منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   سلاسل روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f752/)
-   -   349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى) (https://www.liilas.com/vb3/t179095.html)

زهرة منسية 19-07-12 06:35 PM

349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
بكل الليلياسات العزيزات
كل سنة و آل ليلاس بألف خير بمناسبة الشهر الفضيل رزقنا الله جميعاً فضل بركاته
اليوم هنزل الجزء الثانى من سلسلة جيسيكا هارت
عندما يبتسم الليل
الجزء ده هو المفضل بالنسبة ليا وأتمنى انو يعجبكم زى ما عجبنى

زهرة منسية 19-07-12 07:09 PM

منتديات ليلاس

حظ كايت سافيدج العاثر جعلها تعمل لدى مدير حول حياتها إلى جحيم . لعله أجمل رجل رأته فى حياتها . لكنه يجعلها تكره الساعة التى عملت فيها لديه 24 ساعة فى اليوم. 7 أيام فى الأسبوع !
وفى اليوم الذى أراد فيه أصدقاء كايت أن يروحوا عنها قليلاً دعوها إلى لقاء رجل أرمل لا تعرفه. ولم يجد نظر كايت يقع على الرجل الذى كان بانتظارها حتى أحست بصدمة قوية , الرجل الغامض الذى يقف أمامها ليس سوى فينى ماكبرايد.... مديرها !
صحيح ان كايت مستعدة دائماً للقبول بالتحديات....لكن أن تتورط مع رئيسها ! هذا ما لم يكن بالحسبان !

لا أحل نقل جهدى وتعبى دون ذكر أسمىزهرة منسية& أسم منتديات ليلاس

زهرة منسية 19-07-12 09:56 PM

الفصول
 
الــــــفــــــــصــــــول
منتديات ليلاس

1 – مـوعـد مـع المجهـول
2 – عالــــقـــان مــــعـــاً !
3 – قــلــب مــــن ذهـــــب
4 – أنـا و أبـنـتـى و الـكلب
5 – غريبان فى عتمة الليل
6 – طــــلـــــب غــــــريــــب
7 – بين الحقـيـقـة والحــلــم
8 – أ يغـدو الوهـم حـقـيــقــة؟
9 – هـــكـــذا هـــم الرجـــال !
10 – أنـتِ مــن أحـتـاج إلـيـها !

إذا أعجبتكم الرواية أتمنى أن تضغطوا على أيقونة الشكر

زهرة منسية 19-07-12 10:03 PM

منتديات ليلاس

ـ هل تعرفين كم الساعة الآن ؟
رفع بين بصره وفد بدا العبوس على وجهه ما أن قرعت كايت الباب بيد مرتجفة.نظرت إلى ساعتها :"إنها....العاشرة إلا ربعاً تقريباً"
ـ ومتى يفترض بك أن تبدئى عملك؟"
ـ عند الساعة التاسعة
أدركت كايت بأن خديها متوردان إذ شعرت بتوهجهما بعد أن صعدت السلالم راكضة وهى فى طريقها إلى المكتب.حتى إنها تجاوزت موظفة الأستقبال بسرعة وهى تلهث مما جعل هذه الأخيرة تنظر إليها بذهول.فى مكان ما وهى فى طريقها توقفت فى الردهة لتلتقط أنفاسها و ألقت نظرة مترددة على صورتها فى إحدى المرايا لكنها كانت كافية لتدرك أن شعرها البنى ذى الخصلات المتجعدة قد أصبح عبارة عن كتلة متشابكة بشكل عشوائى بعد أن عبث به الهواء
إنها لست بداية جيدة كما أن مظهرها ليست متكافئاً البتة مع مظهر فين فى بذلته الرمادية وقميصه الأنيق.لطالما فكرت كايت أن رئيسها الجديد يبدو صارماً من نواح عدة فملامح وجهه تبدو قاسية وعيناه الرماديتان فولاذيتى النظرات وهو يزم شفتيه باستنكار كما يفعل الآن كلما نظر إلى كايت . قالت كايت بأنفاس مقطوعة:"أعرف أننى تأخرت وأنا آسفة حقاً"
وأمام نظرات فين غير المشجعة اندفعت فى شرح طويل ومعقد عن سبب تأخيرها فقد التقت فى طريقها سيدة تائهة عن طريقها ولا فكرة لديها عن كيفية التوجه عبر شبكة الأنفاق المعقدة وأخيراً أنهت كلامها:"لم أستطيع تركها هناك فاصطحبتها إلى بادينغتون وأرشدتها إلى القطار الذى يجب عليها أن تستقله"
ـ لكن بادينغتون ليست فى طريقك إلى هنا.
ـ أعرف,لكن....
وتابع فين يقول بالنبرة المتشككة نفسها :"حتى إنها فى الإتجاه المعاكس تماماً"
ـ ليس تماماً
قالت كايت ذلك وهى تجاول أن تستعيد فى ذهنها خريطة الأنفاق
ـ إذن بعد أن قطعتِ منتصف الطريق إلى هنا عدت وذهبت فى اتجاه مختلف تماماً وأنت تعلمين أنك بذلك لن تصلى إلى عملك فى الوقت المحدد؟
احتجت كايت :"كنت مضطرة لذلك فالمرأة بدت فى غاية القلق وكان على أحدهم أن يهتم لأمرها"
وتذكرت ساخطة:"لغتها الإنكليزية ليست جيدة وقاطع التذاكر لم يكلف نفسه عناء مساعدتها"
نظر إليها فين بسأم وقال:"أنت مخطئة إذا ظننت أننى قد أهتم لما تقولينه.الأمر الوحيد الذى يهمنى الآن حقاً هو حسن سير العمل فى هذه الشركة وهذا ليس بالأمر السهل إذا كانت مساعدتى الشخصية تدور فى الأنحاء حين يطب لها ذلك"
ثم أضاف بحدة:"أليسون كانت تصل دوماً قبل التاسعة بعشر دقائق كان بإمكانى أن أعتمد عليها بصورة دائمة"
لكن مكا يثير الدهشة أن أليسون أظهرت من تلإهمال ما يكفى ليجعلها تكسر رجلها تاركة فين يتدبر أمره من دونها لمدة ثمانية أسابيع.لم يكن ذلك سهلاً عليه فقد فشلت حتى الآن فتاتان فى الوصول إلى مستوى أليسون فى العمل وغادرتا المكتب بباكيتين.وفوجئت كايت كيف تمكنت هى من الاستمرار فى العمل معه للأسبوع الثالث على التوالى. أما الأن فمن التعابير الصارمة على وجه فين يبدو أن هذا الأسبوع سيكون الأخير. لا يفاجئها أن المرأتان الأخريتان لم تتمكنا من الصمود فـ فين ماكبرايد يتميز برداءة الطبع كما أنه يملك لساناً لاذعاً متهكماً.ولو أنها ليست بحاجة ماسة إلى هذه الوظيفة لغادرت هذا المكتب على الفور هى أيضاً.قالت بتجهم:"قلت لك إنى آسفة"
ثم تابعت:"على الرغم من أننى لست نادمة على تقديم المساعدة لتلك المرأة"
لم يبدُ التأثير على فين.بل رمقها بنظرة خاطفة من رأسها حتى أخمص قدميها ثم قال بفتور:"أنا أشجع موظفىّ على القيام بما يجدر عليهم القيام به وأدفع لهم لقاء عملهم. أما أنت فلا تظنى أننى أدفع لك أجراً لكى تتسكعى فى الجوار وتلهى الموظفين الآخرين عن عملهم طيلة النهار"
احتجت قائلة:"أنا لا ألهى أحداً عن عمله"
ـ لقد بدا لى الأمر كذلك فأنت تمضين الكثير من الوقت متسكعة فى الممر أو فى المكاتب الأخرى
قالت كايت غاضبة :"هذا ما يسمى "بناء علاقات جيدة مع الآخرين" وهذا ما يفعله الناس عادة . لكنك لا تعرف ذلك بالتأكيد إذ أن العمل فى هذا المكتب أشبه بالعمل مع رجل آلى"
ثم تابعت وقد نسيت للحظة كم هى بحاجة إلى هذه الوظيفة:"أعتبر نفسى محظوظة إذا سمعت منك كلمة "صباح الخير" حتى أنها تحتاج إلى تفسير لتصبح مفهومة فأنت تقولها غمغمة "
قطب حاجبيه الداكنين ورمقها بنظرة مروعة:"لم تتذمر أليسون من ذلك قط!"
قالت كايت بنبرة لاذعة :"ربما تفضل أليسون أن تُعامل كأى قطعة أثاث فى المكتب أما أنا فلا . ولا يضرك أن تظهر بعض الاهتمام من وقت إلى آخر"
حملق بها فين م جعل كايت تتساءل إن كان أحدهما يجرؤ على مناقشته هكذا. يبدو أنه ليس معتاداً على ذلك لذا بدا عليه متفاجئاً بكلامها . وسرعان ما قال فين بحدة :"لا وقت لدى أضيعه فى مجاملتك"
قالت رافضة أن تبدى خوفها :"لا يلزمك الكثير لتكون لطيفاً يمكنك أن تبدأ بكلمات بسيطة مثل"كيف حالك؟"أو "عطلة نهاية أسبوع سعيدة"وبعد ان تعاد على ذلك يصبح بإمكانك أستعمال جمل أكثر تعقيداً مثل"شكراً لمساعدتك لى طيلة هذا اليوم"
قال متعمداً إزعاجها :"لا أرانى بحاجة إلى هذه الجملة الأخيرة ما دمت تمضين الوقت فى المكاتب المجاورة ثم أننى ليست مضطراً إلى تغيير عادتى من أجلك. كما أود أ أذكرك بأننى الرئيس هنا وإذا كنت لا تستطيعين الاستمرار فى العمل من ودن الحصول على اهتمام خاص من الأفضل ان تقولى ذلك الآن كى أبحث عن مساعدة جديدة قبل يوم الإثنين المقبل"
كان ذلك كافياً لإخماد ثورة غضب كايت فهى لا تستطيع المخاطرة بخسارة هذه الوظيفة . لذا قالت بسرعة :"طبعاً , أستطيع الاستمرار لكننى لا أحب هذه الطريقة"


زهرة منسية 19-07-12 10:07 PM


ـ ليس عليك أن تحبيها بل عليك أن تعتادى عليها فقط . والآن هل يمكننا أن نبدأ العمل؟لقد أضعنا ما يكفى من الوقت لهذا الصباح
بالكاد تسنى لـ كايت الوقت لتخلع عنها معطفها قبل أن يبدأ فين بإملاء نصوص طويلة منهكة عليها متوقعاً منها أن تكتبها بسرعة قصوى. شعرت زهرة منسية بالغليان فى داخلها فيما هى تحرك قلمها فوق الورقة وساورها شعور بالظلم.بالكاد تمكنت من كبت تنهيدة ارتياح حين رن جرس الهاتف. أخيراً حظيت باستراحة قصيرة!
راحت تراقبه خلسة من تحت روموشها كان يصغى إلى محدثه على الطرف الآخر من الهاتف وهو يرسم دون انتباه مربعات سوداء على قصاصة من الورق موضوعة على المكتب.
فكرت كايت فى أن الرسم العبثى يكشف الكثير من شخصية المرء فما الذى تعنيه المربعات السوداء يا ترى؟إنها على الأرجح تدل على شخص يعانى من الكبت الشديد وذلك يناسب تماماً شخصية فين و تعابيره الصارمة . لكن ذلك لا يتناسب مع تلك الطاقة البدائية التى تنبعث منه ولا مع فمه...آه يا لها من فكرة....!أبعدت نظرها بسرعة عنه وراحت تنظر إلى صورة موضوعة ضمن إطار على مكتبه وهى اللمسة الشخصية الوحيدة فى ذلك المكتب الذى يتميز بالصرامة. من مكانها لم يكن بمقدورها أن ترى سوى الإطار لكنها نعرف أنه يحتوى على صورة لامرأة رائعة الجمال ذات شعر أسود وعينين زرقاوين واسعتين وهى تحمل طفلاً رائعاً وكلاهما يبتسم للكاميرا
فكرت كايت فى أن هذه المرأة لابد أن تكون زوجة فين واستغربت أن يتحلى باللباقة والكياسة اللازمتين كى يطلب يد أى امرأة للزواج فما بالك بتلك المرأة البالغة الجمال!يصعب عليها أن تتخيله وهو يبتسم لطفل أو يقبله حتى يحمله بين يديه, أما الحب....
يا لأفكارها الغريبة ! أحست بارتعاشه على امتداد عمودها الفقرى فاستيقظت من أفكارها لتجد أنها تحدق فى عينى فين الرماديتين الجامدتين.يبدو أنه أنهى مكالمته الهاتفية فيما كانت هى مستغرقة فى تأملاتها وراح يراقبها وقد علا وجهه تعبير ينم عن السخط والإذعان معاً.
ـ هل أنت مستيقظة؟
علا خدى كايت تورد باهت وعدلت من جلستها ثم التقطت مفكرتها من جديد:"نعم".
ما أن أنهى عمله معها حتى خرجت إلى مكتبها حاملة معها مزاجها العكر لتصبه فوق لوحة مفاتيح الكومبيوتر . بعد قليل رن جرس الهاتف ورفعت السماعة ودون أن تكلف نفسها عناء التفوه بالمجاملات المعهودة قالت :"نعم؟"
ـ أنا فوبى . ما الأمر ؟يبدو عليك الانزعاج
أجابت كايت متذمرة :"إنه رئيسى فى العمل فهو شخص فظ مزعج. أعلم بماذا تفكرين , العمل لدى سيليا لم يكن أفضل لكن رئيسى هذا لا يطاق حقاً"
قالت فوبى مشجعة :"على أى حال لا أظنه خسيساً مثل رئيسك السابق"
غضنت كايت انفها وهى تتذكر خروجها المذل من وظيفتها السابقة.فرئيسها السابق لم يكلف نفسه عناء الإصغاء أقوالها بعد أن سبقها إليه ساب المدير التنفيذى وصدق كل ادعاءاته أما هى فلم تكن سوى مجرد سكرتيرة عادية . قالت بنبرة متزنة:"كلا,لا أعتقد أن بالإمكان وصفه بالخسيس.لكن ذلك لا يجعل التعاطى معه أكثر سهولة"
ـ هل هو جذاب؟
أكدت كايت بتذمر:"تماماً.لكنه دائم التجهم و كأنه يقول عملى هو حياتى.لا أظنك تحبين هذا الصنف المتزمت من الناس"
وضحكت المرأتان معاً مما جعل كايت تشعر أنها أفضل حالاً من ذى قبل.
شعرت كايت بالسرور لسماع نبرة السعادة صوت صديقتها فإن التغير الذى طرأ على فوبى بعد زواجها بـ جيب منذ بضعة شهور بدا ملحوظاً.قالت فوبى :"أتصل بك فقط لأذكرك بموعد العشاء الليلة.سوف تأتى أليس كذلك؟"
ـ طبعاً
لكن فوبى أحست بالتردد فى صوتها فحثتها قائلة:"ما الأمر؟"
ـ حسناً لمحت بيللا إلى أنك دبرت لى موعداً مع احدهما الليلة .
قالت فوبى :" ما كان عليها إن تخبرك.لقد دعوتها هى و جوش أيضاً لكى يبدو اللقاء طبيعياً لكنها قالت إنها التقت موخراً بصديق سوف يصطحبها الليلة إلى احدى النوادى الليلية لذا أخبرتها بالأمر.على اى حال جوش سوف يأتى لذا بالكاد يمكنك أن تسمى ذلك موعداً بين شخصين"
ـ لِمَ لم تخبرينى بالأمر من قبل؟
ـ لأننى أردت أن تبدوا طبيعيان كلاكما.انا أعلم أنك لن تكونى كذلك إذا ما شعرت بالتوتر ورحت تفكرين أكنت ستعجبينه أم لا.
منتديات ليلاس
لم تقتنع كايت بكلامها تماماً لكنها قالت :"حسناً ماذا قلت له عنى؟"
ـ إنك مساعدة شخصية قديرة وإن بإمكانك القيام بالكثير من المهمات إذا أردت ذلك.على أى حال أظنه سيعتمد على تقييمه الشخصى ولست واثقة من أولست واثقة من أنه قد تأثر بما سمع عنك.
وأنهت فوبى كلامها بنبرة محايدة:"نحن قلنا له الحقيقة ولا شئ سوى الحقيقة"
علق كايت بنبرة فيها الكثير من السخرية :"آهـ الحقيقة ! وما هى هذه الحقيقة بالتحديد؟"
ردت فوبى بجدية :"إنك لطيفة ومسلية وجذابة...إى باختصار إنك امرأة رائعة"
ربما عليها أن تستعين بصديقتها فوبى لتحسين صورتها فى نظر رئيسها فين ماكبرايد .قطبت جبينها قليلاً ما إن أدركت أنها هى أيضاً تعبث بالرسم على ورقة أمامها وهى تتحدث إلى فوبى . لكنها على الأقل لم ترسم مربعات سوداء لقد رسمت منظرها المفضل وهى عبارة عن شاطئ استوائى حيث تبدو شجرة نخيل وبحيرة يعلوها خطان متموجان يظهران حركة مياهها الضحلة . ما الذى يكشف عنه هذا الرسم يا ترى؟على الأرجح أنه يدل على أنها امرأة حالمة و ميؤوس من أمرها .
كبتت كايت تنهيدة كادت تفلت منها وأضافت غصناً آخر إلى شجرة النخيل وقالت:"لكن ألن يدفعه ذلك إلى التساؤل لما أحتاج إلى من يدبر لى موعداً إذا كنت امرأة رائعة كما تقولين؟لِمَ لا يتساقط الرجال عند قدمى حيث أذهب؟"
وضعت قلمها وأجبرت نفسها على التركيز.قد تكون تلك إشارة تساعدها على التوقف عن التفكير بـ ساب الخارق.عليه أن تبدأ من جديد وتبذل جهداً لتلتقى بشخص آخر علسيها أن تستيقظ من أحلامها وتعيش الواقع.
ـ حسناً كيف يبدو الرجل؟
أعترفت فوبى :"أنا لم ألتقِ به بعد,إنه صديق قديم لـ جيب"
ـ كم عمره بالضبط؟
ـ فى الاربعينات كما أظن
علقت كايت بنبرة تشوبها السخرية :"لن يلبث أن يصل إلى أزمة منتصف العمر"
قالت فوبى باتزان :"لقد مرّ بما يكفى من الأزمات فى حياته أنه أرمل. ماتت زوجته حين كانت أبنتهما طفلة صغيرة ومنذ ذلك الحين وهو يبذل جهده لتربيتها بمفرده"
سرعان ما ظهر التأثير على كايت فأبدت تعاطفها وقد شعرت بالذنب بسبب ملاحظتها السابقة:"يا للمسكين! لابد أن الأمر كان صعباً عليه"
ـ حسناً أظن ذلك . يقول جيب أن إنه كان يحب زوجته كثيراً لكن ذلك حدث منذ ست سنوات أما الآن فأبنته أصبحت فى سن تحتاج إليه إلى امرأة ترعها.وبما أنك تشتكين من قلة الصحبة اقترح جيب أن ندعوكما إلى العشاء وهكذا تتعرفان إلى بعضكما البعض.إنها ليست فكرة سيئة.
قالت كايت بتشكك :"لا اعلم إن كنت أصلح لكى اقوم بدور الأم البديلة فأنا لا أعرف شيئاً عن الأطفال"
لكن فوبى لم توافقها الرأى :"هذا هراء أنت لطيفة جداً مع الحيوانات ولابد أنك كذلك مع الأطفال . إنهم يحتاجون إلى الحنان والعطف و أنت تملكين قلباً رقيقاً عطوفاً ألا ترين كيف تهتمين بصغار البط ؟"
احتجت كايت :"لكننى لا أرغب بالخروج برفقة صغار البط بل أريد شخصاً جذاباً مثيراً و وسيماً لأخرج برفقته"
شخص يشبه ساب
وكأن فوبى أدركت بما تفكر به فقالت بصرامة :"لا! ليس هذا ما تريدينه بل تريدين شخصاً لطيفاً يهتم بك"
تنهدت كايت :"لِمَ لا أستطيع الحصول على رجل جذاب مثير وسيم ولطيف فى آن معاً؟"
قالت فوبى باعتزاز :"لأننى تزوجت هذا الرجل.والآن اسمعى لقد مر الرجل بأوقات عصيبة لذا كونى لطيفة معه"
قالت كايت متذمرة:"حسناً.ما أسمه؟على أى حال...."
توقفت عن متابعة الكلام ما إن فتح باب مكتب فين.ثم استأنفت قائلة:"لقد جاء السيد "متذمّر".من الأفضل أن أقفل الخط....لا يجدر بى استخدام الهاتف لمكالماتى الشخصية.أراك لاحقاً"
ووضعت سماعة الهاتف أمامها بسرعة نظر فين إليها نظرة متشككة وسألها :"مع من كنت تتحدثين؟"
اندفعت كايت تخبره قصة مختلفة تماماً عن الحقيقة مدعية أن المتصل شخص يعمل فى المحاسبة كان قد التلقى بـ أليسون خلال رحلة تزلج وهو يود أن يرسل إليها بطاقة بريدية . وبعد أن أسهبت كايت فى ذكر التفاصيل أنهت كلامها:"قلي له إن بإمكانه أن يرسلها إلى هنا وسوف نتكفل نحن بإرسالها إلى أليسون"
بدا الغضب على وجه فين فيما هى مسترسلة فى حديثها وما أن وصلت إلى نهايته حتى تنهد قائلاً :"ليتنى لم أسألك قط لقد أضعتِ ربع ساعة من حياتى هدراً"
قطبت كايت جبينها باستهزاء :"لسنا نجرى عملية جراحية فى الدماغ هنا.لا أرى أن الخمس عشرة دقيقة ستشكل فرقاً كبيراً "
ظهرت على وجه فين نظرة قاسية وقال :"فى هذه الحالة لن تمانعى فى البقاء هنا بعد انتهاء دوامك كى تعوضى عن الساعة التى تأخرتها صباحاً.لدينا مشروع فى غاية الأهمية ونحن بحاجة إلى إنهائها الليلة و أرساله عبر الفاكس إلى الولايات المتحدة قبل صباح الغد"
أجابت كايت دون يبدو عليها الندم مطلقاً :"أخشى أننى لا أستطيع أن اتأخر فلدى موعد مع صديق هذا المساء"
قال فين مبدياً دهشته:"وهل لديك صديق؟"
ألا يكفيها أنهاء مضطرة إلى احتمال قسوته حتى يفكر أيضاً أنها غير قادرة على إقامة علاقة مع رجل؟شمخت كايت بأنفها وقالت:"نعم بالطبع"
كانت مصممة على إقناعه أنها امرأة مرغوبة وليست فقط مساعدة شخصية فاشلة كما يظن هو فتابعت تقول بثقة:"فى الواقع سوف يصطحبنى الليلة إلى مطعم مميز وأظن لنه سيطلب يدى للزواج"
رفع فين حاجبه بازدراء ودون أن يكلف نفسه عناء إخفاء عدم تصديقه لكلامها قال:"حقاً؟"
فكرت كايت ساخطة يا له من فظ! ضاقت عيناها البنيتان وهى ترد بحماسة :"نعم . ولهذا السبب بالذات أنا أعمل فى وظيفة مؤقتة.فمنذ أن التقيت بـ...."
وراحت تبحث بسرعة عن أسم لصديقها الوهمى ثم تذكرت صديق بيللا صحيح أن صديق صديقتها محظور عليها لكن لا بأس إذا ما استعارت أسمه.وتابعت بعد برهة قصيرة :"...ويل , شعرنا بأننا مناسبان لبعضنا البعض"
منتديات ليلاس
ثم قررت أن بإمكانها أيضاً استعارة مهنة ويل لتتابع قصتها :"ويل هو خبير أقتصادى . لذا لم أشأ أن أرتبط بوظيفة دائمة لأنه قد ينتقل فى أى لحظة للعمل فى نيويورك أو طوكيو وهو يقول لى دائماً: "عزيزتى لا حاجة بك لأن تذهبى إلى العمل يومياً" لكننى أفضل أن تكون لى استقلاليتى المادية . ألا توافقنى الرأى؟"
أجاب فين بنبرة لا تخلو من السخرية :"لا أعتقد أن مدخولك من وظيفة مؤقتة سيشكل أى فرق ما دمت تعيشين مع خبير اقتصادى"
قالت كايت بمرح:"إنها مسألة مبدأ"
جعلتها فكرة العيش بترف تشعر بالبهجة وما لبث فين أن استدار متوجهاً إلى مكتبه قائلاً:"يمكنك أن تجعلى من الوصول فى وقت مبكر إلى المكتب "مسألة مبدأ"أيضاً فذلك سيكون تغييراً إيجابياً"
من المؤسف حقاً ألا تتمكن من العيش بارتياح فى حياتها اليومية بطريقة تشبة تلك التى فى خيالها.هكذا فكرت كايت بكآبة فيما كان الباص يسير بها ببطء شديد خلال ازدحام وهو يصدر أصواتاً مزعجة أليس رائعاً أن تعود إلى المنزل فتجد بانتظارها رجلاً ساحراً يملك الكثير من المال؟رجل يقول لها أن لا داعى لأن تعمل مع أشخاص مثل فين ماكبرايد !
ها قد بلغت الثانية والثلاثين من عمرها ولم تحقق فى حياتها شيئاً هاماً لا مهنة ولا منزلاً خاصاً بها ولا علاقة مع صديق.حتى إنها لم تتمكن من اتباع نظام غذائى صارم لتحافظ على رشاقتها . عندما تتعرض صديقتها للفشل فى الحب وتنفطر قلوبهن يتناقص وزنهن تلقائياً أما هى فقد عوضت عن خسرتها لـ ساب ولوظيفتها معاً قبل عيد الميلاد بوجبة غنية مترفة يا لحظها العاثر!
بعد تشجيع صديقتيها فوبى وبيللا لها أعتقدت أن سوء حظها هذا سوف يتغير على أبواب السنة الجديدة وان حياتها ستكون أكثر أشرقاً وسوف تجد وظيفة أفضل وصديقياً أفضل....لقد عاهدت نفسها على ذلك.كما ستبدأ بتخفيف وزنها فتذهب إلى النادى لممارسة الرياضة وتغدو أكثر تحكماً بنفسها
بدا المر سهلاً فى البداية,لكن....ها قد بدأ شهر شباط ومازالت قراراتها تلك كلاماً فى الهواء ولم يتحقق منها شئ بعد . كان عليها أن تجد وظيفة على الأقثل حتى لو كانت وظيفة مؤقتة ! كانت كايت على وشك أن توقع عقداً للعمل فى أحدى المقاهى المحلية حين حصلت الحادثة لـ أليسون وكسرت ساقها....
قررت كايت فى سرها أن تبدأ منذ الغد غداً سوف تشترى جريدة وتفتش عن وظيفة جديدة وسوف يبدأ بممارسة الرياضة وهى فى طريقها إلى المنزل ثم تطهو لنفسها وجبة عشاء خفيفة...غداً سوف يشهد ولادة كايت جديدة.
عندما دخلت إلى المنزل كانت بيللا تتناول التوست فى المطبخ وقد رفعت شعرها بعد أن لفت خصلاته على بكرات لتصفيفه فى ما بعد . منذ ان تزوجت فوبى وانتقلت للعيش مع جيب والفتاتان تعيشان فى المنزل ومعهما قط كايت الدائم التجهم . كان القط ينتظرها امام البراد بفروغ صبر.وعلمت كايت إنها لن تستطيع الجلوس أو حتى تغيير ثيابها قبل أن تطعمه فهو مستعد لأن يمزق كاحليها بمخالبه إذا ما شعر باهمالها له. أخرجت من البراد علبة تحتوى على طعام للقطط وملأت صحنه قبل ان تخلع معطفها . ونظرت إلى صحن التوست بحسد وقالت لـ بيللا :"ظننت أنك ستخرجين هذا المساء"
تستطيع بيللا أن تاكل كل ما تشتهيه ودون أن يؤثر ذلك على وزنها .وبيللا هذه فتاة فى غاية الجمال شقراء ذات عينين زرقاوين وساقين طويلتين وتتحلى بمزاج مرح إلا أن أسوأ ما فيها كمل تقول كايت و فوبى هو أن لا أحد يستطيع أن يكرهها.
ـ نعم ولكن ويل سيصطحبنى إلى مطعم من النوع الذى يقدم وجبات باردة ومقصمة إلى حصص صغيرة ففكرت فى أن أتناول بعض الطعام الآن كى لا أشعر بالجوع هناك
يا لـ بيللا المحظوظة ! سوف تخرج برفقة رجل وسيم أما هى فسوف تلتقى بأرمل عجوز يحتاج إلى من يعطف عليه
من يدرى!ربما تلتقى برجل مذهل يغير حياتها.
جعلتها هذه الفكرة تختار ثيابها بعناية فارتدت فستاناً أنيقاً ذا رقبة محفورة يسظهر جمال قامتها وتألق وجهها . من المؤسف ألا يكتمل جمال وجهها وامتلاء صدرها مع جسم رشيق لا تشوبه زيادة فى الوزن عند الوركين .
أنتعلت حذاء ذا كعبين فشعرت بأنها باتت أطول قامة مما جعلها تشعر بالتحسن . لطالما فكرت كايت فى أن حياتها ستكون أكثر سهولة لو أنها تملك ساقين طويلتين.كل ما يلزمها هو بضعة سنتيمترات تزيد من طولها وبضعة غرامات تنقص من محيط أوراكها . فهل هذا كثير عليها؟
نظرت إلى صورتها فى المرآة فشعرت بالرضى عن نفسها.ولم تنتبه إلى أنها قد ضيعت الكثير من الوقت سدى فهى لم تنظر إلى ساعتها إلا حين وصل ويل ليصطحب بيللا . عندئذٍ شهقت وقد فوجئت بأن الساعة تشير إلى الثامنة.
شعرت ببعض الارتياح لأن بيللا لم تكن جاهزة أيضاً . جلس ويل فى المطبخ يقرأ الجريدة باستسلام بانتظار بيللا ورفع يده بتحية مختصرة ما أن دخلت كايت وهى تتمايل بحذائها ذى الكعبين المرتفعين لكى تطلب سيارة أجرة.أخيراً وفى حوالى التاسعة إلا ربعاً وصلت إلى منزل فوبى.
وما أن فتح لها صديقتها الباب حتى أندفعت تقول:"آسفة ,آسفة ،آسفة .أعرف أننى وصلت متأخرة لكننى لم أتعمد ذلك حقاً. أرجوك لا تبدئى بالشجار معى الآن . لقد كان يومى متعباً للغاية"
احتضنتها فوبى لتسلم عليها ومع ذلك حاولت أن تبدى بعض القسوة حين قالت:"هذا ما تقولينه دائماً كايت"
أخفضت كايت رأسها :"اعلم ذلك. ولكننى أحاول أن اتحسن"
ثم تابعت بصوت خافت:"هل هو هنا؟كيف يبدو؟"
ـ يبدو متصلباً إلى حد ما....لا,لا بل متحفظاً على الأصح.
ثم تابعت:"لكنه يغدو لطيفاً بعد أن يتعرف المرء إليه كما أن ابتسامته جذابة. أظن أنه هو نفسه جذاب أيضاً"
ـ أحــقــاً ؟
أيكون حظها قد تغير؟ هذأت كايت من روعها ثم أخذت نفساً عميقاً وتبعت فوبى إلى غرفة الجلوس . وما لبثت أن سمعتها تقول :"ها هى كايت"
لكن كايت تجمدت فى مكانها ما أن رأت الرجل الذى يقف قرب جيب و جوش بالقرب من الموقد .استدار الرجل لسماعه كلمات فوبى أما هى فقد ساورها شعور بالغثيان وهى ترى تعبير الاشمئزاز على وجهه وهو ما شعرت به تماماً . إنه فين ماكبرايد!
اقترب جيب منها مرحباً فحجب عنها رؤية الرجل مؤقتاً وهتف وهو يبتسم:"كايت! وصلت متأخرة كالعادة"
ـ لقد اعتذرت لتوى لـ فوبى عن التأخير
وراحت تتمنى وهى تبادله التحية أن تكون مخطئة بشأن هوية الرجل الذى يحتجب خلفه , آملة ان ترى الغريب هو شخص آخر غير فين ما إن يبتعد جيب عن طريقها
لكن لا!ما عن استدار جيب واضعاً يده خلف كتفيها ليقدمها إلى ضيوفه حتى تبخر كل شك لديها حول شخصية الضيف.كان فين يقف هناك وقد بدا كالصخر صلابة أما تعابير وجهه فقاسية كالغرانيت .بدا واضحاً أنه لم يشعر بالسرور لتدبير موعد له مع سكرتيرته الخاصة.
شعرت كايت بالخزى إلى حد لا يمكن تصوره . ولم تعد تعرف ما الذى تتمناه فى تلك اللحظة على رأس قائمة تمنياتها جاءت فكرة ان ليتها لم تولد على الإطلاق وتلتها مباشرة فكرة ليت أن الأرض تنشق وتبتلعها...
هل يمكن ان تهرب من هذا الموقف مدعية الإغماء ؟لا يمكنها ذلك على الأرجح.هذا ما فكرت به مدركة أنها لست من النوع الذى يصاب بالإغماء.

* * *


زهرة منسية 20-07-12 08:24 PM


2/ عالقان معاً !
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13428086081.jpg
منتديات ليلاس
حدقت كايت إلى عينى فين مباشرة وعلى وجهها ابتسامة مصطنعة كأنها تتحداه أن يعترف بمعرفتها السابقة ببعضها البعض .بادلها فين التحديق بنظرات باردة كالثلج.
قال جيب: "كايت,هذا فين ماكبرايد . أخبرناه كل شئ عنك"
فكرت كايت يا للروعة!ذلك يعنى أن فين يعرف الآن كم هى تعيسة فى حياتها . مدت يدها نحوه ولم يكن أمام فين سوى أن يصافحها . ثم قالت بصوت متهدج وهى تحاول الإحساس الذى انتابها ما إن تلامسم أصابعهما :"كايت سافيدج"
على الرغم من نفوره الواضح بدت لمسة يده دافئة ومتماسكة أكثر مما توقعت ما جعلها تسحب يدها من يده بسرعة وهى تشعر بالاضطراب .
قال جيب بمرح:"تبدين متصلبة جداً كايت على الأقل لست مضطراً إلى تعريفكما ببعضكما أنت و جوش"
ـ كيف حالك كايت ؟ لم أراك منذ مدة
بالرغم من شعورها المتزايد بالارتباك ردت كايت :"أنا بخير شكراً لك"
قالت فوبى بمرح وهى تناول كايت كوباً من العصير :"كان فين يخبرنا للتو عن معاناته الكارثية مع السكرتيرات اللواتى يعملن لديه بصورة مؤقتة وفكرنا أن بإمكانك إعطاءه بعض الأفكار الجيدة عن كيفية التعامل معهن"
آه لابد أن فوبى و جيب أخبراه أنها مساعدة شخصية ممتازة....ألا يكفى ما تشعر به من إذلال؟
أظهرت كايت ابتسامة متكلفة:"أحقاً؟يبدو لى أن الحصول على سكرتيرات بارعات ليس أمراً صعباً هذه الأيام.ما هى مشكلتك مع مساعدتك المؤقتة؟"
ألقى فين نظرة ذات مغزى على ساعة الحائط الموضوعة قرب الموقد قائلاً :"قبل كل شئ يبدو إنها لا تملك أى فكرة عن الدقة فى المواعيد...."
لا شك فى أنه وصل إلى هنا عند الثامنة تماماً حتى قبل أن يكون جيب و فوبى على استعداد لاستقباله...وأكمل فين :"كما لا يمكن الاعتماد عليها مطلقاً"
لا يمكمن الاعتماد عليها ؟ هى؟ رشفت جرعة من العصير بتحد ثم قالت:"يبدو أنك لا تقدم لها الحوافز الكافية لتعمل بجهد لأجلك . ما هى المشكلة برأيك؟"
هز فين كتفيه :"أظنها من النوع المتكاسل . يبدو أنها تعيش فى عالم من الخيال أيضاً"
أحمر وجه كايت رغماً عنها لتلميحه هذا وقد تذكرت ما اخبرته به عن موعدها مع ويل المزعوم الذى يعمل خبيراً إقتصادياً . لابد أن جيب وفوبى قد أخبراه عن علاقتها الكارثية بـ ساب.لكن حتى ولو لم يفعلا فقد أدرك الآن أن القصة التى أخبرته إياها ليست صحيحة.فلو كانت لديها صديق يعمل خبيراً إقتصادياً لما كانت بحاجة إلى أن يدبر لها أصدقاؤها موعداً مع رجل آخر . خنقت كايت تنهيدة .هل يمكن للأمور أن تكون أسوأ من ذلك؟
قالت فوبى بنبرة مخلصة:"قد يكون الرؤساء نكدون أحياناً أيضاً . كايت اخبريهم عن رئيسك المريع إنه يبدو فظيعاً "
آهـ نعم يمكن أن تكون الأمور أسوأ بعد.....
قال فين وقد توترت شفتاه:"أحقاً ؟ أخبرينا عنه"
حسناً فليكن! هاهى تجد الفرصة لتخبره عن رأيها فيه أليس هو من سبب لها الإحساس بالنفور ؟
ـ إنه فظ وغير سار مطلقاً . حتى أنه لا يتحلى بأبسط مبادئ اللياقة الاجتماعية فهو بالكاد يكلف نفسه عناء أن يقول "صباح الخير"حتى إننى اضطررت لأن أطلب منه ان يتحدث معى بتهذيب كأن يقول "من فضلك" و"شكراً"
نظرت كايت إلى عينيه مباشرة وقالت :"هذا ليس مبرراً ليكون المرء عديم التهذيب"
وساندتها فوبى لتقول :"إنه يحرم على الموظفين استعمال الهاتف لمكالمتهم الشخصية . دائماً تضطر كايت إلى قطع المكالمة من منتصفها عندما نكلمها فى المكتب فتقطع حديثها ما إن يفتح باب مكتبه . إنه يسبب الإحباط !"
بدا واضحاً أن فوبى لم تلاحظ ذلك التيار من النفور المتبادل بين كايت وفين بحيث استدارت نحو فين قائلة :"أنت تسمح لموظفيك باستعمال الهاتف أليس كذلك؟"
رمق فين كايت بنظرة خطيرة وأجاب :"أنا لا أشجعهم على ذلك"
فكرت كايت أن أفضل ما تقوم به الآن هو إظهار اللامبالاة فمن الواضح أن الفرصة لن تتاح لها بعد اليوم لاستعمال الهاتف فى المكتب....حتى إنها قد لا تعود إلى تلك الوظيفة أبداً.فتدبير موعد لها مع رئيسها هو مسألة مربكة إلى حد يفوق الوصف.وهكذا قررت المضى فى الحديث حتى النهاية :"إن السماح للموظفين باستعمال الهاتف والبريد الالكترونى أمر حيوى جداً يرفع من معنوياتهم . إذا تعاملت مع الموظفين على أنهم بشر ولهم حياتهم الخاصة خارج إطار العمل أظن أن إنتاجيتهم سوف تزداد"
رد فين بحدة:"لكن الإنتاجية لدينا مرتفعة لا تشوبها شائبة"
وهذه المرة أثارت حدته انتباه الآخرين فراحوا ينظرون إليه بفضول ما جعله يبذل مجهوداً للتحكم بمزاجه . فقال بلهجة أكثر اعتدالاً :"هناك فارق كبير فى استعمال الهاتف لحاجات ضرورية أو لحل بعض المشكلات أو قضاء ساعات فى الثرثرة عبر الهاتف مما يترتب على ذلك من إضاعة للوقت"
سألت كايت بنعومة:"ألا تقوم سكرتيرتك المؤقتة بما يتوجب عليها القيام به؟"
أعترف بتذمر :"بلى , لكن على طريقتها فى محاولة واضحة لتقريبهما من بعضهما البعض قال جيب:"ربما يجدر بك أن تعملى مع فين.لابد أن ذلك أفضل من العمل مع رئيسك الحالى كايت"
قالت كايت وكأنها تأثرت فعلاً بهذه الفكرة :"يا لها من فكرة!هل لديك وظائف شاغلة فى الوقت الحالى؟"
أجاب فين بنزق :"من المحتمل جداً ان تأخذ مساعدتى المؤقتة إجازة فى الفترة القادمة لكن لا أظن أن الأمر يثير اهتمامك . بالطبع فأنت ذات مؤهلات عالية! أخبرنى جيب وفوبى أنك أنت من يدير الشركة فعلياً حيث تعمليت الآن.أنا لست واثقاً من أن بإمكانى تقديم عرض يثير اهتمامك "
سخريته هذه جعلت الاحمرار يعلو خديها لمنها قالت بغطرسة:
"حسناً على أى حال أنا أفكر فى الوقت الحاضر بتغيير عملى "
وإذا بالثلاثة الآخرين يقولون معاً:"أحقاً؟"
قالت وهى تدرك أن هذه الفكرة سيئة:"نعم" وتابعت :"لقد سئمت من معاملتى كمخلوق من الدرجة الثانية لذا أفكر بأن....كيف أقولها ؟ أختار مهنة أقل تطلباً"
رد جوش مشككاً:"مهنة اقل تطلباً؟"
بدا واضحاً أنه يتساءل إن كان من المحتمل أن تتنازل عن وظيفتها الحالية
ـ أنا أفكر بنوع من التغيير أود أن أقوم بشئ مختلف عن المألوف أستغل فيه مواهبى
ـ وما هى تلك مواهبك بالضبط؟
قال فين ذلك وقد رفع حاجبيه بسخرية تناقض الاهتمام الظاهر فى صوته.
حسناً ما هى المواهب التى تتمتع بها؟شعرت كايت فى تلك اللحظة أن خيالها الخصب قد خذلها وهى فى أمس الحاجة إليه . إلا أن فوبى التى لازالت تعتقد أن كايت يمكن ان تكون زوجة مثالية لـ فين حثتها قائلة:"إنها طاهية ممتازة"
وفى تلك اللحظة بالذات تذكرت كايت أن وجود فين هنا يعنى أنه أرمل.لقد شعرت بالصدمة حين رأته حتى أنها لم تستطيع التفكير إلا بالإحراج الذى شعرت به والعداوة التى قامت بينهما .والآن شعرت فجأة بالأسى عليه إذ أدركت أن تلك الفتاة الرائعة الجمال المشرقة الملامح فى الصورة على مكتبه هى زوجته المتوفية .لا عجب أن يبدو دائماً متجهم الوجه.أحست بوخزة من الشعور بالذنب لأنها كانت تفكر دائماً أن فين فظ وقاس.
واستمر الآخرون يلمعون صورتها بحماقة فإذا بـ جيب يقول :"كايت بارعة جداً فى التواصل مع الآخرين إنها تتعامل بشكل جيد مع الجميع"
قال جوش بجفاء :"ليس فقط مع البشر وإنما هى جيدة فى التعامل مع الحيوانات أيضاً . فوبى هل تذكرين ذلك الكلب الذى وجدته فى النادى ؟"
ارتعدت فوبى بمبالغة:"يا إلهى ! طبعاً أذكر"
فيما كشر جوش قائلاً لـ فين:"لا زلت أصحو فى بعض الأحيان والعرق البارد يتصبب منى وأنا أفكر بذلك الكلب المسكين . يومها واجهت كايت رجلاً حليق الرأس ذا يدين كبيرتين ورقبة قصيرة وقد غطى جسمه بالوشم . كان الرجل يزمجر بغضب ويشتم كلبه بقسوة فقالت له كايت إنه لا يستحق أن يحتفظ بالحيوان وأخذته بعيداً عنه . يومها قلنا لـ كايت إنها فكرة سيئة وإن عليها أن تدع الأمر للجهات المختصة برعاية الحيوانات . بإختصار كانت تبدو بنصف حجم ذلك الرجل لكنها لقنته درساً"
ظهرت فى عينى فين ومضة من الاهتمام :"ما الذى حدث للكلب بعدئذٍ ؟"
قال جوش :"لقد أخذته كايت.كان كلباً من النوع الألمانى المتوحش . أنا شخصياً لم أرغب مطلقاً بالاقتراب منه, لكن كايت سرعان ما راحت تطعمه من يدها "
ثم التفتت نحو كايت:"ماذا فعلت بعدئذٍ؟"
لم تشعر كايت بالارتياح بعد هذا الإطراء الواضح من قبله لكنها أوضحت :"أخذته إلى منزل والدىّ لقد أفسداه كثيراً حتى الآن فغدا سميناً جداً"
رمقها فين بنظراته :"هل تظنين أن الكلب يهتم حقاً بذلك؟"
ـ لست أدرى
والتقت عيناها بعينيه بتحد . لِمَ يجعلها أمثال فين تشعر دائماً بإنها غبية وعاطفية حين يتعلق الأمر بالحيوانات ؟ مع ذلك أكملت تقول :"لكن على أحدهم ان يهتم لأمره"
وساد الصمت للحظات....ثم قال موجهاً كلامه إلى فين :"حذار قد تبدو كايت رقيقة ولطيفة , لكن لا يجرؤ أحد على إساءة معاملة أى حيوان أمامها وإلا سوف يجد نفسه فى ورطة كبيرة فهى عندما تغضب تتحول إلى نمرة شرسة"
شعرت كايت لأن خديها يشتعلان بالنيران حين رمقها فين بنظرة سريعة من عينيه الرماديتين الباردتين ليعود فيلتفت ويقول:"سوف أتذكر ذلك"
فى تلك اللحظات أشارت إليهم فوبى بالتوجه إلى غرفة الطعام وهى تقول :"ما تحتاجه كايت هو منزل فى الريف حيث يمكنها أن تربى الدجاج والكلاب وتأوى المتشردين الذين يمرون فى الأنحاء من البشر والحيوانات على السواء "
قالت كايت معترضة :"كلا, ليس هذا ما أريده"
منزل كبير فى الريف يبدو فكرة هائلة لكن ذلك يجعلها تبدو متلهفة إلى الزواج وهى تريد لـ فين أن يفكر أنها تتوق يائسة إلى إيجاد زوج.
قالت بنبرة متغطرسة :"أنا فتاة مدينية حقاً ولا أظننى قادرة حتى على صنع المربيات. كنت أفكر بالتوجه إلى مجال العلاقات العامة...."
توقفت عن الكلام عندما أنفجر جيب , جوش و فوبى بالضحك حتى أن فين أبدى ابتسامة اخرة ما جعلها تشعر بالإهانة فسألت :"ما هو المضحك فى الأمر؟"
ـ عزيزتى كايت أنت لست من الصلابة بحيث يمكنك العمل فى هذا المجال فأنت تأخذين دوماً جانب الضعفاء والمساكين وهذا لن يعجب زبائنك على الإطلاق.
سارت الأمور من سئ إلى أسوأ أثناء تناول العشاء ,عندما استلمت فوبى زمام الحديث فسألت فين عن ابنته بطريقة تخلو من اللباقة:"ما أسمها؟"
بدا فين غير راغب فى الإجابة لكنه قال:"ألكس"
كايت لا تلومه إذ يمكنه أن يفهم بوضوح مغزى هذا السؤال كما فهمته هى تماماً,فهو يعنى أنه بحاجة إلى الزواج ثانية ليؤمن لابنته أماً بديلة .
أضاف فين :"عمرها تسع سنوات"
قالت فوبى :"لابد أنك واجهت صعوبة فى تربيتها لوحدك"
هز فين كتفيه :"كانت ألكس فى الثانية من عمرها فقط حين توفيت إيزابيل . وهكذا اضطررت إلى الأستعانة بعدة مربيات إلا أنها لم تتقبل أياً منهن . وبع ذهابها إلى المدرسة استعنت بمدبرة منزل تأتى إلينا كل يوم فهى تحضر ألكس من المدرسة وتطهو لنا طعام العشاء كما تبقى معها أحياناً عندما أتأخر فى العودة من العمل"
بدا صوته خالياً من الانفعال وكأن أبنته الصغيرة هى مسألة عملية أخرى عليه ان يجد لها حلاً .شعرت كايت بالأسى من أجل ألكس الفتاة المسكينة التى فقدت امها.فهى قد نشأت مع أربعة أخوة ما جعلها تشعر أن ألكس تعيش وحيدة مستوحشة . إن العيش مع مدبرة المنزل و والد مثل فين ليس أمراً ممتعاً البتة ,لا سيما إذا كان فين يبدو مضجراً كما هو الليلة . من المؤكد أن تجاهل فين الذى يجلس إلى جانبها بهيئته الصارمة وإعطاء إنطباع بأنها لا تهم به البتة هما أمران فى غاية الدقة.فقد بدا واضحاً أنه يرى كل ما تقوله كايت سخيفاً ما جعلها تشعر بالتوتر ودفعها توترها إلى الثرثرة أكثر فأكثر وهكذا راحت تدور فى حلقة مفرغة . ومع تقدم السهرة وجدت أنها أكثرت من الكلام بصوت مرتفع إلى حد مزعج . خاصة عندما راح فين ينظر إلى ساعته وكأنه لم يعد يحتمل البقاء هناك مطلقاً . وبعد قليل دفع كرسيه إلى الوراء تفادياً لأى اعتراض وقال :"علىّ أن أذهب"
فقال جيب لـ كايت مبتسماً :"أظن أنه يجدر بك أن تغادرى أنت أيضاً وإلا فلن تتمكنى من الذهاب إلى العمل غداً"
أغمضت عينيها قليلاً ثم تأوهت محتجة :"لا تذكرنى بالعمل الآن!"
لكن جيب سأل فين:"هل بإمكانك أن توصلها فى طريقك؟ إذ من الأفضل ألا تذهب وحدها فى مثل هذه الساعة"
احتجت كايت على الفور وهى ترفع رأسها بحدة :"أستطيع تدبير أمرى"
وافقتها فوبى بلطافة :"نعلم ذلك عزيزتى لكن يمكن لـ فين أن يوصلك إلى المنزل فى طريقه "
ـ لِمَ لا يوصلنى جوش؟
قال جوش ببرودة:"لأننى لم آتِ بالسيارة الليلة كما أننى أسكن فى الجهة الأخرى من المدينة"
لم يستطع فين أن يجدر عذراً ليتملص من مرافقتها ومع أن الأمر لم يسعده مطلقاً إلا أنه قال بتهذيب :"يسعدنى أن أقلك معى"
فى الخارج كان الطقس ممطراً والحرارة متدنية حتى كاد المطر يتحول إلى ثلج . وقف فين منتظراً باستسلام إلى أن لبست كايت معطفها .رافقتها فوبى إلى الخارج وراحت تزرر لها المعطف ثم عانقتها وتمنت لها ليلة سعيدة قبل أن تتركها فى عهدة فين.شكرتها كايت على السهرة والعشاء واستدارت لتسير فى الممر بإتجاه السيارة لكن الأرض كانت زلقة تحت كعبى حذائها المرتفعين فترنحت وكادت تسقط أرضاً لو لم يسارع فين إلى الإمساك بذراعها ليمنعها من السقوط وقال بصوت حاد:"حاذرى!"
ـ آسفة لكن أرض الممر زلقة كالصابون
قالت ذلك وقد أجفلتها قبضة يديه الحديدة على ذراعها . حاولت أن تسحب ذراعها من بين أصابعه ولكن فين أصر على مساعدتها فتأبط ذراعها إلى أن وصلا إلى السيارة .أزعجها أن يعاملها كطفلة صغيرة وما أن فتح لها باب السيارة حتى جلست فى المقعد مقطبة الجبين . أغلق فين الباب بقوة تعبيراً عن سخطه .
كان المطر ينهمر بغزارة فيضرب بقوة على زجاج السيارة ما جعل المساحة حولهما تتقلص إلى حد بعيد . كان الضوء الأخضر الخفيف المنبعث من لوحة أجهزة القياس فى السيارة ينعكس على وجه فين فيبرز عظام خديه وينير جوانب فمه القاسى.راحت كايت تراقبه من تحت رموشها وقد أرهبتها تلك البراعة والثقة بالنفس اللتان يتحلى بهما . وقد بدا ذلك جلياً من طريقته فى قيادة السيارة . بدا لها ذلك الأمر سخيفاً فوبخت نفسها فى سرها إنه فين نفسه ذلك الرجل البغيض والرئيس المزعج والضيف الثقيل وإن بدا لها شهماً بصورة مؤقتة . إنها لا تطيقه أبداً فلِمَ إذاً أصبحت فجأة معجبة بوسامته
ـ فى أى اتجاه على أن أذهب؟
أجفلها سؤاله المباغت الذى قطع الصمت بينهما.
ـ ماذا؟
ـ طلب منى جيب أن أوصلك إلى منزلك وأفترض أنه يعرف عنوان سكنك أما أنا فلا.
تململت كايت فى مقعدها وقد أرهبها فكرة اهتمامها المفاجئ به ما منعها من الرد على سخريته بطريقتها المعهودة . راحت ترشده عبر الطرقات المعتمة فيما كانت مساحات الزجاج تتحرك بصورة رتيبة . كان الصمت يلفهما إلى حد لم تعد كايت تحتمله .
ـ لِمَ لم تخبر جيب وفوبى بإنك تعرفنى؟
رمقها فين بنظرة سريعة وقال بإقتضاب :"ربما لسبب نفسه الذى فكرت أنت به كى لا يصبح الموقف أكثر إرباكاً مما هو عليه"
بدت نبرته جافية إلى حد جعل كايت تعود إلى التزام الصمت من جديد وشعرت بالارتياح ما أن وصلا إلى الشارع المؤدى إلى منزلها . ما أن ضغط على مكابح السيارة حتى راحت كايت تتحسس مقبض الباب ثم غمغمت :"شكراً لك,أرجو ألا تكون قد ابتعدت كثيراً عن طريق منزلك"
فتحت باب السيارة وعلى الفور تساقطت على وجهها حبات المطر المتجمد فارتدت على الداخل بحركة غريزية وهى تقول :"يا لها من ليلة فظيعة!"
أطلق فين شتيمة فى سره ثم راح يبحث فى المقعد الخلفى عن مظلة قائلاً "أنتظرى"
نزل من السيارة منتديات ليلاس وفتح المظلة ليصل بسرعة إلى الباب الآخر :"سوف أوصلك إلى باب منزلك"
ـ سأكون بخير حقاً , لا داعى لأن....
منتديات ليلاس
ـ أسرعى بالخروج من السيارة فكلما أسرعت كلما تمكنت من الوصول فى وقت أبكر إلى منزلى
قال فين ذلك من بين أسنانه ,نزلت كايت من السيارة كارهة والتجأت إلى حماية المظلة . ومع أن الهواء البارد راح يلسع مؤخرة عنقها فقد شعرت بالاطمئنان لوجودها بالقرب من فين فهو طويل القامة متين البنية . وأحست برغبة غريبة تدفعها لأن تغمره بذراعها وتستند إلى دفء جسده لتشعر بقوة جسمه وصلابته.
لحسن الحظ أن فين لا يستطيع قراءة أفكارها . وسمعته يقول :"هيا , لنتحرك قبل أن نتجمد من البرد أين هو المنزل؟"
توجها معاً نحو الرصيف وكانت تترنح فوق كعبى حذائها المرتفعين فى محاولة للحاق بخطواته الواسعة.سألها وهو يحمل المظلة فوق رأسيهما بنفاد صبر:"بحق السماء! لِمَ لم تنتعلى حذاء مريحاً أكثر من هذا فى قدميك؟"
كانت أسنانها تصطك حتى إنها بالكاد تمكنت من الكلام :"لو علمت بأن رحلة العودة ستكون بهذه الصعوبة لفعلت"
لكنها كانت ممتنة بطريقة ما لهذا الطقس الردئ الذى يساعدها على تمويه ارتجاف قدميها و صوتها . ولو لم يكن الطقس كذلك لبدا ارتجافها واضحاً ولما عرفت ماذا ستفعل حينها .لابد أن فين سينفجر غاضباً إذا ما رمت بنفسها عليه أو ربما...سيعانقها وهما سائران تحت المظلة.
ظلت مستغرقة فى أفكارها حتى وصلا أمام باب منزلها وكان فين ما يزال حاملاً المظلة فوق رأسيهما فيما راحت تبحث فى حقيبتها عن المفتاح.كانت يداها ترتجفان وكذلك أسنانها فوجدت صعوبة فى إدخال المفتاح فى القفل . لم يعد فين يطيق صبراً فحاول أخذ المفتاح من يدها لكن ما أن لامست أصابعه يدها حتى أجفلت وتراجعت إلى الوراء فسقط المفتاح من يدها فى بقعة تجمعت فيها مياه الأمطار . انحنت لتلتقطه وهى تكاد تموت خجلاً فيما فتح فين كفه لتضع فيه المفتاح الذى بات ملطخاً بالماء والقذارة
فتح فين الباب ودفعه إلى الداخل دون ان ينطق بكلمة واحدة.فقالت كايت بارتباك :"شكراً لك وشكراً لأنك أقليتنى بسيارتك"
الجواب الطبيع المتوقع من فين هو: من دواعى سرورى , لكنه بدلاً من ذلك قال :"أراك غداً فى المكتب "
حسناً إذا أراد أن تكون الأمور هكذا فهى لن تدعوه إلى الدخول!
شدت معطفها بيديها قائلة :"هل أنت واثق من أنك مازالت تريدينى فى العمل؟"
رمقها بنظرة من نظراته التهكمية :"لهذا السبب بالذات أدفع لك أجراً "
ـ لكننى ظننت أننى "كارثة" بالنسبة إليك.
وافقها فين :"مع أنك لا تحققين نجاحاً باهراً كسكرتيرة لكنك الأفضل فى الوقت الحالى . وكما تعلمين سوف نوقع اتفاقية هامة فى اليومين القادمين ,ولا يمكننى إضاعة الوقت بشرح الأمور لسكرتيرة أخرى.لذا نحن عالقان معاً"
ـ حسناً شكراً لك على هذه الثقة.
ـ أنت لم تتردى فى التعبير عن مدى استيائك للعمل معى لذا لا أرى داعياً لمراعاة مشاعرك.من جهة أخرى أنت لا تريدين خسارة وظيفتك فى الوقت الحالى وأنا لا يمكننى إضاعة الوقت لإحضار سكرتيرة أخرى "
رفعت كايت ذقنها وقالت:"هل تقصد حقاً أننا عالقان معاً؟"
ـ بالضبط لذا علينا أن نبذل جهدنا لجعل الأمور على أفضل حال.
ثم نظر إلى وجهها من تحت المظلة مقترحاً:"أنصحك بأن تشربى شراباً ساخناً قبل الخلود إلى النوم . لدينا الكثير من العمل غداً لذا أرجو ألا تتأخرى"
تلمست كايت المنبه وهى ما تزال مغمضة العينين . أجبرت نفسها على فتح إحدى عينيها لتنظر إلى الساعة وما أن لبثت أن أانتفضت مطلقة صرخة مصحوبة بأنين حركتها السريعة تلك جعلتها تشعر بألم فى رأسها وكأن فأساً سقطت عليه فرفعت يداً مرتجفة لتمسك به وكانها تريد التأكد أنه لا يزال مكانه . ما الذى سيقوله فين إذا تأخرت عن العمل اليوم أيضاً !!
وصلت إلى المكتب قبل أقل من دقيقة على موعده بدء دوامها كان فين قد وصل قبلها بالطبع . نظر إليها من فوق نظرتيه وهى تدخل مستندة إلى الباب وقال :"تبدين فى حالة مريعة"
قالت بصوت خفيض أجش :"أشعر بالسوء لابد أن السهر و الطقس البارد قد أثرا على بشكل سلبى"
غمغم فين :"آمل أنك لا تتوقعين منى أى تعاطف"
وقبل ان تتذكر أن وظيفتها غدت على المحك قالت بنبرة لاذعة :"كلا . لا أتوقع حصول أى معجزة اليوم"
حذرها قائلاً :"من الأفضل أن تكونى فى حالة جيدة إذ لدينا الكثير من العمل اليوم "
أمسكت كايت رأسها بيديها و وعدته :"سأكون بخير بعد تناول فنجان من القهوة"
التقط فين التقارير ليقرأه مرة أخرى وقال كأنه يصرفها:"لديك خمس دقائق فقط"
توجهت كايت إلى آلة صنع القهوة لتملأ كوباً مزدوجاً محاولة تجاهل أصوات رنين الهاتف وطقطقة آلات الطباعة الالكترونية . يكفها ما تشعر به من تشويش داخل رأسها .
لم تزدها القهوة إلا سوءاً . تأوهت كايت والقت برأسها فوق طاولة المكتب وغمرته بذراعها ها هى تستسلم....
جاء صوت فين من فوق رأسها . وسمعت حركة بالقرب من أذنها وكان كوباً قد وضع على طاولة المكتب.
ـ هاك , أحضرت لك كوباً من الشاى مع حبتين أسبرين
ذكر الأسبرين كان كافياً لجعل كايت ترفع رأسها بحذر فتمتمت :"شكراً"
أبتلعت حبتى الأسبرين ورشفت رشفة من كوب الشاى . بعد دقائق بدأت تشعر بالتحسن . كان فين يقف مستنداً إلى حافة مكتبها وهو ينظر مقطباً إلى ملف يحمله فى يده. فكرت كايت وهى ماتزال مشوشة الذهن أنه يبدو دوماً مقطباً ,هل هو كذلك مع الجميع ام معها فقط ؟ أخيراً أذعنت للزاقع فوصولها متأخرة إلى العمل وتذمرها ليسا على الأرجح الطريقة الفضلى لجعله يبتسم.

* * *

زهرة منسية 20-07-12 08:29 PM

منتديات ليلاس

لاحظ فين أنها تحدق به فرفع بصره نحوها قائلاً دون أن تكشف نبرته عن اى تعاطف :"هل تشعرين بتحسن؟"
أجابت بصوت خفيض أجش:"قليلاً"
ـ جيد
أقفل الملف الذى يحمله ووضعه فوق مكتبها بقوة جعلتها تجفل ثم تنهد :"لِمَ تخرجين مساء فى هذا الطقس البارد وتسهرين إلى وقت متأخر طالما أنك تشعرين بهذا السوء فى اليوم التالى؟"
قالت بتجهم :"أنا لا أفعل ذلك عادة لكن بالأمس حاولت بذل أقصى جهدى لجعل السهرة ممتعة بعد أن أتضح لى أنك تتصرف بجمود تام . لِمَ ذهبت إلى هناك مادمت لا تريد بذل جهد لتبادل الحديث مع الأخرين؟"
أجاب بفظاظة :"ذهبت لأن جيب طلب منى ذلك . قال أن لدى فوبى صديقة قد أرغب بلقائها . توقعت أن أرى امرأة مهذبة تنضح بالأمومة لا امرأة ترتدى ثوباً مثيراً وحذاء ذا كعبين عاليين وهى فوق ذلك مستعدة للثرثرة والضحك باستهتار طوال الأمسية"
حسناً ! لقد لاحظ إذن ثوبها المثير...شعرت بشئ من الرضى.فوافقته بنعومة تخفى تحتها نبرة لاذذعة:"من الواضح أنهم لم يشكوا بالأمر.لقد قالوا لى إنك رجل حسن المعشر لابد أنهم لا يعرفونك جيداً.على أى حال لن أدعهم يدبرون لى أى موعد بعد الآن"
توترت عضلة فى فك فين :"لا أوافقك الرأى فى ذلك"
غمغمت كايت :"حسناً لا أظننا نتفق كثيراً"
وقف فين على قدميه وقال بصلابة :"طالما أنك أصبحت قادرة على الجدال فأنت قادرة على العمل . أظن أننا متفقان على أن الليلة الماضية كانت مربكة لكلينا . وكما قلت لك مساء أمس ليس لدى الوقت لكى أشرح الأمور المتعلقة بالعمل لشخص جديد لذا أقترح أن ننسى ما حدث الليلة الماضية ونتابع عملنا كالمعتاد"
ثم تابع بنبرة لاذعة:"سيكون أمراً جيداً أن تصلى إلى المكتب فى الموعد المحدد.فذلك سيشكل تقدماً ملحوظاً"
وضعت كايت يدها على رأسها المصاب بالصداع و رفعته . بالأمس أخبرت الجميع بأنها تفكر فى إجراء تغيير جذرى فى مهنتها وتبدو تلك الآن فكرة جيدة...حقاً !
لابد أن تقوم بذلك يوماً ما ,أما فى الوقت الحاضر فعليها أن تحصل على رزقها لتستمر بالعيش. وهذه الوظيفة الكريهة هى الآن أملها الوحيد لتتمكن من دفع فواتيرها للأسابيع القليلة المقبلة. وإذا به يقول وكأنما ليطمئن نفسه :"سوف تعود اليسون خلال بضعة أسابيع"
بالرغم من شعورها بالنفور منه شعرت بالألم لإدراكها أن فين لا يطيق صبراً على التخلص منها:"تعنى أنك لست مضطراً لأن تتحملنى لوقت طويل؟"
قال ببرودة :"لدى انطباع بإن هذا الشعور متبادل بيننا"
ـ إنه كذلك
ـ هل تحاولين القول إنك تريدين المغادرة فى الحال؟
لقد حشرها فى الزاوية فقالت:"كلا . أود ان أبقى إذ ليس لدى خيار آخر"
وقبل أن يستدير نحو مكتبه قال فين :"إذاً نحن واقعان فى الورطة نفسها . وإذا أرادت ان تستمرى فى العمل هنا أقترح أن تذهبى لتنعشى نفسك وتستعيدى للبدء بالعمل "
بعد ثلاث ساعات كانت كايت تشعر بالدوار بعد أن أصدر إليها فين سلسلة من التعليمات و أوكل إليها العديد من المهمات دون أن يأخذ بالاعتبار ما تعانى منه من صداع وارهاق . وقبل أن يخرج لتناول الغداء مع أحد الزبائن أطلق نحوها الطلقة الأخيرة:"أريد مسودة هذا التقرير على مكتبى حين أعود"
لوت كايت شفتيها بعد أن أدار ظهره ورمت رزمة الملفات والأوراق التى تحملها على مكتبها.
تخللت شعرها بأصابعها بسأم إنها بحاجة إلى فنجان آخر من القهوة قبل أن تتمكن من إنجاز هذه المهمات كلها.
لاحظت كايت أن المكان المفضل للقاء الموظفين هو حول آلة صنع القهوة.توقفت المرأتان المتقدمتان فى السن واللتان تعملان فى قسم المحاسبة عن الحديث ما إن اقتربت كايت منهما وتنحتا جانباً كى تتمكن من الوصول إلى آلة صنع القهوة . قالت كايت والابتسامة تعلو وجهها :"شكراً.أنا بحاج ماسة إلى فنجان قهوة!"
ـ هل تشعرين بالتعب؟
أقرت وهى تحاول تذكر أسميهما :"بل أنا فى حالة مريعة . لم أشعر بمثل هذا الألم والإرهاق فى حياتى"
آهـ ,إنهما ألين و سو . طالما كانت المرأتان لطيفتين مع كايت خلال الفترة القصيرة التى أمضتها فى الشركة . قالت سو وهى الأكبر سناً:"وكيف تدبرين أمورك فى العمل؟"
تنهدت كايت فيما كانت تملأ فنجانها من آلة صنع القهوة :"لا أظننى سأتمكن من الوصول إلى مستوى أليسون فى الأداء . كيف تبدو هذه المراة ؟ هل هى حقاً كاملة كما يقول فين؟
فكرت المرأتان ملياً ثم قالت ألين:"لا شك أنها بارعة فى عملها فين يثق بقدراتها كثيراً"


زهرة منسية 20-07-12 11:40 PM



رشفت رشفة من فنجانها وهى ما تزال تشعر بالسخط لكثرة الأعمال التى أوكلها إليها فين:"لابد أن تكون ملاكاً كى تستطيع تحمله"
شهرت إنها أخطأت القول إذا أجفلت المرأتان لهذا النقد الصريح لـ فين وقالت ألين:"عندما تتعرفين إليه جيداً ستجدينه لطيفاً"
أومأت سو موافقة :"إنه أفضل رب عمل عرفته.هنا لا نشهد تغييرات مستمرة بين الموظفين كما يحصل فى الشركات الآخرى . ذلك أن الجميع يشعرون بالإنتماء والمشاركة . يتوقع فين منك أن تعملى بجهد لكنه ينوء دائماً بما تقومين به وهذا يشكل فرقاً كبيراً"
أضافت ألين معلقة:"إنه يتعامل مع الموظفين كمخلوقات بشرية لا كألات "
كانت تلك المعلومات جديدة على كايت وتذكرت ما حصل عند الصباح
وقالت سو:"لا شك أن أليسون شديدة الإخلاص لـ فين"
ثم أخفضت صوتها لتسرّ لها :"لا أخفيك الأمر أظنها تطمح ان تصبح أكثر من مجرد مساعدة شخصية لـ فين"
شعرت كايت بتوتر فى عضلاتها:"آهـ وهل هذا محتمل؟"
هزت ألين رأسها مؤكدة :"كلا أنه لم يتغلب بعد على حزنه بسبب موت زوجته ولا أظنه سيفعل"
وأفقتها سو :"كانت أيزابيل رائعة.كانت تأتى أحياناً إلى المكتب وقد أحببناها جميعنا.كانت جميلة ولطيفة وشديدة الاهتمام بالآخرين . وكانت تتمتع بميزة خاصة فهى تجعلك تشعرين بأنك شخص مميز بالنسبة إليها. أليس كذلك ألين؟"
أومأت ألين بأسى :"كان فين مختلفاً حينها فقد كان يعشقها كثيراً وهى تبادله الحب . وقد شكلت وفاتها مأساة كبيرة"
أملت كايت ألا تبدو شديدة الفضول حين سألت :"ما الذى حدث لها؟"
هزت المرأتان رأسيهما لتلك الذكرى المؤلمة.
ـ أصطدمت سيارتها بسيارة سائق سكران مما أدى إلى وقوعها فى غيبوبة . وأضطر فين إلى إتخاذ القرار بإقفال جهاز التنفس بعد حين .
تنهدت سو:"تخيلى كم كانت الأمور صعبة عليه.كان قلقاً على ألكس فقد أخلت هى أيضاً إلى المستشفى إذ كانت فى السيارة أثناء وقوع الحاثة لكن إصابتها كانت طفيفة"
أضافت ألين :"لم تكن يومها سوى طفله صغيرة لكنها ما انفكت تصرخ مطالبة بأمها"
كانت كايت قد وضعت يدها على فمها وهى تستمع إلى القصة فقالت : "إنه....أمر فظيع!"
وافقتها ألين :"نعم . بعد تلك الحادثة لم يعد فين إلى طبيعته أبداً فأنطوى على نفسه بعد موت أيزابيل والآن ألكس هى كل حياته وهو لا يسمح لأى احد بالتقرب منه . مع انه مازال يدير الشركة بشكل جيد لكننى أشعر أحياناً أنه يقوم بذلك من أجل الموظفين الذين يعملون فيها لا من أجله هو "
ثم قالت سو :"نأمل جميعاً بأن يتزوج ثانية فهو يستحق السعادة كما أن أبنته بحاجة إلى أم ترعاها . عساه يفتقد اليسون بعد ابتعادها عن الشركة فيفكر بالزواج بها . مع أنها باردة إلى حد ما لكنها جذابة .أليست كذلك؟"
وجهت السؤال الأخير إلى ألين فأومأت هذه الأخيرة على كره منها :
"إنها تحاول دوماً أن تبدو كذلك.أظنها ستكون زوجة مناسبة له"
ذلك المساء جلست تتحدث إلى بيللا فأخبرتها عن قصة فين المأساوية كما أخبرتها عن ذلك الموعد الذى جمعهما عند جيب و فوبى , وعن تصرفاتها القاسية تجاهه.
ـ أشعر بأننى كنت سيئة جداً معه.لقد تعامل بصبر مع حماقاتى كلها .
أحضرت لها بيللا كوباً من الشاى قائلة :"لا تفعلى بنفسك هذا "
ـ أفعل ماذا ؟
ـ لا تتورطى معه
قالت كايت بلهجة دفاعية :"لا أنوى التورط معه أنا أشعر فقط بالأسى لأجله"
تنهدت بيللا وهى تتأمل صديقتها ثم قالت بحذر : "أنا أعرفك جيداً كايت. ما إن تتأثر مشاعرك بعمق حتى تقلبى حياتك رأساً على عقب كى تصلحى الأمور .لقد شعرت بالأسى على ساب أيضاً وأنظرى إلى أين أوصلك ذلك"
منتديات ليلاس
احتجت كايت :"الأمر مختلف تماماً هذه المرة,فين لا يحاول الحصول على أى شئ منى.حتى إنه لم يخبرنى عن إيزابيل بنفسه"
قالت بيللا وهى توجه إليها نظرة تحذير :"أنا لا أريدك أن تقفزى من الشعور بالأسف عليه إلى الرغبة فى مساعدته ثم إلى الوقوع فى حبه.قد يتسبب لك الكثير من الأذى لأنك لن تتمكنى مطلقاً من أخذ درو الزوجة الكاملة بالنسبة إليه بل ستكونين دوماً البديل عن زوجته التى يحبها"
قالت كايت بنزق :"بالله عليك بيللا ! من يتحدث عن الزواج به ؟ كل ما قصدت أن أقوله هو أننى سأكون أكثر تفهماً وصبراً حين يكون نكداً فى تصرفاته"
ـ همممم...حسناً إذن كونى حذرة فكرى دائماً أنه كان سعيداً فى زواجه وانه لا يزال فين المريع وهكذا لن تقعى فى حبه . ترمله لا يبرر تصرفاته السيئة معك.ألي كذلك؟ قلت أن ست سنوات مرت على وفاة زوجته وهذه مدة كافية كى يعود على حالته الطبيعية . فلا تدعى قلبك الطيب يتأثر بحالته"
لم تعلق كايت على كلام صديقتها لكنها فكرت بما قالته . قد تبدو بيللا فى بعض الأحيان نموذجاً للشقراء فارغت الرأس لكنها تملك أراء منطقية عندما يتعلق الأمر بالعلاقات العاطفية .


زهرة منسية 20-07-12 11:42 PM


بالطبع لن يجديها أن تؤكد أن وقوعها فى حب فين هو أمر غير محتمل إذ لا نية لديها بذلك البتة . كل ما ستفعله من الآن فصاعداً هو إظهار التسامح عندما يثور فى وجهها . سوف تتحلى ببرودة الأعصاب والدماثة كما ستكون جدية ومثابرة فى عملها وذلك لا يعنى أبداً إنها سوف تقع فى حبه!
بدا لها الأمر سهلاً من الناحية النظرية أما تطبيقه عملياً فكان أقل سهولة. أرهقتها ملاحظاته الدائمة حول كياسة أليسون ومع ذلك بذلت أقصى جهدها لتبدو بصورة أفضل فارتدت ثياباً رسمية وحاولت رفع شعرها ليعطيها مظهراً عملياً إلا أن خصلاته ظلت تتمرد فتفلت من رباطها لتحيط بوجهها من جديد . وعندما كان فين يثور فى وجهها كانت تعض على لسانها فلا تجيبه بكلمة واحدة.....وهكذا لم تعد تهتم سوى بعملها منتظرة منه أن يبدى أمتناناً فى أحد الأيام . وحضرت فى ذهنها الكلمات التى ستجيبه بها عندما يبدى لها امتنانه....لكن ذلك كله بدا مضيعة للوقت فقد بدا الارتياب على فين إثر رؤيته لمظهرها الجديد وتحسين موقفها وسألها :"ما خطبك؟"
أجفلت كايت قليلاً وأجابت:"لا شئ"
غمغم قائلاًَ :"تتصرفين بتهذيب بالغ وهذا يثير أعصابى. ثم....لِمَ ترتدين هذه الملابس؟"
وغدت تعابيره أكثر حدة حين قال :"هل لديك مقابلة من أجل وظيفة أخرى؟"
ـ كلا. أنا فقط أحاول أن أبدو بمظهر رسمى أكثر.ظنت أنك ستقدر ذلك
نظر فين إليها متاملاً محاولتها لرفع شعرها إلى الخلف التى باءت بالفشل بشكل بائس أما بدلتها الوحيدة الرمادية اللون فقد بدت مجعدة حتى ان احداً لن يصدق أن هذه الثياب البائسة وذلك الفستان المثير الذى ارتدته على العشاء عند فوبى وجيب يخصان المرأة نفسها
قال بجفاء:"لا أظن أنك ناجحة فى إظهار نفسك بمظهر رسمى"
بعد ما لقيته من عدم التفهم وعدم التشجيع من جانب فين وجدت نفسها تعود إلى طريقتها القديمة لا سيما بعد حديث دار بينها وبين فوبى ذات مساء.شعرت بالانزعاج عندما اكتشفت أن فين أخبر جيب فى اليوم التالى أنهما كان على معرفة ببعضهما البعض وذلك عندما أتصل به ليشكره على دعوته.
ما أن أنتهت فوبى من إخبارها كم شعرت هى وجيب بالتسلية بعد معرفتها بذلك سألتها كايت :"ما الذى قاله عنى؟"
تجنبت فوبى إعطاءها جواباً مباشراً بل قالت :"أظن انه فوجئ قليلاً لرؤيتك بتلك الثياب يبدو أنك لا ترتدين ثياباً مماثلة حين تكونين فى المكتب "
شعرت بالغضب دون سبب واضح وقالت :"الطبع لا.هل كان يتوقع أن آتى إلى العشاء مرتدية بذلة العمل؟"
فى ما بعد قالن كايت وهى توجز تلك المحادثة لـ بيللا :"أظن ان فين أخبر جيب أننى ليست من النوع الذى يعجبه"
ثم غمغمت قائلة :"لن أزعج نفسى بعد اليوم بأن أكون لطيفة معه "
ومع ذلك لم تجد سبباً يمنعها من الحفاظ على صورتها الجديدة فى المكتب . صممت كايت أن تثبت لـ فين أن أليسون ليست الوحيدة التى تتمتع بالبراعة كمساعدة شخصية . حاولت أن تصل إلى مكتبها فى الصباح قبل وصوله وتبدأ عملها بهدوء تام ما يعنى نهوضها من الفراش عندما ينبلج الفجر.لكن الأمر يستحق العناء فقد كانت ترى نظرة الارتباك فى عينيه عندما يدخل إلى المكتب صباحاً فيجد إنها قد سبقته إليه.
مرّ أسبوع وهى ماضية فى برنامجها الجديد من ناحية الالتزام بالدقة فى المواعيد. وفى أحد الأيام الممطرة وفيما كانت كايت صباحاً فى طريقها إلى العمل وقد رفعت ياقة معطفها اتقاء للبرد توقفت قليلاً لتفتح مظلتها . كانت الأرض زلقة تحت قدميها والهواء يشعث شعرها فى كل الاتجاهات . نظرت إلى ساعتها ها قد حان موعد تناولها كوب الكابوتشينو فى ذلك المقهى الايطالى . وبادرها النادل بالتحية وهو يناولها كوبها الساخن فأمسكته بيديها الاثنتين وقربته من جسمها عله يبعث فيها بعض الدفء . ما أن أصبحت فى الخارج حتى كان المطر قد أصبح أكثر غزارة والهواء أكثر شدة فاضطرت إلى وضع المظلة أمام وجهها تقريباً لمنعها من الانقلاب فى الاتجاه المعاكس ما جعل رؤية الطريق أمامها أكثر صعوبة.راحت تجاهد فى سيرها وهى تقول لنفسها : لم يبق من الطريق سوى القليل.
وفى اللحظة التالية لم تشعر إلا بجسمها وقد هوى أرضاً بالقرب من صندوق فيه كومة من أكياس النفايات.
جاهدت لتقف على قدميها ثم نظرت إلى نفسها وراحت تنفض ما علق على ثيابها من أوساخ وهى تشعر بالرعب فالكابوتشينو قد انسكب على تنورتها تاركاً إياها فى حالة مزرية واتسخت يداها أما شعرها....حسناً من الأفضل أن تنسى أمر ترتيبه الآن.انحنت تلتقط مظلتها وهى تتساءل عما سبب سقوطها بهذا الشكل .لاحظت أن بعضاً من أكياس النفايات ممزقة وقد تناثرت منها النفايات لتتناثر على بلاط الرصيف . وفى وسط الأكياس الممزقة تكوم كلب هزيل الجسم , راح ينظر إليها بعينين خائفتين.
نسيت كايت الرضوض التى أصابتها على الفور . وانحنت فوق الصندوق وهى تمد يدها نحو الكلب الصغير قائلة:"أيها الصغير المسكين. هل أخفتك؟"
بدا الكلب مبللاً وهو يرتجف من البرد ولم يكن هناك طوق حول عنقه.
لا جدوى من البحث عن صاحب هذا الكلب إذ لا يعقل أن يخرج أى شخص إلى النزهة برفقة كلبه بمثل هذا الطقس الردئ.
لا يمكنها أن تتركه هنا وحيداً يكافح من أجل الحياة جرته نحوها بلطف فأطلق أنيناً خافتاً لكنه لم يقاوم حين حملته بين يديها . تفحصته عن كثب فوجدت أن جروحه طفيفة فقالت:"أظن انك تعانى فقط من البرد والجوع"
توجهت نحو متجر قريب وهى تحمل مظلتها فى يد والكلب فى اليد الأخرى لتخرج منه بعد قليل حاملة بعض الخبز والحليب وصحيفتين قديمتين من باب الاحتياط . سوف تهتم بأمر الطوق والمقود فيما بعد , كانت ثيابها قد أصبحت متسخة و ممرغة بالوحل كالكلب الصغير تماماً أما الساعة فقاربت التاسعة ونصف وهذا بالطبع ليس وقتاً مبكراً فى الوصول إلى المكتب
كان باب مكتبها مفتوحاً . أخذت كايت نفساً عميقاً ودخلت وكاد قلبها يوقف عن الخفقان حين رأت أن هناك من يجلس مكانها خلف جهاز الكومبيوتر . للحظة فكرت أنه تم استبدالها . لكن فى اللحظة التالية أدركت أن الفتاة التى تجلس مكانها لا زالت صغيرة على الوظيفة.
توقفت الفتاة الصغيرة عن الطباعة حين تقدمت كايت منها ونظرت إليها نظرة لا يمكن وصفها بالودودة . كانت الفتاة تضع نظارات سميكة وهى ذات وجه نحيل متسم بالحذر يوحى فى الوقت نفسه بالاعتداد بالنفس.
ـ من أنت؟
عرفت كايت الفتاة على الفور لشدة الشبه بينها وبين والدها , لكنها قالت :"أنا كايت , ومن أنت؟"
ـ أليكس
ثم تابعت:"أبى غاضب منك"
وضعت كايت الكلب على الأرض ومسدت ظهره برفق وهى تقول :"يا إلهى ! كنت أتوقع ذلك"
خلعت عنها سترتها وعلقتها وتساءلت مال الذى عليها أن تفعله الآن . يجدر بها أن تجد فين وتشرح له الموقف لكن الكلب الصغير مازال يرتجف من الخوف والبرد معاً ولا يمكنها أن تتركه هكذا.راحت ألكس تنظر إليها مستغربة :"لِمَ أنت متسخة هكذا؟"
ـ وقعت فوق كومة من النفايات"
غضنت ألكس أنفها:"أوه....لك رائحة كريهة"
رفعت كايت ذراعها وأشتمت رائحة النفايات والمياه المبتذلة . رائع ! هذا ما كان ينقصها!
استدارت الكس حول طاولة المكتب وراحت تنظر بحذر إلى الكلب الذى مازال يرتعش :"هل هذا الكلب لك؟"
ـ أصبح كذلك الآن
ـ ما أسمه؟
ـ لا أعرف....ماذا أسميه برأيك؟
ـ ما رأيك بأن نسميه ديريك
ـ ديريك؟
وأغرقت فى الضحك فشعرت ألكس بالإهانة :"ألم يعجبك الأسم؟"
تمالكت كايت نفسها بسرعة قائلة :"بل أسم رائع الكلب ديريك لقد أحببته"
وطقطقت بأصبعيها لتلفت انتباه الكلب ونادته "ديريك!"
رفع الكلب أذنيه وجلس على الأرض بطريقة خرقاء ما جعل ألكس تبتسم للمرة الولى فأضاءت الابتسامة وجهها الذى يتسم بالجدية . وتساءلت كايت إن كان وجه فين سيبدو كذلك إن ابتسم.....وفكرت أن من غير المحتمل أن ترى ابتسامته لا سيما فى هذه اللحظة . جلست ألكس القرفصاء إلى جانبها وقالت:"مرحباً ديريك"
ـ دعيه يشم أصابعك قبل أن تربتى على ظهره
وابتسمت حين راح ديريك يهز ذيله ويلعق أصابع ألكس
ـ إنه فاتن!
ـ لا أظن أن والدك سيوافقك الرأى
وما كادت الكلمات تخرج من فمها حتى دخل فين إلى الغرفة بخطواته الواسعة وهو يعبس بشكل مخيف . وما أن رأى كايت حتى بادرها :"آه, أنت هنا! أخيراً فكرت بالانضمام إلينا !"
انتصبت كايت واقفة مدركة تماماً لحالتها المزرية وبدأت تقول:"آسفة لقد تأخرت....."
ما أن ألقى فين نظرة فاحصة على هيئتها حتى قاطعها قائلاً :"بحق الله , كايت. أنظرى فى أى حالة أنت! ما الذى فعلته؟"
ـ أرجوك لا تصرخ بصوت مرتفع
لكن توسلها جاء متأخراً فما أن سمع الكلب الصغير صوت فين المرتفع حتى أنكمش على نفسه وأفرغ قذارته على السجادة التى تغطى الأرض . وسرعان ما قالت كايت موجهة اللوم إلى فين:"والآن أنظر ما الذى فعلته!"
وسحبت ورقتين من إحدى الصحف القديمة كى ترفع بهما القذارة عن السجادة وهى تقول لتطمئن الكلب الذى مازال يرتجف :"لا بأس عليك يا عزيزى. لن أسمح للرجل الشرير بأن يصرخ عليك ثانية"
رمقت فين بنظرة حادة وهى تجثم بالقرب من الكلب الصغير :"لقد أزعج ديريك"
هز فين رأسه بحيرة وإحباط:"أزعجت.....من؟"
قالت له ألكس:"أسمه ديريك يا أبى"
ـ ديريك؟
وقبل أن يتلفظ بكلمة تضايق أبنته أسرعت كايت توضح له :"ألكس اختارت له هذا الأسم .أنه يناسبه ألا تظن ذلك؟"
منتديات ليلاس
تجاهل فين قولها وبدا كأنه يعد إلى العشرة كى لا ينفجر غاضباً وأخيراً قال بصوت متصلب وبتأن :"كايت, ما الذى يفعله هذا الكلب هنا؟"
ـ وجدته وأنا فى طريقى إلى العمل
ـ حسناً عليك أن تعيديه إلى حيث كان بسرعة فالمكتب ليس مكان ملائماً للكلاب
ـ وهو ليس ملائماً للأولاد أيضاً
تصلب فكه وقال بنزق :"ذلك أمر مختلف تماماً . لقد اُستدعيت مدبرة المنزل على عجل كى تعتنى بأمها المريضة و المدرسة فى عطلة اليوم فلم يكن أمامى حل سوى اصطحاب ألكس معى إلى المكتب . إذ لا يعقل أن أتركها فى المنزل لوحدها "
ـ وأنا لم أستطيع أن أترك ديريك وحده فى الشارع وقد تخلى عنه صاحبه .
صر فين على أسنانه محبطاً :"كايت هذا مكتب وليس مأوى للكلاب الشاردة! ظننت أنك تحاولين أن تظهرى احترافاً أكبر فى مهنتك"
ـ هناك امور أكثر أهمية من الاحتراف فى العمل.
وانحنت تلتقط الكلب عن الأرض . لكن فين أنفجر فى وجهها ساخطاً:"إلى أين أنت ذاهبة ؟ لم أنهِ كلامى معك بعد!"
أجابته بنبرة ملؤها الصبر :"أنا ذاهبة لأجففه من البلل وأقدم له ماء وطعاماً وبعد أن أفعل ذلك سوف أعود ويمكنك عندئذٍ أن تجادلنى قدر ما تشاء"
بينما راح والدها يزمجر غاضباً سألت ألكس :"أيمكننى أن أساعدك؟"
ـ بالتأكيد يمكنك أن تحملى ديريك فيما أقوم بتجفيف صوفه. بدأ فين يقول غير مصدق أنه فقد السيطرة على الموقف بهذه السهولة:"مهلاً لحظة...."
قلبت ألكس عينيها بطريقة بريئة لكن مؤثرة وقالت بسأم :"بابا سوف أكون بخير"
وأسرعت كايت إلى خارج الغرفة قبل أن يتمكن فين من استخدام سلطته ليمنعها .
فى حمام السيدات وجدتا محارم ورقية وقامتا بتنظيف ديرك من الأوساخ العالقة فى صوفه ثم جففتاه بقدر ما أمكنهما . كما نظفت كايت ثيابها مما علق بها من قذارة مع إنها ظلت تبدو فى حالة سيئة
فى هذا الوقت راحت ألكس تدغدغ الكلب الصغير متمتمة بكلمات مطمئنة ثم قالت :"أنت لا يشبهين أليسون"
تنهدت كايت قائلة :"هذا ما يقوله لى والدك دوماً"
ـ أنا لا أحب أليسون فهى تكلمنى كأننى طفلة صغيرة كما أنها متلهفة على أبى
لم تستطيع كايت منع نفسها من السؤال مع علمها أنه لا يجدر بها ذلك: "وهل هو متلهف عليها أيضاً؟"
هزت ألكس كتفيها :"لا أدرى لكننى آمل ألا يكون كذلك.أنا لا أريد أماً بديلة . روزا يبالغ كثيراً فى اهتمامها بى لكننى أفضل أن تكون هى مدبرة منزل لنا لا أليسون "
فكرت كايت يا لـ أليسون المسكينة ! وبدأ لها أن ألكس ورثت عنادها من والدها وظهر ذلك جلياً على دقنها المرتفع . بإمكانها أن تراهن أن لا أمل لـ أليسون ان تقهر عناد هذه الصغيرة.شعرت بالمرح لسبب تجهله . بعد عودتها إلى مكتبها أرسلت ألكس لتبحث عن وعائين فارغين وقامت بصنع فراش لـ ديريك خلف مكتبها وعندما ظهرت ألكس وهى تحمل فى يديها صحناً به ماء وآخر فارغاً نهض من مكانه مستكشفاً ثم راح يلوح بذيله جذلاً عندما قـُدم إليه الخبز المبلل بالحليب
راحت ألكس تراقبه بإعجاب قائلة :"يا له من كلب رائع.ليتنى أستطيع الاحتفاظ به ! هل تظنين أن أبى يسمح لى بذلك؟"
عرفت كايت ان جواب فين سيكون لا فقالت بنبرة تخلو من التحذير:"يمكنك أن تسأليه . لكن لو كنت مكانك لانتظرت إلى أن يصبح فى مزاج أفضل "
بدت تلك النصيحة فى مكانها تماماً حين ظهر فين من باب المكتب وهو يحدق فيهما بذهول :"ألكس يمكنك الذهاب لقضاء بعض الوقت عند الفتيات فى مكتب الاستقبال إذا أردت فأنت تحبين القيام بذلك أحياناً"
غمغمت ألكس:"ذلك فقط عندما تكون أليسون هنا . على أى حال أود ان اعتنى بـ ديريك كايت قالت إن بإمكانى أن أفعل ذلك"
منتديات ليلاس
قال فين بنبرة تنذر بالسوء :"حسناً , أنا أود التكلم مع كايت"
ثم أمر كايت قائلاً :"تعالى إلى مكتبى إذا كنت قد أنتهيت من تحويل هذا المكتب إلى فرع من مؤسسة "نجدة الحيوانات"
أضاف جملته الأخيرة بتهكم قبل أن يتراجع بلباقة ملؤها السخرية كى تتمكن كايت من الدخول قبله. وما أن جلس خلف مكتبه حتى قال بغضب:"هل يمكنك ان تشرحى لى ما هذا الجحيم الذى أراه هنا؟"
قالت وصوتها يرتعش تأثراً :"لم يحصل أى سوء . لم أقصد أن أتأخر عن العمل لكننى لم أستطيع ترك هذا الكلب فى الشارع . لا أدرى كيف يمكن أن يكون الناس قساة القلب بهذا الشكل"
فقاطعها فين بفظاظة :"كايت هذا الأمر لا يعنينى فلدى عمل أديره هنا. يكفينى وجود ألكس فى المكتب وها قد أضعنا معظم الصباح على هذا الكلب"
قالت كايت غير نادمة :"ألكس سعيدة بالاعتناء به وهكذا يمكننى أن أقول إن مشكلتك قد حلت.فى الواقع أرى أن كل شئ على ما يرام "
ثم لوحت بدفتر الملاحظات وابتسمت له ابتسامة مشرقة :"أنا جاهزة للبدء بالعمل ما أن تصبح أنت جاهزاً"


* * *



زهرة منسية 20-07-12 11:47 PM

4 / أنا وأبنتى والكلب
منتديات ليلاس

ـ أبى ؟
انتظرت ألكس إلى ان انتهى فين من إملاء تعليماته و أوامره على كايت فيما راحت هذه الأخيرة تسجليها على عجل فى دفتر ملاحظاتها .
أجال فين بصره حول المكتب إلى حيث تجلس ابنته فى الزاوية وقد ألقى ديريك برأسه فوق حضنها ثم قال:"هل أنت بخير؟"
أومأت بحماسة :"لقد وعدتنى بأن تشترى لى ما أريد على الغداء إذا ما تصرفت بصورة جيدة هذا الصباح"
ظهر بعض القلق فى صوته وهو يجيبها :"نعم"
ـ أنا لا أريد تناول أى طعام.هل يمكننا عوضاً عن ذلك أن تذهب إلى متجر خاص بالحيوانات كى نشترى مقوداً لـ ديريك؟
ـ ألكس , لا أريدك أن تتعلقى بهذا الكلب!
ردت ألكس بحماسة :"كلا لن أفعل لكن أرجوك أبى لقد وعدتنى "
حدق فين إلى كايت كأنه يقول لها إن تلك هى غلطتها :"كنت أفكر بالذهاب لتناول البيتزا . ربما يمكننا أن ندع كايت تتحمل مسؤولية الكلب,فهى التى أنقذته"
قبل أن تتمكن كايت من التفوه بكلمة قالت ألكس :"كايت ليس لديها وقت للخروج وتناول الغداء "
نظرت كايت إلى اللائحة التى تحملها بين يديها وفكرت أن ذلك صحيح! لكنها قالت :"انا واثقة أن بإمكانى تدبير الأمر قد أجد حبلاً فى مكان ما هنا"
تعمدت أن تقول ذلك مدركة أن قولها هذا سوف يزعج فين ثم أردفت :"أذهبا لتناول غداءكما ولا تقلقا بشأنى"
قطب فين جبينه :"آه,كم سيبدو ذلك رائعاً ! مساعدتى الشخصية تخرج من المكتب وهى تجر كلباً مربوطاً بحبل "
قالت كايت ببراءة:"سأنتظر إلى أن يخرج الجميع"
وهنا تدخلت ألكس :"أرجوك أبى....قل إننا نستطيع الذهاب إلى متجر للحيوانات .لقد تصرفت بشكل جيد...ألي كذلك كايت؟ كما أنك قلت لى مرة إن على المرء أن يحافظ على وعده"
كبحت كايت ابتسامتها وهى ترى فين يصر على اسنانه إحباطاً . من الواضح أن ألكس لا تحتاج إلى أى نصيحة بشأن تعاملها مع أبيها ,إذ ظهر جلياً أنه استسلم :"نحن فى وسط لندن أين يمكننا أن نجد متجراً للحيوانات؟"
حاولت كايت تقديم المساعدة فقالت:"معظم المتاجر الكبرى لديها أقسام خاصة بالحيوانات "
لكن فين لم يبدُ ممتناً لمساعدتها.
ما إن خرجت ألكس برفقة والدها حتى زحف زحف الكلب مقترباً من كايت و هو يهز ذيله تملقاً . لم يكن كلباً جميلاً لكن نظرة الامتنان التى ظهرت فى عينيه البيتين جعلت قلبه يذوب
كانت الساعة قد قاربت الثانية ونصف عندما عاد فين و ألكس وهما يحملان سلة فيها ألعاب و أوان للطعام والشراب وطعاماً للكلاب بالإضافة إلى المقود والطوق .
بدا الإستسلام على تعابير وجه فين فيما راحت ألكس تستعرض بفخر الأغراض التى أقنعت والدها بشرائها . أخرجت الطوق وقالت بتباه :"هذا هو الطوق"
لم تستطيع كايت منع نفسها من الضحك عندما رأته فهو مصنوع من المخمل الأحمر المرصع بماسات مزيفة . لابد أنه كلف ثروة صغيرة .
ـ لابد...أن والدك قد اختاره!
لم تفطن ألكس إلى التهكم فى كلام كايت . لكن هذه الأخيرة لمحت التواء يظهر على زاوية فم فين فشعرت بالانتصار وكأنها تسلقت قمة إفرست.حسناً لم تكن تلك ابتسامة بكل ما للكلمة من معنى لكنها إستجابة لطيفة .عادت بانتباهها إلى ألكس التى راحت تؤكد لها أن ما أحضرته هو بمثابة هدية قائلة بفخر :"لقد دفعت ثمنها بنفسى"
قالت لها كايت :"إنه لطف كبير منك"
ونظرت بارتياب إلى كومة الطعام التى أحضرتها لـ ديريك وكأنما ألكس قرأت أفكارها فقالت :"أبى دفع بقية الحساب"
نظرت كايت إلى فين . لقد أختفت ومضة التسلية التى ظهرت على وجهه منذ قليل وبدا متحفظاً وصارماً من جديد فقالت:"سوف أحرر لك شيكاً بالمبلغ"
ـ لا داعى لذلك سوف أنسى الموضوع برمته فى أقرب وقت ممكن
ـ حسناً شكراً لك على أى حال
ثم أنحنت لتحكم الطوق حول عنق ديريك فراح هذا الأخير يهز جسمه مستغرباً الإحساس بجسم غير مألوف حول عنقه فقالت له كايت :"أنظر كم أصبح منظرك جميلاً الآن!"
ثم ابتسمت قائلة لـ ألكس :"إنه لطف منك أن تضحى بالغداء فى سبيله"
فأعترفت ألكس :"لقد حصلت على البيتزا أيضاً"
ضحكت كايت مع ان معدتها كانت تقرقر بسبب الجوع :"لاشك ان والدك لن يدعك تشعرين بالجوع"
وإذا بـ ألكس تأخذ كيساً من يد والدها لتعطياه إياه وهى تقول :"أنظرى لقد أحضرنا لك سندويشاً أيضاً . قال أبى إنك تحتاجين إلى تناول الطعام"
نظرت كايت إلى داخل الكيس فوجدت سندويشاً محشواً مملوءاً بلحم الدجاج والأفوكادو....إنه طعامها المفضل! لكن....كيف عرف ذلك بحق الله؟
رفعت بصرها لتلتقى بنظرات فين بدا كأن تياراً كهربائياً قد سرى فى الجو بينهما فكادت انفاسها تتوقف ثم قالت :"شكراً لك"
قال بصوت أجش :"لا أحتمل رؤيتك وقد أغمى عليك بسبب الجوع لدينا الكثير من العمل لننجزه بعد الظهر"
ومع ذلك فقد فكر بها ! سرت رعشة فى جسد كايت ولزمها بعض الوقت لتتمالك نفسها من جديد. وتردد فى أذنيها صدى كلمات بيللا وهى تقول:"لا تفعلى ذلك كايت"
بللت شفتيها وحملت ملفاً فيه مجموعة من الرسائل قائلة :"جهزت هذه الرسائل التى طلبتها . وانا الآن بصدد طبع المسودة النهائية للعرض"
ـ ماذا لترتيبات يوم الخميس؟
ـ لقد تم إنجازها أيضاً
ـ قمت بالكثير من العمل!
على الرغم من كل شئ غمرها شعور بالدفء لإطرائه . وحذرت نفسها:عزيزتى كايت لا تنجرفى وراء مشاعرك الآن!
أمضت فترة ما بعد الظهر غارقة فى عملها وكلف فين إحدى الفتيات من مكتب الاستقبال الذهاب مع الكس عندما رغبت بمرافقة ديريك فى نزهة.أما ألكس فقد أمضت باقية الوقت وهى تلعب مع ديريك وقد بدت عليها السعادة وعند الساعة الخامسة شعر كلاهما بالوهن.وطرقت كايت على باب مكتب فين وقالت:"أظن أن ألكس تحتاج لأن تذهب إلى المنزل"
وكانت قد استجمعت شجاعتها قبل ذلك ثم تابعت تقول :"سوف أبقى لأنهى ما تبقى من عمل إذا أردت الذهاب"
عبس فين وهو ينظر إلى ساعته :"لم أنتبه إلى مرور الوقت . نعم من الأفضل أن آخذها إلى المنزل"
ثم نظر إليها قائلاً :"هل أنت واثقة؟"
ـ نعم على أى حال أنا أدين لك بوقت إضافى بعد ان تأخرت هذا الصباح.هكذا أكون قد سددت دينى . أنا لا أمانع فى البقاء ,حقاً فأنا لا أريد الخروج برفقة الكلب فى ساعة الزحام . وعلى أى حال لم يبق هناك الكثير من العمل.

زهرة منسية 20-07-12 11:50 PM


وقف فين على قدميه وارتدى سترته ثم قال بخشونة:"حسناً....شكراً"
لم يبدُ عليه الارتياح وخمنت كايت أنه لا يحب أن يكون ممتناً لأى كان.فحاولت التقليل من أهمية الأمر :"لا داعى للشكر وأنا آسفة لأننى تشاجرت معك"
راح فين ينقب فى جيب سترته بحثاً عن المفاتيح . وقبل أن تستدير كايت نحو الباب سألها:"ماذا ستفعلين بالكلب؟"
ـ والداى يسكنان فى الريف وحولهما أراض واسعة وهما يحبان الحيوانات . وأنا واثقة من أنهما لن يمانعاً بأخذ ديريك لكنهما مسافران الآن ولن يعودا قبل بضعة أسابيع .لذا سأحتفظ به عندى حتى ذلك الوقت .
وعضت شفتها ما إن أدركت ما الذى يعنيه ذلك :"ما يعنى أننى سأتركه طيلة النهار لكن يمكننى أن أصطحبه ليقوم بنزخته ما أن أعود إلى المنزل إلا إذا...تمكنت من إحضاره معى إلى المكتب...."
ونظرت إلى فين نظرة ملؤها الأمل :"لن يثير أى مشاكل . ها أنت قد رأيت كم هو هادئ"
وفى اللحظة نفسها سمعا صوت نباح حماسى تصاحبه ضحكة ألكس فنظر فين إليها فأضافت :"هذا أمر عادى"
تنهد فين :"أظن ان ألكس هى المشكلة الآن وليس الكلب فهى لن ترضى أن تنفصل عنه "
وكان على حق . فقد أصرت ألكس على أصطحاب ديريك معها إلى المنزل. فقالت محتجة :"لقد تعود علىّ وسوف ينزعج إذا تركته الآن "
تدخلت كايت محاولة تلطيف الأجواء بين الطفلة و والدها :"ألا تثقين بأننى سأقوم برعايته جيداً؟"
قلبت ألكس شفتها العليا بتمرد :طليس الأمر هكذا .لكن إذا لم آخذه معى إلى المنزل فذلك يعنى أننى لن أراه ثانية . وأنا أريد الأحتفاظ به"
ثم راحت تنتحب قائلة :"أرجوك أبى أنت تعلم أننى أردت دائماً أن أقتنى كلباً"
مرر فين أصابعه فى شعره وقد شعر بالإحباط :"ألكس أنت تعلمين أن من المستحل أن تتمكنى من العناية بالكلب فأنت تمضين النهار فى المدرسة "
هبت ألكس ثائرة فى وجه والدها :"وكيف ستتمكن كايت إذن من أخذه وهى تمضى نهارها فى العمل ؟"
صر فين على أسنانه وقد أسقط فين يده .فقال:"سوف تحتضره كايت معها إلى المكتب"
بدا له ذلك اهون الأمرين . لكن ألكس أصرت قائلة :"لم لا تحضره أنت إذن إلى المكتب خلال النهار ؟ أنت تملك سيارة وإحضاره معك لن يزعجك.وهكذا أخرجه أنا صباحاً ومساءاً عندما تعود به إلى المنزل فيما يمضى بقية النهار معك فى المكتب"
ألقى فين نظرة ذالت مغزى على كايت . بدا واضحاً أنه يريد أن يقول لها إن الكلب كلبها وهى من يجب أن تتحمل مسؤوليته .قابلته كايت بابتسامة رقيقة فقد سرها أن تتمكن ابنته ذات التسعة أعوام من التغلب عليه بالمنطق.
ـ أظنها فكرة سديدة.
قالت ذلك متجاهلة عن قصد دورها فى الموضوع والنظرة القاسية التى رمقها بها فين.فتابعت تقول لـ ألكس التى أشرق وجهها على الفور :"يمكننى أخذه فى نزهى ساعة الغداء وهكذا لن يسبب الإزعاج لوالدك"
ـ آه نعم , أرجوك!
سأل فين وقد شعر بالاستياء لاستبعاده من حديثهما :"وما الذى سيحصل بعد ان تعود أليسون؟"
فسارعت ألكس إلى القول :"ستكون والدة روزا قد تعافت فتعود إلى المنزل وأنا أراهن أنها لن تمانع العناية بـ ديريك "
بدا واضحاً أن فين كان يخوض معركة خاسرة وما لبث أن استدار نحو ابنته وقال :"حسناً لكن...."
أوقفه عن كلامه اندفاع ألكس لترتمى بين ذراعيه وهى تصيح وقد بدت فى غاية السعادة:"آه شكراً شكراً شكراً"
وما لبث نباح ديريك أن أرتفع ايضاً ما إن أحس بالحماسة التى سيطرت على الموقف
مرت لحظة من التشوش الكامل ولم تتمالك كايت نفسها من الضحك وقد شعرت فى الوقت نفسه بالتأثير الشديد للطريقة التى احتضن بها فين ابنته.إذ بدا واضحاً أنه يخبئ خلف مظهره الفظ قلباً رؤوفاً ومحباً.
أخيراً تمكن فين من رفع صوته وسط تلك الفوضى :"لكن....بشرط واحد وهو ألا تتعلقى بهذا الكلب كثيراً ألكس . أنت تمضين وقتك فى المدرسة وأنا فى العمل و روزا غير مضطرة لأخذه فى نزهة كل يوم . يمكنك أخذه إلى المنزل الآن لكن علينا أن نعيده إلى كايت ما إن تنهى عملها هنا أو حين تتمكن من أرساله إلى والديها . هل أتفقنا ؟"
رفعت ألكس نظرها مفكرة وأدركت أن هذا أفضل عرضاً قد تحصل عليه الآن لذا من الأفضل أن تقبل به على أن تفكر بحل آخر فى ما بعد . وأخيراً قالت وهى ترفع ذقنها كما يفعل والدها تماماً :"حسناً"
وفكرت كايت أن الأمر سينتهى بـ فين إلى القبول برعاية الكلب سواء شاء ذلك أم أبى .همست ألكس حين ذهب فين لإحضار معطفه :"أرجو ألا تعود أليسون أبداً "
أما كايت فعجبت من نفسها عندما أدركت أنها تتمنى ذلك هى أيضاً .
صباح لايوم التالى جاء دور فين ليصل متأخراً إلى المكتب . دخل وهو يمسك بمقود ديريك فيما راح هذا الأخير يثب حوله ويعض على المقود باسنانه جذلاً .كانت كايت جالسة خلف مكتبها وما أن رأته حتى نظرت بعفوية إلى ساعتها .حذرها دون مرح :"لا تقولى شيئاً"
قطبت كايت :"لم أكن أنوى أن أقول أى شئ"
ـ أظنك تدركين أنك وهذا الكلب أدخلتما الفوضى إلى حياتى .
غمغم بذلك تاركاً من يده مقود ديريك الذى سرعان ما تعرف على منقذته فأصابته نوبة من الحماسة وبعد أن أصبح حراً اندفع نحوها فحملته . راح الكلب الصغير يتلوى من النشوة مما اضطرها لإدارة رأسها بعيداً عنه بعد أن حاول لعق ذقنها وخديها فراحت كايت تضحك ما أن أضفى على وجهها نوراً وجمالاً أضافين
بدا لـ فين أن مظهرها هذا غير رسمى لكنه يتسم بالدفء والحيوية وهى تقف بين تجهيزات المكتب الجامدة حاملة بين يديها ذلك الكلب الصغير . بدا صوته مخنوقاً حين قال:"هذا الكلب لا يمكن السيطرة عليه"
ـ آه لكنه لطيف! كيف يمكن له أن يتسبب بالإزعاج؟
ـ هل جربت أن تصطحبه فى نزهة؟أنه لا يعرف كيف يسير إذا كان مربوطاً وأن أفلته راح يسير فى دوائر لولبية أو يركض مبتعداً ولا يعود إليك. كأن إيصال ألكس إلى المدرسة صباحاً لم يكن كافياً حتى أضطر إلى التعامل مع مخلوق صغير يتحرك كالدوامة على أربع قوائم . كما أنه أتلف أفضل حذاء لدى بالعض!
ـ حسناً أنه مجرد جرو صغير وهذا ما يفعله الجراء . عليك أن تكون أكثر حرصاً وتبقى الأغراض بعيداً عن متناوله
ثم قلبت رأس ديريك فتكور بين يديها بسعادة فخاطبته قائلة :"أنت تحتاج إلى بعض التدريب أليس كذلك؟وهكذا تتعلم كيف تجلس بهدوء دون أن تزعج أحداً "
قال فين ساخطاً :"خيه و دربيه إذن وعلميه أن يقوم بشئ مفيد أثناء ذلك كان كأن يحضر طعام الإفطار أو يرتب المطبخ"
ثم تنهد وهو يخلع عنه معطفه وقال:"يكفى سوءاً أن أليسون بعيدة عن المكتب فلا أريد أن أخسر روزا أيضاً"
حاولت كايت ألا تشعر بالإهانة لأنه يفتقد أليسون فوضعت الكلب على الأرض وسألته :"متى ستعود؟"
ـ ليس فى وقت قريب!
والتقط الرسائل التى سبق لـ كايت أن فتحتها وراح يقلب فيها ثم قال:"أنا ليست بارعاً فى العمل المنزلى لكن والدة روزا ما تزال فى المستشفى ولا أدرى كم من الوقت ستتغيب بعد"
ـ ألا يمكنك الاستعانة بأحد بصورة مؤقتة؟
ـ ذلك امر صعب كما أن ألكس تكره التغيير . إنا تكره فكرة وجود مدبرة المنزل من الأساس وتفضل أن نبقى نحن الإثنان بمفردنا فى المنزل. ومع إنها تقبلت وجود روزا إل أن وجود شخص آخر معنا لا يسرها كثيراً .
ـ أن ذلك صعب عليك حقاً!


قطب فين جبينه وقد أدرك متأخراً أنه يفضى إليها بهمومه الخاصة وقال فجأة:"نعم.حسناً من الأفضل أن أدخل إلى مكتبى . هل من رسائل خاصة؟"
ـ أتصلت مساعدة السيد أوسبورن الشخصية . هل يمكنك أن تتصل به؟
ـ ما الذى يريده؟
راجعت كايت دفتر ملاحظتها وقالت :"يريدك أن تذهب لمقابلته بعد ظهر اليوم . هناك نقاط يود أن يستوضح عنها قبل أن يأخذ قراراً نهائياً...."
وإذا بـ فين يطلق شتيمة خافتة فسألته :"ما الأمر؟"
ـ أن على الذهاب لمقابلته إذ لا يمكننا تحمل خسارة هذا العقد.لكننى وعدت ألكس بأن أذهب لإحضارها من المدرسة فهى تريد أن يرى الجميع ديريك
قطب جبينه وراح ينظر إلى الأرض ويقول :"لطالما كانت طفلة منعزلة لكننى أملت أن تتمكن من إيجاد أصدقاء لها فى هذه المدرسة الجديدة وللمرة الأولى هذا الصباح تبدو مهتمة لما يقوله الأولاد الآخرون"
قالت كايت :"لِمَ لا أذهب إليها أنا مع ديريك؟"
رفع فين رأسه وحدق بها:"هل يمكنك القيام بذلك؟"

زهرة منسية 20-07-12 11:53 PM


لم تتمكن كايت من النظر إلى عينيه وهى لم تعرف ما الذى دفعها لتقديم هذا الاقتراح....ربما أملت أن يخفف ذلك من الخطوط المتوترة التى تبدو حول فمه ومن القلق الذى يظهر فى صوته
ـ لن أمانع فى القيام بذلك. ثم....إنها غلطتى إلى حد ما فلو لم أحضر الكلب إلى هنا لما وجدت نفسك فى هذه الورطة
تردد فين:"قد لا أعود قبل الساعة السابعة إذا أصر أوسبورن على بحث كافة التفاصيل"
شغلت نفسها بترتيب الأوراق فوق مكتبها وهى تقول :"لا بأس فى ذلك يمكننى ان أبقى مع ألكس إلا أن تعود إلى المنزل "
ـ هل انت واثقة ؟ إنه مساء الجمعة أليس لديك مخططات أخرى ؟
ـ ليس هناك شئخاص . وعلى أى حال يمكننى الخروج فى وقت لاحق .
التمعت عينا فين الرماديتين :"حسناً ما دمت لا تمانعين فى ذلك سوف أكون ممتناً إذا ما ذهبت لإحضار ألكس من المدرسة سأعطيك عنوان المدرسة و أؤمن لك سيارة تقلك إلى هناك ثم إلى المنزل "
لماذا تفعل ذلك؟تساءلت كايت وهى تجلس مع ديريك فى المقعد الخلفى لسيارة الليموزين التى أستأجرها فين. لقد صممت أن تتحلى بأعصاب باردة ومظهر رسمى ....والآن سوف تفكر بيللا أنها تورط نفسها مع فين لكن لا فالأمر ليس كذلك . إنها تقدم له المساعدة فقط لأنه فى مأزق وهى قد تفعل ذلك مع أى كان.
وقوفها أمام بوابة المدرسة مع بقية الأمهات والمربيات كان تجربة فريدة.وفكرت ما تراها ستشعر به لو أنها أم حقيقية لا مربية مزيفة؟ كيف ستشعر لو انها تنتظر أطفالها الحقيقيين لتعيدهم إلى دفء المنزل الملئ بالحب الأمان ؟
و ما أن لاحت لها هذه الفكرة حول إنجاب الأطفال حتى أبعدنها من ذهنها لاسيما وأنها ترافقت مع صورة فين كأب صالح. تطاولت بعنقها لتبحث عن ألكس وأخيراً لمحتها تبحث بدورها عن والدها بين الجمع المحتشد أمام بوابة المدرسة . رأت كايت على وجهها خيبة الأمل المرّة والتجهم حين لم ترى والدها . فاندفعت إلى الأمام بين الأمهات المتدافعات وهى تحمل ديريك بين يديها ثم لوحت لها لكى تلاحظ وجودها ونادتها:"ألكس!"
وسرعان ما تلاشت نظرة الخيبة من عينى الفتاة ما إن لمحت كايت برفقة الكلب . فأضاءت البهجة وجهها واندفعت راكضة نحوها . قالت لها كايت بسرعة :"والدك آسف حقاً لأنه لم يتمكن من المجئ لكنه أرسل إرسل إليك ديريك فهل لديك مانع فى ذلك؟"
وكانت قد وضعت الكلب على الأرض فانحت أليكس لتلاطفه ورفع هو قائمتيه الأماميتين متسلقاً حتى ركبتيها كأنه يرحب بها بدوره ثم قالت :"لا بأس طالما أنه أرسل إلىّ ديريك"
وما هى إلا لحظات حتى تجمع الولاد فشكلوا حلقة حول ديريك فقالت لهم ألكس دون اكتراث :"إنه كلبى"
أعجبت كايت بالطريقة التى تعاملت بها ألكس مع الموقف إذ بدا أنها لا تهتم إذا ما كان الآخرون يحسدونها على اقتنائها كلباًَ . لعب ديريك دوره ببراعة أيضاً فراح يرحب بكل ولد بحماسة بالغة جعلت كلاً منهما يسألها إن كان بإمكانه أن يستعيره لبعض الوقت . وأخيراص أمسكت ألكس مقود الكلب بحزم ولوحت مودعة الآخرين وقد تلون خداها بلون وردى . بدا واضحاً إنها تشعر بالرضى فوجود ديريك قد أكسبها شهرة لا بأس بها بين الأولاد
تنظيم المكتب وأثاثه العصرى جعلا كايت تعتقد أن منزل فين من طراز مماثل لكنها أدركت خطأها ما أن رأت المنزل الفيكتورى الطراز المحاط بحديقة رائعة . إنه فى الواقع منزل مثالى لإقتناء كلب . من الداخل بدا المنزل مصمماً على يد محترف إلا أنه بدا بارداً خالياً من الحيوية مما جعل كايت تشعر بالكآبة . أرشدتها ألكس إلى المطبخ ذى النوافذ الفرنسية الطراز التى تشرف على الحديقة ثم أشارت إلى سلة موضوعة فى إحدى الزوايا قائلة :"كنت أرعب فى أن ينام ديريك فى غرفتى لكن أبى قال إن من الأفضل أن ينام فى المطبخ "
قالت كايت بلباقة :"أظن أن المطبخ مكان مناسب له "
لابد أن هذه المسألة كانت موضع صدام أيضاً بين الأب وابنته لا عجب أن فين بدا مرهقاً هذا الصباح ! نظرت حولها وتذكرت ما قاله فين عن ضجره من تناول المأكولات الجاهزة واقترحت أن يخرجا فى نزهة برفقة ديريك ثم يمرا على أحد المتاجر لشراء بعض الأغراض الأزمة لتحضير وجبة عشاء . نظرت إليها ألكس مستغربة:"هل تجدين الطهى؟"
ـ حسناً لست خارقة فى ذلك لكن يمكننى تحضير العديد من الأطباق ماذا تحبين أن تأكلى ؟
شعرت ألكس بالسرور لمعرفتها أن كايت تعرف كيفية تحضير طعامها المفضل :"المعكرونة بالجبنة" فقالت:"روزا لا تطهو هذا النوع من المأكولات أبداً
وتابعت:"هل تجدين تحضير البودنغ؟"
ـ نعم لماذا؟ هل تودين أن أحضره لك أيضاً؟
ـ أبى يحب البودنغ لكن روزا ليست بارعة فى تحضيره
أحبت كايت فكرة ان يكون لدى فين ضعف أمام شيئاً ما حتى ولو كان أحد أصناف الحلوى . فسألت ألكس :"هل تظنين أنه يحبه بالشوكولا؟"
ـ نعم فهو يحب الشوكولا.
ـ حسناً لنرى ما يمكننا عمله.
عاد فين إلى المنزل ليجد ابنته وسكرتيرته المؤقتة والكلب فى المطبخ . لم ينتبه أى منهم لوجوده فوقف متردداً عند باب المطبخ ليراقب المشهد . فى الأحوال العادية تأوى ألكس إلى غرفتها فى مثل هذا الوقت أما اليوم فهى جالسة إلى طاولة المطبخ تساعد كايت فى تحضير الطعام .بدا وجه ألكس ممرغاً بالشوكولا أما حالت كايت فلم تكن افضل . فوجئ فين لأنه لم ير المطبخ فى مثل هذه الفوضى من قبل....كما لم يراه بهذا الترحيب أيضاً .
كانت كايت ترتدى مريول روزا . ما أن رأت فين حتى رفعت إحدى يديها لتبعد خصلات شعرها إلى الوراء مما ترك لطخة من الطحين على جبهتها .
ـ يا له من كلب حراسة يعتمد عليه!
جاءت سخريته هذه تمويه للجفاف الذى شعر به فى حنجرته . أجفلت كايت من نبرة صوته وراح ديريك يقفز حول قدميه وهو ينبح ويلوح بذيله بقوة وكانه يحتج لأن فين لم يبدى تجاوباً مع ترحيبه الحار به. انحنى ليقبل ابنته فقالت له:"إنه مسرور لرؤيتك أبى"
أحنت كايت رأسها فوق الطبق التى وضعت فيه الطحين محاولة أن تستعيد أنفاسها . فظهور فين المفاجئ على الباب جعل قلبها يقفز إلى حنجرتها وقد تسارعت خفقاته . الصدمة التى شعرت بها لظهوره غير المتوقع أصابتها بالدهشة ولم تعرف ما عليها أن تفعل لتهدئ اضطرابها . لاداعى لأن تشعر بهذا الإحساس إذ لم يكن القادم سوى فين!
ردت على تحيته بصوت خفيض أجش :"مرحباً "
وراحت تشغل نفسها بخفق الطحين فى الطبق بتوتر رأته من تحت رموشها وهو يخلع سترته ويحل عقدة ربطة عنقه قبل أن يقول :"هناك رائحة شهية!"
شدته ألكس من كمه بحماس قائلة :"كايت أعدت معكرونة بالجبنة مع السلطة كما أعدت بودنغ الشوكولا لقد صنعناها خصيصاً لك"
رمق فين كايت بنظرة سريعة فغزت الحرارة خديها وارتجفت يداها ما جعل الطحين يتناثر عند حافة طبق التحضير . ثم قالت:"أخبرتنى ألكس أنك تحب الشوكولا"
ـ نعم احبها
قالت بارتباك :"أرجو ألا تمانع بدخولى المطبخ فكرت فى أن أعد لكما العشاء ما دمت هنا"
رد فين :"أمانع؟بل أننى ممتن لك!"
بدا أقل قسوة ورهبة مما هو عليه عادة....لقد بدا طبيعياً . وفكرت كايت أنه الآن فى منزله لذا من الطبيعى أن يبدو أكثر استرخاءً مما هو عليه فى المكتب
قالت فى محاولة لإخفاء ارتباكها :"شارفت على الأنتهاء وسوف أنظف كل شئ قبل ذهابى"
فقال فين :"لكنك ستبقين لتناول العشاء معنا . أليس كذلك؟"
وأردفت ألكس أيضاً :"نعم يجب أن تبقى !"
ـ حسناً أنا...
منتديات ليلاس
ذكرها فين :"أخبرتينى أن ليس لديك شئ خاص لهذه الليلة"
ـ كلا. لكن....
وسارع يقول:"سأطلب سيارة أجرة توصلك لاحقاً إلى منزلك"
ثم....وكأنما الكلمات خرجت لوحدها من فمه فقالت:"أرجوك إبقى"
ماذا يمكنها أن تقول؟
ـ حسناً شكراً لك، لم يدرك فين ما الذى فعله بها بابتسامته تلك. لقد ابتسم لها....ابتسامة حقيقية ثم قال:"أنا من عليه أن يكون شاكراً"
حين خرج فين من المطبخ ليبدل ثيابه كانت كايت ترتجف من التأثر.لطالما تساءلت كيف تبدو ابتسامته ولطالما تخيلته مبتسماً لكن ذلك كله لم يكن شيئاً بالمقارنة مع تلك الابتسامة التى أنارت وجهه وأرسلت البريق من عينيه الرماديتين ولانت قساوة فمه . كانت تلك الابتسامة كافية لتبعث الوهن المفاجئ فى أوصالها ذلك الخفقان السريع فى قلبها فقد بات هذا الأخير يعمل فوق طاقته منذ اللحظة الأولى التى خطا فيها فين نحو المطبخ.
واجهت كايت هذا الواقع بشعور الذنب....إنها تفعل بالضبط ما حذرتها منها بيللا . لقد شعرت بالأسف على فين مذ علمت بمأساته وها هى تجد نفسها الآن منجذبة إليه . يا لسخافة عقلها ! ألك يكفيها ما عانته بسبب حبها للرجال غير المناسبين ؟ من المؤكد أن فين ليس أفضل منهم . فهو ليس فقط ملتصقاً بقوة بذكرى زوجته المتوفاة بل إنه رئيسها أيضاً
كما أن أليسون سوف تعود إلى العمل فى وقت قريب فما هو مصيرها بعد ذلك؟ يجدر بها ان تكون فى مكان ما حيث تمرح مع شخص آخر لا قابعة فى مطبخ منزل فيكتورى الطراز مرتدية مئزراً تشعر بالارتباك لمجرد أن فين أبتسم لها !
عليها أن تتمالك نسها لقد ساعدته بما يكفى لهذا اليوم . سوف تتناول العشاء ثن تغادر المنزل ولن تفكر بالتقرب من صاحبه أكثر بعد الآن.

نهاية الفصل الرابع

زهرة منسية 22-07-12 11:15 PM


5 / غريبان فى عتمة الليل

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13429916501.gif
منتديات ليلاس


خلدت ألكس إلى النوم واقترح فين أن يتناولا القهوة فى غرفة الجلوس.أغلق الستائر الحمراء السميكة ليحجب عتمة الليل البارد وأضاء مصباحاً فى إحدى الزوايا ثم أنحنى ليشعل المدفأة.
أضفت ألسنة النار المتراقصة على الغرفة جواً حميمياً ما جعلها تشعر بالتوتر لوجودها وحدها مع فين . فقد بدا مختلفاً هذه الليلة إنها المرة الأولى التى تراه فيها دون بذلة رسمية . لقد بدل ثيابه قبل العشاء وارتدى بنطلوناً عادياً مع قميص مريح فبدا أصغر سناً وأقل صرامة مما جعل حواسها منتبهة إليه بشكل كبير .
حاولت ألا تنظر إليه وهو يستقيم ليبعد عن المدفأة ثم يجلس إلى الناحية الأخرى من الأريكة مما دفعها إلى أن تقول شيئاً ولو كان تافهاً فقالت:"إنها غرفة جميلة"
نظر فين حوله وكأنه لم ير هذه الغرفة من قبل ثم قال:"أنا لا أستخدم هذه الغرفة كثيراً فهى كبيرة جداً.عادة عندما أكون وحدى أمضى الوقت فى غرفة المكتب"
شعرت كايت بالأسف لأن هذه الغرفة الجميلة تبقى فارغة فيما ينعزل فين كل مساء فى غرفة المكتب فقالت:"لابد أنك تشعر بالوحدة أحياناً"
شعرت زهرة منسية أن عينى فين قد ومضتا ببريق غريب وهما تنظران إلى وجهها قبل أن ينظر بعيداً ليقول :"أعتدت على ذلك الآن"
استمدت الشجاعة من العتمة وألسنة اللهب لتسأله :"هل تفتقدها طيلة الوقت ؟"
ـ إيزابيل؟
تنهد فين وحدق فى النيران :"فى البداية بدا الأمر كالجحيم أما الآن....فإننى أفتقدها من حين لآخر . ففى بعض الأحيان أتقبل فكرة غيابها وفى أحيان أخرى أشتاق إليها كثيراً حتى أننى أشعر بألم جسدى لذلك....عندما أنظر إلى ألكس أشعر بالغضب لأنها ليست هنا لترى ابنتها وهى تكبر شيئاً فشيئاً"
لم تعرف كايت ما عليها أن تقول لكنها قالت بهدوء :"أنا آسفة"
نظر فين إليها من جديد وقد جعل الضوء الخافت تعابير وجهه غير واضحة ثم سألها:"هل تعرفين ما حصل"
رشف آخر رشفة من كوب العصير ثم قال :"من الصعب رعاية طفل بمفردك وأسوأ ما فى الأمر أنك لا تجدين من يشاركك همومك . ألكس تبدو صعبة المراس أحياناً وهذا يجعلنى أفتقد إيزابيل أكثر فأكثر . لقد كانت هادئة ولطيفة ولا شك إنها ستحسن التعامل معها لو كانت هنا"
ـ لكن ألكس تبدو سعيدة منتديات ليلاس
قالت كايت ذلك وهى تتذكر ثرثرة ألكس أثناء العشاء
ـ الفضل يعود إليك
أرتخى فكا كايت وسألته:"لى أنا؟"
ـ لم أرها بمثل هذه السعادة منذ وقت طويل والفضل يعود إلى هذا الكلب المغفل الذى أعطيتنا إياه
مال إلى الأمام واضعاً مرفقيه على ركبتيه فراحت ظلال ألسنة النار تتراقص فوق وجهه لتضئ الخطوط التى سببها الإجهاد . ثم قال :"إنها تشعر بالاستياء لفكرة وجود مدبرة المنزل ولا يمكنها أن تفهم لما لا نستطيع تدبير أمرنا بنفسينا . لطالما فكرت أن أبيع الشركة وأبقى فى المنزل من أجلها, ولكن ما الذى سيحل بكل أولئك الذين يعملون معى بإخلاص؟ وكيف سأتمكن أنا من ملء أوقاتى؟ فـ ألكس تمضى النهار فى المدرسة "
بدا واضحاً أنه يستعرض خياراته من جديد ثم قال :"أما البديل عن ذلك بالتأكيد هو أن أتزوج ثانية.فـ ألكس تكبر وهى بحاجة إلى امرأة ترعاها لكن ليس من العدل ان أطلب من امرأة ان تتزوجنى لتكون فقط أماً بديلاً لها "
تراجع إلى الوراء يائساً بدا متعباً جداً حتى إن كايت شعرت بدافع قوى لتضع ذراعها حول كتفيه وتلقى رأسه فوق صدرها وتقول له إن كل شئ سيكون على ما يرام وأنها إلى جانبه....لكن هذه لم تبدُ لها الطريقة المثلى.ابتعلت ريقها بصعوبة وحدقت إل النيران وقالت:"ألهذا السبب ذهبت إلى العشاء عند جيب و فوبى؟أكنت تبحث عن أم بديلة مناسبة لابنتك.
ـ تقريباً قلت لنفسى إنه يجدر بى أن أبذل بعض الجهد وأن ألتقى أكثر بالناس.فكرت أننى إذا ما التقيت بامرأة مناسبة قد تتغير الأمور بطريقة ما لكن....."
أنهت كايت جملته :"لكنك التقيتنى أنا"
قال فين بعد لحظة:"نعم,التقيت أنت"


زهرة منسية 22-07-12 11:18 PM


وساد بينهما الصمت وخالت كايت أنه استمر إلى الأبد وبدا الجو مشحنوناً بالكلام الذى لم يُقل لم تكن هى الأم البديلة التى يبحث عنها ولم تتغير الأمور بالنسبة إليه بعد ان التقاها....
وأخيراً خرق فين الصمت قائلاً :"ما الذى كنت تفعلينه هناك؟"
ـ فوبى هى إحدى أعز صديقاتى.
ـ وهل كنت تعلمين أننى سأكون هناك؟
ـ نعم
ثم أضافت بسرعة :"أعنى علمت أنهما دعوا ضيفاً إلى العشاء ويريداننى أن ألتقيه لكننى لم أعلم ان هذا الضيف هو انت"
نظر فين إليها بفضول :"لست أفهم"
ـ ماذا تعنى؟
ـ أنت فتاة جميلة لابد أنك تعرفين ذلك.أنت ملئية بالحيوية وذكية أيضاً حين ترغبين بأن تكونى كذلك ومن الواضح أن لديك العديد من الأصدقاء كما أننى أعتقد أن الرجال يتسابقون لكسب ودك . فلم تحتاج فتاة مثلك إلى أن يدبر لها أصدقاؤها موعداً مع رجل لا تعرفه؟
هزت كايت كتفيها :"ليس الأمر بالسهولة التى تتصورها لا سيما عندما تكون قد تجاوزت الثلاثين من العمر.ستجد أن جميع الرجال الجيدين لديهم علاقاتهم وينتهى بك الأمر إلى القبول بغباء بما هو متوفر"
وظهرت المرارة فى نبرة صوتها وهى تتابع :"هذا ما حصل معى على أى حال"
ـ يبدو واضحاً أن أحدهم سبب لك التعاسة
نظرت كايت إلى السقف وراحت تتذكر :"أسمه ساب وهو احد المدراء التنفيذيين الشباب فى الشركة التى كنت أعمل فيها . أحببته بجنون ورحت أحلم به من بعيد .كان يبدو أنيقاً ساحراً بارعاً مع النساء....كان ذلك جزء من جاذبيته"
قالت جملتها الأخيرة بسخرية وتابعت :"عندما لاحظ وجودى بين الفتيات الأخريات لم أصدق نفسى وكدت أطير من الفرح"
تنهدت قليلاً :"فوبى وبيللا لم تحباه أبداً أما أنا فكنت مسحورة به . من الصعب أن أشرح ذلك الآن فلديه شخصية قوية تجعلنى غير قادرة على التفكير حين أكون معه.قلت لهما إنهما لم يستطيعا فهمه كما فهمته أنا . أقنعت نفسى بأن أنانيته ناشئة من طريقة تربيته وأن فى داخله طفل معذب . ظننت أن كل ما يحتاج إليه هو حب المرأة المتفهمة وأننى أنا من ستغيره.كم كنت غبية"
وضحكت لكن المرارة بدت واضحة فى ضحكتها فقلا فين يخفف عنها :"جميعنا نرتكب الأخطاء"
مالت كايت إلى الأمام لتحمل فنجان القهوة وقالت:"معظم الناس يتعلمون من أخطائهم اما أنا فلا.كانت علاقتنا كما يقولون فى المجلات"علاقة مدمرة" رحت أختلق الأعذار كى ألتقى به ثم أنتظر بيأس أن يتصل بى وأتفقد بلهفة مخابراتى الهاتفية وبريدى الإلكترونى . وكان ه يعرف ذلك لكنه تجاهل وجودى تماماً إلى أن فقدت الأمل.ثم بدأ يتصل بى و يزورنى فى أوقات غير متوقعة فشعرت بالسعادة لرؤيته ولم أفطن إلا بعد فوات الأوان إلى أنه لا يفعل ذلك إلا لأنه يريد منى شيئاً...فهو يريد أما اقتراض المال وأما من يغسل له ثيابه "
ولاحظت أن فين ينظر إليها باستغراب زإذا به يسألها:"ما الذى جعلك تغيرين رأيك فيه؟"
ـ ذهبت إلى مكتبه ذات مساء وكنت قد وجدت عذراً مناسباً كى أتأخر فى العمل كالعادة لعلمى أنه سيكون هناك فوجدته يصرخ فى وجه إحدى عاملات التنظيف . لم أعرف ما هو الخطأ الذى ارتكبته تلك المسكينة لكنها بدت مرتعبة.لحسن حظها إنها لا تفهم اللغة الإنكليزية جيداً ولم تفهم الكلمات القذرة التى كان يستخدمها . عندما قلت له إنه لا يحق له التكلم معها بهذه الطريقة ارتد إلى وراح يجادلنى بقسوة.وانتهى بى الأمر بأن قلت له إننى سأقدم شكوى بحقه لأستخدام الكلام البذئ فهذا يعد اعتداءاً كلامياً على الآخرين.
ـ ماذا قال لك؟
منتديات ليلاس
ـ قال أنه هو من سيتقدم بشكوى ضدى لمضايقتى الدائمة له ثم تابع بسخرية:"من سيصدقون برأيك سكرتيرة غي بارعة ام مدير تنفيذى متألق؟" وهذا ما فعله بالضبط.وهكذا فقدت وظيفتى.
ثم تابعت تقول :"المشكلة هى أنهم لم يعطونى شهادة بمؤهلاتى مما يعنى أننى لن أتمكن من الحصول على وظيفة أخرى.فلم يكن أمامى سوى التوجه إلى وكالة التوظيف المختصة بالوظائف المؤقتة ووظيفتى لديك هى الأولى التى حصلت عليها"
منحته ابتسامة مشرقة ثم قالت :"لهذا السبب علىّ أن أبذل ما بوسعى لكى أترك لديك انطباعاً جيداً بحيث أحتفظ بتلك الوظيفة حتى عودة أليسون"
وكان هذا صحيحاً فإذا أعطى فين تقريراً سيئاً عنها قد تجد نفسها خارج لائحة وكالة التوظيف . لكن كايت لم تجد ضرورة للبحث فى هذا الموضوع الآن.
وضع فين فنجان القهوة بتأن على الطاولة وسألها :"هل هذا ما تحاولين القيام به الآن؟"
رددت بصوت أجوف:"الآن؟"
ـ إحضار ألكس من المدرسة وإعداد العشاء وكل تلك الأمور
جاء صوته خشناً وكأنه أصيب بخيبة أمل . فقالت كايت:"كلا! حتى إننى لم أفكر بهذا الأمر مطلقاً بالإضافة إلى ذلك لا أظن أن طهو المكرونة بالجبنة يعزز مؤهلات الموظف لدى رئيسه . كنت آمل فقط أن تلاحظ أننى أصبحت أكثر اجتهاداً فى العمل وأكثر دقة فى الالتزام بالمواعيد"
ـ فهمت
لم يقل فين سوى ذلك إلا أنه بدا أقل صلابة مما كان عليه قبل لحظات . فتابعت تقول :"قررت أن أصبح أكثر فعالية فى كل ما أقوم به . لقد علمنى ساب درساً قيماً....من الآن فصاعداً سوف أفصل حياتى الشخصية عن حياتى العملية كما اننى لن أخذ أى علاقة مع أى كان على محمل الجد . سوف أستغل كل فرصة متاحة لمقابلة أشخاص جدد حتى ولو كان ذلك عبر موعد مدبر. وهكذا قبلت دعوة فوبى على العشاء "
ردد فين الكلمات نفسها التى قالتها كايت من قبل :"لكنك التقيتينى أنا"
شئ ما فى صوته جعل كايت تدير رأسها .كان يراقبها من الجهة الأخرى للأريكة وقد بدت تعابيره غامضة لكن عينيه أوقعتاها فى شباكه من دون سابق إنذار. توقفت أنفاسها فى حنجرتها وشعرت بالخدر فى مختلف أنحاء جسمها وكأنه نظراته الثابتة عليها قد أصابتها بسهامها . ساد حولهما صمت رهيب لا يقطعه سوى هسهسة اقتراح الغاز فى المدفأة ودوى نبضات قلبها التى تقرع كالطبول فى أذنيها



زهرة منسية 22-07-12 11:30 PM


عندما أشاح فين بنظره عنها شعرت بالارتياح وكأنها تحرت من قيد كان يكبلها .أجبرت نفسها على الابتسام قائلة :"نعم لقد شعرت بالصدمة فليس من التسلية فى شئ أن تجد نفسك فى موعد مع رئيسك"
قال فين وهو يحدق إلى النيران :"لا لا أظن ذلك"
من الأفضل إقناع فين بأنها لم تكن تهدف سوى إلى التسلية لكن كايت وجدت أن تطبيق ذلك عملياً ليس مسألة سهلة .فلطالما وجدت نفسها تفكر كيف يتدبر فين و ألكس أمرهما فى غياب مدبرة المنزل فيجعلها ذلك تشعر بالسخط . إنها لست مشكلتها ! هذا ما دأبت على تذكير نفسها به باستمرار من المفترض أن تعيش حياة هادئة وتقضى أوقاتاً مسلية لا أن تقلق بشأن الأرامل الذين يشعرون بالحزن والأولاد والذين فقدوا أمهاتهم .كانت تفكر بـ ألكس وكلبها الصغير أحياناً لكن فين هو الذى يستحوذ على أفكارها معظم الأحيان . لم تغب عن ذهنها صورته وهو يجلس عند الطرف الأخر من الأريكة وظلال ألسنة النيران تتراقص على وجهه الابتسامة التى أضاءت قساوة هذا الوجه أو تلك الخطوط الصارمة حول فمه....أما فى المكتب فإن الأمور بدت أكثر سوءاً . إذ راحت تشعر بالتوتر والاضطراب لاسيما عندما تكون فى الغرفة نفسها مع فين أما إذا اقترب منها لأمر ما فيصيبها الارتباك وتتصرف بشكل أخرق كأن تريق قهوتها أو توقع الأوراق من يدها ويعلو الاحمرار خديها إذا ما نظر إليها فجأة . لم يبق سوى ثلاثة أسابيع على موعد عودة أليسون ولم تكن كايت واثقة هل تتوق إلى ذلك الموعد الذى سيخلصها من لحظات الارتباك والإحراج التى تمر بها أم أنها تخشاه! راحت أحياناً تتخيل إنها تعمل فى مكتب آخر ومع رئيس آخر لكنها لم تحتمل الفكرة
منتديات ليلاس
منذ ذلك اليوم الذى أحضرت فيه ألكس من المدرسة ساد جو المكتب الارتباك والحذر . بقى فين صارماً فى ما يتعلق بالعمل لكنه غدا أكثر تهذيباً ووجدت كايت نفسها أكثر من مرة تتمنى لو أنه يعود على سابق عهده معها فيصرخ فى وجهها ويتعامل معها بنكد وإزعاج .
كان يوم الجمعة حافل بالعمل وعملت كايت بجهد لإنهاء تلك اللائحة الطويلة من الأعمال التى كلفها بها فين . وبعد ظهر ذلك اليوم كانت تجلس قابلته فى مكتبه لتدون ملاحظات جديدة لكنها بدت شاردة النظرات بين يديه اللتين تقلبان الأوراق وحركة فمه الذى يصدر التعليمات بدقة وما أن رفع بصره نحوها حتى فقدت تركيزها ونسيت ما عليها القيام به.
ـ هل أنت بخير؟
سألها فين ذلك بعد أن طلبت منه أن يكرر ما قاله للمرة السادسة
فأجابته وقد علا الاحمرار خديها :"نعم"
فى الواقع باتت تحمر خجلاً فى الفترة الأخيرة كلما نظر إليها .
ـ تبدين مشوشة الفكر أكثر من العادة
ـ أنا متعبة قليلاً وهذا كل شئ . لقد أطلت السهر بالأمس وأنت تعرف كيف تحصل الأمور عندما تكون مستمتعاً بوقتك
قال بخشونة:"سأعتبر ذلك صحيحاً"
توقف قليلاً وراح يقلب بعض الأوراق بعبثية ثم قال:"لقد قلت لـ ألكس أن حياتك الاجتماعية حافلة لكننى وعدتها مع ذلك بأن أسألك"
سألته كايت وقد فوجئت بكلامه :"تسألنى ماذا؟"
ـ يبدو أنها تعتبرك خبيرة فى شؤون الكلاب.وأنت أكثر خبرة منا على أى حال ! تريدك أن تعلميها كيف تدرب ديريك وعلى ذلك أن يكون بعد ظهر أحد الأيام خلال عطلة نهاية الأسبوع.
تذكرت كايت إنها وعدت ألكس بأن تعلمها كيف تدرب ديريك لكن لم تكن تلك هى المشكلة , المشكلة هى هل ترغب فعلاً بالخروج برفقة فين؟لاحظ فين ترددها فقال:"لقد قلت لها إنك ربما تكونين مشغولة"
فتحت فمها لتقول عبارة تمكنها من التهرب من هذه الدعوة وعوضاً عن ذلك وجدت نفسها تقول :"لا....لا لست مشغولة"
وراح فمها يتحرك ليتفوه بكلام مناقض تماماً للأوامر الصارمة التى يصدرها عقلها. فمع أن عقلها يحذرها بألا تتورط أكثر إلا أنها وجدت نفسها تقول:"نعم بعد ظهر أحد الأيام سيكون مناسباً يمكننا الذهاب إلى إحدى الحدائق العامة"
ـ إنه لطف منك ستسر ألكس كثيراً بذلك
قال هذا بنبرة متكلفة حتى إنها تساءلت إن كان يفضل لو أنها رفضت طلبه. وودت أن تسأله : وماذا عنك؟ ألن يسرك الأمر ؟ وإذا به يقول بلباقة وتهذيب: "هل يناسبك بعد ظهر يوم الأحد؟"
ـ نعم لا بأس بذلك
ـ سنأتى لاصطحابك بالسيارة حوالى الساعة الثانية . موافقة؟

* * *

زهرة منسية 22-07-12 11:33 PM


صباح يوم الأحد راحت كايت تتحرك بقلق فى أنحاء المطبخ وهى تبعد الرزم والأغراض عن المسطح الرخامى لتمسحه بعدئذ بفوطة . نظرت إليها بيللا بقلق وسألتها :"ما الذى جعلك ترتبين المطبخ فجأة؟"
ـ لا شئ لكنه فى حالة من الفوضى.
ـ إنه كذلك دوماً لكنك لم تزعجى نفسك بالأمر من قبل . هل تنتظرين احداً؟
ـ فين وابنته سوف يأتيان بعد الظهر
حاولت أن يبدو صوتها طبيعياً لكن ذلك لم يخدع بيللا فقالت :"فين رئيسك الذى تكرهينه والذى تشعرين بالأسف لأجله؟ ذلك الذى لا تنوين أبداً التورط معه؟"
اعترفت مرغمة:"نعم"
ـ هل يمكنك أن تشرحى لى ما الذى يعنيه قدومه إلى منزلك بعد ظهر يوم الأحد و أنت لا ترغبين التورط معه؟
ـ حسناً ,إنه فى الواقع موعد مع ابنته . سوف نأخذ الكلب فى نزهة , وفين سوف يوصلنا بالسيارة فقط
بدا واضحاً أن بيللا لم تصدق كلمة من ذلك فقالت:"هكذا إذن !"
ـ إنها الحقيقة . أنا ذاهبة فقط لأننى أشعر ببعض المسؤولية عن ذلك الكلب.
ملأت بيللا الأبريق بالماء وسألتها:"ماذا أقول لـ توبى إذا أتصل وأراد أن يراك ثانية؟"
قالت كايت بصرامة :"بكل تأكيد . فأنا أرغب بقضاء أوقات ممتعة "
ـ ألهذا السبب أراك تتحضرين للنزهة قبل أربع ساعات؟ما الذى سترتدينه؟
يا إلهى! أنه سؤال جيد . ما الذى سترتديه فعلاً ؟عادت إلى غرفتها وراحت تنقب بين ملابسها....بدا الاختيار صعباً لكنها قررت أخيراً ارتداء بنطلون جينز مع كنزة حمراء اللون هى المفضلة لديها.بدا لها أن بعض الكعك المحلى فكرة لا بأس بها بعد نزهة فى الطقس البارد ! ركضت بسرعة عائدة إلى المطبخ وراحت تبحث فوق الرفوف عن الطحين والكريما ثم سألت :"هل لدينا بيكربونات الصديوم؟"
رفعت بيللا نظرها عن صفحة أخبار المجتمع فى جريدة الأحد التى تتصفحها وقالت :"لماذا تريدينها؟"
ردت كايت بدون انتباه :"أريد تحضير بعض الكعك المحلى"
هزت بيللا رأسها :طالكعك المحلى؟ لا شك أنك غارقة حت أذنيك"
لكنها تابعت حين رات أن كايت تحاول الاحتجاج:"أبحثى على الرف الأخير"
ظلت كايت تتحرك داخل المطبخ لبقية الصباح وكادت بيللا تفقد صوابها لمحاولتها ترتيب كل ما حولها . فحملت الجريدة وفنجان القهوة وقالت متذمرة قبل أن تذهب إلى غرفة الجلوس :"أرجو أن يأتى فين بسرعة لينتشلك من بؤسك هذا"
وأخيراً رن جرس الباب كانت كايت تشعر بتوتر لم تشعر به منذ أن خرجت فى موعدها الأول . شدت كنزتها إلى الأسفل ومررت أصابعها فى خصلات شعرها ثم أخذت نفساً عميقاً قبل أن تفتح الباب
كان فين يقف هناك خلف ألكس وراح قلب كايت يخفق بقوة لرؤيته أبعدت نظراتها عنه بسرعة لتنظر إلى ألكس التى عانقتها بقوة وتلقائية . لو أن الظروف مختلفة ما ترددت كايت بمعانقة ضيفها للترحيب به,لكن مجرد التفكير بملامسة فين ولو بسرعة خاطفة يبدو محفوفاً بالمخاطر . تمكنت من دفع ابتسامة إلى وجهها وقالت:"مرحباً"
جلست ألكس فى المقعد الخلفى للسيارة إلى جانب ديريك الذى بدا بالغ الحماسة . وراحت تثرثر طيلة الوقت فكانت كايت تومئ برأسها حيناً أو تبتسم أو ترد عليه بعبارات مقتضبة أحياناً
شعرت بالارتياح بعد نزولها من السيارة وتمكنت من تركيز انتباهها على ألكس وديريك . راحت تعلم الفتاة كيف تقدم للكلب بعض الطعام عندما ينفذ ما تأمره به وذلك تشجيعاً له . ولم يمض وقت طويل حتى تعلم ديريك كيف يجلس بهدوء منتظراً أن تدعوه إليها فيقترب ملوحاً بذيله
وشعرت ألكس بالبهجة لذلك فقالت:"أنه كلب ذكى أليس كذلك أبى؟"
بعدئذٍ قاموا بنزهة عبر الحديقة . كان الطقس بارداً وعاصفاً وراحت الريح تعبث بشعر كايت فيتطاير حو وجهها أما ألكس فكانت تركض فى المقدمة مع ديريك فيما يسير فين ورأسه منخفض وهو يضع يديه فى جيبى سترته وشعره الأسود يرفرف مع الهواء
بين الحين والآخر كانت ألكس تهرول عائدة إلى الوراء وقد علا خديها اللون الوردى وتألقت عيناها ببريق السعادة خلف نظارتيها.
ـ ليتنا نقوم بنزهة كهذه فى نهاية كل أسبوع!
ـ لكنك لم ترغبى فى بالنزهات سيراً على القدمين من قبل
ـ يصبح الأمر مختلفاً حين يكون لديك كلب
منتديات ليلاس
ثم وجهت ألكس كلامها إلى كايت فقالت بحرارة:"أنا سعيدة لأنك تعملين لدى أبى . ألست سعيداً أنت أيضاً أبى؟"
نظر فين إلى كايت التى كانت تحاول دون جدوى رفع شعرها عن وجهها إلى الوراء فيما تتألق عيناها البنيتان ببريق حاد وقد علا الاحمرار خديها بعد الجهد الذى بذلته مع ألكس وديريك ثم قال:"من المؤكد انها غيرت حياتى"
وابتسمت كايت غير واثقة مما يعنيه بقوله هذا . هل تغيير حياته أمر جيد أم سئ؟ أم أنه يمزح فقط؟وفى الناهية قررت أن تتجاهل الأمر إذ بدا لها ذلك أكثر أماناً . وسألته عن مدبرة منزله :"هل ستعود روزا قريباً؟"
ـ لا نعرف . إنها على اتصال دائم بنا ومن الواضح أنها قلقة من أن تفقد عملها لدينا لكن أمها مازالت مريضة جداً وهى لا تعرف متى يمكنها أن تتركها . وفى هذا الوقت أنا وألكس نتدبر أمورنا بأفضل ما نستطيع
فعلقت ألكس :"بل بشكل رائع. الأمور أفضل بكثير من دون مدبرة منزل"
ـ لا يمكنك قول ذلك حين تاتى عمتك ستيلا . ستصاب بالذعر لأن لا أحد يقوم برعايتك والعناية بك
قالت ألكس بصدق وهى تشبك يدها بيده :"أنت تقوم بذلك"
ورأت كايت ابتسامة ملتوية تعلو ثغر فين:"ستقول لى ستيلا إن وجودى قربك لا يكفى وهى على حق "
فسألت كايت :"من هى ستيلا؟"
ـ إنها شقيقة أبى وهى متسلطة !
قال فين بنبرة أكثر اعتدالاً :"تعيش شقيقتى فى كندا لكنها تأتى كل سنة لتزورنا وتتفقد أحوالنا أنا وألكس"
تردد قليلاً ثم تابع يقول :"إنها ذات قلب كبير لكنها أحياناً تميل إلى .....السيطرة"
ـ بل هى متسلطة!
صحح لها فين قائلاً :"معتدّة قليلاً برأيها"
ثم استدار نحو كايت متجاهلاً اصرار ألكس التى غمغمت من بين أسنانها :"متسلطة!"
تابع فين يقول :"منذ سنتين قررت ستيلا أن ألكس تحتاج إلى أم بديلة ومنذ ذلك الحين وهى تحاول إيجاد نساء مناسبات كى ألتقى بهن"
علقت ألكس:"وكلهن شنيعات أيضاً. ألي كذلك أبى ؟"
ـ لنقل إن فكرة ستيلا عن نوع الأم البديلة التى تحتاجها ألكس تختلف عن فكرتنا نحن . إنها شديدة التعلق بى وأنا أعلم أن نواياها حسنة لكننى أتمنى لو أنها تتركنى لأنظم حياتى على طريقتى
شعرت كايت بالحيرة وقالت معترفة:"لا يمكننى أن اتخيل أنك تخضع لسيطرة أى كان"
ـ أنت لا تعرفين شقيقتى! ما يدعو للأسف أننى وألكس بتنا نشعر بالرهبة لزيارتها لنا .
راحت ألكس تقفز إلى جانبهما ثم قالت :"أتعلم ما علينا أن نفعل أبى؟"
ـ ماذا؟
ـ علينا أن ندّعى بأن لديك صديقة وهكذا لن تتمكن العمة ستيلا من قول أى شئ
قال فين وهو يلوى شفتيه :"لا أظن ان من السهل خداع ستيلا فهى ستصرّ على التعرف على تلك الصديقة"
فاقترحت ألكس :"ربما يمكننا أن نطلب من كايت أن تتظاهر بذلك"
ـ تتظاهر بماذا؟
راحت ألكس تقفز جذلاً وهى ترى أهمية فكرتها وقالت :"تتظاهر بإنها صديقتك.يمكنكما التظاهر بأنكما سوف تتزوجان وهذا سوف يجعل عمتى ستيلا تكف عن إزعاجانا"
ساد صمت ثقيل لعدة لحظات وثم قال فين :"لا أظنها فكرة جيدة"
ـ لِمَ لا ؟ كايت لن تمانع . هل تمانعين كايت؟
غمغمت كايت بصوت غير مفهوم إذ بدا لها أن هذا خيراها الوحيد.
وأكملت ألكس تقول :"كم سيكون ذلك مسلياً ! تصور ما سيحصل عندما تأتى عمتى ستيلا وتبدأ كعادتها بإقناعك بأن عليك أن تتزوج ثم تقول لها إنك وجدت صديقة مناسبة دون تدخلها.سيبدو ذلك رائعاً!"
قال والدها بحدة :"كفى ألكس"
لكنها أصرت :"لِمَ لا؟"
ـ قلت لك كفى!
أنطفأت ألكس وهى تغمغم خائبة الأمل قبل أن تبدأ برمى العيدان لـ ديريك للتنفيس عن غضبها . أما فين فقال لـ كايت :"أنا آسف لقد تمادت ألكس قليلاً"
ـ لا بأس
ومن جديد حل بينهما صمت مربك إلى أن سألته كايت :"هل شقيقتك سيئة إلى هذا الحد؟"
تنهد فين قائلاً :"بل أسوأ أعلم أنها قلقة بشأن ألكس لكنها ذات طبع....لجوج"
ـ ألا يمكنك أن تقول لها بكا بساطة أنك وألكس سعيدان هكذا ؟
ـ صدقينى لقد حاولت ذلك مراراً . المشكلة هى أننى أدين لها بالكثير فهى التى اهتمت بكافة شؤوننا عندما توفيت إيزابيل . لا اعلم ماذا كنت سأفعل بدونها . لحسن الحظ أنها كانت موجود حينها . فهى تقيم مع أسرتها فى كندا لكنها جاءت خصيصاً لتهتم بـ ألكس وبى أيضاً . لقد أخبرتها أننى أوافقها الرأى واننى أفكر بالزواج مرة ثانية. لكن ستيلا تعتقد أننى لن أفعل ذلك من تلقاء نفسى لذا فهى لا تتوقف عن البحث عن المطلقات و تقديمى إليهن .وفى الحقيقة من الصعب أن أبحث بنفسى عن المرأة المناسبة ما دامت ألكس ترفض الفكرة وهكذا تجدين أن ستيلا على حق .

* * *


نهاية الفصل الخامس

زهرة منسية 24-07-12 09:42 PM

منتديات ليلاس

قالت كايت :"إن اهتمام الآخرين بك قد يسبب لك الإزعاج أحياناً"
كانت تسير إلى جانبه فى ممرات الحديقة وهى تضع يديها فى جيبيها لتمنعها من احتضان فين لمواساته .
ـ عندما كنت أخرج مع ساب لم تكن بيللا و فوبى تكفان عن القول إنه لا يصلح لى . فى أعماقى منت اعلم أنهما على حق لكن ذلك لم يغير من الأمر شيئاً . لم اكن أستطيع مجادلتهما لأننى أعرف أنهما تحبانى وتهتمان لسعادتى لكننى كنت أحياناً أتمنى لو انهما تصمتان وتتركاننى وشأنى
تباطأت خطواتهما دون أن يشعرا ثم توقف فين وأخفض بصره لينظر إليها وعيناه الرماديتين تلتمعان بنظرة غريبة. وأخيراً قال :"نعم , هذا ما أشعر به تماماً مع ستيلا"
راحت الغيوم تتجمع فى السماء وما هى إلا لحظات حتى حجبت وجه الشمس فغدت السماء كلوحة ضبابية . أحست كايت كما لو أنهما معزولان عن كل من فى الحديقة . كانت تسمع بوضوح ضربات قلبها واندفتع الدم عبر شرايينها فيما تشع عينا فين الرماديتان ببريق فضى غريب
وما هى إلا لحظات حتى عادت الشمس إلى الظهور من خلف الغيوم وكأن أحدهما قد أضاء النور من جديد وعادت ألكس راكضة باتجاهما وهى تنادى ديريك . عندئذ التفت فين بعيداً عنها وشعرت كايت بالتشويش والارتجاف وكأن قلبها عالق فى حنجرتها كما شعرت بانقباض فى صدرها مما جعلها تتنفس بصعوبة . تنحنح فين وبذل جهداً واضحاً كى ينظر إلى ساعته ثم قال:"ربما يجدر بنا أن نعود الآن"
وفى طريق العودة شعرت كايت بالسرور لأن ألكس لم تكف عن الثرثرة . فقد كانت غارق فى أحاسيس غريبة وتشعر بالارتجاف فى أعماقها بشكل مربك.جعلتها أحاسيسها هذه متنبهة لكل حركة من حركات فين . إنها بحاجة على التماسك والسيطرة على نفسها ! فمن يراها يظن أنه كان يبثها أعمق مشاعر الحب والإلهام!
وجد فين مكاناً ليوقف السيارة بالقرب من منزلها وما إن أطفأ المحرك حتى سمعت نفسها تقول :"هل تودان النزول لتناول الشاى؟"
أخترق صوتها الصمت بطريقة مضحكة إذ بدا حاداً مرتفعاً وكأنها تشعر بالتوتر أو ما شلبه:"لقد صنعت بعض الكعك المحلى"
قالت ألكس بإستحسان :"أنا أحب ذلك! هل يمكن لـ ديريك ان يأتى أيضاً؟"
ـ بالتاكيد
فى الواقع قوبل ديريك باستقبال بارد جداً من هرّ كايت فقد كان هذا الأخير متكوراً بارتياح على الأريكة حين وصل ديريك وراح يلكزه بأنفه الرطب البارد فيما راح ذيله يلوح بتردد . وما لبث الهر أن نفش وبره وراح يهسهس مهدداً مبرزاً مخالبه استعداداً للقتال ,ما جعل ديريك يتراجع وهو يهمهم احتجاجاً . وسألت ألكس :"ما أسمه؟"
ـ نحن نسميه هرّ فقط . لقد كان تائهاً مثل ديريك لكنه بدا هراً برياً حين أحضرته إلى المنزل . كان يخدشنا ويعض أقدامنا ولم تسمح لى فوبى بأن أمنحه أسماً خشيت أن أتعلق به وأرغب بالاحتفاظ به لكننى حتى الآن لم أستطيع إيجاد منزل له . وهكذا مازلنا نناديه هرّ
قالت بللا فيما كانت تجلس على أحد الكراسى وهى تضع طلاء أظافر :"لن يرغب بالذهاب إلى أى مكان"
ثم تابعت تقول :"مهما قلت عن هذا الهر فهو ليس غبياً وهو يعلم أنه لن يجد من يعتنى به مثل كايت أينما ذهب"
وأبتسمت لـ فين وألكس لتكمل:"أنا واثقة أن كل الحيوانات الشاردة فى لندن تعرف أنها أنسانة رقيقة القلب فنحن دوماً نجد أمام الباب حيوانات بحالة بائسة وتحتاج إلى المساعدة"
رمقت كايت صديقتها بنظرة ذات معنى :"بيللا أنا واثقة من أنهما لا يرغبان بسماع مثل هذه القصص"
لكن لا شئ يستطيع إيقاف بيللا حيث تبدأ الكلام ثم أن ألكس قالت:"بل نرغب بسماعها"
انهمكت كايت بتحضير الشاى والكعك المحلى وهى تشعر بالارتباك بعد أن لاحظت أن عينى فين ترموقانها بين الفنية والأخرى أتراه يتساءل كيف يمكن لوكالة التوظيف أن تقبل بامرأة بلهاء مثلها؟
بعد قليل عادت تحمل الصنية حيث يجلس الجميع بارتياح ثم قالت :"آمل أن تكون قد لاحظت أن معظم تلك القصص هى من نسيج خيال بيللا"
فاحتجت بيللا :"هذا غير صحيح!"
لكن يبدو أن بيللا سّرت بالكعك المحلى فقالت:"يمكننى ان أخبرهما آلاف القصص عن براعتك فى الطهو "
فقال فين:"لقد سبق ان عرفنا ذلك"
راحت بيللا تنقل نظرها بين فين وكايت وبدأت العينان الزرقاوان بالتأمل . عندئذٍ أدركت كايت ان صديقتها قررت أن تطلق العنان لحسها التحليلى حول شخصية فين وأملت أن يكون هذا الأخير مستعداً لذلك . وقف فين وألكس كى يغادرا فقالت ألكس :"ما أجمل مطبخكما ! ليت مطبخنا يشبهه أليس كذلك أبى؟"
راقبت فين وهو يجول ببصره على الفوضى السائدة فى المطبخ.... الزجاجات الفارغة التى تنتظر وضعها فى القمامة....المجلات المبعثرة فى كل مكان...طلاء الأظافر الذى تتركه بيللا هناك باستمرار , الثياب الداخلية النسائية الموضوعة على منشر الغسيل بطريقة عشوائية....فبادرت تقول لـ ألكس بوقار:"إن نشر مثل هذه الفوضى فى غرفة يتطلب الكثير من الجهد لكننى أظن أن والدك يمكنه تدبر الأمر "
فضحك فين وشعرت هى وكان دواراً أصابها . وتراقص قلبها داخل صدرها ما إن ظهرت أسنانه البضاء و الغمازتين العميقتين فى خديه والمرح الظاهر فى عينيه.
كانت بيللا تلتهم آخر كعكة عندما عادت كايت وذلك بعد أن رافقتهما إلى السيارة . تبخر كل الابتهاج الذى شعرت به من قبل بعد أن ودعها فين .
لقد عانقت ألكس ودغدغت ديريك أما هو فقد ابتعد بخطوات ثابتة وكأنه يقول أن كل شئ قد عاد إلى ما كان عليه من قبل وكل ما قاله لها :"أراك غداً"
حسناً ما الذى تتوقعه غير ذلك؟ هل تتوقع منه ان يفتح ذراعيه ليضمها إلى صدره ام يودعها بعناق حميم؟
ردت كايت دون خماسة :"نعم أراك غداً "
غمغمت بيللا وفمها ممتلئ بالكعك المحلى:"ألا يبدو منطوياً على ذاته؟"
لم تستطيع كايت التظاهر بأنها لم تعرف ما تقصده بيللا بكلامها .
راحت تجمع آنية الشاى وقد بدا عليها الحزن :"إنه....متحفظ قليلاً"
منتديات ليلاس
ـ إنه كذلك فعلاً لم أر فى حياتى شخصاً يصعب صبر أغواره مثله.
شعرت كايت بقرصة من خيبة الأمل....بل بأكثر من قرصة إذا أرادت أن تكون صادقة مع نفسها إنها بالاحرى غصة او طعنة سكين أصابت أحشاءها . أزعجها ألا تتمكن صديقتها من سبر أغوار فين فـ بيللا ذات نظرة صائبة فى معرفة الأشخاص وهى أكثر خبرة منها فى ذلك.أرادت ان تسمع منها أن فين كان طيلة الوقت يلاحقها بنظراته....وهى واثقة من أن بيللا كانت لتدرك ذلك لو أن هناك أى أشارة أو لمحة من الحب تجاهها. لكن....لا شئ من هذا القبيل. منتديات ليلاس
هزت كتفيها بترفع وقالت:"ذلك لا يزعجنى على الاطلاق . فهو ليس سوى رئيسى المؤقت ولا يهمنى معرفة تفاصيل حياته الشخصية كلها"
لكن المشكلة هى أن بيللا تعرفها أكثر مما تعرف أى شخص آخر فقالت :"طبعاً!"
ثم وضعت ذراعها حول كتفى كايت ونصحتها قائلة :"لا تهتمى للأمر فهناك دائماً من هم أفضل منه بكثير"

* * *

زهرة منسية 24-07-12 09:47 PM

منتديات ليلاس

صباح يوم الثلاثاء رن جرس الهاتف فى المكتب فأجابت كايت:"هنا مكتب فين ماكبرايد"
سمعت صوت يقول بنبرة باردة:"أنا أليسون مساعدة فين الشخصية"
ـ أهلاً....كيف أصبحت قدمك؟
ـ أفضل بكثير شكراً لك. هل تسير الأمور بشكل جيد؟
لاحظت كايت فى صوتها نبرة تنبئ بالشعور بالتفوق مما جعلها تجفل فحاولت ان تجيبها بالنبرة الباردة نفسها :"أجل على ما أظن. هل تودين التحدث إلى فين؟"
ـ نعم
خرج فين من مكتبه بعد دقائق قليلة وقال:"كانت هذه أليسون"
لم يكن هناك داع ليخبرها بذلك لابد أن مكالمة أليسون قد ذكرته كم هى بارعة وجديرة بأن يعتمد عليها على العكس من مساعدته المؤقتة .
ـ قال لها الطبيب إن بإمكانها العودة إلى العمل يوم الاثنين المقبل .
ـ الأثنين المقبل؟
لم تستطيع كايت إخفاء نبرة الفزع من صوتها فهى تتوقع الاستمرار فى العمل لأسبوعين على الأقل . تنحنح فين:"لقد قلت لها إن لا داعى لأن تعود قبل أن تشفى قدمها لكنها قالت إنها متلهفة إلى العودة "
ـ طبعاً
وماذا يمكنها أن تقول غير ذلك ؟
ـ سيعود النظام إلى هذا المكتب من جديد
وألقت نظرة سريعة على ديريك الذى كان يهرول حول فين ثم اقترب من قدميها وراح يثب بحماسة ثم تابعت :"ولا مزيد من الكلاب الشاردة بالتأكيد"
ـ كلا
وبعد لحظات من الصمت المؤلم نظرت دون حماسة إلى أكوام الأوراق والملفات الموضوعة على مكتبها وقالت :"من الأفضل أن أرتب مكتبى"
أجبرت نفسها على الأبتسام بإشراق :"هل يمكننى استخدام الهاتف لأتصل بالوكالة وأعلمهم بما حصل؟"
كان فين يقف قابلة النافذة ينظر إلى الشارع وهو يضع يديه فى جيبه فسألها: "أى وكالة؟"
ـ وكالة التوظيف المختصة بالوظائف المؤقتة قد يتمكنون من إيجاد وظيفة لى بدءاً من يوم الأثنين
استدار نحوها قائلاً :"آهـ حسناً . نعم"
نظر إلى كايت ثم عاد بنظراته إلى البعيد كأنه يريد أن يقول شيئاً لكنه فضل أن يفكر به أكثر. وما لبث أن قال :"نعم, من الأفضل أن تفعلى "
هكذا إذن ؟ حسناً فعلت أنها لم تتورط فى علاقة معه . هخذا ما فكرت به كايت وهى تجلس فى الباص مساءً شاعرة بالتعاسة. لطالما علمت أنه لا يجدر بها الوقوع فى حب فين فهى لا تريد أن تمضى حياتها وهى تشعر أناه لست سوى البديل الأفضل عن حبيبته الجميلة المكتملة الصفات إيزابيل. هذا ما قررته بعد أن خرحت مساء الأحد الفائت برفقة بيللا لتمضيا سهرة ممتعة مليئة بالمرح علها تنسى أمر فين . لكن الأمر بدا أكثر سهولة فى أجواء السهرة الصاخبة مما هو عليه الآن.
الأيام الثلاثة التالية كانت مليئة بالألم . بدا فين خلالها قليل الكلام ,كما بدت كل محادثة بينهما رسمية إلى أبعد الحدود . وأخيراً جاء يوم الجمعة.
عندما استدعاها فين إلى مكتبه حضرت نفسها لسماع كلام يتعلق بمغادرتها وقررت سلفاً أن تبدو بمظهر مهنى متفهم . إذ عليهما على الأقل أن يتفقا ماذا سيفعلان بـ ديريك الذى أصبح جزءاً مألوفاً من روتين المكتب فـ كايت تتعثر به ست مرات على الأقل فى اليوم الواحد.
لم تصدق أذنيها حين طلب منها فين أن ترتب بعض الأمور قبل مجئ أليسون إذ قال:"فلنحاول أن نجعل الأمور مرتبة وواضحة بقدر الإمكان من أجلها"
طبعاً!فهما لن يدعا أليسون الغالية على قلبه تعمل كثييراً حين تعود.
شعرت كايت بالغضب . حسناً قد لا تكون هى اليسون الخارقة لكنها عملت هنا ستة أسابيع وقد عملت بجهد حقاً . لا يضره فى شئ أن يسمعها كلمة شكر على الأقل!
وقفت على قدميها وسألته ببرودة :"هل هذا كل شئ؟"
قال بتردد:"بقى هناك أمر واحد"
واستقرت عيناه عليها وهى تضم دفتر الملاحظات إلى صدرها وقد بدت مستاءة ومتكدرة ثم أضاف :"أجلسى"
عادت كايت لتجلس من جديد على حافة الكقعد ثم فتحت دفتر ملاحظاتها وهى تتنهد باستياء ونظرت إلى فين وقد حملت قلمها فى يدها ثم قالت تحثه:"ماذا؟"
ـ أردت فقط أن أسألك إذا كنت قد حصلت على وظيفة ليوم الإثنين
أخفضت القلم فى يدها وقالت :"ليس بعد"
سألها فين بحذر :"ما رأيك بتغيير مهنتك؟"
حدقت فيه قائلة:"ماذا؟"
ـ حين كنا مدعوين إلى العشاء لدى جيب وفوبى ذكرت أنك تفكرين بتغيير مهنتك . وأنا أتساءل إن كنت جادة فى ذلك أم لا؟
ـ أظن ان الأمر يتعلق بنوع المهنة التى يمكننى أن أتخذها بدلاً من هذه. هل تفكر فى شئ معين؟
ـ مدبرة منزل
ضحكت كايت:"ليس جاداً !"
ـ ولِمَ لا أكون كذلك؟
قالت وهى مازالت تبتسم :"أنت تعلم كم أنا فوضوية . لقد رأيت حالة مطبخنا يوم الأحد الفائت . كنت أعتقد أننى آخر شخص يمكن ان تفكر فيه كمدبرة منزل "
ـ الترتيب ليس أهم شئ . المسألة هى أن ألكس أحبتك.....
توقف فجأة عن الكلام وراح يتمشى فى الغرفة. ثم تابع يقول :"قلة هم الأشخاص اللذين استطاعت أن تحبهم. ما أحتاجه فى الحقيقة هو شخص يمكنه إحضارها من المدرسة والاهتمام به إلى حين عودتى إلى المنزل . كما أنك تجدين الطهو وهذه ميزة إضافية"
ـ وماذا عن روزا؟
ـ لقد أتصلت الليلة الماضية . يبدو أن امها بحاجة إلى عناية دائمة فى الفترة القادمة. قلت لها إننى سأتخذ تدبيراً مؤقتاً وهكذا ستحتفظ بوظيفتها إذا ما عادت خلال شهرين لكننى لا أظنها ستتمكن مكن ذلك .
ـ إذن أنت لا تفكر بوظيفة دائمة؟
هز فين رأسه:"كلا فـ ألكس ليست متحمسة لفكرة وجود شخص ثالث معنا فى المنزل وسوف أرى إن كان بإمكاننا أن نتدبر أمورنا من دون مدبرة منزل......مع أن ذلك سيكون أكثر صعوبة بوجود ديريك "
سألته كايت :"لِمَ تطلب منى ان أعمل كمدبرة منزل إذن؟"
توقف عن السير ووضع يديه فى جيبيه قائلاً :"لأن شقيقتى ستزورنا بعد أسبوعين"
آه , نعم. تذكرت كايت شقيقته المخيفة ستيلا . وتابع فين يقول :"نريديك ان تبقى معنا خلال فترة إقامتها هنا فقط, ونحن لا نتكلم عن وظيفة دائمة. فإذا لم يكن لديك مخطط آخرى فكرى بالأمر . بالتأكيد سوف أدفع لك أجراً أفضل من الذى تأخذينه هنا "
راحت كايت تخربش من دون وعى على دفتر ملاحظاتها . إنها ليست متمسكة بمهنتها هذه لقد عملت فى مجال السكرتاريا لأنهاغ ببساطة لم تستطيع أن تفكر فى مهنة أخرى . بخلاف بيللا و فوبى المتمسكتان بجدية بمهنتهما ظلت كايت محتفظة بحلم طفولتها بأن تعيش فى كوخ فى الريف حيث تستطيع أن تصنع المربيات والحلوى وتزرع الورود فى الحديقة بالأضافة إلى اقتناء عدد كبير من الحيونات وإنجاب عدد كبير من الأولاد....
بللت شفتيها وتكلمت بنبرة مهنية بحتة :"هل تشمل الوظيفة المنامة أيضاً؟"
ـ أفضل ذلك
ـ يجب ان اتفق مع بيللا بشأن الشقة
ـ سوف أتكفل بدفع إيجار الشقة بك وهكذا تضمنين العودة إليها أن أرادت
فأجاها اقتراحه فنظرت غليه بدهشة ثم قالت بصراحة :"إيجار الشقة لم يعد مشكلة بعد ان تزوجت فوبى من جيب! أن وبيللا ندفع الآن إيجاراً رمزياً فقط مقابل اهتمامنا بالشقة . لكننى كنت أفكر بالهر"
بدا فين وكأنه لا يصدق أذنيه فردد قائلاً:"الهر؟ !"
ـ سأطلب من بيللا أن تهتم به لأجلى . لكنه عض قدميها وخدشها مرات عديدة ولا أظنها ستتحمس للفكرة ! إلا.....إذا كنت أستطيع اصطحابه معى.
قالت جملتها الأخيرة آملة ان يسمح لها فين بذلك لكن أملها خاب فوراً إذ قال بصراحة :"كلا! تكفى المتاعب التى يسببها الكلب وأنا واثق من ان بيللا ستعتنى بالهر فى غيابك فالأمر لن يدوم طويلاً . ستيلا ستمضى عادة أسبوعين معنا ثم تقوم بجولة فى البلاد لتزور أصدقاءها القدامى,وتستغرق جولتها عشرة أيام تعود بعدها إلى منزلنا لأيام قليلة قبل أن تسافر عائدة إلى كندا لذا لا أتوقع أن نحتاج إليك لأكثر من شهر "
حسناً هذا ينبئها بالكثير ! لحسن الحظ أنها لم تفعل شيئاً سخيفاً كالوقوع فى حبه....بعد أن فكرت ملياً بالأمر قالت فجأة :"حسناً أنا موافقة"
بدا فين مندهشاً أكثر منها حين قال :"سوف تقبلين بالوظيفة؟"
ـ نعم
عليها أن تناقش أمر الهر مع بيللا ولا شك أنها ستثور غضباً لكنها ستذعن فى النهاية . سوف توضح لها أنها ذاهبة إلى منزل فين بصفتها مدبرة منزل لا أكثر .
ـ متى تريدنى أن أبدأ العمل؟
منتديات ليلاس
قال بنبرة رسمية :"ربما يمكننا أن ناقش التفاصيل على العشاء . هل نتعشى معاً هذا المساء؟"
ـ حسناً , نعم .
بدا الأرتباك على فين ثم قال :"حسناً أيمكنك ان تحجز لنا طاولة فى أحد المطاعم؟"
أن تحجز بنفسها طاولة فى مطعم ليس من الرومانسية فى شئ ! ربما يجدر بها أن تطلب إرسال بيتزا إلى المكتب فذلك يناسب جو العمل .
حاولت ألا تظهر أرتباكها وسألته :"هل هناك مطعم محدد تود الذهاب إليه؟"
استدار مبتعداً عمها نحو النافذة ثم قال بلا مبالاة :"سأترك الخيار لك"
وقفت كايت من جديد فيما ظل فين يراقب انهمار المطر من خلال النافذة . بدا لها أن المقابلة انتهت وما أن وصلت إلى الباب حتى سمعته يقول:"أختارى مكاناً جيداً فأنا أود ان أطلب منك شيئاً "


* * *


زهرة منسية 24-07-12 09:51 PM


ـ يود أن يطلب منك شيئاً؟
كررت بيللا هذا القول عندما أخبرتها كايت عن محادثتهما فى ذلك المساء. وتابعت تقول :"ألم يقل ما هو؟"
ـ أظن ان الأمر يتعلق بعملى كمدبرة للمنزل
رفعت بيللا حاجبيها مظهرة عدم التصديق وقالت:"هيا كايت ! لا أصدق أن الرجل يدعو فتاة مثلك على العشاء ليناقش معها كم من الوقت ستمضى وهى تنظف المنزل!"
توقفت قليلاً عن الكلام ثم تابعت :"لابد أنه يشعر بالانجذاب نحوك"
ـ لا أعتقد ذلك
لم تشأ كايت أن تعترف لصديقتها أنها فكرت هى أيضاً بهذا الأحتمال , ولم تستطيع أن تتخيل أن فين يشعر بشئ نحوها .فقالت :"لو ان الأمر كذلك لوجدت مئات الفرص ليتقرب منى دونما حاجة إلى إنفاق المال على دعوة عشاء"
ـ لكنك حتى الآن كنت تعملين معه . وربما شعر بانجذاب نحوك خلال الأسابيع الماضية إلا أنه من النوع الذى لا يحبذ إقامة علاقات مع موظفيه. أما الآن أنت ما عدت موظفة لديه وهكذا وجد الفرصة باتت سانحة ليبدأ بالتقرب منك
سخرت كايت من صديقتها لهذه الفكرة السخيفة .لكن ذلك لم يمنع معدتها من التقلص من شدة التوتر فيما هى تجهز نفسها للخروج ذلك المساء. كانت قد حجزت طاولة فى مطعم إيطالى قريب وهى تفكر أنها لا ترغب حقاً بتناول أى طعام
قالت لها بيللا وهى تنزل السلام :"تبدين رائعة ! لا تشبهيين مدبرة منزل على الإطلاق"
وكادت كايت تفقد أعصابها هل يبدو ثوبها غير ملائم إلى هذا الحد؟
ـ أتظنين أن علىّ تغيير هذا الفستان؟
ـ تغييره؟ وماذا عليك أن ترتدى يرأيك! فستاناً رمادياً ذا قبة بيضاء مع مجموعة من المفاتيح تتدلى عند خصرك؟ لا حاجة بك إلى ذلك أبداً فأنت تبدين رائعة وأراهن على ان فين لن يتمكن من إبعاد يديه عنك
وفكرت كايت كم أن بيللا مخطئة فى هذه النقطة بالذات إذ بدا أن فين لا يجد اى صعوبة فى إبقاء يديه بعيدتين عنها فيما هما يجاهدان لإجراء محادثة رسمية أثناء توجههما إلى المطعم.من المؤكد أنه لاحظ التغيير فى طراز ثيابها وبدا أنه فوجئ به, لكن كل ما قاله بهذا الشأن هو أنها تبدو "مختلفة" من جهة أخرى بدا أنه لم يعجب بالمطعم الذى أختارته لكنها فكرت أنه هو الملام فى ذلك إذ كان عليه أن يتولى امر الحجز بنفسه .
ـ هل هذا هو المكان الذى اخترته؟
أجابته كايت بنبرة لا تخلو من النحدى :"فكرت فى أن هذا الموعد لا يستحق أكثر من ذلك"
رمقها فين بنظرة ذات مغزى وهو يرفع حاجبه فكادت تفقد رباطة جأشها . وسارتع إلى القول :"أعنى إنه ليس موعداً بالمعنى الحقيقى للكلمة"
لكن لسوء الحظ لم يفطن النادلون لهذه الملاحظة و ظلوا يريحون ويجيئون حولهما وقاموا بإرشادهم إلى طاولة منعزلة وهم يكيلون الإطراءات لـ كايت ويبدو أن رئيس النادلين أعتقد أن بينهما قصة رومانسية فقال لـ فين:"صديقتك جميلة جداً , أليس كذلك؟"
نظر إليها فين عبر الطاولة فإذا بها تنكمش على نفسها وتغرق فى مقعدها أكثر فأكثر حتى ان استرخاء تعابير وجهها الصلبة إلى ما يشبه الابتسامة لم يجعلها تشعر بالارتياح وسمعته يقول:"نعم, والآن هل لنا بلائحة الطعام من فضلك؟"
شعرت كايت بالنيران تغزو خديها . وعندما ابتعد النادل عنهما مبتسماً قالت: "أنا آسفة إنهم لا يتصرفون بهذا الشكل عادة"
قال فين:"ربما لأنك عادة لا تبدين بهذا الجمال"
فتحت كايت فمها ثم عادت وأغلقته ثانية. وقبل أن تتمكن من التفكير بما ستقوله اقترب نادلان من طولتهما حاملين معهما لائحة الطعام .
منتديات ليلاس
شعرت بالضجيج يملأ أذنيها وراح قلبها يتخبط بين ضلوعها .لقد قال فين إنها تبدو جميلة!
استرقت نظرة إلى وجهه فإذا به قد احنى رأسه وراح يحدق فى قائمة الطعام, ولم تكن تعابير وجهه تنم عن أى شئ. بدا حاجباه البنيان الكثيفان معقودين معاً أما عيناه فمحجوبتين خلف أجفانه وكل ما تمكنت كايت من رؤيته هو أنفه القوى وفمه الذى بدا كخط مستقيم
شعرت بالاضطراب فى احشائها لرؤيته فأبعدت نظرها عنه بسرعة .
لابد أنها أخطأت السمع.لا يمكنه أن يقول لها أنها تبدو جميلة ثم يتصرف وكأن شيئاً لم يكن . أم تراه يستطيع ذلك.ربما لم يكن يعنى ما يقوله...أو ربما قال ما قاله لإلهاء النادل فقط.
شعرت كايت بيديها ترتجفان وهى تحمل لائحة الطعام . وراحت الكلمات تتراقص أمام ناظريها فلم تستطيع التركيز على قراءتها . هل يظن أنها جميلة حقاً؟ أتكون بيللا على صواب فى شكوكها ؟
أخيراً طلبا ما يرغبان به من الطعام وملأ النادل الذى راح يحوم حول طاولتهما و كوبيهما بالماء قبل أن يبتعد ويتركهما بمفردهما . وبقدر ما تمنت كايت أن يبتعهد النادلون عنهما عادت تتمنى لو أنهم يعودون أدراجهم.
فعلى الرغم من أنهم بدوا مزعجين إلا أنها تفضل إزعاجهم على ذلك الصمت الذى ساد بينهما والذى لا يشعر بالارتياح. راحت تعبث بشوكتها....هل نسى أن يود أن يطلب منها شيئاً ما؟ وعندما لم تعد تطيق الانتظار.....سألته :"متى تريدينى ان أبدأ عملى كمدبرة منزل؟"
كان فين يفتت قطعة من الخبز لكنه رفع بصره لينظر إليها وكأنه شعر بالارتياح لأنها بدأت تلك المحادثة ثم قال:"ما أن تتمكنى من ذلك . أنا وألكس نرجو ان يتم ذلك فى أقرب وقت ممكن . فذلك يمكنح الوقت الكافى لكى تستقرى فى المنزل قبل مجئ ستيلا"
ـ أستطيع الأنتقال إلى مكنزلك فى نهاية هذا الأسبوع
ـ حسناً فى هذه الحالة سنأتى لاصطحابك يوم الأحد القادم .
لكنه بدا مشتت الذهن وكانه فكره مشغول بأمر آخر
ـ متى ستصل شقيقتك؟
ـ بعد أسبوعين. علينا أن نبدى اهتماماً خاصاً لدى استقبالها .
قالت كايت وقد شعرت بالابتهاج للفكرة:"حسناً أنا بارعة فى ذلك تماماً. سوف أحضر لها أشياء مميزة أرهار فى غرفتها مناشف معطرة صابون فاخر وجبات متنوعة....سأقوم بترتيبات عديدة من أجلها!"
رفع فين حاجبيه قليلاً :"يبدو وكانك اعتدت على القيام بمثل هذه الأمور من قبل"
ـ نحن معتادون على استقبال العديد من الزوار فى منزل والدى وأنا أحب ذلك كثيراً
قال فين وهو يقلب الشوكة بين يديه :"أخشى أننى لا أجيد مثل الأشياء. فأنا لم ألعب دور المضيف منذ توفيت إيزابيل وستيلا هى الوحيدة التى تأتى لزيارتنا وتقيم عمنا فى المنزل"
عاد النادلون حاملين معهم المقبلات . وانتظرت كايت إلى أن وضعوا الصحون أمامهما على الطاولة قبل أن تسأله:"أهذا ما كنت تود التحدث إلى بشأنه؟"
حمل فين شوكته لكنه عاد ووضعها مكانها من جديد ثم قال :"تقريباً, على الأقل....حسناً كلا ليس هذا بالضبط"
سألته وقد شعرت بالحيرة :"ماذا إذن؟"
رشف رشفة من العصير ثم وضع الكوب على الطاولة بحذر قائلاً:"أتصلت بنا ستيلا منذ أيام وبدت متحمسة لأن تعرفنى على امرأة تصلح برأيها لأن تكون أماً بديلة لـ ألكس"
توقف عن الكلام ثانية فشجعته كايت:"وماذا بعد؟"
ـ تحدثت إليها ألكس أولاً فأخبرتها ستيلا أنها تجد تلك المرأة مناسبة لى و أنها تود دعوتها إلى العشاء عندنا عندما تأتى لزيارتنا . ولم يعجب هذا الأمر ألكس بتاتاً فقالت لـ ستيلا إن لا داعى لتزعج نفسها بإيجاد أم لها بعد اليوم لأننى ألتقيت بامرأة مناسبة واتفقت نعها على الزواج
ـ يا إلهى !
التوى فم فين بابتسامة مرحة :"هذا ما حصل! وبالطبع أصرت ستيلا بعدئذ على التحدث معى . كان بإمكانى ان أخبرها بإن ألكس تمزح ولكن العلاقة بينهما لم تكن يوماً جيدة ولم أشأ أن أزيدها تعقيداً "
ثم تنهد قبل أن يضيف :"خلاصة القول هى أننى دخلت معها فى هذه اللعبة. تذكرت ذلك الاقتراح الذى اقترحته ألكس يوم كنا فى حديقة ريتشموند وفكرت....حسناً , لم لا؟ ذلك سيبعد ستيلا لبعض الوقت عنا .
وراحت ستيلا تطالب بالمزيد من التفاصيل فأرادت أن تعرف أسم خطيبتى تلك وكيف التقيت بها وما إلى ذلك "
شعرت كايت بإحساس غريب عند فـُُم معدتها فسألته:"وماذا قلت لها؟"
نظر فين إلى عينيها مباشرة ثم قال:"أخبرتها عنك أنت !"



زهرة منسية 24-07-12 09:55 PM


7 / بين الحقيقة والحلم

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13431592531.gif
منتديات ليلاس

أبعدت كايت نظرها عن فاين وراحت تحدق فى صحنها وقد شعرت بالرعب لإدراكها كم تتمنى لو يعنى حقاً ما قاله لشقيقته.....إنه ليلاس يحبها ويرغب بإن يتزوجها . شعرت بإحساس غريب وكأن الأوكسجين قد أختفى فجأة من الهواء المحيط ولزمها بعض الوقت لتستوعب جيداً ما قاله فين.
ـ أردت أن أسألك إن كنت مستعدةللتظاهر بأن ذلك حقيقى بيننا.
التظاهر . علقت هذه الكلمة فى ذهن كايت.
من المؤكد ان تمنياتها لم تتحول حقيقة بواسطة عصا سحرية فقد أوضح لها فين إن الأمر كله ليس حقيقياً.
ـ أعلم أن ذلك غير منصف بالنسبة إليك وأننى أطلب منك الكثير لكن الأمر يعنى الكثير لـ ألكس........ولى أيضاً
كانت كايت تنظر إليه بذهول دون ان تتفوه بكلمة فسارع يشرح لها:" بالطبع سيكون الأمر بمثابة لعبة بريئةولا أتوقع منك أن.....تعتبرى الأمر أكثر من مجرد وظيفة "
ـ مجرد وظيفة؟
التقطت كايت تلك الكلمة وكأنها الوحيدة التى تمكنت من فهمها . كان قلبها يخفق بقوة جعلتها عاجزة عن سماع ما يقوله .
ـ أنا لا أطلب منك القيام بهذا الدور مجاناً بل سأعطيك تعويضاً مناسباً يمكننا أن نتفق على أجر محدد لك كمدبرة منزل مع علاوة سخية من أجل....الأمور الأخرى.
قال ذلك بنبرة رسمية ما جعلها تفهم بوضوح أنه ينظر إلى المسألة كأنها صفقة عمل لا أكثر ولا أقل وتمكنت كايت من الحفاظ على تمسكها فسألته :"ما الذى تتوقع منى ان أفعله بالتحديد؟"
ـ أن تكونى معنا عندما تأتى ستيلا لزيارتنا وتحاولى إقناعها بأننا أنا وأنت...
وتردد فأنهت كايت جملته ببراعة:"واقعان فى الحب؟"
ـ نعم
قالت بعد لحظة من الصمت :"لطالما كنت بارعة فى التمثيل وتمنيت دوماً أن أحصل على دور ريئسى لكننى لم أحصل سوى على أدوار قصيرة. ربما يمكننى أن اعتبر هذا الأمر فرصة للعودة إلى التمثيل ولعب دور رئيسى"
كاد فين لا يصدق أنها جادة فى ما تقول فسألها :"أتعنين أنك موافقة على القيام بذلك الدور؟"
تمكنت كايت من السيطرة على نفسها وأجابت :"ولِمَ لا؟"
الأمر الوحيد الذى لا يمكنها القيام به هو ان تدع فين يدرك أنها وقعت فى حبه لأنه سيصاب بالرعب إن علم بذلك ومن المؤكد أنه لن يطلب منها بعدئذٍ أن تتظاهر بأنها خطيبته . قالت له بنبرة مشرقة :"على أى حال سيكون ذلك مسلياً أكثر من وظيفة السكرتيرة المؤقتة كما أن مردوده المادى لا بأس به"
ظهرت فى عينى فين نظرة ساخرة وقال:"قد تغيرين رأيك عندما تلتقين بشقيقتى فهى ذات عينين ثاقبتين وليست غبية على الإطلاق . سوف تراقبنا طيلة الوقت"
توقف عن الكلام قليلاً ثم تابع يقول برقة:"إذا أردنا أن نقنعها أننا مخطوبان حقاً يجب أن نترك لها انطباعاً بأن علاقتنا حميمية "
ذكرت كايت نفسها بأن عليها أن تأخذ الأمر بأستخفاف فقالت :" تعنى ان علينا أن نتبادل العناق من وقت إلى آخر؟"
شعر فين بالحيرة لموقفها اللامبالى لكنه قال :"نعم, ما هو شعورك إزاء ذلك؟"
شعورها؟ تخيلت أنه يحملها بين ذراعيه ويضمها إلى صدره بشدة....تصاعدت المشاعر فى داخلها حتى كادت تفقد أنفاسها .
ـ أظن أنى أستطيع تدبر أمرى .
تعمدت أن تقول ذلك بلا مبالاة لكن صوتها خانها فبدا خشناً ما جعلها تتنحنح قبلل أن تتابع قائلة:"سأعتبر ذلك جزءاً من وظيفتى لا أكثر"
ـ حسناً !
بدت نبرة صوته مليئة بالحذر وخشيت كايت أن يكون قد أدرك حقيقة مشاعرها نحوه فقالت مازحة:"سوف أغمض عينى وأفكر بالعلاوة التى سأحصل عليها "
ـ حسناً أفهم من كلامك أنك لن تأخذى الأمر بجدية
منتديات ليلاس
بدت نبرة صوته حادة بشكل مميز هذه المرة فنظرت إليه كايت بحيرة . ما الذى قالته يا ترى؟ لقد اعتقدت أنه سيكون مسروراً إذا علم أنها لن تأخذ الأمر على محمل الجد. تنهدت فى سرها وقد أصبحت ممزقة بين نظراته الساخطة وبين توقها الشديد لأن تخبره أن تعلقها به حقيقى وليس زائفاً . وعوضاً عن ذلك سألته :"ما هو شعور ألكس حيال ذلك؟"
ظهر الاسترخاء على تعابير وجهه المتصلبة:"إنها سعيدة جداً بالفكرة , لقد وعدتها بأن أسألك الليلة إن كنت توافقين على لعب الدور ولا شك أنها ستطير من الفرح عندما عندما تعلم أنك وافقت "
ثم رمقها بنظرة سريعة عبر الطاولة وأكمل كلامه قائلاً :"الكس تواجه صعولة فى إقامة علاقة مع الآخرين لكنها أحبتك"
ـ وأنا أيضاً أحببتها.
وساد بينهما الصمت للحظات وكان سؤالاً بديهياً علق فى الهواء بينهما : وأنت هل تحبنى؟

زهرة منسية 24-07-12 09:58 PM


ابتلعت كايت ريقها فهى لن تطرح عليه هذا السؤال بالطبع . راحت تحدق إلى صحنها الذى أصبح الآن بارداً بعد أن نسيته تماماً لكنها لم تكن تشعر بالجوع إذ يبدو أن الحب أفقدها شهيتها ومع ذلك التقطت شكوتها وراحت تأكل بصمت بعد أن ساد بينهما جو من عدم الارتياح .
بعد مضى فترة سألته بنبرة يائسة :"ماذا أخبرت ستيلا عنى؟"
يبدو أن فين أيضاً لم يكن يستمتع بطعامه مثلها تماماً . أجابها:"أخبرتها عن أسمك وبأننا التقينا حين أتيت لتعملى معى. فكرت ان من السهل أن نقول ما هو أقرب إلى الحقيقة قدر الإمكان"
ـ أظن أن ستيلا طالبت بمعرفة المزيد . فلو ان أخى أخبرنى انه سيتزوج لرغبت بمعرفة أدق التفاصيل عن خطيبته.
ظهرت ابتسامة باهتة عند زاويتى فمه وقال معترفاً :"سألتنى عن شخصيتك"
ـ وماذا قلت لها؟
نظر إليها فين وقد علا وجهه الغموض ثم قال:"إنك عطوفة مسلية ولطيفة وأن الكس تحبك, وهذا صحيح"
ما هو الصحيح؟ أن ألكس تحبها أم إنها عطوفة ومسلية ؟
لا ضير فى أن تكون عطوفة ومسلية ولكن هذه الصفات لا تدير رؤوس الرجال! أبعدت قطع الفطر بكآبة إلى جانب صحنها وهى تتمنى لو أنه وصفها لـ ستيلا بكلمات أكثر حرارة كأنه يقول أنها جميلة , مرغوبة, لا تقاوم...هل يعقل أن هذه الكلمات لم تطرأ على ذهنه وهو يفكر فيها ؟ لماذا؟ لكنها تعرف السبب . فين لا يظن انها جميلة او مرغوبة كما أنه يقاوم تأثيرها عليه بسهولة وذلك لأنه......لا يحبها عليها أن تتقبل هذا الأمر. وضعت شوكتها من يدها ولم تعد تطيق الاحتمال:"ألم ترغب ستيلا بأن تعرف ما الذى غير رأيك بشأن الزواج؟"
ـ قلت لها أنها سوف تعرف الجواب ما ان تلتقى بك.
والتقت عيونهما من خلال الشموع التى وضعت فى وسط الطاولة , بدأ وكان تياراً كهربائياً سرى فى الهواء بينهما ثم أختفى بسرعة تاركاً قلب كايت يرتجف من التأثر . بللت شفتيها بلسانها ثم سألته:"ماذا كنت ستفعل لو أنى رفضت عرضك؟"
ـ لست متأكداً لكننى اعتمدت على طيبتك. ثم بإمكانى أن أدعى أنك تركتينى من اجل شخص آخر وذلك قبل وصولها.
ـ على أى حال أنا لم أرفض الأمر.
أبعد فين صحنه قائلاً :"لا علينا أن نفكر بإيجاد سبب معقول لفسخ خطوبتنا بعد ذهاب ستيلا وإلا فإنها سرعان ما تحجز لنفسها تذكرة للعودة لحضور الزفاف . هذا إذا لم تصر على إتمام الزفاف أثناء وجودها الآن "
ثم أض اف وقد أساء تفسير إجفال كايت لكلامه :"لن تصل الأمور إلى هذا الحد !"
تمكنت كايت من إظهار ابتسامة واهنة وقالت:"حسناً نحن لا نرغب بهذا أليس كذلك؟"
وافقها فين وجاء صوته من أى تعبير حين قال:"كلا لا نرغب به"
منتديات ليلاس
ـ ها أنت واثقة من أنها فكرة جيدة, كايت؟
كانت بيللا و فوبى تجلسان قابلتها إلى الطاولة وكانهما تجريان معها مقابلة رسمية والقلق بادٍ على وجهيهما . وقالت كايت بتحدٍ :"الحصول على المال هو دائماً فكرة جيدة أليس كذلك؟"
ـ هناك طرق أسهل للحصول على المال من التظاهر بأنك واقعة فى حب رئيسك !
ـ آه لست أدرى.......

زهرة منسية 24-07-12 10:00 PM


فتحت ألكس الباب وهى تشير باعتزاز إلى الداخل قائلة لـ كايت :"هذه غرفتك لقد اهتممت بها لأجلك "
نظرت كايت حزلها بتأثر وهى ترى إناء مليئاً بالأزهار على المنضدة فقالت:"إنها تبدو رائعة . هل رتبتها بنفسك؟"
أعترفت ألكس:" أبى رتب السرير وأنا قمت بما تبقى"
نظرت كايت إلى السرير وتخيلت فين وهو يقوم بترتيبه فشعرت ببعض الاضطراب وتنحنحت وقالت:"هذا لطف منه لكن كان بإمكانى ان أرتبه بنفسى"
ـ لا أظن أن الأمر أزعجه . والأن هلى تودين رؤية غرفتى ؟
أعجبتها غرفة ألكس وشعرت بالأمتنان لأن الغرفة بدت مرتبة بصورة مميزة وكأنها رتبت خصيصاً لمناسبة قدومها . فوق سرير ألكس رأت كايت لوحاً خشبياً كبير اً علقت عليه صورة ألكس وأمها وفين ومعظم الصور كانت لـ فين وإيزابيل هما يبدوان مبتسمين سعيدين وشعرت بانقباض فى صدرها لأنها لم ترأ فين سعيداً هكذا على الإطلاق بل إنها لم تره مرة سعيداً أصلاً . قالت ألكس وهى تتبع نظرات كايت :"هذه صورة أمى . لقد كانت جميلة أليس كذلك؟"
ـ نعم كانت كذلك . هل تذكرينها؟
ـ كلا . لكن أبى يحدثنى دوماً عنها وقد أحتفظ لى ببعض من أغراضها ,أنظرى
وسحبت من تحت سريرها صندوق ذا غطاء متحرك.
جلست كايت على السرير وراحت ألكس تناولها الأغراض الموضوعة فى الصندوق :"أحمر شفاه مستعمل زجاجة من العطر شبه فارغة شال من الحرير الناعم كتاب من الشعر القديم مفكرة دونت عليها الملاحظات على عجل زوج من الحلق وبصمة قدم لطفل صغير.
وقالت ألكس:"هذه أثار قدمى"
وشعرت كايت باختناق فى حنجرتها وهى تفكر كيف إختار فين بعناية تلك الأغراض التى تنقل لها صورة صادقة عن أمها قبل رحيلها . لابد أن ذلك حطم فؤاده أكثر فأكثر.
فتحت ألكس علبة مجوهرات صغيرة وقالت وهى تشير إلى الخواتم فيها :"هذا خاتم زواج أمى يقول أبى إنها تركته لى وأننى أستطيع أن أضعه فى إصبعى عندما اكبر . هذه الحجارة الزرقاء تدعى زفير وقد أشترى أبى هذا الخاتم لأنه يذكره بعينى أمى"
ـ أنه خاتم جميل!
منتديات ليلاس
قالت كايت ذلك وهى على وشك البكاء إذ كاد قلبها ينفطر على فين.
لكنها تمالكت نفسها ولم تشأ أن تبكى أمام ألكس . رفعت رأسها عن الصندوق لتجد فين يقف فى الباب ويرمقها بنظرة خطيرة . ظلا يتبادلان النظر لفترة طويلة فيما كانت عينا كايت ممتلئتين بالدموع وذلك قبل أن تنتبه ألكس لوجو والدها وتقفز راكضة نحوه وهى تقول :"كنت أرى كايت أغراض أمى"
ـ هذا ما أراه
بدت ابتسامة فين متوترة ولكنه لم يقل شيئاً سوى أنه أعد الشاى و دعاهما للنزول إلى الطابق السفلى . أحست كايت وكأنما ضبطت وهى تتجسس على ذكرياته الحميمة.
قال لها وهو يناولها كوب الشاى :"أنا مسرور لأن ألكس تحدثت إليك عن إيزبيل فهى لم تسمح لأحد قبل الآن برؤية هذا الصندوق . إنها تحتفظ بمشاعرها لنفسها ومن الصعب أن تتحدثت عما يسبب لها القلق لأى كان .
على أى حال . لقد غدت أكثر انفتاحاً وتعبيراً عن نفسها مؤخراً"
إثباتاً لقوله نزلت أليكس إلى المطبخ وهى تقول:"أبى فكرت وأنا أعيد خاتم أمى إلى مكانه بأن كايت يجب أن تحصل على خاتم طالما أنها خطيبتك.اليس كذلك؟"
فقالت كايت بسرعة :"آه كلا لا داعى لذلك"
ثم رفعت يدها لتريهما الخواتم التى تضعها قائلة :"يمكننى أستخدام أحد هذه الخواتم"
أمسك فين يدها وكأنه يمسك برزمة وراح هو و ألكس يمعنان النظر إلى خواتمها الهزيلة فلم يبد الاقتناع على منهما . وقال فين وهو ينظر من فوق أنفه :"لا أظن ان أياً من هذه الخواتم يبدو مقنعاً لـ ستيلا"
ثم تابع وهو يشير إلى خاتم تضعه فى إصبعها الأوسط:"أعطنى هذا"
أحست كايت بأن يدها تحترق حيث لامستها أصابعه وسألته فيما هى تخلع الخاتم من يدها:"لماذا تريده؟"
ـأحتاج إلى معرفة قياس إصبعك لأحضر لك خاتماً مناسباً
ـ لا أعتقد أن ذلك ضرورى حقاً.....
إلا أنه قاطعها :"أنت لا تعرفين شقيقتى سوف تشك بالأمر إذا رأت أنك تضعين خاتماً رخيص الثمن كهذا.....ما بك ؟ ما الذى أصابك؟"
سألها ذلك بحدة بعد أن رأى التغيير الذى طرأ على تعابير وجهها:"هذا الخاتم هو هدية من ساب"
طالما أن فين أدرك على الفور أن الخاتم رهيد الثمن فقد أنبأها ذلك أخيراً كم كان ساب يستحف بها
قال فين وقد ظهر العبوس على وجهه :"لا تخافى سوف أعيده إليك"
ـ لم يعد الأمر هاماً . لا أظن أننى سأضعه ثانية
ودفعت إلى وجهها بابتسامة مشرقة ثم وقفت على قدميها قائلة :"من الأفضل أن أبدا بتحضير العشاء"
أظهر فين استعداده لأن يطلب طعاماً جاهزاً لكن كايت صممت على تذكيره بسبب وجودها فقالت:"يجب أن أعمل لأستحق راتبى"
لم تجد الكثير من مواالطعام فى البراد لكن كان هناك ما يكفى لتحضير صلصة المعكرونة . كان هذا أمراً عادياً بالنسبة إليها لكن سرور فين وألكس بما أعدته من طعام جعلها تشعر بالرضى.
أعتقد أنكما اعتمدتما بما يكفى على الطعام الجاهز لكن ذلك سوف يتغير الآن!
عند الثامنة والنصف بدا النعاس على ألكس فقال فين:"حان وقت النوم أيتها الآنسة الصغيرة. عليك أن تذهبى إلى المدرسة فى الصباح"
بعد أن نظفت ألكس أسنانها قبلها فين قبلة المساء ومع أنها حاولت المماطلة أطول إلا أنها عادت وخلدت إلى النوم . وأخيرا وجد فين وكايت نفسيهما وحدهما مع الكلب الصغير .


زهرة منسية 24-07-12 10:07 PM

بعتذر كتيرررر فى جزء سقط منى سهواً
وها هو
ـ آه لست أدرى.......
لم تشأ كايت أن تخبرهما أن المسألة هى أكثر تعقيداً من ذلك . مع انها سوف تتظاهر بأنها واقعة فى حب فين إلا أنها فى الواقع لا تدعى ذلك . وعوضاً عن ذلك قالت:"ذلك أفضل من العمل بصورة مؤقتة فى ذلك المكتب الكئيب , كما أن فين سيمنحنى علاوة كبيرة ما يجعلنى قادرة على تسديد فواتيرى كلها’ بالأضافة إلى ذلك أنا أحب ألكس و وجودى فى المنزل سوف يحل مشكلة الاهتمام بـ ديريك أيضاً"
قالت بيللا ساخرة :"آه طالما أن الكلب سيلقى الاهتمام المطلوب لم تعد هناك مشكلة إذن!"
ـ اسمعا كل شئ سيكون على ما يرام . لا أدرى لماذا تحولان الأمر إلى مشكلة . إنها مجرد وظيفة.
ـ مجرد وظيفة وأنت ستنامين مع رئيسك؟
ـ ستكون لى غرفتى الخاصة
نظرت إليها بيللا بارتياب :"لن تصدق شقيقته أنكما مخطوبان إذا لم تظهرا أنكما مغرمان ببعضكما البعض علناً"
قالت كايت بنبرة مدافعة :"سنخبرها أن ذلك لا يبدو ملائماً بسبب وجود الكس "
تظاهرت بيللا بأنها تهز رأسها بارتباك وقالت :"عفواً يبدو أننى فقدت إحساسى بالزمن ! فى أى سنو نحن نعيش ؟"
تجاهلتها كايت قائلة :"حسناً سوف نتظاهر بأننا مغرمان حين تصل شقيقته إلى المنزل "
لاحظت فوبى النبرة الحادة فى صوت كايت فحاولت استرضاءها :"عزيزتى نحن لا نريدك أن تصابى بالأذى"
قالت كايت بشجاعة :"لن أقوم بشئ أندم عليه لاحقاً"
على أى حال لقد فات الأوان الآن. على الرغم من أنها لا تنوى الإعتراف بذلك.
ـ فين مازال يحب إيزابيل وأنا أعلم ذلك. كما أننا مختلفان تماماً فهو أكبر منى سناً وذو تجربة مختلفة وحياة مختلفة.
منتديات ليلاس
هذا كله صحيح! ومع ذلك لم يحل بينهما وبين الوقوع فى حبه
تمكنت كايت من مواجهة صديقتيها بصلابة وتعجبت كيف أنهما لم تلاحظا أنها غدت مختلفة عن ذى قبل
ـ لن أتورط فى علاقة معه أو مع أبنته وكلبه.
قالت لهما ذلك وهى تدرك ان هذا ما حصل فعلاً وأن ليس بإمكانها القيام بشئ حياله. ثم تابعت تقول :"ليس لدى عمل آخر أقوم به ويبدو لى ذلك أفضل من الجلوس بانتظار أن تجد لى وكالة التوظيف المؤقت وظيفة فى مكان ما. وخلال هذا الوقت سوف يدفع لى فين أجراً سخياً كما أننى سأعيش فى منزل مريح لعدة أسابيع"

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة منسية (المشاركة 3147165)

فتحت ألكس الباب وهى تشير باعتزاز إلى الداخل قائلة لـ كايت :"هذه غرفتك لقد اهتممت بها لأجلك "
نظرت كايت حزلها بتأثر وهى ترى إناء مليئاً بالأزهار على المنضدة فقالت:"إنها تبدو رائعة . هل رتبتها بنفسك؟"
أعترفت ألكس:" أبى رتب السرير وأنا قمت بما تبقى"
نظرت كايت إلى السرير وتخيلت فين وهو يقوم بترتيبه فشعرت ببعض الاضطراب وتنحنحت وقالت:"هذا لطف منه لكن كان بإمكانى ان أرتبه بنفسى"
ـ لا أظن أن الأمر أزعجه . والأن هلى تودين رؤية غرفتى ؟
أعجبتها غرفة ألكس وشعرت بالأمتنان لأن الغرفة بدت مرتبة بصورة مميزة وكأنها رتبت خصيصاً لمناسبة قدومها . فوق سرير ألكس رأت كايت لوحاً خشبياً كبير اً علقت عليه صورة ألكس وأمها وفين ومعظم الصور كانت لـ فين وإيزابيل هما يبدوان مبتسمين سعيدين وشعرت بانقباض فى صدرها لأنها لم ترأ فين سعيداً هكذا على الإطلاق بل إنها لم تره مرة سعيداً أصلاً . قالت ألكس وهى تتبع نظرات كايت :"هذه صورة أمى . لقد كانت جميلة أليس كذلك؟"
ـ نعم كانت كذلك . هل تذكرينها؟
ـ كلا . لكن أبى يحدثنى دوماً عنها وقد أحتفظ لى ببعض من أغراضها ,أنظرى
وسحبت من تحت سريرها صندوق ذا غطاء متحرك.
جلست كايت على السرير وراحت ألكس تناولها الأغراض الموضوعة فى الصندوق :"أحمر شفاه مستعمل زجاجة من العطر شبه فارغة شال من الحرير الناعم كتاب من الشعر القديم مفكرة دونت عليها الملاحظات على عجل زوج من الحلق وبصمة قدم لطفل صغير.
وقالت ألكس:"هذه أثار قدمى"
وشعرت كايت باختناق فى حنجرتها وهى تفكر كيف إختار فين بعناية تلك الأغراض التى تنقل لها صورة صادقة عن أمها قبل رحيلها . لابد أن ذلك حطم فؤاده أكثر فأكثر.
فتحت ألكس علبة مجوهرات صغيرة وقالت وهى تشير إلى الخواتم فيها :"هذا خاتم زواج أمى يقول أبى إنها تركته لى وأننى أستطيع أن أضعه فى إصبعى عندما اكبر . هذه الحجارة الزرقاء تدعى زفير وقد أشترى أبى هذا الخاتم لأنه يذكره بعينى أمى"
ـ أنه خاتم جميل!
منتديات ليلاس
قالت كايت ذلك وهى على وشك البكاء إذ كاد قلبها ينفطر على فين.
لكنها تمالكت نفسها ولم تشأ أن تبكى أمام ألكس . رفعت رأسها عن الصندوق لتجد فين يقف فى الباب ويرمقها بنظرة خطيرة . ظلا يتبادلان النظر لفترة طويلة فيما كانت عينا كايت ممتلئتين بالدموع وذلك قبل أن تنتبه ألكس لوجو والدها وتقفز راكضة نحوه وهى تقول :"كنت أرى كايت أغراض أمى"
ـ هذا ما أراه
بدت ابتسامة فين متوترة ولكنه لم يقل شيئاً سوى أنه أعد الشاى و دعاهما للنزول إلى الطابق السفلى . أحست كايت وكأنما ضبطت وهى تتجسس على ذكرياته الحميمة.
قال لها وهو يناولها كوب الشاى :"أنا مسرور لأن ألكس تحدثت إليك عن إيزبيل فهى لم تسمح لأحد قبل الآن برؤية هذا الصندوق . إنها تحتفظ بمشاعرها لنفسها ومن الصعب أن تتحدثت عما يسبب لها القلق لأى كان .
على أى حال . لقد غدت أكثر انفتاحاً وتعبيراً عن نفسها مؤخراً"
إثباتاً لقوله نزلت أليكس إلى المطبخ وهى تقول:"أبى فكرت وأنا أعيد خاتم أمى إلى مكانه بأن كايت يجب أن تحصل على خاتم طالما أنها خطيبتك.اليس كذلك؟"
فقالت كايت بسرعة :"آه كلا لا داعى لذلك"
ثم رفعت يدها لتريهما الخواتم التى تضعها قائلة :"يمكننى أستخدام أحد هذه الخواتم"
أمسك فين يدها وكأنه يمسك برزمة وراح هو و ألكس يمعنان النظر إلى خواتمها الهزيلة فلم يبد الاقتناع على منهما . وقال فين وهو ينظر من فوق أنفه :"لا أظن ان أياً من هذه الخواتم يبدو مقنعاً لـ ستيلا"
ثم تابع وهو يشير إلى خاتم تضعه فى إصبعها الأوسط:"أعطنى هذا"
أحست كايت بأن يدها تحترق حيث لامستها أصابعه وسألته فيما هى تخلع الخاتم من يدها:"لماذا تريده؟"
ـأحتاج إلى معرفة قياس إصبعك لأحضر لك خاتماً مناسباً
ـ لا أعتقد أن ذلك ضرورى حقاً.....
إلا أنه قاطعها :"أنت لا تعرفين شقيقتى سوف تشك بالأمر إذا رأت أنك تضعين خاتماً رخيص الثمن كهذا.....ما بك ؟ ما الذى أصابك؟"
سألها ذلك بحدة بعد أن رأى التغيير الذى طرأ على تعابير وجهها:"هذا الخاتم هو هدية من ساب"
طالما أن فين أدرك على الفور أن الخاتم رهيد الثمن فقد أنبأها ذلك أخيراً كم كان ساب يستحف بها
قال فين وقد ظهر العبوس على وجهه :"لا تخافى سوف أعيده إليك"
ـ لم يعد الأمر هاماً . لا أظن أننى سأضعه ثانية
ودفعت إلى وجهها بابتسامة مشرقة ثم وقفت على قدميها قائلة :"من الأفضل أن أبدا بتحضير العشاء"
أظهر فين استعداده لأن يطلب طعاماً جاهزاً لكن كايت صممت على تذكيره بسبب وجودها فقالت:"يجب أن أعمل لأستحق راتبى"
لم تجد الكثير من مواالطعام فى البراد لكن كان هناك ما يكفى لتحضير صلصة المعكرونة . كان هذا أمراً عادياً بالنسبة إليها لكن سرور فين وألكس بما أعدته من طعام جعلها تشعر بالرضى.
أعتقد أنكما اعتمدتما بما يكفى على الطعام الجاهز لكن ذلك سوف يتغير الآن!
عند الثامنة والنصف بدا النعاس على ألكس فقال فين:"حان وقت النوم أيتها الآنسة الصغيرة. عليك أن تذهبى إلى المدرسة فى الصباح"
بعد أن نظفت ألكس أسنانها قبلها فين قبلة المساء ومع أنها حاولت المماطلة أطول إلا أنها عادت وخلدت إلى النوم . وأخيرا وجد فين وكايت نفسيهما وحدهما مع الكلب الصغير .



زهرة منسية 24-07-12 10:09 PM


وكأن بينهما اتفاقاً صامتاً بقيا جالسين فى أمان المطبخ حيث الإنارة القوية بدلاً من الذهاب إلى غرفة الجلوس والتنعم بجوها الدافئ الحميم. جلست كايت فى الجهة المقابلة من الطاولة ولم يبقى أمامها الآن سوى ملء الوقت بالأحاديث المسلية لكسر الصمت حولهما لكن ذهنها لم يسعفها بأى موضوع لتتحدث عنه . فكل ما يشغل ذهنها هو ذلك الرجل الجالس إلى الجهة الأخرى من الطاولة
وأخيراً تكلم فين:"أرجو ان تكون الأمور ملائمة لك"
ورفع بصره نحو كايت كايت لتجمدها نظراته الرمادية الحادة ثم قال :"أعنى......بالنسبة إلى وجودك فى المنزل"
أجابت كايت بنبرة مشرقة:"بالطبع !"
جال فين ببصره فى أنحاء المطبخ كأنه يحاول أن يراه من خلال عينيها ثم قال:"وظيفة كهذه لا تبدو ممتعة لفتاة مثلك"
ـ هذا يتوقف على فكرتك عنى , أعنى اى نوع من الفتيات أنا!
بدا وكأنه يأخذ الأمر بجدية حين قال:"أظن انك من النوع الذى يحب أن يتمتع بوقته إذ أن لديك العديد من الأصدقاء كما أنك تكثرين من الخروج .وأخشى ان تجدى المكوث فى المنزل طيلة الوقت أمراً مملاً"
ـ لكن ذلك أفضل من المكوث فى المكتب طيلة النهار كما أننى حلمت دوماً أن أهتم بترتيب المنزل......
رأت فين يرفع حاجبيه =هازئاً . لكنها تابعت تقول :"أعلم أننى أبدو عديمة الترتيب أحياناً لكننى أحب الطهو والخياطة والاهتمام بالحديقة....ما دام لدى كلب لأصطحبه فى نزهة وألكس لأتحدث إليها بعد قدومها من المدرسة....حسناً أظن أننى سأتمتع بوقتى . فى الواقع لست أدرى لما لم أفكر من قبل فى وظيفة مدبرة منزل"
قال فين بحذر :"أنت ليست سكرتيرة سيئة كما تعلمين لكنك تحتاجين إلى تحسين أداءك قليلاً لتحصلى على أفضل من وظيفة مدبرة منزل "
راحت كايت تحرك كوبها بين يديها ثم قالت بصراحة :"أنا لا أرغب بذلك حقاً المشكلة هى لأنى لا أملك الطموح اللازم لذلك"
ـ ماذا؟
ـ فى الواقع طموحى لا يتعدى الحصول على الأمور العادية مع ان من المخجل الاعتراف بذلك إلا أن كل ما أريده هو إيجاد شخص مميز وإنجاب الأطفال وان يكون لى منزل أرعى فيه أسرتى . هل هذا كثير؟
قال فين وقد علا الغموض وجهه :"كلا !"
تنهدت كايت قائلة :"فوبى وبيللا تعتبران هذا الأمر مضجراً . لكننى أعلم أننى سأشعر بالسعادة إذا ما تمكنت من تربية بضع الدجاجات وصنع المربيات ومشاركة الأولاد فى أعيادهم المدرسية...ربما هذا هو السبب الذى جعلنى أصاب بخيبة أمل بعد ما فعله بى ساب . كنت اعتقد أنه ذلك الرجل الذى أنتظره لكى يحقق أحلامى . لقد كنت بلهاء بالتأكيد"
لم تكن تنظر إلى فين بل تحدق إلىكوبها ثم تابعت تقول :"ساب لم يكن مستعداً للمشاركة فى الاحتفالات المدرسية وهو لا يأبة لمصدر البيض الذى يأكله . شعرت بالسوء عندما اضطررت إلى تقبل ذلك إذ كان الأمر أشبه بالتخلى عن حلم حياتى"
وقال فين بهدوء :"إن خسارة أحلامنا أمر فى منتهى الصعوبة"
وفهمت كايت أنه يفكر أنه يفكر فى زوجته المتوفاة فتصلبت حنجرتها :"هل هذا ما شعرت به عند خسارتك إيزابيل؟"
ـ الآن أصبح الأمر أشبه بالحلم . انا واثق أن حياتنا لم تكن مثالية , لابد أننا كنا نتجادل أحياناً لكننى لا أذكر ذلك الآن , كل ما أتذكره هو أن حياتنا معاً كانت سعيدة.
ـ انت محظوظ لأنك تملك هذه الذكريات.....
وتوقفت فجأة ما إن أدركت ما تقوله فقالت معتذرة :"أنا آسفة تلك ليست لباقة منى فربما أنت لا تشعر بأن محظوظ"
ظهرت ابتسامة باهتة على ثغر فين :"أعرف ما الذى تعنيه . ربما انا محظوظ بشكل ما فالعديد من الناس لم يتسن لهم أن يمضوا أوقاتاً سعيدة كالت عشتها مع إيزبيل . أحيانا لا أصدق أننى صادفت حباً رائعاً كهذا يوماً ما . وأخشى ألا أصادف مثله ثانية"
ثم ألتوى فمه وهو يقول :"هذا ما أفكر به عندما أفتقدها كثيراً وعندما أتذكر كم كنا سعيدين معاً أدرك أن ذلك لن يحصل مرة أخرى"

مـــنــتــديــاتــ لـــيـــــلاســـــ
منتديات ليلاس
ذلك المساء استلقت كايت فى سريرها وهى تحدق إلى السقف المعتم مفكرة بالتعابير التى قرأتها فى عينى فين . أن يشعر المرء بالحسد تجاه شخص ميت لهو إحساس رهيب لكنها لم تستطيع أن تكف عن التفكير بـ إزابيل و بحب فين الكبير لها لقد قال :"هذا لن يحصل مرة أخرى"
وعليها أن تتقبل ذلك . اعتصر الألم قلبها وأجبرت عينيها على الأغماض .
ما هى مشكلتهما ؟ لِمَ وقعت فى حب رجل لا يستطيع ولا يرغب بأن يبادلها الحب ؟
لقد قدمت لها هذه الوظيفة الفرصة لتكون إلى جانبه فلم تترد لحظة فى قبولها. لكن الآن تفكر إن كانت هذه فكرة صائبة ! كان عليها أن تبتعد عنه طالما هى قادرة على ذلك . لكن فات الأوان الآن وعليها أن تتقبل الأمر .
إذا لم تستطيع أن تجعل فين يشعر بالسعادة من جديد فهى تستطيع على الأقل أن تجعل حياته مريحة لفترة قصيرة , وإذا كان التظاهر بأنها خطيبته سيجعله حياته أسهل أثناء زيارة شقيقته فسوف تقوم بهذا الدور بطيبة خاطر.
صباح اليوم التالى شعرت بغرابة لأنها ليست فى المكتب مع فين لكنها سبق وأن أتخذت قرارها كما أنها شعرت بالسعادة لقيامها بالأعمال المنزلية .....اصطحبت ألكس إلى المدرسة أخذت الكلب فى نزهة نظفت المنزل رتبت الرفوف فى المطبخ قامت بالتسوق ثم أخذت الكلب مرة أخرى فى نزهة.....ها قد حان موعد إعادة ألكس من المدرسة.
عندما عاد فين إلى المنزل فى المساء كانت هى وألكس فى المطبخ , هى منهمكة فى إعداد العشاء وألكس جالسة إلى الطاولة تنهى فروضها . انحنى فين ليقبل أبنته ثم نظر إلى كايت فانتابها إحساس غريب وتمنت لو ان فين يقترب منها ليعانقها هى أيضاً . لكنها استدارت بسرعة وراحت تهتم بتحضير الصلصة
ـ كيف كان نهارك؟
وكشرت مدركة سخافة سؤالها. ما بها؟ لم يبقِ سوى ان تندفع لتحضر لهو غيلونه و خفه
ـ لا بأس.
لا بأس....أهذه هى الكلمة الوحيدة على لسانه؟
بدأ فين يفك رابطة عنقه فسألته ممازحة:"لم تفتقدنى إذن؟"
ـ بصراحة , بلى
راح قلبها يتخبط بين ضلوعها و دون تفكير استدارت لتنظر إليه وهى تحمل المعلقة الخشبية فى يدها:"حقاً ؟ !"
ـ حقاً
شعرت كان عينيه تخترقان روحها وتعتصران قلبها حتى كادت تفقد أنفاسها . لقد أفتقدها....لم يقل ذلك ليجاملها لقد أفتقدها حقاً ! حسناً قد لايساوى ذلك جزءاً صغيراً مما يشعر به نحو إيزابيل لكنه كاف بالنسبة إليها.
ساد بينهما صمت طويل وما أن رن جرس الهاتف حتى قفزت مجفلة فسقطت المعلقة الخشبية أرضاً . راحت يداها ترتجفان وهى تغسلها الماء. وسمعت ألكس تقول:"مرحباً عمتى ستيلا"
واستمرت الفتاة لدقائق تجيب عن أسئلة عمتها المتعلقة بالمدرسة إلى أن قالت:"نعم أنه هنا"
ثم أضافت بعفوية مصطنعة :"إنه يتحدث إلى كايت"
ابتسمت بابتهاج وهى تعطى سماعة الهاتف لـ فين . أخذ فين السماعة بعد أن استجمعت شجاعته أما كايت فاستمرت بتحريك الصلصة . يبدو ان ستيلا سيطرت على معظم الحديث فيما أقتصر حديثه على ردود مقتضبة وسمعته يقول:"كلا , لا يمكنك التحدث إليها.....لا أريدك أن تربكيها بأسئلتك عبر الهاتف.....سوف تلتقين بها عندما تأتين إلى هنا.....كلا نحن لا نخطط لإقامة زفاف خلال وجودك هنا فلا داعى للعجلة.....كايت تقيم معنا الآن ونحن سعداء كما نحن"
أخيراً هز رأسه وهى السماعة فى مكانها قائلاً :"أنها شقيقتى !"
استدار نحو كايت استمر فى تحريك الصلصة بتركيز غير اعتيادى ثم قال:طيبدو أننا أصبحنا متورطين الآن . آمل ألا ترغبى بتغيير رأيك"
رفعت كايت غطاء الطنجرة وراحت تحرك ما بداخلها :"كلا , لم أغير رأيى"
ـ هذا جيد .
سار باتجاهها حيث انت تقف بالقرب من الموقد ثم أخرج من جيبه علبة صغيرة وهو يقول :"أعطنى يدك. لا ليس هذه اليد بل يدك الأخرى!"
أجبرت كايت نفسها على التماسك بعد الارتعاش الذى أصابها ما إن أمسك بيدها وبسطها ليتمكن من الخاتم فى إصبعها .
ـ مارأيك ؟
لو لم تكن كايت تعرفه جيداً لأقسمت أنه انتظر ردها بتوتر . شعرت بدفء أصاعبها على يدها فركزت بصرها على الخاتم . كان خاتماً من الذهب القديم الذى يشع بالدفء يتوسطه حجر من التوباز تحيط يه مجموعة من اللآلىء. وبصعوبة تمكنت أن تقول :"إنه جميل!"
بدت ألكس أقل تأثيراً منها إذ راحت تحدق إلى الخاتم بعين ناقدة ثم قالت بجفاء :"أبى كان يجب أن تشترى لها خاتماً من الماس"
ـ الماس ليس مناسباً لـ كايت
وكانه تذكر فجأة انه مازال يمسك يدها فتركها بسرعة متابعاً كلامه :"إنه بارد !"
عضت كايت على شفتها وهى تحرك الخاتم فى إصبعها ثم قالت بقلق :"لابد إنه باهظ الثمن"
أجابه فين وهو يتراجع إلى الوراء :"إنه يستحق مادام سيقنع ستيلا"
وسادت لحظات من الصمت قبل أن يعود فين ليسألها وكان الكلمات تنتزع من فمه إنتزاعاً :"هل أحببته حقاً؟"
أجابت كايت بصدق:"نعم أحببته"
يمكننى ان أشترى لك خاتماً من الماس إذا ما رغبت .
خاطرت كايت بلألتفات نحوه وإذا بعينيها تشعان بلمعان يشبه تماماً لون حجر التوباز ثم قالت:"لا أريد خاتماً من الماس بل هذا ما أريده أنه رائع!"


زهرة منسية 24-07-12 10:13 PM


8 / أيغدو الوهم حقيقة؟

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13431592531.gif
منتديات ليلاس

رفضت ألكس أن تقتنع وتابعت تقول بعناد :"لازلت أعتقد أن خاتم من الماس أفضل . إذا رأت عمتى ستيلا هذا الشئ القديم ستظن أنك لا تحب كايت"
نظرت كايت إلى خاتمها الجميل......هذا الشئ القديم؟ أما فين فرمق ابنته بنظرة غاضبة قائلاً:"سوف نقنعها بذلك بطريقة ما "
ـ كيف؟
ـ حسناً.....سأقول لها بأننى احبها
ظهر الامتعاض على وجه ألكس وقالت:"لا أعتقد أن ذلك كافٍ لإقناع عمتى ستيلا فأنت تعرفها "
ـ أنا واثق من أننا سنجد طريقة لإقناعها.
ثم حاول أن يغير الموضوع مقترحاً على ألكس أن تبدأ بإعداد المائدة استعداداً للعشاء . لكن لم يكن من السهل الهاؤها فما أن أحضرت السكاكين والشوك حتى عادت تقول :"أظن أن عليك معانقة كايت"
تظاهرت كايت بانشغالها بتحضير البطاطا متجنبة النظر إلى أى منهما . لكن ألكس ألحت قائلة باهتمام :"هل سبق لك أن عانقتها؟"
وسادت لحظة من الصمت الجليدى إلى أن قال فين بنبرة جافة :"لا أظن أن هذا الأمر يعنيك ألكس"
لكن يبدو أن كلماته لم تؤثر بـ ألكس فتابعت ببراءة :"كنت أفكر فقط ففى أن عليكما أن تتمرنا على ذلك أن لم تكونا قد تعانقتما من قبل"
رد عليها فين بحدة :"حسناً نحن لن نتمرن الان بل سنتناول العشاء وعليك بعدئذٍ الذهاب إلى السرير"
وحدها ألكس بدت غافلة عن الجو المتوتر الذى ساد فى المطبخ إذ استمرت بالثرثرة . أما كايت فابتسمت لها بصورة آلية وهى تفكر....إن كان فين سيعانقها . لن تمانع حتى ولو كان ذلك بهدف التمرين فقط فالعناق يبقى...عناقاً.
بعد العشاء رافق بين ابنته إلى غرفتها بينما راحت كايت تنظف المطبخ بصورة آلية. فكرت أن عليها ألا تبدو شديدة الحماسة إذا ما اقترح فين أن يأخذا برأى ألكس . فكرت أن عليها أن تدعى التفكير فى الأمر أولاً ثم الموافقة دون ابداء اهتمامها. لكن المشكلة هى ان فين لم يقترح ذلك فهو لم يثير من قريب أو بعيد إلى زيارة سنيلا أو إلى فكرة ألكس . وكل ما قام به هو مساعدته فى ترتيب المطبخ فراح يتحرك هنا وهناك برشاقة دون أن يقترب منها على الاطلاق .
شعرت كايت بالإحباط وتساءلت إن كانت تجرؤ على التطرق إلى الموضوع بنفسها. فى البداية شعرت أن أعصابها لن تحتمل ذلك لكن عندما طال الصمت بيثنهما ليصبح مزعجاً غيرات رأيها . اللعنة! من المفترض أنهما شخصان راشدان فلِمَ لا تستطيع أن تقول شيئاً؟ التقطت منشفة وراحت تجفف الصحون ثم قالت بنبرة حاسمة :"كنت أفكر بما قالته ألكس"
كان فين يضع الأكواب فى الخزانة وقد بدا شارد الذهن فسألها :"ما الذى قالته بالتحديد؟"
كان يدير ظهره نحوها فنظرت بامتعاض من الواضح أنه لن يسهل الأمور عليها
ـ كنا نتحدث عن زيارة شقيقتك.
استدار فين وقد ظهر التيقظ فجأة فى عينيه الرماديتين :"نعم"
ـ أقترحت ألكس أن نتمرن على العناق قبل مجئ شقيقتك ستيلا.
سألها فين:"وما رأيك أنت؟"
شعرت خلف كلامه بتيار خفى من التسلية أو ربما.....الدهشة . ومهما يكن ذلك فقد كان كافياً ليجعلها ترفع ذقنها إلى الأعلى وترفع الأطباق التى تحملها بين يديها أمام صدرها فى حركة دفاعية. ثم تقول ببرودة :"أظن أنه يجدر بنا ذلك. سوف يفتضح أمرنا إذا ما لاحظت شقيقتك أننا لم نفعل ذلك من قبل . ولن يستغرقها الأمر طويلاً لتدرك أننا لسنا مخطوبين"
أذعن فين بتذمر :"أظن أنك على حق!"
شعرت كايت بالغضب منه لكنها غضبت أكثر من نفسها لأنها مازالت ترغب فى عنلقه بالرغم من تذمره وعدم رغبته بذلك فقالت بحدة:"لن يكون الأمر سهلاً لكلينا . لكننى أعتقد أن القيام بذلك ونحن وحدنا أفضل من الشعور بالارتباك لوجود الآخرين"
وضع فين الكوب الآخير فى الخزانة :"هل تريدين ان أعانقك؟"
رمقته كايت بنظرة باردة :"أنا لا أريدك أن تعانقنى. بل أقترح عليك ان نتمرن على ذلك كى لا تشعر بالارتباك أمام شقيقتك"
ـ حسنا وهل نقوم بذلك الآن؟
ـ الآن؟
ظهر عليها التردد فمع انها كسبت جولة لكنها لم تكن مستعدة لعناقه بهذه السرعة.
ـ من الأفضل أن نقوم بذلك فى أسرع وقت ممكن
لا يمكنها الآن أن تشتكى لأن الموقف يخلو تماماً من الرومنسية .
ابتلعت ريقها :"حسناً "
اقترب فين منها وأخذ من يديها المتوترتين الصحون التى كانت تحملها ووضعها على الطاولة ثم استدار حيث تقف. معت كايتى ضربات قلبها تضج بقوة فى أذنيها وشعرت بضعف فى ركبتيها سألها فين دون ان يبدو عليه الابتسام :"هل نقوم بذلك؟"
شعرت بجفاف فى حنجرتها ولم تستطيع أن تتكلم فأومأت موافقة بصمت . وضع فين يديه على كتفيها وقربها منه و رفعت رأسها فأرتطم رأسيهما معاً مما جعل الموقف أكثر أرباكاً . فقالت بسرعة :"لا بأس إنه تمرين فقط"
وافقها فين :"نعم, هل نحاول ثانية؟"
ـ نعم
وهذه المرة وضع يديه حول ذراعيها واحتضنها فيما حدقت هى إلى عينيه الرماديتين الباردتين و وقفت دون حراك وما هى إلا لحظة حتى اجتاحها موجة من الأحاسيس المدغدغة وشعرت أن الأرض تهرب من تحت قدميها فاحاطته بذراعيها وبادلته عناقه.
لم تعد كايت واثقة مما يحدث لها ففى لحظة كانت تقف بثبات وقادرة على السيطرة على نفسها وفى اللحظة التالية وجدت نفسها متشبثة بـ فين وهى تذوب بين ذراعيه . وأحست أن ذهنها قد توقف عن التفكير مستسلماً لدفء عناقه . ثم غدا عناقه أقوى فأقوى حتى كادت تفقد صوابها . لكنها عادت وتماسكت من جديد فهى لا تريده أن يشعر أنها كانت ترغب حقاً فى معانقته عليها أن تخفى حقيقة مشاعرها عنه.....وكأن فين شعر أن عناقهما طال أكثر مما يجب فابتعد عنها قليلاً و مرت لحظات طويلة وهما يحدقان فى بعضهما البعض بذهول.
كادت كايت تفقد توازنها وراح قلبها يخفق بسرعة جنونية . أما فين فقد بدا الذعر على وجهه فتراجع إلى الوراء ولم يعرف ماذا عليه أن يقول ثم قال بعد تردد:"حسناً..."
وتمكنت كايت من استرداد أنفاسها لتتابع عنه:"هذا.....هذا أفصل"
ذلك أن نظرة الرعب التى ظهرت على وجهها جعلتها تعود على الواقع . وفكرت فى أن كل ما عليها ان تفعله الآن هو أن تنصرف بلا مبالاة كى لا يكشف فين أن عناقه لها أثار فيها مشاعر حميمية . قال فين وقد بدا الذهول فى نبرة صوته مثلها تماماً :"نعم....أظن ذلك"
ساد بينهما صمت مزعج وتساءلت كايت ماذا يجدر بها أن تفعل الآن؟ أخيراً خرق فين الصمت ليقول:"على ّ أن أكتب بعض الرسائل سأكون فى مكتبى إذا ما احتجتنى"
خرج بهدوء وكأنه لم يعانقها لتوه...راقبته وهو يخرج فيما شعرت هى بالإحباط . حملت الصحون من جديد لتضعها فى مكانها وهى تفكر بالنظرة التى ظهرت على وجهه بعد معانقتها . لقد كان هذا العناق غلطة ومن الأفضل ألا تتكرر.
لقد انسحب فين إلى مكتبه ولا يبدو مستعداً لمناقشة الموضوع. بإمكانها أن تراهن على أنه لم يقرأ أياً من تلك المقالات التى تشدد على ضرورة وأهمية التحدث فى الأمور ومناقشتها للوصول إى علاقة ناجحة . تنهدت كايت وذكرت نفسها بأن ما بينهما ليس "علاقة" حقيقية فهى مجرد موظفة لدى فين وإن كان قد مر بلحظات ضعف لذلك لم يمنعها من الأمل بأن يعود فين فيلمح إلى ما حصل بينهما إذ من الأفضل لهما معاً أن يتكلما فى الموضوع . لكن تبين لها بوضوح فى ما بعد أنه عاد إلى التصرف كسابق عهده كأن عناقهما قد انمحى تماماً من ذاكرته . وتمنت كايت أن تتصرف بالمثل ولكن تلك الذكرى تغلغلت تحت جلدها وظلت تقض مضجعها . ومع ذلك استمرت فى عملها وراحت تقنع نفسها بإنها سوف تنسى أمر ذلك العناق مع الأيام. إلا أنها ظلت ترجو ان يعود فين من عمله ذات يوم وهو يشعر بالارهاق والتوتر وتعاوده ذكرى عناقهما عندها يدخل إلى المطبخ فيأخذها بين ذراعيه ويعانقها مرة أخرى .
بدا لها بوضوح أن ذلك لن يحدث . إذ راح فين يتصرف بتهذيب بالغ حرصاً على إبقاء مسافة بينهما حتى إنه تجنب أن تلامس أصابعه أصابعها. تصرفه هذا جعلها تتأرجح ما بين السخط والاحباط فأصبحت شديدة التأثر حتى إنه لاحظ التغير الذى أصابها ما جعله يسألها :"ما مشكلتك هذه الأيام؟"
ـ لا شـــئ
تنهد ساخطاً :"أرجوك لا تجعلينى أخمن . لقد كان يومى نتعباً ولست فى مزاج يسمح لى بتحمل الألاعيب . من الأفضل أن تخبرينى ما المشكلة"
آه, نعم ! وهل يمكنها حقاً أنه تخبره؟ فهل تقول له: المشكلة هى أننى واقعة فى حبك حتى أذنى فهل يمكنك أن تبادلنى الحب لكى أشعر بالتحسن؟
حدثتها نفسها بأن تقول له ذلك علها تتمكن من إثارة انفعاله وإخراجه من الصمت الذى يلتزم به لكن منعها من ذلك خوفها من ان يصيبه الهلع بسبب تلك الفكرة وحولت سخطها إلى حبات البطاطا فراحت تفرمها بعنف و قوة
ـ ليس هناك مشكلة . أنا أقوم بوظيفتى
حل رابطة عنقه ورماها على الكرسى :"وظيفتك لا تجعلك تتصرفين كالزوجة المظلومة "
وضعت شرائح البطاطا فى المقلاة بعنف غير اعتيادى ثم وافقته قائلة:"نعم . وظيفتى تقضى بأن أهتم بك , بأبنتك , بمنزلك , وبكلبك . ليس لدى الوقت كى اتصرف كزوجة فكم بالاحرى كزوجة مظلومة!"
تنهد ساخطاً :"إذا أردت أخذ عطلة فما عليك سوى أن تخبرينى بذلك"
قالت بنزق :"أسمع , أنا فى مزاج سئ وهذا كل ما فى الأمر"
وخشيت أن يلح عليها أكثر فتخبره بما يزعجها حقاً عندئذٍ سوف يشعر بالندم . وتابعت :"وات تسألنى عن السبب فليس هناك سبب محدد ولا أظن أن هناك بنداً فى العمل يجبرنى على أن أبدو ضاحكة طيلة الوقت"
ـ إذا كان مزاجك سيئاً فربما من الأفضل أن تأخذى إجازة لتخرجى هذا المساء
صححت له بنزق :"لقد فات الأوان . كما انى سأخرج مساء الغد"
ـ أحقاً؟ مع من ؟
حملت نبرته استياء و مرارة غريبين بالنسبة إلى شخص كاد منذ قليل يدفعها إلى خارج المنزل
ـ معك. لقد دعتنا جارتك لتناول القهوة فى منزلها
عقد فين حاجبيه استياء وسألها ينذر بالشر:"أى جارة؟"
ـ لورا. يبدو أنها عدة أسابيع بعيدة عن المنزل وجاءت اليوم لتسأل عن اخبارك
ولورا هذه امرأة مطلقة فاتنة الملامح وقد لاحظت كايت التماع عينيها الجريئتين حين قرعت جرس الباب هذا المساء لتسأل عن فين . ولم يبدُ عليها السرور لرؤية كايت مكان روزا كما بدت أقل سروراً عندما عمدت كايت أن تريها خاتم الخطوبة الذى يزين أصبعها . قال فين مقطباً :"ارجو أن تكونى قد قلت لها أننى مشغول"
ـ كلا بل قلت لها إنه يسرنا تلبية دعوتها.
ـ نحن ؟
ـ نعم نحن , أنت و أنا! مع أننى لاحظت انك ألغيت هذا الأمر من ذهنك لكن يفترض أننا مخطوبان !
ـ نحن نتظاهر بأننا مخطوبان!
ردت كايت بغضب :"هذا ما قصدته"
وتابع فين يقول بنزق :"هذا عندما تكون ستيلا هنا فقط ولا داعى لتوريط الجيران فى هذه التمثيلية"
احتجت كايت :"أنا لا أورط أحداً . هذه المراة قدمت بنفسها وبدا واضحاً أنها تخطط للقاء حميم بك فى الوقت الذى أضع أنا هذا الخاتم الكبير فى أصبعى على أنه خاتم خطوبة. فماذا تتوقع منى أن أفعل؟ هل أدعى انه غير موجود؟"
وهى طبعاً لن تخبر فين أنها تعمدت أن ترى الخاتم لـ لورا كما تعمدت ان تلمح إلى أمر الخطوبة
ـ كان بإمكانك أن تقولى إنك مخطوبة إلى شخص آخر
عندئذٍ قالت كايت متهكمة :"آه أنا آسفة فأنا لست بارعة فى قراءة الأفكار . كيف لى أن أعلم من يسمح له بأن يعرف بأمر الخطوبة ومن لا يسمح له بذلك؟ أين المشكلة إذا علمت لورا على أى حال؟"
قال:"المشكلة هى اننى أحاول تجنب هذه المرأة منذ سكنت فى الجوار وأكتشفت أننى أرمل . وقد نجحت حتى الآن فى إبعادها عنى بعد أن أخبرتها بأننى ليست مستعداً لإقامة علاقة جديدة"
ـ وأن يكن ! يمكنك أن تخبرها أنك غيرت رأيك حين التقيت بى.
غمغم فين:"هذا رائع ! وبعد رحيلك سيكون علىّ أن أخبرها بأن علاقتنا قد أنتهت وعندئذٍ سوف تفكر أن لا سبب يمنعنى من التفكير فى علاقة أخرى"
قالت كايت بنبرة قوية :"ليس عليك سوى ان تقول "لا" عوضاً عن الأختباء خلف مسألة ترملك , لا أظن أن ذلك صعب عليك فأنت بارع فى عزل نفسك عن الآخرين"
فبهت للحظات ثم قال :"ماذا تعنين بذلك؟"
أجابت وهى فى يدها القفاز الخاص بالفرن :"حسناً أنت لا تسمح للآخرين بالاقتراب منك , اليس كذلك؟ ولابد أن لورا بارعة جداً وأنها عديمة الاحساس لتستمر بملاحقتك طيلة هذا الوقت فيما لا تجرؤ الأخريات على ذلك....فنحن جميعاً نخاف منك"
رمقها فين بنظرة حادة :"لا أظن أن ذلك ينطبق عليك مطلقاً"
ـ كل ما فى الأمر أننى اتظاهر بالشجاعة . لقد أخبرتك أننى كنت بارعة فى التمثيل.
قال بجفاء :"لابد أنك بارعة أكثر مما أتصور"
وفجأة بات جو المطبخ مشحوناً بذكرى ذلك العناق الذى تبادلاه وكان الهواء بينهما بات محملاً بمشاعر قوية وخطيرة أبعدت نظرها عنه وانحنت لترفع الصينية من الفرن وقد سرها أن تجد عذراً لإخفاء وجهها المتوهج . ثم قالت بنبرة مترددة:"انا....أنا كذلك"
وفيما استفاقت فى وقفتها ورفعت الغطاء عن الصينية لتقلب محتوياتها كان فين لا يزال جالساً فى مكانه متاملاً ثم قال:"أحقاً أنك وعدت لورا بأن نزورها مساء غداً لتناول القهوة عندها؟"
استعادت كايت سيطرتها على نفسها :"نعم فلست أرى سبباً لرفض دعوتها"
وتنشقت برضى رائحة الطعام المنبعثة من الصينية ثم تابعت:"ما إن اكتشفت لورا أنها لا تستطيع الحصول عليك لنفسها حتى بدأت تتحدث عن دعوة أشخاص آخرين لتلتقى بهم . أظن أن الأمر سيكون مسلياً"
ـ تبادل حديث فاتر مع أشخاص لا أعرفهم لا يبدو أمراً ممتعاً بالنسبة لى !
ـ أوه لا تقل ذلك....قد تلتقى بشخص يثير اهتمامك
ـ حسناً وماذا بالنسبة لـ ألكس؟
رفعت كايت بصرها إلى الأعلى ثم استدارت لتقول :"نحن لن نذهب بعيداً وأظن أن بإمكان ألكس أن تاتى معنا . كما يمكننى ان أطلب من بيللا أو من فوبى أن تاتى لتبقى معها وأنا واثقة أن أياً منهما لن تمانع. على أية حال لقد قبلت هذه الدعوة وليس أمامك الآن سوى الذهاب"
ووضعت بذلك حداً للنقاش قبل أن تخلع مئزار المطبخ وهى تقول :"حاول أن تأتى على المنزل باكراً مساء الغد إذ علينا أن نكون هناك عند السادسة ونصف"


زهرة منسية 24-07-12 10:17 PM


مساء اليوم التالى كانت بيللا تلعب الورق مع ألكس حين نزلت كايت السلالم ودخلت إلى المطبخ وقد ارتدت تنورة طويلة و ربطت على خصرها حزاماً أنيقاً
فبادرتها بيللا :"تبدين مذهلة ! سوف يتهافت الرجال على صحبتك هذة الليلة"
شدت كايت أطراف قبتها بارتباك قائلة:"ألا تظنين أن هذه القبة محفورة أكثر من اللازم؟"
قالت بيللا بابتهاج:"كلا لطالما أنك ترتدينها يمكنك أن تتباهى بها"
ـ ليتنى أحضرت معى المزيد من الثياب فـ لورا تبدو من النوع الذى يهتم بالأناقة.
فعلقت ألكس بصدق:"أظن أنك جميلة كايت أتظن ذلك أبى؟"
استدارت كايت بسرعة إذ لم تكن قد سمعت فين وهو يدخل خلفها إلى المطبخ . وراح قلبها ينتفض لرؤيته , بدا طويلاً و صارماً فى بذلته السوداء. نظر إليها ثم قال :"نعم,لا بأس بها"
ـ آه , ارجزك سيد ماكبرايد إطراؤك هذا سوف يفقدنى صوابى.
قالت كايت ذلك لتخفى خيبة أملها . فتنهد فين ثم قال :"تبدين جميلة حقاً....مشرقة....وأنيقة.....ماذا يفترض بى أن أقول أيضاً؟"
حثته كايت قائلة:"و ممشوقة القوام"
واقترحت بيللا :"ورائعة"
استقرت نظرات فين على أسفل عنقها ثم قال :"نعم , رائعة"
تلا ذلك لحظة من الصمت وما لبث فين أن نظر إلى ساعته ليقول بسرعة:"إذا كنت قد اكتفيت من سماع الإطراء من الأفضل أن نذهب فكلما أسرعنا فى الذهاب كلما أسرعنا فى العودة"
فعلقت بيللا :"إنه تفكير الرجال النموذجى ,أليس كذلك؟"
أمسكت كايت بذراع فين وادارته بأتجاه الباب وهى تقول :"كفاك تذمراً كل شئ سيكون على ما يرام . فكر بالأمر على أنه تمرين على كيفية التصرف حين تأتى ستيلا.....كما يمكنك على الأقل أن تظاهر بأنك سعيد بخطوبتنا"
كما توقعت كايت بعد أن أدركت لورا أن لا أمل لها باصطياد فين دعت عدداً من الجيران . بدت النساء فى غاية الأناقة وشعرت كايت منذ اللحظة التى فتحت فيها لورا الباب لهما أن ملابسها تبدو أقل أناقة من ملابس الآخريات ولم يكن الرجال أقل أناقة أيضاً . ربما أن الأوان قد فات على تغير مظهرها حاولت أن تظهر روحها المرحة فراح الرجال يتسابقون إلى التحدث إليها والاهتمام بها, مما جعل فين يشعر بعدم الارتياح
عندما عادا إلى المنزل بادرتهما بيللا بالقول :"عدتما فى وقت مبكر ! لم نتوقع عودتكما بهذه السرعة . كيف كانت السهرة؟"
تشدق فين قائلاً :"ممتازة. لقد حرصت كايت على تشويه سمعتى وتخريب العلاقات الزوجية بين جيرانى وذلك خلال دقائق معدودة فقط!"
قالت كايت بغضب :"لا أعلم عما تتحدث!"
وكانت لا تزال غاضبة لأنها أنتزعت انتزعاً من وسط السهرة دون مبرر.
أوضح لها فين بنزق :"آه, طبعاً لا تعلمين! فأنت كنت تقدمين استعراضاً لمواهبك . لن تستغرب لورا عند سماعها خبر انفصالنا بعد ان رأت تصرفاتك"
ـ كلا , هذا ليس صحيحاً ! على أى حال ما كانت ستلاحظ فقد أمضت طيلة السهرة ملتصقاً بـ لورا ولم يبدُ عليك أنك تحاول التحرر منها. تعابير وجهك أظهرت مبلغ ارتياحك لرفقتها.
ـ وماذا عن ضحكاتك الرنانة التى جمعت الرجال كلهم حولك؟
قاطعتهما بيللا وهى تقول بلطف :"مهلاً مهلاً مهلاً أيها الأولاد ! أظن ان عليكما أن تبدوا أكثر أنسجاماً قبل مجئ ستيلا . فى الواقع يظهر الخطيبان عادة رغبتهما فى الارتباط لأنهما يحبان بعضهما البعض و يودان ان يمضيا بقية حياتهما معاً أما الشجار فيحصل عادة بعد الزواج"
ـ من المؤكد أنه يجدر بنا أن نتصرف بطريقة مختلفة بعد مجئ ستيلا فهى لن تقتنع أننا مرتبطان إذا ما أستمرت كايت بالتصرف على هذا النحو !
قالت كايت بنبرة متغطرسة :"لن تكون هناك مشكلة . كل ما فى الأمر أننى شعرت بالإثارة هذه الليلة لأننى حصلت على بعض الاهتمام والتقدير من الآخرين وهذا لا يحصل عادة عندما أكون برفقتك!"
أنبتها بيللا بلباقة قائلة:"ربما يجدر بك أن تبذلى جهداً أكبر حين تأتى ستيلا. لقد تحدثت إلى فوبى عندما كنتما فى الخارج وفكرنا فى إقامة حفلة صغيرة لمناسبة خطوبتكما , هى فكرة جيدة . وبما أن فين هو صديق جيب وكايت صديقة فوبى فمن الطبيعى أن يقيما حفلة للمناسبة بحضور ستيلا على أن يدعوا أيضاً أصدقاء مقربين....أعنى أنا و صديقى و جوش وصديقته"
ونظرت فين بعينيها الزرقاوين :"ستصبح أختك أكثر اقتناعاً بخطوبتكما عندما ترى أن أصدقاءكما يتعاملون معكما على هذا الأساس"
رد فيت بتذمر وهو لا يزال غاضباً من كايت:"هذا محتمل لكن لا حاجة لتوريط الآخرين فى هذه المسألة إذ يكفى ما وصلت إليه الأمور حتى الآن"
وفكرت كايت أن فين على حق فى ذلك فمسألة الخطوبة أوشكت أن تخرج عن السيطرة . لكن غضبها منه هذا المساء دفعها لتقول بصلابة :"أظنها فكرة رائعة سوف أتصل بـ فوبى غداً لتحديد موعد للحفلة"
كان من المقرر أن تصل ستيلا يوم الثلاثاء . أمضت كايت اليوم السابق فى تنظيف المنزل واهتمت بصورة خاصة بغرفة الضيوف الثانية إذ كانت هى تشغل الغرفة الأولى . فوضعت فيها باقة أزهار كما وضعت فى الحمام صابون معطراً ومناشف نظيفة . ثم أقفلت الباب كى لا يدخل ديريك إليها ويشعث غطاء السرير. كما أنها خططت لتحضير عشاء مميز ترحيباً بالضيفة
دخل فين إلى المطبخ بعد أن وضع ألكس فى سريرها :"هل كل شئ على ما يرام؟"
ـ نــــعـــــم
منتديات ليلاس
بعد ذلك المساء الكارثى فى منزل لورا حاول كلاهما التصرف باتزان وتهذيب متجنبين الحدة فى الكلام مع بعضهما البعض . غمس فين إصبعه فى خليط الشوكلا ثم رفعه بسرعة قبل أن تخطف كايت الوعاء وهى تقول:"لن ينجح ادعاؤنا بأننا مخطوبان إن لم نقم بالأمور على طريقة صحيحة"
لعق فين إصبعه متجاهلاً عبوسها:"أنت على حق. هذه الشوكلا لذيذة !"
راحت كايت توزع الخليط بحذر فى أوعية صغيرة قبل إدخالها إلى الفرن. عندما أنهت عملها هذا سألت فين ذلك السؤال الذى يشغل بالها:"هل تظن اننا سننجح فى إقناعها ؟"
ـ سننجح فقط إذا لم نفقد أعصابنا أمامها. ستيلا ذكية جداً لذا علينا ألا نتساهل مع انفسنا حين تكون هنا لأنها ستلاحظ على الفور إذا ما تصرفنا بغرابة. فى الواقع........
وعندما توقف فجأة عن الكلام سألته كايت بقلق :"ماذا؟"
لم يجيبها فين على الفور بل سار خطوتين حول الطاولة ويداه فى جيبيه وكتفاه منحنيتين وكأنه متردد أيتابع كلامه أم لا....وأخيراً قال :"لا أعلم كيف أقول ذلك كايت.....لكننى اتساءل إن كنت لا تمانعين فى النوم فى غرفة إيزابيل خلا فترة وجود ستيلا هنا "
رفعت رأسها لتنظر
إليه بدهشة فسارع إلى توضيح قائلاً:"طبعاً هناك باب بين الغرفتى وتلك الغرفة لكن ستيلا لن تقتنع اننا مخطوبان إذا رأت أنك تنامين فى غرفة الضيوف"
تنام فى غرفة ستيلا.....فيما يصل باب بين غرفتيهما ؟ وضعت الوعاء من يديها وأكمل فين يقول:"ستجد ستيلا الأمر غريباً إن لملم يحصل ذلك"
ألم تقل لـ بيللا إن الأمر ليس مهماً؟ بدأت بجمع الأوانى والشوك والمعلاق لتغسلها ثم قالت :"معك حق"
فوجئ فين لموافقتها السريعة :"هل ستفعلين؟"
ـ كنت أقول لتوى إن علينا أن نقوم بالمور بصورة صحيحة لذا لن أمانع بأن أستخدم تلك الغرفة حين تكون شقيقتك هنا . أعلم أنك لن......ولم تستطيع إكمال جملتها شاعرة بالارتباك وحاولت من جديد :"إنك لن.....أنت تعلم...."
قال بجفاء:"نعم أعلم"
اقترحت :"من الأفضل أن أبدأ من الليلة , ألا تظن ذلك ؟ هكذا سيبدو الأمر طبيعياً حين تصل شقيقتك عند الصباح"
بدت الأمور سهلة وهما يتحدثان فى المطبخ لكنها لم تبدُ بالسهولة نفسها عند التنفيذ . بدلت ثيابها فى غرفتها الأساسية وارتدت ثياب النوم. لم تكد تصدق إنها ستدخل لتنام فى تلك الرغفة إلى جانب غرفة فين حيث لا يفصل بينهما سوى باب.
لفت جسمها برداء النوم وأخذت نفساً عميقاً ثم فتحت الباب .
كان أخرج هذه البيجاما من عمق أحد الأدراج اليوم بالذات. ترددت فى الدخول فقال مشجعاً :"أردت فقط أن أطمئن إن كنت تحتاجين إلى شئ "
دخلت الغرفة ببطء وهى تقول:"لا....لا أظن ذلك شكراً لك"
لكنها لم تتحرك من مكانه بل راح ينظر إليها وعلى وجهه تعبير لم تستطيع تفسيره. و ما لبث أن سار باتجاه غرفته ثم قال وهو يدخل عبر الباب الفاصل بينهما :"يمكنك أن تقفلى الباب بالمفتاح من ناحيتك"
ردت متظاهرة باللامبالاة :"أنا أثق بك ولن أقفله"
رمقها بنظرة ملؤها الحيرة :"حسناً تصبحين على خير "
أغلق الباب خلفه وأغمضت كايت عينيها للحظات لتهدئ من روعها قبل أن تندس فى الفاش. حاولت أن تبعد تفكيرها عن فين الذى ينام على بعد أمتار فقط منها.....أتراها تسمع خطواته وهو يذرع الغرفة ؟
و ما هى إلا لحظات حتى حل السكون المطبق فى الغرفة المجاورة . حاولت كايت أن تسترخى فقد بدا واضحاً أن فين قد استسلم للنوم . هنأت نفسها على برودة اعصابها . حسناً كل شئ يسير على ما يرام !.

زهرة منسية 24-07-12 10:22 PM

منتديات ليلاس


كانت خيوط الصباح تتسلل إلى الغرفة حين استيقظت كايت , أضاءت المصباح الموضوع على المنضدة إلى جانب السرير لتنظر إلى الساعة.آه , عليها أن توقظ فين فبعد ساعتين تصل شقيقته إلى المطار وعليه أن يذهب لإحضارها من هناك.
فتحت الباب على مهل ومشت على رؤوس أصابعها إلى أن وقفت قرب السرير حيث يغفو فين . بدا تنفسه عميقاً وبطيئاً وبدت رموشه أطول من المعتاد أما وسامته فلم تكن أقل مما هى عليه عندما يكون مستيقظاً شعرت بدافع قوى إلى الإقتراب منه فجلست على حافة السرير ومدت يدها ببطء لتلمس خده . إنها تلعب بالنار ! هذا ما فكرت كايت فيه قبل أن ينقلب فين على جنبه فتعلق يدها تحت خده وتمتد يده الأخرى لتطبق على ذراعها فى حركة بدت غير واعية . لكن أترأها كذلك حقاً.....؟
بدا تنفسه غير منتظم وذلك قبل أن يفتح عينيه فيما يده ما تزال متمسكة بذراعها . رفرف برموشه كأنما يحاول طرد النعاس من عينيه . وما هى إلا لحظات حتى رفع جسمه على مرفق يده الأخرى ليستوى فى جلسته . ذعرت كايت من النظرة التى رمقها بها فقد راح ينظر إليها ملياً دون ان ينبس بكلمة أما كايت فقد أخرسها خوفها من غضبه . ولدهشتها رفع فين يده وقربها منه ليضمها فى عناق طويل بدد مخاوفها كلها. جعلها عناقه تشعر بالبهجة فغرقت فى بحر من المشاعر الدافئة التى تتوق إليها منذ زمن.
بعد فترة ابتعد عنها وهو يغمغم بكلام غير مفهوم . أسند رأسه إلى الوراء وهو يحاول استعادة أنفاسه وأخيراً قال:"أنا آسف لم أستطيع منع نفسى من معانقتك"
حاولت كايت أن تظهر بعض الأسف فى صوتها أيضاً:"إنها غلطتى أظن أننى تماديت قليلاً"
قال فين بجفاء :"ربما....تمادينا نحن الإثنان"
ـ هل أنت آسف حقاً؟
لم يجب فين على الفور. ثم قال بعد برهة :"كلا , كما لا أستطيع القول إننى لم أكن مدركاً لما أقوم به لكننى لم أستطيع مقاومة رغبتى فى معانقتك"
ـ حسناً هذا ما كنا نود ان نقوم به لنقنع شقيقتك . فما الضير إذا ما قمنا بذلك من أجل نفسينا ؟ أننا بحاجة إلى بعض الاسترخاء.
لم يجبها فين بل ظل ينظر إليها لفترة طويلة ما جعلها تشعر بالتوتر . إذ به يقول :"سأحاول التعود على ذلك"
لزم كايت بعض اللحظات لتدرك أنه يحاول إغاظتها فأبتسمت قائلة:"على أى حال سيكون ذلك أمراً مؤقتاً أى خلال فترة إقامة شقيقتك هنا"
ـ بالطبع
ـ ولن يتورط أى منا مع الآخر.
ـ نعم
وساد الصمت بينهما من جديد فأجوبته المقتضبة جعلتها تشعر بالارتباك ما دفعها إلى القول :"على أى حال أنا آسفة لأننى أيقظتك....أعنى أردت أن أوقظك لتذهب إلى المطار"


زهرة منسية 24-07-12 10:24 PM



أندفع ديريك فى نوبة من النباح ما إن سمع جلبة إطارات السيارة وهى تتوقف فى الممر المرصوف بالحصى. توقفت كايت فى الردهة لتتأمل صورتها فى المرآة ومررت أصابعها فى شعرها عبثاً علها تخفف من تجعد خصلاته . كانت تشعر بالتوتر لأنها ستقابل ستيلا فقد ذهب فين وألكس لإحضارها من المطار والان حانت لحظة الحقيقة.
عند الصباح راح فين يتصرف كعادته تماماً وكأن شيئاً لم يحدث بينهما فى ساعة الفجر . راح يتذمر من حالة المطبخ ولم يسمح لـ ألكس بارتداء بنطلون عسكرى أثناء ذهابها لاستقبال عمتها ما جعل كايت تتساءل إن كان عناقه مجرد حلم أم أنه حصل فى الواقع . أما هى فقد جعلها الاضطراب وقلة النوم تشعر بانعدام التركيز ولم تستطيع التفوه بجملة مفيدة بل جاءت كلماتها عند الصباح مفككة دون رابط.
الآن حان وقت لتلتقى بـ ستيلا الشديدة الذكاء والقوية الملاحظة . وفكرة كايت وهى تلقى نظرة أخيرة على صورتها فى المرآة أن من السهل إقناع ستيلا بإنها واقعة فى حب فين لابد أن ذلك يظهر جلياً فى نظراتها الزائغة ولهفتها عليه.
لاحظت من النظرة الأولى الشبه الشديد بين ستيلا وشقيقها . بدت المرأة الأكبر سناً من فين ممتلئة الجسم وبالغة الأناقة . شعرها الرمادى قصير وعينيها رماديتان , نظراتهما حادة كنظرات عينيه تماماً . كانت كايت تقف عند الباب بانتظارهم فبادرتها ستيلا بعناق دافئ ثم قالت وهى تمسك ذراعاها ممدوتان لتتفحص وجهها :"لن تصدقى كم أنا مسرورة لأن فين وجد أخيراً المرأة المناسبة . لكنه لم يخبرنى كم أنت جميلة"
تساءلت كايت وقد أصابتها الخيبة إن كان فين يظن أنها ليست جميلة . ما تراه قد أخبر ستيلا بالضبط؟
كان فين يحمل حقيبة ستيلا الثقيلة وإذا به يقول لشقيقته:"إنها ليست جميلة"
جعل هذه الأخيرة تصاب بالذهول أما كايت فقد فاجأها قوله تماماً . إنها ليست قبيحة فهل يراها فين كذلك؟
لحسن الحظ تمكنت كايت من الحفاظ على ابتسامتها فهى لم تنس أن عليها التظاهر بأنهما مخطوبان وقالت:"شكراً لك"
ولم تجد بعد ذلك صعوبة فى التصرف كخطيبة جرحت مشاعرها :"اتعلم من الجيد أن يكون المرء صادقاً من وقت إلى آخر"
وضع فين الحقيبة على الأرض ثم قال :"كلمة جميلة ليست كافية فى نظرى"
والتفت إلى شقيقته التى ظهر السخط على وجهها بالنيابة عن كايت وتابع يقول :"إنها رائعة الجمال وليست جميلة فقط ! وانا لم اخبرك بذلك لأنى فكرت ان من الأفضل أن ترى بنفسك"
حلت بعدئذٍ لحظات من الصمت وشعرت كايت بالحرارة تغزو وجهها فوقفت تنظر إلى فين كالبلهاء ولم تعد تدرى ما عليها أن تفعل . لقد بدا فين مقنعاً حتى أنها تساءلت للحظة إن كان يعنى ما يقول . وتكلمت ستيلا أولاً :"هكذا هو فين أليس كذلك؟"
منتديات ليلاس
ثم تابعت وهى تشبك ذراعها بذراع كايت :"أنه يجعلك تغضبين ثم يقول شيئاً كهذا مما يجعل من المستحيل عليك أن تبقى على غضبك منه وهكذا تكون له دوماً الكلمة الأخيرة"
بدت ألكس متحمسة لترى عمتها كلبها الصغير ديريك وكان ديريك يحفر الأرض خلف الباب مطالباً بالخروج والمشاركة فى الاسنقبال . لكن اللقاء بينه وبين الضيفة لم يكن ناجحاً تماماً إذ لم تسر ستيلا لرؤيته
ـ أى نوع من الكلاب هذا؟
فقال فين:"أنه من النوع الأكثر سوءاً"
وانبرت ألكس للمدافعة عن ديريك فقالت بحرارة :"حلا انه ليس كذلك! أنه كلب ذكى ومدرب بشكل جيد أليس كذلك كايت؟"
ـ حسناً ربما هو ليس مدرباً بما يكفى
قالت كايت ذلك وهى تتذكر الساعات التى أمضتها و هى تحاول تدريبه دون ذكر سرقته للحمة ومضغه للأحذية وتمرغه على الأسرة......
نظرت ستيلا إلى ديريك باشمئزاز ومع انها لم تقل إنه أبشع كلب وقع نظرها عليه نظرها على الأطلاق . لكن نظراتها أظهرت ذلك . وسألت فين :"أين وجدت هذا المخلوق بحق السماء؟"
أجابها فين :"إنها غلطة كايت , لقد وقعت فى كومة القمامة وعادت بهذا الكلب . ومنذ ذلك الحين وهذا الحيوان يعبث فى مكتبى و فى منزلى لقد كلفنى حتى الآن ثروة ما بين معاينات الطبيب البيطرى وطعام الكلاب!"
قالت ألكس باحتجاج :"آه, أبى.....!"
فابتسم لها فين ثم وضع ذراعه حول كتفيها وأحتضنها.
ضاقت عينا ستيلا وهى تنظر متأملة شقيقها وابنته ثم كايت وقالت :"يبدو لى أن أموراً عديدة قد تغيرت هنا"
بدا واضحاً أن التغيير لم يصب شقيقها فقط . فما أن رأت ستيلا المطبخ حتى قطبت عابسة ما ذكر كايت بعبوس فين .
ـ يبدو لى أن التغيير أصاب المنزل كله لكننى لا أعرف أين بالتحديد إنه أكثر ترحيباً وأكثر دفئاً
فاعترفت قائلة:"أظن أن فين سيقول لك أنه لم يعد مرتباً كما كان من قبل"
قال فين وهو يجلب الأكواب من الخزانة :"بالطبع سأفعل يمكننا أن نلوم كايت على التغيير الذى أصاب المنزل أيضاً"
وفيما راحت كايت تحضر القهوة قالت ستيلا :"حسناظص أرى أن هناك تحسناً كبيراً "
وضع فين الأكواب على الطاولة :"هذا رأيى أيضاً"
شعرت كايت بأن أنفاسها قد علقت فى حنجرتها لكنها تمكنت من القول:"سوف أتذكر ذلك فى المرة القادمة عندما تحتج على طريقتى فى معالجة الأمور"
رأت أن أفضل ما يمكنها القيام به هو تحويل الأمر إلى مزاح أما البديل الآخر فهو أن تندفع نحو فين فتطوقه بذراعيها متوسلة إليه أن يقول إنه يعنى ذلك حقاً . لذا تابعت تقول :"ألكس سوف تشهدين على ذلك لأجلى!"
بدا واضحاً أن ستيلا تتحرق شوقاً إلى الإنفراد بـ كايت لذا تجاهلت عرض فين أن يريها غرفتها وقالت :"كايت تعالى أنت معى"
بعد أن صعدتا السلالم نظرت إلى غرفتها بسرور قائلة :"تبدو جميلة!"
حملت صابونة كانت كايت قد وضعتها من أجلها فتنشقت رائحتها قالئلة :"شكراً لك كايت سوف تفسدينى بالدلال"
قالت كايت بعدم ارتياح :"أعرف أن فين يقدرك كثيراً لقد أخبرنى بماا قمت به لأجله بعد وزفاة إيزابيل"
تنهدت ستيلا وهى تجلس على السرير و قالت:"لقد كانت فترة رهيبة لقد فعلت ما بوسعى لكن كان من الصعب جداً مساعدة فين فى الخروج من عزلته فهو يحتفظ بأحزانه لنفسه. حسناً أنت تعرفين كم هو عنيد. لقد تفتت قلبى لرؤيته وهو يكافح بمفرده طيلة تلك السنوات . يبدو لى أحياناً أنه لن يسمح لنفسه بأن يشعر بالسعادة مرة أخرى"
تمكنت كايت من القول:"لقد أحب إيزابيل كثيراً"
وكأنها ذكرت نفسها بذلك . فمهما قال فين بحضور قيقته عليها ألا تنسى وجودها فى حياته مسألة مؤقتة فقط.
ـ أعلم ذلك . لكن عليه أن يفكر فى أبنته وبنفسه أيضاً . لطالما قلت له إن ألكس تحتاج إلى أم ترعاها . أنظرى إليها الآن لم أرها قط من قبل بمثل هذه الحيوية . لقد تخلت عن حذرها و جمودها تماماً وفين يقول أن ذلك كله بفضلك أنت"
ثم ابتسمت لـ كايت :"فين لا يدرك أن التغيير الحقيقى حصل فى شخصيته هو نفسه . هكذا هم الرجال ! مرت سنوات ظل فيها فين يختبئ خلف جدار صلب رافضاً السماح لأى كان بالأقتراب منه لكنك تمكنت من اختراق هذا الجدار . لابد أنك فعلت ذلك طالما أنك تمكنت من إقناعه بإقتناء ذلك الكلب الصغير المضحك ! فين لم يحب الكلاب يوماً"
ـ أظنه يحب ديريك أكثر مما يود ان يعترف.
وقفت ستيلا على قدميها:"هذا يثبت وجهة نظرى ! منذ سنوات لم أره مرتاحاً وسعيداً كما هو الآن وكل هذا بفضلك أنت"
وامتلأت عيناها بالدموع وهى تحتضن كايت قائلة:"فين لن يعترف بذلك بالطبع....تعرفين طبتعه....لكن من خلال الطريقة التى ينظر بها إليك يبدو واضحاً أنه يحبك كثيراً"
أين بعد النظر وحدة الذكاء اللذان تشتهر بهما ستيلا! ! أدركت كايت أن شقيقة فين مخطئة فى استنتاجاتها . إنه لا يحبها مع أنه يبدو أكثر ارتياحاً من ذى قبل كما أنها لم تسأله إن كان سعيداً أم لا . بعد قدوم ستيلا قلما كان يبقيان وحدهما كى يتسنى لهما الحديث على انفراد . مرت الأيام التالية وكأنها تسير خارج الزمن. وظلت كايت تذكر نفسها أن ما يجرى فى حياتها الآن ليس سوى إجراء مؤقت سوف ينتهى بعد حين. لكنها لم تشأ أن تعكر صفو تلك الأيام بالتفكير فى المستقبل إذ سيكون أمامها متسع من الوقت لذلك بعد رحيل ستيلا.
هذا ما كانت تقوله كايت لنفسها لكن ذلك لم يمنعها من الوقوع فى حب فين أكثر فأكثر . فكانت تتأمله وهو يقوم بأعمال عادية....فتشعر أن الهواء تبخر من رئتيها ولم تعد تستطيع التنفس ويبدأ قلبها بالخفقان بسرعة وتشعر بدافع قوى لأن تقترب منه فتلف ذراعيها حوله و تعناقه
لم تكن ستيلا بالزائرة السهلة الارضاء إلا أن كايت أحبتها أكثر ما توقعت . فهى صريحة ونشيطة فى معظم الاحيان وعديمة اللباقة مع الكس فى أحيان أخرى لكن من الواضح أنها تحب فين كثيراً . وقد أظهرت حماسة لا حدود لها بشأن علاقتهما لا سيما عندما أخبرتها كايت عن الحفلة التى ستقيمها فوبى لمناسبة خطوبتهما.


* * *

زهرة منسية 24-07-12 10:26 PM


ـ تبدو فكرة رائعة ! لولا أننى أرى بوضوح أنكما واقعان فى الحب لتساءلت إن كنتما حقاً تنويان الزواج إذ يبدو لى أنكما لا تخططان لذلك , هل حدتتما موعداً للزفاف ؟
رمق فين كايت بنظرة خاطفة :"لا داعى للعجلة"
صححت له ستيلا بحدة :"لا سبب يدعو إلى الانتظار أيضاً كلاكما كبيران بما يفى لتعرفا ماذا تريدان وليس لدى أى منكما ارتباطات أخرى كما أنكما تعيشان معاً . ما المشكلة فى المضى قدماً نحو الزواج؟"
صر فين على أسنانه متذمراً من تدخل شقيقته ثم قال:"هذا الأمر بينى وبين كايت"
لكن ستيلا لم تكن مستعدة للاستسلام :"بالطبع لكن عليكما أن تفكرا بالآخرين ايضاً . إذا ما حددتما موعداً للزفاف سوف يأتى غوف والأولاد معى لحضوره . كما أننى واثقة من أن والدى كايت يودان أن يعرفا بالموعد مسبقاً لكى يتحضرا للقدوم"
قالت كايت وقد وجدت عذراً مناسباً :"إنهما مسافران فى الوقت الحالى وهذا أحد الأسباب التى جعلتنا ننتظر . حتى أننى لم أخبرهما عن فين بعد"
غمغمت ستيلا :" حسناً ليست أرى سبب لهذا التكتم . الحمد لله أن هناك أصدقاء طيبين يفكرون بكما وقد فكروا بإقامة احتفال للمناسبة . لو أن الأمر ترك لكما لما فعلتما ذلك أبداً"
ـ ستيلا من فضلك هلا توقفت عن تنظيم حياتنا ؟ أنا وكايت سعيدان كما نحن.
ـ إذا لم تفكرا بنفسيكما عليكما أن تفكرا بـ ألكس على الأقل
قال فين بنبرة متوترة :"ألكس أيضاً سعيدة هكذا , أليس كذلك ألكس؟"
أجابت ألكس بحذر :"نـ.....نعم لكن ستكون الأمور أفضل إذا ما تزوجتما أنت وكايت . عندئذٍ سوف أطمئن إلى أن كايت ستبقى هنا دائماً لتعتنى بـ ديريك"
فوجئ فين وكايت بردها هذا أما ستيلا فرمقت شقيقها بنظرة ملؤها الانتصار قائلة :"أبنتك هى أكثر حكمة منك. مع أننى لا أضع الكلب ضمن الأولويات ألا أن ألكس على حق . إن لم تكن حذراً فإنك سوف تخسر كايت وأنت لا تريد أن تخسرها أليس كذلك؟"
نظر فين عبر الطاولة إلى كايت التى لم يكن يبدو عليها الارتياح. فأجاب برقة :"كلا لا أريد ذلك"
وفكرت كايت أن الوقت قد حان لتلطيف الأجواء فصاحت :"هاى ! أنا ليست ذاهبة إلى أى مكان . فهذا المنزل جميل وديريك كلب لطيف أما أنتما....فأظن أن لا بأس بكما أيضاً"
ثم أضافت وهى تغمز بعينها لـ ألكس :"سوف أبقى هنا إلى الأبد"
أما ما جعلها تصاب بالدهشة فهو أن ألكس وقفت واقتربت منها قائلة بحرارة :"هل تعدينى بذلك؟"
ماذا يمكنها أن تقول ؟ طوقت ألكس بذراعها وضمتها إليها قائلة :"نـــعـــم" وتمنت فى قرارة نفسها أن يغدو هذا الأمر حقيقة.
ـ سوف يكون احتفالاً ممتازاً!
هذا ما قالته فوبى لـ كايت عبر الهاتف فى اليوم التالى . ثم تابعت :"عليكم جميعاً أن تكونوا هنا بكامل أناقتكم عند التاسعة"
ـ أخبرتنى بيللا أنه حفل بسيط فقط
ـ كلا لقد قررنا إقامة حفل عشاء ممتاز لأنكما أنت و فين قد التقيتما من قبل عندنا على العشاء .
أبعدت كايت سماعة الهاتف عن أذنيها وحدقت إليها بطريقة غريبة قبل ان تقول :"أنا و فين التقينا فى العمل فوبى "
فردت فوبى بحزم :"هنا كان أول لقاء اجتماعى لكما ونحن نود أن نحتفل بكما كما يجب "
أخفضت كايت صوتها محاذرة من دخول ستيلا إلى المطبخ ثم قالت :"فوبى أنت تعلمين أننا لسنا مخطوبين فى الواقع وهذه الحفلة فقط لإقناع شقيقته بأننا كذلك فعلاً"
ـ بالطبع أعلم .منتديات ليلاس
قالت فوبى ذلك بنبرة فيها من الوقار ما جعل كايت تشك بأنها وبيللا قد تبالغان فى مخططاتهما ثم أضافت :"لكن ما من سبب يمنعنا من الإحتفال "
ـ حسناً المهم ألا تبالغا بالأمر كثيراً.
تظاهرت فوبى بأن مشاعرها قد جرحت فقالت :"وهل تريننى كذلك؟"
ـ بيللا قد تفعل . أحرصى على إبقائها تحت السيطرة . يبدو ان ستيلا مقتنعة بخطوبتنا لكنها ليست مغفلة وسوف تشك بالمر إذا ما بالغتما فى الإحتفال.
قالت فوبى بلهجة مهدئة:"استرخى كايت كل شئ سيكون على ما يرام "
لم تكن كايت واثقة من ذلك . كان التظاهر أمام ستيلا صعباً بما فيه يكفى فكيف بقضاء أمسية كاملة برفقة فين مع أصدقاءها واحتمال نظراتهم وتعليقاتهم!
أطلقت كايت تنهيدة وهى تبحث فى أحد الأدراج عن حلقها المفضل
ـليتنا لا نذهب إلى ذلك الإحتفال !
قالت ذلك لـ فين حين دخل إلى غرفتها ليسألها فى أى وقت عليهم أن يذهبوا إلى منزل صديقتها . رأت صورته فى المرآة أمامها وهو يقفل أزرار قميصه وقد ألقى برابطة عنقه على كتفه. تنهد فين بدوره قائلاً :"هذا ما أتمناه أنا أيضاً لكن ستيلا متلهفة للقاء هؤلاء الأشخاص . أنها تأمل على الأرجح أن تجد مؤيدين لها فى مسألة الزواج "
ـ لقد بات الأمر معقداً أليس كذلك؟
وساورها شعور بالذنب فى ما يتعلق بذلك الوعد الذى قطعته لـ ألكس لم يكن يجدر بها أن تقطع وعداً لن تتمكن من الحفاظ عليه .
أنها غلطتى . كان على أن أدرك أن ستيلا لن تكتفى بأمر خطوبتنا . فهى لن تشعر بالسعادة إلا بعد أن تعرف كافة التفاصيل عن الزفاف.
ثم تابع وهو يعقد ربطة عنقه حول رقبته :"أتمنى فى بعض الأحيان لو أننا لم نبدأ بهذه التمثيلية أبداً "
ـ أحقاً؟
توقفت يدا فين عن عملهما للحظة وقابلت عيناه عينى كايت فى المرآة ثم قال معترفاً :"كلا "
تعلقت نظرات عينيه الرماديتين الباردتين بنظرات عينيها البنيتين الدافئتين من خلال المرآة...وتوقف العالم عن الحركة بالنسبة إلى كايت . ودون أن يرفع بصره عنها أنهى فين تسوية ربطة عنقه ثم تقدم نحوها ببطء ليضع يديه على كتفيها وقال:"لا يمكننى أن أتخيل ما الذى كنا سنفعله بدونك . كنا نشعر بالتوتر فى كل مرة تزورنا ستيلا لكن الأمور سارت بصورة جيدة هذه المرة وذلك بفضلك أنت . ستيلا ترى أنك امرأة مذهلة"
توقف قليلاً عن الكلام فيما ظلت يداه القويتان الدافئتان ممسكتين بكتفيها فألقت كايت برأسها إلى الخلف مستندة إليه مما جعلها تشعر بالارتياح . فقال فين بهدوء :"تستحقين الكثير من الشكر على ما فعلته . ولست أعنى التظاهر بأننا مخطوبان , بل.....المنزل يبدو رائعاً وانت تحضرين دوماً وجبات لذيذة...وهناك ألكس إنها سعيدة جداً"
سألته كايت بتوتر :"وأنت؟"
أدارها فين ببطء لتواجهه وراح يتأمل وجهها قبل أن يقول :"وأنا سعيد أيضاً"
ثم أنحنى ليعانقها . لفت كايت ذراعيها حوله وبادلته عناقه . لم يكن ذلك عناقاً طويلاً لكنها شعرت بحلاوته.
ثم سمعا قرعاً عنيفاً على الباب وصوت ستيلا وهى تقول هيا بنا وصلت السيارة الأجرة"
بالكاد تمكنت كايت من الوقوف على قدميها بعد أن تركها فين . فقد كانت غارقة فى شلال من المشاعر التى نقلتها إلى عالم خيالى . بل شعرت كأنها شخص آخر وهى تتحرك لتسير خارج الغرفة ثم تنزل الدرج لتستقل سيارة الأجرة ثم تعطى السائق عنوان فوبى بعد إيصال ألكس إلى منزل إحدى جارات فين.
ـ كايت تبدين مذهلة تماماً!
قال جيب ذلك وهو يفتح الباب وقد أذهله مظهرها الرائع ولم يكن الآخرون أقل ذهولاً .
ـ أنظروا إليها ! أنها فى منتهى التألق!
ـ لابد أنه تأثير الحب !
لكن كايت بالكاد سمعت هذه الإطراءات فهى لم تستطيع أن تركز تفكيرها بعد ذلك العناق المفاجئ فى غرفتها .
راحت بيللا تلوح بيدها أمام وجه كايت منتزعة إياها من أحلامها :"كايت كايت استيقظى !"
ـ ماذا ؟
ـ يمكنك على الأقل أن تبذلى بعض الجهد كى نشعر أنك معنا على هذا الكوكب.
جالت كايت بعينيها حولها فإذا بـ ستيلا تتهامس مع فوبى وجوش فيما يتحلق الآخرون حول حيب. كان فين هناك أيضاً لكنه بدا تائهاً فى عالم آخر وقد علت وجهه ابتسامة أحست أنها تذوب من الداخل لرؤيته وما لبث أن وضع أحدهم كوب عصير فى يدها . ثم قال جيب :"حسناً ! أود ان أقترح نخباً على شرف كايت و فين فهما منسجمان تماماً على عك ما ظهر فى البداية . وأعتقد اننا جميعاً نتمنى لهم السعادة لأنهما يستحقانها"
وتعالت أصوات الآخرين :"فى صحت فين وكايت"
نظرت كايت إلى فين متسائلة عما يجب أن يفعلا الآن . فلم يبد عليه الإضطراب مطلقاً بل بدت عيناه الرماديتان أكثر إشرقاً وهو يبتسم لها فبادلته الابتسام . اقترب منها وقد بدا غافلاً عن كل ما حوله فوضع ذراعه حول كتفيها وجذبها إليه ثم قال:"شكراً نحن ممتنان لكم جميعاً"
وما لبث أن أخفض بصره لينظر إلى وجهها قائلاً :"ألسنا كذلك كايت؟"
التمعت عيناها البنيتان وقالت:"نعم"
ثم أخذت نفساً قصيراً لتحافظ على تماسكها فهى فى الواقع لم تمع ما قاله لكنها فهمت انه يريد موافقتها على ما تفوه به فرددت :"آه نعم "
لم تكن كايت تفكر كم هى ممتنة لهم بل كل ما تفكر به هو مقدار حبها لهذا الرجل وتنتظر بفارغ الصبر أن يشتد ضغط ذراعه حول كتفيها ثم.....يعانقها
ما إن عانقها فين حتى استسلمت له بكل جوارحها دون أن تحسب حساباً لبقية الحاضرين . وأخيراً عندما تركها شعرت بالغرابة لسماع التصفيق الذى علا من حولهما .
وقال جيب بجفاء :"هذا يجيب عن تساؤلاتنا كلها"
فعلقت ستيلا وقد سنحت لها الفرصة لذلك :"باستثناء موعد الزفاف"
صاحت بيللا و فوبى معاً :"أنت على حق . متى سيكون ذلك؟"
فى تلك اللحظة كان فين يرخى ذراعيه عن كتفى كايت لكنه لم يستطيع إبعاد نظره عنها فقال:"قريباً"


زهرة منسية 24-07-12 10:30 PM


10 / أنتِ من أحتاج إليها !

http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13431592531.gif
منتديات ليلاس

لابد أن بيللا وفوبى قد أمضتا أياماً وهما تحضران لهذه الأمسية وبذلتا جهداً كبيراً فى تزين المنزل والمائدة ودفعتا الجميع إلى ارتداء ملابس أنيقة للمناسبة. حتى أن كايت شعرت بالذنب لأن الأمر برمته ليس حقيقياً.
ويل صديق بيللا كان من بين الحضور بالأضافة إلى صديقة جوش الجديدة. جميعهح مع فوبى , جيب و ستيلا التى بدت مكتملة الأناقة جعلوا جو الحفلة رائعاً يفيض بالحيوية.
جزء منها كان يود ان يتمتع أكثر بالحفلة لكن كايت واجهت صعوبة فى التركيز على بعض الأمور التى كانت تدور حولها. كل ما كانت تتوق إليه هو العودة على المنزل مع فين لتغلق على كل ما يدور فى العالم الخارجى. بذلت جهداً كبيراً كى تبتسم أو تضحك فى الوقت المناسب إذ أن جلوس فين إلى جانبها جعلها مشتتة الذهن.
ـ هكذا إذن !
قالت فوبى ذلك بعد أن أجبرت كايت نفسها على التحرك للمساعدة فى حمل الأطباق المتسخة إلى المطبخ
ـ ماذا تقصدين؟
ـ أنت واقعة فى حب فين , ألست كذلك؟
وضعت كايت الأطباق على بلاط المغسلة :"ما الذى يجعلك تقولين ذلك؟"
ـ أن الأمر واضح فأنت غافلة عن كل من فى الغرفة ما عداه!
غمغمت كايت :"أنا آسفة أقدر لكما ما قمتما به أنت وبيللا لكن...."
ابتسمت فوبى :"لكن فين هو الوحيد الذى يشغل تفكيرك أعلم ذلك"
قالت كايت بنبرة لا تخلو من التحدى :"حسناً أنا أحبه قليلاً"
ـ قليلاً ؟
واستسلمت كايت قائلة :"بل كثيراً"
ـ وماذا عنه هو؟ أعنى....بدا واضحاً أنه يبذل جهداً ليحافظ على تماسكه ولكن هناك شيئاً ما فى نظراته غليك.....أعتقد أنه متيم بك.
قالت كاىت بأسى :"لا أظن ذلك إنه مجرد ممثل بارع . أنا لم أخبره بحقيقة مشاعرى نحوه ولن أفعل ذلك. نحن نقضى أوقاتاً جيدة فى الوقت الحاضر لكننى أعلم أن ذلك ينتهى فى وقت قريب. ما إن ترحل ستيلا حتى أبدا بالبحث عن وظيفة جديدة . إنها مسألة وقت فقط"
نظرت فوبى إلى كايت بقلق :"وهل ستكتفين بذلك؟"
بادلتها كايت النظر بكآبة وقالت :"هذا ما يجب أن يكون"
لكن حديثها مع فوبى لم يمر دون أن يترك أثراً فى نفسها . صحيح أن فوبى تعرفها أكثر من أى شخص آخر لكن إذا كانت مشاعرها نحو فين واضحة إلى هذا الحد فعليها أن تتلتزم الحذر . إنه لأمر فظيع ان يدرك فين أنها واقعة فى حبه! ارتجفت كايت لمجرد التفكير بذلك فذلك سيجعلى الموقف مربكاً بشكل لا يمكن احتماله بالنسبة إليهما معاً.
بدا الأمر أكثر صعوبة عندما ذهبت ستيلا لزيارة بعض أصدقائها إذ تغيبت عن المنزل حوالى أسبوع . وأكتشفت كايت أن الحياة فى المنزل باتت أكثر ارتياحاً بوجود الثلاثة فقط مع الكلب ديريك. بدأ الأمر وكأنهم يؤلفون أسرة عادية فكان على كايت أن تذكر نفسها أحياناً أن الأمر هو تدبير مؤقت وإنها ليست سوى عضو طارئ على الأسرة.
غياب ستيلا يعنى أن عليها ان تعود إلى موقعها المعتاد كمديرة للمنزل إلا أن ألكس ظلت تتعامل معها كسابق عهدها . ناقش فين وكايت المسألة مساء ذلك اليوم و قررا أن من الصعب أن تعود كايت للنوم فى غرفتها القديمة أثناء غياب ستيلا . فقال فين :"أنت تعرفين ستيلا لا أستبعد ان تعود فجأة دون سابق إنذار لتبدأ مجدداً بالإلحاح علينا لتحديد موعد الزفاف"
حاولت كايت إظهار اللا مبالاة بهذا الشأن :"علينا إذن إن نبقى كما نحن الآن"
وافقها فين باللامبالاة نفسها :"ذلك أفضل"
غياب ستيلا أفسح مجال لـ فين للعودة إلى عمله ومع وجود ألكس فى المدرسة وقدوم أيام ذات طقس رائع قررت كايت أن تقوم بتنظيف المنزل بصورة جذرية.
بدأت بالطابق العلوى فنظفت الحمامات وغرف النوم وغيرت أغطية الأسرة نظفت الزوايا ونفضت الغبار لمعت الأثاث وأزالت الفوضى المتراكمة والتى تثير غضب فين. عندما وصلت منتديات ليلاس إلى غرفتها ذهلت لحالة الفوضى التى حولتها إليها بدت المنضدة بجانب السرير مليئة بالأغراض محارم ورقية أقلام طلاء أظافر مبرد كتب مجلات مجوهرات متناثرة أزرار أوراق صغيرة ممزقة تظهر أسعار بعض الأغراض إيصالات.....آه هناك أيضاً ذلك المشط! لقد بحثت عنه طويلاً . يا إلهى ! من أين أتت هذه الفوضى ؟ رتبت كايت الأغراض ونظفت المكان جيداً قبل أن تنتقل إلى غرفة فين.
لا شك أن كل غرفة تظهر شخصية صاحبها . وهاتان الغرفتان تظهران بوضوح شخصيتهما المختلفتين . لم تكن غرفة فين بحاجة إلى الكثير من الترتيب ,فعلى المنضدة إلى جانب السرير كان هناك مصباح ويضع قطع نقدية معدنية لابد أنه أفرغها من جيبه فى الليلة السابقة . بالكاد تحتاج إلى الترتيب لكن كايت مررت الممسحة فوق المنضدة كعمل روتينى . ولم تعلم ما عليها أن تفعل بالقطع النقدية ففتحت الدرج لتضعها فيه إلا أنها ما لبثت أن توقفت....لقد وضعت فى الدرج صورة وجهها إلى أسفل .
ببطء شديد أخرجت كايت الصورة بين يديها وجلست على حافة السرير. لابد أنه وضع تلك الصورة فى الدرج يوم اقترح عليها أن تنام فى غرفة إيزابيل فهو لم يحتمل النظر فى وجه إيزابيل فى الوقت الذى سمح لامرأة أخرى بأن تستخدم غرفتها.
نظرت كايت إلى وجه زوجة فين لد كانت امرأة جميلة ذات عينين سوداوين كبيرتين وابتسامة رقيقة . كيف يمكن لـ فين ان يفكر فى استبدالها بامرأة أخرى؟ عضت على شفتها ثم أعادت الصورة إلى مكانها فى الدرج فلمحت هناك رسالة . التقطتها بيد مرتجفة ولم تشأ أن تفتحها إلا أنها لم تستطيع عدم النظر إلى الكلمات التى ظهرت أمامها بوضوح:"أحبك دائماً وإلى الأبد" وقد كتبت بخط فين القوى الواضح.
وقفت كايت و وضعت الرسالة فى مكانها تحت الصورة ثم أغلقت الدرج.
حان الوقت لمواجهة حقيقية . لا فائدة من الأمل والتظاهر أو من دفن رأسها بالرمل لطالما قالت لنفسها إن فين ما زال يحب زوجته لكنها لم تصدق ذلك فى الواقع حتى الآن . إنها تعرف فهو لا يقول كلماته إذا لم يكن يعنيها سوف يحب إيزابيل دوماً.......سوف يحبها إلى الأبد.
بدت كايت هادئة ذلك المساء لكن عندما سألها فين ما خطبها ابتسمت وهزت رأسها قائلة :"لا شئ . أنا متعبة قليلاً هذا كل ما فى الأمر "


زهرة منسية 24-07-12 10:33 PM


عادت ستيلا بعد ثلاثة أيام مما أسمتها "رحلة عبر إنجلترا"ولاحظت على الفور التغيير الذى ظهر على كايت . وما أن أصبحت المرأتان وحدهما حتى سألتها :"ما الأمر ؟ هل تخاصمت مع فين؟"
ـ بالطبع لا.
بدا واضحاً أن ستيلا لم تصدقها إذ قالتا :"أعرف أن فين قد يكون متعباً فى بعض الأحيان لكنك مناسبة له تماماً وألكس تبدو سعيدة أيضاً بوجودك . لا أستطيع أن أتحمل فكرة فشل علاقتكما"
وفكرت كايت أن على ستيلا تتحمل ذلك ما دامت هى ستتحمله . لكنها قالت كاذبة :"كل شئ على ما يرام حقاً"
رافق ستيلا الثلاثة إلى المطار وشعرت كايت بالأسف فهى ذات قلب كبير ومحب وقد أعجبت كايت بدفء عواطفها وحماستها واهتمامها . وعندما حانت لحظة فوجئت كايت بشدة تأثرها إذ أحتضنتها بقوة وشكرتها على كل ما فعلته من أجلها ثم ألتفتت إلى شقيقها وعانقته قائلة :"عليك أن تهتم بـ كايت فهى مناسبة لك تماماً"
وأخيراً عانقت ألكس وقالت لها :"لا تدعى أباك يقوم بتصرف أحمق"
أما كلمتها الأخيرة قبل أن تتركهم فكانت:"عِدانى بأن تعلمانى فى أقرب وقت ما أن تحددا موعداً للزفاف "
قال فين وهم عائدون إلى السيارة يلفهم شعور بالأسى بعد وداعها :"لا أدرى كيف سأخبرها أنه لن يكون هناك زفاف لن تسامحنى أبداً على ذلك"
قالت ألكس وهى تجر قدميها لتسير بجانبه :"لست مضطراً لأن تقول لها ذلك"
ـ ماذا تعنين؟
ـ يمكنكما أن تتزوجا.
توقف فين عن السير:"ألكس السبب الوحيد الذى جعلنا أنا و كايت نقوم بهذه التمثيلية هو رفضك للأم البديلة"
ـ لكننى لا أرفض أن تكون كايت مكان أمى.
مرت لحظة من الصمت الرهيب فيما كان الثلاثة مسمرين أمام إحدى البوابات المكتظة بالزحام. لم تجرؤ كايت على النظر إلى فين لكنها شعرت بتوتره وفكرت أن عليها أن تقول شيئاً يخفف من حدة التوتر . فأجبرت نفسها على الابتسام وبذلت جهداً لا يستهان به لتقول :"أظن أنك سوف تضجرين منى قريباً"
قالت ألكس بعناد:"كلا لن أفعل"
ـ سوف أكون صارمة . سأرسلك إلى السرير فى الثامنة كل مساء ولن أسمح لك بمشاهدة التلفزيون خلال أيام الأسبوع لن يعجبك ذلك بالطبع.
أعترفت ألكس:"كلا لكن ذلك أفضل من ذهابك"
عندئذٍ تدخل فين ليقول بنبرة فظة :"حسناً ألكس كفى ! كايت قدمت لنا خدمة أما الآن فهى تود أن تعيش حياتها"
ـ لكن...
قاطعها منهياً الجدال :"لا أريد سماع المزيد عن هذا الموضوع"
وخطا إلى الخارج باتجاه موقف السيارات فتبعته كايت و ألكس بصمت. ساد التوتر رحلة العودة إلى المنزل . وما أن وصلا حتى دخل فين إلى مكتبه بعد أن قال لـ كايت أن عليه أن ينهى بعض الأعمال ولا يريد أن يزعجه أحد أما ألكس فأنزوت فى غرفتها مع ديريك . ولم تعرف كايت ما عليها القيام به لكنها قررت أن تنق أغراضها إلى غرفتها القديمة قبل أن يطلب منها فين ذلك بنفسه.
منتديات ليلاس
لم يلاحظ فين ما قامت به حتى وقت متأخر من مساء ذلك اليوم حين صعد إلى الطابق العلوى ليقول لـ ألكس التى كانت لا تزال منعزلة فى غرفتها :"تصبحين على خير"
نزل إلى الطابق السفلى ليجد كايت تنظف الموقد وهى تحاول عد\م التفكير بما سيحصل لاحقاً . قال بنبرة فظة :"أرى أنك نقلت أغراضك"
ـ نعم .هكذا....هكذا يغدو الأمر أسهل
ردد فين كلمتها وكأنها لم يفهم مغزاها:"أسهل؟"
ـ أتفقنا على أن أنام فى تلك الغرفة إلى أن ترحل ستيلا
ـ أعلم ذلك ولكن....
وتوقف عن متابعة الكلام وكأنه يفكر بما عليه أن يقول ثم قال بتصلب :"نعم أنت على حق . لا داعى للاستمرار فى ذلك"
وأفقته بكآبة:"نعم"
وساد بينهما صمت مثقل بالكلمات التى لم يقولاها ثم قالت كايت وكأنها تطمئنه إلى أنها متفهمة للوضع :"كان ذلك تدبيراً مؤقتاً"
ـ نعم وساد صمت مزعج من جديد . غسلت كايت قطعة القماش وعصرتها جيداً و وضعت على وجهها ابتسامة مشرقة :"من الأفضل أن أبدأ بالتفكير بما سأفعله فى ما بعد "
ستفعل أى شئ كى لا تجد نفسها مندفعة نحو فين وهى تتوسل إليه أن يبقيها لديه.
ـ وما الذى ستفعلينه؟
آه أود البقاء معك ومع ألكس....لكنها بدلاً من ذلك قالت :"لا أعلم لكننى سوف أجد عملاً ما وعلى أى حال يمكننى العودة إلى وكالة التوظيف المؤقت"
راح فين يذرع أرض المطبخ ثم سألها فجأة:"لا أظن أنك تفكرين فى البقاء هنا , اليس كذلك؟"
راح قلب كايت ينتفض داخل صدرها وأبتلعت ريقها بصعوبة قبل أن تتمكن من الكلام لتقول :"فكرت فى أنك وألكس تودان الإستغناء عن مدبرة المنزل"
ـ هكذا كانت الفكرة هذا ما أرادته ألكس دوماً . لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة الآن. روزا لن تعود إلى هنا....حسناً فى الواقع لقد فكرت بما قالته سنيلا أعنى أن ألكس تحتاج إلى رعاية امرأة وهى تحبك"
وتوقف قليلاً عن الكلام ثم سألها :"هل يمكنك أن تفكرى فى الأمر؟"
راحت كايت تفتل القماش بين يديها ....إنها تريد البقاء لكن هل ستتحمل فكرة بقائها كمدبرة منزل فقط؟
قالت بتردد :"لست أدرى....لا أظن أننى أستطيع العمل كمدبرة منزل بصورة دائمة"
ـ كنت أفكر بك....كزوجة.
أنتفض رأس كايت وحدقت إليه غير مصدقة:"كزوجة؟"
مرر فين يده فى شعره وتنهد قائلاً :"يبدو اننى لم أحسن التعبير....أردت ان أسألك إن كنت تقبلين بالزواج بى"
فتحت كايت فمها ثم عادت وأقفلته ثانية وأخيراً تمكنت من القول: "لكن......لماذا ؟"
ـ يبدو الأمر مناسباً . كبداية سوف تحل مشكلة إيجاد شخص يعتنى بهذا الكلب!
ـ آه . حسناً يبدو هذا سبباً كافياً!
ـ أنا أمزح طبعاً . المسألة هى أن ألكس تحبك.....وإنها لم تتقبل قبل فكرة ان يكون لها أماً بديلة لكن أنت.....أنت مختلفة . أعتقد أنها ستشعر بالسعادة إذا ما بقيت هنا بصفتك مدبرة منزل لكنها ستشعر بأمان أكبر إذا ما علمت أنك ستبقين بصورة دائمة من أجلها.
نظرت إليه وقد اشرقت عيناها بالبريق :"وكيف تشعر أنت حيال هذا الأمر؟"
التقت نظرات فين بنظراته :"سوف أشعر بالسعادة أيضاً . لقد كنا متلائمين تماماً خلال الأسابيع المنصرمة أليس كذلك؟ سوف يوفر عليك ذلك العودة إلى العمل بصفة مؤقتة . بالطبع إذا ما رغبت بالحصول على وظيفة يمكنك ذلك . لكنك تقولين دائماً إنك ليست مهتمة بالوظيفة!"
بدا فين وكأنه يعرض عليها الحسنات الجمة التى سيوفرها لها الزواج وكأنها لا تستطيع استنتاجها بنفسها . ثم قال :"اعرف أن ذلك لا يبدو رومنسياً لكن الكثيرين يتزوجون لأسباب أكثر تفاهة"
وفكرت كايت أن ما يقوله صحيح لكنها لم تتخيل يوماً أنها قد تتزوج فقط من أجل أسباب كهذه . راحت تلف قطعة القماش بين يديها إلى أن أصبحت على شكل كرة مرصوصة ثم عضت شفتها وراحت تنظف جوانب المغسلة . وبعد قليل سألته:"وماذا عن إيزابيل؟"
تردد فين ثم قال:"أظن انها سوف تفهم الأمر . إنها تريد الأفضل لـ ألكس وهذا ما أريده أنا أيضاً"
إذن فهو لا يدعى أنه يرغب فى الزواج بها لأنه يحبها ! وأستمرت فى تنظيف المغسلة دون تفكير....ربما هذا أفضل...لن تصدقه لو حاول إقناعها بأنه يرغب فى الزواج بها لأسباب أخرى غير تلك التى ذكرها . وفكرت بكآبة يا للسخرية ! يمكنك أن تحلمى...وتحلمى بأمر ما وعندما يتوفر لك تجدين أن ليس هذا ما تخيلته مطلقاً!
منذ دقائق كانت تتلهف لأن يطلب منها فين الزواج به وها هو قد فعل . فما بالها لم تعد قانعة بأقل من حبه لكى توافق ؟ فضت قطعت القماش ونشرتها على بلاط المغسلة ثم سألت فين بهدوء أذهلها :"هل يمكننى التفكير بالأمر؟"
ـ بالتأكيد
بدا فين قلقاً إلى حد ما بسبب شدة سيطرتها على نفسها . ولم يفاجئها ذلك نظراً لكيفية تجاوبها مع عناقه فى كل مرة يقوم بذلك . لابد أنه توقع أن تقفز من السعادة لعرضه هذا.
ـ لا أود أن أدفعك إلى القيام بأمر لا ترتاحين إليه.
نظرت إليه وهى تفكر أن المر الوحيد الذى يجعلها تشعر بالارتياح هو أن يضع ذراعيه حول كتفيه ويقول لها إنه يريدها أن تبقى لا من أجل كلبه ولا من أجل أبنته....بل من أجله هو . ابتسمت له بصورة آلية وقالت:"أظننى يآوى إلى السرير لقد كان يوماً طويلاً"
راقبها فين وهى تسير نحو الباب ثم قال فجأة:"كايت"
فالتفتت إليه:"نعم؟"
ـ أنا....
لكنه غير رأيه قبل أن يكمل جملته ليقول :"لا شئ"

* * *


زهرة منسية 24-07-12 10:35 PM


ـ تتزوجين به ؟
قالت بيللا ذلك وهى تحدق إلى كايت عبر الطاولة . كانت الصديقات الثلاث يجلسن فى أحد المقاهى المفضلة لديهن بعد أن استدعت كايت صديقتيها إلى إجتماع طارئ مساء اليوم التالى. وتابعت بيللا تقول بنبرة ملؤها الشك :"لن تأخذى الأمر على محمل الجد , أليس كذلك كايت ؟"
ردت كايت بنبرة ملؤها التحدى:"حسناً كنت أفكر بالأمر...."
منذ أن عرض فين عليها الزواج لم تتمكن من التفكير فى شئ آخر . وتابعت بلهجة دفاعية :"أعلم أن ليس هذا هو الزواج الذى تحلم به أى فتاة لكن لا يمكننا جميعاً أن نتوقع قصة حب رومانسية كما حصل مع فوبى . كما أن هناك أموراً أخرى ذات اهمية"
ـ مثل ماذا؟
ـ الأحترام...الأنسجام.....توفير الحب والأمان لطفلة صغيرة.....قاطعتها فوبى قائلة بنبرة صلرمة :"أنتِ لن تتزوجى ألكس....أو الكلب . لاشك أن الزواج يتطلب الأحترام و الأنسجام لكن هذه الأمور ليست كافية لفتاة رومانسية مثلك . أنت بحاجة للتأكد من أن فين يحبك لكى تشعرى بالسعادة معه"
ثار غضب كايت من صديقتها التى راحت تملأ رأسها بالشكوك بعد أن كادت تقتنع بالفكرة فقالت مجادلة :"أراك قد غيرت لهجتك تماماً . ألست أنت من حاولت أن تدبر لى موعداً مع فين منذ البداية؟"
ـ ظننا يومها أنكما سوف تنسجمان معاً وقد فعلتما . لكن الأمر لن ينجح طالما ظل فين متعلقاً بـ إيزابيل . إنه لن ينساها بالطبع لكن يجب أن يرغب بك من أجل نفسك وليس لأنك مدبرة منزل ممتازة.
وأنحنت فوبى إلى الأمام وهى تتابع كلامها بجدية :"لن تحتملى فكرة أن تكونى دائماً المرأة البديلة عن الزوجة التى يحبها"
وفكرت كايت أن ذلك يبقى أفضل من العيش بعيداً عن فين . لقد أمضيت الليل مستيقظة وهى تفكر بالأيام والليالى....بالشهور والسنوات المقبلة التى ستمر عليها وهى بعيدة عنه. إذا تزوجته سوف تتجنب عذاب فراقه وقد ينجبان الأولاد مما يجعلهما أكثر تقارباً.
ـ أنت تستحقين الأفضل كايت لا يمكنك أن تكونى مجرد بديلة لأحد.
ـ ربما أنت على حق.
بذلت فوبى و بيللا ما بوسعهما لمنعها من أرتكاب غلطة فظيعة. لكن كلما فكرت كايت بالمسألة كلما بدا لها أن الزواج بـ فين قرار سليم. قد لا يكون زواجهما مثالياً لكنها على الأقل ستبقى على مقربة منه فتتمكن من رؤيته و لمسه....كما أن ألكس ستكون هناك أيضاً. سوف يشكلون عائلة.
عندما عادت إلى المنزل كان فين بانتظارها . راقبته وهو يملأ أبريق الشاى ويضعه على النار . ثم قالت :"فكرت بما قلته لى بالأمس"
استدار لينظر إليها وقد ظهر التوجس فى عينيه الرماديتين :"عن الزواج بى؟"
ـ نعم
ـ و....؟
ـ و.....
فتحت كايت فمها لتقول له إنها سوف تتزوجه لكنها لم تستطيع أن تتفوه بكلمة إذ أدركت أنها لن تستطيع القيام بذلك . هل يمكنها العيش معه لسنوات دون ان تتمكن من مصارحته بحقيقة مشاعرها نحوه؟ قالت بصراحة:"كنت على وشك أن اقول "نعم" لكنى أدركت لتو أن هذا لن يكون منصفاً بحقنا نحن الإثنين"
و ببطء انتزعت من إصبعها الخاتم الذى اشتراه لها و وضعته على الطاولة: "حاولت إقناع نفسى بأن لدينا أسباباً جيدة لكى نتزوج بدون حب لكننى أرى الآن أننى مخطئة فى ذلك. فين , نحن الإثنان كدنا نرتكب خطأ فادحاً"
ثم نظرت إلى عينيه مباشرة لتقول:"من الأفضل أن أذهب"
ظهرت الكآبة على وجه فين لكنه لم يحاول إقناعها بل اكتفى بالقول :"سوف تشعر بخيبة الأمل"
والواقع ان ألكس شعرت بأكثر من خيبة الأمل.....الإحباط واليأس هما الكلمتان الأقرب لوصف مشاعرها حين أخبرتها كايت بأنها سوف ترحل . راحت تنتحب متزسلة:"لكنك وعدتنى بأنك ستبقين معناً دائماً "
بدا وجه فين مظلماً وهو يقول:"كان عليها أن تقول ذلك أمام عمتك ستيلا لكنك تعلمين أن ذلك كله لم يكن سوى تمثيلاً"
انفجرت ألكس باكية وقالت قبل أن تندفع بسرعة إلى خارج الغرفة:"ما كان عليها أن تقول شيئاً لا تستطيع تنفيذه"
كادت كايت تجهش بالبكاء أيضاً :"هل أذهب وراءها لأحاول إقناعها؟"
أجابها فين بسأم :طملا دعيها . سوف تتجاوز الأمر"
ثم ضغط جسر أنفه بين سبابته و إهامه قائلاً :"كل ما أرجوه هو ألا تحول حياة مدبرة المنزل الجديدة إلى جحيم. إنها قادرة على ذلك تماماً "
بعد يومين أرسلت وكالة التوظيف مدبرة منزل جديدة وهى فتاة أسترالية تعمل خلال عطلتها . وعلى عكس ما توقع فين بدت ألكس فى منتهى اللطف معها فيما تجاهلت وجود كايت تماماً عقاباً لها فيما تجاهلت وجود كايت تماماً عقاباً لها . المدبرة الجديدة ميغان بدت لطيفة وماهرة فى أعمال المنزل . حاولت كايت أن تشعر بالسرور لأن الفتاة الجديدة مناسبة تماماً إلا أن قلبها كان مليئاً بالتعاسة والغيرة وهى توضب حقيبتها.
عرض عليها فين أن يوصلها على منزلها وسأل ألكس إن كانت تود مرافقتهما لكن هذه الأخيرة هزت رأسها قائلة إنها تفضل البقاء مع ميغان.
ولكن فى اللحظة الأخيرة اندفعت إلى الخارج وكانت كايت على وشك الصعود إلى السيارة فألقت بذراعيها حول خصرها واحتضنتها بقوة ثم ودون أن تنظر مباشرة إلى عينى كايت قالت بصوت ضعيف :"وداعاً " وأندفعت من جديد إلى داخل المنزل . شعرت كاست باختناق فى حنجرتها ولم تستطيع التفوه بكلمة. ترقرقت الدموع من مقآليها فيما هى تجلس فى السيارة فمسحتها بظاهر يدها بصمت . قال فين معتذراً :"تعلمين أنها سوف تفتقدك إنها متكدرة"
ـ أعلم ذلك . وأنا سأفتقدها أيضاً
ـ ربما يمكنك أن تأتى لزيارتنا بين الحين والآخر لكى تطمئنى بأننا نهتم جيداً بذلك الكلب
فى هذه اللحظة بدا ذلك فوق قدرة كايت على الاحتمال لكنها قالت :"هذا محتمل"
لحسن الحظ أن كايت تمكنت من السيطرة على نفسها فلم تبدأ بالعويل وهما يبتعدان عن المنزل . شعرت كان ثقلاً كبيراً رازحاً فوق كتفيها , لماذا....لماذا اختارت الرحيل ؟ كان عليها ان تبقى فلا تسمح بمجئ ميغان اللطيفة الطيبة لتصبح جزءاً من حياة فين....فيعود إليها كل مساء من عمله فيتحدث إليها ويرتاح إلى وجودها
بقلب محطم تركت فين يعيدها إلى حياتها السابقة. حمل حقيبتها من السيارة وصعدا السلالم ليضعها فى غرفتها فيما كانت كايت تجر قدميها بتثاقل فى الردهة.
لطالما أحبت منزلها هذا لكن عندما وصلا لم تكن بيللا هناك فشعرت كايت بالبرودة و الوحدة . هكذا ستكون حياتها من الآن فصاعداً . ما أن أقتربت لحظت الوداع حتى شعرت كايت بالرهبة . حاولت الحفاظ على رباطة جأشها إلا ان الألم الذى شعرت به كاد يدفعها لأن تتمنى رحيل كايت فى أقرب وقت ممكن . ما أن نزل السلالم حتى بادرته قائلة :"شكراً لك"
جاء صوتها قاسياً و مشدوداً فبغير ذلك لم يكن بإمكانها منع نفسها من البكاء.....بدا فين قريباً جداً منها وهو يقف فى الممر أمامها وقال :"على أن أذهب"
منتديات ليلاس
لكنه لم يتحرك من منتديات ليلاس مكانه , بل بدا ضائعاً لا يعرف ما عليه أن يفعل .
ـ نعم, فـ ألكس تنتظر عودتك .
سار مطأطئ الرأس إلى أن وصل إلى الباب فاستدار نحوها .حدقت عينا كايت فيه بنهم كأنها تود أن تطبع صورة وجهه فى ذاكرتها....فكرت بذعر أنها لن تراه بعد اليوم. قال فين بتصلب :"أشكرك على كل ما فعلته كايت"
وأنحنى ليعانقها كأنه مدفوع بدافع غير منظور . كان عناقاً سريعاً لم يستغرق سوى لحظة لكن كايت رفعت يديها لتمسكا بيديه قائلة :"إلى اللقاء"
تبادلا النظرات للحظات طويلة مريرة قبل أن ترتخى أيديهما وتقع إلى جوانبهما.
استدار فين دون ان يضيف كلمة واحدة وسار عبر الممر إلى السيارة ز فتح الباب وألقى نظرة أخيرة فى اتجاه كايت ثم أنطل بسيارته بعيداً تاركاً إياها وحيدة يائسة على باب المنزل
يبدو أن التعاسة حمية ممتازة فلقد تناقص وزن كايت بصورة مذهلة فى الأيام التالية إلا أنها لم تسر إطلاقاً لمنظر ثيابها التى باتت فضفاضة على جسمها . سجلت أسمها فى وكالة التوظيف لكن الوكالة لم تجد لها وظيفة بعد. وهذا أمر مؤسف . ليس لأن المال كان ينقصها فبعد الشيك السخى الذى حرره لها فين لم يعد المال مشكلة لكن الوحدة والفراغ كانا يدفعانها إلى التفكير بتعاستها . حاولت بيللا أن تخفف عنها:"لقد قمت بما هو صائب. أعلم ان المر صعب عليك لكن من الأفضل لـ فين أن يتخلص من شعوره نحو إيزابيل أولاً عليه أن يضع حد لهذا الأمر "
ـ يضع حد له؟ ماذا تعنين بذلك؟
ـ أعنى أن عليه أن يقرر بنفسه أن الوقت قد حان لكى يتقبل فكرة موت إيزابيل قبل أن يبدأ بالتحرك إلى الأمام . ما أن يقوم بذلك حتى يستطيع التفكير بمشاعره نحوك.
ردت كايت بكآبة:"لا أظن انه يكن لى أى مشاعر"
ـ فى هذه الحالة حسناً فعلت أنك لم تتزوجيه . اليس كذلك؟
كانت كايت تعلم أن بيللا على حق فى ما تقوله . فالأسباب التى تجعل الزواج من فين فكرة سيئة ما زالت تدور وتدور فى رأسها لكن أياً من هذه الأسباب لم تستطيع منعها من التوق لأن تعود إلى منزله . كانت الذكريات تندفع من ذهنها بقوة فين عائد من عمله...يفك رابطة عنقه وهو يدخل إلى المطبخ....ألكس جالسة إلى طاولة المطبخ تنهى فروضها....وديريك يختار أسوأ موقع لينام فيه ما يضرها إلى القفز فوقه أينما تحركت فى أرجاء المطبخ...بدت الصور حية فى ذهنها وشعرت أنها بحاجة لأن تكون هناك ما جعلها تغمر رأسها بذراعيها وتبدأ بالنحيب من جديد.
وضعت بيللا ذراعها حول كتفيها وتنهدت مواسية :"آه كايت...ماذا يمكننا أن نفعل من أجلك؟"
ردت كايت وهى تشهق بالبكاء :"لا أدرى . أنا نفسى لا أعرف ماذا افعل؟"
ـ لقد طلبت من فوبى أن تأتى لزيارتنا تعرفين انها تجيد التصرف فى الأزمات آه! لابد انها وصلت.
قالت جملتها الأخيرة لدى سماعها صوت الجرس ثم أضافت :"سأفتح لها الباب لتدخل إلى هنا علها تستطيع إخراجك من هذه الحالة"
لم تكلف كايت نفسها عناء رفع رأسها . فمع أنها تحب فوبى كثيراً إلا أن صديقتها لن يمكنها أن تقول أو تفعل شيئاً يخفف من حزن قلبها وألمه .
ـ كــــايــــت ؟

زهرة منسية 24-07-12 10:40 PM


لم يكن هذا صوت فوبى ! تجمدت كايت فى مكانها منتديات ليلاس . كان رأسها ما يزال مدفوناً بين ذراعيها وشعرها متناثراً فوق الطاولة . يبدو هذا الصوت كصوت فين.....لابد أنها تتخيل الأشياء
ـ كايت !
عاد الصوت من جديد محملاً بنبرة حادة من الغضب....ذلك الغضب الخفيف الذى يتميز به صوت فين.
ببطء شديد رفعت كايت رأسها....كان فين يقف هناك يراقبها بعينين رماديتين قلقتين حدقت به وهى تكاد لا تصدق أنه حقيقى....أنه هناك . لكن من المؤكد أنه هو فلا أحد سواه يملك مثل هذا الوجه الصارم وهاتين العينين اللتين تجعلانها تذوب من نظرة واحدة رغم قساوتهما . لكنه يبدو مختلفاً عما تخيلته فى أحلامها , ففى تخيلاتها كان وجهه يشرق بلابتسام ما إن يراها فيمد ذراعيه نحوها .
لكن الحقيقة تتجلى الآن أمامها وليس الخيال والتعبير الذى يعلو وجه فين ليس الابتسام وإنما نوع من الغضب المحير . وبادرها قائلاً :"ألم تسمعينى؟"
لم يقل لها"عزيزتى"أو "لا أستطيع العيش من دونك"
ـ بلى ولكن لم أظن ان هذا انت
زاد عبوسه:"هل أنت بخير؟"
مسحت كايت الدموع المتساقطة من عينيها بأصابعها . لماذا جاء فى هذا الوقت الذى تبدو فيه فى أسوأ حالاتها؟
سألت بمرارة :"وهل أبدو بخير ؟"
ـ تبدين فى حالة رهيبة
ـ آسفة لا أتقن فن البكاء بلباقة
قالت ذلك وهى تنفخ أنفها فى منديل ورقى . يا للغرابة ! إن جزء منها يريد أن يتخاصم معه لأنه رآها فى هذه الحالة اما الجزء الآخر يشعر بالسعادة لرؤيته ثانية . وكأن حواسها كلها قد استيقظت من نوم عميق وراحت تهتف مرحبة به.


سحب فين كرسياً وجلس بالقرب منها وسألها :"لماذا تبكين ؟"
أعادت إليه السؤال بخشونة :"لماذا برأيك؟"
ـ أبسبب ساب؟
ـ ســـاب ؟
لقد مضى وقت طويل لم تفكر فيه بـ ساب لذا لزمها بعض الوقت لتفهم ما يقوله . ردت قائلة وهى تجفف ما تحت عينيها من الدمع:"لا بالطبع لا ! ولك تظننى أبكى من أجل ساب؟"
ـ لقد أخبرتينى أنك كنت تحبينه يوماً وعندما رفضت الزواج بى من دون حب ظننت أنك عدت تفكرين به .خشيت أن تعودى إليه ثانية والآن ظننت أنك لم تنجحى فى ذلك
ذلك أبعد ما يكون عن الحقيقة! ولم تعد كايت تعرف هل عليها أن تنتحب أم تضحك . هزت رأسها :"لا, لم أكن أبكى بسبب ساب"
ـ لماذا تبكين غذاً؟
لم تجب كايت عن سؤاله وبدلاً من ذلك سألته :"ما الذى تفعله هنا فين؟"
أجاب ببساطة :"جئت لأراك"
نفخت أنفها مرة أخرى وسحبت نفساً خشناً :"لا تقل لى إن ميغان لم تنفع فى الأعمال المنزلية لقد بدت مناسبة تماماً"
ـ بل أنها جيدة لكنها تشعر بالضجر معناً وأظنها تود الأنتقال إلى مكان أكثر إثارة.
لم تستطيع كايت تخيل ذلك فردت :"تشعر بالضجر معكما؟"
ـ لا أحد منا يرغب بالصحبة هذه الأيام نحن نشعر بالتعاسة. وسكت قليلاً ثم قال:"جميعنا نفتقدك"
توقفت كايت عن مسح دموعها عن خديها وسألته :"احقاً؟"
هز فين رأسه :"الكس لا تكف عن البكاء مساءص حتى يغلبها النعاس والكلب أصبح هزيلاً , أما أنا....أنا أفتقدك أكثر منهما معاً"
راح قلب كايت يخفق بقوة فسألته:"أصحيح ما تقول؟"
ـ نعم
وأستدار على كرسيه كى يواجهها :"هل تذكرين يوم رحلت ستيلا ؟ يومها قالت لـ ألكس ألا تدعنى أقوم بحماقة . حسناً أظن اننى أرتكبت حماقة فأنا لم أخبرك بما أشعر به نحوك"
بالكاد أستطاعت كايت أن تلتقط أنفاسها وسألته :"لِمَ لم تفعل ؟"
ـ خشيت أن تقولى إننى كبير فى السن بالنسبة إليك....وإننى أبدو قاسياً فقد كنت دائماً تظهرين حبك للمرح . كنت أتذكر دائماً ما أخبرتنى به عن ساب ففكرت أنك تفضلين شخصاً أصغر سناً أما أنا فلم أكن من النوع المفضل لديك . لم أحتمل فكرة رحيلك لذا حاولت إقناعك بالبقاء مظهراً الأمر على أنه مجرد وظيفة . وكانت تلك حماقة منى كما شرحت لى شقيقتى العزيزة مؤخراً .
ـ هل تعلم ستيلا بأمر الخطوبة المزيفة ؟
ـ باتت تعلم الآن . لقثد أتصلت بها ألكس وأخبرتها أننى أرتكبت حماقة فهى قد أوصتها بأن تعلمها بذلك. ولم أشعر إلا وشقيقتى تسألنى عبر الهاتف عن القصة بأكملها , أرادت أن تعلم لِمَ أفلت من يدى أعظم فرصة للسعادة حصلت عليها منذ سنوات . فأخبرتها أننى طلبت منك أن تتزوجينى ولم توافقى على طلبى. ولم يلزمها وقت طويل لتنتزع منى الحقيقة كاملة ولم تصدق أننى تصرفت بهذا المقدار من الغباء وراحت تقول :"هذه حماقة لا تغتفر بالنسبة إلى شخص ذكى مثلك"....وهكذا....
منتديات ليلاس
ابتسمت كايت ابتسامة هزيلة فقد تخيلت أنها تسمع ستيلا وهى تقول له ذلك.
ـ نصحتنى بأن آتى إلى هنا وأخبرك بكل ما لم أستطيع أن أقوله لك من قبل. وها أنا ذا!
أخفض بصره وراح ينظر إلى يديه . ثم نظر مباشرة إلى عينى كايت اللتين ما تزالان حمراوتين ومليئتين بالدمع مع أنهما بدتا مشرقتين بالأمل .
ـ هل يمكننى أن اتكلم الآن أم أن ذلك لن يشعرك بالارتياح؟
ابتلعت كايت ريقها :"نعم, اود أن أسمعك"
ـ لم أخبرك بمقدار حبى لك لم أخبرك بأن المنزل يبدو فارغاً من دونك وبأن حياتى باتت فارغة من دونك ايضاً.
ثم أخذ يديها بكلتى يديه وشد عليهما بقوة :"يمكنى أن أقل ألكس إلى المدرسة وأن أحضرها منها ويمكننى أن أخذ الكلب فى نزهاته المعتادة كما أستطيع القيام بأعمال الطهو والتنظيف....أستطيع تدبر هذه الأمور كلها لكننى لا أستطيع العيش من دونك . أريد أن أستيقظ صباحاً لأجدك إلى جانبى....أن أعود مساءً إلى المنزل لأجدك بأنتظارى "
ثم صمت قليلاً ليهمس بصوت منخفض :"كايت أنا لم أخبرك كم أنا بحاجة إليك"
شعرت كايت بغليان فى داخلها راح يمتد ليشمل كل خلية من خلايا جسمها وسألته:"ماذا عن إيزابيل؟"
أجابها بهدوء :"لقد أحببت إيزابيل وهذا أمر لايمكن تغييره. لكننى لم أعد أشعر أن جزءاً من حياتى مفقود بسبب غيابها . لم أتوقع أننى سأقع فى الحب مرة ثانية ظننت أننى حصلت على نصيبى من الحب وأننى لن أحصل على فرصة أخرى للسعادة. ثم أتيت أنت وقلبت حياتى رأساً على عقب فجعلتنى أشعر بالسعادة من جديد "
أشتد ضغط أصابعه على أصابعها وقال :"أنت ليست بديلاً عن إيزابيل أنا أريدك لشخصك فقط . أنا أحتاج أليك"
بدت العينان الرماديتان جديتين و دافئتين وهما تنظران إلى عينى كايت :"لو أننى أخبرتك بذلك كله عندما طلبت منك الزواج بى هل كان جوابك سيتغير؟
ـ نعم
ـ حسناً , ماذا لو طلبت منك ذلك ثانية؟
التمعت عيناها بالدموع وهى تقول :"سأقول موافقة"
ولم يعد هناك داع للكلام جذبها فين نحوه ليعانقها بشغف حتى كادت يغمى عليها من فرط لاسعادة . وكانا ليبقيا على تلك الحالة لساعات لولم يتدخل الهر الذى سئم تجاهلهما له فقفز عليهما فجأة مسبباً خدشاً فى ذراع فين . أبعده فين ونظر إلى ذراعه قائلاً :"لِمَ قام بذلك؟"
ـ أنه يود لفت الانتباه فقط. لم يقصد أن يؤذيك
ـ حسناً عليه أن يعلم أن لدى أشياء أهم منه فى الوقت الحاضر .
وعاد يضم كايت بين ذراعيه ليتوقف لحظة بعد ان خطرت له فكرة فقال بصوت ملؤه التوجس :"آمل ألا تحضريه معك إلى المنزل"
ـأخشى أننى سأفعل إذ لا يمكننى أن اتركه لـ بيللا لكنه لن يسبب أى مشكلة.
نظر فين إلى الخدش فى ذراعه قائلاً :"أتوقع أن يصبح منزلنا مأوى للحيوانات الشاردة"
قال ذلك مدعياً الشكوى إلا أنه كان يبتسم ويعانقها من جديد . سألته كايت وهى تضمه بين ذراعيها :"وهل تمانع فى ذلك؟"
ـ لن أمانع مادمت ستكونين هناك
تنهدت كايت فى سعادة وهى تلقى رأسها فوق كتفه وقالت :"على الأقل سوف تشعر ستيلا بسعادة الآن"
ـ آه , لا . أنتظرى حتى نقيم الزفاف إذ سوف تبدأ بالالحاح علينا لأن ألكس تحتاج أخ أو أخت
ضحكت كايت وعناقته من جديد :"لا مانع لدى بأن نفعل شيئاً بهذا الشأن"
ـ هل ستفعلين أى شئ لإرضاء شقيقتى؟
ـ نعم أى شئ .


تــمـــــت
http://www.liilas.com/up/uploads/liilas_13431622291.gif
أشكر كل من ضغط على أيقونة الشكر
وأشكر كل الزوار اللى مروا على الرواية وأتمنى أنى أكون قدمتلكم شئ ممتع
وكل عام وأنتم بخير

Rehana 25-07-12 11:06 PM

ماشاء الله تبارك الله .. اللهم لا حسد
اصابعك حريرية زهوري

الله يحفظك وتظل تنورينا بروايتك المميزة
وكل عام وانت بخير .. ويارب ينعاد عليك الشهر المبارك بالخيرات والبركات من رب العباد


http://i.imgur.com/KSMdK.jpg

جمره لم تحترق 27-07-12 09:56 PM

شكري لك يمتد و يمتد و لا مجال ليكون له نهاية
 
فديتك يا ارق الزهرات واجملهن دائماً وأبداً . .
ماشاء الله تبارك الله . . ما انتبهت للرواية إلا وهي مخلصة
سلمت يداك صديقتي . . . وأجمل هديه لنـا في هذا الشهر
اعذريني على التأخر و عدم التواجد لتشجيعك
لكن كل أمل أن تقبلي شكري المتأخر و مباركتي مجدداً لك بهذا الشهر
رمضان كريم . . . كوني بخير دائماً لنكون نحن كذلك
http://sl.glitter-graphics.net/pub/8...maqk9tfy8l.gif

زهرة منسية 27-07-12 11:55 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Rehana (المشاركة 3147858)
ماشاء الله تبارك الله .. اللهم لا حسد
اصابعك حريرية زهوري

الله يحفظك وتظل تنورينا بروايتك المميزة
وكل عام وانت بخير .. ويارب ينعاد عليك الشهر المبارك بالخيرات والبركات من رب العباد


http://i.imgur.com/KSMdK.jpg

مشكورة كتيرررررررررررررر ريحانتى على كل التشجيع اللى بتقدميه ليا و للجميع
الله يحفظك ويبارك فيكى ريحاااااااااااانتى
وينعاد عليكى وعلى آل ليلاس الشهر الكريم بكل خير

زهرة منسية 28-07-12 12:04 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمره لم تحترق (المشاركة 3149459)
فديتك يا ارق الزهرات واجملهن دائماً وأبداً . .
ماشاء الله تبارك الله . . ما انتبهت للرواية إلا وهي مخلصة
سلمت يداك صديقتي . . . وأجمل هديه لنـا في هذا الشهر
اعذريني على التأخر و عدم التواجد لتشجيعك
لكن كل أمل أن تقبلي شكري المتأخر و مباركتي مجدداً لك بهذا الشهر
رمضان كريم . . . كوني بخير دائماً لنكون نحن كذلك
http://sl.glitter-graphics.net/pub/8...maqk9tfy8l.gif

هلا هلا هلا
أهلا وسهلا بالغزال الشارد بعيد عنا
هل هلالك يا قمر
دلوقتى أكتملت الرواية بطلتك الحبيبة غاليتى وحشانى كتيرررررررررر
الله لا يحرمنى أياك غاليتى
بارك الله فيكى زووووووزايمن منورة بتشجيعك وكلماتك الرقيقة مثلك

katia.q 02-08-12 10:47 PM

السلام عليكم
مش عارفة أشكرك ازاي علي المجهود الرائع اللي بتقومي بيها
تسلم ايديك علي الرواية الجميلة ويسلمووووا على الاختيار الجميل
والف شكر علي كتابة أجزاء السلسلة
بتبقي ممتعة جدا لما تقرأي عن قصة شخصيات تم ذكرها في قصص تانية
مليييييييييييييييييييييييون شكراااااااااااااااااااا
يعطيك الف عافية يا قمر

زهرة منسية 04-08-12 11:40 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة katia.q (المشاركة 3155385)
السلام عليكم
مش عارفة أشكرك ازاي علي المجهود الرائع اللي بتقومي بيها
تسلم ايديك علي الرواية الجميلة ويسلمووووا على الاختيار الجميل
والف شكر علي كتابة أجزاء السلسلة
بتبقي ممتعة جدا لما تقرأي عن قصة شخصيات تم ذكرها في قصص تانية
مليييييييييييييييييييييييون شكراااااااااااااااااااا
يعطيك الف عافية يا قمر

ده أنا اللى مش عارفة أقولك أيه على كلماتك الرقيقة كاتيوش بيكفينى بس أن الرواية عجبتك وكلماتك تعنيلى كتيررررررررررررر
أكيد بيبقى ممتع كتير لما يكون نفس الاشخاص تقريباً فى ثلاث رواية فالمتعة بتكون تربيل هههههههه

حياة12 30-09-12 03:53 AM

الجزء ده جمييييل جدااا شخصية كايت لذيذة جداااا و خلت جو الرواية لذيذ بروحها المرحة و حبها للحيوانات و شخصيتها اللى بعيدة كل البعد عن عالم البيزنس بجد حبيتها جدااااا
ميرسى يا قمر على الرواية الجميلة دى

زهرة منسية 05-10-12 10:56 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حياة12 (المشاركة 3185128)
الجزء ده جمييييل جدااا شخصية كايت لذيذة جداااا و خلت جو الرواية لذيذ بروحها المرحة و حبها للحيوانات و شخصيتها اللى بعيدة كل البعد عن عالم البيزنس بجد حبيتها جدااااا
ميرسى يا قمر على الرواية الجميلة دى

مشكورة كتير حياة على مرورك و مشاركتك
و أنا كمان بحب الجزء ده قوى

ندى ندى 07-11-12 03:51 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
قمة الروعه والمتعه والتميز

سلمت يداك ووفقك الله حبيبتي

botaynna 11-11-12 03:32 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
ماشاء الله تبارك الله .. اللهم لا حسد
اصابعك حريرية زهوري

زهرة منسية 14-11-12 10:52 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى ندى (المشاركة 3207452)
قمة الروعه والمتعه والتميز
أنت الأروع ندوش

سلمت يداك ووفقك الله حبيبتي

متعتى أكتر لما تتشرف الرواية بمشاركتك اللى دايمن بتسعدنى
تسلميلى ندوش الله لا يحرمنى تواجدك المتميز

زهرة منسية 14-11-12 10:54 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة botaynna (المشاركة 3209980)
ماشاء الله تبارك الله .. اللهم لا حسد
اصابعك حريرية زهوري

مشكورة كتيررررررررر حبيبتى عيونك الحلوين يا قمر

foufastar 23-12-12 03:21 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii iiiiiiiiiiiiiiiiiiii

غرشوه 08-02-13 05:56 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
يعطيج العافيه زهره منسيه ع الكتابه والقصه الحلوه لج مني اجمل تحيه

yasmin kamal 02-05-13 12:52 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
القصة روعه موووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووت شكرااااااااااااااااااااااا جداااااااااااا ليكى فعلا عندك حق تقولى انها المفضله ليكى فى السلسله شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااا و جزاك الله كل خيرا و انا فعلا ممتنه ليكى جداااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااا

ايدن 03-05-13 09:54 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
روايه شيقه

سراب الحياة 30-06-13 05:03 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
السلام عليكم
روايه من اجمل ما قراءت روايه شيقه من البدايه للنهايه سلمت يداك وابدعتي:55:

ام نور ايناس 26-01-15 02:46 AM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
شكرا... استمتعت كثيرا بالقراءة، :55:

Umyousef 04-01-16 06:30 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
شكراً جزيلاً 🌹

فرحــــــــــة 30-07-16 05:15 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
غاليتى
زهرة منسية
تنساب القصة كسلاسل الذهب
فما ان بدأت قرائتها حتى انتهت
ومازلت شغوفه للمزيد
سلمت يداكى على هذا الفيض الرائع
انتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

توووووم 22-08-16 10:09 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
شكرا لك عزيزتى الرواية اكثر من رائعة
انتظر مزيدك
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:

زهرة منسية 31-08-16 05:13 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام نور ايناس (المشاركة 3506585)
شكرا... استمتعت كثيرا بالقراءة، :55:

اسعدنى كتير استمتاعك بالرواية مشكورة كتير
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Umyousef (المشاركة 3587335)
شكراً جزيلاً 🌹

العفو لكى منى اجمل تحية
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة توووووم (المشاركة 3656586)
شكرا لك عزيزتى الرواية اكثر من رائعة
انتظر مزيدك
:55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55::55:

وجودك العطر ما جعلها مميزة توووووم

زهرة منسية 31-08-16 05:14 PM

رد: 349- عندما يبتسم الليل - سلسة جيسيكا هارت (الجزء الثانى)
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فرحــــــــــة (المشاركة 3639745)
غاليتى
زهرة منسية
تنساب القصة كسلاسل الذهب
فما ان بدأت قرائتها حتى انتهت
ومازلت شغوفه للمزيد
سلمت يداكى على هذا الفيض الرائع
انتظر جديدك القادم
دمتى بكل الخير
فيض ودى

يا هلا و غلا فروحة يسلملى لسانك المعبر باحساس
سعيدة كتير بمتابعتك و تعليقك الراقى :0041:

أم ألطاف 22-11-19 08:24 PM

قصه جميله وسلسله اجمل شكرا


الساعة الآن 07:18 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية