منتديات ليلاس

منتديات ليلاس (https://www.liilas.com/vb3/)
-   روايات احلام المكتوبة (https://www.liilas.com/vb3/f457/)
-   -   حصري 151 - العروس الحمراء - جاين أولان ( كاملة ) (https://www.liilas.com/vb3/t169711.html)

جمره لم تحترق 08-11-11 07:26 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداني الكون0 (المشاركة 2923818)
يعطيج العافيه

عجبتني الروايه شكل الروايه ممتعه

يسلمو يا قلبي

الله يعافيك ويسلمك حيـاتي ..
وانبسطت إنها عجبتك ..

شكراً على مرورك العطر :yjg04972:

ودي وعبق وردي

جمره لم تحترق 08-11-11 07:29 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهر اليل (المشاركة 2923938)
كل عام وانتي بالف خير ياعسل
ويعطيكي العافية ياربي ,,
ومرسي ع الرواة الرائعة ,, وياريت ماتتاخري علينا بالتكملة ياعسل ,,

وأنت بخيـر وبصحه وبسلامه ويعافيك ربي غلاتيِ
وإن شاء الله ربي يقدرني اخلصها بدون تأخير

منورة والله عبق ورد مني لك

جمره لم تحترق 08-11-11 07:33 PM

3 – أخطر من العاصفة
 
3أخطر من العاصفة

http://www.al-wed.com/pic-vb/102.gif
بحلول وقت الغداء كانت كاندرة قد سيطرت على مشاعرها مرة
أخرى. ما من شك أن ريكس واحد من أولئك الرجال الذين يجدون العبث
سهلاً مثل التنفس. لقد كانت بلهاء في أخذها ملاحظاته بجدية .. وهما
يتناولان السندوشات تمكنت من العودة بالحديث إلى عائلته, وروى لها
قصصاً عن أسلافه الذين سافروا غرباً فور سماعهم عن اكتشاف الذهب في
كولورادو , وعن نمو أعمال العائلة وازدهارها مع كل ابن يلحق بخطى
أبيه . وأنهى روايته قائلاً :
- وهكذا ترين أنني كبرت مع العمل.. كان اسمنا قد أصبح يعني شيئاً
كبيراً هنا وأستطيع الاعتماد على أمجاده , لكن هذا الاتكال قد يضعنا بسرعة
خارج العمل, فجدي الأكبر لم يثبت قدميه جاهداً ليصنع النجاح لوريث
كسول.. كان علي أن أتأكد من أن الزبون سيحب التبضع من متجرنا وهذا
هو التحدي الحــقيقي وسط المنافسة الشديدة اليوم .. أن نحافظ على مركزنا
ونـجـذب الزبائن الجدد دون خسارة القدامى .
ابتسم لها بسخرية :
- ما كان يجب أن تتركيني أبدأ بهذا الموضوع .. فـلسوف أضجرك
كثيراً .
أنكرت صادقة :
- لم أضجر من هذا الحديث .
منتديات ليلاس
كانت مذهولة بحديثه وبإمكانها القول إن حياته كانت مكرسة ومحملة
بالمسؤولية مثل حياتها , إنما على مستوى مختلف بالتأكيد .
بعد الغداء عاد ريكس إلى عمله في أوراقه تاركاً كاندرة تسلي نفسها ,
أخذت كتابها وذهبت إلى غرفة النوم ثم استلقت على الفراش لتقرأ.. لكن لم
يمض وقت طويل قبل أن تتحول مسار أفكارها عن الصفحات المطبوعة .
كانت كاندرة منذ مولدها الفتــاة المعتمد عليها .. كاندرة الثابتة ,
كاندرة الـ ... المضجرة .. كل من عرفها كان يسارع للقول إنها لم تخاطر
يوماً ولا فعلت شيئاً غير متوقع .. ولأول مرة في حياتها تصرفت بتهور ..
ونتيجة لهذا كانت ستحدث مأساة .. ماذا كان سيفعل أدجر و كاتيا لو لم
يجدها ريكس ؟ كيف كان بإمكانهما تدبر أمور حياتهما ؟
الكتاب الذي أهملته وقع دون انتباه منها على الفراش , وجلست
مستوية متذكرة قول ريكس لها إنها جميلة .. نظرت إلى مرآة أمامها
فانعكست لها صورتها .. بشرة شاحبة اللون بخدين ملطخين باللون
الزهري .. الأنف جميل الشكل .. لكن جميلة ؟ ليست هكذا لكل هذا النمش
المتناثر على وجهها وجسمها . ثم هناك شعرها .. عدة مرات اقترحت أمها
و كاتيا أن تقصه قصيراً فيصبح بذلك أقل بروزاً للعيان لكنها لم تقبل .. كان
لجدتها شعر أحمر مثلها , إنه دم (( ماكروغر )) كما كانت تقول بكل فخر وتدعي
أمام كاندرة أنها تحب كثيراً شعرها الملتهب اللون .
تحملت وهي طفلة عادة الناس في التربيت على رأس طفل أحمر الشعر ,
وما من أحد كان يربت على رأس كاتيا .. حين كل الناس ينظرون إلى أختها
الصغرى كانوا يقولون (( يا لها من طفلة لطيفة )) أما حين ينظرون إلى كاندرة
فكانوا يقولون: (( أمك تقول إنك عون كبير لها )) وكانت تفهم أنهم بطريقة
لطيفة يقولون إنها لن تكون جميلة أبداً .. لذا من الأفضل لها أن تكبر لتكون
نشيطة لا تعرف الكلل .
فكت كاندرة رباط الحذاء ببطء لتحرر شعرها السميك الذي توقفت
منذ زمن بعيد عن محاولة تمليس خصلاته المنفلتة بجنون , فأحاط الآن برأسها
وكأنه ضبابة نارية وبحركة بطيئة متكاسلة استدارت نصف استدارة وراحت
تعبث بشعرها ثم نظرت من فوق كتفها إلى المرآة ثانية بطريقة أملت أن تكون
مثـــيرة .
حملها شكلها المختلف الآن على الابتسام . لو أن أصدقاءها والتلاميذ
يرونها الآن .. الآنسة فولكنر المتزمتة دون النظارات كبيرة الإطار وكعكه شعر
عند مؤخرة الرأس .. وشعرت بالمرح وبإرضاء لغرورها لكون أكثر الرجال
الذين التقت بهم جاذبية , يعتقد أنها مغامرة حمراء الشعر , وأغمضت
عينيها لتضيع في عالم خيالها .. كاندرة فولكنر , القنبلة الحمراء الشعر
تقتحم المجتمع وهدفها الوحيد اصطياد ألطف رجل في المدينة , ريكس
أونسلو, للزواج.. الملازم كاندرة فولكنر من شرطة نيويورك تعمل في
الخفاء لكشف زعيم عالم الجريمة , ريكس أونسلو .. الجاسوسة الروسية
كاندرة فولكنروفا تحاول إقناع عميل الاستخبارات , ريكس أونسلو بأن
يكشف سر الخطــة لهـا ..
- هل تنوين النوم طوال بعد الظهــر ؟
ردت ناعسة :
- لن أنام معك قبل أن تكشف لي أين هم .
- إنها اتفاقية جيدة .. لكن من (( هم )) ؟
كورت كاندرة فمها بخيبة أمل .. أي نوع من العملاء السريين هو إذا لم
يكن يعرف أن من المفروض عليه ملاحقتها ؟
- أنت تعرف .
هكذا أفضل .. أفضل بكثير .. وأحســت بيـــديه الدافئتين على
جسمها .. ففتحت عينيها بحدة وقالت بقلق :
- أنا .. لا بد أنني كنت أحلم .
مرت أصابعه عبر الشعر المجعد :
- بالأمير الـذي أيقـظ الجمــال النائم ؟
- أوه .. ليس بالضبط .
رفع حاجبه متسائلاً فأكملت بسرعة :
- كنت أحلم أن .. أنك .. كنت عميلاً سرياً .
رمى رأسه إلى الوراء وضحك.. وكانت ضحكة رائعة تخلو من أي هم
ودون أي تردد .. وهذا ما تفتقد إليه. جلس على السرير إلى جنبها ووضع
ذراعيه على جانبيها ليحتجزها بينهما, وكان يجب أن تشعر بالخطر, لكن هذا
لم يحصل .
فتحت عينيها , ثم أغمضتهما بسرعة أمام النيران المتراقصة في عينيه
نصف المفتوحتين.. وأدارت وجهها من تفرسه فيها, لتدفن رأسها في كتفه
فدغدغت أنفها رائحة عطر ما بعد الحلاقة الذي يضعه. ربما يجب أن تخاف ,
لكنها لا تشعر بالخوف.. حتى ولو أمضت بقية حياتها عانساً, فلسوف
تبقى لها ذكريات عناقه تسليها وتعود إليها كيوم تركت كاندرة فولكنر
شعرها مستـــرسلاً .
اتكأ على مرفقه وقال :
- لمَ هذه الابتسامة ؟
- للسعادة المطلقة .. فهذا أروع إيقاظ من النوم حصلت عليه في حياتي .
فهمت من نظرته التي وجهها إليها أنه لاحظ تراجعها .
- لسبب ما, كنت أتوقع أن تصفعي وجهي .
أمسك وسادة طواها نصفين ودسها تحت رأسها ثم فعل الشيء عينه
لنفســــه .
سألته بجرأة:
- أهذا ما يحصل لك عادة ؟
- لا .. لكنني لم أغازل أمينة مكتبة من قبل .
- ألهذا توقفت ؟
- توقفت لأن لدي انطباعاً غريباً جداً بأنني أنا المعلم وأنت التلميذة .
ردت بلذاعة :
- هذا لأنك أكبر سنــاً مني .
- ثلاث وثلاثون.. هذا ليس بالعمر الكبير.. وأنت .. ؟
- أربعة وعشرون .
- ما خطب الرجال في أريزونا ليتركوا امرأة مثلك تضيع من بين أيديهم ؟
ردت, تفسر بحذر :
- إن تربية أخوي وكل الأعمال الباقية لم تترك لي الكثير من الوقت
للتخالط الاجتماعي و المواعيد .
لم تكن تريده أن يظن أن نقص خبرتها مرده إلى أن الرجال لا يجدونها
جــذابة .

جمره لم تحترق 08-11-11 07:35 PM

3 – أخطر من العاصفة
 
- كانت الحياة خشنة معك , أليس كذلك ؟
تجاهلت شفقته .
- هناك آخرون كانت حياتهم أسوأ بكثير. على أي حال أصبحت الأيام
الصعبة خلفنا.. لأدجر الآن عمل جيد , وستنهي كاتيا الكلية في الخريف
المقبل .. أنت لم تخبرني لماذا أيقظتني ؟
ابتسم للاحمرار الذي علا خديها :
- لقد ألهيتني .. اسمعي .
- لا أسمع شيئاً .
- بالضبط .
قفزت من السرير واتجهت إلى النافذة الكبيرة في غرفة الجلوس .. كان
أمامها أرض مفروشة بسجادة بيضاء لامعة وترتفع عبر الوادي جبال عظيمة
تلونت قممها بلون خوخي من الشمس عينها التي تلون السماء الزرقاء ..
وعلقت أنفاسها في حلقها .
- إنه جمال كامل ..
منتديات ليلاس
كان خراج النافذة مقعد خشبي طويل مليء بــالثلج وضعت عليه قصعة
طعام, وقفز سنجاب رمادي صغير من شجرة صنوبر, ينفض عنه غبار
ثلجي ويقطع المسافة إلى المقعد حيث يوجد الطعام .. أخذ منه عدة حفنات
قبل أن يجفله طائر رمادي كبير حط مع صيحة مرتفعة .
قالت بصوت منخفض :
- يا لك من متسلط .. تجفل سنجاباً صغيراً .
- ليس صغيراً. إنه سنجاب من نوع (( تشيكادي )) أصغر سنجاب شجر
يعيش هنا. وسيعود , فكلهم يعرف من أين تأتي المساعدة .. هل تسمعين هذا
الصوت المتأتئ ؟ إنه هو يشتم اللص .
- اللص ؟
- الغراب الرمادي .. إنه وقح جداً , يصل إلى مائدتك ويسرق الطعام
منها .. انظري كم هو سمين.. إحدى أجمل الصفات في ملكيتي لهذا
الكوخ هو كونه يوفر لي دراسة الحياة البرية.. الزوجان اللذان يعتنيان بهذا
المنزل يبقيان الطعام في الخارج دائماً حين لا أكون هنـا .
أشار إلى عصفور صغير أسود الرأس أحمر الصدر , يتعلق فوق كيس
شبك ويلتقط من محتوياته .
- هذا واحد من الزائرين المفضلين لدي .
- أنه محبوب جداَ.. تشيكادي ؟
- إنه كاسر البندق.. الأحمر الصدر ..
- ماذا يأكل ؟
- شحم بقــر .
- آوغ.. ليست فكرتي عن الطعام المستساغ . انظر ! هناك واحد آخر .
ضحــك :
- هذا هو تشيكادي .
ذهب إلى خزانة الكتب وعاد بكتاب صغير .
- هاك كتاب عن الـطيور .. لمَ لا تفتشين عمن يمكنك التعرف إليه بينما
أقوم بتحضـير العشاء .
- أرجو أن يكون شيئاً أفضل من الشحــم .
وهزت أنفها معـبرة عن فكرتها .
مع غوص الشمس نحو المغيب , أخذت الطيور تقل وتقل إلى أن لم يعد
هناك سوى طيرين من الجنكو الرمادي.. فطوت كتاب الطيور متنهدة
بأسف وقالت لـ براوني الواقف قربها يراقب باهتمام :
- حسناً .. أعتقد أن هذا كل شيء .
قال ريكس من خلفها :
- حتى الآن فقط , فزائرو الليل سيحضرون فيما بعد .
تنهدت بسعادة :
- لا عجب إذن أنك اشتريت هذا المكان حيث تشعر بأنك معزول عن
بقية العالم.. لا ضجيج موسيقى , لا صياح أطفال, لا هدير سيارات, لا
رنين هاتف.. مجرد هدوء وسلام.. وهذه فكرتـي عن الجنة .
- دون تلفزيون .
- بالطبع! لو ترى كيف يتشاجر أدجر و كاتيا حول البرامج التي يريدان
مشاهدتها. لو سألتني ماذا سأفعل بالمال, لقلت لك إنني سأشتري جهاز
تلفزيون آخر لهمــا .
ضحك ريكس .
- لكن المكان هنا ليس هادئاً هكذا في الصيف إذ تكون الطريق مفتوحة
وقتئذ ويمر الكثير من السياح في (( اندبتدنس باس )) إلى آسبن.. ولحسن
الحظ , معظمهم لا يعرج إلى هنـــا للزيارة .
ونظر إليها بخبث .. فاحتجت :
- هذا غير عادل .. لقد اعترفت أنني تصرفت بغباء , واعتذرت
لإزعاجي لك وشكرتك تكراراً على مجيئك لإنقاذي .. فماذا تريد أكثر من
هــذا ؟
لاحظت اللمعان الخبيث في عينيه , وسارعت إلى تغيير الموضوع .
- أتساءل ماذا يفعل أدجر وأصدقاؤه .. هل يعانون من العاصفة ذاتها ؟
- صعب القول .. أحياناً تعمل الجبال كحاجز.. وأتمنى ألا تكون
العاصفة قد قطعت خطوط الهاتف كي تتمكني من إبلاغه أنك بخيـر .
وأخذ يضع الأطباق على المائــدة .
- لـن يفكر بي أبداً . ثم إنه ...
وصمتت , فسأل : ثم .. ماذا ؟
- لست واثقة أنه سيتفهم سبب وجودي في كوخ رجل غريب .
زم شفتيه قليلاً ثم سأل :
- أكنت تفضلين أن أتركك لتتجمدي حتى الموت ؟
- لا .. بالطبع لا .. لكن الأمر فقط ..
كان يدير ظهره لها وهو يحرك محتويات وعاء طبخ فوق النار .
- أنت محرجــة .
- طبعاً أنا محرجة , لأنني تصرف بتهور ثم بحماقة .. ومن يمكن ألا
يحرج؟ لكنني أفضل قليلاً من الحرج على الموت متجمدة.. أما أدجر و كاتيا
فقط لا يريان المسألة هكذا .. فهما يؤمنان بالموت ولا العار , وأشياء كهذه .
قال ببرود, ملتفتاً لينظر إليها نظرة باردة .
- لا أذكر أنني سببت لك العــار !
قالت بســرعة :
- لا .. لم تفعل.. أنا لا أعبــر جيداً . أنا أختهما الكبيرة, ولديهما
توقعـات مثالية عن كيفية تصــرفي .
لانت أسـارير وجهه :
- مثلما يوم كنت في الثانوية وكانت أمي ترتدي ملابس مثيرة لحـضور
الحفلات, كن أحس بالرعب .
هزت رأسها بامتنان لتفهمه :
- أعتقد أنك تستطيع القول إنني كنت لهم الأم البديلة .
مــازحهـا :
- إذن لا يمكن أن يوافقوا على عناقـي ؟
ترددت :
- أو على استجابتي لك.. وأنا مسرورة لأنهـما لن يعرفا.. فسخطهما
قد يفسد علي الذكرى . لقد استمتعت بعناقك لي.. وأعتـقد أن على المرأة ألا
تعترف بهذا لرجـل غريب.. لكن بطريقة مجنونة أشعر إن من السخف
التلاعب . ثم ما إن أغادر هذا المكان حتى نفقد أي اتصال, لذا إن أردت
أن تسخر مني لاعترافي بأنني أحببت عناقك , فهيا .. لكن توقف عن
التعــليق.

جمره لم تحترق 08-11-11 07:37 PM

3 – أخطر من العاصفة
 
جمد ريكس وهو يقف قرب الطباخ قبل أن يرد بهـدوء :
- لا يمكن أن أفكر بالسخرية منك.. تشرفني ثقتك بي لقول الحقيقة .
ناولها قصعة مليئة بالحساء الساخن, و أضــاف متجهماً :
- لقد استمتعت بعناقك كذلك ...
قاطعته بسرعة :
- دعك من هذا. الآن وقد توقف الثلج, فهل تساعدني على إيجاد
سيارتي ؟
- لا داعي للعجلة .. لن تذهبي إلى أي مكان قبل أن تنظف الجرافات
الطريق حتى الحاجز .. في الصباح سننطلق باكراً لنجدها .
نظرت إليه بإحباط :
- في الصباح ؟ ولمَ ليس الليلة ؟ أتظن أن تعبيري عن إعجابي بعناقك هو
بمثابة دعوة مفتوحة لك .
- إننا عالقان معاً منذ أربع وعشرين ساعة تقريباً , وأنت تحت رحمتـي
تماماً ولم أحـاول الاعتداء عليك .. فما الذي يجعلك تظنين أن غياب الشمس
سيجعلني أفعـل ؟
ابتسمت معتذرة :
- أعتقد أن لأمينات المكتبات مخيلة واسعة لأننا نقرأ كثــيراً .
- إذا كان هذا اعتذاراً , فقد قبلته .. سأتطوع بالنوم على الأريــكة
الليلة .
العشــاء الذي حضره ريكــس من طعام معلب ومن الثلاجة الصغيرة قد
لا يكون من أفخم الطعام , إنما طعمه لذيذ جداً.. تشاركا عملية تنظيف
المائدة وأعطيا براوني بقايا الطعام الذي اختاراه له ثم جلساً معاً أمام نار
هادرة ليلعبا الورق.. كان ريكس شخصاً مثقفاً ويعرف الكــثير من المواضيع
المختلفة, وسرت كاندرة لاكتشافها أنهما يتشاركان في قراءة العديد من
الكتب للمؤلفين أنفسهم .. صحيح أنهما لا يتفقان على الرأي ذاته, إلا أن
جدالهما كان سلساً .
قال ريكس :
- لقد تحملت عبئـاً كبيراً ..
تغاضت عن تعليقه :
- على المرء أن يفعل ما يتوجب عليه. على أي حال لقد كبر الولدان الآن
ولسوف يكون لدي وقت فراغ كبير.. ولن أعرف ماذا أفعل به .
- يمكنك أن تتزوجـي .
- يوه.. ! وأبدل مركز عمل بآخر ؟ لا.. أنا أتطلع إلى حرية رائعــة ..
استمتاع طويل بماء مغطس معطر, السفر, بل الكــثير من السفر ! قد أجد
الوقت لأكسب ثروة لنفســي .
- يمكنك أن تتزوجـي ثروة. أوليست هذه هـي الطريقة القديمة قدم
الزمـــان ؟
- قول سهل.. لكنني لا أتواجد في الأماكن التي يرتادها أصحاب المال
الكــثير .
- الأثرياء يقرأون .. كذلك .
- لا أستطيع أن أطلب منهم بطاقات مصارفهم إضافة إلى بطاقة
الاشتراك في المكتبــة .. أيمكن ؟
هزت كتفيها :
- أضف إلى هذا أن الجميع يعرف أن الأثرياء لا يتزوجون سوى الثريات
أو على الأقل الجميلات. أنت تعرف نوع النساء اللواتـي أعنيهن .. شعر
أسود مجعــد , أو أشقــر بلون البلاتيــن, وجوه نموذجيــة, كتفان رائعتان ,
وخــاصة أعناق مثل عنق الإوزة ..
ورفعت رأسها عالياً :
- .. أترى .. عنقي ليس كعنق الإوزة .. ولا تنسى شعري الأحمـر .
- ليس من المحتمل أن أنساه .. لكنني لا أرى أهمية لعنق الإوزة .
- لعرض المجوهرات والألماس طبعاً.. ستة إنشات من طوق الماسي
كطوق الكلاب حول العنق وياردان من ذات النوع تتدلى من الأذنين .
- يبدو لي هذا زينة رخيصة .. أهذا ما تحبين ؟ ياردان من الألماس ؟
قالت بقرف :
- لا تكن سخيفاً ! أنا حمراء شعر .. أحلم بالياقوت الأحمـر ليتناسب
مع شعري أو الفيروز الأخضر ليناسب لون عيني .
- إنهما تركوازيتان أكثـر منهما خضراوان .
- يا لك من مفسد للأحلام .. لو تمكنت من الإدعاء أنني ثرية ,
فسأتمكن من الإدعاء بأن لي عينين خضراوان .. ألا يمكن هذا ؟ إنه خيالي
أنــا .
- إذا كنت تدعين , فلِمَ لا تدعين أنك شقراء بما أنك تظنين أن اللون
الأشقــر جميل ؟
- أتعني مثل كاتي .. لها أجمل شعر أشقر كشعــر أمي .
اخذ براوني يئن مطالباً بالخروج فوقف ريكس استجابة له وهو يسأل
بدهــشة :
- أختك شقراء ؟ لسبب ما كنت أعتقدها عكس ذلك .
تنهدت :
- لا أحد يبدو كاللعبة مثل كـاتيا .. صدقني إنها تنوي بالفعل أن تتزوج
شاباً ثــرياً وربما ستنجــح .
- أفهم من هذا أن لها عنق الإوزة المطلوب .
عاد ليُدخل براوني ويجففه , فوقفت قــائــلـة :
- أيمكن أن أساعد في تحضير الصوفا لك ؟
رمى لها أغطية من الخزانة , وانفتحت الصوفا بسهولة لتصبح فراشاً ..
اختفى قليلاً في غرفة النوم وعاد وهو يحمل ثياباً .
- أتريدين البيجاما أم قميص النوم ؟
- أي منهما لا تُريده أنت .
أعطاها القميـص .
- نامي جديداً .
ليتها تستطيع النوم ! ما كان يجب أن تغفو بعد الظهر فلولا ذلك لكانت
الآن متعبة بدل الاستلقاء في الفراش مستيقظة, تعي كل حركة يقوم بها
ريكس وهو يتجول في غرفة الجلوس .. سمعته يكلم براوني بهدوء , ثم
سمعت طقطقة الرفاصات وهو يستقر على الصوفا .
استدارت إلى جانبها وراحت تسوى الوسادة بيدها , لكن النوم استمر
في مجافاتها .. وعادت أفكارها إلى طعم عناقه .. لقد اختبرت اليوم الكثير
من الأحاسيس الجديدة التي لم تستطع تحديد البعض منها .
تقلبت كاندرة وتلوت بقلق... ليتها فقط ليست كاندرة فولكنر المتعقلة
الحذرة التي لم تتصرف يوماً بشكل خــاطئ ..
- كاندرة هل أنت نائمة ؟
كان يقف بعتمة الباب طيف ضخم .
دفعت بالبطانية إلى تحت ذقنها: لا .
- أظن أن لدينا زائراً ليلياً .. تعالي إلى الخارج إن كنت مهتمة .
لفت البطانية حولها لرد صقيع الليل وسارت نحو غرفة الجلوس ثم
وقفت مسمرة عند بابها , كان ريكس يرتدي بنطلون البيجاما وقميصاً قطنياً
فقط .. أشار إليها بنفاذ صبر أن تتقدم , وتحركت إلى الداخل وهو يطفئ
النور , ثم قادها إلى النافذة وأزاح الستارة بهدوء .
كان في الخارج قمر يغمر الأرض المكسوة بالثلج بنوره اللطيف
الخفيف .. بينما يداعب هواء لطيف أشجار الصنوبر, ليخلق لها ظلالاً
متراقصـة فوق البساط الأبيض .
قالت بصوت منخفض:
- لا أرى شيئــاً .
- انتظري قليلاً. كانت هنا منذ دقيقة. لقد سمعتها ستعود .
وقفت كاندرة قرب النافذة وأحست بالصقيع يتسلل عبر الزجاج
الواسع, وفكرت بـ ريكس وبقربه منها.. فقالت متلعثمة :
- أتحب أن تشاركني البطانية ؟
رد مداعباً وهو يأخذ الطرف ويلفه حوله :
- ظننتك لن تسألني أبداً .
أحست بقلبه يخفق على ظهرها. أراح ذقنه على رأسها , فراحت أنفاسه
تحرك شعرها.. و هي مضمومة إليه , سمحت لنفسها بأن تتخيل أنهما أكثر
من اثنين يلتقيان صدفة, وأنهما في عالم رائع, لن تضطر فيه إلى قيادة سيارتها
في الصباح أو عدم رؤيته مجدداً .


الساعة الآن 04:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.3.0 ©2009, Crawlability, Inc.
شبكة ليلاس الثقافية