منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات عبير المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f449/)
-   -   86- نهر الذكريات - ماري ويبرلي - روايات عبير القديمة ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t170784.html)

نيو فراولة 28-12-11 08:45 PM

9- سقوط المطر


عند الساعة التاسعة تماما ، كان نيال يقف أمام باب الكوخ بإنتظار إبنه ، حاملا في يده اليسرى سلة طعام ومرطبات ، وفي اليمنى معطفا واقيا من المطر لأندريه.
وجّه تحية الصباح الى أليسون قائلا:
" شكرا لك لأتك رعيت إبني امس ، اندريه ، عليك أن تشكر الآنسة ماكاي لأهتمامها بك".
كان نيال جافا وباردا في تصرفاته معها ، وكأنه غريب تماما عنها ، وعندما غادر البيت ، وضع يده في يد اندريه الذي كان يقفز فرحا.
منتديات ليلاس
وقفت أليسون عند النافذة تراقبهما وهما في طريقهما الى القارب ، لقد إعتقدت أنها تكره نيال ماكيين ، لكن أندريه كشف لها أنها تكره نفسها فقط.
إتصلت بها امها من منزل ميغ بعد قليل وأخبرتها أن صور الأشعة اظهرت عدم وجود كسور في ذراع وقدم جسي ، وكل ما في الأمر ان عضلات القدم تمزقت وهي تحتاج الى عدة ايام من الراحة ، سألتها السيدة ماكاي قائلة:
" جسي ستعود الى البيت يوم الثلاثاء ، واري دان أعرف إذا كان عندك مانع في ان أبقى معها حتى ذلك الوقت؟".
" لا مانع ابدا ، على كل أنت بحاجة الى الراحة بعد اسابيع طويلة من التعب والإرهاق ".
" أشكرك يا حبيبتي ، وأرجو أن تشرحي لنيال أسباب غيابي".
" طبعا ، وسأتصل بك هذا المساء ، أرجو أن تسلمي على جسي وتأخذي لها باقة من الزهور بإسمي".
بعد هذه المكالمة الهاتفية ، اصبحت أليسون وحدها ، وجدت نفسها تعيد التفكير في تصرفاتها ، وتاكدت عندما ادركت أنها كانت انانية في تعاملها مع الاخرين ، لقد خاضت المعركة ضد امها لأنها ارادت بيع البيت ، وخاضتها ضد نيال ماكيين الرجل الذي غيّر المكان كله والذي تبنّى إبن أخيه المنبوذ من كل الناس ، فالتبني خطوة كبيرة حاسمة ، لكنه لم يتردد في الإقدام عليها في حين إتهمته اليسون خطأ بأنه لا يهتم بذلك الطفل المسكين ، إكتشفت ان أمامها الكثير لتتعلمه ، والدرس الأول كان الليلة الماضية ، ربما كان الدرس الأخير !
وأدركت بعد فوات الأوان ان نيال رجل حقيقي ومهذب بكل معنى الكلمة ، وأن كل المشاكل التي أثارتها في وجهه لم تستطع الحد من قوة إرادته او تحطيم كرامته.
تجولت أليسون في البيت الفارغ متعبة ومنهكة القوى لأنها لم تنم إلا قليلا ، وبعد ان غادرها نيال الليلة الماضية كان البيت بحاجة الى ترتيب عاجل ، فجسي لن تستطيع العمل عندما تعود الى البيت .... وعلى اليسون ان تتولى مهمات التنظيف والترتيب والطهي طيلة الفترة المقبلة ، وهكذا امضت اليسون نهارها في متابعة شؤون البيت.
في تمام السادسة جلست تتناول فنجانا من الشاي وهي تحس بالتعب النفسي والجسدى حد سواء ، لقد حاولت شغل نفسها بالعمل المضني ، ولكن ما أن إرتاحت حتى عاودتها الهواجس من كل حدب وصوب.
انهت فنجان الشاي وهي تتمنى لو أنها تستطيع الإبتعاد عن المنطقة حتى تتمكن من إعادة دراسة الأمور بروية أكثر ، وفجاة لمحت القارب يتهادى على صفحة الماء حاملا نيال وأندريه من رحلتهما الى الجزيرة ، وقفت تاملهما وهما يعبران الكوخ الى البيت دون ان يلتفتا الى حيث تقف ، ماذا تتوقع غير ذلك ؟ هل إعتقدت ان نيال سياتي اليها ليخبرها عن الرحلة؟
إبتسمت بحزن عميق ، وسارت نحو النافذة تتأمل القارب الراسي في مكانه المعتاد ، ولم لا ؟ حدّقت في القارب مجددا ، إن رحلة بحرية صغيرة يمكن ان تساعدها على التخلص من الافكار والهواجس.
حزمت أمرها بسرعة ، ثم توجهت مع الكلب نحو القارب ، كانت السماء الصافية والغيوم القليلة المتناثرة لا تنذر بمطر غزير ، وفي كل مكان طيور النورس بزعيقها الحاد ، أدارت محرك القارب وهي تتأمل الجزيرة البعيدة، هناك تستطيع اليسون أن تفكر بهدوء ، ولعلها تقدر على إكتشاف الأحاسيس الغامضة التي تضغط على فكرها وعقلها وروحها.
إلتفتت أليسون الى الشاطىء ، فلمحت سيارة نيال الزرقاء والى جوارها عدة أطفال يلعبون ... تنهدت بصمت وعادت لتتأمل الجزيرة التي اخذت تتضح معالمها كلما أسرع القارب في سيره نحوها ، وتساءلت اليسون عن مشاعر اندريه عندما دخل الجزيرة لأول مرة ، لا شك انه شعر بالسرور والإثارة والإستغراب ، وايضا بالخوف من عتمة الجزيرة وغموضها.
وتمنت من كل قلبها أن يكون اندريه قد تمتع برحلته ، فهي تريده ان يشعر بالسعادة الحقيقية بعد البداية التعيسة التي كانت عليها حياته في البرازيل ، ورغم كل مشاعرها أتجاه نيال ، فهي متأكدة انه قصد كل الكلمات التي أطلقها بمرارة الليلة الماضية ، إنه يحاول ان يكون ابا حقيقيا لأندريه ، ولا شك انه سيكون ابا عادلا ومحبا وليس قاسيا على الإطلاق .... وحتى عندما كان صغيرا....

نيو فراولة 28-12-11 08:47 PM

إنقطع حبل أفكارها عندما لامس القارب رمال شاطىء الجزيرة ، وفجأة إتضحت لها الأشياء التي كانت تثقل على نفسها وعقلها خلال الأيام القليلة الماضية ن وأدركت بلمحة بصر لماذا كانت تخوض معركة شرسة ضد الجميع منذ ان عاد الى القرية.
انساها الإكتشاف الجديد ما حولها ، ووجدت نفسها تغادر القارب مع راستي ، وتحث خطاها الى الجانب الاخر من الجزيرة حيث المحيط الممتد.
لم تستطع تحديد مشاعرها الجديدة ، فهي تعرف لماذا قاومت بشدة دخول نيال الى حياتها ، ولماذا يخفق قلبها ويكاد يتوقف عن الخفقان كلما إقترب منها.
لقد كانت تصرفاتها مجرد دفاع يائس ضد قلبها الذي خانها بشكل واضح ، الآن فقط بات بإستطاعتها نطق الكلمات المتجمدة على شفتيها وعند طرف الجزيرة الاخر ، أطلقت العنان لصوتها قائلة:
" إنني أحب نيال ماكيين".
غطت الدموع عيني اليسون وهي تعترف بانها أحبت رجلا لسنوات طويلة ، ون هذا الرجل يحتقرها ويعتبرها أنانية ، كم سيضحك ويقهقه عندما يعرف الحقيقة ، لقد شاءت الظروف ان ياخذ قلبها رغم انها حاربته بكل قوتها وسرعان ما عادت الى ذاكرتها كل الأشياء الصغيرة التي حاولت تجاهلها ... وتذكرت أمرا حدث قبل سنوات وسنوات ، وكانت تتعمد تناسيه دائما.
وقع الحادث في المدرسة عندما كانت في السادسة من عمرها ن واليك ونيال في الحادية عشرة ، كانت الآنسة مارميكل المعلمة الحازمة قد غادرت قاعة الصف للحظات تاركة التلامذة في دروسهم ، وفجأة سقطت ورقة مبللة بالحبر على طاولة أليك الذي إتهم نيال على الفور ، وكان من الطبيعي أن يندلع عراك حاد ن حاولت اليسون أن توقفه قبل عودة الآنسة كارميكل ، وفي خضم المعركة تلقت أليسون لكمة حادة القتها الى الخلف وهي تصرخ الما ، وهنا توقف الصبيان عن القتال وإقتربا منها بخجل ، وفجأة إنحنى نيال نحوها وأنهضها متجاهلا نظرات اليك والتلامذة الآخرين ، ثم قال:
" انا الذي أصابك يا أليسون ، إنني أعتذر لهذا الحادث العارض ".
ولم تلحظ اليسون على وجه نيال الصغير سوى القلق والإهتمام الحقيقيين ، وبسبب ذلك ظلت الحادثة منزرعة في ذاكرتها وإن كانت تحاول دائما إبقاءها في الزوايا العتمة.
لا فائدة من تذكر الماضي والتقدم على ما فات ، إن إغلاق المدرسة سيعطيها فرصة للإبتعاد عن شيلينغ والتخلص من معظم متاعبها ، عليها ان تقدم طلب إنتقال الى إينفرنيس أو أدنبرة ، وهناك تحاول نسيان ما حدث ، ومع الوقت ربما تنسى نيال أيضا ، فهي غير قادرة على تحمل رؤيته على بعد امتار قليلة دون أن تعرف ما يفكر.... واين يذهب.... ستخبر جسي وأمها بقرارها عندما تعود ، ولا شك ان جسي لن تستغرب خطوتها هذه ، فالملاحظات التي ابدتها في مناسبات شتى كانت تشير الى أنها توقعت هذه النهاية....
نظرت اليسون الى السماء عندما احست بقطرات المطر تنهمر على يديها ووجهها ، فلاحظت ان الجو بات ملبدا بغيوم داكنة ، وقد إزدادت البرودة وخيّم الضباب على الجزيرة كلها .
نهضت على عجل وسارت بإتجاه المرسى وهي تشعر بالندم لأنها أت الى الجزيرة في مثل هذه الظروف ، وعندما وصلت الى الشاطىء الآخر برفقة الكلب ، فوجئت بأن المرسى خال ...وبعد لحظات من الذهول شاهدت القارب يسبح مع التيار بإتجاه البحر ، وادركت بعد فوات الوان انها نسيت ربطه بالمرسى عندما ترجلت منه قبل قليل.
وهكذا فقدت الوسيلة الوحيدة التي تعيدها الى البيت ، وزيادة في الصعوبات والمشاكل ، إنفتحت ابواب السماء فجأة وإنهمر المطر الغزير مصحوبا ببرق خاطف ورعد يصم الآذان....

نيو فراولة 28-12-11 08:48 PM

الفصل الأخير



إستظلت اليسون فروع شجرة وارفة الأغصان ، وتساءلت عما إذا كان بإمكانها السباحة حتى الشاطىء الاخر ، في مثل هذه الظروف الجوية ، يبدو الأمر صعبا ، فالتيارات المائية قوية وجارفة وسوف تشعر بالإنهاك قبل ان تقطع نصف المسافة ، بدات الأغصان تتكسر تحت وقع المطر الغزير ، وأخذ البلل يصيب رأس اليسون وثيابها.
الحل الوحيد الان أن تبحث عن ملجأ يقيها هذا المطر المنهمر ، لذلك نادت على الكلب راستي واسرعت معه بإتجاه الكوخ ، اما وسيلة العودة الى البيت ، فهذه مسالة اخرى ستعالجها فيما بعد.
عندما وصلت اليسون الى الكوخ ، خطرت على بالها فجأة صعوبة الموقف الذي وجدت نفسها فيه ، إذ ليس في البيت احد يفتقدها او يشعر بغيابها ، فاليوم هو السبت ، والسيدة ماكاي لن تعود قبل يوم الثلاثاء.
إجتاحت الوحشة نفس أليسون التي فكرت أن امها ستتصل هاتفيا هذا المساء ثم تعيد الإتصال مرات .... دون ان يجيبها احد ، وسرعان ما اخذت المشاكل تظهر تباعا ، فهي لا تملك عيدان ثقاب لإشعال نار التدفئة ، وليس هناك طعام في الكوخ و... تلفتت حولها بحثا عن شيء مجهول ، لا فائدة من إضاعة الوقت في البكاء والندم ، بل عليها ان تبحث في الكوخ عن حاجات ذات منفعة ، قبل أن تشتد حلكة الليل ويصبح من الصعب عليها ان تلمس موقع قدمها.
كان الكوخ فارغا من الاثاث ، ولا شيء فيه يوحي بأنه يصلح للسكن ، جلست اليسون على السلم الخشبي الذي يوصل الغرفتين السفليين بالغرفتين العلويتين وإحتضنت الكلب راستي هامسة بصوت خافت:
" يبدو أننا سننام دون اكل هذه الليلة ، انا آسفة لذلك ، لكنني في الوقت نفسه سعيدة لأنك معي".
سيظل هذا اليوم راسخا في ذاكرتها الى الأبد ، ليس فقط بسبب المأزق الذي وجدت نفسها فيه فجاة ، بل ايضا لإكتشافها بانها غارقة في الحب لأول مرة في حياتها.
جلست في الكوخ العاري تتامل المطر الغزير المستمر في الخارج ، لكن وجه نيال كان في كل مكان يملأ مشاعرها وافكارها ، ولم تجرؤ أليسون على إغماض عينيها ، لأنها تعرف ان صورة نيال الغاضب الثائر كما كانت في الليلة الماضية راسخة في أعماق عقلها.
إزداد ظلام الليل بسرعة بسبب الغيوم التي إشتدت كثافتها ، لم تكن اليسون تخشى الظلام ، لكن شيئا ما في هذا المكان المنعزل اشعرها بالتوتر ... إذ كانت تحس ان أجيالا من عائلة ماكاي ، ومن عائلة ماكيين ايضا ، تراقبها من خلف ألف ستار وستار.
ويبدو انها غفت قليلا في جلستها غير المريحة تلك ، وشاهدت حلما غريبا فقد سمعت شخصا ما يناديها ويكرر النداء عدة مرات ، وكان الحلم قويا ما ايقظ أليسون مذعورة لتجد ان الكلب راستي قد ذهب بعيدا ، توجهت الى الباب صارخة:
" راستي... راستي".
ومن حيث لا تدري سمعت صوت عواء راستي مصحوبا بصوت بشري ينادي:
" أليسون".
إذن لم تكن تحلم ، فالنداء حقيقي فعلا ، أسرعت خارجة غير عابئة بالمطر الغزير ولا بالعتمة الحالكة ، ودموع الفرح تمتزج بحبيبات المطر المنسكبة... ولم تدر إلا وهي بين ذراعي الرجل الذي ظهر فجأة من وسط الظلام.
فتحت عينيها بعد لحظات لتفاجأ بانها في أحضان نيال نفسه ، همست بضعف محاولة الإبتعاد عنه:
" لا...هذا أنت؟".
أجابها بصوت مرتجف:
" ارجوك لا تقاومي ،دعيني اسندك قليلا".
حدّقت أليسون في عينيه الغارقتين تحت المطر الغزير وبادلها هو النظرات نفسها ، وهناك ، في ذلك الليل الممطر .... عرفا كل شيء.
لمس نيال وجه أليسون بحنان بالغ وهو يقول:
" إعتقدت انك غرقت".
" كنت في الكوخ لكن القارب...".
قاطعها بلهفة:
" أعرف التفاصيل ، لقد شاهدته سابحا مع التيار ، ثم شاهدت الثياب المنشورة في حديقتكم ما زالت تحت المطر.... فأدركت أن شيئا خطيرا وقع لك".
تمهّل للحظات ، ثم أضاف قائلا وهو يحكم ذراعه حولها:
" كان عليّ التأكد أولا ، لذلك ذهبت الى الكوخ فلم اجدك أنت والكلب ، عندها عرفت ما حدث".
وفجأة دفن رأسه في عنقها وتابع يقول :
" في تلك اللحظات بدأ الكابوس المرعب ، إستعرت أول قارب وجدته عل لشاطىء وأنا أتمنى أن تكوني في القارب الاخر ... لكنني صعقت عندما وجدته خاليا".
كان المطر قد بلهما تماما ، وتحولت ملابسهما الى اقنية للمياه الغزيرة ، لكن اليسون لم تكن قادرة ، بل لم تكن تريد الإبتعاد عنه ولو للحظة واحدة ، فقد إستولت عليها كلماته المتلهفة القلقة وجمدتها في مكانها.... وبعد جهد إستطاعت القول:
" انا آسفة ، لقد أخطأت في عدم ربط القارب بالمرسى".
قاطعها بحنان :
" هذا ليس مهما ، المهم يا أليسون انني وجدتك سالمة ومعافاة".
ثم إنحنى عليها وضمّها في عناق دافىء غيّبهما عن المطر والليل وكل المشاكل السابقة ، ولم تعد اليسون تشعر إلا بوجوده الطاغي الذي ملأ عليها كل حياتها.
قال لها بصوت متهدج:
" يجب أن نذهب ، فأنت بللة حتى العظام ، ويجب ان انقلك الى البيت فورا".
سارت أليسون بإنصياع تام وهي لا تصدق ما يحدث لها ، من غير المعقول أن يكون هذا هو نيال نفسه... ولكن المطر والليل والطريق الوعرة أكدت لها الحقيقة الجميلة الرائعة.

نيو فراولة 28-12-11 08:50 PM

قال نيال وهو يساعد اليسون على ركوب القارب:
" سنأخذ قاربنا لانه اسرع".
إستغربت اليسون كيف انه إستعمل كلمة ( قاربنا) بدلا من كلمة ( قاربي ) كما هو في الواقع ، أدار نيال محرك القارب وأدار الدفة بعيدا عن الجزيرة في حين إشتد المطر بشكل لا يصدقه عقل ، وفي خضم من المياه ، وقف نيال خلف دفة القارب وعيناه لا تبتعدان عن عيني اليسون ، ولم يكن الإثنان بحاجة الى اية كلمات ، فالنظرات الخاصة روت الحكاية كلها .
عندما وصلا الى الشاطىء ، كانت اليسون ترتجف بشدة بحيث إضطر نيال الى حملها بين ذراعيه طيلة الطريق الى الكوخ ، وضعها في مقعد مريح ثم قال:
" هيا بدّلي ملابسك ، وساذهب الى البيت الكبير لأبدل ملابسي ايضا".
إنصاعت لكلامه فورا ، ودخلت الى غرفتها للتخلص من الثياب المبللة ، وعندما عادت بعد دقائق وجدته قد سبقها الى المطبخ وراح يجفف الكلب الذي رقد بين يديه هادئا مستسلما.
رفع نيال عينيه الى اليسون ، ثم ربت على رأس راستي قائلا:
" هذا يكفيك ايها الكلب العجوز".
وبعد أن إبتعد الكلب ، توجه نيال الى أليسون التي كانت تنتظره ، وأمسك يديها بيديه القويتين الدافئتين ، وهمس:
" أليسون؟".
" نعم يا نيال".
" انت تعرفين كل شيء أليس كذلك؟".
ولم تستطع اليسون ان تبعد عينيها عن عينيه ، وإكتفت بالقول:
" أجل ، إنني اعرف".
وفجاة غرقا في عناق حار كان كافيا للتعبير عن المشاعر التي تملأ قلبيهما .
وفي وقت لاحق جلسا في مقعد مريح امام النار بعد ان إلتهما عشاء خفيفا.
كانت ذراع نيال تحتضن أليسون بقوة وكانه يخاف ان تفلت من بين يديه مجددا سالها:
" متى عرفت؟".
" اليوم ظهرا ، ذهبت الى الجزيرة كي أفكر في مشاكلنا ، خاصة انني إعتقدت انك تحتقرني بعد الذي حدث الليلة الماضية ، كنت أخطط للهرب بعيدا عنك... الى أي مكان آخر".
إبتسم بحنان لم تعهده من قبل ، وقال:
" وهل إعتقدت انني ساتركك ترحلين؟ آه يا اليسون ، ساكون قاسيا بحق نفسي لو تركتك تفعلين".
وضعت أصبعها على فمه مقاطعة:
" لا ، أنا التي كرهتك لأنك كنت تاخذ مني كل شيء ، دون أن أدرك أنني احارب الإنجذاب المتزايد في نفسي نحوك ، ولم اتأكد من حبي لك إلا عندما وصلت الى الجزيرة بعد ظهر هذا اليوم".
ضحك نيال وهو يقول:
" اما انا فإكتشفت مشاعري اليوم أيضا ، عندما عثرت على القارب خاليا أدركت أنك كل شيء في حياتي – تردد قليلا قبل أن يكمل – طيلة السنوات الماضية كنت لا تبرحين عقلي ، هناك في أعماق ذاكرتي ترقدين بهدوء وصمت ... ودائما كنت أتذكر لقاءنا الخير في الغابة".
لاحظ انها إنفعلت قليلا فقال:
" اعتقد انك لم تنسي ذلك اللقاء أيضا؟".
" وكيف استطيع النسيان ؟ ربما بدات القصة من هناك قرب الجدول المائي في ذلك المساء البعيد".
" اجل بدأت هناك ، كنت رائعة الجمال يا أليسون وأنت تامرينني بكبرياء أن أغادر المكان .... بحيث لم استطع مقاومة رغبتي في عناقك، ولسبب ما إرتبطت صورتك بالبيت الكبير ، كنت دائما أحب ذلك البيت وأحسدكما أنت وأليك لأنكما تعيشان فيه ، بينما أنا...".
منتديات ليلاس
حثته أليسون على الكلام بعد أن تردد قليلا ، فتابع يقول:
" حسنا ، هل تذكرين عندما سألتني لماذا قلت ان البيت الكبير يجب أن يكون ملكي؟".
تسارعت دقات قلبها وهي تجيب:
" إذا كنت غير راغب في الحديث ، فلا بأس".
" لا أبدا ، لم تعد هناك أسرار بيننا الآن يا اليسون".
نظر اليها بحب بالغ وتابع قائلا:
" عندما كنت صغيرا علمت أن هناك أكثر مما هو معروف عن الصراع العائلي بينا ، كانت العائلتان مرتبطتين في اكثر من مجال ، كالتهريب مثلا ، وفي إحدى المرات كان جدك الأكبر وجدي الأكبر يقامران ، وقد تخلّى الحظ عن جدك الذي قامر بالبيت الكبير ،وخسر ، ولكن قبل أن تنتقل الملكية الى عائلة ماكيين ، وشى بعضهم بعمليات التهريب الى رجال لجمارك ، فإعتقل جدي ، أما جدك فقد ظل طليقا ، ولم يكتشف أحد حتى الآن كيف حدثت الوشاية ومن هو الواشي ولماذا لم يعتقل جدك ؟ ولكن يمكنك تصور الشائعات التي إنتشرت في القرية وهكذا ،عندما تعلق الشابان بالفتاة نفسها... إندلعت الأحقاد وعاد النزاع مجددا".
هزّت القصة مشاعر أليسون التي فغرت فمها دهشة ، ثم قالت:
" إذن طيلة هذا الوقت !".
قاطعها قائلا :
" كلا ، الماضي ذهب من دون رجعة ، كيف يمكننا إكتشاف الحقيقة بعد هذه السنين الطويلة ؟ ما قلته كان مجرد كلام شاب مراهق".
إبتسمت بحنان :
" إنني أفهم مشاعرك ، فقد كنتما في عراك مستمر ، من يدري ؟ فلو ان النزاع لم يكن لأصبحتما صديقين حميمين؟".
ردّ بإبتسامة مماثلة:
" ربما ، لكن الحياة لن تكون ممتعة دون عراك ومنافسات ، انا لا أنسى أبدا تلك الأيام ، آه كم غرت يا اليسون عندما كنت اشاهدك مع جوني...".
" وأنا كذلك ، طيلة الوقت كنت أقول لنفسي انني يجب ان لا أتعلق بأندريه لأنه إبنك ... إنها غيرة من نوع مختلف".
" إنه يحبك يا اليسون ، ودائما يتحدث عنك ، ويسأل ما إذا كنت ستهتمين به عندما يكبر".
تنهدت بعمق قائلة:
" كنت على وشك...".
" ارجوك لا تقوليها ، إنني بحاجة اليك يا أليسون ، لم أشعر في حياتي بالحاجة الى إنسان مثلما أنا بحاجة اليك الآن ، كل تصرفاتك جعلتني أثور واغضب بحيث عجزت عن الرد إلا بالعناق".
ضحك مطولا قبل أن يضيف قائلا:
" لكنني لم أدرك تأثير العناق عليّ شخصيا".
" لا تقلق يا نيال ، سأظل في سترانكوران اطول مدة ممكنة...".
" لم أقصد التعليم ، إنني اريدك زوجة لي واما لندريه في البيت الكبير في آخر الحياة".
" آه كم أحبك يا نيال".
وتولّى العناق الحار التعبير عن المشاعر التي عجزت الشفاه عن تحويلها الى كلمات........




تمت

زهرة منسية 28-12-11 10:27 PM

يسلموا أيديكى فراولة ويعطيكى ألف عافية


الساعة الآن 01:43 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية