منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   142 - مرة في العمر - آن ميثر - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t171154.html)

نيو فراولة 12-01-12 01:17 PM

فسّرت كلمات تشارلز بأشياء كثيرة، وخصوصا الرسالة التي تسلمتها من أندريه بعد عودتها من باريس ، وفيها يعلمها بتهذيب انه لا يستطيع الزواج منها لأنه كان متزوجا ولا يستطيع الطلاق.
لف تشارلز ذراعه حولها وقال بحنان:
" آسف يا عزيزتي ، إنما كان علي أن أخبرك ، فمن حقك أن تعرفي ".
رفعت هارييت وجها حزينا وقالت:
" ماذا أستطيع ان أفعل ؟ لم أعرف ن لم افهم ، ظننت ... ليتني كنت اعلم...".
" أجل ولكن ما كان بإمكانك فعله؟".
أرتجفت شفتاها وهمست:
" لا أعلم ، لا اعلم".
أضاف تشارلز:
" يا للرجل المسكين ! اخذ أكثر من نصيبه من التعاسة".
فقالت بزفرة حارة:
" إنه يعتقد أنني اكرهه".
" وهل تكرهينه حقا؟".
هزت رأسها:
" لقد حاولت ، ظننت أنني أكرهه لكن حين رايته....".
" ادركت أنك لا تستطيعين ؟".
أومأت قائلة :
" انا أحبه يا تشارلز ، وأعتقد أنني احببته طيلة الوقت".
" هل يحبك أيضا؟".
حدّقت امامها وقالت :
" لا أعرف ، في كل حال فات الأوان".
" لماذا؟".
منتديات ليلاس
" أوه تشارلز ، لا يستطيع المرء أن يفتح ويقفل عواطفه وكأنها حنفية ماء ، لو عرفت ربما إختلف الأمر".
" إذن هي غلطتي ، كان يجب أن أخبرك".
" لا تتغابى".
نظرت اليه من خلال دموعها وأكملت:
" ليس من المفروض أن تعلم ، كان على اندريه ان يخبرني بنفسه ".
طرقة على الباب أنهت المحادثة ، اطلت سوزان ونظرت بإهتمام عندما شاهدت هارييت تبكي.
وهتفت:
" ما الأمر ؟ هل انت غاضب من هارييت يا سيد هوكني؟".
" كلا ، كلا ، كلا".
تقدم تشارلز من الفتاة ليعطي هارييت الوقت الكافي لتهدأ وقال لها موضحا:
" كنا نتكلم عن صديق لنا واجه حظا سيئا جدا في الآونة الأخيرة ، فحزنت خالتك".
ذهبت هارييت الى المتجر صباح الإثنين بعدما تاكدت ان سوزان ستكون على ما يرام أثناء غيابها لساعات ، وهي تلهو بلعبة الرسوم المقطعة التي أعارها إياها تشارلز".
رن الجرس الصغير عندما فتحت هارييت الباب ، وأتى تشارلز بنفسه ليستقبلها هاتفا:
" هارييت ! لم أتوقع قدومك اليوم".
أقفلت الباب وراءها وقالت:
" اجل ، أعلم انك لم تتوقع قدومي ، لكن ساق سوزان المقطبة تمنعنا من القيام باي نشاط ، لذلك أفضل العمل على الجلوس في البيت ".
فهم تشارلز قصدها لكنه لم يعلق ، كانت هارييت مسرورة ، فكفى ما دار بالأمس من مصارحة ، اما اليوم فتريد ان تمسك بحبل حياتها ، وتحاول أن تنسى الذي جرى ، إنها لا تستطيع العودة الى أندريه بعد الطريقة التي عاملته بها ، ومن المستحيل أن يعود هو اليها.
إتصلت والدتها مساء الإثنين للإطمئنان عن سوزان وتكلمت معها ولم تحرص سوزان على عدم تكدير جدتها ، لأنها طفلة ويسمح لها بأكثر مما يسمح للبالغين.
وحين إنتهت المكالمة بدت سوزان قلقة فنظرت اليها هارييت بفضول لكن الفتاة إكتفت بالتنهد وجلست في مكانها على الأريكة ن فسالتها خالتها وقد اصبحت على دراية أكبر بمزاجها الحساس:
" ما الذي حدث؟".
إتكأت الطفلة على الوسادة وأجابت بتجهم:
" لا شيء".
لكن هارييت لم تصدقها وسألتها:
" هيا ، أخبريني ، ماذا قالت جدتك؟".
فغصّت بريقها وردت:
" لم تقل إلا القليل".
ثم تهدّل كتفاها وأردفت:
" هل بإمكاننا زيارة جدتي ؟ إنها قلقة جدا على ساقي".
نظرت اليها خالتها متعجبة وقالت:
" هل ترغبين بالذهاب الى غيلفورد؟".
توردت الفتاة وقالت:
" ليوم واحد فقط ، نستطيع إحتماله ؟ اقصد ، ألا ترغبين بمشاهدة والدتك؟".
حاولت هارييت ان تكون صبورة وسألتها:
" هل تشعرين بالضجر هنا ؟ أهذا ما يقلقك ؟ إن كان ما اقوله صحيحا فتكلمي يا حبيبتي ، إنني افهم أنك لا تتمتعين بالعطلة ولكن حتى تشفى ساقك لا نستطيع عمل شيء".
هزت سوزان راسها قائلة:
" لا أحس بالضجر ! إنني احب هذا المكان ، لكن جدتي قالت أنها إشترت لي هدية".
بدأت هارييت تفهم سبب قلقها وسألت:
" لماذا لم تقولي ذلك منذ البداية ؟".
بدت سوزان مرتبكة وغمغمت اخيرا:
" إنه كلب".
ذهلت هارييت وكررت :
" كلب ! من كان ليظن حصول هذا !".
" ماذا تقصدين يا خالتي ؟".
" جدتك لم تسمح أبدا للحيوانات بدخول البيت لكن من الواضح أنها كسرت القاعدة من أجلك".
فهتفت سوزان بإنفعال:
" إنه امسر سار ، أليس كذلك ؟ سأصطحبه في نزهات ، وجدتي تقول إنه بإمكاني أن أدربه بنفسي عندما اتعافى ، هل بإمكاني تربيته هنا؟".
" كلا إذ لا يسمح بتربية الكلاب في الشقق ، وجدتك تعلم هذا".
عبست سوزان قائلة:
" يا ألهي ، لن تقبل جدتي أن تعتني بالكلب لمدة شهر".
" كان عليها أن تأتي به في آخر الفصل".
أجابت الصغيرة:
" لكنها ظنت أن لدي متسعا من الوقت في العطلة لكي أدربه".
نهضت هارييت وقالت:
" والان ، ما العمل؟".
تنهدت سوزان بكآبة وحزنت خالتها لحالها ، لم تكن غلطتها فالسيدة أنغرام تعمل ما يحلو لها.
قالت لإبنة أختها:
" من الأفضل أن تعودي الى بيت جدتك ، إنها على حق فأنت تستطيعين تدريب الكلب في اثناء العطلة".
ردت سوزان بإرتياح:
" هل حقيقة تعتقدين ذلك ؟ لا أريد ان أتركك".
" لا تقولي هذا يا حبيبتي ، لقد نلت إجازتي والآن من الأفضل أن أعود الى العمل ، إذهبي انت وتمتعي بهديتك".

نيو فراولة 12-01-12 01:20 PM

لم يكن النهار الذي قضته عند اهلها في غيلفورد نهارا بسيطا ، أخذت هارييت ملف سوزان الطبي لتعطيه للطبيب هناك ، وكان عليها أن توضح كيفية تنظيف الجرح لوالدتها التي صعقت عندما رات المنظر وهتفت:
" يا للبنية المسكينة !".
وعطفها المتزايد كاد يحمل سوزان على البكاء.
أما الجرو فكان متعة للعين وأحست هارييت بالإرتياح في طريق عودتها بعدما تركت سوزان وهي تلاعب الكلب قرب المدفأة .
لم تبق سوزان عند هارييت لوقت طويل حتى تعتاد عليها ، وبعد أيام عادت الى روتين حياتها ، إنما لم تستطع ان تنام جيدا ولا ان تأكل بشهية ، وفي أوقات يقظتها لم يساورها إلا فكر واحد هو أنها قضت على أملها الوحيد في إيجاد السعادة، ولو إستطاعت أن تعيش الأسابيع الماضية في فرنسا ثانية ، وهي تعلم أن ما قاله لها تشارلز ، لأختلف الأمر تماما.
في بعض الأوقات كانت تفكر بالعودة الى روشلاك ، لم تطلب من الوكيل بيع البيت ، وتصورت دهشة أندريه لو علم أنها تعيش فيه مرة ثانية ، لكن عندما تتصور أنه من الممكن ان يعاملها كما عاملته هي ، كانت ترفض ان يحدث ذلك ، لا جدوى ، فهي لا تملك الشجاعة الكافية على العودة وعلى طلب ما كانت ترفض الحصول عليه.
وفي أحد الأيام حصل شيء غير متوقع ، كانت تلبي طلبات أحد الزبائن ، عندما فتح الباب ودخل بول لاروش ، نظرت صوبه وإتسعت عيناها من الدهشة والخوف عندما رأته ، كان يرتدي بنطلون جينز وقميصا رثا ، لا يختلف عن أي شاب تراه على الطريق ، لكنه لا يشبه بالتأكيد الزبائن الذين يترددون على المتجر ، كان تشارلز يعلم أن هارييت مشغولة فأتى من الغرفة الخلفية ثم عبس عندما شاهد الصبي ، وقال له:
" نعم؟".
كانت هارييت تحاول التركيز على العمل بين يديها لكنها سمعت اللهجة الرادعة في صوت تشارلز فايقنت أنه سيتخلص من الشاب ، إستأذنت الزبون الذي كان يتامل شمعدانا أثريا ووقفت بين الرجلين ، نظر اليها تشارلز بصبر نافد فقالت له بسرعة:
" هل تعرف إبن أندريه يا تشارلز؟".
بدا تشارلز مندهشا فإستدارت هارييت نحو بول ولاحظت كم فقد الصبي من وزنه ومن غطرسته السابقة ، وربما المشهد الذي رآه بينها وبين والده قد غيّر مشاعره إتجاهها ، وخاطبته بعفوية:
" هل تبحث عني؟".
وتساءلت بخوف إن كان حصل شيء لأندريه ، فأجابها بول:
" أجل".
وإبتسم لتشارلز الذي كان يستعيد رشده ، ثم ركّز إهتمامه على هارييت وقال لها:
" هل بإمكاني أن اتكلم اليك؟".
فقال تشارلز:
" بإمكانكما إستعمال مكتبي".
لكن هارييت لاحظت إضطراب بول فقالت لتشارلز:
" بل سنذهب لتناول بعض القهوة".
وشدّت ذراع تشارلز وهي تمر به ليفهم ثم تبعت بول الى الخارج .
كان النهار مشمسا فمشيا بإتجاه الحديقة العامة إقترحت هارييت أن يشتريا بعض الكعك والعصير ، إلتهم بول الكعكة كأنه يموت جوعا ، فأحست بالألم وهي تراقبه وسألته:
" متى تناولت الطعام لآخر مرة؟".
فإحمر وجه الشاب وأجاب:
" يوم أمس".
تنهدت وأعطته كعكتها التي أكلها بالطريقة نفسها ، جلسا على مقعد في الحديقة وأدارت هارييت نحوه نظرات متسائلة وقالت:
" ماذا تفعل في لندن ؟".
فتح بول علبة العصير قبل أن يجيب:
" لقد هربت".
فصاحت به:
" ماذا ؟ ولماذا فعلت هذا؟".
" هربت منذ عشرة ايام تقريبا وفي تلك الليلة التي وجدتك مع أبي!".
حدّقت اليه بإنذهال وهمست:
" أوه ، كلا ! ولكن يا بول...".
" لا تغضبي ولا تلومي نفسك ، كان علي أن أصدق .... لكنني هربت....".
شرب بعض العصير وكانت هارييت تفكر بما ستفعله فسالته:
" هل يعلم والدك اين أنت؟".
هزّ رأسه قائلا:
" لا أظن".
" إذن فهو مشغول عليك الى حد الجنون!".
" أجل ".
بدا بول جادا فإنفجرت تهتف بتذمر:
" ألا تبالي؟".
فردّ عليها بصدق:
" وهل تبالين أنت؟".
عندها إحمر وجهها وقالت:
" إننا لا نتكلم عني".
" بل نفعل ، لأنك هربت أيضا ، اليس كذلك؟".
فحدقت اليه وسألته:
" كيف عرفت أنني عدت الى لندن؟".
" لأنني لم أجدك في البيت ، واين ستكونين إذن؟".
تملكتها الحيرة فسألته ثانية:
" وضّح لي من فضلك ، ماذا كنت تفعل في البيت؟".
تنهد بول وقال:
" حسنا ، قضيت الليلة في القصرعندما شاهدتكما معا لأنني عرفت أن والدي لن يبحث عني هناك وكان يلزمني وقت للتفكير ، في اليوم التالي ذهبت الى عمتي في سارلات ، لم تشك في أمري لكنني فهمت انني لا أستطيع البقاء طويلا ، فعدت الى روشلاك لأنني أردت مشاهدتك والتحدث اليك ، ولما لم أجدك هناك قررت السفر الى لندن".
هزّت هارييت رأسها وكأنها لا تصدق وقالت:
وهل لديك جواز سفر؟".
فهز راسه نفيا:
" إذن كيف كنت تعيش؟".
" إستدنت بعض النقود من عمتي ، وبواسطة النقل المجاني وصلت الى ديجون في سيارة شحن ، ثم إختبأت في المركب الى هنا".
كان يبدو فخورا بما فعل لكن هارييت إرتعبت وشحب وجهها مما جعل بول يسالها عن السبب فطمأنته قائلة:
" إنني بخير ولكن كيف تتصور حالة أبيك الان؟".
فاحنى كتفيه ولاحظت كم ضمرتا عن السابق ، أجابها:
" لست أدري ، ربما هو لا يبالي".
" أنت تعلم أن ما تقوله ليس الحقيقة ، فهو تبعك في تلك الليلة ليحاول ان يشرح لك الأمور...".
وفهمت لماذا لم يعد أندريه اليها....
تنهد بول ثم سأل:
" وأنت لماذا هربت؟".
فقالت تنكر الحقيقة وهي تعلم أنها تنكرها:
" انا ما هربت بل جئت بسوزان الى بيتي هنا".
" لكن والدي يهتم بك أليس كذلك ؟ هل تبادلينه نفس الشعور؟".
بدت خائرة القوى وقالت بصراحة:
" أجل ابادله الشعور ذاته ، هل هذا ما أردت سماعه؟".
قطب بول حاجبيه قائلا:
" كنت ارغب دائما في المجيء الى لندن ، لكن والدي لم يسمح لي أبدا ، لقد إتخذتك عذرا".
" فهمت".
" اما الآن فأريد العودة الى البيت".
أخفت إرتياحها وسألته:
" كيف وجدتني يا بول؟".
"وجدت إسم والدتك في دليل التلفون وإستعملت آخر نقودي لأتصل بك ، لكن إمرأة خرى ردت عليّ تدعى السيدة بيرنز ، أعطتني عنوانك هنا ، فجئتك كما ترين".
تنهدت هارييت قائلة:
" أوه ، بول !".
" كانت مغامرة شيقة أليس كذلك؟".
" كيف سأعيدك الى فرنسا وأنت لا تملك جواز سفر؟".
نظر اليها بول متوسلا وقال:
" ستجدين طريقة ، إنني واثق من ذلك".
وتساءلت هارييت ، هل جاء الى لندن لمقابلتها أم لكسب عطفها ؟ لكنه أراد أن ياتي الى لندن وربما لم تعجبه ، في كل حال ، إنها مدينة لأندريه بإعادة إبنه الى البيت ، والشخص الوحيد الذي يمكنه إيجاد طريقة هو تشارلز.


نيو فراولة 13-01-12 03:38 PM

11- وإنقشع الضباب


تركت هارييت منزل تشارلز في وقت متأخر ، حيث أمضت أمسية طويلة مع بول بينما كان تشارلز يتصل ببعض الأصدقاء في وزارة الخارجية ويحاول تفسير الأمور للمراجع المختصة ، تقرر سفر بول صبيحة اليوم التالي على متن طائرة ثم يستقل سيارة تنتظره في المطار لتأخذه الى البيت ، طلب تشارلز من الشاب أن يقضي الليلة عنده ، الأمر الذي أراح هارييت ، وبالرغم من ذلك احست بالإرهاق عندما وصلت الى شقتها ، ثم رأت سيارة والدها متوقفة امام البناء ففكرت بإعياء ، ماذا الآن ، ماذا يفعل هنا في هذه الساعة المتأخرة؟
لم يكن في السيارة وادركت أن حارس البناية قد ادخله الى الشقة ، إستقلت المصعد وعندما وصلت الى الممر ، رأت في الظلام رجلا متكئا على الحائط ، كتمت صرخة خوف ، ولكن حتى في الظلام عرفت أنه أندريه ونظرت اليه بشغف ، فقال لها:
" لقد تأخرت".
كلماته الباردة اعادتها الى الواقع فإحمر وجهها ، ماذا يفعل هنا ؟ هل أتى باحثا عن بول ؟ وإن فعل لماذا يفترض انها تعلم شيئا عن الموضوع ؟ بحثت في حقيبتها عن المفتاح وفتحت الباب ودعت اندريه الى الدخول ، سبقته الى البهو لتضيء النور ، تبعها اليه ومن ثم الى غرفة الجلوس حيث نزعت سترتها ، كانت متضايقة لأن شعرها مبعثر وعلى كم قميصها الحريري بقعة دهان ، اما أندريه فكان يرتدي بزة رمادية في غاية النظافة ، ويبدو مرهقا منشغل البال ، قالت له بصوت أعلى قليلا من المعتاد:
" أظنك تبحث عن بول".
منتديات ليلاس
ثم إرتعدت عندما إجتاز الغرفة بإتجاهها وهزها من كتفيها قائلا بوجوم:
"بول ! هل رايت بول ؟".
كانت عيناه تلمعان ببريق غريب واحست هي بحيرة شديدة فردت متلعثمة:
" أنا... اجل لقد رأيته".
" ولم تفكري في ان تعلميني بذلك؟".
تركها بخشونة فجائية كادت تفقدها توازنها وأردف:
" ولماذا تتصلين بي ما دام الأمر لا يهمك، اليس كذلك؟".
نظرت اليه بخواء ومدت يدها لتمنعه من الأنصراف وقالت:
" إنتظر يا أندريه ، لم يكن عندي وقت لأعلمك ، رأيته لأول مرة اليوم ! ".
" ماذا؟".
وإستدار ليحدق فيها غير مصدق كلامها فتملكها الإرتباك وأجابت بصدق:
" هذا صحيح ، أقسم لك ، لقد أتى الى المتجر صباح اليوم".
تنفس اندريه بصعوبة وقال وهو يمرر اصابعه المرتجفة في شعره:
" لقد فتشت عنه في كل مكان ، يا الهص ، كيف اتى الى لندن؟".
فاخبرته هارييت قائلة:
" اتى الى ديجون ثم إختبأ على المركب".
" يا ألهي ، واين هو الآن ؟".
" إنه يقضي الليل عند تشارلز".
" هوكني؟".
" نعم".
وحركت كتفيها متابعة:
" لقد جئت لتوي من هناك ، هذا سبب تأخري".
" وهل هو على ما يرام؟".
" بول ؟ أجل إنه يرغب في العودة الى البيت ، وقد إهتم تشارلز بالترتيبات اللازمة لذلك".
كان أندريه كأنه لا يصدق ما يسمع ، فأشارت هارييت نحو المقعد وهي تتساءل ، إذا لم يأت أندريه الى هنا بحثا عن بول ، إذن لماذا اتى؟ وغمغمت بلطف:
" أرجوك ، تفضل بالجلوس ، ساحضر القهوة".
هز راسه كأنه دائخ وقال وهو يتقدم خطوة منها:
" يجب علي ان أعتذر....".
لكن هارييت أسكتته قائلة:
" لا حاجة...".
" حسنا ، إعذريني إن كنت قد روعتك ، لكن هذا الأسبوع كان رهيبا ".
لاحظت الألم في عينيه عندما تابع قائلا:
" أولا بول ، ثم أنت ! أعجب كيف لم افقد عقلي بعد".
فردت بصوت مرتجف:
" اوه ، اندريه ، ماذا تفعل هنا؟".
" يجب ان تفهمي أن الوقت متأخر وأنني متعب ، لكن كان علي أن أراك ، لقد إنتظرتك ساعتين تقريبا".
فشدّت على خصلة من شعرها بشرود وسألته:
" السيارة التي تقف في الخارج ، أهي سيارة والدي؟".
" أجل ، ولكن لا تطلبي مني أن اشرح لك... ليس الآن ، دعيني فقط انظر اليك".
إسودت عيناه ، وأحست بضعف في ركبتيها وهي تلفظ إسمه بإحتجاج إنما لا شيء إستطاع ردعها عن لمس وجهه المرهق ، قال وهو يتنفس بعمق:
" لقد تركتني اكثر من مرة ، فماذا أستمر بالعودة؟".
بللت هارييت شفتيها بلسانها وهمست:
" قل لي أنت السبب".
" لقد كتبت لتشارلز؟ ألم يخبرك ؟ لكنه لم يجب فإعتقدت أنك قد تزوجت فروضت نفسي على الفكرة ، الى أن ظهرت مجددا كملاك منتقم وحطمت راحتي النفسية الى الأبد".
" أوه ، اندريه ، يجب ان تصفح عني....".
" اسامحك ، لماذا؟".
هز رأسه بمرارة وتابع:
" لانك تركتني عندما كنت في أمس الحاجة اليك؟".
إرتجفت هارييت وقالت:
" لم أستطع إعلامك ".
" لقد تسلمت رسالتي وكان بإستطاعتك إجابتي عبر صالة المزاد ".
" أندريه ، كنت متزوجا ! وقلت ان لا مجال للطلاق".
" اللعنة ! إنني اعلم ، اعلم... لكن كان عليك ان تفهميني ان الحالة لم تكن حسبما تظنين ، أعلم أنك تتصورين أنني اسأت معاملة زوجتي ، ربما أنت على حق لكنها لم تعلم".
إستدار فجاة وتابع وهو يمسد عنقه بيده المتعبة:
" كانت مريضة ... تعاني من مرض عقلي ، وقضت آخر إثنتي عشرة سنة من حياتها في مستشفى للأمراض العقلية !".
" إنني اعلم ".
فنظر اليها مستغربا وقال:
" تعلمين ! ".
قام تشارلز بالإستقصاءات اللازمة بعدما كتبت اليه".
" إذن عرفت ! ".
بدا على وجهه عذاب مرير فسارعت الى القول:
" عرفت هذا منذ بضعة ايام فقط".

نيو فراولة 13-01-12 03:39 PM

تقدمت منه بشوق واضافت:
" أندريه ! أندريه ، تصورت أنك لا تهتم ! إنك لن تهتم ابدا".
فغمغم وهو يمرر اصابعه في شعرها :
" كنت فتاة صغيرة وجميلة ، فلم أسمح لنفسي ان أطلب اليك هدر شبابك في إنتظاري".
" واي هدر هذا ، ليتك اعلمتني !".
تنهد اندريه:
" لم استطع ذلك ، إذ لو أخبرتك لصممت ربما على إنتظاري ، ولربما أضجرك الإنتظار ، وما كنت لأطيق ذلك".
" أوه أندريه !".
نظر الى فمها وسألها برقة:
" هارييت... ألا تريدين أن تعرفي سبب وجود سيارة والدك في الخارج؟".
" إذا اردت أن تخبرني ...".
تحركت شفتاه بكسل:
" ألا تريدين أن تعرفي أنني عدت لأصطحبك معي؟ وأنني قلت لوالديك أنني أنوي الزواج منك ؟".
إتسعت حدقتاها وقالت وهي تركع قربه وترمقه بشغف:
" عدت لتطلب مني هذا يا اندريه؟".
فاجابها:
" تلك الليلة ، في البيت ، قبل أن يقاطعنا بول ، لا تنكري أن حبك لي كان ظاهرا".
إحمرت وجنتاها وإعترفت له بحبها.
فتنهد لصبر نافد وقال:
" ولكنك هربت".
" كان علي أن أهرب... شعرت بالخجل ، لم أثق بك ولا بنفسي ".
" أوه هارييت ، ليتك سمحت لي بأن اوضح الأشياء..".
منتديات ليلاس
فاجابت وهي تلمس خده باصابعها الدافئة:
" تشارلز فسّر كل شيء بالنيابة عنك".
" أشكر الله على وجود تشارلز ! ( ثم إبتسم لها بدفء وأردف) " :
" لقد ذكرت شيئا عن القهوة".
فنهضت وتبعها الى المطبخ ووقف ينظر اليها ، كان قد خلع سترته فحدقت اليه وهي تفكر انها لم تحس بقوة حبها له مثل الآن ، قال:
" لم تتعجب والدتك عندما رأتني".
" وماذا قالت؟".
" سالتني لماذا أردت مقابلتك واعتقد أن اباك أدرك قصدي".
" لكن لماذا ذهبت الى غيلفورد؟".
" كان المتجر مقفلا والساعة تناهز الخامسة...".
" أجل ، لقد أقفل تشارلز مبكرا من أجل بول".
" تذكرت أن والديك يسكنان غيلفورد ، فأخذت القطار الى هناك ..".
فاكملت عنه:
" ووالدي أعارك سيارته لتأتي بها الى هنا؟".
" عندما أكدت له نواياي الحسنة".
" وماذا عن بول؟".
تنهد أندريه ، فقالت:
" إنه يعلم بعلاقتنا".
" رآنا معا ، هذا ما تقصدين؟".
فردت بإرتباك :
" كلا... أنا... أنا أخبرته أنني احبك".
"وماذا أجابك؟".
" لم يستغرب الأمر".
" أجل ، لم يستغرب، ففي تلك الليلة... حين قصدتك لأدعوك الى العشاء معنا ، قلت له وللويز عن شعوري نحوك".
" أوه ، أندريه!".
" لا أحسبه صدقني ، ربما لذلك أتى الى البيت ، في كل حال إختفى تلك الليلة ولم أره بعد ذلك".
" قال لي بول انه أمضى تلك الليلة في القصر ، وفي اليوم التالي ذهب الى سارلات".
" شقيقتي ، أجل ، سمعت بذلك ... هاريت ، أمضيت الأسبوع وأنا ابحث عنك ، اردت أن أتبعك في الحال لكن ضميري لم يسمح لي ، كان علي أن أجد بول اولا ، وفي الأخير لم أستطع الإنتظار أكثر ، وماذا وجدت؟ وجدت أنك عثرت على إبني !".
فصححت له بلطف:
" كلا ، هو الذي عثر علي".
وأخبرته كيف وجد بول عنوانها.
شرعت القهوة تغلي في الأبريق لكن هارييت لم تلاحظ ، قال اندريه:
" أريدك أن تأتي معي الى فرنسا... معي ومع بول".
" حسنا ، إذا كان هذا ما تريد".
" حبيبتي ، أنت تعلمين ماذا أريد بل ماذا اردت دائما ، ولكن يجب أن أتكلم أولا عن آيرين...".
" آيرين ؟ زوجتك؟".
تنهد قائلا:
" أجل ، لن أكذب عليك بالقول أنني لم أكن أحبها ، كنت أراها رائعة وكنت شابا في مقتبل العمر... لم تظهر عليها اعراض المرض إلا في وقت لاحق".
فوضعت اصابعها على شفتيه وقالت:
" لست مضطرا الى إخباري...".
فأجابها أنه يريد ذلك ، وتابع:
" اشياء كثيرة حدثت منذ تزوجنا ، لقد خسر آل روشفور الكثير اثناء الثورة ، كنا أغنياء ، والآن اصبحت مجرد مزارع".
" أتظن أن الأمر يهمني؟".
" أظن أنك تحبينني..".
" أجل".
" وأنا أحببتك وسأحبك حتى النهاية ، هل يكفي هذا؟".
" وماذا اريد أكثر؟".
" هناك شيء واحد يجب أن اضيفه ، إن الطبيب الذي عالج آيرين في ذلك الوقت قال أن الحمل زاد حالتها سوءا".
" لا يهم هذا يا حبيبي".
أجابها وعيناه تتقدان حبا:
" الأمر مهم بالنسبة الي ، فلا أحتمل أن يصيبك مكروه ، والحمل شيء مشؤوم في حياتي ، لقد تعذبت آيرين كثيرا ، وأنت...".
" لماذا تقول هذا يا أندريه؟ ألا تريد أن يكون لنا أطفال؟".
" ربما".
فأخفت وجهها في صدره وهمست بصوت أجش:
" حاول أن تمنعني !".
" لا أحسبني أستطيع ذلك !".
فإبتسمت ورفعت اليه وجهها المشرق بالهناء والإخلاص ، فيما زينت شفتيها إبتسامة عذبة.



تمت

اماريج 28-01-12 04:50 PM

يعطيك العافية حبيبتي
مجهود حلو وتسلم اناملك الذهبية يلي عم بتمتعني بااحلى الروايات
ويارب ماننحرم من تواجدك المميز بيناتنا
موفقة دائما
:8_4_134:


الساعة الآن 03:01 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية