرحمن .. ياليتني بنته مب بنتك .. كنت الحين معرسة وعندي عيال يزقروني امي – انكبت على السرير - يا رب .


,,

تؤد الاحلام قبل ان تعرف الميلاد .. تجهض في رحم الحياة والفكر .. فتدفن قبل ان ترى النور .. تدفنها ايدي اناس يقبعون خلف الافكار القديمة والمتزمتة .. ودفنت هي الاخرى تحت اسم العادات .. تحت كلمة قيلت منذ الطفولة .. لتزف وهي في المهد .. لطفل مثلها لا يعي من الحياة الا كرة يدحرجها مع اقرانه .. وأدت احلامها الكبيرة وهي حية .. وعادت لنهوض من جديد بسبب ذاك الطفل الذي ارتبطت به بكلمة من خالتها وامها .. لتبقى الصلة .. ويكبر الحب في احشاء الصدور .. حتى بات يتمتم بكلمات جديدة .. ويقتل حين نضج .. ولم تقطف ثماره بعد .. قتله بكلمات على ورقة بيضاء في ليلة حالكة السواد .. ومع هذا فهي تتنفس .. تشق طريقها رغم الخوف من المجهول .. تتسارع خطاها على رصيف الغربة .. لتلج من باب ذاك المطعم .. لتراه هناك جالسا .. يحرك الملعقة في كوب القهوة التي يبدو انها انطفأت مع برودة الجو .. نقرت الطاولة بخفة باظافرها الطويلة .. ليرفع نظره .. وتتكلم بصوت خافت : اقدر ايلس .

-
حياج ..

هو مبتعد .. لا يريد ان يرى عيونها .. وهاهي الصدفة تجمعه مع العيون السوداء من جديد .. الصمت اخذ حيز كافيا من الزمن .. برد المكان بالسكوت المتبادل .. شرخت الهدوء ببعض كلمات : ليش ما صرت اتيي الجامعه ؟

سؤال اجبره بان يرفع نظره لبرهة .. ويعود ليغضه بسرعة : ما عندي محاضرات .. وتراني اروح بس يمكن وقت محاضراتج غير عن وقت محاضراتي .

ابتسمت : انا مسنتره فالجامعة ..

ابتسم : الجامعه مب بيت شعبي .. تقدرين تشوفين الكل فيه .. الجامعة مدينة بروحها .. يمكن ما نتصادف ..

حدث نفسه : على منو تكذب يا مصبح .. خبرها انك تشرد عنها .. خبرها انك كل ما شفتها فطريق خذت طريق غير .. خبرها ان عيونها مقبره لك .. ليش ساكت .. ليش مب قادر تتكلم .. وليش احس ان كل الكلام يغيب فحضورها ..

تلفتت وقالت بمرح : شكلك بخيل .. حتى ما عزمتني على شيء

افاق من سرحانه : افاا والله .. مصبح بخيل .. الحين بطلبلج احلى غدا
ضحكت : اي غدا الله يهداك .. احنا بالليل ..

تلفت يناظر المكان الخارجي عبر زجاج المطعم : اووه معقوله كل هالوقت وانا هني – نظر الى قهوته – والقهوة بردت – ضحك – الحين بيقولون عني مينون .

اردف وهو يتابع حركة اصابعها على جهاز هاتفها : بطلبلج عشا .. بس انتي ليش طالعه فهالوقت بروحج .

هزت رأسها : مب بروحي .. كنت مع لورا .. وبعدين راحت لمشوار وقالتلي اترياها هني .

-
شو تسوين .

دون ان ترفع نظرها : يالسه اعابل( احاول ) فتويتر .. احاول اغير النك نيم مب طايع ..

مد يده : هاتي .

اخذه من يدها واذا به يرفع حاجبا : المهاجر .

ضحكت بلطف : لا مب المهاجر .. ما تشوف في فراغ بين الميم والهاء .. يعني الم – وهي تسكن الميم – هاجر .

وبعدها سكتت ليبان حزن خفيف على ملامحها .. ليطيل هو النظر اليها .. يغتنم فرصة نزول نظرها على ظهر الطاولة .. صمت المكان من جديد .. صمتت تلك المساحة الصغيرة التي ضمتهما .. ابتسم : وليش ان شاء الله الألم ..

شعرت بأن هناك حملا كبيرا يقبع في داخلها .. دون شعور منها : لاني انسانه تطلقت قبل عرسها بكم اسبوع .. انهرت وصار الالم رفيقي ..

اراد ان يغير لمحة الحزن : ومنو بعد هذا المسافر ..

ابتسمت على لهجته المستنكرة : هذا واحد راح ورد .

-
ما فهمت .. وكلامه غريب .. كل تغريداته فلسفة ..

-
مثلي .

-
انزين شو تبين النك ..

-
هاجر بدون الم .. اسميهم بينصدمون – ضحكت – لانهم يظنون اني ولد مب بنت .

ضحك : الحين بيهلون عليج المتابعين مثل اليراد .

-
لاني بنت ؟

اعاد لها هاتفها : عدلته لج .. هيه لانج بنت .. الشباب صايرين مثل الذباب اللي يطيح ع الاكل المكشوف .. ويحومون على الاكل المغطاي اللي فايحة ريحته .

ابتسمت وهي تضع هاتفها جانبا : انت بروحك تتفلسف .

اشر بيده للنادل طالبا قهوة وسائلا هاجر .. لترد بانها ترغب بعصير برتقال .. غادرهما .. ليكمل مصبح حديثه : هاجر لا ترابعين ديما .. ولا تتركين السكن .

عقدت حاجبيها مستنكرة : منو اللي خبرك .

-
مب مهم منو .. بس لا ترافقينها .. حمدان من الشباب اللي طريتهم( ذكرتهم ) لج من شوي .. يركض ورى البنات

-
وانا شو لي بحمدان .. انا ما حبيت السكن .. ويتني فرصة وقلت اغتنمها .. ما احب الزحمه .. متعودة ع الهدوء .

صمتا وهما ينظران ليد النادل وهو يضع طلبهما امامهما .. تنهد وهو يرشف من قهوته : هاجر .. حمدان يعني ديما .. وديما حمدان .

انزلت كوب العصير بعد ان رشفت منه : لا تتكلم بالالغاز .. انا بسكن مع بنية .. مب مع حمدان

كانت نبرتها غاضبة .. فاردف : لا تزاعقين ( تصرخين ) .. ولا تعصبين .. انا اريد مصلحتج .

قامت واقفة .. ساحبة هاتفها لترمي به في حقيبتها : مالك كلمة علي .. ولا تظن لاني ييت هني ورمست وياك يعني صار بينا شيء .. انت انسان غريب .. وخلك بعيد عني ..

تركت المكان .. مبتعدة .. رمى بالنقود على الطاولة وهرول لاحقا بها .. التفتت بغضب : ليش لاحقني ؟

وهو لا يزال يمشي خلفها : وقفي .. سمعيني يا هاجر .

التفتت وهي تقف : شو اسمع .. انا حرة بحياتي .. تدري شو يعني حرة .

مشت ومشى بمعيتها : بوصلج .

وقفت بغضب : البلاد امان .

-
بلادنا واللي هي بلادنا مب امان فالليل .. تبين بلاد الغرب تكون امان .

وقفت من جديد : انت ليش جذي ؟

رفع حاجبه : كيف يعني جذي .

التفتت متابعة طريقها : لصقة .

ضحك فزاد غضبها : بلصقلج الين اطمن انج وصلتي بالسلامة – خبأ يديه في جيبي بنطاله وبهدوء اكمل – اعرف حمدان وربعه من اكثر من سنه ونص .. ما اريد اتكلم عنه بالشينه .. بس هو انسان ما منه امان .. انسان واصل .. واللي يريده بياخذه .. وانتي يالسه تفتحين له الباب بدون ما تحسين .

سرت رعشة خفيفة في اوصالها : اقدر احمي نفسي .. وانا بسكن فشقة مع ديما .. مب مع حمدان .

تابعا المسير بصمت .. الا من صوت حديث نفسها : تكابرين يا هاجر .. بعدج تكابرين .. تدعين القوة .. ومن داخلج انسانه هشه كلمة ممكن ادمرها وترجعها للورى - التفتت له- ومصبح انسان غامض .. فعيونه كلام مدفون .. وورى كلامه كلام .. يمكن لو جمعناه بيكون بكبر المعلقات اللي بالكتب ..

التفت لها : في شيء .

ارتبكت ونظرت للامام : لا ..

الهواء البارد يسيطر على المكان .. وبرود المشاعر ايضا يأخذ نصيبا من ذاك المكان .. اوصلها .. فتركته بدون اي كلمه .. فهي لا تريد له ان يتدخل بحياتها اكثر .. عاد ادراجه .. يطوي الرصيف الجامد بقدميه .. وفي نفسه مشاعر تقتله .. تحيله الى انسان يتمنى الرجوع لوطنه .. ويكره الرجوع والعيش هناك بدونها .. تناقض يزعزع كيانه .. وارسى قواعده في نفسه من جديد بعد لقاء عينيها .. تنفس بتعب .. وهو يركل علبة المشروب الغازي التي صادفته بقدمه .. وتابع المسير .. وحيدا .. متمنيا ان يكون كلامه معها له اثر في نفسها .

,,

Continue


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:12 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الاجواء في ذاك المطعم كانت مغايرة للاجواء في المطعم الآخر . الذي جمع ثلاث رجال على طاولة الغداء ..

حمد : والا انت فهد الا حشرني( ازعجني ) فيه سعود .

ضحك وهو يتناول قطعة لحم من الصحن الذي امامه : وشو يقول عني .
سعود : ما اقول شيء .. بس حمد يحب يألف ..

فهد : الا صدج .. مبرووك العودة .

التفت حمد لفهد : ع شو تباركله .. واي عودة ؟

فهد : الرجوع لتويتر .. والله اني تضايقت يوم حذفت الاكاونت ..

امسك كوب الماء وشرب منه وبعدها قال : مليت .. واشتقت اسولف واغرد .. صح محد يواطني فتويتر .. ولا يحب فلسفتي عليه .. بس احب اكتب كم كلمة – التفت لفهد – مب مثل بعض الناس .

ضحك بقوة : شو فيهم بعض الناس ..

-
اكبر خريطين ( كذابين ) في العالم .

ازدادت قهقهاته في ذاك المكان .. انسان يحب ان يضحك .. يحب ان يرى البسمة على وجوه الغير .. رغم ما فيه من الم .. تبادلوا اطراف الحديث مطولا .. اول لقاء لفهد وحمد .. وسعود هو الوسيط .. الح عليه ان يخرج من قوقعته .. ووافق دون اي تردد .. اشتاق لان يرى العالم .. وان يرى نظرات العالم له .. ابتسم بعد ان حمد ربه على نعماه : حمد انت معرس .

عدل نظارته الطبية على عينيه : هيه .. مب مثلكم

-
باركله من اسبوع صار ابو لتوم .

فهد : مبرووك ما ياك .. يتربون فعزك وعز امهم .

-
الله يبارك فيك ... وبيطلعون علي ان شاء الله .

سعود : خاف ربك .. شو بيطلعون مثلك .. صاير كنك فيل من متنك .

فهد : انزين ليش ما تسوي ربط معدة . ترا المتن مب زين ..

بنبرة غاضبة : هيييه انته وياه .. لا تستلموني الحين .. متين وما متين .. اذا صابني شيء تراه من عيونك

ضحكا معا .. وهو اردف قائلا : بشوف يوم تيبون عيال شو بتقولون .. ان ما قلتوا نباهم مثلنا .. واحد معقد والثاني ...

قطع كلامه واردف وهو يعتذر من فهد : السمووحه وانا اخوك .. ما اقصد شيء .. بس انتوا الله يهداكم استفزيتوني ..

ابتسم وهو يربت على فخذ حمد الجالس بجانبه : ولا يهمك يا حمد .. وبعدين انت ما قلت شيء غلط .. والحياة تمشي ما توقف ع كلمة ..

,,

ولكنها وقفت على كلمة عند انسانة اخرى .. وقفت وهي تنظر اليه امامها .. ارتجفت شفاهها .. هناك بجانب البقالة القريبة من منزل خالها .. سقطت الدراهم المعدنية من يدها .. وبقيت الورقة ذات المائة درهم قابعة في كفها الآخر .. شدت قبضتها وهي تنظر الى عينيه .. وعينه الاخرى المنتفخة بعض الشيء .. كان خارجا من البقالة وبيده كيس به ثلاث علب " برنقلز " ليصادفها مع اختها خلود .. تسمرت في مكانها .. ارتعشت فرائصها .. فهو هنا امامها .. كابوسها المزعج يعود .. انفاسها تمردت بقوة من رئتيها .. لتتقاذف خارجة دون رحمة .. نطق بأسمها .. فابتعدت خطوة للوراء .. وبعدها جرت .. ارادت الهروب منه .. ومن شبحه الذي تخلصت منه وعاد اليها من جديد .. جرت دون ان تعي الطريق الذي تسلكه .. هو هناك .. سيلحق بها .. سيمسكها ويقبلها كما كان يفعل .. سيتحسس جسدها بكفيه الكارهة لهما ..

صرخ بأسمها حين صدمتها تلك السيارة المسرعة بمقدمتها .. صدمتها من جانبها فتدحرجت مع الطريق .. اصتدمت بالرصيف وشج رأسها بعمود انارة الشارع .. فارتدت عنه.. و ذراعها نامت خلفها بعد ان خلعت من الكتف .. لتلتوي بشكل غريب وبها تلك النقود الحمراء .. ودماء رأسها تنضح لتنساب الى الرصيف الصلد .. ليقع ذاك على ركبتيه نادما .. ويقع الاخر امامها مصدوما .. والمارون تحولقوا عليها .. احدهم يضغط أزرار هاتفه طالبا الاسعاف .. والاخرون يتحوقلون .. وهو راكعا امامها .. ناظرا الى عينيها .. ارتجفت الكلمات على الشفاة .. لتنطق باسمها مهتزا .. نزلت دموعه وهو يتحدث اليها : علايا .. انا ييت اقولج سامحيني

زحف على ركبتيه حتى تلطخ ثوبه الابيض بالدماء الهاربة من الجسد الضعيف .. صرخ : طلبوا الاسعاف ..

انتشل رأسها المضرج بالدماء احتظنه على حجره : قومي علايا .. قومي قوليلي انج سامحتيني .. ييت اليوم اقولج تسامحيني – تحشرج صوته اكثر وهو يمسح الدماء عن وجهها بكفه – اشتريت برنقلز لحصوة وخلوود .. وانتي بعد اشتريتلج برنقلز حار .. ادري انج تحبين الحار .. كنت اسمعج وانتي تقولين لخلود انج ما تحبين البارد واايد .. كنت اشوفج تاكلين وياهن واطلعين التلفزيون .. علايا قومي .. قولي انج سامحتيني .. والله .. والله ما بسويلج شيء .. بس قومي .. انا تغيرت .. علايا – صرخ من جديد – وين الاسعاف .

تطوح جسده ورأسها بين ذراعيه .. ورجل يضع يده على كتفه : ياولدي قوم .. ما يصير اللي تسويه .. الحين بتيي الاسعاف وبتسعفها .. قوم خبر اهلها ..

لا يشعر باحد .. فقط بها هي بين ذراعيه .. ودموع حارة شقت طريقها بين شعيرات وجهه التي حلقها قبل مجيئه الى ذاك الحي .. يردد عليها كلمات مبتورة : قومي .. مايد تغير .. قولي سامحتك .. قومي .. قومي .. علايا .. الله يخليج قومي ..

,,

اتمنى انه يكون حاز على رضاكم
^^



♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:13 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
في صباح ذاك اليوم الكئيب اسقطت هي تلك القطعة المعدنية .. لتقع على اخواتها في معدة تلك الماكينة المليئة بما لذ وطاب .. انحنت لتلتقط قنينة الماء من جوفها ..وبعدها انتحت لها مكانا في احد تلك الكراسي القريبة من المدخل .. فكلام تلك الطبيبة اصابها بالحيرة القاتلة .. هل يعقل أنها تعاني من مرضا خبيثا .. وان نهايتها شارفت على القدوم .. ارتجفت يدها من تلك الافكار السوداوية حتى اهتز الماء في تلك القنينة .. احتظنتها بكلا كفيها .. وكأنها تريد لتلك الاهتزازات ان تهدأ .. ولكن صوت الطبيبة لا يزال يقرع جدار عقلها : لازم نسويلج تحاليل ثانية .. بس لا تخافين انتي ما فيج الا العافية بس نريد نطمن ..

جاءت الى هنا بعد ان اشتد عليها وجع رأسها .. كان مجرد وجعا بسيطا ينتابها عند الاستيقاظ من النوم .. وحالة الغثيان تلك المصاحبة له .. اشعرتها لايام بوهم اسمه الامومة .. لتفرح بالقادم الذي لم يسمح له خيالها ان يكون واقعا ابدا .. ابتسمت من تحت غطاء وجهها وهي تسمع تلك الكلمات الخائفة من ذاك الاب .. خوفا على زوجته بل هي حبيبته .. كلماته المعنفة لها حين القت عليه امتعاضها من الجلوس على ذاك الكرسي يؤكد خوفه الجنوني عليها .. تركها وهو يشدد عليها ان لا تغادر الكرسي .. وغاب من المكان .. ليخلو لعيناها النظر بحرية لتلك القابعة على ذاك المدولب . كانت تنظر لذاك الصغير بين كفيها .. شعور جميل انتابها فقررت الاقتراب منها .. جلست على حافة الكرسي قريبا جدا من الكرسي الاخر ذا العجلات وابتسامتها ازدادت وهي تلقي السلام لترفع شهد وجهها المختبأ خلف غشاء اسود شفاف بعض الشيء وترد عليها التحية باحسن منها : بنت او ولد ؟

ابتسمت وهي تنظر لكفه الصغير الممسك باصبعها : منصور .

وهي تنحنى ناظرة الى الوجه الملائكي : الله يخليه لج – اعتدلت في جلستها لتردف – سمعت ابوه يكلمج وباين الخوف فصوته
ضحكت بلطف : بو منصور يبالغ .. بس يقول عشان ما اتعب ويتعبني الجرح .
باستنكار : قيصرية ؟
هزت رأسها بالايجاب : باين انج متزوجة

كانت تنظر لذاك الخاتم الرقيق من الذهب الابيض الذي يزين بنصرها الايسر .. امسكته الاخرى بالوسطى والسبابة محركة له وهي تتأمله : هيه من سنة تقريبا ..
-الله يخليكم لبعض .. انتي هني زيارة لحد او مراجعة .
شبكت اصابعها : مراجعة .. عندي موعد .
-حامل ؟
ابتسمت على مضض : كنت اتمنى ..
ربتت على فخذها ملاطفة لها : ربي يرزقج .
تمتمت : آمين .

استمر الحديث بينهما .. احست شهد بالراحة معها .. ربما لانها لا تملك صديقات .. او لعلها تتمنى شخص يشاركها امورها النسائية .. كما الاخرى التي لا تجد احد تشكي له ما فيها .. لعل قلبها يتمنى شيئا جديدا في حياتها التي اضحت باردة يسيطر عليها الشرود والشوق .. والرغبة الجامحة في الصراخ .. تاخر طارق بالعودة .. وكان ذاك الوقت كفيلا بأن يتبادلا الارقام بينهما .. ووتتعارفان .. فالاولى خولة اكبر من شهد بخمسة سنوات تقريبا .. والاخرى ام لاول مرة في حياتها .. افترقا على امل التواصل لترسيخ اسس ذاك اللقاء القصير .. واحالته الى صداقة قد تكون منجاة لاحداهما من همومها ..

دفع الكرسي مبتعدان عن المكان .. لتتنفس خولة الصعداء .. وتضغط على ازرار هاتفها " درب السلامة " .. لتصدح نغمة الرسائل في هاتف شهد قبل ان تصعد الى السيارة .. اخذ منصور من بين ذراعيها وامسكها بيده ليساعدها على الصعود : شوي شوي ..

ابتسمت لخوفه عليها .. لحبه لها .. سلمها صغيرها وحقيبة يدها واغلق الباب .. ليفتح الباب الاخر ويضع فيه حقيبة اخرى .. جلس خلف المقود وهو يهم بالتحرك : شهد منو اللي كنتي تسولفين وياها ؟

-
وحدة سلمت علي وسولفنا .. واخذت رقمها واخذت رقمي .

عقد حاجبيه من فعلها ذاك ليتحدث بشيء من الحدة : شهد لا تخلين طيبتج تقودج .. انتي حتى ما تعرفين عنها شيء .. زينه او شينه .. ما يصير اللي سويتيه ..

ابتسمت وهي تمسك بالباب لتعدل جلستها بشيء من التعب : كلها الا رقم وتبادلناه . واذا كانت مب زينه هي من طريق وانا من طريق .. لا تصير خواف ..

نظر اليها لبرهة وعاود النظر لطريق : اوعديني اذا كانت مب زينة انج تخلينها .
-اوعدك .

تذكرت الرسالة النصية فسحبت حقيبتها لتخرج هاتفها .. واذا بها تبتسم لتلك الكلمات .. وما كان بيدها الا ان ضغطت على ازرار هاتفها لتخط " الله يسلمج " وبعدها اعادته ليقبع في مكانه السابق ..

اما الاخرى فابتسمت وهي تقرأ رد شهد عليها .. تنهدت فزحمة الطريق متعبة .. والتعب قد استفحل في جسدها .. حتى النعاس صار يداعب جفنيها .. اوصلها سائق الاجرة الى منزلها .. مدت له بأجره لتغادر السيارة بعدها .. وتتوجه نحو غرفتها ترمي بعباءتها وحقيبتها .. وتجلس لبرهة تلتقط انفاسها .. قلبها يشعر بالخوف .. فذاك الجاسم اغلق هاتفه وهي لا تملك الا ذاك الرقم له .. مع انه يمتلك ثلاثة ارقام أخرى .. رفعت جسدها لتستقر أمام المرآة .. هناك هالات سوداء بادية بالظهور اسفل عينيها .. وشحوب واضح في بشرتها حنطية اللون .. انحنت لتفتح ذاك الدرج وتخرج دفترها الذي ابتعدت عنه كثيرا .. تشعر بأنها بحاجة لتخط بضع كلمات على سطوره .. عادت لتجلس على سريرها وهي تقلب اوراقه ..تنفست بعمق وهي تخط على صفحته البيضاء :

احتاج لفسحة هدوء ..
اكون انا مع نفسي فقط ..
ولا يعكر صفونا الا حديث روحي ..
وحديث قلبي المتعب من وجد الشوق ...


اغلقته واعادته لمكانه .. وحثت الخطى حيث المطبخ الصغير .. فالساعة تقارب الحادية عشر والنصف وهي لم تجهز الغداء بعد .. اخرجت دجاجة مثلجة وتركتها في ماء فاتر .. لعل الثلج المتكدس في جسدها يعتقها .. واذا بجسدها يستند على جانب الباب متأملة تلك الغارقة في افكارها متناسية الصنبور المفتوح .. وذاك الماء الذي هرب من على حواف القدر محترق القاعدة .. اقتربت منها لتربت على كتفها بخفة : خولة فشو سرحانه ..

انتبهت بشيء من الفزع .. واغلقت الماء وهي تبتسم على مضض : ولا شيء .. غريبة يايه وقت اليوم .

تنهدت وهي متوجهة الى الثلاجة لتنتشل لها تفاحة خضراء : الدكتور اعتذر عن محاضرة الساعة 12 .. ورجعت ..

سكبت عليها الماء من نفس الصنبور : وبعدين ليش الدياية .. انتي ناسية ان اليوم غدانا من برع بمناسبة السيارة اليديدة اللي خذها عيسى .

قضمت التفاحة تحت انظار خولة : نسيت .. الحين بردها ..
وهي تدبر خارجة من المطبخ : ما تلاحظين انج صايرة واايد تنسين .. زين ما تنسين اسمج ..

وقهقهت وابتعدت ضحكتها مع ابتعادها .. لتحدث الاخرى نفسها : والله كلامج صدج يا ايمان .. صايرة انسى واايد .. حتى الصلاة اعيدها كذا مرة .. استغفر الله العظيم .

تركت المطبخ عائدة الى غرفتها .. ذاك الكلام من تلك الطبيبة الاماراتية لا يفارقها .. الا تكفيها افكارها الخائفة على جاسم لتأتيها افكار اخرى تبث الخوف والرعب في نفسها .. اخذت حماما ينعشها .. واذا بها تشهق حين رأت اسنان المشط وقد عضت على الكثير من شعرها .. سحبت الشعيرات بيدها : كله من السهر والتفكير ..

لملمت شعرها بعشوائية .. فما رأته احزنها واجبرها على ترك المشط من يدها .. فتحت حقيبة يدها واذا بها تبحث فيها عن هاتفها .. اسبوع كامل لا تعلم عن امره شيء .. تأتيها فكرة جنونية بأن تطلب من عيسى ان يأخذها الى منزله .. ان تبقى هناك .. ان تكسر كلمته وتعود دون رغبته .. رمته على السرير بغضب : ليش مسكر فونك .

واسقطت جسدها على السرير جالسة .. هربت دموعها فمسحتها متداركة سقوط المزيد .. فُتح الباب لتطل منه ايمان التي اهالها منظر خولة وهي مطأطئة الرأس .. جلست بجانبها : خولة شفيج ..

وكأن ذاك السؤال اعطى الضوء الاخضر لسير دموعها .. انفجرت باكية .. ليصيب الاخرى الجزع والخوف .. مكررة السؤال عليها .. وتردف بعدها : المستشفى قالولج شيء .. فيج شيء – جلست امامها لترفع رأسها وتنظر لعينيها – خولة لا تخوفيني ..

ما كان منها الا ان نزلت على ركبتيها للارض لترتمي في حظن ايمان . هي بحاجة لحظن يشعرها بالامان .. همست وهي تشد عليها وشهقاتها جعلت دموعها تنزل : لا تخوفيني عليج .. انتي فيج شيء .. واايد متغيره عن قبل .. خبريني شو بلاج الله يخليج ..

لا اجابة منها .. كانت الدموع والشهقات المتتابعة هي المجيب الوحيد على تلك الاسئلة .. " شو صاير " نطقها بخوف وهو يلج للغرفة بعد ان رأى ذاك المشهد .. ردد سؤاله لتجيبه : ما اعرف شو فيها .. مب طايعة تخبرني ..

وضع يده على كتفها : خولة شو بلاج يا كل دنيتي ..

ما ان سمعت كلمته حتى زاد بكاءها .. هي لا تعلم مالذي يبكيها .. هل ابتعاد جاسم عنها .. ام الخوف مما ينتظرها .. ام اشياء اخرى مكبوتة في نفسها المتألمة .. انتشلها من صدر ايمان .. ممسكا ذراعيها وناظرا لوجهها المبتل .. واذا به يدفنها في صدره .. وكأنه ادرك ما بها : تبيني اوصلج لجاسم ..

حركت رأسها على صدره نافية حدوث هذا الامر .. ليردف : مثل ما تبين .. انزين بس صايح .. ترى دموعج غالية .. قومي توضي وصلي الظهر وانتي بترتاحين – احتظن وجهها بكفيه – ما اريد اشوف هالدموع .

ابتسمت على مضض واصابعه تتحسس وجهها لتمسح دموعها .. قام واقفا : قومن صلن وانا بروح المسيد بصلي وبييب الغدا .. والا شو رايكن نتغدى برع .

ردت ايمان بفرح : احسن شيء .. ع الاقل نغير جو .

نظر لخولة التي لا تزال جالسة على الارض : شو رايج خولة ..
-اوكي .
-ياللا عيل استعيلن .. من اوصل القاكن جاهزات ..

خلت الغرفة من الاصوات .. الا اصوات عقلها .. نفضت رأسها وهي تقف .. فيكفيها تفكيرا .. تعلمت الكثير من جاسم ومن بينها القوة .. الضعف صفة ينبذها .. لا يطيقها في من هم قريبون منه .. وهي عليها ان تنسى الضعف .. عليها ان تثبت له بأنها قوية .. وقوتها تلك ستستمدها من الاتكال على رب العباد ..

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:13 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
في عصر ذاك اليوم عادت الى المنزل وهي تصرخ منادية والدتها .. صراخها كان مختلفا .. وعيناها تكادا ان تخرجا من محجرهما .. وقفت في منتصف الصالة مقابلة للسلم وهي تصرخ بكل صوتها : ماااااااماااااااا

كانت تصرخ وتبكي .. وجسدها متسمر في تلك البقعة تحت قدميها .. هرول الجميع اليها .. عبدالرحمن وتتبعه مريم قادمان من مجلس النساء حيث كانا يتناولان القهوة ويتبادلان اطراف الحديث .. ويبحثان في بعض المشاكل التي تواجه عائلتهما الصغيرة .. اما ميثة فجرت مسرعة خارجة من الغرفة متناسية نفسها .. تهرول بجزع .. لتنزل السلالم وتجلس امام ابنتها الواقفة تهزها : خلود شو صاير ..

كانت تردد من بين شهقاتها : دم .. دم .. عليا .. دم ..

وكأن بالجمل لا تريد ان تكتمل .. ترتجف بين كفي والدتها .. التي لم ترأف بحالها واخذت تهزها بعنف تريد معرفة ما حدث .. بعكسه هو الذي ينظر لذاك الرجل باللباس الابيض .. يتحسس نبضها يصرخ لرفيقيه لاحضار النقالة .. ويردد : نبضها خفيف .. بسرعة ..

ينتشلونها من امام عينيه وهو يردد بصوت خافت : حيه .. حيه صح ؟

لم ينتبهوا لهمساته .. فصوته ذاك تعب حتى كاد لا يسمع .. يتتبعها بنظراته تُحمل وتُبعد عنه .. وتتوارى خلف ابواب سيارة الاسعاف .. يخلو المكان الا من جسده المكسور .. ليحمله بتعب على ساقين هدهما الحدث المريع .. سحب خطواته تلك المسافة التي تصل الى قرابة الثلاثة ارباع الكيلومتر .. طويلة جدا بالنسبة له .. ولقلبه المنهك .. تصلب في المكان وهو يرى تلك الخارجة حاسرة الرأس كالمجنونة بعد فقدان العقل .. لتصل اليه .. ناظرة اليه بعيون تقدح شررا .. تدفعه للخلف فيترنح ليقف من جديد على قدميه .. تدفعه وتردد : قتلتها .. قتلتها الله لا يسامحك .. وين عليا .. وينها ياللي ما تخاف الله ..

تدفعه اكثر حتى اوقفه جدار مجلس الرجال القريب من البوابة .. لتنهال عليه ضربا بقبضتيها .. على صدره ذي الانفاس المختنقة .. دموعه تنسكب لدموعها .. كل ما يسمعه هو كلمات مبهمة .. توقفت الضربات عن صدره .. فيدا عبد الرحمن امسكتا رسغيها .. ليصرخ بمايد : وين عليا .

بصوت يكاد ان يسمع : شلوها الاسعاف ..

لتصرخ هي : خذني لها يا عبدالرحمن .. اريد اشوف بنتي ..

طلب من مريم ان تأتي بعباءتها و " شيلتها " وبعدها اختفوا .. وكأن الاختفاء وبقاء جسده وحيدا حكما لا بد من حصوله في هذا اليوم .. وبعدها اختفى هو ايضا .. ترك المكان مبتعدا .. آملا ان تكون علياء بخير .. هي لا تزال حية .. لقد سمع المسعف يقول بأن قلبها لا يزال ينبض ..

في ممرات المستشفى كانت تهرول وبجانبها عبد الرحمن الذي تعب من مجاراتها .. فهي ام خائفة على فلذة كبدها .. تتلفت لعلها تلمح احد تسأله عنها .. عيونها لم تسكت وشفاهها تردد دعوات بتمتمات كلها رجاء .. وقفت تنظر للخلف وتعود ادراجها لتقف امامه : وينها ..

-
اهدي يا ميثة .. تعالي نسأل هالممرضة ..

وبعد السؤال عرفا الطريق .. ليقفان هناك .. في ذاك الممر الطويل .. مر الوقت ثقيلا .. وعبد الرحمن وهي لا يملان من ترداد الدعوات بالنجاة .. ساقاها متعبتان فجلست القرفصاء وهي تهز جذعها بتؤدة ..

صدح هاتفه منبأ بمكالمة .. عمار يسأل عن المكان .. وما هي الا لحظات حتى كان معهما .. الجو به من الشحنات السالبة الكثير .. جلس بجانب عمته الوجلة : ان شاء الله بتكون بخير .. ادعيلها ..

نظر لوالده الذي جلس متكأ على الحائط المقابل .. يبدو متعبا .. وفجأة وقف الجميع .. فالخبر في صدر ذاك الطبيب الذي ابعد الكمامة عن فيه .. عيونهم المتسائلة كسرت نظرته .. لينظر لذاك الملتحي وقد اختلط الشيب بالسواد في وجهه : انتوا اهلها ؟
-انا خالها .. وهذي امها .. طمنا .
-الله عطى والله خذ .. عليكم بالصبر .

هزت رأسها بعنف رافضة لذاك الكلام الذي سمعته .. نظرت لعبد الرحمن الذي اخذ يردد : انا لله وانا اليه راجعون ..

وبعدها نظرت لعمار الذي رص على شفتيه وادار وجهه .. امسكت بذراعي شقيقها : شو قال ..

وكأنها تبحث عن شيء جديد .. كلاما يكذب ما قاله ذاك الطبيب .. الذي غادر بعد ان القى على مسامعهم تلك الجمل القاتلة .. رددت السؤال مرارا .. وعبدالرحمن يطالبها بالصبر .. لتصرخ : كذب ..

وبعدها تسقط .. تغيب عن واقع الحقيقة .. لعلها تصحو لتجد ان ما كان كابوسا مريعا .. ليس له من الصحة قيد أنملة ..


,,

كذاك الذي اخذ يصرخ وهو يجوب تلك الغرفة بحثا عنها .. بعد ان صرخت في وجهه زوجته الثانية : شو تبا مني .. روح لها .. صارلك يومين مسنتر عندي .. يا اخي مليت من الحاحك بالعيال .. ليش ما تسأل عمرك ..

حينها تذكرها فهرول لسجنها .. ليقلب الغرفة رأسا على عقب .. ويرى بعدها دليل الهروب .. هناك في تلك الشرفة .. ليصرخ بغيض : والله ما اخليه ..

لتقوده قدماه الى تلك البناية الشاهقة . يعلم انه هنا .. فلقد اخذ العنوان من بدر بعد مشادة كلامية بينهما .. صوت الجرس المزعج جعله يفيق بكسل .. لم يمضي على غفوته سوى ربع ساعة .. يشعر بان رأسه ثقيل جدا .. قام بفزع من ذاك الصوت الذي لا يهدأ .. وضربات الباب التي تكاد ان تهشمه .. ارتاع وهو يخرج من غرفته .. ليفتح الباب ويرتد جسده للخلف جراء دفع سعيد له وهو يصرخ : وينها ..

-
شو بلاك هاجم علي بهالشكل ..

يتتبع ذاك المجنون بنظراته وخطواته .. يبحث عنها وكأنه يبحث عن شيء صغير .. يقلب كل ما يصادفة رأسا على عقب .. وبعدها يمسك عبدالله من قميص نومه .. يجره اليه .. ينفث انفاسه في وجهه .. وتتناثر قطرات من لعابة مع كلامه الغاضب : طلعها احسنلك يا عبود .. والا والله ما بيصرلك خير ..

فك قبضته ودفعه بعيدا عنه : عيب هالكلام يا سعيد .. ما توصل في المواصيل لهالشيء .. وبعدين من هذي اللي تدور عنها هني ..

بنظرات تتقاذف الشر منها : وين ريم .. وين وديتها ..

سكن .. وكأن ذاك الاسم بعثر شيء قديم في نفسه .. هل قال ريم .. ريم اختفت .. كان صوت روحه يتساءل .. يحاول ان يستوعب ما يقال .. ليردد بحنق : وياي تدورها هني .. اسأل عمرك شو سويت فيها – دفعه من جديد – شو سويت فيها ..

دفعه بعيدا عنه ليرد : باين ان ما عندك خبر .. بس والله ان دريت انها يتك .. والا انت اللي شردتها ما بيحصلك طيب .. فاهم ..

وبعدها غادر وبراكين الغضب تثور في نفسه .. ليرمي الاخر نفسه على الاريكة .. محتضنا رأسه بكفيه : وين رحتي يا ريم .. وكيف شردتي ..


وبعدها قام .. ليرتدي ثوبه .. ويخرج مسرعا من تلك الشقة .. فخوفه على من سماها روحه يقوده .. لعلها تكون في منزل والدها .. هذا ما خطر على باله .. كما خطر على بال سعيد .. الذي دلف الى المنزل بغضب .. صارخا ليتلقاه طارق بوجه عابس .. لعل ما فيه من حزن سيخرج في وجه هذا المتجرد من الانسانية .. فموت علياء لم يستوعبه بعد .. حتى انه لم يبارح المنزل .. اخبروه ان ميثة اغمي عليها وانها لا تفيق حتى تعود لنوم جراء تلك الابر المهدأة .. وعمار جاء واخذ والدته لتبقى مع عمته .. وبقي بعدها مع عبدالرحمن ينهيان الاجراءات لاخذ الجسد الذي تخلت عنه الروح .. الجميع في حالة ذهول .. وطارق اكثرهم ذهولا .. قام من مكانه ليمسك بذاك السعيد يرميه خارجا وهو يصرخ : البيت له حرمة ياللي ما تستحي .. داخل علينا وكانه بيتك ..

نفض ثوبه بعد تلك السقطة على الارض : طروق مب فاضيلك .. خبرها تطلع بالحسنى والا والله اسحبها من شعرها ..

سقط من جديد جراء لكمة من قبضة طارق : اذا محد علمك المريلة انا بعلمك ..

رفعه من ثوبه بكلتا قبضتيه : مستريل ع حرمة .. و نافخ نفسك .. لا محترم بيت ولا محترم اهله ..

فك يده بعنف : تضربني يا طروق .. والله ما اعديها لك وانا سعيد ..
-بالعنه .. روحه بلا رده ..


تصادف مع عبدالله عند البوابة .. ليحث الاخر الخطى لداخل ويقف امام طارق : شو صاير .. ليش حالته معفوسه ..

-
عبدالله .. الله يرحم والديك مالي خلق شيء ..

امسكه من ذراعه : شو مستوي .. ريم فيها شيء ..

-
عليا عطتك عمرها .

وبعدها دخل الى المنزل .. ليقف الاخر في حالة عدم تصديق .. علياء ؟ .. كيف ولماذا ؟ .. غادر المنزل والاسئلة تعصف برأسه .. ولم يبددها الا صوت عمار عبر هاتفه .. ليغير وجهته نحو المستشفى .. وليقف مع عمته وعمه .. اما الاخر دخل لتستقبله شهد : طارق البنت تتنافض .. ياللا ياللا رقدت .. خايفة عليها .

نظر اليها وبعدها مشى نحو تلك الصالة ليرمي بجسده جالسا : اذا احنا مب متحملين اللي صار .. شو تبين من بنت ما كملت ست سنين وشافت الحادث قدامها ..

وقفت قريبا منه : طارق ..

-
خلاص يا شهد .. مابي اسمع شيء .. خليني بروحي الله يخليج ..

نزلت دمعتها لتمسحها .. وبعدها تصعد لغرفتها بتعب واضح .. القت نظرة على منصور النائم في سريره .. وفجأة تسمع صراخ خلود .. لتجر الخطى الى الغرفة الاخرى .. يجب ان تتماسك .. الانهيار طال الجميع .. حتى طارق الذي عرفت فيه القوة يبدو ضعيفا جدا .. احتضنتها وهي تقرأ على رأسها المعوذات .. كانت تتمنى ان تكون على طهارة لتمسك المصحف وتقرأ الكثير من الايات .. بكت الاخرى : وين امي ..

مدت ذراعها لها : تعالي حبيبتي .. امج راحت وبترجع .. تعالي ..

الجرح يألمها وحصة واختها خلود تضغطان عليه دون شعور منهما .. هدأتا أخيرا .. وهي تصبرهما بقدوم والدتهما .. حتى نامتا .. وبعدها تركت الغرفة .. فطارق ايضا بحاجتها .. تلفتت في المكان حيث كان جالسا .. ولكن لا وجود له .. صعدت لغرفتها لعله هناك .. ولكن ظنها قد خاب .. امسكت هاتفها لتتصل به .. واذا به يغلق الهاتف في وجهها .. فهو لا يرغب الحديث .. فتلك الاشهر التي قضتها علياء معهم كانت كفيلة ان تقربها من روحه .. كأخت صغيرة له .. يحب مشاكستها .. وتحب هي مشاكساته .. يضحكان معا .. يلعبان معا .. ويتحدان بعضهما في العاب الفيديو .. من سيحصل على اكبر النقاط ..

تحوقلت وهي تقوم بعد ان استيقظ منصور باكيا .. لم ترتح ساعة واحدة .. حملته بتعب .. وذاك الجرح يؤلمها .. جلست على السرير ترضعه .. تبتسم لوجهه الصغير : الله يكون فعونج يا ميثة ...


,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:13 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

العون نفسه تطلبه سارة .. حياتها باتت بين الشك والارتباط الغريب بزوجها ذياب .. كل شيء يتمحور حول ذاك الارتباط .. فهي لم تكن له وصارت .. وهو لم يفكر بها بل باختها .. تتنازع الشكوك روحها حتى باتت تبحث عن ذاتها التي كانت ..

سعيدة هي اليوم .. لانها قضته مع ذياب خارج المنزل .. اخذ اجازة من عمله وقرر ان يقضيه معها .. فهو يشعر بضياعها .. بخوفها من الخسارة .. وكم يتمنى ان تشاطره ما في نفسها .. يحب ضحكتها .. فحين تضحك تضحك عيناها .. ويبتسم هو لا اراديا .. وكأن تلك الضحكات تدغدغه ليبتسم .. يحبها .. هو يرى بانه يحبها .. ولعل ما حدث من رفض قامت به روضة خير له .. تمسك بها وفضل الاستمرار في قرار عمه عبيد .. هي تصغره كثيرا .. ويشعر معها بانه صغير .. طفل يتمتع بطفولته .. تمسكه بيده ليركب تلك الالعاب معها .. مع انحراجه من تصرفها الا انه جاراها بما تفعل .. لعبا كثيرا في مدينة الملاهي ... واختتما العب بـ " غزل البنات " .. و" الايسكريم " ..

ضحك وهو يجلس خلف المقود : اللي يشوف اكلج يقول كرشتها هالكبر كبرها .. واللي يشوف جسمج يقول ما تاكل ابد .

ضحكت .. وبعدها ادعت السخط : حراام عليك .. مستخسر في كم اكله اكلتها ..

قهقه وهو يحرك السيارة منطلقا للمنزل : فلوسي كلها فداج .

احمرت وجنتاها خجلا .. اليوم ذياب مختلف .. تشعر باحاسيس مختلفة مع كلماته .. لعله يحبها كما هي تحبه .. صمت المكان .. فقال مبعثرا السكون : ليش ساكته ؟

-
تحبني ؟

سؤال كان كفيلا باعادة الصمت .. ماذا عساه يجيبها .. هو يشعر باحاسيس مختلفة نحوها .. معها يكون مختلفا .. فهل يعقل ان يكون الحب .. قال دون ان يلتفت لها : هيه ..

وسكت .. لتتسمر انظارها على النافذة .. لعل جوابه ذاك لم يشبعها .. احست بانه ارغم لسانه على تلك الكلمة .. حدثت نفسها : شو تترين يا سارة .. انه يحبج .. وهو كان مخطط ياخذ اختج .. تحلمين بشيء مستحيل .. حتى لو حبيتيه وتعلقتي فيه .. بيبقى اسم روضة بينكم .. بتبقى فرحته يوم وافقت هي عليه بينكم ..


وصلا الى المنزل .. لتستقبلهما والدته وهي غاضبة .. لتبدد فرحتهما وابتسامتهما من كلامها : اخيرا شرفتوا .. وين هايتين من صباح الله ..

-
امي قلنالج بنطلع وبنرد فالليل ..

-
هيه لاقيه فلوس تلعب فيها .. لو هي شيء ما خسرتك كل هالمخاسير ..

قبل رأس والدته ومشى بمعيتها للصالة : الله يهديج يالوالده .. ما خسرتني شيء .. وبعدين ما احيدج تدارين ع الفلس بهالشكل .. كانت ايدج دووم ممدودة ..

صرخت : لان بنت بليس هذي ما ابيها ..

ارتجفت من تلك الجملة .. هي تعلم بان والدته تكرهها .. ولكن ليس لهذه الدرجة .. ظلت واقفة تستمع لمهاترات تلك العجوز .. وله هو الذي اخذ يكلمها بكل رأفة : شو هالكلام يالغالية .. سارة شيخة الحريم ..

-
لو هي شيء ما عقوها عليك .. الا اذا بغوا يداروا فضيحتها .. والا احنا طالبين روضة مب هي ..

انتفضت صارخة : ما اسمحلج تطعنين فشرفي ..

نزلت دموعها حين صرخ عليها : سارة احترمي امي ..

-
وليش هي ما احترمتني .. ليش سكتت وانت تسمع رمستها .. خبرها قول لها ..

قاطعتها : شو يقول .. انه لقاج مب بنت .. ذياب دومه كبير ويستر ع الناس .. ما بيستر ع بنت عمه؟ .

-
امي شو تقولين .. سارة خذتها وهي بنت ..

-
هيه اكييد بداري عليها تربيتي واعرفك .

بصوت باكي : ذياب وصلني بيت اهلي ..

وبعدها غادرت المكان .. جُرحت في اثمن شيء لديها .. طعنت شر طعنة .. توقعت اي شيء الا ان تنعتها تلك العجوز بتلك الكلمات .. وان لا يفعل هو اي شيء دفاعا عنها .. لكنها لم تبقى لتعرف موقفه .. حين صرخ : امي الين هني وبس .. حرام عليج .. خافي الله فاللي تقولينه .. سارة اشرف من هالكلام .. ولو ع روضة ترا هي اللي باعتني .. وعمي ما سوى اللي سواه الا عشان الناس اللي انعزموا وعشاني انا بالاول .

نظرت اليه : يعني تريد تفهمني ان هذي الاسباب بس .. لو ع الناس بيسكتون .. ولو عشانك مليون بنت تستاهلك .. ومب عيزانه عن تزويجك .

طوح برأسه : استغفر الله العظيم .. امي اخذتها وهي بنت وربي يشهد علي .. ولو سمعت هالكلام مرة ثانية مالي يلسه فهالبيت .

انتفضت واقفة : عفية عليك .. تخلي امك عشان وحدة مثل سويرة ..

قبل رأسها : سامحيني يالغالية .. بس كلامج سم بدني .

غادر المكان .. ليرى تلك المكسورة .. كانت ترمي بملابسها دون ترتيب في تلك الحقيبة السوداء .. ودموعها لا تتوقف .. ولا تزال بعباءتها .. احتضنها من الخلف مكتفا ذراعيها على صدرها : سامحيني .. الوالدة ما تقصد ..

حاولت ان تهرب من قبضته ولكن جسدها النحيل والقصير كان خاسرا امام جسده .. اهتزت بين يديه باكية .. ليتقطع صوتها : ما توصل .. انها تتهمني فشرفي ..

طبع قبلة على رأسها : سامحيها ..

-
ذياب..

ادارها ناحيته ليرفع وجهها بكفه : عيونه ..

-
الله يخليك لا تقول هالكلام .. لا تخليني احبك اكثر .. لا ترد علي بهالشكل ..

-
كم صارلنا معرسين .. ثلاث شهور صح – هزت رأسها بنعم – تظنين هالشهور ما بتقدر تخليج تسكنين قلبي

وضعت اصابعها على فيه : الله يخليك لا تكمل .. ودني بيت اهلي ..اعصابي تعبانه .. ابوس ايدك .

تجهم وجهه من كلامها .. واذا به يحتضنها : ولا يهمج ..

,,

موعدنا غدا بأذن الله مع الجزء 2 من البارت 24

^^



♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:15 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
نامت طويلا .. منذ العصر وهي نائمة .. استيقظت مرة وصرخت مطالبة بعلياء .. اهتاجت مبعثرة كل ما تلمسه يدها .. لتستقر الابرة في ذراعها وتعود لعالم الا واقع .. وهاهي الساعة تقارب التاسعة مساء .. ومريم بجوارها لم تتركها لحظة واحدة .. وهم جميعا يتفقدونها بين الفينة والاخرى .. راشد جاءها مرة واحدة فهناك في قلبه حقد عليها ولفعلتها تلك التي كانت .. وابتعادها عن منزله لتستقر في منزل اخيه الاصغر .. نفسه لا ترضى بالسماح لكن الموقف جعله يذهب اليها يقبل جبينها وبعدها يخرج .. عبدالله وبدر لم يفارقا عمهما ساعة واحدة كما هو حال عمار .. الذي تناسى أمر مقابلة العمل التي بالغد .. عمل مضمون في شركة كبيرة جدا .. ولها مكانها في الدولة .. ولكن ما هو فيه سينسيه حتى اسمه ..

استقيظت من جديد في تلك الساعة .. ولكن بخلاف المرة السابقة .. كانت هادئة وكأن عقلها بدأ يستوعب ما حدث .. بعثرت نظراتها على سقف تلك الغرفة المعقمة .. وبعدها رددت : اريد اشوفها .

لم تصرخ ولم تنطق الا بتلك الجملة .. ودموعها تنساب وكأن مجرى الدمع لا يريد ان يُغلق .. مريم حاولت ان تصبرها تخبرها بانه قضاء من الله .. ظنت بانها تهذي وانها لا تزال غير مصدقة ما حدث .. لكن تلك المستلقية رضت بالامر الواقع .. وزاد اصرارها لرؤية فلذة كبدها .. التي لا تزال في المستشفى .. وفي صندوق من صناديق الموتى الباردة .. ترجتهم بأن ياخذوها اليها .. تريد ان تراها قبل ان توارى الثرى .. وبعد محاولات سُمح لهم بالذهاب الى ثلاجة الاجساد التي فارقتها الروح .. فخرجت مستندة على عمار من جهة اليمين .. وعبدالله يسندها من الجانب الاخر .. تشعر انها كلما اقتربت ثقلت اقدامها .. كانت ترجف .. تركها عبدالله ليقف بجوار عمار هامسا : عمار اخاف عليها .. خلنا نرجعها ..

كان هناك ممرضا يمشي امامهم يرشدهم لطريق .. همس عمار لعمته التي توقفت عن التقدم : عمتي خلينا نرجع ..

نظرت اليه وهي ترسم نصف ابتسامة باهتة .. لماذا تبتسم ؟ هل جنت .. ام انه الفقد يجعل المشاعر ضائعة .. تمتمت : اريد اشوفها .. من حقي هالشيء ..

فكت يده من ذراعها : اذا خايفين تشوفون انسان ميت .. فانا ما اخاف .. شفت ابوها قبل – حاولت مسح دموعها دون جدوى – بسلم عليها .

وتابعت المسير لوحدها .. وما لبثا حتى تبعاها .. فُتح الباب .. وفُتح ذاك الصندوق .. اقتربت ببطء شديد .. وكأن بخطواتها تردعها عن المواصلة .. سحبت الغطاء عن وجهها بيد مرتجفة .. شهقت وهي ترى الوجه الشاحب .. البارد ..مسحت شعرها باصابعها .. تبتسم رغم دموعها .. واذا بها تطبع قبلة مثقلة بالوجع على جبينها .. وتقف تنظر اليها .. ويدها تتحسس وجهها .. فمها .. عيناها .. وكأنها تريد ان تحتفظ بذاك الوجه في خزانة الذكرى : بتروحين للغالي يالغالية .. كنتي دوم تقولين اريد اروح لابوي .. والحين رحتي .. هنت عليج يا نظر عيني تخليني .. سامحيني واايد قصرت فحقج – قبلتها على وجنتها الباردة .. وتساقطت دموعها على الجلد الميت – ما بسامحه .. عمري ما بسامحه ..

انتفض عبدالله من تلك الجملة .. فهي تقصد شقيقه .. شقيقه الذي لا يعلمون عنه شيء حتى الساعة .. لم يشعر احد به .. نسوه في خضم ذاك الحدث .. ذاك الحزن الذي اسدل ستائره على الجميع انساهم مايد .. استأذن عمار وخرج من المكان .. ابتعد وهاتفه في يده .. حشر السماعة البيضاء في اذنه اليمين : بدر .. انت وين .. انزين مايد فالبيت .. شو .. كيف مب موجود ... هو كان فمكان الحادث هذا اللي عرفته من عمي .. انزين اتصلت عليه ..

-
تلفونه مغلق .. اقولك مادري عنه شيء .... عبدالله انا شو يعرفني .. اوكي خلاص تعال وانا بروح وياك .

انهى المكالمة وخرج من غرفته .. حاول الاتصال على مايد .. لكن الهاتف خارج نطاق الخدمة .. تحوقل وهو ينزل الدرجات بسرعة .. ليلتقي بوالده : على وين فهالساعة .

-
شغل .

وبعدها خرج .. دون ان ينتظر ردا من والده .. اما الابن الاخر جالسا في صالة جناحه وعلى وجهه ارتسمت ابتسامة غريبة .. نظرت اليه وعلامات التعجب ترتسم على وجهها.. حدثت نفسها : شو بلاه هذا .. ليكون تخبل بسبة هالريم .. الناس فحزن وهو يضحك .. استغفر الله ولا كأن البنت اللي ماتت بنت عمته ..

تشدقت تنهي حديث نفسها .. اقتربت منه وجلست بجواره .. وضعت يدها على كتفه : سعيد .. شو بلاك ؟

نظر اليها لبرهة ثم عاود النظر للامام : ما بلاني شيء – عدل جلسته ليقابلها وباهتمام اردف – سناء .. وين ممكن تكون ريم .

نفخت انفاسها في وجهه وهي تقف : انت شو صايرلك .. ما تلاحظ انك وايد مهتم فيها .. يا بابا انا حرمتك .. داري مشاعري .. مب كل شوي يايب طاريها علي .. اوووف .

تركته لتلج للغرفة .. تبعها بغضب ليمسكها بذراعها .. لتصرخ : ينيت ..
لم تشعر الا بضربة على وجهها : تضربني يا سعيد ..

نظر اليها بغضب : واكسر راسج بعد .. مب انا اللي تنفخ فويهي حرمة فاهمة .. ومن اليوم وساير كلمتي هي اللي بتمشي .. ومثل ما انتي حرمتي هي حرمتي .. سامعه .

ارتجفت وهي تراه يغادر الغرفة .. ريم كانت محقة .. سعيد انسان متوحش .. الآن فقط عرفت حقيقته .. رمت بنفسها على السرير وهي تحدث نفسها : شو سويتي بعمرج يا سناء .. وبيت ابوج ما بيستقبلج .. وبيت امج ما صدقتي تخلينه ..

ابتسمت وتمتمت : اقدر اييب راسك يا سعيد .. وهي فترة وتعدي .. الشهور اللي راحت كنت مثل الخاتم فايدي .. وبترجع خاتم فايدي ..


اما هو فنزل للاسفل .. جلس مع والده بعض الشيء .. وبعدها قررا المغادرة لرؤية ميثة .. بعد الحاح من سعيد .. لا احد يعلم بما يفكر .. او لما هذا الاهتمام .. راشد كان فرحا باهتمام ابنه .. دون ان يدرك ما في جعبته .. فهو لن يذهب الى المستشفى الا لشيء في نفسه .. لعله يريد ان يتأكد بأن ما قام به قد تحقق .. وصلا الى المستشفى حيث تقبع هي وابنتها التي ستخرج غدا .. كانت جالسة تنتظر عودة عبدالرحمن وعمار لاحضار اذن الخروج من الطبيب المناوب .. فهي لا تريد البقاء في هذا المكان .. واذا بهما يصلان الى بابها .. ليطرقه راشد ويدخل .. انتحت مريم لها مكانا بعيدا عنهم .. القيا التحية وكلمات العزاء على الام الثكلى .. واذا بها تنظر لهما بحقد .. تكلم راشد بشيء من الغضب : شو بلاج تخزينا بهالشكل .

-
خبر ولدك ان عمري ما بسامحه .. هو اللي قتلها ..

اقتربت منها مريم لتضع يدها على كتفها : ذكري الله يا ميثة .. هذا عمرها .

ارتجفت شفاهها : بس مايد هو السبب – صرخت وهي تقف – ولدك هو السبب يا راشد .. كرها حياتها وعيشتها .. ولحقها الين قتلها ..

صرخ : مايد ماله ذنب .. الذنب ذنب عبدالله وهذوه خذ جزاه وطردته من البيت ..

ضحكت بغصة استحلت صدرها : ياليت كل عيالك عبدالله .. ياليت يا راشد ..

-
لاااه .. شكلج الا ينيتي وقمتي تقطين خيط وخيط .. ووصلت فيج انج تتبلين ع مايد ..

تنفست بغيض وهي تقترب منه اكثر .. حتى بات وجهها في وجهه : مايد كان يتحرش بعليا .. صارت تشوفه فاحلامها .. ما تنام الليل .. ويوم قررت اني ابعدها لحقها .. ولدك ذبح بنتي يا راشد . ذبحها ..

صرخت طاردة له .. ليهدأ المكان بعدها بتدخل من عبد الرحمن .. الذي اخرج راشد من الغرفة .. انتابه الغضب فهو قد اخطأ بتسرعه الذي كان .. وعبدالله دفع ثمن هذا التسرع .. ترك المستشفى والافكار تتقاذفه يمنة ويسرى .. والاخر يجلس خلف المقود يفكر ماذا بعد ظهور الحق .. حتى الان لا احد يعلم بهروب ريم الا سناء وعبدالله .. كم يكره هذا الاخ .. يمقته بشدة فيكفي انه يرغب بزوجته .. عض على اسنانه غيضا .. قد يربح وقد يقف والده بصفه .. التفت يمينه يراه شاردا .. نفض تلك الافكار من رأسه فوالده عنيد لن يتنازل .. ولن يصغر نفسه امام ابن من ابناءه حتى وان اخطأ في حقه .. فهو اب .. ابتسم فهو اعلم الناس بوالده ..


,,

وصلوا الى المنزل لتستقبلهم شهد بوجه خائف .. قبلت ميثة : الحمد لله ع السلامة ..

لا اجابة منها .. فقط الشرود ودمووع لا تكل من الهطول .. نطقت : وين بناتي .

-
فوق .. عشيتهن ورقدن ..

خطت خطوات متعبة تحت انظار مريم وشهد .. تمتمت مريم : الله يكون بعونها – نظرت لشهد – اخاف تنتكس باكر فالعزى .. الحريم ما يرحمن .. وسوالفهن تغث الواحد .

-
مب لازم تيلس وياهن .. يسلمن عليها ويطلعن .. احطلج عشا عموتي .

وهي تخلع عباءتها وتلفها في يدها : ومن له نفس ياكل يابنيتي ..
قبل ان تختفي من امامها : عموتي – التفت لها – اليوم الجرس ما هدى .. وانا ما قدرت افتح الباب لان محد فالبيت الا انا والبنات .. الصراحة خفت ..

استنكرت : وطارق وينه .. اليوم ما شفته.

مشت ناحيتها حتى وقفت امامها : مادري عنه .. مغلق فونه .. من العصر طالع من عقب ما تضارب وييا سعيد

قلبت نظراتها بحنق : لا حول ولا قوة الا بالله .. احنا ما بنرتاح من هالسعيد وشره .استغفر الله العظيم .

وبعدها انسحبت من المكان وهي تتحوقل وتستغفر .. التفتت الاخرى للباب حيث دخل عبد الرحمن .. اقتربت منه مقبلة رأسه : عظم الله اجركم يا عمي .

هز رأسه متمتما : اجرنا واجرج .. لا تسكرين الباب عمار برع .

وبعدها اختفى هو الاخر .. الجميع هكذا لا يريدون الحديث .. لا يرغبون بالطعام . فقط يريدون الانعزال .. تنهدت وتركت المكان هي الاخرى .. وقلبها لا يهدأ خوفه على بعلها .. اين عساه يكون ..

حين اوقف السيارة تبادر له جسم ذاك الهندي مسرعا اليه .. ينادي باسمه .. فهو يعرفه .. حث الخطى ليلتقيه بعيدا عن بوابة المنزل بقليل.. ليتكلم الاخر بلغة مكسرة : بابا عمار .. هزا ولد يجلس في مكانه ما في يتحرك .. انا يقول حق هو يروح بس هو ما يروح .

-
اي ولد ؟

اشر بطول ذراعه نحو تلك الزاوية التي يكون خلفها البقالة التي يعمل فيها : هناك موجود . تعال ..

-
لحظه

عاد الى الداخل ليخبر والده بانه سيخرج لبرهة ويعود .. وبعدها مشى بمعية ذاك الهندي يحث الخطى الي ذاك المكان الذي اشار اليه .. من عساه يكون ؟ .. هذا السؤال كان يعصف به كلما اقتربا من ذاك الجدار لتلك البقالة الصغيرة القابعة قريبا من بعض البيوت .. جالس القرفصاء ومتكأ بنصف جذعه على الحائط .. وباقي الجذع انحنى ليدع رأسه يسقط على ذراعيه المتربعتان على ركبتيه .. اقترب اكثر حتى ااتضح له من صاحب الجسد : مايد

نطق بها ولكن الاخر لم يرفع رأسه .. امسك كتفه بيده محركا له .. لعله نائما .. ولكن لا فائدة لا يريد الحراك .. فقط يتمتم بكلمات لم تتضح لعمار .. وقف واخذ هاتفه ليتصل .. وصل ذاك الاتصال له وهو خلف مقود سيارته .. واذا به يحول اتجاهه ... ليسأل الاخر : وين لقاه ؟

-
قريب بيتهم .. بس يقول ان حالته ما تسر .

-
استغفر الله العظيم .. الله يكون بعونه .. ما اقدر الومه لو انا مكانه بستخف .. عبدالله .

-
هممممممم

-
بيخبرون هاجر بموت عليا .

هز رأسه : انت بشو واحنا بشو ..

صد للجانب الاخر .. فهو لا يدري سبب هذا التعلق المفاجأ بها .. حتى انه احيانا يفكر ان يسافر اليها .. يزورها ويخبرها بانه يريدها .. ولكن اليس هو من رفضها قبلا .. تنهد بقل حيلة .. ونزل على عجالة مع اخيه الذي اسرع نحو ذاك الساكن .. جلس القرفصاء امامه .. يهزه بلطف : مايد .. شو تسوي هني .. قوم خلنا نروح البيت ..

لم يرفع رأسه واخذ يتمتم : لازم تسامحني .

نطق عمار : شكله ما عنده خبر .

جلس بدر بجانبه : مايد .. قوم ويانا .. امك تسأل عنك ..

رفع رأسه ليبان التعب على محياه : بس لازم اقولها تسامحني .

-
استغفر الله العظيم .. مايد عليا الله يرحمها .

التفت لعبدالله : لا .. ما ماتت .. سمعته يقول ان فيها نبض .. هي راحت وبترجع ..

لم يستطيعا اقناعه بالذهاب .. تعبا من المحاولة وهو على كلمة واحدة بانها ستعود .. استأذن عمار وتركهم هناك .. اما عبدالله فقام واقفا ناظرا لبدر الذي لا يزال يحاول لعله يقنعه : بدر انا بروح اييب فاطمة .. انت قلت انها هي قنعته يطلع – هز بدر رأسه – يمكن تقدر عليه .

,,

Continue

♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:16 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
جاءها الاتصال فارتدت عباءتها .. وتجهزت لتنزل لملاقاة اخيها خارج المنزل .. واذا به يستوقفها .. فهو قد سجنها في المنزل .. وحرم عليها الخروج الا مع زوجها المنتظر .. وهي اطاعته لم تخرج .. ولم تكسر كلمته منذ ذاك اليوم .. ولكن اليوم هناك شخصا بحاجتها وعليها ان تخرج .. بل يجب ان تخرج ..تسمرت وهو وقف خلفها : فاطمة ردي داخل ..

لم تلتفت .. وحاولت ان تسيطر على اعصابها .. فهي بحاجة للهدوء .. بلعت ريقها والتفت له : ابويه لازم اروح .. مايد محتايني ..

-
قلت ما في طلعة .. ومايد باللي ما يحفظه مسود الويه .. يستاهل اللي اييه وزود .

من خلفه وبصوت باكي : خاف ربك يا راشد .. هذا ولدك .. خلها تروح تييبه ..

-
طلعة ما بتطلع – اشار برأسه لاعلى – دخلي داخل .

"ما بتدخل ".. قالها وهو يلج الى المنزل ويمسك بيد فاطمة .. ليردف : خلينا نروح .

صرخ باسمه ليستوقفه : هذي تربيتي .. حتى احترام لابوك ما شيء .

التفت وابتسامة قد ارتسمت على شفاهه : اذا انت واثق من تربيتك .. ما كنت ظلمتني يابو سعيد .

صدمته تلك الجملة .. فوقف دون ان يطنق ببنت شفة ..الجمته عن الكلام .. يراهما يخرجان من المنزل .. مبتعدان عن المكان .. التفت لزوجته التي اخذت تتمتم : الله يحفظكم .. الله يحفظكم .


,,

عائلة سطرتها هي في سطور كثيرة .. حتى استلذ ذاك الفهد بقراءتها مرارا .. هذه المرة الثانية التي يقرأ في ذاك الكتاب .. تشده تلك الكلمات .. فلو كتب هو لكانت حروفه شبيهة بتلك الحروف .. وجمله لن تكون بعيدة عن تلك الجمل ..قلب تلك الصفحة ليقرأ :

" عندما تعيش في غابة صغيرة .. يسودها القوي .. ولا يوجد بها حيوانان من نفس الفصيلة .. تكون وحيدا .. وذاك الاسد يتملك كل شيء .. هنا في هذه الغابة اشياء مختلفة .. واحداث اغرب .. فنحن جميعا ندرك بأن البوة هي زوجة الاسد .. وهي لها من السيطرة نصيبا .. ولكن في غابتي الصغيرة .. زوجة الاسد ما هي الا هرة ضعيفة .. لا تستطيع حتى ان تكشر عن انيابها .. ففضلت الظل تحت جناح الاسد المسيطر .. المستبد .. فهو حاكم على حيوانات ضعيفة .. وانا من هذه الحيوانات .. في هذه المستوطنة المليئة بالبغض .. اكره الاستبداد وارضخ له رغما عني .. ورغما عن الجميع .. فهو الاب .. وانا من ابناءه الضعفاء .. بل اشدهم ضعفا ......."


ابتسم وهو يغلق الكتاب ويضعه على" الكوميدينة" بجانبه .. سحب الغطاء على جسده .. وسرعان ما انتشل هاتفه ليتصل على صديقه .. فهو يرغب بمحادثته .. رن مطولا .. واخيرا جاءه الرد : هلا والله ..

سحب جذعه ليستند على ظهر سريره : هلا فيك .. هااا ما صرنا نشوفك .. منو اللي شغلك عنا .

ضحك وهو يربع ساقيه معتدلا في جلسته في تلك الصالة : ما حد شغلني .. بس ظروف تحكم الواحد – سحب جهاز التحكم عن بعد ليخفض على صوت التلفاز – شو اخبارك .

-
تمام ولله الحمد .. انت علومك .. وشو اخبار محمد ان شاء الله زين .

استمر الحديث بينهما بضحكات تتخلله بين الفينة والفينة .. حتى جاء الحديث عن ذاك الكتاب : تدري يا سعود ان هذي ثاني مرة اقراه .. احس ان هالانسان يعاني بقوة .. واحس الصدق فكل كلمة كتبها .

قهقه وهو يجيب صاحبه : يعني بعكسك .

-
افاا والله .. يعني الحين انا كذاب .. الله يسامحك .

-
زعلت .. ترا ما اقصد شيء .. بس انت اغلب اللي تكتبه على لسانك ما يكون كلامك اصلا ولا حياتك .. تاخذ من حياة الغير وتكتب ..

-
خلنا من هالكلام .. خبرني شو صار ع زواجك .

لوح برأسه وقام واقفا تاركا المنزل ليمشي في ساحته الخارجية .. وكأنه لا يريد لاحد ان يستمع لما يقول : خواتي يقولن ان البنت اياها ردت فكلامها .. بس وانا اخوك اذا كانت اولها جذي ما ينظمن تاليها .. هي قوية .. وانا ما في ع حنة الراس .. وتبي الصدج مليت من هالموضوع .. ما في بنت ترضا بواحد مطلق وشيبه ولا بعد عنده ولد معاق ..

ابتسم على مضض : وانت الصادق .. البنات هالحين ما يدورن الا الكامل والكمال لله .. ومع هذا يا سعود انت ما يعيبك شيء- ضحك واردف – ما خبرتك ان حرمة اخوي مستويتلي خطابة ..

جلس على عتبة باب مجلس الرجال والهواء يداعب وجهه البشوش : احلف .. وها لقتلك حد والا بعد .. ترا اذا لقت بخليها تدورلي وياك

ضحك الاخر بقوة .. حتى فر الدمع من جانب عينيه : الله يقطع بليسك يابو محمد .. ترا هي ما تدورلي حبا في .. الا شكلها ناويه تطردني من البيت .. مثل ما انت عارف الملحق لو تقسم وتأجر بييب لهم همكة فلوس ..

-
والله انت اللي يايبه لعمرك .. عندك فله شحلاتها ومخلينها وراضي تعيش مع اخوك اللي مب سائل عنك ..

-
وييا منو اعيش ففله هالكبر كبرها خبرني .. لو ان عندي حرمة كنت عيشتها فيها .. وحرمة اخوي هذا مقصدها .. لانها عارفة باسباب يلستي عندهم ..

رغم الحزن الذي يكتنف حياتهما الا انهما يضحكان ويبحثان عن امل جديد يعيشان لاجله .. استمرا بالتسامر حتى وقت متأخر من الليل لا يعكر صوف حديثهما شيء .. حتى صرخت والدة سعود منادية له .. اغلق الخط على عجالة .. فصوت والدته اثار الرعب في قلبه .. حث الخطى الى الداخل ليسألها ما بها .. لترد عليه بخوف .. وصوتها مرتجف .. طلب منها ارتداء عباءتها حتى يرتدي هو ثوبه .. فلا بد من الذهاب الى المستشفى .. دخل الغرفة . فامه العجوز لن تقوى على حمل تلك المريضة .. فاذا به يحملها وهي شبه ميتة بين يديه .. مهرولا بها الى سيارته .. خائفا عليها .. متذكرا خوفه على ابنه في ذاك اليوم المشؤوم وكأن الاحداث تعيد نفسها معه .. ولكن مع شخص آخر بين ذراعيه .

,,

صبح يوم جديد يبزغ .. قد يكون محملا بالحزن .. او بالفرح .. كفرح جاسم جراء ذاك الاتصال الذي وصله من احد عيونه .. حرك سبابته على ذقنه ذهابا وايابا .. وابتسامة تداعب شفاهه .. فذاك الجون بدأ يسقط .. كما يخطط هو لاسقاط شخصا آخر .. شخص اثار فيه الكثير من الجروح .. فاحاله الى شخص مختلف .. لا يرى من حياته الا جانبا مظلما .. فتلك الليلة المشؤومة كسرت روحه الطيبة .. فتوارت خلف استار القسوة والقوة .. تلك الليلة وصم هو بالعار لاقتران اسمه بأسم ذاك الخائن .. الذي خان توأمه .. لا تزال تلك الكلمات والضحكات ترن في اذنيه .. فكلما اراد النسيان تعود من جديد ..

كان خارجا من غرفته يتملكه الغضب بعد ابتعاد توأمه واتهامه له بالخيانة .. وبأنه دبر كل شيء مع والده .. رغم نفيه لكل تلك الاتهامات الا ان قاسم ابعده .. صارخا بوجهه : من اليوم اعتبرني ميت ..

ميت .. كم ترددت تلك الكلمة في عقله ... قتل نفسه حتى لا يرتبط به .. توقف هناك يستمع لذاك الحديث بين والديه دون ان يلحظانه .. جالسه وساقها تعانق الاخرى : يعني انت ما صدقت خبر .. نفذت كل شيء

اراح جسده على الاريكة الصوفية وهو يضحك : اشم ريحة غيره

-
وع .. اغار عليك انت .. لو اغار ما انفصلت عنك برضاي وغصب عنك .

-
انتي قلتي ابعده عنها حتى لو تتزوجها انت . . والصراحة البنت حلوة وابوها انسان طماع .. ولو ما سويت اللي سويته كان قاسم بييلس يحن عليج يبيها .. وانا قطعت كل خيط يمكن يربطه فيها

هنا اقتحم المكان عليهما .. صارخا : انتوا شو من البشر .. انتوا تسمون اعماركم اهل .. تاخذه وياك ع اساس تطلبها له .. وانت تاخذها لعمرك .. تفو عليك من ابو ..

لم يشعر الا بكف والدته على وجهه :احترمنا يا جاسم .

هز رأسه بغيض : ذبحتوه .. الله لا يسامحكم .. ذبحتوه وذبحتوني ..


قطع تلك الذكرى دخول سلطان الذي جلس قبالته : بتقابل الموظف اليديد اليوم ؟
قام واقفا .. يسحب الهواء الى رئتيه بهدوء .. وكأن تلك الحادثة افسدت الاكسجين فيهما .. وقف ناظرا عبر نافذته الى البحر الذي التصق مع السماء رغم البعد بينهما : المحاسب ؟

وضع يده على كتف صاحبه : فيك شيء ؟

التفت له وهو يبتسم : ما في الا العافية .. اوك مب مشكله بقابله .. ولا تنسى المقابلة الثانية ..

ابتسم : لا تخاف بكون فمدرستها اليوم .. وان شاء الله ترضا اتيي وياي ..
بثقه قال : بتيي .. واثق انها بتيي .. بس انت خبرها اني انا اريدها .

,,

اتمنى ان تكون التتمة قد نالت على اعجابكم .. انتظروني يوم الاربعاء مع الجزء 25 بأذن الله
^^


♫ معزوفة حنين ♫ 18-10-12 05:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
لي عودة بالتكملة الليلة =) ..
قراءه ممتعة ..

Lili 2010 28-10-12 10:08 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هاي الرواية روعة بس وين التكملة

♫ معزوفة حنين ♫ 01-11-12 11:59 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
بكملها لك الحين ان شاء الله ..
سلمتي عالمرور ..

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:04 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
جالس على واحد من تلك الكراسي البلاستيكية .. غرفة الانتظار في جناح الطوارئ .. والدته اوصلها لداخل وبعدها خرج ليجلس على ذاك الكرسي .. يشعر بانه ارتكب ذنب لا يغتفر ..ينظر الى كفيه المرتخيان بين ركبتيه وعلى ثوبه .. تلك اليدان ارتكبتا ذنب .. ابعد تلك الافكار من عقله وهو ينظر لذاك الرجل الذي يدخل والخوف يكتنفه على تلك الطفلة الصغيرة بين ذراعيه .. يصرخ بان ينجدوه .. وبعدها يختفي .. حركة خفيفة في تلك القاعة .. وهدوء يعصف بالمكان بين الفينة والاخرى .رفع كفه الايسر ماسحا وجهه متمتما بالشهادة .. واذا به يلحظ تلك العجوز وعباءتها على رأسها تتلفت باحثة عنه .. اسرع الخطى اليها .. يسألها ماذ حدث .. لتجيب : مب طايعين يعالجونها .. يقولون لازم بطاقة .

واذا به ينسى حلمه .. كما يقولون اتقي شر الحليم اذا غضب .. وهاهو يغضب في وجه ذاك الدكتور الذي أبى ان يعالجها .. متعذرا بأن هذه قوانين المستشفى ولا بد من بطاقة صحية ليكون هناك الضوء الاخضر للمعاينة والعلاج .. بلغة انجليزية بها شيء من الرطانة الدالة على جنسيته تفوه : خذوها لمستشفى خاص .. لن استطيع علاجها .

وادبر لينفث ذاك السعود انفاس الصبر الذي طال .. وبعدها ينادي على احدى الممرضات لاخراج تلك المريضة والتوجه بها الى سيارته ..


شعرت بجسدها يعود للارتفاع من جديد .. وكأنها في عالم آخر .. وهناك وخزات ألم باردة تجمد الوجع على شفاهها .. لا تشعر الا باطياف تمر عليها .. وتسمع حديث لا تفقه .. وجلبة تطن في أذنيها .. ورعشة تملكتها وهي تُرفع من جديد وتهوي في مكان ضيق ..

صوت امرأة تتحوقل .. وصوت رجل اجش وزاده الغضب خشونة .. وقول لا اله الا الله تردد في المكان .. تحاول فتح جفنيها .. ولكن تشعر وكأن جفون عيناها التصقا ولا تقوى على فتحهما .. تجاهد لعلها تستطيع .. لينحني رأسها قليلا واضواء الشارع تمر كومضات حارقة لمقلتيها .. يدور في عقلها الذي انهكته الحمى حوارات عقيمة .. واماكن تتغير كل حين .. وهاهي ترتفع من جديد .. وآه تتبعثر عبر شفتيها .. وصوت المرأة يعود : شوي شوي عليها ..

طال الوقت والساعة تقارب الرابعة فجرا .. هو نفس الوقت الذي رمتها الصدفة في طريقه .. كان مع والدته بعد اتصال من اخته التي فاجأها المخاض وزوجها في تلك الديار الطاهرة .. ليغسل ذنوب النفس بعمرة .. لتبقى بجوارها تلك العجوز حتى يعلو بكاء ذاك الصغير في ارجاء المكان .. وبعدها يغادران ليأتي القدر ويرمي بها امام سيارته .. ليضغط الفرامل فجأة .. فترتد العجوز بفزع بعد ان غفت عيناها لبرهة .. وهي تسمي بالله بعد ان تعوذت من الشيطان .. وما هي الا ثواني حتى لامست يداها تلك النافذة .. تضربها بترجي .. لتفتح هي الباب دون اي حذر فتتشبث تلك التائهة بعباءتها .. تمسك بكفيها الاجعدين .. باكية وراجية لها أن لا تدعها .. فزع هو من منظرها .. نزل ليبعدها عن والدته .. ولكنه خاف ان يلمسها .. لم يخف الا انها غريبة .. لا يجوز ان يلمسها .. فيصرخ بها ان تبتعد .. فتزيد هي بتمسكها ..لتزجره والدته بعد ان حن قلبها لها .. ولدموعها ورعشة خوفها .. ويكتنفها منزله يومان وهو راضخ لقرار امه الذي كان تلبية لطلبها بعدم اصطحابها لاي مستشفى .. تكابر الالم خوفا ان يجدها ذاك المتعطش لعذاباتها .. فيضطر لجلب الطبيبة اليها .. ولكن حالتها تدهورت .. فهناك مالم تستطع رؤيته تلك الطبيبة المعالجة .. شروخ في عظم ساقها .. لعل تلك السقطة هي السبب .. وخلع في كتفها الايسر كابدت وجعه حتى استفحلت بها الحمى .. ولتصل اخيرا الى ذاك السرير الابيض .. وتلك الجبيرة وذاك الشاش ..


فرك كفيه ببعضهما .. فهو لا يزال يشعر باقترافه لذنب لمسها وهي لا تقربه .. ليست اخته ولا ابنته .. تنفس الصعداء وهو يلمح والدته تخرج من تلك الغرفة .. يهرول اليها : هاا شو صار؟ .

ابتسمت العجوز من خلف برقعها الذهبي لتبان تجاعيد السنين : راقده .. اللي فيها مب شوي ...عطيتهم اسمها ؟.
هز رأسه بنعم .. وبعدها امسك كفها بحب : خلينا نروح البيت .. انتي مب حمل مستشفيات ..

ربتت على كفه الممسكه بكفها : لا ياوليدي .. ما بخليها وهي مالها حد .
-يالغالية هي الحين راقدة ولا اظن بتوعي الا عقب ساعات .. خليني اوصلج ترتاحين واطمن انا ع حمود وبعدها اروح الدوام .. والعصر ان شاء الله بيبج عندها ..

رأت في عينيه العتب وكأنه يقول لها لو انكِ سمعتي كلامي لما حصل ما حصل .. ابتسمت وهي تمشي بمعيته .. سندها في هذه الحياة .. الذي لم يعلو صوته يوما عليها .. حتى وان غضب او انزعج .. فيبقى الابن البار الذي تحمل الكثير .. شدت على يده بقبضتها .. وكأنها تشكره دون كلمات ..

هل كتب عليها الوجع .. لتتجرعه حتى وهي بعيده عن جلاد روحها .. جرت في عتمة تلك الليلة دون هدى .. ودون اي وثيقة تحمل هويتها .. سوى هوية قلبها الذي لم يجد يوما طعم الحب المنشود .. حب كانت تراه في شخصيات مسلسلات التلفاز .. وفي قصص الغرام .. حب تمنته في ذاك السعيد .. لتدرك من اول ليلة ان الحب ما هو الا حلم تموت على شواطئه دون ان ينقذها احد .. حتى الحب الاخر لم تجده يوما .. حب الام .. الا من ام لا تمت لها بصلة سوى انها زوجة ابيها ..ربتها .. وساندتها .. وكم زجرت ابنتها حين كانت تنعتها بابنة الهندية .. فتبكي الاخرى وتزيد من عنادها الطفولي لتجلد تلك الريم بسياط قدر لم تختره .. كانت تبحث في تلك العتمة عن مكان تستطيع فيه ان تلملم شتات روحها اليائسة .. فتعثرت خطاها مرار .. وقلبها يرجف بين تلك الاضلاع المتألمة من ضربات يد لم ترحمها يوما .. لتقودها قدماها الى ذاك الطريق المسفلت . وتقودها الاقدار الى ام جديدة اعتنت بها .. يومان لم ترى من تلك العجوز الا الحب .. كانت حبيسة تلك الغرفة .. تأخذ ادوية وصفتها لها تلك الطبيبة التي زارتها في ذاك اليوم بعد تلك الليلة الظلماء .. لكنها لم تسكن الم جسدها .. وكم كان الم روحها اقوى ..


ترجف الحمى اوصالها .. فتلك الالتهابات جرت من جسمها مجرى الدم .. لتتورم ساقها .. وتأول للخمول ذراعها .. وكوابيس تجتاح روحها لتتمتم شفاهها بكلمات مبعثرة .. اذا جمعت لن تكون جملة صحيحة .. واسم ذاك السعيد يمر على شفاهها بغضب .. لو تعلم ان وجودها الان بين زوايا مستشفى ابت ان تأخذ اليه خوفا من اناس عاشت معهم .. لصرخت رامية كل شيء خلف ظهرها .. حتى اوجاعها .. وتهرب من جديد ..

،،

ساكنة على السرير .. تحاول ان تستوعب ما هي فيه .. وما ستؤول اليه حياتها القادمة .. انتفضت بجزع .. متمتمة : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم .

وضعت يدها على صدرها لتتحس نبضات قلبها المتسارعة .. مر عليها ما جرى البارحة .. ذهبت مع عبدالله رغما عن والدها .. لم يمنعهما واكتفى بالصمت .. لاول مرة ترى والدها عاجزا عن الرد .. ولا يستطيع منع عبدالله عن قرار اتخذه .. هل بانت الحقيقة المخفية خلف اقنعة الطيبة .. كان يتردد هذا السؤال عليها مرارا قبل ان يصلا الى مكان مايد .. لفت " شيلتها " باحكام تمنع نسمات الهواء من التمرد عليها .. هالها منظره .. وبقع الدماء على ثوبة التي حال لونها الى السواد جراء عتمة الليل الهاربة قليلا خلف اضواء الطريق .. وضعت اصابعها على فيها .. واذا بها تجلس قبالته مباشرة .. ويدها تمتد بارتجاف لتلامس شعره الاسود الناعم .. الذي تجمدت بعض الدماء على خصلات منه .. دماء تلك المجني عليها .. وهو كان الجاني : مايد ..

رفع رأسه وكأن ذاك الصوت أيقظ شيء فيه .. وقف ينظر اليها وهي رافعة رأسها .. قامت ببطء ليكون وجهها مقابل وجهه .. غاضبا ذاك الوجه بقوة .. وخائفا هو وجهها من ردة فعل قد يرميها عليها .. صرخ بغيض يجتاح نفسه النادمة : كله منج – أحنى رأسه داسا يداه في جيوبه بعبث – اندوج( خذي ) فلوسج .

رماهن في وجهها .. لتحملهن تلك النسمات بعيدا . واذا به يرمي مفتاح سيارتها صارخا : انتي السبب .. خليتيني اطلع ..

امسك بدر بكتفه واذا به يبتعد صارخا به هو الاخر : انت بعد .. ياليتك ما سكتت ورى خوفك .. ياليتك تكلمت ..

تنساب دموعا موجعة على خدوده البيضاء .. وعيونه الحمراء تنظر الى بدر الذي وقف مصدوما .. واذا به يردد : كله منكم – اقترب منه عبدالله ممسكا كتفيه مناديا باسمه – كله منهم ..

شده اليه ليبلل جانب صدره الايسر بمياه عينين ارهقهما الندم .. نظر الى بدر وهو يخرج مفتاح السيارة من جيبه : خذ فاطمة وياك للبيت ..

التفت له وكأنها تعاتبه هو من احضرها الى هنا .. وهاهي تسمع كلمات كطعن الخناجر من مايد .. مد يده ليلتقط المفتاح : وانتوا ؟

سؤال تنفس معه عبدالله الصعداء : بنروح فسيارة فاطمة – التفت يمينه حيث تقبع سيارتها – روحوا .. وانا باخذ مايد وياي ..


نزلت دمعة من عينها فمسحتها .. فهي تذكر محاضرة والدها البارحة .. صرخ فيها وفي بدر .. وكأنه يعيد ما حدث مع عبدالله .. مانعا مايد من دخول المنزل دون ان يعلم بانه لم يكن معهما .. بدر هادئ رغم عواصف الغضب التي اجتاحته وهو واقف يستمع لترهات والده .. الذي يحاول ان يضع جميع الذنب على ابناءه .. واتهامهم بانهم لا يمتون للرجولة بصلة ..


تذكرت قبضة بدر وانفاسه الثائرة التي كان يحاول ان يكبتها .. وبعدها يغادر مسرعا للاعلى تحت ناظريها .. لتبقى هي في وجه المدفع .. تتلقى صرخات اب لم تشعر بوجوده يوما .. لينهي كلامه بموعد زواجها .. كيف يحدث كل هذا جراء كلمات كتبتها ..

ضربت بقبضة يدها على طاولتها الخشبية .. وتلك الشاشة لم تأذن لها بعد لدخول الى عالم الانترنت .. حدثت نفسها : ليش كل هذا .. عشان رحت لموعدي في دار النشر ذاك اليوم .. عشان شفته هو بالصدفه .. ويحرك فقلبي مشاعر عمري ما حسيت فيها .. والحين ابوي يعدمني .. حطوا الذنب واصدروا الحكم .. وانا .. وين انا من كل هذا .. حرام اني انشر كتاب .. حرام اني احط اللي احس فيه على ورق .. يا الله مالي غيرك تساعدني .


مسحت دموعها .. وسرعان ما توجهت لـ " قوقل " .. خطت عليه " هواجس روح اتعبها الوجع " هذا هو عنوان كتابها .. ظهرت لها الكثير من المواقع .. فتحت اولها .. هناك كلام كثير على صفحة احد المنتديات الاماراتية .. يناقشون كتابها وكلماتها .. كلماتهم قاسية .. ففي نظرهم لا يحق لاي شخص ان ينعت والديه بتلك الصفات .. وان ما كتبته يعتبر عقوق .. والكثير الكثير ..

تمتمت : واللي هو يسويه في مب عقوق .. والا العقوق بس للاهل .. هذا هو حارمني حتى من عزى بنت عمتي .


خرجت من ذاك المكان الذي بعثر في روحها الم مختلف .. واذا بها تدخل مكان اخر .. كانت تقرأ فيه عندما تجلس بعيد عن طالباتها .. في غرفة مكتبها المشتركة مع ثلاث مدرسات أخر .. لم تقرأ له يوما عبر شاشة حاسوب .. فهناك لذة مختلفة حين تكون اوراق الصحف بين كفيها .. ورائحتها الغريبة تداعب خلايا الشم في انفها ..
قرأت عنوان مقاله " توأم هواجس المختلف "
واكملت تقرأ له :

" هواجس مغترب بلا وطن .. ركني الخاص هنا .. كتبت فيه الكثير من المقالات الاسبوعية .. مقالات ساخطة ..واخرى تتكلم عن ذاتي .. او ذات غيري .. هواجس اضحى له توأم مختلف اسمه " هواجس روح اتعبها الوجع ".. الكثيرون من قراء زاويتي الاسبوعية يظنون ان المغترب هو من كتب ذاك الكتاب .. وهنا اقول لهم باني لا اعلم شيء عن صاحبه .

الجميل انه يتخذني قدوة له في الكلمات الساخرة .. حتى وانا اقرأ له ظننت اني اقرأ لنفسي .. انسان ساخط على حياته بين اهله .. لو يعلم ان في اناس غيره يتمنون منزلا يحويهم .. واب وام واخوة لما قال ما قاله .. حتى وان كان المه كبيرا .. ووجعه عميق يصل الى حدود روحه .. ليس له حق بأن يثور على اهله ..... "


وتتابعت كلماته المتهكمة بمشاعرها .. حتى بان الغيض على شفاهها : غبي .. مثلك مثلهم .. لانكم ما تعيشون اللي اعيشه ..

اغلقت الجهاز بعنف حتى كاد ان ينكسر .. بكت : حراام .. والله حرام ..

،،

يــتــبــع~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:04 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
صوت القاريء احمد العجمي يتردد في المكان ..يخرج منسابا من موقعا للقرآن الكريم في جهاز الـ " توشيبا" الذهبي الصغير .. يرتل ايات القرآن بصوته العذب .. وهو على سرير اخيه وظهره للباب .. وذراعه طويت تحت رأسه .. والاخرى ارتخت بجانبه .. وما حدث له يعود ويعود .. كشريط فيلم سينمائي .. بكرته لا تتوقف عن الدوران .. وعيونه متسمرة على ألا مكان ..


يوم امس كان كالصدع في جدار روحه .. صدع اظهر ما كان تخفيه تلك الروح المتمردة .. التي فتحت لها ابواب الحياة على مصارعها .. ليجول هو فيها دون رقيب ولا حسيب .. فقط لانه المدلل .. ابن راشد الـ ..... آخر العنقود .. صدع جعله يثور في وجه الاخوة .. ويردد كلمات اصبحت فاترة على شفتيه المتشققتان ..فقط هو كان مختلفا معه .. لم يتكلم كثيرا معه .. وكأن هناك شيء ما اختبأ خلف نظراته له ردعه عن الكلام .. الا بجمل بسيطة لا يزال يذكرها .. ويذكر جسده وهو متمسكا به .. يحاول ان يجد دفء روح تحتويه حتى لا يتخبط في حياة اصبح الذنب يكتنفها ..


يمسكه بقوة بيده من خلف كتفه .. يضغط عليه دون شعور منه .. وهو يتمتم : هم السبب .. هم السبب ..

قاده معه بحنان اخ انتابه شيء من تأنيب الضمير .. انحنى يخفي دموعا صعب اخفاءها .. والاخر ينظر اليه قبل ان ينطلق .. الحر يضرب بارجاء سيارتها الـ " هوندا " الصغيرة .. اشعل التكييف .. وعدل كرسيه .. وبعدها انطلق .. الصمت كان رفيقهما مع شهقات موجعة من مايد .. الذي لم يرفع رأسه .. كان كسيرا .. وكأن طاقته تبعثرت وسالت على ذاك الرصيف مع تلك الدماء البريئة .. يسنده ليخرج من السيارة .. ويتابع معه الى شقته الصغيرة .. بيتا لطالما تمنى ان يجمعه مع قلبه الذي نساه في هذه اللحظات .. اجلسه على طرف سريره .. وخطى يخرج له ثوب نوما وملابس داخليه وفوطة نظيفة .. وقف قبالته ويده على كتفه : قوم تسبح .. كلك دم .. ومب زين تبقى بهالشكل .

امسكه من عضده يرفعه : ما في حيل .

قالها ورأسه للارض .. وضع ما في يده على السرير .. ليوقف ذاك المتعب : بساعدك .. ياللا ..

ادخله دورة المياه ( اكرمكم الله ) واجلسه على كرسي المرحاض بعد ان اسدل الغطاء عليه .. يخلع عنه ملابسه وكأنه طفل بين يدي والدته .. والاخر غائب في عالم تاهت فيه نظراته .. واحساسه بمن حوله .. ليرتجف بعد برهة لبرودة الماء الذي انسكب على جسده العاري ..
حتى رغوة الشامبو المنسكبة على عينيه المفتوحتان لم يشعر بحرقتهما .. وكأن المحاجر تحجرت .. مرت الدقائق منهكة .. كعجوز انهكه المسير .. واذا به يسنده وثوبه قد تبلل كثيرا .. والاخر ضائع يتحرك بين كفي اخيه كدمية رفعت بالخيوط وتسير كيف يشاء ممسكها ..


البسه من ملابسه واجلسه من جديد على سريره .. ليتمتم وهو مرخي كفيه وعيناه لا ترتفعان : انت ليش طيب .

توقف عن تنشيف شعره المبتل .. يسحب تلك الفوطة البيضاء ببطء ليرميها على الكرسي الصغير المتواجد في تلك الغرفة .. تاهت الحروف ولم يجد جوابا لذاك السؤال . وفضل الصمت .. ليشتت كل شيء وهو يقول : بطلع اييب عشا ..

امسكه من زنده .. ولا يزال رأسه للاسفل وعيونه سلطها لنقطة قريبة من قدميه : مابي شيء .. اريد ارقد .. يمكن عقبها ما اقوم وارتاح .

تجهم الاخر وهو يمسكه من كتفيه : استغفر ربك يا مايد .. هذا حكمه ولا تعترض عليه .. وكل نفس ذائقة الموت .. وما هي الا اسباب وبس ..


لم يرد باي كلمة .. وفضل الاستلقاء .. وهاهو لا يزال كما استلقى البارحة .. وفجأة انتحب حين وصل الى مسامعه قول الله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) (آل عمران:185)


لم يمضي الكثير على دخوله ليفتح موقع القرآن الكريم .. لعل اخيه يهدأ .. وتهدأ روحه .. وهاهو يعود يفتح الباب بهدوء .. فالساعة تقارب السابعة صباحا .. وعليه ان يكون معهم ساعة الدفن .. رأى جسده النحيل يهتز .. وهو منكمشا على نفسه .. طوح برأسه وهو يتمتم : لا حول ولا قوة الا بالله .

دخل دون ان يعر ذاك المستلقي اي اعتبار .. لا يريد ان يثير فيه تلك المشاعر بحديث عقيم في هذه الساعة .. استحم وغير ملابسه بهدوء تام .. وذاك لم يتحرك فقط اهتزاز كتفيه تنبأ بأنه مستيقظ .. لا يريد ان يتركه .. ولكن لا بد من الذهاب .. لا بد من المشي في تلك الجنازة التي كسرت نفوس كثيرة .. واولها نفس اخيه "الصايع " كما كانوا ينعتونه .. غادر الشقة وهو يدعي ربه ان لا يفعل بنفسه شيء .. سيبقى معهم لساعة فقط وبعدها سيعود .. لن يستطيع تركه وحده .

،،

هناك في منزل الاحزان .. منزل غطته اشباح الموت المفاجئ .. لتحيل ساكنيه الى جثث تمشي على الارض .. دخلت عليها لعلها ترضا بالخروج من تلك الغرفة الى الصالة .. كانت مستتندة بظهرها على ظهر السرير وابنتيها على جانبيها .. واحدة يمينها والاخرى على شمالها .. اقتربت منها واذا بها تتحدث : بيدفنوها يا مريم .. بنتي عليا خلاص ما بشوفها ..

جلست على جانب السرير وهي لا تعرف كيف باستطاعتها ان تهون تلك المصيبة على ميثة .. ربتت على ساقها التي يغطيها الحاف : وكلي امرج لرب العباد .. هذا يومها ..

انسحبت دمعة بهدوء من عينها : امس كانت وياي .. يتني تقولي بروح الدكان راعي الدكان ما يرد على الفون .. عطيتها ميه قلت لها اريد كسر – نظرت لمريم – كانت تضحك يا مريم .. تضحك .. تقولي بشتري سنكرس وبغيض طروق .. تعرف ان طارق يحب السنكرس .. راحت بنتي .. راحت وهي كانت تقولي بشتري كل الدكان ولا بردلج شيء .. ضربتها .. وضحكت وياها وانا اهددها اذا ما ردتلي باقي الفلوس .. ياليتني ما طعتها ولا خليتها تروح .. تروح كل لفلوس يا مريم بس عليا ترد .

-
ميثة شو هالرمسه .. استغفري ربج .. واحتسبي ..

سمع الحديث الدائر .. رجع بعد غياب عن المنزل بالساعات .. حديث هزه .. واثار ذكريات طواها الزمن .. طأطأ رأسه وبعدها حثى الخطى لغرفته .. فتح الباب بقوة .. حتى فزعت تلك التي غفت وهي ترضع ابنها .. سمت بالله .. وسرعان ما نزلت عن السرير متوجهة له .. وقفت بقربه وهو ينزع له ثوب من الدولاب : وين كنت للحين .. خوفتني عليك ..

لا رد منه .. ابدل ثوبه .. ووضع " غترته" البيضاء على رأسه .. مطلقا طرفها الايسر على صدره .. والايمن رماه على كتفه الايسر .. وغادر المكان .. وقف عند باب المنزل الخارجي .. فتلك سيارة شرطة واقفة .. تسمر في مكانه ناظرا لذاك الشرطي القادم نحوه .. واذا به يرد التحية عليه .. ليسأله : طارق منصور الـ .... موجود

-
انا هو .. امرني .

-
مطلوب في مخفر الشرطة .. ياليت تروح ويانا .

شرطة؟ .. هو لا يذكر بأنه فعل شيء قد يوصله للشرطة .. قال : اسمحلي اوالمهم ( اكون معهم ) فدفن بنت عمتي .. وعقبها بيكم بريولي ..

-
عظم الله اجركم .

تمتم : اجرنا واجرك .

وبعدها غادر .. بعد ان وعده طارق بالذهاب اليهم .. ترك المكان وهناك عيون تنظر اليه .. خائفة بسبب الحزن المكنون في روحه .. اسدلت الستار .. والتفتت حيث ينام ابنها .. وسرعان ما انحنت عليه ترفعه وتقبل وجنته .. وتضعه في سريره ..

يمر الوقت بطيء على تلك العائلة .. ولا احد يهتم بمن سيأتي الا هي .. ولجت الى المطبخ والتعب يعصف بجسدها .. اعدت ما يلزم لمن سيأتي لعزائهم هذا اليوم .. واذا بها تراه يعود من جديد مسرعا الى غرفتهم .. لحقت به .. اخذ ينادي عليها واذا بها خلفه : انتي وين كنتي .

دخلت : دفنتوها .

-
هيه .. وين كنتي ؟

مشت لتجلس على السرير بتعب : فالمطبخ .

صرخ في وجهها : انتي ينيتي . امس طالعة من المستشفى ويرحج بعده ما برى – اقترب منها – سمعيني زين .. ما ابيج تشتغلين ولا تظهرين من هالحجرة .. ترا مب ناقص مصيبة ثانيه ع راسي .. فاهمه .

وبعدها رمى ثوبه المتسخ بتراب قبرها .. ليرتدي آخر .. وصرخ من جديد في وجهها قبل ان يخرج مهددا لها .. شعرت بغصة تخترق صدرها وتمتمت بشفاه راجفة : لا مب فاهمه .. البيت ما فيه حد .. امك لاهيه مع عمتك .. وريم ما بينت للحين ولا فاطمه ولا كأن بنت عمتهن ميته .. وانا ما اريد يقولون عني اني قليلة اصل وما اعرف السنع .. ما اريد .

،،

ثارت انفاسه وهو ينظر لذاك الوجه الذي ارتسمت عليه ملامح الفرح الساخر .. هل من المعقول ان لا قلب له .. كيف تجرد هذا الانسان من كل المشاعر .. حتى وصل به الامر ان يسحبه كاللصوص الى مخفر الشرطة .. لم ينطق ببنت شفة .. ولم يتحرك من وقفته امام ذاك الجالس على الكرسي .. وزع نظراته عليهما وكأنهما في حلبة مصارعة ويستعد احدهما للانقضاض على خصمه .. قام واقفا بزيه العسكري : انتوا عيال عم وعيب اللي يصير بينكم .. بخليكم شوي تحلون مشكلتكم قبل لا تكبر .

وقف سعيد : ما بتنازل عن حقي حضرة الضابط .. وحرمتي بيطلعها غصبا عنه .

-تفاهموا وراجعلكم .

ما ان اغلق الباب حتى انقض طارق عليه ممسكا ثوبه من صدره : ياللي ما تستحي .. احنا فعزى وانت ياي هني تشتكي علي ..

فك قبضته : حقي .. وانت تعديت علي بالضرب .. وفوق هذا مب طايع تخلي ريم تروح وياي ..

لوح برأسه : عمرك ما بتكون ريال ..

لم يتنازل .. وحجز طارق في اصعب وقت مر عليه .. ابعده حتى عن الوقوف لاخذ عزاء من سماها اخته .. ازداد غضبا على غضب .. فذاك السعيد لم تعد فيه ذرة رجولة .. حاول الضابط ان يصلح بينهما دون فائدة .. واضطر ان يقوم بواجبه .. فاودعه خلف القضبان .. قضبان لا تأتي شيئا امام قضبان الحزن الذي يطوقه .


،،

يــتــبــع~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:05 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
آخر يوم لها في تلك المدرسة .. شعور جميل يجتاحها .. خرجت قبل انتهاء ساعات الامتحان .. مشت لتقف قبالة السور .. وتلك البوابة الحديدة التي تطل على الشارع .. ارخت " شيلتها " على اكتافها .. وهزت رأسها لتتنفس خصلات شعرها القصير جدا .. ثنت ساقها اليسرى .. لتعانق قدمها المتوارية خلف ذاك الحذاء الاسود الجدار ..وما هي الا دقائق من وقفتها تلك حتى تسمع اسمها .. التفتت واذا بالاخصائية الاجتماعية تقبل نحوها : جود .. ليش واقفة هني .

ابتسمت وهي تعتدل في وقفتها : خلصت امتحان .. واتريا السواق .
امسكتها بيدها : تعالي وياي .. في ريال يبي يشوفج .

قالت بشيء من الامل المرجو : فيصل ؟
-لا

ما ان سمعت اجابتها حتى سحبت يدها : انا ما اعرف رياييل غير فيصل .

وعادت لوقفتها السابقة .. وضعت الاخصائية يدها على وسطها : بس هو يريدج فموضوع .. صارله ساعة يترياج ..

دون اي اكتراث منها : اللي يباني اييني .. انا ما اروح لحد .

وقعت تلك الجملة في مسامعه .. ليبتسم وهو ينظر لتلك النحيلة .. وجسمها الذي لا يبدو ابدا لفتاة بالغة .. بصوته الجهوري قال : وهذا انا ييت لعندج .

التفت له .. وضيقت حدقتا عينيها : منو انت ؟

اخبرها بكل شيء .. تستمع له بامعان .. وكأن تلك الكلمات وتلك الجمل خلاص لها ولفيصل .. فيصل الذي ابتعد عنها منذ ما حدث من رنيم .. ارادت ان تعرف فيما قد يريدها جاسم .. ولكن كيف لسلطان ان يخبرها اذا هو ايضا لا يعرف .. انتشلت " شيلتها" عن اكتافها .. لتضعها على رأسها .. وبعدها تغطي وجهها بطرفها .. فعل استغربه سلطان .. فلقد كانت واقفة امامه حاسرة الرأس .. غير آبهة بكونه رجل غريب .. والآن تستتر .. ازداد استغرابه حين قالت : اوكي .. خلنا نروح .


ماذا بكِ يا جود .. كيف تركبين مع رجل غريب لا تعرفينه ؟ هل جننتي ؟ .. كل ما يحدث لي سببه فيصل ... فيصل يجب ان يبقى صامدا .. يجب ان يجد من دمر والدي – التفت الى سلطان – بس كيف أمنتي تروحين وياه .. يمكن يضحك عليج ويخطفج .. ويمكن بعد ما يعرف جاسم عبدالعزيز .. جاسم .. دخلت على موقع شركته مرتين .. مرة بطلب من فيصل .. ومرة بكيفي ..

التفت لها : ليش اطالعيني – عاد بنظره لطريق – لا تخافين .. ما بخطفج ولا بسوي فيج شيء .. من شوي كنتي شجاعة .. والحين يالسه تتنافضين .

نظرت لكفاها المتعرقان في حضنها: مب خايفة .

توقفت تلك السيارة .. بلعت ريقها بخوف .. وترجلت تمشي خلفه .. دخلا المصعد .. ستة ..الرقم الذي وضع سلطان اصبعه عليه .. قلبها يقرع طبول الخوف والترقب .. لا تستطيع ان تجد سببا لهذا اللقاء .. وكأن معدل ذكاءها انخفض الى ادنى مستوياته ..

جلست في مكتب السكرتير .. وهو تركها .. تلفتت في المكان .. لو يعلم فيصل لن تكون بخير .. هو يكرهها لذاك السبب الذي لا ذنب لها فيه .. والآن قد يكرهها اكثر .

،،

امامه الكثير من الملفات .. يقرأ فيها .. ويراجع بعض العقود .. دخل عليه والابتسامة ترتسم على وجهه : جود برع .

ابتسم الاخر وبعدها تكلم وهو يغلق الملفات ويضعها جانبا : والموظف اليديد اللي لازم اقابله ؟

جلس وهو ينزل طرف " غترته " ويعود ليرميه للخلف : ما ييا ..

-
من اولها .. المهم ان جود هني ..

ثواني واذا به يطلب من سكرتيره ان يأذن لها بالدخول .. وقفت وتنفست بعمق وكأنها ستخوض معركة لا تعرف اسبابها .. كشفت وجهها حين هم السكرتير ان يفتح لها الباب .. ازدردت ريقها للمرة العاشرة .. متوترة .. وكل ما ينتظرها مجهول .. ولجت للمكتب لتلفحها النسمات الباردة من جهاز التكييف . واذا به يقف : حياج .

يشير بيده لتجلس على الكرسي قبالة سلطان .. ملامحهما جامدة .. قاسية .. اثارت في قلبها شيء من الرعب .. نظرت اليه حين سألها ماذا تشرب .. هزت رأسها دون ان تنطق .. مخبرة له بان لا رغبة لها بشيء .. مسح بيده على نصف وجهه منتهيا عند لحيته ليتوقف لثواني وهو ممسكا بها .. وما يلبث حتى يربع ذراعيه على الطاولة : تبين تعرفين ليش انتي هني - صمت وهو يدقق في ملامحها حتى انزلت رأسها – اريد منج خدمة .. ولج بالمقابل مني خدمة .

التفت له بعيون متسائلة .. ليردف : اقدر اخلص فيصل من الكللام اللي ينقال عنه فالسوق

-
اي كلام ؟

ابتسم : انه مب شريف فالتعامل مع التجار .

وقفت صارخة : فيصل اشرف منهم كلهم .. والكلام اشاعات ماله اي مكان من الصحة – اكملت بالانجليزية – وانت تحاول ان تجد شيء حتى تجعلني اعمل لك .

بهدوء اخرج ورقة ووضعها امامها : يلسي .. وشوفي المكتوب هني .

نظرت لسلطان وكأنها تبحث عن اجابة ما في عينيه .. وسرعان ما أخذت الورقة دون ان تجلس : ما هذا ؟

اراح ظهره على الكرسي : ما عرفتيه .

جلست وهي تزفر : اي بي .. بس شو دخلني فيهن .

عاد لجلسته السابقة : الاول تم اختراقه – نظرت له بنظرات الخوف – والثاني بسرعه تم تغيره .. تبيني اكمل واقولج كل السالفة ..

انزلت نظرها الى كفيها المتعانقان : دخلت ع موقع شركتك مرتين .. مرة من باب الفضول .. والتجربة .

تبادل النظرات مع سلطان : والمرة الثانية عشان تسحبين معلومات عنا .. عن شو ادورين بالضبط .

وقفت ناظره لسلطان : وصلني للبيت .

وقف هو ايضا ووقف معه سلطان : سمعيني .. ما يهمني شو سحبتي .. لان ما في اي شيء اخاف منه .. بس اذا تبيني اوقف مع اخوج واخلصه من الكلام اللي طلع عليه .. تسويلي اللي اريده .


فيصل نقطة في حياتها تربطها بوالدها .. مستعدة ان تفعل اي شيء لتحميه .. لتقف معه .. ليكون كوالدها .. استسلمت لطلبات جاسم .. وجدت فيما طلب مخرجا لفيصل مما لحق به .. انتهى ذاك الاجتماع الغريب بشعور اغرب اكتنفها .. هي سترحل .. ستبتعد عن المكان قريبا .. وذاك الجاسم يريد منها اشياء قد توقعها في الكثير من المشاكل .. لكن كل تلك المشاكل لا تهمها .. ابتسمت وهي تصعد الدرجات في منزلها بعد ان اوصلها سلطان .. وفجأة جرت مسرعة .. لتدخل على والدتها .. وترتمي في حضنها : مامي . اشتقت لك .

لينتاب تلك الام الاستغراب : بسم الله الرحمن الرحيم .. تراني الصبح شايفتنج .. وبعدين ليش تاخرتي .. السواق من متى واقف قدام المدرسة وانتي ما طلعتيله .

ابتعدت عن حضنها : اتصلي عليه وخليه ايي ..

ارادت ان تغادر فامسكتها من ذراعها : منو اللي وصلج .

نظرت لعيون والدتها والصمت يتردد في المكان . وكأن تلك النظرات تحكي قصة لتجيب عن ذاك السؤال .. قبلت وجنة والدتها : امي .. قريبا ساترك الامارات .. ساذهب لادرس في الخارج .. فلا داعي لخوفك علي .

وبعدها غادرت .. دخلت غرفتها تبعثر اشياءها وكأنها تبحث عن اشياء جديدة .. كانت ترمي بكل ما تلمسه يداها من ملابس للاعلى وهي تضحك كالمجنونة .. او كسجين عرف طعم الحرية .. واذا بها ترتمي على سريرها فاردة ذراعيها .. تنظر لسقف غرفتها المزخرف .. وابتسامة كبيرة ارتسمت على محياها .. وصرخت : اخيرا سينتهي كل شيء .. اخيرا سأكون حرة فيما افعل ..

وترددت ضحكاتها في زوايا المكان .. مر عليها الوقت دون ان تشعر به .. لعلها غفت وهي على وضعيتها تلك .. وفجأة فتح الباب بقوة .. حتى ضرب في الجدار وارتد من جديد .. ولم تشعر الا بجسدها يرتفع ويتطوح يمنة ويسرى : انتي شو كنتي تسوين عند جاسم .

جملة قالها صارخا .. لتهاجر الفرحة اوصالها .. ويحل مكانها رعب لطالما حلمت ان لا يكون يوما في حياتها .. يهزها بعنف وهي مشدوهة النظر اليه .. لا توجد اي كلمات قد تستطيع ان تقولها .. منذ ساعات كانت تحاول ان تحميه .. ان تبعده عن القيل والقال .. والآن تكافأ بصرخات ثقبت طبلة اذنها .. وكلمات ارجفتها .. لم تجد سوى اسنانها لتبعده عنها .. عضته ليصرخ تاركا ذراعها .. فتجري منه مسرعة .. تنزل تلك السلالم .. لتتزحلق وتقع خوفا تحت انظار اختيها ووالدتها الواقفات في مكانهن .. بعد ان سمعن صراخه وهمن بالصعود .. ولجت للمطبخ .. لتسحب سكينا تمسكها بكلا قبضتيها .. ويقف هو ناظرا اليها .. والشر يهرب من عينيه نحوها : جود .. اريد اعرف شو كنتي تسوين عنده .

هزت السكين بعنف : لا تقرب مني ..

تقدمت والدتها بخوف : جود حبيبتي خلي السكين ..

اهتزت شفتيها : يرجع ويقول اني مب اخته .. يرجع يعيد نفس الكلام .. مثلها – تأشر بالسكين نحو رنيم – هي بعد تقول هالكلام – نظرت اليه – تريد تعرف شو كنت اسوي عنده .. روح سأله .. بيقولك اني كنت اريده يخلي صورتك زينه بعد ما تشوهت قدام الكل .. روح سأله وبيخبرك اذا انا اللي فضحت اسرارك او غيري .


نظرت لرنيم .. التي ارتجفت اطرافها .. قد تتوجه لها لكمة من فيصل الواقف امامها .. ابتعدت خطوتان للخلف .. جود مجنونة قد تقول كل شيء .. قد تفضحها .. نظرت الى والدتها التي تحاول معها لتترك السكين من يدها .. وبعدها نظرت له .. ساكنا ينظر لجود التي سالت دموعها كأنهار لا تتوقف .. واخيرا جواهر الصامتة .. التي تعيش في عالم بعيدا عنهم .. كانت تبكي .. رجعت تنظر لجود الثائرة .


امسكت خصلة من شعرها بيدها اليسرى .. ولا تزال يدها اليمني تمسك بتلك الاداة الحادة .. واذا بها تنزع شعرها بعنف وتضعهن على الطاولة صارخة به : خذهن لاحسن مختبر .. وخلهم يقولولك اني مب اختك .. واذا ما بيكفنك – فتحت يدها اليسار – بعطيك شيئا اقوى .

جرحت يدها ليصرخ هو باسمها ضاربا كفها لتسقط السكين بعيدا .. دفعته عنها وابتعدت : لا تلمسني يا فيصل .. انا ما اختك .. كيف تلمس وحده ما تقربلك وانت كنت تضايق يوم تلمسك ميعاد .. مب اختكم .. مب اختكم ..

،،

انتظروني بعد غد مع الجزء السادس والعشريين ..
تحياتي ~



♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:07 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
نائما امام قدميها على فراشها الوثير ..ضامة نفسها .. ويدها اليسرى على كتفها الايمن .. ويدها اليمنى على كتفها الايسر مكونة علامة " اكس " انحنت عليها بذقنها .. ثانية ساقيها .. ونظرها على ذاك القابع امامها .. تضيء شاشتة للمرة السابعة بسبب المكالمات التي تصلها .. هو يتصل بها .. منذ الصباح وهو يتصل .. وهي لا ترغب باي حديث قد يوصلها للجحيم من جديد .. جحيم امرأة لم تذنب معها باي شيء .. سوى كونها زوجة على غير ما تشتهي .. رنة وصول رسالة نصية تبعثر السكون بعد توقف الرنين بسبب مكالمة .. حركت اصابع قدميها تشدهما وكأنها تريد ان تنفس ما بداخلها من ضيقة اصابة قلبها بعلة لا تعرف لها دواء في هذا الوقت .. انحنت اكثر لتخفي وجهها بذراعيها .. وقلبها اصابه الوهن بسبب ذاك الالحاح منه هو ..


صوت خطوات عصاه يصدح في المكان وهو يصعد درجات السلم ببطء .. وخطواته الثقيلة الدالة على كبر سنه تتبعها .. رفع نظره لتلك الهامة بالخروج من غرفتها .. وسرعان ما اشاح بوجهه .. فتلك الروضة أضرمت محرقة في صدره لا تزال نيرانها مشتعلة حتى الساعة .. لا يكلمها ولا يتقابل معها الا على الطعام في ساعات الظهر .. وليس ذاك اللقاء يوميا .. عادت ادراجها لغرفتها .. وهو تابع طريقه لغرفة الاخرى التي تمقتها بسبب القرب الذي اضحى بينها وبين والديها .. وحتى ناصر ابتعد عنها لاجلها .. كم تمقت ما حدث بسبب تلك السارة ..

فتح الباب لتفز هي من على سريرها .. مقبلة رأسه : هلا والله ببوي .. تو ما نورت حجرتي .. من وين طالعة الشمس اليوم حتى الغالي عبيد ينورني بهالزيارة .

تحاول ان تبعد مشاكلها عن عائلتها .. فامها دائما كانت تقول لها ان لا تظهر مشاكل بيت زوجها لاي احد حتى امها .. ابتسم وهو يجلس على طرف سريرها : شو بلاج .. من يتي البارحة ما يلسنا وياج الا شوي .. وليش ما تردين ع ذياب .. يتصل علي يسأل عنج .. بلاكم في شيء بينكم .. ترى اذا ذيابووه مزعلنج ما يلوم الا نفسه كم سارة عندي انا .

بتوتر واضح على كفيها المترابطان .. قالت وهي تجلس بجانبه : لا يالغالي .. ما بينا الا كل خير .. بس ما انتبهت للفون ..

مدت يدها من خلف ظهر والدها لتسحب الهاتف .. وبكذبة صغيرة حتى لا تشغل باله : يووه .. محطيتنه صامت . عشان هالشيء ما انتبهت .

ضحك وهو يقوم واقفا لتقف هي معه : شو اللي شاغل عقلج ..

خرج .. وهي شردت بعقلها ناظرة للهاتف بين كفيها .. رمته من جديد على السرير .. واذا بها تضع يدها على صدرها فزعا .. بسبب تلك المندفعة وهي تصرخ باسمها : خوفتيني ..

ضحكت برقة وهي لا تزال ممسكة مقبض الباب : تقولج امي بتروحين وياها عزى قوم خالتي .. اذا بتروحين تجهزي .. ناصر فالطريق .
-خبريها بروح .. بتسبح وبنزل .
-اوك

اغلقت الباب وخرجت مهرولة لتخبر والدتها بما قالته سارة .. ما هي الا دقائق حتى تسحبت الاخرى خارجة من غرفتها .. واطراف اصابعها تلامس الارضية الملساء بحذر .. وضعت اذنها على باب غرفة اختها .. لا صوت هناك .. لتطمئن طرقت الباب بخفة .. وبعدها دخلت كلص لا يريد ان يلفت الانتباه .. فلا رد قد وصلها .. بعثرت نظراتها في الغرفة .. وما ان لمحته حتى انتشلته .. ضغطت على احد ازراره ليبان الكم من تلك المكالمات .. وبعدها ارسلت رسالة نصية تحمل رقم من اضحى زوج اختها .. واذا بها تزيل ادلة اجرامها .. رمت الهاتف في مكانه وخرجت مسرعة .. لتبتسم وهي ترى الرسالة التي وصلتها بفعل يديها .. ابتسمت وهي تحدث نفسها : غيرت رقمك .. بس انا وراك ووراها .

اما الاخرى بعد ان استعدت لمغادرة الغرفة .. حملت حقيبتها السوداء الصغيرة .. واذا بها تسحب هاتفها .. لينعقد حاجباها : منو اللي فتحه

صوت والدتها وهي تناديها جعلها ترميه في الحقيبة دون اكتراث وهي تزفر انفاسها : يايه .

نزلت السلالم لتلتقي بالعنود .. ضاربتا اياها على كتفها : كم مرة اقولج لا تلعبين بفوني بدون اذني .

وضعت يدها على كتفها : آآآي .. ما لعبت فيه .. وبعدين هذاك اول العب فيه يوم كنت صغيرة .. الحين كبرت وعقلت .. باقي سنة واصير جامعية ..

قالت تلك الكلمات بكبرياء مصطنع وهي تضع كفاها على وسطها وترفع رأسها .. ابتسمت سارة لحركتها تلك : انزين يالكبيرة .. اخليج اخوج نويصر حشرني بالهرانه ..

ركبت .. وتلقت بضع كلمات من ناصر لتأخرها .. وما هي الا دقائق حتى صدح هاتفه منبأ بمكالمة ما .. شد الحديث الدائر انتباه شيخة : كيف ؟ ... متأكد انه هو ... لا حول ولا قوة الا بالله .. وانا اقول وينه ما شفناه فالعزى .. ان شاء الله .. ساعة واكون عندكم .

اغلق هاتفه ليرميه بجانبه في ذاك الصندوق الصغير الذي تقبع فيه عدد من الدراهم المعدنية .. وليجيب على سؤال والدته : ولا شيء .. بس بوصلكن وبروح عندي شغل

-
ومنو هذا اللي ما شفته فالعزى .

وهو ينظر الى سارة التي تجلس خلفه من خلال تلك المرآة المسطيلة الشكل : واحد من الربع – اكمل حديثه لاخته – سارة فيج شيء .

ابعدت يدها التي استندت عليها لتضعها في حجرها .. ونطقت بشيء من التوتر : لا .. ما في شيء ..

بدأت افكار غريبة تجتاح عقلها في تلك النصف ساعة التي قضتها في سيارة اخيها .. هو من يستطيع ان ينصفها .. وقد يستطيع ان يردع اختها عن افعالها تلك .. نظرت له وحدثت نفسها : بس هو عصبي ..

تنهدت .. ونزلت من سيارته تتبع خطوات والدتها الى الداخل .. اما هو فانطلق .. لا يعلم ان ذاك الطريق قد يوصله لحقيقة لطالما بحث عنها ولم يجدها .. كذرة ملح تاهت في رمال الصحراء .. مشى بخطوات واثقة بعد ان وضع نظارته الشمسية على عينيه .. متوجها الى ذاك المبنى .. انتهى لقاءه مع ذاك الشخص لينتظر اللقاء بشخص آخر .. رفع نظره للباب حين دخل .. تبادلا التحية .. ليظل الثاني واقفا ويظل هو على وقفته ايضا .. بشيء من الحنق : عنللاتك يا طارق .. تمسك الريال وتهدده قدام الضابط .. لاااا ..وتقوله لو اشوفه اكسر راسه ما اضربه وبس .. انت الين متى بتبقى على عصبيتك هذي اللي بتوديك فستين داهية .

تأفف وهو يجلس على الكرسي و" غترته " منسدلة على كتفه اليمين : نصوور .. انت ياي تكفلني عشان اطلع والا ياي تعطيني محاضرة .

طوح برأسه وهو يجلس على الكرسي الاخر : ما ينلام يوم خاف انه يهدك وتسوي شيء فولد عمك ويروح هو فيها .. شوف يا طارق .. هالامور والهواشات اللي بينكم خلوها بينكم .. والله مب حلوة فحقكم عيال عم وتضاربون تقول يهال .. مب كبار ومعرسين لا وبعد عندكم عيال .

شتت نظراته وهو يزفر انفاسه التي تعبت من ذاك الكلام : والله عارف اللي تقوله .. بس روح قوله لسعيد الكلب .. اللي ما عنده شيء من المريلة .. وانا ادري ان عصبيتي هذي بتوصلني لمكان ما وراه الا الندم .. مثل يوم تهورت وضربت اخوك احمد .. الله ستر يومها والا انا الحين اتريا يوم وفاتي .

كلمات من شأنها ان تجحظ عينا ناصر لها .. لعله لم يسمعه جيدا .. احمد الذي مضى على غيابه وغياب اخباره اكثر من ثمانية اشهر .. ها هو يُذكر على لسان طارق .. وبجمل غير مفهومه .. قال بشيء من عدم التصديق : انت شو تقول .. وشو ياب طاري احمد .. وانت متى شفته وقابلته .

-
انتوا ما عندكم خبر ؟

سؤال وقف معه ناصر وضربات قلبه بدأت تسمع : عن شو تتكلم .. فهمني يا طارق ..

-
طلعني وانا افهمك كل شيء .. مب قادر ايلس دقيقة وحده زيادة فهالمكان

عاد ليجلس وملامح الدهشة تحيط بوجهه : قولي بالاول متى قابلت احمد .. وشو سالفة يوم وفاتك وان ربك ستر .

دون اي مقدمات : احمد فيه الايدز .. وان تضاربت وياه .. وهو اعترفلي بلسانه بهالشيء .

وكأن ماء بارد كبرودة الجليد سكب على رأسه .. كيف يحدث كل هذا .. اخيه سيموت وهم لا يعلمون مكانه .. ولا حتى خبر واحد منه .. شقيقه الاكبر الذي لطالما تمنى عودته يكابد الانتظار المر للمنية المخيفة خلف مرضا اسمه الايدز .. كيف عساه يزف هذا الخبر لام تنتظر الرجوع .. واب قد ينهشه الندم من هول ما سمعه الآن .. هل عليه ان يترك كل شيء طي صدره وصدر طارق ؟..

انهى معاملات اخراج طارق .. ليتركه شاكرا له .. ويطمأنه ان هذا الامر لن يتعداهما .. وقف ينظر اليه يغادر في سيارته التي جاء فيها في صباح هذا اليوم .. وهناك دمعة تأبى ان تخرج .. وغصة تكتم انفاسه .. مشى بخطوات اثقلها النبأ العظيم .. وغادر تلك الساحة عائدا الى منزله .. ليجلس في تلك الصالة وتمر عليه الدقائق كريهة . مليئة بالكثير من السخط والحزن والمشاعر المتضاربة .. جاءت اليه لتقف على مقربة منه .. فهي تشعر بأن سكوت سارة لن يطول .. وان حالتها تلك تنبأ بانفجار قد يحيلها الى لا شيء اكثر من الآن .. نطقت اسمه ليجيبها دون ان ينظر اليها : نعم .. شو تبين .؟

بللت شفاهها وازدرت ريقها : اختك سارة – نظر اليها لتردف – ما ادري شو فيها علي .. كل شوي اتيي تصارخ علي تقول عديلتها مب اختها .

وقف لتفزع هي من منظر وجهه : شو صاير .

-
يعني مب ذنبي ا ن ريلها كان متقدملي قبلها .. عندها عقدة .. تظن اني باخذه منها وانه هو يحبني .. شو هالتفكير اللي عليها .

لا يرغب بالاستمرار في هذا الحديث الذي لا يأتي شيء امام ما عرفه : ما عليج منها .. مصيرها بتعرف ان كل اللي هي فيه وساوس وبس .

ابتسمت وهي تراه يغادر الصالة لغرفته .. فنفسها تشبعت بكره يقودها لاستخدام اسوء الاساليب .. دون ان تضع اي اعتبار لاختها وحتى اهلها .. رجعت لغرفتها التي باتت اغلب اوقاتها فيها .. فحتى العمل منعه والدها عنها .. فوجوده ووجود اخيها لن يدع لها اي نقص .. جلست مربعة ساقيها على سريرها .. وذاك الجهاز الاحمر من " سوني " اتخذ مكانه في حجرها .. هنا شخصا تخلى عنها عندما كانت في حاجته .. مثل ذياب حين تخلى عنها مع اول اعتراض منها .. لم يتمسك بها وقبل باقتراح والدها "السخيف" على حد قولها .. تقرأ ذاك المقال الذي قرأته فاطمة قبلها .. لتزفر بغيض : زين والله لقيتلك حد ع شاكلتك .. مالت عليك .


مريضة هي .. كالاخرى التي لم تستمع لكلام زوجها .. صعدت بتعب لتجد على هاتفها مكالمات من تلك الخولة .. ابتسمت وجلست على حافة سريرها .. ليرن الهاتف في اذنها .. واذا بها ترد عليها .. لتردف هي : سامحيني الفون ما كان وياي .. والصراحة ما بقدر اطول وياج .. عندنا عزى ولازم اقوم بالواجب .

ابدلت الاخرى هاتفها الى اذنها اليسرى لتمسكه بكتفها وتكمل تقطيع اللحم الذي بين يديها : عظم الله اجركم .. بس عزى منو ..

رصت على شفاهها وهي تشعر بوخزة مكان الجرح لتضع يدها عليها : بنت عمة ريلي .

تركت الاخرى ما في يديها لتغسل كفيها وتنشفهن وتخرج لصالة الصغيرة : شهد صوتج مب عايبني فيج شيء ..

شعرت برطوبة لامست كفها من خلف قميصها الحريري : انا بخير بس تدرين تعب العزى .. المهم فديتج اكلمج بعدين .

اغلقت الخط .. لترفع قميصها لتشهق بهلع .. لتتصادف تلك الشهقة بدخول طارق الذي حث الخطى نحوها . لترفع هي نظرها .. تعلم ان ما فعلته خطأ وقد نبهها قبلا .. حاولت ان تخبأ ما رأته .. ليرفع هو يدها ومن بعدها قميصها صارخا في وجهها : شو هذا ؟

انزلت رأسها وبألم : انت وين كنت للحين .. من الصبح غـ..

صرخ من جديد مقاطعا لها : لا تغيرين الموضوع .. انا ما قلتلج لا تشتغلين .. انتي ما تفهمين ..

وتابع صراخه وهو يجبرها ع الوقوف لترتدي عباءتها : قومي .. ما اعرف من وين والا من وين الاقيها ..

نزلت دموعها لصراخه وتعنيفه لها .. وبعدها مشى معها خارجا .. وقفت : منصور منو بيهتم فيه

رص على اسنانه وهو ينظر اليها : لو مهتمه بروحج ما سألتي هالسؤال ..

,,

يــتــبــع~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:07 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تكثر الأسئلة على الألسنة .. وقد تجد الطريق نحو جواب شافي وقد لا تجد .. فتبقى حائرة تبحث عن اجابة .. تترد مع صدى الايام والشهور وقد تصل لسنين طوال .. وقد يغيب الجواب تحت اقنعة الخوف فيبقى دفين قلوب لم تمتلك الشجاعة يوما .. كسؤالها الذي لم تجد له اجابة شافية .. واذا وجدت فسرعان ما يغيب خلف التصرفات الرعناء : انتوا ليش مب مقتنعين اني اختكم ؟

سؤال تمرد على شفاهها بعد ان صرخت في وجهه مبتعدة .. ووجهها للارض .. وخصلات من شعرها " البوي " قد ابتلت بقطرات العرق .. وقطرات اخرى تسقط متحطمة على البلاط الاملس .. لتتناثر مخلفة بقع صغيرة على جانب قدمها الحافية . وهم ينظرون اليها خوفا من ثورة مفاجأة منها .. رفعت عيناها تنظر لهم واحد تلو الاخر لتستقر على وجهه الناظر اليها .. حاولت ان ترسم ابتسامة فلم تستطع : لو مت مكان ابوي كنتوا ارتحتوا وريحتوني ..

صرخت بها : سكتي .. ما اريد اسمع هالكلام .

اجبرت شفاهها على ابتسامة تائهة : مامي .. هذه هي الحقيقة التي يتمنونها ..

وبعدها تحركت من مكانها صاعدة بهرولة تبعثر قطرات الدموع وقطرات الدم في ارجاء روحها الضعيفة .. لتكمل الاخرى : حرام عليك يا فيصل .. كل يوم اقول بيتعدل .. كل يوم اقول بيحن ع اخته .. بس للاسف .. للاسف

من بين دموعها وبشفاه ترتجف نطقت بعد الصمت : حراام عليكم .. والله اللي تسونه فيها حراام .. انتي بس ساكته تترينه يتعدل .. وهو عمره ما حس فينا .. قبل كنا ما نشوفه بالاسابيع .. والحين اذا شفناه نشوفه يضربها او يصارخ عليها

رمقها بنظرات غاضبة : سكتي يا جواهر .. مب ناقصنج .

هزت رأسها : مب ساكتة .. جود احسن عنك وعن رنيم .. رنيم اللي تغار منها .. قبل عشان ابوي والحين عشانك .. وحدة مريضة ما تفكر الا بنفسها

تخصرت : لا والله .. الحين يايه تعقين الحق علي – تنظر لفيصل – اذا هو ما يعرف يتعامل معانا .. لا اتين تلوميني انا .

زمجرت في وجههم : بس .. حشا اللي يشوفكم يقول اعداء .. انا ما ربيتكم ع هالشيء ..

تكلمت بغيض مدفون في جوفها : وانتي متى ربيتينا .. عاقتنا سبع سنين عند يدتي .. وكل همج بنتج الغبية اللي مادري من وين يايبتنها .

ارتفع كفها ليعانق خد رنيم بعنف : اذا ما ربيتكم وانتوا صغار بربيكم الحين .. اسمع يا فيصل .. والله ان ما تعدلت وصرت ريال وعرفت كيف تفكر بدون ما تتسرع وتضرب اختك .. فلس من الفلوس اللي عطيتك اياهن ما بتشوفه .

بهُت من كلامها .. ليغدقها بنظرات غريبة .. ويسمعها تردف : كنت احن عليك ترافق ابوك وتتعلم من خصاله .. بس ما صار هالشيء .. والحين اقولها لك .. يا تعقل يا انا اللي بعقلك .

صرخ في اختيه : ليش اطالعني .

ابتسمت جواهر وهي تمسح دموعها .. لعل هذا الوقت هو انسب وقت لرمي الاوراق والمصارحة : فيصل .. جود مالها شغل باللي صار - توجهت بنظارتها لرنيم – انا سمعت كل شيء بينها وبين جود .. هي اللي خذت الفلاش واتصلت ع الشركات .. هي اللي شوهت سمعتك بين اصحاب الشركات .

ارتعبت .. وتسارعت انفاسها : كذابه ..

نظر اليها وقد وصل به بركان نفسه للثوران صارخا باسمها .. لتجري منه تختبيء خلف باب غرفتها .. وصراخه وطرقاته تصل اليها مع طرقات والدتها الخفيفة على الباب .. وصوتها : جود حبيبتي فتحي الباب .. ايدج تنزف لازم نعالجها .

نظرت لقبضتها التي فار الدم منها وتخلل اصابعها المتراصة .. هدأ المكان .. هو خرج تاركا تلك العاصفة خلفه .. والاخرى مختبأة ترتجف بين زوايا غرفتها .. اما جواهر فجلست في الصالة تشعر بالراحة لانها اخرجت ما قبع في صدرها لايام .. ومنيرة ملت من طرق باب تلك المختلفة .. ويأست تاركة مكانها .. وتلك خلف ذاك الباب الموصد تعبت انفاسها .. ووهن جسمها .. فما يتدفق منه لا يرغب بالتوقف .. سحبت آخر تلك المناديل الورقية في تلك الاسطوانة لتضعهن في يدها بعد ان غسلتها بالماء .. وبعدها خرجت من دورة المياه ( اكرمكم الله ) تترنح الخطى .. سحبت هاتفها لتجلس على كرسي مكتبها الخشبي .. وتضغط على ازراره وبصوت متعب تطلب من مركز الاستعلامات رقما .. انتظرت دقيقة او لعلها دقيقتان لتاتيها رسالة نصية منبأة بوصل الرقم المطلوب .. هناك غشاوة ضبابية تختفي وتعود على عينيها .. اتصلت به .. وانتظرت ليرد عليها بعد ان رد عليها ذاك السكرتير ..

,,

رفع سماعة الهاتف .. وبين كفيه اوراق عمل متأخر .. اذا به يسمع صوتها ويسكتها .. يخبرها ان تتصل به بعد عشر دقائق .. ملقيا عليها رقم هاتفا نقالا .. وبعدها فتح احد الادراج بعد ان كان مقفلا ساحبا بعض الاوراق .. و خرج مسرع الخطى .. الى مكتب نائبة ومستشاره القانوني سلطان .. فتح الباب عليه : سلطان قوم وياي وهات موبايلك .

تعجب الاخر من كلام جاسم الغريب .. اراد ان يسأل .. فسارع ذاك بالقول : بتعرف بعدين .. تعال وياي ..

وقف عند المصعد ليرى الاخر يتوجه لسلم : جاسم وين رايح ؟
التفت له : بنزل .. لا تركب الاصنصير .
باستنكار : متعطل .
-لا ..
- عيل تباني انزل ست طوابق .. حشا ما نزلت ..
ضحك الاخر : خل هالكرشه تخف .. ياللا اترياك تحت .

ونزل يهرول بخفة .. ليزفر الاخر وهو ينتظر افتتاح الباب : يتحسبني مثله رياضي .

وصل اخر الدرجات بانفاس متعبه .. انحنى على ركبتيه يلتقط راحته .. وذاك السلطان لم يظهر بعد .. اخيرا فُتح باب المصعد ليرتفع بجذعه : شو كنت تسوي .. ياللا بسرعة
مشى ومشى هو من خلفه ناطقا : اريد افهم شو السالفة ..
توقفت قدماه عند باب سيارة سلطان " الرنج روفر " سوداء اللون : افتح

طوح برأسه يجاري ذاك الجاسم بما يطلبه منه .. وقبل ان يركب رن هاتفه .. اخرجه من جيب ثوبه قبل ان يصعد ويغلق باب السيارة من خلفة .. وهو ينظر لشاشة : رقم غريب
لم يشعر الا بالذي سحب الهاتف من يده : اكييد جود
تجهم وجه سلطان ناطقا : من وين يابت ر..

وقبل ان يكمل قاطعة جاسم بوضع : اصصص
واذا بهما يستمعان بامعان لما تقول : استاذ جاسم
-هلا جود .. ليش صوتج تعبان
-ما عليك مني .. انت ليش خبرت فيصل باللي صار بينا .
نظر لسلطان وعلامات الاستغراب ارتسمت على وجهه : ما خبرته .. واصلا لو اريد اخبره رحتله بريولي وطلبت اقابلج .. ما ايبج من مدرستج .

ابتسمت بتعب : عيل انتبه .. في جواسيس عندك
قهقه : من زمان في جواسيس مب شيء يديد
بدأ صوتها يتقطع : في اجهزة تنصت فمكتبك .. فيصل .. فوسط كلامه .. قال عن اللي صار بينا .
-انتي شو تقولين .
-ومب بعيدة يكون في كاميرات بعد .
رفع الهاتف لاذنه بعد ان اغلق السماعة الخارجية : جود شو فيج ؟
بدأت الغشاوة تجتاح عيونها وهي تردد : ايدي تنزف .. ومب طايع يوقـ..

انهارت ليسقط الهاتف من يدها .. وينحنى جذعها لليمين .. رويدا رويدا حتى وقع كامل جسمها على الارض .. تفقد مع ذاك السقوط كل احساس بمن حولها .. ويردد هو عبر الاثير اسمها مرار قبل ان يغلق الاتصال .. وينفجر بعدها صارخا في وجه سلطان : كله مني ..

ليفزع الاخر سائلا عما حدث .. ويبحث بعدها في هاتفه عن رقم فيصل بطلب من جاسم .. يرن ويرن .. والشرر يقدح من عينيه وهو ينتظر الرد .. اخيرا جاءه صوته الممتعض : خير استاذ سلطان .
انحنى بجذعه قليلا وقبضة يده تكاد ان تكسر عظام اصابعه وهو يضعها على فخذه : معاك جاسم .

قام واقفا .. لينهي اجتماعه المصغر برؤساء الاقسام .. قال بشيء من الامتعاض : لحظة
ليترقب ذاك الوقت خلف سماعة الهاتف ويترقب الاخر خروج آخر شخص من مكتبه ليصرخ : اسمع يا جاسم .. ابعد عني وعن اختي احسنلك .. والشراكة اللي من بينا بنفضها

-
اسمعني انت يا فيصل .. الشراكة بتبقى ومحد بيجبرني ابيع نصيبي .. والشغل اللي بيني وبين اختك بيبقى .. وروح قول للي قالك عن اجتماعنا انه مب فاهم شيء ولا عمره بيفهم – اراد ان يقاطعه – لا تقاطعني .. كنت اظنك مثل ابوك ما ترضا بالغلط .. ووقفت وياك بحسب اتفاقي مع اختك اللي الله يعلم ان كانت عايشه للحين .

انتفض الاخر : انت شو تقول .. شو سويت بجود .. والله يا جاسم ان صارلها شيء ما تلوم الا نفسك
تشدق : بدال ما يالس تلومني .. قوم الحق عليها .. لانها كانت تكلمني وانقطع الاتصـ ..

ابعد الهاتف عن اذنه .. بعد ان اُغلق الخط من قبل فيصل .. ضرب قبضة يده على فخذه : ما اريد حد يتأذى بسببي .
-اهدى ..

نطقها وهو يحرك سيارته مبتعدا عن مبنى الشركة .. الصمت كان رفيقهما .. اوقف السيارة قبالة امواج البحر .. لينزل ويضرب الباب بعنف بعد ان سحب تلك الاورق معه .. ربع يديه واغمض عينيه .. وكأنه يناجي تلك الامواج ويخاطبها بصمت .. لعلها تغسل ما اجتاحه جراء ذاك الاتصال .. او لعلها تخفف وطئ الخطر الذي يتربص به .. ترجل سلطان ليقف خلفه : شو السالفة .. يارني وياك مثل الاطرش فالزفه . ممكن تخبرني شو مستوي .

تنهد وهو يلتفت له ويمد له بتلك الاوراق .. ويعود ينظر للبحر .. قلب تلك الاوراق بين كفيه .. وكلما قرأ كلما عقد حاجبيه اكثر .. ليتقدم خطوات ويقف امامه .. مادا بتلك الاوراق في وجهه : شو هذا .. ومن متى ؟

تنفس بعمق .. وكأن رئتيه لا تسحبان ما يكفيه من الهواء .. انسلت يده ساحبة " العقال " و " الغترة " لترمي بهما على الرمال .. ويداعب الهواء شعره الطويل : من اربع شهور ..

-
وليش ساكت .. هذا تهديد .. ومب اي تهديد – سكت قليلا ينتظر جوابا ثم اردف- عشان هالشيء خليت حرمتك فبيت اهلها .. عشان يظنون الناس انك مطلقنها .. شو هالحياة اللي تعيشها يا جاسم .

عاد يسحب من هواء البحر : انا انسان لازم ما يكون علاقات يا سلطان .. حتى انت صرت اخاف عليك لانك اقرب شخص لي .. من يوم ما راح قاسم وكل حياتي انقلبت .. مثل اللعبة اللي كنا نلعبها يوم كنا صغار .. بدون جسمه ع طرف وجسمي ع الطرف الثاني مستحيل تنلعب – ضحك بسخرية – كان يصيح يوم ما اطيع العب وياه .. يقولي عيل كيف برتفع ولحد يالس ... والحين حاس اني محتاي له عشان ارتفع وانزل – التفت لسلطان – كنت حاس انهم وصلوا لابعد من الجواسيس العاديين .

-
شو تقصد .. فهمني

توارت يداها في جيبي ثوبه .. وخطى بخطوات بطيئة موازيا لامواج البحر وزبده والاخر يمشي بمعيته : اللي قالته جود صح .. كنت شاك بهالشيء وعطيتها رقمك .. لان ارقامي مب مضمونة .. ما ركبت الاصنصير لاني خفت يكون فيه شيء بعد – وقف وعاد ينظر للبحر – ما تصورت يوصلون لجود ..

-
بس ما صار بينكم كلام يقدرون يفهمون ع شو ناوي .. كلها ورقة
-الورقة بتنقرا اذا في كاميرات ..

سكن المكان الا من صوت الريح تعصف بالبحر .. تلعب مع امواجه لعبت المطاردة .. فتوصلهن للشاطيء وتبتعد ليعودن .. وتعود من جديد .. صمت سكن معه جسديهما الا من قطع الملابس المتحركة .. وكأنها تشجع تلك المطاردة .. التفت لصاحبه : ليشه الكره فحياتك يا جاسم .. من هم هالاعداء اللي يلاحقونك .. لو مب ماسك كل الامور القانونية كنت بقول انك تلعب بذيلك وهم يتربصون فيك .. بس انا اعرفك من زمان – ابتسم – مب عارف كيف اساعدك .. دووم كنت تمد ايدك لي . ويوم يا اليوم ما قدرت امد ايدي .

ربت بيده على كتفه : ايدك دووم ممدودة لي .. ما يكفي انك وياي وما تخليت عني .. سلطان شكل القدر حاكم علي اعيش وحيد – رص على اسنانه – بس اعرف منو ورى اللي صار .. وكيف دخلوا مكتبي .

جاء دوره ليتنفس ويحشو رئتيه بالهواء ناظرا لشمس التي تمشي الهوينة لتودع هذا اليوم بحلوه ومره : يمكن ما وصلوا لجود .. ولا صار فيها شيء

-
قالت ان ايدها تنزف .. كيف بتنزف اذا محد تعرضلها .. يا سلطان ممكن اكره .. و ابغض ناس مثل ابوي .. بس ما توصل في اني اقتل حد وانهي حياته . او حتى اتسبب بهالشيء
-ان شاء الله ما فيها شيء .. وباكر بيوصلك الخبر اليقين – ابتسم وهو يقف امام جاسم ويده على كتفه – خلنا نروح ونعرف منو اللي وصل لمكتبك فغيابك ..


,,

يــتــبــع~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:08 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هو كانت تنسج الخطط من حوله ويدرك انها تحاك .. اما هي فكانت في دوامة اسمها الغرور .. والتستر خلف رداء اسمته القوة .. تحاول ان تثبت انها ليست ضعيفة وتوهم نفسها باشباح رسمتها في مخيلتها والسبب كسر اصابها في قمة سعادتها .. لتنهار وتتجرع مر المعاناة وتخرج من جديد تدفن ذاك الانكسار بشخصية مختلفة .. لعلها شخصية توارت مع السنين وعادت للخروج من جديد .. شخصية كان للسانها النصيب الاكبر فيها .. وقفت خارج قاعة المحاضرة قبل ان تبدأ .. منذ البارحة وهي تضغط على ارقامهم تتصل .. ولكن دون فائدة .. اقتربت منها ترتدي بلوزة لا تستر الا صدرها وظهرها .. وبنطلون عانقت اطرافه ركبتيها : شو بكي .. ما بدك تدخلي

زفرت : اتصل باهلي بس الخط ما يمسك .. امس كلمت امي بس صوتها ما عيبني .. خايفة يكون فيها شيء .

مسكتها من ذراعها تجرها للقاعة : ماتخافي .. ان شالله ما بهم شي .. هيدا كلو من الشوء .. والغربة اللي مابترحم .

هدأت نفسها جراء كلمات ديما .. رفعت نظرها بعد ان جلست لتلحظ لورا .. تمشي دون ان تكترث لها وتتخذ لها مكاننا بعيدا عنها .. وتضحك مع أصدقاءها.. لفت برأسها لتفتح كتابها .. وفي داخلها شوق لمحادثة تلك الفتاة الامريكية .. كانت دائما معها .. واليوم هاهي ابتعدت .. عقلها ساعة مع المحاضر وساعة اخرى في افكارها .. والطريق الذي تمشي فيه .. لا تزال سارحة بفكرها مع ان المحاضر قد خرج .. واذا بها ترجع بجذعها بهلع .. بعد ان ضرب بكتابه امامها على الطاولة .. نظرت اليه لترفع احد حاجبيها : بسم الله الرحمن الرحيم .

انحنى مستندا على كفيه ناظرا لوجهها وعينيها .. لاول مرة يقترب منها بهذا الشكل : شو اللي سويتيه .. اريد افهم .. يعني ما فادج الكلام اللي قلته لج .. انتي ليش صايره غبية

وقفت : احترم نفسك .. وبعدين اللي اشوفه مب حمدان اللي يلاحق البنات من مكان المكان ..

طوح برأسه : حسافة يا هاجر .. نصحتج .. وتحملي اللي بييج بروحج .. اذا هذا كلامج لي فما عاد بينا كلام .

سحب كتابه وابتعد .. اما هي فازدردت ريقها وعادت لتجلس على كرسيها .. احساس غريب تملكها .. جلست وكأن الروح قد فارقتها .. لا تستمع لاي شيء .. ولم تشعر الا بديما تهزها سائلة عما كان يريد منها : شو بدو هيدا .. لأمتى بيظل يلاحئق .. اووف .. كلو من الغيرة اللي بألبو من حمدان .

جلست بجانبها : لا تسمعيلو .. هيدا انسان مغرور ما بيفكر الا بنفسو .. وما بدو أياكي ترتاحي .
قامت وهي تلملم اشياءها : خلينا نقوم ..

مشى خارجا من تلك الجامعة .. ما القته على مسامعه خدش نفسه وروحه التي تسعى لحمايتها .. تبعته لورا وهي تنادي عليه ليتوقف .. تجري نحوه حتى لحقت به : الآ تسمعني – وهي تتنفس بصعوبة – اتعبتني ..
تحوقل في نفسه ثم استغفر : ما الامر ؟

استقامت في وقفتها : لا تتعب نفسك معها .. لقد غسلت تلك الفتاة عقلها .. بالامس تشاجرت معها لانها غادرت السكن .. عنيدة لن تستمع لنا ابدا .
ابتسم : لم تعد تهمني ..

وبعدها استأذن مواصلا طريقه .. يقول كلاما هو نفسه غير مقتنع به .. وصل الى باب شقته ليرى نادر واقف وبيده كيس .. لعله اشترى طعام الغداء .. فتح الباب وولج .. وقبل ان يغلقه استوقفه دخول مصبح .. رمى ما في يده بعنف على الطاولة التي تتوسط الصالة .. مشى الاخر ليضع الكيس في المطبخ الصغير : وش فيك قافلة معك اليوم .

كان صوته عاليا ليصل لذاك القابع على الاريكة .. لم يصله اي رد .. خرج من المطبخ ليقف ناظرا له .. مشبكا اصابع كفيه تحت رأسه على ظهر الاريكة ومغمضا عينيه .. تكلم ليعيد عليه السؤال : اسألك وش فيك

دون ان يفتح عينيه : بتخبلبي يا نادر .. راحت مع ديما

تحوقل وهو يزيح كتب صاحبه ويجلس على الطاولة : اسمع .. لاهي اختك ولا حبيبتك ولا حتى قريبتك .. وش لك فيها معذب روحك .. اتركها عنك .. بيجيها يوم تعرف ان معاك حق

فتح عينيه ناظرا لسقف : كلامك صح .. بس مب قادر اخليها تروح فهالطريق .. ديما بتسحبها وياها حتى لحفلات حمدان اللي تعرفها – اعتدل في جلسته ناظرا لكفيه اللذان تعانقا بغضب امامه – اخاف تخسر شيء ما بتقدر ترجعه فيوم .

ربت على فخذه : انا ودي اعرف شيء واحد .. انت ليه مهتم فيها

زفر انفاسه : ما اعرف .. يمكن لان عيونها تذكريني فيها .. تذكرني بكل شيء عشته قبل لا اسافر .. كل شيء يا نادر صار يرجعلي .. كل اللي تناسيته رجع من يوم شفت عيونها .. ما احبها ولا اشوفها الا مثل اخت – قام واقفا يخلع ذاك الجاكيت الجلدي – ولا بخلي هالشعور يتجاوز ويتمادى .. لاني ما حبيت الا انسانه وحدة .. انسانه تمنيتها تشاركني فكل شيء .. وراحت – جلس من جديد- الحياة قست ع ذا القلب – ضم قبضته على صدره – ما بيقدر يتحمل فالاحسن يبقى فاضي .


استمع له دون ان يقاطعه .. فلقد آلمته هي بتلك الكلمات التي تفوهت بها .. تشبهه بحمدان الذي لا يعرف حتى ربه .. وتناست كل شيء خلف اهواء فتاة لا تعرف للاسلام صلة .. كيف استطاعت ان تطوي طيبتها في وجهه وتفردها في وجه غيره .. ربت من جديد على فخذه وهو يقف : ما عليك منها .. وارجع مصبح اللي عرفته من سنتين .

رص على اعلى انفه بابهامه وسبابته .. فبدأ الصداع يفتك به .. وصوت نادر يختفي خلف باب الغرفة ..شعور بالغضب اجتاحه .. ليرفع ساقيه مستلقيا .. يواري عينيه بذراعه .. ولا تزال كلماتها السامة تطن في اذنه وتدمي قلبه ..

,,

قلوب تتوجع بين اقفاص العظام المعوجة .. وقلوب أخرى تبتسم رغم الجراح الدامية .. وثالثة تبحث عن دواء يزيل عللها المتراكمة .. وهي تبحث عن دواء يزيل هموم تراكمت في نفسها على مدى سنوات .. سحبت جذعها بتعب تعتدل في جلستها المتساندة على نصف السرير المرتفع .. تأخرت ام سعود قالت لها بان كل يوم ستزورها .. بالامس لم تستطع الحديث معها بسبب انهاكها ولكنها سمعتها تقرأ على رأسها بعض الايات .. واحست بها .. تنهدت وذاك الوجع في ظهر كفها بسبب ذاك الانبوب يزعجها .. تساءلت في نفسها .. هل يعقل انهم لم يشعروا بغيابها .. اين هم .. وماذا سيحدث لها اذا عادت .. لن يرحموها ابدا .. غابت بالايام عن منزلها .. ستلحقها فضيحة ..وسيلحق باهلها العار ..حركت رقبتها وابتسمت حين سمعت الطرق على الباب .. وصوته الاجش جعلها تسارع لتغطي وجهها بطرف " شيلتها " .. تسمعها تأذن لابنها بالدخول ..وبعدها تقترب منها تقبلها وتتحمد لها بالسلامة .. كما فعل هو .. ردت عليهما وهناك خجل من وقوفه بجانب والدته .. ينحني معها ليجلسها على الكرسي .. وبعدها يضحك مردفا : والله وخذتي حب الوالدة منا .. اليوم مصرة انها اتييج تقول وعدتها .. والا لو علي ما خليتها تطلع من البيت وهي تعبانه .

نطقت : خالتي ليش تعبتي عمرج ..

وهي تضع يدها على كف ريم تربت عليه : ما في الا العافية .. وهذا سعود يباله ضرب ع هالكلام

عاد ليقهق حين ضربته والدته بخفه على ظهره .. تنظر اليه يشاكس والدته العجوز .. وجهه ليس غريبا ابدا .. ولكن ذاكرتها لا تسعفها لتعرف اين التقت به .. بتوتر يمتزج معه الخجل : اخوي .. ممكن فونك شوي .

انزلت رأسها بحياء بعد هذا الطلب .. دس يده في جيبه ليخرج هاتفه الـ " آي فون " الابيض .. يمده لها .. وهي بيد مرتجفة تناولته .. وتسمعه يستأذن للخروج قليلا .. ليتركهما لوحدهما .. تكلمت والدته : زين انج بتتصلين باهلج .. اكييد خايفين عليج ويحاتونج .. وانتي الله يهداج من يوم ما ييتي البيت وانتي ما على السانج الا ما اريد ارد .. حتى لو هم مب زينين يبقون اهلج .

تستمع لحديثها وهي تضغط ازرار الهاتف بعد ان ازاحت الغشاء عن وجهها .. لامس اذنها .. اتعبها الانتظار .. واذا بها تزفر : ما يرد .

-
اتصلي مرة ثانيه يا بنيتي يمكن مشغولين .

ابتسمت : ان شاء الله يا خالتي ..

اعادة الاتصال بنفس الرقم .. وايضا لا رد .. اربع مرات متوالية تتصل به ولكنه لا يجيب .. انزلت الهاتف والافكار تأخذها لتتصل برقم آخر .. وسرعان ما تراجعت وهي تمد الهاتف لتلك العجوز : ما يردون ..

ربتت على فخذها بحنان : ان شاء الله بيردون يتصلون ع سعود .. لا تحاتين يا بنيتي ..

طرقات على الباب جعلتها ترجع الغطاء على وجهها .. وقف : ها يالغالية اطمنتي عليها ..
قامت واقفة ليسرع هو لمساعدتها : باكر ان شاء الله بزورج

-
لا تعبين عمرج .. انا بخير .. وما اعرف كيف ارد لكم معروفكم .
وهو يسند والدته : لا تقولين هالكلام .. انتي صرتي بنت الغالية اللي بدتج علينا احنا عيالها – ضحك بخفة – ومهما يصير هذا واجبنا .. انتي كنتي بحاية لنا .. واسمحيلنا اذا ييا منا قصور .

-
ما عليكم الا بياض الويه .

استأذن مع والدته للخروج واذا بها تناديه ليقف : اخوي

تلعثمت فهي لا تعرف كيف تلقي بتلك الكلمات .. سكتت وكأن الحروف تأبى الخروج .. ليأتيها صوته يكسر جدار الصمت : آمري .

لتردف العجوز : تكلمي يابنتي .. ناقصج شيء .. تبين شيء ..

قالت وهي تشد على قبضة يدها : ممكن تطلب منهم يعطوك تقارير كاملة عن حالتي .
استنكر الطلب .. وهو يجلس والدته من جديد .. التفت لها : ممكن اعرف ليش تبين التقارير .

ابتلعت ريقها .. وهي تشعر بثقل يجثم على صدرها يمنعها من الكلام .. وحتى انفاسها بدأت تضيق لتتعرق كفاها .. رفعت نظرها له : اريد اخلع ريلي .

,,

ان شاء الله يكون نال ع استحسانكم .. كنت مسويه مقدمة غير بس ما ضبطت ورجعت نفس اللي للبارت 25 .. كله من عينج يا بي ههههه

///

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:09 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
لا يزال ما حدث كغيمة ضبابية في عقلها .. اصوات متداخلة ومتضاربة تطن في اذنها ..وصوت والدها كان يتهادى في الاركان .. وهاهي الاصوات تسمعها من جديد ولكن بشكل مختلف .. بشكل اوضح عن ذي قبل .. ولكن صوته لم يكن من بينها .. جسدها الساكن على ذاك السرير الابيض .. ودماء غريبة تشق طريقها عبر شريان ذراعها .. صوت غاضب يضرب طبلة اذنها : تخيل لو انها ماتت .. كنت بترتاح .. فرصتك الحين يا فيصل .. خلهم يسحبون منها دم عشان تتاكد من اخوتك لها .. ولا عاد تكلمني الين ما تتعدل وتعدل اسلوبك ..

لا تريد ان تبكي .. فيكفي دموع روحها الصامتة .. لم تفتح عينيها ولا تريد ان تفتحهما ما دام ذاك الفيصل معها في نفس الغرفة .. لم يتكلم بعد ذاك الحديث من والدتها .. وما هي الا ثواني حتى خرج ليتسلل صوت اغلاق الباب اليها .. وايضا لم تفتح عينيها .. فتلك الممسكة بكفها والماسحة على رأسها تحتاج الى تبرير منها .. وهي لا تجد مبررات في هذه اللحظة ..

تتذكر اندافعه للمنزل منذ ساعتين .. ووقوفها في طريقه ظنا منها بانه سيأذي ابنتها جود .. ليصرخ مزمجرا ان تبتعد عنه .. ويجري مسرعا يطوي الدرجات اثنتين اثنتين .. ليرجف الباب بيده صارخا بتلك الغائبة عن الوعي ان تفتح .. لكن هيهات ان تسمعه .. وبعدها يحاول ان يكسره تحت خوف والدته واخته جواهر .. التي سألت عما يحدث .. وبعد محاولات انكسر الباب ليلج محاولا ايقاضها بضربات خفيفة على وجنتيها .. ودماءها كونت بقعة بجانبها .. رفعها لتجري الاخرى خلفه والخوف يعتري جسدها وقلبها على فلذة كبدها ..


تنهدت وهي تترك وقوفها لتجلس على تلك الاريكة الموضوعة قريبا من الزاوية .. تحاول ان تجد حلا لما يحدث .. هل اخفقت في تربيتهم .. كيف انقلب الحال بهذا الشكل من بعد وفاة سالم .. ومن بعد انتقالهم من دبي الى ابوظبي .. تتخبط بها الافكار حتى غلبها النوم .. مرت الساعات طوال على تلك الممدة على السرير فالنوم جافاها برغم التعب الجسدي الذي تشعر به .. ووخزات الالم في كفها التي قُطبت بعدة غرز .. فتحت عينيها ناظرة لسقف .. دون اي حركة .. فقط حركة رموشها .. الى الان لا تعرف ماذا حدث .. كانت تحدث جاسم وتخبره بأمر الجواسيس .. والآن هي هنا .. لفت رأسها لتلمح تلك النائمة ورأسها على يد تلك الاريكة .. ابتسمت وتمتمت تناديها .. جفاف غريب استوطن لسانها وفمها .. حتى الاحرف لا ترغب بالوضوح .. حاولت ان تبلل ريقها وتعاود النداء .. لكن دون فائدة .. اغلقت عينيها من جديد وطيفه يرادوها .. هو الوحيد الذي يستحق ان تتحمل لاجله .. تنفست بعمق : ماما

انتبهت اخيرا لتحث الخطى لابنتها : جود حبيبتي

ابتسمت : شفت بابا ..

مسحت على شعرها بحنان لطالما شعرت به .. لتردف الاخرى : ببعد عنهم ماما .. ولا اريدهم يعرفون

- اششش .. ارتاحي الحين فديتج .. باكر بيرخصونج ... وبنرد البيت ووقتها بنتكلم .. اوكي .


وبالفعل نامت حتى موعد المغادرة .. لتجلس بكسل على السرير بعد ان البستها والدتها العباءة .. خمول تشعر به رغم تناولها للافطار مرغمة .. وهو ذاك الفيصل يصر ان يصطحبها الى المنزل .. دخل بخطواته الواثقة للغرفة .. يسأل ان كانتا مستعدتان للمغادرة .. واذا به يقف بجانبها ليساعدها .. وما كان منها الا ان ابعدت يده بصمت .. لتقف طالبة من والدتها المساعدة .. نبذته كما نبذته والدته بالامس .. شعور بالغضب مع شعور آخر مختلف اجتاحه وهو لا يزال في مكانه ناظرا لها تسندها ميرة وتخرجان من الغرفة .. استقلوا سيارته الـ " جي اكس آر" بيضاء اللون .. السكون كان رابعهم في هذه الاثناء .. يسرق النظر للقابعة في الخلف .. هل هو تأنيب الضمير الذي يحثه على هذا الفعل ؟ . ام ان هناك شيء آخر يدفعه للخوف عليها .. لم يتحرك من خلف المقود .. وعيناه تتابعان والدته وجود وهما متوجهتان لداخل .. تنهد وانطلق متعديا حدود ابوظبي الى دبي .. الى تلك الشركة التي اضحى اسمها " الفيصل " بعد ان كانت "
J.F.R " شركة سالم والان شركته هو .. دخل بهيبته اليها .. ليتلقاه ذاك السكرتير بالكثير من الحديث .. واوراق متاخرة يجب التوقيع عليها .. جلس خلف كرسيه وهو يرجع اطراف " غترته " بشكل عشوائي للخلف : قلتلي شركة الناصر قدمت طلب ؟

يمد له بالاوراق : هيه طال عمرك .. وفي ثلاث شركات غيرها .. وانت عارف ان الكلام اللي طلع كان من هالشركات .. حتى انهم اثروا على شغلنا .
-قول لبو بسام اريده .. ويبلي كوب نسكافية .

-
ان شاء الله طال عمرك .

خرج ليتمتم الاخر : سويتها يا جاسم .. غيرت فكرتهم عني .. بس شو اللي بينك وبين جود .

زفر انفاسه واذا بالسكرتير يعود من جديد وخلفه ذاك العجوز وبيده صينية التقديم الصغيرة .. ابتسم له فيصل وهو يضع كوب القهوة امامه .. ونظر للاخر الذي همس : بو بسام شوي وبيكون عندك .. الاستاذ سيف برع ..

ارتشف من ذاك الكوب والاخر ينظر له حتى اعطاه الضوء الاخضر .. ليدخل بعدها سيف يلقي التحية ويمد يده لتصافح يد فيصل .. ويجلس بعدها : فيصل عطني سبب واحد يخليك ترفض اني اكون معكم بالمشروع .. ؟

-
مب لازم اسباب .

قالها وهو يقلب بعض الاوراق بين يديه .. زفر انفاسه ليطلق بعدها العنان للسانه : انزين اذا عشره بالمية وايد مستعد اشارك بالمشروع بخمسة بالمية .

ترك الاوراق ليستند على ذراعيه مائلا بجذعه للامام : وشو سبب هالاصرار .

تنهد وهو يتحوقل .. واضعا ذراعه الايمن على الطاولة : اريد ارجع العلاقة بينا .. احنا اهل يا فيصل .. وخل عنك هالوساوس اللي مادري منو دخلها فراسك ... ابوك الله يرحمه ما كان ابو حرمتي وبس هذا كان ابوي ..
- ما اريد اشاركك يا سيف .. افهمها .

قالها بكل برود بعكس ما يعتمل في صدره تجاه ذاك " النسيب " .. بانت علامات الغضب على وجهه ليقف بعدها ناظرا له وهو يطوح برأسه اسفا .. وغادر وشياطين الارض بمعيته .. ليلتقي بابو بسام داخلا : خير يا ولدي شو بلاه سيف معصب ؟.

صافحه وهو ينطق : ما عليك منه .. مضايق لاني ما قبلت انه يشاركنا بمشروع المدينة السكنية اللي نجهزله ..

جلس وهو يسأل : شو المستوي بينكم ؟ هذا نسيبك وكان ذراع ابوك اليمين .. شو اللي تغير

عانق باطن كفه وجهه ماسحا : شو اللي تعرفه عن سيف يا بو بسام .. انت كنت وييا ابوي من اول ما قام بشغله ومن اول ما توظف سيف وانت وياهم .. خبرني عنه ؟

تنهد وصمت وكأنه يبحث عن حديث ما : شوف يا ولدي .. ابوك كان يعتمد عليه فكل شيء .. كان يسافر ويبقى الشغل على سيف .. ما كان يأمن أي حد غيره ..

-
ومشروع مصر منو اللي كان ماسكه ؟

-
ابوك .. وياما سيف حاول انه يبعده عن هالمشروع وخاصة ان الميزانية اكبر من تحمل الشركة يومها .. بس ابوك الله يرحمه ركب راسه الا يقوم بهالمشروع .. وولاد الحرام ما خلوه يتهنى فيه ..

-
ما ادري .. بس مب مطمن انه يكون ويانا بهالمشروع . ولا تنسى ان ست شركات مساهمات فيه بقيمة عشره بالميه لكل شركه .. وشركتنا لها اربعين بالميه .. وسيف يريد يدخل بنفس نسبة باقي الشركات .. من وين له عشان يدخل بذي النسبة فمشروع كبير مثل هذا ؟

اسئلة كثيرة يحاول ان يجد لها اجوبة في هذا العالم الذي اضحى عنصرا فيه .. عنصر قد تحوم حوله الكثير من العناصر كالكترونات حول النواة .. فهو عاد من جديد بعد ان استطاع ان يثبت اسم شركته .. طريق شقه رغم جهله في كثير من الامور .. ولكن لم يقف عاجزا تحت مقولة " ما اعرف شيء " ..

,,

حياتنا طرق متعرجة واحيانا مستقيمة .. نمشيها بارادتنا وخيارنا او غصبا عنا .. توصلنا احيانا للحلم الذي يراودنا منذ الصغر .. واحيانا اخرى توصلنا لمكان لم يخطر يوما على بال بشر .. الطريق في تلك الشخصية السليمة والمسالمة كان طريقا لمصادفة قد توصله الى حيث لا يرغب .. قد يصل الى مكان لم يحسب له حساب في يوم من الايام .. منذ ان عاد وهو يغوص في دوامة الفكر .. يحاول ان يخرج بقرار ما .. ولكن لا شيء .. كلما وصل لقرار محي بقرار آخر .. التلفاز متوقف على قناة " سما دبي " انتهت اخبار الثامنة المحملة بالكثير من اخبار الوطن منذ ساعات .. وهو جالسا يحاول ان يجمع افكاره المتناثرة .. شارد الذهن .. دخول والدته عليه انتشله من تلك الدوامة .. وسؤالها اوقعه في حيرة : شو بتسوي فاللي طلبته ريم ؟

زفر هواء رئتيه وهو يعتدل مربعا ساقيه : يالغالية الموضوع مب هين .. هذي تريد تخلع ريلها .. تعرفين شو يعني خلع .. يعني قضية وسين وجيم .. وشهادة ..

مدت يدها المحفور عليها سنين عمرها الستين لتربت على فخذه : بس هي بحايتك .. وانت ما بتشهد الا باللي تعرفه .. وما هقيت ولدي سعود يرد ايده عن المساعدة فيوم .. ما ربيتك الا ع مدت الايد للمحتاي .

كفه الايسر يمتد ماسحا لحيتة مرارا .. ليستقر اخيرا على اصابع يده اليمنى المطوية .. يشد عليهن براحة يده : الموضوع كبير مب هين .. بيسألون عن اشياء واايد واكييد من ضمنها يلستها عندنا يومين .. وهذي فيها اعراض وشرف .. بنتهم يالسه فبيت ناس ما تعرفهم .. والله كبيرة يالغالية .

استندت على ذراعيها لتقوم واقفة : لا تحط الشين قدام عينك يا ولدي .. اذا حطيته ما بتسوي شيء – وقف يسندها لتردف وهي تمشي بمساعدته – البنت لو هي مب مضيومه من ريلها ما طلعت بنصاص الليالي شاردة منه .. ويلست ترتعش وهي تحلفني ما اخبر حد انها عندنا .

-
وليش ما تقولين ان وراها سالفة عو ..

قاطعته تنهره عن هذا التفكير : لا تحط فذمتك ياسعود .. يا بو محمد انت ما بتسوي شيء غير شهادة الحق باللي شفته .. غير هذا مالك حق تقول كلمة .

ولجا الى غرفتها التي تعبق برائحة البخور .. اجلسها على فراشها الذي لا يرتفع عن الارض الا بضع سانتيمترات .. فهي لا تحبذ النوم على سرير مرتفع .. جلس قبالتها وهو ينظر اليها ترمي ذاك البرقع من على وجهها لتتركه جانبا .. وتبان تجاعيد وجهها التي تنم عن دروس اخذتها من حياتها . وتكمل : البنت سولفت معي عن حياتها .. واذا كاذبة فلها رب يحاسبها واذا صادقة بنكون سوينا باصلنا – لتدير الدفة نحو موضوع آخر – الا شو صار ع طاري الريال اللي متقدم لاختك ... سألت عنه ؟

-
الريال ما ينعاب .. شاب خلق ودين ومنصب حلو .. بس والله بنشتاق لحسها فالبيت .. بعد القرصة اللي اخذتها صارت تهتم بمحمد ولا قمت احاتيه مثل قبل .. صرت اطمن يوم تكون وياه ..

كان كلامه كمفتاح لوالدته لتفتح ذاك الباب القديم الجديد : عيل لازم ندورلك بنت الحلال انا ما بقدر ع ولدك ووديمه بتعرس وربي يوفقها .. الا شو رايك اخطبلك من قوم خوالك .

شتت نظراته واذا به يمسك كفها يقبلها : لا يالغالية .. هالموضوع مسخ من قلبي ..

قام واقفا مقبلا رأسها : تصبحين ع خير يا ام سعود .

خرج وهي تدعي له بالتوفيق في حياته .. دعوة اراحت قلبه حين سمعها .. حث الخطى لغرفته واذا به يقف ينظر لتلك الخارجة وهي تغلق الباب بهدوء .. ابتسم وزادت ابتسامته حين رفعت نظرها له : شو كنتي تسوين ؟

بادلته الابتسام : كنت اغطي محمد .. انت تاخرت وييا امي

زادت ابتسامته وهو يمد لها يده لتعانق كفها .. مشت بمعيته الى الصالة .. يشعر بانها تغيرت كثيرا من بعد تلك الحادثة .. اضحت تهتم بابنه دون اي امتعاض منها .. وحتى انه لا يطلب منها شيء بل هي من نفسها تقوم بكل شيء .. جلس لتجلس امامه على ركبتيها .. اراحت جلستها ناظرة لوجهه البشوش .. واذا به يربت على كفها المعانق كفه الاخر : استخرتي ؟

اجتاحتها الكثير من المشاعر .. كم هو مخجل هذا الامر .. ستتزوج وستنادى بالعروس ... ستبعد عن كنف امها واخيها وعن محمد الذي تعلقت به .. طأطأت رأسها بحياء واضح وتكلمت اقرب الى الهمس : هيه .

رفع رأسها باصابع يده .. لينظر لها وتنظر له بالمقابل : وشو حاسه .. ترا الريال ما يعيبه شيء ..

"مرتاحة" نطقتها بتوتر ورجفة تسابقت الى شفتيها .. ليدعو لها كأب رباها وهي لا تزال في عمر الثالثة .. اراد ان يكسر جدار الخجل المحيط بها فاردف بعد دعاءه : تراني دفعت عن النت اليوم

صرخت وكأنها ليست من كانت تغرق في بحر الحياء منذ قليل : احلف .. وليش ما تقولي ؟

قهقه على تصرفات اخته حين قامت لتركض لغرفتها فسارع ليمسكها : عشان تلتهين وتخلين حمود .

قبلت رأسه بحب : حمود فعيوني .. ولا بخليه عشان نت .

رفع حاجبه متحديا لها : بنشوف .

بحركة طفولية وهي تضع يدها على وسطها : بنشوف .

وبعدها ركضت لغرفتها وسط ضحكات سعود .. جلست على سريرها بفرح .. وهي تردد : يا رب تكون موجودة .

تحركت اصابعها متحركة على طرف جهازها " ديل " بتوتر واستعجال واضح : ياللا افتح ..

وسرعان ما ادخلت حروف بريدها الالكتروني وكلمة المرور .. ووضعية الظهور دون الاتصال التي اعتادتها تسيطر على اجواء الـ " ماسنجر " علت وجهها ابتسامة وهي تشاهد المتصلين . اسرعت لتضغط مرتان على ذاك الـ" التوبيك " .. " اثر المصايب ما تجيك الا من الناس لقراب " ..

,,

حركت اصابع كفيها مدلكة لظهر رقبتها .. واذا بها تشد على رقبتها رافعة وجهها مغمضة العينين .. وما لبثت حتى مسحت عيناها بتعب مبعدة اصابعها حتى استقرا على صدعيها .. تشعر بالانهاك فمنذ ساعتين وهي تقبع على ذاك الجهاز تحاول انهاء احد البحوث .. استدارت مبعدة ساقيها عن الطاولة .. لتقف بعدها .. واذا بصوت تنبيهة على الماسنجر تعيدها للجلوس .. لتخط بلهفة : ودوووووم يالقاطعة .

لتتسابق اناملها على الـ " الكيبورد " : والله ما كان عندي نت .. من شهرين مقطوع .. واخوي كل ما اذكره يقول بعدين .

تتابع الحديث تسألها عن دراستها وعن كندا .. وتخبرها بشوقها لها .. صديقتها التي عرفتها في سنوات الدراسة .. خرجت من الاجواء وهي بمعية صاحبتها عبر شاشة ذاك الجهاز .. ابتعدت عن الكثير والكثير من الاحداث التي صادفتها .. واذا بها تسألها عن أخاها : انتوا للحين ما حصلتوا له حرمة .

حركت اصابعها في شعرها القصير وبعدها خطت : والله ما لقينا .. واللي لقيناها تكبرت عليه .. وهو الحين غاسل ايده من هالطاري

عضت شفتها السفلى بخجل وتتابعت اناملها برجفة : باركيلي هجور .. انا انخطبت .

لتتسابق الى ذهنها ذكريات قديمة .. وفرحة تسللتها وهي بين صديقات الثانوية .. كانت تردد بينهن : بعرس قبلكن .
وتضحك بمعيتهن .. طال صمتها خلف ذكريات الماضي لتسأل الاخرى : وينج ؟

وبعدها يهتز صندوق المحادثة ليعيدها لواقعها .. كتبت مبروك .. وحمدت الله ان الخطوط لا تبث المشاعر كما العيون .. طال الكلام وتراقصت الأحرف بين الاعين .. لتنتهي تلك المحادثة .. منبأة بفيض جرح .. ووجع روح تناستها الايام .. وقفت تشد شالها القطني على كتفيها .. تنظر عبر تلك النافذة وهي مستندة على جانبها .. تذكرته .. حديثه .. ضحكته .. عيونه .. وشعره الاجعد .. وسرعان ما ظهر الاخر كوميض برق في عقلها .. ينعتها بالغبية .. زفرت انفاسها : لو ما خليتني ما كنت هني .. ولا كان مصبح قالي هالكلام .. بس ليش مهتم في ..

عادت ادراجها تهم بالخروج من الغرفة .. واذا بها تسمع صوتها وصوت آخر .. امعنت الاستماع .. صوت رجل هنا في الشقة .. عقدت حاجبيها .. وضحكات تلك الديمة ترن في مسامعها .. طال وقوفها خلف باب غرفتها .. وما ان سمعت اغلاق الباب لتلك الشقة الواسعة حتى خرجت .. ربعت ذراعيها وعلى وجهها علامات الاستياء : شو هذا يا ديمة ..

جلست على الاريكة تنزع حذاءها لينسدل شعرها على وجهها الابيض : شو بكي .

تقدمت لتقف على مقربة منها : احنا ع شو اتفقنا .. وليش مدخله ريال البيت .

تأففت : هيدا ماي فريند .. ما رضا الا يوصلني لهون ويطمن علي .

-
بس احنا اتفقنا .

استقامت ورسمت ابتسامة على وجهها : ولا يهمك حبيبتي .. بنظل ع اتفاءنا .. وهو ظل عند الباب .. ما بعرف شو منو خايفة .

,,

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:09 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

تركتها وهي تعلق حذاءها بيدها اليمين .. لتجلس الاخرى والتوتر يتسلل لساقها لتتحرك دون توقف .. عنادها يجبرها على البقاء .. الجميع تخلى عنها .. لورا ومصبح .. تمتمت باسمه .. وبعدها هزت رأسها مبعدة تلك الافكار .. وتشحذ روحها بعناد وقوة وهي تحدث نفسها : انا قد اختياري .. وبيشوفون .. مب هاجر اللي تستسلم للخوف .. وللحين ما شفت شيء من حمدان اللي طوال الوقت يخوفني منه .. وديمة – سكتت لبرهة – ديمة صايرة تصرفاتها غير .. يمكن لاني صرت قريبة منها اكثر ..

زفرت وهي تقف .. مبتعدة عن المكان بخطوات مترقبة للقادم .. هل ستبقى تلك القوة المفتعلة معها .. ام سيعود لها الضعف .. جلست في غرفتها وهاتفها في يدها .. تتصل بهم من جديد .. يرن الهاتف لتبتسم .. ويأتيها صوتها الذي لطالما اشتاقته .. سيمضي على غيابها قرابة الشهريين .. دمعت عيناها وصوت امها المشتاق يتهادى اليها ..

-
والله ما فينا الا العافية .. انتي طمنيني عنج وعن دراستج ..

ابتسمت وهي ترى تلك الام الملهوفة .. لعلها الابتسامة الاولى من بعد تلك الاحداث المؤلمة .. ومريم كم هي عظيمة تلك المرأة لم تتركها يوما واحدا .. نزلت دمعة فتداركتها .. لتربت على فخذ الجالسة بجانبها بعد ان انهت المحادثة : ان شاء الله تشوفينها وبايدها الشهادة العودة .

ردن التحية عليه .. جلس بعد ان قبل رأسه والدته : شخبارج عموتي اليوم ؟

بشيء من الارتياح اجابته : الحمد لله .. الذي لا يحمد على مكروه سواه .

تمتم بالحمد .. ليضرب جبهته بباطن كفه بعد سؤال والدته عن تلك المقابلة : نسيت .. بروحلهم باكر ان شاء الله وبشوف اذا بيقبلوني .

تركزت انظارهم على ذاك الداخل .. ووجهه لا يبشر بخير .. انعقدت حواجبه .. وجلس وهو يتحوقل .. ليسأله عمار : شو كان يريد منك عمي .. صارلكم ساعة وييا بعض .. ومب من عادته يزورنا الا وراه شيء.

زمجر في وجه ابنه : هذا عمك واحترمه .

-
ما قال شيء الولد عشان تعصب عليه .

اردفت ميثة : راشد كلنا نعرفه .. ما يزور الا وراه شيء .. ومب شيء سهل .. شو السالفة يا عبدالرحمن .

لاول مرة يكون وجه عبد الرحمن بهذا الشكل .. مسود ويبدو عليه الغضب والغضب .. شيء لا ينبأ ابدا بما هو جيد .. وانفاسه التي يزفرها كانت دليل على شيء لا تحمد عقباه .. ايقنه الناظرون اليه : ريم اللي كل شوي تسألين عنها يا مريم .. وتدعين ع سعيد وعبالج حابسنها عنا .. وانا تبعت شورج ورحتله سمعته كلام ما ينسمع .. وهو ما رد علي .. تعرفين ليش ؟ .. عشان ما يفضح بنت عمه .. بنت عمه وحرمته اللي صار لها خمس ايام طالعه من بيتها ولحد يدري عنها وين هايته ومع منو


صدمة ارغمت الجميع على الصمت .. لا تعليق يقال .. الا مناوشات قليلة للدفاع عن تلك الريم من قبل مريم وعمار .. ولكن كان الهجوم اقسى واقسى .. لتلجم الافواه عن الكلمات .. وتبقى كلمة فضيحة عالقة في الاذهان حتى حين .. اما ابن عمها الذي لا يراها الا كأخت له غاب عن الحدث الجم لبرهة .. كان هناك في غرفته جالسا على الارض مستندا على ظهر سريرة وبيده جهاز الـ " جالكسي " حالته باتت في شرود مستمر .. حتى كلمات زوجته قبل ان تدخل دورة المياه ( اكرمكم الله ) لتستحم لم تصل اليه ..


طرقات خفيفة على الباب ... جعلته يلتفت ويأذن لطارق بالدخول .. دخلت على حياء ولا تزال على مقربة من تلك العتبة الفاصلة بين الداخل والخارج : بتروح المستشفى ؟

سؤال ابتسم بسببه وهو يرتب " غترته " التي شدها على رأسه .. ليبتعد نحو احد تلك الادراج ليفتحه وهو يجيب على سؤالها : هيه ..
اقترب منها وهو يخفي ما اخرجه خلف ظهره .. انحنى ينظر لعينيها العسليتين : ما تبين تشوفين هديتج .

ابتسمت على حياء لتشد على شفتيها دون ان تجيب .. ليضحك هو لاعبا بشعرها يبعثره وينهي ترتيبه الذي كان .. لتصرخ به كعادتها بالابتعاد .. ويزيد هو في قهقهته .. فجأة سكنت وهي ترى تلك الهدية امام وجهها بشكل مفاجأ .. مدت يدها واذا به يرفعها لاعلى .. وهو يطقطق بلسانه : ممنوع .. ما بتاخذينها الا بعد ما تخلصين امتحانات .. وع فكره فيها العاب ما بتحصليهن عند حد .. نزلتهن لج مخصوص من برع .

امسكت ذراعه تسحبها للاسفل : الله يخليك شوي بس .. العب فيها وبرجعها .. ساعتين بس .. ياللا طروق

ولا تزال يده مرفوعة : امممممم .. ساعة .

بعيون راجية : ساعتين
- ساعة
- ساعة ونص
باصرار اكبر : ساعة .

باستسلام رضخت له .. لينحني اكثر وهو يهمس في اذنها : الشرط الاول ووافقتي عليه والثاني .

ارتبكت لتبتعد خطوة للخلف .. ونظرها يتكسر على الرخام .. عانقت يده الكبيرة كتفها الضئيل : عشان نرتاح وامج ترتاح .

حركت قدمها بخجل وتوتر ملامسة الارضية بحركات مشتتة : بس هو ما سوى شيء .. ليش ما تصدقوني ؟

ارتفع وجهها لوجهه جراء مسكه لذقنها : نطمن .. وبعدين من حق امج ترتاح .. صح او لا ؟


تشنج وجهه لتلك الذكرى . راميا بذاك الجهاز على الجدار ليتشظى هنا وهناك .. قطع تناثرت .. لتقف تلك التي ارتاعت من صوت الارتطام تنظر للاشلاء .. بقايا هدية لم تلمسها هي الا ساعة بحسب طلبه منها .. شدت على قبضة يدها .. مختلف ذاك الطارق كثيرا .. يغضب بصمت .. ويفجر غضبة بصرخة عليها اذا لم يعجبه شيء .. واحيانا يترك المكان لوقت متأخر من الليل .. يبقى بعيدا عنها .. تخطت تلك القطع حتى لا تتأذى .. جلست على ركبتيها بتوتر وضح في نظرة عينيها .. وفي رجفة كفها التي تحاول ان تشدها .. اقتربت باصابعها من رأسه لترفع تلك الخصلات عن جبهته .. ويتسلل اسمه الى مسامعه من شفتيها الصغيرتين .. لينطق دون ان يرفع رأسه : راحت .. قبل ما تلعب فيه ..

-
قول لا اله الا الله .. هذا عمرها ..

من قال بان الدموع لنساء .. من اوهم الرجال بان الدمع ينقص من رجولتهم حتى باتوا يخفوه عن العيان .. من قال بان الرجل يجب ان لا يضعف امام زوجته .. وان عينه يجب ان لا تبكي امام عينيها .. نزلت دموعه لاول مرة منذ ثلاث ايام مضت .. ولاول مرة ترى انكسار بعلها .. تحملت مزاجه واعصابه التي لم يستطع ان يسيطر عليها .. طأطأ رأسه اكثر حتى لا ترى سيل عينيه .. مسحت على رأسه : مب عيب انك تصيح .. مب عيب .. والا ربك ليش خلق لكم الغدد الدمعية اذا بتمنعون اعماركم من هالشيء .. والرسول صلى الله عليه وسلم بكى لوفاة ابراهيم .. مب انا اللي بعلمك هالشيء .. صح والا لا ..

كلماتها بلسم اذاب الكثير من على قلبه .. ليضع رأسه على ركبتيها ووجهه لبطنها كطفل يبحث عن من يمسح على رأسه : كل ما دخلت البيت تضايقت يا شهد ..

طوقها بذراعيه دون ان يتناسى جرحها .. وقطرات من الماء الذي بلل شعرها تتساقط كحبات مطر تسقط من السماء .. لتندي جانب وجهه وتتسلل بين شعيراته : هذي سنة الحياة ..

جفل على الصوت العالي لعبد الرحمن .. ليترك حجرها : شو صاير ؟

هرول الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) ليغسل بقايا تلك الدموع .. ويجري بعدها مسرعا للاسفل .. مستفسرا بصوت عالي عن سبب ذاك الصراخ .. لتلجمه الصدمة عن الحديث .. وتتوزع نظراته للجميع .. ليصرخ بعدها بغضب : اكيد سعيد السبب .. ولا يوم حلو شافت وياه .. ما تنلام اذا شردت

تكلم بحنق : ما تنلام .. ما تنلام وهي بتييب لنا فضيحة ..

مريم : عبد الرحمن لا تبني شيء ع شيء .. محد يدري شو مستوي بالضبط .. وولد اخوك الكذب مب بعيد عنه .

عبد الرحمن : فشو كذب ان شاء الله .. سعيد حار ولا يرضا ع الغلط .. واكييد اللي سواه لها من فعايلها .. زين انه ما بلغ عليها فالمراكز بس عشان يداري الفضيحة وسوادة الويه اللي بتي من وراها ..

انسحب من المكان بخطوات ثقيلة تتبعه مريم .. لعلها تهون عليه مصابه .. ناظر عمار طارق لبرهة .. وبعدها نظر لعمته : شو السواه الحين .

قالت بنفس هادئة : لا تستعيلون .. كل شيء بيبان .. الحين لازم تفكرون وين ممكن تكون ريم .. وصلولها قبل لا يوصلها ابوك .. ترا عبد الرحمن حتى لو كان هادي فبعض الامور يتحول انسان ثاني .. واكيد راشد وولده ما خلوا كلمه شينه ع بنته الا وقالوها له ..

زفر انفاسه : لا حول ولا قوة الا بالله .. متى بيفكنا هالسعيد من سوالفه .. سود عيشتها الين خلته وشردت .. وما تنلام انها ما يت عندنا عقب ما خذلناها

-
لا تقول هالكلام يا طارق .. احنا سوينا اللي علينا بس عمي الله يهداه بكلمتين يقلب راس ابوي .. مادري الين متى بيمشي وراه فكل اللي يقوله ..

مشت مارة بجانب طارق وهي تتحدث : اللي فالقدر بيطلعه الملاس(مثل) .. روحوا رقدوا وعينوا من الله خير .

أي هدوء اكتست به تلك الميثة .. هل غيبت شخصيتها مع غياب ابنتها .. ام ان ايمانها ازداد لما حدث لها .. حتى باتوا يرونها غير مكترثة لكل ما يجوب في اجواء عائلتهم الصغيرة .. وايامها تقضي معظم ساعتها مع ابنتيها .. وكأنها تبتعد عن الامور التي قد تشغلها عنهما ..

,,

ثورة غضب بعكس ذاك الهدوء استوطنة روحه .. ليثور في وجه اخته لتبث ذاك الحدث الى اختها الكبرى .. تبكي بخوف على اخيها .. الصارخ في وجه من كان معه على الهاتف .. ليتحطم على الجدار الصلد جراء رمية من يده .. لاعنا معها حظه العاثر .. ولينسحب بعدها لغرفته .. ليدوي صوت الباب بضربة قاسية وكأنه اجرم لوقوفه في وجهه .. ولجت الى المنزل .. ترمي نعلها بسرعة على العتبة الخارجية للمنزل . الساعة تقارب الرابعة عصرا .. فموعدها في ذاك المستشفى كان ظهرا .. اسرعت الخطى لتقابل اختها التي ترتجف .. وترد عليها بكلمات مهتزة : ما اعرف شو فيه .. قلت له احطلك غدا ثار في .. وكسر فونه عقب ما ياه اتصال .. ما اعرف من منو .. وهو الحين فحجرته .

تستمع لها واطراف اصابعها تلامس شفتيها المكللتان بالجفاف بسبب تعب تلك التحاليل والاشعة التي قامت بها .. تعوذت من الشيطان وهي ترمي بعباءتها على تلك النمارق المصفوفة في تلك الصالة .. وتهرول بعدها الى حيث هو .. امتدت يدها المرتعشة لمقبض الباب .. واذا بها تطل برأسها .. هاهو يقبع على السرير ينظر للارض .. اقتربت لترى رجفة كفيه .. لتعانق كفاها تلك الايدي الخشنة المرتجفة : شو صاير ؟ شو بلاك يا عيسى .

-
ضعت يا خولة .. وانتن بتضيعن من بعدي ..

تحاول ان تنظر لوجهه دون فائدة : الله لا يقولها .. فهمني شو مستوي .. وكل مشكله لها حل .. اهدى وخبرني شو صار يا عيون اختك انت .

تنهد وكأن حمل يجثم على صدره : الريال اللي مدين منه فلوس السيارة .. يقولي ارد الفلوس والا بيرفع علي قضية ..

شهقت واتسعت حدقتا عينيها : بس انت خبرتني انك بتدفعله بالاقساط .. ليش غير رايه .

-
مادري .. وخمسة وستين الف مب شويه وبيدبرن فاسبوع ..

نهضت لتجلس بجانبه .. تحيط ذراعها بكتفيه العريضين : بيع البيت .
نظر اليها باندهاش : اي بيت .
ابتسمت : البيت اللي كتبه لك جاسم .

قام واقفا والغضب قد تشربه وجهه : انتي شو تقولين .. ناسيه موقفي من هالموضوع .. اذا ناسية بذكرج .

وقفت ولا تزال تلك الابتسامة على وجهها : متذكره كل شيء .. انت بيع البيت وخذ من ثمنه الخمسه وستين الف والباقي خله .. واعتبر الخمسة وستين دين عليك لجاسم .. انا ما اقولك اخذ الفلوس لك .. لان عارفه زين انك مستحيل ترد فكلمة قلتها ..

عاد اليه الهدوء .. وكأن ذاك الكلام اراحه بعض الشيء .. لينطق بعدها : واذا ما لقينا مشتري بهالاسبوع اللي عاطيني اياه ..

-
اذا ما لقينا .. ربك بيحلها .. وبين ليلة وضحاها اشياء وايد تتغير ..

,,

يتبع غدا بأذن الله ..
انتظروني ~



♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:10 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
صوت المنبه يصدح في زوايا الغرفة المظلمة .. الساعة السابعة ومع هذا فالظلام حالك نتيجة تلك الستائر الثقيلة .. تقلب في فراشه لا يرغب بالنهوض فيكفيه تفكير البارحة الذي ابعد عنه النوم حتى ساعة متأخرة .. فز من سريرة بعد ان تذكر ماذا يعني له ان يستيقظ مبكرا هذا اليوم .. سحب هاتفه لينهي ذاك الصوت وهو يتثاءب ويعبث بشعره بحركة عشوائية .. حمل نفسه ليستعد للخروج .. وذاك المغلف البني اللون يقبع على " الكوميدينة " منذ ايام خلت .. تبادر الى ذهنه هاتفه الاخر .. لا يعلم اين هو منذ اول يوم للعزاء وهو مختفي .. والمصيبة انه يذكر ان وضعه على الصامت ..تطوحت اطراف " الغترة " البيضاء على كتفيه بتناسق جميل .. واذا به يسحب مفتاح سيارته ومحفظته وهاتفه " النوكيا " .. جيد انه لا يزال يحتفظ به .. انزلق المفتاح من بين اصابعه واقعا بجانب سريره لينحني ملتقطا له واذا به يلمحه هناك في الاسفل في تلك الفتحة الضيقة التي تبعد " الكوميدينة " عن الالتصاق بذاك السرير .. ابتسم فلعله اوقعه بيده وهو نائم ليتشبث واقفا على جانبه في ذاك المكان البعيد عن الاعين .. انتشله واذا به قد فارق الحياة .. لا بأس فسيستطيع شحنه من جديد وهو في طريقه الى تلك الشركة .. اسرع الخطى نازلا .. سكون رهيب يسيطر على المكان .. لعل صدمة البارحة اخمدت الافواه وحتى الاجساد ..


انطلق مارا بأحد " الكافتيريات " ليأخذ له كوب شاي و" كرسون زعتر " لطالما كان يحب الزعتر بعكس اخته هاجر التي لا تطيقه .. ابتسم على ذكراها .. فهو يشتاق للجلوس معها .. لمناوشاتهما الكلامية التي لا تنتهي .. اخيرا تراءت تلك الشركة امام ناظريه .. تنفس بعمق قبل ان يترجل متمنيا ان يوفقه الله .. فلقد تعب من البحث عن وظيفة .. شهور مضت منذ ان تخرج بشهادة " بكالوريوس " في المحاسبة ..


هناك كان يجلس وهو يحتسي فنجان قهوته العربية بمعية سلطان في ذاك المكتب المجاور لمكتبه .. حديث طويل دار بينهما .. مناقصات ومشاريع .. وتلك النسبة في المشروع الجديد الذي يترأسه فيصل .. فيصل الذي بدأت اقنعة الاستغراب تسقط من عليه .. لتتحرك شفاهه بعد رشفت ارتشفها من ذاك الفنجان الابيض ذا النقشات الملكية : يعني فرناندز مجرد تمويه ؟

سؤال طرحه بعد حديثا عن تغير مسمى الشركة التي يكن له نصيب الربع منها .. ليرد عليه قائلا : هيه تمويه .. قلت لك من اول ان فرناندز ماله في التجاره .. تعامله بس بالتحف .. واللي اتضح الحين ان الشركة باسم فيصل وغير هذا شراكته مع عبد العزيز اظن ان وراها سالفة عوده .. شو اللي يخليه يشتري منك نسبتك وهو مب محتاي لها .. في اسئلة واايد تدور حوله ..

- المهم ان جود بخير .

ارتفع صوت ضحكاته معانقا المكان : هالبنت مينونه والا في بنت عاقل تقص ايدها بهالشكل .

ارتفع حاجبه مستنكرا لكلام سلطان .. سائلا كيف عرف .. ليجيبه وهو يقوم واقفا ليجلس خلف مكتبه : لي معارف فالمستشفى ..

قاطع جمعتهما طرقات الباب ودخول تلك السكرتيرة الاماراتية .. شعرها واضحا بانحناءة على نصف جبينها وتلك " الشيلة " لا تقف الا على قمة رأسها .. والعباءة مبهرجة بالالوان والكريستالات الكثيرة .. وكأنها في حفلة لا مكان عمل : استاذ سلطان .. الشاب اللي كانت مقابلته من ثلاث ايام يالس فمكتبي .. يقول يريد يقابلتك .

ازدردت ريقها لشعورها بأن ذاك الجاسم يحدق فيها .. وقبل ان يتكلم سلطان قام واقفا : يا انسه اعتقد ان هالمكان مكان شغل .. والتعدل والتزين ما بيزيد الارباح ولا البس المحتشم بيقللهن .

طعنة في الصميم .. اخترقت سلطان الذي وظفها قبل ان تخترقها هي .. ليردف وهو يجلس على الكرسي القريب من المكتب ناظرا للجالس خلفه : اذا تبين تستمرين فاتمنى تكون الحشمة رفيقتج

-
مالك اي حق تكلمني بهالشكل .. واستاذ سلطان هو مديري وهو اللي موظفني – نظرت لسلطان – صح يا خالي والا انا غلطانة ؟

هي لم تقابل صاحب الشركة بعد .. ولا تعلم بأن ذاك المبتسم بوجه خالها باستطاعته ان يوقع على ورقة تخرجها من الشركة .. ليرد الاخر عليها : عايشه اذا تبين اتمين فهالوظيفة سوي بكلام الاستاذ جاسم .

تلعثمت .. هو جاسم .. جاسم عبد العزيز صاحب الشركة .. وهي قللت من ادبها معه .. لم ولن تجرأ على الحديث .. اهتزت الاحرف على شفاهها الملطخة بلون الدم الفاقع : شو اقول للي برع .

سلطان : خليه ينتظر عشر دقايق ..

انصرفت وما ان اغلق الباب حتى علا صوت ضحكاتهما في المكان : زين سويت فيها والله عيزت منها .. وامها المصيبة صافه وياها .. لو ما شهادتها وشغلها اللي اعرفه ما وظفتها ..

-
اسمع اذا ما اصطلبت مالها مكان هني .. وانا ما بجامل اي حد .. حتى انت يا سلطان .

-
تم .. ما يكون خاطرك الا طيب .. بتقابله ؟

قام واقفا وهو يحرك نظارته على وجهه : لا .. قابله انت .. واذا عذره قوي خله عندنا تحت المراقبة .

وقف الاخر : وانت وين رايح .. ترا كل شغلك محولنه علي من امس .. وللحين ما قلتلي شو السبب .. اذا خايف من الجواسيس ترا حتى مكتبي ما ينظمن .

-
ما هموني .. خلهم يسمعون .. المهم انا بسافر اسبوعين .. وثقتي فيك عودة .. والشغل مب ذاك الزود .. واذا في اي شيء يطلب وجودي اتمنى تأجله الين ارد ..

لم يدع له مجال ليسأل عن وجهة سفره او لماذا هذا السفر المفاجئ .. ابتعد تاركا كل شيء خلفه لسلطان ذراعه اليمين .. الذي اعطاه الثقة كاملة .. يريد ان يرتاح .. كل ما يطلبه بعد كل ما حدث هو قسطا من الراحة .. بعيدا مع ذكرياته القديمة ..

منذ يومان لم يزرها والسبب تلك المشاغل وتلك الامور التي استجدت في حياته .. هناك من يرقبه .. دائما يشعر بتتبعهم له .. خلف سيارته .. وكأنهم ظلال لا يردعها غروب الشمس .. ظلال مختلفة .. حتى في الظلام تتواجد .. ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه وهو يترجل .. قاطعا ذاك الممر .. وتلك الاشجار الباسقة تشهد على بره لتلك المربية التي ناهز عمرها السبعين .. داء الخرف يفتك بها .. هذا ما رماه ذاك الطبيب على مسامعه بعد وعكة صحية المت بها في بداية هذا الاسبوع ..

" تأخرت علي يا وليدي " قالتها وهي تتلمس وجهه بكفها المرتعش رعشة العمر .. ليلثم باطنه ويعانقه بعدها بكلا كفيه .. لتردف بعدها : وين قاسم ؟

لماذا كل هذا التعلق بذاك القاسم؟.. لم تنسه رغم ضعف ذاكرتها ووهنها .. تحبه اكثر من جاسم فهو كان المزعج ذو المقالب .. الذي يضحكها رغم غضبها منه .. هو كان الرقيق الذي لا يملك جَلد اخيه جاسم .. كانت تعشق ضحكاته المستفزة .. وحركته التي لا تهدأ من حولها .. نظرت اليه بعيون قل نظرها : البارحة زارني .. يسألني عن امك .. قلت له سافرت راحت صوب قطر ..

شد على يدها : منو اللي زارج ياميه ؟

ابتسمت لتتضح تلك التجاعيد اكثر : واحد يشبهك ..

ذاك الحديث القصير جعله يحث الخطى الى مكتب الطبيب المعالج .. ليسأل عن ذاك الزائر الذي ذكرته .. رد وهو يعدل نظارته الطبية : استاذ جاسم .. الوالدة بخيته خرفت .. يمكن تقولك اشياء صايرة وياها من زمان وتحسبها صارت امس .

بشيء من الحدة : لا يا دكتور .. في حد زارها هاليومين .. عمرها ما قالت لي اللي قالته اليوم .. ياليت تقولي منو اللي زارها ؟

تلعثم قليلا وهو يحاول ان يبلل ريقه بعد صمت ثواني : ما زارها حد .. اقولك انها مخرفة .

لم يقتنع فذاك الطبيب لا يبدو صادقا .. ضرب بقبضة يده على الطاولة وهو يقف : لو دريت انك ما قلت الصدق ما بتلوم الا نفسك .

بعدها انسحب من المكان .. كل ما يحدث من حوله يوتره .. يريد فقط ان يبتعد ان يترك كل شيء خلف ظهره .. وهي كم يشتاق لوجودها بجانبه .. هل تستحق ان تعاني البعد بسبب قسوة من حوله .. في هذه اللحظة غاب كل من حوله ولم يبقى الا هي .. حرك عجلات سيارته نحو ذاك الطريق الذي سيوصله اليها .. لا يهم ما الذي سيحدث بعدها .. يريد ان يراها وان يلمح ابتسامتها تلك ..


,،

هي كانت في حرب رعناء مع ذاك الصداع الصباحي .. والاستفراغ الذي اخذ وقتا اطول هذا اليوم .. جلست ترتجف مستندة بظهرها على جدار دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. حمدة الله مليون على وجودها وحدها فيكفي اخيها ما هو فيه .. وايمان لا ترغب بان تشغلها بامرها .. اخذت نفسا عميقا تلو الآخر .. تحاول ان تستعيد شيئا من طاقتها المسلوبة .. استندت على ارضية المكان الباردة .. لتقف وتستند على الجدار وبعدها على حافة المغسلة .. نضحت الماء على وجهها مرارا .. لعل ما بها يتركها مع القطرات الهاربة .. برودة استوطنت اوصالها وهي تشد الخطى نحو غرفتها لتبلع بعض حبات الدواء لعل ذاك الصداع المزعج يتركها هاربا .. استلقت متكورة على نفسها .. ودمعة حارة جراء التعب الجسدي فرت مبتعدة من جانب عينها متخطية انفها الدقيق .. ربع ساعة .. نصف ساعة .. ساعة كاملة .. وبضع دقائق مرن على استلقاءتها تلك .. صوت الجرس المزعج جعلها تتنهد بحنق .. وبعدها تخرج تحث الخطى بهدوء ووهن استفحل بساقيها ..من خلف الباب : منو ؟

صوتها رسم ابتسامة خفيفة على محياه : فتحي يا خولة هذا انا .

وضعت اطرافها على فيها وهي تتمتم باسمه .. لا تعرف من اين اتتها تلك القوة المفاجأة لتهرول بعد ان نطقت " لحظة " .. نظرت الى وجهها الشاحب .. لا بد ان تخفي هذا الشحوب عنه .. هو بالذات لا يجب ان يعرف ما بها .. بدأت بمسح معالم وجهها الشاحبة بمستحضرات التجميل البسيطة .. فهي تعرف انه يعرف انها لا تحب التزين بالكثير .. تنفست تمد رئتيها بالكثير من ذرات الاكسجين .. وبعدها خرجت .. فتحت الباب بهدوء خارجي لا يعكس ما فيها .. تأملته واقفا وتلك الابتسامة تزين محياه .. ونظارته الباهظة الثمن تداري عينيه ونظرته التي تمنت لو انها تراها .. برود غريب يجتاحها وهو ينحني يقبل وجنتيها .. ما بالها لا تشعر بشيء سوى مشاعر متضاربة ترهقها .. سألها عن حالها .. لترد بنبرة كصقيع ملامحها في هذه اللحظة : بخير .

اشاحت بجسدها لترحب به .. فاستوقفها ممسكا بمعصمها : ما اريد ايلس .. ياي اقولج اني مسافر ..

وما الجديد بالنسبة لها .. لا يوجد اي شيء مختلف .. فهي ستبقى هنا شهور اضافية على تلك الشهور التي خلت .. اردف حين لم يجد منها جوابا او حتى نظرة : خولة .. ما اقدر اخليج ترجعين وياي البيت لان ظروفي ما تسمح ..

كم هو متبلد الاحاسيس هذا ما خطر في عقلها وهو يبرر غيابه الذي طال .. نظرت اليه : ادخل حتى لو عشر دقايق .. حياك .

زفر انفاسه وتبعها لداخل .. ليفظل الوقوف مانعا لها ان تخرج لجلب ما تضيفه به : ما اريد شيء – تلمس وجهها بكفه – ليش ضعفانه .

ويسأل ؟ .. يا الله يا جاسم .. لو تعلم بان ما في قلبي خواء ينتظرك لتملأه . لما سألت ؟ .. ابتسمت وسرعان ما تلاشت تلك الابتسامة مع تغير ملامح وجهها للبكاء .. دفنت وجهها في صدره .. هي بحاجة لحظن ينسيها ما تعانيه ... من الم الشوق والوجد .. والآم جسد بدأت تفتك بها : محتايتلك يا جاسم ..

تسارعت نبضات قلبه .. فهي قريبة منه .. قريبة من قلبه الذي نسى خوفه عليها وجلبه ليقف امامها .. لا يحب الدموع .. يكره الانكسار .. ويكره ان يكون سببا لها .. ابعدها عن صدره .. ممسكا بكتفيها : برجع .. وبنرجع لبيتنا .. خليج قوية اوكي .

هزت رأسها بالموافقة تمسح دموعها وهي تضحك : صدج اني غبية ..
ناظرها بنظرات مستنكرة احستها من صمته .. لتردف : لاني صحت .. ما عليك مني .. المهم اهتم بروحك .. ومتى ما تعدلت ظروفك بكون هني .

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:10 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الظروف علاقة افعالنا وتصرفاتنا وخذلاننا لمن نحب .. بسبب الظروف ستزف هي دون حفلة ودون فستان ابيض .. وبسبب الظروف اجبرت على الكثير .. وقفت لترد على كلام والدتها : ليش .. لهالدرجة ارخصتوني .. وهم ما صدقوا من الله يزوجون ولدهم .. وحد يقبل فيه .. اكيد فيه عذاريب( عيوب ) الدنيا والا ما وافق حتى شوفه ما بشوفه .. بأي حق تحرموني من ابسط حقوقي ..

تنهدت بقل حيلة : يا فاطمة لا ادخليني بينج وبين ابوج .. ولو شفتيه بيتغير شيء .. ابوج مزوجنج يعني مزوجنج رضيتي والا ما رضيتي ..

هزت رأسها بأسف لحالها لتنساب دموعها حارقة صدرها قبل وجهها .. وهي تستند بمؤخرتها على طاولة " التسريحة " : بس والله ظلم .. وبعد تبوني اتزين واتحنى .. ليش ؟ ..

قامت واقفة تهم بالخروج : عشان اهله لازم يفرحون .. واحنا بنسوي حفلة صغيرة هني فالبيت عشان بنت عمتج وعمتج ...

" واخوااني؟ " .. استوقفها السؤال وهي مدبرة : ابوج عطى كلمته وانتهينا .. واخوانج ما عليهم الا الطاعة ..

صافحة جبهتها بباطن يدها : يا رب رحمتك .

حدثت نفسها وهي لا تزل واقفة : خلاص يا فاطمة ارضي بالمكتوب لج .. ويمكن هو خيره محد يدري ..

قطع حديث نفسها ذاك الصراخ لاخيها سعيد لتخرج وتقف بجانب تلك المتشدقة وهي تستمع لحديثة مع والده : والله لا اعلمها السنع بس اطيح فيدي .. والا تشرد من البيت بهالشكل .. والله العالم مع منو .

لتهمس قريبا من فاطمة : صرت اشك انه يحبها .. ولا يقوى ع فرقاها .

وبعدها ادبرت تحت انظار الاستغراب من الاخرى .. وجهت انظارها للاسفل وهي تستمع لباقي الحديث الدائر .

قال بهدوء : استريح .. وخل عنك الكلام اللي لا يودي ولا اييب .. وفكر كيف تكسرر خشمها اذا ردت .. ومب تربية عبدالرحمن اللي تسوي الشينة .

يعترف بتربية اخيه الحق .. اخيه الذي شحن رأسه بالكثير من الاقاويل هو وابنه سعيد .. حتى يضع ريم في الخانة السوداء .. ريم التي بكت وهي تسمع اتهامات عمار لها .. بعد ان وجد تلك الاتصالات على هاتفه الغائب .. ليتهادى اليه صوت سعود منبأ له عن مكانها .. حث الخطى مسرعا متناسيا نجاح تلك المقابلة .. ليدلف الى ممرات المستشفى بغضب .. ويلج الى غرفتها باندفاع صارخا في وجهها : ياللي ما تستحين .. تشردين عند ناس غرب .. شو تبين الناس يقولون عنا ..

وتوالى كلامه جارحا لها دون اي فرصة لدفاع عن نفسها .. فقط تلك الدموع التي تنساب وهي تسمعه يتحدث عن والدها الذي ظن فيها ظن السوء.. متربصا رجوعها ليعيدها لذاك السعيد بمذلة اخرى ..

صرخت لتخرس ذاك المندفع بالتجريح : اسكت .. لا تحكم علي من ورى كلام سعيد الحقير .. سعيد اللي حبسني ثلاث ايام يضربني ويعتدي علي وانتوا خبر خير .. سعيد اللي كل كلمة منه طعنه فصدري عمرها ما بتبرى .. انتوا شو تعرفون .. خبرني شو تعرفون . كل همكم كلام الناس .. طز فيهم وفكلامهم .. خلاص كافي- تهدج صوتها اكثر لتردف – عمركم ما بذوقون اللي ذقته .. سنين وانا اتجرع الهوان عنده ولا مره حد فيكم سألني يا ريم كيف حياتج .. ياي الحين تقول وتقول .. استريح يا عمار ... استريح يا سندي من بعد ابوي .. ريم ما هي ريم الساكته .. والناس اللي آوني فبيتهم يومين ما اعرفهم ولا يعرفوني .. والله ان الغريب احسن من القريب مية مرة ..

صمت اطبق عليه وهو يستمع لكلماتها .. للبركان الذي ثار أخيرا .. لم ينطق فقط ينظر اليها على ذاك السرير متحدثة بحرقة .. صارخة بلوعة استعمرت صدرها .. لم يكن هو المستمع الوحيد لكل ما قيل .. فذاك الذي اُغلق الخط في وجهه جراء غضبا من عمار .. حثه الخوف اليها .. حثه ضميره لدفاع عنها وعن شرف قد ينتهكوه بكلمة .. وقف تضربه تك الكلمات المتألمة .. كم هي مسكينة تلك الريم .. نظر لكفه التي تحمل ذاك المغلف وفي بطنه تقارير قد تكسبها قضيتها من اول جلسة .. لا صوت في الداخل فقط السكون خيم على الارجاء ..

لم يرد عليها فقط ابتسم وهو يراها تمسح دموعها بعشوائية .. ليقترب منها .. فتبعده صارخة : خوز عني ..

ولكن هيهات ان يبتعد .. احتضنها غصبا عنها .. لتبكي على صدره .. وبصوتها المتقطع : ما اريد اردله يا عمار .. كرهني حياتي .. اريد الموت ولا قربه .

" اششش " نطقها وهو يشدها اليه .. ليردف : ما بترديله .. واعلى ما فخيله يركبه .

لا تعرف كيف استطاعت ان تضحك .. ضحكت على تلك الجملة التي نطقها .. اجل فاعلى ما في خيله يركبه .. فهي قد نوت الابتعاد ولا رجوع في ذاك القرار .. تنهد ذاك الواقف خارجا حين سمع حديث عمار لاخته يسألها عن حالها ويضحك معها وهما يتخيلان ما قد سيكون بعد الرجوع .. انسحب من المكان .. فلا بأس من تأجيل تسليم تلك الاوراق بضع ساعات أخرى ..

,،

ضحكاته هزت اركان تلك الصالة .. ليست ضحكات فرح بل هي ضحكات شامتة .. ليتكلم من بين ضحكاته وقهقهاته : والا غير مكتبه بالكامل – وصدحت من جديد تلك الضحكة – مسكين والله .. شكله بدا يخاف حتى من ظله ..

صمت المكان .. فهناك حديث شده حتى جعله يعتدل في جلسته باهتمام .. وتلك السماعة تكاد ان تخرج من اذنه من قوة الإنصات التي تلبسته .. عقد حاجبيه : زارها .. معناته بعدها ع ذمته .. زين زين .. بنشوف وبنتأكد من هالشيء قريب ..

اغلق المكالمة ساحبا تلك السماعة من أذنه وراميا بها مع هاتفه على تلك الطاولة الزجاجية ذات القدم الواحدة والقاعدة البيضاوية .. تمتم : ولدي واعرفه .. قلبه رهيف مثل اخوه ..

كان ذاك الحديث ليس ببعيدا عن مسامعها .. ولجت لصالة بثوبها الفضفاض .. وبطنها دلف قبلها لتقف ناظرة اليه .. وتنطق : هذا ولدك .. ليش تعامله بهالشكل ..

ظهره لامس ظهر الكنبة ناظرا اليها : لا تدخلين فاللي مالج فيه يا امنه .

ثقلها يتحكم بجلستها .. نظرت اليه : هذا ولدك اللي كان ذراعك اليمين يا عبد العزيز .. ليش ما تكسبه بدال كل هالمشاكل اللي بينكم

زمجر باسمها واقفا : اللي بيني وبينه مالج دخل فيه .. سمعتيني او لا .. وخلج فحملج .. ما صدقت انه اخيرا ثبت .. عشر سنين واحنا نتريا ياهل يخلد اسم العايلة من بعدي .

زفرت انفاسها وهي تراه خارجا .. ليأخذها حديث نفسها بعيدا : عشر سنين يا عبد العزيز من يوم ما صار اللي صار .. وقلب حياتكم فوق تحت .. وحياتي صارت ذنب امشي ويمشي وياي .. والسبب انت وابوي الله يرحمه .. عشر سنين وانا كل ما المح جاسم اتذكره .. ليته تمرد مثل تمردك يا جاسم .. واخذ اللي يبيها مثلك ..

نفضت رأسها مستغفرة ربها .. فذاك الحديث خيانة لزوجها .. الذي ما ان خرج من منزله حتى توجه لشركته التي بات نصيبه فيها اقل من النصف بسبب ابنه الذي باع ما يملكه للغرب على حسب قوله .. نظر الى ذاك الواقف بعد ان سلمه بعض الملفات .. متوترا وحديثا ليس بحسن يلوح في ملامح وجهه الداكن : تكلم شو وراك ؟

تنحنح ليبتدأ الحديث : طال عمرك اليوم وصلنا خبر بان – سكت ليردف بخوف بعد ان زمجر عبد العزيز في وجهه – فيصل سالم الـ .. هو مالك كل الشركات اللي كانت باسم فرناندز

" شو " خرجت من جوفه بغضب ليتبعها بوابل من الاسئلة .. كيف .. ومتى .. ومن ؟ .. ليرد الاخر : والله هذا اللي وصلنا طال عمرك ..

-
ما ناقص الا ياهل يتحكم فشركتي اللي طول عمري تعبت فيها – صرخ من جديد – وجاسم وينه .

-
سافر طال عمرك .

طرده من مكتبه وجلس على كرسيه بتعب .. ينفث انفاسه مرددا : ما بعيده انك تعرف بتدابير فيصلووه يا جاسم .. آآآخ يا شماتت الناس فيك يا عبد العزيز .. ياهل عرف يلعبها صح ..

,،

لعبة.. جميع ما يدور العاب يمسكها البشر .. ويديرون دفتها حسب ما يشاءون .. هناك غالب وهناك بلا شك مغلوب .. والخاسر الاوحد هو الزمن حين يمضي ليوضع في روزنامة الماضي وفي ذاكرة من قاموا بالعب .. كتلك اللعبة التي بات يديرها حمدان .. وافتتحها مصبح دون شعور منه ..

يمشي بثقة عاليه .. " بلوزة " قطنية مرتفعة الياقة تعانق جسده على ذاك " الجينز " باهت اللون .. اليوم سيبدأ بالاعلان عن لعبة التحدي .. ارتسمت ابتسامة التحدي على شفتيه .. وشفته السفلى المدببة الوسط مع انحناءة جذابة للاسفل انفردت لتعلن عن فرح بان في عينيه خلف نظارته السوداء .. رفع ساقه ليسندها على الكرسي الطويل الذي يجلس عليه مصبح وبجانبه يجلس رفيق دربه نادر .. نظرا اليه باستغراب وهو ينزع ما على عينيه ويطويها في يده التي اسندها على فخذه منحنيا قليلا : انت بديت التحدي يا مصبح ..

رفع حاجبيه : اي تحدي ؟ شكلك محموم وتهوجس ..

زادت ابتسامته : حطيتها فراسي .. وحمدان اذا حط شيء فراسه ما يتنازل عنه – ضحك وهو ينحنى اكثر ليكون وجهه لوجه مصبح اقرب – بس حلوة وتستاهل التحدي .

اجتاحه الغضب ولولا ان نادر قبض على ذراعه ليهدأ من نفسه لقام متهجما على ذاك الحمدان .. الذي ولى مدبرا وهو يقهقه .. ليبدأ لعبة تحدي لاجلها دون علم منها .

,،

انتظروني قريبا مع الجزء 28
ما اقدر اقولكم متى الين اعرف كيف بيكون دوامي الجامعي تحياتي ~



♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:12 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الحرية المنشودة .. انا حر .. اذا افعل ما اريد واشتهي .. ولكن ماذا عنهم .. اولئك المحيطون بي .. هل ساتناسهم لانعم بالحرية؟ .. الحرية اذا هي بان اعيش وحيدا .. لا تقاليد .. لا عادات .. لا اهل .. لا ناس تتكلم ولا تمل الحديث .. اذا فلا توجد حرية .. انما متنفس من الكبت لا غير .. توجد مستحيلات تمنع اتمامها .. ازدردت ريقها حين توقفت السيارة .. ذاك المبنى الشامخ امامها .. هناك مستحيلات تحدث .. ومشاكل لا تصدق .. هناك موت وميلاد .. ومقبرة وساحة افراح ..

شدت بقبضتها على حقيبتها الراقدة في حضنها .. تعتصرها لعل ما فيها يمدها بقوة تنشدها .. افاقت من غيبوبتها اللحظية على صوته الاجش : اذا ما تقدرين نقدر نرجع .

الرجوع يعني البقاء مع ذاك الجلاد المدعو بسعيد .. الرجوع اقسى من المتابعة .. هو الهلاك بعينه .. كم تلك القيود موجعة .. اوجعتها حتى اسالت الدماء من جسدها .. حتى بان العظم من خلف الجلد .. ويقول الرجوع .. هزت رأسها : خلنا ندخل .

وابتسامة فرضت على محياها قبل ان يتلاشى خلف طرف " شيلتها " .. وقفت برفق بمساعدته .. بقدم ترتدي الحذاء الاسود مفتوح المقدمة .. واخرى ترتدي جبيرة ثقيلة قد اتسخت جراء المشيء عليها .. فعظمها لا يحتاج الا لجبيرة سميكة دون عصا .. فهو شرخ فقط .. تأبطت ذراعه بجزع .. ودقات فؤادها تقرع طبول معركة الحرية .. وعيون ترقبها ..امرأة بجبيرة تدخل المحكمة .. وتهامس بين ذاك واخر .. وتلك وأخرى .. لعل كل هذا يخيل اليها .. ان الجميع يحدقون بها وبذاك الذي تمسك بذراعه حتى لا يختل توازنها .. خطوات قادمة اصعب من تلك الخطوات الى ذاك المكتب .. هناك ستُكتب ورقة استدعاء بحق المدعو بزوجها .. ومن هناك ستبدأ هي بالنفخ في ابواق المعركة .. سيحاول ذاك القاضي ان يسوي الامر بينهما .. كيف له ان يتحدث بكل هذا .. هي لا تريده .. لا تريد ما يربطها به لا تريد اي شيء .. وان كانت تستطيع مسح ذكرياتها لمسحتها .. الآ تكفيه تلك الاوراق التي دون فيها عجزها وتحطيم روحها قبل عظامها .. ماذا يريد ايضا .. صرخت به بان العودة اليه يعني الموت .. يعني ان تحفر قبرها وتدفن نفسها من جديد .. وهي لم تصدق بانها وصلت الى هنا .. تحدثت ودموعها تسبقها .. حتى اقتنع ان يجتمع بالطرف الاخر .. واذا كان هناك من شهود يشهدوا لها فلتأتي بهم ..

خرجت متعبة النفس وذاك يعيد عليها كلمة التراجع .. لا تريد العودة .. واذا اضطرت ان تترجى كل من يعرف سعيد ستفعل .. كل من عاش ما تعانيه ستترجى .. مسحت دموعها لتمسح انفها بمنديل ورقي .. وتنهد هو قائلا : المسألة مب سهلة يا ريم .. والتقارير تثبت انج وصلتي المستشفى بعد يومين من الشردة .. ويمكن سعيد يطعن فشــ.....

قاطعته : انا اشرف منه .. واعلنتها حرب ما بستسلم فيها – نظرت اليه بنظرة اول مرة يراها في عينيها – ريم الضعيفة ماتت – مدت يدها له – هات فونك .

استنكر طلبها سائلا فيما تريده .. لتجيبه بابتسامة ارتسمت على وجهها : بسوي اجتماع وبكشف فيه كل الاوراق .. مب انت تقول ان ابوي زعلان وانه منع الكل يزورني .. خلاص انا بحط لهم النقط على الحروف ..

هل يفرح لشجاعتها .. ام يخاف من القادم .. وهو يراها تكلم عمها بكل اصرار .. مالذي تنوي فعله .. هي المدانة في حضرة والدها وعمها .. فكيف ستدافع وهي الضعيفة المغلوبة المذلولة .. وها هي تسأله عن رقم عبدالله وعن رقم بدر .. ليسألها بحنق : على شو ناوية .. ؟

-
يبون شهود .. بيبلهم شهود يا عمار .. وخلهم عقبها ينطقون بحرف واحد ..

-
بس هذيلا ابوج وعمج ..

لم ترد عليه .. وفيها من العزم الكثير .. الوقت عصر والجميع سيحضر .. الجميع ما عدا المدعو سعيد .. كم باتت تكرهه .. عبدالله لم يجب وبدر اخبرها بانه سيأتي بمعية اخيه .. كل شيء كمعادلة رياضية من الدرجة الفوق الخامسة .. غير مفهومة وصعب ايجاد حلا لها .. تجمعوا في الصالة الصغيرة .. وتلك تجلس اعلى السلم تحاول ان تلتقط ما يقولون .. منفعلون .. فراشد يهيل بالاتهامات على ريم .. وعبد الرحمن صامت على مضض .. ومريم وميثة تجلسان بعيدا .. اما الاخوان فلا صوت لهما .. ماذا يحدث .. وزوجها ترتسم على ملامح وجهه السعادة .. لم ترها منذ الحادثة .. جاءه اتصال من عمار فتهلل فرحا .. نفضت رأسها تحاول ان تستمع جيدا وهي متكومة هناك ..

يعلو صوت راشد مهددا .. وعبد الرحمن يتحدث ليهدأ الوضع .. والباقون صامتون .. وصمت الجميع حين دخلت هي تعرج .. ترسم ابتسامة مرتجفة .. تلقي التحية على الجميع .. ليجيبها البعض .. وتقدم منها راشد وقد تطاير الشرر امامه ليعترض طريقه اخيه .. وترجع هي خطوتان للخلف .. منتفضا قلبها بين ضلوعها .. تشعر بوجعه وباختناقه .. بعثرت نظراتها على الحضور .. وابتسمت على مضض لامها التي ربتها .. وانتبهت لتلك الجالسة في الاعلى وسرعان ما ابتعدت بنظرها لطارق الذي تقدم منها وابتسامة فرح تعلو محياه : الحمد لله ع السلامة .. ونورتي البيت برجعتج ..

"الله يسلـ " لم تكملها لان هناك من زمجر مقاطعا لها : تكلمي .. شو وراج يا ريم .. ياللي وطيتي راسي فالقاع بسواتج ... تكلمي قبل ما يستوي شيء مب زين .

ابتعدت عن عمار قليلا وهي تسمعه يرد على والده : ابويه اهدى .. انت عارف باللي صار وانها كانت فالمستشفى .. وهي ما يابتكم هني الا عشان تقولكم اللي فخاطرها .. وعقبها تقدرون تسون اللي يريحكم ..

جلس بغضب بجانب ابنه بدر .. يشد على قبضتيه بقهر واضح .. فلماذا طلبت منه ان لا يخبر سعيد بهذا الاجتماع الذي تطلبه .. ولماذا بدر وعبدالله هنا ؟ .. نظر بدر لاخيه .. سارحا بفكره .. ينظر الى لا مكان .. فقط يستمع لصوتها المرتجف : بخبركم كل شيء .. كل شيء صار وياي وانتوا حكموا باللي تشوفونه ..

قلبه لا يحتمل نبرتها الخائفة .. وعيناه لا تحتملان النظر لجسدها الضعيف .. ولا لوجهها الشاحب .. لن يستطيع الصمود في هذا الهدوء اذا حدث ما يتوقعه من والده .. لن يتحمل قد يقف في وجه من رباه .. لاجلها هي ... معشوقته الابدية .. اكملت حديثها وهي ناظرة لمريم : عمي.. ولدك سعيد كان يجبرني اكل حبوب منع الحمل .. لانه ما يبي عيال مني – تحشرج صوتها – ما يبي عيال من بنت الهندية ..

صرخ مجلجلا بصوته : يايه تتهمين ولدي فغيابه ياللي ما تستحين

وقف بعد ان ضرب بكفيها على فخذيه .. متقدما منها ليقف الجميع بجزع .. ويقف هو امامها .. مانعا والده من التقدم . ليهمس بكلمات : ابويه خلها تكمل وتقول اللي عندها – امسكه من كتفيه وبهدوء اردف – الله يخليك .. واذا ما عيبك ساعتها تكلم ..

اما هي فرجعت للخلف حتى اصطدمت في ذاك الواقف تحت انظار تلك الجالسة في الاعلى .. لتثور في نفسها غيرة من لمسه لكتفيها حتى لا تسقط بعد ان صدمته دون شعور منها .. وتراه يهمس دون ان تسمعه : انتبهي ..

كتفت ذراعيها وكأنها تشعر ببرودة ما ترجف اوصالها .. تنظر للجميع .. ينظرون اليها يتربصون بها .. لتكمل الحديث : ابويه .. ولد اخوك من بعد ما خذني من بيتك بالقوة .. حبسني فحجرة .. واسأل عبدالله وبدر .

تحملق الجميع فيهما .. وهو لا يرى الا عيونها هي .. باكية .. ترتجيه بقول الصدق .. اشاح بوجهه ناظرا لبدر .. اخيرا عرف سبب حضورهما .. وبعدها نظر لعمه الجالس بصمت والذي جلس بجانبه راشد .. بعثر نظراته عليهما لينطق : هيه نعم .. كنا فالبيت يوم يابها وحبسها .. حتى بغيت اتضارب وياه ومنعني بدر

شهدا بالحق .. لتلجم الافواه .. لا حديث يقال .. صمت ومن ثم تمتمة مسموعة منه : كملي يا ريم ..

هل كسر بمعرفة حقيقة ابنه .. لماذا هذا الهدوء المفاجئ .. هل لعبد الله تأثير يستطيع من خلاله ان يخرسه ويهدئ ثورته وبراكين نفسه .. شدت على عضديها اكثر .. وكأنها تتذكر ما اصابها .. بصوت مرتجف .. ومخنوق بالعبرات : ولدك يا عمي كان يضربني وانا اسكت .. ويهيني واسكت .. بس لانه ولدك .. ولد عمي .. ولان ابوي اخوك – مسحت دموعها وعادت لتحتظن نفسها – حبسني فالحجرة وكل يوم يعتدي علي بالضرب .. خلعلي كتفي .. و.. و ..

ارتجفت شفاهها فكم هو صعب ان تقول ما حدث .. انخرطت في البكاء .. لتتجهم الوجوه .. ويرص ذاك العاشق على اسنانه الما .. حبيبته تعذبت .. اغتصبت وهو يتفرج .. شد على قبضته واذا به يخرج من المكان .. لم يعد هناك اكسجين .. وانفاسه باتت تختنق .. ليجري الاخر خلفه .. ويطأطأ كبيرهم رأسه .. مهانة او ربما بحثا عن شيء ما .. شيء قد يحفظ به ماء وجهه ..

بكت في حظن مريم .. وسرعان ما ابعدتها .. فهناك شيء يجب ان يصلهم .. يجب ان ترمي بكل شيء الآن : انا رفعت قضية خلع ع سعيد .

صرخ والدها : شو .. تبين تفضحينا انتي .. تبين تيرين ولد عمج للمحاكم .. باكر تروحين تتنازلين .. وانت – ينظر لعمار – رايح معها وعايبنك اللي بيصير ..

بلا اهتمام رد : حقها .. اذا ما قدرنا نييبه لها .. فمن حقها تيبه بالمحكمة ..

اقترب منها يشد على عضدها : باكر بوصلج بروحي للمحكمة وتتنازلين فاهمه يا بنت روشني .

اهانة مُرة لاول مرة تتلقاها من والدها .. وتلوم سعيد على فعله .. كيف؟ ووالدها يعيرها بامها .. نفضت يدها بغضب .. لتمشي متناسية قدمها صارخة بالوجوه : سمعتوها .. يقول بنت روشني .. يقول مثل قول سعيد .. هذا ابوي .. ابوي اللي لازم يوقف وياي .. صاير مستعر مني .. لاني بنت الهندية – وقفت امامه وانفاسها تتبعثر بانهاك – اسمحلي يا ابو عمار .. اسمحلي يا ابوي .. لاول مرة بقولك لا .. لا والف لا ..

صرخ عمار وطارق به حين القى بكفه على وجهها .. لتكتم ميثة فيها بكفها .. وتصمت مريم بخوف .. لاول مرة عبد الرحمن يضرب احد ابناءه .. وراشد ابتسم وبعدها وقف .. ليردد وهو يبتعد : ربها من يديد يا عبد الرحمن ..

غادر وهي تنظر اليه باحتقان .. لتعيد نظراتها لوالدها بغضب وعيون محمرة : باخذ حقي بايدي .. رضيتوا او لا ..

وبعدها صعدت .. لتلتقي بتلك الواقفة والخوف يتملكها .. ابتعدت لتنزوي في غرفة هاجر فهي لا تزال تذكر ان غرفتها باتت لميثة .. ارتمت على السرير جالسه ليقبع وجهها بين كفيها لعلهما يخففان وطأة دموعها .. فُتح الباب ليهوي الجسد الداخل بجانب جسدها فتبكي بحرقة اكبر حين لامس كف شهد ظهرها المنحني .. لتردد : شو ذنبي .. شو ذنبي اذا ابوي خذله هندية فايام طيشه .. ليش كل ما اقول بتفرج يسدونها فويهي ..

التفتت شهد لداخله عليهما .. لتجلس على جانب ريم الاخر : حبيبتي ريحي عمرج ..

طوحت رأسها بأسى : كيف برتاح وابوي مب معترف في .. ومستعر مني .. كيف برتاح .. خبريني عموتي .. خبريني ..

"ما ينلامون" .. قالتها شهد لترمقها ميثة بنظرات حارة .. لتردف دون اكتراث : بتيبين لهم الفضيحة باللي سويتيه .. خلع مرة وحدة !..

رفعت رأسها ليبان وجهها الغارق بتلك المياه المالحة : ما ينلامون ؟ .. وانا الحق علي واللوم علي صح .. محد بيحس بالنار الا اللي واطيها ..

حركت كفها على ظهرها تحاول تهدأتها : ريم ..

-
عموتي اريد ابقى بروحي الله يخليكن طلعن ..

وقفت لتجر شهد معها للخارج .. وما ان اغلقت الباب حتى ادارتها ناحيتها : يعني لازم هالكلام .

-
شو بلاكن .. انا حبيت اخفف عنها .. وافهمها انهم ما ينلامون على كلامهم .. هذي فضيحة .. اريدها تحط لهم اعذار .

-
بس كلامج غلط يا شهد ..

" اسفه " نطقتها وابتعدت لتلج لغرفتها .. اما ميثة تنهدت وتمتمت : الله يعينا .


,,

هدأ المكان بعد ذاك الصراخ .. بخلاف بيت راشد الذي استدعى ابنه ليتحدث معه .. جلس والغضب يأكل نفسه كما تأكل النار الحطب .. يتأجج مع كل كلمة قالتها ريم وتمر على عقله .. اما هو فكان هناك مع زوجته التي تحاول معه ان يشتري لها سيارة .. فهي اخذت رخصة القيادة منذ شهر .. وهو وعدها بسيارة خاصة لها .. زفرت انفاسها فهو يؤجل حتى تعبت منه .. اقتربت منه تقاوم رائحة الدخان الذي لا تستسيغه ابدا .. ولكن هذا هو سعيد رمى بكل كلامها عرض الحائط .. فهو سيدخن حيث يريد .. فلا شيء يمنعه .. ولا احد يجبره على التدخين خارجا .. جلست بجانبه وهو عاقد حاجبيه .. ذراعها تطوق كتفيه .. واطراف يدها الاخرى تداعب جانب وجهه باظافرها الطويلة المزخرفة الطلاء بالوان جلد النمر : حبيبي ..

-
هممممممممم

تشدقت وتابعت : سعودي .. فديتك .. والله محتايه لسيارة .. وانت دايم مشغول .. وصرت استحي اخذ سيارة فطوم الكحيانه ..

ضرب بالمدواخ الخشبي لينظف جوفه من بقايا التبغ في تلك " الطفاية " الكرستالية : آخر الشهر .
-وعد .

صرخ بها : شو شايفتني ياهل ومب قد كلمتي .

جفلت لتبعد كفيها عنه : لا ما قلت جذي .. بس انت صاير واايد تنسى .

تنفست براحة حين طُرق الباب .. ليرحمها ذاك الطارق من عصبيته التي اضحت رفيقته في الايام الاخيرة .. وكله بسبب التفكير بتلك الضرة التي بات واضحا لها بان سعيد يعشقها .. وقفت لتنظر من على الباب حين فتحه سعيد بقوة صارخا في وجه الخادمة الاثيوبية سوداء البشرة : نعم ؟

ارعبها منظره لتطلق شفتيها كلمات متسارعة : بابا يريدك فالمجلس .

وبعدها اختفت من امامه مسرعة .. غمغم : شو يريد هالشيبة .

,,

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:12 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

رفع نظره له وهو يدخل ملقيا السلام ومقبلا رأس راشد .. ليقف امامه متسائلا عما يريده .. ليجيب على سؤاله بهدوء لا يعكس ما في داخله .. ناظرا الى وجه سعيد الواقف امامه : كيف كانت حياتك مع ريم ؟

استنكر سؤال والده .. ليعيد الاخر سؤاله بطريقة مختلفة : كيف كنت تعامل ريم يا سعيد ؟

تشدق : شو بلاك اليوم .. مسخن ؟

وقف ليهز اركان المجلس بصوته : رد ع سؤالي يا سعيد ..

بعصبية اقل حدة من عصبية والده : خلني افهم السؤال بالاول عشان اجاوبك .

-
كنت تضربها ؟

-
اللي ما تسمع كلام ريلها تنضرب وتتأدب ..

عاد ليجلس ونظره على ذاك الذي لا يزال واقفا : ليش ما يبتوا عيال ؟

تنهد وهو يبعثر نظراته بعيدا عن والده .. فيبدو ان راشد ليس بعقله .. هذا ما كان يدور في فكره .. ليتجهم وجهه حين صرخ به من جديد : كنت تجبرها تاخذ حبوب يالردي ( لا اخلاق له )

تلعثم : اللي وصلك هالكلام كذاب ..

وقف بهدوء حتى صار وجهه امام وجه سعيد : روح قول هالكلام فالمحكمة .. ريم رفعت عليك قضية خلع .. بشوف يا سعيد كيف بطلع عمرك من هالفضيحة – مشى ليتجاوزه بخطوة وبعدها وقف ليردف – لا تتريا مني اي شيء .. صغرتني قدام اخوي الصغير وعياله بفعايلك الشينة ..

خلع .. خلع .. خلع .. كانت تتردد تلك الكلمة في عقله مرارا .. ستشوه سمعته .. سيقولون الناس ان ابنة عمه خلعته .. سيقولون بانه ليس برجل .. سيطعنون فيه .. انتفض وانفاسه تثور كماء وصل الى حد الغليان .. ليثور مع ثورانه دمه .. وتنطلق قدماه بغضب جامح ..

جلجل صوته في زوايا المنزل الذي خلى ممن اجتمعوا فيه .. صارخا باسمها .. فهو لن يرضخ لها .. ليس سعيد من سيرضخ لـ " حرمة " كما يقول دائما .. يصرخ باسمها حتى بانت عروق رقبته .. ليخرج عمار من غرفته نازلا الدرجات يتبعه طارق .. ليصرخ في وجهه : شبلاك هاجم بهالشكل .

-
قول لريم تطلع يا عمار .

تكتف امامه : مالك كلام وياها يا سعيد .. اذا عندك شيء قوله لي ولعمار ..

تشدق ساخرا : اووه بانت الصورة الحين .. الظاهر انك حاط العين عليها .. ومسوي فيها الفارس المغوار .

كانت ذراع عمار اسبق لثوبه من طارق : عندك كلام زين قوله .. والا فارق .

نفض يده صارخا : ما ناقص غير اليهال يطاولون علي ..

صرخ من جديد باسمها .. ليأتيه صوتها وهي تقف اعلى الدرجات تشد قبضة يدها بجانبها وذراعها اليسرى مطوقة صدرها لتتشبث بعضد يدها اليمنى : خير يا سعيد .

صوتها صارما .. اما داخلها فارتجاف خوف يرعبها .. بغضب اجابها : اي خير .. وانتي راده ويايبه وياج فضيحة عقب ما شردتي وييا عشيقج اللي ما اعرف منو يايه تتبلين علي فالمحكمة .

رصت على اسنانها لتدعي الهدوء ومبعدة الغضب بقدر استطاعتها : انت اخر شخص يتكلم عن الشرف ..

-
سمعي يا ريم تردين وياي البيت الحين ومن يوم الاحد تروحين وياي المحكمة تتنازلين .

ضحكت بهستيرية .. لينظروا اليها باستغراب .. ومن بين ضحكاتها : خايف يا ولد عمي – اردفت بغضب – تضربني وتهيني ويايني الحين تقولي ردي ..

-
من حقي اضربج واكسر راسج هالشيء مذكور فالقرآن .

-
انا مب ناشز يا سعيد .. والقضية مب متنازله عنها .. ما تبي الفضيحة طلقني .

اراد الصعود فاعترضه عمار ومعه طارق .. لينطق الاخير : سمعتها .. طلقها اذا باقي عندك شيء من الكرامة .

عيونه الغاضبة ارجفتها .. حتى شعرت بوخزات من الالم تضرب قلبها المرتعب .. لترجع خطوة للخلف حين صرخ : والله ما بسكتلج يا ريم .

التفت الجميع لذاك الناطق وهو يخرج من غرفته في الدور الارضي .. بعد ان سمع كل شيء : اذا ما تريد الفضيحة يا سعيد طلقها .

التفت له : عمي شو تقول .. بنتك هذي يبالها تربية ومحد بيربيها غيري .

-
بنتي مرباية يا ولد اخوي .. ياللي امنتك عليها وخنت الامانة .. ياللي مديت ايدك عليها .. اسمع يا سعيد طلقها ابركلك من الفضيحة فالمحاكم .

رفع نظره اليها .. لينطق بغضب : بتندمون .. والله العظيم بتندمون ..

وبعدها خرج .. وعلامات استفهام تلف الحاضرين .. فهو كان غاضبا عليها .. ليختفي بالساعات في غرفته ومعه مريم .. لا يعلمون ماذا حدث خلف تلك الجدران . والآن خرج بوجه جديد يدافع عنها .. نظرت اليه وابتسامة ارتسمت على محياها .. وطعنته لا تزال تدميها .. لتخاطب روحها : كسرتني يا ابويه والكسر ما بيبرى حتى لو شليتني ع كفوف الراحة .. ما بعد الطعن الا الندبات اللي بذكرني دوم اني غلطة فحياتك .

وبعدها انسحبت من المكان تحت انظاره ..


,,

صعب ان يأتيك كلام من اقرب الناس لك .. ويدميك حتى النخاع .. وصعب ان تعيش وانت تعلم بانك انسان منبوذ وغير مرغوب فيك .. كما هي .. تسمع الحديث الدائر وقلبها يقطر دما .. ليست بالمرة الاولى ولا الثانية .. دائما يدور هذا الحديث على لسان تلك العجوز مع تلك النساء الزائرات لها .. اليوم تجلس مع احدى جاراتها وهي تمد لها بفنجان القهوة : والله انغشينا فيها .. هذا وهي بنت عمه .. بس ما نقول غير يا رب الستر .

ترشف من فنجانها لتهزه دليل الاكتفاء : وليش ما تزوجينه .. الشرع حلل اربع .

وهي تمد يدها لتأخذ الفنجان وتضعه في الوعاء المخصص للفناجين وبه قليل من الماء : وهذا اللي افكر فيه .. الا ما تعرفين حد عنده بنات حلوات وسنعات .

حركت الاخرى فيها بشيء من عدم الرضا : والله بنتي جاهزه وتقول للقمر قوم وانا ايلس مكانك .

-
بس انتوا رفضتونا يوم ييناكم .. والا نسيتي

اعتدلت في جلستها وباهتمام قالت : هذا اول يوم البنت بعدها تدرس .. الحين خلصت المدرسة والجامعة ما قبلوها .. وانتوا الله يهداكم ما صدقتوا نرفضكم الا دورتوا على غيرنا ..

تشعر بدماءها تتفجر في عروقها .. اخذت نفسا تلو الاخر لتهدأ قلبها وروحها المتعبة.. وبعدها خرجت لتلقي التحية على الضيفة .. وتبتسم وهي تقول : سمحيلي يا خالتي تاخرت عليكم .. كنت ارتب الحجرة . وياللا ياللا خلصت .

تشدقت ام ذياب : والله البنت السنعة تبدي ضيوفها قبل .

لم تعد تحتمل ما يحدث .. جلست على مضض معهما وبعدها غادرت لانها احست بانها غير مرغوب فيها في ذاك المجلس .. منذ ان عادت مع ذياب وهي متعبة .. وعمتها تلك لا ترحمها .. وما حدث معها في منزل والدها يحيلها الى جسد تخرج منه الروح رويدا .. تذكر كلمات والدتها وناصر ايضا .. تذكر كيف استطاعت روضة ان تغير الدفة لصالحها في دقائق .. عندما دخلت عليها الغرفة صارخة بها : انتي متى بتخليني فحالي .. الين متى تركضين ورى ذياب .. خلاص ما صار حقج .. شو تبين فيه .

قامت من على سريرها صارخة : هاي هاي شو تقولين انتي .. ما ناقص الا ذيابوه .. وووع ..شو اريد فيه .. خليته لج .. يا سراقة الرياييل .. لا ومسويه فيها ناصحة – وهي تقلد سارة – ما بتلقين حد مثل ذياب ..

-
والله يا روضة ان ما بعدتي عنا لاقول كل شيء لابوي وناصر ..

دخل ناصر تتبعه والدته على صراخهن .. وتقف العنود تتابع ما يحدث من بعيد .. لينطق بغضب : شو بلاكن ؟

من بين دموعها تجيبه وهي تشير لاختها : اختك .. بنتج يا اميه .. تلاحق ذياب .. وخذت رقمه اليديد من فوني .. محد غيرها اللي فتح الفون ..

بحنق قالت : شو هذا اللي اسمعه يا روضة .. تكلمي ؟

زفرت انفاسها لتجيب بكل برود : امي بنتج سويرة معقدة .. عندها عقدة اسمها ان ذياب كان يريدني انا وانجبر عليها .. ويالسه تتخيل اشياء مني ومناك وتتهمني .. ما بعيد انها بتصير فمستشفى الميانين .

مدت يدها صافعة لاختها : مب المينون الا انتي .. ياللي ما تستحين .

صرخ بها ناصر : سارة .. بس عااد .. اللي صار لروضة يكفيها وزود .. مب ناقصنها انج اتيين تتبلين عليها .. عشان شيء مالها ذنب فيه.

-بس ..

نطقت شيخة مقاطعة لها :
لا بس ولا شيء .. حافظي على ريلج ولا تتبلين ع اختج من ورى وساوس فراسج ..

ارتجفت شفتيها لتتابع الاحرف بتقطع : امي .. والله ما اكذب ..

وبعدها خرجت لتتصل بذياب ليأخذها لبيتها .. لجحيم والدته .. وهاهي تجوب الغرفة ذهابا وايابا .. ودموعها تأبى ان تتوقف .. لا تجد حلا لما يحدث .. اياما مرت وهي تسمع وتتحمل .. دخل ملقيا السلام .. دون اي اكتراث بها .. ليدخل دورة المياه ( اكرمكم الله ) فبعد يوما متعب في العمل لا بد من قطرات الماء تزيل ذاك التعب .. مرت الدقائق .. انتبهت لهاتفه الذي رماه على السرير قبل ان يأخذ له ملابس ويختفي من المكان .. يرن ويرن .. رفعته دون ان تنطق استمعت لطرف الاخر .. فهي تعرف ان في نفس ذياب شيء ما .. فليس من عادته ان يتجاهلها .. شيء ما حدث قلب نفسيته ..أخيرا عرفت ما حدث .. فتلك الكلمات تتوالى على مسامعها : والله ما قصدي شيء .. انا اتصلت فيك وقلتلك اللي في ليش زعلت من الصدق .. ترا والله احبك .. احبك يا ذياب ..

نظرت اليه وهو ينظر اليها .. لترتخي ذراعها ساقطا ذاك الهاتف منها .. نطق بغضب : وصل فيج انج تردين ع فوني يا سارة . انعدمت الثقة .

ضحكت وبكت وضحكت كمجنونة ارهقها المصاب .. شهقت وهي تأخذ انفاسها : تحبك .. تحبك .. وانا .. انا شو ..

اقترب منها .. ليتوقف بعد ان صرخت به : لا تقرب .. لا تقرب .. انا تعبت .. تحملت امك .. تحملت معاملتها عشانك .. تريد تزوجك قلت ما اظن ذياب بيرضا .. بس انت رضيت يوم قالت لك لا تييب ثلاجة .. الكل يحطون ثلاجات صغيرة فحجرهم – اشتدت نبرة صوتها – حتى الماي البارد ما احصله الا عقب ما انت ترد من الدوام .. تقفل الثلاجة عني .. اتريا الاكل من الريوق للغدا للعشا .. وانا ساكته .. غصبني ابوي اكون مكان روضة وسكتت .. لبست الفستان ع اساس ملكة اختي ... وصرت انا العروس

نطق باسمها مقتربا .. لتضرب بقدمها بعنف على الارض وهي تصرخ : لا تقرب – رجعت خطوات للخلف – قلت لك اذا ما تقدر ع قرار ابوي خلنا نبتعد قبل العرس .. قلتلي ارتاحلج .. كيف ترتاحلي .. مثل الصديقة اللي تتكلم معها وترتاح .. كل سوالفنا كانت بعيدة عن كلام الحب او الغزل .. كل كلامك كان عن البر والطلعات والمخيمات .. عن دوراتك التدريبة .. عن الكورة .. حبيت الكورة لانك تحبها .. وتزوجنا .. وصرت احس انها هي بس اللي فبالك .. انا مجرد وحدة انفرضت عليك .. شو ذنبي يا ذياب .. شو ذنبي اذا ابوي خاف من الفضيحة وضحى في .. شو ذنبي اذا خفت ع ابوي من كلام الناس .. شو ذنبي اني حبيتك – هدأت نبرتها – حبيتك .. والله حبيتك ..

اهتز كل شيء امامها .. ضباب يغطي عينيها .. لتنهار ساقطة على الارض .. ليصرخ هو باسمها .. يضعها في حجره .. باطن كفه تربت على وجنتيها الباردتان بخفة .. يحاول ايقاضها دون فائدة .. لا تستجيب .. رفعها ليضعها على السرير . مهرولا يجلب عباءتها " وشيلتها " .. يلبسها على عجل وبصعوبة .. وبعدها يرفعها من جديد مهرولا بها ..

انزلت الهاتف ببطء .. لم يعد هناك صوت يصل اليها .. لا تعلم لماذا دموعها تنساب على وجنتيها .. عيناها لا ترمشان .. ونظرها متسمرا للامام .. سمعت كل شيء .. سمعت حديثها .. معاناتها .. تلك المعاناة التي صنعتها هي دون تفكير منها .. تساءلت في نفسها . ماذا بها ؟ لماذا تقوم بكل هذا ؟ لماذا تحاول ان تحطم سارة .. تلك التي كانت دائما تقف بجانبها .. التي نصحتها بعدم الجري خلف الحروف المبعثرة على تلك الجريدة .. التي قالت لها بانها لن تجد افضل من ذياب زوجا .. زوجا فرطت هي به .. وماذا الان ؟

,,

سؤال يتكرر على تلك الخارجة من مكتب تلك الطبيبة " ماذا الآن ؟ " .. فالتحاليل والكشف بالاشعة اثبت انها تعاني من ورم يدعى بالورم السحاتي .. ولكنه ورم حميد .. وضعت يدها على صدرها .. فمن المحتمل ان تصاب بسرطان الثدي .. هزت رأسها تبعد هذه الفكرة .. فهو يحب جسدها .. كيف ستتحمل ان يراها ناقصة .. سحبت اصابعها لتشد على عباءتها .. فهنا ينبض قلبها العاشق لذاك الجاسم .. تشعر بالضياع .. لم تعد تعي اي شيء .. يجب عليها اجراء عملية لنزع ذاك المتطفل على دماغها .. ولكن .. حتى الآن لم يحصلوا على المال لمشكلة عيسى .. كيف لها ان تزيد من معاناة اخيها .. تحمد الله ان المدين اجل لهم الموعد قليلا ..

دخلت المنزل بعد حروب مع تلك الافكار في تلك السيارة التي اوصلتها .. وحمدت الله من جديد ان سائق الاجرة لم ياخذها لمكان آخر .. فهي كانت شاردة الذهن .. ولجت الى المطبخ لتسكب لها كوب ماء بارد .. اهتز في يدها .. ليعانق شفتيها بارتعاش حتى يسيل الماء من جانبيها .. وضعت الكأس من يدها لتمسح فيها بكمها .. تريد ان تبكي .. ولكن تلك الدموع تجمدت .. هل يعقل انها ملت منها .. ليس امامها سوى الاستمرار على الدواء لمنع ذاك الورم من الاستفحال .. لكن الدواء قد لا يفي بالغرض .. وقد لا يستمر بدحر الورم طويلا ..

ولجت الى غرفتها .. وهي تحمل حقيبتها دون اكتراث .. لتتركها قبل ان تجلس لتسقط على الارضية .. وتسقط هي على السرير .. تنظر الى كفيها المرتعشين .. ويتحول نظرها لحقيبتها المرمية .. لتجلس على ركبتيها امامها .. واصابعها تتسلل لذاك السحاب لتفتحه.. وما هي الا ثواني حتى قبع الهاتف في يدها .. لعله اعاد فتح هاتفه .. عانق اذنها .. "الهاتف المطلوب مغلق او خارج نطاق التغطية يرجى المحاولة في وقت لاحق" .. ترددت تلك الجملة عليها مرارا ..

ليس لها الا الله .. لتناجيه .. ضغطت على نفسها لتعد الغداء .. وبعدها انصرفت لتصلي الظهر .. تحاول ان تبكي ولكن لا دموع .. رفعت كفيها متمتمة بدعوات كثيرة .. اكثرها لاخيها وله هو .. وهي تضع نفسها في المقام الاخير كعادتها منذ ان تحملت مسؤولية هذا المنزل .. وهي ترى بانها يجب ان تؤثر الغير على نفسها حتى في الدعاء .. شعرت براحة تتسلل اوصالها .. وهي تقرأ من آيات الله .. لم تشعر بالوقت ابدا قرأت الكثير والكثير .. ولم تشعر الا بايمان تدخل عليها محتظنة لها بقوة .. فعل استغربته خولة .. لتضع المصحف جانبا بعد ان قبلته : شو بلاج .. حتى السلام ما سلمتي ..

وضعت كفيها على ركبتيها وهي جالسة امام اختها : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ضحكت خولة لتصرفها الغريب : شو مستوي .

اسنانها تشد على شفتها السفلى ونظرها للارض ويدها تتحرك على ركبتها بعشوائية : اممممم وحدة وياي في الجامعة سألتني اذا معرسة او مخطوبة .. تقول انهم يدورون حرمة لولدهم .. وهو يدرس برع ..

ابتسمت لتردف : تدري انج مب مواطنه .

هزت رأسها بنعم .. وبعدها قالت : قلت لها بشوف اخواني وبرد عليج ..

عانقت وجه اختها بكفها والكف الاخر امسك بيدها المرتعشة خجلا : بقول لعيسى .. بس هااا ما في اي شيء الا عقب ما نسأل عنهم .. اوكي ..

هزت رأسها بالموافقة .. وقامت لتقبل اختها : الله يخليج لنا ولا يحرمنا منج يا احلى اخت بالدنيا .

القت كلامها وخرجت .. ليتجهم وجه الاخرى .. وتتمتم : آآميين ..

قامت لتستل دفترها المنهك من مشاعرها .. لتنهكه بالمزيد


احبه .. واتمنى ان اكون معه .. اشعر به .. ويشعر بي
هل يحبني ؟ ام انه تعودني لا غير ؟
لا يهم .. كل ما اعرفه الآن ان حبي له يمدني بالقوة
لا اهزم .. حتى ولو كانت معركتي غير مضمونة
فيكفي ان قلبي ينطق باسمه
جاسم ...



,,

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:13 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الحب ماذا يعني في قاموس المحبين ؟ هل السهر مع الحبيب في غيابه .. ام هو نبضات القلب الناطقة باسمه كل حين .. هل الحب وساوس تأتي بالابداع في كل شيء جميل ؟ ام انه مناجاة للقمر والنجوم والناس نيام ؟ .. هو يحب بل انه غارق في وهم اسماه هي .. تلك الفتاة الرقيقة .. او من كانت رقيقة .. تناهيد روحه تزعجه كلما مر طيفها مبتسما في مخيلته .. يكون بين الحضور ولا يكون .. معادلة لا يعلمها الا من وصل الى قاع بحر الهيام .. او من كان قريبا من العقول المغرمة ..

يسترسل في الحديث عن ذاك المنعزل .. يريد حلا .. كلمة او حتى صفعة توقظه من يم الندم الذي اغرق نفسه فيه .. يتحدث عن معاناته معه .. عن محاولاته الفاشلة على مدى اسبوعين .. مرت تلك الايام ثقيلة عليه وكم كانت اثقل على شقيقه ضعيف الروح .. بدأ يخاف عليه من فكرة جنونيه .. جاءه اليوم مبتسما .. يزف له خبر اجازته السنوية وانه ينوي ان يقوم برحلة الى مكة .. الى تلك المدينة الطاهرة .. لعله يتشجع ويخرج معه .. يغسل ذنبه بالطواف حول البيت الاسود .. او بسجدة في الحرم المقدس .. او بغرفة من ماء زمزم الطاهر .. ولكن لم يجد منه الا الشرود .. وهاهو الان يبث همه الى بدر .. لعله يجد معه مخرجا لذاك المايد .. وبدر يهيم في افكاره المجنونة .. حين لم يجد منه ردا على كلامه .. هزه : بدر .. انت شفيك ؟

ليبتسم الاخر بحالمية ناظرا لاخيه : احبها يا عبود .. الحين اكتشفت اني احبها .

ضغط بكفه على وجهه يحاول كتم غيضه حتى لا يفجره في ذاك الحالم .. ليصرخ بعدها بصرخة مكلومة : انت غبي .. صارلي ساعة اهذر (اثرثر ) عليك .. اريدك تلقى حل للملطوع داخل – يؤشر بطول ذراعه للغرفته – وانت اخر شيء تقولي احبها .. انسى الحب يا بدير .. وتراها ما بتفكر فيك فلا تحلم .. وحط لك حد من الحين قبل لا تتعب ويتعب قلبك ع الفاضي .

صرخ مهتاجا من كلام اخيه .. واقفا بعنف ليردف : ليش شو ناقصني عشان ما تفكر في .. وانا ولد عمها واحق من الغريب .

رفع نظره لذاك المحتقن بغرور زائف .. وهو لا يزال جالسا : ما فيك شيء .. بس دامك رحتلها بريولك تقولها ما ابييج .. وان ابوك غاصبك .. فاكيد بيكون فيها شيء

-
كله منك .. انت اللي شرت علي بهالشور ..

وقف متنهدا : ابعد عن الحب واهواله يا بدر .. ودام انك بعدك ع البر .. فانت قادر انك تمحيها من تفكيرك .. اسألني عن تعب التفكير وانت تعرف شكثر اللي يعشق مريض وتعبان .. والمصيبة اذا الطرف الثاني صعب فيوم يلتقي وياه ..

" بس " نطقها بدر ليقاطعه عبد الله : لا بس ولا شيء .. حبي لها من طرف واحد يا بدير .. تدري شو يعني من طرف واحد .. ريم حلم طفولتي – جلس من جديد ونظره للارض – حلم كبر فقلبي الين استفحل .. وصار فكل قطرة دم .. حلم انكسر على يد ابوي .. يوم كان الاكبر احق ببنت العم .. الاكبر سعيد .. اللي ما عرف قيمتها فيوم .. الحب يا بدير دمار شامل بس بشكل بطيء – تنهد وهو يرفع نظره للذي يقف بصمت – ابعد عن طريق الحب . خذها نصيحة من انسان تعذب ولا زال يتعذب .. والعذاب صار مرافقه مثل اسمه ..

فجأة التفتا لمصدر الصوت .. لذاك الذي يقف على بعد خطوات منهما .. الناطق بـ : اريد اروح لعمتي .

سكون غريب .. خرج من عزلته لينطق بتلك الجملة .. هل نسى من تكون عمته .. هل تناسى انها حاقدة عليه ولو تراه امامها لقتلته دون رحمة .. هل يرغب بالذهاب الى الموت برجليه .. ليُقبر على يدي تلك الام الثكلى .. هل تناسى الالم .. والوجع .. ام انه بات مخدرا بسبب الذنب ..

اقترب منه واضعا يده على كتفه .. ناظرا لعيونه الذابلة : مايد شو يالس تقول

-
اريد اشوف عمتي .. الله يخليك عبدالله خلنا نروح لها .

اقترب الاخر ليقف في تلك الدائرة التي يقف فيها شقيقيه : مايد عمتي مب طايقه تسمع اسمك .. تريد تروح للموت بريولك .. اذا تريد تطلع روح العمرة وييا عبدالله ..

-
مايد .. انت للحين ما رديت علي فسالفة الروحة لمكة .. شو رايك نروح وبعدين يوم نرجع نروح لعمتي نسلم عليها

هز رأسه : خذني لعمتي وعقبها نروح نعتمر .


,,

تجلس بمعية مريم في الصالة بعد ان صلتا العصر .. المنزل مستنفر بشكل غريب جدا .. خوفا من تهديد ذاك السعيد .. لم يعد يخلو من وجود رجل .. وكأنهم في حراسة .. اذا خرج احدهم عليه قبل ان يخرج ان يتأكد من وجود احد الرجال .. هل بات سعيد كالمجرم الهارب يتربص بطريدته .. التي لا تزال في غرفتها .. ولا تخرج منها ابدا .. حتى الطعام يؤخذ اليها .. تحاول ان تستجمع قوتها .. ان تضع نقاط جديدة لحياتها .. فاليوم جمعة .. وغدا سبت .. وبعدها سيكون الاحد اليوم المنشود لذهاب سعيد للمحكمة .. قد يطعن في شرفها .. ويتسبب بالاذى لسعود .. فهو همجي لابعد الحدود ..
تنهدت وهي تغير القناة الى قناة اخرى .. واخرى .. وبعدها التفتت لميثة الجالسة وهي في عالم آخر : ميثة .. شو بلاج مب وياي .

رفعت رأسها : هاا .. قلتي شيء يا مريم .

قامت بعد ان كتمت صوت ذاك الصندوق المسمى بالتلفاز .. لتربض بجانبها : شو فيج من امس مب ع بعضج .. بس اللي صار نساني اسألج ؟

التفتت وهي تتصنع ابتسامة باهتة : اتصلوا في من المدرسة .. يقولون شهادة علايا طلعت من ايام .. وطالعة الاول ع صفها – نزلت دموعها – وفت بوعدها لطارق يا مريم .. قالتله بدرس وبطلع الاول ..

تحوقلت وهي تربت على فخذ ميثة : الله يرحمها .. كان يومها يا ميثة .. ودموعج تعذبها فديتج .

مسحت دموعها واذا بها ترفع رأسها لعمار الذي خرج منذ دقائق ليست بكثيرة بعد ان رن الجرس .. وهاهو يرجع بوجه مغاير عن الوجه الذي خرج به .. لينطق بكلام مقتضب (موجز): في حد يريد يشوفج ؟

التفتت لمريم وبعدها له .. لترى الداخل ويحتقن وجهها .. واقفا امامها .. ذاك القاتل .. هرول مسرعا ليربض امامها ممسكا بكفيها : سامحيني عموتي .. الله يخليج سامحيني

يقبل كفيها رغما عنها .. واذا به يمسكهما بعنف .. ليطوق بهما رقبته :
قتليني عشان ارتاح .. قتليني والا سامحيني .. الله يخليج .. والله ثم والله اني ما لمستها غير بوس .. كنت ناوي ع شيء اكبر .. والحمد لله ما صار .

يبكي ودموعه تتسلل مخترقة شعر لحيته الغير مشذبه .. لتتابع طريقها تبلل كفيها المجبرتان على معانقة رقبته .. رقبة من كان سببا لموت فلذة كبدها .. اخذ يردد وهو مغمض العينين ويشد يديها عليه .. حتى شعر بانها بدت تشدهما هي : قتليني وخلصيني من الذنب .. قتليني وريحيني .. اذا ما بتسامحيني قتليني ..

المكان سكن فيه الجميع ينظرون لهما .. ينتظرون ردة فعل من ميثة الصامتة حتى الآن .. لينطق عمار بهمس للذي يقف بجانبه : ليش يبته .. ؟

" يمكن يرتاح " همس بها وهناك غصة استعمرت صدره .. ينشد الراحة لاخيه المتألم .. وماذا عنه هو .. ماذا عن ألمه الذي طال هل سيجد الراحة يوما ما .. ام ان بحر الألم اضحى موطنا له وسكنا ..

,,

اسبوعان وهو مبتعد .. بعيدا عن الجميع هو فقط وذكريات قديمة تتربص به في هذا المكان .. في مزرعته في مدينة العين .. قال بانه سافر .. واوهم الجميع بانه سافر خارج البلاد .. وهو لم يبتعد عن مقره الا كيلومترات طوال .. ينظر اليها ترقص بغنج وشعرها الاشقر يتطاير مع نسمات الهواء .. وهو يبتسم .. صغيرة هي .. ولا تزال غضة يستطيع ان يربيها كيف يشاء .. كعجينة من الفخار لتقسى بعدها كيفما اراد هو .. اقتربت منه فهي تعشقه كما يعشقها .. مد يده مداعبا لوجهها ... ويطبع بعدها قبلة على جانبه وهو يحتضنه .. كم هي رائعة تلك الثريا .. فهي حفيدة الثريا .. فرس اخيه ..وكم هي تشبه جدتها .. وتذكره به .. بقاسم الذي كان يقول دائما : غلبتني فالعزف وغلبتني فالرسم .. بس عمرك ما بتغلبني بالفروسية ..


ضحكاته لا تزال ترن في اذنيه .. كم كان يعشق توأمه .. وكم يحده الشوق الى تلك الربوع ليتسابق معه .. يعدوان بمحاذاة بعض .. مسح على ظهرها متمتما : لو قاسم هني وشافج كان بيقول : اصيلة بنت اصيلة .. وسابق الريح وهو على ظهرج ..

ابتسم ليضربها بخفة على جانب رقبتها .. وبعدها يغادر المكان .. صعد الدرجات القليلة التى تؤدي الى داخل المنزل .. ليترك الباب من بعده مفتوحا .. راميا بتلك القبعة على تلك الاريكة في تلك الصالة .. وبعدها يحث الخطى الى تلك الغرفة المقفلة ..

ارتجفت يده حاملة ذاك المفتاح .. فهناك خلف هذا الباب اشياء احبها هو .. كل شيء كما تركه .. فتح الباب ليصدر صوتا .. فهو لم يفتح منذ مدة طويلة .. دخل ورائحة الغبار تعبق في المكان .. وضوء الشمس يتسلل من خلف تلك الستائر المحملة بذرات تراب السنين .. تجول في المكان .. فهناك سريره لطالما جمعهما حين يكون جاسم متضايقا .. فكم كان يحب النوم بجانب قاسم لينسيه همه بضحكاته ونكاته السخيفة .. ابتسم لتلك الكلمة فهو كان يقولها دائما له .. اخذ يردد وهو يجول في المكان :
دخيلك يا زمن وقف ولا تقسى علينا زودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifدخيلك بعثر اشجاني واهاتي واحزاني دخيلك جدد فقلبي ليالي الفرح وسعودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifانا مقوى على صبري وزود الهم اعياني ابيه يمي ابيه عندي ابي احلم بليا حدودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifاخط الخط ويكمل بنى عمره وبنياني ابي لا قلت له محتاي يفزعلي بدون صدودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifالا يا قسوة الاقدار على قلبي ووجداني أبتعدنا وافترقنا وعبرات الفراق شهودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifيمر طيفه على فكري وبه تهتز اركاني ثقيلة لعبة الدنيا وانا المذنب بليا قيودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifوانا في كل حالاتي انا المجني وانا الجاني

بقلمي .. تدقيق : هشام القصيم |~


وقف بجانب تلك التحفة الغريبة من الفخار .. وهو يردد اخر شطر من القصيدة .. كان يقول بانه اشتراها من سوق شعبي في اليابان .. لا يعرف لها وجه من رقبة من جسم .. حملها بين يديه لينفخ عليها ويتطاير الغبار .. وفجأة سقطت لتتبعثر قطعها في المكان حين سمع : لهدرجة يا جاسم .

ليلتفت نحو مصدر الصوت لذاك الشخص الذي تغطي وجهه قبعة سوداء وهو مطأطأ الرأس ..و مستند على حافة الباب مربع ذراعية وثانيا ساقه اليمنى قليلا .. كراعي بقر ينتظر مغامرة ما ..

,,

اتمنى ينال على استحسانكم
بالنسبة للجزء 29 ان شاء الله بحاول يكون يوم الاربعاء موجود .. واذا ما قدرت فبيكون الخميس ان شاء الله |~



♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:14 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 


ايقضها من غفوتها ذاك الرنين المتواصل من هاتفها .. كانت تنشد بعض الهدوء قبيل صلاة العصر .. ولم يكن ما تتمنى .. قامت بجزع تنادي ابنها .. وبعدها تسحب عباءتها بعجل .. وصوتها الخائف يتهادى الى مسامع ابنتها التي جاءت تهرول بعد تكرار اسمها منادية لها .. وقفت بخوف : وين بتروحين ؟

ترتدي عباءتها وتجيبها : اختج فالمستشفى .

شفتاها تهتزان قلقا .. فهي تدرك السبب .. لتقول بارتجاف اصاب اوصالها : بروح وياج .

نهرتها : خليج في البيت .. يمكن ابات عندها صوت ذياب ما يطمن ..

وبعدها تركتها تقضم ظُفر ابهامها بتوتر .. لا تعلم لماذا اضحت عيونها معطاءة لدموع .. هل هو الندم على ما فعلته .. ام خوفا على شقيقتها التي انهكتها الحياة برغم سنين عمرها القلية .. اما هو فجلس هناك ينتظر اي رد قد يريح قلبه المتشنج خوفا عليها .. فلقد اوصلها وهي شبه ميتة .. فقط انفاسها الخفيفة تؤكد انها لا تزال على قيد الحياة .. تتزاحم الكلمات التي القتها على مسامعه من جديد في عقله .. هو لم يجد التعامل معها .. نسى بانها لا تزال في التاسعة عشر .. صغيرة على متاعب الزواج و مسؤولية بيت .. مع انها اجادت دورها وكأنها فتاة شارفت على الثلاثينات من العمر..

التفت ليرى تلك التي تحلق عباءتها خلفها .. تهرول بسرعة لتقف امامه : وين بنتي ؟ شو صار عليها ؟

وليردف ذاك الاخ : شو مستوي يا ذياب ؟

تطوح رأسه بأسى : ما اعرف .

ليصرخ به : شو يعني ما تعرف .. شو ستوى وياكم ؟

-
كنا نتكلم وطاحت ..

لم يعقب على جملته تلك .. فماذا عساه يقول .. او كيف يفسر شيء صعب ان يفسر امامهما هما بالذات .. توتر المكان اكثر .. وهي هناك خلف ذاك الجدار وبين ايدي اطباء وممرضات .. ليخرج بعد مضي جزء من الساعة ذاك الطبيب .. ويسأل ما صلة القرابة بينهم وبينها .. ليطلب من زوجها واخيها الذهاب معه للمكتب .. اما شيخة فكان لا بد لها من رؤية ابنتها ..

قبلت جبينها وهي تمسح على رأسها بحب .. تشعر بوخزات تأنيب ضمير .. لعلها ظلمتها .. في كل شيء .. الزواج وغيره .. وجهها شاحب شحوب الميتين .. لم تكن هكذا قبلا .. وهي كتومة جدا .. كم من مرة سألتها عن حياتها مع ذياب .. وما كان جوابها الا ابتسامة والحمد لله .. رفعت رأسها حين دخلا عليها .. ليجيب ناصر على سؤالها : عندها انهيار عصبي .

لم تفهم .. فهي لا تعي تلك المصطلحات الطبية .. هل ابنتها جنت كما كانت تقول روضة .. ثواني واذا به يأخذ بيدها خارجا من تلك الغرفة فلا يريد ان يزعج تلك النائمة بالحديث .. سيشرح لها ما قاله الطبيب منذ دقائق .. اما الاخر فجلس على الكرسي بجانبها .. يحتظن كفها الصغير بالنسبة لكفيه الكبيران .. لثمه بعنف .. لثمة ندم .. او لعلها لثمة قلة مسؤوليته التي كانت ناحيتها .. ابتسم مرغما وهو يحرك اطرافه على وجنتها الباردة .. يشعر ببرودة اطرافها في كفه الاخر .. ولا يزال كلام ذاك الطبيب يضرب رأسه دون رحمه ..فهي كانت تعيش في توتر دائم .. بسبب علاقتها الزوجية الغريبة المترتبة على امور اغرب .. فهي فقدت الثقة بمن حولها وانفجرت اخيرا .. كل ذاك بسبب عدم تفهمه لها ولما مرت به ..

ابتسم من جديد وهو يرى تعابير وجهها المنزعجة بسبب حركة يده .. تنهد وهو يقف ليطبع قبلة على جبينها .. قبلة وداع مؤقت .. يجب ان يبتعد عنها حتى لا تتطور حالتها .. فهو السبب وعلاقتها به تشهد بذلك .. همس في اذنها : سامحيني ..

وبعدها خرج .. لترمقه شيخة بنظرات اللوم كما فعل ناصر .. لا يريد المواجهة معهما ففضل الابتعاد عن المكان .. يحتاج ان يرتب افكاره من جديد .. هو بحاجة لتغيير اشياء كثيرة .. وعليه ان يبدأ بمنزله .. بوالدته تلك العجوز التي لم تراعي يوما زوجته وابنة عمه .. عاد الى منزله بعد ان صلى العشاء في احد المساجد .. كانت هناك تنتظره .. في تلك الصالة التي شهدت الكثير من احاديث الضغط النفسي .. جلس بعد ان قبل رأسها .. لم تسأله عنها .. فهي ترى بانه مجرد دلع تقوم به .. امسك بكفها ناظرا لوجهها .. عيونه مختلفة .. يتشربها الحزن .. الخوف تسرب لها لتنطق اخيرا : شو فيك يا وليدي ؟

ابتسم على مضض : قوليلي ياميه .. سارة غلطت فشيء .. سوتلج شيء خلاج تكرهينها بهالشكل ؟

تشدقت وهي تشيح بوجهها عنه : ما سوت شيء بس انا ما اريدها لك .. ما تناسبك .. واحسن انك ما رجعتها البيت وخليتها عند اهلها .

تنهد وهو يخبرها بانها ليست بمنزل اهلها .. لتلتفت معقبة عليه ومقاطعة له : قلت لك هالبنت ضايعة ما صدقتني .. وتقولي ليش اكرهها .. لو مب ضايعة ما صار اللي صار .

تحوقل بحنق .. ليزفر انفاسه بغضب واضح لها : مب زين هالكلام منج – هدأ من نبرته – سارة منومة فالمستشفى .. نفسيتها تعبانه .. لانها انجبرت ع الزواج مني .. وكله بسبب اختها اللي رفضتني .. وخلتنا قدام الامر الواقع .

-
لا واقع ولا غيره .. سارة ما تنفعك .. والاحسن اطلقها .. شو تبي فيها .. ومن باكر بخطبلك البنت السنعة اللي تستاهلها .

وقف وهو يستغفر ربه ليردف : سمعيني يالغالية .. غير سارة ما بخذ .. واذا ما عايبتنج من باكر بدورلي بيت بقسمين واحد لج وواحد لها .. بس اني اطلق واعرس من يديد فلا ..

رفعت نظرها اليه وهي لا تزال جالسة : لعبت فعقلك بنت شيخوه .. وناوي تعق امك واطلعها من بيتك .. اسمعني يا ذياب غير هالبيت مابي بيت .. وطلعة منه مب طالعة .. تسمعني .. يا تعيش وياي بدونها والا البيت يتعذرك .

-
لا تظلمينا .. ولا تخلين زواجي من سارة البنت اللي كنتي تبين اختها سبب فهالظلم .. وترا سارة احلى من روضة اذا ادوريين ع الحلا .. واعقل منها بعد .. بس انتي الله يهداج راكبه راسج .

-
تقول هالكلام لمك يا ذياب .. كلامي ووصلك .. وغيره ما عندي .

انتفضت واقفة .. لتتركه مكانه .. امسك رأسه بكفيه زافرا .. ليمسح بعدها على وجهه ويتحوقل من جديد .. ولج لغرفته وهو يشعر بالانهاك الشديد .. فما حدث اليوم ارهقه فكرا وجسدا .. وقع نظره على الهاتف الساقط بجانب السرير .. هناك كانت تقف .. وهناك سقطت .. التقطه ليجلس بعدها بتعب واضح .. تأمله .. هنالك كم هائل من المكالمات التي لم يرد عليها .. احد اصدقاءه .. ومن زميله بالعمل .. وتسع مكالمات منها هي .. شد بقبضته على هاتفه .. فتلك اضحت مجنونة.. ماذا تريد منه ايضا .. الا تتعلم من صده لها .. ايرضيها موت اختها .. هل اضحى عقلها خاليا .. ضغط بابهامه على زر الاغلاق .. فلن يرتاح الا اذا ابتعد عنها .. لعلها تبتعد حين تفقد الامل والرجاء ..

,,

كثيرون يرجون القليل في حياتهم .. وهو يرجو السماح فقط .. كلمة من خمسة احرف ارادها ان تنطقها " مسموح " .. كم تمنى ان تتبعثر عبر شفتيها .. شدت بقبضتها على رقبته .. حتى اختنقت انفاسه وتزاحمت .. ستقتله هذا ما خيل للواقفون .. لتحاول مريم فك قبضتيها .. وما هي الا لحظات حتى انزلتهما بعنف وهو بدأ يسعل .. ويلتقط انفاسه التي كانت ستهرب متسللة بعيدا .. وقفت واشاحت بوجهها لتردد : خل عليا تسامحك بالاول ..

وبعدها انصرفت .. ويد اخيه ربتت على ظهره المنحني .. انفاسه متسارعة وعيناه ستفران من مخدعيهما .. وقبضتا كفيه تعانقان الارضية بغضب .. تطلب منه ان يطلب السماح من جسد ميت .. كيف لها ان ترمي بتلك الجملة القاسية .. عليه هو .. اذنب .. واخطأ .. ولكن الا يستحق السماح ..

صرخ وهو يمسك رأسه الذي الم به صداع موجع .. فتلك الجملة تطارده مع خيال تلك الميتة .. لا يستطيع ان يغفو برهة حتى زارته .. كله بسبب تلك العمه القاسية .. ركض مسرعا مخترقا ظلام الغرفة باشعال نورها .. يمد بكوب الماء له : مايد اشرب ..

بكى .. وانتحب .. وهو يطوح جذعه للامام والخلف وكفيه تشدان على رأسه .. وضع الكوب جانبا .. ليرمي بجسده بجانب ذاك الذي على وشك الجنون بسبب تلك الاحلام المزعجة .. ليلفه بذراعه .. يحاول ان يبث السكينة اليه .. يقرأ عليه المعوذات وآية الكرسي .. ارتجفت شفتيه بكلمات متقطعة : كيف اخلي عليا تسامحني .. كيف يا عبد الله ..

تحوقل وهو لا يزال بين ذراعيه .. ليمسح على رأسه : قوم صل ركعتين .. واطلب السماح من ربك .. وانت نادم ع اللي صار .. توب وربي بيسر امورك .. ياللا قوم .

رفع رأسه ليمسح دموعه بعشوائية مفرطة : بس عموتي .

ابتسم له : عمتي طيبة يا مايد .. هي بعدها منجرحة من اللي صار .. وبتسامحك ..

" اكيد " نطقها مرارا على مسامع اخيه .. كطفل صغير يحاول ان يتمسك بكلمة .. او حرف .. يحاول ان يجد اي شيء يجعله يستمر في الحياة .. ليؤكد له الآخر الامر .. ويبتسم لابتسامة ارتسمت على الوجه الضعيف .. وتتابعه نظراته وهو يبتعد متوجها لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. سيتوضأ .. وسيقابل ربه طالبا السماح منه .. راجيا العفو والمغفرة .. متمنيا ان يلين قلب ميثة وتسامحه هي الاخرى ..

خرج من المكان .. ليستل هاتفه من على سطح تلك الطاولة قصيرة الارجل القابعة في تلك الصالة .. التفت تجاه غرفته التي صارت لمايد .. وبعدها خرج مبتعدا عن المكان .. فهو لا يريد ان تصل كلماته لذاك النادم والغارق في بحر الذنب .. حشر سماعته في اذنه اليسرى واذا به يسمع الرنين المتوالي .. وصوت دعاء عذب يصرخ في اذنه .. ليقطع بالرد عليه ..

صلت العشاء متأخرا بساعة ونصف فابنتها الصغرى تعاني من حمى ارهقتها وتبكيها حتى النوم .. اما الاخرى فتلك الاحلام والدماء لا تزال تراودها بين ليلة واخرى .. طوت سجادتها وهي تسمع رنين هاتفها المتواصل .. سحبته وضغط الاخضر وهي تحث الخطى خارجة حتى لا تزعج النائمتين .. بعد الـ " الو " جاءها صوته .. يطلبها العفو .. كمحامي دفاع في محكمة هي القاضي وهي الجلاد وهي المجني عليه فيها .. والجاني يأن تحت وطأة الحكم الظالم الذي اصدرته منذ ليلتان .. يصف لها حاله التي يرثى لها .. كوابيس نومه التي احالته الى شبح لا يرغب باغلاق مقلتيه خوفا من خيالات تهيم في سماء احلامه المزعجة .. تكلم كثيرا .. لتسند ظهرها على الجدار واقفة .. وذاك الممر يشهد دمعة اغتالت وجنتها .. يسألها ان تسامح .. وهل تلك كلمة ستعيد لها ابنتها ؟! .. هي ليست بقاسية وليست بظالمة .. هي فقط ام ثكلى .. حُرمت من ابنتها في يوم حالك السواد .. وبسبب طيش شاب تائه في زمن الا رقيب من البشر .. قالت وهي تحاول ان تسكن تلك الرجفة التي داهمتها : لو ما طلع لها ما شردت منه .. وما ماتت ..

خلل اطراف اصابعه في شعره الخفيف ليتنهد : عمتي انتي انسانه عاقلة .. والاعمار بيد رب العباد .. واللي صار سبب لا غير .. كل انسان وله وقت .. ما بيزيد ع عمره يوم ولا بينقص .. وهذا كان عمرها .. حتى لو كانت راقدة يمج وهو يومها ما بتقدرين تردينه .. صح كلامي ولا لا ؟

صمتت .. فهي لا تجد شيء تبوح به .. فالبكاء بات يخنق ابنتها .. فرؤيتها لها وهي تصرخ بها أن دموعها تحرقها جعلتها تسكت الدمع .. وماذا عليها ان تفعل الآن .. هل تسامح .. وقلبها من سيبرد النار التي اجتاحته واستعمرته حتى اضحى لها وطنا لا تريد ان تفارقه .. تنهدت لتجيب : لا تلومني يا عبدالله .. لا تلومني ..

وانقطع الاتصال .. ليستغفر ربه .. فلقد فشل في محاولته .. عاد ادراجه الى تلك الغرفة .. ليفتح الباب بهدوء .. ويبتسم لذاك الذي افترش سجادته يصلي ... كيف عساه يخرجه مما هو فيه .. وتلك المحاولات تبوء بفشل ذريع قبل ان تبدأ .. تنهد وهو يغلق الباب كما فتحه .. وما هي الا دقائق حتى رن هاتفه .. ليتجهم وجهه حين جاءه صوتها باكيا .. فاطمة تبكي .. هو الآن يحمل هموما كثيرة .. هم اخوته .. وكأنه ابا لهم .. وكأن جميع طرق النجاة تأول اليه هو .. لم يفهم شيء منها .. الا البكاء وشهقات متتابعة ..

جالسة على الارض مستندة على باب غرفتها .. فلقد ختم القرار اخيرا من والدها .. دون ان تنبس ببنت شفه .. وهي تشعر بضياع يجتاحها .. ولم تجد الا هو لتبكي وتبث الحزن له .. بخوف يزلزلها كانت تتحدث : يوم الخميس عرسي .. يقول ان الملكة والعرس فنفس اليوم .. عبدالله حاسه اني مخنوقه .. مب قادرة اتصرف .. ابوك اعدمني ..

يريد ان يبث في نفسها شيء من الراحة .. فاخذ يمتدح عريسها المنتظر .. فهو خلوق والجميع يشهدون بذلك .. هدأت وهي تستمع اليه .. يحكي عن خصال من سيكون زوجها بعد ايام .. ليردف حين سمع بكاءها من جديد : استخيري يا فاطمة ..

-
حاسه اني بموت ..

-
بعيد الشر عنج .. تبيني اييج ونطلع .. اشردج من البيت .

ضحكت على افكار عبدالله المجنونة .. ليبتسم هو قائلا : ضحكي يا فاطمة والدنيا بتضحكلج .. والريال ورب الكون ما يعيبه شيء .. ولا يهمج المظهر .. ياما ناس بمظاهرها زينة وبجوهرها شينة ..

تسللت الراحة الى نفسها بعد حديثها معه .. هو مختلف .. يستطيع ان يغير الحال بكلماته .. غيرت الحديث سائلة عن مايد .. فهي لم تره ابدا منذ ذاك اليوم الذي اتهمها فيه .. لا يزال حاقدا عليها .. هذا ما تشعر به .. انهت المحادثة لتقوم خارجة من غرفتها .. فهي تشعر بالجوع .. فطعام العشاء لم يدخل جوفها .. فذاك القرار اضاع شهيتها .. نزلت لتسمع ضحكاته المتعالية .. بالامس كان كثور هائج يأبى الهدوء .. حتى سناء ابتعدت عنه متعذرة بان والدتها مريضة .. كان لا يطاق ابدا .. واليوم يضحك .. امر لا يبشر بخير .. هل كان استدعاء المحكمة له هذا الصباح سببا في هذا الفرح .. طوحت برأسها وابتعدت ..

اكمل حديثه وهو يقف متوجها لغرفته : خلاص عقب باكر موعدنا .. ولا تنسى اريد كل شيء اوكي .. وحقك بيوصلك ..

اغلق الهاتف ليرميه على تلك الاريكة .. ويبتسم : بنشوف يا ريم انتي ولا انا ..


,,

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:15 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هذه هي لعبة تحدي كتلك اللعبة التي كانت ولا زالت تنسج خيوطها الايدي .. وهو يحاول ان يقطع تلك الخيوط قبل ان تطالها .. فتقيدها .. كخيوط عنكبوت على فريسة وقعت في الفخ .. عاد متأخرا ليلة البارحة .. ليستقبله سريره .. ويحتظنه حتى ساعة متاخرة من صباح اليوم التالي .. تقلب في فراشه ليقوم بعدها مفزوعا ..نفث على يساره واستعاذ من الشيطان من شر ذاك المنام .. ليخرج بعدها في حال يرثى لها .. شعرا منفوش وعيون حمراء .. وقميص نوم بعض ازراره مفتوحة والبعض الاخر لا .. وبنطال قد التف عن موضعه الاصلي .. وقف وهو يحك شعره ويتثاءب .. ليرفع الاخر نظره عن شاشة الـ" لاب توب " وينفجر ضاحكا .. حتى كاد ان يقع على ظهره .. ارتفع حاجبه استنكارا لفعل صاحبه .. ليسحب مخدة من على تلك الاريكة ضاربا بها صاحبه : بس ..

وهو يحاول ان يغالب ضحكته : وش فيك .. كانك شايف سكني .

رمى بنفسه على الاريكة بجانب صاحبه الجالس على الارض .. زفر انفاسه وهو مغمض العينين .. لينهض الاخر جالسا بجانبه .. تتهادى كفه على فخذه : رجعلك الحلم ؟

-
كل ما سافرت ورجعت يرجعلي .. تدري وانا هناك عشت كل شيء من يديد .. كل شيء ..

تنهد ليتحوقل بعدها : وش صار معك ؟ قابلته ؟

عرك عينيه باطرافه : ياليتني ما قابلته .. هيج فداخلي اشياء واشياء .

-
الله اشوفك صرت شاعر .

رمقه بنظرة اسكتته : انت فشو وانا فشو – اعتدل في جلسته – شو صار فغيابي .

عاد ليجلس على الارض .. يقرب الطاولة له .. ويترك العنان لاصابعه لتعزف على حروف الكيبورد : ما صار شيء .. امس كان في حفلة .. وعرفت انها من ضمن المدعووين ..

باهتمام ممزوج ببعض الخوف : راحت ؟

طوح برأسه مجيبا : اعتذرت ..

ضرب بكفيه على فخذيه واقفا : بروح اتسبح .. ياليت تسويلي قهوه .

نظر اليه : لا يا شيخ .. اشتغل عندك انا

ادبر وهو يضحك : اعرفك ما اهون عليك .. يعني بدون بربره زايده وقوم سو قهوه .. وياليت لو تكون مره مثل العلقم .. لان راسي احسه بينفجر .

صرخ لعل صوته يصل لذاك الذي ولج الى غرفته : ماني مسوي شي .. عندي محاضرة .. اخدم نفسك بنفسك يا زول ..

طل برأسه : مردوده يا نويدر .. ان ما خليتك تطبخلي ما اكون مصبح .

" تحلم " نطقها وهو متوجه نحو الباب .. ليغلقه بقوة حتى يسمعه الاخر .. خرج مسرعا حتى لا ينفذ طلب صاحبه .. خطواته تطوي الرصيف برجفة الهواء البارد .. ليعانق دفتره ابطه .. ويتوارى كفيه في جيبي بنطاله ويغمغم بحنق : كله منك يا صبوح .. طلعت بدون الجاكيت ..

وقف لعله يتدفأ بشعاع الشمس المتسلل من بين الابنية .. لا يعرف كم طال وقوفه .. ليتفاجأ بوقوف الاخر يمد له " جاكيته " الجلدي الذي كان ينشده .. رفع حاجبه استعلاء : وش المقابل ؟

بمحاولة لاخفاء ابتسامته قال وكأنه حازم في قوله : تسويلي كبسه ع العشا .

خطى بخطوات متمهلة : ما في شي لله ابد ..

تعالت ضحكته وهو يهرول خلفه يضع ما في يده على كتفي صاحبه : البس البس .. اخاف بعدين تمرض وتعديني ..

-
هذا اللي هامك ..

-
وش فيك يا رجال .. اخلاقك قافله .. هذا وانا غايب عنك يومين وازيادة .. قلت ارجع وبتستقبلني بالاحضان .

وهو يدخل ذراعيه في اكمام " الجاكيت " الجلدي : مو لايق عليك السعودي .. خلك بالاماراتي احسن .

عانق بذراعه ذراع صديقه : طيب ما اشتقتلي ؟

نفض ذراعه : ليه وش قالولك .. حبيبتك والا حبيبتك .

" حبيبتك " نطقها لينفجر ضاحكا .. ويضحك الاخر معه .. وفجأة اذا بوجهه يتجهم .. فهناك يقف نده وخصمه في الفوز او الخسارة .. يقف وعلى وجهه ابتسامة خبث .. ونظراته التي يرمق بها مصبح دليل على مكيدة ما .. قبض اطراف يده ليشير بابهامه الى الاسفل .. وكأنه يقول له خسرت .. ماذا عساه يقصد بتلك الحركة في هذا الوقت ؟ هل تاخر .. هل انتهت لعبة حمدان القذرة التي تمرغت في طين الا اخلاق ..ترك نادر مسرع الخطى غير ابه بسؤاله الذي اخذ يردده بعد ان رأى تلك النظرات بينهما ..

يهيم في ساحات الجامعة .. وبين اروقة قاعاتها .. وفي قاعات دروسها .. يبحث عنها .. اليوم يذكر ان معها محاضرة بعد الظهر .. فاين عساها تكون في هذا الوقت .. عقله يشير عليه بالتوجه الى المكتبة .. لعلها هناك بين رفوف الكتب .. صعد السلالم للطابق الثاني .. فليس لها اثر في الاسفل .. هاهي هناك تمشي بهوادة وهي تمرر سبابتها الطويلة على عناوين الكتب .. لتقف اخيرا تسحب احدها .. تفتحه وتقلب في اوراقه .. ليسقط منهارا من بين كفيها .. بسبب صوته المفاجأ باسمها .. تعوذت من الشيطان .. دائما هذا حالها .. وكأنه شيطان يكدر عليها صفو حياتها في هذه الغربة ..

تكتفت تنظر اليه بحاجب مرفوع .. وهو يلهث .. انفاسه تنتحر خلف بعضها امامها .. لتستنكر طلبه وهو يمد كفه لها : عطيني فونج .

بعثرت نظراتها لتهز ساقها بغضب اتضح على ملامح وجهها المستدير : خير؟!

اعاد الطلب من جديد وبجدية اكبر .. ليردف : بعطيج رقمي

ضيقت حدقتا عينيها لترص على اسنانها : انت ما تستحي .. شو شايفني قدامك .. بنت ضايعه صايعه تركض ورى الشباب .. وتكلمهم فون .. ما حزرت .. مب هاجر بنت عبد الرحمن اللي توصل نفسها لهالمستوى .

اعترض طريقها حين حاولت ان تتركه : ومب مصبح اللي ينزل مستواه لهالسوايه .. انتي فغربة وبتحتايين رقمي .. وما اقولج اتصلي علي .. ولا ابيج تتصلين علي الا فوقت تحتاييني فيه– وبتشديد اردف – يا بنت عبد الرحمن .

نظراته الواثقة هزتها .. اهتزت كل خلية في جسمها .. لعلها لا ترى الا حقيقة ما تفكر فيه هي .. دست يدها في جيب بنطالها الجينز بعد ان رفعت بلوزتها المتدليه حتى نصف فخذها .. ابتسم وهو يرى ارتجافة يدها .. هو كل ما يبتغيه ان لا تندم هي ويندم هو بسبب ذاك الحمدان الراكض خلف الملذات .. حتى الآن لا يعرف كيف ينجح في مساقاته الدراسية .. فهو لا يعرف سوى اللهو ..

عيناها تسمرتا على كفيه واصابعه المتسابقة لضغط ازرار هاتفها .. : كتبي الاسم اللي يناسبج .. بس وعديني انج ما تمسحيه الا عقب ما تردين البلاد ..

انتظرها تمد يدها لتاخذه .. او تنطق بتلك الكلمة التي ارادها .. شعور بالخوف يبعثر كيانها .. ليس خوفا منه .. بل خوفا من نوع آخر .. قلبها ينبأها بأن هناك مصيبة قادمه .. هو لا يظهر وبكل هذا الاصرار الا اذا كان يدرك شيء ما .. تعبت يده فانزلها ولا يزال الهاتف بين كفيه : هاجر ...

رفعت نظرها لترسم ابتسامة باهتة .. وتردف بصوت خافت : اوعدك ..

سحبت هاتفها من يده .. لتضغط على الازرار تدون اسما ليرتبط بذاك الرقم .. وبعدها ابتعدت .. لا يعلم لماذا يخاف عليها .. هل السبب حمدان ام السبب عينيها .. ؟ جلس على اقرب طاولة وهو يتنهد .. ونظره يخترق سطحها الخشبي الى مكان اخر .. مكان كان يجمعه بتلك العينين اللتان تشبهان عينيها .. ضحى بالكثير والسبب حبه المتغلغل في شرايين واوردة قلبه .. ضحى ببلده وبأهله .. فهي في كل ركن من اركان حياته الماضية .. في كل خطوة يخطوها على تراب وطنه الغالي يشعر بها معه .. تنهد .. لعل تلك الانفاس تريح روحه المتعبة من ذكريات مرهقة .. ذكريات تبحث عن زاوية النسيان لترتمي فيها .. وذاك يطالبه بالنسيان .. كم هو نادم على لقاءه به .. فكيف يطلب منه ان ينسى وهو لا يستطيع ان ينسى .. لتطرق جملته عقله من جديد : اذا انت بتنسى انا يمكن انسى ..


,,

اناس تبحث عن باب النسيان الذي يريحهم .. وهي النسيان يأتيها زحفا دون ان تطلبه .. فلقد بدأ ذاك المستعمر بالضغط على خلايا ذاكرتها .. موعد ادويتها لا تتذكره الا بمعونة من هاتفها .. تشعر بضياع يجتاح عالمها رويدا .. يرن هاتفها لتجري اليه .. هو يتصل .. تهللت اساريرها .. فهو لا يزال يذكرها .. ردت بصوتها الهادئ .. ليبتسم وهو يتجول في مزرعته الغناء باشجار النخيل والحمضيات .. يشعر بالفرح يجتاحه حين يسمعها .. وتلك الزيارة حركة في نفسه امورا كثيرة .. ليدرك ان هناك اشخاص يحتاجونه .. واولهم هي .. انقطعت اخبارها عنه .. فهو لم يعد يراقبها كما كان .. فلا يريد ان يفعل ذلك .. يكفي انها مع عيسى الذي يحبها ويخاف عليها .. ضحك حين قالت له بانها اشتاقت لمنزلهما .. ليجيبها : ان شاء الله بنرجعله .. شوفي باقي اسبوع او اثنين وبيي اخذج اوكي ..

لاول مرة تشعر بانها تحلق في السماء .. وكأن قلبها العاشق المغرم نبتت له اجنحة بسبب تلك المحادثة .. تريد ان تخبره بانها مريضة .. وبان هناك من استوطن رأسها .. حتى اضحت على حافة النسيان .. في اي لحظة قد تسقط في تلك الفوهة دون رجعة .. ولكن سعادته التي تشعر بها في نبرته الضاحكة اوقفتها .. وبنت اسوارا عالية امامها .. وقيدتها بسلاسل ثقيلة .. فان فعلت ستنتزع فرحته .. تهادت دمعة على وجنتها حين سألها ان كانت تحتاج لشيء ما .. تذكرت اخيها .. فاليوم عزمت على احضار النقود له .. فذاك الدائن اعلن انتهاء المهلة المقررة .. والمنزل وكأن هناك من لا يريد له ان يباع .. لا احد يريد ان يشتريه .. لعل هناك شخصا يتربص بهم هذا ما كان يردده عيسى وهو غاضب ..

مسحت دمعتها لتطمأنه انها بخير .. وان لا ينقصها الا وجوده بجانبها .. لتنتهي تلك المحادثة .. وتشد هي بقبضتها على ذاك السلسال .. لازالت تذكر كلماته .. رفعته امام عينيها .. لتتمتم : سامحني لازم اضحي بروحك .. بس برجعه . اوعدك اول ما ينباع البيت بفك الرهن .. ما ببيعه مستحيل ابيعه ..

وبعدها قامت لتودعه في علبته المخملية الحمراء .. وتستعد للمغادرة .. ستسجنه في احد المحلات لشهر ربما .. حتى يباع ذاك المنزل المشؤوم .. وبعدها تحرره من سجنه دون ان يعلم هو شيء .. ابتسمت .. وبعدها خرجت .. تحلم بارجاع البسمة المفقودة على شفاه اخيها منهك التفكير ..

اما هو فما كان منه الا ان يسابق الريح على ظهر الثريا .. يشعر بالسعادة .. سعادة افتقدها لسنوات طوال .. هل هو السبب .. هل ظهوره المفاجأ في حياته من جديد هو سر ما هو فيه الآن .. نسمات الصباح الباردة المبشرة بفصل شتوي بارد تلفح وجهه .. يخيل اليه انه يرقص بسبب خطوات الفرس الشقراء ..انحنى يقبل عنقها .. كم يهواها .. ويهوى جموحها الهادئ .. وشموخها وعنفوانها الاصيل .. اهتز هاتفه في جيبه .. ليترجل من على ظهرها .. تجهم وجهه .. وكأن السعادة حرمت عليه .. فلا يفرح حتى يعود الحزن يغزو روحه .. صرخ به : انت شو يالس تقول ؟

عدل " غترته " وهو يقف ساحبا بعض الملفات من على ظهر مكتبه خارجا : لا تخاف بحل الموضوع ..

اطرافه تتحرك باستدارة على صدعه الايسر : سلطان انت تعرف ان انسحابهم يعني خسارتنا .. بنخسر كل شيء ..

لاول مرة ينزل الدرجات .. فذاك المصعد متعطل .. ليصله صوته الاهث بتعب: قلت لك لا تخاف .. بحل الموضوع .. بس حبيت اعطيك خبر يمكن نحتايك .. يعني ياليت تقطع سفرتك وترد ..

-
الشركة الفرنسية ما بتسوي هالشيء الا اذا كان في حد ورى هالموضوع .. حاول تحل كل شيء وتعرفلي منو الكلب اللي يالس يلعب بذيله بهالطريقة الوسخة ..

,,

الوساخة بحر يخوض به من لا ذمة له .. ليتهاوى الى ادنى درجاتها .. كما هو .. اليوم كانت الجلسة لتحديد المصير .. خائفة هي .. بل مرتعبة الى حد توقف نبضاتها .. ذهبت بمعية والدها وابن عمها طارق .. وهناك كان الجميع .. او من يهمه الامر .. سعود ووالدته جاءهما امر استدعاء بسبب تلك الاوراق التي يكللها توقيعه .. ووالدته اصرت على الحضور .. فلعلها تكون شاهدة حق لما حدث .. وهناك كان بدر ورجالا اول مرة تراهم هي .. استنكرت وجودهم .. من عساهم يكونوا .. هل هم شهود ؟ ولكن بما سيشهدون .. فهم لا يعرفونها .. ابتسامة مخيفة ترتسم على وجهه الناظر اليها .. وكأنه يرى وجهها وخوفها من خلف ذاك الغطاء الاسود .. سيموت .. هي تشعر بان قلبها سيموت .. شيء غريب يحدث هنا .. انتشرت نظراتها على الحضور .. وذاك القاضي يقلب اوراقه بتمعن .. دون ان يدرك بانه يعدمها ببطء مع كل ورقة تُقلب .. كل شيء في صالحها حتى الآن .. شهادة سعود .. وتلك الاوراق والتقارير التي تثبت الاعتداء عليها بيده هو .. نظرت اليه .. ساكن .. بل انه هادئ لحد التجمد .. وهذا ما اخافها بقوة .. تشعر بان كل شيء يدور من حولها .. احد اولئك الرجال محامي له .. هل يستحق الامر وجود محامي ؟..

تقدم احد الرجال ليقف هناك .. يتحدث بكلام لا يصدق .. فهو يدعي بانه يعرفها .. وانها تتصل به .. وتخرج معه .. وانها تزعجه بالحاحها المتواصل بالتقرب منه .. ليشهد الاخر معه .. هي لا تعرفهم .. كيف لهم ان يقولوا كل هذا؟ ... صرخت بهم ليتوقفوا عن طعن شرفها : كذب ..

ليصرخ بها ان تهدأ .. الانظار تصب نحوها .. نظرت لوالدها الذي اسود وجهه مما يقال .. ولطارق الذي تشنج في مكانه .. وسعود ووالدته الهادئان .. وهي تهز رأسها بلا .. ودموع حارة تبلل وجهها .. لتنظر الى القاضي بعد ان مد له احد الرجلين هاتفه .. لينعقد حاجباه .. ويسألها : يا بنتي .. هذا رقمج ..

والقى عليها سبعة ارقام بعد ان ابتدأها برمز 050 .. هزت رأسها بنعم .. فالكلام لا يريد الخروج .. ليعيد السؤال عليها من جديد .. فتجيبه بصوت مخنوق : هيه رقمي ..

ليقرأ على الجميع ما كتب في تلك الرسالة النصية المستلمة من ذاك الرجل الذي لاول مرة تراه : " خلاص يا عمري بطلق قريب وبكون لك وبس " ..

"حسبي الله ونعم الوكيل فيك يا سعيد " رددتها مرارا .. ليشيح بوجهه عنها يخاطب الجميع ومن فيهم عمه : انا كل ذنبي اني بغيت استر عليها .. اشوفها تمشي فطريق الحرام .. وقلت يا سعيد خلك ريال .. هذي بنت عمك .. استر عليها .. سمعتها من سمعتك .. بس عقب ما وصلتها للمحاكم .. فسمحلي يا عمي .. ما اتشرف ان بنتك تكون حرمتي وعلى ذمتي ..

نظر اليها وعلامات نصر ارتسمت على محياه .. يراها كسيره بعد ان طعنها في شرفها امام الغرب .. تحسبت عليه من جديد .. حتى اختفى صوتها .. لينطق وهو يبتسم : انتي طالق يا بنت عمي .

,,

اعذروا لي قصر الجزء الـ29
وبأذن الله يوم الاحد سيكون الجزء 30 بين ايديكم .. وسيكون حافلا بالاحداث ان شاء الله ^^



♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:16 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
لم تكن تلك هي الحرية التي تنشدها .. حرية مقيدة خلف اهواء شيطانية منه .. ليس ببشر .. هذا ما كان يجول في فكرها المتعب .. تشعر كمن مشى في صحراء بعد ان اخبروه بان خلفها نهر عذب زلال .. فمشت حتى جف ريقها ولم تجد الا اشواك تدمي روحها .. لا ماء عذب كما كانت تشتهي .. الكثير من الدعوات اهالتها عليه حتى تشقق جوفها واضحت تلك الحروف كالملح يصب على الجراح .. ركضت خلف والدها غير آبه بمن حولها .. لتمسك بكفه تلثمها : والله انه كذب .. وربي انه كذب .. انا تربيتك يا بو عمار .. اموت ولا اوطي راسك ..

سحب يده من كفيها .. صارخا بطارق : خذها للبيت ..

وقفت .. وشهقاتها تتلاحق .. ليقع الغطاء عن وجهها .. لا تشعر باي شيء سوى بسكين سعيد التي طعنت بها .. صرخت : والله العظيم كذب ..

لا يعلم لماذا لا يزال واقفا يشهد تلك المسرحية المبكية .. بخلاف بدر الذي لم يستطع النظر لعمه وطارق بعد فعلة سعيد .. فآثر الخروج قبلهم ... يشعر بالظلم قد اسدل ستائره عليها .. ليلتفت لوالدته .. يخبرها ان تذهب اليها .. فهم في مكان لا يسمح بالصراخ والنحيب .. وهي تناست نفسها .. مشت بخطواتها الدالة على كبر سنها .. لتقف بجانبها تنظر الى طارق الذي لا يستطيع ان يفعل شيء سوى انه يطلب منها ان تذهب معه .. وهي لا تستجيب .. ما إن نطقت بـ" يا بنتي " حتى ارتمت في حضنها .. تدس وجهها الذي اغرق في بحر الظلم .. لينطق الآخر بانه سيذهب ليحضر سيارته من الموقف .. وهرول مبتعدا .. وذاك وقف على باب ذاك المبنى يشهد ما يحدث في ساحته .. ليتشدق وهو ينزل الدرجات القليلة .. ليقترب منها وهي لا تزال بين ذراعي تلك العجوز .. تبكي وتتمتم بالدعاء عليه .. اقتربت خطواته خوفا منه عليهما .. او عليها هي .. فسمعه وهو يتفوه باسما : بغيتي توطين راسي باوراقج وشهودج هااا

رفعت رأسها لترمقه بعيون يقدح منها الاحتقار .. وليردف هو : قدرت اطلع نفسي الصح وانتي الغلط .. سعيد مب هين ..ولا تظنين بتقدرين عليه .. اشوف الحين اذا في ريال واحد بيلتفتلج بدون ما يقول عنج – اخفض نبرته اكثر .. وهو يجر الكلمة الاخيرة – حقيييرة .

" ما الحقير الا انت " تبعثرت تلك الجملة من فيه .. وهو يقف مربعا ذراعيه على صدره .. ونظارته الواقية من اشعة الشمس تحجب نظرة عينيه .. ليردف بعد ان تسمر الاخر وانفاسه الحارة غضبا تتقاذف برعب : تفو على الريايل اذا بيوصلون حريمهم للعار بدون ذنب .

تحرك خطوة حتى يواجهه .. وابتسامة النصر تعود على محياه : يوم هي مب قد التحدي .. لا تتحدى .. وانت لا تسوي فيها ريال .. دامك تمشي ورى حرمة مثلها .. لااا وبعد تشهدلها .

ارتسمت على وجه الآخر ابتسامة : يكفي ان امي حرمة .. ولي الشرف اوقف مع حرمة دام خصمها – سكت وهو يزيد من ابتسامته ليردف – مب ريال .

اصابعه تقيد معصمه بعد ان رفع كفه قائلا " تخسي الا انت " .. ليشد بقبضته اكثر .. وهو يدنيه منه اكثر .. واسنانه ترتص لينطق : الرياييل تحافظ ع شرفها .. ما تدوسه بشهادة زور .. بس الله فوق وعمره ما بيضرب بعصا .

رفعت طرف " شيلتها " تغطي وجهها وهي ترى المعركة الكلامية بين من كان زوجها وبين الرجل الذي لا تعرف عنه الا انه شهد بالحق .. تراه يرمي بذراع سعيد بعد ان نطق ببعض الجمل التي لم تصل اليها .. لتقف تنظر اليهما : الله ينتقم منك يا سعيد .. الله ينتقم منك .

دعوات انسانة انظلمت حتى النخاع .. حتى حين اعلان فك قيودها ظُلمت .. تشعر بانها تسحب الى القاع .. كرمال متحركة في وسط صحراء خاوية .. لا تصل فيها صرخة .. دموعها وشهقاتها رفيقات دربها وهي بجوار طارق .. قلبه يعتصر حقدا على ذاك الذي يكون له ابن عمه .. اي ابن عم يفعل هذا الفعل بابنة عمه وبعمه .. الذي ترك المكان غاضبا .. التفت اليها .. الحروف تأبى ان تخرج من مخارجها .. حتى هو لا يعرف لماذا كان صامتا على غير عادته .. لم يثور .. ولم يحرك ساكنا .. هل انكسارها الجمه .. ام ان الكلام لا نفع منه مع ذاك السعيد .. ولا الضرب ورفع الايدي .. لم يعد اي شيء يجدي نفعا .. توقفت العجلات في ساحة منزلهم .. ليدعوها لنزول .. لم تستجب .. وكأنها التصقت بذاك الكرسي .. وانفاسها المتعبة جمدت اوصالها .. ترجل ليفتح لها الباب .. وتلك تحمل طفلها بين ذراعيها تشهد الموقف .. لتجزع حين وقعت ريم على ركبتيها صارخة : حسبي الله عليك يا سعيد ..

تردد الدعوات بظهر منحني .. اقترب يهدأها .. لكن لا فائدة .. شد على قبضتيه وتركها.. لتخرج اليها مريم وميثة .. تسندانها ..

لتصرخ مريم بطارق : شو مستوي ؟

-
الكلب سعيد فضحها فالمحكمة وقال كلام ما ينقال ..

تحوقلت وتلك بينها وبين ميثة .. لتنهار من جديد على ارضية الصالة .. صوتها بالكاد يخرج .. مدت لها ميثة بكوب الماء .. لعل جوفها يرتاح مع قطرات الماء الباردة .. دموعها انهار فاضت عن الحد : والله يا خالتي ما خنته فيوم .. التفكير اللي هو التفكير ما خنته فيه .. ايي يتبلى علي – صرخت – الله لا يوفقك يا سعيد .. عساني اشوف فيك يوم يالظالم .

دفنتها مريم في صدرها : بس يا ريم .. بسج دعاوي .. قولي حسبي الله ونعم الوكيل بتكفيج عن كل شيء .. قطعتي قلبي ..

الغرفة باردة حتى وكأنها نست ان هناك طفل لا يجب ان يتعرض للهواء البارد بهذا الشكل .. وضعته على السرير .. وهناك نار تشتعل في صدرها .. فكان على وشك ان يلمسها .. ان يوقفها بعد سقوطها بجانب سيارته .. والآن تسمعه يصرخ يهين سعيد .. الم تطلب هي الطلاق .. فلماذا البكاء ؟ دخل ليلفحه الهواء البارد من جهاز التكييف المركزي .. اسرع الخطى يسحب جهاز التحكم من جانب السرير ليسكته .. صارخا بتلك المتكتفة وهي تنظر اليه : ينيتي .. ليش رافعة ع المكيف .. والا ناسية ان عندج ولد بعده فشهوره الاولى ..

رمى جهاز التحكم .. لينحني لذاك النائم يقبله .. وهي لم تعر كلامه اي اهتمام ... فحرارة جسدها انستها البرودة التي تضرب بارجاء الغرفة .. قالت بشيء من اللامبالاة : تطلقت ؟

تجهم وجهه وهو يعدل لفة الغطاء البيضاء على منصور .. ليرفع جذعه ناظرا اليها : هيه .

مشت خطوتان لتقف امامه : ما هي اللي طلبت الطلاق .. عيل شو بلاها تنوح وتدعي .. المفروض تفرح ووترقص .

ليس بغريب عنه اسلوبها الذي تغير منذ ايام خلت .. منذ ذاك اليوم الذي عادت فيه ريم الى منزل والدها .. وقف فرفعت نظرها لعينيه .. فهو يفوقها طولا : اريد اعرف انتي شو بلاج متغيرة .. حد زعلج .. حد قالج شيء .

اشاحت بوجهها عنه لتبعثر على شفاهها اتهاما له : شوف عمرك .. وانت تعرف الجواب .. مب ناقص بعد الا انك تمسكها – نظرت اليه – ووين عمي .. مب هو اللي رايح وياها .. وانت ليش كل شوي قايم تفزعلها ..

ابتسم .. وحاول كتم ضحكته .. وهي تحترق .. ليمسكها من كتفيها .. يقبل وجنتها : اشم ريحة غيرة – يضمها الى صدره – فديت اللي تغار علي .

انسحبت من حضنه بعنف صارخة : مب غيرة .. بس الشيء لازم يكون له حدود .. وانت من يوم ما ردت وانت وياها .. عشان شو .. والا عشان شيء فبالك مثل ما قال سعيد .

احتقن وجهه من كلامها ذاك .. لينطق بشيء من الغضب : سمعي يا شهد .. اذا بتيلسين تسمعين للقيل والقال ما بتخلصين .. واذا مب واثقة من ريلج فهذي مشكلتج .. ومن اليوم ورايح ريم ما بهدها .. ما بهد اختي وادير لها ظهري ..

ابتعد عنها متوجها لدورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لتصرخ به : بس هي مب اختك .. تسمعني .. مب اختك ..

اغلق الباب على صراخ منصور الذي ارعبه صوتها وصراخها ..
غاضبة هي خوفا من فقدان الشخص الذي تحبه .. اما هو فغاضبا لشيء آخر .. وقف هناك ينتظر راشد .. في ذاك المجلس الكبير .. وجهه كان مسودا .. مما جعلها تقف على مقربة من المكان بعد ان نادت والدها .. فعمها هناك يريده في موضوع مهم .. دخل مرحبا به .. ليتبادلا التحية .. وبعدها نطق بكل ما استوطن قلبه : وصلت المواصيل بولدك الردي يطعن فشرف بنتي يا راشد .. وصل فيه انه يتبلى عليها بشهود زور .. يعني ما قدر يطلق الا بفضيحة لبنتي ولبيتي .. فضيحة لعمه ..

الاخر لا يفقه اي شيء .. فهو قد ابتعد عن الموضوع .. تاركا كل شيء لابنه سعيد .. حاول ان يفهم .. وبدأ يستوعب كل شيء رويدا رويدا مع كلمات اخيه الغاضبة .. لينطق بعدها : ويمكن مب زور يا عبد الحمن .

ويلاه .. حتى الاب مثل الابن .. الاخ مثل ابن الاخ .. تحوقل وتحوقل واستغفر .. فهو وضع الاخ الاكبر مقام الوالد .. مقام ابيه الذي رباه على احترام اخيه لانه الاكبر .. والآن اخيه يكسره كما كسره ابنه منذ ساعة هناك .. بهدوء مغاير عما يجتاحه اجاب : لو منصور عايش يا راشد .. شو بيكون موقفه ؟ .. واذا مب مصدقني ومصدق ولدك السافل .. اصبر وانا اخليك اتصدق .. بناتي ما ربيتهن ع الرذيله يا راشد .. تسمعني .

وبعدها غادر .. لتجري تلك لداخل .. وتصطدم به صاعدا وهو يدندن ... لاول مرة ترفع صوتها : شو اللي سويته بريم يا سعيد .

وقف واستدار .. وابتسامة مع نظرة خيلاء وخطوات تحث بجسده للاسفل .. ليقف امامها : اللي تستاهله .

طوحت برأسها : حرام عليك .. هذي بنت عمك .. شرفك ..

-
لا تعلين صوتج يا فاطمة .. وخلج ابعيد احسنلج .

-
خسارة يا سعيد .. عمرك ما صنت النعمة اللي بين ايدك .. عمرها ما شافت منك يوم حلو .. وبالاخير تطعنها فاثمن شيء عندها .. انت ما تخاف من ربك .. ما تخاف ع عرضك .. ما تخاف ع بناتك اذا الله رزقك عيال .

وكأن بها ضربت على الوتر الخامد فايقضته .. انتفض ليرفع كفه .. وتتسمر في الهواء بعد صرخة راشد به : سعيد .. ايدك ما ترفعها ع اختك وانا حي .. فاهم ..

خرجت تلك الهادئة من غرفتها على صراخ بعلها .. فقدمها تتعبها بسبب السكري الذي تعاني منه .. كل شيء يحدث امامها وخوفها يلجمها عن الكلام .. فهي اعتادت على الصمت والموافقة على كل كلمة ينطقها ذاك الذي عاشت معه اكثر من خمسة وثلاثين سنة .. اكثر من ربع قرن .. وتعودت الامر .. جرت ابنتها للاعلى مارة بجانب اخيها .. ويمشي راشد لداخل صارخا به ان يتبعه .. ليقف في منتصف الصالة : شو اللي سمعته من عمك يا سعيد .. كلامه صح والا انت الصح .

زفر انفاسه مدعيا البراءة : قلتلك يا بويه من قبل .. الحرمة العوية تتربى بالضرب .. والا تظن اني كنت امد ايدي عليها مني والطريق .. لا يالغالي .. ما مديت ايدي وما حبستها الا اني شايف الغلط راكبها ..

هادئ في حديثه .. حتى وكأن راشد بدأ يقتنع .. فهو لا يريد ان يصدق بانه لم يربي ابناءه خير تربية .. بعكس الاخر الذي موقن ببراءة ابنته .. ولج الى منزله وهي لا تزال بضعفها في تلك الصالة .. بعد ان شرحت ما حدث لمريم وميثة .. ولسانها لا يكل ولا يمل من الدعاء على كاسرها .. ومهين كرامتها امام الغير .. ولج لتعانق اصابعه ذراعها بقوة .. يسحبها لتقف : قومي وياي ..

وقفت مريم ووقفت ميثة .. لترد الاولى : وين بتشلها يا عبد الرحمن .. خاف الله فبنتك ..

سحبها بعنف : امشي

امسكته من ذراعه الايسر : وين شالنها

وتلك تصرخ ان لا ذنب لها .. وتقسم بالله ايمان مغلظة بانه ظلمها .. وعبد الرحمن لا يأبه لهن نفض ذراعه : سكتي يا مريم .. ما اريد اسمع ولا كلمة ..

لم تستطع ان تثنيه عن قراره .. خائفة على ريم .. فعبد الرحمن ليس بعبد الرحمن الذي تستطيع ان تغير تفكيره ببعض الكلمات .. مثل ذاك اليوم .. حين كسر ابنته .. وقفت امامه وهو جالسا على طرف السرير : عبد الرحمن .. مب حلوة منك تعاير بنتك بامها .. لو هي اللي قالتلك تزوجها كان لك حق .. بس انك تظلمها والسبب انت .. فهالشيء محد يرضاه .. اذا الدنيا وانت وامها والمجتمع ظلموها .. منو بيكون وياها خبرني .. من بعد عينك بعد عمر طويل ان شاء الله .. منو بيكون معها .. اذا ابوها اللي هو ابوها يعيرها بغلطته .

رفع نظره اليها : انا غلطت .. كنت صغير ما حسبت حساب لشيء .. وتزوجتج بعد ما تزوجتها بكم شهر .. ما توقعت فيوم اني بظلم حد بشي سويته فساعة بدون تفكير .

-
وشو ذنب ريم خبرني .. هذا بدال ما تاخذها فصدرك .. قمت تستقوي عليها قدام اخوك .. وانا ما بعلمك عن اخوك .. انت تعرفه زين ..


يومها اقتنع بكلامها .. واعاد حسابته .. واليوم بماذا عساها تقنعه .. فالفضيحة خنجر يشق طريقه في الصدر سنين وسنين . واللسنة البشر كرصاص تخترق القلب قبل الجسد .. فماذا عساها تقول لتردعه .. وتلك التي تجرعت طعن الخناجر وضربات الرصاص كيف ستواجه العالم .. بل كيف ستواجه والدها الذي لا يزال غاضبا .. عدلت " شيلتها " بعد ان مسحت دموعها .. وهي تردد في نفسها : انتي ما غلطتي يا ريم .. ما غلطتي .. هم اللي غلطوا فحقج .. مب مرة ولا مرتين ولا ثلاث .. غلطوا واايد وانتي ساكته – التفت تنظر لوجه والدها الناظر لطريق وحاجباه معقودان – ابوي غلط .. وامي غلطت .. اذا تميت اندس ورى اغلاط غيري ما بعيش .. – ابتسمت نصف ابتسامة وهي تنظر لجانبها الاخر – محد مرتاح في هالعالم .. لانهم يندسون ورى ماضيهم .. وانا اريد الراحة .. وما بخذها الا اذا دست ع كل شيء ..

تجهم وجهها .. فهذا الطريق تعرفه .. نظرت من جديد لوالدها .. هل يعقل بانه سيعيدها له .. هل يعقل انه سيرميها من جديد في احضان ذاك الحيوان المتجرد من كل الصفات الحسنة .. كفها غطى فيها .. وعيناها اغمضتهما بقهر .. يجب ان لا تبكي .. فلقد انتحرت جميع الحروف بسبب تلك الدموع التي سالت .. لن تتحدث .. فيكفي والدها ما اصابه .. ترجل وسحبها من جديد معه لداخل : ابويه ع شو ناوي ..

" امشي " هي الكلمة الوحيدة التي نطقها .. نظرت الى كفه الذي يعانق كتاب الله .. فلقد سحبه معه كما سحبها هي .. دخل مباشرة الى الصالة .. يعلم بان هناك سيكونون .. هو موجود فسيارته لاحظها قبل خروجه .. دلف وهي معه تتعثر خطواتها .. فلا تزال ساقها ملفوفة بجبيرة .. حتى وان كانت اقل ثقل عن سابقتها .. ارتفعت الانظار لهما .. وتجلجل صوته في المكان : مب مصدقني يا راشد .. مكذبني ومكذب بنتي ومصدق الكلب ولدك .

انتفض واقفا : ما اسمحلك تهيني ووسط بيتي .. واذا ياي تردها بعد اللي عرفته عنها .. فاسمحلي ما اريد وحدة مثلها فبيتي وع ذمتي ..

-
تكلمت مع سعيد وعرفت انه ما سوى اللي سواه الا من سواي بنتك .

ملتزمة الصمت .. ترى مناوشاتهم ضد والدها .. ونظرها عليه وهو يبعثر نظراته بعيدا عنها .. فلا يريد ان يرى عيونها القادحة بسموم تجرعتها بسبب معاملته .. فهي الوحيدة التي تدرك بانه كاذب .. بل انه انسان تافه .. صغير العقل .. انتبهت حين سحب والدها كفها يضعها على المصحف الشريف : حلفي يا ريم ..

بماذا تحلف ؟ .. فهي لم تكن تستمع لما يقال .. ارتجفت شفتيها .. ناظرة لوالدها الذي ابتسم لها لاول مرة بعد ما حدث : حلفيلهم ان كل الكلام كذب ..

ابتسمت من وسط دموعها .. نظراتها تفترس عمها .. ويدها ترتجف على غلاف كتاب الله : والله اللي رفع سبع سموات .. ان عمري ما خنت ولدك يا عمي .. واني اشرف من اي كلمة قالها .. والله اللي خلقني وخلقك الريايل اللي يابهم للمحكمة ما اعرفهم ولا عمري شفتهم ..

انزلت كفها لتنظر لسعيد الذي بان الخوف على وجهه .. اخذت المصحف من يد والدها .. ووقفت امامه : سعيد .. يا ولد عمي .. ياللي عرضي من عرضه .. وشرفي من شرفه .. حط ايدك واحلف ان كل اللي انقال فالمحكمة صدق .

نظر لوالده ومن ثم لعمه .. الا هي لا يريد النظر اليها .. يدرك انها تبتسم .. تبتسم لانها على حق وهو على باطل .. هل يضع يده ويقسم كذبا .. لا فهو اجبن من هذا الفعل .. نطق بدفاع وهو يبتعد خطوات للخلف : انا مب ياهل تحلفونه .. ما عندي كلام غير اللي قلته .. ريم وحدة خاينة وحقـيـ...

قاطعته : اسكت .. لو عندك ذرة رجولة .. ما شهدت زور ع بنت عمك .

خرجت تلك الجملة مرتجفة كجسد عاري بين الجليد .. لتبتعد هي نحو والدها : الله لا يسامحك يا سعيد ..

نطقتها وابتعدت .. وفي نفسها قوة ولدت من قسوته وقسوة الايام عليها .. نطقتها ودموعها تشهد على ما حدث .. ادبرت موليه خلفها عم اعمى وابن عم لا يهمه الا نفسه .. وبيت لطالما تعذبت فيه بصمت .. بيت لا تتمنى في يوم ان تعود اليه .. مسحت دموعها .. لتنظر بعدها لسماء الملبدة ببعض الغيوم .. لعلها غيوم مطر .. مطرا قد يغسل الارض من نجاسة بعض البشر .. واذا بكفه تعانق كتفها .. لتمسكها وتقبلها : بنتك اشرف من كلام انسان واطي مثل سعيد ..

لاول مرة يحتضنها .. يدفنها في صدره العريض .. تشم رائحته التي لم تنعم بها وهي صغيرة .. وتشتاق لها كلما كانت هاجر في احضانه .. تمنت لو يتوقف الزمان وتبقى هي بين ذراعيه للابد .. تبقى هناك بعيدا عن وطأة الحياة المرة .. تحتمي من الجميع .. حتى من انفاسها الضعيفة ..

,,

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:16 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
موت وميلاد .. وتناقضات حياة يعيشها البشر .. احداث تولد من رحم الواقع .. واحداث تدفن خلف استار الظلام البهيم .. واذان يتهدى بنبرته الرجولية الهادئة الى الاذن اليمنى .. واقامة بعد اذان في الاذن اليسرى .. وابتسامة كبيرة بكبر ابوته التي يشعر بها .. وجسد غض لا ياتي شيء امام ذراعية الكبيرتان.. يشم رائحته الناعمة كنعومة بشرته الحمراء .. وهي تنظر اليه .. الى سعادته التي لا توصف .. ليتهادى اليها صوته بعد ان سألته ما الاسم الذي يريده لابنه الذي انتظره طويلا : سالم

هيض ذاك الاسم مشاعر دفنتها هي .. لتقترب منه فيردعها .. فهو لم يشبع منه بعد .. تحاول معه دون فائدة .. وابتعدت اخيرا ليس لاجله بل بسبب رنين هاتفها المتواصل .. واذا بها تضحك : ياللي ما تستحين يعني اكذب عليج ..

قهقهت الاخرى وهي تتربع على سريرها : مامي بلييز .. صدق سماه سالم .. حلفي يالله ..

تابعت الحديث بشوق لامها التي مضى عليها يومان عند رشا .. واليوم جاء سالم الذي اسعدها بقوة .. فهي اصبحت خالة لسالم .. لطفل يحمل اسم حبيبها .. والدها الذي لم ولن تنساه يوما .. واذا بها تطلب منها ان تكلم سيف لتبارك له .. وما هو الا عذر لشيء اخر .. لم يرغب بمفارقته وعيناه تتبعان ميره التي توارت خلف الجدران .. لينطق بـالـ" الو" .. ويأتيه صوتها كما اعتاده دائما .. مليء بالثقة .. كم اشتاق لها ولتلك الايام التي ترافق فيها والدها .. تجهم وجهه ليجيبها : جود .. انتي عارفه شو يالسه تقولين .. انا ترى ودي بهالشيء بس اخوج مب طايع .

-
بيطيع .. خلك وياه سيف .. يا بو سالم – وضحكت ليضحك معها – في اشياء واايد غايبة عن فيصل يا سيف .. ووجودك وياه حتى لو بنسبة قليلة يطمني عليه ..

تخاف عليه .. حتى بعد ما جرى منه .. بعد كل تلك التقلبات التي عايشتها في شخصيته .. تنظر الى يدها وذاك الجرح لا يزال دليل ادانة بحقه .. تكلمت كثيرا .. واشياء جديدة قيلت عبر تلك المحادثة .. ولم تنطق بها الا بعد وعدا قطعه هو بعدم البوح .. لا يعي شيء من ذاك التفكير الذي يجتاح عقلها .. ليردد : جود واثقة من هالخطوة اللي بتخطينها ؟

تكلل وجهها بابتسامة مليئة بلمحة حزن : واثقة يا سيف .. بس انت خلك قد وعدك لي .. ودير بالك ع رش رش وسلومي .. يا ويلك اذا ضربته فيوم .. ترا خالته ما بتسكت ..

وبعدها ضحكت .. تواري اشياء انتزعت من قلبها .. طفولتها . براءتها .. وحبها العميق لشخص لم يكن له شبيه الا بالصورة .. وشبيهه ذاك حتى اليوم لا يكلمها .. لعلها هي التي تبتعد .. ولعله هو من لا يريد المحاولة ..


,,

دلف الى منزله .. ليطلب منهم تجهيز الغداء .. يفتقد وجود والدته على طاولة الطعام .. حتى وان كانت قاسية عليه لا تفتح معه اي حديث .. واذا تحدث اجابته بكلمات مقتضبة .. الا ان وجودها بينهم مختلف .. هي تقسى عليه وهو يقسى على اختيه .. ولكن رنيم تملصت من العقاب بسبب والدتها التي ارغمته ان لا يؤذيها .. اما تلك فلقد اذاقها الويل وحتى اليوم لا يرغب بمخاطبتها .. او بالاحرى لا يستطيع النظر اليها .. ندما او ضعفا ..
جلست على الكرسي وهي تهز ساقها بتوتر : الحين لازم نتغدى يعني .

ابتسمت وهي ترى ان رنيم اضحت تخاف حتى من صوت فيصل : والله هذا كلام فيصل لازم ناكل مع بعض .. اذا ما تبين قومي وعااد تحملي اللي بييج ..

تشدقت : وليش ما يتحكم فالعلة اللي فوق .. والا هي حلال لها وانا حرام علي .. حشا مب غلطة وغلطتها ..

سكتت فجأة فقد الجمتها نحنحته .. ليجلس بهدوءه المعتاد دون ان ينظر لرنيم ومبتسما لجواهر .. تغترف من الحساء وتشرب بهدوء وداخلها بركان غضب يشوبه الخوف من فيصل .. رفعت الاخرى نظرها : فيصل .. دريت ان رشا ربت ويابت سلوم الصغير ..

لا ردة فعل منه .. فهو يمقت سيف .. واضحى يمقته اكثر فبأي صفة يسمي ابنه سالم .. عادت لتتكلم : ميعاد انخطبت من يومين ..

تمتم وهو يتناول الارز من صحنه : الله يوفقها ..

يدرك ان جواهر تريد ان تصل لموضوع ما .. ولا تعلم كيف تخبره .. فاردف : قولي اللي عندج بدون ما تخافين ..

وقفت رنيم وهي تنطق بانها شبعت : ما كلتي شيء .. يلسي كملي اكلج .

زفرت انفاسها : الاكل مب بالغصب .. ومن متى نجتمع ع الاكل ..

"من اليوم " رمقها بنظرة اجلستها من جديد بعد ان نطق بجملته تلك .. فمنذ اسبوع هذا نظامه في المنزل .. يجتمع الجميع على مائدة الطعام .. ويسهرون بمعية بعضهم .. لا احد يدرك مالذي يخطط له .. هل يحاول ان يؤلف بين قلوب شتتها الزمن .. ام انه يخاف ان يبقى وحيدا بعد ما جنته يداه .. اعاد السؤال على جواهر .. لتنطق وهي تأكل من طبق سلطة الفواكه التي امامها : جود

ما ان نطقت اسمها حتى توقفت حركة يده .. واضعا الملعقة في الصحن .. وناظرا لجواهر : شو بلاها ؟

قام واقفا لتمسح هي كفاها بالمنديل مطرز الاطراف وتتبعه .. اما الاخرى فتنهدت وبعدها قامت وهي تغمغم : الله يعيني .. زين ان جواهر خلته يقوم .. اووف ..

جلس لتظل هي واقفة : واايد متغيرة ..

تركت المكان لتجلس بجانبه على الاريكة .. لاول مرة تكون قريبة بهذا الشكل منه : مب الا انا تغيرت .. حتى انت تغيرت .. ورنيم وامي وجود .. ما عدنا مثل قبل .. يمكن كبرنا وتفكيرنا تغير .. كنا ما نفكر الا بنفسنا .. اقصد انا كنت ما افكر الا بنفسي .. اشوف اشياء واايد واقول شو دخلني .. بس الحين ما اقدر اشوف واسكت .. انت صاير متغير من بعد اللي صار لجود .. وامي بعد .. ورنيم من خوفها منك تسوي اشياء غصب عنها .. ابويه الله يرحمه ما علمنا نخاف من بعض .. ولا قالنا نجبر بعضنا ع اشياء من نريدها ..

التفت لها : قصدج انا مثقل عليكم ..

-
لا .. مب ذا قصدي .. بس مب طاولة واكل اللي بيقربنا من بعض .. ولا سهرة على فلم او برنامج .. عمره الاجبار ما دخل شيء فقلوب الناس .. الكلمة الغاوية .. والمعاملة الحلوة هي اللي تبني يا فيصل ..

سكتت تحاول ان ترتب افكارها .. او لعلها تريد منه ان ينطق بشيء .. واذا بها تردف : انا اصغر منك واصغر من رنيم .. ويمكن كلامي ما يعيبك .. ويمكن مب من حقي اتكلم وياك بهالشكل .. بس لقيتها فرصة دام امي مب موجودة .. ع الاقل اذا عصبت تفجر عصبيتك في بدون ما تخاف امي ..

ضحك وسرعان ما تجهم وجهه : والله ما اعرف شو صاير في .. يمكن ضغوط الشغل .. ما اعرف ابويه الله يرحمه كيف كان متحمل كل هالشيء ..

"روح لجود ".. نطقتها وابتعدت .. تاركة المجال لعقله بالتفكير في كل جملة بعثرتها .. لعلها نضجت وتعلمت اكثر .. لعلها سبقته باشواط جراء تلك الكتب التي تقرأها .. ولعل وجودها الدائم في المنزل سببا لإلمامها بكل ما يحدث .. تنهد مرة واثنتين وثلاث .. يحاول ان يسكن نبضات قلبه المتعاركة .. ونهض اخيرا .. يشعر وكأنه سيخوض امتحان يحدد مصيره .. به رعشة طالب على حدود النجاح او الفشل .. وتوتر مريض على وشك اجراء عملية خطرة ..

وقف امام باب غرفتها .. يسمع صوتها تضحك وتسكت ثم تتكلم بهدوء .. ابتسم فلقد اشتاق لها هو الاخر .. طرق الباب ودخل دون ان تأذن له .. عيونها تسمرت على ملامح وجهه .. واذا بها تنطق : مامي اكلمج بعدين ..

انزلت الهاتف بهدوء : ما سمحتلك تدخل ..

اقترب منها واذا بها تبتعد حتى التصقت بظهر سريرها .. جزعها آلمه .. اضحت تخاف قربه : لا تخافين .

جلس على طرف السرير .. رفع كفه ليمدها ناحيتها واذا بها تعترضها بذراعها .. ظنت بانه سيمسكها وسيضربها .. ارتعبت من قربه منها .. اعاد كفه ونظره للاسفل : ليش كل هالخوف يا جود ..

احتظنت ركبتيها : لاني ما صرت اتحمل ضربك لي .. ابويه عمره ما مد ايده علي .. حتى اذا غلطت .. كان يبتسم ويقولي لا اعيدها .. وانت عمري ما غلطت معك فشيء .. وكانت مكافأتي ضربه منك .. او كلمة تجرحني ..

تحركت من مكانه لتجلس على جانب السرير الاخر .. ظهرها له وساقاها للارضية .. وكفها تشدان على حافة السرير : قلت لك .. اذا تريد تنجح فكر صح .. اذا تريد توصل لهدفك ارسم الخطة بهدوء .. حط احتمالات للطريق اللي بتمشيه .. يمكن عمري بس 17 سنه .. بس عقلي اكبر بوايد .. ابويه اعتمد علي فاشياء وانا عمري 13 سنة – ابتسمت لذكراه – كان واثق في .. مثل ما انت وثقت في لفترة .. وهالثقة خلتني اكسر كلمة ابوي عشانك .. وانت ما سويت شيء غير انك وصلت للي تبيه بعد ما اقتنعت مني .. وفالاخير تقولي اني مب اختك ..

احتظنت نفسها .. لعل الكلام يريح نفسها المتعبة .. فهي تدرك انها لن تحدثه بعدها .. لن تكون معه يدا بيد .. وهو لا يعلم شيء عما يدور في خلدها .. لا يعلم الا انها ستسافر للدراسة وهو من خط بالقلم معلنا موافقة ولي الامر .. كان هادئ يستمع اليها .. دون ان يقطع حديثها بكلمة : انت ما كنت تعرف فرناند .. ولا كنت بتعرفه .. ولا كنت بتوصل شركة ابوي للي وصلته اذا عرفوا الناس انك انت المالك لها .. كنت تخطط عكس هالتخطيط .. متناسي ان ابوي صار نقطة سوده فالسوق بسبب مشروع ياليته ما سواه ..وانك انت ولده .. بعت كل شيء نملكه انا وخواتي وانت وامي .. املاك محد يدري عنهن الا المقربين من ابوي .. ورجعت توقف من يديد .. ما اريد اقول اني انا السبب فكل اللي صار .. ما اريد امن عليك بشيء سويته لانك اخوي ..

وقفت تسحب ذرات الاكسجين لرئتيها .. لم تتحدث يوما لاحد كما تتحدث الان معه .. وقف وخطى بخطواته ليكون خلفها وهي تنظر من نافذة غرفتها .. ابتسمت : البيت اللي قبالنا انسكن من اسبوع ..

عقد حاجبيه .. فما بالها غيرت الموضوع بهذه السرعة .. ولكنه ابتسم حين تابعت : عندهم ولد بعمرك ويمكن اصغر عنك .. لاحظت فيه شيء غريب – ضحكت لتردف بالانجليزية – يقف دائما على نافذته ينظر الى نافذة جواهر .. لعله معجب بها .. وهي لا تراه ابدا .

انتفضت حين وضع كفه على كتفها .. طال قوامها .. قبلا كانت تصل لصدره والآن تعدته .. لتزاحم كتفه .. ابتعدت لتسند ظهرها بالجدار : خلك بعيد ..

تجهم وجهه : انا اخوج شو بلاج خايفة مني .

" تحبني " نطقتها وهي تنظر في عينيه .. لعلها تجد ما تتمنى .. او لعلها تريد ان تشبع عيناها بالنظر الى تلك الشبيهة بعيون اخرى .. انتظرت رده بابتسامة باردة .. ليبادلها الابتسامة : اكييد احبج .. جود ممكن تسمعيني ..

هزت رأسها بالموافقة .. ونظراتها تتبعه حتى جلس على كرسي مكتبها : انا غلطت فحقج واعترف بهالشيء .. حتى اني مب لاقي تفسير لعصبيتي عمري ما تصورت اني امد ايدي ع حد .. كيف ع اختي .. المرحلة اللي راحت كانت صعبة بقوة . وخاصة نقل الملكية بالكامل باسمي .. يمكن انتن متضايقات اني حطيت اسمي لشركة ابوي اللي كانت تحمل حروفنا .. الآر والإف والجاي .. حروف جمعها ابويه وياه وين ما يروح .. بس كانت مجرد حروف .. وكنتي انتي الاساس .. للحين يا جود حاس اني مب قادر اوصل للي تسبب بخسارتنا ووفاة ابويه .. حاس اني عايش فدوامة وخايف ان الشيء اللي صار ينعاد من يديد .. هالخوف هو اللي كان يقودني .. والحين انتي بتسافرين وبتخليني .. ع الاقل كنت الجألج يوم احتاي .

-
وترميني عندما تنتهي من مبتغاك .. تريد نصيحتي .. ابعد عن الخوف وارسم لك خطة .. وشارك سيف ما دمت تظن بان له يدا فيما حدث .. دعه امام ناظرك .. حتى لو تقربه منك ..

نظر اليها باسما : ياااه يا جود .. قلبج صاير قاسي ومب راضي يسامح .. ونصيحتج باخذ فيها – قام واقفا – الله يوفقج فدراستج ..

وبعدها انسحب من غرفتها .. لتتسمر انظارها على حقائبها التي اعدتها بالامس .. الرحيل هو الحل في نظرها .. الاختفاء خلف اعذار الدراسة يهون عليها الكثير .. جلست حيث كان جالسا .. لتتمتم : سامحني يا فيصل .. بس لازم اقسي قلبي .. والا ما بعيش ..


,,

هل هناك بشر قساة ؟ لا تتحرك قلوبهم أثر دمعة .. او أثر كلمة صادقة .. لماذا نقسى على القريبون ونرأف بمن هم اغراب عنا .. الأننا نبحث عن المديح والتفاخر .. كما حاله هو .. يقسى الى درجة القتل احيانا .. حتى على من هم قطعة منه .. ارتسمت على شفتيه ابتسامة النصر .. ابتسامة يسرقها من وجه ابنه يوما بعد يوم .. ابتسم وهو يستمع لذاك الرجل الذي اغراه بالكثير من المال .. لا لشيء سوى دمار جاسم .. نطق بفخر لاعماله التي قام بها على اكمل وجه : الريال سوى اللي طلبناه منه .. وهدد عيسى بانه يبلغ عليه .. والله صدقت يا طويل العمر الفلوس تعمي النفوس .. والا صاحب يبيع صاحبه اللي وثق فيه .. والله زمن .

باهتمام : كمل وقولي كل شيء .

تنحنح ليتابع : البيت ووقفناه عشان ما ينباع .. نريد نشوف اذا ولدك بيتحرك او لا .. بيساعدهم او لا .. واللي اتضح لنا انه ما عنده اي خبر باللي صار وياهم . وهذا يأكد انه طلقها .. يمكن زيارته لها من كم اسبوع عشان شيء ثاني .. والفلوس اللي سددوبهن الدين من خولة .. شكلها باعت ذهبها .. ومجوهرات ..

قام واقفا والاخر يرصد حركاته الدالة على تفكيره .. ليجلس بعيدا على تلك الاريكة : والسالفة الاخيرة ..

لمعت نظرات الخبث في مقلتيه الجاحظتين : مثل ما طلبت .. بس المصيبة سلطان .. مب سهل ..

قهقه ليردف : ما عليك منه .. المهم سوينا اللي نبيه ..

ما هي لحظات حتى تجهم وجهه .. وعقد حاجباه .. حين اُلقي السلام من طرف ذاك الداخل بهيبته .. ليبتعد الاخر بعد ان رمقه جاسم بنظرات جعلته يغض النظر خارجا .. ليوقن بان هناك مكيدة ما تحاك .. جلس امام والده : اشوف الثعلب ابراهيم فمكتبك .. على شو ناوي هالمرة يا عبد العزيز ..

وقبل ان ينطق قاطعه : لا تقول خلني انا اقول .. ناوي على افلاسي .. بس شكلك نسيت قصة الغول .. تبيني اعيدها عليك .. والا شو رايك بقصة الثعلب والحمامة ..بس هالمرة انت مالك الحزين ..

ضحك حتى اهتز جسده : والله ان هالقصص لعبت فعقلك يا جويسم .. لو كنت ادري انك اطبق قصص الاطفال علي ما شريتهن لك وانت صغير ..

" جون " .. ما ان نطق باسمه حتى تغيرت ملامح عبدالعزيز .. فجون ماضي بالنسبة لجاسم .. ولم ينطق باسمه الا لانه على معرفة تامة بتلك الخطط التي يحيكها والده .. لم ينطق .. والاخر فضل الصمت بعد ردة الفعل الظاهرة دون صوت .. قام واقفا .. لترتسم ابتسامة على محياه : ما توقعتك بذا الشر يا عبد العزيز .. بس انت اللي اعلنتها حرب ضروس من اليوم .

تركه يتجرع خوفه من القادم .. فجاسم لا يعلن الحرب الا اذا ضاقت به الوسيعة .. فاي حرب ستكون .. بالطبع لن تكون كالحروب السابقة جراء حدث مر عليه ما يقارب العشر سنوات .. تجرع فيهما جاسم الكثير والكثير من الحقد .. لكن اليوم وصل الكره في قلبه الى حد الفيضان .. كره لرجل قيل انه والده .. فقط لانه يحمل جيناته في جسده ..ورثه بالشكل كما ورث منه عدم الاستسلام .. وكأن جيناته ما هي الا وراثة لخصال تقاسمها مع عبد العزيز واختلف بها مع توأمه قاسم ..

ابتعد عن شركة والده وفي نفسه كبت عظيم .. لو رماه على جبل لتهدم وخر الى الارض راكعا .. قادته الطرق الى طريقها .. الى الصدر الحنون .. لا يعلم لماذا يشعر بان قاسم لا يزال قريبا جدا .. ويوم عن يوم يقترب منه اكثر .. برغم ابتعاده عن احلامه .. ولج غرفتها .. لتتراءى له بشرتها السوداء بخلاف لون سريرها الابيض .. قبل كفها بقوة وعنف شوق لايام خلت .. ايام قصص الغوص .. والعاب الطفولة المندثرة .. وضحكات بين نبات البرسيم الاخضر .. لثم جبينها بحرارة .. حتى احست بدمعة سقطت على وجهها : جاسم .

انحنى على ذراعها : اميه جاسم بيضيع يا اميه .. ابويه ناوي على موتي ..

اعتدلت جالسه وكفها الثخين يتحرك على شعره الطويل : بسم الله عليك يا وليدي .. خل الموت لاهله .. انت بعدك شباب .. الموت مب سهل وانا امك .. امسح دموعك وخلك قوي .. ما ربيتك ع الضعف .. وخلني اقولك سالفة يدي وييا السمكة اللي كلت ايده ..

ابتسم وهو يكفكف دمعة اعلنت ضعف قلبه الذي تصنع القسوة سنين مضت .. تريحه تلك العجوز باحاديثها عن اجدادها .. لا يتخيل يومه بدونها ولا حياته بعيدا عنها ..


,,

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:17 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
كفكفة الدموع اسلوب يمتهنه ضعاف القلوب .. يمتهنه من كسروا من الاقربون .. اسلوب يزاوله الكثير خلف الجدران الصماء .. وبين جنبات الظلام الدامس .. وهي تقف تنظر لوجهها الابيض الملطخ باللالوان الدخانية حول العينين .. اللتان يأبيان ذرف الدمع .. لعل نهرهما جف في الليلة الماضية .. اغلقتهما حتى لا ترى شبح روحها المتجسد في زينة الفرح المكتوم .. خلف رقصات فتيات وزغاريد نسوة .. وموسيقى تبعثر سكون المنزل الكأيب ..

وقفت بفستانها السكري الناعم .. الذي تهادى على جسدها المرتوي بعض الشيء .. كم تبدو جميلة بشعرها القصير المرفوع بخصلات ناعمة من الامام .. واخرى تتدلى على رقبتها بعد ان التفت على بعضها .. فتحت عينيها لتتنفس بعمق .. خائفة لحد النخاع .. تشعر بتراقص ساقيها .. وارتجاف اناملها التي غطتها نقشات الحناء الجميلة .. الممتدة حتى تلثم كتفها بنعومة حمراء .. طرقات الباب زادت من نبضات قلبها .. وكأنها في سباق مع الوقت .. ليطل من خلف الباب من يريح صدرها المرتعب .. قبل جبينها بحب اخوي : مبروك يا فطوم .. وعسى ربي يهنيج ..


تمتمت : الله يبارك فيك .. خايفة انزل تحت .. احس بيغمى علي ..


ضحك ليزيد من توترها وهو ينطق : الشيخ يريد يسمع موافقتج .. لبسي عباتج وتعالي وياي .


" والناس " قالتها بجزع .. ليبتسم من جديد وهو يحتظن وجهها الملتهب بحرارة الخوف : بنطلع من الباب اللي صوب الميلس ..


تحث الخطوات برغم الرعب الذي يجتاحها .. فهي لا تعلم عنه اي شيء .. حتى اسمه فهي لا ترغب ان تصدق بانها سعيدة بهذا الزواج .. رغم زينتها التي لم تضعها الا باصرار من والدتها .. وبخوف من ردة فعل والدها الذي اضحى كبريت باي فعل بسيط يشعل نارا لا تهدأ .. تسمع " الشيخ " يسألها عن رأيها .. لترد بحروف تختنق وتخرج رغما عنها بانها موافقة .. موافقة على السعي في قرار وضع وصدق رغم انفها .. اهتز القلم بين اناملها الممتلئة بعض الشيء .. وهي تسأل عبدالله بهمس متوتر : وين اوقع ؟


امسك كفها الممسكة بذاك الذي سينزف حبره ويعلنها زوجة : اهدي يا فاطمة .. وقعي هني


يشير باصبعه حيث المكان المراد .. لتخط خطا متعرجا يتقاذفه توترها الملحوظ .. وبعدها يُسحب القلم والدفتر .. وتنسحب هي الى غرفتها .. لتقابل والدتها التي ترغم نفسها على ابتسامة لعلها تبث الفرح في قلب ابنتها الوحيدة .. تشعر بان هناك ما يخفوه عنها .. ولكنها ترهب السؤال .. استنكرت الموسيقى والاغنيات التي صدحت في اركان المنزل لتجيبها والدتها بعد ان قرأت عليها : اهله يبون يفرحون .. ومن حقهم .. حرمناهم من العرس والحفلة الكبيرة خليهم يستانسون ..


زفرت انفاسها : محد ييا من قوم عمي ..


طوحت برأسها .. فكيف سيأتون بعد ما حدث من سعيد .. انقطعت اواصر الاخوة بفعله .. تمنت لو تكون ريم معها .. كم تشتاق لوجودها .. دخلت سناء لتخبرهما ان عليها النزول .. لتبقى بعض الوقت في صالة النساء .. وبعدها تخرج بمعية عريسها المجهول ..


نزلت على صوت الموسيقى الهادئة التي لا تعكس ثوران روحها المختنقة مما يحدث .. فتيات اقبلن يقبلن وجنتيها .. ويتهامسن فيما بينهن .. صوت الغناء لا يدع مجالا لتفهم شيئا من تلك التمتمات .. امها تقف بجوارها بعد عدة صور التقطت على عجل .. وكأن الجميع يتوقون الى مصيرها الذي يرعبها .. تحدثها وتعرفها بالنساء .. فتلك زوجة اخيه .. والاخرى ابنتها .. وتلك اخته .. وتلك خالته .. وغيرهن كثير .. لم ترهن يوما .. كل شيء حدث في الخفاء .. حتى انها لا تذكر متى تمت خطبتها ..


اما هناك حيث الرجال جلس مرغما .. بعد الحاح مستميت من عبدالله .. على احد الكراسي وفي عالم غير العالم .. فما زالت نفسه تتوشح وشاح اللوم المتأصل في اعماق نفسه .. وقف اخويه بدر وعبدالله بجانب " المعرس " الذي لم تفارقه الابتسامة هذا اليوم .. شعور بحياة جديدة تنتظره لا يعلم كيف ستكون .. حتى هي لم يرى لها الا صورة بدت فيها رائعة .. ولكن الواقع غالبا ما يكون مغايرا ..

ضحك لكلمات عبدالله وبدر المازحة له .. فيجب ان تلقى التوصيات فتلك اختهم الكبرى .. وعليهم الاطمئنان على حياتها الجديدة .. التفت ليرى القابع يخيم عليه السكون وملامح الحزن : شو بلاه اخوكم ؟


التفت عبدالله حيث ذاك الساكن : تعبان شوي .. لولا انها حفلة اخته كان ما ييا ..


ينظر الى ساعته بتوتر .. ليهمس الواقف بجانبه ولم يتركه للحظة واحدة : مستعيل ؟


قهقه بتوتر واضح لصاحبه : والله اني متوتر .. حاس اني مب قد هالحياة اليديدة .. انا مب قد مسؤولية وبيت يا سعود .


-
انت قدها وقدود .


ليتجهم وجهه وهو يرى ذاك المقبل نحو الرجال .. هو ذاك الحقير الذي اهانه منذ ايام بسبب ما فعله من تنديس شرف ابنة عمه .. ايقن بانه اخا للـ" عروس " .. توجس خوفا .. فماذا لو كانت اخته مثله بالخصال .. ؟ وسرعان ما ابعد تلك الفكرة .. فهو عرف عبدالله وبدر .. وهما مغايران لذاك المتعنت النرجسي ..


مر الوقت لتخلوا ساحة المنزل الا من المقربين .. وحانة ساعة الرحيل لها .. لتقف بخوف ودمعة تمردت لتخط طريقا عبر مساحيق التجميل .. ترتب لها ذيل فستانها المتسلل من خلف عباءتها وتمشي بمعيتها .. ولا يستر عري جسدها الا عباءة خفيفة و" شيلة " تفضح اكثر مما تستر .. ووجهها عاري رغم الغطاء الذي اسدلته عليه .. والاخرى تعرق كفيها .. حتى باتت لا تشعر باي شيء .. سوى بانفاسها المتضاربة .. وطبول قلبها المتوجسة .. صعدت الى السيارة .. بحذر على فستانها .. لتقبلها سناء وتبتعد ..


كم هم غريبون البشر .. كافاعي يغيرون جلدهم كيف يشاءون .. فاليوم هي مختلفة وكأن فاطمة اختا لها .. مرت من جانب سعيد الذي اغتاض لمنظرها السافر امام الرجال .. شد على قبضته ولحق بها .. اما الاخرى فلا يزال الغطاء على وجهها .. واناملها ابيضت من قوة شدها عليهم .. رفعت رأسها لتراه .. هو سعود الذي كان حلم جميل في يوم ما .. يضحك ويحدث شخصا ما .. وها هو يقترب من الباب الاخر .. هل يعقل ان يكون هو الزوج المنتظر .. ارتسمت ابتسامة لحلم تتمنى ان يكون .. وسرعان ما تبددت كسحابة صيف بعثرتها النسمات .. يسند كفيه على الكرسي ليحمل جسده لداخل .. ويجلس وهو يعدل ساقيه الميتين .. ارتجفت شفتيها .. فهو معاق .. زوجها ميت الجزء السفلي من جسده .. لا تعي ما يقوله مع ذاك المدعو سعود .. سحبت ذرات الاكسجين بشغف .. فهي تشعر بالاختناق .. الآن فقط ادركت ما يقصده عبدالله من جملته تلك .. " ما يهمج المظهر .. ياما ناس بمظاهرها زينه وبجوهرها شينه " .. نزلت دموعها .. حتى اتضحت شهقتها المخنوقة له .. ليلتفت لها دون ان ينطق .. ويبتسم وهو يلف وجهه لذاك القابع خلف المقود : ما اعرف كيف اظهر من يزاك يا بو محمد .


-
افا يا فهد .. نسيت اني اخوك العود .. واذا ما زفيتك فسيارتي بزف منو بالله .


كم هي قاسية تلك الحياة .. ليكون من حلمت به يوما صديقا لزوجها .. الذي صدمت بحالته تلك .. تشعر بالغرق .. كشخص رمي في وسط البحر وهو لا يجيد السباحة .. يتقاذفه الموج .. ويحاربه بحثا عن هواء يلج الى رئتيه .. نزلت دموعها معلنة العصيان .. دون ان تشعر بان ذاك الجالس بجانبها ادرك انفاسها الباكية .. ورجفة جسدها المتواري خلف السواد .. يبتسم مجاملة لصاحبه .. الذي ظن ان سكوتهما بداعي الحرج منه لا غير ..



,,

الحياء الذي ينتابها في هذه اللحظات لا يعادله حياء في الكون .. فهو وهي خططا .. حبة منوم .. وكوب عصير .. وكاميرا فيديو .. كل شيء جاهز مسبقا . كانت تتعذر عن حضور تلك الحفلات .. بصداع .. او بمراجعة يجب انهائها .. او باي شيء يخطر على بالها .. حتى مل هو من حضورها .. ورسم منحى اخر للفوز بلعبته القذرة .. لم تشعر بادنى شعور بان هناك لعبة ما .. مهدت تلك الديما لتصرفاتها بايام وايام .. تحضر لها كوب العصير .. او فنجان شاي بالنعناع .. او قدح نسكافية .. ليعينها على الدرس حتى اعتادت الامر .. ولم يدخل في نفسها ادنى شك بان هناك مكيدة تحاك لها .. حتى تغير ديما وسلوكها ظنته خيرا .. فبقاء الحال من المحال .. تعذرت هذه المرة بتلك الاخبار التي اوجعتها .. فاخيرا قررت والدتها البوح بما يحدث معهم .. ابتداء بموت علياء وانتهاء بزواج فاطمة وقطيعة الرحم بين عبد الرحمن وراشد .. تسحب الشال القطني الذي لفت جزء منه على رأسها .. تسحبه لتداري ذراعيها العاريين .. وما حدث منذ ساعة يعود اليها ..


وضعت تلك الصديقة المزيفة كوب العصير .. وطبعت قبلة على وجنة هاجر : بدي اروح هلأ .. ديري بالك ع عمرك حبيبتي ..


ابتسمت لها : وانتي ديري بالج ع عمرج ..


خرجت وظلت تلك مع افكارها التي تشدها الى الوطن .. الى امها واختها .. الى والدها الذي كسر بجبروت ابن اخ فاسق .. تنهدت .. ثم ابتسمت وهي ترى كوب عصير الليمون .. وتتذكر كلمات ديما الخائفة عليها ..


نفضت رأسها وهي تتذكره في الشقة .. يراها حاسرة الرأس عارية الذراعين .. انهالت دموعها بخوف .. ونسمات الهواء الباردة تبرز مسامات جلدها .. ترتجف بردا وخوفا وحياء على ذاك الكرسي في تلك الحديقة الخضراء .. واصوات خافتة لحشرات الليل تتهادى اليها من العشب المشذب القريب منها .. سحبت هاتفها .. تحرك اصبعها باحثة عن من ينقذها .. لورا .. كم هي تشتاق لها .. ضغطت الاخضر ومسحت دموعها .. ورسالة صوتية تصل اليها .. لتبكي اكثر .. وتشهق مرارا .. تحاول ان تكفكف دموعها .. وهي تأبى ان تسكت في المحاجر .. حركت اصبعها من جديد .. لتقف وهي تتأمل " الزير مصبح " .. كم هي خجلة من نفسها .. ظنت بان مصبح يطارد الفتيات .. فلقبته بذاك اللقب .. هي بحاجة لشخص مثله الآن .. سحبت نفسا يتلوه اخر .. وارتجفت كفها الممسكة هاتفها بقرب اذنها .. يرن .. وصوته يصلها ..


كان في شقته يحتفل .. على انغام اغنية لاحدى الفرق الحربية .. وهو يرقص الـ " يوله " الاماراتية باتقان .. يحرك كفه الممدودة امامه .. وانحناء ظهره وحركة رأسه المتناغمة مع ذاك اللحن .. ليدخل عليه صاحبه ويحاول تقليده .. واذا به يقلب تلك الرقصة الاماراتية الى أخرى سعودية .. فيقهقه لفعله : غربلات بليسك ضيعت اليولة ..

اغلق الاغنية ليرتمي بتعب على الاريكة .. ويرتمي الاخر بجانبه لاهثا : وش المناسبة .


بفرح اجاب : ما راحت للحفلة اليوم .. وشكلها ما بتروح – ضحك – باين انها مب سهلة مثل ما تصورت ..


يسحب جهاز التحكم بالتلفاز ليفتحه : حلو .


واذا برنين هاتفه يقاطع حديثهما .. أشر لنادر ان يخفض الصوت .. ليجيب .. لكن لا يصله شيء .. نظر الى الشاشة وكأنه يتأكد من وجود مكالمة


-
وش فيك ؟


-
محد يرد .. والرقم غريب .


اغلقه .. وما هي الا لحظات حتى عاد لرنين .. عقد حاجبيه وهو يسمع شهقاتها .. ليردد اسمها بخوف .. وتنطق هي من بين شهقاتها الموجعة : مصبح الحق علي .


يسألها بخوف عن مكانها وهو يسحب " جاكيته " ودون ان يعطي اي انتباه لذاك الذي يكرر : من المتصل . وش صاير يا مصبح .؟


خرج مسرعا يسابق الدرجات للاسفل .. يهرول بل يجري مسرعا الى حيث هي ... يشعر بالقهر .. وغضبا لو وقف به امام حمدان لاعدمه واباده من الحياة .. تلفت في ارجاء تلك الحديقة .. يجري ويقف ليبعثر نظراته .. واخيرا يراها هناك . منكسة الرأس .. مرتجفة الجسد .. يتكسر بخار انفاسه الحارة تباعا .. ليقف امامها وقد تسلله الرعب .. خوفا مما قد كان .. نطق باسمها .. لتشد على عضديها وتطأطأ رأسها أكثر .. وكأن بها تريد ان تستر عري جسدها .. انتزع قميصه الجلدي ليرقده على اكتافها : لفي شعرج بالشال .


ارتدته بارتعاش اطرافها .. وشهقاتها لا تهدأ .. لفت الشال القطني على رأسها .. تبعد الخصلات المتمردة على جبهتها .. فتدفنها تحته .. جلس على مقربة منها .. وبهدوء لا يعكس ما يعتلج في داخله : شو صار ؟ اهدي وفهميني شو صار ؟ سوالج شيء .


ما ان تهادى لها سؤاله الاخير حتى انخرطت في بكاء مر .. لتتمتم بعدها : اريد ارد البيت .



,,

خرج من منزله قاصدا تلك العيادة التي اجرى فيها التحاليل .. لم يكن ليفعل الا بسببها هي .. بالامس احتدم النقاش بينهما بسبب لبسها العاري .. صرخ بها وهو يرفع عباءتها التي لا تزال على السرير : تسمين هذي عباة ياللي ما تستحين .. وطالعة قدام الريايل فيها ..


تنزع دبابيس شعرها وتتأفف .. لتقف وهي تلتفت له : فالليل ومحد شاف شيء .. لا تسويها سالفة الحين .. تونا مخلصين من العرس ومستانسين لا تقلبها نكد ..


امسكها بذراعها حتى صرخت الما : وانا كيف شفت .. هااا .. والله يا سناء ان ما تسنعتي لعلمج السنع ..


تملصت من قبضته صارخة : هد ايدي .. والا راحت ريم وبتستقوي علي .. ترا ساكتلك بكيفي .. مب كافي امك كل يوم تلمحلي عن العيال .. يايني انت تريد تعلمني السنع بعد ..


يزفر غضبه وصدرة يرتفع ويهبط .. يرص على اسنانه : لو دريت انج تاخذين حبوب ما تلومين الا نفسج سامعه .


خطت بخطوات واثقة لتفتح احد الادراج .. وتنتزع ورقة من مغلف بني اللون .. وتمدها اليه بابتسامة : اقرا .. والا ما في داعي انا بقولك شو مكتوب فيها


انتزع الورقة من كفها يحاول ان يفهم ما بها : شو هذا


جلست على كرسي " تسريحتها " ودون اكتراث به وهي تنزع ما تبقى من الدبابيس : هذي يا طويل العمر ورقة تحليل .. يقولون اني مب عاقر .. واقدر اييب بدال الياهل عشرة .. الدور والباقي على اللي مسوي فيها ريال .


لم تشعر الا بكفه يشد على عضدها ويرفعها حتى وقع الكرسي : يعني تاكلين حبوب ..


-
انت ما تفهم .. منو قالك اني اخذ حبوب .. لو اخذ ما بخاف منك – ابعدت قبضته وابتعدت قليلا – شكل اللي سويته فبنت عمك مسويلك قلق .. روح اكشف وشوف من منو العيب .. ولا تيلس تتمريل علي .


لم تشعر بعدها الا وهي ساقطة على الارض .. من يومها والافكار لم تعتقه .. حتى قرر اخيرا اجراء تلك التحاليل .. واليوم هو موعد النتيجة .. مشى بخطوات يشوبها التوتر .. ليجلس مقابل ذاك الطبيب .. وملامح وجهه لا تبشر بخير .. كلمات كثيرة اغدق بها مسامع سعيد ليثبته . دون ان يدرك المحرقة المشتعلة في صدره .. لينطق بغضب : شو النتيجة .. ولا تيلس تلف وادور ..


" عقيم " كم هي موجعة تلك الكلمة .. تنقص من رجولته المزيفة .. تحيله الى جسد رجل ناقص .. لا علاج له .. فهو عقيما بكل ما تحمله تلك الكلمة من معنى .. اسودت الدنيا في نظره .. هل يعاقبه الله لافعاله بالريم .. هو حرمها حتى اصبحت عاقرا .. والآن هو لن يرى ابنا له يوما .. هز رأسه نافيا كلام ذاك الطبيب .. ناعتا له بالكاذب .. ويخرج بعدها لا يرى امامه .. ولا يسمع الا تلك الكلمة .. وكلمات زوجته السالبة لذكورته ..


لن يخبر احد بما علمه .. لعل ذاك الطبيب كاذب .. او التحليل فيه خطأ ما .. كانت تلك الافكار تدور في رأسه وهو خلف مقود سيارته .. لماذا انقلبت حياته بهذا الشكل .. بالامس ليس البعيد .. اهانه والده .. وانهال عليه بوابل من الكلمات السيئة .. فقط لانه لم يقسم على كتاب الله .. وليكشف لراشد خداعه من بعدها .. حرك اطراف اصابعه على خده الايسر .. ولا تزل تلك الصورة تظهر امامه

يومها صرخ في وجه والده : والله انا حر باللي اسويه .. ما اتي وحده خايسه مثل ريم .. وتنقص من قدري بقضية خلع .. لو انت قدر اخوك يغيرك علي فانا مب ضعيف مثلك .

التصق كف راشد على وجنته .. ويقبضها بعدها بغيض : ياليتني ما يبتك .. ما تصورت فيوم اني بربي وحش ما عنده ذرة اخلاق ..


-
هذا انت يوم ما تقدر تسوي شيء عليت صوتك ومديت ايدك .. وانا ما طلعت ع حد غريب . طلعت لابوي ..



ابتسم على تلك الذكرى .. وتمتم : لازم اتاكد .. مب معقولة ما اييب عيال ..


تجهم وجهه من جديد .. فان كان صحيحا فهي ستتشمت به .. الجميع سيتشمتون .. ضرب بقبضته على المقود : الله لا يوفقج يا ريم وين ما كنتي ..

,,


انتهى من تجهيز الغرفة لاستقبال حبيته التي احتلت قلبه منذ شهور خلت .. ابتسم وهو يرى التغيير في اثاثها .. ليبتسم ويتنفس بعمق .. فاليوم سيذهب ليعود بها .. لتنير منزله من جديد .. ليتصبح بوجهها وابتسامتها .. وينام في احضانها .. اغلق الباب نازلا الدرجات .. ليبتسم بسخاء لذاك الاتصال : حيالله سلطان .. كفو يالسبع .. والله انك راعيها قدرت تقلب الموضوع على جون وابوي ..

وقهقه وسرعان ما تغيرت ملامحه وهو يستمع لطرف الاخر : ابوك كان ورى مشاكل ثانية لاخو حرمتك ..


وتوالى الحديث والفرح يتحول رويدا لعبوس .. حتى نطق : باعت مجوهراتها .


-
اسمعني يا جاسم ادري انك وقفت المراقبة .. بس انا ما قدرت اوقفها .. تابعت كل شيء بس متاخر .. ابوك خطط ومادري ليش كل هذا . هل كان ناوي يسجن عيسى والا ناوي على شيء ثاني ..


في الخارج ترجل من سيارته وبيده ذاك الحديدي .. ليغرسه بين ظهره وحزامه الجلدي .. ويدلي بقميصه عليه .. عيونه تقدح شررا قد يحرق كل ما هو اخضر ويابس يصادفه .. مشى بخطوات واثقة .. ليلج المنزل بعد ان اذن له احد الخدم بالدخول .. ليقف جاسم ولا يزال الهاتف على اذنه : تصرف .. خلك ع الخط


همس بتلك الجملة ليضع الهاتف جانبا : اهلا جون .. وجودك هنا شيء غريب بالفعل .. لم اتصور ان اراك يوما في منزلي بعد ما حدث بيننا .


تقدم بخطوات واسعة ليقف ناطقا : لماذا تفعل كل هذا ؟ الا يكفيك ما تملك .. ام انك لا تحب ان ترى غيرك ينجح .


ابتسم : اهدأ .. فانا ليس لي اية علاقة بخسارتك الفادحة ..


" لا تكذب " صرخ بها ليردف : انت من سعى لدماري .. حتى اعلنت افلاسي .. وتراكمت علي الديون ..


اختفى كفه خلف ظهره بحركة سريعة .. ليوجه ذاك المسدس لوجه جاسم الذي تراجع للخلف : مالذي تفعله ؟


ابتسامة خبيثة شقت طريقها على وجهه النحيل : ساخلص العالم من شرك .. سانتقم لنفسي منك .. لقد دمرت كل شيء بثقتك وغرورك ..


رفع كفيه امامه يحاول ان يمتص غضبه الذي سيطر عليه : اقسم لك بان لا علاقة لي بما حدث معك ..


" كاذب " صرخ بها ليستغل الاخر الفرصة .. يمسك رسغه بقوة .. ويحاول في معركة غير متكافأة ان ينتزع ذاك السلاح من يده .. ليختلط الحابل بالنابل .. ويدوي صوت رصاصة في ارجاء المكان .. وعيون جحظت الما .. ودماء سالت بعد سقوط السلاح على الارض .. وجسد يجثو على الركبتين .. ليخر بعد لحظات على الارض هامدا .


,,

اتمنى انه يكون بقدر انتظاركم وحماسكم

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:17 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
خوف يتربع بين اضلعها .. لم تتخيل ما يحدث وما ترى .. وضعت جميع الاحتمالات الا ان يكون مقعد .. لا يسيره الا كرسي كهربائي مدولب .. شهقت شهقة مكتومة .. ودموعها لا تهدأ .. كشللات انهمرت من جبل جليدي بعد ان صفعته الشمس بقسوة .. وهي جامدة في مكانها كصنم يأبى التحرك .. وهو يرغم الشفتين ان تبتسم .. ويرغم اللسان ان ينطق مجاريا لصديقه واخيه .. ليشد من أزر نفسه مرارا قبل ان تقف العجلات عن الدوران .. ليلتفت لها ناطقا بهمس : وصلنا .

شدت على قبضتها بعنف .. هذا هو المصير الذي رماها فيه والدها .. كيف ستتصرف ؟ او ماذا سيقول الناس ؟ .. بيد مرتجفه امسكت ظهر الكرسي لتساعد جسدها على النزول .. الباب فتح من قبل ذاك السعود الذي لا يكل من كلمات المباركة .. مشت خطوتان مبتعدة عن السيارة .. وهي تسمع قهقهاتهما .. الآ يشعران بألم قلبها الذي تمنى ولم ينل شيء مما تمناه .. وكيف لهما ان يعلما ؟ اسدلت جفنيها لتجبر الدمع القابع في مقلتيها على النزول .. لم تشعر الا به بجانبها يدعوها للدخول .. تبعته واذا به يسلك طريقا قد اُعد لكرسيه .. وصوته الهادئ يصل اليها : كان المفروض امسك ايدج واساعدج .. بس ما باليد حيله .. واسمحيلي .

خطواتها تتهادى على الدرجات صاعدة .. لتقف امام الباب الخشبي الكبير .. يبدو من المدخل ان المكان راقي ..ولج وهو يرحب بها .. وهي فقط تسير على نغمات كلماته الهادئة .. حيث قال ذهبت ..

المكان مجهز بالكامل للاسوياء ولمن مثل حالته .. قبع بكرسيه امامها .. اخذ نفسا يحاول ان يبعد توتره الذي ازداد اضعافا واضعاف .. يشعر بانها في حالة صدمة قوية .. فنظرها لم ترفعه الا بقدر بسيط .. شد بقبضته على يد الكرسي وكأن به يسرب الشحنات السالبة التي تملكته .. ليبعثر بعض الكلمات بعد ابتسامة صغيرة : البيت مثل ما انتي شايفه من كل شيء اثنين .. تبين تركبين وياي الفت ( المصعد ) حياج .. واذا تبين ترقين الدري هذا هو – يأشر له بيده – والغرفة ع يمينج ..

هدوء وصمت مجحف .. حتى ان الانفاس تسمع .. وما هي الا ثواني حتى هرولت رافعة فستانها وصاعدة الدرجات .. وكأنها تهرب من قدرها .. سقطت " شيلتها " عن رأسها اثناء جريها .. ووقفت بانفاس متتابعة امام باب الغرفة .. مسحت الدموع المختلطة بالسواد بظهر كفها وزفرت انفاسها .. لا يزال الارتعاش مسيطر على اطرافها .. خطوة الى الداخل لتنير الغرفة تلقائيا .. لتنبهر بما ترى .. وريقات الجوري الاحمر مختلطة بالابيض .. منتشرة برومانسية على الفراش الاحمر .. خطوتان الى الامام .. ورائحة البخور المعطر تداعب شعيرات انفها بلطف .. انسان حالم .. رومنسي .. هادئ .. وراقي الذوق .. هذا ما تبادر اليها من تنسيق تلك الغرفة الواسعة ..
حثت الخطى لتجلس على طرف السرير وسيل دموعها عاد شاقا طريقه على وجنتيها .. انكست رأسها تسحب الهواء لرئتيها .. لعلها تبعد ما استوطن في روحها في هذه الليلة مع كل زفرة .. اما هو فشعوره لا يوصف .. احلام بناها لترميها هي بشهقة ودمعة .. فُتح باب المصعد لتسير العجلات الاربع بهدوء .. ظهرت له من خلف الباب الموارب .. نظر اليها مطولا .. يحاول ان يفهم الذي يجري .. بعثر انفاسه بعنف ليضغط زر المواصلة .. سار بكرسيه حتى اصطكت ركبتيه بركبتيها .. يتعمد الاحتكاك بها .. لعله يجد الجواب من ردة اخيرة منها .. ارتعشت عظامها من قربه منها .. ولم يخفى عليه ما حدث ليبتسم .. ويردف سائلا : مغصوبة ؟

حركت ساقيها للخلف وكأنها تبتعد دون مهرب ..ماذا عساها تجيب ..ارتجفت شفتيها لتنطق بحروف متقطعة : ما كنت اعرف .. محد قالي انك ...

مسافة قليلة للخلف .. وابتسامة شاحبة ارتسمت على محياه : ريولي ميته .. بس قلبي حي يا فاطمة .. جرحتيني اليوم بدموعج .. وهالجرح محد بيداويه الا انتي ..

مشى مبتعدا واذا به يعود ادراجه : لازم تعرفين اني اعتمد ع نفسي فكل شيء .. يعني لا تحطين فبالج اني بطلب منج اي مساعدة فيوم .

غادر الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) بعد ان اخذ له ملابس نوم مريحة .. لتنفجر هي باكية مرددة : مب بايدي .. والله مب بايدي ..

لتترك لجسدها ان ينحني لتستلقي على جانبها ولا تزال قدماها تلامسان الارضية .. مرت الدقائق خانقة ... وتحولت رائحة البخور لدخان يكتم انفاسه وهو يشد المسير نحو السرير .. شعر بها تنكمش حين ارتفع ليكون خلفها .. بصوت هادئ : لا تخافين ما بسويلج شيء .. قومي غيري ملابسج مب زين ترقدين والمكياج ع ويهج وجسمج مضغوط بهالفستان ..

لم تعره اي اهتمام .. ولم تنطق سوى انفاسها المتعبة .. وهو لم ينم تلك الاربع ساعات قضاهن جالسا بعد ان خفض برودة التكييف لاجلها هي المستلقية على طرف السرير الاخر دون اي غطاء .. سوى عباءتها ..صدح صوت الاذان معلنا يوما جديد وفجر آخر في حياته .. صلى الفجر داعيا ربه ان يوفقه في مسعاه .. وما ان انتهى حتى دنى منها .. مد كفه ليوقظها .. فتوقفت على مقربة من كتفها لتغير اتجاهها لشعرها الذي غطت خصلات منه وجهها .. ابعدها بانامله .. ليبتسم لتلك الشامة المستقرة على صدعها .. لم يشعر الا بانملة سبابته تعانقها .. لتجفل جالسة ويبعد هو يده زاما شفتيه بغيض .. ويدبر بعدها : اذن الفير قومي صلي .

واختفى من المكان ..شدت بكفها على كتفها .. فتلك الاستلقاءة لم تكن مريحة ابدا .. وبعدها قامت لتتلفت بحثا عن حقائبها .. ولم تجد بد من القاء نظرة في ذاك الدولاب لتجد كل ما يخصها مرتب .. متى ومن فعل كل هذا ؟! .. تنهدت واغلقت الباب بعنف لتتتابع بعدها الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .


,،

تعب من المسير ومتابعة تلك المعاملة لاستقدام ممرض يستطيع معاونته على ابنه الوحيد .. يلج مكتب ويُنعت لمكتب آخر او قد يكون مكانا آخر .. ركب سيارته ليلقي بذاك المغلف على الكرسي جانبه .. ويمسح بكفيه وجهه المرهق .. ويتمتم بعدها : الله يوفقج ويسعدج يا وديمه .. والله انج كنتي شايله عني هم التفكير ..

صدح هاتفه منبأ بوصول مكالمة .. ليبتسم وهو يضع السماعة في اذنه ويحرك سيارته : هلا والله بالمعرس .. هذا بدال ما تيلس وييا عروستك ع هالصبح متصل علي .. ليكون مشتاق بس .

عقد حاجبية لضحكة فهد الساخرة .. ليردف : شو بلاك ؟

" أنا غبي يا بو محمد " .. نطقها ليصمت بعدها وينتظر الاخر ان ينبس بحرف ليعلل تلك الجملة المبهمة بالنسبة له .. وما ان طال انتظاره حتى قال : فهد شو مستوي .. وين فهد اللي امس الضحكة ما فارقته ..

انفجر بغضب : الضحكة ماتت والبارحة اندفنت فهالبيت .. البيت اللي ما دخله اي حد قبلها .. دفنت فيه كل احلامي اللي حلمتها – اردف بنبرة خافتة – كنت مثل اللي كان يتريا هدية .. وعدوه فيها .. ويلس يترياها الين ييا اليوم اللي بيستلمها فيه .. وانصدم ان الهدية فاضية .. هذا شعوري يا بو محمد .. انا ما كان لازم اوافق حرمة اخوي واخوي ع هالشيء .. بس يوم قالوا انها موافقة فرحت .. قلت بعدها الدنيا بخير وبناتنا ما تهمهم المظاهر .. واكتشفت اني عايش فكذبة وصدقتها .صدقت ابوها يوم قالي ان هم ما عندهم الريال يشوف حرمته قبل العرس .

اوقف سيارته ولم يترجل منها : فهد اهدى .. ما تعودت عليك بهالشكل .. وين فهد القوي ..

صرخ : مربية اجيال .. وقلت بتراعي مشاعر الغير .. وهي حتى ما قدرت مشاعري .. كيف بتعلم اذا هي مب قادرة تعلم نفسها .. خبرني يا سعود .. كسرتني .. كسروني يا بو محمد ..

انسحب جسدها على الجدار لتجلس القرفصاء وتنسكب مياه عينيها : مب ذنبي .. مب ذنبي .. سامحني .

انهى المحادثة ليترجل من سيارته اخيرا .. ويدلف الى منزله راميا بـ " العقال " و " الغترة " بجانبه حيث جلس في تلك الصالة .. ليتحوقل مرارا .. ويلتفت لصوتها القائل : شو بلاك يا وليدي ؟
قام واقفا ليمسك كفها مقبلا . ويلثم رأسها بعد ان اجلسها برفق وجلس بجانبها : ما بلاني شيء يالغالية .. بس ما اتخيل البيت من دون وديمووه

وضحك بعدها .. ليكون المجال لتتكلم هي : شو رايك فريم يا سعود ؟

تجهم وجهه ليعقد الحاجبين بتساؤل : رايي فيها .. كيف يعني ؟

ربتت على فخذه لترتفع وجنتاها المجعدتين بابتسامة : اول ما تخلص عدتها بخطبها لك .. شو رايك ؟

كانت الاجابة ضحكات متلاحقة منه .. حتى استاءت هي منه وضربته على كتفه : حشا كني قايلة شيء يضحك ..

سحب كفها ليعانقه ويلثمة : البنت صغيرة فديتج .. يعني لو خمنا الفرق بيني وبينها بنحصله فوق الـ15 سنة .. وبعدين هالسالفة طبيناها من زمان – قام واقفا – سمحيلي بروح ارتاح شوي قبل اذان الظهر .

محمد ليس بالغرفة مؤكد انه بغرفة عمته .. ابتسم وهو يخلع ثوبه ليبقى بالملابس الداخلية .. البلوزة القطنية البيضاء والإزار الابيض .. استلقى ونظره لسقف .. وذراعاه تعانقا اسفل رأسه ليمر حديث والدته عليه من جديد .. ويتذكر وجهها ذو الملامح الهندية الجميلة .. عيناها المتوسطتان ذاتا النظرة الناعسة .. وانفها الطويل .. وشفاهها الصغيرة .. نفض رأسه مستغفرا .. فما باله يفكر فيها .. استلقى على جانبه لعل خيالها يعتقه .. ولكن سرعان ما يعود اليه انكسارها .. ودموعها .. واذا به يجلس وبان الامتعاض على وجهه .. ليقف بعدها ساحبا ثوبه ليرتديه ويخرج .. فالجلوس لن يأتي له سوى بتلك الافكار الشيطانية كما يسميها .. التفت ليراها لا تزال جالسة في مكانها تحتسي فنجان قهوة .. تنهد وبعدها خرج .. لتتمتم هي : الله يهديك يا ابو محمد ..

,،

ام تبحث عن سعادة ولدها الوحيد .. وام لا تهمها سعادة ابنها الاوحد .. لم يعد كما كان .. بات لا يكلمها الا اذا هي بادرت بالحديث .. ولسانه لا يأتي الا بجمل مختصرة باردة لا تحمل اي مشاعر .. تكرر عليه طلبها بان ينطق بتلك الكلمة التي ستفصله عن ابنة عمه .. ولا تجد منه الا الحدة والغلظة في القول .. فهو ادرك الآن بانه يحبها .. لا بل يعشقها ويشتاق لوجودها معه .. اضحى المنزل له مكان نوم لا غير .. وهي ضاقت ذرعا به .. حتى قادها السبيل لتشكي لاحدى اخواتها : ما ادري شو اسوي وياه يا ام يمعه (جمعه )

-
انزين حرمته فيها عيب .. ناقدة عليها شيء ؟

حركت فيها بشيء من عدم الرضا .. فذاك سؤال لا تحبذ الاجابة عليه .. لتردف الاخرى : ما رديتي علي يا ام ذياب

زفرت انفاسها وهي تحاول ان تضع كفة الميزان لجهتها : ما فيها شيء بس ما تناسبه وصغيرة .. وانا اريدله وحدة فاهمه الدنيا زين ما زين .. مب سويروه اللي بعدها ما طلعت من البيضة .

وضعت السكين جانبا بعد ان انتهت من تقشير تلك البرتقالة لتقسمها في صحن وتقدمه لشقيقتها : لو عندج ولدين والا ثلاثة بنقول تخيري وتنقي .. بس هذا ولدج الوحيد ودوري رضاه .. وخلي سعادته اهم عندج من كل شيء .. ودام هو شايف سعادته وياها خلاص .. الله يهني سعيد بسعيدة .

" عساها ما تتهنى بنت شيخوة " .. نطقتها لتفتح الاخرى عينيها على وسعهما : وشو هالكره اللي فيج .. ما احيدج جذي يام ذياب .. شو اللي تغير .. ترا حتى روضة بنت شيخوة .. والا في سبب ورا هالكرة ولا نعرفه .

تلعثمت فحشت فيها بقطعة من البرتقال وغمغمت : لا كره ولا شيء .. بس اريد الزين .

-
والله ما عارفتلج يا ام ذياب .. لفيتي البيوت كلها ادورين له ع حرمه الا بيت عمه ما دخلتيه .. ويوم ما حصلتيله حرمة رديتي ع بيت عمه .. والا الولد احق ببنت عمه من الغريب ..

-
شو تقصدين ؟ ترا ما في شيء بس مثل ما قلتلج

قاطعتها : تدورين الزين عرفنا .. بس ارد واقولج سعادة ولدج اهم .. بخاطرج .

وقامت واقفة تضع عباءتها على رأسها .. لتلتقي به داخل يقبل رأسها ويسألها عن حالها وحال ابناءها .. وليتحول بعدها مقبلا رأس والدته ليغادر المكان .. لتنطق بحنق : شفتي يام يمعه .. شفتي .

قالت بتهكم وهي تبتعد عن عتبة الباب : اكل طبختيه يا ام ذياب كليه .

لم ترد عليها فهي اختها الكبرى .. وجب عليها احترامها حتى وان تهكمت في الحديث معها .. عادت الى الداخل .. وما هي الا دقائق حتى رأته خارجا : ع وين يا ذياب .. ما وحالك توصل .

-
بروح بيت عمي .

قالها وغادر المكان .. لتتحوقل وتهيل الدعوات على سارة ووالدتها .. كره غريب تغلغل في روحها .. كالاخرى التي لم تتعظ مما حدث .. ازدردت ريقها وهي جالسة على سرير اختها .. فتلك تحت الماء تغسل هموم جسدها وكم تتمنى لو تستطيع ان تغسل هموم روحها المتهالكة .. خرجت وذاك الـ" روب " يلامس جسدها بنعومة .. قدماها تسمرتا وهي تنظر لتلك الجالسة : شو اللي يابج حجرتي .

سؤال به من علامات الوهن الكثير .. فهي اضحت جلد على عظم .. حتى النوم حاربها ليالي طوال .. وقفت : يايه اطمن عليج .

-
طلعي اريد اتلبس .

تربعت ذراعيها على صدرها : الظاهر تعودتي اطلعين بهالشكل فبيت ذياب .. تراه مب ساءل عنج ولا حتى يفكر فيج .. واذا تبين ترتاحين من كل اللي انتي فيه طلبي الطلاق .. وشوفيه اذا ما قال ابركها من ساعه ..

ضحكت ساخرة من اختها التي لا تزال في مكانها .. لترسم ابتسامة متعبة : انتي مريضة يا روضة .. محتاية طبيب نفسي .

اكفهر وجهها : محد غيرج المينون يا سويرة .. وذياب ما يريد وحده مثلج سامعه ..

اغلقت الباب بعنف وقسوة .. ليحتظن ذاك السرير جسد الاخرى .. لا تريد ان تبكي .. فيكفيها دموع .. وهو لا تريد ان تراه وتريد ان تراه .. كم هي متناقضة تلك السارة .. اما الاخرى فعقلها متذبذب بين المعقول والامعقول .. تطوي غرفتها جيئة وذهابا وهي تتمتم : ذياب لي يا سارة وبتشوفين ..

انتزعت هاتفها من قابس الكهرباء لتعانق اصابعها ازراره .. يرن في المجلس قريب جدا منها .. ولكن خجله من والدها ردعه من الاجابة عليها ليغلق الهاتف في وجهها وتتقد هي غضبا فوق غضب .. ليبتسم ناطقا : بعدها ما تريد تشوفني يا عمي .

كفه الاجعد يعانق فنجان القهوة والكف الاخر امسك بتلك العصا من الخيزران : البنت تعبانه يا ولدي .. انت ما صنتها .. هذي سارة الغالية .. شوف سوايا امك وين وصلتها ..

ابتسم ليخاطب نفسه : سوايا امي وبنتك يا عمي .. بس ما اقول غير الله كريم .

قام من مكانه ليربض بجوار عمه : طالبك يا عمي .. قول تم ؟

-
لك باللي اقدر عليه يا ولدي .

امسك بكفه الممسكة بالعصا : اريد اشوفها ..

نظراته الراجية تتفحص نظرات عبيد الساقطة على فنجان قهوته الذي برد ما فيه .. قام واقفا والاخر ينظر اليه وبعدها وقف .. ليبعثر الاخر تلك الكلمات التي تهللت معها اسارير ذياب : حياك وياي ..

التوتر اخذ منه كل مأخذ وكأن به اول مرة يراها .. وقف وهو يرى ذاك العجوز يطرق الباب ليتهادى اليه صوتها الذي اشتاق له .. تقدم خطوتان ليستمع للحديث الدائر خلف تلك الجدران ..

شفتيها تلثمان رأس والدها وكفه : زارتنا البركة يا ابويه ..

تجولت اطرافه المرتجفة على محياها الشاحب : شو صرتي اليوم يا بنيتي .

تجلسه على السرير وتجلس بمعيته ورأسها على كتفه : بخير دامك بخير يالغالي .

ربت على كفها المعانقة لكفه : الحمد لله .. يا بنتي مالج نيه تشوفين ريلج .. تراه كل يوم ايينا ويرد مثل ما ييا .. ما يصير اللي تسوينه .

انحنت لتقبل كفه : مب الحين يالغالي .. مب الحين .. مب قادرة ارجع ..

وانخرطت في بكاء مر .. ليشد بقبضته غيظا ضاربا بها الجدار .. فهي هناك تبكي وهو لا يستطيع ان يخفف عنها .. حتى انه مجبرا على الابتعاد بسبب كلام طبيبها المعالج .. الى متى سيظل هذا الحال .. التفت بوجل حين تراودت اليه تلك الكلمة : طلقها .

رص على اسنانه وهو يقترب منها : خلج بعيد عني وعن سارة والا ما بيصيرلج شيء طيب .



,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:18 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الجنون يقود اصحابه الى طرق غير مفهومة .. يتخبطون فيها ويحاولون ان يكونوا راضيين عن انفسهم .. كجنونه هو في حمايتها .. جنون من نوع آخر .. لعل اسبابه الطرف الفاسد في الموضوع .. او لعل اسبابه مدفونة مع تلك العيون .. يجلس بجانبها والبرد قد وصل الى عظامه وهي لا تريد المغادرة .. فقط تريد ان تحكي ما حدث ..

في تلك الليلة غادرت صاحبتها المكان بعد ان تركت على الطاولة كوب عصير امتزج بحبتا منوم .. كانت مشاعرها صافية لم ولن يتبادر اليها حدوث فعل سيء .. مدت يدها لتتناول كوب العصير واذا به يسقط بسبب عطسة جراء برودة الجو الكندي .. تهشم على الارض .. سحبت مناديل ورقية لتنظف انفها المحمر من بكاء صاحبها ساعات مضت بسبب تلك الاخبار التي وصلتها ..زفرت انفاسها متأففه .. واذا بها تسحب هاتفها لتدسه في جيب بنطالها الخلفي .. وتشد ذاك الشال القطني على ذراعيها العاريين .. تخطت الزجاج المتكسر لتحث الخطى الى المطبخ وهي ترفع شعرها بشريطة مطاطية .. نظفت المكان وعادت الى المطبخ الصغير لتعد لها كوب " كابتشينو " لعله يشعرها بالدفء .. اناملها تعزف بانغام على الطاولة وهي تدندن باغنية معروفة وتنتظر غليان الماء ..

ابتسمت وهي تسمع باب الشقة يُفتح .. لعل ديما نست شيء ما لتنطق بصوت عالي : شو نسيتي ؟ .. والا كنسلتي الروحه .

ليعقد هو حاجبيه .. فتلك ليست بنائمة .. اذا كل شيء ذهب ادراج الرياح .. فتبا لتلك الديما التي قالت له شيء لم يكن .. حث الخطى نحو الصوت .. فلا بد ان ينال شيء بعد هذا العناء .. فلن يخرج صفر اليدين ..

ارتسمت ابتسامة شيطانية على شفتيه .. ولمعت في عينية غرائز حيوانية فتلك جميلة ومختلفة عما رآها عليه سابقا .. جسمها وشعرها يثيران النفس ويحدثانها بعبث .. التفتت لتقف بفزع .. وصدرها يعلو وينزل : انت شو تسوي هني ..

تحاول ان تستر ذراعيها عن انظاره التي تلتهمها بنهم .. تبتعد للوراء ليسد طريقها وهو يقترب مغمغما بلذة : حلوة .

بصوت مرتجف ومرتعب نطقت : حمدان خاف ربك .. واطلع

المسافة بينهما تقل .. وتلك الابتسامة تخترق قلبها حتى يكاد ان يخرج من بين اضلعها هلعا .. دموعها فاضت وهي تترجاه ان يبتعد : الله يخليك اطلع ..

لتصرخ حين امسك بذراعيها تقوده شهوته الذكورية .. راميا بكل رجاءها عرض الحائط ..


دمعة تتلوها اخرى .. والسبب الندم .. او لعله انكسار الكبرياء المقنن .. شهقت وهي تتطأطأ رأسها اكثر .. وذاك لا يحتمل ما تقصه عليه حتى غلبت حرارة جسده برودة الهواء الضارب له .. فذاك الحمدان احقر مما كان يتصور .. وهي امامه الآن بلا حول ولا قوة .. تحتمي به هو .. من قامت بصده مرارا فقط لعنفوانها المصطنع .. ماذا استفادت من كل ذلك .. سوى انكسار وذل وخيبة في البقاء .. لم يعد قادرا على سماع المزيد من شهقاتها ولا رؤية المزيد من دموعها .. قام واقفا : بسج صايح ..

وابتعد مسافة ليست بكبيرة .. ليعانق هاتفه المحمول اذنه .. ويرسل رسالة صوتية : لورا .. انا مصبح .. اريد منك خدمة .. اتمنى ان تعاودي الاتصال بي ..

انهى رسالته ليشد بقبضته عليه حتى كاد ان يتهشم .. رن بنغمة قد ميزها لصديق غربته نادر .. فزاد من اعتصاره بين اصابعه .. فهو لا يريد الحديث حتى وان كان ذاك النادر خائف عليه .. اغلق المكالمة ليخط بضع كلمات ويرسلهن .

" انا بخير .. لا تحاتي " .. وصلته تلك الرسالة القصيرة وهو واقفا امام تلك البناية التي يكن سكنهما فيها : لا حول ولا قوة الا بالله ..

وارى كفيه في جيبي البالطو البني وزفر بخار انفاسه في الهواء .. وعاد يهرول الى شقتهما .. لعل صاحبه سيتاخر بالعودة .. ومكوثه في ذاك المكان لا طائل منه ..

,،

تنهدت وهي تحمل تلك الاكياس في يدها .. فمنذ ساعات وهي تمشي بمعية شقيقتها في تلك الاسواق .. رمت بهن في الصالة .. لترمي بعدها عباءتها و"شيلتها " .. وتردد بتعب على مسامع اختها المبتسمة حرجا : الحين عشان شو كل هذا اللي شريتيه .

تبددت تلك الابتسامة وهي تضع ما بيدها لتقترب من خولة : شو حق شو ؟ .. ترا عقب اسبوع بيونا الناس يخطبون ويتممون كل شيء وييا عيسى .

-
اهل فارس ؟

تجهم وجهها .. ففارس فعل ماضي في حياتها .. فما بال تلك تعود للحديث عنه ..اقتربت اكثر لتضع كفها على جبين الاخرى : عبالي محمومة .. اي فارس الله يهداج .. خولة شو صايرلج ..

" اكيد بسبب الحبوب اللي اخذهن .. صايرة انسى وايد " .. نطقت بتلك الجملة وهي ترفع ما رمته وتغادر المكان .. رمت بما في يدها على السرير .. لتبهت وهي تسمع اختها من خلفها : خولة انتي شو بلاج .. شو مرضج .. تاكلين فهالحبوب وكل ما نسألج تقولين ويع راس.

امسكتها من ذراعها وادارتها .. لتفاجأ بسيل الدموع الذي اغرق وجهها .. ما كان منها الا ان احتظنتها : اسفه .. مب قصدي اعلي صوتي عليج ..

-
قلبي يعورني .. حاسه في شيء بيصير من امس وهالاحساس ما فارقني .. وفوق هذا يايه انتي تزيدينها علي .

ابعدتها عن صدرها لتمسح دموعها : سامحيني .. بس والله حالتج غصب تخليني احاتيج .. وبعدين شو هالاحساس اللي طلع فجأة ..

" ما اعرف " قالتها وهي تربض على سريرها بتعب .. لتردف وهي تضع يدها على صدرها : حاسه في شيء بيصير ..

وتابعت وهي تخاطب نفسها : شوفتي لقاسم تزيد يوم عن يوم .. متأكدة انه مب جاسم .. ما كان جاسم اللي اشوفه ..

يدها تتحرك امام وجه خوله : هييه وين سرحتي ؟


في تلك الاثناء كانت هناك حرب لانتزاع ذاك السلاح من يد جون .. لترتفع الايدي عاليا .. وتتواجه الاعين بغضب .. وما هي الا ثواني حتى اصابته ركلة بين ساقيه بركبة ذاك الانجليزي الاشقر .. لتنزل الاكف بعنف وفوهة ذاك السلاح استقرت نحو صدره .. ليعانق اصبعه الزناد ضاغطا عليه وتخترق الرصاصة جسده من بين اضلعه .. ويتهاوى على ركبتيه ناظرا الى جون الذي افلت السلاح ليسقط على الارض امامهما .. ارتجف خوفا وهو يرى عيني جاسم قد جحظتا وجسده خر على الارض مضرجا بالدماء .. وخطوات تتلاحق في المكان .. ورجال شرطة يطوقون المنزل .. وسلاسل تعانق رسغي جون لتثبتان خلف ظهره ..

يقاوم ويصرخ بانه لم يقصد قتله .. ويبعدوه من المكان تحت صرخة اطلقها سلطان باسم صاحبه .. جثى بجانبه .. لا يرى الا ظهره ووجهه للجهة الاخرى .. تسارعت الايدي البيضاء لتعدل الجسد .. وتقيس نبضات الفؤاد التي تقل رويدا رويدا .. ويُرفع بعدها على نقالة طبية وذاك ممسكا بكفه بكلتا كفيه ويمشي بمعيتهم الى سيارة الاسعاف وهو يردد : لا تموت يا جاسم ..

لينطق الاخر بتعب الكلمات : قاسم .

,،

ان شاء الله ينال على اعجابكم
وانتظروني يوم الجمعة بالليل مع الجزء الثاني ..

/////

ومثل ما انتوا شايفين هالاحداث ما هي الا تكملة لاحداث الجزء 30 بس في الجزء الثاني بيكون لنا احداث غير وان شاء الله تعجبكم
واعذروني |~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:19 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
"آآخ" نطق بها عند استيقاظه بعد ليلة مؤلمة .. اسنانه تصطك غبنا .. فرياحه لم تاتي كما يشتهي .. ابعد اللحاف ليبان فخذه الذي تشرب حرارة الماء بفعلها هي .. كان قريبا منها وانفاسه المتوحشة تلفح بشرة وجهها الناعمة .. لا يعلم كيف استطاعت ان تحرقه بهذا الشكل وتولي هاربة .. ابعد الشاش ليشمأز من منظر جلده المنتفخ والمحمر .. زفر بغيض : هين يا هاجر انا تسوين في هالسواه .

رنين هاتفه المتواصل ازعجه فهو لم يهدأ منذ ساعة .. سحبه بعنف فهو لا يرغب بمحاضرة من والده .. تهرب وتهرب .. لكن ذاك المزعج كما يسميه لن يكف عن طلبه ..رفع حاجبه وهو يستمع لصوت والده .. النصائح التي مل من سماعها .. الا يفقهون انه لا يحبذ السيطرة التي يفرضونها عليه .. عقد حاجبيه ليقف صارخا : شو اللي تقوله .

على الطرف الآخر وخلف مكتبه الفخم اجابه : مثل ما سمعت يا حمدان .. من باكر تسحب اوراقك من الجامعة .. وانا رتبت دراستك فجامعة ثانية بعيد عن كندا .

يصل صوت انفاسه الغاضبة الى والده : مب ساحب اوراقي .. انا تعودت ع هالجامعة ..

قاطعه فهو يريد انهاء هذا الاتصال : اسمعني زين .. ما بخسر فلوسي بسبب طيشك .. صار عمرك اربعه وعشرين سنه متى بتعقل وتودر عنك هالطيش اللي ما من وراه الا ويع الراس لي ولاخوانك ولاشغالنا .. اخر العنقود وامنا بهالشيء بس ان فعايلك توصل اني افض شركاتي واخسر المليارات فما بسكت .. ومن باكر بيكون عندك اللي بيساعدك .. وكلام غير كلامي مافي .

انتهت المكالمة لينعصر ذاك الهاتف بين اصابعه .. ويرميه ليتهشم مع نبرته الصارخة : سويتها يا صبوح ..

صدره العاري يعلو ويهبط بانفاس متعبة : روحتك للبلاد مب لله .. سويتها يالنذل ووصلت لابوي .. وانا اللي كنت اظن اني بقدر عليك .. بس والله ما اعديها .


,،

جسده المرتعش تغطيه بطانية ثقيلة .. وفرائصة لا تهدأ .. وصوت اصطكاك اسنانه يصل جليا لمسامع صاحبه الذي يجلس على طرف السرير بعد محاولات فاشله ليتناول شيء من ذاك الحساء الذي اعده له : الحق علي تاعب نفسي واطبخلك .. وانت ما منك رجا .

ابتسم بوهن : اخاف تزيد علي الحمى من ورى طباخك .

طوح برأسه : ماني براد عليك .

اشاح بوجهه يمثل الاستياء من كلام ذاك الذي تعبث الحمى بجسده .. ليبتسم وهو يسمع : الله لا يحرمني منك يا نويدر .. بس والله مالي خلق اكل .

اختلطت ضحكاته بسعاله وكأن به يهذي .. يخرج من موضوع ويدخل في آخر : حرقته يا نادر ..

ازدادت قهقهاته المتعبة التي يتخللها السعال المر .. ليلوح الاخر برأسه : انا ودي اعرف شي.. ليه كل هالاهتمام فيها .. قلنا حب وانكرت .. اجل وش الموضوع .

سحب جذعه لتقع تلك الكمادة الدافئة عن جبينه .. ويبعدها بيده : بنت ديرتي ولازم اوقف وياها .

حاجبه يرتفع على عدم رضا لتلك الاجابة : السبب حمدان .. انت تكره اشكاله .

انفرجت شفتاه بابتسامة خفيفة ليقف ذاك منسحبا .. ويتوقف عن المسير حين نطق مصبح باسمه : ساعدني اطلع لصالة .

تكتف ناظرا اليه بسخط : انت مهبول .. وش صالته الحين .

تحرك ليسند ذاك العنيد الذي ابعد الغطاء عن جسده ويحاول ترك السرير .. مشى بمعيته ليجلسه حيث اراد .. وانسحب يحضر له غطاء ثقيلا فهو يخاف ان تدهور حالته .. منذ ان عاد فجرا وهو يرتجف بسبب تلك الزائرة الثقيلة .. عدل الغطاء على كتفيه وهو يغمغم : مجنون من يوم عرفتك وانت مجنون .. مدري متى بتعقل .

وقف ينظر اليه : حلو كذا ؟

قالها بغضب .. ليجيبه : شو بلاك معصب .. تراها الا حمى وبتروح .

لا طائل من الحديث معه .. فعناده صعب .. غادر المكان لينعش جسده بالمياه الدافئة .. اما مصبح فأمسك جهاز التحكم يتجول بين قنوات ذاك الجهاز ليستقر على قناة " دبي " ويترك الجهاز بتعب جانبه .. ارجع رأسه على ظهر الكنب الوثير .. وبارهاق اسدل الجفون لتأخذه الحمى في هلوسة اخرى تتعارك مع هلوسات كثيرة ..

جفل على صوت الطرقات المتتالية على الباب ورنين ذاك الجرس .. حتى خيل اليه بأن ذاك الباب الخشبي سيخر واقعا على الارض .. بصوته المتعب اخذ ينادي نادر .. لكن لا من مجيب .. اذا لابد من النهوض لفتح ذاك الباب .. وما ان فتحه حتى ترنح مبتعدا خطوات للوراء بسبب لكمة على وجهه بقبضة ذاك الحمدان الثائر .. وصوته الغاضب لا يفقه منه شيء بسبب حرارة جسده .. ما كان منه الا ان يضحك وذاك يرفعه من ياقته وهو يردد : انت تخليهم ينقلوني .. وهذيك الخايسه تحرق وركي ( فخذي ).. والله ما اعديها لكم .

لا حول له في ردعه .. فضحك وهو يردد بعد سماعه لتلك الجملة : ياليتها احرقت شيء ثاني عشان تتوب من ..

قاطعة بلكمة اخرى اردته طريحا على الارض .. لينهال ذاك عليه ضاربا لوجهه .. وخانقا له وهو يردد : يالخسيس ..

لم يبتعد الا بقبضتا نادر ترفعه عن ذاك الهامد على الارض الا من ضحكات متعبة متتابعة .. دفعه للخارج واغلق الباب .. وصوت صراخه ووعيده يخترق الجدران متسللا لآذانهما لتزداد ضحكات المريض وهو يتلوى في مكانه .. انحنى يحاول رفعه .. ليترنح معه بسبب عدم الاتزان الذي اصابه .. واذا به يرميه حيث كان : مهوب صاحي .. وتضحك كمان .. شوف وجهك كيف صاير .. انت ناسي ان وراك مناقشة لدكتوراة والا ناوي تأجلها هالمرة مثل المرات اللي راحت ..

غاضبا وحانقا من تصرفات ذاك المجنون كما ينعته دائما ... ينخفض صوته كلما ابتعد عن المكان .. ليعود بعد دقائق بكيس به مكعبات ماء مجمدة .. سحب الطاولة ليجلس عليها امامه .. بقسوة رفع رأسه حتى صرخ الاخر متأوه : تستاهل .

سحب بعض المناديل ليمسح الدماء عن جانبي فيه .. وبعدها يضع كيس الثلج على مكان الضربات .. وبنصف عينين مفتوحتيين رأى وجهه عبر ذاك التلفاز .. وحديث خافت لا يسمعه .. جعله يفز من مكانه ساحبا جهاز التحكم . ليصدح صوته عاليا .. ليردد بعدها : جاسم - تلفت يمنة ويسرى – وين فوني .. اريد فوني .

-
اهدى بجيبه لك .

قالها وهو يهرول مبتعدا الى غرفة مصبح .. الذي وقف يستمع بامعان لما يقال .. محاولة قتل .. وحالة خطرة غير مستقرة .. والكثير من الحديث في ذاك الخبر المشؤوم .. سحب الهاتف من يد صديقه .. ليرمي نفسه على الاريكة بتعب .. واذا بهاتفه يرن في اذنه : الو .. سلطان .. طمني ع جاسم ..

يده تعانق جبينه بتوتر ورجفة مرض اتعبه .. لا يستطيع التركيز واذا به يمد الهاتف لنادر : خذ افهم منه مب قادر افهم شيء ..

عيناه متسمرتان على وجهه وهو تارة يعقد حاجبيه وتارة اخرى يرخيهما .. انهى المكالمة .. ليباغته ذاك باسئلة لا حصر لها .
" حالته خطيرة " .. بعثرها على مسامعه ليقف وهو يردد : شوفلي اذا في حجز ع الامارات .

عانقت كفه ذراعه : بتسافر وانت بذي الحالة .

" لازم اكون وياه " .. قالها وابتعد ..



,،

العلاقة الانيقة تتطوح امام عينيها .. كانت تتابع احد المسلسلات التركية التي اجتاحت عالمنا العربي .. واذا به يقف خلفها دون ان تراه .. ويطوح تلك العلاقة المنتهية بمفتاح سيارة من نوع " بي ام دبليو " .. لتفغر فيها بفرح .. وعدستا عينيها تتبعان الحركة .. خطف كفها المفتاح وهي تقف ناظرة اليه : شو هذا ؟

ابتسامة تعلو محياه .. فهو يريدها بجانبه حتى لا يكشف السر الدفين بين اضلاعه .. سيغدقها بالكثير من الهدايا .. فراتبه قوي .. وامواله كثيرة في ذاك المصرف .. ولا بأس ان دللها لتنسى امر الانجاب .. قال ولا تزال الابتسامة مرسومة على محياه : السيارة اللي وعدتج فيها .

تشعر انها في حلم جميل .. فبعلها تغير كثيرا .. اضحى لا يرد لها طلبا .. حنون جدا .. بل ان حنانه فاق كل توقعاتها فيه .. بفرح وعدم تصديق : قول والله .

مع انه لا يحب هذه الجملة الا انه ابتسم لها .. ليؤكد لها الامر .. وما كان منها الا ان تنهال عليه بالقبلات .. لجبينه وعينيه ووجنتيه .. حتى شفتيه لم ترحمهما .. وتصرخ بعدها : اريد اركبها .. وينها ..

-
لبسي عباتج وخلينا نروح فيها .

جرت مهرولة قبل ان يغير رأيه .. تجهزت على عجالة وخرجت لترافقه .. اقتربا من الصالة حيث يجلس والده ووالدته .. ليقع على رأسيهما مقبلا .. رمقها بنظرة ان تفعل كما فعل .. ابتسمت على مضض واقتربت تقبل رأس عمها .. وتتجه لتقبل رأس عمتها .. التي رددت : على وين ان شاء الله .. اشوفج لابسه عباتج .

قاطعها قبل ان تنطق : بنطلع نغير جو .. وبنتغدا برع .

اتسعت ابتسامتها حتى بانت اسنانها .. وسرعان ما زفرت على حديث والده .. الذي انزل الجريدة من يده : متى بتروح لعبدالله عشان يرد البيت .. ترا ما صارت وساحب وياه ميود .

تنهد محاولا ان يمسك اعصابه .. فهو لا يطيق ذاك الاخ .. ولم يحسب لما فعله بريم اي حساب بان يكون هو من يستر عليها .. وقد يعاونه والده في ذلك .. فقط لتعود الامور كما كانت بينه وبين عمه عبد الرحمن .. قال وهو يمسك كف سناء : مب وقته .. الحين طالعين وبعدين بنتكلم فهالموضوع .

رمى الجريدة بعنف وهو يقف : سمعتي ولدج .. هذي اخرة تربيتج ودلعج لهم .

استغفرت ربها وهي تراه يترك المكان .. وكفها تدلك ساقها بتعب وهي تتمتم : الله يهديك يا راشد .. ضيعت عيالي واحد ورى الثاني والحين ترد اللوم علي ..

ركبت وهي في قمة سعادتها .. وهو يجلس بجوارها .. نطقت وهي تتلفت في ارجاءها : حلوة ..

-
ياللا حركي .. وخليني اشوف سواقتج .

هزت رأسها بالموافقة .. وتحركت العجلات مع تساؤلات ضربت عقلها .. تريد ان تسأله لما هذا التغير المفاجيء .. ولكنها هي اذكى من ان تضيع هذه السعادة وهذا الهدوء بسؤال لن يأتي لها الا بصرخة منه .. خاطبت نفسها : معقولة ريم مسويتله سحر .. وعقب ما طلقها رد لحالته ..

نفضت رأسها من تلك الافكار .. فهي تعرف ريم جيدا .. انسانة طيبة لا تقدم على عمل كهذا .. وهل من الممكن ان تؤذي نفسها فقط ليتركها هو .. التفتت له لتراه سابحا مع افكاره .. ونظره لجانبه الايمن ..

- ما اتخيل ريم وياك يا عبود .. اموت ولا تكون لك .. بس موقفك صار اقوى الحين .. ابويه اكيد بيوقف وياك .. وهي .. اكيد بتوافق عليك .. الحقيرة اكيد تحبك مثل ما انت تحبها .. بس ما بخليكم تكونون لبعض .. دايم كانوا يقارنوني فيك وانك الاحسن والاذكى .. والعاقل اللي ما يرفض طلب لاهله .. آآخ بس .. وابويه يريدني ارده .. يحلم ..

كانت نفسه تحدثه بالكثير .. تنهد مرارا تحت اسماعها .. هل يحبها ويتعذب لفراقها .. مرت اسابيع وهو على حاله .. يغيب كثيرا خلف افكاره .. حتى وهي معه .. لكن لا يهم .. فما يهم بالنسبة لها ان تجد ما تتمنى .. وتكفيها معاملته الجديدة .. حتى وان كان سرا ما خلف ما يحدث .. فهي لا تأبه به .. وسيأتي يوم وسينكشف .. كالمثل القائل " اللي فالقدر بيطلعه الملاس( ملعقة كبيرة تملأها الثقوب ) " ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:20 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
المثل ذاته نطقته مريم على مسامع ريم التي سألتها عن تلك الظيفة التي جاءت لرؤية عمتها ميثة .. التي مر على غيابها في ذاك المجلس نصف ساعة كاملة .. حين دخلت والقت السلام .. اذا بتلك العجوز المتلفحة بالسواد تجري نحوها تمد يدها تقبلها .. والاخرى تتمنع باصرار .. وتلك تردد : الله يخليج يا بنتي مالي الا هالولد .. بدونه نضيع .. هو اللي يعيلنا – تسحب يدها من جديد والاخرى ترفض تلك القبلات – الله يستر عليج ولا يذوقج الحزن يوم .. اعفي عنه يا بنتي ..

اغمضت عيناها .. فكيف لن تذوق الحزن وهي لهذه الساعة تشعر بمرورته في روحها المشتاقة .. مشت معها وجلست بجانبها .. لتمسح دمعة غافلتها لذكرى اجتاحتها : الله يهديج يا خالتي شو هالكلام ..

تكفكف دموعها من تحت برقعها الذهبي : والله من يوم ما انسجن واحنا مب عارفين شو نسوي .. يقولون لازم تتنازلين او تطلبين الديه .. والله يا بنتي ماله ذنب .. حلف لنا ايامين انها طلعت قدامه بدون ما يحس – تمسك كفيها برجاء – طلبي اللي تبينه وتنازلي عن حقج .. وهذا هو شهر راح وما بيبقى عليه الا شهر لو تنازلتي .. فرجي عنه وعنا .. ربي يفرج عنج يا بنيتي ..

الحديث هيج مشاعر كثيرة في نفسها .. لتمر الدقائق لذاك الاجتماع الغريب .. الذي لم تتصوره يوما .. خرجت وهي تبتسم .. ولم تجب على تساؤلات مريم وريم .. وما هي الا ساعة او لعلها ساعتين حتى خرجت مرتدية عباءتها .. فلقد عزمت امرها على فعل ما .. وصت على ابنتيها وادبرت .. وصورة تلك المرأة العجوز وفعلها يذكرها بفعله هو .. حين جاء متوسلا السماح منها .. خنقتها العبرة .. لتسيل دموعها بكرم على وجنتيها .. وعاد حديث عبدالله لها يطرق ابواب فكرها عن ذاك المايد متعب النفس بذنب في ساعة صحوة شيطان ..


يهزه بعنف يطالبه بالنهوض .. فيكفيه نوما .. الساعة تقارب الواحدة ظهرا .. وهو لم يقم الا ليصلي الظهر ويعود ليحتظنه سريره : قوم يا مايد .. ترا والله تعبتني وياك ..

بهمهمة ناعسة : عبود الله يخليك خلني فحالي .. ماريد اطلع .. ماريد اتغدا .. ما اريد شيء .

بغضب جامح سحب اللحاف عن جسده النحيل .. ليقلبه اليه .. ويسحب ذاك الوسادة ليغطي بها وجهه .. فهو لا يريد لعبدالله ان يرى اثار السهر واحمرار العينين الذي اصابه .. سحبها بعنف ليغطي وجهه بكفيه .. وما كان منه الا ان يرتمي على بطنه جالسا يحاول بقوة ان يفك كفيه عن وجهه : ميود لا تخليني اسوي وياك مثل يوم كنا صغار .. تراك ما تقدر علي .. بشلك بيد وحده .

ضحك لكلام اخيه .. ليبتسم الاخر لتلك الضحكة القصيرة : خوز ايديك ..

يحاول ويحاول .. ولكن ذاك يتمتع بقوة غريبة : مادري من وين يتك هالقوة ..

اخيرا اعتق وجهه من كفيه ليثبتهما على جانبي رأسه : لا تحاول تخفي عني فاهم .. ادري انك طول ليلك ماسك المصحف وتصيح ..

فتح عينيه المغمضتين .. ليدفع ذاك الجالس عليه ليجلس : خوز عني .

جلس بجانبه واذا بذراعه يلتف على كتفيه .. ورأسه يدنو من اذنه وينطق : في ضيف ياي فالطريج .. يبي يشوفك .

تحرك بفزع : سويتها يا عبود ويبتلي دكتور ميانين .

انقلب الاخر على ظهره ضاحكا .. حتى بدأت الدموع تفر من عينيه : الله يقطع بليسك يا ميود .. الدكتور لو يشوف ويهك بيشرد .

وزادت قهقهته .. وذاك عقد الحاجبين ليترك السرير واقفا : والله ويهي ما فيه شيء . واذا ع اللحية ترا المطاوعة يربون لحاهم ..

اعتدل جالسا وناظرا لذاك الغاضب : انزين ع الاقل رتبها .. تقول منتفه ..يانب فيه شعر ويانب لا – عاد ليضحك ومن ثم اردف – انزين لا تعصب ..

التفت للباب حين سمع صوت الجرس .. فقام متوجها للخارج : الضيف وصل .. تلبس واطلع قابله .

" مب طالع " .. صرخ بها وبعدها رمى بجسده على السرير .. وما هي الا ثواني حتى تدثر بلحافه من جديد .. مر الوقت وهو يتظاهر بالنوم .. شعر بخطوات ارجل على الارضية الملساء .. وصوت حذاء نسائي ..عقد حاجبيه وشد اللحاف عليه .. وصوت عبدالله يتهادى اليه : حلوة منك تخلي الضيف اييك لحجرتك ؟

" مايد " .. مع تلك النبرة ارتخت ملامح وجهه تحت الغطاء .. وعيناه لم تستطيعا الا بذرف المياه المالحة مع تلك اللمسات التي شعر بها على رأسه .. لم يتحرك .. لعله حلم ان يسمع صوتها واذا نظر الى مكان الصوت يصدمه الواقع المر .. زاد سيل دموعه مع حديثها : مايد الين متى وانت ع هالحال .. عليا الله يرحمها .. كان يومها .. وسامحني لاني قسيت عليك .. بس والله كان فراقها بهالطريقه صعب ..

ابعد الغطاء ليجلس ناظرا اليها .. ناطقا بـ " سامحيني عموتي " .. ليرتمي بعدها في حضنها ..

" اووه فلم هندي هني " .. بعثرها بدر وهو يستند على جانب الباب .. ليبتعد مايد عن حظن عمته ساحبا الوسادة راميا بها بدر : انقلع .

قهقه وهو يرى الوسادة تقع في منتصف المسافة : يحليله ما فيه قوة ..

سحبها عبدالله ليرميها على بدر .. يتلقفها وهو يضحك على كلمات اخيه : انا بضربك اذا ما سكتت ..

مشى ناحيته وهو يدفعه ليخرج : خلنا نروح نييب غدا .. يييت عمتي عندنا تسوى الدنيا وما فيها ..

ابتسمت على حديثهما .. واذا بها تمسك ذقنه لتنظر الى وجهه بتفحص .. تغير كثيرا .. عظامه بدت واضحة للعين .. حاول ان يغض النظر ولكن سرعان ما تجبره عيناه لنظر لعينيها الحزينتين : ليش مسوي بعمرك جذي ..

اصابعها تتخلل شعر رأسه الذي نمى دون ترتيب .. امسك كفها ليلثمها : حاس بالذنب .. ما اقدر ارقد .. مع اني والله كنت رايح فذاك اليوم عشا...

قاطعته وهي تضع اطرافها على فيه : انسى اللي صار يا مايد .. وعليا امانه وردت .. ذاك يومها .. واذا اليوم سامحت الغريب فلازم اسامح القريب .

-
ملزومة تسامحيني ؟

-
عشان ارتاح وانت ترتاح .. وعليا بعد ترتاح .


,،

اسبوع وهي تنشد الراحة .. تريد كلمة واحدة فقط تطمأنها عليه .. تتردد على المستشفى بصحبة شقيقتها وتقف خارج غرفته .. فقط لان الزيارة قد منعت عنه .. ايمان تحاول ان تقويها .. فهي باتت لا تكل من تكرار كلمة الموت .. وهو حالته بين الحياة والفناء .. اي عشق استوطن قلبها لتتمنى ان تقبض روحها قبل روحه .. التفتت لترى سلطان واقفا بمعية احدهم .. شاب لاول مرة تراه .. يضع نظارات سوداء وكأن به جاسم من بعيد .. عقدت حاجبيها .. واذا بها تلتفت لخولة الواقفة بجانبها .. وتهمس : خولة . منو الريال اللي وييا سلطان .. هذي ثاني مرة اشوفه هني .

-
لا تسأليني عن شيء .. كل اللي اريده الحين حد يطمني ع جاسم .. يقولولي اذا بيعيش او ..

انقطع حديثها مع نوبة بكاء وشهقات منهكة .. لتتحوقل اختها .. وتنتبه لاقبال سلطان نحوهما : وقفتكن هني كل يوم ما بتفيده ..

هزت رأسها : مب قادرين عليها .. ومب مستوعبه ان ييتها هني ما منها فايدة .

تحوقل ليردف : خولة .. وعدتج اول ما يقوم جاسم بالسلامة بتصل عليج .. روحي البيت وييا اخوانج .. اتصلت بعيسى وياي فالطريج ..

ادخلت يدها تحت " غشوتها " لتمسح دموعها .. سحبت ذرات الهواء الى رئتيها : ان شاء الله .. بس لا تنسى الله يخليك .


وعدها بانه سيفعل .. فغادرتا تحت انظاره .. خطت خطواتهما خارجتان من المستشفى .. وخطت خطوات اخرى مهرولة الى غرفته .. ممرضتان وطبيب قد اشرف على حالته في الايام الماضية .. عقد سلطان حاجبيه بتوجس .. الامر يثير الريبة .. اقترب من باب الغرفة .. لعل احدهم يخرج ليطمأنه .. مرت الدقائق ثقيلة .. وهاتفه لا يهدأ بسبب ذاك الاجتماع الذي لا بد له من حضوره بعد ساعة .. فهو قد تولى كل شيء منذ فترة طويلة .. وما حدث لجاسم سبب بلبلة في علاقاتهم مع الشركات الاخرى .. رد على هاتفه بغيض : اسمعني ..حاول تأجل الاجتماع لباكر .

جاءه رد السكرتير : بس هذي ثاني مرة نأجله . . مب حلوة بحقنا يا استاذ سلطان .

تأفف فكلامه صحيح .. ليستغفر ربه وبعدها يجيبه : اوكي بكون عندك ع الوقت .. جهز قاعة الاجتماعات .

خرج الطبيب .. ليتقدم نحوه بخطوات وجله .. ولكن تلك الابتسامة على محياه جعلته يبتسم وهو يسأل : خير يا دكتور .

ربت على كتفه : خير ان شاء الله .. الحمد لله ان رئته ما تأثرت وايد .. والرصاصة ما اصابة القلب ولا كان راح فيها .. تقدر تدخل تشوفه .. لانه قام وكرر اسمك كذا مرة .

قبل ان يدخل استوقفه : لا تتعبه بالكلام .. وخل مشاكل الشغل بعيد عنه .

هز رأسه .. تمتم باسم الله وولج .. الحرارة معتدلة .. وصوت ذاك الجهاز يبعثر سكون المكان .. ابتعدت الممرضة بعد ان قامت بتغيير الضمادات .. ابتسمت وابتسم لها .. دنى منه ليشد على كفه ... جفونه ثقيلة بالكاد استطاع ان يفتحهما .. لسانه بلل شفتيه . وبنبرة خافتة جدا ضربت بذرات انفاسه سطح الكمامة الشفافة : سلطان .

-
لا تتعب عمرك .. والحمد لله ع السلامة .

رفع يده بتعب محاولا انتزاع تلك الكمامة عن وجهه .. ليستوقفه : خلها .. ما في داعي تتحدث .. ارتاح الحين .. ولا تحاتي شيء

سحب الغطاء ليداري صدره العاري .. وليسمعه يردد اسمها .. ابتسم فلاول مرة يراه عاشقا ومحبا .. انحنى هامسا له : طوال الايام اللي راحت وهي ما فارقت المكان .. من شوي كانت هني .. بس اصريت عليها تروح ..

اغمض عينيه .. فهو لم ولن ينسى ما فعلته .. حتى وان كان لها في قلبه الذي كاد ان يتوقف حبا ومكانا لم تشغله قبلها اي امرأة .. كما قلبها هي الذي نبض بحبه رغم الارتباط الغريب .. ولجت الى غرفتها بمعية شقيقيها .. لتربض على السرير : بيموت ..

وانخرطت فالبكاء .. ليتحوقل عيسى : انتي شو بلاج ما على لسانج الا هالكلمة – جلس على ركبتيه امامها ممسكا بذراعيها – خولة .. ما تصورتج ضعيفه بهالشكل .. وين خولة المؤمنة ..

ارتمت على صدره .. تحاول ان تسكت ذاك الاحساس الموجع بالخسارة .. فلقد خسرت قبلا ام واب .. ولا تتمنى ان تخسر حبيبا وزوج .. مسح على ظهرها وهو يشدها اليه اكثر : ان شاء الله بيقوم بالسلامة .. انتي ادعيله ..

ارتمت جالسة بجانبها لتبربت على كتفها : ان شاء الله ما فيه الا العافية .. وبعدين لازم يقوم عااد... مب كافي ان الزيارة تاجلت للاسبوع الياي .

ضحك عيسى وهو يشد وجنتها ممازحا : ما همج الا نفسج .

رغما عنها ابتسمت : ان شاء الله ما تتأجل اكثر ..




,،

يتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:21 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
العلاقات بعضها كالماء سرعان ما تتحول حرارته الى فتور فبرودة قاتلة .. وبعضها كالجبال الصلدة مهما ضربت لا يتأثر اساسها .. علاقتها باخويها تقوى عكس علاقته هو بزوجته التي باتت مختلفة عما قبل .. بكاء منصور يشرخ سكون الليل بهلع .. فتح عينيه يوقظها من نومها : شهد قومي له .. وراي دوام واريد ارقد .

تأففت بغيض .. وصوتها يشوبه التعب : بروحي تعبانه والله هالدورة تاعبتني مب قادرة اسوي شيء ..

اشفق عليها فقام ليبعد الغطاء عن المهد الخشبي .. ويتراء له بعيونه الغارقة .. اسم الله تردد بهمس وهو يحمله بين ذراعيه .. حرارته مرتفعه منذ الصباح .. وما ان يأتي الليل لا يكل من البكاء .. حاول معه لينام .. يضعه على صدره ويلفه بذراعه .. يهزه بلطف .. لكن لا فائدة .. تقلبت في فراشها وهي تنطق : طروق سكته ..

عقد حاجبيه من برودها ومع هذا فهو يرحم حالتها .. فدورتها الشهرية تتعبها وجدا .. خرج به الى الصالة بعيدا عن غرفتهما والغرف الباقية .. يمشي ذهابا وايابا .. لعله يهدأ .. لا يعلم من اين بذاك الجسم الصغير كل هذه القدرة على الصراخ بهذا الشكل ..

" اشششش اششش " يرددها مرارا مع هزهزاته الخفيفة لطفله الصغير .. ابتسمت وهي ترتب " شيلتها " خارجة من المطبخ وفي يدها كوب " نسكافية " فالنوم قد رحل عنها هذه الليلة .. وضعت ما في يدها على الطاولة الصغيرة في تلك الصالة .. ومدت كفيها : هاته عنك .. وراك دوام ولازم ترتاح .

ابتسم فلقد انجدته : بيتعبج

هزت رأسها وهي تحمله عنه : وين امه .

-
راقدة .. تعبانه شوي .

ضمته الى صدرها وهي تحاول به لعله يسكت عن ذاك البكاء : باخذه عندي .. ياليت تيبلي رضاعته ..

ابتعدت وهو ينظر اليها .. صعد خلفها ليجلب ما طلبته .. فهو متعب ويبحث فقط عن فراشه .. وهي جاءت كمنقذ له ..

تنهدت وهي تسحب الغطاء على جسده الصغير .. وامنية جميلة لطالما راودتها .. تنظر الى وجهه الملائكي بحب .. لم ينم الا عند اذان الفجر .. صلت واخذت تتأمله .. كم هو صغير وجميل .. لا تعلم كم من الوقت مر عليها بجانبه .. غفت دون ان تشعر .. لم يوقظها الا صوت الباب يفتح وتلك تندفع داخلة : وين منصور ؟

لم تنتظر الجواب فاسرعت تنتشله من مكانه .. لتنطق هي بخوف : شوي شوي .. ما واحاله يرقد ..

تنهدت بغيض : ولدي وانا ابخص فيه – وبمضض اردفت – مشكورة .

ابتسمت لها : العفو .. بس ليش معصبة ..

انتبهت لحالتها فزفرت انفاسها : عذريني في الدورة وتاعبتني .. ونفسي فمناخيري .. يعني لا تعتبين علي .

-
معذورة .

قالتها وهي تتبع شهد بنظراتها حتى خرجت .. قامت وهي تحرك رقبتها بسبب نومتها التي اتعبتها .. واختفت خلف باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) .


,،

نفس الصباح يشهد نبض قلب جديد .. نبضا مختلفا لم يشعر به يوما .. جالسا يتناول افطاره بعد ان دلكت له والدته كتفه الذي اصيب بشد عضلي ليلة البارحة .. واذا بها تقترب منه وتمد له هاتفها وورقة احتوت على سبعة ارقام وثلاث ارقام اخرى رمز للشركة المستخدمة .. نظر اليها وهي تجلس بجانبه .. ليسأل : من رقمه هذا ؟

-
اتصل .. هذا رقم الريم .. عطتني اياه يوم رحت ازورها اخر مرة فالدختر ( المستشفى )

لا يعلم لماذا تلك الدقات تتغيير حين يذكر اسمها .. يشعر وكأنها تعزف سيمفونية لاول مرة يسمعها .. ابتسم وهو يضغط على ازرار الهاتف .. وابتسم اكثر على كلمات والدته القائلة : يا رب تجعلها من نصيبك ..

مد لها الهاتف .. ليتابع حديثها وهو منشغل بالارتشاف من كأس الشاي الذي بيده .. يشعر بفرح والدته في حديثها .. يبدو ان الاخرى مرتاحه .. وضع الكأس من يده وهو يسعل بقوة .. فذاك الحديث من والدته فاجأه .. تتحدث عنه مع فتاة غريبة : والله انه ملتهي هاليومين وييا هالبنقالي اللي يابه لولده .. من زمان وانا اقوله يرتاح .. والحين صايبتنه عصبه ( شد عضلي ) ما قادر يحرك ارقبته منها .. والله فنيتي بنيه وان شاء الله يوافق عليها .. ولو بالغصب

ضحكت لتجيب : يا خالتي ولدج ريال ما ينغصب ع شيء ما يبيه – سمعته يسعل فاردفت – صحه .

وتلك العجوز لم تدع تلك الفرصة ان تذهب هباءا فرددت على مسامعه : تقولك صحه ..

تلفت وهو يتنحنح .. ليقف ساحبا مفتاح سيارته وهاتفه النقال .. فالاجواء بدأت تخنقه .. ووالدته ذكيه لن تمر عليها ملامحه تلك بسهولة .. هل هو حب مراهقة متاخرة ..؟ سؤال باغت تفكيره وهو يتجول في ساحة منزلهم المزروعة بالنخيل .. جلس على مكعب من الطوب رمي قريبا من احد الاشجار : شو بلاك يا سعود .. اختبصت وانت تسمع اسمها .. وما قدرت تتحمل تبقى وانت تسمع كلام امك .. معقولة حبيتها – نفض رأسه – شو هالخرابيط اللي يالس تقولها .

قام واقفا فلن يبعد عنه هذه الهواجس الا عمل ما .. مع انه في اجازه الا انه سيبحث عن شيء يشغله .. غادر المنزل متمنيا ان تغادره تلك الافكار الغريبة .. التي لاول مرة تجتاحه .. فهو في سن لا يسمح له بالحب .. هذا ما يكرره على نفسه مرارا ..

,،

هو الحب نفسه قاده في يوم جمعة ان يصلي في ذاك المسجد القريب من منزل عمه عبد الرحمن .. وصل متأخرا لم يستطع الاستماع الا لاخر الكلمات من تلك الخطبة .. صلى ركعتين تحية المسجد .. وجلس يستمع .. تراصت الصفوف ليبدأوا بالصلاة .. وما ان انتهوا .. وبدأوا بالسلام على بعضهم .. حتى هرول لاحقا بعمه .. ليستوقفه بجانب سيارته .. يقبل رأسه ويسأل عن حاله .. ليرد عليه عبدالرحمن : شحالك يا عبدالله .. وشخبار اخوانك وابوك .

-
الحمد لله كلهم بخير ويسلمون عليك – صمت واذا به يردف بتوتر – عمي اريدك فموضوع ادري انه مب وقته الحين .. بس بكلمك فيه .

- حياك بتتغدى عندنا وبتقول اللي عندك .

لبى الدعوة .. وتناول الغداء بمعية عمه وابناء عمه .. كان الامر صعبا عليه ولكنه لم يعد يأمن الزمان .. فلطالما تعثرت خطاه فيه .. خلى المكان الا منه ومن عمه .. جلس بجواره : عمي .. ما اعرف شو بيكون ظنك في .. بس اريد هالكلام بينا .. واتمنى ما تاخذني بفعايل اخوي .. ولا بسوايا ابوي ..

-
افا يا عبدالله .. مب عمك اللي ياخذك بذنب غيرك .. قول اللي عندك ياولدي ..

انفاسه مضطربه وقلبه لا يهدأ : عمي انا لي نيه بالزواج من ريم عقب ما تخلص عدتها .

,،
ان شاء الله ينال ع رضاكم

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:22 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الجمال ما هو الا قناع قد يعكس ارواحنا وقد يرسم للغير ما ليس بنا .. هي تبحث عن الجمال .. او لنقل انها تخاف ان يهترأ جسدها بسبب رضاعة طبيعية شرعها الله حقا لمولود للحياة جديد .. ينام في حجرها وتلك الرضاعة الاصطناعية في فمه .. فهي لم تقربه من صدرها يوما خوفا من ترهلات مباغته .. ضربت بجميع فوائد تلك العملية عرض الحائط فقط لتكون هي كما تحب .. تنهدت بحنق لفعل ابنتها الذي لا يروق لها : يا رشا يا حبيبتي رضعيه من صدرج .. احسنلج واحسنله .. الله ما خلق الحليب فصدر الام عشان ترضع عيالها بمرضعه .

تنهيدة اخرى ولكنها من رشا .. ودون ان تبعد نظرها عن وجه سالم الذي تمسك بكفه الصغيرة : احسن جي يا ماما .. بعدين ما اريد جسمي يتغير .

طوحت برأسها .. وساقها رجعت لتعانق الاخرى .. وتنشغل بتلك المجلة في يدها : والله ما رايح فيها الا ولدج .

" بسم الله عليه " نطقتها وهي تقبل جبينه وتبتسم له .. رفعت رأسها كما رفعت ميرة نظرها لتلك التي استندت على جانب الباب متفوهة : الين متى بتبقين هني .. روحي لحبيب قلبج

زجرتها والدتها بغضب .. اما الاخرى فردت ببرود لا يعكس ما في داخلها : انتي من يوم ييت وانتي تنغزيني بالكلام .. يالسه ع راسج وانا ما ادري .

-
لا وانتي الصادقة .. ماكله فلوسنا انتي وريلج الحرامي .

" رنيم " نطقتها بشدة وهي ترمي المجلة من يدها وتتقدم نحوها : شو هالرمسه اللي اسمعها .

رفعته بحنان من حجرها .. لتضعه على السرير وتنزل من عليه : هذا كلامها من يوم ما ييت عندكم .. ومب اول مرة تقوله .. بس بكيفي اسكت عنها .

-
اكيد بتسكتين لان ما عندج شيء تردين فيه ..

اسمها يُكرر على لسان آخر .. ارتجفت معه اوصالها .. فتنحت عن الباب لتقف على بعد خطوات .. وهو يقف لبرهة عند عتبة الباب ثم يحث الخطى يقبل رأس والدته .. ويطبع قبلة على وجنة رشا مبتعدا بعدها ليستلقي نصف استلقاءة على جانبه الايمن .. ناظرا لذاك الصغير الملفوف بتلك القطعة البيضاء .. دون ان يلتفت تكلم مخاطبا تلك التي تملكها الخوف منه : شو فراسج يا رنيم .. طايحه فاختج مناقر من يوم ما يت عندنا .

انسحبت رشا من المكان وكأن بها لا تريد سببا آخر لتستمع لذاك الحديث العقيم .. فهي تثق ثقة تامة بسيف ولن تصدق فيه يوما .. ولكن كثرة تلك الاحاديث في ذاك الموضوع تثير عاصفة من الافكار كلما خلت مع نفسها .. اما ميرة ففضلت الصمت حتى يتبين لها نهاية ذاك الحديث مع تلك مثيرة المشاكل .

بقوة مغايرة عن ذاك الخوف الذي سكن روحها بسبب ذاك الشقيق الذي تبدل كثيرا : انت لا تكلمني ..

اصبعة الغليظ بين تلك الاصابع الرقيقة .. وابتسامة شقت طريقها على وجهه : افاااااا .. ليش عاد ..

نظرت لوالدتها التي عادت لتجلس مكانها الذي كان .. لماذا يتركونها في مواجهته .. فهي لا تقوى على ضربة منه .. ارتجفت وبتلعثم اجابت : جواهر كل اللي تبيه تنفذه .. وانا يوم طلبتك رفضت .

اعتدل في جلسته ليرمقها بنظرة جعلتها تبتعد لتقف بجوار الباب .. حتى وان ثار يكون الهرب يسيرا .. وقف لتزداد دقات ذاك الذي سكن صدرها .. غريب هو .. لم يعد كما كان حتى ثورته وغضبه يسيطر عليها دون ان يدركها الاخرون .. بلعت ريقها وهي تخفض نظرها .. ترى اقدامه تبتعد ليجلس بجوار والدته على الاريكة : وشو الطلب اللي رفضته .

" السفر " .. ليلتفت هو لوالدته التي نطقت اخيرا : انتي ما بتفهمين ابد .. اخوج قال كلمته وخلاص .

-
بس ليش .

نبرته الحادة جعلت من والدته ان تجلس باعتدال .. فالخوف كل الخوف من براكين غضبه : تسافرين بروحج مع هالخمه اللي تسميهم ربعج .. هذيلا لو ربع ما تخلوا عنج اول ما طحنا .. والحين يوم عرفن ان كل شيء رجع رجعنلج .. وانتي صايرة مخفه لهن .. شو هالغباء اللي فيج .

-
بس انا مليت من البيت .. وهن بيسافرن واريد اروح وياهن .

-
ما عندنا بنات يسافرن بروحهن .. اذا تبين تسافرين كلمي امي وقررن وانا جاهز باللي تطلبنه .. بس سفر بروحج وييا هالبنات لا .

احتقنت غضبا لتثير غضبه : عيل جود راحت بروحها ما قلت شيء .. والا الحب لناس دون ناس ..

صرخ باسمها حتى تزلزل المكان : ترا للحين ما نسيت سواتج فيها .. وقفلي الموضوع دام النفس عليج طيبة ..

ضربت برجلها الارض مرددة : أووه ..

وتتابعت الكلمات الثائرة بينها وبين نفسها وهي تترك الغرفة .. وهو لا يزال نظره على مكانها .. لم يوقظه الا كف والدته الذي عانق كتفه ليلتفت لها مبتسما .. وتبتسم هي لابتسامته : ادري انك ندمان ع اللي صار .. بس هذي جود حطت شيء فراسها ومب قادرة اشله .. كل ما تتصل ارمسها عنك .. بس ما ..

قاطعها : غلطت فحقها .. وصدها عني متقبلنه – جلس ليردف وهو يمسك كف والدته لتجلس بجانبه – الا شو اخبارها .

حاجبها يرتفع استنكارا : والحراسة اللي تلاحقها اربع وعشرين ساعة ما علمتك عن اخبارها .

قهقه .. وكم تلك الضحكة اثارت في نفسها ذكريات وذكريات .. فهو بدا يشبه والده كثيرا .. في هدوءه .. وغضبه .. حتى ضحكته .. قام واقفا : ما شاء الله عليها فطينه .. بس ترا من امس وقفت المراقبة .. عقب ما تطمنت عليها – التفت لوالدته التي لا تزال جالسة – اللي مستغربنه دراستها للطب .. كنت اتصور بتدرس شيء له علاقة بشغلنا .

تنهدت لتجيبه : وانا مثلك .. فاجأتني باختيارها .. وما اعرف بشو تفكر ..

استأذن تاركا المكان .. فلديه عمل عليه ان ينهيه .. قاد سيارته وافكاره تعود به الى ذاك اليوم .. وأمر دفن بين جود وجاسم .. يتمنى ان يعلمه .. فذاك سر احال عقله الى عمل دائم .. ترجل من سيارته وبخطواته الواثقة .. ورياح مسائية تداعب ملابسه .. تتتابع الخطى الى ذاك المكتب ليلج دون ان يطرق الباب .. وذاك يقف بغيض : شو قلة هالاحترام ؟

جلس مقابله غير آبه بذاك الواقف والغضب يقدح منه .. ليثني ساقه على الساق الاخرى .. وينزل نظارته على الطاولة : الشركة شركتي يا عبد العزيز .. والا ناسي .

تحرك الكرسي لجلوسه العنيف .. ليبعد اطراف " غترته " البيضاء مطرزة الجوانب للخلف : وانا شريك لك والا ناسي .

-
من سمحلك تعين طلال فالشركة .

رفع حاجبه وابتسامة خبيثة علت محياه : نسيبك .. وخفت تزعل اذا ما وظفته .. وانت لاهي فدبي .

جذعه ينحني .. وذراعه ترقد على الطاولة بقبضة مشدودة : انا ما عندي هذا اخو وهذا نسيب .. الشغل شغل ما فيه مصالح .. واذا كنت بتوظفه ما لقيت الا قسم المالية ..

مسح على ذقنه : والله شهادته اللي اهلته والمالية محتايين موظفين ثقة .

اهتز كوب الماء جراء ضربة من قبضته على ظهر الطاولة وهو يقف : نقله من المكان .. حطه في اي قسم عاادي .. وهذا كلامي والا بيكون في تصرف ثاني وياك يا عبد العزيز ..

لا ينقصه الا ذاك الشاب الذي لا يهتم الا لنفسه ليكون معه في العمل .. ترك المكتب ليقف الاخر تاركا المكان متوجها الى منزله .. فعليه ان يغير ملابسه ويحث الخطى لرؤية ذاك القابع في المستشفى .. فهناك احرف يجب ان تضع النقاط عليها كما يردد في نفسه .. دلف الى جناحه لتقف تلك بتعب واضح بسبب الثقل الذي تحمله .. تسأله أن كان يرغب في الغداء .. مع ان الساعة عصرا .. اجابها باقتضاب بان لا رغبة له .. ليترك المكان ويستتر خلف جدران دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. لتمر الدقائق ويخرج بعدها يرتب هندامه امام تلك المرآة : البيت خلى علينا .. البنات قبل تارسات المكان ..

تمتمت : الله يوفقهن .

التفت لها لبرهة ليعود ويغدق نفسه بالعطر : يبيلنا ولي العهد بسرعه عشان يملا علينا المكان .

ابتسمت لتجلس بتعب : بعدني فالسادس .. والا تباه ايي قبل اوانه .. وبعدين حق منو هالكشخه كلها .

" بعرس " قالها ليقهقه وهي تتشجنج ملامح وجهها .. اقترب منها : نمزح يا بنت الحلال .. شبلاج قلبتي خلقتج .

-
تسويها يا عبد العزيز .. مب اول مرة تعرس ع حرمتك .

-
سمعي انا ما عندي وقت لهالسوالف .. بروح اشوف المصخرة اللي مستويه فالمستشفى .. الحرمة مطلقة وهي كل يوم والثاني رايحتله .. وبعد ما تفتهم انه ما يريد يشوفها ..

-
اي حرمة .

نطقتها بتوتر لم يتضح لعبد العزيز : حرمة جسوم .. اللي يابها عرس بنتي .. انتي بروحج مخبرتني عنها ذاك اليوم .
" اها" قالتها لتتبعها : وانت شو عرفك انه مطلقنها ؟

-
اقول مب فاضي لسوالف الحريم .. انا رايح اشوف حل وياها .. وانتي لا اتعبين عمرج ..


,،

خائفا على وريثه كما اعتاد ان يُسمعها .. وهي خائفة من تمنع ذاك الجاسم من لقاءها .. تذهب لزيارته وتعود بخفي حنين .. ايام منذ ان افاق وهي على هذا المنوال .. تقف في المطبخ تقطع البصل لتعد مرقة دجاج للغداء .. لتختلط دموع حرقته مع دموع روحها الملتاعة .. تشعر بضياع غريب .. الا يكفيها ان ذاكرتها القريبة تتلاشى شيئا فشيئا .. الا يكفيها ان قلبها رغم كل شيء ينبض بحبه .. وهو بكل بساطة منه يرفض ان يقابلها .. لو يعلم كم ليلة باتت ودموعها تُسكب على وجنتيها .. وكم من آه نطقتها في ظلمة الليل لاجله .. لو يعلم كل هذا الن يرأف قلبه لها .. ويتيح لعينيها ان تنظران اليه فيرتويان .. رنين هاتفها جعلها تغسل كفاها وتمسحهما .. وبكمها تمسح دموعها .. تهللت اساريرها وهي تستمع لطرف الآخر : صدج .. يريد يشوفني .. .. استاذ سلطان انت متأكد ان هو اللي طلب هالشيء ... يعني ما بيردني اذا وصلت ..

ابتسم وهو ينظر لجاسم الذي اسند ظهره على جزء السرير المرتفع : هيه هو اللي طلبج اتين .. يترياج الليلة .. لا تتاخرين ..

اغلق المكالمة ليربض على الاريكة الجلدية : ما بغيت تحن .. حرام عليك من يوم ما طحت وهي كل يوم هني .. والا كنت خايف عليها تشوفك تعبان .

الابتسامة ترتسم على محياه .. ونظرة عينه تحكي امورا لا يعلمها الا هو .. بعثر كلماته بحذر : شو صار وياك .

- في
اي موضوع .. الاول او الثاني او الثالث ..

قام ليرفع ذاك الكرسي ويقربه من السرير .. ليجلس وهو يردف : الاول للحين ما وصلنا شيء .. ولا تنسى ان الموضوع بينك وبين الطرف الثاني .. يعني اذا كان بيوصل اي شيء فبيوصلك انت .. اما الثاني فتم .. وصاحبنا نفذ اللي طلبناه عقب ما حس ان السالفة فيها خسارة .. وتعامل مع ولده مثل ما طلبت انت .. اما الثالث .. فبعد تم .. مع ان اللي دفعناه اضعاف السعر الاصلي .. بس هذا اللي طلبته .

سحب جذعه بتعب واضح .. لينتابه وجع جراء النفس العميق الذي اخذه : ما قصرت .

يتتابع الحديث من جاسم .. يسأل عن كل شيء .. من اصغر الامور الى اكبرها .. ضرب بكفيه على فخذيه ليقف منهيا ذاك الحديث الذي بدأ يتعب صاحبه : اخليك الحين .. ولا تهتم بالشغل وخل بالك من نفسك ..

حث الخطى عبر ذاك الممر ليلتقي بها تسير وحدها .. استغرب عدم وجود اختها معها كما عادتها .. استوقفته وبلهفة : يريد يشوفني .

ابتسم : هيه .. وهو يترياج الحين ..

ابتعدت وعيناه تتبعانها ليطوح برأسه متمتما : الله يعينج .. جاسم اذا مسك شيء ع حد ما بيفكه ..

نفس يتبعه آخر .. ويد مرتجفة تمتد لتمسك قبضة الباب الباردة .. اشتاقت له .. مضى الكثير منذ آخر مرة رأته فيها .. بلعت ريقها لتشد قبضتها وتفتح ذاك الباب بهدوء .. اطلت برأسها لتهولها تلك الغرفة المتسعة .. تلفتت لتحث الخطى الى ذاك الباب .. لماذا كل هذا التعقيد .. الا يكفيها شوقها الخانق لانفاسها .. لتاتيها تلك المسافات القصيرة التي تراها طويلة .. ولجت واذا بها تراه .. نائما .. كم ملامحه هادئة .. مسحت دمعة غافلتها فهو يبدو نحيلا .. شاحب الوجه .. دنت منه لتسحب ذاك الكرسي بحذر حتى لا يصدر اي صوت .. جلست تتأمل وجهه .. لا تعلم كم من الوقت مر عليها وهي بهذا الوضع .. تحمد الله كثيرا ان ابقاه لها .. مدت يدها بارتجاف لتعانق اصابعه .. وتنحنى تطبع قبلة على ظهر يده .. فتح عينيه .. وقبل ان ينطق جاءه صوت اجش صارخ .. لتقف هي برعب ويشد هو على قبضة يدها : ياللي ما تستحين .. بس هذا اللي بيينا من بنات الشوارع .. ما يعرفن الحلال من الحرام – وجه كلامه لجاسم – وانت ناسي انك مطلقنها والا فقدت الذاكرة بسبب اللي ياك .

اقترب منها ليشدها من ذراعها : قومي طلعي برع .

صرخ بوالده : بس ..

وتتتابع انفاسه بتعب : نزل ايدك يا عبد العزيز .. خولة حرمتي ولا طلقتها ..

ارتجفت من قبضته التي تشد على اناملها .. برغم ضعفه الا انها احست بان قوته تجمعت في يده .. حتى من قوته صرخت : آآه ..

لم يخفف من قبضته .. ليردف : الحين بدال ما تقولي الحمد لله ع السلامه ياي هاجم علي .. والا ما عرفت ولدك الا يوم دريت ان خولة عندي ..

نظرت اليه وكأنها تترجاه ان يفك اصابعه التي تهشم عظام كفها .. وهو لا يبالي الا بذاك الذي بان الغيض على وجهه : المكان ما يرحب فيك يا عبد العزيز ..

-
تطردني عشان بنت الشارع يا جاسم .. بس ما الومك .. طالع ع اخوك ما يبته من برع .

ابتسم ساخرا : واللي تمناها اخوي وينها الحين .

عض اصابع الندم ليخرج بغضب اسوء عن الغضب الذي دخل به .. لينظر هو لها .. يرى دموعها .. واذا به يشدها حتى انحنت على صدره .وتبعثرت خصلات شعرها على وجهه بعد ان سقطت " شيلتها " . لم يهتم لوجع جرحه جراء سقوطها .. ليهمس بحقد : بعتيني يا خولة ..

ارتجفت شفتيها .. فمالذي يتحدث عنه .. عن اي بيع يتكلم ؟ .. وهي مستعدة ان تبيع الدنيا لاجله .. فكيف تبيع روحها وقلبها .. طوحت برأسها .. وبنبرة مرتعشة : ما فهمت ..

صرخت بالآه من جديد .. فقبضته تزداد : اطلعين مني ع البيت .. اريد اطلع وتكونين فبيتي ..

اعتق يدها أخيرا .. لتدلكها بارتعاش واضح له .. ويرتجف قلبها لحديثه : ما بنسى اللي سويتيه ..

بعثر تلك الاحرف واشاح بوجهه عنها .. ليطلب منها المغادرة .. دون ان يدع لها المجال لتحكي .. لتقل له بانها لا تذكر اي شيء .. لا تعلم كيف باعته .. تريد منه توضيحا لكلماته .. لكنه ابى الا ان تخرج .. ليزمجر بغضب حين اطالت الوقوف .. وبعدها خرجت .. لتقف بجانب الباب .. تمد يدها بارتجاف لفوهة حقيبتها " البربرية " ذات المقبض الاسود .. سحبت هاتفها المحمول .. لينزلق من بين اطرافها .. وتجلس القرفصاء بشهقة تملكت صدرها المذبوح .. تحمله من جديد .. لا ترى اي شيء .. فغشاء وجهها يحجب الرؤية .. وتلك الدموع المنهارة زادت الامر سوء .. سحبته تحت الغطاء لتتصل بذاك الشقيق .. وتنفذ ذاك الحكم الذي لا تذكر ذنبه ..
وقفت بتعب احتلها لتشد الخطى خارجة من ذاك المكان الذي اغتيل فيه قلبها المتيم .. ركبت وهي تتمتم بتحية الاسلام .. ابتسم لها وسرعان ما عقد حاجبيه لطلبها : شو تروحين تسوين بروحج فذاك البيت العود .. روحي بيتنا وعقب ما يطلع جاسم الله وياج ..

هزت رأسها : وصلني بيتي يا عيسى ..

رضخ لطلبها رغما عنه .. فبكاءها اجفله واشفق عليها .. مع انه لا يعلم سبب تلك الدموع . او ماذا حدث في ذاك اللقاء الذي كانت تنشده منذ ايام وايام .. اوقف السيارة .. ليمسك رسغها قبل ان تترجل : ما بتعلميني شو فيج .

جلست : ما في الا كل خير .. بس جاسم وشكله التعبان حزني ..

ابتسم لها : ما فيه الا العافيه .. كم يوم وبيرجع بقوته وصحته .

" ا
ن شاء الله " تمتمت بها وهي تترجل .. ظل يرقبها حتى توارت .. خطاها تصعد الدرجات بتوتر .. وكلماته تضرب رأسها بعنف .. ويتردد السؤال عليها .. كيف باعته ؟ .. ربضت على السرير بعنف .. لم تنتبه لتغيير في تلك الغرفة .. فعقلها لا يساعدها على ذلك .. نطقت من بين شهقاتها : كيف بعتك ..

وسرعان ما امتدت قبضتيها لتضربا صدعيها بعنف .. وبغضب تردد : ما اذكر .. ما اذكر ..

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:23 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
اناملها الطويلة تعانق ازرار " البالطو " كبريتي اللون .. وشاش يطوق كفها بحنان .. فلقد نالها من الماء الساخن قطرات .. ابتسامتها مختلفة .. روحها مغايرة .. منذ ايام وهي متغيبة عن الجامعة .. فقط لانها تريد ان ترتب اوراق حياتها .. فبعد ما كان اختلط كل شيء في كتابها .. فاضحت المقدمة في المنتصف .. والمنتصف يحل مكان آخر .. عزمت بعد تلك الليلة على العودة الى الوطن .. فلقد ادركت بانها ليست اهل للغربة .. ولكن كلماته ظلت تطن في اذنها .. بكت بعد ان اخبرته بما حدث .. لم يخفى عليها سروره .. ونبرته السعيدة لانها نجت .. طوال تلك الساعات قضتها معه على ذاك الكرسي في تلك الحديقة .. مع نسمات هواء باردة وبخار انفاس متصاعدة .. كلمات بسيطة قالها يومها قبل ان تصل لها لورا وترافقها .. " لا تخلين اللي يصير يكسرج .. عرفي ان العظم عقب الكسر يكون اقوى .. ما يضعف " .. وهي عادت مختلفة ..

رتبت ياقة " البالطو " وسحبت كتبها لتحتظنهن وتتوجه الى الجامعة .. وصلت الى الباب اذا بها تعود ادراجها مسرعة .. وصوت حذاءها يقرع الارضية بنغمات الفرح .. سحبت " الجاكيت " وهي تردد : كنت بنساك ..

وبعدها غادرت .. هناك خوف في روحها .. فذاك الحمدان لا يزال هناك .. وما قيل بانه سيترك كندا لا يستوعبه عقلها .. فهو عنيد .. ولقد هدد وتوعد .. خطواتها تتابع بثقة غريبة .. وقفت لتتلفت في المكان .. لترتسم ابتسامتها حين رؤيته .. جالسا في تلك " الكافتيريا " يرتشف من كوب قهوته .. وكتابه قد فتح امامه .. يراجع بتمعن تام .. وقفت ولم ينتبه لها .. نحنحة خافته قد تنبهه .. رفع رأسه ليقف بعدها : هلا والله .. حياك ..

نظراتها تتبعثر على الزوايا : هلا بك .. وين مصبح ؟

احتظن جسده ذاك الكرسي من جديد .. لينطق ساخرا : يعني الجيه مهوب لي .. لصبوح ..

سحبته من على ذراعها لتمده له : ييت ارجعله هذا .. بالاذن ..

ادبرت واذا به يستوقفها : مصبح للحين ما رجع من الامارات .. يمكن الليلة يجي .

" يوصل بالسلامة " قالتها واستأذنت مبتعدة ... امنية واحدة في قلبها ..أن لا تلتقي بذاك الشخص .. ولا بتلك الخائنة .. اسرعت الخطى .. فهناك من يتبعها .. تسارعت اقدامها اكثر واكثر .. حتى اضحت قريبة من الهرولة .. وتلك الاقدام لا تزال تتبعها .. كلما اسرعت اسرع من يتتبعها .. اخذت نفس وقررت ان تقف .. التفتت لتراه .. ابتسامة خبيثة تمددت بها تلك الشفاه التي تثير الاشمئزاز في نفسها : يوم انج خويفه .. لا تلعبين بالنار ... واذا مستقوية باللي ما يتسمى .. تراه ما بيبقالج دوم .

اقترب خطوة لتبتعد هي للوراء خطوة : لا تقرب مني ..

انظاره سقطت على فخذه وكأن به يذكرها بثأر بينهما .. بلعت ريقها .. وتقدم هو منها .. ليتشدق ساخرا : ما بعديها لج ..

وبعدها تركها تحارب خوفها .. ابتعد بمشية عرجاء بعض الشيء .. صدرها يعلو ويهبط وكأنها في سباق لسحب ذرات الاكسجين .. واذا بها تجفل ويدها على صدرها .. لتضحك الاخرى وهي تبعد كفها عن ذراع هاجر : ماذا جرى لكِ.. تقفين هنا منذ دقائق .. والآن ترتعبين من لمسة .

" غربلات بليسج خوفتيني " تمتمت بها .. لتبان علامات الاستفهام على وجه لورا .. لتضحك هي بخفه : لا تهتمي .. فقط كنت افكر وفاجأتني ..

-
وذاك .

قالتها لتلتفت هاجر ناظرة حيث نظرات لورا .. هو هناك يقف مع اصحابه .. اذن فلورا انتبهت لما جرى بينهما .. ابتسمت .. وحركت ساقيها ماشية للوراء : لن اهتم له .

" مجنونة " قالتها لورا لتضحك تلك وهي تعتدل في مشيتها .. فهي كانت مجنونة .. تجري خلف عناد لا طائل منه ..


,،

واخرى وصل بها الجنون الى حد وضع الخطط .. ارسلت رسالة قصيرة اثارة في نفس ذاك الرجل المخاوف على من ارتبط بها .. قالت بانها مريضة جدا .. ووالديها في السوق .. وناصر في عمله .. ما ان وصلته تلك الكلمات حتى رن هاتفها .. لتبتسم بخبث غريب .. فاليوم عليها ان تقنعه بترك شقيقتها .. فلديها هوس بانها هي من يجب ان تكون زوجته .. وتلك سرقته واستغلت الفرص .. بكت دموع تماسيح لتثير خوفه اكثر .. فالمنزل خالي الا منها واختيها .. تركت الغرفة بعد ان اغلق الاتصال .. لتجلس تنتظره في الاسفل .. وسارة لا تعلم من امر تلك التدابير شيئا .. مستلقية على بطنها رافعة جذعها وبيدها رواية قد اشتراها لها ناصر منذ ايام بطلب منها .. فُتح الباب لتلج تلك بمشاكسة رامية بجسدها على السرير .. ليسند ظهره ظهرها .. وتسحب تلك من بين كفي شقيقتها : شو هذا ؟

انقلبت على جانبها لتسند رأسها بذراعها : باللا عليج شو شايفة .. رواية ..

" عيناكِ يا حمدة " نطقتها وهي تقلب في اوراقها .. لتردف : عن شو تتكلم ..

ذراعيها تتربعان تحت رأسها .. مستلقية ونظرها لسقف : عن بنت انظلمت .. ظلمها ابوها وحرمها من انها تكمل دراستها ..

تنهدت وكأنها غابت في دوامة ذكريات كانت .. فهي ايضا ظلمت .. ولكنه كان ظلم جميل .. لولا تدخل تلك التي فقدت عقلها .. انحنت العنود ليواجه وجهها وجه سارة : لا تسكتيلها ..

عيناها ترمشان بسرعة .. لتجلس وقد عقدت حاجبيها : شو تقصدين .

-
سمعتها تقول لذياب يطلقج .

طأطأت رأسها لتنساب دمعتها .. التصق جسد اختها بجسدها .. لتعانق ذراعها كتفيها : سارة لا تخلينها تحطمج .. ترى ذياب يحبج ويبيج ..

تلفتت حين وصلهما صوت صراخ : شو هذا ؟

وقفت العنود : خلينا نطلع نشوف ..

سبقتها خارجة .. لتسحب تلك " شيلتها " وتهرول خلفها ..

هناك قبل دقائق وصل هو .. لتستقبله هي في ساحة المنزل .. بلهفة خوف : وينها ؟

لتقف في طريقه تمنعه من الدخول .. وتتشدق ناطقة بكره : ما فيها شيء .. بس حبيت اشوفك .

الجملة الاخيرة نطقتها بغنج واضح .. ليطوح برأسه : انتي مينونه .. يبالج تروحين تتعالجين ..

صرخت بعنف : انا مب مينونه .. المينونه هذيك – تشير الى الداخل – اللي سرقتك مني – هدأت نبرتها وهي تقترب منه – انا احبك ذياب .. بس هذيك الليلة كنت خايفة .. وهم ما قدروا هالشيء وسيدا زوجوك من ذيك ..

-
ذيك ليها اسم على ما اعتقد .. وانتي لازم تقومين من احلامج اللي ما منها فايدة .. تراني تعبت منج ومن مسجاتج واتصالاتج .. وادري لو وصل شيء من سواياج لابوج والا اخوج ما بيصيرلج شيء طيب ..

اقتربت منه اكثر حتى اضحى وجهها مقابل وجهه : احبك ..

" آآخ " صرخت بها حين امسكها من ذراعها ليشد قبضته دون رأفة : وانا احب سارة .. ويا ويلج يا روضة اذا عدتيها .. والله ليوصل كل شيء لابوج واخوج .. وهذا انا حلفت ..

ترك ذراعها بحقد .. وادبر خارجا من المنزل .. لتسرع تلك الفتاتان الخطى للاعلى .. اغلقت الباب واتكأت عليه : سمعتيه .. قال يحبج ..

ابتسمت .. ثم ضحكت .. وفجأة بكت .. لتدنو منها اختها تحتضنها : ليش تصيحين الحين ..

-
دمرتنا ..

-
لا تخليها تدمرج اكثر ..

انفاس ثائرة .. وعيون احمرت غضبا .. فما سمعته اذنيه لا يصدق .. كان هناك قريبا جدا مما حدث .. خلف جدران المجلس .. تمالك نفسه حتى سمع كل شيء .. فخرج كثور ثائر .. فهو لم يذهب للعمل .. كان هناك يتابع التلفاز .. خرج ليراها راكعة تبكي .. لينتشلها من شعرها .. غير آبه بصرخاتها : ياللي ما تستحين .. قومي ..

تصرخ بان يتركها .. ويديها تمسكان رسغه .. وهو يشدها اكثر يدخلها المنزل .. يسحبها على الدرجات .. يصرخ بها ان تقف كلما تعثرت بها الخطى .. لتقف تلك امامه بمعية الاخرى والخوف قد تملك منهما .. ترتجيه ان يتركها .. ليصرخ بها : خوزي عني يا سارة ..

لتبتعد هلعا .. بل رعبا من وجهه المشرأب بالغضب .. ليرميها على ارضية غرفتها الملساء . ويعود يمسكها من شعرها : هذي سواياج يا روضوه ..

كف يتلوه اخر على وجهها .. فرفسة منه على جانبها .. ليصرخ بها : وين فونج ..

قلب سريرها رأسا على عقب ليتخطاه الى " الكوميدينة " يفتح ادراجها .. ويعيد سؤاله من جديد عليها .. فهو لم يجد هاتفها ... ليعود اليها يرفعها من ذراعها : وين الفون .. طلعيه احسنلج .
يده تبحث عن جيبها .. فتمسكه صارخة : الا فوني .. الله يخليك يا ناصر .. والله ما اعيدها ..

سحبه بعنف ليرميها من جديد .. ويخرج بخطوات واسعة .. تحاول ردعه من اغلاق الباب .. فيرفسها بقدمه .. مقفل بابها عليها .. لتبكي بحرقة .. تطرق الباب بقبضتيها وهي مفترشة الارضية : افتح الباب .. الله يخليك افتح الباب .. ما بعيدها .. والله ما بعيدها ..

لكن هيهات ان يستمع لها .. بكت وبكت .. وترجت حتى مل لسانها الترجي .. فهي ليست بعقلها .. تدرك احيانا انها تخطئ في افعالها .. واحيانا اخرى تتمسك بالخطأ حتى ينال منها ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:24 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
كخطأ اخيها الذي غاب ولم يعد .. فقط لانه سمع كلمات من والده في تلك الليلة التي افقدت روضة عقلها .. مكتبه الصغير توسع خلال اشهر مضت .. حتى اضحى شركة معروفة في لندن .. ليست بشهرة الشركات الاخرى .. ولكنها قد تصل في اعوام بسيطة .. سماعة الـ" ايفون " تنام في اذنها براحه .. وصوت اغنيات تتذبذب عبر خلاياها السمعية .. وقدمها تتحرك مع النغمات .. وذاك ينظر اليها تارة وتارة اخرى ينظر الى ما بين يديه من اوراق .. فهي تجلس منذ ساعة في مكتبه .. تطلب عملا ولن يوظفها الا هو .. تهز رأسها ليتحرك شعرها الناعم الذي يداعب كتفيها العاريان جراء فتحة " بلوزتها " الواسعة .. يمر الوقت وهي لا تشعر به.. تتجول من اغنية الى اخرى .. واحيانا تردد الكلمات مع تلك الافواه الشيطانية ..

توقف لينظر ذاك السكرتير اليه .. اخذ ينظر اليها واذا به يلتفت : من هذه ؟

-
تريد عملا .. وهي هنا منذ ساعة تقريبا ..

-
دعها تدخل .

قال تلك الجملة وحث الخطى الى مكتبه .. ليناديها ذاك .. ولكنها لا تسمعه .. ونظرها الى جهازها القابع على ركبتها ..اقترب منها .. نزع تلك السماعات .. لتنظر اليه بنظرة بلهاء : الاستاذ احمد ينتظرك في مكتبه .

وقفت تلملم اشياءها بعجل .. تضعهن بارتباك في حقيبتها طويلة الذراع .. وتعلقها على رقبتها .. وتسحب ذاك " الجاكيت " من على تلك الاريكة : شكرا لك ..

طوح برأسه .. فهي تبدو غبية جدا .. بتلك القصة المستقيمة على جبهتها .. طرقت الباب ورتبت " بلوزتها " تسحبها قليلا على فخذيها .. تهادى اليها صوته الاجش .. لتقف بتوتر امامه .. وتجلس بعدها وابتسامة تدل على حمق تصرفاتها ارتسمت على محياها .. ليكتم هو ضحكته .. ويردف : بماذا استطيع ان اخدمك ؟

-
اممم .. اممم

حملق فيها : الا تعرفين لماذا انتي هنا ؟

صرخت : بالتاكيد – اخذت نفسا وهي تفتح حقيبتها الراقدة على فخذيها – هذه اوراقي ..

مد يده .. وهو يستمع لها وهي تكمل حديثها : اسمي جوليا .. عمري اثنان وعشرون سنة .. لدي شهادة في الحاسب الآلي ..

قاطعها : ولكن وجهك يبدو اصغر .. ولولا هذه الاوراق التي تثبت صحة ما تقولين لما صدقتك ..

ابتسمت : الوجوه لا تعكس سن الانسان .. بل الراحة النفسية هي التي تنعكس على الوجوه .

-
فيلسوفة .

ضحكت وسرعان ما تداركت نفسها .. لتطأطأ رأسها .. ويتابع هو النظر الى تلك الاوراق .. تنهد فهو لا يرغب بردها .. مع انها لا تبدو الا فتاة حمقاء في تصرفاتها .. غير منظمة .. متوترة .. وضئيلة الجسم ..

ابتسم وهو يدقق في جسمها النحيل .. وسرعان ما استغفر ربه .. فهذه نظرة محرمة .. مضى الوقت وهي تنتظر ردا منه .. وهو فقط يقلب في تلك الاوراق الثبوتية .. شعرت بالتوتر يسحبها بشدة .. حتى وضح ذاك الامر على كفيها القابضان على حزام حقيبتها .. رفعت نظارتها الطبية بطرف سبابتها : هل ستوظفني ؟

-
تحت التجربة .. ساعطيك اسبوعان .. او لنقل شهر .. لتثبتي فيه جديتك في العمل ..

وقفت بفرح عارم : دعه اسبوع وساثبت لك اتقاني وحبي لعملي ..

عقد حاجبيه مستنكرا : كما تشائين ..

" شكرا " رددتها مرارا وبعدها هرولت خارجة .. كمجنونة غريبة الاطوار .. استنكر تصرفاتها الاقرب الى طفلة لا تعرف ماذا تعمل .. ابتسم وهو يطوح برأسه .. لعله فتح لنفسه باب مع تلك الفتاة .. ولكنه اعطى لها كلمة .. وسينتظر هل ستكون عند حسن الظن ام لا ..

,،

كثير من البشر لا يرافقهم الا سوء الظن بالاخرين .. وهي كانت دائما تحسن الظن بمن تعرفهم .. واليوم عرفت ان حسن ظنها باولئك البشر لم يأتي لها الا بمصيبة كبيرة .. ركبت سيارتها بعد تلقيها لتلك الرسالة .. تشعر بانها في قاع لا تعرف كيف تخرج منه .. فهم فعلوا كل شيء في الخفاء .. استغلوا ما حدث معها .. واستعملوا " الواسطة " التي يمتلكونها .. فدبروا ونفذوا .. وهي آخر من يعلم .. ترجلت وحثت الخطى بقلب ذُبح للمرة الثانية .. ولكنه ذبح اشد من المرة الاولى .. وقفت لتجري لها تعانق ساقيها .. وترفع رأسها : ماما يبتيلي كندر ..

كفاها تتركان شعر خلود الرابضة امامها .. كانت تمشط شعرها .. فمنظر تلك الواقفة اثار الريبة في نفسها : شو بلاج عموتي ..

سقطت دمعة تتلوها اخرى : سووها يا ريم .. الانذال سووها ..

,،

ان شاء الله ينال ع اعجابكم .. ويوم الاحد باذن الله بيكون الجزء 33 موجود ^^


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:25 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
كفها الصغير البارد لبرودة المكان بسبب ذاك التكييف يلامس وجنة والدتها .. ليمسح دمعة سقطت مع سقوطها على ركبتيها امامها .. لتردد بطفولة لا تعي معنى المعاناة : ماما .. لا تصيحين ..

اربع سنوات وهي تراها تكبر بين كفيها .. وامام عينيها .. والاخرى ذات الست سنوات تقف بخوف .. وبهلع وهي تستمع لوالدتها التي ردت على سؤال طرحته ريم .. مالذي حدث .. لتتسابق دموعها مجيبة .. واطرافها تمسح على شعر حصة : اللي ما يخافوا ربهم .. بيحرموني منهن ..

انتحبت .. لتبكي خلود .. وتبكي الصغيرة لبكاء شقيقتها .. وتبتعد للخلف خطوات مرددة : ماما بتموت مثل علايا ..

اسرعت اليها تدفنها في حظنها : لا يا روح امج .. يا قلب امج انا ..

غمغمت وهي في صدرها : ليش تصيحين ؟

مسحت دموعها وهي تقرب الاخرى منها وتوقفها امامها : ما اصيح .. شوفي ما شيء دموع ..

وسرعان ما عاد السيل على الوجنتين .. لتحتظنهما بعمق .. وتقترب الاخرى هامسة : عموتي تراج خوفتيهن .. ان شاء الله ما بيسون شيء .. وكلي امرج لربج ..

" خذيهن فوق يا ريم " قالتها وهي تقف .. تنسحب من المكان .. فقلبها مدمي بسبب ذاك القرار العادم لها .. تركتهما خلفها يبكيان .. لم تلتفت وهي تسمع بكاء خلود . فكم صعب على تلك الطفلة ان تحرم من اختها والآن جاء الدور لتحرم من والدتها .. مسحت دموعها وحثت الخطى .. ترغب في البقاء مع نفسها .. تبتعد عن الجميع .. عن وجوه قد تثير في نفسها الضعف .. انزوت بنفسها في ركن من اركان المجلس .. لم تهتم للجو الخانق .. فحرارة جسدها كفيلة ان تنسيها ان تشعل التكييف .. وهاتفها يقبع في كفها .. زفرت واطرافها تمسح بقايا تلك الدموع .. وابهامها يتحرك بحثا عن رقم هاتف تلك العجوز .. يرن مرارا .. ولكن لا من مجيب .. تنهدت لتتابع البحث من جديد عن عم لم تره الا مرة من بعد ان ترملت .. وايضا لا اجابة .. فكيف سيواجهونها بعد ما اقترفته ايديهم .. تعبت من الضغط على زر الاتصال .. حتى رمت بالهاتف على الكرسي بجانبها ..


تحاول ان تسكتهما عن البكاء .. وتردد تلك السؤال نفسه " ماما بتروح مثل علايا " .. لتنطق هي قائلة : ماما بطنها يعورها .. انتي يوم بطنج يعورج ما تصيحين ..

هزت رأسها وقبضة يدها الصغيرة تدعك عينها .. لتردف تلك : بعد ماما تصيح عشان بطنها يعورها ..

بطفولة ساذجة : بيعطوها ابره ..

-اتصلت بخالوا عشان ايي يشوفها وبتصير بخير .

كذبة ستسكت خلود لتسكت حصة .. هدأتا على اعتاب الكلام المزيف .. لتصعدا الدرجات وايديهما تتماسكان .. لتنظر لهما تلك حتى اختفيتا وتنزل وهي تتشدق الشفاة : عشان شو تكذبين عليهن .. حرام عليج ..

لا تعلم السر خلف تلك المعاملة الفاترة من شهد .. وقبل ان تنطق ردا عليها قاطعها والدها مندفعا وخلفه مريم .. فلقد كان خارجا .. ليبعثر الكلمات ناطقا بخوف : شو اللي مستوي يا ريم .. وينها عمتج ؟

- ما اعرف شو صاير بس الظاهر ان اعمام البنات بياخذوا بناتها ..

" وينها " نطقها بهلع على شقيقته .. لتردف هي : طلعت من شوي ..
ردت مريم وهي ترمي عباءتها في الصالة : سيارتها برع .. اكيد فالمجلس ..

هرولت ساقيه بخطى متسارعة ... لينطق باسمها وهو على عتبة الباب .. فترفع هي رأسها وتبتسم رغم الم قلبها : الحين تذكروا ان لهم بنات اخو ..

ربضت بجانبها وهي تتحوقل .. لتتابع حديثها متسائلة : خبرينا شو صار بالضبط ..

نظراتها على عيني اخيها : ياليتك ما قلتلي ارجع الشغل .. ياليتني ما سمعت كلام راشد ورحت بيته .. ياليتني بقيت فبيت عُمر..

-
استغفر الله العظيم .. لا تقولين هالكلام وخبرينا شو مستوي .. وترا عليا هي اللي طلبت مني تردين شغلج .. ولو كنت ادري باللي بيصير لا والله ما قلتلج .. بس هذا فعلم ربج ..

زفرت انفاسها : رفعوا قضية حضانه وكسبوها بالغش والواسطة .. وصلتني الورقة من المحكمة .. قلت اكيد في شيء غلط .. انا ما عندي اي خبر باللي سوه .. رحت اتأكد – تنهدت وكأنها تحاول ان تجمع شتات حروفها – استغلوا يلستي عند راشد .. وموت عليا .. وشغلي اللي ما ارد منه الا العصر .. استغلو تاجيري لبيتي .. وطلعوني اسوء ام فالدنيا ..

جلس بجانبها الايمن : لا تخافين يا ميثة بناتج ما بياخذوهن .. ومن باكر بروح لهم وبتفاهم وياهم .. مالهم حق دامج ما عرستي من بعد اخوهم ..

مسحت دموعها لتلتفت له تمسك كفه وتحتضنها بكفيها : من ويياه بتروح ..

-
بنروح انا وراشد .. ترا اللي بينا ما لج دخل فيه .. واذا ظنهم ما وراج سند وظهر فظنهم خايب ..

" بروح وياكم " قالتها لتنطق مريم وهي تربت على كتفها : خلي الريايل يتفاهمون بالاول ..

ابتسمت وهي تقف : يا خوفي يا مريم ان سواتهم ما يت الا من ورى عناد .. يا خوفي ان القديم يتيدد

وقف : شو اللي تقصدينه يا ميثة ..

ابتسمت من بين لوعة روحها : عشت وياهم سنين وحفظتهم زين .. واذا رحتوا يا بو عمار ريلي ع ريولكم .. وان كان ظني ما خاب ما بيحلها الا كلمة مني ..

وغادرت .. لتترك خلفها تساؤلات دون اجوبة .. وغموض في حديث اغدقت به مسامعهما .. ليلتفت لزوجته : شو اللي تقصده بكلامها ..

-
اختك عاقل يا عبد الرحمن .. بس اللي تقصده ما اظن انه شيء هين وبينحل بسهولة ..

-
عاقل ما قلنا شيء .. وانا اشهد ان العقل خذته من يدي ( جدي ) الله يرحمه .. بس لازم تخبرنا وما نروح ع عمانا صوب الناس ..

يدها تربت على عضده : هي مب متاكدة كلها ظنون .. وباكر كل شيء بيبان .

تحوقل .. واردف : وسالفة ريم وعبد الله .

من خلف ابتسامتها نطقت : روح كلمها .. وعدتها ما باقي منها شيء .. واذا لها نصيب وياه بتاخذه ..


تلك التي كان الحديث عنها .. تبعت شهد للمطبخ .. تحاول ان تفهم ما بها .. فكلما تحدثت معها تناثرت الحروف من فيها دون رغبة .. واذا اجتمعوا كأنها غُصبت على البقاء في جمعتهم .. وقفت وهي تراها تضع قناني الرضاعة في الماء لتشعل النار تحتهن .. فالتعقيم لا بد منه .. ولا افضل من الماء الساخن : شهد انا زعلتج فشيء .. ضايقتج فشيء بدون ما احس ؟

تنهدت بحنق .. بخفوت لم تستشعره ريم : ما في شيء .. وانا مثل ما انا ما اعرف شو بلاكم انتي وعموتي وحتى عمي يسألني ..

-
بس انتي متغيره .. حتى مرات احس انج تكرهيني .

"عمي يزقرج " نطقتها وصوت عبد الرحمن يصل اليهما وهو ينادي ابنته ريم .. حثت خطاها باتجاهه .. واذا به يطلب منها ان تتبعه حيث غرفته .. كل ذاك كان تحت مسامع وانظار شهد .. دخلت معه وكلمة " خير " بعثرتها على مسامعهما وهي تنظر الى مريم الجالسة .

-
تعالي يا ريم .

الكثير من الاستفهامات تلمح على ملامح وجهها .. نظراتها تجول بين الاثنين .. لتردد بخوف : شو السالفة ؟

تنهيدة بعثرت هما يحمله : انتي انخطبتي .

قالها دون مقدمات .. لتبهت : ابويه انا بعدني فالعدة .. شو خطبته الحين ... وفوق هذا انا مب مستعدة اخوض هالتجربة من يديد .. ما اريد اعرس .

نهضت واذا به يمسك كفها لتعاود الجلوس مع كلماته : يلسي وسمعينا للاخر .

صمت لبرهة واذا به يستطرد قائلا : اللي خطبج مب غريب .. وريال والنعم فيه .. وما بتحصلي حد احسن عنه .

-
مب غريب ؟!

استندت على كفها لتقوم تحت انظارهما : خلوني اروح اشوف ميثة .. وانتي يا ريم سمعي ابوج وبعدين قرري .

ماذا يحدث اليوم ؟ سؤال تبادر الى ذهنها .. منذ ساعة دموع ميثة تسبقها الى المنزل .. وشهد ما ان تراها حتى ابتعدت .. والآن والدها وخالتها مهتمان بموضوع مسحته هي من تفكيرها .. استمعت اليه ليرمي باسم ذاك الخاطب المجهول على مسامعها .. لتثور بحنق فاتر : شو .. عبد الله اخو سعيد ..

-
وليش ما قلتي عبدالله ولد عمي ..

-
لانه اخو سعيد .. سعيد اللي كرهني فشيء اسمه بيت واسره اقدر اكونها .

تحوقل وهو يرى دمعة هربت من محجر عينها لتسرع اناملها اليها .. واردف : بس عبد الله غير ..

-
ولانه غير يا ابويه ما اريد اظلمه وياي .. انا ما بقى مني شيء اعطيه له .. ما بقى مني غير انسانه محطمة .. كارهة العرس وطارية .. وعبد الله يستاهل اللي احسن مني .

-
عبد الله ما يريد غيرج .. وشاريج بكل ما فيج

آآه ليتك تعلم بأني أعلم عن حبه لي .. ليتك تعلم بأني لا اقوى على اعطاء شيء له .. ترددت الآهات في روحها .. لتربت على يد والدها بابتسامة اغتصبتها : قوله ماله نصيب .. والله يرزقه باللي احسن مني .

قبل ان تخطو خارجة تردد صوته : ما بقوله شيء .. وانتي فكري زين .. ترى مب كل يوم بييج حد طالب ايدج وانتي ..

اُلجم لسانه قبل ان ينطق بصوتها هي : عبد الرحمن متى ما بيي النصيب ما بيرده شيء .. واذا خايف محد اييها لانها مطلقه .. فاقولك من توكل ع ربه ما خابه .

شفتيها الغارقتان بالدموع تلثم اعلى جبين مريم .. لتتمتم : الله يحفظج ويطول بعمرج .

اغلقت الباب خلفها لتنطق تلك : شو بلاك يا عبد الرحمن .. تكسر البنت اكثر ما هي مكسورة .. واذا كانت مطلقه ؟ اذا في عيون الناس منعابه فعيونا لازم ما تكون .

نهض بغيض : انتي تعرفيني زين يا مريم .. مرات الكلام انطقه بدون ما احسب حسابه .

-
وكلامك هذا ما تنطقه الا عند ريم وعشانها .

تحوقل ليغادر الغرفة بغضب .. وتزفر هي انفاسها مطوحة برأسها .. فهي تعرفه اكثر من نفسها .. وهو لا يُلقي بذاك الكلام الجارح الا على ريم .. الِأنه يريد ان يبرر انها كانت غلطة طيش .. ولكن لمن يبرر .. لزوجته التي سامحته بعد ايام من معرفتها بزواجه .. ام لنفسه التي لا تزال تعتقد بوجود فجوة سببها تسرع اصابه دون تفكير في يوم كان .

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:25 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
اعذار تتلوها اعذار .. اسبابها كثيرا ما تكون واهية .. فتلك الام تختلق الاعذار لفعل ابنتها .. تجلس بمعية ابناءها الا هي وبمعية بعلها .. قبيل العصر وبعد ان تناولوا الغداء .. صرخت تلك التي في الاعلى ضاربة بتلك الصينية عرض الباب .. لتنساب نعمة الله على الارض .. وتاتي هي بعد ذاك تضع العذر يتلوه آخر فقط ليفك سجن روضة .. لينطق عبيد بحزم : خليها تتأدب .. وزين يسوي فيها .. يربيها اذا ما عرفنا انا وياج نربيها .

كان يرغب بضربها .. بتهشيم رأسها حين جاءه الجواب على سؤاله عن سبب حبسها في الاعلى .. ليرتفع معدل ضغطه ويهدأ بعد ساعات .. فتلك لم تحترمه في غيبته .. ارادت ان تدنس سمعته بافعالها .. وهل يغتفر فعل كفعلها .. تراود زوج اختها عن نفسها .. حتى يترك شقيقتها ويخلو لها .. كم هو عظيم ذاك الذنب .. ازدردت ريقها حين قال : متى بتتصافين وييا ريلج ؟

ليبعثر الرجل الاشيب كلماته : سارة متى ما تحب بتروح .. ولا تدخل بينها وبين ريلها .. اذا لها نيه فتلفونها عندها .. وانا ما بمنعها من اللي تريده .

رمق العنود بنظراته .. فللمرة الثالثة يرن هاتفها المحمول وتغلقه .. وتبتسم مجاملة .. استأذنت ليستأذن بعدها .. شعرت به خلفها .. ليلج معها الى غرفتها : منو اللي يتصل عليج وتسكرين ؟

سؤال مباغت الجمها عن الكلام .. فماذا عساها تجيب .. سحب الهاتف من يدها بعد عدم ردها .. ليتجول في الصادر .. والمفتقر لرد .. وللوارد بعد رد .. هل يعقل انها مسحت المكالمات بهذه السرعة .. نظر اليها من جديد حين رن وجحظت عيناها .. ليضعه على اذنه دون ان يجيب .. فقط يستمع الى ذاك الذي يبعثر الكلمات بخوف : ليش تسكرين فويهي .. قلتلج بتصل عليج .. وانا ياللا ياللا احصل فرصة.. الوو .. ليش ما تردين ..

تسمرت نظراته عليها .. واذا به يخرج وهاتفها في يده .. لتجري خلفه تناديه .. ولكن هيهات ان تلحق به .. لعل ذاك اخبره امرا ما جعله يخرج .. انفاسها تتسارع .. وتلك تسألها : شو بلاه اخوج ؟ وليش طالع بهالشكل ..

-
ما اعرف ما اعرف .. رد ع موبايلي وعقبها طلع .

ضربت اليمنى باليسرى وهي تتحوقل مرارا : عين وصابتنا .. يا رب احفظ ولدي ما بقالي غيره .. يا رب تحفظه .

ورحل جسدها عن المكان .. لتقترب تلك متوجسة .. تسـأل تلك المرتعبة : منو اللي اتصل ورد عليه .

-
ما اعرف .

اطرافها تطوق ذراع اختها النحيلة .. وبتهديد : عنوودوه شو اللي داستنه .. تراني ملاحظة من ايام عليج .. كل ما ياج اتصال طلعتي عنا .. منو اللي يتصل .. ليكون ؟

شهقت لتُسارع كفها تغطي فيها .. وتغمغم : سود الله ويهج لو كنتي ..

لم تجبها وهرولت لتختفي عن انظارها .. وتتبعثر " لا حول ولا قوة الا بالله " من جديد في الارجاء .. اما هو فابتعد بقدر ما يستطيع بعد ان ركب سيارته .. ليرسل رسالة نصية مفادها :" اتصل في الحين "

مرت الثواني ثقيلة .. تتبعها ثواني لتكون دقائق تنحره .. يرن واذا به يستمع لصوته : شو مستوي يالعنود .. امي فيها شيء .. ابوي فيه شيء .. اخوي فيه شيء ..

هنا نطق : بعدك متذكر ان لك ام وابو واخو .. ما قلت ان عندي امي دمعتها ما نشفت من يوم ما سافرت .. ما قلت عندي اخو صغير ما تعود يفارقك .. ليش يا احمد .. ليش ؟

تهدج صوته وذاك صامت لا يجيب .. ليتابع العتب باختناق الكلمات : تروح بالسنه والشهور ولا تفتكر فينا . . ليش ما ترد .. تكلم .. عطني مبرراتك غير انك مريض بالايدز .

بهت ليقع القلم من بين انامله .. وينسحب الكرسي للوراء لوقوفه : كنت راد يا ناصر . كنت راد وانا بصحتي عقب ما عرفت ان اللي صار غلط طبي .. رديت وياليتني ما رديت فذيج الليلة .. هاجر صدتني وابوي قتلني وانا حي ..

-
مب فاهم عليك .. دام ان ما فيك هالخبيث كل شيء يهون .. والا هانت عليك دمعة امك ؟

حرارة اصابعه على زجاج النافذة تبعد ذرات الماء المتكثفه : يااااه كم مشتاق لريحة الغالية ..

" ارجع " نطقها باختناق الوجع .. وبغصة استقرت منذ يوم الغياب وأبت التزحزح ..

,،

كرجوع تلك المستوطنة بالغريب .. تدس رأسها بعنف بين ذراعيها .. فالصداع يفتك بها .. ولم يدخل جوفها الدواء منذ يومان .. لتهرع الى دورة المياه( اكرمكم الله ) .. فذاك يضغط في رأسها لتفرغ معدتها ما احتوته .. حتى وان لم يكن بها شيء في هذا الصباح ..

تعب الاستفراغ ينهشها .. لتزفر بعد شهيق مرارا بسرعة فائقة ... وتقود خطاها ويدها تستند على الجدار .. فالخوف من اغماءة مفاجأة .. رمت بنفسها على السرير دون اهتمام .. فقط كل ما تبتغيه ان يهدأ ذاك الصداع القاتل .. مضت الدقائق وهي مستلقية بعشوائية .. جسدها مرتخي تماما .. وكأنها خرجت من ولادة متعسرة .. انفاسها بدأت تهدأ .. والظلام فقط ما تراه .. فتحتهما بتعب لتلك الطرقات على الباب : ادخل

واذا بتلك العاملة وبيدها صينية الافطار تضعه على الطاولة وتردد برطين انجليزي : انتي بخير ؟

هزت رأسها وهي ترفع جذعها .. لتخرج تلك وتتنهد هي بتعب .. نظرها يتحول الى حيث هاتفها على " الكوميدينة " فتنحني بجذعها تمد ذراعها لتنتشله .. ايمان تتصل .. وبعد السلام والسؤال عن الحال : ايمان حبيبتي يا ليت اطرشين اغراضي وييا عيسى ولا تنسين الحبوب اللي اخذهن ..

تشدقت تلك : وليش وييا عيسى .. ترا زوجج المصون عندنا .. ويالس وييا اخوي من ساعة .. ما اعرف شو بينهم – بغضب اردفت دون ان تعطي الاخرى فرصة للكلام – وبعدين انتي كيف تروحين عنده بهالشكل .. قالج روحي البيت وانتي ما صدقتي .. انزين تعالي هني سلمي علينا قبل تروحين .

-
يعني جاسم طلع

شدت على اسنانها غيضا فتلك لم تهتم باي كلمة قالتها : هيه طلع .. خولة ما بستحي منج وبقوله فويهج .. انتي صايرة ما تنطاقين بضعفج هذا .. وين خولة اللي نعرفها ..

ابتسمت مرغمة : ما بقى شيء من العمر يا ايمان ..

-
جب ( بمعنى اخرسي).. لا تقولين هالرمسة والا ترا والله ازعل منج ..


هناك في ذاك المجلس الصغير وقف بعد ان عاتب عيسى لعدم اخباره بما جرى : وليش ما يت تطلب مني .. كم مره سالتها ناقصنها شيء .. وانت ما كاني نسيبك ووقت شدتك بوقف وياك .

وقف الاخر : انت تدري اني للحين مب راضي عن هالزواج .

بعثر نظراته في الفراغ : صارلنا اكثر من سنتين وييا بعض .. ولو اني ناوي ع اللي كنت اسويه كنت سويته من زمان ..

" وكم بقت وياك من هالسنتين وشوي ؟" سؤال اخرسه .. لينظر اليه من خلف نظارته بغيض .. ويردف هو متابع كلامه : لو انت كفو نسب ما كنت بتردد انتخيك فحايه ..

قبضته يشدها بجانبه .. ليحث الخطى ويستوقفه : يوم اليمعة بيونا ناس عشان يطلبون ايمان .. ياليت تخلي خولة اتي ..

-
يصير خير .

خرج .. وانفاسه بالكاد يلتقطها .. ليستوقفه من جديد قبل ان يتحرك ذاك السائق بالسيارة .. يعطيه حقيبة بها اغراض خولة التي جمعتها ايمان لها .. وبعدها انطلق .. يشعر بوجع في صدره .. فهو يجب ان يرتاح .. ولكن كيف بتلك الراحة ان تأتي .. اذا كان الماضي وصمة عار له .. وما ذنبه ان كان لا يثق بالنساء .. ولم يجد من تستحق ان تأسر قلبه .. وتلك التي اسرته باعته في اول فرصة .. ترجل بخمول واضح .. ليسنده سائقه الخاص حتى الصالة .. ويطلب من احدى الخادمات حمل الحقيبة للاعلى ..

تمدد على الاريكه ساندا ظهره على ذراعها .. وافكار تنهش عقله .. لم ينتبه لها وهي تقف بجانبه .. فعينه مغمضه .. وهي ما ان وصلت حقيبتها حتى سألت عنه .. لتعرف بأنه في هذا المكان .. طال وقوفها .. واذا بها تجلس على ركبتيها .. تتحرك للامام قليلا .. وتمسح على شعره .. ليفتح عينيه بجزع .

" خوفتك " .. قالتها وهي تبعد يدها .. لتردف وهي تراه يعتدل جالسا : الحمد لله ع السلامة .

" تحبيني " قالها وابتسامة ساخرة تعلو محياه .. وتزداد اكثر على جوابها ... : هيه احبك .. واشتقتلك بعد .

-
واللي يحب يبيع حبيبه ..

طوحت برأسها وهي تضع كفاها على ركبتيه : مب فاهمه عليك .. شو تقصد ببعتك .. اللي يحب ما يبيع حبيبه .. اللي يحب يبيع الكل عشان اللي يحبه ..

ضحك وهو يضع كفه على صدره الذي يوجعه .. وكم كان وجع قلبه اكثر : الحب تضحية .. وانتي ضحيتي فالجهة المعاكسة ..

امسك ذراعها بعنف .. ليهزها رويدا : تذكرين العقد اللي هديتج اياه - صرخت بآه ليتركها – تذكرينه او لا .

-
اكييد .. هذا روحك .. كيف اقدر انساه .

" وينه ؟" .. وقفت وهي ترد : عندي .. الحين اييبه لك ..

وهرولت تصعد الدرجات .. ليتمتم : وبعد تكذبين علي .

صعد خلفها بعد دقائق .. ليقف بعد ان اغلق الباب .. ينظر اليها تبعثر تلك الحقيبة .. ويسأل هو من جديد " وينه ؟ " لتردد وهي تنفض ملابسها .. وبعدها تمشي تبحث في الادراج : اذكر اني شليته وياي بيتنا .. كان عندي .. بس شكلها ايمان نسته .. وبعد يمكن انا مب متذكره .. يمكن هني فواحد من هالادراج ..

-
لا اتعبين عمرج العقد عندي .

توقفت وهي تبتسم .. لتجر الخطى نحوه : عيل ليش تقول اني بعتك .. وهو عندك ..

بحقد استعمره نطق : حسافه يا خولة .. كنت اظنج غير .. وخاب كل ظني ..

صرخت وهي تبتعد خطوة للوراء : انت شو قصتك .. انا شو سويت لك .. شو ذنبي اذا حبيتك ..

زمجر : وقلبي شو ذنبه يسكنج فيه – رص على اسنانه وهو يتقدم منها وعينيه في عينيها – بس اذا قلبي فيوم بيذلني والله لادوسه وامشي عليه ..

ومشى مبتعدا .. لتفزع مع صوت اغلاق الباب .. وتهمس : وانا ما بكون من الناس اللي تحت يا جاسم .. ما بكون فعينك تحت ..

,،

يتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:26 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
" يصادفنا كثيرا بشر بنظرات مختلفة .. فذاك نظرته حزينة .. وآخر نضرته ضاحكة .. ولكن حين ترى تلك الاعين انسان قد ابتلاه الله بشيء في جسده .. كتشوه مثلا .. او اعاقة .. فكيف تنظرون اليه ؟

ارى كثيرا نظرات الاشفاق التي توجه الى هذه الفئة من المجتمع .. وهناك نظرات الاشمئزاز وكأنهم مسوخ لا يجب الاقتراب منهم .. عذرا على الكلمة .. ولكن هذا ما تنثره تلك الاعيُن لأُناس اسوياء .. قد منّ الله عليهم بالصحة والعافية .. ولكن اخذ منهم التفكير العاقل .. والنظر الصائب ..

فأن كنت بأحسن صورة .. هل يعني هذا ان تنظر بخيلاء لمن هم لا .. ...
"


رمى بالصحيفة على فخذيه بعد ان دخل ملقيا السلام .. ابتسم وتابع المسير بكرسيه .. وذاك يتتبعه بنظراته .. ليردد بصوت فرِح : حياك يا بو محمد .. نور البيت بهالييه ..

جلس وذاك يسكب له فنجان قهوة بعد ان وضع الصحيفة جانبا : سم .

انامله تعانق الفنجان ليرتشف منه رشفتان ويهزه : شو هالرمسه المخبقة( ليست بجيدة ) اللي كاتبنها .

قهقه ليردف : شو بلاك محرج ( غاضب ) ترا هذي كتابتي من سنين ..

-
بس ما كنت بتكتب هالموضوع من يديد الا انه صاير شيء - اردف بهدوء - للحين ما بينكم شيء؟ .

تنهد : عايشين مثل الاغراب .. سلام وكم كلمة ..

-
صارلكم اكثر من شهر الحين .. كلمها ايلس وياها .. حطوا النقاط ع الحروف .

-
مب مكلمنها فشيء .. هي اللي غلطت وهي اللي لازم تعتذر .

تحوقل : فشو غلطت .. مب انت قلت انها مغصوبة .

-
وهي ما فيها لسان تسأل عني .. تسأل عن اللي بترتبط فيه .. والا هي زواجه والسلام ..

" لا تصير عنيد يا فهد " .. قالها ليقاطعه ذاك بحزم : مب عناد قد ما هو كرامة وانداست ..

لا يعرف كيف يستطيع ان يعيد فهد الذي يعرفه .. فهو تغير عن ذي قبل .. لم يعد يضحك .. اضحى يحسب حسابات لما هو فيه .. استغفر ربه .. لينطق بعدها : شوف يا فهد .. كرامتك ما انهانت ولا عاش اللي بيهينها .. ولا تخلي اللي بنيته انت من سبع سنين يروح بكم تصرف منها .. ايلس وياها .. تحاوروا .. انت عاقل وهي عاقله .

قاطعه وهو يضحك ساخرا : قلت لها بنسافر ورفضت .. وقلت لها ما عندي مانع ترد شغلها .. قالت بخذ اجازة وبنقل من هالمدرسة .. شو تسمي هالتصرف .. غير انها مستحيه ان زوجها ع كرسي .


اما هي فنزلت السلالم كعادتها .. فذاك المصعد لا تريد ان تقف فيه .. فهو له .. تعلم ان هناك ضيف جاءه .. مشت وشدتها تلك الغرفة مفتوحة الباب .. وصوت موسيقى هادئ يسترسل عبر الاثير .. تقدمت بخطواتها .. مكتبه .. بسيط جدا .. رفوف قد تكدست بها الكثير من الكتب .. وطاولة دائرية صغيرة توسطت المكان وعليهايقبع جهاز الحاسوب الخاص به .. وهناك عند الزاوية طاولة مكتب عليها الكثير من الاوراق المبعثرة .. وبجانبها ارجل خشبية لترتكز عليهن ورقة بيضاء كبيرة وادوات هندسة ..

تابعت التجول وهي تقرأ عناوين تلك الكتب .. فهنا روايات عالمية .. وأخرى خليجية .. وهناك كتب فلسفية .. وأخرى دينية .. والعديد العديد .. توقفت وهي تنظر الى ذاك البرواز لذي احتوى شهادة ما .. اقتربت اكثر لتقرأ .. شهادة تقدير لمشروع ما .. وبجانبها شهادة جامعية في الهندسة بمعدل امتياز مع مرتبة الشرف .. ابتسمت فزوجها ليس بزوج عادي ..

تنفست وهي تمرر اصابعها على اسمه . . المهندس فهد الـ...... وبعدها اتجهت للمكتب لتعقد الحاجبين لذاك الكتاب وذاك العنوان ..
" هواجس روح اتعبها الوجع " .. كلماتها هنا .. تذمرها الذي كان .. هو يقرأ كتابها واسطرها المشحونة بالغضب على حياة كانت ..

التفتت حين سمعت اسمها منه .. يقف عند الباب .. ويشد المسير نحوها .. ليطلب منها الجلوس .. فذاك السعود اقنعه بضرورة الحديث .. تنهد وهو يرى صمتها الخانق : فاطمة .. صارلنا اكثر من شهر وييا بعض .. ومب يهال عشان ما نعرف شو الصح وشو الغلط .. قلتلج لو مب مرتاحه وياي ورقة وانكتبت وجمعتنا .. وورقة ثانية بتفرقنا .. لا نقص منج شيء ولا مني .. بس بعد كل زيارة لاهلج ترجعين .. اذا عيشتج عندهم ما عايبتنج .. وعيشتج عندي بعد ما عايبتنج .. شو اللي يعيبج .

الصمت بانتظار حروفها .. عيناه يسقط نظرهما على كفيها المتعانقان في حضنها .. وحركة توتر اتضحت منهما .. تنهد : قولي شيء .. ترا يا بنت الناس مب متحمل اللي انتي فيه ..ولا متحمل معاملتج لي وكأني مب موجود .. مب كافي انج فليلتنا ذبحتي قلبي بدموعج .. وكسرتي حلم كنت اتمناه .

" اسفه " نطقتها برتباك وهي تقف .. لتردف : بروح الحجرة ..

توقفت عن المضي في طريقها حين نطق : فكري يا فاطمة .. عندج هالاسبوع بس .. يا تعيشين وياي برضا ونكمل حياتنا الزوجية .. او كل واحد فطريج .


,،

ذاك ينشد الراحة .. واخر ينشد حلم قديم اتعبه .. هو لا يستغل الفرص .. ولكن وجود ذاك الاخ قد يبعثر الامال من جديد .. ففضل ان يتكلم بعد ابتعاده .. فذاك الشقيق قرر ان يقوم بشهر عسل متأخر الى تركيا .. ارضاء لتلك الزوجة المستغربة ذاك الدلال منه ..

قرر العودة الى منزل العائلة مؤقتا .. بعد ان اقنع مايد بالعودة ايضا .. ولكن هو لا يفكر بالاستقرار معهم من جديد .. فلا تزال كرامته مجروحه .. تنهد وهو يشد من أزر روحه .. ويعانق طيفها خياله الذي لم يفارقه يوما .. شد الخطى بمعية اخيه بدر الذي يشجعه ببعض الكلمات .. دلفا الى الصالة وقبلا رأس والدهما ورأس والدتهما .. وجلس هو بجانب والده .. والاخر فضل الانزواء بعيدا قليلا .. قال بثقة لطالما امتزجت بشخصيته الطيبة : ابويه اريد ارمسك (احدثك ) فموضوع .

اعتدل في جلسته: خير يا عبدالله .

" بنت عمي ريم " .. ما ان نطق تلك الجملة حتى عقد الاخر حاجبيه ليردد : شو بلاها بعد ..

-
ما بلاها الا كل خير .. ابويه انا طلبتها من عمي عبد الرحمن .

" شو " نطقتها هي بقسوة .. لتردف : هذا اللي ناقص تاخذ مطلقة اخوك .. لا بالله ربيت يوم هذي التربية .. وانا اللي اقول عنك عاقل .. تسوي هالسواه .

سكتت ولسانها يردد " حسبي الله ونعم الوكيل " وتتبعها بالحوقلة وشيء من الاستغفار .. وكأن ذاك الفعل جريمة شنعاء وجب الاستغفار منها .. ليخرسها هو بنبرته المزمجرة ويردف : وعمك شو قال .

-
وشو تباه يقول بعد

صرخ بها لتسكت .. او لتذهب من المكان .. لينظر الى عبدالله ينتظر الجواب منه .. ليتنحنح ويردف : ما رد علي للحين .. بس ان شاء الله بيرد علي .. ابويه ترى بنت عمي انضامت وهي بينكم .. والضيم شين .

رددت من جديد : بتاخذها شفقه يا عبود ..

التفت لها : لا والله .. ما عمري اشفقت ع انسان وتصرفت من ورى الشفقه – عاد ليلتفت لوالده – ريم بعدها فالعدة .. وانا ما حبيت اسوي شيء بدون ما ابلغكم ..

وقف وذاك ينظر اليه ليقف معه .. ويقف بمعيتهم بدر .. لينطق : مقرر ومتقدم والحين ياي تقول ما بتسوي شيء من ورانا .. اذا وافقت عليك .. فهالبيت يتعذرك يا عبدالله ..

" ابويه " صرخ بها بدر .. ليتابع الاخر حديثه : لو فيك مروة ونخوة يا عبود .. كان سويت اعتبار لاخوك سعيد .. لطليقها ..

- النخوة والمروة كان المفروض هو يطلعها لبنت عمه مب للغريبة ..

قال جملته ليردفها بجمل اخرى : من يوم يومي وانا مثل الغريب بينكم .. وسعيد هو الكل فالكل لانه العود .. وهالبيت ياما تعذرني يا بو سعيد .. وهالمرة انا اللي بتعذره .. برخصتكم .

كان يتمنى ان يرتدع ويبقى معهم كما كان سابقا .. ولكنه حتى هذه الساعة لم يعرف ابناءه حق المعرفة ..

,،

كم هم كثيرون اولئك الاباء والامهات الذين لا يعلمون شيء عن ابناءهم .. تغير كثيرا عليها بسببها هي .. وبسبب عنادها الذي اتعبه واتعبها .. جلس على ركبتيه امامها .. ينحني ليقبل كفيها .. ويسألها : اميه شو بلاج .. شو اللي مب عايبنج فسارة .. ترى والله اني مشتاق لها واايد ..

جسمه نحل وهي تدرك السبب دون ان يذكره لها .. قلبها يؤلمها عليه .. ولكنها لا تريد ان ترضا بتلك السارة .. اجابته : لانها بنت شيخوه .. ولان الحب يطلع ع بذره .

-
وروضه ما كانت بتطلع عليها .. والا هو عذر وبس ...

لم تجبه .. لانها تدرك ان ما ذاك الا عذرا اقبح من ذنب .. اكمل متسائلا : انزين شو بلاها عمتي شيخة ليش ما تدانينها ( تحبينها )

زمجرت بغضب في صدرها استقر سنين وسنين : شيخوه كانت الكل فالكل عند يدودك( اجدادك ) وكل ما مدحوا مدحوها .. الماي قبل لا يطلبوه يوصلهم من ايديها .. وهذا كله عشان اطلعني انا ولا شيء فنظرهم .. تضحك عليهم بمحبة ع الراس وسوالف الصبح والعصر .. حتى الطباخ كانت تقولي لا تطبخين انا بطبخ بس عشان تكبر فعيونهم .. ويمدحون فيها ويزيدون ..

طوح برأسه : ان بعض الظن اثم .. وبعدين لازم تفرحين اذا سارة بتطلع عليها .. بتشلج ع كفوف الراحة .. صح والا لا ..

تلعثمت لتجيب : مادري .. مادري ..

ابتسم لشعوره بأن قلبها العنيد بدأ يلين : انزين خليها مثل بنتج ..

-
اتهبي تكون بنتي بنت شيخوه ..

تنهد .. فما ان وصل لطريقه حتى ابتعد من جديد : فديتج لا تصعبينها علي .. ترى والله حالتي بالويل .. يرضيج ولدج باكر يطيح فالفراش ..

-
بسم الله عليك ان شاء الله فعدوينك ..

قالتها وهي تمسح على شعره .. ابتسم وزادت ابتسامته حين اردفت بكبرياء مصطنع : خلاص .. روح يبها اذا تريد اتي وياك ..

" من قلبج " سؤال بعثره ليتأكد من ذاك الذي قالته .. لتبتسم : مالي فهالدنيا غيرك يا ذياب .. واشوفك تتعذب وبسبايبي والله اني اتعذب وياك .. دام راحتك ويا سويروه بنت شيخوه – وقالت الاخيرة بغضب – الله يهنيك .. بس هااا اذا شفت منها الغلط والله ما اسكتلها

تهدده بعد ان اراحته .. لينقبض قلبه .. فهو يعلم بان تلك تكتم ثم تكتم ثم تكتم .. ومن بعدها تنفجر .. ولا يرغب بذاك ان يتكرر .. فوجعها مؤلم لقلبه الذي احبها .. ابتسم وهو يردد " ان شاء الله " .. ليقف وينحني مقبلا رأسها .. وبعدها يترك المكان .. فتلك العجوز كمن اعطاه قارورة بها ماء بعد عطش اظماه .. وحين مد يده ليتلقفها .. اذا بها تنسكب على الارض متبعثر ما بجوفها ..

,،

ان شاء الله يكون عند حسن ظنكم http://forums.graaam.com/images/smil...%20%282%29.gif

////

انتظروني يوم الخميس مع الجزء 34 واذا ما قدرت الخميس فبيكون يوم الجمعة عندكم باذن الله
http://forums.graaam.com/images/smil...%20%282%29.gif

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:26 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
البعض منا يتمنى عودة الماضي .. ليمسح غلطة كانت .. ارقته في حاضره حتى باتت كحد السكين يسلط على حبل الوتين .. باي غلطة قد يقطع ليموت صاحبه .. هذا حاله بعد تلك الكلمات التي رماها عيسى على مسامعه .. ارجع رأسه على ظهر كرسيه الجلدي .. يحاول ان يجد سببا للغفران .. قد يعيد العلاقة ويزيدها قربا كما يتمنى بعد لقاء المزرعة .. ماذا عن الاخر هل باستطاعته ان يبني حياة جديدة على انقاض الماضي المؤلم .. قالها له .. ان ينسى .. فارجعها موجعه لصاحبه .. " اذا قدرت انت تنسى انا بنسى " .. تنهد وحرك ظهر الكرسي ليتطوح به يمنة ويسرى .. لعل تلك الافكار تكف عن ضربها الموجع لعقله ..

حاله ذاك لا يعجب صاحبه .. الذي بات اكثر العمل عليه .. ولج ليراه على حاله من السكون سوى حركة كرسي تعب من الحراك ..ربض على الكرسي وهو يعيد اطراف " شماغه " الى الخلف بتنهيدة قاسية .. لينطق بحزم : يا ريال من بعد طيحتك وانت مب انت ..

لا يزال كما هو ليبعثر بعض الكلمات التي اثارت الاسئلة في عقل الاخر : حاس اني فدوامه .. يمكن اللي صار قرب ناس مني ورجعهم .. بس ياليته مسح معه اللي كان .

اعتدل ليرى علامات التعجب قد ارتسمت على معالم سلطان الصامت .. فبادر الى ابتسامة تلاها : سامحني مخلي كل الشغل عليك .. بس والله العقل تعب ..

- ليش ما تسافر .. روح وييا حرمتك وغير جو .

انعقد حاجباه بامتعاض لذكرها .. فهو حتى الساعة لم يجد سببا للسماح على ما اقترفته يداها .. ليردف الاخر متابعا حديثه : رمضان ع الابواب روحوا عمره ..

قلب الحديث بسؤاله عن العمل .. فلا يريد من ذاك ان يسترسل اكثر .. فان فعل فقد لا يستطيع السيطرة على غضبه .. فهي الوحيدة التي تثير براكين الحنق في روحه .. تكلم باهتمام : فرعنا في البحرين محتاي متابعة اكثر .. احس ان في تلاعب صاير فالحسابات عندهم .. وفي شكاوي وصلتنا من الموظفين على مدير الفرع ..

ابتسم : قلتلي حسابات ؟

استنكر السؤال .. ليقف جاسم ويجلس قبالته بانحناءة بسيطة لجذعه : خل الموظف اليديد يروح يشوف السالفة ..

" عمار " نطقها باستنكار ليردف : بس ما صارله الا كم شهر هني .. ما اقدر اوكله بهالشغله ..

مد يده ليرفع سماعة الهاتف ويرسل عبر الاثير بنبرته : هلا استاذ يعقوب .. اريدك ترسلي الموظف عمار لمكتبي الحين ..


وقف لدخول الاستاذ يعقوب الى مكتبه المشترك مع زميلين له .. فذاك اليعقوب رجل جلف في المعاملة .. نطق : ما ادري شو مسوي عشان يطلبك الاستاذ جاسم تروحله .

حاجبه يرتفع استنكارا لنظرات زميليه .. ونظرة مديره يعقوب : والله ما اظن سويت شيء غلط وبخاف منه .. وان كان وصله شيء عني وصدقه فما الومه .. اللوم على اللي نقل الكلام .

صرخ بغيض : شو تقصد ؟

فهو الى الآن لا يرغب بتواجد عمار في قسم المحاسبة .. فقط لانه اكتشف بعض التلاعب في بعض الفواتير .. التي عللها يعقوب بانها بسبب المحاسب السابق وان كل شيء مجرد لخبطة كتابية لا غير .. ترك المكتب دون ان يرد على مديره .. فالقصد مفهوم دون اجابة منه ..

" حياك .. تفضل " قالها وهو يترك مكانه المقابل لسلطان متوجها الى كرسيه .. ليضل الاخر واقفا بعد القاءه للسلام .. وليبعثر بعد ردهما لتحيته : خير استاذ جاسم .. خبروني انك تبغيني ؟

-
بنتكلم وانت واقف – اشار بيده للكرسي – حياك ايلس .

ليردف بعدها : خبرني سلطان عن الغلط اللي اكتشفته يوم كنت بالمستشفى .

باندفاع كان واضح على نبرة صوته اجاب : هذا مب غلط .. الاستاذ يعقوب دامه متاكد ان الحسابات ماشيه صح ليش يوم شاف الملف بايدي سحبه وهو متوتر .. ويسألني كيف وصلني الملف ..

ابتسم سلطان لينطق ردا على عمار : الحين انت اللي ما صارلك الا كم شهر .. ياي تعلمنا ان يعقوب اللي صار له ويانا فوق الست سنين يختلس من ورانا ..

انفردت شفتاه لتبان ابتسامة وهدوء استغرباه سلطان وجاسم : لا مب انا اللي بعلمكم .. ادري انكم عارفين شغلكم زين .. بس الواحد لازم يشتغل بامانه .. وما تربيت على اني اشوف الغلط واسكت .. واذا تظنون ان وراي مصلحة فاقولكم ارتاحوا .. لاني مرتاح فمكتبي ..

الحديث يستمر بين المتقابلين .. وهو يستمع فقط .. حتى صرخ عمار واقفا : اعذرني استاذ سلطان .. لو ان الاستاذ جاسم كان موجود يومها .. ما ييتك واتعبتك ع الفاضي ع قولتك .

" ايلس " نطقها وهو ينظر لسلطان .. وابتسامة ارتسمت .. وكأن ما قيل ليس سوى اختبار ما .. ليردف : ما عليك من اللي انقال .. بس اريدك فمهمة للبحرين ؟

شخص بصره .. فمهمة في مفهومه الذي يعرفه تعني مسئولية كبيرة .. جلس بهدوء وهو يستفهم : مهمة ؟

-
الاستاذ سلطان بيفهمك كل شيء .. بتسافر وياه باكر ع طيارتنا الخاصة ..

-
ليش ما عطيتوني خبر قبل .. انتوا تدرون ان رمضان ع الابواب .. وانا ..

قاطعة : الشغل ما يباله تردد يا عمار .. اذا انت مب قدها قول .

-
خلني افهم بالاول شو هي ..

استقام بجسده واقفا تحت انظار جاسم وعمار : تعال مكتبي وانا افهمك ..


,،

" تسافر " رنت في المكان بعد ان تناولوا طعام الغداء .. قالتها هي باستغراب تام لذاك النبأ المفاجيء من قبل ابنها .. واذا بها تشيح بنظرها لعبد الرحمن الذي يرتشف عصير برتقال حين قال : وين ع لله ؟

اعتدل في جلسته ليبدأ حديثه .. ويهيل عليهما اسباب تلك الرحلة المباغتة بشيء من الحماس .. فتلك المهمة التي اوكلت اليه ليس لها الا تفسيرا واحدا .. الثقة .. هو محل ثقة لصاحب الشركة التي يعمل فيها منذ اشهر خلت ..

الحديث مُدار بينه وبين والديه .. وذاك في عالم آخر .. افكار كثيرة تعصف بعقله .. فوضعه مع زوجته لا يطمأن .. واضحى يبتعد عنها خوفا من مناقشة عقيمة معها .. ارتسمت ابتسامة على محياه وهو يرى فرحة عمار بعمله .. استأذن تاركا المكان .. تحت صوت مريم المتحشرج : شو بلاكم ع السفر .. هذيك بتغيب شهور وسنين .. وانت ما بترمض ويانا ..

تقدم منها على ركبتيه زاحفا .. ليطبع قبلة على رأسها : المويودين فيهم الخير والبركة .. وتراني ما مطول .. وع نص رمضان بكون وياكم ان شاء الله ..

توجه نظره لغرفتها .. فهي تختفي عن ناظره في الاونة الاخيرة بشكل يثير في نفسه الكثير من التساؤلات .. وما هي الا ثواني حتى توجهت قدماه الى غرفته .. تنهيدة تتلوها اخرى .. وكأن به يستعد لمعركة كلامية من طرف تلك الشهد .. صوتها يصل اليه .. لعلها تتحدث في الهاتف .. دخل ليعقد حاجبيه مما يسمع : والله يا حبيبتي الرياييل اذا سكتيلهم بيضيع حقج وانتي ما تحسين .. عرفيه غلطه ..

اقترب بخطواته من السرير ليرفع منصور عاليا .. حتى بات وجهه الصغير المبتسم على خط مستقيم مع وجهه .. ليحركه بشغب .. ويضحك بطفولة رائعة .. اغلقت هاتفها ونهضت .. دون ان تعطي زوجها اي اعتبار .. واذا بها تلتفت حين صرخ بخفة مع نبرة ضاحكة وهو يردد : عن اللاتك يا الهيس ..

فذاك الصغير قد سال لعابه على وجه والده الذي كان نظره لها وهي مدبرة .. ليردد وهو يعيده الى السرير : امك ما عرفت تسنعك ..

بغضب اجابته : والله اذا ابوه متسنع بيتسنع ..

نظراته الغاضبة ترمقها بقسوة وهو يمسح وجهه ببعض المناديل الورقية التي انتشلها من صندوقها : تراج زودتيها .. الخرابيط اللي فراسج طلعيها ..

انفجرت غاضبة : لا ما زودتها .. يعني اقولك نطلع فبيت بروحنا .. تقولي البلدية وافقوا انك تبني قسم هني معهم .. ليش ان شاء الله .. والا ما تريد تفارقها ..

يده تعانق جبهته بغيض متأجج .. وسرعان ما تتحرك على شعره مبتعدة لرقبته .. ليزفر انفاس الاحتقان من تلك الشهد : كم مرة اعيد واقول ان ريم اختي .. شو بلاج انتي ما تفتهمين ..

تخصرت : هيه انا ما افتهم .. ووجودها فهالبيت ووجودك فيه ما ينبلع ..

بكاء الصغير ضج في المكان .. لتحث الخطى تختطفه بعنف .. ليردد : شوي شوي عليه ..

-
ولدي وانا حره فيه ..

وادبرت خارجة من تلك الغرفة مشحونة الاجواء .. ربض بقسوة على السرير متحوقل .. هو لا يعلم في امور الدين كثيرا .. مثله مثل الكثير من شباب هذه الامة .. ولكن شعوره نحوها لن يتغير .. فهي اخته هذا هو احساسه الذي لم ولن تفهمه زوجته .. اسقط جذعه بعنف ليداري عينيه بذراعه .. لم يعد يقوى على تحمل صراخها اليومي .. ولا يريد ان يمتهن معها لغة العنف والتهديد .. سيصبر عليها .. لعل اسلوبها سيتبدل ويعود كما سابق عهده ..

,،

المكان هادئ جدا .. وهي جالسة وبيدها كوب به سائل قد يكون ماء او شيء آخر .. ذراعها على الطاولة امامها .. وعيناها تنظران للنافذة التي لا يتضح منها اي شيء .. واذا بجسده يقترب منها .. تشعر باقدامه على الارض .. التفتت واذا به قريبا جدا .. لترفع نظرها .. هو قاسم .. عليه ابتسامة غريبة كابتسامة توأمه .. وعيناه حادتان .. وبهما شيء غريب .. وقفت واذا بها تجري ليسحبها ذاك الذي اعترض طريقها .. ويمد يده مستوقفا توأمه .. ليحاول اخفاءها خلفه .. واذا بقدمها تهوي في تلك الفوهة الكبير التي يقف جاسم على حافتها .. تهاوى جسدها وهي تحاول ان تصرخ عليه دون صوت ..

تضاربت انفاسها بعد صرخة خفيفة رنت في ارجاء الغرفة الباردة .. احتظنت نفسها بخوف وهي تسحب ساقاها لتصل ركبتيها الى صدرها .. تعوذت مرة واثنتان وثلاث .. مؤكد انها اضغاث احلام لا غير .. سحبت خصلاتها للخلف باناملها العشرة .. شعرها اضحى خفيفا .. لا بد لها من قصه .. تأملت اطرافه واذا بها تجمعه خلف رقبتها .. لتنهض .. تشعر بخمول في جسدها .. وضياع غريب جدا .. حتى انها لا تذكر شيء مما يحدث معها .. وقع نظرها على حقيبتها بجانب السرير .. لا تعلم لماذا لا تزال قابعة في ذاك المكان .. او كيف وصلت اليه .. اقتربت منها لتجلس على ركبتيها .. تسحبها لتفتحها .. ثوب نوم واخر منزلي ناعم .. ووشاح ازرق حريري .. تخرجهن وتضعهن جانبا .. وكأنها تبحث عن امر ما لا تعلم ما هو .. دفتران احدهما قديم والاخر يبدو جديدا .. حملت الاقدم منهما لتضعه على كومة الثياب التي احدثتها بجانب الحقيبة .. لتنظر باهمال للدفتر الاخر .. اخذته وقامت واقفة .. تربعت على سريرها .. لا تزال تتأمله بريبة .. وكانها بصدد خوض مغامرة ما .. قلبت غلافه لتجد في الصفحة الصماء التي تليه بعض الجمل :

هنا سأضع ذاكرتي .. فعقلي سيرميها .. ساحتفظ بها ليوم لا استطيع فيه تذكر الوجوه .. اعلم باني مجنونة في فعلي .. ولكن ساعلمه درسا ..

عقدت حاجباها .. فمن هو الذي ستعلمه درسا .. ومن هي التي كتبت تلك الاسطر .. ايعقل ان تكون هي .. نفضت رأسها لتبعد دائرة التفكير التي طوقتها .. وتتابع القراءة :

ولكن ساعلمه درسا .. عليه ان يعلم ان البشر مختلفون .. والنساء مختلفات .. وانا مختلفة .. لا اريده ان يضعني في خانة اولئك النسوة التي عرفهن .. فانا خولة اخت عيسى ..

ابتسمت على مضض .. اذا فهي من كتب تلك الجمل .. تصفحت الاوراق وهي تحاول ان تتذكر ما فيها .. فتلك كتب عليها ما حدث في موعدها الاول .. وخبر الورم الذي براسها .. واخرى تحدثت عن شهد ..

رمشت بعيونها مرار وهي تتمتم : منو شهد .. كاتبه هني اني اخذت رقمها ..

تلفتت يمنة ويسرى .. يجب ان تتأكد .. التقفته لتبحث بين الاسماء القليلة التي دونتها في هاتفها .." شهد ام منصور" .. هكذا كتب هناك .. رمت الهاتف .. وبعدها رمت ذاك الدفتر وكأن به شيء يخيفها .. عيناها متسمرتان عليه .. مضت الدقائق وكأنها تحاول ان تستنطقه .. رصت على صدعيها باطراف اناملها : الين متى يا خولة بتكابرين . هذي حياة مب لعبة .. ما صرت اتذكر اي شيء ..

سحبته من جديد تقلب اوراقه بلهفة .. تبحث عن ذاك الذي رأته في منامها .. تلك الاوراق تحتوي اسمه .. كثيرا من الاوراق انطبع اسمه بين سطورها .. وجميعها احلام رأتها هي .. وصلت لاخر ورقة :

البارحة مثل العادة في كل ليلة .. رجع متاخر وراح الحجرة الثانية .. ابد ما ايي صوبي .. هههه حتى صرت احس ان في مرض معدي .. ما صرت اشوفه ..يطلع الصبح وانا راقده .. ويرجع تالي الليل .. كل اللي اشوفه منه ظهره وهو يفتح باب حجرته .. صايره مثل اللي تخاف انها تطلع .. ما افتح الباب .. بس اشل المفتاح واطالعه من الفتحه الصغيرة .. والله وصرت مينونه .. هههه

رجعت صفحة للوراء .. نفس الاسطر .. تشابهت في المعنى .. واختلفت في الترتيب .. وسؤال كتب في اخر احدى الصفحات : اذا مت شو بيصير فيه ؟

نزلت دمعة من عينها .. تلتها اخرى .. لا تذكر شيء مما كتب في ذاك الدفتر .. وكانها ذاكرة انتشلت من رأسها لتعانق الاسطر في تلك الصفحات .. ابتسمت .. قد يكون هذا حالها كل يوم .. التفتت لتلك الحقيبة من جديد ما هو سبب وجودها هناك .. هل كانت تعتزم الرحيل .. دنت منها .. تبحث عن شيء آخر .. قلم .. تدون فيه الحلم قبل ان تنساه .. لا يوجد اي قلم هناك .. بعثرت الادراج بحثا .. لتجده اخيرا .. ولكنه مختلف .. ازرق اللون .. وتلك الاسطر لطخت بالاسود .. جلست على الارض مستندة على جانب السرير .. لتتنهد وهي تكتب :

رأيته من جديد البارحة .. وتلك الابتسامة المعتادة .. امممممم .. النسيان يحيط بي بشكل مخيف جدا .. ولكن لماذا اخاف جاسم .. لماذا اشعر بانه انسان غريب قاسي ..

كانت تكتب حديث نفس لا تعيه .. وكأن تلك الاحرف تنساب دون شعور منها ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:27 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 

تنهدت وتنهدت .. وهي تنظر الى نفسها عبر تلك المرآة .. وضعت المشط من يدها وقامت واقفه .. سحبت طوقا نحيلا لترفع به شعرها القصير .. زفرت انفاسها من جديد .. اسبوع ومضى منه خمسة ايام .. حين سألته لماذا اسبوع .. رد عليها : لان رمضان بيكون بعد اسبوع .. وما اريد اكون ظالم حد .. اريد اصوم وانا طاهر القلب ..

سحبت " شيلتها " من على سريرها .. وخرجت من تلك الغرفة .. افكار كثيرة تراودها .. حتى انها تبتسم مرارا عندما يمر في عقلها انها تختاره هو .. نزلت الدرجات بشرود تام .. واذا بها تستمع لاصوات تقترب كلما اقتربت من الاسفل .. توجهت للصالة لتبعد تلك الستائر المخملية .. هو هناك يتحدث لشخص ما رافعا رأسه .. رفعت نظرها لترى رجلا قد تأزر بحبل غليظ صاعدا تلك النخلة .. وحديث لا يخلو من الارشادات من ذاك القابع على كرسيه اسفل تلك الشجرة الباسقة .. لفت " شيلتها " وخرجت لتجلس على الدرجات عند عتبة الباب من الخارج .. تنظر اليه .. وتستمع لحديثه بوضوح اكثر ..

- محمد بس قص اليابس ..

ذاك البنغالي يهز رأسه ليرد بلغة مكسرة : ما في خوف بابا انا يعرف شغل زين ..

قهقه وهو يردد : زين زين .. بنشوف شغلك ..

تتأمله بتمعن .. وجه بشوش هادئ .. لحيته السوداء الخفيفة على جانبي ذقنه تعطيه وسامة من نوع ما .. وعيناه .. تذكرهما من صورة له في تلك الغرفة .. فيهما ضحكة .. وكأن هناك قصة جميلة تروى لهما .. لتنظران بضحكات فرح ..

انزل رأسه وهو يحاول ان يسحب هاتفه من جيبه .. بعد ان وصلته تنبيهة لرسالة نصية .. لم ينتبه الا بصرخة منها ناطقة بأسمه .. فسعفة نخيل هوت باتجاهه بعد ان قطعها ذاك العامل .. لتجرح يده اليمنى .. جرت اليه تحت كلمات الندم من ذاك العامل .. سحبت يده : اشوف ..

وسرعان ما امسكت بكرسيه تدفعه امامها وهي تردد : مينون انت .. يالس تحت النخله وذاك يقطع الزور (السعف ) منها ..

تركته في الصالة لتجري مسرعة .. عادت بعد دقائق وبيدها علبة اسعافات اولية .. بدأت تطهر الجرح .. وهو صامت .. فقط يستمع لتعنيفها المتواصل : والله انك مينون .. تخيل لو طاحت على راسك لسمح الله .. انت ناقص .. وبعدين انت يايب واحد يشتغل عشان شو واقفله ع الوحدة .. خله يشتغل بروحه .. اظن يعرف شغله زين . .

يده اليسرى تمتد لتلامس رأسها : فاطمة ..

سكنت ويدها ممسكه بيده اليمنى .. مع انها انهت كل شيء .. اكمل قائلا : الا يرح صغير .. والحمد لله ما في الا العافية .. ليش كل هالخوف ..

لم تشعر بانها تشد على يده بقوة .. انعقد حاجباه وجعا .. وما هي الا لحظات حتى انهارت باكية على ركبتيه : سامحني .. والله ما قصدي اجرح ..

تتعالى شهقاتها بين الجملة والاخرى : انا انسانه ما تعرف تعبر .. تربيت على هالشيء .. ما اقدر اعبر عن اللي بداخلي بالكلام ..

بكت حتى بدأ جسدها يرتجف .. مسح على رأسها بحنية استوطنته بسبب حالها : فطوم شو بلاج .. خلاص اهدي .. رفعي راسج ومسحي دموعج .. تراج غرقتيني ..

ضحك لعله ينتشلها من بحر دموعها .. لكنها صمتت .. طال الصمت .. الذي حفظه منها .. ظلت على ركبتيه منحنية .. وظل كفه على رأسها .. وآخر تهادى على كتفها .. ارتجفت من لمسته .. وكأن بيده تلك ايقضتها .. لتبلع ريقها .. لا تعلم كم من الوقت مضى وهي على ذاك الحال .. شدت قبضتها .. لتنسحب كفاها لتستقران على ركبتيها .. ولا يزال رأسها مخفوضا .. لم يرتفع الا بانامله التي عانقتا ذقنها .. اغمضت عيناها .. فيكفي ما حدث .. انهارت امامه هو .. ولا تريد لعيناها ان تنهارا ايضا امام عينيه .. مسح دموعها والابتسامة لم تفارق شفتيه .. لا يعلم ما ذاك الاحساس الذي اجتاحه حين بكاءها .. او الاحساس الاخر عندما خافت عليه من مجرد جرح بسيط .. قد يكون خوفا على مريض لا غير .. فهو انسان مريض في نظرها ..
انتشل طوقها من شعرها بعد ان تبعثرت خصلاتها .. ليعيده من جديد .. يشده برفق للوراء .. وهي لا تزال مغمضة عينيها .. اراد ان يكسر حاجز الصمت .. والخجل الذي اتضح على معالم وجهها وحركة كفيها : فاطمة قررتي والا بعد ؟

رعشة اصابتها .. وكأن ساعة الصفر رنت اجراسها .. فتحت عينيها اخيرا .. لتنظران الى عينيه .. هو لا ذنب له بتعقيدات نفسية تعيشها .. وان عادت الى والدها فستبقى في ذاك الجحيم الى الابد ... هزت رأسها بلا .. فان اختارته فهذا يعني حياة زوجية كاملة .. وان رفضته ستعود للجحيم .. خفضت نظرها وسرعان ما رفعته : فهد .

ابتسم بعد ان تأمل خيرا ولو قليلا .. ولكنها لا تزال تراه غريبا .. اردفت : الكتاب اللي ع مكتبك ..

-
هواجس

هزت رأسها بنعم .. لتنطق : عن شو يتكلم ؟

ارتاحت سريرته .. بما انها سألت فهذه بداية لحوار من جهتها .. حرك كرسيه متوجها لمكتبه : تعالي ..

انفاسها خرجت مع زفرة ارتياح .. فهي ارتاحت لانها ابتعدت عن ذاك الموقف المحرج .. وقفت لتتبعه .. توقفت في مكانها حين مده لها : خذيه .. اقريه واحكمي عليه ..

قلبت اوراقه وهي تبتسم : عارفه عن شو يتكلم ..

-
يعني قاريتنه ؟

وضعته في حجره وابتسمت لتردف : كاتبتنه ..

وبعدها غادرت .. ليصعق هو .. ويشل لسانه عن النطق .. ايعقل ان تكون هي صاحبة هذا الكتاب .. ايعقل ان يكون قد ارتبط بالشخص الذي تكلم فيه كثيرا على تلك المقالات .. نفض رأسه ليتمتم : مب صدق .. اكيد تلعب علي ..

,،

عيناه تجوبان المكان .. اليوم يوم مختلف .. يوم يشوبه التوتر .. يوم قد يعتبر نقطة تحول في مسيرة حياته .. قد تكون نهاية غربته .. كتفه تلامسه كف صاحبه : وش فيك متوتر ؟

ارجع رأسه للجدار : مادري .. احس ان اليوم ناقص ..

-
استهدى بالله .. وادخل القاعة قبل ما يوصل الدكاترة ..

زفر انفاسه مرارا .. وبعدها توارى في تلك القاعة الكبيرة .. هنا سيناقش رسالة الدكتوراة .. قد يكون الحضور قليلا جدا .. جهز كل شيء قبل الوقت .. وسرعان ما مر ذاك الوقت .. عادت عيناه تنشر نظراتهما على المدرجات .. تلك العيون لن تحضر .. هو قال لتلك الورا ان تخبرها بالمجيء .. تنهد .. يشعر بان المكان تنقصه عيونها .. مرت عليه تلك المكالمة وكأنها حدثت بالامس ..

ضحكاتها ترن في اذنه : من صدجك ؟

-
والله لاسويها .. بس انتي حضري وبتشوفين اذا ما خليتج تيلسين فالصف الاول وبين الدكاترة ..

عادت لتضحك وهي تنظر لسقف غرفتها .. وقدامها يتدليان من على سريرها للارض : تسويها .. مينون .. حبيبي واعرفك ..

-
شو قلتي .

ضحكت من جديد .. كم يعشق ضحكتها تلك : قلت مينووون .

صرخ مرددا الـ " لا " .. ليردف : مب ذي .. اللي بعدها ..

ذابت في ثيابها خجلا .. فمقصده تلك الكلمة التي خرجت بعفوية من بين شفتيها .. لم ترد عليه ولاذت في صمت خجل عنيف : وين رحتي .. ردي علي .. اووو كل هذا مستحى .. حرام عليج قولي شيء ... الووو ..

" هاا " نطقتها بهدوء استعمر روحها .. ليقهقه .. فهي فتاة احلامه التي رسمها .. يتمنى ان يجمعهما سقفا واحد .. يعشق انفاسها .. نبرتها الهادئة .. عيونها الناعسة .. يعشق تفاصيلها ..


ابتسم لتلك الذكرى المؤلمة التي تجسدت من جديد جراء عيني تلك التي دخلت مع لورا .. لا يعلم كيف انهى تلك المناقشة .. يشعر وكأنه غريق .. كانت ستكون بين الحضور .. كم يتوق لها .. انتهى كل شيء .. كان ثقيلا عليه ذاك الوقت .. وما ان حانت فرصة المغادرة ابتعد عن المكان .. اراد ان يكون وحده مشى مبتعدا .. ليهرول بعدها غير ابها بنداءات نادر ..

يطوي المسافة القصيرة في تلك الصالة ذهابا وايابا .. وهاتفه في يده .. للمرة المليون يطلب ذاك الرقم .. ولكن لا يجيب الا ذاك الرد الآلي معلنا عن اغلاق الهاتف .. الساعة الدائرية المعلقة على ذاك الحائط تحدث صوت خطوات مرور الوقت .. الساعة ستصل حدود منتصف الليل .. وذاك منذ الصباح لم يظهر .. رمى هاتفه مغتاظا : وينك ؟.. وين بيكون .. فكر يا نادر ..

عاد ينتشل ذاك الهاتف من جديد .. لعله عند احد الاصدقاء الذين يعرفهم .. الاول لم يره .. والثاني رآه عند الظهر في محطة الـ" المترو " .. واخر لا يعلم عنه شيء منذ يومان .. ايعقل بانه ترك المدينة .. لعل شيء ما حدث ولم ينتبه له .. جعل من صاحبه ان يهرول بذاك الشكل ليبتعد ..

التفت واقفا حين تحرك المفتاح في الباب .. خطى بخطواته ليلمح ذاك المجنون واقفا وابتسامة حزينة تداعب شفتيه : ما بسافر .. ما اقدر ارد لبلاد ..

تحوقل وهو يسحبه من ذراعه ليدخله .. اجلسه على " الاريكه " ليجلس بجانبه .. ووجهه لجانب وجه ذاك الذي ارتسمت ملامح الحزن عليه : وش صارلك .. ومن جاب طاري السفر هالحين ؟

-
كل ما رحت غصبت روحي اني ما اتذكر .. واعرف اني بترك المكان .. والحين بروح هناك بس وربي ما اقدر .. هي هناك يا نادر .. هي هناك .. تعرف شو يعني اني اعيش هناك بدونها .

تحوقل .. وكفه تشد مسكتها على كتفه واخرى تراخت على فخذه : انت ما قلت ان الجامعة عرضت عليك تكون معيد فيها ..

-
رفضت .. كل هالسنين ما قدرت تمحيها من راسي .. قلبي انذبح من اقرب الناس .. ذبحوني ولا همهم ..

استغفر ربه وهو يقوم .. ليمسك بذراع صاحبه يحثه على الوقوف : قوم .. توضا وصل لك ركعتين .. الرجال ما تكسره الظروف .. هو اللي لازم يكسرها .. قم وانا اخوك ..

نظر اليه وذراعه لا تزال معلقة بكف ذاك : تدري يا نادر .. انك نعم الاخو

حاجباه يرتفعان فخرا : ايه عارف .. والعارف لا يعرف .. وانت اذا ما ودك ترجع .. مهو بمغصوب ع الرجعه .. خلك معي الين ما اخلص وباخذك الديره واخلي الغالية تخطبلك من جماعتنا .. وش رايك ..

قام الاخر واقفا : اقول .. تراني اعطيتك وجه ..

ادبر ليقهقه نادر وهو يردد : مهو بلايق عليك الهرج .. خلك بهرجك ..

ليربض بعدها حيث كان الاخر جالسا .. فهو يدرك الم صاحبه .. ولو ان هناك دواء ينسيه ماضيه لاشتراه له .. حتى وان كان باغلى الاثمان ..

,،

الاكياس تملأ ذاك المطبخ .. وهي تلقي باوامرها على تلك الخادمة لترتب كل شيء .. الفيمتو .. والتانج .. وعلب الكاسترد وكريم كاراميل .. والاجبان .. والعديد العديد .. وكأن بها اشترت ما تحمله تلك الرفوف في ذاك " السوبر ماركت " .. خرجت وقد علت وجهها ابتسامة .. فتلك المحادثة بينها وبين شقيقتها جعلت عقلها يفكر جديا .. رأته متكأ وفي كفه جهاز التحكم . ويقلب في تلك القنوات .. وتلك الاعلانات التي لا تنفك تعرض مسلسلات هذا الشهر .. وكأن هذا الشهر لم يوجد الا لتلك الامور التي لا تسمن ولا تغني من جوع ..

جلست على مقربة منه .. ليردد ولا يزال يتجول في ذاك المستطيل المسطح : الحين حق شو كل هالمخاسير .. سح (تمر ) وكوب ماي ع الفطور .. وعشا خفيف .. وسحور اخف وانتهينا ..

-
خلك من المخاسير الحين .. عندي لك سالفة ..

شده الموضوع حتى انه اقفل التلفاز .. ليستدير بجلسته لامه : خير يالغالية في شيء ؟

هناك احساس يخالجه .. به شيء من الخوف .. لعلها علمت بمحادثاته المستمرة مع ذاك العنيد احمد .. قالت وقد رسمت ابتسامة عريضة : انت كبرت .. ويبالك حرمة ..

فتح عيناه .. ليضحك بعدها .. وكأن به يضحك على خوفه الذي كان : هذا هو الموضوع .. وانا عبالي شيء كبير .. انزين منو هذي اللي امها داعيه عليها ..

تنهدت بغيض من حديثه ذاك : قول الا داعيه لها .. اسمعني يا ناصر .. اليوم تكلمت وييا خالتك .. عرفت منها ان هاجر بترجع قبل العيد العود ..

عقد حاجبيه : كيف ترجع قبل العيد .. هي مب رايحة تاخذ الدكتوراة .. والا دلع وعناد .. ويوم سافرت وسوت الا فراسها بترد ..

-
لا تصير حار بهالشكل يا ناصر ..

استغفر ربه : مب حار ولا بارد .. بس من اول قايل لهم هاجر مب ويه سفر وغربة .. هاجر تخاف من ظلها .. لا توهمهم القوة اللي طلعتها قدامهم ..

-
شكلك عارفنها زين يا ناصر ..

اختطف جهاز التحكم من جديد ليعود لجلسته المتكأة .. ويفتح التلفاز وهو يجيب والدته : اكييد اعرفها .. بنت خالتي ..

سقط الجهاز من يده .. وتسمر جسده وكأن دلو ماء بارد اريق عليه .. حين نطقت : وانا اريدها لك .

" شو تقولين " نطقتها العنود وهي تقف عند باب الصالة .. لتردف : كيف تخطبيها لناصر واحمد يبيها للحين ..

وقفت وقد بدا الغضب في نظراتها لابنتها وهي تقترب منها : وانتي شو عرفج انه يبيها للحين ..

نظرت لناصر بتلعثم .. وكأنها تستنجد به .. لينطق .. حين امسكت شيخة بذراع العنود تهزها لتتكلم : تكلمه ومتواصله وياه من زمان .

" شو " ضربات منها على كتف العنود التي خبأت وجهها خلف كفيها .. وتلك ترجفها بيد وتضربها بالاخرى : ولا كأن لج ام تحاتي ولدها .. من شو قلبج ..

وانهالت عليها بكلمات قد تحشرج معها صوتها .. لتنطق تلك من بين دموعها : والله هو حلفني ما اقولكم .. والله مب بايدي ..

كفاه تعانقان كتفيها من الوراء : خلاص يالغالية ..

تركتها : انا شو مسويه بدنيتي عشان الله يبلاني بعيال مثلهم .. من احمد لروضة لسارة والحين العنود .. استغفر الله العظيم ..

اجلسها .. وتلك هرولت باكية للاعلى .. تنهد فيجب ان يخبرها بكل شيء : احمد كان هني يوم ملجة سارة – حدقت فيه بنظرات دامعة – وسمع ابوي يوم قال ياليتهم ماتوا وما افضحوني .. ومن يومها وهو قرر ما يرد .. ويخليكم تعتبرونه انسان ميت .

طوحت برأسها : عذره مب مقبول يا ناصر .. عذره ما يمسح سهري وحزني وخوفي .. عذره ما هو عذر .. هنت عليه .. انا امه .. حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل .


,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:27 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تردد ذاك الدعاء على لسان تلك المسجونة في غرفتها .. ولكن هذا الدعاء كان على شقيقتها .. فغدا سيأخذها ذاك الناصر لطبيب نفسي .. هي توقن بانها ليست مجنونة .. وليست بحاجة لذاك المجنون ليقول لها ما بها .. تجلس على سريرها بغضب .. فهي لن تخرج من تلك الغرفة الا اذا وافقت بان ترافق والدتها الى ذاك صاحب الرداء الابيض .. كم هي مساومة غير عادلة بالنسبة لها .. سحبت الغطاء على جسدها .. لتستلقي على جانبها .. وتتحسبن على تلك السارة .. وتتمتم بكلمات بداعي الانتقام ..

اما الاخرى .. فقذفت انفاسها بجرم .. وهي تنظر لهاتفها المُلقى في وسط سريرها .. من اين جاءت بكل هذا العناد .. حتى لا ترغب في محادثته .. اغمضت عيناها وهي ترمي بجسدها جالسة على طرف السرير .. فوالدها قد قال بانها متى ما ارادت الرجوع تستطيع .. وترك كل شيء بيدها .. الا يكفي ذياب هذا البعد ليعرف قيمتها .. وهي الم تعرف قيمتها في قلبه صراحة ..

التفتت لهاتفها لتسحبه .. تتأمله بتردد .. واذا بها تضعه على اذنها بعد ان ضغطت الاخضر .. ليتهادى اليها صوته المتعب المشاب بالفرح : هلا والله بسويرة قلبي ..

رغما عنها ضحكت .. فذاك اللقب اضحكها .. ما باله يتحدث بهذا الاسلوب الغريب عليها .. ليردف : فديت الضحكة اللي اشتقتلها .. ليش صرتي قاسية بهالشكل .. وانا اللي كنت اشوفج مثل النسمة الباردة ..

بلعت ريقها : شحالك ؟

-
دامني سمعت صوتج بالف خير .. مب ناوية ترجعين وتريحين قلبي .. ترا والله يا سارة اني احبج

-
لا تحلف .. تعالي الليلة .

ما ان نطقت بجملتها تلك حتى هرب منه الكلام .. وقف كمجنون اعياه الحب .. حتى غرق في يمه .. لم يرد عليها بل ترك غرفته راكضا لوالدته .. وهي تستمع لكلامه عبر سماعتها التي لا تزال على اذنها : امايه .. امايه ..

" بسم الله الرحمن الرحيم " رددتها بخوف .. لتردف وهي تقف بصعوبة لثقل جسمها : شو بلاك يا ذياب .. فيك شيء ..

قبل جبينها بفرح غامر : سارة بتردلي ..

فمها يتشدق .. وهي تعود لتجلس : زين .. وانا عبالي فيك شيء ..

استيقظ من غفوته تلك .. ليبتسم على مضض .. ويبتعد من المكان .. كسرت فرحته .. كان يظن بانها ستفرح لفرحه .. اعاد الهاتف على اذنه وهو يخرج من المنزل باتجاه سيارته : الو ..

كان صوته حزينا .. حزنت معه : ذياب .. هذي امك .. وهذا رايها في .. وعشانك بتحملها ..

اغلق باب سيارته : صدج ؟.. تقدرين؟ ..

تنفست بعمق .. لتجيبه بانها تستطيع .. فيكفيها انها ادركت بان قلبه يحتويها .. وهي لن تكون ضعيفة كما كانت .. وستعامل تلك كما تربت هي .. كما ربياها شيخة وعبيد .. ستكون الابتسامة مقابل الغضب . . وستكون المعاملة الحسنة مقابل السيئة .. فالقلوب لينة .. وقلب تلك العمة سيلين وان طال الزمان ..

رتبت ملابسها .. بعد ان ابلغت الجميع بقرارها .. يكفيها بعدا .. يكفيها هجرا .. فروحها تشتاق لروحه .. ينتظرها في المجلس هذا ما قالته لها والدتها قبيل صلاة العشاء بساعة .. رفعت شعرها بمشبك من الريش .. وبعض احمر الشفاة فاتح اللون يعانق شفتيها .. لم تستطع اخفاء تلك الهالات التي اجتاحت محيط عينيها .. فتنهدت .. وحثت الخطى ..

هو ينتظرها بشوق .. وكأن تلك العقارب في معصمه لا تتحرك .. رفع رأسه حين القت السلام .. لتتفاجأ به يدنو منها ويخبأها في صدره وهو يردد : يمين الله اني اشتقتلج ..

,،

كتبتها بشوق على نافذة غرفتها .. بعد ان اغدقتها ببخار انفاسها " اشتقت لك دادي " .. وابتسمت .. وحيدة في تلك الشقة التي تمتلكها .. ولا احد يعلم بامرها شيئا .. ارتدت معطفها .. لتغطي رأسها بتلك القبعة الملتصقة بظهره ..كفاها اختفيا خلف جيوبها .. خرجت لترى لندن في هذا اليوم الصباحي .. الضباب يغطي الاجواء .. وساعة " بق بين " تغوص فيه .. وكأنها تعانق حبيب .. سحبت هاتفها لتلتقط صور ذاك المشهد الأخاذ .. واذا بهاتفها يسقط حين ضرب ذاك المسرع كتفها .. ليقف معتذرا لها .. لتدقق هي في وجهه .. ملامحه ليست غريبة .. وذاك الجرح الذي يشق حاجبه الايسر الى نصفين لا تنساه ابدا .. تركها وهي في ذهول .. هو .. ذاك الشخص الذي تحتفظ باوراق بها معلومات عنه .. صورته واسمه .. تبعته بخطى مسرعة .. فذاك هو تايكو هيروكو .. الشخص الذي اختفى بعد ان ركب برامج حماية شركات والدها .. تبعته وهي تحاول ان لا يراها ..

جسمها النحيل مع صومها اشعرها بالانهاك .. وقفت لتراه يدخل الى ذاك المبنى لتلك الشركة .. توارى عن الانظار .. لتحث الخطى ويستوقفها حارس الامن .. لتجيب بكل ثقة : الرجل الذي دخل منذ قليل ..

-
تقصدين الكس كوزاكو .

بابتسامة خبيثة : اجل هو – مدت يدها بقلم – لقد وقع منه .

وبعدها انسحبت .. لتتمتم : بدأت رحلة انتقامي لك يا ابي .

,،

ان شاء الله يعجبكم http://forums.graaam.com/images/smil...0%28276%29.gif

////

يوم الثلاثاء بيكون الجزء 35 بين ايديكم باذن الله
http://forums.graaam.com/images/smil...0%28276%29.gifhttp://forums.graaam.com/images/smil...0%28276%29.gif


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:30 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
العشق داء يفتك بالقلب والعقل .. ليحيل من انزرع في اعماقه الى شبه واعي .. اضناه العشق والهيام بها .. حتى وضع ملايين من الاعذار لتأخرها في الرد .. ليأتيه زلزال احال روحه الى بقايا .. ولا يزال يرتجي الكثير .. يرتجي قربها .. وجودها بجانبه .. تنهد وهو يرمي بجسده على تلك الاريكة التي طالما شهدت افكاره البعيدة .. التي تاخذه حيث هي .. حيث حلم الماضي الذي اغتالوه فاحياه القدر من جديد .. صلى التراويح وبعدها جاءته الصاعقة .. ليته لم يذهب ويسأل .. ليته بقي ينتظر .. لا زالت كلمات عمه ترن في اذنه : ريم ما تفكر فالعرس .. والله يوفقك مع غيرها .

كيف تكون هناك فتاة اخرى .. وهو لا يرى الا الـ " ريم " طيف احلامه الازلي .. ارخى رأسه بين كفيه .. ولم ينتبه لذاك الناظر اليه .. رمى الاخر بجسده بجانبه : شو بلاك ؟

لا يريد لرأسه ان يرتفع من حظن يديه .. فهزه بالـ لا .. ماذا عساه يقول .. ايقول بان عشقه وضع هذه الليلة تحت المقصلة .. وتدحرج الامل منه بعيدا .. لامست كفه كتف اخيه : عبد الله شو مستوي .. فيك شيء .. شيء يعورك ..

لا اجابة .. ايخبره بان قلبه يألمه .. هل بالامكان ان يجد دواء لداء الحب .. تنهد من جديد وهو يرمي برأسه على ظهر تلك الاريكة .. ناظرا لسقف : ريم رفضتني .

ابتسم الاخر .. هو استطاع ان يبعد تلك المسافرة عن خياله وتفكيره بسبب نصح هذا الذي يغرق في بحر لا قرار له .. وهو لا يستطيع ان يفعل بالمثل .. فلقد وصل الوجع في نفسه الى النخاع .. بنبرة هادئة : عطها فرصة عبود .. توها طالعة من العدة .. ما وحالها تنسى اللي صارلها .. وانت الله يهداك من قبل لا تطلع وانت طالبنها .. البنت تبالها وقت تطيب جروحها من اخوك .. مب سهل اللي صارلها .. محتايه وقت .

قال جملته الاخيرة وهو يربت على فخذ عبد الله .. ليبقى ذاك على حاله الا من شفتاه المتحركتان : كنت خايف حد يسبقني وتضيع من ايدي مرة ثانية .. قلت لعمي ما بعتبره رد نهائي .. بس هو قال انها انهت كل شيء .. يااااااه يا بدر لو توافق .. صدقني اخاف قلبي يوقف من الفرحة ساعتها .

ربت من جديد على فخذه : الله يعينك يا قيس .. بس مثل ما قلتلك عطاها فرصة ..

كان كلامه كالبلسم .. شعر بان قلبه عاد لينبض بالامل من جديد .. ولكن لا يزال الخوف من ذاك السعيد ان يكون سببا للرفض ..


عقد حاجبيه وهو يستمع لزوجته .. فتلك سمعت مؤخرا من عمتها بان اخيه يرغب في مطلقته .. التي كانت في يوم ما صديقتها المقربة .. ارادت ان تختبر مشاعره .. فبثت اليه بما سمعت .. لتفاجأ به يضغط باصابعه على عضدها : انتي شو تقولين .

تلعثمت .. وهرب الحديث من بين شفتيها .. لتردد بعد ثواني من الاستيعاب : هذا اللي عرفته من عمتي اليوم عقب ما فطرنا ..

دفعها ليقف واسنانه تصطك غضبا : لخياس .. والله ما اسكت لهم ..

لتتسارع خطاه مبتعدا عن المكان .. وتلك تزفر انفاس الغضب .. فلقد تأكدت انه لا يزال يحبها .. او لعله حب تملك لا غير .. ضربت بقبضة يدها على السرير حيث كان هو جالسا .. ليستقيم جسدها وبعدها تتهاوى لتجلس من جديد .. اغمضت عيناها بتعب .. فهي لا تشعر بانها بخير .. وذاك الدوار تكرر معها اليوم مرات .. تنفست مرارا .. تحاول ان تستجمع اتزان جسدها .. كفها تضغط على فيها بخفة .. لتسحب ذرات الاكسجين بنهم .. دار في عقلها ان تكون حاملا .. نفضت رأسها تبعد تلك الفكرة المجنونة .. فدورتها الشهرية تاخرت .. ولكن هي لم تكن يوما منتظمة .. ابتسمت بغباء على تفكيرها .. لتقف متوجهة لدورة المياه ( اكرمكم الله ) تنضح الماء على وجهها الحنطي .. المنشفة الناعمة تلامس وجنتيها بلطف .. لتركنها حيث اخواتها على ذاك الساق المعدني قريبا من المغسلة ..

تشدقت وهي تتمتم : للحين تحبها يا سعيد .. وانا عبالي نسيتها ..

هو كان حاقدا بقوة .. فعزة نفسه لن ترضا بان ذاك المدعو شقيقه ان يرتبط بمن كانت على ذمته .. زم شفتيه ليضرب بعنف على المقود بكلتا قبضتيه .. فهو غاضب والزحام زاده غضبا .. دائما يكون الزحام في طريقه .. وكأنه يحاول ان يردعه عن مسعاه .. تخيلها معه .. بين احضانه .. في سرير واحد .. ليبان الغضب بعدها على وجهه .. فهي له ولن يرضا ان تكون لغيره .. حتى لو اوصله هذا التفكير لقتلها .. ليحتظنها القبر لا صدر رجل غيره ..

وصل اخيرا لوجهته .. فهو يجب ان يفرغ بركان روحه .. حتى هو احيانا لا يعلم لما يحب ان يتملكها هي .. فكانت في احضانه سنين مضت .. لم يذقها الا هوان العيش معه .. ولكن الاكيد في ذاته انه يريدها ان تبقى له .. اصبعه وكأنها سيغوص في زر الجرس بسبب الضغط القاسي ..

فُتح الباب على يد بدر ليندفع هو صارخا في وجه ذاك الذي استقام واقفا : هذي اخرتها يا عبود ..

ليسرع ذاك الخطى ويقف حائلا بينهما . فجسده اعرض من جسديهما .. ولياقته البدنية تؤهله ليكون الاقوى .. يحاول ذاك ان يصل الى الاخر مع صرخاته المتتالية : رايح تخطبها وبعدها فالعدة ياللي ما تستحي .. والله ان وافقت عليك لذبحك واذبحها ..

-
خلاص بس .. شو بلاك انت .. الحرمة ما صارت حرمتك ..

" اسكت يا بدر " صرخ في وجهه ليقف حين دفعه عن طريقه .. ليشير باصبعه لذاك الصامت : بتندم يا عبود .. مب ناقص ذاك المرتزع فالبيت .. طالعلي انت ..

هل يحبها ؟ وغيرته تقوده لما يقوله الآن ؟ هذا ما دار في عقل عبد الله .. لينطق بهدوء : خاف ربك يا سعيد .. طارق اخوها ..

-
اخوها طل .. هو الا ولد عمها .. بس والله لذبحها اذا ..

قاطعة بعنف : خلاص .. بسك حلف .. الين متى بتبقى ع هالحال .. خلها تعيش حياتها شو دخلك ..

هجم ليردعه بدر من جديد : عشان تحلالك .. قولها .

-
والله لو تحبها كان صنتها يوم كانت عندك ..

-
انت تعلمني كيف اعامل حريمي ..

تلاحمت الالسن بينهما .. وذاك تعب من صده .. فهو عنيف .. ليدفعه : خلاص بس – يلتفت لعبد الله ومن ثم سعيد – تقول يهال .. كل واحد يالس يفصل حياتها بطريقته .. فكوها منكم وهي ترتاح .

تابع حديثه لشقيقه الاكبر : وانت الين متى حب هالتملك اللي فيك .. عايش حياتك ومستكثر عليها تعيش حياتها ..

-
والله وطلعلك اللسان يا بدير .. بس لو دريت انها وافقت عليك يا عبود ما تلوموا الا نفسكم انت وهي .

وادبر خارجا في صمت المكان وسكون عبدالله .. ابتسم .. ليسقط جسده على الارض ويستند بظهره على تلك الاريكة .. منذ دقائق فقط كان بدر يشحنه بالامل .. وجاء ذاك ليقضي عليه بانانيته .. قد يفعل ما قاله .. فهو متهور الى حد الدمار .. ربض ذاك بجانبه على الاريكة : لا تهتم .. مع الوقت بيتقبل .. ما عليك منه ..

اضحى الاعقل بين المجنون بالانانية والمجنون بالعشق .. ليلعب دور الاخ الاكبر وهو الاصغر بينهما .. وقف ليبتعد عنه .. لعل بقاءه وحده يكون افضل له .. خرج من المكان سيلتقي مع اصحابه ويسهر معهم حتى منتصف الليل .. فتلك السهرات افضل بكثير من الاجواء الخانقة التي تلاحقه في منزل والده او شقة عبد الله .. رن هاتفه .. لينتزعه من جانبه ونظره يعود على الطريق : هلا والله ميوود .. شو .. اوك بخطف عليك .. تجهز .


,،

منذ الاعتراف الذي زلزله .. وهو يعيد قراءة ذاك الكتاب مرات عديدة .. فهو يعرف صاحبه الآن . يحاول ان يستشف حياتها من بين سطورها .. ويحاكي مشاعرها من بين احرفها .. هو بات يتهرب من البقاء معها .. يحاول ان يسألها عن ذاك الكتاب فيتراجع .. وضعه جانبا .. لينظر الى عقارب ساعته التي تقترب من العاشرة .. من بعد ان عاد من صلاة التراويح لم يرها .. تنهد فعليه ان يضع بعض النقاط على حروف حياته معها .. حث الخطى صاعدا .. مؤكد انها هناك مثل كل ليلة .. تجلس امام التلفاز تشاهد تلك المسلسلات التي ما ان ينتهي احدها يأتي آخر ..

توقف ينظر اليها .. مربعة ساقيها على الكرسي المنفرد وتشاهد باهتمام .. تبتسم احيانا واحيانا اخرى تعقد حاجبيها .. ليكتم ضحكته حين صرخت متأففه : اووف كل شوي دعاية .. حشا ما صارت ..

رمت جهاز التحكم من يدها لتقف وتتسمر .. تنظر اليه .. شدت على شفتها السفلى : من متى وانت هني ؟

لم يجبها ومشى بكرسيه ليسحب الجهاز ويغلق ذاك التلفاز : اريد اكلمج .. ممكن ؟

يده تمتد امامها .. بخجل ورعشة اتضحت له امسكت بيده .. ليحثها لتجلس على طرف الطاولة امامه : فاطمة .. الحين الكتاب انتي كاتبتنه ؟

هزت رأسها بنعم .. دون ان تنطق .. ليردف هو : كيف قدرتي تصورين اهلج بهالشكل .. وتحطيهم في مكانة الحيوانات .. مب الله كرم الانسان عن الحيوان بالعقل ..

ابتسمت لتسحب يدها التي لا تزال بيده .. يحدثها وكأنها طفل صغير لا يفقه من الحياة شيء .. وكأنه يعلمها ما لا تعلم .. امسكت طرف الطاولة بكفيها : فهد .. يوم كتبت الكتاب كنت اعيش حالة نفسيه ما يعلمها الا ربي .. واول الكتاب ذكرت اني بتكلم عن الغابة اللي اعيش فيها .. يعني مب معقولة غابة واكتب فيها ناس .. كل الصفات اللي حطيتها مجرد توضيح لمشاعري تجاه اهلي ..

تنهدت وكأنها تحاول ان تجد تفسيرا يقنعه اكثر .. وهو فضل الصمت .. يريدها فقط ان تتكلم .. لتردف وهي تضع كفاها في حجرها وتشدهما ببعض : ابويه انسان قاسي فنظري .. حرمني من اني اعيش حياتي .. كان يقول ما ازوج بنات من برع .. ونسى ان بنته اكبر وحده بين شباب العايلة ..

ابتسم لتسأله : عاادي اسئلك ؟

هو يتمنى كلمة منها فكيف بحديث طويل قد يمتد لدقائق وقد يصل الى ساعات .. هز رأسه لتكمل : لو كنت بصحتك بتزوج وحده اكبر منك بست يمكن سبع سنين ؟

اكتفى ببعثرت نظراته على وجهها .. ليطيل الصمت وكأنه يحاكي عيونها وبشرتها البيضاء .. اخجلها فعله .. لترتجف اطرافها .. ترفع نظرها لبرهة وتخفضه من جديد .. لتتسمر نظراتها على كفيه اللتان عانقتا كفيها : ما اقدر اقولج .. صعب اعرف يمكن هيه ويمكن لا .. بس اللي اعرفه انج انتي نصيبي ..

نظرت اليه .. لم تنزل نظرها ..لتغوص في ضحكات عينيه .. لا تعلم لماذا تلك الراحة باتت تسكنها منذ ذاك اليوم .. هي لم تعطه قرارها حتى الآن .. وهو لم يسألها .. وكأن به علم بقرارها مع خوفها من اتمام العلاقة .. لعلها تخشى اشياء واشياء .. هو لا يرغب الا بان يشعر بانه انسان يستطيع ان يكون مثل غيره .. ان يكون عائلة .. حتى وان طال هذا الامر معها فبامكانه ان يصبر ..

قطع نظراتهما تلك صوت تلك الخادمة الفلبينية .. وهي تخبر فاطمة بان شخصا يريدها .. وقفت وهي تسألها من يكون .. ليكون الرد بعدم المعرفة لا غير .. سحبت " شيلتها " من على الكرسي .. لتبتعد عنه .. تنهد ليلحق بها .. تمنى ان تطول جلستهما تلك .. لعلها جلست مصارحة قد توصلهما لمكان آخر ..

نزلت الدرجات وهي تتلفت .. فتلك اخبرتها بانها ادخلته للمنزل .. وقفت وتلك الابتسامة قد ارتسمت على محياها وهي تنطق اسمه : مايد .

وقف تاركا هاتفه الذي كان يسليه وقت الانتظار .. ليقترب منها ويحتضنها .. فعل لا تزال تخجل منه وتتوتر بسببه .. يريد ان يعتذر لها .. وهو عاطفي بقوة .. وليس افضل من الاحضان ليعتذر عن اجحافه لها .. شيء ما سرى في جسد ذاك الذي رأى قربها من اخيها .. احتضانه لها .. هل احساس بالغيرة سيطر عليه ؟ ام انه شعور آخر ..

اقترب ليلقى التحية عليه .. ويتصافح معه .. ويصر عليه بالبقاء حتى موعد السحور .. فوجوده افرحها .. حتى بات لسانها لا يكل من الحديث .. تسأل عن الكثير .. حتى وهي تقدم له ما لذ وطاب من الطعام تسأله .. ليضحك : شو بلاج فطوم .. ما احيدج هالكثر تتكلمين تقول بالعة رادو ..
جلست مدعية السخط : الحق علي بعد ..
فهد : الحين راضها ..

تمنى انه لم يقلها .. لاول مرة يكتشف بانه غيور على من يحب .. نظر اليه يقترب منها يطبع قبلة على وجنتها .. شعر بحرارة في جسده .. هي زوجته ولا يستطيع حتى ان يكون قريبا منها كذاك .. رن هاتفه وكأنه ادرك ما يعانيه صاحبه .. ليبتعد .. متعذرا بتلك المكالمة ..

" شو بلاك " قالها سعود وهو يجلس على احد الكراسي الخشبية في تلك الحديقة .. وبمعيته ابنه محمد .. فهو يحب ان يخرجه من جو المنزل بين الفينة والاخرى ..

تنهد ذاك وهو ينظر لوجهه في المرآة .. وصل اخيرا الى الغرفة بعيدا عن ذاك الجو الذي بعثر كيانه : ما اعرف شو اقولك يا سعود .. اخوها عندها ..

قهقه ذاك وكأن الامر اتضح له : تغار عليها ؟

-
عبد الله وبدر دايم يزوروها بس كانوا غير معها .. ومايد حسيته قريب منها بزياده

عقد حاجبيه لضحكات ذاك على الطرف الاخر : بو محمد خلاص عاد .. تراني بحرم اسولفلك ..

وهو يمسح فم محمد بمنديل .. ويشد الـ" الجاكيت " عليه حتى لا يصله البرد : يا ريال شو بلاك شاب اليوم .. مب طايق مني كلمة ..

زفر انفاسه وهو يحرك كرسيه نحو السرير : من يوم ما عرفت انها هي اللي كاتبه كتاب هواجس وانا كله اهوجس .. افكاري متلخبطة .. ومشاعري مادري شو صار فيها .. خايف اني اكون حبيتها ..

رجعت خطوة للوراء لتستتر بالجدار .. سمعته .. هل يخاف من الحب ؟ اما لانها هي الطرف فيه .. تسمعه يشكي لصاحبه .. يخبره بمعاناته في بعدها .. باحاسيسه التي يجهل ماهيتها .. لتداهمها ابتسامة مع دمعة حارة تدحرجت على وجنتها .. هي ليست بتلك القاسية .. وهو لا يستحق جفاءها هذا .. ولكن بحاجة الى الوقت .. فقط القليل من الوقت والصبر ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:30 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تقارب الساعة الحادية عشر ظهرا .. خرج من ذاك المبنى متوجها لمنزل والده .. حياته العملية غير مستقرة وهو يعلم من وراء كل ذاك التذبذب .. واليوم سيواجهه بما اكتشفه .. او سيحاول ابعاده .. دخل الى المنزل ليجلس بهيبته في تلك الصالة .. فوالده لم يذهب الى شركته هذا اليوم .. اقبل وبتهكم قال : غريبه يايني للبيت .. شو وراك ؟

وخبث ابتسامة تهادى على شفتيه .. ليدس ذاك يده في جيبه ليخرج ورقة مطويه ويضعها امام والده على تلك الطاولة المذهبة .. باستنكار اردف : شو هذا ؟

وقف مستقيما : مب ياي ازورك الا لهالشيء .. رايح تزور امي بخيته اكثر من مرة .. وتسأل وادور .. والمسكينة تقولي واحد يشبهك اييني ..ما تدري اني ما افتخر بهالشبه

ضحك ليستفزه : ومنو خطر عبالك هالشخص ؟

لاول مرة يبدو ضعيفا امام عبد العزيز .. ليظهر شبح ابتسامة على وجهه : ما اعرف شو نيتك .. يمكن تلعب بمشاعري .. ويمكن اشياء واايد ما اعرفها .. كل مرة اقول لنفسي سامحه هذا ابوك .. بس اكتشف انك انسان ما تليق عليه كلمة ابو ..

احتقن بالغيض .. ليقف : شو اللي يابك لبيتي يا جاسم ؟

اشار برأسه لتلك الورقة : هذي .

فتحها تحت انظار جاسم: شو هذا ؟

" مكان سلامه محمد " قالها وهو يبتعد عن المكان ليقف بعد خطوات : ما بتستفيد منها لا حق ولا باطل ..

وانسحب ليصله اتصالا عبر هاتفه من سكرتيره .. ركب سيارته : هلا.. شو .. عطني اكلمه ..

لحظات لينهال عليه ذاك بالكثير من الكلمات المعنفة : لو مب قادر عليها ردها لنا يا جاسم ..

علامات الاستفهام ارتسمت عليه .. ماذا يقصد ؟ حاول معه ان يفهم كل شيء .. حتى اخبره برفضها لرؤيته او رؤية شقيقتها .. وحتى اتصالتهما لا تجيب عليها .. انهى المكالمة ليحول مسار طريقه الى منزله .. ليدخل ويتفاجأ بها تجلس في الصالة وبيدها وعاء به " اندومي " .. اقترب منها : خولة انتي مب صايمة ..

ارتجفت من صوته .. لتضع الطبق من يدها على الطاولة .. لم ترفع نظرها اليه .. وشعرها قد تدلى بعض منه على وجهها .. فزعت حين رمى بالمفاتيح على الطاولة .. لتقف وتصرخ : لا تقرب ..

هاله خوفها منه .. ليمد يده وتبتعد هي صارخة : قاسم لا تقرب الله يخليك ..

تسمر مكانه .. هل قالت قاسم ؟ لم يستيقظ من غفوته تلك الا عليها وهي تركض صاعدة الدرجات .. زمجر مناديا باسمها .. ليتخطى الدرجات اثنتين اثنتين .. ليقف محاولا ان يفتح باب الغرفة .. يضربه بعنف : خولة فتحي الباب .. شو صاير فيج .. وبعدين ليش ما تردين ع اخوانج ..

ضربه من جديد بعنف : فتحي ..

نبرتها المهتزه هلعا وصلته : ما بفتح .. خلك بعيد عني . لا تقرب .. والا بقول لجاسم .

الخوف تسلل الى قلبه .. فما بالها تسميه قاسم .. وتهدد باخباره هو عن نفسه .. ضرب الباب بهداوة لعلها تستجيب له .. لكن قاطعه هاتفه من جديد .. ليبتعد عن الباب خطوات : هلا سلطان ..

صوته المتوتر يصل اليه : الحق يا جاسم .. شركة روز لاحقتنها خسارة كبيرة .. هذا غير فرعنا اللي هني فالبحرين .. الاختلاسات بلملايين .. احس اللي دمروا سالم الـ ... ناويين ع دمارنا .

شد بقبضة يده : يخسون الا هم .. اهتم انت بفرع البحرين .. وانا بسافر ع اول طيارة لفرنسا .. اسمع .. حاول تعرف ظروف باقي فروعنا .. عندك 24 ساعه ويوصلني تقرير كامل منك .. اوكي ..

اغلق هاتفه ليلتفت لغرفتها : سامحيني يا خولة .. بس بتكون لي جلسه وياج ووييا خرابيطج .

اما هي فجلست على سريرها محتضنة ساقيها .. تشعر بانها مضطربة .. لا تعي اي شيء .. وهو يخيفها .. دائما يظهر في احلامها .. بات هو يشبهه .. بكت وهي تردد : كله منك يا جاسم .. كله منك ..

خرج من منزله قاصدا شركته .. ليراجع كل ما يستطيع مراجعته .. هل يعقل ان ينهار كل شيء .. كيف لم ينتبه .. ولم يشعر بتلك المؤامرات التي تحاك من خلفه .. فتح بريده عبر هاتفه .. لعل هناك خبرا ما منها .. فهو اعطاها اياه في تلك الورقة .. لا يوجد اي شيء .. وقبل ان يهمم باغلاقه اذا برسالة تصل .. بدون عنوان ..

ابتسم وهو يقرأ ما كتب فيها .. ثلاث كلمات .." البداية ستكون قريبا " . بداية تخطيط سيدمر الكثيرين .. وهي قد تدمر فيه ايضا .. امتعض ليعقد حاجبيه .. فهي قد تكون في خطر .. ستبدأ بالبحث في وكر الذئاب .. وهي ليست سوى فتاة صغيرة .. لن يسامح نفسه اذا تعرضت للاذى .. فهم خطيرون .. يحفرون للايقاع باصحاب الشركات الناجحة ..

,،

وذاك ايضا ليس بعيدا عنهم .. قد يعيدون ما حدث مع والده .. وسيخسر من جديد .. انهكه العمل بقوة .. وذاك المشروع اخذ من وقته الكثير .. هو من سيضعه في القمة .. واي خطأ قد يوقعه في الحضيض .. تنهد وهو يجلس على سريره بعد حمام دافيء .. فوالدته بثت اليه بخوفها على جود .. فهي شعرت بغرابة في حديث فتاتها الصغيرة .. لتطلب منه ان يترك اعماله ويذهب لها .. لكن كيف له ان يفعل ذلك .. فعينه يجب ان لا تغفل عن العمل .. وضع رأسه لينام .. وينهض قبل الفجر ليتسحر .. تكفيه ساعتان ليرتاح ..
وما هي الا ساعة حتى قام مفزوعا .. ها هي احلامه تؤكد خوف والدته .. تعوذ من الشيطان .. ليتمتم : اكييد بسبب خوفها صرت اشوف هالاحلام ..

حرك رأسه .. يشد رقبته بكفه .. وبعدها نهض .. يحتاجها بقربه .. ويشتاق لوجودها .. هي لا تزال مبتعدة عنه .. فتح باب غرفة والدته ليراها جالسة على الارض وسجادتها امامها .. والقرآن الكريم بين كفيها .. اقترب منها ليطبع قبلة على رأسها .. وتغلق هي المصحف .. لتستغرب بعدها فعله .. جلس على الارض ليضع رأسه في حجرها مستلقيا .. لتمسح على شعره القصير : شو بلاك يا فيصل ؟

-
تعبان ياميه .. مب قادر ارقد مثل العالم والناس .. وخايف عليها .. يمكن كلامج صح .. ويمكن خوفج هو اللي خوفني .. خليني ارتاح ..

مسحت على رأسه وهي تسمي باسم الله .. تشعر بتعبه وانهاكه .. ليس سهل ان يعيد كل شيء من جديد .. وهو لا يزال في مقتبل العمر .. نطقت لتطمأنه : جود بخير .. كلمتها اليوم ..


يمر الوقت سريعا .. ليجد نفسه في مكتبه وامامه سيف الذي اصر على رؤيته لموضوع لا يتأجل .. ليمتعض من كلامه : انت شو يالس تقول ؟

-
اسمعني يا فيصل .. اذا ما تريد اللي صار لابوك يتكرر انسحب من شركة عبد العزيز .. حتى لو بخسارة ..

ضحك هازئا به : اكيد طلول ورى السالفة .. انا قلت شغلته فالشركة مب لله ..

وقف ذاك ليستند على ظهر الطاولة بكفيه .. يدنو برأسه من فيصل : اذا ما تريد تخسر .. ابتعد عن شركة عبد العزيز ..

وتشدق مبتسما .. ليخرج بعدها .. ليزداد ذاك غضبا .. وينتشل هاتفه ليتصل بها .. يصرخ في وجهها ان تبعد زوجها عن طريقه .. والا فانه لن يدع اي فرصة ليدمره ..

لتصرخ هي فيه : فيصل انت شو بلاك .. حشا ما يسوى عليه انه شاركك فهالمشروع ..

-
ريلج هذا لو ما ابتعد عني ترى والله ما بيحصله طيب .

-
شو ؟ .. فيصل انت ناسي انه ريل اختك ..

لم يدع لها مجالا لتؤثر عليه .. فاغلق الهاتف في وجهها .. وانفاسه تتبعثر باجرام امامه .. لتقف هي بعد تلك المحادثة .. تفرك كفاها ببعضهما .. وتطوي الصالة ذهابا وايابا .. تنتظره .. عيناها تحدقان بتلك الحائطية الفاخرة .. وقت عودته ليأخذ قيلولته .. دخل وهو يبتسم .. يلقي عليها السلام .. ويقبل وجنتها .. ليستغرب توترها .. كفاه يعانقا كفيها .. ليجلسها ويجلس بجانبها : شو فيج حياتي ؟

نزلت دموعها .. ليشعر بخوف غريب .. يحتظن وجهها بكلا كفيه : فديتج ليش الدموع .

-
احلف ان مالك علاقة باللي صار لابوي .

رفع حاجبه ليبتسم وهو يترك وجهها ويقف : فيصل اتصل عليج – هزت رأسها بنعم ليردف- رش رش خلج بعيد عن شغلي اوكي فديتج ..

قبل جبينها وابتعد .. ليقف ملتفتا لها : بروح ارقد .. وعيني ع صلاة العصر اذا ما وعيت .

مسحت دموعها .. هي لا تصدق بان سيف له علاقة بما حدث سابقا .. ولكن شكوك فيصل تنحت في عقلها حتى باتت تظن فيه .. لعله غضب منها .. لعلها جرحته بظنها ذاك .. وبطلبها ان يقسم لها .. رفعت هاتفها لتحدث والدتها .. فلعلها تطمأن قلبها المتأجج خوفا .. فقد تكون حياتها مع سيف على المحك ..

,،

كحياة تلك التي اضحت مليئة بالافكار .. الليلة سيكون اللقاء معهم .. بعد مماطلة دامت اسابيع .. ارتدت عباءتها و " شيلتها " .. وتنفست الصعداء .. تحاول ان تتسلح بالقوة .. ستذهب هي وعبد الرحمن فقط .. فذاك راشد تعذر بان لديه عملا ما .. في صلاة التراويح كانت تدعي بان الله يوفقها وينصرها عليهم .. وطوال الطريق وهي تستغفر ربها .. فالاستغفار باب يفتح الكثير والكثير .. توقفت سيارة عبد الرحمن في منزل عم بناتها .. العم الاكبر " ابو خالد " لتترجل هي معه .. ويقترب منها : خليني اتكلم معهم ولا تقاطعيني الين اعرف شو اللي يريدونه بالضبط ..

ابتسمت وهي تأخذ طرف " شيلتها " لتغطي وجهها : يصير خير يابو عمار .

هناك في المجلس اجتمعوا .. جدة بناتها وابنيها الاثنين .. دخلت بعد ان دخل اخيها .. لتجلس بجواره بعد ان قبلة رأس تلك الجدة العجوز .. وسألت عن احوال بناتها .. ليبدأ عبد الرحمن الحديث .. وذاك يسكته الى ما بعد الضيافة .. ليمضي الوقت والحديث لا يتعدى عبد الرحمن وابو خالد .. وذاك الاخ الاخر صامت .. كما هي والدتهما .. كل ما في الامر انهم احق بتربية الفتاتان .. هذا ما كان يدور في ذاك المجلس .. لتقف هي : بناتي محد بيربيهن غيري يا بو خالد ..

ليرد عليها الاخ الاصغر : يا ام عليا اقصري الشر .

لتتكلم بكل هدوء : اي شر اللي تتكلم عنه .. الحين صار عندكم بنات اخو وتريدون تربوهن .. الحين يا خالتي تذكرتي ان عمر الله يرحمه عنده بنات .. قولولي كم مرة زرتوهن والا سألتوا عنهن .. قبل كان في شيء ما يوقف زياراتكم .. مزرعة المرحوم ..

صرخ بها : احنا مب طمعانين .

التفتت له : صح يابو خالد .. والدليل بعتوا المزرعة اللي تسوالها ملايين وما عطيتوني الا عشرين الف .. وتحججتوا بان المرحوم مديون وسدتوا دينه .. قلت ما عليه بسكت اهل بناتي ولهم الحشيمة .. واخواني ما قصروا ضربوا الصدر ووقفوا وياي عن الحاية لك ولاخوانك ..

وجه كلامه لعبد الرحمن : عايبنك كلام اختك يا ابو عمار .

-
صاحبة حق وتطالب بحقها ..

تقدمت خطوات من تلك العجوز الصامتة : خالتي كد مرة شليتي التلفون تسأليني عنهن .. والا مديتي ايدج بعيدية تفرحيهن كل ما يبتهن لج يزورنج .. الحين يايه تقولين لي بنات ..

نطقت اخيرا : اعمامهن احق بتربيتهن .. والحضانة وخذها بو خالد .. ومالج الا الرضا .

ليردف هو على حديث والدته : بس اذا مالج غنى عنهن تقدرين تاخذيهن واحنا بنتنازل .

رمقته بنظرة من خلف غشاءها : والشرط ؟

كل ما يدور يجعل عبد الرحمن لا يفقه شيء .. وكأن هناك معركة قديمة عادة لتُشعل من جديد .. وهو لا يعلم عنها شيئا .. نظر لبو خالد الذي وقف ناطقا : تزوجين عمهن .

ابتسمت : طبعا مب انت لانك مستحيل تزعل بنت عمك وتييب عليها عديله – التفتت للاخر – ومب انت لانك ما بتزعل الوالدة وبتييب حرمة ثانية ع بنت اختها .. فما بقى الا خليفه – نظرت للعجوز – صح كلامي يا خالتي .

صمت استحوذ على المكان .. فذاك الخليفة هي تعرفه كما يعرفه الجميع .. لو لم يبقى الا هو على وجه الارض لم ترتبط به .. قالتها في الماضي لهم .. وقفت بشموخ لطالما اعتادوه منها .. لتحث الخطى نحو الباب .. وتقف : باكر البنات بيكونن عندج يا خالتي ..

وادبرت .. ليستوقف ذاك عبد الرحمن : عقل اختك يا بو عمار ..

-
اختي عاقل وهي ادرى بمصلحتها ..

عاد الصمت من جديد في تلك السيارة .. ليبدده هو : من صدقج يا ميثة .. بتعطيهم بناتج .

التفت له بابتسامة : هم ما يبوهن .. كل السالفة يبون يلون ذراعي .. وما عاش اللي يمشيني على كيفه يا عبد الرحمن .. حتى لو الثمن بناتي .

قساوة ظاهرة عليها اعلنتها امامهم .. وفي داخلها ام تحترق لفراق طفلتيها .. ولكنها لن ترضخ .. وسترى نهاية ما يحاولون اجبارها عليه .. نزلت لتصعد الدرجات الى غرفتها .. نائمتان بسلام .. رمت " شيلتها " وعباءتها .. لتتحوقل بصوت خافت .. وتبعثر نظراتها عليهما .. ستحرم منهما .. نزلت دموعها لتجرح وجنتيها : وينك يا عمر تشوف حالي من بعدك .


,،

احواله هو ايضا تغيرت .. كما يقولون " كثر الطرق يفك اللحام " وهو قد لان لكلام والدته .. حتى اضحى اسم تلك الريم لا يفارقه .. يبتسم لذكرها لا شعوريا .. وكأن له وقعا خاصا في قلبه .. جلس بجوارها في غرفتها .. لتردد عليه الحديث القديم : بو محمد ترا عرس وديمة قرب .. يعني ما باقي شيء .. وانت لازم تخلي هالعناد عنك .. وترى البنت طلعت من عدتها .. واذا موافق بروح اخطبها لك .. ها شو قلت .

لا يريد ان يتسرع في اي شيء .. عُرف بعقله .. ولكن ذاك الفهد ايضا عرف عنه ذلك وها هو يغوص في مشاعر لا يعرف لها اسم .. كحاله هو .. ايسميه حب مراهقة متاخرة الذي هو فيه .. ام حب من نوع اخر .. تردد في القاء ردا على حديث والدته .. ليبتعد بفكره عنها .. لا يسمع الا صوت عقله الهامس له بان يتقدم لها .. ان رضت فسيكون قد حقق مراده وان لا .. فكل شيء في الدنيا نصيب ..

انتبه لضربتها على فخذه .. ليضحك على كلامها : ها وين وصلت .. وانا من الصبح اهذر عليك .

قام واقفا : يصير خير .

امسكته من ثوبه : تعال هني .. شو هو اللي يصير خير .. اخطبلك البنت والا ؟

انحنى ليقبل رأسها : بكلم ابوها بالاول . . الليلة عقب ما اصلي التراويح بكلمه .. وبشوف رايه ..

الفرحة لا تسعها .. قامت مستندة على كفيها .. ليساعدها هو : يا رب تكون من نصيبك يا وليدي .. ما تدري كثر شو ادعيلك ..

عاد ليقبل رأسها .. ومن ثم يلثم كفيها : الله يطول بعمرج .. واذا لنا نصيب بناخذه .

غادر غرفتها .. مبتعدا عن منزله .. يريد احدا ان يشاركه ذاك الاحساس الذي استوطنه منذ فترة .. هل لكلام والدته دخلا في مشاعره الآن ..

ترجل ليجلس مقابل البحر .. يعشق المغيب لانه يبشر بيوم جديد قادم .. الهواء بارد .. احتظن نفسه بذراعيه .. وبعدها جلس ليخرج هاتفه الـ" ايفون " ويدخل ذاك المكان ليبعثر بعض الجمل القصيرة :
حين تشعر بالاختناق الى حدود عمق الذات .. فانك لا تجد سبيلا من الدعاء .

ابتسم على تلك الجمل التي ارسلها .. متابعوه يزيدون لكن ليس كمتابعيها هي .. بعد ان عرف انها فتاة وليست بشاب .. ذهب الى صفحتها فهو لا يزال من متابعيها .. ليجد اخر ما كتبت منذ يومان :
ابعثر اشواقي من هنا .. وبي لهفة للقاء احبابي .


,،

قلم الكحل الاسود يخط بثبات على حدود جفنها السفلي : لتدخل تلك تشدها : هيا سنتأخر .
صرخت فلقد اوجعها سن القلم : ما بكِ .. وعلى ماذا سنتأخر .

تكتفت : لورا تنتظرنا .. اتصلت بي وتريد منا ان نلاقيها .. هيا

سحبتها من جديد .. لتسحب تلك ذراعها : وهل تريدين مني الذهاب بهذا الشكل .

شتتت نظراتها عليها .. برمودا الى حدود الركبة .. وبلوزة دون اكمام .. وشعر متناثر .. لتتشدق : لا اعلم ما بكم .. تتغطون عن الغير .. اتعتقدون ان اجسادكم مختلفة عن اجسادنا ..

دفعتها للخارج لتغلق الباب : سارتدي ملابسي واخرج ..

لتنطق تلك وهي تستند على الجدار بجانب الباب من الخارج : مجانين انتم . تخفون جمالكم .. وتقولون بانكم امة متحضرة .. وايضا منكم من يغطي وجهه وكانه ارهابي ..

طوحت برأسها وهي تستمع لحديث تلك الـ " ليزا " خرجت بعد ان تحجبت وارتدت ملابس ساترة .. فهي تعرف عقلية تلك : هل حقا انتي قريبة للورا .

حركة يدها دون مباللاة لتمشي من امامها : اعلم ان عقليتها متخلفة .. تقول بانها تحترمكم .. ولكن انا مختلفة .. ارى فيكم تخلفا غريبا .

وقفت بجانبها لتسحب " البلاطو " الابيض الطويل وترتديه : ليزا نحن لسنا متخلفين .. ديانتنا تطلب منا ذلك .. ربنا طلب منا ان نستتر .. وهذا ليس تخلفا ..بل حماية لنا

قاطعتها متهكمة وهي تفتح الباب : حسنا حسنا .. لا يهمني ما تعتقدون .. فلي فكري .. وانا اراكم متخلفون .

زفرت تلك انفاسها بغيض .. فهي لا تطيق ليزا .. منذ ان سكنت بمعية لورا حتى جاءت تلك لتسكن معهما بسبب التحاقها بالجامعة .. صغيرة ومتمردة .. وصلتا الى حيث تجلس لورا في ذاك المطعم .. لتربض بغيض : قريبتك هذه ستصيبني بالجنون .

قالتها هامسة لتضحك تلك .. وتنظر الاخرى اليهما باستغراب : تتحدثان عني .. اليس كذلك ؟

وقفت لتأشر بيدها .. وتلتفت ليزا مع هاجر الى حيث تنظر .. عقدت حاجبيها وسرعان ما ابتسمت .. لترد السلام عليهما .. لتزفر تلك : لا تتكلموا بلغتكم .. اعلم بانكم تقولون كلام لا يليق علينا .

قامت لورا لتسحبها معها عن المكان .. فدائما ما تضعها في مواقف حرجة .. جلسا على الطاولة مقابلين لها .. تشعر بالتوتر وتنظر حيث لورا تقف .. السكوت فقط ما يسيطر عليهم .. لينطق نادر : لورا ما في زيها .. اصرت انها تودع مصبح بطريقتها .

رفعت رأسها لتنظر له .. ينظر لظهر الطاولة : بتسافر ؟.

نظره يرتفع لها وسرعان ما يبعده : هيه .. باكر ان شاء الله برد البلاد . ما قدرت ارفض عزومتها .. وخاصة اني اعرفها من اربع سنين .. هالبنت واايد طيبة .. بس قريبتها ملسونه ..

ضحكوا على ذاك الحديث .. لا تعلم لماذا شعرت بالخوف من فكرة ذهابه .. هي ايضا ستعود ولكن بعد شهران تقريبا .. فقط ستأخذ " الماجستير " اما الدكتوراة فستأخذها من بلادها .. تنهدت .. وهي تعود لتنظر لهاتفها .. تبتسم لتلك " التغريدة " التي مضت عليها ساعات .. لتبتسم وتخاطب نفسها : والنعم بالله .. مالنا الا هو .

يراقبها وهي بعيدة عنهم .. وكأنها في عالم آخر لا تشاركهم الحديث .. فقط تبتسم بين الفينة والاخرى .. يشعر بانه مسؤول عنها .. وابتعاده ليس في صالحها .. تنهد وهو يقف شاكرا لورا على دعوتها تلك .. ويغادر مع صاحبه .. الذي ضربه على كتفه حين مشى بمعيته : تحبها ؟

ليدس كفيه عن برودة شتاء كندا في جيبي " جاكيته " الجلدي .. ليبتسم ذاك : لا .. بس هي تذكرني بناس غاليين لا غير .. اذا بحبها يا نادر المفروض ما احبها عشان انها تشبه حد .. بيكون اكبر ظلم لها اذا صار هالشيء .. ومصبح عاقل ما عمره بيظلم حد معه .


,،

وللاحداث بقية غدا في الجزء 36
ان شاء الله

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:33 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الفراق مؤلم .. بل انه كالعلقم في الجوف .. تتوقف معه الكلمات .. وكأنها تبتعد هاربة من كلمة " وداعا " .. يلملم اشيائه بتوهان غريب .. وكأن به يعد عدته لرحيل مؤبد .. لا يحبذ فكرة العودة الى حيث الذكريات .. هناك كانت . وهناك كان يحلم ليكونا معا .. وهناك سُرقت منه .. وهناك اشياء واشياء ستفتح جراحا لم تلتئم .. تنهد وهو يغلق سحاب حقيبته .. ليرفعها ويضعها جانبا .. وتحث خطاه المسير الى تلك النافذة .. هنا عاش سنين طوال .. ابتعد عن ماضيه .. ولم يدرك ان الماضي يعيش بين جنباته الا اليوم .. ماضي قاسي كقسوة الحجر الصلد .. كتف ذراعيه مستندا بجانبه على جانب النافذة .. ينظر للا شيء .. يبتسم لخيالها الذي مر امامه .. لماذا لا يستطيع نسيانها .. كيف لا تزال تعيش في روحه المنهكة .. لا يعلم كم من الوقت مضى على وقوفه .. فهو لا يشعر الا باختلاط انفاسه مع نبضات قلبه .. وسؤال يبحث عن اجابته .. هل سيستطيع العيش هناك من جديد بدونها ؟

صعد السلالم ببطيء شديد .. وكأن به يعدها .. ليقف يسحب انفاس الهواء .. غدا لن يكون صاحبه معه .. لن يتشاجر معه .. ولن ينعته بالمجنون .. او يصرخ عليه بان يبقى على لهجته .. ادار المفتاح ليلج لداخل .. راميا به على الطاولة مع كتبه التي كانت بيده .. ويتجه للمطبخ الصغير المطل على تلك الصالة . تنهد وهو يضع كيس الطعام البلاستيكي .. فغداءهما اليوم " بيتزا " .. يتمنى لو يستطيع ان يعد طعام الغداء لصاحبه .. ولكن كل ما يجيده هو طعام المعلبات ..

انفاسه تتبعثر امامه بملل وهو يخلع ملابسه الثقيلة .. ليرمي بذاك الـ" جاكيت " على الكرسي ويبتعد .. توقف عند باب غرفة صاحبه .. كان مفتوحا وذاك قد تراءى له بوقفته تلك .. وابتسامة شاحبة بانت له من جانب وجهه .. رسم ابتسامة على مضض .. فهو سيشتاق لذاك الواقف بجسده في تلك الزاوية .. والبعيد بفكره حيث هي .. تلك التي امتلكت قلبه وروحه .. يذكر اول لقاء بينهما .. كان غريبا .. لا يعلم اين يذهب .. واذا به يمد يده له .. وبفراسة غريبة قال : عربي ؟

ليرفع هو نظره مبتسما : ايه .. نادر من السعودية .

ليتصافح معه بحرارة .. مرددا اسمه .. ويسحبه لجانبه يلف بذراعه على كتفه : شوف اذا تريد تعيش خلك جريء .. لا تيلس مكانك .. اسأل ودور اجابات عن كل شيء ..

كان يتحدث معه وكأنه يعرف مسبقا .. هذا هو مصبح عفويا جدا .. لم يدرك يومها انه سيكون له نعم الاخ والصديق .. حتى اليوم مضى على تلك الصداقة شهور وشهور .. امتدت لسنوات جميلة .. تخللها الفرح كثيرا رغم الحزن المدفون في صدره .. كان يبحث عن خيوط الفرح خلف استار الحياة فقط حتى لا ينقل عدوى الحزن له .. واليوم هو يعلم بذاك الاسود القابع بين ثنايا روحه .. يعلم عن ماضية .. عن انكسار فرحته دون سابق انذار .. ويدرك كم من الصعب عليه العودة للعيش هناك .. وكل مكان ينطق باسمها .. تنهد ليحث الخطى اليه ..

التفت على لمسه لكتفه : وين وصلت ؟

يعب الاكسجين في رئتيه بشغف .. ليبتسم .. وبنبرة ضاحكة يردد وهو يبتعد خارجا : من باكر ما بيكون لي مكان هني . محد بيزعجك وبيقولك سو قهوة كل شوي ..

تنخفض نبرته كلما ابتعد .. ليخرج ذاك خلفه ويراه يقف يخرج ما بذاك الكيس .. يفتح الصندوق ويستنشق الرائحة بنهم : يا سلام .. شو دراك ان نفسي فيها .

يلتهم قطعة منها .. ليقترب ذاك ينزع الصندوق من يده : اصبر .. لازم اجهز الطاولة ..

بمشاغبة عاد الاخر ليسحبه .. ويتجه الى حيث الطاولة : تعال وييب وياك اثنين بيبسي .. لا تقولي برد ما برد .. ما تحلى البيتزا الا وياه .

جلسا على الارض .. لتمضي الدقائق صامته .. هل يمثلان الفرح والنفس فاضت حزنا .. لا صوت الا صوت مضغهما لقطع " البيتزا " او صوت ارتطام قاعدة علبة الـ " بيبسي " بظهر الطاولة ..

السكوت قد يحكي حكايات لا يقوى اللسان على قولها .. هذا كان حالهما .. وكأنهما في حضرة جنازة البقاء سويا .. ليتمتم ذاك بعد حين : قلت لك اقول للوالدة تخطبلك من جماعتنا .. بس راسك يابس .

رمقه بنظرته وعاد ليرتشف من تلك العلبة .. ويضعها بعد ان افرغها ليقف وهو يحمد ربه .. ليأتيه صوت ذاك وهو مدبرا : اذا ما ودك ترجع لا ترجع .

لا يعلم لماذا فجأة شعر برغبة في الحديث .. منذ الامس لم يتحدثا مطولا .. الا بجمل موجزة .. عاد ادراجه ليجلس مع صاحبه : الين متى بشرد يا نادر .. هذا انا هني من سنين .. المفروض اكون ماخذ الشهادة من ثلاث سنين .. بس ماطلت وماطلت ... كنت اظن ان هاليوم ما بيوصل .. وببقى بعيد .. يمكن اخر سفرتين فتحن جروحي .. ويمكن هالشيء خيرة لي – نظر لصاحبه المطأطيء الرأس – لعل وعسى بانفتاحها من يديد تلتئم .. اتمنى مرات لو كنت كاتب .. كنت بصب كل شيء ع الورق .. بس مالي فهالشيء .. تدري يا نادر .

رفع الاخر رأسه ليرى ابتسامة صاحبه قبل ان يكمل : يمكن انا خايف من اني اخونها .. عشان جذي مخلينها معي للحين .. يمكن خوفي اني اكون مقصر فحبي لها هو اللي ما خلاني انساها .. احس عمري مريض ..

وضحك بعدها .. ضحكة موجعة وقف معها الاخر .. يلملم ما احدثاه من فوضى على تلك الطاولة .. ليتتبعه ذاك بنظراته .. هل قسى عليه بذاك الحديث .. هو سيبقى هنا سنين اخرى بدونه .. قد يحل شخص اخر مكانه في هذه الشقة .. حمل نفسه ليحاوط ذاك من كتفيه .. ويمشي معه يعيده الى الصالة : شو بلاك ؟ تراه الا مسافر ماني ميت ..

امتعض وعقد حاجبيه .. ليجلس بغيض واضح : لا تفاول ع روحك .. وبعدين انا ماني خايف انك تسافر وتخليني .. الخوف عليك من ذا .

أشر بأصبعه لصدر مصبح الواقف قريبا منه .. ليردف : عارف انه تعذب كثير .. وخايف ان عذابه يزيد دام كل شيء هناك يناديها .

ربض بجانبه لينطق : يوم صار اللي صار هالقلب كان بيوقف .. بس ما وقف .. لانه ابد ما كان يومي .. مشكلتي اني تعلقت فيها بقوة .. بس لا تخاف علي .. قلت لك يمكن هالشيء خيرة لي ..

ابتسم ليقف وهو يربت على كتف صاحبه : واذا ما حبيت السالفة تراني ادل طريج كندا .

ضحك وهو يردد : مجنون .. تسويها يا صبوح . بس ها .. اذا ما جيتني انا بجيك .

ادبر : ما بقولك بتنور البلاد .. ترى اذا قلت بكذب عليك ..

وضحك لتبتعد ضحكته رويدا .. ليتنهد ذاك .. يعد الساعات التي يراها سريعة جدا .. وكأنها تنتظر الرحيل بشوق بخلافه هو ..


,،

" قومي " نطقها عيسى وهو يدخل غرفة شقيقته .. لتفز واقفة باستغراب .. ويتابع هو : بنروح نشوف خولة .. جاسم يقول انها مب طبيعية .. وهو عنده مشاكل وسافر ..

بخوف اقتربت منه : شو بلاها خوالي ..

اجابها بعدم المعرفة وهو يحثها على الاسراع .. فمنذ الامس وذاك الجاسم يقنع فيه ان يذهب اليها .. ان ينسى كل شيء بينهما ويحاول ان يكون بجانبها .. لا ينكر بان الخوف تسلل اليه اكثر عن ذي قبل .. الجميع يلاحظ غرابتها .. منذ تلك الليلة التي جاء فيها اولئك الضيوف ليتمموا كل شيء وهي مختلفة ..

ترجلا لتحث خطاهم المسير لداخل " الفيلا " بعد ان سُمح لهما بالدخول .. جلسا على توتر تام .. وتلك الخادمة صعدت الدرجات لتناديها .. طرقت الباب .. لتصرخ تلك بعصبية : نعم .

يأتيها صوتها من خلف الباب .. فاخويها ينتظرانها .. زفرت انفاسها .. وهي تغلق ازرار قميصها الكحلي .. وترتب تنورتها الغجرية .. ذاكرتها متأرجحة .. كأرجوحة في مهب الريح .. يوم تذكرهم ويوم اخر لا .. رفعت شعرها بأهمال .. لتخفي عيوب وجهها الشاحب بتلك المساحيق .. خرجت وهي تدعو ان لا يلحان عليها بطلباتهما ..

تصنعت ابتسامة وهي تنزل تلك الدرجات .. لتقبل وجنتي ايمان بشوق .. وتحي اخيها .. وتدعوهما للجلوس .. وهي تغدق كلمات التراحيب على مسامعهما .. وتقف بعدها .. ليسألها هو : ع وين ؟

-
بروح ايبلكم عصير والا شو رايكم بشيء حار .. وبخلي الشغالة تحط شوية فطاير اعرف انكم تحبوها.

امسكت بيدها لتحثها ع الجلوس : خولة ليش ضعفانه بهالشكل – بنبرة دامعة اكملت – وليش ما كنتي تردين علينا .. خوفتينا ..

-
ما في الا العافية .. بس نفسيتي شوي تعبانه .. ويمكن عشان هالشيء ضعفت .

بجدية تكلم : قومي اوديج المستشفى .

اهتز كيانها .. المستشفى يعني كشف ما بها .. يعني حزنهما .. خوفهما .. وقلق غير متناهي من طرفهما .. ابتسمت : عشان شو .. تراني بخير .. وهذوني قدامكم ما في شيء .

موقن بانها تخفي شيء عظيما .. ليصر عليها بالذهاب .. فالاطمأنان لا بد منه .. حاولت ان تكتم عصبيتها طويلا .. لكن اصراره وترجي تلك الايمان لها .. جعلها تثور صارخة : قلت لكم ما في شيء .. انتوا ما تفهمون ..

نظرت تلك لاخيها بخوف .. لتردد بجزع من تلك التي انفجرت : ليش معصبة .. نريد نطمن عليج .. وبعدين جاسم ذل عيسى عشان ايي يشوفج .

وقفت وانفاسها لا تزال ثائرة : محد له خص في .. وانا بخير الا اذا تبون تمرضوني بالغصب .

وقف بغيض : هذا يزانا ياين نطمن عليج .. بس الشرهة مب عليج .. علينا وع ذاك اللي خايف عليج – وجه كلامه لايمان – قومي .. مالنا يلسه بعد كلامها .

لسانها رغب بالنداء ليستوقفهما .. ولكنه تراجع .. لتنهار دموعها .. وتتمتم بان يسامحوها .. فهي لا تريد العذاب لهم .. وذاك اذا طلبته سيظن بانها لا تسعى الا لماله .. هي تذكر تلك الكلمات من دفترها الذي اضحى مؤنُسها كل يوم .. انسحبت من المكان بخطوات متعبة .. وكأن بها هي من تحمل قدميها لا العكس .. اغلقت الباب لتستند عليه .. مضت دقائق وهي على وقفتها تلك .. ظاهر كفها يلامس عينيها تباعا .. يمسح دموعها التي سقطت .. لتمشي بعدها الى سريرها .. سحبت دفترها ليقع معه هاتفها .. تأملته .. هناك اكثر من عشرة مكالمات منه .. ورسالتان ..

" ردي علي " ورسالة اخرى .. " اذا راقدة اول ما توعين كلميني " .. رمته بجانبها على السرير .. لتستلقي وذاك الدفتر بين احضانها ..

زفر انفاسه بغضب من عدم ردها عليه .. ليرمي بهاتفه على تلك " الاريكة " ويحث الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. جسده الرياضي يتلذذ بقطرات الماء الدافئة .. تنسال بقسوة ضاربة بشرته السمراء بعنف .. يتذكر اجتماعه في هذا الصباح في شركته تلك .. لا بد له ان يتخلى عنها .. فهي ستضعفه .. فالخسارة التي داهمتها جعلتها في الحضيض .. ليتكالب اولئك في عرض اموالهم ويبخسون شركته حقها .. فقط لانها خاسرة .. مرت تلك على فكره .. ورسالتها التي بعثتها له .. فهي قد تصل الى عمق الشر الذي يحيط به .. هو لم يعد راغبا في الاستمرار بذاك الطلب .. ولا يريد منها ان ترد خدمته لاخيها التي كانت .. ولكن هناك شيء ما اعادها الى احداث الذي كان بينهما .. شهور مضت .. لعلها نست اسم تلك الشركة التي دونه على تلك الورقة .. ويصاحبه " ايميله " المكون من حرفان واربعة ارقام .. استقصد ان يكون سهلا لتحفظه هي .. وعادت الآن مع عودة الخطر المحدق به ..

خرج وهو يخبأ جسده بذاك " الروب " .. ومنشفة بيضاء تتحرك على شعره مجففة له .. ابعدها ليقف ناظرا الى وجهه في تلك المرآة الصافية .. هو في فرنسا .. وهي هناك في لندن .. يستطيع ان يقابلها قبل رحيله الى حيث سلطان .. تحركت خطواته لينتزع ذاك الهاتف من كرسيه .. فلن يستخدم هاتفه .. فالخوف من ان يكون مراقبا .. انتظر دقائق حتى جاءه صوتها المتثائب : من معي ؟

لتجلس حين تهادى اليها صوته .. نظرت الى الساعة الجلدية التي تعانق مرفقها النحيل .. لم يبقى الا دقائق على موعد الافطار ..

تغيرت ملامح وجهها حين قال : شو سبب الرسالة اللي وصلتني ؟

-
سارد دينك .. اتفقنا على هذا الشيء ام نسيت .

-
لا تتحدثين بالانجليزي .. حاولي ما تبينين شيء فكلامج .

ابتسامة ساخرة تعلو محياها : خايف؟ .. اسمع ترا اللي يصير وياك هالايام ماله دخل فيهم .. لا تخاف ..

تتخلل اصابعه شعره الرطب.. فتلك تخيفه بتفكيرها .. ومعرفتها للكثير .. لعلها انسلت الى خبايا شركته بطريقتها التي استخدمتها مع اخيها : شو دراج ؟

قامت واقفة تبعد الغطاء عنها .. وتتحرك نحو المطبخ لتعد لها شيء تفطر عليه : عرفت وخلاص .. وبحاول اعرف اشياء اكثر ..

وقف صارخا : خلج بعيد يا جود .. انا خلاص ما اريد شيء منج .. والخدمة اللي قدمتها انسيها .

استندت على دولاب المطبخ بمؤخرتها .. وذراعها اليسرى تعانق وسطها : ما اقدر .. في ديون لازم اردها .. مع السلامه .

-
جود صبر ..

اغلقت الهاتف .. ارجعه بعنف .. فهي لا تدرك مدى الخطر الذي سيحيط بها .. ولوجها الى ملفات الشركة تلك لن تمر عليهم بسهولة .. مؤكد انهم يراقبون كل شيء .. هم ليسوا كما تظن هي ..

ابتسمت وهي تخرج لها علبة حليب من الثلاجة . لتحدث نفسها بفخر : انت ما تعرف جود يا جاسم .. اذا حطيت شيء فراسي بوصله .. حتى لو ع موتي .

,،

يــتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:35 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
الكثير من الاوراق تبعثرت من تلك الملفات .. لتعج الفوضى على تلك الطاولة .. الاجتماع انتهى مع روؤساء الاقسام .. وبقيا هما يراجعان ما تبقى .. دعك عيناه بفوضوية واضحة .. وبعدها ترتفع ذراعاه ليشد جذعه .. ترددت نظراته على ذاك الذي يحرك نظارته الطبية على عينيه وامامه ورقة وكأنه سيغوص فيها .. رماها وهو يعقد حاجبيه : شيء غريب .

قام واقفا ليسحب تلك الورقة يحاول ان يفهم شيئا : عقد – اعاد الورقة على الطاولة ليردف – وين الغرابة في هالشيء .

ابعد نظارته ليمسح على وجهه : ليش فرع البحرين بالذات اللي صار فيه التلاعب ؟

الكرسي ينسحب للوراء ليجلس عمار : شوف استاذ سلطان .. سالفة الاختلاس اشوفها عادية .. يعني تصير في واايد من الشركات اللي ما عليها رقابة من اصحابها .. والريال اختلس وطار .. يعني مب شرط يكون في مؤامرة او لعب لتخسير الاستاذ جاسم .

حاجبه يرتفع .. ليقف بعدها ساحبا هاتفه مع سماعته : انت مب عارف شيء .. خلني اكلم جاسم وابلغه باللي وصلناله هني .

ابتعد ذاك ليرن هاتف الاخر .. ابتسم فهو قال سيعود عند النصف من رمضان .. وهاهو رمضان ينطوي وهو لم يعد .. تعب من السفر مع سلطان .. فهو لم يبتعد عن عائلته يوما .. فكيف بشهر كامل .. تهادى اليه صوتها المشوب ببعض العتب والشوق .. تسأله للمرة الالف متى سيعود .. فالعيد لن يكون رائعا بدون ابناءها .. اجابها : فديتج يالغالية .. والله مب بايدي الشغل هو اللي خلاني ابعد عنكم .. وما اقدر اخذل الاستاذ جاسم ..

قلقة عليه وجدا .. ليطمأنها بالكثير من الكلمات .. وتبكي هي خوفا : لا تصيحين .. ترا ما في شيء .. والحمد لله شكل المشاكل اللي هني بتخلص وبردلج ..

اطرافها تمسح دموعها : يا ولدي شغلك اذا فيه خطر عليك خله .. مب ملزوم فيهم انت ..

طوح ذاك برأسه حين دخل للغرفة .. فهي برغم قوتها الا انها عند ابناءها تكون ضعيفة جدا .. شد الخطى نحو دورة المياه ليستعد لصلاة في المسجد .. مر الوقت واذا به يخرج ليراها سارحة الذهن .. يردد على مسامعها اسمها .. لتنتبه له : شو بلاك ؟

جلس بجوارها وهو يتنهد .. فهناك احمالا عليه ان ينزلها لتحملها هي معه : من كم يوم ياني ريال يطلب ريم ..

شدها الموضوع وكأن به ينتشلها من تفكيرها بعمار .. فذاك يريد منها ان تتحدث مع ريم .. فلا يعقل بان تعزف عن الزواج بهذا الشكل .. فهي امرأة وتستطيع ان تسبر اغوار ابنته افضل منه ..

استرسل في الحديث بعد ان سألته عن الرجل وخصاله .. ليمدح فيه دون توقف .. الا انه يكبرها بالكثير من السنوات .. لتنطق هي : الكبر مب عيب .. اذا هو ريال والنعم فيه فما يعيبه كبر سنه .. وبنتك مب صغيرة – ربتت على فخذه – ان شاء الله بكلمها ..

ليزفر من جديد : وميثة .. تراها بتخبلبي .. يعني الحين بتخلي بناتها عشان بس ما تريد خليفة .. هذا ظنا مب اي حد وبتقدر تستغني عنه ..

استغفرت ربها وتحوقلت .. فحال منزلها يرثى له .. فذاك الطارق حاله لا يسرها .. وميثة عنيدة ومتمسكة بقرارها .. أجلت اخذ ابنتيها لعمهما الى ما بعد العيد .. وتلك الريم تعيش حياتها دون ان تفكر في المستقبل .. وعبد الرحمن ليس بتلك القوة ليتحمل كل ذلك .. طمأنته بأنها ستفعل ما بوسعها .. لتقف بعدها مغادرة .. الى غرفة ابنته .. ستخبرها عن طلب سعود .. فهي تعرفه .. وقد لمست شهامته قبلا ..

صعدت وهي تحاول ترتيب افكارها .. عليها ان تبدأ الحديث باسلوب تستطيع معه ان تعرف بما تفكر تلك .. طرقت الباب بخفة .. لتدلف بعد ان اذنت لها بالدخول .. واقفة امام المرآة تنشف شعرها .. واذا بها تترك كل شيء وتقترب من خالتها : خير .. في شيء ؟

امسكت بيدها لتجلسها معها على السرير : اريدج فموضوع ..

قلبها يخبرها بان الموضوع ليس هينا .. طرحت تلك سؤالها لتكتشف الامر : ريم انتي ليش رفضتي عبدالله .. بس لانه اخو سعيد والا انتي رافضة العرس حتى لو ما كان عبدالله .

صمتت لبرهة وبعدها التفتت لمريم وهي تثني ساقها على السرير : الاثنين .. رافضة فكرة العرس من يديد .. ورفضت عبدالله لاني مب حمل مشاكل يديده مع عمي وسعيد .. صعب يا خالتي .

-
شو الصعب يا ريم ..

زمت شفتيها لتجيب : صعب اعيش التجربة من يديد ..

" بس الريايل مب مثل بعض " بعثرتها على مسامعها .. لتكمل الحديث ناصحة او لعلها تحاول ان تدخل فكرة اخرى في رأسها وتبعدها عن التشاؤم الذي تحياه .. وسرعان ما وصلت للذي تريده : سعود من كم يوم كلم ابوج .. يريدج ..

قاطعتها قبل ان تنطق : لا تقولين اي شيء .. اريدج تفكرين زين .. وتستخيرين ربج .. يا ريم الحياة ما توقف ع تجربة وحدة .. وانتي متعلمة وفاهمة هالشيء .

عيناها تنظران حيث كفيها .. لتردد بنبرة خافتة : خالتي اذا وافقت الناس ما بترحمنا .. بيقولون اني اعرفه قبل .. وكل الكلام اللي وصلكم عني بيتأكد .. وسعيد ما قصر فهالشيء .. فضحني الين صرت اشوف نفسي عارية قدام عيون الناس ..

اناملها تعانق ذقنها لترفع رأسها .. وتبان عيناها المغرورقتان بالدموع : يا ريم اللي بيسمع لكلام الناس بيتعب .. استخيري ..

هزت رأسها بأنها ستفعل .. تريد ان تنهي ذاك الحديث لا غير .. فهي لا تريد الخوض في هذا الموضوع .. فهم يرونه سهلا وهي تراه صعب جدا .. ومن المستحيل ان تبت فيه باي قرار .. خرجت مريم .. لتبقى هي وحيدة مع افكارها .. الزواج لا تريده .. فتجربتها تلك كفيلة بأن تجعلها معه كالاقطاب المتشابهة .. لا تلتصق ابدا .. بل تبقى متنافرة الى الابد ..

قامت لتصلي التراويح .. وتدعي ربها ان يكون معها .. الدقائق تتلوها اخرى .. لتمر الساعة وهي من بعد صلاتها امسكت بمصحفها .. ستختمة للمرة الثانية هذا الشهر .. فرحة لذلك .. قبلا عندما كانت في كنف سعيد لم تقوى حتى ان تصل الى النصف منه .. اما الآن فهاهي على مشارف الختمة الثانية ..

صوتهما يصل اليها جليا .. لتغلق كتاب الله وتنهض .. فذاك عاد من صلاة التراويح .. لتستقبله تلك بتلك الاتهامات التي مل سماعها .. حتى بات يتجنب الاحتكاك بها .. غرفته تلك باتت كالجحيم .. حتى انه احيانا ينام في مجلس الرجال فقط ليبتعد عن تذمرها وقفت وملامح الغضب ترتسم على وجهها بوضوح : تراها مب حالة ذي .. كرهتوني فهالبيت .

استغفر مرار وهو يشتت انظاره للاعلى : يا بنت الحلال انتي ما تتعبين كل شوي طالعتلي بشيء .. وربي تعبت يا شهد .. متغيرة واايد ..

تقدمت منه : اكيد بتغير دامك انت وهي هنا – تهدج صوتها – حسوا في .. حرام عليكم ..

زفر ليتحوقل .. ويمسك اكتافها : يا شهد يا حبيبتي ريم اختي .. فاهمة يعني شو اختي ..

نفضت كفيه لتبتعد للوراء : انت بس تقول هالكلام عشان تسكتني .. انت تدري انها مب اختك .. هي مب بنت مريم .. وانت تعرف هالشيء .. وبعدين شقايل تدخل اليوم عليها المطبخ .. ليش ما ييتني اذا تبي شيء .

مسح وجهه بكفه يحاول ان يهدأ من نفسه : وقفت عند الباب .. كل السالفة طلبت منها تحطيلي من الفطور لربيعي .. اهله سافروا للعمرة وهو بروحه – ارتفعت نبرته – فيها شيء ذي بعد ..

-
هيه فيها .. انا تعبت منكم .. تعبت من نظراتكم لبعض ..

-
استغفري ربج .. انا متى طالعتها .. وهي كل وقتها فحجرتها .. لا تأثمين عمرج .. حرام عليج .. ترا كرهتيني بعيشتي وياج ..

صرخت بغضب : هيه اكيد بتقول هالشيء .. عشان تحصل سبب و تاخذها ..

يده تقع على خدها بعنف .. ليرص على اسنانه بغيض : سكتلج وايد يا شهد .. يا انج تسنعين وتخلين عنج هالخرابيط .. والا بيت اخوج تدلينه ..

ليخرج بعدها مغلقا الباب بقسوة .. دون ان ينتبه لتلك الواقفة ويدها على فيها .. كل شيء وصلها .. هي سبب مشكلات كثيرة بينهما .. وجودها معهم غلطة لم تحسب حسابها .. سيصل الامر للطلاق اذا استمر هذا الحال .. والخاسر الاوحد هو ذاك الصغير .. عادت ادراجها الى غرفتها .. لتربض على سريرها .. وتعيد حساباتها من جديد .. اجابات اسئلة كثيرة اتضحت لها .. معاملة شهد الجافة .. ابتعاد طارق وصده عنها .. الآن اتضحت الاسباب ..

,،

زفرت انفاس التعب وهي واقفة تغلف تلك الاطباق .. منذ الامس وهي تعد تلك الحلويات .. تشعر بالراحة .. حمدت الله كثيرا على رجوعها له قبيل هذا الشهر الفضيل .. فعمتها تلك معاملتها ليست بالجفاء السابق .. واذا نهرتها او اسمعتها بعض الكلمات لا تبادر هي الا بابتسامة .. وكلمة " ان شاء الله " .. لا تتذمر ابدا .. وهاهي تقف على قدماها منذ ساعات .. فهي تعشق صناعة الحلويات .. اعدت البعض بالامس .. والليلة تحاول اتمام الباقي .. فبعد غد سيكون العيد .. ابتسمت وهي تدندن بلحن .. لتجفل حين طوق وسطها بذراعيه .. ليهمس في اذنها : الناس تستغفر ما تغني فهالشهر ..

التفت له وكفاها تعانقا كفيه : استغفر الله .. بدون قصد والله .. الساني تعود ..

قرب وجهه من وجهها : يبالي اعوده على شيء ثاني ..

فتحت عيناها اكثر : مثل ؟

وبعدها عادت لتغلف طبق " المعمول " بورق " السولوفان" .. ويمد هو يده ليتناول قطعة منه : مثل الاناشيد .. القرآن ..

عقدت حاجبيها عندما قال : مكثرة سح ( تمر )

تجهم وجهها : لاااااا .. احلف .. ترى والله تعبت وانا اسويه .. لا تقولي انه مب زين .

احب ان يستمر في اغاضتها : هذا اللي طعمته ..

انعقد حاجباها اكثر .. وتدلت شفتها السفلى بسخط وهي تنظر للصحن وكأنها تعاتبه .. ينظر اليها والابتسامة رويدا رويدا تتحول لضحكة لم يستطع كتمانها .. لتلتفت له تضربه على كتفه : خايس ..

ويستمر هو بالضحك .. وتكرر ضرباتها الخفيفة مكررة : بس بس .. خلاص .. لا تضحك ..

بنبرة متقطعة : لو شفتي شكلج ..

انحنى ضاغطا على بطنه بذراعيه .. ولم ينتبه لخروجها .. ليرفع رأسه باحثا عنها .. وبعدها ينادي تلك الخادمة لتكمل التغليف .. وتترك عنها التنظيف .. وهو يحث الخطى نحو غرفتهما .. اطل برأسه باحثا عنها .. وتقوده قدماه حيث صوت الماء .. ليقف ينظر اليها تغسل وجهها .. لتمر من جانبه فيمسكها من ذراعها .. ويرفع رأسها باطرافه .. وسرعان ما يحتضنه بكلتا كفيه : سارونتي .. شو بلاج زعلتي ..

اغمضت عينيها : ليش تضحك علي ..

شدها الى حضنه : يا روحي كنت امزح – ابعدها – وبعدين وين احصل فرصة وغايضج فيها .

-
يعني اذا غاب القط العب يا فار ..

تركها مدعيا السخط : افاا الحين انا فار وامي قطو .. ما هقيتها منج ..

تبعته لتجلس على ركبتيها امامه حيث جلس على طرف السرير : زعلت ؟

لتردف بعد صمته : ما اقصد .. وربي طلعت جذي بدون قصد ..
وقفت لتطبع قبلة على وجنته : سامحني ..

شدها اليه رافعا راسه ينظر الى عينيها : تحبيني ؟

هزت رأسها بنعم .. فهي حقا تعشقه .. هو ينسيها تعب يومها مع والدته .. يكفيها هو لتحيا بسعادة .. لن تدع الاخرين يغيرون ما تشعر به .. فيكفي ذاك الدرس الذي تعلمت منه الكثير .. ويكفي انها لم تعد تكتم مشاعرها عنه هو ..

,،

العودة قرار اتخذه بعد طول تفكير .. فالطائر مهما طار ورحل لا بد له يوما من ان يعود الى وطنه .. وهو طار وعليه ان يعود .. عليه ان يوضح اللبس الذي كان .. ان يمسح ما علق به جراء فعلته تلك .. سيمسح تلك الفكرة من رأس والده ووالدته .. مبدأيا .. اصابعه على مربعات " الكيبورد " واذا بها تدخل لانه طلبها .. عدلت نظارتها باصبعها .. لتقف : طلبتني استاذ احمد ؟

دون ان يبعد نظره عن تلك الشاشة : اجل .. انظري ..

اقتربت لتنظر الى ذاك البريد : لماذا ؟

ينظر الى وجهها الذي تتغير ملامحه وكأنها تبحث عن شيء ما : البرنامج لا يعمل .. من قام بتركيبه ؟ .. يطالبون باعادة النقود .

اقترب بكرسيه ليحرك " الماوس " ويفتح بريدا اخر : انظري هنا .. هذا برنامج حماية .. لكن هناك خلل ما به .. طلبوه منا .. وما كان بيدنا الا ان نلبي طلبهم .

قام واقفا ليدع لها الكرسي : اجلسي .

ابتسمت وبعدها ربضت على الكرسي .. لا يعلم ما بها يشدها الموضوع كثيرا : هل انت مستعد لخسارة اموالك التي كسبتها ؟

-
بالتأكيد لا ..

-
لا بأس .. ساحاول ان حل مشكلة هذا البرنامج .. وان لم استطع فما عليك الا ان تنفذ ما يطلبون .. قد يرفعون عليك قضية تعويض ويطالبون بالكثير ..

التفتا لمصدر الصوت .. لتلك الشقراء المتكتفة وهي تتقدم بغضب : جميلٌ جدا .. اليس هذا مكان عمل يا استاذ احمد .

ابتسم : اهلا بعودتك ايريس .. اعرفك .. جوليا .. جوليا هذه ايريس ..

ابتسمت : اهلا ايريس ..

بغيض وهي ترص على اسنانها متخطية جانبها الى الجانب الاخر من الطاولة حيث تجلس تلك : كيف تسمحين لنفسك ان تكوني بهذا القرب منه .. هو لا يحب ان تقترب منه النساء ..

ببلاهة قالت : من تكونين .. زوجته ؟.. حبيبته؟ ..

صرخت بأسمه وكأنها تستنجد به .. لتردف : كيف لها ان تحدثني بهذا الاسلوب السوقي ..

وقفت تلك صارخة : احترمي نفسك يا انسة ..

ليشتد الشجار بينهما .. تلك لغيرة استوطنتها والاخرى لانها لا ترضا بان يُغلط عليها .. زفر انفاسه وهو يقف يستمع لشجارهما التافه .. لينظر اليهما بعد ان صمتتا : هل انتهيتما ؟

نظرتا اليه .. ليردف : جوليا ستكون مكاني هنا حتى اعود .. لانني قررت السفر الى الامارت .. وبعدها ساعود لاصفي اعمالي هنا ..

تلك كادت عيناها ان تخرجان من محجرهما .. والاخرى ازداد توترها .. لترد الاولى : ماذا تقصد بانك ستعود ؟ وانا .. لقد اعتدت على وجودك بجانبي ؟

امجنونة تلك .. هو لم يكن بجانبها يوما .. هي من تقترب منه دوما .. حتى وهو يصدها تعود من جديد .. لم يهتم لكلامها ونطق موجها كلامه لتلك : هل تستطيعين ادارة المكتب في غيابي ..

ابتسم بغباء : اجل .. بالتاكيد .. استطيع .. استطيع ..

اشارت اليها باصبعها : هل جننت .. لتدع هذه تمسك اموالك ..

انعقد حاجباها لترد : وماذا بي ؟ انظري الى نفسك قبلا ..

ليبدأ الشجار من جديد .. ويصرخ هو : عندما تنتهيان اخرجا من مكتبي ..

وادبر خارجا .. لا يريد ان يكون هناك شيء يردعه عن قراره .. هو قد يكون تسرع بوضع تلك الجوليا مكانه .. ولكنها اثبتت نفسها في الايام الماضية .. تستطيع ان تقوم بالعمل بدل عنه .. وهو لن يغيب الا ايام العيد .. وسيعود بعدها لينهي كل شيء .. لا يعلم كيف سيكون لقاءه بوالديه .. يدرك بانهما غاضبان بقوة .. ولكنه متأكد بأنهما طيبان وسيرضيان عنه حتى وان طالت المدة .


,،

اتمنى انه يعجبكم http://forums.graaam.com/images/smil...0%28270%29.gif

///

البارت 37 والبارت 38 بيكونن على نهاية الاسبوع باذن الله .. وببلغكم قبلها بيوم


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:40 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
يوم عيد .. يوم فرحة تملأها ضحكات الصغار .. ونقوش الحناء على أيدي الفتيات .. ودراهم معدنية واخرى ورقية وضعت لتكون " عيدية " .. يوم يشوبه صوت المفرقعات في طرقات الاحياء .. وامام ابواب المنازل .. يوم تعلو فجره " الله اكبر " .. امتعضت وهي ترى طفلتها الصغيرة تدخل وقد احترق ثوبها الجديد .. فتحوقلت ومن ثم صرخت معنفة لها .. لتجيب تلك بشفاه متدلية : ماما خلود حرقته .

تحوقلت من جديد وهي تمشي لتقف بجانب عتبة الباب منادية لطفلتها ذات الست سنوات .. لتقبل ريم وبيدها " مبخرة " احترق " العود " العربي فيها .. وعلى وجهها ابتسامة : اصبحنا واصبح الملك لله .. شو بلاج ع البنات عموتي ؟

دنت لتقبلها : مباركن عيدج ..

-
عساج من عواده فديتج .. ذبحني بهاللي يشترنه . الخوف ما يحرقن ملابسهن بس ..

طوحت برأسها وهي تدخل : ضمي عنهن عيديتهن .. بدال ما هالعيال يضحكون عليهن ويبيعولهن هالقنابل باكثر من ثمنهن ..

حثت خطاها مخلفة خلفها ميثة تعنف وتنهر ابنتها .. وبكاء الصغيرتين يعلو رويدا .. باصابعها طرقت الباب لتفتح مريم لها .. وثوب عربي يزينها في هذا العيد .. وقبلة حانية على راسها من ريم التي تعتبرها ام لها .. وتهنئة قلبية مع ضحكة وحضن منها : خالوتي ان شاء الله بيي باجر .. وتونا باول العيد .. ومب ذنبه اذا الشغل خلاه يبعد عنا .

تنهدت : والله العيد بدونه وبدون اخته ماله طعم يا ريم ..

عادت لتطوق كتفيها بذراعها : باجر بتعيدين برجعتهم – تركتها – تبيني ادخن حجرتج .

-
هيه فديتج .. واذا تبين دخون بتحصلينه فالسدة ( الدُرج ) اللي تحت .

يتوافد الناس يهنئون .. احساس مختلف في هذه الايام .. حتى القلوب تنسى الخصام .. الا قلبها هي .. ابتعدت عنها وهي تردد : لا تقربين مني يا ريم ..

ابتسمت تلك على مضض . فهي لم تجرم .. فقط ارادت السلام عليها وتحيتها .. وزف دخان البخور الى غرفتها : انزين وين منصور ؟

-
راقد .

قالتها وابتعدت نازلة الدرجات .. شدت تلك قبضة يدها .. واستغفرت ربها مرارا في خلدها .. فشهد حاقدة عليها بسبب طارق .. وذاك الكف الذي طُبع على وجنتها منذ ايام .. تركت المبخرة في غرفة عمار .. وتابعت خطاها الى غرفتها .. بعد قليل سيعود طارق مع والدها بعد تلك الجولة للسلام على الاقرباء .. ومريم لم تذهب .. قالت بأنها ستزور بمعية عمار كما هي عادتها في كل عيد .. جسدها النحيل الى حد ما يقف امام المرآة .. تنهدت وما جرى يعود اليها .. وكلام مريم لا زال يعبث بخلايا عقلها .. لا تنكر انها تشعر براحة غريبة بعد قرارها بأن ترضى بسعود .. ولذلك ادت صلاة الاستخارة مرارا . وكأنها تبحث عن شيء يخالف شعورها المريح .. تنشد شيء آخر .. تمتمت : الخيرة فيما اختاره الله ..

واذا بها تلتفت لصوت هاتفها .. النغمة تتعالى تدريجيا .. ابتسمت .. وسرعان ما عقدت حاجبيها لرؤية الاسم ..

-
هلا والله خالتي شحالج .. وشحال العروس – اردفت وهي تجلس على طرف السرير – وانتي بخير .. وعساج من العايدين والسالمين ..

قلبها يقرع طبول الخوف .. فهي متوجسة من ان تتطرق تلك الى الحديث عن رأيها في طلب ابنها .. وما ان انتهت المحادثة حتى تنفست الصعداء .. فهي ستأجل الرد حتى الغد .. وعليها ان تضع الكثير من الامور نصب عينيه قبل الموافقة ..

اما تلك فما ان انهت المكالمة حتى جاءها صوت ابنها : اخبارها اللي خذت قلبج .

احيانا تكون في اولئك كبار السن خباثة محببة .. فابتسمت له وهي تمشي امامه : تسلم عليك ..

التفتت لترى وجهه .. فابنها معالم وجهه تكشف خبايا نفسه ..

فاردفت وهي تتابع سيرها ببطء بسبب كبر سنها : ماخذه قلبي والا قلب غيري ..

تنحنح .. وهو يتخطاها : تاخرنا يالغالية .. خلينا نخلص سلام قبل الظهر ..

تمتمت وهي تركب بمساعدته : يا رب تكون من نصيبك .

في نفسه اطلق " آمين " طويلة .. فهو لا يعلم سر تلك النبضات المنادية لها في كل حين .. كل ما يتمناه ان توافق فقط .. وهو باستطاعته ان ينسيها ما مضى ..



,،

يقولون ان معدن الانسان لا يظهر الا في وقت الشدائد .. وهي معدنها كمعدن والدتها .. ارتدت الثوب الاماراتي ( المخور ) ورتبت شعرها ليعطيها طلة رائعة .. تمنت ان يكون معها في هذا اليوم .. ولكن عمله اخذه في يوم العيد منها .. سحبت هاتفها لتبعث له تهنئة : " عسى كل اعيادي انت .. احبك " .

وما هي الا ثواني حتى جاءها الرد : " وعسى كل افراحي انتي .. اعشقج " ..

تتمنى الذهاب لمنزل عائلتها .. ولكن عليها الانتظار .. وعمتها ذهبت مع شقيقتها وابن شقيقتها لتهنئة الاقربون .. تنهدت بملل .. فلقد هنأت جميع من تعرف عبر هاتفها .. حتى روضة بعثت لها برسالة نصية قصيرة .. فهي تحاول ان تسامحها رويدا رويدا .. فسيظل ما فعلته خارج ارادتها .. وحالتها النفسية تحسنت كثيرا .. الا من برودها وهدوءها وانعزالها في غرفتها .. حتى ذاك الناصر اعاد لها هاتفها .. تنهدت تحاول ان تبعد عنها تعب اليوم .. وكلما تذكرته بعثت له برسالة .. ضحكت على نفسها وتصرفها الغريب ..

استلقت على سريرها .. فالساعة تقارب الثانية عشر .. اناملها تمسك تلك الرواية اعلى رأسها .. وهي تحاول ان تركز في ذاك الحوار الغريب .. نفضت رأسها .. فهي لا تدرك من الذي يتحدث لتعيد القراءة من جديد .. وسرعان ما رمتها بجانبها .. اغلقت عيناها .. ولم تشعر بالوقت الا بصوت تلك الخادمة وهي تصرخ .. ارتعبت .. وخرجت تهرول .. لترى تلك الواقفة عند باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) وهي تبكي وتولول .. وتلطم خديها احيانا .. لتطل برأسها .. وترى ذاك الجسد الثقيل مرمي على الارضية الملساء .. وتأوهات خافتة تصدر من فيها .. ارتمت على ركبتيها بجانبها .. تمسك يدها تحاول ان تسمع منها شيء وهي تسألها : عموتي .. انتي بخير .. عموتي ردي علي .

لا شيء سوى الانين الموجع .. قامت وهي تحاول ان تستجمع قوتها .. لتطلب من تلك الخادمة ان تجلب عباءة ام ذياب .. وهرولت هي الى غرفتها .. تطلب الاسعاف .. تجر الاكسجين تباعا .. فالموقف صعب وهي وحدها .. سحبت عباءتها وغطت شعرها .. دخلت غرفة عمتها تقلبها رأسا على عقب .. لتجد البطاقة الصحية .. وقفت بخوف تحاول ان تفكر اين عساها تكون واذا بصوت تلك الخادمة ينبأها بوصول الاسعاف ..


جلست على كراسي الانتظار .. كفاها متعانقان .. ولسانها لا يكل من " يا رب " .. الدقائق ثقيلة .. ولم يخرج احد يطمأنها حتى الآن .. وهي لا تريد ازعاج احدا في هذا اليوم .. حتى ذياب لا تريد ان تخيفه .. عليها ان تطمأن قبلا وبعدها ستتصل به .. وقفت لتمشي قليلا .. لا تعلم من اين أتتها تلك القوة لتتصرف بتفكير في مثل هذا الموقف .. جرت خطاها الى ذاك الطبيب .. تسأله عنها .. تضرر الظهر قليلا .. وهي بحاجة ان تبقى معهم ايام .. وبعدها تحتاج رعاية خاصة بعض الشيء .. فعليها الاستلقاء الدائم حتى يطيب مصابها .. حمدت ربها كثيرا .. لتدخل حيث تقبع الاخرى .. نائمة بهدوء .. لعل السبب المسكنات التي اعطيت لها .. شدت على يدها .. وسرعان ما انحنت لتلثم جبينها : سلامتج ما تشوفين شر ..

فتحت عيناها لبرهة .. لتغلقهما على عجل .. سحبت تلك نفسها من المكان لتبلغ ذياب الامر .. انعقد حاجباه وهو يقف ولا يزال الهاتف على اذنه .. برغم كلامها المطمأن الا انه استأذن من عمله .. فهي امه .. ولن يطمأن حتى يراها بأم عينه .. ركب سيارته .. وهو لا يزال يتحدث في هاتفه : انتي متأكدة ان ما فيها شيء .. وبعدين ليش ما اتصلتي علي من اول ..

يعنفها حتى الصقت ظهرها بالجدار .. لتنساب دمعة منها : ما حبيت ازعجك وانا تصرفت ..

غضبه جعله يلقي باللوم عليها .. وكأنها هي من دفعها لتنزلق في دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. صوتها برغم خفوته الا انه يصل جليا لتلك .. تسمعها تقسم له بانها غفت دون قصد منها .. وبانها لم تعلم متى عادت من زياراتها .. مسحت دموعها .. لتسحب ذرات الهواء بشغف .. وتعود ادراجها للغرفة .. وما هي الا دقائق حتى اقتحم المكان بخوف يتلبسه .. ليقبل رأسها ويمسح عليه : سلامتج يالغالية .. شو حاسه الحين .. ؟

بتعب قالت : بخير .. الحمد لله ما في الا العافية .. لا تخاف يا وليدي ..

قال وهو يلثم كفها التي بيده : بروح اشوف الدختور ..

وهرول مبتعدا .. لتدنو تلك منها تبتسم على مضض : ما تشوفين شر ..

ابتسمت لها وهي تجيب : الشر ما اييج يا بنيتي .. ربج يعاقبني ع اللي سويته فيج ..

-
لا يا عمتي لا تقولين هالكلام .. انتي فمقام امي ..

قطع حديثها دخول ذياب .. الذي اقترب من والدته : الحمد لله يقول ضرر بسيط فالظهر .. بيعطوج حزام ضاغط فالوقت الراهن .. يباله اسبوعين وبيخف ان شاء الله .. بس انتي لا اتعبين عمرج – التفت لسارة – كان لازم تتصلين في اول ما صار هالشيء .. واذا صار فامي شيء وانا بعيد عنها لسمح الله .. بتسدين مكاني انتي ..

رصت بكفها على فيها وخرجت من الغرفة .. لم تعتد ان تعامل بهذا الجفاء .. او ان يصرخ عليها .. امسكت والدته بكفه : ما صار شيء يا ذياب .. ولولاها كان للحين محد درى عني ..

استغفر ربه مرارا .. فهو حين يغضب لا يعي تصرفاته .. تحوقل وهو يمسح على وجهه .. ليحث الخطى بعدها خارجا .. تلفت ليراها قابعة على ذاك الكرسي ورأسها للارض .. ابتسم فهي طفلته المدللة .. قسى عليها رغما عنه ... ربض بجانبها .. لتمتد يداه وتعانق كفيها الباردان .. وسرعان ما ينحني ليطبع قبلة عليهما .. لم يهتم للمكان .. او اذا كان هناك احد .. كل ما يريده هو ان يعتذر لها بطريقته ..

شهقت باكية .. ليردد : سامحيني .. ما كنت فوعي ..

استقامت واقفة ليقف معها : لا تتأسف .. معك حق باللي قلته .

ادرك بانها غاضبة .. ليبتسم وهي تتركه لتعود الى الغرفة .. سيصبر قليلا حتى يكونان وحدهما وهو كفيل بان يمسح ما حدث بكلمة منه .. وضمة صدر تنسيها كل ما بدر في ساعة غضب ..

,،

يـتــبــع |~


♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:40 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تنهد فموقفه ليس كموقف ذياب .. الهدوء يسيطر على المنزل في عصر هذا اليوم .. سحب انفاسه من جديد .. ليزفرها بأرهاق .. منذ ايام وهو يعد العدة لهذا اللقاء .. نظراته تجوب ساحة المنزل .. لا توجد سيارة اخيه ولا حتى سيارة والده .. لعلهم في زيارة ما .. تحركت قدماه للداخل .. لا يزال يحتفظ بمفتاح المنزل .. شد انفاسه من جديد .. وكأنه يشتم رائحة المكان الذي اشتاق له .. وضع حقيبته الصغيرة بجانب جدار الصالة .. وجلس هناك .. يفكر كيف سيبدأ الحديث معهم .. ومعها هي بالذات ..

ابتسم وهو يسمع حديثهم .. وصوت العنود الطاغي .. لعل والدته تنهرها لفعل ما .. فهي مشاكسة كعادتها .. مرت روضة من امام عينيه دون ان تراه .. صاعدة السلالم بهرولة .. فهي لم ترغب بالذهاب لمنزل خالتها وهم اجبروها .. وما هي الا دقائق حتى اهتز المكان بصرخة تلك بأسمه .. وقف لتجري مسرعة له .. تحتضنه بعنف .. وتقبله بنهم شديد .. وهو يصرخ بها : بس خلاص ..

لترتمي بعدها في حضنه باكية : اشتقتلك يالخايس ..

تضربه بقبضتيها على صدره .. وهو لا يعي الا تلك النظرات التي تسبره من على عتبة الباب .. لتشد الخطى مبتعدة .. ويبعد هو تلك من حضنه .. ولم يشعر الا بحضن اخر يشده .. فعقله مع تلك الغاضبة .. ليردد ذاك وهو يزيد من تطويقه له : حرام عليك يالظالم تسوي فينا هالسواه ..

ضحك وهو يردد : خوز عني كسرت ضلوعي ..

ابتعد عنه ليبتسم له : من الشوق يالقاطع ..

نظراته ترقب طريق والدته .. وكأنه يرى خيالها يختفي .. حث الخطى على خطاها .. ليراها جالسة على طرف سريرها .. دنى منها يحتضن رأسها ويقبله .. قبلة تتلوها قبلات .. وتمتمات رجاء بالسماح .. وهي تصد عنه .. يحاول ان يشرح لها اسبابه .. وهو يعلم بانها تعلم .. فذاك الناصر قد اختصر عليه طريق التبريرات .. ومهد له طريق الرجوع .. وحاول انتزاع رهبة اللقاء من قلبه .. رددت : مالك عذر يا احمد .. مالك عذر ..

ودموعه تواسي دموعها .. لينحني يحتضن ساقيها .. يقبل قدميها .. هناك الجنة : سامحيني .. ترى والله الدنيا عذبتني .. سامحيني .. وربي كنت اشوف الموت بعيوني .. والخوف منه وانا بعيد عنكم ..

انتفض قلبها .. الا الموت لا تحب ان تسمع عنه .. قلبها ضعيف .. رفعته من اكتافه لتدسه في حضنها .. تشكي له لوعتها في غيابه .. والكثير من العتب المتوالي ..


انسحب ذاك يخفي دمعة حتى لا تكشف .. فهم لم يتنبهوا لوقوفه على اعتاب الاجتماع .. انسحب وعصاه يرفعها حتى لا تنبه بوجوده .. فهو قسى على ابنه كما قسى على ابنته يوما .. ولكن يظل قلبه قلب اب لا يسعى الا لسعادة ابناءه ..

رضت عليه كما الاخر .. وهذا يكفي ليوصله الى السعادة .. متعب هو حتى الموت .. انسحب من بينهم وهو يرى فرحتهم بعودته .. لو كان يعلم لعاد قبلا .. صعد السلالم الى غرفتها .. فهي لم تجلس معهم طويلا .. دائما تتعذر بالتعب .. طرقات خفيفة من ظاهر كفه على الباب .. جعلتها تعتدل جالسة على سريرها بعد ان كانت مستلقية .. اطل برأسه وهو يرسم ابتسامة على وجهه .. ابتسمت له سريعا .. ثم ادارت وجهها عنه .. اغلق الباب ليربض على جانب سريرها . ثانيا ساقه الايمن اسفله : شخبارج رواضي ..؟

كم اشتاقت لهذا الاسم منه .. نزلت دموعها بعيدا عن ناظريه .. بصوت متحشرج اجابت : بخير ..

جفلت حين عانقت كفه كفها .. يشد عليها .. فهو يعلم كل شيء .. قبلا كانت تصله الاخبار على لسان العنود .. وبعدها كان يصله كل شيء على لسان ناصر : مالج ذنب باللي صار .. لا تحملين عمرج فوق طاقتج ..

لا يزال رأسها مطأطأ .. ووجهها للجهة الاخرى : كنت مينونه .. الحين كل ما اتذكر احس اني حقيرة .. كنت بدمر اختي .. للحين مب قادرة اطالع فعيون ابوي .. وعيون ناصر .. حتى امي مب قادرة اسولف وياها مثل قبل ..

ترك لها الحديث دون اي مقاطعة .. لعله الوحيد الذي لم يشهد دناءة تصرفها .. وهو الوحيد الذي تستطيع ان تحكي له دون خجل منه .. استرسلت في الحديت .. وبين جملة واخرى تباغتها شهقة تلجمها عن المتابعة لثواني .. نظرت اليه اخيرا .. بعيون غارقة : من يوم ما رحت اتعالج .. وان احس اني كنت ياهله وغبية .. كانت في انانية غريبة .. يقول الدكتور اني كنت ادور شيء ناقصني .. او شيء كان عندي وضاع – زاد بكاءها لتردف – والله ما كان قصدي والله ..

شهقاتها المتتالية اجبرته ان يسحبها الى صدره .. بكت بل انتحبت : اششش خلاص لا تصيحين .. وهم مع الوقت بينسون .. وانتي حاولي تنسين ..

يمسح على شعرها بحنان الاخ .. افكاره اخذته ليتساءل في نفسه .. هل بعده كان سببا فيما حدث لها .. تنهد وهو يشد عليها اكثر . يحاول ان يعوضها شيء خسرته .. او لعله يعوض نفسه .. مرت الدقائق حتى هدأت وانتظمت انفاسها على صدره .. برغم تعبه وطلب عيناه للنوم الا انه لم يتركها .. ارقدها على سريرها كطفلة صغيرة .. ليسحب الغطاء عليها ويقبل جبينها .. الآن يستطيع فقط ان يغمض عينيه ليرتاح .. ولج الى غرفته .. لتداعب رائحة البخور انفه .. ويبتسم قلبه قبل شفتيه .. ويتمتم : فديتج والله يا ام احمد ..

ابدل ملابسه بعد حمام سريع .. ليرمي بجسده على السرير .. وذراعيه تعانقا اسفل رأسه .. وعيناه يرنوان للبعيد .. الى حيث هي .. كيف تعيش .. وهل لا زال له مكان في قلبها .. هل لا تزال على كبرياءها ..

استلقى على جانبه .. وسرعان ما تحرك ليخرج ذاك السلسال الذي حُبس فيه خاتمها .. شده في قبضة يده .. اغمض عينيه ليداعب ملمسه شفتيه .. وكأنه يقبله وهو بيدها .. يعانق بنصرها النحيل .. ابتسم لخياله .. فهو حقا يشتاق لها .. ولا تزال قابعة هناك في اعماق صدره ..

غفى على حلم يتمناه .. حلم وجودها من جديد في حياته .. رغم ما حدث فهو يمني النفس بالرجوع .. كما رجوعه الآن ..

,،

الرجوع كلمة رددها هو على مسامع سلطان كثيرا .. وذاك لا يريد ان يتركه بمفرده .. جالسان في مكتبه في فرع الرياض .. العيد هنا عقيم .. فبدون الاهل لا طعم له .. وعمار تركهما بعد الحاح من جاسم ان يعود الى اهله .. فيكفيه غياب عنهم .. والاحوال مستقرة .. الا من بعض المعاملات التي تحتاج لمراجعة مركزة .. ارتشف من قهوته : شوف يا سلطان ما اريد اتيني دعوة من حرمتك وعيالك اني حارمنهم منك .. قوم جهز عمرك ورد لبلاد .. وبعدين الشركة هناك محتايتلك .. خل الفروع علي .. بحل كل شيء وبحاول اتخلص من بعضهن .. اللي ممكن تضر خسارتهن بتجارتي ..

طوح برأسه : مب رايح .. وبعدين لا تنسى ان اهلك بعد يبونك ..

قام واقفا ليجلس على تلك الاريكة البعيدة بعض الشيء عن طاولة المكتب : لا تخاف انا موصي عيسى على اخته .. يعني كل شيء اوكي .. وما اظن حد بيهتم فيها اكثر منه ..

تنهد : ما ادري شو اقولك – قام واقفا ليردف – ع فكرة تراه رجع ..

اتسعت ابتسامته حتى كاد ليضحك من فرحته : احلف ؟

رفع حاجبه وهو يثبت نظارته بسبابته : والله .. بس يقول ان الدنيا ضايقه فيه .. ويفكر يروح العمره ..

امتعض وهو يطوح برأسه : عارفه زين .. صعب ينسى اللي صارله .. لا ويطالبني انا بالنسيان ..

-
مصابك مثل مصابه ..

زفر انفاسه بعنف : بس هو مشكلته ان قلبه يتحكم فيه .. وانا دفنت قلبي بالحيا ..

" بس رجع ينبض " .. قالها ليرمقه ذاك بنظرته .. وبعدها يغادر الاخر .. فلا ينكر بانه مشتاق لابناءه ولزوجته .. ترك كل شيء لجاسم .. وعاد الى حيث لذة العيد بفرحة الاهل ..

جاسم يتكرر على عقلها المجنون والمضطرب .. لا تزال تاخذ ذاكرتها من ذاك الدفتر .. وذاك الغثيان الصباحي يزورها يوم بعد يوم .. لا تعلم لماذا يراودها طيف قاسم .. وكأنه يحاول ان ينتشلها من القاع الذي هي فيه .. تتجول في الصالة .. لتقف امام صورته .. وكأنها تخاطبها دون صوت .. تنظر الى عينيه تحاكيها بوجع روحها .. فتلك الاسطر التي تقرأها كل يوم تصور لها شقيقه كمجرم عنيف .. ولكن هناك شيء في داخلها يناقض تلك الحروف التي تتأجج كرها .. يداها متعانقتان خلفها .. ورأسها مائل الى اليمين قليلا .. وعيناها في عينيه .. لتمر لها ذكرى مبهمة .. وضحكة جاسم .. وكأن بتلك الذكرى تخبرها شيئا ما .. تذكرها بأول ايامها هنا .. رمشت مرارا .. لتضغط اناملها على صدعيها .. وتسحب ذرات الهواء بنهم .. واذا بها ترفع رأسها من جديد لتلك الصورة وتبتعد خطوات للوراء .. بدأ ذاك القاسم يخيفها .. شيء في داخلها يرفض ما يبوح به ذاك الدفتر .. وشيء آخر يتمسك به ..

هرولت مبتعدة وكأن بذاك القاسم يتبعها كما في احلامها .. تلفتت في انحاء غرفتها .. كان هناك دفترا آخر .. دفتر صادرته عن طريق كفيها . رأت دفترها الجديد على سريرها وكأنه يناديها لتكتب فيه .. او تحكي له ترهات خيالها المجنون .. ابتعدت بانظارها عنه .. لترى الاخر .. وتبتسم وهي تشد الخطى نحوه ..

سحبته تقلب اوراقه على وقوف .. واذا بها تجلس متكأة على جانب سريرها .. لم تهتم بتلك الارضية الباردة .. كل ما يهمها هو ذاك البوح المختلف .. اسم جاسم هنا بعكس الاخر الذي لا تخلو صفحة فيه من اسم قاسم .. اختلاف كبير بين تلك الاسطر وهذه .. تتمعن بالقراءة .. هنا نبضات قلبها قد رصدت تغيره .. وهناك افكار عقلها قد اسالت ذاكرته .. نزلت دموعها انهارا .. تشعر بشتات بين القلب والعقل .. هنا تحبه وهناك تكره .

هنا خواطر تحكي مشاعر ممزوجة بعشق غريب .. وهناك احرف لا تحكي سوى تمرد على الحب ..

تسقط قطرات عينيها على حبر قلمها القديم .. تمسح البعض منه .. وتترك البعض كبصمة على شعور يجرفها .. شهقاتها تتوالى .. والسطور تختفي خلف الضباب وتعود .. قامت لتجلس على سريرها .. سحبت هاتفها . تضغط على رقمه .. الهاتف مغلق او خارج نطاق التغطية .. تعود لها تلك الكلمات كلما اعادة الاتصال .. برجفة خوف باكية تمتمت : رد .. الله يخليك رد .. خايفة .. خايفة امووت بروحي .. رد ..

لا شيء سوى الفراغ يعود اليها .. فهاتفه قد عطله احتياطا .. تكورت على نفسها والهاتف على اذنها تعيد المحاولة .. ولا شيء سوى صدى انفاسها المرتعبة يجيب عليها .. ضمت نفسها اكثر .. ولسانها يردد : وينك .. محتايتلك .. لا تخليني بروحي اموت ... لا تخليني ..


,،

ترتب ملابس ابنتيها في تلك الحقيبة .. فاليوم ستتخلى عنهما فقط حتى لا ترتبط بذاك الخليفة .. تحاول ان تقسى على عيونها وتبعد الدموع عنها .. اليوم هو الثالث من ايام العيد يوم تنفيذ القرار .. دخلت مريم عليها وهي تعلم بحجم وجعها .. فليس اقسى على الام من ترك ابناءها .. وقفت خلفها وهي منكبة تجمع في تلك الملابس .. وتلك الحقيبة امامها : ما بتردين عن قرارج يا ميثة ..

التفتت : والله ما اخذه لو ما بقى ريايل ع الارض ..

تحوقلت لتجلس بجانبها على ركبتيها : يمكن اشاعات ويمكن الريال تعدل .. هذوه مسافر من سنين ..

ضحكت بسخرية : يتعدل .. يا مريم ذيل الكلب عمره ما ينعدل .. عرس ثلاث مرات ولا قدر ع حريمه .. وفضحنه قدام الناس .. وفوق هذا مرابع ريايل.......... ( كلمة محذوفة لا اود وضعها في سطور روايتي )

- استغفر الله العظيم .. واللي تسوينه مب عذاب لج ..

-
اتعذب ولا يبلاني هذاك بمرض من ورى خرابيطه .. لا وامه تقولي بيرد اذا بتوافقين تسكتين الناس وكلامهم ... باللا عليج يا مريم هذا كلام ينقال .. حد يقدر يغطي الشمس بمشخله ..

تحوقلت وتركت المكان وهي تردد : انتي ابخص فيهم يا ميثة ..

التفتت لها وبنبرة عالية قالت : هيه ابخص فيهم .. اعرف انهم ما بيقدرون ع بناتي .. ولا لهم نيه فيهن .. ومصيرهم يردوهن .. وان ما ردوهن هم اهلهن وابخص فيهن .

انهارت باكية بعد تلك الجمل التي القتهن لتردد : الله يصبرك يا قلبي .. الله يصبرك ..

ليمضي الوقت كئيبا .. وتصل هي بجسدها الى سيارتها ومعها طفلتيها .. تسمع اسئلتهما الطفولية .. لتجيبهما : بنروح بيت عمو حامد ..

لتقفز تلك متشبثة بكرسي والدتها : يعني بنروح عند هديل ..

-
هيه .

لترد تلك الصغيرة : وبنشوف البيبي ..

وتضاحكن بشقاوة تجرح تلك التي تنظر اليهما من تلك المرآة الامامية .. لا تزالان تذكران هديل وذاك الطفل الصغير .. مع ان اخر زيارة لهما لبيت عمهما كانت منذ شهور .. في العيد الماضي ..

اوقفت السيارة لتفتح لهما الباب بعد ان ترجلت .. وتمشي معهما لداخل .. هناك ينتظرونها مسبقا .. فلقد ابلغتهم بقدومها .. القت السلام لتدنو من تلك العجوز .. فبرغم قسوتها الا انها لن ولم تقلل من احترامها .. قبلت رأسها : البنات عندكم – التفتت لزوجة ذاك العم – ياليت تقولين لهديل اتيي تاخذهن عندها يلعبن وياها الين اروح .

قامت تلك تنفذ الطلب .. لتفتح تلك ثغرها : بعدج راكبة راسج يا ميثة ..

نظرت اليها : لو هو ريال ما ينعاب ما رفضته .. وانتي ادرى بولدج يا خالتي ..

انتفضت تلك واقفة : عسى السان اللي يقول عنه مب ريال القص .. كله كلام ما له من الصحة شيء .. وانتي بس تصدقين؟ ..

لم ترد واخذت تبحث في حقيبتها .. واذا بها تمد لها بورقة .. لتردف تلك العجوز : شو هذا بعد .

تنهدت : هذا الله يسلمج نظام غذائي لحصوه .. فيها تكسر بالدم .. وممنوعه من البقوليات واشياء واايد كتبتها لكم هني .. عشان ما تتعب وتتوهقون فيها ..

-
وانا شو عرفني بهالسوالف ..

-
دامج دقيتي الصدر يا خالتي خليج قدها ..

وبعدها غادرت .. لا يردعها شيء عن قرارها .. وان كان لها امل في عودتهما ستعودان لحضنها .. وان لا .. فرب العباد سيعوضها خيرا ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:41 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
قرار اخر يقود اخرى الى مصير مجهول .. بالامس طرقت الباب على والدها لتبلغه بانها لن توافق الا بعد اجتماعها بذاك الذي يتمناه زوجة له .. تريده ان يستمع لها .. هناك كثير من الامور عليه معرفتها .. ويجب ان لا تقال الا في حضرته .. دون وجود احد من عائلتها .. فانتفض والدها غاضبا كيف لها ان تطلب مثل هذا الطلب .. فما كان منها الا ان تطلب حضور والدته معه .. اما عائلتها فلا تريد لاذانهم ان تسمع شيئا .. رضخ لطلبها .. وها هي اليوم تقف تشحذ قواها وهي ترتدي عباءتها وتلف " شيلتها " .. فذاك هناك في مجلس الرجال مع طارق وعمار ووالدها .. ووالدته في الاسفل مع ميثة ومريم .. وهي عليها ان تكون قوية .. طرقات خفيفة على الباب

" هلا عمار .."قالتها حين اطل برأسه .. اقترب منها : شو اللي ناوية عليه ؟ ع الاقل حطينا فالصورة ..

ابتسمت رغم توترها : هو احق عشان ينحط بالصورة .. مب فراسي شيء يا عمار .. الا اني ابعد عن الشر ..

يده تشد على كتفها : اذا ما تبينه لا تجبرين نفسج عشان حد ..

هزت رأسها بالنفي : مب مجبورة .. انا استخرت ومرتاحة .. بس لازم اقولهم شيء قبل لا ينصدمون ..

كللت ملامحه الهادئة ابتسامة : مثل ما تبين .. المهم هو وامه يتريونج فالميلس .. لا تتاخرين عليهم ..

شدت خطاها بتوتر تتراقص معه فرائصها .. مرت على تلك الصالة التي بها الجميع .. وتلك التي باتت تكرها حتى النخاع اشاحت بوجهها عنها .. فابتسمت .. وهي تعلم بسخط والدها لفعلها هذا ..
وتدرك كم هو غضب طارق من هذا القرار الذي لم يأتي الا بعد تصرفات تلك معها .. ولكن هي من ستكون معه وهي من ستعاشره وعليها هي فقط ان ترسم طريقها ذاك ..

تحركت قدميها الى المجلس .. وقفت عند عتبة الباب فابتسمت والقت السلام .. ليقف هو رادا بتحيتها كما فعلت والدته .. لتجلس هي بعيدا .. في ركن مقابل .. الصمت كان هو المسيطر .. حتى تلك العجوز لم تنطق .. وكأن بها تدرك بان الكلام لن يكون الا بينهما وهي مجرد سد خانة .. او حتى لا يكونان بمفردهما .. كسر جدار الصمت قائلا : تكلمي يا ريم .. اسمعج ..

لاول مرة عيناه تخونانه فتنظران دون ان تغضان البصر .. لاول مرة هناك في قلبه كلام لا يوافقه عقله .. فيُردع العقل رغما عنه .. ليستمع لهمسات الفؤاد ..

بلعت ريقها لترد : انت تعرف اشياء واايد مريت فيها .. تعرف باللي صار وياي قبل المحكمة وبعدها .. اريدك تعرف انك اذا تزوجتني كلام الناس بيكثر عليك .. وعلي .. ويمكن سعيد ما يخليك فحالك .. انت مستعد لكل هالشيء ..؟

لعلها فاجأته .. كان يظن بان هناك طلبا ما .. ولكن لم يأتي في باله ابدا ان يكون هناك اسئلة .. قال وهو يخفض نظره : سمعيني يا ريم .. انا مب صغير عشان ما احط هالاحتمالات فبالي .. كل شيء فكرت فيه .. وترا والله ما طلبتج عشان اي شيء صار وياج .. طلبتج لاني شفت فيج الزوجه اللي اريدها ..

قاطعته : في شيء لازم تعرفه .. انا ما اقدر اييب عيال ..عندي عقم بسبب الحبوب اللي كنت اخذها .. وما اعرف اذا بقدر اتخطى اللي شفته وييا سعيد بسهولة او لا ..

-
لا تعيشين فالماضي بتتعبين .. وعمرج ما بتعيشين حياتج صح .

-
انت عايش فالماضي بعد .. والا ليش للحين ما تزوجت ..

ابتسم : مب عشان الماضي .. عشان ولدي محمد .. محمد ماضي وحاضر ومستقبل فحياتي ..

وقف واردف : ريم .. اذا مجبورة قولي .. ولا تمشين لقدام وانتي ما عندج القوة تكملين .. قلتي اللي عندج وانا بعد قلت اللي عندي .. ومن الحين لثلاث ايام اريد اعرف قرارج .

خرجا وهي ظلت في مكانها .. لماذا هذا الاحساس الذي يتسلل الى حناياها .. اغمضت عينيها .. وكأن بها تستعد لتستفيق من موتة كانت .. الجميع يظن انها مجبرة .. وهي تجبر نفسها حقا .. ولكن ليس رفضا به .. وانما خوفا من القادم المجهول .

,،

تتحرك اصابعها بحرفية على ازرار " الكيبورد " .. في ذاك المكان الذي يعج بالكثيرين ممن يستخدمون هذا الاختراع .. تدرك بانها على وشك الوصول الى قلب الشر .. شدت قبضتيها .. وهي تنظر للشاشة بترقب تام .. وبين الفينة والاخرى تبعثر نظراتها على الزوايا .. والاركان .. قد يكونون هنا يتربصون بها .. فهي تغير مكانها كلما ارادت الولوج الى وكرهم .. تسحب المعلومات وقلبها يزداد نبضا كلما مشى مؤشر النقل للامام .. يدها على ذاك " الفلاش " دقائق فقط .. وكل شيء سيحبس هناك لتتصفحه لاحقا .. حركة غريبة في المكان .. رفعت رأسها واذا بها ترى اشخاص يتحدثون وكأنهم يبحثون عن احد ما ..

ثلاث ثواني .. اثنتان .. واحدة .. سحبته .. لتنزل للاسفل .. تحبو على اطرافها الاربعة .. فقط لتستعد للهرب فهم هناك يتقدمون من مكانها الذي كانت فيه .. وقفت لتهرب .. واذا بهم يصرخون ان تتوقف .. اقدامها تسرع لتخرج من المكان .. واقدامهم لا تزال خلفها .. تحاول ان تختفي بين المارة .. ولكن جسمها متعب .. لا تقوى على المراوغة اكثر .. تلتفت للخلف واذا بهم هناك .. اسرعت اكثر .. وانفاسها تختنق .. فهل ستفر .. ام ستكون نهايتها في قبضة من كانوا سببا في موت حبيبها ؟


,،

ان شاء الله يعجبكم http://forums.graaam.com/images/smil...0%28135%29.gif

♫ معزوفة حنين ♫ 02-11-12 01:42 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
اقتباس:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سامحوني .. قلت لكم ان البارت 37 و 38 بيكونن طوال ..
بس ما قدرت اكتب اكثر .. لان من يومين بس كتبت فيه وعدته بعد ..
لان كان عندي امتحان نهائي .. فيكم تقولون تقيم لنا في كل اللي اخذناه قبل في التخصص ><
وما قدرت اهمل دراستي فسامحوني

وان شاء الله اعوضكم فالباقي .. لان الباقي محتاج لكثير من الاحداث
وعذرا |~

وهذا كان آخر شي نزلته الكاتبة اليوم ..
قرآإءه ممتعة للجميع ..

♫ معزوفة حنين ♫ 12-11-12 06:14 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هدوء آخر الليل .. يثير في النفس هواجس كثيرة .. رأته يقترب من ذاك المهد الابيض .. كان به بياض غريبا .. ووجهه مستبشرا بخير .. واذا بكفاه يحملان تلك الصغيرة .. وهي تراه يبتعد بها .. لتسأله : وين شالنها ؟

واذا بخطواته تدنو منها .. يمد ذراعيه لها : ديري بالج عليها يا ميرة ..

فتحت عيناها بهلع .. ذاك سالم وجود .. لطالما احب تلك الفتاة .. صدرها يعلو ويهبط .. وتمتمات بذكر الله تهادت من فيها بهلع وخوف .. لتسحب هاتفها من على الـ"كوميدينة " .. الساعة فجرا .. استعاذت من الشيطان مرارا .. لتنهض بعدها تتوضأ وتفترش سجادتها ..

خائفة هي على تلك الطائشة .. فكلماتها لها عبر ذاك الهاتف كانت قصيرة جدا في الاونة الاخيرة .. قبل ان ينقطع الاتصال تماما .. رفعت كفيها لخالقها تدعوه ان يحفظ تلك الجود .. دموعها تخونها لتدحرج من عينيها .. تبكي شوقا لفتاتها الصغيرة .. وشوقا آخر لرجل كان معها يدا بيد .. مضت بعض دقائق وهي لا تزال رافعة كفيها .. واذا بها تمسح وجهها مرددة الشهادة .. الوقت لا يزال باكرا .. وقلبها به نار هلع تغلي ولا تعلم كيف تطفأها .. خرجت من غرفتها .. ليفاجأها نور غرفة فيصل من ذاك الباب الموارب .. لعله استيقظ ليصلي .. حثت خطاها لتفتح الباب بعد ان طرقته .. لكن لا يوجد احد .. تلفتت في الانحاء لا شيء سوى اوراق تبعثرت على الطاولة وسقط البعض منهن على الارض .. صوته يصل اليها فتتبعته حتى وقفت لتزيح تلك الستائر .. وتراه هناك في الحديقة والهاتف على اذنه .. وحركته الغير متزنة تدل على مشكلة ما .. يقف ويمشي تواليك .. تركت المكان لتتبين امر ابنها .. واذا به يدخل حين وطأت قدماها ارض الدور الارضي .. لتباغته : شو المستوي وياك يا فيصل ؟

تعداها ليرمي بجسده على تلك الاريكة .. ويشبك كفاه بين ركبتيه : شو اقولج يالغالية .. في اشياء مب مستوعبنها .. صارت توصلني رسايل تهديد .. يهددوني بيأذونكم ..

بخوف جلست على حافة الطاولة الزجاجية امامه : شو اللي تقوله .. يعني خوفي فمكانه .. جود مب بخير – امسكت كفيه برجاء – اريد اروحلها يا فيصل ..

حاجباه ينعقدان : شو اللي تقولينه يا اميه .. التهديد ما له دخل بجود .. وجود بخير ما فيها الا العافية .. وزين انها بعيد عنا ..

هزت رأسها بعنف لتنسكب دموعها : اختك مب بخير يا فيصل .. صارلها ايام ما اعرف عنها شيء .. ما ترد ع تلفونها ومب عارفه كيف اطمن عليها .. وكل ما اقولك تقولي انها بخير .. لو بخير ما ياني ابوك يوصيني عليها ..

لا يعلم من اين قد يجد الحلول لكل ما هو فيه .. قام واقفا ليطمأنها بأنه سيفعل ما تريده .. ترجته وهو مدبرا الى غرفته .. فعليه ان يغادر باكرا .. فامور كثيرة يجب ان تُسوى .. استحم ورتب هندامه على جسده .. لتستوقفه المرآة وكأنها تسأله اين فيصل الذي كان .. سحب الهواء ليزفره بشوق للراحة .. ليسحب بعدها قنينة العطر المفضل لديه .. الشيء الوحيد الذي لم ولن يغيره .. " ون مليون " .. لا يعلم لماذا يعشق تلك الرائحة بجنون .. وكأنها مهدأ لتعب يومه .. سحب هاتفه ليدس سماعته في اذنه : اسمع خل اربعة من البودي قاردز اييون البيت .. ما يخلونه ابد .. واريدك تتابع اخبار جود فلندن .. اريد كل شيء عندي فنهاية هاليوم ..

بلعت ريقها وهي تسمع حديثه مع نزوله الدرجات .. التفتت على صوت شقيقتها الملقي عليها بتحية الصباح .. لتردها عليها وتردف : شو مستوي ؟ شو بلاها جود .. وليش بيحطي حرس ع البيت ؟

بُعدها جعلها جاهلة بكثير من الامور .. لتقترب منها جواهر وهي تدعوها للنزول لرؤية والدتهما : ما اعرف .. بس السالفة ما اطمن وامي مب بخير فيها شيء .. خلينا ننزل ..

لو انه ينطق لصرخ بها كفى .. هذا حال هاتفها الذي تعب من ضغط اصبعها على ازراره .. ومع كل ضغطة اتصال جديدة ازداد خوفها .. جلست بجانبها لتحيط كتفيها بذراعها : امي شو بلاج ..

-
اختكن ما اعرف عنها شيء .. الخوف انها مب بخير ..

واقفة وتشعر بخوف غريب يتملكها .. لعله بسبب حالة والدتها وتوتر اخيها في الايام الماضية .. وتصرفاتهما المريبة : كيف يعني ؟

استغفرت ربها لتردف : ما ترد علي .. ولا صارت تتصل .. واخوكن كل يوم يطمني .. بس حاسه ان في شيء اكبر مب طايع يخبرني عنه ..

احتضنتها جواهر : لا ان شاء الله ما فيها الا العافية .. يمكن الشبكة خربانة ..

اردفت رنيم على كلام اختها وهي تجلس في الجانب الاخر لميرة : هيه صح .. اكيد الشبكة خربانة .. وبعدين جود ما شاء الله عليها ما عليها خوف .. تعرف ادبر عمرها .. صح جواهر ؟

يحاولان تهدأت والدتهما بما يستطيعان .. لتقف بعدها وتلقي بجملتها على اسماعهما : بسافر لندن . انا ما بقدر اتريا اكثر عشان اعرف اخبارها ..

زمجر صوته في المكان : ما في اي حد بيسافر ..

وبعدها توجه الى مكتبه يجمع بعض الاوراق التي نسي اخذها .. لتدخل عليه ومن خلفها ابنتيها : يعني اشوف بنتي فخطر وايلس ساكته ..

مسح بباطن كفه الايمن وجهه محاولة منه لكتمان غضبه .. حث خطواته نحوها لتعانق يديه كتفيها يشدان عليهما : يالغالية جود بخير .. وتوني مطرش حد ايبلي كل اخبارها .. لا تحاتين .. يمكن في شيء بالاتصال ..

" والتهديد اللي يوصلك " قالتها دون شعور منها لتلتفت على صوت رنيم الخائف : اي تهديد .. شو اللي مستوي وانا ما اعرفه ..

تحوقل وبعدها تنهد : ما في شيء .. انتن بس لا تطلعن من البيت وكل شيء بيكون بخير .. هذيلا ناس فاضيين ما وراهم الا ارسال هالرسايل .. يعني لا تخافن ولا شيء ..

" وجود " نطقتها لتردف : بتموت ؟

لتصرخ ميرة ناهرة لها : فال الله ولا فالج – توجه كلامها لفيصل – اسمعني عندك يومين يا اسمع صوت بنتي وهي بخير او انا اللي بروح لها .

وبعدها غادرت المكتب ليقف هو مستغفرا وزافرا انفاسه .. سحب اوراقه : جواهر ديري بالج ع امي .. ولا اريدكن اطلعن من البيت الين تهدى الامور .. اوكي ..

هزت رأسها بالموافقة .. ليطبع هو قبلة على وجنتها ويخرج .. لتمسك هي ذراع اختها بعنف : انتي شفيج تفاولين عليها .. ما تشوفين حالة امي .. بعد تزيدينها ..

نفضت يدها وصرخت مدافعة عن نفسها : انا ما افاول ع حد .. ولا اتمنى الموت لحد .. بس هي سافرت حتى ما قالتلي مع السلامة .. دريت انها مسافرة بعد يوم من سفرها .. ولا عبرتني حتى .. انا ما الومها اذا شايله فقلبها علي .. بس انتوا السبب .. كله منكم ومن معاملتكم لها .. واذا ماتت وهي مب مسامحتني – هدأت نبرتها – كيف بعيش .

سحبتها تلك الى صدرها : جود قلبها طيب .. اكيد مسامحتنج .. وبترجع لنا وهي دكتورة ان شاء الله ..


,،

لماذا تنقلب الادوار بهذا الشكل المخيف في حياتنا .. فمن كان لا يحمل اي مسئولية اضحى يحملها حتى باتت تثقل كاهله .. سيف يحمل في نفسه اشياء لا يعلمها الا هو .. دخل المكتب بعد ان اذن له عبد العزيز بالدخول .. هناك شيء ما يحاول ان يقوم به كمحاولة اخيرة ... فذاك لا يريد ان يترك مجالا لفيصل بالانسحاب من شركته .. دخل ملقيا السلام .. ليجلس بعدها .. ويستقبله ذاك قائلا : خير استاذ سيف .. قالولي انك تبيني فموضوع .

قبل ان ينطق كان صوت السكرتير قد وصل بخبر وجود فيصل في المكان .. ليلج بعد ان اُذن له بالدخول .. ليتفاجأ بوجود سيف .. يرتفع حاجبه استنكارا بعد ان القى التحية : اشوفك هني ..

جلس قبالته وهو يبعد تلك النظارة عن عينيه .. ليجيبه سيف : ياي اتكلم وييا عبد العزيز فمشروع اريد اشاركه فيه . واظن هالشيء ما يحتاي اني اخذ اذن منك .

رائحة حقد دفين اشتمها عبد العزيز والتقطها من اطراف الحديث الدائر بينهما .. ليبتسم بمكر .. ويلتفت لفيصل حين قال : شوف يا ابو جاسم .. نصيبي هني ببيعه رضيت والا ما رضيت .. لاني محتاي لسيولة .. وانت عارف ان المشروع اللي تحت ايدي مب بسيط .. فيا انك تاخذ نصيبي او اني اعطيه لولدك جاسم ..

شد على شفته السفلى غيضا .. فتعامله مع فيصل اسهل بكثير عن ابنه .. رفع ذقنه قليلا .. يقلب نظره في المكان : مستعد اشتري نصيبك .. بس بالنص .. ما بدفع اكثر ..

شد على قبضته وعيناه تنظران لسيف : شو رايك يا سيف .. ابيع والا لا ..

ابتسم ليقف : بيع .. عن اذنكم ..

خرج من المكان دون ان يعلم بما دار خلفه .. رفع هاتفه ليتصل .. واذا به يتحدث وهو متوجها الى سيارته : كل شيء اوكي .. تعبت وياه الين وافق يبيع .. حتى التهديد هدته ..

لم ينتبه الا بقبضة فيصل تنهال على وجهه لكما : يالحقير .. يعني انت اللي ورى التهديدات اللي توصلني ..

ظاهر كفه يمسح جانب شفتيه .. واذا به ينحني يلتقط هاتفه من على الارض .. ويرسم ابتسامة على وجهه : المهم انك وقعت عقد البيع ..

بياقة ثوبه يمسكه باحكام يرفعه الى وجهه : خسيس .. اوك ببيع .. حتى لو بخسارة .. بس اذا صار شيء لجود ما تلوم الا نفسك... فاهم ..

ابتعد عن المكان .. لتمضي بضع دقائق وذاك واقفا في مكانه .. لينتبه لصوت الذي اخترق مسامعه : حلو .. يعني نسيبك مب راضي عنك ..

وقهقه بعدها .. ليلتفت ذاك : طلال؟..

خطواته تدنو من اخيه : خلك وييا نسيبك – ضحك واردف بغضب – بس اذا باع نصيبه ما يلوم الا نفسه ..

لُجم عن الكلام .. ذاك ليس طلال الذي يعرفه .. مالذي يخفيه .. اسئلة دارت في عقله لبرهة .. ليطوح برأسه مبعدا الافكار السوداء عنه .. وبامتعاض قال وهو يحرك اطراف يده على مكان تلك اللكمة : حشا مب ايد عليك يا فصول .

وضحك ليتابع طريقه الى سيارته .. هاتفه يرن بانهاك منذ مدة .. ويعلم ان اكثر الحديث قد وصل الى الطرف الاخر : هلا .. كل شيء بخير .. بس يا رب ما يخرب طلول اللي سويته ..

وسرعان ما تجهم وجهه .. وكأن حديثا غير مرغوب به اخترق اذنه .. واذا به يصرخ مرارا : لحظة ..

ليغلق الهاتف ويشد هو عليه في قبضته .. ويتمتم بعدها بحنق : الله يستر .. الله يستر .


,،

المكان بارد جدا .. سحبت الغطاء عليها اكثر .. تنطوي على نفسها لعلها تنعم ببعض الدفئ .. البارحة وضع هو النقاط على الحروف .. لا تزال تذكر ذاك الحديث بينهما الذي اوصلها الى الاستسلام له ..

بالامس يوم اجازة كان .. خرج هو باكرا من المنزل .. وعاد بعد ساعات عند العصر .. وكانت هي جالسة في مكتبه تقلب اوراق كتاب فلسفة اعجبها .. لاح لها من الباب المفتوح وهو يبتعد بكرسيه متوجها للمصعد .. تنهدت وتركت ما بيدها لتلحق به .. استوقفته قبل ان يصعد : انتي هني ؟

قالها وهو يبتسم بسعادة بانت على وجهه .. تحرك نحوها ليدعوها للجلوس بمعيته في تلك الصالة : فاطمة بعد اسبوع عرس اخت ربيعي .. ومعزم علينا نروح .. و ..

قاطعته : ما اريد اروح .. ما احب الاعراس .. خلني هني فالبيت او وصلني بيت اهلي وانت روح بروحك ..

لم يستطع ان يكتم غيض روحه منها .. فهي تتهرب من الخروج معه الا الى بيت اهلها .. كتم الامر في نفسه كثيرا .. حتى فاض ولم يعد صدره يتسع له .. لينفجر بها صارخا : ابيج تعلميني ليش مستحية تطلعين وياي .. خايفه من نظرة الناس .. قلتلج نسافر من بعد الملكة ورفضتي.. قلتلج تردين شغلج رفضتي .. قلتلج نطلع نغير جو صوب دبي والمناطق اللي حولنا بعد رفضتي ..

ارتعبت من نبرته القاسية .. فلأول مرة تكون بهذا العنف .. استقام ظهرها وعيونها تنظر اليه بجزع .. عيناه الضاحكتان تحولتا لبراكين غضب مدفون .. ليتابع حديثه : اذا خايفة من شفقة الناس ونظراتهم .. انا عشتها سنين وسنين .. ولا فيوم قلت بيلس وما بطلع .

سكت المكان الا صوت انفاسه الغاضبة الهاربة بعنف من رئتيه .. لتهدأ نبرته بعد ان زفر انفاسه الحارقة .. ويتابع الحديث بعكس ما كان من غضب : سمعيني يا فاطمة .. صبرت عليج شهر واثنين وثلاثة .. وقلت الحرمة ما تعودت علي .. حياتنا صارت احسن ونتكلم ونسولف وييا وبعض .. بس ..

ازدردت ريقها عندما نطق اخر كلماته .. مؤكد ان هناك شيئا ما في جعبته .. فهو مختلف .. بارتجاف الشفتين رددت : بس شو ..

-
لي حق عندج .. والله ما يرضا ان نعيش مثل الاخوان واحنا معرسين .. والليلة اريد حقي برضاج .. ولا تنسين ان الحرمة اللي ما تعطي ريلها حقه تلعنها الملائكة الين تصبح ..

حرك كرسيه ليبتعد .. لتحول بينه وبين متابعة مسيره .. وقفت وما لبثت حتى ركعت على ركبتيها .. وكفاها على ركبتيه .. وعيناها تخترق محجر عينيه : مب مستعدة لهالشيء .

لوهلة ضعف قلبه لدموعها المتلألأة في محجريها وتأبى النزول .. قلبه اصابه حنان غريب لنبرة صوتها المرتجفة .. صمت لبرهة كانت كالقرن عليها .. فهو طيب سيسمعها ويلبي لها . هذا ما اعتادته منه .. لم يجبرها على شيء ابدا .. ابتعد بكرسيه للوراء .. لينسحبا كفيها من عليه : ما في كلام من بعد اللي قلته يا فاطمة .. انتي حرمتي ولي حقوق شرعها ربي وما بتنازل عنها .

سحبت الغطاء عليها اكثر وهي تتذكر جملته تلك .. لتبكي بوجع مراهقة في منتصف الثلاثين .. هي لا تعلم ماهية شعورها الذي استوطنها بعد تلك الليلة .. لم تشعر به في الغرفة .. كان هناك جالسا وبيده كتابها .. يغوص بين احرفه بنهم غريب .. هل كان عليه ان يتخذ معها سياسة اهل غابتها تلك ليفرض وجوده .. ولكن ان لم يكن الين قد أتى بنتائجه فالقسوة هي الحل ..ترك الكتاب جانبا بعد ان سمع شهقاتها .. قلبه رقيق لا يحتمل دموع انثى فما باله بنحيب وشهقات متتابعة .. هو لم يكرها على شيء .. هي من استسلمت له بإرادتها .. وان تمنعت لتركها .. فهو ليس بحيوانا يجري خلف ملذاته .. حرك كرسيه حتى اضحى امامها .. لا يرى منها الا كفيها الابيضان اللذان يشدان الغطاء على وجهها .. نطق بأسمها .. ليبتسم لفعلها حين احكمت قبضتيها اكثر .. كفه امتدت لتسحب الغطاء عنها .. وتدور حرب بينها وبينه على ذاك الغطاء .. ليصرخ بها : هديه ( اتركيه )

تعجبه تلك الشخصية التي يمثلها عليها .. فهي تطيعه وتستسلم له دون تردد .. فلا بأس من تقمص القسوة والجلف في بعض الاحيان .. ارتخت قبضتها .. ليسحب هو الغطاء عن وجهها .. انامله تمتد لترجع الخصلات للوراء .. ويبان له نصف وجهها المخبأ نصفه الاخر في تلك الوسادة ..

تشعر بالخجل .. وبشيء من الارتباك .. وتتمنى لو انها لم تبكي .. او لو انها تيقنت قبلا من خلو الغرفة .. وها هي الان تستمع لتهكماته الغريبة : فطوم شو هالتصرفات .. والله احسج بنت 18 سنه .. مب حرمه كبيرة ..

قامت جالسة وقد تناثر شعرها على وجهها لتبعده بغضب : ما في داعي كل شوي تذكرني اني اكبر منك .. خلاص سويت اللي تباه .. شو تريد في خلني بروحي ..

هدأ المكان . ونظراته تلتقي بنظراتها .. كل ما يريده الآن هو ان يعبث بروحها .. فصمت .. يرى وجهها وتغيير نظرتها .. ورجفت شفتيها كلما طال الصمت .. واذا به يطوق رأسها بكفيه يسحبها اليه .. ويطبع قبلة على وجنتها .. فهو لا يزال فهد المحب لرومنسية حتى لو ادعى الف شخصية وشخصية ..

شفتاه تقتربان من اذنها ليهمس : خلينا ننسى حدود العمر وحدود العجز .. خلينا نعيش حياتنا مثل الحلم اللي دوم نحلمه ..

نزلت دموعها بعد ان ارتجفت لفعله ذاك .. صوته به نبرة عاطفية رهيبة .. تثير احاسيس كثيرة في نفسها .. ابعدها عنه : ليش كنتي تصيحين .. ؟

مسحت دموعها وتحركت لتترك سريرها .. واذا بيده تعانق رسغها : ما جاوبتيني .. ليش كنتي تصيحين ؟

انزلت رأسها وكأنها تبحث عن اجابة ما .. فهي لا تجيد الحديث كما هو .. هو يستطيع ان يتحدث في اي شيء بحروف مرتبة وكلمات متراصة .. ازدردت ريقها لتتمتم ببضع كلمات .. ابتسم لها وعاد لينتحل تلك الشخصية المشاكسة : ما سمعتج .. شو قلتي ؟

تتمنى الارض ان تنشق من اسفلها لتختفي .. فما باله اليوم يلعب بها هكذا .. تنهدت : لانك انسان غير .. وتستاهل وحده احسن مني .. سامحني .

انتزعت نفسها من بين انامله لتهرب الى دورة المياه ( اكرمكم الله ).. ليتنفس هو براحة لطالما نشدها .. هو ليس طامعا بالكثير .. سيتقبلها بكل عيوبها .. وسيفرض نفسه عليها وستتقبله كما هو مع الوقت .. وستخرج معه الى حيث يريد .. برضاها او بدونه .. ابتسم على افكاره تلك .. فهو سيقوم ببناء شخصيتها من جديد .. فلا تزال فتاة صغيرة ترتدي ثوب أمرأة كبيرة في نظره ..

خرجت بعد حماما انعش جسدها .. تلفتت في انحاء الغرفة .. وحمدت ربها مليا على عدم وجوده .. فسخريته وتهكمه يزعجانها .. ارتدت ثوبا منزليا مريحا .. وبعدها جلست امام مرآتها لتسرح شعرها .. وابتسامة خجلة ترتسم على محياها .. لا تعلم لماذا لا تشعر به عندما يدخل .. وهاهو خلفها مبتسما .. وافزعها حين قال : باركيلي يا فطوم ..

وضعت يدها على صدرها وتمتمت متعوذة من الشيطان .. لتنظر اليه عبر انعكاس صورته : خوفتني .. مبرووك .. بس ع شو ؟

ضحك ليردف : اخوي وربيعي سعود اخيرا بيعرس وملكته عقب كم يوم ..

اختفت تلك الابتسامة مع تهادي يدها بالمشط الى حجرها .. لاحظ هو تعابير وجهها التي تغيرت .. حتى نبرة صوتها كانت مختلفة وهي تقول : مبرووك .. يستاهل .. ومنو بياخذ ؟

يده ترقد على كتفها : فطوم فيج شيء ؟

انتبهت لتغيرها الذي لا تعرف ما سببه .. لعل حلم قديم راودها .. استغفرت ربها مرارا على شعورها ذاك .. واذا بها تبتسم وتلتفت له : يستاهل كل خير .. ملكة وبس والا بيكون وياها عرس ..

-
ما اعرف .. بس اظن بتكون ملكة وبس لان عرس اخته قريب بعد .. بس ما خبرتج منو العروس .. ما بتصدقين ..

هزت رأسها مستفهمة .. ليردف : بنت عمج عبد الرحمن .. بنصير ربع ونسايب .. يعني حريمنا بيكونن بنات عم ..

" وعبدالله " .. قالتها بحزن .. ليستفسر هو : شو بلاه عبد الله ؟

دمعت عيناها : متصل في يقولي اكلمها عشان توافق عليه .. يريد يعرف ليش رفضته .. شو اقوله الحين .. بنت عمك بتاخذ غيرك ..
- انتي قلتيها يا فاطمة . رفضته .. يعني ماله نصيب معها .. خليه يرضا بالواقع ..

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 12-11-12 06:15 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
سواد حالك احاط به وهو يستمع لكلمات شقيقته العادمة له .. اتقول بأن حبه الابدي سيتركه ؟ .. وان قلبه لن يرتوي يوما ؟ .. اتقول بان شخصا اخر فتح باب قلبها ودخل ؟ .. وهو .. ماذا عنه هو .. هل حكم عليه بالعيش مع حلمه الوردي في عالم الاواقع .. قلبه يعتصر .. وانفاسه تختنق .. يشعر بانه اعدم ولا تزال الروح فيه .. ميت رغم انفاسه المتصاعدة .. ونبضات قلبه العاشق التي تطرق صدره متأوهة .. وضع الهاتف من يده .. وفكرة جنونية تعصف في رأسه .. واسئلة كثيرة تقرع ابواب نفسه العاشقة .. لم يشعر الا بجسده ينجذب لمنزل عمه .. لا يعرف كيف قطع الطريق .. او كيف استطاع التركيز وهو يقود .. فهو في حالة الاوعي ..

الوقت ضُحى .. والمنزل خالي من الرجال .. ولكن هي مؤكد انها هناك ..
ترجل من سيارته ليلج الى ساحة المنزل .. وكم حمد ربه ان تلك الخادمة في الخارج .. ناداها لتخبر تلك معشوقته ان تنزل .. وان لا تخبرها بانه هو من يريدها .. اعطاها بما جادت به يده .. وتوارى خلف المنزل .. يرغب بان يجد اجوبة كثيرة .. وهي فقط من تستطيع ذلك .. انتظر طويلا .. واذا به يسمع صوتها مع تلك الخادمة : منو اللي يريدني .. ووينه ما اشوف حد ..

بلغة مكسرة وباشارة من يدها نعتتها على مكانه .. زفرت انفاسها وحثت الخطى الى حيث هو .. لتشهق حين رأته : عبد الله ..

اقترب منها .. هي لم تتحرك .. فقط تسمرت في مكانها .. نظر اليها مطولا .. وهي كالمسلوبة من الارادة .. وقفت فقط .. بحزن عميق : ليش يا الريم .. ليش ؟ ترفضيني وتوافقين ع غيري .. في شيء .. يعيبني شيء ..

هزت رأسها بنفي ما يقوله .. ليردف : عيل ليش – صرخ – قوليلي ليش ..

بلعت ريقها لتنطق : مالنا نصيب فبعض .. الله يعوضك باحسن مني .. تستاهل احسن مني يا عبدالله ..

وهو يقترب منها حتى التصق ظهرها بالجدار : بس قلبي ما يريد غيرج .. وما في بنت احسن عنج فنظري ..

كفاه تستندان على الجدار ليحاصرها .. يرى الخوف في عينيها : تخافين مني يا الريم .. تخافين من عبود .. تذكرين يوم كنا صغار .. تذكرين يوم اقولج غطي شعرج الطويل .. لاني ما اريد حد يشوفه ويحسدج .. تذكرين يوم اتضارب ويا العيال يوم خذوا منج حلاوتج .. تذكرين ..

انفلتت قطرات الدمع من عينيها وهي تستمع له متوجعا .. ونبراته تبكي الفقد .. استطرد : من يومها وحبج فقلبي يكبر يالريم .. خذوج مني وبعد حبج تم فقلبي .. والحين بياخذوج مني .. ليش ؟ شو ذنبي .. بس لاني اخو سعيد .. بس انا غير .. انا مب سعيد ..

سحبت الهواء بعنف .. لينزل كفيه : الله يوفقج يالريم .. ما بوقف فطريقج .. ويكفيني انج تكونين بخير ومستانسة .. حتى لو ذبحتيني .. الذبح منج حلال .. وسعود ريال والنعم فيه .. ديري بالج ع عمرج .

ترك المكان .. لتبقى هي تجر انفاس الوجع من وجعه هو .. خرج مسرعا ولم ينتبه لطارق الذي اوقف سيارته .. ترجل .. ليراها تهرول داخلة ويدها على فيها .. ناداها ولم تجبه .. اسرع الخطى خلفها .. لا يهم ما سيقوله الغير .. لا يهم ما ستقوله زوجته .. فاخته تحتاج لمن يكون معها .. لم يجد نفسه الا في غرفتها ينظر اليها وهي على السرير باكية .. وقف في مكانه دون حراك .. هو يعلم بانها تعلم بانه اخيها .. هي اخبرته منذ ايام انها قرأت الكثير عن وضعهما .. وهو أكد لها ما قالته لانه سأل واستفسر .. ولكن تلك الشهد لا تريد ان تصدق ...
سألها : شو اللي صار ؟

رفعت نظرها له بعيون دامعة : ذبحته يا طارق .. ذبحت عبدالله .. ما تصورت انه يحبني كل هالحب .. ياليتني مت ولا سمعته ولا شفت عيونه .. ذبحته ..

طبيعته الحنونة قادته ليجلس بجانبها يلفها بذراعه .. وسرعان ما انخرطت في بكاء مر على صدره .. ليردد هو : كل واحد وبياخذ نصيبه .. ولو ما انتي قلتيلي انج موافقة لانج استخرتي وارتحتي .. كنت بقولج خلي سعود .. اذا اللي بتسوينه عشان شهد ..

شهقاتها اوجعته .. ذكرته بهاجر الضعيفة .. التي بكت على صدره يوما .. اخواته لا يحب ان يرى دموعهن .. شدها اليه بقوة .. واذا به ينظر الى الباب .. وهي ترفع رأسها لتلك الواقفة بغضب : هذا اللي ناقص بعد .. تلويبها ( تحتضنها ) وفحجرتها ..

شد على اسنانه .. فزوجته باتت غبية لا تطاق .. استقام واقفا .. واذا به يجرها من ذراعها : تعالي وياي ..

صرخت به : هدني .. خلك وياها ..

دفعها في الى الغرفة .. ليشد خطاه الى دولابها يخرج عباءتها ويرميها عليها : لبسي عباتج .. تبين تتأكدين انها اختي .. انا بأكدلج .. بس بعدها يا شهيد بيتي يتعذرج ..

تسمرت في مكانها .. حتى الكلمات هربت منها .. صرخ بها ان ترتدي عباءتها بسرعة .. فعلت ما اراد .. وجرها من جديد من ذراعها .. ليقف ناظرا لريم الواقفة عند باب غرفتها : ديري بالج ع منصور ..

وخرج بها .. عليه ان ينهي كل شيء .. فلم تعد نفسه تطيق تلك الغيرة المتولدة في نفس تلك الحمقاء .. تلفتت على الطريق : وين رايحين ؟

لا جواب منه .. ونظره على الطريق فقط .. ليقف بعد نصف ساعة ونيف امام مبنى المحكمة .. فهناك من ستصدق حديثه .. ترجلت معه .. ليلجان الى الداخل .. الى حيث القاضي .. فصديقه استطاع ان يدخلهما عليه .. لتستمع هي لما يقوله لها .. الكثير والكثير من الجمل .. تشعر بانها لا تستوعب شيء .. الا كلمة قالها لها .. بان ما تكذبه حقيقه .. نزلت دموعها من خلف ذاك الغطاء الذي يداري وجهها .. سينتهي كل شيء بسبب غيرتها عليه .. هو يحبها بل يعشقها .. وهي لم تقابل كل ذاك الا بعدم الثقة .. وغيرة اودتها الى ما لا تريد ..
نظرت اليه .. متجهم الوجه .. ارادت ان تنطق .. ان تترجاه بان يعفو عنها .. لكنها لم تستطع .. توقفت العجلات .. لينطق : نزلي ..

منزل اخيها .. ارتجفت شفتيها وهي تعيد النظر اليه : سامحني .. كنت غبية .. ما بعيدها .. خلاص عرفت انها اختك ..

-
كلمة وقلتها يا شهد .. بيتي يتعذرج .. نزلي ..
- سامحني .

ما ان نطقت بها حتى صرخ بها ان تنزل .. نزلت بدموعها .. هي كانت عمياء لا تعي الا ان ريم ند لها .. لم ترى الا غيرتها السوداء التي تقودها .. نزلت ليقود هو سيارته بغضب اتضح من سرعته .. خسرته بسبب عقلها وتفكيره الغريب ..

,،

الخسارة تفطر القلب .. بل تحيله لتبلد .. وجهها الطفولي وابتسامتها العذبة .. يحكيان قصص عشق دائم لا ينتهي .. انيقة هي بفستانها الابيض .. وقدها الممشوق .. وبياضها العربي الجميل .. وعيناها الداعجتين .. متوترة حد الذوبان .. تشعر بان فستانها اضحى واسعا .. وان عرقها ينضح من كفيها ومن بين اناملها .. اليوم سترتبط به .. بذاك الذي بنى في قلبها مسكنه .. تنفست وهي ترى والدتها تدخل عليها .. تقبل وجنتيها .. وتتمنى لها حياة سعيدة .. ودمعة فرح تفر رغما عنها .. فتلك ابنتها ستفارقها .. ستصبح زوجة ومسئولة عن رجل ومن بعده ابناء .. اندفعن الفتيات الى الداخل .. اخواتها وصديقاتها واخواته هو .. وضحك ورقصات تتهادى .. وابتسامة خجلة منها هي .. واضاءات من تلك الكاميرا التي تلتقط صور للذكرى ..

خلى المكان ليدخل هو .. ارتعش جسدها .. فهو سيلمسها .. ستجمعهم صورا شتى .. اقترب منها لتقف هي بخجل اذابها .. ويطبع قبلة على جبينها .. وكأن بشفتيه التصقتا هناك ولا تريدان الابتعاد .. وانفاسه تسحب رائحتها العطرة .. زاد توترها .. ليشعر برعشة اكتافها .. وينظر الى عينيها المكتحلتان : واخيرا ..

مر بهما الوقت يقومان بالكثير من حركات الهيام تنفيذا لطلب تلك المسئولة عن التصوير .. هو يشعر بسعادة لما يفعل وهي تتمنى الموت الف مرة قبل ان تفعل .. هي تراه مكملا لها .. كتوأم لروحها .. منذ ان خطبها وهي تهيم فيه حبا .. الجميع حسدها عليه .. وحسده هو عليها .. فهي فتنة تمشي على الارض .. ينهرها كثيرا ان تغطي وجهها اذا خرجت .. يخاف الحسد .. يخاف ان تُأثم بسبب جمالها .. وهي اطاعته في كل ما اراد .. حتى شعرت بانها ملكا له .. يخاف عليها من نسمات الهواء ..

انتهى التصوير .. ليخرج هو الى قاعة الرجال .. وتخرج هي بعده بدقائق لقاعة النساء .. لتمشي على اغنية اختيرت لها .. تتغنى بمفاتنها .. مشت ورعشة سرت في جسدها .. حتى همست لاختها الواقفة بجانبها تساعدها لتمشي : حاسه بحرارة ..

ضحكت تلك وهي تردد : كلنا حسينا فيها قبلج ..

خطت خطواتها وابتسامتها ترتسم رغما عنها على وجهها .. فستانها يداعب الجسر المبني لها خصيصا .. وشموع معطرة تشهد تلك الخطوات على طول الممشى .. ورقصات من فتيات في الاسفل .. وزغاريد نساء .. وصلت اخيرا وهي تشعر بانفاسها وكأنها انتحرت .. حتى لم تقوى على الخروج والدخول الى رئتيها .. جلست لتحيط بها تلك الورود الطبيعية .. كل شيء صمم لها خصيصا .. هو من صمم كل شيء لها .. فهي ملكته وهو خادمها كما كان يردد دائما ..

انفاسها تضيق .. وحرارة قاتله تعصف بجسدها .. ابتسمت وهي تراه داخل و " البشت " الاسود قد تدلى على ذراعه .. الجميع ينظر اليه والاضواء تنير مكانه .. دخل وبجانبه امه واخته .. لم تشعر الا به يقبل جبينها ويتبادل معها حديث لا ترد عليه الا بكلمات مبتورة .. يبتسم ويداعبها .. فهو يعشق خجلها .. اصوات الغناء ورقص اخواته وبنات اخواته وخالاته .. والكثير من الفتيات المحرمات عليه .. وهو لا يرى الا هي .. ويشعر ببطئ الوقت .. اما هي فشعورها عكس شعوره ..

وقفا لتبدأ " زفتهما " ويده تمسك بيدها .. وتلك تلتقط لهم " فيديو " شعر ببرودة اطرافها .. فهمس في اذنها : هالكثر متوترة ..

لا تعلم بما تجيبه .. فهي تشعر بأن الارض تدور من حولها .. وسواد يحاول ان يجتاح المكان .. وحرارة حارقة تتفجر في جوفها .. وما هي الا خطوة بعد ان نزلت على الارض حتى خرت ساقطة .. ليلتقفها هو .. يفترش الارض وهي في حجرة .. وصراخ يعم المكان .. وكلمات جزع لا يعيها هو .. لا يعي الا ان حبيبته ترتجف بين كفيه : حبيبتي شو فيج ؟

ردت بتعب .. ودمعة فرت تتبعها اخواتها : غطني .. لا يشوفوني .. غطني ..

واذا به يدثرها بـ" بشته " .. ويصرخ بهم ان ينجدوها .. فعظامه لم تعد تقوى على حمله .. يمسح على وجهها ويردد انها ستكون بخير .. شدها الى جسده .. الى صدره .. ليسمعها تهمس : احبك .. احبك ..

ويرتخي جسدها بين ذراعيه .. ليبكيها دما .. عروسه فارقت الحياة قبل ان يجتمعان .. صرخ بوجع قلبه .. صرخ بحطام روحه من ليلة ابعدتهما .. صرخ بأسمها .. ويتبعها بصرخة اخرى : قتلتوها .. الله لا يبارك فيكم .. قتلتوها ..

,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 12-11-12 06:15 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
السعادة تؤخذ من اناس وتعطى لغيرهم .. وهي اليوم سعيدة جدا .. تأكدت من ان ما بها حمل .. هناك جنين صغير ينمو في احشاءها .. وهو سيسعد لذلك .. فرغبته بالابوة عظيمة جدا .. دست ورقة التحليل في حقيبتها بفرح عارم .. واسرعت بخطاها الى سيارتها .. ستفاجأه بالخبر السعيد .. وسيطير هو حتى عنان السماء به .. صوت اغنيات تصدح في ارجاء سيارتها .. وهي تتهادى معها .. واحيانا تغني معهم .. وصلت للمنزل .. لتهرول الى غرفتها .. مؤكد انه على وشك العودة من عمله .. بعد الغداء ستخبره بانه سيصبح ابا بعد عدة اشهر .. رمت بعباءتها على السرير .. ونفشت شعرها بمرح .. وهي تدندن اغنية ما .. مر بها الوقت وهي تجهز كل شيء .. فاليوم سيتناولان الغداء بمفردهما .. جلست بعدها تنتظر وصوله .. الساعة تقارب الثالثة عصرا .. تأخر هذا اليوم .. قامت واذا به يفتح الباب لتبتسم .. وترحب به ايما ترحيب .. حتى بان على ملامحه الاستغراب من تصرفها ..

استحم وغير ملابسه وبعدها جلس معها ليتناول غداءه بهدوء .. سألها ما بها .. لتجيبه : بعدين تعرف .. كم اكلك الحين ..

تناولت بضع لقيمات وقامت بعد ان قام هو .. جلس على سريره مربعا ساقيه : هاا .. الحين خبريني .. شو بلاج .

اسنانها تعانق شفتها السفلى بدلال .. وبعدها هرولت تبعثر ما في جوف حقيبتها لتخرج تلك الورقة وتمدها له .. ليعقد حاجبيه : شو هذا ؟

انحنت قليلا وهي تمد الجملة له : انا حااااامل .

فتح تلك الورقة يتأكد مما تقوله .. فكيف تكون حاملا وهو رجلا عقيم .. براكين غضب تفجرت في عروقه .. ليصرخ بها : خاينه ..

يمسكها بذراعها بعنف وهي مشدوهة بخوف : قوليلي منو ابوه .. من السافل الحقير اللي سويتيها وياه ..

ارتجفت خوفا منه : ولدك يا سعيد .. ولدك ..

" كذابة " .. نطقها صارخا وهو يرميها على الارض .. لينهال عليها ضربا .. يصرخ بها لتخبره من والده وهي تردد : والله انه ولدك .. والله العظيم ولدك .. آآآآه

داس بطنها مرارا وهي تتلوى تحاول ان تحمي نفسها ولا تستطيع .. ويهينها بكلماته الشاتمة .. واذا به ينحني يرفعها من شعرها : بتعلميني منو والا شو ؟

بكلمات متقطعة من الالم : ولدك .. والله العظيم ..

رماها من جديد .. ليشبعها ركلا وضربا وشتائم لا تنتهي .. صوتهما وصل لوالدته في الصالة .. واذا بها تصرخ على بدر الذي دخل الى المنزل ان يذهب اليهما .. تقدم منها : كيف اروح لهم .. مب حلوة ..

تمسكه بذراعه تحاول ان تديره الى السلم : بيذبحها الحق عليه ..


ولم ينتبها الا الى ذاك الذي يرمي بكتبه على الارض : صوتهم واصل الشارع ..

هرول على الدرجات يطويهن طيا .. ليصرخ ذاك فيه : وين رايح ..

لم يستمع له .. واذا به يدخل ليهوله منظر اخيه وتلك اسفله تتلوى وجعا .. اقترب منه يبعده .. واذا به يدفعه للوراء .. ليتعثر بتلك الطاولة الصغيرة ويسقط ارضا ليرتطم رأسه بالجدار .. واذا بذاك يصرخ باسمه : مايد ..

واذا به يتوجه لسعيد يبعده عن تلك المضرجة بدماءها : بتذبحها ..

صرخ وصدره يعلو يهبط : عساها الموت .. الخاينة الحقيرة .. والله لاذبحها ..

دفعه عنها حتى اخرجه من الغرفة .. ليشد على اسنانه وهو يردد : انتي طالق يالخسيسه .. طالق ..

وبعدها ابتعد عن المكان .. فتلك طعنة له لن تبرى .. كيف تفعلها وهي على ذمته .. لم يهتم لنداء والدته .. فهو لا يرى الان الا القهر والغبن الذي اجتاحه ..

,،

وصل الى مطار ابوظبي اخيرا .. بعد رحلة اعمال طويلة .. لا يعلم اي شيء عن البعد الذي حدث بين خولة واخويها .. فكان يوصي عيسى عليها .. وذاك يقول له بانها بخير .. فهو يراها قد تكبرت وتعجرفت .. كما تراها اختها ايمان .. التي امتنعت عن زيارتها .. فهي تخشى ان ترمي بهما خارجا اذا ذهبا اليها ..

ركب سيارته وهو يتنهد بفرح .. انهى جميع المشاكل في تلك الفروع .. وسلطان قد ادار الشركة الام في غيابه بأحسن ادارة .. طلب من السائق ايصاله الى منزله .. سيرتاح في منزله حتى الغد .. سيتفرغ لزوجته ولحياته الاسرية قليلا ..

كانت جالسة في الصالة وبيدها دفترها القديم .. وذاك الدفتر الجديد يقبع على الطاولة .. عيونها ذابلة .. وجسمها نحل بشكل مخيف .. ترتشف من كوب العصير الذي بيدها .. وضعته جانبا لتقلب صفحة اخرى من ذاك الدفتر .. وتمتمت : يعني هو يحبني ..

رمته لتاخذ الاخر .. لتقرأ فيه .. وجملة تطوق فكرها لطالما اعادة قراءتها .. حتى رسخت في عقلها .. انفاسها تضيق .. وصداع يطرق رأسها كمطرقة على رأس مسمار .. قامت لتهرول الى غرفتها .. فمعدتها تنبأ بالاستفراغ ..

دخل هو ليسحب الهواء .. وكأن به يتلذذ برائحة منزله .. مشى وهو يخلع نظارته تلك .. فهنا يستطيع ان يأخذ حريته .. ابتسم حين وقع نظره على كوب العصير الفارغ نصفه .. واذا به يجلس ليسحب ذاك الدفتر ..

فتحه ليقرأ : " هنا ساسكب مشاعري .. ولن تراه الا عيوني "

ابتسم .. واخذ يقرأ فيه .. قرأ الكثير من تلك الاوراق.. بعضها امتلأ والبعض الاخر لا يحوي الا بضع اسطر .. هنا تذكر بانها تعشقه .. هنا كتبت انها تشتاقه .. وهنا ايضا كتبت بانها تشعر بالامان معه ..
مر به الوقت دون ان يشعر .. وهو فقط يقلب في تلك الاوراق .. وقع نظره على الدفتر الاخر .. سحبه .. ليعقد حاجبيه مما يقرأ .. قلب الاوراق بخوف .. وكأنه يبحث عن شيء يكذب ما قرأته عيناه .. ردد اسمها بينه وبين نفسه .. ليقف بعدها والدفتر بكفه .. صعد الدرجات بمشاعر مختلطة .. اهو حاقد .. ام مشفق .. ام غاضب ..
امتزج كل شيء فيه .. هي مريضة واحتمال موتها واردا .. وهو لا يعلم اي شيء .. لماذا؟

ولج الى الداخل يبعثر نظراته في المكان يصرخ باسمها .. ليحث الخطى الى دورة المياه ( اكرمكم الله ) .. كانت هناك مستندة على الحوض بكفيها تحاول ان تلتقط انفاسها بعد حرب مع الاستفراغ .. دخل ليشدها من ذراعها .. وتشهق هي .. يهز الدفتر في يده : بتخبريني شو هذا ؟

ابتسمت .. لتسحب ذراعها وتخطوا بترنح للخارج .. استوقفها ليديرها له .. صارخا من جديد : من متى ؟ وليش ما خبرتيني .. منو انا فحياتج عشان تركنيني بهالشكل ..

نفضت قبضته .. لتصرخ بها : انت انسان قالي فيوم ياما اكون فوق او اكون تحت .. انت يلست تعقد مقارنة بيني وبين حريمك .. انت خوفتني اني اطلب منك اي شيء .. ارد عقبها لبيت اخوي مطلقة – هزت رأسها بعنف – وانا مب مثل باقي الحريم ..

-
بس هذي صحتج .. مب لعبة ..

-
وانا ما اريدها اذا بتخليني فنظرك حرمة رخيصة ما تهمها الا الفلوس ..

ارجفها وهو يمسكها من ذراعيها : مينونه يا خوله .. واعذارج غبية ..

نزلت دموعها : غبيه لاني حبيتك وخفت اخسرك ..

احتضنها : غبية لانج ما وثقتي في يا خولة .. غبية لانج حرفتي كلامي ع كيفج .. غبية لانج نسيتي ان هذي صحة مب لعبة ..

سكت وهو يشعر بارتخاءها .. شدها اليه بقوة .. وكأنه يمنع سقوطها .. يشعر بأنفاسها تخفت .. وانفاسه هو تثور بعنف .. ليهز رأسه بعنف : ما بقوى على الخسران ..

,،

ان شاء الله تعجبكم الاحداث

///

وانتظروني مع اخر جزئين من روايتي ع نهاية الاسبوع اذا ما كان يوم الجمعة بيكونن يوم السبت ان شاء الله ^^

♫ معزوفة حنين ♫ 16-11-12 06:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هذا كلام كاتبنا اليوم ..

اقتباس:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يحالفني الحظ والوقت ان يكون اليوم هو نهاية روايتي ..
ولذلك ..
غدا سيكون موعدي مع انهاء فصولها .. وترك القلم ليرتاح ..
غدا سنضع النقاط على الحروف ..
وكل ذلك باذن الله تعالى ~

اعذروني ..
فغدا ختام مولودتي الثانية

تحياتي |~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:15 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 


العقل قد يغيب عنا احيانا .. وبعدها نندم .. قد نخسر وقد نتعلم من تلك الخسارة .. وقد ننسى كل شيء لنبدأ صفحة جديدة نطوي معها ندمنا ذاك .. منذ اسبوع وهو لم يذق طعم الراحة .. يعلم بان حديثه الذي كان بينه وبين والده ومن ثم بينه وبين عمه ابو عمار لا يبشر باي خير .. اقنع يومها والده بالذهاب معه الى منزل تلك التي كانت يوما على ذمته .. اراد ان يضع النقاط على الحروف .. فما كان رد والده الا ان قال : بروح وياك بس ما بدخل باي شيء .. انت اللي تسببت وانت حلها ..

قام واقفا ليقبل رأس والده .. ويجلس بعدها بجانبه يمسك بيده يلثمها : ولا يهمك يالغالي .. اهم شيء انك انت راضي علي .. والناس لازم يعرفون ليش صار اللي صار .

" الناس اجرحوا بنت خالتك بالكلام الزايد " .. جملة قالها ناصر وهو يقضم تفاحة بيده .. ليتجهم ذاك من قوله .. ليجيب عليه : ان شاء الله كل شيء بيتوضح .. والليلة بقول كل شيء لعمي وخالتي .

لم يهتم ناصر بما يقوله اخيه .. فهو قد رأى جرح ابنة خالته في تلك الليلة .. رأى انكسارها وتعلقها باخيها .. وذاك اخيه كان باردا وقاسيا .. ولو كان هو من بيده ان يسامحه او لا .. لما سامحه ..

انفض ذاك المجلس الصغير .. ليبدأ ليلا بعد صلاة العشا مجلسا اكبر في منزل عبد الرحمن .. وعبيد اخلى مسئوليته وترك كل شيء لاحمد .. هو فقط من سيتكلم واولئك مجرد مستمعون .. الموقف كان صعبا جدا .. فنظرات عبد الرحمن وابنيه لم تكن ذات راحة له .. تنفس محاولا ان ينسى تلك النظرات التي تحرقه .. وليبدأ حديث التبرير .. قال كل شيء من يوم اكتشافه لذاك المرض الى اليوم الذي سمع كلمات والده القاتلة له .. وكأنه بذاك سيضع مبرر لعدم عودته وايضاح كل شيء حينها .. سكون ساد المجلس .. وعيناه ارتفعتا لتبحث في الوجوه عن اشارة ما .. لتتسمران على ذاك الذي قال : والمطلوب ؟

ابتسم : ما فهمت عليك ؟

نظر لوالده الجالس على يمينه .. وسرعان ما اعاد النظر له : شو تريد من ورى كل كلامك .. تريد ترجع هاجر لذمتك .. اسمع يا احمد انت ولد خالتي وع عيني وراسي .. بس اختي والضيم اللي ياها منك صعب نسامح عليه .

قبل ان يكمل حديثه ذاك استوقفه والده : اصبر يا عمار .. شوف يا ولدي .. مثل ما ابوك نفض ايده من الموضوع عشان ما ينلام اذا كبرت بينا .. انا بعد انفض ايدي من الموضوع .. المعنية بكل شيء هاجر .. وهي اللي لها الكلمة يا تسامحك والا تبقى ولد خالتها وبس .


ابتسم وهو في الانتظار .. ابتسم على ما آل اليه ذاك الاجتماع .. فهي تلميذته .. هو من علمها الحب وكلماته .. هو ادخل اليها الشوق له ولانفاسه .. هو اول رجل في حياتها .. فهو يظمن رضاها وعودتها .. بل انه واثق بان تلميذته لن تخذله يوما .. ستقف على اسبابه مرارا وستجد فيهن حبه الكبير لها .. وخوفه عليها .. سحب انفاسه وهو يرفع معصمه ليرى الوقت .. ذاك الطبيب تأخر وهو يشعر بحرارة المكان بسبب " بلوزته " ذات الياقة المرتفعة .. استغفر ربه مرارا .. هو محجوزا هنا بسبب تلك القابعة على ذاك السرير منذ ايام خلت .. يعتبر نفسه مسئولا عنها .. فلا يوجد احد يستطيع ان يحل مكانه .. فهي مجهولة تماما . الا من اسم تربع على اوراقها الثبوتية امريكية الاصل .. التفت لدخول ذاك الطويل اصهب الشعر وهو يعتذر : اسف .. لقد كانت لدي حالة طارئة ..

صافحه وجلس على كرسيه وهو يدعك منتصف عينيه بسبابته وابهامه بعد ان ابعد نظارته .. وهو يعيدها : استاذ احمد .. انت تعلم بان التحقيق في قضية الاعتداء تم اغلاقه – هز رأسه ليتابع هو حديثه – الفتاة بحالة سيئة جدا .. الضربة التي تلقتها على رأسها بالاضافة الى النزيف الذي لم نستطع ايقافه حتى البارحة ..

قاطعه : توقف النزيف ..

ابتسم نصف ابتسامة : اجل توقف .. ولكن جسدها الضعيف لم يتحمل .. اخشى ان تبقى في غيبوبة .. واذا افاقت قد تفقد الذاكرة ..

انعقد حاجباه .. فان فقدت هي الذاكرة فكيف عساه ان يعرف اهلها .. تابع ذاك حديثه المتشائم .. وهو لا يطرق باب عقله الا هي وكيف كانت حين انتشلها من اولئك الذين يطاردونها .. ليعنفها بسبب استخدام صلاحياتها التي اعطاها لها في البحث عن برامج تجسس .. لتصرخ به وهي بالكاد تتنفس : لا يحق لك لومي .. الا اذا تسببت باذية لك .. لم يكن ما فعلته الا لمعرفة لا غير .. وانظر الى الجانب الاخر مما فعلته لك .. الم ينشط عملك في بضع اسابيع .. تلك التي كنت فيها مسئولة عن مكتبك .. الم تحل مشكلاتك مع تلك الشركات ولم تصل الامور الى المحاكم .. اخبرني ان كنتُ قد قصرت في واجبي ..

كان يقود سيارته والغيض يتطاير من عينيه .. ليتوقف في احد المواقف.. ملتفتا لها : ولماذا جعلتي مكتبي واجهة لسؤالك عن تلك البرامج المشبوهة ..

تحاول ان تلتقط انفاسها بتعب .. وكأن دخول الهواء وخروجه يجرح رئتيها : اسفة .

نطقتها وصمتت .. صمت طويل لم تتحدث بعده .. حتى وهو يستفسر منها سبب مطاردة اولئك الرجال لها .. كان يتكلم ويتكلم وهي فقط تنظر للامام مع ابتسامة غريبة .. حتى هو صمت حين انتبه لها .. دست يدها في جيب بنطالها لتتحسس ذاك الـ"فلاش " خافت ان يكون قد وقع منها .. وبعدها التفتت له .. لتشكره بعمق تحت نظرات الاستغراب التي تملكته .. وتختم كلماتها تلك : اعتبرني استقلت من الوظيفة .

نزلت واغلقت الباب .. لتختفي بين الزحام .. وهاهو الآن يقف عند عتبة باب تلك الغرفة التي نقلت اليها .. لا يعلم ماذا يفعل .. ايتركها ويعود لديار ليلتقي بتلك التي ستعود قريبا ؟ .. ام يبقى معها حتى تفيق ؟ وان لم تفق ؟ .. مسح وجهه بكفه اليمين مستغفرا .. تابعا ذاك الاستغفار بشهادة ان لا اله الا الله ومحمد عبده ورسوله .. يده تعانق مقبض الباب .. ليلج ويصدح صوت تلك الاجهزة .. اقترب بخطواته من سريرها .. هو سافر بعد ان تركته في ذاك اليوم .. وعاد منذ اسبوع ليكمل تصفية اعماله في لندن ..ليفاجأ بها تطلب المساعدة قبل ان تفقد الوعي تمام .. وجهها مزرق ورقبتها مجبسة .. ويدها كذلك .. وشاش سرعان ما يستبدل عن رأسها كلما اتسخ بدماءها النافرة .. مطموسة المعالم .. بسبب تورم وجهها .. دنى منها حتى لفحت انفاسه جانب وجهها : جوليا .. هل تسمعينني ؟ ..

ارتفع بجذعه ليتنهد .. ويجلس بجانبها بعد ان اخرج ذاك المصحف الصغير من جيب بنطاله .. وبدأ بقراءة آيات القرآن الكريم .. فهي سكن لروحها .. لعلها تفيق وتستجيب ..


,،

تمتم بالمعوذات بعد كابوس آخر من تلك الكوابيس التي تجتاح مناماته .. وتلك الذكرى تعصف برأسه .. وكلمات ذاك له " اذا نسيت انت انا بنسى " تأرقه .. كيف له ان ينسى انسانة استوطنت روحه .. تنهد وهو يسقط رأسه على حافة ظهر سريره .. ويداه تقبضان الغطاء بعنف .. وكأنه يحاول تمزيقه .. ليتذكر ذاك اللقاء الذي كان بينهما بعد سنوات غياب .. يومها بحث عنه في شركته وفي منزله ولكن الجميع يخبره بانه سافر لكن الجهة غير معلومة . وقادته قدماه الى تلك المزرعة يعلم بانها ملاذ جاسم حين تتشابك الخيوط حوله . فهو يعلم الكثير عنه .. خطواته يومها كانت تنبأه بان شيء ما سيحدث وتحثه على الرجوع .. توقف وهو يرى خيال ذاك يخطو نحو المنزل فابتسم .. واكمل هو خطاه .. يشتاق اليه والى الاخر .. وقف عند عتبة الباب ليرى ضياعه التام .. ليس جاسم الذي يعهده .. فهذا على كاهله حمل كبير يكاد ان يسقطه ارضا .. رآه يتحرك في تلك الغرفة .. ليسند ظهره على جانب الباب ويكتف ذراعها ويستمع لتلك الابيات الموجعة ..ليحزن على حاله حين قال :

أبتعدنا وافترقنا وعبرات الفراق شهودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifيمر طيفه على فكري وبه تهتز اركاني ثقيلة لعبة الدنيا وانا المذنب بليا قيودhttp://forums.graaam.com/clear.gif http://forums.graaam.com/clear.gifوانا في كل حالاتي انا المجني وانا الجاني

بقلمي .. تدقيق : هشام القصيم |~


لينطق هو بعدها : لهالدرجة يا جاسم ..

سقط ما بيده ليتشظى كتشظي آخر عانى منه سنين مضت .. أيبتسم لذاك الواقف هناك .. ام يقف دون حراك دون اي تعابير .. عاد لتعود معه ذكريات مرة .. وجد نفسه يبتسم لا اراديا .. وذراعاه تمتدان على جانبيه دون تفكير .. يحتاج ان يشم رائحة ذاك الغائب .. يحتاجه الى جانبه .. ابتسم ذاك وهو يستقيم في وقوفه .. وينزل قبعته ليتحرك الى ذاك الواقف .. وعناق اخوي استنزف من الوقت ثواني .. كان يتمنى ان تطول ليبعده : شو اللي يابك .. اكيد الموضوع قوي اللي خلاك تنزل الامارات .

سحب الهواء الى رئتيه .. ليتلفت بعدها في ارجاء تلك الغرفة .. هنا كانت احداث لا تنسى : خلنا نطلع من هني .

فألمه اصعب من ان يحتمل ذكرياته .. ابتعدا عن المكان .. ليعرض عليه ركوب الخيل .. فهو يدرك مدى عشقه لتلك الخيول .. فحين يكون على ظهر فرس ما فهو يشعر بان روحه المتألمة ترحل مع ضربات نسمات الهواء وقفزات تلك الجموح ..

يذكر الحديث وتطن في اذنه تلك الكلمات .. ارخى رأسه في كفه مع تنهيدة متعبة جعلته يترك الفراش هاربا من عودة تلك الكوابيس .. غير هندامه على عجل بعد ان اغرق وجهه بالماء .. خرج من غرفته ساحبا بيده هاتفه .. هو بحاجة ماسة لمحادثة صديق غربته .. هو وحده يدرك وجعه المستأصل فيه .. جلس هناك ناظرا للامواج السوداء .. لا يريد النزول او الاقتراب بسيارته .. فالهواء يدخل يداعب وجهه وشعره ويكفيه هذا .. زفر انفاسه بتعب فعقله بات مجنونا غريبا .. لا يستطيع ان يفهمه .. انتشل هاتفه من ذاك الصندوق الصغير بجانبه .. لا يهم كم الساعة الآن هناك .. مؤكد انها نهارا .. يرن كثيرا .. حتى ظن ان لا مجيب .. وخاب ظنه في اخر الرنين .. ليرد عليه ذاك مرحبا بشوق .. ويضحك هو على مضض يجاري حديث الاخر الذي علم ان تلك لم تكن صادقة : مصبح فيك شيء ؟

نظر الى ساعته ليتأكد من الوقت ليردف : وش مصحيك فهالساعة ؟

ايجيبه ويخبره بان تلك اضحت تهاجم ذكرياته .. وعقله يفتح لها المجال على مصراعيه .. هل يعلمه بان افكاره باتت متذبذبة بين ماضيه وحاضره .. وفي كلا الطرفين فتاة .. تنهد ليدرك ذاك ان صاحبه ليس بخير : مصبح سولف ؟ طلع اللي فقلبك .. واذا ودك اجيك والله لاسويها ..

ابتسم فكم يعشق حديث النادر : قلبي يا نادر تاعبني حيل .. تدري صاير نص كلامي من كلامك

وضحك ليصرخ ذاك به : انت وش فيك جالس تغير الموضوع .. اسمع ترا ان ما تكلمت والله لاجيك.. وش فيك ؟

سحب انفاسه من جديد .. سيتحدث بكل شيء .. سيرمي همه على ذاك الصديق : صاير اشوفها كل ما فكرت فيها .. كل ما اتيي ع بالي تختفي واشوف الثانية مكانها .. احس اني ضايع بقوة .. كنت احارب فكرة اني احب من يديد .. بس مادري حاس بشيء غير هالايام .. هذيك تزورني فاحلامي ومرات تختفي واشوف هاجر .. صاير كل ما افكر تدخل هي عرض فافكاري .. ضايع يا نادر وما اعرف شو اسوي .. ما اريد حب يديد انجرح منه .. ما اريد اعيش التجربة مرة ثانية .. يكفيني ان الويع للحين احس فيه ..

" بترجع " .. نطقها نادر ليصمت الاخر .. ويسأله ماذا يعني بتلك الكلمة ..ليجيبه بان تلك قدمت موعد مناقشة رسالة " الماجستير" وبعد ايام قليلة ستكون على ارض وطنها .. تجهم وجهه .. فاذا عادت لن يستطيع الوصول الى اخبارها .. ليس كما الان وهي هناك .. وجميع ما يحدث معها يصل اليه من صاحبه .. نفض رأسه : انت شو تقول ؟

-
اللي سمعته ؟

ايبكي على حظه السيء في النساء .. ام يحمد الله لان جنسهن يبتعد عنه .. انتهت تلك المحادثة .. ليقلب في اسماء هاتفه .. فرقمها لا يزال هناك قابعا بين الاسماء .. لكن هو ليس من اولئك الشباب الراكضون خلف الفتيات .. ابتسم وهو يتأمل اسمها .. يدرك ان قلبه سيتعبه من جديد .. فتنهد وهو يتمتم : الله يعين .


,،

وآخر يطلب المعونة في حالته تلك .. يشد عليها يحاول ان يبقيها واقفة .. لعلها بخير .. تمتم باسمها مرارا .. وهي في عالم آخر .. فقط انفاسها الضيقة التي يشعر بها .. لا يعلم لماذا قدماه ترتجفان .. وكأن شيء ما يرجفهما حد السقوط .. سقط على ركبتيه وهي بين يديه .. وكأن ذاك الذي ينظر اليه.. لا هي .. يحركها في محاولة يائسة ان تفيق .. كما كان منذ اكثر من احد عشر سنة .. حين صرخت والدته باسم توأمه وتسمرت عند الباب وخرت على ركبتيها باكية .. ليدخل هو ولا تزال حرارة كفها تلفح وجهه .. فلم يمضي على تلك المواجهة الا ساعة من الوقت .. كان هناك مسجى على ارضية غرفته .. صرخ باسمه ينتشل رأسه ليضعه على فخذيه .. يرى انفاسه المتعبة كما هي الان بين كفيه .. صرخ يومها باسمه مرارا .. ليسأله : وين دواك .. ؟

لكن ذاك كانت عيناه تحكي وداعا من نوع ما .. وابتسامة ضعيفة تخرج منها انفاسه الاهثة .. لم يشعر الا وهو يحمله بين ذراعية .. ودموع عينيه تأبى الفراق المنتظر .. وهمسات ضعيفه كانت واضحة لمسمعه : ذبحوني .. ذبحوني ..

واليوم يحملها هي .. ولكن صورته هو تجتاح عقله .. الحدث نفسه مع اختلاف الجسد .. مددها على كرسي السيارة الخلفي .. لم ينتبه انها غير مستترة وشعرها تناثر على وجهها .. يذكر كل شيء وكأنه يحدث الآن .. جلس خلف المقود لترتجف كفاه .. ويمر في عقله ذاك الحادث الاليم .. وانفاسه المتتابعة تحيل ريقه الى جفاف قاسي ..

يومها قاد سيارته بتهور .. فذاك ينازع في الخلف قلبه ضعيف ولم يجد الدواء لينجده به .. يومها اختفى كل شيء لبرهة .. وسائل حار ينساب على وجهه .. والم يفجر خلاياه تفجيرا لا يطاق .. وصوت خافت يردد اسم توأمه : قاسم ..

ليغيب بعدها عن الوعي .. لا يريد ان يتكرر الحادث من جديد .. ترجل صارخا باعلى صوته .. باسم سائقه .. ليهرول ذاك ويحثه الاخر بان يتحرك .. ركب في الخلف ليضع رأسها على فخذيه .. لن يتركها كما ترك توأمه .. لن يخسرها .. شد بكفه على كفها الضعيف .. وعينه تنظر اليها برجاء وكأنها تطلبها السماح .. يريدها ان تفيق وتسامحه على كل شيء .. فهو لم يكن بقدر المسئولية .. هو لم يعتد على ان يكون احد في حياته يستحق الاهتمام من بعد اخيه .. فاهملها دون قصد منه .. هل تأخر ؟ .. فكرة تراوده باستمرار على طول ذاك الطريق .. يصرخ بذاك ان يسرع .. وانامله المرتجفه تبعد خصلات شعرها المتناثرة على وجهها الحنطي .. وكفه بكفها .. يشدها بعنف دون قصد .. وهناك دمعة استقرت على طرف اهدابه .. لتسقط بعد ان رف بجفنيه .. سقطت على وجهها .. تكسرت على وجنتها المقابلة له .. تتردد في نفسه اصوات كثيرة : لا تموتين .. سامحيني ادري اني قصرت فحقج .. ما بقوى على الخسران يا خولة .. ما بقوى وان تقاويت ..

لم ينتبه لتوقف العجلات الا على صوت سائقه .. ليطلب منه ان ينادي من يساعدهم .. وسرعان ما حملت على ذاك السرير المدولب .. مسح وجهه كثيرا .. ليشد الهواء الى صدره .. ويترجل لاحقا بهم .. يعطيهم ما يعرفه من معلومات عنها .. واي معلومات تلك التي يعرفها .. مجرد معلومة كتبت في دفترها الذي امتزج بالالم .. شعر كم انه اجحفها .. الهذه الدرجة لا يعلم شيء عن زوجته .. تلك التي اختطفها من كفي خطيبها فقط لانه اعجب بها وبابتسامتها .. اي ابتسامة تلك التي اوصلتها في حياته الامبالية .. الساعات تمشي على مهل بل على ارض ملساء تخاف ان تسقط .. فمشت الهوينة .. وهو يقف على نار تأجج ذكريات الفقد التي حولته من جاسم الى جاسم آخر .. والآن هو في اختبار قاسي جدا .. ان زاد الندم في قلبه جرعة أخرى فهو لا يظمن الحياة ..

تجمدت الدماء في ساقيه وهو على وقفته تلك ينتظر احدا ما يطمأنه عنها .. وهاتفه .. يبحث في جيوبه عنه .. وابتسامة ساخرة على الوضع ترتسم .. ليسحب ذرات الهواء ويتمتم : يا رب .

وما هي الا لحظات حتى اقبل ذاك الطبيب .. يخبره بالكثير .. لن يستطعوا اجراء اشعة لها في هذا الوقت ليتبينوا مدى الضرر في رأسها .. فقط اعطوها مسكنات لاوجاع دماغها .. واكسجين يساعد رأتيها على التنفس وبعض المحاليل لتساعد في جلب القوة لجسمها .. وهي الان ستنقل لغرفة اخرى بعيدا عن قسم الطوارئ . وكل شيء مؤجل لساعات قليلة .. فالوقت الآن قارب الفجر .. حث الخطى مع ذاك الطبيب الذي استقدم له الصداع مع حديثه المتكرر .. ايظن بانه لا يعي ما يقول ليعيده مليون مرة على مسامعه .. توقفا عند باب احدى الغرف .. فهي هناك تحارب ذاك الورم ووجع روح تائهة ..غرفة خاصة للشخصيات الهامة .. فهم يعرفون من هو جاسم .. زفر انفاسه الراجية بقسوة عارمة .. ليدلف بعدها الى المكان الذي هي فيه .. يمر عبر الممر الذي به صالة للضيوف متوجها لغرفتها ..

,،

يـتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:16 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
هادئة جدا .. الا من انعقاد حاجبيها في بعض الاحيان .. وقف يتأملها .. وكأنه يغوص في تفاصيل وجهها .. لا يذكر متى اخر مرة تجول بين عينيها وشفتيها .. كل شيء بها يذكره باهماله المفرط .. انحنى ليطبع قبلة على جبينها ويبتسم بهدوء .. كما انسحب من المكان بهدوء .. ليرمي بجسده على تلك الاريكة في تلك الصالة الصامتة .. يشعر بانهاك منذ الامس لم ينم .. فتزاحم الاشياء ينسيه الراحة .. سحب الهاتف ليتصل باحدهم .. فقط شخص واحد يستطيع ان يشعر بما يعانيه .. شخص اجتمع معه والسبب ذاك المتوفى الذي يدعى قاسم .. رن الهاتف واذا بصوته المتعب قبل اي شيء ينطق : مصبح محتايلك ..

ذاك عاد الى منزله بعد ذاك الحديث مع صاحبه الذي بعثر كيانه بخبر رجوع تلك .. ترجل من سيارته قبيل الفجر ليصدح هاتفه برقم غريب .. ويأتيه صوت ذاك المنهك حد الاعياء : جاسم .. انت وين ؟

وسرعان ما عاد ادراجه الى سيارته .. ذاك الجاسم نسخة اخرى من صديق عرفه في ميادين سباقات القدرة .. فهو يعشق الخيل كذاك القاسم .. وتطورت العلاقة بينهما الى صداقة قوية .. ولا يزال يذكر اول لقاء له بذاك الجاسم .. فالاخير لم يكن دائم التسابق في تلك الربوع .. جل وقته كان مع والده في عالم لا يرحم .. كان مختلف عن قاسم الذي كان دائم الضحك .. حتى في احلك الضروف ..

قاد سيارته وفكره يعود الى ذكرى قديمة .. اول لقاء بجاسم واخر لقاء بقاسم .. حينها تعب فرسه فتوقف في احد سباقات القدرة العالمية .. واذا بذاك يصرخ عليه : شو بلاك وقفت .. ياللا اركب ما باقي شيء ع النهاية ..

ابتسم وهو يقف بجوار فرسه المتعبة : ما اقدر اقسى عليها .. تعبت .. ياللا موفق ..

كان يلقي بكلماته وهو يتابع ذاك الذي مر من امام ناظره .. ليعقد حاجبيه حين رآه يعود ويترجل : شو بلاها .

يعشق تلك الحيوانات حتى انه يخاف عليها كثيرا .. تقدم منها يمسح على جانبي وجهها .. ويربت بخفة على جانب رقبتها .. وذاك ينظر اليه : مادري شو بلاها .. بس اخاف اخسرها .. خلها عنك وياللا كمل السباق .

-
ما اكون ولد عبد العزيز واخو جاسم ان خليتك وقفيت ..
-مينون .. اقول خلها عنك .

قال تلك الجملة وهو يبعده عنها .. ويدفعه من ظهره نحو فرسه : ياللا كمل ..

ضحك لفعل مصبح .. واذا بذاك يقف ينظر اليهما : قسوم انت هني وانا عبالي وصلت النهاية ..

التقاسيم نفسها .. بعثر نظراته بينهما .. ليهمس في اذن قاسم : اخوك ؟

ليقهقه : اخوي التوأم – يوجه حديثه لذاك الممتطي صهوة جواده – كمل عني جسوم .. هيه صح اعرفك هذا صبوح اللي دوم اكلمك عنه .. فرسه تعبت وانا بيلس آآزره ..
وعلا صوته بالضحكات .. ليترجل ذاك : ما اكون جاسم اذا كملت وخليتكم ..

ذاك اليوم كانت ضحكاتهم دليل راحتهم وسعادة استوطنت نفوسهم الشابة .. واليوم هناك وجع بعد فقد .. وصل الى حيث مكان ذاك .. ليطرق الباب ويدخل حين جاءه صوته .. ليحكي له وكأنه يحدث نفسه .. فذاك فقد ابنة عمه وحبيبته في يوم زفافه .. وهو يستطيع ان يقدر مقدار الوجع الذي يشعره : يومها قتلته .. نسيت ان قلبه ضعيف .. ولا رحت اطمن عليه عقب اللي سواه ابوي فيه .. خليته ولا كانه اخوي .. ولا حسيت فيه الا وهو منتهي .. واليوم نفس الشيء يصير وياي .. بس مع حرمتي .. آآه يا مصبح .. كثر ما قويت عمري الا اني مب قوي .. للحين احس بخنجرهم فقلبي .. حرموني من اخوي .. وصرت انا الجاني والمجني عليه ..

ربت على فخذه : ان شاء الله ما فيها الا العافية .. قوم توضا وصل ركعتين .. وايلس يمها سولفلها .. عشان تحس انك وياها .. وخل عنك الركض ورى هالفلوس وورى ابوك .. اللي تسويه ما بيردلك قاسم الله يرحمه .. ولو اللي نسويه بيرد اللي ماتوا كنا ردينا واايدين ..

-
لو هالكلام من انسان غيرك كنت بصدقه .. انت اللي للحين عايش معها ومب راضي تصدق انها ماتت .. تريدني انا انسى واعيش براحه وهو اللي قتل اخوي عايش ولا همه ..

ابتسم ذاك .. ليتنهد وينطق : لازم نرضا .. واذا ما تناسيتها ع الاقل ما بقدر اعيش حياتي .. ترا لو هي او قاسم عايشين ما كانوا رضوا على عذابنا لنفسنا .. قوم استهدي بالله وصل ركعتين فهالوقت .. وارتاحلك ساعتين . باين التعب ع ويهك .. وان شاء الله بتكون بخير ..


,،

حزن في مكان وفرح في مكان اخر .. منذ يومان ارتبط بها بعقد موثق .. هي الان زوجته .. اخيرا هناك من ستملأ حياته .. وليست اي امرأة بل تلك التي خفق لها قلبه بعد سنين عجاف .. هو لم يتحدث معها من يومها .. ولا تزال رجفة يدها وهي ممسكة بذاك القلم في مخيلته ... شعر بخوفها واقسم ان يمحو خوفها من جنس الرجال بقدر ما يستطيع .. كما مسح هو صورة المرأة الامبالية من تفكيره بعد سنوات قليلة من طلاقه لتلك التي فضلت ان تعيش حياتها بعيدا عن طفلها المريض .. تعذرت يومها بالكثير .. صارخة به : مب مستعدة اعيش عمري وياه وفالاخير يموت ..

لم يمت كما قال الاطباء .. قالوا يومها بانه لن يعيش طويلا بسبب تضرر دماغه وانقطاع الاكسجين عنه عند ميلاده .. وهو كل يوم يحمد ربه بان محمد لا زال يتنفس .. حتى وان كانت تلك التشنجات المتكررة بصورة كبيرة في الاونة الاخيرة ترعبه .. الا ان ايمانه بربه اكبر .. يدندن وهو ينهي اخر ما تبقى من اناقته .. ساعته البيضاء .. اليوم يوم سعيد فتلك التي رباها ستزف الى عريسها .. نظر الى المرآة ليرتب " غترته " البيضاء جيدا .. ليبتسم وهو يلمح الجالس على ذاك الكرسي .. استدار ليدنو منه.. يحتضن وجهه بكفيه : حمود اليوم عمتك وديمة بتخلينا ..

وقبلة اب حانية على وجنته .. لينادي على ذاك الذي بات يعاونه بالاهتمام بطفله الكبير .. ويؤكد عليه الكثير من الامور .. ليخرج من تلك الغرفة مطمأن البال .. يلتقي بها وقد ازدانت بالثوب الاماراتي اللامع .. ليقبل رأسها ويبتسم : الله الله شو هالزين .. يبالج معرس يام سعود .

نهرته ليزيد من قهقهته : سود الله ويه عدوك .. على اخر عمري اعرس .. يسدني اشوفك معرس ..

مشى معها واذا به يسألها : أكدتي على انسابنا العزومة ..

-
هيه وحرمتك بتي .. ادري انك تريد تسأل عنها ومستحي ..

تنحنح وهو يساعدها لتركب السيارة .. يغلق الباب ويستدير تحت انظارها ليصعد : تبين الصدج ؟ .. اريد ايلس وياها ونسولف اعرفها وتعرفني اكثر .. بس وقت ملكتنا غلط .. مشغولين بعرس وديمه .. ولا حصل لي وقت ازورهم – التفت لوالدته – الا وديمة حد بيبها من الصالون ؟

وهي تعتدل في جلستها : لا تخاف خواتها وياها وهن بيوصلنها للقاعة .. خلنا الحين نوصل قبل المعازيم ما يوصلون ..


زفرت هي انفاسها للمرة الالف .. فهي لا تجد ما يناسبها .. فجسدها نحل تماما وتلك الاربعة فساتين التي بحوزتها اصبحت واسعة جدا .. لولا الحاح عمتها ام سعود كانت فضلت البقاء في منزلها .. نزلت حيث خالتها مريم تجلس مع والدها في تلك الصالة وحديث عن هاجر تبادر اليها .. فمريم غاضبة لان عبد الرحمن جعل القرار في يد طفلتها التي تراها لا تجيد اتخاذ القرارات .. كان من باب اولى ان يقفل الباب تماما .. حتى وان كان احمد ابن شقيقتها الا ان بعد فعلته تلك تراه لا يستحق ان يكون زوجا لابنتها .. القت التحية .. وجلست بجوار مريم لتهمس في اذنها : خالتي يعني لازم نروح ؟

لتصرخ تلك بغضب : الحين يايه تسألين هالسؤال .. هيه بنروح .. ما فينا ما نلبي دعوة ام سعود .. وبعدين شو فيج حايسه البوز من الصبح ..

عبد الرحمن : شو بلاج ع البنت كلتيها ؟

مريم وهي تقف بغضب : منكم يعني الين متى اشوف واسكت .. يعني باللا اللي يصير عايبك .. عايبك البنت تردله عقب ما حطى سيرتها ع كل اللسان .. خاف كلام الناس عليه عشان المرض ومن وين ياه ولا خاف ع بنتي وسمعتها ان ولد خالتها خلاها قبل عرسها بشهر ..

تحوقل : يا بنت الحلال من توصل بنتج يلسي وياها وفهميها اذا خايفه انها تردله .. تراني ما اريد نرجع للقطيعة .. يكفيني اللي بيني وبين اخوي .. تبيني بعد اوصلها لج ولاختج اللي مالج غيرها .. خذيها بالعقل يا مريم .. وانتي دومج عاقلة .. لو ياهم الرفض مني والا منج بيزعلون وانتي شايفه اختج شكثر فرحانه .. واللي سويته هو الحل اللي بيهدي النفوس .. مالنا كلام من بعد قرار هاجر واحمد ..

زفرت انفاسها لتنطق : بكيفكم ..

وبعدها تترك المكان .. ليقف هو ناطقا : حد بيوصلكن العرس والا بتروحن وياي ؟

بلعت ريقها : بنروح ويا عمار .. قال بيوصلنا ..

اخذ مفتاح سيارته بعد ان دس هاتفه في جيبه : عيل انا بسبقكم بوقف ويا سعود ..

" الله يحفظك " .. قالتها وبعدها اطلقت تنهيدة منهكة .. فما تزال علاقة والدها بعمها متوترة .. ليست كما في السابق .. وهاهو والدها يعيد الحديث فيها من جديد .. قامت لترى تلك المريم .. فيبدو انها ليست على ما يرام .. وقد يكون خوفها من قرار هاجر بالعودة لاحمد هو السبب .. طرقت الباب ودخلت بعد ان اذنت لها .. لتجدها تخرج لها ملابس لتستعد بعدها لذهاب الى ذاك الحفل .. دنت منها لتحتضن رأسها تقبله : يا خالتي لا تضايقين عمرج .. واللي الله كاتبه لها بتاخذه .. احمد او غيره ..

جلست على طرف السرير : سامحيني يالريم .. بس من يوم اللي صار وغسل ابوج ايده من الموضوع وانا قلبي ماكلني .. عقب باكر بترد ويا خوفي ما تتهنا مثل ما تهنيتي انتي ويا المقرود سعيد ..

ضحكت وكأن ذكر ذاك المدعو طليقها اضحى يثير في نفسها فرحا ما .. جلست بجانبها لتلف بذراعها على كتفيها : يالغالية تظنين ان الغربة ما غيرتها .. ؟ .. وهاجر غايبة شهور عنا .. ومب شهر وشهرين .. الا فوق السبع شهور .. وهذيه بترد وفيدها شهادة الماجستير .. واكيد عقلها وتفكيرها تغير – ابتسمت لتردف – الحين حد كان متوقع اني بقوم فويه سعيد وبوقف فويه ابوي وعمي ..

لتغير الموضوع نظرت الى وجه ريم لتشهق : للحين ما يهزتي .. وعمار قال الساعة 7 ونص بيشلنا .. قومي تيهزي وخليني اخلص اللي فيدي ..

بضجر وهي تمسك طرف السرير بكفيها : ما لقيت شيء يناسب .. اصلا كنت مقررة ما اروح .. يعني مب حلوة اروح بتنورة وفساتيني اوساع .. وخالتي ام سعود اليوم صدعتبي وهي تحن علي اروح ..

ضربتها بخفة على كتفها : تأدبي وانتي تتكلمين عن ام ريلج ..

رصت على شفتها لتنطق بضحكة : والله للحين مب مصدقة اني حرمته ..

وقهقهت .. لتلوح تلك برأسها .. وتحثها لتستعد : خذيلج من فساتين هاجر .. هكن فالكبت محد صكهن .. بيناسبنج .. ياللا قومي عاد عن يسويلنا عمار سالفة ..

زفرت انفاسها وقامت وهي تردد كلمات ضجر .. ويتردد اسم هاجر على لسانها .. حتى فتحت ذاك الدولاب .. هناك الكثير .. تجولت بيديها بينهن .. ليقع اختيارها على ذاك البسيط " عنابي " اللون .. تمتمت بالدعاء ليكون مناسبا على جسدها .. والا فانها ستذهب بعباءة مغلقة .
مر الوقت لتقف بعد ان انهت اخر لمسات التجميل على وجهها .. جميلة هي .. تجيد وضع تلك الالوان بمهارة عالية .. ارتدت عباءتها.. و " شيلتها " اراحتها على شعرها بلطف حتى لا يفسد ما فعلته بشعرها .. نداء خالتها يصل اليها .. لتنزل مسرعة بعد ان سحبت حقيبتها الصغيرة ذات السلسلة الذهبية .. لتقف وهي ترى طارق يرتشف له فنجان قهوة واقفا .. لتسمع خالتها : طارق بيوصلنا .. عمار طلعله شغل فهالشركة اللي ما اعرف من وين طاح عليها ..

ضحك وهو يضع الفنجان من يده : احسنله عن اليلسه فالبيت – مشى متوجها للباب – ياللا اذا جاهزات لحقني ..

في خلدها تدعو الله ان يعدي هذه الدقائق على خير .. فهي تعلم بان خالتها ستثير موضوع شهد من جديد .. وهو يتهرب من طلبها بان يرجعها .. وبالفعل هذا ما حدث بعد دقائق من انطلاقهم .. ليتحدث هو : اميه شو بلاج .. قلتلج مب وقته . يعني كل ما بتشوفيني بتزنين ع راسي بهالموضوع .. وبعدين شهد زودتها وياي واريدها تتربى .. يعني متى ما بيطيح اللي بينا بردها ولا يصير خاطرج الا طيب .. بس مب الحين .

انهى الحديث تماما .. لتستغفر مريم وتتحوقل .. وتردد بان تلك ما هي الا عين قد اصابتهم بسوء ..

دخلتا لتصدح الاغنيات من ذاك الـ " دي جي " وتمران بالسلام على تلك النسوة .. ام العريس وخالاته واخواته وايضا عمته وبعدها تاتي ام سعود وبناتها .. لترحب تلك العجوز بسخاء بزوجة ابنها .. حتى احمرت خجلا .. وسرعان ما مرت الدقائق لتلوح لها عمتها .. فتلك فضلت ان تاتي متاخرة على ان لا تاتي .. فكانت في زيارة لصديقة لها .. وها هي تاتي لتجلس بجانب ريم على تلك الطاولة التي تضم ام سعود ومريم .. ليدور حديث نسوة .. وسؤال عن بعض النسوة الغائبات .. لتتفاجأ ريم بتمتمت ميثة ببسم الله بعد ان تعثرت تلك الطفلة الصغيرة وسقطت .. وسرعان ما تركت كرسيها لتساعدها على النهوض .. وكلمات حانية منها تصل الى مسامع الاخرى .. مسكينة هي تلك الميثة .. فشوقها لبناتها لا يتركها .. ولكن عنادها وكبرياءها اكبر من ان ترضخ لتلك الطلبات .. ولعل الله يأتي بالفرج من عنده .. وما ان عادت مكانها حتى همست في اذنها مريم : مب ناوية اطيحين اللي فراسج ؟

لتغير تلك الموضوع ساءلة ام سعود : الا شخبار بو محمد ومحمد .. ؟

وكأن بذاك السؤال جرسا ليصرحون بدخوله مع اخته .. لتهرول الفتيات باحثات عن ما يسترهن .. عن عباءاتهن .. اما ريم فاكتفت بان ترتب " شيلتها " على شعرها .. وعباءتها المفتوحة لم تخلعها .. دخل مع شقيقته التي تتأبط ذراعه .. كان حضوره ذا هيبة مع تقاسيم وجهه البشوش .. لا تعلم لماذا تسمرت عيناها عليه .. وكأنها تحفظ صورته .. شعر ذقنه الممزوج بالشعر الابيض يعطيه هيبة من نوع آخر .. لم تشعر الا وعمتها تمسك بذراعها : قومي ياا بنتي وصليني اسلم ع وديمة واتصور وياها .. قومي ..

وقفت لتردد : لحظة خالتي بخلي وحدة من بناتج تساعدج .

نهرتها مريم : افاا يا ريم .. عمتج تطلبج وتردينها ..

ما بال اولئك النسوة يتامرن عليها .. حتى عمتها وقفت معهما .. الا يشعرون بانها لا ترغب ان تكون بجانبه وقريبة منه .. ابتلعت ريقها وتنهدت .. لتعتذر من ام سعود وتمشي معها .. تسندها على الدرجات الى ان اوصلتها .. وحين ارادت العودة اذا بها تسمعها : لا تروحين فديتج بنزل وياج ..

وقفت بالقرب منهم وهي تشعر بنظراته عليها .. ليتحرك من مكانه وتشعر هي بنبضات قلبها المتسارعة .. وقف بجانبها ليسألها : شحالج ؟

" بخير " قالتها وسكتت .. وهو قدر توترها ففضل الصمت .. حتى تنتهي والدته من الحديث مع تلك العروس الجميلة .. تقرأ عليها وتوصيها .. ليبتسم وتلمح هي ابتسامته .. وما ان التفت حتى التفتت .. يعلم بان قربها منه يعني براكين ستتأجج في روحه .. لا يعلم كيف ومتى عشقها .. حتى استوطنت قلبه ليقرع طبول فرح بقربها .. ستكون معه بعد اسبوع فقط .. هذا ما تم الاتفاق عليه .. فاخته تلك العروس ستسافر مع زوجها قريبا .. وقد يطول سفرها بحكم دراسة بعلها .. بالرغم من اعتراضاتها الا ان الاتفاق تم .. وحفلة صغيرة تفي بالغرض ..

حديث قاسي يدور بين شقيقته وتلك المرأة التي بجانبها .. لتردد تلك المرأة : يعني شو فيها بنت اخوي .. ما قلتلكم البنت زينه وما يعيبها شيء .. ليش كنسلتوا الروحه وطلبها لاخوج ..

لترد تلك : نصيب .. كل شيء قسمه ونصيب ..

-
ونصيبه ويا بنت الهندية .. ما لقيتوا غيرها .. وباكر اذا يوكم خوالها واحشروكم شو بتستفيدون ليش ما تاخذون بنت الحسب والنسب ..

قسوة مجتمع لا تزال تلاحقها .. لتطأطأ رأسها وغصة تتهادى في صدرها .. لم تشعر الا بيد تشد على يدها .. وهمسة منه : رفعي راسج يا ريم ..

رفعته له لتبان عيناها المغرورقتان بالدموع .. ليزيد هو من قبضته على كفها : دموعج غاليه فلا تنزلينها .

وكيف لا تنزلها .. وهي ستبكي فرحا لكلام اول مرة تسمعه .. لكلام جديد تسرب اليها من ذاك الرجل الذي كان غريبا .. وبات زوجا .. وسيصبح كنفا لها .. كيف لا تبكي وهي ترى بادرة اخرى من خصاله الحسنة ..

,،

يـتــبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 



,،

ودموع اخرى انسكبت خوفا هناك في حضرته هو .. تبكي فلذة كبدها التي اختفت دون اي خبر .. وكلمات تنبعث من شفاه ابنتيها مهدأة لها .. وهو يحاول ان يجد بداية خيط توصله اليها .. يجوب البهو بقدميه ذهابا وايابا . والانزعاج قد سكن ملامحه .. وذاك الهاتف لا ينزل الا وارتفع من جديد الى اذنه .. ليقف وهو يرى تلك الداخلة بعباءتها ومن خلفها تلك المربية تحمل طفلها الرضيع .. اتجهت مباشرة لوالدتها هناك في الصالة .. لم تنتبه له .. ليبدأ هناك حديث مُر بات يتجرعه كلما دخل منزله .. اقترب منهن ليقبل رأس والدته : بنحصلها فديتج .. انا طالع الحين .

واذا بها تمسكه من صدره : فيصل الله يخليك يبلي بنتي ..

كفاه تطوقان معصميها لينزلهما ببطئ ويلثمهما بعنف : جود بترجع يالغالية .. بترجع ..

لتصرخ تلك بتهكم في وجهه : هيه بترجع .. كلام فكلام .. الله العالم وين اراضيها والسبب هالشركات اللي تركضون وراها ..

استمرت باتهامه بالتقصير وكأن بها تتقيء وجعا آخر من زوجها ذاك .. الذي ابتعد عنها بشكل اخافها في الآونة الاخيرة .. وتلك المكالمات التي لا تهدأ حتى في ساعات الليل الطويل .. استشف وجعها كما استشف شيئا اخر من بين حديثها .. فلقد باحت بحال زوجها وحالها معه .. لتنفجر باكية على صدر والدتها .. وتنطق تلك : حسبي الله ونعم الوكيل ..

تنهد وابتعد بخطواته فذاك الحال لم يعد يطاق .. لتهرول تلك خلفه تمسك ذراعه قبل ان يخرج : شو بلاج ؟

مسحت دموعها : فيصل انا تعبت .. مسويه عمري قوية . عشان امي وعشان رنيم اللي كل ليلة تقوم من رقادها خايفة .. تعبت امنيهن فشيء يمكن ما يصير ..

انامله تقف على شفتيها : لا تقوليها يا جواهر .. لا تقوليها .. وجود برجعها غصبا عن الكل ..

ابتعد .. وخطاه محمله بذنوب لن يغتفرها لنفسه حتى وان غفرها الاخرون .. هو من ارغمها على العودة الى ذاك العالم الخطر .. قاد سيارته وافكار كثير تجتاحه .. فاين عساها تكون .. فان خطفت فلا بد من ان يصل الخبر من خاطفيها .. وان هي اختبأت فليست بتلك القسوة لتدع والدتها بهذا الوضع .. نفض رأسه من ذاك الذي يراوده .. ايعقل ان حديث جواهر اثر فيه ؟ .. ام ان هذا هو الذي يحاول انكاره منذ ان علم باختفاءها من شقتها في " لندن " .. وتغيبها عن الجامعة .. ايعقل انها تحت الثرى الآن .. ؟ .. دون اي تفكير قاد سيارته الى منزل ذاك المدعو " نسيبه " .. عليه ان يوضح له الكثير من الامور .. واسباب الغموض الذي اضحى يكتنفه اكثر عن ذي قبل ..

الوقت ظهرا ومؤكد انه في منزله .. وتلك لن تخرج الا اذا سمح لها بذلك .. خطواته الغاضبة تحث الخطى على الممر المرصوف .. ليقف ويده ترتفع .. وابهامه يبصم على الجرس .. رنات عديدة متتالية .. حتى فتح الباب على يد تلك الخادمة ليصرخ بها وهو يدلف : وين سيف ؟

" حياك انا هني " ... وكأنه ينتظره .. فهو يعلم بتقلباته .. ويدرك بانه موجوع حد النزف .. فسيحاول امتصاص غضبه الذي يتوقعه .. وقف يمد يده : هلا والله ..

ليصرخ ذاك دون اكتراث بتلك اليد : مب ياي اسلم .. خبرني يا سيف شو وراك .. شو اللي داسنه عني .. وشو سالفتك ويا عبد العزيز ..

-
اهدا .. وايلس خلنا نتفاهم ..

بعثر نظراته على تلك الاوراق المكومة على تلك الطاولة .. وهو يعلم بان وقت الظهر وقت قيلولة مقدس لدى الاخر .. ودائما ما كان يردد والده بان سيف مستعد للعمل طوال اليوم الا في وقت قيلولته .. تجهم وجهه : سيف ليش خليتني اترك شراكتي ويا عبد العزيز .. وابيع نصيبي برخص التراب ..

-
لان شركته مشبوهه .. واليوم وصلت كل الادلة اللي وصلتني من جود للجهات المختصة ..

ما ان سمع باسمها حتى عانقت يداه صدره : تتواصل ويا جود ولا تخبرني .. وينها .. تكلم .. وينها ..

" ما اعرف " .. نطقها وهو مستسلم لقبضتي ذاك الذي اخذ يشده بعنف : كيف ما تعرف .. من شوي تقول انك تتواصل وياها – فك قبضتيه ليردف صارخا – عطني فونك ..

بعثر نظره ليلمحه على الاريكة .. ليدفع ذاك كي يتعداه اليه .. يسحبه يقلب بين اخر المكالمات الواردة .. لا يوجد اي اسم لها .. ليمده له صارخا : اتصل فيها ..

اخذ الهاتف بهدوء : ما بترد عليك .. صارلها اسبوعين مسكرتنه ..

ينظر الى يده الممدودة بذاك الذي يتمنى ان يكون السبيل به اليها .. ليردف الاخر : اتصل .

سحبه من كفه ليمشي خطوات مبتعدا ,, وكأنه لا يريد للاخر ان يرى ملامحه حين الفرح او حين تكسر الامل .. الهاتف غير مستخدم .. لعله يضحك عليه .. لينظر اليه بوجع للحظات .. وبعدها يحث الخطى الثائرة بالغضب .. لينفث انفاسه في وجهه : سيف اذا تعرف وينها الله يخليك تكلم ..

لاول مرة يرى عيون سيف من هذا القرب .. هناك نظرة لوم او لعلها ندم من نوع ما : سامحني يا فيصل .. قلت لها لا تورط نفسها اكثر .. خبرتها ان اللي وصلتله عن اللي صار لابوها يكفي وزود .. ما سمعت كلامي .. ولا قدرت اخبرك لاني وعدتها ما اخبرك .. واني اكون قربك .. بس عشان تبعدك عنهم .. واللي سويته وياك عشان ابعدك عن طريق يمكن يوصلك للمحاكم وانت ما تدري ..

صدمة بل ان هناك ذبذبات شتات لا يعيها .. كيف .. ووالده حذره منه .. كيف واخر كلمة نطقها سيف .. والآن يحميه لطلب منها هي .. تلك التي مسؤولة منه .. تلك التي وعدها بالحماية ولم يفي .. ردد بتبعثر : متى آخر مرة كلمتها .

زفر انفاسه : من اسبوعين تقريبا .. اخر مرة يوم ضربتني قدام شركة عبد العزيز .. كانت هي ع الخط .. وسمعت كلامك .. واصرت اني لازم ابعدك قبل لا اسلم اللي وصلني منها ..

شد قبضته حتى كادت اصابعه ان تنغرس في راحته .. أيضربه .. ام يشتمه .. ام القتل افضل .. كان يعرف انها في خطر ولم يتكلم .. فقط لاجل وعد تافه .. يرميها لتهلكه .. طوح برأسه وزم شفتيه بغيض يخالطه بعض الحقد .. وينصرف بعدها .. الخيوط بدأت تتشابك .. وهي بين معمعة التشابك .. جُل ما يتمناه الان هو ان يحتضنها .. يعطيها الامان ان كانت خائفة .. او يعطيها الدفيء اذا كان البرد يحاصرها ..

,،

حضن حار على ارصفة المغادرة .. واحضان اخرى في الانتظار .. تعانق يمينها يسارها قريبا من فيها وتنطق بحزن : ساشتاق لك .
وجع فراق آخر على الاراضي " الكندية " .. لتبادر تلك بابتسامة واحتضان لكفوف الاخرى بين كفيها : سنلتقي يوما .. مؤكد سنلتقي – تحضنها من جديد وتردف – شكرا لورا .

لتلوح لها بكفها مبتعدة .. كل ما يفصلها عن ارضها ساعات من الزمن .. لا احد يعلم موعد رجوعها .. او هي تظن ذلك .. غادرت الغربة وشعور بالغربة يستوطن روحها .. غربة من نوع جديد لم تألفه يوما .. فلماذا يستعجل ذاك الطارق الامور .. ليزف لها ما
لم تقوى والدتها على قوله .. هل كان يعلم بانها كانت تحزم امتعة الرحيل .. ام انها الصدفة المرة التي تعيد احمد الى تفكيرها من جديد .. يقول بان اخباره لها لتاخذ اكبر قدر من الوقت لتفكر .. ولم يكن يعلم ان وقت التفكير الذي يرتجيه ما هو الا تحليق طائرة ..

احتضنها ذاك الكرسي .. لترخي رأسها للوراء .. وحقيبة يدها على فخذيها .. سترحل لتعود الى عذابات الروح التي كانت فيها .. تنهدت لتبحث عن هاتفها مع انطلاق صيحات التوصيات .. لتخرسه تماما .. وترميه حيث كان دون اكتراث .. وتشد الحزام عليها .. وعيناها تنظران للخارج .. وابتعاد كل ما تراه على الارض .. ليختفي ولا تبقى سوى السماء وسحب تكدست فيها .. لتبتسم بعد حين على ذكرى حديث كان ..

دخلت بعد يوم جامعي متعب .. لتراه هناك يجلس في صدر المجلس .. يستقبلها بابتسامة كالمعتاد .. ويدنو منها يمسك كفيها ويقبل وجنتيها بحب : ما قلتلج خلي عنج الدراسة ..

زمت شفتيها وهي تمشي معه ويدها بيده .. ليجلسها بجانبه ويردف : شوفي ويهج كيف التعب مبين عليه .

-
يعني بترجع فكلامك .. انا احب ادرس .. واخذ شهادات اكثر عن البكاليريوس .. واريدك تكون وياي مب ضدي .

اشاح بوجهه : لو فتخصص غير التلفزيون كنت بوقف وياج ..

-
بس انا احب هالتخصص .. واحلم اكون مذيعة اطلع فالتلفزيون ..

كان يومها حديثها ساذجا .. وهي تمثل له كيف ستفعل اذا وقفت امام الكاميرا .. ليسحبها ويجلسها من جديد .. يحتظن وجهها .. وبهيام نطق : ما اريد هالويه يشوفه غيري .. بس دامج تحبين هالشيء بحبه عشانج .. بس بشرط – انقطب جبينها بعد ان كانت مبتسمة ليردف – ما تكونين فبرنامج فيه مذيع .. تراني اغار ..

انسابت دمعة على وجنتها .. وخالطت ذكريات حلم جميل كان .. مسحتها وكأنها تداري ذاك الضعف الذي بدأ يتسلل اليها .. تنهدت لتغمض جفنيها .. تريد ان تبتعد عن دوامة التفكير تلك .. بأي طريقة كانت .. حتى ولو كان السبيل هو النوم ..

وحتى النوم يحمله اليها فيتمنع عن جفونها .. او قد يقض منامها .. لترجف بخفة بعد ساعات طوال .. هذا ما ظنته هي .. انها نامت ساعات وساعات .. التفتت لترى تلك التي بجانبه ا تغط في نوم عميق .. اخذت نفسا عميقا وهي تنظر من ذاك الزجاج وخيالات ماضي تعود وتعود .. لتزفر انفاسها .. وسرعان ما تدس يدها في حقيبتها .. تسحب " لا تحزن " .. فكثيرا ما تقلب بين اوراقه في ساعة تعب روحي تمر بها .. وهي فيها الآن .. قلبت اوراقه وكأنها تبحث عن شيء معين يعينها على ما هي فيه .. لتقرأ عينيها :

"(أتى أمر الله فلا تستعجلوه) لا تستبق الأحداث، أتريد إجهاض الحملِ قبل تمامه؟! وقطف الثمرة قبل النضج؟!إن غدا مفقود لا حقيقة له ، ليس له وجود ، ولا طعم ، ولا لون ، فلماذا نشغل انفسنا به ، ونتوجس من مصائبه ، نتوقع كوارثه ، ولا ندري هل يحال بيننا وبينه ، أو نلقاه ، فاذا هو سرور وحبور ؟! المهم انه في عالم الغيب لم يصل الى الارض بعد ، إن علينا أن لا نعبر جسراً حتى نأتيه ، ومن يدري؟ لعلنا نقف قبل وصول الجسر ، أو لعل الجسر ينهار قبل وصولنا ، وربما وصلنا الجسر ومررنا بسلام."


وتتابعت الصفحات بين اناملها الطويلة .. تقرأ بتمعن احيانا .. واحيانا اخرى تغيب عن واقع الحروف لتعود اليها مجددا حتى تعيها .. وتمضي ساعات الرحلة الطويلة بين توقفات قليلة .. وتلك الافكار لا تزال تطاردها كفريسة ضعيفة تعشق ممارسة الركض خلفها حتى توقعها بعد ان تنهكها .. ابتسمت وهي ترى الامارات ارضها التي ترعرعت على ترابها .. ابتسمت وهي تراها صغيرة من بعيد .. لا تعلم لما عيونها في هذه الساعات اضحت تعشق الدموع .. وكم كانت دقائق الهبوط ثقيلة على روحها ..

يقولون ان العالم صغير جدا .. وزواياه قريبة من بعضها .. كزوايا مطار دبي الدولي هناك وصل هو قبلها بساعة .. يتحدث في هاتفه لاخيه ناصر الذي مل انتظاره .. عاد بعد استقرار حالة تلك الجوليا .. فهي لن تفيق اليوم ولا غدا وقد تطول مدة نومها كثيرا .. ابتسم وهو يغلق هاتفه .. غدا هي ستعود .. هذا ما يتوقعه الجميع .. سينتظر اسبوعا وسيطلب محادثتها .. بل انه سيلح على عمه وخالته ان يقنعاها بالحديث معه اذا تمنعت .. يريدها ان تعود الى احضانه .. يريد ان يشعر بوجودها معه كما في السابق .. تنهد وهو يغمض عينيه .. ليرى خيالها .. مؤكد انها تغيرت عن ذي قبل .. ولكن ستبقى هاجر التي احبها يوما ..

تمشي وبجانبها ذاك الذي يجر عربة حقائبها .. واذا بها تدس يدها في حقيبتها تبحث عن هاتفها .. وتمشي دون ان تنتبه .. ليصدمها ذاك الماشي على عجل .. يسابق الريح .. بعد مكالمة وصلته قد تكون بداية خيط الوصول الى تلك الجود .. اعتذر منها وهي فقط ابتسمت لتردد : ما عليه .. ما صار شيء ..

وتركها ليلحق بطائرته .. سحبت الهواء بعمق وهي تقف خارج جدران ذاك البناء .. هواء مختلف هذا ما شعرت به .. طال وقوفها دقائق .. وبعدها تشد خطاها الى سيارة الاجرة التي طلبت حضورها لتقلها .. لم يبقى شيء على رؤيتهم .. سيتفاجأون .. ابتسمت تحاول ان تبعد الافكار بافكار اخرى .. نظرت الى الساعة الرقيقة التي تزين معصمها .. لا تزال الساعة السادسة مساء .. وهم ينتظرون مجيئها غدا .. اي بعد ساعات وليست دقائق .. انتبهت لدخولها ابوظبي .. لم تنزل نظارتها عن عينيها وكأنها تخفي الحيرة التي تعانيها ..

السكون يثير ريبة بين اضلعها .. وغياب الشمس خلف الافق ثير وحشة خانقة .. لتنتبه من شرودها على صوت السائق يسألها عن مكان منزلها .. لتصف له بدقة متناهية حتى توقف وترجل لينزل حقائبها .. ها هو منزلها الذي غابت عنه اشهر خلت امام عينيها .. وطأت قدماها ارضه .. لتبعثر نظراتها على المكان .. وبنيان جديد يتطاول نحو السماء .. مؤكد انه القسم الذي يبنيه طارق .. تحرك ذاك وهي ظلت في مكانها .. هي وحقيبتين .. كبيرة واخرى متوسطة .. ودمعة شوق للقاطنين .. وصوته من جهة مجلس الرجال .. لتلتفت ويصمت هو وذاك الهاتف ينزل رويدا عن اذنه .. اخته هنا .. ابتسم ليغلق الهاتف دون كلمة ويحث الخطى اليها .. ينتشلها من ارضها كعادته .. يدور بها وهي تضحك على تصرفه الذي لن يتركه .. لتصرخ به : خلاص خلاص ..

اطراف اصابعها تلامس الارض وسرعان ما وقفت بثبات .. لينطق هو : يالخاينة .. وبعدين كيف اتين بروحج .. ليش ما اتصلتي علي ...

ولوم كثير .. اختصرته هي : خل اللوم لبعدين يا طارق .

ليبعد نظارتها تلك .. ويحضن وجهها .. يرفع الى نظره : شو بلاج ؟

ملامحها متعبة .. وعيناها تحكي قصة طويلة لا يعرف ماهيتها .. انزلت كفيه بكفيها .. لتبعد نظراته عن عينيها : خلنا نفاجأهم .,,

وضحكة مصطنعة اطلقتها وهي تردف : اكييد بينصدمون ..

" أمايه " بعثرتها في المكان مرارا .. ليتهادى صوتها الى غرفة ريم .. حيث هناك هي وميثة يرتبن بعض اغراض تلك العروس .. ليقع ذاك الثوب من يدها .. وتردد الاخرى : بسم الله .. شو بلاج يا مريم ,,

" هاجر " نطقتها بشرود وكأنها تحاول الانصات بقوة .. لتردف : سمعت صوتها يا ميثة .. هاجر بنتي فالبيت ..

تعود لترتب الملابس في تلك الحقيبة : تتوهمين يا مريم ..

ليعود صوت النداء من جديد : سمعتي ..

وخرجت تهرول تتبعها الاخرى .. لتسمع النداءات وتزيد من نزولها على تلك الدرجات .. لتقف صارخة باسمها .. فتقف تلك وتلتفت قبل ان تدخل غرفة مريم .. لتجري وتجري الاخرى لا يمنعهما الا الاحتضان .. ودموع شوق اغرقت العيون قبل الوجوه .. لتردد تلك من بين دموعها وقبلاتها : ليش ما خبرتنا يا طارق ..

تظن بانه هو من احضرها من المطار فسكت .. ليبقى الامر بينهما وليقولوا ما يظنون .. فيكفي ان يبعد عنها الملام من امها ووالدها وحتى عمار لن يسكت اذا عرف .. يعلم ان بين طيات صدرها امور تكفيها الآن .. ليبتسم على تلك الاحاديث المغلفة بخوف ام : ضعفتي ..

ضحكت وهي تمسح دموعها : لا والله . الا زايده اربعه كيلو ..

لتترك حضن والدتها لحضن عمتها .. وينطق ذاك : حشا ما بسكم .. صدق انكن حريم ..

ليلتفت الجميع بعدها الى الباب .. فاصوات قادمة من هناك .. وغضب واضح من كلام عمار : حشا من قبل العصر ولا خذيتي الا كم كيس .. صدق حريم ..

ليقهقه الاخر في الداخل .. فكأن بعمار سمعه ليقولها .. لتردف تلك وهي تحمل اكياسها : كله منكم .. وانت وقفت وياهم .. والا اسبوع شو بيسد .. والا بعد تباني اروحله بخلاقيني القديمة ..

لتتسمر مكانها وتبتسم .. وذاك يغلق سيارته ويتابع : الله الله .. الحين صرتي ما ترضين عليه .. من ..

ليبتر حديثه على صرخة ريم باسم هاجر .. واحضان تتجدد .. لتقف هي بتعب : وين ابويه ..

لترد مريم : عند عمج عبيد .. الحمد لله كل شيء رجع مثل قبل .. وصايرين كل ليلة يتقهويون وييا بعض .. الحين اتصل عليه واخبره ..

لتنطق : لا تخبريه .. يوم يوصل البيت خبروني ..

تقبل رأس والدتها : بروح ارتاح .. حاسه بتعب .. بس لا تنسون تقولولي يوم يرد اوكي ..

-
ما تبين شيء اسويلج شيء ع العشا ..

هزت رأسها لتردف : اريد سلامتج يالغالية .. بس تعبت من الرحلة .. بتسبح وبصلي وبرقد شوي ..

ليتابعها الجميع بنظراتهم .. لتمشي ويتردد في عقلها كلام والدتها " الحمد لله كل شيء رجع مثل قبل " .. طنت تلك الجملة مرارا .. شعور بالخوف انتابها .. الخوف من العودة للانقطاع .. الماء يتدفق على جسدها بعنف .. حتى لم تعد تشعر به .. الا باصوات كثيرة متداخلة .. وذكريات حلوة تثير في نفسها مرورة العلقم .. كغصة لا تريد الابتعاد .. تدثرت بـ" الروب " الابيض لتخرج بخطوات مبللة .. وتقف على تلك السجادة الصغيرة عند عتبة باب دورة المياه ( اكرمكم الله ) ..

وتتمتم : شو اللي بيصير ..

سحبت انفاسها .. لتتابع طريقها .. الحقائب موضوعة في كل مكان .. حتى السرير مزدحم بالثياب .. ابتسمت لتحث الخطى الى دولابها .. وتعبق منه رائحة البخور : الله لا يحرمني منج يا اغلى ام فالدنيا ..

,،

لي عودة مع الجزء 40 والاخير

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
اختناق ووجع لا يقوى معه الانسان على الراحة .. يبعثر اشياءه القديمة لعل هناك شيء يعيد له امل البقاء .. لعل في الماضي نقطة تنبثق منها راحة نفس .. لم يعثر عليها وتراكمت عليها ذكريات موجعة .. منذ الامس وهو يحاول ان يعرف ما بها .. والى اين وصل بها الحال .. وذاك ماضيه يحرضه على الندم المدقع .. ومنذ دقائق انتهى اجتماعه مع ذاك الاخصائي .. الذي نطق بالكثير ومن بينها صعوبة استأصال ذاك المتطفل القاسي .. الا اذا قام بتلك العملية جراح متمرس في مثل هذه الحالات .. يعطيه بصيص امل ويعود يسحبه منه بعنف .. فحالتها لا تقوى على السفر بعيدا ..

يسحب قدميه بتعب ايام مضت .. ليلج الى غرفتها .. قالوا له بانها استيقظت ليلا ولكنها لم تمكث في صحوها طويلا . اجابوا عن بعض تساؤلاتها التي توقعوها بسبب تدهور حالة ذاكرتها .. وقف يتأملها .. ليرن في اذنه حديث اخر .. فذاك اثر على اعصاب عينها اليسرى .. حتى يحيل نظرتها الى نظرة غريبة .. قد يكون من مساوئ تلك العملية فقدانها للبصر فيها .. انحنى يطبع قبلة على عينها .. لا يعلم لماذا قام بذلك .. الا انه يدرك بانه يتحمل النصيب الاكبر فيما آلت اليه هي ..

ارتفعت يده لتتحرك على عينه اليمنى بعد ان ازاح نظارته تلك .. لتعود اليه صرخات كانت .. كان في نفس مكانها .. على سرير ابيض .. وشاش ورائحة معقمات .. وغفوة طويلة امتدت اسبوع .. ليستيقظ بوجع يعصف برأسه .. واحاديث تتهادى بخفوت اليه .. صوت والده وشخص ما .. ليتمتم : قاسم .

وتقترب الاقدام منه .. وسؤال من والده عن حاله .. يتبعه سؤالا آخر من ذاك الطبيب .. لينطق هو : اريد قاسم ..

ليدنو منه اكثر : جاسم تسمعني .

ليفتح عينه بوجع : انا وين ؟

لتتبادل النظرات بين الطبيب ووالده .. وينحني يهمس : جاسم .. استوالك حادث .. وعينك تضررت .. اضطرينا .

ليقطع حديثه : وين قاسم .. ابويه وين قاسم ..

حشجرة الم في صوته .. ليبلع ذاك ريقه مرارا .. ويجيب بألم : قاسم عطاك عمره ..

ليجلس بعجل صارخا : كذاب ..
ويردف : يبلي قاسم .. اريد قاسم .. انت اخذته ..

وثوران رجل وكأنه طفل صغير .. وبكاء وصراخ واتهامات .. آلت جميعها بعد دقائق الى وخزة ابرة .. وتمتمات وجع بفقد توأم كان كظله .. وذكرى اخرى تتهادى مع تهادي النعاس اليه .. وضحكات ذاك وهو ينظر الى السماء في باحة منزلهم .. وهما جالسان بجانب بعضهما .. ليسأل جاسم عن سبب تلك الضحكات وهو ينظر اين ما ينظر قاسم .. ليجيبه : شوف شوف – يشير باصبعه للنجوم – تخيل عاد ان كل واحد يموت يتحول نيمه ..

ويعود ليقهقه .. ويعقد ذاك حاجبيه : شو هالكلام .. الواحد يموت ويتحول تراب مب نيمه ..

كانا في سن العشرين .. لينظر اليه : ما يقولون في الافلام لعيالهم الصغار يوم تموت امهم او حد يحبونه .. انه تحول نيمه ويراقبه ..

وعاد ليضحك من جديد .. ليرفع ذاك حاجبه وهو ينظر لسماء : ما يعرفون شيء .. وان شاء الله انت تصدق اللي يقولونه .

قام واقفا وهو يضحك : مينون انت .. عيل ليش يالس اضحك .. يوم اموت شوف السما وبتحصلني ..

هو يضحك وذاك اشتاط غضبا ليقف في وجهه : لا تيب طاري الموت ..

فتح عينيه على وسعهما : شفيك .. يالس اتمسخر وياك – تلفت ليردف محاولا تغيير الحديث – شرايك نتسابق ؟

" الحين ؟ " .. ليقف ذاك وهو ينظر الى اشجار النخيل : نتسابق ونرقا النخله للنص ونرجع لهني .. شوف – يشير باصبعه – هذيك وحدة وذيك وحدة ..

تجهم : بس اللي من صوبك اقصر عن اللي من صوبي ..

وهو يرسم خط في التراب بقدمه : الشاطر اللي يسبق للنخله اللي فباله ويرجع لهالخط .. ياللا ..

وقف بجانبه على وضع الاستعداد : وشو المقابل .. ؟

ابتسم : اللي يفوز يطلب اي شيء من الخسران وينفذه .

" موافق " .. قالها ليبدأ ذاك بأسم الله .. وبعدها بالعد : واحد .. اثنين .. ثلاثة ..

جاسم كان اسرع من قاسم .. ليحتال عليه قبل ان يصل الى خط النهاية .. وينحني صارخا باسمه .. ليتوقف بهلع .. يعود ادراجه .. وكفاه تعانقان كتفي توأمه : قاسم انت بخير ..

يده على صدره : قلبي .. آآه ..

" بروح ايبلك دواك " .. ليهرول مبتعدا .. ويهرول الاخر الى خط النهاية ويصرخ : فزت ..

ويضحك ليعود ذاك غاضبا .. ينفث انفاسه في وجه شقيقه : غش .. ما يصير ..

رفع انفه : الحرب خدعة ..

بدون رغبة منه قال : وشو طلبك يالغشاش ..

اقترب منه وهو يبتسم : تقول لابوي يخلينا نسافر وييا بعض فهالاجازة ..

" ما بيرضا " .. ليردف الاخر : اريد اكون وياك .. مب كل اجازة يسحبك وياه لشركة .. ما يخصني هذا شرطي وانت نفذه .. بنروح اليابان والصين والهند .. بنسوي جولة ع هالبلدان ..

تمتم : وما طاع يا قاسم .. وانت سافرت بروحك ..

انتبه لهمهمة منها .. ليدنو من سريرها .. تفتح عينيها بتعب .. ويعقد هو حاجبيه .. فكما قال ذاك نظرتها في عينها اليسرى لن تكون ثابتة .. ليبتسم لها حين سألته من يكون : انا جاسم ريلج ..

سحبت جذعها ليساعدها هو ويجلس قبالتها على حافة السرير .. تلفتت : شو في ؟ .. وليش ما اتذكر اي شيء ؟

اخذ نفسا وهو يسحب يدها ليحضنها وكأنه يبعث في نفسها الأمان : عندج ورم فراسج .. وهو مسبب لج فقدان بالذاكرة .. وقريب بنسافر عشان تسوين عملية ..

انقطع حديثه على دخول ايمان وعيسى .. التي اخذت تحضن شقيقتها وتقبلها .. وتلك في عالم من الضياع .. كلما رأت احد سألته من يكون .. تحاول استعادة ذاكرتها ولو قليلا دون جدوى .. بعد الاطمأنان على حالها انسحب عيسى مع جاسم ليبدأ معه حديث عتب : ليش يا جاسم .. قلة فلوسك عند اختي .. وبتسفرها للسعودية .. عشان عمليه يمكن تسبب لها اضرار ومب مضمونه ..

تنفس بعمق يحاول السيطرة على اعصابه : اسكت يا عيسى .. انت مب فاهم شيء .. مب انت اللي وصيتك عليها .. وكل ما اتصل فيك تقولي انها بخير .. لا اتي الحين تحاسبني ع شيء مالي دخل فيه ..

وجه يقترب من وجه جاسم : كيف مالك دخل وانت اللي بتسفرها ..

-
ما برد عليك .. روح اسأل الدكتور وهو يجاوبك .. ولا اتي تتهمني وتلومني .. وانت عليك اللوم ..

دخل اليها من جديد .. وقد رسم ابتسامة على وجهه .. ليقترب منها يقبل وجنتها ويهمس لها بانه لن يتركها ابدا ..لتبتسم بعدها.. وبعدها يقبل جبينها بعمق .. وهي تشعر بشعور غريب .. فيه شيء من التوتر .. فهم بالنسبة لها غرباء .. الا من احاديث يقولوها لتتعايش معها .. وذاك الطبيب جاءها لاحقا يؤكد ما يقولون ..

بعد مغادرته للمستشفى توجه لشركته .. يرمي بحمله على كاهل سلطان .. فهو بحاجة ان يبقى معها فقط .. ويبتعد عن الاعمال والشركات .. ليأتيه الخبر عن زوجة والده .. وبما يسعى والده لفعله .. ليصرخ بسلطان : انت شو تقول ..

-
مثل ما سمعت ..

هز رأسه : ما بسمحله .. اسمعني اي شيء مهم بلغني فيه .. بعد كم يوم بسافر للسعودية .. الدكتور المسؤول عن حالة خولة بيتواصل وييا المختصين في مدينة الملك فهد الطبية ..

-
وليش ما تاخذها برع ..

وقف : حالتها ما تسمح انها تسافر لساعات طويله .. وبعدين في جراحيين مختصيين فالسعودية هم اللي بيسون لها العملية .. انا لازم اروح .

تصافحا .. وذاك يتمنى له التوفيق .. ليخرج بعدها والغيض قد وصل به الى اقصى حد .. فكيف لوالده ان يفعل هذا الفعل .. قاد سيارته مباشرة الى حيث يوجد عبد العزيز وزوجته آمنه ..

تنهدت وهي ترضع ابنها الذي لم يمضي على ميلاده الا ساعات قليلة .. لتحدث نفسها وهي تنظر اليه : بشو يفكر ابوك .. نسى كل شيء والا يحاول يذبحني كل مرة اشوفك فيها .. سبحان الله كل اولاده يشبهونه .. وانت بعد شكلك بتشبهه والخوف انك تشبه اخوك .. الخوف انك تكون اسم ع مسمى ..

انقطع حديث نفسها حين وصلها صراخ جاسم على والده : تغير اسمه يا عبد العزيز ..

-
مب بكيفك يا جويسم .. ولدي وبسميه ع كيفي ..

-
اسم قاسم ما ينحط ويا اسمك واسم الخاينة اللي وياك ..

لم يشعر الا بكف والده على وجهه : تأدب وانت تكلم ابوك .. مب اصغر عيالك تتأمر علي مثل ما تريد .

بانفاس غاضبة : سو اللي فراسك وبتشوف نهايتك يا عبد العزيز ..

نزلت دموعها .. ليعود الحديث اليها : مب خاينة يا جاسم .. ما خنت اخوك .. بس الوقت كان اقوى مني ..

لتمسح دموعها بدخول زوجها .. براكين الغضب تتطاير من عينيه .. لتسأله بخوف : شو بتسوي ؟

ليصرخ بها : سميه مثل ما تبين ..

ويخرج بعدها .. اعصابه ليست بالقوة التي كانت .. يشعر بان كل ما حوله ينهار .. واولئك الذين ادخلوه في معمعة المعارك بدأوا يبتعدون .. وكأن كل شيء يتلاشى .. وحقده لذاك الجاسم يزداد .. فمؤكد ان له يد فيما يحدث له .. كان شارد الذهن في سيارته .. وحديث طويل مع نفسه .. بدأه بالتفكير فيما عليه ان يفعل .. لعل الهرب وسيلة ناجعة .. توقفت العجلات عند مبنى شركته .. اخيرا اضحت تلك الشركة له هو فقط .. دون ان يزاحمه احد على ادارتها .. ترجل وذاك يتبعه بحقيبته السوداء .. ليقف عن المسير وينظر لسكرتيره : شو مستوي ؟

بتوتر اجابه : ما اعرف يا طويل العمر .. من الصبح وهم هني ما مخلين شيء ما يفتشونه ..

ليصرخ به : وليش ما خبرتوني ..

ليخرج احدهم من مكتبه .. يبدو ان له مكانة فاعلة : اهلا استاذ عبد العزيز .. زين انك ييت ..

بخوف داخلي يحاول ان يخفيه : خير .. شو صاير ؟

-
بيتم وقف شركتك .. ومنعك من السفر لاي مكان خارج الدولة .. وبتكون عليك رقابة الين نتأكد من كل المعلومات اللي وصلتنا . وهذا القرار اذا تريد تتأكد .

مد يده المرتعشة ليتناول تلك الورقة .. كل شيء انهار قبل ان يتصرف باي شيء .. حتى لم يكن لديه الوقت للهرب الذي فكر فيه .. رفع نظره حين استطرد ذاك : عندنا معلومات ان شركتك لها علاقة بشركات اوروبية .. تم من خلالها غسيل اموال واختلاس شركات .. وتهريب وغيره .. اتمنى تنفذ الامر والا بيكون لنا تصرف ثاني ..

انتهى .. هي الكلمة الوحيدة التي بدأت تعصف في ذهنه .. لم يعد هناك عبد العزيز .. ولم تعد هناك شركات هو المالك الاوحد لها .. تبادر اليه فيصل .. وسيف .. مؤكد انهما كانا يعلمان بكل شيء .. او احدهما يعلم . انهار جالسا على الكرسي في مكتب سكرتيره .. الغي وجوده بقرار حكومي .. وقد يصل به المطاف الى وراء القضبان بعد كل سنوات التعب ..


,،

تعب الايام التي ذهبت على وشك ان يختفي .. شعور يخالجه منذ تلك المكالمة التي وصلته .. وكان مفادها ان احدى زميلات جود قالت اشياء قد توصلهم اليها .. او الى طرف الخيط لمكانها .. خرج بعد حمام طويل .. يغير ملابسه ويذهب الى حيث تلك الشقة .. تذكر الكثير من الامور في الايام الماضية .. ليدخل على والدته يسألها ان كان لجود جواز سفر غير الذي بحوزتها .. ليأتيه الرد : هيه عندها .. بس امريكي .. انت تعرف انها استوت هناك .

جلس على ركبتيه امامها .. يمسك كفيها : امي .. في بنت من اللي تدرس وياهن جود تقول ان جود كانت تشتغل فشركة كمبيوتر .. بس للحين ما عرفوا اي شركة .. يمكن تكون اشتغلت بالجواز الامريكي ..

-
بس يا فيصل اسمها هو نفسه فالجوازين ..

ابتسم وهو يحدث نفسه : جود ذكيه تقدر تتلاعب بصور الجواز .. تغير كل شيء ..

نظر اليها : امي .. جود بترد .. ولا برد من برع الا وهي وياي ..

-
وشغلك ؟

قام واقفا : سيف بيمسكه ..

لا يعلم لماذا في ذاك اليوم الذي التقى فيه بسيف عاد ادراجه .. لا يعلم لماذا قادته قدماه الى منزله مجددا .. لعل الحق هو من كان يقوده .. ليهوله صراخ طلال على اخيه وهو لا يزال عند عتبة الباب المفتوح على مصراعيه : كله بسببك يا سيف .. ليش ؟ .. ليش تساعده ..

-
انت شو بلاك .. هذا فيصل ولد عمي سالم وليش ما اساعده .

-
سالم الخاين .. اللي خان ابويه وخلاه مشلول .. سالم اللي سحب كل املاك ابوي وخلاه بلا حول ولا قوة .. وانت ياي الحين تدافع عن ولده .

-
اسكت يا طلال . انت مب فاهم شيء ..

يزفر انفاسه بتلاحق غاضب : كيف مب فاهم شيء .. بس هو مب ابوك .. اكيد ما بتهتم ولا بيهمك الانسان اللي رباك ..

كان يهيل الاتهامات بغضب .. ويرمي باللوم على سيف لانه اخ له غير شقيق .. ووالده هناك على سرير المستشفى منذ سنة : ابويه مثل الميت بسبب سالم .. لازم انتقم منه ومن ولده.

حرك قدميه ليخرج واذا بذاك يشده من ذراعه يرميه على الاريكة : ايلس واسمعني يا طلال .. انت ما سألت نفسك المية الف اللي كل شهر تدخل حساب ابوك من وين .. انت ما سألت عمرك ليش هالمية نقصت للنص بعد وفاة سالم – صمت لبرهة ليردف – انا بعلمك اللي ما تعرفه يا طلال .. ابوك يوم طاح محد وقف وياه الا سالم .. ابوك لولا سالم كان الحين فالسجن بسبب الديون اللي ع ظهره .. سالم اللي طعنته فالظهر وسحبتني وياك فخطتك الشينه بدون ما ادري .. هو اللي ساعد ابوك .. هو اللي عطاه نسبة من شركته ومية الف فالشهر من ارباح الشركة حتى لو ما كان شيء ارباح .. وبعد ما مات كملت انا بداله صرت اقسم ارباحي بيني وبينكم .. الحين عرفت ليش الفلوس نقصت .. روح اسأل ابوك وهو يخبرك بكل شيء ..

وقف : كذاب ..

-
مب مصدقني روح اسأل ابوك .. روح شوف نهاية عبد العزيز اللي كان السبب ورى افلاس ابوك وافلاس سالم وافلاس واايدين قبلهم .. روح سأله .. روح اسألهم وهم يقولولك منو سالم .. اللي تعاونت مع عدوك عليه .. روح ..

اوراق الحقيقة تنفتح واحدة تلو الاخرى .. وذاك كالغارق في دوامة مظلمة لا يرى شيئا .. ليخرج وهو لا يرى الا كلمات سيف .. ايعقل انه كان يعيش وهما وعاون من كانوا اعداء والده على صاحبه .. خرج ليقف ينظر الى ذاك المتسمر عند الباب .. تتلاقى العيون .. وصداقة مصلحة تكسرت منذ سنين .. وتبعثرت الآن ..

كانت وصية سالم التي لم تكتمل .. هي ان يبقى مع سيف .. الآن فقط ادرك كل شيء .. وعلم من الذي كان يقصده جاسم في يوم العزاء .. تنهد وهو يقف عند باب شقتها في لندن .. هذه الشقة التي لطالما سكنوها عند سفرهم .. اخرج المفتاح ليدسه في ثقب الباب .. ورائحة الغبار تنتشر في المكان .. حتى انها رسمت خطا مع ضوء الشمس المتسلل من بين تلك الستائر .. خطى بخطواته يتلفت في المكان .. سيبحث هنا عن اشياء قد توصله اليها .. بدأ بغرفتها .. لا يزال سريرها يحتوي قميص لها وبنطال " جينز " .. وقبعة قطنية .. جلس على حافة السرير ليفتح احد ادراج " الكوميدينة " .. يبعثر ما فيه من قصاصات ورق .. لا يوجد سوى ملاحظات دراسية .. فتح الاخر .. لينشد نظره الى تلك الاوراق .. تؤكد انها سحبت مبالغ كثيرة .. ليحمل هاتفه وبعد السلام والسؤال عن الحال : امي .. جود عندها حساب فواحد من بنوك لندن .. ؟

لا تزال تلك الورقة في يده ليرميها ويقرأ اخرى .. وهو يستمع لحديث والدته : ابوك الله يرحمه فاتحلها حساب بس ما تقدر تصرف فيه الا يوم يصير عمرها 18 سنه – شهقت – فيصل شو مستوي ..

- جود ساحبه فلوس واايد من حسابها .. امي اكلمج بعدين ..

اغلق الخط وعينه على فاتورة تصليح لجهاز حاسوب وباسم جود .. ابتسم فلقد وصل الى حيث بداية ذاك الخيط .. طواها ليدسها في جيب بنطاله .. ويبدأ مشوار البحث عن تلك الشركة .. لم تكن بعيدة عن المكان .. ولكن لا احد يعلم شيئا .. فالشركة لم تعد باسم ذاك الذي دون اسمه على تلك الفاتورة .. ليقف امام ذاك السكرتير : واين اجد الاستاذ احمد ..

" انتظر " .. نطقها ليبحث في احد الادراج .. ويخرج " كرت " صغير دون فيه رقم هاتف نقال لذاك المدعو احمد : ما هذا ؟

-
هذا رقم الاستاذ احمد .. كنت اتصل به اذا سافر الى الامارات .. لعله لا يزال يستخدمه .. تستطيع التواصل معه عن طريقه ..

ايعقل ان يبوء سعيه الى لا شيء .. اخذ تلك الورقة الصغيرة .. وفي قلبه أمل متذبذب .. ترك المكان فهنا لا احد يذكر اسم جود او حتى شكلها .. لا احد .. ايعقل ان ما بيده لن يوصله اليها .. مشى في ذاك الطريق .. ليدفن كفيه في جيبي بنطاله ... ويتحرك بتوهان غريب .. افكاره كثيرة .. وهي فقط من تستحوذ على النصيب الاكبر .. ووعد ترن اجراسه دائما .. فلقد وعد تلك الام بعدم العودة الا وجود معه ..

تنهد وهو يلج الى الفندق .. هناك يسكن منذ ساعات فقط ..
دلف الى جناحه .. ليرمي بجسده المتعب على ذاك " الكنب " .. ويده تتسلل الى جيبه تخرج ذاك الذي به الرجاء الاخير .. ضغط الارقام .. ليأتيه الرد بأن الهاتف مغلق .. ليغمض عينيه ويشد اصابع كفه .. لن يثق باحد في هذا الموضوع .. هو فقط من عليه ان يصل اليها .. عاود الاتصال ولكن نفس الاجابة تصله .. ليترك الهاتف جانبا ويستلقي في مكانه .. يحاول ان يرتب افكاره .. فذاك الاحمد اماراتي الجنسية .. لكن لا شيء بحوزته الا رقما مغلقا واسم ناقص .. فتح عينيه على صوت هاتفه .. سيف يتصل به ليخبره باخر التطورات : عبد العزيز طاح يا فيصل .. وقريب بيكون مسجون ..

اعتدل في جلسته : كيف يعني قريب .

-
توقفت كل اعماله .. ومنعوه من السفر وعليه رقابه .. المعلومات اللي وصلتلها جود بتوصله للسجن هو والشركاء اللي وياه ... المهم انت شو سويت .

تنهد ليخبره بكل شيء .. والى الطريق المسدود الذي وصل اليه .. ولكن هناك امل بالعثور عليها .. مهما طال الزمان او قصر .. فلا بد ان يفي هو بوعده ويحاول ان يفي بوعد اخر قطعه لشقيقته منذ فترة ليست بقصيرة ..


,،

يــتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:17 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
يتحرك على السجادة المزخرفة بتلك النقوش الجميلة .. وبيده لعبة صغيرة تصدر اضواء .. يضرب بها باقي الالعاب وهو ينطق بكلمات طفولية .. وكأنه ينادي والدته ووالده .. وهي تجلس على سريرها وبيدها هاتفها .. تشتاقه وتود حقا العودة اليه .. لم يعد هناك من اعذار لتجبره على المجيء .. منذ يومان كان عذرها مرض منصور .. ورأته لدقائق فقط فلقد كان ذاك الصغير هو محور اهتمامه .. واليوم تحاول ان تجد شيء ما لتتصل به .. لكن لا شيء .. حتى ولو تعذرت بالسؤال عن هاجر .. فهي قد اتصلت بها وحادثتها مطولا .. تأففت وهي تنظر لمنصور ترقب تحركاته .. خوفا من ان يؤذي نفسه .. التفتت للباب حين سمعت الطرقات الخفيفة .. لتأذن لطارق بالدخول ..
اطل برأسه يخبرها ان طارق ينتظرها بالاسفل .. لتقف وتحمل منصور تمده له : خذ منصور حقه .. اكيد ياي يشوفه .

حمله من بين كفيها : نزلي تكلمي وياه .. هو قال اريد اكلم شهد .. ما قال اريد اشوف منصور ..

"
هااا " .. قالتها باندهاش لتردف : سلمان هو قال هالشيء والا انت .. لتكون كلمته عني ؟ وقلتله عن حالتي ..

تحوقل ليستطرد قائلا : يا بنت الحلال انا من اول قلتلج ما بدخل بينكم .. انتي اختي وهو ربيعي .. اثنينكم غلطانين فاللي صار .. وانتوا اللي بتحلونها .. نزلي شوفيه ..

جلست على سريرها لتسيل دموعها : شو اقوله .. كيف ابررله .. انا غلطت عليه واايد .. ولو واحد غيره كان طلقني .. مب بس هجرني ..

تنهد وذاك الصغير بدأ يبكي بين كفيه .. لينزله عند العابه ويجلس بجانبها : شهد .. خلي اللي صار درس ما ينعاد .. قومي .. تراه بيمل وبيروح ..

مقدمة قدمة تضرب الارضية الرخامية بنغمة ملل اصابه .. وبين الحين والحين يزفر تنهيدة ضجر تملكه .. هل يعقل بانها لا ترغب في رؤيته .. هل قسوته اتت بنتائج عكسية لن يضعها يوما في الاعتبار .. ومن بين افكاره وشروده دخلت هي .. تنظر اليه وهو في عالم آخر مع هواجس تملكته في لحظة انتظار .. لتلقي بالتحية لتنبهه لوجودها .. ردها عليها ليدعوها للجلوس .. حتى انه لم يقف ولم يدنو منها .. ولم يقبلها .. كل هذا جعلها تتوجسس من ذاك اللقاء .. جلست لتعقد كفيها ببعضهما : خير ؟

زفر انفاسه ناظر اليها : شهد انتي تحبيني ؟

ما هذا السؤال ؟ الذي يطرحه على مسامعها في هذه اللحظة المشحونة بالتوتر .. ابتسمت على مضض : انت تعرف الجواب .

-
واللي يحب يسوي سواتج ..

عيونها اسالت دموعها لتطأطأ رأسها .. هي خجلى .. فما ان تتذكر ما كان حتى تغرق في بحر من الحياء من تلك التصرفات الطفولية .. صمت مريب استمر لثواني .. ليردف : ليش ما تردين ؟ وين راح اللسانج اللي كان يعق علي الكلام اللي مثل السم واسكت ..

تابع حديثه معاتبا لها .. يذكرها بكلماتها الجارحة له .. ويذكرها بتلك التي رضت بالزواج لاجلها كما تعتقد هي .. يعيد كل شيء وهي صامتة .. فكيف تجيبه .. وهي تعلم بأنها مخطأة من رأسها الى اخمص قدميها .. لم يوقفه عن الحديث الا شهقة بكاء لم تستطع كتمانها اكثر .. ليقف ويجلس بجانبها : شهد .. ليش تصيحين الحين .. غلطت فشيء ؟

هزت رأسها لتنطق اخيرا :سامحني .. بس الغيرة ذبحتني والله .. نسيت كل شيء وما كنت اشوف شيء غير اني بخسرك بسببها التفتت لهكنت غبية .. انا من يوم يومي غبية ..

رفع حاجبه : تعترفين يعني ؟

هزت رأسها بنعم : هيه .. غبية ولا استاهلك .. حتى لو تطلقني من حقك ..

استقام واقفا : انزين ..

لتنظر اليه هي بخوف .. سيطلقها .. هذا ما دار في خلدها .. لتمسح دموعها وتقف وبرجفة شفاة : شو انزين ..

احتظن وجهها .. ونظر في عينيها : جهزي اغراضج واغراض منصور .. بنرد البيت .. باكر مسوين عزيمة لهجوره واباج تكونين ويانا ..

اتبتسم ام تبكي .. ام ماذا تفعل .. ستعود .. حتى وان كان سيعيدها لاجل هاجر .. المهم ستعود اليه .. تمتمت بـ " ان شاء الله " وسرعان ما اختفت من امامه .. لا ينكر بانه اشتاق لوجودها بجانبه .. لكن عليها ان تعلم بان طارق ليس دائما ذاك الشخص الذي يحب الضحك .. فهناك شخصية اخرى لا ترضا بالخطأ .. ولقد اعطاها فكرة جيدة عنها .. لتضع الحسبان لاي تصرفات ستقوم بها مستقبلا .. فارخاء الحبل دائما لا يأتي الا بالمشكلات .. فليتم الشد والارخاء بتواتر ليبقى الاتزان قائما .. درسا تعلمه هو وتعلمته هي ..

,،

يوم آخر يقودها الى القدر المحتوم .. تتنفس فيه ذرات التفكير العقيم .. يوم مختلف باصرار من والدها الذي بكت في حضنه تلك الليلة .. وحالها يقول : لماذا تضعني في مكان من الصعب ان ابت فيه بشيء .. لماذا ترميني وسط اختبار صعب لا اعلم كيف اجيب على اسئلته .. يومها ظنوا بانها تبكي لشوقها لوالدها .. الا طارق الذي يعلم بانها تعلم بسببه هو .. يشعر بحيرتها .. وبصعوبة اتخاذ قراراها ..
وقفت ترتب نفسها .. ترفع شعرها للاعلى .. وتبدأ بوضع لمسات التجميل على وجهها الشاحب .. تراه مختلفا .. ناضجا عن ذي قبل .. ومتعب الى حد الاصفرار .. وقفت تلك تنظر اليها وهي شاردة تحرك الفرشاة على وجنتها بهدوء .. اقتربت منها لتضع يدها على كتفها : هاجر شو بلاج ؟ من يوم ما رديتي وانتي مب هاجر اللي نعرفها .. خالتي تقول انج كبرتي وعقلتي .. وابويه يقول ان الغربة علمتج .. بس انا حاسه ان شيء فيج مب طايعة تقولينه .. شيء يخليج تصيحين فالليل بعد ما تظنين اني راقدة ..

قبضتها على الفرشاة وطأطأت رأسها : ريم .. انتي ليش وافقتي ع سعود .. وليش رفضتي عبد الله .. وانتي تعرفين انه يموت فيج ..

تنهدت وهي تتكأ بمؤخرتها على حافة " التسريحة " : مادري .. بس انا استخرت وحسيت براحة لسعود .. وحاسه اني ما بندم فيوم .. يكفي انه انسان راقي بتعامله .. انسان غير ما شفت مثله – ابتسمت – باقي يومين واكون عنده .. وكنت اظن ان طلاقي من سعيد بيخليني فبيت اهلي الين اموت .. بس دايم نظن اشياء وتصير اشياء ثانية ..

كانت تتحدث وتلك تستمع لها .. ترى في عينيها بريقا مختلفا .. هناك ضحكات تتراقص في محجريها .. ونغمات فرح تخرج مع حروف الكلمات من شفتيها .. ريم مختلفة عن ذي قبل .. شيء ما اجتاح حياتها ليقلبها لفرح غريب .. يظهر في ادق ما تقوم به .. ايعقل ان يكون سعود ؟ .. هذا ما تبارد الى عقلها وهي تنظر اليها .. لتبتسم تلك .. تمسح دمعة غافلة هاجر منسلة على وجنتها : قولي يا رب .. وهو يهون اللي فيج .. ياللا استعيلي .. الحين الناس بيوصلون والله يعينج ع الحريم ..




ضحكت لتضحك الاخرى معها .. خرجت ريم لتتنهد من جديد .. تعيد ترتيب ما بعثرته الدموع .. وتقف تبتعد عن المكان مرددة تلك الجملة " يا رب " .. خرجت لتلتقي بشهد تحمل منصور .. تمسك وجنته : يا حلاته .. كبر وانا بعيده عنه .. ما اشوفه الا بالصور ..


- بشله لعمي .. تنزلين وياي ..


- بس ابويه اكيد عنده ناس الحين ..


رفعت كتفيها : مادري .. طارق قالي اخذه لعمي .. اذا عنده حد برده ..
نزلتا للاسفل .. ووالدتها منشغله في ترتيب كل شيء مع تلك الخادمة .. وميثة تساعد بما تستطيع .. ابتسمت وهي تقف : محتايات مساعدة ..


" لا فديتج " .. قالتها مريم .. لتقترب منها هاجر : امايه الحين ليش مسوين هالعزومة .. انا كنت بعزم ربيعاتي ع بوفيه مفتوح مب ذبايح وحاله ..


- عقب عرس ريم ان شاء الله سوي اللي تبينه .. هذي العزومة ابوج مسوينها ..


التفتن الى الصوت الذي يبعثر التحية .. خالتها وابنتيها .. مؤكد ان احمد هنا ايضا .. فلقد عاد في نفس يوم رجوعها .. ابتسمت وهي تقبل خالتها .. لتمتعض على كلامها : حيالله عروستنا .. الحمد لله ع السلامه .


ابتسمت على مضض : الله يسلمج خالوه ..


كلما ارادت الابتعاد يظهر لها شيء يعيدها .. كمن يحاول يخرج من عرض البحر وتأتي موجة تعيده اليه .. نظرات النساء لها .. وتهامسات تسمعها بنية ان تكون لابناءهن .. ما بال هؤلاء النسوة .. بالامس كانن يتقاذفن الحديث السيء عنها حتى ابكن عيون والدتها .. واليوم بعد ما عرف السبب يأتين يحاولن اخذها لابناءهن .. الا يعلمن بان قلبها مشمع بالشمع الاحمر لشخص كان .. تحاول مرارا ان تذيب ذاك الشمع ولا تقوى .. جلست بجوار والدتها وعن يمينها فاطمة ..وريم تجلس بعيدا في حجرها منصور تلاعبه وتطعمه " زبادي " .. قامت فاطمة لتسألها بهمس : ع وين ؟


ردت عليها هامسة : اريد ريومه فموضوع ..


تابعتهما بنظراتها .. والنساء يخرجن تباعن مستأذنات بعد مأدبة الغداء تلك .. لم يبقى احد الا خالتها وبناتها سارة والعنود وروضة لم تأتي .. وبضع من جارات مريم ..


زفرت انفاسها وهي تجلس على السرير .. لتغلق تلك الباب وتجلس على السرير مقابلها : شو بلاج فطوم ؟


تلعثمت فهي لا تعرف ماذا تقول .. لتستطرد تلك اسئلتها : مب مرتاحة وييا فهد ؟ ..


هزت رأسها نافية لتردف تلك : عيل شو فيج ؟


بتردد : ريم .. حاسه اني مب عارفه كيف اتصرف .. واايد مقصرة فحقه .. ما اعرف شيء عن هالحياة .. هو يحاول وياي بس مشاعري متلخبطة .. وهو يظن اني مستحية من حالته ..


امسكت كفيها لتلتفت لها : فطوم .. فهالحالات لازم تخلين قلبج هو اللي يتكلم مب عقلج .. وانتوا صارلكم شهور ويا بعض المفروض تعرفينه وتفهمينه ..


- ما اعرف .. هو طيب واايد . مرات استحي منه لاني ما اعرف اتصرف صح .. مب فاهمة شيء ..


- قلبج شو يقولج فطوم ؟ تحبينه ؟


سكتت .. ثم ابتسمت : اشتاقله اذا رحت لبيت اهلي .. وما اطول عندهم مرات ابات ليله ومرات لا .. والحين متضايقه لانه بيسافر عشان يحضر مؤتمر فماليزيا ..


" سافري وياه " .. قالتها بعفوية .. ليتجهم وجه الاخرى .. وتكمل هي : انتي تستحين تظهرين وياه لانه ع كرسي ..


اناملها تعانق ذقنها لترفع وجهها .. وتبان عيونها الغارقة بالدموع : ليش تصيحين ؟ .. فطوم الانسان ما ينحكم عليه بجسمه .. شوفي قلبه بيكفيج عن كل شيء .. عودي نفسج ع الجرأة .. الحياة الزوجية محتايه جرأة في واايد امور .. المستحى احيانا يدمر الوحدة منا بدون ما نحس .. كسري خوفج .. مثلي .. كسرت خوفي من الريايل .. وهو السبب .. ما شفت عمره الكبير ولا شفت انه ابو لولد كبير معاق .. ما شفت كل هالاشياء .. اللي شفته قلبه .. اخلاقه .. والله يا فاطمة ان الريال اذا عنده قلب واخلاق صدقيني بيكفيج عن اي عيب جسدي فيه ..


رن هاتفها لتسحب حقيبتها : هذا فهد .


ابتسمت لها : ردي .. وابدي وياه صفحة يديدة ..


وضعت السماعة في اذنها : الو .. هلا فهد .. لا بعدني فبيت عمي .. انزين ليش معصب .. بعدنا العصر .. اوكي ما بتاخر .. باي ..
انزلت السماعة : معصب اونه تاخرت ..


ضحكت تلك لتردف : وتقولين ما تعرفين تتعاملين وياه .. اقول فطوم روحي بيتج ,, وانتي فالطريق خطفي خذيلج شيء ..


هزت رأسها باستغراب : شيء مثل شو ..


وقفت : مثل هدية صلح .. اقول فطوم خلج رومنسية شوي .. واذا ما تعرفين اقري كتب .. انا بروح اشوف من بقى عندنا .. مب حلوة اخليهن ..


وقفت الاخرى : صبري بيي وياج .. ووصليني للباب ..


مشت بجوارها لتهمس في اذنها : انزين شو اشتريله.


رفعت تلك نظرها للاعلى تطلب الصبر : فطوم انتي غبية .. والا تتغيبين .. ما اقول الا الله يعين طالباتج عليج ..


ضربتها بلطف على كتفها : ريمووه لا تكسرين مياديف..


- انتي يدفي بالاول عشان اكسرهن .. اقول روحي لبيتكم ترا عقلي اريده وراي ريال محتايله ..


- حشا لا حيا ولا حشيمة ..


لتضحك تلك وهي تقبلها مودعة .. وتتمنى لها ليلة سعيدة ..





, ،


يـتـبــع |~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:18 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
http://up.graaam.com/forums/616798/01353762623.gif
,،


قادت سيارتها واذا بها تتوقف عند احد الـ" مولات " .. تشعر بتوتر غريب .. هي لا تجيد فن الرومنسية .. كمثله هو .. الذي يحرجها اسلوبه كثيرا .. تجولت بين المحلات .. لم تهدي هدية لاحد يوما .. او بالاحرى لم تهدي رجلا هدية .. اتشتري له عطر .. ام ساعة جميلة .. او بلوزة قطنية للشتاء .. ولكنها لا تعرف مقاسه .. تنهدت .. وهي تعيد التفكير .. وسرعان ما مرت الساعات ليصدح هاتفها من جديد .. لتضع يدها على فيها وتحدث نفسها : يا ويلي نسيته ..



سبابته تطرق جانب " الكنبة " التي يجلس عليها .. لترد اخيرا : وينج .. كلها ساعة واكون فالبيت والحين بتوصل ست ..



- اسفه انشغلت شوي ..



- فطوم ما اريدج تسوقين فاليل بروحج .. الحين تخلين كل اللي فيدج وترجعين البيت .. اصلا ما كان لازم اخليج تروحين بروحج ..



عاتبها مطولا .. ليغلق الهاتف مع تنهيدة .. ويرفع جهازه ليعد مقالا لهذا الاسبوع .. لا يعلم لماذا فكره مشتت هذه الليلة .. منذ ساعات يحاول ان يكتب شيء ولم يجد .. مر الوقت بين فكرة تكتب واخرى تمسح .. حتى دخلت هي ملقية السلام .. ليرد عليها : وين كنتي كل هالوقت .. لا تقوليلي فبيت عمج .. لان مب معقولة عزيمة غدا تبقى لفليل ..



عضت على شفتها السفلة .. وبنبرة خافتة : شو بلاك اليوم معصب ..



استغفر ربه : اخاف عليج فطوم .. لهالدرجة ما تفهمين ..



تخطته لتجلس بجانبه بعد ان وضعت حقيبتها على الطاولة امامهما : فهد .. بقولك شيء .. واريدك تفهمني .. والله يا فهد اني فاهمه عليك .. بس مرات اخاف ان فهمي للي تسويه غلط .. او احساسي يخوني .. انا جذي .. ما اقدر اعبر عن اللي فداخلي .. ما اعرف اقول كلام حلو ..



بارتجافة واضحة له مدت كفيها لتمسك بكفه الايسر : اريدك تعلمني .. اشياء واايد ما تعلمتها .. ما تعلمت كيف اتعامل مع الغير .. كيف افهمهم .. كيف اعبر عن مشاعري لهم ..



سحبت يديها لتسحب حقيبتها وتخرج علبة صغيرة تمدها له : هذي لك .. كنت فالمول .. انت باكر بتسافر .. وبتكون بروحك فالمؤتمر .. اريد هذي تكون وياك ..



فتحها ليفاجأ بساعة سوداء جميلة .. لينطق : ليش ؟



نزلت دموعها لتجيبه وهي تدفن نفسها في حضنه : عشان تحس اني وياك ..
وتكمل : وعشان ما تظلمني مثل ما ظلمتني قبل ..



عقد حاجبيه ليبعدها عن صدره : متى ظلمتج .. ؟



وقفت وهي تمسح دموعها : يوم انك انتقدت كتابي ..



امسكها من معصمها ليجبرها على الجلوس : شو دراج ؟



بتوتر وهي تسحب يدها من يده : كنت ارتب مكتبك ولقيت اوراق فيه مقالات بخط ايدك .. عرفت انك انت المغترب..



- من متى ؟



ازدردت ريقها : من شهر يمكن .. ما اذكر .. لا تخاف محد بيعرف بهالشيء .. بس ياليت تكون الصورة وضحت لك اكثر عقب ما عرفت اللي كتب ذاك الكلام ..



" تسافرين وياي " .. قالها لتصمت .. تنظر الى عينيه .. وحديث تلك يعود اليها .. لتبدأ من جديد عليها ان تقلب الصفحة .. وتبدأ بصفحة جديدة .. عليها ان تكسر خوفها .. وترميه بعيدا .. ابتسمت لتهز رأسها بالموافقة .. ستبدأ معه حياة جديدة .. ستعرفه اكثر .. قد يكون سفرها معه ليومان خيرة لها .. ولا احد يعلم ما يخبأه القدر له .




,
،

وذاك لا يزال متشبث بافكاره تلك .. ولا يعلم الى اين سيقوده قدره .. الجميع هناك في تلك الصالة الا هو .. لا يزال في الخارج .. وحديث قديم بين والد سناء وبين راشد احال الجلسة الى نقاشات غاضبة .. ويهيل بالاتهامات تارة على زوجته وتارة على ابنيه .. لينطق بدر : وشو تبانا نسوي يومها .. احنا وصلنا البيت وهو كان طايح فيها ضرب ..



يشير بيده لمايد : ولو ما تدخل هذا كنت ما تحركت .. وكان قتلها وقتل اخوك ..



تنهد : ما صارلي شيء كم غرزه وراح اليرح ..



- وهي .. وسوالف ابوها وتهديداته انه بيتوح اخوك السجن .. شو تباني اسوي فيها .



تحوقل بدر وهو يقف : ابويه الحين احنا شو دخلنا – نظر للباب الذي ولج منه سعيد – هذا هو سعيد تصرف وياه ..



رفع حاجبه : خير .. اشوفكم متيمعين .. ليكون تحلون مشكلة الشرق الاوسط ..



وقف غاضبا من تهكمه : ولك عين بعد تطنز .. روح شوف المصيبة اللي دخلت عمرك فيها .. روح تصرف ويا ابوها اللي بيعقك فالسجن من سواتك ..



بغضب كغضب والده : خله يشتكي .. ويحطي اسم بنته ع كل السان .. بنته الخاينه .. وما بيقدر يسوي شيء لان القانون وياي مب وياه ..



تهكم ضاحكا : لا واثق .. ترى البنت وبوها يحلفون ايامين ان الولد ولدك .. وانت قتلته ..



" كذابه الا هي " صرخ بها ليردف : الخايسة يايبتلي ولد بالحرام عشان تعلقه برقبتي .. تظن اني مغفل وغبي .. خلها تروح تشتكي وتفضح نفسها ..



اقترب منه يمسكه من ذراعه : انت ما تفهم ..



نفض يد والده بعنف : هيه ما افهم .. لانكم انتوا كل همكم كلام الناس .. ما همك اذا حرمة ولدكم شريفه او لا .. عرفوا يضحكون عليكم بكم كلمة وصدقتوهم .. بس والله ما اردها لو تحفى ريولها ..



- تردها ؟ - نظر الى زوجته ومن ثم ابناءه – سمعي ولدج .. سمعوا اخوكم شو يقولنظر اليه – هي واهلها متاكدين من كلامهم مليون بالمية .. وانت روح دورلك حل ويا عصبيتك الزايدة .. تسببت بمشاكل لي ويا اخوي بسبب اسلوبك الوسخ ويا ريم .. والحين ياي تسببلي مشاكل ويا اهل سناء .. اطلع من بيتي ولا ترجع الا وانت حال هالمشكلة .. البنت متضرره ويهددون ان ما بينك وبينهم الا المحاكم ..



استمر التهكم بينهما طويلا .. حتى انسحب مايد وتبعه بدر .. فالحديث تشعب لصراخ مستفز ... ليخرج ذاك بعدها .. يطن في رأسه تأكيد والده انها بريئة .. وكيف يعقل ما يقال .. هو لا يمكن ان يأتي باطفال .. وهي كانت حامل .. صوتها وصراخها وهي تقسم تحت رجليه بانه طفله طرق رأسه .. عليه ان يتأكد قبل ان يقدم على اي فعل .. توقفت عجلات سيارته امام تلك العيادة .. ليترجل وفي عقلة نية بدحض اتهامات سناء ووالدها .. انتظر طويلا في تلك القاعة .. وعقلة يعمل في خطط لا حصر لها .. لا يهم ان علموا بانه عقيم . المهم ان يضع حدا لكلام تلك .. مر وقت الانتظار دون ان يشعر به .. ليدخل على ذاك الطبيب .. يسأله عن تحاليل قام بها لديهم منذ اشهر خلت .. ليبدأ البحث في الملفات وهو ترتسم على وجهه ابتسامة خبيثة .. دخلت الممرضة وبيدها الملف الخاص بسعيد .. ليردد ذاك الطبيب الهندي : كل شي تمام .. ما في عندك مشكلة ..



لتجحظ عينيه ويصرخ : انت شو يالس تقول .. كيف ما في مشكلة .. والدكتور اللي كان هني وسوى لي التحاليل قال اني عقيم ..



-لحظة..



قام واقفا ليخرج من مكتبه .. يجب ان يتاكد من كلام سعيد .. وذاك الطبيب في اجازة الان .. تاخر بالعودة وذاك ينفث انفاس حارقة .. اذا كان خطأ فهو قد قتل ابنه .. هز رأسه يحاول ان يبعد تلك الوسوسات الشيطانية .. ليدخل ذاك من جديد .. ويجلس والاخر يشد انتباهه له : شوف .. الدكتور اللي يسوي لك تحليل قبل .. يقول ان كان في غلط في ملف مال انت .. في اسم واحد يشبه اسم انت سعيد راشد .. هم يسون اتصال واجد لك بس انت ما يرد .. فما قدروا يوصلون لك عشان يخبروك ..



- يعني شو ؟



صرخ بها وهو يضرب بقبضته على تلك الطاولة .. ليردف : يعني انا قتلت اولدي .. والله ما اخليكم فحالكم ..



خرج بثورة غضب عارمة .. لا يرى امامه الا سواد حياته .. الطفل الذي انتظره حرم نفسه منه .. بسبب غلطة اسم .. مجرد تشابه اسماء .. ذهنه مشغول بافكار ووساوس لا تهدأ .. وذاك الطريق وكأن هو به وحده .. لا شيء امامه الا صراخ تلك .. وحديث والده .. وتلك الجمل التي القاها ذاك الطبيب الهندي .. لا يرى شيء .. حتى تلك الشاحنة التي اعترضت طريقه .. لم يشعر بها الا وهي قريبة منه قاب قوسين .. ليغيب عن الوعي تحت اطنان حديد وقعت من تلك الشاحنة .. ووجع روح ينهيه وجع جسد لا متناهي .. وانفاس تخرج مرغمة .. وصور باهتة تمر امام عينيه مختلطة برائحة الدماء ..


, ،

حين تقوم بشيء لطالما حلمت به .. تشعر بان الحياة جميعها تضحك لك .. بل ان كل خلية في جسدك تنتشي فرحا .. حتى من فرط فرحتها تحرم عليك النوم .. كما حاله هو .. البارحة لم ينم جيدا .. فاليوم هو اليوم الموعود .. يوما جديد في حياته .. يشعر باختلافه في نبضات قلبه .. حتى في اجواء المنزل .. وفرح والدته .. واهتمام اخواته بترتيب غرفته والاثاث الجديد .. البخور والعطور .. ودعوات والدته على الصباح .. وضحكات شقيقاته على الافطار .. وتهامسهن بسبب تاخره في النوم .. جميع ذاك جعله يبتسم .. وهو يلقي السلام ومن بعدها يقبل رأس والدته : صبحج الله بالخير يالغالية ..

-
يا هلا بالمعرس .. شو بلاك ما قمت من وقت ..

لتنطق احداهن : اكيد من زود الوناسه ما رقد الليل ..

كانت تسخر منه وتشاكسه ليضحك وهو يجيبها : هيه والله يبتيها .. اكيد من زود الوناسة ..

سكبت له احداهن شاي .. ومد يده ليتناوله وهو يستمع لدعاء والدته له بالتوفيق .. وتوصية وكأنه لاول مرة يتزوج .. لينفجروا ضاحكين على تلك الجملة التي القتها شقيقته الكبرى : اووف .. عبالي الا البنات اللي يوصوهن سون جذي ولا تسون جذي ..

قد يكون الرجال اكثر ثباتا في مواقف كهذه .. اما النساء فهن كورقة لطيفة تهزها نسمات الهواء الرقيقة لتحيل مشاعرهن الى ذبذبات متوترة يخالطها فرح وخوف .. وكأن مشاعر جديدة تولد في هذه الاوقات ..

نائمة والغطاء يدثرها بالكامل .. فلم يزرها النعاس الا بعد صلاة الفجر .. وها هو وقت صلاة الظهر يغزو الزمان .. دخلت عليها تسحب الغطاء بعنف : قومي ريمووه .. حرام عليج كل هذا رقاد .. تبين تقابلينه بعيون منفخه .

شهقت وهي تجلس برعب : من صدقج .. عيوني متنفخة الحين ..

ضحكت عليها لتردف : لا ما فيهن شيء .. بس اريد اغربلج مثل ما غربلتيني يوم ملكتـ...

لتبتر كلمتها .. وهي تسحب الغطاء وتنطق : قومي ياللا .. بنصلي الظهر وبنروح نتجهز ..

لتناديها ريم قبل ان تخرج .. ويدها لا تزال على مقبض الباب : هاجر .. انتي تفكرين ترفضين احمد وخايفة ؟

ابتسمت لتلتفت لها : خلينا من هالسالفة ..

رفعت حاجبها : يعني عندج خبر بالموضوع .. شكي فمحله ..

مدت يدها لتساعدها على النهوض من السرير : قومي .. وخلي هالكلام لبعدين .. اليوم فرحتج .. ولازم نفرح ونستانس ..

امسكت بيدها لتنزل عن السرير .. وتتركها تلك مبتعدة .. شعور برهبة استوطنتها .. كانت تعتقد ان الزواج من جديد يبعد الخوف .. الا انه يزداد اكثر عن اول مرة .. كلماتها في هذا اليوم كانت معدودة .. وتلك التحضيرات تزيد نبضات قلبها ..

كل شيء جاهز .. والمنزل بدأ يكتض بالمدعويين .. مع ان العدد قليل جدا الا ان المكان بدى مزدحما جدا .. وذاك يقف بجانب بدر : وين ابوك واخوك عبدالله ؟

بلع ريقه : عبدالله عنده شغل .. ابويه طلع من الصبح وما قالنا وين رايح ..

ليصمت عبد الرحمن .. علم من تلعثم بدر ان تلك مجرد اعذار منه .. ليتركه ويبدأ باستقبال من اتى .. وكيف لذاك العاشق ان يحضر جنازة قلبه .. ايريدون منه ان يستقبل القادمون للتهنئة وقلبه يتوجع ويصرخ دون صوت .. تنهد وهو يتذكر حال اخيه .. وسرعان ما عبس وهو يتذكر حال والده المرتعبة عند خروجه .. لعل اولئك المدعون " انسابه " سيرفعون قضية على سعيد .. ووالده خائف من كلام الناس .. علل كل شيء تحت هذا البند الذي ازعجهم في الايام الماضية ..

طرقات الباب جعلتها ترتعب لتتضارب انفاسها .. لتقف مع انفتاحه .. وتلك تقترب منها تقبلها : الف الف مبروك فديتج ..

ابتسمت من بين ارتجافها : الله يبارك فيج عموتي .. متوترة .. حاسه بخوف ..

ازدحمت الغرفة لوجود فاطمة التي عادت هذا الصباح من تلك السفرة القصيرة .. وهاجر وسارة .. لتردد تلك الاخيرة : شو بلاج تتنافضين .. الله يكون بعونج .. موقف لا تحسدين عليه ..

لتنتشر الضحكات ويزداد توترها : سويره .. يعني هذا بدال ما تكونن لي عون صرتن علي فرعون ..

ضحكن على خوفها .. لتنسحب سارة بعد رنين هاتفها .. زوجها يتصل بها .. حياتها مستقرة معه ومع والدته .. ولا بأس من بعض البهارات بينهما .. ولكن يبقى شيء اجمل يطغى على تلك المناوشات من قبل تلك العمة .. يبقى حبا ترسخ في قلبها وقلبه .. مستعدة هي لتنسى كل شيء للبقاء على ما بينهما ..

هو نفس الشيء الذي يقود ذاك السعود في هذه الاثناء .. يقوده ليراها .. ويجلس معها .. يشم رائحتها عن قرب .. وكفاه تعانق كفيها دون خجل .. يعلم بانها خائفة الآن حد الموت .. فهو يدرك ما مرت به .. وليس من السهل ان تتجاوز كل ذالك بهذه السرعة .. دخل ليراها جالسة .. ويراها وهي تستقيم واقفة .. بيدها باقة ورود تتناسب الوانها مع لون فستانها " البيج " .. و " مكياجها " الخفيف اعطاها جمالا شرقيا رائعا .. اقترب لتقرع طبول قلبها توترا .. وما ان لامست شفتاه جبيتها حتى ارتجفت اطرافها .. تغتصب الابتسامة بين الحين والحين .. وهو بين الفترة واختها يهمس في اذنها محاولا ان يبعد عنها توترها .. تلك الدقائق العشرون كانت كالدهر بالنسبة لها .. واكثر بالنسبة له .. لتنطلق كلمات بدأ المغادرة .. لينظر اليها مبتسما .. يشبك اصابعه في اصابعها وينحني هامسا : بروح اقرب السيارة .. الين تلبسين عبايتج وتتجهزين ..

,،

يــتــبــع|~


♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:18 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
احضان وقبلات تنهال عليها .. وعقلها تسمر في نقطة واحدة .. ان هذه الليلة ستبات في حظن رجل .. لماذا الاحساس الذي كان ارتحل وحل مكانه خوف يرجف عظامها .. بالامس كانت فرِحة واليوم هي عكس ذلك ... حتى انها لا تبات تسمع الا نبضاتها .. ومعمعة نساء وزغاريد .. وهي تقاد وكأن لا ارادة لها .. وحضن جديد عند عتبة الباب من مريم .. وكلمات تهنئة وتوصية .. لتعانق كف عبد الرحمن كفها .. يقبل جبينها .. يبارك لها .. ويمشي معها حيث ذاك الواقف ينتظرها ..

غادرت منزل والدها للمرة الثانية .. وكم امنياتها كبيرة في هذه الحياة الجديدة .. غادرت وعيون عاشق ترقبها من بعيد .. ترقب تلك السيارة التي حملت قلبه بعيدا .. وترميه هو خلف اسوار الماضي المرير .. لا يعلم كم من الوقت ظل قابعا في سيارته تلك .. ما يشعر به حرقة في الجوف .. تتعبه وتأكل روحه .. خسرها للابد .. حرك سيارته مبتعدا .. هائما في الطرقات .. لا يرغب بالعودة الى تلك الشقة التي حلم ان تكون هي فيها يوما .. ابتعد وابتعد .. كما ابتعد فكرة عن ارض الواقع .. ليجد نفسه بعد ساعات امام منزل فهد .. وقدماه بالكاد تحملانه .. رن الجرس مرارا ..

حرك ذاك كرسيه خارجا من غرفته .. وتلك من وراءه : منو ياينا الحين .. انت تتريا حد ؟

" لا " .. قالها وابتعد .. لتقف هي على رأس الدرجات .. تراه يتوجه نحو الباب .. وصوت ترحيب من لسانه .. وصوت ذاك المتعب يتهادى اليها يجبرها على النزول بخوف : سامحني ياينكم فوقت مب مناسب .. تقدر تستضيفني يا فهد ..

" عبدالله " نطقت باسمه وهرولت تدنو منه .. لتردف : عبدالله انت بخير ..

يده يستند بها على جانب الباب .. ليرفع عينيه اليها : تعبان يا فاطمة اريد ارتاح ..

ابتعد ذاك بكرسيه للوراء : فاطمة خذيه للغرفة اللي تحت ..

تأبطت ذراعه تجبره على السير معها : حياك عبود ..

تنظر الى وجهه المنهك حتى اوصلته الى تلك الغرفة ليترك يدها يجر قدميه الى السرير : خليني بروحي فطوم ..

تسمرت مكانها لدقائق .. لترجع خطوتان للوراء .. وبعدها تنسحب .. ليقابلها ذاك بالسؤال عن حاله .. تطوح رأسها بصمت .. ماذا تخبره عن ذاك المجنون العاشق .. ولما عليه هو ان يتحمل توافه حب قديم .. زرعه ذاك في صدره وسقاه حتى بات لا يقوى على حمل جذوره واغصانه .. ابتسم لها : روحي يبيله بجامة من بجاماتي اليديدة .

ابتسمت له : الله يخليك لي .ولا يحرمني منك .

-
روحي قبل لا يرقد الريال ..

اقتربت منه وبسرعة طبعت قبلة على وجنته متمتمة بالشكر له .. لتهرول بعدها مبتعدة .. ويغرق هو في ابتسامة فرح .. يحمد الله ان ما حدث في اليومين الماضيين غير الكثير بينهما .. قربها منه اكثر .. غير من تصرفاتها ولو بشيء بسيط .. التفت وهو يراها تنزل وبيدها احدى " بيجاماته " تمدها اليه : اعطيه هذي ..

هز رأسه بنعم .. لتتركه مبتعدة الى حيث ذاك .. دنت من الغرفة بهدوء .. حتى اذا ما ولجت رأته مستقليا على ظهره .. مغمض عينيه .. وذراع تعانق بطنه واخرى تستريح بجانبه .. اقتربت بهدوء .. واذا باناملها ترتجف على فيها .. اختنقت عبرتها .. لعبرة سالت من جانب عينه .. لتعود بخطواتها للوراء .. فكم صعبا ان ترى دمعة اخيها .. وكم من الصعب ان يعلم هو بانها رأتها .. هرولت لترمي بتلك التي في يدها على الاريكة وتجري تحت نداءات فهد لها .. هاله منظرها .. اراد ان يعرف ما حدث واذا به يحرك كرسية ناحية تلك الغرفة .. وقبل ان يصل .. سمع نحيبه .. ليتراجع .. عليه ان يبقى بمفرده .. ان يتركوه لدموعه .. حث المسير اليها .. هي تحتاج ان يقف معها .. اما ذاك فسيبقى هو مجرد زوج شقيقته .. لن يحبذ تدخله في حياته الا اذا هو ادخله فيها ..

دلف الى غرفته ليراها جالسه على طرف السرير تبكي .. اقترب منها .. لتعانق كفه ركبتها : فطوم ..

شهقت لتجيب من بين دموعها : ذبحوه بعرسهم .. عبدالله ما يستاهل .. والله ما يستاهل ..

-
هذا نصيب يا فطوم .. وعبدالله ريال بيتخطى اللي صار .. بس انتي لا تيبين سيره لريم عن الموضوع ..

-
ما بتكلم .. لا توصيني بشيء عارفتنه .. ريم بعد مالها ذنب .. بس والله كسر خاطري .. الا عبود يا فهد .. الا هو ..


,،

وذاك ينطق " الا سعيد يا رب " .. يجلس في مكتب ذاك الطبيب .. ينتظر اخبارا عن تلك العملية التي اجريت له البارحة.. يقولون ان ضرره كبير .. ليتمتم بالتسبيح .. مؤكد ان الخبر سينتشر اليوم .. فبالامس ادخل هنا .. واليوم اخبر ابنيه وزوجته .. لتبدأ النواح وتترجى الذهاب معه .. لكن هو لم يسمح لها .. فعليه ان يطمأن عليه اولا .. وابناءه انصرفوا احدهم الى عمله والآخر الى جامعته .. قام واقفا لدخول الطبيب .. صافحه ودعاه للجلوس : عم راشد .. انت تعرف ان الضرر اللي صاب ولدك من الحادث كان قوي .. والحمد لله انه نجى .. الحديد اللي طاح عليه من الشاحنه هشم ريله .. ما قدرنا نسوي شيء غير البتر .

جحظت عيناه : قصيتوا ريل ولدي – اغمض عينيه ليتمتم – لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله ..

تنفس الصعداء ليستطرد حديثه : الحمد لله البتر من الركبة .. بيقدر يمشي ع ريل صناعية بكل سهولة .. بس هناك شيء ثاني لازم اخبرك فيه ..

تابع ذاك حديثه .. لتهل عيناه الدمع .. بتر اخر في مكان اخر .. سيحيله لرجل دون ذكوره .. لن يرى له ابناءا .. لن يرى احفادا منه .. كسر ذاك الحديث ظهره ... وكأن جبل رفع ورمي على كاهله .. ليسترجع : انا لله وانا اليه راجعون ..

ويردف وهو يحاول ان يقف : دكتور ما اريد اي حد يعرف باللي قلته لي .. سعيد بس انبترت ريله .. غيره ماشي ..

ليقاطعه : بس لازم يعرف بهالشيء .

تمتم وهو يهم بالخروج : بخبره فوقتها ..

ومشى منكسرا عبر ممرات المشفى .. يشعر بان قدميه لم تعد تقويان على حمله .. ليجلس بتعب على احد كراسي الانتظار في ذاك الممر .. مرت الدقائق ثقيلة .. كيف سيخبره .. كيف سيستطيع ان ينطق بتلك الجملة له .. نطق آه طويلة في داخلة .. لو سمعتها جدران المشفى لتشققت .. وقف وهو يرى ذاك الذي يهرول ناحيته : راشد شخبار سعيد .. ان شاء الله انه بخير ..

-
شو اللي يابك يا عبد الرحمن .. ياي تشمت فولدي .. ياي تبرد قلبك باللي سواه فبنتك .. ياي تتشفى فيه ..

طوح برأسه : افا يا راشد .. ما هقيتها منك وانا من عرفت تركت كل شيء وييتك .. اللي يابني يا راشد الدم اللي يمشي فعروقنا .. اللي يابني اخوة يمعتنا سوى .. حسافة .. حتى باصعب حالاتك تبقى راشد اللي اعرفه .. اسمحلي لان الدم يابني وقالي روح اسأل ع اخوك وولد اخوك .. ووقف وياهم ..

طوح برأسه .. ليدبر عائدا من حيث اتى .. وذاك ينظر اليه بوجع .. وينهار من جديد على ذاك الكرسي .. ليس محتاجا لحديث اخر يزيد من وجعه .. فيكفيه وجع سعيد .. الذي اصبح يشعر به بين جنبات جسده الذي تقدم فالسن ..

,،

وها هي الاقدار تعيد نفسها بشكل مغاير لاناس مختلفين .. وجع يحاول ان يوقف قلبها .. وذاك الح كثيرا على والدتها ليقابلها .. حتى باحت تلك اخيرا بكل شيء لابنتها .. بعد ان غادروا بالامس ضيوفهم وهدأ المكان .. وهاهي على مشارف الفجر ولم يحالفها اغلاق الجفون .. اليوم ستقابله في حضرة والديها .. ماذا عساها تقول .. وهناك خوف من المجهول .. وجرح منه هو لا يزال مفتوح لا يرضا الالتآم .. قامت من سريرها .. لتتوضأ وتناجي ربها .. ولتطلبه يوفقها فيما ستقدم عليه .. وما ان انتهت حتى استلقت على سريرها . لا تعرف كيف غاصت في نومها واحلامها حتى ساعات العصر الاولى ... لتصحو على صوت عمتها .. ليهولها منظر وجهها المتعب .. تتحسس جبينها براحتها وهي تجلس بجانبها : بسم الله الرحمن رحيم .. تعبانه ؟

ازاحت تلك يدها لتجلس الاخرى تشد جذعها على ظهر سريرها .. وتبتسم : لا عموتي .. بس ما رقدت للفير ..

ربتت على فخذها : الله يكون فعونج .. فديتج سوي اللي انتي ترتاحيله ما عليج لا من خالتج ولا امج ولا ابوج .. هذي حياتج انتي .. مب حياتهم – قامت واقفة – قومي صلي الظهر ما باقي شيء ويأذن العصر .. ياللا فديتج ..

نطقت تلك : بتروحين الليلة تشوفين البنات ..

هزت رأسها بلا .. لتردف : خليفة بيرد من السفر .. واكيد بتتغير اشياء برجعته .. ومتأمله رجعت بناتي .. الحين او بعدين .. بس اني ما انجبر ع عيشه ما اريدها ..

تنهدت تلك .. وكأن كلمات عمتها لها هي .. عليها ان لا تجبر نفسها على حياة ستحياها هي لا غيرها .. صلت الظهر .. وقرأت ايات من القرآن بعدها .. حتى دخول وقت صلاة العصر .. لتصليها وتخرج من غرفتها بعدها .. هناك يجلسون جميعهم .. وكأن بها تعيش ما مضى حين اختنقت بفراقه .. عيونهم تحكي نفس النظرات تلك .. نظرات شفقة على الحال .. وهي عليها ان تبتسم .. وتكابر اختناقات قلبها .. القت التحية لتقبل رأس والدها وبعدها رأس والدتها .. وتجلس بجانب عمار : غريبة اليوم مب فالشغل ؟ .. حشا صاير ما تنشاف ..

قاطعتها تلك : احطيلج غدا ..

-
لا ياميه .. مالي نفس بالاكل .. متى ما يعت بكل لا تحاتيني فديتج – لتردف متابعة حديثها مع عمار – شكله رئيسك مأمن منك واايد ..

ضحك ليجيبها : هيه شيء اكيد .. انا عمار ولد عبد الرحمن مب حيالله حد ..

-
الله الله ع الواثق .. خوزوا عنه .. من قده رئيس قسم الحسابات في شركة الجاسم ..

وامتلأ المكان بالضحكات .. لتنكتم حين وصلهم خبر وجود احمد في الخارج على لسان تلك الخادمة .. ليقف عبد الرحمن : يالله .. ييبوا القهوة للميلس .. وبعدين بزقرج انتي وبنتج تيلسن وياه – التفت لعمار – ما بتقوم تسلم ع ولد خالتك ..

-
بعدين .

نطقها ليحث الخطى بعدها صاعدا .. فهو ان جلس معهم قد يقلب الموازين .. وقد يأثر بكلامه على هاجر .. فليدع كل شيء لها .. تتبعته بنظراتها .. لما الجميع يبتعد وهي في امس الحاجة ليد تمسك بيدها .. ايظنون بانها تستطيع اتخاذ قرار مصيري كهذا وحدها .. التفتت على صوت والدتها .. لما الدقائق تمضي سريعا في وقت يود فيه الانسان ان تقف ولا تتحرك .. قامت تتصنع ابتسامة .. وترتب " شيلتها " على رأسها .. ستقابله اليوم بعد غياب سنين .. شعور بوحشة تخلو من الاحاسيس الثابتة ينتابها ..

وهو هناك يجلس .. وبين الفينة واختها يرسم ابتسامة مجاراة لعبد الرحمن .. والتوتر والخوف يعصف فيه كرياح تأبى التوقف .. يطمأن نفسه بأنها ستعذره .. تنهد .. واذا به يقف حين لاحت له خالته ومن وراءها هاجر .. تسمر في مكانه .. وسرعان ما حثى خطاه يقبل رأس مريم .. ويقف بعدها ينظر اليها وينطق : الحمد لله ع السلامة ..

ابتسمت : الله يسلمك .. والحمد لله ع السلامة لك بعد ..

ارتسمت ابتسامة واسعة على وجهه .. فهذا دليل راحة تتهادى اليه .. عاد ادراجه ليجلس بمقابلتهما .. هناك قريب من عبد الرحمن .. الذي نطق : هذي هاجر قدامك .. تكلم معها وقول اللي عندك ..

بدأ حديثه بكلمة سماح .. وهي فقط تستمع لا ترغب بالمقاطعة .. حديثه .. وصوته .. ونبرته الهادئة يعيد لها الم ذكرى جميلة .. تعاند دموعها مرغمة .. وهو يلقي بكلمات لوم على نفسه .. يتبعها باعتذار وتبرير ما قد ستقرره .. وسيعذرها مهما كان ذاك القرار .. متأمل الرجوع .. هذا ما لاحظته بعد ان توقف ينظر اليها بعيون مليئة بالامل .. نظرت اليه واذا بها تنطق : انت علمتني ان الحب مشاركة .. فابسط الاشياء ..

-
هيه بس ..

قاطعته : لا تقاطعني .. مثل ما سمعتلك بدون ما اقاطعك .. لا تقاطعني وخلني اكمل .. فاول اختبار لهالحب نسيت انت درسك الاول لي .. نسيت كلامك ان اذا بغينا نكمل ويا بعض لازم نشارك بعض فكل شيء .. اول ما يتك الفرصة عشان تطبق الدرس شردت .. فضلت انك تاخذ صفر من ميه .. بس عشان محد يسألك من وين وكيف .. يمكن حتى شكيت اني بشك فيك .. اول اختبار عشان نثبت فيه ثقتنا لبعض انت تغيبت عنه .. بعذر مجهول .. والحين ياي تعيد الامتحان يا احمد .. للاسف ناس نجحت وناس رسبت .. وايام واشهور وسنين راحت ..

صمتت تبحث في وجه والدتها الباكي .. ووجه والدها الذي اكفهر .. ووجهه هو الذي غاب للارض .. هدوء جعله ينطق دون ان يرفع بصره : بس انتي تحبيني – رفع نظره اليها – للحين تحبيني حاس بهالشيء ..

ابتسمت له . لتنساب دموعها التي حاولت جاهدة ان تردعها : الحب اللي انت وطيت عليه عشان ثقتك المهتزة في وفنفسك .. ما اريده يا احمد – وقفت – بتبقى ولد خالتي اللي اعزه .. غير هالشيء لا ..

ادبرت خارجه .. بهدوء مغاير عما يجتاحها .. لتجري بمجرد ما وطأت قدماها خارج المجلس .. لا شيء سيوقف عاصفة روحها الا دموعها .. ولا مكان سيحتضنها الا سريرها .. لم تشعر الا بجسدها يتطوح مرتدا .. ويد ذاك تعانق ذراعها : شو صار ؟؟

ارتجفت شفتيها : انتهى كل شيء يا طارق .. كل شيء ..

سحبها اليه .. يدفنها في صدره .. وسرعان ما ابعدته : خلني .. اريد اكون بروحي .. خلوني الله يخليكم ..

ولجت الى غرفتها لتقفل ذاك الباب تتكأعليه بظهرها .. رفعت نظرها لتلمح تلك العلبة تطل عليها من اعلى ذاك الدولاب .. وكأنها تعبث بحنين الماضي .. وتزيد على الجرح جراح .. سحبت " شيلتها " لترميها على سريرها .. وكأن بفعلها تبعد اختناقات انفاسها .. لتجر خطاها تسحب كرسي " التسريحة " وتقف عليه .. لتصل اناملها الى تلك العلبة الصغيرة .. نظرت اليها تعانقها ذرات التراب .. لتتبعثر جراء نفخ الهواء عليها .. وتنزل لتجلس على ركبتيها .. تفتحها ببطئ ليبان ذاك الهاتف العتيق ..وشعرها يتبعثر امام ناظريها .. فتزيحه خلف اذنيها .. وتلك البطاقة الصغيرة .. كدفتي دفتر دون اوراق .. فتحتها .. لتتراقص الحروف امام عينيها ..(هذي اول هدية مني لج ..كتبت رقمي فيه وما حطيت اسم .. وانتي لج كل الحرية فختيار الاسم )..طوتها في يدها .. وعينها على ذاك الهاتف .. شدت بقبضتها اكثر لتندثر معالم تلك البطاقة .. وترميها جانبا .. لتلتقف يدها ذاك الهاتف .. وما هي دقيقة حتى احالته الى شظايا .. ليحمل ذاك الجدار بصمة تدمير ذكرى تحاول هي ان تنتشلها من اعماق عقلها ..

,،

خرج هو يحاول ان يجد مبرارات الرفض تلك .. ويضع الاستحقاق له .. هو يستحق ان تنبذه .. ان تتركه .. خرج يجر خطاه .. وافكاره متشتته .. لا نصيب قيلت له من عبد الرحمن وخالته .. وخوفا في عيونهم من انقطاع قديم قد يتكرر .. ترجل امام باب منزله ليصدح هاتفه من جديد بذاك الرقم الغريب .. سأم من هذا الاتصال الذي لا يكل من العودة .. رد بغضب : الو ..

ليأتيه صوته يسأله ان كان هو احمد .. يتبعه بطلب لمقابلته .. ويضع كل شيء تحت اطار الحياة والموت .. فقط ليستعجل ذاك اللقاء .. ويدعوه الى منزله مع ان الوقت قد تأخر .. جلس في المجلس يحاول ان يستوعب تلك المحادثة .. وما هو الامر المهم .. وكأن بما سيحدث له رحمة من ربه تنتشله من قاع التفكير بها .. صوت سيارة يشرخ سكون الليل .. ليخرج هو يفتح البوابة .. ليلوح له جسد يهرول ناحيته .. يرتدي بنطال " جينز " وبلوزة قطنية .. فجو شتاء هذا العام بارد جدا .. يده تصافح يد احمد : انت احمد عبيد .. ؟

-
وصلت .. حياك داخل ..

استغراب وعلامات استفهام تخيم على رأسه .. ليجلس ذاك رافضا اي ضيافة .. ليردف وهو يخرج تلك الفاتورة من جيبه : تعرف هذي ؟

اخذها من يده ليجلس بجانبه : هذي فاتورة قديمة .. من شركة الحواسيب اللي بلندن .. ليش تسأل ؟

بعيون راجية الكثير : تعرف صاحبة الفاتورة ؟

ليتبعثر امله على رصيف الـ " لا" .. فذاك لا يذكر شيء وحتى انه لا يقابل زبائنه .. انما يوقع على بعض الفواتير المستعجلة لا غير .. طأطأ ذاك رأسه .. فاخر امل تناثر في مهب الريح .. وهو حتى الساعة لم يرى عائلته فقط لوعده ذاك .. سرعان ما مد يده في جيب بنطاله .. ليخرج صورة لها .. قد يذكر وجهها .. امل اخير عليه ان يتشبث به .. مدها له : تعرفها ؟


خطواته بعد ساعات تتسابق على رصيف ذاك المستشفى وكلام احمد يتردد عليه : هذي جوليا .. صارلها حادث اعتداء فشقتها اللي فشارع ........ والحين هي فغيبوبة .. التحقيق انقفل ع ان المعتدين بغوا يسرقون لا غير .. لان الشقه كانت مقلوبه فوق تحت .. ويمكن هي تصدت لهم فضربوها .. اتصلت في قبل ما يغمى عليها .. ونقلتها لمستشفى ....... وهي هناك للحين .. حالتها صعبة يقولون انها فغيبوبة .. يمكن ما تقوم منها ..

اسرع بالخطى اكثر حتى اصبح يجري لا يهرول .. ليقف يلتقط انفاسه عند ذاك الباب .. يغمض عينيه يتمنى ان تكون هي .. وان لا يخيب امله .. فقط يتمنى عودتها حية .. اصابعه تدير قبضة بكرة الباب المعدنية .. ليلج .. وتقابلة تلك الممرضة بابتسامة : انت من اهلها ؟

ليهز رأسه بنعم .. حتى قبل ان يراها .. خرجت تلك ليدلف هو .. يقترب من السرير .. ويظهر له وجهها رويدا رويدا .. ليبتسم .. ويبعثر نظراته على جسمها النحيل الذي لا يرى من ذاك السرير .. انحنى يغرق وجهها بالقبل .. على الجبين والوجنتين .. وعلى رأسها .. وصوته يردد : جود .. حبيبتي اخيرا لقيتج ..

يده تتحرك على وجهها الشاحب .. لا يصدق ما قاله احمد بانها ستبقى في سبات طويل .. ولا يصدق كلام ذاك الطبيب الذي اكد ما قاله احمد .. كل ما يتمناه الان هو ان يعود بها الى الامارات .. وهناك ستعود لهم جود التي يعرفونها .. جود لن تفقد ذاكرتها .. جود لن تختفي خلف اغلاق الجفون .. سيبقى معها ولن يتركها ابدا .. انحنى ليهمس : جود .. بنرجع لبلاد .. عشان امج تشوفج .. ما تبين تقومين وتشوفينها .. وترقدين فحضنها ..

وكأنه بحديثه سيوقضها .. سيرجعها الشوق من خلال حروفه المتبعثرة الى الحياة من جديد ..


,،

يـتــبــع|~

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:19 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
حين تكون حياة عزيز على المحك .. وانت لا حول لك ولا قوة الا الدعاء لله .. تشعر بوهن .. تترقب بخوف .. حتى احلامك تكون مزدحمة بوجهه .. وكأنها تحاول ان تذكره بعدم النسيان .. وصلا يوم امس للملكة السعودية واليوم منذ الصباح وهم يجرون لها تحالليل واشعة وغيرها .. اجتمع بالطبيب الذي سيجري لها تلك العملية التي ارقتهما كثيرا .. ليطمأنه ولكن لن ينتشل ذاك باكمله في الوقت الراهن .. وذاكرتها محتاجة لوقت حتى تعود .. تحتاج لصبر من قبله هو .. ليتسائل لما لا يستأصلونه كاملا .. ليأتيه الرد بسبب جسدها الضعيف .. سيحاولون السيطرة على الجزء البسيط الذي سيتركونه لجراحة اخرى .. ذاك الجزء لا تصل نسبته لاكثر من 10 % من الحجم الكلي لذاك الورم .. ابتسامة ذاك الطبيب والثقة الكبيرة في كلامه اراحته .. ليلج الى غرفتها وهو يبتسم .. يقبل جبينها ومن ثم وجنتيها . لتغرق في خجل اعتاده منها في الآونة الاخيرة .. جلس بجانبها .. ليقابل ظهرها صدره .. ويطوقها بذراعيه من وسطها .. ويرد على سؤالها المليء بالخوف : متى بيسون العملية .. تعبت اليوم من كثر التحاليل اللي سواها ..

دس انفه في شعرها يشم رائحته : باكر ان شاء الله ..

شدت باناملها الضعيفة على ذراعه .. ليشعر بخوفها .. ويشدها اليه اكثر : خولة .. اباج تسامحيني .. يمكن كل اللي انتي فيه الحين بسببي .. شغلي وابتعادي عنج خلى صحتج تتدهور ..

هزت رأسها : مسامحتنك بس اوعدني ما تخليني بروحي .. والله خايفة .. انت وبس اللي وياي .. حتى هذيلاك اللي قالوا انهم خواني ما يوا معنا ..

" مشغولين لا تلومينهم " نطقها .. وسكت .. لا حديث يقال عبر الحروف .. هناك حديث اخر تعبر عنه انفاسهما المتضاربة .. ودقات قلبيهما التي يشعر بها كل منهما .. اراحت رأسها على صدره اكثر .. لتغمض عينيها .. غدا ليس ببعيد ..

لم يرتح البارحة في نومه .. فهي باتت تستحوذ على تفكيره .. الخوف من الفقد من جديد يأرقه .. وسقوط والده وانتشار خبر اعتقاله يزيد من تفكيره .. يعلم بان الجميع يدرك بان علاقته مع والده لم تكن بتلك القوة .. ليأخذوه بجرائر والده .. ولكن لا بد من الخوف مع ان سلطان طمأنه بان العمل يسير على خير ما يرام .. تنهد وهو ينظر لمعصمه .. ويرقب الساعة الحائطية .. لعل هناك خطأ في توقيتها .. الا ان الخطأ لا يوجد .. منذ ساعتان وهم هناك معها .. فتح كفه لتتدلى تلك الهدية التي تذكره بذاك .. اغلى ما لديه .. وسيعطيها لها من جديد .. فقط تفيق هي وتكون بخير .. دسها في جيبه .. ليسحب دفترها .. احضره معه لعله يعيد لها شيء من هلوسات ماضيها الجميل .. وشيء من حبها الذي دونته .. قرأ بعض خواطرها .. ولم يجد نفسه الا ويده تسحب القلم المرصع ببعض الاحجار الكريمة من جيب قميصه .. ويقلب تلك الصفحة ويخط كلمات متراصة :

على جدران قلبك سأخط قصائدي

وأعزف هلوستك سمفونية



وترقص خفقات قلبينا سويا

وتمرح نظراتنا بين المروج

وتعانق اشواقنا بعضها

بلهفة صدقٍ

وغمرة عشقٍ ,

وثورة توقٍ

فوق تلال العقيق .

***
نسافر فوق سحاب الأماني

ونترك تلك الخيول

ونرحل ... نرحل بعيدً

نحو الفضاء

هنالك حيث لا حقد يوجد ..

ولا حسد يولد

ولا ( عاذلين )..

والبدر مرآة
وجهك

والشمس وصيفٌ لليلك...

وهنالك سنبني على الـ ( مشتري ) من النجم
قصرً

به بستان حبٌ وعشقا

وعِنبً وعَنبا

ورمان شوقٍ

وتوت مودة .

ونبني على القصر سوراً



سوراً من النور



وحصنً من الشهب و(النيزك )

فلا يقربنَّ انسٌ وجان.

***

سأقسم أني سأمضي حياتي بقربك

فهل تقسمين؟

سأقسم أني فارس أحلامك المستحيل

فهل تقبلين .؟

سأقسم حتى يضل حديثي كله ولاء



***



سأجلب لك الكوكب الدر عرشً

وفينوس و الثريا خادمات لديكِ



لكي تظلين انت ( الأميرة ) بين النجوم

لكي تصدقين إن قلت انك لست ملاك

ولست ببشرٍ...!

وأنك أنتِ (ست) النجوم



***


ويظل اسمك رمزالأنوثة

ورمز الجمال

ورمز الكمال في كل (منهج)

ورمز التكافئ بين المستحيل والمستحيل



وأنا أظل رمز الجنون ...

فهل تقبلين ......؟


بقلم : بؤس كادح ( عنتريهر سابقا )


فهي انثاه المستحيلة التي استطاعت كسر قيود الماضي التي احاطت به سنين خلت .. خطها وهو يبتسم .. سيتركها لتقرأها لعلها تعلم انها ليست لها .. وان علمت ذلك فسيخبرها ان هو من خطها لتقرأها هي يوما ..

,،

تمر الايام دون ان نشعر بها .. تاخذنا لطرق تصدمنا فيها احيانا .. واحيانا اخرى تكون هادئة رتيبة .. تغيراتها طفيفة .. واحيانا تكون تلك التغيرات كطفرة هائلة .. كاعصار هاج في ليلة وضحاها .. ليغير كل ما يصادفه .. تتوالى ايامنا تلك .. ومعها نطوي صفحات كثيرة بحلوها ومرها .. ننسى احداث ونخزن احداث في صناديق الذكريات حتى تزدحم فتفيض فتتبعثر .. وقد لا تمتلئ الا بالقليل من امورنا .. ونظن بان لنا ذكرى تستحق ان نبقيها .. ونتفاجأ بان ذكريات الغير اقوى منها .. فنبحث عن ذكريات اعمق .. اختفت بين الزحام ..

ومع تلك الايام ومسيرها تتغير نفوس .. وتتبدل شخوص .. كهو .. الذي اضحى بعيدا عن موجات الغضب العارمة .. انتهى اجتماعه مع المساهيمن في ذاك المشروع .. الذي لم يبقى على افتتاحه الا ايام معدودة .. ليقف ويقف معه سيف .. يلملم بعض الاوراق : براجعهن فالبيت .. لازم اطلع ..

-
بتروح تزورها ؟

" اكيد " نطقها وهو يغير مكانه ليجلس خلف كرسي مكتبه يخرج اوراق اخرى من احد الادراج .. ليردف : ما بمل من زيارتها .. بخبرها بكل شيء يصير وياي .. اكيد بتقوم وبتسألني شو سويت ..

جلس : عمتي كل يوم عندها الصبح .. والدكتور يقولكم ما في داعي لكثر الزيارات وتعبكم .. متى ما بتقوم بيخبروكم .. وبعدين انت مب ناوي تكمل نص دينك .. ترا عمتي تقولي اقنعك ..

قهقه : ما بعرس الا عقب ما تقوم جود .. وهي اللي بتختاري العروس .. ياللا عن اذنك ..

طوح ذاك برأسه .. فهذا حاله منذ اشهر مضت .. لا يكل من زيارتها يوميا .. في اوقات الزيارة المسائية .. وتلك والدتها تزورها في الصباح ..

وصل ليجر خطاه الى غرفتها .. الجميع صار يعرفه .. وكأنه ساكن من سكان ذاك المكان .. لا زائر لمريضة لا احد يعلم متى ستترك سيريرها ذاك .. ولج الى غرفتها : وصلت ..

يقترب منها يقبل جبينها : اعرف انج يالسه تتريني .. ما تبين تقومين وتشوفيني .. امي تقول اني صرت اشبه ابوي الله يرحمه واايد ..

سحب الكرسي ليجلس بجانبها : جود .. بعد ايام بنفتتح المشروع اللي بديت فيه .. اول مشروع كبير اسويه من يوم خذت مكان ابوي – يده تعانق كفها النحيلة – بخبرج شيء .. تعرفين ابراهيم الـ ... .. اكيد تعرفينه كان دايم مع ابويه الله يرحمه فصفقاته وتجارته .. عياله الاثنين طلبوا رنيم وجواهر .. الصراحة ما يعيبهم شيء .. انتي شو رايج ؟ - ابتسم – اكيد بتوافقين .. لانج تتمنين لهن الخير ..

ضحكك بمرارة ليردف : اليوم سيف يقولي ليش ما اعرس .. ما يدرون اني اريدج انتي تختارين عروستي ..

سكت وكأن هناك غصة تمنع خروج تلك الاحرف .. ودموع تحجرت في العيون .. يحرك اصابعها باصابعه .. ليتنهد الما .. وعدها بانه سيحميها .. ولم يفعل .. شعور بالذنب بدأ يغزو حياته كما غزى حياة ذاك الجاسم من قبله .. رفع كفها يقبله .. ويقف بعدها .. ينحني عليها .. تتسلل اصابعه بين خصلات شعرها : شعرج كبر .. طالع وايد حلو عليج .. ما بسمحلج تقصينه يوم توعين – صمت ليردف بوجع – جود حاس بنار الذنب تاكلني يوم ورى يوم .. ريحيني وقومي .. ترى ما بسامح نفسي الين تقومين وتقولين سامحتك ..

انحنى اكثر ليطبع قبلة على وجنتها : قومي حتى لو بدون ذاكرتج .. المهم تقومين .. واحنا بنرجعلج اللي بتنسينه .. بس قومي ..

ابتسم على مضض .. ليمسح على شعرها بكفه .. ويدبر خارجا .. لم ينتبه لحركة يدها الخفيفة .. وحركة عينيها .. لعلها تفيق بدون ذاكرتها تلك .. ولعلها مجرد حركات لا ارادية اعتادوا سماعها من ذاك الطبيب .. ابتعد تاركا في قلبه امل برجوعها .. ويوم سيأتي لتعود هي اليهم كما كانت ..

,،

هكذا هي حياتنا بين المحطات متنقلة .. بين ذكرى ورحيل ورجوع .. تخطو بقدميها في المكان لتقف تتأمل شكلها امام تلك المرآة .. شعرها قصير ليس كما كان .. ورحلة العلاج تلك ارهقتها .. وتبدأ عملية اخرى قريبا .. لينتشل ذاك المتطفل من جذوره .. اقتربت حتى بات وجهها قريبا جدا .. لم تشعر به يقف يرقبها .. وكأن الزمان يعيد اول ليلة لها في منزله .. كتف ذراعيه يتأمل حركات اناملها على وجهها .. وتقطيبة جبين حين تحسست مكان الجرح .. دنى منها حتى رأت انعكاس صورته امامها .. ليتمتم : بتبقين فنظري حلوة .. والتعب بيروح مع الايام .. يكفيني الحين انج بديتي تذكريني .. وتذكرين اشياء واايد من حياتج ..

ادارها ناحيته .. لتتحرك انامله في شعرها .. وعيناها ترقب نظرة عينه التي تحبها .. بها هيام وحب دفين .. وخوف تحسه في ارتعاشة اصابعه بين خصلاتها .. التفت ليرى ذاك الدفتر على السرير .. امسك كفها ومشى معها لناحيته .. جلس ليجلسها على فخذه .. ويسحب ذاك يقلب في اوراقه .. فوجود قلما بجانبه يبشر بخاطرة جديدة : كتبتي شيء .؟

ليبتسم لكلمة باخر خاطرته تلك .. دونتها منذ قليل .. " اجل اقبل " ونقطة بعدها وكأنها تنهي الحديث ..


ابتسمت وهي تسحبه من بين كفيه : لا .. ما اريد اكتب شيء من بعد اللي كتبته .. اريد يكون ختام لهالدفتر .. اذا بكتب بكتب فدفتر يديد هديه منك ..

ابتسم : من عيوني ما طلبتي شيء ..

ابعدها ليقف : بروح مشوار وبرد ع العشى .. اوكي ..

احتضن وجهها وطبع قبلة على وجنتها .. وابتعد عن المكان .. حياته هادئة وهي تزيدها هدوء بشرودها الدائم .. لكنه امر مؤقت كما اخبروه .. وستعود كسابق عهدها مع الوقت .. ركب سيارته لينطلق .. فقبل سفره عليه ان يرى شخصا عزيزا .. بحث عنه طويلا ولم يجده .. وهاتفه اغلقه .. ليحول مسار طريقه الى اخر مكان قد يكون فيه .. مؤكد انه هناك يودعها ..
,،


انام وهمي بين الاضلاع مدفون ,, والعين تذرف من قهرها مطرها
البعـد يذبح واكثر الناس يبكون ,, فرقــى الحبايب للمحبه كسرهــا
ياليت بعض الناس فيني يحسون ,, وياليت كسر النفس بيده جبرها



الابيات لاخوي : عذب الكلام (ابو نورا )



جالسا القرفصاء يناجي قبرها بصمت عجيب .. لم يزره منذ زمن طويل .. ولكن بات يراها في منامه بصورة مختلفة .. وباتت حياته تنسلخ من الماضي الحزين .. كحياة الاخر .. تنسلخ رويدا مع ترك اثار طفيفة صعب ان تنسى .. تنهد : سامحيني يا نوف .. بس هذي سنة الحياة .. واعرف انج تتمنين لي الخير .. كنت عايش معج سبع سنين .. ما اشوف الا انتي .. بس كل شيء تغير .. وبتبقين انتي فالقلب .. اعرف انج مرتاحه لقراري .. يكفيني شوفة ضحكتج فاحلامي .. قبل ما كنت اشوف الا دموعج .. وكانج تقوليلي بسك مني .. وعيش دنيتك ..

التفت على نحنحة .. ليرى ذاك الواقف .. ليقف بدوره .. يصافحه ويمشي معه : كيف عرفت اني هني .. ؟

-
حسيت ..

ادخل كفيه في جيبي ثوبه : لازم نتخطى الحواجز ونمشي فحياتنا ..

-
ندمان انك بتعرس .. وبعد كم يوم ..

هز رأسه لينطق وهو يسحب كمية من الهواء : مب ندمان .. بالعكس يمكن باللي بنسويه بنتخطى اللي صار ويانا ..

-
حاس انك بتظلمها .. ؟

وقف عن المسير حتى تقدمه جاسم بخطوات .. ليقف ذاك ويستدير ناظرا اليه .. ليبتسم ويجيب : لا – تابع سيره – فالبداية حسيت اني بظلمها لاني اشوف نوف فيها .. وابتعدت .. بس الحين لا .. تكلمت معها وعرفتها ماضي .. ما مانعت .. يمكن جرحها بيبرى مع جرحي .. يمكن قربنا خيرة لنا .. محد يدري وين الله كاتبله الخير ..

ابتسم الاخر له .. وتابعا طريقهما .. واحاديث جديدة تدور بينهما .. يتخللها الماضي البعيد والمستقبل القريب .. وضحكات فرح تتبعثر بينهما بين الفينة والاخرى .. لا شيء يدوم الى الابد .. لا شيء سوى وجه الخالق الكريم ..

,،

كما حال تلك الذي لن يدوم .. منذ الصباح وهي تتحرك في المكان لا تهدأ .. حتى انها استعدت قبل الوقت بساعة .. لتجلس بعباءتها مع عمتها .. وتلك تضحك عليها .. فيبدو انها قلقة من تلك التحاليل التي اجرتها بالامس .. لتنطق : يعني لو بقينا وخذنا التحاليل امس مب احسن .. يعني وين بيمدينا اليوم .. وورانا عرس .. والله انه ما يتعييا ( يقتنع ) ..

سحبت حافظة القهوة لتسكب لها فنجانا : لا حول ولا قوة الا بالله .. انتي شو صايرلج .. اليوم والا امس ترى ماشيء بيتغير ..

-
انزين عموتي خلينا نروح الحين .. يمكن زحمة .. الين نوصل بيكون الوقت .. ياللا ..

رجاءها وحالتها تلك اضعفت تلك العجوز .. لتقف بمساعدتها : ياللا خليني اتجهز .. يبتيلي ويع الراس من حنتج ..

ضحكت تلك وهي تقبل راسها : سلامة راسج يالغالية .

بقاء الحال من المحال .. فمن له رب قادر على كل شيء لن يضام .. ارتسمت علامات فرح كثيرة على وجهها وهي تستمع لتلك الطبية .. تعطيها نصائح شتى .. لتتمتم بالحمد بين الفينة والاخرى .. تشعر بانها ستصل لحدود السماء .. تريد ان تبكي ان تضحك .. جميع المشاعر مختلطة في هذه اللحظة .. ظلت صامتة خلف مقود السيارة وتلك العجوز تتكلم في الكثير .. ولعلاجات الاجداد المجدية .. لتبتسم لها تلك دون ان تنبس ببنت شفة ..

نزلتا .. لتساعد ام سعود حتى اوصلتها الى غرفتها .. قبلت رأسها وخرجت تحث الخطى لغرفتها .. رأت نعله (اكرمكم الله ) عند الباب .. اذن فهو هنا .. رمت بعباءتها على السرير وكذلك فعلت بـ" شيلتها " لتتربع عليه تمسك ساقيها تشدهما بفرح .. وتتحدث اليه : سعود انا وصلت ..

طل برأسه وماكينة الحلاقة في يده .. والرغوة تملأ وجهه : بشري ..

ليعود يكمل عمله وتبدأ هي بثرثرة تشوبها سعادة كبيرة : تقول الدختورة اذا استمريت على العلاج بصح .. تدري سألتني من كم سنة مودرة حبوب منع الحمل .. يوم جاوبتها قالتلي شيء حلو .. يعني العلاج ما بيطول .. بس استمر عليه ..

ظلت تتحدث وتتحدث : بسوي كل اللي قالته – ضحكت – امك تريد تسويلي اعشاب ما اذكر شو اسمهن .. بس قلت لها لا .. ما بخذ اي شيء .. يمكن يضرني والا شيء ..

خرج وهو يجفف ذقنه بتلك الفوطة الصغيرة .. ليغير ثوبه امام عينيها .. وابتسامة سعادة ترتسم على محياه .. فتلك سعيدة جدا .. يستمع لها دون ان يقاطعها .. ينظر اليها بين الحين والحين من تلك المرآة وهو واقف يرتب " شماغة " .. لتتابع هي : براجعها كل اسبوعين .. تعرف سعود ... اذا حملت ويبت ولد بسميه غيث .. احب هالاسم .. يدل ع الخير .. واذا بنت .. امممم .. بسميها مريم .. والا اقولك .. انت سمها .. الولد انا بسميه والبنت انت .. تعرف ..

الجمتها شفتيه التي لامست شفتيها عن مواصلة الحديث .. لم تنتبه له الا وهو يرفع رأسها بكفيه ويطبع تلك القبلة .. ويردد بعدها : قولي ان شاء الله فديتج ..

رددت من بعده بخجل : ان شاء الله – لتردف بتوتر – اسفه .. ما حسيت بعمري ..

استقام في وقفته .. وهي تنظر اليه .. عيناه تنظر لعينيها الفرحتين : احبج .. واحب اشوفج دوم فرحانه ..

يده تعبث بشعرها .. ليطلق له العنان يسقط على كتفيها بعد ان بعد ذاك المشبك : مستانسه وياي .

طأطأت رأسها : واايد .. حتى مرات احس اني عايشه حلم .. ما اريد اقوم منه ابد ..

انحنى يطبع قبلة على وجنتها : بتروحين وياي ولا بتروحين بسيارتج ..

نزلت من على السرير : بروح فسيارتي .. انت روح لموعد محمد عن تتاخر ..

يده تغيب في جيب ثوبه .. ليخرج محفظة النقود .. يخرج بعض الآلاف .. ويمدها لها : يسدنج .. ؟

-
واايد ..

-
لو تطلبين عيوني ترخصلج .. كم ريم عندي ..

اغرورقت عيناها بالدموع .. وسرعان ما يحتضن وجهها : افااا .. ما قلتلج دموعج غالية ..

مسحتها بعشوائية .. وهي تردد : ما اصيح .. شوف ما اصيح ..

ليسحبها اليه يدفنها في صدره : فديت الحساسة انا ..

اخيرا وجدت كنف سعادتها .. وكأن الله يعوضها عن سنين عمرها التي ذهبت .. كصحراء جرداء .. اغيثت بمطر فانبتت .. هي حياتها هكذا ..

,،

هذه هي الحياة ان لم نمشيها للامام .. فلن نجد سعادتنا .. كتلك التي تمشي على انغام تلك الموسيقى الهادئة .. بكبرياء جميل .. وعنفوان انثى ابت ان ترضخ لضعف قلبها .. لتضع القرار لذاك الخاطب لها .. ان تكون ليلة الزفاف هي ليلة التوقيع على عقد القران .. فالمؤمن لا يلدغ من جحر مرتين .. والنساء ضعيفات يخفن من تكرار الماضي .. كهي .. خافت ان يتكرر الماضي وتعيش المعاناة من جديد .. مشت بخطوات هادئة .. عن يمينها والدها وعن شمالها اخويها .. وفستانها الابيض .. يحكي قصة نقاء روحها بعد ان لوثتها الاقدار .. وتبعثرت الاحاديث عنها في زوايا الاحياء .. اليوم تعلن بانها تستطيع ان تعيش من جديد .. ان تكون اسرة .. ان تمضي للامام مع ذاك المصبح .. اليوم تنظر امامها .. والنظرات ترنو لمستقبل بعيد .. لن تدركه الا الايام القادمة ..

رجفات اطرافها .. ودموع خوف تعانق المحاجر .. وابتسامات تتشتت على الشفاة .. وانفاس تحمل معها الامل بالغد القادم .. خطت خطواتها .. لتقف تنظر للوجوه المعتمة خلف اضواء البريق على جسدها المزدان بالبياض .. وورود تعانقها الانامل الرفيعة .. وتمتمات فرح .. واهازيج تمتزج مع رقصات الصغار .. وسرعان ما ترنو العيون لعيون اخرى .. تدنو رويدا رويدا .. فيكفي تلك العيون العيش خلف قضبان الماضي لسنين طوال .. فلتبحث عن الحرية خلف عيون اخرى .. وقلب اخر ..

فالعمر لا يتوقف الا بعد ان يواري الثرى الجسد .. هناك يتوقف ليبدأ حياة اخرى .. يكتنفها الفرح او غير ذلك ..وكله رهن يمين الانسان .....

,،

The End

،

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:19 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
كلمة الكاتبة ..

اقتباس:


إلى هنا أضع قلم " أنا أنثى لا يقف المستحيل امامها " ..
فمن هي الانثى تلك ؟ وما هي تلك المستحيلات ؟
اسئلة قد تكون تبادرت على فكر الكثيرين ممن قرأوا اسطري .. وهنا سأخبركم من هي تلك الانثى .. وما هي تلك المستحيلات

أنثاي~ ليست تلك المتمردة عل عاداتنا وتقاليدنا .. فقط لتصل بنفسها الى المستحيل وتحطمه ..
وليست تلك التي تنسى احترامها لنفسها فقط لتصل حيث تريد ..
انثاي ~ هي تلك التي تضع ما لا تستطيع فعله امام عينيها .. فتحاول ان تكسره فقط لتكون افضل ..
انثاي تلك قد يكون مستحيلها ليس بمستحيل لدى غيرها من الاناث .. قد يكون تافه في نظر البعض ..
ولكنها من زاويتها تراه من المستحيلات الصعبة ..

انثاي ~ لا تكسر قيودها بكسر دينها .. انثاي مختلفة ..
ومستحيلها مختلف .. قد يكون ذاك المستحيل يخصها هي .. ويتربع في اركان حياتها ..
وقد يكون لا ..

انثاي ~ قد تكون كسر لمستحيل غيرها .. فتكون هي المستحيل الذي كسر المستحيل ..
انثاي ~ قد تتخطى الصعاب بمفردها وقد تتخطاها بوجود يد تشد على يدها ..
انثاي ~ هي أنثى لا يقف المستحيل امامها ..

,,

قال تعالى : { إن الله لا يغـّير ما بقوم ٍ حتى يغـّيروا ما بأنفسهم } [الرعد:13]

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:20 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تابع كلمتها ..

اقتباس:


أنتهت رحلة ابطالي .. وكم ساشتاق لهم واشتاق لكم ..
انتهت تلك الرحلة لتبدأ رحلة أخرى .. فما النهايات الا بدايات أخرى ..

فشكرا من القلب لقلوب وقفت معي .. لاشخاص اعجبوا بقلمي ..
شكرا من القلب لكل قاريء ابحر معي هنا او في اي مكان آخر ..
شكرا ~
فبدون وجودكم لم اكن لاصل ..



مع تحياتي ~
اختكم : أنات الرحيل |~



♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:20 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
تمت بحمد الله ..

لي عودة مع ملفات التحميل بعد دقايق ..

♫ معزوفة حنين ♫ 24-11-12 11:35 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 



لـ تحميل الرواية كاملة ..

ملفات الوورد والتكست /
http://www.liilas.com/vb3/t147664-39.html#post3220859

ملفات تدعم الآيباد والجالكسي والآيفون /
http://www.liilas.com/vb3/t174654-36.html#post3220861



sweetmimi 29-11-12 03:49 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
رواية رائعة واسلوب راقي

الشكر والتقدير للكاتبة
واختيار موفق للناقلة

♫ معزوفة حنين ♫ 30-11-12 07:45 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
شكرا على مرورك يا جميييلة ..

فيحا 08-12-12 01:39 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
رووووووعه


يعطيك العافيه حنو على النقل

ندى ندى 27-05-15 04:00 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
من اروع وأجمل الروايات اللي قرأتها

يسلمو حبيبتي وجزاك الله خير

فلورنسيا 03-06-15 12:24 AM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
thank youuuuuuuuuuuu

همساتنا 02-04-23 01:22 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
قد نكون نحن هذه الأنثى التي لا يقف المستحيل أمامها ، فنحن نعيش في زمن وامام منعطف غريب في حياتنا نرى فيه عجايب الامور والحوادث ،وتغير المفاهيم والعادات التي تربينا عليها .
أهنئك على رايتك ورغم الغموض الذي يكتفيه في جوانبها الا أنه غموض آسر ولذيذ

همساتنا 02-04-23 01:23 PM

رد: أنا أنثى لا يقف المستحيل أمامها ، للكاتبة : Anaat Al R7eel
 
قد نكون نحن هذه الأنثى التي لا يقف المستحيل أمامها ، فنحن نعيش في زمن وامام منعطف غريب في حياتنا نرى فيه عجايب الامور والحوادث ،وتغير المفاهيم والعادات التي تربينا عليها .
أهنئك على رايتك ورغم الغموض الذي يكتفيه في جوانبها الا أنه غموض آسر ولذيذ


الساعة الآن 05:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية